You are on page 1of 117

1

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫النصي لسلسلة شرح‪:‬‬


‫التفريغ ّ‬

‫نواقض اإلسالـ العشرة‬

‫لإلماـ‪:‬‬

‫دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪-‬‬

‫٘ٔٔٔ – ‪ ٕٔٓٙ‬ىػ‬

‫جاىد‪:‬‬‫شرح فضيلة الشيخ ا‪١‬ت ِ‬


‫ُ‬
‫ُتركي بن ُمبارؾ البِْنػ َعلي ‪-‬تقبّلوُ هللا‪-‬‬

‫السلَ ِمي‪ ،‬أبو ‪٫‬تماـ األثَِري)‬


‫(أبو ُسفياف ُّ‬

‫ٗٓٗٔ – ‪ ٖٔٗٛ‬ىػ‬

‫ألقاىا الشيخ ‪-‬تقبّلوُ هللا‪ -‬يف مسجد الرابط ٔتدينة ِس ْرت اللّيبيّة‪.‬‬

‫بتاريخ‪ ٖٔٗٗ :‬ىػ‪ ٕٖٓٔ -‬ـ‬

‫وبرعاية‪ :‬إذاعة التوحيد‪ِ -‬س ْرت‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ملحوظة‪ :‬ما بُت « » ليس من كالـ ا‪١‬ت ِ‬
‫حاضر ‪-‬تقبلو هللا‪.-‬‬
‫ُ‬

‫‪3‬‬
‫الدرس األوؿ‬

‫ذؿ من عصاه‪ ،‬والصالة والسالـ على نبيّو‬ ‫عز من أطاعو‪ُ ،‬م ّ‬


‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬ا‪ٟ‬تمد هلل ُم ّ‬
‫ومصطفاه‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫ُ‬

‫ستهل ىذه الدورة اليت نتناوؿ فيها بعض ا‪١‬تتوف الشرعية‬


‫وسهال ومرحبًا بلم أيها ا‪١‬تُباركوف يف ُم ّ‬
‫فأىال ً‬
‫ً‬
‫ا‪١‬تهمة‪ ،‬وىي غاية يف األ‪٫‬تية كما سًتوف إف شاء هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫تعلموف أف الطهارة تنقسم إىل قسمُت‪ :‬طهارة كربى‪ ،‬وطهارة صغرى‪ ،‬ونعٍت ابلطهارة الصغرى؛ ىي اليت‬
‫تتعلق اب‪ٟ‬تدث‪ ،‬سواء كاف منو األكرب أو األصغر‪ ،‬وأما الطهارة اللربى فنعٍت هبا اإلسالـ‪ ،‬نعٍت هبا‬
‫طهرهُ ماء‬
‫التوحيد‪ ،‬نعٍت هبا اإلٯتاف‪ ،‬ىذه ىي الطهارة اللربى الذي من خرقها ال يغسلو ماء البحر‪ ،‬ال يُ ّ‬
‫عمن نقضها‪{ :‬إِ مَّنَا ال ُْم ْش ِرُكو َف‬
‫البحر؛ إال ابلعودة إىل اإلسالـ‪ ،‬الطهارة اللربى اليت قاؿ هللا تعاىل ّ‬
‫س}[التوبة‪ ،]ٕٛ :‬فا‪١‬تشرؾ مهما اغتسل‪ ،‬مهما توضأ‪ ،‬ىو بن ّ القرآف َ‪٧‬تَس‪ ،‬كذلق قاؿ الن ‪-‬ﷺ‪-‬‬ ‫ََنَ ٌ‬
‫ُ‬
‫كما يف ا‪ٟ‬تديث الذي أخرجاه يف الصحيحُت من حديث أيب ىريرة ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬أف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪-‬‬
‫قاؿ‪( :‬املؤمن طاىر ال يَػ ْن ُجس)‪ ،‬ويف رواية‪( :‬إ مف املسلم طاىر ال يَػ ْن ُجس) «أو كما قاؿ الن ﷺ»؛‬
‫فا‪١‬تسلم طاىر وإف ارتلب بعض نواقض الطهارة الصغرى سواء كانت من قبيل ا‪ٟ‬تدث األصغر أو‬
‫األكرب‪ ،‬إال أنو هبذا ا‪١‬تعٌت إال أنو يندرج ٖتت الطهارة اللربى اليت سنُدندف حو‪٢‬تا إف شاء هللا –سبحانو‬
‫وتعاىل‪ -‬يف ىذه الدورة‪.‬‬

‫أما الطهارة الصغرى فتجدوف أف أكثر الناس يف أغلب الداير اإلسالمية أو الدوؿ اليت يقطنها ا‪١‬تسلموف‬
‫يعلفوف ويرددوف ولرٔتا ٭تفظوف نواقض الطهارة الصغرى وىذا أمر حسن‪ ،‬أمر ‪٤‬تمود‪ ،‬أمر طيب‪ ،‬وللن‬
‫ىناؾ مهم وىناؾ أىم‪ٕ ،‬تدىم يعلموف نواقض الوضوء ولرٔتا ال ٗتفى على أحد‪ ،‬فنحن لو سألنا أحد‬
‫مثال‪ ..‬أنت اي أ‪ٛ‬تد‪ ،‬ما ىي نواقض الوضوء؟‬
‫ا‪ٟ‬تضور ً‬

‫‪-‬األخ‪ :‬ا‪٠‬تارج من السبيلُت والنوـ العميق‪.‬‬

‫*الشيخ‪ :‬ابرؾ هللا فيق‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫يقوؿ‪ :‬ا‪٠‬تارج من السبيلُت‪ ،‬والنوـ العميق أو ا‪١‬تستغرؽ‪ ،‬ىذه اجملمع عليها بُت أىل العلم‪ ،‬وٕتدوف أف‬
‫صغار ا‪١‬تسلمُت ٭تفظوف ىذه النواقض نواقض الوضوء‪ ،‬ونواقض الوضوء منها ا‪١‬تجمع عليو ومنها‬
‫ُ‬
‫ا‪١‬تختلف فيو‪ ،‬فهناؾ اجملمع عليو وكما قاؿ ‪-‬ابرؾ هللا فيو‪ :-‬ا‪٠‬تارج من السبيلُت‪ ،‬من بوؿ وغائط ومن‬
‫ُ‬
‫س الرجل‬
‫ريح وغَت ذلق‪ ،‬وكذا النوـ الطويل ا‪١‬تستغرؽ اللثَت‪ ،‬وىناؾ نواقض للوضوء ُ‪٥‬تتلف فيها‪َ ،‬ك َم ّ‬
‫مس ا‪١‬ترأة سواء بشهوة أو بغَت شهوة‪ ..‬ىذه مسائل‬
‫لذكره‪ ،‬وكأكل ‪ٟ‬تم ا‪ٞ‬تزور (‪ٟ‬تم اإلبل)‪ ،‬كذلق ّ‬
‫خالفيّة اختلف فيها الفقهاء ىل ىي من نواقض الوضوء أـ ال‪.‬‬

‫فإذف‪ ،‬نواقض الوضوء‪ ،‬نواقض الطهارة الصغرى اللل يتذاكر فيها ويتدارس حو‪٢‬تا ويتعلمها ولرٔتا ٭تفظها‬
‫ويستظهر أدلة ىذه ا‪١‬تسائل‪ ،‬للنو لو تسأؿ البعض عن نواقض الطهارة اللربى اليت ىي اإلسالـ‪ ،‬اليت‬
‫ىي التوحيد‪ ،‬لرٔتا عرؼ بعض وجهل األكثر وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫مع أف ىذه أىم من تلق‪ ،‬وىي أعظم‪ ،‬واألحلاـ ا‪١‬تًتتبة عليها أعظم وأكرب‪ ،‬سواء كانت األحلاـ‬
‫الدنيوية أـ األحلاـ األخروية‪ ،‬فال بد إذف أننا كما نراعي مسألة الطهارة الصغرى ّتوانبها ا‪١‬تتعلقة‬
‫اب‪ٟ‬تدث أو برفع ا‪ٟ‬تدث األصغر أو األكرب‪ ،‬كذلق هنتم بل هنتم أكثر من ذلق فيما يتعلق ابلطهارة‬
‫اللربى‪ ،‬ما يتعلق برأس األمر أال وىو اإلسالـ‪.‬‬

‫ال بد أف نتعلم نواقض اإلسالـ‪ ،‬نتعلم ما ٮترـ اإلسالـ‪ ،‬نتعلم ما يتعلق بصحة اإلسالـ من عدمو‪ ،‬كما‬
‫جاء يف ا‪ٟ‬تديث الذي أخرجاه يف الصحيحُت من حديث حذيفة بن اليماف ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬أنو قاؿ‪:‬‬
‫(كاف الناس يسألوف رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬عن ا‪٠‬تَت‪ ،‬وكنت أسألو عن الشر‪ِِ )...‬لَ؟ (‪٥‬تافة أف يُدركٍت)‬

‫ٮتاؼ أف يقع يف ىذا الشر‪ ،‬وأعظم الشر ىو الشرؾ‪ ،‬أعظم الشر ىو اللفر‪ ،‬فال بد على ا‪١‬تسلم‪ ،‬على‬
‫ا‪١‬توحد‪ ،‬على ا‪١‬تؤمن‪ ،‬أف يتعلم ذلق حىت ال يقع فيو وىو يعلم أو ال يعلم‪.‬‬

‫عرفت الشمر ال ِّ‬


‫للشر ‪ ...‬للن لتوقّيو‬ ‫ُ‬
‫ومن ال يعرؼ الشر ‪ ...‬من ا‪٠‬تَت يقع ِ‬
‫فيو‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬

‫‪5‬‬
‫عمد فصنّف يف نواقض اإلسالـ‪ ،‬وأ‪ٝ‬تاىا ابلنواقض العشرة‪،‬‬
‫الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪َ -‬‬
‫ومقتصرة على ىذه العشرة اليت ع ّددىا الشيخ ‪-‬رمحو هللا‪-‬؟‬
‫وللن ىل نواقض اإلسالـ ُمنحصرة ُ‬

‫نقوؿ‪ :‬إف نواقض اإلسالـ كثَتة‪ ،‬بل أوصلها بعض العلماء كالشافعية‪ ،‬فيما نقلو عنهم الشيخ العالمة‬
‫سليماف بن سحماف‪ ،‬كما يف (الدرر السنية‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬صفحة ٓ‪ )ٖٙ‬أوصل تلق النواقض إىل أكثر‬
‫من أربعمائة انقض‪ ،‬أربعمائة انقض لإلسالـ؛ إذف فليف أف الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪-‬‬
‫قاؿ‪( :‬اعلم أف نواقض اإلسالـ‪ )...‬وع ّدد ىذه العشرة؟ كيف حصر ىذه النواقض اللثَتة اليت ىي كما‬
‫بلغلم أكثر من أربعمائة انقض‪ ،‬حصرىا يف عشرة نواقض؟‬

‫بعض العلماء كالشيخ سليماف بن سحماف‪ ،‬قاؿ أبف ىذه ىي النواقض ا‪١‬تجمع عليها‪ ،‬وما دوف ذلق‬
‫ُ‬
‫من نواقض قد اختلف العلماء فيها؛ كما أسلفنا أف يف نواقض الوضوء ىناؾ نواقض متفق عليها‪٣ُ ،‬تمع‬
‫عليها‪ ،‬وىناؾ نواقض ُ‪٥‬تتلف فيها‪ ،‬كذلق يف نواقض اإلسالـ ىناؾ نواقض ‪٣‬تمع عليها بُت العلماء‬
‫‪ٚ‬تيعا‪ ،‬وىناؾ نواقض قد اختلف العلماء فيها‪ ،‬وللن ىذا القوؿ ال يُسلّم لو‪ ،‬وىو قد ذكره الشيخ‬
‫ً‬
‫سليماف بن سحماف يف ا‪١‬تصدر اآلنف أال وىو (الدرر السنية‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬صفحة ٓ‪،)ٖٙ‬‬

‫وللن لو تتبعنا النواقض اجملمع عليها سنجد تلق النواقض أكثر من عشرة‪ ،‬ىي أكثر من ذلق اليت أ‪ٚ‬تع‬
‫‪ٚ‬تيعا‪ -‬عليها‪.‬‬
‫العلماء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا ً‬

‫إذف ىناؾ قوؿ آخر يف ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬أال وىو ما ذكره الشيخ العالمة شيخنا سليماف العلواف ‪-‬حفظو‬
‫هللا‪ -‬يف بداية شرحو للنواقض قاؿ‪( :‬ىذه النواقض العشرة‪ ،‬وىناؾ نواقض كثَتة ‪٦‬تا ذكرىا العلماء يف‬
‫أبواب الردة من كتبهم‪ ،‬وللن تلق النواقض أو تلق ا‪١‬تناطات تندرج ٖتت أحد ىذه النواقض العشرة)‪،‬‬
‫أي تتفرع عن ىذه النواقض‪ ،‬تتولّد عن ىذه النواقض؛ فهذه النواقض ىي العشرة الرئيسية وىناؾ نواقض‬
‫تندرج ٖتت ىذه النواقض‪ .‬وىذا قوؿ يف ا‪١‬تسألة‪.‬‬

‫وىناؾ قوؿ اثلث‪ ،‬ولعلو األظهر واألرجح أال وىو‪ :‬أف ىذه النواقض ىي اليت اشتهرت يف عصر شيخ‬
‫ٖتذيرا لألمة عن أف‬
‫ً‬ ‫ونوه عليها‪ ،‬وذكرىا ابلتخصي‬ ‫اإلسالـ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬لذلق نبّو ّ‬
‫تقع فيها‪ ،‬لذلق ال ينبغي على الداعية أف يلوف ىو يف و ٍاد واألمة ٔتشاكلها ومصائبها وواقعها يف و ٍاد‬

‫‪6‬‬
‫آخر‪ ،‬بل عليو أف يتللم يف مصائب عصره‪ ،‬يتللم يف الفنت اليت ٖتدث يف زمانو‪ ،‬كذلق اليت ٖتدث يف‬
‫ِ ِ‬
‫ك ْاألَقػ َْربِ َ‬
‫ني}[الشعراء‪.]ٕٔٗ :‬‬ ‫ريتَ َ‬
‫ملانو‪ ،‬يف أىل بلده؛ إذ أف األقربُت أوؿ اب‪١‬تعروؼ { َوأَنذ ْر َعش َ‬

‫اشتهارا يف‬
‫انتشارا و ً‬
‫ً‬ ‫إذف؛ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬خ ّ ىذه النواقض ابلذكر ألهنا أكثر‬
‫زمنو‪ ،‬وىو ىو ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬نبّو على ذلق يف آخر ىذه النواقض وذكر أهنا ‪-‬أف ىذه النواقض‪ -‬من أكثر‬
‫وقوعا يف ختاـ ىذه النواقض‪.‬‬
‫ما يلوف ً‬

‫جدا بُت الناس‪ ،‬لذلق ‪٬‬تدر أف يُنبّو عليها‪٬ ،‬تدر على الداعي أف‬
‫إذف ىذه النواقض العشرة ىي مشتهرة ً‬
‫و٭ت ّذر منها‪ ،‬حىت ال يقع الناس فيها وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬
‫يُنبّو ُ‬

‫كثَتا من مرجئة العصر يُبادروف ويسارعوف إىل شرح ىذه‬


‫على ذكر ىذه النواقض وىذا ا‪١‬تنت‪ٕ ،‬تد أف ً‬
‫شرحا‬
‫وٖتبَتا يف بعض اللتب اليت يقولوف أهنا ً‬
‫النواقض‪ ،‬إما يف احملاضرات‪ ،‬إما يف الدروات‪ ،‬إما كتابة ً‬
‫‪٢‬تذه النواقض اليت ذكرىا الشيخ اجملدد دمحم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ِِ ..-‬لَ يعمدوف إىل ذلق‪..‬؟ ِِلَ يُسارعوف إىل‬
‫ذلق‪..‬؟‬

‫ال تنخدعوا وال تعجبوا حينما تسمعوف أف الشيخ فالف بن فالف من مرجئة العصر ذىب ورحل إىل بلد‬
‫كذا‪ ،‬وأوؿ ا‪١‬تتوف اليت شرحها ىو النواقض العشرة‪ ،‬مث ذىب ورحل إىل تلق ا‪١‬تنطقة وِل يشرح كتب الفقو‬
‫تقييدا ‪٢‬تذه النواقض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ع إىل شرح نواقض اإلسالـ! ِلَ يفعلوف ذلق!؟ ً‬ ‫وال بعض كتب العقيدة‪ ،‬وإ‪٪‬تا فَػَز َ‬
‫أوال أف ‪٬‬تحد‪ ،‬مث‬
‫للي يضعوا العراقيل دوف ىذه النواقض اليت ما أنزؿ هللا هبا من سلطاف‪ ،‬ال بد ً‬
‫ِ‬
‫يستحل‪ ،‬مث يزعم أنو من عند هللا‪ ،‬مث كذا وكذا وكذا‪ ...‬اليت ىي إبليس ما وقع فيها‪ ،‬إبليس ما وقع فيها‬
‫كما سنأيت على ذكر بعض النواقض‪.‬‬

‫إذف ىم يعمدوف إىل ىذه النواقض ابلشرح ليس للشرح أو التدريس‪ ،‬وإ‪٪‬تا للتلبيس والتدليس على الناس؛‬
‫لذلق إذا عرفت ذلق فال تعجب إذ أنو إذا عُ ِر َ‬
‫ؼ السبب بَطُ َل العجب‪.‬‬

‫‪٨‬تث طالب العلم على‬


‫وعلى ذكر مسألة شرح النواقض‪ ،‬ىناؾ شروح ومتوف تشرح ىذه النواقض و‪٨‬تن ّ‬
‫الرجوع إليها‪ ،‬منها ما ىو بُت أيدينا اآلف وىو كتاب (التبياف يف شرح نواقض اإلسالـ) ‪١‬تن؟ لشيخنا‬
‫تصرا إال‬
‫العالمة ا‪ٟ‬تافظ‪ :‬سليماف العلواف ‪-‬حفظو هللا ومتّعنا بو وبعلمو وبعملو‪ ،-‬ىذا منت وإف كاف ُ‪٥‬ت ً‬

‫‪7‬‬
‫أنو انفع يف اببو‪ ،‬كذلق من الشروح اليت ُو ِض َعت على ىذه النواقض‪ ،‬وىي انفعة يف ابهبا‪ :‬شرح الشيخ‪:‬‬
‫عبد العزيز الطريفي –حفظو هللا‪ -‬الذي ىو بعنواف‪( :‬اإلعالـ بتوضيح نواقض اإلسالـ)‪.‬‬

‫إذف ىذه بعض اللتب اليت يرجع إليها طالب العلم إف شاء ذلق وأراد ذلق‪.‬‬

‫قبل أف نقف مع ىذه النواقض ونشَت إليها إشارات عابرات‪ ،‬ال بد من ذكر ُمصنّف ىذه النواقض‬
‫ببعض الًت‪ٚ‬تة‪ ،‬أو نتطرؽ إىل بعض ما جاء يف سَتتو العطرة ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ ،-‬ال سيما أف ىذا‬
‫األولُت من اللالـ فيهم‪ ،‬سواء كانوا من األنبياء وا‪١‬ترسلُت أو من الصا‪ٟ‬تُت‬‫الرجل قد انلو ما انؿ ّ‬
‫والصديقُت أو من اجملاىدين والشهداء وغَتىم‪ ..‬الذين تُ ُللِّ َم فيهم وىم ما عاشوا إال على ىذا الدين‪،‬‬
‫وما ماتوا إال يف نصرة ىذا الدين ‪-‬كما ‪٨‬تسبهم وهللا حسيبهم‪.-‬‬

‫تلهنا‬
‫قيل إف اإللو ذو ولد ‪ ...‬قيل إف الرسوؿ قد ّ‬

‫معا ‪ ...‬من لساف الورى‪ ،‬فليف أان!؟‬


‫ما ‪٧‬تا هللا والرسوؿ ً‬

‫فإذف‪ ،‬ا‪١‬تصلحوف واجملاىدوف والعلماء الرابنيوف يُتللّم فيهم ويُطعن فيهم ويُثلب فيهم ويُل َذب عليهم‬
‫ويُفًتى ويُرموف ابلبهتاف‪ ،‬فال بد من التمحي ‪ ،‬ال بد من النظر‪ ،‬ال بد من التحقيق يف سَتىم ‪-‬ر‪ٛ‬تهم‬
‫هللا‪ -‬حىت ال ينخدع ا‪١‬تسلم ببعض األقاويل اليت تصد عن االستفادة من ىذا العاِل أو ذاؾ العاِل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫حملة عن سرية الشيخ دمحم بن عبد الوىاب‪:‬‬

‫الشيخ دمحم بن عبد الوىاب بن سليماف بن علي التميمي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ُ -‬ولِ َد يف عاـ ٘ٔٔٔ للهجرة‪ ،‬ولد‬
‫يف العُيينة وىي إحدى القرى من قرى ‪٧‬تد ا‪١‬تشهورة‪ ،‬ولد يف أىل بيت من الصلحاء والعلماء‪ ،‬ج ّده ىو‬
‫ا‪١‬تربزين ا‪١‬تق ّدمُت من‬
‫الشيخ‪ :‬سليماف بن علي التميمي وىو رأس من رؤوس ا‪ٟ‬تنابلة يف زمنو‪ ،‬ىو من ّ‬
‫علماء ا‪ٟ‬تنابلة يف ذلق العهد‪.‬‬

‫أيضا من العلماء‪ ،‬وىو قاضي مدينتو‪ ،‬يقضي فيهم بلتاب هللا وبسنة‬
‫أبوه وىو الشيخ عبد الوىاب ً‬
‫رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وورث العلم والقضاء ‪٦‬تن؟ من أبيو الشيخ سليماف‪.‬‬

‫فال تعجب بعد ذلق أف ُٮترج هللا من أصالهبم الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ -‬إذ‬
‫ىو من أىل بيت مباركُت‪ ،‬أخوه من العلماء‪ ،‬خالو من العلماء‪ ،‬أبوه من العلماء‪ ،‬جده من العلماء‪،‬‬
‫وىلذا‪.‬‬

‫وٗترج عليهم ىو‪ :‬أبوه الشيخ‬


‫طلب العلم منذ نعومة أظفاره‪ ،‬وأوؿ من أخذ عنهم العلم ودرس عليهم ّ‬
‫عبد الوىاب‪ ،‬درس على أبيو أوؿ ما درس اللتاب العزيز القرآف اللرمي حىت حفظو وىو دوف العاشرة من‬
‫عمره‪ ،‬مث أتقن القرآف ودرس على أبيو بعض العلوـ كالعربية والتفسَت وا‪ٟ‬تديث والفقو‪٦ ،‬تا حدا أببيو أف‬
‫يُق ّدمو ليصلي ابلناس وىو ابن ست عشر سنة‪ِ ،‬ل ‪٬‬تاوز ىذه العمر ا‪١‬تبلرة رأى أبوه فيو النجابة‪ ،‬رآه أنو‬
‫منبهرا بذكائو وحصافتو وعلمو ونباىتو‪ ،‬كما‬
‫يصلح إلمامة الناس‪ ،‬ليتقدـ فيصلي ابلناس‪ ،‬وقد كاف أبوه ً‬
‫قاؿ أخو الشيخ دمحم‪ ،‬وىو الشيخ سليماف عن أخيو قاؿ‪ :‬كاف والدي يُعجب بذكائو ويقوؿ‪ :‬لطا‪١‬تا‬
‫استفدت منو‪.‬‬

‫فهذا االبن النجيب كاف يفتح على أبيو يف بعض ا‪١‬تسائل ويف بعض العلوـ‪.‬‬

‫كذلق ‪٦‬تن درس عليهم يف بداايتو‪ :‬درس على يد الشيخ‪ :‬عبد الر‪ٛ‬تن بن أ‪ٛ‬تد‪ ،‬وىو من علماء ‪٧‬تد‪،‬‬
‫أيضا من أىل ‪٤‬تلتو‪.‬‬
‫حساف التميمي‪ ،‬وىو ً‬
‫كذلق درس على الشيخ‪ّ :‬‬
‫مث ِل ِ‬
‫يلتف هبذا القدر‪ ،‬بل رحل وسافر يف طلب العلم والدعوة‪ ،‬وما من عاِل إال ولو رحلة يف طلب‬
‫العلم ‪-‬إال ما شاء هللا‪.-‬‬

