Professional Documents
Culture Documents
Document
Document
محماد البداوي
دكتور في الحقوق
مقـــدمــــــة
مع تطور ثورة المعلومات وتقدم وسائل االتصاالت الحديثة ،كان من الضروري أن تساير اإلدارات العمومية هذا التطور
وخصوصا في مجال القانون اإلداري الذي يحكم غالب نشاطاتها ،والذي من سماته األساسية المرونة و التطور الستيعاب
المستجدات التي يكشف عنها العلم ،ويستلزمها الواقع من أجل الحصول على جودة في األداء المقدم للجمهور ،من خالل إنجاز
”.الخدمة المطلوبة بسرعة وسهولة من خالل ما يسمى حاليا “باإلدارة االلكترونية
تأسيسا على ذلك ،نتج عن هذا التطور وجود رغبة لدى معظم اإلدارات المعاصرة في نقل النشاط اإلداري من واقعه التقليدي
الورقي إلى الواقع االلكتروني ،إدراكا منها ألهمية هذا المتغير في تسيير النشاط اإلداري بصورة أفضل مما كان عليه الحال
من قبل ،بحيث تولد لدى اإلدارة العمومية وعي وقناعة تامة بضرورة االستفادة القصوى من المستحدثات التكنولوجية
وإجراءاتها الدقيقة والمنتظمة في عملية إصدار القرارات وإدارة المرافق العمومية ،واالتجاه نحو االعتماد على الحاسوب
وشبكة االنترنت والهاتف المحمول وغيرها من الوسائل األخرى في التعبير عن إرادتها المنفردة أو االتفاق مع غيرها من
.أجل تأدية نشاطها بكفاءة وفاعلية
نتيجة لذلك ،هذا التطور لم يبقى بعيدا عن وسائل النشاط اإلداري التقليدية ،وهو ما أدى إلى ظهور القرار اإلداري
االلكتروني ،والعقد اإلداري االلكتروني ،ونتج عن ذلك مسألة التوقيع االلكتروني ،وأصبح أيضا يتصل ببعض نظريات
القانون اإلداري ،وقام بتطويرها واستحدث بذلك المرفق االلكتروني والتوظيف االلكتروني ،كما أن الحجية القانونية لهذه
الوسائل أثارت االهتمام بموضوع اإلثبات االلكتروني المبني على دالئل مستمدة من الواقع االلكتروني دون االعتماد على
.الواقع االلكتروني كما كان من قبل
وعليه ،تعد نظرية القرار اإلداري الموضوع األهم من المواضيع التي يتناولها القانون اإلداري ،فهو لسان حال اإلدارة
والمترجم الحقيقي إلرادتها صراحة وضمنا ،ومحور العملية اإلدارية التي تطورت بشكل مضطرد بتطور واتساع النشاط
.اإلداري
وتكتسي دراسة واقعة القرار اإلداري االلكتروني أهمية كبيرة متعددة الجوانب ،فمن حيث األصل تعتبر واقعة مستحدثة
أرساها تطور العمل اإلداري وتطبيق نظام اإلدارة االلكترونية ،وجاءت نتيجة تطلع اإلدارة إلى تحديث وظائفها في ضوء
المستجدات الراهنة والقائمة من حولها بما يجعل عملها منسجما مع الثقافة السائدة في المجتمع على نحو تصبح معه اإلدارة
.ظاهرة إيجابية بالنسبة لمحيطها داخل المجتمع تدفعه إلى األمام وليس العكس
كذلك تنبع أهميتها انطالقا من مسؤوليتي كباحث ،توجب تسليط الضوء على هذا المستجد في العمل اإلداري وإبراز عالقته
بالنظام القانوني للقرار اإلداري التقليدي ،وبيان الحد الذي يمكن اإلدارة أن تستفيد من مرونة القرار اإلداري االلكتروني
وتطوره المستمر ،واإلعالن عن ميالده وإمكانية التعامل به من جانب اإلدارة في وقتنا الحاضر ،وفي نفس الوقت بيان ما هو
مطلوب من خطوات تشريعية جديدة للوصول إلى إرساء وجوده وصحته بصورة سليمة وبشكل واضح ال يثير فرضية عدم
.مشروعيته ،على اعتبار أن هذه المشروعية تعد عنوانا الزما لكل جديد داخل العمل اإلداري
والهدف الرئيس من وراء كل ذلك ،يتمثل في وضع كل ما من شأنه أن يؤدي لقبول هذا التطور ال رفضه تماشيا مع حقيقة
قواعد وأحكام القانون اإلداري التي ال تعرف الجمود والتوقف عند حد معين ،وبقدرتها على مالحقة تطورات العمل اإلداري
.حتى ال نكون أمام فراغ قانوني وغياب للتنظيم المفترض وجوده
وعليه تنبع إشكالية هذه الدراسة من محاولة معرفة ماهية القرار اإلداري االلكتروني ،وهل يتعارض أم يتفق مع أساسيات
القرار اإلداري التقليدي التي رسخها الفقه والقضاء اإلداري على مر العصور ،ليكون التساؤل هو كاآلتي :ما هو النظام
القانوني للقرار اإلداري االلكتروني؟
:من أجل اإلجابة على هذه اإلشكالية واألسئلة األخرى التي تطرحها ،قسمنا هذا الموضوع إلى مبحـثيـــن
تثار العديد من التساؤالت القانونية حول سالمة القرار اإلداري االلكتروني من الناحية القانونية ،ومدى االعتراف به ،أو ما
يرتبه من آثار قانونية ،إضافة إلى وسائل إشهاره وآلية االحتجاج به سواء في مواجهة اإلدارة أم في مواجهة األفراد ،وكذا
إشكالية تحديد اللحظة التي يعتبر فيها القرار اإلداري االلكتروني قد صدر ،هل هي لحظة توقيعه إلكترونيا من جهة اإلدارة؟
أم هي لحظة استالم الرسالة االلكترونية التي تتضمنه لصاحب الشأن؟ ومدى االحتجاج بالمستخرجات المتعلقة بالقرار اإلداري
االلكتروني؟
لإلحاطة بجوانب هذه األسئلة واإلجابة عليها ،سنتطرق في هذا المبحث إلى مفهوم وخصائص القرار اإلداري االلكتروني
(المطلب األول) ،ثم سنبحث في أركانه ومدى االختالف بينها وبين األركان المعروفة للقرار اإلداري التقليدي والسمات
.المميزة له (المطلب الثاني)
لقد بدأت بعض اإلدارات – بشكل ملحوظ -تتوسع في استخدام الحاسب اآللي ،ليس عند نطاق تقديم الخدمات وإشباع حاجات
المتعاملين مع اإلدارة ،بل إن جهودها تتجه ليشمل استخدامه مجال إصدار القرار اإلداري ،واالستعانة به في تنفيذ القوانين
واللوائح اإلدارية .إذ أضحت في الوقت الراهن مسألة استخدام الحاسوب في إصدار القرار اإلداري ضرورة لما لها من
إيجابيات تساهم في سرعة إنجاز مهام اإلدارة وضمانات تحول دون االنحراف في تطبيقه بحق األفراد ،وحق اإلدارة في
.امتيازاتها ،بحيث أن قيام اإلدارة بإصدار قراراتها بإجراءات إلكترونية أمر تستوجبه اإلدارة االلكترونية ومتطلباتها الحديثة
وهذا ما يستدعي منا البحث في ماهية القرار اإلداري االلكتروني (الفقرة األولى) ،والخصائص المميزة له بالمقارنة مع القرار
.اإلداري التقليدي (الفقرة الثانية)
تجدر اإلشارة إلى أن تعريف القرار اإلداري لم يتناوله المشرع المغربي وترك المجال للفقه والقضاء في تحديد ذلك إسوة
بالمشرعين الفرنسي والمصري اللذين تركا الفرصة للفقه والقضاء في تحديد مفهوم القرار اإلداري ومختلف جوانبه التنظيمية
.والقانونية
على أنه “ :عمل Diguitفي الجانب الفقهي هناك تعاريف متعددة تختلف باختالف الفقهاء ،فقد عرفه الفقيه الفرنسي دوجي
إداري تصدره اإلدارة بقصد تعديل األوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما ستكون في لحظة مستقبلية معينة”[
على أنه“ :عمل بواسطته تقوم اإلدارة بشكل انفرادي من أجل إحداث مركز قانوني معين أو .]1 Riveroكما عرفه رفييرو
.تغييره أو إلغائه وذلك لما لها من سلطة عامة لذلك”[]2
وعرفته أيضا الباحثة مليكة الصروخ بأنه ”:إعالن اإلدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح
بقصد إنشاء أو تعديل أحد المراكز القانونية متى كان ممكنا وجائزا قانونا ،وكان الهدف منه تحقيق المصلحة العامة”[]3
أما القضاء اإلداري ،فقد عرف القرار اإلداري من خالل االجتهادات القضائية للمحاكم اإلدارية بكل من فرنسا ومصر،
فالقضاء اإلداري المصري عرف القرار اإلداري بكونه ” إفصاح اإلدارة المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها
الملزمة بمالها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك قصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكنا وجائزا
قانونا ابتغاء تحقيق مصلحة عامة”[]4
وفي محاولة لوضع تعريف جامع ومانع للقرار اإلداري ،يمكن تعريفه على أنه :عمل قانوني نهائي صادر باإلرادة المنفردة
والملزمة لجهة اإلدارة ،بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واألنظمة وفي الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إنشاء أو تعديل أو
.إلغاء حق أو التزام قانوني معين ،متى كان ذلك ممكنا أو جائزا قانونا وابتغاء للمصلحة العامة[]5
من هذا المنطلق فالقرار اإلداري يكتسي تعريفات مختلفة ومتباينة أحيانا ،لكن ما يهمنا أن القرار اإلداري يستهدف إحداث أثار
قانونية واضحة من خالل إصدار األوامر وفرض االلتزامات والتدخل في صيانة الحقوق وحفظ النظام العام تحقيقا للمصلحة
.العامة
ومما ال شك فيه ،أن التعريفات السابقة لم تأخذ بعين االعتبار إلكترونية القرار اإلداري باعتباره ثمرة التطور الهائل في التقدم
التكنولوجي في الوقت الراهن ،ومع تبني الدول المعاصرة لنظام اإلدارة االلكترونية ،وما قد يؤدي إلى استحداث القرار
اإلداري اإللكتروني خصوصا في ظل ما يتمتع به من مزايا ،فإن التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الباب يتمحور حول
تعريف هذا القرار؟
من أجل ذلك ،اجتهد العديد من الباحثين في علم اإلدارة الحديث والقانون اإلداري لوضع تعريفا للقرار اإلداري االلكتروني،
:حيث عرف بــأنه
تلقي اإلدارة العمومية الطلب االلكتروني على موقعها االلكتروني وإفصاحها عن رغبتها الملزمة بإصدار القرار والتوقيع عليه
إلكترونيا وإعالم صاحب الشأن على بريده االلكتروني ،وذلك بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثرا
