You are on page 1of 214

‫االصطناعي‬

‫ّ‬ ‫َّ‬
‫والذكاء‬ ‫العرب َّية‬

‫مباحث لغوية ‪٥٩‬‬

‫تحرير‬

‫السعيد‬
‫عتز بالله َّ‬
‫الم ّ‬
‫د‪ُ .‬‬

‫الباحثون‬
‫السعيــد‬
‫ـــــــعتز بالله َّ‬
‫ّ‬ ‫الم‬
‫د‪ُ .‬‬ ‫د‪ .‬محمـــــــــــــــــــــد عطيـــــــــــــــة‬
‫د‪ .‬نعيـــــــم عبــــــــــــــد الغني‬ ‫د‪ .‬أحمــــــــــــــــــــــــــــــد راغــــــــــــب‬
‫مباحث لغوية ‪٥٩‬‬

‫االصطناعي‬
‫ّ‬ ‫العرب َّية والذَّ كاء‬

‫حترير‬
‫السعيد‬
‫المعت ّز بالله َّ‬
‫د‪ُ .‬‬

‫الباحثون‬
‫السعيــد‬
‫المـعت ّز بالله َّ‬
‫د‪ُ .‬‬ ‫د‪.‬مـحمــــد عطيــــــة‬
‫د‪ .‬نعيــم عبـــد الغــني‬ ‫د‪ .‬أمحـــــــــــد راغب‬

‫‪١٤٤١‬هـ ‪٢٠١٩ -‬م‬


‫االصطناعي‬
‫ّ‬ ‫العرب َّية َّ‬
‫والذكاء‬
‫الطبعة األوىل‬
‫‪ ١٤٤١‬هـ ‪ ٢٠١٩ -‬م‬
‫مجيع احلقوق حمفوظة‬
‫اململكة العربية السعودية ‪ -‬الرياض‬
‫ص‪.‬ب ‪ ١٢٥٠٠‬الرياض ‪١١٤73‬‬
‫هاتف‪٠٠٩66١١٢٥8١٠8٢ - ٠٠٩66١١٢٥87٢68:‬‬
‫الربيد اإلليكرتوين‪nashr@kaica.org.sa :‬‬

‫مركز امللك عبداهلل بن عبدالعزيز الدويل خلدمة اللغة‬


‫العربية‪١٤٤١ ،‬هـ‪.‬‬
‫فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية أثناء النرش‬
‫السعيد‪ ،‬املعتز باهلل‬
‫العربية والذكاء االصطناعي‪ /.‬املعتز باهلل السعيد ‪-.‬الرياض‪،‬‬
‫التصميم واإلخراج‬ ‫‪١٤٤١‬هـ‬
‫‪..‬ص؛ ‪ ..‬سم‬
‫ردمك‪٩78- 6٠3- 8٢٢١- 6٢- ٤ :‬‬
‫‪ - ١‬اللغة العربية ‪ -‬معاجلة البيانات ‪ -٢‬الذكاء االصطناعي‬
‫أ‪ .‬العنوان‬

‫ديوي ‪١٤٤١/٤6٢ ٤١٠,٢8٥‬‬


‫رقم اإليداع‪١٤٤١/٤6٢ :‬‬
‫ردمك‪٩78- 6٠3- 8٢٢١- 6٢- ٤ :‬‬

‫اليسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب‪ ،‬أو نقله يف أي شكل أو وسيلة‪،‬‬


‫سواء أكان إلكرتونية أم يدوية أم ميكانيكية‪ ،‬بام يف ذلك مجيع أنواع تصوير املستندات بالنسخ‪ ،‬أو‬
‫التسجيل أو التخزين‪ ،‬أو أنظمة االسرتجاع‪ ،‬دون إذن خطي من املركز بذلك‪.‬‬
-٤-
‫هذا املشروع‬

‫مرشوع تأليف سلسلة كتب يف جمال (حوسبة العربية) هيدف إىل بناء تراك ٍم معريف‬
‫يف جمال حيوي مهم‪ ،‬هو جمال (حوسبة العربية) ‪ .‬ويعد هذا الكتاب واحدا من سلسلة‬
‫كتب صدرت يف املركز‪.‬‬
‫يقع هذا املرشوع ضمن سلسلة (مباحث لغوية) التي يرشف املركز عىل اختيار‬
‫عنواناهتا‪ ،‬وتكليف املحررين واملؤلفني‪ ،‬ومتابعة التأليف حتى إصدار الكتب‪ .‬وهي‬
‫سلسلة جيتهد املركز أن تكون سداد ًا حلاجات بحثية وعلمية حتتاج إىل تنبيه الباحثني‬
‫عليها‪ ،‬أو تكثيف البحث فيها‪.‬‬
‫ويعدّ هذا الكتاب واحد ًا من كتب ثالثة مرتابطة يف مرشوع علمي واحد متخصص‬
‫يف (الذكاء االصطناعي) ‪:‬‬
‫Ÿ العربية والذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫Ÿ تطبيقات الذكاء االصطناعي يف خدمة اللغة العربية‪.‬‬
‫Ÿ خوارزميات الذكاء االصطناعي يف حتليل النص العريب‪.‬‬

‫مدير مرشوع (العربية والذكاء االصطناعي)‬


‫د‪.‬عبداهلل بن حييى الفيفي‬

‫‪-٥-‬‬
-6-
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫‪٥‬‬ ‫هذا املرشوع‬
‫‪١١‬‬ ‫كلمة املركز‬
‫‪١3‬‬ ‫مقدمة‬
‫الذكاء االصطناعي ونَم َذج ُة ال ُّل ِ‬
‫غات ال َّطبيعية‪ :‬الطموح‪،‬‬
‫‪١7‬‬ ‫ُّ ْ‬ ‫الفصل األول‪ُ َّ :‬‬
‫والواقع‪ ،‬واآلفاق‬
‫‪٢٠‬‬ ‫االصطناعي‪.‬‬ ‫للذ ِ‬
‫كاء‬ ‫خمتص َّ‬ ‫ٌ‬
‫ّ‬ ‫تاريخ َ ٌ‬ ‫‪.١‬‬
‫‪6٥‬‬ ‫االصطناعي‪.‬‬ ‫الذ ِ‬
‫كاء‬ ‫معاجل ِة املسائل يف ِ‬
‫إطار َّ‬ ‫َ‬ ‫‪َ .٢‬مدْ َرستان يف‬
‫ّ‬
‫‪7٠‬‬ ‫َ‬
‫ومعاجلتها آل ًّيا‪.‬‬ ‫‪ .3‬حتديات ن َْم َذجة ال ُّلغات ال َّطبيعية‬
‫‪7٩‬‬ ‫املعاجل ُة اآللي ُة لِ ُّلغات الطبيعية؟‬
‫َ‬ ‫‪ .٤‬إىل أين وصلت‬
‫‪8٢‬‬ ‫َ‬
‫ملعاجلة اللغات الطبيعية آل ًّيا؟‬ ‫سقف‬
‫ٌ‬ ‫‪ .٥‬هل هناك‬
‫‪8٤‬‬ ‫‪ .6‬هل لِ ُّلغة العربية خصوصية مع الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪86‬‬ ‫‪ .7‬ما هي آفاق مستقبل املعاجلة اآللية لِ ُّلغة العربية عرب الذكاء االصطناعي؟‬

‫‪-7-‬‬
‫‪88‬‬ ‫‪ .8‬اخلامتة والنتائج‬
‫‪٩١‬‬ ‫املكتوبة‪-‬مقدِّ مة يف ذكاء اآللة‬
‫ُ‬ ‫الـم َ‬
‫عالة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية‬ ‫الفصل ال َّثاين‪ُ :‬‬
‫‪٩٤‬‬ ‫االصطناعي وال ُّلغة املكتوبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪َّ .١‬‬
‫الذكاء‬
‫‪٩6‬‬ ‫‪ .٢‬ا ُمل َ‬
‫عاجلة اآلل َّية الكتاب َّية [املحرف َّية ‪ /‬اجلرافيم َّية]‪.‬‬
‫‪١٠٢‬‬ ‫[الصف َّية]‪.‬‬ ‫‪ .3‬ا ُمل َ‬
‫عاجلة اآلل َّية البنو َّية َّ‬
‫‪١٠٩‬‬ ‫الرتكيب َّية‪.‬‬ ‫‪ .٤‬ا ُمل َ‬
‫عاجلة اآلل َّية َّ‬
‫‪١١7‬‬ ‫‪ .٥‬ا ُمل َ‬
‫عاجلة اآلل َّية الدِّ الل َّية‪.‬‬
‫‪١٢7‬‬ ‫الـم َ‬
‫عالة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية املنطوقة‬ ‫الفصل ال َّثالث‪ُ :‬‬
‫‪١3٠‬‬ ‫الصوت ال ُّل ّ‬
‫غوي وعلم األصوات‪.‬‬ ‫‪َّ .١‬‬
‫‪١3١‬‬ ‫‪ .٢‬مصطلحات أساسية‪.‬‬
‫‪١3٢‬‬ ‫‪ .3‬التحليل احلاسويب ملكونات الصوت اللغوي‪.‬‬
‫‪١٥7‬‬ ‫‪ .٤‬من التقنيات الصوتية احلاسوبية‪.‬‬
‫االصطناعي وتعليم ال ُّلغة العرب َّية‪ :‬نحو ِمن ََّص ٍة‬
‫ّ‬ ‫الرابع‪َّ :‬‬
‫الذكاء‬ ‫الفصل َّ‬
‫‪١7٥‬‬
‫تعليم َّي ٍة ُم َتكَام َلة‬
‫ِ‬

‫‪١78‬‬ ‫‪ .١‬ال ُّلغة والتَّع ُّلم‪.‬‬


‫‪١7٩‬‬ ‫‪ .٢‬طبيعة إنتاج اللغة‪.‬‬
‫‪١8١‬‬ ‫االصطناعي وإنتاج اللغة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪َّ .3‬‬
‫الذكاء‬
‫‪١8٢‬‬ ‫االصطناعي واللغة العرب َّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .٤‬الذكاء‬
‫‪١83‬‬ ‫االصطناعي وتع ُّلم النطق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .٥‬الذكاء‬
‫‪١87‬‬ ‫‪ .6‬برامج إثراء الثروة اللفظية‪.‬‬
‫‪١٩٢‬‬ ‫‪ .7‬الذكاء االصطناعي والكتابة‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫‪١٩٤‬‬ ‫‪ .8‬الذكاء االصطناعي وتعليم اإلمالء‪.‬‬
‫‪١٩6‬‬ ‫‪ .٩‬الذكاء االصطناعي وتعليم النحو‪.‬‬
‫‪١٩8‬‬ ‫النص‪.‬‬
‫‪ .١٠‬الذكاء االصطناعي وإعادة بناء ّ‬
‫‪٢٠٠‬‬ ‫‪ .١١‬مشكالت الذكاء االصطناعي يف التعامل مع اللغة العربية‪.‬‬
‫‪٢٠١‬‬ ‫‪ .١٢‬مقرتح ملنصة تعليمية ذكية‪.‬‬
‫‪٢٠٩‬‬ ‫الباحثون‬

‫‪-٩-‬‬
-١٠-
‫كلمة املركز‬

‫يعمل املركز يف جمال البحث العلمي ونرش الكتب مستهدف ًا الرتكيز عىل املجاالت‬
‫البحثية التي ما زالت بحاجة إىل تسليط الضوء عليها‪ ،‬وتكثيف البحث فيها‪ ،‬ولفت أنظار‬
‫الباحثني واجلهات األكاديمية إىل أمهية استثامرها بمختلف وجوه االستثامر‪ ،‬وذلك مثل‬
‫جمال (التخطيط اللغوي) و (العربية يف العامل) و(األدلة واملعلومات) و (تعليم العربية‬
‫ألبنائها أو لغري الناطقني هبا) إىل غري ذلك من املجاالت‪ ،‬وإن من أهم جماالت البحث‬
‫املستقبلية يف اللغة العربية جمال (العربية واحلوسبة ‪ ،‬والذكاء االصطناعي) حيث إن‬
‫حياة اللغات ومستقبلها مرهونة بمدى جتاوهبا مع التطورات التقنية والعامل االفرتايض‪،‬‬
‫وكثافة املحتوى االلكرتوين املكتوب‪ ،‬وهو ما يشكّل حتديا حقيقيا أمام اللغات غري‬
‫املنتجة للمعرفة أو للتقنية‪.‬‬
‫وقد عمل املركز عىل تسليط الضوء عىل هذا املجال التخصيص؛ مستعينا بالكفاءات‬
‫القادرة من املهتمني بالتخصص البيني (بني اللغة واحلاسوب) مقدّ را جهودهم‪ ،‬وهادف ًا‬
‫إىل نرشها‪ ،‬وتعميم مبادئها‪ ،‬راغب ًا أن يكون هذا املسار العلمي مقررا يف اجلامعات يف‬
‫كلية العربية واحلاسوب‪ ،‬وجماال بحثيا يقصده الباحثون األكاديميون‪ ،‬واجلهات البحثية‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪-١١-‬‬
‫وقد أصدر املركز سابقا ستة عرش كتاب ًا خمتصا يف (حوسبة العربية) ويف اإلفادة من‬
‫(املدونات اللغوية) يف األبحاث العربية‪ ،‬وحيتفل بإصدار سبعة كتب جديدة خمتصة يف‬
‫(حوسبة العربية والذكاء االصطناعي) ‪ ،‬ويقدمها للقارئ العريب‪ ،‬وللجهات األكاديمية؛‬
‫لإلفادة منها يف مناهج التعليم والبناء عليه‪ ،‬وهذه الكتب السبعة هي‪( :‬العرب َّية َّ‬
‫والذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي يف خدمة اللغة العربية‪ ،‬خوارزميات الذكاء‬
‫ّ‬
‫االصطناعي يف حتليل النص العريب‪ ،‬مقدمة يف حوسبة اللغة العربية‪ ،‬املوارد اللغوية‬
‫احلاسوبية‪ ،‬املعاجلة اآللية للنصوص العربية‪ ،‬تطبيقات أساسية يف املعاجلة اآللية للغة‬
‫العربية)‪.‬‬
‫ويشكر املركز السادة مؤلفي الكتب‪ ،‬وحمررهيا‪ ،‬ملا تفضلوا به من عمل علمي‬
‫رصني‪ ،‬وأدعو الباحثني واملؤلفني إىل التواصل مع املركز الستكامل املسرية‪ ،‬وتفتيق‬
‫فضاءات املعرفة‪.‬‬
‫وفق اهلل اجلهود وسدد الرؤى‪.‬‬

‫األمني العام‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬حممود إسامعيل صالح‬

‫‪-١٢-‬‬
‫قدمة‬
‫ُم ِّ‬

‫ٍ‬
‫أبعاد‬ ‫االصطناعي ‪َ »Artificial Intelligence‬ميدانًا بحث ًّيا َرح ًبا ذا‬ ‫ُيم ِّث ُل َّ‬
‫«الذكا ُء‬
‫ّ‬
‫جوانب‬ ‫تشمل‬‫ُ‬ ‫تلفة ويف ميادي َن شتَّى‪،‬‬‫أصعدة ُخم ٍ‬
‫ٍ‬ ‫آثارها عىل‬ ‫اقتصاد َّي ٍة فائقة‪،‬‬
‫َ‬ ‫تظهر ُ‬
‫ُ‬
‫بمستقبل اآللة يف‬ ‫ُ‬ ‫ناعة والتَّدريس‪ .‬وال ُ‬ ‫البحث والص ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ُ‬ ‫قائام لدى املعن ِّي َ‬
‫األمل ً‬ ‫يزال‬ ‫ِّ‬
‫كثري من اجلهود‬ ‫مة‪ُ ،‬يمك ُن معها توفري ٍ‬ ‫ستويات متقدِّ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫االصطناعي إىل ُم‬ ‫بالذكاء‬‫الو ُصول َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ولعل‬‫َّ‬ ‫وال َّطاقات البرش َّية‪ ،‬من خالل تنمية ُقدرات اآللة عىل ُحماكاة ذكاء اإلنسان‪.‬‬
‫ُعج ُل بتحقيق اآلمال وال ُّطموحات‪.‬‬ ‫ال َّطفر َة اهلائل َة ا َّلتي نشهدُ ها اليو َم ت ِّ‬
‫ٍ‬
‫أطوار رئيسة‪ ،‬تتم َّث ُل يف‪:‬‬ ‫االصطناعي ‪ -‬بمفهومه احلديث ‪ -‬بثالثة‬ ‫ُّ‬ ‫مر َّ‬
‫الذكا ُء‬ ‫لقد َّ‬
‫ور من‬ ‫لكل َط ٍ‬‫َلم ُسها اآلن‪ .‬وكانَت ِّ‬‫طور النَّشأة‪ ،‬و َطور التَّجريب‪ ،‬و َطور النَّهضة ا َّلتي ن َ‬
‫ترتاكم يف ُأ ُط ِرها العا َّمة سع ًيا إىل توجيه اآللة إىل‬
‫ُ‬ ‫ور ًؤى وأفكار‪،‬‬
‫امت ُ‬‫هذه األطوار ِس ٌ‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬سع ًيا إىل ُحماكاة ُقدرات الدِّ ماغ‬ ‫ٍ‬ ‫البرشي؛ أو‬ ‫أعمق ل ُقدرات العقل‬‫َ‬ ‫فه ٍم‬
‫ّ‬
‫البرش َّية ومهارات التَّفكري ال ُعليا لدى اإلنسان‪ ،‬كال ُقدرة عىل صناعة القرار‪ ،‬والتَّفسري‪،‬‬
‫اإلبداعي‪ ،‬و َغري ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واالستنباط‪ ،‬والتَّفكري‬

‫‪-١3-‬‬
‫املجال ا َّلذي‬
‫ُ‬ ‫جماالت معرف َّي ٌة عديدة‪ ،‬منها َ‬
‫ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫االصطناعي‬
‫ّ‬ ‫الذكاء‬‫وتتفر ُع عن َّ‬
‫َّ‬
‫طبيع َّية ‪Natural Language‬‬ ‫عاجلة ال ُّلغات ال َّ‬ ‫ِ‬
‫نح ُن بِ َصدَ ده يف هذا الكتاب‪ ،‬ونعني « ُم َ‬
‫عريف ُيسعى من خاللِه إىل توجيه اآللة إىل فهم ال ُّلغة ال َّطبيع َّية‬ ‫‪»Processing‬؛ وهو ٌ‬
‫جمال َم ٌّ‬
‫وخلق‬ ‫حتليال وتوليدً ا‪َ ،‬‬ ‫الـمستويات ً‬ ‫عاجلة َوحداهتا يف هذه ُ‬ ‫الـمتعدِّ دة‪ ،‬و ُم َ‬
‫رب ُمستوياهتا ُ‬ ‫ع َ‬
‫ث عن ال ُّلغة‬ ‫وحني نتحدَّ ُ‬ ‫بني اإلنسان واآللة‪.‬‬ ‫َّواصل َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫بيئة تفا ُعل َّية قادرة عىل حتقيق الت ُ‬
‫ئيستَني‪ ،‬املكتوبة واملنطوقة‪.‬‬ ‫الر َ‬
‫بصورتَيها َّ‬ ‫ال َّطبيع َّية‪ ،‬فنح ُن َمعن ُّي َ‬
‫ون ُ‬
‫الباحثني يف َّ‬
‫الذكاء‬ ‫َ‬ ‫وال ُّلغ ُة العرب َّي ُة إحدى ال ُّلغات ال َّطبيع َّية ا َّلتي حتظى بعناية‬
‫عاجلة ال ُّلغات ال َّطبيع َّية عىل وجه اخلُ ُصوص‪َ .‬‬
‫ذلك َّأنا واحد ٌة‬ ‫االصطناعي ُع ُمو ًما و ُم َ‬
‫ّ‬
‫حيث عدد‬ ‫الرابعة من ُ‬ ‫الـمعاص؛ ُ‬ ‫ِ‬ ‫من أكثر ال ُّلغات‬
‫حيث تأيت يف املرتبة َّ‬ ‫انتشارا يف عاملنا ُ‬‫ً‬
‫الصين َّية واألرد َّية‪-‬اهلند َّية واإلنجليز َّية‪.‬‬
‫ُمستخدميها‪ ،‬بعدَ ِّ‬
‫نعرف َّأنا‬
‫َ‬ ‫فإنا واحد ٌة من أكثر ال ُّلغات ال َّطبيع َّية تنام ًيا يف َ‬
‫العامل‪ .‬ويكفي أن‬ ‫َ‬
‫كذلك َّ‬
‫األول من القرن احلادي والعرشي َن إىل‬ ‫نتصف العقد َّ‬ ‫السادسة يف ُم َ‬ ‫انتق َلت من املرتبة َّ‬
‫يقرتب من‬ ‫حيث عد ُد ُمستخدميها ا َّلذي‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرابعة يف ُمنت ََصف العقد ال َّثاين‪ ،‬من‬
‫ُ‬ ‫املرتبة َّ‬
‫عام ُيمك ُن أن‬
‫االنتشار والتَّنامي ُيعطينا ُصور ًة استرشاف َّية َّ‬
‫َ‬ ‫نصف املليار ن ََسمة‪َّ .‬‬
‫ولعل هذا‬
‫الـمستقبل القريب‪.‬‬ ‫َ‬
‫تصل إليه العرب َّي ُة يف ُ‬
‫ٍ‬
‫ستويات‬ ‫للو ُصول إىل ُم‬ ‫للـم َ‬
‫عاجلة اآلل َّية‪ ،‬و ُمه َّيأ ٌة ُ‬ ‫أن ال ُّلغ َة العرب َّي َة قابل ٌة ُ‬ ‫إنَّنا نُؤم ُن َّ‬
‫عم‬ ‫توافرت هلا املوار ُد وال َّط ُ‬ ‫متقدِّ ٍ‬
‫توافر هلا الدَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫اقات من ناحية‪ ،‬وإذا‬ ‫َ‬ ‫مة للغاية‪ ،‬إذا‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أن طبيع َة العرب َّية قياس َّي ٌة يف َشطر كبري منها‪ ،‬ال س َّيام يف‬ ‫ذلك َّ‬ ‫ٍ‬
‫ناسب من ناحية أخرى‪َ .‬‬ ‫الـم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عربة‪ ،‬وتتمت َُّع بنظا ٍم‬ ‫الصف َّية‪ .‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬فالعرب َّي ُة ُلغ ٌة ُم َ‬ ‫الصوت َّية وقوانينها َّ‬ ‫بنيتها َّ‬
‫ٍ‬
‫ليست‬ ‫أمور ُمت ِّث ُل إشكاالت َ‬ ‫خاص؛ وهي ٌ‬ ‫ّ‬ ‫أيضا بنظا ٍم كتا ٍّ‬
‫يب‬ ‫توليدي‪ ،‬وتتمت َُّع ً‬ ‫ّ‬ ‫اشتقاقي‬
‫ٍّ‬
‫الـمؤ ِّدية‬
‫واألدوات ُ‬
‫ُ‬ ‫الس ُب ُل‬
‫عاجل ُة هذه اإلشكاالت يسري ًة ما مل تتوافر ُّ‬ ‫تكون ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ه ِّينة؛ ولن‬
‫إىل ذلك‪.‬‬

‫االصطناعي) ا َّلذي نسعى من خاللِ ِه إىل‬


‫ّ‬ ‫الكتاب (العرب َّية َّ‬
‫والذكاء‬ ‫َ‬ ‫ونح ُن نُقدِّ ُم هذا‬
‫ِ‬ ‫االصطناعي‪ ،‬وما انت ََهت إليه ُجهو ُد ُم َ‬
‫عاجلتها‬ ‫الو ُقوف عىل عالقة ال ُّلغة العرب َّية َّ‬
‫بالذكاء‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عملنا هذا‬ ‫وننشدُ يف ِ‬
‫ستقبال‪ُ .‬‬‫ً‬ ‫االصطناعي للعرب َّية ُم‬ ‫آل ًّيا‪ ،‬وما ُيمك ُن أن ُيقدِّ َم ُه َّ‬
‫الذكا ُء‬
‫ُّ‬

‫‪-١٤-‬‬
‫أطوار ُه‪ ،‬وما إشكاالتُه؟ وما عالق ُة‬ ‫االصطناعي‪ ،‬وما‬ ‫الذكاء‬ ‫ٍ‬
‫أسئلة‪ ،‬منها‪ :‬ما َّ‬ ‫اإلجاب َة عن‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫أي مدً ى‬ ‫االصطناعي‪ ،‬وما عالق ُة العرب َّية ُخ ُص ً‬
‫وصا به؟ وإىل ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ُّلغات ال َّطبيع َّية َّ‬
‫بالذكاء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واقع توظيفه يف‬‫عاجلة ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة؟ وما ُ‬
‫االصطناعي يف ُم َ‬
‫ّ‬ ‫توظيف َّ‬
‫الذكاء‬ ‫ُ‬ ‫ُيمك ُن‬
‫وكيف ُيمك ُن اإلفاد ُة‬
‫َ‬ ‫حوسبة العرب َّية؟‬
‫أبرز حتدِّ يات َ‬‫عاجلة ال ُّلغة العرب َّية املنطوقة؟ وما ُ‬
‫ُم َ‬
‫االصطناعي وتطبيقاته يف تعليم العرب َّية؟‬
‫ّ‬ ‫من تقنيات َّ‬
‫الذكاء‬

‫(الذكاء‬ ‫األول ب ُعنوان َّ‬ ‫الفصل َّ‬ ‫ُ‬ ‫حيث يأيت‬ ‫ُ‬ ‫الكتاب عىل أربعة ُف ُصول؛‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يشتمل‬
‫تقديام‬
‫ً‬ ‫االصطناعي ون َْم َذجة ال ُّلغات ال َّطبيعية‪ :‬ال ُّطموح‪ ،‬والواقع‪ ،‬واآلفاق)‪ ،‬و ُيم ِّث ُل‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االصطناعي وإرهاصاته وواقعه وآفاقه وعالقته بال ُّلغات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذكاء‬ ‫هام وثر ًّيا ملفهوم َّ‬
‫ّ‬ ‫ُم ًّ‬
‫تساؤالت مطروحة بشأن طبيعة ال ُّلغة العرب َّية‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا عن‬‫الفصل ً‬ ‫ُ‬ ‫يب‬ ‫ال َّطبيع َّية‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وجي ُ‬
‫عاجلة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية‬ ‫(الـم َ‬ ‫الفصل ال َّثاين ب ُعنوان‬ ‫ُ‬ ‫عاجلة اآلل َّية‪ .‬ويأيت‬ ‫للـم َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وقابل َّيتها ُ‬
‫حول ُمستويات ال ُّلغة العرب َّية‬ ‫ويتناول ُرؤي ًة منهج َّي ًة َ‬ ‫ُ‬ ‫املكتوبة‪ُ :‬مقدِّ مة يف ذكاء اآللة)‪،‬‬
‫السطح َّية والعميقة‪ ،‬مع اإلشارة‬ ‫عاجلة َّ‬ ‫الـم َ‬ ‫املكتوبة ووحداهتا والتَّوجيه اآل ّيل هلا ووسائل ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫إىل تطبيقات م َ ِ‬
‫الث فيأيت ب ُعنوان‬ ‫الفصل ال َّث ُ‬ ‫ستوى عىل حدة‪ .‬أ َّما‬ ‫عاجلتها آل ًّيا يف ك ُِّل ُم ً‬ ‫ُ‬
‫الصوت ال ُّل ّ‬
‫غوي‬ ‫كونات َّ‬ ‫لـم ِّ‬ ‫طرحا ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ويتناول‬ ‫عاجلة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية املنطوقة)‪،‬‬ ‫(الـم َ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلاسوب َّية وآل َّيات بنائها‬ ‫الصوت َّية‬
‫ُ‬ ‫يعرض لبعض التِّقنيات َّ‬ ‫ُ‬ ‫حاسوب ًّيا‪ ،‬كام‬ ‫وآل َّيات حتليله ُ‬
‫ٍ‬
‫يب املكتوب إىل صوت منطوق‪.‬‬ ‫َّص العر ّ‬ ‫وصا عىل تقنية حتويل الن ّ‬ ‫وتطويرها‪ ،‬و ُيرك ُِّز ُخ ُص ً‬
‫(الذكاء االصطناعي وتعليم ال ُّلغة العربية‪ :‬نحو ِمنَصةٍ‬ ‫أخريا ب ُعنوان َّ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ابع ً‬ ‫الر ُ‬ ‫الفصل َّ‬ ‫ويأيت‬
‫االصطناعي‬ ‫الذكاء‬ ‫حول كيف َّية اإلفادة من َّ‬ ‫الفصل ُرؤي ًة َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويتناول هذا‬ ‫ِ‬
‫تعليم َّية ُمتكاملة)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫ويعرض‬ ‫ُ‬ ‫مهار َيت الكتابة والتَّحدُّ ث‪،‬‬ ‫الرتكيز عىل َ‬ ‫يف تعليم مهارات ال ُّلغة العرب َّية‪ ،‬مع َّ‬
‫واستثامرها يف تعليم ال ُّلغة‬ ‫ُ‬ ‫تطويرها‬ ‫ُ‬ ‫نص ٍة تعليم َّي ٍة ذك َّية‪ُ ،‬يمك ُن‬ ‫ِ‬
‫قرت ًحا لـم َّ‬ ‫أيضا ُم َ َ‬ ‫الفصل ً‬ ‫ُ‬
‫الـمختلفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بمستوياهتا ُ‬ ‫العرب َّية ُ‬
‫وبعد؛‬
‫االصطناعي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫للباحثني يف ميادين َّ‬
‫الذكاء‬ ‫َ‬ ‫الكتاب فاحت ًة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يكون هذا‬ ‫فإنَّنا نرجو أن‬
‫ٍ‬
‫عاجلة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية‪ ،‬ل َطرق آفاق َ‬
‫أكثر سع ًة ورحابة‬ ‫بالـم َ‬
‫ني ُ‬ ‫َ‬
‫أولئك املعن ِّي َ‬ ‫ُخ ُص ً‬
‫وصا‬
‫من التَّفكري واإلبداع‪ ،‬سع ًيا إىل الوقوف عىل إشكاالت حوسبة العرب َّية والعمل عىل‬

‫‪-١٥-‬‬
‫عريف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫م َِ‬
‫قادر‬ ‫عاجلتها‪ ،‬وتقويم أدواهتا وخوارزماهتا ومواردها‪ ،‬واالنتقال هبا إىل ُجمت ََم ٍع َم ٍّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عىل تطويع اآللة لتحقيق نضته وبناء مالمح ُمستقبله‪.‬‬
‫ِ‬
‫واألجر اجلزيل‪ ،‬وأن جيع َل ُه من‬ ‫حل َسن‬ ‫نسأل اهلل تعاىل أن يتق َّب َل هذا اجلهدَ ِّ‬
‫بالذكر ا َ‬ ‫ُ‬
‫ينفع أصحا َبه بعد مماهتم‪.‬‬‫العلم ا َّلذي ُ‬
‫وإليك ِ‬
‫املصري‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وإليك أنَبنا‬ ‫َ‬
‫عليك توكَّلنا‬ ‫ر َّبنا‬

‫ا ُمل ِّ‬
‫حرر‬
‫د‪ .‬ا ُملعت ّز باهلل َّ‬
‫السعيد‬

‫‪-١6-‬‬
‫الفصل األول‬
‫غات َّ‬
‫الطبيعية‬ ‫ون َذ ُ‬
‫جة ال ُّل ِ‬ ‫االصطناعي َ ْ‬
‫ُّ‬ ‫الذَّ ُ‬
‫كاء‬
‫الطموح‪ ،‬والواقع‪ ،‬واآلفاق‬

‫د‪ .‬حممد عطية حممد العريب أمحد‬

‫‪-١7-‬‬
-١8-
‫ملخَّ ص‬
‫والتبشري بإنجازاته‬
‫ُ‬ ‫وأخبار تقنياته‬
‫ُ‬ ‫احلديث عن مصطلح «الذكاء االصطناعي»‬ ‫ُ‬ ‫يمأل‬
‫وسائل اإلعالم يف السنوات األخرية‪ ،‬فام هو الذكاء االصطناعي؟‬ ‫َ‬ ‫يف السنوات األخرية‬
‫القسم‬
‫ُ‬ ‫من أين وكيف نشأ؟ وما تارخيه؟ ما هي َع َثراتُه وما هي نجاحاتُه؟ هذا ما ُي َف ِّص ُل ُه‬
‫األساس الذي تَن ْبنِي عليه األقسا ُم التالية من الفصل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األول بأجزائه الثامنية التي مت ِّث ُل‬
‫ُ‬
‫املعترب ِة يف إطار الذكاء‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املسائل‬ ‫وينتقل القسم الثاين إىل التعرف عىل كيفية معاجلة‬
‫ِ‬
‫والعددية اإلحصائية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التحليلية‪،‬‬ ‫بمدرس َت ْيه؛‬ ‫االصطناعي‬
‫َ‬
‫ب الرتكيز يف القسم الثالث عىل إحدى املسائل الكربى املطروحة يف جمال‬ ‫وينص ُّ‬
‫َ‬
‫الذكاء االصطناعي ‪ -‬إن مل تكن أكربها عىل اإلطالق ‪ -‬أال وهي ن َْم َذجة اللغات الطبيعية‬
‫تواجهها‪ .‬ويف القسم التايل له يقف القارئ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ومعاجلتُها آل ًّيا والتحديات األساسية التي‬
‫للمعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية‪.‬‬
‫َ‬ ‫عىل الوضع الراهن للبحث العلمي والتطور التقني‬
‫ثم يناقش القسم اخلامس ما إذا كان تطور املعاجلة احلاسوبية اآللية للغات الطبيعية‬
‫هناك سق ًفا لذلك‬‫َ‬ ‫سيميض إىل أن حياكي َم َلكات اإلنسان العاقل وربام يتجاوزه‪ ،‬أم َّ‬
‫أن‬
‫ال يمكن املروق منه‪ .‬وهي ليست فقط قضية فلسفية نظرية عميقة‪ ،‬بل إنا حمدِّ دة ملسار‬
‫البحث والتطوير عىل هذا الصعيد‪.‬‬
‫وينظر القسم السادس من الفصل يف حال اللغة العربية مع الذكاء االصطناعي‬
‫من حيث ما إذا كانت هلا خصوصية عن غريها من اللغات الطبيعية سواء يف نمذجتها‬
‫القسم السابع يف ُخمْتَتم‬
‫ُ‬ ‫اخلصوصيات إن ُو ِجدَ ْت؟ أما‬
‫ُ‬ ‫أو معاجلتها اآللية‪ ،‬وما تلك‬
‫آفاق مستقبل اللغة العربية مع الذكاء‬ ‫الفصل فإنه يسترشف يف ضوء ما سبق من أقسامه َ‬
‫االصطناعي عىل رجاء أن يكون هذا الفصل األول ُك ُّله زا ًدا للقارئ و َع ْونًا له عىل‬
‫استيعاب بقية فصول الكتاب والتفاعل اإلجيايب معها‪.‬‬

‫‪-١٩-‬‬
‫الكلامت املفتاحية‪:‬‬
‫التع ُّلم احلاسويب‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬ال ُّلغات الطبيعية‪ ،‬ال ُّلغة العربية‪ ،‬الن َّْم َذجة‬
‫املقاربة التحليلية‪.‬‬
‫احلاسوبية‪َ ،‬‬

‫االصطناعي‪.‬‬ ‫للذ ِ‬
‫كاء‬ ‫خمتص َّ‬
‫ّ‬ ‫تاريخ َ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫‪.1‬‬
‫أثرها‬ ‫دائام ما تطبع َ‬ ‫جذور النشأة ً‬ ‫َ‬ ‫تع ِّل ُمنا مدرس ُة التاريخ عىل اختالف مواضيعها أن‬
‫دونَه التاريخ‪ ،‬ولذلك‬ ‫االصطناعي ليس بِدْ ًعا مما َّ‬
‫ُّ‬ ‫عىل احلارض وعىل املآالت‪ ،‬والذكا ُء‬
‫فليس َف ْضل ًة وال ت ََز ُّيدً ا أبدً ا االستفاض ُة يف القسم االفتتاحي من هذا الفصل من أجل‬
‫وضع القارئ يف صورة نشأة الذكاء االصطناعي وتطوره التارخيي ومبادئ آليات َع َم ِله‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫القارئ‬
‫َ‬ ‫بم ْيكَنة اللغات الطبيعية‪ .‬ولعل‬ ‫األساسية بتبسيط غري ُخم ٍّل‪ ،‬ومن َث َّم عال َقته َ‬
‫ثامر ذلك أثناء دراستِ ِه لألقسام التالية من الفصل؛‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫جيني بعد مطا َل َعته هلذا الق ْس ِم األول َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫استيعا ًبا َس ِل ًسا ملا َ ِ‬
‫ومسائل حوسبة ال ُّلغات الطبيعية‪ً ،‬‬
‫وفهام‬ ‫اصطالحات‬ ‫سري ُد فيها من‬
‫مساراهتا‪ ،‬ورب ًطا بام يرد يف ختام الفصل من‬ ‫ِ‬ ‫بعض اخليارات دون غريها يف‬ ‫ات َذ ْت ُ‬ ‫ملاذا ُّ ِ‬
‫جديد من‬ ‫ٍ‬ ‫حيص ُل ِعالو ًة عىل ذلك كله متع َة تت ُّبع قصة ميالد عل ٍم‬ ‫استرشافات‪ ،‬ولعله ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قائام َق ْب َله من فلسفة وعلو ٍم وتقنيات م ًعا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مطولة حمتدمة بني ما كان ً‬ ‫رحم تفاعالت َّ‬

‫مستمر‬
‫ٌّ‬ ‫وسعي‬
‫ٌ‬ ‫قديم‬
‫لم ٌ‬ ‫‪ُ 1.1‬ح ٌ‬
‫ِ‬
‫بار احلكام والقادة واملخ ِّططني يف خمتلف أنحاء العامل عرب أزمنة التاريخ‬ ‫ما َب ِر َح ك ُ‬
‫ِ‬
‫كبرية العدد من ال ُع َّامل أو‬ ‫ٍ‬
‫جيوش‬ ‫ِ‬
‫امتالك‬ ‫خواطرهم أحال ُم‬ ‫تداعب‬ ‫قديمها وحديثِها‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫املسخرين متا ًما للقيام بام يقوم به البرش من وظائف العمل أو‬‫َّ‬ ‫املقاتلني غري البرشيني‬
‫القتال ولكن دون تك ُّبد أعباء البرش احلقيقيني الذين حيتاجون للراحة وللطعام وللكساء‬
‫وللعالج وللمأوى وللرتفيه‪ ،‬وللتعليم والتدريب‪ ،‬وكذلك ملراعاة معتقداهتم ومعاجلة‬
‫شؤونم املعنوية‪ ،‬ومع ذلك ُك ِّل ِه فقد يتمردون وخيرجون عن السيطرة‪ .‬فمن يمتلك‬
‫مثل تلك اجليوش من اآلل ِّيني أشباه البرشيني حتت كامل سيطرته فال شك‬ ‫خصومه َ‬‫ِ‬ ‫دون‬
‫أنه سيهزمهم اقتصاد ًّيا أو يسو ُدهم عسكر ًّيا‪.‬‬

‫‪-٢٠-‬‬
‫مهندسا ُيدْ َعى «يان ِش» قدم‬ ‫ً‬ ‫حيكَى أن‬
‫فقبل حوايل ثالثة آالف سنة يف الصني ُ ْ‬
‫لإلمرباطور آنذاك «تشاو ِم ُيو وانج» آلة ميكانيكية من صنعه عىل هيئة آدمي وبحجمه‬
‫الطبيعي تستطيع اخلطو وحتريك اليدين وتأيت ببعض تعبريات الوجه‪ ،‬وكذلك ُي ْذكَر‬
‫واملهندس امليكانيكي الشهري الذي عاش يف مدينة‬ ‫«هريون» عامل ُ الرياضيات‬ ‫الروماين ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫اإلسكندرية يف مص قبل حوايل أ ْل َف ْي سنة والذي اشتهر بآالته التي ميكَنت العديد من‬
‫الوظائف التي اعتاد البرش القيام هبا؛ مثل العزف عىل آلة «األور ُغن» وبرجمة املؤثرات‬
‫السمعية والبصية عىل املرسح‪ ،‬ومتاثيل ميكانيكية عىل هيئة برشية تصب الرشاب‬
‫وأخرى تقوم بفتح وغلق أبواب القصور واملعابد‪.‬‬
‫اد اهلندسة‬‫قرون أحدُ رو ِ‬
‫ٍ‬ ‫ومن بني مئات اآلالت التي صممها ونفذها قبل نحو ثامنية‬
‫ُ َّ‬
‫ري» ‪ -‬الذي خدم يف‬ ‫جل َز ّ‬
‫ومشاهريها «بديع الزمان أبو العز ابن إسامعيل ا َ‬ ‫ِ‬ ‫امليكانيكية‬
‫عرشات اآلالت امليكانيكية‬
‫ُ‬ ‫«ديار َبكر» ثم يف البالط األيويب ‪-‬‬ ‫بالط «بني آرتوق» يف ِ‬
‫َ‬
‫ال خادم آيل يصب الرشاب‪ ،‬وآخر يصب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عىل هيئة برشية تقوم بمها َّم متنوعة؛ منها مث ً‬
‫وج ْوقة آليني تعزف اآلالت املوسيقية تلقائ ًّيا‪ ،‬وغري ذلك‬ ‫املاء للوضوء وغسيل اليدين‪َ ،‬‬
‫كثري‪ .‬ثم نجد عىل هذا الطريق يف ناية القرن الثامن عرش امليالدي عد ًدا من األوروبيني‬
‫نذكر من بينهم صانع الساعات البارع الفرنيس «بِ ِيري جاك درو» وابنه «هنري ُل ِوي»‬
‫امها امليكانيكية ذات اهليئة البرشية املت َقنة بني ُد ْم ٍية تعزف املوسيقى‬ ‫الذي اشتهرت ُد َم ُ‬
‫وأخرى تط حرو ًفا بالقلم ونحو ذلك‪ ،‬وقد متيزت هذه الدُ َمى امليكانيكية بوجود ذاكرة‬
‫فة سل ًفا) وال تزال ثالثة من‬ ‫متسلسلة معر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ميكانيكية ُمت ِّثل «برناجمًا» (خطوات حركية‬
‫َّ‬
‫هذه الدُ مى معروض ًة يف متحف الفن والتاريخ بمدينة «نوشاتيل» يف «سويرسا»‪.‬‬
‫تاريخ خمتلف األمم عتي ُقه وقري ُبه مثلام حيفل الرتاث العريض ألدب اخليال‬
‫ُ‬ ‫وحيفل‬
‫ٍ‬
‫ملمح‬ ‫العلمي بالطرائف والنفائس من أمثلة تلك اآلالت التي حاولت حماكاة البرش يف‬
‫وتواصل الولع بحلم صناعة «أشباه البرش»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أو أكثر‪ ،‬وتشري كلها دون لبس إىل ِقدَ م‬
‫«شبِيه البرش‬
‫بدال من َ‬‫وكثريا ما يستخدم العا َّم ُة اصطالح « اخلادم اآليل ‪ً )١(»robot‬‬
‫ً‬
‫وخصوصا يف سياق التحكُّم والتسخري‪ ،‬والواقع أن االصطالحني ليسا‬‫ً‬ ‫‪»humanoid‬؛‬
‫الفرعي ‪ ١,٥‬من الفصل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫متطابقني كام سريد يف القسم‬

‫«الس ْخرة»‪.‬‬
‫‪ -١‬كلمة « ُرو ُبوت» مشتقة من كلمة « ُرو ُبوتا ‪ »robota‬باللغة التشيكية التي تعني ُّ‬

‫‪-٢١-‬‬
‫ِ‬
‫ياضيات قاطر ًة للفيزياء والتِّقنية‪.‬‬ ‫‪ .1.2‬هنض ُة ِّ‬
‫الر‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وثيق الص ِ‬ ‫ٍ‬
‫جديدة مع‬ ‫حقبة‬ ‫لة؛ فإن حقل الرياضيات قد انتقل إىل‬ ‫آخر ِ ِّ‬‫عىل صعيد َ‬
‫مطالع القرن السادس عرش امليالدي حيث نقل األوروبيون معارف الرياضيات من‬
‫كثريا قاعدة املشتغلني هبا انطال ًقا من اإلمارات‬ ‫العربية إىل الالتينية واتسعت َو ْقتَها ً‬
‫مؤرخي العلوم إىل عام ‪١٥١٩‬م ‪ -‬حني توصل اإليطاليون‬ ‫اإليطالية‪ ،‬ويشري العديدُ من ِّ‬
‫إىل صيغة احلل إلجياد جذور «كثرية احلدود ‪ »polynomial‬من الدرجة الثالثة ‪ -‬عىل‬
‫تيب بطِ ٍ‬
‫يء قبلها إىل ترا ُك ٍم‬ ‫أنه نقطة انتقال الرتاكم املعريف يف الرياضيات من تراك ٍم َر ٍ َ‬
‫عىل منحنًى متزايد التسارع بعدَ ها فاستقر التعبري الرمزي يف الرياضيات‪ ،‬وصيغت‬
‫واملعادالت‬
‫ُ‬ ‫ُك َر حساب التفاضل والتكامل‪،‬‬ ‫نظرية عامة لألعداد‪ ،‬وللجرب‪ ،‬ثم ابت ِ‬
‫وحساب‬‫ُ‬ ‫رب اخلَ ِّط ُّي‪،‬‬
‫وحساب االحتامالت‪ ،‬واجل ُ‬
‫ُ‬ ‫التفاضلي ُة ودراس ُة حلوهلا‪ ،‬واإلحصا ُء‬
‫ِ‬
‫املصفوفات‪ ،‬واألعدا ُد املركَّبة‪ ،‬ثم هندس ُة السطــوح املنحنية (اهلنــدسة الال إ ْق ِليد َّية‬
‫يضيق املقا ُم هنا عن ذكره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كثري مما‬
‫‪ ... ) Non-Euclidean geomerty‬وغري ذلك ٌ‬
‫امتالك العديد من األدوات الناجعة للتمكني من الرصد والتحليل‬ ‫َ‬ ‫ويعني ذلك كله‬
‫والتصميم واحلساب واإلدارة والتحكم ‪ ،‬فكانت هذه األدوات أعمد ًة قامت عليها‬
‫نضة أخرى هائلة يف اكتشاف وتطور علوم الطبيعة (الفيزياء(‪ ،))١‬والتي بدورها‬
‫آخ َر قامت عليه نض ٌة تقني ٌة صناعي ٌة كربى بد ًءا من النصف الثاين للقرن‬
‫أساسا َ‬
‫ً‬ ‫كانت‬
‫نضجا ومتكينًا‬
‫ً‬ ‫الثامن عرش امليالدي تتابعت موجاهتا لتبلغ بنهاية احلرب العاملية الثانية‬
‫كبريا‪ ،‬ال سيام عىل حماور امليكانيكا‪ ،‬والبصيات‪ ،‬والطاقة‪ ،‬ثم الكهرومغناطيسيات‪،‬‬ ‫ً‬
‫واالتصاالت‪ ،‬وترميز البيانات وتشفريها‪.‬‬
‫اإلملاح إىل أن الرياضيات قد انتقلت عرب ذلك الوقت بالتدريج من‬‫ُ‬ ‫ومن املفيد هنا‬
‫جمرد تداول ومعاجلة املعادالت واملتساويات واملتباينات ‪ -‬مهام كان تعقيدُ ها ‪ -‬إىل‬
‫ملسائل مرك ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َّبة مصوغ ًة عىل هيئة إجراءات عديدة‬ ‫َ َُ‬ ‫حلول متكاملة‬ ‫القدرة عىل تقدي ِم‬
‫تعرف‬‫دخالت املسألة جتمع إىل جانب املعادالت حدو ًدا رشطي ًة ِّ‬ ‫َ‬
‫ملعاجلة ُم َ‬ ‫اخلطوات‬
‫ِ‬
‫يعرف ضمن ًّيا املسارات (السيناريوهات) املمكنة حللول‬
‫االنتقال بني هذه اخلطوات مما ِّ‬

‫وتطوير املواد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -١‬و ُت ْل َحق هبا الكيميا ُء‪،‬‬

‫‪-٢٢-‬‬
‫وارزم(‪ »algorithm )١‬وهو‬ ‫املسألة قيد املعاجلة‪ ،‬وهو ما اص ُط ِل َح عىل تسميته بـ «اخلُ ِ‬
‫مناسبة ٍ‬
‫قابلة للربجمة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الصورة الرياضية التي يمكن تنفيذها أو ميكنتها عرب ٍ‬
‫آلة‬

‫قوانني للتفكري البرشي‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الفلسفة وتفاع ُلها مع الرياضيات سع ًيا وراء‬ ‫ُ‬
‫انبعاث‬ ‫‪.1.3‬‬
‫َ‬
‫مسار الفلسفة ُخ ًطا مشاهب ًة حني بدأ‬ ‫ُ‬ ‫ثالث يتكامل مع ساب َق ْي ِه فقد اقتفى‬
‫وعىل صعيد ٍ‬
‫خروجا عن اإلطار املعريف اجلامد الذي فرضته الكنيسة الكاثوليكية‬ ‫ً‬ ‫انبعاثها يف أوروبا‬
‫انتقال الرتاث الفلسفي من العربية إىل الالتينية‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫لقرون طويلة من ناحية وحني اكتمل‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬فبزغت يف أوروبا أسام ٌء كبري ٌة يف دنيا الفلسفة من القرن السادس عرش‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫فصاعدً ا من أمثال «فرانسيس بيكون» إىل «رينيه ديكارت» إىل «جو ْت ْف ِريد ال ْيبِينْز» إىل‬
‫«إيامنويل كانط» ‪ ...‬وغريهم الذين طرحوا باستفاضة قضايا كبرية تتصل بامهية املادة‬
‫والطبيعة‪ ،‬والعلوم‪ ،‬والعقل واإلدراك‪ ،‬وقوانني التفكري‪.‬‬
‫ويف وقت ٍ‬
‫باكر من تلك احلقبة اجلديدة كان االتصال ال يزال وثي ًقا بني الرياضيات‬
‫وعلوم الطبيعة (الفيزياء) والفلسفة‪ ،‬حتى أن الفيزياء كانت تسمى يف وقت «إسحاق‬
‫ومعاصيه بـ «الفلسفة الطبيعية»‪ ،‬ولذلك أسفرت اجلدلية بني الفلسفة‬ ‫ِ‬ ‫نيوتن»‬
‫ومعارف الطبيعة والرياضيات متسارعة النمو يف القرون من السادس عرش إىل التاسع‬
‫ِ‬
‫الطموح إىل‬ ‫عرش امليالدية عن السعي احلثيث لفهم قوانني التفكري البرشي وتقعيدها بل‬
‫ٍ‬
‫إنجازات فارق ًة‪.‬‬ ‫َم ْيكَنة هذا التفكري‪ ،‬والذي أنتج بدوره‬
‫ففي منتصف القرن التاسع عرش استطاع اإلنغليزي «جورج جون ُبوول» صياغة‬
‫منظومة «املنطق الريايض الثنائي ‪ »Boolean Algebra‬يف صورة قوانني جربية‬
‫والـمناطِقة الرياضيني نزعة لتأسيس‬
‫َ‬ ‫حمكَمة(‪ ،)٢‬كام انترشت يف القرن نفسه بني الفالسفة‬

‫َّ‬
‫املتوف يف‬ ‫‪ -١‬وذلك اعرتا ًفا بفضل ال َف َل ِك ّي وعامل الرياضيات األبرز يف العصور الوسيطة «حممد ابن موسى اخلُ َو ِارزْ ِم ّي»‬
‫«لوغاريتْم ‪ »Logarithm‬التي هي معكوس رف ِع‬ ‫ِ‬ ‫اسم ُه العملية الرياضية الشهرية‬
‫بغداد عام ‪8٥٠‬م‪ ،‬وحتمل كذلك َ‬
‫ٍ‬
‫جل ْرب واملقا َبلة»‪ ،‬وهو كذلك من أدخل الصفر يف نظام العد العرشي‪ .‬وال يزال‬ ‫عدد ألُ ٍّس‪ .‬وهو صاحب كتاب «ا َ‬
‫علم اجلرب حيمل نفس االسم العريب يف كل لغات العامل «‪ »Algebra‬وال يزال كذلك اسم الصفر يف خمتلف لغات‬
‫رياضيات حديث ًة بدون نظام العد العرشي وال بدون الصفر وال بدون علم اجلرب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫العامل مشت ًقا من اسمه العريب؛ فال‬
‫ربز يف ذلك كله‪.‬‬ ‫واخلوارزمي رمحه اهلل هو الرائد امل َّ‬
‫‪ -٢‬وهو األساس الذي تعمل وف َقه كل الدوائر اإللكرتونية التي تنفذ عمليات التحكم واحلساب يف كل احلواسيب‬
‫الرقمية بمختلف أنواعها‪.‬‬

‫‪-٢3-‬‬
‫الرياضيات بالكامل عىل أساس ُحم ْ َك ٍم من املنطق ال َب ْحت الذي ال يتضمن سوى جمموعة‬
‫حمدودة من املس َّلامت مع القواعد االستنباطية األساسية فقط ال غري‪ ،‬فإذا تم ذلك فلربام‬
‫صار الطريق مفتوحا مليكنة عملية الربهنة الرياضية‪ ،‬فكَرس األملاين « ُغوت ِْليب فِ ِر ِ‬
‫يغي ْه»‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫ََْ‬ ‫ً‬
‫حياته املهنية يف الربع األخري من نفس القرن ملحاولة تأسيس احلساب العددي بإحكام‬
‫الـمناطِقة‬‫عىل املنطق وأصدر عمله يف جملدات ثالثة‪ ،‬وقبيل طباعتها اكتشف أحد كبار َ‬
‫تناقضا خيلخل بنية عمل «فِ ِريغي ْه»‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الرياضيني اآلخرين اإلنغليزي «بِرتِرانْد ِ‬
‫راسل»‬ ‫ْ‬
‫«راسل» قد أخذ عىل عاتقه هو القيا َم هبذا التأسيس فنرش بني عا َم ْي ‪١٩١٠‬م‬ ‫وكان ِ‬
‫واي ْت ِهيد» عم ً‬
‫ال‬ ‫و ‪١٩١٢‬م مع أستاذه الفيلسوف وعامل الرياضيات «آلفريد نورث ِ‬
‫ت بام يتجنب ثغرة‬ ‫نظريا ضخام آخر(‪ )١‬يؤسس للحساب العددي عىل أساس منطقي بح ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫« فِ ِريغي ْه»‪.‬‬
‫ِ‬

‫وأثناء ذلك فقد كان جمتمع كبار علامء الرياضيات بعد احلرب العاملية األوىل ‪ -‬وقد‬
‫وتطاو َل بنيانا املعريف ليبلغ ُذ ًرا شاهق ًة ‪ -‬يمور باجلدل حول ما إذا‬ ‫َ‬ ‫تشعبت فرو ُعها‬
‫كانت ُأ ُس ُسها متين ًة بام يكفي من أجل ضامن أن حتقق منظومة الرياضيات رشطني‬
‫أساسيني (كان غالب الظن وقتها أنام متحققان تلقائ ًّيا) أال ومها‪ :‬خلوها من إمكانية‬
‫متناقضات‪ ،‬واالكتامل (أي قدرهتا من حيث املبدأ عىل برهنة أية حقيقة رياضية‬ ‫ٍ‬ ‫ت ََو ُّلد‬
‫ُي ْم ِك ُن اشتقا ُقها من ُمس َّلامهتا األولية)‪ .‬ولذلك دعا ال َع َل ُم األ ْب َر ُز مسموع الكلمة يف ذلك‬
‫عاملي جام ٍع للبت يف هذه القضايا‪ .‬وكانت‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫مؤمتر‬ ‫األملاين «ديفيد ِهي ْلبريت» إىل‬
‫ُّ‬ ‫الوقت‬
‫العبقري‬
‫ُّ‬ ‫ثمر ُة ذلك يف بداية ثالثينيات القرن العرشين هي املفاجأ ُة الكربى التي فجرها‬
‫ِ‬
‫منظومة‬ ‫يدل) بمربهنَ َتي ِه البديعتني الشهريتني عن استحالة اكتامل ِ‬
‫أية‬ ‫(كريت ِغ ِ‬ ‫ِ‬
‫ََُْ ْ‬ ‫النمساوي ْ‬
‫ُّ‬
‫وخ ُل ِّوها من التناقض يف الوقت ذاته‪ ،‬وبذلك َحدَّ َد بالربهان الريايض سق ًفا‬ ‫ٍ‬
‫رياضيات ُ‬
‫حدود للمعرفة فيها مع تبيان أسباب ذلك‪ .‬ومن‬ ‫ٍ‬ ‫ون َش ٍّك وجو َد‬‫للرياضيات وأثبت ُد َ‬
‫رحم تلك اجلدلية املحتدمة بني من حاولوا تأسيس الرياضيات عىل املنطق الريايض‬
‫الصايف ‪ -‬ومن ثم إمكاني َة ميكنة عملية الربهنة واشتقاق احلقائق الرياضية من مسلامهتا‬
‫األولية ‪ -‬وبني من أثبت رياض ًّيا استحالة حتقيق ذلك بالكامل‪ ،‬تشكلت املالمح األولية‬
‫األمريكي‬
‫ّ‬ ‫لـ «نظرية تعيني الصعوبة ‪ »Complexity theory‬التي واصل ُر َّوا ٌد مثل‬

‫ِ‬
‫ُرش حتت عنوان «‪ »Principia Mathematica‬ويعني بالالتينية «املبادئ األساسية للرياضيات»‪.‬‬
‫‪ -١‬ون َ‬

‫‪-٢٤-‬‬
‫ري «جون فون نُو ْيامن» والربيطاين «آالن ِ‬
‫تيورنغ» تأسيسها والتي صارت بمثابة‬ ‫املـج ّ‬
‫َ‬
‫ب النظري لـ «علوم احلاسب ‪.)١( »Computer Science‬‬ ‫ال ُّل ِّ‬

‫عص احلواسيب الرقمية‪.‬‬


‫‪ .1.4‬وبدأ ُ‬
‫بحلول أربعينيات القرن العرشين امليالدي سواء أثناء احلرب العاملية الثانية و ُب َعيدَ ها‪،‬‬
‫كانت كل الظروف قد اجتمعت من أجل بناء حواسيب رقمية ذات قدرات حسابية‬
‫عالية تتصف بعمومية االستخدام؛ بمعنى قابليتها للربجمة كي تنفذ خوارزمات خمتلفة‪،‬‬
‫اخلوارزمات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الت تعمل عليها تلك‬ ‫كمدخ ٍ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رقمية‬ ‫ٍ‬
‫بيانات‬ ‫ِ‬
‫استقبال‬ ‫مع القدرة عىل‬
‫كمخرجات لعمل تلك اخلوارزمات‪ .‬ومتثلت تلك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وكذلك تصدير بيانات رقمية‬
‫َ‬
‫الظروف يف أن‪:‬‬
‫القدَ م‪ ،‬وميكنة التفكري البرشي يف‬ ‫Ÿ حلم صناعة شبيه اإلنسان قائم مل يغب منذ ِ‬
‫قلبه‪ ،‬وميكنة القدرات احلسابية حجر أساس فيه‪.‬‬
‫Ÿ ِ‬
‫الفكْر الريايض وأدواته صارت ناضج ًة لذلك‪.‬‬
‫Ÿ التقنية الكهرومغنطيسية ُمت َ ِّك ُن من ذلك‪.‬‬
‫Ÿ الصاع العسكري العاملي املشتعل والسعي وراء امتالك كل أسباب القوة فيه‬
‫يتوجان ويوظفان كل ما َت َقدَّ َم من ظروف‪.‬‬
‫ولذلك كان من الطبيعي أن ُت ْبنَى أثناء ذلك «احلواسيب الرقمية» األوىل التي يمكن‬
‫رب املنتصين يف احلرب العاملية‬
‫أيضا أن يتصدر أك ُ‬
‫برجمتُها‪ ،‬وكان من طبائع األمور ً‬

‫‪ -١‬هناك اعتقاد غري صحيح أن «علوم احلاسب» ال وجود هلا إال بوجود «احلواسيب الرقمية»‪ ،‬والصواب أن علوم‬
‫احلاسب بمختلف أدواهتا ذات وجود سابق ومستقل عن تلك احلواسيب‪ ،‬وال تفرتض لعملها إال توافر «وحدات»‬
‫تقوم بإجراء العمليات احلسابية واملنطقية األولية؛ فربام تكون هذه الوحدات آالت إلكرتونية أو كهربائية أو حتى‬
‫ميكانيكية بل ربام تكون برشي ًة؛ ومن الطريف يف هذا املقام اإلشارة إىل أن «وكالة الطريان والفضاء الوطنية‪ :‬ناسا»‬
‫األمريكية الشهرية كانت منذ تأسيسها يف ناية اخلمسينيات من القرن امليالدي املايض حتى منتصف سبعينياته توظف‬
‫ٍ‬
‫برشية ملساعدة علامء الفلك‬ ‫كحواسيب‬ ‫كتائب من املوظفني املتخصصني يف الرياضيات العددية الذين كانوا يعملون‬
‫َ‬
‫وعلامء الصواريخ وعلامء الطريان حيث تقوم تلك الكتائب بتنفيذ خوارزمات للحصول عىل حلول عددية ملعادالت‬
‫معقدة حيتاجها هؤالء العلامء يف تصاميمهم ويتعذر احلصول عىل حلول تامة مغلقة هلا‪.‬‬

‫‪-٢٥-‬‬
‫«الواليات املتحد ُة األمريكي ُة» رياد َة هذا املضامر(‪ ،)١‬كام مل يكن مستغر ًبا أن تكون‬
‫ُ‬ ‫الثانية‬
‫ٍ‬
‫االستخدامات األوىل لتلك احلواسيب استخدامات عسكري ًة وأن تعترب هي نفسها‬
‫أسلح ًة حربي ًة ضاربة(‪.)٢‬‬
‫وعىل الرغم من أن الوحدات احلسابية األولية يف تلك احلواسيب كانت ذات ٍ‬
‫تقنية‬
‫امرها‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كهربائية ومل تتحول إىل إلكرتونية بالكامل إال بعد عقدين من الزمان فإن «م ْع َ‬
‫‪ »architecture‬ال يزال يف جوهره هو املتبع يف بناء الغالبية العظمى للحواسيب التي‬
‫نستخدمها حتى يومنا هذا‪ .‬والقص ُة بعد ذلك من حتول احلواسيب للتقنية اإللكرتونية‬
‫بدالً من الكهربائية ثم تضاؤل هذه الوحدات األولية اإللكرتونية وزيادة كثافتها يف‬
‫ٍ‬
‫س‪ ،‬ومن ثم تضاعف القدرات احلسابية والتخزينية للحواسيب‬ ‫وحدة املساحة بنمط ُأ ِّ ٍّ‬
‫وور»)‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن التطور املطرد يف‬ ‫شهرا (وهو ما يعرف بقانون « ُم ْ‬ ‫كل حوايل ثامنية عرش ً‬
‫وسائل إدخال وتصدير وعرض البيانات‪ ،‬واندماج احلواسيب مع تقنيات االتصاالت‬
‫والشبكات الرقمية ‪ ...‬إلخ إلخ حتى نصل إىل وقتنا احلارض هي قص ٌة معروف ٌة نعيشها‬
‫وال حاجة بنا لالستفاضة فيها يف هذا املقام‪.‬‬

‫‪ .1.٥‬إذن‪ ،‬ما هو الذكاء االصطناعي بالضبط؟ وما هو هدفه النهائي؟‬


‫بعد انتشار أخبار صناعة احلواسيب الرقمية القابلة للربجمة وإسهامها يف حل مسائل‬
‫حسابية كبرية‪ ،‬اشتعلت احلامسة وجتددت اآلمال بني األوساط العلمية يف اقرتاب حتقيق‬
‫ٍ‬
‫قدرات ذهنية وحركية‬ ‫«أشباه للبرش» ذوي‬‫ٍ‬ ‫حلم ال ُعصور الذي طال انتظاره بصناعة‬
‫وانفعالية تشابه ما لإلنسان من قدرات بام يتجاوز الدُ َمى امليكانيكي َة القديمة التي أرشنا‬
‫إليها يف القسم الفرعي ‪ ١,١‬من هذا الفصل‪ .‬فقد كانت الفلسفة املادية اجلاحمة هي‬

‫مصم ًام‬
‫ِّ‬ ‫‪ -١‬يربز يف ملحمة مرشوعات بناء أول تلك احلواسيب اسم عامل الرياضيات والفيزياء النافذ «جون ُف ْ‬
‫ون نو ْيامن»‬
‫وس ْه» الذي كانت‬ ‫أول ومديرا لتلك املرشوعات‪ ،‬إال أن األقل شهر ًة واألسبق رياد ًة هو املهندس األملاين «كونْراد زُ ِ‬
‫ً‬
‫حاسباته األوىل ميكانيكي ًة كهربي ًة خمتلط ًة‪ ،‬ولعل هزيمة أملانيا وحمورها يف احلرب أمام الواليات املتحدة األمريكية‬
‫وحلفها هو ما أخفت ِذك َْره‪.‬‬
‫كأدوات ل َف ِّك شفرة الرسائل العسكرية الرسية‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بكثافة‬ ‫احلواسيب أثناء احلرب العاملية الثانية‬ ‫ُخ ِد َمت تلك‬
‫‪ -٢‬است ْ‬
‫ُ‬
‫«مانات ْن» لصناعة القنابل الذرية «االنشطارية» األمريكية التي ألقيت عىل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وقتذاك يف مرشوع ْ‬ ‫كام سامهت بفعالية‬
‫«هريوشيام» و «ناجازاكي» اليابانيتني يف ناية احلرب‪ ،‬ثم كذلك يف تصميم القنابل اهليدروجينية «االندماجية» األشد‬
‫فتكًا ضمن سباق التسلح املحتدم مع االحتاد السو ْف ِييتِّي وحلفه الشيوعي والتي َف َّج َرت الواليات املتحدة األمريكية‬
‫ُأوالها جتريب ًّيا بنجاح عام ‪١٩٥٢‬م‪.‬‬

‫‪-٢6-‬‬
‫السائدة بني األوساط العلمية يف حقبة األربعينيات واخلمسينيات من القرن العرشين‬
‫امليالدي‪ ،‬وكان ُمنْ َط َلق احلامس أن تلك احلواسيب الرقمية يمكنها أن حتاكي دور الدماغ‬
‫البرشي الذي هو من وجهة نظر تلك الفلسفة املادية يف النهاية جمرد آلة حسابية منطقية‬
‫متطورة‪ ،‬ومع زيادة القدرات احلاسوبية الرقمية تدرجي ًّيا فإنا سوف تنافس الدماغ‬
‫البرشي وربام َت ُفو ُقه! كام أن اهلندسة امليكانيكية متقدم ٌة (وقتذاك) بام يمكِّنها من حماكاة‬
‫اجلسد بعد ربطها كهرب ًّيا والتحكم فيها بواسطة الدماغ (احلواسيب الرقمية)‪.‬‬
‫املعمق للمسألة استبانت الصعوبة‬ ‫بعد وقت ليس بالطويل من املحاولة والبحث َّ‬
‫«شبيه للبرش ‪ »humanoid‬حتى ولو بقدرات رضيع حديث الوالدة؛‬ ‫ٍ‬ ‫البالغة لصناعة‬
‫فاحلاسبات الرقمية كانت وقتها حتتل أجنح ًة كامل ًة من مباين كبرية‪ ،‬وتستهلك طاق ًة‬
‫كهربي ًة هائل ًة‪ ،‬ومع ذلك فإن قدراهتا احلسابية عند توظيفها لتنفيذ خوارزمات «البحث‬
‫الشجري ‪ )١( »tree search‬من أجل املفاضلة بني البدائل واتاذ القرار جتعل تشغيل‬
‫خــــارجي‬
‫ٍّ‬ ‫تلك اخلوارزمــات بطي ًئا جدًّ ا؛ وبالتايل فإن استجـــابة ذلك «الشبيه» ٍ‬
‫ملثري‬
‫ساعات من حصوله‪ .‬كام كان اجلمع بني متانة اجلسد واستدامته‬ ‫ٍ‬ ‫ما لن تتبدى إال بعد‬
‫ومرونته وسالسة حركته‪ ،‬واحلفاظ عىل اتزانه‪ ،‬وتوفري استقالله من حيث الطاقة‬
‫أمورا متعذر ًة متا ًما عىل الصعيد امليكانيكي‪ .‬وكذلك كانت‬ ‫ً‬ ‫وجتددها ‪ ...‬إلخ كلها‬
‫كثريا‬‫َلم ًسا أضعف ً‬ ‫وسائل اكتساب البيانات من البيئة املحيطة ضوئ ًيا أو صوت ًيا أو ت ُّ‬
‫من أن تشابه البص أو السمع أو اإلحساس عند البرش‪ ،‬ناهيك عن تفسريها وحتليلها‬
‫عول عليها‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫للخلوص إىل معلومة مفيدة‪ .‬وعالو ًة عىل ذلك كله فلم تكن هناك آليات ُي َّ‬
‫هري يميز البرش عن اآلالت‪.‬‬ ‫الكتساب اخلربات وللتع ُّلم التلقائي وهو ملمح َج ْو ٌّ‬
‫ثــم ماذا عن القدرات اللغوية لذلك «الشبيه البرشي» وهي وسيلة التواصل التي‬
‫ال بد منها كي تُقنع من سيستخدمه أو يتعامل معه أنه «برشي»؟ مل يكن لدى أحد وقتها‬
‫أية فكرة عن ميكنة اللغة تتجاوز عملية الرتميز(‪.)٢‬‬
‫ٍ‬
‫استجابات هتمنا‬ ‫نجمت عن إدراك هذه العقبات كلها يف ذلك الوقت الباكر عد ُة‬ ‫َ‬
‫أحدها يف سياق هذا الفصل؛ ذلك أن العلامء املهتمني أيقنوا أن معاجلة حتدي صناعة‬

‫‪ -١‬سوف نأيت يف القسم الفرعي التايل من هذا الفصل بيشء من التفصيل عىل رشح البحث الشجري‪.‬‬
‫‪ -٢‬وذلك استلهاما من إنجازات «نظرية االتصال املعلومايت ‪ »Information theory‬التي كانت قد تأسست عىل يدِ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫األمريكي «كلود شانون» ثم استوت عىل عودها وقتذاك قبل حوايل عقد من الزمان‪.‬‬

‫‪-٢7-‬‬
‫َ‬
‫«املعاجلة‬ ‫مجل ًة واحد ًة يكاد يقع يف مقام االستحاالت‪ ،‬ولذلك َ َ‬
‫جل ُؤوا إىل‬ ‫«شبيه البرش» ُ ْ‬
‫املجربة نجاعتُها مع أمثال تلك‬
‫َّ‬ ‫بالتجزئة ‪ »divide and conquer‬وهي االسرتاتيجي ُة‬
‫التحديات الكربى‪ .‬ومن وقتها استقر تقسيم العمل يف تطوير أشباه البرش اآلليني إىل‬
‫اجلناحني التاليني‪:‬‬
‫Ÿ «الذكاء االصطناعي ‪ »Artificial Intelligence‬ويشتهر كذلك باالختصار‬
‫«‪ »AI‬و ُي ْعنَى إمجاالً بمحاكاة وظائف «املـ ُِّخ» يف رأس هذا اآليل‪.‬‬
‫«الرو ُبوتِ َّيات ‪ »Robotics‬وتُعنَى إمجاالً بمحاكاة وظائف «باقي اجلسد» يف هذا‬ ‫ُ‬ ‫Ÿ‬
‫اآليل‪.‬‬
‫ويطبق اجلدول التايل هذا التقسيم عىل املسائل التي شكلت حتديات كربى أمام‬
‫صناعة «أشباه البرش» مما ذكرناه آن ًفا يف هذا القسم الفرعي‪:‬‬
‫مسائل الروبوتيات (يف باقي السد)‬ ‫مسائل الذكاء االصطناعي (يف الرأس)‬
‫اكتساب البيانات من البيئة املحيطة ضوئ ًّيا أو‬
‫َلم ًسا‬
‫اكتساب البيانات من البيئة املحيطة ت ُّ‬ ‫صوت ًّيا‬
‫لوص إىل معلوماتٍ‬
‫ِ‬ ‫املكتسبة ُ‬
‫للخ‬ ‫حتليل البيانات‬
‫املوازنة بني متانة اجلسد وخفة حركته ومرونته‬ ‫َ‬
‫مفيدة‬
‫صيانة اجلسد واستدامته‬ ‫املفاضلة بني البدائل واتاذ القرار‬
‫إدارة الذاكرة واالستدعاء املوضوعي‬
‫تطيط حركة األطراف وحتيينها حلظ ًة بلحظة‬
‫ملحفوظاهتا‬
‫سالسة حركة اجلسد واحلفاظ عىل اتزانه‬ ‫حتقيق الرتاكم املعريف‬
‫استقالل اجلسد اآليل يف اكتساب الطاقة‬
‫التع ُّلم التلقائي‬
‫وجتددها‬
‫الدفاع عن اجلسد يف مواجهة األخطار‬
‫ال وبِنا ًء‬
‫القدرات اللغوية حتلي ً‬
‫اخلارجية‬
‫مسائل وحتديات أخرى كثرية ‪...‬‬ ‫مسائل وحتديات أخرى كثرية ‪...‬‬
‫والرو ُبوتِ َّيات‬
‫الدول ‪ :1‬تصنيف َّأو ٌّيل ملسائل صناعة «شبيه البرش» بني َح ْق َ ْل الذكاء االصطناعي ُّ‬

‫وفيام نستأنف رحلتنا يف هذا الفصل مع الذكاء االصطناعي ُمض ِّي ِق َ‬


‫ني بؤر َة اهتاممنا‬
‫أكثر لرتكز عىل معاجلة الذكاء االصطناعي لِ ُّلغات الطبيعية وخصوص ًا العربية‪ ،‬فمن‬

‫‪-٢8-‬‬
‫املفيد ونحن نودع «الروبوتيات» أن ُن ْل ِم َح إىل أنا قد حققت اآلن بعض النجاحات‬
‫املتقدمة من حيث املواد التي ت ُْصنَع منها وحتقيق املتانة وخفة الوزن م ًعا‪ ،‬وكذلك من‬
‫صا بالشكل‬ ‫حيث تطيط وتنفيذ احلركة؛ فلم تعد «الروبوتات» يف زمننا هذا متقيد ًة َح ْ ً‬
‫البرشي للجسد؛ فهناك اآلن الكثري والكثري منها تركِّز عىل حتقيق كفاءة الوظائف احلركية‬
‫حتى ولو استلهمت ميكانيك َّي َة وهيئ َة كائنات أخرى كاحلرشات مثالً‪ ،‬أو كأجزاء فقط‬
‫من اجلسد كالذراع مثالً‪ ،‬أو حتى ككائنات جمهرية دقيقة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حتديات كبري ًة أمام البحث‬ ‫كثريا من املسائل يف «الروبوت َّيات» ما زالت متثل‬
‫ورغم أن ً‬
‫العلمي والتطوير اهلندس‪ ،‬إال أن «الروبوتات» قد استقرت اآلن كمكون فائق التطور‬
‫وصناعات أساسية مثل صناعة السيارات والطائرات واإللكرتونيات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أنشطة‬ ‫يف بنية‬
‫والطب واستكشاف الفضاء اخلارجي والتعدين ونزع األلغام‪ ،‬وبجدوى اقتصادية‬
‫وقبل مواصلة رحلتنا مع «الذكاء االصطناعي» ال بد لنا من تقديم‬ ‫مرتفعة للغاية‪َ .‬‬
‫تعريف هلذا املصط َلح الذي ُس َّك للمرة األوىل عام ‪١٩٥6‬م واستقر من وقتها يف خمت َلف‬ ‫ٍ‬
‫األدبيات العلمية واإلعالمية واألدبية‪ ،‬وفيام ييل حماولة لصياغة مثل هذا التعريف‪:‬‬
‫Ÿ الذكاء االصطناعي هو العلم الذي يشتغل بابتكار وتطوير ُخ ِ‬
‫وار ْزمات مفيدة‬
‫ٍ‬
‫إدراك للبيئة املحيطة‪،‬‬ ‫تسهم يف املحاكاة اآللية ل ُقدُ رات الدماغ البرشي؛ من‬
‫حللول للمسائل املستجدة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وإجياد‬ ‫ٍ‬
‫وتطيط‪،‬‬ ‫واالستجابة املناسبة ملثرياهتا‪ ،‬وتع ُّل ٍم‪،‬‬
‫وإدارة للرتاكم املعريف‪ ... ،‬إلخ (و ُي ْط ِل ُق البعض عىل هذه‬ ‫ٍ‬ ‫والتواصل اللغوي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسائل‬ ‫وخير ُج من هذا التعريف‬ ‫«الـم َلكات العليا» لإلنسان) ُ‬ ‫ال ُقدُ رات وأمثاهلا َ‬
‫رب َهن ٌة رياض ًّيا‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫حلول مفيد ٌة ُم َ ْ‬ ‫ريايض ُحمْك ٌَم واملعلو ُم هلا‬
‫ٌّ‬ ‫تعريف‬
‫ٌ‬ ‫املعلو ُم هلا‬
‫Ÿ من أجل أن يكون ألي حل‪/‬خوارزم وجود مفيد يف علوم احلاسب‪ ،‬ال بد أال‬
‫تتخطى درجة «صعوبته ‪ »complexity‬عىل مقياس «نظرية تعيني الصعوبة‬
‫‪ »Complexity theory‬عتب ًة معين ًة؛ وإال فلن يكون مفيدً ا حيث ال يمكن‬
‫تنفيذه عىل احلواسيب الرقمية‪ .‬فعىل سبيل املثال؛ لو تزايدت العمليات‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫عندئذ‬
‫ٍ‬
‫خدمة ما لعدد من‬ ‫احلسابية و‪/‬أو الذاكرة املطلوبة لتنفيذ خوارز ٍم ما (لتقديم‬
‫ٍ‬
‫س مع زيادة حجم املسألة (عدد املشرتكني) فإن‬ ‫املشرتكني فيها مثال) بنمط ُأ ِّ ٍّ‬
‫ال مع نمو عدد‬ ‫أمرا مستحي ً‬ ‫َ‬
‫تنفيذه حاسوب ًّيا ً‬ ‫درجة صعوبته األُ ِّس َّي َة تلك جتعل‬
‫املشرتكني وبالتايل تنعدم إفادته‪.‬‬

‫‪-٢٩-‬‬
‫متحرك يف الزمن؛ حيث يمكن‬‫ٌ‬ ‫تعريف‬
‫ٌ‬ ‫ومن املهم للغاية مالحظة أن هذا التعريف‬
‫ٍ‬
‫وف ًقا له أن تقع مسألة ما ضمن اهتامم الذكاء االصطناعي يف وقت ما ثم ترج منه الح ًقا‬
‫مربه ٌن رياض ًّيا‪ .‬ومن األمثلة عىل ذلك‬
‫َ‬ ‫ريايض حمك ٌَم ٌّ‬
‫وحل مفيدٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تعريف‬
‫ٌ‬ ‫ف هلا‬ ‫إذا اكت ُِش َ‬
‫«لغات عالية املستوى ‪ »High-Level Languages‬لربجمة احلواسيب الرقمية‬ ‫ٍ‬ ‫تصميم‬
‫(‪)١‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫«مرتمجات ‪ »compilers‬آلية هلا‪.‬‬‫ِ‬ ‫وبناء‬
‫ني موضع «الذكاء االصطناعي»‬ ‫ومن املهم كذلك يف ختام هذا القسم الفرعي أن ُن َع ِّ َ‬
‫عىل خارطة العلوم بالتعرف عىل سلسلة ن ََسبِ ِه فيها ‪ -‬انظر (الشكل ‪ )١‬أدناه ‪ -‬فالذكاء‬
‫فرع متقدِّ ٌم من «الرياضيات التطبيقية»‬ ‫االصطناعي ينتمي حلقل «علوم احلاسب» وهو ٌ‬
‫ب ال يمنع الذكاء‬ ‫وهي بدورها جزء من «الرياضيات»‪ .‬وبطبيعة احلال فإن هذا الن ََّس َ‬
‫االصطناعي من استلهام بعض األفكار أو املبادئ من علوم أخرى مثل «الفيزياء»‪ ،‬أو‬
‫«علم النفس اإلدراكي ‪ »cognitive pscychology‬أو «العلوم الرتبوية»‪.‬‬

‫ب «الذكاء االصطناعي» بني العلوم‬


‫الشكل ‪ :1‬ن ََس ُ‬

‫‪ -١‬وبسبب ارتباطها الوثيق بتطور «نمذجة ال ُّلغات الطبيعية ‪ »Natural Language Modeling‬فسوف نتوقف مع هذه‬
‫ٍ‬
‫بمزيد من التفصيل يف القسمني الثاين والثالث من هذا الفصل‪.‬‬ ‫املسألة املرضوب هبا املثال هنا‬

‫‪-3٠-‬‬
‫ٌ‬
‫وتفاؤل عريض‬ ‫نجاحات مبكِّر ٌة‬
‫ٌ‬ ‫‪.1.6‬‬
‫كام أملحنا يف ناية القسم الفرعي ‪ ١,3‬من هذا الفصل فقد تزعم عامل الرياضيات‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ربت» يف القسم الثاين من عرشين َّيات القرن العرشين وبدايات‬ ‫األملاين النافذ «ديفيدْ هي ْل ِ ْ‬
‫ثالثين َّياته الدعوة إىل اإلجابة عىل التساؤل املركزي «هل يمكن تأسيس منظومة‬
‫الـمحكَم من أجل‬ ‫الرياضيات بجميع فروعها وبأكملها عىل أساس من املنطق الريايض ُ‬
‫وخلوها من التناقض؟»‪ ،‬وجاءت اإلجابة ما بني منتصف الثالثينيات إىل‬ ‫ِ‬
‫اكتامهلا‬ ‫ضامن‬
‫ِّ‬
‫تلخيصها يف ُج ْزأين‪:‬‬
‫ُ‬ ‫منتصف األربعينيات مفاجئ ًة ويمكن‬
‫ٍ‬
‫رياضيات‬ ‫ِ‬
‫منظومة‬ ‫يدل» رياضيا عىل استحالة مجع ِ‬
‫أية‬ ‫«كريت ِغ ِ‬ ‫أ‪ .‬برهن ِ‬
‫ًّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ني أن هناك حدو ًدا ال‬
‫خلاصـ َّيت َْي «االكتامل» و «عدم التناقض» م ًعا‪ ،‬وبذلك َب َّ َ‬ ‫ِّ‬
‫يمكن للمنطق الريايض أن خيرتقها‪.‬‬
‫ب‪ .‬يف إطار هذه احلدود يمكن ‪ -‬من حيث املبدأ ‪َ -‬م ْيكَن ُة أي ن ََس ٍق من املنطق‬
‫ورنْغ» بنموذجه احلاسويب‬ ‫الريايض‪ ،‬وقد جاء ذلك نتيج ًة لعمل «آالن تِ ُي ِ‬
‫النظري « آلة تيورنغ ‪ »Turing Machine‬و عمل «آ ُلون ُْزو تشريش» بنموذجه‬
‫الرباجمي النظري «حساب ال ْمدَ ا ‪.»Lambda Calculus‬‬
‫ال حلامس ٍ‬
‫كبري بعد‬ ‫«هي ْل ِربت» وقو ًدا ُم ْش ِع ً‬
‫وكان اجلزء الثاين من اإلجابة عىل سؤال ِ‬
‫انتهاء احلرب العاملية الثانية؛ ففي النصف الثاين من أربعينيات القرن العرشين والنصف‬
‫األول من مخسينياته بدأ عدد متزايد من علامء الرياضيات‪ ،‬واهلندسة الكهربية‪،‬‬
‫وامليكانيكية‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬والعلوم السياسية يف نقاشات مكثفة حول‬
‫إمكانية صناعة دماغ آلية‪ .‬وكان من أمثلة فعاليات هذا النشاط ونتائجه ما ييل‪:‬‬
‫ْتشفات ترشيح املنظومة العصبية يف احليوانات ويف‬ ‫Ÿ بعد أن أظهرت أحدث ُمك َ‬
‫البرش ‪ -‬يف ذلك الوقت ‪ -‬أن املخ يتكون من شبكة كثيفة الرتابط من اخلاليا‬
‫«مارفِني ِمينِ ْس ِكي» أحد‬
‫العصبية‪ ،‬دفعت هذه املكتشفات بعض الباحثني ‪ -‬مثل ْ‬
‫عصبية اصطناعيةٍ‬
‫ٍ‬ ‫اآلباء املؤسسني للذكاء االصطناعي ‪ -‬إىل حماولة بناء شبكةٍ‬
‫كهربائية عسى أن تظهر بعض قدرات املخ الطبيعي‪ ،‬واستطاعت هذه الشبكة‬ ‫ٍ‬
‫إظهار بعض التصفات التي تكافئ‬ ‫َ‬ ‫طول يف تطويرها‬ ‫العصبية بعد عمل ُم َّ‬
‫العمليات املنطقية الثنائية البسيطة‪.‬‬

‫‪-3١-‬‬
‫«هريبِرت سا ْيمون»‬ ‫كل من «آلِ ْ ِ ِ‬
‫ني ن ُيو ْيل» و ْ‬ ‫Ÿ عىل صعيد «املنطق الرمزي» ابتكر ٌّ‬
‫(‪)١‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الـمنْطق ّي ‪»Logic Theorist‬‬ ‫«الـمنَ ِّظر َ‬
‫ُ‬ ‫يف عام ‪١٩٥٥‬م برناجمًا حاسوب ًّيا َس َّمياه‬
‫والذي استطاع يف النهاية الوصول آل ًّيا بد ًءا باملس َّلامت األولية إىل برهان ‪38‬‬
‫رب َهن ًة ‪َ »theorems‬و َر َد ْت يف عمل «برتراند راسل» و «َآلفريد‬ ‫من أصل ‪ُ « ٥٢‬م َ ْ‬
‫نورث وايت هيد» ‪ -‬الذي أرشنا إليه يف القسم الفرعي ‪ ١,3‬من هذا الفصل ‪-‬‬
‫يصح بأن صناع هذا الربنامج قد‬ ‫وهو النجاح الذي جعل «هريبرت سايمون» ِّ‬
‫لعقل مفك ٍِّر!‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫القدَ م عن كيفية اكتساب آلة ما ِّدية‬ ‫توصلوا حلل اللغز القائم منذ ِ‬

‫سرتايت ِْيش» يف جامعة «مانشيسرت» بربيطانيا‬ ‫ِ‬ ‫Ÿ يف عام ‪١٩٥١‬م أنجز «كريستو َفر‬
‫«الضا َمة‪/‬الدَّ ا َما ‪ ،»Checkers‬ويف‬ ‫برناجمًا حاسوب ًّيا يستطيع أن يامرس لعبة َّ‬
‫يش ِبرينْز» ‪ -‬الذي كان وقتها يتعاون مع جامعة‬ ‫يرت ْ‬ ‫السنة نفسها أنجز ِ‬
‫«د ْ ِ‬
‫أيضا ‪ -‬برناجمًا يستطيع أن يامرس لعبة الشطرنج‪ .‬وبالوصول إىل‬ ‫«مانشيسرت» ً‬
‫(‪)٢‬‬
‫منتصف اخلمسينيات من القرن العرشين كان األمريكي «آرثر ِيل صا ْمويل»‬
‫(‪)3‬‬
‫معترب ٍة يف َّ‬
‫«الضا َمة»‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قد أنجز برناجمًا يستطيع أن يتحدى الع ًبا هاو ًيا ذا مهارة َ‬
‫اختبارا لآلالت احلاسوبية ِاملفكِّرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ورنْغ»(‪ )٤‬يف عام ‪١٩٥١‬م‬ ‫Ÿ اقرتح «آالن تِ ُي ِ‬
‫تيورنغ ‪»Turing test‬؛ حيث تضع أية آلة‬ ‫و ُي ْع َرف هذا االختبار باسم «اختبار ِ‬
‫املختربين (وهم أشخاص‬ ‫ِ‬ ‫تفكريا ذات ًّيا إىل عدد من‬ ‫ً‬ ‫يزعم صانعوها أنا متتلك‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عشوائي‬
‫ٍّ‬ ‫بتناوب‬ ‫َيص عن ُب ْعد مع هذه اآللة‬ ‫عاد ُّيون) يدخل ك ٌُّل منهم يف حوار ن ِّ ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫املخترب َّ‬‫ِ‬ ‫مع ِ‬
‫حماو ٍر‬
‫يقرر ما إذا كان‬ ‫كل فرتة أثنا َء احلوار أن ِّ‬ ‫ب من‬ ‫برشي و ُي ْط َل ُ‬‫ٍّ‬

‫‪ -١‬وهو احلاصل عىل جائزة نوبل يف االقتصاد عام ‪١٩78‬م‪.‬‬


‫التلقائي» أو «التع ُّلم احلاسو ّ‬
‫يب»‬ ‫ّ‬ ‫‪ -٢‬وهو من َس َّك مصطلح «‪ »machine learning‬وهو ما يمكن ترمجته إىل «التع ُّلم‬
‫هام فيام ييل من هذا الفصل‪.‬‬ ‫دورا ُم ًّ‬
‫وقد اخرتنا يف هذا الفصل من الكتاب الرتمجة الثانية‪ ،‬وسوف يلعب هذا املصطلح ً‬
‫‪ -3‬ومن وقتها صارت القدرات التنافسية للربامج التي متارس ألعاب الذكاء (مثل الشطرنج) أمام منافسيها من البرش‬
‫مقياسا ملا وصل إليه مستوى التطور يف جمال الذكاء االصطناعي؛ فقد كان ‪ -‬عىل سبيل املثال ‪ -‬تغ ُّلب احلاسوب‬
‫ً‬
‫وس الذي انفرد ببطولة العامل يف‬
‫الر ِّ‬
‫«‪ »Deep Blue‬الذي طورته رشكة «آي يب إم» يف شهر مايو من عام ‪١٩٩7‬م عىل ُّ‬
‫الشطرنج عرشة أعوام متتالية «غاري كاسباروف» بـ «ثالث جوالت ونصف مقابل جولتني ونصف» عالم ًة مهمة‬
‫عىل تطور حقل الذكاء االصطناعي كله‪.‬‬
‫‪ -٤‬وهو أحد اآلباء املؤسسني لك ٍُّل من «علوم احلاسب» و «الذكاء االصطناعي»‪ ،‬والذي ورد ذكره آن ًفا أكثر من مرة يف‬
‫هذا الفصل‪.‬‬

‫‪-3٢-‬‬
‫ِ‬
‫املختربين‬ ‫حماوره اآلن برش ًّيا أم آل ًّيا‪ ،‬وبنا ًء عىل التحليل اإلحصائي إلجابات‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ُت ْع َطى ك ُُّل آلة درج ًة لتقييم ذكائها‪ .‬ورغم االنتقادات الالحقة التي ُو ِّج َه ْت إليه‪،‬‬
‫أول َط ْرح جاد يف «فلسفة الذكاء االصطناعي»‪.‬‬ ‫«اختبار تيورنج» َ‬
‫ُ‬ ‫فال يزال ُي َعدُّ‬
‫مع تزا ُي ِد هذا النشاط البحثي وتراكم إنجازاته كان من املهم أن تتداعى الشخص َّيات‬
‫طوالً‬ ‫العلمية البارزة َو ْقتَها يف هذا اخلضم إىل تدارس هذا احلقل اجلديد الواعد ُ‬
‫تدار ًسا ُم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمثابة امليالد‬ ‫«دارمتُوث»(‪ )١‬يف صيف ‪١٩٥6‬م الذي ُي َعدُّ‬‫معم ًقا‪ ،‬فكان َأ ْن ُعقدَ مؤمتَر ْ‬ ‫َّ‬
‫الـم ْص َط َلح‪.‬‬
‫األكاديمي للذكاء االصطناعي حيث ُس َّك ُ‬
‫بمن ٍَح‬‫ويف احلقبة التي تلت هذا املؤمتر ارتفعت موجة البحث والتطوير مدعوم ًة ِ‬
‫(دار َبا) ‪ »DARPA‬يف الواليات‬ ‫ٍ‬
‫مالية من «وكالة مرشوعات األبحاث الدفاعية املتقدمة ْ‬
‫املتحدة األمريكية لعدد من كربى اجلامعات األمريكية؛ مثل «معهد ماساتشوسيتس‬
‫يغي ِمي ُلون» مما‬ ‫للتقنية (إم آي يت) ‪ »MIT‬وكذلك «جامعة ستانْفورد» و «جامعة كارنِ ِ‬
‫ْ‬
‫مكنها من إنشاء برامج أو أقسام أو حتى معاهد مكرسة لتخصص «الذكاء االصطناعي»‪،‬‬

‫دارمتُوث» يف مدينة «هانو َفر» بوالية «نيوها ْم ِشري»‬


‫‪ -١‬هو ورشة عمل طويلة استمرت ملدة شهر ونصف يف جامعة « ُك ِّل َّية ْ‬
‫بالواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وفيه اجتمع أحد عرش من علامء الرياضيات وعلوم احلاسب للقيام بالنقاش والعصف‬
‫ُور َده فيام ييل لفائدة موضوع‬ ‫رتح األصيل لورشة العمل وثيق ًة تارخيي ًة يستحق أن ن ِ‬ ‫َص املق َ‬
‫املطول‪ .‬وقد صار ن ُّ‬
‫الذهني َّ‬
‫ِ‬
‫هذا الفصل وقارئه‪:‬‬
‫‪”We propose that a 2-month, 10-man study of artificial intelligence be carried out during the‬‬
‫‪summer of 1956 at Dartmouth College in Hanover, New Hampshire. The study is to proceed‬‬
‫‪on the basis of the conjecture that every aspect of learning or any other feature of intelligence‬‬
‫‪can in principle be so precisely described that a machine can be made to simulate it. An‬‬
‫‪attempt will be made to find how to make machines use language, form abstractions and‬‬
‫‪concepts, solve kinds of problems now reserved for humans, and improve themselves. We‬‬
‫‪think that a significant advance can be made in one or more of these problems if a carefully‬‬
‫‪selected group of scientists work on it together for a summerˮ.‬‬