‫‪9‬‬
‫حاجا للبيت‪ ،‬مث علف على بعض الشيوخ ىنالق وأخذ عنهم العلم‪ ،‬مث رحل إىل ا‪١‬تدينة‬
‫رحل إىل ملة ً‬
‫مدينة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬طالبًا للعلم‪ ،‬فدرس على بعض شيوخها الالمعُت وقتئذ‪ ،‬كالشيخ‪ :‬دمحم السندي‪ ،‬دمحم‬
‫بن حياة السندي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وكذلق أخذ على الشيخ‪ :‬عبد هللا بن إبراىيم الشمري ا‪١‬تدين ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪-‬‬
‫‪ ،‬درس عليو واستفاد منو‪ ،‬مث انتقل وعاد إىل أرضو‪.‬‬

‫إىل البصرة واستفاد من علمائها وعلى رأسهم أنو أخذ من الشيخ‪:‬‬ ‫أيضا رحل إىل العراؽ‪ ،‬وابألخ‬
‫مث ً‬
‫دمحم اجملموعي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬واستفاد منو‪.‬‬

‫وِل ِ‬
‫يلتف يف رحالتو العلمية أنو أيخذ دوف أف يعطي ‪٦‬تا وىبو هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وفتح عليو من‬
‫آمرا اب‪١‬تعروؼ انىيًا عن ا‪١‬تنلر‪ ،‬ال سيما يف ا‪١‬تسائل اليت تتعلق بشرؾ القبور وما ىو‬
‫العلوـ الشرعية‪ً ،‬‬
‫منتشر آنذاؾ‪ ،‬فلما رأوه يف البصرة يُنلر ويُش ّدد النلَت على بعض الشركيات واللفرايت؛ ألّبوا عليو‬
‫اجعا إىل بلده‪.‬‬
‫واجتمعوا عليو حىت طردوه‪ ،‬وخرج ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬من البصرة ر ً‬

‫يف الطريق انتهى عنو الزاد‪ ،‬وليس معو ماء‪ ،‬كاد أف ٯتوت من العطش ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬حىت سخر هللا ‪-‬‬
‫الزبَت من أرض العراؽ‪،‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬من أيتيو اب‪١‬تاء و٭تملو على ‪ٛ‬تاره وأوصلو إىل بلدتو وىي ُّ‬
‫فملث فيها وقتًا مث عاد أدراجو‪ ،‬إىل أين؟ إىل األحساء‪.‬‬

‫يمم ٕتاه الشاـ‪ ،‬يطلب وأيخذ العلم عن علماء الشاـ للنو‬


‫كاف ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يطمع وأيمل أف يذىب ويُ ّ‬
‫ِل ِ‬
‫يستطع ذلق‪ ،‬فعاد إىل األحساء ودرس على بعض شيوخها‪ ،‬ومنهم الشيخ‪ :‬عبد هللا بن دمحم الشافعي‬
‫األحسائي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬استفاد منو وأخذ عنو‪ ،‬مث عاد إىل ‪٧‬تد‪.‬‬

‫واستظهر أبرز اعتقادات السلف يف عامة ا‪١‬تسائل‪ ،‬أال‬ ‫‪١‬تا عاد إىل ‪٧‬تد علف على كتب السلف‪٠ ،‬تّ‬
‫وىو‪ :‬الشيخ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬شيخ اإلسالـ‪ ،‬وكذلق تلميذه النجيب ابن قيم ا‪ٞ‬توزية ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪-‬‬
‫‪ ،‬ىؤالء استخلصوا ما عند السلف ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬يف ‪٣‬تمل مسائل االعتقاد‪ ،‬الشيخ دمحم بن عبد الوىاب‬
‫‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬علف على كتب ىذين اإلمامُت ا‪ٞ‬تليلُت ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪.-‬‬

‫و‪١‬تا كاف ىو يعيش يف بيئة منتشر فيها الشرؾ بلل أنواعو‪ ،‬وليس فقط الشرؾ من ذبح‪ ،‬ودعاء لغَت هللا‪،‬‬
‫واستغاثة بغَت هللا‪ ،‬وطواؼ ابلقبور؛ ليس فقط الشرؾ بل حىت الفواحش ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬الفجور‬
‫والسفور والسرقات وقطع الطريق‪ ،‬إىل غَت ذلق‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كاف اإلنساف إذا يعلف على ىذه اللتب‪ُ ،‬٭ت مذر منو ولرٔتا يُضيّق عليو أو يُ َ‬
‫سجن أو يُقتل‪ ،‬إىل غَت‬
‫تسور البعض على داره أرادوا أف يقتلوه وللن هللا ‪٧‬تّاه وسلّمو‪.‬‬
‫ذلق‪ ،‬كما حصل للشيخ يف بداية أايمو‪ّ ،‬‬
‫الشيخ ‪١‬تا كاف يعلف على ىذه اللتب‪ ،‬يعلف عليها بسريّة‪ ،‬حىت قيل أنو كاف ُٯتّزؽ الغالؼ‪ ،‬غالؼ‬
‫اللتب حىت ال يعلم الناس أنو يقرأ ‪١‬تن؟ لشيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬يقرأ ‪١‬تن؟ لإلماـ ابن القيم‬
‫‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬كانوا ُ٭ت ّذروف من ىؤالء‪ ،‬كانوا يَ ْستَػ ْع ُدوف على من يقرأ ‪٢‬تؤالء‪ ،‬واألايـ دوؿ‪ ،‬وما أشبو الليلة‬
‫عامة شباب الصحوة ا‪١‬تباركة اإلسالمية الصحيحة حينما يعمدوف إىل قراءة بعض‬
‫ابلبارحة! ٕتد أف ّ‬
‫ُ‬
‫عامة الناس؛ ألف أغلب الناس ُ٭ت ّذر من ىؤالء‬
‫اللتب للعلماء الرابنيُت‪ُ ،‬ٮتفوف ىذه اللتب عن أنظار ّ‬
‫األجالء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪.-‬‬
‫العلماء ّ‬

‫و‪١‬تا كنت يف بعض الدوؿ أدرس يف بعض جامعاهتا‪ ،‬كنا مع بعض الشباب الذين ‪٨‬تسبهم على خَت‪،‬‬
‫األجالء‪ ،‬كنا نضع عليها بعض‬
‫ا‪٠‬تَتة من كتب علمائنا ّ‬
‫حينما نتبادؿ تلق اللتب الالمعة الساطعة ّ‬
‫العناوين ا‪١‬تختلفة َكغِالؼ‪ ،‬كأف نضع عليها شرح لألجرومية ً‬
‫مثال‪ ،‬أو شرح على ألفية ابن مالق يف‬
‫النحو‪ ،‬أو قطر الندى‪ ...‬إىل غَت ذلق من كتب النحو اليت ال يعارضها أحد من الناس كائنًا من كاف‪،‬‬
‫مهما اختلفت مشارهبم‪ ،‬آراؤىم‪ ،‬توجهاهتم‪ ،‬إىل غَت ذلق‪.‬‬

‫الشيخ دمحم كاف بسبب التضييق عليو ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يعمد إىل ذلق‪ ،‬فيقرأ ىذه اللتب ويستقي منها العلم‬
‫سرا‪ ،‬مث بعد ذلق أعلن وجهر بدعوتو يف بلده يف ‪٧‬تد‪ ،‬ال سيما بعد وفاة والده الذي ىو‬ ‫الصايف ا‪٠‬تال‬
‫الشيخ عبد الوىاب‪ ،‬إذ أنو كاف يُنلر عليو بعض الشدة اليت ‪٬‬تدىا فيو يف إنلاره على الناس‪.‬‬

‫فالشيخ دمحم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬بدأ ابإلنلار على الناس‪ ،‬واألمر اب‪١‬تعروؼ والنهي عن ا‪١‬تنلر‪ ،‬والصدع اب‪ٟ‬تق‪،‬‬
‫والصرح ابلتوحيد‪ ،‬إىل آخر ذلق‪ ..‬إىل أف تلونت عنده ‪٣‬تموعة من الطلبة الذين يناصرونو على ذلق‪،‬‬
‫يتربؾ هبا الناس‪ ،‬ويدعوهنا من دوف هللا ‪-‬سبحانو‬
‫فسعى إىل إنلار ا‪١‬تنلر ابليد‪ ،‬فعمد إىل األشجار اليت ّ‬
‫وتعاىل‪ ،-‬كما يفعل بعض النسوة آنذاؾ‪ ،‬يعمدوف إىل بعض الفحوؿ من النخيل ويقولوف‪( :‬اي فحل‬
‫ويتربكوف هبا من دوف هللا‪.‬‬
‫زوجا قبل ا‪ٟ‬توؿ) ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬ويدعوهنا من دوف هللا‪ّ ،‬‬
‫الفحوؿ‪ ،‬ارزقنا ً‬

‫إنلارا ‪٢‬تذا ا‪١‬تنلر ا‪ٞ‬تسيم الذي‬


‫عمد الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬إىل قطع تلق األشجار ً‬
‫يتعلّق أبصل الدين‪ ،‬يتعلق ابلتوحيد‪ ،‬وِل ِ‬
‫يلتف بذلق؛ كذلق عمد إىل ىدـ ما بٍُت على القبور اليت‬

‫‪11‬‬
‫تُدعى من دوف هللا‪ ،‬ويُطاؼ هبا من دوف هللا‪ ،‬ويُستغاث هبا ويُذبح ‪٢‬تا من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪،-‬‬
‫نفعا وال ضرا بعد موهتم‪ ،‬أو‬
‫سواء كانت تلق القبور لبعض الصا‪ٟ‬تُت الذين ال ٯتللوف ألنفسهم صرفًا وال ً‬
‫يتوىم الناس فيهم الصالح وا‪٠‬تَت‪ ،‬وكما قيل‪ :‬كم قرب يُزار‬
‫كانت تلق القبور لبعض الطا‪ٟ‬تُت الذين ّ‬
‫وصاحبو يف النار ‪-‬والعياذ ابهلل‪.-‬‬

‫وسواىا ابألرض كما أمر الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪، -‬كما يف صحيح مسلم من حديث‬
‫فإذف عمد إىل تلق القبور ّ‬
‫علي ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪.-‬‬

‫وقوة‪ ،‬فقاـ ومعو ستمائة من أىل ‪٧‬تد إىل تسوية ذلق‬


‫بل بعد ذلق أصبحت عنده بعض شوكة ومنعة ّ‬
‫الصرح الذي كاف يُعبد من دوف هللا‪ ،‬وىو من أشهر تلق القبور وىو قرب يُنسب إىل زيد بن ا‪٠‬تطاب ‪-‬‬
‫هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬وللن الناس يدعونو من دوف هللا‪ ،‬يستغيثوف بو‪ ،‬يذْتوف لو‪ ،‬إىل غَت ذلق من الشركيات؛‬
‫سوى غَته من القبور‪.‬‬
‫وسوى ىذا القرب ابألرض كما ّ‬
‫نلرا ‪٢‬تذا ا‪١‬تُنلر ّ‬
‫فقاـ ُم ً‬
‫تطور بو ا‪ٟ‬تاؿ إىل أعظم من ذلق يف األمر اب‪١‬تعروؼ والنهي عن ا‪١‬تنلر وا‪ٟ‬تسبة يف سبيل هللا‪ ،‬مث تطور‬
‫مث ّ‬
‫بو ا‪ٟ‬تاؿ إىل إقامة ا‪ٟ‬تدود‪ ،‬ا‪ٟ‬تدود الشرعية اليت ضيّعها كثَت من الناس‪ ،‬فلما أصبحت عنده بعض‬
‫الشوكة وكاف لو بعض األتباع من الطالب وا‪١‬تناصرين ‪٢‬تذا الدين‪ ،‬أتتو امرأة واعًتفت عنده ابلزان‪ ،‬أبهنا‬
‫ق كذا ولعلّ ِ‬
‫ق‬ ‫زنت وىي ثيب ُ‪٤‬تصنة‪ ،‬سأ‪٢‬تا مرارا وتلرارا وىي تُقر على نفسها وتشهد على نفسها‪ ،‬لعلّ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كذا‪ ..‬إال أهنا تُصر ابالعًتاؼ ابلزان وىي ُ‪٤‬تصنة‪ ،‬وح ّد ا‪١‬تحصن كما يف كتاب هللا وسنة رسوؿ هللا ‪-‬‬
‫ُ‬
‫الرجم‪ ،‬وىو من أش ّد العقوابت الشرعية‪ ،‬من أعظم ا‪ٟ‬تدود يف كتاب هللا ويف سنة رسوؿ هللا ‪-‬‬ ‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ىو ّ‬
‫الرجم؛ ‪١‬تا فعل ذلق قامت قناة العربية ابلتّأليب عليو‪ ،‬ليس كذلق ‪) :‬‬ ‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فأقاـ الشيخ عليها ح ّد ّ‬
‫وإ‪٪‬تا قاـ الناس يف ذلق العصر ابلتّأليب عليو وابلتشويش عليو‪ ،‬كيف يقيم ماذا!؟ ح ّد من حدود هللا!‬
‫‪١‬تاذا ‪٬‬تلد الناس!؟ ‪١‬تاذا يُقيم ا‪ٟ‬تدود الشرعية على من يستحق تلق ا‪ٟ‬تدود‪ !!..‬من وقع وقارؼ تلق‬
‫الذنوب!؟ فألّبوا عليو والبعض استجاب‪ ،‬فحاربوه ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪.-‬‬

‫حر ‪٧‬تد ومن عاش يف ‪٧‬تد‬ ‫ِِ‬


‫فخرج مرة أخرى إىل أين؟ إىل مدينة ال ّد ْرعيّة‪ ،‬وىي قريبة من الرايض‪ ،‬خرج يف ّ‬
‫يًتوح هبا عن حّر الشمس وىو يذكر هللا‬
‫حر ‪٧‬تد‪ ،‬ليس لديو ال ماؿ وال جاه‪ ،‬ليس لديو إال مروحة ّ‬
‫يعلم ّ‬
‫اَّللَ ََْي َعل لموُ ََمَْر ًجا}[الطالؽ‪ ،]ٖ :‬وىو بُت‬
‫مق م‬ ‫‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬كقوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬وَمن يَػت ِ‬

‫‪12‬‬
‫أيضا بدعوتو‬
‫هتليل وتلبَت وتسبيح‪ ،‬إىل أف وصل إىل الدرعية‪ ،‬ىناؾ نزؿ عند بعض أىلها‪ ،‬مث بدأ ً‬
‫واستمر ِل يلِن‪ ،‬وِل يستلُت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وِل ي ِ‬
‫عط ال ّدنيّة يف دين هللا‪ ،‬بل استمر يف دعوتو‪ ،‬استمر ابألمر‬‫ُ‬
‫أمَتا‬
‫اب‪١‬تعروؼ‪ ،‬استمر ابلنهي عن ا‪١‬تنلر‪ ،‬فلاف من ا‪١‬تُستجيبُت لدعوتو‪ :‬الشيخ دمحم بن سعود‪ ،‬وكاف ً‬
‫على تلق ا‪١‬تنطقة‪.‬‬

‫ىنا اجتمع البياف مع السلطاف‪ ،‬وعندئذ تظهر الدعوة ا‪١‬تباركة‪ ،‬كما قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫ريا}[الفرقاف‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫بلتاب يهدي وسيف ينصر)‪{ ،‬وَك َفى بِربِ َ ِ‬
‫ٍ‬
‫ك َىاد ًًي َونَص ً‬‫َّ‬ ‫َ‬ ‫هللا‪( :-‬إ‪٪‬تا كاف قواـ ىذا الدين‬
‫العز وا‪١‬تنعة‬
‫ٖٔ]‪ ،‬الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬من استقرأ سَتتو واستظهرىا يعلم ذلق؛ دعا يف ملة مث ‪١‬تا ذىب إىل دار ّ‬
‫حساف بن اثبت ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪:-‬‬
‫يف ا‪١‬تدينة‪ ،‬اشتهرت دعوتو وانتشرت بُت الناس‪ ،‬كما قاؿ ّ‬
‫وخطاب‬
‫ُ‬ ‫جانب‬
‫دىرا ٔت ّلة ِل ُ‪٬‬تَب ‪ ...‬وقد ال َف منوُ ٌ‬
‫دعا ا‪١‬تُصطفى ً‬
‫فلما دعا والسيف صلت بِ َل ّف ِو ‪ ...‬لو أسلموا واستسلموا وأانبوا‬

‫ت النماس ي ْد ُخلُو َف ِيف ِدي ِن مِ‬ ‫{إِذَا جاء نَصر مِ‬


‫اَّلل أَفْػ َو ً‬
‫اجا}[النصر‪ ،]ٕ-ٔ :‬الناس ال‬ ‫ََ‬ ‫اَّلل َوالْ َف ْت ُح‪َ ،‬وَرأَيْ َ‬ ‫َ َ ُْ‬
‫يدخلوف يف دين هللا أفواجا قبل الفتح‪ ،‬وإ‪٪‬تا بعد الفتح كما ن ّ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫فهذه ُسنّة ماضية من ُسنن هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬اللونيّة‪ ،‬وكذا اليت تُؤخذ من ابب الشرع؛ كما قاؿ‬
‫ابلسلطاف ما ال يزع ابلقرآف)‪.‬‬
‫عُثماف‪( :‬إف هللا لَيَػَزعُ ُّ‬

‫تعاىدا وتواثقا الشيخ دمحم بن عبد الوىاب مع الشيخ دمحم بن سعود ‪-‬ر‪ٛ‬تهما هللا‪ -‬على القياـ هبذه‬
‫وقوتو‪ ،‬قاؿ الشيخ دمحم بن سعود للشيخ دمحم بن‬
‫الدعوة وعلى نصر الدعوة‪ ،‬ىذا بعلمو‪ ،‬وىذا بسلطانو ّ‬
‫عز ومنعة‪ ،‬بدا ٍر ىي خَت من دارؾ‪.‬‬
‫عبد الوىاب‪ :‬أبشر بدا ِر ٍّ‬

‫ابلعز والتملُت‪.‬‬
‫فقاؿ لو الشيخ دمحم بن عبد الوىاب‪ :‬وأنت أبشر ّ‬

‫أعزه هللا‬
‫فما نصر أحد ىذه الراية (ال إلو إال هللا‪ ،‬دمحم رسوؿ هللا) وقاـ هبا خَت قياـ‪ ،‬إال نصره هللا‪ ،‬وإال ّ‬
‫عاجال وإف آجال‪ ،‬إف يف الدنيا أو اآلخرة؛ فالنصر ليس ىو ا‪١‬تادي‬
‫وأظهره هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬إف ً‬
‫فحسب‪ ،‬بل كذا الثبات على ا‪١‬تبادئ‪ ،‬الظفر اب‪ٞ‬تنة؛ ىي إما شهادة وإما ظفر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وللن استثٌت واشًتط الشيخ دمحم بن سعود على الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬فقاؿ لو‪:‬‬
‫أخشى إف أظهران هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أف تسَت إىل أرض أخرى! فقاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬‬
‫ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬بل الدـ الدـ‪ ..‬وا‪٢‬تدـ ا‪٢‬تدـ‪.‬‬

‫أصل فيها‪ ،‬حىت كاف يُعرؼ منزؿ الشيخ دمحم بن‬


‫حىت عاش طواؿ حياتو يف الدرعية‪ ،‬ودعا الناس فيها‪ ،‬و ّ‬
‫عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬بوكر التوحيد‪ ،‬كيف ذاؾ؟ كاف يف طريف النهار يتدارسوف فيو العلم الشرعي‪،‬‬
‫ويف وسط النهار يتعلّموف فيو فنوف ا‪ٟ‬ترب ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪.-‬‬

‫ودفِ َن فيها يف سنة ‪ ٕٔٓٙ‬للهجرة‪ ،‬وكاف قربه ىناؾ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬وقد‬
‫عاش يف الدرعية إىل أف مات فيها‪ُ ،‬‬
‫انىز الثنتُت والتسعُت سنة ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪.-‬‬

‫إذف ىو عاش يف الدرعية‪ ،‬واتفق مع الشيخ دمحم بن سعود ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬على إقامة دين هللا يف األرض‪ِ ،‬ل‬
‫يلتفوا ابلدعوة‪ ،‬بل هنضوا للقتاؿ وقاتلوا بعد ا‪١‬تلاتبة وا‪١‬تناصحة والدعوة إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪،-‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫حىت فتح هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬عليهم الرايض والقصيم وغَتىا‪ ،‬وفتح غَتىا من ا‪١‬تناطق‪ ،‬وىذه عُرفَت‬
‫مرت بثالث مراحل وىي‬ ‫ابلدولة السعودية األوىل؛ إذ أف الدولة السعودية تنقسم إىل ثالثة أقساـ‪ ،‬أو ّ‬
‫ثالث دوؿ وليست بدولة واحدة‪ ،‬الدولة األوىل ىذه‪ ،‬مث الدولة الثانية‪ ،‬مث الدولة السعودية الثالثة‬
‫أيضا‪ ،‬فإذف األوىل ليست كالثانية‪ ،‬والثانية ليست كاألخَتة‪ ،‬فال‬
‫قدرا ً‬
‫األخَتة؛ األخَتة زمنًا واألخَتة ً‬
‫ٮتلط البعض كما يفعل بعض الغُالة يف التلفَت‪ ،‬فيجعلوف الدولة السعودية كلها ٔترتبة واحدة منذ الدولة‬
‫األوىل اليت قامت على يد الشيخ دمحم بن عبد الوىاب وكذا الشيخ دمحم بن سعود ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬و‪٬‬تعلوهنا‬
‫ٔتنزلة ىذه األخَتة وهللا ا‪١‬تستعاف!‬
‫ُ‬
‫الشيخ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما أسلفنا عاش يف الدعوة إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ويف نصرة دين هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وٗترج على يديو اللثَت من الطالب ومن التالميذ النُّجباء‪ ،‬منهم‪ :‬أبناء الشيخ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪،-‬‬
‫وتعاىل‪ّ ،-‬‬
‫أتملوا‪ ..‬البعض يتّهم الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬أنو‬
‫علي‪ ،‬وا‪ٟ‬تُسُت‪ ،‬وا‪ٟ‬تسن‪ّ ،‬‬
‫ومن أبنائو‪ّ :‬‬
‫سميهم اب‪ٟ‬تسن وا‪ٟ‬تسُت وعلي ‪-‬مهنع هللا يضر‬
‫سمي أبنائو أب‪ٝ‬تاء آؿ البيت‪ ،‬يُ ّ‬
‫يُبغض الن وآؿ بيتو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬ىو يُ ّ‬
‫‪ٚ‬تيعا‪ ،-‬فهؤالء كانوا من تالمذة الشيخ‪ ،‬كذلق كاف ابنو إبراىيم من تالمذتو‪ ،‬كذلق كاف من تالمذة‬
‫الشيخ‪ٛ :‬تد بن انصر بن معمر ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬كذلق كاف من أشهر تالمذة الشيخ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ُ :-‬حسُت‬

‫‪14‬‬
‫أحب ذلق‪ ،‬وكذلق من تالمذتو‪ :‬الشيخ سعود بن عبد‬
‫بن غنّاـ‪ ،‬ولو تر‪ٚ‬تة لشيخو يرجع إليها من ّ‬
‫العزيز بن دمحم بن سعود ‪-‬رحم هللا ا‪ٞ‬تميع‪ ،-‬فهؤالء بعض تالمذة الشيخ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫من ُمصنّفات الشيخ ومؤلفاتو ما سنذكره بعد قليل‪ ،‬وللن نُنبّو إىل أهنا قليلة ابلنسبة ألقراف الشيخ ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫تفرغ لتأليف الرجاؿ‪ ،‬كاف يصنع الرجاؿ على عينيو ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬ ‫ِ‬
‫يتفرغ لتأليف اللتب‪ ،‬وللنو ّ‬‫هللا‪ِ ،-‬لَ؟ ألنو ِل ّ‬
‫هللا‪٬ -‬ت ّد و‪٬‬تتهد يف ذلق‪.‬‬

‫من ُمصنّفات الشيخ ومؤلفاتو ورسائلو‪( :‬كتاب التوحيد) وىو من أعظم كتب الشيخ‪ ،‬الذي ىو ّ‬
‫حق‬
‫هللا على العبيد‪ ،‬كذلق من كتب الشيخ ومصنفات الشيخ‪ :‬كتاب ( ُ‪٥‬تتصر السَتة)‪ ،‬وىو ‪٥‬تتصر للتاب‬
‫أصال كتاب اإلماـ ابن ىشاـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف السَتة‬
‫اإلماـ ابن ىشاـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬للسَتة البن ىشاـ‪ ،‬و ً‬
‫أيضا قد اختصر كتاب من؟ كتاب اإلماـ ابن إسحاؽ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا يف السَتة‪ ،‬فلتاب الشيخ دمحم بن‬
‫ىو ً‬
‫عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ىو ‪٥‬تتصر ا‪١‬تختصر‪ ،‬وىو كتاب ماتع يف اببو‪٥ ،‬تتصر سَتة الن ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫كذلق من كتبو‪٥( :‬تتصر زاد ا‪١‬تعاد) لإلماـ ابن القيم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬ومن رسائلو‪( :‬األصوؿ الثالثة)‪ ،‬ومن‬
‫رسائلو‪( :‬كشف الشبهات)‪ ،‬ومن رسائلو‪( :‬القواعد األربع)‪ ،‬ومن رسائلو‪( :‬آداب ا‪١‬تشي إىل الصالة)‪،‬‬
‫وغَتىا من الرسائل‪.‬‬