.قانونيا معينا يكون مشروعا وممكنا قانونا ابتغاء المصلحة العامة[]6
.عبارة عن مستند إلكتروني يعبر عن اإلرادة الملزمة والمنفردة لإلدارة بقصد ترتيب أثرا قانونيا معينا[]7
.إفصاح عن إرادة منفردة ملزمة تصدر عن سلطة إدارية عامة عبر وسائل إلكترونية وترتب آثارا قانونية”[” ]8
فالقرار اإلداري االلكتروني وفقا لهذه التعاريف ،ما هو إال إفصاح جهة اإلدارة عن إرادتها المنفردة الملزمة بما لديها من
سلطة عامة عبر وسائل إلكترونية حديثة مرتبة آثارا قانونية معينة ،وحسب هذا التوجه فهو ال يختلف عن القرار اإلداري
العادي الذي يصدر بالصورة التقليدية ،إذ ال بد أن تتوافر فيه شروط صحته من أنه عمل قانوني يصدر عن إرادة اإلدارة
المنفردة ،ويقصد من ورائه إحداث آثارا قانونية معينة ،باإلضافة إلى توافر أركان وجوده من خالل عدم مخالفة القانون،
وصدوره في شكل معين ،ويشتمل على سبب مشروع ،وصدوره عن الجهة المختصة بإصداره والتي ينبغي عليها تحقيق
.المصلحة العامة منه
بناءا على ما سبق ،يسمح الواقع االلكتروني بوسائله المتعددة لجهة اإلدارة في أن تخاطب عدد غير محدود من األفراد أو فردا
بعينه ،لذلك قد يكون القرار اإلداري االلكتروني عبارة عن قرار تنظيمي ويعرف حسب هذا الشكل بـ ” الالئحة االلكترونية”،
وقد يأتي في صورة القرار اإلداري الفردي ،فالنسبة لألول نجده يحتوي على قواعد عامة ومجردة تخاطب عددا غير محدد
.من األفراد بصفاتهم ال بذواتهم ،بينما الثاني فهو يخاطب فرد أو أفرادا معينين بذواتهم[]9
نتيجة لذلك ،تعتبر سلطة اإلدارة بإصدار القرار اإلداري االلكتروني امتدادا طبيعيا لسلطتها األصيلة المتعلقة بإصدار القرار
اإلداري التقليدي ،وتأتي في ظل نقلها من الواقع التقليدي إلى االلكتروني ،لذلك فإن القرار اإلداري االلكتروني يتولد عن ذات
.السلطة مع اختالف وسيلة الممارسة
وهو بذلك يعكس نظيره التقليدي في صورته المتطورة نتيجة لجوء اإلدارة لهذه الوسائل في مباشرة امتيازاتها وسلطاتها
.الممنوحة لها من قبل المشرع
كما هو الحال في القرار اإلداري التقليدي يجب توافر مجموعة من الخصائص في القرار اإلداري االلكتروني ،فمن جهة أولى
يتميز القرار اإلداري بأنه عمال إداريا يصدر عن السلطة اإلدارية العامة ،مركزية أم المركزية ،ترابية أم مرفقية ،ويشترط أن
.تكون السلطة مصدرة القرار وطنية ال أجنبية[]10
وبصدور القرار اإلداري عن السلطة اإلدارية العامة باعتمادها على الوسائل االلكترونية يكفي لتحقيق الخاصية المتقدمة
.بالنسبة له ،وال يؤثر في ذلك تكوينه المستحدث أو طريقة صدوره الجديدة ألن العبرة بمن أصدره[]11
من جهة ثانية ،يتميز القرار اإلداري بأنه عمال انفراديا وليد إرادة اإلدارة وحدها ،أي أن األمر يتطلب أن يصدر القرار
اإلداري االلكتروني باإلرادة المنفردة لإلدارة التي تتجسد في انفرادها بإعداده إلكترونيا وتوقيعه وإصداره بذات الوسائل دون
.أن تشترك معها أي إرادة أخرى[]12
من جهة ثالثة ،يتميز القرار اإلداري بأنه عمل قانوني تسعى اإلدارة من خالله إلى ترتيب أثرا قانونيا عاما أو خاصا ،بحسب
ما إذا كان القرار تنظيميا أم فرديا ،ويتمثل هذا األثر في إنشاء مركزا قانونيا أو تعديله أو إلغائه .وبناءا عليه فإنه طالما
.قصدت اإلدارة ترتيب أثرا قانونيا على قرارها الصادر بالوسائل االلكترونية فإن صفة العمل القانوني تتحقق لهذا القرار
فالواقع الحالي يكشف بجالء على أن اإلدارة في مجتمعنا أصبحت ال تتردد في اللجوء إلى استثمار الخدمات التي يوفرها
الواقع االلكتروني من خالل وسائله المتعددة في تطوير عالقتها بالمرتفقين ،وخلق صورة جديدة في نظام التواصل بينها
وبينهم ،قائمة على االستغناء عن االلتقاء المادي بين موظفيها وجمهور المواطنين ،وإحالل فكرة التواصل االلكتروني بينهم
.دون التقيد بمكان أو زمان معين
وبالبحث في الموقع االلكتروني لوزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية المغربية ،نجد أنها قد أصدرت بعد إحداث صفحة
العديد من اإلعالنات متضمنة قرارات المباريات المفتوحة في وجه www.emploi-maroc.maالتشغيل العمومي
المواطنات والمواطنين ،إذ رتبت هذه القرارات أثرها القانوني بتضمينها النتائج النهائية للمتقدمين لشغل الوظائف الحكومية،
التي على ضوئها تم إعالن األشخاص المعينين بتوليهم المناصب التي أسندت إليهم ،األمر الذي يثير في األذهان مدى
.صالحية هذه اإلجراءات في تحقيق العلم بمضمون القرار اإلداري واحتساب ميعاد الطعن فيه باإللغاء
وتجدر اإلشارة هنا ،إلى أنه يجب تمييز القرار اإلداري االلكتروني عن األعمال التشريعية والقضائية التي بدأت تغزو الواقع
االلكتروني هي األخرى ،السيما مع تزايد الرغبة لدى الحكومات المعاصرة في بعض الدول بنقل الوظيفة التشريعية
والقضائية إلى مجال الفضاء االلكتروني و االستفادة من وسائله في ممارستها ،ومما قد يؤديه ذلك إلى ميالد األعمال
.التشريعية والقضائية بالوسائل االلكترونية شأنها في ذلك شأن القرار اإلداري االلكتروني[]13
إذن فالتطور الحاصل في ميدان العمل اإلداري سيؤدي إلى إرساء اإلجراءات اإللكترونية في عمليتي إصدار القرارات وإبرام
العقود اإلدارية وصوال إلى استحداث القرار اإلداري اإللكتروني ،وكذلك العقد اإلداري االلكتروني ،وهو ما تحقق فعليا وفقا
لما هو مستفاد من بعض الدراسات التي انصبت على تناول هذا التطور وبيان نتائجه بالنسبة لوسائل النشاط اإلداري ومدى
.اتفاقه مع األحكام والمبادئ التقليدية للقانون اإلداري[]14
وهذا ال يعني غياب دور رجل اإلدارة كليا ،فالدور الذي يلعبه الحاسوب ومهما تعاظم شأنه في مختلف مجاالت العمل اإلداري
ال يعني أنه أصبح يؤدي العمل اإلداري ذاتيا دون أي تدخل من قبل اإلدارة ،فكل ما في األمر أنه أصبح بموجبه إمكانية قيام
اإلدارة بتأدية نشاطها عبر الواقع االلكتروني ،بما في ذلك إصدار القرارات وغيره من األعمال األخرى ،وهو بذلك ال يعدو
أن يكون وسيلة جديدة بيدها ،إذ أن دوره مهما كبر يأتي استجابة ألوامر رجل اإلدارة ،ومعبرا عن إرادتها أو ناقال لها
.ألصحاب الشأن وفق ما تريده جهة اإلدارة ذاتها
في هذا الصدد ،يجب التفرقة بين مفهوم اإلحالل واالستعمال ،فالحاسوب ال يحل محل اإلدارة في تأدية النشاط بقدر ما يمكن
اعتباره وسيلة جديدة بيدها أصبحت تستعملها إلتمام ذلك ،فوجود الحاسوب وغيره من الوسائل االلكترونية ال يعني غياب
اإلدارة كليا ،بل تبقى حاضرة على الدوام من خالل عنصرها البشري التي يتولى القيام بالدور الفني وكافة األعمال البرمجية
.الالزمة لتحقيق العمل اإلداري بالوسائل اإللكترونية
وعليه ،فاإلدارة تبقى مصدرة القرار وهي المتعاقدة أيضا ،ولكن بأساليب وأدوات جديدة لم تكن تستعملها من قبل فرضتها
المستجدات المجتمعية وتداعيات الثورة اإللكترونية التي همت كل جوانب الحياة ،بما في ذلك نشاطها الذي ال يعقل أن يكون
بمنأى عن هذا كله ،وإال أصبح عقبة حقيقية أمام تطلعات المجتمع في عصرنا الراهن بتسخير التكنولوجيا لتسيير الحياة
.اليومية لألفراد والمؤسسات واالنعتاق من براثن العمل اليدوي والورقي والولوج إلى مرحلة العمل االلكتروني
ونشير في األخير ،أن المشرع المغربي لم يخرج عن هذا المنأى ،حيث اعتمد قانونا للتبادل اإللكتروني للمعطيات
القانونية ،محددا في المادة األولى مجال تطبيق هذا القانون ،فعمل على توظيف مصطلح “المعطيات القانونية” ،لنفهم من ذلك
أنها تشمل جميع المحررات التي يمكنها أن تنتج آثارا قانونية ذات طابع مدني أو تجاري أو إداري ،وبالتالي فمجال تطبيق هذا
القانون واسع جدا ،إذ يتعلق بجميع المحررات القانونية واإلدارية المبرمة بين الخواص والمقاوالت واإلدارات ،وإن كان
المشرع قد استثنى صراحة من مجال التطبيق كل الوثائق المتعلقة بمدونة األسرة والوثائق المتعلقة بالضمانات الشخصية أو
.العينية المدنية أو التجارية ،ما عدا المحررات المنجزة من لدن شخص ألغراض مهنته[]15
ال يوجد في التشريعات ما يمنع اإلدارة من التعبير عن إرادتها باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة ،مادام أنها تحقق الغاية
من هذا التعبير ،السيما وأن القرار الذي يصدر باستخدام تلك الوسائل يشتمل على كافة عناصر وجوده وأركانه ،من خالل
عدم مخالفة القانون ،وصدوره في شكل معين ،ويشتمل على سببه ،ومن الجهة اإلدارية صاحبة االختصاص ،وينبغي تحقيق
المصلحة العامة ،مع اإلشارة إلى أن هذه العناصر للقرار اإلداري يمكن أن تتوفر كذلك في القرار اإلداري االلكتروني –
السيما -وأن المشرع لم يشترط في صدور القرار أن يكون مكتوبا أو شفهيا ،فالنصوص القانونية تستوعب أن يصدر القرار
.إلكترونيا
ومن المعلوم ،أن للقرار اإلداري خمسة أركان -تتضح من تعاريفه -البد من توافرها ليوجد القرار وتقوم له قائمة ،فإذا تخلف
ركن من هذه األركان كان القرار معدوما ،وهو يكون كذلك إذا لم يوجد تعبير عن إرادة منفردة ،أو لم يصدر هذا التعبير عن
