Professional Documents
Culture Documents
عرض التبادل الجنائي القضائي الدولي
عرض التبادل الجنائي القضائي الدولي
مـــــــــــقــــدمــــة:
لقد تطور مفهوم الجريمة في الوقت الراهن بشكل كبير جدا ،فبعد أن كانت الجريمة ال
تتعدى حدود الدولة أصبحت اليوم تتخذ أشكاال ذات طابع جماعي أو منظم في تعد للحدود الوطنية،
وفي ظل التطور الهائل والمتزايد في وسائل النقل واالتصال ،فقد أصبح التنقل بين الدول سهال
وميسرا ،واكتسبت معه الجريمة والمجرم الصبغة الدولية ،حيث لم تعد هذه األخيرة محصورة
في النطاق اإلقليمي للدولة ،بل امتد أثرها إلى باقي الدول ،كما ساهم هذا التطور في تيسير سبل
الهروب أمام المجرمين واالنتقال من دولة إلى أخرى ،وتشكيل عصابات دولية إجرامية.1
أمام هذا الوضع كان لزاما على الدول أن تتعاون فيما بينها من أجل مكافحة هذا النوع من
الجرائم ،ومنع مرتكبيها من اإلفالت من العقاب ،وهو ما يصطلح عليه بالتعاون القضائي الدولي
في المجال الجنائي ،حيث يهدف هذا التعاون على منع هروب المجرمين من المقاضاة القانونية
بمجرد مغادرة أراضي الدولة المعنية ،2والذي تعد آلياته من أكثر اآلليات فعالية ونجاعة ،بحيث
تسمح للدول ببسط سيادتها الكاملة على األشخاص الذين يخرقون قانونها الجنائي ويبحثون عن
مكان آمن خارج إقليمها.
ويجد التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي بالمغرب سنده القانوني في مجموعة من
االتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب ،والتي تسمو على التشريع الوطني كما جاء في ديباجة
دستور بالدنا لسنة ،2011وكما تؤكد على ذلك المادة 713من قانون المسطرة الجنائية،3
ومنها اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية
الموقعة بفيينا سنة ،1988واتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة المنظمة لسنة ،2000واتفاقية
1كلمة السيد رئيس النيابة العامة بمناسبة الدورة التكوينية حول آليات التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجرائم العابرة للحدود ،الرباط 21 ،و22
مارس ,2023
2القاموس العملي للقانون اإلنساني ،الموقع االلكتروني https://ar.guide-humanitarian-law.org/content/article/5/t-wn
3المادة 713من ق م ج الفقرة األولى ":تكون األولوية لالتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية فيما يخص التعاون القضائي مع الدول األجنبية"
1
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية سنة ،2003واتفاقية نيويورك لمكافحة الفساد لسنة
4
، 2003باإلضافة إلى االتفاقيات الثنائية التي أبرمها المغرب مع عدة دول عبر العالم
ومن ضمن اآلليات التي يعتمدها التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي ،ألية تسليم
المجرمين ،حيث تخول مسطرة تسليم المجرمين لدولة أجنبية الحصول من المغرب على تسليم
متهم أو محكوم عليه غير مغربي يوجد في أراضي المملكة ويكون موضوع متابعة جارية باسم
الدولة الطال بة أو محكوم عليه بعقوبة صادرة من إحدى محاكمها العادية 5باإلضافة إلى آليتي
االنابات القضائية الدولية ،والتي تمكن من تتبع الجناة ،واستجماع وسائل االثبات المتواجدة خارج
تراب الدولة صاحبة االختصاص القضائي ،وآلية االعتراف باألحكام األجنبية الزجرية.
أهمية الموضوع:
يكتسي موضوع التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي أهمية بالغة تتجلى في واقع
ظاهرة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود ،حيث استثمرت هذه المنظمات االجرامية التطور الهائل
في المجال التكنولوجي لتطوير وتوسيع أنشطتها االجرامية ،وهذا ما حتم على الدول التعاون فيما
بينها ،ألنه من المستحيل مكافحة هذا النوع من الجرائم دون تعاون دولي حقيقي وفعال على
جميع األصعدة من تشريع وتطوير آلليات المالحقة القضائية الدولية.
إشكالية الموضوع:
يعتبر التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي من أهم الوسائل التي تحد من الجرائم
المنظمة العابرة للحدود الوطنية ،فبهذه الصيغة تلتزم الدول بالتعاون فيما بينها لمعاقبة مرتكبي
جرائم معينة ،وغايته أيضا منع هروب المجرمين من المقاضاة القانونية بمجرد مغادرة أراضي
دولة معينة ،وهذا ما يحيلنا إلى طرح إشكالية مفادها إلى أي حد بلغت آليات التعاون القضائي
الجنائي الدولي مداها من أجل مكافحة الجريمة العابرة للحدود؟
" 4االتفاقيات الثنائية في الميدان القضائي ،بين المملكة المغربية وباقي دول العالم" ،إصدارات مركز الدراسات واألبحاث الجنائية بمديرية الشؤون
الجنائية والعفو ،سلسلة اتفاقيات -يناير .2013
5المادة 718من ق م ج
2
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
المنهج المعتمد:
لإلجابة عن اإلشكالية المطروحة واألسئلة المتفرعة عنها ،سنعتمد على المنهج الوصفي
باالعتماد على نصوص قانون المسطرة الجنائية ،والمنهج التحليلي الذي ينبني على تحليل هذه
النصوص القانونية.
