Professional Documents
Culture Documents
مقرر علم نفس الاتصال 2023-1
مقرر علم نفس الاتصال 2023-1
1
2
منشورات جامعة دمشق
كمية التربية
الدكتور الدكتور
سليمان خليل كاسوحة جمدي حممد الفارس
أستاذ مساعد يف قسم علم النفس أستاذ مساعد يف قسم علم النفس
1445 -1444ىػ
جامعة دمشق
2023 – 2022ـ
3
4
فيرس المحتويات
الفصل األول :مدخل إلى سيكولوجية االتصال 9 .................................................
6
مقدمة الكتاب
ترتكػ ػػز عالقاتنػ ػػا كتفاعالتنػ ػػا عمػ ػػى تكاصػ ػػمنا الحيػ ػػكم كالفاعػ ػػؿ ،فػ ػػنحف ل يمكننػ ػػا أل
نتكاصؿ .إف أم فعؿ أك قكؿ ىك اتصاؿ يحمؿ في ثناياه رسالة ما.
ىػػذا الكتػػاب ىػػك مجيػػكد تجميعػػي لمػػا يعتقػػده المؤلفػػاف افىػػـ فػػي مجػػاؿ التكاصػػؿ؛
بيػػدؼ تػػكفير فرصػػة ليػػتمكف القػػارئ الجػػامعي كفيػػر الجػػامعي مػػف معرفػػة (التعػػرؼ إلػػى)
افساسػػيات المتعمقػػة بمفيػػكـ التكاصػػؿ كأسػػاليبو كمعكقاتػػو ،كتفتػػيح آفػػاؽ بحثيػػة جديػػدة يمكػػف
أف تغني مجاؿ البحث كالعمكـ.
كضع المؤلفاف الخطكط العريضة فػي ىػذا الكتػاب ،حيػث إف الباحػث فػي أم مجػاؿ
ل يمكنػػو متابع ػػة افبحػػاث الت ػػي تنشػػر يكميػ ػان -فػػي الختصاص ػػات الدقيقػػة؛ مػػع ىػػذا الكػػـ
اليائػػؿ مػػف اإلنتػػاج البحثػػي حػػكؿ العػػالـ .لػػذلؾ نحػػف ىنعػػد ىػػذا الكتػػاب إضػػاءة عمػػى النقػػاط
ت ػػكلٌى افساسػػية كلمباحػػث كالقػػارئ المي ػػتـ أف يػػزداد معرفػػة مػػف خػػالؿ بحثػػو الشخصػػي.
الػػدكتكر مجػػدم محمػػد الفػػارس تػػلليؼ الفصػػكؿ الثالثػػة افكلػػى ،بينمػػا تػػكلٌى الػػدكتكر سػػميماف
خميؿ كاسكحة تلليؼ الفصكؿ الثالثة افخيرة.
يتككف الكتاب مف ستة فصكؿ .تناكؿ افكؿ :مػدخؿ إلػى سػيككلكجية التكاصػؿ عمػى ٌ
مفي ػػكـ التص ػػاؿ كالتكاص ػػؿ كأىميت ػػو كعمميات ػػو كأنكاع ػػو ككظائف ػػو؛ فضػ ػالن ع ػػف الخص ػػائص
كافسػػاليب كالمعكقػػات .يتنػػاكؿ الفصػػؿ الثػػاني نظريػػات التصػػاؿ كالتكاصػػؿ كأىػػـ الرىانػػات
التكاصمية فضالن عف النظريات التي حاكلػت تفسػير التكاصػؿ .مػف ثػـ يتكجػو الفصػؿ الثالػث
إلى ميارات التصاؿ الجتمػاعي ،ليتحػدث عػف ميػارات اإلصػغاء ،كالحػكار كلغػة الجسػد.
كيتطػرؽ الفصػؿ ال اربػع إلػى اضػطرابات التكاصػػؿ كمعكقاتػو؛ .أمػا الفصػؿ الخػامس :فتحػػدث
عػف التكاصػػؿ التعػػاطفي ،فيػػك تمخػػيص لكتػػاب التكاصػػؿ الالعنفػػي ،كمػػني حيػػاتي متكامػػؿ.
الفصؿ السادس :حؿ النزاعات كالكساطة يجيب عمى مطمب مجتمعي كأكاديمي.
هيتكج كؿ جيد بنتػائ ،كىػذه النتػائ فيػر شػاممة ككاممػة؛ لػذلؾ ىػذه دعػكة لكػؿ قػارئ
ليذا الكتاب أف يراسؿ المؤلفيف؛ بيدؼ التطكير كالتعديؿ.
دمشؽ أيمكؿ 2021
د .مجدم محمد الفارس ،كد .سميماف خميؿ كاسكحة
7
8
الفصل األول :مدخل إلى سيكولوجية االتصال
9
كش ػػركط يج ػػب اختيارى ػػا بدق ػػة عن ػػد التص ػػاؿ (أب ػػك عرق ػػكب ،1993ص)51؛ كى ػػذا يخم ػػؽ
عممية تكاصمية ذات أىداؼ ككسائؿ معينة.
إذف التص ػػاؿ أك التكاص ػػؿ عممي ػػة اجتماعي ػػة بالدرج ػػة افكل ػػى تتص ػػؿ بعالق ػػة الف ػػرد
بػػايخريف لتبػػادؿ المصػػالح المشػػتركة كمنيػػا تحقيػػؽ مسػػتكل مػػف التفاعػػؿ داخػػؿ المجتمػػع.
عد عممية التصاؿ عممية ديناميكية ،فنحف نتلثر بالرسائؿ التصالية الكاصمة إلينػا فنغيػر كت ٌ
معمكماتنػػا كاتجاىاتنػػا كسػػمككنا ،كفػػي المقاب ػؿ فإننػػا نػػؤثر فػػي النػػاس بالسػػتجابة ليػػـ كتبػػادؿ
الرسائؿ التصالية معيـ؛ بيدؼ التلثير في معمكماتيـ كاتجاىاتيـ كسمككيـ.
كيميػػؿ العممػػاء السػػمككيكف إلػػى تغميػػب النظ ػرة ايليػػة لمفيػػكـ التصػػاؿ عمػػى أسػػاس
مضػاىاتو لممعمكمػػات التػي تجػػرم فػػي آلػة تشػػغيؿ المعمكمػػات ،فيػركف أف الحػػدث التصػػالي
يتضػمف مصػػد انر أك شخصػان مرسػالن ينقػػؿ إشػػارة أك رسػالة خػػالؿ قنػػاة إلػػى المكػػاف المقصػػكد،
أك الشػػخص المسػػتقبؿ؛ بينمػػا يركػػز عممػػاء الػػنفس الجتمػػاعي عمػػى أىميػػة التفاعػػؿ كالسػػياؽ
الػػذم تحػػدث بػػو عمميػػة التصػػاؿ ،كيسػػاعد التصػػاؿ عمػػى الكصػػكؿ إلػػى كحػػدة فػػي التفكيػػر
كظيػػكر لمس ػػمكؾ التع ػػاكني كح ػػيف تك ػػكف كس ػػائؿ التصػػاؿ س ػػميمة ،فإنيػػا ت ػػؤدم بػػالفرد إل ػػى
اإلحساس بالنتماء إلى الجماعة ،كيؤدم التصاؿ دك انر جكىريان في سمكؾ أم جماعػة لحػؿ
المشكالت ،كاتخاذ الق اررات بصكرة جماعية.
كيعد مصطمح التصاؿ المصطمح الرئيس الذم يمثؿ النشػاط افساسػي الػذم ينػدرج ي
تحتػػو جميػػع أكجػػو النشػػاط اإلعالمػػي كالػػدعائي كاإلعالنػػي كالتعميمػػي ،فيػػك العمميػػة الرئيسػػة
التي يمكف أف تنطكم بػداخميا عمميػات فرعيػة أك أكجػو نشػاط متنكعػة قػد تختمػؼ مػف حيػث
أىػػدافيا ،كلكنيػػا تتفػػؽ جميع ػان فيمػػا بينيػػا فػػي أنيػػا عمميػػات اتصػػاؿ بالجمػػاىير ،كمػػف ىػػذه
افنشطة :اإلعالـ ،كالمعمكمات الدعاية ،كاإلعػالف ،كالعالقػات العامػة ،كاإلعػالف ،كالتعمػيـ.
حيث تستيدؼ كؿ منيا تحقيؽ فايػات كأىػداؼ معينػة فػي مجػالت قػد تختمػؼ عػف فايػات
كأكجو النشاط افخرىك أىدافيا إل أف المتغير الرئيس الذم يربطيػا جميعيػا؛ فنيػا عمميػات
اتصػػالية تس ػعمؿ فنػػكف التصػػاؿ ككسػػائمو كتقاناتػػو فػػي تحقيػػؽ أىػػدافيا مػػف خػػالؿ تكصػػيؿ
كسائميا التصالية المتضمنة معمكمات مقصكدة.
10
ككمم ػ ػ ػ ػػة اتص ػ ػ ػ ػػاؿ Communicationمش ػ ػ ػ ػػتقة م ػ ػ ػ ػػف افص ػ ػ ػ ػػؿ الالتين ػ ػ ػ ػػي لمفع ػ ػ ػ ػػؿ
()Communicare؛ بمعنػػى يػػذيع أك يشػػيع عػػف طريػػؽ المشػػاركة كىػػي كػػذلؾ مشػػتقة مػػف
افصؿ الالتيني ( )Communisبمعنى عاـ أك شػائع أك يػذيع ،فػنحف عنػدما نتصػؿ نعمػؿ
عمى إقامة مشاركة مع طرؼ آخر في المعمكمات كاففكار كالتجاىات.
كتس ػػتعمؿ كمم ػػة التص ػػاؿ ف ػػي س ػػياقات مختمف ػػة ،كتتض ػػمف م ػػدلكلت عدي ػػدة ،في ػػي
بمعناىػػا المفػػرد ( )Communicationتعنػػي تبػػادؿ اففكػػار كالرسػػائؿ كالمعمكمػػات ،كتشػػير
في صيغة الجمع ( )Communicationsإلى الكسائؿ كافدكات التي تحمؿ المضمكف.
كيعرؼ ليالند براكف Leland Brownالتصاؿ بلنػو نقػؿ الحقػائؽ كايراء كالشػعكر ٌ
كالتجاىػػات كاإلحسػػاس ك تمقٌييػػا كطػػرؽ افداء كاففكػػار بكس ػاطة رمػػكز مػػف شػػخص إلػػى
آخػػر ،هكاف ىػػدؼ التص ػػاؿ ىػػك أداء العم ػػؿ المقصػػكد م ػػع خمػػؽ ش ػػعكر ،هكاحسػػاس بلىمي ػػة
افداء (ياسػػيف،1991،ص )240كالتصػػاؿ ىػػك التفاعػػؿ بكسػػاطة الرمػػكز كاإلشػػارات التػػي
تعمػؿ كمنبػػو أك مثيػر لسػػمكؾ معػيف عنػػد المتمقػػي ،كيحػدث حػػيف يػؤثر عقػػؿ فػي عقػػؿ ،آخػػر
فتحػدث فػػي عقػػؿ المتمقػػي خبػرة مشػػابية لتمػػؾ التػػي فػػي عقػػؿ المرسػػؿ ،كنتجػػت جزئيػان عنيػػا،
كعرؼ شراـ التصاؿ بلنو المشاركة في المعرفة باستعماؿ رمكز تحمؿ معمكمات.
ثانياً -أىمية االتصال:
تؤدم عممية التصػاؿ أك التكاصػؿ أىميػة كبيػرة فػي تغييػر البنػاء المعرفػي لالنسػاف؛
كمػف ثػـ تعػديؿ سػػمككو؛ تبعػان لمحتػكل التصػػاؿ ضػمف آليػة تحػػددىا معطيػات مختمفػة يرجػػع
جزء كبير منيا إلى شخصية الفػرد ،كمػدل اسػتجابتو لمتػلثيرات المختمفػة ،كمػدل القػدرة عمػى
التػػلثير فػػي بنائػػو المعرفػي؛ كمػػف ثػػـ إحػػداث تػػلثير فػػي سػػمككو فيمػػا بعػػد .كىنػػا تكمػػف أىميػػة
النظػػر ف ػػي أنم ػػاط التص ػػاؿ المختمف ػػة كآثارى ػػا النفس ػػية كالجتماعي ػػة خاص ػػة م ػػع كثػ ػرة ى ػػذه
افنماط كتنكعيا مع ظيكر التكنكلكجيات الحديثة مف جيػة ،كميػؿ اإلنسػاف إلػى كػؿ مػا ىػك
جديػػد ،كخاصػػة الميػػؿ إلػػى السػػتعماؿ المفػػرط ليػػذه التكنكلكجيػػات؛ بغػػرض تحقيػػؽ الرفاىيػػة
كال ارحػػة النفسػػية كالمتعػػة مػػف جيػػة أخػػرل.كمػػع مػػا قػػد ينػػت عنػػو مػػف تغييػػر فػػي السػػمكؾ،
كتػػدخؿ عمميػػة التصػػاؿ ضػػمف بنيػػاف التفاعػػؿ الجتمػػاعي السػػكم كالػػذم يسػػعى إليػػو الف ػرد
لتحقي ػػؽ تكيف ػػو م ػػع المجتم ػػع ال ػػذم يع ػػيش في ػػو ،كتع ػػرؼ عممي ػػة التفاع ػػؿ الجتم ػػاعي بلني ػػا
11
العممي ػػة التػ ػػي يػ ػرتبط بيػ ػػا أعض ػػاء الجماعػ ػػة بعض ػػيـ ببعض،عقمي ػ ػان كدافعيػ ػان فػػػي الرفبػػػات
كالحاجػ ػػات كالكسػ ػػائؿ كالغايػ ػػات كالمعػ ػػارؼ كالمصػ ػػالح (ياسػ ػػيف ،1991،ص )139كيمكػ ػػف
تحقيقيػا عػف طريػؽ أنمػاط التصػاؿ.المختمفة كيتفػؽ عممػاء الػنفس عمػى اعتبػار أف التفاعػػؿ
اإلنساني كتكاصمو مزي مف العمميػات النفسػية الداخميػة التػي يشػار إلييػا بالسػمكؾ البػاطني،
كمجمكعػ ػػة مػ ػػف السػ ػػمككات الخارجيػ ػػة التػ ػػي تعكػ ػػس شخصػ ػػية الفػ ػػرد ضػ ػػمف ظػ ػػركؼ بيئيػ ػػة
كاجتماعيػػة معينػػة .كعميػػو يمكػػف تعريػػؼ السػػمكؾ بلنػػو كػػؿ اففعػػاؿ كالنشػػاطات التػػي تصػػدر
عػ ػػف الفػ ػػرد ظػ ػػاىرة كانػ ػػت أـ فيػ ػػر ظػ ػػاىرة .إف التعريػ ػػؼ العممػ ػػي لمسػ ػػمكؾ يجػ ػػب أف يلخػ ػػذ
بالحس ػػباف التفاع ػػؿ ب ػػيف الف ػػرد كبيئت ػػو ،كأف يش ػػير إل ػػى أف ى ػػذا التفاع ػػؿ عممي ػػة متكاص ػػمة؛
فالس ػػمكؾ لػ ػػيس شػ ػػيئان ثابت ػ ػان ،كلكنػػػو يتغيػ ػػر كىػػػك ل يح ػػدث فػػػي ف ػ ػراغ ،كلكػػػف فػ ػػي بيئػػػة مػ ػػا
(الخطيب ،2007،ص )18كيشير عمماء النفس إلى أف التلثير فػي السػمكؾ يحػدث عنػدما
يفعػػؿ شػػخص مػػا أم شػػيء مػػف شػلنو أف يػػؤثر فػػي سػػمكؾ شػػخص آخػػر؛ كىػػك افمػػر الػػذم
يح ػػدث باس ػػتمرار ف ػػي مكاق ػػؼ مختمف ػػة ،مث ػػؿ :اإلعالن ػػات الحم ػػالت النتخابي ػػة التف ػػاعالت
الجتماعية كفيرىا .كتؤدم العمميات المعرفية كالرمزية دك انر كبي انر فػي عمميػة تشػ ٌكؿ السػمكؾ
مف حيػث كيفيػة إدراؾ افحػداث البيئيػة كتفسػير الشػخص ذاتػو لسػمككو كتسػكيفو لػو ،كأنمػاط
التفكيػ ػػر لػ ػػدل الشػ ػػخص ،كالتحػ ػػدث إلػ ػػى الػ ػػذات كالسػ ػػتراتيجيات المعرفيػ ػػة التػ ػػي يسػ ػػتعمميا
الشخص؛ فاكتساب الفرد لمسمكؾ أك عدمو اكتسػابو لػو يعتمػد عمػى عكامػؿ معرفيػة مختمفػة،
كبنػػاء عمػػى ىػػذا فػػاف أفعػػاؿ اإلنسػػاف محصػػمة لعكامػػؿ ثالثػػة أساسػػية ىػػي السػػمكؾ كالمػػؤثرات
البيئيػػة كالعكامػػؿ المعرفيػػة.كىنػػاؾ عػػد هد مػػف الد ارسػػات التػػي تناكلػػت تػػلثير كسػػائؿ التصػػاؿ
المختمفػػة فػػي سػػمكؾ افف ػراد ،مثػػؿ :التصػػكيت كأنمػػاط المعػػب العدكانيػػة كفيرىػػا .فػػالفرد يبقػػى
فػي احتكػاؾ دائػـ مػع مختمػؼ أنمػاط التصػاؿ التػي يزخػر بيػا عػالـ اإلعػالـ كالتػي تخاطػػب
مش ػػاعر اإلنس ػػاف ،كعكاطف ػػو ،هكاحساس ػػو .كف ػػي محاكلت ػػو لالن ػػدماج داخ ػػؿ المجتم ػػع يح ػػاكؿ
اإلنساف إشباع رفباتو المختمفة كحاجاتو النفسية المتنكعة.
إف الحديث عف سيككلكجية التصاؿ كالتكاصؿ ينطمؽ مف مبدأ اإلشارة إلى
الشخصية كمككناتيا مف جية ،كالتكافؽ النفسي الجتماعي مف جية أخرل ،فالتكاصؿ يتـ
أساسان مف خالؿ شخصية الفرد كما ينظميا مف مككنات مختمفة سكاء كانت تمؾ
12
الشخصية شخصية المرسؿ أك المستقبؿ أك بمعنى آخر إف الستجابة أك التلثر لعممية
التصاؿ ،إنما يتـ أساسان مف خالؿ العكامؿ النفسية التي تؤثر في سمكؾ الفرد كاستجابتو،
عدة تناكلت عممية التكاصؿ كآثارىا النفسية
كمف أىميا الشخصية ،كلقد أجريت بحكث ٌ
الجتماعية مف جكانب عدة ،ككميا تبرز مدل أىميتيا في تحقيؽ التزاف داخؿ الجماعة
عمى أساس الحد افدنى مف التكترات .كلقد أكضحت ىذه الدراسات ايثار المختمفة
لمتكاصؿ بيف أعضاء الجماعة كالتي يمكف تمخيصيا فيما يلتي:
تحقيؽ التقارب الذىني.
تنميط التجاىات.
زيادة اندماج الشخص في الجماعة.
ازدياد كفايو التفكير بزيادة مكضكعيتو؛ نتيجة انخفاض نسبة العكامؿ الشخصية.
زيادة تمكيف افعضاء مف التكافؽ المتبادؿ في مستكيات الشخصية.
كقسـ عمماء النفس الجتماعي عمميات التصاؿ إلى خمس مراحؿ ،كىي:
َّ
-1اإلحساس كجمع المعمكمات :كيتـ عمى مستكاىا استقباؿ المعمكمات.
-2اختزاف المعمكمات :كيتـ عمى مستكل الذاكرة كالتذكر عممية ارتباط بيف الخبرة
كالمفيكـ بكممات.
تقكـ المعمكمات في ضكء اإلطار المرجعي لتجاىاتنا ،ليتقرر
-3تفسير المعمكماتَّ :
ما إذا كانت تتعارض أك تنسجـ مع مكقفنا.
-4الستدعاء كالتذكر :تتكقؼ القدرة عمى التصاؿ عمى القدرة عمى استدعاء أفكار
معينة ،كتحكيميا إلى سمكؾ ظاىر.
-5تحكيؿ المعمكمات :ىي مرحمة ظاىرة لمعياف أماـ الناس ليتعرؼ ايخركف إلى
رفباتنا كىكيتنا مف خالؿ تعبيرنا كخاضعة لنقدىـ.
يمكف القكؿ إف التكاصؿ أساسي لتحقيؽ التكيؼ المتبادؿ داخؿ أم نظاـ ،كيستدؿ
عمى تحقيقو بحدكث التزاف داخؿ النظاـ ،فيعمؿ التكاصؿ عمى تطكير العالقات اإلنسانية
كتقكيتيا في المجتمع؛ كمف ثـ التماسؾ كالترابط كالتكاصؿ بيف اففراد كالجماعات
عد الفرد المحكر افساسي الذم يدكر مف حكلو كبكساطتو كؿ
كالمؤسسات الجتماعية .كي ٌ
العمميات التصالية .فاإلنساف يتصؿ بذاتو كيتصؿ بغيره ،فالتكاصؿ شرط أساسي لتحقيؽ
13
التكيؼ النفسي لمفرد داخؿ الجماعة ،كيستدؿ عمى تحقيؽ ىذا التكيؼ بحدكث التزاف
داخؿ المجتمع .كعميو يحقؽ التكاصؿ أىميتو مف خالؿ عمميتيف رئيستيف ،ىما:
أنو يزيد مف قدرة اففراد عمى التكافؽ المتبادؿ.
يزيد مف درجة اندماج الفرد مع الذات.
كيمحظ مما سبؽ أف التصاؿ إجراء يتـ لتبادؿ الفيـ بيف البشر ،كىك ضركرةي
اجتماعية تسمح بتكاصؿ اففراد فيما بينيـ ،كبما أف اإلنساف كائف اجتماعي فإنو ل
يستطيع النعزاؿ عف المجتمع ،مما يعني العقاب كالمرض النفسي الذم قد يؤدم بو إلى
سكء التكافؽ النفسي كالجتماعي كمف ثـ ظيكر أعراض بشكؿ سمككيات مضادة لممجتمع.
ثالثاً -عمميات االتصال:
تعد عممية التصاؿ عممية مرٌكبة كمعقدة ،فيي مف حيث المبدأ عالقة أك حدث
تنطكم عمى عناصر متعددة ل تتـ عممية التصاؿ إل بيا ،كىي( :المرسؿ ،كالرسالة،
كالكسيمة ،كالمستقبؿ ،كالتغذية الراجعة) كفيما يلتي شرح لكؿ عنصر بشيء مف اإليجاز:
.1المرسؿ :كىك مصدر الرسالة أك النقطة التي تبدأ عندىا عممية التصاؿ.
.2الرسالة :كىي المكضكع أك المحتكل الذم يريد المرسؿ أف ينقمو إلى المستقبؿ كيتـ عادة
التعبير عنيا بالرمكز المغكية أك المفظية أك فير المفظية أك بيما معان.
.3الكسيمة :كىي الطريقة أك القناة التي تنتقؿ بيا الرسالة مف المرسؿ إلى المستقبؿ.
.4المستقبؿ :كىك الجية أك الشخص الذم تكجو لو الرسالة ،كيستقبميا مف خالؿ أحد أك
يفسر رمكز ،كيحاكؿ إدراؾ معانييا.
كؿ حكاسو المختمفة ثـ ٌ
.5التغذية الراجعة :كىي إعادة إرساؿ الرسالة مف المستقبؿ إلى المرسؿ كاستالمو ليا،
كتلكده مف أنو فيميا ،كالمرسؿ في ىذه الحالة يمحظ المكافقة أك عدـ المكافقة عمى
مضمكف الرسالة ،كتختمؼ سرعة حدكث التغذية الراجعة باختالؼ المكقؼ ،فمثالن في
ردكد الفعؿ في المحظة نفسيا؛ بينما ردكد الفعؿ لحممة المحادثة الشخصية تستنت
إعالنية ربما ل تحدث إل بعد فترة طكيمة ،كعممية قياس ردكد الفعؿ ميمة في عممية
التصاؿ حيث يتبيف فيما إذا تمت عممية التصاؿ بطريقة جيدة في جميع مراحميا أـ
ل ،كما أف ردكد الفعؿ تبيف التغيير بعممية التصاؿ سكاء عمى مستكل الفرد أك عمى
مستكل الجماعة.
14
كيتكقؼ فيـ عممية التصاؿ عمى فيـ مادتيا؛ أم عمى فيـ الرسالة مف حيث
محتكاىا كأىدافيا ،كىي تتككف مف فكرة أك أفكار ،أك صكرة كىي تتلثر بطريقة صكفيا.
الحد .فالمرسؿ ىك إنساف ،أك آلة أك برنام أك مبرم كمف
كل ينتيي افمر عند ىذا ٌ
حيث ىك كذلؾ ،فإف طبيعتو تؤثر في الرسالة ذاتيا؛ فإف كاف إنسانان محددان أك قائمان عمى
برنام ما ،فإف لبنيتو الشخصية (العقمية كالنفسية كالجسدية ،حالة النطؽ مثالن) أثرىا في
الرسالة كمف ثـ بالعممية ذاتيا ،ككذلؾ افمر بالنسبة لممتمقي أك المرسؿ إليو .ىذه افمكر
تتفاعؿ مع بعضيا ،فتنتقؿ بالعممية التصالية مف مستكل إلى مستكل آخر أعمى أك
أدنى.
كفي عممية التصاؿ نميز عمميات أخرل تشكؿ كؿ منيما عممية اتصالية تتداخؿ
مع فيرىا مف العمميات حينان ،كتستقؿ عنيا أحيان نا ،كمنيا:
-1التصاؿ عممية بيكلكجية :يتطمب استقباؿ الرسالة هكارساليا عممية بيكلكجية
لدل كؿ مف المرسؿ كالمتمقي ،كىي تتصؿ بلنظمة الجسد المتداخمة كالمتفاعمة .كتتعمؽ
إلى حد كبير كأساسي بالجياز العصبي كبالحكاس ،فكؿ عممية اتصالية تتضمف أك يمكف
تحميميا إلى ميزات كاستجابات ىذا مف ناحية كمف ناحية أخرل تتجمى عمميات التصاؿ
مف الناحية البيكلكجية ،فيما يسمى تكاصؿ افجياؿ .كمف أشكاؿ التصاؿ البيكلكجي
افخرل ما يتجمٌى في اتصاؿ بيف أفراد النكع الكاحد مف الحيكانات أك التصاؿ بيف أنكاع
مختمفة عف طريؽ الرائحة أك الصكت أك الرؤية ...الخ.
-2التصاؿ عممية سيككلكجية :ما العالقات القائمة بيف اففراد أك الجماعات إل
شكؿ مف أشكاؿ التصاؿ ،كترمي ىذه العالقات إلى إحداث تغيرات في سمكؾ المتمقي،
كما أنيا تدفع المرسؿ أيضان إلى إحداث تغيرات في سمككو .كعمى ىذا يككف التصاؿ
الناجح –أم القادر عمى تحقيؽ أىدافو -ىك الذم يستطيع أف يجعؿ المثيرات قادرة عمى
إحداث الستجابات المرفكب فييا .كىذا ل يتـ إلَّ إذا ركعي في العممية التصالية ما
عند المتمقي مف دكافع كحاجات ،كيمتقي التصاؿ مف حيث اليدؼ بالتعمـ ،فكالىما يرمي
إلى إحداث تغير في سمكؾ المتمقي ،كيتماف مف خالؿ عمميات التفاعؿ بيف جيتيف
15
(مرسؿ/متم و
ؽ في حالة التصاؿ ،معمـ /متعمـ في حالة التعمـ) كىكذا ينظر إلى التعمـ
نفسو عمى أنو شكؿ مف أشكاؿ التصاؿ ،أك أنو عممية اتصالية.
-3التصاؿ عممية اجتماعية :تبرز نظريات التصاؿ المختمفة دكر الظركؼ
الجتماعية التي يتحقؽ فييا صكغ الرسالة كتحديد أىدافيا ككذلؾ قبكليا أك رفضيا.
كيتعمؽ افمر بلىمية التصاؿ في حياة الجماعة كتعبيره عف اتجاىاتيا كالقيـ السائدة عند
المتمقي .كل تخفى افىمية التي لالتصاؿ مف الناحية التربكية بخاصة كقد تنكعت كسائمو،
كاتسع دكرىا ليشمؿ جكانب الحياة المختمفة .كلـ يعد ينظر إلى التصاؿ عمى أنو عممية
تسير في اتجاه كاحد؛ أم إنيا تنقؿ الرسائؿ كالمعمكمات مف المستكيات العميا إلى
المستكيات الدنيا عف طريؽ كسائؿ اإلعالـ؛ بؿ عمى العكس مف ذلؾ ،تشجع عممية
التصاؿ مف أجؿ التنمية عمى قياـ مشاركة في اتجاىيف ،فكممة التصاؿ ذاتيا مشتقة مف
مصطمح لتيني يعني التكاصؿ أك المشاركة كالعمؿ معان.
-4التصاؿ عممية إبداعية :إذا كانت الرسالة تشكؿ العنصر أك الركف افساسي
مف العممية التصالية ،فإف صكفيا يشكؿ أىـ شركط نجاحيا ،كالرسالة ليست نصان
الجدة كافصالة؛ بقدر
مجردان ،كلكنيا أيضان مكضكعان كبقدر ما تممؾ الرسالة مف عناصر ٌ
ما تؤدم كظيفة ذات فاعمية أفضؿ خالؿ العممية التصالية ،فبيف اإلبداع كالتصاؿ تقكـ
عالقات ل يمكف إففاليا
تكمف خطكرة عممية التصاؿ في عصرنا ىذا بتحكؿ كسائؿ التصاؿ الحديثة إلى
قكة مييمنة في العالقات الدكلية كفي العالقات بيف الجماعات كاففراد ،كىك ما يدفع إلى
استثارة القدرة اإلبداعية عند اففراد كالجماعات إلى أف يصبح بالمقدكر الكصكؿ بالكعي
كل يستطيع المرء ضبط مدخالت الكسائط التصالية المختمفة إذا لـ يكف مسمحان بضكابط
معرفية تمكنو مف انتقاء المعمكمات المالئمة ،كمف اليقظة في تفاعمو كاستجاباتو لكؿ
يتعرض ليا .هكاذ تكمف كراء عمميات التصاؿ محركات كمكجيات تتمثؿالمثيرات التي ٌ
بالدكافع التي تنشط سمكؾ افخذ كالعطاء بيف أطراؼ ىذه العمميات كتدعميا كترتقي بيا؛
كذلؾ بإقرار سمكؾ اتصالي عمى أساس قكل دافعية تيحقؽ فييا كظيفتيف متكاممتيف :افكلى
تنشيطية كالثانية تكجييية (منصكر ،1980 ،ص )147كالتصاؿ الناجح تنجزه قدرات
16
إبداعية كىي تنطكم عمى إمكانيات النماء كالرتقاء ففيو خبرات تعميمية كتقييـ لمسمكؾ
ككعي بالذات كبايخريف أم أنو ذك قكاـ قائـ عمى التمكف الفعاؿ لمفرد مف نفسو كمف
تفاعمو مع ايخريف.
رابعاً -أنواع االتصال البشري:
تتعدد أنكاع التصاؿ البشرم كفقان لعدد مف افنكاع ،منيا:
أنواع االتصال وفقاً لحجم المشتركين وطبيعتيم في عممية االتصال:
االتصال الذاتي :ىك ذلؾ النكع مف التصاؿ الذم يحدث داخؿ الفرد حينما يحدث
نفسو كيحاكرىا ،كىك فالبان ما يتضمف أفكاره كتجاربو كمدركاتو ،كىك أيضان صكت
الضمير في داخمو ،فالفرد قد يتناقش مع نفسو إذا كاف يق أر كتابان أك يشاىد برنامج نا
تمفزيكنيان كيع ٌد فيـ ىذه العممية التي تحدث بيف الفرد كذاتو أساس فيـ عممية التصاؿ.
ب-االتصال الشخصي :يقصد بو تبادؿ المعمكمات كاففكار كالتجاىات...الخ
كالتي تتـ بيف اففراد بطريؽ مباشر دكف استعماؿ كسائط بينيـ ،كلذلؾ يصبح أحدىـ
مرسالن كايخر مستقبالن ،فيك يعتمد عمى المقابمة المباشرة أك ما يسمى التصاؿ كجيان
سمى التصاؿ المحدكد .كمف
لكجو ،كلذلؾ فعدد المشتركيف في التصاؿ يككف محدكدنا ،كيي ٌ
أمثمتو التصاؿ الشفيي بيف أفراد العائمة ،الجيراف ،كافصدقاء كيمتاز ىذا التصاؿ ب:
اتجاه انتقاؿ الرسالة ىنا في اتجاىيف.
القدرة عمى اختيار المستقبؿ.
القدرة عمى الستعالـ عف تلثير الرسالة في المستقبؿ.
التلثيره القكم في المستقبؿ.
درجة عالية مف المركنة.
العفكية كالتمقائية فير المقصكدة.
ج -االتصال الجمعي :ىك اتصاؿ يحدث بيف مجمكعة مف الناس فىداؼ متعددة
مثؿ قضاء كقت الفراغ أك التحادث أك اتخاذ قرار أك حؿ مشكمة ،حيث تتاح فرصة
التصاؿ لمجميع في المكقؼ ،فيتفاعمكف مع بعضيـ بعضان ،كفي ىذا التصاؿ تككف
الرسالة مكجية لمجمكعة مف اففراد المعركفيف عمى المستكل الشخصي لممرسؿ مثؿ
17
نقاش زمالء الدراسة ،أك زمالء العمؿ ،ككذلؾ بيف أفراد افسرة ،كيشمؿ التصاؿ الجمعي
المحاضرات كالندكات ،كالخطب ،كافمسيات الثقافية كالمسرح.
د -االتصال الجماىيري :ىك عممية التصاؿ التي تتـ ،باستعماؿ كسائؿ التصاؿ
الجماىيرية ،مثؿ :الصحؼ كاإلذاعة بشقييا (مسمكعة كمرئية) كما يعرؼ التصاؿ
الجماىيرم ،بلنو :بث رسائؿ كاقعية أك خيالية عمى أعداد كبيرة مف الناس يختمفكف فيما
بينيـ مف النكاحي القتصادية كالجتماعية كالسياسية كالثقافية..الخ كينتشركف في مناطؽ
جغرافية متفرقة ،كيتميز بالخصائص كالسمات ايتية:
الجميكر المتمقي يتصؼ بضخامة حجمو ،كتبايف اتجاىاتو كمستكياتو.
ل يرل المرسؿ جميكره مباشرة كل يعرفيـ.
رجع الصدل قميؿ جدان.
يغمب عميو سرياف المعمكمات في اتجاه كاحد.
تتصؼ رسائمو بلنيا عامة كعمنية.
تتيح كسائمو نشر الرسائؿ بسرعة كبيرة كبلعداد كثيرة.
تقكـ بو مؤسسات كبيرة.
أنواع االتصال حسب الوسيمة أو المغة المستعممة ،وينقسم إلى نوعين:
االتصال المفظي :ىك الذم يستعمؿ فيو المفظ ككسيمة تمكف المرسؿ مف نقؿ
رسالتو إلى المستقبؿ سكاء كانت مكتكبة أـ فير مكتكبة؛ كالمذكرات ،كالخطابات،
كالتقارير ،كالكتب ،كالمحادثات التمفكنية ،كالندكة كالمؤتمر...الخ .كالتصاؿ المفظي يجمع
بيف افلفاظ المنطكقة كالرمكز الصكتية .فعبارة( :أىالن كسيالن) يمكف أف تصبح ذات
مدلكلت أخرل بتغيير نبرة الصكت بجانب طرؽ افداء افخرل فير المفظية مثؿ الحركة.
و
معاف االتصال غير المفظي :ىك عبارة عف تعبيرات منظمة تشير إلى مجمكعة
يستعمميا اإلنساف أك قد يقصدىا في احتكاكو بايخريف ،كمف أنكاعو :لغة الصمت،
كالتعبيرات الحسية كالفسيكلكجية ،كلغة افجساـ كما يطمؽ عمييا "شكف ماكبرايد" حيث
يستعمؿ اففراد أجساميـ لالتصاؿ حتى َّ
يتمكنكا مف التعبير عف مشاعرىـ كاحتياجاتيـ؛
كاصفرار الكجو أك تصبب العرؽ كالتعبيرات الحركية كالمغة الرمزية كلغة المظير العاـ
18
كاإلشارات كإيماءات الرأس التي تعني في بعض الحضارات المكافقة ،كفي بعضيا ايخر
الرفض ،كيطمؽ بعض العمماء عمى التصاؿ فير المفظي أحيانان (المغة الصامتة).
كيؤدم التصاؿ فير المفظي في عالقتو بالتصاؿ المفظي مجمكعة مف المياـ:
oالتكرار :حيف نذكر لشخص عف كجكد شيء ما بالقكؿ ىنا ثـ نشير إلى مكانو.
oالتناقض :قد تتناقض الرسائؿ فير المفظية كذلؾ عندما تككف الدللة الصادرة عف الرسالة
الجسدية تتنافر مع فحكل الرسالة المفظية؛
oاإلبداؿ :مثؿ تعبيرات الكجو التي قد تغني أحيانان عف التصاؿ المفظي.
oاإلكماؿ :مثؿ البتسامة بعد طمب شيء مف شخص أك حركات اليد التي تكمؿ المعنى.
oالتلكيد :حينما يقكـ الشخص بالتركيز صكتيان عمى كممات معينة لمتلكيد عمى الرسائؿ المفظية
فقد يصاحب ذلؾ تعبيرات الكجو الدالة عمى التلثير.
oالتنظيـ :مثؿ إعطاء شخص إشارة ليكمؿ الحديث أك يتكقؼ عنو.
19
يعتقد عدد كبير مف العمماء أف التصاؿ ىك مفعـ بالعكاطؼ ،كيمكف أف يناشد
العكاطؼ بقكة ،فيك أصدؽ تعبي انر عف المشاعر المفظي يمكف أف يناشد العكاطؼ.
كاففكار في التصاؿ المفظي.
أنواع االتصال من حيث خط وجية االتصال :وىذا بدوره يصنف إلى ما يأتي:
اتصال من أعمى إلى أسفل (اتصاؿ ىابط) :يككف في صكرة ق اررات إدارية أك
أكامر مدنية أك عسكرية كفيرىا ،كتصدر فالبان مف القادة إلى التباع؛ تدريجيان كىي
ضركرية لشرح أىداؼ المؤسسة أك المنظمة.
اتصال من أسفل إلى أعمى (اتصاؿ صاعد) :يعد مكمالن لمنكع افكؿ ،كيتضمف
إرساؿ المعمكمات المتعمقة بطريقة تنفيذ العمؿ.
اتصال أفقي :يقصد بو انسياب المعمكمات؛ أم إرساليا كاستيعابيا بيف مختمؼ
اإلدارات كافقساـ كاففراد الذيف يقعكف في المستكل اإلدارم نفسو بالمنظمة.
االتصال عمى مرحمتين :يتفؽ معظـ الباحثيف في مجاؿ التصاؿ عمى أف أقكل
أساليب التلثير في الجماىير ىي التي تجمع بيف التصاؿ الجماىيرم كالشخصي.
أنواع االتصال من حيث الرسمية ،وتصنف كما يأتي:
االتصال الرسمي :كىك الذم يتـ بيف المستكيات اإلدارية المختمفة في ىيئة ،بالطرؽ
الرسمية المتفؽ عمييا في نظميا كتقاليدىا كتعتمد عمى الخطابات ،المذكرات أك التقارير.
االتصال غير الرسمي :ىك الذم يتـ التفاعؿ فيو بطرؽ فير رسمية بيف العامميف،
كىك تبادؿ لممعمكمات مف خارج منافذ التصاؿ الرسمي ،مثؿ المقاءات فير الرسمية.
خامساً -وظائف اال تصال:
تتعدد كظائؼ التصاؿ في المجتمع ،كتتنكع بتعدد حاجات اإلنساف ،كأىـ الكظائؼ
التي يسعى الفرد لتحقيقيا عف طريؽ العممية التصالية ،ىي:
./1اإلشباع النفسي كالجتماعي :يرتبط فيمنا لتلثيرات كسائؿ التصاؿ المختمفة
مف كجية نظر عمـ النفس بإدراكنا فنكاع الحاجات لدل الفرد التي يسعى إلى تمبيتيا عف
طريؽ استعمالو لمختمؼ ىذه الكسائؿ ،كما يمكف أف تحققو لو ىذه الكسائؿ مف حاجة
نفسية اجتماعية تصؿ بدكرىا إلى تحقيؽ عممية التكافؽ لدل الفرد ،كىي العممية التي تبدأ
20
عندما يشعر الفرد بحاجة أك دافع ما ،كتنتيي عندما يشبع ىذه الحاجة أك يرضي ىذا
الدافع ،فالناس يتكاصمكف مع بعضيـ إلشباع حاجات كتكقعات معينة لدييـ يسعكف
لتحقيقيا مف خالؿ تعرضيـ لما تبثو أك تكتبو كسائؿ التصاؿ ،كما أف اففراد ل يتعاممكف
مع ىذه الكسائؿ ،لككنيـ أفرادان منعزليف عف كاقعيـ الجتماعي؛ هكانما لككنيـ أعضاء في
مجتم ع منظـ لو قيمة كعاداتو كثقافتو الكاحدة ،كيحصؿ الجميكر عمى المنفعة قبؿ
التعرض لكسائؿ التصاؿ كفي أثنائو كبعده فترقب التعرض لحدث ميـ يكفر مجالن
لمحديث كالتصاؿ لجتماعي ،كفي أثناء التعرض قد يجد الفرد منفعة اجتماعية كنفسية
تنشل مف تفاعميـ مع محتكل كسائؿ التصاؿ ،فإذا ما تحدث شخص عف أشياء سمعيا أك
شاىدىاء اك قرأىا فإنو فعميان يعكس أك يدخؿ المعمكمات التي حصؿ عمييا في سمككياتو
الجتماعية كالنفسية ،كمف ثـ تتحقؽ لديو منفعة بعد التعرض كالتفاعؿ مع محتكل كسائؿ
التصاؿ ،كيمكف القكؿ إف ىذه الكظيفة تشمؿ كؿ الكظائؼ افخرل.
./2التعميـ كالتثقيؼ :مف الكظائؼ التي يحققيا الفرد مف العممية التصالية،
كتسيـ كسائؿ التصاؿ في العممية التعميمية سكءنا بطريقة مباشرة عف طريؽ البرام
التعميمية كالدكائر التميفزيكنية المغمقة كالقنكات التعميمية الفضائية ،أك بطريقة فير مباشرة
عف طريؽ ما تقدمو مف دراما تجذب إلييا الجماىير.
./3اكتساب ميارات جديدة :مف الكظائؼ التي تحققيا العممية التصالية لمفرد ىي
إكسابو ميارات جديدة تزيد مف خبراتو في الحياة ،أك تنمية الميارات المكجكدة لدية
بالفعؿ ،كتعمـ الميارة ل بد أف يسبقو أساس معرفي ،كاكتساب الميارة يتطمب التدريب
عمييا ،هكاتقاف الميارة يتطمب سرعة في افداء ،كما يستمزـ نكعان مف التفاعؿ ،كحتى يتحقؽ
كؿ ذلؾ ل بد أف يتصؿ الفرد بايخريف.
./4الحصكؿ عمى المعمكمات الجديدة :تمؾ المعمكمات التي تساعد الفرد عمى فيـ
مما يحيط بو مف ظكاىر كأحداث ،لكي يستطيع التعامؿ معيا ،كالتي تتيح لو إضافة
حقائؽ جديدة إلى حصيمتو المعرفية ،كتساعده عمى اتخاذ الق اررات كالتصرؼ بشكؿ مقبكؿ
اجتماعيان ،كلكي يحصؿ الفرد عمى المعمكمات مف العممية التصالية ينبغي أف يككف
كاعيان معرفيان بكؿ مككناتيا ،كعمى الفرد أف يتعامؿ بحذر مع الكـ اليائؿ مف المعمكمات
21
التي تلتيو مف كؿ صكب ،كتبعان لنظرية التنافر المعرفي ،فإف استقباؿ الفرد لمعمكمات
فامضة أك فير كافية أك فير مناسبة أك متناقضة يخمؽ حالة مف التكتر عنده تدفعو إلى
السعي إلى اختزاليا ،كحينما يحدث التنافر ،كفالبان ما يحدث كمما ازدادت المجتمعات
تحض انر يتكجو الفرد إلى الحصكؿ عمى معمكمات جديدة تختزؿ أك تخفؼ ىذا التنافر عف
طريؽ تغيير أحد العناصر المعرفية أك إضافة عناصر جديدة أك تقميؿ أىمية بعض
العناصر ،كاإلنساف يميؿ إلى تجنب الغمكض كالتنافر لنزعتو إلى التناسؽ كالتزاف في
المعمكمات.
كىناؾ مف يرل أف كظائؼ التصاؿ قد تصؿ إلى خمس كظائؼ ،ىي:
المشاركة الجتماعية Socializationيقكـ التصاؿ بتكفير مجمكعة مف المعمكمات
كالمعارؼ تكضع في خدمة الجميع؛ لتساعدىـ عمى تحريؾ المجتمع لككنيـ مف
أعضائو ،كيعيشكف فيو ،كيرعى تضامنيـ كتكاتفيـ.
الحث المباشر Motivationتطكير افىداؼ اينية كالمستقبمية لكؿ مجتمع كتحريؾ
رفبات اففراد كخياراتيـ كرعاية النشاط الفردم كالجماعي المكجو لتحقيؽ افىداؼ.
الحكار كالجدؿ Debate & Discussionتسييؿ كسائؿ تبادؿ ايراء كاففكار بلمؿ
الكصكؿ لتفاؽ عمى المكاضيع التي عادة ما تككف مثار جدؿ في المجتمع هكاثارة
الجميكر هكافرائو بالىتماـ بالمسائؿ العامة التي تيـ الجماعة.
التعميـ Educationتكفير العمكـ كالمعارؼ بقصد رعاية القدرات العقمية كتنميتيا كتككيف
الشخصية ،كالحصكؿ عمى الميارات كالقدرات في كؿ مراحؿ الحياة.
ترقية الثقافة Cultural Promotionنشر الثقافة كاإلنتاج الفني؛ بغرض الحفاظ عمى
التراث كتطكير الثقافة بتكسيع آفاؽ الفرد كخيالو ،هكاثارة قدراتو التقييمية لالبداع.
سادساّ -استعماالت االتصال:
يحقؽ التصاؿ البشرم أكثر مف ىدؼ ،كتختمؼ تمؾ افىداؼ باختالؼ
الحتياجات مف فرد يخر؛ كبصفة عامة يمكف تصنيؼ استعمالت التصاؿ في ست
فئات عريضة ،ىي:
./1اإلعالـ :Informationيعد التصاؿ مف أجؿ اإلعالـ جزءان ل يتج أز مف كؿ
عمؿ تقكـ بو؛ مف دكف اإلعالـ فإف المصانع كالمكاتب كالمحالت كفيرىا مف المؤسسات
22
كالمنظمات الجتماعية كالقتصادية تتكقؼ عف العمؿ ،كيقبؿ عمى البرام اإلخبارية عدد
كبير مف الجميكر ،كيقكـ اإلعالـ بمياـ اجتماعية منيا عمى سبيؿ المثاؿ:
قيادة الجماىير نحك عمؿ معيف ،كيسمى بتعبئة الرأم العاـ لمحركة في مجاؿ معيف. أ-
ب -القياـ بالتغيرات الضركرية لألحداث كالربط بينيا سكاء عمى المستكل الستراتيجي أك
مستكل التكنيؾ.
ت -يعمؿ اإلعالـ عمى تلكيد تدعيـ التجاىات اإليجابية ،كمحاكلة تعديؿ التجاىات
السالبة أك المعكقة.
ث -يقكـ اإلعالـ بعممية تنكير ،كتثقيؼ الناس كالىتماـ بمشاكؿ الساعة كالمساعدة عمى
تماسؾ الجماعة كالبناء الجتماعي.
./2التعميـ كالتدريب :Learing and Tariningكؿ المجالت اإلنسانية تقريبان
تتطمب أف يقضي كؿ فرد مف أفرادىا فترة معينة في التعميـ اإلجبارم ،كالسبب في ذلؾ
ىك أف اإلنساف ل يستطيع أف يشارؾ مشاركة فاعمة في الحياة الجتماعية كالقتصادية
طر نشاطان الحديثة مف دكف قدر معقكؿ مف التعميـ كفني عف القكؿ َّ
إف التدريس يؤ ٌ
اتصاليان فرديان إل إذا تـ عف طريؽ كسائؿ التصاؿ الجماىيرية ،مثؿ البرام التعميمية
بالراديك كالتمفزيكف عمى سبيؿ المثاؿ .كالتعميـ المدرسي ليس إل مجرد إعداد جزئي لمفرد
يسيـ في الحياة الجتماعية كعمى الفرد أف يتعمـ ،كيكتسب العادات كالتقاليد كالقيـ
ا لجتماعية المناسبة لمجماعة التي ينتمي إلييا .كيتـ ذلؾ كمو عف طريؽ التصاؿ ابتداء
مف التصاؿ بيف الطفؿ كأبكيو استم ار انر في مرحمة الشباب كحتى آخر العمر.
./3اإلقناع :Persuasionكثي انر ما يجد الفرد نفسو في حالة اختالؼ أك تعارض
في الرأم أك صراع مع أفراد آخريف حيث يريد الفرد أف تككف عالقاتو بيـ مبنية عمى
التفاؽ كالتعاكف كالصداقة ،كمف ثـ فإف جزءان كبي انر مف النشاط التصالي لمفرد يبذؿ في
سبيؿ التخمص مف حالت الصراع أك الختالؼ في الرأم ،كفي الكقت نفسو الذم يقكـ
فيو الفرد بمحاكلة إقناع ايخريف بكجية نظره ،فإف ايخريف أيضان يفعمكف نفسو ،الشيء
كيقكمكف بالتصاؿ لتحقيؽ التكازف مف كجية نظرىـ.
./4الترفيو : Entertainmentيعد مف أىـ استعمالت التصاؿ ،فالناس فالبان
ما تشترؾ في التصاؿ؛ بيدؼ الترفيو كالستمتاع .كيمكف القكؿ إف معظـ الناس يجدكف
23
متعة في السمكؾ التصالي هكانيـ فالبان ما يقكمكف بيذا السمكؾ؛ بيدؼ الستمتاع أساسان،
كليس ففراض كظيفية أك مرتبطة بالعمؿ ،كينطبؽ ىذا عمى التصاؿ بجميع أنكاعو،
سكاء الفردم منو أك الجماعي أك الجماىيرم .ففي التصاؿ الفردم نجد ذلؾ كاضحان في
دردشة الجيراف كافصدقاء كزمالء العمؿ ،كفي المقاىي كالتمفكف كالزيارات العائمية
كالحتفالت كفيرىا .كنجد الشيء نفسو بالنسبة لالتصاؿ الجماىيرم (اففالـ السينمائية
كالتمفزيكنية كالمسمسالت كالدراما) .كتشير الدراسات عمكمان إلى قمة مف يستمعكف أك
يشاىدكف البرام الثقافية أك التعميمية؛ مقارنة بنسبة كثرة المستمعيف كالمشاىديف لمبرام
الترفييية .كفي الكاقع فإف المستمعيف كالمشاىديف قد يمتقطكف بعض المعمكمات المفيدة مف
أساس الحصكؿ عمى
ه البرام الترفييية ،كلكف ربما أف دكافعيـ لمتعرض ليذه البرام ىك
المتعة كالترفيو .كمف الممكف عمميان استعماؿ الترفيو كشكؿ اتصالي لتكصيؿ المعمكمات
سكاء كاف ذلؾ عمى المستكل الشخصي أك عمى المستكل الجماىيرم كذلؾ يمكف كضع
المادة التعميمية في قالب درامي أك فكاىي يقدـ بصكرة شائقة كجذابة تدفع التعميـ كاكتساب
المعرفة أك الميارة الجيدة إلى التجاه اإليجابي.
كرس الكثير مف أفعاؿ التصاؿ لمكافلة ايخريف ./5الجزاء /اإلثابة كالعقاب :/تي َّ
عمى أعماؿ مقبكلة اجتماعيان قامكا بيا أك لعقابيـ معنكيان عمى ما قامكا بو مف أعماؿ فير
مقبكلة أك عمى ما لـ يقكمكا بو مف أعماؿ مطمكبة.
./6التعبير عف العكاطؼ :Expression of Sentimentsيعتقد بعض
الباحثيف أف اإلنساف يتصرؼ دائمان بصكرة عقالنية مف دكف عكاطؼ كانفعالت أك أنو
يقكـ دائمان بالتصاؿ بصكرة مجردة مف العكاطؼ كلكف كاقع افمر أف اإلنساف لديو حياة
عقمية كأخرل عاطفية ،كأف اإلنساف بتكاصمو يعبر عف عكاطفو كأفكاره.
كحدد "ىاكلد لسكيؿ H. lasweelأىداؼ التصاؿ في المجتمع كما يلتي:
./1مراقبة البيئة :Surveillanceفمف أىداؼ التصاؿ في المجتمع مراقبة البيئة كما
يجرم فييا كفي خارجيا كالمراقبة ليست فاية في حد ذاتيا؛ هكانما ىي كسيمة لتكفير المعمكمات
كالبيانات الالزمة التي تساعد المجتمع عمى اتخاذ الق اررات المناسبة.
24
./2الترابط :Correlationإحداث الترابط بيف أعضاء المجتمع ىك اليدؼ الثاني لمعممية
التصالية عند لسكيؿ ،كىذا الترابط يؤدم إلى تحقيؽ ىدؼ أكبر؛ كىك إيجاد الرأم العاـ،
فبدكف الترابط ل يتككف الرأم العاـ؛ خاصة تجاه القضايا المجتمعية الكبرل ،كيدخؿ في إطار
ىذا اليدؼ مساعدة النظاـ الجتماعي بتحقيؽ اإلجماع أك التفاؽ بيف أفراد الشعب الكاحد.
./3نقؿ التراث الجتماعي مف جيؿ يخر :كىك مف أىـ افىداؼ العممية التصالية ،كىك
أساس استمرار المجتمع كتطكره ،كنقؿ التراث إلى افجياؿ الجديدة يدعـ ثقافة المجتمع،
كيحفظيا أماـ تيارات الثقافات افخرل.
ىدؼ التنمية؛ مشي نار إلى أف كسائؿ اإلعالـ تيدؼ إلى تييئة
./4التنمية :كيؤكد كلبكرشراـ ى
المجاؿ لعممية التنمية ،بما تبثو مف أفكار جديدة حكليا ،كبما تحشده مف تلييد لو ،كقد لخص
فاركؽ أبك زيد في ىذا اإلطار ىدؼ اإلعالـ في مجاليف :افكؿ :أف يقكـ بدكر المنبو لمتنمية
مف خالؿ إثارة اىتماـ المكاطنيف بقضايا التنمية .كالثاني :حشد الدعـ الشعبي لمتنمية التي تفقد
مضمكنيا دكف مشاركة شعبية فعمية.
./5الدبمكماسية المعمنة كفير الرسمية بيف الدكؿ :كىي مف افىداؼ الحديثة لكسائؿ
التصاؿ الجماىيرية ،فرضتيا الظركؼ الدكلية كطبيعة النظاـ العالمي الجديد ،فكسائؿ اإلعالـ
الجماىيرية يمكف أف تمعب دكر الدبمكماسية فير الرسمية كالمعمنة بيف الدكؿ كبالذات في أكقات
افزمات حيف يشارؾ مندكبك الصحؼ كككالت افنباءأك مراسمكىا في المؤتمرات الصحفية مع
الزعماء كالقادة كالسياسييف المعنييف بالقضية لكي يطرح ىؤلء الزعماء كجية نظرىـ في المكاقؼ
أك افزمة فيتمقاىا الظرؼ ايخر ،كيرد عمييا في مؤتمر صحفي.
./6التنشئة الجتماعية كالثقافية كالسياسية :فما تقدمو العممية التصالية مف مضاميف
مختمفة يجب أف يككف مف ضمف أىدافو ،بؿ عمى رأس تمؾ افىداؼ ،المساعدة في تنشئة أفراد
المجتمع في جميع النكاحي كخاصة افطفاؿ كالشباب منيـ.
سابعاً -خصائص االتصال:
تعتمد العالقات الجتماعية عمى عممية التصاؿ ،كتعد عممية اجتماعية تعتمد
عمى تبادؿ الرسائؿ بيف اففراد ،كتؤدم الرسائؿ فيما بينيـ دك انر ميمان في ذلؾ التبادؿ ،فقد
تككف الرسالة منطكقة معتمدة عمى حركؼ ككممات ،أك نبرات صكتية معينة ،أك إشارات
25
جسمية مختمفة ،أك تعبيرات الكجو .يعتمد التصاؿ عمى المرسؿ ،كالمستجيب ،كعممية
النتباه كالتصالت كالمالحظة ميمة جدان في عممية التصاؿ ،كتتمخص خصائص
التصاؿ بما يلتي:
./1التصاؿ يعمؿ عمى ترابط المجتمع :يعد التصاؿ كسيمة لتحقيؽ الترابط كالتماسؾ بيف
أفراد المجتمع كمؤسساتو مف خالؿ مكاجية الشائعات ككؿ ما مف شلنو أف يسيء إلى أمف
المجتمع ،كىك في ذلؾ يعمؿ عمى بث القيـ كالعادات كالتقاليد كنقميا ،كلكؿ مجتمع نظاـ كفمسفة
معينة يسير عمييا أفراد المجتمع ،كيعتمد التصاؿ فيما بينيـ عمى المنطؽ كالتفكير الديني
كبناء عمى ذلؾ يضع المجتمع أسسنا كاضحة لالتصاؿ بيف
ن كاففكار الفمسفية التي يحممكنيا.
أفراد ذلؾ المجتمع ،كتعتمد ىذه افسس عمى النظاـ افخالقي لذلؾ المجتمع ،كيحدث اتصاؿ
كتبادؿ بيف افطرافالتي بينيا عالقة عالقة اجتماعية قد تككف تمؾ العالقة مؤقتة أك دائمة .حيث
يؤكد عمـ النفس الجتماعي التصاؿ ،كيعده افساس في العالقات الجتماعية.
./2المقكمات الجتماعية ،كأىميتيا في التصاؿ الجتماعي :تؤدم القكمية كالتجاىات
الدينية التي يحمميا أفراد المجتمع دك نار ميمنا في عممية التصاؿ .كما أف لمغة أىمية كبيرة في
تمؾ العممية .كيعتمد اختالؼ المغة عمى الختالفات الجتماعية كالثقافية ،هكاف الختالفات في
العادات كالتجاىات كالقيـ كالتقاليد تككف مصاحبة دائمان لختالؼ المغة .فكثي نار ما تجمع المغة
الكاحدة الجماعات؛ فنيا تؤدم إلى التفاىـ كتدعـ السمكؾ القائـ بينيـ .كيركز عمـ النفس
الجتماعي عمى تمؾ الظاىرة الجتماعيػة ظاىرة المغة؛ كذلػؾ لدكرىا الميـ في عممية التصاؿ،
حيث تعمؿ المغة الكاحدة عمى تقارب كجيات النظر بيف اففراد؛ كقد تعمؿ عمى تكحيد اتجاىاتيـ
كميكليـ كقيميـ كأفكارىـ؛ كذلؾ لسيكلة نقؿ تمؾ الجكانب بينيـ ،كما يؤدم المستكل التعميمي
كالثقافي دك انر ميمان في التصاؿ الجتماعي بيف اففراد كالجماعات ،كيمكف التعرؼ إلى ثقافة
الفرد مف خالؿ أسمكبو التعاممي مع اففراد إف كاف في استعماؿ المغة أك السمكؾ الذم يؤديو.
إذف لممستكل الثقافي كالتعميمي تلثير كبير في مستكل المغة المستعممة مف قبؿ اففراد
بناء عمى المستكل المغكم الذم يستعممكنو ،كتؤدم
كالجماعات ،فقد يعامؿ اففراد بعضيـ بعضنا ن
بناء اففراد كتباعدىـ كتقكية الصداقات أك تباعدىا.
نكعية المغة المستعممة دك انر ميمان في تقارب ك ن
26
./3أىمية المركز الجتماعي في التصاؿ :تحدد المراكز الجتماعية نكعية التصاؿ
الجتماعي فعمى سبيؿ المثاؿ :عندما يمتقي اففراد في اجتماع ما بحيث ل يعرؼ بعضيـ
بعضيـ ايخر عندىا ينصب الىتماـ في ىذه الحالة عمى معرفة مكانة ىؤلء اففراد ،قد
يتعرؼ اففراد إلى مكانة الفرد مف خالؿ حديثو أك قد يسلؿ بعضيـ ايخريف عف مكانتيـ ،فإف
كاف الفرد في مركز ميـ تكجيت افنظار إليو ،كبدأت الىتمامات بو ،كيككف العكس إف كاف
مركزه منخفضان ،كيعتمد ىذا عمى القيـ كافعراؼ كالتقاليد التي يسير عمييا المجتمع.
./4الفركؽ الفردية في التصاؿ :يختمؼ اففراد في قدراتيـ عمى التصاؿ اختالفا بينا.
ينبغي عمى الفرد أف يعرؼ كيفية التصاؿ مع ايخريف كمع مف يككف ىذا التصاؿ .عمى
سبيؿ المثاؿ عندما يشترؾ شخصاف في مكقؼ معيف كيحدث بينيما اتصاؿ ،كيستعمالف لغة
مشتركة يؤدم ىذا النكع مف المكاقؼ إلى تككيف جماعات إف كانت كبيرة أك صغيرة كما أف
الفترة التي تمر بينيما مف حيث الطكؿ أك القصر ليا تلثير في ذلؾ التصاؿ ككؿ ما مر سابقان
مف مكاقؼ ىي مؤشرات عمى أف لمفرديف قدرة عمى تككيف اتصالت اجتماعية .كما أف ىناؾ
عكامؿ أخرل تتدخؿ في عممية التصاؿ كقدرة الفرد عمييا كاتجاىاتو كتكقعاتو كىذه العكامؿ ذاتية
منيا :الخجؿ كالخكؼ ،كالقمؽ ،هكادراؾ الذات ،كنمكىا.
ال في التصاؿ :يتضمف ذلؾ
./5تؤدم انفعالت الفرد كاتجاىاتو كتكقعاتو دك نار فاع ن
المعمكمات التي ترد إلى الفرد مف المصادر المختمفة؛ كىذا يؤدم إلى تككيف اتجاىات خاصة
نحك اففراد كالجماعات التي تؤثر تلثي انر مباش انر في نكعية التصاؿ كالكسائؿ المتبعة في ذلؾ
التصػاؿ .فالمعمكمات التي يستقييا اففراد عف ايخريف قبؿ أف يمتقكا بيـ كثي انر ما تؤثر في
اتجاىاتيـ كتفاعميـ معيـ .كذلؾ تؤثر المعمكمات التي يستمميا الفرد عف سمكؾ الفرد ايخر
كأسمكب كالمو في تفاعمو الجتماعي معو .كل تعد تمؾ النفعالت كالمعمكمات اتصالن اجتماعيان
إل بعد أف تتصؿ بيـ كتتعامؿ معيـ.
./6أسمكب التصاؿ :يعتمد تقييـ التصاؿ عمى افسمكب المتبع في ذلؾ التصاؿ .كليس
ىناؾ اتصاؿ جيد كآخر فير جيد .يعتمد التصاؿ عمى تعبيرات الكجو كنبرة الصكت كنكعية
الكقفة الني يؤدييا الفرد ،هكاشارة اليد كفيرىا مف المؤشرات التي تبيف نكعية التصاؿ .كما تؤدم
27
أمكر أخرل دك انر ميمان في ذلؾ التصاؿ ،منيا خمفية العالقة بيف اففراد كاتجاىاتيـ نحك بعضيـ
بعضان كالمركز الذم ىـ عميو ،كنكعية التفاعؿ الجتماعي الحاصؿ بينيـ.
./7قنكات التصاؿ :يعتمد التصاؿ الجتماعي عمى قنكات عديدة حيث تؤدم القناة
افخالقية في المجتمع دك انر ميمان في عممية التصاؿ ،كينبغي عمى الفرد أف يعرؼ قيـ المجتمع
كبناء عميو يحدد سمككو كنكعية اتصالو بالجماعة .كما ينبغي
ن كتقاليده كأعرافو الذم يككف فيو،
أف تككف ىذه القنكات صافية ،ل تشكبيا شائبة؛ كتجنب استعماؿ بعض ،افلفاظ فير الالئقة أك
إثارة جدؿ فير معقػكؿ أك طرح كالـ فير مترابط أك إعطاء صفات فير لئقة ،فإف سارت
افمكر عمى ما يراـ تـ التصاؿ عمى أتـ كجو .كالىتمامات كالنتباه ميـ جدنا في تمؾ العممية.
./8المسافة بيف اففراد :إف المسافة بيف اففراد دليؿ عمى مدل التصاؿ كنكعيتو .كلقد
أجريت تجارب مف قبؿ العمماء لقياس تمؾ المسافة كمعرفة قكة التصاؿ كمداه بيف اففراد.
ثامناً -أســاليب االتصــال:
أساليب التصاؿ ىي كؿ نشاط يندرج تحت مصطمح التصاؿ ،كنعني بيا جميع
أكجو النشاط اإلعالمي كالدعائي كاإلعالني ،ككما ذكرنا مف قبؿ ،فيي عمميات فرعية.
كأكجو نشاط متنكعة لنشاط أساسي ىك التصاؿ قد تختمؼ مف حيث افىداؼ ،كلكنيا
تتفؽ جميعيا في أنيا عمميات اتصاؿ بالجماىير ،كمف ىذه افساليب:
./1الدعاية كاإلعالـ :عرفيا كالترليماف بلنيا محاكلة التلثير في نفكس الجماىير ،كالتحكـ
في سمككيـ ففراض تع ٌد فير عممية أك ذات قيمة مشككؾ فييا في مجتمع ما كفي زمف معيف،
كىناؾ مف يقكؿ بلف الدعاية نشاط أك فف إفراء الغير بالتصرؼ بطريقة معينة بحيث إنو ما كاف
ليتصرؼ بيا في حالة فياب ىذه الدعاية ،كالدعاية ليست محدكدة النطاؽ بمجاؿ خاص مف
مجالت الحياة رفـ أف أىـ مجاؿ تستعمؿ فيو ما يتعمؽ بالسياسة الدكلية إل أنو ليس كؿ دعاية
سياسية دعاية عالمية ككذلؾ فإنو ليست كؿ دعاية عالمية دعاية سياسية .كفي نطاؽ العمؿ
السياسي نجد أف الدعاية تمارس عف طريؽ افحزاب كمجمكعات الضغط أك التلثير؛ إذ تحاكؿ
كؿ منيا إقناع الجماىير بتلييد قضيتيا .أما خارج نطاؽ السياسة فإننا نتعرؼ إلى الدعاية الدينية
التي تمارس بكاساطة المبشريف كالدعاية القتصادية التي تمارس في شكؿ اإلعالف ،ككذلؾ
الدعاية افخالقية التي تحتؿ مرك انز كسطان بيف السياسية كالدينية؛ فف مكضكعيا ىك إفراء الناس
28
بلنماط مف التعريفات مطابقة لكؿ مف ديانة الداعية كالشكؿ السياسي الذم يؤمف بو .كالغاية
الكحيدة مف اإلعالـ ىي اإلقناع عف طريؽ المعمكمات كالحقائؽ كافرقاـ كاإلحصاءات كنحك
ذلؾ ،كما أف اإلعالـ تعبير مكضكعي ،كليس ذاتيان مف جانب اإلعالمي سكاء كاف صحفيان أك
مذيعان أك مشتغالن بالسينما أك التمفزيكف.