‫وكذلق من كتبو‪( :‬كتاب اللبائر)‪ ،‬يُ ِّنوه على أعظم اللبائر أو أشهر اللبائر اليت تُقًتؼ والعياذ ابهلل‪.‬‬

‫فضال عن أف يلونوا من تالمذتو ابلثناء عليو‬


‫اإلماـ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬قاـ عدد من أقرانو ً‬
‫ؤتدحو وإطرائو وتزكيتو‪ ،‬منهم وعلى رأسهم وىو من أقراف الشيخ الذين عاصروه‪ :‬اإلماـ الشوكاين ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫هللا‪ -‬صاحب (نيل األوطار)‪ ،‬كذلق اإلماـ الصنعاين ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬ومن كالمو يف الثناء على الشيخ دمحم‬
‫بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬أنو أثٌت عليو يف أبيات عديدة جاء يف مطلعها‪:‬‬

‫‪٧‬تد ‪ ...‬وإف كاف تسليمي على البُػ ْع ِد ال ُ‪٬‬تدي‬


‫‪٧‬تد ومن حل يف ِ‬
‫ّ‬
‫سالمي على ٍ‬

‫ؤرخ الزركلي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬صاحب كتاب األعالـ‪ ،‬وليس الزركشي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬وىو‬
‫كذلق أثٌت عليو ا‪١‬تُ ّ‬
‫من أئمة ا‪ٟ‬تنابلة صاحب كتاب (اإلجابة) وغَتىا من اللتب‪.‬‬

‫الزركلي إذف أثٌت عليو‪ ،‬أثٌت على الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫‪15‬‬
‫افًتي عليو‬
‫ومن تالمذة الشيخ كما أشران ساب ًقا الذين صنّفوا يف إظهار سَتة الشيخ‪ ،‬الشيخ الذي ُ‬
‫ب عليو‪ ،‬أخرجوىا انصعة للناس ىو الشيخ‪ :‬حسُت بن غنّاـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كتب يف سَتة شيخو‬ ‫ِ‬
‫وُكذ َ‬
‫الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫ىذه ُمقتطفات من سَتة الشيخ العلم ا‪١‬تج ّدد دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وىو كما أُطلق عليو‬
‫ُ‬
‫ُ‪٣‬ت ّدد القرف الثاين عشر للهجرة؛ وقد جاء يف سنن أيب داوود ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬عن رسوؿ هللا ‪-‬ﷺ‪ -‬أنو قاؿ‪:‬‬
‫(إف هللا يبعث هلذه األمة على رأس كل مائة سنة من َُي ّدد هلا دينها)‪ ،‬ومن أعظم التجديد ما يلوف‬
‫بتجديد العقيدة‪.‬‬

‫إذف نبدأ إف شاء هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف ىذه الرسالة ا‪١‬تباركة ونُشَت إشارات إىل شرحها وإىل بعض‬
‫حل بعض ألفاظها‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪16‬‬
‫نعم‪ ..‬قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪..-‬‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬ا‪ٟ‬تمد هلل رب العا‪١‬تُت‪ ،‬والصالة والسالـ على أشرؼ األنبياء وا‪١‬ترسلُت‪،‬‬

‫يقوؿ املؤلف رمحو هللا تعاىل‪:‬‬

‫(اعلم أف نواقض اإلسالـ عشرة نواقض‪ ،‬األوؿ‪ :‬الشرؾ يف عبادة هللا‪ ،‬قاؿ هللا تعاىل‪:‬‬
‫شاءُ }[النساء‪ ،]ٔٔٙ :‬وقاؿ تعاىل‪:‬‬ ‫ك لِ َم ْن يَ َ‬ ‫اَّللَ َال يَػ ْغ ِف ُر أَ ْف يُ ْش َر َؾ بِ ِو َويَػ ْغ ِف ُر َما ُدو َف َذلِ َ‬
‫{إِ مف م‬
‫ني ِم ْن‬ ‫ِ ِ‬
‫مار ۖ َوَما للظمال ِم َ‬
‫َّلل فَػ َق ْد ح مرـ م ِ‬
‫اَّللُ َعلَْيو ا ْْلَنمةَ َوَمأ َْواهُ الن ُ‬ ‫َ َ‬
‫{إِنمو من ي ْش ِر ْؾ ِِب مِ‬
‫َُْ ُ‬
‫صا ٍر}[ا‪١‬تائدة‪ ،]ٕٚ :‬ومنو الذبح لغري هللا‪ ،‬كمن يذبح للجن أو للقرب)‪.‬‬
‫أَنْ َ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ..‬سبق وأف تللمنا يف مسألة حصر النواقض يف ىذه العشرة ٔتا يُغٍت عن إعادتو ىا ىنا‪.‬‬

‫الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬رمحو هللا‪ -‬بدأ هبذا الناقض العظيم من نواقض اإلسالـ‪ ،‬وىو على‬
‫رأس النواقض وىو‪ :‬الشرؾ ِبهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫(أي‬
‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪١ -‬تا ُسئل من حديث عبد هللا بن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬كما جاء يف الصحيحُت‪ُّ :‬‬
‫ال ّذ ِ‬
‫نب أعظم؟) عند من؟ عند هللا‪ ..‬ألف ىناؾ بعض الناس ّ‬
‫يتصور بعض الذنوب ىي أعظم الذنوب‪،‬‬
‫يتنزه عن السرقة وىذا أمر ‪٤‬تمود‪ ،‬عن الراب وىذا أمر‬
‫وللن يغفل عن الشرؾ ابهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ّ ،-‬‬
‫يتنزه عن الزان وىذا أمر ‪٤‬تمود‪ ،‬للنو يتوغّل يف اإلشراؾ ابهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وىو أعظم ذنب‬
‫‪٤‬تمود‪ّ ،‬‬
‫ندا وىو‬ ‫ِ‬
‫الذنب أعظم عند هللا؟ قاؿ ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ :-‬أف جتعل هلل ًّ‬ ‫أي‬
‫عُصي هللا بو‪١ ،‬تا ُسئل الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ُّ ( -‬‬
‫خلقك) ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫هللا خلقق ورزقق و‪ٛ‬تاؾ وأحياؾ‪ ،‬مث ىذا اإلنساف يُشرؾ مع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫‪17‬‬
‫والشرؾ ينقسم إىل أقساـ عديدة وتقسيمات عديدة أيضا‪ ،‬من تلك التقسيمات‪:‬‬

‫إذا نظران من انحية الشرؾ ىل ىو مما يتعلق بتوحيد الربوبية‪ ،‬الذي يُناقض توحيد الربوبية‪ ،‬أو الذي‬
‫يُناقض توحيد األلوىية‪ ،‬أو توحيد األمساء والصفات‪ ،‬ىذا تقسيم؛ ً‬
‫فمثال‪:‬‬

‫اندرا يف الناس‪ ،‬أغلب ا‪٠‬تلق الذين‬


‫لو أتينا إىل من يُشرؾ يف توحيد الربوبية ‪٧‬تده أو ‪٧‬تد ىذا الشرؾ ً‬
‫تلبّسوا ابلشرؾ ابهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ِ -‬ل ي ُلن شركهم من ابب اإلشراؾ بربوبية هللا تعاىل‪ ،‬وإ‪٪‬تا كاف من‬
‫أبواب أخرى؛ يف األلوىية و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬أما يف الربوبية فهم يؤمنوف ابهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أبنو ىو ا‪٠‬تالق‬
‫الرازؽ ا‪١‬تحيي ا‪١‬تميت ا‪١‬تدبّر ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َنظ ْرِن إِ َ ٰىل يَػ ْوِـ‬
‫ب فَأ ِ‬
‫اؿ َر ِّ‬
‫إبليس ‪-‬أعاذان هللا وإايكم منو‪ ،-‬قاؿ هللا ‪-‬تبارؾ وتعاىل‪ -‬عنو أنو قاؿ‪{ :‬قَ َ‬

‫يػُْبػ َعثُو َف}[ا‪ٟ‬تجر‪]ٖٙ :‬؛ فهو دعا هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وقاؿ ماذا؟ (قاؿ ِّ‬
‫رب) أثبت الربوبية هلل ‪-‬عز‬
‫وجل‪-‬؛ فشرؾ إبليس ِل ي ُلن يف ابب الربوبية‪ ،‬ىو يعلم أف هللا ىو الرب‪ ،‬أنو ىو ا‪٠‬تالق‪ ،‬الرازؽ‪ ،‬ا‪١‬تحيي‪،‬‬
‫ُ‬
‫شرع‪ ،‬ا‪ٟ‬ت َلم‪ ،‬ا‪ٟ‬تاكم وحده ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وللن كاف كفر إبليس وشرؾ إبليس من‬ ‫ا‪١‬تُميت‪ ،‬ا‪١‬تُ ّ‬
‫اب أخرى‪.‬‬ ‫أبو ٍ‬

‫تجرب الطاغية‪ ،‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أخرب عنو وعن قومو‪ ،‬ماذا قالوا؟ { َو َج َح ُدوا‬ ‫فرعوف ىذا ا‪١‬تُ ّ‬
‫س ُه ْم ظُل ًْما َو ُعلُ ًّوا}[النمل‪]ٔٗ :‬؛ فهم يف قرارة أنفسهم ‪-‬فرعوف ومن معو‪ ،-‬يعلموف‬ ‫ِهبَا َو ْ‬
‫استَػ ْيػ َقنَػ ْتػ َها أَن ُف ُ‬
‫أف هللا ىو ا‪٠‬تالق‪ ،‬الرازؽ‪ ،‬أف هللا ىو الرب ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬؛ إذف فما كاف اإلشراؾ أو الشرؾ الذي‬
‫استقالال‪ ،‬وإ‪٪‬تا كاف من أبو ٍ‬
‫اب أخرى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقع فيو فرعوف ومن معو من ىذا القبيل‬

‫كذلق ا‪١‬تشركوف الذين بُعِ َ‬


‫ث إليهم الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬الذين جاىدىم الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬الذين قاتلهم الن ‪-‬‬
‫{ولَئِن‬
‫استقالال َ‬
‫ً‬ ‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬أصاب منهم وأصابوا منو‪ ،‬ما كانوا يلفروف بربوبية هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫اَّلل ۖ قُ ِل ا ْْلم ُد ِمِ‬ ‫سأَلْتَػهم من َخلَ َق ال م ِ‬
‫َّلل}[لقماف‪]ٕ٘ :‬؛ فهم يعًتفوف ويوقنوف‬ ‫َْ‬ ‫ض لَيَػ ُقولُ من مُ‬
‫س َم َاوات َو ْاأل َْر َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫ويعلموف أف هللا ىو الرب ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وللنهم يُشركوف يف أبواب األلوىية‪ ،‬يف ابب العبادة مع هللا‬
‫ُّسق‪ ،‬سواء منها ما يتعلق‬
‫‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬يصرفوف أنواع العبادة لغَت هللا سواء منها ما يتعلق ابلن ُ‬
‫ابلوالء والرباء‪ ،‬ما يتعلق اب‪ٟ‬تلم والقضاء‪ ...‬إىل غَت ذلق‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫بل حىت اليهود كما أخرب هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أهنم {يَػ ْع ِرفُونَوُ َك َما يَػ ْع ِرفُو َف أَبْػنَ َ‬
‫اء ُى ْم}[البقرة‪]ٔٗٙ :‬؛‬
‫هلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وللن‬ ‫يعرفوف مصداؽ الن –ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وما جاء بو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬من التوحيد ا‪٠‬تال‬
‫كاف إشراكهم من ابب ماذا؟ من ابب األلوىية‪ ،‬من ابب العبادة‪.‬‬

‫مثال‪ ،‬يُشركوهنم يف ماذا؟ يف‬


‫مثال‪ ،‬النصارى يُشركوف مع هللا كعيسى ً‬
‫اليهود يُشركوف مع هللا َكعُزير ً‬
‫الرىباف إىل غَت ذلق كما ق ّ وأخرب هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أخربان‬ ‫العبادة‪ ،‬وكذلق يُشركوف األحبار و ُّ‬
‫يح ابْ َن َم ْرََيَ َوَما أ ُِم ُروا إِال لِيَػ ْعبُ ُدوا إِ َهلًا‬ ‫ِ‬ ‫وف مِ‬
‫اَّلل َوال َْمس َ‬
‫{اختَ ُذوا أَحبارُىم ورْىبانَػهم أَرِبِب ِمن ُد ِ‬
‫ْ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َْ ً ْ‬
‫عنهم‪ :‬م‬
‫اح ًدا ال إِلَوَ إِال ُى َو ُس ْب َحانَوُ َع مما يُ ْش ِرُكو َف}[التوبة‪ّ ،]ٖٔ :‬نزه هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬نفسو العليّة عن‬ ‫وِ‬
‫َ‬
‫اإلشراؾ يف ابب ماذا؟ يف ابب التّشريع؛ ىم ‪١‬تا عبدوا الرىباف واألحبار عبدوىم يف ماذا؟ يف ابب ا‪ٟ‬تلم‬
‫والتشريع والقضاء‪ ،‬كما جاء يف حديث عدي الذي رواه اإلماـ الًتمذي ورواه ابن جرير وابن عبد الرب‬
‫ورواه غَتىم‪.‬‬

‫ُّسق والصالة والدعاء إىل غَت ذلق‪.‬‬


‫وأشركوا مع هللا بعيسى يف ابب ماذا؟ يف ابب العبادة والن ُ‬
‫فاهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ّ -‬نزه نفسو عن ىذا الشرؾ وعن ذاؾ الشرؾ‪ ،‬للن ىذه األبواب كلها متعلقة‬
‫ٔتاذا؟ بتوحيد األلوىية‪.‬‬

‫أما توحيد الربوبية كما أسلفنا ِل ينقضو إال قليل من الناس‪ ،‬من أراذؿ الناس كمن يُعرفوف ابل ّدىريُت‪ ،‬أو‬
‫ابلشيوعيُت يف ىذا العصر‪ ،‬الشيوعيوف ال يُؤمنوف اب‪٠‬تالق ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬يُنلروف وجود هللا ‪-‬‬
‫ّ‬
‫سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وىؤالء من أخبث أنواع اللفار وأقساـ اللفار وأقساـ ا‪١‬تشركُت؛ إذ أهنم ِل ٮتالفوا‬
‫أيضا العقل وخالفوا الفطرة‪ ،‬إىل غَت ذلق‪.‬‬
‫النصوص الشرعية‪ ،‬بل خالفوا ً‬

‫فيما روي عن اإلماـ أيب حنيفة ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪١ -‬تا تواعد مع بعض أولئق الذين يُنلروف وجود هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪ ،-‬ينلروف وجود ا‪٠‬تالق ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬أف يتناظر معو يف اليوـ اآلخر‪ ،‬تواعد معو واتفقا على‬
‫أخرؾ؟ ويقوؿ لعامة ا‪١‬تسلمُت انظروا إىل‬
‫موعد معُت‪ ،‬فتأخر اإلماـ عن ذلق ا‪١‬توعد‪ ،‬فلما أتى قاؿ ما ّ‬
‫شيخلم أيب حنيفة كيف ّفر وخاؼ من ‪٣‬تاهبيت ومن ‪٤‬تاوريت ومن مناظريت‪ ،‬إىل غَت ذلق‪..‬‬

‫فقاؿ اإلماـ أبو حنيفة ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬كنت يف الش ِّ‬


‫ط اآلخر من النهر‪ ،‬فأردت أف آيت إليق‪ ،‬انتظرت قارًاب‬
‫أيت‪ ،‬أتخرت وأان يف االنتظار وأان على تلق ا‪ٟ‬تاؿ وإذا ابلشجرة وأبغصاهنا تتقطع لوحدىا‪ ..‬ىلذا‪،‬‬ ‫ِل ِ‬

‫‪19‬‬
‫مث تنضم كل خشبة إىل أختها‪ ،‬مث أتيت ا‪١‬تسامَت لوحدىا‪ ..‬سبحاف هللا! وا‪ٟ‬تباؿ‪ ،‬وتلتف‪ ،‬وتُضرب‬
‫ا‪١‬تسامَت‪ ،‬مث تُصنع اجملاديف‪ ،‬مث أتيت على ىذا القارب الذي حدث ىلذا‪ ،‬وىذا من األمور اليت‬
‫ؼ لوحده وأوصلٍت إىل الش ِّ‬
‫ط اآلخر من النهر‪ ،‬فهذا كاف سبب‬ ‫عجبت منها! وأتيت وركبت عليو وج ّد َ‬
‫أتخري عن ا‪١‬تناظرة‪.‬‬

‫يتلوف لوحده‪ ،‬ويُصنع لوحده!؟‬


‫قاؿ‪ :‬انظروا إىل شيخلم الل ّذاب‪ ،‬كيف يلذب! كيف يُعقل أف قارًاب ّ‬
‫صغَتا يُصنع لوحده‪ ،‬وتُص ّدؽ وتزعم أف‬
‫فقاؿ اإلماـ أبو حنيفة ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬عجبًا! ال تُص ّدؽ أف قارًاب ً‬
‫ىذا اللوف أبرضو و‪ٝ‬تاه وابلبحار واألهنار واألشجار‪ ...‬كلو حصل لوحده ىلذا!!؟ فَػبُ ِه َ‬
‫ت الذي كفر‪.‬‬

‫إذف إنلار وجود هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وإنلار ا‪٠‬تالق ال يقع فيو وال يتورط فيو إال من انسلخت منو‬
‫الفطرة‪ ،‬إال من فقد عقلو‪ ،‬إذف فهذا ما يتعلق ابلشرؾ من انحية أنو يُناقض لتوحيد الربوبية‪.‬‬

‫وكما أسلفنا ىناؾ ما يُناقض توحيد األلوىية‪ ،‬وىناؾ ما يُناقض توحيد األ‪ٝ‬تاء والصفات‪.‬‬

‫مث ذكر الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬رمحو هللا‪ -‬بعض صور ىذا الشرؾ‪ ،‬قاؿ‪ :‬ومنو الذبح لغَت هللا‪،‬‬
‫كمن يذبح للجن أو للقرب‪ ،‬أو لنحو ذلق‪ ،‬فهذه بعض صور األمور الشركية‪٦ ،‬تا يؤدي بنا إىل أف نقوؿ‪:‬‬
‫أيضا ينقسم أو يُق ّسم إىل أقساـ من انحية أخرى وىي أف‪:‬‬
‫أف الشرؾ ً‬

‫الشرؾ ينقسم إىل‪ :‬شرؾ أكرب‪ ،‬وإىل شرؾ أصغر‪.‬‬

‫فالشرؾ األكرب ىو املُخرج من امللّة‪ ،‬كما ذكر الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬منو‪ :‬الذبح لغَت‬
‫هللا‪ ،‬منو‪ :‬ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬منو‪ :‬دعاء غَت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فيما ال يقدر عليو إال هللا‪،‬‬
‫وىلذا أصناؼ كثَتة ولعل أكثر ىذه األصناؼ سيمر معنا إف شاء هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫للن ىذه من أي قبيل؟ من أي قسم؟ أىو من الشرؾ األكرب أو من الشرؾ األصغر؟ ىو من الشرؾ‬
‫األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلّة ‪-‬أعاذان هللا وإايكم منو‪.-‬‬
‫ُ‬
‫ىناؾ الشرؾ األصغر الذي ال ُُيرج من امللة‪ ،‬منو على سبيل ا‪١‬تثاؿ‪ :‬ا‪ٟ‬تلف بغَت هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪ ،-‬ما ِل يُع ِظّم ا‪ٟ‬تالف بو‪ ،‬كما الن –ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فيما رواه اإلماـ أ‪ٛ‬تد‪( :‬من حلف بغري هللا فقد‬
‫كفر) أو (أشرؾ) يف بعض الرواايت من حديث ابن عمر ‪-‬رضي هللا عنهما‪.-‬‬

‫‪21‬‬
‫إذف‪ ،‬ىذا من قبيل الشرؾ األصغر الذي ال ُٮترج بصاحبو من ا‪١‬تلة‪.‬‬

‫كذلق يسَت الرايء‪ ،‬ىو من الشرؾ األصغر كما قاؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فيما رواه اإلماـ أ‪ٛ‬تد أيضا‪( :‬إ ّف‬

‫أخوؼ ما أخاؼ عليكم الشرؾ األصغر) مث قاؿ الن –ﷺ‪ -‬يف تعريفو‪( :‬الرًيء)‪ ،‬و ً‬
‫أيضا يُسمى الرايء‬
‫ابلشرؾ ا‪٠‬تفي‪.‬‬

‫فإذف تقسيمات الشرؾ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الشرؾ الذي يُناقض الربوبية واأللوىية‪.‬‬


‫ً‬

‫اثنيًا‪ :‬الشرؾ من حيث ىو أكرب أـ أصغر‪.‬‬

‫اثلثًا‪ :‬الشرؾ من حيث ىو ظاىر أـ خفي‪.‬‬

‫الرًيء من الشرؾ اخلفي‪ ،‬كما جاء عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف تسميتو بذلق‪ ،‬تسمية الرايء ابلشرؾ‬
‫ا‪٠‬تفي‪.‬‬

‫فهناؾ من أقساـ الشرؾ ما ىو ظاىر‪ :‬كاالستغاثة بغَت هللا‪ ،‬كاالستعانة بغَت هللا فيما ال يقدر عليو إال‬
‫هللا‪.‬‬

‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ يف السورة اليت ال تصح صالة إنساف إال هبا‪{ :‬إِ مًي َؾ نَػ ْعبُ ُد َوإِ مًي َؾ‬
‫ني}[الفاٖتة‪ ،]٘ :‬أي‪ :‬ال نستعُت إال بق‪ ،‬وال نعبد إال ّإايؾ‪ ،‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬قُ ْل إِ مف‬ ‫ِ‬
‫نَ ْستَع ُ‬
‫ِِ‬ ‫ص َالِت ونُ ِ‬
‫يق لَوُ}[األنعاـ‪ ،]ٖٔٙ -ٕٔٙ :‬هللا –سبحانو‬ ‫ني‪ ،‬الَ َش ِر َ‬ ‫ب ال َْعالَ ِم َ‬
‫اي َوممََ ِات مَّلل َر ِّ‬
‫سكي َوََْميَ َ‬
‫َ َ ُ‬
‫ص ِّل لَِربِّ َ‬
‫ك َو ْاْنَ ْر}[اللوثر‪.]ٕ :‬‬ ‫وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬فَ َ‬

‫وحد هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف التوحيد بسائر أقسامو‪ ،‬و٭تذر ا‪١‬تسلم من أف يرتلب ىذا الناقض‬
‫إذف‪ ،‬نُ ّ‬
‫العظيم وىو الشرؾ ابهلل يف كافة صوره وأشلالو‪.‬‬

‫فإذف خنلُص إىل ىذه الفائدة يف تقسيم الشرؾ إىل ىذه األقساـ‪ ،‬وكل ىذه األقساـ تندرج حتت‬
‫الناقض األوؿ من نواقض اإلسالـ العشرة وىو‪ :‬الشرؾ ِبهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬وجزاكم هللا خَتا‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ىناؾ أسئلة لبعض اإلخوة‪ ،‬أنخذ أىم ىذه األسئلة ال سيما اليت تتعلق بدرس الليلة‪..‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ما مشروعية إقامة اْلدود الشرعية يف ظل غياب سلطاف الشريعة وويل األمر‬
‫الشرعي؟‬

