Professional Documents
Culture Documents
جرائم الفساد في ظل القانون الجزائري للوقاية من الفساد و مكافحته
جرائم الفساد في ظل القانون الجزائري للوقاية من الفساد و مكافحته
ـ المبحث األول:
جريمة الرشوة في ظل القانون الجزائري للوقاية من الفساد و مكافحتها
من خالل دراسة قانون الوقاية من الفساد ومكافحته يتضح أن المشرع أدخل تع ديالت على
النصوص العقابية القديمة الخاصة بالرشوة ،فنص على جريمة رشوة الموظف العمومي في مادة
واحدة هي المادة 25من القانون ،06/01وألغى أحكام المواد 126 ،126مكرر129 ،127 ،
من قانون العقوبات ،وبقي المشرع يأخذ بنظام ثنائية الرشوة أي وجود جريم تين :س لبية من
جانب الموظف ,وإيجابية من جانب صاحب المصلحة ،وهما جريمتان مستقلتان عن بعضهما .
وكما سبق القول فإن المشرع حصر جريمة رشوة الموظفين العموميين ونص عليها في مادة
واحدة هي المادة 25مع تخصيص فقرة لكل صورة حيث نصت المادة على« :يعاقب ب الحبس
من سنتين ( )2إلى عشر سنوات( )10وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000دج
- 1كل من وعد موظفا عموميا بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل
مباشر أو غير مباشر ،سواءا كان ذلك لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كي ان آخ ر
لكي يقوم بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباته
- 2كل موظف عمومي طلب أو قبل ،بشكل مباشر أو غير مباشر ،مزية غير مستحقة،
سواء لنفسه أو لصالح شخص آخر أو كيان آخر ،ألداء عمل أو االمتن اع عن أداء عم ل من
واجباته»
* القبول :
يتمثل القبول في وجود إيجاب من صاحب المصلحة ،وقبول الموظف العمومي لهذا اإليجاب
الذي ينصب على المزية ،ويفترض فيه أن يعبر فيه صاحب المصلحة عن إرادته بتعهده بتقديم
المزية أو المنفعة ،ويشترط أن يكون العرض "اإليجاب"جدي ولو في ظاهره فقط ،أم ا إذا انتفى
العرض الجدي فال تقوم الجريمة حتى وإن قبل الموظف ,مثل أن يعد صاحب الحاجة الموظف
بأن يقدم له فؤاده لقاء قيامه بعمل معين .
كما يشترط أن يكون قبول الموظف جديا وحقيقيا ،فإذا تظ اهر الموظ ف ب القبول لتمكين
السلطات العمومية من ضبط العارض متلبسا بالجريمة ،فال تقوم الجريمة وق د يك ون القب ول
شفويا أو مكتوبا ،صريحا أو ضمنيا ،بالقول أو اإلشارة وتتحقق الجريمة سواءا تسلم المرتش ي
المزية بالفعل أو تلقى وعدا بالحصول على الفائدة.
وتتم الجريمة عند القبول وكذلك في الطلب دون مراعاة النتيجة ،وبالتالي فال يهم إذا امتن ع
صاحب المصلحة بإرادته عن الوفاء بوعده بسبب نكوله أو لظروف مستقلة عن إرادته.
ويجدر القول أن إثبات القبول جائز بكافة طرق اإلثبات ،لكنه من الناحية العملي ة ص عب
اإلثبات ،وعلى القضاة توخي الحذر في هذه المسألة.
والمزية قد تكون إما عطية أو هبه أو هدية أو أية منفعة ،أي قد تكون ذات طبيع ة مادي ة أو
معنوية وقد تكون صريحة أو ضمنية ،مشروعة أو غير مشروعة ،كما قد تكون محددة أو غير
محددة .
فقد تكون المزية مادية ،والفائدة المادية أمثلتها عديدة ال تحصى مثل ساعة أو سيارة أو نقدا
أو اعتماد مالي كما قد تكون ظاهرة أو مقنعة كما لو بيع لموظف عقار ثمنه أو أش تري من ه
عقار بأكثر من ثمنه .
كما قد تكون الفائدة غير مادية أي معنوية ومثال ذلك الحصول على ترقية أو توظيف أح د
أقارب الموظف المرتشي أو عارية استعمال طويلة األجل .و قد تكون ص ريحة ظ اهرة أو
ضمنية مستترة مثل إصالح سيارة الموظف المرتشي بدون مقابل .
كما قد تكون المزية مشروعة في محلها أو غير مشروعة مثل تقديم أشياء مس روقة ،وق د
أختلف الفقه حول المواقعة الجنسية ومدى اعتبارها مزية يحصل عليها المرتش ي أم ال ،إال أن
الراجح في الفقه والقضاء الفرنسي اعتبارها من قبيل المزي ة ألن النص على المنفع ة ض من
عناصر الجريمة جاء عاما دون تخصيص ،وقضى في فرنسا بأن عرض الموظف مواقعة امرأة
مقابل قضاء المصلحة يحقق جريمة الرشوة .أما المش رع الجزائ ري أو القض اء لم يبت في
المسألة لحد الساعة.