./2التعميـ :إف الميمة افساسية لمتعميـ ىي تربية النشء ،هكاعداد المكاطف الصالح جسمينا
كنفسيان كخمقيان إعدادان يؤىمو لخدمة الكطف في الحرب كالسمـ كما يساعده عمى تحقيؽ ذاتيتو
ككظيفة التعميـ أيضان تنمية الميارات ،كاستمرار التراث العممي كافدبي كالفني بتقديمو إلى افجياؿ
الناشئة .هكاذا كاف اإلعالـ يدكر حكؿ مشكالت الساعة كفيرىا مف المسائؿ الجديدة التي تحتمؿ
تلكيالت مختمفة ككجيات نظر متعددة ،فإف التعميـ يقدـ كجيات نظر ثابتة ،كل شؾ في أف
التعميـ يساعد عمى تنمية الفكر ،كتقكية ممكة النقد كتربية الشخصية اإلنسانية.
./3اإلعػالف :يعرؼ بلنو فف التعريؼ ،كىك نشر معمكمات كحقائؽ عف السمعة أك الخدمة
بغرض بيعيا كتركيجيا ،كيمكف النظر إليو بحسبانو كسيمة مف كسائؿ الدعاية التجارية لتسكيؽ
السمع كالمنتجات كل شؾ في أف التركي لمسمع أيسر كثي نار مف التركي لممبادئ كالمعتقدات؛ فف
الحاجة المادية؛ كىي الرفبة في الغذاء كالكساء كفيرىا مف الرفبات المكجكدة أصالن ككؿ ما
يقكـ بو اإلعالف ىك التكجيو كلفت النظر إلييا ،كأخطر ما يفعمو اإلعالف ىك التلثير في حرية
اإلعالـ كالنشر كالضغط عمى المسؤكليف في الصحافة كفيرىا مف كسائؿ التصاؿ لممحافظة
عمى سمعة المعمف ميما تعارض ذلؾ مع الصالح العاـ ،كيندر أف يتكجو اإلعالف إلى فكر
اإلنساف كعقمو ،كلكنو يتكجو إلى الغرائز كالنفعالت .فجميع اإلعالنات الطبية تقريبنا تؤثر في
فريزة الخكؼ .أك أف اإلعالف قد يتكجو إلى الغرائز الجنسية فتربط السمع بصكر النساء العاريات
حتى كلك كانت السمع ل تتصؿ بذلؾ كالمياه الغازية كشفرات الحالقة .كيذىب بعض النقاد إلى
القكؿ إف اإلعالف إسراؼ ل مسكغ لو ،كأف حصيمة ىذه اإلعالنات كاف يمكف الستفادة منيا
في مياديف أخرل أكثر أىمية كاإلنتاج مثالن أك التنمية .كىنالؾ نقد آخر بكجو لالعالف بحسباف
أنو يفسد أذكاؽ الشعب بما يستعممو مف ألكاف مثيرة فير منسقة.
./4العالقات العامة :كىي عبارة عف الجيكد المقصكدة كالقائمة عمى خطط مف أجؿ
الكصكؿ إلى التفاىـ المتبادؿ بيف مؤسسة ما كالجماىير التي تتعامؿ مع ىذه المؤسسة .كثمة
29
تعريؼ آخر يقكؿ :بلنيا نشر المعمكمات كاففكار كالحقائؽ مشركحة كمفسرة لمجماىير كنقؿ
المعمكمات كاي ارء كالحقائؽ مف الجماىير إلى المؤسسة؛ كذلؾ بغية الكصكؿ إلى النسجاـ أك
التكيؼ الجتماعي بيف المؤسسة كالجماىير .كالعالقات العامة ىي أداة التصاؿ بيف المؤسسة
كالجماىير ،كلبد أف تقكـ بإفياـ الناس حقيقة المؤسسة عف طريؽ النشر كاإلعالف ،ككذلؾ إفياـ
المؤسسة حقيقة الجماىير عف طريؽ دراسة الرأم بالستفتاء كاإلحصاء كالقياس العممي ،كلكف
ىناؾ مف يرل أف العالقات ليست سكل حاجز ،أك فاصؿ أك دخاف أك ستار يقع بيف أقطاب
الصناعة كأصحابيا الحتكارييف كمديرم الشركات مف جية ،كبيف الرأم العاـ ذم الحساسية
الشديدة مف جية أخرل .كيذكرنا ىذا التعريؼ العجيب لمعالقات العامة بما كاف يفعمو بعض
الدعاة مف افمريكييف الذيف انتحمكا فنفسيـ صفة خبر العالقات العامة مف أمثاؿ "جكف جكلنكد"
كفيره ممف اتخذكا فنفسيـ شعا نار خبيثنا يقكؿ :إنؾ تستطيع أف تستغفؿ %98منيـ لفترة طكليا
%98مف الكقت كقد بدأ إيفي لي Ivy leeكىك منشئ العالقات العامة الحديثة – حياتو في
أعماؿ الدعاية الصحفية .كيرل أف ميمة العالقات العامة تتصؿ بالنشر كاإلعالـ ،فيك يقكؿ
عف مكتبو الذم افتتحو لستشارات العالقات العامة :ليس ىذا مكتبنا سرينا لمصحافة – فكؿ
أعمالنا تقع في رابعة النيار إننا نزكدكـ بافخبار كىذه ليست ككالة إعالف فإذا كجدتـ أف ما
نبعث بو إليكـ يحمؿ طابع اإلعالف الذم ينبغي أف ندفع عميو أج انر فال تنشركه كباختصار إننا
نعمؿ عمى نشر المعمكمات الصحيحة لمجماىير .كمف كؿ ما سبؽ يتضح أف الدعاية كاإلعالـ
كالتعميـ كاإلعالف كالعالقات العامة ل تخرج عف أف تككف أشكالن مختمفة لعممية اجتماعيػة كاحدة
ىي التصاؿ بالجماىير.
تاسعاً -معوقات االتصال:
يقصد بمعكقات التصاؿ المشاكؿ التي تصادؼ أحد عناصر العممية التصالية
كتؤثر في تلديتيا لمدكر المنكط بيا؛ افمر الذم ينعكس عمى إتماـ عممية التصاؿ عمى
الصكرة المطمكبة كتختمؼ معكقات التصاؿ باختالؼ مصادرىا فقد تككف معكقات
شخصية تتعمؽ باففراد القائميف بالتكاصؿ ،كقد تككف معكقات تتعمؽ بالرسالة نفسيا
كمضمكنيا كقد تككف معكقات تتعمؽ بالبيئة المحيطة بعممية التصاؿ كل شؾ في أف
30
معرفة ىذه المعكقات تعمؿ عمى الحد مف تلثيرىا السمبي في عممية التصاؿ .كيمكف
اإلشارة إلى ىذه المعكقات كما يلتي:
المعوقات الشخصية:
قد تكجد لدل الشخص عكائؽ تمنع اإلرساؿ أك الستقباؿ الصحيح لمرسالة منيا
تصنيؼ أفراد المجتمع أك القكلبة ، Stereo typingفإنيا تؤدم إلى سكء استقباؿ
الرسالة كتفسيرىا ،كذلؾ فإف كجكد خمفيات كأفكار متعددة لدل الفرد يؤدم إلى إدراؾ
متعدد قد يككف متناقضان مع ايخريف ،كتتحدد المعكقات الشخصية لالتصاؿ فيما يلتي:
./1القصور في الميارات االتصالية :رفـ سيكلة عممية التصاؿ كديناميكيتيا إل أنيا
تتطمب عددان مف الميارات مف بينيا القراءة كالنتباه كالكعي ،كتنطكم ميارة القراءة عمى إدراؾ
الرمكز كفيميا التي تحمؿ المعاني ،كتعد القدرة عمى الكتابة كالقراءة مطمبنا ل مف أجؿ التعرض
لمكسائؿ المطبكعة فحسب؛ بؿ مف أجؿ التعرض لمعظـ كسائؿ التصاؿ الجماىيرم افخرل؛ إذ
ينبغي أف يضع القائـ بالتصاؿ في حسبانو قدرات الجميكر المستيدؼ عمى استيعاب الرسالة
أك بما يعرؼ بميارات المستقبًؿ في إكماؿ العممية التصالية مف حيث المعرفة ،كالقدرة عمى
القراءة ،كعادات التصاؿ (عجكة )178 ،2003 ،كقد يتبايف افشخاص في الستجابة لنفس
الرسالة فسباب كدكافع شخصية مختمفة منيا التعميـ كالتجارب السابقة ،كبناء عمى ذلؾ يختمؼ
رد فعؿ شخصيف مف بيئتيف مختمفتيف حكؿ مكضكع كاحد ،كما تؤثر الدكافع الشخصية في فؾ
رمكز الرسالة كتفسيرىا .فالمكظؼ الذم يتميز بالحاجة القكية لمتقدـ في المنظمة ،كيتصؼ
بالتفاؤؿ قد يفسر ابتسامة الرئيس المباشر كتعميقو العارض كمؤشر إلى أنو شخص محبكب،
كعمى المكافلة التي تنتظره ،أما الشخص الذم يتصؼ بضعؼ الحاجة لمتقدـ كينزع لمتشاؤـ فقد
يفسر نفس التعميؽ مف المدير عمى أنو شيء عارض كل عالقة لو بلم مكضكع ،كيبذؿ المتمقي
جيدان في تفسير الرسالة ل يقؿ في بعض افحكاؿ عف الجيد الذم يبذلو المتحدث أك الكاتب في
صيافة الرسالة ،ككمما كانت الرسالة أقرب إلى الفيـ كاف الجيد المبذكؿ أقؿ ،كعمى العكس مف
ذلؾ إذا جاءت الرسالة معقدة ،كلـ تنجح في إثارة اىتماـ المستقبؿ بمضمكنيا أك لـ تتكافؽ مع
عاداتو التصالية ،ضاع الجيد المبذكؿ مف جانب المرسؿ.
31
./2اإلدراك االنتقائي :حيث يتجو الناس إلى سماع جزء مف الرسالة ،هكاىماؿ المعمكمات
افخرل فسباب عدة ،منيا :الحاجة إلى تجنب التناقض المعرفي .كيحدث اإلدراؾ النتقائي
حينما يقكـ المتمقي بتقييـ طريقة التصاؿ بما في ذلؾ دكر المرسؿ كشخصيتو كقيمو كمزاجو
كدكافعو ،كأحيانان يكصؼ التكاصؿ بلنو انتقائي حيث إف اففراد يتعرضكف لمكسائؿ كالرسائؿ
ال عف ذلؾ يميمكف إلى تعريض أنفسيـ لمرسائؿ التصالية
بصكرة اعتباطية أك عفكية ،كىـ فض ن
التي تتكافؽ مع اتجاىاتيـ كعقائدىـ؛ لذا فإف الناس يميمكف إلى مشاىدة التصالت المناسبة
لميكليـ كسماعيا أكثر مف تمؾ التي تبدك محايدة أك معادية ليا حكؿ قضية ما.
./3عدم ثقة الجميور بالمصدر :يضع الجميكر عند استقبالو لمرسالة شخصية ً
المرسؿ في
الحسباف ،كمف ىنا جاء تناكؿ مكضكع ثقة الجميكر بمصدر التصاؿ كىي درجة الصدؽ التي
يكلييا المستقبؿ لممصدر أك لمرسالة (الييتي،2006 ،ص )60كقد انتيت بعض الدراسات إلى
أف المستقبميف الذيف يثقكف بالمصدر أكثر تلث انر ممف ل يثقكف بو حيث إف الثقة بالمصدر تييئ
لستيكاء الجميكر ،بما يدفعيـ إلى قبكؿ مضمكف الرسالة التصالية .كقد انتيت بعض
الدراسات إلى أف إحدل الطرؽ لكسب الثقة أك فقدانيا ما تقكـ عمى تنبؤ الناس بسمكؾ المصدر،
فإذا كاف الناس قد تنبؤكا بتصرفات متكقعة لممصدر ،كتحققت فعالن فتزداد ثقة أكلئؾ بو
معوقات تتعمق بالرسالة:
./1ابتعاد مضمون الرسالة عن حاجات الفرد واىتماماتو :مف بيف المطالب التي ينبغي
تكافرىا في الرسالة التصالية إثارتيا الحاجات الشخصية لممستقبؿ ،كاقتراح الطرؽ لتمبيتيا .كىنا
نشير إلى أف لممصدر تكقعاتو إزاء ردكد أفعاؿ الجميكر نحك الرسالة؛ لذا فيك يضع ذلؾ في
الحسباف عند صيافتو لمرسالة أف تبدك مرتبطة بحياة الجميكر.
./2تباين المغة :تعد المغة مف أبرز المجمكعات المستعممة في التصاؿ بيد أف المشكمة
كثير مف كممات الرسائؿ شائعة الستعماؿ في التصاؿ تحمؿ معاني مختمفة
ىنا تكمف في أف ان
لألشخاص المختمفيف ،فقد يسبب سكء تفسير الكممات مشكالت متعددة عند نقؿ الرسالة نتيجة
لختالؼ الخمفيات العممية كالثقافية كالخبرات المتراكمة لدل المتمقيف .كعمى مستكل التصاؿ
الشخصي يككف ىناؾ نكع مف الخبرة أك المغة المشتركة بيف طرفي عممية التصاؿ تتيح قد انر
كافينا مف الكضكح لممشكمة أك الرسالة ،أما في التصاؿ الجماىيرم فال تكجد في معظـ الحالت
32
ىذه الرابطة القكية التي تتصؼ بيا العمميات التصالية الشخصية أك المحدكدة بيف المرسؿ
كجماىير المستقبميف المتباينة بالطبع حيث يختمؼ مفيكـ الرسالة بيف الطرفيف نظ انر لختالؼ
المعرفة كالخبرة كالمعمكمات؛ كىذا يخمؽ حالة مف عدـ القدرة عمى الفيـ المتبادؿ لمرسالة الكاحدة
بيف الطرفيف ،كتصبح المشكمة الرئيسة في العممية التصالية ىي كيفية ترجمة المعمكمات
المرسمة إلى المغة التي يفيميا كؿ المستقبميف ،فقد كجد أف بعض الكممات الشائعة ليا أكثر مف
ى
28تفسي انر أك أف تككف المغة خاصة بمجمكعة ،يصعب فيميما ممف ل ينتمكف إلييا.
معوقات تتعمق بوسائل االتصال:
كسيمة التصاؿ عبارة عف الرمكز كافشكاؿ كافدكات المستعممة في نقؿ مضمكف
اح قصكر
الرسالة مف المرسؿ إلى المستقبؿ ،كلكؿ كسيمة مف كسائؿ التصاؿ مزايا كنك و
ككمما تكافر عدد مف ىذه الكسائؿ أتاح ذلؾ الفرصة لممرسؿ فف يختار مف بينيا الكسيمة
التي تناسب اليدؼ المطمكب ،كقد يسبب سكء اختيار كسيمة التصاؿ إعاقة كصكؿ
الرسالة بالصكرة المثمى.
معوقات تتعمق ببيئة االتصال:
كىي المعكقات التي تتعمؽ بالبيئة المحيطة بمكقؼ التصاؿ كبلسمكب تنظيـ هكادارة
ال
عممية التصاؿ ،كيكجد أيضان معكقات تتعمؽ بالييكؿ التنظيمي الخاص بالمؤسسة؛ فمث ن
كجكد مستكيات إدارية متعددة ،كعدـ تحديد اختصاصات كصالحيات كؿ جية مف
الجيات اإلدارية المكجكدة في المؤسسة
نماذج من األسئمة الموضوعية لمفصل األول:
./1تحدث عن ماىية االتصال ،وقارن بين أنواعو؟
./2ابحث في سير عممية االتصال.
./3ما ىي استعماالت عممية االتصال؟
./4قارن بين االتصال المفظي واالتصال غير المفظي؟
./5تحدث عن المعوقات لعناصر العممية االتصالية وتؤثر في أدائيا؟
33
34
الفصل الثاني :نظريات االتصال والتواصل
35
عد اليكية
كالمتمقي بكساطة مجمكعة مف المؤشرات الشخصية كالجتماعية لممحاكر كتي ٌ
رىانان أيضان؛ بكساطة فف جزءان ميمان مف التكاصالت البيف -شخصية تنشط بكساطة رفبة
في إنتاج صكرة لمذات ،كجعميا تتلكد بكساطة ايخريف .إف الصكرة التي نريد أف نقدميا
تتطمب إثباتان مف طرؼ ايخريف؛ فنو إذا لـ يستطع المحاكر أف يثبتيا سيحس بنكع مف
القمؽ كالضطراب في ىكيتو؛ فف البحث عف العتراؼ المتضمف في التكاصؿ يخضع
لدافعية أساسية مرتبطة بالبحث عف التقدير (التكاجد في أعيف ايخريف أف يككف محبكبان
مقبكلن كمحاكر مناسب أف يككف معترفان بو).
كيضيؼ (لبيانسكي) أف ىناؾ دافعيةن أساسيةن أخرل في البحث عف اليكية ،كىي
المحافظة عمى اإلحساس بالندماج ،كعمى كحدة الذات كاستمرارىا عبر الزمف ،كيستدرؾ
أخي نار أنو إذا كانت اليكية رىان نا لمتكاصؿ فيي تعد كذلؾ نتاج نا لو؛ فنو بكساطة التفاعالت
اليكمية كالصكرة التي تعكس لنا ستيؤسَّس شيئان فشيئان الصكرة التي نككف عف أنفسنا ،كيقكؿ
إ ف التمثؿ كتقدير الذات يستقى في جزء كبير مف مرآة ايخريف كمف ارتجاع الرسائؿ التي
تبعث .إف رىاف اليكية ىك الميكانزـ الضابط لعممية التمفصؿ بيف ما ىك فردم كما ىك
اجتماعي كبيف ما ىك عاطفي كما ىك معرفي في سيركرة التكاصؿ التي نبحث فييا في
إطار التساؤؿ عف الستراتيجيات التي يسمكيا المنشط كالمشارؾ كع ٌما يستفيده مف تغذية
راجعة كي يقيـ ،كيحكـ كؿ كاحد منيما عمى صكرتو؛ كمف ثـ بتمثؿ ىكيتو.
./2الرىان الموطني :إف التكاصؿ مع ايخريف شيء نرفب فيو كنخشاه في آف
كاحد؛ فف الخكؼ ىنا مرتبط بإمكانية إقحاـ ايخر لممجاؿ الشخصي ،كانتياؾ حرمتو
( الفضاء الشخصي)؛ فننا نسجؿ العالقات بيف الفضاء كالتكاصؿ ضمف المسافة البيف-
شخصية بيف الفاعميف بكساطة اإلمكانات المتاحة ليـ داخؿ المجاؿ المكاني كالمجاؿ
النفسي (افنا الحميمي) كىك يمثؿ الحياة الخاصة كالمكاضيع الحميمية كافسرار ،ككؿ
القضايا الشخصية ،هكاف الحاجز الذم يفصؿ الذات عف ايخر يظؿ حاض انر في التكاصؿ،
كل يمكف أف نتجاكزه إل بتكفر بعض الشركط الطقكسية (معرفة ،درجة مف
الحميمية،الدافعية) هكاف ىذا الحاجز افكؿ سيضاعؼ بحاجز ثاف يفصؿ افنا الجتماعية
36
عف افنا الحميمية؛ فف افنا الجتماعية تعبر عنو ،كيعرض في التفاعالت كفالبان ما
يسقط تحت نظرات ايخريف لكف افنا الحميمي ىك الذم يظؿ دائمان مختفيان.
./3الرىان العالئقي :إف التكاصؿ ىك الممر الضركرم لمدخكؿ في عالقة مع
ايخريف كيؼ ما كانت دكافع ذلؾ الدخكؿ (اجتماعية مينية عاطفية منفعية...الخ)؛ فنو
يمثؿ الحاجة إلى اإلحساس بالرتباط كالندماج كالحاجة إلى السند هكالى التفيـ هكالى
التشجيع كالحاجة إلى الممسات ،كيضاؼ إلييا الحاجة إلى العتراؼ كالحاجة إلى الحب.
./4رىان البحث عن التأثير :ىناؾ مجمكعة مف أنكاع التكاصؿ تيدؼ إلى التلثير
في ايخريف هكاقناعيـ كالدفع بيـ إلى الفعؿ في ىذا التجاه أك ذلؾ أك إلى أمرىـ أك
إفرائيـ كتيديدىـ ،كينتظـ البحث عف التلثير في استراتيجيتيف كبيرتيف:
استراتيجية السمطة التي تؤسس عف عالقة القكة بيف المتحاكريف ،كتظير في التضاد،
كالضغط ،كالمكاجية كالتيديد ،كمجيكد اإلقناع.
استراتيجية اإلفراء التي تبحث عف عالقة الشتراؾ في النجذاب ،كالكد ،كالتيقف ،كتكييؼ
سمكؾ التقارب بيف المتحاكريف.
./5رىان اإلخبار واإلقناع :إنو أكؿ رىاف يعتمد بكضكح عمى إرساؿ المعمكمات،
كىك ما يسميو الباحث جاككبسكف ( )Jakobsonبالكظيفة المرجعية .لكف المالحظ أف
التكاصؿ كاإلعالـ ل يسيراف بصكرة ثنائية؛ فنو مبدئيان تيدؼ الصحافة كالتدريس إلى
اإلخبار(اإلعالـ) ،في حيف تيدؼ الحممة السياسية إلى اإلقناع لكف ىذا التمييز ليس بيذه
السيكلة؛ فف الصحفي كالسياسي كالمدرس يدخمكف بدرجات متفاكتة في ىذه الثنائية
الضافطة بحيث يجب عمييـ اإلخبار مف جية ،كجذب الجميكر مف جية أخرل .كيعني
التكاصؿ أيضان ىنا البحث عف اإلقناع ،كالتلثير في ايخريف ،كىذا ما بينو بيرلماف
( )Perlmanفي النظرية الحديثة لالقناع حيث قاؿ إف عممية اإلقناع تسكف في قمب
أفمب أشكاؿ الكالـ ،فحتى في الكالـ العادم تختفي الرفبة في اإلقناع بطريقة ماكرة كراء
افشكاؿ افكثر بساطة لممحادثة ،فنو كراء كؿ إرساؿ بسيط لممعمكمات ىناؾ دائمان إرادة
لالقناع ،كف ثـ لمتلثير في ايخريف.
37
./6رىان تموضع الذات :إف الرىاف الكبير ايخر يكمف في تمكضع الشركاء،
فكؿ العالقات اإلنسانية تقتضي قبؿ كؿ شيء نكعان مف اإلخراج؛ فف التكاصؿ يعني أكلن
إظيار شي وء مف الذات لآلخريف ،كتقديـ صكرة ما عنيا كالدفاع عف ىكية خاصة– يمتقي
ىذا الرىاف مع ما قدمو (لبيانسكي) حكؿ رىاف اليكية– فف ىذه العالقة مطبكعة أيضان
بافدكار الجتماعية التي يؤدييا كؿ كاحد؛ فف افدكار تعرؼ بدكرىا ما قيؿ كالذم يقاؿ
كالطريقة التي يجب أف يقاؿ بيا؛ فننا ل نتحدث؛ بالطريقة نفسيا مع أطفالنا مع زمالئنا
أك أماـ الكامي ار؛ إذ إف بعضان مف العالقات تككف متساكيةن كأخرل مماثمةن؛ بمعنى تككف
تراتبية ( مف ايباء إلى افبناء ،مف المدير إلى العامؿ ،مف افستاذ إلى الطالب).
./7رىان التواصل البرىاني :إف التكاصؿ يعني أيضان البحث عف اإلقناع كالتلثير
في ايخريف ،كىذا ما بينو بيرلماف ( )Perlmanفي النظرية الحديثة لمبرىنة حيث قاؿ إف
البرىنة تسكف في قمب أفمب أشكاؿ الكالـ ،ىكذا فإف في الكالـ العادم تختفي البرىنة
بطريقة ماكرة كراء افشكاؿ افكثر بساطة لممحادثة؛ فنو كراء كؿ إرساؿ بسيط لممعمكمات
ىناؾ دائمان إرادة لمبرىنة؛ كمف ثـ لمتلثير في ايخريف.
./8رىان ضبط التواصل :إف الدخكؿ في عالقة بيف شخصيف ناد انر ما يككف سيالن
مباش انر عفكيان كمطمئنان؛ فف المالحظة التي أتت بيا التجارب التي أقيمت عمى الحيكاف
تلكدت صالحيتيا كذلؾ لالنساف ،حيث بينت أف التكاصؿ يتصاعد في الطقكسية ،فف
برز
العالقات اإلنسانية دائمان تككف بحالة صراع قكية كفير تابثة؛ كفف تحميؿ المحادثات أى ى
كيؼ أف النقاشات الجارم العمؿ بيا كافكثر بساطة تقتضي بناء قكاعد محددة لتناكؿ ى
الكممة كلمدخكؿ في العمميات كالمكنزمات التكافقية كالمفاكضات الضمنية حكؿ المعنى.
كلكف رفـ ذلؾ فإف نسؽ التفاعؿ يبقى دائم نا معقدنا؛ فنو كعمى سبيؿ المثاؿ قد يتحكؿ
النقاش الساخف إلى مشادة دكف نياية ،كىنا تكمف افىمية الضمنية لقكاعد إيقاؼ
المحادثة كاستراتيجيتيا .إف تحديد الرىانات يمثؿ عامالن ميمان ييسيـ في تعقد سيركرة
التكاصؿ؛ فف التكاصؿ ل يعني إرساؿ المعمكمة فقط؛ لذلؾ اختمفت ايراء ،كتعددت حكؿ
ىذه السيركرة ،كحكؿ تصنيؼ رىاناتيا.
38
ثانياً -النظريات المفسرة لعممية التواصل:
عدد مف التجاىات الفكرية عممية التكاصؿ اإلنساني بالدراسة ،حيث ىناؾ
تناكؿ ه
دراسات بعضيا تمركز حكؿ البعد التفاعمي لمتكاصؿ ،كبعضيا ايخر تمحكر حكؿ
الكظيفة السيككلكجية لألفراد مف التحميؿ النفسي إلى التحميؿ المعرفي كالتي تعد التكاصؿ
كنشاط مف بيف أنشطة أخرل دكف عد نكعيتو كالكحدة افساسية في التيار افكؿ ىي
التفاعؿ ،في حيف أف كحدة التيار الثاني ىي التفرد السيككلكجي .كعميو فإف برنام
الت كاصؿ يمثؿ التمفصؿ بيف ىذيف اففقيف دكف اختزاؿ فحد دكف آخر؛ فف افمر يتعمؽ
بارتباط ثالثة مستكيات:
المستكل النفسي الداخمي لمميكانزمات المنخرطة في التكاصؿ مف دكافع عكاطؼ
كميكانزمات دفاعية كآليات معرفية لمعزك كالتلكيؿ.
المستكل التفاعمي لمبنية ككظائؼ التكاصؿ.
المستكل الجتماعي فنكاع الكضعيات ،كالقيـ ،كالطقكس ،كافدكار.
نظرية التحميل النفسي لمتواصل:
انسجامان مع تمفصؿ سيركرة التكاصؿ بيف ما ىك عاطفي كما ىك معرفي سنبدأ
بنظرية التحميؿ النفسي ،كأىـ ما جاء بو فركيد( )Freudمف أفكار حكؿ سيركرة ىذا
التكاصؿ ،كعمى الخصكص بيف شخصيف ،كيؤكد الباحثكف ىنا أنو مف السذاجة القكؿ إف
السيركرات العقمية تخضع لتنظيـ تراتبي؛ فف معرفتنا حكؿ الكظيفة التراتبية في ميداف
ايلت كعمـ افجنة كالفسيكلكجيا كالتنظيـ الجتماعي تسمح لنا بعد صدؽ القتراح الذم
يؤكد أف الدرجات العميا لمنسؽ الت ارتبي ،ل يمكنيا في أية حالة أف تتكفر عمى معمكمات
كافية حكؿ السيركرات كافحداث التي تقع في مستكيات دنيا أك محيطة ،كبالمنطؽ نفسو
ل يمكف لمدرجات العميا أف تتكفر إل عمى عالقة محدكدة حكؿ ما يقع في المستكل
افعمى عنيا؛ بمعنى ل يمكنيا أف تككف شعكرية إل جزئيان .هكاف الالشعكر ضركرم
لالقتصاد في التنظيـ التراتبي ،لكف تبقى ىناؾ مجمكعة مف المكاضيع عالقة بالالشعكر
فسباب أخرل ،كيصبح الالشعكر ىنا مستكدعان لممكاد المكبكتة.
39
كقد َّ
ركز فركيد عمى المحدد النفسي الذم يع ٌد أف أية كممة تنطؽ أك أم جزء مف
الحمـ ل يمكف أف يككف عاب انر؛ فف اإلنساف ل يمكنو أف يحمـ فقط .لذلؾ يجب عد أف كؿ
جزء كيؼ ما كاف نكعو سكاء كاف كممة أك نبرة أك حركة جسدية يؤدم دكره في تحديد
تدفؽ السيؿ المستمر لمكممات أك الحركات التي تشكؿ مادة التبادؿ بيف افشخاص كما
يجب التركيز ليس فقط عمى المحددات النفسية كحدىا ،لكف أيضان عمى المحددات البيف–
يتشاجر ببالىة.
ا شخصية العميا؛ فف شخصيف ل يمكنيما أف يككنا متفقيف ببساطة أك
كيشير( فركيد ) إلى فكرة ىي أف بمكرة الرسائؿ المفظية كفير المفظية تمر عبر
السيركرات افكلية ،كأف ىذه الرسائؿ تضـ عددنا مف الخصائص المرتبطة بافحالـ
كالمتخيمة بصكرة ضمنية أك جمية؛ فنو إذا أمكف لالنساف أف يعطي انطباعان أنو ل يناقش
سكل الظاىر مف المحادثة سيدؿ ذلؾ عمى أف كظيفة افنا قكية ،كأنيا ىي التي تكبت
مختمؼ بكاطف المحتكل الضمني،فضالن عف ذلؾ يكضح لنا التحميؿ النفسي الدقيؽ لمكالـ
كالحركات أف الرسائؿ في ىذيف الشكميف تتضمف كمية كبيرة مف المكاد الالشعكرية المتكفرة
عمى خصائص السيركرات افكلية مثاؿ أف مالمسة لب و
اس نسائي نات عف رفبة جنسية أك
عف رفضيا.
حيث إف كؿ شخص يبعث إشاراتي كيمكف أيضان اعتماد مفيكـ التحكيؿ المعمـ،
تخبر (بصفة ل شعكرية) أف المحاكر يشبو سيككلكجيا شريؾ سابؽ أك خيالي ،كالذم
اكتسب معو في افصؿ عادات في التكاصؿ .كترتبط فكرة اإلسقاط بفكرة التحكيؿ عف
قرب ،لكنيا تختمؼ عنيا في التفسير إل أنو يمكنيما أف يتبادل افدكار بحيث إف (أ)
ينتظر مف (ب) تحقيؽ فعؿ داؿ مف نكع بعض الشخصيات التاريخية في حياة (أ) كالتي
عممت مثميا في ظركؼ مشابية (التحكيؿ) أك سينتظر مف (ب) التصرؼ مثال كما لك
كاف ىك نفسو سيتصرؼ في ظركؼ مماثمة (اإلسقاط).
كفي ارتباط مع اففكار التي أكردىا باتسكف ( )Batesonحكؿ ما يمكف العتماد
عميو مف نظرية (فركيد) لتحميؿ سيركرة التكاصؿ ،نشير باختصار إلى أف مبدأم اإلسقاط
كالتماىي ،يمثالف معطييف أساسييف في التمفصؿ الذم نبحث فيو بيف ما ىك اجتماعي،
كما ىك فردم ،كىذا ما يؤكده (فركيد) نفسو حيف أشار إلى أف التماىي يمثؿ:
40
الشكؿ افكثر أصالة لمعالقة العاطفية مع الشيء أنو بكساطة التككف يصبح بديالن
لمعالقة الميبيدية كبكساطة إدماج شيء ما في افنا إلى حد ما ،يمكف أف ينشل كمما أدرؾ
افع جنسيةن ،مف ىنا
الطفؿ مف جديد نكعان مف التحاد مع شخص ل يمثؿ لو مكضكع دك ى
يبدك التفاعؿ الحاصؿ لمفرد منذ صباه مع العالـ الخارجي كىذا ما أكده (فركيد) بقكلو إف
ايخر يمثؿ دكر النمكذج ،الشيء ،الشريؾ ،أك المتنافس ،كحينما يتحدث أيضان عف افنا
المثالي الذم ،فضالن عف ما ىك فردم ،يتكفر عمى جانب اجتماعي؛ فنو يشكؿ أيضان
المثاؿ المشترؾ لمعائمة كالطبقة كالمجتمع هكاذا كاف ىذا التجاه النظرم قد اعتمد عمى
محددات عاطفية خاضعة لمراحؿ تككينية كأزمات التنشئة ،فإف ىناؾ تيارات أخرل
تعاممت مع سيركرة التكاصؿ مف خالؿ جكانب أخرل كالجانب المعرفي.
النظرية المعرفية في التواصل:
أضحت افساليب المعرفية عكامؿ تجريبية أساسية في دراسة الشخصية كىي بذلؾ
تشكؿ عمى حد تعبير دكلندشير ( )Delandscheerحصيمة التفاعؿ بيف الكظيفة العقمية
لمفرد كشخصيتو ،كذلؾ عمى شكؿ اختيارات ثانية كمكاقؼ أك استراتيجيات معتادة .كيبدك
كذلؾ أف كؿ ظاىرة نفسية لدل اإلنساف ىي ظاىرة معرفية .كىذا ما أكدتو أبحاث
عدت أف التجربة متقطعة؛ فننا ل نحس بكجكد استم اررية سيككلكجيا الشكؿ كالخمفية التي ٌ
أشياء إنيا أساس فرضية
ن مجزءان إلى ما نعتقده أحداثان أك
حسية بؿ بالعكس يككف إدراكنا ٌ
حددكا مجمكعةن مف المبادئ التي تدخؿ في "الصكرة كالشكؿ" عند الجشطالتييف الذيف ٌ
سيركرة اإلدراؾ مثؿ ما أتى بو فرتايمر حكؿ عكامؿ التشابو كالتقارب كالتجميع كالتجارب
السابقة.
كبالرفـ مف أف كؿ ظاىرة نفسية ىي ظاىرة معرفية ،إل أف البحث المعرفي لتفسير
الظكاىر النفسية ل يعطى إل تلكيالن كتفسي انر مف كجية نظر خاصة؛ لذا ينبغي أف يتكامؿ
مع ىذا البحث منظكر آخر؛ كىك بحث الشخصية الذم ل يؤكد فقط المدخالت الحسية
كحاجاتو كالر ً
ىانات التي ً أىداؼ الفرد
ى كنشاط التفكير كالمعنى كالذاكرة؛ هكانما يؤكد أيضان
يحددىا مف كؿ عالقة تفاعمية يقكـ بيا الفرد مع ايخر ،كىذا يستمزـ أف نرصد حقيقة
ٌ
صنؼ
افسمكب المعرفي عمى أساس أنو يع ٌد يبعدان لمشخصية يمثؿ تمؾ العمميات التي ي ٌ
41
الذم الفرد فييا إدراكاتو لمبيئة كتنظيميا ،كلمطريقة الت ي يستجيب بيا لمثيراتيا كلمني
يلخذه في السيطرة عمييا كتكجيييا.
كىذا ما يؤكده كينكف ( )Winkinالذم يقكؿ إف افسمكب المعرفي عامؿ يتداخؿ
عدة في الشخصية سكاء المجاؿ المعرفي؛ بما يتضمنو مف عمميات إدراؾ
مع أبعاد ٌ
كتفكير كتذكر كحؿ المشكالت أك ما يتصؿ بالمجاؿ الكجداني ،كما يتضمنو مف سمات
الشخصية .كيكرد تعريفان آخر يككف فيو افسمكب المعرفي ىك الطريقة التي يتميز بيا الفرد
في أثناء معالجتو لممكضكعات التي يتعرض ليا في مكاقؼ الحياة اليكمية؛ كىذا يجعمو
كعده منبئا بالفركؽ الفردية في عممية التفضيؿ الشخصي سكاء في
خاصية لمشخصية ٌ
المجاؿ المعرفي أك في المجاؿ الجتماعي.
كىناؾ ثالثة أساليب معرفية عامة كثنائية القطب:
أسمكب عقالني :ىك القدرة عمى تركيز النتباه عمى جزء فقط مف المجاؿ اإلدراكي.
أسمكب اختبارم :ىك القدرة عمى الكتشاؼ بكيفية مكثفة كمنظمة لممجاؿ اإلدراكي.
أسمكب مجازم :ىك مجاؿ النتباه الكاسع.
لقد استطاع الجشطالتيكف بكساطة عدد مف التجارب إحداث قكانيف لتنظيـ اإلدراؾ
كالتفكير المعرفي إل أننا نجد عكامؿ ذاتية أخرل كمتنكعة تفعؿ في سيركرة اإلدراؾ إلى
جانب تمؾ القكانيف ،كمنيا :التييؤ الذىني ،القيـ التي يؤمف بيا الفرد ،الختيار في
النتباه ،افلفة ،الحالة الصحية كالضغكطات الجتماعية.
كتبعان لما سبؽ ،فإف اإلنساف يتعامؿ مع العالـ بكساطة بنية قابمة لمتكافؽ مع
الشركط الجتماعية كبإمكانات قادرة عمى صيانة العالقات الجتماعية؛ فف السيركرات
النفسية لمكائف اإلنساني تتحكؿ في المجتمع كأف اإلنساف حينما يعي ذاتو بالنظر إلى
المستقبؿ أك إلى الماضي أك الحاضر تنشل لديو قدرات إدراكية في عالقتو مع ايخريف.
كفي مقارنة معيـ .هكاف افنا ل يفيـ فقط مف خالؿ قيمتو الشخصية ،بؿ إنو في حاجة
إلى أف ييتـ بما يحيط بو ،كأف يرتبط بايخريف ،كأف يعمؿ معيـ؛ فف تعزيز افنا ل يلتي
دائمان كاستجابة لميكؿ قكية لمتمركز فقط؛ بؿ كاستجابة الفرد لحاجتو إلى النتماء لجماعتو
كأيضا مف معرفة أنو محترـ كمحبكب ،كمف اعتقتاده بلنو يؤدم دك انر في حياة ايخريف.
42
نظرية التعمم :Learning Theory
عمى الرفـ مف أف نظرية التعمـ مف نظريات عمـ النفس ٌأنيا عمى اتصاؿ كثيؽ
يقدـ لنا عددان مف افنكاع المختمفة مف بنظريات التصاؿ؛ إذ َّ
إف عمـ النفس التعميمي ٌ
الميكانيزمات كالعمميات الخاصة لمتعمـ اإلنساني ،كمف خالؿ ذلؾ يمكف أف يتكفر لدينا
أحد افشكاؿ افساسية مف نظريات التصاؿ ،كباختصار يمكف النظر لمعالقة بيف المثير
لكؿ مف
كالستجابة ( )Stimulus Responseعمى أنيا تكفٌر لنا المناخ افساسي ٌ
ماديان أك طبيعيان ،كقد يككف
عمميتي التعمٌـ كالتصاؿ .كالمتٌبع ىنا يمكف أف يككف شيئ نا ٌ
معين نا في البيئة بحيث يككف لو القدرة عمى التلثير في عضك اإلدراؾ أك اإلحساس
حادث نا ٌ
بالكائف اإلنساني هكا ٌف الستجابة سكؼ تككف في صكرة فعؿ صريح كعمني .كيمكف قياسيا
(السيد كميدلي ،2004 ،ص.)95
يسمكنو بالمذىب
كعممية التعمٌـ التي تقكـ عمى أساس (المثير ػ ػ ػ الستجابة) أك ما ٌ
الرتباطي أك الترابطي ( )Connectionismكالذم أصبح مشيك انر بيف كثير مف الناس
منبو أك مثير باستجابة لـ يكف بينيا
عمى ٌأنيا ارتباط شرطي تقميدم (عممية ربط بيف ٌ
كبيف المنبو صمة مف افصؿ) كذلؾ عف طريؽ عممية التداعي مف النكع الذم عرضو
عدة لنظريات المثيرات– كالستجابات منيا الرتباط "بافمكؼ" .كيكجد ىناؾ أشكا هؿ ٌ
ائعي حيث يتعمٌ يـ الحيكاف عف طريؽ الرتباط الشرطي لعمؿ
الكسائمي أك الذر ٌ
ٌ الشرطي
التفاضمي
ٌ التميزم أك
شيء ما لكي يحصؿ عمى مكافلة .كمف ىذه افشكاؿ أيضان التعميـ ٌ
و
لشركط أك بدرجات م و
تفاكتة و حيث يمكف أف تبرز عممية الشتراط القدرة عمى الستجابة
حالت مثيروة خاصة.
العناصر المختمفةى في عممية التعمـ .كمف
ى كقد أ ٌكد أصحاب نظريات التصاؿ
عنصر التدعيـ
ى تركيز "ىؿ" عمى الحكافز كعنصر لممعرفة ،كأ ٌكد "سكنر"
افمثمة عمى ذلؾ ٌ
أك التعزيز .تتضمف كجية النظر العامة أك اإلطار العاـ الفتراض القائؿ إف الكائف
ظمة مع بيئتو بحيث إف التغيير في حالة أحدىما سكؼ يترتٌب
العضكم ييعد في عالقة من ٌ
عميو نتائ متبادلة ،كتؤدم إلى استجابات متبادلة.
43
فإف أم و
فعؿ يمكف النظر إليو هكادراكو عمى ٌأنو استجابة حيث يفترض كجكد كىكذا ٌ ٌ
فإف و
مثير مسبؽ ليذا الفعؿ ،كيحدث ىذا السمكؾ الذم يمثٌؿ استجابة أك بطريقة أخرلٌ ،
أم مثير؛ كىذا المثير يككف لو ىدؼ أك فرض يمكف إدراكو مثؿ ىذا السمكؾ ينت مف ٌ
الطبيعية لمكائف الحي،
ٌ خفض التكتٌر كالعكدة إلى حالة التكازف أك التٌزاف كىي الحالة
كيعد التصاؿ اإلنساني مف ىذا المنظكر
كلمنسؽ افكبر الذم يش ٌكؿ ىذا الكائف جزءان منو ي
العممية التي تربط اففراد بعضيـ ببعض كبالبيئة التي يعيشكف فييا ،كمف خالؿ كصؼ
حدد
أف اففعاؿ التصالية يمكف أف تي ٌ يتمخص في ٌ"نيكككمب" لألفعاؿ التصالية كالذم ٌ
اء كانت ىذه العالقات
الحي كبيف البيئة سك ى
ٌ كتغيرات لمعالقات بيف الكائف
ٌ عمى أنيا نتائ
متميزة حيث إ َّف ىذه
ٌ فعمية أك متكقٌعة أك الثنيف معان كتع ٌد اففعاؿ التصالية أفعالن
ٌ
التغيرات التي تكجد في نسؽ العالقات بيف اثنيف أك أكثر
افحداث يمكف أف تحدث بسبب ٌ
التصالية أك قد تؤدم ىذه اففعاؿ
ٌ مف القائميف بالتصاؿ أك افىداؼ كالمكضكعات
التغيرات في نسؽ العالقات أك أىداؼ مكضكعات اتصاليـ.
ٌ التصالية إلى مثؿ ىذه
ٌ
اء كاف إرسالن أك استقبالن) الذم ينشل في مكقؼ تكتٌر ،فإف تفسير
فإف التصاؿ (سك ى كعميو ٌ
الفعمية أك المتكقٌعة ىي
ٌ يتحدد عمى أساس كظيفتو سكاء كانت الكظيفة ٌ ىذا التصاؿ
خفض ىذا التكتٌر.
أف لو آثاره أك تلثيراتوي ،ككفقان لمنمكذج
أف التصاؿ لو أسبابو كما ٌ
كيتضح لنا ٌ
ٌ
فإف اففعاؿ التصالية عبر عنو في صكرة نظرٌية (مثير– استجابة) ٌ السمككي الذم ٌ
أف المثير
ائية تع ٌد أمثمة لالستجابات التعبيرٌية أك الفاعمة عمى الرفـ مف ٌ
التمقائية أك العشك ٌ
ٌ
ببساطة ل يككف مالحظان أك ل يمكف مالحظتو ،كالتصاؿ مف ىذا المنظكر ،إما أف
(تغذية عكسية) أك عبارة عف مجمكعة مف المعطيات التي
ٌ يككف استجابة لمثير سابؽ
فعممية التصاؿ عمى
ٌ تش ٌكؿ فقط البداية لسمسمة جديدة مف الرابطة مف المثير كالستجابة،
رد فعؿ ( )Reactionحيث إ َّف اففعاؿ التصالية التي تبدك َّ
عممية ٌ ىذا النحك أساسان
كلعؿ مف
ٌ اضح عمى ٌأنيا تعبيرٌية يمكف النظر أيضان عمى ٌأنيا ردكد أفعاؿ. و
بشكؿ ك و
أف ىذه الصيغة ليست الصيغة الكحيدة؛ بمعنى التصاؿ بيف عمماء الكاجب أف نؤكد ٌ
النفس الذيف يركف نظرية الرتباط كالرابطة بيف المثير كالستجابة فقد قاـ عالـ النفس
44
الجتماعي "ماسمك "Maslowبالتمييز بيف السمكؾ التكافقي كالسمكؾ التعبيرم ،فالسمكؾ
كتكيؼ كؿ منيما لآلخر؛ بينما السمكؾ افخير
افكؿ يمثؿ التفاعؿ بيف الشخصية كالعالـ ٌ ٌ
الشخصية ،كىي ظاىرةه ثانكية تيصاحب ظاىرةن أخرل كتنشلي
ٌ يمثٌؿ ظاىرة مصاحبة لبناء
فإف نمكذج (المثير– ً
عنيا ،كحيف نككف بصدد التصاؿ بحسبانو مكضكعان لمتكافؽ ٌ
عد مناسبةن في ىذا النكع مف التصاؿ.
الستجابة) يع ٌد مف النماذج التي تي ٌ
كيمكف تمخيص قكاعد الفعؿ التصالي؛ كفقان ليذه النظرية بما يلتي:
التصالية نتيجةن لمكقؼ التكتٌر أك تجربة التكتٌر داخؿ البيئة التي
ٌ الناس في العالقات
يدخؿ ٌ
يتعرض ليا الناس تمارس ضغطان عمييـ مف يشترككف فييا ،كىكذا فإف بعض المثيرات التي ٌ
أجؿ إرساؿ المعمكمات أك الستجابة لممعمكمات التي تثير اىتماميـ.
المكقؼ التصالي يمكف تفسيره عمى ٌأنو المكقؼ الذم تيشبع فيو احتياجات المشاركيف
أىمية المكقؼ التصالي مف احتياجات المشاركيف مف ٌ بطر و
يقة محسكبة ،كتنشل أك تبرز
ناحية ،كمف ناحية النسؽ الكبير الكاسع الذم ييع ٌد جزءان مف ناحية أخرل.
و
فائدة مف أف ىذه العالقة ذات
كظيفية كآلية ،كىذا يعني ٌ
ٌ تيع ٌد العالقة بيف المشاركيف عالقة
تجنبيا مف ناحية أخرل ،فالمرسؿ يرتبط بالمستقبؿ؛ إما بعالقة كسائمية أك
ناحية ،كل يمكف ٌ
التكصؿ إلى استجابات كتلثيرات مقصكدة كمخطٌطة ،كيمكف التنبؤ بيا أك
ٌ ذرائعية مف أجؿ
و
فائدة أك أىمية .كبطريقة مماثمة أك متشابية فإف تكقٌعيا أك قد تككف ىذه العالقة فير ذات
المستقبؿ يكلي العالقة اىتمامو بلنيا ذات فائدة لو ،أك فنو في مكقؼ يتطمب منو ذلؾ.
قكيان لالتصاؿ حيث يمكف
كمف الكاضح أف المنظكر السمككي ييعد نمكذجان تفسيرٌيان ٌ
المحددة،
ٌ أف ينبثؽ منو افتراضات أخرل ل تتصؿ فقط بمثؿ ىذه المسائؿ أك المكضكعات
كلكف أيضان افتراضات تتعمٌؽ بالعمميات التي بكساطتيا يصبح لمظكاىر معنى ،كتتطكر
المغة ككذلؾ نظـ اإلشارات كالرمكز افخرل .كمع ذلؾ فإف ىناؾ اىتمامان ينصب عمى فيـ
الفعؿ التصالي كالعالقات التصالية كما يشكمٌيا كيصيغيا المشارؾ أك المالحظ.
نظرية النسق االجتماعي:
التصالية التي تككف أكثر قربان
ٌ اجتماعيان لألفعاؿ
ٌ قدـ ىذه النظرية منظك انرتي ٌ
ايلية التي قي ٌدمت مف قبؿ ،كيع ٌد "تالككت بارسكنز
ٌ السيككلكجية منيا إلى
ٌ لمتفسيرات
"Talcot Parsonsمف أنصار نظرية النسؽ الجتماعي افساسية ،كعمى الرفـ مف ٌأنو
45
لـ يتناكؿ التصاؿ بتفصيؿ تاـ مف خالؿ أعمالو ٌأل أنو يمكننا أف نستخمص مف خالؿ
أعمالو ىذه كخصكصان "النسؽ الجتماعي" منظك انر متناسقان لعممية التصاؿ؛ إذ إف
يتميز بكجكد دافع لو إلنجاز
"بارسكنز" كاف ينظر إلى الفعؿ الجتماعي عمكمان عمى ٌأنو ٌ
تجنب
بعض افىداؼ ،كقد يتمثٌؿ ىذا اليدؼ في الكصكؿ إلى حالة مف الرضا أك ٌ
الحرماف.
يؤديو أك في
عمؿ ٌمعيف في أمٌ و و
مكجوه نحك ىدؼ ٌ عد أف الفرد ٌ
كىذه النظرية ت ٌ
أف مف كراء كؿ و
فعؿ أك سمكؾ إنساني أسباب كدكافع كاىتمامات إلنجاز سمككو كأفعالو ،ك ٌ
فإف الفعؿ الجتماعي يحدث في المكقؼ الذم معيف لمفرد نفسو؛ فضالن عف ذلؾ ٌ
ىدؼ ٌ
مكجيان نفسو إليو كحيث يككف الفاعؿ يم َّ
كجيان بكساطة افعراؼ كالقيـ يككف فيو الفاعؿ ٌ
أف يككف النظر إلى الفرد عمى ٌأنو كقيكد أخرل مف ً
نفس البيئة الجتماعية؛ كىذا يعني ٌ ى
ليس يحٌانر في أفعالو كسمككو بكساطة ثقافتو التي يتعمميا خالؿ تفاعمو مع افعضاء
أف عممية تحكيؿ افىداؼ ،كاختيار ايخريف في مجتمعو أك جماعتو .كيتضح ىنا ٌ
العممية؛ بؿ أيضان
ٌ المكقفية
ٌ الكسائؿ المناسبة لتحقيقيا ل تتلثٌر فقط بالعكامؿ كشركط
بالثقافة التي يمتمكيا الفرد مف تفاعمو مع ايخريف (السيد كميدلي ،2004 ،ص.)107
اإلحداثييف (اإليجابي – السمبي) كىي التي
ٌ يشير "بارسكنز" بصفة خاصة إلىي
ً
لنفسو مكقفان يتخذ
فرؽ بيف اىتماـ الفاعؿ بتطكر المكقؼ عبر الزمف؛ فالفاعؿ قد ٌ ميز كتي ٌ
تي ٌ
و
شيء أم مجيكد مف أف يعمؿ أم التطكرات كل ييحاكؿ أف يبذؿ ٌ
ٌ متطرفان يتمثٌؿ في انتظار
ٌ
تجاه ىذه التطكرات ،كقد يتٌخذ مكقفان آخر ،كىك محاكلة السيطرة عمى المكقؼ بحيث
أما بالنسبة لمحالة المستقبمية التي ينظر إلييا الفرد
يصبح متكافقان مع رفباتو كمصالحوٌ .
نظرةن سمبية اصطيمًح عمى تسميتيا بالتكقٌع ( )Anticipationكذلؾ كفقان لكجية نظر
طمًح عمى
يجابية اص ي و
بنشاط هكا ٌ المستقبمية التي يبحث عنيا الفرد
ٌ "بارسكنز"؛ بينما الحالة
تسميتيا باليدؼ.
أف افشكاؿ
الجتماعية ،ك ٌ
ٌ عممية التفاعؿ مع افىداؼ
إ ٌف أنساؽ التصاؿ تنشل عف ٌ
التكسع الكبير في أنساؽ
عممية التصاؿ ك ٌ
المتطكرة لمسمكؾ الجتماعي تعتمد بدكرىا عمى ٌ
الفعؿ اإلنساني الذم مف المتعذر تحقيقو بدكف كجكد أنساؽ رمزٌية ثابتة (أم ل تنطبؽ
46
َّ
كلعؿ مف المناسب اإلشارة إلى الصمة أك العالقة معانييا عمى المكاقؼ الخاصة فقط)،
أف النسؽالتي أقاميا "بارسكنز" بيف كسائؿ التصاؿ كالضبط الجتماعي حيث أكضح ٌ
م لممعاني ييعد عنص انر مف عناصر النظاـ الذم ييفرض كما ىك عمى المكقؼ الكاقعي
الرمز ٌ
فإنو لف يككف سيالن دكف تكافر درجة التكافؽ
كحتى في حالة التصاؿ البسيط أك البدائيٌ ،
بلف ىذا المدخؿ العاـ لمسمكؾ الجتماعي
مع قكاعد النسؽ الرمزم كبينما أصبح كاضحان ٌ
كلالتصاؿ بصفة خاصة يمثٌؿ نقطة انطالؽ عند نياية السمككية (نظرية تقكؿ إ َّف دراسةى
فإف ىذه ً
سمكؾ اإلنساف كالحيكانات الظاىر ىك مكضكع عمـ النفس الحقيقي) كمع ذلؾ ٌ
الطريقة في التفكير ليست مختمفةن تمامان عف سابقتيا ،كلكف الختالؼ يبدك في بؤرة اىتماـ
كؿ منيا كمستكل التحميؿ.
رد ً
التمييز بيف الفعؿ الجتماعي كالسمكؾ (الذم ييع ٌد ٌ كىكذا يؤ ٌكد "بارسكنز" ضركرةى
يتجو التركيز
التكجو لتحقيؽ افىداؼ المختارة في المستقبؿ حيث ٌٌ فعؿ) مثمما يحدث عند
ثقافيان
عمى القيكد التي تيفرض عمى ىذا السمكؾ مثؿ النطاؽ المحدد لألىداؼ المتاحة ٌ
النظامية كالحاجة إلى التكافؽ
ٌ التكجو نحك ىذه افىداؼ كالمعايير المناسبة لمبيئة
ٌ كأساليب
القتصادم لمفرد
ٌ فإف السمكؾثقافيان ...الخ كىكذا ٌ
مع كسائؿ التعبير التي تككف مقبكلةن ٌ
الجتماعية
ٌ كظيفيان بالبيئة
ٌ و
حيف يخر كيرتبطي افقيان مف
يمكف أف يككف تكي ٌفيان أك تك ٌ
كبالتفاعؿ بيف ايخريف.
تيدؼ النظرية الجتماعٌية كما قدميا "بارسكنز" إلى التكفيؽ بيف العناصر
الجتماعية في أعماؿ "دكركايـ" كالتي تؤ ٌكد القيكد التي تفرضيا أك التي تمارسيا الحقائؽ
ٌ
أف ىذه اففعاؿ تتمثٌؿ فياإلنسانية بحسباف ٌ
ٌ كبيف رأم "فيبر" مف اففعاؿالجتماعية ٌ
ٌ
الالنيائية .كمف
ٌ الختبارات ذات المعنى التي يقكـ بيا الفرد في عالـ يتَّسـ بالختالفات
العضكية كايلية إنو
ٌ أىـ الختالفات كالفركؽ بيف أنساؽ الفعؿ اإلنساني عف العممياتٌ
كتتبدؿ المعاني
ٌ كتتطكر
ٌ الذاتي
ٌ يكجد بكضكح في أنساؽ الفعؿ اإلنساني عنصر التفسير
تكجو
ككؿ تبدك في ٌأنيا ٌ
النيائية لنظرية النسؽ الجتماعي ٌ
ٌ فإف النتيجة
كرفـ ىذه التفرقةٌ ،
اىتمامنا نحك المحافظة عمى النسؽ كتكازنو.
47
-5نظرية بالو ألطو في التواصل (:)Palo Alto
إف المبادئ افساسية التي تعتمدىا المقاربة النسقية مدرسة (بالك ألطك) في نظرتيا
إلى السيركرة التكاصمية عمى الشكؿ ايتي:
./1إف التكاصؿ ظاىرة تفاعمية حيث إف الكحدة افساسية ليذه الظاىرة لـ تعد ىي
الفرد كما كانت تقدميا السيككلكجيا التقميدية؛ بؿ ىي العالقة التي تنشل بيف اففراد
(العائمة ،الفريؽ ،التنظيـ...الخ) كالتي ىي استجابة لتدخؿ ايخر لكنيا ل تشكؿ مف
جيتيا مثي انر سيرتد لو ايخر ،كىكذا دكليؾ؛ فف التكاصؿ سيركرة دائرية تحدث فييا
كؿ رسالة عممية ارتجاع مف طرؼ المتمقي.
./2إف التكاصؿ ل يختزؿ في الرسالة المفظية؛ فف أم سمكؾ اجتماعي لو قيمتو
التكاصمية ،كأنو في أية كضعية تفاعمية ل يمكننا أل نتكاصؿ؛ فف الحركات
كالتجاىات(المكاقؼ) كأيضان التصرفات تبعث رسائؿ (حتى الصمت يمكف أف يعبر
عف الخجؿ أك التحفظ أك الستياء أك الرضا).
./3يحدد التكاصؿ داخؿ السياؽ المسجؿ فيو كقد يتعمؽ ىذا السياؽ بالعالقات التي
تربط اففراد الذيف ل يتكاصمكف (عالقة الغرباء) العالقة بيف زمالء العمؿ بيف ايباء
كافطفاؿ داخؿ اإلطار الذم ييتـ فيو التفاعؿ كالمكانة التي تربطيـ بالمحاكر؛ فف
السياؽ إطار رمزم حامؿ لقيـ التفاعؿ كقكاعده كنماذجو كطقكسو.
./4كؿ تكاصؿ يتضمف مستكييف مف الدللة إنو ل يحمؿ فقط محتكل إعالميان
(أحداث آراء أحاسيس تجارب المحاكريف) لكنو يعبر عف شيء ما في العالقة التي
تربط بينيـ.
./5إف العالقة بيف المتحاكريف تؤسَّس حسب نمكذجيف كبيريف :النمكذج التماثمي
( )modèle symetriqueكالنمكذج التكاممي ()modèle complémentaire
افكؿ يحدد العالقة التعادلية حيث تككف سمككيات المتحاكريف انعكاسية ،كفي الثاني
يعتمد المتحاكركف سمككيات متباينة تحاكؿ التكفيؽ بيف الطرفيف ،كيمكف لمعالقة
التكاممية أف تككف تراتبية؛ بمعنى أف تلخذ مكانة عميا أك مكانة دنيا (رب العمؿ،
عامؿ).
48
./6فرضية أخيرة أساسية تنطمؽ منيا ىذه المدرسة ىي أف معظـ أشكاؿ افمراض
العقمية يمكف أف تعكد إلى اضطرابات أك اختالؿ في التكاصؿ حيث إ َّف الضطرابات
العالئقية ىي التي يمكف أف تشرح افعراض المرضية عند الفرد ،هكانو إذا أردنا أف
نتدخؿ لعالجيا يجب أف نغير السياؽ العالئقي الذم أحدثيا.
كفي ىذا اإلطار يضيؼ كنكف ( )Winkinمبادئ أخرل ليذه المدرسة تنسجـ مع
التي أكردىا ليبيانسؾ ( )Lipianskyكتغنييا:
oإف التكاصؿ ظاىرة اجتماعية؛ فف كؿ بث لرسالة يندم في منظكمة أكثر اتساعان؛ مقارنة
باتساع الثقافة ،كىذه المنظكمة تككف مجمكعة القكانيف كالقكاعد التي تصكف التفاعالت
كالعالقات في إطار مف الضبط كالتكقعية.
oإف المشاركة تمر عبر عدد مف افشكاؿ لفظية كفير لفظية يمكف أف تككف مكضكع مقاربات
اندماج.
و و
كتلكيد ك عديدة؛ فنو في الغالب تككف افنشطة التكاصمية أنشطة مر و
اقبة
oإف البينة كالغرضية ل تحدد التكاصؿ؛ فنو حينما يتحدث شخصاف بمغة ما إنيما يشتركاف
في نسؽ كاف مكجكدان قبميما ،كيستتبعيما؛ بمعنى آخر أف الفعؿ المتحقؽ "ىنا كايف" مف
التفاعؿ ليس إل حي انز مف الزمف ضمف حركة أكثر اتساعان.
oإف التكاصؿ الجتماعي يشبو صكرة افكركست ار حيث إف أفراد ثقافة ما يشارككف في التكاصؿ
كما يشارؾ المكسيقيكف في الجكقة ،لكف دكف رئيس كدكف تكزيع مكسيقي؛ فف البعض يرشد
كيكممو.
ايخرٌ ،
oإف المالحظ منخرط بالضركرة في افكركست ار رفـ أنو ينتمي إلى جماعة أخرل؛ لذلؾ إف
الطريقة الكحيدة لدراسة التكاصؿ ىي المالحظة بالمشاركة حسب الطريقة افنثركبكلكجية
تستند إلى ثالث قدرات (القدرة عمى المالحظة كعمى التكاجد مع ايخريف كعمى الكتابة) كأف
ىذه الثالثية يمكف تطبيقيا في أم ميداف كفي أم مكاف كفي أم جماعة اجتماعية.
افقية:
النظرية التو ّ
ّ ./6
كتنبثؽ
ي جدان،
عد المقكمات افساسية لنظرٌية التكازف أك النظرٌية التكافقية بسيطة ٌ تي ٌ
عد أقدـ شكؿ مف النظريات التيكي ٌ
سيككلكجية "الجشتالت" ي
ٌ متغيرات ىذه النظرية أصالن مف
تتصؿ أك ترتبط بالتصاؿ ىك الشكؿ الذم جاء بو "ىيدر ،"Heiderكىذا الشكؿ يبدك
كما في حالة كجكد شخصيف يحمؿ كؿ منيما لآلخر اتجاىات يحب أك كراىية أك يحمالف
49
فإف بعض أنماطىذه التجاىات نحك مكضكعات أك أشياء أخرل خارجية ،في ىذه الحالة ٌ
حباف
يحب كؿ مف الشخصيف ايخر ،كأيضان يي ٌ ٌ العالقة سكؼ تككف متكازنة عندما
المكضكع الخارجي ،كمف ناحية أخرل فإف معنى أنماط العالقات ل تككف متكازنة ،كذلؾ
عندما يكره الشخص الشيء أك المكضكع الذم يحبو الشخص ايخر ...إلخ.
كتفترض ىذه النظرية بلنو عندما يككف ىناؾ تكافؽ ،فإف المشاركيف سكؼ يقاكمكف
فإف المحاكلت سكؼ تبذؿ مف أجؿالتغيير كعندما ل يككف ىناؾ تكازف أك تطابؽٌ ،
استعادة ىذا التكازف اإلدراكي .كقد اقترح "نيككمب" نمكذجان عف معكقات التناسؽ أك
اء أك
التنافـ ،كقد استند ىذا النمكذج عمى المبدأ نفسو الذم يفترض بلف التصاؿ ييعد إجر ن
أف التكتٌر النات عف مد نطاؽ المكافقة كالنسجاـ كالتنافـ كما ٌ
أساسيان مف أجؿ ٌ
ٌ منيجان
المستمرة
ٌ بالفاعمية
ٌ التصالية متصفة
ٌ عدـ التناسؽ كعدـ التنافـ ىك الذم يجعؿ افعماؿ
كتسبة(متعمَّمة) لمكاجية التكتر .كفي ضكء ىذا الرأم ،فإف
ي كيعد التصاؿ استجابةن يمي
كيتجو التصاؿ نحك إعادة حالة ٌ التصاؿ يلتي في أعقاب اختالؿ التكازف في النسؽ،
يؤدم
التكازف ىذه ،كيستمٌر ذلؾ إلى أف يتمقٌى معمكمات جديدة تيعكر صفكه؛ افمر الذم ٌ
إلى اختالؿ التكازف مرة أخرل؛ كىذا يستكجب التصاؿ إلعادة حالة التكازف كىكذا .ككفقا
لمبدأ التكازف فإف السمكؾ كالتجاىات ل ينبغي أف تبدك متنافمة أك متسقة فقط لممراقب
المكضكعي ،كلكف اففراد أيضان يحاكلكف أف يككنكا متناسقيف أك متنافميف مع أنفسيـ؛ أم
إ ٌف السمكؾ كالتجاىات ينبغي أل ينظر إلييا مف جانب المراقب الخارجي ليذا السمكؾ،
بؿ يجب أف ينظر إليو مف جانب المشاركيف أنفسيـ ،كبذلؾ ل يبدك ىذا التناسؽ لممراقب
فإف التصاؿ كالكفاح مف أجؿ تحقيؽ
فقط؛ بؿ يككف اففراد متناسقيف مع أنفسيـ .لذلؾ ٌ
التناسؽ الداخمي ييعد ىك العامؿ الرئيس الذم يش ٌكؿ نمط محتكل التصاؿ .كاسمكب
استقبالو كتفسيره ،كتعد نظرية "فستنجر" في انعداـ التنافـ أك النسجاـ المعرفي مف أكثر
افساسية لنظرية "فستنجر"
ٌ تطك انر لنظرية التكازف (التكافؽ) ،كتمخص العناصر
الصيافات ٌ
عمى النحك ايتي:
يصبح عنصراف مف عناصر المعرفة في عالقة تنافر أك عدـ انسجاـ إذا كاف خطل أحد
صحة العنصر ايخر.
