Professional Documents
Culture Documents
سلسلة الطواغيت ومشايخ السوء-إذاعة البيان
سلسلة الطواغيت ومشايخ السوء-إذاعة البيان
ﷴ رسول ﷲ
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
قال ابن رسﻼن الشافعي:
الوثَنْ بعلم ِه لم يع َملَ ْن ُ ......م َعذﱠبٌ من قب ِل ُ
عبﱠا ِد َ وعال ٌم ِ
1
علموا وما عملوا ......قالوا وما فعلوا
ِ
للدنيا يعملون ......وعن اﻵخرة يعدلون
إلى المكاسب يتسابقون ......وعما نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون
أفتوا بما يرضي الطواغيت ......وأكلوا بعلومهم الدنيا
مثلهم كشجرة الدفلى ......تعجب من نظر إليها ......وتقتل من يأكلها
ما هم بأحرار كرام ......وﻻ هم بعبيد أتقياء
أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد ......وقلوبهم أنتن من الحمأة والصديد
ضلوا وأضلوا ......عادوا أولياء الرحمن ......ووالوا أولياء الشيطان
يحسبون أنفسهم أدﻻء على الطريق ......وهم في الحقيقة قطاعه
الحمد مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ،ويعز من يشاء ويذل من يشاء،
بيده الخير إنه على كل شيء قدير ،والصﻼة والسﻼم على النبي المبين الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها
كنهارها ﻻ يزيغ عنها بعده إﻻ هالك ،وأشهد أن ﻻ إله إﻻ ﷲ وحده ﻻ شريك له وأشهد أن ﷴا عبده ورسوله
–صلى ﷲ عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،أما بعد؛
اجدًا َو َقائِ ًما يَحْ َذ ُر س ِ فقد مدح ﷲ عز وجل أهل العلم به وبدينه فقال سبحانه } أ َ ْم َم ْن ُه َو قَانِتٌ آنَا َء اللﱠ ْي ِل َ
ب{]الزمر،[9: ست َ ِوي الﱠ ِذينَ َي ْعلَ ُمونَ َوالﱠ ِذينَ ﻻ َي ْعلَ ُمونَ ِإنﱠ َما يَت َ َذك ُﱠر أُولُو اﻷ َ ْل َبا ِ اﻵخ َرةَ َو َي ْر ُجو َرحْ َمةَ َر ِبّ ِه قُ ْل َه ْل َي ْ ِ
سأَلُوا أ َ ْه َل ْ ا َ ف } تعالى فقال وينهونه، يأمرونه فيما ويطيعهم الذكر أهل يسأل بأن علم ي
َ ﻻ من حانه سب ﷲ وأمر
سو َل َوأ ُ ْو ِلي ﱠ ُ الر وا عي ط
ﱠَ َ ِ َُ أ و وا ع
ِ ُ ي ط َ أ وا ُ ن م
َ آ ينَذ ﱠ ل
َ ﱡَ ِا اه يَ أ ا ي } تعالى وقال [، 43 {]النحل: ال ِ ّذ ْك ِر ِإن كُنت ُ ْم َﻻ ت َ ْعلَ ُمونَ
سنُسو ِل ِإ ْن كُنت ُ ْم ت ُ ْؤ ِمنُونَ ِبا ﱠ ِ َوا ْل َي ْو ِم ْاﻵ ِخ ِر َذ ِلكَ َخي ٌْر َوأ َحْ َ ش ْي ٍء فَ ُردﱡوهُ ِإ َلى ﱠ ِ َو ﱠ
الر ُ از ْعت ُ ْم فِي َ ْاﻷ َ ْم ِر ِم ْن ُك ْم فَ ِإ ْن تَنَ َ
يﻼ {]النساء ،[59:فأمر بطاعة العلماء واﻷمراء بشرط أن تكون طاعتهم تابعة لطاعة ﷲ وطاعة رسوله – تَأ ْ ِو ً
ﷺ ،-وإن وقع خﻼف بين الناس أو خﻼف بين الناس وبين العلماء أو بين الرعية وبين اﻷمراء أو بين العلماء
واﻷمراء فيرد التنازع إلى ﷲ والى رسوله –ﷺ -أي إلى كتاب ﷲ والى سنة رسوله –ﷺ -فذلك خير للناس في
الدنيا واﻵخرة.
ْ ﱠ
والعلماء الذين ينفعهم علمهم هم الذين يورثهم علمهم خشية ﷲ تعالى كما قال سبحانه } إِنما يَخشَى ﱠ َ
ِم ْن ِعبا ِد ِه ا ْلعُلَما ُء{]فاطر ،[28:والخشية هي الخوف المقرون بتعظيم ﷲ عز وجل ،فاجتمع فيهم العلم با
والعلم بأوامره مع الخوف منه وتعظيمه سبحانه ،ولذلك كان الﻼئق بهم أن يكونوا ألزم الناس لطاعة ﷲ وأبعدهم
عن معصيته ،ومعرفتهم با تدعوهم إلى إخﻼص العمل له فهو سبحانه الذي عنده حسن الثواب وهو الذي ﻻ
يوثق وثاقه أحد وﻻ يعذب عذابه أحد.
لقد ذكر ﷲ تعالى علماء أهل الكتاب من قبلنا وذكر من استحق الذم منهم ،ومدح الذين تمسكوا بكتبهم
قبل بعثة نبينا ﷴ –ﷺ -وعملوا على إصﻼح الناس بتعليمهم دينهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ،قال
ض أ ُ َم ًما{]اﻷعراف [168:أي فرقناهم ومزقناهم في اﻷرض بعدما ط ْعنَا ُه ْم فِي ْاﻷ َ ْر ِ }وقَ ﱠ
تعالى عن بني إسرائيل َ
َ ٰ ْ ٰ
}و ِمن ُه ْم ُدونَ ذ ِلكَ { أي دون الصﻼح ص ِل ُحونَ { القائمون بحقوق ﷲ وحقوق عبادهَ ، }م ْن ُه ُم ٱل ﱠ
أن كانوا مجتمعينّ ِ ،
إما مقتصدون يفعلون الواجبات دون المستحبات ويتركون المحرمات دون المكروهات وإما ظالمون ﻷنفسهم،
سيِّئَاتِ{ أي بالعسر واليسر }لَ َعلﱠ ُه ْم يَ ْر ِجعُونَ { عما هم عليه مقيمون ت َوال ﱠ }و َبلَ ْونَا ُهم{ على عادتنا وسنتنا } ِبا ْل َح َ
سنَا ِ َ
ف ِمن بَ ْع ِد ِه ْم من الضﻼل ويراجعون ما خلقوا له من الهدى ،فلم يزالوا بين صالح وطالح ومقتصد حتى }ف َخلَ َ
ف{ زاد شرهم ورثوا بعدهم الكتاب وصار المرجع فيه إليهم وصاروا يتصرفون فيه بأهوائهم وتبذل لهم َخ ْل ٌ
ض ٰ َه َذا ْاﻷ َ ْدنَ ٰى{ أي يبيعون دينهم مقابل اﻷموال ليفتوا ويحكموا بغير الحق ،وفشت فيهم الرشوة } َيأ ْ ُخذُونَ ع ََر َ
سيُ ْغفَ ُر لَنَا{ وهذا ادعاء خا ٍل من الحقيقة عرض من الدنيا مقرين بأنهم مذنبون وأنهم ظلمة ومع ذلك }ويَقُولُونَ َ
وقو ٌل على ﷲ بﻼ علم ،يتجرؤون على الموبقات ويقولون سيغفر لنا ،ولو كانوا طﻼب مغفرة لندموا على ما
فعلوا وعزموا على أن ﻻ يعودوا ،ولكنهم إذا أتاهم عرض آخر ورشوة أخرى يأخذونها فاشتروا بآيات ﷲ ثمنا ً
قليﻼ واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
علَى ﱠ ِ ب أن ﱠﻻ يَقُولُوا َ َ ق ا ْل ِكتَا ِ َ
علَي ِْهم ِ ّميثا ُ ْ َ
قال ﷲ تعالى في اﻹنكار عليهم وبيان جراءتهم } ألَ ْم يُ ْؤ َخذ َ
ِإ ﱠﻻ ا ْل َحقﱠ{]اﻷعراف [169:فما بالهم يقولون عليه غير الحق اتباعا ً ﻷهوائهم وميﻼً مع مطامعهم ،والحال أنهم قد
2
سوا َما فِي ِه{ فليس عليهم فيه إشكال فقد عرفوا الحق واضحا ً وأتوا أمرهم متعمدين وكانوا في أمرهم }د ََر ُ
مستبصرين وهذا أعظم للذنب وأشد للوم وأشنع للعقوبة ،وهذا من نقص عقولهم وسفاهة رأيهم بإيثار الحياة الدنيا
ﱠار ْاﻵ ِخ َرةُ َخي ٌْر ِلّلﱠ ِذينَ يَتﱠقُونَ { أي يتقون ما حرم ﷲ عليهم ،فاﻵخرة خير على اﻵخرة ،ولهذا قال تعالى } َوالد ُ
َ َ
للمتقين من المآكل التي تصاب وتؤكل رشوة على الحكم بغير ما أنزل ﷲ وغير ذلك من أنواع المحرمات} ،أف َﻼ
ت َ ْع ِقلُونَ { أي أفﻼ يكون لكم عقول توازن بين ما ينبغي إيثاره وما ينبغي اﻹيثار عليه وما هو أولى بالسعي إليه
والتقديم له على غيره ،فخاصية العقل النظر للعواقب ،وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع يفوت نعيما ً عظيما ً
ب{ أي يتمسكون سكُونَ ِبا ْل ِكتَا ِباقيا ً فأنّى له العقل والرأي! وإنما العقﻼء حقيقة من وصفهم ﷲ بقوله } َوالﱠ ِذينَ يُ َم ِ ّ
به علما ً وعمﻼ ً فيعلمون ما فيه من اﻷحكام واﻷخبار التي ِعلمها أشرف العلوم ويعملون بما فيها من اﻷوامر التي
هي قرة العيون وسرور القلوب وأفراح اﻷرواح وصﻼح الدنيا واﻵخرة.
ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات إقامة الصﻼة ظاهرا ً وباطناً ،ولهذا خصها ﷲ بالذكر
لفضلها وشرفها وكونها ميزان اﻹيمان وإقامتها داعية ﻹقامة غيرها من العبادات ،ولما كان عملهم كله إصﻼحا ً
ص ِل ِحينَ {]اﻷعراف [170:في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم مصلحين ﻷنفسهم قال تعالى } ِإنﱠا َﻻ نُ ِضي ُع أَجْ َر ا ْل ُم ْ
ولغيرهم.
ور ِه ْم اس َو َﻻ ت َ ْكت ُ ُمونَهُ فَنَبَذُو ُه َو َرا َء ُ
ظ ُه ِ وقال تعالى } َو ِإ ْذ أ َ َخ َذ ﱠ ُ ِميثَاقَ الﱠ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِكت َ َ
اب لَتُبَيِّنُنﱠهُ ِللنﱠ ِ
َ ً َ ً ۖ
شت َ ُرونَ { ]آل عمران [187:فهذا هو الذي كلف ﷲ به العلماء أن ﻻ يكتموا س َما يَ ْ يﻼ ◌ َفبِئْ َ شت َ َر ْوا بِ ِه ث َمنا ق ِل َوا ْ
ق سوا ا ْل َح ﱠ الحق بل يظهرونه ويبينونه وﻻ يلبسونه بالباطل كما قال سبحانه مخاطبا علماء بني إسرائيل } َو َﻻ ت َ ْل ِب ُ
ق َوأَنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ {]البقرة ،[42:وقد ﻻم ﷲ علماء أهل الكتاب وذمهم لما خالفوا أمره فكتموا اط ِل َوت َ ْكت ُ ُموا ا ْل َح ﱠ
ِبا ْل َب ِ
ب ِل َم شيئا ً من الحق الذي يحتاج الناس إلى معرفته ولبسوا بعض الحق بالباطل فقال سبحانه } َيا أ َ ْه َل ا ْل ِكتَا ِ
ق َوأَنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ {]آل عمران.[71: اط ِل َوتَ ْكت ُ ُمونَ ا ْل َح ﱠ
ق ِبا ْل َب ِسونَ ا ْل َح ﱠ ت َ ْل ِب ُ
وقد بين لنا نبينا –ﷺ -أنه ما من مخالفة وقع فيها أهل الكتاب اليهود والنصارى إﻻ وستقع في هذه اﻷمة
الﷴية ،ولهذا قال اﻹمام سفيان أبن عيينة -رحمه ﷲ) -من فسد من عبادنا ففيه شبهٌ من النصارى ،ومن فسد
من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود( ،وكثيرا ً ما يخبر ﷲ سبحانه وتعالى أن أهل السعادة هم الذين عرفوا الحق
واتبعوه ،وأن أهل الشقاوة هم الذين جهلوا الحق وضلوا عنه أو علموه وخالفوه واتبعوا غيره ،ولذلك يدعوا
المسلم في كل ركعة من صلواته أن يهديه ﷲ الصراط المستقيم صراط الذين أنعم ﷲ عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين ،ويسأل المسلم ربه أن يجنبه طرق المغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق
ولم يعملوا به ،والضالين الذين جهلوا الحق وضلوا عنه.
وأول تعامل لنبينا –ﷺ -مع الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب كان مع ورقة بن نوفل الذي تنصر وكان
يكتب الكتاب العبراني وكان يعرف التوراة واﻹنجيل ولم يكن ممن دخل في التبديل وﻻ أخذ عمن بدلوا دينهم
وحرفوا كتبهم ،ففي صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة -رضي ﷲ عنها] -أن النبي -ﷺ -جاءه الحق
وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال) :اقرأ( ،قال) :ما أنا بقارئ( ،قال :فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد
ثم أرسلني فقال) :اقرأ( ،قلت) :ما أنا بقارئ( ،فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال:
س ِم َر ِبّكَ الﱠذِي َخلَقَ * َخلَقَ }اق َرأْ بِا ْ
)اقرأ( ،فقلت) :ما أنا بقارئ( ،فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقالْ :
ق * ْاق َرأْ َو َربﱡكَ ْاﻷ َ ْك َر ُم{]العلق ،[3-1:فرجع بها رسول ﷲ -ﷺ -يرجف فؤاده فدخل على خديجة علَ ٍ سانَ ِم ْن َ اﻹن َ ِْ
بنت خويلد -رضي ﷲ عنها -فقال) :زملوني زملوني( ،فزملوه حتى ذهب عنه الروع ،فقال لخديجة وأخبرها
الخبر )لقد خشيت على نفسي( ،فقالت خديجة) :كﻼ وﷲ ما يخزيك ﷲ أبدا ،إنك لتصل الرحم وتحمل الكل
وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق( ،فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن
أسد بن عبد العزى ،ابن عم خديجة وكان امرءا ً قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من
اﻹنجيل بالعبرانية ما شاء ﷲ أن يكتب وكان شيخا ً كبيرا ً قد عمي ،فقالت له خديجة) :يا ابن عمي اسمع من
ابن أخيك( ،فقال له ورقة) :يا ابن أخي ماذا ترى( ،فأخبره رسول ﷲ –ﷺ -خبر ما رأى فقال له ورقة) :هذا
الناموس الذي نزل على موسى عليه السﻼم( والناموس هو صاحب السر وهو جبريل -عليه السﻼم -قال
ورقة) :هذا الناموس الذي نزل ﷲ على موسى عليه السﻼم ،يا ليتني فيها جذعه ليتني أكون حيا إذ يخرجك
ت رجل قط بمثل ما جئت به إﻻ عودي ،وإن قومك( ،فقال رسول ﷲ –ﷺ) :-أومخرجي هم؟( ،قال) :نعم ،لم يأ ِ
يدركني يومك أنصرك نصرا ً مؤزرا( ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي[ انتهى.
3
قال أبن حجر -رحمه ﷲ -في "فتح الباري") وكان ورقة بن نوفل قد خرج هو وزيد بن عمرو بن
نفيل لما كرها عبادة اﻷوثان إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين ،فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر
وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل ،ولهذا أخبر بشأن النبي -ﷺ -والبشارة به إلى غير
ذلك مما أفسده أهل التبديل ،ولما سمع ورقة من نبينا –ﷺ -خبر بدأ الوحي تمنى ورقة أن يكون جذعاً،
والجذع هو الصغير من البهائم ،كأنه تمنى أن يكون عند ظهور الدعاء إلى اﻹسﻼم شابا ً ليكون أمكن لنصره[
انتهى.
ثم واجه النبي –ﷺ -صنفا آخر من الذين أوتوا العلم وهو أمية بن أبي الصلت الذي كان ينكر شرك
المشركين ويتبرأ من ضﻼلهم ولكنه لم يُسلم ،جاء في صحيح مسلم عن الشريد بن سويد الثقفي -رضي ﷲ
عنه -قال] :ردفت رسول ﷲ –ﷺ -يوما ً فقال) :هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيئا؟( قلت :نعم ،قال:
)هيه( ،فأنشدته بيتاً ،فقال) :هيه( ،ثم أنشدته بيتاً ،فقال) :هيه( ،حتى أنشدته مائة بيت ،فقال النبي –ﷺ) -إن
كاد ليسلم( ،وفي رواية )فلقد كاد يُسلم في شعره([ ،كان أمية بن أبي الصلت مثﻼً سيئا ً للعالم الذي عرف الحق
والهدى ولكنه لم يتبعه بل حاربه وكفر با ومات كافراً ،أرداه حسده في جهنم والعياذ با ،قال ابن كثير -
علَي ِْه ْم نَبَأ َ الﱠذِي آت َ ْينَا ُه
رحمه ﷲ -عن عبد ﷲ بن عمر -رضي ﷲ عنهما -في قوله تعالى } َواتْ ُل َ
آ َياتِنَا{]اﻷعراف [175:قال) :هو صاحبكم أمية بن أبي الصلت(.
وقد روي من غير وجه عنه وهو صحيح إليه وكأنه إنما أراد أن أمية بن أبي الصلت يشبهه ،فإنه كان قد
اتصل إليه علم كثير من علم الشرائع المتقدمة ولكنه لم ينتفع بعلمه فإنه أدرك زمان رسول ﷲ –ﷺ -وبلغته
أعﻼمه وآياته ومعجزاته وظهرت لكل من له بصيرة ومع هذا اجتمع به ولم يتبعه وصار إلى مواﻻة المشركين
ومناصرتهم وامتداحهم ،ورثى أهل بدر من المشركين بمرثاة بليغة قبحه ﷲ تعالى ،وقد جاء في بعض اﻷحاديث
أنه ممن آمن لسانه ولم يؤمن قلبه ،فإن له أشعارا ربانية وحكما ً وفصاحة ولكنه لم يشرح ﷲ صدره لﻺسﻼم.
نسأل ﷲ تعالى أن يوفقنا ﻻتباع الحق وأن يعيذنا من الهوى
أقول قولي هذا وأستغفر ﷲ لي ولكم ...والسﻼم عليكم ورحمه ﷲ
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
بــرنـــــامــــج
|| الطواغيت ومشـــايخ الســوء ||
-الحلقــــة الثــانيـــة -
-المبثوث عبر أثير إذاعــــة البيـــــــان -
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
قال ابن رسﻼن الشافعي:
الوثَنْ بعلم ِه لم يع َملَ ْن ُ ......م َعذﱠبٌ من قب ِل ُ
عبﱠا ِد َ وعال ٌم ِ
علموا وما عملوا ......قالوا وما فعلوا ِ
للدنيا يعملون ......وعن اﻵخرة يعدلون
إلى المكاسب يتسابقون ......وعما نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون
أفتوا بما يرضي الطواغيت ......وأكلوا بعلومهم الدنيا
مثلهم كشجرة الدفلى ......تعجب من نظر إليها ......وتقتل من يأكلها
ما هم بأحرار كرام ......وﻻ هم بعبيد أتقياء
4
أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد ......وقلوبهم أنتن من الحمأة والصديد
ضلوا وأضلوا ......عادوا أولياء الرحمن ......ووالوا أولياء الشيطان
يحسبون أنفسهم أدﻻء على الطريق ......وهم في الحقيقة قطاعه
الحمد ،والصﻼة ،والسﻼم على رسول ﷲ ،وأشهد أن ﻻ إله إﻻ ﷲ وحده ﻻ شريك له ،وأشهد أن محمدًا عبده،
ورسوله.
أما بعد:
أقول -وبا التوفيق :-أن من يقرأ السيرة النبوية على صاحبها -الصﻼة والسﻼم-؛ ليَعجب من مواقف
اليهود ،وأحبارهم ،من نبينا ﷴ –ﷺ ،-ودعوته الى اﻹسﻼم ،فﻼ شك أنه ،لم يكن خافيا ً عليهم ظهوره بمكة ،فﻼ
انتظارا لمبعثه ،حتى أختار ﷲ ً يتحركون نحوه ،وﻻ يبادرون الى نصره ،وهم الذين جاؤوا إلى المدينة؛ فسكنوها
اﻷنصار؛ لنصرة دينه وإيواء نبيه -ﷺ ،-وأتباعه ،لقد تجاهلوا مبعث النبي -ﷺ -حتى إذا جائهم في المدينة ،وأقام
دولة اﻹسﻼم فيها؛ حسدوه –ﷺ ،-وبارزوه بالعداوة ،وبدت البغضاء من أفواههم ،وكادوه ،وأدعوا كذباً ،وزوراً؛
أنه ليس بالنبي الذي كانوا ينتظرونه ،ليؤمنوا به.
روى ﷴ ابن إسحاق في السيرة ،عن عاصم بن عمر ،عن قتادة اﻷنصاري -رحمهم ﷲ -عن أشياخ منهم قال:
"قالوا :فينا ،وﷲ ،وفيهم -يعني :في اﻷنصار،وفي اليهود ،-الذين كانوا جيرانهم؛ نزلت هذه القصة يعني
علَى الﱠ ِذينَ َكفَ ُروا فَلَ ﱠما َجا َء ُهم ﱠما ق ِلّ َما َم َع ُه ْم َوكَانُوا ِمن قَ ْب ُل َي ْ
ست َ ْف ِت ُحونَ َ اب ِ ّم ْن ِعن ِد ﱠ ِ ُم َ
ص ِ ّد ٌ )ولَ ﱠما َجا َء ُه ْم ِكت َ ٌ
َ
1
ْ
على الكَافِ ِرينَ (. َ ُ َ َ َ ۚ َ
ع ََرفوا َكف ُروا بِ ِه ◌ فل ْعنة ﱠ ِ َ ُ
قالوا :كنا قد علوناهم دهرا ً في الجاهلية ،ونحن أهل شرك ،وهم أهل كتاب؛ فكانوا يقولون :أن نبيًا من
اﻷنبياء ،يبعث اﻵن؛ نتبعه ،قد أظ ﱠل زمانه؛ نقتلكم معه ،قتل عاد ،وإرم ،فل ﱠما بعث ﷲ رسوله -ﷺ -من قريش؛
واتبعناه ،كفروا به ،يقول ﷲ تعالىَ ) :فلَ ﱠما َجا َء ُهم ﱠما ع ََرفُوا َكفَ ُروا بِ ِه فَلَ ْعنَةُ ﱠ ِ َ
علَى ا ْلكَافِ ِرينَ (.
