Professional Documents
Culture Documents
wwwalmaareforg
1
مدخل �إىل علم الأ�صول
الفهر�س 5......................................................................................
المقدّمة 9......................................................................................
الدر�س الأول
ما هو علم الأ�صول؟ 13.......................................................................
تعريف علم الأ�صول15..............................................................
الخا�صة والم�شتركة 16....................................................
ّ العنا�صر
الدر�س الثاني
علم الأ�صول 21................................................................................
5 -1مو�ضوع علم الأ�صول 23.........................................................
� -2أهميّة علم الأ�صول وفائدته 24..................................................
-3الأ�صول والفقه النظريّة والتطبيق25............................................
الدر�س الثالث
م�صادر الت�شريع (البيان ال�شرعي والإجماعي) 29..........................................
و�سائل الإثبات �أو م�صادر الت�شريع 31...............................................
الخالف في ال�سنّة 33...............................................................
الإجماع 34..........................................................................
الدر�س الرابع
م�صادر الت�شريع (الإدراك العقلي) 39.......................................................
الدر�س الخام�س
الإجتهاد ومدر�سة الر�أي47...................................................................
مدر�سة الر�أي 50....................................................................
�أ -المعنى الأوّل لالجتهاد 51.......................................................
موقف مدر�سة �أهل البيت 52............................................... R
الدر�س ال�ساد�س
الإجتهاد الجديد والحركة الإخباريـ ّة 57....................................................
الحركة الأخباريّة 59................................................................
�أهم �آراء الأَخباريّين 61.............................................................
6
ب -المعنى الجديد لالجتهاد 62...................................................
الفرق الجوهريّ بين الم�صطلحين64...............................................
ج -الم�صطلح الأخير لالجتهاد 65.................................................
الدر�س ال�سابع
المدار�س الأ�صوليـّـة (69...................................................................)1
القر�آن والعترة 71...................................................................
المدر�سة الأولى 72.................................................................
المدر�سة الثانية 75.................................................................
الدر�س الثامن
المدار�س الأ�صوليـ ّة(83....................................................................)2
مدخل �إىل علم الأ�صول
8
المقدّمة
م���ا زالت العلوم الإ�سالميّ���ة تحافظ على �أ�صالتها وحيويّته���ا ،رغم التحديّات
الع�صريّ���ة الكبيرة ،ورغم التطوّر العلميّ الهائل ال���ذي �شهده القرن الأخير ،وما
زال ط�ل�اب العل���وم الإ�سالميّة ي�سعون لدرا�سة الفك���ر الإ�سالميّ ،وهم محتاجون
ف���ي فهم ال�شريعة ،وفهم الق���ر�آن الكريم ،وفهم الت���راث الإ�سالميّ �إلى عددٍ من
العل���وم الإ�سالميّة ،ممّا ي�ستدعي �أن يبذلوا ق�ص���ارى جهدهم ،و�أن يم�ضوا �سنين ًا
من حياتهم في �سبيل هذا الهدف.
وبع���د ات�س���اع نطاق هذه العلوم وت�شعّبها �أ�صبح من ال�ض���روريّ ج ّد ًا وجود ما يقدّم
لمح ًة عن العلوم الإ�سالميّة ،بذكر مقدّمات ك ّل علم ،وفترة و�أ�سباب ن�شوئه ،وتطوّره،
والأ�سل���وب المتّبع في���ه ،و�أهمّ �أبحاثه وكتب���ه والعلماء الم�ؤ�سّ �سين ل���ه ،ومدى الحاجة
�إلي���ه واال�ستف���ادة منه ،وقد ا�صطلح على هذا النحو م���ن المعرفة ا�سم مداخل العلوم
9 الإ�سالميّة.
وبعد �أن ر�أى مركز نون الحاجة �إلى كتابة كتاب م�ستقلٍّ لمداخل العلوم ،قام بتدوين
مدخلٍ لكلٍّ من الفل�سفة والفقه والأ�صول والكالم الإ�سالميّ ،ويعمل على كتابة مدخل
�إل����ى العرفان وغي����ره من مداخل العلوم معتم����د ًا على عددٍ من الم�ص����ادر والمراجع
��ل�ا المولى �أن يكون قد ملأ فراغ���� ًا في مجال المعارف،
المخت�ص����ة في مجالها� ،سائ ً
ّ
راجي ًا من اهلل �أن يلقى قبو ًال لدى طالب المعرفة والحوزات والمعاهد الإ�سالميّة.
�إنّه نِعم المولى ونِعم المجيب.
مركز نون للت�أليف والترجمة
10
سلسلة
مداخل العلوم اإلسالمية
مدخل �إىل علم الأ�صول
مدخل
إلى علم األصول
11
�سا�سلة مداخل العلوم
12
الدرس األوّل
أهداف الدرس
الخاص���ة والعناص���ر
ّ 2 .2أن يميّ���ز بي���ن العناص���ر
المشتركة.
13
�سا�سلة مداخل العلوم
14
(((
تعريف علم األصول
قب���ل ذك���ر التعريف نطرح بع����ض الأ�سئلة ،لن���رى كيف يقوم الفقي���ه بالإجابة
عليه���ا ،وكيف يمار�س عملية ا�ستخراج الحكم ال�شرع���يّ ،ويحدّد الموقف العمليّ
مدخل �إىل علم الأ�صول
((( اعتمدنا في (تعريف علم الأ�صول ،ومو�ضوعه وغايته) على كتاب الحلقة الأولى لل�شهيد ال�سيّد محمد باقر ال�صدر،M
مع مالحظة بع�ض الت�صرّفات والتعديالت.
((( الكلين���ي( :ت 329 :ه���ـ) :الكافي /ت�صحيح وتعليق :علي �أكبر الغفاري ،دار الكت���ب الإ�سالميّة ،طهران ـ �إيران ،ط .الثالثة
1363هـ �ش .باب� :إنّ المحرم ال يرتم�س في الماء ،الحديث ،2ج � 4ص .353
و�أ ّم���ا ال�س����ؤال الثان���ي :فال يجب �أن ي����ؤدّي خم�س المال الم���وروث؛ وذلك لأنّ
مكاتب���ة عليّ بن مهزيار جاءت في مقام تحديد الأموال التي يجب فيها الخم�س،
وق���د ورد فيه���ا �أنّ الخم�س ثابتٌ «في الميراث الذي ال يحت�س���ب من غير �أب وال
اب���ن»((( .ويفهم الع���رف العام من هذه الجملة� ،أنّ ال�ش���ارع لم يجعل خم�س ًا على
الميراث الذي ينتقل من الأب �إلى ابنه .والراوي ثقةٌ .وخبر الثقة حجّ ٌة كما تقدّم.
واجب.
والنتيجة هي �أنّ الخم�س في �إرث الأب غير ٍ
و�أمّا ال�س�ؤال الثالث :نعم القهقهة مبطل ٌة لل�صالة ،بدليل رواية زرارة عن �أبي
عب���د اهللQحيث قال« :القهقهة ال تنق�ض الو�ض���وء وتنق�ض ال�ص�ل�اة»(((.
الخاصة والمشتركة
ّ العناصر
الخا�ص ،الذي ينبغي
ّ ولكلٍّ من الروايات الثالث متنها وتركيبها اللفظيّ
�أن يُدر�س بدقّة ويح ّدد معناه كذلك ،ولكن مع ذلك التنوّع واالختالفات في
16
خا�ص ٌة وعنا�صر م�شتركةٌ� ،أدخلها الفقيه وا�ستفاد
المواقف يوجد عنا�صر ّ
((( الح ّر العامليّ (ت 1104 :هـ) :و�سائل ال�شيعة /م�ؤ�س�سة �آل البيتRلإحياء التراث ،قم ـ �إيران ،ط .الثانية 1414هـ/
باب :ال�سابع من �أبواب ما يجب فيه الخم�س ،الحديث ،5ج � 9ص .501
((( الكلين���يّ ( :ت 329 :ه���ـ) :الكافي /ت�صحيح وتعليق :علي �أكبر الغفاريّ ،دار الكت���ب الإ�سالميّة ،طهران ـ �إيران ،ط .الثالثة
1363هـ �ش .باب :ما يقطع ال�صالة ،الحديث ،6ج � 3ص .365
منها في عمليّة اال�ستنباط لتحديد الحكم في المواقف الثالثة جميعاً:
الخا�ص���ة :ه���ي تلك العنا�صر الت���ي تتغيّر من م�س�أل��� ٍة �إلى �أخرى؛
ّ فالعنا�ص���ر
خا����ص في عمليّة ا�ستنب���اط حرمة االرتما�س، فرواي���ة يعق���وب بن �شعيب عن�ص ٌر ٌّ
لأ ّنه���ا لم تدخ���ل � اّإل في حكم حرمة االرتما����س ،دون �أيٍّ من عمليّ���ات اال�ستنباط
خا�ص ٌة �أخرى كرواية عل���يّ بن مهزيار �أو الأخ���رى ،ب���ل دخلت بد ًال عنها عنا�ص��� ُر ّ
الخا�صة هي تلك القواعد التي تدخل في عمليّة ا�ستنباط ّ رواية زرارة ،فالعنا�صر
خا�صةٍ.
م�س�أل ٍة فقه ّي ٍة ّ
مدخل �إىل علم الأ�صول
18
((( وهن���اك ع���دّة تعاري���ف لعلم الأ�صول نذكر منه���ا التعريف الم�شهور ب�أنّ���ه « :العلم بالقواع���د الممهِّدة ال�س���تنباط الأحكام
ال�شرعيّة» قوانين الأ�صول :الميرزا القمي ( ت 1231 :هـ) ،ط .حجرية قديمة� ،ص .5
خال�صة الدر�س
في علم الأ�صول تدر�س العنا�صر الم�شتركة ،بينما في علم الفقه تدر�س العنا�صر
الخا�ص���ة ف���ي ك ّل م�س�ألةٍ .وهك���ذا يترك للفقيه ف���ي ك ّل م�س�أل���ة �أن يفح�ص بد ّق ٍة
ّ
الخا�ص���ة الت���ي ترتبط بتل���ك الم�س�ألة ،ويدر����س قيمة تلك
ّ ���دارك
الرواي���اتِ والم َ
الرواي���ات ،ويحاول فه���م �ألفاظها وظهوره���ا العرفيّ ،و�أ�سانيده���ا .بينما يتناول
الأ�صوليّ البحث عن حجيّة الظهور ،وحجيّة الخبر وهكذا.
هك���ذا نخل�ص �إلى تعريف علم الأ�صول ب�أنّه «العلم بالعنا�ص���ر الم�ش���تركة (�أو
مدخل �إىل علم الأ�صول
القواع���د العامّ���ة) ف���ي عمل ّي���ة ا�س���تنباط الحك���م ال�ش���رعيّ � ،أو تحدي���د الموقف
العمليّ ».
�أ�سـئلـة الـدر�س
19
�سا�سلة مداخل العلوم
20
الدرس الثاني
علم األصول
مدخل �إىل علم الأ�صول
أهداف الدرس
العقلي
ّ 2 .2أن يعدِّ د االتجاهات حول اإلدراك
21
�سا�سلة مداخل العلوم
22
-1موضوع علم األصول
مدخل �إىل علم الأ�صول
يذكر ـ عاد ًة ـ �أنّ لك ّل علمٍ مو�ضوع ًا ترتكز عليه جميع بحوث هذا العلم ،وتدور
حول���ه م�سائل���ه ،وت�ستهدف الك�شف عمّ���ا يرتبط بذلك المو�ض���وع من خ�صائ�ص
���االت وقوانين .فالفيزي���اء مث ًال مو�ضوعها الطبيعة .وبح���وث الفيزياء ترتبط
وح ٍ
ك ّله���ا بالطبيعة ،وتحاول الك�ش���ف عن حاالتها وقوانينها العامّ���ة .ومو�ضوع النحو
ن�صب �أو جزمٍ �أو جرٍّ.