خطة البحث:
3
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
تعتبر مسطرة تسليم المجرمين أحد أهم آليات التعاون القضائي الدولي في المادة الجنائية .فهي
تهدف إلى مكافحة الجريمة والحد من انتشارها ومنع اإلفالت من العقاب في وقت أصبح فيه ذلك
مستعص على الجهود الفردية للدول بسبب سهولة تنقل المجرمين من بلد آلخر.
لذلك البد من تحديد كل من مفهوم وشروط هذه المسطرة (المطلب األول) ،باإلضافة إلى
ارتأينا تقسيم هذا المطلب لفقرتين ،تتضمن الفقرة األولى مفهوم التسليم ،بينما أدرجنا فب الفقرة
يمكن تعريف التسليم قانونا أنه :قيام إحدى الدول بتسليم شخص موجود في إقليمها إلى دولة
أخرى تطلب تسليمه لتحاكمه عن جريمة متهم بها ،أو لتنفيذ حكم صادر عليه من إحدى محاكمها
العادية ،حيث تستعمل بعض التشريعات العربية مثل سوريا ولبنان والعراق مصطلح "استرداد
المجرمين" عوضا عن مصطلح -تسليم المجرمين -المستعمل في التشريع المغربي ،والواقع أن
هذا اإلجراء يمكن اعتباره "استردادا" بالنسبة إلى الدولة الطالبة و"تسليما" بالنسبة للدولة
المطلوب منها.
4
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
وهو المفهوم الذي سار عليه المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفقرة األولى من المادة 718
من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على" :تخول مسطرة تسليم المجرمين لدولة أجنبية،
الحصول من الدولة المغربية على تسليم متهم أو محكوم عليه غير مغربي يوجد في أراضي
المملكة ،يكون م وضوع متابعة جارية باسم الدولة الطالبة أو محكوم عليه بعقوبة صادرة من
إحدى محاكمها العادية" ،والمقصود بمصطلح أراضي المملكة هو إقليم المملكة والمعلوم أنه
يشمل المجال البري والبحري والجوي والطائرات والباخرات الحاملة للعلم الوطني.
• أن يكون هناك طلب من دولة تطلب تسليم مجرم لتقوم بمحاكمته أو لتنفيذ حكم أصدرته
عليه محاكمها العادية عن جريمة يعاقب عليها قانونها الجنائي سواء كانت واقعة الجريمة
• أن تتخذ الدولة المغربية المطلوب منها التسليم اإلجراءات القانونية المتعلقة بإلقاء القبض
واالعتقال في حق الشخص المطلوب منها تسليمه وفق مقتضيات التشريع المغربي أو
االتفاقيات المبرمة بين الدولتين ،ثم تقوم بعد ذلك بإصدار القرار الالزم بشأن تسليمه إلى
6
الدولة الط البة كلما توافرت الشروط القانونية في الطلب.
6الدليل العملي لشرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثالث تنفيذ المقررات والسجل العدلي ورد االعتبار االختصاص المتعلق بالجرائم المرتكبة بالخارج
التعاون القضائي الدولي ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدالئل ،العدد ،8يونيو ،2007الصفحة .155
5
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
في 7
وتجد آلية تسليم المجرمين ضمن مقتضيات المادة 713من قانون المسطرة الجنائية
االتفاقيات الدولية واإلقليمية والثنائية المتعلقة بالتسليم التي صادقت عليها المملكة المغربية ،وفي
حالة عدم وجود اتفاقية يتم الرجوع للقانون الداخلي الذي يتمثل في مقتضيات المواد من 718
كما أن مبدأ المعاملة بالمثل يشكل أساسا للتعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين ،والذي
بمقتضاه تتعهد الدولة الطالبة بمساعدة الدولة المطلوب منها ،وتبعا لهذا المبدأ ،فإن الدولة الطالبة
تطلب من الدولة المطلوب منها أن تطبق قانونها الداخلي بشأن تسليم المجرمين بخصوص فعل
معين تم التنصيص عليه في الطلب ،وفي المقابل ،فإن الدولة التي تعاملت معها في هذا الشأن.
يعتبر تسليم المجرمين مظهرا من مظاهر التعاون الجنائي الدولي في مكافحة الجريمة وعدم
تهرب مرتكبيها ،لذلك من الضروري وضع أسس وشروط تنظم بمقتضاها قبول طلبات التسليم
وتلتزم األطراف المتعاقدة على احترامها عند تقديم طلباتها أو عند البت في الطلب المقدم إليها.
ومن الثابت أنه لكي يكون هناك طلب تسليم يجب أن تكون هناك جريمة مرتكبة وأن من ارتكبها
قد هرب من الدولة التي ارتكبت فيها ،وأن تكون معاقبا عليها بمقتضى قانون الدولة طالبة التسليم.
6
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
وقد تكون شروط تسليم المجرمين متعلقة باالختصاص وقد تكون متعلقة بالجريمة المطلوب
8
التسليم من أجلها أو تتعلق بشخص المجرم.
يعتبر شرط االختصاص من الشروط الرئيسية الواجب توفرها عند تقديم طلب تسليم المجرمين،
والمقصود هنا أن تكون المحاكم العادية للدولة الطالبة مختصة قضائيا في محاكمة الشخص
المطلوب تسليمه.
إال أن شرط االختصاص هذا قد يثير بعض الصعوبات عند تنازع االختصاص القضائي ،حيث
تكون الجريمة موضوع التسليم خاضعة لالختصاص القضائي للدولتين الطالبة والمطلوب منها
في حالة ارتكاب الجريمة في إقليم الدولة طالبة التسليم من طرف أحد رعاياها أو من طرف
شخص أجنبي ،مما يجعل قضاءها مختصا للبت فيها ،كما يتحقق اختصاص الدولة طالبة التسليم
عندما تكون كذلك الجريمة المطلوب من أجلها التسليم قد ارتكبت بإقليم الدولة الطالبة من طرف
شخص أجنبي غير مغربي ،أي ال يحمل ال جنسية الدولة المطلوبة وال جنسية الدولة الطالبة.