أخطب -رضي ﷲ عنها :-اتخاذ اليهود قرار المعادات َ ي بن صورت ،أم المؤمنين :صفية بنت ُحيَ ّ وقد ﱠ
ع ِ ّمي َ َ َ
ب َول ِد أبِي إِل ْي ِه َ ،و ِإلى َ َ َ ْ
للنبي –ﷺ -ولﻺسﻼم ،فقالت ،كما روى ابن إسحاق ،في السيرة عنهاُ " :كنتُ أ َح ﱠ
سل َمﱠ
عل ْي ِه َو َ َ صلى ﱠ ُ َ ﱠ سو ُل ﱠ ِ َ ط َم َع َولَ ٍد لَ ُه َما ،إِﻻ أَ َخذَانِي دُونَهُ ،قَا َل :فَلَ ﱠما قَ ِد َم َر ُ س ٍر ،لَ ْم أَ ْلقَ ُه َما قَ ﱡأَبِي َيا ِ
سي ِْن ، ب ُمغَ ِلّ َ س ِر ْبنُ أ َ ْخ َط َع ِ ّمي أَبُو يَا ِ
ب َ ،و َ ط َي ْبنُ أَ ْخ َ علَ ْي ِه أَبِي ُحيَ ﱡ
غدَا َ ف َ ا ْل َمدِينَةَ َ ،ونَ َز َل فِنَا َء بَنِي ع َْم ِرو ب ِْن ع َْو ٍ
ان ا ْل ُه َو ْينَا ، شيَ ِساقِ َطي ِْن ،يَ ْم ِسﻼنَي ِْن َ ، ب الش ْﱠم ِس َ ،قالَتْ :فَأَت َ َيا كَالﱠي ِْن َ ،ك ْ غ ُرو ِ َقالَتْ َ :فلَ ْم يَ ْر ِجعَا َ ،حتﱠى كَانَ َم َع ُ
اح ٌد ِم ْن ُه َما َم َع َما بِ ِه َما ِمنَ ا ْل َه ِ ّم َ ،قالَتْ : ي َو ِ صنَ ُع ،فَ َو ﱠ ِ َما ا ْلتَفَتَ إِلَ ﱠ ششْتُ إِلَي ِْه َما َ ،ك َما ُك ْنتُ أ َ ْ قَالَتْ :فَ َه َ
ب " :أ َ ُه َو ُه َو ؟ قَا َل :نَعَ ْم َو ﱠ ِ .قَا َل :أَت َ ْع ِرفُهُ َوتُثْبِتُهُ ؟ ط َ ي ِ ب ِْن أَ ْخ َ
س ٍر َو ُه َو يَقُو ُل ﻷَبِي ُحيَ ّ ع ِ ّمي أَبَا يَا ِ فَ َ
س ِمعْتُ َ
عد ََواتُهُ َو ﱠ ِ َما بَقِيتُ أَبَدًا "اه. سكَ ِم ْنهُ ؟ قَا َل َ : قَا َل :نَعَ ْم .قَا َل :فَ َما فِي نَ ْف ِ
وكان من فضل ﷲ ،ورحمته أن هدى بعض ،من أهل الكتاب ،إلى اﻹسﻼم ،فقد كانوا يعلمون بالبشارة
بنبينا ﷴ -ﷺ ،-ويعلمون اين سيخرج ،ويعرفون صفته -ﷺ-؛ فلم يبقى إﻻ أن يأتوه ،فيروه ،ويسمعوا منه،
فيؤمنوا به ،وينصروه ،ويشهدوا ،شهادة الحق على صدق النبي -ﷺ ،-كما قال تعالى) :قُ ْل أَ َرأ َ ْيت ُ ْم إِ ْن كَانَ ِم ْن ِع ْن ِد
ظا ِل ِمينَ (.2 علَى ِمثْ ِل ِه فَآ َمنَ َوا ْ
ست َ ْكبَ ْرت ُ ْم إِنﱠ ﱠ َ ﻻ يَ ْهدِي ا ْلقَ ْو َم ال ﱠ ﱠ ِ َو َكفَ ْرت ُ ْم بِ ِه َوش َِه َد شَا ِه ٌد ِم ْن بَنِي إِ ْ
س َرائِي َل َ
روى البخاري ،ومسلم ،والنسائي ،عن سعد بن أبي وقاص-رضي ﷲ عنه -قال :ما سمعت رسول ﷲ -
ﷺ -يقول ﻷحد ،يمشي على وجه اﻷرض ،أنه من أهل الجنة ،إﻻ لعبد ﷲ بن سﻼم -رضي ﷲ عنه، -وفيه نزلت:
علَى ِمثْ ِل ِه فَآ َمنَ َوا ْ
ست َ ْكبَ ْرت ُ ْم(.3 )وش َِه َد شَا ِه ٌد ِم ْن بَنِي إِ ْ
س َرائِي َل َ َ
1
]البقرة[89:
2
]اﻷحقاف[10:
3
]اﻷحقاف[١٠:
5
وقد أخرج الترمذي ،وصححه ،عن عبد ﷲ بن سﻼم -رضي ﷲ عنه ،-أنه قال" :أول ما قدم رسول ﷲ
-ﷺ -المدينة؛ أنجفل الناس إليه ،فكنت ممن جاءه ،فلما تأملت وجهه ،واشتبهته؛ عرفت أن وجهه ليس بوجه
كذاب ،قال :وكان أول ما سمعت من كﻼمه أن قال) :أيها الناس افشوا السﻼم ،واطعموا الطعام ،وصلوا بالليل،
والناس نيام ،تدخلوا الجنة بسﻼم(.
لقد سلك عبدﷲ بن سﻼم ،الذي كان من أحبار اليهود ،وعلمائهم؛ سلك سبيل الصادقين ،الذين يريدون
معرفة الحق ،ليتبعوه؛ فسعى لمعرفة انطباق صفات النبي ،الموعود ،على صفات نبينا ﷴ -ﷺ ،-فلما تبين له،
أنه هو الذي بشرت به التوراة ،واﻷنجيل ،وأنه هو الذي أخذ ﷲ ميثاق النبيين أن يؤمنوا به ،وينصروه ،لما تبين
له ذلك؛ بادر الى اﻹيمان ،وشهد أنه الحق ،وأقام الحجة على علماء أهل الكتاب ،وكشف كذبهم ،وبهتانهم.
كما جاء في صحيح البخاري ،عن أنس -رضي ﷲ عنه ،-أنه قالَ :بل َغ عبد ﷲ بن سﻼم َمقد َم رسول
ﷲ -ﷺ -المدينة ،فأتاه فقال ":إني سائلك ،عن ثﻼث ﻻ يعلمهن إﻻ نبي" .قال" :ما أول أشراط الساعة؟ وما
أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه؟ ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول
ﷲ -ﷺ) -خبرني بهن آنفا ً جبريل( ،قال :فقال عبدﷲ :ذاك عدو اليهود من المﻼئكة ،فقال رسول ﷲ –صلى ﷲ
عليه وسلم) :-أما أول أشراط الساعة؛ فنار تحشر الناس من المشرق الى المغرب ،وأما أول طعام يأكله أهل
الجنة :فزيادة كبد حوت ،وأما الشبه في الولد :فأن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها مائه؛ كان الشبه له وإذا
سبق مائها؛ كان الشبه لها( قال :أشهد أنك رسول ﷲ ،ثم قال :يا رسول ﷲ ان اليهود قوم بهت ،إن علموا
بإسﻼمي ،قبل أن تسألهم؛ بهتوني عندك ،فجائت اليهود ،ودخل عبد ﷲ البيت ،فقال رسول ﷲ –ﷺ) -أي رجل
فيكم عبدﷲ بن سﻼم؟( قالوا :أعلمنا ،وابن أعلمنا ،وأخيرنا وابن أخيرنا ،فقال رسول ﷲ -ﷺ) :-أفرأيتم ان
أسلم عبدﷲ؟( قالوا :أعاذه ﷲ من ذلك ،فخرج عبدﷲ إليهم؛ فقال :أشهد أن ﻻ إله إﻻ ﷲ ،وأشهد أن محمدًا
رسول ﷲ ،فقالوا :شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه ،فقال عبدﷲ بن سﻼم :هذا الذي كنت أخافه يا رسول ﷲ".
لقد أخبر ﷲ تعالى ،أن أهل الكتاب يعرفون النبي -ﷺ -حق المعرفة ،بل كما يعرفون أبنائهم ،وأن كثير
)و َم ْن أَ ْظلَ ُم ِم ﱠم ْن َكت َ َم َ
ش َها َدةً ِع ْن َدهُ ِمنَ ﱠ ِ َو َما منهم ليكتمون الحق ،وهم يعلمونه ،وهم الذين قال ﷲ تعالى فيهمَ :
4
صر ،وﻻ ت َبيﱡن، ع ﱠما ت َ ْع َملُونَ ( ،ولما كانت عادة أكثر الناس ،أن يتبعوا علمائهم ،ورؤسائهم ،دون ت َب ﱡ ﱠ ُ بِغَافِ ٍل َ
فكان جوابهم؛ تلبيس الحق ،بالباطل ،وكتمان الحق ،الذي يعلمونه ،وهو صفة نبينا ﷴ -ﷺ ،-ومبعثه ،ونبوته.
وأما تلبيس أهل الكتاب للحق ،بالباطل ،فكان بطرق كثيرة منها :أنهم كانوا يخلطون ،التوراة ،واﻷنجيل،
التي أنزلها ﷲ بأشياء ،اختلقوها ،وكتبوها بأيديهم ،افتراء على ﷲ ،وعلى ،رسله ،ومنها :أنهم أقروا بنبوة نبينا
ﷴ -ﷺ ،-ولكنهم زعموا كاذبين؛ أنه لم يرسل إليهم ،بل إلى غيرهم ،ومن تلبيساتهم ،أن منهم من سلك طريق
النفاق اﻷكبر ،فآمن ظاهرا ً مع إبطان الكفر ،والعداوة؛ ليكيد ،لﻺسﻼم ،وأهله.
ق َوأَنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ ( " :
5
اط ِل َوتَ ْكت ُ ُمونَ ا ْل َح ﱠ
ق ِبا ْل َب ِ
سونَ ا ْل َح ﱠ قال مجاهد ،عن قوله تعالى ) :يَا أ َ ْه َل ا ْل ِكتَا ِ
ب ِل َم ت َ ْلبِ ُ
طوا على تكتمون محمدًا ،وأنتم تعلمون ،وأنتم تجدونه عندكم في التوراة ،واﻷنجيل ،فتأويل اﻵية إذًا :وﻻ ت َْخ ِل ُ
الناس ،أيها اﻷحبار من أهل الكتاب ،في أمر ﷴ -ﷺ ،-وما جاء به من عند ربه ،وتزعموا أنه مبعوث إلى بعض
أجناس اﻷمم ،دون بعض ،أو تُنافقوا في أمره ،وقد علمتم أنه مبعوث إلى جميعكم ،وجميع اﻷمم غيركم؛ فتخلطوا
بذلك الصدق ،بالكذب ،وتكتموا به ما تجدونه في كتابكم ،من نعته ،وصفته ،وأنه رسولي إلى الناس كافة ،وأنتم
تعلمون أنه رسولي ،وأن ما جاء به إليكم فمن عندي ،وتعرفون أن من عهدي الذي أخذت عليكم ،في كتابكم
اﻹيمان به ،وبما جاء به ،والتصديق به"اه.
4
]البقرة[140:
5
]آل عمران[71:
6
ومن صور خلط أحبار اليهود للحق ،بالباطل :أنهم اتفقوا على مكيدة لﻺسﻼم؛ بأن يظهروا اﻹسﻼم أول
النهار ،ثم في آخره يكفرون باﻹسﻼم؛ ليضلوا الجهال من الناس ،ويحاول رد من آمن باﻹسﻼم عن دينه؛
بتفيهمهم أنهم رجعوا عن اﻹسﻼم؛ ﻷنهم اطلعوا على عيب فيه ،وأنه ليس هو الدين الذي يرضاه ﷲ ،ففضح ﷲ
علَى الﱠ ِذينَ آ َمنُوا َوجْ هَ النﱠ َه ِار َوا ْكفُ ُروا آ ِخ َرهُ آمنُوا ِبالﱠذِي أ ُ ِ
نز َل َ ب ِطائِفَةٌ ِ ّم ْن أ َ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ
كيدهم ،قال تعالى ) َو َقالَت ﱠ
6
سوا على الضعفاء من الناس ،أمر دينهم ،وهو أنهم ا ْشت ََو ُروا بينهم؛ أن لَعَلﱠ ُه ْم يَ ْر ِجعُونَ ( .هذه مكيدة أرادوها؛ ليَل ِب ُ
يظهروا اﻹيمان أول النهار ،ويصلوا مع المسلمين صﻼة الصبح ،فإذا جاء آخر النهار ،ارتدوا الى دينهم؛ ليقول
صة ،وعيب في دين المسلمين"؛ ولهذا قالوا )لَعَلﱠ ُه ْم عهم على نَقي َ أط َﻼ ُالجهلة من الناس" :إنما ردهم إلى دينهم ِ ّ
يَ ْر ِجعُونَ (.
وهنا يحق لكل مسلم أن يتسائل :لماذا لم يؤمن علماء أهل الكتاب بنبينا ﷴ –ﷺ-؟ لماذا لم يكونوا أول
مؤمن به،بدل من أن يكونوا أول كافر به؟ لماذا حاربوه ،وصدوا الناس عنه ،بدل من أن يناصروه ،ويحاربوا
أعدائه؟ أﻻ يخافون عذاب ﷲ؟! أﻻ يطمعون في رحمة ﷲ ،ومغفرته ،وجنته! وما الذي صرفهم عن أن َي ْش ُروا
أنفسهم ابتغاء مرضاة ﷲ؟
الجواب الشافي عن كل تلك التسائﻼت السابقة :في كتاب ﷲ -عز وجل ،-بينه ﷲ ،أحسن بيان ،فضحهم
سبِي ُل ت َو ِلت َ ْستَبِينَ َ ص ُل اﻵ َيا ِ ﷲ ،وكشف خبايا نفوسهم الخبيثة ،وأعمالهم الضالة ،كما قال تعالىَ ) :و َك َذلِكَ نُفَ ِ ّ
ْال ُمجْ ِر ِمينَ (.7
فأكبر أسباب ضﻼلهم:
-أوﻻ ً :ما انطوت عليه نفوسهم ،من ال ِكبر الذي توعد ﷲ صاحبه؛ بأن يصرفه عن أن ينتفع ويهتدي بآيات
ق َو ِإن يَ َر ْوا ُك ﱠل آيَ ٍة ﱠﻻ يُ ْؤ ِمنُوا ض ِبغَي ِْر ا ْل َح ّ ِ ي الﱠ ِذينَ َيتَ َكبﱠ ُرونَ فِي ْاﻷ َ ْر ِ ف ع َْن آ َياتِ َ سأَص ِْر ُﷲ ،قال تعالىَ ) :
ٰ
يﻼ ◌ َذ ِلكَ ِبأَنﱠ ُه ْم َكذﱠبُوا ۚ
ي يَت ﱠ ِخذُوهُ َ
سبِ ً س ِبي َل ا ْلغَ ِّ
يﻼ َوإِن يَ َر ْوا َ سبِ ً ش ِد َﻻ يَت ﱠ ِخذُوهُ َ الر ْ
سبِي َل ﱡ بِ َها َوإِن يَ َر ْوا َ
غافِ ِلينَ ( ،وفي اﻵية التي قبلها ،تكلم ﷲ عن اﻷلواح؛ التي آتاها موسى -عليه 8
ع ْن َها َبِآيَاتِنَا َوكَانُوا َ
ش ْي ٍء فَ ُخ ْذ َها بِقُ ﱠو ٍة َوأْ ُم ْر يﻼ ِلّ ُك ِ ّل َ ظةً َوت َ ْف ِص ً ش ْي ٍء ﱠم ْو ِع َ السﻼم ،-قال تعالىَ ) :و َكت َ ْبنَا لَهُ فِي ْاﻷ َ ْل َواحِ ِمن ُك ِ ّل َ
ۚ
س ِقينَ ( .9أخبر تعالى أن فيها من كل شيء ،يحتاج إليه العباد، سأ ُ ِري ُك ْم د َ
َار ا ْل َفا ِ سنِ َها ◌ َ قَ ْو َمكَ يَأ ْ ُخذُوا بِأَحْ َ
موعظة ترغب النفوس ،في أفعال الخير ،وترهبهم من أفعال الشر ،وتفصيﻼً لكل شيء من اﻷحكام
الشرعية ،والعقائد ،واﻷخﻼق ،واﻵداب ،ثم أخبر أنه تعالى سيحرم المتكبرين ،من أن يهتدوا بها؛ بل
يجعلهم يتخبطون في الغواية ،فيرفضون اﻹيمان بآيات ﷲ ،ويسلكون سبيل الضﻼلة ،ويجتنبون طريق
الرشد ،والهداية؛ وذلك كله عقوبة لهم ،على تكذيبهم بآيات ﷲ ،وغفلتهم عنها ،وتجاهلهم ،واحتقارهم لها.
أن بني إسرائيل لم يكذبوا برسولنا ﷴ -ﷺ -فحسب؛ بل كان هذا شأنهم مع كل من ﻻ تهوى أنفسهم ،من
رسل ﷲ الذين أبتعثهم من بعد موسى -عليه السﻼم ،-بل بلغ فيهم اﻹجرام ،أن يجمعوا بين تكذيب بعض
سى ا ْبنَ َم ْريَ َم س ِل َوآت َ ْي َنا ِعي َ الر ُ اب َوقَفﱠ ْينَا ِمن بَ ْع ِد ِه ِب ﱡ سى ا ْل ِكتَ َ )ولَقَ ْد آت َ ْي َنا ُمو َ الرسل ،وقتلهم ،قال تعالىَ :
َ َ ۗ
َ َ
ستَ ْكبَ ْرت ُ ْم ففَ ِريقًا َكذﱠ ْبت ُ ْم َوف ِريقًا س ُك ُم ا ْ سو ٌل ِب َما َﻻ تَه َْو ٰى أنفُ ُ َ
ُس ◌ أف ُكلﱠ َما َجا َء ُك ْم َر ُ ت َوأَيﱠ ْد َناهُ ِب ُروحِ ا ْلقُد ِ
ا ْلبَ ِيّ َنا ِ
ت َ ْقتُلُونَ ( .
10
-ثانيا ً :حسدهم لرسول ﷲ -ﷺ-؛ ﻷن ﷲ تعالى اجتباه ،واصطفاه ،لرسالته ،ولم يجعل الرسول ،من بني
علَى ست َ ْفتِ ُحونَ َ ق ِلّ َما َمعَ ُه ْم َوكَانُوا ِمن قَ ْب ُل يَ ْ اب ِ ّم ْن ِعن ِد ﱠ ِ ُم َ
ص ِ ّد ٌ )ولَ ﱠما َجا َء ُه ْم ِكت َ ٌ إسرائيل ،قال تعالىَ :
س ُه ْم أنَ َ
شت َ َر ْوا بِ ِه أنفُ َ س َما ا ْ علَى ا ْلكَافِ ِرينَ * بِئْ َ ُ
الﱠ ِذينَ َكفَ ُروا فَلَ ﱠما َجا َء ُهم ﱠما ع ََرفوا َكفَ ُروا بِ ِه فلَ ْعنَة ﱠ ِ َ
َ ُ
بض ٍ غ َ علَ ٰى َ ب َ ض ٍ علَ ٰى َمن يَشَا ُء ِم ْن ِعبَا ِد ِه ۖ◌ فَ َبا ُءوا ِبغَ َ نز َل ﱠ ُ بَ ْغيًا أَن يُنَ ِ ّز َل ﱠ ُ ِمن فَ ْ
ض ِل ِه َ يَ ْكفُ ُروا ِب َما أ َ َ
6
]آل عمران[72:
7
]اﻷنعام[55:
8
]اﻷعراف[146:
9
]اﻷعراف[144:
10
]البقرة[87:
7
اب ﱡم ِهينٌ ( ،11أي :ولما جائهم كتاب ،من عند ﷲ على يد أفضل ،الخلق ،وخاتم اﻷنبياء، ع َذ ٌ ۚ◌ َو ِل ْلكَافِ ِرينَ َ
المشتمل على تصديق ما معهم من التوراة ،وقد علموا به ،وتيقنوه ،حتى أنهم كانوا إذا وقع بينهم ،وبين
المشركين في الجاهلية حروب؛ استنصروا بهذا النبي ،وتوعدوهم بخروجه ،وأنهم يقاتلون المشركين
معه ،فلما جاءهم هذا الكتاب ،والنبي الذي عرفوا؛ كفروا به ،بغياً ،وحسدا ً أن ينزل ﷲ من فضله ،على
من يشاء من عباده؛ فلعنهم ﷲ ،وغضب عليهم غضباً ،بعد غضب؛ لكثرة كفرهم ،وتوالي شكهم،
اب ﱡم ِهينٌ ( أي :مذل ،مؤلم ،موجع ،وهو صلي الجحيم ،وفوت النعيم ،المقيم، ع َذ ٌ)و ِل ْلكَافِ ِرينَ َ وشركهم َ
وكان الحسد ،من أهم أسباب صد أحبار أهل الكتاب ،عن اﻹسﻼم ،ومحاربتهم له ،ومحاولتهم رد من
سدًا ِ ّم ْن ِعن ِد ارا َح َ ب لَ ْو يَ ُردﱡونَكُم ِ ّمن بَ ْع ِد ِإي َمانِ ُك ْم ُكفﱠ ً ير ِ ّم ْن أ َ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ أسلم إلى الكفر ،قال تعالىَ ) :و ﱠد َكثِ ٌ
س ِهم ِ ّمن بَ ْع ِد َما تَبَيﱠنَ لَ ُه ُم ا ْل َحقﱡ(.12 أَنفُ ِ
-ثالثا ً :من أسباب ضﻼل أحبار أهل الكتاب :عدم الخوف ،والرهبة من ﷲ تعالى ،ويدل على ذلك قوله
ايوف ِبعَ ْه ِد ُك ْم َو ِإيﱠ َ علَ ْي ُك ْم َوأَ ْوفُوا ِب َع ْهدِي أ ُ ِ ي الﱠتِي أ َ ْن َع ْمتُ َ اذك ُُروا نِ ْع َمتِ َ س َرائِي َل ْ
تعالى ) :يَا بَنِي ِإ ْ
ون(. 13 ار َهبُ ِ َف ْ
ش َع قُلُوبُ ُه ْم ِل ِذ ْك ِر ﱠ ِ َو َما -رابعا ً :قسوة قلوبهم ،كما أخبر ﷲ عنهم في قوله) :أَلَ ْم َيأْ ِن ِللﱠ ِذينَ آ َمنُوا أَن ت َ ْخ َ
ۖ
ستْ قُلُوبُ ُه ْم ◌ َو َكثِ ٌ
ير ِ ّم ْن ُه ْم علَي ِْه ُم ْاﻷ َ َم ُد فَقَ َ طا َل َ اب ِمن قَ ْب ُل فَ َ ق َو َﻻ يَكُونُوا كَالﱠ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِكت َ َ نَ َز َل ِمنَ ا ْل َح ّ ِ
علَي ِْه ُم ْاﻷ َ َمدُ( أي :وﻻ يكونوا كالذين أنزل ﷲ عليهم الكتاب ،الموجب سقُونَ ( ،14وقوله تعالى ) :فَ َطا َل َ َفا ِ
لخشوع القلب ،واﻻنقياد التام ،ثم لم يدوموا عليه ،وﻻ ثبتوا ،بل طال عليهم الزمان ،وأستمرت بهم
سقُونَ ( ،فالقلوب تحتاج في كل ير ِ ّم ْن ُه ْم َفا ِ)و َك ِث ٌالغفلة؛ فاضمحل إيمانهم ،وزال إيقانهم؛ فقست قلوبهم َ
وقت إلى أن تُذكر ،بما أنزله ﷲ ،وﻻ ينبغي الغفلة عن ذلك؛ فأن ذلك سبباً ،لقسوة القلب ،وجمود العين.
