You are on page 1of 12

‫اجمللد‪ /11‬الع ــدد‪ ،)2022( 2 :‬ص ‪436 -425‬‬ ‫جملـة البحوث الرتبوية والتعليمية‬

‫حول النّظَريَّة اإلنْ َسانِيَّة يف ِعلم النَّفس‬


‫َ‬
‫‪On the humanistic theory of psychology‬‬

‫د‪.‬حسن عداد‬
‫جامعة مولود معمري تيزي وزو (اجلزائر)‪hassanetizi@gmail.com ،‬‬
‫اتريخ النشر‪2022/6/9 :‬‬ ‫اتريخ القبول‪2022/5/28 :‬‬ ‫اتريخ االستالم‪2022/5/17 :‬‬

‫ِ‬
‫اطبيقات‬ ‫السلُوكِياة ) يف ِعلم النافس‪ ،‬يف مَال التادريس والت‬ ‫افسي و ُّ‬ ‫يكياةٌ ( التاحلِيل الن ِ‬ ‫كالس ِ‬‫ملخص‪ :‬سيطرت نَظراَّيت ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫اإلنسان‪ .‬ف َجاءَت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيث نَظرِتَا إىل َ‬ ‫ت "اآللية"‪ ،‬أو "احلَيوانياة" من ُ‬ ‫التاعليمياة والعالجياة‪ ،‬وقَد انتُق َدت َهذه الناظراَّي ُ‬
‫ات ذَات َم ٍال َو ِاس ٍع يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الو ُجود‪ ..‬وهلَا تطبِي َق ٌ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان يف ُ‬ ‫اظر يف َمكانة َ‬ ‫يد الن َ‬ ‫الناظرياةُ اإلنسانياةُ‪ ،‬أو الظااهَرتِياة‪ ،‬لتُعِ َ‬
‫سيها‬
‫سؤس َ‬
‫ومن ِ ِ‬
‫أهم ُم ا‬
‫ماعي)‪ ،‬واالتاِصال‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِن‪ ،‬ويف َمَال العِ ِ‬ ‫الَّتبَ ِا ِ ِ‬ ‫اإلرش ِاد الن ِ‬
‫ا‬ ‫ي واجلَ ا‬ ‫الج (ال َفرد ا‬ ‫وي‪ ،‬وامل ا‬ ‫افس اي‪ ،‬واملجال ا‬
‫َ‬
‫َ‬
‫الص اح ِة‪ ،‬وأ ان‬‫ات‪ ،‬وتَنظر إىل ال َفرد بنَظرٍة إجيابِي ٍة متفائِلَة‪ِ ،‬من ِخالل ِ‬
‫َا ُ‬ ‫ُ‬
‫كارل روجرز‪ ،‬وأبراهام ماسلو ف ِهي َِت ُّتم ابل اذ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫صوراتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اظر إلَيه من خالل املَرض النافس اي‪ ،‬وتَعتَِ ُِب تَ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رفض الن‬ ‫ِ‬
‫وج ُههُ قيَ ٌم‪ .‬وتَ‬ ‫سسؤول‪ ،‬وتُ‬
‫وم ٌ‬ ‫الفرد ُحٌّر‬ ‫لحيَاةِ َمعىن‪ ،‬وأ ان‬ ‫لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قة ِمن‬ ‫احل ال اسابِ ِ‬ ‫ابل ابملر ِ‬
‫ذات ٍ‬ ‫وهي‪ -‬خالفًا للناظَراَّيت ال اساب َق ِة‪ -‬ال تُويل ِعناي ًة‬ ‫فرويد متشائم ًة حول اإلنسان‪ِ ..‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫سعى إىل تَوجي ِهه والت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احكم‬ ‫إدراكه ال اذايت ملَا َحولهُ‪ُ ،‬دو َن أن تَ َ‬ ‫ابلولوج إىل َ‬ ‫هم احلَياة الدااخلياة لل َفرد‪ُ ،‬‬ ‫اول فَ َ‬
‫وُت ُ‬ ‫ُعمر ال َفرد‪ُ ،‬‬
‫تاح‪ ،‬وعلى َُت ِقيق ذاتِه‪.‬‬ ‫دة " الع ِميل" على النمو و ِ‬
‫االنف ِ‬ ‫َ ُ ا‬ ‫َ‬
‫فكريهِ‪ .‬بل تسعى ملساع ِ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫يف تَ ِ‬
‫اإلرش ِاد والعِال ِج يف‬ ‫ات التاكوي ِن و َ‬ ‫مدى فَعاليا ِة املدا ِرس احلالِيا ِة‪ ،‬وحوَل ِخيار ِ‬ ‫قاش َحول َ‬ ‫ب يف الناِ ِ‬ ‫ص ُّ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫البحث يَ ُ‬
‫ُ‬ ‫ه َذا‬
‫ت ال اسائِ َد ِة الاِِت قَد تَكو ُن ‪ -‬يف كثِ ٍري‬ ‫قديس الناظراَّي ِ‬ ‫حث‪ ،‬بعِيدا عن تَ ِ‬ ‫لبة ََبثِا ِهم على الب ِ‬ ‫آفاق الطا ِ‬‫وسع َ‬ ‫ِ‬
‫َ ً َ‬ ‫َ َ‬ ‫املُستقبَل‪ ،‬ويُ ا‬
‫رج اوةَ‪.‬‬ ‫لمياة‪ ،‬وذات أثَر مضلاِ ٍل للب ِ‬ ‫يقة العِ ِ‬‫قاصرةً أو حائِ َد ًة عن احل ِق ِ‬ ‫ِمن جوانِبِها‪ِ -‬‬
‫أسأل هللاَ أن أبلُ َغ الغَايةَ املَ ُ‬
‫احثني‪ُ .‬‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يل التاوفِيق‪.‬‬
‫وهللاُ َو ُّ‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الناظَرياة اإلنْ َسانِياة‪ِ ،‬علم النافس‪.‬‬
‫)‪Abstract: Classical theories (psychological and behavioral analysis‬‬
‫‪dominated in psychology, in the field of teaching, and educational and‬‬
‫‪therapeutic applications, and these “pedagogical” or “behavioral” theories‬‬
‫‪have been criticized. So the humanistic theory, or phenomenology, came to‬‬
‫‪reconsider the human position in existence.. It has applications with a wide‬‬
‫‪scope in counseling, psychological, , and psychiatric, and therapeutic. Among‬‬
‫‪the most important of its founders are Carl Rogers and Abraham Maslow, as‬‬
‫‪they are self-care, and look at the individual with a positive and optimistic‬‬
‫‪view, through health, and that the individual is healthy .This research aims at‬‬
‫‪the discussion about the effectiveness of the current schools, and about the‬‬
‫‪options for training, counseling and treatment in the future, and broadens the‬‬
‫‪students' horizons by researching their research questions.‬‬
‫‪Keywords: psychology , humanistic theory.‬‬
‫_________________________‬
‫املؤلف املرسل‪ :‬د‪.‬حسن عداد‬

‫‪425‬‬
‫د‪.‬حسن عداد‬

‫رسولِه الكريم‪.‬‬ ‫الح ِ‬


‫الم على ُ‬
‫الس ُ‬
‫مد هلل‪ ..‬والصالةُ و ّ‬ ‫ُ‬
‫تمـهـــــــــيد‪:‬‬
‫« إننا مقبلون على حقبة جديدة في االهتمام باإلنسان قد تفضي إلى تغيرات عميقة فى الموقف‬
‫اإلنساني‪ ،‬أشبه بالتغيرات التي شهدتها العلوم الطبيعية فى القرن الماضي‪ ،‬وفحوى هذا التغيير هو‬
‫تالشي بعض الركائز المعروفة فى العلوم النفسية‪ ،‬وبزوغ ثقل جديد للقيمة األساسية للخبرة‬
‫اإلنسانية‪. «..‬ج‪ .‬ف ‪ .‬بوجينتال‬

