You are on page 1of 30

‫‪.....................................................................................

‬‬

‫ماستر األسرة في القانونين المغربي والمقارن‬


‫الفوج الثامن‬
‫الفصل الثالث‬
‫وحدة‪ :‬المسطرة الجنائية‬
‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫التبادل القضائي الجنائي الدولي‬

‫من إعداد الطلبة‪:‬‬


‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫• زينب مقبول‬
‫• ادريس الحياني‬ ‫• فاطمة الزهراء المرابط‬
‫• حفيظة مروان‬
‫• محمد زين الدين اإلدريسي‬
‫• عمر إدبها‬

‫الموسم الجامعي‪2024-2023 :‬‬


‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫مـــــــــــقــــدمــــة‪:‬‬
‫لقد تطور مفهوم الجريمة في الوقت الراهن بشكل كبير جدا‪ ،‬فبعد أن كانت الجريمة ال‬
‫تتعدى حدود الدولة أصبحت اليوم تتخذ أشكاال ذات طابع جماعي أو منظم في تعد للحدود الوطنية‪،‬‬
‫وفي ظل التطور الهائل والمتزايد في وسائل النقل واالتصال‪ ،‬فقد أصبح التنقل بين الدول سهال‬
‫وميسرا‪ ،‬واكتسبت معه الجريمة والمجرم الصبغة الدولية‪ ،‬حيث لم تعد هذه األخيرة محصورة‬
‫في النطاق اإلقليمي للدولة‪ ،‬بل امتد أثرها إلى باقي الدول‪ ،‬كما ساهم هذا التطور في تيسير سبل‬
‫الهروب أمام المجرمين واالنتقال من دولة إلى أخرى‪ ،‬وتشكيل عصابات دولية إجرامية‪.1‬‬

‫أمام هذا الوضع كان لزاما على الدول أن تتعاون فيما بينها من أجل مكافحة هذا النوع من‬
‫الجرائم‪ ،‬ومنع مرتكبيها من اإلفالت من العقاب‪ ،‬وهو ما يصطلح عليه بالتعاون القضائي الدولي‬
‫في المجال الجنائي‪ ،‬حيث يهدف هذا التعاون على منع هروب المجرمين من المقاضاة القانونية‬
‫بمجرد مغادرة أراضي الدولة المعنية‪ ،2‬والذي تعد آلياته من أكثر اآلليات فعالية ونجاعة‪ ،‬بحيث‬
‫تسمح للدول ببسط سيادتها الكاملة على األشخاص الذين يخرقون قانونها الجنائي ويبحثون عن‬
‫مكان آمن خارج إقليمها‪.‬‬

‫ويجد التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي بالمغرب سنده القانوني في مجموعة من‬
‫االتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب‪ ،‬والتي تسمو على التشريع الوطني كما جاء في ديباجة‬
‫دستور بالدنا لسنة ‪ ،2011‬وكما تؤكد على ذلك المادة ‪ 713‬من قانون المسطرة الجنائية‪،3‬‬
‫ومنها اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية‬
‫الموقعة بفيينا سنة ‪ ،1988‬واتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة المنظمة لسنة ‪ ،2000‬واتفاقية‬

‫‪ 1‬كلمة السيد رئيس النيابة العامة بمناسبة الدورة التكوينية حول آليات التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجرائم العابرة للحدود‪ ،‬الرباط‪ 21 ،‬و‪22‬‬
‫مارس ‪,2023‬‬
‫‪ 2‬القاموس العملي للقانون اإلنساني‪ ،‬الموقع االلكتروني ‪https://ar.guide-humanitarian-law.org/content/article/5/t-wn‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 713‬من ق م ج الفقرة األولى‪ ":‬تكون األولوية لالتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية فيما يخص التعاون القضائي مع الدول األجنبية"‬

‫‪1‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية سنة ‪ ،2003‬واتفاقية نيويورك لمكافحة الفساد لسنة‬
‫‪4‬‬
‫‪ ، 2003‬باإلضافة إلى االتفاقيات الثنائية التي أبرمها المغرب مع عدة دول عبر العالم‬

‫ومن ضمن اآلليات التي يعتمدها التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي‪ ،‬ألية تسليم‬
‫المجرمين‪ ،‬حيث تخول مسطرة تسليم المجرمين لدولة أجنبية الحصول من المغرب على تسليم‬
‫متهم أو محكوم عليه غير مغربي يوجد في أراضي المملكة ويكون موضوع متابعة جارية باسم‬
‫الدولة الطال بة أو محكوم عليه بعقوبة صادرة من إحدى محاكمها العادية‪ 5‬باإلضافة إلى آليتي‬
‫االنابات القضائية الدولية‪ ،‬والتي تمكن من تتبع الجناة‪ ،‬واستجماع وسائل االثبات المتواجدة خارج‬
‫تراب الدولة صاحبة االختصاص القضائي‪ ،‬وآلية االعتراف باألحكام األجنبية الزجرية‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫يكتسي موضوع التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي أهمية بالغة تتجلى في واقع‬
‫ظاهرة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود‪ ،‬حيث استثمرت هذه المنظمات االجرامية التطور الهائل‬
‫في المجال التكنولوجي لتطوير وتوسيع أنشطتها االجرامية‪ ،‬وهذا ما حتم على الدول التعاون فيما‬
‫بينها‪ ،‬ألنه من المستحيل مكافحة هذا النوع من الجرائم دون تعاون دولي حقيقي وفعال على‬
‫جميع األصعدة من تشريع وتطوير آلليات المالحقة القضائية الدولية‪.‬‬

‫إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫يعتبر التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي من أهم الوسائل التي تحد من الجرائم‬
‫المنظمة العابرة للحدود الوطنية‪ ،‬فبهذه الصيغة تلتزم الدول بالتعاون فيما بينها لمعاقبة مرتكبي‬
‫جرائم معينة‪ ،‬وغايته أيضا منع هروب المجرمين من المقاضاة القانونية بمجرد مغادرة أراضي‬
‫دولة معينة‪ ،‬وهذا ما يحيلنا إلى طرح إشكالية مفادها إلى أي حد بلغت آليات التعاون القضائي‬
‫الجنائي الدولي مداها من أجل مكافحة الجريمة العابرة للحدود؟‬

‫‪ " 4‬االتفاقيات الثنائية في الميدان القضائي‪ ،‬بين المملكة المغربية وباقي دول العالم"‪ ،‬إصدارات مركز الدراسات واألبحاث الجنائية بمديرية الشؤون‬
‫الجنائية والعفو‪ ،‬سلسلة اتفاقيات‪ -‬يناير ‪.2013‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 718‬من ق م ج‬

‫‪2‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من األسئلة الفرعية‪:‬‬

‫‪ -‬ما المقصود بمسطرة تسليم المجرمين؟ وما هي شروطها وإجراءاتها؟‬


‫‪ -‬ما هو دور االنابات القضائية في مجال التعاون القضائي الدولي؟‬
‫‪ -‬ماذا نقصد باالعتراف بالحكم الزجري األجنبي؟‬

‫المنهج المعتمد‪:‬‬

‫لإلجابة عن اإلشكالية المطروحة واألسئلة المتفرعة عنها‪ ،‬سنعتمد على المنهج الوصفي‬
‫باالعتماد على نصوص قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬والمنهج التحليلي الذي ينبني على تحليل هذه‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مسطرة تسليم المجرمين‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االنابات القضائية‪ ،‬واالعتراف بالحكم األجنبي‬

‫‪3‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫المبحث األول‪ :‬مسطرة تسليم المجرمين‬