وحيث أن القضاء المغربي غير مختص للبت في الجريمة المرتكبة ألنها ال تخضع لالختصاص
اإلقليمي المنصوص عليه في الفصل 10من القانون الجنائي ،9وال لالختصاص العيني ألنها
7
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة 711من ق.م.ج ،وال لالختصاص الشخصي ألن
وتبعا لذلك ،فإنه إذا كان االختصاص القضائي يرجع لمحاكم الدولة طالبة التسليم فقط ،فال مانع
من االستجابة للطلب وتسليم الشخص المطلوب كلما توفرت باقي الشروط القانونية الموجبة
للتسليم ،وهذا ما سار عليه المشرع المغربي في الفقرة 2من المادة 718من ق.م.ج التي نصت
ع لى أن التسليم ال يقبل إال إذا كانت الجريمة التي يستند إليها الطلب قد ارتكبت إما بأرض الدولة
وفي حالة ارتكاب الجريمة خارج إقليم الدولة طالبة التسليم ،أدخل المشرع المغربي استثناءات
على مبدأ إقليمية القانون الجنائي حيث منح للقضاء الوطني االختصاص للبت في كل فعل له
وصف جناية أو جنحة ارتكب خارج المملكة وفقا للشروط الواردة في المادتين 707و 708من
ق.م.ج ،كما منح االختصاص للمحاكم المغربية للبت في الجنايات المرتكبة خارج إقليم المملكة
باإلضافة الى ذلك فإن القضاء المغربي بموجب المادة 711من ق.م.ج مختص للنظر عن جنسية
مرتكبها سواء كان مغربيا أو كان أجنبيا ،إذا تعلق األمر بجرائم أمن الدولة أو جرائم تزييف
أختام الدولة أو تزييف أو تزوير النقود أو األوراق البنكية الوطنية المتداولة بالمغرب بصفة
قانونية ،أو تعلق األمر بجناية ضد أعوان البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو المكاتب العمومية
المغربية.
8
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
كما تتجلى الشروط المتعلقة بالجريمة في ازدواجية التجريم وخطورة الجريمة المرتكبة وسير
الدعوى العمومية.
أكد المشرع المغربي على أال يتم التسليم إال إذا بلغت خطورة الجريمة حدا أدنى ،وأن تكون
الوقائع المتابع من أجلها تحمل وصف جناية أو جنحة شريطة أن يكون الحد األقصى للعقوبة
المقررة لهذه األخيرة يقل عن سنة واحدة كما يتبين من خالل المادة 720من ق.م.ج ،مما يستنتج
م نه أن المشرع المغربي ال يجيز التسليم إذا كانت الجريمة توصف بكونها مخالفة.
ويتمثل شرط ازدواجية التجريم في أن الفعل موضوع طلب التسليم يشكل جريمة في تشريعي
الدولة الطالبة والدولة المطلوب منها التسليم ،فإذا لم يتحقق هذا الشرط فإنه يتم رفض الطلب،
حسب مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 720من ق.م.ج ،باإلضافة الى جميع االتفاقيات التي
والبد من اإلشارة لالستثناءات الواردة على نوعية الجرائم المرتكبة ،بحيث أنه ال يجوز التسليم
بالجرائم السياسية والجرائم العسكرية والجرائم العادية المطلوب فيها التسليم العتبارات تمييزية.
9
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
يحمل جنسية الدولة المطلوب منها التسليم ومن يحمل جنسية الدولة طالبة التسليم والبعض اآلخر
من رعايا دول أخرى ،وقد يكون بعضهم يحمل جنسيات متعددة أو ال يحمل جنسية بلد معين.
ونظرا لهذا التعدد واالختالف في الجنسية ،فإن التساؤل المطروح حول مدى تأثير جنسية
ففي ظل التشريع المغربي ال يمكن االستجابة لطلب التسليم إذا كان الشخص المطلوب تسليمه
يحمل الجنسية المغربية .حيث تنص المادة 718من ق.م.ج على أن مسطرة التسليم تخول لدولة
أجنبية ،الحصول من الدولة المغربية على تسليم المتهم أو المحكوم عليه غير المغربي ،وتنص
المادة 721من نفس القانون على أنه " :ال يوافق على التسليم إذا كان الشخص المطلوب مواطنا
10
مغربيا ،ويعتد بهذه الصفة في وقت ارتكاب الجريمة المطلوب من أجلها التسليم.
سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين ،سنتناول في الفقرة األولى اإلجراءات اإلدارية لتسليم
10
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
حدد قانون المسطرة الجنائية أول ما تبدأ به إجراءات تسليم المجرمين ،وهو طلب التسليم
الذي تقدمه الدولة الطالبة ،وقد اشترط فيه المشرع أن يكون هذا الطلب كتابة وبالطريق
الدبلوماسي ، 11لكن المالحظ أن المشرع قد اشترط أن يكون الطلب مكتوبا في حين أنه لم يحدد
المعلومات الواجب توفرها فيه ،إال أنه في حالة ما إذا حددت إتفاقية دولية مبرمة فيما يخص
التعاون القضائي الدولي مضمونه فإنه تعطى األولوية لالتفاقية الدولية وهذا ما يظهر من خالل
يضاف إلى ذلك أن المشرع لم يحدد اللغة التي يجب أن يحرر بها هذا الطلب .غير أنه
جرت العادة على أن يتم تحرير طلب التسليم بلغة الدولة الطالبة ويترجم إلى لغة الدولة المطلوبة
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 726من قانون المسطرة الجنائية على أنه " يجب أن
يرفق الطلب:
-1باألصل أو النظير إما لحكم بعقوبة قابلة للتنفيذ ،وإما ألمر بإلقاء القبض أو لكل
سند إجرائي آخر قابل للتنفيذ وصادر عن سلطة قضائية وفق الكيفيات المقررة في
11المادة 726من ق م ج
12الدليل العلمي المسطرة تسليم المجرمين ،ص .59
11
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
-2بملخص لألفعال التي طلب من أجلها التسليم ،وكذا تاريخ ومحل ارتكابها ،وتكييفها
القانوني ،وتضاف إليه في نفس الوقت نسخة من النصوص القانونية المطبقة على
الفعل الجرمي؛
-3بيان دقيق حسب اإلمكان ألوصاف الشخص المطلوب تسليمه وبجميع المعلومات
من خالل المادة المذكورة يتضح أنه ال يكفي طلب التسليم فقط بل يجب ارفاقه بالمرفقات المذكورة
أعاله ،ألنها تساعد في تسليم وذلك من خالل تحديد هوية الشخص المطلوب تسليمه من خالل
ذكر أوصافه أو ارسال صور فوتوغرافية له ،كما توضح األفعال المنسوبة والعقوبات من خالل
تح ديد النصوص القانونية المطبقة على األفعال التي أتاها الشخص المطلوب.
يضاف إلى ذلك التعهد بااللتزام بمقتضيات المادة 623من قانون المسطرة الجنائية والتي
-عدم متابعة الشخص المسلم أو الحكم عليه أو اعتقاله أو اخضاعه ألي إجراء أخر
مقيد لحريته الشخصية ،من أجل أي كيفما كان سابق لتاريخ التسليم ،غير الفعل الذي
سلم ألجله؛
-إذا وقع تغيير في تكييف الفعل الجرمي وكانت العناصر المكونة للجريمة بوصفها
12
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
لكن تجدر اإلشارة إلى أنه في حالة ما إذا تبين أن المعلومات المقدمة من الدولة الطالبة
غير كافية لتمكين السلطات المغربية من اتخاد قرار ،فإن هذه السلطات تطلب افادتها بمعلومات
وقد حدد المشرع طريقة تقديم طلب التسليم ،إال أنه ميز بين تقديمه في الحالة العادية
في الحالة األولى يتم تقديم الطلب بالطريقة الدبلوماسية ،14حيث يتم إرسال الطلب من
طرف سلطات الدولة األجنبية إلى وزارة الخارجية التي توجهه بدورها بعد االطالع على
مستنداته إلى وزير العدل ،الذي يتأكد بدوره من صحة الطلب ويتخذ في شأنه ما يلزم قانون.15
أما في الحالة الثانية التي يتوفر فيها عنصر االستعجال فإن تقديم طلب التسليم بالطريقة
الدبلوماسية يكون غير دي جدوى نظرا ألنها تتم عبر إجراءات طويلة تأخذ الكثير من الوقت
وعليه فقد حدد المشرع طريقة أخرى لتقديم الطلب في حالة االستعجال ،وهي عبر البريد
المضمون أو بأي وسيلة من وسائل اإلتصال األكثر سرعة التي تترك أثرا كتابيا أو ماديا على
وجود احدى الوثائق المبينة في الفقرة البند رقم 1من المادة 726من قانون المسطرة الجنائية،
وعل يه بمفهوم المخالفة يستثنى من هذا الطلبات الشفوية التي قد تكون عبر الهاتف وال تخلف أثرا
13
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
كتابيا ،إال أنه يجب أن يرسل في نفس الوقت بالطريق الدبلوماسي طلب رسمي إلى وزير الشؤون
الخارجية.16
وبعد توصل وكيل الملك بهذا االشعار فإنه يأمر باعتقال الشخص المطلوب مؤقتا ،مع
إشعار كل من وزير العدل والوكيل العام لدى محكمة النقض بإجراء االعتقال ،الذي يتم في أقرب
بعد اكتمال االجراءات االدارية للتسليم ،يأتي دور االجراءات القضائية ،حيث أنه عند
توصل وزير العدل بطلب التسليم وتأكده من أن المعلومات المقدمة من طرف الدولة الطالبة
للتسليم كافية ،بوجه الطلب ومرفقاته إلى النيابة العامة لدى المحكمة االبتدائية التي يكون في دائرة
نفوذها الشخص المطلوب 18،على اعتبار أن هذه المسألة من اختصاص وكالء الملك لدى المحاكم
االبتدائية بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 40من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه "
...يحق لوكيل الملك ،لضرورة تطبيق مسطرة تسليم المجرمين ،اصدار أوامر دولية بالبحث
وإلقاء القبض."...