‫فس الحِديث‪ ،‬إ ْذ ساعدت‬ ‫بير في ِعلم الن ِ‬ ‫تأثير ك ًا‬


‫اس ًا‬ ‫طور األجن ِ‬ ‫ظريةُ ت ُّ‬‫لقد أثرت ن ِ‬
‫ان‪ ،‬الِذي ُيعتب ُر ‪-‬حسب داوون ‪ّ -‬أن ُه ليس‬ ‫اسة اإلنس ِ‬ ‫جاهه الم ِاد ِي في ِدر ِ‬ ‫أكيد ِاتّ ِ‬
‫على ت ِ‬
‫ّّ‬
‫أثير ذلك التّص ُّور‪ ،‬أن أدى بعلم ِ‬
‫اء‬ ‫ائنات ُدنيا‪ ..‬فكان ِمن ت ِ‬ ‫ان‪ ،‬تطور ِمن ك ٍ‬ ‫أكثر ِمن حيو ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ان‪ ،‬كما‬ ‫لوك اإلنس ِ‬‫عميمها على س ِ‬ ‫ان‪ ،‬وت ِ‬ ‫لوك الحيو ِ‬‫االهتما ِم ِبِدراس ِة س ِ‬
‫ِ‬ ‫ديث إلى‬‫فس الح ِ‬ ‫الن ِ‬
‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يقو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظرهم إالّ ِجسما تُ ِّ‬ ‫ان في ن ِ‬
‫حرُك ُه غرائ ُزهُ الحيوانّي ُة‪ُ .‬‬ ‫ً‬ ‫للرو ِح‪ ،‬فليس اإلنس ُ‬ ‫أكد إنكارُهم ُّ‬ ‫ّ‬
‫ظري ِة أثٌر‬
‫طور‪ ،‬كان ِلهِذه الن ِ‬ ‫أحمد عزت واجح ‪ » :1976‬لما ظهر داوون ِبنظ ِرّية الت ُّ‬
‫ا ُ الجوهر ّي‬ ‫فس‪ .‬إذ ناقضت الرأي الشائع والِذي تضمنته نظ ِري ُة ا ِ‬
‫إلنفص ِ‬ ‫يق في ِعل ِم الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫عم ٌ‬
‫فادها‬ ‫ِ‬ ‫عن اإلنس ِ ِ‬ ‫ان ِ‬ ‫لِلحيو ِ‬
‫ان‪ ،‬عند ووني ديكاوت (‪ René Descartes )1650-1596‬اّلتي م ُ‬
‫احثُون إلى ِدراس ِة س ِ‬ ‫حرُكه الغريزة‪ ،‬وأن اإلنسان يح ِرُكه العقل‪ .‬فاتجه الب ِ‬
‫لوك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫أن الحيوان تُ ِّ ُ‬
‫الدراس ُة بعض الضوء على س ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان‪ .‬وقد كرست‬ ‫لوك اإلنس ِ‬
‫ُ‬ ‫أن ُت ِلقي هذه ّ‬ ‫ان‪ ،‬عسى ْ‬ ‫الحيو ِ‬
‫اضرها‪ ،‬وأثر الِبيئ ِة في ت ُّ‬
‫طوِر‬ ‫اضي الب ِع ِيد للخليق ِة‪ ،‬وح ِ‬‫نظري ُة داوون أثر الوراث ِة بين الم ِ‬
‫ّ‬
‫اح ِل‬ ‫ِ‬
‫لماء ِبِدراسة مر ِ‬‫اهتمام الع ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‪ ،‬وبقاء األنس ِب في معركة الحي ِاة‪ ..‬و ِمن ثم‪ ،‬زاد ِ‬ ‫الكائن ِ‬
‫ُ ُ‬
‫مامهم ِبدراس ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ُم ّو النفس ّي في الفرد وفي النوِع‪ ،‬وتأثرها ب ُك ّل من الوراثة والبيئة‪ ،‬واهت ُ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫عداد‪ ،‬حسن‪.)2018 ،‬‬ ‫ِ‬
‫السالالت (راجح‪ ،‬أحمد ع ّزت ‪ّ ( )43 .1999‬‬
‫ِ‬ ‫ردّي ِة ْبين ُّ‬‫الفرو ِق الف ِ‬
‫ُ‬

‫النظرّية؛ ونتشاود ال زاووس (‪Richard, S )2002-1922‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫المتأثّرين بهذه ّ‬
‫ومن ُ‬
‫قو ُ‪ » :‬إن فهم‬ ‫يث ي ُ‬ ‫عاملِي ضغط‪ُ -‬مقاومة ‪ )Coping‬ح ُ‬ ‫ِ‬
‫(مط ّور النموذج الت ُ‬‫‪ُ Lazarus‬‬
‫ان في ِسي ِ‬
‫اق ن ُش ِ‬
‫وء‬ ‫خصي ِة ِمن الزاوي ِة البي ِ ِ‬
‫ِ‬
‫ولوجّية‪ ،‬يتطل ُب – أوالً‪ -‬أن ُيوضع اإلنس ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش ّ‬
‫طوِر ِمن الك ِائ ِ‬
‫نات‬ ‫تاج الت ُّ‬ ‫ِ‬
‫النوِع ‪ ،Phylogénétic‬طالما أن تشريح ُه وفيزُيوُلوجّيت ُه ُهما ن ُ‬
‫جاتي‪ُ ،‬محمد ُعثمان ‪.)83 .2001‬‬ ‫ضوي ِة األكثر ِقدما واألكثر بساط ًة« ( ن ِ‬
‫الع ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬

‫‪426‬‬
‫حول النّظَريَّة اإلنْ َسانِيَّة يف ِعلم النَّفس‬
‫َ‬

‫يث‪ ،‬كما أثرت في جميع‬ ‫فس الحِد ِ‬


‫الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫طور أثّرت أيما ت ٍ‬ ‫إن ن ِ‬
‫أثير في علم ّ‬ ‫ظرّية الت ُّ‬
‫صر النهض ِة‬ ‫النصرِاني ِة في أو ِ‬
‫ائل ع ِ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫العلو ِم اإلنس ِانّي ِة وغ ِ‬
‫ير اإلنسانّية‪ .‬وكان للثقافة الغربِّية ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اع بين‬ ‫بير في انتش ِار االتّجاه الم ّاد ّي في البحث العلم ّي‪ ..‬نتيجة ّ‬
‫الصر ِ‬ ‫أثير ك ٌ‬
‫العلمّية‪ ،‬ت ٌ‬
‫ير المأُل ِ‬
‫وفة‬ ‫ظري ِ‬
‫ات غ ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫اء وسلط ِة الكنيس ِة اّلِتي أعلنت حربا شعواء على أصح ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ّ‬ ‫ً‬ ‫العلم ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وشدتُه إلى المناداة بف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدين عن‬ ‫صل ّ‬ ‫ُ‬ ‫اع ِ ُ‬ ‫الصر ِ‬
‫في الثقافة المسيحّية آنذاك‪ ،‬وأدت حد ُة ذلك ّ‬
‫قت‪.‬‬ ‫الدين الِذي كانت تُمِثّلُه ِ‬
‫الكنيس ُة في ذلك الو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ير الع ِ ِ‬ ‫العلمِ‪ ،‬وتحر ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫قل من ُسلطة ّ‬

‫عض ُعلماء النفس أن ِعلم النفس‬ ‫شرين‪ ،‬رأى ب ُ‬


‫صف الث ِاني ِمن القرن ِ‬
‫الع ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫ِ‬
‫و ِخال ُ ّ‬
‫ط بالت ِ‬
‫فكير أو‬ ‫اء فيما يرتب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫التقليد ّي والتطبيقي ال يتعامالن بكفاءة مع ُقدرات اإلنسان؛ سو ً‬
‫أن ِعلم النفس التقلِ ِيدي اهتم‬ ‫وروا ّ‬‫صيره‪ ،‬أ‬ ‫شاعر‪ ،‬أو ِاتّخ ِاذ القرار‪ ،‬أو حتى ت ِ‬
‫حديد م ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ناهج ِ‬
‫البعيدة عن‬ ‫بة‪ ،‬خاص ًة في بحوث ِهم التجريِبية‪ِ ،‬تلك الم ِ‬ ‫حث المتصّلِ ِ‬
‫ناهج الب ِ‬‫ثير بم ِ‬
‫ك ًا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فسي ِة ‪ -‬خاص ًة في ميدان‬ ‫بادئ الن ِ‬‫الطبيع ِة اإلنسانية‪ ،‬كما انتُِقدت محاوالتُهم إقامة الم ِ‬
‫ُ‬
‫يث أن ت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫عميم‬ ‫التعلم‪ -‬على دراسات حو ُ القردة والقطط والفئران وحيوانات أُخرى‪ ..‬ح ُ ّ‬
‫إنساني ٍة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ان اعتِبرت عملي ًة غير د ِق ٍ‬
‫يقة‪ ،‬وغير‬ ‫حوث على اإلنس ِ ُ‬ ‫تائج ِتلك الب ِ‬
‫ُ‬
‫ن ِ‬

‫النفس ُشعب ٌة تجريِب ّي ٌة خالِص ٌة‬ ‫أن ّ‬‫السلو ِكّية‪ -‬يرى ّ‬


‫أحد ُرّواد المدرسة ُّ‬ ‫كان واطس ‪ُ -‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫رك‬
‫فس عليه ت ُ‬ ‫الن ِ‬
‫طه‪ .‬وكان يرى أن علم ّ‬ ‫لوك وضب ُ‬ ‫نبؤ ُّ‬ ‫من العلم الطِبيعي‪ ،‬وهدُفه الت ُ‬
‫صور‪ ،‬واإلحساس‬ ‫االت العقلِّية‪ ،‬والِّذهن واإلرادة‪ ،‬والت ُّ‬ ‫كالشعور‪ ،‬والح ِ‬ ‫ألفاظ ُّ‬‫ٍ‬ ‫استخدا ِم‬‫ِ‬
‫فسّية اّلِتي ال ُيمك ُن‬‫ات العقلي ِة والن ِ‬
‫فكير‪ ..‬وما شابه ذلك ِمن العملي ِ‬ ‫اكرة والت ِ‬
‫واإلدراك‪ ،‬وال ّذ ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫المِثير‬
‫ظ؛ مثل ُ‬
‫يبي‪ .‬ورأى أن يستخدم بدالً ِمنها ألفا ٌ ِ‬
‫ُ‬ ‫حث التّجر ِ‬ ‫مالحظتُها وإخضاعها للب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النْفس على دراسة ال ُّس ِ‬
‫لوك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كو ِن العادة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أن يقتصر ع ُلم ّ‬ ‫وتكامل العادات‪ ،‬و ْ‬
‫ُ‬ ‫االستجابة‪ ،‬وت ُّ‬ ‫و ْ‬
‫وك (نجاتي‪ُ ،‬محمد ُعثمان ‪.)71-70 .2001‬‬ ‫السُل ِ‬
‫بعلم ُّ‬‫وأن يسمى ِعلم النفس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الس ِ‬
‫لوك‪.‬‬ ‫فسير ُّ‬‫الكالسيكي ِة؛ سيطرة االتّج ِاه الم ِادي في ت ِ‬‫ِ‬ ‫ات هذه الم ِ‬
‫درسة‬ ‫ِمن ِسم ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قو ُ أغروس وستانسيو‪» :‬ال تُ ِ‬
‫السلو ِكّي ُة أن تستمّد العقل من المادة‪ ،‬ولكنها ت ُ‬
‫سأ ُ‪:‬‬ ‫حاو ُ ُ ُّ‬ ‫ي ُ‬
‫فسير ِع ِ‬
‫ألي ت ٍ‬ ‫لماذا ينب ِغي لِلعل ِم أن يعترف بالع ِ‬
‫لم ٍي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ط مصد ًار ِّ‬ ‫قل أصالً‪ ،‬إذا لم ي ُكن ق ّ‬
‫ِ‬
‫اإلنساني ُة الو ِحيدة‪ ،‬وأن ِمن الوا ِج ِب‬ ‫ان ُهو الحقيق ُة‬ ‫ؤكُد أن ِجسم اإلنس ِ‬‫وتبعا لذلك‪ ،‬تُ ِّ‬
‫ً‬
‫السلو ِكّي ُة بهذا المعنى‪ ،‬أكث ُر إيغاال‬
‫العلومِ‪ .‬و ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫استبعاد »العقل «‪ ،‬وجميع ب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫هارجه من مجا ُ ُ‬
‫‪427‬‬
‫د‪.‬حسن عداد‬

