You are on page 1of 9

‫محاضرة رقم ( ‪) 2‬‬

‫(*)‬
‫القانون الدستوري ( تسمية الدولة وتعريفها )‬

‫الفصل األول‬

‫فكرة الدولة‬

‫تقتضي دراسة فكرة الدولة أن نعرض لنقطتين أساسيتين ‪ :‬األولى منها تتعلق بتسمية‬

‫الدولة ‪ ،‬والنقطة الثانية خاصة بتبيان تعريف الدولة ‪.‬‬

‫وبذلك ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين أساسيين ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ -‬تسمية الدولة‬

‫المبحث الثاني ‪ -‬تعريف الدولة‬

‫المبحث األول‬

‫تسمية الدولة‬

‫أوًال‪-‬التأصيل اللغوي لكلمة ( الدولة ) ‪:‬‬

‫إذا رجعنا إلى األصل اللغوي لكلمة ( الدولة ) ‪ ،‬لوجدنا أنها عربية المنبت ‪ .‬وتؤكد‬

‫غالبية معاجم اللغة العربية أن ُد ولة ( بالضم ) ‪َ ،‬د ولة ( بالفتح ) معنيان ‪:‬‬

‫و( الُد ولة ) بضم الدال كلمة تستخدم في مجال المال ‪ ،‬ويراد بها االستيالء ‪ ،‬كما تفيد‬

‫معنى شيء متداول من مال ونحوه ‪ .‬يقال ‪ :‬صار الفيء ُد ولة بينهم يتداولونه يكون مرة لهذا‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ومرة لذاك ‪ ،‬والجمع ( الُد ول ) بضم الدال‬

‫( * ) ‪ -‬أ‪.‬د‪.‬رافع خضر صالح شبر ‪ ،‬القانون الدستوري ( نظرية الدولة و نظرية الدستور ) ‪ ،‬كتاب قيد االنجاز ‪. 2011 ،‬‬
‫( ‪– ) 1‬أنظر ‪ :‬مختار الصحاح ‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي ‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ، 1983 ،‬ص ‪. 216‬‬
‫ومعنى التداول ‪ ،‬انتقال الشيء من شخص إلى آخر ‪ ،‬من ذلك قوله جل شأنه في سورة‬

‫‪ .‬أي صرفها بينهم فجعلها لهؤالء تارة ولهؤالء‬ ‫(‪)2‬‬


‫آل عمران " وتلك األيام ٌنداولها بين الناس "‬

‫أخرى ‪ ،‬كما تتداول النقود بين األيدي ‪ .‬ويقال كذلك " األيام ُد ول " ولعل في االشتقاق اللغوي‬

‫لكلمة دولة ما يفيد عنصر التأقيت والتعاقب ‪.‬‬

‫و( الَد ولة ) ‪-‬بفتح الدال‪ -‬كلمة تستخدم في مجال الحرب ‪ ،‬ويراد بها الغلبة ‪ ،‬أي أن تدال‬
‫(‬
‫إحدى الفئتين على األخرى ‪ ،‬يقال ‪ " :‬كانت لنا عليهم الَد ولة " ‪ ،‬والجمع ( الِد ول ) بكسر الدال‬

‫‪.) 3‬‬

‫وقد يطلق مصطلح ( الَد ولة ) على ‪ :‬إقليم يتمتع بنظام حكومي واستقالل سياسي ‪ ،‬كأن‬

‫‪ ،‬وقد يقال ‪ " :‬دولة دستورية " أو " دولة ذات نظام‬ ‫(‪)4‬‬
‫يقال ‪ " :‬دولة مستقلة ذات سيادة "‬

‫دستوري " إذا وجدت في اإلقليم حكومة مقيدة ال مطلقة ‪ ،‬بحيث تتقيد جميع السلطات فيها‬

‫بنصوص الدستور الذي يعمل على كفالة الحريات العامة لألفراد وضمان حقوقهم ( ‪.) 1‬‬

‫ثانيًا‪-‬مصطلح ( الدولة ) في القرآن الكريم ‪:‬‬

‫وردت كلمة (ُد ولة) بضم الدال في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى من سورة‬

‫الحشر‪ " :‬ما أفاء اهلل على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫وابن السبيل كي ال يكون ُد َو لة بين األغنياء منكم ‪" ...‬‬