العنصريف سكؼ يؤدم بالضركرة إلى ٌ
50
عدـ النسجاـ سكؼ يحفٌز اإلنساف عمى بذؿ محاكلتو مف أجؿ التقميؿ مف حالة التنافر كعدـ
التنافـ حتى يصؿ في النياية إلى النسجاـ كالتٌساؽ.
يتجنب بصكرة إيجابية
فضالن عف محاكلة الشخص التقميؿ مف عدـ التنافـ ،فإنو سكؼ ٌ
كفعالة المكاقؼ كالمعمكمات التي مف المحتمؿ أف تؤدم إلى زيادة ىذا التنافر كعدـ التنافـ.
تنطكم ىذه النظرية عمى و
عدد مف المعاني أك المضاميف التي تتعمؽ بعممية
التصاؿ؛ كنظ انر فف التصاؿ ييعد الطريؽ الرئيسة الذم مف خالليا ييحافظ عمى التكازف
اختؿ فإف النظرية تفترض
ٌ في ىذا السياؽ أك في البيئة ،ككذلؾ بالبحث عنو هكاعادتو إذا
أك تضع عددان مف الشركط التي تتصؿ بالدافع الخاص بإرساؿ الرسائؿ كاستقباليا كالنمط
الذم يشكؿ السمكؾ كالتصاؿ ،كىذه النظرية تتنبل بلف الناس سكؼ يبحثكف عف
كتعزز المظاىر
تقكم ٌ
تعزز اتجاىاتيـ كنظرتيـ لمعالـ أك التي ٌ
المعمكمات التي تؤ ٌكد أك ٌ
افخرل لسمككيـ .كبطريقة مماثمة ،فإف ىذه النظرية تتنبل بلف الناس سكؼ يتجنبكف
المعمكمات التي مف المحتمؿ أف تزيد مف حالة التنافر كعدـ التنافـ أك النسجاـ ،فالناس
سكؼ يدرككف كيفسركف المعمكمات التي يتمقكنيا بطر و
يقة انتقائية ،أك اختيارية أك كفقان أك
طبقان لمبنية القائمة يرائيـ .كعمى ذلؾ فإف الناس يمكنيـ تنظيـ المعمكمات الجديدة .كمف
ناحية أخرل ،فإف الناس سكؼ يككنكف أكثر عرضةن لستقباؿ التصاؿ مف المصادر التي
كدية ،كيظير السستعماؿ افكؿ ليذه النظرية الخاصة بالسمكؾ
يربطيـ بيا عالقة ٌ
التصالي بصكرة كاضحة في دراسة آثار التصاؿ عمى التجاىات ،كما أنيا تعرض في
السياؽ الحالي رؤية عامة حكؿ العالقات التصالية.
كالتصاؿ كفقان ليذا المنظكر ييعد العممية التي تساعد عمى المحافظة ،كتطكير نمط
عد نتاجان لمتعرض لمضغكط الخارجية أك المكجكدة مسبقان،
مف العتماد المتبادؿ الذم يي ٌ
كىذه النظرية تتجو إلى النظر إلى العالقة التصالية عمى ٌأنيا ذات دكر ثانكم كما ٌأنيا
فإف شكؿ ىذه العالقات كمحتكل ظركؼ أخرل ،كمع ذلؾ ٌ ه ليست مستقمة؛ بؿ تيش ٌكميا
المجالت العريقة كالتكجييات التي تربط بيف الناس تيعد نتاجان لمسمكؾ التصالي.
51
./7نظرية المعمومات:
أف التصاؿ ييعد أساس عممية معالجة لممعمكمات
كتستند ىذه النظرية إلى أساس ٌ
كمية المعمكمات
تحرم ٌيقكـ بيا اإلنساف ،كفي ىذه الحالة ،فإف الىتماـ افكؿ يبدك في ٌ
كقياسيا في ٌأية رسالة .كفقان لما جاء بو مؤسس السبرانتينا "نكربرت فينر Norbert
ظـ ،كتدمير
"Wienerحيث يقكؿ إننا نصارع دائمان ميؿ الطبيعة نحك إفساد كؿ ما ىك من ٌ
كؿ ما ىك مجيكؿ أك مشككؾ فيو كتشجعو ،فإف كؿ ما لو معنى حيث إ َّف الطبيعة تي ٌ
عزز ٌ ٌ
المعمكمات تؤدم دك انر ميمان أك تساعد عمى ضعفو ،كالتقمي يؿ مف ىذه الظاىرة ،أم التقميؿ
مف عممية التشجيع ىذه حتى تنخفض في النياية درجة الغمكض أك عدـ الثقة.
تطكر نظرية المعمكمات
طبقان لرأم "فرؾ "Frickفإف النظرة الثاقبة التي ٌأدت إلى ٌ
تمثٌمت في إدراؾ الحقيقة القائمة إ َّف العمميات التي قد تكصؼ ٌ
بلنيا عممية نقؿ معمكمات
انتقائية أك عممية اختيار.
ٌ ىي أساسان عممية
تقدـ مدخالن مكضكعيان لتحميؿ النشاط
ياضية لممعمكمات ٌ
فإف النظرية الر ٌ كىكذاٌ ،
التصالي سكاء كاف ذلؾ في افجيزة أك بيف الناس أك افنساؽ افخرل .يستند القياس
الكمي المكضكعي ،عمى أساس يتمثؿ في نظاـ الترميز الثقافي مثؿ الق ارريف (نعـ – ل).
ٌ
أف جميع المسائؿ أك المكضكعات الغامضة أك كما تستند ىذه النظرية إلى أساس ٌ
المشككؾ فييا يمكف خفض درجة الغمكض فييا؛ كذلؾ بتحكيميا إلى سمسمة مف افسئمة
أف عدد افسئمة المطمكبة لحؿ المشكمة (مجمكعة عناصر المعمكمات) ىذه افسئمة
كما ٌ
الكمي الضركرم الذم يمكف مف استعماؿ ىذه النظرية في تحميؿ عممية
تيش ٌكؿ القياس ٌ
التصاؿ كبالطريقة نفسيا يمكف قياس محتكل الرسالة كقياس سعة القنكات التصالية
كعممية فؾ الرمكز .كنظرية المعمكمات عمى
ٌ كعممية الستقباؿ،
ٌ كفعالية الترميز،
ٌ كطاقتيا،
ىذا افساس ليست نمكذجان أك نظرٌيةن لمسمكؾ التصالي ،كلكف ىذه النظرية ليا تلثير
فاعؿ في صيافة المسائؿ كالنماذج لدراسة عممية التصاؿ .ككفقان لما ذكره "فرؾ" فإف
بلنو اتجاه كفيما يتعٌمؽ بنظـ التصاؿ اإللكتركنية
المدخؿ النظرم لممعمكمات ييكصؼ ٌ
يؤدم إلى الفتراضات ايتية:
كالتي طيٌبقت عمييا ىذه النظرية ،فإف ىذا التجاه ٌ
52
أف ىذه العممية تعد عمميةي إحصائية.
ٌ -1
أف المظير العاـ لمعممية كاف يبدك في صعكبة القياـ بعممية التصاؿ.
ٌ -2
ييتـ
يتضمف أحد ىذه التجاىات القكؿ إف التصاؿ يعد ىادفان عادةن كمقصكدان ٌ
ٌ
محدد كاحد
بتحقيؽ درجة الغمكض ،كىذه الصيافة المحددة تؤدم بالمراقب إلى تعريؼ ٌ
أف
يميؿ إلى أف يعزك ىذا التفسير لممشاركيف ،كتنشل الصعكبة في ٌ
لمكقؼ التصاؿ ،كقد ي
بعض مكاقؼ التصاؿ ،مثؿ :التصاؿ العارض كالتصاؿ الخاص بالعالقة بيف
و
بمعاف جديدة كتعبيرات ممتبسة خالقة أك كاعدة
افشخاص قد تككف بال ىدؼ أك قد تككف ٌ
لعممية
ٌ م لممعمكمات تمييدان
مصطمح نظر ٌ
و فامضة ،كبينما يمكف ترجمة ٌأية رسالة إلى
أف العالقة بيف المرسؿ كالمستقبؿ ىي أساسان
تتضمف نظرية المعمكمات ٌ
ٌ التحميؿ .كما
تقدـ إجابةن عمى أسئمتنا في ىذا الصدد ،كىي في
عالقة مفيدة ليا أثرىا ،كمف ىنا فيي ٌ
السمككية برفـ اختالفيا عف بعضيا.
ٌ تضمف في نظرية التعمٌـ
تتسؽ مع ما ىك يم ٌ
ذلؾ ٌ
الرمزية:
ّ التفاعمية
ّ ./8
بعممية التفاعؿ
ٌ كقد ظيرت ىذه النظرية في أعماؿ "جكرج ميد" كىي تيتـ
الجتماعي القائـ عمى الرمكز ،كترٌكز مباشرة عمى التصاؿ ،كقد أصبح لنظريتو تلثي انر
الكظيفية لمدخؿ النسؽ الجتماعي كلمبدايات
ٌ البنائية
ٌ كبي انر بكصفو خميفةن أك بديالن لكؿ مف
المب ٌكرة لمني عمـ الجتماع التجريبي ،كيصؼ "بمكمر" بعض المقدمات ليذا المدخؿ:
مستقر في اففراد الفاعميف
ٌان ./1مف منظكر التفاعؿ ،فإف الفعؿ الجتماعي يككف
الشخصية كؿ منيـ حكؿ ايخر مف خالؿ
ٌ يكيفكف مسارات أفعاليـ
الذيف يالئمكف أك ٌ
الجتماعية تضع الفعؿ
ٌ فإف المفاىيـ
عممية التفسير .كعمى النقيض مف ذلؾ ٌٌ
الجتماعي عادةن في حركة نشاط المجتمع أك في بعض كحدات ىذا المجتمع.
ٌ
./2يعارض "بمكمر" بعد ذلؾ ىذا المدخؿ الذم يستند إلى أساس النسؽ الجتماعي
اء في حالة التكازف أك في حالة البحث
أف الفعؿ ىك تعبير عف النسؽ سك ن كالذم يرل ٌ
عف مثؿ ىذا التكازف كينتقد "بمكمر" ىذه المداخؿ عمى أساس ٌأنيا تتجاىؿ النظر إلى
الجماعية المتنافمة لألفراد الذيف يسعكف
ٌ حياة الجماعة كالتي تتللؼ مف اففعاؿ
لمكاجية أك لمقابمة مكاقؼ حياتيـ ،كيؤ ٌكد "بمكمر" أيضان حرٌية اختيار الفعؿ داخؿ
53
فإف تنظيـ المجتمع
التفاعمية المركزٌيةٌ ،
ٌ إطار النظاـ الجتماعي ،كمف كجية نظر
أف ىذا التنظيـ ليس
اإلنساني يمثٌؿ اإلطار الذم يحدث بداخمو الفعؿ الجتماعي كما ٌ
ٌ
المحدد لمفعؿ.
ٌ ىك العامؿ
أف عناصر معينة ،مثؿ الثقافة كالنسؽ الجتماعي تضع ./3يؤ ٌكد "بمكمر" كذلؾ ٌ
تقيده ،فالناس ل يقكمكف بلداء الفعؿ مف أجؿ الثقافة
تحدده أك ٌ
شركطان لمفعؿ دكف أف ٌ
كلكنيـ يقكمكف بلداء الفعؿ كفقان لممكقؼ،
أك البناء الجتماعي أك ما شابو ذلؾٌ ،
أساسيتاف تتعمٌقاف بالفعؿ الجتماعي:
ٌ كىكذا مف كجية نظر "بمكمر" ىناؾ نقطتاف
oالنقطة الثانية :أ ٌف ىذا المدخؿ يسمح بحرٌية كتنكيع أكبر مف مدخؿ النسؽ الجتماعي.
كمف خالؿ ىذا اإلطار العاـ ييقدـ "ميد" أيضان رأي نا في السمكؾ التصالي ،كالذم
أساسيتيف:
ٌ ييضفي شكالن جكىرٌيان عمى كجية نظر "بمكمر" حيث أبرز نقطتيف
النقطة األولى :هً أولٌّة االتصال.
النقطة الثانٌة :هً انعكاسٌّة الفعل االتصالً (قدرة اإلنسان الفرد على
التح ّدث مع نفسه من وجهة نظر اآلخرٌن).
فإف
الداخمية (الحديث الداخمي) كفي نتيجتيا أك حصيمتياٌ ،
ٌ في ىذه المحادثة
الشخص يعطي ىذه المحادثة شكالن كيصيغيا كفقان لممجتمع بدلن مف أف يقكـ المجتمع
أف نتيجتو ىي نفسيا نتاج لمفعؿ
خالقة؛ بمعنى ٌ
عممية ٌ
فإف التصاؿ يعد ٌ بتشكيميا ،كىكذا ٌ
بلكلية التصاؿ يمكننا أف نقتبس
عد فريدان في نكعو كل يمكف التنبؤ بو .كفيما يتعمٌؽ ٌ
الذم يي ٌ
مقدمان أف الذكات (جمع ذات) تيع ٌد سابقة عمى
أف "فكنت" يفترض ٌ
مف "جكرج ميد" قكلو ٌ
العممية ،كعمى العكس مف ذلؾ
ٌ عممية التصاؿ بحيث يمكف شرح التصاؿ مف خالؿ ىذه
ٌ
تتسبب في التصاؿ.
الجتماعية كأيضان ٌ
ٌ تتسبب في حدكث العممية
فإف الذكات قد ٌ
ٌ
54
نماذج من األسئمة الموضوعية لمفصل الثاني:
./1ما المقصود بالرىانات التواصمية؟
./2عدد أنواع الرىانات أوالدوافع وراء عممية التواصل؟
./3ما النظريات المفسرة لسموك االتصال؟
./4قارن بين النظرية المعرفية ونظرية التعمم من حيث تفسير سموك االتصال.
55
56
الفصل الثالث :ميارات االتصال االجتماعي
األىداف التعميمية لمفصل الثالث أن يكون الطالب قاد ارً عمى:
./1المقارنة بيف اإلنصات كالستماع.
./2تعداد أنكاع الحكار.
./3التعرؼ إلى شركط الحكار الفاعؿ.
./4شرح العالقة بيف لغة الجسد كالتصاؿ.
إف التكافؽ في شخصية اإلنساف كمتطمبات الحػياة مف حكلو تكجب أل يككف
كيعػد مػ ػػكضكع
اإلنساف في عزلة ،فكؿ ذلؾ يتطمػب ميارات اتصػػاؿ اجتماعي مختمفة ،ي
التصاؿ الجتماعي مف المكضكعات افساسية التي تناكلػػيا عمػػـ النف ػػس الج ػػتماعي،
كيػعكد ذلؾ ككف اإلنساف ل يستطيع العيش منعزلن في ىػذا العالـ ،فال بد لو مف إتقاف
ميارات التكاصػػؿ مع ايخ ػريف كمد جسكر مف التكاصؿ الج ػػتماعي التي تضمف لو
تفاعالن ناجح نا مع المحيط.
أوالً -ميارة اإلصغاء (االنصات):
اإلصغاء أك الستماع يتطمب مف الفرد مزيدان مف التفكير كالىتماـ ،فحالو كحاؿ
كثير ،كلف
نا الكتابة كالتحدث ،هكاذا لـ ييتـ اإلنساف بميارة الستماع لديو ،فإنو لف يتعمـ
أف اإلنساف يمكف أف يكتسب أرباح نا
يتذكر ما تعممو ،كيرل بعض الخبراء في ىذا المجاؿ ٌ
عظيمة مف خالؿ ىذه الميارة هكاذا أضافيا إلى الميارات افخرل التي يتميز بيا كميارة
الحفظ كالفيـ استطاع أف ييصبح إنسانان فاعالن في عصر المعمكمات الذم نعيشوي.
كميارة اإلنصات ىي المقدرة عمى استقباؿ الرسالة كتفسيرىا بدقة في عممية
كيعد اإلنصات مف أىـ
التكاصؿ ،كىي المفتاح افساسي في عممية التكاصؿ الفاعؿ .ي
ميارات التكاصؿ ،كأكثر أىمية مف التحدث ،كأكثر أىمية مف الصكت القكم؛ كنظ انر
فىمية اإلنصات فإف كثي انر مف المؤسسات المتميزة تقكـ بتدريب مكظفييا عمى ىذه الميارة
كل يبدك ىذا افمر مفاجئان حيف ترل أف ميارات اإلنصات الجيدة تؤدم إلى تحسف في
افداء ،كازدياد في مشاركة المعمكمات كالتي بدكرىا تفضي إلى عمؿ أكثر إبداعان كابتكا انر،
كينسب كثير مف رجاؿ افعماؿ كالقادة الناجحيف نجاحاتيـ إلى ميارات اإلنصات الفاعؿ.
57
و
كبير مف كلالنصات الجيد فكائد في حياتنا الشخصية تتضمف الحصكؿ عمى و
عدد
افصدقاء كالشبكات الجتماعية تحسف في تقدير الذات كالثقة بالنفس الحصكؿ عمى
عالمات دراسية عالية في المدرسة كالبيئة افكاديمية ،ككذلؾ التمتع بصحة كرفاىية عامة
أفضؿ .كقد أظيرت الدراسات أنو بينما يتسبب الكالـ بارتفاع ضغط الدـ ،فإف اإلنصات
الكاعي يمكف أف يخفضو.
االنصات واالستماع
ىناؾ فرؽ بيف النصات كالستماع .كمف المؤكد أنؾ لف تنصت لصكت دكف أف
تسمعو أكلن ،كلكف مف الممكف أف تسمع افصكات دكف أف تنصت ليا ،فالستماع عممية
تتـ دكف جيد كعناء حيث تستقبؿ افذف افصكات دكف إرادة؛ بينما اإلنصات عممية
تتطمب جيدنا كانتباىان هكارادة؛ كلذلؾ يمكف أف يتمتع الشخص بقدرة استماع ممتاز ،لكنو
يككف سيئ اإلنصات.
كاإلنصات عممية تيختار بإرادة تتطمب النتباه حيث يعمؿ المخ عمى استقباؿ
المعمكمات كتككيف معنى ليذه المعمكمات ،فيستجيب ليذه المعمكمات مما يؤدم إلى فيـ
حقيقة المعنى هكادراكيا مف ىذه المعمكمات .كلذلؾ فاإلنصات يتطمب أمريف ىما النتباه
كالتركيز .فالنتباه يعني اللتفات إلى ىذه المعمكمة فقط دكف اللتفات إلى المشتتات
افخرل المحيطة كالتركيز يعني تركيز الفكر كتحديده عمى ىذه المعمكمة مع تحميميا
كتقييم يا .كعادة يعرؼ اإلنصات بلنو عممية استقباؿ الرسائؿ الكالمية كفير الكالمية
كتككيف معنى ىذه الرسائؿ كاستجابتيا .فما الذم نحتاجو لننجح في التكاصؿ مع ايخريف
الستماع أك اإلنصات؟
كيمكف تصنيؼ افشخاص بالنسبة لعممية النصات إلى أربعة أقساـ:
oفير المنصت :The non Listenerكىك الشخص الذم ل يستمع لما يقاؿ ،كل يحاكؿ
بذؿ أم مجيكد لالستماع كاإلنصات لآلخر.
oالمنصت جزئيان :The marginal Listenerكىك الشخص الذم يسمع افصكات
كالكممات ،لكنو ل ينصت ليا ليفيـ ما يقكلو ايخر.
58
المنصت المقكـ :Evaluative Listenerكىك الذم يستمع بتركيز كاىتماـ كيبذؿ مجيكدان o
لفيـ ما يقاؿ كتقييمو ،لكنو ل يحاكؿ التعمؽ إلى نية المتحدث كمقصده كفيـ مشاعره.
oالمنصت النشط "الفاعؿ" :Active Listenerكىك الشخص الذم يستمع بتركيز كانتباه
كيبذؿ مجيكدان ليس فقط لفيـ ما يقاؿ ،كلكف لفيـ ما كراء ذلؾ مف أحاسيس كمشاعر
الميمة في كالـ المتحدث، ً
النقاط المتحدث ،كستككف مستمعان نشط نا عندما تتعرؼ ذىنيان إلى
ٌ
كنقد ليذه النقاط الميمة التي كضعتيا ،كيمكف أف يحدث كؿ ذلؾ كتفكر في أسئمة أك تحد و
كأنت لـ تنطؽ بلم كممة.
60
ك /المركنة عندما يعبر المتحدث عف كجية نظر قد تختمؼ معيا ،فال يككف ذلؾ حاج انز لؾ
عف الستماع النشط.
ز ./تدكيف المالحظات في أثناء الستماع؛ كذلؾ مف خالؿ الستماع لمنقاط الرئيسة ككتابة
النقاط الميمة جدان فقط ،فكتابة المالحظات عممية مساعدة لالستماع كليست بديمة عف الستماع.
ح ./طرح افسئمة عند الحاجة لالستيضاح.
ط ./التفاعؿ في أثناء الستماع باإلشارة أك بالكالـ ،فمثؿ ىذه التغذية ستحسف مف التكاصؿ مع
المتحدث؛ كذلؾ بخمؽ عالقة مع المتحدث ليس فقط لفيـ ما يقكلو كتقديره ،كلكف بتقدير لشخص
المتحدث.
إذف يتطمب مف اإلنساف إلتقاف ميارة الصغاء كالستماع الحضكر الكامؿ ،فإذا
أف بعض عمميات
فإنو بال شؾ سيفقد جزءان كبي انر مف المعمكمة ذلؾ ٌ
أصغى بلذنيو فقطٌ ،
التكاصؿ تتـ بدكف كممات.
61
ثانياً -ميارات الحوار:
يؤكد الميتمكف بلدبيات التربية أف الحكار مف أىـ أدكات التكاصؿ الفكرم كالثقافي
كالجتماعي كالقتصادم التي تتطمبيا الحياة في المجتمع المعاصر لما لو مف أثر في
تنمية قدرة اففراد عمى التفكير المشترؾ كالتحميؿ كالستدلؿ كما أف الحكار مف افنشطة
التي تحرر اإلنساف مف النغالؽ كالنعزالية ،كتفتح لو قنكات لمتكاصؿ يكتسب مف خالليا
المزيد مف المعرفة كالكعي كما أنو طريقة لمتفكير الجماعي كالنقد الفكرم الذم يؤدم إلى
تكليد اففكار كالبعد عف الجمكد ،كيكتسب الحكار أىميتو مف ككنو كسيمة لمتآلؼ كالتعاكف
كبديالن عف سكء الفيـ كالتقكقع كالتعسؼ .كبما أف الحكار أصبح حاجة إنسانية ،كعممان
ً
مفيكـ أسسان ليذا العمـ ينطمؽ مف خالؿ التعرؼ إلىيدرس كميارة تكتسب ،فإف ىناؾ ي
اع ًو كأىميتو في حياتنا اليكمية سكاء أكاف ىذا الحكار معدان لو مف قبؿ أـ مف
الحك ًار كأنك ً
خالؿ الحكار التمقائي البسيط الذم يجرم بيف الناس دكف إعداد أك ترتيب ،كيعمؿ الحكار
عمى تيميش ثقافة أحادية التفكير كاإلقصاء الذم يمارسو بعض الباحثيف تجاه ايخر؛ مما
يساعد عمى التعرؼ إلى ايراء المطركحة ،كأسباب طرحيا لكي يسيؿ الحكار مف خالليا
لمكصكؿ إلى إظيار الرأم كبيانو .كتظير أىمية الحكار بلنو حاجة إنسانية ميمة يتكاصؿ
فييا اإلنساف مع فيره لنقؿ آرائو كأفكاره كتجاربو كقيمو ،كما أف الشعكب أصبحت في
حاجة ماسة لنقؿ حضارتيا مف خالؿ الحكار.
كمف خالؿ الحكار نستطيع الكصكؿ إلى ايخر كالتكافؽ معو تحقيقان لمغاية
اإلنسانية المشتركة كالحقيقة هكاننا بغالبيتنا العظمى ل نعرؼ عف ماىية الحكار إل
المكاجية العشكائية كالتشبث برأم قمناه حتى لك أف ىذا الرأم صدر عفكيان بال و
ترك أك
حتى أحيانا فيـ فبعاد ما نقكؿ كفالبان ما يندفع المحاكر متشبثان برأيو ل يحيد ،كلف كالمو
ىك الحؽ الذم ل ريب فيو ،فيغيب عف بالو أف الغاية مف الحكار ىي الكصكؿ إلى فيـ
مشترؾ ،كنقاط التقاء مع الطرؼ ايخر ،كتصبح فاية الحكار فقط إيصاؿ الطرؼ ايخر
إلى القبكؿ بمقكلة أك فرضيا لتحقيؽ كىـ نصر كبير.
62
./1تعريف الحوار ،وماىيتو
يعرؼ الحكار بلنو طريقة مف طرؽ التكاصؿ ىدفو المراجعة في الكالـ لمكصكؿ
كدليؿ ،كالحكار نقاش كتبادؿ الحديث بيف طرفيف
ه إلى الصكاب أك افكثر صكابان ،فيو حجةه
أك أكثر يريد كؿ مف المتحاكريف الكصكؿ إلى أىداؼ محددة .كالحكار أك النقاش يعتمد
في افساس عمى كجكد أكثر مف طرؼ ،كىذا شيء طبيعي ككجكد أكثر مف طرؼ في
الحكار يؤدم إلى كجكد أكثر مف عقؿ كتفكير ،كىذا أيضان طبيعي ،كىذا يعكس تضاربان
في ايراء أك تكافقان .هكاف صح التعبير لكؿ شخص حرية التعبير عف رأيو؛ بؿ لو حؽ
التمسؾ بو ،كعدـ الرضكخ لمغير ،كلكؿ شخص حؽ اختيار افسمكب الذم يركؽ لو كيجد
نفسو فيو ،كلكؿ شخص حؽ التصرؼ كالتالعب في الكممات كيفما شاء طالما أنو لـ َّ
يتعد
َّ
الحد العاـ مف افدب.
كل شؾ في أف الحكار ىك فف قائـ عمى مجمكعة مف افساليب التي تؤدم في
كثير
ان النياية إلى تحقيؽ افىداؼ المرجكة منو .كمف المالحظ أف الحكار فالبان ما يحقؽ
مف الفكائد يمكف ذكر بعضان منيا كما يلتي:
التعرؼ إلى أسمكب تكاصؿ ار و
ؽ في الحديث لمكصكؿ إلى اليدؼ المنشكد.
الحكار يثرم السامع كالقارئ كالرائي بلفكار تيطرح أمامو بالحجة كالبرىاف ،فيعتاد التفكير
السميـ ،كافسمكب القكيـ.
الحكار أثبت في النفس ،فالمتابع يشغؿ أكثر مف حاسة في تفيـ أبعاد الحكار كمراميو.
قد يككف الحكار بيف أفراد ينتمكف إلى مجالت مختمفة ،فيؤدم إلى إثراء المتابع فيعممو الدقة
في الستنتاج ،كىذه الفكائد ل يستفيد منيا إل مف يقكـ بممارسة الحكار فعالن ،فف الحكار فف
طالعو.
راؽ كحساس ل يجيده الجميع ،كلو أصكؿ خاصة ،فيك يزيد مف ثقافة اإلنساف كا ٌ
./2صفات المحاور:
إف إمكانية الدخكؿ في حكار مع ايخريف كمع أشخاص بعينيـ ىي إمكانية
تحددىا حكافز عميقة في حياة المحاكر ،كفي شخصيو كعندما يعاني شخص ما مف
صعكبات تعيؽ اتصالو بايخريف ،فإننا فالبان ما نستطيع رد ىذه الصعكبات إلى افزمات
التي تعرض ليا الشخص في حياتو؛ بؿ إف بعضيا يعكد إلى عيد الطفكلة بحيث تككف
ىذه الصعكبات مرتبطة بصراعات الشخص كبتربيتو ،كبتجاربو العاطفية كالجتماعية.
63
كبمعنى آخر؛ فإف كؿ شخص يبني أسس اتصالو بايخريف ككسائمو كأساليب
حكاره معيـ انطالقان مف بنيتو النفسية الذاتية (التي تطغى عمى شخصيتو كتميزه عف
ايخريف) فاإلنساف كما يقكؿ Martyىك الجسد بكؿ ما فيو مف عكامؿ ،كراثية كسمككية
كنفسية .كما أف اإلنساف ىك أيضان انعكاس لبيئتو التربكية كالجتماعية فمف الناحية
الذىن ية لبد أف يككف المحاكر بمستكل الحكار مف الناحية الفكرية ،كما لبد أف تككف لو
الرفبة كالقبكؿ بمبدأ إقامة الحكار .كأخي نار ،فإف نجاح الحكار يتعمؽ بمدل قدرة المحاكر
عمى متابعة الحكار مف الناحية النفسية ،كيمكف تحديد صفات المحاكر الجيد بما يلتي:
ف ازرة المعمكمات :الحصيمة المعرفية لدم المحاكر ىي أساس يبني عميو حكاره كمراحمو
كطرؽ اإلقناع التي يستعمميا في عممية الحكار مع الطرؼ ايخر؛ كلذلؾ لبد مف تكافر
ثقافة مطمكبة لمحكار مممة بمختمؼ أنكاع المعمكمات .كيجب النتباه إلى أف الثقافة المقصكدة
تختمؼ عف التعميـ في تخصص ما ،ككمما اتسعت آفاؽ المتحدث في الحكار كاف ناجحان
محققان فىداؼ الحكار كالتفاكض.
القدرة عمى السترساؿ في الحكار :قد يجد المتحدث نفسو فير قادر عمى الستمرار في
الحديث مع ايخريف ،فقد ينفذ كؿ ما يريد قكلو ،فيصمت كيقع في حيرة كىك ل يجد ما يقكؿ
كل يعرؼ ماذا يفعؿ فير أف السترساؿ في الحكار عممية سيمة إذا ما عرفنا النقاط الفاعمة
التي يمكننا مف خالليا تحقيؽ ذلؾ مثؿ التطرؽ لمكضكعات جديدة تيـ المستمعيف أك إلى
حديث الساعة؛ كبمجرد حدكث ذلؾ فإف الحكار يتكاصؿ بانسيابية كدكف عناء أك تفكير
طكيؿ.
البتعاد عف الذاتية :فالمكضكعات التي تيـ جميع الناس ىي افنسب لمحكار معيـ .كمف
يسترسؿ طكيالن في الحديث عف ذاتو فالبان ما يفقد اإلصغاء إليو في دقائؽ معدكدة؛ فف ذلؾ
يعد نكعان مف التفاخر .كاكتشاؼ المكضكعات التي تيـ الناس ميمة بسيطة ،كلكنيا مؤثرة
لمغاية في إثارة الحماس لدييـ كحسف إصغائيـ لممتحدث ،كقد تككف المكضكعات ىي
اىتمامات مشتركة أك ىدؼ يريد كثير مف الناس الكصكؿ إليو أك مشكمة اجتماعية سائدة.
حسف الستماع :مف أىـ الصفات التي يجب أف يتمتع بيا المحاكر .فالحكار عبارة عف كالـ
هكاصغاء ،هكاذا أردت أف يصغي لؾ الطرؼ ايخر يجب أف تككف متمتعان بميارة حسف
اإلصغاء ،فالتزـ بذلؾ أكلن ،كأظير اىتمامؾ بما تسمع فعدـ اإلصغاء هكاظيار ذلؾ في
64
سمككنا بطريقة كاضحة كلف ننشغؿ بفعؿ شيء ما أك نمارس عممنا في أثناء الحديث يربؾ
المتحدث ،كيشعره بعدـ الىتماـ بو كبما يقكؿ.
نبرة الصكت :عامؿ ميـ في الحكار اإلنساني فالصكت الثابت عمى كتيرة كاحدة يعد فير
معبر كممالن يرىؽ المستمعيف بعد فترة قصيرة ،كل يككف لو أم تلثير عندىـ ،كعمى العكس
مف ذلؾ فالمكضكع الجاؼ قد يصبح مقبكلن حينما يقدمو متحدث بطريقة مبسطة كبنبرات
صكت مناسبة تكضح المعنى المراد نقمو لممستمعيف.
./3دينامية الحوار:
يمر الحكار بمراحؿ متعددة قبؿ أف يصؿ إلى فاياتو ،فيناؾ مراحؿ العرض،
التقييـ الرفض ،القبكؿ ،التفيـ ،التكيؼ...الخ كما أف الحكار ل يجرم عادة عمى كتيرة
كاحدة كل عمى مستكل كاحد كنحف كي نستطيع استيعاب دينامية الحكار عمينا أف نرمز لو
بمجمكعة مف الدكائر مكحدة المركز ،كذلؾ بحيث تككف الدائرة افكلى (افصغر) رم انز
لحديث الشخص عف نفسو ،ككمما ابتعدت الدائرة عف المركز كانت رم انز لحديث الشخص
عف قضايا بعيدة عف مشاعره كعف ذاتو.
65
أسموب تتابع األسئمة في الحوار :ىناؾ أسمكب رئيس في تكجيو افسئمة ،حيث
يبدأ أحد المتحاكريف بسؤاؿ مفتكح ،كيعقبو بلسئمة تلخذ في النغالؽ المتدرج لمكصكؿ إلى
أسئمة مغمقة تمامان تتماشى مع أجندة المستجكب أك السائؿ في المقاـ افكؿ ،كمف
المالحظ أف ىذا افسمكب في طرح افسئمة يقمؿ مف عممية المقاكمة في عدـ اإلجابة عف
افسئمة المكجية لمفرد ،فالتقدـ التدريجي في طرح افسئمة يخفؼ مف رقابة النتباه
لمضمكف السؤاؿ؛ كمف ثـ ترتفع احتمالية اإلجابة عمى نحك صريح.
تتنكع أفكار الحكار بتنكع أىدافو ،كىذه اففكار تقسـ إلى نكعيف :اففكار الممزمة
كاففكار المعبرة ،كمف المالحظ أف عرض اففكار يختمؼ باختالؼ اتجاه الحكار ،فإذا
كاف المحاكر يتكمـ عف ذاتو فيك يمجل إلى اففكار المعبرة تعبي انر مباش انر عف رفباتو كما
نمحظ بلف ىذا الشخص مستعد كي يعرض كبسرعة أفكاره الممزمة؛ كمف ثـ أىدافو
بصراحة .أما في الحكا ر الذم يخمك مف الحديث عف الذات فنمحظ أف المتحاكريف يمجؤكف
لألفكار المعبرة بغمكض عف رفباتيـ كالمالحظ بلنيـ شديدك الحذر فيما يتعمؽ بإعرابيـ
عف أىدافيـ الحقيقية ،كفي مثؿ ىذه الحالت نمحظ أف اففكار الممزمة تتكضح كمما
تعمؽ الحكار باتجاه الداخؿ ،في حيف تزداد ىذه اففكار فمكضان كمما اتجو إلى الخارج.
./4أنواع الحوار:
كفيما يمي بعض أنكاع الحكار في حياتنا كالمؤثرة في سمككنا كلنبدأ بلشكاؿ الحكار
السمبي:
أ .الحكار العدمي التعجيزم :كفيو ل يرل أحد طرفي الحكار أك كمييما إل السمبيات
كافخطاء كالعقبات ،كىك حكار ل فائدة ،كيترؾ ىذا النكع مف الحكار قد انر مف اإلحباط
لدل أحد الطرفيف أك كمييما حيث يسد الطريؽ أماـ كؿ محاكلة لمنيكض.
ب .حكار المناكرة (الكر كالفر) :ينشغؿ الطرفاف أك أحدىما بالتفكؽ المفظي في المناقشة؛
بصرؼ النظر عف الثمرة النيائية ،كىك نكع مف إثبات الذات عمى نحك سطحي.
ت .الحكار المزدكج :كىنا يعطى ظاىر الكالـ معنى فير ما يعطيو باطنو لكثرة ما يحتكيو مف
ألفاظ مبيمة ،كىك ييدؼ إلى إرباؾ الطرؼ ايخر ،كدللتو أنو نكع مف العدكاف الخبيث.
ث .الحكار السمطكم (اسمع كاستجب) :كيككف ىذا النكع مف الحكار سائدان في كثير مف
المستكيات ،فيناؾ افب المتسمط كافـ المتسمطة كالمدرس المتسمط كالمسؤكؿ أك المراقب
66
المتسمط ...الخ كىك نكع شديد مف العدكاف حيث يمغي أحد افطراؼ ،ايخر ،كيعده أدنى
مف أف يحاكر؛ بؿ عميو فقط السماع لألكامر الفكقية كالستجابة دكف مناقشة أك تضجر.
كىذا يمغى القدرات اإلبداعية لمطرؼ المقيكر كيحبطيا ،فيؤثر سمبيا عمى الطرفيف.
ج .الحكار السطحي :حيف يصبح التحاكر حكؿ افمكر الجكىرية محظك ار أك محاطان
بالمخاطر يمجل أحد الطرفيف أك كمييما إلى تسطيح الحكار طمبان لمسالمة أك كنكع مف
اليركب مف الرؤية افعمؽ بما تحممو مف دكاعي القمؽ النفسي أك الجتماعي.
ح .حكار الطريؽ المسدكد :بمعنى آخر ل داعي لمحكار فمف نتفؽ ،يعمف ىنا الطرفاف أك
أحدىما منذ البداية تمسكيما أك تمسكو بثكابت متضادة تغمؽ الطريؽ منذ البداية أماـ
الحكار ،كىك نكع مف التعصب الفكرم ،كانحسار مجاؿ الرؤية.
خ .الحكار اإللغائي :يصر أحد طرفي الحكار عمى أل يرل شيئان فير رأيو ،كىك ل يكتفي
بيذا بؿ يتنكر فم رؤية أخرل كيسفييا كيمغييا .كىذا النكع يجمع كؿ سيئات الحكار
السمطكم ،كحكار الطريؽ المسدكد.
د .حكار البرج العاجي :كيقع فيو بعض المثقفيف حيف تدكر مناقشتيـ حكؿ قضايا فمسفية أك
شبو فمسفية مقطكعة الصمة بكاقع الحياة اليكمي ككاقع مجتمعاتيـ ،كفالبان ما يككف ذلؾ
الحكار نكعان مف الحذلقة ،هكابراز التميز عمى العامة دكف محاكلة إيجابية إلصالح الكاقع.
ذ .الحكار المرافؽ :كفيو يمغي أحد افطراؼ حقو في التحاكر لحساب الطرؼ ايخر إما
استخفافان ،أك خكفان أك تبعيةن حقيقيةن طمبان إللقاء المسؤكلية كاممة عمى ايخر.
ر .الحكار المعاكس :حيف يتجو أحد طرفي الحكار يمينان يحاكؿ الطرؼ ايخر التجاه يسا انر
كالعكس بالعكس ،كىك رفبة في إثبات الذات بالتميز كالختالؼ كلك كاف ذلؾ عمى
حساب جكىر الحقيقة.
ز .حكار العدكاف السمبي :كىك ما يعرؼ بصمت العناد كالتجاىؿ ،كيمجل أحد افطراؼ إلى
الصمت السمبي عنادان كتجاىالن كرفبة في مكايدة الطرؼ ايخر عمى نحك سمبي دكف
التعرض لخطر المكاجية.
./5ميارات الحوار الفاعل:
يتطمب افمر عند القائـ بعممية الحكار في مختمؼ أنكاع المكاضيع التركيز عمى
مجمكعة مف النقاط فيما يلتي بعض منيا:
67
تحديد المستمع :كذلؾ بالتعرؼ عمى نحك مسبؽ كفير مباشر مع مف سكؼ ييحاكر أ-
سيتحاكر معو.
كخصائص الشخص الذم ي
ب -تحديد اليدؼ :لف يقكـ أم حكار دكف أف يسبؽ بلىداؼ معينة يسعى القائـ بالحكار
عمى تحقيقيا مف خالؿ عممية الحكار؛ لذا يجب عمى القائـ بالحكار تحديد أىدافو بدقة،
كحسب افكلكيات تمييدان لبدء الحكار.
ت -القرب النفسي :كالمقصكد ىنا ىك التقارب المكاني كالنفسي في أثناء عممية الحكار
فالتقابؿ كجيان لكجو كطبيعة الجمسة كالجمكس بجانب مف نتحاكر معو...الخ كؿ ذلؾ
يؤدم دك انر بالغ افىمية في نجاح الحكار.
ث -البدء بنقاط التفاؽ مع الطرؼ ايخر حتى يتـ عمؿ قاعدة يبنى عمييا الحكار في
مراحمو الالحقة .كمف المستحسف في ىذه المرحمة اإلكثار مف عرض نقاط التفاؽ.
ج -الستماع :كىنا يجب اإلشارة إلى أف ميارة الستماع ىي الحمقة افقكل في الحكار
الناجح .فالمحاكر الجيد يجعؿ كؿ تفكيره في حديث مف يقابمو ،كيتحاكر معو حتى
يدرؾ كجية النظر كالرأم ايخر فقد يسللؾ محاكرؾ عف بعض النقاط التي ذكرت،
كمف فير المقبكؿ عدـ اإلجابة كالتفاعؿ مع ما سؤؿ.
ح -الصبر :حينما نتفاعؿ مع ايخريف كنتقبميـ كماىـ يسمح ذلؾ بالتجكاؿ في عقكليـ ،كل
بد مف رفع شعار "ل لمغضب" حتى نستطيع ضبط النفس في أثناء الحكار.
خ -اإلكثار مف افسئمة :فعممية طرح افسئمة ىي مصدر إلثارة النتباه مف جية كلمعرفة
كثير مف المعمكمات التي نستطيع البناء عمييا مف جية أخرل .كىنا يجب النتباه إلى
أسمكب طرح افسئمة بصيغ مختمفة كدكف فجاجة.
./6شروط الحوار الجيد:
كجكد الرؤية الكاضحة عند المتحاكريف (حسف الفيـ). أ-
العامة كالدقيقة.
ب -أف تتصكر الطريؽ المكصؿ إلى اليدؼ بسبمو العريضة كالضيقة ك ٌ
ت -البعد عف الستطراد ،فيك يعرقؿ الكصكؿ إلى اليدؼ أك يؤخره.
ث -عدـ النتقاؿ مف فكرة إلى أخرل في الحكار نفسو قبؿ النتياء مف الفكرة افكلى.
ج -الحفاظ عمى اليدؼ الستراتيجي ،فينبغي أف نميز بيف اليدؼ المرحمي كالرئيس حتى ل
نضيع في متاىات تحرؼ عف اليدؼ المنشكد.
ح -أف يككف المتحاكركف عالميف بلصكؿ الحكار ،يتساككف في الفيـ كاإلدراؾ.
68
البعد عف النفعاؿ ،فيك يشكش اففكار ،كالبعد عف اإلساءات التي تضعؼ المكقؼ، خ-
كتقمبو أرسان عمى عقب ،كالبعد عف الكقكع في الستجرار الذم يحرؼ عف اليدؼ.
النباىة كالتصرؼ الحكيـ يفيداف جدان حيف يحدث طارئ كاف في الحسباف أـ لـ يكف. د-
ً
كدليميا ،كالتركيز عمى المراد الفصاحة كالحديث المنمؽ كالدقة في طرح الفكرة ذ-
كالستشياد عمى الفكرة بما يناسب.
التركيز عمى نًقاط التفاؽ ييعد عنص انر مساعدان في الحكار. ر-
التركيز عمى نقاط الختالؼ لتجمية الصكاب كالخطل. ز-
./7مراحل الحوار:
في الكاقع إف مراحؿ الحكار ىي أكثر مف أف تحدد ،كأف تقسـ عمى نحك كاضح،
كلكننا نعتمد في تقسيمنا ىذا عمى الخطكط العريضة التي يمر بيا الحكار في الحالت
العادية كىذه المراحؿ ،ىي:
./1مرحمة التقارب :كفالبان ما تسيطر ىذه المرحمة عمى بداية الحكار حيث
يتعارؼ المتحاكركف عمى بعضيـ كبعض التفاصيؿ افخرل؛ لينتقمكا بعد ذلؾ لستعراض
معارفيـ المشتركة .كالحقيقة أف مرحمة التقارب ىذه إنما تعبر عف رفبة في تخطي الدكائر
الخارجية كالدخكؿ في افحاديث الذاتية .كعمى مر العصكر اكتشؼ اإلنساف كدكف
مساعدة عمـ النفس عددان مف الحيؿ التي تساعده عمى تخطي الدكائر الخارجية ،كمنيا
السؤاؿ عف عائمة الشخص حتى دكف أف يعرفيا ،كالسؤاؿ عف مدل قرابتو بفالف دكف
معرفتو أيضان ،كالسؤاؿ عف مينتو كطابعيا كمشاكميا كفيرىا مف افسئمة التي فالبان ما
تسبب نفكر الشخص ايخر إذا لـ تعرض بطريقة دبمكماسية ،ككؿ ما استجاب
المتحاكركف ليذه الحيؿ ازداد التقارب بينيما ،كازداد احتماؿ نجاح الحكار.
./2مرحمة الختالؼ كالعدائية :ىنا تبدأ مرحمة البحث عف نقاط التنافر
و
خالفات عديدةن بينيما سكاء مف حيث المينة كالختالؼ بينيما كعندما يكتشفاف أف ىناؾ
أك في كجيات النظر تبدأ العدائية بالظيكر؛ ليتحكؿ الحكار مف التفاؽ إلى الختالؼ،
كفالبان ما تتقيد ىذه العدائية بافصكؿ الجتماعية ،فال تظير إلى السطح ،كلكنيا تبقى
مستترة لتتبدل عمى شكؿ رمكز .كالعدائية التي نتحدث عنيا ليست العدائية الخطرة كل
تعني انقطاع الحكار؛ بؿ عمى العكس العدائية ىنا ظاىرة صحية مف ظكاىر الحكار؛ إذ
69
إف ىذه العدائية فالبان ما تككف متنفسان لمظاىر القمؽ لدل المتحاكريف ،كىي تعكس رفبة
كال الطرفيف بالسيطرة عمى الحكار ،كىي دليؿ عمى الستقاللية ،كانعكاس لقدرة المحاكر
عمى التكيؼ مع مختمؼ افكضاع كأخي انر العدائية ىي بمنزلة رد فعؿ يقكـ بيا الشخص
عندما يحس بلف ايخر بدأ يخترؽ دكائره الخارجية؛ محاكلن النفاذ إلى أمكره الشخصية.
كالحقيقة أف ما يجب أف يشغمنا ىك فياب العدائية في الحكار ،فيذا يجعمنا نشؾ في أحد
افمكر ايتية :شخصية فير متكافئة ،دىاء فائؽ في تحضير المفاجآت مف قبؿ أحد
افطراؼ.
./3مرحمة التقبؿ كالعتراؼ بايخر :الستجابة لمعدائية يعني أف أحد المحاكريف
سيمغي الحكار مع ايخر ،كىذه مشكمة خطيرة في عممية التكاصؿ ،كفي شخصية المحاكر
خصكصان؛ فيجب تحمؿ عدائية ايخر لحد ما ،كىذا يعني اعترافان بايخر كباستقالليتو؛
كىذا يقكد لشعكر ايخر باستقالليتنا؛ كعند الكصكؿ ليذه النقطة يمكف القكؿ إ ٌف الحكار
المثمر قد بدأ كبدأت مرحمة قبكؿ كال الطرفيف ببعضيما بعضان بكؿ حسناتيـ كسيئاتيـ،
ار إيجابيان يعطي
كنمحظ ىنا تبادؿ ايراء بكؿ حرية ،كىكذا يككف الحكار اإلنساني حك ان
معنى لحياتنا كلذكاتنا عف طريؽ إعطائو المعاني لآلخريف؛ فبالحكار كحده يستطيع
ن
اإلنساف أف يحيا كيتكاصؿ عمى نحك فاعؿ مع محيطو الجتماعي.
./8الحوار الداخمي واالتصال:
يقكؿ المثؿ الفرنسي" :شلف المرأة تقدـ لنا ألؼ صكرة عف أنفسنا .كلكننا نختار
كاحدة مف ىذه الصكر ،كنعجب بيا فنحاكؿ فرضيا عمى الناس" .كىكذا فإف اإلنساف
عندما يكاجو مشكمة في اتصالو بايخريف ،فإننا نراه يستعرض (في داخمو) بحرية افلؼ
صكرة التي يمكنو أف يتصرؼ كفقيا لكي يختار في النياية طريقة التصرؼ كالتصاؿ
التي يراىا أكثر مناسبة مف بيف الصكر كاإلمكانات المعركضة أمامو كالمتكافرة لو .كعميو
فإف ىذا الحكار الداخمي ىك الذم يحدد سمككنا؛ كمف ثـ فإنو يحدد أساليب اتصالنا
بايخريف ككسائميا كحكارنا معيـ.
كعممية التصاؿ اإلنساني تضع المتصؿ في كضع المرسؿ كالمستقبؿ في و
آف
كاحد .أما عممية اإلنباء فإنيا تحتفظ لممرسؿ بلىميتو ،كلكنيا ل تتيح لو استقباؿ ردكد فعؿ
70
المستقبميف (كما في التمفزيكف مثالن حيث ييرسؿ مف جانب كاحد) كفي ىذه الحالة يلخذ
الحكار الداخمي أىمية أكبر؛ إذ يجب عمى ىذا المرسؿ أف يتخيؿ ردكد فعؿ مستقبمية
كدرجة تقبميـ لرسالتو ،كىذا ما يعطي لمحكار الداخمي أىمية فائقة في عممية التصاؿ
أحادم الجانب (افنباء) .كىكذا فإف المتصؿ (محاك انر كاف أك منبئان) يجرم حكا انر داخميان
يفاجل
مع ذاتو محاكلن مف خاللو تخيؿ افسئمة التي يمكف لممستقبؿ أف يطرحيا (كي ل ى
المتص يؿ بيذه افسئمة) كما يحاكؿ انتقاء افجكبة افكثر مالءمة هكاقناعان ليذه افسئمة
كلألسئمة افخرل التي يطرحيا الذيف يتصؿ معيـ.
كيعرؼ الحكار الداخمي :بلنو تمريف ييدؼ إلعطاء افجكبة عف مشاكؿ كمكاقؼ
مختمفة عف المشاكؿ كالمكاقؼ التي يعرفيا الشخص ،كىك حكار كىمي يقيمو الشخص
بينو كبيف نفسو (أحيانان بصكت عاؿ كأحيانان بالكتابة أيضان) متخيالن كجكد ايخريف كمحاكلن
تقييـ ردكد فعميـ ،كيمتاز الحكار الداخمي بخصائص متعددة ،ىي:
و
مباشر مف قبؿ المستقبؿ بحيث يككف ىذا الجكاب بمنزلة ردة فعؿ كاقعية أ -إعطاء جك و
اب
تعبر عف مكقؼ المستقبؿ سكاء عف طريؽ الكممات أك عف طريؽ ما خمؼ الكممات
(الميجة ،النبرة ،النظرة ،الحركات...الخ) كردة الفعؿ المباشرة ىذه تغيب في حالة الحكار
الداخمي ،كىذا الغياب ىك أكؿ الفكارؽ بيف الحكار الداخمي كالحكار الحقيقي.
ب -في الحكار الحقيقي ل يمكف لممحاكر أف يتبنى حقائؽ متعارضة؛ إذ عميو أف يحدد مكقفان
مكضكعيان ،كأف يعمنو أما في الحكار الداخمي ،فإف الشخص يككف عرضة لثنائية العكاطؼ؛
مما يجعمو متلرجحان بيف المكقؼ كبيف نقيضو.
يعطي مكقفان جكابان كمنسجمان مع سياؽ الحكار. ت -في الحكار الحقيقي يجب عمى المحاكر أف
ى
أما في الحكار الداخمي فإف بإمكاف الشخص أف يتمتع بحرية إعطاء عدد كبير مف افجكبة
(التي قد تتناقض أحيانان) .هكاف أم سؤاؿ يطرح يمكنو أف يحتمؿ أكثر مف إجابة .كلذلؾ فإف
المحاكر كثي انر ما يضطر لالنقطاع عف الحكار الحقيقي كي يتكجو إلى داخمو في حكار
داخمي لستعراض جميع افجكبة الممكنة ،كلنتقاء ما يراه منسجم نا مع المجرل العاـ لمحكار
الحقيقي.
ث -يمتاز الحكار الداخمي بسرعتو الكبيرة :إذ إف المثيرات التي تكفرىا أجكاء الحكار الحقيقي
تؤدم إلى تييي النشاط لدل المحاكر؛ مما يساعده عمى تذكر عدد كبير مف المعطيات
71
التي مف شلنيا أف تعجؿ في اتخاذه لقرار اإلجابة ،كلنتقاء الجكاب افكثر انسجامان مع
مجرل الحكار.
ج -كعمى ىذا افساس يقكـ المحققكف باستعماؿ جميع أساليب إعاقة النشاط (الحرماف مف النكـ
أك التخكيؼ كالتيديد أك الحرماف الحسي...الخ) لممتيـ؛ كذلؾ بيدؼ الحؤكؿ بينو كبيف
إقامتو لحكار داخمي (مع ذاتو) مف شلنو أف يدعـ قدرتو عمى المراكفة.
ح -إف الحكار الحقيقي يطرح لممحاكريف صراعات لـ يتخيمكىا في أثناء حكاراتيـ الداخمية.
خ -إف الحكار الداخمي قد يقصر كيعجز عف إدراؾ بعض الحقائؽ إل أف ذلؾ ل يعني مطمقان
فقداف عالقتو بالكاقع كبالمنطؽ (إل في حالت المرض العقمي).
د -يبقى الفارؽ افكبر بيف الحكار الداخمي كالحكار الحقيقي كامن نا في احتراـ افخير لمبدأ
الكقت .ففي الحكار الحقيقي فإف ما قيؿ ىك في الماضي كل يمكف الرجكع عنو كما سيقاؿ
ىك في المستقبؿ؛ كلذلؾ فإنو ممكف التعديؿ ،أما في الحكار الداخمي فيمكف لمشخص أف
يمغي كؿ ما فكر بو ،كأف يستبدلو بلفكار أخرل .كذلؾ بحيث يمكف لمشخص في أثناء
حكاره الداخمي أف يناقش فكرة ما كيدرسيا كييذبيا أك يتركيا و
لكقت آخر.
ذ -ل يمكف لمحكار الداخمي ميما بمغ رقي الشخص العممي كالتقاني أف يككف بمنزلة حاسكب
آلي قادر عمى عرض جميع الحتمالت كافجكبة أماـ الشخص .فالحكار الداخمي ىك في
الكاقع عممية إسقاطيوى -حدسية؛ بمعنى أف ل كعي الشخص يتدخؿ في ىذا الحكار،
كيكجيو باتجاه رفبات الشخص كمخاكفو.
ر -كحتى في حالت الفحص النفسي ،فإف بقايا نرجسية الفاحص هكاسقاطاتو يمكنيما أف يؤديا
إلى عرقمة اتصاؿ الفاحص بمريضو ،كذلؾ بسبب تلديتيما إلى عجز الفاحص عف رؤية
كامؿ الحتمالت المنطقية (في أثناء حكاره الداخمي) لمحكار الحقيقي بينو كبيف المفحكص.
كفي كثير مف افحياف يتداخؿ الحكار الداخمي مع الحكار الحقيقي بحيث تنشل عف
ىذا التداخؿ مجمكعة مف المكاقؼ ،أىميا:
./1يعيش مرضى الميكؿ الفصامية انطباعان مفاده أف ايخريف قادركف عمى قراءة أفكارىـ،
كعمى معرفة فحكل حكاراتيـ الداخمية .كىذا النطباع ىك الذم يؤدم إلى تداخؿ حكارىـ الحقيقي
مع حكارىـ الكىمي كىذا ما يجعؿ أحاديثيـ متقطعة كفير مترابطة اففكار.
./2تصاحب الحكارات الداخمية أحيانان بحالة مف التمرد النرجسي تؤدم إلى ثكرة الشخص ،كقد
تنعكس ىذه الثكرة بق ارره بلف يتصرؼ بعدائية في أثناء الحكار الحقيقي ،كلكنو ل يمبث أف يتراجع
72
عف ىذا المكقؼ العدائي لدل بداية الحكار الحقيقي .كىذه المكاقؼ المترددة كالكاقعة تحت تلثير
الحكار الداخمي ىي مكاقؼ مف شلنيا أف تعرقؿ عممية التصاؿ كأف تعيقيا.
./3تتعثر قدرة بعض افشخاص عمى إقامة الحكار الداخمي (فسباب نفسية متنكعة) كمثؿ
ىؤلء يعانكف تعث انر في حكاراتيـ الحقيقية كىـ يبدؤكف حكاراتيـ الداخمية بعد نياية حكاراتيـ
الحقيقية كىـ يندمكف بعد نيايتيا؛ فنيـ لـ يعطكا افجكبة التي كاف يفترض أف يعطكىا كالتي
تكصمكا إلييا مف خالؿ حكاراتيـ الداخمية التي تلتي بعد فكات افكاف كفالبان ما تصادؼ ىذه
الحالت لدل مرضى القمؽ كالرىاب كالخجؿ كلدل الميتميف بعدـ إزعاج ايخريف (كفاية نرجسية
كخكؼ مف مجابية ايخريف).
./4كثي انر ما يكلد الحكار الداخمي رفبة جامحة في اتخاذ بعض المكاقؼ أك في قكؿ بعض
العبارات حتى أف الشخص يظف بلنو قد قاليا فعالن .أك ىك يدعي قكليا (كاتخاذ المكاقؼ) كذبان
عندما يعيد ركاية الحكار.
./9مشجعات الحوار:
./1المعرفة :كىي عامؿ يسيؿ الحكار كيجعمو أكثر مكضكعية ،فيجب أف تستند
معرفة المحاكر إلى اففكار ،كليس إلى المشاىدات أك إلى التجارب؛ فالتجربة الذاتية
تصبح شاذة إذا ما تعارضت مع الفكرة .كعندما نرل ىذا التعارض أك نمحظو ل يجكز لنا
تحكيؿ التجربة إلى قاعدة عامة .كىكذا فإف عمينا أف نفرؽ دائمان بيف المعرفة كبيف
المشاىدة .أما عف كجكه مساىمة المعرفة في تدعيـ الحكار كتثميره ،فيي عديدة كىي
تكجب التذكير بلف الحكار ىك كسيمة لتبادؿ المعمكمات عف طريؽ الرسائؿ الشفيية فالبان،
فإذا لـ يكف أطراؼ الحكار قادريف عمى فيـ ىذه الرسائؿ ،فإنيـ سيككنكف حتمان عاجزيف
عف الحكار .كعميو فإ ف معرفة المغة التي يتـ فييا الحكار ىي أكؿ الشركط المعرفة الالزمة
لمحكار .كلقد أشرنا آنفان إلى أف لغة التصاؿ ليست فقط المغة المحكية أك المكتكبة ،كلكنيا
أيضان فيـ الدللت المغكية لمعاني الكممات ،ككذلؾ فيي القدرة عمى استيعاب خمفية
التصاؿ المغكم .أم معرفة تفسير اإليماءات ،كالتعابير كردكد الفعؿ كفيميا .كذلؾ
كصكلن إلى قدرة المحاكر عمى التخيؿ كالتكقع ردكد الفعؿ محاكريو بعد فترة مف حكاره
المحاكر خمفية التصاؿ المغكم؛ مرك انز جيده عمى معيـ كتعرفو إلييـ .فإذا ما أىمؿ ي
التصاؿ المغكم فإف حكاره سيككف باردان لدرجة التيديد بالنقطاع حتى أنو يمكننا القكؿ أف
73
قياسنا لمدل نجاح حكار ما ىك قياس يعتمد عمى قدرة المحاكرف لمتكصؿ إلى لغة خفية
(شفرة) خاصة بيا؛ إذ يمحظ أف المحاكريف ،كبعد فترة مف تخطييـ لممراحؿ افكلية
لمحكار ،يتكصمكف لالتفاؽ عمى بعض الكممات أك الرمكز التي تعني بالنسبة ليـ ما ل
تعنيو لغيرىـ.
كلعؿ المثاؿ افكضح ىنا ىك مثاؿ الحكار بيف افزكاج؛ إذ نمحظ أف الزيجات التي
يبمع تعثرىا حدكد لجكء افزكاج إلى العيادة ىي زيجات تفتقر إلى التصاؿ المغكم المرمز
(الشفرة) .كىؤلء افزكاج يعربكف عادة عف خيبة أمميـ كعف شعكرىـ بالخسارة كبلف الزكاج
يقيدىـ كيعيؽ كصكليـ فىدافيـ .كبالرفـ مف تعدد ىذه الشكاكل ،هكاصرار افزكاج عمى
عرضيا بمنتيى التفصيؿ كالمنطقية ،فإف فشؿ ىؤلء في عالقاتيـ ل يعكد إلى ىذه
الشكاكم .بؿ ىك يعكد إلى فشميـ في الحكار فيما بينيـ .ىذا الفشؿ الذم نستدؿ عميو مف
خالؿ عجزىـ عف تككيف الشفرة المرمزة الخاصة بيـ .ككثيركف ىـ افشخاص الذيف
يجيدكف التصاؿ كالحكار السطحييف بحيث يحققكف نجاحان اجتماعيان ممفتان ،كلكنيـ
عاجزكف عف إقامة عالقات عميقة هكانسانية كىؤلء ىـ حتمان مف التعساء كىـ يفتقدكف
تحديدان لمقدرة عمى معرفة أصكؿ الحكار كالتصاؿ الماكرائييف.
كتختصر خطكات تحقيؽ التصاؿ الماكرائي كما يلتي:
./1عمى الصعيد المغكم :يجب النتباه إلى طريقة لفظ الكممات كنبرات الحديث كالكممات
المتكررة ،كتمؾ ذات المعاني المبطنة كالتي تحتمؿ أكثر مف تلكيؿ.
./2تعابير الكجو :كىي نافذة تتيح لنا تقييـ فاعمية الحكار كردكد فعؿ المحاكر.
./3الحركات :كتعكس النفعاؿ كالحماس كالتكتر كالعدائية.
./4المكاقؼ :إف مكقفان قد ل يستغرؽ أكثر مف لحظة كل يترافؽ بلكثر مف كممة قد يحتكم مف
العدائية ما يكفي لتدمير أم اتصاؿ .كمكقؼ آخر قد يحتكم مف العطؼ ما يضمف إقامة حكار
دائـ كمتطكر.
./5القدرة عمى فيـ الرسائؿ الخفية :إف قياـ الحكار كتخطيو لممراحؿ افكلية مف شلنو أف يخمؽ
نكعان مف التقارب بيف المحاكريف .فيو تتدخؿ عناصر ل يمكف حصرىا خاصة ،كأنيا تختمؼ مف
و
شخص يخر .كالحقيقة أف نجاح أم حكار يتكقؼ عمى قدرة المحاكريف كرفبتيـ كمعرفتيـ الكافية
74
بالخطكات الخمس المذككرة أعاله .كذلؾ كصكلن إلى إبداع المغة الحكارية بيـ (أك شفرتيـ
الخاصة).
./2اإلرادة أك الرفبة في الحكار :كتتبعيا الرفبة في اإلصغاء كفي المحادثة
كاإلرادة كالتفرغ لالتصاؿ ىي شرط أساسي مف شركط تحقيؽ التصاؿ .فالمعرفة هكاف
كانت مف ضركرات التصاؿ ،كلكنيا فير كافية لتحقيقو إذا لـ تتكافر إرادة ىذا التصاؿ
لدل المتصميف (كخاصة في حالة الحكار) فال يكفي أف نككف عارفيف حتى يتحقؽ الحكار؛
بؿ يجب أكلن أف نقبؿ بيذا الحكار ،كأف نريد فعميان إجراءه ككذلؾ المحاكركف ايخركف كىذه
اإلرادة تخضع بدكرىا لعدد مف الظركؼ الذاتية كالمكضكعية .ففي البداية يجب تكافر
الحكافز ليذا الحكار كىذه الحكافز هكاف كانت نسبية (كمختمفة مف شخص يخر) كفني
عف القكؿ إف فياب الحكافز إنما يعني بحد ذاتو فياب الحكار ،كفقرىا يعني فقر الحكار.
أما عف الظركؼ المكضكعية المتعمقة باإلرادة لعمميات التصاؿ كافنباء (كالحكار
خاصة) فتمخص بالمثاؿ ايتي" :شخص يجمس كحيدان في مقيى ،كيتخذ كضعية تدؿ عمى
أنو فير رافب بالتصاؿ بايخريف ،كبحيث تعيؽ ىذه الالإرادية احتمالت التصاؿ بيذا
الشخص ،هكاقامة الحكار معو .حتى أنو يبدك ككلنو ل يسمع شيئان مف افحاديث الدائرة
حكلو ثـ فجلة يسمع الشخص عبارة تثير حكافزه فيبدأ باإلصغاء إلى بقية الحديث ،كيتخمى
تدريجيان عف مكقفو السمبي؛ كصكلن إلى مكافقتو لمدخكؿ بحكار حكؿ ىذا المكضكع".
كىناؾ مستكيات لالرادة المستعممة في التصاؿ ىي:
في افساس ىنالؾ إرادة التصاؿ (كىي قبكؿ ايخر).
ثـ ىنالؾ إرادة الستماع (اإلصغاء لآلخر فالمرسؿ يحتفظ في حديثو إذا ما
أحس أف أطراؼ الحكار ل تصغي إليو أك أنيا تحاكؿ التشكيش عميو (كىذا
يعني الرفض أك الالإرادة).
كرفبة اإلصغاء لكحدىا فير كافية؛ فف المستقبؿ ميما كانت قدرتو عمى
الستماع يكد الكالـ بدكره كي يعرب عف كجيات نظره الخاصة.
ثالثاّ -لغة الجسد:
تعد لغة الجسد (المغة الصامتة المنطكقة بالحركات كاإلشارات) نظامان عالميان جديدنا
لمتفاىـ كالتخاطب بيف أبناء الجنس البشرم ،هكانو ليبدك صعبت التصديؽ .لـ تيدرس
75
مظاىر التصاؿ فير الشفيي عمميان عمى أم مقياس إل منذ الستينيات كأف الجميكر لـ
يع كجكدىا إلٌ عندما نشر دجكليكس فاست كتابو عف لغة الجسد حيث كاف ذلؾ مكج انز
ً
لمعمؿ الذم قاـ بو عمماء السمككية حكؿ التصاؿ فير الشفيي حتى ذلؾ الحيف كحتى
بغض النظر عف أىميتيا ٌ يكمنا ىذا فإف معظـ الناس ما يزالكف جاىميف كجكد لغة الجسد؛
لعؿ أكثر افعماؿ نفكذان كتلثي انر في
في حياتيـ .كفي ما يتعمؽ بالدراسة التقانية لمغة الجسد ٌ
ما قبؿ القرف العشريف كاف كتاب تشارلز داركيف "التعبير عف العكاطؼ لدل اإلنساف
ً
الكجيية كلغةى اسات الحديثةى لمتعبير ً
ات كالحيكانات" المنشكر سنة .1872كقد أنت ىذا الدر ً
ى
ككثير مف مالحظات داركيف كأفكاره تـ تلييدىا هكاثباتيا منذ ذلؾ الحيف مف جانب
نا ً
الجسد
الباحثيف الحديثيف في مختمؼ أرجاء العالـ .فقد لحظ الباحثكف ،كسجمكا حكالي مميكف
تمميح هكاشارة فير شفيية كقد ً
كج ىد أف مجمكع أثر الرسالة ىك نحك %7شفيي (كممات
كتغير في نبرة الصكت ،كسائؿ
ٌ فقط) ك % 38صكتيان (بما في ذلؾ نبرة الصكت،
افصكات) ،ك % 55فير شفيي.