الكلم���ة؛ لأنّه يبحث عن ح���االت بنائها و�إعرابها من رفعٍ �أو ٍ
وعل���م الطبّ مو�ضوع���ه ج�سم الإن�سان؛ لأنّ ك ّل م�سائل���ه و�أبحاثه تدور حول ج�سم
الإن�سان من حيث ال�صحّ ة والمر�ض .وهكذا بالن�سبة ل�سائر العلوم.
وبما �أنّ لك ّل علمٍ مو�ضوع ًا فما هو مو�ضوع علم الأ�صول الذي تدور حوله بحوثه
وم�سائله؟
وبمالحظ���ة تعريف علم الأ�صول المتق ّدم ن�ستطيع �أن نعرف �أنّ علم الأ�صول
يدر�س في الحقيق���ة العنا�صر الم�شتركة في علم الفقه لإثبات دليليّتها ،فيبحث
23
ع���ن حجيّة الظهور المتق ّدم���ة ليرى هل هي عن�ص ٌر م�شت���ركٌ �أم ال؟ وهل ي�صحّ
االعتم���اد عليه���ا كدليل في اال�ست���دالل الفقهيّ و�إل���ى �أيّ مدى يمك���ن االعتماد
عليه���ا؟ وهكذا بالن�سبة ل�سائ���ر الأدلّة والعنا�صر الم�شترك���ة .وبهذا �صحّ القول
ب�أنّ مو�ضوع علم الأ�صول هو «الأدلّة الم�ش���تركة في عمليّة اال�س���تنباط»(((.
((( ال�صدر ـ محمد باقر(ت1400:هـ) :درو�س في علم الأ�صول /دار الكتاب اللبناني ،بيروت ـ لبنان ،ط .الثانية 1986م /.ج � 1ص .39
-2أهميّة علم األصول وفائدته
وال يوج���د �أيّ حاج���ة للت�أكيد على �أهميّة علم الأ�صول ،وخطورة دوره في عالم
اال�ستنب���اط؛ لأنّه ما دام يقدّم العنا�صر الم�شتركة ف���ي عمليّة اال�ستنباط ،وي�ضع
النظام العا ّم في اال�ست���دالل الفقهيّ ،فهو ع�صب الحياة في هذه العمليّة .وبدون
عل���م الأ�صول يواجه ال�شخ�ص في الفقه ركام ًا متناثر ًا من الن�صو�ص والأدلّة دون
�أن ي�ستطي���ع ا�ستخدامها واال�ستفادة منها في اال�ستنب���اط ،ك�إن�سان يواجه �أدوات
النج���ارة ويُعطى من�شار ًا وف�أ�س ًا وما �إليهما من �أدوات ،دون �أن يملك �أفكار ًا عا ّم ًة
عن عمليّة النجارة وطريقة ا�ستخدام تلك الأدوات.
م���ن كت���ب الأحادي���ث والرواي���ات مثالً ،ب���ل يبقى علي���ه �أن يمار����س في علم
الفق���ه تطبيق تل���ك العنا�ص���ر الم�شترك���ة ونظريّاته���ا العامّة عل���ى العنا�صر
وتمحي����ص .وال يغني
ٍ الخا�ص���ة .والتطبي���ق مهمّ��� ٌة فكريّ���ة تحتاج �إلى در� ٍ���س
ّ
الجه���د العلميّ المبذول �أ�صول ّي ًا عن بذل جهدٍ جديدٍ ف���ي التطبيق ،فلنفر�ض
مث�ل�اً �أنّ المجتهد �آمن في علم الأ�صول بحجيّة الظه���ور العرفيّ ،فهل يكفيه
�أن ي�ض���ع �إ�صبعه عل���ى مكاتبة عليّ بن مهزيار الت���ي ح ّددت مجاالت الخُ م�س
لي�ضيفه���ا �إلى العن�ص���ر الم�شترك ،وي�ستنبط من ذل���ك عدم وجوب الخُ م�س
الن�ص في
ف���ي مي���راث الأب؟! �أولي����س المجتهد بحاج ٍة �إل���ى تدقيق مدل���ول ّ
الرواي���ة لمعرف���ة ن���وع مدلول���ه ف���ي الع���رف العام؟ ودرا�س���ة ك ّل م���ا يرتبط
الن�ص �أو خارجه، بتحدي���د ظهوره العرفيّ من قرائن و �إمارات داخ���ل �إطار ّ
لك���ي يتمكّن ب�أمان ٍة م���ن تطبي���ق العن�صر الم�شت���رك القائ���ل بحجيّة الظهور
25 العرف���يّ ؟
الخا�صة في عمليّة اال�ستنباط لي�س مجرّد عمليّة ّ فالبحث الفقهيّ عن العنا�صر
تجمي���عٍ �أعمى ،بل ه���و مجال التطبيق للنظريّ���ات الأ�صوليّة .وتطبي���ق النظريّات
الخا�صة ودقّته .ومجرّد الدقّة ف���ي النظريّات العامّة ال ّ العامّ���ة له دائم ًا موهبت���ه
يغن���ي ع���ن الدقّة في تطبيقه���ا� .أال ترون �أن م���ن يدر�س بعمقٍ النظريّ���ات العامّة
ف���ي الطبّ يحتاج في مجال تطبيقها على حال ٍة مرَ�ضيّ��� ٍة �إلى د ّق ٍة وانتبا ٍه كاملين،
وتفكيرٍ في تطبيق تلك النظريّات على المري�ض الذي بين يديه؟
والخا�ص���ة ف���ي عمليّة
ّ كذل���ك الح���ال ف���ي تطبي���ق الفقي���ه للعنا�ص���ر العامّ���ة
اال�ستنباط.
26
خال�صة الدر�س
بمالحظ���ة تعري���ف علم الأ�صول المتقدّم في الدر����س الأوّل ن�ستطيع �أن نعرف
�أنّ عل���م الأ�ص���ول يدر�س في الحقيق���ة العنا�صر الم�شتركة في عل���م الفقه لإثبات
دليليّته���ا ،فيبحث عن حجيّة الظهور المتقدّمة لي���رى هل هي عن�ص ٌر م�شتركٌ �أم
ال ،وه���ل ي�صحّ االعتماد عليه���ا كدليل في اال�ستدالل الفقهيّ ،و�إلى �أيّ مدى يمكن
االعتم���اد عليها؟ وهكذا بالن�سبة ل�سائر الأدلّ���ة والعنا�صر الم�شتركة .وبهذا �صحّ
القول ب�أنّ مو�ضوع علم الأ�صول هو «الأدلّة الم�شتركة في عمليّة اال�ستنباط» .
مدخل �إىل علم الأ�صول
وي�ص���حّ �أن يطلق على علم الأ�ص���ول ا�سم منطق علم الفقه لأنّ���ه بالن�سبة �إليه
بمثاب���ة المنط���ق بالن�سب���ة �إلى الفك���ر الب�شريّ ب�ص���ورة عامّة .فكم���ا �أنّ المنطق
ي�صحّ ح التفكير الب�شريّ ب�شكلٍ عامّ ،كذلك الأ�صول ي�صحّ ح التفكير لكن ال مطلق
خا�صةً .وهذه ميز ٌة كبي���ر ٌة لعلم الأ�صول �أعطته
التفكي���ر ،و�إنّما التفكير الفقه���يّ ّ
ارتباط مبا�شرٍ بالفقه
ٍ و�سام ال�سبق في الأهميّة بين العلوم الإ�سالميّة ،لما له من
وا�ستنب���اط الحكم ال�شرعيّ .وبقدر ما ات�س���ع االلتفات تدريجي ًا من خالل البحث
الفقهيّ �إلى العنا�صر الم�شتركة ،ات�سع علم الأ�صول وازداد �أهم ّيةً.
الخا�صة في عمليّة اال�ستنباط لي�س مجرّد عمليّة ّ فالبحث الفقهيّ عن العنا�صر
تجمي���عٍ �أعمى ،بل ه���و مجال التطبيق للنظريّ���ات الأ�صوليّة .وتطبي���ق النظريّات
الخا�صة ودقّته .ومجرّد الدقّة ف���ي النظريّات العامّة ال
ّ العامّ���ة له دائم ًا موهبت���ه
يغني عن الدقّة في تطبيقها.
27
�أ�سـئلـة الـدر�س
28
الدرس الثالث
مصادر التشريع
مدخل �إىل علم الأ�صول
أهداف الدرس
الشرعي.
ّ 1 .1أن يتعرّف إلى البيان
29
�سا�سلة مداخل العلوم
30
تمهيد
مدخل �إىل علم الأ�صول
خا�صة ،و�أنّ
تق���دّم �أنّ عمليّة اال�ستنباط تت�ألّف من عنا�ص���ر م�شتركة وعنا�صر ّ
عل���م الأ�صول هو العل���م بالعنا�صر الم�شتركة في علميّ���ة اال�ستنباط ،حيث تُدر�س
في���ه هذه العنا�ص���ر وتحدّد وتنظّ م .وم���ا دام علم الأ�صول هو العل���م الذي يتكفّل
بدرا�سة تلك العنا�صر فمن الطبيعيّ �أن يبرز هذا ال�س�ؤال:
م���ا هي و�سائل الإثب���ات التي ي�ستخدمها عل���م الأ�صول ،لكي يثب���ت بها حجيّة
الخب���ر �أو حجيّة الظهور العرفيّ � ،أو غير ذل���ك من العنا�صر الم�شتركة في عمليّة
اال�ستنب���اط؟ وبعبار ٍة �أخرى؛ ما ه���ي الأدوات وما هي الم�صادر التي يعتمد عليها
الأ�صوليّ لإثبات القواعد العامّة والم�شتركة في عمليّة اال�ستنباط؟
الخالف في السنّة
خ�ل�اف في حجيّة ال�سنّ���ة النبويّة ،قو ًال وفع ًال وتقري���راً ،و�إنّما وقع
ٍ ل���م يقع �أيّ
الخ�ل�اف بين مدر�سة الخلفاء ومدر�س���ة �أهل البيتRفي ال�سنّة المرويّة عن
33
�أهل البيت ،Rحيث ذه���ب �أتباع هذه المدر�سة للتم�سّ ك بال�سنّة المرويّة عن
�أهل البيت�Rأي�ضاً ،م�ستندين في ذلك �إلى بع�ض الآيات القر�آنيّة ،والأحاديث
((( يق���ول الأخباريّ���ون ب�أنّ���ه ال يجوز لعامّ���ة النا�س الرجوع �إلى ظواهر الق���ر�آن؛ لأنّه ال يفهمه �إال من خوط���ب به وهو المع�صوم
،Qوعلى عامّة النا�س �أن يرجعوا �إلى الأخبار والأحاديث الواردة عن المع�صومQفقط.
ع���ن الر�س���ول الأكرمPالمتواترة من الطرفي���ن ،منها قوله� « :إنّ���ي ٌ
تارك فيكم
تم�سكتم بهما لن ت�ض ّلوا بعدي �أبداً»(((.