‫اإلجابة‪ً :‬‬
‫طبعا ىذه ا‪١‬تسألة تطوؿ وإجاابتنا بُت األذانُت‪ ،‬فنحن ‪٩‬تتصر االختصار ا‪١‬تفيد الذي ىو كما‬
‫قل وخل)‪ ..‬إف شاء هللا‪.‬‬
‫قل ودؿ ال ما ّ‬
‫قاؿ ا‪ٞ‬تاحظ ‪-‬إف شاء هللا‪( :-‬خَت اللالـ ما ّ‬
‫شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ذكر أف ا‪ٞ‬تماعة ذات الشوكة ‪٢‬تا أف تُقيم ا‪ٟ‬تدود‪ ،‬وإف غاب‬
‫سلطاف الشرع اللامل‪ ،‬إف غاب اإلماـ األعظم‪ ،‬إف غاب الوايل؛ فإذا ٘ت ّلنت ‪٣‬تموعة عندىا شوكة من‬
‫وطبعا تعلموف أف ا‪ٞ‬تماعات‪ ،‬ونعٍت اب‪ٞ‬تماعة‪ :‬ىي إذا انضم شخ‬
‫إقامة ا‪ٟ‬تدود الشرعية‪ ،‬فلها ذلق‪ً ،‬‬
‫تتلوف ‪ٚ‬تاعة و‪٣‬تموعة من الناس‪ ،‬إذا ِل ت ُلن ‪٢‬تم طاقة وقوة كافية ‪٢‬تذا ا‪١‬تنصب‬
‫إىل شخ ‪ّ ،‬‬ ‫إىل شخ‬
‫ا‪ٞ‬تليل من مناصب الشرع‪ ،‬أال وىو إقامة ا‪ٟ‬تدود الشرعية أبقسامها‪ :‬منها ا‪ٟ‬تدود‪ ،‬ومنها التعزير‪ ،‬ومنها‬
‫تستطع ذلق أف تلوف ‪ٚ‬تاعة حسبويّة يف األمر اب‪١‬تعروؼ والنهي عن‬ ‫القصاص‪ ،‬فال تعدو إذف إف ِل ِ‬

‫ا‪١‬تنلر‪ ،‬ومن األمر اب‪١‬تعروؼ والنهي عن ا‪١‬تنلر تغيَت ا‪١‬تنلرات ابليد‪ ،‬كما قاؿ الن –ﷺ‪( :-‬من رأى‬
‫أضعف اإلمياف) كما‬
‫ُ‬ ‫يستطع فَبِلِسانو‪ ،‬فإف مل ِ‬
‫يستطع فَبِ َقلبِ ِو وذلك‬ ‫منكم منكرا فَليغريهُ بيده‪ ،‬فإف مل ِ‬
‫ً ُّ‬
‫روى ذلق البخاري ومسلم من حديث أيب سعيد ا‪٠‬تدري ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪.-‬‬

‫وقوة كافية فلها أف تُقيم ا‪ٟ‬تدود‪ ،‬إف ِل ي ُلن ذلق فتلتفي اب‪ٟ‬تسبة وابألمر‬
‫إذف إذا كانت ‪٢‬تا شوكة ّ‬
‫صوره‪ ،‬ومن صوره األمر اب‪١‬تعروؼ والنهي عن ا‪١‬تنلر ابليد‪.‬‬
‫اب‪١‬تعروؼ والنهي عن ا‪١‬تنلر بلل ُ‬

‫ىنا يقوؿ السائل‪ :‬أليس التشريع واْلكم من صفات الربوبية؟‬

‫ٮتل ابأللوىية‪ ،‬وأشران إىل مسألة اإلشراؾ‬ ‫اإلجابة‪٨ :‬تن ذكران الشرؾ الذي ّ‬
‫ٮتل ابلربوبية والشرؾ الذي ّ‬
‫مثال‪ ،‬فنحن نعٍت بذلق الفعل نفسو‪ ،‬أف يُشرؾ مع هللا‬
‫الذي ُٮتل ابأللوىية وذكران منو ا‪ٟ‬تلم والتشريع ً‬
‫يف العبادة وليس يف صفة من صفات هللا‪ ،‬كيف ذلق؟‬

‫‪22‬‬
‫نقوؿ‪ :‬إف الشرؾ يف اْلكم والقضاء والتشريع ينقسم إىل قسمني‪ ،‬األوؿ‪ :‬أف ي ّدعي لنفسو أنو ىو‬
‫املُ ِّ‬
‫شرع‪ ،‬ي ّدعي التشريع املُطلق من دوف هللا‪ ،‬ال ُمطلق التشريع من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪،-‬‬
‫يتوالىا فالف وفالف وفالف‪ ..‬اجمللس فالف واجمللس فالف واجمللس فالف‪..‬‬
‫يقوؿ السلطة التشريعية ّ‬
‫فهذا قد انزع هللا يف خاصية من خصائص الربوبية‪ ،‬ىذا كالذي يقوؿ ماذا؟ {أ ََان َربُّ ُك ُم‬
‫األَ ْعلَى}[النازعات‪ ،]ٕ٘ :‬كالذي ي ّدعي ا‪٠‬تلق من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬فرعوف ّادعى ا‪٠‬تلق من‬
‫دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬الدجاؿ ي ّدعي ا‪٠‬تلق من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬هللا ‪-‬سبحانو‬

‫ب ال َْعالَ ِم َ‬
‫ني}[األعراؼ‪]٘ٗ :‬؛ إذف هللا كما لو ا‪٠‬تلق‬ ‫ْق َو ْاأل َْم ُر تَػبَ َار َؾ م‬
‫اَّللُ َر ُّ‬ ‫وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬أ ََال لَوُ ْ‬
‫اخلَل ُ‬
‫كذلق لو األمر وىو التشريع وا‪ٟ‬تُلم‪ ،‬فالذي ي ّدعي لنفسو أو لغَته خاصية التشريع من دوف هللا‪ ،‬فهو‬
‫قد أشرؾ يف الربوبية‪ ،‬كالذي ي ّدعي ا‪٠‬تلق لنفسو أو لغَته من دوف هللا‪ ،‬ىو أشرؾ يف الربوبية‪.‬‬

‫شرع من دوف هللا‪ ،‬ىو حيكم بغري ما أنزؿ هللا‪ ،‬لكنو مل ي ّد ِع‬
‫القسم الثان الذي لرّّبا أشران إليو‪ :‬ىو يُ ّ‬
‫أخل‬
‫التشريع املُطلق من دوف هللا‪ ،‬مل ي ّد ِع ىذه اخلاصية اليت ىي من خصائص الربوبية؛ إذف فهذا ّ‬
‫بتوحيد األلوىية‪ ،‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬وال ي ْش ِر ْؾ بِ ِعب َ ِ ِ‬
‫ادة َربِّو أ َ‬
‫َح ًدا}[اللهف‪ ،]ٔٔٓ :‬كذلق‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِِ‬
‫يقوؿ‪َ { :‬وَال يُ ْش ِر ُؾ ِيف ُح ْكمو أ َ‬
‫َح ًدا}[اللهف‪]ٕٙ :‬؛ فاإلشراؾ ابهلل يف ُحلْمو كاإلشراؾ ابهلل يف عبادتو‪،‬‬
‫كما قاؿ الشيخ العالمة دمحم األمُت الشنقيطي كما يف (أضواء البياف)‪.‬‬

‫ٮتل بتوحيد األلوىية‪ ،‬ىو‬


‫إذف فهذا شرؾ وىذا شرؾ‪ ،‬وىنا الشرؾ الذي نعٍت بو الذي سبق وأف أشران أنو ّ‬
‫شرع من دوف هللا بغَت ما أنزؿ هللا‪.‬‬
‫الذي ما لو ٭تلم حاكم دوف أف يُ ّ‬
‫وسنأيت على تطرؽ وذكر ذلق إف شاء هللا يف الناقض الرابع إف شاء هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫أخل ابلربوبية ‪-‬والعياذ ابهلل‪.-‬‬


‫الربوبية فهو قد ّ‬ ‫أما الذي ي ّدعي ىذه ا‪٠‬تاصية من خصائ‬

‫سؤاؿ‪ :‬ىناؾ من يظن أف الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬رمحو هللا‪ -‬تكلم يف شرؾ القبور فق‪...‬‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ‪ِ :‬ل يتللم يف شرؾ القبور فقط‪ ،‬وإ‪٪‬تا تللم يف شرؾ القصور‪ ،‬شرؾ الدستور‪ ،‬إىل غَته‪..‬‬

‫‪23‬‬
‫مثال كما يف آخر (األصوؿ الثالثة)‪( :‬والطواغيت كثَتوف –ويف نسخة‪ُ :‬كثُر أو كثَتة‪ -‬قاؿ‪:‬‬
‫ومن أقوالو ً‬
‫ورؤوسهم ‪ٜ‬تسة‪ :‬إبليس لعنو هللا‪ ،‬ومن عُبِ َد من دوف هللا وىو ر ٍ‬
‫اض‪ ،‬ومن دعا الناس إىل عبادة نفسو‪،‬‬
‫ومن ّادعى شيئًا من علم الغيب‪ ،‬ومن حلم بغَت ما أنزؿ هللا) فجعلو من رؤوس الطواغيت وليس من‬
‫كرر ذلق يف كثَت من أقوالو ٕتدوهنا يف (الدرر السنية)‪ ،‬وسيأيت معنا يف الناقض الرابع‬
‫عامة الطواغيت‪ ،‬و ّ‬
‫إف شاء هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ذكر ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫وللن كثُر اللالـ وكثرت الرواايت عنو والنقوؿ عنو يف ابب شرؾ القبور ِِلَ؟ ألننا كما أسلفنا آنفا أنو‬
‫كاف يتللم يف أعظم مصائب عصره اليت انتشرت واشتهرت يف عصره وىي شرؾ القبور‪ ،‬دعاء األموات‬
‫من دوف هللا‪ ،‬االستغاثة هبم من دوف هللا‪ ،‬الطواؼ على قبورىم‪ ،‬النذر ‪٢‬تم‪ ،‬الذبح ‪٢‬تم إىل غَت ذلق؛‬
‫فلاف أكثر كالمو ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬عن ىذه األمور‪ ،‬كما أف أكثر كالـ اإلماـ أ‪ٛ‬تد ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬عن مسائل‬
‫القوؿ ٓتلق القرآف والرد على تلق الفتنة وأتصيل ىذه ا‪ٞ‬توانب؛ فإذف ال ِ‬
‫أيت شخ اليوـ ويقوؿ اإلماـ‬
‫أ‪ٛ‬تد بن حنبل ِل يتللم عن شرؾ القبور‪ ،‬ىو تللم فقط يف مسألة كالـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ !!-‬ال‬
‫يُسلّم لو بذلق‪ِِ ،‬لَ؟ ألف ىذه ىي فتنة عصره اليت انتشرت فلانت أكثر الرواايت عنو وأكثر أقوالو ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫هللا‪ -‬يف ىذا الباب ليُعاجل ىذا ا‪١‬ترض الذي اشتهر يف زمانو‪.‬‬

‫كذلق يُقاؿ يف شيخ اإلسالـ أكثر كالمو عن أبواب األ‪ٝ‬تاء والصفات؛ ألف ا‪١‬تبتدعة يف زمنو انتشروا‬
‫ُ‬
‫واشتهروا وظهرت أقوا‪٢‬تم يف ىذه األبواب‪ ،‬فتص ّدى ‪٢‬تم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬فال يُقاؿ أنو ِل يتللّم يف أبواب‬
‫شرؾ القبور أو يف غَتىا من أنواع الشرؾ وتللم فقط يف ابب األ‪ٝ‬تاء والصفات فقط! ال يُقاؿ ذلق بل‬
‫أوال‪ ،‬مث‬
‫نعم أكثر كالمو يف ذلق‪ ،‬إذ أنو يُعاجل ما كاف عليو قومو؛ وىلذا األنبياء يدعوف الناس للتوحيد ً‬
‫يُعا‪ٞ‬توف ما عندىم‪ٕ ،‬تدوف بعض األنبياء يذكر لقومو مسائل البيع والشراء وا‪١‬تلياؿ و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬شعيب‬
‫‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا وعليو السالـ‪ -‬وبعض األنبياء يُرّكز على مسائل أخرى‪ ،‬وىلذا يف فتنة العصر يتللموف ‪-‬‬
‫ر‪ٛ‬تهم هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫‪24‬‬
‫ضا مما يُسأؿ عنو‪ :‬مسألة عيسى ‪-‬عليو السالـ‪ ،-‬النصارى يتشبثوف بشبهة ماذا؟ أف أىل السنة‬
‫وأي ً‬
‫وأىل اإلسالـ يقولوف أف القرآف كالـ هللا ليس ّبخلوؽ‪ ،‬والنصارى يقولوف أنتم تعرتفوف أيها‬
‫املسلموف أبف عيسى كلمة هللا‪ ،‬فإذف ىو ليس ّبخلوؽ!‬

‫اإلجابة‪ :‬ىذه بدعة أو ُشبهة ُمل ّفرة من ُشبَو النصارى‪ ،‬سبق أف أجبنا عليها‪ ،‬وللننا نقوؿ‪ً :‬‬
‫أوال إف‬
‫عيسى خلقو هللا بللمتو‪ُ ،‬خ ّ هبذه التسمية أنو (كلمة هللا)‪ ،‬أي‪ :‬خلقو بللمتو ليس كعادة البشر أهنم‬
‫ٮتلقهم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬إف كانوا من اإلنس من ماء الرجاؿ ومن أصالب الرجاؿ‪ ،‬وإف كانوا من‬
‫وخلق آدـ‬
‫ا‪ٞ‬تن كما جاء يف صحيح مسلم أف الن ‪-‬ﷺ‪ -‬ذكر أهنم ُخلقوا من انر‪ ،‬وا‪١‬تالئلة من نور‪ُ ،‬‬
‫‪٦‬تا ذُكَِر للم‪.‬‬

‫فإذف خلقو هللا بللمتو أي‪ :‬قاؿ لو ُكن فَلاف؛ فلالـ هللا شيء الذي ىو ليس ٔتخلوؽ‪ ،‬وخلق هللا شيء‬
‫إىل أف ما أُضيف إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قد يلوف من ابب إضافة الصفة‬ ‫آخر‪ ،‬وننتهي و‪٩‬تل‬
‫للموصوؼ؛ َك َس ْمع هللا‪ ،‬بَصر هللا‪ ،‬نعم ىذه الصفات صفات هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ليس ٔتخلوقة‪ ،‬وقد‬
‫تلوف من ابب اإلضافة التشريفية‪ ،‬كأف يُقاؿ‪ :‬بيت هللا‪ ..‬ىل بيت هللا ‪٥‬تلوؽ؟ أو ليس ٔتخلوؽ؟ ‪٥‬تلوؽ‪،‬‬
‫ىذه إضافة تشريفية‪ ،‬كأف يُقاؿ‪ :‬انقة هللا‪ ..‬ىل انقة هللا ‪٥‬تلوقة أو ليست ٔتخلوقة؟ ‪٥‬تلوقة وللن ىذه‬
‫إضافة تشريفية‪ ،‬كذلق إذا قيل عن عيسى (كلمة هللا) ىذه إضافة تشريفية وليست إضافة صفة‬
‫‪١‬توصوؼ‪.‬‬

‫وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬وجزاكم هللا خَتا‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الدرس الثان‬

‫ذؿ من عصاه‪ ،‬والصالة والسالـ على نبيّو‬ ‫عز من أطاعو‪ُ ،‬م ّ‬


‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬ا‪ٟ‬تمد هلل ُم ّ‬
‫ومصطفاه‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫ُ‬

‫فقد ُكنّا تللّمنا البارحة بفضل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬عن نواقض اإلسالـ‪ ،‬وعن تعداد تلق النواقض‪،‬‬
‫وعن بعض الشروحات اليت ُو ِض َعت على ىذا ا‪١‬تنت القصَت يف حجمو اللبَت العظيم يف مضمونو‪ ،‬مث‬
‫عرجنا على شيء من سَتة ىذا اإلماـ الشيخ ا‪١‬تج ّدد دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ال سيّما يف ظل‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫تلق الظروؼ اليت ىيّأت األقزاـ ليتطاولوا على أولئق األعالـ‪ ،‬وانفحنا عنو ودافعنا عنو وذببنا عنو ٔتا‬
‫يسر هللا ‪ُ -‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬
‫ّ‬
‫وعمت بُت كثَت ‪٦‬تن ي ّدعي‬
‫مث شرعنا فبدأان وإايكم يف الناقض األوؿ من ىذه النواقض اليت انتشرت ّ‬
‫اإلسالـ‪ ،‬وىا ‪٨‬تن وإايكم يف ىذه الليلة بعوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬نبدأ ونتحدث حوؿ ما جاء عن‬
‫بعض ىاتيق النواقض‪ ،‬فنبدأ بعوف هللا من الناقض الثاين‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫قاؿ الشيخ َمم ُد بن عبد الوىاب ‪-‬رمحو هللا تعاىل‪ -‬يف رسالة نواقض اإلسالـ‪:‬‬

‫(الناقض الثان‪ :‬من جعل بينو وبني هللا وسائ‪ .‬يدعوىم ويسأهلم الشفاعة ويتوّكل عليهم‬
‫َك َف َر إمجاعا)‪.‬‬

‫*الشيخ‪ :‬ابرؾ هللا فيق‪..‬‬

‫‪٤‬تمد ابلرفع؛ ألنو الفاعل‪..‬‬


‫الشيخ ُ‬
‫ُ‬ ‫قاؿ‬

‫‪26‬‬
‫الشرح‪:‬‬

‫جل يف ُعاله ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬إىل قسمني‪:‬‬


‫تنقسم الواسطة بني اخلليقة وبني اخلالق ّ‬

‫يتطرؽ إليو الشيخ دمحم ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وىو يف البالغ عن هللا ‪-‬سبحانو‬
‫أما القسم األوؿ ‪-‬فهو الذي ِل ّ‬
‫وؿ إِمال الْبَ َالغُ ال ُْمبِ ُ‬
‫ني}[النور‪ُّ ،]٘ٗ :‬‬
‫الر ُسل ىم واسطة بُت هللا وبُت عباده‪،‬‬ ‫وتعاىل‪{ :-‬وَما َعلَى ال مر ُس ِ‬
‫َ‬
‫كال‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىم واسطة‬
‫واسطة يف ماذا؟ ىل يف ُدعائهم؟ وطلب الغوث منهم‪ ،‬وا‪١‬تدد و‪٨‬تو ذلق؟ حاشا و ّ‬
‫يف التبليغ عن هللا‪ ،‬واألداء أداء ىذه األمانة اليت جعلها هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬إليهم‪ ،‬وأوكلهم هبا‪ ،‬فقاموا‬
‫هبا خَت قياـ‪ ،‬وبلّغوا ما أودعهم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وما أمرىم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬بو إىل الناس؛‬
‫فهم إذف واسطة بُت هللا وخلقو يف تبليغ رسالة هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬للناس كافة‪ ،‬أو لبعض من أُمروا‬
‫بتبليغهم؛ فالن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما جاء يف الصحيحُت من حديث ابن عمر‪ ،‬قاؿ‪( :‬وكاف النيب يُبعث يف‬
‫الرسل ‪-‬‬
‫الرسل فهو كافر ّتميع أولئق ُّ‬ ‫برسوؿ من ُّ‬ ‫ت إىل الناس كافّة)‪ ،‬من كفر ٍ‬ ‫خاصة‪ ،‬وبُِعثْ ُ‬
‫قومو ّ‬
‫َح ٍد ِّمن ُّر ُس ِل ِو}[البقرة‪.]ٕٛ٘ :‬‬ ‫عليهم السالـ‪-‬؛ حيث قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬ال نػُ َف ِّر ُؽ بَػ ْ َ‬
‫ني أ َ‬

‫َح ٍد ِّمن ُّر ُس ِل ِو} وبُت قولو ‪-‬سبحانو‬ ‫كيف ُ‪٬‬تمع بُت قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬ال نُػ َف ِّر ُؽ بَػ ْ َ‬
‫ني أ َ‬
‫ض ُه ْم}[البقرة‪]ٕٖ٘ :‬؟‬ ‫الر ُس ُل فَ م‬
‫ضلْنَا بَػ ْع َ‬ ‫وتعاىل‪{ :-‬تِل َ‬
‫ْك ُّ‬

‫َح ٍد ِّمن ُّر ُس ِل ِو}‪،‬‬ ‫من يعرؼ ا‪ٞ‬تمع بُت ىاتُت اآليتُت؟ بُت قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬ال نػُ َف ِّر ُؽ بَػ ْ َ‬
‫ني أ َ‬
‫ض ُه ْم}؟‬ ‫الر ُس ُل فَ م‬
‫ضلْنَا بَػ ْع َ‬ ‫ويف اآلية األخرى‪{ :‬تِل َ‬
‫ْك ُّ‬

‫فرؽ بينهم يف ذلق‪ ،‬يف اإلٯتاف هبم‪ ،‬أما من حيث ا‪١‬ترتبة‬


‫نعم‪ ،‬من حيث اإلٯتاف نُؤمن ّتميع الرسل وال نُ ّ‬
‫والفضل وا‪١‬تنزلة‪ ،‬فهم درجات يتفاوتوف‪ ،‬وإ‪٪‬تا يُعرؼ تفاوهتم ومناز‪٢‬تم وقدرىم ‪-‬عليهم السالـ‪ -‬ابلوحي‪،‬‬
‫الرسل أولو العزـ‪ ،‬وأفضلهم ‪ٚ‬تيعا الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬مث إبراىيم ‪-‬عليو السالـ‪-‬‬
‫ابلنصوص الشرعية؛ فأفضل ُّ‬
‫أبو األنبياء وشيخ ا‪١‬تلّة ‪-‬عليهم أفضل الصالة وأمتّ التسليم‪.-‬‬

‫الشاىد من ذلق أف ىذه الوسيلة اليت نعٍت هبا ىا ُىنا ىي الوسيلة يف التبليغ عن هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪،-‬‬
‫وليس ىي اليت ذكرىا الشيخ دمحم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ ،-‬ىذه الوسيلة اليت ىي أف يُبلّغ الرسوؿ ما‬
‫أُوحي إليو من ربّو‪ ،‬ويُص ّدؽ أىل اإلٯتاف‪ ،‬كما قاؿ اإلماـ الزىري ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬على هللا البالغ وعلى‬
‫الرسوؿ الرسالة وعلينا التصديق‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫ليس كما يصنع بعض غُالة الصوفية الذين ال يعًتفوف بذلق وال يرفعوف لذلق رأسا‪ ،‬وإ‪٪‬تا يقولوف‪( :‬أنتم‬
‫ا‪ٟ‬تي الذي ال ٯتوت)! يقولوف‪( :‬أنتم ُٖت ّدثوف قاؿ فالف ا‪١‬تيت‪،‬‬
‫ُٖت ّدثوف عن األموات‪ ،‬و‪٨‬تن ُ‪٨‬ت ّدث عن ّ‬
‫عن فالف عن فالف وىو ميت عن ميت عن ميت)‪ ،‬ويعنوف بذلق األسانيد‪ ،‬يقولوف‪٨( :‬تن ُ‪٨‬ت ّدث عن‬
‫ا‪ٟ‬تي الذي ال ٯتوت) ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬يعنوف بذلق أهنم يتل ّقوف الشريعة واألحلاـ من هللا ُمباشرة دوف‬
‫ّ‬
‫ريب)! ىلذا أيتوف ابلبدع‬‫الرسل ‪-‬عليهم الصالة والسالـ‪ ،-‬يقوؿ قائلهم‪( :‬ح ّدثٍت قل عن ّ‬ ‫واسطة وىم ُّ‬
‫اللثَتة سواء منها ما يتعلق ابلعقيدة أو الشريعة‪ِِ ،‬لَ؟ ألف النصوص الشرعية ال تضبطهم‪ ،‬ال يعًتفوف‬
‫للعامة‪ ،‬أما لنا فاهلل يُوحي إلينا‪ ،‬هللا يُوحي إلينا إما ُمباشرة وإما يف النوـ) –والعياذ‬
‫أبغلبها‪ ،‬يقولوف‪( :‬ىي ّ‬
‫ابهلل‪ !-‬وأيخذوف األحلاـ ُ٭تلُّوف ا‪ٟ‬تراـ ُ‬
‫و٭تّرموف ا‪ٟ‬تالؿ ‪٦‬تا جاء عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫إذف‪ ،‬ىذه الواسطة اليت ىي يف البالغ من أنكرىا َك َفر‪.‬‬

‫الواسطة األخرى اليت يتللم عنها الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬وىي يف الدعاء واالستغاثة‬
‫ّجأ يف املصائب وال ُك ُرِبت وتفريج املُِلّ ممات وكشف اللهفات؛ يلجؤوف إىل بعض الصاْلني أو‬
‫والل َ‬
‫ضرا‪ ،‬ىذه الواسطة من أثبتها َك َفر‪.‬‬
‫نفعا وال ًّ‬
‫الطاْلني من األموات الذين ال ميلكوف ال ً‬

‫تلك الواسطة من نفاىا كفر‪ ،‬أما ىذه من أثبتها فقد كفر‪ ،‬الذي ي ّدعي ويزعم أف ىناؾ من ا‪١‬تخلوقُت‬
‫من يدعوىم من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ويستغيث هبم ويتوّكل عليهم إىل غَت ذلق‪ ،‬فهؤالء من؟‬
‫ىؤالء الذين يستغيثوف هبم ‪٦‬تن ال حوؿ ‪٢‬تم وال ّقوة من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ىذا يُعترب يف دين‬
‫الصراح واللفر البواح‪.‬‬
‫هللا من الشرؾ ُّ‬