كيتفؽ معظـ الباحثيف عمى أف القناة الشفيية تستعمؿ عمى نحك رئيسي لنقؿ
المعمكمات ،في حيف أف القناة فير الشفيية تستعمؿ لمتفاكض في المكاقؼ فيما بيف
افشخاص ،كفي بعض الحالت كبديؿ لمرسائؿ الشفيية مثالن قد تقدـ امرأة "نظرة قاتمة"
عمى رجؿ ما أنيا سترسؿ إليو رسالة جمية دكف أف تفتح فاىا .كبغض النظر عف الثقافة
تحدث الكممات كالحركات معان بمثؿ قابمية التنبؤ بحيث يككف شخصان أحسف التدريب قاد انر
عمى معرفة أم حركة يقكـ بيا المرء مف مجرد اإلصغاء إلى صكتو ،كيدرؾ أم لغة يتحدث
إيماءاتو .كتعد النساء عمكمان مدركات أكثر مف الرجاؿ لمغة
بيا شخص ما مف مجرد مراقبة ى
الجسد ،كقد أكجدت ىذه الحقيقة ما ييشار إليو عادة بلنو "حدس النساء" حيث إف لمنساء
َّ
تمتعيف بعيف كفؾ رمكزىا؛ فضالن عف
قدرة فطرية عمى التقاط اإلشارات فير الشفيية ٌ
دقيقة بالنسبة إ لى التفاصيؿ الصغيرة .كذلؾ ىك السبب في أف قميميف مف الرجاؿ يسعيـ
أف يكذبكا عمى زكجاتيـ كل يتعرضكف لعكاقب كخيمة ،عمى العكس معظـ النساء يمكنيف
حجب الحقيقة عف الرجؿ دكف أف يدرؾ ذلؾ .ىذا الحدس النسكم كاضح بصكرة خاصة
لدل النساء المكاتي ربَّيف أطفالن .ففي السنكات القميمة افكلى تعتمد افـ كحسب عمى القناة
76
يكف
كيعتقد أف ذلؾ ىك السبب في أف النساء فالبان ما ٌ
فير الشفيية لالتصاؿ بالطفؿ ،ي
مفاكضات أكثر إدراكان مف الرجاؿ.
كلكي نفيـ معنى التصاؿ يفترض أف نفيـ كيؼ يرتبط اففراد مع بعضيـ بعضان
كعند كجكد شخصيف أك أكثر معان معناه أف يحاكؿ كؿ منيما أف يشارؾ ايخر في بعض
اففكار كالمعمكمات كاإلشارات كالرمكز ذات الدللة المشتركة ،لكف تجارب اففراد
كخمفياتيـ هكادراكيـ قد تختمؼ؛ م ما يعني تزايد احتماؿ الخالؼ حكؿ معاني الكممات.
كالعالقة التي يتضمنيا التصاؿ ليست عالقة بسيطة كما أشار ديفيز منذ عاـ ()1949
حيث أكد الطابع فير المباشر لعالقات التصاؿ كالتي يكجد فييا شخص يستنت مف
سمكؾ شخص آخر فكرة ،أك معنى كيحاكؿ أف يكصمو إليو ،كالشخص يحاكؿ عندئذ أف
يقكـ بالستجابة كرد فعؿ مقابؿ ىذه الفكرة أك المعنى الذم استنتجو ،كفي كؿ حالة تستمر
كتتكاصؿ باإلشارات سكاء أكانت مطبكعة أك مسمكعة أك كانت حركات ،كدائمان يككف مف
و
معاف كمدلكلت تكمف كراء ىذه اإلشارات .لكف ليس الميـ ماذا تعني الضركرم استنتاج
اإلشارات في ذاتيا؛ هكانما الميـ في الكاقع "ماذا يعني كيقصد بيا ذلؾ الذم أصدرىا"
كعمى ىذا ففي عالقة التصاؿ يصبح عمى المرء (المستقبؿ) أف يستمع دائمان "بلذف
ثالثة" ،أم يستعمؿ حكاس أخرل ليكشؼ مقاصد (المرسؿ) ككثي انر ما يؤدم تكرار تجربة
و
معاف كأفكار ،فتصبح التصاؿ إلى تكيؼ المستقبؿ ،كاعتياده عمى ما يقصده المرسؿ مف
مللكفة لديو ،كىذه العالقة قد تستمر عمى نحك جيد ،لكنيا أيضان قد تتطكر إلى شكؿ سمبي
قد يترتب عميو العداء أك المكاجية كالصراع الحاد ،كىكذا تتنكع عالقات التصاؿ التي
تربط الفرد ببيئتو كبايخريف مف حكلو.
./1المغة واالتصال:
تعد المغة عامالن قكيان في نشكء السمكؾ الجتماعي كتعديمو ،كىي كسيمة فاعمة في
خيرة حينما تؤلؼ بيف
تبادؿ المعرفة ،كفي تكثيؽ أكاصر الصمة الجتماعية .كىي قكة ٌ
قمكب الناس كقكة مدمرة حينما تفرؽ الناس أشتاتان كشيعان .كتقسـ المغة إلى نكعيف تبعان
لمحكاس التي ندركيا:
لغة تعتمد في إدراكيا عمى افذف ،مثؿ الكالـ حينما يسمع حديثان أك حكا انر. أ-
77
ب -لغة تعتمد في إدراكيا عمى العيف ،مثؿ إشارات اليديف ،كتعبيرات الكجو كالكالـ
المكتكب .كىذه المغة تنقسـ بدكرىا إلى نكعيف:
نكع تمقائي ل شعكرم كلجزاء الكجو.
نكع شعكرم يحتاج إلى تعمـ كمراف ،مثؿ اإلشارات التي يتدرب عمييا الجنكد كإحدل كسائؿ
التفاىـ في مياديف القتاؿ.
المغة المفظية كالمغة فير المفظية :اإلشارة التي تؤدم إلى فيـ معنى ما تخدـ نفس
الفرض الذم تسعى افلفاظ إلى تحقيقو .كيذىب "أكجدف" ك"ريتشاردز" إلى أف لغة
اإلشارات أدؽ مف أم لغة رمزية أخرل ،كل يفكقيا في دقتيا إل لغة العمكـ الرياضية كلغة
العمكـ التجريبية كاصطالح النكتة المكسيقية .ذلؾ فف افلفاظ المجردة مف اإلشارات
كاإليماءات طريقة ىزلية ضعيفة في التصاؿ الجتماعي .لكف ىذه الدقة تتالشى أماـ
المعاني المجردة فمدلكؿ كممة "اه" أعمؽ مف رفع يديؾ لمسماء داعيان .كاإلشارات بلنكاعيا
المختمفة ىي لغة كرسائؿ الطفؿ لتصالو المباشر بالمجتمع ،كذلؾ قبؿ أف يفيـ مف الناس
ما يقكلكف ،كقبؿ أف يقمدىـ فيما يتحدثكف .فيك يبتسـ لمكجو الضاحؾ كيبكي لمكجو
العابس ،كالخطيب البارع يدرؾ أثر تمؾ المغة في التلثير عمى الناس كيجيد أداءىا ،فيك
يختار لنفسو كقفة خاصة ليا سحرىا كردعتيا كيحرؾ يديو بمباقة كقكة ،كيعبر بكجيو عف
إيمانو العميؽ مما يدعك الناس إليو .ككؿ إشارة تؤدم معنى كاحدان بسيطان ىي كحدة
تعبيرية ليا ذاتيتيا كىي بذلؾ تشبو -إلى حد كبير -الكممة في المغة المفظية.
كلغة اإلشارة لغة عالمية يشترؾ بيا أفراد الجنس البشرم كافة ،كذلؾ حينما تعبر
عف الرفبات كالحاجات افساسية الجكىرية لالنساف ككائف حي ،كمثؿ ذلؾ بعض
اإلشارات التي تدؿ عمى الجكع كالحاجة إلى الطعاـ .كىي مف ناحية أخرل لغة محمية
تتبع بعض أشكاليا لممجتمع القائـ كالحضارة الراىنة .كتتمخص اإلشارات فيما تكفره عمى
الفرد مف كقت كجيد في اتصالو الجتماعي ،كيرجع ذلؾ إلى بساطتيا كسيكلتيا
كعالميتيا كمركنتيا كليذه افسباب مجتمعة ظمت اإلشارات كما تزاؿ كسيمة ميمة في
التفاىـ ،كلـ تنقرض عندما اكتشؼ اإلنساف المغة المفظية؛ بؿ بقيت كاستمرت تؤدم
كظيفتيا كالحؽ أنيا ما فتئت أقكل ما انحدر إلييا مف تراث اإلنساف افكؿ .كلغة اإلشارات
78
لغة فنية كاسعة كعريضة كلقد دلت افبحاث عمى أف ىناؾ حكالي ( )700000سبع مائة
ألؼ إشارة مستقمة متميزة يؤدييا الكتفاف كالذراعاف كالمعصماف كافصابع كأف اليد البشرية
كحدىا تفكؽ بعدد إشاراتيا كظائؼ الفـ المفظية بحكالي 200000مئتي ألؼ مرة .كلكف
اإلشارات لـ تتطكر مع اإلنساف بنفس السرعة التي تطكرت بيا المغة المفظية ،كيرجع ذلؾ
إلى أنيا لغة مادية محسكسة خالية مف التجريد كالتعميـ؛ كليذا أصبحت عامالن ثانكيان في
تطكر الحياة الجتماعية عند اإلنساف ،كلـ ترؽ إلى ما بمغتو المغة المفظية مف أىمية.
./2لغة الجسد وعمم ال ِفراسة:
تعرؼ ً
الفراسة اصطالح نا عمى أنيا الستدلؿ بافحكاؿ الظاىرة عمى افخالؽ
الباطنة كيعرفيا بعض الباحثيف عمى أنيا معرفة أخالؽ كطباع كأحكاؿ البشر دكف اتصاؿ
مباشر أك معرفة افمكر مف نظرة ،كحسب التصنيؼ الحديث ىناؾ أنكاع ً
لمفراسة منيا:
أ ./فراسة الكجو/عمـ الفيسيكنكمي ( )Physiognomyحيث يعرؼ عمـ الفيسيكنكمي مف
كجية نظر عمـ الفراسة :ىك عمـ اكتشاؼ مزاج افشخاص كشخصياتيـ كطباعيـ كأحكاليـ
النفسية كالصحية كفنيا مف خالؿ الشكؿ كالمظير الخارجي؛ كبافخص الكجو كيقاؿ إف أصكلو
يقكـ إلى 2500سنة .كيعد أكؿ مف كتب كتابان في عمـ الفيسيكنكمي ىك الفيمسكؼ اليكناني
أرسطك 350ؽ.ـ فذكر أف لالنساف سمات في كجيو تدؿ عمى الصفات المختمفة كالشجاعة
كالقكة كالجبف كالغباء...الخ كربط أرسطك بيف شكؿ أكجو الحيكانات ككجو اإلنساف حيث إنو مف
قارب كجيو كجيان فحد الحيكانات فإنو (حسب نظرية أرسطك) يتصؼ بصفات ىذا الحيكاف
كشجاعة افسد كقكة الثكر كمكر الثعمب كىكذا.
ب ./فراسة اإليماءات كالحركات/عمـ الكينيسيكز ( :)Kinesicsيختمؼ عمـ اليماءات
كالحركات (الكينيسيكز) عف لغة الجسد التي تعد جزئية مف جزئيات عمـ الكينيسيكز الحركات،
كقد يسميو بعض الباحثيف عمـ اإليماءات كالحركات .كيجمع العمماء عمى أف الكممات تنقؿ
المعمكمة في حيف تنقؿ النبرة كالنظرات كالمشاعر حيث تتداخؿ لغة اإلشارة مع كثير مف العمكـ
كالمصطمحات مثؿ عمـ الفراسة كالبراجمتكس الذم يعرؼ بلنو دراسة كيفية اكتساب أساليب
التعبير أىميتيا عند استعماليا في السياؽ.
79
./3مؤشرات أوضاع الجسد:
يشكؿ كضع الجسد فرصة مميزة في قراءة التكاصؿ فير المفظي؛ فنو يمثؿ كقفة
في سمسمة المحركات التي تحركنا كىك يمثؿ أيضان كقفة عمى صكرة ثابتة نسبيان أك طكيمة
نسبيان كيمكف فيمو عمى أنو كضع سككني أك استاتيكي يمكف التعرؼ إليو بسيكلة مف
ناحية ثانية يمكف ع ٌد كضع الجسد صكرة تعكس المكقؼ النفسي ،كيعطينا معمكمات قيمة
عف الطري قة التي يعيشيا محاكرنا في تمؾ المحظة .كيمكف تمييز أربعة أكضاع لمجسد
تدعى ىذه افكضاع أكضاعان شاممة ،كىي مؤلفة مف سمسمة مف افكضاع الجزئية التي
يمكف أف تدعـ أك تضعؼ التعبير العاـ .كمف الممكف أف يككف ىناؾ كضعيتاف جزئيتاف
تعبر كضعية جزئية ما عف حقيقة مخيفة رفـ
تحمالف في طياتيما عناصر متناقضة .كقد ٌ
إرادة صاحبيا؛ فنيا فير منسجمة تمامان مع الكضعية الشاممة المعركضة إراديان ،كتسمى
ىذه الحالة "تقطب أك تكشير الجسد" ،كيتـ تمييز الكضعيات افربع افساسية بالنسبة
لكضعية مرجعية تخيمية كحيادية كىي حالة كقكؼ الشخص عمى نحك مستقيـ ،يمد يديو
إلى جانب جسده ،كالقدماف متالصقاف كالذقف أفقية .كعندما نقكؿ إف كضعيات الجسد
تعكس المكاقؼ فإف ذلؾ يعني أنيا تشير إلى الحالة الداخمية لمشخص ،هكاف كضعية
الجسد ىي نكع مف اإلحساس الحركي لمجسد في حيف أف المكقؼ ىك إحساس نفسي يعبر
عف المشاعر ،كيمكف إجماؿ المكاقؼ افربعة فيما يمي:
أ ./كضعية الخضكع أك النكماش :يككف الرأم في ىذه الكضعية مائالن أك فائ انر كافكتاؼ
منخفضة كالمرافؽ ممتصقة بالجسـ كافذرع مضمكمة كالرجالف متقاطعتاف كفالبنا ما تككف راحة
اليديف منبسطة (متجية نحك افعمى) كيككف الفضاء المحيط ضيقان ،كيشغؿ حي انز قميالن؛ مما
يعكس الخجؿ كالتبعية ،كىنا يمكف أف تتساءؿ :ىؿ الشخص انطكائي أـ أنؾ تؤثر فيو عمى نحك
كبير؟ إف كضعية الخضكع التي تستعمميا الحيكانات تسمح ليا بتجنب المعارؾ في أفمب
افحياف حيث يضع الحيكاف نفسو بالكضعية التي سيككف عمييا فيما لك صرعو أك فمبو الحيكاف
ايخر مما يعني استسالمو كخضكعو .كعمينا أف نصدؽ ىنا بلنو ل يكجد مخمكؽ آخر فير
اإلنساف يممؾ الجرأة كالقدرة عمى متابعة ضرب خصمو؛ الصريع أك المطركح أرضان .كمف بيف
المكاقؼ المعبرة عف الخضكع ىناؾ مكقؼ خاص كمعركؼ جدان فنو يرمز إلى الستسالـ حيث
80
يرفع الشخص ذراعيو إلى افعمى ،كنستطيع أف نميز في كضعية الخضكع كضعيات عدة
لمشخص يحاكؿ أف يخفي نفسو بيا ،كىي:
الشخص المنبطح :يتمدد عمى افرض مكجيان كجيو نحك افرض ،إنو يقدـ عنقو لآلخر
بدكف مقاكمة ،إنو ينكمش أك يجعؿ نفسو أصغر ما يمكف .كيمثؿ ىذا المكقؼ الخضكع
التاـ ،كقد اعتمدت الديانة الكاثكليكية ىذا الكضع كطقس مف طقكس رسامة الكينة .كتظير
إشارة تصغير النفس ىذه في بقية كضعيات الخضكع المعتمدة في الطقكس.
الشخص الراكع :يستند الشخص عمى ركبتيو عمى افرض (كيمثؿ ذلؾ ضمانة أك إشارة
خشكع أك استغفار) في الصالة أك في الدعاء كالتضرع.
ركبة كاحدة تالمس افرض :ىذه الكضعية محببة جدان لألتباع ،ككذلؾ لمفرساف الذيف يؤدكف
القسـ .تستند إحدل الرجميف عمى افرض ،كيحاكؿ الخاضع تصفير نفسو ،لكنو يحتفظ لنفسو
بإمكانية النيكض بسيكلة.
السجكد :يستند الشخص بركبتيو عمى افرض ،كيحني نصفو افعمى لمتحية أك لكي يقدـ
عنقو أك رأسو لمقطع .كيعد إسباؿ اليديف خفضيما طقسان لو معنى الخضكع نفسو.
كضعية الرضكخ :التي تتمثؿ بقكؿ كممة نعـ مع خفض الذقف نحك افسفؿ ،ىي البذرة
افساسية لحالة الخضكع ،إنو قبكؿ يلخذ صفة الخضكع.
ب ./كضعية الييمنة أك الكضعية التكسعية :إف الرسـ الكاريكاتكرم لمكضعية التكسعية يمثؿ:
رأسان كذقنان عالييف أردافان مفتكحة حنجرة بارزة ذراعيف مفتكحتيف كرجميف متباعدتيف قدميف
مفتكحتيف كاليداف في كضعية الكب (متكجية نحك افسفؿ) قد ل تتجمع كؿ الكضعيات الجزئية
معنا ،كلكف تعطي المجمكعة انطباعنا عامنا (عمى نحك مقصكد أك فير مقصكد) عف صكرة
مكبرة جدان.
ت ./كضعية الرفض :إنيا كضعية المالكـ الذم يحاكؿ تجنب الضربات مف خصمو،
كيضع نفسو عمى نحك جانبي ،فيككف النصؼ العمكم لمجسـ متراجعان ،كتكضع اليداف عمى شكؿ
مكصد أك مانع صدمات كىي مميزة لكضعية الشخص الذم يحاكؿ حماية نفسو أك الشخص
الخائؼ أك بكؿ بساطة الشخص الذم يريد إظيار رفضو .لذلؾ يجب النتباه فعندما تشاىد
لعب الكثبو الثالثية أك الكثب الطكيؿ أك قاذؼ الكرة أك رامي الرمح يبدأ بالتلىب فإنو يبدأ
بالتراجع نحك الخمؼ مميالن جسده الممدكد نحك الخمؼ لكي يثب عمى نحك أفضؿ ،كيمكف أف
81
تككف كضعية الرفض التي يلخذىا محاكرؾ طريقة لمتلىب كالتراجع قميالن قبؿ أف يعتدم عميؾ.
كىذه الكضعية كاضحة جدان عندما يتعمؽ افمر بالحيكانات فعندما يتالقى كمباف كيخاؼ كؿ
منيما ايخر فإنيما سيديراف رأسيما .كلكف يتابعاف المراقبة عف كثب ،كيككف كؿ منيما جاى انز
كمتلىبان لمحركة أك لميرب .أما عند اإلنساف ،فإننا نجد ىذه الكضعية عمى نحك متغير أك متنكع
إذ يككف الرأس متراجعنا نحك الكراء أك بكضعية زاكية كاضحة بالنسبة لمنصؼ افعمى لمجسـ
كتلخذ اليداف كضعية الحكاجز ،كيتكضع النصؼ افعمى لمجسـ جانبيان؛ مع استناد خمفي
ً
انتبو...حذار ...إنيا لمقدميف .أما النظرات فال تككف ضمف محكر الرأس نفسو (نظرة جانبية)
كضعية ىجكمية ينتظرؾ بيا عدك عمى زاكية الغابة! فيؿ تيرب أنـ تيدد كتياجـ.
ث ./كضعية التقرب أك مكقؼ التشاركي :يعد المقاء بيف شخصيف التعبير النمكذجي
لكضعية التقرب ،فكؿ منيما يذىب باتجاه ايخر؛ مع انحناء بسيط لمنصؼ العمكم كالعنؽ مائؿ
قميالن كاليد ممدكدة نحك ايخر كمفتكحة إشارة لممشاركة كىذه الكضعية تظير عمى نحك أكضح
في بعض المكاقؼ عندما يفتح أحد ما ذراعيو ،كيمد يديو بكضعية النبساط ،كيميؿ نحك
الجماىير أك نحك محاكره ،كنجد نفس الكضعية عند الشخص (ذك نار كاف أك أنثى) الذم يرفب
بإطالعؾ عمى سر مف أس ارره يككف الرأس في ىذه الكضعية متقدمان نحك افماـ كالعنؽ طكيالن،
كينحني النصؼ افعمى لمجسـ نحك افماـ ،كتمتد اليداف نحك ايخر ،كتككف راحة الكؼ مفتكحة
كما تتقدـ إحدل القدميف نحك افماـ إف ىذه الكضعية (أك بعض عناصر ىذه الكضعية) تعد
معبرة تمامان عف الىتماـ الذم يحممو لؾ المحاكر ،كتشير البحكث حكؿ التشاركية كالمشاركة إف
كضعية التقرب في المنطقة الحميمية يمكف أف تعبر أيضنا عف الشتراؾ في المعركة (الشتباؾ)
كمصارعك السكمك كحراس المرمى الذيف يتلىبكف لمقفز إما عمى أحد الالعبيف أك عمى الكرة،
ككذلؾ لعبك المصارعة الحرة عف أمثمة عف كضعيات تقرب أك تشارؾ بطريقة أخرل.
./4اإلشارات الموروثة والمكتسبة:
أيجرم ك ثير مف البحكث كالمناقشات لكتشاؼ ما إذا كانت اإلشارات فير الشفيية
طبيعية فطرية ،أك مكتسبة ،أك منقكلة كراقيان ،أك متعممة بطريقة ما مختمفة ،كقد يجمع
الدليؿ مف مراقبة أشخاص مكفكفيف /أك أشخاص مف الممكف أنيـ لـ يتعمٌمكا إشارات فير
التصرؼ اإليمائي في كثير
ٌ شفيية بكساطة القناتيف السمعية أك البصرية ،كمف مالحظة
82
البحكث عمى أف بعض كتدؿ نتائ
ٌ مف الثقافات المتباينة في شتى أنحاء العالـ،
اإليماءات تكجد في كؿ فئة .فعمى سبيؿ المثاؿ يكلد معظـ افطفاؿ بالقدرة عمى
المتصاص؛ مشيريف بذلؾ إلى أف ذلؾ ىك فطرم ،كلقد كجد العالـ افلماني آيبؿ-
أصماء كمكفكفيف تحدث مستقمة عف
ٌ أيبزفمت أف تعبيرات البتساـ لدل افكلد المكلكديف
التعمـ أك المحاكاة؛ افمر الذم يعني أف تككف تمؾ اإليماءات طبيعية .كقد ٌأيد كؿ مف
العمماء إكماف ،كفريزف ،كسكرنسكف بعض معتقدات داركيف افصمية فيما يتعمؽ
باإليماءات الطبيعية لدل شعكب تنتمي إلى خمس ثقافات مختمفة النتشار .كلقد كجدكا
أف كؿ ثقافة استعممت إيماءات الكجو افساسية نفسيا إلظيار النفعاؿ؛ افمر الذم
جعميـ يستنتجكف أف ىذه اإليماءات ينبغي أف تككف طبيعية.
كقد اعتقد داركيف أف تعابير الكجو عف المشاعر متشابية بيف البشر؛ بغض النظر
عف الثقافة .لقد بنى قناعتو عمى أصؿ اإلنساف التطكرم كمع ذلؾ كتب الباحثاف/بركنر
كتافيرم /في الخمسينات بعد 30عاماى مف الدراسة أف أفضؿ الدراسات المتكافرة تشير
إلى عدـ كجكد نمط فطرم ثابت مرتبط بانفعالت محددة ،كبعد مركر أربع عشرة سنة
كجد ثالثة مف الباحثيف أف البحكث الجديدة تدعـ اعتقاد داركيف القديـ .حيث قاـ ىؤلء
بدراسة في فينيا كالكليات المتحدة افمريكية كالب ارزيؿ كالياباف كىذه تمثؿ ثقافات مختمفة
عمى نحك كبير عمى ثالث قارات فاكتشفكا "أف الخاضعيف لالختبار مف أبناء ىذه الثقافات
المختمفة يصدركف بعض النفعالت المتماثمة حيث تعرض عمييـ مجمكعة مكحدة مف
الصكر الكجيية"؛ كحسب رأم الدارسيف الثالثة يتناقض ىذا مع النظرية القائمة بلف تعابير
الكجو عف النفعاؿ مكتسبة مف المجتمع .كىـ يشعركف أيضان أف ىناؾ إجماعان ضمف
ثقافة مما عمى إظيار حالت انفعالية مختمفة كالسبب الذم يقدمكنو ليذه العمكمية في
إظيار النفعالت كمرتبط بالكراثة عمى نحك فير مباشر ،فيـ يطرحكف نظرية تفترض
كجكد برمجة دمافية فطرية تربط إثارة معينة بتعابير كجيية مشتركة خاصة بكؿ مف
النفعالت الرئيسة (الىتماـ ،الفرح ،المكت ،الغضب ،الكراىية ،المتعاض ،الحتقار،
كالخجؿ)؛ مما يعني أف أدمغة البشر مبرمجة بصكرة تنفرج فيو أسارير الكجو حيف يككنكف
مسركريف ،كتنقبض ىذه افسا رير في حالة عدـ الرضى .كتظير التجعدات عمى جباىيـ،
83
أك ترتفع الحكاجب أك ترفع إحدل زاكيتي الفـ كمقابؿ ذلؾ يضعكف قائمة أخرل مف
التعابير الكجيية المختمفة كالقكاعد السمككية التي تكتسب في كقت مبكر مف الحياة ،كىذه
القكاعد السمككية كما يقكلكف تحدد ما يجب فعمو لمتعبير عف كؿ إحساس في مناسبات
اجتماعية مختمفة .كىذه تختمؼ باختالؼ الدكر الجتماعي كالخصائص السكانية ،كما
تتنكع حسب تنكع الثقافات كىذا يظير حقيقة أننا نحمؿ في تككيننا الكراثي بعض ردكد
أفعاؿ فيزيكلكجية أساسية معينة ،كأف بعض عناصر التصاؿ فير الكالمية مكلدة فييا؛
كبإمكاننا التعبير عف الكراىية كالخكؼ كمشاعر أساسية أخرل معرفية عف الكائنات
البشرية افخرل دكف أف نتعمـ كيؼ نعبر عنيا.
كبالطبع ل يتناقض ذلؾ مع حقيقة أف عمينا أيضان أف نتعمـ عددان مف الحركات
التعبيرية التي تعني شيئان ما في مجتمع معيف كشيئان آخر في مجتمع آخر ،ففي العالـ
الغربي نيز الرأس مف جانب يخر لمتعبير عف الرفض نيزه لألعمى كافسفؿ لمتعبير عف
المكافقة ،لكف ىناؾ مجتمعاف في اليند ينطبؽ عمييا العكس تمامان .فالحركة لألعمى
كافسفؿ تعني "ل" كالحركة مف جانب إلى آخر تعني "نعـ" .إذان يمكننا أف نفيـ أف لغتنا
فير الكالمية فريزية في جزء منيا ،كمكتسبة في بعضيا كتعتمد عمى المحاكاة في جزء
آخر.
كتختمؼ المغة فير الشفيية بيف ثقافة كأخرل تماما
كما تختمؼ المغة الشفيية بيف ثقافة كأخرل .ففي حيف قد
معينة ليا تفسير كاضح
تككف إيماءة ما عادية في ثقافة ٌ
قد تككف فير ذات معنى في ثقافة أخرل أك حتى قد
يككف ليا معنى مناقض كميان فالتفسيرات كالتضمينات
84
عشر عمى ما يظير بكساطة الصحؼ التي كانت تبدأ في ذلؾ الحيف جنكنان في استعماؿ
افحرؼ افكلى لتقصير الجمؿ العادية ،كقد تعددت كجيات النظر فيما يتعمٌؽ بلصؿ
ىذيف الحرفيف " ."OKكنكتفي بالقكؿ إف المعنى المتعارؼ عميو في كؿ البمداف التي تتكمـ
حسف...الخ .كنذكر ىنا أف
ه اإلنكميزية كمعظـ بمداف أكركبا كآسيا ىك :مضبكط ،أنا مكافؽ،
ليذه اإليماءة المختصرة "الحمقة" مصادر كمعاني أخرل في بعض افماكف .ففي فرنسا
تعني كذلؾ "صف انر" أك "ل شيء" ،كفي الياباف قد تعني "مالن" ،كفي بعض بمداف حكض
البحر المتكسط ىي إشارة فتحة أك ثقب أك فكىة كفالبان ما تستعمؿ لالشارة عمى أف رجالن
كينصح المسافركف أف يتبعكا القاعدة القائمة "إذا كنت في ركما فافعؿ
ما ىك شاذ جنسيان .ي
كما يفعؿ الركماف" إف ذلؾ قد يساعد عمى تفادم أم ظركؼ حرجة.
إيماءة اإلبياـ الرفكع :إليماءة اإلبياـ المرفكع في بريطانيا كأستراليا كنيكزيمندا ثالثة
و
معاف :إنيا عادة تستعمؿ مف جانب المسافريف المتطفميف (بلف يكقفكا السيارات لرككبيا
مجانان) كىي إشارة مكافقة (أككي) كاإلبياـ ييستعمؿ كذلؾ بالشتراؾ مع سائر اإليماءات
ٌ
تفكؽ.
كإشارة قكة أك ٌ
عالمة :Vىذه اإلشارة شعبية في أستراليا
كنيكزيمندا كبريطانيا كتحمؿ تفسي انر فاحشان ،كقد استعماليا
كنستكف تشرشؿ خالؿ الحرب العالمية الثانية لتعني
النصر كشيرىا فير أنو كاف يجعؿ راحة اليديف في
مكاجية الشخص بينما إذا كانت الراحة عمى الداخؿ (كما
في الصكرة) فإف المعنى الفاحش ىك المقصكد .كىذه
اإلشارة تعني كذلؾ في بعض أرجاء أكركبا العدد "اثنيف" .ىذه افمثمة تيظير أف سكء
التفسير الثقافي لاليماءات يمكف أف يينت نتائ مركبة ،كأف خمفية الشخص الثقافية يجب
أف تؤخذ دائمان في الحسباف قبؿ القفز إلى الستنتاجات حكؿ ما يعنيو المرء بمغة جسده.
الحركات واإليماءات التي تتحدث :تعد اإليماءة أك الحركة اإلحياء لما نفكر بو
كىي ل تكضح فقط مقاصدنا كنكايانا؛ إنما تصؼ مكاقفنا كما تظير لآلخريف .كمف
المعركؼ لكثيريف أف سكاف حكض المتكسط كخاصة الجنكبييف منيـ يقكمكف بحركات
85
كثيرة خالؿ تكاصميـ؛ مقارنة بمف ىـ أبعد نحك الشماؿ كاإليطاليكف ىـ مف أكثر سكاف
المتكسط استعمالن لمحركات .كتعكد ىذه القضية إلى الجذكر ،كىي مكتسبة بدكف أدنى
شؾ ،كتعبر عف محاكلة اإلنساف تقميد البيئة التكاصمية كمحاكاتيا.
حركاتنا ىي انعكاس لجذكرنا :عندما يتحدث شخصاف مف نفس الكسط أك البيئة فقد ل
يقكماف بنفس الحركات تمامان لتعبير عف نفس القصة .كيؤدم المكركث الثقافي
كالشخصي كالكسط العائمي كالتاريخ كالثقافة دك انر في تغيير التعابير الحركية ىذه.
حركاتنا ىي انعكاس لمكقعنا الكظيفي :إذا أخذنا في مثالنا نفس الشخصيف السابقيف،
كافترضنا أف أحدىما أصبح مدي انر عامان؛ بينما كاف ايخر رئيس قسـ عنده ،فإف كمييما
سيقكـ بتغيير تعابيره الحركية عندما يتحدثاف معان؛ ىنا يؤثر المركز ،كيتدخؿ في تغيير
السمكؾ أيضان.
حركاتنا ىي انعكاس لمشاعرنا :كما أف كال الشخصيف سيتصرفاف بطريقة حركية
مختمفة إذا كانت في مكاف لمعبادة أك في مميى ليمي أك كانا فاضبيف أك مسترخييف
متلثريف ىذه المرة بالمحيط الفيزيائي كالحالة النفسية في المحظة ذاتيا.
حركاتنا ىي انعكاس لثقافتنا :فالبان ما تقكـ الثقافة التي ينتمي إلييا الفرد بالتلثير
التشكيش عمى العكامؿ افخرل ،كبما أف حركاتنا تخضع لمبيئة ،كتتلثر بيا فيؿ يمكف
أف تبقى ممثمة لمشخصية؟ في الحقيقة عمى العكس مف ذلؾ حيث نجد دائمان نفس
الشخص مع نفس الحركات الخاصة بو ،كلكف الشركط التي تحيط بو لحظة التعبير
تقكـ بتغيير ىذه الحركات مف حيث أبعادىا كشدتيا كاتجاىيا كنكع الحركة المستعممة
تيختار عمى و
نحك ل إرادم ،كلكنو يتـ دكمان ضمف الحالت المتنكعة المميزة لمشخص
ذاتو .هكاذا كاف مف السيؿ التعرؼ إلى مظاىر كضعيات الجسد كالمسافات كالمناطؽ،
فإف افمر ليس كذلؾ فيما يخص الحركات التعبيرية .فاإلنساف يككف في حركة الميزات
النكعية الخاصة هكادراكيا بمحاكرة عبر الدخكؿ إلى أعماؽ حركاتو ليس بافمر البسيط،
كلكف لحسف الحظ فإننا نعيش يكميان ىذا النطباع الشخصي.
./5اإليماءات المرافقة لمكالم:
تؤدم أجزاء كثيرة مف جسدنا دك انر في عممية الكالـ؛ فضالن افجزاء افساسية
المستعممة فييا؛ كالشفتيف كالمساف كالفكيف .فقد نستعمؿ العينيف كعضالت الكجو ،كقد
نحرؾ رؤكسنا أيدينا أذرعنا كأقدامنا ،كيختمؼ مقدار تدخؿ ىذه افعضاء في عممية الكالـ
86
فيما ندعكه اإليماء المرفؽ بالكالـ مف شخص إلى آخر بؿ كمف شعب إلى شعب،
فالفرنسيكف كاإليطاليكف مثالن يميمكف لتحريؾ أيدييـ بحرية في أثناء الكالـ لتككيد ما ىـ
بصدد قكلو ،بينما ينزع الشرقيكف كالصينييف مثالن كاليابانييف إلى ضبط الحركات في أثناء
الكالـ.
يعرؼ كثير منا أصدقاء يصعب عمييـ إلى حد كبير التحدث دكف تحريؾ أذرعيـ
كأيدييـ في أثناء الكالـ ،كىؤلء فالبان أشخاص صريحكف انبساطيكف يتعاطفكف مع كؿ
افشياء ،كلكف يجدر بالمرء تجنبيـ حيف يقكدكف سياراتيـ؛ فف النتباه إلى المقكد يلتي
عندىـ بالدرجة الثانية مف حيث افىمية بعد الكجية التي يتكجيكف إلييا كعمى العكس مف
أكلئؾ نرل أف افشخاص افكثر تحفظان يميمكف إلى الحفاظ عمى أطرافيـ تحت السيطرة،
كأكثر بكثير مف سابقييـ؛ كذلؾ فنيـ أشخاص مكبكتكف متحفظكف كفير انبساطييف،
كىكذا فنحف جميعان نمارس اإليماء المرفؽ بالكالـ سكاء أكنا مف فئة افشخاص النبساطييف
كثيرم تحريؾ افذرع خالؿ الحديث أـ لـ نكف؛ فف تعريؼ ىذا النكع مف اإليماء ىنا يسمط
يتمـ كؿ مف حركات الجسدالضكء عمى ككنو حركة جسدية مصحكبة بالكالـ ،كفالبنا ما ٌ
كالكالـ بعضيما بعضان لينتجا معان تكاصالن يمرضيان أكثر مف الناس مف حكلنا كعمى الرفـ مف
أف اإليماء المرفؽ بالكالـ قد يككف الشيؾ افقؿ أىمية في العالقة بيف أم اثنيف إل أنو عمى
اففمب عنصر ذك قيمة كبيرة.
اإليماءات الالإرادية :مؤكد أنو مف الصعب عمى أم
منا منع نفسو مف القياـ باإليماءات الالإرادية الكثيرة ،كذلؾ
فنيا أصبحت جزءان مف عاداتو اليكمية ،بؿ كجزءان مف التقاليد
الشائع استعماليا في التكاصؿ الجتماعي بيف الناس .لكف
افصعب مف ذلؾ أيضان تخميص المرء لجسده مف اإليماءات
الالإرادية التي تبدر عنو دكف قصد يمفشيةن مكنكنات نفسو أماـ
ايخريف ،كمقدمة ليـ افنا الحقيقية لذلؾ الشخص ،بدلن مف
افنا الزائفة المشغكلة بعناية التي يكد إظيارىا أماميـ عمى
أمر بالغ
الدكاـ .إف نفاذ البصيرة إلى أفكار ايخريف كمكاقفيـ كمشاعرىـ كأحاسيسيـ ه
87
و
منافسة أكثر قكة معيـ أك في التكصؿ إلى اء في تحقيؽ
افىمية دائمان بالنسبة فم منا سك ن
عالقات أكثر تفيمان كتفاىمان فيما بيننا كبينيـ .هكاف التبصر بحقيقة شخصية ايخر ينقذنا
كثير مف المكاسب اإلنسانية
ان مف كثير مف المآزؽ التي قد تجر سكء الفيـ بؿ كيقدـ
الراقية.
كىناؾ بعض الحركات الكاجب استعماليا كالتي تحسف نقؿ الرسالة كتعززىا ،كىي:
الحركات العالية :تحمؿ جميع ىذه الحركات مفيكمان إيجابيان لنعد عمى حركة
اإلبياـ ،كلكف ىذه الفكرة لنضع اإلبياـ نحك افعمى إف ذلؾ يدؿ عمى النجاح أك إف كؿ
شيء عمى ما يراـ .إف الفائز في السباؽ ل يتردد في رفع ذراعيو إشارة لالنتصار إف
جميع حركات العتراؼ تتجو نحك افعمى؛ لتؤكد العظمة كاإلرادة كاللتزاـ .فالسالـ النازم
كحركة Vالتي أطمقيا تشرشؿ كقبضة المالكـ التي يرفعيا لألعمى عندما ينتصر جميعيا
حركات عالية تحمؿ المعنى ذاتو .كيجب أف تككف الحركات عالية ،كلكف بحسب المسافة
التي تفصمنا عف ايخر ،فقد تدؿ الحركات العالية أحيانان عمى العدائية.أك العدكانية.
الحركات المفتكحة :إنيا الحركات التي تستعمؿ في
النقاش كالتبادؿ .كتدؿ فتحة الحركة عمى الحرص كالصدؽ
كالحالة الجيدة .إف جميع حركات الستقباؿ ىي حركات
مفتكحة ،فلنت تشير مف خالؿ انفتاحؾ بلنؾ ل تخشى كل
تخاؼ مف ايخر.
استعماؿ حركات متجية نحك ايخر :تشير الحركات
المتجية نحك ايخر (دكف أف تككف عدكانية) إلى الرفبة
بالحتكاؾ ،كتدؿ عمى أنؾ تقيـ اعتبا انر لآلخر .إنيا طريقة
لتقريب المسافة التي تفصمؾ عف ايخريف ،ككلنيا تمتد تالمسيـ .إف الحركات التي تقكـ
بيا نحك ايخريف تنقؿ أفكارنا نحكىـ .كعمى المقمب ايخر ىناؾ بعض الحركات الكاجب
تجنبيا كتؤدم إلى عدـ تمرير الرسالة عمى نحك جيد ،كىي:
88
الحركة نحك افسفؿ :تحمؿ جميع الحركات المتجية نحك افسفؿ معاني سمبية،
كتعد حركة اإلبياـ المتجية نحك افسفؿ أقكاىا تعبي انر عف السمبية .كعادة ما تتضمف المغة
الشعبية تعابير تشير إلى مفيكـ السمبية ىذا.
الحركة النطكائية :ىي حركة تتجو نحك المتحدث ،كليس نحك المحاكر ،كىنا ل
تصكر خاص بو ،كتحكؿ ىذه الحركات
ٌ يبحث المتحدث عف اإلقناع ،كلكف عف بناء
بسرعة إلى نمط الحتكاؾ الذاتي (النعكاسي).
حركة الحاجز :تشكؿ ىذه الحركات حاج انز أك حدكدان يقبع المتحدث كراءىا؛ مشيرة
إلى الرفض أك إلى ا لمحافظة عندما تككف اليد أك اليداف أمامؾ كالكفاف متجيتاف نحك
ايخر؛ فإف ذلؾ يدؿ أك يشير إلى الحد الذم يجب أل يتجاكزه ايخر .عمى سبيؿ المثاؿ
عندما يقكؿ المحاكر "أنا مكافؽ تمامان معؾ كاضعان يديو عمى شكؿ حاجز أمامؾ ،فكلنو
الحد ،كلننتقؿ إلى مكضكع آخر".
يريد أف يقكؿ لؾ "لتتكقؼ عند ىذا ٌ
الحركات التشكيشية :إنيا حركات جانبية كل تتعمؽ بالرسالة ،كىي تشير إلى حالة
نفسية ،أك عاطفية ،أك خكؼ ،أك قمؽ ،أك تعب
أك عدكانية ،لكنيا ل تشير بلية حاؿ مف افحكاؿ
إلى الرسالة التي نريد تمريرىا.
./6تحميل حركات الوجو:
تعد عضالت الفـ مف أىـ عامؿ في
اإلفصاح عف تعبيرات الكجو كانفعالت النفس.
كفي عممية رصد لعدد كبير مف الناس كىـ
متلثركف بحالت انفعالية مختمفة ثـ قطع كؿ
صكرة إلى قطعتيف بخط أفقي يمر بقنطرة افنؼ.
ثـ عرضت ىذه افجزاء عمى طائفة مف الناس
كطمب إلييـ استنتاج الحالت النفعالية التي يدؿ
عمييا كؿ جزء .فدلت افجزاء السفمى مف الصدر
عمى الحالت النفعالية بطريقة كاضحة قاطعة
89
كلـ تدؿ افجزاء العميا عمى شيء إل بنسبة صغيرة .كقد لجل الباحث إلى طريقة أخرل
لتلكيد اكتشافو خمطت افجزاء العميا مف الصكر بافجزاء السفمى بحيث جمع في الصكرة
الكاحدة -لنفس الشخص -بيف عيكف ضاحكة كفـ حزيف كبيف عيكف حزينة كفـ ضاحؾ،
كفير ذلؾ مف أنكاع التبادؿ الممكف .تدؿ نتائ ىذه التجربة الثانية عمى أف عضالت الفـ
ىي العامؿ الجكىرم في الحكـ عمى تعبيرات الكجو ،كقد قاـ ىكلز بدراسة تجريبية لنفس
الظاىرة التي اكتشفيا دنالب ،فلثبت نتائ صحة دنالب :لقد دلت التجارب التي قاـ بيا
(عدد ) كبير مف العمماء نذكر منيـ عمى سبيؿ المثاؿ كميف -جك ىانسف عمى أف حركات
الكتفيف كالذراعيف كاليديف -تسفر عف الحالت النفعالية ،كتشبو كظيفتيا النفسية
الجتماعية كظيفة عضالت الفـ في اإلفصاح عف التعبيرات النفسية.
كيلخذ الكجو مكانة كبيرة في تكاصمنا مع ايخريف فيك الجزء الذم ننظر إليو أكثر
مف أم جزء آخر مف الجسد عندما نتحدث مع أحد ما .فتعابير الكالـ تظير عميو كما أنو
المكاف الذم تظير فيو المشاعر افكثر تعبيرية أك تمثيالن .ككما يقكؿ تكمكينز" :إف أكؿ
مظاىر التلثر كجيية" .كلكف ىذا التلثر سيمر في 400تركيب ممكف فكيؼ لنا أف نفسره
كنفيمو؟ ىناؾ مقكلة فرنسية ىي "فقدان الوجو" كىي تعني بالمغة العربية فقداف المكانة.
كىي حقان تعني ما تعنيو؛ فننا إذا فقدناه فقدنا الجزء افىـ منا ،كلكف ما نراه عمى كجكه
ايخريف كما ندركو يراه ايخركف ،كيدرككنو عمى كجكىنا .ىذا معركؼ كنقكـ بممارستو منذ
نعكمة أظفارنا حيث نتعمـ التحكـ بيذا الجزء مف الجسد أكثر مف أم جزء آخر ،كما نتعمـ
خداع عالمنا المحيط؛ إما بمنع مشاعرنا مف الظيكر أك مف خالؿ استبداليا هكاظيار مشاعر
كتعابير أخرل ليذا السبب سمى الكجو باسـ "المضمؿ البارع" كما أف ىذا يفسر لماذا تمكف
كثير مف الباحثيف كمنيـ ميرابياف مف إثبات أنو كمما كانت الحركة تتـ في جزء قريب مف
ه
الدماغ كاف التحكـ بيا أسيؿ.
إف معرفة اإلنساف إلشارات هكايماءاتو ،لغة الجسد كقدرتو عمى فؾ رمكزىا ل تعني
بالضركرة اختراقان لآلخر كتطفالن عمى أس ارره بغية السيطرة عميو؛ بؿ إنيا تساعد اإلنساف
عمى فيـ المحيطيف بو كحسف التعايش معيـ كما تمنحو القدرة عمى التنبو لحركات جسده
هكاشاراتو فير المحكية كتكظيفيا إيجابيان لمحصكؿ عمى أفضؿ انطباع مف الممكف تركو
90
لدل الناس .كتشير بعض الدراسات التي أجيرت عمى الصغار مف أعمار تسع كعشر سنكات
إلى أف الكضع الجسدم لمفرد كتعبيراتو الكجيية سكؼ يعكساف شخصيتو؛ لذلؾ فإف المتفائؿ
الذم يبتسـ كثي انر ترتسـ عمى افرجح خطكط كعالمات ابتسامة عمى كجيو ،كيككف منتصب
القامة ،في حيف أف المتشائـ قد ييظير بالفعؿ خطكطان كعالمات عبكس عمى كجيو؛ فضالن
عف انحناء قامتو.
أف نفيـ معنى التصاؿ بغرض أف نفيـ كيؼ يرتبط اففراد مع بعضيـ ببعضيـ
ايخر كجكد شخصيف أك أكثر معان معناه أف يحاكؿ كؿ منيما أف يشارؾ ايخر في بعض
اففكار كالمعمكمات كاإلشارات كالرمكز ذات الدللة المشتركة لكف تجارب اففراد قد
تختمؼ كخمفياتيـ هكادراكيـ؛ مما يعني تزايد احتماؿ الخالؼ حكؿ معاني الكممات .كالعالقة
التي يتضمنيا التصاؿ ليست عالقة بسيطة ،فالطابع فير المباشر لعالقات التصاؿ
مف سمكؾ شخص آخر فكرة أك معنى ،كيحاكؿ ىذا كالتي يكجد فييا شخص يستنت
الشخص ايخر أف يكصمو إليو كالشخص يحاكؿ عندئذ أف يقكـ بالستجابة كرد فعؿ
مقابؿ ىذه الفكرة أك المعنى الذم استنتجو .كفي كؿ حالة تستمر كتتكاصؿ باإلشارات
سكاء أكانت مطبكعة أك مسمكعة أك كانت حركات -كدائمان يككف مف الضركرم استنتاج
و
معاف كمدلكلت تكمف كراء ىذه اإلشارات.
لكف ليس الميـ ماذا تعني اإلشارات في ذاتيا ،هكانما الميـ في الكاقع "ماذا يعني،
كيقصد بيا ذلؾ الذم أصدرىا" كعمى ىذا ففي عالقة التصاؿ يصبح عمى المرء
(المستقبؿ) أف يستمع دائمان "بلذف ثالثة" أم يستعمؿ حكاس أخرل؛ ليكشؼ مقاصد
(المرسؿ) ككثي انر ما يؤدم تكرار تجربة التصاؿ إلى تكيؼ المستقبؿ كاعتياده عمى ما
و
معاف كأفكار ،فتصبح مللكفة لديو ،كىذه العالقة قد تستمر عمى نحك يقصده المرسؿ مف
جيد ،لكنيا أيضان قد تتطكر إلى شكؿ سمبي قد يترتب عميو العداء أك المكاجية كالصراع
الحاد ،كىكذا تتنكع عالقات التصاؿ التي تربط الفرد ببيئتو كبايخريف مف حكلو.
ما نمحظو ىك ما نحصؿ عميو في الغالب؛ لذلؾ يجب أ ٌل ل ننصت فقط لما يقكلو
الناس؛ بؿ يفضؿ أف نتلمؿ الطريقة التي يقكلكنو بيا .فإذا أظير شخص ما الحماس في
صكتو عندما يتحدث عف بدء مشركع ما كبلف القمؽ عند الحديث عف المراحؿ النيائية
91
فافرجح أف ىذا الشخص مف عشاؽ البدء؛ هكاذا أظير عكس ما سبؽ فافرجح أنو مف
ىكاة اإلكماؿ كاإلنياء ،أك إذا لحظنا أنو عند انصراؼ بصر شخص ما عنا كبدء انيياؿ
التفاصيؿ الغزيرة ،كمف ثـ يمتفت إلينا ثانية عندما تعرض عميو فكرة شاممة ،فافرجح أف
ىذا الشخص مكجو أكثر نحك الصكرة الكمية لألشياء ،كالعكس صحيح لكؿ ما سبؽ أم
سيككف الشخص الذم نتعامؿ معو عمى افرجح مكجيان نحك التفاصيؿ ،كعميو يجب أل ل
نحكـ أبدان عمى شخصية إنساف عمى الفكر؛ فنو سيستغرؽ كقتان كي يسترخي ،كيصبح
عمى طبيعتو ،كنحف سنستغرؽ كقتان كي نبحث حقيقة ما يحدث؛ كبصفة خاصة فإف بعض
أنماط الشخصية ليا لغة جسدية تترسخ مع مركر الكقت.
كلكف كفي ضكء ما تقدـ ىناؾ محاذير في قراءة لغة الجسد يجب النتباه إلييا،
كىي:
بناء عمى حالة كاحدة مف لغة الجسد ،فقد يككف ىذا مف قبيؿ الصدفة،
يجب عدـ الحكـ ن
فإذا تجعد أنؼ شخص ما عندما تكاجيو بلفكار كرؤل عف المستقبؿ ،فقد يعني ىذا أنو
شخص مستغرؽ في الماضي أك في الحاضر لكف يمكف أف يعني أف أنفو مصاب
بمرض!
ليس مف الصحيح أف تككف دائمان لغة الجسد الخاصة بالنبساطي مميئة بالطاقة
كالحيكية كالسعادة ،أيضان ليس بصحيح أف لغة الجسد الخاصة بالنطكائي تتسـ دائمان
باليدكء كالنسحابية.
إف إشارة معينة مف إشارات لغة الجسد قد ل تعني نفس الشيء بالنسبة لكؿ فرد فمثالن
مف الممكف أف يككف تكتيؼ اليديف إشارة إلى السمكؾ المالئـ بالنسبة لبعض الناس،
كبالنسبة لبعضيـ ايخر ،فإف ىذا يككف إشارة إلى أنيـ يشعركف بالبركدة ،في حيف أف
لغة الجسد التي تدؿ عمى المكـ تككف شيئان مختمفان تمامان مثؿ زـ الشفتيف.
يجب أل نعتمد دائمان عمى لغة الجسد ،صحيح أنيا تفسر 93بالمائة مف عممية
التصاؿ ،لكف فالبان ما تككف فير كاضحة في ذاتيا كفامضة في معناىا؛ لذلؾ يجب
عمينا أف نذيؿ مالحظتنا بتكجيو أسئمة مثؿ" :بالمناسبة ىؿ تفضؿ العمؿ عمى نحك
مستقؿ؟ "ألحظ أنؾ متكتر قميالن؛ ل تحب المراحؿ افكلى مف أم مشركع؟" .كعنده
سكؼ نحظى بنتيجة أكثؽ مف خالؿ اإلشارات كالتمميحات الشفيية كفير الشفيية.
92
معظـ الناس ل يقعكف عمى طرفي النقيض لمقياس أنماط الشخصية؛ لذلؾ إذا كانت
ىناؾ حيرة حكؿ شخصية ما فمف الممكف الفتراض بلنيا شخصية طبيعية.
ليس جميعنا محف انز فف يفسر لغة الجسد كعنده نحتاج إلى أف نبدأ بالعتماد عمى ما
يقكلو الناس ثـ ننتقؿ بعد ذلؾ إلى مالحظة كمراقبة ما يفعمكنو أيضان ،كسيككف مف
المفيد الحصكؿ عمى بعض المعرفة اإلضافية ،كالعتماد إلى حد ما عمى الشعكر
الداخمي ،فإذا كنا فير متلكديف مف شخصية إنساف ما ،فيجب عدـ الثقة كالسترخاء
كالتكاصؿ بالنظر كالستماع إليو كالنتظار حتى تلتينا اإلجابة.
عند التكاصؿ مع ايخريف مف خالؿ أفعاليـ ككمماتيـ كلغة جسدىـ سيككف مف المفيد
جدان النقد كعقد المقارنات هكاصدار افحكاـ ،كلكف يجب النتباه إلى أنو حتى أكثر
أنماط الشخصية استف از انز هكازعاجان -كالذم يحقر مف نفسو دائمان أك يرفع مف شلنو
أصبحت عمى ىذا النحك .لذلؾ فعمى الرفـ مف الرفبة في
ى باستمرار -عادة ما تككف قد
تجنب بعض الناس يجب أل نمكميـ أبدان أك نحقر مف شلنيـ؛ بسبب طبيعتيـ ،كىذه
الطريقة ل تنطكم فقط عمى احتراـ أكبر لآلخريف؛ هكانما تعكد بالنفع عمينا أيضان.
نماذج من األسئمة الموضوعية لمفصل الثالث:
./1قارن بين االنصات واالستماع؟
./2عدد مع الشرح أنواع الحوار؟
./3ما شروط الحوار الجيد؟
./4ابحث في العالقة بين لغة الجسد واالتصال؟
93
94
الفصل الرابع :اضطرابات التواصل ومعوقاتو
95
كقد كتب الشاعر الصكفي "جالؿ الديف الركمي" يقكؿ" :ىناؾ كراء أم أفكار عف
الخطل كالصكاب ميداف سللقيؾ عنده" .فير أف التكاصؿ المعرقؿ لمحياة يكقع اإلنساف في
عالـ مف اففكار حكؿ الخطل كالصكاب ،أك في عالـ مف افحكاـ .ىك لغة ثرية بالكممات
التي تصنؼ الناس ،كتصنؼ أفعاليـ كسمككياتيـ إلى فئتيف .كعندما يتحدث المرء بيذه
المغة ،فإنو يعمد إلى الحكـ عمى ايخريف كعمى سمككياتيـ؛ بينما يشغؿ نفسو بمف الطيب
كمف الشرير ،كمف السكم كمف الشاذ ،كمف المسؤكؿ كمف فير المسؤكؿ ،كمف الذكي
كمف الجاىؿ ،الخ.
عندما يتحدث اإلنساف بيذه المغة ،فإنو يتكاصؿ ،كيفكر مع ايخريف عمى أساس
أف لدييـ مشكمة تجعميـ يتصرفكف عمى نحك معيف ،كأحيانان عمى أساس أف لديو مشكمة
تجعمو ل يفيميـ أك ل يستجيب ليـ كما يحب .فيككف النتباه ىنا يككف منصب نا عمى
تصنيؼ مستكيات الخطل كتحميمو كتحديده؛ بدلن مف أف يككف منصبان عمى ما يحتاجو
المرء كل يحصؿ عميو ،كما يحتاجو ايخركف كل يحصمكف عميو .كىكذا ،لك أف شريكة
حياتي ترفب في حب أكثر مما أمنحو ليا ،فيي بذلؾ "كثيرة الطمبات كمعتمدة عمى
ايخريف" .كلكف لك أنني أرفب في حب أكثر مما تمنحو لي ،فيي إذف "قاسية كمتمبدة
المشاعر" .هكاذا كاف زميمي أكثر اىتمامان مني بالتفاصيؿ ،فيك "نيؽ شديد القمؽ" .هكاذا كنت
أنا أكثر اىتمامان بالتفاصيؿ ،فيك إذف "ميمؿ كفير منظـ".
إف كؿ ىذه التحميالت التي يقكـ بيا اإلنساف لمف حكلنا مف البشر ليست إل
تعبيرات محزنة عف قيمو كحاجاتو ،كىي تراجيدية فنو عندما يعبر عف قيمو كحاجاتو بيذه
الطريقة ،فإنو بذلؾ ي زيد مف رفضيا كمقاكمتيا مف جانب نفس افشخاص الذيف تيمو
سمككياتيـ .كلك أنيـ كافقكا بالفعؿ عمى التصرؼ بصكرة تنسجـ مع قيمو كحاجاتو تسميمان
منيـ لتحميالتو فخطائيـ ،فمف المحتمؿ أنيـ سيفعمكف ذلؾ خكفان أك خجالن أك بدافع مف
الذنب.
كيشير ركزنبرغ (" )2003نحف جميعان ندفع الثمف عندما يستجيب الناس لقيمنا
كحاجات نا ،ل عف رفبة في العطاء مف القمب ،كلكف بدافع مف الذنب أك الشعكر بالخكؼ
أك الخجؿ .هكاف عاجالن أك آجالن ،سكؼ نذكؽ عكاقب الكد الذم يخبك لدل ىؤلء الذيف
96
يخضعكف لقيمنا كحاجاتنا نتيجة القير الذم سنعانيو .كما أنيـ أيضان يدفعكف ثمنان مف
عكاطفيـ كمشاعرىـ؛ فنيـ مف المرجح أف تنتابيـ حالة مف السخط كالستياء كبتقدير
و
متدف لمذات عندما يستجيبكف لنا نتيجة لشعكرىـ بالخكؼ أك الخجؿ أك لحالة الذنب
كعالكةن عمى ذلؾ ،في كؿ مروة يقارف ايخركف في أذىانيـ بيننا كبيف أم مف تمؾ
المشاعر ،فإننا نقمؿ مف احتماؿ استجاباتيـ في المستقبؿ بطريقة متعاطفة لحاجاتنا
كقيمنا".
كمف الميـ ىنا أل يخمط المرء بيف "افحكاـ القيمية" ك"افحكاـ افخالقية" .فنحف
جميعان نصدر أحكامان قيمية تتعمؽ بالقيـ التي نقدرىا في الحياة .عمى سبيؿ المثاؿ ،ربما
يقدر أحدنا قيمة الصدؽ أك الحرية أك السالـ .فافحكاـ القيمية تعكس معتقدات الفرد عف
الطرؽ التي يمكف بيا خدمة الحياة بلفضؿ ما يمكف .كىك يطمؽ أحكامان أخالقية عمى
افشخاص كالسمككيات التي تخفؽ في تدعيـ أحكامو القيمية ،فيقكؿ مثالن" :العنؼ شيء
سيئ ،كمف يقتمكف ايخركف أشرار" .كلك أنو قد ترَّبى عمى الحديث بمغة تيسر التعبير عف
التعاطؼ ،لتعمـ اإلفصاح عف حاجاتو ،كقيمو عمى نحك مباشر كصريح؛ بدلن مف التمميح
إلى خطل في ايخريف ،إذا لـ يمبكا حاجاتو ،أك لـ تنسجـ تصرفاتيـ مع قيمو .عمى سبيؿ
المثاؿ؛ بدلن مف أف يقكؿ" :العنؼ شيء سيئ" يمكف أف يقكؿ" :أخشى المجكء لمعنؼ لحؿ
الصراعات ،كأقدر حؿ الصراعات اإلنسانية مف خالؿ كسائؿ أخرل".
كتعد العالقة بيف الم غة كالعنؼ مكضكع البحث الذم قاـ البركفيسكر أكه .جيو.
ىارفي ()Harvey, Hunt, & Schroder, 1961).؛ أستاذ عمـ النفس بإعداده بجامعة
بكمكرادك .كقد تناكؿ نماذج عشكائية مف افدبيات مف كثير مف بمداف العالـ ،ثـ ىح ىس ى
تك اررات الكممات التي تستعمؿ في تصنيؼ الناس كالحكـ عمييـ .كتظير دراستو ارتباطان
قكيان بيف الستعماؿ المتكرر لمثؿ ىذه الكممات كحكادث العنؼ .كمف فير المفاجئ معرفة
أف ىناؾ عنفان أقؿ عمى نحك مالحظ في الثقافات التي يفكر فييا الناس كاضعيف اإلنسانية
في الحسباف ،مما ىك عميو في الثقافات التي يصنؼ فييا الناس بعضيـ بعض نا إلى
التمفزيكف التي تعرض في "طيبيف" ك"أشرار" يستحقكف العقاب .كفي %75مف برام
تكقيتات مشاىدة بالنسبة لألطفاؿ في أمريكا ،نجد أف البطؿ فييا إما يقتؿ ،هكاما يضرب
97
ايخريف .كعادة ما يشكؿ ىذا العنؼ "ذركة" العمؿ .كالمشاىدكف الذيف تعممكا أف افشرار
يستحقكف المعا قبة ،يستمتعكف بمشاىدة ىذا العنؼ .كفي صميـ كثير مف أشكاؿ العنؼ،
إف لـ تكف جميع ىذه افشكاؿ-لفظية كانت أك نفسية أك جسدية ،كبيف أفراد افسرة أك بيف
القبائؿ -نجد نكعان مف التفكير الذم يعزك سبب العنؼ إلى خطل في جانب الخصكـ،
كعجز عف التفكير في الذات أك في ايخريف مف منظكر ما يعترم النفس البشرية مف
ضعؼ :ما يشعر بو اإلنساف أك يخشاه أك يحف إليو أك يفتقده ...الخ.
./2عقد المقارنات:
يعد استعماؿ المقارنات صكرة أخرل إلطالؽ افحكاـ .كفي كتابو "كيؼ تتعس
نفسؾ لبقية القرف؟" ،يكضح ( )Greenburg & Jacobs, 1987باستعماؿ عنصر
الفكاىة القكة الماكرة التي يمكف أف يمارسيا عمينا التفكير المقارف .كىك يقترح أنو لك كاف
لدل القراء رفبة صادقة في جعؿ حياتيـ تعيسة ،فما عمييـ إل أف يتعممكا مقارنة أنفسيـ
بايخريف.
./3إنكار المسؤولية:
إنكار المسؤكلية ىك نكع آخر مف التكاصؿ المعرقؿ لمحياة يعتـ إدراؾ اإلنساف؛
فننا جميعان مسؤكلكف عف أفكارنا كمشاعرنا كتصرفاتنا ،إلخ .كاستعماؿ التعبيرات الشائعة
التي تكحي بضركرة أك كجكب عمؿ شيء ما كما في عبارة "ىناؾ بعض افشياء التي
يتعيف عميؾ فعميا سكاء أعجبؾ ذلؾ أك ل" ،يكضح مدل فياب المسؤكلية الشخصية عف
أفعالنا في مثؿ ىذه النكعية مف الكالـ .كعبارة" ىذا يشعر بػ ،"...كما في قكلنا "أنت
تشعرني بالذنب" تعد مثالن آخر عمى الطريقة التي تيسر بيا المغة إنكار المرء لممسؤكلية
الشخصية عف مشاعره كأفكاره .كالمرء ينكر مسؤكليتو عف أفعالو عندما يعزك سبب ىذه
اففعاؿ إلى:
عمي ذلؾ".
قكل مبيمة مجردة" :نظفت فرفتي؛ فنو تعيف ى
حالتنا ،أك تشخيصنا ،أك تاريخنا الشخصي ،أك النفسي" :أتناكؿ الكحكليات؛ فنني سكير".
تصرفات ايخريف" :ضربت طفمي؛ فنو جرل عبر الشارع".
أكامر السمطة" :كذبت عمى العميؿ؛ فف رئيسي في العمؿ طمب مني ذلؾ".
98
ضغط الجماعة" :بدأت التدخيف؛ فف كؿ أصدقائي فعمكا ذلؾ".
السياسات أك القكاعد أك القكانيف المؤسساتية" :إنني مضطر لفصمؾ؛ بسبب ىذه المخالفة؛
فف ىذه ىي سياسة المدرسة".
افدكار الخاصة بالجنس ،أك افدكار الجتماعية ،أك افدكار العمرية"" :أكره الذىاب لمعمؿ،
كلكنني أفعؿ ذلؾ؛ فنني زكج كأب".
رفبات ل يمكف السيطرة عمييا" :فمبني تكقي الشديد؛ لتناكؿ قالب الشكككل".
الحظ الفرؽ بيف الطريقتيف ايتيتيف في التعبير عف اإلحباط كخيبة افمؿ:
مثال :1
أ" :لقد جعمتني أشعر باإلحباط كخيبة افمؿ بعدـ مجيئؾ بافمس".
ب" :شعرت باإلحباط كخيبة افمؿ عندما لـ تحضر بافمس؛ فنني أردت التحدث
معؾ حكؿ بعض افمكر التي تضايقني".
المتكمـ (أ) يعزك مسؤكلية شعكره باإلحباط إلى الطرؼ ايخر فقط .أما المتكمـ
(ب) ،فيعزك مشاعر اإلحباط إلى رفبتو التي لـ يتـ تيمٌبى.
مثال 2
أ" :إلغاء العقد مف جانبيـ أفضبني بالفعؿ!".
ب" :عندما ألغكا العقد ،شعرت بالغضب بالفعؿ؛ لعتقادم أف تصرفيـ ىذا فير
مسؤكؿ".