.سلطة إدارية عامة ،أو صدر دون سند قانوني ،أو لم يكن له أثر قانوني
على ضوء ما تقدم ،سنحاول أن نبحث في هذا المطلب عن مدى تأثير هذا التطور المهم على أركان القرار اإلداري ،فهل
بقيت على حالها أم تطورت وسايرت مفاهيم اإلدارة االلكترونية ،وإذا ما صير هذا التطور فما هي األبعاد والسمات الجديدة
ألركان القرار اإلداري االلكتروني الشكلية (الفقرة األولى) والموضوعية (الفقرة الثانية) التي تميزه عن القرار اإلداري
.العادي؟
تستلزم الوظيفة اإلدارية ألداء نشاطاتها بالوجه المطلوب أن يتم توزيع األعمال اإلدارية على الهيئات أو الموظفين العموميين،
فالقرارات اإلدارية ال يمكن أن تتخذ إال من قبل الجهة أو الموظف المختص بذلك (أوال) .كما يتطلب األمر أن يصدر القرار
.وفق إجراءات شكلية معينة يجب اتباعها في إصداره إلحداث أثر قانوني معين (ثانيا)
وفي نطاق اإلدارة االلكترونية ،فإن إمكانية اتخاذ القرارات اإلدارية تتوسع لتشمل إمكانية اتخاذها آليا ،وبمعزل عن العنصر
البشري ،وذلك عن طريق ما يعرف بالبرمجة االلكترونية والتي يقصد بها إمكانية ممارسة األعمال اإلدارية واتخاذ القرارات
.الالزمة بطريقة إلكترونية تجري بشكل مستقل وآلي دون حاجة للعنصر البشري بعد برمجتها من طرفه
وكمثال على ذلك ،إذا ما تم اإلعالن عن وظيفة حكومية فإنه بإمكان الراغب في التقدم للوظيفة إرسال بياناته على الموقع
االلكتروني للجهة اإلدارية المختصة ،وحينها يقوم البرنامج االلكتروني المعد لهذا الغرض باستالم هذه البيانات وتدقيقها
وإحصائها وإرسال رسالة إلكترونية للمتقدم تعلمه باستالمها ،كذلك إنها ترسل البيانات المذكورة إلى الجهة المختصة بالتعيين
.أو التعاقد ،ويعد اإلرسال المذكور قرارات إدارية إلكترونية[]16
بهذا الخصوص ،لقد نص قانون التجارة االلكترونية في إمارة دبي رقم 2لسنة 2002في المادة 27منه بأنه[” : ]17
…… ..يجوز ألية دائرة أو جهة تابعة للحكومة في أداء المهمات المنوطة بها بحكم القانون ،أن تقوم ما يلي :أ،……… -
”….ب -إصدار أي إذن أو ترخيص أو قرار أو موافقة في شكل سجالت إلكترونية[]18
وبتطبيق ما تقدم على القرار اإلداري االلكتروني ،فإن التزام اإلدارة باحترام قواعد االختصاص قائم ومستمر في ظل نقل
أعمالها للواقع الجديد وتطبيقها لنظام اإلدارة االلكترونية ،ألن فكرة االختصاص واجبة بالنسبة للقرار أيا كان موطنه وبغض
النظر عن كيفية صدوره وهذه حقيقة ال تقبل العكس ،وتبقى هذه القواعد واجبة التطبيق بطبيعتها اآلمرة ،األمر الذي يفترض
وجوب قيام الجهة المختصة بممارسة كافة اإلجراءات البرمجية المؤدية إلعداد وإصدار القرار ،وأن تتم هذه العملية بواسطة
.الوسائل التي تملكها وأن ال تسمح بغير ذلك[]19
وعليه ،يمكننا تعريف ركن االختصاص بصورته الجديدة في أنه يعكس صالحية اإلدارة التخاذ قراراتها باإلجراءات
االلكترونية وتمتعها بسلطة إصداره في شكل الوثيقة أو المستند االلكتروني وفقا لما تملكه من وسائل فنية وبرمجية تؤدي
.لتحقيق ذلك
وثمة حقيقة جوهرية تبرز في هذا المقام وهي أن سلطة اإلدارة واختصاصاتها بإصدار القرار اإلداري االلكتروني ال تعد
سلطة جديدة ،بل تعكس ذات السلطة واالختصاص التقليدي وأن الجديد في األمر هو وجود وسيلة جديدة تباشر عن طريقها
اإلدارة هذه السلطة أو فكرة االختصاص ،وهذا ما ينفي أننا أمام سلطة أخرى موازية بل هي سلطة مشتقة من سابقتها المنظمة
.قانونيا[]20
خالصة القول ،فإن هذا التطور في مجال إصدار القرارات اإلدارية سيؤدي إلى نظرية جديدة تتمثل في االختصاص البرمجي
أو االلكتروني بإصدار القرار ،على أن هذا االختصاص يأتي من رحم االختصاص التقليدي ويخضع إلى ذات األحكام
.والقواعد المنظمة له وال يستحدث جديدا في هذه األحكام
إن القرار اإلداري هو تصرف قانوني إرادي يصدر عن اإلدارة بإرادتها المنفردة ،وينبغي أن يتخذ التصرف المذكور شكال أو
مظهرا خارجيا معينا بغض النظر عن أوصاف هذا الشكل ،فاألصل أن اإلدارة غير ملزمة بأوصاف معينة لشكل القرار
اإلداري[ ،] 21إذ يكفي أن يصدر القرار بشكل يوضح فيه نية اإلدارة في اتخاذه وبالطريقة التي يفهمها جمهور المتعاملين
معها ،ورغم ذلك فالقانون قد يستلزم إجراءات وشكليات محددة التخاذ القرار اإلداري ،ويطلق عليها قواعد الشكل
.واإلجراءات في القرار اإلداري ،والتي إن غابت عن القرار المذكور أمسى معيبا قابال لإللغاء[]22
وفي نطاق القرار اإلداري االلكتروني ،يمكن لإلدارة اتخاذ شكل إلكتروني للقرار اإلداري عن طريق الوسيط االلكتروني
األتوماتيكي ،وهذه األشكال اإللكترونية عبارة عن معلومات إلكترونية ذات خصائص إلكترونية في شكل نصوص أو رموز
أو أصوات أو رسوم أو صور أو برامج حاسوب أو غيرها من قواعد البيانات .بيد أن المهم في ذلك أن يكون هذا الشكل
.االلكتروني قابل لالسترجاع بشكل يمكن فهمه[ ،]23أي أن يصدر بطريقة مفهومة للجمهور
وتجدر اإلشارة ،أن اإلدارة العمومية ليست ملزمة باتباع شكل معين في تعبيرها عن إرادتها ما لم يفرض عليها القانون شكال
معينا صراحة ،فهذا يعني أنه يمكن أن يصدر القرار في صيغة مكتوبة “ورقية” أو يظهر في عبارة شفوية ،وقد يكون ضمنيا،
.وقد يكون إلكترونيا ،ما دام القانون لم ينص على شكلية معينة إلصداره
وتطبيقا لذلك ،يمكن أن يصدر القرار اإلداري االلكتروني وفق خطوات وإجراءات إلكترونية من خالل إعداد حقول خاصة
محددة سلفا في النموذج اإللكتروني للقرار اإلداري ،وأحد هذه الحقول يكون مخصصا لركن الشكل واإلجراءات التي تستلزم
القيام بها إلصداره وفقا لدرجة أهميتها ،إذ تقوم اإلدارة بتصنيف الحقل إلى شكليات جوهرية يجب مراعاتها واستيفاؤها ألنها
تؤثر في مضمون القرار ومحتواه وعدم مراعاتها تؤدي لبطالنه ،ثم شكليات غير جوهرية يبقى لجهة اإلدارة حرية استيفائها
.من عدمها[]24
كذلك ينبغي أن يتضمن القرار اإلداري توقيع متخذه حسب ما يوجبه القانون وإال اعتبر القرار معيبا في شكله ،هذا التوقيع
االلكتروني يتكون من حروف أو أرقام أو رموز أو صوت أو بصمة أو نظام معالجة ذي شكل إلكتروني وملحق أو مرتبط
منطقيا برسالة إلكترونية .وبذلك فإن القرار اإلداري االلكتروني يمكن أن يتخذ بتوقيع الكتروني ويتمتع هذا التوقيع المذكور
بالحجية والقيمة نفسها التي يتمتع بها التوقيع المكتوب ،وهذا ما نص عليه القانون الفرنسي رقم 230لسنة ]25[.2000
إن المقصود بمحل القرار اإلداري هو موضوعه أو األثر الحال والمباشر الذي يحدثه فيما يتعلق بالمراكز القانونية للمخاطبين
بالقرار ،فكل قرار البد وأن يكون له بطبيعة الحال محل معين ،ويعتبر عنصر المحل من أهم عناصر القرار ،وعيبه من أهم
العيوب التي تصيب القرارات اإلدارية وأكثرها وقوعا من الناحية العملية ،ويشترط أن يكون محل القرار جائزا أو مشروعا
.من الناحية القانونية[ ،]26واآلخر أن يكون محل القرار ممكنا من الناحية الواقعية
وعليه فإن األثر القانوني –المحل -يعد ركنا الزما في القرار اإلداري االلكتروني ،خصوصا وأن وجود هذا األثر يميزه عن
األعمال المادية لإلدارة التي من الممكن أن تباشرها بذات الوسائل واإلجراءات البرمجية التي تعتمدها في إصدار القرار
.اإلداري
وتجدر اإلشارة ،إلى أن القرار اإلداري االلكتروني من الممكن أن يرتب آثارا قانونية وال يختلف في هذا األمر عن نظيره
التقليدي ،فإن محله ينطبق عليه ما ينطبق على محل القرار اإلداري العادي ،بيد أن محل القرار اإلداري االلكتروني يكون
دائما محددا ،أي أن الوسيط االلكتروني ليس له سلطة تقديرية في مجال اختيار محل القرار ،كونه مبرمج ومحتوي على
.بيانات ومعلومات كل الموظفين في اإلدارة يتم تحديثها أوتوماتيكيا للقيام بعمل محدد سابقا
ثانيا :ركن السبب
ال يمكن للجهة اإلدارية اتخاذ قرار إال إذا ما توفر سبب قانوني أو واقعي أو مجموعة أسباب تدفع اإلدارة إلى إحداث أثر
.قانوني من خالل إصدار قرار إداري .وبذلك فإن أسباب اتخاذ القرار اإلداري إما أن تكون قانونية وإما أن تكون مادية
فاألولى قد تتخذ شكل نص دستوري أو نص تشريعي أو مبدأ من مبادئ القانون العام أو حكم قضائي أو غيره من القواعد التي
تعد بمثابة قاعدة تشكل األساس القانوني للقرار .أما األسباب المادية أو الواقعية فهي مجموعة األعمال أو التصرفات أو الوقائع
.المادية الدافعة التخاذ القرار اإلداري ،كما في طلب االستقالة مثال[]28
وركن السبب في القرار اإلداري االلكتروني ال يختلف في طياته عنه في القرار اإلداري التقليدي ،فاألسباب المذكورة أعاله
المدخلة على شكل بيانات ،تدفع بالبرنامج االلكتروني األوتوماتيكي إلى اتخاذ القرار إذا ما توفرت أسبابه المحددة على سبيل
.الحصر بحيث ال يملك فيها الوسيط االلكتروني مجاال للتقدير لعدم قدرته على التفكير الذاتي
وعليه ،فجهة اإلدارة عليها أن تستند إلى سبب صحيح يحدد القانون ،فتقوم بإدراجه مسبقا في حقل خاص في النموذج
اإللكتروني للقرار اإلداري يبين الشروط المطلوبة (الترقية مثال) ،والتأكد من صحتها وسالمتها إلضفاء المشروعية عليها.