‫تعتبر مسطرة تسليم المجرمين أحد أهم آليات التعاون القضائي الدولي في المادة الجنائية‪ .‬فهي‬

‫تهدف إلى مكافحة الجريمة والحد من انتشارها ومنع اإلفالت من العقاب في وقت أصبح فيه ذلك‬

‫مستعص على الجهود الفردية للدول بسبب سهولة تنقل المجرمين من بلد آلخر‪.‬‬

‫لذلك البد من تحديد كل من مفهوم وشروط هذه المسطرة (المطلب األول)‪ ،‬باإلضافة إلى‬

‫اإلجراءات المتخذة لتطبيق هذه المسطرة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية مسطرة تسليم المجرمين‬

‫ارتأينا تقسيم هذا المطلب لفقرتين‪ ،‬تتضمن الفقرة األولى مفهوم التسليم‪ ،‬بينما أدرجنا فب الفقرة‬

‫الثانية الشروط الواجب توفرها في تطبيق مسطرة التسليم‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التسليم‬

‫يمكن تعريف التسليم قانونا أنه‪ :‬قيام إحدى الدول بتسليم شخص موجود في إقليمها إلى دولة‬

‫أخرى تطلب تسليمه لتحاكمه عن جريمة متهم بها‪ ،‬أو لتنفيذ حكم صادر عليه من إحدى محاكمها‬

‫العادية‪ ،‬حيث تستعمل بعض التشريعات العربية مثل سوريا ولبنان والعراق مصطلح "استرداد‬

‫المجرمين" عوضا عن مصطلح ‪-‬تسليم المجرمين‪ -‬المستعمل في التشريع المغربي‪ ،‬والواقع أن‬

‫هذا اإلجراء يمكن اعتباره "استردادا" بالنسبة إلى الدولة الطالبة و"تسليما" بالنسبة للدولة‬

‫المطلوب منها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫وهو المفهوم الذي سار عليه المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفقرة األولى من المادة ‪718‬‬

‫من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على‪" :‬تخول مسطرة تسليم المجرمين لدولة أجنبية‪،‬‬

‫الحصول من الدولة المغربية على تسليم متهم أو محكوم عليه غير مغربي يوجد في أراضي‬

‫المملكة‪ ،‬يكون م وضوع متابعة جارية باسم الدولة الطالبة أو محكوم عليه بعقوبة صادرة من‬

‫إحدى محاكمها العادية"‪ ،‬والمقصود بمصطلح أراضي المملكة هو إقليم المملكة والمعلوم أنه‬

‫يشمل المجال البري والبحري والجوي والطائرات والباخرات الحاملة للعلم الوطني‪.‬‬

‫ويتبين أن مسطرة تسليم المجرمين تتكون من عنصرين رئيسيين‪:‬‬

‫• أن يكون هناك طلب من دولة تطلب تسليم مجرم لتقوم بمحاكمته أو لتنفيذ حكم أصدرته‬

‫عليه محاكمها العادية عن جريمة يعاقب عليها قانونها الجنائي سواء كانت واقعة الجريمة‬

‫داخل إقليمها أو خارجه لكون المتهم موجودا داخل حدود إقليمها‪.‬‬

‫• أن تتخذ الدولة المغربية المطلوب منها التسليم اإلجراءات القانونية المتعلقة بإلقاء القبض‬

‫واالعتقال في حق الشخص المطلوب منها تسليمه وفق مقتضيات التشريع المغربي أو‬

‫االتفاقيات المبرمة بين الدولتين‪ ،‬ثم تقوم بعد ذلك بإصدار القرار الالزم بشأن تسليمه إلى‬
‫‪6‬‬
‫الدولة الط البة كلما توافرت الشروط القانونية في الطلب‪.‬‬

‫‪ 6‬الدليل العملي لشرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث تنفيذ المقررات والسجل العدلي ورد االعتبار االختصاص المتعلق بالجرائم المرتكبة بالخارج‬
‫التعاون القضائي الدولي‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،8‬يونيو ‪ ،2007‬الصفحة ‪.155‬‬

‫‪5‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫في‬ ‫‪7‬‬
‫وتجد آلية تسليم المجرمين ضمن مقتضيات المادة ‪ 713‬من قانون المسطرة الجنائية‬

‫االتفاقيات الدولية واإلقليمية والثنائية المتعلقة بالتسليم التي صادقت عليها المملكة المغربية‪ ،‬وفي‬

‫حالة عدم وجود اتفاقية يتم الرجوع للقانون الداخلي الذي يتمثل في مقتضيات المواد من ‪718‬‬

‫إلى ‪ 745‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫كما أن مبدأ المعاملة بالمثل يشكل أساسا للتعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين‪ ،‬والذي‬

‫بمقتضاه تتعهد الدولة الطالبة بمساعدة الدولة المطلوب منها‪ ،‬وتبعا لهذا المبدأ‪ ،‬فإن الدولة الطالبة‬

‫تطلب من الدولة المطلوب منها أن تطبق قانونها الداخلي بشأن تسليم المجرمين بخصوص فعل‬

‫معين تم التنصيص عليه في الطلب‪ ،‬وفي المقابل‪ ،‬فإن الدولة التي تعاملت معها في هذا الشأن‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط التسليم‬

‫يعتبر تسليم المجرمين مظهرا من مظاهر التعاون الجنائي الدولي في مكافحة الجريمة وعدم‬

‫تهرب مرتكبيها‪ ،‬لذلك من الضروري وضع أسس وشروط تنظم بمقتضاها قبول طلبات التسليم‬

‫وتلتزم األطراف المتعاقدة على احترامها عند تقديم طلباتها أو عند البت في الطلب المقدم إليها‪.‬‬

‫ومن الثابت أنه لكي يكون هناك طلب تسليم يجب أن تكون هناك جريمة مرتكبة وأن من ارتكبها‬

‫قد هرب من الدولة التي ارتكبت فيها‪ ،‬وأن تكون معاقبا عليها بمقتضى قانون الدولة طالبة التسليم‪.‬‬

‫‪ 7‬المادة ‪ 713‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪:‬‬


‫"تكون األولوية لالتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية فيما يخص التعاون القضائي مع الدول األجنبية‪.‬‬
‫ال تطبق مقتضيات هذا الباب‪ ،‬إال في حالة عدم وجود اتفاقيات أو في حالة عدم وجود اتفاقيات أو في حالة خلو تلك االتفاقيات من األحكام الواردة به‪".‬‬

‫‪6‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫وقد تكون شروط تسليم المجرمين متعلقة باالختصاص وقد تكون متعلقة بالجريمة المطلوب‬
‫‪8‬‬
‫التسليم من أجلها أو تتعلق بشخص المجرم‪.‬‬

‫الشروط المتعلقة باالختصاص‪:‬‬

‫يعتبر شرط االختصاص من الشروط الرئيسية الواجب توفرها عند تقديم طلب تسليم المجرمين‪،‬‬

‫والمقصود هنا أن تكون المحاكم العادية للدولة الطالبة مختصة قضائيا في محاكمة الشخص‬

‫المطلوب تسليمه‪.‬‬

‫إال أن شرط االختصاص هذا قد يثير بعض الصعوبات عند تنازع االختصاص القضائي‪ ،‬حيث‬

‫تكون الجريمة موضوع التسليم خاضعة لالختصاص القضائي للدولتين الطالبة والمطلوب منها‬

‫التسليم‪ ،‬وقد تكون من اختصاص دولة ثالثة‪.‬‬

‫في حالة ارتكاب الجريمة في إقليم الدولة طالبة التسليم من طرف أحد رعاياها أو من طرف‬