14
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
فور توصل وكيل الملك بالطلب ومرفقاته بإجراء االعتقال ،ويجب أن يتم استجواب هذا
الشخص داخل أجل 24ساعة من االعتقال إما من طرف وكيل الملك أو أحد نوابه حول هويته،
كما يخبره بمضمون السند الذي اعتقل بسببه ،ثم يحرر محضرا بهذه العملية.19
وبعد ذلك يتم نقل الشخص المعتقل إلى المؤسسة السجنية الواقعة بمقر محكمة النقض،20
كما يوجه وكيل الملك فورا الطلب والمستندات المدار بها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة
يمثل الشخص المعتقل أما الغرفة الجنائية بمحكمة النقض ،التي تبت في طلب التسليم
بقرار معلل داخل أجل 5أيام من إحالته إليها ،بناء على تقرير أحد المستشارين وبعد إدالء النيابة
العامة بمستنتجاتها واالستماع إلى الشخص المعني الذي يمكن أن يؤازره محامي ،كما أنه إذا
ا قتضت الضرورة فإنه يمكن للغرفة الجنائية أن تقوم بإجراء تحقيق تكميلي.22
وعندما تبت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في طلب التسليم فإنها تصدر مقررا إما
ففي الحالة األولى عندما ترى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض أن الطلب قد استوفى جميع
شروطه القانونية ،فإنه يوجه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض الملف مع نسخة من قرار
الموافقة خالل 8أيام إلى وزير العدل ،الذي يقترح بدوره على رئيس الحكومة إمضاء مرسوم
15
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
اإلذن بالتسليم ،ويتم توجيه هذا األخير إلى وزير الشؤون الخارجية قصد تبليغه إلى الممثل
الدبلوماسي للدولة طالبة التسليم وإلى وزير الداخلية قصد تبلغيه إلى الشخص المعني قصد
تنفيذه .23وبالتالي يجب على الدولة طالبة التسليم أن المبادرات الالزمة من أجل تسلم الشخص
المطلوب بواسطة أعوانها .أما إذا لم تبدي أي مبادرة بذلك أو لم تعطي مبررات كافية عن
تأخرها ،فإنه يتم االفراج عن الشخص داخل أجل شهر من تاريخ تبليغ مرسوم التسليم إليها عن
أما في الحالة الثانية عندما ترى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض على أن الشروط القانونية
لم تستوفى أو أنه هناك خطأ بينا ،يعتبر رأيها بعدم الموافقة نهائيا ،وال يمكن الموافقة على التسليم،
كما يتم االفراج على الشخص المطلوب ،ويوجه الملف وكذا نسخة من القرار خالل ثمانية أيام
من يوم النطق به إلى وزير العدل وذلك من أجل تبليغ الدولة الطالبة للتسليم.25
وقد يصرح الشخص المعتقل أثناء مثوله أمام الغرفة الجنائية بمحكمة النقض أنه قبل
صراحة ،أن يسلم إلى سلطات الدولة الطالبة للتسليم ،فإن محكمة النقض تشهد عليه بذلك ،وتوجه
نسخة من هذا القرار إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض الذي يحيلها على وزير العدل،26
23وزارة العدل ،الدليل العلمي لشرح قانون المسطرة الجنائية ،م س ،ص 178
24الفقرة الثانية من المادة 737من ق م ج.
25المادة :736من ق م ج.
26المادة 735من ق م ج.
16
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
ويمكن تمديد قرار التسليم ليشمل جرائم أخرى سابقة عن التسليم غير التي استند إليها
طلب التسليم ،وذلك بموافقة السلطات المغربية شرط أن تخرج هذه الجرائم من نطاق المادة 720
من قانون المسطرة الجنائية مالم تكن تدخل ضمن الجرائم المنصوص عليها في المادة 721من
نفس القانون ، 27كما يشترط أن يرفق طلب تمديد مفعول التسليم بالمستندات المبررة له
والمنصوص عليها في المادة 726من قانون المسطرة الجنائية ،ومحضر يشتمل على تصريحات
الشخص المسلم ويتضمن مالحظاته أو يسجل عدم وجود أي اعتراض يتمسك به هذا الشخص
ويتم توجيه هذا الملف إلى محكمة النقض التي تبت في الطلب طبقا للشروط النصوص
عليها في المواد 736و 29738من قانون المسطرة الجنائية ،مراعية ما ابداه الشخص المطلوب
تسليمه من اعتراضات ،ويمكن أن تتم هذه البيانات باالستماع إلى محام يختاره الشخص أو يعين
30
له بطلب منه.
سيتم دراسة هذا المبحث من خالل تقسيمه الى مطلبين ،االول سيتناول االنابة القضائية الدولية
(المطلب االول) ،والثاني سنخصصه لالعتراف بالحكم الزجري األجنبي (المطلب الثاني).
17
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
بين أقاليم متعددة ،األمر الذي طرح صعوبات في تحصيل أدلة إلثباتها ،هذه الوضعية فرضت
ضرورة إيجاد آلية تترجم رغبة الدول في محاربة الجريمة تتمثل في اإلنابة القضائية الدولية،
التي تمكن القضاء الوطني من إنجاز إجراءات البحث و التحقيق الالزمة على إقليم دولة أجنبية،
مع مراعاة حقوق و حريات اإلنسان ،و ذلك باالستعانة بسلطات هذا األخيرة كلما استدعت
سنحاول من خالل هذا المطلب دراسة األحكام العامة لإلنابة القضائية الدولية (الفقرة االولى)،
على ان نمر بعد ذلك إلى دراسة اجراءات االنابة القضائية (الفقرة الثانية).
إحدى آليات التعاون القضائي على المستوى الدولي ،التي تلجأ إليها الهيئات القضائية من أجل
جمع األدلة من الخارج ،و التي ليس بمقدورها القيام بها في نطاق اختصاصها.
بتعبير آخر ،فإن اإلنابة القضائية الدولية يمكن تعريفها بكونها « :وسيلة تطلب بواسطتها سلطة
قضائية لدولة ما من سلطة قضائية أجنبية القيام ببعض التحريات أو اإلجراءات التي لم تتمكن
من القيام بها بنفسها ،سواء كان ذلك من طرف النيابة العامة خالل مرحلة البحث التمهيدي أو
18
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
قاضي التحقيق خالل مرحلة التحقيق اإلعدادي أو من طرف المحكمة عند إجراء تحقيق
31
تكميلي ».