‫وترمج ُت ُه للعربية هي‪:‬‬


‫ٍ‬
‫«نقرتح العكوف عىل دراسة للذكاء االصطناعي متتد لشهرين بعرشة مشاركني ُت ْع َقدُ يف صيف ‪١٩٥6‬م يف كلية ْ‬
‫دارمتُوث‬
‫ِ‬
‫أساس االفرتاض القائل بأن أي َم ْل َم ٍح من مالمح عملية‬ ‫يف مدينة هانو َفر بوالية نِ ُيوها ْم ِشري‪ .‬وسوف تسري الدراسة عىل‬
‫ٍ‬
‫التع ُّلم أو أي َم ْل َم ٍح آخر للذكاء يمكن من حيث املبدأ َو ْص ُف ُه بدقة تكفي جلعل احلاسوب ً‬
‫قادرا عىل حماكاته‪ .‬كام سنقوم‬
‫املجردة‪ ،‬وحل املسائل التي ال‬ ‫ٍ‬
‫بمحاولة الستكشاف كيفية جعل احلواسيب قادر ًة عىل استعامل اللغة‪ ،‬وتكوين املفاهيم َّ‬
‫ٍ‬
‫واحدة أو‬ ‫يقدر عىل معاجلتها اآلن إال البرش‪ ،‬وتطوير احلواسيب لذواهتا بذواهتا‪ .‬ونظن أنه يمكن إنجاز تقدم معت ََرب يف‬
‫أكثر من هذه املسائل إذا عكفت جمموعة من العلامء املنت َق ْني بعناية عىل العمل عليها م ًعا طِيل َة الصيف»‬

‫‪-33-‬‬
‫«خمترب الذكاء االصطناعي» بجامعة « َأ ِدن ِْربه» يف «اسكتلندا» يف ذلك الوقت‬
‫َ‬ ‫كام ُي ْذكَر‬
‫(‪)١‬‬
‫كمثال عىل مراكز الذكاء االصطناعي اهلامة خارج الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫مؤرخي العلوم اسم «السنوات الذهبية» للذكاء‬ ‫ولذلك يطلق العديد من ِّ‬
‫االصطناعي عىل تلك احلقبة املمتدة من عام ‪١٩٥6‬م إىل عام ‪١٩7٤‬م‪ ،‬وفيام ييل سوف‬
‫(‪)٢‬‬
‫نحاول وضع القارئ يف بعض أجواء ما ساد يف تلك الفرتة احلافلة من أساليب معاجلة‬
‫املسائل املطروحة وبعض اإلنجازات التي حتققت أثناء تلك «السنوات الذهبية»‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ري‪ :‬حيث يعتمد هذا األسلوب‬ ‫ومعاجلة املسائل كعملية َب ْحث َش َج ٍّ‬ ‫Ÿ صياغة‬
‫عىل ُر ْكن َْني أوهلام هو صياغة املسألة حمل الدراسة عىل هيئة «حاالت ‪»states‬‬
‫بآلية لتوليد احلاالت التي يمكن‬ ‫ٍ‬
‫ابتدائية ‪ »initial state‬مصحوب ًة ٍ‬ ‫ٍ‬
‫«حالة‬ ‫بد ًءا بـ‬
‫أن تقود إليها كل حالة ومع تعريف احلاالت التي ُت َعدُّ َح ًّال مقبوالً للمسألة‪.‬‬
‫أما الركن الثاين فهو إجرا ُء عملية «البحث الشجري ‪ »tree search‬التي ُت ْف َتت َُح‬
‫حال مقبوالً يتم توليد احلاالت التي‬ ‫باحلالة االبتدائية للمسألة والتي إن مل متثل ًّ‬
‫دة من حيث‬ ‫حالة مو َّل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫اختبار كل‬ ‫تقود إليها احلالة االبتدائية‪ ،‬ومن ثم جيري‬
‫ُ‬
‫حال مقبوالً أم ال‪ ،‬ثم يتواىل هذا التوليد واالختبار للحاالت َج ْول ًة ورا َء‬ ‫كونا ًّ‬
‫ف‬ ‫عدد معر ٍ‬ ‫حتصيل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أخرى حتى يتم احلصول عىل أحد احللول املقبولة (أو حتى‬
‫َّ‬
‫معرف ابتدا ًء من‬ ‫ٍ‬ ‫ابتداء من تلك احللول) أو حتى يتم توليد ٍ‬
‫تراكمي أقىص َّ‬
‫ٍّ‬ ‫عدد‬ ‫ً‬
‫احلاالت وحينَها يتم اإلعالن عن عدم التوصل إىل حل للمسألة ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫ويصور (الشكل ‪ )٢‬املجاور مثاالً لشجرة احلاالت الناجتة عن عملية البحث‬


‫ٍ‬
‫صغرية‪ ،‬وت ُْر َس ُم احلالة االبتدائية‬ ‫حالة عىل هيئة ٍ‬
‫كرة ٍ‬ ‫الشجري؛ حيث مت َّثل ك ُُّل ٍ‬
‫ومت َ َّث ُل العالقة بني كل حالة واحلاالت‬ ‫(جذر الشجرة) عاد ًة يف أعىل الشجرة‪ُ ،‬‬
‫التي يمكن أن تتولد منها بأسهم يف اجتاه هذا التو ُّلد‪ ،‬وت َُس َّمى احلاالت التي ال‬
‫ٍ‬
‫«حاالت َط ْرف َّية ‪.»terminal states‬‬ ‫ترج منها أية أسهم‬

‫‪ -١‬بالتوازي مع ذلك كان اليابانيون يف تلك احلقبة وهم يعيدون بناء االقتصاد والصناعة يف بالدهم بعد دمار احلرب‬
‫العاملية الثانية يركزون جهو َدهم عىل تطوير الروبوتات الصناعية‪.‬‬
‫وخصوصا‬
‫ً‬ ‫‪ -٢‬والتي ال ُبدَّ للقارئ أن ُي ِل َّم هبا من أجل استيعاب املواضيع التي تستعرضها األقسام التالية من هذا الفصل ‪-‬‬
‫وتبسيط غري ُ ِخم ٍّل للقارئ غري املتخصص‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بوضوح‬ ‫قسم ُه الثاين ‪ -‬وقد اجتهدنا قدر اإلمكان من أجل عرضها‬ ‫ُ‬
‫حل للمسألة عند عدم تو ُّلد أية حاالت جديدة‪.‬‬‫أيضا اإلعالن عن عدم التوصل إىل ٍ‬ ‫‪ -3‬يتم ً‬

‫‪-3٤-‬‬
‫الشكل ‪ :2‬مثال عىل «شجرة البحث ‪.»Search tree‬‬
‫وارزمات البحث‬ ‫وقد تفنن باحثو الذكاء االصطناعي وتوسعوا يف ابتكار ُخ ِ‬
‫الشجري هبدف التوصل إىل حل‪/‬حلول مقبولة (إن ُو ِجدَ ت) للمسألة بأرسع‬
‫ِ‬
‫بتوجيهه أوالً‬ ‫رب االقتصاد يف توليد حاالت املسألة َقدْ َر اإلمكان‬ ‫ما يمكن َع ْ َ‬
‫اقرتاب من احلل(‪)١‬؛ فتجاوزوا‬ ‫ٍ‬ ‫حتقيق أقىص‬
‫ُ‬ ‫ناحية املسارات التي ُيت ََو َّس ُم فيها‬
‫ِ‬
‫أساليب البحث العمياء مثل «البحث الشامل ‪ »exhaustive search‬وابتُك َرت‬
‫كار ُلو ‪ »Monte Carlo‬وكذلك «‪.»A* search‬‬ ‫بارع ٌة؛ مثل « ُمونْت ْ‬ ‫زمات ِ‬ ‫ُخ ِ‬
‫وار ٌ‬
‫ٍ‬
‫خاصة‬ ‫اختيار‪َ /‬ن ْق ٍ‬
‫لة‬ ‫ٍ‬ ‫وارزمات بحث شجري الختيار أفضل‬ ‫كذلك ابت ُِك َرت ُخ ِ‬
‫آخر ‪ -‬سواء كان برش ًّيا أو‬ ‫باأللعاب التي يتنافس فيها احلاسوب مع خصم َ‬ ‫ٍ‬
‫آخر ‪ -‬بالتناوب (مثل الشطرنج) ومن أبرزها خوارزم «أ ْلفا‪-‬‬ ‫برناجمًا جاسوب ًّيا َ‬
‫بِيتَا ‪ .»Alpha-Beta‬والواقع أنه مع بدء سبعينيات القرن العرشين امليالدي صار‬

‫ف إمجاالً بـ «‪ »heuristic search‬يف مقابِل البحث غري َّ‬


‫املوجه (األعمى) الذي ُي ْع َرف بـ «‪.»blind search‬‬ ‫‪ -١‬وهو ما ُي ْع َر ُ‬

‫‪-3٥-‬‬
‫البحث الشجري وخوارزماته ُر ْكنًا أساس ًّيا ً‬
‫كبريا من مباحث الذكاء االصطناعي‬
‫مؤس ًسا عىل صياغة رياضية ُحمْكَمة‪.‬‬
‫َّ‬
‫وباالعتامد عىل ُخ َو ِار ْزمات البحث الشجري هذه ُط ِّو َر ْت العديدُ من الربجميات‬
‫يواجه ‪ -‬ولو ٍ‬ ‫ذات القدرات الـمب ِه ِ‬
‫بأداء َّأو ٍّيل‬ ‫بعضها أن ِ َ‬ ‫رة «آن َ‬
‫َذاك»؛ فاستطاع ُ‬ ‫ُْ‬
‫خصام يف األلعاب التناوبية‪ ،‬كام متكنت أخرى من َح ِّل بعض املسائل يف اجلرب‬ ‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫واهلندسة اإلقليدية(‪ ،)١‬وأخرى تستطيع إجرا َء «التكا ُمالت بالرموز ‪symbolic‬‬
‫‪ ،)٢(»integrals‬وأخرى لتخطيط حركة الروبوتات(‪.)3‬‬
‫Ÿ ميكنة املنطق الريايض والتوسع يف حوسبته‪ :‬بينام شهدت العقو ُد األخري ُة من‬
‫تنظري املنطق‬
‫َ‬ ‫القرن التاسع عرش والعقود األوىل من القرن العرشين امليالدي‬
‫تنظريا رياض ًّيا عمي ًقا فاس ُتك ِْش َفت حدو ُده وصار من الفروع النظامية األساسية‬
‫ً‬
‫للرياضيات ‪ -‬كام أرشنا يف القسم ‪ ١,3‬آن ًفا ‪ -‬فإن «السنوات الذهبية» قد‬
‫بتوس ٍع ليصري أحد األدوات الرئيسية‬ ‫ُّ‬
‫(‪)٤‬‬
‫شهدت حوسبة هذا املنطق الريايض‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫التي يرتكز عليها حقل «الذكاء االصطناعي» ويوظفها بكثافة يف تطبيقاته التي‬
‫َد َّع َمت الثقة يف القدرات الواعدة هلذا احلقل الناشئ؛ حيث ظهرت برجميات‬
‫الوصول إىل إثبات بعض‬‫ِ‬ ‫متكنت ابتدا ًء من «املس َّلامت األوىل ‪ »axioms‬من‬
‫ِ‬
‫وح ِّل بعض مسائلهام‬ ‫رب َهنات ‪ ”theorems‬اهلندسة اإلقليدية واجلَ ْرب َّ‬
‫األو ِّيل َ‬ ‫« ُم َ ْ‬

‫‪ -١‬ومن أمثلتها «‪ »Geometry Theorem Prover‬من تطوير «هريبِ ْرت ِغ ِيل ْرين َْر» أستاذ «علوم احلاسب» بجامعة‬
‫«ستوين بروك» يف «نيويورك» بالواليات املتحدة األمريكية عام ‪١٩٥8‬م‪.‬‬
‫‪ -٢‬ويعرف أحد أمثلتها الباكرة باسم «(‪.»Symbolic Automatic INTegrator (SAINT‬‬
‫‪ -3‬ومن تلك الربجميات «(‪ »Stanford Research Institute Problem Solver (STRIPS‬الذي جرى تطويره يف‬
‫ٍ‬
‫كاداة للتحكم يف سلوك‬ ‫جامعة «ستانفورد» الشهرية يف الواليات املتحدة األمريكية عام ‪١٩6١‬م والذي جرى توظيفه‬
‫«شاكي ‪ »Shakey‬الذي كانت قد طورته اجلامعة وقتذاك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الروبوت‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪ -٤‬املنطق الريايض املقصود هنا ال يشمل فقط «املنطق األَ ِر ْسط ّي» الذي من أمثلته‪ :‬املقدِّ متان <<كل إنسان فان>> و‬
‫أيضا باسم «املنطق اللفظي‪/‬الكالمي‬ ‫فان>>‪ ،‬فهذا املنطق املعروف ً‬ ‫إنسان>> ف َت ْتبع ذلك النتيجة <<سامل ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫<<سامل‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫الصفرية ‪ »zeroth order‬وهو ذو‬ ‫‪ُ »propositional logic‬ي َعدُّ يف منظومة املنطق الريايض اآلن بمثابة «الدرجة ِّ‬
‫أيضا باسم‬ ‫قدرة حمدودة يف التعريف واالستنتاج‪ .‬أما ااملنطق الريايض من «الدرجة األوىل ‪ »first order‬واملعروف ً‬
‫كثريا يف قدرته عىل التعريف واالستنتاج والتعميم بسبب اشتامله عىل َّ‬
‫دوال‬ ‫«‪ »Predicate Calculus‬فهو أقوى ً‬
‫ٍ‬
‫(ثانية فام‬ ‫ٍ‬
‫درجات أعىل‬ ‫ومتغريات وهو األكثر شيوعًا يف الربجمة املنطقية الرياضية اآلن‪ ،‬كام أن هناك املنطق الريايض من‬‫ٍ‬
‫ات َد َوا ِّله َد َو ًّاال يف حد ذاهتا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فوق) الذي يسمح بأن تكون بارام ْرت ُ‬

‫‪-36-‬‬
‫كذلك بالتزاوج مع خوارزمات البحث الشجري كام أرشنا يف الفقرة السابقة‪،‬‬
‫وت ُِّو َج ذلك مع نايات تلك احلقبة ‪ -‬وحتديدً ا عام ‪١٩7٢‬م ‪ -‬بميالد لغة برجمة‬
‫«الرب َجمة عرب املنطق‬
‫اختصارا لعبارة َ ْ‬
‫ً‬ ‫احلواسيب املعروفة باسم «‪- »Prolog‬‬
‫‪ - »Logic Programming‬التي ُت َي ِّرس ملطوري الربجميات استدعاء وتوظيف‬
‫ٍ‬
‫بسالسة‪.‬‬ ‫أدوات املنطق الريايض يف برجمياهتم‬
‫Ÿ املحاوالت األوىل ملعاجلة اللغات الطبيعية‪ :‬فيام كان طبيع ًّيا أثناء تلك السنوات‬
‫ِ‬
‫وتوليد «اللغات الطبيعية‬ ‫ِ‬
‫حتليل‬ ‫الذهبية للذكاء االصطناعي أن تكون ميكن ُة‬
‫‪ »natural languages‬يف بؤرة اهتامم الباحثني‪ ،‬فقد كان الفتًا وقتها ذلك النضج‬
‫الشكْلية لِ ُّل ِ‬
‫غة الطبيعية والولوج‬ ‫جتاوز املستويات السطحية َّ َّ‬‫املبكر املتمثل يف ُ‬
‫مبارش ًة إىل تناول مستوياهتا العميقة وحتديدً ا املستوى «الدِّ اليل ‪»semantic‬‬
‫و«األُنْطولوجي ‪.»ontological‬‬
‫ف َل َّام كانت «نظرية االتصال املعلومايت ‪ »information theory‬التي تأسست‬
‫بع ْقدَ ين وحققت نجاحات هائلة يف هندسة‬ ‫واستقرت قبل تلك احلقبة ِ‬
‫مستوى متقد ٍم‬
‫ً‬ ‫االتصاالت وعلوم احلاسب قد عاجلت مسائل الرتميز عىل‬
‫آليات رياضي ًة رفيع ًة‪ ،‬فإن الباحثني نظروا إىل‬ ‫ٍ‬ ‫وطورت يف ذلك السياق‬
‫يب ‪،»orthography‬‬ ‫ِ‬
‫املستويات الشكلية من اللغة الطبيعية (مثل «الن ََّسق الكِّتا ّ‬
‫الص ّيف ‪ )»morphology‬عىل أنا مسائل ترميزية تسهل معاجلتها‬ ‫و «الن ََّسق َّ ْ‬
‫آليات نظرية االتصال املعلومايت‪ .‬وبالتوازي مع ذلك كان العمل يف‬ ‫ِ‬ ‫بنفس‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وساق يف تطوير ُل َغات َب ْر َجمة للحواسيب‬ ‫ٍ‬ ‫ستينيات ذلك القرن جار ًّيا عىل قد ٍم‬
‫كبري ُل َغ َة توصيف اخلوارزمات الرياضية لتيسري عملية‬ ‫الرقمية تشابه إىل َحدٍّ ٍ‬
‫تطوير الربجميات وإبعادها عن تفصيالت «العتاد ‪ »hardware‬اإللكرتوين الذي‬
‫احلسابية املنطقية ووحدات التحكم ووحدات الذاكرة‬ ‫تتكون منه الوحدات ِ‬
‫ٍ‬
‫تقعيدات‬ ‫تطوير‬ ‫يف خمت َلف تلك احلواسيب‪ )١(.‬وكان من لوازم ذلك العمل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املربجمني‪ ،‬ورفع إنتاجية عملية تطوير الربجميات‪ ،‬وتقليل األخطاء فيها‪ ،‬وكذلك ‪ -‬وربام‬ ‫‪ -١‬وذلك من أجل توسيع قاعدة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حواسيب رقمية خمتلفة يف معامر َعتَادها‬ ‫كان هذا هو األهم اقتصاد ًّيا ‪ -‬جعل نفس الربجميات قابلة لالستخدام عىل‬
‫َ‬
‫اإللكرتوين وهي اخلاصية املعروفة باسم «‪ .»portability‬وسنتوقف جمدَّ ًدا مع لغات الربجمة هذه يف القسمني الثاين‬
‫والثالث من هذا الفصل‪.‬‬

‫‪-37-‬‬
‫املعجمية والنحوية من‬
‫َ‬ ‫ملعاجل ِة العديد من اجلوانب‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رفيعة‬ ‫ٍ‬
‫رياضية‬ ‫ٍ‬
‫وأدوات‬
‫اللغة ‪ -‬إضاف ًة إىل اجلوانب الرتميزية التي أرشنا إليها أعاله ‪ -‬وهو ما افرتض‬
‫بتفاؤل م ْف ِر ٍ‬
‫ط ‪ -‬وقتذاك أنا قابل ٌة ً‬
‫أيضا للتطبيق‬ ‫ٍ‬ ‫باحثو الذكاء االصطناعي ‪-‬‬
‫ُ‬
‫عىل اللغات الطبيعية‪.‬‬

‫شبكة ِدالل َّية‬


‫ٍ‬ ‫مثال عىل َش ْذ ٍ‬
‫رة من‬ ‫الشكل ‪ٌ :3‬‬

‫معاجلة اللغات الطبيعية عىل‬ ‫َ‬ ‫أبحاث الذكاء االصطناعي يف‬ ‫ُ‬ ‫ولذلك انصبت‬
‫(«مفرداهتا» عىل سبيل‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الوحدات الرتميزية ل ُّل َغة‬
‫ُ‬ ‫مستواها الدِّ ال ِّيل حيث ُ َجت َّمع‬
‫العالقات بني هذه‬
‫ُ‬ ‫وتوصف‬‫َّ‬ ‫املثال) حتت «مفاهيم ‪ »concepts‬ثم تُدْ َرس‬
‫اللية فيكون حاصلها ما استقرت تسميته بـ «الشبكة الدِّ اللية‬ ‫بروابط ِد ٍ‬
‫َ‬ ‫املفاهيم‬
‫مبسط ًة‬
‫ويصور (الشكل ‪ )3‬أعاله شذر ًة صغري ًة َّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪،»semantic network‬‬
‫املحوسبة إىل‬
‫َ‬ ‫ب ابتكار الشبكة الداللية‬ ‫من مثل تلك الشبكة الداللية‪ .‬و ُين َْس ُ‬
‫«ريتشارد ِريت ِْشنز» عام ‪١٩٥6‬م من جامعة «كا ْم ِربيدْ ج» اإلنغليزية لتكون‬
‫جرسا بني اللغات املختلفة يف الرتمجة اآللية‪.‬‬ ‫ً‬
‫وربط وحدات‬ ‫ِ‬ ‫أما الدرس األونطولوجي ف ُي ْعنَى بوصف َ‬
‫العامل الواقعي حاسوب ًّيا‬
‫كبريا حتى لو‬‫ال ُّلغة هبذا النموذج احلاسويب للعامل‪ ،‬وقد كان ذلك ‪ -‬وال يزال ‪ -‬حتدِّ ًيا ً‬

‫‪-38-‬‬
‫مل يكن هذا العامل الواقعي املطلوب وصفه حاسوب ًّيا هو العامل احلقيقي بأكمله بل فئ ًة‬
‫(‪)١‬‬
‫جزئي ًة حمدود ًة منه‪.‬‬
‫برنامج‬
‫ٌ‬ ‫ال الفتًا مع اللغة الطبيعية‬ ‫ومن أمثلة التطبيقات التي أظهرت َو ْقتَها تعا ُم ً‬
‫يب ُس ِّم َي «الطالب ‪ »STUDENT‬طوره «جورج ُبو ْب ُرو» ضمن أطروحته‬ ‫حاسو ٌّ‬
‫للدكتوراة يف «معهد ماساتشوسيتس للتقنية ‪ »MIT‬عام ‪١٩6٤‬م بقدرته عىل‬
‫وبرنامج‬
‫ٌ‬ ‫حل بعض املسائل الكالمية يف اجلرب من مستوى املدارس الثانوية‪،‬‬
‫آخر ُس ِّم َي «إلِيزا ‪ُ »ELIZA‬ط ِّو َر يف الفرتة بني ‪١٩6٤‬م و‬ ‫ريف ُ‬ ‫يب َط ٌ‬ ‫حاسو ٌّ‬
‫أيضا يف «معهد ماساتشوسيتس للتقنية» يستطيع إجراء حماوراتٍ‬ ‫‪١٩66‬م ً‬
‫َ َ‬
‫برشي وليس آل ًة حيث‬ ‫ِ‬
‫«نصي ًة» مع مستخدمني َب َرش ِّيني َظ َّن أغل ُبهم أن حماورهم‬
‫ٌّ‬
‫بدا أداء «إليزا» طبيع ًّيا للغاية وإن كان ذلك نتيج َة استخدام بعض احليل البسيطة‬
‫(‪)٢‬‬ ‫ِ‬
‫املستخدمني يف الردود عليهم‪.‬‬ ‫كاألجوبة املع َّلبة العا َّم ِة وكذلك تكرار أسئلة‬
‫ِ‬

‫الـم ْل َم ُح‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫التوجه لدراسة الذكاء االصطناعي يف ُظروف َم ْع َمل َّية مق َّيدة‪ :‬وهو َ‬ ‫ُّ‬ ‫Ÿ‬
‫األخري الذي ننوه إليه هنا من تلك املالمح التي صبغت أجواء تلك «السنوات‬ ‫ُ‬
‫الذهبية» للذكاء االصطناعي؛ حيث نادت يف ناية الستينيات من القرن‬
‫أصوات مسموع ٌة يف حقل الذكاء االصطناعي من أبرزها‬ ‫ٌ‬ ‫العرشين امليالدي‬
‫«مارفِني ِمينِ ْس ِكي»(‪ )3‬و»سا ْي ُمور بابِ ْريت» وكالمها من «معهد ماساتشوسيتس‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫للتقنية ‪ »MIT‬إىل االنكباب عىل تطوير ُخوار ْزمات الذكاء االصطناعي ‪ -‬وهو‬
‫ٍ‬
‫(افرتاضية) (‪ )٤‬إىل أن ُت ْف َه َم‬ ‫بيئة مثال َّي ٍة‬
‫كائنة يف ٍ‬
‫مسائل ٍ‬‫َ‬ ‫ما زال حق ً‬
‫ال ناش ًئا ‪ -‬عىل‬

‫مستوى آخر للغة وهو «اللغة املنطوقة ‪ »speech‬استامعًا و ُن ْط ًقا‪ ،‬وقد اتذت معاجلة اللغات الطبيعية‬ ‫ً‬ ‫‪ -١‬هناك بالطبع‬
‫مهام‬ ‫مسارا خمتل ًفا بعيدً ا عن الذكاء االصطناعي‪ ،‬وقد لعب ذلك املسار ً‬
‫دورا ًّ‬ ‫ً‬ ‫وقتذاك عىل هذا املستوى ‪ -‬حلسن احلظ ‪-‬‬
‫وخصوصا من الثاين للرابع‪.‬‬
‫ً‬ ‫الفصل‬ ‫هذا‬ ‫من‬ ‫التالية‬ ‫فيام بعد‪ ،‬سوف نأيت عىل ذكره يف األقسام‬
‫اآلالت املفك ِ‬
‫ِّرة املشار إليه آن ًفا يف هذا القسم الفرعي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫درجة ذكاء‬ ‫ورينْغ» لتعيني‬ ‫املوج ِه الختبار «تِ ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -٢‬وهذا ٌ‬
‫مثال عىل النقد َّ‬
‫وث» الذي أرشنا إليه آن ًفا يف هذا القسم الفرعي‪ ،‬وهو كذلك أحد‬ ‫«دارمت ُ ْ‬
‫‪ -3‬وهو أحد االثنني الذين َدع ََوا إىل مؤمتر ْ‬
‫مؤسيس ُخمْت ََرب الذكاء االصطناعي يف «معهد ماساتشوسيتس للتقنية ‪ ،»MIT‬و ُينْ َظر إليه اآلن عىل أنه أحد اآلباء‬ ‫ِّ‬
‫املؤسسني هلذا احلقل‪.‬‬
‫بنجاح يف العلوم األخرى؛ فالفيزياء النظرية عىل‬‫ٍ‬ ‫‪ -٤‬وكانت احلجة القوية ألصحاب هذه الدعوة أن هذه املقاربة قد اتُّبِ َعت‬
‫مفاهيم مثالي ًة كالغازات املثالية‪ ،‬والسوائل املثالية‪ ،‬والسطوح املثالية‪ ،‬واجلسم األسود‪... ،‬‬
‫َ‬ ‫سبيل املثال قد استخدَ مت‬
‫عريض يف ما يصعب حصه من التطبيقات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنجاح‬ ‫إلخ لتطوير قوانينها األساسية‪ ،‬ثم است ِ‬
‫ُخد َم ْت هذه القواننيُ فيام بعد‬
‫تأثري الفوارق بني االفرتاض املثايل والواقع احلقيقي‪.‬‬‫اهلندسية بعد األخذ يف احلُ ْسبان َ‬

‫‪-3٩-‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ‬ ‫ديناميكياهتا بعمق وإىل أن تنضج كفاءة وموثوقية هذه اخلوارزمات‬
‫مك ُن تطبي ُقها عىل تلك املسائل يف بيئاهتا احلقيقية بتفاصيلها املع َّقدة‪ .‬وكانت‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫وألوان خمتلفةٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أشكال وأحجا ٍم‬ ‫رتحة هي ُكت ٌَل من‬ ‫جردة املق َ‬
‫الـم َّ‬
‫البيئة املثالية ُ‬
‫مستو‪ ،‬وبالفعل انصب الكثري من النشاط البحثي عىل معاجلة‬ ‫ٍ‬ ‫موزع ًة عىل سطح‬
‫َّ‬
‫املسائل يف إطار هذه البيئة املثالية‪ .‬واستطاع «مينسكي» و «بابريت» الداعيان‬
‫وتية متكنت بنجاح من التقاط ورص هذه‬ ‫هلذه املقاربة تطبيقها لبناء ذرا ٍع روب ٍ‬
‫ُ ُ‬
‫الكتل يف تشكيالت مع َّق ٍ‬
‫دة نسب ًّيا‪.‬‬
‫وربام كان النجاح الذي توج كل ما رسدناه آن ًفا من مالمح تلك املرحلة هو الربنامج‬
‫احلاسويب «‪ »SHRDLU‬الذي طوره بني عا َم ْي ‪١٩68‬م و ‪١٩7٠‬م «تريي آلني‬
‫ِوينو ْغراد» أستاذ علوم احلاسب يف «جامعة ستانفورد» األمريكية والذي كان يستطيع‬
‫ملناولة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫التواصل باإلنغليزية االعتيادية مع ُمستخدميه ويستقبل طلباهتم بأداء مها َّم مع َّينة َ‬
‫ال ُكتَل يف البيئة املثالية املوصوفة آن ًفا‪ ،‬ومن ثم يقوم بتخطيط خطوات حتقيق َ‬
‫املناولة‬
‫وتنفيذها عىل شاشة رسومية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املطلوبة‬
‫مفر ًطا ويكفي ِذك ُْر‬ ‫التفاؤل بمستقبل الذكاء االصطناعي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويف ِخ َض ِّم تلك احلقبة كان‬
‫بضع اقتباسات من تصحيات كبار الباحثني وقتذاك كي يلمس القارئ مدى االندفاع‬
‫يف ذلك التفاؤل‪:‬‬
‫ورقة ن َُِرشت هلام‬
‫ٍ‬ ‫«هريبرت سايمون ألِ ْكساندَ ر» (‪ )١‬و «آلني نِ ُي ِويل» (‪ )٢‬يف‬ ‫Ÿ ذكر ْ‬
‫يف دورية «بحوث العمليات ‪ »Operations Research‬عام ‪١٩٥8‬م أنه «يف‬
‫سنوات سوف يكون بطل العامل يف الشطرنج حاسو ًبا رقم ًّيا‪ ،‬ويف‬ ‫ٍ‬ ‫غضون عرش‬
‫رب َهن ًة رياضي ًة‬ ‫ٍ‬
‫رقمي ُم َ ْ‬
‫ٌّ‬ ‫حاسوب‬
‫ٌ‬ ‫أيضا سوف يكتشف‬ ‫غضون عرش سنوات ً‬
‫رئيسي ًة جديد ًة و ُي ْثبِ ُت صحتَها»‪.‬‬
‫«هريبرت سايمون ألِ ْكساندَ ر» يف مؤ َّلفه «طبيعة َم ْيكَنة األعامل من أجل‬ ‫ْ‬ ‫Ÿ أكد‬
‫ِ‬
‫البرش واإلدارة» املنشور عام ‪١٩6٥‬م أنه «يف غضون ع ْقدين من الزمان سوف‬
‫تصري اآلالت قادر ًة عىل أداء أي عمل يستطيع اإلنسان أداءه»‪.‬‬

‫«كارنيغي ِميلون» األمريكية‪ ،‬وهو أحد الباحثني الرواد واملفكرين النافذين يف حقل الذكاء االصطناعي‬
‫‪ -١‬وكان أستا ًذا بجامعة ْ‬
‫أيضا احلاصل عىل جائزة نوبل يف االقتصاد عام ‪١٩78‬م‪ ،‬وقد سبق ذكره يف هذا الفصل‪.‬‬ ‫يف حقبته األوىل‪ ،‬وهو ً‬
‫«كارنيغي ِميلون»‪ ،‬وقد سبق ذكره يف هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ -٢‬وكان أستا ًذا يف «علوم احلاسب» و»علم النفس اإلدراكي» بجامعة ْ‬

‫‪-٤٠-‬‬
‫آالت حمدود ٌة وال نائية»‬‫ٌ‬ ‫Ÿ أكد كذلك «مارفني مينسكي» يف مؤ َّلفه «احلوسبة‪:‬‬
‫واحد فقط ‪ ...‬فإن مسألة تليق ذكاءٍ‬
‫ٍ‬ ‫املنشور عام ‪١٩67‬م أنه «خالل ٍ‬
‫جيل‬
‫اصطناعي سوف تكون قد ُح َّل ْت إىل َحدٍّ بعيد»‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫مقابلة له عام ‪١٩7٠‬م مع «جملة احلياة ‪ »Life Magazine‬األمريكية‬ ‫ٍ‬ ‫Ÿ ويف‬
‫الشعبية النافذة وقتذاك صح «مارفني مينسكي» أنه «يف غضون من ثالث‬
‫ٍ‬
‫مساو لذكاء‬ ‫آلة ذات مستوى ٍ‬
‫ذكاء عا ٍّم‬ ‫إىل ثامين سنوات فإننا سنتمكن من بناء ٍ‬
‫اإلنسان العادي»‪.‬‬
‫فهل َصدَّ َقت األحداث التالية ذلك التفاؤل الكبري؟‬

‫جاف‪ ،‬و َن ْقدُ السنوات الذهبية‪.‬‬ ‫السنوات ِ‬


‫الع ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪.1.7‬‬
‫ب أن القارئ الذي صحبنا حتى هذه النقطة من هذا الفصل قد الحظ أن‬ ‫ال َر ْي َ‬
‫َم ْهدَ الذكاء االصطناعي و َم ْرك ََز الثقل األكرب ألنشطة البحث والتطوير فيه من‬
‫(‪)١‬‬
‫مخسينيات إىل سبعينيات القرن العرشين امليالدي هو الواليات املتحدة األمريكية‬
‫الـم َج َّمع الصناعي العسكري‪.‬‬ ‫حيث حتصل األبحاث اجلامعية عىل غالب متويلها من ُ‬
‫مرشوط بتحقيق هذه األبحاث ملستهدَ فات‬ ‫ٌ‬ ‫ولذلك فإن استمرار متويل هذه األبحاث‬
‫تطوير التقنيات الصناعية و‪/‬أو العسكرية التي َوعَدَ ْت هبا َو ْق َت حصوهلا عىل تلك‬
‫التمويالت؛ فعىل سبيل املثال كانت «وكالة مرشوعات األبحاث الدفاعية املتقدمة‬
‫ُربيات اجلهات املمولة هلذه األبحاث ‪-‬‬ ‫(دار َبا) ‪ »DARPA‬األمريكية ‪ -‬وهي إحدى ك ْ َ‬ ‫ْ‬
‫حتت ضغط السياسيني كي َت ْقص متويالهتا عىل املرشوعات ذات املهام العملي ِة املحدَّ دةِ‬
‫ِّ َ َ َّ‬ ‫ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بوضوح والتي تلتزم بتنفيذها بد َّقة ال سيام بعد مترير التعديل القانوين يف هذا االجتاه‬ ‫ٍ‬
‫املنسوب للسيناتور األمريكي «مانِ ْس ِفي ْلد» سنة ‪١٩6٩‬م‪ ،‬وبطبيعة احلال فإن أكرب‬
‫الضحايا َج َّرا َء ذلك هي األبحاث االستكشافية املفتوحة التي ُت َعدُّ وفق هذا الت ََّو ُّجه‬
‫أنشط ًة «نظري ًة َب ْحتة»!‬

‫ٍ‬
‫قصرية حليفتُها العسكرية واالقتصادية األوىل يف تلك الفرتة «اململك ُة املتَّحدة»‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بمسافة غري‬ ‫‪ -١‬تليها‬

‫‪-٤١-‬‬
‫ويف حني أخذت «السنوات الذهبية» (‪ )١‬تقرتب من نايتها‪ ،‬فإن أجوا ًء متصاعد ًة‬
‫السخط كانت تتصاعدُ يف أوساط اجلهات املمولة ألبحاث الذكاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلحباط بل‬ ‫من‬
‫ٍ‬
‫االصطناعي(‪ ،)٢‬وبالوصول إىل عام ‪١٩7٤‬م انتهت تلك اجلهات ِّ‬
‫املمولة إىل قناعة بأن‬
‫ال ذري ًعا يف حتقيق اآلمال العريضة املع َّلقة عليه‬ ‫حقل الذكاء االصطناعي قد فشل فش ً‬
‫كبار الشخصيات‬ ‫تروجها بثقة ُ‬
‫قياسا عىل التوقعات ذات السقوف العالية التي كانت ِّ‬ ‫ً‬
‫املتصدرة للمشهد البحثي ‪ -‬مثل تلك التي وردت يف ختام القسم الفرعي السابق‪ .‬ومنذ‬
‫ٍ‬
‫بحثية يف إطار‬ ‫ٍ‬
‫مقرتحات‬ ‫الحقة توقفت املِن َُح التمويلي ُة ألية‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سنوات‬ ‫ذلك الوقت ولِ ِعدَّ ِة‬
‫«الذكاء االصطناعي» توق ًفا شبه كامل استمر حتى سنة ‪١٩8٠‬م‪.‬‬
‫املبهرة التي حققها هذا احلقل الناشئ يف تلك‬ ‫فبالرغم من اإلنجازات العديدة ِ‬
‫احلقبة ‪ -‬مما أرشنا إليه يف القسم الفرعي السابق ‪ -‬والتي روجت لقدرته يف املستقبل عىل‬
‫ش َء َق ْب َلها‪ ،‬أما باملقارنة مع‬
‫صنع املعجزات‪ ،‬فإن إهبارها ذلك قد نبع من مقارنتها بال َ ْ‬
‫ناجعة يف‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حلول‬ ‫َذاك بالوصول إىل‬ ‫الـم ِ‬
‫رسفة يف التفاؤل التي كانت ُت ْط َل ُق آن َ‬ ‫التوقعات ُ‬
‫قريب للمسائل الكربى املتصلة بمحاكاة الذكاء البرشي فإن تلك «اإلنجازات» ُت َعدُّ‬ ‫ٍ‬ ‫وقت‬
‫رسمية صدرت يف ناية ستينيات وبداية‬ ‫ٍ‬ ‫تقارير‬ ‫بمثابة «ألعاب األطفال» عىل حد وصف‬
‫َ‬
‫سبعينيات القرن العرشين امليالدي لرفع واقع أبحاث الذكاء االصطناعي عىل وجه العموم‬
‫باك (‪Automatic‬‬ ‫أو بعض مسائله عىل وجه اخلصوص؛ ومن أمثلتها املؤثرة‪« :‬تقرير َأ ْل ْ‬
‫‪ »Language Processing Advisory Committee )ALPAC‬الذي أصدرته جلنة‬
‫علمية مك َّلفة من قبل احلكومة األمريكية يف النصف الثاين من الستينيات لتقييم التقدم‬
‫خصوصا‪ ،‬وتقرير ِ‬
‫«الي ْت‬ ‫ً‬ ‫الذي حققته «اللسانيات احلاسوبية» عمو ًما و«الرتمجة اآللية»‬
‫ِه ْيل ‪ »Lighthill‬عام ‪١٩73‬م لتقييم كامل أوضاع أبحاث الذكاء االصطناعي يف بريطانيا‪.‬‬
‫وقتئذ عىل التقارير الرسمية بل إن الساحة العلمية‬ ‫ٍ‬ ‫مل تقتص تلك االنتقادات القاسية‬
‫والفكرية حفلت بالعديد من الفالسفة والكثري من كبار املتخصصني يف الرياضيات وعلوم‬
‫احلاسب واالتصاالت وعلم النفس اإلدراكي ‪ - ...‬بل وحتى باحثني يف الذكاء االصطناعي‬

‫‪ -١‬وهي الفرتة بني أعوام ‪١٩٥6‬م و ‪١٩7٤‬م كام أسلفنا يف القسم الفرعي السابق‪.‬‬
‫«داربا» األمريكية‪« :‬جملس األبحاث الوطني(‪»National Research Council (NRC‬‬‫‪ -٢‬ومن أمهها يف تلك الفرتة باإلضافة إىل ْ‬
‫يف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬و«جملس الوزراء الربيطاين» يف اململكة املتحدة‪.‬‬

‫‪-٤٢-‬‬
‫نفس ِه ‪ -‬ممن تصدَّ ْوا لنقد آليات الذكاء االصطناعي والتفنيد يف ضوء هذا النقد ملزاعم بعض‬
‫ِ‬
‫نجوم الذكاء االصطناعي بقدرته خالل وقت قريب عىل حماكاة الذكاء البرشي‪.‬‬
‫وبينام أدت تلك احلملة املك َّثفة التي ُس ِّط َرت فيها أكوا ٌم من املقاالت واألوراق‬
‫قائام‬ ‫ِ‬ ‫انتقاص ٍ‬
‫ٍ‬
‫كبري من مصداقية حقل الذكاء االصطناعي استمر ً‬ ‫البحثية والكتب إىل‬
‫ٍ‬
‫وقتئذ‬ ‫ِ‬
‫ملشاكل األساليب امل َّت َبعة‬ ‫تفصييل‬ ‫ٍ‬
‫تشخيص‬ ‫لعدة سنوات تالية‪ ،‬فإن ما أنتجته من‬
‫ٍّ‬
‫يف هذا احلقل ‪ -‬والذي استقر من وقتها يف أدبيات علوم احلاسب عمو ًما والذكاء‬
‫خصوصا ‪ -‬كان َم ْع َل ًام فارق ًا يف ترشيد مسرية هذا احلقل وتطويره ً‬
‫كثريا‬ ‫ً‬ ‫االصطناعي‬
‫فيام بعد؛ بل استمر أثره حتى وقتنا احلارض‪ .‬وفيام ييل نوجز أهم تلك العقبات التي كان‬
‫عىل الذكاء االصطناعي أن يضعها بعني االعتبار ومن ثم حياول جتاوزها حتى يواصل‬
‫اقتصادية ومع ِر ٍ‬
‫فية‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ملموسة ذات ٍ‬
‫آثار‬ ‫وخدَ ٍ‬
‫مية‬ ‫ٍ‬
‫صناعية َ‬ ‫ٍ‬
‫إنجازات‬ ‫مسريته نحو حتقيق‬
‫َْ‬
‫(‪)١‬‬
‫الواقعي‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ملموسة يف العامل‬
‫الضارب الذي و َّظ َفه الباحثون‬
‫َ‬ ‫األساس‬
‫َّ‬ ‫السالح‬
‫َ‬ ‫ري»‬ ‫ُ‬
‫«البحث َّ‬
‫الش َج ُّ‬ ‫Ÿ كان‬
‫آنذاك لتوصيف وحل الكثري من ‪ -‬أو باألصح «أغلب» ‪ -‬املسائل التي تصدَّ ْوا‬
‫ريايض‬ ‫ٍ‬
‫كنموذج‬ ‫ِ‬
‫«البساطة‬ ‫هلا‪ ،‬ويف حني أن هذا األسلوب يتمتع بميزات‪:‬‬
‫ٍّ‬
‫يب»‪ ،‬و «سهولة التنفيذ براجم ًّيا»‪ ،‬و «ال ُعمومية» (‪ ،)٢‬ولكنه يف الوقت ذاته‬
‫حاسو ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عيوب ثالثة (عىل األقل) يطعن ٌّ‬
‫كل منها بشدة يف فعال َيته‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫يعاين من‬
‫س للعدد الذي جيري توليده من حاالت املسألة يف شجرة‬ ‫التضخ ُم األُ ِّ ُّ‬
‫ُّ‬ ‫األول‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حالة يف شجرة‬ ‫البحث؛ فإذا ُر ِم َز ملتوسط عدد (‪ )3‬احلاالت التي تو ِّلدها كل‬
‫البــحث بالرمـــز م وإىل العمق املطلوب استكشافه حتى االنتهاء من املسألة‬

‫غات الطبيعي َة‪ ،‬وال مفر من فهمها بعمق ومن ثم‬ ‫‪ -١‬وتص مجيع هذه العقبات ُخصوصي ًة وثيق ًة املعاجل َة احلاسوبي َة لِ ُّل ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العقبات‬ ‫بجدية مضامر هذه املعاجلة من باب البحث والتطوير‪ .‬ولذلك ن ْ ِ‬
‫ُربزُ هذه‬ ‫ٍ‬ ‫تفادهيا أو ترويضها ملن أراد أن خيوض‬
‫موج ٍز لبعض اآلليات األساسية التي ارتكز عليها هذا احلقل يف تلك احلقبة‪ ،‬وقد َقدَّ ْمنا لبعض هذه اآلليات‬ ‫ٍ‬
‫َرب َن ْقد َ‬
‫عَْ‬
‫التعرض‬
‫َ‬ ‫قسم ْيه الثاين والثالث‬
‫َ‬ ‫سيام‬ ‫وال‬ ‫الفصل‬ ‫هذا‬ ‫يف‬ ‫نعاود‬ ‫وسوف‬ ‫الفصل‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫من‬ ‫السابق‬ ‫الفرعي‬ ‫القسم‬ ‫يف‬ ‫ٍ‬
‫بإجياز‬
‫لتلك العقبات والتعامل معها‪.‬‬
‫تغيري «اإلجراء ‪»routine‬‬ ‫الشجري ذا َت ُه يعاد استخدا ُمه مع مسائل خمتلفة وجيري فقط‬ ‫ِ‬
‫البحث‬ ‫‪ -٢‬بمعنى أن ُخ ِ‬
‫وارزْ َم‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫حال مقبوالً للمسألة أم ال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫املسؤول عن توليد حاالهتا‪ ،‬وكذلك اإلجراء املسؤول عن اختبار كل حالة من حيث كونا ًّ‬
‫‪ -3‬املقصود هنا ليس «املتوسط احلسايب ‪ »arithmetic mean‬ولكن املقصود هو «املتوسط اهلندس ‪»geometric mean‬‬
‫هـ الذي نحصل عليه لعددين د‪ ، ١‬د‪ ٢‬وفق الصيغة احلسابية‪ :‬هـ = (د‪×١‬د‪ ، )٢÷١()٢‬وعىل نحو العموم فإن املتوسط‬
‫حي َسب وفق الصيغة‪ :‬هـ =( د‪×١‬د‪× ٢‬د‪×...×3‬دن)(‪÷١‬ن)‪.‬‬
‫اهلندس ملجموعة أعداد {د‪ ،١‬د‪ ،٢‬د‪ ،... 3‬دن} ُ ْ‬

‫‪-٤3-‬‬
‫بالرمز ع فإن إمجايل عدد احلاالت املطــلوب توليدها واختبارها أثناء البحث =‬
‫(مع ‪( ÷ )١ -‬م ‪ )١( )١ -‬فإذا مل تكن املسألة «ضحلة» العمق‪ ،‬فإن أي حاسوب‬
‫ستتقاص قدراتُه رسي ًعا عن التوغل يف عمق هذا البحث مهام َع ُظ َم ْت تلك‬
‫(‪)٢‬‬
‫القدرات احلاسوبية‪.‬‬
‫صيغة البحث الشجري فإن‬ ‫ِ‬ ‫الثاين‪ :‬يف أغلب املسائل غري التافهة املـُنَم َذ ِ‬
‫جة يف‬ ‫ْ‬
‫حل للمسألة (أو استيفاء حلوهلا)‬‫حجم وعمق شجرة البحث حتى العثور عىل ٍّ‬
‫ليس معلو ًما قبل إجراء عملية البحث‪ ،‬ولذلك فإن التوقف عن البحث عند‬
‫حد معني دون العثور عىل حلول بسبب نفاد الزمن املحدد أو املوارد احلاسوبية‬
‫ُينْتِ ُج إجاب ًة «غري يقينية ‪ »undecided‬بني وجود أو عدم وجود حلول للمسألة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ال يمكن ن َْم َذج ُة مجيع املسائل ذات األمهية يف هذا احلقل يف صيغة‬
‫البحث الشجري‪.‬‬
‫آخ َر يف ترسانة‬ ‫سالحا ضار ًبا أساس ًّيا َ‬
‫ً‬ ‫(‪)3‬‬
‫Ÿ كذلك كانت «حوسب ُة املنطق الريايض»‬
‫َذاك‪ ،‬ورغم النجاحات املبكرة التي حققها بالتوليد اآليل‬ ‫ِ‬
‫الذكاء االصطناعي آن َ‬
‫رب َهنات الرياضية ‪ - »theorems‬مما أغرى أسام ًء كبري ًة يف‬ ‫«الـم َ ْ‬
‫ُ‬ ‫إلثباتات بعض‬
‫كبريا يف رحلة حماكاة الذكاء البرشي بل‬ ‫هذا احلقل بالزعم أن ذلك يمثل شو ًطا ً‬

‫مسألة ما ‪ -‬عىل سبيل املثال ‪ -‬كانت م = ‪ 3‬فإنه عند عمق ع = ‪ ٥‬تكون ج = ‪ ١٢١‬حال ًة‪ ،‬وعند عـمق‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -١‬إذا افرتضنا أنه يف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ع = ‪ ١٠‬تكون ج = ‪ ٢٩٥٢٤‬حالة‪ ،‬أما عند عمق ع = ‪ ١٥‬تتجاوز قيمة ج السبعة ماليني حالة‪ ،‬وبالوصول إىل عمــق‬
‫ع = ‪ ٢٠‬تتجاوز قيمة ج ألف وسبعمئة وأربعني مليون حالة! وهكذا فإن أي حاسوب مهام عظمت ُقدُ راتُه سوف‬
‫يعجز رسي ًعا مع تزايد عمق البحث‪ ،‬ولن يسعفنا حتى «قانون موور‪( »Moore’s law‬الذي أملحنا إليه قرب ناية‬
‫ِ‬
‫زيادة قدرات احلواسيب مع مرور السنني‪.‬‬ ‫القسم الفرعي ‪ ١.٤‬من هذا الفصل) الذي يصف َ‬
‫نمط‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬‫‪ -٢‬تُفيدُ أفضل ُخوارزمات البحث العديدة (التي أملحنا إىل بعضها آن ًفا بعد الشكل رقم ‪ )٢‬لرتويض االنفجار األُ ِّ ِّ‬
‫املالزم للبحث الشجري يف تقليل ذلك العدد اإلمجايل بام يكافئ تقليل معامل توليد احلاالت م‪ ،‬لكن نمو هذا اإلمجايل‬
‫ال استنفاد القدرات احلاسوبية مع زيادة عمق البحث لكنه ال يغري نمط النمو إىل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫نمط‬ ‫س مما يؤجل قلي ً‬ ‫يظل ذا نمط ُأ ِّ ٍّ‬
‫آخر أهدأ‪.‬‬
‫‪ -3‬وحتديدً ا «املنطق الريايض من الدرجة األوىل ‪ - »Predicate Calculus‬ويف باطنه «املنطق الريايض من الدرجة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بسيطة‬ ‫خاصة‬ ‫كحالة‬ ‫طي ‪»Propositional Logic‬‬ ‫الكالمي أو املنطق األَ ِر ْس ّ‬
‫ّ‬ ‫أيضا بـ «املنطق‬
‫ف ً‬ ‫الصفرية» الذي ُي ْع َر ُ‬
‫ٍ‬
‫عملية ت َُس َّمى «التفنيد ‪ »refutation‬التي تتكون بدورها من‬ ‫ب إىل‬ ‫ُ‬
‫املحوس ُ‬
‫َ‬ ‫الريايض‬
‫ُّ‬ ‫املنطقي‬
‫ُّ‬ ‫التحليل‬ ‫منه ‪ -‬حيث يؤول‬
‫ني يسريان آن ًّيا؛ ففي الشق األول تتولد شجرة بدائل «التعبريات املنطقية الرياضية ‪ »predicates‬ومساراهتا‪ ،‬ويف‬ ‫ِش َّق ْ ِ‬
‫الشق الثاين يتواصل البحث يف هذه الشجرة أوالً بأول حتى الوصول إىل «العبارة املنطقية اخلالية ‪»empty clause‬‬
‫ثبوهتا منطق ًّيا من املس َّلامت االبتدائية‪.‬‬
‫إثباهتا يصح ُ‬
‫حينئذ بأن العبارة املنطقية الرياضية املطلوب ُ‬‫ٍ‬ ‫حيث تنتهي عملية التفنيد‬

‫‪-٤٤-‬‬
‫أيضا من ثالثة‬
‫املحوسب يعاين ً‬
‫َ‬ ‫وتطيه كام أسلفنا ‪ -‬فإن هذا املنطق الريايض‬
‫بشدة يف نَجاعتِه‪ِ:‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عيوب (عىل األقل) يطعن ٌّ‬
‫كل منها‬
‫َ‬
‫األول‪ :‬معضلة «التضخم األس ‪ »exponential growth‬يف توليد شجرة‬
‫التعبريات املنطقية الرياضية‪ ،‬وهي املعضل ُة ُ‬
‫نفسها التي ناقشناها يف نقد البحث‬
‫الشجري آن ًفا‪.‬‬
‫أيضا بـ «التفنيد‬ ‫املسامة ً‬
‫َّ‬ ‫الثاين‪ :‬إذا انتهت عملية «التحليل املنطقي» ‪-‬‬
‫‪ - »refutation‬بالعثور عىل «العبارة املنطقية اخلالية ‪ »empty clause‬فقد َث ُبتَت‬
‫وح َّلت املسألة(‪ ،)١‬ولكن إذا مل ُي ْع َث ْر عىل تلك‬
‫العبارة املنطقية املطلوب إثباهتا ُ‬
‫العبارة املنطقية الفارغة فال سبيل إىل تقرير ما إذا كانت العبارة املطلوب إثباهتا‬
‫صحيحة أم خاطئة استنا ًدا إىل املس َّلامت االبتدائية‪ .‬وبالتايل فال ضامن َة أن هذا‬
‫األسلوب سينتهي دو ًما بالبت يف صحة املسألة املطلوبة أم عدمها‪.‬‬
‫املعتربة يف هذا املضامر عىل‬
‫َ‬ ‫الثالث‪ :‬ال يمكن ن َْم َذج ُة مجيع املسائل ذات األمهية‬
‫املحوسب‪.‬‬ ‫الريايض‬ ‫ِ‬
‫املنطق‬ ‫إثباهتا عرب ِ‬
‫آلية‬ ‫تعابري منطقي ٌة رياضي ٌة ُيرا ُد ُ‬ ‫أنا‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وخوارزمات أخرى ال يتسع‬ ‫ٍ‬
‫آليات‬ ‫وينبغي عند هذه النقطة التنويه إىل أن هناك‬
‫املقام لرسدها مجي ًعا وظفها الذكاء االصطناعي يف حماولة حل املسائل فيام ُس ِّم َي‬
‫بسنواته الذهبية من منتصف مخسينيات إىل مطالع سبعينيات القرن العرشين‬
‫آليات تشرتك مع «البحث الشجري» و «املنطق الريايض‬ ‫ٌ‬ ‫امليالدي‪ ،‬وهي‬
‫املحوسب» يف العيوب الثالثة األساسية التي ذكرناها‪ ،‬ولكننا َم َّث ْلنا هباتني‬
‫َ‬
‫العائلتني من اآلليات احلاسوبية لكونام األبرز واألعم واألكثر شيو ًعا فيام‬
‫أيضا عىل أن كل‬ ‫استخدمه الذكاء االصطناعي يف تلك الفرتة‪ .‬كام ينبغي التأكيد ً‬
‫هذه اآلليات احلاسوبية ال تزال مهم ًة ومفيد ًة حتى وقتنا هذا؛ حيث جيري تاليف‬
‫عيوهبا بالتقيد بالرشوط احلاسوبية املناسبة للمسائل التي تعاجلها‪ ،‬وبدجمها مع‬
‫آليات حاسوبية أخرى سوف نتعرض لبعضها الح ًقا يف هذا الفصل‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪ -١‬انظر اهلامش السابق‪.‬‬

‫‪-٤٥-‬‬
‫Ÿ بالوصول إىل منتصف سبعينيات القرن العرشين امليالدي اقتنعت مجهرة الباحثني‬
‫ٍ‬
‫ملموس ن َْح َو حماكاة املهام اإلدراكية لدى‬ ‫إنجاز تقد ٍم‬
‫َ‬ ‫بعد جتارب كثرية أن‬
‫اإلنسان ‪ -‬مثل السمع‪ :‬بمعنى تفسري الدماغ للذبذبات الصوتية الواصلة إليه من‬
‫العصب السمعي‪ ،‬أو البص‪ :‬بمعنى تفسري الدماغ لإلشارات الضوئية الواصلة‬
‫إليه من العصب البصي‪ ،‬أو اللمس ‪ -‬ون َْح َو اتاذ اإلنسان للقرار بنا ًء عىل هذا‬
‫أساسية أخرى عىل معرفة البيئة اخلارجية املحيطة به‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫اإلدراك يعتمد ضمن ٍ‬
‫أمور‬
‫يك» (‪ )١‬من أكثر ما شاع يف أدبيات الذكاء االصطناعي‬ ‫فارقة ُمورافِ ْ‬‫وربام كانت « ُم َ‬
‫الـم ْس َبق الشائع أن عمليات‬
‫تعبريا عن ذلك ومؤ َّداها أنه «عىل عكس االعتقاد ُ‬ ‫ً‬
‫قدرات حاسوبية أعىل من تلك‬ ‫ٍ‬ ‫التحليل والربهنة املنطقية الرياضية تتطلب‬
‫التي تتطلبها العمليات اإلدراكية األساسية لدى اإلنسان واحليوان‪ ،‬فإن الواقع‬
‫ٍ‬
‫غرفة‬ ‫وجه أو كالسري عرب‬‫بسيطة ‪ -‬كالتعرف عىل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إدراكية‬ ‫ٍ‬
‫عملية‬ ‫هو أن حماكاة‬
‫ِ‬
‫أضعاف أضعاف الطاقات احلاسوبية التي حتتاجها‬ ‫َ‬ ‫دون ارتطا ٍم بأثاثها ‪ -‬حتتاج‬
‫عمليات التحليل والربهنة املنطقية الرياضية اآللية»‪ ،‬و َم َر ُّد تلك الصعوبة‬
‫معضلتان أساسيتان‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬الضخامة اهلائلة للبيئة اخلارجية؛ حتى لو كانت جز ًءا حمدو ًدا من العامل‬
‫ص ما يستوعبه‬ ‫حل ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الواقعي‪ ،‬ويكفي لتصور تلك الضخامة إجرا ُء حماولة يائسة َ‬
‫صحيح يف الثالثة من عمره عن العامل اخلارجي‪ ،‬ناهيك عن عدم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طفل‬ ‫دماغ‬
‫جتانس تلك املعرفة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬متثيل أغلب معرفة اإلنسان عن العامل اخلارجي يف ذهنه متثي ً‬
‫ال «كيف ًّيا‬
‫ال «كم ًّيا ‪ ،»quantitative‬وكذلك استخدام آليات كيفية ال كمية‬ ‫‪ »qualitative‬ال متثي ً‬
‫يف معاجلة هذه املعرفة إلدراك متغريات هذا العامل واتاذ القرار‪ ،‬وت َُس َّميان «املعرفة‬
‫طري ‪commonsense‬‬ ‫الف ْطرية ‪ »commonsense knowledge‬و»التحليل ِ‬
‫الف ْ‬ ‫ِ‬
‫‪ »reasoning‬عىل الرتتيب‪ ،‬وما زالت حوسبتُهام حتى اآلن معضل ًة عسري ًة (انظر‬
‫الشكل ‪ ٤‬أدناه واهلامش املتصل به للمزيد من التمثيل والتوضيح)‪.‬‬

‫كارنِيغي ِمي ُلون» يف‬ ‫‪ -١‬الباحث ال َكنَدي الن ِّْمساوي «هانْز بِ َيرت ُمورافِ ْ‬
‫يك» هو أستا ٌذ بمعهد ُّ‬
‫الروبوت َّيات يف «جامعة ْ‬
‫«بِن ِْس ْلفا ْن َيا» يف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وهو ممن ارتبطت أسامؤهم بشدة هبذه القضية األساسية يف حقل الذكاء‬
‫االصطناعي‪.‬‬

‫‪-٤6-‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(‪(1‬‬
‫صلبة فتتهشم‬ ‫بأرضية‬ ‫فرتتطم‬
‫ُ‬ ‫مثال عىل املعرفة الفيزيائية الف ْطرية‪ٌ :‬‬
‫كأس زجاجي ٌة تسقط‬ ‫الشكل ‪ٌ :4‬‬

‫ان «السنوات الذهبية» بكونا‬ ‫األساليب األساسي ُة ملعاجلة املسائل إ َّب َ‬


‫ُ‬ ‫Ÿ ات ََّس َمت‬
‫املدخل ُة إىل تلك املسائل من‬
‫َ‬ ‫البيانات‬
‫ُ‬ ‫«قطعية‪/‬حتديدية ‪ »deterministic‬بينام‬
‫ُ‬
‫إغفاهلا‪ ،‬بل إنه قد‬ ‫ّبات «عشوائ َّي ٍة ‪ »stochastic‬ال يمكن‬ ‫ذات مرك ٍ‬
‫البيئة املحيطة ُ ُ َ‬
‫استقر يف الرياضيات والعلوم التجريبية يف العقود الالحقة أن العشوائية ٌ‬
‫عامل‬
‫ف بنظرية َّ‬
‫«الش َواش ‪.»chaos‬‬ ‫متأص ٌل يف العمليات والظواهر الطبيعية؛ فيام ُي ْع َر ُ‬
‫ِّ‬
‫َ‬
‫«احذ ْر أن تسقط من يدك الكأس‪ ،».‬ثم ت ََص َّو ْر ما‬ ‫ِ‬
‫لصاحبِه الذي حيمل كأس ًا زجاجي ًة‬ ‫حوارا يقول فيه أحدُ هم‬ ‫‪ -١‬ت ََص َّو ْر‬
‫ً‬
‫الذي تستدعيه هذه العبارة البسيطة حلامل الكأس الزجاجي؟‬
‫كتلة إذا فلت من يده سوف يتسارع‬ ‫إنا تستدعي‪ :‬أن (أ) هناك جمال جاذبية نحو األرض‪ ،‬وأن (ب) الكأس ِجرم ذو ٍ‬
‫ْ ٌ‬
‫نحو األرض حتى يرتطم بأقرب سطح (األرضية)‪ ،‬وكذلك أن (ج) الكأس مصنوعة من زجاج وهو مادة هشة إذا‬
‫ٍ‬
‫مدببة‪،‬‬ ‫حواف‬
‫َّ‬ ‫اصطدمت مرسع ًة بسطح صلب فإنا عىل األغلب ستتهشم‪( ،‬د) وإذا هتشمت فإن أجزاءها ستكون ذات‬
‫وأن (هـ) هذه األجزاء ستتناثر برسعة يف اجتاهات عشوائية‪ ،‬وأن (و) أي جزء مد َّبب منها إذا اصطدم مرسعًا ببرشة‬
‫اإلنسان فمن السهل أن خيدش أو يقطع اجللد و اللحم ومها مادتان لينتان‪( ،‬ز) ويف الغالب فإن ذلك سوف يسبب‬
‫جرحا يستتبع نزي ًفا‪ ،‬وأن (ح) النزيف ربام ‪ ...‬إلخ‪.‬‬‫ً‬
‫ٍ‬
‫بوضوح‬ ‫الح ُظ‬
‫بوضوح غزارة املعرفة التي استدعتها تلك العبارة البسيطة عن العامل اخلارجي الواقعي‪ ،‬كام ُي َ‬ ‫ٍ‬ ‫يالح ُظ‬
‫َ‬
‫الحظ أن هذه املعرفة وتسلسل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكذلك ُي‬ ‫ٍ‬
‫أيضا تسلسل التحليل املنطقي بسالسة للوصول إىل املخاطر املحتملة‪،‬‬ ‫ً‬
‫ال يتوجب حلها للحصول عىل مسار‬ ‫حتليلها املنطقي ن َْو ِع َّيان مل ت ُْستَدْ َع فيهام قوانني احلركة لتكوين معادالت تفاضلية مث ً‬
‫اجلسم الساقط ورسعة ومكان اصطدامه ثم حركة كل جزء من أجزائه املتهشمة ‪ ...‬إلخ مثلام يعالج علم «الفيزياء»‬
‫الف ْطرية وإجراء‬ ‫عاد ًة مسائل احلركة معاجل ًة رياضي ًة رصين ًة‪ ،‬وكذلك يالحظ الرسعة اللحظية الستدعاء هذه املعرفة ِ‬
‫ُ َ‬
‫قرارا باحلرص عىل عدم سقوط الكأس من يده وتنفيذ هذا القرار‬ ‫املعاجلة الفطرية ومن ثم اتاذ حامل الكأس ً‬ ‫َ‬ ‫تلك‬
‫َح َرك ًّيا لتفادي املخاطر املرتتبة عىل سقوط الكأس من يده‪.‬‬
‫الفطرية عن العامل الواقعي (التي ت َُس َّمى‬ ‫وحتى وقتنا هذا مل يتم تطوير أدوات رياضية ناضجة حلوسبة مثل هذه املعرفة ِ‬
‫الفطري هلا هبذه الكفاءة الرفيعة؛ مما يرتك‬ ‫أيضا «أونْطولوجيا ‪ »ontology‬العامل الواقعي) أو إلجراء مثل هذا التحليل ِ‬ ‫ً‬
‫َْ‬
‫فادحا يف ترسانة الذكاء االصطناعي عمو ًما ومعاجلة اللغات الطبيعية عىل وجه اخلصوص‪.‬‬ ‫نقصا ً‬ ‫ً‬

‫‪-٤7-‬‬
‫Ÿ يف مخسينيات القرن العرشين امليالدي اكتشفت الدراسة الترشحيية للمخ‬
‫واألعصاب يف البرش ‪ -‬وكذلك يف الثدييات الع ْليا‪/‬الراقية ِ‬
‫كالق َردة ‪ -‬أن املنظومة‬ ‫ُ‬
‫ذات عدد هائل (يقدر بآالف‬ ‫الـم َع َّقدة هي َش َبك ٌة ُ‬
‫العصبية لتلك الكائنات ُ‬
‫كل منها بالعديد من اخلاليا العصبية األخرى‬ ‫املاليني) من اخلاليا العصبية يتصل ٌّ‬
‫يف إليه حتديدُ مواضع‬ ‫االكتشاف و ُأ ِض َ‬
‫ُ‬ ‫يف الشبكة‪ .‬ويف العقود التالية تأ َّكدَ هذا‬
‫ِ‬
‫كثيفة الرتابط حيث يتعاظم النشاط الكهريب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشبكة‬ ‫املراكز العصبية عىل هذه‬
‫ٍ‬
‫طائفة مع َّينة من الوظائف الذهنية أو اإلدراكية للكائن احلي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لكل ٍ‬
‫مركز مع أداء‬
‫االكتشافات باحثي الذكاء االصطناعي عىل أن حياولوا حماكا َة هذه‬
‫ُ‬ ‫َش َّج َع ْت هذه‬
‫ٍ‬ ‫مبسط ًة (‪ )١‬رجا َء احلصول عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حماكاة لألداء‬ ‫الشبكات العصبية حماكا ًة حاسوبي ًة َّ‬
‫حماوالت أولي ٌة يف حدود ما‬
‫ٌ‬ ‫الذهني أو اإلدراكي للكائنات احلية املع َّقدة‪َ ،‬‬
‫فج َر ْت‬
‫مشابه لبعض‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬‫سمحت به القدرات احلاسوبية آنذاك واستطاعت إبداء تص ٍ‬
‫َ ُّ‬
‫العمليات «املنطقية الثنائية ‪ ،»binary logic‬لكن برامج األبحاث يف هذا االجتاه‬
‫توقفت بنهاية الستينيات من القرن نفسه؛ ليس فقط بسبب حمدودية القدرات‬
‫عالية من االنتقادات لآلفاق التي يمكن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موجة‬ ‫أيضا بسبب‬‫احلاسوبية ولكن ً‬
‫أن تصل إليها هذه املحا َك َيات (‪ .)٢‬األهم من كل ما سبق هو أن ذلك هو ك ُُّل‬

‫ٍ‬
‫بتفصيل أك َرب‬ ‫‪ -١‬سوف نعود للنامذج احلاسوبية للشبكات العصبية يف القسم الثاين من هذا الفصل‪ ،‬كام سنتناوهلا مر ًة أخرى‬
‫ٍ‬
‫كمثال عىل الفارق بني واقع الظاهرة الطبيعية ونموذجها الريايض يف العلوم التطبيقية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫توضيحية يف القسم الثالث منه‬ ‫وبرسو ٍم‬
‫كورنيل» يف «نيويورك» بالواليات املتحدة األمريكية هو‬ ‫ِ‬ ‫‪ -٢‬كان «فرانْك ِ‬
‫روزينْبالت» عامل النفس األمريكي يف «جامعة ْ‬
‫رائد الدعوة ملحاكاة الشبكات العصبية حاسوب ًّيا يف عام ‪١٩٥8‬م فانطلق برنامج أبحاث نشط إلجراء هذه املحاكاة‬
‫«مارفِني ِمينِ ْسكي» و «سا ْيمور‬‫وتطبيقاهتا طوال عقد الستينيات‪ ،‬ولكن كل شء توقف عام ‪١٩6٩‬م حني نرش ك ٌُّل من ْ‬
‫«خوارزْ مات الشبكات العصبية ‪ »Perceptrons‬اللذين قدما فيه ُح َج ًجا رياضي ًة وفلسفي ًة قوي ًة‬ ‫ِ‬ ‫بابِ ْريت» َ ُ‬
‫كتاهب َام الشهري‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫تبني انسداد األفق أمام النامذج احلاسوبية للشبكات العصبية كسالح ف َّعال يف جعبة الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫قار ُب ِع ْقدً ا من الزمان حتى استؤنف العمل البحثي يف هذا االجتاه ثاني ًة يف ِعقد الثامنينيات‬
‫ْ‬ ‫استمر هذا التوقف ما ُي ِ‬
‫أدوات مفيد ٌة للغاية يف «التمثيل التقريبي للدَّ َو ِّال‬
‫ٌ‬ ‫حيث سيتبني رياض ًّيا أن هذه النامذج احلاسوبية للشبكات العصبية‬
‫وخمرجاهتا‬ ‫مدخالهتا َ‬‫بمجرد معرفة نامذج غزيرة من َ‬ ‫َّ‬ ‫عديدة املتغريات ‪»multivariate function approximation‬‬
‫ومن ثم ستصري أحد الوسائل األساسية يف «التع ُّلم احلاسويب ‪ »machine learning‬كام سيأيت الح ًقا يف هذا الفصل‪.‬‬
‫املفارق َة‬ ‫ٍ‬ ‫وفض ً‬
‫ال عن أن «مينسكي» و «بابريت» اسامن ذوا نفوذ كبري يف هذا احلقل كاثنني من اآلباء املؤسسني له‪ ،‬فإن َ‬
‫نموذجا حاسوب ًّيا هلذه الشبكات العصبية ‪ -‬وقد أوردنا ذلك يف بدايات القسم الفرعي‬ ‫ً‬ ‫هي أنام كانا أول من َن َّف َذ‬
‫ٍ‬
‫دراسة لـ‬ ‫أيضا تتمثل يف أن «مارفني مينسكي» كان َ‬
‫زميل‬ ‫مفارق ًة شخصي ًة طري َف ًة ً‬
‫‪ ١.٥‬من هذا الفصل ‪ -‬كام أن هناك َ‬
‫«فرانك روزينبالت» يف املرحلة الثانوية ثم كان سب ًبا يف حتطيم برناجمه البحثي الذي مل ُيستأنف إال بعد موته حيث تويف‬
‫«روزينبالت» يف عام ‪١٩7١‬م‪.‬‬

‫‪-٤8-‬‬
‫ما نعرفه ‪ -‬حتى اآلن ‪ -‬عن كيفية عمل الدماغ البرشي واجلهاز العصبي من‬
‫حيث معاجلته للمسائل الذهنية واإلدراكية‪ ،‬وبالطبع فهو غري ٍ‬
‫كاف أبدً ا ملحاكاة‬
‫أداء هذا الدماغ‪.‬‬
‫اعة الذكاء االصطناعي ‪ -‬وعلوم‬ ‫Ÿ الكثري من املسائل التي ُتعتَرب َحمَكًّا حقيقيا لنَج ِ‬
‫ًّ َ‬ ‫ْ َُ‬
‫ِ‬ ‫احلاسب عىل وجه العموم ‪ -‬تبلغ من ال ُع ْ ِ‬
‫ب معه التعامل‬ ‫رس والتعقيد مبل ًغا َي ْص ُع ُ‬
‫رياضية ملكوناهتا وآليات عملها‪ ،‬وتتجاوز الصعوبة ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫حاسوب ًّيا مع أية نامذج‬
‫املكونات‬
‫أحيانًا فيتعذر من األصل وضع نامذج رياضية قابلة للحوسبة لتلك ِّ‬
‫نات وال‬
‫مكو ٌ‬ ‫ٍ‬
‫ف عندئذ ِّ‬ ‫واآلليات‪ ،‬بل تتصاعد الصعوبة أحيانًا أخرى فال ُت ْع َر ُ‬
‫آليات للمسألة (‪.)١‬‬‫ٌ‬
‫ويمكن التمثيل لتلك املسائل بمسألة أساسية تتمثل يف «التعرف عىل مفردات‬
‫الكالم املنطوق ‪»Speech recognition‬؛ فإذا تتبعنا مكونات وآليات عمل هذه‬
‫اجلهاز الذي يستقبل ذبذبات الصوت وهو‬ ‫َ‬ ‫الوظيفة اإلدراكية لصا َد ْفنا ابتدا ًء‬
‫ِ‬
‫(الصوان‪ ،‬القناة السمعية‪ ،‬امل ْط َرقة‪ ،‬السندان‪،‬‬ ‫األذن بأجزائها الكثرية املركبة ُّ‬
‫طبلة األذن‪ ،‬القنوات اهلاللية‪ ،‬القوقعة‪ ... ،‬إلخ)‪ ،‬ثم العصب السمعي‪ ،‬ثم‬
‫عمل املخ عىل الذبذبات التي يوصلها إليه العصب السمعي‪ .‬واحلقيقة أن‬
‫حماولة وضع نموذج ريايض لبعض األجزاء املنفردة من األذن َم َه َّم ٌة عسرية‪ ،‬أما‬
‫اد األحالم‪ .‬فإذا انتقلنا إىل عمل املخ‬ ‫نموذج واحد فهو أمر يف ِعدَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وضعها َم ًعا يف‬
‫عىل تفسري الذبذبات التي تصل إليه من العصب السمعي فإن آليته غري معروفةٍ‬
‫ٍ‬
‫كمثال‬ ‫من األساس! وإذا نظرنا يف وظيفة التعرف البصي عىل األشكال ‪-‬‬
‫آخر ‪ -‬فإنا ال تقل صعوبة إن مل تزد عن السمع‪.‬‬
‫نامذج‬
‫رس لوصف مثل تلك املسائل هو ُ‬ ‫ويبقى املورد الوحيد الذي يمكن توفريه ب ُي ْ ٍ‬
‫احلاجة إىل ابتكار أساليب‬ ‫الهتا بالتوازي مع خمُ ْ َرجاهتا‪ ،‬ومن َث َّم نبعت َ‬ ‫غزير ٌة من مدْ َخ ِ‬
‫ُ‬
‫ملعاجل ِة مثل تلك املسائل باالرتكاز عىل هذا املورد فقط‪ ،‬وبالفعل مت َّثلت االستجاب ُة‬ ‫َ‬
‫وتطو ِر عدد من األساليب املتنوعة التي تلبي هذه احلاجة والتي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فيام بعد يف ميالد‬
‫ُّ‬
‫(‪)٢‬‬
‫ف بمدرسة «التع ُّلم احلاسويب ‪.»machine learning‬‬ ‫تكون إمجاالً ما ُي ْع َر ُ‬‫ِّ‬

‫‪ -١‬و ُي ْط َل ُق أحيانًا عىل مثل تلك املسائل اسم «املسائل غري َ‬


‫امله ْيكَلة‪/‬اهل َ ْيكَلية ‪.»unstructured problems‬‬
‫َ‬
‫ومعاجلة اللغات الطبيعية‬ ‫مقار ِبة املسائل اإلدراكية والذهنية ‪ -‬ويف بؤرهتا نمذجة‬
‫‪ -٢‬ستكون لنا وقف ٌة مع هذه املدرسة يف َ‬
‫‪ -‬يف القسم الثاين وكذلك الثالث من هذا الفصل‪.‬‬

‫‪-٤٩-‬‬
‫َب ِق َي أن نشري يف ختام هذا القسم الفرعي إىل مشكلة أخرى أثارها الباحثون يف‬
‫نقدهم حلقبة «السنوات الذهبية» للذكاء االصطناعي‪ ،‬أال وهي حمدودية قدرات‬
‫تقديرهم َح ُّل بعض املسائل ذات األمهية من‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫قياسا بام يتطلبه َح ْس َ‬
‫احلواسيب آنذاك ً‬
‫ب ترتاوح بني مئات املرات وآالف املرات؛ فعىل سبيل املثال يف عام‬ ‫موارد حاسوبية بنِ َس ٍ‬
‫‪١٩76‬م قدر الباحث «هانز بيرت مورافيك» ‪ -‬الذي سبق ذكره وترمجته يف هذا القسم‬
‫الفرعي ‪ -‬أن حماكاة أداء شبكية العني البرشية يف اكتشاف وتتبع األجسام املتحركة‬
‫«حاسوب ٍ‬
‫فائق»‬ ‫ٍ‬ ‫حيتاج ما بني ثامنني إىل ثامنية آالف ِض ْعف القدرة احلاسوبية ألقوى‬
‫(سوبر كمبيوتر) يف ذلك الوقت‪ .‬ومن الطريف َأ ْن نعرف َأنَّه مع ناية ِع ْقد التسعينيات‬
‫من القرن العرشين امليالدي كانت تلك القدرة احلاسوبية متوفر ًة بسهولة يف العديد من‬
‫احلواسيب القوية التي كانت متاح ًة يف األسواق وقتذاك بأسعار ال تتجاوز مخسة آالف‬
‫دوالر أمريكي‪ .‬ويعني ذلك للوهلة األوىل أن مشكلة حمدودية القدرات احلاسوبية‬
‫ال بحلها حيث إنه كام ذكرنا يف القسم الفرعي ‪١,٤‬‬ ‫كانت وقتي ًة‪ ،‬وأن الزمن كان كفي ً‬
‫َّب م َّط ِر ٍد لتنامي القدرات احلاسوبية مع الزمن‬ ‫من هذا الفصل فإن هناك نمط ٍ‬
‫تزايد ُم َرك ٍ‬
‫يشتهر باسم «قانون موور» ومؤداه أن تلك القدرات (من حيث عدد التعليامت املن َّفذة‬
‫فمثال يف عام‬ ‫شهرا (‪)١‬؛ ً‬ ‫يف الثانية الواحدة‪ ،‬وسعة الذاكرة) تتضاعف تقري ًبا كل ‪ً ١8‬‬
‫‪٢٠١٥‬م وبعد تسعة وثالثني عا ًما من عام ‪١٩76‬م تضاعفت القدرة احلاسوبية بمقدار‬
‫اثنني مرفوع ًة ألس ستة وعرشين (‪ )٢‬أي حوايل سبعة وستني مليون مر ًة !‬
‫ورغم أن هذا التزايد فائق التسارع مع الزمن للقدرات احلاسوبية يبدو َب َّرا ًقا داع ًيا‬
‫مراوغ ٌة بعض اليشء حيث إن القدرات احلاسوبية ليست فقط‬ ‫كبري‪ ،‬فإن احلقيق َة ِ‬ ‫ٍ‬
‫لتفاؤل ٍ‬
‫املسائل املطلوب‬ ‫ُ‬ ‫أيضا التحديات التي مت ِّث ُلها‬ ‫هي التي تتزايد با ِّط ٍ‬
‫راد ولكن تتزايد معها ً‬
‫وحجام‪.‬‬
‫ً‬ ‫َح ُّلها نو ًعا‬

‫س للقدرات احلاسوبية ال يمكن أن َي َّط ِر َد مع الزمن إىل األبد‪ ،‬وذلك ألن هذا‬
‫‪ -١‬جيب االنتباه إىل أن نمط التزايد األُ ِّ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التزايد الذي استمر عرب العقود الستة املاضية يرتبط بالتصغري ا ُمل َّطرد للوحدات اإللكرتونية (الرتانزيستورات) وهو ما‬
‫ٍ‬
‫فيزيائية ال يمكن تطيها‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بحدود‬ ‫قارب عىل االصطدام‬
‫‪ -٢‬الحظ أن ‪.3٩ = )٢ ÷ 3( × ٢6‬‬

‫‪-٥٠-‬‬
‫‪ .1.8‬االنبعاث وإعادة النهوض‬
‫األقل َملعان ًا التي كان يعمل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسارات‬ ‫كانت «النُّ ُظم اخلبرية ‪َ »expert systems‬أ َحدَ‬
‫هبدوء بعض باحثي الذكاء االصطناعي منذ منتصف ستينيات القرن العرشين‬ ‫ٍ‬ ‫عليها‬
‫َني أساسيني؛ أوهلام هو قاعدة واسعة‬ ‫امليالدي؛ حيث يتكون «النظام اخلبري» من ُمك َِّون ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫رضاوات‬ ‫قدر اإلمكان من احلقائق حول موضو ٍع حمدَّ د َض ِّيق النِّطاق (مثل‪ :‬ري اخلَ ْ َ‬ ‫َ‬
‫قوالب‬
‫َ‬ ‫الص ْوبات الزراعية) املستقاة من ُخ َربا َء يف هذا املجال واملصوغة يف‬ ‫بالتنقيط يف َّ‬
‫طة تركيب ًّيا واصطالح ًّيا‪ ،‬وثانيهام هو آلي ٌة لالستدالل واالستنتاج عرب التحليل املنطقي‬ ‫منم ٍ‬
‫َّ‬
‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املكون األول‪« :‬قاعدة حقائق اخلربة»‪ .‬وعند َت َل ِّقيه‬
‫سؤاال يف نطاق‬ ‫الريايض تعمل عىل ِّ‬
‫(‪)١‬‬

‫املوضوع الذي يغطيه‪ ،‬فإن النظام اخلبري عرب التحليل املنطقي الريايض لـ «قاعدة حقائق‬
‫املستخدم الذي وجه إليه السؤال األساس‬ ‫ِ‬ ‫وجه بدوره إىل‬‫اخلربة» املتوفرة لديه قد ُي ِّ‬
‫ٍ‬
‫«اختيار من متعدد»)‬ ‫ٍ‬ ‫بعض األسئلة التكميلية ذات األجوبة البسيطة («نعم أم ال»‪ ،‬أو‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويعتمد توليد كل سؤال تكمييل يف هذا احلوار عىل إجابات سابِقيه‪ ،‬ويستمر ذلك إىل أن‬
‫إجابة للسؤال األصيل(‪.)٢‬‬ ‫ٍ‬ ‫تتوصل آلية االستدالل واالستنتاج إىل‬
‫ومن النجاحات املبكِّرة التي أظهرت َف َعالي َة و َع َمالنِ َّي َة النظم اخلبرية نظا ٌم ُس ِّم َي‬
‫اوم»‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫«دنْدرال ‪ »Dendral‬الذي بدأ تطويره عام ‪١٩6٥‬م بواسطة «إدوارد فيغينْ َب ْ‬
‫وطال ُبه حيث حاكَى النظام دور اخلبري الكيميائي بتحديد املركبات الكيميائية عرب‬
‫دراسة «حتليلها الطيفي ‪ ،»spectrograph‬وكذلك نظا ٌم آخر ُس ِّم َي «ما ْي ِسني ‪»MYCIN‬‬
‫اكتمل تطويره عام ‪١٩7٢‬م واستطاع عرب دراسة نتائج حتليل الدم تشخيص األمراض‬
‫املعدية عن طريق نقله من شخص إىل آخر‪.‬‬
‫طرح «الذكاء االصطناعي» يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفارق لألنظمة اخلبرية الذي أعاد‬ ‫أما النجاح‬
‫وبحثي‬
‫ٍّ‬ ‫علمي‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫كحقل‬ ‫أوساط اجلهات احلكومية والصناعية ويف اإلعال ِم واس ِع االنتشار‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جا ٍّد بعد «سنواته العجاف» ‪ -‬انظر القسم الفرعي السابق ‪ -‬فقد أتى عام ‪١٩8٠‬م َعق َ‬

‫‪ -١‬والذي تناولناه يف القسمني الفرعيني السابقني ‪ ١.6‬و ‪.١.7‬‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫التحليل املنطقي فيها احلدَّ األقىص للموارد احلاسوبية املتاحة له وعندئذ ُيع َلن عَدَ ُم العثور عىل َح ٍّل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -٢‬أو إىل أن يستنفد‬
‫‪ -3‬وكان أستا ًذا لعلوم احلاسب وباح ًثا يف الذكاء االصطناعي بجامعة ستانفورد بالواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬و ُي ْط َلق‬
‫عليه لقب «األب املؤسس» لألنظمة اخلبرية‪.‬‬

‫‪-٥١-‬‬
‫ِ‬
‫اسم «إكس كون ‪ »XCON‬يف جامعة «كارنيغي ميلون»‬‫اكتامل تطوير نظا ٍم ُأ ْطل َق عليه ُ‬
‫األمريكية لصالح رشكة أنظمة احلواسيب الرقمية الكربى وقتها «مؤسسة املعدات‬
‫الر ْقمية (‪.»Digital Equipment Corporation )DEC‬‬ ‫َّ‬
‫واقتصادي ذي ٍ‬ ‫بري َّأو َل‬
‫بال للذكاء‬ ‫ٍّ‬ ‫صناعي‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫نجاح‬ ‫فقد َس َّج َل هذا النِّظا ُم اخلَ ُ‬
‫االصطناعي؛ حيث أوردت الرشكة يف تقاريرها الرسمية عام ‪١٩86‬م أن هذا النظام‬
‫دوالر أمريكي ‪ -‬وتكافئ قيمتها الرشائية عام ‪٢٠١٩‬م‬ ‫ٍ‬ ‫يوفر للرشكة سنو ًّيا أربعني مليون‬
‫ِ‬
‫عىل أقل تقدير مخس ًة وتسعني مليون دوالر أمريكي‪ .‬وينبع هذا الوفر من استغناء كل‬
‫مبيعات لدى املؤسسة هبذا النظام عن احلاجة إىل َخ ِل َّي ٍة من الفنيني يف هندسة‬ ‫ٍ‬ ‫مو َّظف‬
‫احلواسيب حتدد مكونات «ال َعتَاد ‪ »hardware‬و «الربجميات ‪ »software‬الصحيحة‬
‫نقص أو َهدْ ٍر (‪.)١‬‬‫ٍ‬ ‫واملتوائمة م ًعا التي تلبي بالضبط طلب كل عميل دون‬
‫اجتاها عكس التيار السائد َو ْقتَها يف‬
‫ً‬ ‫ومما يلفت النظر أن األنظمة اخلبرية مثلت‬
‫الذكاء االصطناعي الذي كان ينحو إىل االعتامد كأقىص ما يمكن يف معاجلة املسائل‬
‫أيضا قدر املستطاع إىل اختزال البيانات‬
‫عىل التحليل الريايض واخلوارزمات‪ ،‬فيام ينحو ً‬
‫املدخلة إىل عمليات املعاجلة تلك‪ .‬وربام كان ذلك االجتاه من اخلطوات‬ ‫واملعلومات َ‬
‫ِ‬
‫نضوج‬ ‫األوىل عىل الطريق الذي أوصل الذكاء االصطناعي يف السنوات األخرية إىل‬
‫مقاربة العديد من املسائل اهلامة عرب «التع ُّلم احلاسويب» وعرب معاجلة «البيانات العمالقة‬
‫َ‬
‫‪.»big data‬‬
‫ٍ‬
‫خبري»‬ ‫وجيري بنا ُء «قاعدة حقائق اخلربة ‪ »experience facts base‬ألي «نظا ٍم‬
‫ٍ‬
‫مقابالت‬ ‫باستقائها من العاملني ذوي اخلربة الراسخة يف نطاق عمل هذا النظام عرب‬
‫بأنساق مصم ٍ‬
‫مة‬ ‫ٍ‬ ‫مطو ٍلة معهم جيرهيا مطورو النظام الذين يطرحون عليهم األسئلة‬
‫َّ‬ ‫َّ‬

‫ٍ‬
‫واحدة معيارية خيتارها العميل‬ ‫ٍ‬
‫كباقة‬ ‫‪ -١‬مل تكن األنظمة ذات القدرات احلاسوبية العالية وقتذاك التي تبيعها املؤسسة تأيت‬
‫حمدودة سابقة التجهيز والتجميع تطرحها الرشك ُة يف األسواق ‪ -‬كام هي العادة اآلن ‪ -‬بل كان‬ ‫ٍ‬ ‫نامذج‬ ‫من بني عدة‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫العمالء يصفون احتياجاهتم احلاسوبية ملوظفي املبيعات وبنا ًء عىل هذا الوصف تتحمل الرشكة عبء انتقاء العرشات‬
‫مكونات العتاد والربجميات الالزمة لتلبية هذه االحتياجات ومن ثم تقوم بتجميعها عىل هيئة نظا ٍم‬ ‫‪ -‬وربام املئات ‪ -‬من ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عنص من عناص العتاد أو الربجميات كانت باهظةً‬ ‫يصا لكل عميل‪ .‬ومع مالحظة أن تكلفة كل‬ ‫مفص ٍل خ ِّص ً‬ ‫ٍ‬
‫متكامل َّ‬
‫جدًّ ا باملقارنة بأسعار وقتنا الراهن ‪ -‬بسبب إنتاجها بكميات حمدودة عىل نطاق ضيق ‪ -‬فإن إضافة عناص ال حيتاجها‬
‫العميل كانت متثل خسار ًة مالي ًة مؤملة‪.‬‬