‫(‪)2‬‬
‫–اآلية ‪ 140‬من سورة آل عمران ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫–أنظر ‪ :‬مختار الصحاح ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 215‬‬
‫(‪)4‬‬
‫–وجدير بالذكر ‪ ،‬إن لقب ( رئيس الحكومة ) في بعض الدول العربية " دولة رئيس الوزراء " ‪ .‬أما اصطالح " وزير دولة "‬
‫فيعني ( وزير بال حقيبة وزارية ) ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫–أنظر ‪ :‬د‪.‬إبراهيم عبد العزيز شيحا ‪ ،‬المبادئ العامة للقانون الدستوري ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1983 ،‬ص‪. 24‬‬
‫(‪)2‬‬
‫–اآلية ‪ 7‬من سورة الحشر‪.‬‬
‫ومعنى اآلية الكريمة ‪ ،‬حتى ال يقع مال الفئ في أيدي األغنياء ويكون ملكا متداوال بينهم‬

‫خاصة ‪ ،‬دون الفقراء ( ‪.) 3‬‬

‫أما كلمة (َد ولة) بفتح الدال فلم يرد ذكرها في القرآن الكريم ‪ .‬وآية ذلك إن الدول في‬

‫الماضي كانت في غالبيتها صغيرة محدودة في مساحتها وسكانها ‪ .‬لذلك عبر عنها القرآن الكريم‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫في مواضع كثيرة بلفظ ‪ " :‬القرية " أو " المدينة " أو " البلد " أو البلدة "‬

‫أ‪-‬كلمة " القرية ‪:‬‬

‫لفظ " القرية " هو أكثر األلفاظ التي وردت في القرآن الكريم للداللة على التجمعات‬

‫البشرية أو التنظيمات السياسية التي كانت قائمة في الماضي وقت نزوله ‪.‬‬

‫ومن استخدامات لفظ " القرية " للداللة على معنى الدولة ‪ ،‬ما جاء في القرآن الكريم على‬

‫‪ .‬ذلك على الرغم من أن‬ ‫(‪)1‬‬


‫لسان ملكة سبأ ‪ " :‬قالت أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ‪" ...‬‬

‫القرآن الكريم يتحدث عن سبأ كدولة منظمة لها حكومة مطاعة ‪ ،‬على رأسها ملكة قوية لها‬

‫وزراء وقادة ومعاونون ‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫–أنظر ‪:‬‬
‫‪ -‬تفسير الجاللين ‪ ،‬العالمة محمد كريم بن سعيد راجح ‪ ،‬مكتبة النهضة ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1984 ،‬ص ‪. 731‬‬
‫‪ -‬تفسير ابن كثير ‪ ،‬ج‪ ، 5‬لإلمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ‪ ،‬دار المفيد ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 1987 ،‬ص ‪234‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– وقد تكرر استخدام كلمة " قرية " في القرآن الكريم ستًا وخمسين مرة ‪ .‬أما كلمة " مدينة " فقد وردت في الكتاب المجيد أربع‬
‫عشر مرة فقط ‪ ،‬منها أربع مرات بمعنى مدينة الرسول ( ص ) وهي المدينة المنورة التي هاجر إليها ‪ .‬وأما كلمة " بلد " أو " بلدة "‬
‫فقد جاءت بنفس عدد كلمة " مدينة " أي أربع عشرة مرة ‪ .‬وردت بالجمع أي " بالد " خمس مرات ‪.‬‬
‫‪-‬ولمزيد من التفصيل ‪ ،‬بنظر ‪:‬‬
‫‪-‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬الدولة في ميزان الشريعة – النظم السياسية ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 1966 ،‬ص‪-30‬‬
‫‪. 34‬‬
‫‪-‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري ‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 2005 ،‬ص‪. 34-29‬‬
‫(‪)1‬‬
‫–اآلية ‪ 34‬من سورة النمل ‪.‬‬
‫ومما يثبت أن لفظ القرية قد استخدم في بعض آيات القرآن المجيد بمعنى دولة ‪ ،‬ما‬

‫‪ ،‬ثم قوله جل شأنه ‪ ،‬بشأن آل‬ ‫(‪)2‬‬


‫يستفاد من قوله تعالى ‪ " :‬وما أهلكنا من قرية إال لها منذرون "‬

‫فرعون في آية أخرى ‪ " :‬كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم ‪ ،‬فأهلكناهم‬

‫‪.‬ومعلوم أن آل فرعون كانوا في مصر ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬


‫بذنوبهم ‪ ،‬وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين "‬

‫وإ ن مصر الفرعونية كانت دولة تضم مدائن وقرى ‪ ،‬ومع ذلك فقد اعتبرها القرآن الكريم من‬