-خامسا ً :نقضهم الميثاق ،والعهد الذي أخذه ﷲ عليهم ،قال تعالى ) :فَبِ َما نَ ْق ِض ِهم ِ ّميثَاقَ ُه ْم لَعَنﱠا ُه ْم َو َجعَ ْل َنا
ۖ
سوا َحظا ِ ّم ﱠما ذُ ِك ُّروا بِ ِه(.15 اض ِع ِه َونَ ُ سيَةً ◌ يُ َح ِ ّرفُونَ ا ْل َك ِل َم عَن ﱠم َو ِ قُلُوبَ ُه ْم قَا ِ
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
11
]البقرة[90-89:
12
]البقرة[109:
13
]البقرة[40:
14
]الحديد[16:
15
]المائدة[١٣:
8
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
قال ابن رسﻼن الشافعي:
الوث ْنَ بعلم ِه لم يع َملَ ْن ُ ......م َعذﱠبٌ من قب ِل ُ
عبﱠا ِد َ وعال ٌم ِ
علموا وما عملوا ......قالوا وما فعلوا ِ
للدنيا يعملون ......وعن اﻵخرة يعدلون
إلى المكاسب يتسابقون ......وعما نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون
أفتوا بما يرضي الطواغيت ......وأكلوا بعلومهم الدنيا
مثلهم كشجرة الدفلى ......تعجب من نظر إليها ......وتقتل من يأكلها
ما هم بأحرار كرام ......وﻻ هم بعبيد أتقياء
أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد ......وقلوبهم أنتن من الحمأة والصديد
ضلوا وأضلوا ......عادوا أولياء الرحمن ......ووالوا أولياء الشيطان
يحسبون أنفسهم أدﻻء على الطريق ......وهم في الحقيقة قطاعه
الحمد والصﻼة والسﻼم على رسوله ومصطفاه ﷴ وآله وصحبه ومن أهتدى بهداه ،وأشه ُد أن ﻻ إله
إﻻ ﷲ ،وأشه ُد أن ﷴ عبده ورسوله ،أما بعد؛
فقد تكلمنا في الحلقة الماضية عن الصفات واﻷفعال التي غضب ﷲ على علماء أهل الكتاب ﻷجلها،
قليﻼ، وهي باختصار ال ِكبر والحسد وعدم الرهبة والخشية من ﷲ ،وقسوة قلوبهم واشترائُهم بآيات ﷲ ثمنًا ً
ونقضهم مواثيقهم مع ﷲ -سبحانه وتعالى ،-فكذبوا رسل ﷲ ،وقتلوا بعضهم ،وأبوا اﻹيمان بآخر الرسل وخاتم
اﻷنبياء ﷴ -ﷺ ،-وكتموا صفته ونعته ،ولبسوا الحق بالباطل ،ولم يكتفوا بعدم اﻹيمان به ،بل وقفوا مع أعدائه
سبيﻼ من نبينا ﷴ ً ضده ،وحاولوا صد من آمن به عن سبيل ﷲ ،وشهدوا ﻷعدائه من كفار قريش أنهم أهدى
ت غو ِ طا ُ ت َوال ﱠ وصحابته اﻷخيار ،كما قال تعالى } :أَلَ ْم تَ َر إلى الﱠ ِذينَ أُوتُواْ نَ ِصيبًا ِ ّمنَ ا ْل ِكتَا ِ
ب يُ ْؤ ِمنُونَ ِبا ْل ِج ْب ِ
يلعن ﷲُ فلن تج َد له ِ يﻼ * أولئك الذينَ لعنَ ُه ُم ﷲُ ومن َويَقُولُونَ ِللﱠ ِذينَ َكفَ ُرواْ َهؤُﻻء أ َ ْهدَى ِمنَ الﱠ ِذينَ آ َمنُواْ َ
س ِب ً
ض ِل ِهع َلى َما آتَا ُه ُم ّ ُ ِمن فَ ْ اس َ س ُدونَ النﱠ َ يرا * أَ ْم يَحْ ُ
اس نَ ِق ًيب ِ ّمنَ ا ْل ُم ْل ِك فَ ِإذًا ﻻ ﱠ يُ ْؤت ُونَ النﱠ َ نصيرا * أ َ ْم لَ ُه ْم نَ ِص ٌ ً
ع ْنهُ َو َك َفى ِب َج َهنﱠ َمص ﱠد َ َ
اب َوا ْل ِح ْك َمة َوآت َ ْينَا ُهم ﱡم ْلكًا ع َِظي ًما * فَ ِم ْن ُهم ﱠم ْن آ َمنَ ِب ِه َو ِم ْن ُهم ﱠمن ََ َ تك ِ ْ
ل ا م ي ه
ِ
ِ َ َ اْر
ب إ ل
َ آ آنَ ي
ْ َ ت فَقَ ْد آ
يرا { ]النساء.[55-51: س ِع ً َ
وهذا من قبائح اليهود ،وحسدهم للنبي -ﷺ -والمؤمنين أن أخﻼقهم الرذيلة ،وطبعهم الخبيث حملهم على
ترك اﻹيمان با ورسوله ،والتعوض عنه باﻹيمان بالجبت والطاغوت ،وهو اﻹيمان بكل عبادة لغير ﷲ ،أو حكم
بغير شرع ﷲ ،فدخل في ذلك السحر وال ِك َهانة ،وعبادة غير ﷲ ،وطاعة الشيطان؛ كل هذا من الجبت
والطاغوت ،وكذلك حملهم الكفر والحسد على أن فضلوا طريقة الكافرين با عبدة اﻷصنام على طريق
ضا لﻺيمانَ } ،هؤُﻻء أ َ ْهدَى
المؤمنين ،قال تعالىَ } :و َيقُولُونَ ِللﱠ ِذينَ َكفَ ُروا { ،أي ﻷجلهم تملقًا لهم ومداهنه وبغ ً
يﻼ { أي طريقاً ،فما أسمجهم وأشد عنادهم وأقل عقولهم ،فكيف يفضلون دينًا قام على عبادة ِمنَ الﱠ ِذينَ آ َمنُواْ َ
سبِ ً
اﻷصنام واﻷوثان ،وعلى تحريم الطيبات وإباحة الخبائث ،وإحﻼل كثير من المحرمات ،وإقامة الظلم بين الخلق،
وتسوية الخالق بالمخلوقين ،والكفر با ورسله وكتبه؟! كيف يفضل أحبار أهل الكتاب دين الكفار على دين
اﻹسﻼم القائم على عبادة الرحمن ،واﻹخﻼص في السر واﻹعﻼن ،والكفر بما يعبد من دونه من اﻷنداد
واﻷوثان؟! ،وقام دين اﻹسﻼم على صلة اﻷرحام ،واﻹحسان إلى جميع الخلق حتى البهائم ،وإقامة العدل والقسط
بين الناس ،وتحريم كل خبيث وظلم ،والصدق في جميع اﻷقوال واﻷعمال ،فهل هذا الذي يفعله أهل الكتاب إﻻ
أعظم اﻹجرام.
إن صاحب هذا القول لمن أعظم الناس عنادًا وتمردًا ومحاربةً للحق ،ولهذا طردهم ﷲ من رحمته ،قال
تعالى عنهم } :أ ُ ْولَئِكَ الﱠ ِذينَ لَعَنَ ُه ُم ّ ُ { ،أي طردهم عن رحمته ،وأحل عليهم نقمتهَ } ،و َمن يَ ْلعَ ِن ّ ُ فَلَن ت َ ِج َد لَهُ
يرا { ،أي لن ينصرهم أحد إذا استغاثوا من شدة ما يلقون من العذاب الذي ﻻ نهاية له } ،أ َ ْم لَ ُه ْم نَ ِص ٌ
يب ِ ّمنَ نَ ِص ً
ا ْل ُم ْل ِك { ،أي فيفضلون من شاؤوا على من شاؤوا بمجرد أهوائهم ،فيجعلون أنفسهم شركاء في تدبير ملكه ،فلو
9
كانوا كذلك؛ لشحوا وبخلوا أشد البخل ،ولهذا قال تعالى } :فَ ِإذًا { ،أي لو كان لهم نصيبًا من ملك ﷲ } ،ﻻ ﱠ يُ ْؤت ُونَ
قليﻼ كالنقرة التي تكون على نواة التمرة ،وهذا وصف لهم بشدة البخل على يرا { ،أي شيئًا ولو كان ً اس نَ ِق ً
النﱠ َ
ض ِل ِه { ،أي هل الحامل لهم على تلبيس الحق َ
علَى َما آتَا ُه ُم ّ ُ ِمن ف ْ س ُدونَ النﱠ َ
اس َ َ
تقدير وجود ُملك لهم } ،أ ْم يَحْ ُ
بالباطل ،والشهادة للكفر أنه الحق والهدى ،والحسد للرسول وللمؤمنين على ما أتاهم ﷲ من فضله؟ ،وذلك ليس
اب َوا ْل ِح ْك َمةَ
ببدع وﻻ غريب على فضل ﷲ أن يصيب به من يشاء من عباده } ،فَقَ ْد آت َ ْينَآ آ َل ِإب َْرا ِهي َم ا ْل ِكت َ َ
َوآت َ ْينَا ُهم ﱡم ْلكًا ع َِظي ًما { ،وذلك ما أنعم ﷲ به على إبراهيم وذريته من النبوة والكتاب والملك الذي أعطاه من
مستمرا على عبادة المؤمنين ،فكيف ينكرون إنعامه بالنبوة ً أعطاه من أنبياءه كداوود وسليمان ،فإنعا ُمه لم يزل
َ
والنصر والملك لﷴ -ﷺ -أفضل الخلق وأجلهم وأعظمهم معرفة با وأخشاهم له؟! } ،ف ِم ْن ُهم ﱠم ْن آ َمنَ بِ ِه{ ،أي
ع ْنهُ { ،عنادًا وبغيًا وحسدًا ،فحصل ص ﱠد َ بﷴ -ﷺ ،-فنال بذلك السعادة الدنيوية والفﻼح اﻷخرويَ } ،و ِم ْن ُهم ﱠمن َ
سعﱠ ُر على من كفر با يرا { ،ت ُ َ س ِع ً لهم من شقاء الدنيا ومصائبها ما هو بعض آثار معاصيهمَ } ،و َكفَى ِب َج َهنﱠ َم َ
وجحد نبوة أنبيائه من اليهود والنصارى وغيرهم من أصناف الكفره.
وقد ذكرت من قبل أن كل ضﻼل ومخالفة لشرع ﷲ وقع فيها أهل الكتاب ،فسيقع مثلها في هذه اﻷمة،
كما أخبر نبينا -ﷺ ،-فيما رواه أبو سعيد -رضي ﷲ عنه -أن رسول ﷲ قال ) ":لتتبعن سنن من كان قبلكم
حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ( قالوا :يارسول ﷲ اليهود والنصارى؟ قال ) :فمن ( "
ضا النهي عن التشبه باليهود والنصارى ،ووجوب الحذر من خبر صادق ويفيد أي ً
أخرجه البخاري ومسلم ،وهذا ٌ
الوقوع في مثل ما وقعوا فيه من المخالفات ،ومن أخطر تلك المخالفات انحراف العلماء عن جادة الحق ،وطلبهم
الدنيا بعلمهم ،وتقربهم للطواغيت الحاكمين بغير شرع ﷲ ،والمبدلين لدين ﷲ ،فيصبغون عليهم وعلى حكمهم
ش ْر ِعيﱠة ،ويصدرون الفتاوى في وجوب طاعتهم وتحريم الخروج عليهم ،ولو وقع طواغيتهم في كل نواقض ال ﱠ
اﻹسﻼم أو أكثرها ،بل وحاربوه بكل وسيلة ،وأعانوا الكفار على المسلمين ،وقتلوا وسجنوا المجاهدين والعلماء
الكفر البواح والردة الصريحة عن دين ﷲ.
ُ الصادقين وظهر منهم
كثيرا ،فيقتدي بهم الجاهل وصاحب الهوى ،وتصير فتاوى عالم ً إن العلماء إذا انحرفوا أضلوا خلقًا
الضﻼل سيفًا بيد الطاغوت الحاكم يضرب به كل من دعا إلى دين ﷲ الحق ،وطالب بتحكيم شريعته ،واستنكر
ً
سؤاﻻ ها ًما ،هل العلم وحده دون العمل به ينجي العالم من عذاب مواﻻة الحاكم ﻷعداء ﷲ ،وهنا يجب أن نطرح
ﱡ
سل ًما للوصول ً
ﷲ ،ويرفعه درجات عند ﷲ؟ ،كﻼ وﷲ ،فالعلم بﻼ عمل؛ وباﻻ على صاحبه ،فكيف إذا جعل علمه ُ
إلى الدنيا وزخرفها ،وصار همه الحظوة لدى ذوي الجاه والسلطان؟!.
قال عبد ﷲ بن مبارك -رحمه ﷲ -ﻷحد علماء زمانه حين تولى إحدى الوﻻيات وخشي عليه من أن يضيع دينه
بسببها:
ين
سا ِك ِ ْ
ال َم َ َ
أ ْم َوا َل َ
صطا ُديَ ْ َ ْ ْ
َجا ِع َل ال ِعل ِم لهُ بَ ِازيا يَا
ِين
ِبال ّد ِ ت َ ْذ ِه ُ
ب ِب ِحي َل ٍة َولَذﱠاتِ َها ِلل ﱡد ْنيَا اِحْ ت َ ْلتَ
ِل ْل َم َجا ِنينَ د ََوا ًء ُك ْنتَ بعد َما ِب َها َمجْ نُونًا فَ ِص ْرتَ
س َﻼَ ِط ِ
ين ال ﱠ أَب َْوا ِ
ب ت َ ْر ِك فِي س ْر ِد َها
َ في ِر َوايَات ُكَ أ َ ْينَ
ين
ط ِال ِ ّ فِي ا ْل ِع ْل ِم ار
ِح َم ُ َز ﱠل اط ٌل
َب ِ فَ َذا أ ُ ْك ِر ْهتُ قُ ْلتَ ْ
إن
أنه ﻻ ينجي المسلم إﻻ أن يطلب العلم لوجه ﷲ تعالى ﻻ ليحصل به أي نفع دنيوي سواء كان مد ًحا أم
ماﻻ أو رياسةً دينيةً أو دنيويةً ،جاء في حديث أبي هريرة -رضي ﷲ عنه -الذي أخرجه مسلم في جا ًها أم ً
ي بِ ِه فَعَ ﱠرفَهُ نِعَ َمهُ ستُش ِْه َد ،فَأُتِ َعلَ ْي ِهَ ،ر ُج ٌل ا ْ اس يُ ْقضَى يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َ صحيحه ،أن النبي -ﷺ -قال ) :إِنﱠ أ َ ﱠو َل النﱠ ِ
ستُش ِْه ْدتُ ،قَا َل َ :ك َذبْتَ َ ،ولَ ِكنﱠكَ قَات َ ْلتَ ؛ ِﻷ َ ْن يُقَا َل َج ِري ٌء ،فَقَ ْد فَعَ َرفَ َها قَالَ :فَ َما ع َِم ْلتَ فِي َها؟ قَالَ :قَات َ ْلتُ فِيكَ َحتﱠى ا ْ
ي بِ ِه فَعَ ﱠرفَهُ علﱠ َمهُ َوقَ َرأ َ ا ْلقُ ْرآنَ ،فَأُتِ َ
ي فِي النﱠ ِارَ ،و َر ُج ٌل تَعَلﱠ َم ا ْل ِع ْل َم َو َ علَى َوجْ ِه ِه َحتﱠى أ ُ ْل ِق َ ب َس ِح َ قِي َل ،ث ُ ﱠم أ ُ ِم َر بِ ِه فَ ُ
علﱠ ْمتُهُ َوقَ َرأْتُ فِيكَ ا ْلقُ ْرآنَ َ ،قالََ :ك َذبْتَ َ ،ولَ ِكنﱠكَ تَعَلﱠ ْمتَ نِعَ َمهُ فَعَ َرفَ َها قَالَ :فَ َما ع َِم ْلتَ ِفي َها؟ قَالَ :ت َ َعلﱠ ْمتُ ا ْل ِع ْل َم َو َ
ي فِي النﱠ ِار، علَى َوجْ ِه ِه َحتﱠى أ ُ ْل ِق َ ب َ ئ ،فَقَ ْد قِي َل ،ث ُ ﱠم أ ُ ِم َر بِ ِه فَ ُ
س ِح َ ا ْل ِع ْل َم؛ ِليُ َقا َل عَا ِل ٌم َوقَ َرأْتَ ا ْلقُ ْرآنَ ؛ ِليُقَا َل ُه َو َق ِار ٌ
10
ي بِ ِه فَعَ ﱠرفَهُ نِعَ َمهُ فَعَ َرفَ َها قَالَ :فَ َما ع َِم ْلتَ فِي َها؟ قَالَ: اف ا ْل َما ِل ُك ِلّ ِهَ ،فأُتِ َ صنَ ِ طاهُ ِم ْن أ َ ْ علَ ْي ِهَ ،وأ َ ْ
ع َ س َع ﱠ ُ َ َو َر ُج ٌل َو ﱠ
ب أَ ْن يُ ْنفَقَ فِي َها إِ ﱠﻻ أ َ ْنفَ ْقتُ فِي َها لَكَ ،قَا َلَ :ك َذبْتَ َ ،ولَ ِكنﱠكَ فَعَ ْلتَ ؛ ِليُقَا َل ُه َو َج َوا ٌد ،فَقَ ْد قِي َل ،ث ﱠمُ س ِبي ٍل ت ُ ِح ﱡَما تَ َر ْكتُ ِم ْن َ
ي فِي النﱠ ِار( نسأل ﷲ السﻼمة والعافية. ُ
ب عَـلَى َوجْ ِه ِه ث ُ ﱠم أ ْل ِق َ أ ُ ِم َر ِب ِه فَـ ُ
س ِح َ
قال بن رسﻼن الشافعي:
الوثَ ْن
َ عبﱠا ِدُ َ
ب من ق ْب ِل ﱠ
ُمعَذ ٌ يع َملَ ْن لم بعلم ِه
ِ وعال ٌم
ُخلص في َ كثيرا ما يبدأ أهل العلم كتبهم بحديث ) :إنما اﻷعمال بالنيات ( ،تنبيها لطالب العلم؛ لي ً ولذلك
طلبه للعلم وفي تعليمه للناس ،وقد أخبر النبي -ﷺ -أن ) :القرآن حجة لك أو عليك( ،رواه اﻹمام مسلم ،فالقرآن
حجة لمن قرأه بتدبر وعلم ما فيه وعمل بما علم ،وأما من أعرض عن كتاب ﷲ ،أو علم ما فيه ولكنه لم يعمل
به؛ فالقرآن حجة عليه يوم القيامة ،وقد أخبر ﷲ تعالى أن الرسخين في العلم يدعون ﷲ تعالى قائلينَ } :ربﱠنَا ﻻ
اب {]آل عمران ،[8:أي ﻻ تمل قلوبنا عن الحق ت ُ ِز ْغ قُلُوبَ َنا بَ ْع َد إِ ْذ َه َد ْيتَنَا َو َه ْب لَنَا ِم ْن لَ ُد ْنكَ َرحْ َمةً إِنﱠكَ أَ ْنتَ ا ْل َو ﱠه ُ
جهﻼ أو عنادًا منا ،بل اجعلنا مستقيمين على دينك هادين مهتدين فثبتنا على هدايتك وعافنا مما أبتليت به ً
الزائغينَ } ،و َه ْب لَ َنا ِم ْن لَ ُد ْنكَ َرحْ َمةً { ،أي رحمة عظيمة توفقنا بها للثبات على اﻹسﻼم غير مفرطين وﻻ
اب { ،أي واسع العطايا والهبات كثير اﻹحسان الذي ع ﱠم جودك جميع المخلوقات ،والعالم مبدلين } ،إِنﱠكَ أ َ ْنتَ ا ْل َو ﱠه ُ
أوﻻ ،وعند المسلمين ثانيًا ،فا تعالى قد أثنى على الذين يخشونه وﻻ يخشون أحد العامل بعلمه له مكانته عند ﷲ ً
غيره ،فقال تعالى عن الذين يبلغون رساﻻت ﷲ من اﻷنبياء والرسل -عليهم الصﻼة والسﻼم -ثم من الدعاة إلى
ت ﱠ ِ َويَ ْخش َْونَهُ َوﻻ يَ ْخش َْونَ أ َ َحدًا إِﻻ ﱠ َ َو َكفَى بِا ﱠ ِ َح ِ
سيبًا ساﻻ ِﷲ في هذه اﻷمة } :الﱠ ِذينَ يُبَ ِلّغُونَ ِر َ
{]اﻷحزاب.[39:
ت ﱠ ِ { ،أي إلى خلقه ويأدونها بأمانتها، ساﻻ ِ قال ابن كثير -رحمه ﷲ -يمدح تعالى } :الﱠ ِذينَ يُبَ ِلّغُونَ ِر َ
} َويَ ْخش َْونَهُ { ،أي يخافونه وﻻ يخافون أحد سواه فﻼ تمنعهم سطوة أحد عن إبﻼغ رساﻻت ﷲَ } ،و َكفَى بِا ﱠ ِ
ناصرا ومعينًا ،وسيد الناس في هذا المقام ،بل وفي كل مقام ﷴ رسول ﷲ -ﷺ -فإنه قام ً سيبًا { ،أي وكفا با
َح ِ
بأداء الرسالة وإبﻼغها إلى أهل المشارق والمغارب إلى جميع أنواع بني آدم ،وأظهر ﷲ كلمته ودينه وشرعه
على جميع اﻷديان والشرائع ،فإنه وقد كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وأما هو -صلوات ﷲ عليه -فإنه بعث
سو ُل ﱠ ِ إِلَ ْي ُك ْم َج ِميعًا إلى جميع الخلق عربهم وعجمهم إنسهم وجنهم } قُ ْل يَا أَيﱡ َها النﱠ ُ
اس إِنِّي َر ُ
{]اﻷعراف ،[158:ثم ورث مقام البﻼغ عنه أمته من بعده ،فكان أعلى من قام بها بعده أصحابه -رضي ﷲ
عنهم -بلغوا عنه كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله في ليله ونهاره وحضره وسفره وسره
وعﻼنيته -فرضي ﷲ عنهم وأرضاهم -ثم ورثة كل خلف عن سلفهم إلى زماننا هذا ،فبنورهم يقتدي
المهتدون ،وعلى منهجهم يسلك الموفقون ،فنسأل ﷲ الكريم المنان أن يجعلنا من َخلَفَ ِهم( انتهى كﻼمه بنحوه
رحمه ﷲ.
يجب على كل مسلم ُ يجب أن تكونَ في العلماء ،فأولها ما ُ وإذا أردنا أن نتحدث عن الصفات التي
اﻻتصاف به ،فكل صفة وصف ﷲ بها المؤمنين فاتصاف أهل العلم بها أولى وأحرى؛ ﻷن قيام الحجة عليهم
أكبر من قيامها على غيرهم بما عرفوا من الحق؛ وﻷنهم من حيث العلم يتميزون على غيرهم من المسلمين بما
يعلمونه من علوم شرعية تعلمها فرض كفاية مع استكمالهم للعلم الذي تحصيله فرض عين ،ثم هم مرجع
المسلمين فيما يجد وينزل من حوادث؛ ﻷن عندهم من العلم بأدلة الشرع وعلوم اﻷلة ما يؤهلهم لﻼجتهاد
واستنباط اﻷحكام ،والعلم علمان :علم با ،وعلم بأمره ،فأهل العلم به أكثر الناس معرفة بأسماء ﷲ وصفاته
وأفعاله ،ويﻼحظون معاني وآثار أسماء ﷲ وصفاته في آياته القرآنية وآياته الكونية ،ولذلك ذكر ﷲ تعالى
شهادتهم على وحدانيته وضمها إلى شهادته وشهادة مﻼئكته ،قال تعالى } :ش َِه َد ﱠ ُ أَنﱠهُ َﻻ ِإ ٰلَهَ ِإ ﱠﻻ ُه َو َوا ْل َم َﻼئِكَةُ
يز ا ْل َح ِكي ُم{ ]آل عمران ،[18:والعلم الصحيح با تعالى وبدينه هو س ِط َﻻ ِإ ٰلَهَ ِإ ﱠﻻ ُه َو ا ْل َع ِز ُ
َوأُولُو ا ْل ِع ْل ِم َقائِ ًما ِبا ْل ِق ْ
الذي يوصل أهله إلى خشية ﷲ بالغيب قال تعالىِ } :إنﱠما َي ْخشَى ﱠ َ ِم ْن ِعبا ِد ِه ا ْلعُلَما ُء{]فاطر.[28:
وبهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة ،وإلى لقاء أخر إن شاء ﷲ ،والسﻼم عليكم ورحمة ﷲ.