‫‪-٥٢-‬‬
‫املحتملة للحوار وكذلك لكشف أي تناقض يف إجاباهتا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لتغطية خمتلف السيناريوهات‬
‫ال منطق ًّيا رياض ًّيا‪ .‬وكي‬ ‫ٍ‬
‫مصممة للسامح بتحليلها حتلي ً‬ ‫قوالب‬ ‫كام يضعون إجاباهتم يف‬
‫َ‬
‫ال تقف معضلة «الضخامة اهلائلة للمعرفة الفطرية» ‪ -‬التي تناولناها يف القسم الفرعي‬
‫خبري» يقيد‬ ‫السابق ‪ -‬سدًّ ا مني ًعا حيول دون بناء «قاعدة حقائق اخلربة» فإن كل «نظا ٍم ٍ‬
‫ً (‪)١‬‬ ‫معريف ٍ‬
‫ضيق للغاية عىل غرار املثالني اللذين ذكرنامها آنفا‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫نفسه بنطاق‬
‫ذاهتا ‪ -‬وهي السنوات السبع األُ َول من‬ ‫صعيد آخر أثناء سنوات االنبعاث ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وعىل‬
‫َ‬
‫تطورات هام ٌة أعادت إحياء املحاكاة‬ ‫ٌ‬ ‫ثامنينيات القرن العرشين امليالدي ‪ -‬وقعت‬
‫نفسهِ‬
‫ستينيات القرن ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلاسوبية للشبكات العصبية بعد اضمحالل العمل عليها بنهاية‬
‫ِ‬
‫األمريكي «جون ُهو ْبفي ْلد»‬ ‫الفيزيائي‬ ‫‪ -‬كام جاء يف القسم الفرعي السابق ‪ -‬فقد ابتكر‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫نموذجا جديدً ا من الشبكات العصبية احلاسوبية وبرهن رياض ًّيا أنا‬ ‫ً‬ ‫(‪)٢‬‬
‫عام ‪١٩8٢‬م‬
‫تستطيع لعب دور «الذاكرة االرتباطية ‪ »associative memory‬التي متثل َم ْل َم ًحا مم ِّيز ًا‬
‫للذاكرة البرشية مقابل «ذاكرة االستدعاء املبارش ‪ »random access memory‬املم ِّيزة‬
‫ُون» (‪ )٤‬مع‬ ‫«جي ْفري ها ْنت ْ‬ ‫للحواسيب الرقمية املعيارية (‪ .)3‬ويف الوقت نفسه تقري ًبا نجح ِ‬
‫ِ ِ َ (‪)6‬‬ ‫ومي ْلهارت» (‪ )٥‬يف البناء عىل األسس الرياضية التي أرساها ِ‬ ‫«د ِيفيدْ ر ِ‬
‫ِ‬
‫«سي ُّبو لينَاينْام»‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫‪ -١‬وبِ ُلغ َِة الرياضيات التي تصف معضالت بناء ومتثيل ومعاجلة «املعرفة الفطرية» فإن «قاعدة حقائق اخلربة» التي يرتكز‬
‫مفصل ُة التمثيل ‪ -‬من األونطولوجيا‬
‫خبري» هي رشحي ٌة أونطولوجي ٌة ضئيلة احلجم للغاية ‪ -‬لكنها َّ‬ ‫ٍ‬ ‫أي «نظا ٍم‬‫عليها ُّ‬
‫الكلية للعامل الواقعي‪.‬‬
‫يك) ‪ »Caltech‬وهو كذلك أحد مؤسيس برنامج الدكتوراة يف‬ ‫‪ -٢‬وكان أستا ًذا يف «معهد التقنية بجامعة كاليفورنيا (كا ْلتِ ْ‬
‫«احلوسبة والشبكات العصبية» يف املعهد ذاته‪.‬‬
‫مفهرسا ‪ »index‬ومن أجل‬
‫ً‬ ‫‪ -3‬من أجل تزينها يف «ذاكرة االستدعاء املبارش» فال بد أن ُت ْع َطى ُّ‬
‫كل معلومة «عنوانًا‬
‫اسرتجاع تلك املعلومة فال بد كذلك من معرفة هذا «العنوان املفهرس» وهذا هو النمط الذي تعمل وف ًقا له‬
‫ذاكرة احلاسوب الرقمي املعياري‪ ،‬أما الذهن البرشي فلربام تتداعى إىل ذهنه فكرةٌ‪/‬معلوم ٌة واحدة أو أكثر (مثل‪:‬‬
‫«املزروعات»‪« ،‬اخلُ ْرضة»‪« ،‬النامء»‪« ،‬الفيضان»‪ )... ،‬عندما ت ُْذك َُر له فكرةٌ‪/‬معلوم ٌة أخرى مرتبط ٌة هبا (مثل‪« :‬سقوط‬
‫ٍ‬
‫مرتبطة هبا‬ ‫ٍ‬
‫معلومة أخرى‬ ‫األمطار») ويسمى هذا النوع من الذاكرة التي تُستدْ عَى فيها املعلومة‪/‬املعلومات بمعرفة‬
‫«الذاكر ُة االرتباطية»‪.‬‬
‫ٌ‬
‫باحث‬ ‫إنغليزي بارزٌ يف «علم النفس اإلدراكي» و «علوم احلاسب» يف «جامعة تورونتو» يف كندا ثم‬ ‫ٌّ‬ ‫‪ -٤‬وهو أستا ٌذ ك ٌّ‬
‫َندي‬
‫ِ‬
‫رئييس يف «رشكة غووغل» العمالقة الشهرية للربجميات‪.‬‬ ‫ٌّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يفورنيا ‪ -‬سان دييغُو» األمريكيتني‪.‬‬ ‫‪ -٥‬وهو أستاذ أمريكي يف «علم النفس اإلدراكي» يف «جامعة ستا ْن ُف ْ‬
‫ورد» ثم يف «جامعة كال ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -6‬وهو عامل الرياضيات الفنلندي والباحث يف علوم احلاسب يف «جامعة هي ْلسنْكي» يف فنلندا‪ ،‬ثم األستاذ الزائر يف‬
‫«جامعة َم ِ‬
‫اريالنْد» بالواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫‪-٥3-‬‬
‫ِ‬
‫صياغة ُخ ِ‬
‫وار ْزم «االنتشار االرتدادي‬ ‫يف بداية ِع ْقد السبعينيـــات ومن َث َّم إحكـــا ِم‬
‫‪ »back propagation‬لتدريب «الشبكــــــات العصبية متعـــــددة الطبقات‬
‫املحوسبة‬
‫َ‬ ‫‪ - »multi-layer neural nets‬وهو النموذج األصيل للشبكات العصبية‬
‫ظاهرة ما من أجل حماكاة سلوكها (‪)١‬؛ وهو التطور األهم‬ ‫ٍ‬ ‫وخمرجات‬ ‫َ‬
‫مدخالت َ‬ ‫‪ -‬عىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف مسرية هذه الشبكات التي سوف ترتسخ مع منتصف ع ْقد التسعينيات عىل ُمن َْحنًى‬
‫تصاعدي وصوالً إىل وقتنا الراهن كأحد األسلحة املاضية يف ترسانة «التعلم احلاسويب‬ ‫ٍّ‬
‫دورا ها ًّما فيام تبقى من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ »machine learning‬وهو ما سيلعب معنا ً‬
‫بقوة بعد ُخفوهتا يف الذكاء االصطناعي من ٍ‬
‫باب‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫اآلمال‬ ‫النجاحات‬
‫ُ‬ ‫بعثت هذه‬
‫ف باسم «هندسة املعرفة ‪ »Knowledge Engineering‬فدفعت حالة النجاح‬ ‫ُع ِر َ‬
‫االقتصادي الذي حققته «النظم اخلبرية» ‪ -‬مثل حالة «إكس كون ‪ »XCON‬التي أسلفنا‬
‫الكثري من الرشكات الكبرية حول العامل يف جمال الصناعة واخلدمات إىل‬ ‫َ‬ ‫تفصي َلها ‪-‬‬
‫اإلقبال عىل إدماج «النظم اخلبرية» يف عملياهتا بل إىل االستثامر السخي يف إنشاء أقسا ٍم‬
‫ٍ‬
‫خبرية» خاصة هبا‪ ،‬ومن أجل تلبية‬ ‫داخلها ألبحاث الذكاء االصطناعي لتطوير « ُن ُظ ٍم‬
‫صناعي يشمل‬
‫ٌّ‬ ‫قطاع‬
‫ٌ‬ ‫طلبات هذه الرشكات وأقسام الذكاء االصطناعي فيها نشأ كذلك‬
‫ٍ‬
‫ورشكات‬ ‫رشكات للعتاد احلاسويب الرقمي (مثل ‪ Symbolics‬و ‪)Lisp Machines‬‬ ‫ٍ‬
‫للربجميات (مثل ‪ IntelliCorp‬و ‪.)AIon‬‬
‫أما عىل صعيد الكيانات األكرب فلم يكن انبعاث الدعم ألنشطة أبحاث وتطوير‬
‫بأقل من ذلك؛ ففي عام ‪١٩8١‬م خصصت وزارة الصناعة‬ ‫الذكاء االصطناعي َّ‬
‫أمريكي ملا أطلقت عليه وقتها‬
‫ّ‬ ‫والتجارة الدولية اليابانية ثامنمئ ًة ومخسني مليون دوالر‬
‫«مرشوع احلواسيب من اجليل اخلامس» الذي متثلت أهدافه يف تطوير برجميات وصناعة‬
‫حواسيب تستطيع «إجراء حوارات باللغة الطبيعية» و «الرتمجة بني اللغات الطبيعة»‬
‫الص َور» و «القيام بالتحليل املنطقي» بمستوى األداء البرشي‪ ،‬وقد اختريت‬ ‫و «تفسري ُّ‬
‫لغة «برولوغ ‪ُ )٢( »Prolog‬ل َغ ًة أساسي ًة لكتابة الربجميات يف هذا املرشوع‪ .‬وكذلك‬

‫«أي من ا ُملدْ َخالت إليها» من خارج عينة بيانات التدريب‪.‬‬


‫خمرجات الظاهرة» املناظرة لـ ِّ‬
‫«أي من َ‬
‫‪ -١‬أي حساب قيمة ٍّ‬
‫‪ -٢‬وهي كام أسلفنا يف القسم الفرعي ‪ ١.6‬من هذا الفصل لغ ٌة لربجمة احلواسيب الرقمية ُت َي ِّرس ملطوري الربجميات استدعاء‬
‫ٍ‬
‫بسالسة‪.‬‬ ‫وتوظيف أدوات املنطق الريايض التعريفية والتحليلية يف برجمياهتم‬

‫‪-٥٤-‬‬
‫أنفقت احلكومة الربيطانية ثالثمئ ًة ومخسني مليون جنيه إسرتليني بني عامي ‪١٩83‬م‬
‫فاي ‪ ،»Alvey‬كام تشكَّل تكت ٌُّل من رشكات‬ ‫ٍ‬
‫و ‪١٩87‬م عىل مرشو ٍع مشابه حتت اسم «آ ْل ْ‬
‫أمريكية كبرية ُأ ْط ِل َق عليه «حتالف اإللكرتونيات الدقيقة والتقنيات احلاسوبية ‪»MCC‬‬
‫لتمويل املرشوعات الضخمة يف حقل الذكاء االصطناعي وتقنيات املعلومات‪ .‬أما‬
‫آخر مثال نورده يف هذا الصدد فهو «املبادر ُة االسرتاتيجية للحوسبة» التي أطلقتها‬
‫(دار َبا) ‪ »DARPA‬يف الواليات املتحدة‬‫«وكالة مرشوعات األبحاث الدفاعية املتقدمة ْ‬
‫األمريكية بني عامي ‪١٩8٤‬م و ‪١٩88‬م (‪ )١‬وعود ُهتا ‪ -‬بعد انقطا ٍع ‪ -‬لالستثامر يف‬
‫أبحاث الذكاء االصطناعي مع مضاعفة استثامرها فيه ثالث مرات‪.‬‬
‫لعل القارئ بعد هذا االنبعاث يرتقب إعالن النهاية السعيدة هلذا التاريخ الطويل‬
‫باستقرار مسرية الذكاء االصطناعي وازدهارها ا ُمل َّط ِرد حتى وقتنا الراهن‪ ،‬ولكن الواقع‬
‫هو أن موج ًة أخرى من اجلفاف والسنوات العجاف كانت عىل وشك أن تزحف عىل‬
‫هذا احلقل والباحثني فيه!‬
‫إعجاب املؤسسات التجارية والصناعية‬ ‫ُ‬ ‫ففي عا َم ْي ‪١٩86‬م و ‪١٩87‬م تعا َظ َم‬
‫واالستثامر‬ ‫واإلقبال عىل استخدامها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واهليئات احلكومية يف العامل الغريب بالنُّ ُظ ِم اخلبرية‬
‫ُ‬
‫فيها بتسار ٍع ُم َّط ِر ٍد‪ ،‬إال أنه عىل الرغم من نجاح تلك النُّ ُظم يف «التع ُّلم األَ َّو ّيل» من اخلرباء‬
‫معني عرب استخالص وحوسبة معرفتهم الستخدامها عرب التحليل بأدوات‬ ‫ص َّ ٍ‬‫تص ٍ‬
‫يف ُّ‬
‫ملسائل عملية يف النطاق «الضيق» هلذه املعرفة‪ ،‬فقد‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫املنطق الريايض يف استنتاج إجابات‬
‫نقاط ضعف هذه النظم؛ وأمهها الصعوبة والتكلفة العاليتان‬ ‫َت َبدَّ ت مع طول االستخدام ُ‬
‫لتعديل «قاعدة حقائق اخلربة» مما يعني ضعف القدرة عىل حتقيق «التعلم املتواصل»‬
‫سواء لتحسني األداء أو للتكيف مع التغريات يف الظاهرة التي تغطيها هذه القاعدة‬
‫إجاباهتا َخ ْب َط َع ْشواء مع‬
‫ُ‬ ‫املعرفية‪ ،‬وكذلك َه َشاش ُة أداء هذه النظم حيث تكاد تكون‬
‫خروجا طفي ًفا عن النطاق الضيق لقاعدهتا املعرفية مما قد يؤدي‬ ‫ٍ‬
‫ألسئلة ترج ولو‬ ‫تصدهيا‬
‫ً‬
‫إىل كوارث إذا اعتمدت العمليات الصناعية واخلدمية احليوية عىل تلك «النظم اخلبرية»‪.‬‬

‫ٍ‬
‫وس َّامها «حرب‬ ‫«رونا ْلد ِرجيان» َ‬ ‫‪ -١‬وذلك خلدمة املبادرة العسكرية الكربى التي كان يروج هلا بقوة الرئيس األمريكي ُ‬
‫ِ‬
‫الساح ِق عليه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السو ْف ِييت ِّّي» عرب التفوق ال ِّت َقن ِّي َّ‬
‫النجوم» يف إطار جهود إدارته حلسم الصاع العاملي الطويل مع «االحتاد ُّ‬
‫وعسكري كانت‬ ‫اقتصادي‬ ‫ٍ‬
‫استنزاف‬ ‫وبالفعل سقط «االحتاد السوفييتي» وتفكك سياس ًّيا مع ختام عام ‪١٩٩١‬م بعد‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫هذه املبادرة آخر مراحله‪.‬‬

‫‪-٥٥-‬‬
‫انقالب يف عامل احلواسيب الرقمية حني بزغ عص‬ ‫ٌ‬ ‫وبختام عام ‪١٩87‬م وقع‬
‫«احلواسيب الشخصية ‪ »Personal Computers‬من رش َكت َْي «آبِل ‪ »Apple‬و «آي يب إم‬
‫‪ »IBM‬التي جتاوت وقتذاك قدراهتا احلاسوبية قدرات احلواسيب املتخصصة يف الذكاء‬
‫االصطناعي (مثل ‪ Lisp machines‬من صناعة رشكة ‪ )Symbolics‬يف حني مل يبلغ‬
‫سعر هذه احلواسيب الشخصية إال نسب ًة بسيط ًة من سعر تلك احلواسيب املتخصصة‪،‬‬
‫ُ‬
‫وضحاها مخسمئ ُة مليون دوالر أمريكي مع انيار صناعة تلك‬ ‫ٍ‬
‫فتبخرت بني عشية ُ‬
‫احلواسيب املتخصصة وتطوير مستلزماهتا الرباجمية (من أنظمة تشغيل وخالفه)‪.‬‬
‫وفوق ذلك يف عام ‪١٩8٩‬م ارتأت إدار ٌة جديد ٌة لـ «وكالة مرشوعات األبحاث‬
‫(دار َبا) ‪ »DARPA‬االمريكية أن «الذكاء االصطناعي» ليس هو‬ ‫الدفاعية املتقدمة ْ‬
‫املوجة التقنية اجلديدة الواعدة التي جيب أن تدعمها الوكالة وأن عليها أن تعيد توجيه‬
‫أكثر واقعية‪ ،‬فكان بالفعل أن قطعت‬ ‫ٍ‬
‫ميزانيتها إىل مرشوعات أخرى ذات مردودات َ‬
‫ٍ‬
‫بقسوة عن مرشوعات الذكاء االصطناعي مر ًة أخرى وأوقفت «مبادرهتا‬ ‫الوكالة دعمها‬
‫االسرتاتيجية للحوسبة»‪.‬‬
‫ومل يكن الوضع بأفضل حاالً يف اليابان؛ فمع الوصول إىل عام ‪١٩٩١‬م مل تتحق‬
‫قائمة األهداف مفرطة الطموح لـ «مرشوع حواسيب اجليل اخلامس» بعد عرش سنوات‬
‫من انطالقه‪.‬‬
‫األعامل وبعض الشخصيات األكاديمية قد بالغت َم َّر ًة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وأوساط‬ ‫وملا كان اإلعال ُم‬
‫رات وآفاق‬ ‫أخرى يف سنوات الثامنينيات من القرن العرشين يف النفخ يف حدود ُقدُ ِ‬
‫اخلبرية» عىل وجه اخلصوص‪ ،‬فإن تلك املبالغات‬ ‫ِ‬ ‫االصطناعي» بعا َّم ٍة و «النظ ِم‬ ‫ِ‬
‫«الذكاء‬
‫ِّ‬
‫وتقنية كبرية انفجرت بالفعل بنهاية‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اقتصادية‬ ‫قد أدت مع م ِيض الوقت إىل خلق ُف ٍ‬
‫قاعة‬ ‫ُ ِّ‬
‫الع ْق ِد َن ْف ِسه َج َّرا َء ما أسلفنا التمثيل له لت َِّونا من نقاط قصور وتطورات تقنية‬ ‫ِ‬ ‫ذلك ِ‬
‫ومتويلية؛ فبالوصول إىل عام ‪١٩٩3‬م كان عدد ما اختفى من رشكات تصصت يف‬
‫رشكة أنشئت ك ُّلها يف أعوام‬ ‫ٍ‬ ‫الذكاء االصطناعي ‪ -‬أو اعتمد نشا ُطها عليه ‪ -‬ثالثمئ َة‬
‫االنبعاث السبع بني ‪١٩8١‬م و‪١٩87‬م‪.‬‬
‫أزمة عا َّم ٍة‬
‫انزالق مسار «الذكاء االصطناعي» إىل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وألنا ا َمل َّر ُة الثاني ُة التي يتكرر فيها‬
‫وإبراز الدرس املستفاد التايل من تلك اخلربة التارخيية القيمة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تقرير‬ ‫فال ُبدَّ لنا من‬

‫‪-٥6-‬‬
‫قاعدة رقم ‪1‬‬
‫والترسع يف‬ ‫ث من العلوم و‪/‬أو التقنية‪،‬‬ ‫رات أي فر ٍع مستحدَ ٍ‬ ‫قد تؤدي املبالغ ُة يف ُقدُ ِ‬
‫ُ‬
‫طة يف التفاؤل؛ قد يؤدي كل‬‫مفر ٍ‬ ‫توسيع آفاقها التطبيقية بال قيود‪ ،‬ووضع مستهدَ ٍ‬
‫فات ِ‬ ‫ُ‬
‫ذلك إىل مكاسب إعالمية ومتويلية قصرية املدى‪ ،‬لكنه من املؤكد أنا مجي ًعا تؤدي عىل‬
‫حتمي يتمثل يف فقدان الثقة يف هذا املسار من‬
‫ٍّ‬ ‫عكيس‬ ‫املديني املتوسط والطويل إىل ٍ‬
‫أثر‬
‫ٍّ‬
‫العلوم والتقنية وتعطيله لفرتة طويلة‪.‬‬
‫وبطبيعة احلال فال ُبدَّ كذلك من االستفادة من هذا الدرس القيم وتطبيقه عىل‬
‫(‪)١‬‬
‫حوسبة اللغات الطبيعية ومن بينها حوسبة اللغة العربية التي هي بؤرة هذا الكتاب‪.‬‬
‫وقبل متابعة هذه املسرية يف مرحلتِها األخرية املمتدة إىل وقتنا الراهن‪ ،‬فمن املفيد‬
‫أن نلخص مجيع مراحلها عىل خارطة زمنية يعرضها فيام ييل (الشكل ‪)٥‬؛ حيث يفصل‬
‫كل خط رأس بني مرحلتني‪ ،‬وتتناسب درجة سطوع التظليل يف كل مرحلة مع درجة‬
‫النشاط والنضج فيها‪.‬‬

‫مبسط ٌة لصعود وهبوط النشاط البحثي يف حقل الذكاء االصطناعي‬


‫الشكل ‪ :٥‬خارط ٌة زمني ٌة معارص ٌة َّ‬

‫ٍ‬
‫مبادرات‬ ‫‪ -١‬وعىل الرغم من شدة وضوحها فإن خمالفة هذه القاعدة الذهبية ال يزال يتكرر مر ًة بعد أخرى عند تفعيل‬
‫أيضا تشوي َه سمعة حقل حوسبة اللغة من‬‫طموحة حلوسبة اللغة العربية يف العامل العريب مس ِّبب ًة ليس فقط فش َلها بل ً‬‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫أمثلة‬ ‫عميل إىل البحث عن‬ ‫ٍ‬
‫كتمرين‬ ‫حيث ِ‬
‫اجلدية والفعالية مما يثبط أي َة نوايا مستقبلي ًة لتكرار املحاولة‪ ،‬وندعو القارئ‬
‫ٍّ‬
‫ٍ‬
‫معاصة ملثل تلك احلاالت‪.‬‬

‫‪-٥7-‬‬
‫نصادف‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فبالرتحال عىل هذه اخلارطة الزمنية‬
‫املرحلة التمهيدية التي متتد من أربعينيات القرن العرشين امليالدي مع تبلور‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫«علوم احلاسب» وبناء «احلواسيب الرقمية» األوىل حتى مؤمتر «دارمتوث» الذي‬
‫يعد بمثابة «امليالد األكاديمي» حلقل «الذكاء االصطناعي» عام ‪١٩٥6‬م‪.‬‬
‫«السنوات الذهبية« التي امتدت إىل غاية عام ‪١٩73‬م‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪:‬‬
‫املوجة األوىل من «السنوات العجاف» ‪ -‬أو كام يطلق عليها بعض املؤرخني‬ ‫ثال ًثا‪:‬‬
‫«الشتاء األول للذكاء االصطناعي» ‪ -‬التي امتدت لغاية عام ‪١٩8٠‬م‪.‬‬
‫«سنوات االنبعاث وإعادة النهوض» التي استمرت لغاية عام ‪١٩87‬م‪.‬‬ ‫راب ًعا‪:‬‬
‫خامسا‪ :‬املوجة الثانية من «السنوات العجاف» ‪ -‬أو كام يطلق عليها بعض املؤرخني‬
‫ً‬
‫«الشتاء الثاين للذكاء االصطناعي» ‪ -‬التي امتدت لغاية عام ‪١٩٩3‬م‪.‬‬
‫سادسا‪« :‬احلقبة املعاصة» املمتدة من ‪١٩٩3‬م حتى وقتنا الراهن‪ ،‬والتي ي َّط ِر ُد فيها التطور‬ ‫ً‬
‫واملقاربات الرياضية‬ ‫َ‬ ‫املفاهيم‬ ‫من‬ ‫عدد‬ ‫استقرار‬ ‫بعد‬ ‫التطبيقي‬ ‫واإلنجاز‬ ‫البحثي‬
‫يقات التالية‬
‫الو َر ُ‬ ‫ني ُ‬ ‫احلاسوبية يف قناعة مجهور الباحثني يف هذا احلقل ‪ -‬كام س ُت َب ِّ ُ‬
‫أيضا «حقبة البيانات العمالقة والتع ُّلم احلاسويب»‪.‬‬ ‫ُسمى ً‬
‫‪ -‬مما جيعلها جدير ًة أن ت َّ‬
‫(‪)١‬‬ ‫ٍ‬
‫ذهبية أخرى‬ ‫ِ‬
‫وإبراز قاعدة‬ ‫ِ‬
‫تقرير‬ ‫وقبل الولوج إىل «احلقبة املعاصة» ال ُبدَّ لنا من‬
‫ٍ‬
‫مستفادة من هذه ِ‬
‫اخلارطة الزمنية‪:‬‬

‫‪ -١‬ويف احلقيقة فإن عدم التق ُّيد هبذه القاعدة الذهبية يشكل لألسف مشكل ًة كبري ًة يف الواقع الراهن حلوسبة اللغة العربية؛‬
‫«منسوخة ‪ »outdated‬ترجع إىل «مراحل باكرة» من تطور الذكاء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بقناعات‬ ‫فكثري من السادة اللسانيني العرب مشبعون‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫َنة اللغات الطبيعية سابقة عىل «حقبته املعاصة»‪ .‬والسبب يف ذلك هو الوقت الالزم كي‬ ‫ومعاجلته َمليك ِ‬
‫َ‬ ‫االصطناعي‬
‫ْ‬
‫واملنجزات التجريبية» اجلارية يف حقل احلوسبة إىل أدبيات اللسانيات الغربية إضاف ًة إىل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واملكتشفات‬ ‫تنتقل املفاهيم‬
‫ليهضمها السادة اللسانيون‬
‫َ‬ ‫الالزم‬ ‫الوقت‬ ‫عن‬ ‫ً‬
‫ال‬ ‫فض‬ ‫العربية‬ ‫اللسانيات‬ ‫أدبيات‬ ‫إىل‬ ‫م‬ ‫ج‬‫ُرت‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫كي‬ ‫ذلك‬ ‫بعد‬ ‫الوقت الالزم‬
‫العرب‪ ،‬و ُي َش ُار إىل ذلك بوجود «فارق يف ال َّط ْور ‪ »phase shift‬بني اللساين العريب النابه الذي يعمل (يف العقد الثاين‬
‫منسوخة من حقل الذكاء االصطناعي واحلوسبة (نشأت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قديمة‬ ‫ٍ‬
‫بقناعات‬ ‫من األلفية امليالدية الثانية عىل سبيل املثال)‬
‫يف ثامنينيات القرن امليالدي الفائت عىل سبيل املثال)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فعىل سبيل املثال ال يزال عدد من اللسانيني العرب الناهبني اآلن جياهدون منذ سنني طويلة دون طائل يف بناء نظ ٍم‬
‫بمقاربات «النحو التحوييل» و «النحو‬
‫َ‬ ‫ملعاحلة اللغة العربية آل ًّيا (كالرتمجة اآللية من‪/‬إىل اللغة العربية عىل سبيل املثال)‬
‫أنجح نظم حوسبة اللغات الطبيعية‬ ‫ٍ‬
‫سنوات طويلة‬ ‫ٍ‬
‫حتليلية أقلعت عنها منذ‬ ‫أساليب‬ ‫التوليدي» ‪ ...‬وما إىل ذلك من‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫واألوفق من أجل جتاوز مشكلة «فارق الطور» تلك هو أن يعمل اللسانيون العرب الناهبون يف فرق تضم‬ ‫ُ‬ ‫املعاصة‪.‬‬
‫إليهم باحثني ناهبني يف علوم احلاسب والذكاء االصطناعي وال سيام «التعلم احلاسويب ‪ »machine learning‬كام‬
‫سنبني الح ًقا يف هذا الفصل‪.‬‬

‫‪-٥8-‬‬
‫قاعدة رقم ‪2‬‬
‫املطور أو املخ ِّطط أو مدير املرشوع يف حقل حوسبة اللغات الطبيعية‬ ‫عىل الباحث أو ِّ‬
‫والتبص‬
‫ُّ ُ‬ ‫احلذر‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ومنه «حوسبة اللغة العربية» التي هي بؤرة اهتامم هذا الكتاب ‪-‬‬
‫ِ‬
‫الشديدين عند الرجوع إىل تراث وأدبيات الذكاء االصطناعي قبل «احلقبة املعاصة»‬
‫حيث كان التقلب يف الرؤى والقناعات شديدً ا يف مراحله الباكرة‪ ،‬فإذا ما ابتغى‬
‫أفضل املامرسات التي استقرت يف هذا احلقل فعليه بالرجوع إىل املصادر األحدث‬ ‫َ‬
‫يف احلقبة املعاصة‪.‬‬
‫املوجة الثانية من سنواته ِ‬
‫العجاف التي امتدت ُق َراب َة الست‬ ‫ِ‬ ‫وعود ًة إىل ما بعد انحسار‬
‫ِ‬
‫سنوات‪ ،‬فإنه ُينْ َظ ُر إىل مسرية الذكاء االصطناعي منذ عام ‪١٩٩3‬م حتى وقتنا الراهن‬
‫ٍ‬
‫واحدة؛ وفيام ييل السامت العامة التي متيز هذه املرحلة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫متصلة‬ ‫ٍ‬
‫كمرحلة‬
‫واضح لدى باحثي الذكاء االصطناعي إلى‬ ‫ٌ‬ ‫Ÿ في المراحل السابقة كان هناك َم ْي ٌل‬
‫االقتصار في األدوات التي يستخدمونها على تلك التي ُط ِّو َرت تحت مظلة‬
‫«الذكاء االصطناعي»‪ ،‬وكذلك َم ْي ٌل إلى تمييز عملهم وحقلهم عن سواه من‬
‫حقول البحث والتطوير حتى تلك المتجاورة معه المرتبطة به ارتبا ًطا «عائل ًّيا»‬
‫وثي ًقا كالفروع األخرى لعلوم الحاسب والرياضيات‪ ،‬و «علم االتصاالت‬
‫‪ ،»Telecommunications‬و«معــــاجلة اإلشــــــــــارات الرقميــــــة‬
‫(‪ ،»Digital Signal Processing )DSP‬و «بحــوث العمليـــــات‬
‫‪ ،»Operations Research‬و «نظرية التحكُّم ‪ ... »Control theory‬إلخ‪.‬‬
‫ويف املقابل متتاز احلقبة املعاصة بانفتاح بواباهتا لالستقـاء من روافد كل‬
‫فاصلة بني حقل الذكاء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حدود‬ ‫تعيني‬ ‫تلك احلقول (‪ )١‬حتى إنه ليصعب َ‬
‫اآلن ُ‬
‫االصطناعي وتلك احلقول األخرى التي ترفده‪.‬‬
‫ات الذكاء االصطناعي للمسائل‬ ‫َ‬
‫معاجل ُ‬ ‫ب عىل األساليب التي ارتكزت عليها‬ ‫Ÿ َغ َل َ‬
‫أساليب « َق ْطعي ٌة‪/‬حتديدي ٌة ‪ »deterministic‬وقد أسلفنا‬
‫ُ‬ ‫يف املراحل السابقة أنا‬

‫ف عىل الكالم املنطوق» و»التعر ِ‬


‫ف عىل األشكال‬ ‫‪ -١‬فمثالً‪ :‬قدمت «معاجل ُة اإلشارات الرقمية» حلوالً عملي ًة « للتعر ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫املرئية»‪.‬‬

‫‪-٥٩-‬‬
‫ِ‬
‫البيانات ا ُملدْ َخل َة إىل تلك املسائل من‬ ‫أن ذلك نقطة ضعف كبري ٌة (‪ )١‬حيث إن‬
‫ال عن تأصل العشوائية‬ ‫ذات مركّبات عشوائية واضحة فض ً‬ ‫البيئة املحيطة ُ‬
‫والتعقيد يف العمليات والظواهر الطبيعية‪ .‬أما يف هذه املرحلة فقد التحق‬
‫حافل من أسلحة‬ ‫ٌ‬ ‫معاجلة الذكاء االصطناعي للمسائل َمدَ ٌد‬ ‫َ‬ ‫برتسانة أساليب‬
‫الرياضيــــات املاضية من «التحليل ال َعــدَ دي ‪»Numerical Analysis‬‬
‫و «نظــــرية االحتــــامالت ‪ »Probability Theory‬و «التحليــــــــل‬
‫اإلحصــــــــــائي ‪ »Statistical Analysis‬و «العمليــــــــات الال يقينية‬
‫الشــ ََواش ‪ ... »Chaos Theory‬إلخ‬ ‫‪ »Stochastic Processes‬و «نظـــرية ّ‬
‫ٍ‬
‫مما غري املشهد من املثالية إىل الواقعية التي حققت نجاحات تطبيقي ًة كبري ًة‬
‫كثري ًة هام ًة‪ ،‬والواقع أن هذه األدوات اجلديدة هي التي تتصدر مشهد الذكاء‬
‫احلاسويب اآلن يف مرحلته املعاصة‪.‬‬
‫Ÿ بفضل التنامي املتسارع ُأ ِّس ًّيا ‪ -‬كام يعرب عنه «قانون ُموور» (‪ - )٢‬يف القدرات‬
‫احلاسوبية التي تتوافـــر عليهـــا احلواسيب الرقميــــة‪ ،‬وبفضل بِنَى‬
‫املــــوزعة‬
‫َّ‬ ‫«احلوسبة عىل التوازي ‪ »Parallel Processing‬وبِنَى «احلوسبة‬
‫‪ِ »Distributed Processing‬عالو ًة عىل ذلك‪ ،‬فقد صار من اليسري يف املرحلة‬
‫بمعاجل ٍ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫وار ٍ‬
‫زمات تقوم‬ ‫تنفيذ ُخ ِ‬
‫ُ‬ ‫املعاصة من مسرية «الذكاء االصطناعي»‬
‫ِّ‬
‫متعذ ًرا يف‬ ‫ٍ‬
‫ضخمة من البيانات ‪ -‬مما كان‬ ‫ٍ‬
‫حسابية بالغة التعقيد عىل أحجا ٍم‬
‫مراحله السابقة ‪ -‬بل صارت املنصات احلاسوبية الفائقة يف السنوات األخرية‬
‫ٍ‬
‫عمالقة من البيانات»‪ )3(.‬ولذلك ت َْر ُج ُح اآلن‬ ‫قادر ًة عىل التهام وهضم «أحجا ٍم‬
‫بقوة ِك َّف ُة «الذكاء القائم عىل املعرفة ‪»Knowledge-oriented Intelligence‬‬ ‫ٍ‬
‫عالية من دفق البيانات عن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بكثافة‬ ‫ِ‬
‫الدراسة‬ ‫حمل‬ ‫ِ‬
‫الظاهرة ِّ‬ ‫‪ -‬فيام تتمثل املعرفة عن‬
‫تلك الظاهرة ‪ -‬عىل ِك َّف ِة «الذكاء املقتص عىل براعة التحليل والرتكيب» كام كان‬
‫احلال يف املراحل السابقة‪.‬‬

‫اإلطار الوار َد بعد الشكل رقم ‪.٤‬‬


‫َ‬ ‫‪ -١‬راجع القسم الفرعي السابق ‪ ١,7‬من هذا الفصل؛ وبالتحديد‬
‫‪ -٢‬الذي سبقت اإلشارة إليه يف ناية القسم الفرعي ‪ ١,٤‬ثم بتفصيل أكرب يف ناية القسم الفرعي ‪ ١.7‬من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ -3‬يبلغ معامل تفاوت القدرات يف هذا الصدد بني ِع ْق ِد ستينيات القرن العرشين امليالدي وعام ‪٢٠١6‬م ‪ -‬عىل سبيل‬
‫صفرا»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صفرا» إىل «واحد أما َمه اثنا عرش ً‬
‫املثال ‪ -‬ما بني «واحد أما َمه أحد عرش ً‬

‫‪-6٠-‬‬
‫الس َام ُت الثالث السابقة بيئ َة الذكاء االصطناعي املطلوبة لتفعيل «التع ُّلم‬ ‫Ÿ وفرت ِّ‬
‫الع ْقدين السابقني‬ ‫احلاسويب ‪ »machine learning‬وحتويله إىل النجم األملع يف ِ‬
‫عىل مرسح الذكاء احلاسويب مما َم َّث َل انعطاف ًة تارخيي ًة ليس فقط يف مسرية تطوير‬
‫األنظمة الذكيــة بل يف مسرية احلوسبة بكاملها؛ ففيام جرى حــل الكثري‬
‫«مســـائل مهيك ٍ‬
‫َلة‬ ‫َ َُْ‬ ‫من ‪ -‬أو ربام ُمع َظـــم ‪ -‬ما يمكـــن َ‬
‫مقار َبتُه حتليل ًّيا من‬
‫بال يف املراحل السابقة ملسرية الذكاء االصطناعي‬ ‫‪ِ »structured problems‬‬
‫ذات ٍ‬
‫‪ -‬وربام كذلك يف السنوات األوىل من مرحلته املعاصة ‪ -‬فإن ُمع َظ َم املسائل‬
‫كبريا هي «مسائل‬ ‫اهلامة الذي بقي إجيا ُد حلول حاسوبية ناجعة هلا ُي َشك ُِّل حتد ًّيا ً‬
‫ماض للتعامل معها‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سالح‬ ‫غري مهيكلة ‪ »unstructured problems‬مل َي ْب َق من‬
‫(‪)١‬‬
‫سوى «التع ُّلم احلاسويب»‪.‬‬
‫ِ‬
‫الطبيعية‬ ‫املعاجل ِة احلاسوبية اآللية لِ ُّل َغ ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫وألن معظم املساحات اهلامة يف حقل‬
‫‪ -‬ومن ضمنها «ال ُّل َغ ُة العربي ُة» بطبيعة احلال ‪ -‬تنتمي إىل طائفة «املسائل غري‬
‫َلة»‪ ،‬فسوف تكون لنا وقف ٌة أخرى مع «التع ُّلم احلاسويب» يف القسم الثاين‬ ‫املهيك ِ‬
‫نبسط الفلسف َة التي ُبنِ َي عليها‪ ،‬وحتت أية رشوط يكون‬ ‫من هذا الفصل؛ حيث ِّ‬
‫ٍ‬
‫هو اخليار األمثل‪ ،‬ويف أية ظروف ينبغي جتنُّ ُب ُه‪.‬‬
‫Ÿ يف املراحل السابقة كانت النافذة التي يطل من خالهلا الذكاء االصطناعي عىل‬
‫كل منها عىل تنفيذ‬ ‫برجميات يكاد يقتص ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫مستخدميه ويطلون منها عليه هي‬
‫وارز ٍم ‪ -‬أو أكثر ‪ -‬من خوارزمات الذكاء االصطناعي بينام تبقى العناص‬ ‫ُخ ِ‬
‫عناص مساعد ًة عىل اهلامش‪ ،‬بينام تتميز احلقبة املعاصة أن‬
‫َ‬ ‫الرباجمية األخرى‬
‫ٍ‬
‫كعنص‬ ‫جتليات «الذكاء االصطناعي» تكون من خالل توظيف خوارزماته‬
‫ُمدْ َم ٍج مع عناص أخرى عديدة ‪ -‬مثل‪« :‬واجهات االستخدام التفاعلية»‪،‬‬
‫و«الرسوميات»‪ ،‬و«تداول البيانات عرب الشبكات الرقمية»‪ ،‬و«إدارة قواعد‬
‫ٍ‬
‫تطبيقات‬ ‫البيانات» و«التواصل بني املستخدمني» ‪ ...‬إلخ ‪ -‬تتكامل مجي ًعا يف‬
‫رقمية ‪ -‬ال يشرتط أن ترفع الفتة «الذكاء االصطناعي» ‪ -‬من أجل حتقيق ذكاءٍ‬
‫ُ َ‬

‫‪ -١‬راجع اإلطار األخري يف القسم الفرعي السابق ‪ ١,7‬لتعريف «املسائل املهيكَلة» و«املسائل غري املهيكَلة» و«التع ُّلم‬
‫احلاسويب»‪.‬‬

‫‪-6١-‬‬
‫يب حيس به ويستفيد منه مستخدم تلك التطبيقات‪ .‬ونشري كالعادة إىل أن‬ ‫حاسو ٍّ‬
‫برجميات معاجلة اللغات الطبيعية احلديثة ليست استثنا ًء من ذلك‪.‬‬

‫Ÿ من حيث الصورة الذهنية يف الوعي العام أثناء احلقبة املعاصة؛ فقد َخ ُف َت ً‬


‫كثريا‬
‫وهب َت أ َل ُق ُه سواء يف اإلعالم واسع االنتشار‬ ‫ِ‬
‫ذك ُْر مصطلح «الذكاء االصطناعي» َ ُ‬
‫أو حتى األوساط اهلندسية واألكاديمية‪ ،‬ومقابل ذلك شاع ِذك ُْر األساليب‬
‫كبريا؛ مثل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ملقاربة املسائل التي متثل حتد ًيا حاسوب ًّيا ً‬ ‫الناجحة ‪ -‬أو الواعدة ‪َ -‬‬
‫ُوف ا َمل ْخ ِف َّية (‪« ،»Hidden Markov Models )HMMs‬الشبكات‬ ‫مارك ْ‬
‫«نامذج ْ‬
‫باييس‬ ‫املحوسبة (‪« ،»Artificial Neural Networks )ANNs‬تع ُّلم ِ‬ ‫َ‬ ‫العصبية‬
‫االحتاميل ‪ ... ،»Bayesian Learning‬إلخ‪ .‬استمر ذلك احلال حتى سنوات‬
‫واسع‬
‫ُ‬ ‫رامي‬
‫واالقتصادي وحتى الدِّ ُّ‬
‫ُّ‬ ‫اإلخباري‬
‫ُّ‬ ‫قليلة خلت حني أخذ اإلعالم‬
‫ور ْف َع‬ ‫ِ ِِ‬
‫ب رايات «الذكاء االصطناعي» عال ًيا عىل من ََّصاته َ‬ ‫االنتشار يعيد ن َْص َ‬
‫الصوت بالرتويج للمبا َلغات يف مفتوح آفاقه وخارق قدراته ‪ ...‬إلخ مثلام‬
‫شهدت املراحل السابقة من هذه املسرية‪ ،‬ولذلك جيب أن تضع أي ُة أخبار‬
‫ملزيد من التدقيق والفحص قبل اعتامد‬ ‫إعالمية حديثة عن الذكاء احلاسويب ٍ‬
‫صحتها وصدقيتها‪.‬‬
‫زة حلقل الذكاء االصطناعي يف مرحلته‬ ‫ويف ظل هذه السامت الست العامة املمي ِ‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫قاعدة ذهبية ثالثة جيب عىل من يتصدى يف زمننا هذا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األخرية املعاصة فال ُبدَّ من ِ‬
‫إبراز‬
‫ملرشوعات أبحاث حوسبة اللغات الطبيعية ‪ -‬ومن بينها «العربية» ‪ -‬أو تطوير تقنيات‬
‫معاجلتها أن يضعها نصب عينيه‪:‬‬
‫قاعدة رقم ‪3‬‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّل ِ‬
‫غات الطبيعية‬ ‫َ‬ ‫إن أي مرشوع بحثي أو تطوير تقني جا ّد يف حقل‬
‫عمل (‪ )١‬طبيعتُه هندسي ٌة وجيب أن يدار بآليات «اإلدارة االحرتافية‬ ‫‪ »NLP‬هو ٌ‬
‫مات مبني ٌة عىل‬
‫وار ْز ٌ‬‫خصوصا مع ضخامتها (‪ )٢‬وأدوا ُت ُه هي ُخ ِ‬ ‫ً‬ ‫للمرشوعات»‬
‫الرياضيات املتقدمة (‪ )3‬وموضو ُع ُه وماد ُت ُه هي اللغة الطبيعية ومن ضمنها «العربية»‪.‬‬
‫بال يف هذا احلقل خيتل فيه واحد أو أكثر من هذه األركان الثالثة ‪ -‬من‬ ‫عمل ذو ٍ‬‫وأي ٍ‬
‫حيث التخطيط أو التجهيز أو األفراد أو التنفيذ ‪ -‬فإن مصريه املحتَّم إىل اإلخفاق‪.‬‬

‫‪-6٢-‬‬
‫ماذا حتقق بالفعل إذن حتى اآلن يف خضم الذكاء االصطناعي ‪ -‬أو الذكاء احلاسويب؟‬
‫وما الذي يصعب ‪ -‬أو ربام يستحيل ‪ -‬أن يتحقق يف املستقبل املنظور؟ هذا سؤال ِجدُّ‬
‫كبري‪ ،‬سنحاول قبل االنتقال إىل القسم الثاين من هذا الفصل أن نرسم مالمح عام ًة‬
‫إلجابته ثم نعود يف القسم اخلامس من هذا الفصل لإلجابة عنه مر ًة أخرى بتفصيل أكرب‬
‫يف سياق املعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية‪.‬‬
‫كان النجاح األكرب الذي حتقق حتى اآلن عىل مستوى معاجلة كميات كبرية ‪-‬‬
‫وأحيانًا هائلة ‪ -‬من الرموز من أجل‪:‬‬
‫اكتشاف «األنامط ‪ »patterns‬وأنساق ارتباطاهتا؛ وهو ما ُي ْع َرف باسم «التنقيب‬ ‫‪-‬‬
‫يف البيانات ‪.»Data Mining‬‬

‫فة سل ًفا ‪ -‬وهو ما يعرف باسم «التنسيب‬ ‫فئات معر ٍ‬


‫التصنيف اآليل هلذه الرموز يف ٍ‬ ‫‪-‬‬
‫َّ‬
‫َ ٍ‬
‫يعرف باسم‬ ‫مكتشفة تلقائ ًّيا من َس َّلة البيانات ‪ -‬وهو ما َ‬ ‫‪ - »classification‬أو‬
‫«التصنيف ‪.»categorization‬‬
‫ٍ‬
‫لظاهرة أو‬ ‫مدخ ٍ‬
‫الت‬ ‫تعميم الربط بني فئتني أو أكثر من الرموز بعضها يمثل َ‬ ‫‪-‬‬
‫جات هلا بحيث يمكن بعد ذلك التعميم‬ ‫عملية ما وبعضها اآلخر يمثل خمر ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫ف باسم «التعلم احلاسويب‬ ‫مدخ ٍ‬
‫الت وهو ما ُي ْع َر ُ‬ ‫ِ‬
‫املناظرة ألية َ‬ ‫توليدُ املخر ِ‬
‫جات‬ ‫َ‬
‫‪.»Machine Learning‬‬
‫ٍ‬
‫عملية‬ ‫ٍ‬
‫لظاهرة أو‬ ‫مدخ ٍ‬
‫الت‬ ‫تعميم الربط بني فئتني أو أكثر من الرموز بعضها يمثل َ‬ ‫‪-‬‬
‫‪/‬اختيار‬ ‫خمرجات هلا بحيث يمكن بعد ذلك التعميم توليدُ‬ ‫ٍ‬ ‫ما وبعضها اآلخر يمثل‬
‫ُ‬
‫الت وهو يمكن أن نطلق عليه تسمية‬ ‫مدخ ٍ‬ ‫ِ‬
‫املناظرة ألية َ‬ ‫املخرجات احتامل ًّيا‬
‫أرجح َ‬
‫«التع ُّلم االحتاميل الرشطي ‪ .»Conditional Probabilistic Learning‬وتلعب‬
‫العمليات احلداثي ُة (‪ )١‬ملعاجلة الرموز دور البطولة يف توفري عنص الذكاء‬ ‫ُ‬ ‫هذه‬
‫احلاسويب يف صناعة الربجميات املعاصة‪.‬‬

‫‪ -١‬إىل جانب عمليات الذكاء االصطناعي الكالسيكية ملعاجلة الرموز مثل‪ :‬التحليل عرب املنطق الريايض‪ ،‬وخمت َلف أساليب‬
‫والشبكي‪ ... ،‬وغريها مما أسلفنا اإلشارة إليه يف القسمني الفرعيني ‪ ١.6‬و ‪ ١.7‬من هذا الفصل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشجري‬
‫ّ‬ ‫البحث‬

‫‪-63-‬‬
‫بعبارة أخرى «إكساب الرموز‬ ‫ٍ‬ ‫أما عىل مستوى «ربط هذه الرموز بالعامل الواقعي»؛ أو‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مدلوالت يف الواقع احلقيقي»‪ ،‬فام زال حتقيقه اآلن ‪ -‬وربام لعقود قادمة ‪ -‬بعيد املنال‬ ‫ٍ‬
‫تعذر التمثيل الريايض‬ ‫تعذر بناء أونطولوجيا كاملة للعامل الواقعي (‪ ،)١‬وبسبب ُّ‬ ‫بسبب ُّ‬
‫وتعذر حوسبة «التحليل‬ ‫ُّ‬ ‫وحوسبة «املعرفة الفطرية ‪»commonsense knowledge‬‬
‫ِ‬
‫ري ‪ »commonsense reasoning‬تب ًعا لذلك‪ ،‬وهي املعضالت التي تناولناها يف‬ ‫الف ْط ّ‬
‫التطبيقات التي تقتص‬
‫ُ‬ ‫التعذ ِر‬
‫القسم الفرعي ‪ ١,7‬من هذا الفصل (‪ .)٢‬و ُيستثنَى من ذلك ُّ‬
‫حمدودة للغاية؛ مثل «األلعاب احلاسوبية»‪ ،‬و «أنظمة املحاكاة»‪ ،‬وبرجميات‬ ‫ٍ‬ ‫عامل ٍ‬
‫ٍ‪/‬بيئة‬ ‫عىل َ‬
‫التحكم يف الروبوتات املتخصصة ‪ ...‬ففي تلك احلاالت نضجت اآلن بالفعل اخلربات‬
‫ٍ‬
‫واقعية يف عا َملها املحدود‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مدلوالت‬ ‫ب الرموز‬ ‫ِ‬
‫العملية لبناء األونطولوجيا التي تُكس ُ‬
‫ويبقى حتقيق ذروة احللم بإكساب واكتساب الربجميات واآلالت التي تنفذها «الذاتية»‬
‫و «الوعي» ‪ -‬وهو ما حيلو لإلعالم الشعبي ودراما اخليال العلمي التعبري عنها بكابوس‬
‫أقرب إىل املستحيل استحال ًة‬ ‫َ‬ ‫اآلالت املستقلة املتمردة التي حتكم العامل وتستعبد البرش ‪-‬‬
‫«مربهنَت َْي عدم اكتامل الرياضيات‬ ‫َ‬ ‫مبدئي ًة بسبب اصطدامهام بسقف الرياضيات املتمثل يف‬
‫‪ »Incompleteness theorems‬اللتني سبقت اإلشارة إليهام يف ناية القسم الفرعي ‪١,3‬‬
‫ويف بداية القسم الفرعي ‪ ١,6‬من هذا الفصل‪ .‬ويرجع السبب يف ذلك بأوجز وأبسط ما‬
‫يمكن إىل أن بذرة «عدم االكتامل» الذي حيدد سقف املعرفة الرياضية تكمن يف «استدعاء‬
‫ٍ‬
‫رياضية لذاهتا» أو «إحالتها عىل نفسها» وهو ما يص َطلح عىل تسميته بـ «ال َع ْود َّية‬ ‫ٍ‬
‫عملية‬ ‫أية‬
‫‪ »recursion‬أو «اإلحالة الذاتية ‪ »self reference‬وهو عني املبدأ الرضوري للذاتية‬
‫والوعي حيث إن منشأمها هو معرفة الكائن لنفسه واإلشارة إىل ذاتِه‪ .‬ولذلك فإن أية‬
‫مسار يؤدي إىل اخلوض‬ ‫وعي يف اآلالت سوف تضعنا عىل ٍ‬ ‫حماولة ولو أولية لغرس ٍ‬
‫ذاتية أو ٍ‬
‫مساحات تعجز أدواتنا الرياضية ‪ -‬وبالتايل نامذجنا احلاسوبية ‪ -‬عن استكشافها ناهيك‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫عن السيطرة عليها‪ .‬وسوف نعود لتلك املسألة يف القسم اخلامس من هذا الفصل حني‬
‫نحاول أن نتلمس سقف املعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية إن كان حيدُّ ها سقف‪.‬‬

‫‪ -١‬وفيام خيتص باملعاجلة اآللية للغات الطبيعية فإن بناء أونطولوجيا كاملة للعامل تكسب الوحدات الرمزية للغة مدلوالهتا‬
‫ٍ‬
‫عندئذ ليس عليها فقط استيعاب العامل احلقيقي املحسوس‬ ‫متثل حتد ًيا أكرب من ذلك بكثري؛ فاألونطولوجيا املنشودة‬
‫أيضا استيعاب عوامل املجاز واخليال وهي فضاءات غري حمدودة بطبيعة تعريفها!‬
‫هائل الضخامة بل إن عليها ً‬
‫امللحق هبذا الشكل ذاتِه‪.‬‬ ‫َ‬
‫اهلامش َ‬ ‫‪ -٢‬راجع مناقشة «مفارقة ُمورافِيك» قبل الشكل رقم ‪َ ٤‬‬
‫مبارشةً‪ ،‬وكذلك‬

‫‪-6٤-‬‬
‫االصطناعي‪.‬‬ ‫الذ ِ‬
‫كاء‬ ‫معال ِة املسائل يف ِ‬
‫إطار َّ‬ ‫َ‬ ‫‪َ .2‬مدْ َرستان يف‬
‫ّ‬
‫يف الفضاء الشاسع للمسائل ‪« -‬غري التافهة ‪ - »non-trivial‬املطلوب التصدي‬
‫َ‬
‫ملعاجلتها حاسوب ًّيا يمكننا تصنيف الفئات التالية من حاالهتا‪:‬‬
‫عناصها‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مسائل نعرف‬ ‫ُ‬
‫«مسائل ُم َه ْيكَلة ‪ :»structured problems‬وهي‬ ‫(‪)١‬‬
‫ِ‬
‫نعرف آليات تفا ُع ِل عناص املسألة‬ ‫ٍ‬
‫مكونات أبسط‪ ،‬وكذلك‬
‫ُ‬ ‫ونستطيع أن نفككـها إىل ِّ‬
‫حيا‬
‫وذجـا رياض ًّيا ص ً‬
‫مع بعضها البعــض‪ ،‬وبالتـايل نستطيـــع أن نضــع هلا «ن ُُم ً‬
‫ُ‬
‫«املسائل ا ُمل َه ْيكَل ُة» بدورها إىل فئتني‬ ‫‪ .)١( »explicit mathematical model‬وتنقسم‬
‫فرعيتني‪:‬‬
‫ٌ‬
‫حلول لنامذجها الرياضية‬ ‫ُوجد ‪ -‬من حيث املبدأ ‪-‬‬ ‫ُ‬
‫«مسائل مهيكَل ٌة ت َ‬ ‫(‪)١←١‬‬
‫أيضا تنشعب إىل‬
‫‪ .»structured problems with solvable models‬وهذه ً‬
‫شعبتني‪:‬‬
‫ٌ‬
‫حلول لنامذجها الرياضية الصحية‬ ‫ُ‬
‫مسائل مهيكَل ٌة توجد‬ ‫(‪)١←١←١‬‬
‫ٍ (‪)٢‬‬ ‫ِ‬
‫ويمكن تنفيذ بعض هذه احللول حاسوب ًّيا بواسطة «خوارزمات مفيدة» ‪.‬‬
‫حلول لنامذجها الرياضية الصحية‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫مسائل مهيكَل ٌة توجد‬ ‫(‪)٢←١←١‬‬
‫زمات مفيد ٌة حاسوب ًّيا لتنفيذها َع َمل ًّيا‪.‬‬
‫وار ٌ‬ ‫ف ُخ ِ‬ ‫وال ُت ْع َر ُ‬
‫وح ِّلها‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫«مسائل مهيكَل ٌة ُ‬
‫نامذج رياضية َعص َّية عىل التعامل معها َ‬ ‫َ‬ ‫ذات‬ ‫(‪)٢←١‬‬
‫َن َظر ًّيا ‪.»structured problems with unsolvable models‬‬
‫ُ‬
‫مسائل يتعذر تفكيكُها‬ ‫غري ُم َه ْيكَلة ‪ :»unstructured problems‬وهي‬ ‫ُ‬
‫«مسائل ُ‬ ‫(‪)٢‬‬
‫توفريه لوصف مثل تلك‬ ‫ات عملها‪ ،‬وأفضل ما يمكن‬
‫ف آل َّي ُ‬
‫نات أبسط‪ ،‬وال ُت ْع َر ُ‬ ‫إىل مكو ٍ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫نات غزير ٌة من ُمدْ َخالهتا بالتوازي مع َ‬
‫املخرجات املناظرة هلا‪.‬‬ ‫املسائل هو َع ِّي ٌ‬
‫(‪)3‬‬

‫ٍ‬
‫مرتابط من التعريفات‬ ‫مبس ٌط له يف العادة ‪ -‬له عرب ن ََس ٍق‬ ‫‪ -١‬النموذج الريايض «الصيح» لنِظا ٍم ما هو َو ْص ٌ‬
‫تقريبي َّ‬
‫ٌّ‬ ‫ف‪-‬‬
‫الرشطية و‪/‬أو املنطقية و‪/‬أو‬ ‫ِ‬
‫والعمليات والعالقات الرياضية املبارشة؛ اجلربية و‪/‬أو التفاضلية‪/‬التكاملية و‪/‬أو َّ ْ‬
‫املخرجات املناظرة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مناولة املصفوفات ‪ ...‬إلخ‪ ،‬بحيث يمكن هلذا الوصف الريايض إذا ُأعْط َي ق َي َم ُمدْ َخالت ما أن ُينْت َج‬
‫َ‬
‫َ‬
‫مقبول مع سلوك النظام احلقيقي‪ .‬وسوف نتناول جمدَّ ًدا يف القسم التايل من هذا الفصل العالقة بني الظاهرة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫باتفاق‬ ‫هلا‬
‫ونموذجها الريايض والفوارق بينهام‪.‬‬
‫وارزم املفيد» الذي عرضناه مع تعريف «الذكاء االصطناعي» قرب ناية القسم الفرعي ‪ ١,٥‬من هذا الفصل‪.‬‬ ‫‪ -٢‬راجع تعريف «اخلُ ِ‬
‫‪ -3‬راجع اإلطار األخري يف القسم الفرعي ‪ ١,7‬من هذا الفصل‪.‬‬

‫‪-6٥-‬‬
‫املسائل املختلِفة حسب تصنيف تعقيدها الريايض‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مقارب ُة فئات‬
‫الشكل ‪َ :6‬‬
‫ويقرتن هبذا التصنيف السابق مقاربتان للتعامل مع املسائل املطلوب حوسبتها‪:‬‬
‫ٍ‬
‫مسألة ما؛ وهي‬ ‫«املقارب ُة التحليلي ُة ‪ »analytic approach‬للتعامل مع‬ ‫األوىل‪ :‬هي‬
‫َ‬
‫تنفيذ َح ٍّل لنموذج ريايض َصيح ً‬
‫تنفيذا حاسوب ًّيا‪ .‬و«النموذج الريايض الصيح» لنظا ٍم‬ ‫ُ‬
‫مرتابط من التعريفات والعمليات والعالقات‬ ‫ٍ‬ ‫ف للنظام عرب ن ََس ٍق‬ ‫ٍ‬
‫ببساطة َو ْص ٌ‬ ‫ما هو‬
‫الت ما أن‬‫الرياضية املبارشة‪ ،‬بحيث يمكن هلذا الوصف الريايض إذا ُأ ْعطِي ِقيم مدْ َخ ٍ‬
‫َ ََ ُ‬
‫ٍ‬
‫مقبول مع سلوك النظام احلقيقي‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫باتفاق‬ ‫حيسب املخرج ِ‬
‫ات املناظر َة هلا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف بِاسم «التع ُّلم التلقائي» أو «التع ُّلم احلاسويب ‪machine-‬‬
‫مقارب ٌة « ُت ْع َر ُ‬
‫الثانية‪ :‬هي َ‬
‫ف‬ ‫كصندوق مصم ٍ‬
‫ت ال ُي ْع َر ُ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ »learning‬وهي تنظر إىل النظام املطلوب حوسبته‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بمدْ َخالت واحلصول منه عىل‬‫ما بداخله؛ حيث كل ما ُي ْس َم ُح به هو تغذية النظام ُ‬

‫‪-66-‬‬
‫ٍ‬
‫كبرية (بام يكفي)‬ ‫حتصيل ٍ‬
‫عينة‬ ‫ُ‬ ‫املقاربة هي‬ ‫جات املناظِ ِ‬
‫رة ٍّ‬ ‫ا ُمل ْخر ِ‬
‫لكل منها‪ .‬وركيزة هذه َ‬ ‫َ‬
‫تشغيل أحد اآلليات الرياضية عىل هذه العينة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫من ا ُملدْ َخالت وا ُمل ْخ َرجات املوازية هلا‪ُ ،‬ث َّم‬
‫الكبرية من أجل استنباط السلوك العام للنظام بني ُمدْ َخالته ُ‬
‫وخم ْ َرجاته‪.‬‬
‫فئة من فئات املسائل حسب التصنيف‬ ‫ويصور (الشكل ‪ )6‬عالِيه املقارب َة املمكن َة لكل ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫السابق وفق طبيعة معرفتنا ببِنْ َيتها الرياضية‪ ،‬وفيام ييل رشوط صالحية وظروف تطبيق‬
‫ك ٍُّل من َ‬
‫املقار َبت َْني‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حتليلية» فقط عندما تتوافر فيها ما مجيع‬ ‫«مقاربة‬ ‫Ÿ ُي ْمك ُن حوسب ُة مسألة ما َع ْ َ‬
‫رب‬
‫الرشوط التالية‪:‬‬
‫نات أبسط‪،‬‬ ‫عناص املسألة وإمكانية تفكيكها إىل مكو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬معرفة‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫آليات تفا ُع ِل عناص املسألة مع بعضها البعض‪،‬‬ ‫‪ -‬معرفة‬
‫‪ -‬إمكانية وضع نموذج ريايض «صيح» هلذه املسألة‪،‬‬
‫‪ -‬وجود حلول نظرية هلذا النموذج الريايض الصيح‪،‬‬
‫«خ ِ‬
‫وارز ٍم مفيد»‪.‬‬ ‫‪ -‬إمكانية تنفيذ أحد هذه احللول النظرية حاسوب ًّيا بواسطة ُ‬
‫ذكرها ‪-‬‬ ‫ِ‬
‫املقاربة التحليلية ‪ -‬السابق ُ‬‫أكثر من رشوط إجراء َ‬ ‫Ÿ إذا افتُقدَ واحدٌ أو ُ‬
‫مقاربة املسألة عرب «التعلم احلاسويب»‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫خيار عندئذ إال َ‬
‫فال يتبقى ٌ‬
‫التقليدي حلوسبة املسائل‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫األسلوب‬
‫ُ‬ ‫«املقاربة التحليلية» عىل أنا‬ ‫َ‬ ‫و ُينْ َظ ُر عاد ًة إىل‬
‫مقاربة «التع ُّلم احلاسويب‪/‬التلقائي» عىل أنا هي َ‬
‫املامرس ُة «األكثر َحدَ اث َّي ًة»‬ ‫وإىل َ‬
‫ٍ‬
‫أكثر تقدُّ ًما وتعقيدً ا وكذلك‬ ‫املقارب َة األخرية حتتاج بالفعل إىل رياضيات َ‬ ‫َ‬ ‫ألن‬
‫تطويرها زمن ًّيا‪.‬‬ ‫إىل قدرات حاسوبية لتنفيذها أعىل من األوىل ولذلك تأخر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫الف ْطري َة يف الطبيعة وكذلك يف سلوك البرش‬ ‫ولكن املفارق َة الالفت َة هي أن املقارب َة ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ال يتعلم اللغة باملعايشة‬ ‫هي «التع ُّلم احلاسويب‪/‬التلقائي»؛ فالطفل الصغري مث ً‬
‫الصيف وال‬ ‫َّ‬ ‫يت وال‬ ‫واملحاكاة دون أن يعرف أو يدرس أوالً نظامها الصو َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أيضا‬ ‫والس ْبك» يتعلمها ً‬ ‫والصبِ ُّي الذي يتعلم ح ْرف ًة كاحلدادة َّ‬
‫النحوي ‪ ...‬إلخ‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من ُم َع ِّلمه (أو مع ِّلميه) باملعايشة واملحاكاة دون أن يعرف أو يدرس أوالً َ‬
‫علم‬
‫ات احلرارية وال فيزيا َء املواد ‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫املعاجل ِ‬
‫َ‬ ‫املعادن وال‬

‫‪-67-‬‬
‫جل ْزئ َّي َة البسيط َة) اخلاص َة بالتحقق من‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫املقاربة التحليلية نذكر املسأل َة (ا ُ‬
‫وكمثال عىل َ‬
‫املستخدم عىل أية منصة براجمية حاسوبية؛‬ ‫ِ‬ ‫«كلمة الرس ‪ »password‬الرقمية حلساب‬
‫فمن الواضح أن عملية التحقق يمكن إجراؤها عن طريق اشرتاط املطا َبقة الكاملة بني‬
‫ِ‬
‫املستخدم املحفوظة (بعد فك‬ ‫تسلسل الرموز ا ُملدْ َخلة وبني تسلسل الرموز يف كلمة رس‬
‫تشفريها)‪ ،‬وهو ما يتضمن تعري ًفا رياض ًّيا (للرموز املسموح هبا وغري املسموح هبا يف‬
‫كلامت الرس) وعملي ًة رياضي ًة (اختبار تساوي أو عدم تساوي رمزين) وعالق ًة رياضي ًة‬
‫(عالقة التساوي)‪ ،‬وهي كلها صحية مبارشة‪.‬‬
‫مفردات الكالم‬ ‫مقاربة التعلم احلاسويب مسأل َة‬ ‫ٍ‬
‫«التعرف عىل َ‬ ‫ُّ‬ ‫كام نذكر كمثال عىل َ‬
‫عرضها ُقبيل ختام‬ ‫واحد التي سبق ُ‬ ‫ٍ‬ ‫املنطوق (‪ »Speech Recognition )١‬من متحدَّ ٍ‬
‫ث‬
‫رياضية ‪ -‬دون‬ ‫ٍ‬ ‫أساليب‬ ‫ف من‬ ‫القسم الفرعي ‪ ١,7‬من هذا الفصل‪ .‬وأفضل ما ُي ْع َر ُ‬
‫َ‬
‫الولوج يف تفاصيلها ‪ -‬إلنجاز التع ُّل ِم احلاسويب مع هذه «املعضلة» هي «نامذج ماركوف‬
‫ا َملخف َّية ‪ »Hidden Markov Models‬بالتزاوج مع «النامذج االحتاملية لرتاكيب‬
‫الفونيامت»‪.‬‬
‫ملقار ِبة التع ُّلم احلاسويب؛ حيث َت ْظ َه ُر‬ ‫ِ‬
‫املكونات العام َة َ‬ ‫ِّ‬ ‫ويبني (الشكل ‪ )7‬أدناه‬
‫ومسارات تد ُّفق البيانات فيام بينها‪ .‬ومن أهم ما ينبغي‬ ‫ُ‬ ‫ارتباطات هذه املكونات‬
‫ُ‬
‫مدخالت‬ ‫عينات وفري ٌة من َ‬
‫ٌ‬ ‫مسار ْين؛ أوهلام ُ ْهت َض ُم فيه‬
‫َ‬ ‫مالحظتُه يف هذا الشكل وجود‬
‫واملخرجات املناظرة هلا ‪ -‬بعد حتويل صورهتا اخلام إىل‬ ‫َ‬ ‫النظام‪/‬الظاهرة َق ْيدَ احلوسبة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ب‬ ‫صورة رياضية نمطية‪/‬عيارية ‪ -‬عرب واحد من أساليب التع ُّلم احلاسويب حتى ُ ْحت َس َ‬
‫ويسمى هذا املسار‬ ‫ٍ‬
‫بيانات‪،‬‬ ‫وتز َن يف قاعدة‬ ‫الت نامذج التع ُّلم احلاسويب َّ‬ ‫ِ‬
‫معام ُ‬ ‫منها‬
‫َّ‬
‫« َط ْور التع ُّلم ‪ »learning phase‬أو « َط ْور التدريب ‪ .»training phase‬أما ثاين املسارين‬
‫املقاربة كلها؛ وفيه‬‫ف ُي َس َّمى « َط ْو ُر االستنباط» أو « َط ْو ُر التشغيل» وهو الغرض من هذه َ‬
‫الت له ولو مل تكن يف عينات طور‬ ‫مدخ ٍ‬ ‫جات النظام‪/‬الظاهرة املقابل ُة ألية َ‬ ‫تُستن َب ُط ُخم َر ُ‬
‫التدريب‪ .‬ومع اختالف التفاصيل الرياضية فإن كال ال َّط ْو َر ْين ُركْنان أساس َّيان يف‬
‫ف أساليب التعلم احلاسويب املعروفة مثل «الشبكات العصبية املحوسبة ‪Artificial‬‬ ‫خمت َل ُ‬
‫‪ ،»Neural Networks ANN‬و «آلية املتجه الداعم ‪،»Support Vector Machine‬‬

‫املفردات ‪ »vocabulary‬املطلوب التعرف عليها حمدود َة العدد مغ َلقة‪.‬‬


‫‪ -١‬بافرتاض أن «حصيلة َ‬

‫‪-68-‬‬
‫والتعلم وفق «مبدأ حالة الال يقني القصوى ‪ ،»Maximum Entropy Principle‬و‬
‫«تع ُّلم ِ‬
‫باييس االحتاميل ‪ ... ،»Bayesian Learning‬إلخ‪.‬‬
‫«املقاربة التحليلية» املذكورة سل ًفا يف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رشوط‬ ‫وينبغي التنبي ُه عىل أنه إذا توافرت‬
‫معاجلتها؛ حيث إن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مقاربة «التع ُّلم احلاسويب» يف‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫معاجلة مسألة ما فال ينبغي اللجوء إىل َ‬
‫تعبريا عن طبيعة املسألة وهي يف الغالب األكثر اقتصا ًدا‬ ‫األوىل هي األوضح واألضبط ً‬
‫يف اإلنجاز املعلومايت احلاسويب‪ ،‬أي أنا كاملاء ُلوضوء الصالة إذا حرض َب ُط َل التيمم‪.‬‬
‫َب ِق َي قبل االنتقال إىل القسم الثالث من هذا الفصل أن نشري إىل أن بعض املسائل‬
‫َ‬
‫ملعاجلة بقيتها إال‬ ‫«املقارب ُة التحليلية» بينام ال َي ْص ُلح‬ ‫ملعاجلة ٍ‬
‫جزء منها‬ ‫َ‬ ‫املركَّبة قد ت َْص ُلح‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫«املقاربة اهلجينة ‪.»Hybrid approach‬‬ ‫َ‬ ‫مقاربة «التع ُّلم احلاسويب» وعندئذ َّ‬
‫تسمى‬ ‫َ‬

‫(‪(1‬‬
‫ومسارات تد ُّفق البيانات بينها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وارتباطاتا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مقار ِبة التع ُّلم احلاسويب‪،‬‬
‫نات َ‬‫مكو ُ‬
‫الشكل ‪ِّ :7‬‬

‫َ‬
‫ومعالتها آل ًّيا‪.‬‬ ‫‪ .3‬حتديات ن َْم َذجة ال ُّلغات ال َّطبيعية‬
‫للمقاربت َْني «التحليلية»‬
‫َ‬ ‫سوف ن ُْسقـ ُِط يف هذا القســـم بعض االعتبــارات اهلامة‬
‫َ‬
‫«املعاجلة اآللية اللغـــات الطبيعــــية‬ ‫و «التع ُّلم احلاســــويب» عىل قضيــــــة‬
‫(‪ ،»Natural Language Processing )NLP‬ولكن قبل ذلك نحتاج إىل التوقف مع‬

‫(«معامالت نامذج ‪ »model parameters‬التعلم احلاسويب) أي «القيم العددية املحدَّ دة حلاالت هذه النامذج» بني‬ ‫ِ‬ ‫‪ -١‬تشتهر‬
‫املختص («نامذج ‪ »models‬التعلم احلاسويب)؛ لذا لزم التنبيه عىل عدم اخللط بينهام‪.‬‬
‫َ‬ ‫واملطورين يف هذا احلقل باالسم‬
‫ِّ‬ ‫الباحثني‬

‫‪-6٩-‬‬
‫وعواقبِه أال وهو‬ ‫ِ‬ ‫رارا منذ بداية هذا الفصل لتأ ُّمل معناه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مركزي تكرر معنا م ً‬ ‫ٍّ‬ ‫اصطالح‬
‫«النموذج الريايض ‪ »Mathematical Model‬و «الن َّْم َذجة ‪ .»Modeling‬فمن أجل‬
‫واملقارنة‬ ‫موضوعي يسمح بالقياس‬ ‫علمي‬ ‫طبيعية ما عىل ٍ‬
‫نحو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪/‬مسألة‬ ‫ٍ‬
‫ظاهرة‬ ‫ِ‬
‫دراسة‬
‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫أدوات هي ترسان ُة‬ ‫ٍ‬ ‫والتن ُّبؤ والتصميم والتخطيط والتنفيذ فإن أفضل ما لدينا من‬
‫وحتليل ‪ ...‬إلخ‪ ،‬ومن أجل إعامل هذه األسلحة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ومنطق‬ ‫ٍ‬
‫حساب‬ ‫الرياضيات بام فيها من‬
‫وصف ريايض متامسكٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واحليل الرياضية يف املسألة َقيد الدراسة فال بدَّ أوالً من ِصياغةِ‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫فيسمى هذا الوصف «الن ُُّمو َذ ُج الريايض» للمسألة كام ت َُس َّمى عملية بنائه‬ ‫َّ‬ ‫هلذه املسألة؛‬
‫«الن َّْم َذج ُة الرياضية» هلا‪.‬‬
‫جة؟‬ ‫الطبيعية ا ُملنَم َذ ِ‬
‫ِ‬ ‫وري‪ :‬هل النموذج الريايض ُمكافِ ٌئ للمسألة‬ ‫ٌ ِ‬
‫ْ‬ ‫سؤال حم ْ ٌّ‬ ‫وهنا يربز‬
‫ريايض املسأل َة التي ينمذجها‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫نموذج‬
‫ٌ‬ ‫يكافئ‬
‫َ‬ ‫واإلجابة قوالً واحدً ا هي أنه يستحيل(‪ )١‬أن‬
‫مبس ٌط هلا‪ .‬ويربز‬ ‫تقريبي َّ‬
‫ٌّ‬ ‫ريايض يمكن بناؤه للمسألة هو نُمو َذ ٌج‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫نموذج‬ ‫َ‬
‫أفضل‬ ‫وأن‬
‫(اجلدول ‪ )٢‬أدناه أهم املالمح التي تتلف فيها الظواهر‪/‬املسائل الطبيعية عن أفضل ما‬
‫يمكن بناؤه من نامذج رياضية هلا‪.‬‬
‫صفات النموذج الريايض للظاهرة الطبيعية‬ ‫صفات الظاهرة الطبيعية‬
‫واملكونات‬
‫ِّ‬ ‫حمدودية عدد العناص‬ ‫واملكونات‬
‫ِّ‬ ‫الكثرة اهلائلة للعناص‬
‫تنظيم وترتيب عناص النموذج يف أنساق بسيطة‬ ‫التعقيد اهلائل (شبه الفوضوي) لرتتيب‬
‫العناص وعالقا هتا‬
‫االتصال واالعتامد املتبا َدل بني خمت َلف العناص تقليل االتصال واالعتامد بني العناص إىل أدنى حد‬
‫حاسوبية مقي ٍ‬
‫دة لتنفيذ النموذج‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حدود‬ ‫ال حدو َد حاسوبي ًة تقيد تطور تفاعالت الظاهرة وجو ُد‬
‫ِّ‬
‫وجود قيود عىل الدقة احلسابية يف تنفيذ النموذج‬ ‫ال قيو َد حاسوبي ًة عىل ِد َّق ِة تفاعالت الظاهرة‬
‫بعض العناص وآليات التفاعل جمهولة‬ ‫مضمنة يف الظاهرة‬
‫َّ‬ ‫كل العناص والتفاعالت‬
‫مهملة يف النموذج‬
‫بعض العناص والتفاعالت َ‬ ‫ِ‬
‫مشاركة يف الظاهرة‬ ‫كل العناص والتفاعالت‬
‫ٌ‬
‫معزول عام سواه‬ ‫قائم بذاته‬
‫االتصال واالعتامد املتبا َدل بني الظاهرة وبيئتها النموذج ٌ‬
‫اخلارجية‬
‫الدول ‪ :2‬أهم الفوارق بني الظاهرة الطبيعية وأفضل نموذج ريايض يمكن بناؤه هلا‪.‬‬

‫‪ -١‬وهي استحال ٌة مبدئي ٌة ألن تلك الفوارق تظل قائم ًة يف عمق الطبيعة وظواهرها ويف عمق الرياضيات وعلوم احلاسب‪،‬‬
‫حتسن تقنياتنا‬
‫راجع القسمني الفرعيني ‪ ١.3‬و ‪ ١.٤‬من هذا الفصل‪ ،‬فلربام تتضاءل هذه الفوارق بعض اليشء مع ُّ‬
‫لكنها لن تتالشى‪.‬‬

‫‪-7٠-‬‬
‫ٍ‬
‫حقيقية‬ ‫ٍ‬
‫كظاهرة‬ ‫تطبيقي عىل هذه الفوارق نشري إىل «الشبكات العصبية»‬ ‫ٍ‬
‫وكمثال‬
‫ٍّ‬
‫املحوسبة» كنموذج ريايض هلا (‪ ،)١‬ونرتك لفطنة القارئ‬ ‫َ‬ ‫مقابل «الشبكات العصبية‬
‫تعيني الفوارق التي ذكرناها لتونا عىل هذا املثال باالستعانة باألشكال الثالثة التالية‬ ‫َ‬
‫(أرقام ‪ 8‬و ‪ ٩‬و ‪ )١٠‬التي تصور عىل الرتتيب «الشبكة العصبية احلقيقية»‪ ،‬ثم «التبسيط‬
‫النموذج‬
‫ُ‬ ‫املحوسبة متعددة الطبقات» وهي َ‬
‫اآلن‬ ‫َ‬ ‫األَ َّو ّيل هلا»‪ ،‬ثم «الشبكات العصبية‬
‫املعياري للظاهرة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الريايض‬
‫ُّ‬
‫وبسبب تلك الفوارق بني الظاهرة احلقيقية ونموذجها الريايض‪ ،‬فال م َفر من ِ‬
‫بقاء‬ ‫َ َّ‬
‫ري (ولن َُس ِّم ِه ط) عند تنفيذ النموذج‪ ،‬ومن اهلام للغاية االنتباه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫هامش خطأ غري ص ْف ٍّ‬ ‫ِ‬
‫املقارنة ال تكون بني‬
‫َ‬ ‫عند املفاضلة بني نموذجني رياضيني لنفس الظاهرة‪/‬املسألة أن‬
‫كثريا‬‫دقة األداء (ولن َُس ِّمها ق) لكال النموذجني ‪ -‬وهي مغا َلط ٌة شهري ٌة يلجأ إليها ً‬
‫وبعبارة أخرى فإن‪ :‬معامل املفاضلة بني‬ ‫ٍ‬ ‫هاميش اخلطأ فيهام؛‬
‫َ‬ ‫بعض املد ِّلسني ‪ -‬بل بني‬
‫نموذج‪ ١‬ونموذج‪ ٢‬يساوي‪ :‬ط‪ ÷ ٢‬ط‪-١( = ١‬ق‪-١( ÷ )٢‬ق‪ )١‬بينام املغا َلطة هي أن‬
‫(‪)٢‬‬
‫ب هذا املعامل بالصيغة ق‪ ÷ ١‬ق‪.٢‬‬ ‫حي َس َ‬
‫ُْ‬

‫ٍ‬
‫عصبية حقيقية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شبكة‬ ‫الشكل ‪ :8‬لقط ٌة ِمْهري ٌة من‬

‫وحوسبتها يف اإلطار قبل األخري من القسم الفرعي ‪ ،١.7‬ثم يف القسم الفرعي ‪١.8‬‬
‫َ‬ ‫‪ -١‬وقد تعرضنا للشبكات العصبية‬
‫من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ -٢‬مثال‪ :‬مع نموذج‪ ١‬ذي دقة أداء ‪ %٩٠‬مقابل نموذج‪ ٢‬ذي دقة أداء ‪ ،%٩٥‬فإن معامل أفضلية الثاين عىل األول يساوي‬
‫(‪ ٢ = )%٩٥ - ١( ÷ )%٩٠ – ١‬وال يساوي أبدً ا ‪ ،١8÷١٩ = %٩٠ ÷ %٩٥‬والفارق بني التقديرين كبري جدًّ ا‪.‬‬

‫‪-7١-‬‬
‫أويل للشبكات العصبية حيافظ عىل القنوات االتصالية بني خالياها‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫تبسيط ٌّ‬ ‫الشكل ‪:٩‬‬

‫املحوسبة متعددة الطبقات‪.‬‬


‫َ‬ ‫الشكل ‪ :10‬النموذج املعياري للشبكات العصبية‬

‫ورجو ًعا إىل قضية اللغات الطبيعية ‪ -‬وهي الظاهر ُة الطبيعي ُة شديد ُة التعقيد ‪ -‬فإن‬
‫مهها فيام ييل‪:‬‬ ‫نمذجتَها حاسوب ًّيا ب ُك ِّل َّيتِها كبري ٌة للغاية نعيد َ‬
‫إمجال أ ِّ‬ ‫التحديات التي تواجه َ‬

‫‪-7٢-‬‬
‫رموز (أصوات‪ُ ،‬م ْف َردات‪ ،‬تراكيب‬ ‫ٌ‬ ‫أوالً‪ :‬حتدي الربط بني اللغة من حيث هي‬
‫‪ ...‬إلخ) وبني ِدالالهتا يف العامل الواقعي؛ حيث إن «املعرفة الفطرية ‪commonsense‬‬
‫ِ‬
‫‪ )١( »knowledge‬بالعامل احلقيقي ‪ -‬وهي التي يشرتك فيها كل (أو مع َظم) البرش ‪ -‬هائل ُة‬
‫ْطولوج َيا»)‬ ‫ٍ‬
‫لدرجة جتعل من متثيلها رياض ًّيا يف قاعدة معرفية ( ُت ْعرف باسم « ُأون‬ ‫الضخامة‬
‫ْ‬
‫ناهيك عن املعارف املتخصصة لفئة مع َّينة من الناس (أونطولوجيا ُع َّامل‬ ‫َ‬ ‫أمرا بعيد املنال‪،‬‬
‫ً‬
‫املناجم‪ ،‬أونطولوجيا أطباء األسنان ‪ ...‬إلخ)‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ثاني ًا‪ :‬ألن اخليال جزء أساس يف التفكري البرشي فإن التفكري فيه والتعبري عنه‬
‫ينعكس كذلك يف اللغة الطبيعية‪ ،‬ولذلك فإن التحدِّ َي ا ُمل ْع ِج َز ال يقتص فقط عىل بناء‬
‫أونطولوجيا للعامل احلقيقي بل يمتد إىل احلاجة إىل بناء أونطولوجيا للخيال (وهو جمال‬
‫مفتوح غري حمكوم)!‬
‫الكاتب) عند استخدامه اللغ َة أدا ًة‬ ‫ُ‬ ‫ث أو‬ ‫ثال ًثا‪ :‬ال ُي َض ِّم ُن « ُمنتِ ُج اللغة» (املتحدِّ ُ‬
‫معريف عىل ك َُّل املعلومات التي يريد توصي َلها للمتل ِّقي‬ ‫ٍّ‬ ‫اتصالي ًة أو قنا ًة لنقل ً‬
‫حمتوى‬
‫(السامع أو القارئ) يف رسالته‪ ،‬فلو فعل لصارت العملي ُة ثقيل َة العبء لدرجة تقارب‬
‫االستحالة‪ ،‬ولكنه يفرتض أن السامع يشرتك معه يف معرفة سياق رسالته (‪ )٢‬ولذلك‬
‫ِ‬
‫(نصا‬‫فإنه ُي َض ِّم ُن يف رسالته فقط املعلومات املضاف َة عىل سياقها‪ ،‬فتبقى املادة اللغوية ًّ‬
‫أو كال ًما منطو ًقا) ُخ ْل ًوا من السياق الذي جتري فيه الرسالة وتكون بذلك املعلومات‬
‫فادحا‪.‬‬
‫نقصا ً‬ ‫املتاحة لآللة التي حتاول معاجلة اللغة الطبيعية ناقص ًة ً‬
‫ِ‬
‫استكامل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كثري من‬ ‫راب ًعا‪ :‬يفرتض كذلك ُمنت ُج اللغة يف متل ِّقيها أنه ٌ‬
‫قادر عىل‬
‫املحذوفات يف رسالته ليس فقط المتالكه «املعرفة الفطرية»‪ ،‬بل كذلك المتالكه القدرة‬
‫جز‪.‬‬ ‫عىل «التحليل الفطري ‪ )3( »commonsense reasoning‬وهذا حتدٍّ َ‬
‫آخ ُر ُم ْع ٌ‬

‫‪ -١‬سبقت اإلشارة إىل تلك املسألة األونطولوجية يف هذا الفصل يف القسم الفرعي ‪ – ١.6‬بعد الشكل رقم ‪ – 3‬وكذلك‬
‫قرب ختام القسم الفرعي ‪.١.8‬‬
‫ٍ‬
‫«غريب أمر هذا الطقس!»‪ .‬السياق الغائب هو‪ :‬أن الكال َم يف وقت الصيف يف مكان يكون عاد ًة ما‬ ‫‪ -٢‬متك ِّل ٌم بتذ ُّمر‪:‬‬
‫ٌ‬
‫يكون جا ًّفا صي ًفا بينام عاصف ٌة ماطر ٌة متر باملكان‪.‬‬
‫ِ‬
‫فصلنا ُمعضل َة التحليل‬ ‫َ‬
‫املقرتن بالشكل رقم ‪ ٤‬يف القسم الفرعي ‪ ١.7‬من هذا الفصل حيث َّ‬ ‫اهلاميش‬
‫َّ‬ ‫التعليق‬
‫َ‬ ‫‪ -3‬راجع‬
‫ِ‬
‫الف ْط َّ‬
‫ري‪.‬‬

‫‪-73-‬‬
‫والتصوير‬
‫َ‬ ‫أغراضها الشعري َة‬ ‫َ‬ ‫«املج ُاز ‪ »metaphor‬يف اللغة فقط‬ ‫َ‬ ‫خامسا‪ :‬ال خيدم‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫ال ال ينفصم عن ُص ْلب أي غرض من أغراض‬ ‫ِ‬ ‫يتغلغل تغلغ ً‬ ‫ُ‬ ‫األديب‪ ،‬بل إنه يف احلقيقة‬
‫ً‬
‫عامال‬ ‫استخدامها (‪ ،)١‬والتحدي الذي يمثله املجاز هو أنه يزرع يف الرسالة اللغوية‬
‫ٍ‬
‫بمعجزة ‪-‬‬ ‫من «االلتباس املقصود « ال سبيل إلزالته آل ًّيا حتى ولو توفرت لدينا ‪-‬‬
‫أونطولوجيا للخيال البرشي‪.‬‬
‫حتديات ليست «استاتيكي ًة» (ثابت ًة يف الزمن) بل «ديناميكي ًة»‬ ‫ٍ‬ ‫سادسا‪ :‬كل ما سبق من‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫دائام فيه‪ ،‬وتعتمد هذه احلركة يف الزمن عىل تفاعالت اجتامعية ثقافية غاي ًة‬ ‫(متحرك ًة) ً‬ ‫ِّ‬
‫يف التعقيد والتشابك‪ ،‬ولذلك فحتى لو تغلبنا ‪ -‬من باب االفرتاض – عىل ما سبق من‬
‫ِ‬
‫التغريات الدائبة‪.‬‬ ‫حتديات فإن علينا تعديلها باستمرار لتساير هذه‬
‫سابعا‪ :‬ونأيت إىل مسك ختام هذه التحديات وأعرسها مجيعا أال وهو حتقيق ِ‬
‫عام َ ْيل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫«الوعي» و «الذاتية» يف اللغة والذي (يكاد) يستحيل مبدئ ًّيا حتقي ُقهام الصطدامهام‬
‫بسقف الرياضيات؛ و ُي ْر َجى الرجوع إىل ختام القسم الفرعي ‪ ١,8‬من هذا الفصل‬
‫حيث سبق أن َب َّينَّا فيه سبب تلك االستحالة‪ .‬وتعني تلك االستحال ُة أن أية آلة‪/‬برجمية‬
‫جامدة ال تعي وجو َدها‪ ،‬وال ذاتي َة هلا‪ ،‬تن ِّفذ‬ ‫ٍ‬ ‫حاسوبية ملعاجلة اللغات ستظل جمرد ٍ‬
‫آلة‬ ‫َّ َ‬
‫ٍ‬
‫أل به من تعليامت مهام كانت‪.‬‬ ‫فقط ما ُي ْم َىل عليها وما ُمت ْ ُ‬
‫استيعاب «كامل»‬ ‫صحية حتاول‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رياضية‬ ‫نامذج‬ ‫النتيج ُة الواضح ُة إذن هي أن َأ َّي َة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذكرها وهي يف‬ ‫تتغلب عىل كل األهوال السابق ُ‬ ‫َ‬ ‫الظاهرة اللغوية الطبيعية عليها أن‬
‫بأكملها عرب‬ ‫ِ‬ ‫مقام املستحيالت أو تكاد‪ .‬ولذلك فإن نمذجة الظاهرة اللغوية الطبيعية‬
‫ومل َ ال‬ ‫«املقاربة التحليلية» لربام كانت أكثر مهام النمذجة التحليلية ُعرسا عىل اإلطالق‪ِ ،‬‬
‫ًْ‬
‫استيعاهبا هي لغ ُت ُه التي‬ ‫ُ‬ ‫واإلنسان هو أ ْع َقدُ الكائنات عىل اإلطالق‪ ،‬والظاهر ُة املطلوب‬
‫ينعكس فيها جوهر فكره ويرتدد فيها صدى وجوده‪.‬‬

‫‪ ... « -١‬وأضاف أنه يتطلع إىل حتطيم األرقام القياسية لألرباح التي حققتها الرشكة يف العام املايل املنصم ‪ »...‬هذه‬
‫تقرير ما ٌّيل جا ٌّد عن أعامل إحدى املؤسسات التجارية‪ ،‬وحتتوي اجلذاذة عدة استخدامات جمازية؛ منها مث ً‬
‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫ُج َذاذ ٌة من‬
‫مادي ُي َرى‪ ،‬وكذلك «حتطيم» حيث َج َّسدَ املتكلم‬
‫ٌّ‬ ‫«يتطلع» حيث َج َّسدَ املتكلم «حتطيم األرقام القياسية» وكأنه ش ٌء‬
‫مادي قابل ٌ للتحطيم‪ ... ،‬إلخ‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫أيضا «األرقام القياسية» وكأنا ش ٌء‬ ‫ً‬

‫‪-7٤-‬‬
‫ال َم َف َّر إذن من مقاربة «التعلم احلاسويب» إن كنا نريد أن ننجز أي تقدم عىل صعيد‬
‫املعاجلة اآللية «الكاملة» للغات الطبيعية‪ ،‬أليس كذلك؟ ولكن ماذا لو كنا فقط نطمح‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫«الصف ‪ »morphology‬أو «النحو‬ ‫«ج ْزئ َّية» ل ُّلغات الطبيعية؛ مثل َّ‬ ‫َ‬
‫معاجلة آلية ُ‬ ‫إىل‬
‫«املقارب ُة التحليلية» َو ْحدَ ها؟‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪»syntax‬؟ هل ُ ْجتدي عندئذ نف ًعا‬
‫َ‬
‫يمكن بالطبع بنا ُء نموذج ريايض حتلييل لبنية الكلمة وصفاهتا يف أية لغة طبيعية‬
‫يف كال االجتاهني البنائي والتفكيكي ومن ثم تنفيذه حاسوب ًّيا‪ ،‬ولكن املشكلة التي‬
‫سنكتشفها رسي ًعا هي تعدد احللول التي ينتجها مثل ذلك النموذج؛ وهو ما يعرف بـ‬
‫«االلتباس ‪ »ambiguity‬والذي ال يمكن إزال ُت ُه ‪ -‬أي اختيار احلل الصحيح من بينها‬
‫ذكرها‪ )١(.‬وكذلك يمكن (بصعوبة) بناء‬ ‫ب عىل التحديات التي أسلفنا َ‬ ‫‪ -‬إال بالتغ ُّل ِ‬
‫نموذج ريايض حتلييل يستوعب الرتاكيب النحوية املسموح هبا يف أية لغة طبيعية يف‬
‫كال االجتاهني البنائي والتفكيكي ومن ثم تنفيذه حاسوب ًّيا‪ ،‬ولكن القاعدة األصولية‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من‬ ‫«اإلعراب َف ْر ُع املعنى» تكفينا مؤونة رشح ما سيحدث‬ ‫الشهرية لدى الن َُحاة‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫عنيف (‪ )٢‬يف غياب معاجلة التحديات السابق ذكرها آن ًفا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫التباس‬
‫ملعاجل ِة اللغات الطبيعية ‪-‬ولو ُج ْزئ ًّيا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مسائل‬ ‫العثور عىل‬
‫ُ‬ ‫ويف احلقيقة فإنه يندر‬
‫ِ‬
‫مقاربة «التع ُّلم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صفة‪ ،‬فهل التزا ُم َ‬ ‫بمقاربة حتليلية ْ‬
‫َ‬ ‫التباس‬ ‫‪ -‬يمكن نمذجتُها دون‬
‫ُ‬
‫األول‬ ‫دائام؟ ِّ‬
‫الش ُّق‬ ‫َ‬
‫فكاك منه ً‬ ‫«املقاربة التحليلية» هو ال َقدَ ُر الذي ال‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وإمهال‬ ‫احلاسويب»‬
‫التلقائي ‪ »machine learning‬رضوري ٌة‬ ‫ُّ‬ ‫مقارب ُة «التع ُّلم احلاسو ُّ‬
‫يب‬ ‫من اإلجابة هو‪ :‬نعم‪َ ،‬‬

‫‪ -١‬عندما صادفتك عزيزي القارئ هذه الفقرة «يمكن بالطبع بنا ُء نموذج ريايض حتلييل لبنية الكلمة وصفاهتا يف أية‬
‫رس َت أن كلم َة «لِبِنْ َي ِة» هي (حرف جر «لِـ» ‪ +‬اسم جمرور عىل وزن «فِ ْع َلة» هو بِنْ َية من مادة‬ ‫لغة‪ »...‬فال بد أنك قد َف َّ ْ‬
‫ودال َلتُه وتستنتج َم ْغزَ ى كاتبه‬‫سياق الكال ِم ِ‬
‫يب ومنظو َمته النحو َّية وتعرف َ‬ ‫العر‬ ‫الصيف‬ ‫النظام‬ ‫«ب ن ي») ألنك تفهم‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫‪ ...‬إلخ‪ .‬ولكن أي نموذج حتلييل يغطي النظام الصيف العريب فقط سوف ينتهي إىل حلول متعددة‪َ «( :‬ل َبن َّية» = اسم عىل‬
‫وزن « َف َعل» هو « َل َبن» من مادة «ل ب ن» ‪ +‬ياء النسب ‪ +‬تاء التأنيث) أو (لِ ُبنِّ َّية‪ :‬حرف جر «لِـ» ‪ +‬اسم جمرور عىل وزن‬
‫املحور بسبب اإلعالل إىل « ُف َع ّي» هو « ُبن َّي» من مادة «ب ن و» ‪ +‬تاء التأنيث) أو (لِ ُينِّ َّية‪ :‬حرف جر «لِـ» ‪ +‬اسم‬‫َّ‬ ‫« ُف َع ْيل»‬
‫جمرور عىل وزن « ُف ْعل» مض َّعف العني والالم هو « ُب ّن» ‪ +‬ياء النسب ‪ +‬تاء التأنيث) ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫كثريا من االلتباس الصيف الذي سبقت اإلشارة إليه والتمثيل له؛‬ ‫حينئذ ذو رت ٍ‬
‫ٍ‬
‫أعنف ً‬ ‫َ‬ ‫ْبة‬ ‫ُ‬ ‫‪ -٢‬الواقع أن االلتباس احلادث‬
‫مكونات الرتكيب النحوي قد يكون هو نفسه‬ ‫حيث إن البنية النحوية هي بِنْي ٌة شجري ٌة يف جوهرها (ألن كل ُم ِّ‬
‫كو ٌن من ِّ‬
‫تركي ًبا نحو ًّيا) ولذلك ينفجر عدد املسارات ُأ ِّس ًّيا أثناء إجراء التحليل ‪ -‬راجع مناقشة مشاكل البحث الشجري يف‬
‫بدايات القسم الفرعي ‪ ١.7‬من هذا الفصل ‪ -‬وبالتايل يتعذر توليد كل احللول النحوية املمكنة من أجل االختيار‬
‫س‪.‬‬‫بينها‪ ،‬بل يتحتم تقليم املسارات املو َّلدة أثناء إجراء التحليل أوالً بأول من أجل كبح مجاح هذا االنفجار األُ ِّ ّ‬