و تستمد اإلنابة القضائية الدولية مصدرها من القوانين الوطنية و االتفاقيات الدولية سواءا ثنائية
أو جماعية ،فبالنسبة لإلنابة القضائية الدولية بمقتضى قانون المسطرة الجنائية فقد نظمها المشرع
المغربي بمقتضى المادتين 714و 715من الباب الثاني من قانون المسطرة الجنائية في القسم
الثالث المتعلق بالعالقات القضائية مع الدول األجنبية ،غير أن مقتضيات هذا القانون ال تطبق إال
في حالة عدم وجود اتفاقيات أو في حالة خلو تلك االتفاقيات من األحكام الواجبة التطبيق.
أما بالنسبة لإلنابة القضائية المنظمة بمقتضى االتفاقيات الدولية ،حيث تستمد اإلنابة القضائية
كنظام قانوني أساسها من التعاون بين الدول بوصفها نوعا من التعاون القضائي تفرضه طبيعة
العالقات الخاصة الدولية .و يتجلى هذا التعاون من خالل االتفاقيات ثنائية أو متعددة األطراف،
غير أن أحكامها تحيل في تطبيقها إلى القانون الداخلي للدولة المطلوب منها تنفيذ اإلنابة القضائية.
حيث ال يجوز أن يجري تنفيذها وفق األحكام المنصوص عليها في تشريعات الدولة التي وجهت
اإلنابة مع مراعاة انسجامها مع قانون الدولة المطلوب منها ،و كذلك احتراما لسيادة الدولة و
و في هذا السياق ،فإن المغرب أبرم عدة اتفاقيات في إطار التعاون القضائي في المجال الجنائي،
نذكر منها :االتفاقية المغربية األمريكية ،والتي ترمي إلى التعاون المتبادل لتنفيذ طلبات البحث
-31شرح قانون المسطرة الجنائية :منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية ،سلسلة المعلومة للجميع
،الجزء الثالث ،وزارة العدل المملكة المغربية ،مطبعة إليت ،الرباط ،العدد ،17مارس ،2008ص : 130 .
19
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
و اإلجراءات القضائية و االستماع إلى الشهود و التبليغات حسب الفصل األول من هذه االتفاقية
إلى جانب إجراءات أخرى متعلقة بهذا الشأن .و باإلضافة إلى هاته االتفاقية ،نجد االتفاقية
المغربية اإليطالية بشأن التعاون القضائي المتبادل و تنفيذ األحكام القضائية و تسليم المجرمين
،و غيرها من االتفاقيات التي يكون المغرب طرفا فيها كما هو الحال بالنسبة لالتفاقية المبرمة
32
مع السينغال بشأن التعاون القضائي و تنفيذ األحكام و تسليم المجرمين.
و التحقيق التي تقوم بها سلطة قضائية لدولة ما بإنجازها فوق ترابها الوطني لفائدة سلطة قضائية
وبالتالي ،فإنه يترتب عن موافقة وقبول الدولة المطلوب منها تنفيذ طلب اإلنابة مجموعة من
إن طرق تبليغ االنابة القضائية الدولية نظمها المشرع المغربي في ق.م.ج بموجب المادة 715
في فقرتها الثانية التي نصت على أنه توجه هذه اإلنابات إلى وزير العدل قصد تبليغها بالطرق
الدبلوماسية ،ما لم توجد اتفاقية تقضي بخالف ذلك أو في حالة االستعجال ،حيث يمكن توجيهها
مباشرة للجهة المختصة بتنفيذها ،و في هذه الحالة توجه نسخة من اإلنابة القضائية و الوثائق في
20
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
إن مسطرة تنفيذ اإلنابة القضائية الدولية يقتضي مراعاة مجموعة من اإلجراءات المتعلقة بأعمال
البحث والتحقيق التي تقوم بها سلطة قضائية لدولة ما بإنجازها فوق ترابها الوطني لفائدة سلطة
قضائية تابعة لدولة أخرى .وعليه ،فإن تنفيذ اإلنابة القضائية يخضع للقانون الداخلي لكل بلد مع
مراعاة االتفاقيات والمعاهدات الدولية المبرمة في هذا الشأن ،سواء كانت دولية أو ثنائية أو
إقليمية.
األصل أن الحكم القضائي ال يكون قابال للتنفيذ إال داخل الدولة التي صادر الحكم أو القرار
من محاكمها تطبيقا لمبدأ السيادة واالستقالل .لكنه وفي ظل التوسع العالمي الذي نعيشه حاليا ً
ونظرا ً للعالقات المختلفة التي تربط االفراد ببعضهم من مختلف الدول وتضخم معدل الهجرة
بفعل مجموعة من االسباب االقتصادية والسياسية ،أصبح من الضروري قبول االحكام االجنبية
في ظل تدخل العالقات بين األفراد والمجتمعات وتطور اإلجرام الدولي ،وقد عملت الدول على
وضع مجموعة من الضوابط كإبرام اتفاقيات تسمح بموجبها لألطراف بتنفيذ الحكم الصادر في
فالحكم االجنبي هو حكم قضائي يحتوي على سند تنفيذي يصدر من قانون دولة معينة غير
البلد الذي سوف ينفذ فيه ،ولكن يكون محل تنفيذه هو دولة اخرى مختلفة عن الدولة التي صدر
عنها الحكم ،وال بد لكي ينفذ أن يمر بعدة مراحل وإجراءات لكي ينفذ بنفس طريقة تنفيذ االحكام
21
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
بنا ًء على ذلك ،لجأ المشرع المغربي إلى إمكانية تنفيذ األحكام القضائية األجنبية في المغرب
لكن مع ضرورة إخضاعها لرقابة القضاء المغربي ،فهذا األخير لم يعاملها معاملة احكام المحاكم
المغربية ولم ينكر وجودها ،بل توسط في تشريعه ،حيث أنه ال يجوز تنفيذ االحكام االجنبية إال
إذا كانت مقترنة بالصيغة التنفيذية 33في إطار الشروط المدونة في قانون المسطرة الجنائية .وذلك
وفق شروط خاصة (الفقرة األولى) ،وبإتباع مسطرة االعتراف بالحكم األجنبي (الفقرة الثانية).