الثقلين ،كتاب اهلل وعترتي �أهل بيتي ،ما � ْإن ّ
كما �أنّ ال�سنّة المرويّة عن المع�صومQعلى نحوين:
خالف ،و�إنما الخالف وقع في ال�سنّةقطعيّة وظنيّة� ،أما القطعيّة فلم يقع فيها ٌ
الظنيّ���ة .وقد ا�صطل���ح على هذا النحو الأخي���ر من ال�سنّة بالخب���ر الواحد .ووقع
خ�ل�اف ف���ي �أنّه هل يجوز االعتماد على ال�سنّة الظنيّ���ة؟ وبعبار ٍة �أخرى هل �أخبار
ٌ
الآح���اد حجّ ة؟ وبمجرّد الق���ول ب�صحّ ة االعتماد على هذه الأخب���ار ،تطرح �أ�سئل ٌة
كثي���رةٌ ،م���ن قبيل �إلى �أيّ مدى ي�ص���حّ االعتماد عليها؟ فه���ل يعتمد على الحديث
اإلجماع
وهو يعني اتفاق �آراء علماء الم�سلمين على م�س�ألةٍ ،فهل يمكن �أن يعتبر الإجماع
إثبات للعنا�صر الم�شتركة في عمليّة اال�ستنباط؟ وهل يمكن ـ بهذا المعنى ـ و�سيلة � ٍ
�أن يعتبر �أي�ض ًا مدرك ًا وم�صدر ًا للأحكام ال�شرعيّة؟
والخالف ف���ي الإجماع كان �شديد ًا للغاية؛ حيث ت���رى مدر�سة الخلفاء �أ�صال ًة
للإجم���اع بم���ا هو �إجم���اعٌ ،لأنّ اتفاق �أهل الح��� ّل والعقد على م�س�أل���ةٍ ،يعني �أنّهم
ق���د �أ�صابوا ال�صواب ،وال يمكن لهم جميع ًا الخط����أ .نعم لو لم يكن هناك �إجما ٌع 34
((( راج���ع :م�سن���د �أحم���د بن حنبل (ت 241 :هـ) /دار �صادر ،بيروت ـ لبنان /ج� 3ص 14و .17وج � 4ص .371وج � 5ص 182و
.189عبد اهلل بن بهرام الدارميّ (ت 255 :هـ)� :سنن الدارميّ /مطبعة االعتدال ،دم�شق ـ �سوريا /ط 1349 .هـ /ج � 2ص
.432وم�سلم الني�سابوريّ ( :ت� :)261 :صحيح م�سلم /دار الفكر ،بيروت ـ لبنان ،ج � 7ص .123
و�ضعيف وموثّقٍ ،
ٍ ((( و�أمّا الأخباريّون :فلأجل �أنّ ك ّل اعتمادهم على الحديث والروايات لم يرق لهم تق�سيم الحديث �إلى �صحيحٍ
ب���ل اعتب���روا �أنّ جميع الأحاديث معتبرةٌ ،ال �سيما الموجودة في الكتب الأربع���ة( :الكافي ،ومن ال يح�ضره الفقيه ،والتهذيب،
واال�ستب�صار).
ف�إمكان الخط�أ وار ٌد بحقّ البع�ض ،و�أمّا لو اتفق جميع علماء الم�سلمين فال يت�صوّر
ف���ي حقّهم جميع ًا الخط�أ ،لذلك تتعامل هذه المدر�سة مع الإجماع معاملة الوحي
المنزل ،وك�أنّ حكم المجمعين هو حكم اهلل الذي ال يقبل الخط�أ.
بينم���ا مدر�سة �أهل البيت ،Rال ت���رى للإجماع ـ بنف�سه �أيّ بما هو �إجما ٌع ـ
�أيّ �أ�صال ٍة واعتبا ٍر و�أهم ّيةٍ .نعم لقد اعتبروا الإجما َع حجّ ةً ،ويمكن االعتماد عليه؛
واتفاقهم هذا يك�شف عن تلقّيهم للم�س�ألة المتّفق عليها من قبل المع�صوم ،Q
فال خ�صو�صيّة للإجماع بما هو �إجماع ،و�إنّما العبرة بر�أي المع�صومQالذي
مدخل �إىل علم الأ�صول
يك�ش���ف عنه الإجم���اع ،وبعبار ٍة �أخرى ،يمكن الق���ول� :إنّ الإجماع يك�شف م�ضمون
رواي ٍة عن المع�صومQغير مكتوبةٍ ،ولكن قد مار�سها الم�سلمون عمل ّياً ،فهي
موجود ٌة في �سلوكهم ،ومُعا�ش ٌة في ت�صرّفهم.
ففي كال المدر�ستين يعتبر الإجماع حجّ ةً ،لكنّ الفارق بينهما جوهريٌّ ،فمدر�سة
الخلفاء تقول �إنّ الإجماع �أ�صال ًة هو الحجّ ة ،و�أمّا مدر�سة �أهل البيتRفتقول� :إنّ
الإجماع �أ�صال ًة لي�س حجّ ةً ،و�إنّما هو حجّ ٌة لكا�شفيّته عن ر�أي المع�صوم(((.Q
35
((( و�أمّ���ا الأخباريّ���ون فلم يعتبروا الإجماع من م�صادر الت�شريع ،ولم يعوّلوا عليه ،ورف�ض���وا االعتماد عليه؛ لأنّه من مبتدعات �أبناء
العامّة.
خال�صةالدر�س
37
�سا�سلة مداخل العلوم
38
الدرس الرابع
مصادر التشريع
مدخل �إىل علم الأ�صول
(الإدراك العقليّ )
أهداف الدرس
العقلي.
ّ 1 .1أن يتعرّف إلى اإلدراك
العقلي.
ّ 2 .2أن يتبيّن الخالف في اإلدراك
39
�سا�سلة مداخل العلوم
40
العقلي
ّ الو�سيلة الثانية :اإلدراك
مدخل �إىل علم الأ�صول
العقليّ .
ف����إنّ تاري���خ التفكي���ر الفقه���يّ قد �شه���د بالن�سبة ل�ل��إدراك العقل���يّ اتجاهين
متعار�ضين ك ّل التعار�ض ،واتجاه ًا ثالث ًا و�سط ّي ًا بينهما:
االتجاه الأوّل؛ مدر�سة الر�أي :يدعو �إلى اتخاذ العقل في نطاقه الوا�سع الذي
ي�شم���ل حتّى الإدراكات الناق�صة ،و�سيل��� ًة رئي�س ًة للإثبات ،وفي مختلف المجاالت
التي يمار�سها الأ�صوليّ والفقيه.
االتجاه الثاني؛ الحركة الأخباريّة :ي�شجب العقل ويجرّده �إطالق ًا عن و�صفه
و�سيل��� ًة رئي�س ًة للإثب���ات ،ويعتبر البيان ال�شرعيّ هو الو�سيل���ة الوحيدة التي يمكن
ا�ستخدامها في عمليّات اال�ستنباط.
االتج���اه الثال���ث؛ الأ�ص���وليّون :وه���و اتج���ا ٌه معت���د ٌل يق���ف بي���ن هذي���ن
االتجاهي���ن المتط ّرفي���ن ،يتمثّل في ج ّل فقهاء مدر�سة �أهل البيت .Rوهو
43 االتج���اه ال���ذي ي�ؤمن ـ خالف��� ًا لالتجاه الثان���ي ـ ب�أنّ العق���ل �أو الإدراك العقليّ
�صف البي���ان ال�شرعيّ ،ولكن ال في نطاقه و�سيل��� ٌة رئي�س��� ٌة �صالح ٌة للإثبات �إلى ّ
الوا�س���ع ـ كما زعم���ه االتجاه الأوّل ـ ب���ل �ضمن نط���اق الإدراك العقليّ الكامل
إدراك
ال���ذي يو�صل �إلى الج���زم ،وال يوجد ف���ي مقابله احتمال الخط����أ .فك ّل � ٍ
إثبات.
عقل���يٍّ يدخل �ضمن هذا النط���اق وي�ستبطن الجزم الكامل فه���و و�سيلة � ٍ
و�أمّ���ا الإدراك العقل���يّ الناق����ص الذي يقوم عل���ى �أ�سا�س الترجي���ح ،وال يتوفّر
���ات لأيّ عن�صرٍ من عنا�ص���ر عمليّةفي���ه عن�ص���ر الجزم ،ف�ل�ا ي�صلح و�سيل���ة �إثب ٍ
اال�ستنباط.
فالعقل في ر�أي االتجاه الثالث �أدا ٌة �صالح ٌة للمعرفة ،وجدير ٌة باالعتماد عليها
والإثب���ات بها ،فيما لو �أدّت �إلى �إدراك حقيق ٍة من الحقائق �إدراك ًا كام ًال ال ي�شوبه
�ش���ك .فال �إفراط ف���ي االعتماد على العقل حتّى فيما ال ينتج عنه �إدراكٌ كام ٌل
�أيّ ٍّ
وجزمٌ ،وال كفران بالعقل ك�أدا ٍة للمعرفة.
ال���كالم في الإدراك العقليّ ؛ من قبيل القانون القائل�« :إذا وجب �ش���ي ٌء وجبت
مقدّمت���ه» .وق���د وق���ع الخالف الح���ا ّد �أي�ض ًا بي���ن الم�سلمين حول اعتب���ار العقل
خ�ل�اف لعلّه �أكث���ر خطور ًة من
ٌ م�ص���در ًا م���ن م�ص���ادر الت�شريع الإ�سالم���يّ .وهو
درجات مختلفةً:
ٍ الخالف الحا�صل في الإجماع ،حيث �إن للعقل
�أ -الإدراك الكامل القطعيّ .
ب -الإدراك العقليّ الناق�ص.
مدخل �إىل علم الأ�صول
فم���ا هي حدود العق���ل �أو الإدراك العقليّ ال���ذي يقوم ب���دور الو�سيلة الرئي�سة
لإثبات العنا�صر الم�شتركة في عمليّة اال�ستنباط؟
وقد اختلفت االتجاهات حول مدى �شمول العقل وحدوده ،فهل ي�شمل الإدراكات
يخت�ص بالإدراك الكامل المنتجّ الناق�ص���ة التي ت�ؤدّي �إلى مجرّد الترجيح؟ �أو �أنّه
للجزم واليقين؟
�إنّ تاري���خ التفكي���ر الفقه���يّ ق���د �شه���د بالن�سب���ة ل�ل��إدراك العقل���يّ اتجاهين
متعار�ضين ك ّل التعار�ض ،واتجاه ًا ثالث ًا و�سط ّي ًا بينهما:
االتجاه الأوّل؛ مدر�سة الر�أي.
االتجاه الثاني؛ الحركة الأخباريّة.
االتجاه الثالث؛ الأ�صوليّون.
45
�أ�سـئلـة الـدر�س
46
الدرس الخامس
أهداف الدرس
مدرسة الرأي.
47
�سا�سلة مداخل العلوم
48
تمهيد
مدخل �إىل علم الأ�صول
�إنّ الإن�س���ان بحكم تبعيت���ه لل�شريعة ووجوب امتثال���ه لأحكامها ،ملز ٌم بتحديد
موقف���ه العمليّ منها .وعندم���ا لم تكن �أحكام ال�شريعة ف���ي الغالب وا�ضح ًة بنح ٍو
تغني فيه عن �إقامة الدليل ،فال يعقل �أن يحجر على النا�س جميع ًا تحديد الموقف
العمليّ تجاه ال�شريعة تحديد ًا ا�ستدالل ّياً ،فعمليّة ا�ستنباط الحكم ال�شرعيّ لتحديد
الموق���ف العمل���يّ للمكلّف لي�ست عمليّ��� ًة جائز ًة فح�سب ،بل ه���ي �ضرور ّي ٌة وينبغي
ممار�ستها ،وذلك بحكم تبعيّة الإن�سان لل�شريعة.
غمو����ض ،فا�ستخدمتٍ ولك���ن اكت�سبت ه���ذه العمليّة �صيغ��� ًة �أخرى ال تخلو عن
كلم���ة (االجتهاد) للتعبير ع���ن عمليّة اال�ستنباط ،وطرح ال�س����ؤال بهذه ال�صيغة:
«ه���ل يج���وز االجتهاد ف���ي ال�ش���ريعة �أو ال؟» فدخلت كلمة االجته���اد في ال�س�ؤال ـ
بم�صطلحات عديد ٍة في تاريخها ـ و�أدّى ذلك �إلى �أن يتحمّل هذا
ٍ وه���ي كلم ٌة مرّت
ال�س����ؤال المعان���ي والم�صطلحات ال�سابق���ة لهذه الكلمة .ونتيج���ة الفهم الخاطئ
49
لبع����ض م�صطلحاته���ا ،والغفلة عن تطوّر اال�صطالح ،رف����ض جماع ٌة من علمائنا
المحدثي���ن عمليّ���ة االجته���اد ،و�شجبوا عل���م الأ�صول كلّ���ه؛ لأنّه �إنما ي���راد لأجل
االجتهاد ،ف�إذا ُ�ألغي االجتهاد لم يعد هناك �أيّ حاج ٍة �إلى علم الأ�صول.