‫شخص أجنبي‪ ،‬مما يجعل قضاءها مختصا للبت فيها‪ ،‬كما يتحقق اختصاص الدولة طالبة التسليم‬

‫عندما تكون كذلك الجريمة المطلوب من أجلها التسليم قد ارتكبت بإقليم الدولة الطالبة من طرف‬

‫شخص أجنبي غير مغربي‪ ،‬أي ال يحمل ال جنسية الدولة المطلوبة وال جنسية الدولة الطالبة‪.‬‬

‫وحيث أن القضاء المغربي غير مختص للبت في الجريمة المرتكبة ألنها ال تخضع لالختصاص‬

‫اإلقليمي المنصوص عليه في الفصل ‪ 10‬من القانون الجنائي ‪ ،9‬وال لالختصاص العيني ألنها‬

‫‪ 8‬الدليل العملي لشرح المسطرة الجنائية‪،‬ص‪ ،157‬م‪.‬س‪.‬‬


‫‪ 9‬الفصل ‪ 10‬من القانون الجنائي المغربي‪:‬‬
‫"يسري التشريع الجنائي المغربي على كل من يوجد بإقليم المملكة من وطنيين وأجانب وعديمي الجنسية‪ ،‬مع مراعاة االستثناءات المقررة في القانون العام‬
‫الداخلي والقانون الدولي‪".‬‬

‫‪7‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة ‪ 711‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وال لالختصاص الشخصي ألن‬

‫مرتكبها أو ضحيتها ال يحمالن الجنسية المغربية‪.‬‬

‫وتبعا لذلك‪ ،‬فإنه إذا كان االختصاص القضائي يرجع لمحاكم الدولة طالبة التسليم فقط‪ ،‬فال مانع‬

‫من االستجابة للطلب وتسليم الشخص المطلوب كلما توفرت باقي الشروط القانونية الموجبة‬

‫للتسليم‪ ،‬وهذا ما سار عليه المشرع المغربي في الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 718‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي نصت‬

‫ع لى أن التسليم ال يقبل إال إذا كانت الجريمة التي يستند إليها الطلب قد ارتكبت إما بأرض الدولة‬

‫الطالبة من طرف أحد مواطنيها أو من طرف شخص أجنبي‪.‬‬

‫وفي حالة ارتكاب الجريمة خارج إقليم الدولة طالبة التسليم‪ ،‬أدخل المشرع المغربي استثناءات‬

‫على مبدأ إقليمية القانون الجنائي حيث منح للقضاء الوطني االختصاص للبت في كل فعل له‬

‫وصف جناية أو جنحة ارتكب خارج المملكة وفقا للشروط الواردة في المادتين ‪ 707‬و‪ 708‬من‬

‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬كما منح االختصاص للمحاكم المغربية للبت في الجنايات المرتكبة خارج إقليم المملكة‬

‫إذا كان الضحية من جنسية مغربية حسب المادة ‪ 710‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫باإلضافة الى ذلك فإن القضاء المغربي بموجب المادة ‪ 711‬من ق‪.‬م‪.‬ج مختص للنظر عن جنسية‬

‫مرتكبها سواء كان مغربيا أو كان أجنبيا‪ ،‬إذا تعلق األمر بجرائم أمن الدولة أو جرائم تزييف‬

‫أختام الدولة أو تزييف أو تزوير النقود أو األوراق البنكية الوطنية المتداولة بالمغرب بصفة‬

‫قانونية‪ ،‬أو تعلق األمر بجناية ضد أعوان البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو المكاتب العمومية‬

‫المغربية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫الشروط المتعلقة بالجريمة‪:‬‬


‫يشترط للتسليم أن يشكل الفعل موضوع طلبه جريمة في تشريعي الدولة طالبة التسليم والدولة‬

‫المطلوب منها التسليم‪ ،‬وإذا لم يتحقق ذلك فيجب رفض الطلب‪.‬‬

‫كما تتجلى الشروط المتعلقة بالجريمة في ازدواجية التجريم وخطورة الجريمة المرتكبة وسير‬

‫الدعوى العمومية‪.‬‬

‫أكد المشرع المغربي على أال يتم التسليم إال إذا بلغت خطورة الجريمة حدا أدنى‪ ،‬وأن تكون‬

‫الوقائع المتابع من أجلها تحمل وصف جناية أو جنحة شريطة أن يكون الحد األقصى للعقوبة‬

‫المقررة لهذه األخيرة يقل عن سنة واحدة كما يتبين من خالل المادة ‪ 720‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬مما يستنتج‬

‫م نه أن المشرع المغربي ال يجيز التسليم إذا كانت الجريمة توصف بكونها مخالفة‪.‬‬

‫ويتمثل شرط ازدواجية التجريم في أن الفعل موضوع طلب التسليم يشكل جريمة في تشريعي‬

‫الدولة الطالبة والدولة المطلوب منها التسليم‪ ،‬فإذا لم يتحقق هذا الشرط فإنه يتم رفض الطلب‪،‬‬

‫حسب مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة ‪ 720‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬باإلضافة الى جميع االتفاقيات التي‬

‫ابرمها المغرب مع الدول األجنبية‪.‬‬

‫والبد من اإلشارة لالستثناءات الواردة على نوعية الجرائم المرتكبة‪ ،‬بحيث أنه ال يجوز التسليم‬

‫بالجرائم السياسية والجرائم العسكرية والجرائم العادية المطلوب فيها التسليم العتبارات تمييزية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫الشروط المتعلقة بالمجرم‪:‬‬


‫قد يكون األشخاص المطلوب تسليمهم من جنسيات متعددة أي من رعايا دول مختلفة‪ ،‬فمنهم من‬

‫يحمل جنسية الدولة المطلوب منها التسليم ومن يحمل جنسية الدولة طالبة التسليم والبعض اآلخر‬

‫من رعايا دول أخرى‪ ،‬وقد يكون بعضهم يحمل جنسيات متعددة أو ال يحمل جنسية بلد معين‪.‬‬

‫ونظرا لهذا التعدد واالختالف في الجنسية‪ ،‬فإن التساؤل المطروح حول مدى تأثير جنسية‬

‫الشخص المطلوب تسليمه على طلب التسليم‪.‬‬

‫ففي ظل التشريع المغربي ال يمكن االستجابة لطلب التسليم إذا كان الشخص المطلوب تسليمه‬

‫يحمل الجنسية المغربية‪ .‬حيث تنص المادة ‪ 718‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أن مسطرة التسليم تخول لدولة‬

‫أجنبية‪ ،‬الحصول من الدولة المغربية على تسليم المتهم أو المحكوم عليه غير المغربي‪ ،‬وتنص‬

‫المادة ‪ 721‬من نفس القانون على أنه‪ " :‬ال يوافق على التسليم إذا كان الشخص المطلوب مواطنا‬
‫‪10‬‬
‫مغربيا‪ ،‬ويعتد بهذه الصفة في وقت ارتكاب الجريمة المطلوب من أجلها التسليم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات تسليم المجرمين‬

‫سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين‪ ،‬سنتناول في الفقرة األولى اإلجراءات اإلدارية لتسليم‬

‫المجرمين ثم‪ ،‬سنتناول في الفقرة الثانية اإلجراءات القضائية لتسليم المجرمين‪.‬‬

‫‪ 10‬الدليل العملي لشرح المسطرة الجنائية‪ ،‬ص ‪ ،168‬م‪.‬س‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلجراءات اإلدارية لتسليم المجرمين‬