11
نسأل ﷲ تعالى أن يوفقنا ﻻتباع الحق وأن يعيذنا من الهوى
أقول قولي هذا وأستغفر ﷲ لي ولكم ...والسﻼم عليكم ورحمه ﷲ
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
قال ابن رسﻼن الشافعي:
الوثَنْ بعلم ِه لم يع َملَ ْن ُ ......م َعذﱠبٌ من قب ِل ُ
عبﱠا ِد َ وعال ٌم ِ
علموا وما عملوا ......قالوا وما فعلوا ِ
للدنيا يعملون ......وعن اﻵخرة يعدلون
إلى المكاسب يتسابقون ......وعما نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون
أفتوا بما يرضي الطواغيت ......وأكلوا بعلومهم الدنيا
مثلهم كشجرة الدفلى ......تعجب من نظر إليها ......وتقتل من يأكلها
ما هم بأحرار كرام ......وﻻ هم بعبيد أتقياء
أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد ......وقلوبهم أنتن من الحمأة والصديد
ضلوا وأضلوا ......عادوا أولياء الرحمن ......ووالوا أولياء الشيطان
يحسبون أنفسهم أدﻻء على الطريق ......وهم في الحقيقة قطاعه
الحمد والصﻼة والسﻼم على خاتم رسل ﷲ وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه وأشهد أن ﻻ اله إﻻ ﷲ وحده
ﻻ شريك له ،وأشهد أن ﷴ ا عبده ورسوله أما بعد:
فإن العلم الصحيح با تعالى بدينه هو الذي يوصل أهله إلى خشية ﷲ بالغيب قال تعالى) :إِنﱠ َما يَ ْخشَى
ﱠ َ ِم ْن ِعبَا ِد ِه ا ْلعُلَ َما ُء(]فاطر ، [28:أي إنما يخشاه بالغيب العلماء الذين علموه بصفاته فعظموه ومن ازداد علما
با ازداد منه خوفا ،وأحق الناس بخشية ﷲ هم العلماء الذين آمنوا با وزادتهم آيات ﷲ القرآنية والكونية إيمانا
علَ ٰى كما قال تعالى ِ ) :إنﱠ َما ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ الﱠ ِذينَ ِإذَا ذُ ِك َر ﱠ ُ َو ِجلَتْ قُلُوبُ ُه ْم َو ِإ َذا ت ُ ِليَتْ َ
علَي ِْه ْم آيَاتُهُ َزا َدتْ ُه ْم ِإي َمانًا َو َ
ص َﻼةَ َو ِم ﱠما َر َز ْق َنا ُه ْم ُين ِفقُونَ ) (3أُو ٰلَ ِئكَ ُه ُم ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ َحقا ۚ◌ لﱠ ُه ْم د ََرجَاتٌ َر ِبّ ِه ْم َيت َ َو ﱠكلُونَ ) (2الﱠ ِذينَ يُ ِقي ُمونَ ال ﱠ
ق ك َِري ٌم (]اﻷنفال ، [4-2:وقال تعالى عن نظر العلماء إلى آياته الكونية ) :أَلَ ْم ت َ َر أَنﱠ ِعن َد َر ِبّ ِه ْم َو َم ْغ ِف َرة ٌ َو ِر ْز ٌ
ف أ َ ْل َوانُ َها ت ُم ْخت َ ِلفًا أ َ ْل َوانُ َها َو ِم ْن ا ْل ِجبَا ِل ُج َد ٌد ِب ٌ
يض َو ُح ْم ٌر ُم ْخت َ ِل ٌ اء َما ًء فَأ َ ْخ َرجْ نَا ِب ِه ث َ َم َرا ٍ ﱠ َ أ َ ْن َز َل ِم ْن ال ﱠ
س َم ِ
ف أَ ْل َوانُهُ َكذَ ِلكَ ِإنﱠ َما يَ ْخشَى ﱠ َ ِم ْن ِع َبا ِد ِه ا ْلعُلَ َما ُء ِإنﱠ ب َو ْاﻷ َ ْن َع ِام ُم ْختَ ِل ٌ (و ِم ْن النﱠ ِ
اس َوالد َﱠوا ِّ سودٌ)َ 27 يب ُ غ َرا ِب ُ َو َ
ور (]فاطر ،[28-27:ومن علمه با أقل كان أقل خشية له لجهله وسوء نظره فيما وراء هذه غف ُ ٌ يز َ ﱠ َ ع َِز ٌ
الحياة ﻷن مدار الخشية على معرفة ﷲ والعلم بأمره مع عمل صالح يصحبه خشوع ،قال عليه الصﻼة
والسﻼم " :أنا أخشاكم وأتقاكم له" 16وقال الربيع بن أنس" :من لم يخش ﷲ فليس بعالم" ،وقال مجاهد:
عز وجلﱠ" . "إنما العالم من خشي ﷲ ﱠ
وأتقاكم له" 16متفق عليه من حديث أنس رضي ﷲ عنه بلفظ " :إني ﻷخشاكم
12
وتقديم لفظ الجﻼلة وتأخير العلماء يفيد أن الذين يخشون ﷲ من عباده هم العلماء دون غيرهم وأن خشية ﷲ
ور ( ها تعليل لخشية العلماء ربهم ﻷن صفة العزة تدل غف ُ ٌ يز َتزداد كلما ازداد العبد علما با وبأمره )إِنﱠ ﱠ َ ع َِز ٌ
على كمال قدرة ﷲ على عقوبة العصاة وقهرهم والمغفرة تدل على إثابة أهل الطاعة والعفو عنهم ،والمعاقِب
المثيب حقه أن يُخشى ﻷنه على كل شيء قدير ،فخشية ﷲ تدفع من استقرت في قلبه إلى تقوى ﷲ بفعل ما أمر
من الفروض والواجبات وترك ما حرم من الكبائر والسيئات وﻻ تكتمل التقوى إﻻ بالخوف من ﷲ ومن عقابه
ورجاء رحمته وثوابه ،روى اﻹمام أحمد والبيهقي في كتاب "الزهد الكبير" عن طلق بن حبيب رحمه ﷲ أنه
قال " :التقوى أن تعمل بطاعة ﷲ رجاء رحمته على نور من ﷲ وأن تترك معصية ﷲ على نور من ﷲ تخاف
سيَر" معلقا على قول طلق " :أبدع وأوجز ،فﻼ تقوى إﻻ بعمل وﻻ عمل عقاب ﷲ ،قال الذهبي رحمه ﷲ في "ال ِ ّ
إﻻ بتر ٍو من العلم والتباع وﻻ ينفع ذلك إﻻ باﻹخﻼص ،ﻻ ليقال فﻼن تارك للمعاصي بنور الفقه إذ المعاصي
يفتقر اجتنابها إلى معرفتها فيكون الترك خوفا من ﷲ ﻻ ليمدح بتركها فمن داوم على هذه الوصية فقد فاز "،
وأحق الناس بأن يتصف بصفات أهل اﻹيمان الذين يحبهم ﷲ ويحبونه هم العلماء قال تعالى) :يَا أَيﱡ َها الﱠ ِذينَ
علَى ا ْلكَافِ ِرينَ ف يَأْتِي ﱠ ُ ِبقَ ْو ٍم يُ ِحبﱡ ُه ْم َويُ ِحبﱡونَهُ أَ ِذلﱠ ٍة َ
علَى ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ أ َ ِع ﱠز ٍة َ آ َمنُوا َمن يَ ْرت َ ﱠد ِمن ُك ْم عَن دِينِ ِه فَ َ
س ْو َ
ۚ ٰ ۚ
سبِي ِل ﱠ ِ َو َﻻ يَ َخافُونَ لَ ْو َمةَ َﻻئِ ٍم ◌ َذ ِلكَ فَ ْ
ع ِلي ٌم(]المائدة[54: س ٌع َ ض ُل ﱠ ِ يُ ْؤتِي ِه َمن يَشَا ُء ◌ َو ﱠ ُ َوا ِ يُ َجا ِه ُدونَ فِي َ
،إذا ﻻ فصل بين العلم وبين الخشية من ﷲ والعمل بكتابه وسنة رسوله عليه الصﻼة والسﻼم ،فمن عمل بما
يغضب ﷲ لم يشفع له علمه بل هو حجة عليه ،فعلم العلماء ﻻ يأذن لهم في أن يفعلوا ما شاءوا من مخالفات ﻷمر
اف ِإ ْن ربهم سبحانه فليس ذلك حتى لﻸنبياء عليهم الصﻼة والسﻼم الذين قال ﷲ لخاتمهم -ﷺ) -قُ ْل ِإنِّي أ َ َخ ُ
يم(]اﻷنعام [15:وقال تعالى مخبرا عن ما أوحاه إلى أنبيائه ورسله عليهم الصﻼة اب يَ ْو ٍم ع َِظ ٍ ع َذ َصيْتُ َربِّي َ ع َ َ
س ِرينَ )َ (65ب ِل ﱠ َ ع َملُكَ َولَتَكُونَنﱠ ِمنَ ا ْل َخا ِ ي ِإلَ ْيكَ َو ِإلَى الﱠ ِذينَ ِم ْن قَ ْب ِلكَ لَ ِئ ْن أَش َْر ْكتَ لَيَحْ َب َطنﱠ َ والسﻼم ) َولَقَ ْد أ ُ ِ
وح َ
فَا ْعبُ ْد َوك ُْن ِمنَ الشﱠا ِك ِرينَ (]الزمر [66-65:وقد حذر ﷲ تعالى من خطر العلماء البائعين لدينهم مقابل ثمن قليل
وﻻ شك أن كل ثمن يأخذه إنسان مقابل دينه فهو قليل زهيد وإن رآه كثيرا فاغتر به قال تعالى َ ) :يا أَيﱡ َها الﱠ ِذينَ
سبِي ِل ﱠ ِ (]التوبة، [34: صدﱡونَ ع َْن َ اط ِل َويَ ُ اس بِا ْلبَ ِ ان لَيَأ ْ ُكلُونَ أ َ ْم َوا َل النﱠ ِ يرا ِمنَ اﻷَحْ َب ِار َو ﱡ
الر ْهبَ ِ آ َمنُوا إِنﱠ َكثِ ً
وهذه اﻵية وإن تحدثت عن أهل الكتاب إﻻ أنها تحذر من مشابهتهم في إفسادهم لدين الناس ودنياهم قال ابن كثير
رحمه ﷲ عن هذه اﻵية " :والمقصود التحذير من علماء السوء وعباد الضﻼل كما قال سفيان بن عيينة ) :من
فسد من علماءنا كان فيه شبه من اليهود ،ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى( وفي الحديث الصحيح
" :لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة قالوا :اليهود والنصارى ؟ قال :فمن ؟" وفي رواية "فارس
17
والروم ؟ قال :ومن الناس إﻻ هؤﻻء !"
اط ِل( وذلك اس بِا ْلبَ ِ والحاصل التحذير من التشبه بهم في أحوالهم وأقوالهم ولهذا قال تعالى ) َل َيأ ْ ُكلُونَ أ َ ْم َوا َل النﱠ ِ
أنهم يأكلون الدنيا بالدين ومناصبهم ورياستهم في الناس يأكلون أموالهم بذلك كما كان ﻷحبار اليهود على أهل
الجاهلية شرف ولهم عندهم خرج وهدايا وضرائب تجيء إليهم ،فلما بعث ﷲ رسوله صلوات ﷲ وسﻼمه عليه
استمروا على ضﻼلهم وكفرهم وعنادهم طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرياسات فأطفأها ﷲ بنور النبوة وسلبهم
سبِي ِل ﱠ ِ( أي وهم مع صدﱡونَ ع َْن َ إياها وعوضهم بالذلة والمسكنة وباءوا بغضب من ﷲ ،وقوله تعالى َ ) :ويَ ُ
أكلهم الحرام يصدون الناس عن اتباع الحق ويلبسون الحق بالباطل ويُظهرون لمن اتبعهم من الجهلة أنهم يدعون
إلى الخير وليسوا كما يزعمون بل هم دعاة إلى النار ويوم القيامة ﻻ ينصرون ،وقوله َ ) :والﱠ ِذينَ يَ ْكنِ ُزونَ الذﱠ َه َ
ب
يم( ،هؤﻻء هم القسم الثالث من رؤوس الناس فان الناس ب أ َ ِل ٍ َوا ْل ِفضﱠةَ َو َﻻ يُ ْن ِفقُونَ َها فِي َ
سبِي ِل ﱠ ِ فَبَ ِ
ش ّْر ُه ْم بِعَذَا ٍ
عالة على العلماء وعلى العباد وعلى أرباب اﻷموال ،فإذا فسدت أحوال هؤﻻء فسدت أحوال الناس كما قال
بعضهم :وهل أفسد الدين إﻻ الملوك وأحبار سوء ورهبانها" انتهى كﻼمه رحمه ﷲ .
وها هنا تساؤل مهم :هل يُعذر الناس في اتباع علماء السوء الضالين المضلين وهم يرونهم يخالفون
نصوص الكتاب والسنة ويرون صحبتهم للطواغيت وأنهم ﻻ ينكرون عليهم مواﻻتهم للكفار وتبديلهم لشرع ﷲ
تبر ُر لطواغيت الحكم كفرهم
وتحكيمهم لقوانين البشر؟ بل قد صار هؤﻻء المنتسبون إلى العلم طواغيت ِ ّ
وإجرامهم ويعتذر مشايخ العمالة عن كل ناقض لﻺسﻼم يقع فيه طاغوتهم فصاروا شركاء في الكفر والطغيان
يسبغون على الطاغوت أوصاف التقوى واﻹيمان كذبا وزورا ويسبغ هو عليهم اﻷموال واﻷلقاب الطنانة ،وصار
17
متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي ﷲ عنه.
13
دجل مشايخ العمالة موضع إعجاب رؤوس الكفر حكام أمريكا وأوربا فيمدحونهم ويصفونهم باﻻعتدال
والوسطية.
لقد أخبرنا ﷲ تعالى أن رؤوس الكفر والضﻼلة وأتباعهم على كفرهم وشركهم كلهم في النار يتبرأ بعضهم
شدِي ُد اب أَنﱠ ا ْلقُ ﱠوةَ ِ ﱠ ِ َج ِميعًا َوأَنﱠ ﱠ َ َ من بعض كما قال تعالى َ ) :ولَ ْو يَ َرى الﱠ ِذينَ َظلَ ُموا ِإ ْذ يَ َر ْونَ ا ْلعَذَ َ
اب)َ (166وقَا َل الﱠ ِذينَ سبَ ُ طعَتْ ِب ِه ُم اﻷ َ ْاب َوتَقَ ﱠ ب )ِ (165إ ْذ تَبَ ﱠرأ َ الﱠ ِذينَ ات ﱡ ِبعُواْ ِمنَ الﱠ ِذينَ اتﱠبَعُواْ َو َرأ َ ُواْ ا ْل َعذَ َ ا ْل َع َذا ِ
علَي ِْه ْم َو َما ُهم ِب َخ ِار ِجينَ ِمنَ ت َ س َرا ٍيه ُم ّ ُ أ َ ْع َمالَ ُه ْم َح َاتﱠبَعُواْ لَ ْو أَنﱠ لَنَا ك ﱠَرةً فَنَتَبَ ﱠرأ َ ِم ْن ُه ْم َك َما تَبَ ﱠرؤُواْ ِمنﱠا َك َذ ِلكَ يُ ِر ِ
النﱠ ِار(]البقرة [167-165:وبين تعالى أن الذين يتبعون اﻷحبار والرهبان في تحليل ما حرم ﷲ وتحريم ما أحل
ﷲ أنهم اتخذوهم أربابا من دون ﷲ وهو الشرك اﻷكبر والعياذ با قال تعالى )ات ﱠ َخذُوا أَحْ بَ َ
ار ُه ْم َو ُر ْهبَانَ ُه ْم
ع ﱠما س ْب َحانَهُ َاحدًا ﻻ ِإلَهَ ِإﻻ ُه َو ُ سي َح ا ْبنَ َم ْريَ َم َو َما أ ُ ِم ُروا ِإﻻ ِليَ ْعبُدُوا ِإلَ ًها َو ِ ُون ﱠ ِ َوا ْل َم ِ أ َ ْربَابًا ِم ْن د ِ
يُش ِْركُونَ (]التوبة [31:وﻻ يختلف حكم من يتبعون مشايخ الضﻼل في تحليل ما حرم ﷲ أو تحريم ما أحل ﷲ
عن حكم أهل الكتاب الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ﷲ؛ ﻷن الناس مأمورون في اﻷصل باتباع
ِيه ْم فَ َيقُو ُل َماذَا أَ َج ْبت ُ ُم
كﻼم ﷲ وكﻼم رسوله -ﷺ -وعن ذلك سيسألون كما قال تعالى َ ) :ويَ ْو َم يُ َناد ِ
س ِلينَ (]القصص.[65: ا ْل ُم ْر َ
وأما العلماء فﻼ تجب طاعتهم إﻻ إذا أمروا بطاعة ﷲ وطاعة رسوله -ﷺ -ولذلك قال كثير من أهل العلم:
"أقوال العلماء يستدل لها وﻻ يستدل بها" أي أنها ليست حجة مستقلة بنفسها فﻼ تكون حجة إﻻ إذا استندت إلى
دليل من اﻷصلين الكتاب والسنة أو قياس صحيح عليهما أو إجماع يقيني ﻷمة اﻹسﻼم في عصر من العصور
على حكم شرعي ،وأما العالم الذي باع دينه واشترى به ثمنا قليﻼ كعلماء الطواغيت وشيوخ القنوات الذين
ل ﱠمعتهم وشهرتهم قنوات الطواغيت فيجب الحذر منهم وقد رأينا تركهم للجهاد في سبيل ﷲ ،بل حارب مشايخ
الضﻼل الجهاد والمجاهدين ووقفوا مع الحاكم الموالي للكفار ضد المجاهدين ووصفوا المجاهدين بالخوارج،
وحينما قامت دولة الخﻼفة حاربها مشايخ الطواغيت وأصدروا الفتاوى للحكام بالدخول في الحلف الصليبي
ومحاربة دولة اﻹسﻼم.
ولننتقل اﻵن إلى الكﻼم عن كيد أئمة الكفر لﻺسﻼم عن طريق استعمال كثير ممن ينتسبون إلى العلم
الشرعي وكذلك استعمالهم لل ِف َرق التي تسمي نفسها جماعات إسﻼمية فأقول وبا التوفيق والسداد:
لما سقطت الدولة العثمانية قررت الدول الصليبية أن تتقاسم بﻼد المسلمين وتحتلها احتﻼﻻ مباشرا فثارت
عليهم الشعوب لظهور اﻻحتﻼل ووضوح راية الكفر التي يرفعها ،ولكن المؤسف أن معظم تلك الثورات لم ترفع
راية اﻹسﻼم واضحة صريحة في مواجهة اﻻحتﻼل الصليبي ،بل كانت رايات وشعارات تختلط فيها الحمية
لﻺسﻼم بالحمية للوطنيات والقوميات ،ولذلك قبلت هذه الشعوب بشكل عام أن يحكمها عمﻼء للصليبين ﻻ ي ِقلﱡون
عنهم كفرا إﻻ أنهم يحملون أسماء إسﻼمية أو عربية ويدﱠعون اﻹسﻼم مع فعل ما يناقضه ،ﻻ يحكمون بشرع ﷲ
مع نصهم في دساتيرهم على أن اﻹسﻼم هو المصدر اﻷول أو الرئيس للتشريع ،أو أن دين الدولة اﻹسﻼم ،بل
نصت بعض الدساتير على أن أي قانون يخالف اﻹسﻼم فهو ملغى وﻻ يعمل به ،وذلك ذرا للرماد في عيون
الشعوب ﻷن الدساتير نفسها فيها مواد مخالفة لﻺسﻼم مع نصها أن القانون المخالف لﻺسﻼم ﻻ يصح العمل به.
وقد كان للكفار تدخل أساسي في تنصيب الحاكم واعتباره شرعيا فقد جعلوا الحكومات التي ورثتهم تابعة لهم
ظاهرا وباطنا ،أما ظاهرا فعن طريق جعلها أعضاء فيما سموه عصبة اﻷمم التي تغيﱠر اسمها بعد ذلك إلى هيئة
اﻷمم المتحدة وكذلك جعلوا الدول أعضاء فيما يسمى مجلس اﻷمن ،ويتحكم في هيئة اﻷمم المتحدة ومجلس اﻷمن
أكبر دول الكفر في العالم أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا.
وأما من حيث الباطن فالحكومات التي خلفت اﻻحتﻼل الصليبي ليست عميلة لدول الكفر فحسب بل الوصف
الصحيح لحكامها أنهم موظفون ،ﻻ استقﻼل لهم عن دول الكفر في شيء ،تصدر إليهم اﻷوامر من أسيادهم
فيطبقونها بحذافيرها دون أن تؤخَذ آراء هؤﻻء العبيد في شيء إﻻ فيما يَخدم أسيادهم وحرب اﻹسﻼم ،ومنع
عودة اﻹسﻼم إلى الحكم ومحاربة أي عودة صحيحة للشعوب إلى دين ﷲ .
14
وأمر أئمة الكفر عبيدهم بأن يلعبوا أمام شعوبهم لعبة الديمقراطية وهي كذبة كبيرة على الشعوب ﻹفهامها أن
الحاكم العميل ﻷمريكا أو روسيا إنما جاء إلى الحكم برغبة وموافقة شعبه ولذلك صنعوا صناديق اﻻنتخابات
وقالوا للناس رشحوا من تريدون ليصير حاكما أو مساعدا للحاكم وﻹكمال الضحك على الشعوب يتم تزوير
اﻻنتخابات ونتائجها بل وإجبار الناس أحيانا على اختيار حاكم محدد سلفا بحيث يقف عسكر النظام بجوار
الصندوق مهددين من يكتب كلمة "ﻻ" بالعقاب اﻷليم وربما رشحوا حاكما واحدا وعملوا ما يسمى استفتا ًء للشعب
للموافقة عليه كما فعلوه كثيرا في عهد المجرم حافظ اﻷسد أو حسني الﻼمبارك أو بوتفليقة في الجزائر وأمثاله.
ونتيجة مهزلة الديمقراطية أن تقول دول الكفر إن هذا الحاكم وصل إلى الحكم باختيار شعبه وهو الذي
يقبلون به حاكما وﻻ يقبلون بغيره ،وﻻ يقبلون أن يخرج أحد عليه وأنهم سوف يواجهون كل من يخرج عليه
بالقوة والحرب وكل وسيلة ممكنة ،وهنا تأتي الحلقة الخطرة المهمة في هذه اللعبة اﻹجرامية وهي أن هؤﻻء
الحكام يحتاجون إلى من يُسبِغ على حكمهم الشرعية الدينية ليتم استعباد الشعوب باسم اﻹسﻼم المزيف فيأتي دور
مشايخ الضﻼلة والفرق التي تصف نفسها بأنها جماعات إسﻼمية لتُسبغ على هذا الحاكم الشرعية الدينية ،وتفتي
بحرمة الخروج عليه وتبيح لهذا الطاغوت دماء وأموال من يخرجون عليه ،ولو كانوا من أتقى الناس ولو كان
هدفهم إقامة حكم ﷲ في أرضه ،وإنقاذ العباد من العبودية ﻷمم الكفر ليعبدوا ﷲ وحده تحت حكم شريعته.
وإذا تساءلت أخي المستمع عن أسباب وقوف مشايخ السوء مع الطاغوت وكذلك وقوف الفرق التي تصف
نفسها أنها جماعات إسﻼمية ،مع الحاكم الكافر الموالي للكفار من دون المؤمنين فارجع إلى ما ذكرته أوﻻ من
أسباب ضﻼل أحبار أهل الكتاب وانحرافاتهم وتضليلهم للناس وكل ذلك ذكره لنا ربنا مفصﻼ مبيﱠنا كما قال تعالى
س ِبي ُل ا ْل ُمجْ ِر ِمينَ (]اﻷنعام [55:قال ابن كثير في تفسيره" :يقول تعالى :وكما ست َ ِبينَ َ
ت َو ِلت َ ْ َ ) :و َك َذ ِلكَ نُفَ ِ ّ
ص ُل اﻵ َيا ِ
ت( أي بيﱠنّا ما تقدم بيانه من الحجج والدﻻئل على طريق الهداية والرشاد وذم المجادلة والعناد ) َو َك َذ ِلكَ نُفَ ِ ّ
ص ُل اﻵ َيا ِ
س ِبي ُل ا ْل ُمجْ ِر ِمينَ ( أي ولتظهر طريق المجرمين المخالفين للرسل، ست َ ِبينَ َ
التي يحتاج المخاطبون إلى بيانها ) َو ِلت َ ْ
وقُ ِرئ )وليستبين سبيل المجرمين( أي وليستبين يا ﷴ -أو يا مخاطب -سبيل المجرمين" ،انتهى كﻼمه رحمه ﷲ.