مدرسة الرأي
قام���ت منذ �أوا�س���ط القرن الثاني مدر�س ٌة فقه ّي ٌة وا�سع���ة النطاق ،تحمل ا�سم
مدر�س���ة الر�أي واالجته���اد ،وتطالب باتخاذ العقل ـ بالمعن���ى الوا�سع الذي ي�شمل
�صفالترجي���ح والظنّ والتقدي���ر ال�شخ�صيّ للموق���ف ـ �أدا ًة رئي�س ًة للإثب���ات �إلى ّ
البي���ان ال�شرعيّ ،وم�صدر ًا للفقيه ف���ي اال�ستنباط ،و�أطلقت عليه ا�سم االجتهاد .
وكان على ر�أ�س هذه المدر�سة �أو من روّادها الأوّلين �أبو حنيفة (المتوفي �سنة 150
ه���ـ) .والم�أثور عن رجاالت هذه المدر�سة �أنّهم كانوا حيث ال يجدون بيان ًا �شرع ّي ًا
الخا�ص���ة ،وما يدركونّ ي���دلّ على الحكم يدر�س���ون الم�س�ألة على �ض���وء �أذواقهم
((( يعقوب ـ �أحمد ح�سين :م�ساحة للحوار /من�شورات الغدير للطباعة والن�شر ،بيروت ـ لبنان ،ط .الأولى 1997م� .ص .162
((( يحي���ى ب���ن معين(ت 233 :هـ) :تاريخ ابن معي���ن الدوريّ /تحقيق :عبد اهلل �أحمد ح�س���ن /دار القلم للمطبوعات والن�شر،
بي���روت ـ لبنان /ج ���� 2ص .51وابن عبد البرّ(ت 463 :هـ) :الإنتقاء في ف�ضائل الثالثة الأئمّة الفقهاء /دار الكتب العلميّة،
بيروت ـ لبنان� .ص .143
ال�شائعة في �صفوف تلك المدر�سة القائلة�« :إنّ البيان ال�شرعيّ المتمثّل
في الكتاب وال�سنّة قا�صرٌ ،وال ي�شتمل � اّإل على �أحكام ق�ضايا محدودة ،وال
يتّ�سع لتعيين الحكم ال�شرعيّ في كثيرٍ من الق�ضايا والم�سائل لكثرتها
وتج ّددها»(((.
وقد �ساعد على �شيوع هذه الفكرة في �صفوف فقهاء العامّة اتجاههم المذهبيّ
ال�سن���يّ � ،إذ كان���وا يعتق���دون �أنّ البيان ال�شرع���يّ يتمثّل فقط في الكت���اب وال�سنّة
النبويّ���ة الم�أثورة عن الر�سول .Pوحيث لم يكن هذا يفي �إال بجزءٍ من حاجات
مدخل �إىل علم الأ�صول
اال�ستنب���اط ،اتجهوا �إلى عالج الموقف و�إ�شباع ه���ذه الحاجات عن طريق تو�سعة
دور العقل والمناداة بمبد�أ االجتهاد .
((( راج���ع الغزّال���ي (ت 505 :ه���ـ) :المنخول ف���ي علم الأ�صول /تحقيق د .محم���د ح�سن هيتو /من�ش���ورات دار الفكر ،دم�شق ـ
�سوريا /ط .الثالثة 1419هـ� .ص .596
الحمد هلل الذي وفّق ر�س���و َل ر�س���ولِ اهلل لما ير�ض���ى به ر�س���ول اهلل»((( ،وما ورد
م���ن �أنّه�Pأم���ر بع�ض �أ�صحابه �أن يجتهدوا �إذا لم يج���دوا الحكم في الكتاب �أو
ال�سنّ���ة ,بل يقولون �إن بع����ض �أحكام النبيّ نف�سها اجتهاديّة ل���م ت�ستند �إلى وحيٍ ,
ث���م جاء في كتبهم الأ�صوليّ���ة الت�سا�ؤل عمّا �إذا كان في اجتهادات الر�سولPما
يجوز فيه الخط�أ �أم ال(((؟
ن�ص ًا �شرع ّي ًا من الق���ر�آن �أو ال�سنّة يعتمد عليه ،يرجع
فالفقي���ه عندما ال يج���د ّ
الخا�ص ،فيبني على ما يُرجِّ ح في فك���ره ال�شخ�صيّ من ت�شريعٍ ،وقد ّ �إل���ى تفكي���ره
يعبّر عنه بالر�أي �أي�ضاً.
1ـ ع���ن الإمام ال�صادق�Qأنّه قال�« :إنّ اهلل تعالى �أنزل في القر�آن تبيان
ك ّل �شيءٍ ،حتى واهلل ما ترك اهلل �شيئاً يحتاج �إليه العباد ،حتى ال ي�ستطيع عبد
�أن يقول:لو كان هذا �أنزل في القر�آن � ،اّإل وقد �أنزله اهلل فيه»(((.
2ـ عنه�Qأي�ض ًا �أنّه قال« :ما من �شي ٍء � اّإل وفيه كتابٌ �أو �س ّنةٌ»(((.
3ـ وف���ي حدي���ث عن الإم���ام ال�صادقQي�ص���ف فيه الجامع���ة التي ت�ضمّ
�أح���كام ال�شريعة ،فيقول« :فيها ك ّل حاللٍ وحرا ٍم وك ّل �ش���ي ٍء يحت���اج النا�س �إليه
حتى الأر�ش في الخد�ش»(((.
وبع���د هذه الحمل���ة الكبيرة م���ن الأئمّةRوالفقهاء م���ن مدر�ستهم ،على
اتج���اه مدر�سة الر�أي ،وتف�سير االجته���اد بهذا المعنى ،اكت�سبت الكلمة طابع ًا من
الكراهيّ���ة واال�شمئزاز في الذهنيّ���ة الفقهية الإماميّة .وعلى ه���ذا ال�ضوء يمكننا
خال�صة الدر�س
55
�سا�سلة مداخل العلوم
56
الدرس السادس
اإلجتهاد الجديد
والحركة اإلخباريـّة
مدخل �إىل علم الأ�صول
أهداف الدرس
57
�سا�سلة مداخل العلوم
58
الحركة األخباريّة
مدخل �إىل علم الأ�صول
وه���ي اتجا ٌه متط���ر ٌّف يدعو �إل���ى التَّـعـبُّد فق���ط بالبيان ال�شرع���يّ من �أخبا ٍر
و�أحادي���ث ،وينك���ر دور العقل في مختل���ف الميادين ،لأنّ العق���ل عر�ض ٌة للخط�أ،
إثبات في
وت�أري���خ الفك���ر العقليّ زاخ ٌر بالأخطاء ،فال ي�صلح لك���ي يُ�ستعمل �أداة � ٍ
�أيّ مج���الٍ م���ن المجاالت الدينيّ���ة ،وي�شن حمل��� ًة �شديد ًة �ض ّد االجته���اد �أي�ضاً.
وق���د وج���دت ه���ذه الحركة داخ���ل نطاق الفك���ر الإمام���يّ ،وتمثّلت ف���ي جماع ٍة
م���ن علمائنا قب���ل �أربعة ق���رون تقريباً ،وبرزت على ي���د م�ؤ�س�سه���ا ال�شيخ �أمين
اال�ستر�آب���ادي(((.
ويدّعي الأخباريّ���ون �أنّ حركتهم لي�ست جديدةً ،وال هي من �إبداع المال �أمين،
و�إ ّنم���ا هي امتدا ٌد و�إحي���ا ٌء لطريقة القدماء و�أهل الحدي���ث ،الذين عا�صروا �أئمّة
�أه���ل البيت�Rأو قاربوا ع�صرهم كال�شيخ ال�صدوق و�أمثاله((( .لكنّ انحراف
((( ه���و محم���د �أمي���ن الأ�ستر�آباديّ ,من �أعالم الق���رن الحادي ع�شر الهج���ريّ ،فقي ٌه �أخباريٌّ عرف بال���ذكاء والتقى ،قال عنه 59
البحران���يّ في الل�ؤل����ؤة :كان فا�ض ًال محقّق ًا مدقّق ًا ماهر ًا في الأ�صوليّين والحدي���ث �أخبار ّي ًا �صلباً ،توفي(1034هـ) .الل�ؤل�ؤة
����ص .217ويب���دو �أن المال �أمين كان ذك ّي ًا فطن ًا كثير المطالعة واعياً ،وهذا الأمر مكّنه من ت�أ�سي�س مدر�سة وجلب �أتباع لها،
له كتاب (الفوائد المدنيّة) ،ناق�ش فيه المتكلّمين والفال�سفة والحكماء والفقهاء ،مدّعي ًا �أنّه و�صل �إلى �أمو ٍر لم ي�سبقه �إليها
�أح ٌد من الأوّلين والآخرين.
((( والح���قّ �أنّ ه���ذه الحركة ل���م تكن في يوم من الأيام مدر�س ًة لها �أتباع ،غاية الأم���ر �أنّ ح�ضور الإمامQبين القدماء و�أهل
الحدي���ث� ،أو قرب���ه من ع�صرهم� ،أغناهم عن اللج���وء �إلى االِجتهاد و�إعمال العقل ،فاقت�صروا على �س���رد الروايات �أو الإفتاء
بم�ضمون الرواية.
النا�س باتِّباع �أق���وال ابي عقيل العمانيّ وال�شيخ المفيد وال�سيّد المرت�ضى وال�شيخ
الطو�سيّ ((( و�أمثالهم� ،أ ْبعَدَ هُ م عن الطريق الم�ستقيم.
وينق���ل ال�شيخ يو�س���ف البحرانيّ وه���و �أخباريٌّ معت���د ٌل عن ال�سيّ���د نعمة اهلل
الجزائريّ �« :إنّ �أكثر �أ�صحابنا قد اتّبعوا جماع ًة من المخالفين ،من �أهل الر�أي
والقيا����س ،وم���ن �أهل الطبيع���ة والفال�س���فة وغيرهم من الذي���ن اعتمدوا على
العق���ول وا�س���تدالالتها ،وطرح���وا ما جاء ب���ه الأنبياءRحيث ل���م ي�أتِ على
وفق عقولهم.(((»...
وو�ض���ع م�ؤ�سّ �س ه���ذه الحركة كتابه الم�شه���ور :الفوائد المدنيّ���ة ،بلوَر فيه هذا
((( ه����ؤالء كله���م اتّبعوا طرق ًا جديد ًة ومتط���وّر ًة في اال�ستدالل ،تعتمد على تفريع الفروع ع���ن الأ�صول وهي طريقة المجتهدين
من علماء ال�شيعة.
(((البحرانيّ ـ يو�سف(ت1168:هـ):الحدائقالنا�ضرة/م�ؤ�س�سةالن�شرالإ�سالميّ التابعةلجماعةالمدرّ�سين،قمـ�إيران/جا�ص.126
الح�س معي���ار ًا �أ�سا�س ًا
وهكذا يخ���رج اال�ستر�آبادي من تحليل���ه للمعرفة بجعل ّ
لتمييز قيمة المعرفة ،ومدى �إمكان الوثوق بها.
ونح���ن في ه���ذا ال�ضوء نالح���ظ بو�ض���وحٍ اتجاه ًا ح�سيّ��� ًا في �أف���كار المحدّث
اال�ستر�آب���اديّ ،يمي���ل به �إلى المذه���ب الح�سيّ ف���ي نظريّة المعرف���ة ،القائل ب�أنّ
الح� ّ���س هو �أ�سا�س المعرف���ة .ولأجل ذلك يمكننا �أن نعتب���ر الحركة الأخباريّة في
الفك���ر العلميّ الإ�سالم���ي �أحد الم�سارب الت���ي ت�سرّب منها االتج���اه الح�سيّ �إلى
تراثنا الفكريّ .