كما قد تكون المزية محددة أو غير محددة إذ يكفي أن تكون قابلة للتحديد وبتحقق المزية مع
توافر باقي الشروط تقع جريمة الرشوة ،أما إذا انتفت المنفعة إنتقت معها جريمة الرشوة ك أن
تكون الهدية تبررها صلة القرابة التي تجمع الموظف مع صاحب الحاجة .
واألصل أنه لكي يعتد بالمزية ،فيجب أن تكون لها قيمة أو على األقل وج ود تناس ب بين
العمل والمصلحة وذلك بالرغم أن المشرع لم يشترط حدا معينا لقدر المال أو المنفعة .
ويشترط في المزية أن تكون غير مستحقة ،أي ليس للموظف المرتشي الح ق في أخ ذها,
وعلى هذا األساس يعاقب الموظف حتى وإن كان العمل الذي وعد بأدائه مشروعا و ي دخل في
صميم وظيفته نظير طلب المال للقيام به.
وهي الجريمة المنصوص والمعاقب عليها في المادة 25/1من قانون الفس اد وال تي ألغت
المادة 129من قانون العقوبات ،حيث يتعلق األمر فيها بشخص (الراشي) الذي يع رض على
موظف عمومي (المرتشي) مزية غير مستحقة نظير حصوله على منفعة بإمكان ذلك الش خص
توفيرها له ،وأركان هذه الجريمة هي :
-/1الوعد بمزية
ويجب أن يكون الوعد جديا والغرض منه هو تحريض الموظف العم ومي على االتج ار
بوظيفته ،كما يجب أن يكون محددا ،وعلى أساس ذلك يعد راشيا الشخص الذي يعرض فائ دة
على الموظف العمومي أو يعطيها له لحمله على أداء عمل من أعم ال وظيفت ه ،وال يعفى من
العقاب إال إذا كان مضطرا على ارتكاب الجريمة بقوة ليس في استطاعته مقاومتها وفقا "ألحكام
المادة 48من قانون العقوبات .
كما يستوي أن يكون الوعد مباشر أو غير مباشر ،فحتى لو تم الوعد عن طريق الغير ف إن
الجريمة تقوم في حق صاحب المصلحة .
تقوم جريمة االختالس سواء في القطاع العام أو الخاص علىثالثة أركان ،ال ركن المف ترض
والركن المادي والركن المعنوي.
ينظر إلى الركن المفترض في جريمة االختالس من زاوية ص فة الج اني الموض وعة تحت
حراسته لألموال المحددة في المادة 29من قانون مكافحة لفساد بحيث يشترط القانون أن تتوفر
فيه صفة معينة عند وقوع فعل االختالس.
-كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس الشعبية
المحلية المنتخبة ،وسواء كان معينا أو منتخبا،دائما أو مؤقتا ،مدفوع األج ر أو غ ير م دفوع
األجر ،بصرف النظر عن رتبته أو مساره المهني،
-كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا ،وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر ،ويساهم بهذه الص فة
في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تمل ك الدول ة ك ل أو بعض
رأسمالها ،أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية،
-كل شخص آخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكم ه طبق ا للتش ريع و التنظيم
المعمول بهما.
أما في القطاع الخاص،فتشرط المادة 41من قانون مكافحة الفساد أن يدير الج اني الكي ان أو
يعمل فيه بأية صفة ،مما يجعل النص يطبق على كل من ينتمي إلى أي كيان مهما كانت صفته
والوظيفة التي يشغلها.
2ـ الركن المادي
إن الركن المادي في كل من جريمة االختالس في القطاع العام وجريمة االختالس في القط اع
الخاص يشتركان في بعض النقاط و يختلفان في نقاط أخرى ،ونبين ذلك من خالل دراسة أربعة
عناصر هي السلوك المجرم و محل الجريمة وعالقة الجاني بمحل الجريمة و مناسبة ارتك اب
الفعل المجرم.
لقد نصت المادة 29من قانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته بأن الركن المادي لجريمة
االختالس في القطاع العام يأخذ أربعة صور تتمثل في االختالس و التبديد واإلتالف واالحتجاز
بدون وجه حق ،في حين أن الركن المادي لجريمة االختالس في القطاع الخاص محصورة في
صورة االختالس فقط.
و طبقا للمادتين 29و 41السابقتين فال يشترط أن يترتب على النشاط اإلجرامي ض رر فعلي
للدولة أو لألفراد لقيام الركن المادي للجريمة .ويمكن شرح كل ص ورة من الص ور الس ابقة
كالتالي:
*االختالس :عرفه البعض ب "أنه تحويل األمين حيازة المال المؤتمن عليه من حيازة وقتية على
سبيل األمانة إلى حيازة نهائية على سبيل التمليك".