‫ين يَ ْستَ ْكِربُو َف‬ ‫ِ مِ‬ ‫اؿ ربُّ ُكم ا ْد ُع ِون أ ْ ِ‬


‫ب لَ ُك ْم ۖ إ مف الذ َ‬
‫َستَج ْ‬ ‫كيف ذلق؟ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ { :‬وقَ َ َ ُ‬
‫ين يَ ْستَلِْربُو َف َع ْن‬ ‫ِ مِ‬ ‫عن ِعبادِت سي ْد ُخلُو َف جهن ِ‬
‫فسمى الدعاء عبادة {إ مف الذ َ‬ ‫ين}[غافر‪ّ ،]ٙٓ :‬‬ ‫مم َداخ ِر َ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ َ ََ‬
‫ِعبَ َادِيت} أي‪ :‬عن ُدعائي؛ فالذي يصرؼ ىذه العبادة لغَت هللا فقد أشرؾ مع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ كما يف حديث النعماف بن بشَت ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬الذي أخرجو األربعة‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫(الدعاءُ ىو العبادة) وىذا حديث صحيح‪ ،‬وأما ا‪ٟ‬تديث اآلخر حديث أنس ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬الذي‬
‫أخرجو اإلماـ الًتمذي‪( :‬الدعاء ُم ّخ العبادة) فهو ضعيف ال يصح‪.‬‬

‫صح عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( :-‬الدعاءُ ىو العبادة)‪.‬‬
‫ويلفينا ما ّ‬
‫‪28‬‬
‫شرعا‪ ،‬أف صرؼ أي عبادة من العبادات اخلاصة ِبهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يُعترب من قبيل‬
‫تقرر ً‬
‫ومن املُ ّ‬
‫الشرؾ األكرب املُخرج من امللّة‪.‬‬

‫أنتم تعلموف أف توحيد الربوبية ىو توحيد هللا أبفعاؿ هللا‪ ،‬وأما توحيد األلوىية فهو توحيد هللا أبفعاؿ‬
‫العباد‪ ،‬ومن تلق األفعاؿ‪ :‬الدعاء‪ ،‬من تلق األفعاؿ‪ :‬االستغاثة‪ ،‬من تلق األفعاؿ‪ :‬االستعانة‪ ،‬التوكل‪،‬‬
‫إىل غَت ذلق‪ ،‬فهذه كلها أفعاؿ وعبادات جليلة ينبغي على ا‪١‬تسلم ّأال يصرفها ٍ‬
‫ألحد من ا‪١‬تخلوقُت كائنًا‬
‫من كاف‪.‬‬

‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يقوؿ ُمعلّ ًما ذلق الغُالـ‪ ،‬وىو ابن عبّاس ‪-‬رضي هللا عنهما‪ ،-‬كما عند الًتمذي‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫اسأؿ هللا‪،‬‬‫سألت فَ ْ‬
‫َ‬ ‫ك كلمات‪ ،‬احفظ هللا حيفظك‪ ،‬احفظ هللا جتده ُجتاىك‪ ،‬إذا‬ ‫إن أُع ِلّ ُم َ‬
‫(ًي غُالـ‪ّ ،‬‬
‫اس ِتعن ِبهلل‪ ،‬واعلم أف األ ُّمة‪)...‬‬
‫استعنت فَ ْ‬
‫َ‬ ‫اس ِتعن ِبهلل‪ )...‬ال تستعِن بغَت هللا‪( ،‬وإذا‬‫استعنت فَ ْ‬
‫َ‬ ‫وإذا‬
‫ا‪١‬تعٍت هبا أ ُّمة البالغ‪ ،‬أي كل الناس‪( ..‬واعلم أف‬
‫كل األمة‪ ،‬وىا ُىنا ال يُعٌت ابألمة أ ُّمة االستجابة‪ ،‬وإ‪٪‬تا ّ‬
‫األ ُّمة لو اجتمعوا على أف ينفعوؾ بشيء‪ ،‬مل ينفعوؾ إال بشيء قد كتبو هللا لك‪ ،‬وإف اجتمعوا على‬
‫وج مفت ُّ‬
‫الصحف)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يضروؾ إال بشيء قد كتبو هللا عليك‪ُ ،‬رف َعت األقالـ َ‬
‫يضروؾ بشيء‪ ،‬مل ُّ‬
‫أف ّ‬

‫ضرا‪ ،‬إذا كاف من األحياء فهو ال ٯتلق ذلق‪،‬‬


‫نفعا وال ّ‬
‫إذف مهما بلغ الويل من ا‪١‬ترتبة ىو ال ٯتلق للخلق ً‬
‫وإ‪٪‬تا إف كاف ىو من ا‪ٟ‬تاضرين أو ‪٨‬تو ذلق‪ ،‬فهو قد يلوف سببًا من األسباب وللنو ليس ا‪٠‬تالق ‪٢‬تذه‬
‫النتيجة؛ ‪٨‬تن قد نبذؿ األسباب وللن ال تتحقق النتائج‪ ،‬وقد يلوف العلس‪ ،‬واألسباب ال تلوف‬
‫يتوىم الناس‪ ،‬كما أخرب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف ا‪ٟ‬تديث الصحيح‬
‫ُمسبّبات لألمور إال بدليل شرعي ال كما ّ‬
‫عن النذر‪ ،‬قاؿ‪( :‬إنّو ال أيت يخري‪ ،‬وإَّنا يُستخرج بو من البخيل)‪ ،‬كما جاء يف الصحيحُت من حديث‬
‫أيب ذر ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬وغَته‪.‬‬

‫إذف فاألسباب ال تلوف من ا‪١‬تسبّبات إال ابألدلة الشرعية‪ ،‬أما ىلذا أف نتّخذ من األسباب ما ِل يُنزؿ‬
‫ُ‬
‫هللا بو من ُسلطاف إىل أف نتوصل إىل ا‪١‬تسبّبات فال يصح‪ ،‬مث إف كاف ىو من الغائبُت أو من األموات؛‬
‫ُ‬
‫فعند ذلق تلوف االستغاثة بو والنّجدة وطلب ا‪١‬تدد منو من قبيل الشرؾ األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلّة أعاذان‬
‫ُ‬
‫الصنيع‪.‬‬
‫هللا وإايكم من ذلق ّ‬

‫‪29‬‬
‫مثال‪ :‬أف عليا ‪-‬رضي‬
‫قسموف الوظائف يقولوف ً‬
‫الشيعة الروافض قد خاضوا يف ىذا الباب وخاضوا‪ ،‬فهم يُ ّ‬
‫هللا عنو أرضاه‪ -‬ىو للنجاة من السالطُت كما جاء يف (ْتار األنوار)‪ ،‬يعٍت‪ :‬إذا أراد اإلنساف أف ينجو‬
‫يتوجو إىل من؟ ال يلجأ إىل هللا‪ ،‬وإ‪٪‬تا يلجأ إىل علي بن أيب طالب ‪-‬هنع هللا يضر‬
‫من بطش سلطاف فيدعو من؟ ّ‬
‫أرضاه‪.-‬‬

‫قالوا‪ :‬إذا أردت اآلخرة‪ ،‬فَ َس ْل من؟ دمحم بن ا‪ٟ‬تنفية‪ ،‬دمحم بن علي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬ال تلجأ إىل هللا‪ ،‬ال‬
‫تستغِث ابهلل‪ ،‬ال تدعو هللا‪ ،‬وإ‪٪‬تا تدعو من؟ تدعو أحد ا‪١‬تخلوقُت‪.‬‬

‫وٮتلّصق من ىذه‬
‫نجيق ُ‬
‫قالوا‪ :‬يف الش ّدة تفزع ‪١‬تن؟ للعبّاس بن عبد ا‪١‬تطلب ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬قالوا ىو يُ ّ‬
‫الشدة‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬إف أردت الدعاء يف كل ٍ‬


‫شيء وخاصة يف الفزع من ا‪١‬توت‪ ،‬تدعو من؟ تدعو صاحب الزماف‪،‬‬
‫طبعا ىو مهديهم وليس مهدينا؛ فنحن مهدينا ىو دمحم بن عبد هللا‪،‬‬ ‫الذي يعنوف بو ا‪١‬تهدي ا‪١‬تُنتظر‪ً ،‬‬
‫ومهديهم دمحم بن ا‪ٟ‬تسن العسلري‪ ،‬مهدينا من ذرية وساللة ا‪ٟ‬تسن بن علي ‪-‬اهنع هللا يضر‪ ،-‬ومهديهم من ذرية‬
‫وساللة ا‪ٟ‬تسُت بن علي ‪-‬رضي هللا عنهما‪ ،-‬مهدينا ِل يُولَد فيما نعلم‪ ،‬ومهديهم قد ُولِد منذ عقود‪ ،‬بل‬
‫منذ قروف‪ ،‬مث تسردب يف السرداب واختبأ يف غيبتو اللربى بزعمهم! وىو ماذا يصنع؟ ُ‪٬‬تيب ا‪ٟ‬توائج‪،‬‬
‫ُ‪٬‬تيب ا‪١‬تضطرين بزعمهم‪ ،‬يستجيب لدعاء ا‪١‬تضطرين وا‪١‬تحوجُت إىل غَت ذلق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كنت يف مدينة رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬دخلنا البقيع فيو بعض أصحاب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وإذا ببعض‬
‫عممُت يضع أوراقًا على بعض القبور‪ ،‬فلما ذىبنا إليها وفتحناىا وإذا هبا طلبات‪ ،‬فالف يقوؿ (ابنيت‬
‫ا‪١‬تُ ّ‬
‫فاشفها)‪ ،‬واآلخر يقوؿ (ابٍت على وشق االمتحاانت الدراسية فأ‪٧‬تحو)‪ ،‬إىل غَت ذلق‪ ..‬فأنلران‬ ‫مريضة ِ‬

‫عليهم بفضل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ودار خالؼ أو حوار بيننا إلظهار ا‪ٟ‬تق‪.‬‬

‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ‪{ :‬وإِذَا سأَلَ َ ِ ِ‬


‫ك عبَادي َع ِِّن فَِإِّن قَ ِر ٌ‬
‫يب}[البقرة‪ ،]ٔٛٙ :‬اإلماـ ا‪ٟ‬تسن‬ ‫َ َ‬
‫يب ربُّنا فَػنُناجيو؟‬
‫البصري ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ -‬قاؿ‪ :‬سأؿ أصحاب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أقر ٌ‬
‫ِ‬ ‫أـ بعي ٌد فَػنناديو؟ فأنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬وإِذَا سأَلَ ِ ِ‬
‫يب}‪ ،‬فاهلل ‪-‬سبحانو‬ ‫ق عبَادي َع ٍِّت فَإِّين قَ ِر ٌ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫أحد من‬ ‫وتعاىل‪ -‬قريب ‪٦‬تن دعاه‪ ،‬قريب ‪٦‬تن انجاه‪٦ ،‬تن استغاث بو‪٦ ،‬تن فزع إليو وِل يفزع إىل ٍ‬

‫ا‪١‬تخلوقُت‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مث ينبغي التنبيو وَيدر التنبيو إىل أف طلب الشفاعة من املخلوقني ال تصح‪ ،‬وإَّنا تُطلب الشفاعة‬
‫ممن؟ ممن ميلك الشفاعة‪ ،‬من هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬كما جاء يف ا‪ٟ‬تديث الذي أخرجو اإلماـ‬
‫البخاري من حديث جابر بن عبد هللا ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( :-‬من قاؿ حني‬
‫يسمع النداء‪ :‬اللهم رب ىذه الدعوة التّامة‪ ،‬والصالة القائمة‪ِ ،‬‬
‫آت َُمم ًدا الوسيلة والفضيلة‪ ،‬وابعثو‬ ‫ّ‬
‫َممودا الذي وعدتو‪ )..‬قاؿ‪( :‬حلّت لو شفاعيت يوـ القيامة)‪ ،‬كيف ٖتل شفاعة الن ‪-‬ﷺ‪-‬؟‬
‫ً‬ ‫مقاما‬
‫ً‬
‫أبِ ُدعاء الن ؟ أبِ ُدعاء الصا‪ٟ‬تُت؟ أبِ ُدعاء األموات؟ أـ بِ ُدعاء هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬؟ وبدعاء هللا هللُ ‪-‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬أيذف إف شاء ‪١‬تن شاء ابلشفاعة‪ ،‬فهناؾ شفاعة منفيّة؛ وىي الشفاعة من غَت هللا‪،‬‬
‫مِ‬
‫آمنُوا‬
‫ين َ‬‫طلب الشفاعة من غَت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬كما قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ًَ { :-‬ي أَيػُّ َها الذ َ‬
‫اعةٌ َوالْ َكافِ ُرو َف ُى ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَنِْف ُقوا ممما َرَزقػْنَا ُك ْم م ْن قَػ ْب ِل أَ ْف َأيِْتَ يَػ ْوٌـ ال بَػ ْي ٌع فِ ِيو َوال ُخلمةٌ َوال َش َف َ‬
‫الظمالِ ُمو َف}[البقرة‪ ،]ٕ٘ٗ :‬فذلق اليوـ ال شفاعة فيو إال ‪١‬تن ارتضى ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫فإذف‪ :‬ىناؾ شفاعة منفية وىي الشفاعة اليت تُطلب من غري هللا‪ ،‬وىناؾ شفاعة ُمثبتة‪ ،‬وىذه‬
‫الشفاعة املُثبتة تكوف هلل ومن هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وحده‪ ،‬وال تكوف إال أبمرين اثنني‪:‬‬

‫األمر األوؿ‪ :‬ىو إذف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬للشافع أف يشفع‪َ { :‬من ذَا الم ِذي يَ ْش َف ُع ِعن َدهُ إِمال‬
‫ِبِِ ْذنِِو}[البقرة‪ ]ٕ٘٘ :‬إذا ِأذ َف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬للشافع أف يشفع فعند ذلق لو أف يشفع‪ ،‬وإال فهو‬
‫ال ٯتلق الشفاعة من عند نفسو كائنًا من كاف‪.‬‬

‫عمن؟ عن املشفوع‬ ‫ضا أف يتحقق يف الشفاعة املُثبتة‪ :‬ىو أف يرضى هللا ّ‬ ‫األمر الثان الذي ينبغي أي ً‬
‫لو‪ ،‬كما أخرب هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فقاؿ‪َ { :‬وَال يَ ْش َفعُو َف إِمال لِ َم ِن ْارتَ َ‬
‫ض ٰى}[األنبياء‪ ]ٕٛ :‬إال ‪١‬تن‬
‫ارتضى‪.‬‬

‫فأوال‪ :‬أف يرضى هللا عن الشافع‪.‬‬


‫ً‬

‫اثنيًا‪ :‬أف يرضى هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬عن ا‪١‬تشفوع لو‪.‬‬

‫عند ذلق تثبت الشفاعة‪٦ ،‬تن؟ من هللا وإبذف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫جل يف عُاله‪.‬‬
‫أما الشفاعة ا‪١‬تنفية كما أسلفنا آنفا‪ ،‬فهي اليت تُطلب من غَت هللا ّ‬

‫‪31‬‬
‫احتج هبا من احتج على إنكار ىذا األصل األصيل الذي‬
‫ىناؾ مسألة تتعلق هبذا الباب‪ ،‬ولطاملا ّ‬
‫قررهُ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬رمحو هللا‪:-‬‬
‫ّ‬

‫اَّللَ َوابْػتَػغُوا إِلَْي ِو ال َْو ِسيلَةَ}[ا‪١‬تائدة‪:‬‬


‫آمنُوا اتمػ ُقوا م‬ ‫مِ‬
‫جل يف عُاله‪ًَ { :‬ي أَيػُّ َها الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫مثال بقوؿ هللا ّ‬
‫يستدلوف ً‬
‫قربنا إىل هللا ُزلفى‪ ،‬ىم الواسطة‬
‫نتوسل هبؤالء الصاْلني‪ ،‬ىم من يُ ّ‬
‫ٖ٘] يقولوف‪ :‬طلب الوسيلة أف ّ‬
‫بيننا وبني هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ !-‬وىذا القوؿ ال يُسلّم ‪٢‬تم ْتاؿ‪ ،‬إذ ىم يف واد وما ّقرروه يف واد‪ُ ،‬‬
‫ومراد‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف و ٍاد آخر‪ ،‬كيف ذاؾ؟‬

‫التوسل أبمساء هللا وصفاتو ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬كما جاء عن رسوؿ هللا ‪-‬‬
‫إف الوسيلة املشروعة ىي ُّ‬
‫حي ًي قيُّوـ‪ ،‬بَِر َ‬
‫محتك أستغيث) ال بر‪ٛ‬تة فالف وال فالف‪ ،‬وإ‪٪‬تا‬ ‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنو قاؿ كما عند الًتمذي‪ً( :‬ي ُّ‬
‫جل يف عُاله‪.‬‬
‫بر‪ٛ‬تتق أستغيث‪ ،‬فهي وسيلة أب‪ٝ‬تاء هللا وصفات هللا ّ‬
‫يتوسل املُسلم أبعمالو الصاْلة إىل هللا ‪ُ -‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬أبعمالو‬
‫كذلك من الوسيلة املشروعة‪ :‬أف ّ‬
‫يتوسل هبا إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ما دليل ذلق؟‬
‫الفاضلة‪ ،‬ابلعبادات‪ّ ،‬‬

‫دليل ذلق ما أخرجو الشيخاف البخاري ومسلم من حديث رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪١ ،-‬تا ق ّ لنا عن أولئق‬
‫النفر الثالثة الذين كانوا يف ملاف فنزؿ عليهم ا‪١‬تطر‪ ،‬فدخلوا يف كهف أو يف غار يف ا‪ٞ‬تبل‪ ،‬فسقطت‬
‫ونتوسل إليو بصاحل أعمالنا‪،‬‬
‫عليهم صخرة‪ ،‬فأغلقت عليهم ذلق الغار‪ ،‬ماذا فعلوا؟ قالوا تعالوا ندعو هللا ّ‬
‫توسلوا لو بصاحل أعما‪٢‬تم‪ ،‬فاألوؿ‬
‫توسلوا إىل هللا ىل ابلصا‪ٟ‬تُت؟ ىل ابألولياء؟ ىل ابألنبياء؟ إ‪٪‬تا ّ‬
‫فهم ّ‬
‫الزان‬
‫قصتو يف تعفُّفو عن فعل الفاحشة و ّ‬
‫قصتو يف ّبره لوالديو وىي طويلة‪ ،‬واآلخر ذكر ّ‬ ‫كما تعلموف ذكر ّ‬
‫تقرب إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أبنّوُ حفظ لذلق العامل الذي‬
‫ألجل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬والثالث ّ‬
‫عمل أبج ٍر ِ‬
‫حف َظ لو أجره و‪٪‬تّاهُ لو حىت أاتهُ وسلّموُ ذلق ا‪١‬تاؿ دوف أف يُنق منو شيئا‪.‬‬

‫توسلوا بصاحل أعما‪٢‬تم هلل‬


‫توسلوا هبا‪ّ ،‬‬
‫فهذه أعماؿ صا‪ٟ‬تة جليلة وقرابت إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬فهم ّ‬
‫جل يف عُاله‪.‬‬
‫ّ‬
‫وال يقوؿ قائل إف ىذا من شرع من قبلنا‪ ،‬إذ أنلم تعلموف أف العلماء اختلفوا ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬يف ُح ّجية‬
‫شرع من قبلنا على ثالثة أقواؿ‪ ،‬وأما القوؿ الراجح بعوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬األظهر يف ا‪١‬تسألة‪ :‬أف‬
‫شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما ِل ُٮتالف شرعنا‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫يتوسل هبا إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ :-‬نعم دعاء الصاْلني‬
‫يتوسل هبا املُسلم‪ّ ،‬‬
‫كذلك من األمور اليت ّ‬
‫ا‪١‬تهدي أمَت ا‪١‬تؤمنُت عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪-‬هنع هللا يضر‬
‫ّ‬ ‫األحياء لوُ‪ ،‬والدليل على ذلق ما فعلو ا‪٠‬تليفة الر ّ‬
‫اشدي‬
‫نتوسل إليق بنبيّنا‬
‫وأرضاه‪ -‬كما جاء ذلق عند البخاري يف صحيحو‪ ،‬أنو قاؿ‪( :‬اللهم إ ّان ُكنّا ّ‬
‫بعم نبيّنا) ما معٌت ذلق؟ ‪١‬تا كاف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف حياتو‪ ،‬كاف الصحابة‬
‫نتوسل إليق ّ‬
‫«فتسقينا»‪ ،‬وإنّنا ّ‬
‫يسألونو الدعاء ‪٢‬تم‪١ ،‬تا كاف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬على ا‪١‬تنرب‪ ،‬فدخل ذلق الرجل وقاؿ ىلق الزرع‪ ...‬إىل غَت‬
‫أسبوعا‬
‫ً‬ ‫ذلق من كالمو‪ ،‬ادعُ هللا لنا‪ ،‬فدعا الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فأمطر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬عليهم السماء‬
‫يتوسلوف بدعاء الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬أي‪ :‬يطلبوف من الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف أثناء حياتو الدنيويّة‬
‫من الزماف‪ ،‬فلانوا ّ‬
‫َحيَاءٌ ِعن َد َرِّهبِ ْم}[آؿ عمراف‪:‬‬ ‫ال حياتو الربزخيّة؛ ألف تلق عاِل وىذا عاِل آخر‪ ،‬حياتو الربزخيّة {بَ ْل أ ْ‬
‫يتوسلوف إىل الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أي‪ :‬بطلب‬
‫‪ ]ٜٔٙ‬عند رّهبم‪ ،‬وليس عندان ‪٨‬تن؛ فإذف يف حياتو الدنيويّة كانوا ّ‬
‫الدعاء‪.‬‬

‫يتوجو إىل قرب الن ‪-‬ﷺ‪-‬‬


‫وأما ‪١‬تا مات الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وانتقل إىل الرفيق األعلى ىل خفي على عُمر أف ّ‬
‫كال‪ ،‬وإ‪٪‬تا ُعمر كاف من أعلم أصحاب رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( -‬لو بعث‬
‫ويتوسل بو؟ يستغيث بو؟ حاشا و ّ‬
‫ّ‬
‫هللا إىل نيب بعدي‪ ،‬لكاف عمر) كما رواه الًتمذي‪« .‬أو كما قاؿ الن ﷺ»‪.‬‬

‫والن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ‪( :‬كاف يف األمم قبلكم َُم ّدثوف‪- ،‬أي‪ُ :‬ملهموف‪ -‬فإف ي ُكن يف ىذه األمة أح ٌد‪،‬‬
‫فعمر بن اخلطاب) كما جاء عند مسلم‪.‬‬

‫فإذف عمر ىذا ا‪١‬ت ْل َهم‪ ،‬ىذا الفقيو‪ ،‬ىذا العاِل ا‪ٞ‬تليل‪ ،‬الصحايب الفاضل ما ذىب و‪ٞ‬تأ إىل قرب الن ‪-‬‬
‫ُ‬
‫عم الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يطلب منو‬
‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪-‬؛ ألنو يعلم أنو انتقل إىل الرفيق األعلى‪ ،‬وللنو ذىب إىل العباس ّ‬
‫حي قادر‪ ،‬فدعا هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬يدعو هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬ ‫ماذا؟ يطلب منو أف يدعو هللا وىو ٌّ‬
‫‪٢‬تم‪ ،‬فيُس َقوف كما جاء يف الرواية‪.‬‬

‫توسل إىل العباس‪ ،‬أي‪ :‬ابلطلب منو أف يدعو هللا ‪-‬‬


‫إذف فَػعُ َمر ِل يتوسل إىل قرب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وإ‪٪‬تا ّ‬
‫قادر على ذلق‪.‬‬
‫حاضر ٌ‬
‫ٌ‬ ‫حي‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬وىو ٌّ‬

‫أما ا‪١‬تيت فهو أحوج ما يلوف إىل دعاء األحياء لو‪ ،‬ال أف يدعو ىو لألحياء‪ ،‬وأنتم تعلموف ِِلَ ُش ِر َعت‬
‫أصال‪ ،‬صالة ا‪ٞ‬تنازة على ا‪١‬تيت ىي الدعاء للميت ابلر‪ٛ‬تة‪ ،‬اب‪١‬تغفرة‪ ،‬أبف يتجاوز هللا ‪-‬‬
‫صالة ا‪ٞ‬تنازة ً‬