‫حدد قانون المسطرة الجنائية أول ما تبدأ به إجراءات تسليم المجرمين‪ ،‬وهو طلب التسليم‬

‫الذي تقدمه الدولة الطالبة‪ ،‬وقد اشترط فيه المشرع أن يكون هذا الطلب كتابة وبالطريق‬

‫الدبلوماسي‪ ، 11‬لكن المالحظ أن المشرع قد اشترط أن يكون الطلب مكتوبا في حين أنه لم يحدد‬

‫المعلومات الواجب توفرها فيه‪ ،‬إال أنه في حالة ما إذا حددت إتفاقية دولية مبرمة فيما يخص‬

‫التعاون القضائي الدولي مضمونه فإنه تعطى األولوية لالتفاقية الدولية وهذا ما يظهر من خالل‬

‫المادة ‪ 613‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك أن المشرع لم يحدد اللغة التي يجب أن يحرر بها هذا الطلب‪ .‬غير أنه‬

‫جرت العادة على أن يتم تحرير طلب التسليم بلغة الدولة الطالبة ويترجم إلى لغة الدولة المطلوبة‬

‫في حالة إذا لم تكن البلدين نفس اللغة‪.12‬‬

‫وقد نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 726‬من قانون المسطرة الجنائية على أنه " يجب أن‬

‫يرفق الطلب‪:‬‬

‫‪ -1‬باألصل أو النظير إما لحكم بعقوبة قابلة للتنفيذ‪ ،‬وإما ألمر بإلقاء القبض أو لكل‬

‫سند إجرائي آخر قابل للتنفيذ وصادر عن سلطة قضائية وفق الكيفيات المقررة في‬

‫قانون الدولة الطالبة‬

‫‪ 11‬المادة ‪ 726‬من ق م ج‬
‫‪ 12‬الدليل العلمي المسطرة تسليم المجرمين‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪11‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫‪ -2‬بملخص لألفعال التي طلب من أجلها التسليم‪ ،‬وكذا تاريخ ومحل ارتكابها‪ ،‬وتكييفها‬

‫القانوني‪ ،‬وتضاف إليه في نفس الوقت نسخة من النصوص القانونية المطبقة على‬

‫الفعل الجرمي؛‬

‫‪ -3‬بيان دقيق حسب اإلمكان ألوصاف الشخص المطلوب تسليمه وبجميع المعلومات‬

‫األخرى التي من شأنها التعريف بهويته أو جنسيته؛‬

‫‪ -4‬بتعهد بااللتزام بمقتضيات المادة ‪ 723‬أعاله‪".‬‬

‫من خالل المادة المذكورة يتضح أنه ال يكفي طلب التسليم فقط بل يجب ارفاقه بالمرفقات المذكورة‬

‫أعاله‪ ،‬ألنها تساعد في تسليم وذلك من خالل تحديد هوية الشخص المطلوب تسليمه من خالل‬

‫ذكر أوصافه أو ارسال صور فوتوغرافية له‪ ،‬كما توضح األفعال المنسوبة والعقوبات من خالل‬

‫تح ديد النصوص القانونية المطبقة على األفعال التي أتاها الشخص المطلوب‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك التعهد بااللتزام بمقتضيات المادة ‪ 623‬من قانون المسطرة الجنائية والتي‬

‫تحدد شروط التسليم في كل من‪:‬‬

‫‪ -‬عدم متابعة الشخص المسلم أو الحكم عليه أو اعتقاله أو اخضاعه ألي إجراء أخر‬

‫مقيد لحريته الشخصية‪ ،‬من أجل أي كيفما كان سابق لتاريخ التسليم‪ ،‬غير الفعل الذي‬

‫سلم ألجله؛‬

‫‪ -‬إذا وقع تغيير في تكييف الفعل الجرمي وكانت العناصر المكونة للجريمة بوصفها‬

‫الجديد تسمح بالتسليم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫لكن تجدر اإلشارة إلى أنه في حالة ما إذا تبين أن المعلومات المقدمة من الدولة الطالبة‬

‫غير كافية لتمكين السلطات المغربية من اتخاد قرار‪ ،‬فإن هذه السلطات تطلب افادتها بمعلومات‬

‫تكميلية تحدد أجال للحصول عليها‪.13‬‬

‫وقد حدد المشرع طريقة تقديم طلب التسليم‪ ،‬إال أنه ميز بين تقديمه في الحالة العادية‬

‫وتقديمه في حالة االستعجال‪.‬‬

‫في الحالة األولى يتم تقديم الطلب بالطريقة الدبلوماسية‪ ،14‬حيث يتم إرسال الطلب من‬

‫طرف سلطات الدولة األجنبية إلى وزارة الخارجية التي توجهه بدورها بعد االطالع على‬

‫مستنداته إلى وزير العدل‪ ،‬الذي يتأكد بدوره من صحة الطلب ويتخذ في شأنه ما يلزم قانون‪.15‬‬

‫أما في الحالة الثانية التي يتوفر فيها عنصر االستعجال فإن تقديم طلب التسليم بالطريقة‬

‫الدبلوماسية يكون غير دي جدوى نظرا ألنها تتم عبر إجراءات طويلة تأخذ الكثير من الوقت‬

‫وهو ما ال يتناسب مع عنصر االستعجال‪.‬‬

‫وعليه فقد حدد المشرع طريقة أخرى لتقديم الطلب في حالة االستعجال‪ ،‬وهي عبر البريد‬

‫المضمون أو بأي وسيلة من وسائل اإلتصال األكثر سرعة التي تترك أثرا كتابيا أو ماديا على‬

‫وجود احدى الوثائق المبينة في الفقرة البند رقم ‪ 1‬من المادة ‪ 726‬من قانون المسطرة الجنائية‪،‬‬

‫وعل يه بمفهوم المخالفة يستثنى من هذا الطلبات الشفوية التي قد تكون عبر الهاتف وال تخلف أثرا‬

‫‪ 13‬المادة ‪ 728‬من ق م ج‪.‬‬


‫‪ 14‬الفقرة األولى من المادة ‪ 726‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ 15‬المادة ‪ 727‬من ق م ج‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫كتابيا‪ ،‬إال أنه يجب أن يرسل في نفس الوقت بالطريق الدبلوماسي طلب رسمي إلى وزير الشؤون‬

‫الخارجية‪.16‬‬

‫وبعد توصل وكيل الملك بهذا االشعار فإنه يأمر باعتقال الشخص المطلوب مؤقتا‪ ،‬مع‬

‫إشعار كل من وزير العدل والوكيل العام لدى محكمة النقض بإجراء االعتقال‪ ،‬الذي يتم في أقرب‬

‫وقت إلى المؤسسة السجنية الواقعة بمقر محكمة النقض‪.17‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلجراءات القضائية لتسليم المجرمين‬

‫بعد اكتمال االجراءات االدارية للتسليم‪ ،‬يأتي دور االجراءات القضائية‪ ،‬حيث أنه عند‬

‫توصل وزير العدل بطلب التسليم وتأكده من أن المعلومات المقدمة من طرف الدولة الطالبة‬

‫للتسليم كافية‪ ،‬بوجه الطلب ومرفقاته إلى النيابة العامة لدى المحكمة االبتدائية التي يكون في دائرة‬

‫نفوذها الشخص المطلوب‪ 18،‬على اعتبار أن هذه المسألة من اختصاص وكالء الملك لدى المحاكم‬

‫االبتدائية بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة ‪ 40‬من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه "‬

‫‪ ...‬يحق لوكيل الملك‪ ،‬لضرورة تطبيق مسطرة تسليم المجرمين‪ ،‬اصدار أوامر دولية بالبحث‬