و يختلف مدلول االختالس في المادتين 29و 41من الق انون المتعل ق بالوقاي ة من الفس اد
ومكافحته عن مدلوله في جريمة السرقة المنصوص عليها في المادة 350ق.ع ،فاالختالس في
السرقة يتم بانتزاع المال من حيازة الغير خلسة أو بالقوة بنية تملك ه ،في حين يك ون الش يء
المختلس في جريمة االختالس في القطاع العام و الخاص في حيازة الجاني بص فة قانوني ة ثم
تنصرف نيته إلى التصرف فيه باعتباره مملوكا له ،و كذلك فإن مدلول االختالس في الجريم ة
المنصوص عليها في المادة 29و 41من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته يختل ف
عن مدلول في جريمة خيانة األمانة المنصوص عليها في المادة 376ق.ع ،وإن ك انت ه ذه
الجريمة األخيرة تقتضي أن يكون تسليم المال فيها بناء على عقد من عقود األمانة .واالختالس
هي الصورة الوحيدة للركن المادي لجريمة االختالس في القطاع الخاص كم ا أس لفنا ،عكس
االختالس في القطاع العام فله ثالثة صور أخرى هي اإلتالف والتبديد و االحتجاز بدون وج ه
ق. ح
*اإلتالف :ويتحقق بهالك الشيء أو بإعدامه والقضاء عليه ،و يختلف عن إفس اد الش يء أو
اإلضرار به جزئيا ،وقد يتحقق اإلتالف بطرق شتى كاإلحراق والتمزيق الكامل والتفكيك الت ام
إذا بلغ الحد الذي يفقد الشيء قيمته أو صالحيته نهائيا.
*التبديد :و لقد و عرفه بعض الفقهاء بأنه يتحقق متى قام األمين بإخراج المال الذي أؤتمن عليه
من حيازته باستهالكه أو بالتصرف فيه تصرف المالك كأن يبيعه أو يرهنه أو يقدم ه هب ة أو
هدية للغير و من هذا القبيل كاتب الضبط المكلف بحفظ وسائل اإلثبات الذي يتصرف فيه بالهبة
أو البيع ،كما يأخذ التبديد معنى اإلسراف و التبذير كمدير البنك الذي يمنح قروضا ألش خاص
وهو يعلم بعدم جدية مشاريعهم وبعدم قدرتهم على الوفاء عند حلول األجل.
*االحتجاز بدون وجه حق :يكفي في هذه الصورة أن يتحقق الركن المادي لجريمة االختالس
في القطاع العام بمجرد احتجاز محل الجريمة عمدا و بدون وجه حق ،إذ عمد المشرع حفاظ ا
على الودائع إلى توسيع مجال التجريم إلى التصرف الذي من شأنه أن يعطل المصلحة التي أعد
المال لخدمتها ،ومن قبل االحتجاز بدون وجه حق أمين الصندوق في هيئة عمومية الذي يحتفظ
لديه باإليرادات اليومية التي يتوجب إيداعها لدى البنك.
تشترك جريمة االختالس في القطاع العام طبقا للمادة 29من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحته و جريمة االختالس في القطاع الخاص طبقا للمادة 41من نفس الق انون في مح ل
الجريمة ،والذي يتمثل في الممتلكات أو األموال أو األوراق المالية العمومية والخاص ة أو أي
أشياء أخرى ذات قيمة.
-الممتلكات ،وهي الموجودات بكل أنواعها سواء كانت مادية أو غير مادية ،منقولة أو غير
منقولة ،ملموسة أو غير ملموسة،
-األموال ،ويقصد بها النقود سواء كانت ورقية أو معدنية ،وقد يك ون مح ل الجريم ة من
األموال العامة التي ترجع ملكيتها للدولة أو من األموال الخاصة كالمال المودع من قبل الزبائن
لدى كتابة الضبط،
-األوراق المالية ،ويقص د ب ه أساس ا القيم المنقول ة المتمثل ة في األس هم والس ندات،..
-األشياء األخرى ذات القيمة ،و لم يحدد المشرع الجزائري نوع ما إذا كانت هذه القيمة مادية
أو معنوية و بالتالي فهي تشملهما ،ومن قبيل هذه األشياء األخرى ال تي ال يش ملها تعري ف
الممتلكات األعمال اإلجرائية القضائية كالمحاضر التي تحرر في إطار الدعاوى القضائية المدنية
أو الجزائية و شهادة االستئناف أو المعارضة وعقود الحالة المدنية وكذا مختلف الوثائق ال تي
يدفعها األطراف لإلدارات العمومية إلثبات حالة على حق.
يشترط لقيام الركن المادي لجريمة االختالس سواء في القطاع العام أو الخاص ت وفر عالق ة
السببية بين حيازة الجاني لمحل الجريمة و بين وظيفته ،و لكن هذه العالقة تختلف بين م ا إذا
كان االختالس في القطاع العام أو في القطاع الخاص.