‫اعِت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫السبب‬
‫بارها ّ‬ ‫ِب ْ‬ ‫السُلو ِكي ُة تطرُح الم ّادة‬
‫الفرويدي‪ ». «..‬و ّ‬
‫فس ُ‬ ‫الن ِ‬
‫في الم ّادّية من علم ّ‬
‫الم ّاد ِة‪ ،‬ال ُبد ِمن‬ ‫امدةٌ ِمن‬‫نظار‪ِ ،‬قطع ٌة ه ِ‬ ‫ان‪ .‬واإلنسان‪ِ ،‬بهذا ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫فات اإلنس ِ‬ ‫صر ِ‬
‫الو ِحيد لت ُّ‬
‫شغيلِها ِبُقوى خ ِارِجّي ٍة‪. «..‬‬
‫ت ِ‬

‫اهر آلِي ٌة ِم ِ‬
‫يكان ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاإلنس ُ ِ‬
‫يكّي ٌة‬ ‫وك ُه ظو ُ ّ‬ ‫كرهُ وسُل ُ‬ ‫ان‪ ،‬بهذا التص ُّور‪ُ ،‬هو آل ٌة ُمعّقدةٌ‪ ،‬وِف ُ‬
‫وج ُه‬‫ٍ ِ ٍ ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومعتقدات داخ ّلية تُ ّ‬ ‫خالص ٌة‪ ،‬فال مجا ُ لما ُيسمى الخبرة الش ُعورّية‪ .‬وال ُو ُجود لقي ٍم ُ‬
‫رد بالتجرب ِة‬ ‫ِ‬
‫دة من العادات‪ ،‬تعّلمها الف ُ‬
‫سلوكه‪ .‬أما الدو ِافع والذكاء‪ ،‬فتُعتبر مجموع ًة معق ِ‬
‫ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫يخّية‬‫خصي ِة ِخال ُ حي ِاته‪ ..‬ويبدو ‪ -‬كما يرى إيزنك ‪ – Eysenck‬أن األصو ُ التار ِ‬ ‫الش ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫السف ِة القرن الث ِاني عشر‪،‬‬ ‫جاه الم ِادي الِذي كان سائدا بين ف ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫السلو ِكي ِة مرتِبط ٌة ِ‬
‫باالتّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫للم ّادية ُّ ّ ُ‬
‫صو ار آلِيًّا ِميك ِان ِ‬
‫يكيًّا‪.‬‬ ‫الروح في اإلنس ِ‬ ‫ِ‬
‫له ت ُّ ً‬
‫ان‪ ،‬ووض ُعوا ُ‬ ‫فضوا ُّ‬‫اّلذين ر ُ‬

‫ان نظرًة‬ ‫ظرون إلى اإلنس ِ‬ ‫أيضا‪ -‬ين ُ‬ ‫كما كان فروند وأتباع مدرسة التحلِيل ِ‬
‫النفس ّي ‪ً -‬‬‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حرُكه الغريزة ِ ِ‬ ‫ان في نظرِهم أكثر ِمن حيو ٍ‬
‫ان تُ ِّ‬ ‫ّ ِ‬
‫الجنسي ُة‪ ،‬وغريزةُ‬ ‫ُ‬ ‫فليس اإلنس ُ‬ ‫مادي ًة آلية‪ْ .‬‬
‫جود ِفي‬ ‫الروحي ِة ِفي ح ِ‬
‫ياة اإلنس ِ‬ ‫اهتماما بالنو ِ‬‫العدوان‪ .‬وال يبدون ِ‬
‫للرو ِح ُو ٌ‬ ‫ان‪ .‬فليس ُّ‬ ‫احي ُّ‬ ‫ً‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫حو ٍ‬
‫يالت للغريزة‪،‬‬ ‫ات أو ت ِ‬‫القيم واألخالق والثّقاف ُة والحضارة ِسوى إزاح ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نظر فروند‪ ،‬ول ْيست ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أهدافها ِ ِ ِ‬
‫وإبدا ُ ِ‬
‫ف‬ ‫الجنسية بأهداف أخرى من األنشطة اإلنسانّية‪ ،‬وِهي العملّي ُة اّلتي تُعر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عه‬
‫اما‪ ،‬وأن اإلنسان ابتد ُ‬ ‫يكون أوه ً‬ ‫يعدو أن ُ‬ ‫الدين ال ُ‬ ‫باإلعالء أو التّسامي‪ .‬ويرى أن ّ‬ ‫ْ‬
‫لط ٍ‬‫لطان ق ِوٍي ِ‬ ‫أن الفرد ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيف الق ِ ِ‬
‫لت ْخ ِ‬
‫يف ورف ٍ‬
‫يق‬ ‫وه ِم ُس ٍ ّ‬ ‫يجُد في ت ُّ‬ ‫لق من أخط ِار الحياة‪ ،‬فيرى ّ‬
‫ان!‪.‬‬ ‫اع اإلنس ِ‬ ‫فالدين ‪-‬حسبه‪ -‬وهم ِمن ِ‬
‫اختر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ف قلق ُه‪ُ ّ ..‬‬ ‫يشمُل ُه بالعناية‪ ،‬ما ُيخّف ُ‬
‫لم ِي اّلِتي كانت ِ‬
‫سائد ًة بين‬ ‫الع ِ‬ ‫ناهج الب ِ‬
‫حث ِ‬ ‫كوين مذهِب ِه ِبم ِ‬
‫ولم يست ِعن فروند في ت ِ‬
‫ّ‬
‫صح ِة ما وصل‬ ‫بار ِ‬ ‫حث التّجريِبي ِ‬
‫الخت ِ‬ ‫اهتماما يذكر بالب ِ‬
‫ً ُ ُ‬
‫فس آنذاك‪ ،‬ولم ي ِبد ِ‬
‫ُ‬
‫علم ِ‬
‫اء الن ِ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ا ُ العق ِل "الال ُش ُع ِ‬
‫ورّية"‪..‬‬ ‫فس‪ ،‬وأعم ِ‬
‫اق الن ِ‬‫أعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مام ُه على ْ‬‫إليه في نظرّيته‪ ،‬بل انصب اهت ُ‬
‫اء القرِن ِ‬
‫الع ْشرين‪..‬‬ ‫يكن يعرف بين علم ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وكان مجاالً جد ًيدا لم ُ ُ ُ‬
‫القت نظريته معارض ًة شديدة ِمن أقر ِب ز ِ‬
‫مالئه‪ ..‬إذ فارق ُه يونغ‪ ،‬كاول‪ ،‬اّلذي اعتبر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُُ ُ‬
‫كبوتة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫عاما‪ ،‬ال ي ِ‬
‫بيدو) توتًُّار ًّ‬ ‫ِ‬
‫طاقة الجنسّية‪ ،‬وأن ال ّذكريات الم ُ‬
‫مك ُن أن ُيحصر في ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫( الل ُ‬
‫نسّي ِة‪،‬‬ ‫الت اإلنسان اّلِتي لم تُحل‪ .‬كما قّلل أدلر‪ ،‬ألفرد ِمن دور الغريزة ِ‬
‫الج ِ‬
‫ّ‬
‫شك ِ‬‫تتعّلق ب ُك ِل م ِ‬
‫ُ ّ ُ‬