‫القرى الكثيرة التي أهلكها اهلل سبحانه ‪.‬‬

‫ب‪-‬كلمة " المدينة " ‪:‬‬

‫وردت كلمة " المدينة " أيضا في آيات من القرآن الكريم للداللة على معنى الدولة مثل‬

‫قوله تعالى ‪ " :‬وَدَخ ل المدينة على حين غفلة من أهلها " ‪ . ...‬والمقصود بالمدينة هنا مصر‬

‫‪ .‬وان موسى عليه السالم لم يكن قد خرج من مصر متوجها إلى بالد مدين إلى أن‬ ‫(‪)4‬‬
‫الفرعونية‬

‫" جاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى ‪ ،‬إن المأل يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إني لك‬

‫من الناصحين " ( ‪.) 5‬‬

‫ج‪ "-‬البلد " أو البلدة " ‪:‬‬

‫سميت إحدى سور القرآن الكريم باسم " البلد " وفيها يقول اهلل تبارك وتعالى " ال أقسم‬
‫(‬
‫‪ .‬والبلد المقصود في هذه اآلية الكريمة هو مكة المكرمة‬ ‫(‪)1‬‬
‫بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ‪" ...‬‬

‫(‪)2‬‬
‫–اآلية ‪ 208‬من سورة الشعراء ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫–اآلية ‪ 54‬من سورة األنفال ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– أنظر ‪ :‬تفسير الجاللين ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 509‬‬
‫( ‪ - ) 5‬اآلية ‪ 20‬من سورة القصص ‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير ابن كثير ‪ ،‬ج‪ ، 3‬لإلمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ‪ ،‬دار المفيد ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 1987 ،‬ص ‪383‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫–اآليتان ‪ 1‬و ‪ 2‬من سورة البلد ‪.‬‬
‫( ‪ – ) 2‬أنظر ‪ :‬تفسير الجاللين ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 808‬‬
‫‪.‬ومنها قوله جل شأنه على لسان إبراهيم الخليل عليه السالم ‪ " :‬رب اجعل هذا البلد آمنًا ‪" ...‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫وقد ورد ذكر كلمة " البلدة " في الكتاب المبين بمعنى الدولة ‪ ،‬حيث جاء في القرآن‬

‫الكريم عن قصة سبأ ‪ ،‬تلك المملكة بأرض اليمن ‪ " :‬لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن‬

‫يمين وشمال ‪ ،‬كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور " ( ‪.) 4‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫تعريف الدولة‬

‫تباينت االتجاهات الدستورية في تحديد معنى الدولة ‪.‬ويمكن أن نجمل هذه االتجاهات‬

‫على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫االتجاه األول ‪:‬‬

‫عمل جانب من الفقه على تعريف الدولة على أساس االختالف السياسي بين أفراد‬

‫) ‪ ،‬ويرى أن‬ ‫المجتمع ‪ .‬ومن أنصار هذه االتجاه الفقيه الفرنسي ( ليو دكي ‪Leon Duguit‬‬

‫" الدولة حدث اجتماعي ‪ ،‬توجد في كل جماعة يقوم في داخلها اختالف سياسي ‪ ،‬أي ينقسم فيها‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫المجتمع إلى حكام ومحكومين "‬

‫ويعرف األستاذ السويسري ( بلنتشي ‪ ) Bluntschi‬الدولة بأنها ‪ " :‬مجموعة من‬

‫األفراد مستقرة على إقليم معين ‪ ،‬في شكل حكام ومحكومين " ( ‪.) 2‬‬

‫( ‪- ) 3‬اآلية ‪ 35‬من سورة إبراهيم ‪.‬‬


‫( ‪ - ) 4‬اآلية ‪ 15‬من سورة سبأ ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪–Leon Duguit : Lecons de Droit Public Ge'ne'ral , 1926, p.98 .‬‬
‫(‪)2‬‬
‫–د‪ .‬محمد فاروق النبهان ‪ ،‬نظام الحكم في اإلسالم ‪ ،‬الكويت ‪ ، 1974 ،‬ص ‪. 21‬‬
‫وفي الفقه العراقي يعرف الدكتور( منذر الشاوي ) الدولة بأنها ‪ " :‬التمييز بين الحكام‬

‫والمحكومين " ( ‪.) 3‬‬

‫ونالحظ على هذه االتجاه ‪ ،‬أنه ال يشتمل على جميع األركان المكونة للدولة ‪ .‬ألنه وإ ن‬