كما يجب التحقق من وجود وصحة الوقائع القانونية والواقعية عبر تضمينها مسبقا ضمن حقل إلكتروني خاص في النموذج
.اإللكتروني للقرار اإلداري اإللكتروني[]29
الغاية من القرار اإلداري هي الهدف النهائي المراد تحقيقه بإصدار القرار ،وهي تختلف عن محل القرار الذي هو األثر
القانوني المترتب عليه ،فالغاية من ترقية موظف هي إشغال وظيفة شاغرة في مرفق عام البد من ضمان سيره .فاألصل أن
غاية القرار اإلداري تكون دائما وأبدا هي تحقيق المصلحة العامة التي من أجلها منحت اإلدارة سلطة إصدار هذا القرار في
مواجهة األفراد وللتأثير في مراكزهم القانونية .كما أن اإلدارة تلتزم في اتخاذ قراراتها باألهداف المحددة قانونا فتصبح
األهداف هي تحقيق المصلحة العامة ،وفي حال مخالفتها تصبح القرارات المتخذة مشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة ويصبح
.مستحق اإللغاء[]30
أما في ما يخص ركن الغاية في القرار اإلداري االلكتروني ،نرى أن انتقال العمل اإلداري إلى الواقع االلكتروني يستتبعه
حتما مد نطاق المصلحة العامة إلى هذا الواقع باعتباراتها وثقلها المعروف في القانون اإلداري ،وتبقى عنوانا واجبا ومفترضا
عند ممارسة اإلدارة لسلطاتها وإصدارها لقراراتها أيا كان الموطن التي تنطلق منه وطبيعة الوسائل المستخدمة في ذلك ،لذلك
تشهد هذه المصلحة حضورها الجديد في كافة القرارات اإلدارية االلكترونية باعتبارها الغاية المقصودة منها مثلما هو مستقر
.في األحوال العادية[]31
ولتوفير ركن الغاية في القرار اإلداري اإللكتروني يمكن تصميم حقول خاصة لهذا الركن في النموذج اإللكتروني للقرار
اإلداري تختلف حسب قاعدة تخصيص األهداف ،على أن تتم برمجته وتقسيمه لما يراد تحقيقه واستهدافه وفق معلومات
تفصيلية لها صلة بالمصلحة العامة .ويمكننا تحقيق واكتشاف عنصر الغاية بشكل أدق إلكترونيا طالما التزمت الجهة اإلدارية
بالخطوات واإلجراءات اإللكترونية التي تشمل ركن الغاية في النموذج اإللكتروني فتكون الغاية واضحة نتيجة إدراج ذلك في
.الحقل المخصص لذلك[]32
ونختم بالقول ،أن أركان القرار اإلداري لم تبق كما هي بل سايرت هذا التطور وما زالت تسايره بحيث اتخذت أبعادا جديدة
.ومفاهيم مختلفة يمكن توضيحها في المبحث الموالي
تنبع مسألة النفاذ االلكتروني للقرار اإلداري من أمرين ،األول :يتمثل في سعي اإلدارات العمومية نحو تبني نظام اإلدارة
االلكترونية ،الذي أثبت تحقيقه للمصلحة العامة بمزاياه المتعددة ،والثاني :يتمثل في قيام هذه اإلدارات بنقل امتيازاتها وأساليب
.عملها للواقع الجديد ،السيما القرار اإلداري الذي يعتبر أهم هذه األساليب وأكثرها شيوعا وفعالية في العمل اإلداري
تأسيسا على ذلك ،يرجع منبت هذا التطور بال أدنى شك إلى البيئة االلكترونية التي انضمت اإلدارة العمومية إليها وما فرضه
ذلك من تغير ملموس في كيفية تأدية أعمالها وممارسة سلطاتها ،لذا يستوجب أن تحدث هذه الممارسة الحديثة للعمل اإلداري
وسائل للعلم بالقرارات اإلدارية اإللكترونية الصادرة عن اإلدارة وفقا للواقع الجديد (المطلب األول) ،تراعي في نفس الوقت
مسألة اإلثبات وحجية الوسائل المتخذة لنفاذ القرار اإلداري االلكتروني في حال نزاع قانوني مفترض بشأن العلم به وتنفيذه
(.المطلب الثاني)
بالنظر إلى النطاق الواسع الذي يالزم ظاهرة النشر االلكتروني وتعدد األعمال التي تشكل محال له ،فإننا سنتطرق في بداية
هذا المطلب إلى المقصود بالنشر في صورته العامة ،ثم المقصود بالنشر االلكتروني للقرار اإلداري في ضوء معناه التقليدي
(الفقرة األولى) ،ثم في مرحلة ثانية سنتناول المقصود بالتبليغ أو اإلعالم اإللكتروني للقرار اإلداري المرسل بواسطة
.المستحدثات التكنولوجية في شكل مستند إلكتروني (الفقرة الثانية)
أما النشر االلكتروني للقرار اإلداري موضوع الدراسة ،فيمكن تعريفه بأنه ” عملية إجرائية ذات طابع برمجي تهدف لنقل
العلم بالقرار اإلداري إلى الجميع عبر الوسائل التي يتيحها الواقع االلكتروني”[ .]33فهو يقوم على مجموع من اإلجراءات
االلكترونية التي يتولى مباشرتها الموظف الفني المكلف من قبل جهة اإلدارة ،تعتمد نقل مستند القرار من جهاز الحاسوب
ووضعه على شبكة االنترنت بغرض تمكين الجميع من االطالع عليه مبنية على تسلسل إجرائي دقيق يتولى الحاسوب تنفيذه
.في ضوء األوامر المدخلة إليه من قبل هذا الموظف ،كما هو الحال في النشر الورقي بالطرق التقليدية
بناءا على ما تقدم ،في إطار نظام اإلدارة االلكترونية تلقي وسيلة النشر االلكتروني بظاللها على العمل اإلداري وترتبط بجميع
ما يصدر عن اإلدارة من أعمال مادية وأخرى قانونية ،والواقع يدل على أن لجوء اإلدارة لهذا النشر ال يأتي من فراغ وإنما
تولد في ظل سعيها الدائم نحو االستفادة من ثورة تكنولوجيا المعلومات واالتصال في خلق التواصل بينها وبين كافة من يتعامل
.معها ،مما ينتج عنه قيام اإلدارة العمومية بنشر قراراتها وأعمالها األخرى المرتبطة باألفراد والمؤسسات[]34
فالنشر بالكيفية المشار إليها أعاله ،يدل على أننا أصبحنا أمام حقيقة جوهرية تتمثل في إيصال العلم بمضمون القرارات
اإلدارية دون استخدام الحبر واألوراق خالفا لما اعتادت عليه اإلدارة منذ فترة طويلة ،كما أنه له داللته بتحديد مدى
اختصاص الجهة اإلدارية بإصدار القرار من عدمه ،انطالقا من أنه يكشف عن مدى احترام قواعد االختصاص بإصدار
.القرار اإلداري بالنظر إلى جهة اإلدارة المالكة لصفحة الويب أو عنوانها وكذلك الشاشات االلكترونية ومكان تواجدها[]35
وعليه ،يعد النشر اإللكتروني وسيلة العلم بالقرارات التنظيمية ،فهو إعالن أو إبالغ للناس كافة ومنهم صاحب الشأن
بمحتويات القرار الذي تصدره اإلدارة ،حتى يكونوا على بينة منه ،واألصل أن يترك لإلدارة اختيار وسيلة النشر التي ترى
أنها تتالءم وعلم الكافة ،ولكن إذا حدد القانون وسيلة معينة للنشر ،وجب أن يتم النشر وفقا لهذه الوسيلة ،فإذا اتبعت اإلدارة
.وسيلة غير تلك التي نص عليها القانون ،كان النشر باطال ،وظل بالتالي ميعاد الطعن مفتوحا
وأمام الذي تشهده الدول في مجال الوسائل اإللكترونية من تطور سريع ،واستخدام اإلدارة تلك الوسائل في تسيير المرافق
العامة لسهولتها وسرعتها ،يفترض القبول بفكرة تبليغ القرارات اإلدارية بواسطة النشر بالوسائل االلكترونية كاالنترنت
وغيرها من الوسائل المتاحة .فاإلدارة تنشر قراراتها اإلدارية من خالل إجراءات متكاملة تنفذها بعد االنتهاء من إعداد
قراراتها سواء بواسطة الحاسوب أو الهاتف المحمول ،وتتمثل عملية النشر االلكتروني في إصدار الموظف التابع لإلدارة
مجموعة من األوامر البرمجية تهدف لنقل القرار من على أجهزتها ليصبح متاحا على أجهزة المخاطبين به ،وذلك من خالل
شبكة االنترنت أو شبكة الهاتف المحمول ،ويتحقق ذلك إما بإرسال القرار بواسطة البريد االلكتروني أو الرسائل الهاتفية أو
.عرضه على صفحات الويب أو الشاشات المرئية[]36
وفق ما تقدم فإن عملية النشر في صورتها الجديدة تتميز من حيث الشكل واإلجراءات عن نظيرتها التقليدية وتأتي استجابة
لألوامر البرمجية المدخلة ألجهزة الحاسوب أو الهاتف المحمول وتتم عبر واقع جديد وباستخدام وسائل ذات طابع فني دون
استخدام لألوراق واللجوء إلى اإلجراءات التقليدية المعروفة في هذا الباب ،كما يغيب معها ظاهرة االتصال المادي بين اإلدارة
.والمخاطبين ،ويصبح التواصل من وراء شاشات الحاسوب أو بالنظر إلى ما يرد عبر شاشات الهاتف المحمول
وعليه ،فالنشر االلكتروني للقرار اإلداري يعكس عملية فنية لها أثرها القانوني ،كونه يؤدي إلى امتالك المخاطبين لمستند
.القرار اإلداري ،مما يدل على علمهم بمضمون هذا القرار األمر الذي يعني سريانه في مواجهتهم وترتيبه ألثره القانوني