‫‪-7٥-‬‬
‫َ‬
‫«املعاجلة اآللية‬ ‫للتعامل احلاسويب «اخلايل من االلتباس» مع الغالبية العظمى من مسائل‬
‫«املقاربة التحليلية‬ ‫يمك ُن ُ‬
‫إمهال‬ ‫لِ ُّلغات الطبيعية»‪ .‬أما الشق الثاين من اإلجابة فهو أنه ال ِ‬
‫َ‬
‫مقاربة «التع ُّلم احلاسويب»! و َم َر ُّد‬ ‫أيضا رضوري ٌة إىل جانب َ‬ ‫‪ »analytic approach‬فهي ً‬
‫مههام هو أن تصميم وبناء ا ُملدْ َخالت إىل آلية التع ُّلم احلاسويب‬ ‫ذلك إىل َس َب َب ْني؛ أوهلُام وأ ُّ‬
‫والتشغييل ‪ -‬راجع (الشكل ‪ )7‬أعاله ‪ -‬تتضمن بناء نامذج حتليلية‬ ‫ِّ‬ ‫التدريبي‬
‫ِّ‬ ‫يف َط ْو َر ْهيا‬
‫للوحدات‪/‬الرتاكيب اللسانية األساسية يف الظاهرة اللغوية الطبيعية املطلوب تع ُّل ُمها‬
‫ألسباب تتصل‬ ‫ٍ‬ ‫حي ُس ُن ‪-‬‬
‫حاسوب ًّيا‪ .‬أما ثاين هذين السببني فهو أنه يف بعض األحيان َ ْ‬
‫املعاجلة اللغوية‬ ‫َ‬ ‫باقتصاديات صناعة الربجميات وبكفاءة أدائها ‪ -‬أن جيري حل مسألة‬
‫«املقاربة التحليلية» ثم جيري إزالة االلتباس الناتج من‬ ‫َ‬ ‫حال أول ًّيا جزئ ًّيا عرب‬ ‫الطبيعية ًّ‬
‫«املقاربة‬ ‫ٍ‬
‫املامرسة عندئذ باسم‬ ‫مقاربة «التع ُّلم احلاسويب» و ُت ْع َر ُ‬
‫َ‬ ‫ف تلك َ‬ ‫املقاربة عرب َ‬ ‫هذه َ‬
‫(‪)١‬‬
‫اهلجينة ‪.»hybrid approach‬‬
‫مسألة سببت وما زالت‬ ‫ٍ‬ ‫حترير‬ ‫َل ِز َم قبل االنتقال إىل القسم الرابع من هذا الفصل‬
‫ُ‬
‫بإخالص يف طريق‬ ‫ٍ‬ ‫بكثري من الباحثني الساعني‬ ‫ٍ‬ ‫كثريا من اجلدل واخللط‪ ،‬وأدت‬ ‫ب ً‬ ‫تس ِّب ُ‬
‫«املعاجلة اآللية للغة العربية» إىل التع ُّثر يف مسريهتم البحثية والتطويرية؛ حيث ال يزال‬ ‫َ‬
‫يشيع بينهم أن الطريق الواعد لتحقيق بعض اإلنجازات الكربى كالرتمجة اآللية من وإىل‬
‫العربية‪ ،‬وكالتحليل النحوي اآليل لِ ُّلغة العربية‪ ... ،‬إلخ يقع يف ُد ُروب ما يشتهر بمدرسة‬
‫ومس ِكي» (‪ )٢‬من «نحو حتوييل» و «نحو توليدي» ‪ ...‬وما إىل ذلك من «مقار ٍ‬ ‫ُ ِ‬
‫بات‬ ‫َ‬ ‫«تش ْ‬
‫حتليلية» ُأ ِّس َس ْت عىل نظرية «النحو الريايض ‪ »Formal Grammars‬و «اللغات املحدَّ دة‬
‫رياض ًّيا ‪ .»Formal Languages‬فام هي حقيقة ذلك وما القصة وراءه؟‬
‫نصا عمل ًّيا هائ ً‬
‫ال بدأ من ناية‬ ‫احلقيقة هي أن هذه املدرسة بأساليبها قد حققت ً‬
‫مخسينيات القرن العرشين امليالدي ويمتد أثره العميق حتى وقتنا الراهن؛ أال وهو‬

‫«املقاربة اهلجينة» التعامل مع مسألة «التحليل الصيف العريب» التي أرشنا إليها ساب ًقا؛‬
‫َ‬ ‫‪ -١‬من األمثلة التي تصلح معها تلك‬
‫مقاربة «التع ُّلم‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ف‬ ‫تتك‬ ‫ثم‬ ‫العريب‪،‬‬ ‫الصف‬ ‫نظام‬ ‫يف‬ ‫القياس‬ ‫عىل‬ ‫املمكنة‬ ‫احللول‬ ‫كل‬ ‫تستنتج‬ ‫ٍ‬
‫عندئذ‬ ‫فاملقاربة التحليلية‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫احلاسويب» باختيار أرجح تلك احللول بمعلومية اقرتاناهتا اإلحصائية بام حوهلا من مفردات وتراكيب‪.‬‬
‫وم ْس ِكي» هو العامل األمريكي البارز يف «العلوم اإلدراكية»‪ ،‬و»علوم احلاسب» وهو األب املؤسس لِ ِّلسانيات‬ ‫تش ِ‬
‫‪َ « -٢‬ن ُعوم ُ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫سياس نافذ‪ ،‬وهو أستاذ يف «معهد ماسات ُْشوسيتْس للتقنية‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مؤرخ وناشط‬
‫ٌّ‬ ‫حتلييل»‪ ،‬ثم ِّ‬
‫ٌّ‬ ‫«فيلسوف‬
‫ٌ‬ ‫املعاصة‪ ،‬وهو كذلك‬
‫‪ »MIT‬ثم يف «جامعة ِأريزُ ونا» بالواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ويعتربه الكثريون من املؤرخني أحد أهم الشخصيات‬
‫الفكرية املئة التي أثرت يف املسرية احلضارية للقرن العرشين امليالدي‪.‬‬

‫‪-76-‬‬
‫متكنها من تصميم وتنفيذ خمت َلف « ُل َغات برجمة احلواسيب عالية املستوى ‪High‬‬
‫‪ »Level Languages‬وهي التي نقلت صناعة الربجميات واملعلوماتية احلاسوبية إىل‬
‫مستوى الصناعات الثقيلة األساسية يف االقتصاد املعاص‪ .‬فقبل لغات الربجمة عالية‬
‫ٍ‬
‫حلاسوب‬ ‫ٍ‬
‫تعليامت» ‪ -‬أي «كتابة برنامج» ‪-‬‬ ‫املستوى تلك كان عىل من يود «إعطا َء‬
‫رقمي أن يكتبها بـ «الشفرة الثنائية ‪ »Binary machine code‬التي ال تفهم الوحدات‬ ‫ٍّ‬
‫وخصوصا مع املهام‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫صعب مكل ٌ‬ ‫اإللكرتونية احلسابية واملنطقية سواها‪ ،‬وهو أمر‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫غات‬‫ال عن ارتفاع احتاملية وقوع األخطاء أثناء عملية الربجمة‪ .‬أما ُل ُ‬
‫الربجمية الكبرية فض ً‬
‫ِ‬ ‫الربجمة عالية املستوى فهي تشبِ ُه لغة صياغة اخلُ ِ‬
‫وارزمات بنكهة اللغة اإلن ْغليزية وهو ما‬
‫يتقنه املتخصصون يف الرياضيات وعلوم احلاسب‪ ،‬ومهندسو املعلوماتية والربجميات‪.‬‬

‫ٍ‬
‫«شفرة ثنائية»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عالية املستوى» إىل‬ ‫ٍ‬
‫برمية‬ ‫الشكل ‪ :11‬الرتمجة من ٍ‬
‫«لغة‬

‫وهنا يأيت الدور «السحري» لتلك املدرسة يف القيام بالرتمجة اآللية من اللغة الربجمية‬
‫عالية املستوى إىل الشفرة الثنائية؛ وهو ما يصور (الشكل ‪ )١١‬عالِ َيه مثاالً عليه‪.‬‬
‫أغرى هذا النجاح العظيم الكثريين من الباحثني إىل حماولة تكراره يف ملعب اللغات‬
‫الطبيعية واعتامد تلك النامذج التي نجحت مع «اللغات عالية املستوى لربجمة احلواسيب‬

‫‪-77-‬‬
‫ٍ‬
‫عقود‬ ‫أكثر من ثالثة‬‫الرقمية» يف حوسبة اللغات الطبيعية توطئ ًة ملعاجلتها آل ًّيا‪ .‬وبعد َ‬
‫وأساليب شتى لتحليل اللغات‬ ‫ٍ‬
‫إجراءات‬ ‫أثمرت املحاوالت احلثيثة يف ذلك املضامر عن‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫كثريا ال ِّلسان ِّيني (البرشيني) يف تطبيقات كالنَّ ْقد‪ ،‬وحتليل اخلطاب‪ ،‬وعلم‬
‫الطبيعية أفادت ً‬
‫املقارن‪ ،‬وحتليل اإلعاقات اللغوية ‪ ...‬إلخ‪ ،‬لكنها مل تفلح حتى اآلن يف تقديم‬ ‫َ‬ ‫اللغة‬
‫ِ‬
‫للمعاجلة اآللية (احلاسوبية) ل ُّلغات الطبيعية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حلول عملية خالية من االلتباس‬
‫جل ِ ُّيل يف ذلك اإلخفاق هو أن «لغات الربجمة عالية املستوى» قد ُص ِّم َمت‬ ‫والسبب ا َ‬
‫املقار ِبة التحليلية‬ ‫ِ‬
‫ببالغ العناية لتفادى التحديات السبع املعضالت التي ذكرناها آن ًفا أمام َ‬
‫ات الربجمة بأنا « ُل ٌ‬
‫ف ُل َغ ُ‬ ‫ِ‬
‫مهذب ُة التعريف‬
‫غات َّ‬ ‫ُعر ُ‬‫ف وت َّ‬ ‫«ل ُّلغات الطبيعية»‪ ،‬ولذلك ت َ‬
‫ُعر ُ‬
‫وار ْز ٍ‬
‫مات‬ ‫ٍ‬
‫واضحة صياغ ُة ُخ ِ‬ ‫‪ »Well Defined Languages‬ويمكن ِو ْف َق ِمن ٍ‬
‫ْهجية‬
‫ال كام ً‬
‫ال دون أي التباس‪.‬‬ ‫تستطيع حتليلها حتلي ً‬

‫املعال ُة اآللي ُة لِ ُّلغات الطبيعية؟‬


‫َ‬ ‫‪ .4‬إىل أين وصلت‬
‫موجزة ملا عليه حال ُة األبحاث‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تقريبية‬ ‫ٍ‬
‫صورة‬ ‫حياول (اجلدول ‪ )3‬أدناه َر ْس َم‬
‫جلة اآللية لِ ُّلغات‬ ‫ِ‬
‫والصناعة يف ناية الع ْقد الثاين من األلفية امليالدية الثانية يف حقل «املعا َ‬
‫بعض أهم مساحات‬ ‫اللغة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مستويات‬ ‫مستوى من‬ ‫الطبيعية»؛ حيث ن َُس ِّمي عند ِّ‬
‫كل‬
‫ً‬
‫ْج َزت يف كل مساحة‬ ‫ٍ‬
‫درجة أداء (‪ )١‬ألفضل األعامل (‪ )٢‬التي ُأن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تطبيقاهتا‪ ،‬ثم نقوم برصد‬
‫ني يسرتعيان االنتبا َه‬‫املقار ِبة التي اتبعها‪ .‬ولربام كان أهم َم ْل َم َح ْ ِ‬
‫نوع َ‬‫تطبيقية‪ ،‬ونذكر معه َ‬
‫يف هذه الصورة مها‪ :‬أن هناك عالقة عكسية بني ك ٍُّل من «درجة األداء ‪»performance‬‬
‫ُ‬
‫إحدامها‬ ‫و «الط َبقة اللسانية (أو املستوى اللغوي) ‪ »language layer‬فإذا زادت‬
‫مقارب َة «التعلم احلاسويب» حارض ٌة دو ًما إما بمفردها أو‬ ‫انخفضت األخرى‪ ،‬وأن َ‬
‫«املقاربة التحليلية»‪.‬‬
‫َ‬ ‫بالتهجني مع‬

‫بحثي َّأو ٌّيل‪ ،‬بعيد املنال}‪.‬‬


‫ٌّ‬ ‫بحثي متقدِّ م‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫صناعي مقبول‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫درجات‪{:‬صناعي جيد‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫مقياس تناز ٍّيل من مخس‬ ‫‪ -١‬وذلك عىل‬
‫ِ‬
‫‪ -٢‬وذلك بصف النظر عن اللغة (أو اللغات) الطبيعية التي خيدمها هذا العمل ‪-‬وإن كانت اللغة اإلنْغليزي ُة بحكم األمر‬
‫الواقع يف وقتنا هذا هي التي حتتل مركزَ الصدارة وبؤر َة االهتامم‪.‬‬

‫‪-78-‬‬
‫املقاربة‬
‫َ‬ ‫درجة األداء‬ ‫املساحة التطبيقية‬ ‫املستوى اللغوي‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي جيد‬
‫ٌّ‬ ‫التعرف عىل النص املطبوع‬ ‫املرسوم‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي جيد‬
‫ٌّ‬ ‫التعرف عىل النص‬ ‫‪Orthographic‬‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬‫التعرف عىل املتك ِّلم‬
‫ُّ‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫التعرف عىل الكالم املنطوق‬ ‫املنطوق‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي مقبول‬ ‫ٌّ‬ ‫اإلمالء اآليل‬ ‫\‪Phonological‬‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫التحقق من النطق الصحيح‬ ‫‪Speech‬‬
‫َهجينة‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫توليد الكالم املنطوق من املكتوب‬
‫َهجينة‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫التحليل الصيف‬
‫َهجينة‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫الضبط الصويت للمفردات (التشكيل)‬
‫استخالص الصفات النحوية‬
‫َهجينة‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫للمفردات‬
‫َ‬ ‫الصيف‬
‫َهجينة‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫َّيص‬
‫البحث الن ِّ ّ‬ ‫‪Morphological‬‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي جيد‬
‫ٌّ‬ ‫التنقيب يف النصوص‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي مقبول‬ ‫ٌّ‬ ‫اختصار‪/‬تلخيص الوثائق النصية‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫بحثي متقدِّ م‬ ‫ٌّ‬ ‫مقارنة الوثائق النصية‬ ‫َ‬
‫َهجينة‬ ‫بحثي متقدِّ م‬ ‫ٌّ‬ ‫املعجمي‬
‫التحليل الدِّ اليل َ‬
‫ِصناعة ا ُمل ْع َجامت‪ ،‬وإتاحتها‬ ‫املعجمي‬
‫َ‬
‫َهجينة‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫لالستخدام‬ ‫‪Lexical‬‬
‫َهجينة‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫أنظمة تعليمية لغوية تفاعلية‬
‫َهجينة‬ ‫بحثي أويل‬ ‫التحليل النحوي‬ ‫النحوي ‪Syntactic‬‬
‫َهجينة‬ ‫بحثي أويل‬ ‫التحليل األونطولوجي‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي جيد‬ ‫ٌّ‬ ‫الرتمجة بمساعدة احلاسوب‬ ‫الدِّ اليل‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫صناعي مقبول‬ ‫ٌّ‬ ‫الرتمجة اآللية‬ ‫‪Semantic‬‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫بحثي متقدِّ م‬ ‫ٌّ‬ ‫استخالص توجهات الرأي العام‬
‫َهجينة‬ ‫بحثي أويل‬ ‫إدارة احلوار اآليل‬ ‫التداويل‬
‫التعلم احلاسويب‬ ‫بعيد املنال‬ ‫الفهم اآليل للنص‬ ‫‪Pragmatic‬‬
‫َهجينة‬ ‫بعيد املنال‬ ‫التعبري اإلنشائي اآليل‬ ‫الوعي بالعامل احلقيقي‬
‫َهجينة‬ ‫بعيد املنال‬ ‫التعبري اآليل عن املشاعر‬ ‫امتالك َّ‬
‫الذات َّية‬
‫املعالة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية‪.‬‬
‫َ‬ ‫الدول ‪ :3‬صور ٌة تقريبي ٌة موجز ٌة حلالة األبحاث والصناعة املعارصة يف حقل‬

‫‪-7٩-‬‬
‫حارض َد ْو ًما يف هذه الصورة املعاصة للمعاجلة اآللية‬ ‫ٌ‬ ‫وألن «التع ُّل َم احلاسو َّ‬
‫يب»‬
‫املبني يف (الشكل ‪ )7‬ساب ًقا عىل «املعاجلة‬ ‫ِ‬
‫إطاره العا ِّم َّ ِ‬
‫إسقاط ِ‬
‫ُ‬ ‫لِ ُّلغات الطبيعية‪ ،‬فمن ِ‬
‫املفيد‬
‫اآللية لِ ُّلغات الطبيعية» وهذا ما يبينه (الشكل ‪ )١٢‬أدناه؛ حيث نالحظ أن أهم نواتج‬
‫مدخالت‬‫هذا اإلسقاط هو أن التسمية العامة يف (الشكل ‪« )7‬العينات الغزيرة من َ‬
‫املوسمة‬ ‫ِ‬
‫خمرجاته املناظرة هلا» تتحول تسميتها إىل «املوارد اللغوية َّ‬ ‫النظام بالتوازي مع َ‬
‫‪ »annotated language resources‬يف (الشكل ‪ ،)١٢‬وسوف يكون لـ «املوارد‬
‫حضور ها ٌّم فيام تبقى من‬
‫ٌ‬ ‫اللغوية ‪ »Language Resources‬و «التوسيم ‪»annotation‬‬
‫هذا الفصل‪.‬‬

‫ملقاربة «التع ُّلم احلاسويب» عىل «املعالة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية»‪.‬‬


‫الشكل ‪ :12‬إسقاط اإلطار العام َ‬

‫قاعدة رقم ‪4‬‬


‫املكو َن‬
‫ِّ‬ ‫املوارد اللغوية ‪»Language Resources Annotation‬‬ ‫ِ‬ ‫يشك ُِّل «توسيم‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية» املعاصة؛ فحيث إن هذه الصناعة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫صناعة‬ ‫رب يف‬
‫األك َ‬
‫وآليات «التع ُّلم احلاسويب»‬
‫ُ‬ ‫أساليب‬
‫ُ‬ ‫مقاربة «التع ُّلم احلاسويب» فيام‬
‫أساسا عىل َ‬‫ً‬ ‫ترتكز‬
‫مدخالته‬ ‫ٍ‬
‫كصندوق أسو َد مغ َل ٍق ال يعنيها منه سوى َ‬ ‫تنظر للظاهرة التي تعمل عليها‬
‫يصا لكل نظام تطبيقي هي «املوارد‬ ‫ِ‬
‫وخمرجاته‪ ،‬فإن املادة املتغرية التي ينبغي بناؤها خ ِّص ً‬
‫َ‬
‫املوسمة» الالزمة لتدريبه‪.‬‬
‫اللغوية َّ‬

‫‪-8٠-‬‬
‫َ‬
‫ملعالة اللغات الطبيعية آل ًّيا؟‬ ‫ٌ‬
‫سقف‬ ‫‪ .٥‬هل هناك‬
‫سقف للذكاء‬ ‫ٍ‬ ‫غات الطبيعية‪ ،‬وذلك لوجود‬ ‫للمعاجلة اآللية لِ ُّل ِ‬
‫َ‬ ‫سقف‬
‫ٌ‬ ‫نعم‪ ،‬هناك‬
‫غات الطبيعية»‬ ‫االصطناعي(‪ )١‬وهو اإلطار العام التي تقع داخله «املعاجلة اآللية لِ ُّل ِ‬
‫سقف للرياضيات(‪ )٢‬التي هي اإلطار اجلامع لذلك كله‪ .‬فالسقف‬ ‫ٍ‬ ‫وذلك بدوره لوجود‬
‫وسقف الذكاء االصطناعي وتقع حتته آفاق «املعاجلة‬ ‫ُ‬ ‫سقف الرياضيات‬ ‫ُ‬ ‫الذي حيدِّ ُده‬
‫ِ‬
‫«و ْع ُي» الكاتب أو‬ ‫اآللية ل ُّلغات الطبيعية» يتمثل يف املساحات اللغوية التي يتبدى فيها َ‬
‫َ‬
‫معاجلتُهام آل ًّيا‪ ،‬ومن‬ ‫املتحدث و «ذاتِ َّي ُت ُه»؛ فهاتان مساحتان يتعذر مبدئ ًّيا عىل كل أدواتنا‬
‫احلكمة عدم إهدار املجهود أو املال عىل البحث والتطوير فيهام أو فيام يعتمد عليهام ٍ‬
‫بقوة‬
‫من املساحات األخرى يف هذا احلقل (‪.)3‬‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغات‬
‫َ‬ ‫وفيام حتت هذا السقف فال يوجد من حيث املبدأ ما يق ِّيد‬
‫الطبيعية»‪ ،‬ولكن من حيث القدرة العملية فإن ربط وحدات اللغة الطبيعية بمخت َلف‬
‫مستوياهتا بالعامل احلقيقي (‪ )٤‬تستلزم بنا َء «أونطولوجيا رقمية» هلذا العامل وهو ما يتطلب‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بدوره صياغ َة ورقمن َة «املعرفة الف ْطرية ‪ ،»commonsense knowledge‬وكذلك‬
‫(‪)٥‬‬
‫الف ْطري ‪ ،»commonsense reasoning‬وهي مجي ًعا مها ُّم هائل ُة الضخامة‬ ‫«التحليل ِ‬
‫تصو ُر إنجازها يف العقود القريبة القادمة‪ ،‬وهو‬ ‫ب ُّ‬ ‫ال زلنا نجهل كيف نرشع فيها و َي ْص ُع ُ‬
‫يم سق ًفا عمل ًّيا للمعاجلة اآللية للغات الطبيعية حتت سقفها املبدئي املشار إليه يف‬ ‫ِ‬
‫ما ُيق ُ‬
‫الفقرة السابقة‪.‬‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية»‪ ،‬وبام أن أنظمة‬ ‫َ‬ ‫حتت هذين السقفني إذن تعمل‬ ‫َ‬
‫مقاربة «التعلم احلاسويب» ‪ -‬كام‬
‫تطبيقاهتا العملية‪/‬الواقعية املعاصة ال تستغني أبدً ا عن َ‬
‫املقاربة‬
‫ني القسم السابق من هذا الفصل ‪ -‬فمن املهم أن نتعرف عىل كيفية أداء هذه َ‬ ‫َب َّ َ‬

‫‪ -١‬وقد سبقت مناقش ُة ذلك يف ختام القسم الفرعي ‪ ١.8‬من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ -٢‬وقد أرشنا لذلك يف القسم الفرعي ‪ ١.3‬ثم يف القسم الفرعي ‪ ١.6‬من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ -3‬وذلك مثل التعبري عن «املشاعر ‪.»sentiments‬‬
‫«املعاجلة احلاسوبية لِ ُّللغات الطبيعية (‪ »Natural Language Processing (NLP‬أقرب‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫‪ -٤‬والذي من دونه تبقى‬
‫َ‬
‫«املعاجلة الرقمية لإلشارات (‪.»Digital Signal Processing (DSP‬‬ ‫ملعاجلة الرموز أو‬
‫ِ‬
‫‪ -٥‬وقد سبق التعرض هلذه املعضالت يف القسم الفرعي ‪ ١,7‬من هذا الفصل يف اهلامش املتصل بالشكل رقم ‪ ،٤‬ثم أرشنا‬
‫إليها مر ًة أخرى مع ختام القسم الفرعي ‪ ،١,8‬ثم مرة ثالثة يف القسم رقم ‪ُ 3‬ب َع ْيدَ الشكل رقم ‪.١٠‬‬

‫‪-8١-‬‬
‫ني (الشكل ‪)١٢‬؛ جيري تدريب «نظام املعاجلة اآللية للغة الطبيعية» عىل‬ ‫َ ْحتت َُهام‪ .‬فكام َب َّ َ‬
‫ٍ‬
‫موسمة» متثل عينات كبري ًة متنوع ًة بام يكفي من الظاهرة اللغوية املطلوب‬
‫«موارد لغوية َّ‬
‫ِ‬
‫تع ُّل ُمها‪ ،‬فتتشكل نتيج ًة لذلك (معام ُ‬
‫الت) «نامذج التعلم احلاسويب»‪ ،‬التي تستخدمها آلي ُة‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغة الطبيعية» يف «وقت التشغيل» من أجل استنباط أرجح احللول لكل‬
‫بدقة ٍ‬
‫أداء ق‪.‬‬ ‫حالة لغوية تعرض عليه يف إطار الظاهرة اللغوية التي جرى تع ُّلمها وذلك ِ‬
‫ُ‬

‫مقاربة «التع ُّلم احلاسويب»‬


‫الشكل ‪« :13‬منحنى التش ُّبع» لوصف السلوك العام لعملية التدريب يف َ‬
‫املوسمة» (‪ )١‬أثناء عملية التدريب‪ ،‬تتحسن دقة‬ ‫ومع زيادة حجم «املوارد اللغوية َّ‬
‫َ‬
‫املعاجلة اللغوية اآللية أثناء وقت التشغيل‪ ،‬لكن ا ِّطرا َد هذا التحسن يف دقة األداء‬ ‫أداء‬
‫املوسمة (‪ )٢‬ويدخل فيام يسمى بمرحلة «التش ُّبع‬ ‫يتباطأ بعد حج ٍم َّ ٍ‬
‫معني للموارد اللغوية َّ‬
‫ثابتة ال يتخطاها مهام زاد حجم «املوارد‬‫قيمة ٍ‬
‫‪ »saturation‬ثم يتقارب بعد ذلك من ٍ‬
‫اللغوية» املستخدَ مة للتدريب‪ ،‬وال تساوي هذه القيمة الواحد الصحيح (أي ال تساوي‬

‫تنوعها‪.‬‬
‫‪ -١‬مع اشرتاط املحافظة عىل ُّ‬
‫املعني» املعروف باسم «كمية التش ُّبع» عىل طبيعة الظاهرة اللغوية املطلوب تع ُّلمها آل ًّيا؛ فيزيد ذلك‬ ‫‪ -٢‬يعتمد هذا «احلجم َّ‬
‫احلجم كلام زاد تعقيد الظاهرة يف ديناميكياهتا وتشابكًا يف عالقاهتا‪ ،‬وعاد ًة ما يقع ذلك كلام علت «الطبقة اللسانية» التي‬
‫َ‬
‫«املعاجلة اآللية للغات‬ ‫ٍ‬
‫هجينة» يف بعض نظم‬ ‫«مقار ٍبة‬ ‫وجدير بالذكر أن أحد أهم أسباب اتباع‬ ‫تنتمي إليها الظاهرة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫املوسمة»‬
‫كثريا «كمية التشبع» من «املوارد اللغوية َّ‬ ‫«املقاربة التحليلية» قد تقلل ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املعاجلة اجلزئية عرب‬ ‫الطبيعية» هي أن‬
‫املطلوبة للتدريب مما حيسن من اقتصاديات بناء النظام ُك ِّله‪.‬‬

‫‪-8٢-‬‬
‫مئ ًة يف املئة) بل تصغره بمقدار «هامش اخلطأ البرشي ش‪ »1‬مضا ًفا إليه «هامش خطأ‬
‫يلخ ُصه (الشكل ‪ )١3‬أعاله‪.‬‬ ‫التعلم احلاسويب ش‪ ،»2‬وهو ما ِّ‬
‫بسيط (= ش‪ )1‬ينعكس‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫هبامش‬ ‫فأهل أية لغة من البرش خيطئون وال ُبدَّ فيها (‪ )١‬ولو‬
‫يف توسيم أي مورد لغوي لتدريب أنظمة تع ُّل ِمها حاسوب ًّيا وال يمكن أن يتجاوز أدا ُء‬
‫أية آلية للتع ُّلم احلاسويب ِد َّق َة مواردها التعليمية‪ .‬كام أن الغياب االضطراري لتمثيل‬
‫أساسية مثل «متثيل املعرفة الفطرية» و «االرتباط بالعامل احلقيقي» و «التحليل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أركان‬
‫الفطري» و «غياب السياقات» عن املادة اللغوية قيد التعلم والتحليل‪ ،‬و «جتاهل‬
‫حتام‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫معاجلة مسألة لغوية من طبقة أدنى» ‪ ...‬إلخ ينعكس ً‬ ‫الطبقات اللسانية األعىل عند‬
‫كليهام ويظهر عىل هيئة هامش خطأٍ (= ش‪ )2‬تعتمد‬ ‫عىل َط ْو َري التدريب والتشغيل ِ‬
‫قيمته عىل أثر كل هذه األركان الغائبة يف املسألة اللغوية املع َّينة املعن َّية‪.‬‬

‫‪ .6‬هل لِ ُّلغة العربية خصوصية مع الذكاء االصطناعي؟‬


‫مقوالت تقطع بخصوصية اللغة‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫معاجلة اللغة العربية وحوسبتها‬ ‫تشيع يف أدبيات‬
‫بدرجة ال نظري هلا من الصعوبة‬ ‫ٍ‬ ‫وتفر ِدها عن بقية لغات العامل الطبيعية الكربى‬
‫العربية ُّ‬
‫لدرجة باتت‬‫ٍ‬ ‫ودالل ًّيا ‪ ...‬إلخ‬ ‫عىل مجيع مستوياهتا اللسانية؛ صوتيا وصفيا ونحويا ِ‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫معها تلك املقوالت يف مقام املأثورات التي تتوارثها األجيال وكاد تصدير األبحاث‬
‫معاجلتِها و‪/‬أو تسوي ًغا للعمل الذي‬ ‫َ‬ ‫والدراسات هبا ‪ -‬تعلي ً‬
‫ال للتقصري السابق يف‬
‫ُستهج ُن خما َلفتُه‪ .‬ولكن‬
‫َ‬ ‫يتصدى له املؤلف ‪ -‬أن يكون يف مقام العرف السائد الذي ت‬
‫الكثري من التز ُّيد‬
‫َ‬ ‫توسيع النظر يف واقع اللغات الطبيعية الكربى حول العامل يكشف‬
‫يف مثل تلك املقوالت؛ فلئن كان نظا ُم بناء اجلملة (الن َّْحو) العريب ‪ -‬عىل سبيل املثال ‪-‬‬
‫شديدَ املرونة يسمح بالتقديم والتأخري واحلذف والتقدير ‪ ...‬إلخ مع ما يطرحه ذلك‬
‫من صعوبات والتباسات‪ ،‬فإن الصينية لغ ٌة غري هجائية (‪ )٢‬كام أن املفردات يف الصينية ال‬
‫تتاميز فقط برسمها وأصواهتا بل من الالزم كذلك مراعا ُة التنغيم والنرب للتمييز بينها‪،‬‬
‫َّبة شديدة التعقيد‪،‬‬ ‫كلامت مرك ٍ‬‫ٍ‬ ‫(الصف) يف األملانية يسمح ببناء‬ ‫ونظام بنية الكلمة َّ ْ‬
‫‪ -١‬املقصود هنا أبناء اللغة الذين يتحدثونا بطالقة اخلرباء هبا‪ ،‬واملقصود بأخطائهم السهو واخللط اللذان ال َم َف َّر من‬
‫صفرا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وقوعهام ولو بنسبة بسيطة ال تساوي ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الصينِ َّية التي ال تتكون ُ‬
‫‪/‬ألفبائية‪.‬‬ ‫أبجدية‬ ‫حروف‬ ‫كلامهتا من‬ ‫‪ -٢‬املقصود هو لغ ُة «املانْدَ ِارين» النسخ ُة الرسمي ُة السائد ُة من اللغة ِّ‬

‫‪-83-‬‬
‫واليابانية ال ترتك فواصل أو فراغات بني كلامهتا‪ ،‬واإلنجليزية لغة هجينة إىل حدٍّ ٍ‬
‫بعيد‬
‫مي مرتف ٍع للغاية‪ ،‬ولغة اهل َ ْوسا يف‬‫معج ٍّ‬
‫نمو َ‬
‫جدًّ ا عىل مستوى مفرداهتا كام تتميز بمعدل ٍّ‬
‫ٍ‬
‫أصوات غري مألوفة يف غريها كاألصوات الشفطية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫غرب أفريقيا (مثل نيجرييا) هبا‬
‫وأغلب املخطوط يف الفرنسية ال ينْ َط ُق وبعض ما ال ينْ َط ُق يظهر ُن ْط ُقه حتت رشوطٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خاصة ‪ ...‬إلخ‪ .‬واخلالصة املقصودة من ذلك هي أن الصعوبات اللغوية الظاهرة ال‬ ‫َّ‬
‫تقتص عىل العربية‪ ،‬فكل لغة من لغات العامل احلية الكربى هلا صفاهتا املخصوصة التي‬
‫ٍ‬
‫صعوبات يف عيون غري الناطقني هبا‪.‬‬ ‫متثل‬
‫وبالرغم من االختالفات ال َب ِّينة بني اللغات الطبيعية عىل مستوى الطبقات اللسانية‬
‫َرب‬ ‫الدُّ ْنيا والوسطى (الصوتية‪ِ ،‬‬
‫واملعجمية‪ ،‬والنحوية) التي ُت ْعت َ ُ‬
‫َ‬ ‫واخلطاط َّية‪ ،‬والصفية‪،‬‬ ‫َ‬
‫اختالفات يف الرتميز والصياغة‪ ،‬فإن اللغات الطبيعية عىل مستوى الطبقات اللسانية‬ ‫ٍ‬
‫املشرتك اإلنساين‬ ‫َ‬ ‫العليا (الداليل‪ ،‬واملجازي‪ ،‬والتداويل) تعكس يف جوهرها وفحواها‬
‫وحتليل فِ ْطري‪.)... ،‬‬
‫ٍ‬ ‫(معرفة فِ ْط ٍ‬
‫رية بالعامل احلقيقي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫ٍ‬
‫طبيعية» فإن َمنْ َب َع الصعوبة‬ ‫ال يف «حتليل ُل َغ ٍة‬
‫«املقاربة التحليلية» سبي ً‬ ‫ولذلك إذا اتٌّبِ َعت‬
‫َ‬
‫احلقيقية هو تلك الطبقات اللسانية العليا (الغائبة غال ًبا يف عملية التحليل) وما يتصل‬
‫الفكْر والنفس اإلنسانية (‪ )١‬وليس َمنْ َب ُعها الطبقات اللسانية األدنى املعنية‬ ‫هبا من تعقيد ِ‬
‫ٍ‬
‫طبيعية‬ ‫ظاهرية يف خصوصيات كل ُل َغ ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صعوبات‬ ‫بالرتميز والصياغة؛ أما ما يبدو من‬
‫عىل تلك املستويات الرتميزية والصياغية (‪ )٢‬فبمقدور أهل تلك اللغة يف ناية املطاف‬
‫اإلحاط ُة هبا والسيطر ُة عليها تستوي يف ذلك العربية مع أخواهتا من ألسنة البرش‪.‬‬

‫أما إذا ما اتُّبِ َعت ُم َ‬


‫قارب ُة «التع ُّلم احلاسويب» يف معاجلة اللغة العربية فإن تلك َ‬
‫املقاربة ‪-‬‬
‫كام أوضحنا ساب ًقا يف ناية القسم رقم ‪ ٤‬ثم يف القسم رقم ‪ ٥‬من هذا الفصل ‪ -‬ال ِّ‬
‫تفرق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -١‬راجع التحديات السبع املعضالت أمام نمذجة الظاهرة اللغوية الطبيعية ب ُك ِّل َّيتها َّ‬
‫املفصلة يف القسم رقم ‪ 3‬من هذا الفصل‪.‬‬
‫أكثرها نظا ًما؛ خذ مثاالً‬
‫‪ -٢‬يف الواقع أن العربية إن كانت هلا خصوصية يف هذا الصدد بني ألسنة البرش احلية فهي أنا ُ‬
‫آخ َر غلب َة انتظا ِم االشتقاق الصيف العريب من عدد صغري نسب ًّيا من‬ ‫االتساق الكبري بني نطق النص ورسمه‪ ،‬ومثاالً َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املعجمي إىل حدٍّ بعيد‪ ،‬ومن ثم قار ْن ُه مع ضعف‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫الص َي ِغ الصفية‪ ،‬ومثاال ثالثا اتساقها الدِّ اليل‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫املواد وعدد أصغر من ِّ‬
‫املعجم اإلنغليزي املعاص عىل سبيل املثال‬ ‫َ‬ ‫كثري من مظاهر اللغات األخرى ‪ -‬راجع‬ ‫أو غياب مثل ذلك االنتظام يف ٍ‬
‫أكثرها توثي ًقا وتقعيدً ا عرب تارخيها الطويل املتصل‪ .‬وإن‬‫أطوهلا اتصاالً يف التاريخ (عرب حوايل أ ْل َف ْي عامٍ) وهي ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬وهي‬
‫أثر لتلك اخلصوصيات يف مظاهر اللغة العربية فال بدَّ أن يكون أثرا إجيابيا للغاية عند اتباع أية مقاربةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫من‬ ‫هناك‬ ‫كان‬
‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫حتليلية هلا عىل نقيض ما تزعم املقوالت الشائعة التي بدأنا القول هبا‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪-8٤-‬‬
‫ُ‬
‫التفاصيل الداخلي ُة للظواهر‬ ‫طبيعية أخرى؛ حيث ال تعنيها‬ ‫ٍ‬ ‫بني اللغة العربية وأية ٍ‬
‫لغة‬
‫ٍ‬
‫كصندوق أسو َد مغ َل ٍق ال يم ِّي ُزها عن‬ ‫ِ‬
‫(اللغوية) التي تقوم بتع ُّلمها فهي ُ‬
‫تنظر إليها مجي ًعا‬
‫(‪)١‬‬
‫املوسمة الالزمة لتدريب آلية «التع ُّلم احلاسويب»‪.‬‬ ‫بعضها البعض سوى املوارد اللغوية َّ‬
‫قاعدة رقم ‪٥‬‬
‫َ‬
‫املعاجلة اآللية هلا‬ ‫إن تعليل التقصري والتأخر يف حقل حوسبة اللغة العربية وتطبيقات‬
‫أمرا‬ ‫َِ‬ ‫بدعوى اتصاف اللغة العربية خلصوصي ٍ‬
‫ومعاجلتها اآللية ً‬
‫َ‬ ‫ات جتعل من حوسبتها‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫بالغ الصعوبة مقارن ًة مع غريها من اللغات الطبيعية َهل ُ َو َحم ْ ُض َو ْه ٍم ينبغي َتنْحيتُه؛‬
‫ومعاجلتِها آل ًّيا ال تتلف عن صعوبة حوسبة‬ ‫َ‬ ‫فدرجة الصعوبة يف حوسبة اللغة العربية‬
‫أساليب حتليلي ٌة أو‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫املعاجلة‬ ‫أية لغة طبيعية أخرى ومعاجلتها آل ًّيا‪ ،‬سواء اتبعت يف تلك‬
‫أساليب هجين ٌة بينهام‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أساليب للتع ُّلم احلاسويب أو‬
‫ُ‬

‫‪ .7‬ما هي آفاق مستقبل املعالة اآللية لِ ُّلغة العربية عرب الذكاء االصطناعي؟‬
‫مثلها مثل سواها من اللغات الطبيعية الكربى يف العامل‪ ،‬فإن آفاق «املعاجلة اآللية للغة‬
‫العربية» تقع حتت السقفني اللذين جرى تعري ُف ُهام يف القسم رقم ‪ ،٥‬ويمكن هلا خالل ما‬
‫ال جياوز عقدً ا من اآلن (أي بنهايات ِ‬
‫الع ْقد الثالث من األلفية امليالدية الثانية) أن تتدارك‬
‫اجلدول رقم ‪ 3‬يف القسم الرابع من هذا‬ ‫ُ‬ ‫ما فاهتا كي تلحق بالصورة ‪ -‬التي رصدها ساب ًقا‬
‫جلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية‪،‬‬
‫الفصل ‪ -‬حلالة األبحاث والصناعة املعاصة يف حقل املعا َ‬
‫مكاسب اقتصادي ٌة كبري ٌة َج َّرا َء املنافسة يف هذا القطاع العظيم من اقتصاد‬
‫ُ‬ ‫فتتحقق بذلك‬
‫آثار ثقافي ٌة إجيابي ٌة عميق ٌة سوف متثل دفع ًة قوي ًة للقوة‬
‫املعلومات واملعرفة‪ ،‬وتتحقق ٌ‬

‫نظام ملعاجلة اللغات الطبيعية تغطي‬


‫ربيات رشكات التقنية املعلوماتية يف عصنا الراهن التي تنتج ً‬ ‫‪ -١‬ولذلك حترص ك َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫صفة وحتاول تفادي أية «مقاربات‬ ‫يب» ْ‬ ‫ٍ‬
‫مقاربة «تعلم حاسو ٍّ‬ ‫َ‬ ‫خمت َلف (أو عديدً ا من) اللغات الطبيعية احلية عىل َ‬
‫اتباع َ‬
‫ٍ‬
‫معاجلة واحد مع إنتاج موارد لغوية متعددة بتعدد اللغات‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫حتليلية» ولو كانت جزئي ًة؛ حيث يك ِّلفها ذلك إنتاج نظام‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫معاجلة متعددة بتعدد تلك اللغات املختلفة‪ .‬خذ مثاال عىل ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫املختلفة التي يغطيها‪ ،‬وذلك بدالً من إنتاج أنظمة‬
‫مقاربة التع ُّلم احلاسويب ‪ -‬وهي‬ ‫ِ‬
‫«خدمة غووغل الشهرية للرتمجة» التي تغطي عد ًدا = ن من اللغات الطبيعية‪ ،‬فمع َ‬
‫ال ‪ -‬فإن نظام الرتمجة واحد وما يتعدد فهو املوارد اللغوية الالزمة لتدريبه عىل الرتمجة بني كل زوج من أزواج‬ ‫امل َّت َبعة فع ً‬
‫مقارب ًة‬ ‫تتبع‬ ‫أن‬ ‫»‬ ‫ل‬ ‫اللغات املشمولة البالغ عددها ن×(ن‪ )١-‬من هذه األزواج‪ ،‬فإذا فكرت «رشكة غ ِ‬
‫ُووغ‬
‫َ‬ ‫‪Google‬‬
‫حتليلي ًة الحتاجت إىل تطوير ن×(ن‪ )١-‬من األنظمة املختلفة كي تغطي الرتمجة بني كل أزواج اللغات املشمولة‪.‬‬

‫‪-8٥-‬‬
‫نجاحات علمي ٌة وتقني ٌة ِ‬
‫تسهم يف النهوض‬ ‫ٌ‬ ‫أيضا‬
‫الناعمة العريقة هلذه األمة‪ ،‬وتتحقق ً‬
‫(‪)١‬‬
‫بالبحث والتطوير يف بالدنا يف حقل احلوسبة واملعلوماتية عىل وجه العموم‪.‬‬
‫قاعدة رقم ‪6‬‬
‫غة العربية» خالل نحو ِع ْق ٍد من الزمان بأفضل‬ ‫«املعاجل ُة اآللية لِ ُّل ِ‬
‫َ‬ ‫من أجل أن َت ْل َ‬
‫حق‬
‫ما وصلت إليه أبحاث وصناعة «املعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية»‪ ،‬يلز ُم إجرا ُء ما ييل‪:‬‬
‫ِ‬
‫اخلرباء يف الذكاء‬ ‫األساتذة الناهبني يف «هندسة وعلوم احلاسب»‬ ‫ِ‬ ‫أوالً‪ :‬إعداد ٍ‬
‫جيل من‬
‫جيدة بأسس علوم اللغة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ودراية‬ ‫املعاصة جلعلهم عىل إملا ٍم‬ ‫ِ‬ ‫االصطناعي بمدرسته‬
‫واللسانيات العربية وحتدياهتا‪.‬‬
‫األساتذة الناهبني يف «علوم اللغة واللسانيات العربية» جلعلهم‬ ‫ِ‬ ‫ثان ًيا‪ :‬إعداد ٍ‬
‫جيل من‬
‫عىل إملام ودراية جيدة بمبادئ «علوم احلاسب» و ُن ُظ ِمه‪ ،‬ومبادئ «الذكاء االصطناعي»‬
‫وقضايا حوسبة اللغة الطبيعية ومعاجلتها آل ًّيا‪.‬‬
‫يؤهل الصنف األول من األساتذة قاعد ًة أوسع من طلبة هندسة وعلوم‬‫َ‬ ‫ثال ًثا‪ :‬أن‬
‫احلاسب الناهبني بنفس الكيفية التي جرى إعداد هؤالء األساتذة هبا‪.‬‬
‫يؤهل الصنف الثاين من األساتذة قاعد ًة أوسع من طلبة علوم اللغة‬ ‫َ‬ ‫راب ًعا‪ :‬أن‬
‫واللسانيات العربية الناهبني بنفس الكيفية التي جرى إعداد هؤالء األساتذة هبا‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تقوم عىل هذه القاعدة احلاسوبية اللسانية التي جرى بناؤها يف اخلطوات السابقة‬‫ً‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صناع ُة «املوارد اللغوية العربية وتوسيمها» كصناعة معلوماتية ثقيلة‪ ،‬كثيفة العاملة‪.‬‬
‫سادسا‪:‬ال ُبدَّ أن َي ُض َّم ك ُُّل مرشو ٍع لصناعة «املوارد العربية اللغوية وتوسيمها»‪،‬‬
‫ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫«مقاربة هجينة» لصناعة تطبيق عىل‬ ‫يب» أو‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫مقاربة «تعلم حاسو ّ‬
‫و‪/‬أو توظيفها يف َ‬
‫األصناف الثالثة اآلتية من العاملني باألوزان املناسبة‬
‫َ‬ ‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغة العربية»‬
‫َ‬
‫حلاجة املرشوع‪ :‬املتخصصني يف علوم اللغة واللسانيات العربية‪ ،‬واملتخصصني يف‬
‫ِ‬
‫و«حمرتيف إدارة املرشوعات‬ ‫هندسة وعلوم احلاسب وال ســيام الذكــاء االصطناعي‪،‬‬
‫(‪. )١(»Project Management Professionals )PMPs‬‬
‫ولعل هذا الفصل وهذا الكتاب أن يكونا خطو ًة عىل هذا الطريق‪.‬‬

‫‪ -١‬ويقوم هؤالء بتطبيق آليات التخطيط والتنفيذ واملتابعة التي تساعد هذه املرشوعات «كثيفة العاملة» و»متشابكة املهام» و»ذات‬
‫احلساسية العالية للدقة» عىل الوصول لرب األمان؛ أي وفق مواصفات اجلودة‪ ،‬ودون جتاوز امليزانية وال اإلطار الزمني‪.‬‬

‫‪-86-‬‬
‫‪ .8‬اخلامتة والنتائج‬
‫ارحتلنا عرب هذا الفصل يف تاريخ حلم حماكاة اآلالت للذكاء البرشي منذ التاريخ‬
‫القديم بالتدرج مع تطور األدوات ا ُملمك ِ‬
‫ِّنة له خالل القرون القليلة املاضية‪ ،‬ثم َف َّصلنا‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫تأسس حقل «الذكاء االصطناعي» يف العص احلديث وال سيام مع بدء بناء‬ ‫يف ظروف ُّ‬
‫احلواسيب الرقمية واستعرضنا بالتفصيل املراحل التي مر هبا صعو ًدا وهبو ًطا إىل أن‬
‫استقر عىل مسار تصا ُع ِد ٍّي رسي ٍع منذ حوايل ربع القرن‪.‬‬
‫املقار َبت َْني األساسيتني حلل املسائل املعت ََربة يف إطار الذكاء‬ ‫قدم هذا الفصل بعد ذلك َ‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية» وهي‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫والتحديات األساسي َة أمام قضية‬ ‫االصطناعي‪،‬‬
‫حال هذه القضية‬ ‫ليبني َ‬ ‫إحدى املباحث الكربى للذكاء االصطناعي‪ ،‬ومىض الفصل ِّ‬
‫«املقاربة‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫مقاربة التع ُّلم احلاسويب»‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫مع كل مقاربة منهام‪ ،‬وملاذا مالت الكفة نحو َ‬
‫التحليلية»‪ ،‬ثم انتقلنا بعد ذلك لرسم صورة احلالة الواقعية الراهنة لتطور األبحاث‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغات الطبيعية»‪ ،‬وبعدها أجبنا عىل سؤال السقف‬ ‫َ‬ ‫والصناعة يف حقل‬
‫األعىل ملا يمكن أن تبلغه األبحاث والصناعة يف هذا احلقل ‪ -‬عىل األقل يف املستق َبل‬
‫املنظور‪.‬‬
‫«املعاجلة اآللية لِ ُّلغة العربية» وهل‬
‫َ‬ ‫وأخريا انتقل الرتكيز عىل إسقاط ما سبق عىل‬ ‫ً‬
‫املعاجلة اآللية من اللغات األخرى؟ وما‬ ‫َ‬ ‫خصوصيات هلا جتعلها أعىص عىل‬ ‫ٌ‬ ‫هناك ح ًّقا‬
‫ِ‬
‫هي اآلفاق املستقبلية حلوسبة العربية ومعاجلتها آل ًّيا؟‬
‫ٍ‬
‫وعلمية ‪-‬‬ ‫ٍ‬
‫تارخيية‬ ‫َ‬
‫تفاصيل‬ ‫ويف اخلتا ِم نؤكِّد أن هذا الفصل ‪ -‬رغم كل ما حيتشد به‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف ألية ٍ‬ ‫حتليل تِ ْقنِي مستو ٍ‬
‫حاسوبية من تلك‬ ‫رياضية أو‬ ‫آلية‬ ‫ْ‬ ‫ٍ ٍّ‬ ‫رشح أو‬ ‫ليس يف مقام تقديم ٍ‬
‫بطون الكثري والكثري من‬ ‫ِ‬ ‫التي يعرضها‪ ،‬فتلك الرشوح والتحليالت وفري ٌة مستقر ٌة يف‬
‫هة إىل املتخصصني يف علوم احلاسب والرياضيات املتقدمة‪.‬‬ ‫األسفار املتخصصة املوج ِ‬
‫َّ‬
‫أساسا إىل العاملني الناهبني يف علوم اللغة العربية وما‬ ‫ً‬ ‫ولكن رسال َة هذا الفصل تتوجه‬
‫حقول (‪ )١‬ممن يتطلعون و‪/‬أو يتصدون بالفعل لتوظيف احلوسبة وتقنياهتا‬ ‫ٍ‬ ‫َي ْرفِدُ ها من‬

‫وتارخي ِه وواق ِع‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫االصطناعي‬
‫ِّ‬ ‫الذكاء‬ ‫بامهية‬ ‫أيضا هذه الرسالة بطبيعة احلال إىل كل مث َّقف عر ٍّ‬
‫يب مهت ٍَّم باإلملام‬ ‫‪ -١‬وتتوجه ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخصوصا العربية‪ ،‬وحدود إمكانيات هذه اآلليات والتقنيات‬ ‫ِ‬
‫الطبيعية؛‬ ‫ِ‬
‫اللغات‬ ‫ِ‬
‫ملعاجلة‬ ‫ٍ‬
‫آليات وتقن ًّيات‬ ‫ما يوفره من‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫وآفاقها‪.‬‬

‫‪-87-‬‬
‫تربوي و‪/‬أو‬ ‫ٍ‬
‫مردود‬ ‫يف تطوير معاجلة اللغة العربية لبناء تطبيقات ومرشوعات ذات‬
‫ٍّ‬
‫بوضوح بجذور وواقع هذا‬‫ٍ‬ ‫اقتصادي‪ ،‬وذلك ُب ْغ َي َة تعريفهم‬
‫ٍّ‬ ‫يت و‪/‬أو‬
‫ثقايف و‪/‬أو معلوما ٍّ‬
‫ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫املجال يف إجياز وتبسيط غري ُخم َّل ْني مما يساعدهم عىل وضع أهداف واقعية لتطبيقاهتم‬
‫ٍ‬
‫وجودة‬ ‫ٍ‬
‫بكفاءة‬ ‫صحيحة تؤدي إىل إنجاز هذه األهداف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خيارات‬ ‫ومرشوعاهتم واتاذ‬
‫عاليت َْني‪.‬‬

‫‪-88-‬‬
.‫ببليوجرافيا مرجع َّية‬
1. Aggarwal, C.C. Springer (2018) Machine Learning for Text, Springer.
2. Buchanan, B.G. (2006: Winter 2005) A (Very) Brief History of
Artificial Intelligence, AI Magazine, AI Magazine: Volume 26 –
Number 4, pp. 53–60, USA.
3. Dominigos, P. (2015) The Master Algorithm: How the Quest for the
Ultimate Learning Machine Will Remake Our World, Basic Books,
New York - USA.
4. Goodfellow, I., Bengio, Y., Courville, A., (2016) Deep Learning,
MIT Press, Massachusetts – USA.
5. Hofstadter, D. (1979) Gödel, Escher, Bach: an Eternal Golden
Braid, Basic Books, New York USA.
6. Indurkhya, I. (Editor), Damerau, F.J. (Editor), (2010) Handbook of
Natural Language Processing (2nd edition), Chapman & Hall Book/
CRC Press, Florida – USA.
7. Jurafsky, D., Martin, J. H., (2008) Speech and Language Processing:
An Introduction to Natural Language Processing, Computational
Linguistics, and Speech Processing, (2nd edition), Prentice Hall,
USA.
8. Lane, H., Howard, C., Hannes, M.H., (2019) Natural Language
Processing in Action, Manning Publication, USA.
9. Mitkov, R. (editor), (2005) The Oxford Handbook of Computational
Linguistics, Oxford University Press – UK.
10. Nilsson, N.J. (2015) The Quest for Artificial Intelligence, Cambridge
University Press, UK.
11. Russell, S., Peter Norvig, P., (2009) Artificial Intelligence: A Modern
Approach, (3rd edition), Prentice Hall, USA.
12. Schutze, H., Manning, C.D., (2000) Foundations of Statistical
Natural Language Processing, MIT Press, USA.

-8٩-
-٩٠-
‫الفصل ال َّثاني‬
‫ال ُـم َ‬
‫عالة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية املكتوبة‬
‫قدمة يف ذكاء اآللة‬
‫ُم ِّ‬

‫السعيد‬
‫الـمعت ّز باهلل َّ‬
‫د‪ُ .‬‬

‫‪-٩١-‬‬
-٩٢-
‫ملخص‬
‫الذكاء‬ ‫عاجلة ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة ع َ‬
‫رب َّبوابة َّ‬ ‫مدخال إىل ُم َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الفصل‬ ‫ُيقدِّ ُم هذا‬
‫كيف ُيمك ُن لآللة أن ُحتاكي ذكا َء‬
‫البحثي‪َ :‬‬ ‫السؤال‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫االصطناعي‪ ،‬يف ُحماولة لإلجابة عن ُّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫لذلك‬ ‫ُ‬
‫الباحث‬ ‫ويعرض‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عاجلتها يف بنيتها املكتوبة؟‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسان يف فهم ال ُّلغة العرب َّية و ُم َ‬
‫عاجلة ال ُّلغة املكتوبة‪ ،‬وهي ( ُمستوى‬ ‫حماور أساس َّي ٍة ُمت ِّث ُل ُمستويات ُم َ‬ ‫َ‬
‫يف مقدِّ ٍ‬
‫مة وأربعة‬ ‫ُ‬
‫الرتكيب َّية‪،‬‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫الصف َّية‪ ،‬و ُمستوى ُ‬ ‫عاجلة َّ‬ ‫الـم َ‬ ‫عاجلة الكتاب َّية‪ ،‬و ُمستوى ُ‬ ‫الـم َ‬ ‫ُ‬
‫عاجلة‬‫الـم َ‬
‫ستوى لوحدة ُ‬ ‫الباحث يف ك ُِّل ُم ً‬
‫ُ‬ ‫ويعرض‬‫ُ‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة الدِّ الل َّية)‪.‬‬ ‫و ُمستوى ُ‬
‫السطح َّية والعميقة هلا‪ ،‬وأبرز تطبيقاهتا يف ال ُّلغة‬ ‫عاجلة َّ‬ ‫للم َ‬
‫(التَّحليل)‪ ،‬والتَّوجيه اآل ّيل ُ‬
‫العرب َّية‪.‬‬
‫ف عىل طرائق‬ ‫َّعر َ‬ ‫يب ذا اخللف َّية ال ُّلغو َّية ا َّلذي ُ‬
‫ينشدُ الت ُّ‬ ‫القارئ العر َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفصل‬ ‫ويستهدف‬
‫ُ‬
‫ريق إىل‬ ‫ومناهجها‪ ،‬عىل النَّحو ا َّلذي ُ‬
‫يفتح أما َم ُه ال َّط َ‬ ‫ِ‬ ‫عاجلة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية املكتوبة‬
‫الـم َ‬
‫ُ‬
‫رض أفكاره انطال ًقا من منطق ال ُّلغة العرب َّية‬ ‫الباحث إىل َع ِ‬ ‫ُ‬ ‫أكثر ُعم ًقا‪ .‬هلذا‪ ،‬يسعى‬ ‫فه ٍم َ‬
‫طة بمنطق اآللة [القائم‬ ‫وائمة مبس ٍ‬‫ٍ‬ ‫السامع والقياس]‪ ،‬مع ُم‬
‫ُ َ َّ‬ ‫رب َّ‬ ‫[القائم عىل الكَيف‪َ ،‬ع َ‬
‫منهجا وصف ًّيا حتليل ًّيا‪ ،‬يسعى من‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الباحث‬ ‫الرياض َّية]‪ .‬ويلتز ُم‬ ‫الـمحاكاة ِّ‬
‫رب ُ‬ ‫الكم‪َ ،‬ع َ‬
‫عىل ّ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫الـمختلفة‪ُ ،‬بغ َي َة‬ ‫خالله إىل وصف واقع ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة‪ ،‬وحتليلها يف ُمستوياهتا ُ‬
‫الـموافق لطبيعتِها‪.‬‬ ‫الوجه ُ‬ ‫عاجلتها عىل َ‬
‫فهمها وم َ ِ‬
‫ُ َ‬
‫الو ُقوف عىل أساليب توجيه اآللة إىل ِ‬
‫ُ‬

‫الكلامت املفتاحية‪:‬‬
‫عاجلة ال ُّلغــات ال َّطبيع َّية (‪ ،Natural Language Processing )NLP‬ال ُّلغـة‬
‫ُم َ‬
‫االصطناعي (‪Artificial Intelligence‬‬
‫ّ‬ ‫العرب َّية املكتوبة ‪َّ ، Written Arabic‬‬
‫الذكاء‬
‫‪ ،)AI‬تقنيات ال ُّلغات اإلنسان َّية (‪.Human Language Technology )HLT‬‬

‫‪-٩3-‬‬
‫االصطناعي وال ُّلغة املكتوبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪َّ .1‬‬
‫الذكاء‬
‫ات‬ ‫اإلنسان أبجدي ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوجود من ال ُّلغة املكتوبة؛ إذ مل يبتكر‬ ‫ال ُّلغ ُة املنطوق ُة ُ‬
‫َّ‬ ‫أسبق إىل ُ‬
‫تأخرة نسب ًّيا عن حقبة ُو ُجوده‪ .‬ومع ُظهور احلواسيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الكتابة َّإال يف ِح ٍ‬
‫قبة زمن َّية ُم ِّ‬
‫هتدف إىل‬ ‫ُ‬ ‫وجتارب َّأول َّي ٌة‬
‫ُ‬ ‫اوالت‬
‫ٌ‬ ‫ظهرت ُحم‬
‫وتطورها يف ُمنت ََصف القرن العرشين‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬
‫أن هذه‬ ‫لـمحاكاة ذكاء اإلنسان يف فهم ال ُّلغات ال َّطبيع َّية وحتليلها؛ َّإال َّ‬ ‫إخضاع اآللة ُ‬
‫مهها‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫َّجارب قد انط َل َقت من ال ُّلغة املكتوبة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ألسباب عديدة‪ ،‬أ ُّ‬ ‫َ‬ ‫حاوالت والت‬ ‫الـم‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسهولة حفظها‬ ‫ال َّطبيعة القياس َّية النِّسب َّية هلا‪ ،‬وإمكان َّية التَّفا ُعل مع بنيتها امللموسة‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفاعلني‬
‫َ‬ ‫واسرتجاعها‪ ،‬وث ُبوت ُصورهتا اخلارج َّية بصف النَّ َظر عن ُمستخدميها أو ُ‬
‫الـم‬
‫معها‪.‬‬
‫املحوري بشأن تعاطي اآللة مع‬ ‫ّ‬ ‫الفصل ُحماول ًة لإلجابة عن ُّ‬
‫السؤال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يتناول هذا‬
‫كيف ُيمك ُن لآللة أن ُحتاكي ذكا َء اإلنسان يف‬ ‫ورهتا املكتوبة؛ أي‪َ :‬‬ ‫ال ُّلغة ال َّطبيع َّية يف ُص ِ‬
‫ِ‬
‫وإجراءاهتا ا َّلتي قد‬ ‫مق الفكرة‬ ‫احلديث عن ُع ِ‬
‫َ‬ ‫فهم ال ُّلغة ال َّطبيع َّية املكتوبة؟ وال ُ‬
‫ننشدُ‬
‫ِ‬
‫نلتمس‬
‫ُ‬ ‫الـمتش ِّعبة؛ لكنَّنا‬
‫الرياض َّية واهلندس َّية ُ‬ ‫تبدو ُمع َّقد ًة إىل حدٍّ ما؛ ال س َّيام يف أبعادها ِّ‬
‫أكثر‬ ‫تكون منط َل ًقا ُ ٍ‬
‫لتناول َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫قاعدة ُمستقبل َّي ٍة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫متهيدي‪ُ ،‬يمك ُن من خالله بنا ُء‬
‫ّ‬ ‫تقديم ٍ‬
‫طرح‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وسيكون‬ ‫عاجلة ال ُّلغات ال َّطبيع َّية (‪.Natural Language Processing )NLP‬‬ ‫لـم َ‬ ‫ُعم ًقا ُ‬
‫الرتكيز عىل ال ُّلغة العرب َّية‪.‬‬ ‫ورة عا َّمة‪ ،‬مع َّ‬‫حدي ُثنا عن ال ُّلغة ال َّطبيعية املكتوبة بص ٍ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الـمع َطيات‬ ‫إخضاع اآللة لفهم ال ُّلغة ال َّطبيع َّية‪ ،‬فعلينا أن ُن َقدِّ َر طبيع َة ُ‬ ‫َ‬ ‫حني نسعى إىل‬ ‫َ‬
‫نخلق‬
‫ذلك أنَّنا ُ‬ ‫الكم ّي‪َ .‬‬ ‫الـمع َطيات للتَّحليل ِّ‬ ‫الـم َو َّجهة لآللة ومدى قابل َّية هذه ُ‬ ‫ال ُّلغو َّية ُ‬
‫بيئ ًة ُحتاكي ُقدر َة اإلنسان عىل استخدام ال ُّلغة ال َّطبيع َّية؛ وهذه ال ُقدر ُة مل تَصنَعها ُقوى‬
‫تدرجة الكتساب املهارات ال ُّلغو َّية (االستامع‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ال َّطبيعة؛ لكنَّها جا َءت نتيج َة عمل َّيات ُم ِّ‬
‫يستمع إىل‬
‫ُ‬ ‫َّاشئ يف ُجمت ََم ٍع يستخد ُم ُلغ ًة ُم َع َّي ٍنة‬
‫فل الن ُ‬ ‫والتَّحدُّ ث‪ ،‬والكتابة‪ ،‬والقراءة)‪ .‬فال ِّط ُ‬
‫بعضا من هذه األصوات‪،‬‬ ‫وينطق يف مراحل النَّشأة األوىل ً‬ ‫ُ‬ ‫تم ِعه‪،‬‬ ‫أصوات ال ُّلغة يف ُحميط ُجم َ‬
‫ويصنع ُمج ًال بسيط ًة و ُم َركَّبة‪ُ ،‬ث َّم يتع َّل ُم كتاب َة املحارف وقرا َء َهتا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كلامت‪،‬‬ ‫ف بينَها يف‬ ‫ُث َّم ُيؤ ِّل ُ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫قادرا عىل استخدام ال ُّلغة يف بيئة تفا ُعل َّية‪.‬‬ ‫ُث َّم الكلامت واجلُ َمل‪ ،‬وهكذا‪ ،‬حتَّى‬
‫يصري ً‬ ‫َ‬
‫تم ٍع ذي‬ ‫مثال يف ُجم َ‬ ‫نشأ ً‬ ‫توافرت له؛ فإذا َ‬ ‫َ‬ ‫بالـمع َطيات ال ُّلغو َّية ا َّلتي‬ ‫وترتبط هذه ال ُقدر ُة ُ‬ ‫ُ‬
‫كذلك إذا َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫نشأ‬ ‫َ‬ ‫واحلال‬ ‫هي أن يتأ َّث َر هبذه ال َّثقافة يف تكوينه‪،‬‬ ‫ثقافة ُلغو َّية واسعة‪ ،‬فمن ال َبدَ ّ‬

‫‪-٩٤-‬‬
‫قدرهتا عىل‬ ‫ِ‬ ‫تنشأ عالق ٌة طرد َّي ٌة َ‬
‫بني‬ ‫حيث ُ‬ ‫ذلك؛ ُ‬ ‫حمدود ال َّثقافة‪ .‬واآلل ُة قريب ٌة من َ‬ ‫ِ‬ ‫تم ٍع‬ ‫يف ُجم َ‬
‫ٍ‬
‫ناحية‬ ‫فهم ال ُّلغات ال َّطبيع َّية من ناحية‪ ،‬واتِّساع مدى املعارف ال ُّلغو َّية ُ‬
‫الـم َو َّجهة هلا من‬
‫عاجلة ال ُّلغات ال َّطبيع َّية‪ ،‬سوا ٌء يف‬ ‫بني ُخم َرجات أدوات ُم َ‬ ‫رس ُو ُجو َد تبا ُي ٍن َ‬ ‫أخرى‪ .‬وهذا ُي َف ِّ ُ‬
‫بني ال ُّلغات ُ‬
‫الـمتعدِّ دة‪.‬‬ ‫ال ُّلغة الواحدة‪ ،‬أم َ‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫بيعي [ذكاء اإلنسان]‬ ‫الذكاء ال َّط ّ‬ ‫بني َّ‬ ‫فجوة َ‬ ‫احلقيقي يف ُو ُجود‬
‫ُّ‬ ‫اإلشكال‬ ‫يكم ُن‬ ‫ُ‬
‫ث‬ ‫أن ُحماكا َة ال َّطبيعة ال ُيمك ُن أن حتدُ َ‬ ‫ذلك إىل َّ‬ ‫االصطناعي [ذكاء اآللة]‪ .‬و َم َر ُّد َ‬‫ّ‬ ‫والذكاء‬ ‫َّ‬
‫اليشء ال َّطبيعي [األصل] خاص ًة به‪ ،‬وغري ٍ‬
‫قابلة‬ ‫بعض سامت َّ‬ ‫تظل ُ‬ ‫حيث ُّ‬ ‫ورة ُك ِّل َّية؛ ُ‬ ‫بص ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫َّصل بام ُيمك ُن إخضا ُع ُه للقياس‬ ‫واألمر يت ُ‬ ‫ُ‬ ‫اليشء املصنُوع [التَّقليد]‪.‬‬ ‫لالستحداث يف َّ‬
‫بصدَ ِده‪ ،‬بشأن ُحماكاة ذكاء اإلنسان يف‬ ‫بيعي‪ .‬ويف الن َُّمو َذج ا َّلذي نح ُن َ‬ ‫اليشء ال َّط ّ‬ ‫يف َّ‬
‫خارجي‪ ،‬كال ُقدرة عىل القراءة‬ ‫ٍ‬
‫نشاط‬ ‫مثال ان نُحاكي ال ُقدر َة عىل ُمم ٍ‬
‫ارسة‬ ‫اآللة‪ُ ،‬يمك ُن ً‬
‫ّ‬
‫واألمل وال َغرية‪ .‬وأقىص ما‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫حل ّ‬
‫نستطيع ُحماكا َة املشاعر الدَّ اخل َّية‪ ،‬كا ُ‬ ‫ُ‬ ‫أو الكتابة؛ لكنَّنا ال‬
‫ُخض َع اآلل َة إىل اكتشاف ُو ُجود بعض املشاعر‪،‬‬ ‫الشأن أن ن ِ‬ ‫نصل إليه يف هذا َّ‬ ‫نستطيع أن َ‬ ‫ُ‬
‫ذلك َّإال عرب قرائن [ ُلغوية و َغري ُلغوية] قابلةٍ‬ ‫يتم َ‬ ‫دون أن تتو َّلدَ هذه‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املشاعر فيها‪ .‬وال ُّ‬ ‫ُ‬
‫للقياس‪.‬‬
‫عوامل‬‫َ‬ ‫يتجاوز ُحدُ و َد ال ُّلغة ِ‬
‫ذاهتا إىل‬ ‫ُ‬ ‫إخضاع اآللة لفهم ال ُّلغة ال َّطبيع َّية‬ ‫َ‬ ‫والواقع َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫مثاال‬ ‫االجتامعي‪ .‬و ُي َو ِّض ُح (اجلدول ‪ً )١‬‬ ‫ِ‬
‫وحميطه‬ ‫َّصل بطبيعة اإلنسان النَّفس َّية ُ‬ ‫خارج َّية تت ُ‬
‫ّ‬
‫عىل ذلك‪.‬‬
‫االجتامعي‬
‫ّ‬ ‫السياق‬
‫ِّ‬ ‫السياق ال ُّلغ ّ‬
‫َوي‬ ‫ِّ‬ ‫الملة‬‫ُ‬ ‫م‬
‫انفعل األب عىل ابنِ ِه‪ ،‬أل َّنه م ِ‬
‫شاغب‬ ‫َ‬ ‫‪١‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫تغري‬
‫ُم ِّ‬ ‫ثابت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األب عىل ابنه‪ ،‬أل َّن ُه ُمغاضب‬ ‫َ‬
‫انفعل ُ‬ ‫‪٢‬‬
‫االجتامعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السياق‬ ‫السياق ال ُّل ّ‬
‫غوي عن ِّ‬ ‫توضيحي الختالف ِّ‬
‫ّ‬ ‫الدول ‪ :1‬نمو َذج‬

‫ياق ا َّلذي‬‫الس ُ‬‫غوي؛ وهو ِّ‬ ‫السياق ال ُّل ّ‬


‫اجلدول عىل ُمج َلتَني ُمتَّف َقتَني متا ًما يف ِّ‬
‫ُ‬ ‫حيتوي‬
‫ياق ا َّلذي َي ُ‬
‫فهم ُه‬ ‫الس ُ‬
‫االجتامعي؛ وهو ِّ‬
‫ّ‬ ‫السياق‬‫ُيمك ُن التَّحك ُُّم فيه؛ لكنَّهام تتلفان يف ِّ‬
‫بني األب‬ ‫ِ‬
‫العالقة َ‬ ‫َ‬
‫إدراك‬ ‫الفهم‬ ‫بصورة ديناميك َّية‪ .‬ويستدعي هذا‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ويتفاعل مع ُه‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫وسنصل‬ ‫غاضبة)‪.‬‬‫(الـم َ‬
‫ُ‬ ‫َّخذ ِسم َة‬
‫(الـمشا َغبة) و َمن يت ُ‬
‫ُ‬ ‫َّخذ سم َة‬
‫واالبن‪ ،‬لتحديد َمن يت ُ‬
‫بذلك إىل َّ‬
‫أن‪:‬‬ ‫َ‬

‫‪-٩٥-‬‬
‫‪ -‬الجملة ‪ = ١‬االبن م ِ‬
‫شاغب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ -‬الجملة ‪ = ٢‬األب م ِ‬
‫غاضب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫راجعة ُخم َرجات اآللة‪ ،‬مهام‬ ‫البرشي يف ُم َ‬
‫ّ‬ ‫فرس احلاج َة الدَّ ائم َة إىل الت ُّ‬
‫َّدخل‬ ‫ذلك ُي ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ومثل َ‬
‫تدرج اآللة من ُحماكاة‬ ‫االصطناعي‪ .‬ويف إطار َس ِ‬ ‫ب َل َغ مستوى ِ‬
‫عينا إىل استكشاف ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ذكائها‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ُّلغة ال َّطبيع َّية املكتوبة يف أبسط أشكاهلا إىل ُحماكاهتا يف أعمق مداها‪ ،‬ال س َّيام يف ال ُّلغة‬
‫حماور أساس َّية‪ ،‬تُم ِّث ُل ُمستويات ُم َ‬
‫عاجلة‬ ‫َ‬ ‫الصفحات التَّالية أربع َة‬ ‫فسنعرض يف َّ‬ ‫ُ‬ ‫العرب َّية‪،‬‬
‫بمستوى ُمعاجلة‬ ‫ورا ُ‬
‫بمستوى ُمعاجلة حمارف العرب َّية‪ ،‬و ُم ُر ً‬ ‫ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة‪ ،‬بد ًءا ُ‬
‫بمستوى ُمعاجلة املعاين‪.‬‬ ‫الرتكيب‪ ،‬وانتها ًء ُ‬ ‫البنية و ُمستوى ُم َ‬
‫عاجلة َّ‬

‫‪ .2‬ا ُمل َ‬
‫عالة اآلل َّية الكتاب َّية [املحرف َّية ‪ /‬الرافيم َّية]‪.‬‬
‫‪َ .2.1‬وحدة ا ُمل َ‬
‫عالة الكتاب َّية‪.‬‬
‫أصغر‬
‫َ‬ ‫املحرف]‪ ،‬ا َّلذي ُي َعدُّ‬
‫عاجلة الكتاب َّية هي (اجلرافيم ‪[ )Grapheme‬أو َ‬ ‫الـم َ‬ ‫َوحدَ ُة ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َوحدة خ ِّط َّية ل ُّلغة املكتوبة؛ و ُيقاب ُل ُه يف ال ُّلغة املنطوقة (الفونيم ‪ )Phoneme‬ا َّلذي ُي َع ِّ ُ‬
‫رب‬
‫مجيع حمارف‬ ‫الوحدات الكتاب َّية [اجلرافيامت] ‪ُ -‬ع ُمو ًما ‪َ -‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتشمل‬ ‫الصوت ال ُّل َغ ّ‬
‫وي‪.‬‬ ‫عن َّ‬
‫وزا رياض َّية‪ ،‬أم َغري ذلك‪ .‬و ُيمك ُن‬ ‫ال ُّلغات اإلنسان َّية‪ ،‬سوا ٌء أكانَت ُح ُرو ًفا أم أرقا ًما أم ُر ُم ً‬
‫الالتين َّيـة‬ ‫وح ُروف ال ُّلغــات َّ‬ ‫بح ُروف العرب َّية (ء‪ ،‬ب‪ ،‬ت‪ ،‬ث)‪ُ ،‬‬ ‫َّمثيل عىل اجلرافيامت ُ‬ ‫الت ُ‬
‫الصين َّية‬ ‫والح ُروف ِّ‬ ‫[مثل‪ :‬الفرنس َّية] واجلــرمان َّية [مثل‪ :‬اإلنجلـيز َّية] (‪ُ ،)A, B, C, D‬‬
‫الرتقيم (؟‪ ،)/ ، :،! ،‬واألرقام العرب َّية (‪،)4 ,3 ,2 ,1‬‬ ‫(‪ ،)傘، 児، 安، 手‬وعالمات َّ‬
‫وكذلك عالمات‬ ‫َ‬ ‫الرياض َّية (‪،)= ،* ،- ،+‬‬ ‫والرموز ِّ‬
‫واألرقام اهلند َّية (‪ُّ ،)٤ ،3 ،٢ ،١‬‬
‫والسكَنات [يف‬ ‫الشكل املكتوب لألصوات املنطوقة من احلركات َّ‬ ‫الضبط ا َّلتي ت ِّ ُ‬
‫ُعرب عن َّ‬ ‫َّ‬
‫الضبط العرب َّية‬ ‫بعض ال ُّلغات‪ ،‬كالعرب َّية والعرب َّية]؛ عىل النَّحو ا َّلذي نجدُ ُه يف عالمات َّ‬
‫(ــــــُــــــ‪ ،‬ــــــَــــــ‪ ،‬ــــــِــــــ‪ ،‬ــــــْــــــ)‪.‬‬

‫‪-٩6-‬‬
‫الشكل ‪ُ :1‬صور ُة الرافيم يف ال ُّلغة العرب َّية‬
‫َّ‬

‫يب‬
‫أكثر من شكل‪ ،‬بحسب النِّظام الكتا ّ‬ ‫ً‬
‫شكال كتاب ًّيا واحدً ا أو َ‬ ‫اجلرافيم‬
‫ُ‬ ‫يأخ ُذ‬
‫وقد ُ‬
‫الش ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫كل‬ ‫ف َّ‬ ‫عر ُ‬
‫َّعبريي]‪ .‬و ُي َ‬
‫ّ‬ ‫ل ُّلغة ال َّطبيع َّية‪ ،‬وبحب موضعه يف الكلمة [أو ِّ‬
‫السياق الت‬
‫يأخ ُذ جرافيم (‪)A‬‬ ‫الواحدُ للجرافيم بـ (ألوجراف ‪ .)Allograph‬وعىل سبيل املثال‪ُ ،‬‬
‫يف اإلنجليز َّية ألوجرا َفني فقط‪ ،‬مها (‪ ،)A, a‬بينام ُ‬
‫يأخ ُذ جرافيم (ء) [اهلمزة] يف العرب َّية‬
‫مخس َة ألوجرافات‪ ،‬هي (ء‪ ،‬أ‪ ،‬إ‪ ،‬ؤ‪ ،‬ئ)‪.‬‬

‫الشكل ‪ُ :2‬صور ُة األلوجراف يف ال ُّلغة العرب َّية‬


‫َّ‬

‫اآليل ُملعالة الوحدات الكتاب َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‪.‬‬


‫‪ .2.2‬التَّوجيه ّ‬
‫موز‬
‫والر َ‬ ‫ُ‬ ‫ف حر ًفا؛ َّ‬‫رف َحمرف‪ ،‬وليس ك ُُّل َحمر ٍ‬ ‫ك ُُّل ح ٍ‬
‫وف ُّ‬‫حل ُر َ‬
‫تشمل ا ُ‬ ‫املحارف‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫لـم َ‬
‫عاجلة املحارف باعتبارها‬ ‫الكتاب َّية األخرى يف ال ُّلغات ال َّطبيع َّية‪ُّ .‬‬
‫ويتم توجي ُه اآللة ُ‬
‫ورتَني‪:‬‬
‫وحدات الكتابة عىل إحدى ُص َ‬
‫والر ُموز‪.‬‬
‫فردة‪ :‬ونعني ُصورة احلُ ُروف ُّ‬
‫‪ُ )١‬صورة ُم َ‬
‫‪ُ )٢‬صورة ُم َركَّبــة‪ :‬ونعني ُصورة الكلامت أو املجاميع الكتاب َّية‪.‬‬
‫فرد ًة أم ُم َركَّبة‪ُ ،‬يمك ُن إخضا ُعها‬
‫املحارف [الوحدات الكتاب َّية] ُم َ‬
‫ُ‬ ‫وسوا ٌء أجا َءت هذه‬
‫يل ‪Machine Learning‬‬ ‫ف بـ (خوارزمات التَّع ُّلم اآل ّ‬ ‫عر ُ‬
‫رب ما ُي َ‬ ‫للـم َ‬
‫عاجلة اآلل َّية ع َ‬ ‫ُ‬
‫أساليب منهج َّي ًة لتوجيه اآللة إىل فهم طبيعة ال ُّلغة ال َّطبيع َّية‬
‫َ‬ ‫‪ )Algorithms‬ا َّلتي ُمت ِّث ُل‬

‫‪-٩7-‬‬
‫(حمصاة) لتستندَ‬ ‫ٍ‬
‫عطيات ثابتة ُ‬ ‫ريايض‪ .‬ويعني هذا َّ‬
‫أن علينا أن نُقدِّ َم لآللة ُم‬ ‫ٍ‬
‫أساس‬ ‫عىل‬
‫ٍّ‬
‫ٍ‬
‫إليها يف ُحماكاة ذكاء اإلنسان يف فهم ال ُّلغة‪ .‬ومع وجود عدد ٍ‬
‫كبري من مناهج التَّع ُّلم اآل ّيل‪،‬‬
‫عاجلة ال ُّلغة العرب َّية‪ ،‬مها‪:‬‬
‫رئيسني يف ُم َ‬
‫فإنَّنا ن َُرك ُِّز عىل منهجني َ‬
‫‪ )١‬التَّع ُّلم عىل أساس القواعد ‪.Rule-based Machine Learning‬‬
‫[الذخائر ال ُّل َغو َّية] ‪Corpus-based Machine‬‬
‫دونات َّ‬ ‫‪ )٢‬التَّع ُّلم عىل أساس ُ‬
‫الـم َّ‬
‫‪.Learning‬‬
‫سمني‪ ،‬عىل النَّحو‬ ‫ِ‬ ‫وعرب هذين املنهجني‪ ،‬يمكن تقسيم مستوى الـم َ ِ ِ‬
‫عاجلة ذاته إىل ق َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اآليت‪:‬‬

‫السطح َّية للوحدات الكتاب َّية‪.‬‬ ‫‪ .2.2.1‬ا ُمل َ‬


‫عالة َّ‬
‫فردة‪ ،‬فسنجدُ ها جمموع ًة من‬ ‫ِ‬
‫الـم َ‬
‫إذا تناولنا الوحدات الكتاب َّية العرب َّية يف ُصورهتا ُ‬
‫إحصاؤها وف ًقا ألسلوب احلَص ذاتِه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تفاوت‬
‫َ‬ ‫والـمحصاة‪ ،‬وإن‬ ‫ُ‬ ‫املحارف املعلومة‬
‫ٍ‬
‫الـم َركَّبة‪ ،‬فسنجدُ ها كلامت معلوم ًة يف أذهان أبناء ال ُّلغة‬ ‫ِ‬
‫تناولناها يف ُصورهتا ُ‬ ‫وإذا َ‬
‫السطح َّي ُة للوحدات العرب َّية‬ ‫فالـم َ‬
‫عاجل ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫األمر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ويف املعاجم العرب َّية املكتوبة‪ .‬وأ ًّيا َ‬
‫كان‬
‫عاجلة بواقع ال ُّلغة‪.‬‬
‫للـم َ‬ ‫أساسا عىل ُمطابقة املا َّدة اخلاضعة ُ‬ ‫املكتوبة تقو ُم ً‬
‫نستبني َ‬
‫ذلك نقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وحتَّى‬
‫السطح َّي ُة تستدعي‬ ‫عاجل ُة َّ‬ ‫أسلوب التَّع ُّلم اآل ّيل عىل أساس القواعد‪ُ ،‬‬
‫فالـم َ‬ ‫َ‬ ‫اعتمدنا‬
‫إذا َ‬
‫عاجلة بقواعد الكتابة العرب َّية ا َّلتي ت َُو َّج ُه اآلل ُة‬
‫للـم َ‬
‫ُمطابق َة الوحدات الكتاب َّية اخلاضعة ُ‬
‫أشكال ُح ُروف العرب َّية يف‬ ‫ُ‬ ‫حاوية هلا‪ .‬ومن هذه القواعد ً‬
‫مثال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بيانات‬ ‫رب قواعد‬
‫إليها ع َ‬
‫حني‬
‫الزيادة العرب َّية‪ ،‬ومواطن هذه احلُروف َ‬ ‫وح ُروف ِّ‬ ‫ِ‬
‫َّأول الكلمة وأوسطها وآخرها‪ُ ،‬‬
‫حني تأيت يف ُصورة ال َّلواحق‪ ،‬و َغري ذلك‪ .‬وتبدو هذه‬ ‫السوابق‪ ،‬ومواطنها َ‬ ‫تأيت يف ُصورة َّ‬
‫تكون معلو ًمة ألبناء ال ُّلغة‪ ،‬وال يستدعي استكشا ُفها‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫القواعدُ بسيط ًة عىل حدٍّ بعيد؛ إذ‬
‫بعض النَّامذج هلذه القواعد‪.‬‬ ‫ني (اجلدول ‪َ )٢‬‬ ‫ات سابق ًة يف أكثر األحيان‪ .‬و ُي َب ِّ ُ‬‫عاجل ٍ‬
‫ُم َ‬

‫‪-٩8-‬‬
‫القاعدة‬ ‫املحارف العرب َّية‬ ‫م‬
‫وف ِ‬
‫الحقة‬ ‫تتشابك مع حر ٍ‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ء‪ ،‬ؤ‪ ،‬د‪ ،‬ذ‪ ،‬ر‪ ،‬ز‪ ،‬و‬ ‫‪١‬‬
‫ُُ‬
‫تأيت ُمستق َّل ًة يف َّأول الكلمة ً‬
‫دائام‬
‫تأيت مستق َّل ًة يف وسط الكلمة أو ِ‬
‫آخ ِرها‪ ،‬إذا ُسبِ َقت باملحارف‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫(ء‪ ،‬ؤ‪ ،‬د‪ ،‬ذ‪ ،‬ر‪ ،‬ز‪ ،‬و)‬ ‫ا‬ ‫‪٢‬‬
‫تأيت َغري مستق َّل ٍة يف وسط الكلمة أو ِ‬
‫آخ ِرها‪ ،‬إذا ُسبِ َقت‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫باحلُ ُروف األخرى‬
‫ِ‬
‫أوسطها‬ ‫تأيت يف ناية الكلمة‪ِ َ ،‬‬
‫دون َّأوهلا أو َ‬ ‫ـة‬ ‫‪3‬‬
‫تأيت سابق ًة إلفادة التَّعريف‬
‫تأيت مستق َّل ًة أو مسبوق ًة بـحر ٍ‬ ‫الـ‬ ‫‪٤‬‬
‫وف ُم َع َّينة (مثل‪ :‬و‪ ،‬ف‪ ،‬ك)‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫تأيت الحق ًة للدِّ اللة عىل ضمري الـغائبة‬ ‫ـها‬ ‫‪٥‬‬

‫السوابق‬ ‫ُ‬
‫تقبل َّ‬ ‫الـمنفصلة‬
‫الضامئر ُ‬
‫َّ‬
‫‪6‬‬
‫تقبل ال َّلواحق‬
‫ال ُ‬ ‫(أنا‪ ،‬نحن‪ ،‬أنتم‪)... ،‬‬

‫السطح َّية للوحدات الكتاب َّية‬ ‫الـم َ‬


‫عالة َّ‬ ‫الـمستخدَ مة يف ُ‬
‫الدول ‪ :2‬من قواعد الكتابة العرب َّية ُ‬
‫السطح َّي ُة‬ ‫فالـم َ‬
‫عاجل ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫دونات‪،‬‬ ‫الـم َّ‬‫أسلوب التَّع ُّلم اآل ّيل عىل أساس ُ‬ ‫َ‬ ‫اعتمدنا‬‫أ َّما إذا َ‬
‫بمقابِالت هلا‪ .‬وتبدو هذه‬ ‫ٍ‬ ‫للـم َ‬
‫عاجلة ُ‬ ‫تستدعي ُمطابق َة الوحدات الكتاب َّية اخلاضعة ُ‬
‫نات ُلغوي ٍة ‪ُ Linguistic Corpora‬مم ِّث ٍ‬
‫لة‬ ‫كلامت مستمدَّ ٍة من مدو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الـمقابالت يف ُصورة‬
‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فردات‬ ‫بمعج ٍم ُ‬
‫لـم َ‬ ‫لتظهر أشب َه ُ‬
‫َ‬ ‫دونات‬ ‫حيث تُعا ُد َهيكل ُة نُصوص ُ‬
‫الـم َّ‬ ‫ُ‬ ‫لواقع ال ُّلغة؛‬
‫قابالت يف‬‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫تكون هلا ُم‬ ‫َّعرف عىل الكلامت ا َّلتي‬ ‫الـمطا َبقة‪ ،‬ت َُو َّج ُه اآللة إىل الت ُّ‬ ‫َ‬
‫وحال ُ‬ ‫ال ُّلغة‪.‬‬
‫جتاهل ما عداها‪.‬‬ ‫كذلك إىل ُ‬ ‫َ‬ ‫الـمعجم‪ ،‬وت َُو َّج ُه‬ ‫هذا ُ‬
‫‪ .2.2.2‬ا ُمل َ‬
‫عالة العميــــقـــة للوحدات الكتاب َّية‪.‬‬
‫عاجلة العميقة للوحدات الكتاب َّية يف العرب َّية َّأنا تعتمدُ عىل‬ ‫للـم َ‬
‫السم ُة األساس َّي ُة ُ‬‫ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫السطح َّية‬‫الـمع َطيات َّ‬
‫تتجاوز ُ‬
‫ُ‬ ‫وجهات اآللة‬ ‫ُمع َطيات َغري معلومة ُمسب ًقا؛ بمعنى َّ‬
‫أن ُم ِّ‬
‫ظواهر ُلغو َّية َغري‬ ‫ترتكز عىل‬
‫ُ‬ ‫ألشكال املحارف وسامهتا ال َّظاهرة إىل مع َط ٍ‬
‫يات أخرى‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بالرضورة ألبناء ال ُّلغة‪ .‬ومن َث َّم‪ ،‬تستدعي‬ ‫ظاهرة للمحارف‪ ،‬أو لِنَ ُقل َّإنا َغ ُري َمعلومة َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫‪-٩٩-‬‬
‫الـم َ‬
‫عاجل َة اآلل َّي َة للمحارف‪ ،‬هبدف استنباط‬ ‫ٍ‬ ‫الـم َ‬
‫عاجل ُة العميق ُة‬
‫تسبق ُ‬
‫ُ‬ ‫إجراءات َّأول َّية‬ ‫ُ‬
‫الـمع َطيات‪.‬‬
‫يات جديدة‪ُ ،‬ث َّم تدريب اآللة عىل استيعاب هذه ُ‬ ‫قواعدَ تنبني عليها ُمع َط ٌ‬
‫فرد ًة أم ُم َركَّبة‪ُ ،‬يمك ُن الت ُ‬
‫َّمثيل عىل‬ ‫ويف إطار ُم َ‬
‫عاجلة املحارف العرب َّية‪ ،‬سوا ٌء أكانَت ُم َ‬
‫َ‬
‫وذلك عىل‬ ‫الح ُروف‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الـم َ‬
‫الح ُروف‪ ،‬ودوران ُ‬ ‫عاجلة العميقة بظاه َرتَني‪ ،‬مها‪ :‬ائتالف ُ‬ ‫ُ‬
‫النَّحو اآليت‪:‬‬
‫ـــروف [املحارف] العرب َّية‪.‬‬
‫احل ُ‬‫‪ (1‬ائتالف ُ‬
‫ودها‬‫يمكن توجيه اآللة إىل التَّعرف عىل أشكال املحارف العربية ومواضع ور ِ‬
‫ُُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫(السوابق‪ ،‬واجلُ ُذوع‪،‬‬ ‫الصف َّية َّ‬ ‫كذلك إىل األقسام َّ‬‫َ‬ ‫توجيهها‬
‫ُ‬ ‫يف الكلمة‪ ،‬و ُيمك ُن‬
‫ناك قواعدَ أخرى الئتالف احلُ ُروف‬ ‫وال َّلواحق) ألجل حتليلها كتاب ًّيا‪ .‬لك َّن ُه َ‬
‫يأتلف مع ال َغني‪َّ ،‬‬
‫وأن احلا َء‬ ‫ُ‬ ‫أن حرف ال َعني ال‬ ‫مثال‪َّ :‬‬‫العرب َّية فيام بينَها‪ .‬ومنها ً‬
‫استخالص قواعد‬ ‫وف أخرى‪ .‬و ُيساعدُ‬ ‫ذلك يف حر ٍ‬ ‫ومثل َ‬ ‫يأتلف مع اهلاء‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫الح ُروف على توجيه اآللة إلى ُمعا َلجة أخطاء الكتابة العرب َّية‪.‬‬ ‫ائتالف ُ‬
‫ــــروف [المحارف] العرب َّية‪.‬‬
‫الح ُ‬ ‫‪َ (2‬د َوران ُ‬
‫[جرافيام]‬ ‫ثامنية وعرشي َن حر ًفا‬‫ٍ‬ ‫يب يف ال ُّلغة العرب َّية عىل‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫يشتمل النِّظا ُم الكتا ّ‬
‫وثالثني تنوي ًعا‪،‬‬
‫َ‬ ‫حل ُروف‪ ،‬فسنجدُ ها س َّت ًة‬ ‫ص تنويعات هذه ا ُ‬ ‫أساس ًّيا؛ وإذا َأردنا َح َ‬
‫تنويعات للهمزة (ا‪ ،‬آ‪ ،‬أ‪ ،‬إ‪ ،‬ء‪ ،‬ؤ‪ ،‬ئ)‪ ،‬ء‪ ،‬أ‪ ،) ،‬وتنوي َعني للتَّاء (ت‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تشمل‪ :‬سبع َة‬ ‫ُ‬
‫السبعة والعرشين األخرى‪ .‬لك َّن ُم َ‬
‫عاجل ًة‬ ‫لألحرف َّ‬‫ُ‬ ‫ة)‪ ،‬وسبع ًة وعرشي َن تنوي ًعا‬
‫ليست يف‬ ‫ِ‬ ‫نكتشف َّ‬ ‫عميق ًة هلذه التَّنويعات جتع ُلنا‬
‫وف العرب َّية وتنويعاهتا َ‬ ‫أن ُح ُر َ‬ ‫ُ‬
‫بعضها بكثرة‪،‬‬ ‫حيث تر ُد ُ‬ ‫ُ‬ ‫الـمستوى من الدَّ وران يف الن ُُّصوص العرب َّية؛‬ ‫ذات ُ‬
‫توسطة‪ ،‬مثل (ق‪ ،‬ك‪ ،‬ح‪ ،‬ج)‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بعضها بصورة ُم ِّ‬ ‫مثل (ا‪ ،‬ل‪ ،‬ي‪ ،‬م‪ ،‬ن)‪ ،‬وتر ُد ُ‬
‫اآلخر ُمقارن ًة ب َغريه‪ ،‬مثل (ء‪ ،‬ظ‪ ،‬آ‪ ،‬ؤ)‪ ،‬عىل النَّحو الوارد‬ ‫بعضها َ‬ ‫ويندُ ر ورود ِ‬
‫ُ ُُ ُ‬
‫الـمع َطيات يف توجيه اآللة إىل االحتامالت‬ ‫(الشكل ‪ .)3‬و ُيستفا ُد من هذه ُ‬ ‫يف َّ‬
‫ودها يف الن ًُّصوص‪ ،‬األمر ا َّلذي ُيساعدُ عىل‬ ‫حال ور ِ‬
‫الغالبة للمحارف العرب َّية َ ُ ُ‬
‫الـمناسبة‪.‬‬
‫تعيني مواطن اخلطإ‪ ،‬واقرتاح البدائل ُ‬