ففي جريمة االختالس في القطاع العام تشترط المادة 29من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحته أن يكون محل الجريمة قد سلم للموظف العمومي بحكم وظيفته أو بسببها ،في حين أنه
في جريمة االختالس في القطاع الخاص فتحصر المادة 41العالقة السببية في مح ل الجريم ة
الذي يعهد به إلى الجاني بحكم مهامه فقط.
تشترك جريمة االختالس في القطاع العام مع جريمة االختالس في القطاع الخاص في ال ركن
المعنوي للجريمة الذي يشترط لتحققه توافر القصد الجنائي العام المتك ون من العلم و اإلرادة.
حيث يجب أن يكون الجاني عالما بأن المال الذي بين يديه هو ملك للدولة أو إحدى مؤسس اتها
أو ملك ألحد الخواص وقد سلم له بحكم أو بسبب وظيفته أو مهامه بحسب ما إذا كان االختالس
في القطاع العام أو الخاص ،و مع ذلك تتجه إرادته إلى تنفيذ الركن المادي للجريم ة و ذل ك
باختالسه للمال أو بتبديده أو احتجازه أو إتالفه.
وبالنسبة لصورة االختالس فإن القصد العام ال يكفي لتحققها بل يتطلب قصدا خاصا هو اتج اه
نية الجاني إلى تملك الشيء الذي بحوزته ،فمن يستولي على المال لمجرد استعماله أو االنتف اع
به ثم يرده ال يحقق صورة االختالس و إن كان يشكل في هذه الحالة احتجازا بدون وجه حق أو
جريمة استعمال ممتلكات على نحو غير شرعي.
تخضع متابعة جريمة اختالس الممتلكات في القطاع الع ام والخ اص على ح د س واء لنفس
اإلجراءات ،وكأصل فإن إجراءات المتابعة هي نفسها اإلجراءات ال تي تحكم متابع ة ج رائم
القانون العام ،غير أن القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والتع ديل األخ ير لق انون
اإلجراءات الجزائية المؤرخ في 20ديسمبر 2006أوردا أحكاما جديدة مميزة بشأن أس اليب
التحري الخاصة للكشف عن جرائم الفساد بوجه عام ،والتعاون ال دولي في مج ال التحري ات
والمتابعات و اإلجراءات القضائية وتجميد األموال وحجزها وانقضاء الدعوى العمومية.
1ـ أساليب التحري الخاصة
لقد نصت المادة 56على أنه من أجل تسهيل جمع األدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في
هذا القانون ،يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو إتباع أساليب تحر خاصة كالترصد اإللكتروني
واالختراق ،على النحو المناسب و بإذن من السلطة القضائية المختصة .و هذه األساليب هي:
اإلجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروجمن اإلقليم الوطني أو الم رور
عبره أو دخوله بعلم من السلطات المختصة و تحت مراقبتهابغية التحري عن جرم ما و كش ف
هوية األشخاص الضالعين في ارتكابه.
تـ التسرب
يقصد بالتسرب قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية ،تحت مسؤولية ضابط الشرطة القض ائية
المكلف بتنسيق العملية،مراقبة المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل أو ش ريك
لهم أو خاف.
إضافة إلى أساليب التحري الخاصة فلقد نص القانون المتعلق بمكافحة الفساد على أحكام مميزة
للتحري و الكشف عن جرائم الفساد بوجه عام ،تتمثل في إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد
ومكافحته واختصاصاتها و التعاون الدولي في مجال التحري ات و المتابع ات و اإلج راءات
القضائية وتجميد األموال وحجزها وانقضاء الدعوى العمومية.
يمكن تجميد أو حجز العائدات و األموال غير المشروعة الناتجة عن ارتكاب جريمة أو أكثر من
الجرائم المنصوص عليها في القانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته بق رار قض ائي أو
بأمر من السلطة المختصة كإجراء تحفظي.
إن مكافحة الفساد ال يمكن أن تتم بالفعالية الالزمة إال بتزويد القضاء بسلطات خاصة تمكنه من
ردع مرتكبيه خصوصا من خالل مصادرة محل الجريم ة و تمكين الط رف المتض رر من
ترداده. اس
و الطرف المتضرر في مثل هذه الجرائم غالبا ما يكون دولة من الدول ،لذلك تواجه إج راءات
الحجز والمصادرة واالسترداد عوائق كبيرة من ناحية مسائل االختصاص والحصانات بأنواعها،
والتعاون القضائي الدولي ،وكيفية التصرف في األموال المصادرة وص عوبة معرف ة مالكه ا
الشرعي.