ومن مزايا النشر االلكتروني للقرارات اإلدارية ،فهو يؤدي إلى خفض النفقات العامة وتوفير المال العام ،مقارنة بنفقات النشر
الورقي الذي يحتاج لرصيد مالي كبير يغطي طباعتها وتكاليف توزيعها ،كما أن النشر االلكتروني يتميز بدقته وبنائه على
مجموعة من اإلجراءات االلكترونية يتم تنفيذها بشكل منظم عمليا وزمنيا وال يمكن لإلهمال أن يتسلل إليها ،أضف إلى ذلك
تمتعه بالسرعة الفائقة في توصيل العلم بمضمون القرارات اإلدارية إلى جميع المخاطبين بها أيا كان تواجدهم ،سواء داخل
.الوطن أو خارجه ،ألن صفحات الويب كما نعلم ال تتقيد في عرض محتواها بحدود زمانية أو مكانية
يعرف الفقيه سليمان الطماوي التبليغ بأنه ” الطريقة التي تنقل بها اإلدارة القرار إلى علم فرد بعينه أو أفرادا بذواتهم من
الجمهور”[ ،]37ويقصد به أيضا ” إخطار المعني أو المعنيين بالقرار رسميا بنسخة من القرار بالكيفية التي حددها القانون أو
.بالكيفية المعتمدة داخل الدولة”[]38
بناءا على ما سبق ،فالتبليغ هو إخطار األفراد بالقرار عن طريق جهة اإلدارة وذلك بالوسائل المختلفة التي تراها مناسبة ،إذ
هو الوسيلة األساسية للعلم بالقرارات اإلدارية الفردية ،التي تخاطب فردا معينا أو أفرادا معينين بالذات ،وبالتالي يكون من
.السهل على اإلدارة أن تقوم بإبالغ ذوي الشأن بها
ويجب التفرقة بين النشر والتبليغ على أساس أن األول يرتبط بقرارات تنظيمية عامة ومجردة ال تؤثر بشكل مباشر في
المراكز القانونية لألفراد لذلك يتم االكتفاء بنشرها وبتحقق العلم االفتراضي بها ،أما التبليغ فيرتبط بالقرارات اإلدارية الفردية
التي تؤثر بشكل مباشر في هذه المراكز ومن تم يتعين توافره بالنسبة إليها ،وال يكفي نشرها ألنه يشترط في العلم المرتبط بها
.أن يكون حقيقيا وليس مجرد افتراضي
تأسيسا على ذلك ،فالتبليغ االلكتروني للقرار اإلداري ال يختلف في غايته عن نظيره الورقي ،هذه الغاية تتمثل في نقل العلم
بمضمون القرار اإلداري إلى األفراد بواسطة إجراء التبليغ أو اإلخطار الشخصي به ،وكل ما في األمر أنه يتحقق من خالل
االعتماد على إجراءات ووسائل ذات طابع تقني ال نلمسها في األحوال العادية للتبليغ ،ويرتبط بوجود القرار في صورة
المستند االلكتروني ويقوم على آلية انتقاله بين أطرافه من خالل عملية برمجية ينفذها الحاسوب أو الهاتف المحمول بناءا على
.األوامر الصادرة لهما ،لذلك يعد كالهما تبليغ مع اختالف طريقة إجرائه[]39
وكما هو واضح فإن التبليغ االلكتروني للقرار اإلداري يستهدف إنجاز ثالث خطوات رئيسية تتمثل في إرسال القرار اإلداري،
ومن تم استالمه ،ووصوله إلى صاحب الشأن في شكل المستند االلكتروني ال الورقي ،وهو ما يعني حيازته فعليا للقرار
.والوقوف على مضمونه بصورة جيدة
باإلضافة على ذلك ،فإن االلتزام بإجراء هذه العملية يقع بال شك على جهة اإلدارة ،وتقوم به من خالل موظفيها الفنيين
ووسائلها االلكترونية المملوكة لها ،لذلك يقع عبء إثباتها على جهة اإلدارة قياسا على األحوال العادية التي تتعلق بالتبليغ
.الورقي ،انطالقا من أن التبليغ مقرر لصالح األفراد ويجب على متخذ القرار القيام بما يلزم لوجوده[]40
تطبيقا لما تقدم ،فإنه يتعين اللجوء لوسائل قادرة على إرسال القرار اإلداري من جانب اإلدارة واستالمه من جانب األفراد في
آن واحد حتى تكتمل دائرة اإلعالن ويتوافر العلم اليقيني والتبليغ الذاتي بالقرار قياسا على الحالة التقليدية التي يبنى فيها التبليغ
على اإلرسال واالستالم ،وبمعنى آخر البد من استخدام وسائل تؤدي في النهاية إلى امتالك األفراد للقرار اإلداري في صورة
.مستند إلكتروني على جهاز الحاسوب أو بريدهم اإللكتروني أو هاتفهم المحمول[]41
:في مقابل ذلك ،قد تنتج بعض المشكالت عن النشر والتبليغ االلكتروني للقرار اإلداري تتجلى في
قد ترسل الرسالة االلكترونية المتضمنة لقرار إداري إلى صاحب الشأن وتستقبل منه دون أن تكون قابلة لالستخراج نتيجة
إصابة الجهاز اإللكتروني ببرامج مضرة[ ،]42مثل برامج التجسس أو فيروس الحاسب اآللي والتي تغير من خصائص
.الملفات المرسلة مثل الحذف أو التعديل ،والتي لها أثر كبير في تغيير مضمون الرسالة اإللكترونية
عدم فهم مضمون الرسالة التي تتضمن قرارا إداريا أو طلبا موجها من ذوي الشأن إلى اإلدارة؛ مثل عدم وجود برنامج في
الحاسب اآللي يستطيع قراءتها ،فيؤدي ذلك إلى عدم تحقق التبليغ نتيجة عدم قدرة صاحب الشأن من االطالع على مضمون
.الرسالة اإللكترونية وقراءاتها[]43
عدم وصول الرسالة االلكترونية المتضمنة للقرار اإلداري اإللكتروني نتيجة رفض البرنامج اإللكتروني المستقبل لدى
المخاطب بالقرار لعدم وجود حيز كاف لتخزينها أو خلل ما قد أصابه ،فنتيجة ذلك لم يتحقق التبليغ طالما لم يستطع صاحب
.الشأن االطالع على فحوى الرسالة اإللكترونية ومضمونها[]44
المطلب الثانـي :اإلثبـات اإللكترونـي لواقعـة نفـاذ القـرار اإلداري
مع انتقال نفاذ القرار اإلداري إلى الواقع اإللكتروني ،فإن إثباته أخذ بعدا غير مألوفا ،كونه يرد على دعائم إلكترونية تفتقر
الطبيعة الورقية أو المادية ،علما بأن هذه المستجدات ال تقتصر على مسألة نفاذ القرار اإلداري اإللكتروني ،بل أصبحت مثارة
.بالنسبة لجميع تصرفات ووقائع العمل اإلداري التي وجدت لها مكانا في هذا الواقع
في ضوء ذلك ،يتعين البحث في كيفية إثبات وسائل النفاذ اإللكتروني للقرار اإلداري ،سواء فيما يتعلق بالنشر اإللكتروني أو
التبلبغ اإللكتروني (الفقرة األولى) ،ثم في مرحلة ثانية سنتناول مدى حجية الكتابة اإللكترونية والبريد اإللكتروني في إثبات
.واقعة النفاذ اإللكتروني للقرار اإلداري (الفقرة الثانية)
تتميز قواعد اإلثبات في القانون اإلداري عن غيرها نظرا ألنها غير مقننة ،وارتباطها بالدعوى اإلدارية التي تكشف عن
وجود عالقة غير متوازنة بين طرفيها ،فاإلدارة لها مركزها المتقدم وتملك من األدلة ما ال يملكه خصومها ،لهذا فقد أعطي
للقاضي اإلداري سلطة غير مألوفة بالمقارنة مع القاضي العادي تمكنه من العمل على تحقيق التوازن بين طرفي الدعوى
ألجل الوصول إلى الحقيقة ،وتطبيقا لذلك نجده ال يتقيد بوسائل اإلثبات المنصوص عليها في التشريع المدني ،بل له سلطة
.تقرير األدلة وابتداعها انطالقا من كونه حامي المشروعية وقاضيها[]45
وعليه ،يتعين على اإلدارة إثبات الوسيلة التي أدت إلى نفاذ قرارها في مواجهة الطاعن ،ومثل هذا االلتزام يبقى حاضرا في
ظل التطور التكنولوجي الذي شهدته واقعة النفاذ للقرار اإلداري ،إذ أنه يصبح مطلوبا أيضا إثبات قيامها بنشر قرارها أو
إعالنه عبر الوسائل االلكترونية المتاحة ،أو أن العلم اليقيني بقرارها قد تحقق من خالل ما تكشف عنه بعض اإلجراءات الفنية
.والتقنية
إن إثبات النشر االلكتروني للقرار اإلداري ال يأتي بجديد على صعيد القاعدة العامة المتعلقة بتحديد الطرف الذي يتولى عبء
اإلثبات في هذا المقام ،حيث تلتزم اإلدارة بإثبات قيامها بنشر القرار اإلداري عير صفحات االنترنت المخصصة لذلك أو من
خالل الشاشات المرئية الموجودة بداخل مقارها ،على أن يكون ذلك وفقا لما يتناسب مع طبيعة هذه الوسائل الجديدة ،وهو ما
.يعني أن االختالف يكمن فقط في آلية اإلثبات مع بقاء القاعدة العامة على حالها دون تغيير[]46
في هذا االتجاه ،بإمكان اإلدارة القيام بإطالع القاضي على نسخة من الجريدة الرسمية اإللكترونية أو الجريدة االلكترونية أو
صفحة الويب التي قامت بنشر القرار من خاللها في حال سمحت البيئة القانونية بذلك ،كما للقاضي اإلداري أن يتولى بنفسه
التحقق من وجود التشريعات التي تمنح اإلدارة رخصة النشر االلكتروني لقراراتها الصادرة عنها .كما أنه في حال لجأت
اإلدارة إلى إيصال العلم بالقرار اإلداري بواسطة النشرات المرفقية االلكترونية فيتعين عليها إثبات صدور هذه النشرات