‫‪-١٠٠-‬‬
‫الشكل ‪ :3‬دوران املحارف [ألوجرافات ُ‬
‫احلروف] يف الن ُُّصوص العرب َّية‬ ‫َّ‬

‫الرافيمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عالة ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة يف ا ُملستوى‬
‫‪ .2.3‬من تطبيقات ُم َ‬
‫وسبة‬ ‫العاملني يف ميادين َح َ‬
‫َ‬ ‫عاجل ُة اآلل َّي ُة ملحارف ال ُّلغات اإلنسان َّية بعناية‬ ‫الـم َ‬
‫حت َظى ُ‬
‫بيئة تفا ُعل َّي ٍة لذوي‬
‫الرتاث اإلنساين املكتوب‪ ،‬وإجياد ٍ‬
‫ّ‬ ‫قمنَة ُّ‬
‫نظرا للحاجة إليها يف َر َ‬ ‫ال ُّلغة؛ ً‬
‫اغبني يف قراءة ال ُكتُب‪ ،‬وتطوير عمل اهلواتف َّ‬
‫الذك َّية‪ ،‬ودوا ٍع‬ ‫الر َ‬ ‫اخلاصة من َّ‬ ‫َّ‬ ‫االحتياجات‬
‫بني ال ُّلغات اإلنسان َّية؛ ُ‬
‫حيث ُي َع َّو ُل‬ ‫كثريا َ‬‫منهج ُمعاجلة اجلرافيامت ً‬ ‫ُ‬ ‫خيتلف‬
‫ُ‬ ‫أخرى‪ .‬وال‬
‫َّمثيل عىل تطبيقات‬ ‫أساسا عىل أشكال املحارف ومواضع االئتالف بينها‪ .‬و ُيمك ُن الت ُ‬ ‫ً‬
‫اجلرافيمي بام يأيت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الـمستوى‬
‫عاجلة العرب َّية املكتوبة يف ُ‬ ‫ُم َ‬

‫اآليل عىل ُ‬
‫احل ُروف املطبوعة ‪.Typewritten OCR‬‬ ‫َّعرف ّ‬
‫‪ .2.3.1‬الت ُّ‬
‫ـــــوئي] على المــــحارف‬
‫ّ‬ ‫[الض‬‫اآللــي َّ‬
‫ّ‬ ‫َّـــعرف‬
‫مــــــــن تطبيقــــــــات الت ُّ‬
‫(‪Optical Character Recognition )OCR‬؛ و ُيستفا ُد من هذا التَّطبيق يف حتويل‬
‫ٍ‬
‫صيغة‬ ‫الن ُُّصوص املطبوعة من صيغتِها الورق َّية (مثل ال ُكتُب والوثائق ونحوها) إىل‬
‫وسبة]‪ُ ،‬يمك ُن التَّحك ُُّم يف حمارفها وكلامهتا باإلضافة أو احلذف أو التَّعديل؛‬ ‫رقم َّي ٍة ُ‬
‫[حم َ َ‬
‫َّطبيق ُمراعا َة‬
‫َص مكتوب‪ .‬ويستدعي هذا الت ُ‬ ‫ٍ‬
‫الصورة إىل ن ٍّ‬‫أو بعبارة أخرى‪ :‬حتويل ُّ‬
‫ألوانا وأنوا ُعها وأحجا ُمها؛‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫التَّبا ُين الواقع يف أشكال املحارف املطبوعة؛ من‬
‫كام يستدعي ُمراعا َة قواعد ائتالف املحارف‪ ،‬ومواطن ُوجود النِّقاط عىل املنقوط منها‪،‬‬
‫ِ‬
‫ونحوها‪.‬‬ ‫الضبط‬ ‫ومواطن ُوجود عالمات َّ‬

‫‪-١٠١-‬‬
‫اآليل عىل ُ‬
‫احل ُروف املخطوطة ‪.Handwriting OCR‬‬ ‫َّعرف ّ‬
‫‪ .2.3.2‬الت ُّ‬
‫َّعرف اآل ّيل عىل املحارف ‪OCR‬؛ و ُيستفا ُد من ُه يف حتويل‬ ‫أيضا من تطبيقات الت ُّ‬
‫هو ً‬
‫َّطبيق‬ ‫ٍ‬
‫بخط اليد] إىل صيغة رقم َّية‪ .‬و ُيساعدُ هذا الت ُ‬ ‫ّ‬ ‫الن ُُّصوص املخطوطة [املكتوبة‬
‫جماالت عديدة‪ ،‬مثل‪ُ :‬معاجلة بصمة الكتابة‪ ،‬وحتقيق الن ُُّصوص‪ ،‬وحترير الوثائق‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫َّطبيق ُمراعا َة التَّبا ُين الواقع يف أشكال املحارف املخطوطة؛‬
‫املخطوطة‪ .‬ويستدعي هذا الت ُ‬
‫الزمان‬
‫رب َّ‬
‫نظرا الختالف أنامط الكتابة ع َ‬‫أكثر تعقيدً ا من سابقه‪ً ،‬‬ ‫وهو ‪ -‬بطبيعة احلال ‪ُ -‬‬
‫الـمحيطة بالوثائق املخطوطة‪.‬‬ ‫الضوضاء البص َّية ُ‬ ‫واملكان واألفراد‪ ،‬باإلضافة إىل تأثري َّ‬

‫‪ .2.3.3‬قراءة ال ُ‬
‫كتُب ‪.Book Reader‬‬

‫َّطبيق إىل توجيه اآللة إىل القيام بدَ ور القارئ اآل ّيل للن ُُّصوص يف ال ُكتُب‬ ‫هيدف هذا الت ُ‬
‫ُ‬
‫اخلاصة من فاقدي ال ُقدرة عىل‬ ‫َّ‬ ‫حيث ُيساعدُ ذوي االحتياجات‬ ‫ُ‬ ‫والوثائق املكتوبة؛‬
‫حيث تُعنى املرحل ُة األوىل بالت ُّ‬
‫َّعرف‬ ‫ُ‬ ‫رئيستَني؛‬ ‫بمرح َلتَني َ‬
‫َ‬ ‫اإلبصار عىل القراءة‪ .‬و َي ُم ُّر‬
‫(نص ُم َص َّور جامد) إىل‬‫بذلك من ّ‬ ‫َ‬ ‫لتتحو َل املا َّد ُة‬
‫َّ‬ ‫اآل ّيل عىل املحارف [اجلرافيامت]‪،‬‬
‫َّص املكتوب‬ ‫عاجلة)‪ .‬أ َّما املرحل ُة األخرى‪ ،‬فتُعنى بتحويل الن ّ‬ ‫للـم َ‬ ‫َص مكتوب قابل ُ‬ ‫(ن ّ‬
‫َّص إىل كالم (‪.Text To Speech )TTS‬‬ ‫تطبيق َ‬
‫آخ َر لتحويل الن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫رب‬ ‫ٍ‬
‫َص منطوق‪ ،‬ع َ‬ ‫إىل ن ٍّ‬

‫[الصف َّية]‪.‬‬ ‫‪ .3‬ا ُمل َ‬


‫عالة اآلل َّية البنو َّية َّ‬
‫الصف َّية‪.‬‬ ‫‪َ .3.1‬وحدة ا ُمل َ‬
‫عالة َّ‬
‫كونة لبنية الكلمة‬ ‫ٍ‬ ‫الـم َ‬
‫الـم ِّ‬
‫[الصف َّية] بمجموعة من العناص ُ‬ ‫عاجلة البنو َّية َّ‬ ‫تُعنى ُ‬
‫نات صغرى أم بتوليدها من مكوناتٍ‬ ‫يف ال ُّلغات ال َّطبيعية‪ ،‬سواء بتحليلها إىل مكو ٍ‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫عاجلة البنو َّية هي (املورفيم ‪)Morpheme‬؛ و ُيمك ُن تعري ُف ُه بأ َّن ُه‬ ‫الـم َ‬ ‫ُصغرى‪َ .‬و َوحد ُة ُ‬
‫ويكون هذا املعنى ُمعجم ًّيا‪ ،‬عىل نحو ما نجدُ يف‬ ‫ُ‬ ‫حدة ُلغو َّي ٍة ُجم َّردة هلا معنًى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أصغر و ٍ‬
‫ُ َ‬
‫ب‪ ،‬سامء) أو وظيف ًّيا‪ ،‬عىل نحو ما نجدُ يف مورفيامت (الـ) الدَّ ا َّلة‬ ‫مورفيامت (إنسان‪ُ ،‬ح ّ‬
‫عىل التَّعريف‪ ،‬و(سـ) الدَّ ا َّلة عىل التَّسويف‪ ،‬و (ـة) الدَّ ا َّلة عىل التَّأنيث؛ ونحو ذلك‪.‬‬
‫الـمتم ِّثلة فيام يأيت‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫املورفيامت يف الكلمة الواحدة لتُنتِج ِ‬ ‫ُ‬
‫عناص بنيتها ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وتتداخل‬

‫‪-١٠٢-‬‬
‫الـمشت َّقة أو‬
‫كونة للكلمة ُ‬ ‫الـم ِّ‬
‫حل ُروف األصل َّية ُ‬ ‫قصدُ به جمموعة ا ُ‬
‫‪ -‬اجلذر ‪ُ :Root‬ي َ‬
‫عربة]‪ .‬و ُيمك ُن أن ُيط َل َق عليه‬‫والـم َّ‬
‫ُ‬ ‫القابلة لالشتقاق [مثل‪ :‬الكلامت الـعرب َّية‬
‫لكلمة َغري ُمشت َّقة [مثل‪ :‬الكلامت الدَّ خيلة َّ‬
‫والضامئر]‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫(األصل) إذا َ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫زوائدها‬ ‫ِ‬
‫جتريدها من‬ ‫الـم َع َّينة بعدَ‬ ‫‪ِ -‬‬
‫قصدُ به ُصور ُة الكلمة ُ‬ ‫اجلذع ‪ُ :Stem‬ي َ‬
‫[السوابق وال َّلواحق]‪.‬‬
‫َّ‬
‫الـمعجم َّية [‪]Lexeme‬‬‫جر ُد للوحدة ُ‬
‫الـم َّ‬
‫الص ُّيف ُ‬ ‫الـم ُ‬
‫قابل َّ‬ ‫‪ -‬الفرع ‪ُ :Lemma‬ه َو ُ‬
‫الـمسنَد إىل‬
‫الـم َع َّينة‪ .‬ويأيت يف العرب َّية عىل ُصورة الفعل املايض ُ‬
‫يف الكلمة ُ‬
‫فرد يف صيغة التَّذكري [ما مل‬
‫الـم َ‬
‫الغائب [ما مل َيلزم ُصور ًة أخرى]‪ ،‬أو االسم ُ‬
‫الرئيس‪.‬‬
‫َيلزم ُصور ًة أخرى]‪ ،‬أو األداة يف شكلها َّ‬
‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫جذع الكلمة يف بدايته‪،‬‬
‫َ‬ ‫يسبق‬
‫ُ‬ ‫الصق‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ورفيم‬
‫ٌ‬ ‫الزائدة ‪ :Affix‬وهي ُم‬
‫‪َّ -‬‬
‫ُ‬
‫فيكون (الحقة ‪.)Suffix‬‬ ‫ِ‬
‫يلتحق به يف نايته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫(سابقة ‪ )Prefix‬أو‬
‫و ُيمك ُن الت ُ‬
‫َّمثيل عىل هذه العناص يف الكلمة (س ُيعاودون) عىل النَّحو الوارد يف‬
‫(اجلدول ‪.)3‬‬
‫التَّمثيل‬ ‫نص‬
‫ال ُع ُ‬ ‫م‬
‫عود‬ ‫اجلذر‬ ‫‪١‬‬
‫ُي ِ‬
‫عاود‬ ‫ِ‬
‫اجلذع‬ ‫‪٢‬‬
‫عاو َد‬
‫َ‬ ‫الفرع‬ ‫‪3‬‬
‫سـ‬ ‫السابقة‬
‫َّ‬
‫الزائدة‬
‫َّ‬ ‫‪٤‬‬
‫ـون‬ ‫َّ‬
‫الالحقة‬
‫كونة لبنية الكلمة العرب َّية ‪ -‬نموذج (س ُيعاودون)‬
‫الـم ِّ‬
‫الدول ‪ :3‬العنارص ُ‬

‫اآليل ُملعالة الوحدات َّ‬


‫الصف َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‪.‬‬ ‫‪ .3.2‬التَّوجيه ّ‬
‫ِ‬
‫قواعده‪،‬‬ ‫كبري من‬ ‫زء ٍ‬‫يعدُّ النِّظام الصيف العريب مثاليا يف حوسبتِه‪ ،‬نظرا لقياسية ج ٍ‬
‫َّ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ‬ ‫ًّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َّ ُّ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬
‫يسمح بتطويع اآللة للتَّعاطي مع هذه القواعد‪ ،‬بعدَ ترمجتها من ال ُّلغة‬ ‫األمر ا َّلذي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يب‪.‬‬
‫الصف العر ّ‬ ‫ليس ه ِّينًا يف َّ‬ ‫فإن َ‬
‫هناك جان ًبا سامع ًّيا َ‬ ‫ال َّطبيع َّية إىل ُلغات اآللة‪ .‬ومع هذا‪َّ ،‬‬
‫الصف َّية العرب َّية‪،‬‬ ‫عاجلة الوحدات َّ‬ ‫لـم َ‬ ‫وسن ُ‬
‫ُحاول اإلبان َة ‪ -‬فيام يأيت ‪-‬عن التَّوجيه اآل ّيل ُ‬
‫طحي والعميق‪.‬‬
‫الس ّ‬ ‫الـمستو َيني‪َّ :‬‬
‫رب ُ‬ ‫ع َ‬

‫‪-١٠3-‬‬
‫الصف َّية‪.‬‬
‫السطح َّية للوحدات َّ‬ ‫‪ .3.2.1‬ا ُمل َ‬
‫عالة َّ‬
‫جلمود‪.‬‬‫دون األدوات ا َّلتي تَلز ُم حال َة ا ُ‬
‫يب باألفعال واألسامء َ‬ ‫ف العر ُّ‬
‫الص ُ‬‫ُيعنى َّ‬
‫وض ُح‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أبواب صف َّية‪ ،‬وف ًقا العتبارات ُخمتلفة‪ .‬و ُي ِّ‬ ‫واالسم إىل عدَّ ة‬ ‫ُ‬
‫الفعل‬ ‫َّف‬
‫و ُي َصن ُ‬
‫ُ‬
‫بعضا من هذه األقسام‪.‬‬ ‫(اجلدول ‪ً )٤‬‬
‫التَّمثيل‬ ‫الص ّيف‬
‫الباب َّ‬ ‫ِمعيار التَّصنيف‬ ‫ِقسم الكالم‬ ‫م‬
‫َكت َ‬
‫َب‬ ‫املايض‬
‫َيكتُب‬ ‫الـمضارع‬
‫ُ‬ ‫الز َمن‬
‫باعتبار َّ‬ ‫‪١‬‬
‫اكتُب‬ ‫األمر ‪ /‬ال َّط َلب‬
‫َب َع َث‬ ‫الصحيح‬
‫َّ‬ ‫الفعل‬
‫الص َّحة واالعتالل‬
‫باعتبار ِّ‬ ‫‪٢‬‬
‫َهوى‬ ‫الـم ّ‬
‫عتل‬ ‫ُ‬
‫َد َر َس‬ ‫الـم َج َّرد‬
‫ُ‬
‫والزيادة‬
‫َّجرد ِّ‬
‫باعتبار الت ُّ‬ ‫‪3‬‬
‫دار َس‬
‫َ‬ ‫املزيد‬
‫الر ُجل‬ ‫ِ‬
‫اجلامد‬
‫َّ‬
‫الـمست ِ‬ ‫باعتبار اجلُ ُمود واالشتقاق‬ ‫‪٤‬‬
‫َخد م‬ ‫ُ‬ ‫الـمشت َّق‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫الصحيح‬
‫َّ‬
‫القايض‬ ‫املنقوص‬
‫الص َّحة واالعتالل‬
‫باعتبار ِّ‬ ‫االسم‬ ‫‪٥‬‬
‫الفتى‬ ‫املقصور‬ ‫الـم ّ‬
‫عتل‬ ‫ُ‬
‫الصحراء‬
‫َّ‬ ‫الـممدود‬
‫َ‬
‫الس ْهم‬
‫َّ‬ ‫الـم َج َّر د‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫والزيادة‬
‫َّجرد ِّ‬
‫باعتبار الت ُّ‬ ‫‪6‬‬
‫االستقدام‬ ‫املزيد‬
‫العريب‬ ‫الصف‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫الدول ‪ :4‬من أبواب َّ‬
‫أبواب فرع َّي ٍة أخرى‪ .‬فعىل ُمستوى األفعال ‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ورها إىل‬ ‫األبواب بدَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َّف هذه‬‫وت َُصن ُ‬
‫أبواب (سامع َّية)‬ ‫ٍ‬ ‫ورباع ًّيا؛ ويأيت ال ُّث ُّ‬
‫الثي من ُه يف ثالثة‬ ‫الـم َج َّر ُد ُثالث ًّيا ُ‬
‫الفعل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫مثال ‪ -‬يأيت‬
‫أبواب (سامع َّية) باعتبار‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بصيغة املايض‪ ،‬هي ( َف َع َل‪َ ،‬فع َل‪َ ،‬ف ُع َل)‪ ،‬ويأيت كذلك يف ستَّة‬
‫ِ‬
‫َص َين ُْص»‪َ ،‬ف َع َل َي ْفعل «مثل‪:‬‬ ‫والـمضارع م ًعا‪ ،‬هي ( َف َع َل َي ْف ُعل «مثل‪ :‬ن َ َ‬ ‫ُ‬ ‫صي َغتَي املايض‬
‫ِ‬
‫ب َي ْذ َهب»‪َ ،‬فع َل َي ْف َعل «مثل‪َ :‬ع ِل َم َي ْع َلم»‪َ ،‬ف ُع َل‬ ‫ج َلس َ ِ‬
‫جيلس»‪َ ،‬ف َع َل َي ْف َعل «مثل‪َ :‬ذ َه َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيسب»)‪ ،‬وهكذا‪ .‬وعىل ُمستوى‬ ‫ب َْ‬ ‫حي ُسن»‪َ ،‬فع َل َي ْفعل «مثل‪َ :‬حس َ‬ ‫َيف ُعل «مثل‪َ :‬ح ُس َن َ ْ‬

‫‪-١٠٤-‬‬
‫(فاعل)‪،‬‬ ‫األسامء‪ ،‬يأيت االسم الـمشت َُّق من الفعل ال ُّثالثي يف صورة اسم الفاعل عىل زنة ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬
‫ُ‬
‫ويكون قياس ًّيا يف أكثر األحيان‪ ،‬وسامع ًّيا يف‬ ‫ِ‬
‫ويف ُصورة اسم املفعول عىل زنة (مفعول)‪،‬‬
‫لتحل حم َّل ُه ِّ‬
‫الصفة‬ ‫(ش ُج َع) َّ‬
‫مثال مع الفعل َ‬ ‫مواضع قليلة‪ ،‬كأن ُيستَغنى عن اسم الفاعل ً‬
‫َ‬
‫شتق يف ُصورة اسم املفعول عىل ِزنة ( َفعيل)‪،‬‬ ‫الـم ُّ‬
‫االسم ُ‬
‫ُ‬ ‫الـم َش َّبهة ُ‬
‫(شجاع)‪ ،‬وأن يأيت‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫مثل ( َقتيل)‪ .‬وهكذا‪.‬‬
‫وإذا أخذنا يف االعتبار‪:‬‬
‫بني اسم‬
‫مثال َ‬ ‫بالشكل‪ ،‬للتَّمييز ً‬
‫الصف َّية يستدعي َضب َطها َّ‬ ‫بني األبواب َّ‬
‫َّمييز َ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫أن الت َ‬
‫باعي ( َع َّل َم)‪،‬‬
‫الر ّ‬ ‫الفاعل ( ُم َع ِّلم) واسم املفعول ( ُم َع َّلم) ُ‬
‫الـمش َت َّق ْني من الفعل ُّ‬
‫الزوائد عليها‪ ،‬من‬ ‫َقبل ُد ُخ َ‬
‫ول َّ‬ ‫يب ت ُ‬
‫الصف العر ّ‬
‫فردات يف أبواب َّ‬ ‫الـم َ‬
‫وأن ُ‬‫َّ‬ ‫‪-‬‬
‫السوابق وال َّلواحق‪،‬‬‫َّ‬
‫ُنتج قواعدَ سامع َّية‬
‫أبواب أخرى‪ ،‬ت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫تتفر ُع إىل‬
‫الرئيسة َّ‬ ‫يب َّ‬
‫الصف العر ّ‬ ‫أبواب َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وأن‬ ‫‪-‬‬
‫وقياس َّية‪.‬‬
‫عاجلة‬‫الـم َ‬
‫حال توجيه اآللة إىل ُ‬ ‫الـمحت ََملة َ‬ ‫ف عىل اإلشكاالت ُ‬ ‫فسيكون علينا أن ِنق َ‬
‫ُ‬
‫الصف َّية‪.‬‬‫َّ‬
‫الـم َج َّردة‬ ‫عاجل ٍة صف َّي ٍة لكلمة (فلك) ُ ِ‬ ‫وعىل سبيل املثال‪ ،‬إذا أردنا إجرا َء ُم َ‬
‫بصورهتا ُ‬
‫فعال‪،‬‬ ‫بعضها الكلم َة ً‬ ‫ِّف ُ‬ ‫ٍ‬
‫فستكون النَّتيج ُة عدَّ َة احتامالت‪ُ ،‬ي َصن ُ‬
‫ُ‬ ‫الضبط‪،‬‬‫من عالمات َّ‬
‫بني (اجلدول ‪)٥‬‬ ‫بعضها الكلم َة حر ًفا أو أداة‪ .‬و ُي ِّ ُ‬ ‫ِّف ُ‬ ‫بعضها الكلم َة ً‬
‫اسام‪ ،‬و ُي َصن ُ‬ ‫ِّف ُ‬ ‫و ُيصن ُ‬
‫بعضا من هذه االحتامالت‪.‬‬ ‫ً‬
‫ِقسم الكالم‬ ‫ال َّلواحق‬ ‫الذع‬ ‫السوابق‬
‫َّ‬ ‫الكلمة‬ ‫م‬
‫فِعل‬ ‫‪-‬‬ ‫َف َل َك‬ ‫‪-‬‬ ‫َف َل َك‬ ‫‪١‬‬
‫فِعل‬ ‫ك‬ ‫َف َّل‬ ‫‪-‬‬ ‫َف َّل َك‬ ‫‪٢‬‬
‫اسم‬ ‫‪-‬‬ ‫ُف ْلك‬ ‫‪-‬‬ ‫ُف ْلك‬ ‫‪3‬‬
‫اسم‬ ‫‪-‬‬ ‫َف َلك‬ ‫‪-‬‬ ‫َف َلك‬ ‫‪٤‬‬
‫حرف ‪ /‬أداة‬ ‫ك‬ ‫(للجر)‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫َف َل َك‬ ‫‪٥‬‬
‫الـم َج َّردة‬ ‫الـم َ‬ ‫ِ‬
‫الصف َّية لكلمة (فلك) بصورتا ُ‬
‫عالة َّ‬ ‫الدول ‪ :٥‬من احتامالت ُ‬

‫‪-١٠٥-‬‬
‫ألجل ُمعاجلة ِمثل هذه اإلشكاالت يف ال ُّلغة العرب َّية‪ ،‬فإنَّنا نقو ُم بتزويد اآللة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تتبع منظوم َة التَّصيف‬ ‫الـمشتملة عىل ُمعطيات ُلغو َّية ُ‬ ‫بمجموعة من قواعد البيانات ُ‬
‫أساسا لتوجيه اآللة‬ ‫ً‬ ‫يات‬ ‫ومت ِّث ُل هذه ُ‬
‫الـمع َط ُ‬ ‫امعي)؛ ُ‬
‫والس ّ‬‫القياس‪َّ ،‬‬‫ّ‬ ‫يب (بجانِ َبيه‪:‬‬ ‫العر ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رب خوارزمات ُم َع َّينة ُموافقة لطبيعة العرب َّية وبنيتها‬‫الصف َّية‪ ،‬ع َ‬
‫إىل ُمعاجلة الوحدات َّ‬
‫الـمع َطيات وأمثل ًة عليها‪.‬‬ ‫نامذج من هذه ُ‬
‫وض ُح (اجلدول ‪َ )6‬‬ ‫الصف َّية‪ .‬و ُي ِّ‬
‫َّ‬
‫التَّمثيل‬ ‫النَّمو َذج‬ ‫الـمع َطيات‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫الرباع َّية‬
‫األفعال ُّ‬
‫(ساعَدَ ‪ ،‬تأنَّى‪ ،‬استَخدَ َم)‬ ‫قوائم األفعال واألسامء‬
‫والسداس َّية‬
‫واخلُامس َّية ُّ‬
‫ذات ال َّطبيعة القياس َّية‪،‬‬
‫الـمشت َّقة‬
‫األسامء ُ‬ ‫‪١‬‬
‫اسم الفاعل ( ُم ْست َِعني) من‬ ‫وقواعدها التَّصيف َّية‬
‫الرباع َّية‬
‫من األفعال ُّ‬
‫(اس َ‬
‫تعان)‬ ‫داس ْ‬
‫الس ّ‬
‫الفعل ُّ‬ ‫واالشتقاق َّية‬
‫والسداس َّية‬
‫واخلُامس َّية ُّ‬
‫األفعال ال ُّثالث َّية‬
‫َق َر َأ ‪َ -‬ي ْق َرأ‬
‫الـم َج َّردة (بصي َغتَي‬
‫ُ‬ ‫قوائم األفعال واألسامء‬
‫َكت َ‬
‫َب ‪َ -‬ي ْكتُب‬
‫والـمضارع)‬ ‫املايض‬ ‫‪٢‬‬
‫ُ‬ ‫ذات ال َّطبيعة َّ‬
‫السامع َّية‬
‫ب‪ ،‬ال َع ْني‪ ،‬اإلنسان)‬
‫حل ّ‬
‫(ا ُ‬ ‫األسامء اجلامدة‬

‫(إنجليز َّية‪ ،‬إنكليز َّية‪،‬‬ ‫تنويعات الكلامت‬


‫قوائم التَّنويعات الكتاب َّية‬ ‫‪3‬‬
‫إنغليز َّية)‬ ‫األعجم َّية‬
‫(إن‪َ ،‬ملْ‪« ،‬ال» النَّاهية)‬
‫ْ‬ ‫الـمضارع‬
‫أدوات َجزم ُ‬ ‫قوائم األدوات‬ ‫‪٤‬‬

‫ِ‬ ‫س‪ ،‬ء‪ ،‬ل‪ ،‬ت‪ ،‬م‪ ،‬و‪ ،‬ن‪،‬‬ ‫الزيادة عىل‬
‫قوائم ُح ُروف ِّ‬
‫َقار َب)‬
‫التَّاء واأللف يف (ت َ‬ ‫‪٥‬‬
‫ي‪ ،‬هـ‪ ،‬ا‬ ‫األفعال‬
‫(و‪ ،‬فـ)‬ ‫سوابق ال َعطف‬ ‫السوابق‬
‫قوائم َّ‬ ‫‪6‬‬
‫(ـون‪ ،‬ـني‪ ،‬ـات‪ ،‬ـة)‬ ‫لواحق اجلمع والتَّأنيث‬ ‫قوائم ال َّلواحق‬ ‫‪7‬‬
‫الـم َ‬ ‫ِ‬
‫الصف َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‬
‫للوحدات َّ‬
‫السطح َّية َ‬
‫عالة َّ‬ ‫الدول ‪ :6‬من ُمع َطيات ُ‬
‫ُ‬
‫شكل‬ ‫الـمع َطيات؛ ويتحدَّ ُد‬
‫الصف َّية استنا ًدا إىل هذه ُ‬ ‫جتري ُم َ‬
‫عاجل ُة َ‬
‫الوحدات َّ‬
‫جات الكلامت‬ ‫تتلف ُخم َر ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫الـمستَهدَ فة؛‬
‫خرجات بنا ًء عىل الن ُُّصوص ُ‬
‫الـم َ‬
‫ُ‬

‫‪-١٠6-‬‬
‫جات الكلامت املشكولة‬ ‫وتتلف ُخم َر ُ‬
‫ُ‬ ‫الـمشكولة ُك ِّل ًّيا عن الكلامت الـمشكولة ُجزئ ًّيا‪،‬‬
‫الـم َ‬
‫عاجلة‬ ‫فإن احتامالت ُ‬ ‫الضبط‪ .‬وبطبيعة احلال‪َّ ،‬‬ ‫جردة من َّ‬ ‫عن ُخم َرجات الكلامت ُ‬
‫الـم َّ‬
‫تقل إىل احلدّ األدنى إذا كانت الكلم ُة تا َّم َة التَّشكيل‪ ،‬وتزدا ُد تدرجي ًّيا ُك َّلام َّ‬
‫قل‬ ‫الصف َّية ُّ‬
‫َّ‬
‫الضبط‪.‬‬ ‫جردة من َّ‬ ‫الـم َّ‬
‫تصل إىل احلدّ األقىص يف الكلامت ُ‬ ‫الضبط‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫َّ‬

‫الصف َّية‪.‬‬ ‫‪ .3.2.2‬ا ُمل َ‬


‫عالة العميــــقـــة للوحدات َّ‬
‫فواقع الكتابة العرب َّية أن‬
‫ُ‬ ‫َّسم ال ُّلغ ُة العرب َّي ُة ُبوجود ظاهرة اإلعراب‪ .‬ومع هذا‪،‬‬ ‫تت ُ‬
‫الضبط‪َّ ،‬إال يف مواضع االلتباس أو بعض أنامط الن ُُّصوص‬ ‫الكلامت من عالمات َّ‬ ‫ُ‬ ‫ت ُل َو‬
‫عاجلة الوحدات‬ ‫لـم َ‬
‫الرتاث َّية أو نحو ذلك‪ .‬ومن َث َّم‪ ،‬فالنَّتيج ُة ال َّطبيع َّي ُة ُ‬ ‫الـم َقدَّ سة أو ُّ‬
‫ُ‬
‫كن للكلمة‬ ‫ٍ‬
‫ألن اآلل َة تُقدِّ ُم ك َُّل احتامل ُمم ٍ‬
‫احتامالهتا إىل احلدّ األقىص‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫الصف َّية أن تتعدَّ َد‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الـممكنة‪ .‬وعىل سبيل املثال‪،‬‬ ‫بمخت َلف األشكال ُ‬ ‫حال ضبطها ُ‬ ‫الضبط َ‬ ‫جردة من َّ‬ ‫الـم َّ‬ ‫ُ‬
‫بني األسامء واألفعال؛ وإذا‬ ‫الـم َج َّردة َ‬ ‫ِ‬ ‫احتامالت ُم َ‬
‫بصورهتا ُ‬ ‫عاجلة كلمة (محل) ُ‬ ‫ُ‬ ‫ستتعدَّ ُد‬
‫محل)‪،‬‬‫السكون يف وسط الكلمة عىل هيئة ( ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حولناها إىل ُصورة مضبوطة ُجزئ ًّيا بوضع ُّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حولناها إىل ُصورة مضبوطة ُك ِّل ًّيا [عىل ُمستوى البِنية]‬ ‫فهذا يعني استثنا َء األفعال؛ وإذا َّ‬
‫نتائج حمدودة االحتامالت]؛‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عىل هيئة ِ ْ‬
‫االقتصار عىل نتيجة واحدة [أو َ‬ ‫َ‬ ‫(محل)‪ ،‬فهذا يعني‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫الصف َّية‬‫عاجلة َّ‬ ‫الـم َ‬‫َسرتعي االنتبا َه بشأن ُموا َفقة ُخم َرجات ُ‬
‫هم ٌة أخرى ت َ‬‫وثم َة نُقط ٌة ُم َّ‬
‫َّ‬
‫تقع يف دائرة‬ ‫خرجات ُ‬ ‫الـم َ‬
‫ليس ه ِّينًا من ُ‬
‫أن عد ًدا َ‬ ‫فالواقع َّ‬
‫ُ‬ ‫الـمستخدَ مة‪.‬‬ ‫ل ُّلغة العرب َّية ُ‬
‫الصحيح؛ لكنَّها ال تُوجدُ يف الواقع؛ وإذا ُو ِجدَ ت فهي نادر ٌة للغاية‪ .‬و ُيمك ُن الت ُ‬
‫َّمثيل‬ ‫َّ‬
‫يشيع‬
‫ُ‬ ‫الصف َّية يف ُمجلة (هذا هو أخي)‪ .‬فاستخدا ُم الكلامت ال َّثالثة‬ ‫بالوحدات َّ‬ ‫عىل ذلك َ‬
‫(ه َو)‬‫(هذا) عىل اسم اإلشارة‪ ،‬و ُ‬ ‫(هذا ُه َو أخي) بداللة َ‬‫الضبط َ‬ ‫يف العرب َّية عىل ُصورة َّ‬
‫أن ُخم َرجات‬ ‫الـمتك ِّلم؛ َّإال َّ‬
‫الـمسنَد إىل ياء ُ‬
‫عىل َضمري الغائب‪ ،‬و (أخي) عىل االسم ُ‬
‫فعال ماض ًيا ُمسنَدً ا إىل ألف االثنَني‬ ‫تكون (هذا) ً‬‫َ‬ ‫ُشري إىل احتامل أن‬
‫الصف َّية ست ُ‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫تكون (أخي) كلم ًة ُم َص َّغ َرة (أ َخ ّي)؛‬‫َ‬ ‫فعال لل َّطلب َ‬
‫(ه ِّو)‪ ،‬وأن‬ ‫(ه َو) ً‬ ‫َ‬
‫تكون ُ‬ ‫(ه َّذا)‪ ،‬وأن‬ ‫َ‬
‫الوجود‬ ‫نادر ُ‬‫صحيح من النَّاحية املعيار َّية؛ لكنَّ ُه ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ومثل هذه االحتامالت‬ ‫ونحو ذلك‪ُ .‬‬
‫جدًّ ا يف واقع ال ُّلغة‪.‬‬

‫‪-١٠7-‬‬
‫أمرين‪ُ ،‬مها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الـم َ‬ ‫ُزبدَ ُة ال َقول أنَّنا ُ‬
‫الصف َّية َ‬
‫عاجلة العميقة للوحدات َّ‬ ‫ننشدُ يف ُ‬
‫الضبط‪.‬‬
‫جردة من َّ‬
‫الـم َّ‬
‫‪ )١‬توجيه اآللة إىل دالالت الكلامت ُ‬
‫ِ‬
‫دورانا يف واقع ال ُّلغة‪.‬‬ ‫الصف َّية بحسب‬ ‫‪ )٢‬ترتيب احتامالت ُم َ‬
‫الوحدات َّ‬ ‫عاجلة َ‬
‫ٍ‬ ‫ويستدعي األمران تدريب م ٍ‬
‫ُ‬
‫حيث ُت َعدُّ هذه‬ ‫عاجلة العميقة؛‬ ‫دونة ُلغو َّية عىل ُ‬
‫الـم َ‬ ‫َ ُ َّ‬
‫الـمساعدة عىل ترجيح الدِّ الالت األقرب إىل‬ ‫لـمع َطيات القرائن ُ‬ ‫دون ُة مور ًدا ُ‬
‫الـم َّ‬
‫ُ‬
‫كلامت تبد ُأ بحروف‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫موصوال إذا َحل َقتها‬ ‫اسام‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫تكون كلمة (من) ً‬ ‫الصواب؛ مثل قرينة أن‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫حيث ت َُر َّج ُح إشار ُة هذه الكلامت إىل أفعال ُمضارعة‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫(ت‪ ،‬ن‪ ،‬ي)؛‬
‫دونة ُي َعدُّ ُم َو ِّج ًها لآللة لرتتيب االحتامالت‬
‫الـم َّ‬ ‫فردات يف ُ‬‫الـم َ‬
‫دوران ُ‬ ‫َ‬ ‫وبطبيعة احلال َّ‬
‫فإن‬
‫رب عن واقع ال ُّلغة‪ ،‬وإن كانت خاضع ًة للقياس‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وتنقيتها من ُخم َرجات ال ُت َع ِّ ُ‬

‫عالة ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة يف ا ُملستوى َّ‬


‫الص ّيف‪.‬‬ ‫‪ .3.3‬من تطبيقات ُم َ‬
‫ستمرة إىل‬ ‫ماس ٌة و ُم َّ‬ ‫فردات الن ُُّصوص [األبنية]‪ ،‬فاحلاج ُة َّ‬ ‫ُ‬
‫نتعامل مع ُم َ‬ ‫ما ُدمنا‬
‫بارش أو َغري م ِ‬
‫بارش‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بطريق ُم ٍ‬ ‫حوسبة ال ُّلغة‪،‬‬ ‫يب يف ُخمت َلف ميادين‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الصف العر ّ‬ ‫وسبة َّ‬ ‫َح َ‬
‫رب‬
‫يب يف العديد من التَّطبيقات ع َ‬ ‫الصف العر ّ‬ ‫عاجلة اآلل َّية لقواعد َّ‬ ‫الـم َ‬
‫رب ُز احلاج ُة إىل ُ‬ ‫و َت ُ‬
‫غوي هبدف تعيني‬ ‫ينطلق من اجلذر [األصل] ال ُّل ّ‬ ‫ُ‬ ‫عمل َّيتَني أساس َّيتَني‪ ،‬مها (التَّوليد) ا َّلذي‬
‫ينطلق من‬ ‫ُ‬ ‫الصف َّية‪ ،‬و (التَّحليل‪/‬التَّفكيك) ا َّلذي‬ ‫الوحدات [املورفيامت] وتشكُّالهتا َّ‬
‫تكونَت‬ ‫الصف َّية وأصوهلا ا َّلتي َّ‬ ‫كونات َّ‬ ‫الـم ِّ‬
‫يب] هبدف تعيني ُ‬ ‫الكلمة [املجموع الكتا ّ‬
‫الص ّيف بام‬ ‫الـمستوى َّ‬ ‫عاجلة العرب َّية املكتوبة يف ُ‬ ‫َّمثيل عىل تطبيقات ُم َ‬ ‫عنها‪ .‬و ُيمك ُن الت ُ‬
‫يأيت‪.‬‬

‫‪ .3.3.1‬الفهرسة اآلل َّية ‪.Automatic indexing‬‬

‫عاهتا من جمموعات الن ُُّصوص‪،‬‬ ‫تُعنى الفهرس ُة اآلل َّي ُة ببناء قوائم الكلامت وتتا ُب ِ‬
‫َّب وف ًقا أللفبائ َّية ال ُّلغة‪ ،‬أو بحسب دوران الكلامت يف‬ ‫ني‪ ،‬كأن ت َُرت َ‬‫وترتيبها عىل ن ََس ٍق ُم َع َّ ٍ‬
‫الص ّيف‬ ‫جات أدوات الفهرسة اآلل َّية باختالف النّظام َّ‬ ‫َّص‪ ،‬أو نحو ذلك‪ .‬وتتأ َّث ُر ُخم َر ُ‬ ‫الن ّ‬
‫الـمعجم َّية يف ال ُّلغات‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ل ُّلغة ال َّطبيع َّية؛‬
‫حيث تبدو يف صورة وحدات ُمتَّسقة مع البنية ُ‬
‫أقل اتِّسا ًقا يف ال ُّلغات االشتقاق َّية‬‫اإللصاق َّية (مثل‪ :‬اإلنجليز َّية‪ ،‬والفرنس َّية)‪ ،‬وتبدو َّ‬
‫أن أدوات الفهرسة األلفبائ َّية‬ ‫واإلشكال بالنِّسبة ل ُّلغة العرب َّية َّ‬
‫ُ‬ ‫(مثل‪ :‬العرب َّية‪ ،‬والعرب َّية)‪.‬‬

‫‪-١٠8-‬‬
‫مداخل عديدة‪ .‬وسع ًيا‬ ‫َ‬ ‫تتأ َّث ُر بزوائد الكلمة وتنويعاهتا االشتقاق َّية‪ ،‬فتقو ُم بتوزيعها عىل‬
‫ف بـ (أدوات الفهرسة اجلذر َّية) ا َّلتي‬ ‫عر ُ‬ ‫ُ‬
‫نلجأ إىل بناء ما ُي َ‬ ‫إىل ّ‬
‫حل هذا اإلشكال‪ ،‬فإنَّنا‬
‫الزوائد وجتميع التَّنويعات االشتقاق َّية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عاجلة صف َّية للكلامت هبدف جتاوز َّ‬ ‫ٍ‬ ‫تقو ُم عىل ُم َ‬

‫يف ‪.Morphological Analysis‬‬


‫الص ّ‬
‫‪ .3.3.2‬التَّحليل َّ‬
‫يب؛ و ُي َع َّو ُل عليها‬ ‫َّص العر ّ‬ ‫هام يف ُم َ‬
‫عاجلة الن ّ‬ ‫دورا ُم ًّ‬
‫الص ّيف ً‬ ‫أدوات التَّحليل َّ‬ ‫ُ‬ ‫تُؤ ِّدي‬
‫َّصل بمبانيه [الوحدات‬ ‫يب‪ ،‬ال س َّيام فيام يت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الـمعجم العر ّ‬
‫وسبة ُ‬ ‫بصورة كبرية يف َح َ‬
‫عاجلة؛‬‫الـم َ‬‫الص ّيف بحسب وسيلة ُ‬ ‫جات التَّحليل َّ‬ ‫وتتفاوت ُخم َر ُ‬
‫ُ‬ ‫الـمعجم َّية]‪.‬‬
‫واملداخل ُ‬
‫جتاوزها إىل‬
‫ُ‬ ‫الصف َّية وتوصيفاهتا؛ و ُيمك ُن‬ ‫االقتصار عىل تعيني الوحدات َّ‬ ‫ُ‬ ‫إذ ُيمك ُن‬
‫تشمل‪( :‬التَّجذير ‪ )Rooting‬ا َّلذي ُيعنى باستخالص ُج ُذور الكلامت‬ ‫ُ‬ ‫ات أخرى‪،‬‬ ‫عملي ٍ‬
‫َّ‬
‫أو أصوهلا ال ُّلغو َّية‪ ،‬و (التَّجذيع ‪ )Stemming‬ا َّلذي ُيعنى باستخالص ُج ُذوع الكلامت‬
‫[السوابق وال َّلواحق]‪ ،‬و (التَّفريع ‪ )Lemmatization‬ا َّلذي‬ ‫ِ‬
‫الزوائد َّ‬ ‫جتريدها من َّ‬ ‫بعدَ‬
‫الـمعجم َّية‬ ‫ف بـ «ال ُف ُروع»؛ وهي يف العرب َّية ُصور ُة الوحدات ُ‬ ‫عر ُ‬ ‫ُيعنى بتعيني ما ُي َ‬
‫َّنويعات َّ‬
‫الشكل َّية‬ ‫ٍ‬
‫الصف َّية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬تتعدَّ ُد الت‬
‫ُ‬ ‫الـمنبثقة عن الوحدات َّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بالشكل؛ و ُيعت ََمدُ يف إدارهتا عىل خوارزمات ُم َع َّينة‪.‬‬ ‫الضبط َّ‬‫للكلامت بحسب َّ‬

‫الرتكيب َّية‪.‬‬ ‫‪ .4‬ا ُمل َ‬


‫عالة اآلل َّية َّ‬
‫الرتكيب َّية‪.‬‬ ‫‪َ .4.1‬وحدة ا ُمل َ‬
‫عالة َّ‬
‫حيث بنيتُها التَّصيف َّية‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ذاهتا‪ ،‬من ُ‬ ‫عاجلة البنو َّية معن َّي ًة بالـمفردات ِ‬ ‫الـم َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫إذا كانت ُ‬
‫كذلك‬‫َ‬ ‫َّحوي‪ ،‬وتُعنى‬
‫الرتكيب الن ّ‬ ‫فردات يف َّ‬ ‫الرتكيب َّي َة تُعنى بمواقع هذه ُ‬
‫الـم َ‬ ‫الـم َ‬
‫عاجل َة َّ‬ ‫ُ‬
‫الـم َ‬
‫عاجل َة‬ ‫ٍ‬
‫القول ‪ -‬بعبارة أخرى ‪َّ -‬‬ ‫ُ‬ ‫بالعالقات َّ‬
‫إن ُ‬ ‫فردات‪ .‬و ُيمك ُن‬ ‫الـم َ‬
‫بني هذه ُ‬‫الشكل َّية َ‬
‫حني تقع يف ٍ‬
‫تركيبي ُمكتمل‬ ‫ٍّ‬ ‫كيان‬ ‫ترتكز عىل (أقسام الكالم ‪ُ َ )Parts of Speech‬‬ ‫ُ‬ ‫الرتكيب َّية‬
‫َّ‬
‫الكيان بسي ًطا أم ُمر َّك ًبا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األركان؛ سوا ٌء َ‬
‫أكان هذا‬
‫نظرا لتبا ُين‬ ‫للـم َ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫الو ُق َ‬ ‫يف ضوء َ‬
‫الرتكيب َّية‪ً ،‬‬
‫عاجلة َّ‬ ‫وف عىل َوحدة ثابتة ُ‬ ‫نستطيع ُ‬
‫ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬ال‬
‫(عبارة‬ ‫تكون هذه الوحد ُة ِ‬ ‫ُ‬ ‫الكيانات ا َّلتي تر ُد فيها أقسا ُم الكالم يف ال ُّلغات ال َّطبيع َّية‪ .‬فقد‬
‫َ‬
‫تضمن‬ ‫الـم ِّ‬
‫الرتكيب ُ‬ ‫(مجلة ‪ )Sentence‬أو (فِقرة ‪ ،)Clause‬وف ًقا لطبيعة َّ‬ ‫‪ )Phrase‬أو ُ‬

‫‪-١٠٩-‬‬
‫وتوضيحا لذلك‪ُ ،‬يمك ُن الت ُ‬
‫َّمثيل عىل الوحدات‬ ‫ً‬ ‫السياق‪.‬‬
‫ألقسام الكالم وموضعه يف ِّ‬
‫الرتكيب َّية يف العرب َّية عىل النَّحو الوارد يف (اجلدول ‪.)7‬‬
‫َّ‬
‫الرتكيب َّية‬
‫الوحدة َّ‬
‫نامذج َ‬ ‫كيبي‬
‫الرت ّ‬
‫الكيان َّ‬ ‫م‬
‫األُمم ُ‬
‫الـمتَّحدة‬ ‫العبارة‬ ‫‪١‬‬
‫األُمم ُ‬
‫الـمتَّحد ُة ُمن َّظم ٌة دول َّي ٌة ف َّعالة‬ ‫جلملة‬
‫ا ُ‬ ‫‪٢‬‬
‫ِ‬
‫حيث ُت َعدُّ ُمن َّظم ًة دول َّي ًة ف َّعالة‬
‫الـمتَّحدة؛ ُ‬ ‫ُيمك ُن ال ُّلجو ُء إىل األُمم ُ‬ ‫الفقرة‬ ‫‪3‬‬
‫الملة‪ِ ،‬‬
‫الفقرة]‬ ‫الرتكيب َّية يف ال ُّلغة العرب َّية [العبارة‪ُ ،‬‬
‫الدول ‪ :7‬أنامط الوحدات َّ‬

‫ُ‬
‫ُالحظ من خالل هذه النَّامذج ما يأيت‪:‬‬ ‫سن‬
‫تركيبي‪ ،‬ح ِّي ُز ُه‬ ‫تدل العبارة (األُمم الـمتَّحدة) عىل ٍ‬
‫كيان‬ ‫‪ -‬الن ََّمط (‪ - )١‬العبارة‪ُّ :‬‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬
‫حني ير ُد يف سياق‬ ‫الكيان ُيم ِّث ُل وحد ًة تركيب َّي ًة كامل ًة َ‬
‫َ‬ ‫جلملة؛ لك َّن هذا‬ ‫ُّ‬
‫أقل من ا ُ‬
‫الفتة أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُع ٍ‬
‫نوان أو‬

‫جلملة (األُمم ُ‬
‫الـمتَّحد ُة ُمن َّظم ٌة دول َّي ٌة ف َّعالة) عىل‬ ‫تدل ا ُ‬ ‫جلملة‪ُّ :‬‬ ‫‪ -‬الن ََّمط (‪ - )٢‬ا ُ‬
‫الـمبتدأ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جلملة الكاملة؛ ُ‬ ‫ٍ‬
‫عرب عن ُمجلة اسم َّية ُركناها ُ‬ ‫حيث ُي ِّ ُ‬ ‫تركيبي‪ ،‬ح ِّي ُز ُه ا ُ‬
‫ٍّ‬ ‫كيان‬
‫غوي ُمكتمل‪.‬‬ ‫سياق ُل ٍّ‬‫حني ير ُد يف ٍ‬ ‫واخلَرب‪ .‬و ُيم ِّث ُل وحد ًة تركيب َّي ًة َ‬
‫الفقرة‪ِ ُّ :‬‬ ‫‪ -‬النَّمط (‪ِ - )3‬‬
‫ُ‬
‫حيث‬ ‫الـمتَّحدة؛‬ ‫تدل الفقرة ( ُيمك ُن ال ُّلجو ُء إىل األُمم ُ‬ ‫َ‬
‫جلملة [يف هذه الفقرة‬ ‫ٍ‬
‫ُت َعدُّ ُمن َّظم ًة دول َّي ًة ف َّعالة) عىل كيان‬
‫تركيبي‪ ،‬ح ِّي ُز ُه أكرب من ا ُ‬
‫ٍّ‬
‫جل َمل‬ ‫ٍ‬ ‫الكيان وحد ًة تركيب َّي ًة َ‬
‫ُ‬ ‫ُمجلتان]‪ .‬و ُيم ِّث ُل هذا‬
‫حني ير ُد يف سياق جمموعة من ا ُ‬
‫فكرة ُمع َّينة‪ ،‬و ُي َع َّو ُل عىل إحداها يف فهم تركيب‬ ‫ٍ‬ ‫حول‬‫تدور َ‬ ‫الـمرتابطة ا َّلتي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َغ ِريها‪.‬‬

‫اآليل ُملعالة الوحدات َّ‬


‫الرتكيب َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‪.‬‬ ‫‪ .4.2‬التَّوجيه ّ‬
‫الرتكيب َّية‪ ،‬فإنَّنا ن َُم ِّي ُز يف العرب َّية‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫ِ‬
‫باعتبارها َوحد َة ُ‬ ‫حني نتعاطى مع اجلُملة‬ ‫َ‬
‫نصين‬ ‫األو ُل (اجلُملة الفعل َّية) من ُع ُ َ‬ ‫ويتكو ُن الن ُ‬
‫َّوع َّ‬ ‫َّ‬ ‫بني نَو َعيها‪ :‬الفعل َّية واالسم َّية‪.‬‬‫َ‬
‫رئيسني ‪ -‬يف حالة ال ُّل ُزوم ‪ -‬مها‪ :‬الفعل والفاعل (أو الفعل ونائب الفاعل)‪ ،‬ومن ثالثة‬ ‫َ‬
‫عناص ‪ -‬يف حالة التَّعدِّ ي‪ ،‬هي‪ :‬الفعل والفاعل واملفعول‪ .‬أ َّما اجلُمل ُة االسم َّية‪ ،‬فلها‬ ‫ِ‬
‫َ‬

‫‪-١١٠-‬‬
‫وظائف‬
‫َ‬ ‫عناص أخرى ثانو َّية‪ ،‬تُؤ ِّدي‬ ‫ُ‬ ‫وثم َة‬ ‫نصان رئيسان‪ُ ،‬مها‪ُ :‬‬
‫الـمبتدأ واخلَ َرب‪َّ .‬‬ ‫ُع ُ‬
‫والوصف والتَّوكيد و َغري ذلك‪.‬‬ ‫اإلضافة والعطف َ‬
‫العناص‪ ،‬فع َلينا َّأو ًال أن نُحدِّ َد أقسا َم الكالم‬ ‫ِ‬ ‫ُوج ُه اآللة إىل فهم طبيعة هذه‬ ‫وحني ن ِّ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫جلملة؛ وعلينا تال ًيا أن نُوجدَ قرائ َن [أو عالمات] ُمم ِّيزة لك ُِّل‬ ‫ا َّلتي تنتمي إليها‬
‫عناص ا ُ‬
‫ُ‬
‫نص الواحد‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نص عىل ِحدة؛‬ ‫ُع ُ ٍ‬
‫قياسا ُيس َتنَدُ إليه يف متييز ال ُع ُ‬ ‫العالمات م ً‬ ‫تكون هذه‬ ‫بحيث‬
‫أن ِّ‬ ‫فرت ُض َّ‬ ‫ِ‬
‫لكل قس ٍم من‬ ‫للوهلة األوىل‪ ،‬إذ ُي َ َ‬ ‫األمر بسي ًطا َ‬
‫ُ‬ ‫العناص األخرى‪ .‬ويبدو‬ ‫عن‬
‫وض َعها النُّحا ُة عندَ‬ ‫ٍ‬
‫عالمات ُمم ِّيزة َ‬ ‫أقسام الكالم (االسم‪ ،‬والفعل‪ ،‬واحلرف‪/‬األداة)‬
‫التَّقعيد للعرب َّية؛ كالتَّعريف والتَّنوين لتمييز االسم‪ ،‬وتاء الفاعل ونُون التَّوكيد لتمييز‬
‫حلرف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّجرد من سامت االسم والفعل لتمييز ا َ‬ ‫الفعل‪ ،‬والت ُّ‬
‫للـم َ‬ ‫ٍ‬
‫الرتكيب َّية؛‬
‫عاجلة َّ‬ ‫ُوج ُه اآلل َة ُ‬ ‫حني ن ِّ‬‫إشكاالت َغري قليلة َ‬ ‫األمر ال خيلو من‬ ‫َ‬ ‫لك َّن‬
‫وعىل سبيل املثال‪ :‬إذا َو َّجهنا اآلل َة إىل اعتبار الكلامت املسبوقة بـ (ال) أسام ًء‪ ،‬فالنَّتيج ُة‬
‫التزم‪ ،‬التَقى‪ ،‬الت ََم َس‪)... ،‬؛ وإذا َو َّجهنا‬ ‫َحم‪َ ،‬‬ ‫تكون صحيح ًة يف مثل األفعال (الت َ‬ ‫َ‬ ‫لن‬
‫تكون صحيح ًة يف‬ ‫َ‬ ‫َلح ُق هبا التَّاء (ـت) ً‬
‫أفعاال‪ ،‬فالنَّتيج ُة لن‬ ‫اآلل َة إىل اعتبار الكلامت ا َّلتي ت َ‬
‫ِ‬
‫وجهات القواعد‬ ‫ذلك ُخم َت َلف ُم ِّ‬ ‫مثل األسامء ( َب ْيت‪َ ،‬س ْبت‪َ ،‬ن ْبت‪َ ،‬ن ْعت‪)... ،‬؛ وقس عىل َ‬
‫متييزه‪ ،‬قد‬ ‫البرشي ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫العقل‬ ‫يستطيع‬
‫ُ‬ ‫الرتكيب َّية ل ُّلغة العرب َّية‪ .‬ومن َث َّم‪ ،‬فالقواعدُ املفهومة‪ ،‬ممَّا‬ ‫َّ‬
‫ذلك فيام يأيت‪:‬‬ ‫نستبني َ‬
‫َ‬ ‫ُحاول أن‬ ‫تكون مفهوم ًة لآللة عىل الوجه األمثل‪ .‬وسن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال‬

‫الرتكيب َّية‪.‬‬
‫السطح َّية للوحدات َّ‬ ‫‪ .4.2.1‬ا ُمل َ‬
‫عالة َّ‬
‫أن ل ُّلغة‬
‫والواقع َّ‬
‫ُ‬ ‫َعيني أقسام الكالم‪.‬‬
‫اهلدف ت َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة‪،‬‬ ‫الـمستوى من ُ‬
‫يف هذا ُ‬
‫ٍ‬
‫َّقليدي (االسم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّصنيف ال ُّث ُّ‬
‫الثي الت‬ ‫ُ‬ ‫تصنيفات ُمتعدِّ د ًة ألقسام الكالم‪ ،‬منها الت‬ ‫العرب َّية‬
‫والضمري)‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫باعي (االسم‪ ،‬والفعل‪ ،‬واحلرف‪،‬‬ ‫الر ّ‬
‫والفعل‪ ،‬واحلرف)‪ ،‬والتَّصنيف ُّ‬
‫باعي (االسم‪،‬‬ ‫والس ّ‬ ‫ُّ‬ ‫والضمري‪ ،‬وال َّظرف)‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫امس (االسم‪ ،‬والفعل‪ ،‬واحلرف‪،‬‬
‫واخلُ ّ‬
‫َّصنيف ا َّلذي‬
‫ُ‬ ‫كان الت‬‫والصفة‪ ،‬واخلالفة)‪ .‬وأ ًّيا َ‬ ‫والضمري‪ ،‬وال َّظرف‪ِّ ،‬‬
‫والفعل‪ ،‬واحلرف‪َّ ،‬‬
‫نات ُلغو َّية‬ ‫نعتمدُ ه يف توجيه اآللة‪ ،‬فاملنهج واحدٌ ؛ إذ يقوم عىل تدريب اآللة عىل مدو ٍ‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُم َو َّسمة ‪ Annotated Corpora‬بعالمات ُم َع َّينة ُيستَدَ ُّل هبا عىل أقسام الكالم ‪.PoS‬‬

‫‪-١١١-‬‬
‫رب‬
‫تتم ع َ‬‫الرتكيب َّية ُّ‬‫السطح َّي َة للوحدات َّ‬ ‫الـم َ‬
‫عاجل َة َّ‬ ‫إن ُ‬ ‫ُ‬
‫القول َّ‬ ‫ذلك ُيمك ُن‬‫ولتوضيح َ‬
‫ويتفر ُع عن هذه العمل َّية‬ ‫الرتكيب َّية ‪.»Syntactic Annotation‬‬ ‫ف بـ «ال َعنونة َّ‬ ‫ُعر ُ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫عمل َّية‪ ،‬ت َ‬
‫إجراءان‪ ،‬عىل النَّحو اآليت‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ (1‬التَّوسيم ‪ :Tagging‬يتم عىل م ٍ‬
‫عالمات‬ ‫قصدُ به ُ‬
‫إحلاق‬ ‫دونة ُلغو َّية كبرية نسب ًّيا؛ و ُي َ‬‫ُ َّ‬ ‫ُّ‬
‫الرتكيب َّية ‪ »Syntactic Tags‬بالكلامت ُ‬
‫الـمت ََض َّمنة يف‬ ‫«الو ُسوم َّ‬ ‫ف بـ ُ‬ ‫ُعر ُ‬‫ُمع َّينة‪ ،‬ت َ‬
‫دونة ُم َو َّسمة‬ ‫هذه الـمدونة‪ ،‬لتتحو َل بذلك من م ٍ‬
‫دونة خام ‪ Raw Corpus‬إىل ُم َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫حيث‬‫الرتكيب َّية صور ٌة ثابتة‪ ،‬سوا ٌء من ُ‬ ‫للو ُسوم َّ‬ ‫وليست ُ‬ ‫‪َ .Annotated Corpus‬‬
‫َّمثيل عليها‬‫عاجلة‪ .‬و ُيمك ُن الت ُ‬ ‫الـم َ‬ ‫أهداف ُ‬ ‫ُ‬ ‫الكم أم الكيف؛ إذ تتحك َُّم فيها‬ ‫ُّ‬
‫(الشكل ‪.)٤‬‬ ‫بالنَّموذج الوارد يف َّ‬
‫الن َُّّص َ‬
‫قبل التَّوسيم‬

‫السامء ؟‬ ‫كيف يمكن أن ن ِ‬


‫ُحيص نُجو َم َّ‬
‫َ‬ ‫اآلن ‪ُ ُ َ ..‬‬
‫الن َُّّص بعدَ التَّوسيم‬

‫السامء[‪ /]CN‬؟‪/‬‬ ‫ِ‬


‫ُحيص[‪ /]VI‬نُجو َم[‪َّ /]CN‬‬
‫كيف[‪ُ /]QU‬يمك ُن[‪ /]VI‬أن[‪ /]PO‬ن َ‬
‫اآلن[‪َ /]AD‬‬

‫ُو ُسوم أقسام الكالم ‪PoS Tags‬‬

‫ال َّظرف [‪ ،]AD‬االستفهام [‪ ،]QU‬الفعل املضارع [‪ ،]VI‬األداة [‪ ،]PO‬االسم َّ‬


‫الشائع [‪]CN‬‬

‫دونة ُلغو َّية ُم َو َّسمة تركيب ًّيا‬


‫نص َّية ُمستَمدَّ ة من ُم َّ‬ ‫َّ‬
‫الشكل ‪ :4‬نموذج ملا َّدة ِّ‬
‫الرتكيب َّية يف ُص ِ‬
‫ورهتا‬ ‫بالوحدة َّ‬
‫َّصل هذا اإلجرا ُء َ‬ ‫‪ (2‬التَّجـــزئة ‪ :Parsing‬ويت ُ‬
‫ٍ‬
‫كونات أص َغ َر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حيث نقو ُم من خالله بتقسيم هذه الوحدة عىل ُم ِّ‬ ‫الـمكتملة؛‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫لنتم َّك َن من التَّعا ُمل مع ك ٍُّل منها عىل حدة‪ .‬و ُيمك ُن الت ُ‬
‫َّمثيل عىل هذا اإلجراء‬
‫بالنَّموذج الوارد يف َّ‬
‫(الشكل ‪.)٥‬‬

‫‪-١١٢-‬‬
‫واإلنسان يطمع يف َرمحة اهلل ‪S /‬‬
‫ُ‬

‫يطمع يف َرمحة اهلل ‪VP /‬‬ ‫ُ‬


‫واإلنسان ‪NP /‬‬

‫اهلل ‪NP /‬‬ ‫يف َرمحة ‪PP /‬‬ ‫يطمع ‪V /‬‬ ‫اإلنسان ‪NP /‬‬ ‫و‪P/‬‬

‫َرمحة ‪N /‬‬ ‫يف ‪P /‬‬ ‫إنسان ‪N /‬‬ ‫الـ ‪D /‬‬

‫الرتكيب َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‬


‫الوحدة َّ‬ ‫َّ‬
‫الشكل ‪ :٥‬نموذج لتجزئة َ‬

‫عاجلة ‪ -‬يف‬ ‫الـم َ‬


‫قبل ُ‬ ‫تتم يف مرحلة ما َ‬ ‫الرتكيب َّية ‪ -‬ا َّلتي ُّ‬
‫ُي َع َّو ُل عىل ُخم َرجات ال َعنونة َّ‬
‫دونة ال ُّلغو َّية ُ‬
‫الـم َو َّسمة تركيب ًّيا‬ ‫(الـم َّ‬
‫ُ‬ ‫الرتكيب َّية؛ ونعني‬ ‫للـم َ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫الرئيس ُ‬ ‫توفري املورد َّ‬
‫رب هذا املورد ‪ -‬بتدريب الن ُُّصوص‪،‬‬ ‫‪ .)Syntactic Annotated Corpus‬ونقو ُم ‪َ -‬ع َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الـمم ِّثلة ألقسام الكالم‪ .‬وع َ‬
‫رب‬ ‫ووسومها ُ‬ ‫فردات ال ُّلغة ُ‬ ‫لـم َ‬
‫ص إىل قاعدة بيانات ُ‬ ‫لنخ ُل َ‬
‫حال توجيهها إىل‬ ‫الـمطابقة‪ُ ،‬يمك ُن لآللة أن ُحتاكي ُخم َرجات قاعدة البيانات‪َ ،‬‬ ‫عمل َّيات ُ‬
‫السطح َّية بتعيني أقسام الكالم‪.‬‬ ‫الرتكيب َّية َّ‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫ُ‬

‫الرتكيب َّية‪.‬‬ ‫‪ .4.2.2‬ا ُمل َ‬


‫عالة العميــــقـــة للوحدات َّ‬
‫عاجلة سليمة؛ إذ ُحت ُ‬ ‫ٍ‬
‫اط القاعد ُة‬ ‫الصفة لتوجيه اآللة إىل ُم‬ ‫الرتكيب َّي ُة ِّ‬
‫ال تكفي القاعد ُة َّ‬
‫ناتج عن تشا ُبه بعض‬ ‫التباس ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫كثري من األحيان ببعض االستثناءات‪ .‬وقد يتخ َّل ُلها‬ ‫يف ٍ‬
‫ومثال ذلك ما‬ ‫ُ‬ ‫الـمم ِّيزة هلا‪.‬‬
‫الضبط [التَّشكيل] ُ‬ ‫جتردها من عالمات َّ‬ ‫أقسام الكالم أو ُّ‬
‫حيث‬‫جردة؛ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نجدُ ُه يف كلمة (بل) ا َّلتي‬
‫الـم َّ‬
‫الكالمي يف ُصورهتا ُ‬ ‫ّ‬ ‫يصعب حتديدُ قسمها‬ ‫ُ‬
‫كثري يف العرب َّية‪ .‬هلذا‪،‬‬ ‫ذلك ٌ‬ ‫ومثل َ‬ ‫فعال ( َب َّل) أو حر ًفا ( َب ْل)؛ ُ‬ ‫اسام ( َب ٌّل) أو ً‬ ‫َ‬
‫تكون ً‬ ‫ُ‬
‫حتتمل أن‬
‫للجملة إىل تكوين‬ ‫السطح َّية ُ‬ ‫جتاو َز البنية َّ‬ ‫الرتكيب َّية ُ‬‫تستدعي ُمعاجل ُة العميقة للوحدات َّ‬
‫كم ٍّي‪ُ ،‬يمك ُن االستنا ُد إليه يف توجيه‬ ‫ٍ‬
‫ملقياس ِّ‬ ‫تضع‬
‫ُ‬ ‫الـمنتظمة ا َّلتي‬‫هيكل من القواعد ُ‬ ‫ٍ‬
‫تتوافق يف جزءٍ‬‫ُ‬ ‫فإن هذه القواعدَ‬ ‫عاجلة ُموافقة لطبيعة ال ُّلغة‪ .‬وبطبيعة احلال‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اآللة إىل ُم َ‬
‫ُ‬
‫الـم َّط ِرد]‬ ‫ٍ‬
‫أحيايني كثرية عن هذا املنطق [ َغري ُ‬ ‫َ‬ ‫كذلك يف‬ ‫َ‬ ‫منها مع منطق ال ُّلغة؛ لكنَّها ُ‬
‫تر ُج‬
‫[الـم َّطرد]‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إىل منطق اآللة‬

‫‪-١١3-‬‬
‫الرتكيبية ‪ -‬عىل ثالثة ِ‬
‫عناص أساس َّية‪،‬‬ ‫الـم َ‬
‫َ‬ ‫عاجلة العميقة للوحدات َّ َّ‬ ‫إنَّنا نعتمدُ ‪ -‬يف ُ‬
‫هي‪:‬‬

‫الـمع َطيات ال ُّلغو َّية؛ و َم ُ‬


‫صدرها يف العرب َّية‬ ‫‪ )١‬القواعد النَّحو َّية ‪ُ :Grammar‬مت ِّث ُل ُ‬
‫َّصل بأقسام‬ ‫تلك ا َّلتي تت ُ‬
‫كيبي منه]؛ ال س َّيام َ‬
‫الرت ّ‬‫يب [يف اجلانب َّ‬
‫قوانني النَّحو العر ّ‬
‫ُ‬
‫[الرفع‪ ،‬والنَّصب‪ ،‬واخلَفض‪،‬‬ ‫الكالم والعالقات بينها‪ ،‬وأنامط اإلعراب والبناء َّ‬
‫الـمختلفة‪.‬‬ ‫واجلزم] ألقسام الكالم ُ‬
‫جمموعات من‬
‫ٌ‬ ‫صدرها‬
‫والـم َو َّسمة تركيب ًّيا‪َ :‬م ُ‬
‫ُ‬ ‫دونات ال ُّل َغو َّية املشكولة‬ ‫الـم َّ‬‫‪ُ )٢‬‬
‫ِ‬
‫قياسا‬
‫دونات م ً‬ ‫الـم َّ‬
‫تكون هذه ُ‬ ‫َ‬ ‫فرت ُض أن‬ ‫الـمم ِّثلة لواقع ال ُّلغة؛ و ُي َ َ‬‫الن ُُّصوص ُ‬
‫الرتكيب َّية العميقة يعني‬
‫الـمعاجلة َّ‬
‫نص يف ُ‬ ‫غوي‪ .‬ووجود هذا ال ُع ُ‬ ‫لالستعامل ال ُّل ّ‬
‫ٍ‬ ‫بم َ‬ ‫إنجازها عىل ٍ‬ ‫َّ‬
‫وننشدُ يف هذه‬‫عاجلة سطح َّية‪ُ .‬‬ ‫نحو سلي ٍم يستدعي أن تُس َب َق ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫الضبط العرب َّية ‪Arabic Diacritics‬؛‬ ‫دونات أن تُض َب َط باستخدام عالمات َّ‬ ‫الـم َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عربة‬ ‫حيث ُي َع َّو ُل عليها يف تعيني املواقع اإلعراب َّية ألقسام الكالم [بأنامطها ُ‬
‫الـم َ‬ ‫ُ‬
‫كذلك يف االستدالل عىل األنامط اإلعراب َّية للكلامت‬ ‫َ‬ ‫عو ُل عليها‬ ‫واملبن َّية]؛ و ُي َّ‬
‫الكلامت ُمالزم ًة‬
‫ُ‬ ‫الـم َع َّينة‪ ،‬سوا ٌء أكانَت هذه‬ ‫الرتكيب َّية ُ‬
‫الوحدة َّ‬ ‫الـمت ََض َّمنة يف َ‬ ‫ُ‬
‫حلالة اإلعراب أم البناء‪.‬‬
‫كيبي ‪ :Syntactic Analysis Algorithm‬وهي‬ ‫الرت ّ‬ ‫‪ )3‬خوارزم َّية التَّحليل َّ‬
‫الرتكيب َّية‪ .‬و ُي َع َّو ُل فيها‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫ُعرب عن مراحل ُ‬ ‫الرياض َّية ا َّلتي ت ِّ ُ‬
‫الـمتسلسلة ِّ‬‫ُ‬
‫وتوصيفها عىل نحوٍ‬ ‫ِ‬
‫عىل ال ُّط ُرق اإلحصائ َّية ا َّلتي تُساعدُ عىل َحص أنامط ا ُ‬
‫جلملة‬
‫ُم ٍ‬
‫وافق ل ُّلغة ُ‬
‫الـمستخدَ مة فعل ًّيا‪.‬‬
‫الرتكيب َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‪.‬‬ ‫الـم َ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫العناص فيام بينها لتكوين منظومة ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف هذه‬ ‫تتآ َل ُ‬
‫الرتكيب َّية؛ إذ َّإنا‬
‫الوحدة َّ‬ ‫شكل َ‬ ‫األساس ا َّلذي يتحدَّ ُد من خاللِ ِه ُ‬
‫ُ‬ ‫فالقواعدُ النَّحو َّي ُة هي‬
‫ئيس ملعرفة أركان اجلُملة [األساس َّية وال َّثانو َّية]‪ ،‬وقواعد ضبطِها عىل ن ََس ٍق‬ ‫الر ُ‬‫وج ُه َّ‬
‫الـم ِّ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الـم َو َّسمة هي املورد ا َّلذي‬
‫أنامط اجلُملة العرب َّية‬ ‫نستبني من خالله‬ ‫ُ‬ ‫دون ُة ُ‬ ‫والـم َّ‬
‫ُ‬ ‫سليم‪.‬‬
‫كيبي هي‬ ‫ِ‬
‫وأساليب َصوغها يف ال ُّلغة احل َّية‪ .‬وخوارزم َّي ُة التَّحليل َّ‬
‫الرت ّ‬ ‫َ‬ ‫ونعرف ُحدُ و َدها‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫كذلك‬ ‫الشائعة‪ ،‬وتقو ُدنا‬ ‫الشائعة و َغري َّ‬‫الرتاكيب َّ‬ ‫الوسيل ُة القياس َّي ُة ا َّلتي تقو ُدنا إىل أنامط َّ‬
‫التباس يف الن ُُّصوص‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫عاجلة األقرب إىل واقع ال ُّلغة َ‬
‫حال ُو ُجود‬ ‫الـم َ‬‫إىل تعيني احتامالت ُ‬

‫‪-١١٤-‬‬
‫ِ‬
‫العناص ال َّثالثة‪ ،‬مع‬ ‫وجهات‬ ‫ٍ‬
‫نامذج ُم ِّ‬
‫َ‬ ‫نعرض يف (اجلدول ‪)8‬‬
‫ُ‬ ‫وملزيد من التَّوضيح‪،‬‬
‫التَّمثيل‪.‬‬
‫التَّمثيل‬ ‫الـم َو ِّجه‬
‫ُ‬ ‫نص‬
‫ال ُع ُ‬ ‫م‬
‫القاعدة ‪« :١‬لن» أداة مبنية‪،‬‬
‫َ‬
‫تكون [فعل ُمضارع‬ ‫َ َّ لن [أداة]‬
‫الـمضارع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تسبق الفعل‬ ‫القواعد النَّحو َّية‬ ‫‪١‬‬
‫منصوب]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وتنص ُبه‪.‬‬
‫القاعدة ‪ :٢‬ك ُُّل ما بد َأ بـ «يسـ»‬
‫َي ْس َبح ‪َ -‬ي ْس َت ْث ِمر‬ ‫دونات ال ُّلغو َّية‬
‫الـم َّ‬
‫ُ‬ ‫‪٢‬‬
‫وس ُم بأ َّن ُه (فعل ُمضارع)‪.‬‬ ‫ُي َ‬
‫يف القاعدة ‪ :١‬القاعدة‬
‫ُو ُجود لِ ْن [فِعل َط َلب] ألخيكَ‬ ‫صحيحة‪ ،‬مع‬
‫الضبط‪.‬‬‫ظهرها َّ‬ ‫ٍ‬
‫استثناءات ُي ُ‬ ‫خوارزم َّية التَّحليل‬
‫‪3‬‬
‫َي ُسوع‬ ‫يف القاعدة ‪ :٢‬القاعدة استثناء ُمؤكَّــــد‪:‬‬ ‫كيبي‬
‫الرت ّ‬ ‫َّ‬
‫ُو ُجود‬ ‫صحيحة‪ ،‬مع‬
‫َي ِسري‬ ‫استثناء ُحمت ََمل‪:‬‬ ‫َّص‪.‬‬‫ظهرها الن ّ‬
‫ٍ‬
‫استثناءات ُي ُ‬
‫الرتكيب َّية العميقة يف ال ُّلغة العرب َّية‬ ‫الـم َ‬
‫عالة َّ‬ ‫وجهات عنارص ُ‬
‫الدول ‪ :8‬نامذج من ُم ِّ‬

‫الرتكيب َّية يف العرب َّية؛ لك َّن توجي َه‬ ‫رب عن أحد القوانني َّ‬ ‫أن القاعد َة النَّحو َّي َة ُت َع ِّ ُ‬‫ُالحظ َّ‬
‫ُ‬ ‫سن‬
‫بمعطيات استثنائ َّية‪ ،‬لتتعاطى مع االحتامالت‬ ‫ٍ‬
‫يفرض تزويدَ ها ُ‬ ‫ُ‬ ‫اآللة إىل هذا القانون‬
‫دونة ال ُّلغو َّية ت ِّ ُ‬
‫ُعرب عن‬ ‫الـمستَخ َلصة من ُ‬
‫الـم َّ‬ ‫أن القاعدَ َة ُ‬ ‫كذلك َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُالحظ‬ ‫األخرى‪ .‬وسن‬
‫أيضا بتزويد اآللة‬ ‫َّص‪ .‬ونقو ُم يف هذه احلالة ً‬ ‫يفرضها الن ّ‬ ‫ُ‬ ‫أحد القوانني الوصف َّية ا َّلتي‬
‫وحمت ََملة]‪ .‬ويف القاعدتَني [النَّحو َّية والن َِّّص َّية]‪ُ ،‬ي َع َّو ُل عىل‬ ‫ٍ‬
‫عطيات استثنائ َّية [ ُم َؤكَّدة ُ‬ ‫بم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫كيبي يف تت ُّبع االستثناءات وتقدير احتامل َّية ُو ُرودها‪.‬‬ ‫الرت ّ‬ ‫خوارزم َّية التَّحليل َّ‬

‫كيبي‪.‬‬ ‫عالة ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة يف ا ُملستوى َّ‬


‫الرت ّ‬ ‫‪ .4.3‬من تطبيقات ُم َ‬
‫جلملة‬ ‫وسبة ال ُّلغة‪ً ،‬‬
‫نظرا لطبيعة ا ُ‬ ‫للعاملني يف َح َ‬
‫َ‬ ‫الرتكيب َّية حتدِّ ًيا‬
‫عاجلة َّ‬ ‫ُيم ِّث ُل ُمستوى ُ‬
‫الـم َ‬
‫اخلاصة [كاألسامء‬
‫َّ‬ ‫العرب َّية وتعدُّ د أنامطِها وثراء العرب َّية بال َّظواهر َّ‬
‫الرتكيب َّية ذات ال َّطبيعة‬
‫ووجود ظاهرة اإلعراب [ا َّلتي تتحك َُّم يف شكل‬ ‫الساملة] ُ‬ ‫جلموع َّ‬ ‫اخلمسة‪ ،‬والتَّثنية‪ ،‬وا ُ‬
‫الكلامت يف حا َلتَي البناء واإلعراب] ونحو ذلك‪ .‬و ُيمك ُن الت ُ‬
‫َّمثيل عىل تطبيقات ُم َ‬
‫عاجلة‬
‫كيبي بام يأيت‪.‬‬‫الرت ّ‬ ‫الـمستوى َّ‬ ‫العرب َّية املكتوبة يف ُ‬

‫‪-١١٥-‬‬
‫اإلمالئي ‪.Spell and Grammar Checking‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .4.3.1‬التَّدقيق‬
‫اإلمالئي باستكشاف أخطاء الكتابة؛ سوا ٌء أكانَت يف قواعد إمالء‬ ‫ُّ‬ ‫َّدقيق‬
‫ُيعنى الت ُ‬
‫ٍ‬
‫اقرتاح‬ ‫تقديم‬
‫ُ‬ ‫استكشاف األخطاء‬
‫َ‬ ‫الرتكيب َّية (النَّحو َّية)؛ و َيع ُق ُ‬
‫ب‬ ‫الكلامت أم يف القواعد َّ‬
‫الـم َ‬
‫عاجلة‬ ‫ٍ‬
‫َّطبيق أحدَ أبرز تطبيقات ُ‬ ‫الصواب‪ .‬و ُي َعدُّ هذا الت ُ‬ ‫ملجموعة من احتامالت َّ‬
‫َخدمي العرب َّية يف التَّفا ُعل مع اآللة‬ ‫الرتكيبية يف العربية‪ ،‬نظرا للحاجة إليه ِمن ِقبل مست ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ َّ‬
‫الذك َّية‪.]... ،‬‬‫الـمختلفة [احلواسيب ال َّلوح َّية‪ ،‬واهلواتف َّ‬ ‫بأشكاهلا ُ‬
‫الرتكيب َّية‪ ،‬عىل أن‬‫دو ٍنة ُلغو َّي ٍة ُمتعدِّ دة األنامط َّ‬ ‫ِِ‬
‫َّطبيق ُمع َطياته من ُم َّ‬ ‫ويستمدُّ هذا الت ُ‬
‫دونة‬ ‫بصورة سليمة [إمالئ ًّيا ونحو ًّيا]؛ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وصها مكتوب ًة‬ ‫َ‬
‫الـم َّ‬
‫تدريب ُ‬‫ُ‬ ‫يتم‬
‫حيث ُّ‬ ‫تكون ن ُُص ُ‬
‫الـمت ََض َّمنة يف‬
‫والرتاكيب ُ‬ ‫فردات َّ‬ ‫بالـم َ‬‫الـمستَهدَ فة ُ‬ ‫والرتاكيب ُ‬ ‫فردات َّ‬ ‫الـم َ‬‫عىل ُمطابقة ُ‬
‫الصواب عندَ اكتشاف ُو ُجود خطإٍ‬ ‫قواعد بيانات أدوات التَّدقيق‪ُ ،‬ث َّم اقرتاح احتامالت َّ‬
‫حيث‬‫والـمتالزمات؛ ُ‬ ‫ُ‬ ‫فردات‬ ‫الـم َ‬
‫كبريا من ُ‬ ‫قدرا ً‬ ‫رسد] حيوي ً‬ ‫ما‪ ،‬استنا ًدا إىل ُمعج ٍم [أو َم َ‬
‫عدد من املحارف أو‬ ‫تشرتك مع الكلمة موضع اخلطإ يف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الصحيحة ا َّلتي‬ ‫الكلامت َّ‬
‫ُ‬ ‫ت َُر َّج ُح‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الـمعن َّية‪.‬‬
‫يكثر تالز ُمها مع كلامت سابقة أو الحقة بالكلمة َ‬ ‫ا َّلتي ُ‬

‫‪ .4.3.2‬التَّشكيل اآليل ‪.Automatic Diacritics‬‬

‫كيبي ل ُّلغة العرب َّية ُو ُجو َد مثل هذا التَّطبيق ا َّلذي ُيعنى بضبط شكل‬ ‫الرت ُّ‬‫يفرض النِّظا ُم َّ‬‫ُ‬
‫ستو َيني؛‬ ‫رب ُم َ‬
‫َّطبيق يف العرب َّية ع َ‬ ‫ُ‬
‫ويعمل هذا الت ُ‬ ‫الضبط)‪.‬‬
‫الكتابة باستخدام (عالمات َّ‬
‫اآلخر بضبط اإلعراب‬ ‫الـم َج َّردة]‪ ،‬و ُيعنى َ‬ ‫األو ُل منهام بضبط األبنية [الكلامت ُ‬ ‫ُيعنى َّ‬
‫مة ومضبوطةٍ‬ ‫َّطبيق مع َطياتِ ِه من مدو ٍنة ُلغوي ٍة موس ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ ُ َ َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫[أواخر الكلامت]‪ .‬ويستمدُّ هذا الت ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بالشكل ضب ًطا تا ًّما؛ ويعتمدُ يف ضبط األبنية بصورة كبرية عىل َدوان َشكل الكلمة‬ ‫َّ‬
‫بشكل ُم َع َّ ٍ‬
‫ني‬ ‫ٍ‬ ‫الضبط‬ ‫الضبط؛ إذ تزدا ُد احتامل َّي ُة َّ‬‫الـم َو َّجهة للتَّدريب عىل َّ‬ ‫دونة ُ‬ ‫الـم َّ‬
‫يف ُ‬
‫الشكل‪ .‬أما يف مستوى اإلعراب‪ ،‬فيعتمدُ عىل قرائن ُلغويةٍ‬ ‫بازدياد دوران الكلمة هبذا َّ‬
‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫جر األسامء‪،‬‬ ‫وح ُروف ّ‬ ‫ُصاحب الكلامت العرب َّية (مثل‪ :‬أدوات نَصب األفعال‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُم َع َّي ٍنة ت‬
‫اعتامد ِه عىل ُخم َرجات إحصاء تدريب أنامط اجلُ َمل [البسيطة‬ ‫ِ‬ ‫ونحوها)‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫دونة ال ُّلغو َّية‪.‬‬
‫الـم َّ‬
‫والـم َركَّبة] يف ُ‬‫ُ‬

‫‪-١١6-‬‬
‫‪ .٥‬ا ُمل َ‬
‫عالة اآلل َّية الدِّ الل َّية‪.‬‬
‫‪َ .٥.1‬وحدة ا ُمل َ‬
‫عالة الدِّ الل َّية‪.‬‬
‫حدة دالل َّي ٍة هلا‬
‫عاجلة الدِّ اللية هي (السيميم ‪)Sememe‬؛ وهو أصغر و ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫الـم َ‬‫َوحدَ ُة ُ‬
‫بني (الكلامت التَّا َّمة ‪ )Full Words‬ا َّلتي ُيعنى هبا‬ ‫فردات ال ُّلغة َ‬ ‫لتوزع ُم َ‬
‫ونظرا ُّ‬
‫ً‬ ‫معنًى‪.‬‬
‫الصور َّية ‪ )Form Words‬ا َّلتي‬ ‫والصفات‪ ،‬و (الكلامت ُّ‬ ‫عجم‪ ،‬كاألسامء واألفعال ِّ‬ ‫الـم ُ‬ ‫ُ‬
‫تأخذ أحدَ‬ ‫ُ‬ ‫الوحد َة الدِّ الل َّي َة‬
‫فإن َ‬‫كالضامئر واألدوات؛ َّ‬ ‫الرتكيب [النَّحو]‪َّ ،‬‬ ‫علم َّ‬
‫ُيعنى هبا ُ‬
‫َّمثيل عىل ُص َور الوحدات‬ ‫(الشكل ‪ .)6‬و ُيمك ُن الت ُ‬
‫الـم َو َّضح يف َّ‬
‫ثالث ُص َور‪ ،‬عىل النَّحو ُ‬
‫الـم َو َّضحة يف (اجلدول ‪.)٩‬‬‫الدِّ الل َّية بالنَّامذج ُ‬
‫فردة‬
‫الـم َ‬
‫الكلمة ُ‬
‫الـمتَّصل‬
‫الـمورفيم ُ‬
‫ُ‬
‫أصغر من كلمة‬
‫الوحدة الدِّ الل َّية‬

‫فرد)‬
‫الـم َ‬
‫(الصوت ُ‬
‫حركة احلرف َّ‬
‫َ‬

‫التَّعبري‬

‫أكرب من كلمة‬ ‫الرتكيب‬


‫َّ‬

‫الـم َركَّب‬
‫التَّعبري ُ‬

‫الوحدة الدِّ الل َّية يف ال ُّلغات ال َّطبيع َّية‬ ‫َّ‬


‫الشكل ‪ :6‬أنامط َ‬
‫الوحدة الدِّ الل َّية‬ ‫نامذج َ‬ ‫أنامط الوحدات‬ ‫م‬
‫إنسان‬ ‫فرد)‬
‫الـم َ‬
‫(الـمورفيم ُ‬ ‫ُ‬ ‫فردة‬
‫الـم َ‬
‫الكلمة ُ‬ ‫‪١‬‬
‫(سـ) ـيعمل = التَّسويف‬ ‫الـمتَّصل‬
‫الـمورفيم ُ‬ ‫ُ‬ ‫أصغر من كلمة‬ ‫‪٢‬‬
‫الـمذكَّر‬
‫فرد ُ‬ ‫الـم َ‬
‫(ـت) = خطاب ُ‬ ‫َكتَبـ َ‬ ‫حركة احلرف‬
‫حتري‬
‫أمخاسا يف أسداس = َّ َ‬ ‫ً‬ ‫رض َب‬
‫َ َ‬ ‫التَّعبري‬
‫رشا = العلم َّية‬ ‫تأ َّب َط ًّ‬ ‫الرتكيب‬ ‫َّ‬ ‫أكرب من كلمة‬ ‫‪3‬‬
‫احلافلة النَّهر َّية‬ ‫الـم َركَّب‬
‫التَّعبري ُ‬
‫الدول ‪ :٩‬أنامط الوحدات الدِّ الل َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‬

‫‪-١١7-‬‬
‫اآليل ُملعالة الوحدات الدِّ الل َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‪.‬‬
‫‪ .٥.2‬التَّوجيه ّ‬
‫ٍ‬
‫ُشري إىل معنًى‬ ‫فإنا ت ُ‬ ‫الوحد ُة الدِّ الل َّية عىل ن ََمط أص َغر من الكلمة الواحدة‪َّ ،‬‬ ‫إذا جا َءت َ‬
‫الرتكيب َّية؛‬‫الصف َّية أو َّ‬ ‫للـم َ‬ ‫ٍ‬
‫عاجلة َّ‬ ‫وظيفي ‪Functional Meaning‬؛ وت َُو َّج ُه آل ًّيا حينئذ ُ‬ ‫ّ‬
‫صطلحي ‪Terminological‬‬ ‫ُشري إىل معنًى ُم‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫فإنا ت ُ‬‫رب من الكلمة‪َّ ،‬‬ ‫وإذا جا َءت عىل ن ََمط أك َ‬
‫الـمصطلحات والتَّعابري‬ ‫ٍ‬
‫قوائم ُ‬
‫َ‬ ‫خاصة‪ ،‬حتوي‬‫رب قواعد بيانات َّ‬ ‫‪ُ ،Meaning‬هيتَدى إليه ع َ‬
‫الـمصطلح َّية)‪.‬‬ ‫وتكون هذه القواعدُ أش َب َه بـ (املعاجم ُ‬ ‫ُ‬ ‫الـمتالزمة ومعانيها؛‬ ‫والرتاكيب ُ‬ ‫َّ‬
‫عجمي‬
‫ّ‬ ‫ُشري إىل معنًى ُم‬
‫فإنا ت ُ‬ ‫فر َدة‪َّ ،‬‬
‫الـم َ‬
‫الوحد ُة الدِّ الل َّية عىل ن ََمط الكلمة ُ‬ ‫أ َّما إذا جا َءت َ‬
‫الـم َ‬
‫عاجلة الدِّ الل َّية‪.‬‬ ‫وه َو ا َّلذي تتعاطى مع ُه اآلل ُة عندَ توجييها إىل ُ‬ ‫‪Lexical Meaning‬؛ ُ‬
‫طحي والعميق عىل النَّحو اآليت‪.‬‬ ‫الس ّ‬ ‫الـمستو َيني‪َّ :‬‬
‫رب ُ‬‫ويتم هذا التَّوجي ُه ع َ‬
‫ُّ‬

‫السطح َّية للوحدات الدِّ الل َّية‪.‬‬ ‫‪ .٥.2.1‬ا ُمل َ‬


‫عالة َّ‬
‫(الـمعجم الوسيط) عن كلمة (البداوة)‪ ،‬فسنجدُ املعنى اآليت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫بحثنا يف‬
‫إذا َ‬
‫ِ‬
‫والرتحال‪.‬‬ ‫(ال َبداوة) احلياة يف البادية؛ و َيغ ُل ُ‬
‫ب عليها التَّن ُّقل ِّ‬
‫الـمعجم ذاتِ ِه عن كلمة (ال َعني)‪ ،‬فسنَجدُ املعاين اآلتية‪:‬‬ ‫وإذا بحثنا يف ُ‬
‫(ال َع ْني) ُع ْضو اإلبصار ْلإلن َْسان َو َغريه من ْ َ‬
‫احل َي َوان‪،‬‬
‫جي ِري‪،‬‬
‫و‪ :‬ينبوع املاء َينْبع من األَ ْرض َو ْ‬
‫و‪ :‬أهل ال َب َلد‪،‬‬
‫و‪ :‬أهل الدَّ ار‪،‬‬
‫و‪ :‬اجلاسوس‪،‬‬
‫جل ْيش‪،‬‬ ‫ِ‬
‫و‪َ :‬رئيس ا َ‬
‫و‪... :‬‬
‫أكثر من‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫فالوحد ُة الدِّ الل َّي ُة َحت ُ‬
‫ُشري إىل َ‬
‫كذلك أن ت َ‬ ‫وحتمل‬ ‫واحد‪،‬‬ ‫ُشري إىل معنًى‬
‫تمل أن ت َ‬ ‫َ‬
‫معنًى‪ .‬ويف احلالة األوىل (عندَ الدِّ اللة عىل معنًى واحد)‪ُ ،‬يمك ُن توجي ُه اآللة إىل هذا املعنى‬
‫الـمعجم َّية؛ مع ُمراعاة َّ‬
‫أن‬ ‫رئيسا للمعاين ُ‬
‫عجم ‪ )Dictionary‬باعتباره مور ًدا ً‬ ‫(الـم َ‬
‫ُ‬ ‫رب‬‫َع َ‬