المتكمـ (أ) يعزك شعكره بالغضب إلى سمكؾ الطرؼ ايخر كحده ،في حيف أف
المتكمـ (ب) يتحمؿ المسؤكلية عف شعكره عف طريؽ العتراؼ بالفكرة أك العتقاد الكامف
كراء ىذا الشعكر .كىك يدرؾ طريقتو في التفكير التي تميؿ إلى لكـ ايخريف التي كلدت
شعكره بالغضب .كمع ىذا ،فاستنادان إلى عممية التكاصؿ الالعنفي ،فإننا نحث ىذا المتكمـ
عمى أف يخطك لألماـ خطكة أخرل ،كذلؾ بلف يحدد ما يريد :ما حاجتو أك رفبتو أك تكقعو
تمبى؟ فكمما كاف اإلنساف أكثر قدرة عمى ربط مشاعره بحاجاتو،
أك أممو أك قيمتو التي ٌ
كاف مف افسيؿ عمى ايخريف أف يستجيبكا لو برقة كتعاطؼ .كحتى يربط المتكمـ (ب)
مشاعره برفباتو ،يمكف أف يقكؿ:
99
"عندما ألغكا العقد ،شعرت بالغضب بالفعؿ؛ فنني كنت آمؿ في أف تتاح لنا
الفرصة إلعادة تكظيؼ العماؿ الذيف قمنا بتسريحيـ العاـ الماضي".
كايلية افساسية في التحفيز عمى حالة الذنب ىي إلقاء مسؤكلية مشاعرنا الذاتية
عمى ايخريف .فعندما يقكؿ أبكاف لطفميما :إننا نشعر بافلـ كالحزف عندما تحصؿ عمى
عالمات ضعيفة في المدرسة" ،ىناؾ فرؽ بيف العطاء مف القمب فيما بذلؾ يكحياف بلف
تصرفاتو ىي سبب سعادتيما كالعطاء بدافع حالة الذنب .أك تعاستيما .كتحمؿ الطفؿ
المسؤكلية عف مشاعر أبكيو يمكف أف يساء فيمو بسيكلة عمى أنو اىتماـ إيجابي بيما؛
سارة فنيما يعانياف بسببو .كلكف لك عمد
حيث يبدك أنو ييتـ كيشعر بمشاعر فير ٌ
افطفاؿ الذيف يتحممكف ىذه النكعية مف المسؤكلية إلى تغيير سمككياتيـ بحيث تنسجـ مع
بناء عمى رفبة حقيقيو ،كلكف بيدؼ تجنب الذنب.
رفبات آبائيـ ،فإنيـ ل يفعمكف ذلؾ ن
كمف المفيد أف نتعرؼ إلى عدد مف أنماط الكالـ الشائعة كالتي تميؿ إلى إخفاء
مسؤكلية المرء عف مشاعره:
استعماؿ عبارة "إنو" ،أك كممة "ىذا"" :إنو ليغيظني حقان أف تظير أخطاء إمالئية في نشراتنا
الدعائية العامة" ،أك "ىذا يزعجني بشدة".
العبارات التي ل تشير إل إلى تصرفات ايخريف كأفعاليـ:
"عندما ل تتصؿ بي في عيد ميالدم ،أشعر بجرح مشاعرم".
"أشعر باإلحباط عندما ل تنيي طعامؾ".
استعماؿ التعبير "أشعر (بإحساس ما) فف" .متبكعان بشخص أك بلم ضمير خالؼ ياء
المتكمـ:
" هجرحت مشاعرم؛ فنؾ قمت إنؾ ل تحبني" ،أك "أشعر بالغضب؛ فف المشرفة لـ ت ً
ؼ
بكعدىا".
في كؿ افمثمة ،بإمكاف المرء أف يعمؽ إدراكو بمسؤكليتو عف مشاعره عف طريؽ الربط بيف
مشاعره كحاجاتو .استعماؿ عبارة "أشعر فنني" .عمى سبيؿ المثاؿ:
" oأشعر بالغيظ بالفعؿ عندما تظير أخطاء إمالئية كيذه في نشراتنا الدعائية العامة؛ فنني
أرفب في أف تعطي شركتنا صكرة احترافية".
" oأشعر باإلحباط عندما ل تنيي طعامؾ؛ فنني أريدؾ أف تنمك قكيان كفي صحة جيدة"
100
" oأشعر بالغضب مف عدـ كفاء المشرفة بكعدىا؛ فنني كنت أعتمد عمى أخذ ىذه العطمة
افسبكعية الطكيمة لزيارة أخي".
./4التعبير عن الرغبات في شكل أوامر:
يعد التعبير عف الرفبات في شكؿ أكامر صكرة أخرل لمغة التي تعكؽ التعاطؼ.
فافمر يمثؿ تيديدنا صريحان أك ضمنيان لممتمقي؛ فنو سيتعرض لمكـ أك العقاب إذا أخفؽ
في اإلذعاف كالطاعة .كىي صكرة شائعة لمتكاصؿ في عالـ اليكـ ،كيستعمميا عمى كجو
الخصكص كؿ ىمف يىـ في مكقع السمطة.
كما يقترف التكاصؿ المعرقؿ لمحياة أيضان بفكرة ،أف ىناؾ أفعالن تستدعي المكافلة،
كأخرل تستدعي العقاب .كيعبر عف ىذه الطريقة في التفكير بكممة "يستحؽ" كما في ىذه
العبارة عمى سبيؿ المثاؿ" :إنو يستحؽ العقاب جزاء فعمتو" كتفترض ىذه الطريقة في
التفكير "الخطل" في افشخاص الذيف تصدر عنيـ تصرفات معينة ،كتدعك إلى معاقبتيـ
كي يندمكا عمى أفعاليـ كيغيركا سمككيـ ،كيؤكد ركزنبرغ (" )2003أعتقد أف مف مصمحة
الجميع أف يتغير مثؿ ىؤلء الناس ،ليس تجنبان لمعقاب ،كلكف إلدراكيـ أف التغيير مفيد
ليـ".
إف المغة التي تعمٌمنا أف نتحدث بيا في سنكات نضجنا ،تشجعنا عمى التصنيؼ
كالمقارنة هكاعطاء افكامر هكاطالؽ افحكاـ؛ بدلن مف محاكلة إدراؾ مشاعرنا كالتعرؼ إلى
حاجات نا .إف التكاصؿ المعرقؿ لمحياة راسخ كمتلصؿ في أفكار حكؿ الطبيعة اإلنسانية
مارست تلثيرىا لقركف عديدة .كىي أفكار تؤكد أف ما في اإلنساف مف شر كنقص فطرم،
كعمى حاجتو لمتعمـ مف أجؿ كبح جماح طبيعتو المتلصمة فير المرفكب فييا .كفالبان ما
يتركنا ىذا التعمـ في حالة تساؤؿ عما إذا كاف ىناؾ خطل أك عيب فيما يمكف أف يشعر
بو اإلنساف كيككف بحاجة إليو .نحف نتعمـ مبك انر فصؿ أنفسنا عما يجرم داخؿ أنفسنا.
ومعوقاتو؛ تبعاً لتصنيفاتو:
ّ ثانياً -اضطرابات التـواصـل
بحسب وظيفية التواصل:
إف كظيفة المغة ىي التكاصؿ حكؿ اففكار كافحداث ،هكاف اففكار كالمعاني التي
تنقؿ مف خالؿ التكاصؿ الاللفظي أكثر مف تمؾ التي نتبادليا عف طريؽ التكاصؿ المفظي؛
101
لذلؾ يعتمد ىذا النكع مف التكاصؿ عمى استعماؿ المغة الاللفظية ،كيتـ بدكف كممات
منطكقة أك مكتكبة؛ أم بكساطة اإليماءات كتعبيرات الكجو كالمظير ،كىك ما يسميو
بعض الباحثيف لغة الجسد ،كقد أشار )1967( Mehrabian and Ferrisإلى أف
التلثير الكمي لمرسالة في أثناء عممية التصاؿ يتككف مف لفظي (كممات فقط) (حكالي
)٪7صكتي (نبرة الصكت انعطاؼ الصكت كأصكات أخرل) ( )٪38كالعناصر الاللفظية
( )٪55كيقترح ( .)Hickson, Stacks, Moore, 2004مف ناحية أخرل ،أف الشفرات
المفظية تحدد ٪35مف عممية التصاؿ ،بينما الػ ٪65المتبقية يحدد تحديدىا بكساطة
أككاد ل لفظية.
التواصل المفظي:
مستميمان مف نمكذج شانكف ،كفي تحميمو لمعالقة بيف البكيطيقا كافلسنية ()1963
اقترح المفكر كافلسني جاككبسكف ( )Jakobson, 1963نظرية عامة لمتكاصؿ المفظي،
كمختمؼ عكاممو التي ل يمكف التصرؼ بيا؛ فضالن عف الكظائؼ المغكية المرتبطة بيا.
كبالترابط مع عناصر التكاصؿ الستة ،يميز جاككبسكف ستة مككنات لمتكاصؿ ىي كظائؼ
التكاصؿ كالتي يمكف أف تتعطؿ مف خالؿ إخالؿ المتكاصميف بإحداىا أك بلكثر:
الكظيفة المرجعية :كتتعمؽ بالسياؽ الذم تحيؿ إليو الرسالة ،التي يشار إلييا أحيانان؛
بعبارة "مرجع الدللة" المبيمة؛ نحف بصدد الكظيفة اإلخبارية ،اإلبالفية أك المعرفية
لمرسائؿ.
الكظيفة التعبيرية :المتكمـ يعبر عف مشاعره؛ كيقترح جاككبسكف أف تصنؼ جميع
العالمات الصكتية ،أك المتعمقة بنبرة الكالـ ،أك القكاعدية ،أك المتعمقة بالمفردات كالتي
تظير الطبقة "الكاعية" لمغة تحت ىذه الفئة؛ فضالن عف حركؼ التعجب (الشكؿ المغكم
افكثر تمي انز).
الكظيفة التلثيرية :تركز الىتماـ عمى المستقبؿ أك المخاطب أك المرسؿ إليو الذم نريد
إثارة أثر ما عنده (أسئمة ،إطراء ،أمر ،تيديد ،الخ) .كافشكاؿ القكاعدية لمتعبير افكثر
تميي انز ليذه الكظيفة ىي صيغة المنادل ،كافمر ،كتترجـ ىذه الكظيفة التكاصمية رفبة
المرسؿ بالتصرؼ تجاه المستقبؿ.
102
كظيفة المتابعة :ينصب الىتماـ ىنا عمى المحافظة عمى التكاصؿ بيف المرسؿ
كالمستقبؿ (استكشاؼ ،مجاممة) .يتعمؽ افمر في الكاقع بجعؿ المحادثة فاعمة كالحفاظ
عمى استمرارىا .كتكجد صيغ فارفة مف المعنى ليا أساسا ىذه الكظيفة مثؿ (الك ،ىؿ
تسمعني؟).
الكظيفة الميتالغكية :إنيا النظاـ أك القكاعد الخاصة بالمغة المستعممة كالتي تصبح
مكضكع الىتماـ .تتيح ىذه الكظيفة تطكير لغة متخصصة مكضكعيا الرمز كالقكاعد.
ككمما رأل المرسؿ أك المستقبؿ أنو مف المفيد تحديد معنى كممة أك تعبير أك جزء مف
الحديث ،تظير الكظيفة الميتالغكية ،إنيا تسعى إلى تفسير الرمز كالتحقؽ مف أنيما
يتشاركاف الرمز نفسو.
الكظيفة البكيطيقية :تتركز ىذه الكظيفة حكؿ الرسالة نفسيا ،مف أجؿ البحث مثالن عف
التنكعات كالصكر البيانية؛ كىي تبرز جميع الظكاىر افسمكبية التي تشدد عمى مادية
العالمة؛ كالنطؽ كالجناس كالسجع (انظر الشعار النتخابي الشيير الذم قدمو
جاككبسكف كمثاؿ .)I like Ik
التواصل الاللفظي:
معكقات التكاصؿ فير المفظي تتعمؽ بتكظيؼ أك فيـ خاطئ لتعابير الجسد أك
تعرؼ عناصر التكاصؿ فير الممفظي
الكجو ،المسافة ،المالبس ،الرائحة...،الخ ،في حيف ٌ
عمى أنيا حركية ،ماكراء لغكية ،المظير الجسدم ،الممس ،المالبس كاإلكسسكارات،
عرؼ عناصر لغة الجسد عمى أنيا تعابير الكجوالمزامنات ،الصمت .تي َّ
المسافة ،ي
كاإليماءات كالمكقؼ كالتكاصؿ البصرم.
فيما يلتي ممخص عف حركات الجسد كما كردت في (كاسكحة .)2008 ،فقد ،قدـ
ككسنييو في عاـ )Cosnier, p.296( 1987تصنيفان لحركات الجسد يتميز" ،بالتكليؼ
بيف التصنيفات السابقة هكافنائيا".
103
شبو لغوية
مولدة لمصوت
أو "نغمات" الميل:
ُ شبو المفظي
"إيقاعات"
المعبرة عن فكرة أو
المجازية تحدث الحركات
المشاركة
التعبيرية بالضرورة المغوية
الصوتية
التوضيحية اإليماءات مع بالتزامن (التواصمية)
التصويرية األيقونية المفظي
المكانية
الحركية
تضمن حركات التزامن الذاتي ُمزامنة
حركات التزامن مع الغير التفاعل
حركات تركز عمى الذات (حك ،توازن ،إيقاع)...، حركات
حركات تركز عمى موضوع (قمم ،دفتر.،نقود)...، لغوية
حركات لمراحة إضافية
104
الحركات منطكقان لفظيان أك تنقؿ لكحدىا فعالن لغكيان .كىكذا فالحركات شبو-المغكية تنت
تارة عمى نحك مستقؿ ،كتارة بالتالزـ مع الكالـ لتعزيزه.
الحركات التزامنية :كترتبط مباشرة باإلنتاج المفظي :فيي ل يمكف أف تكجد بمعزؿ
عف اإلنتاج المفظي المالزـ ليا.
الحركات مكلدة الصكت :كحركة الشفاه في أثناء التكمـ كالتي تنشل مف نشاط
افعضاء الصكتية.
الحركات المشاركة-المفظية ،كىي التي ترافؽ الخطاب المفظي ،كىي كفيمة بلف:
• تعزز محتكل الخطاب المفظي.
محتكل إضافيان إلى المحتكل المنقكؿ بالمفظي.
ن • تضيؼ
• تحيؿ إلى أجزاء الخطاب أك سياؽ الكالـ المرتبطة بمكضكعو.
كمف بيف الحركات المشاركة-المفظية ،يجب أف نميز:
التكضيحية :التي يفترض أنيا تكضح الخطاب .كتحيؿ إلى محتكل المنطكؽ
المفظي بكصفيا :عناصر إشارة ،تؤسس أك تكحي بالترابط بيف فعؿ المغة كالمككنات
الظرفية (عناصر إشارية محسكسة) .مثاؿ :اجمس ىناؾ ،مف فضمؾ <النظر كاليد
اليمنى مفتكحة ،راحة اليد لألعمى ،تشير إلى المقعد الذم يجب الجمكس عميو>.
كيمكف أف تحيؿ العناصر اإلشارية أيضان إلى جزء آخر مف الحديث أك سياؽ الكالـ
الذم يصكفو المتكمماف (عناصر إشارية مجردة) .مثاؿ :آه ،قمت ىذا مف أجؿ
المزاح! ينظر المتكمـ ،كيشير بإبياـ يده اليمنى فجلة نحك اليميف في الفضاء
الحركي.
افيقكنية ،كىي تتعمؽ بمحتكل المنطكؽ المفظي عمى شكؿ تمثيؿ تصكيرم في
الفضاء الحركي ،كنميز:
• اإليمائية-التصكيرية ،كىي تعيد إنتاج صفات المدلكؿ أك أشكالو في الفضاء
الحركي .مثاؿ :إنو منزؿ صغير لمتخييـ فيو .تتقارب رؤكس أصابع اليديف عمى مستكل
الكجو ثـ تنزؿ اليداف عمى نحك عمكدم كؿ يد إلى جيتيا.
• اإليمائية-المكانية ،كىي تعيد إنتاج بنية مكانية .مثاؿ :ثـ بنكا مم انر راحة اليد
اليسرل نحك افعمى تحت النير راحة اليد اليمنى نحك افسفؿ فكؽ اليد اليسرل.
105
• اإليمائية-الحركية ،كىي تكحي بالحدث أك الحالة التي يتـ التكمـ عنيا في
الخطاب المفظي .مثاؿ :ىي مريضة الرأس منحف نحك اليميف ،الذراعاف تنسدلف نحك
الجسـ ،كالركبتاف مثنيتاف قميالن__تكقؼ__تخفض الرأس كالنظر عمى الكرقة التي تمسكيا
بيدييا.
إف افنكاع الثالثة مف الحركات اإليقكنية ليا الكظيفة نفسيا :الرتباط بصكرة
مدلكؿ ما.
• التعبيرية (كبصكرة أساسية اإليمائية النفعالية الكجيية) يفترض أنيا تظير
انخراط المتكمـ بحديثو .كيمكف تسميتيا الحركات "المحددة لمصيغة" أك "المشكمة لمصيغة":
كىي تخبرنا عف حالة المتكمـ بالنسبة لما يقكلو كبالنسبة لممخاطبيف .مثاؿ :تعاؿ! (أمر)
ينظر إلى المخاطب كالعيناف شبو كمغمضتيف كالحاجباف مقطباف.
• شبو المفظية ،كىي كثيقة الصمة بالمفظ كالنحك (تحدد القصد كالتشديد كالتفخيـ ،أك
تحدد المحظات الرئيسة في التفكير) ،كمف بيف ىذه الحركات يجب تمييز:
• الميؿ ،كىي تقطع الخطاب دكف ربط صكر متممة.
• المعبرة عف فكرة أك المجازية ،كىي تجسد اففكار المجردة ،مثؿ الترابط
الستدللي.
• الحركات ال مزامنة ،تؤمف حسف سير التفاعالت .كىي تنشل مف التعاكف كالتضامف
بيف الفاعميف ،الالزميف لتحقيؽ التبادؿ المغكم .كتقسـ إلى فئتيف فرعيتيف:
حركات التزامف الذاتي ،أك التزامف بيف الحركة كالكالـ.
حركات التزامف مع الغير ،أك التنسيؽ بيف حركات المستقبؿ ككالـ المتكمـ.
ال ،مف جانب المرسؿ ،النظرات كالذقف
تؤمف الحركات المزامنة تنسيؽ التفاعؿ (مث ن
ىز الرأس مع "ممـ-ممـ-ممـ" لتلكيدلتكزيع أدكار الكالـ ،أك أيضان مف جية المستقبؿٌ ،
اإلصغاء) .كتحتؿ ىذه الحركات مكانة جكىرية في فاعمية العالقة التربكية .كىي تضمف
تناكب أدكار الكالـ أك ثب ات الفرد في المكانة التي يحتميا في خضـ التبادؿ أك تتيح تقييـ
نكعية استقباؿ المعمكمات.
106
كىكذا يمكف مالحظة تقانات التكاصؿ ،كانفتاح التفاعؿ مع مختمؼ صيغ المخاطبة
المفظية في التبادؿ الحركي :القبالت ،راحة اليد ،العناؽ؛ حسب الفئة التي ينتمي إلييا
الشريؾ كالحالة المتبادلة.
إننا نستعمؿ جسدنا كداعـ يسيؿ التكاصؿ دكف أف نعي أىمية تعددية صيغ ىذا
التكاصؿ كل الترابط المفصمي بيف فير المفظي كالمفظي .كقد اىتـ الباحثكف لمدة طكيمة
عمى نحك رئيس بالجكانب المفظية ،كأىمؿ أفمبيـ ،إف لـ نقؿ جميعيـ الجكانب فير
المفظية التي تظير بصكرة لفظية متنكعة (النطؽ ،الصمت) أك بصكرة فير لفظية (جميع
التجميات المتعمقة بكضعية الجسد كاليمائية كالحركية) ،النظرة ،البتسامة ،الممسة أك أية
حركات أخرل .إل أنو منذ الخمسينيات ،اعترؼ كثير مف الباحثيف في افلسنية
افنتركبكلكجيا كالطب النفسي بتعددية صيغ التكاصؿ.
في عاـ ،1996كاف ككراز ( )Corrazeقد أكضح أننا "نطمؽ تعبير التكاصؿ فير
المفظي عمى الحركات ككضعية الجسد كاتجاىات الجسد كخصكصيات الجسـ الطبيعية أك
الصطناعية كحتى عمى تنظيـ افشياء كالمسافة بيف اففراد كالتي بفضميا تينقؿ
المعمكمات" .كحسب ىذا المؤلؼ يستعمؿ التكاصؿ فير المفظي ثالثة دعائـ:
الجسد ،بصفاتو الفيزيائية كالفيزيكلكجية كحركاتو.
عند اإلنساف ،افشياء العارضة المرتبطة بالجسد (المالبس ،الكشـ ،بتر افعضاء لمطقكس)؛
كافشياء العارضة المرتبطة بالبيئة ككؿ ما ينتجو اإلنساف مف بدع يمكف أف تخدـ التكاصؿ.
كؿ ما ينتشر في الفضاء المكاني لألفراد ،سكاء كاف ىذا الفضاء مساحة مف افرض أك
الفضاء المحيط بالجسد كيرتبط بو.
نمحظ أف ىذه التعاريؼ تفترض إمكانية التعرؼ إلى كظيفة دللية في مختمؼ ىذه
الدعائـ ،كىذا افمر ل يخمك مف المشكالت .فنحف نعرؼ الخالؼ الذم قاـ في أكركبا
ب يف أنصار المغة "الراقية" كأكلئؾ الذيف كانكا يطالبكف بالشفاىية لتجنب سكء الفيـ .كيكفي
استحضار ىذا الخالؼ لتكضيح أف التعرؼ إلى القيمة الدللية لمحركات ليس كاضحان.
عد أنو تـ تجاكز ىذه المشكمة اليكـ ،حيث كتب بيرنيكك ( )Bernicotعاـ 1968
كيمكف ٌ
107
أف فعؿ الكالـ أك التكاصؿ بالحركات "ىك تبني تصرؼ محدد بقكاعد معقدة في عممية
تكاصؿ معينة".
كمع ذلؾ ،ىناؾ نكع مف التردد في كضع المغة المفظية كلغة الحركات أك فير المفظية
عد أف ىناؾ نكعان مف التكازم بيف عالـ المفظي كعالـ المغة بحد
بالمستكل.نفسو؛ بؿ يمكف ٌ
ذاتو كعالـ فير المفظي( .)Vivier, 2005فقد تطكر ىذا افخير في إطار عمـ العادات:
دراسة اإلشارات التي تستعمميا التي تنتمي لمنكع نفسو .إل أنو لـ يكف مف الممكف التكقؼ
ىنا ،حيث بدأت تتطكر افعماؿ التي تتناكؿ التكاصؿ الحركي لدل افطفاؿ كالكبار مف
البشر ،كبدا أف التكازم ل يتكافؽ مع دراسة تعقد الترابط المفصمي بيف المفظي كالحركي
في التفاعالت اإلنسانية.
كىكذا ،كفي مجاؿ عمـ نفس التطكر ،درس ماؾ نيؿ ( McNeill, 1985, 1987,
) 1992تطكر الحركية مف خالؿ الىتماـ أكثر بالعالقة بيف المغة كالحركة .كقد اىتـ
بالتحديد بالعالقة بيف الحركة كالمغة المفظية .كيقترح نمكذجو أف الحركة كالمغة تتشاركاف
البنية النفسية ذاتيا .كيعد ماؾ نيؿ أف ىذيف الشكميف مف التعبير مرتبطاف بصكرة جكىرية
كيشكالف نظامان فريدان" :تعد الحركات جزءان منفصالن مف المغة مثؿ الكممات كالعبارات
كالجمؿ ،فالحركات كالمغة تعداف نظامان كاحدنا إنيما يعمالف معان لمتعبير عما يعنيو المتكمـ
رفـ اختالؼ طريقة المعالجة لكؿ منيما ،كالتي ىي مجازية كشاممة في افكلى كتحميمية
كرقمية في الثانية".
بالخركج مف فكرة التكازم ،تبقى المشكمة إذان في تحديد ىذا "النظاـ الفريد" أك عمى
افقؿ ذلؾ الترابط المفصمي الدينامي بيف الكالـ كالحركة .فمنذ عاـ ،1988عرؼ
ككسنييو ( )Cosnierالمغة عمى أنيا "نظاـ فائؽ مؤلؼ مف ثالثة أنظمة فرعية :النظاـ
الفرعي المفظي كالنظاـ الفرعي الصكتي كالنظاـ الفرعي الحركي" .اقترح بافالف
( )Pavelin, 2002فكرة تساكؽ الكالـ كالحركة .كل يفترض ىذا التساكؽ بالضركرة
التزامف بمعنى التراكب الزمني حرفيان .فالتساكؽ يحصؿ حتى عندما ل يككف ىناؾ تزامف،
كنككف أماـ تآزر بيف اإلنتاج المفظي كما يسميو اإلنتاج المتعمؽ بكضعية الجسد كاإليماء
كالحركة.
108
ما الذم يجب أف نفيمو مف التعبير المتعمؽ بكضعية الجسد كاإليماء كالحركة في
عممية تكاصؿ عامة (أم متعددة الصيغ كمتعددة افبعاد) يعرؼ بافالف ىذا التعبير
(بكضعية الجسد كاإليماء كالحركة) بلنو مجمكعة الحركات ككضعيات الجسد ،كيضعيا
في ثالثة مستكيات رئيسة حسب نقاط ترابطيا المفصمي:
الرأس/الكجو :حركات الرأس (انحناءة الرأس) كتغيرات شكؿ الكجو (ليف ،حركات الحاجبيف،
اتجاه النظرات).
مف العنؽ حتى الخصر ،حركات الذراعيف ككضعيتيما ،اليديف ،الكتفيف ،النصؼ افعمى مف
الجسـ.
تحت الخصر :حركات الساقيف ككضعيتيما ،اتجاه النظرات ،الحاجبيف.
يشمؿ التعبير المتعمؽ بكضعية الجسد كاإليماء كالحركة ثالث كممات تتعمؽ بالتصرؼ فير
المفظي في التفاعالت كجيا لكجو:
كضعية الجسد أك طريقة تمكضع الجسـ بكاممو أك جزء منو.
اإليماء أك الشكؿ المحدد لتعابير الكجو (الجبيف ،افنؼ ،الفـ).
الحركات :حركات الجسـ (خاصة الذراعيف ،اليداف ،الرأس) ،سكاء بصكرة إرادية أك ل
إرادية ،كالتي تكشؼ عف حالة نفسية ما أك تيدؼ إلى التعبير عف شيء ما أك تنفيذ شيء
ما .كذلؾ الحركات البسيطة المعبرة أك المميزة لمذراعيف كاليديف كالرأس كالقدميف (انظر
قامكس.)Petit Robert, 1982
كىكذا ،يمكف لمتشبيو بافكركست ار أف يساعد عمى إعطاء صكرة عف ىذا التنافـ:
فالتركيز عمى أنشطة مقصكدة كذات معنى يقكد إلى الحديث عف التكاصؿ بحسبانو
مجمكعة مف التصرفات المفظية كفير المفظية التي تظير نمكذجان مف التفاعؿ
افكركسترالي أك متعدد افصكات أكثر مما يظيره بحسبانو تمثيالن مرتبطان بالرسالة البرقية
(.)Winkin, 1981/2000, 1996/2001
مع ذلؾ ،فإنو ليس مف السيؿ تحديد طبيعة العالقات بيف العناصر التي تشكؿ ىذا
التنافـ .يمحظ بافالف (المصدر السابؽ) بيذا الشلف ،أف مصطمح "التساكؽ" ل يكحي
يفضؿ استعماؿ
ٌ بالضركرة بترابط العالقة بيف العناصر المتساكقة .مع أف المؤلؼ
مصطمح "التالزـ" .كىكذا ،فعندما يتحدث عف تالزـ تدفؽ كضعية الجسد كاإليماء
109
كالحركات مع سمسمة الكالـ ،فإنو يحيؿ إلى الحركات المغكية شبو افلسنية كاؿ
syllinguistiquesأك المزامنة.
يبقى تحديد كظائؼ ىذه المجمكعة مف الحركات ،ككضعيات الجسد في قمب ىذا
التنافـ.
بالستناد إلى بكديشكف ( )1999, P. 41-42نقترح التمييز بيف الكظائؼ التالية
لمتكاصؿ فير المفظي:
الكظيفة الدللية :أم التمتع بدكر كظيفي كإعطاء الشكؿ المفظي (كظيفة دللية) .فالعالمات
فير المفظية ذات الكظيفة الدللية تدؿ عمى معنى بذاتيا ،عمى سبيؿ المثاؿ ،عندما تدعـ
عالمة فير لفظية ما أك تكضح أك تضخـ أك تخفؼ أك تعارض عالمة لفظية .كحسب
المؤلؼ ،يمكف لمعالمة فير المفظية أيضان أف تككف مستقمة عف العالمة المفظية ،كأف تحؿ
محميا( .انظر الشعارات .)emblemes
الكظيفة النحكية :تتعمؽ بالعالمات فير المفظية التي تنظـ ظيكر العالمات المفظية المتزامنة
كانتظاميا ،أك المتتالية ،فمثالن عندما تحدد نقاط التكقؼ العالمات فير المفظية ،فيي تسيـ
في التجزئة كالمزامنة.
الكظيفة البرافماتية:
مف جية ،ىناؾ حركات إشارة تنقؿ المعمكمات المرجعية ،أم المتعمقة بالمكضكع
المطركؽ،
مف جية أخرل ،تكجد عالمات تخبر عف حالة أك خكاص المرسؿ/المستقبؿ في
تمكضع اجتماعي متبادؿ بيف المتحادثيف .إننا بصدد حركات تكشؼ عمى سبيؿ
المثاؿ عف حالة كتعبر عف شخصية أك نية.
كظيفة ضبط المشاعر كالنيات عندما تسيـ العالمات بكبح أك إظيار افنا ،كضبط شركط
العالقة بيف افشخاص.
الكظيفة الحكارية تتدخؿ عندما تسيـ العالمات في ضبط تدفؽ العالقة ،كتؤمف انسياب
التفاعؿ في لعبة تبادؿ المكاقع الدقيقة.
جانب آخر مف جكانب التكاصؿ فير المفظي ىك المظير الجسدم .تسيـ النظافة
الشخصية كالعناية المالبس كاإلكسسكارات كالمكياج عمى نحك كبير في المظير الجسدم
110
لمفرد .يعد اختيار الممحقات مثؿ المجكىرات كافحذية ،كربطات العنؽ ،كحقائب اليد،
كالحقائب ،كما إلى ذلؾ كالتناسؽ بينيا أم انر ميمان مف حيث خمؽ مظير جسدم إيجابي
(.)Debasish and Das, 2009
يمثؿ الممس كالتكاصؿ الجسدم كجانب مف جكانب التكاصؿ فير المفظي .باإلشارة
إلى أف التكاصؿ الممسي قد يختمؼ مف ثقافة إلى أخرل ،يذكر Heslin and Alper
( ) 1983أف ىناؾ خمسة أنكاع مختمفة مف التكاصؿ الممسي :التكاصؿ الممسي الميني
كالكظيفي (كما في حالة لمس الطبيب أك طبيب افسناف لمريضو /مريضيا) ،كالتكاصؿ
الجتماعي كالميذب عف طريؽ الممس (مثؿ المصافحة) ،كالتكاصؿ الكدم (الترحيب،
التكديع ،كما إلى ذلؾ) ،كالحب كالتكاصؿ الحنكف ،كالتكاصؿ الممسي لمطبيعة الجنسية.
تشمؿ افشياء القابمة لممعالجة كخصائصيا البيئية (القطع افثرية) الرمكز كالصكر
كافلكاف .في التكاصالت ،تينقؿ الرسائؿ مف خالؿ الكائنات داخؿ البيئة ،كمف خالؿ البيئة
نفسيا .ىناؾ عدد مف العالمات البيئية التي ليا تلثير في التكاصؿ فير المفظي ،مثؿ
درجة الح اررة كالضكضاء كتخطيط افثاث كتصميـ المباني كالصكر كالزىكر كما إلى ذلؾ،
عالكة عمى ذلؾ ،قد تؤثر حقائب الظير كالحقائب كاليكاتؼ المحمكلة التي يحمميا
افشخاص أيضان في طبيعة التكاصؿ (.)Guerrero & Farinelli, 2009
111
التسمسؿ الزمني ىك مجاؿ دراسة يتعمؽ باستعماؿ الكقت ،كيع ٌد جانبان ميمان مف
جكانب التكاصؿ فير المفظي ،ككفقان لػ ،)2010( West & Turnerتساعدنا التسمسالت
الزمنية عمى إدراؾ كيفية إدراكنا لمكقت في العالقات كالحكارات اإلنسانية.
"الصمت" كلحد الجكانب الميمة لمتكاصؿ فير المفظي ،يمثؿ اليدكء كالصمت.
يقترح )1973( Bruneauأف ىناؾ ثالثة أشكاؿ مف الصمت :الصمت المغكم النفسي،
كالصمت التفاعمي ،كالصمت الجتماعي-الثقافي .قد يككف الصمت ناتجان عف مجمكعة
متنكعة مف افسباب ،كليس مصادفة .فكؿ شكؿ مف أشكاؿ الصمت لو معنى فريد قد
يؤدم إلى تفسيرات كعكاقب مختمفة .إف شكؿ التكاصؿ الذم يحدد المعنى الحقيقي ليذه
افشكاؿ مف الصمت ىك طبيعة العالقة القائمة بيف اففراد كلغة جسدىـ.
التواصل ما وراء المفظي:
يجب أف تتكفر مجمكعة مف العناصر (المككنات) حتى تتـ عممية التكاصؿ بنجاح
كفاعمية ،كعندما ل تتكفر ،فيذا يككف معيقان لمتكاصؿ النساني .نقالن عف (عمايرة
كالناطكر.)2014 ،
نج ىرة
الح ى
الصوت ( :)Phonationينت الصكت عندما ييتز الكتراف الصكتياف في ى
بفعؿ تيار اليكاء الذم يخرج مف الرئتيف في أثناء عممية الزفير .كالكتراف الصكتياف ىما
عبارة عف ثنيتيف قادرتيف عمى الىتزاز هكاصدار الصكت ،كل ييتز الكتراف الصكتياف عند
نطؽ جميع افصكات .إذ يتباعد الكتراف الصكتياف عند نطؽ بعض افصكات ليسمحا
لميكاء أف يمر بحرية .كيحدد تردد الكتريف الصكتييف تبعان لعدد مرات فتحيما هكافالقيما
في الثانية الكاحدة فيما يعرؼ فيزيائيان بالتردد افساسي )(Fundamental Frequency
هكادراكيان بطبقة الصكت عند اإلنساف) (Pitchكيمكف تقسيـ خصائص الصكت إلى ست
خصائص أساسية ،ىي :التردد ( )Frequencyكما يقابمو سماعيان مف طبقة (،)Pitch
كالشدة ( ،)Intensityكما يقابميا مف عمك ( )Loudnessكالنكعية ()Quality؛ فضالن
عف معدؿ الكالـ هكايقاعو.
112
اضطرابات الصوت وأسبابيا:
عف تعرؼ اضطرابات الصكت عمى أنيا تغير فير طبيعي في الصكت ينت
كجكد خمؿ في طبقة الصكت أك شدتو أك نكعيتو بحيث يمفت انتباه كؿ مف المتكمـ
كالسامع ،كتقسـ اضطرابات الصكت الى ثالث مجمكعات رئيسة:
العضكية :كتظير نتيجة لتغير في بنية افكتار الصكتية كتكرـ افكراـ الصكتية كتجمع
السكائؿ فييما.
نج ىرةى أك نتيجة لتمؼ دمافي يؤثر في
الح ى
العصبية :كتنت عف خمؿ في افعصاب التي تغذم ى
عمؿ افكتار الصكتية.
الكظيفية :كتنت عف سكء استعماؿ الصكت؛ كالصراخ أك عدـ استعمالو بطريقة صحيحة؛
كالتحدث في أثناء الشييؽ أك استعماؿ طبقة صكتية فير مناسبة أك فسباب نفسية؛ مما
يؤدم إلى فقداف كامؿ أك جزئي لمصكت.
113
افدكات المغكية المرفكبة فيما يعرؼ بعممية النطؽ ،فالشفتاف مثالن تمتقياف معان إلنتاج
افصكات الشفكية كالباء كالميـ ،كرأس المساف يمتقي مع المثة إلنتاج افصكات المثكية
ؽ
كالتاء كالالـ كالنكف كفيرىا ،كما تختمؼ طريقة نطؽ افصكات ،فبعض افصكات ،تينطى ي
مف خالؿ حبس اليكاء بصكرة تامة ،كمف ثـ اطالقو فجلة كما يحدث في نطؽ افصكات
النفجارم) ،(Plosivesبينما يي َّ
ضيؽ مجری اليكاء إلحداث صفير لنطؽ أصكات أخرل
كما في افصكات الحتكاكية ( ،)Fricativesمف ناحية أخرل يككف خركج اليكاء عند
نطؽ بعض افصكات مف افنؼ بدلن مف الفـ؛ منتجة ما يعرؼ بافصكات افنفية
( ،)Nazalكييتز الكتراف الصكتياف في أثناء نطؽ بعض افصكات المجاكرة ،بينما
يتباعداف في أثناء نطؽ أصكات أخرل (ميمكسة).
المغة ( :)Languageالمغة نظاـ لمتعبير عف المفاىيـ باستعماؿ رمكز كقكاعد
محددة .كقد تككف ىذه الرمكز صكتية أك كتابية أك إشارات ،كتشتمؿ المغة عمى مككنات
خمسة ،ىي :افصكات المغكية كالنظاـ الصكتي كالنظاـ الصرفي كالنظاـ النحكم كالنظاـ
الدللي كالستعماؿ البرافماتي) .كل يمكف لالنساف أف يتكاصؿ إل إذا اكتسب الرمكز
كالقكاعد (الكفاية أك القدرة المغكية) التي تضبط استعماؿ ىذه المككنات .كتشكؿ القدرة
المغكية مككنان مف العقؿ البشرم الطبيعي ،كحسب أكثر النظريات شيكعان ،فإف دماغ
اإلنساف مقسمة إلى مناطؽ ،يككف بعضيا مسؤكلن عف استعماؿ المغة لالستقباؿ (الفيـ)
كبعضيا ايخر مسؤكؿ عف اإلرساؿ (التعبير).
الطالقة ( :)Fluencyالطالقة الكالمية تتمثؿ في قدرة اإلنساف عمى التحدث عمى
نحك متكاصؿ كسمس كبلقؿ جيد ممكف ،كىي إحدل الجكانب الميمة في التكاصؿ .كيؤدم
اضطراب الطالقة الكالمية ،الذم يطمؽ عميو أيضان التلتلة ( )Stutteringأك سرعة الكالـ
( )Criteringإلى الحرماف التاـ مف التعبير عما يجكؿ في خاطره بسيكلة كيسر أك
حرمانو مف القدرة عمى تكصيؿ رسالتو عمى نحك كاضح؛ فضالن عف إضافة إلى ذلؾ،
يؤثر اضطراب الطالقة الكالمية عمى مختمؼ جكانب حياة الفرد النفسية ،كالجتماعية،
كالمينية ،كفيرىا.
114
السمع ( :)Hearingىك الجياز المسؤكؿ عف استقباؿ المغة هكانتاجيا بصكرة
طبيعية ،كيتككف الجياز السمعي مف افذف كالعصب السمعي ،تتككف افذف مف ثالثة
أقساـ رئيسة ىي افذف الخارجية كالكسطى كالداخمية ،تقكـ افذف باستقباؿ المكجات
الصكتية ،كتحكيميا إلى إشارات عصبية ،كمف ثـ نقميا إلى العصب السمعي ،كمف ثـ إلى
المنطقة السمعية في الدماغ ،كتقكـ المنطقة السمعية في الدماغ بتحميؿ اإلشارات العصبية
كتفسيرىا ،كما يستعمؿ السمع في تكفير تغذية راجعة لممتكمـ حكؿ صحة الكالـ كمناسبة
الصكت لممكقؼ.
اضطرابات التواصل (:)Communication Disorders
إف كجكد خمؿ في أم مف جكانب التكاصؿ ىذه يؤثر سمبان بصكرة أك بلخرل في
عممية التكاصؿ الطبيعي ،كيؤدم إلى اضطرابيا ،كيمكف الحديث عف مفيكـ اضطراب
التكاصؿ عمى أنو الضطراب الذم يعيؽ فيـ المستمع لمرسالة المكجية إليو ك /أك يحرـ
المتكمـ مف التعبير عف مشاعره اك نقؿ أفكاره بصكرة طبيعية ،فعمى سبيؿ المثاؿ ،يحرـ
فقداف الصكت اإلنساف مف التكاصؿ مشافية ،كما أف كجكد خمؿ في النطؽ يمكف أف
يؤدم إلى عدـ تمكف المتكمـ مف إيصاؿ رسالتو لممستمع بصكرة كاضحة ،كفي حاؿ
اضطراب الطالقة ،يصبح الفرد فير قادر عمى الكالـ بصكرة طبيعية أك ضمف المدة
الزمنية المقبكلة؛ مما يؤثر سمبان في مختمؼ جكانب حياتو .أما ضعؼ السمع فإنو يؤثر
سمبان في قدرة المتكمـ في تطكير المغة كاستعماليا لمتعبير .كقد يتزامف كجكد اضطرابات
التكاصؿ مع كجكد مشاكؿ أخرل كصعكبات التعمـ كاإلعاقات الحركية كاإلدراكية.
شيوع اضطرابات التواصل
تكمف أىمية معرفة شيكع اضطرابات التكاصؿ في أنيا تساعد المسؤكليف أصحاب
القرار كالمختصيف كالمعمميف عمى الكقكؼ عمى حجـ المشكمة ،كتحديد حاجات المجتمع
مف الككادر المؤىمة كالتجييزات الالزمة كالمشاركة في تقديـ الخدمات المناسبة ليذه الفئة.
تقدر الدراسات العالمية نسبة انتشار اضطرابات التكاصؿ ب % 10مف مجمكع السكاف
في الكليات المتحدة .كيشكؿ طمبة المدارس جزءان كبي انر مف ىذه الفئة .كبالرفـ مف عدـ
تكفر إحصائيات دقيقة تبيف عدد الطمبة الذيف يعانكف مف اضطرابات في التكاصؿ في
115
البالد العربية ،إل أنو يمكف اإلفادة مف بعض الدراسات التي أجريت في الكليات المتحدة
كأكركبا ،فقد أشارت دراسة أجرتيا ك ازرة التربية في الكليات المتحدة افمريكية عاـ 1992
إلى أف مجمكع الطمبة الذيف تمقكا خدمات التربية الخاصة في العاـ الدراسي -1988
1987قد بمغ أربعة مالييف كثالثمائة كسبعة كستيف ألفان كستمائة كثالثيف طالبان كطالبةن
( )4367630تراكحت أعمارىـ بيف 21-6سنة .كما أظيرت الدراسة أف ما يقرب مف
نصؼ ىذا العدد مف الطمبة ( )49.1%يعانكف مف صعكبات في التعمـ کمشكمة أساسية،
في حيف أف نسبة الطمبة الذيف يعانكف مف اضطرابات في النطؽ أك المغة بمغت
( )22.7%مف إجمالي الطالب الذيف ً
خدمكا ،ييضاؼ إلييـ ( )%1.4مف يعانكف مف
اضطرابات سمعية ،فمف الكاضح إذف أف الطمبة الذيف يعانكف مف صعكبات تعمـ
كاضطرابات في النطؽ كالسمع يشكمكف الجزء افكبر مف الطمبة ذكم الحتياجات الخاصة
الذيف تمت يخ ًدمكا في المدارس ،عالكة عمى ذلؾ ،فإف ىنالؾ نسبة عالية مف الطمبة الذيف
صنفكا ضمف فئة صعكبات التعمـ كفئة ذكم الحتياجات الخاصة يعانكف مف اضطرابات
في التكاصؿ أيضان .مف ناحية أخرل ،فقد أشارت دراسة أخرل إلى اف نسبة شيكع
اضطرابات النطؽ كالمغة في الكليات المتحدة افمريكية تبمغ ( )% 10مف مجمكع
السكاف .كما أشارت نتائ أكلية لدراسة فير منشكرة قاـ بيا المؤلؼ افكؿ أجريت في
بعض المدارس في افردف إلى أف نسبة شيكع اضطرابات النطؽ كالمغة عند الطمبة تزيد
بصكرة كاضحة عف نسبة ( )%10التي أكردتيا الدراسة افمريكية كقد ،تصؿ إلى ما يقرب
مف ( )%15مف مجمكع الطمبة الذيف في ًحصكا إذا ما ايحتي ًسىبت المشاكؿ النطقية البسيطة.
االضطرابات؛ بحسب مكونات عممية التواصل:
المرسل:
ىك الشخص الذم يرسؿ رسالة أك ينقميا ،ىك البادئ بعممية التكاصؿ .يمكف أف
عدة في عممية التكاصؿ .سبؽ كتحدثنا عف مختمؼ النقط فيما كرد
يخمؽ المرسؿ عقبات ٌ
أعاله .يعتمد نجاح اتصاؿ محتكل معيف بصكرة كبيرة عمى المرسؿ؛ فنو الشخص الذم
رسؿ .ىك /ىي منشئ التصاؿ.
يعمؿ عمى بث الرسالة كينيي الرسالة التي ستي ى
116
يككف المرسؿ كاعيان في أثناء صيافة التصاؿ أك تنفيذه؛ لتجنب ى مف الميـ أف
السماح بالحكاجز في العممية التي قد ينشئيا المرسؿ نكرد بعضان منيا فيما يلتي:
قمة المعرفة أك عدـ كفاية اففكار حكؿ المتمقي.
المكقؼ السمبي أك عدـ الىتماـ بالرسالة؛ فير رافب في تكصيميا.
السمبية تجاه المتمقي.
اختيار فير مناسب لقناة أك كسيط اتصاؿ مف قبؿ المرسؿ في نقؿ الرسالة.
ميارات التصاؿ الضعيفة لممرسؿ مثؿ استعماؿ كممات فير لئقة كعالية الصكت؛ افخطاء
النحكية كاإلسياب كالستعماؿ فير المرفكب فيو لمتعابير كالعبارات كالمصطمحات فير
المناسبة كما إلى ذلؾ.
عدـ القدرة عمى تحديد التكقيت المناسب إليصاؿ الرسالة.
التردد في اختيار محتكل الرسالة المراد تكصيميا؛ يقتؿ فاعمية التصاؿ.
التحيز ،أم بدء أم جزء مف التكاصؿ مع مكقؼ متحيز أك معرفة كؿ شيء يمكف أف يككف
تماما بنمك عممية التصاؿ.
ضا انر ن
عدـ الىتماـ بردكد الفعؿ مف المتمقي؛ يحبط نية التصاؿ.
المستقبل:
عدة لمتكاصؿ ،كالتي قد
معكقات ٌ
المستقبؿ ىك الذم يستقبؿ الرسالة ،كترتبط بو ٌ
تككف كما يلتي:
يكتمؿ إرساؿ الرسالة عندما يستقبميا المتمقي مف الطرؼ ايخر ،كيفيميا ثـ يرسؿ
المالحظات المطمكبة إلى المرسؿ.
إذا كانت ىناؾ مشاكؿ في استالـ الرسالة ،فإف الغرض الكامؿ مف إرساؿ الرسالة يفشؿ.
الصكر
ي الرسالة ىي كسيمة المرسؿ لمشاركة المشاعر كاففكار .إنيا الطريقة التي تيرسؿ بيا
الذىنية مف المرسؿ إلى المتمقي.
يمكف أف تككف الرسالة كاضحة كمفيكمة عمى الفكر ،أك فامضة كمضممة؛ استنادان إلى مدل
مراعاة جميع المككنات في عممية التصاؿ كاستيعابيا.
معنى الرسالة ىك ما يعينو المستمـ ليا .إذا كاف لدل المرسؿ صكرة هكادراؾ مختمؼ لمرسالة
في ذىنو عف صكرة المتمقي لمرسالة المرسمة ،فإف القصد مف الرسالة يككف مشكىان.
117
يتمثؿ أحد التحديات الرئيسة لالتصاؿ في التلكد مف أف المعنى الذم يقصده المرسؿ ىك
يعينو المتمقي لمرسالة عند استالميا.
المعنى نفسو الذم ٌ
العكامؿ التي تخمؽ مشكمة في الستقباؿ:
ضعؼ قناة التصاؿ التي تيستقبؿ مف خالليا الرسالة.
المشكالت الفنية المرتبطة بكسائؿ التصاؿ.
عدـ استعماؿ بعض افدكات الشائعة لتحميؿ مشاكؿ التصالت.
نقص المغة كالميارات الدللية مف جانب المتمقي.
118
يفشؿ في تمقي الرسالة عمى النحك المرفكب.
إذا كاف المستقبؿ مثقالن بالفعؿ بالمعمكمات ،فمف يتمكف مف تمقي المعمكمات
الحمل الزائد المقصكدة جيدان.
النشغاؿ مسبقان برسائؿ لـ تيمسح .يفقد المستقبؿ اليدؼ الحقيقي لمرسالة المرسمة لممعمومات
ايف.
القناة:
يمكف أف تككف القناة كممة منطكقة أك طباعة كممة أك كسائط إلكتركنية أك حتى
إشارات فير لفظية ،مثؿ :اإلشارات كاإليماءات كلغة الجسد كتعبيرات الكجو ،كما إلى ذلؾ
في لغة التصاؿ الحد يثة .كيمكف أف يككف المدخؿ افساسي لفيـ القنكات ىك المدخالت
الحسية؛ كالبصر ،كالسمع ،كالشـ ،كالذكؽ ،كالممس.
يعد اختيار القناة المناسبة كالقابمة لمتطبيؽ لمتكاصؿ ذا أىمية قصكل في التكاصؿ،
فإذا اختار المرسؿ قناة اتصاؿ فير مناسبة ،فقد يتكقؼ التصاؿ .كما يمكف أف تككف
القناة فير كافية لنقؿ المحتكل.
البيئة:
تؤدم البيئة دكر الحاضنة لعممية التكاصؿ ،كيمكف ذكر بعض المعكقات:
التشكيو -يحدث عندما يككف معنى الرسالة مفقكدان في أثناء تشفير الرسالة كفؾ تشفيرىا.
تكجد أيضان اضطرابات جسدية ،مثؿ :ضعؼ البرؽ كالجمكس فير المريح كالغرفة فير
الصحية التي تؤثر أيضان في التكاصؿ.
الضكضاء -تكجد في بيئة التصاؿ ،كتقطع عممية التصاؿ.
تدفؽ المعمكمات -يعمؿ ىذا كحاجز عندما ل يككف لدل المتمقي القدرة عمى تمقي جميع
المعمكمات ،كيمكف أف يفكت بعض النقاط الميمة أك يسيء تفسير معنى الرسالة بلكمميا
تمامان
الرسالة:
الرسالة أك مكضكع التصاؿ ىك العامؿ الرئيس في نجاح التكاصؿ الفاعؿ .المغة
المستعممة فييا ،كالصيغ ،كالدقة كالتكقيت ليا أىمية كبيرة لنجاح التصاؿ.
119
عمى سبيؿ المثاؿ ،إذا كانت الرسالة تحتكم عمى عدد مف المصطمحات العامية عند
التكاصؿ مع شخص لـ يسمع مثؿ ىذا التعبير مف قبؿ ،فمف يفيميا المستمـ .مف المحتمؿ
أف يككف لضيؽ الكقت المناسب لصيافة الرسالة تلثي انر ضار في محتكل الرسالة.
مف أجؿ تكضيح مفيكـ الرسالة ،تؤكد بكديشكف ()Beaudichon, 1999, p. 57
"أف افمر يتعمؽ بما ىك مقصكد ،يبما ىك محمكؿ عمى حامؿ أك حكامؿ مترافقة :الصكت،
الخطكط البيانية ،حركات الجسد ،افثر ،الرائحة ."...يفترض ىذا التعريؼ أف الرسالة
عدة؛ تبعان لقناة النقؿ .كلكف إف قبمنا بيذا ،فإنو مف فير الكاضح
يمكف أف تتخذ أشكالن ٌ
تحديد اف شكاؿ التي ل تدخؿ في مجاؿ ما ىك "لغكم لفظي أك مكتكب" .فالعبارة النافية
"فير لفظي" تحتاج لمتحديد .كتمحظ بكديشكف ( )1999بيذا الصدد أف التكاصؿ فير
ال مفظي يشير إلى كؿ عممية تكاصؿ تجرم بيف شخصيف أك أكثر بكساطة حكامؿ فير
لفظية كأف التكاصؿ بات ،بصكرة أكضح مف أم كقت مضى ،متعدد الكظائؼ.
التغذية الراجعة:
يميز فاندركـ ( )Vandromme, 2000بيف التغذية الراجعة المفظية كفير المفظية،
اإليجابية كالسمبية ،المضمرة كالصريحة .فضالن عنيذا ،يمكف أف تترجـ التغذية الراجعة
فيـ الرسالة مف عدمو .مف افعماؿ التي تناكلت التكاصؿ المرجعي الذم يكضح أىمية
التغذية الراجعة (فيفييو .)Vivier, 1996كفي الكاقع ،مف الصعكبة بمكاف أف يتفاىـ
مفر في كثير مف الحالت مف
الشركاء عمى نحك جيد حكؿ مكضكع التبادؿ؛ إذ إنو ل َّ
استعماؿ دينامية الضبط هكاعادة الصيافة .كىكذا فقد حدد فيفييو "حمقات التصحيح".
عادة ،ل يتـ الفيـ المتبادؿ كاإلحالة إلى أرضية مشتركة بالشكؿ الكامؿ أك ل يتـ أبدنا
( .)Clark et Wilkes-Gibbs, 1986كيفسر ذلؾ مف خالؿ اختالؼ المعارؼ
كالمعتقدات المتبادلة بيف الشركاء أك اختالؼ القدرات المعجمية كالنحكية ،ككذلؾ بسبب
الطابع ( )Grice, 1975الستدللي لمتكاصؿ البشرم الذم يتطمب أخذ المضمرات في
المحادثة بالحسباف .كعندما يبرز مثؿ ىذا الخمؿ ،يؤكد فيفييو أنو يجب أف نربط بينو كبيف
فياب استعماؿ "حمقات التصحيح" (المنطكؽ افكلي ،الضبط ،إعادة الصيافة) في
عمميات التبادؿ .بالتجاه نفسو ،يرل فاندركـ (" )Vandromme, 2000أف التغذية
120
الراجعة تشكؿ عنص انر أساسيان في تكييؼ الخطاب مع المخاطب ،كأف نجاح التكاصؿ
المرجعي يتكقؼ عمى التغذية الراجعة كنكعيتيا .فقد تـ بياف أف فياب التغذية الراجعة أك
نقصيا أك عدـ تكيفيا مع المخاطب يمكف أف يؤدم إلى فشؿ عممية التكاصؿ".
تضـ التغذية الراجعة المفظية عناصر لغكية أك شبو-لغكية .كفي التكاصؿ المرجعي،
عدة ،ليبيف لممتكمـ نكعية تمقيو أك فيمو لمرسالةKlark ( .
يصدر المستمع عالمات لغكية ٌ
et Schaefer, 1987؛ Lioyd, 1991؛ )Boada et Forns, 1992كما نقؿ عنيـ
المؤلؼ" .يمكف أف تتخذ ىذه العالمات أشكالن لغكية متنكعة كمعقدة كثي ارن أك قميالن.
تضاؼ إلى ىذه العالمات المغكية عناصر شبو-لغكية مثؿ النبرة ،التلكيد ،التكقؼ ،التردد،
إلخ ...تشكؿ أيضان مصدر معمكمات مفيد لممتكمـ".
أما التغذية الراجعة فير المفظية فتتضمف اففعاؿ ،ككضعيات الجسد ،كالحركات،
كاإليماءات .إنيا عناصر تعمـ المخاطب عف درجة تمقي ك/أك فيـ الرسالة مف قبؿ
المستمع (Hess et Johnson, 1988؛ Bavelas, Chovil, Lawrie et Wade,
.)1992 p.7في المحادثة ،تسيـ الحركات خصكصان في الكظيفة المرجعية عمى نطاؽ
كاسع كبفاعمية في كظيفة التنسيؽ .كىكذا ،تكجد تركيبة إيمائية-حركية مثؿ ىز الرأس أك
ثبات النظر ،تتيح ما يسمى "تزامف الفاعمية المتبادلة" التي كصفيا ككسنييو كأكفستكف
عاـ ( )1996كالتي تشكؿ اليكـ مفيكمان أصبح كالسيكيان .فحسب ككسنييو ( Cosnier,
،)1996إف التزامف الذاتي يشير إلى تشابؾ الكالـ ،كحركات مختمؼ أجزاء الجسد لدل
المتكمـ .أما التزامف المتغاير ،فيشير بالنسبة لممحاكر إلى تشابؾ افنشطة المتزامنة مع
الكالـ الذم ينتجو شريكو في الحكار.
المؤلؼ سميث ( )2013خمص إلى أنو "لكي ينفتح ايخركف عميؾ ،مف اففضؿ
أف تككف منفتحان عمى نفسؾ .مف خالؿ التغمب عمى ىذه العكائؽ التي تحكؿ دكف
التكاصؿ ،يمكنؾ التلكد مف أف العبارة التي تدلي بيا ليست مسمكعة فحسب؛ بؿ مفيكمة
أيضان مف قبؿ الشخص الذم تتحدث معو .بيذه الطريقة ،يمكنؾ أف تككف كاثقان مف أنو
يعبر عف كجية نظرؾ ".
121
عممية التكاصؿ ،كالحكاجز
ٌ كفقنا فيزنبرغ ،ىناؾ أربعة أنكاع مف الحكاجز :حكاجز
المادية ،كالحكاجز الدللية ،كالحكاجز النفسية كالجتماعية (in 2010 ،Eisenberg
.)p.3 ،2010 ،Lunenburg
التكاصؿ ىك نظاـ مفتكح ،يتلثر بشدة بعدد مف العكامؿ؛ لذلؾ عند اإلشارة إلى
مفيكـ حاجز التكاصؿ في ىذه العممية ،بلف افمكر ليست بيذه البساطة .أكلن ،تكمف
الصعكبة في الحاجة إلى رؤية عممية ،كقبؿ كؿ شيء ،تقدمية عمى ىذه العناصر ،هكال
فيي مككنات ميمة لعممية التكاصؿ نفسيا.
يحدد جي كيمي ( )Kelly, 1991في ( )Duta, 2015أربع حالت عاطفية عمى
عرؼ القمؽ بلنو إدراؾ أف افحداث
أنيا حكاجز نفسية :القمؽ ،كالذنب ،كالتيديد ،كالعداء .ي"ي ٌ
التي يمر بيا الشخص خارج نطاؽ تطبيؽ نظاـ البناء الخاص بو .يحدث الذنب عندما
يتعارض سمكؾ الشخص مع تصكره لنفسو .يينظر إلى التيديد عمى أنو إدراؾ أف نظاـ
بناء الشخص يمكف تغييره بصكرة كبيرة تحت تلثير بعض افحداث .يتـ تقديمو كنكع مف
العنؼ النفسي الشخصي.
بحسب ( ،)Smith, 2013ىناؾ سبعة معكقات لقدرتنا عمى التكاصؿ ،يمكف
إيجازىا فيما يلتي:
الوصف المعوق
ّ
مف السيؿ تحديد الحكاجز الفيزيقية-افبكاب المغمقة كالجدراف التي أقيمت كالمسافة بيف
الفيزيقية
الناس تعمؿ جميعيا ضد ىدؼ التكاصؿ الفاعؿ.
تتكضح المعكقات اإلدراكية في داخؿ الفرد عندما يدرؾ أف ايخر الذم سيتحدث معو
اإلدراكية
لف يفيـ بما سيقكلو.
الحكاجز العاطفية ىي عكامؿ عاطفية تعيؽ قدرة المتحدث عمى إيصاؿ رسالة كاضحة
العاطفية أك قدرة المتمقي عمى سماع الرسالة بصكرة فاعمة .المشاعر ،مثؿ :الغضب كالفرح
كالحزف يمكف أف تخمؽ جميعيا حكاجز تؤثر سمبان في التكاصؿ.
نتيجة العيش في عالـ يتقمص باستمرار ،يمكف لمثقافات المختمفة ،سكاء كانت ثقافة
الثقافية
مجتمعية لمعرؽ أك مجرد ثقافة العمؿ لمؤسسة ما ،أف تعيؽ التكاصؿ إذا تصادمت.
تبدك حكاجز المغة متلصمة في ذاتيا ،كلكف فالبان ما تككف ىناؾ حكاجز لغكية مخفية المغوية
122
لسنا عمى دراية بيا دائمان .كمع ذلؾ ،حتى عند التكاصؿ بنفس المغة ،قد تعمؿ
المصطمحات المستعممة في الرسالة كحاجز إذا لـ تيفيـ بالكامؿ مف قبؿ المستقبؿ.
أصبحت الحكاجز بيف الجنسيف أقؿ أىمية في السنكات افخيرة ،كلكف ل يزاؿ ىناؾ
احتماؿ أف يسيء الرجؿ فيـ كممات المرأة ،أك العكس .يميؿ الرجاؿ كالنساء إلى النوع
تككيف أفكارىـ بصكرة مختمفة ،كيجب أخذ ذلؾ في الحسباف عند التكاصؿ.
تحدث الحكاجز الشخصية بسبب المعالجة فير المناسبة لمكممات بيف شخصيف أك بين
شخصي أكثر.
123
-2اضطراب صوت الكالم )Speech Sound Disorder (F80.0
صعكبة في إنتاج صكت الكالـ الذم يتداخؿ مع الكالـ الكاضح أك يمنع التكصيؿ أ-
المفظي لمرسائؿ.
ب -الضطراب يسبب قيكدان لمتكاصؿ الفاعؿ كالتي تتداخؿ مع المشاركة الجتماعية
كالتحصيؿ الدراسي أك افداء الميني ،بصكرة فردم أك في أم مجمكعة.
ت -ظيكر افعراض في فترة النمك المبكر.
ث -المصاعب ل تيعزل إلى ظركؼ خمقية أك مكتسبة ،مثؿ الشمؿ الدمافي ،كالحنؾ
المشقكؽ ،كالصمـ أك فقداف -السمع ،إصابات الدماغ الرضية ،أك حالت طبية أك
عصبية أخرل.
124
ث -الضطراب ل يينسب إلى عجز حركي حسي كالمي ،كل يينسب إلى سكء النسياب
المرتبط بلذية عصبية( .مثؿ السكتة الدمافية ،كافكراـ ،كالرضكض) ،أك حالة طبية
أخرل كل ييفسر عمى نحك أفضؿ باضطراب عقمي آخر.
125
Unspecified Communication -5اضطراب التواصل غير المحدد
)Disorder (F80.9
ينطبؽ ىذا التصنيؼ عمى الحالت ذات افعراض المميزة لضطراب التكاصؿ؛
مما يؤدم إلى إحباط سريرم كاضح أك نقص في المجالت الجتماعية كالمينية ،كلكف ل
تستكفي المعايير الكاممة لضطراب التكاصؿ ،أك أم مف اضطرابات النمك العصبي.
ييستعمؿ اضطراب التكاصؿ فير المحدد في الحالت التي يختار فييا الطبيب ،أل يحدد
سبب عدـ استيفاء المعايير لضطراب التكاصؿ أك فحد اضطرابات النمك العصبي
المحددة ،كيشتمؿ عمى الحالت التي تفتقد لممعمكمات الكافية لكضع تشخيص أكثر
تحديدان.
126
الفصل الخامس :التــواصل التعـاطفــي
127
أوالً -العطاء من القمب:
ينطمؽ مارشاؿ ركزنبرغ ( )ROSENBERGمؤسس التكاصؿ الالعنفي
(التعاطفي) مف سؤاليف أساسي يف :ما الذم يتسبب في فصمنا عف طبيعتنا العطكفة الشفكقة
الرحيمة ،كيجعمنا نتصرؼ بعنؼ كاستغالؿ؟ كعمى النقيض مف ذلؾ ،ما الذم يجعؿ
بعض الناس يظمكف عمى صمة بتمؾ الطبيعة الشفكقة الرحيمة ،رفـ تعرضيـ فشد
الظركؼ مشقة كقسكة؟ كما أكد ركزنبرغ ( )2003بشدة الدكر الحاسـ لمغة كلطريقة
استعمالنا لمكممات .كأطمؽ عمى ىذه الطريقة مصطمح " التكاصؿ الالعنفي "
( )Nonviolent Communicationمستعمالن مصطمح الالعنؼ ( )Nonviolenceكما
استعممو فاندم ،لالشارة إلى حالتنا الطبيعة مف التعاطؼ كالتي تتبدل عندما يصبح
القمب خاليان مف العنؼ.
طريقة تركيز االنتباه:
تقكـ طريقة التكاصؿ الالعنفي عمى المغة ،كميارات التكاصؿ التي تقكم قدرتنا
عمى أف نبقى بش انر ،حتى عند التعرض لظركؼ شاقة كقاسية .ترشدنا إلى طريقة التكاصؿ
الالعنفي في إعادة صيافة أسمكبنا في التعبير عف أنفسنا كاإلصغاء لآلخريف .كبدلن مف
أف تلتي كمماتنا كردكد أفعاؿ تمقائية معتادة ،تصبح استجاباتنا المعبر عنيا كاعية تعتمد
بقكة عمى إدراكنا لما نمحظو ،كنشعر بو كنريده .سكؼ يصبح باستطاعتنا التعبير عف
أنفسنا بصدؽ ككضكح؛ بينما نمنح ايخريف في الكقت نفسو الىتماـ الذم يغمفو التعاطؼ
كالحتراـ .في أم تفاعؿ سكؼ نتمكف مف اإلصغاء إلى حاجاتنا افعمؽ كحاجات
ايخريف .إف طريقة التكاصؿ الالعنفي تدربنا عمى المالحظة بدقة كاىتماـ كتمنحنا القدرة
عمى تحديد السمككيات كالظركؼ التي تؤثر فينا ،كتعممنا أف نعيف كنعبر بكضكح عما
نريده فعالن في أم مكقؼ إف التكاصؿ الالعنفي صيغة سيمة ،كلكنيا تحدث تغيي انر ىائالن.
