‫سنة أولى علوم اجتماعية (المجموعة ‪)03‬‬ ‫مدخل إلى علم النفس‬ ‫أ‪ .

‬د شكيرو فيروز‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬لمحة تاريخية عن ظهور علم النفس و تطوره‪:‬‬

‫تساءل االنسان منذ أقدم العصور عن الطبيعة اإلنسانية‪ ،‬من خالل طرحه لعدة تساؤالت من بينها‪:‬‬

‫‪ -‬ما الذي يجعلني أتصرف على هذا النحو‪ ،‬أو على تلك الصورة أو السلوك؟‬
‫‪ -‬ما معنى األحالم التي تراود االنسان؟‬
‫‪ -‬لماذا سلوك االفراد يختلف فيما بينهم؟‬

‫فهذه التساااااااؤالت بطبعها تاير مابات مختل ة حساااااار طبيعة ت وير االنسااااااان‪ ،‬و في ن الوق ان بار‬
‫الم ورين يتأملون في الطبيعة اإلنسااانية‪ ،‬و ي ساارونها حساار أراءهم و معتقداتهم‪ ،‬و ساانحاول توحاايك ذلك‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬علم النفس في العصور القديمة (الفلسفة اليونانية)‪:‬‬

‫يعتبر اليونان أول من أشار لى دراسة الن ‪ ،‬حيث ان موحوع علم الن عندهم هو دراسة الروح‪ ،‬و‬
‫ان ت سااار الهواهر الضامماااة من منهور فلسااا ي مياافيييقي‪ ،‬و قد اعتبر ''ساااقراط'' أن الحقيقة مومودة‬
‫لدى ل نسان‪ ،‬و ال تنوشف هذه الحقيقة ال بمعرفة االنسان لن سه تح شعار ''أعرف ن سك'' بن سك ألن‬
‫معرف الن هي أساس ال ميلة‪ ،‬و ال ميلة تؤدي لى السعادة‪ .‬أما ''أفالطون '' تلميذ '' سقراط'' فقد ر ي‬
‫على المنهج العقلي حيث اعتبر أن االسااتدالل و الت وير هما خير موصاال للمعرفة و اعتبر ان الن تعي‬
‫في عالم المال و األفوار‪ ،‬و لما ارتوب الخطأ طردت من عالم المال‪ ،‬و بدأت تنتقل من مسد آلخر‪.‬‬

‫لى ثالثة أقسام هي‪:‬‬ ‫و قد قسم الن‬

‫العاقلة‪ :‬و تميل لى عالم المال‪.‬‬ ‫‪ -‬الن‬

‫الضاممة‪ :‬تتجاذبها األهواء و المنطق فهي في صراع بينهما‪.‬‬ ‫‪ -‬الن‬
‫الشهوانية‪ :‬عالم الضرائي و الشهوات‪.‬‬ ‫‪ -‬الن‬

‫أما ''أرساطو'' فر ي على االساتقراء و المالحهة الحساية في ت ساير الهواهر‪ ،‬و نهر لى علم الن نهرة‬
‫علميااة‪ ،‬حيااث معاال علم الن من بين العلوم الطبيعااة‪ ،‬و باادأ يعااد أرساااااااطو المؤسااااااا األول للمعرفااة‬
‫السيوولومية‪ ،‬و قال أن األن ثالث مستويات هي‪:‬‬

‫النباتية‪ :‬وظي تها النمو و التضذية و التوالد‪.‬‬ ‫‪ -‬الن‬

‫الحيوانية‪ :‬و أساسها اإلحساس و الحر ة‪.‬‬ ‫‪ -‬الن‬
‫العاقلة‪ :‬وظي تها التعقل و الت وير‪.‬‬ ‫‪ -‬الن‬

‫و من أبرز مهاهر هذه المرحلة ما يلي‪:‬‬

‫‪.‬‬‫ظهور اعتقادات أولية حول الن‬ ‫‪-‬‬

‫ظهور المذهر الروحي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تشول معارف تجريبية حول العمليات العقلية (اإلحساس‪ ،‬الت وير‪ ،‬االدراك)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اإلشارة لى الشعور الداخلي أسلوب في المعرفة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثانيا‪:‬علم النفس في العصور الوسطى (الفلسفة اإلسالمية)‪:‬‬

‫‪1‬‬
 ‫سنة أولى علوم اجتماعية (المجموعة ‪)03‬‬ ‫مدخل إلى علم النفس‬ ‫أ‪ .‬د شكيرو فيروز‬

‫قدم التراث اإلساااااااالمي العلمي الواير من اآلراء و النهريات و االثراءات العلمية في افة أنواع العلوم‬
‫اإلنسااانية المختل ة‪ :‬و من ابرز هذه العلوم ال لس ا ة‪ ،‬و العلوم الن سااية حيث ان آلراء و دراسااات ال الس ا ة‬
‫المسلمين األثر الوبير في الدراسات‪ ،‬و الحقائق التي قدمها العلماء الضربيون في عصر النهمة األوروبية‬
‫باطالعهم على ثراءات العلماء المساااالمين ‪ ،‬و ال ور اإلسااااالمي‪ ،‬و من أبرز هؤالء العلماء و ال الساااا ة ما‬
‫يأتي‪:‬‬