و لقد خص القانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته التعاون الدولي بباب كام ل بعن وان
التعاون الدولي واسترداد الموجودات ،نص فيه على اإلجراءات و التدابير تضمنتها الم واد من
57إلى ،70ترمي إلى الكشف عن العمليات المالية المرتبط ة بالفس اد ومنعه ا و اس ترداد
العائدات المتأتية من جرائم الفساد منها:
* إلزام المصارف والمؤسسات المالية باتخاذ تدابير وقائية بش أن فتح الحس ابات ومس كها
وتسجيل العمليات ومسك الكشوف الخاصة بها،
*اختصاص الجهات القضائية الجزائرية بالفصل في الدعاوى المدنية المرفوعة إليها من طرف
الدول األعضاء في االتفاقية الدولية ضد الفساد بشأن استرداد الممتلكات وتجميد وحجز العائدات
المتأتية من جرائم الفساد و مصادرتها.
ثالثا :التقادم
ة إن مدة تقادم الدعوى العمومية في جريمة االختالس في القطاع العام تختلف عنها في جريم
ا االختالس في القطاع الخاص،فلقد تضمن القانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته حكم
ت مميزا بخصوص تقادم الدعوى العمومية في جريمة االختالس في القطاع العام ،فلق د نص
في المادة 54منه في فقرتها الثالثة على أن مدة تقادم الدعوى العمومية في جريم ة االختالس
القطاع العام مساوية للحد األقصى للعقوبة المقررة لها.
و لما كانت العقوبة القصوى المقررة لجريمة االختالس طبقا للمادة 29هي 10سنوات حبس،
فعلى هذا األساس تكون مدة تقادم جريمة االختالس في القطاع العام هي 10سنوات ،غ ير أن
قانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته لم ينص على تاريخ بداية سريان آج ال التق ادم و
بالرجوع إلى القواعد العامة ،فلقد نصت المادة السابعة من قانون اإلجراءات الجزائي ة على أن
يس ري التق ادم من ت اريخ ارتك اب الجريم ة أو من ت اريخ القي ام ب آخر إج راء.
أما مدة تقادم الدعوى العمومية في جريمة االختالس في القطاع الخاص فلقد نصت الفقرة الثانية
من المادة 54السالفة الذكر على تطبيق األحكام المنص وص عليه ا في ق انون اإلج راءات
ة. الجزائي
و بالرجوع إلى قانون اإلجراءات الجزائية و تحديدا المادة 08منه .فلق د نص ت أن تتق ادم
الدعوى العمومية في مواد الجنح بمرور ثالث سنوات كاملة تسري من تاريخ اقتراف الجريم ة
أو من تاريخ القيام بآخر إجراء .في حين ال تتقادم الدعوى العمومي ة على اإلطالق س واء في
جريمة االختالس في القطاع العام أو في جريمة االختالس في القطاع الخاص ،و حتى في كافة
جرائم الفساد إذا تم تحويل عائدات الجرائم إلى الخارج طبقا للفقرة األولى من المادة 54السالفة
ذكر. ال
و لإلشارة إلى أنه سبق للمشرع عند تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية بم وجب الق انون رقم
14-04أن نص في المادة 08مكرر المستحدثة على أن ال تنقضي الدعوى العمومية بالتق ادم
في الجنايات و الجنح المتعلقة باختالس أموال عمومية بمعنى أن هذه الجريمة غير قابلة للتقادم،
وبصدور القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته و طبقا للمادة 54منه تحديدا لم يعد حكم
المادة 8مكرر المذكورة ينطبق على جريمة االختالس بم وجب اإللغ اء الض مني للقواع د
القانونية.
رابعا .الردع على جريمة االختالس
لم ينص المشرع الجزائري على نفس العقوبة فيما يخص االختالس في القطاع العام واالختالس
في القطاع الخاص ،فلقد أعطى عقوبة مشددة بالنسبة لألولى مقارنة بعقوبة خفيفة للثانية للفاعل
الذي يأتي نفس الفعل ،و إن كان األرجح ضرورة أن تتناسب العقوبة مع خطورة الفعل ،فإنه
حسب تقدير المشرع الجزائري فإن االختالس في القطاع العام أخطر منه في القطاع الخاص
بالرغم من أن الفعل المجرم والنية اإلجرامية هي نفسها في كال الفعلين.
من أبسط قواعد العدالة الجنائية أال يستفيد المجرم من جريمته ،ومن سبل المكافحة أن أي فوائد
تعود بالوبال على المجرم أو المحرض عليها ،ومن هذا المنطلق فإن اإلس تفادة من األم وال
المتأتية من الجريمة يعد مخالفا للقوانين وقواعد العدالة الجنائية ،ومحبط لكل إجراءات مكافحة
الجريمة ،وال ينكر أحد أن بعض الجرائم تدر عائدات مالية طائلة ال يمكن أن يترك موض وع
اإلستفادة منها للمجرمين الذين يقومون بها ومن يساعدهم عليها ومن المتف ق علي ه فيم ا بين
المهتمين بها بالشأن القانوني أن تقدم الزمن والمستجدات في حياة األفراد على صعيد الخ دمات
المتبادلة والعالقات اإلنسانية يسهم وبشكل كبير وواضح في خلق أنم اط جدي دة من الس لوك
البشرى وبالتالي ظهور جرائم جديدة لم تكن معروفة في السابق ،ومن هذا القبي ل موض وع
جريمة تبييض األموال.