محؿ أنماطنا القديمة في مكاجية الحكـ َّ كحيث إف عممية التكاصؿ الالعنفي سكؼ تحؿ
عمينا أك انتقادنا الدفاع أك النسحاب أك اليجكـ -فإننا سنصؿ إلى إدراؾ أنفسنا هكادراؾ
ايخريف ،ككذلؾ إدراؾ نكايانا كعالقاتنا في ضكء جديد .كستقؿ مقاكمتنا الدفاعية كردكد
أفعالنا العنيفة .عندما نركز عمى استيضاح ما نمحظو كنشعر بو كنحتاج إليو؛ بدلن مف
128
تشخيص ايخريف كالحكـ عمييـ ،نكتشؼ عمؽ تعاطفنا كرحمتنا .كمف خالؿ تلكيدىا عمى
اإلصغاء العميؽ -فنفسنا كلآلخريف -فإف عممية التكاصؿ الالعنفي تعزز الحتراـ
كالمطؼ كالتعاطؼ ،كتكلد رفبةن متبادلةن في العطاء مف القمب .كرفـ أف التكاصؿ الالعنفي
يعرؼ عمى أنو "عممية تكاصؿ" أك "لغة تعاطؼ" ،إل أنو أكثر مف مجرد عممية أك لغة. ٌ
فيك عمى مستكل أعمؽ ،كسيمة دائمة لتذكيرنا بلف نجعؿ انتباىنا مرك انز دائمان عمى مكضع
تزيد فيو احتمالت حصكلنا عمى ما ننشده .كل يتطمب استعماؿ التكاصؿ الالعنفي أف
يككف مف نتكاصؿ معيـ عمى عمـ كمعرفة بيذه الطريقة ،أك حتى أف يككنكا متحمسيف
لمتكاصؿ معنا بتعاطؼ كتراحـ .كلك أننا التزمنا بمبادئ التكاصؿ الالعنفي ،فقط بدافع أف
نعطي كنلخ ىذ بحنك كتعاطؼ ،كفعمنا كؿ شيء نستطيعو مف أجؿ أف يعرؼ ايخركف أف
ى
ىذا ىك دافعنا الكحيد ،فسينضمكف إلينا في ىذه العممية ،كفي النياية سنصبح قادريف عمى
الستجابة لبعضنا بعضان بحنك كشفقة .كل أقكؿ إف ىذا دائمان ما يحدث بسرعة .فير أنني
أؤكده؛ فف التعاطؼ سكؼ يزدىر كيظير لمكجكد عندما نبقى دائمان مخمصيف لمبادئ
التكاصؿ الالعنفي كعمميتو.
عممية التواصل الالعنفي:
مف أجؿ الكصكؿ إلى رفبة متبادلة في العطاء مف القمب ،نركز نافذة اإلدراؾ عمى
أربعة جكانب ،نشير إلييا بكصفيا المقكمات افربعة لنمكذج التكاصؿ الالعنفي.
في البداية يمحظ المرء ما يحدث فعميان في المكاقؼ :ما يقكلو أك يفعمو ايخركف،
ىؿ ىك يجعمو يشعر بمشاعر أفضؿ كيثرم حياتو ،كيجعميا أكثر قيمة كجمالن أـ ل؟
قادر عمى صيافة ىذه المالحظة كالتعبير عنيا بدكف إصدار أم
كالسر ىنا ،أف يككف ان
حكـ أك تقييـ ،فيحدد ببساطة إف كاف ما يقكلو أك يفعمو ايخركف يعجبو أـ ل .كبعد ذلؾ،
يحدد مشاعره عند مالحظة ىذا التصرؼ :ىؿ شعرت بالخكؼ ،أـ البيجة ،أـ الغضب،
حددىا .كسكؼ يتشكؿ
أـ استمتعت ،الخ؟ ثالثان ،يحدد حاجاتو التي ترتبط بالمشاعر التي ٌ
لديو إدراؾ ليذه المقكمات الثالثة عندما يستعمؿ عممية التكاصؿ الالعنفي لمتعبير عف
نفسو بكضكح كصدؽ .عمى سبيؿ المثاؿ ربما تعبر أـ عف ىذه العناصر الثالثة لبنيا
المراىؽ بقكليا" :شادم ،عندما أرل بعض جكاربؾ المتسخة مككرة كممقاة أسفؿ مائدة
129
السفرة ،كبعضيا ايخر بجكار التمفاز ،فإنني أشعر بالضيؽ كالغيظ؛ فنني احتاج لمزيد
مف النظاـ في حجرات البيت التي نتشاركيا جميعان" .ثـ تتبع كالميا عمى الفكر بالمقكـ
الرابع ،كىك الطمب المحدد بدقة" ،فيؿ تتكرـ بكضع جكاربؾ المتسخة في الغسالة؟" .كىذا
المقكـ الرابع يركز عمى ما يريده المرء مف الطرؼ ايخر ،كىك ما يجعمو يشعر بمشاعر
أفضؿ ،كيثرم حياتو أك يزيده جمالن كركعةن .كىكذا ،فإف جزءان مف عممية التكاصؿ
الالعنفي ىك التعبير عف ىذه المعمكمات افربع بكضكح شديد ،سكاء لفظيان أك بلم طريقة
أخرل .كالجانب ايخر مف ىذه الطريقة في التكاصؿ ىك تمقي ىذه المعمكمات افربع
كنفسيا مف ايخريف .فنحف نتكاصؿ مع ايخريف بلف نتكقع في البداية ما يمحظكنو كما
يشعركف بو كما يحتاجكف إليو ،ثـ نستكشؼ بعد ذلؾ ما يمكف أف يثرم حياتيـ كيجعميا
أفضؿ مما ىي عميو ،كذلؾ بلف نتمقى منيـ المعمكمة الرابعة أك المقكـ الرابع ،كىك طمبيـ.
كفيما نبقي اىتمامنا مرك انز باستمرار عمى ىذه الجكانب المشار إلييا ،كنساعد ايخريف
عمى فعؿ الشيء نفسو ،فإننا بذلؾ ننشئ تيا انر مف التكاصؿ ،جيئة كذىابان ،إلى أف يظير
التعاطؼ بصكرة طبيعية :ما ألحظو ،كأشعر بو ،كأحتاجو ،كما أطمبو لتصبح حياتي
أفضؿ ،كما تمحظو ،كتشعر بو ،كما تحتاجو ،كما تطمبو لتصبح حياتؾ أفضؿ.
تطبيق التواصل الالعنفي في حياتنا:
عندما نستعمؿ التكاصؿ الالعنفي في تفاعالتنا -مع أنفسنا ،أك مع طرؼ آخر ،أك
داخؿ مجمكعة -فإننا بذلؾ نستند إلى حالتنا الطبيعية مف التعاطؼ؛ كمف ثـ فالتكاصؿ
الالعنفي ىك أسمكب يمكف تطبيقو بفاعمية عمى المستكيات ،مختمفة مختمؼ المكاقؼ
كميا:
في العالقات الحميمة.
داخؿ افسرة.
داخؿ المدرسة.
في المؤسسات كالمعاىد.
في المعالجة ،كتقديـ الستشارات.
في المفاكضات الدبمكماسية كمفاكضات العمؿ.
في النزاعات كالصراعات أيان كانت طبيعتيا.
130
بعض الناس يستعممكف التكاصؿ الالعنفي ،إلضفاء مزيد مف العمؽ كالىتماـ في
عالقاتيـ الحميمية ،كىناؾ آخركف يستعممكف التكاصؿ الالعنفي لبناء عالقات أكثر فاعمية
في العمؿ.
كعالميان ،تع ٌد عممية التكاصؿ الالعنفي ايف مالذان قيماٌ لممجتمعات التي تكاجو
صراعات عنيفة كتكترات عرقية أك دينية أك سياسية.
131
مثاؿ عمى المالحظة الخالية مثاؿ عمى التكاصؿ
مف التقييـ المالحظة التي
تتضمف تقييمان
عندما أراك تعطي النقود التي ./1استعماؿ التكصيؼ المباشر مف أنت في غاية الكرم
ستشتري غداءك بيا لآلخرين، دكف اإلشارة إلى مسؤكلية المتكمـ
(أعتقد أف ىذا منتيى الكرـ منؾ). عف التقييـ الذم يقدمو.
يسوف ال يدرس إبراىيم إال في الميمة ./2استعماؿ اففعاؿ ذات الدللت إبراىيم
السابقة لالمتحان. دائماً. التقييمية
./3اإليحاء بلف استنتاجاتنا بشلف لن تسمم عمميا في (ل أعتقد أنيا ستسمـ عمميا في
مكعده) .أو لقد قالت إنيا" :لن أفكار كمشاعر أك نكايا أك رفبات موعده.
تسمم عمميا في موعده " الستنتاجات ىي آخر شخص
الكحيدة الممكنة.
تتناول إذا لـ تتناكؿ كجبات متكازنة، لم ./4الخمط بيف التكينات كافمكر إذا
متوازنة ،فلخشى أف صحتؾ قد تتمؼ. وجبات المؤكدة يقينان.
فسوف
تتمف صحتك.
أسر لم أر األسرة المنتمية لؤلقميات تيتم ./5اإلخفاؽ في تحديد المشار إليو ال
العقار في تقطن والتي األقميات بممكياتيا. بالكالـ عمى كجو الدقة.
رقم...بشارع...تكسح الجميد من
الرصيف المواجو ليم.
./6استعماؿ الكممات الدالة عمى أيمن سعيد العب لم يحرز أيمن سعيد ىدفاُ واحداً
عمى مدار 20مباراة. القدرات بدكف اإلشارة إلى إعطاء كرة قدم رديء.
تقييـ.
(ل يركؽ لي مظير ماىر). ./7استعماؿ افحكاؿ كالصفات ماىر قبيح.
بطرؽ ل تدؿ عمى إعطاء تقييـ
132
ممحوظة :الكممات "دائمان" ،ك"مطمقان" ،ك"أبدان" ،ك"كمما" ،إلخ تعبر عف مالحظات
عند استخداميا في عبارات كايتية:
كمما رأيت إبراىيـ يتحدث عمى الياتؼ ،أجده يتحدث لنصؼ ساعة عمى افقؿ.
ل أتذكر أنؾ قد كتبت لي مطمقان.
كفي بعض افحياف تستعمؿ ىذه الكممات ،كصيغ لممبالغة ،كفي ىذه الحالة ييمزج
بيف المالحظات كالتقييمات:
ل نجدىا أبدان عندما نحتاج إلييا. أنت مشغكؿ دائمان.
كعند استعماؿ ىذه الكممات في المبالغات ،فإنيا فالبان ما تحفز المكاقؼ الدفاعية؛
بدلن مف إثارة التعاطؼ .كما أف كممات مثؿ "كثي انر" ،ك"ناد انر" يمكف أف تسيـ في الخمط بيف
المالحظة كالتقييـ.
مالحظات تقييمات
في المرات الثالث التي اقترحت فييا فعل شيء ما ،قمت إنك ال ترغب ناد انر ما تفعؿ ما أريده
في فعمو.
يأتي لزيارتنا ثالث مرات عمى األقل في األسبوع. كثي انر ما يلتي لزيارتنا
ثالثاً -التـعرف إلى المشـاعر والتـعبـير عنيا:
يقكؿ المحمؿ النفسي ركلك مام ( )May, 2009إف "الشخص الناض يصبح قاد نار
عمى التمييز بيف المشاعر كمعرفة الفكارؽ الدقيقة بينيا ،كتصنيفيا إلى مشاعر قكية
كعميقة أك رقيقة كحساسة ،بالطريقة نفسيا التي يستطيع بيا التمييز بيف المقاطع
المكسيقية المختمفة التي تتككف مف السمفكنية" .فير أنو بالنسبة لكثيريف منا ،فإف
مشاعرنا ،كما قد يصفيا مام" :محدكدة كتمؾ النغمات التي يحتكييا صكت البكؽ".
قاـ بكؿ إيكماف ( )Paul EKMANفي ( )2015بمسح استقصائي حكؿ
العكاطؼ ،كاف الغرض منو تقييـ حالة ىذا المجاؿ مف خالؿ البحكث في ىذه افياـ .ما
ىي الخالفات التي ظيرت في عاـ ( 1994هكاف كانت تستخدـ أساليب مختمفة) كحمٌتيا
افدلة التي تـ الحصكؿ عمييا منذ ذلؾ الحيف؟ ما ىي المكاضيع فير المتفؽ عمييا حتى
ايف؟ ركز المسح عمى ىؤلء الباحثيف الذيف يستخدمكف أساليب كمية لدراسة العاطفة.
133
كقد أيرسؿ ىذا المسح عبر البريد اإللكتركني إلى 248باحثان في منتصؼ حزيراف/
.2014كأكضحت الرسالة كيفية اختيار المشاركيف كالخطكات المتخذة لمحيمكلة دكف
التحيز في اختيارىـ كافسئمة المطركحة .كأيخبر المشاركيف أف المسح الستقصائي مكجز،
لتشجيع مشاركتيـ -ستة أسئمة فقط باإلضافة إلى تسعة أسئمة متابعة محتممة .ككانت
الردكد المقدمة مغمقة .ثـ تـ إرساؿ تذكير متابعة بعد أسبكعيف مف البريد اإللكتركني
افكلي .ككاف معدؿ الستجابة مرتفع نسبيان (.)%60
كقد أيد ( )%88مف المجيبيف كجكد "أدلة دامغة عمى ما ىك عالمي في أم جانب
مف جكانب العكاطؼ" .كتمت المصادقة بنسبة ( )%80عمى افدلة التي تدعـ اإلشارات
العالمية (الكجو أك الصكت) .كاف ىناؾ اتفاؽ أقؿ حكؿ ما إذا كانت ىناؾ أدلة دامغة
عمى افحداث التي تثير العكاطؼ عالميان ( ،)%66كعمـ كظائؼ افعضاء ( ،)%51أك
آليات التقييـ ( .)% 44كىكذا ،تـ دعـ تكجو داركيف في عاـ 1872كالعمؿ افحدث
إليكماف كفريزف ( )1969هكايزارد ( )1971فيما يتعمؽ بعالمية بعض تعابير الكجو.
ككاف ىناؾ اتفاؽ كبير عمى خمسة عكاطؼ :الغضب ( )%91كالخكؼ ()%90
كالشمئزاز ( )%86كالحزف ( )%80كالسعادة ( .)%76كأيد ( )%50- %40العار
(الخزم) ،الندىاش ،كالرتباؾ .أما العكاطؼ افخرل ،التي يدرسيا العديد مف الباحثيف
حاليان ،فقد حظيت بدعـ أقؿ بكثير :الذنب ( ،)%37الزدراء (قمة الحتراـ) (،)%34
الحب ( ،)%32الرىبة ( ،)%31افلـ ( ،)%28الحسد ( ،)%28الرحمة (،)%20
العتزاز ( ،)%9كالمتناف (( .)%6إيكماف.)2017 ،
الثمن الباىظ لعدم التعبير عن المشاعر:
فالبان ما يككف مخزكننا مف الكممات التي نستعمميا في كصؼ ايخريف ،كتصنيفيـ
أكبر مف تمؾ التي نستعمميا في كصؼ حالتنا العاطفية بكضكح .كالمسللة ببساطة أف
المشاعر ل تع ٌد شيئان ذ ا أىمية بالنسبة لألنظمة التربكية .فافىـ ىك "الطريقة الصحيحة
ل مف أف نككف عمى صمة بذكاتنا.في التفكير" .لقد يدربنا عمى أف يكجينا ايخركف؛ بد ن
نحف نتعمـ أف نظؿ دائمان نتساءؿ" :ما الذم يعتقد ايخركف أنو مف الصكاب بالنسبة لي
134
أف أقكلو أك أفعمو؟" إف فكائد تعزيز حصيمتنا مف الكممات التي نستعمميا في كصؼ
المشاعر مثبتة كمؤكدة ،ليس فقط في العالقات الحميمية؛ هكانما في عالـ افعماؿ أيضان
المشاعر في مقابل األفكار والمعتقدات:
مف افخطاء الشائعة في المغة أننا نستعمؿ كممة "أشعر" في مكاضع ل نعبر فييا
بالضركرة عف شعكر حقيقي أك إحساس معيف .عمى سبيؿ المثاؿ ،في جممة" :أشعر أنني
لـ أحصؿ عمى صفقة عادلة" ،يمكف أف تحؿ كممة "أعتقد" بدلن مف كممة "أشعر" ليصبح
المعنى أكثر دقة .كعمكمان ،ل ييعبَّر عف المشاعر بكضكح عندما تتبع كممة "أشعر" بما
يآتي:
كممات أك عبارات مثؿ " أف"" ،كلف"" ،كما لك كنت ":
"أشعر أنو يتعيف عميؾ أف تعرؼ أفضؿ مف ذلؾ".
"أشعر كلنني شخص فاشؿ".
"أشعر كما لك كنت أعيش مع جدار".
الضمائر المتصمة بلف ،كما في " أنني"" ،أنؾ"" ،أنيا"" ،أنيـ"" ،أنو ":
"أشعر أنني تحت الطمب باستمرار".
"أشعر أنو ل جدكل مف افمر".
افسماء أك الضمائر التي تشير إلى أشخاص:
"أشعر أف أمي تصرفت عمى و
نحك فير مسؤكؿ بالمرة".
"أشعر أف رئيسي في العمؿ يتالعب بي".
كبالعكس ،ليس مف الضركرم عمى اإلطالؽ بو" ،استعماؿ كممة "أشعر" عند
التعبير عف المشاعر الحقيقة .مثالن ،يمكف أ ف يقكؿ أحدنا" :أشعر بالتكتر" ،أك ببساطة:
"إنني متكتر".
كفي التكاصؿ الالعنفي ،ىناؾ فرؽ بيف الكممات التي تعبر عف مشاعر حقيقية،
كتمؾ التي تصؼ " ما نعتقد أننا نشعر بو".
135
كصؼ لما نعتقد أننا نشعر بو" :أشعر أنني لست ماى انر في العزؼ عمى الجيتار" في -
ىذه الجممة ،يقكـ المتحدث بتقييـ قدرتو كعازؼ لمجيتار ،كلكنو ل يعبر عف مشاعره
بكضكح.
التعبير عف المشاعر الحقيقية: -
"أشعر بخيبة أمؿ في نفسي كعازؼ جيتار".
"أشعر باإلحباط مف نفسي كعازؼ جيتار".
في الجمؿ السابقة ،الشعكر الحقيقي كراء تقييـ المتحدث لنفسو عمى أنو " ليس
ماى انر" يمكف أف يككف "خيبة افمؿ" ،أك "اإلحباط" ،أك أم شعكر آخر.
كبالطريقة نفسيا ،مف المفيد أف نفرؽ بيف الكممات التي تصؼ ما نعتقد أف
ايخريف يفعمكنو ،كتمؾ التي تصؼ مشاعرنا الحقيقة .كافمثمة التالية ىي نماذج لعبارات
يمكف بسيكلة أف تفيـ خطل عمى أنيا تعبير عف المشاعر ،كلكنيا في الحقيقة تظير ما
نعتقده في سمكؾ ايخريف أكثر مما تظير مشاعرنا الحقيقية تجاه ىذا السمكؾ .كىذه
بعض افمثمة:
"أشعر بلنني فير ميـ في نظر مف أعمؿ معيـ".
" أشعر بلنو ل يفيمني".
" أشعر بالتجاىؿ" .كىي تعبر عف تفسيرنا لسمكؾ ايخريف ،ل عف مشاعرنا تجاه
ىذا السمكؾ".
بناء حصيمة مفردات لمتعبير عف المشاعر:
عند التعبير عف مشاعرنا ،مف المفيد أف نستعمؿ كممات تشير إلى أحاسيس
محددة؛ بدلن مف استعماؿ كممات فامضة أك عامة .عمى سبيؿ المثاؿ ،لك قمنا" :أشعر
بمشاعر طيبة تجاه ىذا افمر فكممة "طيبة" ىنا يمكف أف تعني السعادة ،أك التحمس ،أك
الرتياح ،أك فير ذلؾ مف المشاعر .إف كممات مثؿ "طيب" ،ك"سيئ" تمنع السامع مف
التكاصؿ بسيكلة مع ما قد نشعر بو بالفعؿ .كقد جمعت القائمتيف التاليتيف لمساعدتؾ
عمى زيادة قدرتؾ عمى التعبير عف مشاعرؾ كعمى كصؼ مجمكعة كبيرة مف الحالت
العاطفية بكضكح( .ممحؽ رقـ .)1
136
رابعاً -تـحـمـل الـمسؤولية عـن مـشاعـرنـا:
يتطمب المقكـ الثالث في عممية التكاصؿ الالعنفي العتراؼ بالدافع الحقيقي كراء
مشاع رنا .كيعمؽ التكاصؿ الالعنفي إدراكنا بلف ما يقكلو كيفعمو ايخركف ربما يككف ىك
ما يثير مشاعرنا ،كلكنو ليس سببان عمى اإلطالؽ .فنحف ندرؾ أف مشاعرنا تنشل عف
الطريقة التي نختار بيا الستجابة لما يقكلو أك يفعمو ايخركف ،كما تنشل كذلؾ عف
حاجاتنا كتكقعاتنا في تمؾ المحظة .كمع المقكـ الثالث سكؼ نصبح قادريف عمى تقبؿ
المسؤكلية عما نفعمو ،كيؤدم إلى تكلد مشاعرنا.
الحاجات الكامنة وراء المشاعر:
أحكامنا كانتقاداتنا كتشخيصاتنا كتفسيراتنا لآلخريف كميا تعبيرات عف حاجاتنا .فمك
قاؿ أحد" :أنت ل تفيمني أبدان" ،فيك في الحقيقة يقكؿ إف حاجتو إلى فيـ الطرؼ ايخر
لو ل تمبى .كلك قالت زكجة لزكجيا" :لقد كنت تعمؿ لكقت متلخر طكاؿ ىذا افسبكع.
أنت تحب عممؾ أكثر مما تحبني" ،فيي تقكؿ لو إف حاجتيا إلى الحب كالقرب ل تمبى.
عندما نعبر عف حاجاتنا بطريقة فير مباشرة مف خالؿ استعماؿ التقييمات كالتفسيرات
كالتصكرات فمف المرجح أف يتمقى ايخركف ىذا عمى أنو انتقاد .كعندما يسمع الناس أم
شيء يبدك ككلنو انتقاد ،فإنيـ يميمكف إلى استثمار طاقتيـ في الدفاع عف أنفسيـ أك في
الرد عمى اليجكـ المماثؿ .فإذا كنا نرفب في استجابة متعاطفة مع ايخريف ،فمف الخطل
ل مف ذلؾ ،كمما استطعنا ربط
أف نعبر عف حاجاتنا بتفسير أك تشخيص سمككيـ .كبد ن
مشاعرنا بحاجاتنا بصكرة مباشرة ،أصبح مف افسيؿ عمى ايخريف الستجابة ليذه
الحاجات بصكرة متعاطفة.
كلألسؼ ،فإف معظمنا لـ يتعمـ أف يفكر مع كضع الحاجات في الحسباف .فقد
اعتدنا عمى التفكير في عيكب كنقائصيا ايخريف عندما ل تيمبَّى حاجاتنا .كبيذه الطريقة،
ل مف إخبارىـ مباشرة ال أف يعمؽ أطفالنا معاطفيـ في خزانة المالبس ،فبد ن
لك كنا نريد مث ن
بما نريده ،ربما نصفيـ بالكسؿ لتركيـ ليا عمى افريكة .أك يمكف أف نحكـ عمى زمالئنا
في العمؿ بلنيـ يتصرفكف بطريقة فير مسؤكلة كذلؾ عندما ل يباشركف العمؿ عمى
مياميـ بالطريقة التي كنا نفضميا نحف لذلؾ منذ المحظة التي يبدأ فييا الناس بالحديث
137
ل مف اإلشارة إلى عيكب بعضيـ بعضان ،تزداد احتمالت التكصؿ إلى
عف حاجاتيـ؛ بد ن
طرؽ لتمبية حاجات الجميع عمى و
نحك كبير.
ألم التعبير عن حاجاتنا مقابل ألم عدم التعبير عنيا:
في عالـ فالبان ما فيو ييح ىكـ عمينا بقسكة عند تحديد حاجاتنا كالكشؼ عنيا ،يمكف
أف يككف القياـ بذلؾ مخيفان .كالنساء بافخص أف يكف عرضة لالنتقاد .فمقركف ظمت
صكرة المرأة المحبة كالحنكف مرتبطة بالتضحية هكانكار حاجاتيا الخاصة مف أجؿ رعاية
ايخريف .كفف النساء قد تربيف اجتماعيان عمى النظر إلى أف أسمى كاجباتيف ىك رعاية
ايخريف ،فيف في الغالب قد تعممف تجاىؿ حاجاتيف الخاصة.
من العبودية العاطفية إلى التحرر العاطفي:
في تطكرنا نحك حالة التحرر العاطفي ،يمر معظمنا بثالث مراحؿ فيما يتعمؽ
بطريقة ارتباطنا بايخريف.
./1العبكدية العاطفية :في ىذه المرحمة ،نؤمف بلننا مسؤكلكف عف مشاعر ايخريف .كنعتقد أف
عمينا دائمان أف نكافح مف أجؿ إسعاد الجميع ،هكاذا بدا أنيـ فير سعداء ،نحمؿ أنفسنا المسؤكلية،
كبلننا مجبكركف عمى فعؿ شيء حياؿ ىذا افمر .كىذا يمكف أف يقكدنا بسيكلة إلى رؤية أقرب
الناس إلينا عمى أنيـ عبء عمينا.
كتحمؿ المسؤكلية عف مشاعر ايخريف يمكف أف يككف مدم انر لمغاية في العالقات الحميمة.
كتشيع ىذه الستجابة بيف الذيف يركف الحب عمى أنو إنكار لحاجاتيـ مف أجؿ النتباه لحاجات
الطرؼ ايخر كتمبيتيا .في البداية المبكرة فم عالقة ،يسعد كؿ طرؼ عادة بالرتباط بايخر
ببيجة كتعاطؼ ،كبدافع مف العيش بحرية .كتتطكر العالقة لتصبح مبيجة كعفكية كرائعة .كفي
النياية ،عندما تصبح العالقة "جادة" ،ربما يبدأ كؿ طرؼ في افتراض مسؤكليتو عف مشاعر
الطرؼ ايخر.
./2المرحمة البغيضة :كفييا نصبح مدركيف لمثمف الباىظ لفتراض مسؤكليتنا عف مشاعر
ايخريف ،كلكننا رفـ ذلؾ نظؿ نحاكؿ مجاممتيـ عمى حسابنا.
كثير ،كأف استجابتنا لما يدكر بداخمنا كانت ىزيمة ،ربما
كعندما نمحظ أننا قد أضعنا مف حياتنا ان
نشعر بالغضب ،كنميؿ فييا نحك التعميقات البغيضة ،مثؿ" :ىذه مشكمتؾ! فلنا لست مسؤكلن عف
مشاعرؾ!" ،كذلؾ عند مكاجية ما يشعر بو شخص آخر مف ألـ .إننا ىنا نرل بكضكح ما ل يقع
138
ضمف حدكد مسؤكليتنا ،كلكف يمزمنا بعد أف نتعمـ كيؼ نستجيب لآلخريف بطريقة ل تستعبدنا
عاطفيان .كبعد تخطي مرحمة الستعباد العاطفي ربما نظؿ نحمؿ بقايا مف الخكؼ كالذنب تجاه
امتالكنا لحاجات خاصة بنا؛ كمف ثـ ليس مف المفاجئ أننا في النياية نعبر عف تمؾ الحاجات
بطرؽ تبدك فير مجدية كقاسية عمى مسامع ايخريف .في ىذه المرحمة نحتاج بعد إلى استيعاب
أف التحرر العاطفي يستمزـ ما ىك أكثر مف مجرد التلكيد عمى حاجاتنا الخاصة.
./3التحرر العاطفي :في المرحمة الثالثة ،نستجيب لحاجات ايخريف بدافع التعاطؼ ،ل بدافع
الخكؼ أك الذنب أك الخجؿ.
كمف ثـ تككف أفعالنا كتصرفاتنا مرضية لنا ،كليؤلء الذيف يمحظكف مجيكداتنا .كنحف ىنا نتقبؿ
المسؤكلية الكاممة عف نكايانا كأفعالنا كتصرفاتنا ،كلكف ليس عف مشاعر ايخريف .كفي ىذه
المرحمة ،نككف مدركيف فنو ل يمكننا أف نمبي حاجاتنا عمى حساب ايخريف .كيقتضي التحرر
العاطفي التعبير عما نريده بكضكح ،كبطريقة تبيف لآلخريف أننا ميتمكف بالدرجة نفسيا بتمبية
حاجات ايخريف .كعممية التكاصؿ الالعنفي مصممة بحيث تدعـ تكاصمنا مع ايخريف عمى ىذا
المستكل.
خامساً -الـطـمـب الــــذي سـيــثـري الحـيـاة:
استعمال لغة إيجابية:
بداية ،يجب أف نعبر عما نطمبو ،ل عما ل نطمبو .عندما ييعبَّر عف الطمبات
ب فعميان،
بطريقة سمبية .فغالبان ما تككف ىناؾ حيرة كارتباؾ فيما يتعمؽ بالشيء الذم ييطمى ي
كعالكة عمى ذلؾ ،فمف المرجح أف تحفز الطمبات السمبية رفض المتمقي كمقاكمتيا ليا.
كفضالن عف استخداـ لغة إيجابية ،نكد أيضان تجنب الصيافة الغامضة أك المجردة
أك المبيمة ،كالتعبير عف طم باتنا في صكرة أفعاؿ كتصرفات محددة يستطيع ايخركف
القياـ بيا.
التعبير عن الطمبات بوعي:
في بعض افحياف يمكف أف نطمب طمبان كاضحان دكف أف نصيغو في كممات.
افترض مثالن أنؾ في المطبخ ،ككانت أختؾ تشاىد التمفزيكف في حجرة المعيشة ،ثـ نادت
عميؾ قائمة" :إنني عطشانة" .مف الكاضح في ىذه الحالة أنيا تطمب منؾ أف تحضر ليا
ككبان مف الماء .كلكف في مكقؼ أخرل ،ربما نعبر عف الضيؽ كعدـ الرتياح كنفترض
139
خطل أف السامع قد فيـ الطمب الذم يتضمنو الكالـ .عمى سبيؿ المثاؿ ،ربما تقكؿ امرأة
لزكجيا" :أشعر بالضيؽ فنني طمبت منؾ أف تحضر معؾ الخبز مف أجؿ العشاء،
كلكنؾ نسيت" .فرفـ أنو قد يككف كاضحان ليا أنيا تطمب منو العكدة لشرائو ،إل أف الزكج
ربما يعتقد أنيا لـ تقؿ ىذا الكالـ إل لكي تجعمو في حالة مف الذنب .بؿ إننا كثي انر ،جدان
ما نككف فير مدركيف ببساطة لما نطمبو عندما نتحدث .فنحف نتحدث مع ايخريف أك
إلييـ دكف أف نعرؼ كيؼ ننخرط في حكار معيـ .كنتيجة لعجز السامع في مثؿ ىذه
المكاقؼ عف أف يميز طمبان كاضحان في كممات المتحدث ،فربما يشعر بيذا النكع مف افلـ.
كلكف مف الشائع أكثر أف يتكمـ الناس دكف كعي منيـ بما يطمبكنو ،كربما يعمؽ أحد
بقكلو" :أنا ل أطمب أم شيء .لقد رفبت فقط في قكؿ ما قمتو" .كفي رأيي أنو عندما يقكؿ
أحد فحد شيئان ،فيك يطمب منو شيئان في المقابؿ .ربما يككف المطمكب ببساطة ىك إظيار
التعاطؼ كتكضيح أف الطرؼ ايخر يفيـ كمماتو ،بطريقة لفظية أك فير لفظية ،أك ربما
يككف المطمكب ىك الصدؽ؛ حيث نرفب في معرفة رد الفعؿ الصادؽ لممستمع لكمماتنا.
أك ربما نطمب تصرفان نلمؿ أنو سكؼ يمبي حاجاتنا .ككمما كنا أكثر إدراكان بما نريده مف
الطرؼ ايخر في المقابؿ ،زاد احتماؿ تمبية حاجاتنا.
مطالبة السامع بتكرار ما سمعو:
نحف جميعان نعرؼ أف الرسالة التي نبعث بيا لممستمع ل تككف دائمان الرسالة التي
يتـ تمقييا .كعادة ما نعتمد عمى اإلشارات المفظية لكي نطمئف إلى أف السامع قد استكعب
رسالتنا بالصكرة التي نريدىا .كلكف إذا لـ نكف عمى يقيف مف أنو قد تـ تمقييا عمى النحك
المقصكد ،نككف بحاجة إلى الفيـ؛ كمف ثـ مف اففضؿ أف نككف قادريف عمى أف نطمب
بكضكح استجابة تخبرنا كيؼ تـ تمقي الرسالة ،لكي نتمكف مف إزالة أم مف صكر سكء
الفيـ .كفي بعض المكاقؼ ،يمكف لسؤاؿ بسيط مثؿ" :ىؿ ىذا كاضح؟" أف يفي بالغرض.
كفي مكاقؼ أخرل ،نريد ما ىك أكثر مف عبارة "نعـ ،لقد فيمتؾ" ،مف أجؿ أف نثؽ بلف
الطرؼ ايخر قد فيمنا تمامان .كفي مثؿ ىذه المكاقؼ ،ربما نطمب مف ايخريف تكرار ما
سمعكه منا بكمماتيـ ىـ .كمف ثـ تسنح لنا الفرصة إلعادة صيافة أجزاء مف رسالتنا
لمتعامؿ مع أم تناقض أك حذؼ ربما نككف قد لحظناه في تكرارىـ لمرسالة.
140
كفي المرات افكلى التي نطمب فييا مف ايخريف تكرار ما سمعكه منا ،قد يبدك ىذا
فريبان كفير مللكؼ؛ حيث إف مثؿ ىذه الطمبات ناد انر ما تيطمب .كعندما أؤكد أىمية قدرتنا
عمى طمب التكرار ،فغالبان ما يبدم الناس تحفظاتيـ؛ حيث تقمقيـ ردكد أفعاؿ ،مثؿ" :ىؿ
تحسبني أصـ؟" ،أك "تكقؼ عف ممارسة ألعيبؾ النفسية" .كمف أجؿ الكقاية مف حدكث
مثؿ ىذه الستجابات ،يمكننا أف نكضح لآلخريف مقدمان السبب في أننا قد نطمب منيـ
تكرار كمماتنا .كيمكف أف نكضح ليـ أننا بذلؾ ل نختبر مياراتيـ في الستماع ،كلكننا
نتلكد مف أننا قد عبرنا عف أنفسنا بكضكح .كمع ذلؾ ،فمك رد السامع بقكلو" :لقد سمعت
ما قمتو ،فلنا لست فبيان" ،فمدينا خيار التركيز عمى مشاعره كحاجاتو كسؤالو" :ىؿ تقكؿ
إنؾ تشعر بالضيؽ فنؾ تريد مني احتراـ قدرتؾ عمى فيـ افمكر؟".
بعد أف نعبر عف أنفسنا بصراحة ككضكح ،كنتلكد مف فيـ الطرؼ ايخر لنا كما
نريد ،فالبان ما نككف حريصيف عمى معرفة رد فعمو عمى ما قمناه .كعادة ما يلخذ ما نرفبو
مف الطرؼ ايخر أحد التجاىات الثالثة فنحف أحيانان نكد:
./1معرفة المشاعر التي أثارىا ما قمناه في نفس السامع ،كأسباب تمؾ المشاعر كيمكف أف
نطمب ذلؾ بقكلنا؟ "أكد أف تخبرني بما تشعر بو حياؿ ما قمتو لتكم ،كأسباب ىذا الشعكر".
./2معرفة شيء عف أفكار السامع حياؿ ما سمعو منا .كفي ىذه افكقات ،مف الميـ أف نحدد
أم اففكار نريده أف يطمعنا عمييا .عمى سبيؿ المثاؿ ،ربما نقكؿ" :أكد أف تخبرني إذا كنت تعتقد
أف مقترحي سيمقى النجاح ،هكاذا لـ يكف افمر كذلؾ ،فما الذم سيحكؿ دكف نجاحو في رأيؾ فيما
قمتو لؾ" .فعندما ل نحدد اففكار التي نريد معرفتيا ،فربما يستفيض الطرؼ ايخر في عرض
أفكار كثيرة ،كلكنيا ليست تمؾ التي ننشدىا.
./3معرفة ما إذا كاف السامع مستعدان لتخاذ إجراءات معينة أكصينا بيا .كمثؿ ىذا الطمب
ربما يبدك كيذا؟ "أريدؾ أف تخبرني إذا كنت عمى استعداد لتلجيؿ اجتماعنا لمدة أسبكع".
الطمب من مجموعة من األشخاص:
مف الميـ عمى كجو الخصكص عندما نتكجو بالحديث إلى مجمكعة مف افشخاص
أف نعرؼ بكضكح نكع التفاىـ أك الصدؽ الذم نريده منيـ في المقابؿ بعد التعبير عف
أنفسنا .فعندما ل نككف عمى دراية جيدة بالستجابة التي نريدىا ،فربما نخكض في
محادثات فير مثمرة ،كل تمبي حاجات أم أحد في النياية .كفالبان ما تمتد المحادثات
141
كتتشعب بدكف أف تمبي حاجات أحد؛ حيث ل يككف مف الكاضح ما إذا كاف الشخص
الذم استيؿ المحادثة قد حصؿ عمى ما كاف يريده أك ل .في اليند مثالن ،عندما يتمقى
الشخص الذم استيؿ المحادثة الستجابة التي يريدىا مف الطرؼ ايخر ،يقكؿ ليما ما
معناه" :ل داعي فف تقكؿ شيئان آخر .إنني ر و
اض ،كمستعد ايف لالنتقاؿ إلى مكضكع
آخر" .كيمكننا أف نستفيد مف اكتساب كتعزيز مثؿ ىذا اإلدراؾ في كؿ تعامالتنا.
الطمبات في مقابل األوامر:
يتـ تمقي الطمبات عمى أنيا أكامر عندما يعتقد ايخركف أنيـ سكؼ يتعرضكف لمكـ
أك العقاب إذا لـ يذعنكا ليا .كعندما يسمعنا ايخركف كنحف نصدر أم انر ،فإنيـ يرككف
أماميـ خياريف محدديف :الخضكع أك التمرد .كفي الحالتيف ينظر إلى الشخص الذم
يصدر الطمب عمى أنو مصدر إكراه هكاجبار ،كتتناقص قدرة السامع عمى الستجابة إلى
الطمب بتعاطؼ.
ككمما كنا في الماضي أكثر ميالن لمكـ أك معاقبة ايخريف أك إلثارة الذنب في حالة
عدـ استجابتيـ لطمباتنا ،زاد الحتماؿ ايف في أف يتمقى ايخركف طمباتنا عمى أنيا
أكامر .كما أننا أيضان ندفع ثمف استعماؿ ايخريف لمثؿ ىذه التكتيكات .فعمى قدر ما
تعرض افشخاص المتكاجدكف في حياتنا لمكـ أك العقاب أك النتقاد أك دفعكا لمشعكر
بالذنب نتيجة لعدـ امتثاليـ لطمبات ايخريف ،أصبح بصكرة أكبر أف يحممكا معيـ ىذه
الركاسب القديمة لتؤثر في كؿ عالقة تالية ،كيتمقكا أم طمب عمى أنو أمر.
إننا نستطيع مساعدة ايخريف عمى الثقة بلننا نطمب ،كلسنا نلمر ،بلف نكضح ليـ
أننا ل نريد منيـ المتثاؿ إل إذا رفبكا في ذلؾ بالفعؿ .كمف ثـ يمكف أف نسلؿ" :ىؿ ً
أنت
تعدم المائدة" .عمى أف تعدم المائدة؟" ،بدلن مف أف نقكؿ" :أر ً
يدؾ أف ٌ عمى استعداد فف ٌ
أقكل طريقة نخبر بيا الطرؼ ايخر أننا نتكجو لو بطمب حقيقي كصادؽ ىك أف نتعاطؼ
معو عندما ل يستجيب ليذا الطمب .فنحف نكضح أننا نطمب كل نلمر مف خالؿ طريقة
استجابتنا عندما ل يمتثؿ ايخركف لطمباتنا.
فإذا كنا عمى استعداد إلظيار تفيمنا بصكرة متعاطفة لما يمنع أحدان مف فعؿ ما
نطمبو فنحف بذلؾ في رأيي نطمب ،كل نلمر .كاختيار الطمب؛ بدلن مف افمر ل يعني أف
142
نستسمـ عندما يكاجو طمبنا بالرفض .كما أنو ل يعني أننا لف نحاكؿ إقناع الطرؼ ايخر،
إلى أف نصؿ إلى مرحمة التعاطؼ مع ما يمنعو مف المكافقة.
143
سادساً -التـمـقــي المـتـعـاطـف:
الحضور :ليس الميم أن تفعل شيئاً ،وانما أن تتواجد فقط.
التعاطؼ ىك فيـ كجداني يتسـ بالحتراـ لما أمر أك يمر بو ايخر .كقد ذكر
الفيمسكؼ الصيني شكان -تزك ( )Chuang-Tzŭفي ( Merton, T., Z., Zhuang,
)Z, 1965أف التعاطؼ الحقيقي يتطمب اإلصغاء لآلخريف بكؿ كياننا" :اإلصغاء
با فذنيف فقط شيء ،أما اإلصغاء بكيانؾ كمو فشيء آخر .إنو اإلصغاء الحقيقي الذم ل
يعتمد عمى افذنيف ،كيتطمب منؾ أف تخمي عقمؾ مف كؿ شيء .كعندما يصبح عقمؾ
خاليان ،يمكنؾ أف تصغي بكيانؾ كمو .كبيذه الطريقة ،يككف ىناؾ فيـ تاـ كاستيعاب كامؿ
لما يقاؿ لؾ ،كالذم ما كنت لتسمعو بلذنيؾ أبدان أك تفيمو بعقمؾ أبدان".
كفي تعامالتنا مع ايخريف ،يتحقؽ التعاطؼ عندما ننجح في طرح كؿ أفكارنا
كأحكامنا المسبقة عنيـ .كيصؼ الفيمسكؼ مارتف بابر ( )Buber, 1958ىذا النكع مف
الحضكر الذم تقتضيو منا الحياة" :رفـ كؿ التشابيات ،إل أف كؿ مكقؼ مف مكاقؼ
الحياة ،مثؿ الطفؿ الكليد ،لو كجو جديد ،لـ يكجد مف قبؿ ،كلف يتكرر مرة ثانية أبدان .كىك
يتطمب منؾ رد فعؿ ل يمكف إعداده مسبق نا .يتطمب شيئان ليس مف الماضي .يتطمب
الحضكر كالمسؤكلية .يتطمبؾ أنت".
كليس مف السيؿ المحافظة عمى الحضكر الذم يتطمبو التعاطؼ .كتؤكد الكاتبة
الفرنسية سايمكف كيؿ ( )Weil, 2009ذلؾ بقكليا" :تعد القدرة عمى منح النتباه إلى
شخص آخر لديو معاناة مسللة نادرة كصعبة جدان .إنيا أشبو بالمعجزة؛ بؿ إنيا معجزة.
كتقريبان كؿ ىؤلء الذيف يعتقدكف أنيـ يممككف ىذه القدرة ل يمتمككنيا في الحقيقة" .كبدلن
مف التعاطؼ ،نميؿ إلى امتالؾ دافع قكم إلعطاء النصيحة أك التطمينات ،كتكضيح
مكقفنا أك مشاعرنا الخاصة .كعمى الجانب ايخر ،فالتعاطؼ يتطمب تركيز النتباه
بالكامؿ عمى الرسالة التي يحاكؿ الطرؼ ايخر إيصاليا لنا .فنمنح ايخريف الكقت
كالمساحة التي يحتاجكنيا لمتعبير عف أنفسيـ تماـ التعبير ،بتفيمنا ليـ .كىناؾ مقكلة
بكذية تصؼ ىذه القدرة بذكاء شديد" :ل تفعؿ شيئان فحسب؛ هكانما عميؾ أف تتكاجد".
(.)Weisbord, M. R., & Janoff, 2007
144
إف مما يحبط الشخص الذم يككف بحاجة لمتعاطؼ أف يجد ايخريف يفترضكف أنو
بحاجة لمتطمينات أك لمنصائح .كقد َّ
حددت ىكلي ىامفرم ( )Humphery, 2022بعض
السمككيات الشائعة التي تمنعنا مف التكاجد كالحضكر بالدرجة الكافية مف أجؿ التكاصؿ
مع ايخريف كفيما يلتي أمثمة عمى مثؿ ىذه العقبات:
"أعتقد أف مف الكاجب عميؾ أف" ،".كيؼ يعقؿ أنؾ لـ .؟". إعطاء النصح:
"ليس ىذا شيئان ،انتظر حتى تسمع ما حدث لي". إظيار التفوق:
"يمكف أف يتحكؿ ىذا إلى تجربة فاية في اإليجابية بالنسبة لؾ إذا استطعت أف". النبرة التعميمية:
"لـ يكف ىذا خطلؾ ،لقد فعمت أفضؿ ما كاف يمكنؾ فعمو". المواساة:
"ذلؾ يذكرني بالمرة التي.". قص الحكايات:
"ىيا ابتي ،ل تشعر بالحزف". الصد:
"يا إليي ،يا لؾ مف مسكيف". العطف والشفقة:
"متى بدأ ذلؾ؟". االستجواب:
كنت سلتصؿ بؾ لكل". اإليضاح:
"ليست ىذه ىي الطريقة التي حدث بيا األمر". التصحيح:
إف اعتقادنا أف عمينا "إصالح" المكاقؼ ،كتحسيف مشاعر ايخريف يمنعنا مف
"الحضكر" في المكقؼ .كافشخاص الذيف يعممكف في مجاؿ تقديـ النصح كالمشكرة أك في
مجاؿ المعالجة النفسية ىـ أكثر عرضة عمى كجو الخصكص لعتناؽ ىذا العتقاد.
فنحف عندما نفكر في كممات ايخريف ،كنبحث في مدل ارتباطيا بنظرياتنا ،فإننا بذلؾ
ننظر إلى ىؤلء الناس ،كلكف ل نتكاجد معيـ .كالحضكر ىك المقكـ افساسي لمتعاطؼ
حيث نتكاجد تمامان مع الطرؼ ايخر ،كىذا الشكؿ مف التكاجد كالحضكر ىك ما يميز
التعاطؼ عف كؿ مف الفيـ العقمي أك المشاركة الكجدانية.
اإلصغاء لممشاعر والحاجات:
في عميمة التكاصؿ الالعنفي ،أيان كانت الكممات التي يستعمميا ايخركف في
التعبير عف أنفسيـ ،فنحف نصغي إلى مالحظاتيـ كمشاعرىـ كحاجاتيـ كما يطمبكنو
لجعؿ الحياة ثرية .عمى الرفـ مف أف التخميف الكجداني لمشاعر ايخر مف الميمات
الصعبة ،حيث كجدت دراسة كاسكحة ( )2018أف المشاعر التي يمكف التعرؼ عمييا مف
145
خالؿ الكجو ،كبالترتيب مف افسيؿ إلى افصعب ىي :السعادة ،الشمئزاز ،الحزف،
الغضب ،الخكؼ.
إعادة الصياغة:
بعد أف نركز انتباىنا ،كنصغي إلى ما يمحظو ايخركف ،كما يشعركف بو ،كما
يحتاجكف إليو ،كما يطمبكنو مف أجؿ إثراء حياتيـ ،ربما نرفب في التلكيد عمى ما سمعناه
منيـ بإعادة صيافة ما كصمنا إلى فيمو.
لك أننا تمقينا رسالة الطرؼ ايخر بدقة ،فإف إعادة صيافتنا ليذه الرسالة سكؼ
تؤكد ىذا افمر لو .كعمى الجانب ايخر ،لك أكضحت إعادة الصيافة أم خطل في الفيـ،
فلماـ المتحدث الفرصة لتصحيحنا .كىناؾ ميزة أخرل لتكرار الرسالة هكاعادتيا عمى
الطرؼ ايخر كىي أف ذلؾ يمنحو الكقت لمتفكير فيما قالو ،كيعطيو الفرصة لمغكص
داخؿ نفسو بعمؽ أكثر.
كتقترح عممية التكاصؿ الالعنفي أف تتـ بإعادة الصيافة في شكؿ أسئمة تظير فيـ
السامع ،كتدعك المتحدث في الكقت نفسو إلى اإلشارة إلى أم تصحيحات ضركرية.
كيمكف أف تركز ىذه افسئمة عمى:
ما يمحظو ايخركف" :ىؿ رد فعمؾ ىذا نتيجة؛ فنني خرجت مرات كثيرة في فترة المساء
افسبكع الماضي؟".
ما يشعر بو ايخركف كالحاجات المكلدة ليذه المشاعر" :ىؿ تشعر بجرح مشاعرؾ؛ فنؾ
كنت تكد أف تحظى مجيكداتؾ بمزيد مف التقدير؟".
ما يطمبو ايخركف" :ىؿ تريد مني أف أخبرؾ بافسباب التي جعمتني أقكؿ لؾ ما قمتو؟".
كتتطمب منا ىذه افسئمة محاكلة تكقع ما يدكر في نفس ايخريف ،كفي الكقت نفسو ندعكىـ
إلى تصحيح افتراضاتنا ،في حالة إذا ما أخطل إحساسنا .ا ً
لحظ الفرؽ بيف ىذه افسئمة
كافسئمة ايتية:
" ما الذم فعمتو كتممحيف إليو؟".
" ما شعكرؾ؟"" ،كلماذا تشعر بذلؾ؟".
" ما الذم تريدني أف أفعمو حياؿ ذلؾ؟".
146
المجمكعة الثانية مف افسئمة تطمب معمكمات دكف القياـ في البداية بمحاكلة
التعرؼ إلى حقيقة ما يدكر في نفس المتحدث .كربما يبدك أف ىذه افسئمة ىي أقصر
طريقة لمتكاصؿ مع ما يدكر في نفس المتحدث ،إل أف مثؿ ىذه افسئمة ليست ىي
ككثير مف ىذه افسئمة ربما يعطي
ي الطريؽ ايمف لمحصكؿ عمى المعمكمات التي نريدىا.
المتحدث النطباع بلف السامع كما لك كاف مدرسان يمتحنو ،أك بلنو معال نفساني يعمؿ
عمى حالة مف الحالت .كلكف إذا قررنا فعميان استعماؿ ىذه الطريقة في طمب المعمكمات،
فإف ايخريف يصبحكف أكثر أمانا إذا َّ
عبرنا في البداية بكضكح عف مشاعرنا كحاجاتنا التي
كلدت مثؿ ىذه افسئمة .كمف ىنا ،فبدلن مف أف تسلؿ المتحدث" :ما الذم فعمتو؟" ،ربما
تقكؿ" :أشعر باإلحباط فنني أكد أف أعرؼ بكضكح أكثر عف أم شيء تتحدث .فيؿ أنت
عمى استعداد لتخبرني بما فعمتو كجعمؾ تراني بيذه الطريقة؟" .كرفـ أف ىذه الخطكة قد ل
تككف لزمة -أك حتى مفيدة -في المكاقؼ التي تككف فييا مشاعرنا كحاجاتنا كاضحة
تمامان مف السياؽ أك مف نبرة الصكت ،إل أننا نكصي بيا كخصكصان في المحظات التي
تككف أسئمتنا فيو مغمفة بلحاسيس كمشاعر قكية.
كلكف كيؼ نحدد إذا كاف المكقؼ يتطمب منا أف نعيد إلى ايخريف الرسائؿ التي
نسمعيا منيـ؟ بالطبع إذا لـ نكف متلكديف مف أننا قد فيمنا الرسالة بدقة ،يمكف أف
نستعمؿ إعادة الصيافة مف أجؿ دعكة المتحدث إلى تصحيح تخميننا .كلكف حتى إذا كنا
عمى ثقة بفيمنا لممتحدث بطريقة صحيحة ،فربما نشعر بلنو في انتظار تلكيد منا أف
رسالتو قد تـ تمقييا بدقة .بؿ إنو قد يعبر صراحة عف رفبتو في الحصكؿ عمى ىذا التلكيد
بقكلو" :ىؿ ىذا كاضح؟" ،أك "ىؿ تفيـ ما أعنيو؟" .كفي مثؿ ىذه المكاقؼ ،تككف إعادة
الصيافة الكاضحة لرسالة المتحدث كسيمة أفضؿ لطملنتو مف مجرد الرد بقكلؾ" :نعـ،
أفيمؾ".
كليست ىناؾ إرشادات محددة فيما يتعمؽ بتكقيت إعادة الصيافة ،كلكف كقاعدة،
ل بلس في افتراض أف المتحدث الذم يعبر عف رسالة عاطفية حادة سكؼ يقدر تك اررنا
ليذه الرسالة هكاعادتيا عميو .أما إذا كنا نحف الطرؼ المتحدث ،يمكف أف نسيؿ افمر
عمى السامع ب كضكح متى نريد كمتى ل نريد منو إعادة تكرار كمماتنا .كعند إعادة
147
الصيافة ،تع ٌد نبرة الصكت التي نستعمميا ميمة جدان فعندما يسمع المتحدث كمماتو كىي
تعاد عميو ،يككف في منتيى الحساسية فم تمميح ميما كاف بسيطان ينـ عف انتقاد أك
سخرية .كما أنو سكؼ يتلثر سمبيان بالطريقة نفسيا إذا كانت النبرة المستعممة في إعادة
الصيافة نبرة تقريرية تكحي بلننا نخبره بما يدكر بداخمو .كمع ذلؾ ،إذا كنا نصغي بكعي
لمشاعر ايخريف كحاجاتيـ ،فإف نبرتنا ستدؿ عمى أننا نسلليـ ىؿ فيمنا بطريقة صحيحة
ل عمى أننا ندعي أننا قد فيمنا.
كما أف المرء يحتاج أيضان إلى أف يككف عمى استعداد لمتعامؿ مع احتماؿ أف
المتحدث قد يسء تفسير اليدؼ مف كراء إعادة صيافة كالمو .فربما يرد المتحدث عمى
إعادة الصيافة بقكلو" :ل تعاممني بيذه الطريقة كما لك كنت طبيبان نفسيان كلك حدث ىذا،
لذلؾ مف اففضؿ أف يتابع جيده لمحاكلة فيـ مشاعر كحاجات المتحدث ،كقد يتبيف لو
المحاكر ،كيحتاج لفيـ أكثر لنكاياه قبؿ أف يصؿ إلى
في ىذه الحالة أنو ل يثؽ بدكافع ي
تقدير تكراره لرسالتو .إف كؿ النتقادات كاليجكـ كاإلىانات كافحكاـ تتالشى كتتبدد عندما
يرٌكيز النتباه عمى اإلصغاء لممشاعر كالحاجات كراء أم رسالة .ككمما تدرب اإلنساف
أكثر بيذه الطريقة أصبح أكثر إدراكان لحقيقة بسيطة :كراء كؿ تمؾ الرسائؿ التي يمكف
تمب ،يتكسمكف مف أجؿ بذؿ جيد عدىا مصد نار لمتيديد مجرد أشخاص ليـ حاجات لـ ى ٌ
إسعادىـ .كعندما يتمقى الفرد رسائؿ ايخريف بيذا الكعي ،لف يجد أبدان بلف شيئان مما يقكلو
ايخركف ينتقص مف إنسانيتو .فالفرد ل نشعر بيذا الشعكر إل عندما يتكقؼ عف رؤية
ايخريف مف منظكر ازدرائيـ فقط ،كرؤية نفسو مف منظكر أخطائو فقط .ككما اقترح
المؤلؼ كعالـ الميثكلكجيا جكزيؼ كامبؿ" :عمينا أف نطرح التفكير بطريقة ما الذم سيعتقده
الناس عني؟ ،كذلؾ مف أجؿ أف نشعر بالسعادة" .كسكؼ نبدأ في اإلحساس بيذه
السعادة ،عندما نبدأ في رؤية ما في الرسائؿ التي كنا نعدىا ،فيما مضى انتقادية أك
محممة بالمكـ مف ىبات :فرص لمعطاء لآلخريف ممف يعانكف افلـ .كلك أف ايخريف ل
يثقكف بدكافعنا هكاخالصنا باستمرار عندما نعيد صيافة كمماتيـ ،فربما نككف بحاجة إلى
محاكلة استكشاؼ نكايانا بمزيد مف العمؽ .فمف الجائز أننا ينعيد بعممية الصيافة كنطبؽ
مقكمات التكاصؿ الالعنفي بطريقة آلية ،تفتقر إلى الكعي الكاضح بالغاية مف كراء ذلؾ.
148
كيمكف أف نسلؿ أنفسنا عمى سبيؿ المثاؿ ما إذا كنا نركز عمى تطبيؽ العممية بالشكؿ "
الصحيح " أكثر مما نرٌكز عمى التكاصؿ إنسانيان مع الشخص الذم نتعامؿ معو .أك مف
الجائز أنو رفـ استعمالن ا لمتكاصؿ الالعنفي ،إل أف اىتمامنا الكحيد يمكف أف يككف
منصبان عمى تغيير سمكؾ الطرؼ ايخر .كيعترض بعض الناس عمى خطكة إعادة
الصيافة بحسباف أنيا مضيعة لمكقت.
المحافظة عمى التعاطف:
مف اففضؿ أف نتيح لآلخريف الفرصة لمتعبير عف أنفسيـ تمامان ،قبؿ أف نحكؿ
انتباىنا لمحاكلة التكصؿ إلى حمكؿ أك محاكلة تيدئتيـ .كذلؾ فنو عندما ننتقؿ بسرعة
شديدة إلى مناقشة طمبات ايخريف ،فربما ل يبدك ليـ اىتمامنا الحقيقي بمشاعرىـ
ل مف ذلؾ قد يصميـ النطباع بلننا في عجمة ،إما لمتخمص منيـ هكاما لحؿ كحاجاتيـ كبد ن
مشكمتيـ .كعالكة عمى ذلؾ ،فرسالة المتحدث فالبان ما تككف كقمة جبؿ الجميد؛ فقد تككف
متبكعة بمشاعر أخرل مرتبطة بيا لـ ييعبًّر عنيا ،كلكف أكثر قكة في الغالب ،كمف خالؿ
المحافظة عمى تركيز انتباىنا عمى ما يدكر داخؿ ايخريف ،نمنحيـ بذلؾ فرصة
لستكشاؼ ما بداخميـ كالتعبير عنيـ بصكرة كاممة .كمف الممكف أف نكقؼ ىذا التدفؽ إذا
ما حكلنا انتباىنا بسرعة كبيرة إما إلى طمباتيـ ،هكاما إلى رفبتنا نحف في التعبير عف
أنفسنا .كلكف ما الدليؿ عمى أننا قد تعاطفنا مع الطرؼ ايخر بالقدر الكافي؟ أكلن ،عندما
يدرؾ المتحدث أف كؿ ما يدكر بداخمو قد قكبؿ بفيـ كامؿ متعاطؼ ،سكؼ يشعر
بالرتياح .كيمكف أف ندرؾ ذلؾ عندما نمحظ أننا بالمثؿ براحة مف التكتر .كىناؾ إشارة
ثانية أكثر كضكحان كىي أف المتحدث سكؼ يتكقؼ عف الكالـ .هكاذا كنا فير متلكديف مما
إذا كنا قد حافظنا عمى التعاطؼ مع الطرؼ ايخر ما يكفي مف الكقت ،يمكننا أف نسللو:
"ىؿ ىناؾ شيء آخر كنت تكد قكلو؟".
عندما يعيق األلم قدرتنا عمى التعاطف:
مف المستحيؿ أف نعطي لآلخريف شيئان ل نممكو؛ ففاقد الشيء ليعطيو؛ كمف ثـ،
إذا كجدنا أننا عاجزكف أك فير رافبيف في التعاطؼ مع ايخريف برفـ ما نبذلو مف جيد
لفعؿ ذلؾ ،فعادة ما يككف ىذا عالمة عمى أننا محركمكف مف التعاطؼ لدرجة تجعمنا
149
عاجزيف عف منحو .كفي بعض افحياف ،إذا ما أقررنا صراحة أف محنتنا ىذه تحكؿ بيننا
كبيف الستج ابة المتعاطفة معيـ ،فربما يمنحنا الطرؼ ايخر ما نحتاج إليو مف تعاطؼ.
كفي أحياف أخرل ،ربما يككف مف الضركرم أف نزكد أنفسنا بقدر مف التعاطؼ
"الطارلء" ،بلف نصغي لما يدكر بداخمنا ،بدرجة الحضكر كالنتباه نفسيا التي نمنحيا
لآلخريف .هكاذا أصبحنا ميرة في التعاطؼ مع أنفسنا ،كفالبان ما نشعر في فضكف ثكاف
ستمكنا عندئذ مف الحضكر مع الطرؼ ايخر .هكاذا
ٌ قميمة بدفقة طبيعية مف الطاقة ،كالتي
لـ يفمح ىذا افمر ،فال يزاؿ أمامنا خياراف آخراف.
يمكننا أف نصرخ ،عمى نحك فير عنفي .كلكف إذا كاف الطرؼ ايخر يعاني
بالطريقة نفسيا مف مشاعر حادة في تمؾ المحظة ،بصكرة تجعمو فير قادر عمى الستماع
إلينا كل عمى تركنا بمفردنا ،فالخيار الثالث كافخير الذم يمكف أف نمجل إليو ىك أف نغادر
المكاف ،كنتجنب المكقؼ كمية .كبيذه الطريقة نمنح أنفسنا بعض الكقت لميدكء كالفرصة
نكتسب التعاطؼ الذم نحتاجو مف أجؿ الرجكع إلى المكقؼ ،كلكف بعقمية مختمفة.
ى لكي
سابعاً -قوة التعاطف:
كصؼ كارؿ ركجرز ( )Rogers, 1951تلثير التعاطؼ مع مف يتمقاه" :عندما
يصغي إليؾ أحد بحؽ ،دكف أف يحكـ عميؾ ،كدكف أف يحاكؿ تحمؿ المسؤكلية مف أجمؾ،
كدكف أف يحاكؿ صيافة طريقة تفكيرؾ ،فما أجممو مف شعكر .كعندما يصغي لي
إلي ،أككف قاد انر عمى رؤية عالمي بطريقة جديدة ،كالمضي قدمان .إنو
ايخركف كيستمعكف ٌ
مف المدىش كيؼ أف المشكالت التي تبدك فير قابمة لمحؿ تصبح عكس ذلؾ عندما
يصغي أحد إليؾ ،ككيؼ أف حالة الفكضى كالتشكش التي يبدك أنو ل سبيؿ إلى تبديدىا
تتحكؿ إلى تيارات متدفقة كاضحة ،عندما يصغي إليؾ أحد".
التعاطف والقدرة عمى الصراحة والوضوح:
فف التكاصؿ الالعنفي يدعكنا إلى إظيار أعمؽ مشاعرنا كحاجاتنا ،فربما نجد في
بعض افحياف أف التعبير عف أنفسنا بصراحة ككضكح بمغة التكاصؿ الالعنفي مسللة
صعبة .فير أف التعبير عف الذات يصبح أسيؿ بكثير بعد أف نظير تعاطفان مع ايخريف؛
فننا عندئذ نككف قد مسسنا إنسانيتيـ ،كأدركنا ما بيننا كبينيـ مف خصائص مشتركة.
150
ككمما اقتربنا أكثر مف المشاعر كالحاجات الكامنة كراء كمماتيـ ،قؿ خكفنا مف التحدث مع
ايخريف عف أنفسنا بصراحة ككضكح .أما المكاقؼ التي نككف فييا أكثر مقاكمة لمتعبير
عف أنفسنا بصدؽ كأمانة فيي في الغالب تمؾ التي نرفب فييا في الحفاظ عمى صكرتنا "
الصارمة"؛ خشية أف نفقد سمطتنا أك تحكمنا .كلك أنني تصكرت نفسي في مكقؼ عمى
أنني أتعرض لالذلؿ كالستغالؿ ،فمف الجائز أف مشاعرم الحادة بالجرح أك الغضب أك
الخكؼ ستحكؿ دكف القدرة عمى إظيار التعاطؼ معيـ .كفي تمؾ المحظة ،كنت سلككف
بحاجة إلى النسحاب مف المكقؼ ،حتى أمنح نفسي بعض التعاطؼ ،أك فطمبو مف
شخص مكثكؽ بو كيعتمد عميو .كمف ثـ ،بعد أف أكتشؼ الحاجات التي أثيرت بداخمي
بقكة ،كأتجاكب معيا بما يكفي مف التعاطؼ ،أككف عندئذ مستعدان لمعكدة كالتعاطؼ مع
الطرؼ ايخر .في مكاقؼ افلـ ،أكصي أكلن بلف نحصؿ عمى التعاطؼ الالزـ لتخطي
اففكار التي تشغؿ عقمنا ،كذلؾ حتى نتعرؼ إلى حاجاتنا افعمؽ ،كما أف القدرة عمى
التعاطؼ مع ايخريف في المكاقؼ المسببة لمتكتر يمكف أف تقمؿ مف احتماؿ كقكع العنؼ.
التعاطف عند سماع كممة " ال! "
نظ انر فننا نميؿ إلى تفسير كممة " ل" ،أك عبارات مثؿ " ل أريد أف ،"...عمى أنيا
شكؿ مف أشكاؿ الرفض ،فإف ىذه تعد رسائؿ ميمة يجب أف نككف قادريف عمى التعاطؼ
معيا ،فإذا أخذناىا عمى محمؿ شخصي ،فربما تيجرح مشاعرنا ،دكف أف نفيـ ما يدكر
بالفعؿ في نفس الطرؼ ايخر .كلكف عندما نركز انتباىنا عمى المشاعر كالحاجات
الكامنة كراء كممة "ل" التي يقكليا ايخركف ،يمكف أف نصؿ إلى إدراؾ ما يريدكنو
كيمنعيـ مف الستجابة لنا بالطريقة التي نريدىا.
التعاطف إلضفاء الحيوية عمى المحادثات المممة:
نحف جميعان نتكرط في بعض افحياف في محادثات عقيمة كمممة .ربما نككف في
مناسبة اجتماعية ،كنسمع كممات ايخريف ،كلكف دكف أم ترابط أك تكاصؿ مع المتحدث.
أك ربما نجد أف الخكؼ قد بدأ يتسرب إلينا؛ فنو قد أصبح باديان أف المتحدث ل ينكم
التكقؼ عف الكالـ .كالحقيقة ىي أف المحادثات تخمك مف الحيكية عندما نفقد الصمة مع
المشاعر كالحاجات التي تكلد كممات المتحدث ،ككذلؾ مع الطمبات المصاحبة لتمؾ
151
الحاجات .كىذا أمر شائع عندما يتحدث الناس بدكف إدراؾ لمشاعرىـ أك حاجاتيـ أك
طمباتيـ .كفي ىذه الحالة ،بدلن مف أف ننخرط في حكار متبادؿ مفعـ بالطاقة كالحيكية مع
ايخريف ،نرل أننا قد أصبحنا سمة ميمالت لكمماتيـ.
فكيؼ كمتى نتدخؿ لمقاطعة محادثة ميتة ،مف أجؿ إعادتيا لمحياة؟ أعتقد أف
أفضؿ كقت لممقاطعة ىك عندما نسمع كممة كاحدة زيادة عمى ما نريد أف نسمعو .فكمما
طاؿ انتظارنا أصبحت ىناؾ صعكبة أكبر في أف نقاطع بصكرة ميذبة .بالطبع يجب أف
نتذكر أف اليدؼ مف المقاطعة ليس إخالء الساحة لنا لنشرع نحف في الكالـ ،كلكف
لمساعدة المتحدث عمى التكاصؿ مع المشاعر كالطاقة الحياتية الكامنة كراء كمماتو.