مدخل �إىل علم الأ�صول
الح�س ـ في نهاية وق���د �أدّت هذه الحركة �ض��� ّد المعرفة العقليّة المنف�صلة ع���ن ّ
المط���اف ـ �إلى المعار�ض���ة النظريّة لك ّل الأدلّة العقليّة ،حت���ى تلك التي ي�ستدلّ بها
الم�ؤمنون على وجود اهلل �سبحانه ،لأنّها تندرج في نطاق المعرفة العقليّة المنف�صلة
الح�س.
عن ّ
فكانت الحركة الأخباريّة ت�ستبطن في ر�أي كثيرٍ من ناقديها تناق�ضاً ،لأنّها من
ناحي ٍة �شجب���ت العقل؛ لكي تخلّي ميدان الت�شريع والفق���ه للبيان ال�شرعيّ ،وظلّت
من ناحي ٍة �أخرى متم�سّ ك ًة به لإثبات عقائدها الدينيّة ،لأنّ �إثبات ال�صانع والدين
ال يمكن �أن يكون عن طريق البيان ال�شرعيّ ،بل يجب �أن يكون عن طريق العقل.
أهم آراء األَخباريّين
يمكن تلخي�ص دعوى الأخباريّين و�آرائهم في النقاط التالية:
61
1ـ �إنكار حجيّة ظهورات القر�آن :فال يمكن االعتماد عليه ،ودليلهُم� :أنَّ القر�آن
ال يفهمُ��� ُه � اّإل من خُ وطِ ب به وهُ ���م النبيّ Pو�أهل البيت ،Rفال يمكن
االعتم���اد على الكتاب م���ن دون مراجعة الروايات وم���ا ورد عنهم،R
فهم وحدهم القادرون على تف�سيره وت�أويله.
2ـ �إن���كار قيمة العقل :عمل اال�ستر�آبادي جاهد ًا على �إبطال حجيّة العقل؛ لأنّ
العقل كثير ًا ما يُخطئ فيها ،فرف�ض �أيّ قيم ٍة للفل�سفة الأوّليّة والعلم الإلهيّ ،
لأنّه يعتمد على العقل ،وح�صر حجيّة العقل وقيمته في موردين:
الأول :العلوم الطبيعيّة ذات المبادئ والمقدمات الح�سيّة.
الثاني :في ما يقرب من الأمور الح�سيّة كعلوم الريا�ضيات والهند�سة.
كما �أنكر االجته���اد �أي�ض ًا حتى بمعناه الجديد المقبول عند ال�شيعة قائالً� :إنّه
بدع ٌة في الدين ،وال يجوز لأحدٍ �أن يقلّد غير المع�صوم.
3ـ �إنكار الإجماع :لأنَّه بدعةٌ ،جاء به �أهل ال�سُّ ـنة.
وبذل���ك فال ي�سْ لَم عند الأخباريّين من الم�صادر الأربعة لل�شريعة((( � اّإل ال�سنّة
((( ) الح ّل���ي ـ جعف���ر ب���ن �سعيد (ت 676 :هـ) :معارج الأ�ص���ول /تحقيق :محمد ح�سين الر�ضويّ /من�ش���ورات م�ؤ�س�سة �آل البيت
،Rقم ـ �إيران ،ط .الأولى 1403هـ� /ص .179
((( ) قال الغزالي :واالِجتهاد التام� :أن يبذل الو�سع في الطلب بحيث يح�س من نف�سه العجز عن مزيد الطلب .الغزّالي (ت 505 :هـ):
الم�ست�صفى /تحقيق :محمّد عبد ال�سالم عبد ال�شافيّ /دار الكتب العلميّة ،بيروت ـ لبنان ،ط 1996 .م� /.ص .342وعرَّفه العلاّ مة
الحلّي ب�أنه :ا�ستفراغ الو�سع والنظر فيما هو من الم�سائل الظنية ال�شرعيّة على وجهٍ ال زيادة فيه /.مبادئ الو�صول �إلى علم الأ�صول
�ص.240
63 فالحظ منهما لّ ك ترجمة من ذلك ويعرف مة، لاّ ع ال قبل المعنى هذا ا�ستعمل قد ّي
ل الح المحقق أنّ � ّن
ي تب التحقيق خالل (((من
الهام�ش ،والذي يهوّن الم�س�ألة �أنّهما متعا�صران.
((( ( ه���و الح�س���ن بن يو�سف بن المطهّر ,وهو من �أبرز علماء الت�شيّ���ع ،ومجدّد الفكر ال�شيعيّ في القرن الثامن الهجريّ (648
ـ )726ول���ه م�ؤلف���ات جمّة في الفقه والأ�صول والمنط���ق والعقائد وغيرها ،وكان يفتي جميع المذاه���ب الإ�سالميّة كالًعلى
مذهبه.
((( لقد ح�صر المحقق الحلّي االجتهاد في نطاق عمليّات اال�ستنباط التي ال ت�ستند �إلى ظواهر الن�صو�ص ،فكل عمليّة ا�ستنباط
ال ت�ستند �إلى ظواهر الن�صو�ص ت�سمى اجتهاداً ،دون ما ي�ستند �إلى تلك الظواهر .ولع ّل الدافع �إلى هذا التحديد �أنّ ا�ستنباط
الن�ص لي�س فيه كثير جهدٍ �أو عناءٍ علميّ لي�سمى اجتهاداً. الحكم من ظاهر ّ
ف�إن قيل :يلزم ـ على هذا ـ �أن يكون الإماميّة من �أهل االجتهاد.
قلن���ا :الأمر كذلك ،لكن فيه �إيهام؛ من حي���ث �أنّ القيا�س من جملة االجتهاد،
ف�إذا ا�ستثني القيا�س كنّا من �أهل االجتهاد في تح�صيل الأحكام بالطرق النظريّة
التي لي�س �أحدها القيا�س»(((.
الن�ص بو�ضوحٍ ؛ �أنّ كلمة االجتهاد كانت ال تزال في الذهنيّة
ويالحظ على هذا ّ
الن�ص �إلى �أنّ هناك من يتحرّج
الإماميّة مثقل ًة بتبعة الم�صطلح الأوّل ،ولهذا يُلمّح ّ
من هذا الو�صف ،ويثقل عليه �أن يُ�سمى فقهاء الإماميّة مجتهدين.
((( الح ّل���ي ـ جعف���ر بن �سعيد (ت 676 :ه���ـ) :معارج الأ�صول /تحقيق :محم���د ح�سين الر�ضويّ /من�ش���ورات م�ؤ�س�سة �آل البيت
،Rقم ـ �إيران ،ط .الأولى 1403هـ� /ص.180
ج -الم�صطلح الأخير لالجتهاد
ثمّ تطوّر هذا المعنى لكلمة االجتهاد �أي�ضاً ،وات�سع نطاق االجتهاد لي�شمل
الن�ص �أي�ضاً ،لأنّ الأ�صوليين بعد هذا الحظوا
عمليّة ا�ستنباط الحكم من ظاهر ّ
الن�ص ت�ستبطن �أي�ض ًا كثير ًا من الجهد
بحقٍّ �أنّ عمليّة ا�ستنباط الحكم من ظاهر ّ
العلميّ في �سبيل معرفة الظهور وتحديده ،و�إثبات حجيّة الظهور العرفيّ ،فدخل
في االجتهاد ك ّل عمليّة يمار�سها الفقيه لتحديد الموقف العمليّ تجاه ال�شريعة
عن طريق �إقامة الدليل على الحكم ال�شرعيّ � ،أو على تعيين الموقف العمليّ
مدخل �إىل علم الأ�صول
مبا�شرةً .وهكذا �أ�صبح االجتهاد يرادف عمليّة اال�ستنباط ،وبالتالي �أ�صبح علم
الأ�صول العلم ال�ضروريّ لالجتهاد؛ لأنّه العلم بالعنا�صر الم�شتركة في عملية
اال�ستنباط .وبعد �أن ات�ضحت معاني كلمة االجتهاد �أ�صبحت الإجابة على ال�س�ؤال
الذي طرح في بداية البحث وا�ضحة ج ّداً« :هل يجوز االجتهاد في ال�شريعة �أو
ال؟» ،وهي �أنّ االجتهاد بالمعنى الأوّل للكلمة ال يجوز من وجهة نظر مدر�سة �أهل
البيت ،Rوهو �ضروريّ بمعناه الأخير.
65
خال�صة الدر�س
ظه���رت الحرك���ة الأخباريّ���ة في الق���رن الحادي ع�ش���ر الهجري ،وه���ي اتجا ٌه
متطر ٌّف يدعو �إلى التَّـعـبُّد فقط بالبيان ال�شرعيّ من �أخبا ٍر و�أحاديث ،ويُنكر دور
العق���ل في مختلف الميادين ،لأنّ العقل عر�ض��� ٌة للخط�أ ،وي�شنُّ حمل ًة �شديد ًة �ض ّد
االجتهاد �أي�ضاً .وقد وجدت هذه الحركة داخل نطاق الفكر الإماميّ .
يمكن تلخي�ص دعوى الأخباريّين و�آرائهم في النقاط التالية:
1ـ �إنكار حجيّة ظهورات القر�آن.
67
�سا�سلة مداخل العلوم
68
الدرس السابع
أهداف الدرس
األصولي.
ّ 1 .1أن يتعرّف إلى مدرسة ما قبل التأليف
األصولي.
ّ 2 .2أن يتعرّف إلى مدرسة بداية التأليف
وأهم
ّ أهم رجاالت هذه المدارس
3 .3أن يتعرّف إلى ّ
كُ تبها.
69
�سا�سلة مداخل العلوم
70
تمهيد
مدخل �إىل علم الأ�صول
((( م�سند �أحمد بن حنبل (ت 241:هـ) /دار �صادر ،بيروت ـ لبنان /ج � 1ص .325
1ـ محمّ���د بن علي ب���ن الح�سين قال وقال ال�صادق« :Qك ّل �ش���ي ٍء مطلقٌ
حتّى يرد فيه نهيٌ »(((.
ـ وع���ن �أب���ي عبد اهللQقال :قال ر�سول اهلل« :Pو�ض���ع عن �أمّ تي ت�س���ع
خ�ص���الٍ :الخطاء والن�س���يان وما ال يعلمون وما ال يطيقون وما ا�ض���طروا �إليه
وما ا�ستكرهوا عليه .(((»...
2ـ محمّ���د ب���ن يحيى وغيره ،عن محمّ���د بن �أحمد ،عن الح�س���ن بن الح�سين
الل�ؤل����ؤيّ ب�إ�سن���اده قال :قال �أبو عب���د اهلل« :Qالماء ك ّل���ه طاهر حتى
مدخل �إىل علم الأ�صول
((( الح ّر العامليّ (ت 1104 :هـ) :و�سائل ال�شيعة /م�ؤ�سّ �سة �آل البيت Rلإحياء التراث ،قم ـ �إيران ،ط .الثانية 1414هـ/
باب :جواز القنوت بغير العربية مع ال�ضرورة ،الحديث ،3ج � 6ص .298
73 الثالثة ط. إيران، � ـ طهران ّة،
ي إ�سالم ل ا ���ب ت الك دار ((( الكلين���يّ ( :ت 329 :ه���ـ) :الكافي /ت�صحيح وتعليق :علي �أكبر الغفّاري،
1363هـ �ش /.باب ما رفع عن الأمّة ،الحديث الثاني ،ج � 2ص .463
(((الكلين���يّ ( :ت 329 :ه���ـ) :الكافي /ت�صحيح وتعلي���ق :علي �أكبر الغفّاري ،دار الكتب الإ�سالميّ���ة ،طهران ـ �إيران ،ط .الثالثة
1363هـ �ش /.باب طهور الماء ،الحديث الثاني ،ج � 3ص .1
لإحياء التراث ،قم ـ �إيران ،ط .الثانية 1414هـ/ R ((( الح ّر العامليّ (ت 1104 :هـ) :و�سائل ال�شيعة /م�ؤ�سّ �سة �آل البيت
باب :عدم جواز الق�ضاء والحكم بالر�أي واالجتهاد ،الحديث ،52ج � 27ص .61
((( الح ّر العامليّ (ت 1104 :هـ) :و�سائل ال�شيعة /م�ؤ�سّ �سة �آل البيت Rلإحياء التراث ،قم ـ �إيران ،ط .الثانية 1414هـ/
باب :وجوب الرجوع في الق�ضاء والفتوى �إلى رواة الحديث من ال�شيعة ،الحديث ،33ج � 27ص .147
الثان���ي :وج���ود بع�ض الكت���ب والم�ؤلفات في م�سائل �أ�ص���ول الفقه ،لأ�صحاب
الأئمّة:R
1ـ ه�ش���ام بن الحك���م (ت199 :هـ) :وهو يع ّد �شي���خ المتكلّمين في الأ�صوليين
الإماميّ���ة ،من حواريي الإم���ام ال�صادق� .Qصنّف كتاب��� ًا في مباحث
باب في علم الأ�ص���ول ،وهو �أوّل كتاب �ألّف الألف���اظ ،ال���ذي يع ّد �أكبر و�أهمّ ٍ
في هذا العلم،
2ـ يون����س بن عبد الرحمن :ق���ال عنه النجا�شي« :مولى عل���يّ بن يقطين بن
مو�س���ى ،مول���ى بني �أ�س���د� ،أب���و محمّد :كان وجه���اً في �أ�ص���حابنا متقدماً،
((( النجا�شيّ (ت 450 :هـ) :رجال النجا�شيّ /م�ؤ�سّ �سة الن�شر الإ�سالميّ التابعة لجماعة المدرّ�سين ،بقم الم�شرفة ـ �إيران ،ط.