‫وإلقاء القبض‪."...‬‬

‫‪ 16‬المادة ‪ 729‬من ق م ج‪.‬‬


‫‪ 17‬المادة ‪ 731‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ 18‬وزارة العدل‪ ،‬الدليل العلمي لشرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ج الثالث‪ ،‬ص ‪ 156‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫فور توصل وكيل الملك بالطلب ومرفقاته بإجراء االعتقال‪ ،‬ويجب أن يتم استجواب هذا‬

‫الشخص داخل أجل ‪ 24‬ساعة من االعتقال إما من طرف وكيل الملك أو أحد نوابه حول هويته‪،‬‬

‫كما يخبره بمضمون السند الذي اعتقل بسببه‪ ،‬ثم يحرر محضرا بهذه العملية‪.19‬‬

‫وبعد ذلك يتم نقل الشخص المعتقل إلى المؤسسة السجنية الواقعة بمقر محكمة النقض‪،20‬‬

‫كما يوجه وكيل الملك فورا الطلب والمستندات المدار بها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة‬

‫النقض الذي يحيلها بدوره إلى الغرفة الجنائية بنفس المحكمة‪.21‬‬

‫يمثل الشخص المعتقل أما الغرفة الجنائية بمحكمة النقض‪ ،‬التي تبت في طلب التسليم‬

‫بقرار معلل داخل أجل ‪ 5‬أيام من إحالته إليها‪ ،‬بناء على تقرير أحد المستشارين وبعد إدالء النيابة‬

‫العامة بمستنتجاتها واالستماع إلى الشخص المعني الذي يمكن أن يؤازره محامي‪ ،‬كما أنه إذا‬

‫ا قتضت الضرورة فإنه يمكن للغرفة الجنائية أن تقوم بإجراء تحقيق تكميلي‪.22‬‬

‫وعندما تبت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في طلب التسليم فإنها تصدر مقررا إما‬

‫بالموافقة أو بعدم الموافقة‪.‬‬

‫ففي الحالة األولى عندما ترى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض أن الطلب قد استوفى جميع‬

‫شروطه القانونية‪ ،‬فإنه يوجه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض الملف مع نسخة من قرار‬

‫الموافقة خالل ‪ 8‬أيام إلى وزير العدل‪ ،‬الذي يقترح بدوره على رئيس الحكومة إمضاء مرسوم‬

‫‪ 19‬المادة ‪ 730‬من ق م ج‪.‬‬


‫‪ 20‬المادة ‪ 731‬من ق م ج‬
‫‪ 21‬الفقرة األولى من المادة ‪ 732‬من ق م ج‬
‫‪ 22‬الفقرة الثانية من المادة ‪.732‬‬

‫‪15‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫اإلذن بالتسليم‪ ،‬ويتم توجيه هذا األخير إلى وزير الشؤون الخارجية قصد تبليغه إلى الممثل‬

‫الدبلوماسي للدولة طالبة التسليم وإلى وزير الداخلية قصد تبلغيه إلى الشخص المعني قصد‬

‫تنفيذه‪ .23‬وبالتالي يجب على الدولة طالبة التسليم أن المبادرات الالزمة من أجل تسلم الشخص‬

‫المطلوب بواسطة أعوانها‪ .‬أما إذا لم تبدي أي مبادرة بذلك أو لم تعطي مبررات كافية عن‬

‫تأخرها‪ ،‬فإنه يتم االفراج عن الشخص داخل أجل شهر من تاريخ تبليغ مرسوم التسليم إليها عن‬

‫طريق ممثله الدبلوماسي‪.24‬‬

‫أما في الحالة الثانية عندما ترى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض على أن الشروط القانونية‬

‫لم تستوفى أو أنه هناك خطأ بينا‪ ،‬يعتبر رأيها بعدم الموافقة نهائيا‪ ،‬وال يمكن الموافقة على التسليم‪،‬‬

‫كما يتم االفراج على الشخص المطلوب‪ ،‬ويوجه الملف وكذا نسخة من القرار خالل ثمانية أيام‬

‫من يوم النطق به إلى وزير العدل وذلك من أجل تبليغ الدولة الطالبة للتسليم‪.25‬‬

‫وقد يصرح الشخص المعتقل أثناء مثوله أمام الغرفة الجنائية بمحكمة النقض أنه قبل‬

‫صراحة‪ ،‬أن يسلم إلى سلطات الدولة الطالبة للتسليم‪ ،‬فإن محكمة النقض تشهد عليه بذلك‪ ،‬وتوجه‬

‫نسخة من هذا القرار إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض الذي يحيلها على وزير العدل‪،26‬‬

‫قصد تبليغها إلى سلطات الدولة الطالبة للتسليم‪.‬‬

‫‪ 23‬وزارة العدل‪ ،‬الدليل العلمي لشرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪178‬‬
‫‪ 24‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 737‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ 25‬المادة ‪:736‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ 26‬المادة ‪ 735‬من ق م ج‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫ويمكن تمديد قرار التسليم ليشمل جرائم أخرى سابقة عن التسليم غير التي استند إليها‬

‫طلب التسليم‪ ،‬وذلك بموافقة السلطات المغربية شرط أن تخرج هذه الجرائم من نطاق المادة ‪720‬‬

‫من قانون المسطرة الجنائية مالم تكن تدخل ضمن الجرائم المنصوص عليها في المادة ‪ 721‬من‬

‫نفس القانون‪ ، 27‬كما يشترط أن يرفق طلب تمديد مفعول التسليم بالمستندات المبررة له‬

‫والمنصوص عليها في المادة ‪ 726‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ومحضر يشتمل على تصريحات‬

‫الشخص المسلم ويتضمن مالحظاته أو يسجل عدم وجود أي اعتراض يتمسك به هذا الشخص‬

‫بشأن طلب تمديد مفعول التسليم‪.28‬‬

‫ويتم توجيه هذا الملف إلى محكمة النقض التي تبت في الطلب طبقا للشروط النصوص‬

‫عليها في المواد ‪ 736‬و‪ 29738‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مراعية ما ابداه الشخص المطلوب‬

‫تسليمه من اعتراضات‪ ،‬ويمكن أن تتم هذه البيانات باالستماع إلى محام يختاره الشخص أو يعين‬
‫‪30‬‬
‫له بطلب منه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلنابة القضائية الدولية واالعتراف بالحكم الزجري األجنبي‬

‫سيتم دراسة هذا المبحث من خالل تقسيمه الى مطلبين‪ ،‬االول سيتناول االنابة القضائية الدولية‬

‫(المطلب االول)‪ ،‬والثاني سنخصصه لالعتراف بالحكم الزجري األجنبي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ 27‬المادة ‪ 738‬من ق م ج‪.‬‬


‫‪ 28‬الفقرة األولى من المادة ‪ 739‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ 29‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 739‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ 30‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 739‬من ق م ج‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫المطلب االول‪ :‬االنابة القضائية الدولية‬


‫تقتضي االنابة القضائية ضرورة التعاون القضائي الدولي‪ ،‬وذلك بسبب امتداد األنشطة اإلجرامية‬

‫بين أقاليم متعددة‪ ،‬األمر الذي طرح صعوبات في تحصيل أدلة إلثباتها‪ ،‬هذه الوضعية فرضت‬

‫ضرورة إيجاد آلية تترجم رغبة الدول في محاربة الجريمة تتمثل في اإلنابة القضائية الدولية‪،‬‬