‫‪-١١8-‬‬
‫عجم‪ .‬أ َّما يف‬ ‫ليست ُمت ََض َّمن ًة َّ‬ ‫ٍ‬
‫الـم َ‬
‫بالرضورة يف ُ‬ ‫ُشري إىل معان جماز َّية َ‬‫بعض الكلامت ت ُ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫ُوج َه اآللة إىل هذه‬‫احلالة األخرى (عندَ الدِّ اللة عىل أكثر من معنى)‪ ،‬فع َلينا حينئذ أن ن ِّ‬
‫ُ‬
‫اإلشكال‬ ‫ُ‬
‫وسيكون‬ ‫ٍ‬
‫بيانات ُمعجم َّية؛‬ ‫عاجلة َسطح َّي ٍة تستندُ إىل قواعد‬
‫رب ُم َ‬
‫املعاين مجي ًعا ع َ‬
‫قرتحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الـم َ َ‬
‫يف هذه احلالة يف توجيه اآللة إىل ترجيح املعنى املقصود من ُمجلة املعاين ُ‬
‫عاجلة الوحدات الدِّ الل َّية؛ إذ‬‫لـم َ‬ ‫الـمعجم َّية ال تكفي وحدَ ها ُ‬ ‫والواقع َّ‬
‫أن املعاين ُ‬ ‫ُ‬
‫بعضا‬
‫بني (اجلدول ‪ً )١٠‬‬ ‫الوحدات الدِّ الل َّية‪ .‬و ُي ِّ ُ‬
‫بني َ‬ ‫َ‬
‫كذلك عىل العالقات القائمة َ‬ ‫ُي َع َّو ُل‬
‫من هذه العالقات‪.‬‬
‫التَّمثيل‬ ‫املفهوم‬ ‫العالقة‬ ‫م‬
‫عرب‬
‫عرب عن (ب)‪ ،‬و (ب) ُي ِّ‬ ‫إذا َ‬
‫كان (أ) ُي ِّ‬
‫اخلَوف = اخلَشية‬ ‫الرتا ُدف‬
‫َّ‬ ‫‪١‬‬
‫َّ‬
‫عن (أ)‪ ،‬فإن (أ) و (ب) ُمرتادفان‪.‬‬
‫كان (أ) ضدّ (ب)‪ ،‬و (ب) ضدّ (أ)‪،‬‬ ‫إذا َ‬
‫األخذ × العطاء‬ ‫التَّضا ّد‬ ‫‪٢‬‬
‫فإن (أ) و (ب) ُمتضا َّدان‪.‬‬‫َّ‬ ‫أ ُفق َّية‬
‫كان (أ) يشتمل عىل (ب) و (ج)‪،‬‬ ‫إذا َ‬
‫الر ُجل ≠ املرأة‬
‫َّ‬
‫فإن (ب) و (ج)‬ ‫وكان (ب) ≠ (ج)‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫التَّنا ُفر‬ ‫‪3‬‬
‫(إنسان)‬ ‫ُمتنافران‪.‬‬
‫بني‬
‫كان (أ) نو ًعا من (ب)‪ ،‬فالعالقة َ‬ ‫إذا َ‬
‫التِّني – الفاكهة‬ ‫النَّوع َّية‬ ‫‪٤‬‬
‫(أ) و (ب) نوع َّية‪.‬‬
‫بني‬
‫كان (أ) ُجز ًءا من (ب)‪ ،‬فالعالقة َ‬ ‫إذا َ‬
‫جل َسد‬
‫الرأس – ا َ‬ ‫َّ‬ ‫جلزئ َّية‬
‫ا ُ‬ ‫‪٥‬‬
‫(أ) و (ب) ُجزئ َّية‪.‬‬ ‫رأس َّية‬
‫إذا َ‬
‫كان (أ) ُيؤ ِّدي إىل (ب)‪ ،‬وكان (ب)‬
‫يتم َّإال عن طريق (أ)‪َّ ،‬‬
‫فإن (أ) و (ب) ال ُّلثغة ‪ /‬الكالم‬ ‫ال ُّ‬ ‫َّالزم َّية‬
‫الت ُ‬ ‫‪6‬‬
‫ُمتالزمان‪.‬‬
‫الدول ‪ :10‬من العالقات الدِّ الل َّية يف ال ُّلغة العرب َّية‬

‫السطح َّية للوحدات الدِّ الل َّية عىل توظيف موار َد ُلغو َّية يف توجيه‬ ‫الـم َ‬
‫عاجل ُة َّ‬ ‫تقو ُم ُ‬
‫فثم َة موار ُد‬
‫(الـمعجم)‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫الوحدات والعالقات بينها‪ .‬وباإلضافة إىل‬ ‫اآللة إىل معاين هذه َ‬
‫أخرى‪ ،‬منها عىل سبيل املثال‪:‬‬
‫بني الوحدات‬ ‫يربط َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫هيكال معرف ًّيا‬ ‫‪َّ -‬‬
‫الشبكة الدِّ الل َّية ‪ :Semantic Net‬و ُت َعدُّ‬
‫ستويات أفق َّي ٍة ورأس َّية ُمتعدِّ دة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫[الكلامت] باستخدام العالقات الدِّ الل َّية يف ُم‬

‫‪-١١٩-‬‬
‫ُ‬
‫تربط‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫ٍ‬
‫بيانات ُمعجم َّية دالل َّية؛‬ ‫‪ -‬شبكة الكلامت ‪ :WordNet‬و ُت َعدُّ قاعد َة‬
‫وبني الوحدات والعالقات الدِّ الل َّية من‬ ‫بني الوحدات واملفاهيم من ناحية‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫كيانا‬ ‫جتمع يف‬ ‫‪ -‬األنطولوجيا ‪ :Ontology‬وهي شبك ٌة معرف َّي ٌة َضخمة‪،‬‬
‫ُ‬
‫وتتجاوز األنطولوجيا املعاين‬ ‫ُ‬ ‫الشبكات الدِّ الل َّية وشبكات الكلامت؛‬ ‫بني َّ‬ ‫َ‬
‫الـمبارشة‬
‫تتجاوز العالقات الدِّ الل َّية ُ‬‫ُ‬ ‫الـمعجم َّية إىل ُخم َت َلف أشكال املعرفة؛ كام‬
‫ُ‬
‫بني الوحدات‪.‬‬ ‫إىل العالقات َغري ُ‬
‫الـمبارشة َ‬

‫‪ .٥.2.2‬ا ُمل َ‬
‫عالة العميــــقـــة للوحدات الدِّ الل َّية‪.‬‬
‫السطح َّي ُة للوحدات الدِّ الل َّية تُعنى بتوجيه اآللة إىل املعنى‬ ‫الـم َ‬
‫عاجل ُة َّ‬ ‫إذا كانَت ُ‬
‫عاجلة العميق ُة تُعنى بالبحث يف احتاملية وجود معانٍ‬ ‫فالـم َ‬ ‫الـمتعدِّ دة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الواحد أو املعاين ُ‬
‫بني احتامالت املعاين‬ ‫بالرتجيح َ‬ ‫كذلك َّ‬ ‫َ‬ ‫أخرى للوحدات ذات املعنى الواحد‪ ،‬وتُعنى‬
‫ٍ‬
‫ف بـ‬ ‫عر ُ‬ ‫رب ما ُي َ‬ ‫عاجل ُة العميق ُة ع َ‬ ‫الــم َ‬‫ُ‬ ‫يف الوحدات ا َّلتي تُشريث إىل معان ُمتعدِّ دة‪ُّ .‬‬
‫وتتم‬
‫هيدف‬‫ُ‬ ‫«فك االلتباس الدِّ ال ّيل ‪»Word Sense Disambiguation‬؛ وهو إجرا ٌء ُم ِّ‬
‫تطو ٌر‬ ‫ّ‬
‫السياق ا َّلذي تر ُد‬ ‫ص من ِّ‬ ‫إىل تعيني املعنى املقصود‪ ،‬اعتام ًدا عىل قرائ َن ُلغو َّية تُستَخ َل ُ‬
‫حدات الدِّ الل َّية‪ .‬وتقو ُم فكر ُة هذا اإلجراء عىل البحث عن املعنى املقصود يف‬ ‫ُ‬ ‫الو‬
‫فيه َ‬
‫الوحدة الدِّ الل َّية الدَّ ا َّلة عىل معنًى‬ ‫تتجاور َ‬ ‫َ‬ ‫ب أن‬ ‫حيث يغ ُل ُ‬
‫الـم َع َّينة؛ ُ‬ ‫الوحدة ُ‬ ‫ُمتجاورات َ‬
‫الوحدة‬ ‫بارشا َ‬ ‫أنامط ُم َع َّينة من ُمفردات ال ُّلغة؛ سوا ٌء َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُم َع َّ ٍ‬
‫(قبل َ‬ ‫َّجاور ُم ً‬
‫أكان هذا الت ُ‬ ‫ني مع‬
‫أو بعدَ ها) أم َغ َري ُمبارش‪.‬‬
‫حني تأيت ُجماور ًة‬ ‫بارش بكلمة (ابن) َ‬ ‫َّمثيل عىل التَّجاور الـم ِ‬ ‫يف ال ُّلغة العرب َّية‪ُ ،‬يمك ُن الت ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بالرمز (‪)S‬‬ ‫حدة دالل َّية ُم َع َّينة‪ .‬فإذا َر َمزنا ً‬ ‫[سابقة] لو ٍ‬
‫وللوحدة‬ ‫َ‬ ‫مثال للكلمة (ابن) َّ‬ ‫َ‬
‫ترجيح احتامل َّية‬ ‫َ‬ ‫تجاورت َْني يعني‬
‫َ‬ ‫فإن ُو ُرو َدمها ُم‬ ‫بالرمز (‪َّ ،)N‬‬ ‫الـمعن َّية [التَّالية] َّ‬‫الـمعجم َّية َ‬ ‫ُ‬
‫َّجاور َغري‬ ‫ٍ‬
‫الوحدة (‪ )N‬إىل الع َلم َّية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ُ ،‬يمك ُن الت ُ‬
‫َّمثيل عىل الت ُ‬ ‫ُشري َ‬
‫أن ت َ‬
‫(حني‬ ‫جلملة‬ ‫بارش بكلمة (ي ِ‬ ‫الـم ِ‬
‫َ‬ ‫الوحدة الدِّ الل َّية ( َعني) يف ا ُ‬ ‫حني تأيت يف سياق َ‬ ‫غمض) َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫حيث أفا َدت الكلمة ( ُيغمض) ا َّلتي‬ ‫ُ‬ ‫السكينة)؛‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ي ِ‬
‫يشعر بيشء من َّ‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان َعينَ ُه‬ ‫غم ُض‬ ‫ُ‬
‫الوحدة ( َعني) عىل ( ُعضو اإلبصار)؛ وهكذا‪.‬‬ ‫الـمضارع دالل َة َ‬ ‫جا َءت يف ُصورة الفعل ُ‬

‫‪-١٢٠-‬‬
‫فك االلتباس الدِّ اليل َلو ِ‬
‫حداهتا‬ ‫ّ‬ ‫ونظرا لطبيعة ال ُّلغة العرب َّية يف أبنيتِها وتراكيبها‪َّ ،‬‬
‫فإن َّ‬ ‫ً‬
‫كيبي‪ ،‬والدِّ ال ّيل) ‪ -‬إىل حدٍّ كبري؛‬ ‫والرت ّ‬
‫(البنوي‪َّ ،‬‬‫ّ‬ ‫بني األنظمة ال َّثالثة‬ ‫تداخ ًال َ‬
‫يستدعي ُ‬
‫ذاهتا‪ ،‬وجتريدها من زوائدها‬ ‫الوحدة الدِّ الل َّية ِ‬ ‫البنوي يف تعيني َ‬ ‫ّ‬ ‫حيث ُي َع َّو ُل عىل النِّظام‬‫ُ‬
‫كيبي يف تعيني قسم الكالم ا َّلذي تنتمي‬ ‫ِ‬ ‫(السوابق وال َّلواحق)‪ ،‬و ُي َع َّو ُل عىل النِّظام َّ‬
‫الرت ّ‬ ‫َّ‬
‫وي؛ و ُي َع َّو ُل عىل‬ ‫السياق ال ُّل َغ ّ‬
‫الوحدة‪ ،‬واستكشاف ُمتجاوراهتا‪ ،‬وتعيني ُحدُ ود ِّ‬ ‫إليه َ‬
‫الوحدة‪ُ ،‬ث َّم ترجيح املعنى األقرب إليها‪.‬‬ ‫النِّظام الدِّ ال ّيل يف تعيني معاين َ‬
‫يل ‪WSD‬‬ ‫ُشري إىل وجود العديد من خوارزمات ّ‬ ‫ِ‬
‫فك االلتباس الدِّ ال ّ‬ ‫َبق َي أن ن َ‬
‫مثال‪( :‬خوارزك ‪ ،Lesk‬خوارزم بايز ‪ ،Naïve Bayesian‬خوارزم‬ ‫‪ .Algorithms‬ومنها ً‬
‫طرائق تطبيق هذه اخلوارزمات ُمتباينة إىل حدٍّ ما‪ ،‬وإن كانت‬ ‫َ‬ ‫والواقع َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫‪.)Yarowsky‬‬
‫فك االلتباس الدِّ ال ّيل يف‬ ‫غوي‪ .‬ويف ال ُعموم‪ ،‬يستدعي ُّ‬ ‫السياق ال ُّل ّ‬ ‫تنطلق من قرينة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫مجي ًعا‬
‫تشمل‪( :‬املعاجم واملوسوعات‪ ،‬وشبكات‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫جمموعة من املوارد ا َّلتي‬ ‫بني‬
‫تالمحا َ‬
‫العرب َّية ُ ً‬
‫والـمح ِّلالت َّ‬
‫الرتكيب َّية)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫دونات ال ُّل َغو َّية‪،‬‬ ‫والـم َّ‬
‫ُ‬ ‫الكلامت‪ ،‬واألنطولوجيات‪،‬‬

‫عالة ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة يف ا ُملستوى الدِّ ّ‬


‫اليل‪.‬‬ ‫‪ .٥.3‬من تطبيقات ُم َ‬
‫عاجلة ال ُّلغة العرب َّية املكتوبة يف العديد من التَّطبيقات‬
‫ُي َع َّو ُل عىل التَّحليل الدِّ ال ّيل يف ُم َ‬
‫بني ُمستوى التَّحليل الدِّ ال ّيل‬
‫احلتمي َ‬
‫ّ‬ ‫َّامزج‬
‫َّصل باملعنى؛ مع التَّأكيد عىل الت ُ‬ ‫ا َّلتي تت ُ‬
‫َّمثيل عىل‬‫عاجلة‪ .‬و ُيمك ُن الت ُ‬
‫الـم َ‬
‫غوي األخرى‪ ،‬وف ًقا للغاية من ُ‬ ‫و ُمستويات التَّحليل ال ُّل ّ‬
‫هذه التَّطبيقات بام يأيت‪:‬‬

‫َّص َّية ‪:Text Information Retrieval‬‬


‫‪ .٥.3.1‬اسرتجاع املعلومات الن ِّ‬
‫معلومات ُم َع َّي ٍنة يف ُحم ًتوى ٍ‬
‫كبري‬ ‫ٍ‬ ‫هيدف هذا التَّطبيق إىل البحث أو االستدالل عن‬ ‫ُ‬
‫الـمنتظمة‪ .‬و ُيستفا ُد من ُه يف بناء ُحم ِّركات البحث ‪Search‬‬ ‫نسب ًّيا من الن ُُّصوص َغري ُ‬
‫الـم َ‬
‫عاجلة‬ ‫مه َّي ُة ُ‬ ‫‪ Engines‬وهيكلة ُمستودعات البيانات ‪ .Data-Warehouses‬وت ُ‬
‫رب ُز أ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫الدِّ الل َّية يف هذا التَّطبيق عندَ ما ُ‬
‫دالالت ُمتعدِّ دة‪ ،‬و ُيرا ُد‬ ‫الـمستهدَ فة‬‫حتمل كلم ُة البحث ُ‬
‫مثال عندَ البحث‬ ‫كيز عىل نتائج البحث عن إحدى هذه الدِّ الالت‪ ،‬عىل نحو ما نجدُ ً‬ ‫الرت ُ‬ ‫َّ‬
‫حال َق ْصد توجيه البحث إىل ال َع َلم َّية‪.‬‬
‫عن كلمة (األسد) َ‬

‫‪-١٢١-‬‬
‫َّعرف عىل اآلراء) ‪:Opinion Mining‬‬
‫‪ .٥.3.2‬حتليل املشاعر (الت ُّ‬
‫وهيدف إىل الكشف عن‬ ‫ُ‬ ‫من تطبيقات التَّنقيب يف الن ُُّصوص ‪Text Mining‬؛‬
‫حيا]‬ ‫[تلميحا أو تص ً‬
‫ً‬ ‫ُعرب عن ُوجهات نظر األفراد واجلامعات‬ ‫املشاعر أو اآلراء ا َّلتي ت ِّ ُ‬
‫جماالت عديدة‪ ،‬مثل‪ :‬البحث‬ ‫ٍ‬ ‫جمموعة من الن ُُّصوص‪ .‬و ُيستفا ُد من هذا التَّطبيق يف‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫الـمخا َبرايت‪ ،‬والتَّسويق‪ ،‬باإلضافة إىل الدِّ راسات املسح َّية‬ ‫اجلنائي‪ ،‬واالستكشاف ُ‬ ‫ّ‬
‫مه َّي ٌة كبري ٌة يف حتليل البيانات الن َِّّص َّية يف وسائل‬
‫املعن َّية بتحليل اآلراء‪ .‬وهلذا التَّطبيق أ ِّ‬
‫نظرا لثراء ما َّدة هذه الوسائل بالن ُُّصوص املكتوبة‬ ‫االجتامعي ‪Social Media‬؛ ً‬ ‫ّ‬ ‫َّواصل‬
‫الت ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫توجهات ُمستخدميها وآرائهم من ناحية أخرى‪.‬‬ ‫من ناحية‪ ،‬وتعدُّ د ُّ‬

‫َّعرف عىل أسامء الكائنات ‪:Named-entity Recognition‬‬


‫‪ .٥.3.3‬الت ُّ‬
‫َّطبيق إىل متييز األسامء‬
‫وهيدف هذا الت ُ‬
‫ُ‬ ‫كذلك أحدَ تطبيقات التَّنقيب يف الن ُُّصوص؛‬ ‫َ‬ ‫ُي َعدُّ‬
‫ؤسسات‬ ‫والـم َّ‬
‫ُ‬ ‫الدَّ ا َّلة عىل الع َلم َّية [الكائنات أو الكيانات]‪ ،‬كأسامء األعالم واملعامل‬
‫الـمنتظمة]‪،‬‬
‫الـمنتظمة [أو شبه ُ‬ ‫يكثر ُو ُجو ُدها يف البيانات الن َِّّص َّية ُ‬
‫ونحوها؛ وهي أسام ٌء ُ‬
‫ِ‬
‫ونحوها‪ .‬ويف ال ُّلغة العرب َّية ُيستفا ُد من‬ ‫دونات ال ُّلغو َّية واملعاجم واملوسوعات‬ ‫كالـم َّ‬
‫ُ‬
‫كيبي‪ ،‬وحتليل اخلطاب‪ ،‬وبناء قواعد‬ ‫ٍ‬
‫الرت ّ‬ ‫جوانب عديدة‪ ،‬مثل‪ :‬التَّحليل َّ‬‫َ‬ ‫هذا التَّطبيق يف‬
‫يدان التَّنقيب يف الن ُُّصوص‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫تتبع َم َ‬
‫جوانب أخرى ُ‬ ‫َ‬ ‫بيانات األعالم‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫التَّلخيص اآل ّيل للن ُُّصوص ‪ Automatic Text Summarization‬ا َّلذي ُيعنى بإعادة بناء‬
‫ورة ُخمت ََصة‪ ،‬والتَّقييم اآل ّيل ‪ Automatic Text Scoring‬ا َّلذي ُيعنى بقياس‬ ‫النَّص يف ص ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫َّص‪.‬‬ ‫صحة الن ّ‬ ‫َّ‬

‫‪-١٢٢-‬‬
.‫ببليوجرافيا مرجع َّية‬
1. Abdel-Fattah, Y. (2018). Arabic Corpus Linguistic. Edinburgh
University Press.
2. Arulmozi, S.; Dash, N. (2018). History, Features, and Typology of
Language Corpora. Springer.
3. Blokdyk, G. (2018). Text Mining Complete Self-Assessment Guide.
Emereo Pty Limited.
4. Brezina, V. (2018). Statistics in Corpus Linguistics: A Practical
Guide. Cambridge University Press.
5. Collins, L. (2019). Corpus Linguistics for Online Communication:
A Guide for Research. Routledge.
6. Dash, N. S., Ramamoorthy, L. (2018). Utility and Application of
Language Corpora. Springer.
7. Deng, L.; Liu, Y. (2018). Deep Learning in Natural Language
Processing. Springer.
8. Ertel, W. (2018). Introduction to Artificial Intelligence. Springer.
9. Farr, F.; Murray, L. (2016): The Routledge Handbook of Language
Learning and Technology. Routledge.
10. Feldman, R.; Sanger, J. (2006): The Text Mining Handbook:
Advanced Approaches in Analyzing Unstructured Data. CUP.
11. Gomez, P. C. (2013): Statistical Methods in Language and Linguistic
Research. Isd.
12. Handford, M. (2018). Corpus Linguistics for Discourse Analysis: A
Guide for Research. Routledge.
13. Haynes, D. (2018). Metadata for Information Management and
Retrieval: Understanding metadata and its use. Facet Publishing.
14. Jo, T. (2018). Text Mining: Concepts, Implementation, and Big Data
Challenge. Springer.

-١٢3-
15. Karwowski, W. (2019). Intelligent Human Systems Integration
2019. Springer.
16. Kulkarni, A.; Shivananda, A. (2019). Natural Language Processing
Recipes: Unlocking Text Data with Machine Learning and Deep
Learning using Python. Apress.
17. MacIntyre, J.; Maglogiannis, I.; Iliadis, L.; Pimenidis, E. (2019).
Artificial Intelligence Applications and Innovations: AIAI 2019
IFIP WG 12.5 International Workshops: MHDW and 5G-PINE
2019, Hersonissos, Crete, Greece, May 24–26, 2019, Proceedings.
Springer.
18. Marr, B. (2019). Artificial Intelligence in Practice: How 50
Successful Companies Used AI and Machine Learning to Solve
Problems. John Wiley & Sons.
19. McEnery, T. (2014). Arabic Corpus Linguistics. Edinburgh
University Press.
20. McEnery, T.; Meurers, D.; Rebuschat, P. (2017). Experimental,
Corpus-based and Computational Approaches to Language
Learning: Evidence and Interpretation. Wiley.
21. Mel’čuk, I. (2015). Semantics: From meaning to text. John
Benjamins Publishing Company.
22. Neamat El, G.; Yee, S. (2018). Computational Linguistics, Speech
and Image Processing for Arabic Language. World Scientific.
23. Shaalan, k.; Hassanien, A.; Tolba, F. (2017). Intelligent Natural
Language Processing: Trends and Applications. Springer.
24. Sharp, B.; Sedes, F.; Lubaszewski, W. (2017). Cognitive Approach
to Natural Language Processing. Elsevier.
25. Sidorov, G. (2019). Syntactic N-grams in Computational Linguistics.
Springer.

-١٢٤-
26. Soudi, A.; Bosch, A.; Neumann, G. (2007). Arabic Computational
Morphology: Knowledge-based and Empirical Methods. Springer
Science & Business Media.
27. Srinivasa-Desikan, V. (2018). Natural Language Processing and
Computational Linguistics: A practical guide to text analysis with
Python, Gensim, spaCy, and Keras. Packt Publishing.
28. Tran, T. X. (2019). Artificial Intelligence: Learning Artificial
Intelligence. Thanh Tran.
29. Walker, B.; Mcintyre, D. (2019). Corpus Stylistics: Theory and
Practice. Edinburgh University Press.
30. Zizka, J.; Darena, F.; Svoboda, A. (2019). Text Mining with Machine
Learning. Taylor & Francis Group.

-١٢٥-
-١٢6-
‫الفصل ال َّثالث‬
‫ال ُـم َ‬
‫عالة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية املنطوقة‬

‫د‪ .‬أمحد راغب أمحد‬

‫‪-١٢7-‬‬
-١٢8-
‫ملخص‬
‫مع الطفرة التي أحدثتها التقنية يف عاملنا املعاص‪ ،‬وتزامنًا مع الثورة اإللكرتونية‬
‫مهام‪،‬‬
‫التي صبغت كل جماالت احلياة‪ ،‬أصبحت تقنيات معاجلة الصوت البرشي مطل ًبا ًّ‬
‫ليس فقط لتسهيل عمليات التواصل بني املتحدثني‪ ،‬وإنام ألغراض اقتصادية وجتارية‬
‫وسياسية ال حص هلا‪ ،‬باإلضافة إىل األبعاد األكاديمية واالجتامعية التي تتمثل يف‬
‫مساعدة ذوي االحتياجات اخلاصة عن طريق حتويل الزخم العلمي والثقايف املكتوب‬
‫إىل مادة مسموعة يفيد منها ذوو االحتياجات اخلاصة واألسوياء عىل حد سواء‪.‬‬
‫وقد حاول هذا الفصل التعرض للمبادئ التطبيقية التي يتبعها املختصون يف جمال‬
‫حتليل الصوت اللغوي وتوليده‪ ،‬وذلك من خالل إلقاء الضوء عىل خصائص مكونات‬
‫الصوت اللغوي التي ُقمت بتقسيمها إىل جمموعتني‪ ،‬تتناول املجموعة األوىل منها‬
‫الصفات األكوستية التي ترسم مالمح هذا الصوت بغض النظر عن قائله‪ ،‬يف حني‬
‫بمنْتِ ِج‬
‫تتناول املجموعة األخرى الصفات الذاتية الشخصية التي ترتبط ارتبا ًطا وثي ًقا ُ‬
‫ً‬
‫أطفاال أو‬ ‫ذكورا وإنا ًثا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الص ْوت‪ ،‬والتي تتفاوت خصائصها حسب الفئات الناطقة‬ ‫َّ‬
‫إن هذه االختالفات تلقي بضوئها عىل خصائص الصوت حسب‬ ‫شيوخا‪ ،‬بل َّ‬
‫ً‬ ‫شبا ًبا أو‬
‫اختالف األفراد يف الفئة الواحدة‪ ،‬وهو ما يرتتب عليه وجود صفات أو خصائص‬
‫صوتية لكل فرد متيزه‪.‬‬
‫وقد اختتمت الفصل برشح تطبيقي لعملية إنتاج الصوت العريب حاسوب ًّيا‬
‫من خالل عرض لتقنية حتويل النص العريب املكتوب إىل صوت منطوق (‪Text To‬‬
‫آخر لتقنية التعرف عىل الكالم املنطوق (‪Automatic Speech‬‬ ‫ٍ‬
‫وعرض َ‬ ‫‪،)Speech‬‬
‫‪.)Recognition‬‬

‫الكلامت املفتاحية‪:‬‬
‫التحليل الصويت احلاسويب‪ ،‬مكونات الصوت اللغوي‪ ،‬الناطق اآليل‪ ،‬التامثل‬
‫األدائي‪ ،‬التباين األدائي‪.‬‬

‫‪-١٢٩-‬‬
‫الصوت ال ُّل ّ‬
‫غوي وعلم األصوات‪.‬‬ ‫‪َّ .1‬‬
‫ً‬
‫تفضيال لدى البرش‪،‬‬ ‫الكالم هو أكثر وسائل التواصل الطبيعية والبدهيية وأكثرها‬
‫أن حدَّ اللغة أصوت يعرب هبا كل قوم عن أغراضهم (ابن جني‪،‬‬ ‫وقد أورد ابن جني َّ‬
‫‪ ،)33 :١٩١3‬وعليه فإن الكالم املنطوق ما هو إال تعبري عن األفكار واملشاعر من‬
‫خالل إصدار ذبذبات مسموعة تنتقل عرب اجلهاز الصويت لدى اإلنسان‪ ،‬ليتم استقباهلا‬
‫بواسطة اجلهاز السمعي ومن ثم تتم معاجلتها دالل ًّيا وفق العرف اللغوي الكامن يف‬
‫أذهان الناطقني باللغة‪.‬‬
‫عرف «روبـن» الصوت بأنـه اضـطراب مـادي فـي اهلـواء يتمثـل فـي قـوة أو‬
‫وقد َّ‬
‫ضـعف ثـم فـي ضـعف تدرجيي ينتهي إىل نقطة الزوال النهائي (العطية‪.)6 :١٩83 ،‬‬
‫وينشأ الصوت البرشي كام ذهب إبراهيم أنيس من ذبذبات مصدرها عند اإلنسان‬
‫احلنجرة‪ ،‬فعند اندفاع النَّ َفس من الرئتني يمر باحلنجرة فتحدث تلك االهتزازات التي‬
‫بعد صـدورها مـن األنـف أو الفـم تنتقل خالل اهلواء اخلارجي عىل شكل موجات‬
‫حتى تصل إىل األذن (أنيس‪.)7 :١٩6١ ،‬‬
‫وبوجه عام فإن الصوت هو األثر السمعي الـذي بـه ذبذبـة مسـتمرة مطـردة حتـى‬
‫(حسان‪.)٥٩ :١٩٩٠ ،‬‬ ‫ولـو لـم يكـن مصـدره اجلهـاز الصوتی َّ‬
‫فالصوت إذن عبارة عن ذبذبات ناجتة عن قوة تنتقل عرب اهلواء‪ ،‬وهـو كـذلك‬
‫عـرض خيـرج مـن الـنفس مسـتطيال متصـال حتـى يعـرض لـه فـي احللـق والفـم‬
‫والشفتني مقاطع تثنيه عن امتداد واستطالة فيسمى املقطع أينام عرض له حرف (ابن‬
‫جني‪.)١86 :١٩٥٤ ،‬‬
‫أن الصوت ظاهرة طبيعية وشكل من أشكال الطاقة‪ ،‬وهو يستلزم‬ ‫ويري غساين َّ‬
‫وجود جسم يف حالة اهتزاز أو تذبذب‪ ،‬وهذه االهتزازات أو الذبذبات تنتقل عرب‬
‫وسط معني حتى تصل إىل أذن اإلنسان (محيداين‪.)١٤ :٢٠١٠ ،‬‬
‫أما إذا انتقلنا إىل علم األصوات فيمكن تعريفه بأنه علم لغوي يف املقام األول ُي ْعنَى‬
‫يدراسة أصوات اللغة حيث ينظر هـذا العلـم فـي األصوات يف حد ذاهتا من حيث‬
‫إخراجها‪ ،‬بل وحتى من حيث سامعها‪ ،‬لكـن بعـض اللغـويني يطلقونـــه ويريـــدون‬

‫‪-١3٠-‬‬
‫بـــه دراســـة التغييـــرات والتحـــوالت التـــي حتـــدث فـــي أصـــوات‬
‫اللغـــة نتيجـــة تطورها (البهنساوي‪.)١١ :٢٠٠٤ ،‬‬

‫‪ .2‬مصطلحات أساسية‪.‬‬
‫قبل الولوج إىل مسائل حتليل الصوت اللغوي حاسوب ًّيا ينبغي أن تتم اإلشارة إىل‬
‫أهم املصطلحات التي تؤ ّطر هلذا النوع من الدراسات‪ ،‬وأول هذه املصطلحات وأكثرها‬
‫ذيو ًعا مصطلح تقنيات اللغات البرشية (‪ ،)Human language Technology‬وهو‬
‫جمال علمي وتطبيقي حديث جيمع بني دراسة اللغة من ناحية وتطبيقات التحليل‬
‫احلاسويب من ناحية أخرى‪ ،‬وهتدف تقنيات اللغات البرشية التي يتم اإلشارة إليها‬
‫اختصارا بـ (‪ )HLT‬إىل دراسة املناهج التي تتبعها الربامج احلاسوبية واألجهزة‬ ‫ً‬
‫اإللكرتونية لتحليل النصوص اللغوية والكالم البرشي‪ ،‬كام تدرس طريقة إنتاج‬
‫تلك النصوص واألصوات وحتليلها أو تعديلها واالستحابة هلا بطريقة آلية‪،‬‬
‫وتعتمد هذه التقنيات عىل جمالني فرعيني‪ ،‬أوهلام‪ :‬معاجلة اللغات الطبيعية (‪Natural‬‬
‫اختصارا بـ (‪ )NLP‬وهو حقل فرعي لعلوم‬ ‫ً‬ ‫‪ )Language Processing‬أو ما يعرف‬
‫الكمبيوتر وهندسة املعلومات والذكاء االصطناعي املهتم بالتفاعالت بني أجهزة‬
‫الكمبيوتر واللغات البرشية (الطبيعية)‪ ،‬وخاصة كيفية برجمة أجهزة الكمبيوتر ملعاجلة‬
‫وحتليل كميات كبرية من بيانات اللغة الطبيعية‪ .‬وثانيهام جمال ال ُّلغو َّيات احلاسوب َّية‬
‫اختصارا بـ (‪ .)CL‬مع االستفادة من‬ ‫ً‬ ‫(‪ )Computational Linguistics‬ويعرف‬
‫معطيات جماالت مكملة أخرى مثل‪ :‬تقنيات الكالم البرشي (‪)Speech Technology‬‬
‫وعلم اإلحصاء التطبيقي (‪.)٢٠١8 ,Applied Statistics( )Uszkoreit‬‬
‫وإىل جانب ما سبق أضحت حقول رياضية أخرى ‪ -‬وثيقة الصلة هبيكلة اللغة‬
‫حاسوب ًّيا‪ ،‬مثل نظرية املخططات وباألخص علم اإلحصاء (‪ - )Statistics‬حتتل مكانة‬
‫تزداد أمهيتها يوما بعد يوم داخل خريطة اللغويات احلاسوبية ومتثيلها الصوري وطبيعتها‬
‫الديناميكية مما يؤدي إىل فهم آيل أعمق وحتليل أدق للغات الطبيعية (‪.)wataonline.net‬‬

‫وإذا كانت الدراسات اللغوية احلاسوبية العامة قد قطعت شو ًطا ً‬


‫كبريا عىل مستوى‬
‫أيضا قد طرحت عدة حماوالت‬
‫فإن الدراسات اللسانية العربية ً‬‫اإلنجازات والنتائج َّ‬

‫‪-١3١-‬‬
‫هتدف إىل تطويع تقنيات احلاسوب للغة العربية بام يتوافق مع شخصيتها وحمارفها‬
‫ورسومها من جهة‪ ،‬وبام يتواءم مع قواعد اللغة العربية وخصائصها احلاسوبية من جهة‬
‫ومرورا ببناء التقنيات الصوتية اللغوية هلدف‬
‫ً‬ ‫أخرى‪ ،‬بد ًءا بربجمة احلروف والنصوص‪،‬‬
‫حتسني االتصال اآليل بني اإلنسان واحلاسوب (الوعر‪.)٢3 :١٩8٩ ،‬‬

‫‪ .3‬التحليل احلاسويب ملكونات الصوت اللغوي‪.‬‬


‫نجزء هذه‬ ‫حتليال حاسوب ًّيا ملكونات الصوت اللغوي فينبغي أن ِّ‬ ‫ً‬ ‫إذا أردنا أن نقدم‬
‫املكونات إىل جمموعتني‪ ،‬تتناول املجموعة األوىل الصفات الثابتة للصوت املنطوق‪،‬‬
‫وأقصد هبا تلك الصفات األكوستية التي ترسم مالمح هذا الصوت بغض النظر عن‬
‫قائله‪ ،‬وقد اصطلحت عىل تسميتها بالتامثل األدائي‪ ،‬يف حني تتناول املجموعة األخرى‬
‫الصفات الذاتية الشخصية التي ترتبط ارتبا ًطا وثي ًقا ِ‬
‫الص ْوت‪ ،‬وهو هنا املتكلم‪،‬‬ ‫بمنْت ِج َّ‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫وشيوخا‪ ،‬بل‬ ‫ً‬
‫أطفاال وشبا ًبا‬ ‫ذكورا وإنا ًثا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وتتفاوت خصائصها حسب الفئات الناطقة‬
‫إن هذه االختالفات تلقي بضوئها عىل خصائص الصوت حسب اختالف األفراد يف‬ ‫َّ‬
‫الفئة الواحدة‪ ،‬وهو ما يرتتب عليه وجود صفات أو خصائص صوتية لكل فرد متيزه‬
‫عن غريه من الناطقني الذين ينتمون إىل نفس املجموعة الصوتية‪ ،‬وهذا األمر يؤدي‬
‫بدوره إىل وجود بصمة صوتية متيز كل متحدث عن اآلخر‪ ،‬وقد اصطلحت عىل تسمية‬
‫هذه املجموعة بالتباين األدائي‪.‬‬

‫‪ .3.1‬التامثل األدائي‪:‬‬
‫املراد بالتامثل األدائي تلك اخلواص الصوتية األكوستية (‪)Acoustics features‬‬
‫التي تتصف بالثبات وتبني مواصفات الصوت اللغوي بغض النظر عن قائله‪ ،‬وبالتايل‬
‫املصوت باعتبار‬
‫ِّ‬ ‫فال نجد اختال ًفا ملحو ًظا يف هذه املكونات مرتب ًطا بشخصية الناطق أو‬
‫نوعه أو جنسه أو عمره‪ ،‬وعليه فهي أقرب ما تكون إىل اخلواص اإلستاتيكية‪ ،‬حيث إنا‬
‫أكثر عمومية وأقل خصوصية‪ ،‬وتتحدد مالمح هذا التامثل الصويت يف املوجة الصوتية‬
‫(‪ ،)Sound wave‬ورسعة الصوت (‪ ،)Speed of sound‬وشدة الصوت (‪Sound‬‬
‫يب (شكل املوجة)‪ ،‬والصورة الطيفية (‪.)Spectrogram‬‬ ‫والرسم التَّذبذ ُّ‬
‫‪َّ ،)intensity‬‬

‫‪-١3٢-‬‬
‫‪ .3.1.1‬املوجة الصوتية (‪:)Sound wave‬‬

‫املوجة الصوت هي نمط االضطراب الناتج عن حركة الطاقة التي تنتقل عرب وسيط‬
‫(وسط) مادي ‪ -‬مثل اهلواء أو املاء أو أي مادة سائلة أو صلبة أخرى ‪ -‬حيث تنترش‬
‫املصوت أو مصدر إنتاج الصوت‪ ،‬ونعني به يف سياقنا هذا الناطق البرشي‬ ‫ِّ‬ ‫بعيدً ا عن‬
‫اهتزازا ينتقل من املصدر إىل أقىص‬
‫ً‬ ‫الـم َص ِّو ُت طاقة تُس ِّبب‬
‫أو اآليل؛ حيث ُيصدر هذا ُ‬
‫ث هذا االهتزاز زعزعة الستقرار جزيئات هذا‬ ‫ِ‬
‫حيد ُ‬ ‫نقطة سمعية عرب الوسط املادي‪َ ،‬و ُ ْ‬
‫إزعاجا ً‬
‫مماثال للجزيئات التي‬ ‫ث هذه اجلزئيات‬ ‫ِ‬
‫الوسط املحيط بشكل جزئي؛ ثم ُ ْحتد ُ‬
‫ً‬
‫تليها وهلم جرا إىل ناية املدى الصويت‪ .‬ومن ثم تنشأ الدوائر الصوتية التي تشبه ومتاثل‬
‫املوجات الطاق َة‬
‫ُ‬ ‫الدوائر التي حتدث عن إسقاط كتلة مادية يف مباه البحر‪ ،‬وحتمل تلك‬
‫الصوتي َة عرب الوسيط يف كل االجتاهات‪ ،‬وتقل كثافتها كلام بعدت عن مصدرها‪.‬‬
‫وعليه َّ‬
‫فإن اإلشارة إىل املوجة الصوتية تعرب عن إحدى أشكال انتقال الطاقة الصوتية‪،‬‬
‫والتي تنتقل عرب أي وسط مادي يسمح بانتقال الطاقة من املصدر إىل حيز االستقبال‬
‫بدون إزاحة جزيئات هذا الوسط بشكل دائم‪ ،‬بل يقتص االنتقال عىل الشكل اجلزئي‪،‬‬
‫أي أنه ال تنتقل أي كتلة مع انتقال املوجة‪ ،‬ولكن جزيئات الوسط تتحرك بشكل متعامد‬
‫أو مواز الجتاه حركة املوجة حول موقع ثابت‪ .‬وتتصف أي موجة بصفة الدورية‪ ،‬وهو‬
‫ٍ‬
‫لنمط ما من الشدة يف فرتات زمنية متتابعة‪ ،‬ويسمى هذا‬ ‫ما يرتتب عليه أن تكون تكرارا‬
‫التكرار بالرتدد‪ ،‬وهو عبارة عن عدد املوجات املارة يف مقطع ما مقسو ًما عىل وحدة‬
‫الزمن‪ .‬بينام تسمى املسافة األفقية التي تقطعها املوجة الواحدة «طول املوجة»‪ ،‬وهو‬
‫أصغر جزء متكرر مكون للموجات‪ ،‬ويساوي املسافة بني قمتني أو قاعني متتابعني‪ ،‬أو‬
‫هو املسافة املحصورة بني ثالث قيم صفرية متتابعة للموجة‪ ،‬كام يوضحه الشكل التايل‪.‬‬

‫‪-١33-‬‬
‫َّ‬
‫الشكل ‪ :1‬رسم ختطيطي للموجة الصوتية مشتمل عىل طول املوجة وسعتها والقيم الصفرية‪ ،‬موزعة‬
‫عىل حموري الزمن والضغط‬

‫وصفة الدورية للموجة عبارة عن الرتدد أو التواتر‪ ،‬وهو مقدار تكرر املوجة الواحدة‬
‫ذات الطول املوجي املتفق عليه يف كل وحدة زمن‪.‬‬
‫وتكون درجة الصوت أعىل كلام كانت الذبذبات أرسع‪ ،‬وكلام زادت رسعة هذه‬
‫الذبذبات كان الصوت دقي ًقا أو حا ًّدا‪ ،‬ومن ثم فإن الصوت يكون سميكًا إذا قل عدد‬
‫الذبذبات يف الثانية الواحدة‪« .‬فالفرق بني شوكة رنانة ذات درجة صوتية عالية وأخرى‬
‫ذات درجة صوتية منخفضة أن األوىل تعمل عد ًدا أكرب من الذبذبات يف الثانية الواحدة»‬
‫(عمر‪« .)67 :١٩٩7 ،‬ويقاس الرتدد بعدد الذبذبات التي حتدث يف الثانية الواحدة»‬
‫(الغامدي‪.)3١ :٢٠٠٠ ،‬‬
‫وإذا كان تردد الصوت (‪ :)Sound Frequency‬هو عدد الذبذبات أو املوجات‬
‫الكاملة يف الثانية الواحدة (أيوب‪ ،)٥6 :١٩8٤ ،‬فيمكننا رصد هذا الرتدد كام يف‬
‫(الشكل ‪ )٢‬الذي يعرض ملوجة صوتية ذات تردد مرتفع وأخرى ذات تردد منخفض‪.‬‬

‫‪-١3٤-‬‬
‫َّ‬
‫الشكل ‪ :2‬موجة صوتية ذات تردد مرتفع (صوت رفيع) وموجة صوتية ذات تردد متوسط وموجة‬
‫صوتية ذات تردد منخفض (صوت غليظ)‬

‫ونالحظ هنا أن الرتدد يتناسب عكس ًّيا مع طول املوجة‪ ،‬أي كلام زاد الرتدد قص‬
‫طول املوجة‪ ،‬أي‪ :‬الرتدد ‪ ٤٠٠٠‬هرتز له طول موجة أقص من الرتدد ‪ ٥٠٠‬هرتز‪.‬‬
‫ويعترب الرتدد من العناص التي تؤدي إىل إدراك بعض األصوات ومتييزها؛ حيث‬
‫«يؤدي اختالف تردد موجات بعض األصوات اللغوية إىل تغري يف إدراكها‪ ،‬فالصوت‬
‫‪/‬س‪ /‬ذو تردد عال يفوق ‪ ٤٠٠٠‬هرتز‪ ،‬فإذا انخفض تردده ليقرتب من ‪ ٢٥٠٠‬هرتز‬
‫فإن السامع يدركه ‪/‬ش‪( »/‬الغامدي‪.)78 :٢٠٠٠ ،‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :4‬يظهر تردات صوت الشني‬ ‫َّ‬
‫الشكل ‪ :3‬يظهر ترددات صوت السني‬

‫‪-١3٥-‬‬
‫‪ .3.1.2‬رسعة الصوت (‪:)Speed of sound‬‬

‫هي رسعة انتقال الطاقة الصوتية يف الوسط‪ ،‬وهي ثابتة يف الوسط الواحد بغض‬
‫فتتغري طب ًقا لكثافة‬
‫َّ‬ ‫النظر عن نوع الصوت وتردده‪ ،‬ولكنها تتلف من وسط إىل آخر‬
‫الوسط وإعاقته للصوت ودرجة احلرارة‪ .‬وتتمثل خصائص الوسط التي حتدد رسعة‬
‫الصوت يف الكثافة وقابلية االنضغاط‪ .‬وكلام زادت الكثافة وزادت قابلية االنضغاط‪،‬‬
‫قلت رسعة الصوت‪ .‬وتزداد رسعة الصوت يف السوائل عن الغازات ويف األجسام‬
‫الصلبة عن السوائل؛ وذلك لتقارب اجلزيئات هبا‪ ،‬فالسوائل واألجسام الصلبة بصفة‬
‫أيضا أقل من اهلواء بكثري يف قابلية االنضغاط‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫عامة أكثر كثافة من اهلواء‪ ،‬وهي ً‬
‫فإن الصوت ينتقل برسعة أكرب خالل السوائل واألجسام الصلبة‪.‬‬
‫فإن الصوت عبارة عن موجة طولية ينتجها ضغط املادة وتنافرها‪ .‬وعمو ًما‬ ‫وعليه َّ‬
‫أن نضع يف احلسبان عند حساب رسعة الصوت جمموعة من اخلصائص‬ ‫فإنَّه ينبغي َّ‬
‫التي تؤثر عىل تلك الرسعة مثل الضغط والكثافة والكتلة اجلزيئية؛ فكلام َق َّلت كثافة‬
‫الوسيط‪ ،‬زادت رسعة الصوت‪ ،‬وكلام زاد الضغط‪ ،‬كان الصوت أبطأ‪.‬‬
‫رسعة الصوت هي املسافة املقطوعة لكل وحدة زمنية بواسطة موجة صوتية أثناء‬
‫انتشارها عرب وسيط مرن‪ ،‬عند ‪ ٢٠‬درجة مئوية (ما يعادل ‪ 68‬درجة فهرنايت) ‪،‬‬
‫رتا يف الثانية (‪ ١٢3٤.8‬كم ‪ /‬ساعة)‬‫وتبلغ رسعة الصوت يف اهلواء حوايل ‪ 3٤3‬م ً‬
‫ميال يف الساعة‪ .‬وتعتمد رسعة الصوت عىل‬ ‫؛ أو ‪ ١.١٢٥‬قد ًما يف ثانية ؛ أو ‪ً 767‬‬
‫درجة احلرارة‪ ،‬وعىل نسبة تشبع اهلواء بالغازات‪ .‬ويتم حساب رسعة الصوت يف اهلواء‬
‫بواسطة الصيغة اآلتية‪:‬‬
‫رسعة الصوت (م ‪ /‬ث) = ‪ 0.60 + 331.٥‬ت (درجة مئوية)‬
‫وإذا كان الوسيط غري هوائي فإن تلك الرسعة تكون أكثر تباينًا؛ حيث ينتقل الصوت‬
‫بصورة أبطأ يف الغازات؛ وبصورة أرسع يف السوائل ويف املواد الصلبة‪ .‬وعىل سبيل املثال‬
‫رتا يف الثانية فإنا تنضاعف يف السوائل لتصل‬ ‫إدا كانت رسعة الصوت يف اهلواء ‪ 3٤3‬م ً‬
‫رتا يف الثانية عرب الوسط الصلب مثل احلديد‪،‬‬ ‫رتا يف الثانية‪ ،‬وتبلغ ‪ ٥١٢٠‬م ً‬
‫إىل ‪ ١٤8٠‬م ً‬
‫رتا يف الثانية‪ ،‬أي حوايل‬
‫بل وتبلغ يف املواد شديدة الصالبة مثل املاس حوايل ‪ ١٢٠٠٠‬م ً‬
‫‪ 3٥‬ضع ًفا من رسعته يف اهلواء (‪.)Bannon ،٢٠١٥‬‬

‫‪-١36-‬‬
‫َّ‬
‫الشكل ‪ :٥‬رسعة الصوت‪ ،‬املصدر (‪.(www.grc.nasa.gov‬‬

‫‪ .3.1.3‬شدة الصوت (‪:)Sound intensity‬‬

‫ف مستوى شدة الصوت والذي يشار إليه باملصطلح (‪ )Sound intensity‬أو‬ ‫ُي َع َّر ُ‬
‫(‪ )Acoustic intensity‬بأنه القدرة أو الطاقة‪ ،‬التي حتملها املوجات الصوتية لكل‬
‫وحدة مساحية يف اجتاه عمودي لتلك الوحدة‪ ،‬والسياق املعتاد لقياس شدة الصوت‬
‫هو اهلواء‪ .‬ويتم قياس شدة الصوت بوحدة الواط لكل مرت مربع أو لكل سنتيمرت مربع‬
‫(واط‪ /‬م ‪ ٢‬أو واط ‪ /‬سم ‪ ،)٢‬وغال ًبا يتم قياس شدة الصوت وف ًقا ملعيار كثافة السمع‬
‫القياس الذي يشار إليه بالديسيبل (‪ )decibel‬الذي تعرب عنه هذه املعادلة‪:‬‬

‫والديسيبل هو وحدة شدة الصوت‪ ،‬وهو وحدة ليس هلا متييز؛ ألنا نسبة بني كميتني‬
‫من الطاقة‪ ،‬وهو األساس لقياس كل األصوات يف الطبيعة مثل الكالم‪ ،‬والضوضاء‪،‬‬
‫«مقياسا عمل ًّيا لقوة الصوت وضغطه‪،‬‬
‫ً‬ ‫وأصوات احليوانات وغريها‪ ،‬ويمثل الديسبل‬

‫‪-١37-‬‬
‫والديسيبل ‪ ١٠/١‬بيل‪ ،‬والبيل هو ضغط أضعف صوت تدركه األذن اإلنسانية»‬
‫(أيوب‪.)١١6 :١٩8٤ ،‬‬
‫ثم فإن مصطلح شدة الصوت (‪ )Sound intensity‬ال يرادف مصطلح ضغط‬ ‫ومن َّ‬
‫الصوت (‪ ،)Sound Pressure‬وإن كان هناك ترابط بينهام مرجعه أن الصوت املسموع‬
‫أن إحدى الطرق املتبعة يف تقدير شدة الصوت‬ ‫يتكون من موجات ضغط‪ ،‬ومعلوم َّ‬
‫هي حتديد مقدار تباين الضغط الصويت مقارنة بالضغط اجلوي‪ .‬ويعترب الداين هو‬
‫وحدة قياس الضغط‪ .‬ومقداره ‪ ١٠٠٠/١‬من اجلرام‪« ،‬وضغطة موجة ما هو عبارة عن‬
‫عدد الداينات التي تضغط عىل مساحة سنتيمرت مربع واحد (أيوب‪.)١١7 :١٩8٤ ،‬‬
‫ويوضح الشكل اآليت شدة الصوت‪.‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :6‬منظور توضيح لشدة األصوات املكونة لكمة (صوت) بنطق املؤلف‬

‫َّذبذيب (شكل املوجة) (‪:)Waveform‬‬


‫ُّ‬ ‫الرسم الت‬
‫‪َّ .3.1.4‬‬
‫رسي َع ْ ِ‬
‫ني‬ ‫ف َ ِ‬ ‫«اض ِّطراب مادي يف اهلواء يتَم َّث ُل ِيف ُقو ٍة َأو َضع ٍ‬
‫َّ ْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫الصوت عبارة عن‪َ ْ :‬‬
‫الز َوالِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫املصدَ ِر يف اجتاه اخلارج‪ ،‬ثم يف َض ْعف تَدْ ِر ِ‬
‫جي ٍّي ِإىل ُن ْق َطة َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫للض ْغط املت ََح ِّرك م َن ْ‬
‫فإن التوصيف‬ ‫الن َِّه ِائ ّي»‪( .‬املوسوي‪ )٩8 :١٩٩8 ،‬و (هالل‪ .)١٢٤ :١٩88 ،‬وعليه َّ‬
‫الضغط يف الوسط بني املرسل‬ ‫الفيزيائي للصوت يتمثل يف كونه سلسلة لتغيريات ّ‬
‫واملستقبل‪ .‬فعندما يبدأ املرسل عملية إصدار الصوت عن طريق إنتاج جمموعة‬
‫من الذبذبات التي تضغط عىل الكتلة اهلوائية يف شكل موجات متالحقة تصطدم‬
‫مثال ‪ -‬وهنا حتدث عملية تلخل مصاحبة هلذا الضغط‪،‬‬ ‫بالـم ْس َت ْقبِل ‪ -‬ميكرفون أو أذن ً‬
‫ُ‬

‫‪-١38-‬‬
‫يب‪ ،‬الذي‬
‫الرسم التّذبذ ّ‬
‫وأكثر األمور شيو ًعا لتمثيل معامل الصوت احلسية ورصدها هو ّ‬
‫الزمن وتتم قراءته من اليسار‬
‫يطلق عليه الشكل املوجي‪ .‬ويمثل املحور األفقي فيه حمور ّ‬
‫إىل اليمني بينام يمثل املنحنى الرأس قوة هذا الصوت يف حلظة معينة‪ ،‬يف الوقت الذي‬
‫تظهر فيه عدد الرتددات الذبذبية للحظة الواحدة عىل هيئة تتابع وتالحق هذه اخلطوط‬
‫الرأسية هلذا املنحنى‪.‬‬
‫ويمكن اإلشارة إىل الشكل املوجي (‪ )Waveform‬عىل أنه مقابل منظور للصوت‬
‫املنطوق‪ ،‬وعليه فإنَّه ‪ -‬أي الشكل املوجي ‪ -‬أقرب ما يكون إىل رسم بياين ملحور اجلهد‬
‫أن الصوت ينشأ عن أشكال موجية‬ ‫موز ًعا عىل حمور الزمن‪ .‬وقد سبقت اإلشارة إىل َّ‬
‫فإن األدوات اإللكرتونية واحلاسوبية يمكنها رسم هذه‬ ‫تتعاقب بصورة دورية‪ .‬وبالتايل َّ‬
‫األشكال املوجية الدورية وعرضها عىل هيئة رسم بياين‪ ،‬يظهرها عىل شكل أنواع من‬
‫اخلطوط املتعرجة‪ .‬وتتم قراءة هذا الشكل املوجي من اليسار إىل اليمني عرب حمور الزمن‬
‫الرأس ‪ -‬من أعىل إىل أسفل ‪ -‬إشارات‬ ‫ُّ‬ ‫املحور‬
‫ُ‬ ‫األفقي‪ ،‬يف الوقت الذي يعرض فيه‬
‫السعة الصوتية أو ما يمكن تسميته باجلهد النسبي (‪.)Relative Voltage‬‬
‫فعندما ننطق أية كلمة (دفقة صوتية واحدة) يف البداية سيتم التنفس من الرئتني‬
‫ثم خيرج اهلواء إىل احلنجرة الذي قد يسبب عند مروره هبا اهتزاز احلبلني الصوتيني‬
‫ويستمر يف مسريه حتى يصل إىل القناة الصوتية وينتقل منها إىل التجويف الفموي‪،‬‬
‫ويف األصوات األنفية يضطر اهلواء للمرور بالتجويف األنفي (‪ )nasal cavity‬وبعدها‬
‫(الشكل ‪ )7‬صورة‬‫ترج الكلمة وتصبح مسموعة وتتحول إىل شكل املوجة‪ .‬ويظهر َّ‬
‫للرسم التذبذيب من خالل برنامج (‪.)SFS‬‬

‫‪-١3٩-‬‬
‫َّذبذيب لملة (دراسة الصوت اللغوي) كام يعرضه برنامج (‪(SFS‬‬
‫ُّ‬ ‫الرسم الت‬ ‫َّ‬
‫الشكل ‪َّ :7‬‬

‫‪ .3.1.٥‬الصورة الطيفية (‪:)Spectrogram‬‬

‫الصورة الطيفية للصوت عبارة عن متثيل مرئي ثالثي األبعاد لرتدد اإلشارات‬
‫الصورة ال َّطيف َّية‬
‫األفقي يف ُّ‬
‫ُّ‬ ‫الصوتية و َت َغ ُّ ِري َها عرب حمور الزمن وشدهتا‪ ،‬ويمثل املحور‬
‫الزمن بامليليل ثانية‪ ،‬ويمثل الرتدد املحور الرأس باهلريتز‪ ،‬أما البعد ال ّثالث‬ ‫منحنى َّ‬
‫الرت ّدد أو شدة الصوت ف ُي َم ِّثله قرب أو بعد لون الصورة عن لون اخللفية‪.‬‬ ‫وهو مدى ّ‬
‫السالسل املتوالية إذا نظرنا إليها من أعىل (مسقط‬ ‫الصورة ال ّطيف ّية عد ًدا من ّ‬ ‫وقد تعترب ّ‬
‫الزيادات أو القمم الرأسية يف الصور الطيفية بالبقع املظلمة يف‬ ‫أفقي)؛ حيث ُمت َ َّثل ّ‬
‫الصورة ال ّطيف ّية‪ ،‬وكلتامها تعرب عن شدة الصوت املنطوق‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪-١٤٠-‬‬
‫َّ‬
‫الشكل ‪ :8‬مكونات الصورة الطيفية‪ :‬الرتدد والشدة والزمن‬

‫وأحيانا يطلق عىل الصورة الطيفية مسميات مماثلة أو مقاربة مثل مسمى املطبوعات‬
‫الصوتية (‪ )voiceprints‬أو املخطط الصويت (‪ )voicegrams‬أو الصورة الصوتية‬
‫(‪ )sonographs‬وهي عبارة عن أداة حتليلية للصوت ينتج عنها رسوم ُمت َ ِّث ُل الصوت‬
‫حمصورا بادئ‬
‫ً‬ ‫حسب الرتددات املكونة له‪ .‬وكان استخدام الصورة الطيفية للصوت‬
‫تطور‬ ‫األمر يف جماالت املوسيقى‪ ،‬والسونار‪ ،‬والرادار‪ ،‬وقياس الزالزل‪ ،‬وما لبث َّ‬
‫أن َّ‬
‫استخدامها يف جمال معاجلة الكالم (‪ ،)JL Flanagan, 1972: 23‬ثم ذاع استخدامه يف‬
‫جمال إنتاج الكالم وتوليدة وحتليله بصورة آلية‪.‬‬
‫وتسمى اآللة املنتجة للصور الطيفية املطياف البصي (‪،)Optical Spectrometer‬‬
‫ويعترب املطياف واحدً ا من أهم األجهزة التي ساعدت يف رصد اخلواص األكوستية‬
‫للصوت اللغوي وحتليله؛ حيث يقوم بعرض صورة مرئية للصوت املنطوق كاشفة‬
‫عول عليه علامء الصوتيات يف حتديد صفات األصوات اللغوية‬ ‫عن خصائصه‪ ،‬وقد َّ‬
‫قديام وحدي ًثا‪،‬‬
‫وترجيح أوجه اخلالف يف وصف بعض األصوات التي دار حوهلا اجلدل ً‬
‫«ونظرا ألن موجات الصوت اللغوية من النوع املركب فإن عرضها باستخدام جهاز‬ ‫ً‬
‫عارض الذبذبات ال يقدم كل التفاصيل عن املوجة الصوتية‪ .‬بينام يقدم املطياف ثالثة‬
‫أبعاد للموجة املرسومة وهي‪ :‬الرتدد‪ ،‬والشدة‪ ،‬والزمن‪ .‬وهذا يعني الباحث عىل معرفة‬
‫زمن الصوت‪ ،‬والرتدد األساس‪ ،‬والنطاق الرنيني وشدته» (الغامدي‪.)١١٤ :٢٠٠٠ ،‬‬

‫‪-١٤١-‬‬
‫وقد ظلت معظم دراسات أكوستية الصوت اللغوية تعتمد عىل املطياف بشكل أو بآخر‬
‫ملدة أربعة عقود حتى وجدت البديل األمثل يف الربامج واألدوات احلاسوبية‪.‬‬
‫فالربامج احلاسوبية اآلن يمكنها عرض تلك الصور الطيفية بطريقة أكثر دقة‬
‫وسهولة وفاعلية‪ ،‬بل وحتويل بيانات تلك الصور إىل ِق َيم رقمية ثابتة وحمددة‪ ،‬ومن أمثلة‬
‫هذه الربامج (‪ )Cool edit pro‬وبرنامج (‪ ،)Gold wife‬وبرنامج (‪Speech filing‬‬
‫‪( )System‬البهنساوي‪.)١١ :٢٠٠٤ ،‬‬

‫الشكل ‪ :٩‬كيفية عرض الصورة الطيفية لملة [حتليل الصوت العريب] من خالل برنامج (‪)SFS‬‬
‫َّ‬

‫ونستطيع أن نقرأ جمموعة من اخلصائص األكوستية لألصوت التي تم نطقها ومن‬


‫َث َّم عرضها يف هذه الصورة الطيفية‪ ،‬ويمكننا مالحظة اختالف طبيعة األصوات املنطوقة‬
‫بنا ًء عىل معطيات الصورة الطيفية‪ ،‬فالصوت األول يف اجلملة هو صوت التاء‪ ،‬وهو‬
‫صوت مهموس انفجاري‪ ،‬ويظهر أمامنا كغريه من األصوات االنفجارية املهموسة‬
‫التي تبدأ بفرتة صامتة حيتبس فيها النَّ َفس‪ ،‬وبعدها بحوايل ‪ 8٢‬ميليل ثانية تظهر طاقة‬
‫ال ّطاقة فجأة وبقوة يف نطاقات ّ‬
‫الرت ّدد أو احلزم‪ ،‬عىل هيئة انفجار‪ .‬وبعدها تظهر الفتحة‬
‫القصرية مستغرقة زمنا مقداره ‪ ٩8‬ميليل ثانية بنطاقات تردد عالية ناجتة عن صفة اجلهر‬
‫التي تتسم هبا كل احلركات طويلها وقصريها باإلضافة إىل بعض الصوامت‪ ،‬ثم يبدأ‬
‫حرف احلاء ابتدا ًء من اخلط الزمني ‪ ٠.١8٠‬ثانية وحتى اخلط الزمني ‪ ٠.37٠‬ثانية‪،‬‬

‫‪-١٤٢-‬‬
‫احتكاكي مهموس تكون ال ّطاقة عند النطق به مركّزة بكثرة يف نطاق ّ‬
‫الرت ّدد‬ ‫ّ‬ ‫وهو صوت‬
‫بالضوضاء) يف مظهره‪.‬‬ ‫وفوضوي إىل حدّ ما (شبيه ّ‬
‫ّ‬ ‫أو احلزم‪،‬‬
‫أما األصوات املجهورة مثل الالم والياء والواو والعني والغني مثل فتبدو أكثر‬
‫أفقي‬
‫السلسلة (البقع املظلمة) يف الواقع عىل هيئة خطوط يف وضع ّ‬ ‫تنظيام‪ ،‬وتبدو أعىل ّ‬
‫ً‬
‫الصورة ال ّطيف ّية‪ .‬هذه احلزم الصوتية (املعامل ‪ )formants‬هي الرتددات أو‬
‫الشكل عرب ّ‬‫ّ‬
‫جمموعة الرتددات (‪ )Groups of frequencies‬التي تشكل نوع الصوت (‪)Tamper‬‬
‫الذبذبات (عمر‪،‬‬‫ومتيزه عن األصوات األخرى ذات األنواع املختلفة‪ .‬ومت ّثل هذه احلزم ّ‬
‫‪)١١6 :١٩٩7‬؛ حيث يعطي شكل الفم رنني الصوت‪ ،‬ويتم ترقيمها من األسفل إىل‬
‫األعىل عىل هذا النحو‪ :‬م‪ ١‬م‪ ٢‬م‪ 3‬أو ‪ F3 ,F2 ,F1‬إلخ؛ وتتلف مواضع هذه احلزم‬
‫باختالف نوع الصوت املنطوق‪ ،‬ومن املمكن حتديدها بشكل تقريبي مع كل فونيم‪.‬‬
‫ومن خالل َّ‬
‫(الشكل ‪ )١٠‬نرى توزيع املعامل أو احلزم الصوتية لكلمة مفردة‪.‬‬

‫الشكل ‪ :10‬يوضح طريقة استخراج احلزم الصوتية من خالل برنامج (‪)SFS‬؛ بينام يوضح َّ‬
‫الشكل‬ ‫َّ‬
‫‪ :11‬أبعاد احلزم الصوتية لكلمة [صوتيات]‪ ،‬التي ُس ِّج َلت بصوت املؤلف‬

‫‪ .3.2‬التباين األدائي‪:‬‬
‫تتباين مستويات الكالم البرشي بني خمتلف اللغات واللهجات التي يامرسها‬
‫تعبريا عن أفكارهم وأغراضهم‪ ،‬وتتصف اللغة بشكل عام بخاصيتها‬ ‫املجتمع اإلنساين ً‬
‫الديناميكية التي تؤدي إىل تنامي مكوناهتا واتساعها بشكل مضطرد السيام عىل مستوى‬
‫املفردات التي تعد واحدة من أهم لبنات اللغة‪ ،‬وإذا انتقلنا إىل املستوى الصويت الذي‬
‫وأكثر فردية‪ ،‬فلكل فرد‬
‫َ‬ ‫يعد حمور حديثنا فسنجد أن ذلك التباين يصبح أشدَّ تعقيدا‬
‫يف املجتمع سامت صوتية فسيولوجية وأدائية متيزه عن غريه من ناطقي اللغة‪ ،‬وهذا ما‬

‫‪-١٤3-‬‬
‫جيعل البحث يف قضايا التحليل الصويت احلاسويب أكثر اتسا ًعا عن غريه من مستويات‬
‫التحليل اللغوي‪ ،‬العتامده عىل التباين اللغوي الواضح بني الناطقني باللغة‪ ،‬حيث تعترب‬
‫دراسة أثر اختالف اجلنس واللكنة والعمر من القضايا املهمة يف التعرف عىل الكالم‬
‫املنطوق (‪.)Huang,2001: 8‬‬
‫وتتحدد مالمح هذا التباين الصويت يف املدى الزمني (‪ )Duration‬والنغمة الصوتية‬
‫(‪ )Pitch‬والرتدد األساس (‪ )Fundamental Frequency‬واألداء الشخيص أو الذايت‬
‫الثابت أو املتغري لدى املتحدث أثناء عملية النطق (‪.)Speaker Variability‬‬

‫‪ .3.2.1‬املدى الزمني (‪:)Duration‬‬

‫دورا جوهر ًّيا‬


‫يمثل الطول أو املدى الزمني للفونيم أحد أهم السامت التي تلعب ً‬
‫وقصا وف ًقا للسامت‬
‫ً‬ ‫يف التفرقة بني صوت وآخر‪ ،‬وخيتلف هذا املدى الزمنى ً‬
‫طوال‬
‫الصوتية (‪ ،)Khattab, 2014: 235‬فهناك فارق ملحوظ بني زمن النطق باألصوات‬
‫املهموسة عن زمن النطق باألصوات املجهورة‪ ،‬وكذلك يظهر فارق واضح بني زمن‬
‫النطق باألصوات الرخوة عن زمن نطق األصوات الشديدة‪ ،‬فلكل جمموعة صوتية حيز‬
‫متقارب من املدى الزمني‪ ،‬وتعد احلركات الطويلة والصوامت املضعفة أو (املشددة)‬
‫والتي يطلق عليها (‪ )geminates‬من أطول األصوات يف اللغة العربية (‪Blust, 2013:‬‬
‫‪ .)17‬ومعلوم أن احلرف املض َّعف أو املشدد يف اللغة العربية عبارة عن مزج بني حرفني‬
‫متامثلني أوهلام ساكن واآلخر متحرك‪ ،‬ويرمز هلذا التضعيف برأس سني توضع أعىل‬
‫(شدَّ )‪ .‬وظاهرة التشديد ليست ظاهرة‬ ‫احلرف املشدد‪ ،‬ومثاهلا حرف الدال يف كلمة َ‬
‫مقصورة عىل اللغة العربية‪ ،‬بل هي سمة لغوية يف لغات عدة مثل‪ :‬اللغة العربية والرببرية‬
‫واملالطية والدنامركية واإلستونية والفنلندية واهلندية واهلنغارية واإليطالية واليابانية‬
‫والالتينية والتاميلية‪ .‬وهاتان الظاهرتان (احلركات الطوبلة والتشديد) مرتابطتان يف‬
‫بعض اللغات مثل‪ :‬اإليطالية واإلستونية والنروجيية؛ إال أنام غري مرتابطتني يف لغات‬
‫مثل العربية واليابانبة والسويدية‪.‬‬
‫وقد أبدى علامء العربية اهتام ًما بال ًغا باحلركات طويلها وقصريها‪ .‬ذلك أن هلا‬
‫تأثريا عىل الداللة‪ ،‬فقسموها باعتبار زمنها إىل حركات قصرية وهي الفتحة والضمة‬ ‫ً‬
‫والكرسة‪ ،‬وحركات طويلة طويلة وهي ما أطلفوا عليه (حروف املد) بأنواعها الثالثة‪:‬‬

‫‪-١٤٤-‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الـم ْض ُمو ُم ما َق ْب َل َها (ـُو)‪،‬‬
‫الساكنَ ُة َ‬
‫الو ُاو َّ‬ ‫ُوح َما َق ْب َل َها ً‬
‫دائام (ـَا)‪َ ،‬و َ‬ ‫الـم ْفت ُ‬
‫الساكنَة َ‬‫األَلف َّ‬
‫ور ما َق ْب َل َها (ـِي) (أمحد‪ ،)٢86 :٢٠٠٤ ،‬كام تضم اللغة العربية‬ ‫ِ‬
‫الساكنَ ُة َ‬
‫الـمك ُْس ُ‬ ‫َواليا ُء َّ‬
‫جمموعة من أنصاف العلل متمثلة يف الياء والواو املفتوح ما قبلهام‪ ،‬باإلضافة إىل أصوات‬
‫العلة وهي الياء والواو املتحركتان‪.‬‬
‫وقد ر َّد علامء التجويد العرب سبب االختالف بني احلركة الطويلة من ناحية وبني‬
‫احلركة القصرية والصوامت املشددة من ناحية أخرى‪ ،‬مستندين إىل عاملني أحدمها‬
‫اتساع املدى الزمني واآلخر االمتداد النطقي‪« ،‬فإذا استوف حرف املد نصيبه من املد‬
‫انتقل بذلك من احلركة إىل احلرف‪ ،‬وهذه اخلاصية ثابتة حلروف املد دون غريها من‬
‫األصوات اجلامدة «ال سيام الشديدة (أي االنفجارية) فإنا آنية احلدوث‪ ،‬وكذلك‬
‫الرخوة (االحتكاكية) فإنا وإن كانت زمانية يمتد هبا الصوت مدة‪ ،‬لكن ذلك االمتداد‬
‫ال يبلغ مقدار ألف‪ ،‬أي مقدار نطق حرف املد» (احلمد‪.)٥36 :٢٠٠7 ،‬‬
‫و ُيظهر الشكل التايل الفارق يف املدى الزمني بني الفتحة القصرية والفتحة الطويلة‪.‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :12‬الفارق يف املدى الزمنى بني الفتحات القصرية والفتحة الطويلة (ألف املد) يف كلمة‬
‫(يتنافس) بصوت املؤلف‬

‫وبالنظر إىل (الشكل ‪ )١٢‬نجد أن الفتحة األوىل التي أعقبت صوت الياء بدأت‬
‫من الثانية ‪ ١.٤7١‬وحتى الثانية ‪ ١.٥7٢‬مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.١٠١‬ميليل ثانية‪ .‬يف‬
‫حني َّ‬
‫أن الفتحة الثانية التي أعقبت صوت التاء بدأت من الثانية ‪ ١.7٠7‬وحتى الثانية‬

‫‪-١٤٥-‬‬
‫‪ ١.8٠٩‬مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.١٠١‬ميليل ثانية‪ .‬بينام جاءت الفتحة الطويلة املتمثلة‬
‫يف ألف املد مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.3٥٢‬ميليل ثانية‪ ،‬حيث بدأت من الثانية ‪١.٩٥٢‬‬
‫وأخريا جاءت الفتحة الثالثة التي أعقبت صوت الفاء مبتدئة‬
‫ً‬ ‫وحتى الثانية ‪.٢.٢78‬‬
‫من الثانية ‪ ٢.٤١3‬وحتى الثانية ‪ ٢.٥37‬مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.١٢3‬ميليل ثانية‪.‬‬
‫وإذا ما أردنا أن نقارن بني زمن احلركات من ناحية وبني املدى الزمني للحرف‬
‫املشدد فإننا سنجد فار ًقا ملحو ًظا عىل النحو الذي يوضحه الشكل اآليت‪:‬‬

‫الشكل ‪ :13‬الفارق يف املدى الزمنى بني الفتحات القصرية واحلرف املشدد يف كلمة ( َي َتنَ َّف ْس) بصوت املؤلف‬
‫َّ‬

‫وبالنظر إىل (الشكل ‪ )١3‬نجد أن الفتحة األوىل التي أعقبت صوت الياء بدأت‬
‫من الثانية ‪ ١.3١٤‬وحتى الثانية ‪ ١.٤77‬مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.١63‬ميليل ثانية‪ .‬يف‬
‫أن الفتحة الثانية التي أعقبت صوت التاء بدأت من الثانية ‪ ١.6٩٢‬وحتى الثانية‬‫حني َّ‬
‫‪ ١.8٤٤‬مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.١٥١‬ميليل ثانية‪ .‬ثم بدأت الفتحة الثالثة التي أعقبت‬
‫حرف النون يف الثانية ‪ ١.٩٤7‬وانتهت عند اخلط الزمني ‪ ٢.٠68‬مستغرفة زمنًا‬
‫قدره ‪ .٠.١٢٠‬بينام جاء صوت الفاء املشدد مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.٥٢١‬ميليل ثانية‬
‫أي بزيادة ‪ ٠.١6٩‬وهو ما يمثل نسبة مئوية تقارب ‪ ،% ١٤8‬حيث بدأت من الثانية‬
‫وأخريا جاءت الفتحة الثالثة التي أعقبت صوت الفاء‬
‫ً‬ ‫‪ ٢.٠٤٢‬وحتى الثانية ‪.٢.٥63‬‬
‫مبتدئة من الثانية ‪ ٢.٥63‬وحتى الثانية ‪ ٢.6٩٢‬مستغرقة زمنًا قدره ‪ ٠.١3١‬ميليل‬
‫ثانية‪.‬‬

‫‪-١٤6-‬‬
‫أل ْمدَ ِاء النسبية لألصوات العربية اتساع املدى الزمني‬
‫وقد لفت نظري أثناء حتلييل لِ ْ َ‬
‫مع الصوامت املشددة بشكل عام‪ ،‬ومع صويت النون وامليم املشددتني يف األداء القرآين‬
‫بشكل خاص‪ ،‬وللتأكد من ذلك قمت بجمع قاعدة بيانات احتوت عىل ‪ ٢١٥‬مجلة‬
‫صوتية متنوعة من القرآن الكريم‪ ،‬اشتملت عىل سورة الفاحتة‪ ،‬وما تيرس من سورة‬
‫البقرة والكهف وبعض سور جزء عم‪ ،‬وقد اشتملت قاعدة البيانات هذه عىل ‪١٠٥٢7‬‬
‫فونيام‪ ،‬ويمكننا حص نتائجها فيام يتعلق بالنون وامليم املشددتني عىل هذا النحو‪:‬‬‫ً‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬النون املشددة‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :14‬صورة طيفية للنون املشددة‪ ،‬وتظهر فيها ثالثة مستويات من مستويات التحليل الطيفي‪ ،‬يبدأ من الـ‬
‫(‪ )wave form‬ويتوسطه منحنى التنغيم (‪ ،)Fundamental Frequency‬وينتهي بمنحنى الفورمانت (‪)f1,f1,f3..‬‬

‫‪-١٤7-‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬امليم املشددة‪:‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :1٥‬صورة طيفية للميم املشددة‪ ،‬وتظهر فيها ثالثة مستويات من مستويات التحليل الطيفي‪ ،‬يبدأ من الـ‬
‫(‪ )wave form‬ويتوسطه منحنى التنغيم (‪ ،)Fundamental Frequency‬وينتهي بمنحنى الفورمانت (‪)f1,f1,f3..‬‬

‫صوت‬
‫ٌ‬ ‫وإذا ما تأملنا حتليلنا لصويت امليم والنون املشددتني فسنلمح َّ‬
‫أن كليهام‬
‫جمهور َأ َغ ٌّن ُم َر َّق ٌق‪ ،‬وقد وردت النون املشددة يف هذه النامذج ‪ 6٩‬مرة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بيني‬
‫احتكاكي ٌّ‬
‫ٌّ‬
‫وبلغ متوسط مداها الزمني حوايل ‪ ٥٤٢‬ميليل ثانية‪ ،‬وهذا املدى الزمني أكثر من ثالثة‬
‫أضعاف زمن النون الساكنة‪ ،‬حيث يبلغ متوسط مداها الزمني الطبيعي ‪ ١٥٩‬ميليل ثانية‪.‬‬
‫أما امليم املشددة فقد وردت يف هذه النامذج ‪ ٥٩‬مرة‪ ،‬وبلغ متوسط مداها الزمني‬
‫حوايل ‪ ٥١٠‬ميليل ثانية‪ ،‬وهذا املدى الزمني يقرتب من ثالثة أضعاف زمن امليم الساكنة‪،‬‬
‫حيث يبلغ متوسط مداها الزمن الزمني ‪ ١6٩‬ميليل ثانية‪.‬‬
‫مهام يف فهم الكالم‪ ،‬إال أن معظم أدوات‬
‫دورا ً‬ ‫وتلعب معرفة املدى الزمني للفونيم ً‬
‫التعرف عىل الصوت آل ًّيا تتجاهل هذا الدور‪ ،‬بسبب االعتامد عىل أكثر النامذج شهرة يف‬
‫التعرف عىل الصوت املنطوق‪ /‬وهي نامذج ( (‪ Hidden Markov Models‬والتي تعرف‬
‫اختصارا بـ (‪ .)HMMs‬وهي نامذج إحصائ َّية خمف َّية تعرب عن أبسط شبكة ديناميكية‪ .‬وطورها‬
‫ً‬
‫كل من ‪ L. E. Baum‬وزميله ‪ .Coworkers‬وتعتمد هذه النامذج عىل اجلانب الكيفي يف‬
‫توصيف الفونيم أكثر من اعتامدها عىل اجلانب الكمي (‪.)L. E. Baum, 2017: 27‬‬

‫‪-١٤8-‬‬
‫‪ .3.2.2‬النغمة الصوتية (‪:)Pitch‬‬

‫وكثريا ما تؤدي هذه الظاهرة إىل توجيه داللة اخلطاب‬‫ً‬ ‫التنغيم ظاهرة صوتية عامة‪،‬‬
‫التقرير والتوكيدِ‬
‫ِ‬ ‫دورا ً‬
‫فاعال يف‬ ‫التنغيم ً‬
‫ُ‬ ‫دون احلاجة إىل تغيري مفردات اجلملة‪« ،‬ويؤدي‬
‫ِ‬
‫والزجر‪ ،‬وغريها من أنواع الفعل‬ ‫ِ‬
‫واإلنكار والتهك ِم‬ ‫ِ‬
‫والنفي‬ ‫ِ‬
‫والتعجب واالستفها ِم‬
‫اإلنساين كالغضب واليأس والفرح واحلزن بوساطة التلوين يف الدرجات التنغيمية‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫بمستوياهتا العليا واملتوسطة واهلابطة‪ ،‬ولذلك عدّ ها علام ُء اللغة من الفونيامت غري‬
‫شأنا أن تعر َفنا عىل مواقف املتكلمني من خالل تنوع ظهورها»‬ ‫الرتكيبية التي من ِ‬
‫(حممد‪.)٩ :٢٠٠٩ ،‬‬
‫وقد دأب علامء األصوات عىل تناول التنغيم يف إطار وصفه بأنه فونيم غري تركيبي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مستفل‪« ،‬فالتنغيم ليس‬ ‫حيز زمني‬ ‫ويقصدون‪ :‬الظواهر الصوتي ٌة التي ال تتشكل ضمن ٍ‬
‫ِ‬
‫الرتكيب يصاحبه‪،‬‬ ‫طارئ عىل‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حدث‬ ‫اللغوي يف اجلملة‪ ،‬بل هو‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الرتكيب‬ ‫«جز ًءا من‬
‫ِ‬
‫الرتكيب‬ ‫عناص‬
‫َ‬ ‫التنغيم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يربط‬ ‫ويتغري نتيجة تغريه يف السياق اللغوي اجلاري فيه‪ ،‬إذ‬
‫بعضها ببعض» (عطية‪.)٢3 :٢٠١٥ ،‬‬
‫فالتنغيم الكالمي بمثابة مقامات موسيقية يتبعها املتحدث إلضافة ملسة فنية عىل‬
‫ِ‬
‫النطق بجميع‬ ‫يتبع درج ًة صوتي ًة واحد ًة يف‬ ‫اإلنسان «ال ُ‬‫َ‬ ‫خطابه‪ ،‬فحني ينطق يتكلم‬
‫ِ‬
‫الصوت‬ ‫ِ‬
‫درجة‬ ‫تتلف يف‬ ‫املقطع الواحدُ قد‬ ‫يتكو ُن منها‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فاألصوات التي ّ‬
‫ُ‬ ‫األصوات‪،‬‬
‫ِ‬
‫الصوت أمهي ًة‬ ‫ِ‬
‫درجة‬ ‫ِ‬
‫الختالف‬ ‫جيعل‬ ‫ِ‬
‫اللغات ما ُ‬ ‫تتلف فيها‪ ،‬ومن‬
‫ُ‬ ‫الكلامت قد‬
‫ُ‬ ‫وكذلك‬
‫الصوت حني النطق هبا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫درجة‬ ‫تتلف فيها معاين الكلامت تب ًعا الختالف‬ ‫ُ‬ ‫كربى‪ ،‬إذ‬
‫ويمكن أن نسمي نظام توايل درجات الصوت بالنغمة املوسيقية» (أنيس‪:١٩6١ ،‬‬
‫‪ .)١7٥‬وقد دأب الباحثون عىل تكسري مستويات التنغيم إىل ثالثة أرضب‪:‬‬
‫منخفضة يف مقط ٍع أو أكثر تليها درجة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫درجة‬ ‫‪ .١‬النغمة الصاعدة‪ :‬وتعني وجو َد‬
‫علوا منها‪.‬‬
‫أكثر ًّ‬
‫عالية يف مقط ٍع أو أكثر تليها درجة أكثر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫درجة‬ ‫‪ .٢‬النغمة اهلابطة‪ :‬وتعني وجو َد‬
‫انخفاضا‪.‬‬
‫درجاهتا متحدة‪.‬‬‫ُ‬ ‫عدد من املقاط ِع تكون‬ ‫‪ .3‬النغمة املستوية‪ :‬وتعني وجود ٍ‬
‫َ‬

‫‪-١٤٩-‬‬
‫إن الصوت البرشي أداة سحرية‪ .‬فعن طريقه يمكننا متييز من نعرفهم؛ وتسمح لنا‬ ‫َّ‬
‫اإلمكانات الصوتية بتخليق نغامت غنائية صوتية تؤرس األسامع؛ كام أن تنوع النغامت‬
‫الصوتية متكننا من التعرف عىل املشاعر اإلنسانية املصاحبة للتواصل اللفظي؛ باإلضافة‬
‫أن تلك النغامت متثل السمة األوىل لتكوين البصمة الصوتية التي متيز كل فرد عن بقية‬‫َّ‬
‫األفراد الناطقة بنفس اللغة‪ .‬حيث يتم إنشاء الصوت البرشي الصوت من خالل عدد‬
‫ال حيىص من حركات العضالت‪ ،‬األمر الذي يرتتب عليه أن يتألف هذا الصوت من‬
‫العديد من املكونات املختلفة واملتفردة (‪ ،)different components‬وهي النغمة‬
‫(‪ )pitch‬و التنغيم (‪ )tone‬والرسعة (‪.)rate‬‬
‫ومتثل النغمة الصوتية أحد أهم مكونات الصوت اإلنساين‪ ،‬فهي جزء ال يتجزأ من‬
‫الصوت‪ ،‬ويتم تعريفها عىل أنا معدل اهتزازات التدفقات الصوتية‪ ،‬وكلام زاد معدل‬
‫هذه الذبذبات كلام ارتفعت درجة الصوت‪ ،‬وبالتايل ينشأ عنه صوت حاد‪ ،‬وبالتايل‬
‫فعندما تكون معدالت هذا االهتزاز بطيئة فإنه ينشأ عنها أصوات أكثر عم ًقا‪ ،‬وهو‬
‫ول الرقيقتني الصوتيتني (‪)vocal cords‬‬ ‫أمر مرتبط بشكل وثيق بمدى سم ِك و ُط ِ‬
‫ُ ْ‬
‫من ناحية‪ ،‬وبمدى شد أو جذب العضالت املحيطة هبام من ناحية أخرى (‪,Stevens‬‬
‫‪ .)١8 :٢٠٠٠‬وتلعب الرقيقتان الصوتيان هنا الدور األهم يف تشكيل الذبذبات‬
‫ف الرقيقتان الصوتيتان أيض ًا باحلبال الصوتية‪ ،‬وهي عبارة عن فتيلتني‬ ‫الصوتية‪ ،‬و ُت ْع َر ُ‬
‫متامثلتني من األنسجة املكونة من الغشاء املخاطي‪ ،‬ومتتد أفق ًّيا من اخللف إىل األمام عرب‬
‫احلنجرة‪ ،‬وتقوم بعملية تعديل تدفق اهلواء القادم من الرئتني‪ ،‬يف الوقت الذي هتتز فيه‬
‫دورا أساس ًّيا يف‬
‫هاتان الرقيقتان أثناء مرور هذا اهلواء املنبعث من الرئة‪ ،‬والتي تلعب ً‬
‫عملية تكوين األصوات أثناء النطق‪ .‬ويؤثر حجم احلبال الصوتية عىل طبيعة الصوت‪.‬‬
‫نظرا‬
‫وهذا ما يفرس سبب ارتفاع أصوات النساء عمو ًما عن أصوات الرجال؛ ذلك ً‬
‫لطبيعة تكوين الرقيقتني الصوتيتني لدهين والتي تتميز ِ‬
‫بالق َص مقارنة بمثيالهتا عن‬
‫الرجال‪ ،‬ومع ذلك فليست هذه هي العوامل فقط هي التي تؤثر عىل النغمة الصوتية؛‬
‫حيث تتأثر نغمة الصوت بالعواطف واحلاالت املزاجية والنفسية‪ .‬فعندما تعرتي اإلنسان‬
‫خالة خوف أو إثارة تتقلص العضالت حول احلنجرة (‪ )larynx‬بشكل ال شعوري أو‬
‫ال إرادي‪ ،‬ويرتتب عىل ذلك مزيدٌ من الضغط عىل الرقيقتني الصوتيتني‪ ،‬فرتتفع النغمة‬

‫‪-١٥٠-‬‬
‫الصوتية‪ .‬واألمر ال يقتص عىل العامل الال إرادي؛ بل قد حيدث ذلك بطريقة إرادية يف‬
‫حالة التمرين الصوت واإللقاء وتقليد األصوات‪ ،‬أو حماكاة بعض األصوات البرشية‬
‫أو غري البرشية‪ .‬واألمر مل يعد يقتص عىل العاملني الفسيولوجي والنفيس فقط‪ ،‬بل إن‬
‫األدوات احلاسوبية أتاحت لنا تغيري درجات النغم ورسعته‪ ،‬وأصبح باإلمكان حتويل‬
‫أصوات ذكورية إىل أصوات أنثوية عن طريق الربامج احلاسوبية‪.‬‬

‫الشكل ‪ :16‬طريقة إدخال تعدبالت عىل رسعة النغمة الصوتية من خالل برنامج (‪)SFS‬‬
‫َّ‬

‫‪ .3.2.3‬الرتدد األسايس (‪:)Fundamental Frequency‬‬

‫غال ًبا ما يتم تعريف الرتدد األساس بشكل عام عىل أنه أدنى تردد يف الشكل املوجي‬
‫(‪ ،)waveform‬ويف الدراسات الصوتية يتم تعريفه بأنه مقياس مدى ارتفاع أو انخفاض‬
‫تردد صوت الفرد‪ ،‬وغال ًبا ما يرتبط هذا االارتفاع أو االنخفاض بالنغم (‪ )pitch‬الذي‬
‫يمثل توتر احلبلني الصوتيتني (‪ )vocal fold vibration‬نتيجة اندفاع اهلواء من الرئتني‬
‫مما يؤدي إىل اهتزازات صوتية‪ .‬وتتلف قيم هذا الرتدد األساس بني الذكور واإلناث‪،‬‬
‫فعىل سبيل املثال تبلغ قيمه عند الذكور البالغني ما بني ‪ 8٥‬و‪ ١8٠‬هريتز يف حني تبلغ‬
‫قيمه عند اإلناث البالغات ما بني ‪ ١6٥‬و ‪ ٢٥٥‬هريتز ‪ .‬هذا بشكل عام أثناء النطق‬
‫خاصا أو جتويدً ا أو‬
‫العادي يف الظروف العادية‪ ،‬أما عندما يصاحب هذا النطق تنغيام ًّ‬
‫تغن ًيا فإن هذا النطاق سيكون أكثر اتسا ًعا بنسبة تتوافق مع درجة النغم‪ .‬وال يقتص‬
‫الرتدد األساس يف التمييز بني أصوات الذكور واإلناث بل يمثل يف الوقت نفسه أحد‬
‫العوامل الفردية التي متيز صوت متحدث عن آخر‪ ،‬والذي يمكن عن طريقه إنتاج‬
‫أصوات خيتلف الواحد منها عن اآلخر‪ .‬وحني تسمع أي صوتني يمكن أن تقارنام من‬

‫‪-١٥١-‬‬
‫هذه اجلوانب املختلفة‪ ،‬مثل شوكة رنانة وأرغن‪ ،‬فهام يصدران صوتني خمتلفني نتيجة‬
‫عامل أو أكثر» (عمر‪.)١7٩ :١٩٩7 ،‬‬
‫ويعرب شكل املوجة عن قيم شكل املوجة أو الرتدد األساس هلذا الصوت‪ ،‬فالصوت‬
‫تتكون من جزأين أساسيني‪:‬‬
‫ينظر إليه عاد ًة عىل أنه عمل ّية فيزيائية ما ّد ّية ّ‬
‫Ÿ منتج حقيقي للصوت؛ ويمثله احلبالن الصوتيان‪.‬‬
‫Ÿ منتج أو مشكل فرعي للصوت؛ وهو عبارة عن منتج مساعد‪ ،‬يقتص دوره عىل‬
‫إمتام عملية التوجيه واكتساب الصفات التمييزية‪ ،‬ومتثله باقي أعضاء النطق‬
‫مثل‪ :‬ال ّلسان ّ‬
‫والشفاه واألسنان‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وحتاول عملية حتليل التنغيم رصد هذا الرتدد األساس للصوت املنطوق‪ .‬وهناك‬
‫عدّ ة قواعد ملعرفة الرتدد األساس تلص إىل أنه العنص األقوى الذي جيعلنا ندرك‬
‫عالقة التالزم بني الصوت وصاحبه‪ ،‬فبمجرد أن نسمع مجلة نعرف قائلها بسبب‬
‫معرفتنا لتنغيمه‪« .‬ويمكن أن نميز صوتًا عن صوت آخر بشكل املوجة التي ُتنْتِ ُج ًّ‬
‫كال‬
‫مقياسا باملعنى الدقيق‪ ،‬ولكنه جمرد وسيلة لتمييز األصوات‬
‫ً‬ ‫منهام‪ ،‬وليس شكل املوجة‬
‫بتحليلها إىل املوجات التي تتكون منها» (أيوب‪.)١8٠ :١٩8٤ ،‬‬
‫وتظهر معامل الرتدد األساس عىل هيئة منحنيات أفقية موازية خلط الزمن‪ ،‬وتكون‬
‫الصوت ّيان‪ ،‬وتتواجد القيم‬
‫هيتز احلبالن ّ‬
‫وضوحا مع األصوات املجهورة؛ حيث ُّ‬‫ً‬ ‫أكثر‬
‫هلذه احلزم بني ‪ ٢٠٠-8٠‬هرتز بالنسبة للمتحدثني الذكور‪ ،‬وتتزايد هذه القيمة مع‬
‫اإلناث لضيق احلنجرة عن حنجرة الذكور‪ ،‬وقلة سمك األحبال الصوتية؛ فتبلغ قيمة‬
‫هذه احلزم مع األنثى البالغة ‪ 3٥٠-١٥٠‬هرتز‪.‬‬
‫ويوضح َّ‬
‫(الشكل ‪ )١7‬منحنى الرتدد األساس لكلمة مفردة‪.‬‬