الخام�سة 1416هـ /الرقم � 1208ص .447
((( ابن النديم (ت 438 :هـ) /الفهر�ست /تحقيق تجدد ـ ر�ضا /طهران� /ص .225
((( النجا�شيّ (ت 450 :هـ) :رجال النجا�شيّ /م�ؤ�سّ �سة الن�شر الإ�سالميّ التابعة لجماعة المدرّ�سين ،بقم الم�شرفةـ �إيران ،ط.
الخام�سة 1416هـ /الرقم � 148ص .63
األصولي
ّ المدر�سة الثانية :بداية التأليف
وهي المرحلة التي بد�أ فيها الفقهاء من �أتباع مدر�سة �أهل البيت Rبت�أليف
الكت���ب في خ�صو�ص ه���ذا العلم ،و�إن كانت ف���ي بدايتها غير متط���وّرةٍ ،وبدائ ّيةٍ،
ولكن تع ّد ف���ي مجالها باكور ًة وافتتاح ًا لعلمٍ جديدٍ ،فكانت هذه الم�ؤلّفات ال�سبب
الأ�سا�س لتطوّر علم الأ�صول ،وبروز مدار�س جديدة متطوّرة.
�أه ّم علماء الأ�صول في هذه المدر�سة:
1ـ ال�شيخ ابن �أبي عقيل :وهو �أبو محمّد الح�سن بن عليّ بن �أبي عقيل النعمانيّ
مدخل �إىل علم الأ�صول
الحذّاء� :أوّل من �ألّف في علم الأ�صول كتاب ًا يحمل عنوان «المتم�سّ ك بحبل
�آل الر�س���ول» ،كان معا�ص���ر ًا لل�شي���خ محم���د ب���ن يعقوب الكلين���ي ،ولل�شيخ
ال�صدوق علي بن بابويه القميّ .
2ـ ال�ش���يخ اب���ن الجني���د :وهو �أبو عل���ي محمّد بن �أحمد بن جني���د الإ�سكافيّ :
اقتف���ى �أثر ابن �أبي عقيل ،فكان له في هذا المج���ال كتابان :الأوّل (ك�شف
التمويه والإلبا�س على �أغمار ال�شيعة في �أمر القيا�س) ،والثاني (�إظهار ما
�ست���ره �أهل العناد من الرواية عن �أئمّة العترة في �أمر االجتهاد) ،ذكرهما
النجا�ش���يّ �ضم���ن فهر�س���ت كبيرٍ ب�أ�سم���اء كتبه قائ ًال ف���ي حقّه�« :أب���و عليّ
الكاتب الإ�سكافي وجه في �أ�صحابنا ،ثقةٌ ،جليل القدر� .صنّف ف�أكثر»(((،
«قيل :مات بالري �سنة 381هـ»(((.
3ـ ال�ش���يخ المفي���د :وهو �أبو عب���د اهلل محمّد بن محمّد ب���ن النعمان :الملقّب
75 بالمفيد ،قال عنه النجا�شيّ �« :ش���يخنا و�أ�س���تاذنا (ر�ض���ي اهلل عنه) .ف�ضله
�أ�شهر من �أن يو�صف في الفقه والكالم والرواية والثقة والعلم .له كتب:
((( النجا�شيّ (ت 450 :هـ) :رجال النجا�شيّ /م�ؤ�سّ �سة الن�شر الإ�سالميّ التابعة لجماعة المدرّ�سين ،بقم الم�شرفةـ �إيران ،ط.
الخام�سة 1416هـ /الرقم � 147ص .385
((( القميّ ـ عبا�س(ت :)1359 :الكنى والألقاب /من�شورات مكتبة ال�صدر ،طهران ـ �إيران /ج � 2ص .27
(ذكره���ا وع��� ّد منه���ا) كتاب جواب الم�س���ائل ف���ي اختالف الأخب���ار ،كتاب
م�س�أل ٍة في القيا�س مخت�صر ،كتاب م�س�ألة في الإجماع ،كتاب في القيا�س،
كت���اب النك���ت في مق ّدم���ات الأ�ص���ول ... ،ماتMليل���ة الجمعة لثالث
(ليالٍ ) خلون من �ش���هر رم�ض���ان �س���نة 413هـ ،وكان مول���ده يوم الحادي
ع�شر من ذي القعدة �سنة 336هـ ،و�صلّى عليه ال�شريف المرت�ضى»(((.
م�ش���ايخه :ق���ر�أ على كثيرٍ من العلماء ورواة الآثار م���ن المدر�ستين� ،أ�شهرهم
الخا�صة ال�شيخ جعف���ر بن محمّد بن قولويه القميّ ،وال�شيخ ال�صدوق ّ م���ن م�شايخ
�أبو جعفر بن بابويه القميّ ،و�أبو ح�سن �أحمد بن الوليد ،و�أبو غالب الزراريّ .
((( النجا�شيّ (ت 450 :هـ) :رجال النجا�شيّ /م�ؤ�سّ �سة الن�شر الإ�سالميّ التابعة لجماعة المدرّ�سين ،بقم الم�شرفة ـ �إيران ،ط.
الخام�سة 1416هـ /الرقم � 1067ص 399ـ .402
((( النجا�شيّ (ت 450 :هـ) :رجال النجا�شيّ /م�ؤ�سّ �سة الن�شر الإ�سالميّ التابعة لجماعة المدرّ�سين ،بقم الم�شرفة ـ �إيران ،ط.
الخام�سة 1416هـ /الرقم � 708ص 270ـ .271
ـ �أبرز تالمذة المرت�ضى:
�أ -ال�ش����يخ الطو�س����يّ :رئي����س الطائفة وهو محمّد ب���ن الح�سن الطو�س���يّ ( 385ـ 460هـ).
ب -اب���ن �س�ّل�ااّ ر :وهو حمزة بن عبد العزي���ز الديلميّ الملقّب ب�سلاّ ر ،المتوفي
خا�صة �أ�صحاب المرت�ضى ،عيّنه ال�سيّد نائب ًا عنه في البالد �سنة 463هـ ،كان من ّ
الحلبيّة ،وكان من �أبرز علماء الإماميّة و�أعاظمها.
ج -القا�ض���ي الب���رّاج :وهو عبد العزيز بن الب���رّاج الطرابل�سيّ ،المتوفّى �سنة
481ه���ـ ،ا�ستل���م الق�ضاء ف���ي طرابل�س م���دّة ع�شرين �سنة .كان وجه��� ًا من وجوه
مدخل �إىل علم الأ�صول
الإماميّة وفقهائهم.
د -القا�ض���ي محمّ���د ب���ن عل���يّ �أب���و الفت���ح الكراجكيّ :وهو م�ؤلّ���ف كتاب كنز
الفوائد ،المتوفّى �سنة 449هـ.
مالمح المدرسة
تق���دّم �أنّه ف���ي المدر�سة الأولى كان الفق���ه عبار ًة عن نقل الأح���كام ال�شرعيّة
عبر الأحاديث والروايات عن المع�صوم ،Qوا�ستعرا�ض للن�صو�ص� ،أما هذه
المدر�سة ف�أهمّ ميّزاتها:
1ـ �أنه���ا ب���د�أت معالجة الن�صو����ص والروايات ،من خالل ا�ستخ���دام القواعد
والأ�ص���ول .فمن ع�صر ابن الجنيد حتى ع�ص���ر الطو�سيّ تحوّلت عملية ا�ستنباط
الحك���م ال�شرع���يّ من عر����ض الن�صو����ص �إل���ى عمليّة فكريّ���ة ت�ستعم���ل القواعد
خا�ص ٍةٍ .نع���م لم تبلغ هذه القواع���د مرحلة الر�شد،
والأ�ص���ول ،تبتن���ى على �أ�س�س ّ
77
«ول���م تتجاوز في الغال���ب مباحث الألفاظ والأوام���ر والنواهي ودالالت هيئات
الألفاظ وموادها»(((.
((( ال�شهي���د الثان���ي (ت 966 :هـ)� /شرح اللمعة الدم�شقيّة /تحقيق ال�سي���د محمّد كالنتر /من�شورات جامعة النجف الدينيّة،
ط .الثانية 1398هـ /ج � 1ص .65
2ـ انف�ص���ال البحث الأ�صوليّ عن البح���ث الفقهيّ .فقد كان من المتعارف �أن
تُبحث القواعد الأ�صوليّة �أثناء وفي طيّات البحث الفقهيّ � ،اّإل �أنّه في هذه المرحلة
انف�صل البحث الأ�صوليّ على حد ٍة و�أفردت �أبحاثه ب�شكل م�ستقلٍّ ،ممّا �ساعد على
ظهور مالمح علمٍ م�ستقلٍّ جديد با�سم (علم �أ�صول الفقه)(((.
3ـ ح���اول ال�سيّ���د المرت�ضى في ه���ذه المرحلة �أن يف�صل بي���ن مباحث �أ�صول
العقائ���د ،و�أبحاث �أ�صول الفقه ،كما ي�شير �إلى ذل���ك نف�س ال�سيّد في بداية كتابه
المو�سوم بالذريعة.
4ـ وم���ن �أبرز مالمح هذه المرحلة ه���و ما روّج له ال�سيّد المرت�ضى من نظريّة
�إل���ى الإم�ل�ال ،وال باخت�ص���ار �إل���ى الإخالل ...فق���د وجدت بع�ض م���ن �أفرد في
�أ�ص���ول الفقه كتاباً ،و�إن كان قد �أ�ص���اب في كثيرٍ من معانيه و�أو�ضاعه ومبانيه،
قد �شرد من قانون �أ�صول الفقه و�أ�سلوبها ،وتعدّاها كثيراً وتخطّ اها»((( .وحيث
كان ه���ذا الكتاب مو�ضع اهتم���ام ودرا�سة طلبة العلوم� ،شُ ���رح عدّة �شروح ،منهم
�ش���ر ٌح للعلاّ مة الحلّ���يّ ،ولخّ �صه ال�شيخ الطو�سيّ ،وبقي ه���و الكتاب المعتمد حتى
�صنّف كتاب المعارج الآتي الذكر.
79
((( المرت�ضى ـ علم الهدى (ت 436 :هـ) :الذريعة في علم �أ�صول ال�شريعة /ت�صحيح �أبي القا�سم رجي /طبعة دان�شكاه طهران
1346هـ �ش .ج � 1ص .2
خال�صة الدر�س
�أ�سـئلـة الـدر�س
مدر�سة الخالفة؟
2 .2ما هي �سمات المدر�سة الأ�صوليّة الأولى؟
3 .3ما هي �سمات المدر�سة الأ�صوليّة الثانية؟
�4 .4أذكر ثالث ًة من علماء المدر�سة الأ�صوليّة الثانية.