-----
تعتبر ظاهرة تبييض من أخطـر ظواهـر الزمن االفتراضي باعتبار أنها التحدي الحقيقي أمام
مؤسسات المـال واألعمـال ومصالح الدول وبالنظر لكونها ترتبط بأنشطة غ ير مش روعة
يتحقق منها دخول طائلة تؤثر سلبا على االقتصاد المحلي والدولي .
وتشمل عمليات تبييض األموال مجمـوعة األنشطة التي تتـم بعي دا عـن أجه زة الدول ة
القانونية ،وال تسجل في حسابات الدخـل الوطني وهـذه األنشطة تمثل مصدرا لألموال القذرة
التي يحاول أصحابها تبييضها في مرحلة تالية وذلك بإجراء مجموعة من العمليات والتحويالت
المالية والعينية على هذه األموال لتغيير صفتـها غير المشروعـة
وإدخالها ضمن النظام الشرعي إلكسابها صفة مشروعة ،وبذلك تهدف عمليات تبييض األموال
إلى إخفاء مصادر أموال المجرمين وتحويلها بعد ذلك لتبدو كاستثمارات قانونية.
وإذا كانت جريـمة تبييض األمـوال حديثة النشأة فإنها كظـاهرة ال تعتبر كذلك بحيث أن لفظ
" غسل األمـوال بـدأ مصطلحـا و ظاهرة إجرامية في الواليات األمريكية في المدة م ا بين
بداية العشرينات ،حيث استخدم رجال األمـن آن ذاك لفظ "غسل األموال " للداللة على مـا
كانت تقوم بـه عصابات المافيا من شراء للمشروعات و المحالت بـأموال قـذرة ذات
مصدر غـير مشروع ،و مـن ثـم دمجها مع أموال و أرباح مـن تلك المشروعات إلخفـاء
مصدرها عن أعين الرقابة ،و فـي الوقت نفسه تم استخدام لفظ " المـال الق ذر " للداللـة
على تلك األموال التـي أخفيت خشية اكتشافها ومعرفة طرق تحويلها.
و قد يكون من الصعب الجـزم بأن تبييض األموال ،بوصفه جريمة بـدأ فـي الوالي ات
األمـريكية ،لكـن اليقين أن تبييض األمـوال باعتباره ظـاهرة إجرامـية
– ارتبطت بالجريمـة المنظمة – بدأت فـي الواليـات المتحدة األمريكي ة بعـد الح رب
العالمية األولى ،و تزايدت في النمو و التوسع منذ الكساد االقتصادي العظيم في عهد ال رئيس
األمريكي روزفلت .
و لكـن هـذه الظاهرة لـم تقتصر على الو.م.أ فقط ،إذ تشير أق دم المصـادر أن غس ل
األموال خارج الو.م.أ بدأ خالل الحرب العالمية الثانية .فقد قامت الحكومة األمريكية بالبحث و
حصر األموال التي قامت المصارف السويسرية بغسلها لصالح النظام النازي األلماني ،و حينما
وقعت األدلة في أيـدي اللجنة المشكلة لذلك دعت الحكومـة األمريكي ة الع الم إلى ع دم
االعتراف باألموال المنهوبة و المسروقات التي استولى عليها الجيش األلم اني في أورب ا ،و
طالبت بإعادتها ألصحابها الشرعيين .
وقد بقت ظاهرة تبييض األمـوال وإلى غاية سنة 1988محـل اهتمام دولـي وإقليمي ووطني
وهذا ضمن إطار البحث العلمي ورسم الخطط وبناء اإلستراتيجيات من دون أن يصل إلى إطار
دولي أو وطني واضح يجرم هذه الظاهرة ويوحد الجهود لمكافحتها.
ويمكن القول أن عام 1988يمثل سنة االرتكاز بالنسبة للجهود الدولي ة في حـقل محارب ة
ظاهرة تبييض األموال ،فخالل هذا العام وتحديدا في 19/12/1988صـدرت اتفاقيـة األمم
المتحدة لمكافحة أنشطـة ترويج المخدرات ( اتفاقية فيينا) والتـي فتحت األنظار على مخاطر
أنشطـة تبييض األموال المتحصلة من المخدرات وأثره ا المدمـر على النظم االقتص ادية
واالجتماعية للدول ،فهذه االتفاقية وإن كانت ال تعـد مـن حيث محتواه ا خاص ة بتب ييض
األموال ،إذ هي في األساس اتفاقية في حقل مكافحة المخدرات بيد أنها تناولت أنشطة غس يل
األموال المتحصلة من تجارة المخدرات ،باعتبار تجـارة المخدرات تمثل أكثر المصادر أهمية
لألموال المبيضة .