‫‪-١٥٢-‬‬
‫َّ‬
‫الشكل ‪ :17‬منحنى الرتدد األسايس لكلمة مفردة‬

‫يف هذه الصورة تتواجد قيم الرتدد األساس بني ‪ ١٠٠‬و ‪ ١٥٠‬هرتز‪ ،‬والصورة عبارة‬
‫عن رسم طيفي لكلمة «مسافرون» بصوت ذكر املؤلف‪ ،‬ونالحظ أن الرتدد األساس يف‬
‫املقطع الثاين أعىل منه يف بقية املقاطع‪.‬‬
‫ويعرض الشكل اآليت منحنى الرتدد األساس جلملة استفهامية‪.‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :18‬منحنى الرتدد األسايس لملة استفهامية‬

‫‪-١٥3-‬‬
‫(الشكل ‪ )١8‬خمط ًطا للرتدد األساس جلملة استفهامية متثل النغمة الصاعدة‪،‬‬
‫يعرض َّ‬
‫حتتو عىل ذلك االنخفاض الذي رأيناه يف ناية منحنى الرتدد‬ ‫حيث نلمح فيها أنا مل ِ‬
‫األساس يف الشكل السابق‪ ،‬واجلملة (هل تصدق ذلك؟) بصوت املؤلف‪.‬‬
‫بينام يظهر َّ‬
‫(الشكل ‪ )١٩‬منحنى الرتدد األساس جلملة خربية‪.‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :1٩‬منحنى الرتدد األسايس لملة خربية‬

‫ويعرض الشكل خمط ًطا للرتدد األساس جلملة خربية متثل النغمة اهلابطة؛ حيث يبدأ‬
‫منخفضا ثم يزداد يف منتصف اجلملة ليصل إىل أقل انخفاض يف‬‫ً‬ ‫فيها الرتدد األساس‬
‫وتم تسجيلها بصوت املؤلف‪.‬‬ ‫ناية اجلملة‪ ،‬واجلملة هي (نعم أصدق ذلك) َّ‬
‫شكال ثال ًثا ملنحنيي التنغيم‬
‫بأن هناك ً‬
‫وقد دأب بعض اللغويني املعاصين عىل الزعم َّ‬
‫السابقني ‪ -‬االستفهامي واخلربي‪ -‬وهو املنحنى التنغيمي اخلاص باجلملة التعجبية‪،‬‬
‫إال أنني قد قمت بجمع قاعدة بيانات صوتية لتسعني مجلة تعجبية منطوقة من ثالثة‬
‫أشخاص‪ ،‬فلم ِ‬
‫أهتد إىل أي خالف ظاهر بني طبيعة نطق هذه اجلمل وبني اجلمل اخلربية‪.‬‬

‫‪-١٥٤-‬‬
‫َّ‬
‫الشكل ‪ :20‬منحنى الرتدد األسايس لملة تعجبية‬

‫ويعرض (الشكل ‪ )٢٠‬خمط ًطا لرتدد األساس جلملة تعجبية‪ ،‬وقد ظهرت بنغمة‬
‫هابطة متاثل النغمة اهلابطة املالزمة للجمل اخلربية؛ حيث يبدأ فيها الرتدد األساس‬
‫منخفضا ثم يزداد يف منتصف اجلملة ليصل إىل أقل انخفاض يف ناية اجلملة‪ ،‬واجلملة‬
‫ً‬
‫هي (سبحان اهلل!)‪.‬‬
‫نموذجا آخر من اجلملة التعجبية املعتمدة عىل أداة تعجب‪.‬‬
‫ً‬ ‫ويعرض الشكل اآليت‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :21‬منحنى الرتدد األسايس لملة تعجبية معتمدة عىل أداة تعجب‬

‫‪-١٥٥-‬‬
‫يعرض هذا الشكل خمط ًطا للرتدد األساس جلملة تعجبية معتمدة عىل أداة تعجب‪،‬‬
‫منخفضا‬
‫ً‬ ‫ومل يظهر فيها أي خالف عن اجلمل اخلربية؛ حيث يبدأ فيها الرتدد األساس‬
‫ثم يزداد يف منتصف اجلملة ليصل إىل أقل انخفاض يف ناية اجلملة‪ ،‬واجلملة هي (ما‬
‫أصدقه من رجل!)‪.‬‬

‫‪ .3.2.4‬األداء الشخيص (‪:)Speaker Variability‬‬

‫يتمثل األداء الشخيص (‪ )Speaker Variability‬يف جمموعة من الفوارق الصوتية‬


‫املرتبطة بأداء املتكلم‪ ،‬مثل‪ :‬جلنس واللكنة والعمر ورسعة األداء الكالمي من ناحية‪،‬‬
‫وبوسيلة انتقال هذا الصوت سواء بطريقة مبارشة أو عرب اهلواتف العادية أو املحمولة‬
‫إن كل عنص من هذه العناص يضفي بظالله‬ ‫أو عرب األثري اإلذاعي من ناحية أخرى‪َّ .‬‬
‫عىل طبيعة هذا الصوت ويؤثر عىل عملية إدراكه ومتييزه‪ .‬وتعد هذه النقطة من األمهية‬
‫بمكان يف عمليات التعرف اآليل عىل الصوت املنطوق‪ .‬والتي عادة ما تتطلب االعتامد‬
‫عىل عمليتني متوازيتني من التحليل اإلحصائي للمتغريات املتعددة للصوت‪ ،‬ومها‬
‫حتليل املكون الرئييس (‪ )PCA‬وحتليل املكونات املستقلة (‪.)ICA‬‬
‫ومتثل عملية التباين هذه إحدى الصعوبات األساسية يف متييز اإلشارات الصوتية‪،‬‬
‫حيث إنا شديدة االرتباط ببعضها البعض‪ ،‬وهناك صعوبة أخرى يف التعرف عىل الكالم‪،‬‬
‫تتمثل يف صعوبة التعرف عىل اإلشارات الصوتية عند نقلها عرب اهلواتف املحموعة أو‬
‫عرب األثري اإلذاعي‪ ،‬حيث يتوقع حدوث التباس كبري بني بعض األصوات املتشاهبة‬
‫مثل صويت اليسن والشني‪ .‬ولكي يتم حتليل هذه اإلشارات الصوتية ينبغي االعتامد عىل‬
‫جمموعة من األدوات اإلحصائية املتاحة يف هذا الصدد‪ ،‬مثل حتليل املكونات الرئيسية‬
‫اختصارا بـ (‪ )PCA‬وحتليل‬‫ً‬ ‫(‪ )principal component analysis‬والتي تعرف‬
‫اختصارا بـ‬
‫ً‬ ‫العناص املستقلة (‪ )independent component analysis‬والتي تعرف‬
‫)‪ )ICA) (H. Hotellings. 2005: 423‬و (‪.)Hyvarinen, 2000: 418‬‬

‫‪-١٥6-‬‬
‫‪ .4‬من التقنيات الصوتية احلاسوبية‪.‬‬
‫سبقت اإلشارة إىل تعريف ابن جني للصوت اللغوي باعتباره «أصواتًا يعرب هبا‬
‫كل قوم عن أغراضهم»‪ .‬فالكالم هو الوسيلة الطبيعية للتواصل بني اجلنس البرشي‪.‬‬
‫فال جيد الناس أدنى مشقة تذكر يف التواصل الصويت حيث إنه ال يتطلب أي تدريب‬
‫خاص‪ .‬ومع انتشار احلاسوب واعتباره أحد متطلبات احلياة اليومية باتت احلاجة ملحة‬
‫إىل التعامل معه كام يتعامل بعضنا مع البعض‪ ،‬وأصبح الناس يتطلعون إىل استخدام‬
‫بدال من استخدام لوحات‬ ‫الكالم كوسيلة اتصال للتفاعل مع أجهزة الكمبيوتر‪ً ،‬‬
‫املفاتيح وأجهزة التأشري‪ ،‬وهو ما أدى إىل تسارع العمل يف تقنيات إنتاج الكالم وحتليله‬
‫والتعرف عليه (‪.)R. Arun, 2004: 14‬‬
‫لقد أدى التطور التكنولوجي واحلاسويب إىل إحداث طفرة كربى يف تقنيات الصوت‬
‫دورا أكرب يف املجاالت األكاديمية واالقتصادرية والسياسية‬
‫اللغوي‪ ،‬التي باتت تلعب ً‬
‫عىل حد سواء‪ ،‬ومن أبرز هذه التقنيات تقنية حتويل النص العريب املكتوب إىل صوت‬
‫منطوق (‪ )Text To Speech‬وتقنية التعرف اآليل عىل الصوت املنطوق (‪Speech‬‬
‫‪ )Recognition‬وتقنية البحث الصويت (‪ )Audio Indexer‬وتقنيات الرتمجة الصوتية‬
‫(‪ )Audio Translation‬التي تعتمد عىل مزج تقنية حتويل النص املكتوب إىل صوت‬
‫منطوق مع تقنية التعرف اآليل عىل الصوت املنطوق‪ .‬وسوف نحاول الوقوف عىل‬
‫تقنيتني من هذه التقنيات بمزيد من اإليضاح‪ ،‬مها‪ :‬تقنية حتويل النص إىل صوت‪ ،‬وتقنية‬
‫التعرف عىل الكالم املنطوق‪.‬‬

‫‪ .4.1‬تقنية حتويل النص العريب املكتوب إىل صوت منطوق (‪.)TTS‬‬


‫مع الطفرة التي أحدثتها التقنية يف عاملنا املعاص‪ ،‬وتزامنًا مع الثورة اإللكرتونية‬
‫التي صبغت كل جماالت احلياة أصبحت تقنيات معاجلة الصوت البرشي‪ ،‬وعىل رأسها‬
‫تقنية حتويل النص العريب املكتوب إىل صوت منطوق ‪ text-to-speech‬مطل ًبا مهام‬
‫ليس فقط لتسهيل عمليات التواصل بني املتحدثني وإنام ألغراض اقتصادية وجتارية بل‬
‫وتتعداه إىل جوانب سياسية وأيدولوجية‪ ،‬باإلضافة إىل األبعاد األكاديمية واالجتامعية‬
‫التي تتمثل يف مساعدة ذوي االحتياجات اخلاصة عن طريق حتويل الكتب والدوريات‬
‫واجلرائد والنصوص املكتوبة بشكل عام إىل منطوقة ليستفيد منها املكفوفون واألسوياء‬
‫عىل حد سواء (الغامدي وآخرون‪ ،‬د‪.‬ت‪.)7 :‬‬

‫‪-١٥7-‬‬
‫ويمكن القول‪َّ :‬‬
‫إن تقنية حتويل النص العريب املكتوب إىل صوت منطوق عبارة عن‬
‫تقنية حاسوبية هتدف إىل قراءة أي نص بصورة آلية‪ ،‬سواء تم تقديمه عىل شكل نص‬
‫مكتوب بامتداد (*‪ )text.‬أو (*‪ )doc.‬أو (*‪ ... )pdf.‬إلخ أو َّ‬
‫تم تقديمه بعد مسحه‬
‫ضوئ ًّيا بامتداد (*‪ )JPEG.‬أو (*‪ )BMP.‬أو (*‪ )GIF.‬إلخ‪ ..‬عن طريق االستعانة‬
‫بنظام التعرف الضوئي عىل األحرف (‪.)OCR‬‬
‫وبالتايل فهي تقنية خمتلفة متا ًما عن أنظمة عرض الكالم املسجل عرب أجهزة الكاسيت‬
‫أو الفيديو أو الكمبيوتر‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن اهلدف هنا تليق الكالم آل ًّيا وليس تزين كلامت أو‬
‫مجل حمددة ثم عرضها وقت احلاجة‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة هنا أن هذه التقنية تتلف كل ًّيا عن تطبيقات االستجابة الصوتية‬
‫يتم استخدامها عىل شكل واسع يف حمطات القطار أو خدمة العمالء لدى رشكات‬ ‫التي ُّ‬
‫إن ذلك النوع من آالت التحدث (املحددة سل ًفا) التي يطلق‬ ‫االتصاالت العاملية؛ حيث َّ‬
‫عليها أنظمة االستجابة الصوتية تنتج خطا ًبا اصطناع ًّيا وليس تليق ًيا‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫سلسة من الكلامت املعزولة (‪ )isolated words‬أو أجزاء اجلمل (‪.)parts of sentences‬‬
‫وغال ًبا ما يتم االعتامد عىل هذا النوع من األنظمة عندما تكون املفردات املقصودة قليلة‬
‫نسبية‪ ،‬وغال ًبا ال تزيد عن ‪ ١٠٠‬كلمة يف سياق حمدد سل ًفا‪ ،‬أما يف سياق تقنيات ‪TTS‬‬
‫فإنه من املستحيل تسجيل أو تزين مجيع كلامت اللغة‪ ،‬وبالتايل فمن األنسب واأليرس‬
‫تعريف «تقنية حتويل النص إىل كالم» عىل أنه تليق أو إنتاج الكالم بواسطة اآلالت‪ ،‬عن‬
‫طريق حتويل هذا النص إىل صوت التلقائي )‪.(Thierry, 1997: 13‬‬

‫‪ .4.1.1‬مراحل معالة النص العريب وموائمته مع صوت منطوق‪.‬‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬مجع املادة النصية‪.‬‬
‫يعد مجع املادة النصية املكتوبة أوىل مراحل معاجلة النص العريب يف مرشوع حتويل‬
‫النص العريب املكتوب إىل صوت منطوق (‪ ،)TTS‬وال بد أن تكون املادة النصية متوافقة‬
‫مع الغرض من الناطق اآليل‪ ،‬بمعنى أنه إذا كان اهلدف من إعداد الناطق اآليل قراءة‬
‫األخبار السياسية أو الرياضية أو الدينية فينبغي أن تكون كل قاعدة البيانات النصية‬
‫مركزة عىل تلك األخبار السياسية أو الرياضة أو الدينية‪ ،‬وإذا كان الغرض عا ًّما بمعنى‬

‫‪-١٥8-‬‬
‫أنه ناطق آيل لكل أنواع النصوص فينبغي أن تكون قاعدة البيانات النصية عىل نفس‬
‫القدر من العمومية‪.‬‬
‫وال يقتص األمر عىل نوع النصوص فقط‪ ،‬بل جيب مراعاة نِ َسب توزيع احلروف‬
‫واحلركات العربية الواردة يف النص؛ لتغطي كافة الرتاكيب الصوتية‪ ،‬بمعني أنه جيب‬
‫أن تتواجد كل صوامت اللغة وحركاهتا‪ ،‬ويف الوقت نفسه جيب مراعاة أن تكون نسب‬
‫تردد هذه الصوامت واحلركات موزعة توزي ًعا ً‬
‫عادال‪ ،‬وهذا التوزيع العادل ال يقتيض‬
‫التساوي‪ ،‬فال ُي ْعقل أن يتكرر صوت كثري الرتدد يف النظام الصويت العريب مثل صوت‬
‫الالم أو امليم أو النون بنفس درجة تكرار صوت آخر قليل الرتدد يف النظام الصوت‬
‫العريب مثل صوت الضاد والغني والظاء‪ .‬والشكل اآليت يوضح نسب توزيع األصوات‬
‫العربية يف النص القرآين‪.‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :22‬توزيع تردد إحصاءات احلروف العربية الواردة يف النص القرآين‪ ،‬مرتبة عىل حسب تردد الصوت‬

‫يوضح الشكل السابق نسب ورود األصوات العربية يف القرآن الكريم؛ حيث‬
‫ورد صوت الالم يف القرآن ‪ 6١8٤6٥‬مرة بنسبة مئوية (‪ ،)% ١٢.٠7‬وورد صوت‬
‫النون ‪ 3386٤6‬مرة بنسبة مئوية (‪ ،)% 6.6١‬وجاء صوت امليم ‪ 3338٥8‬مرة بنسبة‬
‫مئوية (‪ ،)% 6.٥٢‬بينام مل يرد صوت الضاد إال ‪ ٢٢6٤٠‬مرة بنسبة مئوية (‪،)% ٠.٤٤‬‬
‫وصوت الغني ‪ ١66٩3‬مرة بنسبة مئوية (‪ ،)% ٠.33‬وصوت الظاء ‪ 8٩٥٩‬مرة فقط بنسبة‬
‫مئوية (‪.)% ٠.١8‬‬

‫‪-١٥٩-‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬املطابقة بني النص املكتوب والصوت املتوقع نطقه‪.‬‬
‫ويتم ذلك بتطبيق قاعدة كل ما يقرأ يكتب وما ال يقرأ ال يكتب‪ ،‬وذلك لسد الفجوة‬
‫بني النظام الكتايب يف اللغة العربية وبني النظام الصويت‪ ،‬وقد أكَّد منصور الغامدي أن‬
‫الباحثني العاملني يف جمال النطق اآليل والتعرف اآليل عىل الكالم العريب يواجهون‬
‫صعوبة إىل حد ما يف التعامل مع النص العريب وذلك من حيث حتويل رموزه املكتوبة‬
‫إىل رموز صوتية‪ .‬ورغم أن العربية تكاد تكون أقدم لغة ُحددت أصواهتا ودون نظامها‬
‫وقوانينها الفونولوجية قبل أكثر من ‪ ١٢‬قرنًا إال أنه مل توضع هذه اخلصائص والقوانني‬
‫الفونولوجية بشكل يمكن للعاملني يف جمال احلوسبة االستفادة منها بطريقة مبارشة‬
‫(الغامدي وآخرون‪ ،‬د‪.‬ت‪)7 :‬؛ حيث ُيلزمنا نظام الكتابة العريب بإدراج حروف ال يتم‬
‫نطقها وحذف حروف جيب نطقها‪ ،‬ومن أمثلة النوع األول ما ييل‪:‬‬
‫Ÿ الالم الشمسية أينام وجدت‪ ،‬وهي الم التعريف التي تسبق االسم النكرة فيصري‬
‫معرفة‪ ،‬وتأيت مع ‪ ١٤‬حر ًفا‪ ،‬جمموعة يف البيت التايل‪ ،‬ومتثل أوائل الكلامت‪:‬‬
‫طب ثم صل رمحا تفز زر ذا نعم ‪ ---‬دع سوء ظن زر رشي ًفا للكرم‬
‫فأيام كلمة بدأت بالالم الشمية نقوم بحذف هذه الالم من الكتابة الصوتية‪.‬‬
‫Ÿ األلف الفارقة‪ ،‬وهي األلف التي تلحق واو اجلامعة يف نحو‪ :‬قاموا ‪ ،‬جلسوا ‪฀‬‬
‫ذهبوا‪َّ ،‬‬
‫ألن هذه األلفات ال تنطق‪ ،‬وإنام وضعت لعلل صفية‪.‬‬
‫Ÿ الواو يف كلمة عمرو ألنا ال تنطق وصال أو وق ًفا‬
‫Ÿ الواو األوىل يف نحو‪ :‬أولئك‪ ،‬وأولو‪ ،‬وأويل‪.‬‬
‫ومن أمثلة النوع الثاين ما ييل‪:‬‬
‫Ÿ إضافة واو ثانية يف كلمة داوود‪ .‬فتكتب‪ :‬داوود‪.‬‬
‫Ÿ إضافة ألف يف بعض أسامء اإلشارة نحو‪ :‬ذلك‪ ،‬وهذا‪ ،‬وهذان‪ ،‬وهذين‪ ،‬وهذه‪،‬‬
‫وهؤالء‪ .‬فتكتب ذالك‪ ،‬وهاذا‪ ،‬وهاذان‪ ،‬وهاذين‪ ،‬وهاذه‪ ،‬وهاؤالء‪.‬‬
‫Ÿ إضافة ألف يف األعالم مثل‪ :‬اهلل‪ ،‬واللهم‪ ،‬وإله‪ ،‬والرمحن‪ .‬فتكتب‪ :‬الاله‪،‬‬
‫والالهم‪ ،‬وإاله‪ ،‬والرمحن‪.‬‬

‫‪-١6٠-‬‬
‫Ÿ إضافة مهزة متحركة مع ألفات الوصل عند البدء هبا‪ ،‬ألن هذا البدء يرتتب عليه‬
‫فمتال كلمة اسمع‪ ،‬تكتب هكذا‪ :‬إِ ْس َم ْع‪.‬‬
‫نطق هذه اهلمزة مثل مهزة القطع‪ً ،‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬معالة االختصارات الكتابية‪.‬‬


‫املختصات الكتابية يف اللغة اإلنجليزية عبارة عن «صورة خمتصة لكلمة ‪word‬‬
‫أو السم مركب ‪ compound noun‬أو لعبارة ‪ ، phrase‬تنشأ عن طريق ترك بعض‬
‫حروف الكلمة أو استخدام أحرف معينة من كل كلمة‪ ،‬وعىل سبيل املثال ًّ‬
‫فإن “‪ ”m‬هي‬
‫اختصار لكلمة “‪ ”meter‬يف أحد التعريات عن الطول‪ ،‬ويقابله يف اللغة العربية احلرف‬
‫اختصارا لكلمة (مرت)‪ ،‬كأن يقال مثال‪ :‬طول اجلدار‬
‫ً‬ ‫ميم (م) الذي يدل عىل املعنى نفسه‬
‫فإن املختص (‪ )BBC‬هي اختصار للعبارة ‪British Broadcasting‬‬ ‫‪ 3٠‬م‪ ،‬كذلك َّ‬
‫اختصارا لقولك رشكة مسامهة‬
‫ً‬ ‫‪ ، Corporation‬وقريب منها يف العربية قولك (ش م م)‬
‫اختصارا لعبارة سكك حديد مص‪ ،‬وعادة ما يشيع يف اللغات‬ ‫ً‬ ‫مصية‪ ،‬أو (س ح م)‬
‫احلية استخدام بعض االختصارات بصورة أكثر من الصورة الكاملة هلذا املختص‪،‬‬
‫ويتفاوت ذلك بني لغة وأخرى كثرة أو قلة (أمحد‪.)3٢6 :٢٠١3 ،‬‬
‫ومع انتشار وسائل اإلعالم املسموعة املرئية واملكتوبة‪ ،‬وتطور سبل االتصال عرب‬
‫اهلواتف املحمولة واإلنرتنت أصبح استعامل املختصات الكتابية ظاهرة حتتاج من‬
‫القائمني عىل مرشوعات حتويل النص العريب إىل صوت منطوق أن يولوا هذه الظاهرة‬
‫االهتامم الالئق هبا؛ ومن ثم مجعها ثم إدراجها يف أنظمتهم الناطقة‪.‬‬
‫وال خيفى عىل كل متخصص أننا نستعمل يف كتاباتنا بعض الرموز واملختصات‬
‫للداللة عىل أمر ما يكوف معروفا عند من نخاطبهم‪ ،‬مثل‪( :‬ص‪.‬ب) التي نستعملها‬
‫للداللة عىل صندوق بريد‪ ،‬و (ه) التي نستخدمها للتعبري عن التاريخ اهلجري‪ ،‬أو (م)‬
‫التي نستخدمها للتعبري عن التاريخ امليالدي‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬تشكيل النص آل ًّيا‪.‬‬


‫إن وضع عالمات التشكيل يؤدي إىل فك االلتباس الداليل ووضوح املعنى‪ ،‬فعىل‬ ‫َّ‬
‫سبيل املثال إذا قمنا بتكوين كلمة ثالثية من اجلذر (ك ت ب)‪ ،‬فمن املمكن أن تكون‬
‫ِ‬
‫ْب أو َكت َ‬
‫َّب ‪ ...‬إلخ‪ ،‬وقد تقوم السليقة اللغوية بفك هذا‬ ‫ُب‪ ،‬أو َكت ٌ‬
‫ب أو ُكت ٌ‬
‫َب أو كُت َ‬‫َكت َ‬

‫‪-١6١-‬‬
‫االلتباس تلقائ ًّيا عن طريق املعرفة اللغوية الثابتة يف العقل الفردي‪ ،‬وإن كانت تلك‬
‫املقدرة تتلف من قارئ إىل آخر‪ ،‬أما احلاسب اآليل فإنه ال بد من برجمته ليحمل املعرفة‬
‫اللسانية التي عند املتحدث العريب ليصل إىل النتيجة نفسها‪ ،‬وهي عملية يف غاية التعقيد‪.‬‬
‫وقد بذلت مراكز علمية وبحثية عديدة جهدا مضنيا لتحقيق هذه الغاية إال أن اهلدف‬
‫مل يتحقق بشكل مرض إىل اآلن‪ .‬ومن ثم كانت هناك حماوالت ملا يعرف بالتشكيل‬
‫اجلزئي ‪diacritization partial‬؛ وهو تشكيل بعض احلروف وترك غريها‪ ،‬كتشكيل‬
‫احلروف املتصلة ببنية الكلمة وترك احلروف يف نايتها التي غالبا ما يكون هلا عالقة‬
‫بالنظام النحوي العريب أو تشكيل الكلامت األكثر شيوعا وترك النادر منها (الغامدي‬
‫وآخرون‪ ،‬د‪.‬ت‪.)8 :‬‬
‫وبدون تشكيل احلرف العريب ال يمكن لنظام نطق آيل معرفة التضعيف من عدمه‬
‫والتنوين والصوائت التي تيل الصوامت‪ ،‬مما جيعل عملية النطق اآليل للنص الغري‬
‫مشكل عملية مستحيلة (الغامدي وآخرون‪ ،‬د‪.‬ت‪.)8 :‬‬

‫خامسا‪ :‬قراءة النص بصوت واحد أو أكثر من القراء أو املذيعني املاهرين‪.‬‬


‫ً‬
‫ونقصد هبا مرحلة التسجيل وإعداد قاعدة البيانات الصوتية‪ ،‬وهي أهم مرحلة‪،‬‬
‫حيث يرتبط مدى نجاح املرشوع بجودة التسجيل وموافقته للمواصفات الفنية‬
‫املعتمدة‪ ،‬وجيب أن نراعي النقاط اآلتية يف التسجيل‪:‬‬
‫Ÿ ال بدَّ أن تكون النصوص املختارة ذات تنوع فونيمي يتواءم مع نسب توزيع‬
‫األصوات يف اللغة الفعلية‪.‬‬
‫Ÿ يتم اإلحصاء عىل مستوى الفونيم الثالثي وليس الثنائي أو املفرد‪.‬‬
‫Ÿ جودة تسجيل الصوت جيب أال تقل عن ‪3٢‬ك * ‪ ١6‬بت‪.‬‬
‫Ÿ التسجيل بصيغة اسرتيو‪.‬‬
‫Ÿ تتزامن عملية تسجيل الصوت مع تسجيل الذبذبات احلنجرية ( ‪.)EGG‬‬
‫Ÿ يكتفى بتسجيل قاعدة البيانات بصوت مذيع واحد‪.‬‬
‫Ÿ ال تقل املدة الصوتية اخلالصة ‪ -‬بعد حذف الفرتات الصامتة قبل قراءة كل مجل‬
‫وبعدها ‪ -‬عن ثالث ساعات‪.‬‬

‫‪-١6٢-‬‬
‫Ÿ تتم عملية التسجيل داخل أستوديو حمكم‪ ،‬وباستخدام جهاز القط صوت‬
‫(مايك) عىل درجة عالية من الدقة‪ ،‬وجمهز بتقنية استبعاد الضوضاء املصاحبة‬
‫للثوت‪ ،‬ويتم استخدام بطاقة صوتية معتمدة (‪.)Sound card‬‬

‫سادسا‪ :‬تشكيل النص صوت ًّيا‪ ،‬وف ًقا للقراءة الفعلية‪.‬‬


‫ً‬
‫يف هذه املرحلة نقوم بإعادة النظر يف تشكيل النص بعد قراءته من لدن املذيع‬
‫أو القارئ الذي ستستخدم صوته يف النظام‪ ،‬وهنا ينبغي عدم االعتامد عىل القواعد‬
‫النحوية املعيارية‪ ،‬بمعنى أنه إذا حلن املذيع أو القارئ الذي سنبني النظام عىل صوته يف‬
‫مجلة مثل‪ :‬رشح املدرسني الدرس‪َّ ،‬‬
‫فإن هذا اخلطأ لن يرتتب عليه أية مشكلة يف إعداد‬
‫قاعدة البيانات‪ ،‬ألن االعتامد هنا عىل الوحدات الصوتية وليس عىل القواعد النحوية‪.‬‬

‫ساب ًعا‪ :‬ختليق الكتابة الصوتية (‪.)Transcription‬‬

‫ونقصد هبا حتويل النص املكتوب باللغة العربية وف ًقا لقواعد األبجدية الصوتية‬
‫الدولية (‪ IPA( International Phonetic Alphabet‬أو وفقا ملنهج التقييم الفونيمي‬
‫لألبجدية الصوتية (‪ ،)SAMPA‬وقد تم ابتكار النظام األول (‪ )IPA‬منذ أواخر القرن‬
‫التاسع عرش‪ ،‬واستطاع الباحثون من خالله ابتكار ألفبائية جديدة للتعبري عن أصوات‬
‫اللغات املختلفة‪ .‬وحتاول هذه األلفبائية احلفاظ عىل قرب العالقة بني الرموز الكتابية‬
‫والصوت املنطوق‪ .‬وكانت املراجعة األخرية هلا يف عام ‪١٩8٩‬م‪ .‬ويعمل نظام ‪ IPA‬عىل‬ ‫ّ‬
‫ّغريات التي تعرتي‬ ‫لكل فونيم يف ّ‬
‫كل لغة برش ّية‪ ،‬ووضع عالمات تشكيلية للت ّ‬ ‫إجياد رمز ّ‬
‫أية لغة من اللغات (‪.)83٢ :١٩٩6 ,MacMahon‬‬
‫وقد قسمت هذه اجلمعية اللغوية األصوات اإلنسانية إىل ستة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬
‫·رموز ألصوات صامتة رئوية‪.‬‬
‫·رموز ألصوات صامتة غري رئوية‪.‬‬
‫·رموز ألصوات صائتة (احلركات)‪.‬‬
‫·رموز ألصوات نغمية‪.‬‬
‫·رموز لعالمات متييزية‪.‬‬
‫·رموز الفوقطعيات‪.‬‬

‫‪-١63-‬‬
‫أما النظام اآلخر وهو نظام (‪ )SAMPA‬فيعد أكثر األنظمة استخدا ًما يف برامج‬
‫التحليل الصويت احلاسويب‪ ،‬وهو برنامج تم تطويره أواخر ثامنينيات القرن املايض‬
‫ليغطي ستة لغات أوروبية ضمن برنامج ‪ EEC ESPRIT‬للبحث والتطوير يف جمال‬
‫تم االعتامد عىل معظم الرموز الصوتية التي ابتكرهتا ‪IPA‬؛‬
‫تكنولوجيا املعلومات‪ .‬وفيه َّ‬
‫ومن ثم إضافة عالمات أخرى بديلة لبعض األصوات لتكون أكثر مالئمة مع احلروف‬
‫احلاسوبية‪ ،‬فمثال تم استبدال الرمز [@] بالرمز [‪ ]ə‬الذي تم استخدامه من لدن ‪،IPA‬‬
‫ليعرب عن إحدى صوائت اللغة (‪.)L. DeMiller, 2000: 125‬‬
‫وقد زاد من أمهية نظام (سامبا) ما متتع به من التوافق وسهولة التعامل مع احلاسب‬
‫سهل استخدامه‬ ‫اآليل؛ بحيث جيد كل رمز صويت مكانًا له عىل لوحة املفاتيح باجلهاز‪ ،‬مما َّ‬
‫لدى الباحثني احلاوسوبيني‪ .‬وقد تم إدراج الرموز الصوتية العربية يف هذا النظام عىل‬
‫النحو املبني يف اجلدول اآليت‪:‬‬

‫املجموعة األوىل‪ :‬احلركات‪:‬‬


‫الكتابة الصوتية‬ ‫املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪D`il‬‬ ‫ظل‬ ‫‪I‬‬
‫‪X\al‬‬ ‫حل‬ ‫‪A‬‬
‫?`‪umr‬‬ ‫عمر‬ ‫‪U‬‬
‫?`‪i:d‬‬ ‫عيد‬ ‫‪:i‬‬
‫‪ma:l‬‬ ‫مال‬ ‫‪:a‬‬
‫‪fu:l‬‬ ‫فول‬ ‫‪:u‬‬

‫املجموعة الثانية‪ :‬أنصاف احلركات‪:‬‬


‫الكتابة الصوتية‬ ‫املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪wa:hid‬‬ ‫واحد‬ ‫‪W‬‬
‫‪Jawm‬‬ ‫يوم‬ ‫‪J‬‬

‫‪-١6٤-‬‬
‫املجموعة الثالثة‪ :‬الصوامت‪:‬‬
‫وتتفرع عنها صوامت انفجارية‪ ،‬وصوامت احتكاكية‪ ،‬وصوامت أنفية‪ ،‬وصامت‬
‫تكراري‪ ،‬وصامتان جانبيان‪ ،‬عىل النحو املبني أدناه‪:‬‬
‫الصوامت االنفجارية‪:‬‬
‫الكتابة الصوتية‬ ‫املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪ba:b‬‬ ‫باب‬ ‫‪B‬‬
‫‪`?tis‬‬ ‫تسع‬ ‫‪T‬‬
‫‪da:r‬‬ ‫دار‬ ‫‪D‬‬
‫‪`?t`a:bi‬‬ ‫طابع‬ ‫‪`t‬‬
‫‪d`arab‬‬ ‫رضب‬ ‫‪`d‬‬
‫‪kabi:r‬‬ ‫كبري‬ ‫‪K‬‬
‫‪gami:l‬‬ ‫مجيل‬ ‫‪G‬‬

‫الصوامت االحتكاكية‪:‬‬
‫الكتابة الصوتية‬ ‫الكلمة املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪fi:l‬‬ ‫فيل‬ ‫‪F‬‬
‫‪nivi:n‬‬ ‫نفني‬ ‫‪V‬‬
‫‪Tala:T‬‬ ‫ثالث‬ ‫‪T‬‬
‫‪Dakar‬‬ ‫ذكر‬ ‫‪D‬‬
‫‪D`ala:m‬‬ ‫ظالم‬ ‫‪`D‬‬
‫‪sa?`i:d‬‬ ‫سعيد‬ ‫‪S‬‬
‫‪zami:l‬‬ ‫زميل‬ ‫‪Z‬‬
‫‪s`aGi:r‬‬ ‫صغري‬ ‫‪`s‬‬
‫‪Sams‬‬ ‫شمس‬ ‫‪S‬‬
‫‪Zami:l‬‬ ‫مجيل‬ ‫‪Z‬‬
‫‪xit`a:b‬‬ ‫خطاب‬ ‫‪X‬‬
‫‪Garb‬‬ ‫غرب‬ ‫‪G‬‬

‫‪-١6٥-‬‬
‫الكتابة الصوتية‬ ‫الكلمة املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪X\ilm‬‬ ‫حلم‬ ‫‪\X‬‬
‫?`‪alam‬‬ ‫علم‬ ‫?` )?\(‬
‫‪?:hawa‬‬ ‫هواء‬ ‫‪H‬‬

‫الصوامت األنفية‪:‬‬
‫الكتابة الصوتية‬ ‫املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪ma:l‬‬ ‫مال‬ ‫‪M‬‬
‫‪nu:r‬‬ ‫نور‬ ‫‪N‬‬

‫الصوت التكراري‪:‬‬
‫الكتابة الصوتية‬ ‫الكلمة املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪rima:l‬‬ ‫رمال‬ ‫‪R‬‬

‫الصوتان اجلانبيان‪:‬‬
‫الكتابة الصوتية‬ ‫الكلمة املثال‬ ‫الرمز‬
‫‪:la‬‬ ‫ال‬ ‫‪L‬‬
‫?‪al`l`ah‬‬ ‫اهلل‬ ‫‪`l‬‬

‫وال يعني ذلك بالرضورة أنه جيب عىل الباحث يف املجال الصويت احلاسويب أن يقوم‬
‫بتحويل كل حرف أو حركة إىل رموز الكتابة الصوتية السابقة بطريقة يدوية‪ ،‬بل هناك‬
‫الـم َشكَّل إىل أحد أنظمة الكتابة‬
‫حتول النص العريب ُ‬‫الكثري من األدوات احلاسوبية التي ِّ‬
‫الصوتية بطريقة آلية‪ ،‬عىل النحو املوضح يف الشكل اآليت‪:‬‬

‫‪-١66-‬‬
‫َّ‬
‫الشكل ‪ :23‬برنامج حمول الكتابة الصوتية (‪ )RDI Transcribe V1.01 Alpha‬الذي ابتكرته الرشكة‬
‫اهلندسية لتطوير النظم الرقمية (‪)RDI‬‬

‫ثامنًا‪ :‬موائمة المل النصية مع التدفقات الصوتية‪.‬‬


‫حيث نقوم يف هذه املرحلة بإعداد جمموعة من امللفات لكل مجلة منطوقة‪ ،‬وهذه‬
‫امللفات هي‪:‬‬
‫Ÿ ملفات الصوت‪ :‬بامتداد (‪ ،)Wave‬ويمثل املادة األساسية للمرشوع‪.‬‬
‫Ÿ ملفات النصوص‪ :‬بامتداد (‪ ، )Text‬ونكتب فيها النص املوافقة للصوت‬
‫املنطوق‪.‬‬
‫Ÿ ملفات الكتابة الصوتية‪ ،)Transcription( :‬متوافقا مع إحدى األبجديات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫Ÿ ملفات األنو‪ )Ano( :‬لتحليل خصائص كل فونيم (اخلصائص الكيفية)‪.‬‬
‫Ÿ ملفات الالب‪ ،)Lab(:‬لتحديد زمن كل فونيم (اخلصائص الكمية)‪.‬‬

‫‪-١67-‬‬
‫تاس ًعا‪ :‬استنباط بداية وهنايات الفونيامت آل ًّيا‪.‬‬
‫يتم حتديد بدايات ونايات كل فونيم يف كل كلمة من كلامت قاعدة البيانات‬
‫الصوتية عن طريق متريرها عىل تقنية (‪ )HMMs‬عن طريق حتديد اخلواص األكوستية‬
‫لكل فونيم‪ ،‬والتي تتمثل يف‪ :‬اجلهر أو اهلمس‪ ،‬الشدة أو التوسط أو الرخاوة‪ ،‬االستعالء‬
‫أو االستفال‪ ،‬اإلذالق أو اإلصامت ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫عارشا‪ :‬حتديد بدايات وهنايات الفونيامت‪.‬‬


‫ً‬
‫أوال بشكل آيل عرب (‪ )HMMs‬ثم يتم ضبط بدايات ونايات‬ ‫ويتم هذا التحديد ً‬
‫كل فونيم من لدن خرباء صوتيني‪ ،‬وهناك الكثري من األدوات والربامج التي تسهم يف‬
‫إنجاز هذه املهمة‪ ،‬ومنها برنامج التحديد الزمني اآليت‪.‬‬

‫َّ‬
‫الشكل ‪ :24‬برنامج التحديد الزمني (‪ )Segment Lab‬الذي أنتجته الرشكة اهلندسية لتطوير النظم الرقمية (‪)RDI‬‬

‫وبذلك تكون قاعدة البيانات صاحلة لدجمها يف نظام حتويل النص العريب املكتوب‬
‫إىل صوت منطوق‪.‬‬

‫‪-١68-‬‬
‫‪ .4.2‬تقنية التعرف عىل الكالم املنطوق (‪.)ASR‬‬
‫تعد تقنية التعرف عىل الكالم املنطوق واحدة من أهم فروع تصصات اللسانيات‬
‫احلاسوبية التي هتدف إىل تطويع املناهج والتقنيات لتكون أكثر قدرة عىل التعرف عىل‬
‫اللغة املنطوقة وترمجتها أو حتويلها إىل نصوص إلكرتونية (‪.)Lee, Chin-Hui, 199: 232‬‬
‫التعرف التلقائي عىل الكالم (‪automatic‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا باسم‬
‫كام يعرف هذا التخصص ً‬
‫‪ )speech recognition‬ويشار إليه اختصار ًا ب (‪ )ASR‬أو تقنية حتويل الصوت‬
‫اختصارا بـ (‪.)STT‬‬
‫ً‬ ‫املنطوق إىل نص مكتوب (‪ )speech to text‬والتي يشار إليها‬
‫إنه نوع من العلوم يمكنه دمج املعرفة والبحوث اللغوية مع علوم احلاسب داخل إطار‬
‫جمال اهلندسة الكهربائية‪.‬‬
‫ومما يميز تلك التقنية اعتامدها بشكل أساس عىل «تدريب النظام» (‪ )training‬أو‬
‫(‪ )enrollment‬عن طريق قاعدة بيانات صوتية وعنونتها بنا ًء عىل معطيات التحليل‬
‫الصويت احلاسويب‪ ،‬وغال ًبا ما يتم االعتامد عىل عدد كبري من املتحدثني للغة أو للهجة‬
‫الواحدة‪ ،‬رشيطة أن تتلف فئاهتم العمرية وخواصهم الصوتية‪ ،‬فيقرأ كل متحدث‬
‫نصا لغو ًّيا‪ ،‬وربام يتم االكتفاء بقراءة جمموعة من املفردات املعزولة‬
‫منهم بشكل فردي ًّ‬
‫السياق‪ ،‬وذلك وف ًقا للغرض من إنشاء النظام سواء أكان الغرض طرح النظام لرشحية‬
‫كبرية من املتحدثني أو قصه عىل فرد واحد حيث يكتفي النظام بتحليل صوت هذا‬
‫الشخص ويستخدمه من أجل التعرف عىل الصوت نفسه الح ًقا‪ ،‬ويتسم هذا النظام‬
‫بالدقة الشديدة‪ ،‬وتسمى هذه الطريقة التابعة للمتحدث “‪ ”speaker dependent‬يف‬
‫حني تسمى الطريقة غري املعتمدة عىل املتحدث( ‪speaker independent Lee, Chin-‬‬
‫‪ )Hui, 1991: 232‬و (‪.)Martin, E. A. 1987: 778‬‬
‫وهناك الكثري من التطبيقات املتاحة التي تقدم خدماهتا اعتام ًدا عىل تقنية التعرف‬
‫اآليل عىل الصوت املنطوق‪ ،‬ومنها عىل سبيل املثال التطبيقات املثبتة يف اهلواتف النقالة‬
‫أو املحموالت اإللكرتونية بشكيل عام‪ ،‬حيث تتيح هذه التطبيقات إعطاء جمموعة من‬
‫األوامر الصوتية كفتح برنامج ما عىل اجلهاز أو االتصال بشخص من قائمة املراسالت‬
‫أو إرسال بطاقة معايدة أو هتنئة أو ما إىل ذلك‪.‬‬

‫‪-١6٩-‬‬
‫أيضا ما يتم تركيبه يف أجهزة التحكم عن بعد‪ ،‬وعن طريقها يمكنك ً‬
‫مثال‬ ‫ومنها ً‬
‫أيضا‬
‫فتح جهاز التكييف وضبط درجة حرارته عن طريق األوامر الصوتية‪ ،‬ومن ذلك ً‬
‫التحكم يف توجيه الكراس املتحركة التي يستخدمهـــا ذوو االحتياجــــات اخلاصة‬
‫(‪.)P. Nguyen 2010: 127‬‬
‫كام يتم استخدامها بشكل أوسع يف الكتب اإللكرتونية التي يمكنك من خالهلا‬
‫إعطاء أوامر حمددة للتطبيق فيستجيب هلا كتقليب صفحات الكتاب أو قراءة فصل من‬
‫فصوله‪ ،‬أو التحكم يف حجم اخلط ونوعه ولونه ‪....‬إلخ‪.‬‬
‫واألهم من ذلك كله استخدام تلك التقنية وإدارجها يف تقنية مشاهبة هلا‪ ،‬وهي‬
‫البحث الصويت اآليل (‪ )Speech Audio Indexer‬التي تتيح للمتصفح العثور عىل‬
‫مواضع معينة من ملفات صوتية مطولة (‪.)Lori Lamel, 2008: 8‬‬

‫‪-١7٠-‬‬
‫ببليوجرافيا مرجع َّية‪.‬‬
‫‪ .١‬ابن جني‪ ،‬أبو الفتح عثامن‪ ،)١٩١3( .‬اخلصائص‪ ،‬حتقيق حممد عىل النجار‪ ،‬دار‬
‫الكتب املصية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫‪ .٢‬ابن جني‪ ،‬أبو الفتح عثامن‪ )١٩٥٤( .‬رس صناعة اإلعراب‪ ،‬حتقيق مصطفى السقا‬
‫وآخرون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫‪ .3‬أمحد‪ ،‬أمحد راغب‪ )٢٠٠٢( .‬دور املؤثرات السياقية يف حتديد املدى الزمني‬
‫للفونيم‪ ،‬جملة الدراسات اللغوية واألدبية‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬العدد األول‪.‬‬
‫‪ .٤‬أمحد‪ ،‬أمحد راغب‪ ،)٢٠٠٤( .‬فونولوجيا القرآن‪ :‬دراسة ألحكام التجويد يف ضوء‬
‫علم األصوات احلديث‪ ،‬رسالة ماجستري غري منشورة‪ ،‬كلية اآلداب جامعة عني‬
‫شمس‪.‬‬
‫‪ .٥‬أمحد‪ ،‬أمحد راغب‪ )٢٠١3( .‬املختصات الكتابية يف اللغة العربية ‪ -‬دراسة‬
‫استقرائية حتليلية‪ .‬جملة الدراسات العربية واإلسالمية‪ ،‬دار العلوم جامعة املنيا‪،‬‬
‫العدد ‪.٢7‬‬
‫‪ .6‬أمحد‪ ،‬راغب أمحد‪ )٢٠٠٩( .‬نظام التعرف اآليل عىل الصوت القرآين‪ ،‬حفص‪-‬‬
‫دراسة توثيقية اختبارية‪ ،‬املؤمتر الدويل األول للتعلم والتعليم عن بعد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .7‬أنيس‪ ،‬إبراهيم‪ .)١٩6١( .‬األصوات اللغوية‪ .‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ .8‬أيوب‪ ،‬عبد الرمحن‪ :)١٩8٤( .‬الكالم إنتاجه وحتليله‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪.‬‬
‫‪ .٩‬البهنساوي‪ ،‬حسام‪ ،)٢٠٠٤( .‬علم األصوات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مص‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫‪ .١٠‬حسان‪ ،‬متام‪ ،)١٩٩٠( .‬مناهج البحث يف اللغة العربية ‪ ،‬مكتبة األنجلو املصية‪.‬‬
‫‪ .١١‬احلمد‪ ،‬غانم قدوري‪ ،)٢٠٠7( .‬الدراسات الصوتية عند علامء التجويد‪ ،‬دار عامر‬
‫عامن‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫للنرش والتوزيع‪َّ ،‬‬

‫‪-١7١-‬‬
‫‪ .١٢‬محيداين‪ ،‬عيسى واضح‪ .)٢٠١٠( .‬الصوت اللغوي دراسة وظيفية ترشحيية‪ ،‬دار‬
‫غيداء للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫‪ .١3‬العطية‪ ،‬خليل إبراهيم‪ ،)١٩83( ،‬يف البحث الصويت عند العرب‪ ،‬منشورات دار‬
‫اجلاحظ للنرش‪ ،‬بغداد‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫‪ .١٤‬عطية‪ ،‬سليامن‪ ،)٢٠١٥( .‬الفونيامت فوق الرتكيبية يف القرآن الكريم (املقطع‬
‫‪-‬النرب ‪-‬التنغيم) األكاديمية احلديثة للكتاب اجلامعي‪.‬‬
‫‪ .١٥‬عمر‪ ،‬أمحد خمتار‪ ،)١٩٩7( .‬دراسة الصوت اللغوي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عامل الكتب‪.‬‬
‫‪ .١6‬الغامدي‪ ،‬منصور بن حممد‪ ،)٢٠٠٠( .‬الصوتيات العربية‪ ،‬مكتبة التوبة‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪.‬‬
‫‪ .١7‬الغامدي‪ ،‬منصور بن حممد‪( .‬د‪ .‬ت)‪ ،‬حسني املحتسب‪ ،‬مصطفى الشافعي‪ .‬قوانني‬
‫الفونولوجيا العربية‪ ،‬منشورات مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية‪.‬‬
‫‪ .١8‬حممد‪ ،‬سهام‪ )٢٠٠٩( .‬الفونيامت غري الرتكيبية (الثانوية)‪ :‬التنغيم أنموذج ًا‪ ،‬بحث‬
‫غري منشور‪ ،‬اجلامعة األردنية‪ ،‬كلية اآلداب‪.‬‬
‫‪ .١٩‬املوسوي‪ ،‬مناف‪ ،)١٩٩8( .‬علم األصوات اللغوية‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪.‬‬
‫‪ .٢٠‬هالل‪ ،‬عبد الغفار حامد‪ ،)١٩88( .‬أصوات اللغة العربية‪ ،‬مكتبة األنجلو‬
‫املصية‪ ،‬ط‪.٢‬‬
‫‪ .٢١‬الوعر‪ ،‬مازن‪ ،)١٩8٩( .‬دراسات لسانية تطبيقية‪ ،‬دار طالس‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪.‬‬
‫‪1. Bannon, Mike; Kaputa, Frank. “The Newton–Laplace Equation and‬‬
‫‪Speed of Sound”. Thermal Jackets. Retrieved 30 May 2019.‬‬
‫‪2. Lee, Chin-Hui, Rabiner, R. Lawrence and Pieraccini, Roberto‬‬
‫‪(1991) ‘Speaker Independent Continuous Speech Recognition‬‬
‫‪Using Continuous Density Hidden Markov Models’. NATO ASI‬‬
‫‪Series, Vol. F75.‬‬

‫‪-١7٢-‬‬
3. Lori Lamel, Jean-Luc Gauvain, Speech Processing for Audio
Indexing, International Conference on Natural Language Processing,
GoTAL 2008, Advances in Natural Language Processing pp 4-15
4. Martin, E. A. (1987), ‘A Two-stage Isolated-word Recognition
System using Discriminant Analysis’, MIT Lincoln Laboratory,
Technical Report 773
5. P. Nguyen (2010). Automatic classification of speaker characteristics,
International Conference on Communications and Electronics
2010, INSPEC Accession Number: 11698809
6. H. Hotellings, “Analysis of a complex of statistical variables into
principle components”, J. Educ. Psychol., 24, pp.417-441, 498-520,
1933.
7. Huang, C., Chen, T., Li, S.Z., Chang, E., & Zhou, J. (2001). Analysis
of speaker variability. INTERSPEECH.
8. Hyvarinen and E. Oja,( 2000) “Independent component analysis:
algorithms and application” Neural Networks 13. pp.411~430.
9. JL Flanagan, Speech Analysis, Synthesis and Perception, Springer-
Verlag, New York, 1972
10. Jump up to:a b Blust, Robert. (2013). The Austronesian Languages
(Rev. ed.). Australian National University.
11. Khattab, Ghada & Al-Tamimi, Jalal. (2014). Geminate timing in
Lebanese Arabic: The relationship between phonetic timing and
phonological structure. Laboratory Phonology, 5 (2), 231-269.
12. L. DeMiller, Anna & Rettig, James (2000). Linguistics: A Guide to the
Reference Literature (2nd ed.). Libraries Unlimited. ISBN 1-56308-
619-0.
13. L. E. Baum, A statistical estimation procedure for probabilistic
functions of Markov processes, IDA-CRD Working Paper No. 13

-١73-
14. MacMahon, Michael K. C. (1996). “Phonetic Notation”. In P. T.
Daniels and W. Bright (eds.). The World’s Writing Systems. New
York: Oxford University Press. pp. 821–846. ISBN 0-19-507993-0.
15. Mr. R. Arun Thilak & Mrs. R. Madharaci (2004), “Speech Recognizer
for Tamil Language”, Tamil Internet, Singapore.
16. Stevens, K.N.(2000), Acoustic Phonetics, MIT Press, ISBN 0-262-
69250-3, 978-0-262-69250-2
17. Thierry Dutoit, An Introduction to Text-to-Speech Synthesis,
Springer; 1997 edition (April 30, 1997), P 13
18. Uszkoreit, Hans. “DFKI-LT - What is Language Technology”.
Retrieved 16 November 2018.
19. Wall, Joan (1989). International Phonetic Alphabet for
Singers: A Manual for English and Foreign Language Diction.
Pst. ISBN 1-877761-50-8.
20. http://hyperphysics.phy-astr.gsu.edu/hbase/Sound/intens.html ,
Retrieved 30 May 2019.
21. http://www.intellaren.com/articles/ar/a-study-of-arabic-letter-
frequency-analysis, Retrieved 30 May 2019.
22. http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.
php?topic_id=1777, Retrieved 30 May 2019.
23. https://www.cooleditpro.com. , Retrieved 30 May 2019.
24. https://www.goldwave.com/goldwave.php., Retrieved 30 May
2019.
25. https://www.grc.nasa.gov/WWW/BGH/sound.html, Retrieved 30
May 2019.
26. https://www.phon.ucl.ac.uk/resource/sfs/ , Retrieved 30 May 2019.

-١7٤-
‫الرابع‬
‫الفصل َّ‬
‫االصطناعي وتعليم ال ُّلغة العرب َّية‬
‫ّ‬ ‫الذَّ كاء‬
‫نحو ِمن ََّص ٍة تعليم َّي ٍة ُم َت َك ِام َلة‬

‫د‪ .‬نعيم حممد عبد الغني‬

‫‪-١7٥-‬‬
-١76-
‫ملخص‬
‫االصناعي باللغة العربية‪ ،‬وإنام هو‬ ‫ِ‬
‫الذكاء‬ ‫ِ‬
‫لعالقة‬ ‫ليس تأصيال وتأرخيًا‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫الفصل َ‬ ‫هذا‬
‫منص ٍة‬ ‫ِ‬
‫تعالج اللغات الطبيعي َة يف َّ‬
‫ُ‬ ‫التقنيات التي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تتكامل فيها‬ ‫ملنصة علم َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫طموح‬
‫ٌ‬ ‫مرشوع‬
‫ٌ‬
‫الدراس ِة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وأعامرهم‪ .‬وقد س َّل ْط ُت يف هذه‬ ‫ِ‬
‫مستوياهتم‬ ‫ِ‬
‫اختالف‬ ‫تتاح للجمي ِع عىل‬ ‫ٍ‬
‫واحدة ُ‬
‫ِ ِ‬
‫َّعليمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرتكيز عىل ال ُبعد الت‬ ‫أهم ال َّت ْقنيات ذات التَّطبيقات ُ‬
‫الـمتعدِّ دة‪ ،‬مع َّ‬ ‫الضو َء عىل ّ‬
‫أبنت عن جوانبها‬ ‫أبنت عن كيف َّية توظيف هذه التَّطبيقات يف تعليم العرب َّية‪ ،‬كام ُ‬ ‫وقد ُ‬
‫توظيفها يف ِ‬
‫بيئة‬ ‫ِ‬ ‫لتحقق النتيج َة املرجو َة من‬ ‫تطويرها؛‬ ‫والسلب َّية‪ ،‬وكيف يمك ُن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اإلجياب َّية َّ‬
‫التَّعليم‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلنسان هلا‪ ،‬ووسائل‬ ‫ف اللغ َة ويرصدُ حاج َة‬ ‫ُ‬
‫الفصل بتسلسل منطقي ُي َع ِّر ُ‬ ‫وانطلق‬
‫َ‬
‫مستوياهتا‪ :‬الصوتية والصفية‬ ‫ِ‬ ‫تعليم اللغة يف‬ ‫تعليمها التقليدية وغري التقليدية‪ ،‬ثم يرصدُ‬‫ِ‬
‫َ‬
‫عرضت نموذجا مصورا ملرشو ِع ِمنَص ٍة تعليمي ٍة م َتك ِ‬
‫َام َلة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والرتكيبية والداللية‪ ،‬ثم‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َّ ً‬

‫الكلامت املفتاحية‪:‬‬
‫اللغة العربية‪ ،‬احلاسوب‪ ،‬التعرف عىل الصوت‪ ،‬التعرف عىل الصورة‪ ،‬تكنولوجيا‬
‫التعليم‪.‬‬

‫‪-١77-‬‬
‫‪ .1‬ال ُّلغة والتَّع ُّلم‪.‬‬
‫املخلوقات‪ ،‬فالوظيف ُة األساسية املم ِّيزة لعقل‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان عن باقي‬ ‫يميز‬
‫أكثر ما ُّ‬ ‫اللغ ُة ُ‬
‫استعامهلا‪ ،‬وعىل رأس هذه‬ ‫ِ‬ ‫أنظمة َر ْم ِز َّي ٍة والتمك ُن من‬
‫ٍ‬ ‫اإلنسان هي مقدرتُه عىل ِ‬
‫إنتاج‬
‫ِ‬
‫املعرفة‬ ‫ِ‬
‫وتزين‬ ‫ِ‬
‫املعلومة‬ ‫ِ‬
‫ومتثيل‬ ‫ِ‬
‫التواصل‬ ‫ِ‬
‫املستعمل يف‬ ‫اللغوي‬ ‫األنظمة الرمز َّي ِة النظا ُم‬
‫ُّ‬
‫ونقلها‪.‬‬
‫التعبري عن احتياجاته‪،‬‬ ‫يستطيع‬ ‫ِ‬
‫خالهلا‬ ‫وفكره‪ ،‬فمن‬ ‫ِ‬
‫حضارة اإلنسان‬ ‫إن اللغ َة ِوعا ُء‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يعيش فيه بداية من أ ِّمه‬‫الكتساب لغتِه من حميطِه الذي ُ‬ ‫ِ‬ ‫تلقائي يسعى‬
‫ٍّ‬ ‫ومن ثم فهو بشكل‬
‫ِ‬
‫واحتكاكه‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫ب سعي‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأرستِه وانتها ًء‬
‫حس َ‬
‫يتفاوت ضيقا وسعة ْ‬ ‫بمجتمعه الذي‬
‫غري لغتِه األم‪.‬‬
‫االحتكاك الذي قد يدفعه لتع ُّل ِم ُل َغ ٍة أخرى ِ‬
‫ُ‬ ‫بالثقافات األخرى‪ ،‬ذلك‬
‫يتواصل مع حميطِه الذي ُ‬
‫يعيش‬ ‫َ‬ ‫يستطيع أن‬
‫َ‬ ‫دافع لِتَع ُّل ِم اللغة؛ كي‬ ‫ُ‬
‫فاإلنسان عنده ٌ‬ ‫إ ًذا‬
‫توظيف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫التعلم يف حدِّ ذاته عملي ٌة مركب ٌة وصعبة‪ ،‬تستدعي من املتعل ِم‬ ‫فيه‪ ،‬غري أن هذا‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ذهنية وآليات نفسية واجتامعية‪ .‬وهذا العب ُء ال حيس به إال املعلم النظامي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫معارف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫تعلم ابنها عن طريق االحتكاك املبارش‬ ‫أما من ُيع ِّل ُم اللغة بشكل فطري كاألم التي‬
‫ُ‬
‫ويكون حمدودا‬‫ُ‬ ‫تضع خطة منظمة‪ ،‬بل يكون التعليم بشكل فطري سلسل‬ ‫ُ‬ ‫هبا فإنا ال‬
‫املعلم النظامي للغة فإن عليه عب ًئا يف‬
‫ُ‬ ‫بطبيعة تفاعل األم واألرسة مع هذا الطفل‪ ،‬أما‬
‫معارفِه ومهاراتِه ليع ِّلم الطالب‪ ،‬بداي ًة من التخطيطِ‬ ‫ِ‬
‫بتوظيف ِ‬ ‫تعليم اللغة؛ ألنَّه مطا َلب‬
‫َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫للمنهج‪ ،‬ثم التدريس والتواصل بني طالبه وانتها ًء باالختبارات والتقييم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هبذا املدخل يتبني لنا أن اإلنسان يمر بمرحلتني يف تعلم اللغة‪ ،‬األوىل‪ :‬هي املرحلة‬
‫يكتسب فيها اإلنسان لغتَه من حميطِه‪ ،‬واملرحل ُة الثانية تتمثل يف‬ ‫ُ‬ ‫العشوائية الطبيعي ُة التي‬
‫التعليم النظامي للغة‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرتكيب‬ ‫ِ‬
‫الصف ثم‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫واللغ ُة‬
‫بالصوت َّ‬
‫ْ‬ ‫مستويات عدَّ ة‪ :‬تبدأ‬ ‫تتكون من‬ ‫اتصال‬ ‫كأداة‬
‫أصوات‬
‫َ‬ ‫فيتعلم‬ ‫ِ‬
‫املستويات بالتوازي‪،‬‬ ‫يتعلم هذه‬ ‫اللغة ينبغي أن‬‫وأخريا الداللة‪ ،‬ومتع ّلم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يستطيع أن‬ ‫ِ‬
‫ثم ُيك َِّو ُن َث ْر َو ًة ُلغو َّي ًة من املفردات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلروف و ُي َف ِّر ُق َ‬
‫ُ‬ ‫بني احلركات والصوامت َّ‬
‫ِ‬
‫اليل َي ْف َه ُمه ا ُْمل َخا َطب‪ .‬واملحصلة النهائية أن‬ ‫مجال صحيح ًة تركيب ًّيا وهلا َم ْعنَى د ِ ّ‬ ‫ُيك َِّو َن منها ُ َ‬
‫وس َام ًعا‪َ ،‬و َه ِذه ال َعملي ُة هي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادرا عىل استخدامها حتدُّ ًثا وكتاب ًة وقراء ًة َ‬
‫ِ‬
‫يكون ُم َت َع ّلم اللغة َق ً‬

‫‪-١78-‬‬
‫أية ٍ‬
‫لغة‪ ،‬ومنها اللغ ُة العربي ُة‪ ،‬بِ َغ ِّض النَّ َظ ِر َع ّام ُ‬
‫متتاز به العرب َّية‬ ‫الغاي ُة التي يسعى إليها م َتع ّلم ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َْ َ‬
‫تتطلب بح ًثا‬ ‫من خصوصيات ُمت َ ِّي ُزها عن باقي اللغات‪ ،‬لك َّن هذه العملي َة معقدةٌ؛ ُ‬
‫حيث‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫خصائص‬ ‫ِ‬
‫إنتاج الكالم‪ُ ،‬ث َّم َب ْح ًثا ُل ُغو ًّيا يف دراسة‬ ‫ِ‬
‫طريقة ِ‬ ‫ِ‬
‫لتوضيح‬ ‫فيسيولوج ًّيا وفيزيائ ًّيا‬
‫إنتاج الكال ِم‪ْ ،‬بل نَدْ ُر ُس‬
‫ندرس طريق َة ِ‬ ‫ُ‬ ‫هذا الكال ِم‪ ،‬فنحن اللغويني ‪ -‬يف واقع األمر‪ -‬ال‬
‫خصائصه الصوتي َة والصفي َة والنحو ّية والدالل ّية‪ .‬والذكا ُء‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فنحلل‬ ‫ِ‬
‫إنتاجه‪،‬‬ ‫الكال َم َب ْعدَ‬
‫البرشي يف‬ ‫ِ‬
‫العقل‬ ‫ِ‬
‫إنتاج الكال ِم وحماكاة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫االصطناعي أما َمه إ ًذا حتد كبري‪ ،‬األول‪ :‬يف كيفية ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الـمحا َفظة عىل خصائص الكال ِم وقواعده يف ِّ‬
‫كل لغة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك‪ ،‬والثاين يف كيف َّية ُ‬

‫‪ .2‬طبيعة إنتاج اللغة‪.‬‬


‫واحدة‪ ،‬هي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫نتيجة‬ ‫قات ت َِص ُل غال ُبها إىل‬ ‫التعريفات املختلفة للغة ِعدَّ َة منْ َط َل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫تتخذ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رب ِهبا ك ُُّل َق ْو ٍم عن أغراضهم (ابن‬ ‫اإلنساين‪َ ،‬ف ِهي‬ ‫ِ‬ ‫أن اللغ َة أدا ٌة‬
‫أصوات ُي َع ِّ ُ‬
‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫للتواصل‬
‫ِ‬
‫أفراد‬ ‫بني‬
‫التعارف َ‬ ‫يتم بواسطتِها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الرموز االعتباط َّية ُّ‬ ‫جني‪ )33/١،‬أو هي نظا ٌم من‬
‫احلركات التي يقو ُم هبا‬ ‫ُ‬ ‫املخارج أو‬ ‫األصوات للوصف من حيث‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املجتمعِ‪ ،‬وتضع ِ‬
‫هذه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الـمصاحب ُة هلذا النطق (عاميرة‪،‬‬ ‫والظواهر الصوت َّي ُة ُ‬ ‫ُ‬ ‫فات‬
‫الص ُ‬ ‫جهاز النُّطق ومن حيث ِّ‬ ‫ُ‬
‫‪.)١٥ :١٩87‬‬
‫إشارات متفارق ًة ‪ -‬عىل حد تعبري دي سوسري‪ -‬فهذا يعني‬ ‫ٍ‬ ‫وإذا كانت اللغ ُة أصواتًا أو‬
‫أفراد املجتمع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اتصالية بني‬ ‫ٍ‬
‫بوظيفة‬ ‫تعمل ِض ْم َن نظا ٍم يقو ُم‬ ‫ووحدات لغوي ٌة ُ‬ ‫ٌ‬ ‫رموز‬
‫ٌ‬ ‫أنا‬
‫نتج منها أصواتا وكال ًما له معنى وداللة وفق آل َّي ٍة‬ ‫العقل البرشي؛ ل ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫هذه الر ُموز خيزنا‬ ‫و ِ‬
‫َ‬
‫إنتاج الكال ِم يف‬ ‫األول هو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ستويني‪ ،‬املستوى‬ ‫ِّ‬ ‫ون عىل ُم‬ ‫ِ‬
‫ُم َع َّقدَ ة‪ ،‬هذه اآللي ُة َتن ََاو َهلا الدَّ ار ُس َ‬
‫ِ‬
‫بتفعيل‬ ‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫إنتاج الكال ِم يف الدِّ ما ِغ‬ ‫املخ‪ ،‬واملستوى الثاين فيسيولوجي ُة النُّ ْط ِق‪ .‬فأما ُ‬
‫والكتابة‪ ،‬فاملتحدث يبدأ يف التفكري يف معنى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقراءة‬ ‫للتحدث والفه ِم‬ ‫ِ‬ ‫ات لغو ّي ٍة‬ ‫تَر ِم َيز ٍ‬
‫ْ‬
‫وشكل‬‫ٌ‬ ‫أصوات‬
‫ٌ‬ ‫املفردات هلا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫خيت َُار له املفردات املناسب َة‪ ،‬وهذه‬ ‫ما يريد أن يتحدث به ُث َّم َ ْ‬
‫ترتجم إىل‬ ‫املطاف‪ ،‬هذه العملي ُة‬ ‫ِ‬ ‫رأسه لينْطِ َقها يف ِ‬
‫ناية‬ ‫صيف‪ُ ،‬ثم بعدَ ها يركِّب اجلم َل َة يف ِ‬
‫ُ‬ ‫َُ ُ ُْ‬ ‫ٌّ َّ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطبيعي بشكل رسيع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتتم يف اإلنسان‬ ‫حركة ال َف ِم والفكني واللسان واحلنك واحلنجرة‪ُ ،‬‬
‫خلق البرش‪ ،‬حال ٌة‬ ‫اإلعجاز يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هي حال ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫إن آلي َة ِ‬ ‫َّ‬
‫حاالت‬ ‫إنتاج الكال ِم واستقباله َ‬
‫أن اللغة تتم من‬ ‫فيجوتِ ْس ِكي َذكر َّ‬ ‫َّفس ُ‬ ‫كثريا‪ ،‬ف َعامل ُ الن ِ‬ ‫والطب أما َمها ً‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫وقف علام ُء‬ ‫َ‬

‫‪-١7٩-‬‬
‫العقل‪ ،‬فهناك نظامان يعمالن‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫البرش‪ ،‬وترتيب األفكار يف‬ ‫ِ‬ ‫اخلارجي مع‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االتصال‬ ‫ِ‬
‫خالل‬
‫يستخدمان شفرة لغو ّية واحدة (جوديث‬ ‫ِ‬ ‫خارجي‪ ،‬وكال النّظامني‬ ‫وآخر‬ ‫داخيل‪،‬‬ ‫نظا ٌم‬
‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬
‫جرين‪.)١٥ - ١3 :١٩٩٢ ،‬‬
‫ٍ‬
‫إنسان‬ ‫ِ‬
‫واألداء‪ ،‬فك ُُّل‬ ‫ِ‬
‫الكفاءة‬ ‫ِ‬
‫خالل‬ ‫إنتاج اللغة َي ُم ُّر من‬
‫أما تشومسكي فإ َّن ُه يرى أن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الـمدْ َخالت‬ ‫جمتمعه‪َ ،‬و َب ْعدَ إضا َفة ُ‬ ‫حيتوي دما ُغه عىل معرفة ُلغو َّية يتم تغذيتُها من حميط َ‬
‫قادرا عىل التكلم ( ‪.)7٩-77 :٢٠٠٠ ,Chomsky‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اللغوية ُي ْصبِ ُح‬
‫اإلنسان ً‬
‫ٍ‬
‫العصبي (‪ ،)Neuro linguistique‬ول ُه‬ ‫ّ‬ ‫علم اللغة‬ ‫در َسها باستفاضة ُ‬ ‫إن هذه املسأل َة َ‬
‫إنتاج الكالم‪ ،‬ففي ترشيح الدماغ ‪ -‬كام يف‬ ‫ِ‬
‫أفر ٌع متعدد ٌة ُهيمنا منها اآلن ما يتصل بطريقة ِ‬ ‫ُ‬
‫(الشكل ‪ )١‬هناك مناطق مسؤولة عن اللغة هي‪ :‬منطقة ُبروكا وال ُّل َحاء السمعي وال ُّلحاء‬
‫ِ‬
‫املعلومات‬
‫ُ‬ ‫جيب أن َ‬
‫تصل‬ ‫الرئييس ومنطقة فريينك‪ ،‬وعند ُن ْط ِق أ َّية كلمة م ْقروءة ُ‬ ‫ّ‬ ‫احلركي‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدورها املعلومات إىل منْ َط َقة الكال ِم اخللفية بام فيها‬ ‫ترسل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أوال إىل القرشة البصية التي‬
‫الرئييس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعلومات إىل منْ َط َقة بروكا‪ُ ،‬ث َّم إىل ال ُّل َحاء‬ ‫فريينك‪ ،‬ثم تنتقل‬ ‫ِ‬ ‫منطق ُة‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫وأي خلل‬ ‫املناطق مسؤول ٌة عن السم ِع والن ِ‬ ‫إن ِ‬ ‫َّ‬
‫ُّطق‪ ،‬فهي أدوات االتصال املبارشة‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫هذه‬
‫اضطراب فيهام (شهداء‪.)8٩-83 ،٢٠١٥ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫للنطق أو عىل األقل‬‫ِ‬ ‫صمام أو ف ْقدً ا‬
‫ث ً‬ ‫حي ِد ُ‬ ‫فيها ُ ْ‬

‫الشكل ‪ :1‬مناطق إنتاج الكالم يف الدِّ ماغ البرشي‬

‫‪-١8٠-‬‬
‫االصطناعي وإنتاج اللغة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪َّ .3‬‬
‫الذكاء‬
‫َاعي ُحمَاكا َة هذا النظا ِم ا ُْمل َع َّق ِد يف تركيبِه‬ ‫ِ‬
‫االصطن ُّ‬ ‫الذكَا ُء ْ‬ ‫يستطيع َّ‬
‫ُ‬ ‫والسؤال اآلن‪ :‬هل‬ ‫ُ‬
‫الـمع ِّلم‬ ‫أن ُحت َّل َّ‬ ‫ِ‬ ‫وه ْل ُيمك ُن‬ ‫ِ ِ‬
‫حمل ُ‬ ‫لآللة ْ‬ ‫وطري َقة أدائه؟ وما الذي ت ََو َّص َل إليه حتى اآلن؟ َ‬
‫يف تعلي ِم ال ُلغة؟‬
‫االصطناعي عامال مشرتكا يتمثل يف الرتميز‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والذكاء‬ ‫واجلواب نعم؛ ألن بني اللغة‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ُعر َفه عىل شكل احلروف التي هي رموز يف‬ ‫فإذا كان العقل البرشي حيتاج إىل أن ن ِّ‬
‫الرموز‪ ،‬فالعالقة‬ ‫ِ‬ ‫األساس‪ ،‬فباإلمكان أن ندرب احلاسوب عىل قدر كبري من هذه‬
‫حتمي‬ ‫أمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌّ‬ ‫واحلاسوب ٌ‬ ‫اللغة‬ ‫بني اللغة واحلاسوب تأخذ طابعا تبادل ًّيا‪ ،‬وااللتقاء بني‬
‫ِ‬
‫واإلنسان هو الذي منحه اهلل القدرة عىل تصميم‬ ‫ُ‬ ‫غوي‪،‬‬ ‫حمور النشاط ال ُّل ّ‬ ‫اإلنسان ُ‬ ‫َ‬ ‫ألن‬
‫احلاسوب وتشغيله‪ ،‬وهذا يم ُّكنُه من صناعة لغات الربجمة التي تدّ م لغته التي يتكلم هبا‬ ‫ِ‬
‫(عيل‪.)١١٥ ،١١3 :١٩88 ،‬‬
‫اكتشاف حاجات البرشية؛‬ ‫ِ‬ ‫املعلومات تقوم عىل االنطالق من‬ ‫ِ‬ ‫إن صناع َة تكنولوجيا‬ ‫َّ‬
‫البرشية امللحةِ‬
‫ِ‬ ‫سهلة التناول‪ ،‬ومن حاجاتِ‬ ‫ِ‬ ‫صورة تطبيقاتٍ‬ ‫ِ‬ ‫لِتَدْ ُر َس إمكانية حتقيقها يف‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الواحدة‪ ،‬أم‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫التواصل بني ِ‬
‫أبناء‬ ‫ُ‬ ‫لغوي‪ ،‬سواء أكان هذا‬ ‫ِ‬
‫التواصل ا ُّل‬ ‫اآلن رضور ُة‬
‫ِّ‬
‫االصطناعي الذي ما‬ ‫يتدخل َّ‬
‫الذكَا ُء‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بني ُلغات متعددة‪ ،‬ويف األمرين‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫طريق الرتمجة َ‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫مجة اآللية التي‬ ‫ِ‬ ‫الرت َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫زال ُي َو ِ‬
‫َ‬
‫ويبلغ هذا التحدي ذرو َت ُه يف َ ْ‬ ‫اج ُه حتديات كبري ًة حتى اآلن‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اسة إِ ْمكَان َّية َ ْحتقيقه؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الت ُح ْل ًام ُيراو ُد علام َء التكنولوجيا الذين َع َك ُفوا اآلن عىل د َر َ‬ ‫َما َز ْ‬
‫ومفرداهتا وتراكيبِها ملعرفة املعاين التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصواهتا‬ ‫ِ‬
‫ص اللغات يف‬ ‫ِ‬
‫فبدأوا بدراسة َخ َصائ ِ‬ ‫ِ‬
‫مج ًة بِ ِد َّقة‪.‬‬
‫رت َ َ‬ ‫ستكون ُم َ ْ‬‫ُ‬
‫حيث‬‫رباء يف اللغات؛ ُ‬ ‫رباء يف هندسة التكنولوجيا ُ‬
‫وخ َ َ‬ ‫رب ُخ َ َ‬ ‫وتتم هذه الدراسات َع ْ َ‬
‫املشكالت التي ست ِ‬
‫ُواج ُه ُهم‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ٍ‬
‫حماولة ِّ‬
‫حلل‬ ‫َاح ِة يف‬ ‫ِ ِ‬
‫املوارد ا ُْملت َ‬ ‫ُش ِغ ُلوا اآلن يف َح ْ ِ‬
‫ص‬
‫ٍ‬
‫مقروء‬ ‫ٍ‬
‫كامل‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫ِ‬
‫املعمورة‬ ‫ِ‬
‫أنحاء‬ ‫ِ‬
‫البرش يف كافة‬ ‫ِ‬
‫تواصل‬ ‫مج ِة اآللية؛ رغب ًة يف‬ ‫الرت َ َ‬
‫يف َّ ْ‬
‫بغري ُل َغتِه التي‬
‫ف ا ُْملدَ َّون َِة ِ‬ ‫ُب والصح ِ‬
‫ُّ ُ‬ ‫لع بِ ْس ُهو َل ٍة عىل ال ُكت ِ‬ ‫فالكل َي ْر ُجو َأ ْن َي َّط َ‬
‫ُّ‬ ‫ومسموعٍ‪،‬‬
‫غري ِ‬
‫أبناء‬ ‫أحد من ِ‬ ‫بسيط ِعنْدَ ما يتكلم مع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بجهاز‬ ‫يفهم حمادث ًة فوري ًة‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫يتكلم هبا‪ ،‬ويريدُ أن َ‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬
‫والكل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يتكلمون بلسان غري لسانه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أن ُي َو ِّص َل َما عنْدَ ُه لآلخرين الذي َن‬ ‫لغتِه‪ ،‬ك ََام َي َو ُّد ْ‬

‫‪-١8١-‬‬
‫رت َجم كالمي َع ْ َ‬
‫رب لغة أخرى‬ ‫هل سيأيت اليوم الذي أتكلم فيه باهلاتف بلغتي ل ُي َ ْ‬ ‫يتساءل‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مجا للغتي يف رسعة ودقة؟!‬ ‫رت َ ً‬ ‫ٍ‬
‫فيفهمها األجنبي‪ ،‬ويأيت ر ُّده الذي هو بلغة أخرى ُم َ ْ‬
‫ُ‬
‫نظر إليها الباحثون باهتامم فييتط َّلعون حل ِّلها‪ ،‬فيدفعهم أملهم‬ ‫وكل هذه األماين َي ُ‬
‫اللغات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املشرتك بني‬ ‫ِ‬
‫والقدر‬ ‫ِ‬
‫مشكالهتا‬ ‫ِ‬
‫ومعرفة‬ ‫حتليل اللغات‬ ‫ِ‬ ‫فتكون البداي ُة يف‬
‫ُ‬ ‫للعمل‪،‬‬
‫تكون‬‫َ‬ ‫والوقت‪ .‬وحتى ال‬ ‫جل ْهدَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ليوفر ا ُ‬ ‫َ‬ ‫يكون قاعد ًة هلذه الرتمجة؛‬ ‫الذي من املمكن أن‬
‫مناهج‬ ‫ِ‬
‫خصائص اللغات ووضعوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغرب يف البحث عن‬ ‫البداي ُة من فراغ‪ ،‬فقد بد َأ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫املثال عندما َبدَ َأ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صناعة تكنولوجيا عربية؛ فعىل سبيل‬ ‫دورها يف‬ ‫خمتلف ًة للبحث كان هلا ُ‬
‫الصوت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنجليزية انطلقوا من‬ ‫تطبيقات تكنولوجي ٍة عىل ِ‬
‫اللغة‬ ‫ٍ‬ ‫حماولة ُصنع‬‫ِ‬ ‫اإلنجليز يف‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫الربنامج عىل تقنية‬ ‫ِ‬
‫برنامج لتعلي ِم اللغة اإلنجليزية للناطقني بغريها‪ ،‬ويعتمدُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لِ ُصنْ ِع‬
‫ُ‬
‫الص ْوت‪ ،‬فقاموا بصنع برنامج ُي َس َّمى (‪ )Tell me more‬الذي ُيع ِّلم كيفية‬ ‫ِ‬
‫التعرف عىل َّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫النطق للمتعل ِم استطاع بسهولة أن‬ ‫ُ‬ ‫نطق اللغة اإلنجليزية بصورة صحيحة‪ ،‬وإذا استقام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يكتسب اللغ ُة بمفر َد ِاهتا وتركيبِها‪.‬‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫بحثية‬ ‫فنجحت يف جر القائمني يف تكنولوجيا املعلومات إىل ٍ‬
‫آفاق‬ ‫ْ‬ ‫أما الرتمج ُة اآللي ُة‬
‫ِّ‬
‫كبري للخار َط ِة‬ ‫خلق رؤي ًة واضح ًة إىل حدٍّ ٍ‬ ‫خلدمة البرش َّية؛ مما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارتيادها‬ ‫أخرى ال ُبدَّ من‬
‫الرضورية؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتطلبات‬ ‫ِ‬
‫تعيني‬ ‫ِ‬
‫األهداف‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ِ‬
‫حتديد‬ ‫البحثية يف عامل التكنولوجيا‪ ،‬عن طريق‬ ‫ِ‬
‫َخدَ ُم يف تطبيقات مفيدة للبرش َّية‪ ،‬ومن ُيطالع مثال‬ ‫لتحقيق هذه األهداف التي ست ُْست ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منظمة (‪ - )ELRA‬وهي منظم ٌة هتتم بدراسة اللغات األوربية ‪ -‬يرى َّأنم‬ ‫ِ‬ ‫موقع‬
‫َ‬
‫وضعوا ُخ َّط ًة بدأت من ‪ ٢٠٠3‬وحتى ‪ ،٢٠١١‬وحدَّ دوا هدفهم النهائي يف ‪٢٠١١‬‬
‫بنجاح حتى‬ ‫ٍ‬ ‫واملتمثل يف الرتمجة اآللية للغة اهلولندية‪ ،‬وما زالت ُخ َّطتُهم ُ‬
‫تسري‬ ‫ُ‬ ‫املايض‬
‫ِ‬
‫اآلن‪ ،‬بعد أن ح َّق ُقوا ُج ْز ًءا كَبِ ًريا من هدفهم بالنسبة للغة اهلولندية‪.‬‬

‫االصطناعي واللغة العرب َّية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ .4‬الذكاء‬
‫اللغات بشكل‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتعامله مع‬ ‫االصطناعي‬ ‫إ ًذا بعد أن تعرفنا عىل اخلارطة البحثية للذكاء‬
‫ِّ‬
‫اللغة العربية‪ِ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للتعامل مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النجاح يف اللغات األخرى‬ ‫استثامر هذا‬ ‫عام‪ ،‬فمن املمكن‬
‫ُ‬
‫الت كُربى َخاص ٌة باللغةِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سه ًال؛‬ ‫وخاص ًة يف ِ‬
‫فهناك ُم ْعض ٌ ْ َ‬ ‫ليس ْ‬‫األمر َ‬
‫َ‬ ‫جمال التعليم‪ ،‬لك َّن‬
‫ِ‬
‫احلاسوب‬ ‫ِ‬
‫جعل‬ ‫وبطريقة التفكري يف إنتاج الكالم واستقباله‪ ،‬فهل يمك ُن‬‫ٍ‬ ‫العربية ِ‬
‫نفسها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البرشي يف تعليم اللغة العرب َّية بتعقيداتِه التي أرشنَا إليها؟‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫للعقل‬ ‫ُحماك ًيا‬

‫‪-١8٢-‬‬
‫يندر‬
‫وبشكل ُ‬‫ٍ‬ ‫إن اللغ َة العربية متتاز بخصائص فريدة تساعدُ ها عىل برجمتِها آل ًّيا‪،‬‬
‫العربية والعالقة الوثيقة بني طريقة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫يت يف‬ ‫ٍ‬
‫وجوده يف لغات أخرى‪ ،‬فاالنتظا ُم الصو ُّ‬
‫يدل عىل قابلية اللغة العربية للمعاجلة اآللية بشكل عام‪ ،‬وتوليد الكال ِم‬ ‫ونطقها ُّ‬ ‫ِ‬ ‫كتابتِها‬
‫ِ‬
‫بأنا لغة‬ ‫ومتييزه آليا بصورة خاصة (عيل‪ .)١7٤ :١٩88 ،‬واللغ ُة العربي ُة ُوص َفت َّ‬
‫خصائصها الصوتية والصفية واإلعرابية‪ ،‬وهذا يؤكد‬ ‫ِ‬ ‫لشدة انتظام كثري من‬ ‫ِ‬ ‫جربية؛‬
‫قابلية العربية ألن تتزل يف الربجمة اآللية من خالل معادالت رياضية (عيل‪:١٩87 ،‬‬
‫‪.)7٥٤ ،7٥3‬‬
‫ِ‬
‫احلاسوب‬ ‫ِ‬
‫جلعل‬ ‫ِ‬
‫العربية؛‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫املحاوالت جاد ًة يف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املاضية كانت‬ ‫ِ‬
‫العقود الثالثة‬ ‫ويف‬
‫حيث‬ ‫منهجي‪ُ ،‬‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫كإطار‬ ‫اللغة العرب َّي ِة‬
‫مستويات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل يف‬ ‫ِ‬
‫خالل‬ ‫البرشي‪ ،‬من‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫للعقل‬ ‫ُحماك ًّيا‬
‫تفاوتت‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫النجاح‬ ‫كانت هناك جهو ٌد صوتي ٌة وصفي ٌة ونحوي ٌة و ُم ْع َجمي ٌة وداللي ٌة‪ ،‬ونِ ْس َب ُة‬
‫فالنجاح عىل مستوى الصوت والصف كان ُم ْر ِض ًّيا‪ ،‬بينام‬ ‫طبيعة ك ُِّل مستوى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫َح ْس َ‬
‫النتائج َغري ُمرضية‪ ،‬وإن أمك َن االستفادة منها؛‬ ‫ِ‬
‫والداللة كانت‬ ‫ِ‬
‫الرتكيب‬ ‫عىل مستوى‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫التالية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصفحات‬ ‫سيظهر يف‬ ‫وهذا ما‬
‫ُ‬

‫االصطناعي وتع ُّلم النطق‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ .٥‬الذكاء‬
‫يكون عرب تقنية «التعرف عىل الصوت»‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫االصطناعي‬ ‫ِ‬
‫الذكاء‬ ‫ُّطق من خالل‬‫تع ُّل ُم الن ِ‬
‫ِّ‬
‫حيث القراء ُة اآللي ُة‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املحمولة؛‬ ‫ِ‬
‫اهلواتف‬ ‫تطبيقات كثريةٌ‪ ،‬ون ْل َح ُظها يف‬
‫ٌ‬ ‫وهي تقني ٌة هلا‬
‫أصوات ا ُّل ِ‬
‫لغة‬ ‫ِ‬ ‫استثامرها يف تعلي ِم ُن ْط ِق‬ ‫وغريها‪ ،‬وهذه التقني ُة يمك ُن‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والرسائل‬ ‫ِ‬
‫لألسامء‬
‫ُ‬
‫بشكل خاص‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫ِ‬
‫واللغة‬ ‫ٍ‬
‫بشكل عا ٍم‬
‫وتتوافق فكر ُة هذه‬
‫ُ‬ ‫من األمثلة عىل ذلك تقنية «حفص» لتعلي ِم أحكا ِم التجويد‪.‬‬
‫ِ‬
‫التقنيات‬ ‫توظيف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رياضية‬ ‫ٍ‬
‫بطريقة‬ ‫استطاع‬ ‫التقنية مع بحث للدكتور صالح حامد؛ حيث‬
‫َ‬
‫ألين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسأركز عىل دراسة حامد يف هذا املقام؛ َّ‬ ‫ُ‬ ‫أخطاء التالوة (حامد‪،)٢٠٠٤ ،‬‬ ‫ملعرفة‬
‫ِ‬
‫العربية‪ ،‬من‬ ‫ِ‬
‫أصوات‬ ‫نطق‬ ‫ِ‬
‫التقنية التي تُع ّل ُم َ‬ ‫ُنت أحدَ الذين عملوا مع الباحث يف هذه‬ ‫ك ُ‬
‫خالل مرحلتني‪:‬‬
‫النموذج‬ ‫ُ‬
‫ويشمل هذا‬ ‫ِ‬
‫العربية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫ِ‬
‫ألصوات‬ ‫معياري‬ ‫املرحلة األوىل‪ :‬بناء نموذجٍ‬
‫ُ‬ ‫ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفونيامت األساس َّي َة من الصوامت واحلركات والفونيامت فوق الرتكيبية من ِ‬
‫النرب والتنغيم‪.‬‬

‫‪-١83-‬‬
‫ُ‬
‫تشمل مجع احتامالت اخلطإ عند املتعلمني يف الرشحية‬ ‫أما املرحلة الثانية فإنا‬
‫َ‬
‫وحتليل‬ ‫ِ‬
‫مجع احتامالت اخلطإ عندهم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نحاول َ‬ ‫األطفال فإننا‬ ‫نستهدف‬
‫ُ‬ ‫املستهدفة‪ ،‬فإذا كنَّا‬
‫ِ‬
‫النموذج األمثل للنطق الصحيح‪.‬‬ ‫أسبابِه وإعطا َء‬
‫النطق الصحيح‬ ‫ِ‬ ‫احلاسوب عىل معيارية‬
‫َ‬ ‫رب‬ ‫ِ‬
‫املرحلتني هو أننا ندَّ ُ‬ ‫وما حيدث بعد هاتني‬
‫تتكون من فونيمني مرققني (‪ )Ba‬فمن أتى بخالف ذلك‬ ‫ُ‬ ‫للفونيم فنعطيه مثال أن البا َء‬
‫بشكل سلي ٍم حتى َ‬
‫خيرج لنا‬ ‫ٍ‬ ‫ويم ِّكنُه من ال َّتك َْرار‬
‫النطق يوجهه احلاسوب إىل وجود خطإ‪َ ،‬‬
‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫مفخ ٌم فإننا نبني نموذجا معيار ًّيا‬ ‫حرف َ‬ ‫ٌ‬ ‫هذا النطق الصحيح‪ ،‬وإذا قلنا إن الطا َء‬
‫املعياري‪ ،‬فهذه‬ ‫النموذج‬ ‫ف هذا‬ ‫صوت ُخيالِ ُ‬‫ٍ‬ ‫الـم َف َّخ َمة؛ بحيث ال يمك ُن ُ‬
‫قبول أي‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫للطاء ُ‬
‫بناء النموذج‪ ،‬لك َّن هذه املرحل َة هبا عد ُة ُم ْش ِكالت مل تتمكن التكنولوجيا حتى‬ ‫مرحل ُة ِ‬
‫مثال‪:‬‬‫اآلن أن َ ُحت َّلها‪ ،‬من ذلك ً‬
‫أوال‪ :‬الفونيامت األساسية‪ ،‬يمكن ضبطها يف الغالب ‪ -‬خاصة يف جمال التفخيم‬
‫ب أداء املتكلم‪ ،‬وهذا يتضح‬ ‫والرتقيق‪ -‬لكن الصوائت أو احلركات تتلف أطواهلا َح ْس َ‬
‫قراءة القرآن الكريم‪ ،‬فمن املمكن أن تقر َأ (بسم اهلل الرمحن الرحيم) يف أزمنة‬ ‫ِ‬ ‫جل ًّيا يف‬
‫واحلاسوب َي ْضبِ ُط‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ب أداء بطيء ورسيع و ُك ُّلها صحيح ٌة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫تتفاوت يف أطواهلا َح ْس َ‬
‫ُ‬ ‫خمتلفة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طول األلف يف قراءة «احلَدْ ِر» مثال‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أطوال املدود بعملية رياض َّية َب ْحتَة‪ ،‬فإذا افرتضنا أن َ‬
‫َ‬
‫يساوي (‪ )X‬فإن طو َله أيضا يف قراءة «التحقيق» ُيساوي مخس َة أضعاف‪ ،‬وهذا أيضا‬
‫ِ‬
‫اللهجات وتنوعها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اختالف‬ ‫العادي عند‬ ‫خيتلف يف الكالم‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫فإنا أيضا متثل مشكلة؛ ألنا ال‬ ‫ثانيا‪ :‬أما الفونيامت الرتكيبية‪ ،‬وهي النرب والتنغيم َ‬
‫تلوين الص ِ‬
‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫خيتلف‬
‫ُ‬ ‫وت الذي‬ ‫ِ َّ‬ ‫تعتمد عىل األداء الصويت فقط‪ ،‬وإنام تعتمد عىل‬
‫ٍ‬
‫انفعاالت أثنا َء الكالم‪،‬‬ ‫كبري من شخص آلخر‪ ،‬كام تعتمدُ عىل لغة اجلسد وما َي ْع َ ِرتيه من‬
‫ٍ‬
‫االصطناعي ح َّله حتى اآلن‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫وهذا ما ُحياول الذكاء‬
‫الـم ْحت ََم َلة من الرشحية املستهدفة‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ‬ ‫أما املرحلة الثانية فإنا ُ‬
‫متثل مجع األخطاء ُ‬
‫ِ‬
‫الرشحية التي ت َُص َّم ُم هلا التَّقنية‪،‬‬ ‫قراءهتا من‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫ونصوص تتم‬ ‫ِ‬
‫خالل توزي ِع ُمج ٍل‬ ‫اجلمع يتم من‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم بعد ذلك يتم حتلي ُلها‪ ،‬فنذكر أن احتامالت اخلطإ يف الطاء أن تُنطق تا ًء مثال‪ ،‬ويكثر‬
‫رشب ًة بضاد لتكون طاء شديدة‪ ،‬كام يف بعض هلجات‬ ‫تنطق ُم َّ‬
‫هذا عند اإلناث‪ ،‬أو أن َ‬