أبرم المغرب عددا كبير من االتفاقيات الدولية مع الدول األجنبية ،لتنفيذ االحكام الصادرة عن
المحاكم األجنبية ،وعليه أقر المشرع المغربي على ضرورة توفر الحكم الجنائي األجنبي على
مجموعة من الشروط وذلك طبقا لمقتضيات الباب الثالث المتعلق باالعتراف ببعض األحكام
الزجرية األجنبية.
طبقا لمقتضيات المادة 716من ق.م.ج يجب على المحكمة الزجرية التأكد من صحة الحكم
الزجري األجنبي ،إذ يجب أال يكون الحكم األجنبي مخالف للنظام العام في المغرب ،وفي حالة
كان الحكم األجنبي مخالفا للنظام العام فيجب على المحكمة أن تصرح في حكمها عن مكمن
22
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
وأيضا التأكد من أن الحكم قد صدر صحيحا من الناحية الشكلية والموضوعية ،رغم اختالف
بعض الفقه في تحديد صحة الحكم بين من يقتصر على الجانب الشكلي فقد ،وبين من يؤكد على
فاالتجاه األول يرى أن صحة الحكم تعني أن تكون المحكمة األجنبية قد طبقت المسطرة تطبيقا
صحيحا ،وقواعد المسطرة هنا هي مسطرة قانون القاضي ،وما على القاضي المغربي إال أن
يبحث عما إذا كانت قواعد المسطرة قد طبقت بكيفية سليمة من عدمه.34
واالتجاه الثاني يرى أن صحة الحكم يعني أن يكون صحيحا شكال وجوهرا ،أي أن يكون
األطراف كاملي األهلية ووجوب احترام حق الدفاع من خالل استدعاء األطراف بصفة قانونية
والتبليغ وفق القواعد التي ينص عليها قانون مسطرة البلد الذي صدر الحكم األجنبي فيه.35
هذا الشرط يمنح للحكم األجنبي حجية أمام القضاء الوطني ،حيث يمكن ألي محكمة زجرية
أن تأخذ بالحكم األجنبي كعنصر من عناصر العود إلى الجريمة انطالقا من نص المادة 716
من ق.م.ج .وذلك إذا تبين لها بعد االطالع على السجل العدلي لمرتكب الجريمة أنه حكم على
جناية أ و جنحة من طرف دولة أجنبية يعاقب عليها القانون األجنبي كذلك.
ومن أجل االطالع على السجل العدلي الخاص بمرتكب الجريمة بالخارج ،عمل المغرب
على إبرام مجموعة من االتفاقيات الثنائية والمعاهدات ،حيث نصت من خاللها على األليات التي
-34موسى عبود ،الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي ،الطبعة األولى ،1994 ،ص.337
-35محمد بحماني ،تنفيذ األحكام األجنبية بالمغرب ،مجلة القضاء والقانون ،العدد ،148ص.124
23
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
تتيح تبادل المعلومات بين الدول في هذا الشأن ،36كاتفاقية التعاون القضائي االسباني الموقعة
انطالقا من مقتضيات المادة 717من ق.م.ج التي تنص على ضرورة إعطاء الصيغة التنفيذية
لألحكام الزجرية األجنبية بمقتضى مقرر يصدر من محكمة مدنية مغربية وذلك تطبيقا لمقتضيات
فقد نظم المشرع المغربي شروط تذييل الحكم األجنبي بقواعد ضمن قانون المسطرة المدنية
أوال :تقديم طلب دعوى تذييل الحكم األجنبي بحيث يجب أن يقدم الطلب إلى المحكمة االبتدائية
لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما ،مع أداء الرسوم القضائية
ثانيا :إرفاق المقال بنسخة رسمية من الحكم اي ضرورة تقديم نسخة من الحكم األجنبي ،ويجب
أن يكون الحكم صادر من محكمة لها سلطة الفصل في النزاع ،وأن يكون أيضا هذا الحكم حامال
لتأشيرة إدارية مالم تكون هناك اتفاقية دولية تقضي بخالف ذلك .37وتعد هذه التأشيرة االدارية
وسيلة للتأكد من صحة مصدر الحكم األجنبي ،وأن يحمل أيضا هذا الحكم تصديقا من وزارة
-36نوال أفقير ،تذييل األحكام األجنبية وأثرها في منع االختصاص ،مقال منشور بمجلة العلوم القانونية ،2012 ،ص.17
-37اتفاقية التعاون القضائي في مجال األحوال الشخصية وحالة األشخاص الموقعة بالقاهرة في 27ماي .1998
24
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
ثالثا :االدالء بأصل التبليغ أو كل وثيقة أخرى تقوم مقامه ويجب أن يتم إثبات أن التبليغ كان
صحيحا وفق القواعد القانونية المنصوص عليها ،وذلك بهدف التأكد باحترام حقوق الدفاع من
رابعا :شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض واالستئناف والطعن بالنقض ويقصد
بهذا اإلجراء أن الحكم األجنبي قد استنفذ جميع طرق الطعن العادية وغير العادية ،إلى أن وصل
مرحلة التنفيذ.