‫كان يبرز عنصر االختالف السياسي ‪ ،‬إال أنه أغفل ركن اإلقليم ‪ .‬كما إنه تعريف واسع من شأنه‬

‫إطالق وصف الدولة على كل جماعة إنسانية تقوم فيها سلطة ‪ ،‬كاألسرة والقبيلة ‪.‬‬

‫االتجاه الثاني ‪:‬‬

‫اتجه بعض الفقه إلى تعريف الدولة على أساس العناصر االجتماعية والسياسية ‪.‬‬

‫ومن مؤسسي هذه االتجاه الفقيه الفرنسي ( كاره د مالبر ‪ ، ) Carre de Malberg‬إذ‬

‫عرف الدولة بأنها ‪ " :‬مجموعة من األفراد تستقر في إقليم معين ‪ ،‬ولها من التنظيم ما يجعل‬

‫للجماعة في مواجهة األفراد سلطة عليا آمره " ( ‪.) 1‬‬

‫ويالحظ أن هذا التعريف متقارب من تعريف كل من ‪ ( :‬ج ‪ .‬جيكول ‪، ) J.Giequel‬‬

‫وأندريه ( هوريو ‪ ، ) A.Hauriouo‬حيث يعرفان الدولة بأنها ‪ " :‬جماعة إنسانية داخل إقليم‬

‫معين تحتكر سلطة اإلكراه المادي " ( ‪.) 2‬‬

‫أما الفقيه ( بارتلمي ‪ ) Barthelemy‬فيعرف الدولة بأنها ‪ " :‬مجتمع منظم يخضع‬

‫لسلطة سياسية ويرتبط بإقليم معين " ‪.‬‬

‫( ‪ – ) 3‬د‪ .‬منذر الشاوي ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 53‬‬


‫)‪(1‬‬
‫‪–Carre' de Malberg : Trarate' , Ge'ne'ral de I'etat , T.I., Paris .1920. p.7.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪–Jean et Ande Hauriou : Droit Constitutionnel, et institutions Politiques , Montehrestien ,‬‬
‫‪1985 , p.84 .‬‬
‫‪-‬أشار إليه ‪ ،‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب ‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬مكتبه دار الثقافة والنشر ‪،‬‬
‫عمان ‪ ، 1999 ،‬ص‪. 14‬‬
‫وقد أيد هذه االتجاه جانب من الفقه المصري ‪ ،‬إذ عرف الدكتور ( محسن خليل ) الدولـة‬

‫بأنها ‪ " :‬جماعة من األفراد تقطن على وجه الدوام واالستقرار ‪ ،‬إقليمـا جغرافيا معينا ‪ ،‬وتخضع‬

‫في تنظيم شؤونها لسلطة سياسية ‪ ،‬تستقل في أساسهـا عن أشخاص من يمارسهـا " ( ‪.) 3‬‬

‫ويذهب الدكتور طعيمة الجرف إلى أن الدولة عبارة عن ‪ " :‬مجموعة من األفراد ‪،‬‬

‫تعيش حياة دائمة مستقرة ‪ ،‬على إقليم معين ‪ ،‬تحت تنظيم سياسي معين ‪ ،‬يسمح لبعض أفراد‬

‫الدولة بالتصدي لحكم لآلخرين " ( ‪.) 4‬‬

‫االتجاه الثالث ‪:‬‬

‫أسس جانب من الفقه تعريف للدولة على أساس العناصر القانونية واالجتماعية‬

‫والسياسية ‪.‬‬

‫حيث يعرف الفقيه الفرنسي ( بونار ‪ ) Bonnard‬الدولة بأنها ‪ " :‬وحدة قانونية دائمة ‪،‬‬

‫تتضمن وجود هيئة اجتماعية ‪ ،‬لها حق ممارسة سلطات قانونية معينة ‪ ،‬في مواجهة أمة مستقرة‬

‫على إقليم محدد ‪ ،‬وتباشر حقوق السيادة بإرادتها المنفردة ‪ ،‬وعن طريق استخدامها القوة المادية‬

‫التي تحتكرها " ( ‪.) 1‬‬

‫وقدم الفقه المصري عدة تعريفات للدولة ‪ .‬إذ يعرف الدكتور ( مصطفى أبو زيد فهمي‬

‫) الدولة بأنها ‪ " :‬التشخيص القانوني لشعب ما ‪ ،‬يعيش على إقليم معين ‪ ،‬وتقوم فيه سلطة سياسية‬