كيمكف أف نفعؿ ذلؾ بالتركيز عمى المشاعر كالحاجات المحتممة .كمف ىنا ،لك داكمت
عمتؾ مثالن عمى تكرار قصتيا مع زكجيا الذم تخمَّى عنيا كتركيا ىي كطفمييا منذ
عشريف عامان ،يمكف أف نتدخؿ ىنا كنقاطع بقكلنا" :حسنان ،يبدك أنؾ ل زلت تشعريف بجرح
مشاعرؾ يا عمتي ،كتتمنيف لك أنو عاممؾ بمزيد مف اإلنصاؼ" .إف الناس فالبان ل
يدرككف أف التعاطؼ ىك ما يحتاجكف إليو ،كلكنيـ ل يدرككف أيضان أنو مف المرجح
بصكرة أكبر أف يحصمكا عمى ىذا التعاطؼ بالتعبير عف المشاعر كالحاجات المتقدة
بداخميـ؛ بدلن مف ركاية قصص كحكايات مف الماضي ،تصؼ ما عانكه مف ظمـ كقسكة.
كىناؾ طريقة أخرل إلعادة المحادثة إلى الحياة كىي أف نعبر لمطرؼ ايخر صراحة عف
رفبتنا في أف نككف أكثر صمة معو ،كنطمب منو معمكمات تساعدنا عمى تلسيس ىذه
الصمة.
كربما تتساءؿ كيؼ يمكف أف نستجمع شجاعتنا لمقاطعة المتحدث بكؿ بركد كىك
منيمؾ في الكالـ .كقد قمت ذات مرة بعمؿ استطالع فير رسمي لمرأم؛ طارحان فيو
السؤاؿ ايتي" :لك أنؾ تستعمؿ كممات أكثر مما يرفب الطرؼ ايخر في سماعيا ،فيؿ
تريد مف ىذا الشخص أف يتظاىر باإلصغاء لؾ ،أـ أف يكقفؾ؟" .كقد عبر كثيركف الذيف
شمميـ ىذا الستطالع ،ما عدا كاحد ،عف تفضيميـ فف يكقىفكا .كقد منحتني إجاباتيـ
الشجاعة؛ فنيا قد أقنعتني بلنو مما براعي مشاعر ايخريف .أكثر ىك أف نقاطعيـ بدلن
152
مف التظاىر باإلنصات ليـ ،في حالة ما إذا أصبحت المحادثة مممة .فنحف جميعان نريد
لكمماتنا أف تككف مصد انر إلثراء حياة ايخريف ،ل أف تككف عبئان ثقيالن عمييـ.
التعاطف مع الصمت:
يعد الصمت مف أصعب الرسائؿ التي يمكف أف يتعاطؼ معيا كثيركف .كيصح
ىذا عمى كجو الخصكص عندما نعبر عف أنفسنا بكضكح ،كنحتاج لمعرفة رد فعؿ
ايخريف بخصكص كمماتنا كفي مثؿ ىذه افكقات يككف مف السيؿ أف نستنت أف كراء
صمت الطرؼ ايخر كعدـ استجابتو أسبابان كتصكر و
ات مخيفةن ،كننسى أف نتعاطؼ مع
المشاعر كالحاجات التي يعبر عنيا بصمتو.
ثامناً -التواصل بتعاطف مع الذات:
إف أكثر تطبيقات التكاصؿ الالعنفي خطكرة كأىمية ربما يتعمؽ بالطريقة التي
نعامؿ بيا أنفسنا .فعندما يتكاجد بداخمنا عنؼ مكجو نحك أنفسنا ،يصعب أف نتعاطؼ
بصدؽ مع ايخريف.
تذكر ما لذاتنا من خصوصية وتميز:
إف ما يقمؽ بشدة أف كثيريف منا قد فقدكا إدراكيـ بكيانيـ المتميز .عندما تمنعنا
أفكارنا الخطيرة عف الذات مف أف نرل الجماؿ في أنفسنا ،فإننا نفقد صمتنا بالطاقة
الركحية التي ىي منبع كجكدنا .إننا قد تكيفنا عمى أف نرل أنفسنا كلشياء مميئة بالنقائص،
فال عجب إذف في أف كثيريف منا ينتيي بيـ الحاؿ بالتكاصؿ مع أنفسيـ بطريقة عنيفة.
كىناؾ جانب ميـ يمكف فيو أف يحؿ التعاطؼ محؿ ىذا العنؼ ،كىك يكمف في
تقييم نا فنفسنا مف لحظة فخرل .كفننا نريد مف كؿ ما نفعمو أف يؤدم إلى إثراء الحياة
كتعميقيا ،فمف الميـ جدان أف نعرؼ كيؼ نقييـ افحداث كالظركؼ بطرؽ تساعدنا عمى
التعمـ ،كعمى اختيار ق اررات مستمرة تعمؿ في صالحنا .كلكف بكؿ أسؼ ،فالطريقة التي
تدربنا عمى تقييـ أنفسنا بيا فالبان ما تشجع عمى كراىية الذات أكثر مف التعمـ.
تقييم أنفسنا في المواقف التي كنا فييا بعيدين عن المثالية:
في أحد افنشطة الركتينية في كرش العمؿ ،أطمب مف المشاركيف تذكر مكقؼ
حدث ليـ مؤخ انر ،فعمكا فيو شيئان كتمنكا لك أنيـ ما فعمكه .ثـ بعد ذلؾ ننظر إلى الطريقة
153
التي حدثكا بيا أنفسيـ مباشرة بعد أف ارتكبكا ما يشار إليو في المغة العادية عمى أنو
"فمطة" أك "خطل" .كالعبارات المعتادة التي أسمعيا منيـ ،ىي" :كاف ىذا شيئان فبيان"،
"كيؼ أقدمت عمى ىذا الفعؿ افحمؽ؟"" ،ماذا دىاني؟"" ،إنني دائمان ما أفسد افمكر!"،
"تصرؼ أناني!".
لقد تعمـ ىؤلء الحكـ عمى أنفسيـ بطرؽ تكحي بلف ما فعمكه كاف خطل أك شيئ نا
سيئان ،كمعاتبتيـ فنفسيـ عمى ىذا النحك تفترض ضمنيان أنيـ يستحقكف المعاناة كافلـ
عمى ما فعمكه .كمف المحزف أف كثيريف َّ
منا يقعكف في مصيدة كراىية الذات؛ بدلن مف
الستفادة مف افخطاء التي تبيف لنا نقائصنا كعيكبنا ،كترشدنا نحك النض كالنمك.
كحتى عندما "نتعمـ درسان " في بعض افحياف مف افخطاء التي بسببيا نحكـ عمى
أنفسنا بكؿ قسكة ،فإنني قمؽ بشلف طبيعة الدكافع الكامنة كراء ذلؾ النكع مف التغيير
كالتعمـ .فما أكده ىك أف يككف التغيير ناشئان عف رفبة حقيقية ككاضحة في إثراء الحياة
كتعميقيا مف أجمنا أك مف أجؿ ايخريف ،ل عف دكافع ىدامة؛ كمشاعر الخجؿ أك الذنب
مثالن .فإذا كانت الطريقة التي نقييـ بيا أنفسنا تقكدنا إلى الشعكر بالخجؿ ،كمف ثـ نغير
سمككنا ،فإننا بذلؾ نترؾ نمكنا كتعممنا في يد كراىية الذات تكجييما كيؼ تشاء .إف
الخجؿ ىك صكرة مف صكر كراىية الذات ،كما يتـ القياـ بو مف أفعاؿ كرد فعؿ لمشعكر
بالخجؿ يككف ليا ثمنيا ،كما أنيا ليست باففعاؿ المبيجة .كحتى إف كانت نيتنا ىي أف
نتصرؼ بمزيد مف الحساسية كالرقة ،فمك أحس الناس بلف شعكرنا بالخجؿ أك الذنب ىك
الدافع كراء تصرفاتنا ،فإنو مف المرجح أف ما نفعمو لف يحظى مف جانبيـ إل بتقدير أقؿ
مما كاف يمكف أف ننالو لك كنا مدفكعيف برفبة إنسانية في اإلسياـ في الحياة.
في لغتنا ،كممة ليا قدرة بالغة عمى خمؽ مشاعر الخجؿ كالذنب كتكليدىا .كىذه
الكممة العنيفة ،كالتي نستعمميا عادة في تقييـ أنفسنا ،مغركسة في كعينا بصكرة شديدة
العمؽ؛ لدرجة أف كثيريف منا ل يمكنيـ تخيؿ كيفية الحياة دكنيا .إنيا كممة "يجب" كما
عمي فعؿ
ترد في عبارات مثؿ" :كاف يجب أف أعرؼ أفضؿ مف ذلؾ" ،أك " ما كاف يجب ٌ
ذلؾ" .كفي معظـ افكقات التي نستعمؿ فييا ىذه الكممة في تقييـ أنفسنا ،فإننا نقاكـ
التعمـ؛ فف كممة " يجب " تكحي بلنو ليس ىناؾ خيار .كالبشر عندما يممحكف صيغة
154
افمر في أم شيء ،يميمكف إلى المقاكمة كالرفض ،كذلؾ فف صيغة افمر تيدد حريتنا
كاستقالليتنا ،أك حاجتنا القكية إلى القدرة عمى الختيار .كىذا ىك رد فعؿ البشر تجاه
الطغياف ،حتى إف كاف منبع ىذا الطغياف مف داخمنا ،في صكرة " يجب" .كىناؾ تعبير
مماثؿ عف افكامر الداخمية يظير في تقييـ الذات بالصكرة التالية" :إف ما أفعمو شيء
فظيع ،كيجب أف أفعؿ شيئان حياؿ ذلؾ!" .فكر لحظة في كؿ مف سمعتيـ يقكلكف" :يجب
أف أتكقؼ عف التدخيف فعميان" ،أك "يجب أف أفعؿ شيئان بخصكص ممارسة الرياضة أكثر
مف ذلؾ" .إنيـ يداكمكف عمى ترديد ما "يجب" عمييـ فعمو؛ كيداكمكف عمى مقاكمة فعمو،
فف البشر يرفضكف أف يككنكا كالعبيد .نحف لـ نخمؽ لنخضع لتمؾ " المفركضات" ،سكاء
جاءت مف خارج أنفسنا أك مف داخميا .كلك أننا خضعنا كاستسممنا ليذه افكامر ،فإف
أفعالنا كتصرفاتنا في تمؾ الحالة تنشل مف دافع مجرد مف البيجة المانحة لمحياة.
ترجمة األحكام الذاتية واألوامر الداخمية:
عندما نتكاصؿ مع أنفسنا باستمرار مف خالؿ إصدار افحكاـ عمى أنفسنا
كتعريضيا لمكـ ،فميس مف المفاجئ أف نرل أنفسنا في النياية أشبو "بكرسي" منا بالبشر.
كمف اففكار افساسية في التكاصؿ الالعنفي أننا كمما حكمنا عمى شخص ما بلنو
شخص مخطئ أك سيئ ،فإف ما نقكلو في الحقيقة ىك أف تصرفات ىذا الشخص ل
تنسجـ مع حاجات نا .كلك تصادؼ أف ما نحكـ عميو ىنا ىك أنفسنا ،فمساف حالنا في ىذه
الحالة ىك" :أنا نفسي ل أتصرؼ بصكرة منسجمة مع حاجاتي الخاصة" .هكانني عمى
قناعة بلننا لك تعممنا أف نقييـ أنفسنا مف منطمؽ ىؿ ليبيت حاجاتنا الخاصة أـ ل ،ككيؼ
يمكف تمبيتيا؟ يصبح ىناؾ احتماؿ أكبر في أف نتعمـ مف ىذا التقييـ.
التحدم الذم نكاجيو إذف ،في الكقت الذم نفعؿ فيو شيئ نا ل يثرم الحياة كيعمقيا،
ىك أف نقييـ أنفسنا لحظة بمحظة ،بطريقة تشجع عمى تغيير:
في التجاه الذم كنا نكد أف نسمكو.
دافع مف احتراـ أنفسنا كالتعاطؼ معيا ،كليس بدافع كراىية الذات كمشاعر الذنب أك
الخجؿ.
155
الرثاء في التواصل الالعنفي:
بعد عمر مف التعمـ كالمشاركة الجتماعية ،مف المرجح أنو يككف قد فات افكاف
بالنسبة لمعظمنا لكي ندرب عقكلنا عمى التفكير بصكرة مجردة مف منظكر ما نحتاج إليو
كنقدره مف لحظة فخرل .كلكف كما تعممنا أف نترجـ افحكاـ عندما نتحدث مع ايخريف،
يمكننا أف ندرب أنفسنا عمى التعرؼ إلى افحاديث الذاتية المصدرة لألحكاـ ،كعمى تركيز
انتباىنا عمى الفكر عمى حاجاتنا الكامنة كراء تمؾ افحكاـ.
عمى سبيؿ المثاؿ ،إذا كجدنا أننا نتجاكب بطريقة مؤنبة كمكبخة مع شيء فعمناه:
"ىا أنت قد أفسدت افمكر ثانية!" ،فمف الممكف أف نتكقؼ عف ذلؾ بسرعة كنسلؿ أنفسنا:
"ما حاجتي التي لـ تيمى َّ
ب كيعبر عنيا مف خالؿ ىذا الحكـ افخالقي؟" .كعندما نتعرؼ إلى
عدة مف الحاجات -سكؼ نمحظ تحكلن كبي انر في
ىذه الحاجة تمامان -كقد تككف مستكيات ٌ
أجسامنا .كبدلن مف مشاعر الخجؿ أك الذنب أك الكتئاب التي مف المرجح أف نعاني منيا
عندما ننتقد أنفسنا؛ فننا " قد أفسدنا افمكر ثانية" ،سكؼ يمر بنا كثير مف المشاعر
المختمفة .كسكاء كانت تمؾ مشاعر الحزف ،أك اإلحباط ،أك خيبة افمؿ ،أك الخكؼ ،أك
افسى ،أك أم شيء آخر ،فإننا قد كىبنا ىذه المشاعر بالفطرة لخدمة فرض معيف :فيي
تدفعنا نحك العمؿ مف أجؿ تحقيؽ ما نحتاجو كتمبيتو أك ما نقدره .كأثرىا في أركاحنا
كأجسامنا ىك أثر مختمؼ تمامان عف اإلحساس بالنفصاؿ الذم تكلده مشاعر الذنب
كالخجؿ كالكتئاب.
إف الرثاء في التكاصؿ الالعنفي ىك عممية التعرؼ التاـ إلى الحاجات التي لـ تيمى َّ
ب
هكالى المشاعر التي تتكلٌد في المكاقؼ التي نككف فييا أبعد ما يككف عف المثالية .إنيا
تجربة مف الندـ ،كلكنو الندـ الذم يساعدنا عمى التعمـ مما فعمناه ،دكف لكـ أنفسنا أك
كراىيتيا .كمف خالؿ ىذه العممية نرل كيؼ أف سمككياتنا قد سارت عمى ً
نحك معاكس
لحاجاتنا كقيمنا ،كننفتح عمى المشاعر التي تتكلٌد نتيجة لذلؾ اإلدراؾ .كعندما يصبح
كعينا مرك انز عمى ما نحتاجو ،فإننا نندفع بصكرة طبيعية نحك الحتمالت المبدعة لكيفية
تمبية تمؾ الحاجات .كعمى النقيض مف ذلؾ ،فافحكاـ افخالقية التي نستعمميا عندما
156
نمقي عمى أنفسنا بالمكـ تميؿ إلى حجب تمؾ الحتمالت هكاخفائيا ،هكالى جعمنا بصفة
مستمرة في حالة مف معاقبة الذات.
مسامحة النفس:
الخطكة التالية بعد عممية الرثاء السابقة ىي مسامحة النفس .فتحكيؿ انتباىنا إلى
ذلؾ الجانب مف ذاتنا الذم اختار التصرؼ بالطريقة التي أدت إلى المكقؼ الحالي يجعمنا
نسلؿ أنفسنا" :عندما تصرفت بالشكؿ الذم ندمت عميو ايف ،فما حاجتي التي كنت
أحاكؿ تمبيتيا؟" .أعتقد أف البشر دائمان ما يتصرفكف في خدمة حاجاتيـ كقيميـ .كىذا
صحيح سكاء كاف ىذا التصرؼ يمبي تمؾ الحاجات أك ل يمبييا ،أك سكاء كاف تصرفان
نحتفي بو في النياية ،أك نندـ عميو.
كعندما نصغي فنفسنا بتعاطؼ ،نصبح قادريف عمى التعرؼ إلى حاجاتنا الكامنة.
كتتحقؽ مسامحة النفس في المحظة التي تتحقؽ فييا ىذه الصمة المتعاطفة ،كمف ىنا
نصبح قادريف عمى إدراؾ كيؼ كاف اختيارنا محاكلة لخدمة الحياة؛ حتى هكاف كانت عممية
الرثاء تعممنا كيؼ أخفؽ ذلؾ الختيار في تمبية حاجاتنا .كىناؾ كجو ميـ في عممية
التعاطؼ مع الذات كىك أف نككف قادريف عمى الجمع بصكرة متعاطفة بيف كال جانبي
الذات :الذات التي تندـ عمى فعؿ ارتكب في الماضي ،كالذات التي ارتكبت ىذا الفعؿ في
المقاـ افكؿ .كتساعدنا عمميتا الرثاء كمسامحة النفس عمى التحرر كالنطالؽ في اتجاه
التعمـ كالنمك .كبينما نكتشؼ حاجاتنا كنتعرؼ إلييا لحظة بمحظة ،فإننا بذلؾ نزيد مف
قدرتنا اإلبداعية عمى العمؿ بانسجاـ معيا.
عك!"
"افعل ما يمتّ ً
إلى جانب عمميتي الرثاء كمسامحة النفس ،فيناؾ جانب آخر مف جكانب التعاطؼ
مع الذات ،أل كىك الدافع كراء كؿ ما يصدر عنا مف تصرفات .كعندما ننصح" :ل تفعؿ
شيئان ليس ممتعا!" ،يعد بعض الباحثيف ذلؾ راديكاليان ،أك حتى خبالن .كلكف مف افشكاؿ
الميمة لمتعاطؼ مع الذات أف يككف الدافع كراء ما نتخذه مف ق اررات ىك الرفبة في
اإلسياـ مف أجؿ الحياة ،كليس الخكؼ ،أك الذنب ،أك الخجؿ ،أك الكاجب ،أك اللتزاـ.
عندما نككف عمى كعي بالغاية المثرية لمحياة كراء أم فعؿ نفعمو ،كعندما يككف الدافع
157
الكحيد الذم يحركنا ىك ببساطة أف نجعؿ الحياة رائعة بالنسبة لنا كلآلخريف ،فحتى العمؿ
الشاؽ في ىذه الحالة لف يخمك مف عنصر المتعة كالمرح .كبالطريقة نفسيا ،فإف أم نشاط
مبي يينجز بدافع اللتزاـ ،أك الكاجب ،أك الخكؼ ،أك الذنب ،أك الخجؿ ،سكؼ يفقد
بيجتو ،كسيكلد بداخمنا مقاكمتو في النياية.
تحويل "يجب أن" إلى "أختار أن":
عده مصد انر لمبيجة؟ قـ بعمؿ قائمة
الخطكة افكلى :ما الذم تفعمو في الحياة كل ت ٌ
بكؿ تمؾ افشياء التي تخبر نفسؾ بلف مف الكاجب عميؾ فعميا .ضع في ىذه القائمة أم
نشاط ترىبو ،كلكف تفعمو عمى أم حاؿ فنؾ ترل أنو ليس أمامؾ خيار آخر.
الخطكة الثانية :بعد النتياء مف عمؿ القائمة ،أكد لنفسؾ بكؿ كضكح أنؾ تفعؿ
ىذه افشياء فنؾ "تختار" فعميا ،ل فنو "يجب" عميؾ فعميا .اكتب " أختار أف" ..أماـ
كؿ بند ضمنتو في القائمة.
الخطكة الثالثة :بعد التلكيد لنفسؾ عمى أنؾ "تختار" عمؿ نشاط معيف ،حاكؿ
معرفة اليدؼ كراء ىذا الختيار بلف تكمؿ ىذه العبارة" :أختار أف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ فنني أريد ػ ػ ػ ػ ػ ػػ".
تعزيز إدراكنا لمدوافع الكامنة وراء أفعالنا:
بينما تستكشؼ عبارة " أختار أف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ فنني أريد ػ ػ ػ ػ ػػ" ،فربما تكتشؼ -كما حدث
معي بخصكص تكصيؿ افطفاؿ -المعايير كالمبادئ الميمة كراء الق اررات التي تتخذىا.
كأنني مقتنع بلنو بعد الكصكؿ إلى فيـ كاضح لمحاجة التي تخدميا أفعالنا ،يصبح مف
الممكف ىعد تمؾ اففعاؿ مصد انر لممتعة كالبيجة ،حتى عندما تتضمف تحديان أك عمالن شاقان،
أك تشتمؿ عمى شيء محبط .كمع ذلؾ ،فمع بنكد معينة في قائمتؾ ،ربما تكتشؼ كاحدان
أك أكثر مف الدكافع ايتية :الماؿ ،الستحساف ،تجنب العقاب ،تجنب الذنب ،الكاجب.
كبعد فحص قائمة البنكد التي أعددتييا ،ربما تقرر التكقؼ عف فعؿ أشياء معينة،
المنطمؽ نفسو الذم جعمني أختار المتناع عف كتابة التقارير الطبية كما ذكرت سابقان.
كرفـ فرابة افمر ،إل أف مف الممكف فعؿ افشياء بدافع البيجة كالستمتاع فقط ،كأعتقد
أننا بقدر ما ننيمؾ لحظة بمحظة في بيجة إثراء الحياة كمتعتيا -مدفكعيف فقط بالرفبة
في تحقيؽ ىذه الغاية -بقدر ما نصبح قادريف عمى التعاطؼ مع أنفسنا.
158
تاسعاً -التعبير التام عن الغضب:
الحديث عف مكضكع الغضب يمنحنا فرصة فريدة لمغكص بمزيد مف العمؽ داخؿ
كثير مف جكانب ىذه
ان عممية التكاصؿ الالعنفي .كنظ انر فف التعبير عف الغضب يضع
العممية في بؤرة التركيز ،فإنو يظير بكضكح الفرؽ بيف التكاصؿ الالعنفي كصكر
التكاصؿ افخرل .كيشير ركزنبرغ إلى أف قتؿ ايخريف في رأيو ىك شيء سطحي لمغاية.
فالقتؿ كالضرب كالمكـ هكايذاء ايخريف -جسديان أك نفسيان -كميا تعبيرات سطحية عما يدكر
بداخمنا عندما نشعر بالغضب .كلكف عندما نشعر بالغضب بحؽ ،فما نريده ىك طريقة
أكثر فاعمية لمتعبير عف أنفسنا تماـ التعبير.
التمييز بين المثير والسبب:
الخطكة افكلى لمتعبير التاـ عف الغضب في التكاصؿ الالعنفي ىي أف نخمي
الطرؼ ايخر مف أم مسؤكلية عف فضبنا .حيث نخمص أنفسنا مف مثؿ تمؾ اففكار:
"لقد أفضبني فالف أك عالف فعؿ ذلؾ" .فالتفكير بيذه الطريقة يقكدنا إلى التعبير عف
فضبنا بطريقة سطحية بإلقاء المكـ عمى الطرؼ ايخر أك بمعاقبتو .كقد رأينا أف سمكؾ
ايخريف ربما يككف ىك المثير لمشاعرنا ،كلكنو ل يككف سببان ليا .فنحف ل نغضب أبدنا
بسبب ما فعمو شخص آخر .يمكننا أف نحدد أف سمكؾ الطرؼ ايخر ىك ما أثار
الغضب ،كلكف مف الميـ أف يككف ىناؾ فارؽ كاضح بيف المثير كالسبب أ َّف الخمط بيف
المثير كالسبب ىك عادة مف السيؿ اكتسابيا إذا كانت ثقافة المجتمع تستعمؿ جعؿ
ايخريف في حالة الذنب ككسيمة لمسيطرة عمييـ .كفي مثؿ ىذه الثقافات ،يصبح مف الميـ
خداع الناس ،كجعميـ يعتقدكف أف بإمكاف طرؼ أف يجعؿ ايخر يشعر بمشاعر معينة.
كحيث يككف جعؿ ايخريف في حالة الذنب كسيمة لمسيطرة كالخداع كالقسر ،يككف
مف المفيد الخمط بيف المثير كالسبب .كما أشرنا مف قبؿ ،فافطفاؿ الذيف يسمعكف عبارة:
"كالداؾ يشعراف بالضيؽ كالنزعاج عندما تحصؿ عمى درجات ضعيفة في المدرسة" ،مف
السيؿ أف ينقادكا إلى العتقاد أف سمككيـ ىك السبب لما يشعر بو افىؿ مف ألـ .ىذه
ايلية نمحظيا نفسيا بيف المتزكجيف" :أشعر باإلحباط الشديد عندما تتغيب عف حضكر
حفؿ عيد ميالدم" .إف المغة تسيؿ استخداـ ىذا افسمكب المثير لمذنب لدل الطرؼ
159
ايخر ،نحف نقكؿ عبارات مثؿ" :أنت تشعرني بالغضب" ،أك "أنت تجرح مشاعرم بما
تفعمو" ،أك "أشعر بافسؼ كالحزف مما فعمتو" .نحف نستعمؿ المغة بطرؽ مختمفة كثيرة
لخداع أنفسنا لمتصديؽ بلف مشاعرنا تنشل عما يفعمو ايخركف .كالخطكة افكلى في عممية
التعبير التاـ عف فضبنا ىي أف ندرؾ أف ما يفعمو ايخركف ل يككف السبب في مشاعرنا
عمى اإلطالؽ .فما سبب الغضب إذف؟ لنتذكر الخيارات افربعة التي تككف متاحة لنا في
مكاجية رسالة أك تصرؼ ل يعجبنا .كالغضب يتكلد عندما نختار الخيار الثاني :كمما
شعرنا بالغضب ،نتصيد افخطاء لمطرؼ ايخر ،كنختار دكر الحاكـ عميو أك الالئـ لو
عمى خطئو كعمى استحقاقو لمعقاب .أكد إذف أف أشير إلى أف ىذا ىك سبب الغضب.
حتى إذا كنا ل نعيو في البداية ،فإف سبب الغضب يكمف في طريقة تفكيرنا .كالخيار
الثالث ىك التركيز عمى مشاعرنا كحاجاتنا .كبدلن مف أف نرىؽ تفكيرنا لمكصكؿ إلى تحميؿ
عقمي فخطاء الطرؼ ايخر ،نختار أف نتكاصؿ مع الحياة الكامنة بداخمنا .كتككف طاقة
الحياة ىذه مممكسة كقابمة لمكصكؿ إلييا بلقصى شكؿ ممكف عندما نركز عمى ما نريده
في كؿ لحظة.
عمى سبيؿ المثاؿ ،لك أف ىناؾ مكعدان بينؾ كبيف أحد افشخاص كجاء متلخ انر
ككنت بحاجة إلى الطمئناف كالتلكد مف أنو ييتـ بؾ ،فربما ستشعر بجرح مشاعرؾ .كلكف
مف ناحية أخرل ،إذا كاف ما تحتاجو ىك قضاء الكقت بشكؿ ىادؼ كبناء ،فربما تشعر
باإلحباط مف تلخره .كمف ناحية ثالثة ،لك أنؾ كنت بحاجة لقضاء نصؼ ساعة مف
اليدكء كالعزلة ،فربما تشعر بالسركر فنو قد تلخر عف المكعد .كمف ىنا ،فسمكؾ ىذا
الشخص ليس ىك السبب في مشاعرنا ،هكانما السبب ىك ما نحتاجو في تمؾ المحظة.
كعندما نككف عمى دراية بتمؾ الحاجة ،سكاء كانت الطمئناف أك الستفادة مف الكقت أك
العزلة ،نصبح عمى صمة بطاقة حياتنا .ربما تنتابو مشاعر حادة كقكية ،لكنيا ليست
فضبان .إف الغضب يككف نتيجة لتفكير مضاد لمحياة ،بعيد تمامان عف حاجاتنا .كىك يشير
إلى أننا قد أرىقنا عقكلنا مف أجؿ تحميؿ شخص آخر كالحكـ عميو ،بدلن مف التركيز عمى
معرفة أم مف حاجاتنا ل يتـ تمبيتيا.
160
كباإلضافة إلى الخيار الثالث كىك أف نركز عمى حاجاتنا كمشاعرنا ،يظؿ لدينا
القدرة عمى أف نختار في أم لحظة أف نركز عمى مشاعر كحاجات ايخر .كعندما نختار
ىذا الخيار الرابع ،فنحف ل نغضب أيضان عمى اإلطالؽ .كنحف ىنا ل نكبت الغضب
كنقمعو ،هكانما نرل كيؼ أف الغضب يغيب ببساطة في كؿ لحظة نحرص فييا عمى
الحضكر كالتكاجد التاـ مع الطرؼ ايخر ،كعمى التعاطؼ مع مشاعره كحاجاتو.
لكل أشكال الغضب جوىر يخدم الحياة:
كقد يسلؿ سائؿ" :كلكف أليست ىناؾ حالت يككف الغضب فييا مبر نار؟ أليست
النقمة المبررة أخالقيان مطمكبة ،مثالن "في كجو قضية تمكيث البيئة بكؿ إىماؿ كتيكر"؟
إف كؿ أشكاؿ الغضب ىي نتيجة لطريقة تفكير مضادة لمحياة ،كمكلدة لمعنؼ.
كفي جكىر كؿ أشكاؿ الغضب حاجة ل يتـ تمبيتيا .كمف ىنا يمكف أف يصبح الغضب
شيئان قيمان إذا ما استخدمناه كساعة منبية تكقظنا ،كتجعمنا ندرؾ أف ىناؾ حاجة ل يتـ
تمبيتيا ،كأننا نفكر بطريقة تحكؿ عمى افرجح دكف تمبيتيا .كيتطمب التعبير التاـ عف
الغضب إدراكان تامان لتمؾ الحاجة .كباإلضافة إلى ذلؾ ،يتطمب تمبية تمؾ الحاجة قد نار مف
الطاقة .فير أف الغضب يطكع ىذه الطاقة كيحيدىا بتكجيييا نحك معاقبة ايخريف ل إلى
ل مف "النقمة المبررة أخالقيان" ،أنصح بلف نتكاصؿ بتعاطؼ مع حاجاتنا
تمبية حاجاتنا .كبد ن
أك مع حاجات ايخريف .كقد يتطمب ىذا تدريبان مكثفان ،حيث نقييـ فيو م ار انر كتك ار انر
كبصكرة كاعية باستخداـ عبارة "إنني فاضب فنني أحتاج إلى ،"...بدلن مف عبارة "إنني
فاضب فف فالنان أك عالن نا فعؿ كذا أك كذا".
المثير في مقابل السبب /تمميحات عممية:
مف الميـ التلكيد عمى الفارؽ بيف المثير كالسبب عمى أسس عممية كتكتيكية،
ككذلؾ عمى أسس فمسفية .إف كؿ أشكاؿ العنؼ تككف نتيجة فناس يخدعكف أنفسيـ،
كيجب اإلشارة إلى أنو عندما تككف عقكلنا ممتمئة بافحكاـ كالتحميالت ،مف قبيؿ أف
ايخريف سيئكف أك طماعكف أك فير مسئكليف أك يكذبكف أك يغشكف أك يمكثكف البيئة أك
يقدركف افرباح أكثر مف الحياة أك يتصرفكف بشكؿ ل يجب التصرؼ بو ،فإف القميميف
جدان منيـ فقط ىـ مف سيبدكف اىتمامان بحاجاتنا .فإذا كنا نرفب في حماية البيئة ،كتكجينا
161
إلى الرئيس التنفيذم إلحدل الشركات بيذا التكجو العقمي" :ىؿ تعرؼ أنؾ قاتؿ حقيقي
ليذا الكككب؟ إنؾ ليس لديؾ الحؽ في اإلساءة إلى افرض كاستغالليا بيذه الطريقة"،
فسنككف بذلؾ قد أفسدنا فرصتنا في تمبية حاجاتنا .إف مف النادر أف تجد إنسانان يستطيع
أف يظؿ مرك انز عمى حاجاتنا الخاصة ،عندما نعبر عنيا مف خالؿ صكر تظير أخطاءه
كنقائصو .كبالطبع قد ننجح في استخداـ مثؿ ىذه افحكاـ في تيديد كتخكيؼ ايخريف
إلجبارىـ عمى تمبية حاجاتنا .كلك أنيـ شعركا بالخكؼ أك الذنب أك الخجؿ لدرجة حممتيـ
عمى تغيير سمككيـ ،فربما نصؿ إلى العتقاد أنو مف الممكف أف " تفكز " مف خالؿ
إخبار ايخريف بما فييـ مف أخطاء كعيكب.
كلكف مف منظكر أكسع ،سكؼ ندرؾ أنو في كؿ مرة تمبى فييا حاجاتنا بيذه
الطريقة ،فإننا ل نخسر فحسب؛ كلكننا نسيـ كذلؾ كبصكرة مممكسة لمغاية في نشر
العنؼ عمى ىذا الكككب .ربما نككف قد حممنا مشكمة حالية ،كلكننا سنككف قد خمقنا مشكمة
فيرىا .ككمما تعرض الناس لمكـ كالحكـ عمييـ أكثر ،أصبحكا أكثر عدائية كدفاعان عف
أنفسيـ ،كأقؿ اىتمامان بحاجاتنا في المستقبؿ .إذف فحتى إذا كاف قد لبيت حاجاتنا الحالية،
عمى أساس أف ايخريف قد فعمكا ما أردناه ،فسكؼ ندفع ثمف ىذا فيما بعد.
أربع خطوات لمتعبير عن الغضب:
لنم ً
ؽ نظرة عما تتطمبو فعميان عممية التعبير التاـ عف الغضب .الخطكة افكلى ىي
أف تتكقؼ ،كل تفعؿ شيئان تنفس فقط .سكؼ نتكقؼ عف أخذ أم خطكة نحك لكـ الطرؼ
ايخر أك معاقبتو .ببساطة سكؼ نظؿ ىادئيف .ثـ بعد ذلؾ نحدد اففكار التي تجعمنا
نشعر بالغضب .عمى سبيؿ المثاؿ ،نسمع مصادفة عبارة تقكدنا إلى العتقاد بلنو قد
استيبعدنا مف محادثة فسباب عرقية .كعندئذ نحس بالغضب ،كنتكقؼ ،كنحدد اففكار
التي تضطرب في رأسنا" :مف فير المنصؼ أف تتصرؼ عمى ىذا النحك .إنيا شخصية
عنصرية" .كنحف نعرؼ أف كؿ افحكاـ مف ىذا النكع ىي تعبيرات محزنة عف حاجاتنا
التي لـ َّ
تمب ،كليذا نتخذ الخطكة التالية بالتعرؼ إلى الحاجات الكامنة كراء تمؾ اففكار.
فمك أنني حكمت عمى أحد ما بلنو شخص عنصرم في المكقؼ السابؽ ،فحاجتي ىنا ربما
تككف إلى تضميني في المحادثة ،أك إلى المساكاة أك الحتراـ أك اإلحساس بالترابط ،كلكي
162
نعبر عف أنفسنا تمامان ،سكؼ نبدأ ايف بالكالـ كالتعبير عف الغضب ،كلكف فضبنا ايف
قد تحكؿ إلى حاجات كمشاعر مرتبطة بتمؾ الحاجات .فير أف التصريح بتمؾ المشاعر
قد يتطمب قد انر كبي انر مف الشجاعة.
إظيار التعاطف أوالً:
فير أنو في معظـ الحالت ،تككف ىناؾ ضركرة إلى اتخاذ خطكة أخرل قبؿ أف
نتكقع مف الطرؼ ايخر التعرؼ إلى ما يدكر بداخمنا .كحيث إنو سيككف مف الصعب
عمى ايخريف فالبان تمقي مشاعرنا كحاجاتنا في مثؿ تمؾ المكاقؼ ،فسكؼ نحتاج في
البداية إلى التعاطؼ معيـ إذا كنا نرفب منيـ في سماعنا .ككمما ازداد تعاطفنا مع ما
يدفعيـ إلى التصرؼ بالطرؽ التي ل تمبي حاجاتنا كاف ىناؾ احتماؿ أكبر في أنيـ فيما
بعد سيردكف عمى تعاطفنا معيـ بتعاطؼ مماثؿ.
أخذ الوقت الكافي:
ربما يككف أىـ جانب في تعمـ كيفية تطبيؽ عممية التكاصؿ الالعنفي التي نناقشيا
ىنا ىك أف نلخذ كقتنا .ربما نشعر بالرتباؾ كالستغراب كنحف ننحرؼ عف سمككياتنا
المعتادة التي حكليا اإلشراط الثقافي إلى سمككيات تمقائية ،كلكف إذا كاف ىدفنا ىك أف
نعيش ال حياة بصكرة كاعية في انسجاـ كتكافؽ مع قيمنا كمبادئنا ،فسكؼ نرفب في منح
أنفسنا الكقت الكافي.
كلكؿ مف يرفب في تطبيؽ عممية التكاصؿ الالعنفي ،كخصكصان في مكاقؼ
الغضب المثير لمتحدم ،أكد أف أقترح التدريب التالي .فكما رأينا ،فإف فضبنا ينشل عف
أحكامنا كتصنيفاتنا كأف كارنا المتعمقة بما "يجب" أف يفعمو الناس ،كما "يستحقكنو" .اعمؿ
قائمة بافحكاـ التي تتبادر إلى ذىنؾ بصكرة متكررة ،كذلؾ بلف تكمؿ ىذه العبارة "ل
يعجبني مف الناس مف ىـ ."....اجمع كؿ ىذه افحكاـ السمبية المكجكدة في رأسؾ ،ثـ
اسلؿ نفسؾ" :عندما أصدر حكمان كيذا عمى أحد افشخاص ،فما الشيء الذم أككف
بحاجة إليو في تمؾ المحظة ،كلكنني ل أحصؿ عميو؟" .كبيذه الطريقة ،تدرب نفسؾ عمى
صيافة أفكارؾ في صكرة حاجات لـ تيمى َّ
ب؛ بدلن مف صيافتيا في صكرة أحكاـ تصدرىا
عمى ايخريف .كالتدريب عنصر أساسي ،كحتى نتدرب عمى التكاصؿ الالعنفي ،نحتاج
163
إلى أف نبدأ عمى ميؿ ،كنفكر جيدان قبؿ أف نتكمـ؛ بؿ كنكتفي في مرات كثيرة بمجرد أخذ
نفس عميؽ ،كعدـ التكمـ عمى اإلطالؽ .إف تعمـ عممية التكاصؿ الالعنفي كتطبيقيا
كالىما يتطمب كقتان.
عاش ارً -االستعمال الوقائي لمقوة:
عندما يككف ىناؾ طرفاف متنازعاف ،كتتاح لكؿ منيما الفرصة لمتعبير التاـ عما
يمحظو كيشعر بو كيحتاج إليو كيطمبو -كيتعاطؼ كؿ منيما مع ايخر -فعادة ما يمكف
التكصؿ إلى حؿ يمبي حاجات الطرفيف .كعمى أقؿ تقدير ،يستطيع الطرفاف أف يتفقا ،بكؿ
ارتياح ككد ،عمى أل يتفقا .فير أنو في بعض المكاقؼ ،ربما ل تتاح الفرصة لمثؿ ىذا
الحكار ،كقد يصبح مف الضركرم استعماؿ القكة لحماية الحياة كحقكؽ اففراد .عمى سبيؿ
المثاؿ ،ربما ل يككف الطرؼ ايخر عمى استعداد لمتكاصؿ ،أك قد يككف ىناؾ خطر
كشيؾ ل يتيح الكقت لمتكاصؿ .في مثؿ ىذه المكاقؼ ،ربما نحتاج إلى المجكء لمقكة .هكاذا
قررنا ذلؾ ،فإف عممية التكاصؿ الالعنفي تتطمب منا التفريؽ بيف الستعماؿ الكقائي
كالستعماؿ العقابي لمقكة .عمى سبيؿ المثاؿ يمكف إمساؾ الطفؿ ،بقكة لمنعو مف عبكر
الشارع كي ل يتعرض لألذل ،كليس بيدؼ تعنيفو أك معاقبتو .أك قد يككف الحتجاز
لشخص ارتكب ما يخالؼ القانكف؛ منعان لرتكابو مخالفة أخرل ،كليس بيدؼ إذللو.
الفكر الكامن وراء استعمال القوة:
اليدؼ كراء الستعماؿ الكقائي لمقكة ىك منع أم أذل أك ظمـ .كاليدؼ كراء
الستعماؿ العقابي لمقكة ىك جعؿ المذنب يعاني كيدفع ثمف آثامو كشركره .عندما نمسؾ
بطفؿ يجرم في عرض الشارع لمنعو مف التعرض لألذل ،فنحف ىنا نطبؽ قكة كقائية .أما
اعتداء جسديان أك نفسيان ،كلف
ن الستعماؿ العقابي لمقكة ،عمى الجانب ايخر ،فربما يتضمف
تصفع طفالن أك تكبخو كتؤنبو" :كيؼ تككف بيذا الغباء؟ حرم بؾ أف تخجؿ مف نفسؾ!".
كعندما نطبؽ الستعماؿ الكقائي لمقكة ،فنحف نركز عمى الحياة أك الحقكؽ التي
نريد حمايتيا ،دكف إطالؽ أم حكـ سكاء عمى الشخص أك عمى سمككو .فنحف ل نمكـ
الطفؿ أك ندينو عندما يندفع في الشارع ،كلكف تفكيرنا يككف مكجيان فقط نحك حمايتو مف
الخطر( .مف أجؿ تطبيؽ ىذا النكع مف القكة في الصراعات الجتماعية كالسياسية ،انظر
164
كتاب ركبرت أيركيف )Nonviolent social Defenseكالفكرة كراء الستعماؿ الكقائي
لمقكة ىي أف البشر يتصرفكف أحيانان بطرؽ قد تمحؽ بيـ أك بايخريف افذل ،نتيجة لجيؿ
منيـ .كمف ىنا فإف عممية تصحيح سمككيـ ىي عممية تربكية تعميمية ،كليست عقابان.
كتتضمف صكر ىذا الجيؿ (أ) عدـ إدراؾ نتائ أفعالنا .ك(ب) عدـ القدرة عمى رؤية أف
حاجاتنا يمكف أف تمبى دكف إيذاء ايخريف .ك(ج) العتقاد أف لدينا "الحؽ" في معاقبة
ايخريف؛ أك إيذائيـ .فنيـ "يستحقكف" ذلؾ .ك(د) الفكر المضمؿ الذم يتضمف ،عمى
سبيؿ المثاؿ ،سماع "صكت" بداخمنا يلمرنا بقتؿ شخص ما.
كعمى الجانب ايخر ،فإف اإلجراءات العقابية أك التلديبية تقكـ عمى فكرة أف مف
يرتكبكف الشركر كايثاـ كالجرائـ إنما يفعمكف ذلؾ فنيـ أشخاص أشرار سيئكف ،كمف أجؿ
تصحيح المكقؼ ،ينبغي أف نجعميـ يندمكف عمى أفعاليـ .كيتـ "إصالحيـ" مف خالؿ
اإلجراءات العقابية أك التلديبية المصممة لحمميـ عمى (أ) المعاناة بما يكفي ليركا الخطل
في تصرفاتيـ كسمككيـ .ك(ب) الندـ كالتكبة( .ج) التغيير .فير أنو مف الناحية العممية.
ل مف أف تشجع اإلجراءات العقابية عمى التكبة كالندـ كالتعمـ ،فإف المحتمؿ ىك أنيا
بد ن
ستكلد الستياء كمشاعر العداء كالحقد ،كتعزز مقاكمة السمككيات نفسيا التي ننشدىا.
أنواع القوة العقابية:
العقاب البدني ،بالصفع مثالن ،ىك نكع مف الستعماؿ العقابي لمقكة .كقد اكتشفت
أف مكضكع العقاب البدني يثير مشاعر قكية لدل ايباء .فبعض ايباء يدافع بكؿ قكة عف
ىذه الممارسة ،عمى أساس أف تجنبيا كمية يؤدم إلى تدليؿ افطفاؿ هكافسادىـ .كىـ
مقتنعكف بلف تلديب أطفالنا بالضرب إنما يظير حبنا ليـ بكضع قكاعد كحدكد كاضحة.
أما بعضيـ ايخر فيـ يصركف بالدرجة نفسيا عمى أف معاقبة افطفاؿ بالضرب شيء
يخمك مف الحب كالعطؼ كفير فاعؿ؛ كذلؾ فنو يعمـ افطفاؿ أف بمقدكرنا دائمان المجكء
إلى العنؼ الجسدم ،عندما تفشؿ كؿ الطرؽ افخرل.
خكؼ افطفاؿ مف العقاب الجسدم ربما يحجب إدراكيـ لما كراء مطالب ايباء مف
عطؼ كشفقة كحب .ككثي انر ما يخبر ايباء بلنيـ "مضطركف" إلى استعماؿ القكة العقابية؛
فنيـ ل يركف أماميـ طريقة أخرل لمتلثير في أبنائيـ كدفعيـ إلى فعؿ ما ىك "في
165
مصمحتيـ" .كىـ يدعمكف رأييـ ىذا بحكايات عف أكلد عبركا عف تقديرىـ؛ فنيـ قد
"استفاقكا" بعدما تعرضكا لممعاقبة.
يدعكف نجاح مثؿ ىذا العقاب عمى دراية بالحالت التي ل حصر ليا مف
ىؿ مف ٌ
افطفاؿ الذيف يقفكف ضد ما قد يككف في صالحيـ ببساطة؛ فنيـ اختاركا مقاكمة القسر
كاإلكراه؛ بدلن مف الخضكع كاإلذعاف لو .إف النجاح الظاىر لمعقاب البدني في التلثير في
الطفؿ ل يعني أف طرؽ التلثير افخرل لـ تكف ستحقؽ نجاحان مماثالن .عندما يختار افىؿ
استعماؿ القكة ،فربما نكسب معركة حمؿ افطفاؿ عمى فعؿ ما نريده ،كلكف ألسنا في أثناء
ذلؾ نكرس عرفان اجتماعيان يسكغ المجكء لمعنؼ ككسيمة لتسكية الخالفات؟
فضالن عف الستعماؿ المادم ،فإف الستعمالت افخرل لمقكة يمكف تصنيفيا أيضان
عمى أنيا نكع مف العقاب .كمنيا استعماؿ المكـ مف أجؿ أف يككف الطرؼ ايخر خجكلن.
عمى سبيؿ المثاؿ ،ربما يصؼ أب ابنو بلنو "مخطئ" أك "أناني" ،أك "فير ناض " ،عندما
ل يتصرؼ البف بطريقة معينة ،كمف الصكر افخرل لمقكة العقابية المجكء إلى سحب
بعض كسائؿ الترفيو كالبيجة مف افبناء؛ كتقميؿ المصركؼ أك حرمانيـ مف قيادة السيارة.
ييعد سحب الرعاية كالحتراـ أحد أقكل التيديدات عمى اإلطالؽ.
ثمن العقاب:
عندما نستسمـ لعمؿ شيء ما فقط بيدؼ تجنب العقاب ،يتشتت انتباىنا بعيدان عف
قيمة ىذا العمؿ في حد ذاتو .كبدلن مف ذلؾ يصبح تركيزنا منصبان عمى العكاقب التي قد
تحدث إذا ما أخفقنا في القياـ بيذا العمؿ .فإذا كاف الخكؼ مف العقاب فقط ىك ما يحفز
أداء العامؿ ،فستنجز المياـ ،كلكف عمى حساب تلثر حالتو المعنكية ،كعاجالن أك آجالن،
سكؼ تقؿ اإلنتاجية .كما أف تقدير الذات ينقص ىك ايخر عند استعماؿ القكة العقابية.
كلك كاف افطفاؿ يغسمكف أسنانيـ فنيـ يخشكف الخجؿ كالسخرية ،فربما ستتحسف حالة
أسنانيـ ،كلكف احتراميـ لذاتيـ ىك الذم سيصاب بالتسكس .كعالكة عمى ذلؾ ،ككما
نعرؼ جميعان ،فالعقاب لو ثمنو أيضان مف ناحية ما يكنو لنا ايخركف مف كد .فكمما
تعاظمت نظرة ايخريف إلينا بكصفنا أدكات لمعقاب ،أصبح مف افصعب عمييـ الستجابة
لحاجاتنا بتعاطؼ كشفقة.
166
سؤالف يظيراف ما يشكب العقاب مف نقص :سؤالف يساعداننا عمى أف نرل لماذا
يعد مف فير المحتمؿ أف نحقؽ ما نريده ،بالمجكء لمعقاب مف أجؿ تغيير سمكؾ ايخريف.
السؤاؿ افكؿ ىك :ما الذم أريد مف ىذا الشخص أف يفعمو ،كيختمؼ عما يفعمو
حاليان؟ كلك أننا اكتفينا بيذا السؤاؿ افكؿ ،فربما يبدك العقاب كسيمة فاعمة ،كىذا فف
التيديد بالقكة العقابية أك تطبيقيا ربما يؤثراف جيدان في سمكؾ ايخريف .كلكف ،مع السؤاؿ
الثاني ،يتضح أف العقاب مف فير المرجح أف يؤتي ثماره.
السؤاؿ الثاني :ما افسباب التي أريد أف يقتنع بيا الطرؼ ايخر كيفعؿ فجميا ما
أطمبو منو؟ كعندما نطرح السؤاؿ الثاني ،سرعاف ما سندرؾ أف الثكاب كالعقاب يعطالف
قدرة البشر عمى فعؿ افشياء كىـ مدفكعكف بافسباب التي نريد منيـ القتناع بيا .عمى
سبيؿ المثاؿ ،لف يككف المكـ كالعقاب استراتيجيتيف فاعميتيف إذا كنا نريد مف افطفاؿ
تنظيؼ حجراتيـ بدافع رفبتيـ في النظاـ أك في اإلسياـ في استمتاع ايباء بالنظاـ.
كالحقيقة ىي أف ما يدفع افطفاؿ إلى تنظيؼ حجراتيـ ىك في الغالب رفبتيـ في طاعة
الكبار (" فف أمي قالت ذلؾ ") ،أك في تجنب العقكبة ،أك خكفيـ مف مضايقة آبائيـ أك
مف رفض آبائيـ ليـ .كلكف التكاصؿ الالعنفي يعزز مستكل مف التطكر افخالقي يعتمد
عمى الستقاللية كالتبعية في كقت كاحد ،نعترؼ كفقان لو بمسئككليتنا عف أفعالنا ،كنصبح
عمى دراية ككعي بلف سعادتنا كسعادة ايخريف ىما شيء كاحد.
أحد عشر -تحرير أنفسنا وتقديم النصح لآلخرين:
تحرير أنفسنا مف البرمجة القديمة /نحف جميعان قد تعممنا أشياء تقيدنا كبشر ،سكاء
مف آبائنا أك مدرسينا أك فيرىـ ،كجميعيـ كانت تتكافر لدييـ النية الحسنة .كمع انتقاؿ
ىذا التعمـ الثقافي اليداـ مف جيؿ إلى جيؿ؛ بؿ كحتى مف قرف إلى قرف ،فقد أصبح قدر
كبير منو متغمغالن بشدة في صميـ حياتنا ،لدرجة أننا لـ نعد نعي كجكده .بالطريقة نفسيا،
فإف افلـ الذم يكلده اإلشراط الثقافي المدمر قد أصبح جزءنا مكمالن مف حياتنا ،لدرجة أننا
لـ نعد قادريف عمى تمييز كجكده .كالمسللة تتطمب طاقة ىائمة كقد انر عاليان مف اإلدراؾ
حتى نتعرؼ إ لى ىذا التعمـ اليداـ ،كحتى نحكلو إلى أفكار كسمككيات قيمة تخدـ الحياة.
كىذا يتطمب منا معرفة حاجاتنا ،كالقدرة عمى التكاصؿ مع أنفسنا ،ككالىما أمر صعب في
167
ظؿ اإلشراط الثقافي .إننا لـ نتعمـ أبدان أف نككف ممميف بحاجاتنا ،كليس ىذا فحسب،
كلكننا فالبان ما نتعرض أيضان لمتدريب الثقافي الذم يعمؿ بفاعمية عمى إعاقة إدراكنا
كتعطيمو بيذه الطريقة.
تسوية الصراعات الداخمية:
مف الممكف أف تطبؽ عممية التكاصؿ الالعنفي لتسكية الصراعات الداخمية التي
فالبان ما تؤدم إلى الكتئاب .كفي كتابو ،Revolution in psychiatryيعزم إيرنست
بيكر ( )Becker, 1964الكتئاب إلى "البدائؿ المعطمة معرفيان" .كىذا يعني أنو عندما
يككف الحكار الدائر بداخمنا ميالن إلى إصدار افحكاـ ،فإننا ننفصؿ بذلؾ عف حاجاتنا ،كل
نستطيع عندئذ العمؿ عمى تمبية تمؾ الحاجات .الكتئاب إذف ىك مؤشر أك دليؿ عمى
حالة مف النفصاؿ عف حاجاتنا الذاتية.
االىتمام ببيئتنا الداخمية:
عندما نقع فريسة لألفكار النتقادية أك المكامة أك الغاضبة ،يصعب أف نرسي بيئة
داخمية سميمة فنفسنا .كيساعدنا التكاصؿ الالعنفي عمى خمؽ حالة ذىنية أكثر ىدكءنا،
مف خالؿ تشجيعنا عمى التركيز عمى ما نريده حقان ،كليس عمى أخطائنا كعيكبنا أك
أخطاء ايخريف كعيكبيـ.
التواصل الالعنفي بدالً من التشخيص:
في حكار بيف الفيمسكؼ مارتف بكبر كعالـ النفس افمريكي كارؿ ركجرز مكثؽ في
( ،)Cissna & Anderson, 1994تساءؿ فيو بكبر إلى أم مدل يستطيع المعال
النفسي مف مكقعو تقديـ المعالجة النفسية .كقد افترض بكبر في ذلؾ الحكار أف النمك
كالتطكر اإلنساني يتحقؽ مف خالؿ تقابؿ بيف شخصيف يعبراف عف نفسييما بكضكح
كصراحة كصدؽ ،فيما أطمؽ عميو عالقة " أنا-أنت" .كىك لـ يكف يرل أف ىذا النكع مف
الصدؽ يمكف أف يتكاجد عندما يتقابؿ الشخصاف في دكرم المعال النفسي كالمريض.
ككافقو ركجرز عمى أف الصدؽ ييع ٌد متطمب نا أساسي نا لمنمك كالتطكر ،كلكنو أكد أف المعال
النفسي المستنير بكسعو أف يختار أف يتجاكز دكره ،كيتالقى مع مرضاه بكؿ صدؽ .كاف
بكبر متشككان في ذلؾ ،حيث كاف يرل أنو ،حتى لك كاف المعال النفسي ممتزمان كقاد انر
168
عمى التكاصؿ مع المريض بطريقة صادقة كمخمصة ،فإف مثؿ ىذا التالقي سيككف
مستحيالن طالما احتفظ المريض برؤيتو لنفسو كمريض ،كرؤيتو لطبيبو كطبيب .كما قاؿ
إف مجرد عممية تحديد مكعد لرؤية شخص ما في مكتبو ،كدفع أتعاب مقابؿ خدماتو،
تقضي عمى احتماؿ نشكء عالقة حميمة صادقة بيف الثنيف.
كقد فسر ىذا الحكار التشكؾ الدائـ حياؿ مبدأ النفصاؿ اإلكمينيكي؛ كىك قاعدة
مقدسة في العالج النفسي التحميمي .إف قياـ المعال بإقحاـ مشاعره كحاجاتو أثناء معالجة
المريض كاف ييعد عادة عمى أنو مرض أك انحراؼ مف جانب المعال نفسو .كمف ثـ كاف
المعال النفسي الكفي ىك مف ينلل بنفسو تمامان عف عممية العالج ،كيعمؿ فقط كمرآة
حؿ بعد ذلؾ بمساعدة المعال .عف طريؽ تطبيؽيعكس عمييا المريض مشكالتو التي تي َّ
ميارات التكاصؿ الالعنفي كفكره ،يمكف تقديـ النصيحة لآلخريف مف خالؿ عالقات
صادقة كصريحة كمتبادلة؛ بدلن مف المجكء إلى عالقات مينية تتسـ بالتباعد العاطفي،
كتعتمد عمى التشخيص.
اثنا عشر -التعبير عن التقدير في التواصل الالعنفي:
بالء حسنان في ذلؾ التقرير".
" لقد أبميت ن
" أنت شخص حساس جدان ".
" كاف لطفان منؾ أنؾ قمت بتكصيمي لمبيت ليمة أمس ".
مثؿ ىذه العبارات يينطؽ بيا عادة كتعبيرات عف التقدير في التكاصؿ المعرقؿ
لمحياة .ربما يندىش القارئ مف عد الثناء كالمديح كالمجامالت شيئان معرقالن لمحياة .كلكف
مف الجدير مالحظتو أف التقدير الذم َّ
يعب ر عنو بيذه الطريقة يظير القميؿ مما يدكر
داخؿ نفس المتحدث ،كيجعؿ منو شخصان يصدر افحكاـ .كافحكاـ -اإليجابية منيا
كالسمبية -ىي شكؿ مف أشكاؿ التكاصؿ المعرقؿ لمحياة .كعالكة عمى ذلؾ ،عندما
يستعمؿ المرء التقييـ اإليجابي ككسيمة لمتلثير في ايخريف ،فربما ل يمكف التلكد بكضكح
مف الكيفية التي يتمقكف بيا الرسالة .عندما يستعمؿ التكاصؿ الالعنفي لمتعبير عف
التقدير ،فإف ى ذا يككف فقط مف أجؿ الحتفاء ،ل مف أجؿ الحصكؿ عمى شيء في
المقابؿ .إف اليدؼ الكحيد ىك الحتفاء بالطريقة التي أثرل بيا ايخركف حياتنا.
169
مقومات التقدير الثالثة:
يحدد التكاصؿ الالعنفي بكضكح ثالثة مقكمات في التعبير عف التقدير:
اففعاؿ التي أسيمت في سعادتنا.
حاجاتنا المحددة التي لبيت.
المشاعر السارة التي تكلدت مف تمبية تمؾ الحاجات.
كقد يتغير تتابع ىذه المقكمات ،كأحيانان يمكف اختصارىا كالتعبير عنيا مجتمعة
بابتسامة صغيرة أك ببساطة بكممة " شك انر" .كلكف إذا أراد اإلنساف التلكد مف تمقي الطرؼ
ايخر لتقديره بصكرة تامة ،فمف المفيد أف ي كتسب القدرة عمى التعبير المفظي المبؽ عف
كؿ تمؾ المقكمات الثالثة.
تمقي التقدير:
كثيركف منا ل يتمقكف التقدير بطريقة ميذبة كلبقة .نحف نقمؽ بشلف ما إذا كنا
نستحقو ،كبشلف ما يتكقعو ايخركف منا ،كخصكصان إذا كاف مدرسكنا أك مديركنا
يستعممكف التقدير كسيمة لتحفيز اإلنتاجية .كربما يشعر المرء بالتكتر بشلف الرتقاء
لمستكل ىذا التقدير .كحيث إنو قد اعتاد عمى ثقافة تعد أف الشراء كالكسب كالستحقاؽ
ىي أنماط التبادؿ كالتعامؿ القياسية ،فيك ل نشعر بالرتياح في الغالب تجاه عممية افخذ
كالعطاء في صكرتيا البسيطة.
كيشجع التكاصؿ الالعنفي عمى تمقي التقدير بالتعاطؼ نفسو الذم يعبر عنو المرء
عند اإلصغاء إلى الرسائؿ افخرل .سكؼ يصغي إلى ما فعمو كأسيـ في إسعاد ايخريف،
ثـ سيصغي إلى مشاعرىـ ،هكالى حاجاتيـ التي ليبيت.
التوق إلى التقدير:
ىناؾ مفارقة كاضحة كىي أنو رفـ الحرج كعدـ الرتياح عند تمقي التقدير ،إل أف
معظمنا يتكؽ إلى التقدير الحقيقي كالصادؽ .كمع أف الرفبة الممحة في نيؿ التقدير
الحقيقي– كليس" المجامالت "الخادعة -ظاىرة عمى كجو الخصكص في العمؿ ،تؤثر في
الحياة افسرية أيض نا.
170
التغمب عمى مقاومة التعبير عن التقدير:
يصؼ جاف باكؿ ( )2007في كتابو سر البقاء في الحب ،حزنو عمى أنو لـ يكف
قاد انر ،في أثناء حياة كالده ،عمى التعبير عما كاف يكنو لو مف عرفاف كتقدير .كـ ىك مؤلـ
أف يفكت اإلنساف الفرصة لتقدير مف كاف ليـ أعظـ افثر في حياتو .فكثي انر ما يفترض
اإلنساف أف ايخريف يدرككف عظيـ تقديريو ليـ ،إل أنو يكتشؼ العكس .كحتى إذا أيحرجكا
الناس بتقدير المرء ليـ ،فإنيـ ل زالكا يرفبكف في أف يي َّ
قدركا بالكالـ.
مككف كبير منو ،ممخصان لكتاب مارشاؿ ركزنبرغ
ٌ ييع ٌد ىذا الفصؿ في
(.)Rosenberg, 2003
171
172
الفصل السادس :حل النزاعـــــات والوســــاطة
173
لتصنيفات عديدة .كقد تدفع ىذه المشاعر مجمكعات مف افشخاص ليصبحكا فير قادريف
تحمؿ أم شخص يختمؼ عنيـ في إحدل أك جميع ىذه التصنيفات .كعميو ،لف عمى ٌ
يتطمب افمر إل خطكة أك حدثان صغي انر-بعد تكفر معمكمات خاطئة -ليعدكا أفراد
المجمكعات افخرل أقؿ مكانة مف البشر لتجريدىـ مف انسانيتيـ؛ مما يسكغ تنفيذ أعماؿ
فير انسانية نحكىـ.
كتقترح افبحاث -ضمف سياؽ العالقات البيف-شخصية ،أف استراتيجيات النزاع
المتكاممة التي تركز عمى التعاكف كحؿ المشكالت ،يينظر إلييا عمكمان عمى أنيا أكثر
استرتيجبات التفريؽ (السيطرة أكالضبط) أك استراتيجيات التجنبCanary & ( .
ا كفاية مف
،1987 ،2001; Canary & Spitzberg ،1988; Canary et al.،Cupach
.)1990. ،1989فإذا ما أردنا أف نحقؽ السالـ ل بد مف العمؿ اليادؼ لمحد مف
السمكؾ العنيؼ بمياـ مكجية نحك كؿ مف التجاىات كالسياؽ/المكقؼ .كتشير الخبرة إلى
ثالثة تكجيات في الرد عمى النزاع ،إما استعماؿ القكة القسرية ،كىذا مما قد يكلد دائرة
عنؼ أيضان ،هكاما تبني مكقؼ فير عنفي كمي نا ،كىناؾ ني الالعنؼ النشط كمؤيدك ىذا
الني يرفضكف استعماؿ العنؼ كل يريدكف التسبب بلذل لآلخريف كفقداف العالقات معيـ
ارد لدييـ( .فيشر كآخركف.)31-30 ،2000 ،
إل أف مبدأ استخداـ القكة كالضطياد ك ه
أوالً -مفيوم النزاع:
متطكرة مف الترابط الديناميكي بيف
ٌ يعرؼ آرام ( )2014النزاع عمى أنو عممية
ٌ
فنيما
كلكنيما ل تقدراف عمى تحقيقيا؛ ٌ
جيتيف فاعمتيف أك أكثر تسعياف إلى تطمٌعاتيماٌ ،
أف إحداىما تقؼ في طريؽ تحقيؽ فاية الجية افخرل.
ترياف ٌ
كتمخص اإلسبر ( )2018بعض النقاط المشتركة بيف تعريفات النزاع:
ٌ
أ -النزاع يتجمى في تعارض افىداؼ أك المصالح أك الستراتيجيات بيف
افطراؼ.
ب -يمكف لمنزاع أف يككف فرديان أك جماعيان.
ج -النزاع مفرز طبيعي لمتفاعؿ الداخمي كالخارجي لالنساف
د -يترافؽ النزاع عمى نحك كثيؽ بمشاعر الغضب أك الحزف.
174
ق -ينبثؽ عف النزاع أفعاؿ كردكد أفعاؿ مف افطراؼ المختمفة.
عمـ مستق هؿ كمرتبطه
كتشير لكبيمكفا ( )2007إلى أف عمـ النزاع ىك ،في آف كاحد ،ه
حؿ النزاعات و
كثيقة بمجالت كثيرة أخرل .كما ىك مجاؿ لممساعدة العممية عمى ٌ و
بصمة
القائمة بيف افطراؼ المتصارعة (كاإلدارة ،كالدبمكماسية ،كالقضاء ،كالخدمة الجتماعية).
عد عمـ
لكضعية ىذا العمـ .كعمكمان يجدر بنا ٌ
ٌ كل يكجد حتى ايف مفيكـ يمكحد يمعترؼ بو
النزاعات مجالن عمميان تطبيقيان.
كلمكصكؿ إلى فيـ كامؿ ككاضح لمفيكـ النزاع يجب تكضيح مفاىيـ أيخرل مرتبطة
إما مرحمة سابقة لمنزاع هكا ٌما مرحمة لحقة لو.
بالنزاع؛ بؿ إف بعض تمؾ المفاىيـ تمثؿ ٌ
كفيما يمي عرض لتمؾ المفاىيـ المرتبطة بمفيكـ النزاع مرتبة مرحميان كىي ما ييطمؽ عمييا أيضان
"مراحؿ النزاع" .يكضحيا بدكم ( )1997كما يلتي:
-االختالف :ىيرجع إلى فركؽ طبيعية بيف شخص كآخر ،عمى سبيؿ المثاؿ :الختالؼ النات
افية أيضان الختالؼ البيكلكجي (النكع) بيف الرجؿ كالمرأة.
عف النتماءات الجغر ٌ
التمسؾ
الطبيعية بيف اففراد أك الجماعات ،هكاٌنما يرجع إلى ٌ
ٌ -الخالف :ل يرجع إلى الفركؽ
التضاد.
ٌ الشديد بالرأم أك المكاقؼ ،كرفض التنازؿ عنو كىك مفيكـ يعبر عف المعارضة ،ك
-المشكمة :ىي حالة مف التكتر ،كعدـ الرضا الناجميف عف بعض الصعكبات التي تعيؽ تحقيؽ
يعبر عنيا بعض الباحثيف َّ
بلنيا " :فجكة بيف الكاقع افىداؼ أك الكصكؿ إلييا؛ اختصا انر ٌ
فإنيا تككف السبب افساسي لحدكث النزاع.