81
�سا�سلة مداخل العلوم
82
الدرس الثامن
المدارس األصوليـّة()2
مدخل �إىل علم الأ�صول
أهداف الدرس
األصولي.
ّ 1 .1أن يتعرّف إلى مدرسة االزدهار
وأهم
ّ 2 .2أن يتع���رّف عل���ى علم���اء هذه المدرس���ة
كتبها.
وأهم رجاالتها.
ّ 3 .3أن يستذكر الحركة األخباريّة
83
�سا�سلة مداخل العلوم
84
األصولي
ّ المدر�سة الثالثة :االزدهار
مدخل �إىل علم الأ�صول
وه���ي المرحل���ة التي ازدهر فيها عل���م الأ�صول ،و�إن لم ي�ص���ل �إلى ما هو عليه
الي���وم ،لكنّ���ه ترقّى وازدهر ب�شكلٍ بارزٍ لم يكن عليه ف���ي ع�صر المرت�ضى ،لذلك
ال يمك���ن اعتباره �ضمن المدر�سة الثانية ،كما وال يمكن عدّه �ضمن مدر�سة الرقيّ
الأخي���رة حيث و�صل عل���م الأ�صول �إلى نهاي���ة تطوّره ،و�إنّما كان ف���ي زمن ال�شيخ
الطو�سيّ في المرحلة البرزخيّة المتو�سّ طة بين البدائيّة والرقيّ .
((( بح���ر العلوم( :ت 1212:ه���ـ) :الفوائد الرجاليّة /تحقيق :محمّد �صادق بحر العل���وم /مكتبة ال�صادق ،طهران ،ط .الأولى
1363هـ �ش .ج � 3ص .228
المرت�ض���ى ،ق�س ٌم من���ه في �أ�صول الدين ،والآخر في �أ�ص���ول الفقه ،وهو �أب�سط ما
�ألّف في هذا الفنّ عند القدماء.
مكانته العلميّة
يعتب���ر ال�شي���خ الطو�سيّ �أوّل من فتح ب���اب االجتهاد المطلق عل���ى م�صراعيه،
ونظّ ���م مناه���ج اال�ستنب���اط واالجته���اد ،و� ّأ�صل الأ�ص���ول ،وو�ضع مناه���ج البحث
الأ�صول���يّ ،وف���رّع الم�سائل ،وو�ضع �أ�ص���ول درا�سة المقارن���ة الخالفيّة في الفقه.
وه���ذا الجهد العلم���يّ الإيجابي الجبّار ولّ���د ر ّد فعلٍ عك�س ّياً؛ حي���ث �أبهر العقول،
مدخل �إىل علم الأ�صول
فتوقف���ت الحركة الفكريّة وجمدت عند �آراء ال�شيخ ،الذي تربّع على عر�ش الفقه،
م���دّة قرنٍ من الزمن تقريباً ،فلم يج���ر�ؤ فيها �أح ٌد من العلماء على مخالفة ر�أيه،
في الفقه والأ�صول والتف�سير والحديث وغير ذلك من العلوم« ،وقد �أ�سند جماع ٌة
من العلماء ذلك الركود الغريب �إلى ما حظي به ال�ش���يخ الطو�س���يّ من تقديرٍ
عظي���مٍ في نفو����س تالمذته ،رفعه في �أنظارهم عن م�س���توى النقد ،وجعل من
باعترا�ض �أو يخ�ضع لتمحي�ص. ٍ �آرائه ونظريّاته �شيئاً مقدّ�ساً ،ال يمكن �أن ينال
ال عن �أبيه {� :أن �أكثر ففي المعالم كتب ال�ش���يخ ح�س���ن بن زين الدين ناق ً
الفقهاء الذين ن�ش����ؤوا بعد ال�ش���يخ كانوا يتبعونه في الفت���وى تقليداً له ،لكثرة
اعتقاده���م فيه وح�س���ن ظنّهم به .وروي عن الحم�ص���يّ ،وهو ممّن عا�ص���ر تلك
الفترة� ،أنّه قال :لم يب َق للإماميّة مفتٍ على التحقيق ،بل كلّهم حاكٍ »(((.
87
(((
2ـ ابن �إدري�س
محمّ���د بن �إدري�س العجل���يّ الحليّ المتولّد حدود 543ه���ـ والمتوفي �سنة 598
((( ال�صدر ـ محمد باقر(ت1400:هـ) :المعالم الجديدة للأ�صول /مكتبة النجاح طهران ،ط .الثانية 1975م� .ص .67
((( راجع :الحليّ ـ ابن �إدري�س :ال�سرائر /م�ؤ�سّ �سة الن�شر الإ�سالميّ التابعة لجماعة المدرّ�سين بقم الم�شرّفة ،ط .الثانية 1410
هـ ج� 1ص 4مقدّمة في ترجمة الم�ؤلف.
ه���ـ ،ا�شته���ر ب�صاحب ال�سرائ���ر ،وله ت�صانيف كثي���رةً ،فقيه الإماميّ���ة وعالمهم،
كانت بف�ضل جهوده بداية خروج الفكر العلميّ عن دور التوقّف الن�سبيّ ،حيث بثّ
ف���ي الفكر العلميّ روح ًا جديدةً ،وكان كتاب���ه الفقهيّ (ال�سرائر) الحاوي لتحرير
الفت���اوى� ،إيذان ًا ببلوغ الفك���ر العلميّ في مدر�سة ال�شيخ �إل���ى م�ستوى التفاعل مع
�أفكار ال�شي���خ الطو�سيّ ونقدها وتمحي�صها ،ذكر ف���ي كتابه ا�ستدالالته بالقواعد
الأ�صوليّة ،وكيف فرّع الفروع على الأ�صول.
3ـ المحقّق الحلّيّ
نج���م الدين �أبو القا�سم جعفر بن الح�سن الحل���يّ الملقّب بالمحقّق ،ولد �سنة
((( القميّ ـ عبا�س(ت :)1359 :الكنى والألقاب /من�شورات مكتبة ال�صدر ،طهران ـ �إيران /ج � 3ص .154
وعلمة قال ابن داود ـ وهو من معا�صريه ـ عند ذكره� ...« :شيخ الطائفة ،اّ
وقته ،و�صاحب التحقيق والتدقيق ،كثير الت�صانيف ،انتهت رئا�سة الإماميّة
�إليه في المعقول والمنقول»((( .تتلمذ على يد خاله المحقّق الحليّ ،ويد ال�شيخ
ن�صير الدين الطو�سيّ في الفل�سفة والكالم ،فجمع بين الثقافتين .وقد �سيطرت
�أفكاره العلميّة و�آرا�ؤه على من بعده تمام ًا كما جرى مع ال�شيخ الطو�سيّ ،حيث
ظلّت كتبه العلميّة ُت��د ّر���س في ال��ح��وزات ،و�آرا�ؤه تتناقل في مجاليّ الأ�صول
والفقه.
مدخل �إىل علم الأ�صول
الحا�ض���ر .وتمثّل �آرا�ؤه ر�أي الم�شهور من العلماء .وهذا �إن دلّ على �شيءٍ فهو يدلّ
عل���ى عظمة هذا الرج���ل العلميّة ،وعلى �أنّه قد و�صل بالفق���ه �إلى مدارجه العليا،
وف���رّع الف���روع على القواع���د الأ�صوليّة ،وا�ستط���اع �أن يتتلمذ عل���ى يديه عدد من
العلم���اء� ،أبرزه���م ال�سيّد �أبو طالب �أحمد ب���ن القا�سم بن زه���رة الح�سينيّ ،و�أن
يربّي جي ًال من العلماء ترعرع على مائدة كتبه العلميّة.
ومن �أب���رز كتبه الفقهيّة :اللمعة الدم�شقيّة ،ال���ذي كتبه في غ�ضون �ستة �أيّام،
و�شرح���ه ال�شهي���د الثاني ف���ي كتابه الرو�ض���ة البهيّة ،وم���ا زال كتاب��� ًا درا�س ّي ًا في
الحوزات حتى ع�صرنا الحا�ضر.
و�أم���ا ف���ي الأ�ص���ول :ف�صنّف (جام���ع البين من فوائد ال�شرحي���ن) ،جمع فيه
فوائ���د �ش���رح ال�سيّد عمي���د الدي���ن ،وال�سيّد �ضي���اء الدين لكت���اب تهذيب طريق
الو�ص���ول �إل���ى علم الأ�ص���ول ،وزاد عليه فوائد ُ�أخ���ر وله في الأ�ص���ول �أي�ض ًا �إلهام
91 القواعد والفوائد.
7ـ ال�شهيد الثاني
هو ال�شيخ زين الدين بن علي بن �أحمد الجبعيّ العامليّ ( 911هـ ـ 965هـ).
((( ال�شاكريّ ـ ح�سين :ربع قرن مع العالمة الأمينيّ /مطبعة �ستاره� ،إيران /ط .الأولى 1417هـ� ،ص 181ـ .183
نج��� ٌم الم ٌع في �سم���اء الفقه الإ�سالميّ .وكانت حياته حي���ا ًة طيّب ًة مثمرةً� ،آتت
���رات طيب ًة ف���ي الفقه وعلوم ال�شريعة .فقد ُقدّر لل�شهي���د الثاني �أن يخلّف بعده ثم ٍ
تراث ًا فقه ّي ًا ،وثرو ًة فكر ّي ًة �ضخمةً ،تداولها من بعده الفقهاء بالتدري�س والتحقيق
والبح���ث .كما �أتي���ح ل���ه �أن يرتبط ارتباط��� ًا وثيق ًا ب�سائ���ر المذاه���ب الإ�سالميّة
الفقهيّ���ة ،ويقر�أ الفق���ه والدرا�سات العقائديّة على مختل���ف المذاهب الإ�سالميّة
.ف���كان يدرّ�س الفقه ف���ي (بعلبكّ ) على المذاهب الخم�س���ة ،وي�ستعر�ض ر�أي ك ّل
مذهب من المذاهب الخم�سة ,وي�شفعه بما ي�ستدلّ له ،ثمّ يقارن فيما بينها. ٍ
فت���ح عهد ًا جديد ًا في مدر�سة الحلّ���ة ،حيث كانت �آراء العلاّ مة الحلّيّ تتناقلها
الدرا�سيّ���ة منذ زمن ت�أليفه حتى الي���وم ،ويوجد عليه عد ٌد من الحوا�شي وال�شروح
العربيّة والفار�سيّة.
الحركة األخباريّة
وقد ظه���رت في القرن الحادي ع�ش���ر الحركة الأخباريّ���ة والنزعة الحديثيّة.
وكان له���ا مواق���ف �سلبيّ���ة �ض ّد الأ�ص���ول وعلمائه ،فت�ص���دّى لها ع���د ٌد من علماء
الأ�صول ،دافعوا عنه ب�شرا�سةٍ ،وكان لهم الدور البارز في رقيّ هذا العلم وتطوّره.
�أبرزهم:
10ـ الفا�ضل التونيّ
عب���د اهلل ب���ن محمّ���د الب�ش���رويّ ،توفي �سن���ة 1059هـ ف���ي كرمان�ش���اه� ،أثناء
زيارت���ه العتبات المقدّ�سة في العراق .له كتاب (الوافية) في الأ�صول ،كتبت عليه
93 الحوا�شي وال�شروح ل�شدّة االهتمام به.
11ـ المحقّق ال�سيّد ح�سين الخون�ساريّ
المتوفي �سنة 1098هـ ،برزت في �أبحاثه الأ�صوليّة ال�صبغة الفل�سفيّة ،وتظهر
�أفكاره الأ�صوليّة في كتابه الفقهيّ (م�شارق ال�شمو�س في �شرح الدرو�س).
12ـ �سلطان العلماء
ح�سي���ن بن رفيع الدين محمّد الح�سينيّ ،توفي �سنة 1064هـ .له حا�شية على
كتاب المعالم.