فنفس العلل واﻷمراض القلبية والدوافع اﻹجرامية التي دفعت أحبار أهل الكتاب ورهبانهم إلى رفض دين ﷲ
ومحاربة أولياء ﷲ المجاهدين ال ُم َح ِ ّكمين لشرع ﷲ أقول :تتكرر نفس العلل واﻷمراض القلبية واﻻنحرافات
العقدية والعملية في مشايخ السوء وفرق الضﻼل التي تصف نفسها أنها جماعات إسﻼمية نسأل ﷲ أن ﻻ يمكر
بنا وان يحيينا ويتوفانا على ما يرضيه عنا وبهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة وإلى لقاء آخر إن شاء ﷲ والسﻼم
عليكم.
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
15
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
قال ابن رسﻼن الشافعي:
الوث ْنَ بعلم ِه لم يع َملَ ْن ُ ......م َعذﱠبٌ من قب ِل ُ
عبﱠا ِد َ وعال ٌم ِ
علموا وما عملوا ......قالوا وما فعلوا ِ
للدنيا يعملون ......وعن اﻵخرة يعدلون
إلى المكاسب يتسابقون ......وعما نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون
أفتوا بما يرضي الطواغيت ......وأكلوا بعلومهم الدنيا
مثلهم كشجرة الدفلى ......تعجب من نظر إليها ......وتقتل من يأكلها
ما هم بأحرار كرام ......وﻻ هم بعبيد أتقياء
أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد ......وقلوبهم أنتن من الحمأة والصديد
ضلوا وأضلوا ......عادوا أولياء الرحمن ......ووالوا أولياء الشيطان
يحسبون أنفسهم أدﻻء على الطريق ......وهم في الحقيقة قطاعه
الحمد ولي المتقين والصﻼة والسﻼم على نبيه اﻷمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فقد تحدثت في الحلقة الماضية عن أن نفس العلل واﻷسباب التي ضل بها أحبار ورهبان أهل الكتاب وأضلوا
أجدها عند مشايخ السوء في العصر الحاضر فمشايخ السوء وفرق الضﻼلة المنتشرة المنتسبة لﻺسﻼم ترى فيهم
ال ِكبر الذي يمنعهم من قبول الحق واحتقار الدعاة إلى دين ﷲ الحق ،والتقليل من شأن الجهاد والمجاهدين،
فمشايخ الضﻼلة قد أعجبتهم أنفسهم وغرهم تعيين الطاغوت لهم في مناصب ابتدعها كمنصب المفتي العام
ومنصب هيئة كبار العلماء ،ووصفهم الطاغوت بأصحاب السماحة والفضيلة وأعطاهم اﻷموال الطائلة
والعقارات الواسعة حتى صار أكثرهم أسرى لعطاياه وهباته وصار همه رضاه ولو كان فيه الكفر والضﻼل،
وترى مشايخ الضﻼلة والفرق المنتسبة إلى اﻹسﻼم كذبا وزورا كاﻹخوان والسرورية والجامية قد أعماهم الحسد
للمجاهدين على إقامة دولة اﻹسﻼم وإحياء الخﻼفة والحكم بسنة النبي -ﷺ -وخلفائه الراشدين يدل على ذلك
تحقيرهم للمجاهدين ،وزعمهم أنهم لم يصنعوا شيئا حقيقيا لﻺسﻼم.
بل أولئك المجرمون يظهر منهم التشفي والفرح إذا أصابت المجاهدين مصيبة كما وقع ذلك من أسﻼفهم أهل
ۖ
س ْؤ ُه ْم ◌ َوإِن ت ُ ِص ْبكَ ُم ِصيبَةٌ يَقُولُوا قَ ْد أَ َخ ْذنَا أ َ ْم َرنَا ِمن قَ ْب ُل َويَت َ َولﱠوا ﱠو ُه ْم
سنَةٌ ت َ ُ
النفاق قال تعالى ) :إِن ت ُ ِص ْبكَ َح َ
فَ ِر ُحونَ )-((50التوبة -فيقولون :ألم نقل لكم إنكم ﻻ تقدرون على أمريكا وعدتها وعتادها؟! ومن اﻷمراض التي
بلي بها مشايخ السوء وفرق الضﻼل قسوة قلوبهم فتراهم حين يرون الطاغوت يسجن أهل العلم والجهاد يصبون
لومهم على المجاهدين وأنهم لم يستشيروا اﻷمة فيما يفعلونه ،وأنهم تسببوا ﻷنفسهم في هذا البﻼء ،بل يوغل
بعضهم في الكفر واﻹجرام أكثر من ذلك فيقول :إن المجاهدين يستحقون ما يصيبهم على أيدي الطواغيت ،وأنهم
أحدثوا فتنة في البﻼد ،وأنهم لم يأتوا اﻹصﻼح من بابه ،بل يشارك بعضهم الطاغوت في الحكم على المجاهدين
بالتعذيب والسجن والقتل.
ومن اﻵفات التي أصابت مشايخ السوء والضﻼل قلة أو عدم خوفهم ورهبتهم من ﷲ يدل على ذلك فتاواهم
المضلة التي تحرم الجهاد وتعتبر أهله مجرمين وفتاواهم بشرعية الحاكم ولو ظهر منه الكفر البواح بل صرح
بعض مشايخ آل سلول بوجوب السمع والطاعة لـ "بريمر" مندوب أمريكا الصليبية في العراق ونفس ذلك الشيخ
السلولي ينافح ويدافع عن آل سلول وحكمهم مع أنه كان أيام دخول جيش صدام حسين الكويت يقول" :إن آل
سعود كفار وإن دولتهم تحكم بالعلمانية ﻻ باﻹسﻼم" ،فسبحان مقلب القلوب واﻷبصار اللهم إنا نعوذ بعزتك ﻻ إله
إﻻ أنت أن تضلنا أنت الحي الذي ﻻ يموت والجن واﻹنس يموتون.
16
وأما اشتراؤهم بآيات ﷲ ثمنا قليﻼ -أعني علماء الضﻼل والفرق التي تصف نفسها بأنها إسﻼمية -فالدليل
عليها الهبات الضخمة التي يأخذونها من الطواغيت حتى يتسا َم َع بها الناس والمناصب التي يتولونها حتى إن
بعض الوزارات تعطى لمن يسمون أنفسهم باﻹخوان المسلمين مقابل اتفاقيات مع الطواغيت كما حصل في
العراق بعد احتﻼل أمريكا والرافضة لها حيث استلم الحزب الﻼإسﻼمي المرتد منصب نائب رئيس الوزراء،
ودخل الحزب في اﻻنتخابات ليعطوا اﻻحتﻼل الشرعية الكاذبة وشهدوا كذبا وزورا بأن الطاغوت الحاكم العميل
ﻷمريكا وإيران قد اختاره الشعب ،وكذلك استلم اﻹخوان المجرمون رئاسة الوزراء في دويلة اﻷردن وأعطاهم
الطاغوت بعض الوزارات ليرضوا عنه ويكونوا شركاء له في كفره وطغيانه ،وأعطي المجال في جزيرة العرب
للسرورية لتفتح قنوات ي ﱠدعون أنها إسﻼمية مع أنها ﻻ تذيع من اﻷخبار و البرامج إﻻ ما يأذن به الطاغوت ،كقناة
المجد التي تترحم على عسكر طاغوت آل سلول وتصفهم بأنهم شهداء وبنفس الوقت تتهم المجاهدين بأنهم
خوارج ،ومن رضا الطاغوت عنها وبل وتآمره معها أن تتاح هذه القناة للسجناء من أهل التوحيد والجهاد في
سبيل ﷲ لمحاولة إضﻼلهم وحرفهم عن دينهم.
وأما موﻻة مشايخ الضﻼلة والفرق المنتسبة لﻺسﻼم زورا للكفار والمرتدين فقد ذكرتُ صورا منها فقد
صاروا شركاء للطواغيت للحكم في دول كثيرة يبررون لهم كفرهم وظلمهم وإجرامهم ،ففي الدولة السلولية مثﻼ
تجد أن أكبر أعوان الحاكم المرتد المفتي المرتد ،وزير ما يسمى بالشؤون اﻹسﻼمية وهيئة كبار العمﻼء وكثير
من مشايخ الجامعات في اﻷقسام التي يصفونها بأنها شرعية هم أعون للطاغوت يقدمون له الوﻻء ويحاربون من
يحاربه مقدمين له ما يريد من فتاوى إجرامية حتى صارت الكليات واﻷقسام والمعاهد التي ي ﱠدعون أنها شرعية
من أهم أوتاد حكم آل سعود المرتدين ،فالعقيدة التي تدرس فيها هي عقيدة اﻹرجاء على أخبث ما يكون اﻹرجاء،
فهم يدرسون للطﻼب عقيدة السلف وأهل السنة وأن العمل من اﻹيمان ولكنهم يعلمونهم أن الطواغيت المدعين
لﻺسﻼم مهما ارتكبوا من نواقض لﻺسﻼم فهم حكام شرعيون لم يخرجوا من اﻹسﻼم ،ويختلقون لهم أعذارا ً من
جنس تلبيس اليهود والنصارى ويدافعون عنهم الدفاع المستميت ويعلنون الحرب على كل من يخرج على
الطاغوت وﻻ يرى شرعيته ،ويكتبون التقارير لوزارة الداخلية السلولية على كل مم يحمل عقيدة الوﻻء للمؤمنين
والبراء من الطواغيت هذا حال أغلبهم ولكل قاعدة شواذ.
وإذا أظهر أي شيخ عقيدة مخالفة لمشايخ السوء فمصيره السجون التي يشرف عليها اﻷمريكان يسام فيها
سوء العذاب ويحاولون فيها ثنيه عن دينه بالترغيب والترهيب ،ويأتيه مشايخ الكفر والضﻼل تحت اسم لجان
المناصحة لمناقشته ومحاولة تلبيس دينه عليه ثم يرفعون عنه التقارير إلى أقسام المباحث السلولية لتعامله وفق
توجهه وثباته على دينه أو تراجعه عن عقيدته ،وتلك اللجان تتكون من مشايخ السوء الرسميين ومن شيوخ
القنوات ومن مشايخ من الفرق الثﻼث المحاربة لﻺسﻼم والتوحيد :اﻹخوان والسرورية والجامية.
ويجب هنا أن نتذكر أن من مخالفة كفار بني إسرائيل لشرع ﷲ والتي استحقوا بسببها لعنة ﷲ أنهم كانوا ﻻ
َاوو َد ان د ُ س ِ علَ ٰى ِل َ يتناهون عن منكر فعلوه ويوالون الكفار ،قال تعالى )لُ ِعنَ الﱠ ِذينَ َكفَ ُروا ِمن بَنِي إِ ْ
س َرائِي َل َ
س َما كَانُوا ۚ
صوا ﱠوكَانُوا يَ ْعت َ ُدونَ ) (78كَانُوا َﻻ يَتَنَا َه ْونَ عَن ﱡمنك ٍَر فَ َعلُوهُ ◌ لَ ِبئْ َ ع َ سى اب ِْن َم ْريَ َم ۚ◌ ٰ َذ ِلكَ بِ َما ََو ِعي َ
ۚ
علَي ِْه ْم َوفِي س ِخ َط ﱠ ُ َ س ُه ْم أَن َ س َما قَ ﱠد َمتْ لَ ُه ْم أَنفُ ُ يَ ْفعَلُونَ ) (79ت َ َر ٰى َكثِ ً
يرا ِ ّم ْن ُه ْم يَت َ َولﱠ ْونَ الﱠ ِذينَ َكفَ ُروا ◌ لَ ِبئْ َ
ٰ
نز َل إِلَ ْي ِه َما ات ﱠ َخذُو ُه ْم أَ ْو ِليَا َء َولَ ِكنﱠ َكثِ ً
يرا ِ ّم ْن ُه ْم ي ِ َو َما أ ُ ِب ُه ْم َخا ِل ُدونَ )َ (80ولَ ْو كَانُوا يُ ْؤ ِمنُونَ بِا ﱠ ِ َوالنﱠبِ ّ ا ْلعَذَا ِ
سقُونَ )-((81المائدة -قال العوفي عن ابن عباس رضي ﷲ عنهما" :لعنوا في التوراة وفي اﻹنجيل وفي فَا ِ
الزبور وفي الفرقان" نقله ابن كثير في تفسيره.
وحين نتأمل حال مشايخ السوء في كل دولة ﻻ تحكم بشرع ﷲ فسنجدهم كحال اليهود والنصارى ﻻ ينهون
عن منكرات الحاكم ويوالونه رغم كفره با تعالى ،وقد رأينا في هذا الزمان العجب العجاب فقد رأينا ثناء
اﻷمريكان على مشايخ آل سلول ووصفهم لهم باﻻعتدال! كيف ﻻ وقد سمعنا إمام الحرم المرتد عبد الرحمن
السديس وهو يستعطف الكفار ويصف رئيس أمريكا بوش بأنه صانع القرار في العالم ويناشده أن ﻻ يعاقب
المسلمين بفعلة المجاهدين الذين حطموا أمريكا وأحرقوا قوتها اﻻقتصادية بإسقاط بر َجي التجارة وتسويتهما
17
باﻷرض ﻷن المرتد السديس يتبرأ من ذلك الفعل وهو يبكي ويعتبره ﻻ يمثل توجه اﻹسﻼم المعتدل الذي يدين به
كما يدعي.
لقد وصف ﷲ عز وجل المنافقين بأنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ﻷنه نسوا ﷲ فنسيهم ،فنسيهم
ض ۚ◌ َيأ ْ ُم ُرونَ
ض ُهم ِ ّمن َب ْع ٍ بسبب فسقهم وخروجهم بالكلية عن طاعة ﷲ فقال تعالى )ا ْل ُمنَافِقُونَ َوا ْل ُمنَافِ َقاتُ َب ْع ُ
ۗ ۚ
سقُونَ )-((67 سوا ﱠ َ فَنَ ِ
س َي ُه ْم ◌ ِإنﱠ ا ْل ُمنَا ِف ِقينَ ُه ُم ا ْل َفا ِ وف َويَ ْق ِبضُونَ أَ ْي ِد َي ُه ْم ◌ نَ ُ
ِبا ْل ُمنك َِر َو َي ْن َه ْونَ ع َِن ا ْل َم ْع ُر ِ
التوبة -ولم أذكر هذه اﻵية الكريمة ﻷقول إن إمام الحرم المذكور منافق ،بل هو مرتد وتشبيهه باليهود
والنصارى هو الصحيح ،بل هو كسحرة فرعون قبل إيمانهم يستعمل حاكم آل سلول هؤﻻء السحرة لتعبيد الناس
وإخضاعهم لحكمه الكافر وقد شابه هذا المجرم الكفار والمنافقين من أوجه كثيرة وأما مواﻻة هؤﻻء المشايخ
للكفار فلها صور كثيرة وعليها أدلة عديدة:
فمن ذلك حزنهم ومواساتهم للرافضة لما ضربت الدولة اﻹسﻼمية معابدهم وإعﻼنهم المعاداة للدولة
اﻹسﻼمية بسبب ضربها للرافضة وإغضابها لطواغيتهم آل سلول ،وأذكر حين قام المجاهدون بغزوة "مانهاتن"
في أمريكا وأحرقوا ودمروا برجي التجارة وسببوا لليهود والنصارى الرعب يومها انطلق مشايخ السوء كإمام
الحرم المكي عبد الرحمن السديس وشيخ آل سلول صالح اللحيدان يتبرؤون من هذا الفعل الجهادي ووصموه
باﻹرهاب واﻹجرام وعللوا ذلك بأن هذا عدوان على المدنيين اﻵمنين الذين ﻻ ذنب لهم ،وأن في هذا الهجوم
نقضا ً للعهد مع سيدتهم أمريكا ،فأما وصفهم للمجاهدين باﻹرهابيين فهذه الصفة ليست ذما ً لهم في شرعنا المطهر
عد ﱠُو ﱠ ِ ط ْعتُم ِ ّمن قُ ﱠو ٍة َو ِمن ِ ّر َب ِ
اط ا ْل َخ ْي ِل ت ُ ْر ِهبُونَ بِ ِه َ بل قد أمر ﷲ المسلمين بذلك في قوله ) َوأ َ ِعدﱡوا لَ ُهم ﱠما ا ْ
ست َ َ
ف إِلَ ْي ُك ْم َوأَنت ُ ْم َﻻ ۚ
سبِي ِل ﱠ ِ يُ َو ﱠ َي ٍء فِي َ عد ﱠُو ُك ْم َوآ َخ ِرينَ ِمن دُونِ ِه ْم َﻻ ت َ ْعلَ ُمونَ ُه ُم ﱠ ُ يَ ْعلَ ُم ُه ْم ◌ َو َما تُن ِفقُوا ِمن ش ْ
َو َ
ت ُ ْظلَ ُمونَ )-((60اﻷنفال.-
ولذلك يفرح كل مؤمن حين يرى الرهبة والرعب يدخل قلوب المشركين با وأما من يصفونهم بالمدنيين
اﻵمنين فهم كفار غير معصومي الدم والمال لقوله -ﷺ) -أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ﻻ إله إﻻ ﷲ ،
وأن ﷴا رسول ﷲ ،ويقيموا الصﻼة ،ويؤتوا الزكاة ،فإذا فعلوا ذلك ،عصموا مني دماءهم وأموالهم ،إﻻ
بحق اﻹسﻼم ،وحسابهم على ﷲ تعالى( أخرجه الشيخان ،بل هؤﻻء الذين يصفهم مشايخ التضليل بالمدنيين
الذين ﻻ ذنب لهم هم مع كفرهم مشاركون في قتل المسلمين وقتالهم باختيارهم لحكومتهم ورئيسهم باﻻنتخابات،
ومشاركون بدفعهم الضرائب لحكومتهم بل وحتى معارك أمريكا ضد المجاهدين هي بموافقة شعبها عبر
اﻻستفتاءات.
وأم زعم مشايخ الطواغيت أن في هذا العمل الجهادي نقضا للعهد مع أمريكا فهذا من سلسلة أكاذيبهم
وتضليلهم ؛ﻷن المجاهدين ليس بينهم وبين أمريكا وسائر أعداء ﷲ عهود والذين عاهدوا أمريكا هم عبيدها آل
سلول وأمثالهم وقد عاهدوها على ما كل فيه حرب لﻺسﻼم والمسلمين وأن يمنعوا قيام دولة لﻺسﻼم ما استطاعوا
إلى ذلك سبيﻼ ،وأن ينفقوا أموال النفط على إفساد المسلمين ومحاربتهم ومحاربة المجاهدين في سبيل ﷲ أينما
كانوا ،فهذه صورة من تلبيس مشايخ الضﻼل للحق بالباطل وكتمان الحق الذي يعلمونه.
ولعل كل مسلم يفهم دين ﷲ يﻼحظ أن كل فرقة ذكرتها وهم ما يسمى اﻹخوان والسرورية والجامية قد
صاروا جميعا في خدمة الطواغيت سواء أمريكا وبريطانيا وفرنسا أئمة الكفر أو عبيدهم من طواغيت العرب،
وصاروا جيوشا خلفية تحمي حكم الطواغيت وتثبت العبودية والتبعية ﻷمريكا أو بريطانيا أو هيئة اﻷمم المتحدة،
وقد أعطت بريطانيا شهادة لﻺخوان المرتدين في أوائل عام 1436هـ بأنهم منذ 40سنة ينبذون العنف
واﻹرهاب ويقصدون بذلك نبذ جماعة اﻹخوان للجهاد وإلغائه من قاموسها بل وحربها للمجاهدين أينما كانوا،
ومعاونتها للطواغيت في محاربة المجاهدين ومحاربة تحكيم الشريعة وسعي اﻹخوان المجرمين للحكم
بالديمقراطية الكفرية ،بل إن أي إصﻼح مزعوم يقومون به ﻻ يكون إﻻ تحت مظلة الدعوة إلى ديمقراطية الشرك
اﻷكبر والحفاظ على الهيمنة اﻷمريكية على رقاب المسلمين والحفاظ على الوﻻء ﻷمم الكفر المتحدة.
18
ومما يجدر الوقوف عنده هذا اﻻرتباط الوثيق بين جماعة اﻹخوان المرتدين وبين الشيعة الروافض الكفار
فمنذ تأسيس الخميني مﻸ ﷲ قبره نارا للحكم الرافضي في إيران بدعم فرنسي ذهب اﻹخوان المرتدون إليه
مهنئين مستبشرين ،وادعوا كذبا و بهتانا أن هذا هو أمل المسلمين في قيام دولة إسﻼمية تمثلهم وقد كشف ﷲ
كذب فرقة اﻹخوان ولم ترج هذه الكذبة الكبيرة على من أنار ﷲ بصيرته بل إن اﻹخوان المرتدين منذ تأسيس
فرقتهم على يد حسن البنا وهم يدعون إلى التقارب مع الرافضة المشركين ويدافعون عنهم ويلبسون على
المسلمين بأن الرافضة فرقة تنتمي لﻺسﻼم وأنهم إخوان للمسلمين والحقيقة أن الرافضة إخوان لفرقة اﻹخوان
المرتدين فقط دون سائر المسلمين.
والجدير بالذكر أن بريطانيا روجت للماسوني جمال الدين اﻷفغاني اﻹيراني الرافضي على أنه من دعاة
اﻹصﻼح ثم قام بالترويج له مشايخ الضﻼل رغم ثبوت انتسابه إلى المحافل الماسونية هو وتلميذه ﷴ عبده فانظر
إلى هذا التوافق بين بريطانيا ومشايخ الكفر والضﻼل ،بل هو التنسيق وتبادل اﻷدوار بين بريطانيا ومن معها من
أئمة الكفر وبين كثير من أولئك المشايخ الذين يصفون أنفسهم بالعقﻼنيين ،ويريدون اﻹصﻼح بزعمهم الكاذب
على الطريقة الغربية الكافرة بتطبيق الديمقراطية والدعوة إلى ثورات ﻻ تحمل راية الحكم باﻹسﻼم ،وﻻ تنتهج
الجهاد في سبيل ﷲ ،مع استبعادهم لعقيدة الوﻻء من المؤمنين والبراء من الكافرين.
وبهذا القدر أكتفي وإلى لقاء آخر بإذن ﷲ ،والسﻼم عليكم ورحمة ﷲ.
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
قال ابن رسﻼن الشافعي:
الوثَ ْن
عبﱠا ِد َ
ب من قب ِل ُبعلم ِه لم يع َملَ ْن ُ ......معَذﱠ ٌ
وعال ٌم ِ
علموا وما عملوا ......قالوا وما فعلوا ِ
للدنيا يعملون ......وعن اﻵخرة يعدلون
إلى المكاسب يتسابقون ......وعما نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون
أفتوا بما يرضي الطواغيت ......وأكلوا بعلومهم الدنيا
مثلهم كشجرة الدفلى ......تعجب من نظر إليها ......وتقتل من يأكلها
ما هم بأحرار كرام ......وﻻ هم بعبيد أتقياء
أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد ......وقلوبهم أنتن من الحمأة والصديد
ضلوا وأضلوا ......عادوا أولياء الرحمن ......ووالوا أولياء الشيطان
يحسبون أنفسهم أدﻻء على الطريق ......وهم في الحقيقة قطاعه
19
ش َر
َويُبَ ِ ّ شدِيدًا ِم ْن لَ ُد ْنهُ
سا َ تاب َولَ ْم يَجْ عَ ْل لَهُ ِع َو ًجا ) (1قَيِّ ًما ِليُ ْنذ َِر بَأ ْ ً
ع ْب ِد ِه ا ْل ِك َﭽا ْل َح ْم ُد ِ ﱠ ِ الﱠذِي أَ ْن َز َل عَلى َ
ﱠ ُ َولَدًا سنًا ) (2ما ِكثِينَ فِي ِه أَبَدًا )َ (3ويُ ْنذ َِر الﱠ ِذينَ قالُوا ات ﱠ َخذَ ت أَنﱠ لَ ُه ْم أَجْ ًرا َح َ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ الﱠ ِذينَ يَ ْع َملُونَ ال ﱠ
صا ِلحا ِ
ج ِم ْن أ َ ْفوا ِه ِه ْم ِإ ْن َيقُولُونَ ِإﻻ ﱠ َك ِذبًا )(5ﭼ ] الكهف٤ – ١ :
) (4ما لَ ُه ْم ِب ِه ِم ْن ِع ْل ٍم َوﻻ ِﻵبا ِئ ِه ْم َكبُ َرتْ َك ِل َمةً ت َ ْخ ُر ُ
[،
منيرا ،وأشهد
ً ونذيرا وداعيا إلى ﷲ بإذنه وسرا ًجا ً ومبشرا
ً والصﻼة والسﻼم على رسوله ﷴ المرسل شاهدًا
أن ﻻ إله إﻻ ﷲ وحده ﻻ شريك له وأشهد أن ﷴا ً عبده ورسوله أما بعد:
فإن الهداية إلى صراط ﷲ المستقيم؛ هي محض فضل ﷲ ورحمته بعبادة الذين أراد فﻼحهم في الدنيا
قواﻵخرة ،وقد جعل ﷲ لهداية عباده أسبابًا أمرنا باتخاذها وإتباعها ،ومن أسباب الهداية أن نطلبها من ﷲ بصد ٍ
وتذل ٍل وافتقار ،فقد وعد ﷲ من طلبها بأن يكرمه بها.