‫‪428‬‬
‫حول النّظَريَّة اإلنْ َسانِيَّة يف ِعلم النَّفس‬
‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أهمّي ًة لألهداف االجتماعّية‪ ،‬وخيارات الفرد ووع ِيه‪ ،‬وأنكر أن يكون ُ‬
‫الفرد ُمو ّج ًها بـ‬ ‫وليا ّ‬‫ُم ً‬
‫صاب‪ ،‬وليس الغريزةُ‪..‬‬ ‫كوين الع ِ‬ ‫قص ُهو سب ُب ت ِ‬
‫الشعور بالن ِ‬ ‫أن ُّ‬ ‫ُّ ِ‬
‫ُ‬ ‫كبوتات الطفولة"‪ ،‬واعتبر ّ‬ ‫"م ُ‬
‫أكيد على‬ ‫ويرى محّلِلون نفس ِانِيون ينسبون للفرويدي ِة الجديد ِة ‪ New Freudian‬التّ ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وجّية‪،‬‬‫ور الثقاف ِة والعالقات االجتماعّية في األُس ِرة في ُنم ِو الشخصّية‪ ،‬بد ُ الدو ِافع البيول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫د ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫أمثا ُ هووني‪ ،‬وفروم‪ ،‬وسوليفان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِمن‬

‫فة ِ‬
‫العلم‪ ،‬فقام‬ ‫قـدم ِعلم النفس اإلنس ِاني رؤي ًة جديدة في منه ِج ِدراسة اإلنسان وفلس ِ‬
‫ً‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السيكولُوجي‪ ،‬المنُقو ُ عن منه ِج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بإعادة ن ٍ‬
‫ّ‬ ‫ظر نقدية في االفت ارضات األساسية للمنهج ّ‬
‫طوراته وس ِبقه‪ِ -‬من فرض تأثي ِره على نظرية المعرفة‬ ‫مكن‪ -‬بت ُّ‬ ‫بيعية‪ ،‬اّلِذي ت ّ‬
‫ط ِ‬‫ال ُعلوم ال ّ‬
‫عالم‪ ،‬صبغت‬ ‫نطقي ِة‪ ،‬يعبر عنه ِمن ِخال ُ م ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫موما‪ .‬هذا المنهج المبني على الوضعية الم ّ ُ ُ ُ‬ ‫ُع ً‬
‫جدي ‪:)2019‬‬ ‫أهمها (عرفة‪ ،‬م ِ‬ ‫كل غالِب‪ُّ ،‬‬ ‫حث في ِعلم النفس بش ٍ‬ ‫منهج الب ِ‬

‫‪ -1‬العلية الحتمية الميكانيكية والبحث دائما عن التعليم ِ‬


‫ات الناموسية ‪nomothetic‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫غيرات)‪ .‬فال مكان في هذا‬ ‫ط بين الظو ِ‬
‫اهر والتّ ُّ‬ ‫( أي الكشف عن القو ِانين العامة اّلِتي ترب ُ‬
‫النموذج لمف ِ‬
‫اهيم؛ ِمثل الت ُّ‬
‫فرد‪ ،‬أو العّلية الغائية‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ظر المدرس ُة الوضعي ُة ل ِ‬


‫ل ْن ِ‬
‫سان نظرًة إجمالي ًة‪ .‬فترى أن‬ ‫‪ - 2‬النظرة التجزنئية‪ :‬ال تن ُ ُ‬
‫وط مضب ٍ‬
‫وطة‪..‬‬ ‫قائق صغيرٍة تحت ُشر ٍ‬ ‫بحث عن ح ِ‬ ‫يقي ٍة‪ ،‬وت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ات ُّ ِ‬ ‫ُكلي ِ‬
‫ُ‬ ‫السلوك غ ُير حق ّ‬ ‫ّ‬
‫قاع ٍ‬
‫مكن الحصو ُ عليه ك ِ‬ ‫ِ‬ ‫فالح ِقيق ُة تتقّيُد ِبأن ُ‬
‫دة فقط‪،‬‬ ‫تكون صغيرًة‪ ،‬طالما أن الثبات ُي ُ ُ ُ‬
‫كوين ُمركب ِمن‬ ‫ود ِمن ُّ‬ ‫حد ٍ‬ ‫ِ‬
‫ان في هذا النموذج‪ ،‬ت ٌ‬ ‫السلوك‪ ..‬فاإلنس ُ‬ ‫ناو ُ ُجزٍء م ُ‬
‫عند ت ُ‬
‫ياس ِ‬
‫الكمي‪،‬‬ ‫للق ِ‬‫دات ت ُّبدلِية ‪ interchangeable units‬قاِبل ًة ِ‬ ‫ظائف جزئي ٍة تُمِثّل وح ٍ‬ ‫و ِ‬
‫ّّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫ِ‬
‫يكانيكية‪.‬‬ ‫وتطِبيق قو ِانين ِشبه ِم‬

‫‪ -3‬النظرة الكمية‪ ،‬والصياغة الرقمية‪ ،‬واستخدام المناهج اإلحصائية كمؤشر‬


‫قمّية‪،‬‬ ‫الكم ِ‬
‫ية والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الصياغة ّ‬
‫فك ُّل شيء في هذا النموذج‪ُ ،‬يمك ُن تناوُله بالقياس‪ ،‬و ّ‬
‫للحقيقة‪ُ .‬‬
‫وضوعيِته‪.‬‬
‫وك فى م ُ‬
‫شك ٌ‬
‫وإالّ ف ُهو م ُ‬

‫‪429‬‬
‫د‪.‬حسن عداد‬

‫صور‬ ‫وهو ت ُّ‬


‫‪ -4‬التصوو المحدود للحركة بوصفها نتاجا للضغوط ومحتومة بها‪ُ .‬‬
‫ات الحي ِة‬
‫نات غير الحي ِة (بما ِفيها اآلالت) والكائن ِ‬
‫الكائ ِ‬
‫ان و ِ‬ ‫ِ‬
‫يكانيكي‪ُ ،‬يساوي بين اإلنس ِ‬ ‫ِم‬
‫يانا ارًّدا للفعل‪ reactive‬وليس ‪ -‬بأ ِّي‬ ‫ِ‬ ‫األولِية‪ .‬ويتّ ِ‬
‫ص ُل ِبهذا‪ ،‬النظرةُ للنس ِ‬
‫ان بوصفه ك ً‬ ‫ّّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كيانا فاعال ‪ proactive‬ذا أداء نشط‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حا ُ‪ً -‬‬

‫‪ -5‬التمركز حول المنهج ‪ method centered‬أكثر م التمركز حول المشكلة‬


‫الجز ّئي ِة‪ ،‬على‬
‫تفرقة ُ‬
‫الم ّ‬ ‫هائل ِمن الح ِ‬
‫قائق ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫إيجاد ك ٍم ٍ‬ ‫‪ :problem centered‬مما أدى إلى‬
‫ترِب ِ‬
‫طة ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لكائن البشر ّي ُ‬
‫كك ّل‪.‬‬ ‫الم ا‬
‫حساب النظرة ُ‬

‫للسلوك‬
‫ضبوطة ُّ‬ ‫ُ ِ‬ ‫فالسلوكية بم ِ‬
‫فاه ِ‬
‫المالحظة الم ُ‬
‫الموضوعية‪ ،‬و ُ‬ ‫يمها عن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارج ّي‪ ،‬والتجريِبية‪ ،‬والمعملية‪ ،‬وحيوانات التجارب‪ ،‬واألسالِيب اإلحصائية‪ ،‬و ّ‬
‫الدراسة‬ ‫الخ ِ‬
‫نطقي‪.‬‬‫ضعي الم ِ‬ ‫اهـر الجزئية‪ِ ..‬هي التمثيل الم ِ‬
‫باشر للنموذج الو ِ‬ ‫الد ِقيقة للظو ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ّ‬

‫وكذلك‪ ،‬مدوسة التحليل النفسي التّقلِيد ّي؛ فِبالرغم ِمن أساليِبها اّلتي اعتمدت‬
‫جن هذا‬ ‫سة اإلكلِ ِينيكية‪ ،‬لم تخرج في م ِ‬
‫فاهيمها وتص ُّورِاتها عن ِس ِ‬ ‫أساسا على ِخبرة الممار ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫للفعل ‪quasi-mechanical‬‬ ‫ِ‬
‫صوِرها العام كائن شبه آلِي راد ِ‬ ‫ان في ت ُّ‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ ٌ‬ ‫النموذج‪ .‬فاإلنس ُ‬
‫ِ ٍ ِ‬
‫تصوراتها‬
‫أن ُّ‬ ‫الهو ‪ ،”id‬واألنا األعلى‪ .‬كما ّ‬ ‫وم بُقوى طاغية هي؛ البيئة‪ ،‬و ُ‬ ‫حك ٌ‬
‫‪reactor‬م ُ‬
‫ِ‬
‫الكالسيكية‪.‬‬ ‫طبيعة و ِ‬
‫الميكانيكا‬ ‫خصية كانت متأِثّرة بم ِ‬
‫فاهيم ِعلم ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ً‬ ‫عن ديناميات الش ّ‬

‫يعية واإلنسانية‬ ‫امات معتبرة‪ ،‬في مجا ُ العلوم الطب ِ‬ ‫إن هذا المنهج قدم وال يزا ُ أسه ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫عوًقا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شكال ُم ّ‬
‫األمور تأخ ُذ ً‬
‫نم ّو المعرفة وتطبيقاتها‪ ..‬إال أن ُ‬ ‫‪ -‬بما فيها علم النفس‪ -‬وفي ُ‬
‫استوفت أغراضها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لِ ُّ‬
‫طورّي ًة‪ ،‬إذا ما ْ‬
‫مثل مرحل ًة ت ُّ‬
‫تطور المعرفة البشرية‪ ،‬إذا أغفلنا أنه ُي ُ‬
‫أما إذا انسقنا لوه ِم أ ّن ما‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ٍ‬
‫فال بد أن نتجاوزها إلى مرحلة تالية‪ُ ،‬برؤية ونماذج جديدة‪ّ .‬‬
‫اني ِة‪،‬‬ ‫اهر ال ّ ِ ِ‬
‫طبيعّية واإلنس ّ‬
‫ظو ِ‬‫طلق‪ ،‬وِنهائ ّي‪ ،‬وقاِبل للتطِبيق على ُك ّل ُمستويات ال ّ‬
‫له ُم ٌ‬
‫ِ‬
‫ُيمثّ ُ‬
‫جدي ‪.)2019‬‬ ‫جمد والعقم (عرفة‪ ،‬م ِ‬ ‫صاب بالت ُّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫طور اإلنساني ُكله ُي ُ‬ ‫فإن التّ ُّ‬