‫ذات سيادة " ( ‪.) 2‬‬

‫( ‪ – ) 3‬د‪ .‬محسن خليل ‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬النظم السياسية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪ ، 1972‬ص‪. 22‬‬
‫( ‪– ) 4‬د‪ .‬طعيمة الجرف ‪ ،‬نظرية الدولة والمبادئ العامة لألنظمة السياسية ‪ ،‬نظم الحكم ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، 1978 ،‬ص ‪. 76‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪–Bonnard : Conception Juridique de I'etat , Rev . Droit Public , 1922 , p.25 .‬‬
‫( ‪– ) 2‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي ‪ ،‬مبادئ األنظمة السياسية ‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 1983 ،‬ص‪. 42‬‬
‫فيما يعرف الدكتور ( سليمان الطماوي ) الدولة بأنها ‪ " :‬مجموع كبير من الناس ‪،‬‬

‫يقطن على وجه االستقرار إقليما معينا ‪ ،‬ويتمتع بالشخصية المعنوية ‪ ،‬والنظام واالستقالل‬

‫السياسي " ( ‪.) 3‬‬

‫و في الفقه العراقي ‪ ،‬يعرف الدكتور ( محمد علي آل ياسين ) الدولة بأنها ‪ " :‬مجموعة‬

‫من الناس ‪ ،‬يقطن تسكن إقليما معينا ‪ ،‬وتخضع لحكومة منظمة ‪ ،‬تدير شؤونها ‪ ،‬وتحافظ على‬

‫مصالحها ‪ ،‬ولها شخصية معنوية " ( ‪.) 4‬‬

‫ونالحظ إن التعريفات التي احتواها هذا االتجاه ‪ ،‬تضمنت اإلشارة إلى العناصر القانونية‬

‫والسياسية تتجسد في الوحدة القانونية ‪ ،‬والشخصية المعنوية ‪ ،‬والنظام واالستقالل السياسي ‪.‬‬

‫فضال عن تضمنها للعناصر االجتماعية والمادية ‪ ،‬والمتمثلة في جماعة من األفراد ‪ ،‬واإلقليم ‪.‬‬

‫تقييم االتجاهات في تعريف الدولة ‪:‬‬

‫من خالل استقراء وتحليل التعريفات السابقة ‪ ،‬والتي طرحها الفقه في محاولة لتحديد‬

‫معنى الدولة ‪ ،‬نجد أن تلك التعريفات تعددت وتباينت ‪ ،‬وهذا التباين يرجع إلى المنهج الذي اتبعه‬

‫كل فقيه في تصوره للدولة ‪.‬‬

‫فالبعض منهم – كما رأينا – ركز على االختالف السياسي بين الحاكم والمحكوم ‪،‬‬

‫والبعض اآلخر ركز على العناصر االجتماعية والسياسية ‪ ،‬فيما اتجه جانب ثالث إلى الجمع بين‬

‫مجمل العناصر التي تحدد معنى الدولة ‪ ،‬فعمد إلى التركيز على العناصر القانونية والسياسية و‬

‫االجتماعية والمادية ‪.‬‬

‫ونود أن ننوه أن التعريفات المختلفة والمتباينة التي طرحها الفقه الغربي والعربي ‪ ،‬تشير‬

‫إلى عدم اتفاق الفقهاء على تعريف جامع مانع للدولة من الناحية القانونية ‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫–د‪ .‬سليمان محمد الطماوي ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 19‬‬
‫(‪)4‬‬
‫–د‪.‬محمد علي آل ياسين ‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية ‪ ،‬بغداد ‪ ،1964 ،‬ص‪. 142‬‬
‫ولكننا يمكن أن نستنتج من التعريفات اتفاق الفقه حول وجود ثالثة أركان يجب توافرها‬

‫في أي مجتمع سياسي يكون دولة وهي ‪ :‬جماعة من الناس ( شعب ) ‪ ،‬إقليم ‪ ،‬سلطة سياسية‬

‫حاكمة مستقلة وذات سيادة وبالتالي ال يمكن ألي مجتمع يفتقد إلى ركن من تلك األركان أن‬

‫ينطبق عليه وصف الدولة ( ‪.) 1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫–د‪ .‬سعيد السيد علي ‪ ،‬المبادئ األساسية للنظم السياسية و أنظمة الحكم المعاصرة ‪ ،‬دار الكتاب الحديث ‪ ،‬القاهرة ‪، 2007 ،‬‬
‫ص‪. 18‬‬

You might also like