ففي الحديث القدسي الذي يرويه نبينا --عن ربه --يقول ﷲ تعالى » :يا عبادي كلكم ضا ٌل إﻻ من
هديته فاستهدوني أهدكم « رواه مسلم في صحيحه .2566
ست َ ِقي َم )ِ (6ص َرا َ
ط ص َرا َ
ط ا ْل ُم ْ وفي سورة الفاتحة التي يقرأها المسلم في كل ركعة من صلواته نقول :ﭽ ا ْه ِدنَا ال ِ ّ
علَي ِْه ْم َو َﻻ الضﱠا ِلّينَ ) ( 7ﭼ ] الفاتحة،[ ٧ - ٦ : غي ِْر ا ْل َم ْغضُو ِ
ب َ الﱠ ِذينَ أَ ْن َع ْمتَ َ
علَي ِْه ْم َ
فيسأل المسلمون رب العالمين أن يهديهم صراطه المستقيم ،بأن يثبتهم على دين اﻹسﻼم ،وأن يهديهم لﻺيمان
الصحيح والعمل الصالح ،وأن يجنبهم طرق الضﻼلة التي تتلخص في طريق اليهود وأشباههم الذين غضب ﷲ
ضاعليهم؛ ﻷنهم لم يعملوا بما عرفوا من الحق ،والطريق الثاني من طرق الضﻼلة الذي يطلب المسلم من ﷲ أي ً
أن يجنبه إياه ،هو طريق النصارى ومن شابههم الضالين الذين عبدوا ﷲ على جه ٍل فضلوا عن دين ﷲ ،يدعو
المسلم أن يجنبه ﷲ طريق العدو اﻷكبر للمسلمين ،وهم اليهود والنصارى ،الذين يكيدون لﻺسﻼم وأهله المكائد
العظام ،ويمكرون المكر الكبار بالليل والنهار؛ ليصدوا غير المسلمين عن اتباع دين اﻹسﻼم ،وليحاربوا
المسلمين على كل اﻷصعدة وبكل وسيلة ،ومنها وسائل اﻹعﻼم بأنواعها ،من قنوات وإنترنت وجرائد ت ُ ْ
صد ُِرهَا
الحكومات العميلة للكفار ،والتي شغلها الشاغل تشويه اﻹسﻼم ،وشغل المسلمين بالملهيات ،ودعوتهم للكفر
والفسوق والعصيان.
وحارب الكفار دين ﷲ ،بأن منعوا تحكيم شريعة ﷲ في البﻼد ،وسلطوا عبيدهم الطواغيت الصغار على
رقاب المسلمين؛ ليمنعوهم حقهم في التحرر من شياطين اﻹنس والجن ،وطواغيت الحكم والتشريع ،واستخدموا
في سبيل ذلك وسائل الترغيب والترهيب.
ومن أهم وسائل الحكومات التي تسمي نفسها إسﻼمية في تلبيس الحق بالباطل استخدام مشايخ يزينون الكفر
واﻹجرام ،كمشايخ الحكام الرسميين الموظفين عندهم ،وكمشايخ الجامية والمدخلية عبيد الطواغيت الذين
وزورا وافترا ًء على ﷲ أن
ً يمدحون ويزكون الحكام المرتدين ،ويسعون لتعبيد المسلمين للطواغيت ،مدعين كذبًا
من اﻹسﻼم والسلفية بذل الطاعة للطاغوت ،مهما فعل من نواقض لﻺسﻼم ،كالحكم بغير ما أنزل ﷲ وكإحﻼل
القوانين البشرية بمحل أحكام ﷲ وشرعه وكمواﻻة الكفار وإعانتهم على محاربة المسلمين.
أعذارا للطاغوت ما أنزل ﷲ بها من سلطان ،حتى ﻻ يكفروه مستخدمينً وبرروا للطاغوت كل كفر ،واختلقوا
النصوص الشرعية في غير محلها ،فيستدلون بأدلة البيعة والسمع والطاعة على وجوب طاعة الحاكم بأمر
أمريكا وبريطانيا وفرنسا ،ويحرمون الخروج عليه مستدلين باﻷدلة التي تذم الخوارج وتحض على قتالهم
ضا الجماعات التي تدعي أنها إسﻼمية في توجيه المجتمعات واﻷفراد إلى نبذ وقتلهم ،واستخدم أئمة الكفر أي ً
الجهاد والمجاهدين ،وسلوك الطرق الكفرية لتغيير اﻷنظمة الحاكمة أو إصﻼحها بزعمهم ،فوجهتهم أمريكا إلى
أن اﻹصﻼح المزعوم يجب أن ﻻ يخرج عن اﻹطار الذي تحدده هي وهيئة أممها المتحدة ،وصارت هذه
ً
سبيﻼ. الجماعات الﻺسﻼمية كالحمير تدور في المسار المحدد من أئمة الكفر ،بل هم أضل من الحمر
20
قالت لهم أمريكا إن إصﻼح الطواغيت يكون عن طريق الديمقراطية وصناديقها ،واللهث خلف ما سموه
الشرعية الدولية ،فرددت الجماعات التي تدعي اﻹسﻼم شعارات الديمقراطية كالببغاوات ،وقالت لهم أمريكا أنها
مستعدة لتسليمهم حكم البﻼد التي فيها مسلمون ،بشرط عدم تحكيم الشريعة ،وبشرط محاربة ما سموه اﻹرهاب،
وقصدهم محاربة الجهاد والمجاهدين ،فسارعوا ﻻمتثال أوامرها ،كما فعلت حكومة عمر البشير في السودان،
وحماس في فلسطين ،بل وجهت أمريكا وأوروبا جماعة اﻹخوان المرتدين لﻼرتماء في أحضان الرافضة وطلب
العون منهم ،والحقيقة أن حكم مﻼلي إيران وآيات الشيطان صناعةٌ أمريكيةٌ وبريطانيةٌ وفرنسية ،فقد كان آية
الشيطان الخميني يوجه الرافضة من فرنسا إلى الثورة على شاة إيران المرتد -لعنه ﷲ -وجاء الخميني إلى
إيران على متن طائرةٍ فرنسية ،ومنذ عام 1415للهجرة ،والرافضة في لبنان يحمون حدود اليهود ويمنعون أي
اعتداءٍ عليها من قبل الفلسطينيين ،مع عمل بعض التمثيليات التي تظهرهم كمقاوم ٍة مزعوم ٍة لﻼحتﻼل اليهودي،
وتولت جماعة حماس المرتدة حكم غزة في عام 1425تقريبًا عن طريق شرك الديمقراطية ،وحكمت قوانين
السلطة الفلسطينية نفسها ،ولم تحكم باﻹسﻼم ،بل قتلت من طالبوها بتحكيم الشريعة اﻹسﻼمية في اﻷراضي التي
تحكمها متقربة ً بدمائهم إلى أمريكا ،وأخرجت بيانًا وصفتهم فيه باﻹرهابيين المتشددين ،ومنذ تولت حكومة
حماس الحكم ارتمت في أحضان إيران ،وصارت تأخذ منها الرواتب والمعونات ،وفتحت لها في المقابل المجال
ﻹخراج المسلمين من اﻹسﻼم بتشييعهم.
ً
مركزا ثقافيا ينشر التشيع والرفض ،وباع وفتحت حكومة السودان اﻹخوانية المجال لرافضة إيران ليفتحوا
حاكم السودان عمر البشير جنوب السودان للنصارى عبر لعبة الديمقراطية :لئﻼ تصفه أمريكا باﻹرهاب
ولترضى عنه فهو عبدها الذي يطلب رضاها بعدم تحكيم الشريعة وبمحاربة الجهاد والمجاهدين.
بدﻻ من الحكام الذين وقد عرضت جماعة اﻹخوان المرتدين على أمريكا أن تتولى هي الحكم في عدة دول ً
كرهتهم الشعوب بسبب عسفهم وظلمهم ،وتعهد اﻹخوان بطاعة أمريكا وهيئة اﻷمم المتحدة وبتحكيم الديمقراطية
ومحاربة الجهاد والمجاهدين والحفاظ على الحدود الدولية التي رسمها سايكس وبيكو فوعدتهم أمريكا بأن توليهم
الحكم بشرط أن يطيعوها في كل ما تطلبه منهم ،وقادتهم من كفر إلى كفر ،وصار حالهم يذكر بحال استدراج
اف ﱠ َان ا ْكفُ ْر فَلَ ﱠما َكفَ َر قَا َل ِإنِّي بَ ِري ٌء ِ ّمنكَ إِنِّي أ َ َخ ُ
س ِﻺن َان إِ ْذ قَا َل ِل ْ ِ ط ِ الشيطان لﻺنسان إلى الكفر:ﭽ َك َمث َ ِل ال ﱠ
ش ْي َ
ب ا ْل َعالَ ِمينَ ﭼ ] الحشر. [١٦ :
َر ﱠ
استخدمت أمريكا اﻹخوان المرتدين في تثبيت عروش عبيدها الطواغيت ،كما هو حاصل في اﻷردن حيث
تحالف إخوان الشياطين مع المرتدين حسين بن طﻼل وابنه.
وفي تونس أعادة الجماعات المرتدة الحكم إلى حزب بناء ،وهو نفس حزب الطاغوت زين العابدين بن علي
الهارب فما الذي تغير ،الذي حصل أن جماعة اﻹخوان المرتدين التي يقودها الطاغوت الغنوشي حالفت أمريكا
الصليبية لمحاربة المجاهدين مع إدخالها لشعب تونس في كفر الديمقراطية ،ثم أعادت حزب الرئيس الهارب إلى
وعمﻼ ،وشاركهم في ذلك الكفر حزب جبهة ً الحكم واعترفت به ،ورفضت الحكم باﻹسﻼم صراحةً ً
قوﻻ
اﻹصﻼح السروري المدعي للسلفية ،نسأل ﷲ أن يخزيهم ويمكن دولة الخﻼفة من رقابهم.
وأما في مصر فقد كان نظام الطاغوت مبارك يستعين باﻹخوان المجرمين في انتخابات واستفتاءات الرئاسية،
فيعطونه أصواتهم ليمنعوا سقوطه مقابل وعو ٍد تافه ٍة بإعطائهم مكاسب مزعومة ،ثم استعملهم العسكر
تغيير شامل يقتلع النظام من جذوره، ٍ المتحكمون في الحكم في منع تحول الثورة على حسني الﻼمبارك إلى
سورا يحول بين الثائرين الغاضبين وبين إحراق مبنى وزارة الداخلية ،ثم ً فأرسل إخوان الشياطين شبابهم ليكونوا
دعوا الناس إلى شرك الديمقراطية ،وزينوا لهم الكفر بدعواهم أن الطاغوت مرسي سيحكم بالشريعة إذا فاز
باﻻنتخابات ،وسبحان ﷲ! كيف سيأتي كفر الديمقراطية بالحكم اﻹسﻼمي؟ وهل يأتي الضﻼل بالهدى؟!
وأين في شرعنا المطهر أنه يجوز التوصل إلى ما يحبه ﷲ ويرضاه بارتكاب أسباب غضب ﷲ من اﻹقرار
بدستور يجعل البشر آلهة ،ويعطيهم حق أن يشرعوا للناس ما لم يأذن به ﷲ ،ويجيز لهم الحكم بغير ما ٍ والرضى
ﭼ ]اﻷنعام.[٥٧ : أنزل ﷲ ،سبحان ﷲ! هذا بهتان عظيم :ﭽ إِ ِن ا ْل ُح ْك ُم إِ ﱠﻻ ِ ﱠ ِ ۖ◌
وليتوصل اﻹخوان المجرمون إلى الحكم ،فقد ركضوا إلى سفارات أمريكا والدول اﻷوروبية ودول الخليج،
يؤكدون لهم ويتعهدون بالحفاظ على سلطة المجلس العسكري على مصر ،وأن يبقوا مصر دولة ً علمانية ،وأنهم
لن يخرجوا عن الديمقراطية ،وعاهدوهم على محاربة المجاهدين في سيناء بالتعاون مع مجلس اﻷمن
والحكومات الطاغوتية ،وأضافوا إلى تلك الخيانات ولرسوله وللمؤمنين ،أنهم رضوا بحكم ناقص بحيث ﻻ
21
سلطان على وزارات الداخلية والخارجية والجيش والمجلس العسكري المعين من قبل اﻷمريكان ،مما ٌ يكون لهم
كفرا وإجرا ًما من
سهل على مجرمي نظام الطاغوت حسني قلب الحكم ليتسلمه الطاغوت السيسي ،وهو أشد ً
الﻼمبارك ،فواجه اﻹخوان الكفر بالكفر ،وسعوا ﻻسترضاء اليهود والنصارى وعبيدهم من طواغيت الخليج،
كفارا ،ومد يده إلى رافضة إيران وأعلن الحرب على
ً فشهد الطاغوت مرسي لليهود والنصارى بأنهم ليسوا
حق للشعب ،إلى غير ذلك من الكفريات ،نعوذ با من الكفر والفسوق مجاهدي سيناء ،وأكد أن السلطة التشريع ٌ
ع َم َل ا ْل ُم ْف ِ
س ِدينَ ﭼ ] يونس.[ ٨١ : والعصيان ،قال تعالى :ﭽ ِإنﱠ ﱠ َ َﻻ يُ ْ
ص ِل ُح َ
فﻼ يمكن أن يوصل اﻹفساد إلى إصﻼحٍ أبدًا ،ومن ادعى أن غايته صحيحه ،ثم لم يسلك الطرق الشرعية التي
ترضي ﷲ ،فهو مفس ٌد في اﻷرض ،وﻻ تنفعه دعواه أنه يريد اﻹصﻼح ،قال تعالى :ﭽ َوإِ َذا قِي َل لَ ُه ْم َﻻ ت ُ ْف ِ
سدُوا فِي
شعُ ُرونَ ۀ ﭼ ] البقرة.[ ١٢ - ١١ : س ُدونَ َو ٰلَ ِكن ﱠﻻ يَ ْ
ص ِل ُحونَ ﮜ أ َ َﻻ إِنﱠ ُه ْم ُه ُم ا ْل ُم ْف ِ ْاﻷ َ ْر ِ
ض قَالُوا إِنﱠ َما نَحْ نُ ُم ْ
سا كانوا يُؤخذون بالوحي في عهد رسول وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه » :إن أنا ً
ﷲ --وإن الوحي قد انقطع ،وإنما نأخذكم اﻵن بما ظهر لنا من أعمالكم ،فمن أظهر لنا ً
خيرا أمناه وقربناه،
وليس إلينا من سريرته شيء ،ﷲ يحاسبه في سريرته ،ومن أظهر لنا سو ًءا لم نأمنه ولم نصدقه ،وإن قال إن
سريرته حسنه« أخرجه البخاري في صحيحه.
فما قاله عمر رضي ﷲ عنه هو سبيل المؤمنين ،وﻻ تصلح حياة الناس بمخالفته ،وبه يتبين سبيل فرق
الضﻼل اﻹخوان المجرمين والسرورية والجامية الذين يحكمون على المجاهدين القائمين بتحكيم شرع ﷲ بأنهم
ً
سبيﻼ ،فشابهت مفسدون في اﻷرض ،ويحكمون للطواغيت الحاكمين بغير شرع ﷲ بأنهم أهدى من المجاهدين
فرق السرورية واﻹخوان المرتدين الرافضة والباطنية في السفسطات المخالفة للعقل والدين ،وفي التأويﻼت
ً
باطﻼ والباطل حقًا ،فحكموا للطاغوت أردوغان بأنه من المصلحين الباطنية للمصالح الشرعية حتى قلبوا الحق
رغم حكمه بالعلماينة ومواﻻته ﻷنواع الكفار من صليبيين ويهود ورافضة ،ورغم محاربته للدولة اﻹسﻼمية
الحاكمة بشرع ﷲ.
وحكمت فرق اﻹخوان والسرورية والجامية والمدخلية للطواغيت التابعين لﻸمم المتحدة بأنهم حكا ٌم شرعيون
ﻻ يجوز الخروج عليهم ،وأفتى هؤﻻء المرتدون بالتعاون مع أمريكا وعمﻼئها في محاربة الدولة اﻹسﻼمية بكل
وسيلة حتى أفتى بعض طواغيت هذه الفرق بأن الذين قتلتهم الدولة اﻹسﻼمية من يهود ونصارى في بلجيكا أنهم
سبيﻼ من مجاهد الدولة اﻹسﻼمية ،قال ً شهداء ،وهي إحدى مشابهاتهم لليهود حيث شهدوا بأن الذين كفروا أهدى
َ ٰ َ ﱠ ُ ُ
ت َويَقولونَ ِلل ِذينَ َكف ُروا َهؤُﻻ ِء ُ ﱠ
ت َوالطاغو ِ تعالى :ﭽ أَلَ ْم ت َ َر ِإلَى الﱠ ِذينَ أُوتُوا نَ ِصيبًا ِمنَ ا ْل ِكتَا ِ
ب يُ ْؤ ِمنُونَ بِا ْل ِج ْب ِ
يﻼ ﭼ ] النساء.[ ٥١ : أَ ْهد َٰى ِمنَ الﱠ ِذينَ آ َمنُوا َ
سبِ ً
وأفتى قادة اﻹخوان المرتدين أتباعهم بوجوب إعانة الدول اﻷوروبية على كشف من يحمل الفكر الجهادي في
أوروبا ،وساعدوا مخابرات أوروبا في التحقيق مع المجاهدين وترجموا لهم ما في أجهزتهم الجوالة ،وسرنا نرى
ضﻼﻻ وإجرا ًما ،وأئمة الكفر يطلبون منهم ً يوم
هذه الفرق الثﻼث :اﻹخوان والسرورية والمدخلية ،تزداد كل ٍ
المزيد من الكفر والتضليل ،وﻻ يقنعون منهم بالقليل من الكفريات.
لقد بعث ﷲ نبيه ﷴ --داعيا إلى عبادة ﷲ وحده ،وإلى الكفر بالطاغوت وبين أنه ﻻ يصح إسﻼم أح ٍد حتى
دين غير دين اﻹسﻼم فهو باطل يجمع بين اﻷمرين اﻹيمان با ربا وإل ًها مع اعتقاد بطﻼن عبادة غيره ،وأن أي ٍ
.
َ
وصفة الكفر بالطاغوت قد أمرنا ﷲ -¸-بالتأسي فيها بخليله إبراهيم --فقال ﷲ تعالى :ﭽق ْد كَانَتْ لَ ُك ْم
سنَةٌ فِي ِإب َْرا ِهي َم َوالﱠ ِذينَ َمعَهُ ِإ ْذ قَالُوا ِلقَ ْو ِم ِه ْم ِإنﱠا بُ َرآ ُء ِم ْن ُك ْم َو ِم ﱠما ت َ ْعبُ ُدونَ ِم ْن د ِ
ُون ﱠ ِ َكفَ ْرنَا ِب ُك ْم َوبَدَا أُ ْ
س َوةٌ َح َ
22
ست َ ْغ ِف َرنﱠ لَكَ َو َما أ َ ْم ِلكُ لَكَ ِمنَ
َاوةُ َوا ْلبَ ْغضَا ُء أَبَدًا َحت ﱠ ٰى ت ُ ْؤ ِمنُوا بِا ﱠ ِ َوحْ َدهُ إِ ﱠﻻ قَ ْو َل إِب َْرا ِهي َم ِﻷ َبِي ِه َﻷ َ ْ بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ُم ا ْلعَد َ
ۖ
ير ﭼ ] الممتحنة.[ ٤ : علَ ْيكَ ت َ َو ﱠك ْلنَا َو ِإلَ ْيكَ أَنَ ْبنَا َو ِإلَ ْيكَ ا ْل َم ِص ُ
ﱠ ِ ِم ْن ش َْي ٍء ◌ َربﱠنَا َ
مسلم السعي إليها أن تكون كلمة ﷲ هي العليا ،وأن يعبد ﷲ وﻻ يشرك ٍ والمصلحة الكبرى التي يجب على كل
به شيء ،وأن يكون الحكم للهن والمفسدة الكبرى أن يشرك با وأن تعلوا كلمة الكفر ،ولذلك شرع ﷲ تعالى
قتال الكفار حتى ﻻ تكون فتنة ،ويكون الدين كله .
مسلم مناصرتها، ٍ إسﻼم يحكم فيها بشرع ﷲ ،وتجب الهجرة إليها ،ويجب على كل ٍ وصارت الديار إما دار
مسلم يسكنها أن يهاجر منها إلى ٍ كفر تعلو فيها أحكام الكفر ،ويظهر فيها الكفر البواح ،يجب على أي وإما دار ٍ
امتثاﻻ ﻷمر ﷲ تعالى :ﭽ وقَاتلُوا ا ْلمشْركينَ كَافﱠةً َكما ي َقاتلُونَ ُكم كَافﱠةً ◌ۚ ً دولة اﻹسﻼم ،وأن يقاتل دول الكفر
ْ َ ُ ِ ُ ِ ِ َ ِ
َوا ْعلَ ُموا أَنﱠ ﱠ َ َم َع ا ْل ُمت ﱠ ِقينَ ﭼ ] التوبة،[ ٣٦ :
ۚ
وقوله تعالى :ﭽ يَا أَيﱡ َها الﱠ ِذينَ آ َمنُوا قَاتِلُوا الﱠ ِذينَ يَلُونَكُم ِ ّمنَ ا ْل ُكفﱠ ِار َو ْليَ ِجدُوا فِي ُك ْم ِغ ْل َظةً ◌ َوا ْعلَ ُموا أَنﱠ ﱠ َ
َم َع ا ْل ُمت ﱠ ِقينَ ﭼ ] التوبة.[ ١٢٣ :
والحمد الذي من على المسلمين بقيام دولة الخﻼفة تحكمهم بشريعة ﷲ ،وتجاهد أعداء ﷲ نسأل ﷲ أن
يؤيدها بنصره ،وأن يزيدها تمكنًا في اﻷرض أنه على كل شيءٍ قدير ،وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبهذا القدر أكتفي وإلى لقاء آخر بإذن ﷲ ،والسﻼم عليكم ورحمة ﷲ.
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
قال ابن رسﻼن الشافعي:
َ
الوث ْن
عبﱠا ِد َ
ب من قب ِل ُبعلم ِه لم يع َملَ ْن ُ ......معَذﱠ ٌ
وعال ٌم ِ
علموا وما عملوا ......قالوا وما فعلوا ِ
للدنيا يعملون ......وعن اﻵخرة يعدلون
إلى المكاسب يتسابقون ......وعما نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون
أفتوا بما يرضي الطواغيت ......وأكلوا بعلومهم الدنيا
مثلهم كشجرة الدفلى ......تعجب من نظر إليها ......وتقتل من يأكلها
ما هم بأحرار كرام ......وﻻ هم بعبيد أتقياء
أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد ......وقلوبهم أنتن من الحمأة والصديد
ضلوا وأضلوا ......عادوا أولياء الرحمن ......ووالوا أولياء الشيطان
23
يحسبون أنفسهم أدﻻء على الطريق ......وهم في الحقيقة قطاعه
علموا وما عملوا قالوا وما فعلوا ،للدنيا يعملون وعن اﻵخرة يعدلون إلى المكاسب يتسابقون ،وعما ِ
نهاهم ﷲ عز وجل ﻻ ينتهون ،أفتوا بما يرضي الطواغيت وأكلوا بعلومهم الدنيا ،مثلهم كشجرة ال ِد ْفلى تعجب من
نظر إليها وتقتل من يأكلها ،ما هم بأحرار كرام وﻻ هم بعبيد أتقياء ،أفهامهم مقفلة بأقفال الحديد وقلوبهم أنتن من
الحمأة والصديد ،ضلوا وأضلوا عادوا أولياء الرحمن و والوا أولياء الشيطان ،يحسبون أنفسهم أدﻻء على
الطريق وهم في الحقيقة قُطاعه.