‫اخر‬‫اب ِفي أو ِ‬
‫وعلماء األعص ِ‬ ‫الكثيرة اّلِتي قام ِبها علم ِ‬
‫إن البحوث ِ‬
‫اء الفيزيولُوجيا‪ُ ُ ،‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْشرين بينت استحالة ت ِ‬
‫فسير الع ِ‬
‫قل بإرجاعه للمادة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اسع عشر‪ ،‬وأوائل القرِن ِ‬
‫القرِن الت ِ‬
‫ّ ْ ْ‬

‫‪430‬‬
‫حول النّظَريَّة اإلنْ َسانِيَّة يف ِعلم النَّفس‬
‫َ‬

‫الم ِّخ‪ ..‬وتوصل ْت نت ِائ ُج ُبحوِثهم إلى قناع ٍة‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬


‫وبِأن ُه ينتُ ُج عن عملّيات ُبيولوجية وعصبّية في ُ‬
‫ان مست ِقالّ ِن عن الماد ِة‪ .‬هذا التغيُّر صاحبه في الو ِ‬
‫قت ذ ِاته تغيٌُّر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الروح والعقل جوهر ُ‬ ‫بأن ُّ‬
‫ان كما‬ ‫ظر ُُ إلى اإلنس ِ‬‫فس إنس ِان ٍّي‪ ،‬ين ُ‬ ‫فس‪ ،‬فنادى باحثُون ِ‬
‫بعل ِم ن ٍ‬ ‫جا ُ علم الن ِ‬‫كبير في م ِ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ائزهُ الحيوانّي ُة كما‬ ‫ان تُ ِّ‬
‫حرُك ُه غر ُ‬ ‫فسه إلى ذاته‪ ،‬أي ِبوصفه إنس ًانا‪ ،‬ال ُم ّ‬
‫جرد حيو ٍ‬
‫ظ ُر ُهو ن ُ‬
‫ين ُ‬
‫السلو ِكّي ِة‪ .‬لقد‬
‫حسب المدرس ِة ُّ‬ ‫ِ‬
‫ات البيئّي ُة ْ‬
‫ِ‬
‫المؤثّر ُ‬ ‫فسي‪ ،‬أو تُ ِّ‬
‫حرُك ُه ُ‬
‫يل الن ِ‬
‫ترى مدرس ُة التحلِ ِ‬
‫ّ‬
‫هذه المدرس ِة الجِديد ِة‬
‫فس بـ » أنسنة« ِعلم النفس‪ .‬و ِمن رو ِاد ِ‬
‫ُ‬
‫هذه الطائف ُة ِمن ع ِ‬
‫لماء الن ِ‬ ‫ُ‬
‫نادت ِ‬
‫إوفي تشيلد ‪ ،Ervin Child‬وفرانك سيفيرن ‪ ،Frank Séverine‬وأبراهام ماسلو‬
‫‪ ( Abraham Maslow‬خلِيل‪ُ ،‬محمد رشاد ‪.)71-70 .1987‬‬

‫وصف ِه إنسانا ال مجرد ٍ‬


‫آلة‬ ‫ان‪ِ ،‬ب ِ‬‫ظ ُر إلى اإلنس ِ‬ ‫اهرِتي" ين ُ‬ ‫ظ ِ‬ ‫فس اإلنس ِان ّي "ال ّ‬
‫الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ً‬ ‫فع ُلم ّ‬
‫قل‪ ،‬وأن العقل والوعي واإلدراك ِهي‬ ‫اعي ًة‪ ،‬وي ِق ُّر بأولوي ِة الع ِ‬
‫اره ُقوة و ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪ ،‬أي باعتب ِِ ّ ً‬ ‫أو حيو ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫القّي ِة‪..‬‬
‫األخ ِ‬ ‫احي ُّ ِ‬
‫الرو ِحّية و ْ‬ ‫ات اإلنس ِاني ِة‪ .‬كما أنه يهت ُّم ِبدراس ِة ِ‬
‫القيم‪ ،‬والنو ِ‬
‫ُ‬
‫أهم العملِي ِ‬
‫ُّ‬
‫درج‬ ‫نقـد ماسلو النظرة القـديمة الم ِادية للدو ِافع اإلنس ِاني ِة‪ ،‬ووضع في مست ِ‬
‫ويات الت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫وحّي ُة اّلتي‬ ‫الر ِ‬‫ات‪ .‬وإن كانت الدو ِاف ُع ُّ‬ ‫حقيق الذ ِ‬ ‫الهـرِمي‪ ،‬دو ِافع ِمثل ح ِب الجما ُ والع ِ‬
‫د ُ وت ِ‬
‫ُّ‬ ‫ّّ‬
‫ِ‬
‫الديني‪ ،‬وإنما يقصُد ِبها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و ُ بها ماسلو ليس ْت هي الدو ِاف ُع اّلتي تتعل ُق ُّ‬
‫بالروح ِبمعناها‬
‫ّ ّ‬ ‫يُق ُ‬
‫حقيق ذ ِات ِه‬
‫وص ُل الفرد إلى ت ِ‬ ‫امية العليا لِ ِلقيم اإلنس ِاني ِة «‪ ،‬واّلِتي تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫سميها» الدو ِافع الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ما ُي ّ‬
‫(عداد‪ ،‬حسن ‪..)2021‬‬
‫ّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ودعت المدرس ُة ال ّ ِ‬
‫العلوم‬
‫العلو ِم اإلنسانّية عن ُ‬ ‫ظاهرِتّي ُة إلى ض ُرورة استقال ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫انينها الخاص ُة اّلتي تح ُك ُمها‪.‬‬ ‫يعّي ِة‪ ،‬وأن تُدرس الطبيعةُ اإلنس ِانّي ُة على أس ِ‬
‫اس أن لها قو ُ‬
‫الطِب ِ‬
‫جز عن ت ِ‬
‫فس ِ‬ ‫ان ور ِ‬ ‫ِ‬
‫ير‬ ‫وحه‪ ،‬بل ُهو الع ُ‬ ‫لق اإلنس ِ ُ‬
‫بخ ِ‬
‫اإليمان ُ‬
‫ُ‬ ‫ورُّد الفعل هذا‪ ،‬لم ي ُكن مصد ُرهُ‬
‫يء (خلِيل‪،‬‬ ‫ان أو مجرد ش ٍ‬ ‫ِ ِِ‬
‫اره مجرد حيو ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ا ُ اإلنس ِ ِ ِ‬ ‫ثير ِمن أحو ِ‬
‫ك ٍ‬
‫ُ‬ ‫العضوّية‪ ،‬باعتب ُ‬ ‫ان النفسّية و ُ‬
‫ُمحمد رشاد ‪.)71-70 .1987‬‬

‫يث أنها تُ ِ‬
‫حاو ُ ُ أن تتفادى‬ ‫فس‪ ،‬ح ُ‬ ‫تُدعى المدرس ُة اإلنساني ُة بالمسار الثالِث ِفي ِعلم الن ِ‬
‫وقفا مخالًِفا لهات ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫السلوكية والتحليل النفسي‪ ،‬باتّخاذها م ً ُ‬ ‫يوبا أو‪ ...‬مدرستي ُّ‬ ‫ما اعتُِبر ُع ً‬
‫خصي ِة‪ ،‬والدو ِافع الداخلي ِة للنس ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ال ُ ترِكيزها على الجو ِانب اإليجابي ِة للش ِ‬
‫ّ‬
‫تين ِمن ِخ ِ‬
‫المدرس ِ‬
‫يه‪ِ ،‬مثل ما فعلت ُّ‬
‫السلو ِكّية‪،‬‬ ‫اف حي ِاته‪ .‬ولِذلك رفضت ِدراسة الحيوان وإقامة التجارب عل ِ‬ ‫وأهد ِ‬

‫‪431‬‬
‫د‪.‬حسن عداد‬

‫فس البشري ِة ِمن ِخال ُ ِد ارس ِة المرضى ِمن البشر‪،‬‬ ‫عرف على الن ِ‬ ‫كما رفضت التركيز على الت ُّ‬
‫يث أشارت إلى أن ِعلم النفس ينب ِغي أن يستخرج‬ ‫فسي‪ ،‬ح ُ‬ ‫ِمثل ما فعلت نظري ُة التحلِيل الن ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫اء‪ ،‬الذين حّقـُقوا ذو ِاتهم‪ .‬بينما يعتِب ُر‬ ‫األصح ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫درسة الن ِ‬
‫اس‬ ‫لوك البشر ّي ِمن ا‬ ‫الس ِ‬
‫اعد ُّ‬ ‫قو ِ‬
‫صل عن مدرستين ِمن منب ٍع‬ ‫باحثُون أن المسار الثّالث إنما يقصد به ذلك ِ‬
‫االتّجاه المنف ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫اعه‪ ،‬و ِاتّجاه‬
‫فسي لفروند وأتب ِ‬ ‫ِ‬
‫تفاديا عيوبهما؛ التحلِيل الن ِ‬ ‫و ٍِ‬
‫ّ‬ ‫يينا؛ ُم ً ُ‬ ‫احد كانتا سائدتين في ِف ّ‬
‫يرن له أساس يُقوم ِ‬
‫عليه‪( ..‬لِلحياة معنى)‪.‬‬ ‫ردي أللفرد أدلر؛ و ِكال الت ِ‬
‫فس ا‬ ‫النفس الف ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫علم ّ‬

‫ف إلى‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬جاء ِعلم الن ِ‬


‫فس اإلنسان ُّي ‪-‬إذن‪ -‬كرّد فعل للمدارس اآللّية السائدة‪ ..‬كان يهد ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اص‪ ،‬وكذا‬ ‫حسين العالقات بين األشخ ِ‬ ‫رك ُز على ت ِ‬ ‫المجتم ِع‪ِ ،‬ب ْ‬
‫حي ُث ُي ّ‬ ‫ِ‬
‫ت ْغيير األولوّيات في ُ‬
‫ِ‬
‫وجه ٍة إلى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫طور ُقدرات األفراد في ت ّبني أفعا ُ ِبنائّية‪ُ ،‬مت ّ‬ ‫وط الِتي تدع ُم ت ُّ‬ ‫الشر ِ‬‫ُّ‬
‫إيجاد ُ‬
‫برية‪ .‬بعد مدة قصيرٍة ِمن ت ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شكيل‬ ‫ُ‬ ‫ض الج ِ ّ‬ ‫المجتمع‪ ،‬ويرُف ُ‬ ‫سؤولة والفعالة في ُ‬ ‫المساهمة الم ُ‬ ‫ُ‬
‫يقو ُ‬ ‫ئيسها ع ِالم النفس سيدني جوود ع ُمودهُ بتصر ٍ‬ ‫ِ‬
‫يح ُ‬ ‫ُمؤسسة علم النفس األمريكية‪ ،‬بدأ ر ُ‬
‫اث تسعى إلى إلقاء‬ ‫يه إذا كان مسنداً بأبح ٍ‬ ‫فيه‪« :‬سي ِقدم علم النفس اإلنساني أفضل ما لد ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُّ ُ‬
‫ة ِبه»‪ .‬علم النفس اإلنساني ‪https://ar.wikipedia.org/wiki/‬‬‫يدة الخاص ِ‬
‫ان الفر ِ‬ ‫وء على ِميز ِ‬
‫ات اإلنس ِ‬ ‫الض ِ‬
‫ّ‬

‫فس‪،‬‬ ‫كائز اّلتي تُبنى عليها المدرس ُة اإلنس ِاني ُة‪ ،‬أو الظاهرتي ُة في ِعلم الن ِ‬ ‫ختلف الر ُ‬
‫ت ُ‬
‫عاصرين‪،‬‬ ‫حيث لم يو ِافق كثير ِمن علماء النفس الم ِ‬ ‫س النظريتين المش ِار ِ‬ ‫عن أس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إليهما‪ٌ ْ ُ ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ال ُ غريزة‬‫ان ِمن ِخ ِ‬ ‫أمثا ُ ماسلو وووجرز وفروم ‪ Fromm‬آراء فروند اّلذي نظر للنس ِ‬
‫ومتش ِائم ًة عن الطبيعة اإلنس ِانّي ِة‪ ،‬كما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ذلك ُيعطي نظرًة سلبّي ًة ُ‬
‫ِ‬
‫ان‪ ،‬باعتبار ّ‬ ‫العدو ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫علماء الجريمة أمثا ُ سيزاو لومبروزو (‪César Lombroso )1909-1835‬‬ ‫ضون آراء ُ‬ ‫يرُف ُ‬
‫كس–‬ ‫بالوراث ِة‪ ..‬بل قاموا – على الع ِ‬
‫ولدون مجرِمين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫بعض األفراد ُي ُ ُ‬ ‫‪ ،‬اّلذي يذه ُب إلى أن ْ‬
‫ِ‬
‫باالعتب ِار أن اإلنسان ي ِ‬ ‫الخِي ِرة في الطبيع ِة اإلنس ِاني ِة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مك ُن أن يقع‬ ‫ُ‬ ‫آخذين‬ ‫ّ‬ ‫ِبتأكيد النواحي ّ ّ‬
‫ير‪ ،‬وتدف ُع ُه‬ ‫طمس ِ‬
‫استعدادهُ للخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعي ِة والترب ِ ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ير ب ِ‬ ‫تحت ت ِأث ِ‬
‫وية اّلتي ت ُ‬ ‫ّ‬ ‫عض العوامل االجتم ّ‬
‫حمد ُعثمان ‪.)105. 2001‬‬ ‫ِ‬ ‫للعدو ِ‬
‫ان والجريمة‪( ..‬نجاتي‪ُ ،‬م ّ‬ ‫ُ‬

‫وطور‬ ‫ٍ‬ ‫اإلنساني ُة بت ُّ ٍ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جا ُ ِ‬
‫ففي م ِ‬ ‫ِ‬
‫صورات جديدة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫النظرّي ُة‬
‫الج النفس ّي‪ ،‬جاءت ّ‬
‫الع ِ‬
‫اهرِتي أسُلوب » العالج النفسي المتمركز على العميل« اّلِذي‬ ‫أنصار ِعلم النفس الظ ِ‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫ميل« (المريض) على‬ ‫يث ي ِّ‬
‫رك ُز مع »الع ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ظ ُر إلى اإلنس ِ‬
‫ظ ُر ُهو إلى نفسه‪ .‬ح ُ ُ‬‫ان كما ين ُ‬ ‫ين ُ‬
‫‪432‬‬
‫حول النّظَريَّة اإلنْ َسانِيَّة يف ِعلم النَّفس‬
‫َ‬