‫التي تمكن القضاء الوطني من إنجاز إجراءات البحث و التحقيق الالزمة على إقليم دولة أجنبية‪،‬‬

‫مع مراعاة حقوق و حريات اإلنسان‪ ،‬و ذلك باالستعانة بسلطات هذا األخيرة كلما استدعت‬

‫ظروف البحث ذلك‪.‬‬

‫سنحاول من خالل هذا المطلب دراسة األحكام العامة لإلنابة القضائية الدولية (الفقرة االولى)‪،‬‬

‫على ان نمر بعد ذلك إلى دراسة اجراءات االنابة القضائية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬االحكام العامة لإلنابة القضائية الدولية‬


‫تعتبر اإلنابة القضائية المنظمة بمقتضى المسطرة الجنائية إلى جانب االتفاقيات الدولية‪ ،‬فهي‬

‫إحدى آليات التعاون القضائي على المستوى الدولي‪ ،‬التي تلجأ إليها الهيئات القضائية من أجل‬

‫جمع األدلة من الخارج‪ ،‬و التي ليس بمقدورها القيام بها في نطاق اختصاصها‪.‬‬

‫بتعبير آخر‪ ،‬فإن اإلنابة القضائية الدولية يمكن تعريفها بكونها ‪ « :‬وسيلة تطلب بواسطتها سلطة‬

‫قضائية لدولة ما من سلطة قضائية أجنبية القيام ببعض التحريات أو اإلجراءات التي لم تتمكن‬

‫من القيام بها بنفسها‪ ،‬سواء كان ذلك من طرف النيابة العامة خالل مرحلة البحث التمهيدي أو‬

‫‪18‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫قاضي التحقيق خالل مرحلة التحقيق اإلعدادي أو من طرف المحكمة عند إجراء تحقيق‬
‫‪31‬‬
‫تكميلي »‪.‬‬

‫و تستمد اإلنابة القضائية الدولية مصدرها من القوانين الوطنية و االتفاقيات الدولية سواءا ثنائية‬

‫أو جماعية‪ ،‬فبالنسبة لإلنابة القضائية الدولية بمقتضى قانون المسطرة الجنائية فقد نظمها المشرع‬

‫المغربي بمقتضى المادتين ‪ 714‬و ‪ 715‬من الباب الثاني من قانون المسطرة الجنائية في القسم‬

‫الثالث المتعلق بالعالقات القضائية مع الدول األجنبية‪ ،‬غير أن مقتضيات هذا القانون ال تطبق إال‬

‫في حالة عدم وجود اتفاقيات أو في حالة خلو تلك االتفاقيات من األحكام الواجبة التطبيق‪.‬‬

‫أما بالنسبة لإلنابة القضائية المنظمة بمقتضى االتفاقيات الدولية‪ ،‬حيث تستمد اإلنابة القضائية‬

‫كنظام قانوني أساسها من التعاون بين الدول بوصفها نوعا من التعاون القضائي تفرضه طبيعة‬

‫العالقات الخاصة الدولية‪ .‬و يتجلى هذا التعاون من خالل االتفاقيات ثنائية أو متعددة األطراف‪،‬‬

‫غير أن أحكامها تحيل في تطبيقها إلى القانون الداخلي للدولة المطلوب منها تنفيذ اإلنابة القضائية‪.‬‬

‫حيث ال يجوز أن يجري تنفيذها وفق األحكام المنصوص عليها في تشريعات الدولة التي وجهت‬

‫اإلنابة مع مراعاة انسجامها مع قانون الدولة المطلوب منها‪ ،‬و كذلك احتراما لسيادة الدولة و‬

‫المحافظة على استقاللها‪.‬‬

‫و في هذا السياق‪ ،‬فإن المغرب أبرم عدة اتفاقيات في إطار التعاون القضائي في المجال الجنائي‪،‬‬

‫نذكر منها ‪ :‬االتفاقية المغربية األمريكية‪ ،‬والتي ترمي إلى التعاون المتبادل لتنفيذ طلبات البحث‬

‫‪ -31‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ :‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية‪ ،‬سلسلة المعلومة للجميع‬
‫‪،‬الجزء الثالث ‪،‬وزارة العدل المملكة المغربية‪ ،‬مطبعة إليت‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪ ،17‬مارس ‪،2008‬ص ‪: 130 .‬‬

‫‪19‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫و اإلجراءات القضائية و االستماع إلى الشهود و التبليغات حسب الفصل األول من هذه االتفاقية‬

‫إلى جانب إجراءات أخرى متعلقة بهذا الشأن‪ .‬و باإلضافة إلى هاته االتفاقية‪ ،‬نجد االتفاقية‬

‫المغربية اإليطالية بشأن التعاون القضائي المتبادل و تنفيذ األحكام القضائية و تسليم المجرمين‬

‫‪،‬و غيرها من االتفاقيات التي يكون المغرب طرفا فيها كما هو الحال بالنسبة لالتفاقية المبرمة‬
‫‪32‬‬
‫مع السينغال بشأن التعاون القضائي و تنفيذ األحكام و تسليم المجرمين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إجراءات االنابة القضائية الدولية‬


‫إن تنفيذ اإلنابة القضائية الدولية يقتضي مراعاة مجموعة من اإلجراءات المتعلقة بأعمال البحث‬

‫و التحقيق التي تقوم بها سلطة قضائية لدولة ما بإنجازها فوق ترابها الوطني لفائدة سلطة قضائية‬

‫تابعة لدولة أخرى‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬فإنه يترتب عن موافقة وقبول الدولة المطلوب منها تنفيذ طلب اإلنابة مجموعة من‬

‫االلتزامات يجب أن تتقيد بها كل من الدولة الطالبة و المطلوب منها ذلك‪.‬‬

‫إن طرق تبليغ االنابة القضائية الدولية نظمها المشرع المغربي في ق‪.‬م‪.‬ج بموجب المادة ‪715‬‬

‫في فقرتها الثانية التي نصت على أنه توجه هذه اإلنابات إلى وزير العدل قصد تبليغها بالطرق‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬ما لم توجد اتفاقية تقضي بخالف ذلك أو في حالة االستعجال‪ ،‬حيث يمكن توجيهها‬

‫مباشرة للجهة المختصة بتنفيذها‪ ،‬و في هذه الحالة توجه نسخة من اإلنابة القضائية و الوثائق في‬

‫نفس الوقت إلى وزير العدل لتبليغها بالطرق الدبلوماسية‪.‬‬

‫‪ -32‬االتفاقيات الدولية المتعلقة بالتعاون القضائي‪.14:36 ،2023/11/29 ،https://justice.gov.ma ،‬‬

‫‪20‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫إن مسطرة تنفيذ اإلنابة القضائية الدولية يقتضي مراعاة مجموعة من اإلجراءات المتعلقة بأعمال‬

‫البحث والتحقيق التي تقوم بها سلطة قضائية لدولة ما بإنجازها فوق ترابها الوطني لفائدة سلطة‬

‫قضائية تابعة لدولة أخرى‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن تنفيذ اإلنابة القضائية يخضع للقانون الداخلي لكل بلد مع‬

‫مراعاة االتفاقيات والمعاهدات الدولية المبرمة في هذا الشأن‪ ،‬سواء كانت دولية أو ثنائية أو‬

‫إقليمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االعتراف بالحكم الزجري‬

‫األصل أن الحكم القضائي ال يكون قابال للتنفيذ إال داخل الدولة التي صادر الحكم أو القرار‬

‫من محاكمها تطبيقا لمبدأ السيادة واالستقالل‪ .‬لكنه وفي ظل التوسع العالمي الذي نعيشه حاليا ً‬