وتضمينها للقرارات الصادرة عنها ،أو على األقل القرار اإلداري محل النزاع وإبراز تاريخ نشرها وتوزيعها ،وإثبات ما يفيد
.إتمام التوزيع خصوصا لو تم عبر البريد اإللكتروني
فإذا رجعنا إلى المشرع المغربي ،فقد تبنى في قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية في المادة 4على أن الوثيقة
المحررة على دعامة إلكترونية تتمتع بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق .وبالتالي فالوثيقة المحررة
بشكل إلكتروني تقبل لإلثبات شأنها في ذلك شان الوثيقة المحررة على الورق ،شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة
.قانونية على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها
ولكي يمكن االعتراف بوجود القرار ومقدرته على إحداث أثره وصالحياته في اإلثبات ،فال بد من خضوع المستند أو السجل
:المتضمن له لمجموعة من الضوابط التي أرساها المشرع في قانون المعامالت اإللكترونية
أن تكون المعلومات الواردة في السجل قابلة لالحتفاظ بها بحيث يمكن الرجوع إليها فيما بعد؛
االحتفاظ بالسجل وفقا للشكل الذي كان عليه عند اإلنشاء واإلرسال والتسلم؛
أن تدل المعلومات على المنشئ والمستلم وتحدد تاريخ ووقت اإلرسال والتسلم؛
.استيفاء كافة الشروط التي تحددها الجهات ذات العالقة
وننتهي إلى القول ،أن اإلثبات اإللكتروني يعد عمال يهدف إلى تأكيد اإلدعاء أمام القضاء من خالل الحقائق المتولدة في نطاق
.الواقع االلكتروني ،لذلك يمكن اعتباره عمال فنيا له بعده القانوني وأثره بالنسبة للتصرفات واألعمال المراد إثباتها
الفقـرة الثانيـة :حجيـة الوسائـل اإللكترونيـة فـي إثبـات نفـاذ القـرار اإلداري
سنتناول في هذه الفقرة مدى حجية الكتابة اإللكترونية وقيمتها في اإلثبات (أوال) ،إلى جانب البريد اإللكتروني كوسيلة
.إلكترونية يتم بواسطتها إيصال العلم بالقرار اإلداري ،ومن تم نفاذه (ثانيا)
يكشف التزام اإلدارة بإثبات نفاذ قرارها الذي صدر في شكل المستند اإللكتروني[ ]47عن اعتمادها على الكتابة االلكترونية
في إرساء وجود هذا القرار وتحقيق نفاذه ،األمر الذي يحيل على تطور نظرية الدليل الكتابي وحلول الكتابة االلكترونية محل
نظيرتها الورقية في مجال اإلثبات ،والشك في أن هذا التطور جاء نتيجة للتطور العام الذي أصاب وسائل اإلثبات بعد ظهور
.وسائل االتصال الحديثة واالستناد إليها في إنجاز األعمال والتصرفات القانونية
ولقد جاء اعتراف المشرع المغربي بحجية الكتابة االلكترونية في مجال اإلثبات في ظل وجود رغبة حقيقية لديه بتبني معالجة
تشريعية لكافة التحديات التي تثيرها وسائل التكنولوجيا بما يرسي االهتمام بتطوراتها ويخلق التنظيم القانوني الذي يتناسب
معها ويضم التصرفات واألعمال المنجزة بواسطتها إلى النظام القانوني الحديث ألجل حمايتها ومنحها القيمة القانونية
.المطلوبة
في هذا الصدد ،لقد أدت هذه السياسة إلى وجود تطور حقيقي في قوانين المعامالت اإللكترونية بالنسبة لمسائل اإلثبات ،عندما
قررت مساواة حجية الكتابة و المحررات والتوقيعات اإللكترونية بنظيرتها الخطية أو الورقية وترتيبها لذات األثر وتمتعها
.بالقيمة القانونية في مواجهة أطراف المعامالت اإللكترونية والغير[]48
وترجمة لهذا االتجاه ،جاء النص في قانون التبادل اإللكتروني للمعامالت القانونية المغربي بأنه :تتمتع الوثيقة المحررة على
دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق ،حيث تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني
لإلثبات ،شانها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي
.صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها[]49
وفي ظل ما أرساه المشرع المعاصر ذهب الفقه إلى القول بأن الكتابة اإللكترونية تكمن في تلك التي تتم عبر شبكات
االتصاالت الحديثة[ ،]50وتعد بذلك وسيلة من وسائل إثبات التصرفات القانونية التي تتم عبر هذه الشبكات ،وتعرض من
خالل دعائم إلكترونية دون استخدام لألوراق ،وتصلح إلى جانب نظيرتها الورقية في التعبير عن اإلرادة عند القيام بإبرام أو
.تنفيذ مختلف التصرفات القانونية[]51
ووفقا لما أوردناه سابقا ،فإن الكتابة اإللكترونية تبتعد عن الواقع الورقي وتنطلق من دعائم إلكترونية وتعبر عن مضمون
مفهوم وواضح ،ويمكن عرضها من خالل شاشات االتصال المختلفة أيا كان الجهاز الذي تتبعه هذه الشاشات ،وعلى هذا
األساس لعبت دورها الكبير في التعبير عن اإلرادة إلنجاز مجموعة كبيرة من التصرفات القانونية عبر الواقع اإللكتروني
بجميع وسائله وتطور معها هذا التعبير الذي أصبح يطلق عليه ” التعبير الرقمي عن اإلرادة”[ ،]52ويتم من خالل وسائل
جديدة تتمثل أهمها في صفحات الويب عبر شبكة االنترنت ،والبريد اإللكتروني ،الهاتف المحمول وبرامج المحادثة المكتوبة
.والصوتية
:وبالنسبة للشروط الواجبة في الكتابة اإللكترونية كي يعتد بدورها في مسائل اإلثبات ،يمكن تلخيصها في ما يلي
يشترط في الكتابة اإللكترونية أن تكون مقروءة وكاشفة عن مضمونها بشكل واضح ال لبس فيه وال غموض ،أيا كانت رموزا
أم حروفا؛
أن تكون مستمرة ،إذ البد من وجودها على وسيط مادي يسمح ببقائها فترة من الزمن كي تستخدم في مسائل اإلثبات عند
الحاجة إليها فيما بعد[]53؛
أن تتفق الكتابة اإللكترونية مع نظيرتها الورقية في ثباتها ومقاومتها ألي تعديالت يراد إدخالها عليها ،وذلك في الحالة التي يتم
بموجبها تحويل المستند اإللكتروني إلى شكله النهائي غير القابل للتعديل في شكل حزمة واحدة قائمة على ترابط برمجي
.يصعب التسلل إليه[]54
أن تحظى بحماية زائدة تالفيا تعريضها للقرصنة أو التلف أو الفقدان كالذي تتعرض له المستندات الورقية ،وأن تتمتع بقدرات
.برمجية مضبوطة لالحتفاظ بمضمونها وما تحتويه من كتابة ومستندات متعددة لمدة طويلة
يمكن القول في هذا المضمار ،أن الكتابة اإللكترونية تساهم إلى حد كبير في تعزيز مبدأ الحق في اإلثبات بالنظر إلى طبيعتها
التي تسمح بتيسير عمل القضاء اإلداري في تقصي األدلة وحسم النزاع وصوال للحقيقة المنشودة في أسرع وقت ممكن ،حتى
وإن كانت تتطلب وجود عنصر الخبرة في المجال القضائي فهي بذلك ال تضع تحديات أو معيقات بقدر ما تكشف عن لزوم
.تطور العمل القضائي انسجاما مع واقع الحال المتغير وتلبية للتطور الحاصل في المجتمع ككل[]55
ثانيا :حجية البريد االلكتروني[ ]56في إثبات واقعة النفاذ
أثيرت حجية رسائل البريد اإللكتروني في الوقت الذي تعاظم دورها في نقل المعلومات وتوفير االتصال بين مختلف
األشخاص الذي يرغبون في القيام بالتصرفات القانونية[ .]57فالبرجوع إلى مرسوم 20مارس 2013المتعلق بالصفقات
العمومية ،أجاز اللجوء إلى الرسائل اإللكترونية بشكل عام للتعبير عن اإلرادة في مجال التعاقد واالعتراف بدورها في نقل
.فكرتي اإليجاب والقبول ومنحها القيمة القانونية في عدد من المواد المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية[]58
لكن فيما يتصل بالقرار اإلداري ،يختلف األمر لما هو معمول به في مجال التعاقد اإللكتروني ،الذي يكشف عن إرادة
المتعاقدين بدرجة رئيسية ويؤدي إلتمام التعاقد ،ففي القرار اإلداري يتم الكشف عن إرادة اإلدارة وفقا لما هو ثابت بشأنه من
.أنه تعبير عن اإلرادة المنفردة والملزمة لإلدارة بقصد إحداث أثر قانوني
على هذا األساس فدور البريد االلكتروني ينحصر فقط في نقل العلم بما أنتجته إرادة اإلدارة ،أي نقل محتوى القرار إلى
أصحابه ،دون أن يمتد إلى مسألة اإلفصاح عنه أو وجوده ،لذلك فإن الحديث هنا يكمن حول حجيته في إيصال هذا العلم من
.عدمه
ونشير إلى أن حجية البريد اإللكتروني في تحقيق العلم بالقرار اإلداري مبني على المرونة التي تالزم إرادة المشرع في النظام
القانوني التقليدي ،والتي تؤدي إلى عدم تقييد اإلدارة بطريقة معينة لتحقيق واقعة العلم بالقرار ،ويترك لها حرية اختيار