‫‪33‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬عنو؛ فإذف ليس ا‪١‬تيت ىو من يدعو لألحياء‪ ،‬وإ‪٪‬تا األحياء ىم الذين يدعوف للميت‪،‬‬
‫األحياء ليسوا ْتاجة لألموات‪ ،‬وإ‪٪‬تا األموات ْتاجة لألحياء‪.‬‬

‫التوسل والشفاعة واالستغاثة ودعاء غَت هللا‬


‫فإذف ىذا ما يتعلق إب‪٬‬تاز حوؿ ىذا الناقض‪ ،‬أال وىو انقض ُّ‬
‫‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فيما ال يقدر عليو إال هللا‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫قاؿ املصنف رمحو هللا‪:‬‬

‫صحح مذىبهم َك َفر)‪.‬‬ ‫(الناقض الثالث‪ :‬من مل يُك ِّفر املشركني‪ ،‬أو ّ‬
‫شك يف ُكفرىم أو ّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫ُّسخ كما يف‬


‫صحح مذىبهم َك َفر‪ ،‬وجاء يف بعض الن َ‬
‫شق يف كفرىم أو ّ‬
‫نعم‪ ،‬من ِل يُل ّفر ا‪١‬تشركُت‪ ،‬أو ّ‬
‫(الرسائل الشخصية‪ ،‬صفحة ٖٕٔ) أنو قاؿ‪( :‬كفر إ‪ٚ‬تاعا)‪.‬‬

‫إ‪ٚ‬تاعا‪ ،‬أي‪ :‬ساؽ اإل‪ٚ‬تاع على ىذا الناقض‪ ،‬أال وىو الناقض الثالث من نواقض اإلسالـ‪.‬‬
‫كفر ً‬

‫وىذه القاعدة ا‪ٞ‬تليلة قد ّقررىا غَت واحد من أىل العلم‪ ،‬كاإلماـ ُسفياف بن عُيينة ن ّ عليها‪ ،‬كاإلماـ‬
‫أيب بلر بن عيّاش ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ن ّ عليها‪ ،‬كاإلماـ شبيب النيسابوري ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ن ّ عليها‪ ،‬كاإلماـ‬
‫الرازي ن ّ عليها‪ ،‬كاإلماـ شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫الرازي ن ّ عليها‪ ،‬كاإلماـ أيب حامت ّ‬
‫أيب ُزرعة ّ‬
‫هللا‪ -‬ن ّ عليها ون ّ على ىذه القاعدة غَت واحد من أىل العلم ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫الوقوؼ يف التلف َِت‬


‫ُ‬ ‫قلت من التّحذي ِر ‪ ...‬ال ينبغي‬
‫غم ما ُ‬
‫ور َ‬
‫ُ‬
‫كافرا فقد َك َف ْر‬
‫إذا بدا ال ُل ْف ُر جليا َوظَ َهر ‪َ ...‬م ْن َِل يُل ّفر ً‬
‫كافرا فقد َك َفر‪ِِ ،‬لَ؟ ألنو انقض كالـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وكالـ رسوؿ هللا –ﷺ‪.-‬‬
‫من ِل يُل ّفر ً‬

‫‪34‬‬
‫السنيّة‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬صفحة ‪:)ٜٔٔ‬‬
‫الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يقوؿ كما يف (الدُّرر ّ‬
‫ُس ِو ور ِ‬
‫أسو‪ ،‬وىو شهادة أف ال إلو إال هللا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دتسكوا أبصل دينكم ّأولو وآخره‪ ،‬أ ّ‬
‫(هللا هللا إخوان‪ّ ،‬‬
‫وقربوىم واختذوىم إخوانكم ولو كانوا بعيدين‪ ،‬وابغضوا الطواغيت‬
‫واعرفوا معناىا‪ ،‬وحبّوا أىلها‪ّ ،‬‬
‫علي‬
‫واكفروا هبم‪ ،‬وابغضوا من أحبّهم‪ ،‬أو جادؿ عنهم‪ ،‬أو مل يُك ّفرىم‪- ،‬أو ِل يُل ّفرىم‪ ،-‬أو قاؿ ما ّ‬
‫منهم‪ ،‬ما كلّفِن هللا هبم؛ فقد كذب ىذا على هللا وافرتى‪ ،‬بل كلّفو هللا هبم‪ ،‬وِبلكفر هبم‪ ،‬وِبلرباءة‬
‫منهم)‪.‬‬

‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬قُ ْل ًَي أَيػُّ َها الْ َكافِ ُرو َف}[اللافروف‪ ،]ٔ :‬وصفهم بوصف اللفر‪ِ ،‬ل ي ُقل قُل‬
‫اي قُريش‪ِ ،‬ل ي ُقل قُل اي أيها العرب‪ ،‬وإ‪٪‬تا قاؿ‪{ :‬قُ ْل َاي أَيػُّ َها الْ َلافُِرو َف}‪.‬‬

‫ك ِِبلْعُ ْرَوةِ ال ُْوثْػ َقى ال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬فَ َم ْن يَ ْك ُف ْر ِِبلطماغُوت َويػُ ْؤم ْن ِِب مَّلل فَػ َقد ْ‬
‫استَ ْم َس َ‬
‫اـ َهلَا}[البقرة‪ ،]ٕ٘ٙ :‬يقوؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف (الرسائل الشخصية)‪:‬‬ ‫ِ‬
‫صَ‬ ‫انف َ‬

‫(معىن الكفر ِبلطاغوت‪ :‬أف تربأ من كل عبادة لغري هللا‪ ،‬وتُبطلها‪ ،‬وتُك ّفر أىلها وتُعاديهم)‪.‬‬

‫العالمة دمحم األمُت الشنقيطي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪:-‬‬


‫فهذا ىو معٌت اللفر ابلطاغوت‪ ،‬وكما قاؿ الشيخ ا‪ٞ‬تليل ّ‬
‫ٍ‬
‫مًتد مع ا‪٢‬تاللُت) نسأؿ هللا ‪-‬سبحانو‬
‫(من ِل يلفر ابلطاغوت فهو ِل يُؤمن ابهلل‪ ،‬ومن ِل يُؤمن ابهلل فهو ّ‬
‫وتعاىل‪ -‬السالمة والعافية‪.‬‬

‫إذف‪ ،‬ال بد من تلفَت اللافرين سواء كانوا من األصليُت أو من ا‪١‬ترتدين‪ ،‬وعدـ الوقوؼ عن تلفَتىم‬
‫بعد أف ك ّفرىم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫كيف يُل ّفرىم هللا وأنت ُٖتجم عن تلفَتىم!؟ وأنت تقوؿ أنق عب ٌد هلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪!-‬؟ كيف‬
‫عمن ك ّفرىم هللا وحلم بلفرىم!؟‬
‫تصح عبوديتق هلل تعاىل بعد توقّفق ّ‬

‫انقض من نواقض اإلسالـ ا‪١‬تجمع عليها‪.‬‬


‫إذف التّوقف عن تلفَت اللافرين ٌ‬
‫ُ‬
‫ويتقوؿ على أىل اْلق ما مل يقولوه‪ ،‬ويُلزمهم بلوازـ مل يلتزموىا؛ كأف يقوؿ هلم‪:‬‬
‫لكن البعض يقوؿ ّ‬
‫أنتم تتسلسلوف يف التكفري إىل ما ال هناية إىل أف يصل اإلنساف إىل تكفري نفسو والعياذ ِبهلل‪ ،‬تقولوف‬

‫‪35‬‬
‫من مل يُك ّفر زي ًدا من الناس فهو كافر‪ ،‬ومن مل يُك ّفر من مل يُك ّفر زي ًدا فهو كافر‪ ،‬ومن مل يُك ّفر من مل‬
‫يُك ّفر من مل يُك ّفر زي ًدا فهو كافر‪ ،‬وىكذا‪..‬‬

‫نقوؿ‪ :‬ليس األمر كذلق‪ ،‬ليس فيو تسلسل‪ ،‬وليس فيو تلفَت ا‪١‬تُجتمعات كما ّ‬
‫يتوىم البعض؛ وإ‪٪‬تا ىذه‬
‫قرروهنا دوف علم ودوف بيّنة وال ُسلطاف‬
‫القاعدة ‪٢‬تا أصوؿ و‪٢‬تا ضوابط‪ ،‬ا‪١‬تُرجئة أنفسهم احتاروا فيها وىم يُ ّ‬
‫من هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫ضلو وَك ِ‬
‫رمو فتح على أىل ا‪ٟ‬تق يف تقرير ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬أال وىي مسألة‬ ‫وللن هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ِٔ -‬تَنِّ ِو وفَ ِ‬
‫ّ‬
‫من ِل يُل ّفر اللافرين فهو كافر؛ كيف ذلق؟‬

‫نص رسولو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬على تكفريه بعينو‪َ ،‬ك َمن ِل‬
‫نص هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬أو ّ‬
‫أوال‪ :‬من مل يُك ّفر من ّ‬
‫ّ‬
‫يُل ّفر فرعوف‪ ،‬أو ِل يُل ّفر إبليس‪ ،‬أو ِل يُل ّفر ىاماف‪ ،‬أو ِل يُل ّفر أاب ‪٢‬تب‪ ،‬أاب جهل‪ ،‬أاب طالب‪ ..‬إىل غَت‬
‫ذلق ‪٦‬تن جاءت النصوص يف تلفَتىم أبعياهنم؛ فهو كافر‪ ،‬الذي يتوقّف عن تلفَت ىؤالء فهو كافر‪،‬‬
‫ِِلَ؟ ألنو يُعارض قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬يُعارض قوؿ رسولو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف تنزيل ىذه األحلاـ على‬
‫أولئق األقواـ‪.‬‬

‫عمن ِل يُل ّفر إبليس‪ ،‬قاؿ إبليس ِل يل ُفر‪ ..‬ماذا قاؿ؟‬ ‫ِ‬
‫الشيخ ابن عثيمُت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪١ -‬تا ُسئ َل ّ‬

‫قاؿ‪ :‬من قاؿ ىذه ا‪١‬تقولة فقد كفر‪ِِ .‬لَ؟ استدؿ بقوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬إِمال‬
‫ين}[البقرة‪ ،]ٖٗ :‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ن ّ على ُكف ِره‪ ،‬وأييت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫استَ ْكبَػ َر َوَكا َف م َن الْ َكاف ِر َ‬
‫َب َو ْ‬
‫يس أ َ ٰ‬
‫إبْل َ‬
‫ىذا الرجل ويًتفّع ويتوقّف عن تلفَت إبليس؛ فهذا كافر‪ِِ ،‬لَ؟ ألنو عارض قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫ظاىرا‪.‬‬
‫هنارا ً‬
‫جهارا ً‬
‫ً‬
‫كذلق القوؿ يف كل من عيّنوُ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ابلتلفَت‪ ،‬أو عيّنو الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ابلتلفَت‪ .‬ىذا‬
‫أوال‪.‬‬
‫ً‬

‫واثنيًا‪ :‬من مل يُك ّفر ال ُك ّفار األصليني‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬الذي يتوقّف كما تروف اليوـ فيما يسمونو ابالنفتاح‬
‫و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬يقولوف‪ :‬إخواننا اليهود والنصارى‪ ،‬إخواننا من ا‪١‬تسيحيُت‪ ،‬من اليهود و‪٨‬تو ذلق‪..‬‬

‫‪36‬‬
‫طبعا ىذه اللفظة‪( :‬أف تُسمي النصارى اب‪١‬تسيحيُت) ىذه فيها نوع تزكية ألولئق النصارى اللفار‪،‬‬
‫* ً‬
‫أبنق تنسبهم إىل ا‪١‬تسيح ‪-‬عليو السالـ‪ -‬وىو براءٌ منهم ‪-‬عليو السالـ‪-‬؛ فاللفظة الشرعية أف هللا ‪ٝ‬تّاىم‬
‫ابلنصارى‪ ،‬هللا ‪ٝ‬تّاىم ابليهود‪ ،‬فإذف ال نعدو عن ىذه ا‪١‬تصطلحات الشرعية وال نبتغي هبا بدال‪.‬‬

‫إذف من قاؿ بعد كفر النصارى‪ ،‬بعدـ كفر اليهود‪ ،‬بعدـ كفر اجملوس‪ ،‬بعد كفر غَتىم كالبوذيُت وغَتىم‬
‫من اللفار األصليُت؛ فهو كافر ابإل‪ٚ‬تاع‪.‬‬

‫مرة يقوؿ‪ :‬ىم مؤمنوف من انحية‪ ،‬و‪٨‬تن مؤمنوف من انحية أخرى‪ ،‬وكل ىذه الطرؽ ‪-‬‬
‫وال يُقبل أنو يُرقّع ّ‬
‫والعياذ ابهلل‪ -‬تُوصل إىل هللا؛ ىذا قد أبطل القرآف من ّأولو إىل آخره‪.‬‬

‫ا‪١‬تاللي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف ِّ‬


‫(الشفا‪ ،‬يف اجمللد الثاين) يذكر أف من توقّف عن‬ ‫ّ‬ ‫اإلماـ القاضي عياض‬
‫شق يف كفره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تلفَت ا‪١‬تلل غَت اإلسالمية فهو كافر وال ّ‬

‫اإلماـ عبد هللا أاب بطُت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف (الدُّرر السنيّة‪ ،‬اجمللد الثاين عشر‪ ،‬صفحة ‪ )ٜٚ‬ينقل‬
‫اإل‪ٚ‬تاع على كفر من توقّف عن تلفَت اليهود والنصارى‪.‬‬

‫فإذف من توقّف عن كفر اللفار األصليُت وِل يصفهم ٔتا وصفهم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬بو؛ فهو كافر‪.‬‬
‫ىذا اثنيًا‪.‬‬

‫أما اثلثًا‪ :‬فمن توقّف عن تكفري من أمجع العلماء على تكفريه بعينو فهو كافر‪ ،‬كما ذكر اإلماـ‬
‫السخاوي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬أ مف من توقف يف تلفَت ابن عريب وطائفتو؛ فهو كافر‪.‬‬
‫ّ‬
‫طبعا فرؽ كما تعلموف بُت ُ‪٤‬تيي الدين الذي ىو ُ‪٤‬تيي الشرؾ ابن عريب صاحب (الفصوص)‪ ،‬وبُت‬
‫* ً‬
‫ا‪١‬تاللي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬فرؽ بينهما كما بُت الثرى والثُّرّاي‪ ،‬كما بُت‬
‫ّ‬ ‫العريب‬
‫العالمة أيب بلر ابن ّ‬
‫اإلماـ ّ‬
‫السماء واألرض‪ ،‬ذاؾ ابن عريب صاحب (الفصوص)‪ ،‬العلماء كاإلماـ السخاوي وكبعض األئمة‬
‫الشافعيّة ونقل وذلق شيخ اإلسالـ ابن تيمية والشيخ ا‪١‬تج ّدد دمحم بن عبد الوىاب أ ّف من توقّف يف‬
‫ُ‬
‫تلفَت ابن عريب فقد كفر‪ِِ ،‬لَ؟ ألف العلماء قد أ‪ٚ‬تعوا على تلفَته‪ ،‬ال سيما وىو يقوؿ اب‪ٟ‬تلوؿ ‪-‬والعياذ‬
‫ابهلل‪ ،-‬يقوؿ ابالٖتاد ‪-‬والعياذ ابهلل‪.-‬‬

‫‪37‬‬
‫ويتوقّف عن تلفَت ىذا اللافر الذي ك ّفره العلماء‬ ‫إذف من أ‪ٚ‬تع العلماء على كفره‪ ،‬مث أييت شخ‬
‫إ‪ٚ‬تاعاً؛ فهو كافر‪.‬‬

‫من األشخاص ابللفر‪ ،‬فعند ذلق ال يُقاؿ بتلفَت من توقّف‬ ‫أما لو اختلف أىل العلم يف تعيُت شخ‬
‫عن تلفَته‪.‬‬

‫ا‪ٟ‬تجاج بن‬
‫اإلماـ ا‪ٟ‬تافظ ابن حجر العسقالين ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف (هتذيب التهذيب) يذكر ويقوؿ أف ّ‬
‫كمجاىد‪ ،‬وكابن أيب النجود‪ ،‬وكالشع ّ ‪-‬‬
‫يوسف الثقفي ك ّفره ‪٣‬تموعة من العلماء‪ ،‬كسعيد بن جبَت‪ ،‬و ُ‬
‫على تلفَته وتوقّف عن تلفَت ا‪ٟ‬تجاج وىذا ىو‬ ‫ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬وكغَتىم؛ وللن بعض أىل العلم ِل ين‬
‫الصحيح‪ ،‬فهل يُقاؿ ب ُل ْفر من لق يُل ّفر ا‪ٟ‬تجاج!؟ ال يُقاؿ بذلق‪ ،‬بل اإلماـ طاووس اليماين ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫سموف ا‪ٟ‬تجاج ُمؤمنا!‬
‫أتملوا‪ -‬إلخواننا من أىل العراؽ‪ ،‬يُ ّ‬
‫عجبت إلخواننا ‪ّ -‬‬
‫ُ‬ ‫هللا‪ -‬يقوؿ‪:‬‬

‫األخوة اإلسالمية‪ ،‬وإف كانوا قد توقفوا يف تلفَت ا‪ٟ‬تجاج‪ِِ ،‬لَ؟‬


‫عجبت ‪١‬تن؟ إلخواننا‪ ،‬فهو تربطو معهم ّ‬
‫ُ‬
‫ألف ا‪ٟ‬تجاج ِل يػُتّفق وِل ُ‪٬‬تمع العلماء على تلفَته بعينو؛ فالصَتورة إىل تلفَت من توقف عن تلفَته‬
‫ف يف تلفَته ويف حلمو‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خطأ فاحش فظيع‪ ،‬فال يُل ّفر من توقّف عن تلفَت شخ اختُل َ‬

‫أما من أ‪ٚ‬تع العلماء على تلفَته‪ ،‬فعند ذلق من توقف عن تلفَته فهو كافر‪.‬‬

‫وأخريا يف تقرير ىذا الناقض والتأصيل والتنظري حولو ِبلضواب‪ .‬الشرعية نقوؿ‪ :‬من ِبنت لو‬
‫ً‬ ‫ابعا‬
‫رً‬
‫ِبألدلّة الشرعية ُك ْفر فُالف من الناس‪ ،‬مث توقف عن تكفريه؛ فهو كافر‪ ،‬سواء أمجع الناس والعلماء‬
‫عمًرا قد ارتلب اللفر ونزؿ‬
‫يدا‪ ،‬أف ْ‬ ‫على تكفريه بعينو أو مل َُيمعوا‪ ،‬إذا ّ‬
‫تبُت لو ابألدلة الشرعية أف ز ً‬
‫اللفر عليو ابلضوابط الشرعية‪ ،‬مث توقف عن تلفَته بعد ذلق ‪١‬تصلحة يراىا ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬لشهوة‪،‬‬
‫لنحو ذلق‪ٟ ..‬تظوظ النفس عن تلفَته‪ ،‬فهو كافر‪.‬‬

‫ِ‬
‫رد النصوص الشرعية‪ ،‬عن مواالة ا‪١‬تشركُت‪ ،‬كما سيأيت معنا يف الناقض الثامن‪،‬‬
‫فليح َذر اإلنساف عن ّ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫ؤدي بو إىل أف يُنزؿ عليهم أحلاـ ا‪١‬تسلمُت‪،‬‬
‫كيف يُوايل ا‪١‬تشركُت؟ حينما يتوقّف عن تلفَتىم‪ ،‬يُ ّ‬
‫األحلاـ ا‪١‬تتعلقة أبىل اإلسالـ وعلى رأسها الوالء للمسلمُت‪ ،‬ا‪ٟ‬تب للمسلمُت‪ ،‬كما سيأيت معنا إبذف‬
‫ُ‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫‪38‬‬
‫ش ِاق ِق ال مرس َ ِ ِ‬
‫ني لَوُ ا ْهلَُدى}[النساء‪]ٔٔ٘ :‬؛ فإذف ّ‬
‫يتبُت لو ا‪٢‬تُدى من أقواؿ رسوؿ‬ ‫وؿ م ْن بَػ ْعد َما تَػبَػ م َ‬ ‫ُ‬ ‫{ َوَم ْن يُ َ‬
‫هللا‪ ،‬من أقواؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف حلم فالف من الناس ابللفر‪ ،‬مث يُشاقق الرسوؿ ‪-‬ﷺ‪ -‬وٯتتنع‬
‫عن تلفَت ىذا الرجل؛ عند ذلق تُ ّنزؿ عليو ىذه القاعدة‪ ،‬يُ ّنزؿ عليو ىذا الناقض ‪-‬والعياذ ابهلل‪ :-‬من ِل‬
‫صحح مذىبهم فقد كفر‪.‬‬
‫شق يف ُكفرىم أو ّ‬
‫يُل ّفر ا‪١‬تشركُت أو ّ‬

‫نعم‪ ..‬لعلّنا نقف عند ىذا ا‪ٟ‬تد‪ ،‬وهللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو‬
‫وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪.‬‬

‫(أسئلة اْلضور)‬

‫ك لِ َم ْن‬
‫اَّللَ ال يَػ ْغ ِف ُر أَ ْف يُ ْش َر َؾ بِ ِو َويَػ ْغ ِف ُر َما ُدو َف َذلِ َ‬
‫يقوؿ‪ :‬إف هللا –سبحانو وتعاىل‪ -‬قد قاؿ‪{ :‬إِ مف م‬
‫شاءُ}[النساء‪ ،]ٔٔٙ :‬يقوؿ‪ :‬ما الدليل على أف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يغفر ملن اتب من الشرؾ؟‬ ‫يَ َ‬

‫اَّللَ ال يػَ ْغ ِف ُر‬


‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ‪ :‬ال ينبغي ا‪٠‬تلط يف األدلة؛ فإف ىذا الن من هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ -‬إِ مف م‬
‫أَ ْف يُ ْشَرَؾ بِِو} مىت؟ يف حاؿ موتو على اللفر‪ ،‬على الشرؾ‪ ،‬من مات على الشرؾ وِل يتُب منو؛ فاهلل ‪-‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬ال يغفر أف يُشرؾ بو‪ ،‬ويغفر ما دوف ذلق ‪١‬تن يشاء‪ ،‬ما دوف ذلق من كل ا‪١‬تعاصي‬
‫اليت ىي دوف الشرؾ‪ ،‬شخ مات وقد اقًتؼ بعض اللبائر كالزان والسرقة وشرب ا‪٠‬تمر ومات وِل يتُب‬
‫من ىذه الذنوب‪ ،‬فهذا يف مشيئة هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬إف شاء أدخلو النار بعدلو وإف شاء أدخلو‬
‫العصاة‪ ،‬من الفسقة ا‪١‬تلِّيُت ال ُٮتلّده يف‬
‫ا‪ٞ‬تنة بفضلو ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬والذي يُدخلو النار بعدلو من ُ‬
‫انر جهنم‪ ،‬وإ‪٪‬تا ُ٭ترؽ هبا ويُع ّذب فيها بقدر تلق ا‪١‬تعاصي‪ ،‬مث ٮترج إما بشفاعة الشافعُت‪ ،‬وإما بر‪ٛ‬تة‬
‫رب العا‪١‬تُت ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬؛ فإذف ىذه اآلية ليست يف ا‪ٟ‬تي‪ ،‬ا‪ٟ‬تي ال أحد ٭توؿ بينو وبُت التوبة‬
‫واألوبة والرجوع إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫ب ما قبلو)‪ ،‬فاإلسالـ‬
‫قاؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما عند مسلم‪ ،‬لعمرو‪ ،‬قاؿ لو‪( :‬أما علمت أف اإلسالـ ََيُ ّ‬
‫ب ما قبلو من الشرؾ واللفر‪ ،‬وىل كاف أغلب الصحابة ‪-‬مهنع هللا يضر وأرضاىم‪ -‬وىل كاف أغلب الصحابة‬
‫‪٬‬تُ ّ‬

‫‪39‬‬
‫من أصحاب رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قبل البعثة إال من ا‪١‬تشركُت؟ إال من اللافرين الذين يعبدوف غَت هللا ‪-‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬ويدعوف غَت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪!-‬؟ فلما أسلموا ك ّفر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬عنهم‬
‫كل ذلق الشرؾ واللفر ‪-‬والعياذ ابهلل‪ -‬بفضلو ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ومنّو وكرمو؛ بل تُب ّدؿ تلق السيئات‬
‫اب‪ٟ‬تسنات واألجور وذلق من فضل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وسعة فضلو‪.‬‬