الحمد الذي خلق السماوات واﻻرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون والصﻼة والسﻼم
على من أرسله ربه رحمة للعالمين واشهد أن ﻻ إله إﻻ ﷲ وأشهد أن ﷴا ً عبده ورسوله ،أما بعد:
فإن ﷲ سبحانه قد جعل كتابه العظيم هدى للمتقين وحجة على المكذبين وكاشفا ً لشبهات المبطلين كما قال
يرا( ]الفرقان [33 : س ًسنَ ت َ ْف ِق َوأَحْ َ تعالى ) َو َﻻ َيأْتُونَكَ ِب َمث َ ٍل ِإ ﱠﻻ ِجئْنَاكَ ِبا ْل َح ّ ِ
أي وﻻ يأتونك بمثل يعارضون به الحق ويدفعون به رسالتك إﻻ جئناك بالحق وأحسن تفسيرا َ أي انزلنا عليك
قرآنا ً جامعا ً للحق في معانيه والوضوح والبيان التام في ألفاظه فمعانيه كلها حق وصدق ﻻ يشوبها باطل وﻻشبهة
بوجه من الوجوه وألفاظه وحدوده لﻸشياء أوضح ألفاظا ً وأحسن تفسيرا ً ُمبين للمعاني بيانا ً كامﻼ ً وقد ينتقل أهل
الباطل والضﻼل من طرح الشبهات إلى تحدي الرسل بطلب آيات يدﱠعون أنﱠهم إذا َرأْ ْوها آمنوا بهم وبما أ ُرسلوا
س ٰى أ َ ْكبَ َر ِمن ٰ َذ ِلكَ
سأَلُوا ُمو َ
علَيْهم كتَابا منَ السم ۚ
اء ◌ فَقَ ْد َ ﱠَ ِ ب أَن تُنَ ِ ّز َل َ ِ ْ ِ ً ِ ّ سأَلُكَ أ َ ْه ُل ا ْل ِكتَا ِ
به كما اخبر تعالى عنهم ) يَ ْ
ٰ ۚ صا ِعقَةُ بِ ُ
ظ ْل ِم ِه ْم ◌ ث ُ ﱠم ات ﱠ َخذُوا ا ْلعِجْ َل ِمن بَ ْع ِد َما َجا َءتْ ُه ُم ا ْلبَيِّ َناتُ فَعَفَ ْونَا عَن َذ ِلكَ فَقَالُوا أ َ ِرنَا ﱠ َ َج ْه َرة ً فَأ َ َخ َذتْ ُه ُم ال ﱠ
س ﱠجدًا َوقُ ْلنَا لَ ُه ْم َﻻ ت َ ْعدُوا س ْل َطانًا ﱡم ِبينًا * َو َرفَ ْعنَا فَ ْوقَ ُه ُم ال ﱡ ۚ
اب ُ ور بِ ِميثَاقِ ِه ْم َوقُ ْلنَا لَ ُه ُم ا ْد ُخلُوا ا ْلبَ َ
ط َ س ٰى ُ ◌ َوآت َ ْينَا ُمو َ
ظا (] النساء [154-153 :هذا السؤال الصادر من اهل الكتاب للرسول ﷴ ت َوأَ َخ ْذ َنا ِم ْن ُهم ِ ّميثَاقًا َ
غ ِلي ً س ْب ِفِي ال ﱠ
ﷺ على وجه العناد واﻻقتراح وجعلهم هذا السؤال يتوقف عليه تصديقهم أو تكذيبهم وهو أنﱠهم سألوه أن ينزل
عليهم القرآن جملة واحدة كما نزلت التوراة واﻻنجيل وهذا غاية الظلم منهم والجهل فإن الرسول بشر وعب ٌد
ليس في يده من اﻷمر شيء بل اﻷمر كله وهو الذي يرسل وينزل مايشاء على عباده كما قال تعالى عن
وﻻ( س ً س ْب َحانَ َربِّي َه ْل كُنتُ إِ ﱠﻻ بَش ًَرا ﱠر ُ الرسول لما ذكر اﻵيات التي فيها اقتراح المشركين على ﷴ ﷺ )قُ ْل ُ
]اﻹسراء [ 93 :و ادعى المكذبون للرسل أيضا ً أ ﱠن الكتاب الذي ينزله ﷲ ﻻ بد أ ﱠن ينزل جملة واحدة ﻻ مفرقا ً
وهذا اﻻدعاء محض افتراء على ﷲ فأين يوجد في نبوة أحد من اﻻنبياء أ ﱠن الرسول الذي يأتيكم بكتاب نزل مفرقا ً
فﻼ تؤمنوا به وﻻ تصدقوه؟
بل نزول هذا القرآن مفرقا بحسب اﻻحوال مما يدل على عظمته واعتناء ﷲ بمن انزل عليه كما قال
اح َدةً ۚ◌ َك ٰ َذ ِلكَ ِلنُث َ ِبّتَ بِ ِه فُؤَادَكَ ۖ◌ َو َرت ﱠ ْلنَاهُ ت َ ْرتِ ً
يﻼ * َو َﻻ علَ ْي ِه ا ْلقُ ْرآنُ ُج ْملَةً َو ِ
تعالىَ ) :وقَا َل الﱠ ِذينَ َكفَ ُروا لَ ْو َﻻ نُ ِ ّز َل َ
يرا ( ] الفرقان . [ 33-32 : س ً ق َوأَحْ َ
سنَ ت َ ْف ِ يَأْتُو َنكَ بِ َمث َ ٍل إِ ﱠﻻ ِجئْنَاكَ بِا ْل َح ّ ِ
فلما ذكر اعتراضهم الفاسد أخبر أ ﱠنه ليس بغريب من أمرهم بل سبق لهم من المقدمات القبيحة ماهو
أعظم مما سلكوه مع الرسول الذي يزعمون أنﱠهم آمنوا به وهو موسى عليه السﻼم من سؤاله رؤية ﷲ عيانا ً
واتخاذهم العجل إله يعبدونه من بعد ما َرأ َ ْوا من اﻵيات بأبصارهم مالم َي َرهُ غيرهم وامتنع أهل الكتاب من قبول
أحكام كتابهم وهو التوراة حتى ُرفع الطور فوق رؤوسهم و ُهددوا أنﱠهم إ ْن لم يؤمنوا اُسقط عليهم فقبلوا ذلك على
سجدا ً وجه اﻹغماض واﻹيمان الشبيه باﻹيمان الضروري وامتنعوا من دخول أبواب القرية التي أ ُمروا بدخولها ُ
ُمستغفرين فخالفوا القول والفعل واعتدى من اعتدى منهم في السبت فعاقبهم ﷲ تلك العقوبة الشنيعة واخذ ﷲ
عزوجل عليهم الميثاق الغليظ فنبذوه وراء ظهورهم وكفروا بآيات ﷲ وقتلوا ُرسله بغير حق وادعى اليهود أنﱠهم
قتلوا المسيح عيسى وصلبوه والحال انهم ماقتلوه وماصلبوه بل ُ
شبه لهم َغ ْي ُر ْه فقتلوا غ ْي ُره وصلبوه وادعى اليهود
لف ﻻ تفقه مايقولوه نبينا ﷺ لهم وﻻ تفهمه وصدوا الناس عن سبيل ﷲ ودعوهم الى ماهم عليه من غ ْ أن قلوبهم ُ
ي وأخذوا السحت والربا مع نهي ﷲ لهم عنه والتشديد فيه فالذين فعلوا هذه اﻻفاعيل ليس غريبا ً الضﻼل والغَ ّ
24
عليهم ان يسألوا الرسول ﷴ ﷺ ان ينزل عليهم كتابا ً من السماء ثم اخبر تعالى عن عقوبات دنيوية أصاب بها
اولئك الذين تركوا الحق بعد ماعرفوه واتبعوا أهواءهم وهي أحكام شرعية شدد ﷲ عليهم فيها فإن أطاعوا
وأنابوا كان ذلك خيرا ً لهم وإ ْن لم ينصاعوا ﻷوامر ﷲ بل استمروا في اﻻستكبار عاقبهم ﷲ تعالى العقاب اﻷليم
يرا * َوأ َ ْخ ِذ ِه ُم ِ ّ
الر َبا س ِبي ِل ﱠ ِ َكثِ ً ت أ ُ ِحلﱠتْ لَ ُه ْم َو ِب َ
ص ِ ّد ِه ْم عَن َ علَي ِْه ْم َ
ط ِيّ َبا ٍ ظ ْل ٍم ِ ّمنَ الﱠ ِذينَ َهادُوا َح ﱠر ْم َنا َ قال تعالى )فَ ِب ُ
ٰ
س ُخونَ فِي ا ْل ِع ْل ِم الرا ِ اط ِل ۚ◌ َوأَ ْعت َ ْدنَا ِل ْلكَا ِف ِرينَ ِم ْن ُه ْم َ
ع َذابًا أ َ ِلي ًما * لﱠ ِك ِن ﱠ اس ِبا ْل َب ِع ْنهُ َوأَ ْك ِل ِه ْم أ َ ْم َوا َل النﱠ ِ َوقَ ْد نُ ُهوا َ
الزكَاةَ َوا ْل ُم ْؤ ِمنُونَص َﻼةَ ۚ◌ َوا ْل ُم ْؤت ُونَ ﱠيمينَ ال ﱠ
ۚ
نز َل ِمن قَ ْب ِلكَ ◌ َوا ْل ُم ِق ِ نز َل ِإلَ ْيكَ َو َما أ ُ ِ
ِم ْن ُه ْم َوا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ يُ ْؤ ِمنُونَ بِ َما أ ُ ِ
يه ْم أَجْ ًرا ع َِظي ًما( ]النساء . [ 162-160 : سنُ ْؤ ِت ِِبا ﱠ ِ َوا ْل َي ْو ِم ْاﻵ ِخ ِر أُو ٰلَ ِئكَ َ
أن ذكر ﷲ تعالى معايب أهل الكتاب ذكر الممدوحين منهم فقال :لكن الراسخون في العلم أي الذين وبعد ْ
ثبت العلم في قلوبهم ورسخ اﻹيقان في أفئدتهم فأثمر لهم اﻻيمان التام العام بما اُنزل إليك وما اُنزل من قبلك
وأثمر لهم اﻻعمال الصالحة من إقامة الصﻼة وايتاء الزكاة اللذين هما أفضل اﻷعمال وقد اشتملت على
اﻻخﻼص للمعبود واﻻحسان الى العبيد وآمنوا باليوم اﻵخر فخافوا الوعيد ورجوا الوعد أولئك سنؤتيهم أجرا ً
عظيما ً ﻻنهم جمعوا بين العلم واﻻيمان والعمل الصالح واﻻيمان بالكتب والرسل السابقة والﻼحقة ومن صفات
الذين آمنوا برسل ﷲ من علماء أهل الكتاب الخشوع الذي عصمهم ﷲ به من أن يشتروا بآياته ثمنا ً قليﻼً
نز َل إِلَ ْي ُك ْم َو َما )وإِنﱠ ِم ْن أ َ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ
ب لَ َمن يُ ْؤ ِمنُ بِا ﱠ ِ َو َما أ ُ ِ ولذلك وعدهم ﷲ وعدا ً حسنا ً بالجزاء الكريم قال تعالى َ
ۗ َ ً َ ً ۗ
ب( سا ِ س ِري ُع ا ْل ِح َ يﻼ ◌ أُو ٰلَئِكَ لَ ُه ْم أَجْ ُر ُه ْم ِعن َد َر ِبّ ِه ْم ◌ إِنﱠ ﱠ َ َ ت ﱠ ِ ث َمنا ق ِل ش ِعينَ ِ ﱠ ِ َﻻ يَ ْ
شت َ ُرونَ ِبآيَا ِ أُ ِ
نز َل ِإلَي ِْه ْم َخا ِ
]آل عمران . [199 :
فهوﻻء العلماء جمعوا بين اﻻيمان بنبيهم ونبينا عليهم السﻼم وصدقوا بالتوراة التي أنزلها ﷲ وصدقوا
بالقرآن العظيم فدخلوا في اﻻسﻼم الذي جاء به نبينا ﷴ ﷺ فدخلوا في اﻷسﻼم الذي جاء به نبينا ﷴ ﷺ وكان
دافعهم لقبول الحق هو خشوعهم المنافي للكبر وقسوة القلب الذين يمنعان صاحبهما من اتباع خاتم اﻷنبياء
ﷺ وننتقل اﻵن بعون ﷲ الى الكﻼم عن شيوخ السوء وخدمتهم لطاغوت فكما هو معلوم أن الدول الصليبية
تقاسمت الديار التي يسكنها المسلمون وهو الذي سموه اﻻستعمار و قد كذبوا لعنهم ﷲ فقد كان استخرابا ً ودمارا ً
للمسلمين ولتدينهم ّإﻻ ﱠ
أن ِم ْن مكر اليهود والنصارى أنﱠهم لم يحتلوا جزيرة العرب احتﻼﻻ ً مباشرا ً لحساسية ذلك
في نفوس المسلمين ومكانة الحرمين اﻹسﻼمية فاختارت بريطانيا عبد العزيز آل سعود ليكون أداتها في تحقيق
أهدافها الصليبية ولتحاول جعل جزيرة العرب نموذج مزيفا ً للحكم بااﻻسﻼم يضل به المسلمون عن حقيقة دينهم
وينخدعون به فيتبعون سرابه معلقين أمالهم به وكان ﻻبد من تاكيد لصحة منهج خادمهم عبدالعزيز وإصباغ
لشرعية كاذبة عليه بإحاطته بمشايخ يزكونه ويدافعون عنه ويبررون له كل منكر ويدفعون عنه كل تهمه
ويتأولون له كل ناقض لﻼسﻼم يقع فيه وأستغل عبدالعزيز تاريخ جده ﷴ بن سعود في نصرة دعوة اﻷمام ﷴ
بن عبدالوهاب ليدعي كاذبا َ أنﱠه على خطى جده في نصرة توحيد وتقرب عبدالعزيز الى المشايخ والعلماء
وأظهر لهم التزامه بتحكيم الشريعة وانه يريد فتح البﻼد ﻻخضاع اهلها ﻻحكام اﻻسﻼم فاحسنو به الظن واطاعوه
في طاعة ﷲ حسب ما يظهر لهم ولكن اﻷمر كما قال الشاعر :
ومهما تكن عند إمر من خليقة *** وان خالها تخفى على الناس تعلم .
فقد بدأ عبدالعزيز ينكشف على حقيقته وتصل الى أسماع المشايخ انباء اجتماعاته بالبريطانيين ثم
أن اجتماعه بهم من باب الهدن باﻷمريكان فكاشفه بعض المشايخ وسأله عن ذلك فأبدى لهم أنﱠه ﻻيوالي الكفار و ﱠ
الجائزة ولكن الشمس ﻻ ت ُغطى بغربال فصار بعض العلماء ينكرون عليه هذه اﻹجتماعات المريبة بالصليبين
وظهر لهم أدلة على مواﻻة عبد العزيز بن سعود للكفار وتبعية ﻷحكامهم والتزام بالحدود التي رسموها للدول
وهي حدود سيكس بيكو فعبدالعزيز أعلن الجهاد لم اراد اخضاع مناطق الجزيرة العربية لحكمه فلما وصل الى
الحدود التي رسمها الكفار توقف عندها ومن حكمة ﷲ البالغه ان ﷲ تعالى جعل الباطل زهوقا ً ) َوقُ ْل َجا َء ا ْل َح ﱡ
ق
اط َل كَانَ َز ُهوقًا( ] اﻹسراء [81:أي من طبيعته اﻻضمحﻼل والتﻼشي ،انكشفت حقيقة ۚ
اط ُل ◌ إِنﱠ ا ْل َب ِ
َو َز َهقَ ا ْلبَ ِ
عبدالعزيز عميل الصليبين فشعر بخطر هؤﻻء المشايخ على حكمه ومشروعه الذي هو في حقيقته مشروع
بريطانيا ثم امريكا ﻻحتﻼل جزيرة العرب والسيطرة على بﻼد الحرمين لتصير له زعامة دينية على المسلمين
25
وكذلك السيطرة على منابع النفط وغيره من الثروات التي تزخر بها بﻼد الحرمين ليستخدمها اﻻنجليز وبعدهم
اﻻمريكان في محاربة اﻻسﻼم والحيلولة بين المسلمين وبين عودتهم إلى تحكيم شريعة ربهم ل ّما علم عبد العزيز
وأسياده البريطانيون بخطورة أولئك المشايخ والعلماء الذين أدركوا حجم الخديعة في عبد العزيز و ادعاءاته أنﱠه
يحكم باﻻسﻼم ويجاهد أعداء اﻻسﻼم حينها بدا الكيد البريطاني السلولي بالقضاء على هؤﻻء العلماء والمشايخ
وكانت البداية بتشويه صورتهم وسمعتهم في نفوس المسلمين عن طريق مشايخ السوء ليتقبل الناس بعد ذلك
القضاء على من وصفوهم بالخروج على عبدالعزيز وشق صف الجماعة واﻹفساد في اﻷرض بزعمهم.
فأرسل مشايخ ابن سعود السلولي الرسائل تلو الرسائل إلى إخوان من اطاع ﷲ الذين يقودهم الشيخان
سلطان بن بجاد وفيصل الدويش لﻺنكار عليهم وإظهار أنﱠهم خوارج على اﻹمام المزعوم عبد العزيز و أنﱠهم ْ
إن
لم ينتهوا عن اﻹنكار عليه علنا ً ووصفه بمواﻻة اليهود والنصارى وأنّه منحرف عن تحكيم شرع ﷲ فأنهم
يستحقون أ ْن يردعهم عبد العزيز السلولي بما َيراهُ مناسبا ً وقد أرسل مجموعة من مشايخ آل سلول الى الشيخين
فيصل الدويش وسلطان ابن بجاد ومن لديهما من إخوان من اطاع ﷲ يحذرونهم فيها من الخروج على عبد
العزيز آل سلول وأنﱠه خي ُر من يصلح لﻺمامة في ذلك الزمان وأ ﱠن الخروج عليه سبيل الخوارج والمبتدعة
وحذروهم من إتهام مشايخ آل سلول بالمداهنة له والسكوت عن منكراته وبرءوه من مواﻻة اليهود والنصارى
وأرسل مشايخ آل سلول رسائل إلى رأس الكفر والردة عبد العزيز آل سلول يطلبون منه آ ْن يضرب من
يخرجون عليه ويقصدون بذلك مشايخ اخوان من أطاع ﷲ ﻹنهم انطلقوا لجهاد أهل الشرك دون أذن من عبد
العزيز والحقيقة أ ﱠن عبد العزيز آل سلول ﻻيوافق على هذا الجهاد طاعة لبريطانيا التي رسمت له حدود ﻻ
يتجاوزها وتلك المناطق التي يريد اخوان من اطاع ﷲ فتحها تخضع لسلطان بريطانيا ولما ثبت ﻻخوان من
اطاع ﷲ ان عبدالعزيز مرتد عن اﻷسﻼم عميل للكفار خلعوه ورفضوا طاعته في ترك الجهاد في سبيل ﷲ.
وقال سلطان ابن بجاد لمشايخ عبدالعزيز السلولي لما اتهموه بانه طالب اماره وانه خلع يده من طاعة
من زعموه الحاكم الشرعي قال لهم عبدالعزيز " :علمكم اننا طﻼب اماره ﻻ و ﷲ الخﻼف بيننا وبين ابن سعود
ما هو على اﻻماره المسألة مسألة دين وعبد العزيز يعرف زين اننا ما نبغي اﻻماره وﻻ نحرص عليها ولكننا مع
عبد العزيز مثل الغالي والنار إذا جلسنا اخذتنا النار وإذا اقمنا لطمنا الغار وعبد العزيز يبغي يوم الخﻼص منا
ولكن أبشركم انا إذا هلكنا بأنكم ستتزاحمون مع النصارى بأسواق الرياض " ،ولكن مشايخ السوء والضﻼل
أصروا على كذبهم وهو إتهامهم ﻹخوان من اطاع ﷲ باﻻفتئات على ولي امرهم عبد العزيز عميل اﻻنجليز بل
اتهموهم بانهم يجاهدون أ ُناس لم يثبت عليهم الشرك وانهم اخذوا منهم غنائم بغير حق ومن يتأمل كﻼم المشايخ
التابعين ﻵل سلول حين يتحدثون عن عبد العزيز عميل اﻻنجليز ويثنون عليه يصفونه بصفات الصحابة والخلفاء
الراشدين ويرتبون على ذلك أحكام السمع والطاعة له وحرمة الخروج عليه ويفتون بقتل من يخالف أمره ولو
كان في الجهاد الذي منع عبد العزيز منه طاعة ﻷسياده اﻻنجليز وبعد ان اعطاه مشايخ السوء شرعية كاذبة في
قتال اخوان من أطاع ﷲ قام عبدالعزيز آل سلول بقتالهم مستعينا ً بأولياه اﻻنجليز حتى قضى عليهم تقريبا ً في
الزلفي في منطقة القصيم وحتى يتضح أكثر حجم التلبيس الذي قام به مشايخ آل سلول موقعة اﻻسبله قرب مدينة ُ
وأنهم عرفوا الحق فكتموه وأضلوا الناس عنه أ ﱠن مفتي آل سلول ﷴ بن ابراهيم آل الشيخ قد أنكر عليهم اختراع
هيئات ولجان ﻻ تحكم بشريعة ﷲ حيث وضع ال سلول في كل مفصل من مفاصل دولتهم محاكم غير شرعية
سموها لجان وهيئات تزويرا ً للحق وتلبيسا ً على الخلق ووضعوا لها قوانين بشرية مأخوذة من القوانين الفرنسية
وقوانين اﻷمم المتحدة وتشريعاتها كالمحاكم التجارية والمحاكم العسكرية ومحاكم العمل والعمال وهئية فض
المنازعات التابعة لوزارة التجارة ونظام العمل والعمال والمجالس اﻹدارية والهيئات المختلفة اﻻخرى كالهيئة
الزراعية والهيئة الملكية ومكتب مكافحة المخدرات وهي لجان يبلغ عددها العشرات تتحايل بها الحكومة السلولية
على شرع ﷲ وتلزم الناس إلى التحاكم إلى تلك المحاكم الكفرية وتمنع ما وصفته من المحاكم الشرعية من النظر
في تلك القضايا بحجة ذلك انها ليست من اختصاصها ويضاف الى ذلك الكفر موﻻة آل سلول لليهود والنصارى
وتحاكمهم الى محكمة العدل الدولية التابعة لﻸمم المتحدة وتوقيعهم على معاهدات ومواثيق اﻷمم المتحدة الكفرية
نابذين لشرع ﷲ وراء ظهورهم.