الطريقة المناسبة ،وال يوجد ما يمنع اإلدارة من أن تستحسن هذه الطريقة الجديدة ،وتعتمد عليها مادامت ال تخرج عن ضوابط
.التبليغ بالقرار اإلداري ،وال تشكل خروجا عن مقتضاه وغايته[]59
وأخيرا ال يجب القفز عن أهمية دور القاضي اإلداري في إرساء حجية البريد االلكتروني انطالقا من سلطته الواسعة في مجال
اإلثبات ،ودوره الفعال المبني على قيامه بالتحقق من أي أدلة مثارة أثناء النزاع وفحصها وبيان مدى قبولها من عدمه،
وبالتالي متى لجأت اإلدارة إلى البريد االلكتروني لنقل العلم بقرارها فإن حجية هذا األمر تخضع لسلطة القاضي وله أن يأخذ
بذلك أم ال حسب قناعاته المتولدة في هذا الشأن .وعلى هذا األساس ذهب الفقه لتأسيس حجية البريد اإللكتروني في المواد
.المدنية والتجارية
كما أن المخاطب بالقرار اإلداري نجد له دورا ملحوظا في االعتداد بالبريد االلكتروني فيما يتصل بمسألة علمه بالقرار
اإلداري وذلك في الحاالت التي تثبت فيها اإلدارة موافقته على هذه الطريقة الجديدة في التبليغ ووجود ما يفيد قبوله باستقبال
.القرار على بريده االلكتروني ،ولهذا الغرض قام بتزويد اإلدارة بعنوان بريده اإللكتروني[]60
:خـــــاتمـــــة
أصبح من الضروري في وقتنا الحالي أن يتقبل الفقه اإلداري فكرة استخدام الحاسب اآللي وشبكة االنترنت في إصدار
القرارات اإلدارية ،وأن يقوم بأداء دور فعال يؤيد فيه خطوات اإلدارة نحو إمكانية إحالل أسلوب اإلجراءات االلكترونية في
إصدار القرار محل اإلجراءات الورقية التقليدية ،تلك اإلجراءات التي استوجبتها المستجدات في اإلدارة الحديثة ،خاصة وأن
.من سمات وخصائص القانون اإلداري أنه قانون متطور ومتجدد
وفي اآلخير ،فإن الدعوة من خالل هذا المقام موجهة للمشرع المغربي بالبدء في إرساء نهضة تشريعية شاملة تأخذ بعين
االعتبار تطورات العمل اإلداري والقبول بها بصورة صريحة والعمل على إعادة تنظيم وسائل وتصرفات اإلدارة بما يتفق مع
مستجدات هذا العالم ،وبما يرسي مشروعيتها بشكل كامل ،وأن ذلك ال يأتي من فراغ وإنما للحيلولة دون بقاء العزلة قائمة بين
هذا التطور والوظيفة التشريعية التي من المفترض أن ال تهمل مستجدات وتطورات الحياة بشكل عام ،وصوال إلى إرساء
نظام قانوني يعالج تطبيق نظام اإلدارة االلكترونية ويتولى تنظيم كافة المعامالت اإلدارية االلكترونية بما تحتويه من تصرفات
ووقائع ،إذ أن األمر ال يقتصر على واقعة القرار اإلداري االلكتروني لوحدها بل نذهب إلى معالجة تشريعية تسلط الضوء
.على كافة مظاهر التطور في العمل اإلداري
:المراجـــــــع المعتمـــــدة
آمل جاب هللا ،أثر الوسائل اإللكترونية على مشروعية تصرفات اإلدارة القانونية :دراسة مقارنة ،دار الفكر الجامعي،
.اإلسكندرية2013 ،
ثروت بدوي ،القرارات اإلدارية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،بدون طبعة1994 ،
خالد ممدوح ابراهيم ،حجية البريد اإللكتروني في اإلثبات :دراسة مقارنة ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى،
2010.
رحيمة الصغير ساعد نمديلي ،العقد اإلداري اإللكتروني :دراسة تحليلية مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،دون
.طبعة2010 ،
سليمان محمد الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية :دراسة مقارنة ،الطبعة السابعة ،دار الفكر العربي ،القاهرة،
2006.
.سليمان محمد الطماوي ،الوجيز في القضاء اإلداري :دراسة مقارنة ،منشورات جامعة عين شمس ،مصر1982 ،
الصالحين محمد العيش ،الكتابة الرقمية طريقا للتعبير عن اإلرادة ودليال لإلثبات :دراسة لقوانين المعامالت اإللكترونية في
.ضوء القواعد العامة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة 2008 ،1
.عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر ،الطبعة األولى2007 ،
.مازن ليلو راضي ،القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية2008 ،
.محمد أمين الرومي ،المستند اإللكتروني ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،الطبعة 2007 ،1
.مليكة الصروخ ،القانون اإلداري :دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء2006 ،
.نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الكتاب الثاني ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان األردن2005 ،
عمار طارق عبد العزيز ،أركان القرار اإلداري اإللكتروني ،مجلة القانون للدراسات والبحوث القانونية ،كلية القانون بجامعة
.ذي قار ،العراق ،عدد 2010 ،2
أشرف محمد خليل حمامدة ،القرار اإلداري اإللكتروني ،دورية الفكر الشرطي ،اإلمارات العربية المتحدة ،المجلد ،25العدد
.رقم ،99أكتوبر 2016
حمدي سليمان القبيالت ،التوقيع كشكلية في القرار اإلداري اإللكتروني ،مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون ،الجامعة
.األردنية ،عمان ،المجلد 2007 ،34
نواف العقيل العجارمة وناصر عبد الحليم السالمات ،نفاذ القرار اإلداري اإللكتروني ،مجلة الشريعة والقانون ،الجامعة
.األردنية ،عمان2013 ،
علي الحمود القيسي ،النموذج اإللكتروني الموحد للقرارات اإلدارية ،و عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد ،القرار اإلداري
اإللكتروني كأحد تطبيقات الحكومة اإللكترونية ،بحثين مقدمين إلى المؤتمر العلمي السنوي السابع عشر ،المعامالت
اإللكترونية :التجارة اإللكترونية-الحكومة اإللكترونية ،المنعقد بمركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية ،أبو ظبي،
.في الفترة 20-19ماي ،2009بحوث المجلد األول
محمد ربيع بن سعيد ،أشخاص القانون الخاص وإصدار القرار اإلداري ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم
.القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،جامعة عبد المالك السعدي ،السنة الجامعية 2011-2010 :
محمد سليمان نايف شبير ،النفاذ اإللكتروني للقرار اإلداري :دراسة تطبيقية مقارنة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،
.كلية الحقوق ،جامعة عين شمس ،مصر2015 ،
قانون 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.07.129يتاريخ
19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر ،)2007الجريدة الرسمية عدد 5584بتاريخ 25ذي القعدة 6( 1428ديسمبر
)2007.
المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية رقم 2.12.349صادر بتاريخ 8جمادى األولى 20( 1434مارس ،)2013الجريدة
.الرسمية عدد 6140صادرة بتاريخ 23جمادى األولى 4( 1434أبريل )2013
:قانون إمارة دبي الخاص بالمعامالت والتجارة االلكترونية ،رقم ،2002 ،2لالطالع يرجى زيارة الرابط التالي
http://www.arabruleoflaw.org
حكم مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ،28/12/2001بخصوص النظر في الطعن المقدم ضد أحد األحكام التي أصدرتها
Nantes.المحكمة اإلدارية لمدينة
RIVERO et J. WALINE, Droit administratif, Dalloz, 19°édition, Paris, 2002.
Charles Debbash, Jean Claude Ricci, Contentieux administrative, Dalloz, Paris France, 8°
édition, 2001.
Loi n° 2004-575 du 21 juin 2004 pour la confiance dans l’économie numérique sur :
legifrance.gouv.fr
Caprioli & Associés, Droit administratif et preuve électronique, sur : caprioli-avocats.com
Loi n° 2000-230 du 13 mars 2000 portant adaptation du droit de la preuve aux technologies de
l’information et relative à la signature électronique, sur : legifrance.gouv.fr.
.نقال عن :مازن ليلو راضي ،القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،االسكندرية ،2008 ،ص [1]– 158
[2]– J. RIVERO et J. WALINE, Droit administratif, Dalloz, 19e édition, Paris, 2002, P 81.