‫فإذف الصحابة ‪-‬رضواف هللا تبارؾ وتعاىل عليهم‪ ،-‬أو أغلب الصحابة ‪-‬رضي هللا تبارؾ وتعاىل عليهم‪-‬‬
‫كانوا قبل البعثة بعثة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كانوا يقًتفوف بعض الشركيات‪ ،‬للن ‪١‬تا اتبوا اتب هللا عليهم‪ ،‬والتائب‬
‫من الذنب مهما كاف ىذا الذنب كمن ال ذنب لو‪.‬‬

‫يقوؿ‪ :‬ىل سبب تكفري من مل يُك ّفر الكفار ىو أنو ر ّد كالـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ور ّد كالـ النيب ‪-‬‬
‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ‪ :‬تلفَت من ِل يُل ّفر اللفار ىو من ابب التلفَت ابلّلوازـ‪ ،‬ويلزـ من ىذا الفعل ً‬
‫لزوما وثي ًقا‬
‫ْتيث ال ينفق عنو ‪-‬إال أف يشاء هللا‪ -‬يلزـ منو لوازـ عديدة ُمل ّفرة‪ ،‬منها‪ :‬رد كالـ هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪ -‬وكالـ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬ومنها عدـ الرباءة من الشرؾ وأىلو‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫عمن مل يكفر طاغوت ك ّفره العلماء‪.‬‬


‫السؤاؿ ّ‬

‫اإلجابة‪ :‬قلنا على حسب ذلق التأصيل الذي ذكرانه‪ :‬إف كاف ىذا الطاغوت قد أ‪ٚ‬تع العلماء على‬
‫تلفَته بعينو‪ ،‬فهو كافر إذا توقّف عن تلفَته‪ ،‬إف كاف ىذا الطاغوت من اللفار األصليُت‪ ،‬فإف توقف‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬على ذكره بعينو َكفرعوف‪..‬‬ ‫عن تلفَته فهو كافر‪ ،‬إف كاف ىذا الطاغوت ‪٦‬تن ن‬
‫فرعوف طاغوت‪ ،‬إبليس طاغوت كما قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬ورؤوس الطواغيت‬
‫‪ٜ‬تسة‪ ،‬وذكر منهم إبليس؛ فمن توقف عن تلفَته فهو كافر‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫طاغوات من الطواغيت‪ ،‬فهذا‬
‫ً‬ ‫مث إف كاف ىذا الطاغوت من ا‪١‬تسلمُت يف بداية حياتو مث ارت ّد وكفر وأصبح‬
‫تبُت ‪٢‬تذا الشخ كفر ىذا الطاغوت‪ ،‬مث توقف وامتنع عن تلفَته؛ فهو كافر‪.‬‬
‫يُنظر فيو‪ ،‬فإف ّ‬

‫نعم‪..‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ماذا تعِن بوحدة الوجود؟ مث قاؿ‪ :‬ونريد نُبذة َُمتصرة عن ىذه الفرقة وىل السيد‬
‫قطب ‪-‬رمحو هللا‪ -‬يقوؿ هبا؟ وما حكم من يقوؿ هبا؟‬

‫اإلجابة‪ً :‬‬
‫طبعا وحدة الوجود ىؤالء الذين يقولوف بذلق ‪-‬والعياذ ابهلل‪ -‬ىم أكفر من اليهود والنصارى‬
‫كما قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬إذ أف ىؤالء النفر من غُالة الصوفية ومن النصَتية ومن‬
‫حل يف ‪٥‬تلوقاتو ‪-‬‬
‫الدروز وأمثا‪٢‬تم الذين يقولوف بوحدة الوجود‪ ،‬ىم ‪-‬والعياذ ابهلل‪ -‬يقولوف أبف هللا ّ‬
‫والعياذ ابهلل‪ ،-‬يقولوف‪( :‬أف هللا يف كل ملاف بذاتو) ‪-‬تعاىل هللا عن ذلق عُلوا كبَتا‪ -‬والعياذ ابهلل ال نُريد‬
‫أف ُ‪٧‬تري على أ‪ٝ‬تاعلم بعض األلفاظ ‪٦‬تا يقولونو يف ىذا الباب من قو‪٢‬تم إف هللا يف كل ملاف بذاتو ‪-‬‬
‫والعياذ ابهلل‪( ،-‬أف هللا يف ملاف كذا وكذا وكذا‪٦ )..‬تا تعلموف من أماكن القاذورات و‪٨‬توىا‪ ،‬تعاىل هللا‬
‫عن ذلق عُلوا كبَتا‪.‬‬

‫ويقوؿ قائلهم‪( :‬ما يف ا‪ٞ‬تُبّة إال هللا) ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬ويقوؿ قائلهم‪( :‬وما الللب وا‪٠‬تنزير إال إ‪٢‬تُنا) ‪-‬‬
‫والعياذ ابهلل‪ -‬إىل غَت ذلق‪ ..‬فهؤالء ىم أصحاب ا‪ٟ‬تلوؿ‪ ،‬ىؤالء ىم ا‪ٟ‬تلوليّة‪ ،‬ىؤالء ىم أصحاب وحدة‬
‫الوجود‪.‬‬

‫اليهود وىم كفرة أشركوا ابهلل بعض ‪٥‬تلوقاتو‪ ،‬وقالوا ْتلوؿ هللا يف بعضهم‪ ،‬كحلوؿ هللا يف عُزير ‪-‬والعياذ‬
‫ابهلل‪ ،-‬النصارى قالوا ْتلوؿ هللا يف عيسى ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬وىؤالء كفار ابإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬وىم ‪-‬والعياذ ابهلل‪-‬‬
‫زعموا حلوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف بعض ‪٥‬تلوقاتو‪ ،‬فليف ٔتن يتجاوز كفر النصارى وكفر اليهود إىل‬
‫حل يف ‪ٚ‬تيع ‪٥‬تلوقاتو ‪-‬والعياذ ابهلل‪!-‬‬
‫دركات سحيقة ويقوؿ أبف هللا ّ‬
‫قرر‬
‫يقوؿ‪( :‬ىو أان وأان ىو) ىذا ابن عريب صاحب (الفصوص)‪ ،‬إىل غَت ذلق من ألفاظو اللفرية اليت يُ ّ‬
‫فيها مسألة وحدة الوجود‪ ،‬وىذا كفر ال خالؼ فيو بُت اثنُت من العلماء وال ينتطح فيو كبشاف‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الشاىد أف ىذه مسألة ُمل ّفرة أ‪ٚ‬تع العلماء على تلفَت القائل هبا وا‪١‬تتلبّس هبا كابن عريب‪ ،‬وِل يلتفوا‬
‫ُ‬
‫بذلق بل ك ّفروا من توقّف يف تلفَتىم‪.‬‬

‫جل يف عُاله {إنمِن‬


‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف كل ملاف وللن ليس بذاتو‪ ،‬بل بسمعو‪ ،‬بعلمو‪ ،‬إبحاطتو ّ‬
‫َمسَع َوأ ََرى}[طو‪ ]ٗٙ :‬وليس كما يقوؿ أولئق ّ‬
‫االٖتاديّة ‪-‬والعياذ ابهلل‪.-‬‬ ‫َم َع ُك َما أ ْ‬

‫ب عليو يف ذات هللا ‪-‬سبحانو‬ ‫ِ‬


‫أما الشيخ سيّد قطب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ -‬ىذا العمالؽ الذي ُكذ َ‬
‫وتعاىل‪ِِ -‬لَ؟ ألنو كاف من ا‪١‬تج ّددين يف ابب ا‪ٟ‬تاكمية‪ ،‬كاف من ا‪١‬تج ّددين يف تعبيد الناس هلل ‪-‬سبحانو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتعاىل‪ -‬يف ابب ا‪ٟ‬تلم والقضاء والتشريع؛ ّأال يتحاكم اإلنساف إال إىل هللا‪ ،‬ال ٭تلم إال بشرع هللا ‪-‬‬
‫فتقوؿ الناس عليو كثَتا‪ ،‬ال سيما وقد وىبو هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فصاحةً وطالقة‬
‫سبحانو وتعاىل‪ّ ،-‬‬
‫لساف وسيالة قلم‪ ،‬سيالف ذلق القلم الراقي الرائق‪ ،‬فيتصيّد البعض يف ا‪١‬تاء العلر يف بعض إطالقات‬
‫سيّد قطب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬اليت ىي من قبيل كتابتو األدبيّة ال االصطالحات الشرعيّة؛ فيقولوف انظروا إىل‬
‫سيّد يقوؿ بوحدة الوجود‪ ،‬انظروا إليو ىنا يطعن يف كذا وكذا‪ ،‬انظروا إليو ىناؾ يقوؿ بلذا وكذا‪ ،‬يُلزموه‬
‫بلوازـ إما تلق اللوازـ انشئة من سوء فهمهم‪ ،‬كما قاؿ البحًتي‪:‬‬

‫البقر‬
‫علي إذ ِل تفهم ُ‬
‫علي نسج القوايف من منابتها ‪ ...‬وما ّ‬
‫ّ‬
‫صحيح والفهم قبيح‪ ،‬وما آفة األخبار إال ُرواهتا‪.‬‬ ‫ىذا الفهم انتج عن فهمهم؛ وكما قيل‪ :‬الن‬

‫تبحرهِ يف اللغة واألدب وجهل أولئق األقواـ الذين يتصيّدوف يف‬ ‫ِ‬
‫ب لسيّد نتيجة عن ّ‬
‫فإذف ىناؾ كالـ نُس َ‬
‫ا‪١‬تاء العلر‪ .‬ىذا أوال‪.‬‬

‫مر أبطوار يف حياتو‪ ،‬والعلم بناء؛ فهم‬


‫أيضا يف أبواب أخرى تعلموف أف سيّ ًدا ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ّ -‬‬
‫ً‬
‫أيخذوف ويستلّوف بعض األقواؿ اليت كتبها قدٯتًا مث تراجع عنها وج ّدد القوؿ فيها إما يف كتب جديدة‬
‫قوـ ُهبت ليس لديهم من اإلنصاؼ‪ ،‬فيهم صفة من صفات‬
‫أخرى وإما يف طبعات جديدة‪ ،‬وللن ىؤالء ٌ‬
‫اليهود كما جاء يف حديث عبد هللا ‪١‬تا أسلم بعد يهوديّتو‪ ،‬كما يف الصحيحُت‪ :‬سأؿ الن ‪-‬ﷺ‪ -‬أولئق‬
‫اليهود عن عبد هللا‪ ،‬فقالوا‪ :‬ىو من خَتان‪ ،‬ىو سيّدان وابن سيّدان‪ ..‬إىل غَت ذلق‪١ ،‬تا أظهر ‪٢‬تم اإلسالـ‬
‫ت‪.‬‬
‫قوـ ُهب ٌ‬
‫شران إىل غَت ذلق‪ ..‬فهم ٌ‬
‫شران وابن ّ‬
‫وخالف أىواءىم ماذا قالوا؟ بل ىو ُّ‬

‫‪42‬‬
‫أيضا صفة من صفات النساء كما أخرب الن ‪-‬ﷺ‪ -‬كما‬
‫كذلق فيهم صفة قلنا من صفات اليهود‪ ،‬و ً‬
‫يف ا‪ٟ‬تديث ا‪١‬تتّفق عليو ‪١‬تا قاؿ «فيما معناه»‪ :‬تل ُفرف‪ ،‬فقالت النساء‪ :‬أنلفر ابهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬؟‬
‫ُ‬
‫قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬وللن تل ُفرف العشَت‪ ،‬إف أحسن إليلم الدىر كلو مث رأت إحداكن منو ما تلره‪ ،‬قالت‪ :‬ما‬
‫خَتا قط‪.‬‬
‫رأيت منق ً‬
‫فهذا ىو البُهتاف وىذا ىو عدـ اإلنصاؼ‪ ،‬ىذه الصفات يتخلّق هبا أولئق األقواـ الذين يُزعجوف‬
‫ا‪١‬توحدين بطعنهم وثلبهم على ا‪١‬تج ّددين يف أبواب ا‪ٟ‬تاكمية وأبواب الوالء والرباء بلوازـ شىت ال تلزمهم‪،‬‬
‫ُ‬
‫خبث ‪-‬والعياذ ابهلل‪ -‬وعدـ إنصاؼ‪.‬‬ ‫قلنا إما عن سوء فهم وإما عن ٌ‬

‫سؤاؿ‪ :‬ىل ثبتت زندقة الطبيب ابن سينا؟‬

‫اإلجابة‪ً :‬‬
‫طبعا ابن سينا ذكر شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ -‬عن ا‪٠‬تُضَت عن شيوخو‪،‬‬
‫أيضا‬
‫أتملوا‪ ،‬وىذا فيو ً‬
‫كافرا ذكيا‪ّ ..‬‬
‫كافرا ذكيّا)‪ ..‬كاف ً‬
‫كت علماء ُٓتارى يقولوف‪( :‬ابن سينا كاف ً‬
‫قاؿ‪ :‬أدر ُ‬
‫أتملوا إىل إنصاؼ أولئق العلماء مع حلمهم على ابن‬
‫إشارة إىل ما سبق اللالـ عنو حوؿ اإلنصاؼ‪ّ ،‬‬
‫مثال نقوؿ عن عنًتة ونشهد عليو ابللفر‪ ،‬للن ال ننفي‬
‫سينا ابللفر إال أهنم شهدوا لو ابلذكاء‪ ،‬فنحن ً‬
‫عنو صفة الشجاعة‪ ،‬حامت الطائي كافر مشرؾ للن ال ننفي عنو صفة اللرـ‪ ،‬وىلذا‪ ..‬للن أولئق من‬
‫مرجئة العصر يُنلروف ويسلبوف اإلنساف إذا خالفهم من كل فضيلة ويتّهمونو بلل نقيصة‪.‬‬

‫ابن سينا حلم عليو عدد من أىل العلم ابللفر والزندقة‪ِِ ،‬لَ؟ لفلسفتو‪ ،‬كما قيل‪ :‬من ٘تنطق‪ ..‬تزندؽ‪.‬‬

‫ىذه الفلسفة ّأدت بو إىل أمور قاؿ هبا‪ ،‬وال أريد أف أُع ّلر صفو عقوللم ال سيّما يف ىذه العُجالة بتلق‬
‫الشطحات والفلسفات يف ذات هللا ويف ُرسلو ويف غَت ذلق‪ ،‬قالوىا من ‪٤‬تض عقو‪٢‬تم الفاسدة اللاسدة‪.‬‬
‫ّ‬

‫لذلق حلم بعض العلماء عليهم ابللفر‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫فوت ويُصلّي‪ ..‬وىكذا‪..‬؟‬
‫يقوؿ‪ :‬ما حكم من يُقطّع يف صالتو‪ ،‬يُصلّي اترة ويقطع اترة‪ ،‬يُ ّ‬

‫اإلجابة‪ :‬تعلموف أف العلماء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬اختلفوا يف مسألة اترؾ الصالة على ثالثة أقواؿ‪ :‬أما القوؿ‬
‫األوؿ فهو قوؿ ا‪ٞ‬تمهور من األحناؼ وا‪١‬تاللية والشافعية؛ وىو قوؿ مرجوح أف اترؾ الصالة ال يلفر إال‬
‫إذا جحد وجوب الصالة‪.‬‬

‫أما القوؿ الثاين وىو قوؿ ا‪ٟ‬تنابلة ومن قاؿ بقو‪٢‬تم‪ :‬وىو بتلفَت اترؾ الصالة‪.‬‬

‫أما القوؿ الثالث وىو قوؿ الظاىرية كاإلماـ ابن حزـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬ىم قالوا بتلفَت من ترؾ صالة‬
‫واحدة‪.‬‬

‫تعمد فًتؾ‬
‫ا‪ٟ‬تنابلة قالوا‪ :‬من ترؾ جنس الصالة ال يُصلي ال يركع هلل ركعة فهذا كافر‪ ،‬الظاىرية قالوا من ّ‬
‫صالة واحدة بدوف عذر إىل أف ٮترج وقتها؛ فهو كافر‪.‬‬

‫الراجح يف ىذه املسألة وهللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أعلم لتضافر األدلّة‪ :‬ىو قوؿ اْلنابلة؛ من ترؾ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َال َة َوَال تَ ُكونُوا م َن ال ُْم ْش ِرك َ‬
‫ني}[الروـ‪:‬‬ ‫يموا ال م‬
‫جنس الصالة كفر‪ ،‬وهللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ { :‬وأَق ُ‬
‫ٖٔ]‪ ،‬الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يقوؿ‪( :‬بني الرجل وبني الشرؾ والكفر ترؾ الصالة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر)‪،‬‬
‫عرؼ الشرؾ ب(اؿ) التعريف‪( ،‬بُت الرجل وبُت الشرؾ واللفر ترؾ‬
‫فعرؼ اللفر ب(اؿ) التعريف‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الصالة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر)‪.‬‬

‫كما قاؿ شيخ اإلسالـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف (اقتضاء الصراط ا‪١‬تستقيم)‪ :‬أف اللفر إذا عُِّر َ‬
‫ؼ ب(اؿ التعريف)‬
‫فإ‪٪‬تا يُراد بو اللفر األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪.‬‬
‫ُ‬
‫مثال‪ :‬قاؿ ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( -‬اثنتاف يف الناس مها هبم كفر‪،‬‬
‫ُخر ً‬
‫ِل ي ُقل الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما قاؿ يف أحاديث أ َ‬
‫النياحة على امليت‪ ،‬والطعن يف األنساب)‪ ،‬فقاؿ كفر وِل ي ُقل اللفر‪ِ ،‬ل يُ ّ‬
‫عرفوُ ب(اؿ) التعريف‪ ،‬فهنا‬
‫يف ترؾ الصالة قاؿ‪ :‬اللفر‪.‬‬

‫جالسا خلف الصفوؼ وِل‬


‫رجال بعد أف ّأدى ا‪١‬تسلموف صالهتم‪ ،‬كاف ً‬
‫كذلق الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪١ -‬تا رأى ً‬
‫ِ‬
‫صل‪ ،‬فقاؿ لو‪( :‬ألست ب َر ُج ٍل ُمسلم!؟) فإذف مفهوـ ا‪١‬تخالفة أف من ِل يُ ِّ‬
‫صل فليس برجل مسلم‪ ،‬إما‬ ‫يُ ِّ‬

‫‪44‬‬
‫رجال‬
‫أف يلوف امرأة وىي يف عذرىا الشرعي الذي ىو ا‪ٟ‬تيض أو النفاس يف تركو للصالة‪ ،‬أو أف يلوف ً‬
‫غَت عاقل‪٣ ،‬تنوف‪ ،‬أو ّأال يلوف من ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ‪( :‬ألست برجل مسلم!؟) فإذف سألو عن عدـ صالتو‪ ،‬كذلق األحاديث كثَتة يف ىذا‬
‫حيل دـ امرئ‬
‫الباب‪ ،‬الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما يف حديث ابن مسعود الذي أخرجو يف الصحيحُت‪ ،‬قاؿ‪( :‬ال ّ‬
‫مسلم إال ِبحدى ثالث‪ :‬الثيّب الزان‪ ،‬والنفس ِبلنفس‪ ،‬والتارؾ لدينو املُفارؽ للجماعة)‪ٚ ،‬تهور‬
‫العلماء الذين توقفوا عن كفر اترؾ الصالة وقالوا ىو ال يلفر إال إذا جحد‪ ،‬قالوا يُستتاب‪ ،‬واختلفوا يف‬
‫ردةً‪.‬‬
‫مدة االستتابة‪ ،‬وإال قُتل‪ ..‬قالوا‪ :‬يُقتل حدا‪ ،‬وا‪ٟ‬تنابلة قالوا‪ :‬يُقتل ّ‬

‫نقوؿ ‪٢‬تم ونوقف ا‪ٞ‬تمهور وىم على أعيننا ورؤوسنا‪ ،‬نقوؿ ‪٢‬تم‪َِِ :‬ب قتلتموه؟ كيف استحللتم دموُ؟ والن‬
‫٭تل دـ امرئ مسلم إال إبحدى ثالث)!!؟ إما أف يلوف ىو ثيّب ز ٍاف‪ ،‬واترؾ الصالة‬ ‫‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ (ال ّ‬
‫يبق إال‬ ‫ٍ‬
‫ليس بثيّب زاف‪ ،‬وإما أف يلوف النفس ابلنفس‪ ،‬واترؾ الصالة ِل يقتل حىت يُقت منو‪ ،‬فلم َ‬
‫الثالث‪ :‬التارؾ لدينو؛ إذف اترؾ الصالة ‪-‬ويُلزـ ا‪ٞ‬تمهور بذلق‪ -‬اترؾ الصالة ىو اترؾ لدينو كما أخرب‬
‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫مث إف الصحابة قد أ‪ٚ‬تعوا كما يف حديث عبد هللا بن شقيق على كفر اترؾ الصالة؛ إذف ال يُعتد ٓتالؼ‬
‫من خالف بعد إ‪ٚ‬تاع الصحابة‪ ،‬إذا أ‪ٚ‬تع الصحابة على مسألة مث اختلف من بعدىم على أقواؿ‪ ،‬ال‬
‫يُلتفت لتلق األقواؿ يف ُمقابل إ‪ٚ‬تاع الصحابة ‪-‬مهنع هللا يضر وأرضاىم‪.-‬‬

‫مث يف قوؿ ا‪ٞ‬تمهور ابشًتاط أف ‪٬‬تحد اترؾ الصالة ليلفر؛ نقوؿ‪ :‬جحود وجوب الصالة كفر ُمستقل‬
‫فوت منها وىو جاح ٌد لوجوب‬
‫رجال يصلي الصلوات وال يُ ّ‬ ‫بذاتو‪ ،‬سواء صلى أو ِل يُ ِّ‬
‫صل‪ ،‬لو فرضنا أف ً‬
‫الصالة‪ ..‬ماذا تقولوف فيو؟ يُل ّفرونو وال يتوقفوف يف تلفَته؛ إذف ا‪ٞ‬تحود مناط مستقل يف تلفَت اترؾ‬
‫الصالة‪.‬‬

‫والن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وىو أفصح من نطق ابلضاد كاف يستطيع أف يقوؿ‪ :‬من جحد الصالة فقد كفر‪ ،‬كاف‬
‫يستطيع أف يقوؿ‪ :‬بُت الرجل وبُت اللفر والشرؾ جحد الصالة‪ ،‬فمن جحدىا فقد كفر‪ ،‬وللنو ِل ي ُقل‬
‫ذلق ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫‪45‬‬
‫و‪٩‬تتم إىل ىذه الفائدة اليت ذكرىا شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ -‬يف (‪٣‬تموع الفتاوى‪،‬‬
‫يف اجمللد السابع) حيث قاؿ‪( :‬إف من توقّف عن تلفَت اترؾ الصالة إ‪٪‬تا دخلت عليو ُشبهة اإلرجاء)‪.‬‬

‫وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الدرس الثالث‬

‫ذؿ من عصاه‪ ،‬والصالة والسالـ على نبيو‬ ‫عز من أطاعو‪ُ ،‬م ِّ‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬ا‪ٟ‬تمد هلل ُم ّ‬
‫ِ‬
‫وصحبو ومن وااله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫ومصطفاه‪ ،‬وعلى ِ‬
‫آلو‬ ‫ُ‬

‫فقد تللّمنا وإايكم ْتوؿ هللا وفضلو وطَولِِو عن بعض نواقض اإلسالـ‪ ،‬تللمنا عن الشرؾ واإلشراؾ‪،‬‬
‫يتقربوف إليهم‬
‫تللمنا عن االستغاثة واالستعانة بغَت هللا‪ ،‬وجعل بعض ا‪١‬تخلوقُت وسائط بُت أولئق الذين ّ‬
‫عرجنا على الناقض الثالث من نواقض اإلسالـ وىو‪ :‬من ِل‬
‫من دوف هللا وبُت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬مث ّ‬
‫صحح مذىبهم فقد كفر‪ ،‬وىا ‪٨‬تن وإايكم مع الناقض الرابع‬ ‫شق يف ُكفرىم أو ّ‬‫يُل ّفر ا‪١‬تشركُت أو ّ‬
‫ُ‬
‫ابلتعليم والتعلّم ال ابالقًتاؼ والعياذ ابهلل‪..‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬رمحو هللا تعاىل‪ -‬يف رسالة نواقض اإلسالـ‪:‬‬