كالملمكؿ" هكاذا اتخذت المشكمة مسا انر معقدانٌ ،
-النزاع :ىك عجز شخص أك أكثر عف التفاؽ عمى أمر معيف ،كيمكف تكصيفو أيضان ٌأنو
انعداـ التفاؽ أك اإلجماع عمى افىداؼ بيف طرفيف أك أكثر ،كتحكليـ مف حالة التكافؽ إلى
حالة مف التصادـ .كقد يككف شكؿ ىذا التصادـ ظاى انر مف خالؿ اففعاؿ أك السمكؾ ،كما ٌأنو قد
أف يظير لمعياف
يككف خفيان لبعض الكقت؛ بسبب عدـ التعبير عنو مف قبؿ أطراؼ النزاع قبؿ ٌ
بلنو سمكؾ يتعارض فيو الناس
بسبب مكقؼ أك حادث يكشؼ ما كاف مخفي نا .كما ييعرؼ أيضان ٌ
كتعد المشاعر أحد افبعاد الميمة التي قد تؤدم إلى
مف خالؿ أفكارىـ أك مشاعرىـ كأفعاليـٌ ،
175
نزاعات .كيككف النزاع في البداية عبارة عف مناكشات قبؿ الصراع الذم تبرز فيو حالت
التضارب كالتنافس) بيف المصالح عند فرديف أك مجمكعة مف اففراد أك بيف الدكؿ عمى نفس
فإف النزاع
أف النزاع ىك مرادؼ لمصراع كلكف في الحقيقة ٌ
اليدؼ .كقد يبدك لبعض الباحثيف ٌ
بلنو
مفيكـ يختمؼ عف الصراع ،كيمثؿ النزاع مرحمة سابقة مباشرة لمصراع ،كيعبر عنو ٌ
المناكشات حكؿ مكضكع دكف الحديث فيو مباشرة أك الدخكؿ في احتكاؾ مباشر ،فيك نزاع مف
خالؿ تصرفات مستقمة لفرد ما أك جماعة ما ضد فرد آخر أك جماعة أيخرل ،كيؤدم ذلؾ إلى
حالة مف التكتر كعدـ الرضا بيف الطرفيف المتنازعيف ،هكاذا استمرت حالة النزاع فإنيا تؤدم إلى
الصراع.
حقيقية أك
ٌ أف يتنافس اثناف أك أكثر حكؿ أىداؼ متضاربة سكاء كانت
-الصراعٌ :
عممية الخالؼ كالنزاع أك عدـ التفاؽ النات عف
ٌ حسية أك حكؿ مصادر محدكدة كىك
ٌ
ممارسة ضرر معيف مف جانب فردم أك جماعي.
-افزمة :تعني تيديدان كخط انر متكقعان أك فير متكقع فىداؼ اففراد كقيميـ
نيائية
ٌ فإف افزمة تعد نتيجة
عممية اتخاذ القرار؛ بمعنى آخر ٌ
ٌ تحد مف
كممتمكاتيـ التي ٌ
لتراكـ عدد مف التلثيرات ،كتنت عف حدكث خمؿ مفاجئ يؤثر في المقكمات الرئيسة
لمنظاـ ،كتشكؿ تيديدان صريحان كاضحان لبقاء الفرد أك المنظمة أك
الحرب النظاـ نفسو.
العنؼ انية يصدر
-العنؼ :سمكؾ يتسـ بالعدك ٌ
الزمة مف طرؼ )فرد أك جماعة(؛ بيدؼ استغالؿ طرؼ
الصراع مادية أك
آخر هكاخضاعو؛ مما يتسبب في إحداث أضرار ٌ
النزاع لمشخصية
ٌ نفسية )لمفرد أك الجماعة) ،كىك انتياؾ
معنكية أك ٌ
ٌ
المشكمة اإلنسانية )ماديان أك معنكيان) ،كىك تعد عمى ايخر أك إنكاره
ٌ
الخالؼ أك إقصاؤه كتيميشو كىك استعماؿ القكة استعمالن مفرطان أك
الختالؼ فير مشركع ،كىك مباشر كفير مباشر ،كىك مرحمة متقدمة مف
النزاعات ،كفيو يبدأ التصادـ ،أك يتطكر فييا الصراع كافزمة
الجتماعية.
ٌ الشخصية أك
ٌ تيد يد السالمة
إلى ممارسات عنيفة ٌ
176
-الحرب :كىي الحالة افكسع لممارسة العنؼ بلنكاعو شتى .كىي حالة عنؼ
جماعية أضرارىا أكسع كأكبر.
ٌ
ثانياً -نظريات مسببات النزاع:
لالطالع عمى طرؽ مكاجية النزاع نعرض الخالصة ايتية لمنظريات الرئيسة حكؿ
يبيف كؿ سبب منيا مناى
أسباب النزاع؛ بحسب (فيشر كآخريف )27 ،2000 ،حيث ٌ
كأىداؼ متنكعة:
./1نظرية العالقات المجتمعية :Community Relations Theory
تفترض ىذه النظرية أف سبب النزاع ىك الستقطاب المستمر ،كعدـ الثقة كالعداء
المجتمع كأىداؼ المنيجية التي ترتكز عمييا ىذه النظرية ىي:
ى بيف جماعات عديدة داخؿ
تحسٌن سُبل االتصال والتفاهم بٌن المجموعات المتنازعة.
تنمٌة قدرة أكبر على التحمل ،وتقبل االختالفات بٌن أفراد الجماعة.
./2نظشٌت المفبوضبث المشتكزة على المببدئ Principled Negotiation
:Theory
تفترض ىذه النظرية بلف سبب النزاع ىك المكاقؼ فير المتجانسة ،كأف أطراؼ
جراء النزاع فالكؿ خاسر .كأىداؼ المنيجية التي
النزاع يؤمنكف أنو ليس ىناؾ رابح مف ٌ
ترتكز عمييا "نظرية المفاكضات المرتكزة عمى المبادئ" ،ىي:
تمكٌن األطراف المتنازعة من التمٌٌز بٌن األمور الذاتٌة والمشاكل/القضاٌا
ومساندتهم فً التفاوض على أساس مصالحهم ،ولٌس على أساس مواقفهم الثابتة.
تٌسٌر الوصول التفاقات ٌكون الرابح بها الطرفٌن/جمٌع األطراف.
./3نظرية الحاجات اإلنسانية :Human Needs Theory
تقترض ىذه النظرية أف سبب النزاع المتجذر كالعميؽ ىك عدـ اإليفاء بحاجات
فعدد مف النزاعات كاف
ه اإلنساف افساسية سكاء الفيزيكلكجية أكالنفسية أك الجتماعية.
سببيا فقداف افمف أك اليكية أك العتراؼ أك المشاركة أك الحكـ الذاتي .كأىداؼ المنيجية
التي ترتكز عمييا "نظرية الحاجات اإلنسانية" ،ىي:
مساندة افطراؼ المتنازعة لتحديد الحاجات الالزمة ثـ كضع بدائؿ لاليفاء بيا.
عمى افطراؼ أف تصؿ لتفاقات تفي بالحاجات اإلنسانية افساسية لكؿ طرؼ.
177
افتراضات أساسية عن نظرية الحاجات اإلنسانية األساسية:
تكجد ضركريات فير قابمة لالختزاؿ كلمتفاكض بطبيعتيا .في حياة اإلنساف.
يمجل البشر إلى العدائية إذا لـ تيمى َّ
ب حاجاتيـ افساسية( .كمٌما ازداد مستكل اإلحباط
الناجـ عف عدـ القدرة عمى تمبية الحاجات افساسية ،يزداد معو مستكل العدائية).
الممبيات المناسبة. ً
تي ٌمبى الحاجات اإلنسانية إذا يكجدت ي
نظ انر لكثرة الصيغ المختمفة عف نظرية الحاجات اإلنسانية افساسية يصعب
التكصؿ إلى إجماع حكؿ الحاجات التي تع ٌد "أساسية" فعالن.
ٌ
./1جكف بكرتكف – اليكية ،كالعتراؼ ،كافمف ،كالعقالنية ،كالسيطرة (عمى البيئة)
كالدفاع عف الدكر
النتماء/المحبة ،كالتقدير ،كتحقيؽ الذات
ٌ ./2أبراىاـ ماسمكك – الفيزيزلكجية ،كافماف ،ك
./3مارم كالرؾ – الستقاللية ،كالترابط ،كالمعنى
الحرية ،كافمف ،كالمعنى/اليكية.
./4يكىاف فالتكنغ – الرعاية ،ك ٌ
./5تيد فكر – الرعاية ،كالسمطة ،كالعالقات بيف الناس
المنظريف في مجاؿبكؿ ثقافة – ىيعد بعض ي
كممبيات خاصة ٌ
حاجات عالمية كاحدة ي
أف الحاجات اإلنسانية تي َّ
حدد بيكلكجيان الحاجات اإلنسانية افساسية ،مثؿ بكرتكفٌ ،
كلكف عمماء
ٌ كاجتماعيان كىي إذنا عالمية بطبيعتيا فتتجاكز الختالفات الثقافية.
بكؿ ثقافة فميست عالمية كل قابمة
أف يممبياتيا خاصة ٌ
افنثركبكلكجيا كفيرىـ قد أشاركا إلى ٌ
لمتعميـ (آرام .)2014 ،يحدد الباحث كالخبير الكندم فيرف نيكفيمد ريديككب
( )Redekop, 2002حاجات اليكية افساسية لمنزاعات المتجذرة في الشكؿ ايتي:
178
ممخ ص عف تصكره حكؿ حاجات اليكية افساسية مف كتابو المعنكف كفيما يلتي ٌ
باإلنكميزية " "From violence to blessingأم "مف العنؼ إلى البركة".
تع ٌد نظرية الحاجات البشرية أداة قكية لفيـ عدد مف المشاعر العميقة كالدكافع
القكية في النزاع القائـ عمى اليكية .قد تككف فئات الحاجة عالمية ،كلكف تمبية تمؾ
الحاجات تعتمد عمى الثقافة كالقيـ كالخبرة .إف تمبية حاجات اليكية تتشكؿ مف خالؿ
عمميات المحاكاة .كمع ذلؾ ،يجب أف نعرؼ أكلن فئات الحاجة كركابطيا بالعكاطؼ
كمجالت التنمية البشرية.
قاـ ماسمك بعمؿ تلسيسي عمى نطاؽ الحاجات البشرية في الخمسينيات
جيال كامالن مف منظرم الحاجات .ثـ تكسع المنظركف الحاليكف في و
عدد كالستينيات ،كأليـ ن
أيضا في "ىرمية الحاجات".
مف الحاجات التي حددىا ،كلكنيـ شكككا ن
حدد ىؤلء المنظركف الحاجات الميمة ايتية :افمف كالسالمة ،كالترابط كالنتماء،
كالحب ،كىكية الذات كاحتراـ الذات كتحقيؽ الذات ،كالستجابة ،كالعتراؼ ،كالتحفيز،
كالعدالة التكزيعية ،كالمعنى في الحياة كالعقالنية ،كالتحكـ في البيئة كالنمك كالتجاكز،
كالرفاىية ،كالحرية ،كالحتراـ ،كالستقاللية ،كالمشاركة.
تميز جيمكالد ( )Gillwaldبيف أدكار الحاجات كممبياتيا؛ بحجة أف الصراعات تنشل
عف ممبيات مؤقتة (تتعمؽ بالكقت) كمحددة تاريخيان .كىذا يتناقض مع الحاجات ،كىي
فئات عالمية يمكف تمبيتيا بطرؽ ل تيعد كل تيحصى؛ جنبان إلى جنب مع بيرتكف ،تمحظ أف
عددان مف الستراتيجيات الممبية قابمة لالستنفاد مف حيث المبدأ؛ كالستراتيجيات الممبية
فير المادية تستند إلى المكارد البشرية التي ل تنضب مف حيث المبدأ لذلؾ يمكف تقميؿ
مناسبات النزاعات "مف خالؿ البحث عف طرؽ لستبداؿ الستراتيجيات فير الممبية
بافخرل الممبية" )Redekop, 2002( .تعمؿ كؿ حاجة كفكءه أكسع تشمؿ عددان مف
فئات الحاجات المكضحة كما يلتي:
179
المعنى:
بالنسبة فكسكار نكدلر ( )Nudlerالمعنى
المعنى
سؤٌت ىك أىـ الحاجات اإلنسانية حيث يتجذر في ىذه
استعبساث
متجزسة الحاجة "العكالـ" التي نطكرىا ،عمى سبيؿ المثاؿ
عذالت عالـ الرياضة ،أك العمكـ ،أك الفف ،أك الديف ،أك
نمورج
"عبلم" المعنى المنطقة .كبالعتماد عمى عالـ النفس كالفيمسكؼ
كيمياـ جيمس ،يقكؿ نكدلر "إف اىتمامنا النتقائي
ىك الذم يجعؿ" العكالـ "أك" العكالـ الفرعية
"المختمفة حقيقية بالنسبة لنا عندما يككف النزاع حكؿ عكالـ المعنى أكثر حدة ىناؾ حاجة
إلى حكار دقيؽ لتطكير رؤل تتجاكز الحدكد بيف ىذه العكالـ .كيشمؿ عالـ المعنى الخاص
بنا عيشنا لمعدالة ،كفيمنا لمعالقات الصحية ،كعيشنا لممساكاة ،كتكقعاتنا لالستجابات
المعقكلة مف قبؿ ايخريف ففعالنا ذات النية الحسنة .أم ظمـ يمدرؾ يشكؿ تيديدان لكسائؿ
تمبية حاجتنا لممعنى .ييعد تمبية حاجة المعنى أم انر معقدان .فيك ينطكم عمى التفاعؿ مع
اففراد الذيف يعيشكف في عدد مف العكالـ ،كفي سياؽ يسمح بدرجات متفاكتة مف المقارنة.
ناشئا عف تجاكر حاجات الفرد كالطرؽ المتاحة؛ لتمبية تمؾ الحاجات مع
نزعان نبدأنا نشيد ا
حاجات كطرؽ تمبية حاجات ايخريف .الحاجة التالية الترابط (التكاصؿ) ترتبط ارتباطنا
كثيقنا بالمعنى .نعمؿ عامة عمى كضع نظاـ المعنى الخاص بنا في سياؽ مجتمع مف
القيـ المشتركة .عكالـ المعنى المشتركة يمكف أف تككف عامال رئيس نا في الترابط.
الترابط (التواصل)
تنتقد مارم كالرؾ الفكػر الغربػي الػذم تيػيمف
التشابظ (التواصل)
االنتمبء عميػو النظػرة اليكبسػػية ( )Hobbesianلمبشػػر كػػلفراد
المجتمع
اللغت
متمركػزيف حػكؿ أنفسػػيـ يػدخمكف فػػي عقػكد اجتماعيػػة
القبٍلت "ف ػػي المقػػاـ افكؿ لض ػػماف النسػػجاـ" .في ػػي ل تق ػػدـ
األسض
الطبٍعت أم طريقػػة لشػػرح كجػػكد الػػركابط العائميػػة ،كالصػػداقات
مػ ػػدل الحيػ ػػاة ،كالنتمػ ػػاء الثقػ ػػافي الػ ػػذم تػ ػػكفره المغػ ػػة
180
المشػ ػػتركة ،كألػػػؼ شػ ػػيء ثمػ ػػيف آخػ ػػر .فػػػي الكاقػػػع ،إنيػ ػػا تفتقػ ػػد تمام ػ ػان ،بػ ػػؿ كتنكػ ػػر ،أعمػ ػػؽ
المتطمبػػات التػػي تميػػز نكعنػػا البشػػرم -كالحاجػػة إلػػى اليكيػػة الجتماعيػػة كتطػػكر البشػػر مػػع
رفبة في النتماء ،كليس في التنافس.
األمان:
بالنسبة لرامشرام ركم ( Ramamshray
،)Royيتمحكر تنظيـ الحاجات اإلنسانية حكؿ
األمبن
حبجبث الشفبه فكرة افماف ،كالتي ترتبط في النياية باليكية
حقوق االنسبن
جسذي الذاتية .يشمؿ مفيكـ افماف بالفعؿ عمى مفيكـ
عبطفً،
سوحبنً
اليكية الذاتية؛ فنو دكف فكرة ما عف ىكية المرء
اقتصبدي ل يستطيع الفرد تحديد معنى افماف لو [أك ليا].
ل ييـ ما إذا كاف لديو ىكية معينة لمحياة ،أك
لجزء منيا فقط .يجب عميو [أك عمييا] أف يجد
بطريقة أك بلخرل صمة بيف ىكيتو (ىكيتيا) أك مكانتو (مكانتيا) في المجتمع كالقدرات
كالمكارد الالزمة لمحفاظ عمى ىذه اليكية .بالنسبة لمفرد إذف اليكية الذاتية كافماف ليسا
كيانيف مختمفيف أك مميزيف؛ هكانما يفرضاف بعضيما بعض نا ،كمع ذلؾ فإف مفيكـ اليكية
الذاتية ىك افساسي في إضفاء معنى عمى افماف ،كافماف كحاجة ىكية تتعمؽ بلماف
الشخص كمجمكعة اليكية في الحاضر كالمستقبؿ يعني افماف السالمة الجسدية،
كالعاطفية ،كالفكرية ،كالركحية .جسدي نا ،يتضمف أماف الشخص العتناء بالحاجات
افساسية مف الطعاـ كالملكل كالمالبس ،ككذلؾ افماف مف العتداء ،أك الفتصاب ،أك
التعذيب ،أك القتؿ .درجة افماف التي يحتاجيا المرء تنت مف الشعكر بالخكؼ ،الذم ىك
في حد ذاتو أمر كظيفي نات عف تجارب الماضي.
181
الفعل:
لدل البشر حاجة ىكية تتمثؿ بالقياـ بلفعاؿ ميمة
182
ثـ يمتد ىذا السخط نيابة عف الشخص نفسو؛ ليشمؿ الفئة ككؿ مما يكلد التضامف ىناؾ
أيضا حالت مف الغضب نيابة عف فئات مف الناس ل ينتمي المرء إلييا.
ن
الوجود أو "األنوية":
يمكف ىع ٌد الحاجة إلى الكجكد عمى أنيا حاجة إلى نكع مف الذات القادرة عمى إقامة
عالقة مع ايخر لحقة nessمف كممة
الوجود /الزاث selfnessتعني الجكدة أك الحالة أك حالة
الزاث الكجكد ىي صفة أك حالة أك شرط أف
حضوس
الشخصٍت تككف ذاتان ،كأف تككف لديؾ القدرة عمى التصرؼ
قلب
العواطف كخاصية يمكننا
ٌ كذات مف خالؿ تقديـ الذات
قدما في التفكير في أم ذات عمى أنياالمضي ن
أقرب أك أبعد مما ستككف عميو الذات الكاممة ىذه
المقارنة بيف درجة المرء كنكعية الذات الحالية
كدرجة الذات كنكعيتيا التي يتخيميا المرء عمى أنيا ما يجب أف يممؾ كاإلشارة إلى الفجكة
بيف الثنتيف ىناؾ دائمان شيء آخر نريده حتى نكتمؿ كؿ ما يكجد في ىذه الفجكة يصبح
مكضكع رفبة شديدة يجادؿ بكؿ ريككر ( )Paul Ricoeurبلف ىناؾ عالقة جدلية
أساسية بيف الذات كايخر ل يمكننا أف نعرؼ أنفسنا دكف المقاء مع ايخر كالكجكد كذات
يعني كجكدان معينان أف تككف حاض انر يعني أف تككف بصكرة أساسية كاعيان لنفسؾ ،كأف
تككف مكجكدان ،كأف تككف حاض انر لآلخر أك البيئة.
./5نظرية اليوية :Identity Theory
بالمس باليكية أك خسارة مؤلمة
تفترض ىذه النظرية بلف سبب النزاع ىك العتقاد ى
حؿ .كأىداؼ العمؿ ليذه النظرية ،ىي:
حصمت بالماضي دكف الكصكؿ بيا إلى ٍ
يسر عمى افطراؼ المتنازعة أف تيحدد ./1مف خالؿ كرشات عمؿ كحكار يم ٌ
ثـ
التيديدات كالمخاكؼ عند كؿ طرؼ ،كأف نجعميـ يعايشكف معاناة بعضيـ ،كمف ٌ
تحقيؽ المصالحة.
183
./2الكصكؿ معان إلى اتفاقات تيعنى بحاجات اليكية افساسية لكؿ طرؼ مف
افطراؼ.
./6نظرية سوء االتصال بين الثقافات Intercultural
:Miscommunication Theory
تفترض ىذه النظرية أف شبو النزاع ىك التبايف في أساليب التصاؿ الثقافي.
كأىداؼ منيجية العمؿ التي ترتكز عمييا نظرية سوء االتصال بين الثقافات ،ىي:
./1تنمية معرفة افطراؼ المتنازعة بثقافة ايخر.
الحد مف التنمطيات السمبية السائدة لدل كؿ طرؼ عف ايخر. ./2ى
./3تعزيز سبؿ التصاؿ الفاعؿ بيف الثقافات المختمفة -ىي الغاية القصكل.
./7نظرية تحويل النزاعات :Conflict Transformation
تفترض ىذه النظرية أف النزاع ينجـ عف مشاكؿ عميقة متمثمة تحديدان في الظمـ
كالتمييز الناجـ عف أيطر العمؿ الجتماعية كالثقافية كالقتصادية المختمفة .كأىداؼ
منيجية العمؿ ؿ "نظرية تحكيؿ النزاعات" ،ىي:
تغيير البنى كأطر العمؿ المسببة لمظمـ كالتمييز؛ بما في ذلؾ إعادة التكزيع القتصادم.
تكثيؽ عالقات كاتجاىات طكيمة افمد بيف افطراؼ المتنازعة.
الرتقاء بالعمميات كافنظمة التي مف شلنيا تدعيـ التكامؿ كالعدالة كالسالـ ،كالتسامح،
كالمصالحة ،كالعتراؼ.
ثالثاً -تصنيف النزاعات:
تختمؼ تصنيفات النزاعات بناء عمى أسس عدة:
الييكمية.
ٌ المصادر مثؿ العالقات ،كالمعمكمات ،كالمصالح ،كالقيـ ،ك
اقتصادية،
ٌ اعية،
اجتم ٌ
ٌ سياسية،
ٌ افسباب يمكف أف تككف عامة أك خاصة فقد تككف
اعية ،نفسية (العالقات المتبادلة،
اجتم ٌ
افية (النكع ،السف ،النتماء السكاني كفيرىا)ٌ ،
ديمكفر ٌ
فردية نفسية (القدرات ،التفكؽ،
الزعامة ،حكافز الجماعة ،الرأم العاـ لمجماعة كفيرىا)ٌ ،
الطباع ،المزاج ،الدكافع كفيرىا).
عائمية.
ٌ بيئية،
اعية ػ ٌ
اجتم ٌ
يديكلكجيةٌ ،
ٌ اقتصادية ،إ
ٌ مجالت نشكء النزاع :مجالت
184
مدل طكؿ النزاع ،كحدتو :نزاعات عاصفة ،سريعة ،قصيرة افمد (تقكـ عمى أساس
عبر عف تناقضات الفردية) ،أك نزاعات حادة ،طكيمة افجؿ (تي ٌ
ٌ السيككلكجية
ٌ الخاصيات
سمبية فحد أطراؼ النزاع)،
عبر عف تناقضات خفيفة أك ٌ عميقة) ،نزاعات ضعيفة باىتة (تي ٌ
سطحية( .لكبيمكفا.)19 ،2007،
ٌ نزاعات ضعيفة عابرة ،ذات أسباب
كيمكف تسييؿ التصنيؼ مف خالؿ الشكؿ ايتي:
185
./3كضع خريطة النزاع ( :)Conflict Mappingتركز ىذه ٔ
الداة عمى الفكاعؿ
كالعالقات التي تربط بينيا ،كتعد جيدة لمشركع في تحميؿ نزاع ما .تمكننا ىذه ٔ
الداة مف
تقديـ ظاىرة الالتماثؿ في القكة مف خالؿ الحجـ النسبي لمدكائر الممثٌمة لمفكاعؿ ،كما
يمكف التعبير عف ظاىرتي العداء كالتحالؼ مف خالؿ استعماؿ الخطكط.
./4نمكذج التصعيد لػغالسؿ ( :)Glasl’s Escalation Modelييدؼ ىذا
النمكذج هالى جعؿ الستراتيجية المعتمدة لمتدخؿ في النزاع مالئمةن لمستكل التصعيد الذم
بمغتو ٔاطراؼ النزاع .يكمف المغزل ىنا في ككف ٔاف الحديث هالى النتحارييفٔ ،اك إطالؽ
186
./3تغطي افدكات كالن مف تحميؿ الصراع عمى المستكل الجزئي كالكمي.
./4تمثؿ افدكات مجمكعة كاسعة مف المقاربات لتحميؿ النزاع (خاصة مف حيث الفئات
المستيدفة كمجالت التدخالت).
187
احل النزاع.
الشكل ( )5مر ّ
يكضح ىذا الشكؿ البياني كيؼ يبدأ النزاع منذ المحظة التي نشيد فييا توتُ ارً أك
انزعاجان .ربما ل تظير أشياء محددة في ىذه المرحمة ،كلكف عادة ما يككف ىناؾ مؤشرات
شيئا ما "فير صحيح" في العالقة.ؾ بلف ىناؾ ن أك إد ار ه
الجدال :ىك أكؿ مظير خارجي لمنزاع .في مرحمة ً
الجداؿ ،تيظ ًير افقكاؿ كاففعاؿ ِ
-ككذلؾ الذم لـ ييقؿ كلـ ييفعؿ -كجكد نزاع.
تتحكؿ
َّ االنتشار :في ىذه المرحمة ،تزداد السمبية التي نشلت في مرحمة التكتر.
و
معاف سمبية مرتبطة افحداث البسيطة عند كؿ طرؼ مف أطراؼ النزاع إلى حكادث ذات
بماىية دكافع افطراؼ افخرل .تتطكر التصكرات السمبية كالستجابات العاطفية القكية
تجاه بعضيـ بعضان .بحيث تصبح ىذه التصكرات كالستجابات مؤشرات قكية إلى زيادة
انعداـ الثقة كالقدرة التنافسية بيف افطراؼ .كمع زيادة العداكة كتدىكر العالقة ،يصبح
النزاع حكؿ قضايا متعددة .حيث يبدأ افط ارؼ في مراكمة أسباب كجكد مشكالت مع
الشخص ايخر .فيميؿ اففراد إلى زيادة الستثمار في النزاع كييتمكف أكثر بعكاقب
أفعاليـ .كمع ازدياد عدد افشخاص المتكرطيف ،كتزايد انتشار القضايا ،يزداد النزاع
تعقيدان.
استقطاب التحالفات :تحاكؿ افطراؼ المعنية مباشرة بالنزاع جمع الدعـ مف
العائمة كافصدقاء كالجيراف كالزمالء ،كتحاكؿ حمميـ عمى "النحياز إلى طرؼ" عف
الطريؽ التكمـ عف القضايا المتعمقة بالنزاع .حيث يتطمعكف إلى أعضاء آخريف في
مجمكعتيـ لتسكيغ مكاقفيـ ،كتعزيز معتقداتيـ ،كمف ثـ يمكف لألشخاص الذيف يقفكف عمى
ىامش النزاع أف ينجذبكا إلى النزاع ،كيقكـ كؿ طرؼ بإقناع ايخريف بلف يتفقكا معو،
188
كبينما يتصاعد الصراع إلى ديناميكية نحف ضدىـ ،يقكـ ىذا التصعيد بتحفيز
الستقطاب .حيث يختار الناس أحد الجانبيف ،كتبدأ التحالفات ضد بعضيـ بعضان .كيبدأ
أفراد المجتمع الذيف كانكا في البداية خارج النزاع بالنجذاب إلى تحالفات تقسـ المجتمع
في النياية إلى معسكرات معارضة .كتبدأ التصكرات المشكىة كالقكالب النمطية المبسطة
لكؿ مجمكعة بالظيكر؛ مما يؤدم إلى إلغاء صفة اإلنسانية عف ايخر .كىذا افمر ل
دكر
يزيد فقط مف حدة النزاع .بؿ إنو يقضي عمى المحايديف في المجتمع الذيف قد يؤدكف نا
مفيدا كطرؼ ثالث في عممية البحث عف حؿ.
ن
نزاع عميؽ الجذكر :سكاء مف خالؿ العنؼ (النفجار) أك عف طريؽ تبطيف النزاع
يرسخ نفسو في ىكيات افطراؼ؛ فف سمككيـ ٌ (النفجار الداخمي) ،فإف النزاع
كشخصياتيـ تصبح راسخةن فيو .ففي ىذه المرحمة ،تينسى عادةن المشكمة افكلية التي أثارت
النزاع ،كيصبح التركيز الرئيس ايف عمى إيذاء الطرؼ ايخر أك تدميره أك المجمكعة
فالبا ما تعد افطراؼ أف النزاع "أمر كجكدم" افخرل .في النزاعات العميقة الجذكر ،ن
يركف بقاءىـ عمى المحؾ كيع ٌدكف خصكميـ "أقؿ إنسانية" .فيتجمٌى النزاع عميؽ الجذكر
مف خالؿ التحامؿ ،كالتمييز ،كعدـ المساكاة ،كحتى العنؼ.
سادساً -أساليب التعامل مع النزاعات:
يشير كؿ مف ( )Lindelow & Scott, 1989 Mukhtar & Habib, 2010
كما كثؽ في ( .)2012 ،Alino &Schneiderإف النزاع ل يمكف تجنبو كفالبان ما
ليككف النزاعي قكة إيجابية يجب السعي إلى فيـ
ى يصبح عنص انر حيكيان في العمؿ اإلنساني
أفضؿ لمنزاع .كتعتمد نظرتنا لمنزاع عمى أنو إيجابي أك سمبي عمى طريقة حمو كيقكؿ
( )Tidd & Friedman, 2002أف حؿ النزاع يخفض مف افثر السمبي لمنزاع كاستعماؿ
الحؿ اإليجابي يمكف أف يخفؼ ،كيزيؿ آثاره .كقد حدد الباحثكف نماذج عدة ،منيا
المستعممة لقياس كاحد مف افبعاد المتعمقة بايخريف عمى سبيؿ المثاؿ :التعاكنية
كالالتعاكنية ( .)Deutsch, 1973أما بالنسبة لنمكذج ( Thomas & Kilmann,
)1974ىناؾ بعداف لحؿ النزاع ،المصمحة الشخصية (التككيدم) كما يتعمؽ بايخريف
(التعاكف) كليذا النمكذج خمسة أساليب :التفادم (التجنب) ،كالستيعاب ،كالتعاكف،
189
كالمساكمة (التسكية) كالتنافس .إف اففراد الذيف لدييـ مصالح شخصية مرتفعة يستعممكف
إما التنافس أك التعاكف ،فافسمكب التنافسي يزيد مكاسب الفرد إلى الحد افعمى عمى
حساب ايخريف ،بينما في افسمكب التعاكني ،فيك يرتكز عمى المصالح الشخصية أخذان
بالحسباف مصالح ايخريف .إف اففراد الذيف لدييـ اىتماـ ذاتي منخفض يتبنكف أسمكبي،
التفادم كالستيعاب .يستعمؿ الفرد أسمكب التفادم عندما ل يفضؿ ل مصالحو كل
مصالح ايخريف ،كأسمكب الستيعاب يشير إلى التضحية بالمصالح الشخصية في خدمة
منافع ايخريف .كأخي انر ،فالمساكمة (التسكية) ىي تركيبة بيف أسمكبي التككيد كالتعاكف ،إنيا
تلخذ بالحسباف بذؿ الجيكد لحؿ النزاع مع فيـ أساسي لستراتيجيات إدارة النزاع الخمس،
يمكف لالنساف التعامؿ عمى نحك أفضؿ مع النزاعات قبؿ أف تتصاعد إلى كضع فير
قابؿ لالصالح .كيؤدم التكاصؿ دك انر رئيس نا في جميع عمميات تحكيؿ الصراع؛ كمف ثـ
فإف نقؿ ميارات التكاصؿ أمر أساسي لتعميـ السالـ .يميز آرام ( )2015بيف إدارة النزاع
أك حمو أك تحكيمو؛ بالستناد إلى الممارسيف كالمنظريف؛ كخبرتو الشخصية في ىذا
المجاؿ:
المدمرة (كالعنيفة فالبان)
ضبط المظاىر ي
./1إدارة النزاع :عممية اجتماعية حيث تي ى
مف النزاع ،كتيخفَّؼ قابميتيا لمتدمير؛ مف خالؿ تطبيؽ الكسائؿ العنيفة أك فير العنيفة
(يشار إلى ٌأنو ،كبخالؼ تحكيؿ النزاع كحمٌو ،ل تقتضي إدارة النزاع بالضركرةلمعالجتيا .ي
استئصاؿ افسباب الجذرية لمنزاع أك معالجتيا).
اع قائـ عمى نحك يم و
رض، حؿ النزاع :ىمخرج كعممية تعال فييا المسائؿ في نز و
ٌ ./2
مقبكؿ عمى نحك متبادؿ بيف افطراؼ ،و
قابؿ لالستمرار عمى المدل البعيد، و مف خالؿ حؿ
و
لعالقة جديدة هكايجابية بيف افطراؼ التي كانت سابقان أخصامان متعادية ( Mitchell كمنتً و
ي
قدر فييا مصادر النزاع كسياقاتو كتيستك ىشؼ )& Banks, 1996كىك عممية اجتماعية تي َّ
سببتو بطر و
يقة َّبناءة. الكسائؿ ذات الصمة لمعالجة ايثار المدمرة لممشكالت الكامنة التي ٌ
./3تحكيؿ النزاع :ىك عممية استكشافية لتحديد افسباب الجذرية كالديناميكيات
المتطكرة لمنزاع مف منظكرات تحميمية مختمفة ،كابتكار كسائؿ فاعمة كمنيجية إلعادة تكجيو
ٌ
المد كالجزر في النزاع الجتماعي كالستجابة لو
تصكر ٌ النزاع إلى بناء عالقة ٌبناءة كىك ٌ
190
تحد مف العنؼ ،كتزيد العدالة في تفاعؿ كفرص م ً
عطية لمحياة إلنشاء عمميات تغيير ٌبناءة ٌ ي
مباشر كىيكميات اجتماعية.)Lederach, 2015( ،
سابعاً -التعايش الوظيفي:
في عدد مف المجتمعات المتلثرة بشدة بالصراعات ،فإف النقسامات الجتماعية
كالصدمات التاريخية راسخة بعمؽ؛ لدرجة أنيـ يرفضكف عمى نحك قاطع التفكير في
ً
محترـ لمغاية ليكياتيـ التاريخية .كثير مف احتماؿ المصالحة؛ فف ذلؾ قد يبدك فير
الناس في مثؿ ىذه المجتمعات المتلثرة بشدة بالصراعات ينظركف إلى صراعاتيـ عمى
أنيا كجكدية؛ معتقديف أف مجرد كجكد خصكميـ ييدد بقاءىـ .كفي ظؿ ىذه الظركؼ،
يقدـ مفيكـ التعايش الكظيفي ىدفان أقؿ تيديدنا كأكثر قبكلن مف المصالحة .كيقترح خطكة
مؤقتة عممية في الجيكد المستمرة لممجتمعات المتلثرة بالصراعات؛ لتعزيز الظركؼ
التمكينية لممصالحة .يشير التعايش الكظيفي إلى عالقة تعارضية مستدامة بيف طرفيف أك
أكثر يرفضكف بنشاط العتراؼ ببعضيـ بعضان كطرؼ نزاع شرعي لمتعامؿ معو ،كلكف ل
يزالكف يختاركف عدـ استعماؿ العنؼ الجسدم لتسكية خالفاتيـ.
يتطكر التعايش الكظيفي تدريجيان عمى مدل فترة طكيمة مف التكتر ،عادة عمى مدل
عقكد .كأثناء ىذا التطكر ،تمتنع أطراؼ النزاع عف استعماؿ العنؼ الجسدم المباشر،
كلكنيا تكافح باستمرار لمتعامؿ مع الكجكد النشط لمالمساكاة الييكمية التي تقؼ في طريؽ
تحكيؿ الصراع افساسي .ىذا الشكؿ مف التعايش فاعؿ؛ فنو يمكف أف يستمر مع مركر
بناء عمى كظائفو العممية فقط .عالكة عمى ذلؾ ،فإف التعايش الكظيفي يم ٌكف الكقت ن
أطراؼ النزاع مف القياـ بمياـ فير مثيرة لمجدؿ سياسي نا كمعظميا إداريان بطريقة تشبو
افعماؿ التجارية دكف ثقة متبادلة .يمكف تطكير التعايش الكظيفي ليس فقط في العالقات
الدكلية ،كلكف أيضان في العالقات بيف افشخاص كالعالقات بيف الطكائؼ .يكضح الرسـ
البياني ىذا التعايش عمى أنو تقاطع بيف( :أ) صراع كجكدم يتميز باإلنكار المتبادؿ.
(ب) عممية مستمرة كمتطكرة لمتفاعالت العممية بيف طرفيف أك أكثر مف أطراؼ النزاع .ك
(ج) استمرار فياب العنؼ الجسدم المباشر عمى الرفـ مف الصراع( .آرام.)2014 ،
191
(ب) عملٌة
مستدامة من (أ) الطبٌعة
التفاعل الوجودٌة للنزاع،
البراغماتٌكً مع النكران
المتبادل
مشاكل مع العالقات
مشاكل مع المعلومات
مشاكل مع القٌم
مشاكل مع المصالح
مشاكل مع الهٌكٌلٌة
(البنٌة)
192
تاسعاً-مفيوم الوساطة:
يشير معجـ المعاني الجامع إلى تعريؼ كمعنى الكساطة في المغة العربية كاسـ
لفض نزاع قائـ بيف فريقيف أك أكثر؛ عف طريؽ التٌفاكض،
بلنيا شفاعة ،كىي :محاكلة ٌ
مساعيو الحميدة.
ى كالحكار عرض كساطتو بيف متخاصميفَّ ،
كقدـ كساطتىو تعني :ىع ىرض
ككف ميني يخفؼ مف افعباء النفسية كالجتماعية
الكساطة مفيكـ أساسي كم ٌ
كحتى القتصادية في المجتمع .عمى كجو الخصكص ىي شكؿ مف أشكاؿ حكار تحكيؿ
النزاع حيث يدعـ الكسيط بنشاط جيكد افطراؼ المتنازعة ذات الدكافع الذاتية لفيـ جذكر
النزاع ،كاستكشاؼ حمكؿ مرضية لمطرفيف .تكصي المفاكضات القائمة عمى الفائدة بتقييـ
أفضؿ بديؿ لكؿ طرؼ لتفاؽ تفاكضي ( ،)BATNAكالذم يتـ تحديده كخيار احتياطي
يجب أف يضعو المفاكض في الحسباف في حالة فشؿ التفاكض أك حدكث تعطؿ.
( .)Fisher, Ury, & Patton, 2011يشير ( )Moore, 2014إلى أف عممية الكساطة
ىي ممارسة عممية ،خطكة بخطكة تساعد افشخاص المتنازعيف عمى فيـ الخالفات أك
النزاعات كاستكشافيا كتطكيرىا؛ إنيا خريطة لمقرار تتضمف عممية الكساطة كقت التحضير
قبؿ اجتماع افطراؼ ثـ خمس خطكات حيث
التحضير جلسة يعمؿ افشخاص المشارككف في النزاع مع الكسيط
القبلي الوساطة
لتحديد اتفاقية مقبكلة لمطرفيف أك بنائيا.
مدخل إلى
العملية
تحديد القضايا
وبرنامج العمل
اكتشاف
القضايا
والمصالح
توليد البدائل
الوصل إلى
اتفاق
193
دور الوسيط:
تتضمف الكساطة تدخؿ طرؼ ثالث مقبكؿ ،نزيو ،يمحايد ،ليس لديو قكة سمطكية
لتخاذ قرار؛ ليساعد افطراؼ التي اختارت المكافقة عمى العممية في الكصكؿ إلى تسكية
النزاع.
مقبكلة كمشتركة لمقضايا التي ىي محؿ ٌ
المبادئ التي توجو عممية الوساطة:
تشير ( )Surma, 2018إلى قائمة بالمبادئ افكثر أىمية كافكثر قابمية لمتطبيؽ
سجؿ ىذه المبادئ ليس فقط في المصادر العممية ،كلكف أيضان في اففعاؿ
في الكساطة .تي ٌ
القانكنية:
• مبدأ التطكع.
• مبدأ السرية.
• مبدأ استقاللية الكسيط كحياده كنزاىتو.
• مبدأ تكافؤ الطرفيف كالتعاكف بينيما.
كبصرؼ النظر عف المبادئ افكثر تطبيقنا ،يمكف لممرء التمييز بيف ما يلتي:
• مبدأ الشرعية.
• مبدأ عممية الكساطة السريعة.
• مبدأ اختصاص الكسيط.
كاعتمادان عمى ( )2010 ،Allakhverdovaبحسب ( )Surma, 2018فإف
الشخص الرئيس في الكساطة ىك الكسيط ،كالذم يعتمد عميو نجاح المفاكضات إلى
أقصى حد .كعميو حؿ عدد مف المشاكؿ باستمرار .في بداية عممية التفاكض ،تتمثؿ
الميمة افكلى لمكسيط في التحقؽ مف المبادئ المذككرة أعاله ،كتطبيقيا .كيؤكد
( )Moore, 2014عمى بعض اإلرشادات لمساعدة الكسطاء في عمميـ ككسطاء ،كفي
خدمة مجتمعاتيـ:
oالتفرد :ىك العتراؼ كالفيـ لمنكعية الفريدة لكؿ متنازع .إنو يقكـ عمى حؽ البشر في أف
يككنكا أفرادان ،كأف يعاممكا ليس كإنساف فحسب؛ بؿ كإنساف مع اختالفاتو الشخصية.
194
oالتعبير اليادؼ عف المشاعر :التعبير اليادؼ عف المشاعر ىك إدراؾ حاجة افطراؼ
لمتعبير عف مشاعرىـ بحرية ،كخاصة المشاعر القكية .يستمع الكسيط بعناية كدكف تثبيط أك
إدانة التعبير عف ىذه المشاعر .أم اإلصغاء بكميتو (بالعيف ،بالقمب كبافذف) .إف حرماف
العميؿ مف التعبير عف مشاعره كمخاكفو كآمالو كعدائو يعادؿ إنكار إجمالي الشخص .في
الكقت نفسو ،يحتاج الكسيط إلى التلكد مف أف ىذا التعبير يحترـ الطرؼ ايخر؛ كمف ثـ قد
يحتاج إلى مساعدة افطراؼ عمى التعبير عف مشاعرىـ عمى نحك ٌبناء.
oالمشاركة العاطفية المضبكطة :ىي حساسية الطرؼ الثالث لمشاعر الفرد ،كفيـ معناىا،
كالستجابة المناسبة عف قصد لمشاعره (التعاطؼ) .رد الطرؼ الثالث ليس بالضركرة لفظيان.
إنيا في افساس استجابة لممكقؼ كالشعكر؛ مكجية بالمعرفة كاليدؼ.
oالقبكؿ :الغرض مف القبكؿ ىك العتراؼ .يساعد الفرد عمى التعامؿ مع مشاكمو كحاجاتو.
القبكؿ ىك مبدأ العمؿ حيث يدرؾ الطرؼ الثالث ،كيعمؿ مع افطراؼ التي تعترؼ بنقاط
القكة كالضعؼ ،كالمشاعر ،كالمكاقؼ كالسمككات البناءة كالمدمرة ،كالحفاظ عمى معنى داخمي
لمكرامة كالقيمة الشخصية لكؿ طرؼ .كفي الكقت نفسو ،يحتاج الكسيط إلى الحفاظ عمى
نزاىة عممية الكساطة ،هكافالؽ أم محاكلت مف جانب أحد افطراؼ لترىيب أك إكراه
الطرؼ ايخر أك الكسطاء ،كىذا ما يمكف أف نطمؽ عميو الحفاظ عمى تكازف القكل .يجب
أف تيغمىؽ الكساطة باحتراـ كتلكيد -كليس مف خالؿ التكتيكات الستبدادية.
oالمكقؼ فير الحكمي :في مساعدة اففراد ،مف الميـ فيـ إخفاقاتيـ كنقاط ضعفيـ ،كلكف
ليس مف كظيفة الطرؼ الثالث أف يحكـ .يحتاج الكسيط إلى فيـ أسباب مشاكؿ الفرد دكف
تحديان صعبان خاصة في ظؿ
إصدار أحكاـ بالذنب أك البراءة أك إلقاء المكـ .تع ٌد الحيادية ٌ
الكـ اليائؿ لألحكاـ التي تعيؽ تكاصمنا كتكاجدنا اإلنساني .إف العمؿ عمى أف نككف حيادييف
التحدم افكبر في كيؼ يمكف أف ينرل؟
ٌ يستغرؽ منا كقتان كنمكان إنسانيان عميقان ،كربما يكمف
oتقرير المصير :مف الميـ قبكؿ الحرية لألفراد كاحتراميا (كالحؽ) في اتخاذ خياراتيـ كق ارراتيـ
الخاصة في عممية حؿ المشكالت .مف كاجب الطرؼ الثالث إدراؾ تمؾ الحاجة كالتحفيز
195
كالمساعدة في تنشيط إمكانات افطراؼ في اتخاذ القرار الذاتي كمساعدتيـ عمى رؤية
كاستخداـ المكارد المتاحة كاستعماليا.
oالسرية :المعمكمات التي يتمقاىا الكسيط بلمانة ،سكاء في جمسة خاصة أك مشتركة مع
ؼ عنيا فطراؼ خارج الكساطة.
المتنازعيف تبقى سرية كيجب أل ييك ىش ى
التواصل في الوساطة:
التكاصؿ جزء ميـ كقيـ مف الحياة ككؿ التفاعالت البشرية .إذا لـ نتمكف مف
التكاصؿ فمف نتمكف أبدنا مف التعبير عف رؤيتنا لمعالـ كمشاعرنا حكؿ مكقؼ ما أك تجاه
بعضنا بعضان أك تمبية حاجاتنا .كالتكاصؿ ميـ خاصة في الكساطة ،فيحتاج الكسطاء إلى
أف يككنكا متكاصميف جيديف لمعمؿ بفاع مية مع افطراؼ المتنازعة .كما أنيـ بحاجة إلى
أف يككنكا قادريف عمى مساعدة افشخاص في النزاع عمى التكاصؿ عمى نحك أكثر
فاعمية ،حتى عندما ل يككنكف في أفضؿ حالتيـ الممكنة.
كاإلصغاء :ىك أحد أفضؿ الطرؽ لمعرفة المعمكمات كفيميا ،سكاء عف مشاعر
الناس أك افمكر التي ييتمكف بيا ،هكاف عدـ اإلصغاء يعيؽ قدرتنا عمى فيـ ما يحدث
بالفعؿ .أخيرا ،نتعمـ الكالـ .لكف التحدث ليس فقط أف نقكؿ شيئ نا ،كلكف كيؼ كمتى نقكؿ
ذلؾ؟ العبارات أك الكممات التي نختارىا كما ننقمو مف خالؿ التصريحات المفظية كنبرتنا.
لتربية عمى السالم:
دور ا ّ
أف يؤثر تلثي انر كبي انر في مكقفو
تؤكد لكبيمكفا ( )2007أف ما يمحظو الطفؿ ييمكف ٌ
مف النزاعات في سف رشده .فتعميـ السالـ ىي عممية اكتساب القيـ كالمعرفة كتنمية
المكاقؼ كالميارات كالسمكؾ لمعيش بانسجاـ مع الذات كمع ايخريف كمع البيئة الطبيعية.
كييدؼ إلى الحد مف العنؼ ،كدعـ تحكيؿ الصراعات ،كتعزيز قدرات السالـ لألفراد
كالجماعات كالمجتمعات كالمؤسسات ( .)Jäger, 2014مف الميـ أيضان تربية افطفاؿ
مف سف مبكرة حتى َّ
يتمكنكا مف حؿ أم نزاع سمميان ،مع احتراـ كرامة اإلنساف ،كالتسامح.
كقد ذكر ،)2015( Dulnuanكما كثؽ في ( )Išoraitė, 2019افسباب ايتية فىمية
تعميـ السالـ في المدارس:
196
لتزكيد التالمذة بالقدرات كالقيـ افساسية لبناء السالـ ،كالحفاظ عميو في أ-
عائالتيـ كأصدقائيـ ،كالمجتمع ،كمكاف العمؿ ،كالبمد ،كالعالـ ،كمع أنفسيـ.
ب -لمتعامؿ البناء مع آثار ما بعد الحرب أك الصراع ،ككجكد العنؼ في حياة
اففراد اليكمية ،مثؿ :زيادة العنؼ كالعدكاف.
ت -تنمية المسؤكلية الجتماعية المطمكبة في المستقبؿ.
ث -تكفير افمؿ بمستقبؿ أفضؿ ففراد المجتمع افصغر سنان ،فنو يؤشر إلى أف
مجتمعيـ كا وع بلمراضو ،كأف أمراضو تيكافىح لتكفير ما ىك أفضؿ لمعيش فيو.
كعمى مستكل الجامعات ،يكفر تعميـ السالـ الكسائؿ التي يمكف لمطمبة مف خالليا
التكاصؿ مع أنفسيـ كبيئتيـ المباشرة كالعالـ .مف أجؿ تحقيؽ ذلؾ ،فإنو يعمؿ عمى
الجكانب المعرفية كالعاطفية كافخالقية كالسياسية إلنشاء المحتكل ينقؿ المفاىيـ ،كيعمـ
عد دراسات السالـ ىي مجاؿ أكاديمي متعدد اإلجراءات ،كيشجع المكقؼ تجاه السالـ .كت ٌ
التخصصات يعتمد عمى العمكـ السياسية ،كعمـ الجتماع ،كالتاريخ ،كافنثركبكلكجيا،
كالالىكت ،كعمـ النفس ،كالفمسفة ،كفيرىا مف المجالت ،كيسيـ في:
فيـ أسباب النزاع المسمح.
تطكير السبؿ لمنع الحرب كاإلبادة الجماعية كاإلرىاب كالنتياكات الخطيرة
لحقكؽ اإلنساف كالتعامؿ معيا.
إنشاء أنظمة كمجتمعات سممية كعادلة.)Išoraitė, 2019( .
فقد أكضحت دراسة كاسكحة ( )2019تغي انر في ترتيب استعماؿ أساليب التعامؿ
مع النزاع ،لدل طمبة عمـ النفس في جامعة دمشؽ ،بعد تدريب عمى التكاصؿ الالعنفي.
مما يشير إلى أىمية التدخالت في جعؿ التعاكف كلسمكب ،مستعمالن أكثر مف التنافس
إدارة التغيير :التفاكض حكؿ التغيير التنظيمي في القرف الحادم كالعشريف.
197
الستفادة مف قكة العكاطؼ في أثناء التفاكض.
198
المراجـع العربية:
أبك إصبع صالح .)1999( .التصاؿ كاإلعالـ في المجتمعات المعاصرة ،الطبعة الثالثة دار
آراـ لمدراسات كالنشر كالتكزيع ،عماف.
أبك النصر مدحت محمد .)2009( .ميارات التصاؿ الفعاؿ مع ايخريف ،المجمكعة العربية
لمتدريب كالنشر ،القاىرة.
آرام ،تاتسكتشي .)2014( .حكؿ تقاطع الثقافة العميقة كالييكمية العميقة :نحك مقاربة متكاممة
الماجستير الميني التنفيذم في الدعـ النفسي لتحكيؿ النزاع .محاضرة في .برنام
الجتماعي كالحكار .المنظَّمة الدكلية لميجرة كالجامعة المبنانية.
افسبر ،أدريانا .)2018( .أساليب إدارة النزاع كعالقتيا بلبعاد الشخصية ،رسالة ماجستير ،كمية
التربية ،جامعة دمشؽ.
افميرم ،أحمد البراء .)2014( .فف الحديث كالحكار.www.alukah.net ،
إيكماف ،بكؿ .)2017( .عمى ماذا اتفؽ الباحثكف الذيف يدرسكف العكاطؼ ،ترجمة :د .سميماف
المكقع: مف التحميؿ يمكف العربية. النفسية العمكـ سبكة كاسكحة.
http://www.arabpsynet.com/Documents/Doc.KassouhaEmotionStudi
es.pdf
بلكؿ ،جاف .)2007( .سر البقاء في الحب ،ترجمة المطراف بكلس صياح ،ط .5 .دار المشرؽ،
لبناف.
بدكم .منير محمكد .)1997( .مفيكـ الصراع :دراسة في افصكؿ النظريٌة لألسباب افنكاع.
مجمة دراسات المستقبؿ .العدد .3جامعة أسيكط .مصر.
جالؿ ،سعد .)1992( .عمـ النفس الجتماعي ،جامعة قاريكنس ،ليبيا.
الجيكسي ،محمد بالؿ .)2002( .أنت كأنا مقدمة في ميارات التكاصؿ اإلنساني ،مكتب التربية
العربي لدكؿ الخمي .
حجاب محمد منير .)2007( .التصاؿ الفعاؿ لمعالقات العامة ،دار الفجر ،القاىرة.
ركزنبرغ ،مارشاؿ .)2003( .التكاصؿ فير العنيؼ :لغة حياة ،دار جرير ،السعكدية.
السكيداف ،طارؽ محمد .)2005( .فف اإللقاء الرائع ،الطبعة الثالثة ،شركة اإلبداع الفكرم،
الككيت.
199
السيد عبد الحميد عطية ،كمحمد محمكد ميدلي .)2004( .التصاؿ الجتماعي كممارسة
الخدمة الجتماعية ،المكتب الجامعي الحديث ،اإلسكندرية.
شحركر ،ليمى .)2009( .فف التكاصؿ كاإلقناع ،الطبعة افكلى ،الدار العربية لمعمكـ ،بيركت.
صالح نجالء محمد .)2012( .ميارات التصاؿ في الخدمة الجتماعية ،دار الثقافة لمنشر
كالتكزيع ،عماف.
عبد الباقي صالح الديف .)2001( .السمكؾ اإلنساني كالتنظيمي ،الدار الجامعية لمطبع.
عبد اه خمدكف .)2010( .اإلعالـ كعمـ النفس ،دار أسامة ،عماف.
عبد اه مجدم أحمد محمد .)2008( .مقدمة في سيككلكجية التصاؿ كاإلعالـ ،الطبعة افكلى،
دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية.
عجكة ،عمي .)2003( .العالقات العامة كالصكرة الذىنية ،القاىرة ،عالـ الكتب.
عطكؼ محمكد ياسيف .)1991( .مدخؿ في عمـ النفس الجتماعي ،الطبعة افكلى ،دار النيار
لمنشر ،بيركت.
عطية السيد عبد الحميد ،كمحمد محمكد ميدلي .)2004( .التصاؿ الجتماعي ،المكتب
الجامعي الحديث ،اإلسكندرية.
عمايرة ،مكسى كالناطكر ،ياسر ( .)2014مقدمة في اضطرابات التكاصؿ ،ط ،2عماف ،دار
الفكر.
فيشر ،سيمكف ،.كلكدف ،جك .،كليامز ،ستيؼ .،كليامز ،سك .،ككعبدم ،ديخا .،كسميث،
ريتشارد .)2000( .التعامؿ مع النزاعات :ميارات كاستراتيجات لمتطبيؽ .ت :نضاؿ
الجيكسي .شركة بكؾ كرافت ،المممكة المتحدة.
ٌ
كاسكحة ،سميماف .)2019( .فاعمية برنام تدريبي قائـ عمى نمكذج ركزنبرغ في التكاصؿ
الالعنفي لتغيير أساليب حؿ النزاع لدل طمبة جامعة دمشؽ .مجمة اتحاد الجامعات
العربية لمتربية كعمـ النفس.2،)3( 17 .
كاسكحة ،سميماف .)2008( .كظيفية التكاصؿ فير المفظي ،دراسة مقارنة بيف التالمذة المياكميف
كالتالمذة الذيف لدييـ إعاقة عقمية ،رسالة دكتكراه فير منشكرة .كاف ( ،)Caenفرنسا.
كاسكحة ،سميماف .)2018( .ميارة تمييز تعابير الكجو العاطفية لدل طمبة اإلرشاد النفسي:
دراسة ميدانية عرضانية عمى عينة مف طمبة اإلرشاد النفسي في جامعة دمشؽ .مجمة
إتحاد الجامعات العربية لمتربية كعمـ النفس .م ،16 .ع.2018 ،2 .
200
. سكرية، معابر لمنشر كالتكزيع، ترجمة يا ار البرازم، شبكة الفكر.)2011( . جيدك،كريشنامكرتي
اتحاد. الطبعة افكلى. نزار العيكف السكد، ترجمة. سيككلكجيا النزاع.)2007( . فالينيا،لكبيمكفا
. سكرية. دمشؽ.الكتاب العرب
المجمد الحادم عشر، مجمة عالـ الفكر، سيككلكجية التصاؿ.)1980( .منصكر طمعت
.الككيت
. عماف، دار كائؿ، مبادئ التصاؿ التربكم كاإلنساني.)2001( .نصر اه عمر عبد الرحمف
. السعكدية، مكتبة جرير، الطبعة افكلى، كيؼ تيصبح يمتكاصالن جيدان.)2011( . ككبيف،نيدك
دار، الطبعة افكلى، التصاؿ الجماىيرم المنظكر الجديد.)2006( ىادم نعماف،الييتي
. بغداد،الشؤكف الثقافية العامة
:المراجع األجنبية
Alino, N. U., & Schneider, G. P. (2012). Conflict Reduction in
Organization Design: Budgeting and Accounting Control Systems.
Academy of Strategic Management Journal, 11(1), 1.
CICR. (2019). Becoming a Third-Party Neutral (TPN1), Training Maunal
(Unpublished). Candian Institut for Conflict Resolution.
Deutsch, M. (1973). The Resolution of Conflict: Constructive and
Destructive Processes, Yale University Press, New Haven, CT.
Fisher, R., Ury, W. L., & Patton, B. (2011). Getting to yes: Negotiating
agreement without giving in. Penguin.
Gross, M. A., Guerrero, L.K. & Alberts, J. K. (2004). Perceptions of
Conflict Strategies and Communication Competence in Task-
Oriented Dyads, Journal of Applied Communication Research, 32
(3), pp. 249–270.
Išoraitė, Margarita (2019). The Importance of Education in Peace
Marketing. Published in: Integrated Journal of Business and
Economics, 3 (1), pp. 43-51.
201
Jäger, U. (2014). Peace Education and Conflict Transformation, report
(Berlin: Berghof Foundation, 2014), https://www.berghof-
foundation.org/fileadmin/redaktion/Publications/Handbook/Articles/j
aeger_handbook_e.pdf.
Laue, J. E. “Contributions of the Emerging Field of Conflict Resolution,”
in Approaches to Peace: An Intellectual Map, ed. Scott W.
Thompson, Kenneth M. Jenson, Richard N. Smith, and Kimber M.
Schraub (Washington, DC: United States Institute of Peace Press,
1991), 313.
Lederach, J. (2015). Little book of conflict transformation: clear
articulation of the guiding principles by a pioneer in the field.
Simon and Schuster.
Mason, S., & Rychard, S. (2005). Conflict Analysis Tools. Swiss: Swiss
Agency for Development and Cooperation.
Max-Neef, M. (1991). Development and Human Needs, in Max-Neef
M. (1991) Human Scale Development: Conception, Application
and Further Reflection, Apex Press, New York, 13-54.
Mitchell, C. R., & Banks, M. (1996). Handbook of conflict resolution:
The analytical problem solving approach. Pinter Publishers.
Moore, C. W. (2014). The mediation process: Practical strategies for
resolving conflict. John Wiley & Sons.
Nagler, M. N. (2010). The search for a nonviolent future: a promise of
peace for ourselves, our families, and our world. New World
Library.
Redekop, V. N. (2002). From violence to blessing: How an
understanding of deep-rooted conflict can open paths to
reconciliation. Ottawa: Novalis.
202
Surma, L. (2018). Principles of Mediation as the Basis of this Process.
Zeszyty Naukowe Wyższej Szkoły Finansów i Prawa w Bielsku-
Białej, (1), 38-41.
Thomas, K.W. and Kilmann, R.H. (1974). Conflict Mode Instrument,
Consulting Psychologists Press, Palo Alto, CA.
Tidd S.T. & Friedman RA. (2002). Conflict style and coping with role
conflict: an extension of the uncertainty model of work stress,
International Journal of Conflict Management, Vol. 13, No.3, pp.
236-257.
USIP. (2010). Negotiation and Conflict Management, Education &
Training Center/International. Training.
Becker, E. (1964). The revolution in psychiatry. Free Press
Buber, M. (1958). I and Thou. New York: Scribner.
Cissna, K. N., & Anderson, R. (1994). The 1957 Martin Buber-Carl
Rogers dialogue, as dialogue. Journal of Humanistic Psychology,
34(1), 11-45.
Rogers, C. R. (1951). Perceptual reorganization in client-centered
therapy. In R. R. Blake & G. V. Ramsey (Eds.), Perception: An
approach to personality (pp. 307–327). Ronald Press Company.
https://doi.org/10.1037/11505-011
Humphrey, H. (2022, 05 06). articles. Retrieved from Empathymagic:
https://www.empathymagic.com/wp-content/plugins/download-
attachments/includes/download.php?id=1559
Merton, T., Z., Zhuang, Z. .(1965). The Way of Chuang-Tzŭ. Vol (276)
United States: New Directions.
May, R. (2009). Man's search for himself. WW Norton & Company.
Weil, S. (2009). Waiting on God (Routledge Revivals).
203
Weisbord, M. R., & Janoff, S. (2007). Don't just do something, stand
there!: ten principles for leading meetings that matter. Berrett-
Koehler Publishers.
Beaudichon, J. (1999). La communication: processus, formes et
applications. Paris: Armend Colin/HER.
Bruneau, T.J. (1973). Communicative silences: Forms and functions.
Journal of Communication, 23:17-46.
Clark, H. H., & Wilkes-Gibbs, D. (1986). Referring as a collaborative
process. Cognition, 22(1), 1-39.
Corraze, J. (1996). Les Communications non-verbales. Paris : PUF.
Cosnier, J. (1996). Les gestes du dialogue, la communication non
verbale. Revue psychologie de la motivation (21), 129-138.
Cosnier, J., & Brossard, A. (1984). La communication non verbale, A.
Brossard, W. S. Condon, M. Cook... [et al.] ; sous la dir. de J.
Cosnier et A. Brossard. Neuchâtel ; Paris : Delachaux et Niestlé,
1984
Cosnier, J., Berrendonner, A., Coulon, J., & Orecchioni, C. (1982). Les
Voies du langage : communications verbales, gestuelles et
animals, Paris : Dunod, 1982.
Debasish S.S, Das B. (2009). Business communication. New Delhi: PHI
Learning.
Duţă, N. (2015). From Theory to Practice: The Barriers to Efficient
Communication in Teacher-Student Relationship. Procedia -
Social and Behavioral Sciences, 187. doi:
10.1016/j.sbspro.2015.03.116
204
Greenburg, D., & Jacobs, M. (1987). How to Make Yourself Miserable
for the Rest of the Century: Another Vital Training Manual. Vintage
Books.
Grice, H. P. (1975). Logic and conversation. In P. Cole and J. Morgan
(eds) Studies in Syntax and Semantics III: Speech Acts, New
York: Academic Press, pp. 183-98.
Guerrero. K.L, Farinelli, L .(2009). 21. St. century communication: a
reference handbook. William F. Eadie (Ed.), The inteplay of verbal
and nonverbal codes. California: SAGE Publicatios İnc. (-pp.
239- 248.
Hall, E.T. (1990). The hidden dimension. NewYork: Anchor Books.
Harvey, O. J., Hunt, D. E., & Schroder, H. M. (1961). Conceptual
systems and personality organization.
Heslin R, Alper T. (1983). Sage annual reviews of communication
research: nonverbal interaction In J., M. Wiemann, R. Harrison,
(Eds. ), Touch: a bonding gesture (pp. 47–75). Beverly Hills: CA:
Sage Publication
Hickson ML, Stacks DW, Moore NJ. (2004). Nonverbal communication.
studies and applications. Los Angeles: Roxbury.
Jakobson, R. (1963). Essais de linguistique générale: les fondations du
langage. (N. RUWET, Trad.) Paris : Les Editions de Minuit.
Mcneill, D. (1985). So, you think gestures are nonverbal? Psychological
Review, 92, 350-371.
Mcneill, D. (1987). Psycholinguistics. New York: Harper & Row.
Mcneill, D. (1992). Hand and mind: What gestures reveal about thought.
Chicago: University of Chicago Press.
205
Mehrabian A, Ferris, S.R. (1967). Inference of attitudes from nonverbal
communication in two channels. J. Consulting Psychol. 31:248-
252.
Pavelin, B. (2002). Le geste à la parole. Toulouse : Presse
universitaries du mirail.
Steinberg S. (2007). An introduction to communication studies, Cape
Town: Juta and Co. Ltd.
Vandromme, L. (2000). L'adaptation à un interloccuteur déficient chez
l'enfant de 7 à 10 ans : étude comparative des modalités
d'interaction avec un partenaire autiste ou un partenaire
trisomique. Psychologie de l'ineraction. (11-12), 319-340
Vivier, J. (1996). Psychologie du dialogue Homme-Machine en langage
naturel. Paris : Europia productions.
Vivier, J. (2005). Multimodalité et référenciation : la complexité du
langage. Dans R. HERIN, & B. CADET, La complexité : ses
formes, ses tratements, ses effets (pp. 145-158). Caen : Cahiers
de la Maison de la Recherche en Sciences Humaines.
Vivier, J. (2005). Multimodalité et référenciation : la complexité du
langage. Dans R. HERIN, & B. CADET, La complexité : ses
formes, ses tratements, ses effets (pp. 145-158). Caen : Cahiers
de la Maison de la Recherche en Sciences Humaines.
West R, TURNER L.H. (2010). Understanding interpersonal
communication: making choices in changing, Boston: Wadsworth.
Winkin Y. (1981/2000). La nouvelle communication. Paris: Seuil
Winkin Y. (1996/2001). L’anthropologie de la communication: de la
théorie au terrain. Paris : Seuil.
206
Berko, R. M. Wolvin, A. D. and Wolvin, D. R. (1999). Communicating.
Boston: Houghton Mifflin.
Darley, J. Bercheid, E. (1998). Increased Liking as A Result of the
Anticipation of Personal Contact. Human Relations.
Zimbardo, P. G.; Ebbese, E. B.and Maslach, C. (1997). Influencing
Attitudes and Changing Behavior. Reading, Mass: Addison –
Wesley.
207
المجنة العممية :
د .أمينة رزؽ
د .عمي نحيمي
د .محمد عزت عربي كاتبي
المدقق المغوي
د .فخرم بكش
208