خامسا :ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند االقتضاء للمستندات وغالبا ما تكون األحكام األجنبية
صادرة عن المحاكم األوربية أو األمريكية ،بلغة غير العربية ،مما يلزم ترجمتها عن طريق
ترجمان محلف.
25
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
خـــــاتــــــــــمــــــــــة:
لقد أفرز التطور الذي عرفه أمن الدول كثيرا من التهديدات الشديدة الخطورة على كيانها
وأنظمتها الداخلية من جهة ،وعلى حياة األفراد من جهة ثانية ،نتيجة انتشار الظواهر االجرامية
العابرة لحدود الدول ،مما حتم على الدول صياغة اليات للتعاون القضائي بينها ،من أجل متابعة
الجريمة ومالحقة الجناة خارج الحدود الوطنية ،والخروج من المكافحة الوطنية إلى المكافحة
الدولية للجريمة ،فمهما كانت إمكانيات الدول وأجهزتها األمنية كبيرة فهي غير قادرة على مكافحة
ولتجاوز هذه الوضعية كان لزاما على الدول إبرام اتفاقيات جماعية وثنائية بينها بموجبها
يتم تفعيل آليات التنسيق والتعاون القضائي لمكافحة الجرائم الدولية ،ومنها ألية تسليم المجرمين
والتي تعتبر من بين أهم آليات التعاون القضائي إذ بموجبها تقوم إحدى الدول بتسليم شخص
موجود في إقليمها إلى دولة أخرى لمحاكمته عن جريمة متهم بها ،أو لتنفيذ حكم صادر عليه من
إحدى محاكمها العادية ،كما تعد االنابات القضائية وجها من وجوه التعاون القضائي الدولي لتوفير
فضاء لقضاة الدول للبحث والتحقق في الجرائم المرتكبة ،وبعد صدور الحكم تعتمد الدول صيغة
وبالرغم من كل هذه اإلجراءات كان لزاما على الدول أن تطور من آليات التعاون القضائي
على المستوى الدولي نظرا للتطور الحاصل على المستوى التكنولوجي ،والذي تستغله المنظمات
االجرامية التي تطور من أنشطتها االجرامية ،كي يكون على مستوى هذا التحول في األنشطة
26
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
الئــــــحـــــة الـــمـــراجـــــع:
➢ النصوص القانونية:
قانون المسطرة الجنائية
الكتب: ➢
وزارة العدل ،الدليل العملي لشرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثالث تنفيذ المقررات والسجل
العدلي ورد االعتبار االختصاص المتعلق بالجرائم المرتكبة بالخارج التعاون القضائي الدولي،
منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدالئل ،العدد ،8يونيو
.2007
موسى عبود ،الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي ،الطبعة األولى.1994 ،
المقاالت: ➢
محمد بحماني ،تنفيذ األحكام األجنبية بالمغرب ،مجلة القضاء والقانون ،العدد.148
نوال أفقير ،تذييل األحكام األجنبية بالمغرب واثرها في منع االختصاص ،مجلة العلوم القضائية،
.2012
االتفاقيات الثنائية في الميدان القضائي ،بين المملكة المغربية وباقي دول العالم" ،إصدارات مركز
الدراسات واألبحاث الجنائية بمديرية الشؤون الجنائية والعفو ،سلسلة اتفاقيات -يناير .2013
27
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
➢ المواقع االلكترونية:
اإلنسانيhttps://ar.guide-humanitarian-، للقانون العملي القاموس
law.org/content/article/5/t-wn
28
الـــــتـــــبـــادل الـــقــــضـــــــائـــــي الــــجــــنـــائــــي الـــدولـــــــي
الـــــفــــــهـــــــرس:
مـــــــــــقــــدمــــة1................................................................................. :
المبحث األول :مسطرة تسليم المجرمين 4.........................................................
المطلب األول :ماهية مسطرة تسليم المجرمين 4................................................
الفقرة األولى :مفهوم التسليم 4................................................................
الفقرة الثانية :شروط التسليم 6................................................................
الشروط المتعلقة باالختصاص7............................................................ :
الشروط المتعلقة بالجريمة9................................................................ :
الشروط المتعلقة بالمجرم10............................................................... :
المطلب الثاني :إجراءات تسليم المجرمين 10...................................................
الفقرة األولى :اإلجراءات اإلدارية لتسليم المجرمين 11.....................................
الفقرة الثانية :اإلجراءات القضائية لتسليم المجرمين 14....................................
المبحث الثاني :اإلنابة القضائية الدولية واالعتراف بالحكم الزجري األجنبي 17................
المطلب االول :االنابة القضائية الدولية 18......................................................
الفقرة االولى :االحكام العامة لإلنابة القضائية الدولية 18...................................
الفقرة الثانية :إجراءات االنابة القضائية الدولية 20.........................................
المطلب الثاني :االعتراف بالحكم الزجري 21...................................................
الفقرة األولى :شروط تنفيذ الحكم الزجري 22................................................
أوال :التحقق من صحة الحكم األجنبي 22...................................................
ثانيا :اعتبار الحكم األجنبي من عناصر العود 23..........................................
الفقرة الثانية :مسطرة تنفيذ الحكم الزجري األجنبي 24......................................
خـــــاتــــــــــمــــــــــة26.......................................................................... :
الئــــــحـــــة الـــمـــراجـــــع27................................................................... :
الـــــفــــــهـــــــرس29............................................................................. :
29