‫دف أو معنى‬ ‫ضع ه ٍ‬ ‫اع عن ُمعتقد ِات ِه ومستقبلِ ِه‪ ،‬وو ِ‬ ‫الدف ِ‬‫ِ‬
‫الح ّ ِرة في ّ‬
‫ِ‬
‫قوية إدراكه إلرادته ُ‬
‫ِِ‬ ‫تِ ِ‬
‫جة األولى الوعي الذ ِاتي واليقظة‪ِ ،‬مما يس ِ‬
‫اعُد‬ ‫شجع بالدر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫الج اإلنسان ُّي ُي ّ ُ‬ ‫لحياته‪ ..‬فالع ُ‬
‫ا ُ إلى‬ ‫دود األفع ِ‬‫احد ٍة ِمن ر ِ‬ ‫هني ِة وسلو ِك ِه‪ِ ،‬من مجم ٍ‬
‫وعة و ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫"العميل" على تغيير حالته ال ّذ ّ ُ‬
‫دروسة‪ .‬يسم ُح هذا المنه ُج ِمن‬ ‫ِ‬ ‫صح ًة‪ ،‬وو ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫عي ذات ّي أكثر إنتاجّي ًة‪ ،‬وأفعا ُ م ُ‬ ‫أخرى أكثر ّ‬
‫السلو ِكي‪ ،‬مع‬ ‫الج‬
‫الع ِ‬ ‫اس ٍي – ِبمزِج اليق ِ‬
‫ظة و ِ‬ ‫شكل أس ِ‬‫رونة اّلِتي يوصف بها ‪ِ -‬ب ٍ‬ ‫ال ُ الم ِ‬ ‫ِخ ِ‬
‫ُّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ماع ٍي إيجاِب ٍي‪.‬‬ ‫اجت ِ‬‫دع ٍم ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الج اإلنس ِاني ِبأنها‪» :‬‬ ‫فس اإلنس ِاني‪ ،‬تُوصف فو ِائد ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫معية ِعلم الن ِ‬ ‫ا ُ عن ج ِ‬ ‫ِفي مق ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الص ِّحي‪ ،‬إذ ُي ِ‬
‫صوُر‬ ‫فرص ٌة جوهري ٌة لِقياد ِة ثقافِتنا المضط ِرب ِة‪ ،‬والعود ِة ِبها إلى مس ِارها ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ويقّل ُل فرض عـقائد اآلخرين‬ ‫الج آخر‪ُ ،‬‬‫أي ع ٍ‬ ‫يموقراطية أكثر من ِّ‬ ‫الد ُ‬
‫الج اإلنسان ُّي ّ‬ ‫الع ُ‬
‫الجّي ِة األخرى‪ ،‬ف ُيوِّف ُر ُح ِّرّية االخِتيار ِبحِّدها‬‫الع ِ‬ ‫سات ِ‬ ‫يل‪ ،‬مقارن ًة مع الممار ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫على الع ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انية‬
‫لعمالئنا‪( «..‬المدرسة اإلنس ّ‬ ‫حن ُنوثّ ُق الطاقات البش ِرّية ُ‬ ‫األقصى‪ ..‬ن ُ‬
‫الجي ِة هو الج ِان ُب اال ِنفعالِ ُّي‪.‬‬
‫الع ِ‬ ‫‪ .)ar.wikipedia.org 2019‬إن أهم عنص ٍر في الع ِ‬
‫القة ِ‬
‫ُ ُ‬
‫رد‪ ،‬ليس لها أه ِمي ُة الجو الِذي يصِب ُغه الم ِ‬
‫عالج‬ ‫شخيص‪ ،‬والمعُلومات‪ ،‬وتاريخ ح ِ‬
‫ياة الف ِ‬ ‫ُ‬ ‫فالت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صوِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(عياش‪،‬‬ ‫الدقة والت ُّقبل والف ْهم ّ‬ ‫وم على اإلخال ِ ّ‬ ‫على العالقة بين ُه وبين العميل‪ ،‬الذي يُق ُ‬
‫محمد ‪.)2008‬‬ ‫ابراهيم ّ‬
‫ية الحِديث ِة‪ ،‬الدعوةُ إلى تقلِيل التو ِجيه‬ ‫أفكار الترب ِ‬‫ِ‬ ‫وي‪ ،‬ف ِمن أه ِّم‬ ‫ِ‬
‫وِفي المجا ُ الترب ّ‬
‫ناه ُج الح ِديث ُة‬
‫قل ِفي التّربية‪ .‬اعتُِبرت الم ِ‬ ‫ركيز على الح ِرية والع ِ‬
‫ُ ّّ‬ ‫ارج ّي واآللِ ّي‪ ،‬وكذا الت ُ‬ ‫الخ ِ‬
‫شء‪،‬‬ ‫داد النظرِي للن ِ‬ ‫ركز على اإلعـ ِ‬ ‫فاع ع ِن اإلنسان‪ُ ،‬‬ ‫هد ِ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫ْ‬ ‫حيث ّأنها ال تُ ّ ُ‬ ‫للد ِ‬‫ف ّ‬ ‫حركة تجديد ت ُ‬
‫عل التّربِي ِة تُ ِ‬
‫ضم ُن تو ُازنه وتواُفـقه‪ .‬فدعت إلى ج ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬
‫الئ ُم حياة‬ ‫ُ‬ ‫بق ْد ِر العناية ِبتنشئة ُمتكاملة‪ ،‬ت ْ‬
‫اهرِتي‬ ‫ظِ‬ ‫فس ّي ال ّ‬‫اق‪ ،‬أتت أفكار المعالِج الن ِ‬ ‫ِ‬
‫السي ِ‬ ‫تكون ع ً‬
‫ُ ُ‬ ‫مال حياتيًّا‪ .‬وفي هذا ّ‬ ‫األفراد‪ ،‬وأن ُ‬
‫انطالًقا ِمن أبح ِاثه ِفي م ِ‬ ‫ظريته البيداغوجية الال توجيهية ِ‬ ‫ِ‬
‫جا ُ‬ ‫ووجرز‪ ،‬اّلذي اقترح ن ِ ّ ُ‬
‫طبقها ِفيما بعد ِفي المجا ُ التّربوي‪ ،‬وصار زعيم التياو التربوي الال‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫النفس ّي‪ُ ،‬لي ّ‬‫الع ِ ّ‬
‫لميذ يرغ ُب ِتلقائيًّا في التّعُّل ِم ُدون إكرٍاه‪..‬‬ ‫الت ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫أن ّ‬ ‫فادها؛ ّ‬‫وم على فرضّية م ُ‬ ‫توجيهي اّلذي يُق ُ‬
‫وم ِبتوِفير ج ٍّو‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫فس ُه‪ .‬فنُق ُ‬ ‫اتي ٌة‪ ،‬ال ُيمك ُن أن يختبرها سوى ُ‬
‫المتعّل ُم ن ُ‬ ‫وأن التعلم تجرب ٌة ذ ّ‬
‫وي‪ ،‬اّلِذي يسم ُح‬ ‫يهي د ِ ِ‬
‫النظام التّرب ِّ‬
‫اخل ّ‬ ‫الال تو ِج ِ‬
‫فسي ّ‬ ‫العال ِج الن ِ‬ ‫ماثل جو ِ‬ ‫ِ‬
‫وجي ُي ُ‬ ‫ِبيداغ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫حكم‬ ‫لمي ِة والت ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ركيز على التّعلي ِم والمعارف الع ّ‬
‫ِ‬
‫حيث ال يت ُّم التّ ُ‬ ‫فسه‪ُ .‬‬ ‫ُُ‬
‫لميذ بت ِ‬
‫وجيه ميولِه ِبن ِ‬ ‫لِ ّلت ِ‬

‫‪433‬‬
‫د‪.‬حسن عداد‬

‫خصي ِة‪ ،‬واالتّجاه ِ‬


‫ات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عض ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫االهتما ِم ِبتوُّفر ب ِ‬ ‫عر ِ‬
‫فة‪ِ ،‬بق ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫يات ن ِ‬‫ِفي ِت ِقن ِ‬
‫السمات الش ّ‬
‫ّ‬ ‫در‬ ‫قل‬
‫شجع على حرية ُّ‬
‫التعلم‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫تُ ّ ُ‬ ‫ف‪ ،‬اّلِتي‬
‫والمو ِاق ِ‬

‫امي"‪ ،‬بل واإلنس ِانّي ُة‬ ‫عات العالم "الن ِ‬ ‫جام ِ‬


‫فسي ُة والتربوي ُة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ات الن ّ‬ ‫الدراس ُ‬‫اما‪ ..‬ف ّ‬ ‫وخت ً‬
‫ا ُ قلِيل ًة ضئيل ًة‪ ،‬وأكث ُرها ُمترج ٌم أو ُمقتب ٌس ِمن مص ِادر‬ ‫عامٍ‪ ،‬ال تز ُ‬
‫ٍ‬
‫واالجتماعّي ُة بشكل ّ‬
‫ِ ِ‬
‫ظري ِ‬ ‫مق واألمان ِة و ِ ِ‬ ‫كاد تز ُيد عن ع ٍ‬ ‫غربِي ٍة مت ِ ٍ‬
‫ات‬ ‫الدّقة‪ ،‬للن ِ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الع ِ‬
‫اوت في ُ‬ ‫رض يتف ُ‬ ‫عددة‪ ..‬ال ت ُ‬ ‫ّ ُ ّ‬
‫عة‪ِ ،‬مما استدعى أن‬ ‫حليل وال ن ٍقد أو مراج ٍ‬ ‫ذكورِة‪ُ ،‬بدو ِن ت ٍ‬ ‫الكالسيكي ِة في الت ُّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫خصصات الم ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النقاش‪.‬‬ ‫قبل ّ‬‫ُق ّراء هذه المراجع يتقبُلون هذه النظرّيات‪ُ ،‬معتبرين ّأياها ُمسّلمات وحقائق ال ت ُ‬
‫هاد ٍ‬
‫ئة‬ ‫دة‪ِ ،‬‬ ‫ات ن ِاق ٍ‬ ‫ودراس ٍ‬‫ات ِ‬ ‫اعها ِمن مراجع ٍ‬ ‫ظ ما يحصل بين أصحاِبها وأتب ِ‬ ‫مع أننا ُنالح ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ذاه ِب‬ ‫قائِد‪ ،‬والم ِ‬ ‫الديان ِة والع ِ‬
‫ِ‬ ‫يانا أخرى‪ ،‬بالرغ ِم ِمما بين ُهم ِمن اتّ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فاق في ّ‬ ‫أح ً‬ ‫حينا‪ ،‬وحادة ْ‬ ‫ً‬
‫ات‬ ‫غير ِ‬ ‫اكب التّ ُّ‬ ‫ات جديدة لتُو ِ‬ ‫الكبرى‪ " ..‬فالنظريات تأخ ُذ مسار ٍ‬ ‫هات ُ‬ ‫وج ِ‬ ‫دارس‪ ،‬والتّ ُّ‬ ‫والم ِ‬
‫ً‬ ‫ّ ّ ُ‬
‫كما ُمعتب ًار ِمن‬ ‫الكبرى ًّ‬ ‫ارس ُ‬ ‫يث أفرزت المد ُ‬ ‫عات الِتي تنشاُ ِفيها‪ ،‬ح ُ‬ ‫اصلة في المجتم ِ‬
‫ُ‬
‫الح ِ‬
‫ات اّلتي تنت ِمي‬ ‫يقة‪ ،‬حو ُ المجتمع ِ‬ ‫ات جاد ٍة وع ِم ٍ‬ ‫ية ِمن ِدراس ٍ‬ ‫اص ِرة‪ ،‬المت ِأت ِ‬ ‫ات المع ِ‬ ‫النظري ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫بالنسب ِة لِلِذين يختلُِفون مع ُهم‬ ‫ا ُ ّ‬
‫ِ‬
‫إليها" ( بن فرحات فتيحة ‪ ،)159 .2012‬فكيف يكو ُن الح ُ‬
‫كو ِ‬ ‫ذريًّا‪ِ ،‬نتيجة م ِ‬ ‫القيم‪ِ ،‬‬ ‫بادئ و ِ‬‫العقيدة‪ ،‬والم ِ‬
‫ين و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نات ُك ِّل‬ ‫ُ ّ‬ ‫اختالًفا ج ِ‬ ‫من األم ِم األخرى ِفي ّ‬
‫الد ِ‬
‫االضطرِار لِتطِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫امع ِاتنا ‪ِ -‬عند‬
‫احثُون في ج ِ‬ ‫عمد الب ِ‬‫ِ‬ ‫مع‪ ،‬وال ُ ِ ِ‬
‫يق‬ ‫يم ُّر ِبها‪ ..‬وي ُ‬‫ظروف اّلتي ُ‬ ‫ُمجت ٍ‬
‫اعي ِة‪ -‬إلى تكِي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حث اّلِتي ننقُلها عن غ ِ‬ ‫ات الب ِ‬ ‫أدو ِ‬
‫يف‬ ‫يرنا ‪-‬أمثا ُ المقاِييس النفسّية واالجتم ّ‬
‫باعتبار ذلِك ِمن‬ ‫ماعيًّا‪ِ ..‬‬ ‫اجت ِ‬‫نفسيًّا و ِ‬
‫الئم مجتمعا له خص ِائصه المميزة ِ‬ ‫ات لتُ ِ‬ ‫هِذه األدو ِ‬
‫ُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ً ُ‬
‫الدر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اسة‪..‬‬ ‫ُشروط مصد ِاقّية ّ‬