نقول كل تلك النواقض وقع فيها آل سلول واكثر وأوضح لهم شيخهم ﷴ بن ابراهيم كثيرا ً من تلك
الكفريات واستنكرها عليهم وهنا سؤال استنكاري يفرض نفسه هل تبرء ﷴ بن ابراهيم آل الشيخ من آل سلول
26
وكفرهم ؟ هل كفر بهم لما ظهر له أنﱠهم طواغيت وهل ترك منصب مفتي ما يسمى المملكة العربية السعودية أو
تخلى عن منصب رئيس القضاة ؟ ...لﻸسف كل ذلك لم يحدث بل استمر في اعتبارها حكومة اسﻼمية شرعية
حتى مات ،بل وكان ينكر على من يخرج على آل سلول ويفتي بأنّهم خوارج يُقتلون تقرب الى ﷲ بزعمه كما
فعل مع اخوان من أطاع ﷲ الذين كفروا بالطاغوت وكفروا بآل سعود المرتدين وتبرؤوا منهم ومن وﻻهم
أن ضﻼل اﻹرجاء قد تحكم فيه وفي لصليبين وﻻ اجد تفسيرا ً لهذه التناقضات التي وقع فيها مفتي آل سلول ّإﻻ ب ﱠ
وان ُحب الزعامة الدينية هو الذي حال بينه وبين أ ْن يعتزل آل سعود المرتدين وينبذ اليهم مناصبهم الكاذبة ﱠ فتواه
الخادعة وان الحلول الترقيعة التي حاولها وسعى اليها لم تفلح ولم تنجح لمخالفتها لشرع ﷲ أوﻻ ً فانكار المنكر
يجب ان يكون باالضوابظ الشرعية ﻻ بأقرار حاكم مرتد على حكمة ولو حذرهم مئات المرات من الكفريات التي
وقع فيها فالبراءة من الطواغيت والكفر بهم هو سبيل اﻷنبياء والمرسلين وهي ملة إبراهيم عليه السﻼم التي أ ُمر
ۖ
نبينا ﷴ ﷺ بتباعها كما قال تعالى )ث ُ ﱠم أ َ ْو َح ْينَا ِإلَ ْيكَ أ َ ِن ات ﱠ ِب ْع ِملﱠةَ ِإب َْرا ِهي َم َح ِنيفًا ◌ َو َما كَانَ ِمنَ ا ْل ُمش ِْر ِكينَ ( ]النحل
[ 123:فكفر نبينا ﷴ ﷺ بكل طاغوت ﻻ كما فعل مشايخ السوء الذين كفروا ببعض الطواغيت وآمنوا ببعض
بحجج غير شرعية فضلوا وأضلو ربنا ﻻتزغ قلوبنا بعد أذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب.
وبهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة وإلى لقاء اخر إن شاء ﷲ والسﻼم عليكم.
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
27
نورا وهدى للناس ،ووعد أولياه بأن يخرجهم من الظلمات إلى النور ،والصﻼة
الحمد ﷲ الذي أنزل كتبه ً
منيرا ،وأشهد أن ﻻ اله اﻻ ﷲ
ً ونذيرا ،ودعيا إلى ﷲ بأذنه وسر ًجا
ً ومبشرا
ً والسﻼم على من أرسله ربه شاه ًدا
وحده ﻻ شريك له وأشهد أن ﷴ عبده ورسوله ،أما بعد.
فان الحاجة ماسة ﻷن نتبين أولياء الرحمن من أولياء الشيطان ،ﻷن ﷲ أمرنا بأن نوالي أولياءه ونحبهم
ونناصرهم ،وأن نبغض أعداءه ونتبرأ منهم ونعاديهم ،وأن نسعى في قتالهم ومحاربتهم كما قال تعالى ) :الذين
آمنوا يقاتلون في سبيل ﷲ والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان
بيان ،فمن اتصف ٍ كان ضعيفا ( وقد بين ﷲ ورسوله صفات أولياء الرحمن وصفات أولياء الشيطان ،أحسن
بالصفات التي يحبها ﷲ؛ فهو المؤمن الذي نحبه ونواليه كما قال تعالى ) :إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ﷲ
وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصﻼة ومما رزقنهم
ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجت عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ( ،ومن اتصف بصفات أعداء ﷲ؛
فهو عدو ولرسوله وللمؤمنين ،ﻻ نقبل منه أن يعمل الكفر والفسوق والعصيان ،ثم يدعي كمال اﻻيمان ،وأنه
سا كانوا يُؤخذون من أولياء الرحمن ،كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي ﷲ عنه » -إن أنا ً
بالوحي في عهد رسول ﷲ --وإن الوحي قد انقطع ،وإنما نأخذكم اﻵن بما ظهر لنا من أعمالكم ،فمن أظهر
خيرا أمناه وقربناه ،وليس إلينا من سريرته شيء ،ﷲ يحاسبه في سريرته ،ومن أظهر لنا سو ًءا لم نأمنه لنا ً
ولم نصدقه ،وإن قال إن سريرته حسنه« أخرجه البخاري في صحيحه ،وقد أخبرنا ﷲ تعالى أن المنافقين
يعرفون بلحن قولهم ،وبين ﷲ ورسوله --صفات أهل النفاق ،فمن عمل أعمالهم واتصف بصفاتهم فهو المنافق
وإن أظهر اﻹيمان ،وعمل بأعمال اﻹسﻼم الظاهرة ،بل هم أعدى أعداء المسلمين كما قال تعالى ) :وإذا رأيتهم
تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم
قاتلهم ﷲ أنى يؤفكون ( ،وبين ﷲ تعالى وبين رسوله --صفات أهل الكفر واﻹشراك؛ لئﻼ نشابههم وﻻ
نواليهم ولنحذرهم ونعاديهم ونقاتلهم ،وﻻ نغتر منهم بمعسول كﻼم أو تلطف ظاهر كما قال تعالى ) :يرضونكم
بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون * اشتروا بآيات ﷲ ثمنا قليﻼ فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا
يعملون * ﻻ يرقبون في مؤمن ًإﻻ وﻻ ذمة وأولئك هم المعتدون ( وقد جمع ﷲ --الكفار والمنافقين في
وجوب جهادهم فقال تعالى ) :يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير (
فجهاد الكفار بالحجة والبيان والسيف والسنان ،وجهاد المنافقين بالحجة والبيان فحسب ،ما داموا غير مظهرين
لنواقض اﻹسﻼم ،ولم تثبت عليهم ببينة شرعية ،وإﻻ فلو ثبت عليهم بالبينة الشرعية أنهم ارتكبوا ما ينقض
إسﻼمهم ،فهناك يعاملون معاملة المرتدين ،ويتخذ ولي أمر المسلمين بحقهم العقوبة الرادعة التي يراها مناسبةً،
من استتابتهم أو إقامة حد الردة عليهم دون استتابة ،وقد كان من كذب المنافقين أنهم يعدون ما يفعلونه إصﻼ ًحا،
وﻻ تنفعهم نصيحة الناصحين ،بل يتلقونها بالكبر والغرور والمخادعة كما أخبر تعالى عنهم ) :وإذا قيل لهم ﻻ
تفسدوا في اﻻرض قالوا إنما نحن مصلحون * أﻻ إنهم هم المفسدون ولكن ﻻ يشعرون( ،فيفسدون في اﻷرض
بمواﻻة الكفار وحثهم على قتال المسلمين واستئصالهم ،وإعانتهم بما يستطيعون على حرب المسلمين،
وبمحاربتهم لتحكيم شرعية ﷲ ،وبثهم الشبه حول اﻹسﻼم وشرائعه ،وتوهين صفوف المسلمين ،وتضخيم قوة
الكفار بالدعايات الكاذبة المضللة ،وتقليلهم من شأن انتصارات المسلمين وأثارها على الكفار ،وها نحن اليوم
نرى الفرق التي تسمي نفسها جماعات إسﻼمية ،والمشايخ الرسميين للحكومات الكافرة المرتدة عن دين ﷲ ،قد
تجاوزوا أوصاف المنافقين إلى الكفر البواح والردة الصراح؛ ﻷن قائدة الصليب والحكومات التابعة لها ،لم تعد
تقنع منهم بممارسة دور المنافقين ،بل يريدونها حرب أشد على اﻹسﻼم ،وعلى دولة الخﻼفة التي تتمسك بهدي
رسول ﷲ --وخلفاءه الراشدين ،وتعلنه منهج لها تبذل دونه الغالي والنفيس ،طلبًا ﻹرضاء ﷲ ،وها هو الدين
المزيف يتهاوى بفضل ﷲ --ثم بدعوة وجهاد الدولة اﻹسﻼمية وقادتها وجنودها ،وها هي أقنعة المرتدين
تتساقط أمام أنوار دولة الخﻼفة الحاملة لكتاب ﷲ الهادي بيد ،وللسيف الناصر باليد اﻷخرى ،وكفى بربك هاديا
ونصيرا.
ً
ً
طويﻼ لئﻼ تقوم لﻺنسان دولة تعود بالناس إلى نهج النبوة الصافي ،وقد لقد عمل شياطين اﻹنس والجن
كفار بدراسة تاريخ
ٌ عملت دول اليهود والصليبين على الكيد لﻺسﻼم لعدة قرون خلت ،فأنشؤوا مراكز يقوم فيها
اﻹسﻼم السياسي والعلمي ،ونشأة فرق الضﻼل التي حرفت المسلمين عن دينهم الصافي ،وسموا أنفسهم
28
بالمستشرقين ،فسعوا لبث ونشر الضﻼﻻت الفرق الضالة المضلة بكل درجات الضﻼل من الزندقة واﻻلحاد إلى
ضﻼل المعتزلة الذين يحكمون العقل في الشرع ،فﻼ يقبلون منه إﻻ ما تقبله عقولهم الصدئة الضالة ،وإلى
المرجئة الذين ميعوا الدين وأخرجوا العمل عن مسمى اﻹيمان ،وقالوا ﻻ تضر مع اﻹيمان معصية ،وقد درس
اليهود والنصارى جغرافيا العالم اﻹسﻼمي ،وخططوا لتقسيميه وتقطيع أوصاله ،ودعموا كل من يطعن في
اﻹسﻼم من العلمانيين المرتدين ،وممن يدعون اﻹسﻼم من مشايخ الكفر والضﻼل ،الذين درسوا في معاهد
وجامعات اليهود والنصارى في فرنسا وبريطانيا وغيرهما ،كأمثال :طه حسين ،وعلي عبد الرزق ،وقاسم أمين،
وغيرهم ،وقدمت بريطانيا الماسونيَ ْي ِن :جمال الدين اﻷفغاني ،وتلميذه ﷴ عبده على أنهما من المصلحين ،لقد
أحياء ﷲ بفضله ومنه الدولة اﻹسﻼمية من جديد؛ لتقضي على كل ذلك المكر اليهودي الصليبي ،ولتهيل التراب
على الدين المزيف الذي صنعته دول الكفر وقدمته للمسلمين على أنه اﻹسﻼم الصحيح ،ويا العجب كيف
يصدق بعض من ينتسبون إلى اﻹسﻼم أن أعداء ﷲ من اليهود والنصارى سيرضون عن اﻹسﻼم والمسلمين؟!
وقد حاربوا رسل ﷲ وأنبياءه على مدى قرون كما قال تعالى عنهم ) :ولقد آتينا موسى الكتب وقفينا من بعده
بالرسل وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما ﻻ تهوى أنفسكم استكبرتم
ناس يدعون اﻹسﻼم ،وحقيقتهم الردة دين مزيفٍ ،وأ ٌففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ( ،إن الكفار ﻻ يرضون إﻻ عن ٍ
عن اﻹسﻼم ،قال تعالى ) :ولن ترضى عنك اليهود وﻻ النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى ﷲ هو الهدى
ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من ﷲ من ولى وﻻ نصير( ،ولذلك رضي اليهود
والنصارى عن آل سعود المرتدين ،ورضوا عن أمثالهم من الحكام التابعين لهم الموالين للكفر وأهله؛ المحاربين
لﻺسﻼم الذي رضي ﷲ لعباده المؤمنين ،وهؤﻻء الحكام المدعون كذبًا لﻺسﻼم ،قاموا بعمل أشياء كثيرها
للتغطية على حربهم لﻺسﻼم الذي يرضاه ﷲ ،فطبعوا المصاحف كما فعل آل سلول ،وادعوا راعية المساجد ،مع
ي من قبل أفراد المسلمين ،ﻻ من قبل الحكومات العميلة ،وسمحوا بحلقات تحفيظ القرآن الكريم، أن أكثرها بُ ِن َ
وادعوا دعمها بشرط أﻻ يدرس فيها المعتقد الصحيح ،والتفسير وعلوم السنة والحث على الجهاد ،فالمسموح به
عند آل سلول ونظام النصيريين وسائر أحكام الردة ،حفظ القرآن وتعليم التجويد فقط ،وأما الجامعات فتدرس
اﻹرجاء ،ووجوب طاعة الحاكم ولو ارتد ،ويتأولون له كل ردة ،ويختلقون له اﻷعذار التي ما أنزل ﷲ بها من
سلطان ،ويحرمون الخروج عليه ،ويضعون شروطا تعجيزية لقيام الجهاد في سبيل ﷲ ،ويتخرج فيها الطﻼب
بعقائد منحرفة عن الصراط المستقيم ،حتى ﻻ يكونوا مصلحين على هدى رسول ﷲ --بل ضمن حلقة ﻻ تعكر
على الحاكم المرتد حكمه ،بل يسبغون عليه الشرعية الكاذبة ،ﻻ فرق في ذلك بين من يدعي السلفية منهم ،وبين
من يتبرأ منها ،وتعاقدت الحكومات المرتدة مع الفرق الضالة المضلة ،التي ادعت أنها جماعات إسﻼمية؛ لمنع
إحياء عقيدة الوﻻء والبراء ،ومنع قيام الجهاد في سبيل ﷲ ،فصار أولئك المجرمون يلبسون على الناس دينهم،
وأن اﻹصﻼح ممكن بالوسائل التي يسمح بها حكام الردة عبيد اليهود والنصارى ،ففي جزيرة العرب مثﻼ تحالف
آل سلول مع السروريين المدعين للسلفية منذ عام ألف وأربع مئة وخمسة تقريبا ،واتفقوا معهم على أﻻ تخرج
الدعوة والتعليم عن اﻹطار الذي يسمح به آل سلول ،ومنذ ذلك الحين وهم يلقون أتباعهم أن الحاكم مسلم تجب
حجج كثيرة
ٍ طاعته وعدم الخروج عليه ،ويمنعون شبابهم المبايعين لهم من الجهاد في أي منطقة من العالم ،ب
ت متنوعةٍ ،فمنعوا شبابهم من الجهاد في أفغانستان ،ثم في البوسنة ،واتهموا المجاهدين باﻹفتيات على وتلبيسا ٍ
اﻷمة اﻹسﻼمية؛ ﻷن المجاهدين ﻻ يشورونهم وﻻ يصدرون عن رأيهم ،وبنفس الوقت أيد مشايخ السرورية جبهة
اﻻنقاذ في الجزائر في دخول اﻻنتخابات ،ثم الفوز فيها ،مع أنه دخول في الشرك اﻷكبر بالرضى بالديمقراطية
واتخاذها سبيﻼ للحكم ،ودعا مشايخ السرورية وحرضوا على الجهاد المزعوم مع حاكم اليمن علي عبدﷲ
صالح ،المنتمي إلى حزب البعث ،واعتبروه جهاد شرعيا إسﻼميا؛ ﻷنه يقاتل فيه حاكم حضرموت الملحد
الشيوعي ،والحقيقة أنها كانت خدمة ﻷمريكا؛ ﻹخراج الحزب الموالي لروسيا من الحكم ،مقابل إشراك اﻻخوان
المرتدين في الحكم ،ولم يبالوا بكونه حاكم مرتد عن اﻹسﻼم ،يحكم بغير ما أنزل ﷲ ،وقد بدل شريعة ﷲ كفرا
بواحا ،وقد استخدم المرتد البعثي علي صالح اﻹخوان والسرورية حتى انتهى من حربه مع حاكم حضرموت
المرتد ،ثم خلع اﻹخوان كما يخلع نعليه ،ثم أعلن السروريون وباقي الجماعات الموالية للطاغوت كالجامية
واﻹخوان المجرمين حربهم على الجهاد وأهله ،الذين عكروا صفو أمريكا وأمنها بضربتي البرجين الشهيرة،
ولبسوا على الناس بأن المجاهدين تسببوا بعملهم هذا بتعطيل الدعوة اﻹسﻼمية ،والتضييق على المسلمين من قبل
الدول الصليبية التي يعيشون فيها ،وخوفوا الناس من أمريكا وقوتها ،وقللوا من شأن المجاهدين ،وادعوا أنهم ﻻ
يستطيعون محاربة رأس الكفر أمريكا ،ثم أعلن زعيم السرورية المرتد في مجلته التي سماها السنة -سماها
29
السنة كذبا وزورا -أنه سيتعاون مع دول الكفر العالمي في محاربة اﻻرهاب في العراق ،أي محاربة الدولة
اﻹسﻼمية ،التي أعلنت تحكيم اﻹسﻼم والكفر بالطواغيت ،وقد تعاون السرورية واﻹخوان والجامية المدخلية مع
مرتدي آل سلول ومشايخهم الرسميين في تسليم العراق ﻷمريكا وإيران ،وتعاونوا على محاولة وأد مشروع
الدولة اﻹسﻼمية ،الذي يهدد كل مشاريعهم ،ويفضح مؤامراتهم واستمتاع بعضهم ببعض ،ولما قامت الثورة على
طاغوت الشام ،انصب تفكير اﻹخوان المفلسين والسرورية على كيفية استثمارها واﻻستفادة من تضحيات الشعب
المسكين الذي لم يتلقى منهم أي توجيه أو تحريض على الجهاد في سبيل ﷲ وﻻ وجهوه نحو أن تكون الراية
والغاية إسﻼمية ،بأن يحكم شرع ﷲ بدﻻ من حكم الطاغوت ،ولما قام الجهاد في الشام لم يشاركوا فيه بأي
مشاركة سوى السعي ﻹفساد الجهاد والمجاهدين ،وعملوا على محاولة سرقة ثمرة الجهاد ليصب في مصلحة
العلمانيين المرتدين ،وأبدوا إعجابهم وتأييدهم ثم دعمهم لم يسمى الجيش الحر ،ثم تسللوا بتعاون مع مخابرات آل
سلول إلى الفصائل المختلفة ،واخترقوها بالدعم المادي ،وطلبوا منهم صراحة أﻻ يرفعوا راية اﻹسﻼم ،وأﻻ
يطالبوا بتحكيم شرع ﷲ ،بحجة أن دول الكفر لن ترضى بذلك ،فلما أرسلت الدولة اﻹسﻼمية جبهة النصرة؛
للجهاد في الشام ،وقفوا منها موقف المرتاب ،وتسألوا عن حقيقتها ومصدر دعمها ،ثم دعوا الفصائل إلى ضربها
إن خرجت عن طريق الجيش الحر وأهدافه ،فلما أعلنت الدولة اﻹسﻼمية تمددها إلى الشام ،وإلغاء مسمى جبهة
النصرة ،تﻼعب السرورية واﻹخوان المرتدون بجبهة الجوﻻني ،وحرضوها على قتال الدولة اﻹسﻼمية،
ودعموها بالمال والمكر الكبار ،حتى صارت غطاء للفصائل المرتدة ،ومرتعا ﻷجهزة المخابرات ،وتآمر
السرورية وإخوان الشياطين مع معظم الفصائل لقتال الدولة اﻹسﻼمية مجتمعين ،في ساعة حددوها ﻹنهاء وجود
الدولة اﻹسﻼمية في الشام ،وإجبارها على اﻻنسحاب إلى العراق ،ولكن ومكروا ومكر ﷲ وﷲ خيرا الماكرين،
كان للدولة مقرات وأماكن متفرقة تركتها وانحازت منها؛ بسبب حرب المرتدين فيسر ﷲ أن تصير مدن
ومساحات شاسعة تحت حكم دولة اﻹسﻼم ،يخضع الناس فيها لشرع ﷲ ،ويطيعون ﻷمير المؤمنين وخليفة
المسلمين الشيخ أبى بكر البغدادي القرشي الحسيني ،ويجاهدون معه أعداء ﷲ المتحزبين لحرب دولة الخﻼفة،
والمجاهدون واثقون من نصرﷲ القائل سبحانه ) :ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون *
وإن جندنا لهم الغالبون (.
وأما اﻹخوان المرتدون ،فبدل من الجهاد في سبيل ﷲ ،أنشؤوا المجلس الوطني العميل والتابع لدول
الكفر ،واستقطبوا لعضويته عمﻼء أمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا وغالبهم من أخبث الناس كفرا وخلقا،
ودخل اﻹخوان المجرمون والسرورية السلولية في عضوية المجلس الوثني ،ثم في عضوية ما سموه اﻹتﻼف
الوطني الذي تم برعاية أمريكية قطرية ،وأنشؤوا لهذا اﻹتﻼف الكافر مجلسا إسﻼميا بزعمهم الكاذب؛ ليبرروا
نواقض اﻹسﻼم التي يرتكبونها ،وليصبغ على كفرياتهم شرعية كاذبة خاطئة ،تصدر الفتاوى التي يطلبها
اﻷمريكان وأذنابهم المرتدون ،وصرف إخوان الشياطين والسرورية أموال التبرعات التي جمعوها على
المؤتمرات التي عقدوها مع السفير اﻷمريكي فورد وغيره من سفراء الكفر ،وتآمروا على الجهاد والمجاهدين،
وكان أكبر همهم الذي أقض مضاجعهم كيف يتم القضاء على دولة اﻹسﻼم ،أو منع تمددها وأرسلوا بعض
الخبثاء الذين يلبسون ثياب طﻼب العلم زورا وكذبا؛ ليؤلبوا الفصائل التائهة على الدولة اﻹسﻼمية ،وليلبسوا
الحق بالباطل على من يهم باﻻلتحاق بالدولة اﻹسﻼمية ولكن اﻷمر كما قال تعالى ) :إن ينصركم ﷲ فﻼ غالب
لكم * وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى ﷲ فليتوكل المؤمنون( ،لو استعرضنا تاريخ اﻹخوان
المرتدين في قرن مضى سنجد أنهم أماتوا الوﻻء والبراء ،ولم يرفعوا بتصحيح العقيدة رأسا ،الغاية عندهم تبرر
الوسيلة ،يتخذون شرك الديمقراطية اﻷكبر وسيلة إلى الحكم ،فإذا حكموا؛ حكموا بالقوانين الكفرية ﻻ بشرع ﷲ،
كذبوا على اﻷمة اﻹسﻼمية ،وتاجروا بدمائها ،ولم يبذلوا أرواحهم في ساحات الجهاد ،فزهقت أنفسهم في ساحات
الثورات السلمية ،وانتهكت أعراضهم ،فصرخوا سلمية سلمية ،هان عليهم دينهم فهانت ورخصت أنفسهم
وأعراضهم ،فبذلوها ولكن ليس في سبيل ﷲ ،بل في سبيل ما سموه الشرعية ،أي الشرعية التي ترضاها لهم
أمريكا ،حكموا بالقوانين البشرية الكفرية في تركيا ومصر والسودان وفي غزة فلسطين ،وكانوا جنود الشيطان،
وأولياء المحاربين لجنود ﷲ ،ولذا ﻻ نعجب حينا توصي مؤسسات الكفر ،ومنها مؤسسة رند اﻻمريكية التي
مقرها دويلة قطر باستخدام اﻹخوان المرتدين وأفراخهم السرورية ضد من رفعوا راية القرآن والسنة وجاهدوا
في ﷲ حق جهاده ،منذ عام ألف وأربع مئة وخمسة وعشرين أوصت مؤسسة رند بمواصلة استخدام الجماعات
التي تصفها باﻻعتدال ،وهي التي تنبذ الجهاد وترضى بالديمقراطية في محاربة أهل التوحيد والجهاد وتحكيم
اﻹسﻼم الذين أعلنوا الخﻼفة فيما بعد وحكموا الشريعة اﻹسﻼمية التي رضيها ﷲ لنا وحكموا الشريعة اﻹسﻼمية
30
ٌ
عزيز الذين لقوي
ﱞ التي رضيها لنا ربنا دينا رغم أنف الكافرين والمرتدين ) :ولينصرن ﷲ من ينصره إن ﷲ
إن مكناهم في اﻷرض أقاموا الصﻼة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر و عاقبة اﻻمور (.
وبهذا نصل بفضل ﷲ وبحمده إلى نهاية هذه السلسلة التي عنوانها " الطواغيت ومشايخ السوء" والصﻼة
والسﻼم على خاتم اﻷنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،والحمد رب
العالمين.
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
۩ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ۩
::ﻻ تنسونا من صالح دعائكم ::
نُشر في:
←الثﻼثاء 1439 / 10 / 05هـ→
31