‫ونظرا ً للعالقات المختلفة التي تربط االفراد ببعضهم من مختلف الدول وتضخم معدل الهجرة‬

‫بفعل مجموعة من االسباب االقتصادية والسياسية‪ ،‬أصبح من الضروري قبول االحكام االجنبية‬

‫في ظل تدخل العالقات بين األفراد والمجتمعات وتطور اإلجرام الدولي‪ ،‬وقد عملت الدول على‬

‫وضع مجموعة من الضوابط كإبرام اتفاقيات تسمح بموجبها لألطراف بتنفيذ الحكم الصادر في‬

‫بلد أجنبي أخر حفاظا ً على حقوق مواطنيها‪.‬‬

‫فالحكم االجنبي هو حكم قضائي يحتوي على سند تنفيذي يصدر من قانون دولة معينة غير‬

‫البلد الذي سوف ينفذ فيه‪ ،‬ولكن يكون محل تنفيذه هو دولة اخرى مختلفة عن الدولة التي صدر‬

‫عنها الحكم‪ ،‬وال بد لكي ينفذ أن يمر بعدة مراحل وإجراءات لكي ينفذ بنفس طريقة تنفيذ االحكام‬

‫داخل الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫بنا ًء على ذلك‪ ،‬لجأ المشرع المغربي إلى إمكانية تنفيذ األحكام القضائية األجنبية في المغرب‬

‫لكن مع ضرورة إخضاعها لرقابة القضاء المغربي‪ ،‬فهذا األخير لم يعاملها معاملة احكام المحاكم‬

‫المغربية ولم ينكر وجودها‪ ،‬بل توسط في تشريعه‪ ،‬حيث أنه ال يجوز تنفيذ االحكام االجنبية إال‬

‫إذا كانت مقترنة بالصيغة التنفيذية‪ 33‬في إطار الشروط المدونة في قانون المسطرة الجنائية‪ .‬وذلك‬

‫وفق شروط خاصة (الفقرة األولى)‪ ،‬وبإتباع مسطرة االعتراف بالحكم األجنبي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط تنفيذ الحكم الزجري‬

‫أبرم المغرب عددا كبير من االتفاقيات الدولية مع الدول األجنبية‪ ،‬لتنفيذ االحكام الصادرة عن‬

‫المحاكم األجنبية‪ ،‬وعليه أقر المشرع المغربي على ضرورة توفر الحكم الجنائي األجنبي على‬

‫مجموعة من الشروط وذلك طبقا لمقتضيات الباب الثالث المتعلق باالعتراف ببعض األحكام‬

‫الزجرية األجنبية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التحقق من صحة الحكم األجنبي‬

‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 716‬من ق‪.‬م‪.‬ج يجب على المحكمة الزجرية التأكد من صحة الحكم‬

‫الزجري األجنبي‪ ،‬إذ يجب أال يكون الحكم األجنبي مخالف للنظام العام في المغرب‪ ،‬وفي حالة‬

‫كان الحكم األجنبي مخالفا للنظام العام فيجب على المحكمة أن تصرح في حكمها عن مكمن‬

‫المخالفة وإال كان حكمها ناقصا‪.‬‬

‫‪ -33‬المادة‪ 717‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫وأيضا التأكد من أن الحكم قد صدر صحيحا من الناحية الشكلية والموضوعية‪ ،‬رغم اختالف‬

‫بعض الفقه في تحديد صحة الحكم بين من يقتصر على الجانب الشكلي فقد‪ ،‬وبين من يؤكد على‬

‫ضرورة صحة الحكم من الناحية الشكلية والموضوعية‪.‬‬

‫فاالتجاه األول يرى أن صحة الحكم تعني أن تكون المحكمة األجنبية قد طبقت المسطرة تطبيقا‬

‫صحيحا‪ ،‬وقواعد المسطرة هنا هي مسطرة قانون القاضي‪ ،‬وما على القاضي المغربي إال أن‬

‫يبحث عما إذا كانت قواعد المسطرة قد طبقت بكيفية سليمة من عدمه‪.34‬‬

‫واالتجاه الثاني يرى أن صحة الحكم يعني أن يكون صحيحا شكال وجوهرا‪ ،‬أي أن يكون‬

‫األطراف كاملي األهلية ووجوب احترام حق الدفاع من خالل استدعاء األطراف بصفة قانونية‬

‫والتبليغ وفق القواعد التي ينص عليها قانون مسطرة البلد الذي صدر الحكم األجنبي فيه‪.35‬‬

‫ثانيا‪ :‬اعتبار الحكم األجنبي من عناصر العود‬

‫هذا الشرط يمنح للحكم األجنبي حجية أمام القضاء الوطني‪ ،‬حيث يمكن ألي محكمة زجرية‬

‫أن تأخذ بالحكم األجنبي كعنصر من عناصر العود إلى الجريمة انطالقا من نص المادة ‪716‬‬

‫من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬وذلك إذا تبين لها بعد االطالع على السجل العدلي لمرتكب الجريمة أنه حكم على‬

‫جناية أ و جنحة من طرف دولة أجنبية يعاقب عليها القانون األجنبي كذلك‪.‬‬

‫ومن أجل االطالع على السجل العدلي الخاص بمرتكب الجريمة بالخارج‪ ،‬عمل المغرب‬

‫على إبرام مجموعة من االتفاقيات الثنائية والمعاهدات‪ ،‬حيث نصت من خاللها على األليات التي‬

‫‪ -34‬موسى عبود‪ ،‬الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1994 ،‬ص‪.337‬‬
‫‪ -35‬محمد بحماني‪ ،‬تنفيذ األحكام األجنبية بالمغرب‪ ،‬مجلة القضاء والقانون‪ ،‬العدد‪ ،148‬ص‪.124‬‬

‫‪23‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫تتيح تبادل المعلومات بين الدول في هذا الشأن‪ ،36‬كاتفاقية التعاون القضائي االسباني الموقعة‬

‫بمدريد في تاريخ ‪.1995/05/30‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مسطرة تنفيذ الحكم الزجري األجنبي‬

‫انطالقا من مقتضيات المادة ‪ 717‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي تنص على ضرورة إعطاء الصيغة التنفيذية‬

‫لألحكام الزجرية األجنبية بمقتضى مقرر يصدر من محكمة مدنية مغربية وذلك تطبيقا لمقتضيات‬

‫قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫فقد نظم المشرع المغربي شروط تذييل الحكم األجنبي بقواعد ضمن قانون المسطرة المدنية‬

‫وذلك في الفصول ‪ 430‬و‪ ،431‬وعليه يجب إتباع مجموعة من االجراءات االتية‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تقديم طلب دعوى تذييل الحكم األجنبي بحيث يجب أن يقدم الطلب إلى المحكمة االبتدائية‬

‫لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما‪ ،‬مع أداء الرسوم القضائية‬

‫وإتباع االجراءات العادية سواء كان الحكم ابتدائيا أو استئنافيا أو استعجاليا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إرفاق المقال بنسخة رسمية من الحكم اي ضرورة تقديم نسخة من الحكم األجنبي‪ ،‬ويجب‬

‫أن يكون الحكم صادر من محكمة لها سلطة الفصل في النزاع‪ ،‬وأن يكون أيضا هذا الحكم حامال‬

‫لتأشيرة إدارية مالم تكون هناك اتفاقية دولية تقضي بخالف ذلك‪ .37‬وتعد هذه التأشيرة االدارية‬

‫وسيلة للتأكد من صحة مصدر الحكم األجنبي‪ ،‬وأن يحمل أيضا هذا الحكم تصديقا من وزارة‬