‫حثّي ِة‪،‬‬ ‫لمي ِة‪ ،‬والُقدر ِ‬


‫ات الب ِ‬
‫ُ‬
‫الع ِ‬
‫الت ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤه ِ‬
‫الم ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا ‪ِ ُ -‬‬
‫بك ّل أسف‪ -‬إلى التف ُاوت في ُ‬ ‫شير ً‬ ‫ون ُ‬‫ُ‬
‫ات‪ ،‬وأنم ِ‬
‫اط‬ ‫رجعي ِ‬ ‫ضوح الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كانات الم ِّادي ِة والمالي ِة‪ ،‬ومدى ت ُّ‬
‫وف ِر أدوات البحث‪ ،‬وو ُ‬
‫واإلم ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫معات اّلِتي تتطور فيها المدارس والنظريات وي ِ‬
‫زده ُر‬ ‫التسِيير المتباِين ِة بين هِذه المجت ِ‬
‫ّ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عاتنا اّلِتي‬
‫عات ليس لها أسوار تُتسلق أو أبواب فتُغلق‪ ،‬ومجتم ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ام ٍ‬ ‫لمي‪ ،‬في ج ِ‬ ‫الع ِ‬
‫حث ِ‬ ‫الب ُ‬
‫ّ‬
‫وغياب تقالِيد ر ِاسخ ٍة في التسِيير‪ ،‬والتضِييق على مص ِادر‬ ‫عاني الكساد والفساد‪ ،‬والرداءة ِ‬ ‫تُ ِ‬
‫حد ُث ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ومخاِبر الب ِ‬
‫حث‪ ،‬وت ُّ‬ ‫المعُلوم ِ‬
‫النظرّيات التقليدية الذين فات ُهم ما ي ُ‬
‫اع ّ‬
‫سلط أتب ِ‬
‫احثين وط ِ‬ ‫عيين وأغر ْت ِبهجرة الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫درج‪،‬‬‫لبة ما بعد التّ ُّ‬ ‫تجديد‪ ،‬والبطالة اّلتي مس ْت الجام ِّ‬
‫اعي‬‫الذهو ُ والحسرة‪ .‬ونأمل أن يتوّقف هذا النزيف‪ ،‬وتُكّلل جهود ومس ِ‬ ‫بأع ٍ‬
‫داد تُثير ُّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫‪434‬‬
‫حول النّظَريَّة اإلنْ َسانِيَّة يف ِعلم النَّفس‬
‫َ‬

‫ا ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الط ِ‬


‫امحين للتغِيير لألفض ِل بالن ِ‬
‫المتالحقة‪ ..‬حينها لن يبقى الح ُ‬ ‫جاح‪ ،‬لمصلحة األجيا ُ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫على ما هو عليه‪ ،‬وتزد ِهر البح ُ ِ‬
‫غدا لناظ ِِره قر ٌ‬
‫يب‪..‬‬ ‫وث العلمية الج ّادةُ‪ ،‬وإن ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫مراجع البحث‬
‫بن ْفرحات ِفتيحة ‪ 2011‬النظرنات المعاصرة وتطبيقاتها االمبرنقية؛ وؤنة سوسيولوجية‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ناهج البحث العلم ِي في‬ ‫اقع م ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫حو ُ و ُ‬‫الملتقى الوطني ْ‬ ‫للنظرنة الفينومينولوجية واالثنوميثودولوجية‪ُ .‬‬
‫امع ِة الجزِائرية ‪ 08-07‬ديسمبر ‪ .2011‬جامعة سعد د ْحلب‪ُ ،‬كّلي ُة اآلد ِ‬
‫اب‬ ‫االجتم ِ‬
‫اعية بالج ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلوم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫البليدة‪ .‬الجزائر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ونيا‪ُ .‬‬
‫طوُف ْ‬
‫وعلوم التربية واألر ُ‬
‫العلوم االجتماعية‪ -‬قسم علم النفس ُ‬
‫وُ‬

‫خلِيل‪ُ ،‬محمد رشاد ‪ 1987‬علم النفس اإلسالمي العام والتربوي‪ -‬دواسة مقاونة‪ .‬دار القلم‪ .‬الكويت‪.‬‬

‫عداد حسن ‪ 2006-2005‬مدخل إلى علم نفس العمل والتنظيم‪ .‬لطلبة الس ِ‬
‫نة الث ِانية‪ُ ،‬محاضرة‬ ‫ّ‬
‫العلوم اإلنس ِانّية‪ .‬جامعة ِتيزي وُّزو‪ .‬الجزِائر‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وعلوم التربية‪ُ .‬كّلّي ُة اآلداب و ُ‬
‫منشورة‪ .‬قسم علم النفس ُ‬
‫غير ُ‬

‫ِ‬
‫إنسانّية‪ُ .‬محاضرة‬ ‫عّداد حسن ‪ 2017-2016‬مدخل إلى علم النفس‪ .‬لطلب ِة السنة األولى‪-‬عُلوم‬
‫اصل‪ ،‬الخُّروبة‪ ،‬الجزِائر‪.‬‬
‫منشورة‪ .‬جامعة التكوين المتو ِ‬
‫غير ُ‬

‫عداد حسن ‪ 2018-2017‬علم نفس النمو والفروق الفردية‪ .‬لطلبة السن ِة الث ِان ِ‬
‫ية‪ُ .‬محاضرة‬ ‫ّ‬
‫العليا لِألس ِاتذة‪ .‬ال ُقبة‪ ،‬الجزِائر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منشورة‪ .‬قسم الفيزياء‪ .‬المدرسة ُ‬
‫غير ُ‬

‫عداد‪ ،‬حسن ‪ 2018‬المختصر المفيد لكتاب دستوو األخالق في القرآن‪ِ .‬دراسة ُمقارنة لألخالق‬
‫المحم ِدّية‪ ،‬الجزِائر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ ِ‬
‫دار األصالة للنشر‪ُ .‬‬
‫لمحمد عبد هللا دراز‪ُ .‬‬
‫ظرّية في الُقرآن ُ‬

‫المتمِّدن‪ ،‬اإللكترونّية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫عّياش‪ ،‬ابراهيم ُمحمد ‪ 2008‬النظرنة اإلنسانية في العالج‪ .‬مجّلة الحوار ُ‬
‫عدد ‪.2008 /2256‬‬

‫امعات ِ‬
‫المصرية‪ .‬اإلسكند ِرية‪،‬‬ ‫الغمري‪ ،‬إبر ِ‬
‫اهيم ‪ 1975‬السلوك اإلنساني واإلداوة الحديثة‪ .‬دار الج ِ‬
‫ُ‬
‫مصر‪.‬‬

‫فرانكل‪ِ ،‬فيكتُور ‪ 1982‬اإلنسان يبحث ع معنى‪ ،‬ترجمة طلعت منصور‪ ،‬مراجعة ِ‬


‫وتقديم عبد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بيروت‪ُ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العزيز الُقوصي‪ .‬دار القلم (‪ُ )1402-1982‬‬

‫لورسي‪ ،‬عبد القادر ‪ 2011‬المسعى اإلبستيمولوجي والق اروات المنهجية للفكر البوبيري‪،‬‬
‫ناهج البح ِث ِ‬
‫الع ِ‬
‫لم ِي‬ ‫اقع م ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫حو ُ و ُ‬
‫الملتقى الوطني ْ‬
‫وإسقاطاتها على واه البحث في العلوم االجتماعية‪ُ .‬‬

‫‪435‬‬
‫د‪.‬حسن عداد‬

‫امع ِة الجزِائرية ‪ 08-07‬ديسمبر ‪ .2011‬جامعة سعد د ْحلب‪ُ ،‬كّلي ُة اآلد ِ‬


‫اب‬ ‫االجتم ِ‬
‫اعية بالج ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلوم‬
‫في ُ‬
‫البليدة‪ .‬الجزِائر‪.‬‬
‫ونيا‪ُ .‬‬
‫طوُف ْ‬
‫وعلوم التربية واألر ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫العلوم االجتماعية‪ -‬قسم علم النفس ُ‬‫وُ‬

‫ولوجيا السرد العربي‪.‬‬ ‫م ِ‬


‫ّ‬ ‫ط ْ‬ ‫طور‪ .‬أن ُ‬
‫جدي عرفة ‪ 2019‬المدوسة اإلنسانية‪ .‬مجّلة اإلنسان والتّ ُّ‬
‫‪/ http://alantologia.com/blogs/21335.02.09.2019‬‬

‫ن ِ‬
‫جاتي‪ ،‬محمد ُعثمان ‪ 2001‬مدخل إلى علم النفس اإلسالمي‪ .‬دار ُّ‬
‫الش ُروق‪ُ .‬‬
‫بيروت‪ُ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫‪436‬‬

You might also like