Iهذا وقد سارع االتحاد األوروبي إلى إصدار االتفاقية األوروبية المتعلقة بإجـراءات التفتيش و
الضبط الجرمي لتبييض األموال وهذا خالل سنة ، 1990وذلك لكون ظاهرة تبييض األم وال
باتت ذات خطر محدق في أوربا ،اذ اتضح أنها أصبحت مالية عالمية لت بيض األم وال و إن
عواصمها الكبـرى مثـل لندن و باريس و بروكسل و مدريد تتم فيها عمليات تبييض األموال
علنا و كأنها عمليات بيـع و شـراء عاديـة األمر الذي فرض بالضرورة سن مجموعة من
التشريعات الجديدة لوقف جميع أشكـال غسل األموال ،و هو ما تم فعال بحيث صارت العديد
من التشريعات الداخلية تتضمـن نصوصا خاصة تجـرم و تعاقب نشـاط تبييض األمـوال
المتأتية مـن مصادر غيـر مشروعة.
و إذا كانت جهود الدول األوربية و الصناعية لمكافحة تبييض األموال جاءت في المق ام األول
ضمن جهود مكافحة المخدرات باألساس ،فإن األمر يختلف بالنسبة لل دول النامي ة بحيث أن
عوائد أنشطة الفساد المالي و الوظيفي و التي أدت إلى خلق ثـروات باهضة غير مشروعة هي
السبب الرئيسي لتجريم نشاط تبييض األمـوال و محـاربته و هو ما يفسر لجوء العديد من هذه
الدول إلى تجريم هذا النشاط .
و إذا كانت هذه الجريمة قد تفشت في الغـرب فإن طابعها اإلجرامي التعاونـي جعلها جريمة
منظمة تـرتكبها منظمات إجرامية متخصصة ،و جريمة عابرة للحـدود بحيث أن مقترفيها
أصبحوا يتربصون باألسواق الناشئة في الدول النامـية والتي تسعى لفتح تجارته ا أم ام رأس
المال األجنبي مما بات يشكل تهديدا القتصاد تلك الدول ،لذلك كان لزاما عليها اتخاذ اإلجراءات
المناسبة للحيلولة دون تفشي هذه الظاهرة ،و هذا هو الهدف من اختيارن ا له ذا الموض وع
باعتبار أن بالدنا عرفت و ما زالت تعرف عدة نشـاطات إجرامية تدر أمواال باهضة و يحاول
المتحصلون عليها إضفاء صفة الشرعية عليـها ،كما أن فتـح باب االستثمار قد يكون مدخال
لنشاط مجموعات تسعى لنفس الغرض في إطار شراكات وهمي ة ....إلخ ،فه ذه الظـاهرة
تطرح إشكاليات عديدة أهمها :
تحديد مفهوم نشاط تبييض األموال و اإلطار القانوني لـه بوصفه جريمة باإلضافة إلى األخطار
التي يشكلها و سبل مكافحته.
ثانيا :أركانها
* الركن المادي :ال يمكن تصور جريمة دون ركن مادي لها والذي يمث ل المظه ر
الخارجي لها ،وبه يتحقق اإلعتداء على المصلحة المحمية قانونا ،وعن طريقه تقع األعم ال
التنفيذية للجريمة ،وعليه فإن التحقق من توافر الركن المادي هو الشرط األساس ي للبحث في
وجود الجريمة من عدمه.
ويتمثل الركن المادي لجريمة تبييض األموال بصفة عامة في كل فعل يساهم في إخف اء
أو تمويه مصدر األموال أو المداخيل الناتجة بصورة مباشرة عن جميع الج رائم دون حص ر
وهذا ما ذهب إليه المشرع الجزائري.
ب) -المحل الذي يرد عليه السلوك :يتمثل هذا المحل في حقيقة األموال أو مصدرها أو
مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها ،هذه األموال غير
المشروعة تشمل األموال المنقولة وغير المنقولة ،كاألموال المادية مثل المجوهرات ،األموال
ذات محتوى معنوي يتجسد في شكل ظاهري مادي.
ج) -الجريمة األولية مصدر العائدات :إن جريمة تبييض األموال هي جريمة تبعية وهي
تفترض بالضرورة وقوع جريمة أولية سابقة لها هي تلك التي تحصلت عنه ا األم وال غ ير
المشروعة لذلك يجب أن تكون األموال محل التبييض ذات مصدر غير مشروع.