13ـ المحقّق ال�شيروانيّ
محمّد ب���ن الح�سن ،توفي �سنة 1099هـ في الم�شهد الر�ضويّ ،له حا�شية على
كتاب المعالم.
مالمح المدرسة
خال�صة الدر�س
المدر�س���ة الثالث���ة؛ االزده���ار الأ�صول���يّ :ال يمكن ع���دّه �ضمن مدر�س���ة الرقيّ
مدخل �إىل علم الأ�صول
الأخي���رة حيث و�صل عل���م الأ�صول �إلى نهاي���ة تطوّره ،و�إنّما كان ف���ي زمن ال�شيخ
الطو�سيّ في المرحلة البرزخيّة المتو�سّ طة بين البدائيّة والرقيّ .ومن �أبرز علماء
هذه المدر�سة:
ال�شيخ الطو�سيّ ،ابن �إدري�س الحل���يّ ،المحقّق الحليّ ،والعالمة الحليّ ،وفخر
المحقّقي���ن ،وال�شهي���دان الأوّل والثان���ي ،وال�شي���خ البهائ���يّ ،و�صاح���ب المعالم،
والفا�ضل التوني ،والمحقّق الخون�ساريّ ،و�سلطان العلماء ،والمحقّق ال�شيروانيّ .
�أ�سـئلـة الـدر�س
96
الدرس التاسع
أهداف الدرس
لألصول.
97
�سا�سلة مداخل العلوم
98
من �أبرز من واجه الحركة الأخباريّة وا�ستطاع �أن يق�ضي عليها ،ويُ�شيّد �أركان
مدخل �إىل علم الأ�صول
((( راج���ع الأمي���ن(ت )1371 :ـ مح�س���ن� /أعيان ال�شيعة /تحقيق ح�سن الأمين ،دار التع���ارف للمطبوعات ،بيروت ـ لبنان ،ط.
1983م /.ج � 9ص .182
الدور األول
يتمثل بتالمذة البهبهانيّ �أمثال:
ا ـ ال�سيّ���د مه���دي بحر العل���وم الطباطبائ���يّ النجفيّ ((( :ولد ف���ي كربالء �سنة
1155ه���ـ ،وتوفّي في النجف �سنة 1212هـ� .ألّف القواعد الأ�صوليّة ،و�شرح كتاب
الوافية للفا�ضل التونيّ .
2ـ ال�شيخ جعفر بن خ�ضر النجفي المعروف بكا�شف الغطاء((( :توفّي في
النجف �سنة 1227هـ� .ألف كتاب ك�شف الغطاء ذكر في مقدمته مخت�صر ًا
في �أ�صول الفقه .يع ّد هذا الكتاب من �أنف�س الكتب العلميّة في المعاهد
الدور الثاني
وقد ح�صل التقدّم في هذه المرحلة على يد جمع من العلماء �أبرزهم:
1ـ �صاح���ب الهداي���ة :محمّ���د تقي ب���ن عبد الرحي���م الطهران���يّ الأ�صفهانيّ ؛
المتوفي �سنة 1248هـ .له كتاب هداية الم�ستر�شدين ،وهو �شرح على كتاب معالم
الأ�صول.
2ـ �صاح���ب الف�صول :محمّد ح�سن بن عب���د الرحيم الأ�صفهانيّ ؛ المتوفي في
كربالء �سنة 1261هـ .له كتاب الف�صول في علم الأ�صول ،وهو من �أح�سن ما كتب
في هذا العلم ،و�أجمعها للتحقيق والتدقيق.
3ـ �شريف العلماء :محمّد �شريف بن ح�سن علي الآمليّ المازندرانيّ ؛ توفي في
كربالء بمر�ض الطاعون �سنة 1245هـ.
ق���دّر له �أن يربّ���ي عدد ًا من العلم���اء �أ�صبحوا من كب���ار المحقّقين ،كالمحقّق 101
الدور الثالث
ارتق���ى علم الأ�صول �إلى �آخر درجات الرقيّ على يد ال�شيخ الأعظم وتالمذته،
فكانت مدر�سة الأ�صول الحاليّة .وك ّل من جاء بعد ال�شيخ الأعظم ترعرع في كنف
�أفكار مدر�سته .ونحن نذكر ال�شيخ الأن�صاريّ و�أبرز طالبه ومروّجي مدر�سته.
(((
ـ ال�شيخ الأن�صاريّ 102
مرت�ض���ى بن محمّد �أمين .ولد في دزفول �سنة 1214هـ وتوفي في النجف �سنة
1281هـ.
((( راج���ع الأن�ص���اريّ ـ محمّد عل���ي :المو�سوعة الفقهيّة المي�سّ رة /من�ش���ورات مجمع الفكر الإ�سالميّ ،ق���م ـ �إيران ،ط .الأولى
1415هـ،ج� 1ص .567
حياته العلميّة
در����س المقدم���ات على يد والده الذي �سافر به ليتتلم���ذ على يد ال�سيّد �شريف
العلم���اء ،فبق���ي عنده مدّة عامٍ واح���دٍ في كربالء ،ثمّ انتقل �إل���ى النجف ليدر�س
عل���ى ي���د ال�شيخ كا�شف الغط���اء ،ثمّ �أخذ بالتج���وال في بالد �إي���ران للتعرّف �إلى
ال�شخ�صيّ���ات العلميّة واال�ستفادة من �آرائهم ،فالتقى بال�سيّد محمّد باقر ال�شفتيّ
ف���ي �أ�صفهان ،ثمّ ح�ضر در�س العلاّ مة النراقيّ في كا�ش���ان مدّة �أربعة �أعوام ،ثم
زار م�شه���د الر�ض���ا ،Qوا�ستق ّر من �سفره في م�سق���ط ر�أ�سه دزفول ،ليبا�شر
التدري�س والت�أليف.
مدخل �إىل علم الأ�صول
لكنّ���ه ع���اد �إلى النجف ليح�ضر در����س الفقيه ال�شيخ علي كا�ش���ف الغطاء مدّة
خم�س���ة �أع���وام .وبعد وف���اة �أ�ستاذه ب���د�أ بالتدري�س ف���ي النج���ف � .اّإل �أنّ الزعامة
العلميّة كانت ل�صاحب الجواهر ،لكنها انتقلت لل�شيخ بعد وفاته مبا�شرةً ،بتعيينٍ
من �صاحب الجواهر لما كان يرى فيه من الأهليّة والكفاءة ،وا�ستلم زمام زعامة
الطائفة ال�شيعيّة التي قلّدته ك ّل �ش�ؤونها.
لق���د كان لل�شي���خ الأعظم ال���دور البارز في تفعي���ل حركة الأ�ص���ول ،وتعميقه،
وتهذي���ب هذا العلم وترتيبه ب�شكلٍ �أخرج���ه بحلّة جديد ٍة لم تكن من قبل .ولذلك
يعتبر ال�شيخ الم�ؤ�س�س لهذا العلم بهذا اللحاظ ،و�أ�صبح فهم مراد ال�شيخ والو�صول
�إليه دلي ًال على تبحّ ر المحقّقين.
((( راج���ع :الأمي���ن(ت )1371 :ـ مح�سن� /أعيان ال�شيعة /تحقيق ح�سن الأمي���ن ،دار التعارف للمطبوعات ،بيروت ـ لبنان ،ط.
1983م /.ج � 1ص 147و ج� 3ص .120
ـ المحدّث ح�سين النوريّ �صاحب م�ستدرك الو�سائل( 1254ـ 1320هـ).
ـ ال�شيخ ال�شهيد ف�ضل اهلل بن مال عبا�س النوريّ .انتقل �إلى طهران و�أ�صبح من
الأعالم الذين يُ�شار �إليهم بالمكانة والعلم .وقد �أعدم فيها �سنة 1327هـ بق�ضية
الم�شروطة والم�ستبدّة(((.
ـ ال�سيّد محمّد كاظم اليزديّ (ت 1337 :هـ) �صاحب كتاب العروة الوثقى.
ـ ال�سيّد �إ�سماعيل ال�صدر( 1353ـ 1400هـ).
ـ المحقّق محمّد كاظم الخرا�سانيّ (ت 1329 :هـ) �صاحب كفاية الأ�صول.
مدخل �إىل علم الأ�صول
((( راج���ع :ال���روزدريّ ـ المولى علي(ت 1290 :هـ) :تقري���رات المجدد ال�شيرازيّ /تحقيق :م�ؤ�سّ �س���ة �آل البيت Rلإحياء
التراث ،قم ـ �إيران /ط .الأولى 1409هـ ج� 1ص .23
كان يه���رب م���ن المرجعيّة والفتوى ل�ش���دّة ورعه واحتياطاته ،فتف���رّغ للت�أليف
والتدري����س ،وا�شته���ر ببيانه ال�ساح���ر ال �سيما في المطالب المعقّ���دة ،كما وترك
لط�ل�اب العلوم تراث��� ًا �ضخماً ،و�أب���رز م�ؤلفاته كت���اب بدائع الأ�ص���ول ،وتقريرات
�أ�ستاذه.
(((
4ـ الآخوند الخرا�سانيّ
هو المحقّق المال محمّد كاظم الم�شهور بالآخوند الخرا�سانيّ ،ولد في هرات
�سنة 1255هـ من قرى خرا�سان ،وتوفّي في النجف �سنة 1329هـ.
توجّ ���ه �إلى �سبزوار في �إيران و�أخ���ذ فيها الفل�سفة على يد الحكيم المال هادي
((( راج���ع :المازندرانيّ ـ مو�س���ى الح�سينيّ :العقد المنير /المطبعة الإ�سالميّة /من�ش���ورات :مكتبة ال�صدوق ،طهران ـ �إيران،
ط .الثانية 1382هـ �ش� .ص .444
(((
2ـ الآغا �ضياء الدين العراقيّ
�ضياء الدين بن محمّد العراقيّ النجفيّ .ولد �سنة 1287هـ وتوفّي في النجف
�سن���ة 1361هـ.در����س المقدّمات ف���ي بلده ثم هاج���ر �إلى �أ�صفه���ان ليدر�س عند
�أعالمه���ا ،ث���مّ عاد �إلى النج���ف وح�ضر عند ال�سيّ���د محمّد الف�شارك���يّ والآخوند
الخرا�سانيّ ،وال�سيّد كاظم اليزديّ ،و�شيخ ال�شريعة الأ�صفهانيّ .
والتف
عُ رف بنبوغه المبكر وعذوبة منطقه وحُ �سن �إلقائه ،فا�شتهر بالتدري�س ّ
حول���ه عد ٌد من طالب العلوم .و�شاع ا�سمه بعد وفاة �أ�ستاذه الآخوند .وظ ّل يدرّ�س
مدّة ثالثين �سنةٍ� .ألّف كتاب مقاالت الأ�صول.
((( راجع :العراقيّ ـ �ضياء الدين :روائع الأمالي في فروع العلم الإجمالي /النا�شر :م�ؤ�س�سة الن�شر الإ�سالميّ ط ،1414 .مقدّمة
الكتاب �ص .3
((( راجع :ال�شاكريّ ـ ح�سين :ربع قرن مع العالمة الأمينيّ /مطبعة �ستاره� ،إيران /ط .الأولى 1417هـ� ،ص .24
خال�صةالدر�س
ال���دور الثان���ي :قد ح�صل التقدّم في ه���ذه المرحلة على يد جم���ع من العلماء
م���ن �أبرزهم� :صاح���ب الهداية ،و�صاح���ب الف�صول ،و�شريف العلم���اء ،و�صاحب
الجواهر.
ال���دور الثال���ث :ارتقى علم الأ�ص���ول �إلى �آخر درج���ات الرقيّ عل���ى يد ال�شيخ
الأعظ���م وتالمذته ،فكان���ت مدر�سة الأ�ص���ول الحاليّة .وك ّل من ج���اء بعد ال�شيخ
الأعظم ترعرع في كنف �أفكار مدر�سته.
�أ�سـئلـة الـدر�س
110