‫العدل المغربية أو وزارة الخارجية المغربية‪.‬‬

‫‪ -36‬نوال أفقير‪ ،‬تذييل األحكام األجنبية وأثرها في منع االختصاص‪ ،‬مقال منشور بمجلة العلوم القانونية‪ ،2012 ،‬ص‪.17‬‬

‫‪ -37‬اتفاقية التعاون القضائي في مجال األحوال الشخصية وحالة األشخاص الموقعة بالقاهرة في ‪27‬ماي ‪.1998‬‬

‫‪24‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫ثالثا ‪ :‬االدالء بأصل التبليغ أو كل وثيقة أخرى تقوم مقامه ويجب أن يتم إثبات أن التبليغ كان‬

‫صحيحا وفق القواعد القانونية المنصوص عليها‪ ،‬وذلك بهدف التأكد باحترام حقوق الدفاع من‬

‫طرف المحكمة مصدرة الحكم األجنبي‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض واالستئناف والطعن بالنقض ويقصد‬

‫بهذا اإلجراء أن الحكم األجنبي قد استنفذ جميع طرق الطعن العادية وغير العادية‪ ،‬إلى أن وصل‬

‫مرحلة التنفيذ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند االقتضاء للمستندات وغالبا ما تكون األحكام األجنبية‬

‫صادرة عن المحاكم األوربية أو األمريكية‪ ،‬بلغة غير العربية‪ ،‬مما يلزم ترجمتها عن طريق‬

‫ترجمان محلف‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫خـــــاتــــــــــمــــــــــة‪:‬‬
‫لقد أفرز التطور الذي عرفه أمن الدول كثيرا من التهديدات الشديدة الخطورة على كيانها‬

‫وأنظمتها الداخلية من جهة‪ ،‬وعلى حياة األفراد من جهة ثانية‪ ،‬نتيجة انتشار الظواهر االجرامية‬

‫العابرة لحدود الدول‪ ،‬مما حتم على الدول صياغة اليات للتعاون القضائي بينها‪ ،‬من أجل متابعة‬

‫الجريمة ومالحقة الجناة خارج الحدود الوطنية‪ ،‬والخروج من المكافحة الوطنية إلى المكافحة‬

‫الدولية للجريمة‪ ،‬فمهما كانت إمكانيات الدول وأجهزتها األمنية كبيرة فهي غير قادرة على مكافحة‬

‫الجريمة المنظمة والعابرة للحدود‪.‬‬

‫ولتجاوز هذه الوضعية كان لزاما على الدول إبرام اتفاقيات جماعية وثنائية بينها بموجبها‬

‫يتم تفعيل آليات التنسيق والتعاون القضائي لمكافحة الجرائم الدولية‪ ،‬ومنها ألية تسليم المجرمين‬

‫والتي تعتبر من بين أهم آليات التعاون القضائي إذ بموجبها تقوم إحدى الدول بتسليم شخص‬

‫موجود في إقليمها إلى دولة أخرى لمحاكمته عن جريمة متهم بها‪ ،‬أو لتنفيذ حكم صادر عليه من‬

‫إحدى محاكمها العادية‪ ،‬كما تعد االنابات القضائية وجها من وجوه التعاون القضائي الدولي لتوفير‬

‫فضاء لقضاة الدول للبحث والتحقق في الجرائم المرتكبة‪ ،‬وبعد صدور الحكم تعتمد الدول صيغة‬

‫االعتراف بالحكم األجنبي الزجري لكي يكسب قوته الثبوتية‪.‬‬

‫وبالرغم من كل هذه اإلجراءات كان لزاما على الدول أن تطور من آليات التعاون القضائي‬

‫على المستوى الدولي نظرا للتطور الحاصل على المستوى التكنولوجي‪ ،‬والذي تستغله المنظمات‬

‫االجرامية التي تطور من أنشطتها االجرامية‪ ،‬كي يكون على مستوى هذا التحول في األنشطة‬

‫االجرامية العابرة للحدود‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫الئــــــحـــــة الـــمـــراجـــــع‪:‬‬
‫➢ النصوص القانونية‪:‬‬
‫قانون المسطرة الجنائية‬

‫القانون الجنائي المغربي‬

‫الكتب‪:‬‬ ‫➢‬

‫وزارة العدل‪ ،‬الدليل العملي لشرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث تنفيذ المقررات والسجل‬

‫العدلي ورد االعتبار االختصاص المتعلق بالجرائم المرتكبة بالخارج التعاون القضائي الدولي‪،‬‬

‫منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،8‬يونيو‬

‫‪.2007‬‬

‫وزارة العدل‪ ،‬الدليل العملي لمسطرة تسليم المجرمين‪.‬‬

‫موسى عبود‪ ،‬الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪.1994 ،‬‬

‫المقاالت‪:‬‬ ‫➢‬

‫محمد بحماني‪ ،‬تنفيذ األحكام األجنبية بالمغرب‪ ،‬مجلة القضاء والقانون‪ ،‬العدد‪.148‬‬

‫نوال أفقير‪ ،‬تذييل األحكام األجنبية بالمغرب واثرها في منع االختصاص‪ ،‬مجلة العلوم القضائية‪،‬‬

‫‪.2012‬‬

‫االتفاقيات الثنائية في الميدان القضائي‪ ،‬بين المملكة المغربية وباقي دول العالم"‪ ،‬إصدارات مركز‬

‫الدراسات واألبحاث الجنائية بمديرية الشؤون الجنائية والعفو‪ ،‬سلسلة اتفاقيات‪ -‬يناير ‪.2013‬‬

‫‪27‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫➢ المواقع االلكترونية‪:‬‬
‫اإلنساني‪https://ar.guide-humanitarian-،‬‬ ‫للقانون‬ ‫العملي‬ ‫القاموس‬
‫‪law.org/content/article/5/t-wn‬‬

‫‪28‬‬
‫الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي‬

‫الـــــفــــــهـــــــرس‪:‬‬
‫مـــــــــــقــــدمــــة‪1................................................................................. :‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مسطرة تسليم المجرمين ‪4.........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية مسطرة تسليم المجرمين ‪4................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التسليم ‪4................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط التسليم ‪6................................................................‬‬
‫الشروط المتعلقة باالختصاص‪7............................................................ :‬‬
‫الشروط المتعلقة بالجريمة‪9................................................................ :‬‬
‫الشروط المتعلقة بالمجرم‪10............................................................... :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات تسليم المجرمين ‪10...................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلجراءات اإلدارية لتسليم المجرمين ‪11.....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلجراءات القضائية لتسليم المجرمين ‪14....................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلنابة القضائية الدولية واالعتراف بالحكم الزجري األجنبي ‪17................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬االنابة القضائية الدولية ‪18......................................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬االحكام العامة لإلنابة القضائية الدولية ‪18...................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إجراءات االنابة القضائية الدولية ‪20.........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االعتراف بالحكم الزجري ‪21...................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط تنفيذ الحكم الزجري ‪22................................................‬‬
‫أوال‪ :‬التحقق من صحة الحكم األجنبي ‪22...................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬اعتبار الحكم األجنبي من عناصر العود ‪23..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مسطرة تنفيذ الحكم الزجري األجنبي ‪24......................................‬‬
‫خـــــاتــــــــــمــــــــــة‪26.......................................................................... :‬‬
‫الئــــــحـــــة الـــمـــراجـــــع‪27................................................................... :‬‬
‫الـــــفــــــهـــــــرس‪29............................................................................. :‬‬

‫‪29‬‬

You might also like