الركن المعنوي :جاء في نص المادة 389ق.ع أن يكون الفعل بقصد إخفاء أو تمويه المصدر
غير المشروع مما يبين أن هذه الجريمة تقتضي أن يكون القصد بهدف إخفاء أو تمويه مصدر
األموال الناتجة عن فعل إجرامي ،وهذا ما يوضع أن جريمة تبييض األموال ال تكتفي بالقصد
العام ،بل تتطلب قصدا خاصا ،وهو إرادة إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لألموال ،
فتكون بذلك جريمة تبييض األموال جريمة عمدية ،ال يكفي لقيامها مجرد تواجد اإلهمال أو
الخطأ غير المقصود ،وينبغي لقيام المسؤولية الجنائية أن يتوافر لدى الفاعل القصد العام
:والقصد الخاص ،وبالتالي فإن الركن المعنوي للجريمة يتجلى بوجهتين هما
أ) -القصد العام :يتمثل في إرادة الجاني في إقتراف الفع ل الم ادي للجريم ة م ع العلم ب ه
وبالعناصر التي يتطلبها القانون وبذلك فالقصد العام لهذه الجريمة هو :
-1العلم بالمصدر غير المشروع :ينبغي أن يتوفر لدى مبيض األموال العلم بحقيقة المصدر غير
المشروع لألموال ،أي العلم الواقعي يكون هذه األموال محص لة من جريم ة ،فال يكفي إذا
إعتقاد الشخص خطأ وعلى خالف الواقع بالمصدر غير المشرع لألم وال ،إذ ال يع اقب على
الجريمة الضنية التي ال تقوم إال في ذهن فاعليها ،وبالتالي فإن الركن المعنوي لجريمة غس ل
األموال ينتهي متى ثبت انتفاء العلم بالمصدر غير المشروع لألموال.
-2إرادة السلوك لتبييض األموال :يجب أن يكون سلوكا تبييض األموال سلوكا إراديا ح تى
يتحقق الركن المعنوي للجريمة ،وأن يكون هذا السلوك معبرا عن إرادة واعية وحرة من جانب
الفاعل ،فإذا إنتفت إرادة السلوك انعدم بالتالي الركن المعنوي أو القصد الجنائي لدى الفاعل.
ب) -القصد الخاص (نية إخفاء أو تمويه مصدر األموال) :إن القصد الخاص هو نية تنحرف إلى
غرض معين أو يدفعها إلى الفعل باعث معين ،وفي جريمة تبييض األموال فإن القصد الخاص
يتحقق عند التثبت من إرادة إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لألموال المنقول ة أو غ ير
المنقولة أو الموارد الناتجة عن الجرائم المختلفة ،وبالتالي يجب أن تنصرف ني ة الفاع ل إلى
اإلخفاء أو التمويه.
-1مرحلة اإليداع :ويتم فيها إبعاد األموال عن االرتباط المباشر مع النشاط اإلجرامي وذلك
بنقلها من مكان إلى آخر والقصد من ذلك هو إخفاء مصدرها غير المشروع ،وتستهدف ه ذه
المرحلة التي يعبر عنها البعض بمرحلة التوظيف أو التخلص من النقود العينية تقديم الم ال في
صورة تجارة مشروعة وهي عبارة عن التصرف المادي في كمية الدخل النقدي بهدف إزالت ه
من مكان إكتسابه ليجنب لفت األنظار وذلك بالسعي إلى تحضير دمج هذا ال دخل وإدخال ه في
مناطق عمل تجارية يكون من السهل فيها التخفي وتعتبر مرحلة اإليداع هي المرحلة األساس ية
ألنها تمثل عملية نفاذ الدخل إلى مؤسسة بنكية أو نقدية ،وتعتبر هذه المرحلة نقط ة الض عف
الرئيسية في عملية تبييض األموال ،كما تعتبر المنطلق المناسب لمراقبة وكشف المجرمين من
قبل المصالح المكلفة بذلك.
-2مرحلة التعتيم أو التغطية :إذا نجح الغاسل في وضع أمواله في إطار دائرة النظام المالي ،
ينتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية والمعروفة بمرحلة التعتيم ،ويتم فيها فصل الدخل عن أص له
وذلك عن طريق خلق طبقات من الصفقات المالية تهدف إلى إخفاء معالم مصدر المال ،وإبعاده
قدر اإلمكان عن إمكانية تتبع الحركة الحسابية ل ه ،والواق ع أن ه إذا نجح الم ال في تخطى
المرحلة األولى فإن الكشف عنه في هذه المرحلة يكون أكثر صعوبة ومن أمثلة التع تيم هن اك
إعادة بيع أو تصدير رأس المال ،الذي يتم الحصول عليه في المرحلة األولى والمقابل للبيع أو
الشئ المصدر يأخذ صورة دفع نقدي وهو ما يجعل شخصية المشتري أك ثر وض وحا ودون
خوف ،كما يجعل رأس المال أكثر مرونة في الحركة.
-3مرحلة الدمج :تكفل هذه المرحلة الغطاء النهائي للمظهر الشرعي للثروات ذات المصدر
غير المشروع حيث يتم في هذه العملية وضع األموال المبيضة مرة أخرى في دائرة اإلقتصاد ،
وذلك بطريقة يبدو معها أنه تشغيل عادي لمال من مصدر نظيف ،وفي هذه المرحلة يص عب
إلى حد بعيد التمييز بين الثروة ذات المصدر المشروع والثروة ذات المصدر غير المش روع ،
وال يمكن الكشف عن عملية التبييض في هذه المرحلة إال من خالل البحث السري والمس اعدة
غير الرسمية من خالل المخبرين أو بالصدفة.