‫‪-١8٤-‬‬
‫ُدر ُب‬ ‫ِ‬
‫الصعيد بجنوب مص‪ .‬وهكذا نتتبع احتامالت اخلطإ وأسبا َبه يف العينة التي ن ِّ‬
‫احلاسوب عليها‪ ،‬وكلام كانت العينة كبري ًة صارت الدِّ َّق ُة عالي ًة يف اكتشاف األخطاء‪.‬‬
‫هبذا املفهوم أنتجت رشكة (‪ )RDI‬تطبيقات لتعليم أصوات العربية‪ ،‬ومنها برنامج‬
‫(حفص) املشار إليه‪ ،‬والذي يمكن اختصار الكالم حوله عىل النحو التايل‪:‬‬
‫Ÿ يستخدم هذا الربنامج ‪-‬كام أسلفنا ‪ -‬تقنية (التعرف عىل الصوت)‪ ،‬وبدأت‬
‫بتعليم أحكام التجويد من خالل مجل خمتارة من القرآن الكريم‪ ،‬تتمثل يف كلمة‬
‫وكلمتني حتى مخس كلامت أو ست كلامت‪.‬‬
‫املعياري يف نطق الكلمة حسب القواعد املعمول هبا‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫Ÿ يبد ُأ النموذج‬
‫وحياول ترديد ما سمع فإن استطاع تقليد ما سمع بشكل‬ ‫ُ‬ ‫يستمع املتعلم جيدا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫Ÿ‬
‫ترج له‬
‫ُ‬ ‫صحيح؛ لتكون فونيامت املتدرب مطابق ًة لفونيامت النموذج‪ ،‬حينها‬
‫َ‬
‫مكان اخلطإ‪،‬‬ ‫بصي‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫َ‬
‫أخطأ ُحتَدِّ ُد له‬ ‫ِرسال ٌة تفيده بأنَّه ُعىل صواب‪ْ ،‬‬
‫وإن‬
‫سبع حركات‬ ‫َ‬ ‫أبدل الثاء ِسينا مثال أو َ‬
‫جعل املدَّ‬ ‫ٍ‬
‫رسالة تُفيدُ أنَّه َ‬ ‫يستمع إىل‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫ِ‬
‫يكون ستًا وهكذا‪..‬‬‫َ‬ ‫والصواب أن‬
‫ُ‬
‫برنامج «حفص» ُخمْتَار ٌة بعناية شديدة‪ ،‬وهي تطبيقات‬ ‫ُ‬ ‫إن األمثل َة التي اعتمد عليها‬
‫برشح للمصطلحات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫التقليدية يف الكتب‪ ،‬ومصحوب ٌة‬ ‫عىل دروس التجويد بتصنيفاهتا‬
‫ب مستوى املتعلم‪ .‬وهذه التقني ُة كي تصل‬ ‫ِ‬
‫والقواعد الصوتية لنطق القرآن الكريم‪َ ،‬ح ْس َ‬
‫ِ‬
‫لتحليل األخطاء عند رشحية‬ ‫إىل مستوى يناسب متدربني من كافة املستويات احتاجت‬
‫ِ‬
‫واختالف ثقافاته ومستوياته االجتامعية‬ ‫كبرية من املجتمع العريب عىل تنوع َهل َ َجاتِه‬
‫بواكريها يف مطلع القرن احلادي والعرشين‪ ،‬وال‬
‫ُ‬ ‫وأعامر أفراده‪ ،‬فكان َ ْجت ِر َب ًة رائد ًة بدأت‬
‫التطوير فيها مستمرا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يزال‬
‫لقد وفر الربنامج بيئة تعليمية حتاكي املعلم التقليدي‪ ،‬لكن بطبيعة احلال ال غنى‬
‫ِ‬
‫وبتجر َبة حفص‬ ‫عن املعلم التقليدي‪ ،‬وتبقى التقني ُة وسيل ًة مساعد ًة ُ َحت ِّق ُق َ‬
‫نتائج جيدةً‪،‬‬
‫عىل فصلني دراسيني من الطالب ُأ ْج ِر َي هلام اختبار حتديد مستوى‪ ،‬ثم كان لفصل منهام‬
‫احلكم من‬
‫َ‬ ‫تدريس حكم التفخي ِم والرتقيق بالطريقة التقليدية‪ ،‬والفصل الثاين َت َع َّلم‬
‫خالل برنامج حفص‪ ،‬ثم ُأجري للفصلني اختبار‪ ،‬وكانت النتيجة أن أدا َء املتعلمني عن‬

‫‪-١8٥-‬‬
‫وسائل بصية‬ ‫َ‬ ‫توفر‬
‫يرجع ذلك ألن التكنولوجيا ُ‬ ‫ُ‬ ‫أكثر نجاعة‪ ،‬وربام‬ ‫طريق التكنولوجيا َ‬ ‫ِ‬
‫مهارات األستاذ وما‬ ‫ِ‬ ‫تقليدي؛ ألنه يعتمدُ عىل‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫وسمعية للمتعلم بخالف الدارس‬
‫ٍّ‬
‫وسائل تعليم ‪ -‬غالبا ‪ -‬ما تكون تقليدية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يبتكره من‬ ‫ُ‬
‫العربية بشكل عام‪ ،‬وخاصة‬ ‫ِ‬ ‫استثامر هذه التقنية وتوسي ُعها لتعليم أصوات‬ ‫ويمكن‬
‫ُ‬
‫األصوات التي تساعدُ عىل الكتابة‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح للغة يبدأ من‬ ‫الطفولة‪ ،‬فالتعليم‬‫ِ‬ ‫يف سن‬
‫ُ‬
‫العربية للناطقني بغريها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫تطبيق هذه التقني ُة يف تعليم‬ ‫ُ‬ ‫بشكل صحيح‪ ،‬كام يمكن‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫فالوسائل‬ ‫ِ‬
‫النطق‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مشكالت يف‬ ‫اخلاصة من الذين يعانون‬ ‫ِ‬ ‫وتعليم ذوي االحتياجات‬
‫وغريها من ُحم َ ِّف َز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الـمصاحب ُة من‬
‫ات التعلي ِم‬ ‫واملسابقات‬ ‫واألسئلة‬ ‫األنشطة‬ ‫اإلثرائي ُة ُ‬
‫النطق الصحيح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تكون قيم ًة ُم َضا َف ًة هلذه التقنية األساسية يف تعلي ِم‬ ‫ُ‬
‫تكون ُحرو ًفا يتعرف‬ ‫َ‬ ‫اللغة اآلن ال تعدو أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصوات‬ ‫برامج تعلي ِم‬
‫ِ‬ ‫إن املوجود من‬
‫الـم َت َع ّلم‪ ،‬لكن ُه ال يتلقى تغذي ًة راجع ًة‬ ‫ٍ‬
‫املتعلم أشكاهلا منفرد ًة ومتصل ًة يف كلامت ُيك َِّر ُرها ُ‬ ‫ُ‬
‫النقص‬ ‫ْمل هذا‬ ‫لطريقة النطق الصحيح‪ ،‬ومن َث َّم فتقني ُة «التعرف عىل الصوت» ُتك ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫أقرب إىل الطبيعية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لتنشأ بذلك بيئ ٌة‬ ‫َ‬ ‫أكثر َت َفا ُع ًال مع املتعلم‪،‬‬ ‫وجتعل اآلل َة َ‬ ‫ُ‬
‫العربية أثبت نجاعة‬ ‫ِ‬ ‫أصوات اللغة‬ ‫ِ‬ ‫اعدَ ة يف تعلي ِم‬ ‫إن الذكاء االصطناعي كأداة مس ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫يت ب َجامعة الريموك عىل طالب الصف الثاين اإلعدادي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ونجاحا‪ ،‬فهناك دراس ٌة ُأ ْجر ْ‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وعددهم أربعون طالبا وطالبة‪ُ ،‬ق ِّسموا إىل جمموعتني متكافئتني‪ ،‬جمموعة جتريبية وأخرى‬
‫الطالب يف‬
‫ُ‬ ‫حص ٍة كل أسبوع‪ ،‬وتع َّل َم‬ ‫ضابطة‪ ،‬واستمرت الدراس ُة ثامني َة أسابيع بواق ِع َّ‬
‫ٍ‬
‫اختبار يقيس مستوى األداء‬ ‫ٌ‬ ‫هذه الفرتة سوريت الصافات وص‪ ،‬ثم ُأ ْج ِر َي للمجموعتني‬
‫يف التالوة‪ ،‬فتفوقت املجموعة التجريبية التي استخدمت التكنولوجيا السمعية والبصية‬
‫عىل املجموعة الضابطة التي درست بشكل تقليدي (عبد اهلل‪.)63 ،6٢ :١٩٩٠ ،‬‬
‫وهذه النتيجة أرشنا إليها يف التجربة التي حاول فيها الدكتور صالح حامد أن‬
‫أداء تقنية حفص يف تعليم أحكام التجويد التي ُت َعدُّ يف صلب الدرس‬ ‫يتعرف فيها عىل ِ‬
‫َ‬
‫َان متباعدتان يف الزمان واملكان واألهداف‪ ،‬لكنهام تثبتانِ‬
‫الصويت للغة العربية‪ ،‬والتَج ِربت ِ‬
‫ْ َ‬
‫شيئا واحدً ا هو جدوى استخدام التكنولوجيا يف تعليم النطق الصحيح‪.‬‬

‫‪-١86-‬‬
‫‪ .6‬برامج إثراء الثروة اللفظية‪.‬‬
‫يف العموم تكون املعاجم اللغوية هي املصدر الذي َحيوي األلفاظ والشواهد النثرية‬
‫بعضها بشكل كبري‪ ،‬وهبا ألفاظ‬ ‫والشعرية‪ ،‬وهذه املعاجم يلحظ فيها أنا تعتمد عىل ِ‬
‫ُ‬
‫نطلب من‬ ‫ألفاظ ت َْصعب عىل الدارسني‪ .‬وال ُيمكن أن‬ ‫ٌ‬ ‫لة‪ ،‬أو هبا‬ ‫مهجورة غري مس َتعم ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َْ‬
‫ٍ‬ ‫نكسبه ثرو ًة ُل ٍ‬ ‫حيفظ معجام كي يتمكن من اللغة‪ ،‬بل إننا ِ‬
‫تطبيق‬ ‫غوية من خالل‬ ‫ُ‬ ‫َ ُْ ًَ‬ ‫املتعلم أن‬
‫خاصا‬ ‫ً‬ ‫املتعلم ُم ْع َج ًام‬
‫ُ‬ ‫ملامرسة اللغة َحتدُّ ًثا ِو ِكتَاب ًة وقراءةً‪ ،‬ويف هذه احلالة ُيك َِّو ُن‬ ‫ِ‬ ‫عميل‬
‫ِ‬
‫الثروة‬ ‫بطريقة تراكُم َّية‪ ،‬وهذه هي الطريق ُة التقليدي ُة يف تنمية‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫املفردات‬ ‫يكتسب فيه‬ ‫به‬
‫ُ‬
‫انتشارا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واألساليب اللغوية‬ ‫ِ‬
‫املفردات‬ ‫االصطناعي بتحديد ِ‬
‫أكثر‬ ‫ا ُّللغوية‪ ،‬ويفيدنا الذكاء‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫الـم َت َل ِّقي؛‬
‫ب ُ‬ ‫تتفاوت مستوياتُه َح ْس َ‬ ‫ُ‬ ‫تعليمي‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫منهج‬ ‫احلص ُي ْم ِكنُنا بنا ُء‬
‫ِ‬ ‫ومن خالل هذا‬
‫يبني ُم ْع َج ًام حدي ًثا لِ َت َت ُّب ِع األلفاظ واألساليب‬ ‫ومن َث َّم فإن الذكاء االصناعي بإمكانه أن َ‬
‫ِ‬
‫سياقاهتا‬ ‫ِ‬
‫واألساليب يف‬ ‫ِ‬
‫األلفاظ‬ ‫األكثر استعامال يف اللغة العربية‪ ،‬وكيفية استخدام هذه‬
‫الـم ْختَلفة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الـمختلفة‪ ،‬فاحلاسوب ُحيدِّ ُد ِج ْذ َر الكلمة آليا‬
‫ووسائل اشتقاقتها واملواط َن ُ‬ ‫ُ‬
‫َخدَ ُم فيها الكلمة‪.‬‬ ‫التي ت ُْست ْ‬
‫إن هذا املنهج له جذور ترجع إىل العامل األمريكي إدوارد ثورنديك (‪- ١87٤‬‬
‫‪ )١٩٤٩‬الذي سعى إىل إجياد وسيلة لتعلم اللغة اإلنجليزية فألف كتاب «قائمة املفردات‬
‫للمعلمني “‪ Teacher’s Wordbook‬ونُرش عام ‪١٩٢١‬م؛ وفيه استخلص أكثر الكلامت‬
‫استخداما وشيوعا بناء عىل مدونة نصية مؤلفة من واحد وأربعني كتابا أبرزها‪ :‬اإلنجيل‬
‫واألساطري األمريكية والصحف والكتب املدرسية‪( .‬السعيد‪.)٢٠١6 ،‬‬
‫وبعد هذه املحاولة اجلادة كانت هناك حماوالت مهمة مثل مرشوع معجم كوبيلد‬
‫اإلنجليزي التعليمي (‪ ،)Cobuild English Dictionary‬وهو معجم يعتمد يف بنيته‬
‫حص للمفردات والرتاكيب‬‫ٌ‬ ‫األساسية عىل مدونة لغوية إلكرتونية‪ ،‬ويف هذا املعجم‬
‫الشائعة واستعامالهتا اللغوية‪ ،‬واعتمد املعجم عىل مدونة من عرشين مليون كلمة‬
‫مجعت من مصادر خمتلفة‪ ،‬وخرج املعجم بعد هذا اجلهد الكبري إىل النور عام ‪١٩87‬م‪،‬‬
‫ثم أعيدت طباعته يف عام ‪٢٠٠٠‬م بعد زيادة حجم املدونة إىل مئتي مليون كلمة‪،‬‬
‫(السعيد‪ 6٩ :٢٠٠7 ،‬وما بعدها)‪.‬‬

‫‪-١87-‬‬
‫وهناك دراسة فتحي يونس عام ‪ ١٩7٤‬عن الكلامت الشائعة عند تالميذ الصفوف‬
‫األوىل من املرحلة االبتدائية (يونس‪ ،)١٩7٤ ،‬واملفردات الشائعة يف اللغة العربية‬
‫لداوود عبده عام ‪١٩7٩‬م (عبده‪ .)١٩7٩ ،‬ومن الدراسات أيضا التي اعتمدت رصد‬
‫مدونة لغو َّية للعرب َّية املعاصة ‪a‬‬
‫املفردات الشائعة دراسة بعنوان «تصميم وتطوير َّ‬
‫‪ »Corpus of contemporary Arabic‬للباحثة لطيفة السليطي وهي دراسة ماجستري‬
‫بجامعة ليدز الربيطانية أنجزت عام ‪.)Al-Suliti, 2004( ٢٠٠٤‬‬
‫وسأتوقف قليال عند دراسة السليطي التي اعتمدت فيها عىل مدونة من ‪ ٤١٥‬مقالة‬
‫تقارب ‪ ٩٠٠‬ألف كلمة‪ ،‬وشملت جماالت السياسة واالقتصاد والرياضة واإلعالم‪،‬‬
‫وبعد فهرستها وحتليلها استطاعت استخالص أكثر ألف كلمة مكررة يف اللغة العربية‪،‬‬
‫وكان لفظ اجلاللة األكثر ترددا يف هذه املدونة‪ ،‬ثم قامت بإحصاء أكثر ‪ ٥٠٠‬متالزمة يف‬
‫اللغة العربية ونعني باملتالزم أن تستدعي الكلم ُة كلم ًة أخرى بشكل عفوي‪ ،‬مثل مكة‬
‫املكرمة‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬وقد أطلق عليها الدكتور متام حسان مصطلح التوارد وأطلق‬
‫عليها غريه التصاحبات اللفظية (عبد الغني‪.)3٥ :٢٠٠٥ ،‬‬
‫وبناء عىل هذا املفهوم استخرجت لطيفة من مدونتها ‪ ٥٠‬متالزمة‪ ،‬مثل‪ :‬القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬العامل اإلسالمي‪ ،‬الصحة العاملية‪ ...‬إلخ‪ ،‬وصنفت الباحثة متالزماهتا إىل‬
‫متالزمات ثنائية الكلمة أو ثالثية أو أكثر من ذلك‪ ،‬فمثال من املتالزمات الثالثية ثاين‬
‫أكسيد الكربون‪ ،‬ومن املتالزمات الرباعية‪ :‬حقوق اإلنسان يف اإلسالم‪.‬‬
‫ومل تكتف السليطي هبذا بل استخرجت من مدونتها إحصاء بأكثر مئة مسكوك‬
‫أو تعبري اصطالحي؛ ويقصد به التعبري اللغوي الذي يضم أكثر من من وحدة لغوية‬
‫تستعمل باطراد يف اللغة‪ ،‬وهذا املسكوك تكون له داللة ثابتة تتلف عن الداللة‬
‫املعجمية للمفردة (عمر‪ )٢3 ،٢٢ :١٩8٥ ،‬مثل‪( :‬العالقات العامة‪ ،‬عىل قلب رجل‬
‫واحد‪ ،‬بغض النظر عن‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ...‬إلخ)‪ ،‬ومثل هذه املسكوكات تثري معرفة‬
‫الطالب وجتعله قادرا عىل التحدث بطالقة وجتعل لديه رشاقة يف اإلنشاء وإنتاج النص‬
‫الكتايب‪.‬‬
‫نسب استخدام الروابط واألدوات يف املدونة‪ ،‬فكانت حروف‬
‫كام أحصت السليطي َ‬
‫اجلر أعالها ثم بعدها أسامء اإلشارة‪ ،‬ثم األسامء املوصولة‪.‬‬

‫‪-١88-‬‬
‫إن مثل هذا العمل يمكن استثامره يف إعداد منهج إلثراء الثروة اللفظية لكل مراحل‬
‫التعليم‪ ،‬سواء لتعليم العربية ألهلها أو للناطقني بغريها؛ ألن االعتامد عىل املستعمل‬
‫من الكالم يشعر الطالب بأمهية ما يدرسه‪ ،‬والذكاء االصطناعي يمكن أن يساعدنا يف‬
‫بناء مدونة نستخرج منها املشهور من الكالم سواء يف املفردات واجلمل والرتاكيب‪،‬‬
‫ويساعدنا عىل تنقية املناهج من احلشو الذي ال يستفيد منه الطالب‪ ،‬ويف هذا املقام‬
‫هناك عدة دراسات قام هبا الدكتور املعتز باهلل السعيد متثل بشكل عميل كيفية توظيف‬
‫املدونات اللغوية يف تعليم العربية وتطوير مقرراهتا التعليمية‪ .‬ومن ذلك (مدونة‬
‫تناول فيها ثالثة مستويات مؤثرة يف املهارات‬‫َ‬ ‫اللغة العربية ألغراض تعليمية) التي‬
‫ال ُّلغوية األربعة (االستامع والتحدُّ ث والقراءة والكتابة)‪ .‬ومتثلت املستويات الثالثة يف‪:‬‬
‫(احلروف‪ ،‬والكلامت‪ ،‬والرتاكيب)‪ ،‬وخلص الباحث إىل أن األكثر شيوعا يكون اخلطأ‬
‫فيه قليال فمثال تالميذ املرحلة االبتدائية ال جيدون مشكلة يف (ا‪ ،‬ل‪ ،‬ي‪ ،‬و‪ ،‬م) ألنا‬
‫مألوفة لدهيم يف كلامت كثرية تأيت أمامهم‪ ،‬بينام خيطئون يف كتابة‪( :‬ؤ‪ ،‬ئ‪ ،‬ظ)‪ ،‬لقلة‬
‫ورودها أمام هؤالء الطالب (السعيد‪.)٩١-٥7 :٢٠١6 ،‬‬
‫إن توظيف مثل هذه املدونات يف منصة علمية سيعطي لنا نتائج إجيابية يف تعليم‬
‫اللغة العربية للجميع‪ .‬وإذا اخرتنا من املشهور مسكوكات ومتالزمات فإن هذا يمكن‬
‫استثامره يف تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها‪ ،‬فاملسكوكات أو التعابري االصطالحية‬
‫التي تتلف يف دالالهتا عن املوجود يف املعجم يمكن أن جتعل املتعلم يقارن بني‬
‫مسكوكات لغته ومسكوكات العربية‪ ،‬فتنشأ عملية احتكاك أو تفاعل إجيايب‪ ،‬وقد‬
‫تكون هذه بداية ملعجم مسكوكات لغوي يشمل مسكوكات اللغة العربية وما يقابلها‬
‫من مسكوكات يف اللغات األخرى‪.‬‬
‫إن بناء املدونات وصناعة املعاجم هبذه الصورة حتتاج إىل جهد مؤسيس‪ ،‬وال يمكن‬
‫لألفراد أن ينهضوا بذلك‪ .‬لقد حاولت رشكة صخر إنجاز معجم حديث للغة العربية‬
‫احتوى عىل ‪ 36‬ألف مدخل بثامن وأربعني ألف كلمة مع عرشة آالف تركيب مصاحب‪،‬‬
‫وذلك مع سامهتا النحوية والداللية بمرادفاهتا وأضدادها ومشتقاهتا وسياقاهتا املختلفة‬
‫وترمجاهتا لإلنجليزية وإمكانية نطقها بالعربية‪.‬‬

‫‪-١8٩-‬‬
‫لقد عملت رشكة صخر عىل بناء ذخرية لغوية هائلة اعتمدت فيها عىل مدونة‬
‫لكتابات معاصة تبدأ من مخسينات القرن املايض باإلضافة إىل مئة وعرشين صحيفة‬
‫عربية وضمت املدونة أيضا الربامج الوثائقية املرئية التي أتيح حمتواها الكتايب عىل‬
‫اإلنرتنت‪ ،‬ومل تغفل املدونة مصادر اللغة األساسية من القرآن واحلديث والشعر‪.‬‬
‫وبعد هذا اجلمع تأيت مرحلة املعاجلة التي تتطلب وجود حملل صيف يعقبه مشكل آيل‬
‫ل ُيبنى عليه بعد ذلك الناطق اآليل ثم املرتجم اآليل‪ ،‬وهذه خطوات تسلم كل واحدة‬
‫إىل األخرى فال يمكن البدء بالرتمجة اآللية مثال ألنا مبنية عىل ما سبقها من منجزات‪.‬‬
‫لكن هذه التجربة مل تكتمل حتى اآلن‪ ،‬فأنامط نصوص اللغة العربية كثرية جدا‪،‬‬
‫وحتتاج إىل فريق كبري من الباحثني الذين يعملون عىل تطويرها وتوسيع املدونة ووضع‬
‫قوانني للعالقات بني املفردات‪ ،‬وهذا ال يمكن أن تنهض به مؤسسة خاصة‪ ،‬بل حيتاج‬
‫ملؤسسة عامة تدعم رسميا وشعبيا وتكون هلا صفة االستمرارية واالستدامة‪.‬‬
‫إن هذه املدونة ال بد أن تعرض عىل املجتمع ويبدي رأيه فيها وتكون له صالحية يف‬
‫إبداء املالحظات التي يمكن االستفادة منها يف حتديث املدونة وتصحيح املعجم‪ ،‬وهناك‬
‫لفت انتباهي يف هذا املقام‪ ،‬وهو تطبيق الرديف‪ ،‬الذي هيتم بالبحث عن معنى‬ ‫تطبيق َ‬
‫الكلمة ومفردها ومجعها وما يذكر هلا من شواهد شعرية إن وجدت‪ ،‬ويتيح للمستخدم‬
‫أن يقرتح كلامت تضاف إىل قاعدة بياناته‪ ،‬لكن هذا التطبيق بسيط وال يعتمد عىل مدونة‬
‫نصية‪ ،‬بل اعتامده عىل ما ُذ ِكر يف املعاجم‪ ،‬ولذلك فهو وإن سهل البحث عن بعض‬
‫الكلامت فإنه يظل حمدودا‪ .‬فعدد مرتادفاته تزيد قليال عن مخسة آالف مرتادف‪ ،‬وبه ما‬
‫يقرب من تسعة آالف ضد‪ ،‬ومجع شواهد شعرية للكلامت التي يبحث عنها باملرتادف‬
‫أو الضد ما يقرب من ثالثة وثالثني ألف كلمة‪ ،‬ورغم هذه املحدودية أجريت عليه‬
‫أكثر من مليون عملية بحثية‪ ،‬وهذا يؤكد لنا أن أية مبادرة جادة يف هذا املجال ستجد هلا‬
‫قرا ًء ودارسني‪.‬‬

‫‪-١٩٠-‬‬
‫الشكل ‪ :2‬تطبيق «الرديف» لتنمية الثروة اللفظية‬

‫ومن التطبيقات املفيدة يف جمال إثراء الثروة اللفظية «القاموس العريب ‪Arabic‬‬
‫‪»Dictionary‬؛ وفكرته قائمة عىل التحليل الصيف وحتويل النص املكتوب إىل صوت‬
‫نصا‪ ،‬وأردت‬ ‫منطوق باستخدام تقنية التعرف عىل الصوت‪ ،‬بحيث إنك إذا أدخلت له ًّ‬
‫أن تعرف معنى كلمة فيه‪ ،‬فإنه يعرض لك معناها وجذرها‪ ،‬كام ينطقها لك باستخدام‬
‫تقنية حتويل النص إىل صوت‪ ،‬وهذا إىل حد كبري يفيدنا يف جمال التعليم‪ ،‬لكنه ليس‬
‫حمصورا‬ ‫ليظل‬ ‫ِ‬
‫واملعايري الرتبو ّية والتعليم ّية؛ َّ‬ ‫تراعي الفروق الفرد ّية‬ ‫مبنيا عىل مدَ ونات ِ‬
‫ً‬ ‫ُ ّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫تكون‬ ‫الطالب‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬ ‫يف إطار صالحية كونه مرجعا وليس منهجا‪ ،‬فاملعاجم ال ُت َق َّر ْر عىل‬
‫نصوص ُت َعا َل ُج حاسوبيا صوتيا وصفيا ونحويا‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫منهج به‬ ‫َم ْر ِج ًعا هلم‪ ،‬ونح ُن بحاجة إىل‬
‫ِ‬
‫والقراءة‬ ‫ِ‬
‫الكتابة‬ ‫ِ‬
‫مهارات‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان عىل تعلي ِم‬ ‫ويكون احلاسوب له القدر ُة مثل‬ ‫ُ‬ ‫ودالليا‪،‬‬
‫ِ‬
‫والتحدُّ ث واالستامع‪.‬‬
‫والـم ْس َت ْع َم َلة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الشائعة‬ ‫ِ‬
‫الكلامت‬ ‫ِ‬
‫رصد‬ ‫تقتص عىل‬ ‫إن حاجتَنا إىل املعجم املعاص ال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫االصطناعي للحصول عىل الكلامت من خالل َت ْقن َّية‬ ‫ِّ‬ ‫بل نحتاج إىل تطبيقات الذكاء‬
‫املرحلة السابقة‬ ‫ِ‬ ‫منطوق‪ ،‬وهبذه اخلً ْطوة نلتقي يف التعلي ِم مع‬ ‫ٍ‬ ‫حتويل النص إىل كالم‬
‫بربط ما يسم ُعه و ُيك َِّر ُره‬ ‫ِ‬ ‫ف عىل الصوت‪ ،‬فيبدأ املتعلم‬ ‫التي أرشنا إليها يف تقنية التعر ِ‬
‫ُّ‬
‫وألفاظ يف هذا املعجم‪ ،‬خاص ًة وأن يف العربية إشكاالت عد ِم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مفردات‬ ‫بام يقرؤه من‬
‫ألف‪ ،‬لكنّها تنطق بألف‪ ،‬ومن‬ ‫بدون ٍ‬ ‫ِ‬ ‫واملنطوق‪ ،‬مثل (هذا) ُت ْكتَب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املكتوب‬ ‫التطا ُب ِق بني‬

‫‪-١٩١-‬‬
‫معلومات صوتية عند كل ُمدَ خل ُمعجمي للتسهيل عىل الدارسني‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نحتاج إىل‬ ‫ثم فإننا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املعلومات‪ :‬كيفية النطق مثل َع ْمرو ‪ُ -‬ع َم ْر‪ ،‬وجنس الكلمة هل هي مذكر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتشمل هذه‬
‫يتعلق هبا من معلومات‬ ‫ُ‬ ‫حيث اإلفرا ُد والتثني ُة واجلمع‪ ،‬وما‬ ‫ُ‬ ‫أم مؤنث‪ ،‬وعددها من‬
‫اسم فاعل أو مفعول‪ ..‬إلخ‪،‬‬ ‫فعال أم حر ًفا وهل هي ُ‬ ‫اسام أم ً‬ ‫ُ‬
‫تكون ً‬ ‫صفية هل الكلم ُة‬
‫ف املتعلم هل هذه الكلم ُة عربية خالصة أم‬ ‫التعليمي أن ُن َع ِّر َ‬
‫ِّ‬ ‫نحتاج يف هذا املعج ِم‬
‫ُ‬ ‫كام‬
‫يتصل بالكلمةِ‬
‫ُ‬ ‫تتعلق ِّ‬
‫بكل ما‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ُم َع َّر َبة؛ وهكذا ُن ْعطي املتعلم يف هذا املعجم ذخرية لغوية‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معلومات وأوصاف ُلغو َّية‪.‬‬ ‫بداية من نطقها وانتهاء بام يتعلق هبا من‬
‫لـمعجم مدرس متاح جلميع الطالب‬ ‫ولنا أن نتخيل أن هناك وجود منصة ُ‬
‫ِ‬
‫بأحوال‬ ‫ِ‬
‫النطق‪ُ ،‬ث َّم ُت َع ِّر ُف ُهم‬ ‫ُدرهبم عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بشكل صحيح وت ِّ‬ ‫الكلمة‬ ‫قراءة‬ ‫تساعدهم عىل‬
‫استعامهلا من النصوص من خالل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سياقات‬ ‫وتتيح هلم‬ ‫وطريقة كتابتِها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصفية‬ ‫ِ‬
‫الكلمة‬
‫ُ‬
‫املدونة التي ُبنِي منها هذا املعجم‪ .‬إن هذه املنص َة ُ‬
‫جتعل‬ ‫ِ‬
‫األكثر ُش ْه َر ًة من َّ‬ ‫ِ‬
‫النتائج‬ ‫عرض‬
‫ٍ‬
‫وبشكل ُمنَ َّظم‬ ‫تمرا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الـمتَعلقة باللغة العربية ُم ْس ً‬
‫املناهج الدراسية ُ‬ ‫والتحديث يف‬ ‫التطوير‬
‫نعيش فيه‪.‬‬ ‫والقدرات العقلي َة‪ ،‬وأرى أنه بات فريض ًة الوقت الذي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امللكات النُّطقي َة‬ ‫َي ْبني‬

‫‪ .7‬الذكاء االصطناعي والكتابة‪.‬‬


‫مهارات‪ ،‬أوالها معرفة شكل احلرف ورسمه بالطريقة‬ ‫ٍ‬ ‫تعلم الكتابة يتطلب عدة‬
‫الصحيحة‪ ،‬والثانية ترمجة النطق السليم إىل كتابة صحيحة‪ ،‬واملستوى املهاري الثالث‬
‫هو كيفية التأليف بني املفردات يف مجل مفيدة‪ .‬والذكاء االصطناعي يمكن أن يقدم لنا‬
‫حلوال يف هذه املستويات الثالث من خالل تقنية تقنية (‪ )OCR‬التي تعني باختصار‬
‫لكلمة (‪ )Optical character Recognition‬وتعني التعرف الضوئي عىل احلروف‪،‬‬
‫وهذه التقنية يمكن توظيفها يف تعليم اخلط والكتابة الصحيحة للحروف بنفس الفكرة‬
‫املنطقية التي عرضت لتقنية التعرف عىل الصوت‪ ،‬فيمكننا بناء نموذج خلط النسخ‬
‫بصفته أول خط يمكن تعلمه لألطفال‪ ،‬ثم بناء نموذج خلط الرقعة‪ ،‬ويطلب من الطالب‬
‫حماكاة هذا اخلط عىل ورق عادي ثم مسح هذا الورق ضوئيا‪ ،‬ف ُي ِّعرفه احلاسوب مواطن‬
‫اخلطإ وأبعاد احلروف وكيفية كتابتها عىل السطر وما إىل ذلك من إرشادات‪ ،‬ويعلمه‬
‫طريقة كتابة احلرف منفصال ثم متصال يف كلامت‪.‬‬

‫‪-١٩٢-‬‬
‫لقد حققت تقنية (التعرف الضوئي عىل احلروف) تقدما يف معرفة اخلطوط‪ ،‬لكن‬
‫هبا مشكالت يف التعامل مع اخلط العريب الذي يتميز بأنه يكتب بشكل متصل بخالف‬
‫ب عىل التقنية معرفة‬ ‫ِ‬
‫اإلنجليزية التي تكتب حروفها منفصلة‪ ،‬وهذا االتصال ُي َّصع ُ‬
‫ِ‬
‫اختيار أشهر الكلامت التي‬ ‫حروف الكلمة‪ ،‬لكن هذه املشكلة يمكن ح ُّلها بناء عىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الـم ْع َجم الذي أرشنا إليه يف مرحلة بناء معجم معاص‪ ،‬ثم‬ ‫استخرجناها من ُمدَ َّونَة ُ‬
‫ٍ‬
‫صور مثالية ومعيارية للحروف يف هذه الكلامت‪ ،‬ثم مجع عينة من‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تدريب التقنية عىل‬
‫ريايض يمكن هلذه‬
‫ّ‬ ‫كتابات الطالب واستخراج مالمح اخلطإ يف كتابة احلروف‪ ،‬وبشكل‬
‫صغرية لتعليم اخلط تتسع شيئا‬ ‫ٍ‬ ‫ملدونَة‬ ‫ٍ‬
‫تتطور عىل الكلامت املختارة كبداية َّ‬‫َ‬ ‫التقنية أن‬
‫فشيئا كلام زاد استعامل الطالب لتقنية (التعرف الضوئي عىل احلروف)‪.‬‬
‫ليس املشكلة الوحيدة يف تقنية (التعرف الضوئي عىل احلروف)‪،‬‬ ‫إن اتصال الكلامت َ‬
‫لكن هناك مشكالت أخرى تتمثل يف نقط احلروف أو اإلعجام‪ ،‬ونصف حروف العربية‬
‫منقوط والنصف اآلخر ليس منقوطا‪ ،‬وهذا ليس موجودا يف اإلنجليزية‪ ،‬ومن ثم قد‬
‫تطئ تقنية (التعرف الضوئي عىل احلروف) يف التفرقة بني احلاء واخلاء واجليم بسبب‬
‫النقطة‪ ،‬والباء والياء والدال والذال‪ ،‬ومعاجلة هذه املشكلة تتمثل يف إعطاء التقنية الكم‬
‫األكرب من صور هذه احلروف ساعة اتصاهلا وانفصاهلا‪.‬‬
‫ومن املشكالت التي تواجه تقنية (التعرف الضوئي عىل احلروف) أيضا مشكلة‬
‫التشكيل‪ ،‬فاإلنجليزية ليست هبا فتحة أو ضمة أو كرسة أو شدة أو سكون‪ ،‬أما العربية‬
‫فإنا تعتمد بشكل أساس عىل هذا التشكيل الذي نحتاجه لضبط النطق؛ والتقنية‬
‫(التعرف الضوئي عىل احلروف) تطئ يف معرفة هذا التشكيل خاصة مع تعدد اخلطوط‬
‫من رقعة ونسخ وديواين وفارس‪ ..‬إلخ‪ ،‬واحلل هو االقتصار عىل نوع واحد من اخلط‬
‫يف عدد حمدود من الكلامت كام أسلفنا‪.‬‬
‫إن وضع قواعد حمددة لكتابة اخلط ليس أمرا صعبا‪ ،‬وهذه القواعد تتمثل يف معرفة‬
‫أشكال احلروف متصلة ومنفصلة وطريقة نقطها وتشكيلها‪ ،‬فمثال ندرب احلاسوب‬
‫عىل أن احلرف ال تُرسم عليه دائرة السكون إذا جاء يف بداية الكلمة‪ ،‬وال يمكن أن‬
‫جيتمع حرفان ساكنان يف كلمة‪ ،‬وغري ذلك من قواعد الكتابة والتشكيل‪.‬‬

‫‪-١٩3-‬‬
‫إن هذه التقنية رغم مشكالهتا فإنا متثل حجر أساس يمكن بناء صح تعليمي ذكي‬
‫عليها‪ ،‬لتعليم اخلط احلسن الذي نفتقده يف كثري من املتعلمني اليوم الذين يعتمدون عىل‬
‫الكتابة اإللكرتونية‪ ،‬ومعها يقل استعامهلم للقلم‪ ،‬رغم أن الكتابة اليدوية شء مهم وال‬
‫يمكن االستغناء عنه مهام تقدمت التكنولوجيا‪.‬‬

‫‪ .8‬الذكاء االصطناعي وتعليم اإلمالء‪.‬‬


‫ُقار ُن التقنية‬‫تفيدُ نا تَقنية (التعرف الضوئي عىل احلروف) أيضا يف تعلم اإلمالء حيث ت ِ‬
‫ٍ‬ ‫قاعدة البيانات وما ُينْتِ ُجه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتعلم من كلامت ُمت ْ َىل عليه‪َ ُ ،‬‬
‫وحيدَّ ُد له‬ ‫ُ‬ ‫الكلامت املكتوبة يف‬ ‫بني‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل َض ْوئي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫آخر ُأ ْدخ َل‬ ‫ٍ‬
‫أي َخط َ‬ ‫اخلَ َطأ فيها‪ ،‬هذا عىل مستوى ِّ‬ ‫ْ‬
‫اخلط ال َيدَ وي أو ِّ‬
‫ِ‬
‫تطبيقات املدقق‬ ‫خطوات متقدم ًة من خالل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلاسوب خطا‬ ‫التدقيق اإلمالئي يف‬
‫َّ‬ ‫إن‬
‫اإلمالئي‪ ،‬وأشهرها املدقق اإلمالئي لرشكة مايكرو سوفت واملدقق اإلمالئي لرشكة‬
‫لتصحيح الكلمة‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫واحتامالت‬ ‫َ‬
‫بدائل‬ ‫ِ‬
‫إجياد‬ ‫اإلمالئي تقوم عىل‬ ‫صخر‪ .‬وفكرة املد ّق ِق‬
‫ِّ‬
‫اخلطإ‪ .‬ودق ُة هذين املد ِّق َقني يف الكلامت املفردة أعىل منها يف الكلامت املركبة‪ ،‬ويتميز‬
‫ِ‬
‫عدد‬ ‫ِ‬
‫وتقليل‬ ‫ِ‬
‫التصحيح التلقائي‬ ‫مدقق صخر عن مدقق (مايكرو سوفت) بإمكانية‬
‫ومراعاة السياق والتعامل مع املصطلحات والتشكيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫االقرتاحات‬
‫ٍ‬
‫مشكالت كثرية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلالية تُعاين من‬ ‫اإلمالئي‬ ‫ِ‬
‫بالتدقيق‬ ‫ِ‬
‫البحث املعن َّية‬ ‫ِ‬
‫حمركات‬ ‫إن‬
‫ِّ‬
‫النصوص إمالئيا‪ ،‬وبه‬‫َ‬ ‫تطبيق ُي َس َّمى‪« :‬اكتب صح ‪ُ ،»ektebsa7‬ي َص ِّح ُح‬ ‫ٌ‬ ‫فمثال هناك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قائمة من املتالزمات األسلوبية واألخطاء الشائعة‪ ،‬لك ْن عند َ ْجت ِربة هذا التطبيق بكتابة‬ ‫ِ‬
‫قصرية ظهرت به عدة مشكالت منها‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫مجلة‬
‫ُْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وغري‬ ‫‪ -‬أوال‪ :‬ال ُي َف ِّر ُق املدقق يف كثري من األحيان بني احلروف ُ‬
‫الـم ْع َج َمة‬
‫الـم ْع َج َمة‪ ،‬مثل احلاء واجليم‪ ،‬والدال والذال‪ ،‬والطاء والظاء‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫الفصل‪ ،‬فمثال‬ ‫‪ -‬ثانيا‪ :‬ال يستطيع اكتشاف األخطاء النحوية يف الكتابة إذا َ‬
‫طال‬
‫إن أيب يدعوك‪ ،‬هنا لن‬ ‫سبعة مواضع‪ ،‬لو جاء املثال‪ :‬قالت‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ُكرس يف‬ ‫مهزة َّ‬
‫(إن) ت ُ‬
‫ِ‬ ‫خيطئ املدقق‪َّ ،‬‬
‫ينص عىل هذا الشكل‪،‬‬ ‫الـمدْ َخل يف قاعدة بياناته ُّ‬‫النموذج ُ‬
‫َ‬ ‫ألن‬
‫ُ‬
‫الفصل‬ ‫طال‬‫ب ملوسى‪( :‬إن) أيب يدعوك‪ ،‬هنا َ‬ ‫أما لو جاء املثال‪ :‬قالت ابنة ُش َع ْي ٍ‬
‫ِ‬
‫التصحيح‪ ،‬فلو كتبنا (أن) ما اكتشفها‪.‬‬ ‫املدقق اإلمالئي من‬
‫ُ‬ ‫ولن يتمك َن‬

‫‪-١٩٤-‬‬
‫حيتاج إىل خوارزم ّية رياضية‬
‫ُ‬ ‫إن التدقيق اإلمالئي يعتمدُ عىل فهم النص‪ ،‬وهذا‬
‫نضع القواعدَ التي من خالهلا يمكننا‬ ‫نستطيع أن‬ ‫كبرية من خالهلا‬ ‫ٍ‬ ‫معقدة‪ ،‬و ُمدَ َّو ٍنة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫رصد‬ ‫ِ‬
‫خالل‬ ‫التعرف الضوئي من‬ ‫ِ‬ ‫احلصول عىل دقة عالية‪ ،‬لكن ْ‬
‫اقتصنا عىل تقنية ُّ‬ ‫َ‬ ‫إن‬
‫الطالب‪ ،‬ثم بدأنا يف توسعة املدونة‬ ‫ِ‬
‫النامذج الصحيحة يف الكتابة‪ ،‬ومقارنتها بام يكت ُبه‬
‫ُ‬
‫بناء عىل ما نجدُ ه من أخطاء وما نض ُعه من قواعد نحدِّ ث هبا الربنامج‪ ،‬يف هذه احلالة‬
‫إمالئي عايل الدَّ قة‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫س ُي ْبنَى ُمد ِّق ٌق‬
‫َ‬
‫يزعمون أن دقتَها عالية‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬
‫التطبيقات ال‬ ‫نذكر أن من يتيحون هذه‬ ‫ومن األمانة أن َ‬
‫يعرتفون بأنا ال تزال قيدَ التطوير وأنا تقتص عىل املشهور من األخطاء فقط‪.‬‬
‫نحقق طفرة يف تعليم العربية‪ ،‬فإذا افرتضنا‬ ‫َ‬ ‫إننا هبذه التقنيات الثالث يمكن أن‬
‫نص رقمي‪ ،‬ثم أدخلنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إمكانية حتويل الكلامت املكتوبة يدو ًّيا أو املمسوحة ضوئيا إىل ٍّ‬
‫نتيجة تعليم َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫نحصل عىل‬ ‫هذه الكلامت عىل املدقق اإلمالئي والنحوي‪ ،‬إننا بذلك‬
‫كثرت املاد ُة‬ ‫تكون عالي ًة يف البداية‪ ،‬ولكن كلام ُ‬ ‫َ‬ ‫بأن الدق َة لن‬ ‫هائلة‪ ،‬مع االعرتاف َّ‬
‫زادت ِد َّقتُها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الـمدْ َخ َل ُة للتقنية‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للكلمة إمالئيا‬ ‫ِ‬
‫الصحيح‬ ‫إن تقني َة املدقق اإلمالئي ال تكتفي فقط بإعطاء الشكل‬
‫(س ِئ َل)‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ٍ‬
‫ونحويا‪ ،‬بل تعطيه معلومات عن هذا اخلطإ الذي َو َق َع فيه‪ ،‬فإذا كتب مثال ُ‬
‫املدقق ُي ْعطِيه احتامالت‪ُ :‬س ِئ َل‪ ،‬أم َس َأل‪ ،‬ثم إذا وقف عىل الكلمة األوىل استخرج منها‬ ‫َ‬
‫معلومات لغوية حول الكلمة منها‪ :‬أن اهلمزة تكتب عىل نربة إذا كانت مكسورة‪ ،‬ومنها‬ ‫ٍ‬
‫أن الفعل مبني للمجهول‪ ،‬وما يأيت بعده يكون نائبا للفاعل‪ ..‬وهكذا يف كل الكلامت‪.‬‬
‫نصا من مخسة أسطر‪ ،‬ودربناه بتقنية (التعرف‬ ‫املتعلم ًّ‬
‫َ‬ ‫وإذا افرتضنا جدال أننا أعطينا‬
‫عىل الصوت) عىل نطقه وأدائه‪ ،‬ثم أعطيناه معاين الكلامت من خالل املعجم الذي ُيبنى‬
‫اخلط وبعدها قام احلاسوب بقراءة‬ ‫َ‬ ‫تلقائيا باستعامل الدارسني‪ ،‬ثم طلبنا منه أن يق ّلد‬
‫يعرض ما تع َّلمه عىل احلاسوب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫النص أ َمامه وأعطاه فرصة لالستامع واإلمالء‪ ،‬ثم‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫فيقارن اخلطوط ويضع له إرشادات لكتابة الكلمة بخطوط صحيحة‪ ،‬ثم ُيدَ ِّر ُبه عىل‬ ‫ُ‬
‫النطق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫َ‬
‫حول الكلمة من‬ ‫ِ‬
‫املعلومات الوافي َة‬ ‫اإلمالء و ُي ِ‬
‫عر ُّفه أخطاءه ويعطيه‬
‫ث‬‫وأن ُ ْحت ِد َ‬ ‫ُ‬
‫واالستعامل السياقي‪ ،‬إن تقني ًة هبذه اجلودة ال بد ْ‬ ‫والكتاب ُة واملعنى املعجمي‬

‫‪-١٩٥-‬‬
‫مرشوع ٌ‬
‫قابل‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫أضغاث أحال ٍم بل‬ ‫َط ْف َر ًة هائل ًة يف تعلي ِم العربية‪ ،‬وهذه التقني ُة ليست‬
‫فأساس التقنية موجو ٌد‪ ،‬ولك َّن هذا‬
‫ُ‬ ‫حيتاج فقط إىل التطوير املستمر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫للتطبيق‪ ،‬ولكنّه‬
‫األساس حيتاج أن ُي ْبنى عليه‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ .٩‬الذكاء االصطناعي وتعليم النحو‪.‬‬


‫ِ‬
‫ومعرفة معانيها‪،‬‬ ‫نطق الكلامت وكتابتِها‬
‫إذا وصلنا باملتعلم إىل أنه صار قادرا عىل ِ‬
‫يزال يمثل مشكل ًة‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ إىل تعلم النحو لرتكيب مجل مفيدة‪ .‬والنحو ال ُ‬ ‫ُيمكن توجيهه‬
‫فصل القواعد‬ ‫ِ‬
‫عند كثري من متعلمي العربية‪ ،‬والسبب يف ذلك ‪ -‬من وجهة نظري‪ُ -‬‬
‫النحو َّية عن النصوص‪ ،‬فصار النحو قواعدَ ُجمردة تنسى رسيعا‪ ،‬ومل يكن ملكة أو مهارة‬
‫ُت َق ِّو ُم اللسان‪.‬‬
‫إن الذكاء االصطناعي مل يصل يف مرحلة تعليم النحو إىل تقدُّ م يمكن وصفه بالكبري‪،‬‬
‫مقارنة بالذكاء االصطناعي يف جمال الصوت والصف واملعجم؛ ألن النحو يعتمد عىل‬
‫الفهم‪ ،‬وحيتاج إىل فك اللبس الداليل بني الكلامت لتحديد مواقعها الصحيحة يف‬
‫اجلملة‪ ،‬فمثال‪ :‬مجلة (قال الرجل) تتكون من فعل وفاعل‪ ،‬ال يمكن معرفة داللتها إال‬
‫بإضافة مكمل‪ ،‬فنقول (قال الرجل كلمة احلق) فتكون (قال) من القول والكالم‪ ،‬أو‬
‫تغري جذريا‬
‫نقول‪( :‬قال الرجل وقت القيلولة)‪ ،‬أي نام يف وقت القيلولة واملعنى هنا ّ‬
‫بسبب مكمالت اجلملة‪.‬‬
‫ورغم هذه املشكالت يف النحو فإننا نعيد التأكيد عىل أن معاجلة عينة أشهر الكلامت‬
‫وبناء منصة تعليمية عليها يعد نواة لتاليف األخطاء الصادرة عن التقنية وتكوين منصة‬
‫يمكن تطويرها فيام بعد‪ .‬فاملدقق النحوي سيعطي بناء عىل الكتابة الصحيحة والضبط‬
‫ٍ‬
‫احتامالت أكثر دقة للمتعلم‪ ،‬فمثال إذا كتب الدارس‪( :‬رأيت املتهمني) فالتطبيق‬ ‫السليم‬
‫املتهمني)؛ ليفرق بني املثنى‬
‫َّ‬ ‫املتهمني) أم (رأيت‬
‫ِّ‬ ‫يعطيه اقرتاحات لضبط امليم‪( :‬رأيت‬
‫واجلمع‪ ،‬أما إذا كتب (رأيت املتهمون)‪ ،‬فإن املدقق النحوي يف كل األحوال سيفيده‬
‫أن (املتهمون) خطأ ألنا مفعول به منصوب وعالمة نصبه الياء ألنه مجع مذكر سامل أو‬
‫مثنى حسب التحديد الذي سيكون أمامه يف النص‪.‬‬

‫‪-١٩6-‬‬
‫ويعتمد املدقق النحوي عىل السوابق واللواحق‪ ،‬فمثال الرتكيب (لن يأكلون) ال‬
‫يمكن أن تأيت هبذه الصورة؛ ألن (لن) من أدوات النصب‪ ،‬والالحق (النون) ال يمكن‬
‫أن تأيت مع لن الناصبة‪ ،‬وهنا تعطيه التقنية معلومة أدوات نصب الفعل املضارع املتمثلة‬
‫يف (أن ‪ -‬لن ‪ -‬كي ‪ -‬الم التعليل ‪ -‬حتى) كام تعطيه عالمات النصب األصلية والفرعية‬
‫املتمثلة يف الفتحة واأللف والياء وحذف النون‪ ،‬وهكذا يف كل األدوات واحلروف‪.‬‬
‫كل خطإ من خالل معلومات رسيعة مبارشة‪ ،‬فإنا‬ ‫يرشح َّ‬
‫ُ‬ ‫إن املدقق النحوي عندما‬
‫تكون أكثر رسوخا يف ذهن املتعلم‪ ،‬وبكثرة التدريب ستستقر املعلومة يف رأسه ويمكنه‬
‫تالفيها بعد ذلك‪.‬‬
‫ولبناء تطبيق يعتمد عىل الذكاء االصطناعي يف تعليم النحو يمكننا أن نضع املنهج‬
‫التايل‪:‬‬
‫‪ )١‬اختيار أكثر دروس النحو استعامال يف الكالم‪.‬‬
‫‪ )٢‬تصفية الدرس النحوي من اخلالفات والكلامت الغريبة‪ ،‬واألساليب غري‬
‫املستعملة‪ ،‬مثل ما انفك وما برح وغريها‪.‬‬
‫‪ )3‬بناء نموذج جلمل سهلة مل حتدث فيها عوارض الرتكيب مثل احلذف واإلضافة‪،‬‬
‫والتقديم والتأخري‪.‬‬
‫‪ )٤‬بناء نموذج للتوارد املعجمي والداليل للتوافق يف بناء اجلملة‪ ،‬فعندما يكتب‬
‫الطالب كلمة رشب فإن احلاسوب ال بد أن حيص خياراته يف أن يكون الفاعل‬
‫كائنا حيا‪ ،‬فإذا كتب الطالب‪ :‬رشب حممدٌ ‪ ،‬فإن احلاسوب حيدد خيارات‬
‫املفعول به يف املفردات التي تصلح للرشب‪ ،‬فال يأيت املفعول‪ ،‬اجلبل أو احلائط‪،‬‬
‫بل يكون رشب حممد العصري‪ ،‬أو رشب حممد املاء‪ ..‬وهكذا‬
‫‪ )٥‬تدريب احلاسوب عىل حتديد عالمات اإلعراب األصلية والفرعية‪ ،‬وذلك‬
‫أركانا‪ :‬أن الفعل‬
‫ُ‬ ‫اعتامدا عىل تقنية املحلل الصيف‪ ،‬فمثال تكون هناك معادل ٌة‬
‫يأيت بعده الفاعل مرفوعا بالضمة إذا كان مفردا أو باأللف إذا كان مثنى أو‬
‫بالواو إذا كان مجع مذكر سامل‪.‬‬

‫‪-١٩7-‬‬
‫والـمركَّبات التي تأيت عىل صورة‬
‫ُ‬ ‫الـمق َّيدة‬ ‫ِ‬
‫املتالزمات ُ‬ ‫تدريب احلاسوب عىل‬
‫ُ‬ ‫‪)6‬‬
‫كمركَّب‬
‫واحدة‪ ،‬وهي قليلة ويمكن حصها‪ ،‬مثل‪ :‬عدد من املركبات االسمية ُ‬
‫الصلة واملوصول‪ ،‬و ُمركَّب املصدر‪.‬‬
‫‪ )7‬حماولة التفرقة بني مركبات النعت واإلضافة؛ ألنا أشهر املركبات استعامال يف‬
‫الكالم‪.‬‬
‫ِ‬
‫خالهلا‬ ‫ٍ‬
‫رياضية من‬ ‫ٍ‬
‫معادالت‬ ‫غري قليل من قواعد النحو يمك ُن حتوي ُلها إىل‬
‫إن عددا َ‬
‫الطالب عىل اجلُ َمل القصرية كمرحلة‬
‫َ‬ ‫وندرب‬
‫َ‬ ‫نستطيع أن نقدِّ َم نموذجا معياريا صحيحا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الـمدَ ِّق َقات النحوية‪.‬‬ ‫أوىل حتى نتقدم شيئا فشيئا من ِّ‬
‫فك اللبس الداليل يف ُ‬

‫النص‪.‬‬
‫‪ .10‬الذكاء االصطناعي وإعادة بناء ّ‬
‫وإعادة ترتيب الكالم يف اجلملة بشكل‬ ‫ِ‬ ‫َن ْق ِصدُ بإعادة بناء النص هنا التلخيص‪،‬‬
‫االستخراجي‪ ،‬ويتضم ُن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫التلخيص‬ ‫صحيح‪ .‬وتقني ُة التلخيص تنقسم إىل نوعني‪:‬‬
‫ِ‬
‫صياغة‬ ‫األساس؛ لتكوين امللخص اجلديد دون إعادة‬ ‫ٍ‬
‫ومجل من املستند‬ ‫ٍ‬
‫عبارات‬ ‫اختيار‬
‫ّ‬
‫تقييم أمه َّية اجلُ َم ِل‬ ‫ِ‬
‫والتقنيات املعتمدَ ة عىل هذا النو ِع تتضم ُن‬
‫ُ‬ ‫هذه العبارات واجلُ َمل‪.‬‬
‫َ‬
‫والعبارات‪ ،‬ومن ثم اختيار تلك التي هلا التقييم األعىل عىل افرتاض ّأنا هي اجلمل‬
‫والعبارات التي حتوي املعنى الذي أراد الكاتب إيصاله‪.‬‬
‫النص بعبارات ومجل جديدة‬ ‫تلخيص ِّ‬
‫َ‬ ‫التلخيص التوضيحي للنص فيتضم ُن‬
‫ُ‬ ‫أما‬
‫ٍ‬
‫كل ًّيا؛ حيث يتم توليد مجل جديدة حتوي الرسالة األساسية للمستند األصيل‪ .‬ويعدُّ هذا‬
‫األسلوب أكثر حتد ًيا من األسلوب السابق‪ ،‬ولكنه أكثر حماكا ًة لألسلوب البرشي‪.‬‬
‫ُ‬
‫إن تقنية التلخيص قام عىل تطويرها جمموعة من الباحثني منهم املهندس إيراهيم‬
‫صبح يف رسالته للامحستري (صبح‪ .)٢٠٠٩ ،‬ويعتمد يف هذه التقنية عىل التلخيص‬
‫غري رضورية للمتعلم‪ ،‬واعتمد يف‬ ‫االستخراجي‪ ،‬وفيه حماولة حلذف اجلمل التي يراها َ‬
‫فت بمعاونتِه يف هذا‬
‫رش ُ‬
‫ذلك عىل عينة عشوائية من املقاالت املنشورة يف الصحف‪ ،‬وقد َ ُ‬
‫الـمحتوى‪ ،‬ثم تُد َفع‬ ‫ِ‬
‫اجلانب‪ ،‬حيث كنت أ ُقوم بحذف ُمجل أراها َ‬
‫غري ُرضور ّية يف فهم ُ‬
‫الـمدْ خالت اليدو ّية إىل التقنية التي ُيمكنُها بعد ذلك أن تستنبط ما يمك ُن حذفه يف‬
‫هذه ُ‬
‫يؤثر يف معناه‪.‬‬
‫النص وال ُ‬

‫‪-١٩8-‬‬
‫ِ‬
‫والتلخيص‬ ‫النحوي‬ ‫ِ‬
‫التدقيق‬ ‫ِ‬
‫تقنيات‬ ‫إنتاج ُمج ٍل أو ِ‬
‫بنائها فتعتمدُ عىل‬ ‫ِ‬ ‫وأما إعاد ُة‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ب مواقعها يف اجلملة‪ ،‬فمثال‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حس َ‬‫والتحليل الصيف‪ ،‬ألننا سنعطي الكلامت سامت ْ‬
‫والفاعل يكون مرفو ًعا‪ ،‬والفعل املايض‬ ‫ُ‬ ‫الكلامت النكرة ال يمكن أن نبدأ هبا اجلملة‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫إعطاء املتعل ِم كلامتٍ‬ ‫جمرورا وهكذا‪ ،‬فعند‬ ‫واملصاف إليه يكون‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون مبنيا عىل الفتح‪،‬‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫كل هذه املحد ِّدات سلفا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ليطلب منه إنشاء مجلة صحيحة مفيدة فإن التقنية سرتاعي َّ‬
‫فمثال الكلامت (املسلمون‪ ،‬رمضان‪ ،‬شهر‪ ،‬صام) نقوم بتقديمها للمتعلم ثم نطلب منه‬
‫ترتي َبها وعند اخلطإ نرشدُ ه إىل موقع الكلمة يف اجلملة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫خارطة‬ ‫الـمتَع ِّلم عىل رس ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تدريب ُ‬ ‫تساهم يف‬
‫َ‬ ‫التقنية يمك ُن أن‬ ‫إن االستفاد َة من هذه‬
‫يكتسب‬
‫ُ‬ ‫االستخراجي فإنَّه‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫التلخيص‬ ‫ذهنية ملا يقرؤه ويتع َّل ُمه‪ ،‬فهو إذا َّ‬
‫تدر َب عىل‬
‫التوضيحي ومن َثم بناء ٍ‬ ‫ِ‬
‫نص‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫االستخراج‬ ‫جمموع ًة من املهارات ستجع ُله ً‬
‫قادرا عىل‬
‫جديد‪.‬‬
‫ريايض جتري عليه‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫شكل‬ ‫النص إىل‬ ‫ِ‬
‫حتويل ِّ‬ ‫االستخراجي تقو ُم عىل‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫التلخيص‬ ‫إن آلي َة‬
‫َّ‬
‫غري املهمة‪ ،‬مثل‬ ‫الكلامت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذف يف هذه املعاجلة‬ ‫وحت ُ‬ ‫للنص‪ُ ،‬‬ ‫مقاييس ت َْسبِ ُقها قبلها معاجل ُة ِّ‬ ‫ُ‬
‫احلروف واألدوات‪ ،‬وكذلك إعادة الكلامت إىل جذورها وقياس التشابه بني مجل النص‬
‫الل َمصفو َفة رياض ّي ٍة‪ ،‬وهناك‬ ‫الكلامت واجلمل من ِخ ِ‬
‫َُ‬
‫ِ‬ ‫وحتليل العالقات الدالل َّية بني‬
‫ِ‬
‫اجلمل‬ ‫اختيار‬
‫ُ‬ ‫أبسط تلك الطرق‪ ،‬هو‬ ‫ُ‬ ‫امللخص من هذه املصفوفة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الستخراج‬ ‫طرق عدة‬ ‫ُ‬
‫مجل‪،‬‬ ‫امللخص عىل عرش ُ َ‬ ‫ذات االرتباط األقوى بأهم املفاهيم‪ .‬فمثالً‪ ،‬لو أردنا أن حيتوي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫فإنا نختار اجلُ َم َل العرش ذات القيم األعىل يف أول عرشة صفوف من املصفوفة‪.‬‬
‫بحيث‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واالستيعاب للنص‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تطبيقات الفه ِم‬ ‫استثامرها يف‬ ‫هذه التقني َة ُي ْم ِك ُن‬‫إن ِ‬‫َّ‬
‫ُ‬
‫برامج منترش ٌة يف ٍ‬
‫عدد‬ ‫املعلومات وهو يك ِْم ُلها‪ ،‬وهناك ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫نذكر للمتعل ِم َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يمكن أن َ‬
‫ِ‬
‫التنبؤ‬ ‫ِ‬
‫الطالب عىل‬ ‫ِ‬
‫لتدريب‬ ‫النص املخفي‪ ،‬وتستخد ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدول ت َُس َّمى برامج كشف ِّ‬ ‫من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الـم ْخ ِفي‪ ،‬وهذه‬
‫واالستيعاب أو‬ ‫القراءة‬ ‫وسا يف‬ ‫تكون ُد ُر ً‬‫ُ‬ ‫النصوص‬
‫ُ‬ ‫بالنص ا ُّللغوي َ‬ ‫ِّ‬
‫نقاط‬ ‫حتتسب فيها ٌ‬ ‫ٍ‬
‫شكل ُل ْع َبة ت َْر َبو َّية‬‫ِ‬ ‫الربنامج عىل‬ ‫ِق َط ًعا أدب ّي ًة من النثر والشعر‪ ،‬و ُي َص َّم ُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الـمحدد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عند التنبؤ باملحذوف يف الوقت ُ‬

‫‪-١٩٩-‬‬
‫‪ .11‬مشكالت الذكاء االصطناعي يف التعامل مع اللغة العربية‪.‬‬
‫تتلف مستوياتُه‪ ،‬ففي اجلانب‬
‫ُ‬ ‫متثل ُمعاجل ُة اللغة العربية حتديا كبريا‪ ،‬وهذا التحدي‬
‫يت التحدي أقل؛ َّ‬
‫ألن املعلومات الصوتية يف اللغة العربية أكثر حتديدً ا من املعلومات‬ ‫الصو ّ‬
‫الصف ّية ثم املعجم ّية ثم النحو َية والدالل ّية‪ ،‬وفيام يأيت حتديد لبعض هذه املشكالت‪.‬‬

‫‪ (1‬اللبس الداليل‪.‬‬
‫تصاد ُفنَا هي اللبس الدال ّيل سواء عىل مستوى البنية أم الرتكيب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫العقبة الرئيس ّي ُة التي‬
‫ِ‬
‫العربية‪ ،‬فمثال كلم ُة‬ ‫ِ‬
‫النصوص‬ ‫ِ‬
‫معاجلة‬ ‫ٍ‬
‫عالية يف‬ ‫حتقيق ٍ‬
‫دقة‬ ‫ِ‬ ‫يقف عائ ًقا َ‬
‫دون‬ ‫فاللبس ُ‬ ‫ُ‬
‫ُنصب‬
‫ُرفع باأللف وت ُ‬ ‫بالو ْلدان وهي مجع‪ ،‬واألوىل ت ُ‬ ‫الو َلدان (مثنى) كلمة (ولد) تلتبس ِ‬
‫يفرق‬‫احلاسوب أن َ‬ ‫يستطيع‬ ‫وجرا‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فتكون عىل حاهلا رف ًعا ونص ًبا ًّ‬ ‫بالياء‪ ،‬وأما الثانية‬
‫احلاسوب بني فطائر مجع فطرية‪ ،‬وبني فطائر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫(بالو ْلدان)‪ ،‬بل َخيلط‬ ‫بني (بالو َلدَ ان) و‬
‫مفرد طائر التي ألصقت هبا الفاء كسابق (مجعة‪.)7٤ :١٤37 ،‬‬
‫الكثري من‬ ‫حتتاج‬ ‫تزال‬ ‫ِ‬
‫معاجلة الداللة ال ُ‬ ‫نعرتف أن الدراس َة البحث َّي َة يف‬‫َ‬ ‫وعلينا أن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اخلاص أن يتحم َلها‪ ،‬ومن َث َّم ال بد من‬ ‫ِ‬
‫الـم َك ِّل َفة ماد ًّيا‪ ،‬فال ُيمك ُن للقطا ِع‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫اجلهود ُ‬
‫ِ‬
‫وتاليف األخطاء‬ ‫التقنيات التي توصلنَا إليها‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتطوير‬ ‫يضم َص ْف َوة الباحثني‬ ‫مرشو ٍع ٍ‬
‫كبري ُّ‬
‫تقع فيها هذه التقنية‪.‬‬ ‫التي ُ‬

‫‪ (2‬طريقة بناء الملة العربية‪.‬‬


‫ِ‬
‫املفردات‬ ‫عملية مع َّقدَ ٍة من الفه ِم ومع ِر َف ِة ِسام ِ‬
‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫حتتاج إىل‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫طريق ُة بناء اجلملة‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫تركيب‬ ‫ث هلا َع ِ‬
‫وار ُض‬ ‫أن اجلُ ْم َل َة العرب َّي َة حتدُ ُ‬ ‫ِ‬
‫باإلضافة إىل َّ‬ ‫تناسب الوظيف َة النحو َّي َة‪،‬‬ ‫التي‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كبريا للذكاء ِ االصطناعي‪.‬‬ ‫من احلذف واإلضافة والتقدي ِم والتأخري‪ .‬وهذا ُي َم ِّث ُل حتد ًّيا ً‬
‫‪ (3‬تنوع اللهجات‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصوت‪ ،‬خاصة فيام يتعلق‬ ‫ف عىل‬ ‫تقنيات التعر ِ‬
‫ِ‬ ‫اللهجات العرب َّي ِة يتحدَّ ى‬
‫ِ‬ ‫تنوع‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫بإبدال احلروف (السني مكان الثاء واجليم مكان القاف أو الغني مكان القاف‪ ،‬أو الظاء‬
‫اللهجي‬ ‫التنوع‬ ‫ِ‬
‫اختالف النرب والتنغيم وأداء الكالم‪ ،‬وهذا‬ ‫مكان الضاد)‪ ،‬هذا فضال عن‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫اللغات األخرى هبذه الكثرة والتنوع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ليس موجو ًدا يف‬
‫َ‬

‫‪-٢٠٠-‬‬
‫‪ .12‬مقرتح ملنصة تعليمية ذكية‪.‬‬
‫أقرتح ِمن ََّصة تعليم َّية للغة العربية جتمع بني كل هذه التقنيات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫بعد هذا العرض فإنني‬
‫لتكون نواة ملدونة تعليمة كربى حتتوي عىل أصوات اللغة ومفرداهتا وتراكيبها‪ ،‬وهذه‬
‫املستعمل يف اللغة العربية‪.‬‬
‫َ‬ ‫املنصة يمكن بناؤها من خالل صناعة مدونة ألشهر‬
‫ِ‬
‫التقنيات احلاسوبية عىل هذه املدونة‪،‬‬ ‫ويمكن تطبيقها أيضا من خالل تدريب كل‬
‫الـمدَ َّونَة‬
‫بمعنى أننا سنحاول إنشاء نصوص موجهة باستخدام مفردات هذه ُ‬
‫ومسكوكاهتا فقط؛ حتى نتجنب املشكالت التي تقع فيها التقنية‪ ،‬وحتى نضمن دقة‬
‫عالية يف املعلومة التي تصل إىل املتعلم‪.‬‬
‫وكإطار شكيل يمكن تصور هذه املنصة عىل النحو التايل‪:‬‬
‫نختار مجل ًة من النصوص ثم نبد ُأ يف معاجلتِها ُلغو ًّيا بشكل‬ ‫ُ‬ ‫(الشكل ‪)3‬‬ ‫كام يف َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قصة أو مقط ًعا مرئيا أو فكرة ُم ْب َتكَرة‬ ‫كامل‪ ،‬حيث نبد ُأ بالتهيئة احلافزة التي قد تكون َّ‬
‫املجال للمعلم كي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لالستعانة هبا‪ ،‬وترتك‬ ‫ِ‬
‫التهيئات‬ ‫عند املعلم‪ ،‬واملنصة تتيح بعض هذه‬
‫ث‬ ‫ِ‬
‫وخرباهتم‪ ،‬فيحدُ ُ‬ ‫ستضم َ َجت ِ‬
‫ار َب املعلمني‬ ‫ِ‬
‫التهيئة التي‬ ‫يضيف فكرتَه اإلبداعي َة يف هذه‬
‫ُ‬
‫احتكاك وتتوالد اخلربات التي تفيد املتعلمني‪ ،‬ثم تبدأ املعاجل ُة اللغوية للنص‪ ،‬فيقرأ‬ ‫ٌ‬
‫بقراءة جهر َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫سمح هلم‬
‫نوعي للنص‪ ،‬ثم ُي َ‬ ‫ٍّ‬ ‫الطالب ألداء‬
‫ُ‬ ‫النص بصوت مجيل‪ ،‬ويستمع‬ ‫َّ‬
‫الطالب لصوته‪ ،‬وتبدأ‬ ‫الص ْوت) حيث يستمع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عىل إ ْثرها ت ُْست ْ‬
‫ُ‬ ‫َخدَ ُم تقنية (ال َّت َع ُّرف عىل َّ‬
‫باإلشارة‬ ‫نطقها صوتيا أو صفيا أو نحويا‪ ،‬ثم‬ ‫التقنية يف تظليل الكلامت التي أخطأ يف ِ‬
‫َ‬
‫تظهر الرسائل التوضيحية والتعليمية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إىل الكلمة أو اجلملة ُ‬
‫الطالب قد استوعب فكرة النص‪ ،‬ويكون‬ ‫ُ‬ ‫التدريب عىل القراءة يكون‬ ‫ِ‬ ‫وبعد هذا‬
‫استثامر‬
‫ُ‬ ‫جاهزا لإلجابة عن أسئلة االستيعاب التي تأيت يف هذه النافذة؛ حيث يمكن‬
‫التعبري عنه بأسلوبه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تلخيص النص الذي قرأه أو‬
‫ُ‬ ‫تقنية التلخيص يف أن ُي ْط َ‬
‫لب‬
‫كام تتيح هذه النافذة أن يمسح النص‪ ،‬ثم تبدأ التقنية بقراءته بشكل بطيء يسمح‬
‫للطالب أن يكتبه إمالء‪ ،‬وبعد أن ينتهي يقوم بإدخال خ ِّطه مصورا‪ ،‬ومن خالل ِ‬
‫تقنية‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫ً‬
‫األصيل‬
‫ُّ‬ ‫النص‬
‫احلاسوب مواط َن اخلطإ و ُي ْع َر ُض له ُّ‬
‫ُ‬ ‫يكتشف‬
‫َ‬ ‫التعرف الضوئي ُي ْم ِك ُن أن‬
‫الـم ْم َىل‪.‬‬
‫مع النص ُ‬

‫‪-٢٠١-‬‬
‫ِ‬
‫األسئلة من‬ ‫ُ‬
‫الوسائل الرتبوي ُة يف وض ِع‬ ‫وتتيح النافذة أيضا أسئلة تقييم ت ُْست ْ‬
‫َخدَ ُم فيها‬
‫حتليل وتركيب وتقعيد‪.‬‬

‫املنصة التعليم َّية ‪ -‬نافذة ُمعطيات رئيسية‬


‫الشكل ‪ :3‬نموذج َّ‬

‫تكون باملنصة مدونة مصنفة ومرتبة حسب شيوع كلامهتا‪ ،‬وبناء عىل املدونة‪ ،‬نختار‬
‫مثال اآليات القرآنية ذات الكلامت املتداولة واألحاديث ذات اجلمل البسيطة والشعر‬
‫الذي يستخدم كلامت مألوفة لألذن وهكذا يف كل النصوص‪ .‬وهناك إمكانية يف املنصة‬
‫ليضيف املعلم واملتعلم ما يروق هلام من نصوص‪ ،‬وهذه املختارات يمكن أن ندرس‬
‫طبيعتها وتوجهاهتا وتكون قيمة مضافة للمنصة‪.‬‬

‫املنصة التعليم َّية ‪ -‬نافذة اختيار الن َّّص‬


‫الشكل ‪ :4‬نموذج َّ‬

‫‪-٢٠٢-‬‬
‫ف فيها التقنيات التي ذكرناها‬ ‫ويف هذه املنصة توجد نافذة لتع ُّلم املهارات التي نو ِّظ ُ‬
‫هر له نموذج ليحاكيه‪ ،‬ثم يكتب‬ ‫يف هذا الفصل‪ ،‬فمثال إذا دخل عىل نافذة اإلمالء َي ْظ ُ‬
‫فيكتشف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالقلم العادي عىل ورقة ت َُص َّو ُر بشكل آيل و ُت َق َار ُن خ ُطو ُطها بخطوط النموذج‪،‬‬
‫املعياري‬ ‫ِ‬
‫بشكله‬ ‫ِ‬
‫احلرف‬ ‫يتعرف أيضا عىل طريقة رس ِم‬ ‫علم أخطاءه اإلمالئية‪ ،‬كام‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الـم ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الـم ْس َت ْع َم َلة يف العربية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الر ْق َعة أو النسخ باعتبارمها من أشهر اخلطوط ُ‬ ‫سواء يف ُّ‬

‫املنصة التعليم َّية ‪ -‬نافذة املهارات‬


‫الشكل ‪ :٥‬نموذج َّ‬
‫ٍ‬
‫خالصات يف األصوات‬ ‫معارف ُلغو َّية ُّ‬
‫تضم‬ ‫َ‬ ‫أيضا عىل جمموعة من‬
‫وتشتمل املنصة ً‬
‫يستطيع‬
‫ُ‬ ‫معارف ثقافي ًة‪ ،‬ويمكن أن ُمت َ ِّث َل ُمدَ ْو َن ًة‬
‫َ‬ ‫تضم‬
‫ُ‬ ‫والصف والنحو والداللة‪ ،‬كام‬
‫ِ‬
‫واعتامدها ضمن‬ ‫تارات املتعلمني‬ ‫ِ‬ ‫وجود ٍ‬
‫آلية لدراسة ُخم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ضيف إليها‪ ،‬مع‬
‫َ‬ ‫املستخد ُم أن ُي‬
‫املنصة‪.‬‬

‫‪-٢٠3-‬‬
‫املنصة التعليم َّية ‪ -‬نافذة املعارف‬
‫الشكل ‪ :6‬نموذج َّ‬

‫وجدانيات ترتقي بمشاعر املتعلم‪ ،‬و ُت ْبنى مدونتُها من‬ ‫ٍ‬ ‫وتشمل هذه املنص ُة أيضا‬
‫ِ‬
‫الثقافة العربية‪،‬‬ ‫تقتص عىل‬ ‫تناسب املستويات واألعامر والثقافات‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬
‫خمتارات‬ ‫خالل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ضيف عليها‪ ،‬أو أن ُي ْب ِدي رأيه من خالل‬ ‫َ‬ ‫ويتاح للمتعل ِم أن ُي‬
‫ُ‬ ‫بل متتدُّ لثقافات أخرى‪،‬‬
‫معرفة طريقة التفكري وأسس‬ ‫ِ‬ ‫دراس ٍة بحث َّي ٍة ِّ ُ‬
‫تبني‬ ‫استثامرها يف‬ ‫ٍ‬
‫بيانات يمكن‬ ‫ِ‬
‫قاعدة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب البيئات والثقافات التي تتعدد يف وطننا العريب‪ ،‬ويمكن‬ ‫ستختلف َح ْس َ‬
‫ُ‬ ‫االختيار التي‬
‫استثامر هذه النافذة يف معرفة العالقات بني األلفاظ يف ذهن املتلقي‪ ،‬بحيث ُنن ِْش ُئ شبكة‬
‫عالقات داللية كالرتادف‬ ‫ٍ‬ ‫من الكلامت التي تنتمي حلقل داليل واحد‪ ،‬وما بينها من‬
‫والتضاد واملشرتك اللفظي وغري ذلك من العالقات‪.‬‬
‫بيانات تفيد الباحثني‪ ،‬وهذه القاعد ُة‬ ‫ٍ‬ ‫إن الطالب واملعلمني ُي ْم ِكن ُُهم أن ُين ِْشئوا قاعدة‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َتن َْش ُأ‬
‫طبيعي ويف بيئات ُخمْتَل َفة‪ ،‬فتمثل ماد ًة َخ ْص َب ًة ُي ْمك ُن د َر ُ‬
‫استها والبنا ُء عليها‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫بشكل‬

‫‪-٢٠٤-‬‬
‫املنصة التعليم َّية ‪ -‬نافذة وجدانيات‬
‫الشكل ‪ :7‬نموذج َّ‬
‫ِ‬
‫املرحلة‬ ‫َ‬
‫وسائل التقييم حسب مستوى املتعلم‪ ،‬بداي ًة من‬ ‫أيضا هذه املنص ُة‬
‫وتشمل ً‬
‫الصف‬‫ِّ‬ ‫الطالب يف‬ ‫صورة مستويات‪ .‬فمن املمكن أن يكون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االبتدائية‪ ،‬ولكن يف‬
‫ُ‬
‫طالب يف الصف الثالث‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫يشرتك فيه مع‬ ‫يظل يف املستوى األول الذي قد‬ ‫ِ‬
‫اخلامس‪ ،‬لكنَّه ُّ‬
‫ٍ‬
‫طالب‬ ‫ِ‬
‫مرافقة‬ ‫َ‬
‫اخلجل من‬ ‫وسرتفع عنه‬ ‫وهذه املنصة َست َُح ِّس ُن من مستوى الطالب‪،‬‬
‫ُ‬
‫أصغر منه سنًّا‪.‬‬
‫مقاطع مرئية ومسموعة‬
‫َ‬ ‫واملنصة أيضا هبا قصص تثري معارف الطالب‪ ،‬كام أن هبا‬
‫لتنويع أدوات التعلم‪ ،‬وكل هذا يف مكان واحد وبأسلوب سهل االستخدام‪.‬‬

‫‪-٢٠٥-‬‬
‫املنصة التعليم َّية ‪ -‬نافذة التقييم‬
‫الشكل ‪ :8‬نموذج َّ‬

‫توظيف التقنيات التي أرشنا إليها؛‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫خالهلا‬ ‫إن هذه املنصة تُعدُّ واجهة يمكن من‬
‫لتكون بيئ ًة تعليم َّية مثالي ًة يمكن استخدامها يف املدرسة أو البيت أو أي مكان‪.‬‬

‫اخلالصة‪.‬‬
‫خالصة القول يف هذه القضية أن برامج معاجلة اللغات الطبيعية ح َّق َق ْت طفر ًة ال‬
‫ِ‬
‫تقنيات تعليم اللغة العربية‪ ،‬ولك َّن‬ ‫استثامرها يف‬ ‫إنكارها‪ ،‬وهذه الطفرة يمكن‬ ‫يمكن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يضم صفوة الباحثني يف الوطن العريب‪ ،‬كام أن هذا املرشوع‬ ‫حيتاج إىل مرشو ٍع كبري ُّ‬
‫ُ‬ ‫األمر‬
‫َ‬
‫الذي يوفر منصة تعليمية متصلة باملدارس يف خمتلف أنحاء الوطن العريب يمكن أن‬
‫ٍ‬
‫تغذيات‬ ‫كون‬‫ُيستثمر يف تعليم الطالب ويف تكوين قاعدة بيانات ضخمة‪ ،‬ويمكن أن ُي ِّ‬
‫راجع ًة تفيده يف تطوير التقنيات التي يوظفها‪ ،‬حيث يتيح نافذة إلبداء الرأي يف التقنيات‬
‫واملشكالت التي تواجه املتعلمني‪ ،‬وهبذه الطريقة يمكن أن تكون هذه املنصة منهجا‬
‫نتائج نوعية يف تعليم الطالب اللغة‬ ‫تعليميا مستقال يوفر جهود طباعة الكتب ويعطي َ‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪-٢٠6-‬‬
‫ببليوجرافيا مرجع َّية‪.‬‬
‫‪ .١‬ابن جني‪ ،‬أبو الفتح عثامن‪ )٢٠٠6( ،‬اخلصائص‪ ،‬دار الكتب املصية‪ ،‬حتقيق‪،‬‬
‫حممد عيل النجار‪.‬‬
‫‪ .٢‬جرين‪ ،‬جوديث‪ ،)١٩٩٢( ،‬التفكري واللغة‪ ،‬اهليئة املصية العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ .3‬مجعة‪ ،‬عمرو (‪ ،)٢٠١6‬تقنيات اللغة العربية احلاسوبية‪ ،‬معايري التقييم ورؤى‬
‫التطوير‪ ،‬دراسة لغوية حاسوبية‪ ،‬مركز امللك عبد اهلل خلدمة اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ .٤‬حامد‪ ،‬صالح الدين‪ ،)٢٠٠٤( ،‬خوارزمية التعرف عىل أخطاء التالوة‪ ،‬دكتوراه‪،‬‬
‫‪ ،٢٠٠٤‬كلية اهلندسة جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ .٥‬دي سوسري‪ ،‬فردينان دي سوسري (‪ ،)١٩8٥‬دروس يف األلسنية العامة‪ ،‬تعريب‬
‫حممد شاوش وآخرون‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬
‫‪ .6‬السعيد‪ ،‬املعتز باهلل (‪ )٢٠٠7‬مدونة معجم عريب معاص‪ ،‬معاجلة لغوية حاسوبية‪،‬‬
‫ماجستري‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ .7‬السعيد‪ ،‬املعتز باهلل (‪ ،)٢٠٠٩‬املعجم التكراري أللفاظ القرآن الكريم‪« ،‬املنهج‬
‫والنموذج» ندوة القرآن الكريم وتقنية املعلومات‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬السعودية‪.‬‬
‫قررات ال ُّلغة‬
‫الـمدَ َّونات ال ُّل َغو َّية يف تطوير ُم َّ‬
‫‪ .8‬السعيد‪ ،‬املعتز باهلل (‪ ،)٢٠١6‬توظيف ُ‬
‫والسياسة ال ُّلغو َّية‪ ،‬مركز امللك عبد اهلل‬ ‫ال َع َرب َّية ملراحل التَّعليم العا ّم‪ ،‬جم َّلة التَّخطيط ِّ‬
‫الرياض‪ ،‬العدد ‪.٢٠١6 ،3‬‬ ‫خلدمة ال ُّلغة العرب َّية‪ِّ ،‬‬
‫‪ .٩‬صبح‪ ،‬إبراهيم (‪ ،)٢٠٠٩‬التلخيص اآليل‪ ،‬ماجستري‪ ،‬كلية اهلندسة بجامعة‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ .١٠‬طعيمة‪ ،‬رشدي (‪ ،)٢٠٠6‬معاهد تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬اجتاهات‬
‫التطوير‪ ،‬معايري االعتامد‪ ،‬مؤرشات اجلودة‪ ،‬جملة العربية للناطقني بغريها‪ ،‬جامعة‬
‫أفريقيا العاملية‪ ،‬العدد الثالث‪.‬‬
‫‪ .١١‬عبد الغني‪ ،‬نعيم حممد (‪ )٢٠١٥‬تفاعل املفردات مع الوظائف النحوية يف اجلملة‬
‫القرآنية‪ ،‬دار النابغة‪ ،‬مص‪ ،‬ط‪.١ :‬‬

‫‪-٢٠7-‬‬
‫‪ .١٢‬عيل‪ ،‬نبيل (‪ ،)١٩87‬اللغة العربية واحلاسوب‪ ،‬جملة عامل الفكر‪ ،‬املجلد الثامن‬
‫عرش‪ ،‬العدد الثالث‪.‬‬
‫‪ .١3‬عيل‪ ،‬نبيل (‪ ،)١٩88‬اللغة العربية واحلاسوب‪ ،‬تعريب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .١٤‬عاميرة‪ ،‬خليل عاميرة (‪ ،)١٩8٥‬يف التحليل اللغوي‪ ،‬مكتبة املنارة‪ ،‬ط‪.١ :‬‬
‫‪ .١٥‬عمر‪ ،‬أمحد خمتار (‪ ،)١٩8٥‬علم الداللة‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.٢:‬‬
‫‪1. Al-sulaiti, L. (2004). Designing and Developing a corpus of‬‬
‫‪contemporary Arabic. Leeds University.‬‬
‫‪2. Chomsky, N. (2000). New Horizon in the Study of language and‬‬
‫‪mind. Cambridge University Press.‬‬

‫‪-٢٠8-‬‬
‫الباحثون‬

‫‪-٢٠٩-‬‬
-٢١٠-
‫الدكتور‪ُ /‬حم َّمد َعطِ َّية ُحم َّمد ال َع َر ّيب‬
‫َع ِم َل «د‪ .‬حممد عطية حممد العريب أمحد» ملدة ربع قرن يف جمال‬
‫ِ‬
‫وحوسبة‬ ‫علوم احلاسب‪ ،‬وكذلك علو ِم اللسانيات احلاسوبية‪،‬‬
‫وبناء املوارد اللغوية‪ .‬وقد نرش العديدَ من األوراق‬ ‫ِ‬ ‫اللغة العربية‪،‬‬
‫البحثية باللغة اإلنجليزية يف الصف األول من الدوريات العاملية‬
‫املحكَّمة‪ ،‬كام َحك ََّم العرشات من األوراق يف تلك الدوريات‪ ،‬وشارك يف عدد من‬
‫الكتب والدراسات واألوراق البحثية بالعربية حول املعجم‪ ،‬والصف‪ ،‬والرتكيب‪،‬‬
‫والداللة يف اللغة العربية‪ .‬وكذلك شارك وأدار العديد من التقنيات احلاسوبية‬
‫الصناعية‪ ،‬واملرشوعات البحثية يف حوسبة اللغة العربية‪ ،‬والتعليم اإللكرتوين‪ ،‬وكان‬
‫خبريا حاسوب ًّيا ملرشوع امل ْع َجم التارخيي للغة العربية بني عامي ‪٢٠١٤‬م و ‪٢٠١6‬م‪.‬‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫زائرا يف عدة أكاديميات عربية مثل‪ :‬األكاديمية البحرية للعلوم‬ ‫وكذلك كان أستا ًذ ً‬
‫والتكنولوجيا والنقل البحري‪ ،‬وجامعة اإلسكندرية‪.‬‬

‫الدكتور‪ /‬ا ُملعت ّز باهلل َّ‬


‫السعيد طه‬
‫الـمساعد بجامعة القاهرة‪ ،‬وأستاذ‬ ‫أستاذ الدِّ راسات ال ُّلغو َّية ُ‬
‫ال ِّلسان َّيات احلاسوب َّية املـُشارك بمعهد الدَّ وحة للدِّ راسات ال ُعليا‪،‬‬
‫الـمعجم َّية بمرشوع ُمعجم الدَّ وحة؛ وهو‬ ‫نسق َوحدة املوارد ُ‬ ‫و ُم ِّ‬
‫ثالثني‬ ‫نحو‬ ‫َرش‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫واملؤسسات‪ .‬ن َ َ‬ ‫َّ‬ ‫لعدد من اهليئات‬ ‫استشاري‬
‫ٌّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الـمعجم‬ ‫ورقة علم َّية ُحمكَّمة‪ ،‬باإلضافة إىل عدد من الكتب يف حوسبة ال ُّلغة وصناعة ُ‬
‫عاص‪ ،‬وقا َم بتحكيم عرشات األبحاث واألطروحات العلم َّية‪.‬‬ ‫والدَّ رس ال ُّلغوي الـم ِ‬
‫ّ ُ‬
‫وأرشف عىل‬
‫َ‬ ‫عاجلة ال ُّلغات ال َّطبيع َّية‪،‬‬
‫بم َ‬ ‫شارك يف العديد من املرشوعات الدَّ ول َّية املعن َّية ُ‬ ‫َ‬
‫عدد من‬ ‫حصل عىل ٍ‬ ‫َ‬ ‫لعدد من هذه املرشوعات‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بناء وتطوير املوارد ال ُّلغو َّية واحلاسوب َّية‬
‫اجلوائز العلم َّية‪ ،‬منها‪ :‬جائزة (ألكسو ‪ )ALECSO‬لإلبداع واالبتكار يف «املـَع ُلومات َّية‬
‫محيد لل ُع ُلوم وال َّثقافة‪.‬‬
‫عاجلة اآلل َّية ل ُّلغة العرب َّية»‪ ،‬وجائزة راشد بن ُ َ‬ ‫والـم َ‬
‫ُ‬

‫‪-٢١١-‬‬
‫الدكتور‪ /‬أمحد راغب أمحد‬
‫ور ِئيس ِق ْسم اللغة العربية‬
‫ارك‪َ ،‬‬ ‫ُأ ْستَاذ الدِّ راسات ال ُّل َغ ِو َّية ا ُْمل َش ِ‬
‫حصل عىل درجة‬ ‫َ‬ ‫وآداهبا باجلامعة اإلسالمية العاملية بامليزيا‪.‬‬
‫القاهرة عام ‪،٢٠٠٩‬‬ ‫الرشف األوىل من جامعة ِ‬ ‫الدُّ كتوراه بمرتبة َّ‬
‫شار َك يف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َرش عد ًدا من األوراق البحث َّية يف دور َّيات علم َّية؛ كام َ‬ ‫َون َ َ‬
‫العديد من املـؤمترات الدَّ ول َّية املعنِ َّية بحوسبة ال ُّلغة؛ وله عد ٌد من‬
‫املؤ َّلفات ِ‬
‫العلم َّية‪.‬‬ ‫َ‬

‫الدكتور‪ /‬نعيم ُحم َّمد عبد الغني‬


‫والصف وال َع ُروض بمرتبة‬ ‫َ‬
‫حصل عىل الدُّ كتوراه يف النَّحو َّ‬
‫العلمي‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يعمل يف البحث‬ ‫الرشف األوىل من جامعة القاهرة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫لغوي يف املـن َّظمة‬
‫ٌّ‬ ‫خبري‬ ‫اجلامعي واإلعالم‪ ،‬وهو َ‬
‫اآلن ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫والتدريس‬
‫َ‬
‫عمل‬ ‫للرتبية وال ُع ُلوم وال َّثقافة (إيسسكو)؛ وقد‬ ‫اإلسالم َّية َّ‬
‫ارضا يف جامعة قطر‪ ،‬وباح ًثا َغ َري ُم ِّ‬
‫تفرغ يف ُمعجم الدَّ وحة‬ ‫ُحم ً‬
‫رشات‬ ‫ُرشت ل ُه َع‬‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫الـمجالت واإلذاعات العرب َّية‪ .‬ن َ‬ ‫وحم ِّر ًرا يف بعض‬
‫َّارخيي‪ ،‬وكات ًبا ُ‬
‫ّ‬ ‫الت‬
‫ت ُخمتلفة‪ ،‬وأعدَّ وقدَّ َم العديدَ من الربامج اإلذاع َّية‬‫وجمال ٍ‬
‫ف َّ‬ ‫املقاالت والتَّقارير يف صح ٍ‬
‫ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ا َّلتي تُعنى َّ‬
‫قايف‪ ،‬وله ستَّة ُكتُب مطبوعة‪ ،‬باإلضافة إىل عدد من األبحاث‬ ‫بالشأن ال َّث ّ‬
‫الـمحكَّمة‪.‬‬‫العلم َّية ُ‬

‫‪-٢١٢-‬‬
‫مباحث لغوية ‪٥٩‬‬
‫االصطناعي‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫والذكاء‬ ‫العرب َّية‬
‫يُصدِ ر مركز امللك عبداهلل بن عبدالعزيز الدولي خلدمة اللغة العربية هذا الكتاب ضمن سلسلة‬
‫(مباحث لغوية)‪ ،‬وذلك وفق خطة عمل مقسمة إلى مراحل‪ ،‬ملوضوعات علمية رأى املركز حاجة املكتبة‬
‫اللغوية العربية إليها‪ ،‬أو إلى بدء النشاط البحثي فيها‪ ،‬واجتهد يف استكتاب نخبة من احملررين واملؤلفني‬
‫للنهوض بعنوانات هذه السلسلة على أكمل وجه‪.‬‬
‫ويهدف املركز من وراء ذلك إلى تنشيط العمل يف املجاالت التي تُـنَـ ّبه إليها هذه السلسلة‪ ،‬سواء أكان‬
‫العمل علميا بحثيا‪ ،‬أم عمليا تنفيذيا‪ ،‬ويدعو املركز الباحثني كافة من أنحاء العالم إلى املساهمة يف هذه‬
‫السلسلة‪.‬‬
‫وتو ّد األمانة العامة أن تشيد بجهد السادة املؤلفني‪ ،‬وجهد محرر الكتاب‪ ،‬على ما تفضلوا به من رؤى‬
‫وأفكار خلدمة العربية يف هذا السياق البحثي‪.‬‬
‫والشكر والتقدير الوافر ملعالي وزير التعليم املشرف العام على املركز‪ ،‬الذي يحث على كل ما من‬
‫شأنه تثبيت الهوية اللغوية العربية‪ ،‬ومتتينها‪ ،‬وفق رؤية استشرافية محققة لتوجيهات قيادتنا احلكيمة‪.‬‬
‫موجهة إلى جميع املختصني واملهتمني للتواصل مع املركز؛ لبناء املشروعات العلمية‪ ،‬وتكثيف‬
‫والدعوة ّ‬
‫اجلهود‪ ،‬والتكامل نحو متكني لغتنا العربية‪ ،‬وحتقيق وجودها السامي يف مجاالت احلياة‪.‬‬

‫األمني العام للمركز‬


‫أ‪ .‬د‪ .‬محمود إسماعيل صالح‬

You might also like