‫بن سينا‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫لى ثالثة أنواع و هي‪ :‬الن اإلنسااانية و النباتية و الحيوانية ما أ د‬ ‫حيث قساام و صاانف بن سااينا الن‬
‫على ومود مبدأ ال روق ال ردية‪ ،‬و اال ستعدادات و القدرات و العمل على الربط بين النهريات ال ل س ية‪ ،‬و‬
‫الميادين و طرق تطبيقها‪ ،‬و اثب ومود عالقة بين ال ور و اللضة‪ ،‬و بين االدراك الحسي الهاهر و الباطن‪،‬‬
‫باإلحااافة لى تطرقه لى م اهيم التومه المهني‪ ،‬و ا تساااب االخالق و األصااناف في أحد أعرق و أشااهر‬
‫أعماله "القانون في الطر" طرق عالمية لبعض الحاالت المرحااية األرق و الهوس و السااوتة الدما ية‪،‬‬
‫و ذلك العجي الجنسي و ربط التضيرات الن سية بالتضيرات الجسمية‪.‬‬

‫‪ -‬أبو حامد الضيالي‪:‬‬

‫ان يرى الضيالي بأن الحقائق المطلقة من الممون درا ها و تحصااااااايلها عن طريق القلر و االلهام عند‬
‫األولياء‪ ،‬و يتم تحصاايلها بالوحي عند األنبياء‪ ،‬و عن طريق االسااتحالل و االسااتبصااار عند العلماء ما قد‬
‫وقف الضيالي في تابه "تهاف ال الس ا ة" و فساار المسااائل ال لس ا ية اعتمادا على الدين و المنطق‪ ،‬ما قال‬
‫أن الن موهر متوون له قوى مختل ة نباتية‪ ،‬حيوانية‪ ،‬نسانية و تتألف هذه القوى من الشهوات و الدوافع‬
‫الن سية‪ ،‬و تقوم بعمليات عقلية عديدة مال الح ظ و الت وير‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬علم النفس في العصور الحديثة (عصر النهضة)‪:‬‬

‫تتابع الدراساااات الن ساااية و اساااتمرت حتى العصااار الحديث حيث ظهرت بوادر اساااتقال علم الن عن‬
‫العلوم ال لساااا ية بشااااول عام ال ان مؤرخي علم الن أممعوا على اسااااتقالله و خرومه لى العالم بشااااوله‬
‫النهائي‪ ،‬و ان ذلك في النصااف الااني من القرن التاسااع عشاار على يد العالم األلماني "فون " حيث أنشااأ‬
‫أول مهاز علمي لخدمة األبحاث السااااايوولومية فوان ميودا بالتجهييات المااااارورية من أمهية و أدوات‬
‫الزمة لعمليات البحث السيوولومية لدراسة الهواهر الن سية و يرها‪.‬‬

‫ما اعتبر المؤرخين فتك الترك للقسااطنطينية ساانة ‪ 1453‬و ما تبعه من انهيار اإلمبراطورية البينطية‪ ،‬و‬
‫هجرة علمائها لى يطاليا نقطة التحول من العصااااار الوسااااايط لى العصااااار الحديث‪ ،‬فهذه األحداث ون‬
‫نسااااااايج التطور ذلك أن المطر المدقق لعلم الن يرى أن التدرج هو قانون التحول االمتماعي أو التحول‬
‫السياسي‪ ،‬و تعمل على هذا أسباب متصلة ساعدت اليوم على بروز تطور واحك و ملحوظ‪.‬‬

‫و بالنساابة لعلم الن فهنه يعتبر من أقدم العلوم ذلك أن االهتمام بدراسااة األن اإلنسااانية قديم قدم الت وير‬
‫البشاااري حيث انصااارف اهتمام ال السااا ة و علماء الدين لى الت وير و التسااااؤل عن هذه الن اإلنساااانية‬
‫البالضة التعقيد‪ ،‬و ما تشااااااا مل عليه من ميول و انحيازات‪ ،‬و دوافع و اندفاعات و رائي و حامات‪ ،‬و ما‬
‫ينتابها من مشاعر ال رح و االرتياح ‪ ،‬و ما تبديه من قدرة على التعلم و االستدالل و الت وير‪.‬‬

‫‪2‬‬
 ‫سنة أولى علوم اجتماعية (المجموعة ‪)03‬‬ ‫مدخل إلى علم النفس‬ ‫أ‪ .‬د شكيرو فيروز‬

‫لقد عوف ال السااااا ة و رمال الدين قرونا متطاولة على الت وير في هذه الموحاااااوعات‪ ،‬و مع ذلك فهن علم‬
‫الن با لمعنى الحديث و المعاصاااااار يعتبر من أحدث العلوم بحيث تصاااااادق المقولة التي قالها عالم الن‬
‫األلماني الشهير "هرمان ايجنهاوس" أن علم الن له ماحي طويل و تاريخ قصير‪.‬‬

‫الحديث‬ ‫و أممع العديد من مؤرخي علم الن على اعتبار عام ‪ 1879‬هو التاريخ الذي ولد فيه علم الن‬
‫و الم عاصر و هو ن سه التاريخ الذي أنشأ فيه "فون " مختبرا لعلم الن في ألمانيا‪.‬‬

‫و من خصائص علم الن أنه علم يدرس السلوك بمنهج البحث العلمي الذي تتبع العلوم الطبيعية ال ييياء‬
‫و الويمياء‪ ،‬و الذي يعتمد على المالحهات المنهمة و التجارب الممااابوطة‪ ،‬و هو أيماااا ال يشاااضل ن ساااه‬
‫بماهية الن و نشأتها و مصيرها‪ ،‬فهذا من اختصاص ال لس ة ال من اختصاصه‪ ،‬و هو ال يهتم بالبحوث‬
‫الروحانية تحمير األرواح‪ ،‬و ال يدعي تحليل شخصيات الناس‪ ،‬و معرفة أخالقهم من سمات وموههم‪،‬‬
‫و ال يدعي التوهن بالمستقبل‪.‬‬

‫‪3‬‬