.مليكة الصروخ ،القانون اإلداري :دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2006 ،ص[3]– 454:
نقال عن :محمد ربيع بن سعيد ،أشخاص القانون الخاص وإصدار القرار اإلداري ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون –][4
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،جامعة عبد المالك السعدي ،السنة الجامعية ،2011-2010 :
.ص 12
.نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الكتاب الثاني ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان األردن ،2005 ،ص [5]– 237
عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد ،القرار اإلداري اإللكتروني كأحد تطبيقات الحكومة اإللكترونية ،بحث مقدم إلى –][6
المؤتمر العلمي السنوي السابع عشر ،المعامالت اإللكترونية :التجارة اإللكترونية-الحكومة اإللكترونية ،المنعقد بمركز
.اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية ،أبو ظبي ،في الفترة 20-19ماي ،2009بحوث المجلد األول ،ص 106
محمد سليمان نايف شبير ،النفاذ اإللكتروني للقرار اإلداري :دراسة تطبيقية مقارنة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون –][7
.العام ،كلية الحقوق ،جامعة عين شمس ،مصر ، 2015 ،ص 41
حمدي سليمان القبيالت ،التوقيع كشكلية في القرار اإلداري اإللكتروني ،مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون ،الجامعة –][8
.األردنية ،عمان ،المجلد ،2007 ،34ص 681
سليمان محمد الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية :دراسة مقارنة ،الطبعة السابعة ،دار الفكر العربي ،القاهرة[9]– ،
،2006.ص 465وما بعدها
.محمد سليمان نايف شبير ،النفاذ اإللكتروني للقرار اإلداري :دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص [10]– 43
مسألة ارتباط القرار بالسلطة اإلدارية العامة أصبح في ذمة التاريخ نتيجة لتطور النشاط الفردي والجماعي في وقتنا –][11
الراهن واشتراك الخواص مع اإلدارة في تسيير المرافق العمومية .يراجع :محمد ربيع بن سعيد ،أشخاص القانون الخاص
.وإصدار القرار اإلداري ،مرجع سابق
.ثروت بدوي ،القرارات اإلدارية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،بدون طبعة ،1994 ،ص [12]– 4
مثال على ذلك ،ظهور المحكمة االلكترونية سنة 1996في الواليات المتحدة األمريكية نتيجة لظهور اإلدارة –][13
االلكترونية ،وتثمثل هذه المحاولة في المشروع األمريكي الخاص بالقاضي االفتراضي الذي يتولى فض الخصومات بالوسائل
.االلكترونية
أيضا الخدمات التي تقدمها اإلدارات العمومية المغربية تطبيقا لنظام اإلدارة اإللكترونية ،والتي هي عبارة عن قرارات إدارية
.صادرة عبر الوسائل اإللكترونية
من هذه الدراسات :عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد ،القرار اإلداري االلكتروني ،مركز اإلمارات للدراسات –][14
.والبحوث االستراتيجية ،بحوث المجلد األول2009 ،
– رحيمة الصغير ساعد نمديلي ،العقد اإلداري اإللكتروني ،دراسة تحليلية مقارنة ،دار
.الجامعة الجديدة ،االسكندرية ،دون طبعة2010 ،
قانون 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم [15]– 1.07.129
يتاريخ 19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر ،)2007الجريدة الرسمية عدد 5584بتاريخ 25ذي القعدة 6( 1428
.ديسمبر ،)2007ص 3879وما بعدها
عمار طارق عبد العزيز ،أركان القرار اإلداري اإللكتروني ،مجلة القانون للدراسات والبحوث القانونية ،كلية القانون –][16
.بجامعة ذي قار ،العراق ،عدد ،2010 ،2ص 12
:قانون إمارة دبي الخاص بالمعامالت والتجارة االلكترونية ،رقم ،2002 ،2لالطالع يرجى زيارة الرابط التالي –][17
http://www.arabruleoflaw.org
السجل أو المستند االلكتروني حسب تعريف قانون دبي ” هو سجل أو مستند يتم إنشاؤه أو تخزينه أو استخراجه أو –][18
نسخه أو إرساله أو إبالغه أو استالمه بوسيلة إلكترونية على وسيط ملموس أو على أي وسيط إلكتروني آخر ،ويكون قابال
.لالسترجاع بشكل يمكن فهمه” .المادة 2من قانون المعامالت والتجارة اإللكترونية إلمارة دبي ،المشار إليه سابقا
.المادة 5من قانون 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،مرجع سابق –][23
أشرف محمد خليل حمامدة ،القرار اإلداري اإللكتروني ،دورية الفكر الشرطي ،اإلمارات العربية المتحدة ،المجلد –][24
،25.العدد رقم ،99أكتوبر ،2016ص 70
[25]– Loi n° 2000-230 du 13 mars 2000 portant adaptation du droit de la preuve aux
technologies de l’information et relative à la signature électronique, qui a modifié l’article 1316-
1 du code civil français : “ L’écrit sous forme électronique est admis en preuve au même titre que
l’écrit sur support papier, sous réserve que puisse être dûment identifiée la personne don’t il
émane et qu’il soit établi et conservé dans des conditions de nature à en garantir l’intégrité”.
.أن يكون محل القرار موافقا للقواعد القانونية المدونة وغير المدونة ،وأال يكون محله غير مشروع لمخالفته القانون –][26
علي الحمود القيسي ،النموذج اإللكتروني الموحد للقرارات اإلدارية ،بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي السنوي السابع –][27
عشر ،المعامالت اإللكترونية :التجارة اإللكترونية-الحكومة اإللكترونية ،المنعقد بمركز اإلمارات للدراسات والبحوث
.اإلستراتيجية ،أبو ظبي ،في الفترة 20-19ماي ،2009بحوث المجلد األول ،ص 93
.أشرف محمد خليل حمامدة ،القرار اإلداري اإللكتروني ،مرجع سابق ،ص [29]– 75
[30]– Charles Debbash, Jean Claude Ricci, Contentieux administrative, Dalloz, Paris France, 8°
édition, 2001, Page 240-241.
.عمار طارق عبد العزيز ،أركان القرار اإلداري اإللكتروني ،مرجع سابق ،ص [31]– 29
.علي الحمود القيسي ،النموذج اإللكتروني الموحد للقرارات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص [32]– 101
نواف العقيل العجارمة وناصر عبد الحليم السالمات ،نفاذ القرار اإلداري اإللكتروني ،مجلة الشريعة والقانون[33]– ،
.الجامعة األردنية ،عمان ،2013 ،ص 1028 -1027
.سليمان محمد الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية :دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص [37]– 506
.عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر ،الطبعة األولى ،2007 ،ص [38]– 185
.نواف العقيل العجارمة وناصر عبد الحليم السالمات ،مرجع سابق ،ص [39]– 1028
.سليمان محمد الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية :دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص [40]– 619
آمل جاب هللا ،أثر الوسائل اإللكترونية على مشروعية تصرفات اإلدارة القانونية :دراسة مقارنة ،دار الفكر الجامعي[41]– ،
.اإلسكندرية ،2013 ،ص 105
.نواف العقيل العجارمة وناصر عبد الحليم السالمات ،مرجع سابق ،ص [42]– 1029
نفس المرجع السابق ،نفس الصفحة .أيضا :نواف العقيل العجارمة وناصر عبد الحليم السالمات ،مرجع سابق ،ص –][44
1030 -1029.
رحيمة الصغير ساعد نمديلي ،العقد اإلداري اإللكتروني ،دراسة تحليلية مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية[45]– ،
.بدون طبعة ،2010 ،ص 121
سليمان محمد الطماوي ،الوجيز في القضاء اإلداري :دراسة مقارنة ،منشورات جامعة عين شمس ،مصر[46]– ،1982 ،
.ص 178
المستند اإللكتروني هو :السجل أو المستند الذي يتم إنشاؤه أو تخزينه او إرساله أو إبالغه أو استالمه بوسيلة إلكترونية –][47
على وسيط ملموس أو على وسيط إلكتروني آخر ،ويكون قابل لالسترجاع بشكل يمكن فهمه” المادة 12الفقرة 1من قانون
المعامالت والتجارة اإللكترونية إلمارة دبي ،لسنة .2002وهناك أيضا من يسميه بالمحرر اإللكتروني (المشرع المصري
والمغربي) ،أو السجل اإللكتروني (المشرع البحريني) .كما عرفه قانون االونيسترال النموذجي بشأن التجارة اإللكترونية الذي
اعتمدته لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لسنة 1996في المادة 1-2بـ ” :.المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها
أو استالمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية ،أو ضوئية أو وسائل مشابهة بما في ذلك على سبيل المثال ال الحصر تبادل البيانات
اإللكترونية أو البريد اإللكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ الورقي” .للمزيد راجع :محمد أمين الرومي ،المستند
.اإللكتروني ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى2007 ،
المادة الرابعة من قانون 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،الصادر بمقتضى الظهير الشريف –][48
رقم 1.07.129يتاريخ 19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر ،)2007الجريدة الرسمية عدد 5584بتاريخ 25ذي
.القعدة 6( 1428ديسمبر ،)2007ص 3879وما بعدها
الصالحين محمد العيش ،الكتابة الرقمية طريقا للتعبير عن اإلرادة ودليال لإلثبات :دراسة لقوانين المعامالت –][50
.اإللكترونية في ضوء القواعد العامة ،منشاة المعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى ،2008 ،ص 49
حكم مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ،28/12/2001بخصوص النظر في الطعن المقدم ضد أحد األحكام التي –][51
حيث اعترف القضاء اإلداري الفرنسي بالكتابة اإللكترونية كحجية قانونية في Nantes ،أصدرتها المحكمة اإلدارية لمدينة
:المعامالت اإلدارية .لالطالع
– Caprioli & Associés, Droit administratif et preuve électronique, sur :
www.caprioli-avocats.com, consulté le 13/08/2017.
Voir : Loi n° 2004-575 du 21 juin 2004 pour la confiance dans l’économie numérique sur :
www.legifrance.gouv.fr , site consulté le 11/08/2017.
خالد ممدوح ابراهيم ،حجية البريد اإللكتروني في اإلثبات :دراسة مقارنة ،دار الفكر الجامعي ،االسكندرية ،الطبعة –][57
.األولى ،2010 ،ص 75
المواد 94 -73-55-26-20-19 :و ،116تجيز أمكانية التعامل بالرسائل اإللكترونية في مجال الصفقات –][58
العمومية ،مما يعطيها حجية قانونية في اإلثبات .يراجع :مرسوم رقم 2.12.349صادر بتاريخ 8جمادى األولى ( 1434
20.مارس ،)2013الجريدة الرسمية عدد 6140صادرة بتاريخ 23جمادى األولى 4( 1434أبريل )2013