‫(الناقض الرابع‪ :‬من اعتقد أف غري ىدي النيب ملسو هيلع هللا ىلص أكمل من ىديِ ِو‪ ،‬أو أ ّف ح ْكم غريهِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫الطواغيت على ُح ْك ِم ِو‪ ،‬فهو كافر)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ض ُل ُح ْك َم‬‫أحسن من ُح ْك ِم ِو‪ ،‬كالذي يُف ّ‬
‫ُ‬
‫نعم‪ ..‬ابرؾ هللا فيق‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫ومسلمة‪ ،‬أف أفضل األحلاـ أحلاـ هللا ‪-‬‬ ‫من ا‪١‬تعلوـ ومن األمور البديهيّات ا‪١‬تُسلّمات عند كل ُمسلم ُ‬
‫ْم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ىو‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬اليت ال أيتيها الباطل من بُت يديها وال من خلفها‪ُ ،‬حل ُ‬
‫أفضل وأكمل األحلاـ‪ ،‬كيف والن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يقوؿ كما يف ا‪ٟ‬تديث الذي أخرجو اإلماـ مسلم‪( :‬أما‬

‫‪47‬‬
‫جل يف عُاله يقوؿ‪{ :‬أَفَ ُح ْك َم‬ ‫ٍ‬
‫بعد‪ ،‬فإ ّف خري الكالـ كالـ هللا‪ ،‬وإف خري اهلدي ىدي َممد ملسو هلآو هيلع هللا ىلص)‪ ،‬هللا ّ‬
‫اَّلل ُح ْك ًما لَِّق ْوٍـ يُوقِنُو َف}[ا‪١‬تائدة‪ ،]٘ٓ :‬أما من يف قلوهبم َد َغل وريب‬
‫اىلِيم ِة يػبػغُو َف ومن أَحسن ِمن مِ‬
‫ََ ْ ْ َ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫ا ْْل ِ‬
‫َ‬
‫فضلوف أحلاـ ا‪ٞ‬تاىلية‪ ،‬سواء أحلاـ ا‪ٞ‬تاىلية األوىل أو ا‪١‬تعاصرة على أحلاـ هللا ‪-‬‬
‫ونفاؽ ومرض فهم يُ ّ‬
‫ُ‬
‫سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫ديننا وتطبيق ىذا الدين بُت األانـ من أيسر ما يلوف‪ ،‬كما قاؿ ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف ما أخرجو اإلماـ البخاري يف‬
‫السمحة) فما أيسر تطبيق‬
‫(أحب األدًيف إىل هللا اْلنيفيّة ّ‬
‫ّ‬ ‫األدب ا‪١‬تفرد‪ ،‬أف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ‪:‬‬
‫األحلاـ الشرعية‪ ،‬وللن بعض من يف قلبو مرض ٮتتلع وٮتًتؽ وٮتتلق األعذار ىنا وىناؾ‪ ،‬اترة يتع ّذر‬
‫ابلغرب وبرضا ا‪١‬تخلوقُت‪ ،‬واترة يتع ّذر بصعوبة تطبيق تلق األحلاـ السهلة اليسَتة‪ ،‬واترة يتعلق ويتشبث‬
‫بقولو أف ىذه األحلاـ ال تصلح ‪٢‬تذا الزماف أو ال تصلح ‪٢‬تذا ا‪١‬تلاف ‪-‬والعياذ ابهلل تعاىل‪.-‬‬

‫لو نظران وأتملنا يف واقع دولة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬األوىل يف ا‪١‬تدينة‪ ،‬كم حادثة حدثت يف واقعة السرقة؟ كم‬
‫يشرب ا‪٠‬تمر؟ إىل غَت ذلق‪.‬‬ ‫انزلة نزلت يف مسألة الزان؟ كم مرة أُيت بشخ‬

‫مث قارهنا ابلوقائع ا‪١‬تعاصرة‪ ،‬كم مرة وكم تسمع وكم ترى من وقائع الزان ا‪١‬تتعددة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل!‬
‫بل ومسائل االغتصاب ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬مسائل السرقات ح ّدث وال حرج‪ ،‬بدءًا من األرقاـ العالية اليت‬
‫ال ُ٭تسن تعدادىا العبد الفقَت من ا‪١‬تاليُت وما ىو أكثر من ذلق إىل ما ىو أقل من ذلق‪ ،‬السرقات‬
‫اليوـ متنوعة ومتلونة‪ ،‬أشلاؿ عديدة يف السرقات واالختالسات واالغتصاابت واالنتهاؾ‪ ..‬إىل غَت‬
‫ذلق‪.‬‬

‫الزان كما أسلفنا كثَت نسأؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬السالمة والعافية‪ ،‬كما جاء عن رسوؿ هللا ‪-‬ﷺ‪ -‬أنو‬
‫ذكر إذا فشا الزان يف قوـ أىللهم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫فيم قُتِل‪ ،‬القاتل ال يدري على ماذا قتل ذلق الشخ ‪،‬‬
‫والقتل ح ّدث وال حرج‪ ،‬يُقتل اإلنساف ال يدري َ‬
‫كثػَُر ا‪٢‬ترج بُت الناس كما قاؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف عالمات الساعة‪.‬‬

‫س على ذلق من الفواحش ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬ما كاف اإلنساف أف يتصور أف تقع ىذه الواقعة‬ ‫ِ‬
‫مث ق ْ‬
‫أبدا! وللن بسبب تنحية حلم هللا واستبدالو هبذه القوانُت الوضعية‬
‫أو تلق الواقعة وىو على قيد ا‪ٟ‬تياة ً‬
‫الوضيعة اليت ىي ال تُغٍت وال تُسمن من جوع‪ ،‬وكما قيل‪ :‬من ِأم َن العقاب‪ ..‬ساء األدب‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ويتجارى هبم ا‪٢‬توى ‪-‬والعياذ ابهلل‪ -‬يف ظل ىذه األحلاـ اليت ىي كعجوة قريش ‪١‬تا يصنعوف تلق‬
‫التماثيل واألصناـ من التمر مىت ما جاعوا أكلوا منها‪ ،‬كذلق ىذه القوانُت الوضعية الوضيعة مىت ما‬
‫جاعوا أكلوا منها‪ ،‬وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫إذف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ىو الذي خلق ىذا ا‪٠‬تلق‪ ،‬وىو الذي خلق ىذه األرض‪ ،‬وىو الذي أنزؿ‬
‫حلما ُمهيمنًا على ‪ٚ‬تيع الشرائع‬
‫حاكما ً‬ ‫اللتاب الذي ال أيتيو الباطل من بُت يديو وال من خلفو‪ ،‬أنزلو ً‬
‫اخلَبِريُ}[ا‪١‬تلق‪ ،]ٔٗ :‬بلى!‬
‫يف ْ‬‫حرفة أو الوضعية {أ ََال يَػ ْعلَ ُم َم ْن َخلَ َق َو ُى َو اللم ِط ُ‬
‫ا‪١‬تنسوخة أو ا‪١‬تُ ّ‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يعلم ما يُصلِح العباد وما يُصلِح البالد‪ ،‬فلل جرٯتة وضع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫عليها حدا‪ ،‬عقوبة ُمق ّدرة بقدر؛ فأحلاـ هللا ‪ٟ‬تِِ َل ٍم ىو يراىا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ويعلمها ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪ -‬وىي أصلح وأ‪٧‬تع وأنفع للعباد لو كانوا يعلموف‪.‬‬

‫الشيخ دمحم ىا ىنا يتطرؽ إىل انقض من نواقض اإلسالـ ا‪١‬تنتشرة العظيمة‪( :‬ومن اعتقد أف غَت ىدي‬
‫فضل ‪-‬ويف بعض النسخ‪-‬‬
‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أكمل من ىديو أو أف حلم غَته أحسن من حلمو‪ ،‬كالذي يُ ّ‬
‫انقض من نواقض اإلسالـ‪.‬‬
‫فضلوف حلم الطواغيت على حلمو)‪ ..‬فهذا ٌ‬
‫كالذين يُ ّ‬

‫لكن لعل بعض مرجئة العصر يتشبثوف هبذا اللفظ‪ :‬أف الشيخ قاؿ (من اعتقد) قالوا إذف ىو حصر‬
‫ىذا الناقض يف االعتقاد وليس يف العمل!‬

‫نقوؿ‪ :‬إنو ِل ٭تصر ذلق‪ ،‬ومن أين للم ا‪ٟ‬تصر والقصر!! ىو تللم على مسألة وعلى صورة انزلة يف زمنو‬
‫أيضا يف زماننا‪ ،‬فال يعٍت أنو ٭تصر يف مسألة تلفَت‬
‫أف بعض الناس يعتقد ىذا االعتقاد وىو حاصل ً‬
‫ا‪ٟ‬تاكم بغَت ما أنزؿ هللا يف ا‪ٟ‬تاكم ا‪١‬ت ِ‬
‫عتقد أف حلم غَت هللا أفضل من حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ال‬
‫ُ‬
‫يُؤخذ من ذلق أنو ٭تصر وإال لقاؿ‪ :‬ال يلفر حىت يعتقد! فعند ذلق نعم‪ ،‬نقوؿ إنو حصر وىو ِل يفعل‬
‫ذلق وحاشاه‪.‬‬

‫أيضا ذكر اإلماـ ابن العريب ا‪١‬تاللي صورة من الصور وقاؿ‪( :‬من زعم أف ىذا ا‪ٟ‬تلم من عند هللا‬
‫كما ً‬
‫فقد كفر) أييت مرجئة العصر ويقولوف‪ :‬أتملوا إىل كالـ ىذا اإلماـ أنو قاؿ يزعم أنو من عند هللا! إذف‬
‫يقولوف ال يلفر ا‪ٟ‬تاكم بغَت ما أنزؿ هللا إال إذا زعم!‬

‫‪49‬‬
‫نقوؿ‪ :‬من أين ىذا ا‪ٟ‬تصر!؟ ىو ذكر كمثاؿ على ا‪١‬تسألة‪ ،‬ذكر كصورة من صور ا‪١‬تسألة أف من اعتقد‬
‫أف حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أو حلم غَت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أفضل وأحسن وأكمل من حلمو‬
‫فقد كفر‪ ،‬ىذه صورة من الصور‪.‬‬

‫فسئِلت عن ذلق‪ ،‬فقلت‬‫وسب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ُ -‬‬
‫سب هللا ّ‬
‫رجال من الناس ّ‬
‫لو أان نزلت انزلة بُت يدي أف ً‬
‫سب هللا فقط؟‬
‫وسب رسولو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فقد كفر‪ ،‬ىل يقوؿ قائل إف أاب سفياف ال يُل ّفر من ّ‬
‫سب هللا ّ‬
‫من ّ‬
‫معا!؟ ال يقوؿ ذلق قائل وال يلزمٍت ىذا القوؿ‪ ،‬أان أتللم‬
‫ال يُل ّفر إال من سب هللا وسب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ً -‬‬
‫عن صورة حدثت بُت يدي‪ ،‬صورة منتشرة؛ أهنم سبّوا هللا وسبّوا الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فأان ّقررت ىذه ا‪١‬تسألة‬
‫أين أشًتط اجتماع ىذاف ا‪١‬تناطاف‪ ،‬ال‬ ‫فقلت‪ :‬من سب هللا وسب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كفر‪ ،‬فال يُؤخذ من قويل ّ‬
‫سب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كفر؛ وللٍت أتللم‬
‫سب هللا كفر كذلق من ّ‬
‫يؤخذ منو ذلق‪ ،‬بل أان أعتقد أف من ّ‬
‫وسب الن‬
‫سب هللا ّ‬‫وسب الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فقلت من ّ‬
‫سب هللا ّ‬‫عن صورة معينة حدثت أف ذلق الفاعل ّ‬
‫‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فقد كفر‪.‬‬

‫كذلق ىا ىنا‪ ،‬حينما يقوؿ من اعتقد أف غَت ىدي الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أكمل من ىديو‪ ،‬أو أف حلم غَت‬
‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أفضل من حلمو‪ ،‬فقد كفر؛ ىو يتللم عن صورة معينة يف ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬فال يُقيّد تلفَت‬
‫ا‪ٟ‬تاكم بغَت ما أنزؿ هللا يف مسألة االعتقاد‪ ،‬نقوؿ نعم‪ ..‬من اعتقد‪ ،‬فهو أضاؼ مناط آخر‪ ،‬أضاؼ‬
‫سيمر معنا إف شاء هللا‪.‬‬
‫مناطًا للمناط ا‪١‬تُل ّفر األوؿ وىو ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا كما ُ‬
‫فإذف الذي يعتقد أف غَت حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أفضل من حلمو ىذا مناط مستقل يف التلفَت‪،‬‬
‫فضل حلم غَت هللا على حلم هللا ‪-‬‬ ‫ِ‬
‫سواء حلم ْتلم هللا‪ ،‬أو ِل ‪ٟ‬تلم ْتلم هللا‪ ،‬ىو كافر ِلَ؟ ألنو ّ‬
‫سبحانو وتعاىل‪ ،-‬فهذا مناط مستقل من مناطات التلفَت يف ىذه ا‪١‬تسألة‪.‬‬

‫مث هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪ً{ :‬ي أَيُّػها الم ِذين آمنوا َال ُِحتلُّوا َشعائِر مِ‬
‫اَّلل}[ا‪١‬تائدة‪ ]ٕ :‬كيف استحلوا‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫شعائر هللا!؟ قاؿ اإلماـ القرط ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪( :-‬إف استحال‪٢‬تا استبدا‪٢‬تا)؛ إذف استحالؿ شعائر هللا ىو‬
‫استبدا‪٢‬تا بغَتىا‪ ،‬فهذا ىو االستحالؿ الذي ذُكَِر فيما يفعلو بعض اللفار من قريش يف تبديل األشهر‬
‫حرموُ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬من تلق األشهر‪.‬‬ ‫ا‪ٟ‬تُُرـ‪ ،‬تبديل األشهر ا‪ٟ‬تُُرـ يعٍت أهنم استحلّوا ما ّ‬

‫‪51‬‬
‫وقد ذكر الشيخ ابن عثيمُت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬أنو ال يعقل أف إنساان يًتؾ شيئا إىل ٍ‬
‫شيء آخر إال وىو يعتقد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ضرورًة أف ىذا الشيء الذي صار إليو أفضل من الذي تركو‪.‬‬

‫من ترؾ سيارة‪ ،‬دابّة‪ ،‬واستبد‪٢‬تا بغَتىا فهذا ابلضرورة العقلية ِل يًتؾ األوىل ويصَت إىل الثانية إال أنو يعتقد‬
‫أف الثانية أفضل من األوىل ٍ‬
‫بوجو من الوجوه‪ ،‬إما أهنا أكمل طر ًازا‪ ،‬إما أهنا أريح لو‪ ،‬إما أهنا أرخ لو‪،‬‬
‫إما أنو ُ٭تسن قيادة ىذه السيارة أفضل من تلق‪ ..‬إىل غَت ذلق؛ فهو يعتقد تفضيل ىذه السيارة بوجو‬
‫من الوجوه على اليت تركها‪ ،‬فمن ترؾ شيئًا وصار إىل غَته ىو ابلضرورة العقلية يعتقد أف ذلق الشيء‬
‫الذي صار إليو أفضل من الذي تركو‪.‬‬

‫لرىا غَت ‪٥‬تتار ألفعالو‪ ،‬فهو ترؾ ىذه السيارة إىل السيارة األخرى قد أُكِ ِرَه على ذلق‬
‫اللهم إال إف كاف ُم ً‬
‫فعند ذلق نعم‪ ،‬ىو ليس ٔتختار ىو ِل يعتقد التفضيل‪ ،‬وللن األصل ىو توافق الظاىر مع الباطن كما‬
‫جاء يف حديث النعماف بن بشَت ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬كما يف الصحيحُت‪( :‬أال إف يف اْلسد مضغة‪ ،‬إذا‬
‫صلحت صلح سائر اْلسد‪ ،‬وإذا فسدت فسد سائر اْلسد‪ ،‬أال وىي القلب)‪.‬‬

‫ىذا من حيث األصل أف اإلنساف ما يًتؾ حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬إىل حلم غَته إال أنو يعتقد‬
‫ابلضرورة العقلية أف ذلق ا‪ٟ‬تلم أفضل وأعدؿ من حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ال سيما إف ٕتارى أكثر‬
‫فصرح أبف ذلق ا‪ٟ‬تلم ا‪١‬تخالف ‪ٟ‬تلم هللا ىو العدؿ‪ ،‬يسموهنا ٔتحاكم العدؿ‪ ،‬يسموهنا بوزارة العدؿ؛ إذ‬
‫ّ‬
‫فضلوا وق ّدموا‬
‫أهنم يروف فيها العدؿ احملض دوف حلم هللا وحلم رسولو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فال شق أف ىؤالء ّ‬
‫ىذه األحلاـ الوضعية على تلق األحلاـ السماويّة‪.‬‬

‫وىنا نقف وقفة من ِبب التأصيل والتقعيد هلذه املسألة اْلليلة اليت كثُػ َر فيها اللغ‪ .‬يف ىذه األًيـ‪،‬‬
‫ومتقوؿ‪ ،‬بعلم وبغري علم‪ ،‬بفهم وبغري فهم‪ ،‬الكل ُيوض يف ىذه‬
‫وكثر فيها االختالؼ بني قائل ّ‬
‫املسألة من ِبب الرتقيع لبعض الطوائف‪ ،‬ولبعض اْلكومات‪ ،‬وجتويز ما تفعل‪ ،‬وحتليل ما تفعل‪ ،‬أو‬
‫الذب والدفاع عنها ّبا استطاعوا من البياف كما قاؿ ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( :-‬أخوؼ ما أخاؼ عليكم‪ ...‬جداؿ‬
‫منافق ِبلقرآف) كذلك ُروي عن النيب ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ‪( :‬منافق عليم اللساف)‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ىذه ال ّدركات اليت ىي يف ابب ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا حبّذا من اإلخوة تدوين ذلق عن العبد الفقَت‪،‬‬
‫كتااب ِل َير النور بعد‪ ،‬وبفضل هللا –سبحانو وتعاىل‪ُ -‬م ٌّ‬
‫ستعد أف أُانظر‬ ‫حربت يف ىذه ال ّدركات ً‬
‫وأان قد ّ‬
‫على ىذا التقعيد وىذا التأصيل يف ىذه ا‪١‬تسألة وأف أ ِ‬
‫ُابىل على ُ‪٣‬تملو‪.‬‬

‫أوال نقوؿ‪ :‬إف اْلكم بغري ما أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ينقسم إىل دركات‪ ،‬أما الدركة األوىل اليت‬
‫ً‬
‫خطرا وإ‪ٙ‬تًا وأىوف تلق الدركات‪ ،‬و‪٨‬تن سنمضي بلم شيئًا فشيئًا يف تلق‬
‫ىي أقل ىاتيق الدركات ً‬
‫السحيق وىو الواقع يف ىذا العصر اليوـ وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬
‫الدركات إىل أف نصل إىل ّ‬

‫أىوف ىاتيك الدركات يف مسألة اْلكم بغري ما أنزؿ هللا‪ :‬ىي جممل املعاصي والذنوب‪ ،‬ىي من قبيل‬
‫اْلكم بغري ما أنزؿ هللا‪ ،‬فالسرقة ليست حلم هللا‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىي حلم بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬الزان كذلق‪ ،‬ا‪٠‬تمر‬
‫س على ذلق‪ ،‬ىذه ا‪١‬تعاصي ىي غَت حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ولكنها من قبيل ما ىو‬ ‫ِ‬
‫كذلق‪ ،‬وق ْ‬
‫كفر دوف كفر؛ كفر ال ينقل عن امللة إَّنا ىي كبائر‪ ،‬إَّنا ىي معاصي ال خترج بصاحبها من امللة ما مل‬
‫يستحل تلك املعاصي‪ ،‬فهذه أوؿ دركة ولذلق ذكر اإلماـ الرازي عند تفسَت قوؿ هللا ‪-‬سبحانو‬
‫ّ‬
‫ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}[ا‪١‬تائدة‪ ]ٗٗ :‬قاؿ‪ :‬ا‪٠‬توارج أنزلوا ىذه اآلية‬
‫اَّللُ فَأُ ْولَئِ َ‬ ‫وتعاىل‪َ { :-‬وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬
‫َنز َؿ م‬
‫على سائر ا‪١‬تعاصي‪ ،‬وقالوا أبهنا ‪-‬أي ا‪١‬تعاصي‪ -‬ىي حلم بغَت ما أنزؿ هللا وابلتايل ىي كفر أكرب ‪٥‬ترج‬
‫من ا‪١‬تلة‪.‬‬

‫أبدا أهنا من قبيل‬


‫‪٨‬تن نوافق أهنا قد تُسمى أو يُصطلح عليها أبهنا حلم بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬للننا ال نوافق ً‬
‫‪ٚ‬تيعا من علماء أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة على أف ىذه ا‪١‬تعاصي ىي‬
‫اللفر ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪ ،‬بل أ‪ٚ‬تع العلماء ً‬
‫من قبيل كفر دوف كفر‪ ،‬وال ٗترج بصاحبها من ا‪١‬تلة ما ِل يستحل تلق ا‪١‬تعاصي‪.‬‬

‫إذف ىذه الدركة مسألة إ‪ٚ‬تاعية بُت أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة؛ أهنا ليست بلفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬وِل ي ُقل‬
‫ابلتلفَت هبا إال ا‪٠‬توارج‪ ،‬ىذه الدركة األوىل وىي كما أسلفنا إ‪ٚ‬تاعية يف عدـ التلفَت هبا‪.‬‬

‫الدركة الثانية اليت ىي شر من ىذه الدركة‪ :‬أف حيكم اْلاكم بكتاب هللا وبسنة رسولو ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪،-‬‬
‫ويكوف مرجعو يف ذلك الكتاب والسنة‪ ،‬ولكنو يف مسألة من املسائل أو قضية من القضاًي أو واقعة‬
‫من الوقائع أو انزلة من النوازؿ‪ ،‬حكم فيها بغري ما أنزؿ هللا لشهوة أو رشوة أو قرابة أو عداوة أو لغَت‬
‫ذلق من األسباب؛ فهذه الصورة اليت ىي أف ٭تلم يف قضية أو قضااي‪ ،‬واقعة أو وقائع بغَت ما أنزؿ هللا‬

‫‪52‬‬
‫شرع؛ فهذه مسألة خالفيّة بني أىل العلم‪ ،‬بعض أىل العلم ك ّفر‬
‫‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬دوف أف يُب ّدؿ أو يُ ّ‬
‫هبا‪ ،‬كعبد هللا بن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬كما روى ذلق اإلماـ الطرباين ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬عنو‪ ،‬وقاؿ اإلماـ‬
‫ابن حجر ا‪٢‬تيثمي كما يف الزواجر إبسناد صحيح‪ُ ،‬سئِل عبد هللا بن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬عن الرشوة‪،‬‬
‫السحت)‪ ،‬فقالوا‪ :‬يف ا‪ٟ‬تلم؟ قاؿ‪( :‬ذلق اللفر)‪.‬‬ ‫فقاؿ‪( :‬ىي ُّ‬

‫وعرؼ اللفر ب(اؿ) التعريف‪ ،‬كما ذكران آن ًفا أف شيخ‬ ‫ِ‬


‫ُسئ َل عن الرشوة يف ا‪ٟ‬تلم‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ذلق اللفر‪ّ ،‬‬
‫اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ّ -‬قرر كما يف (اقتضاء الصراط ا‪١‬تستقيم) أف اللفر إذا عُّرؼ ب(اؿ)‬
‫التعريف ُفَتاد بو اللفر األكرب‪.‬‬

‫إذف عبد هللا بن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬يرى أف ىذه الصورة من قبيل اللفر األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪،‬‬
‫ُ‬
‫الس ّدي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يرى أف ىذه الصورة ىي من قبيل اللفر األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلّة‪.‬‬ ‫كذلق اإلماـ ُّ‬
‫ُ‬
‫وىناؾ بعض السلف ‪-‬رمحهم هللا‪ -‬يروف أف ىذه الصورة ليست من قبيل الكفر األكرب املُخرج من‬
‫امللة‪ ،‬بل ىي من قبيل ما ىو كفر دوف كفر‪ ،‬وىذا ا‪١‬تروي عن ابن عباس ‪-‬اهنع هللا يضر‪ -‬وقد اختلف العلماء‬
‫جدال بصحة ذلق عن ابن عباس فهو يرى أف ىذه الصورة‬
‫يف تصحيح ذلق وتضعيفو‪ ،‬وللن لو سلّمنا ً‬
‫ىي من قبيل ما ىو كفر دوف كفر وليس ما سيأيت إبذف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫أجالء التابعُت‪ ،‬كذلق يرى أف ىذه الصورة كفر‬


‫كذلق اإلماـ طاووس اليماين ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬وىو من ّ‬
‫دوف كفر‪ ،‬كذلق اإلماـ ابن القيم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف كتابو (حلم اترؾ الصالة) ذكر وأشار إىل ىذه‬
‫لتزما بشريعة اإلسالـ‪،‬‬
‫الصورة أبهنا من قبيل كفر دوف كفر‪ ،‬قاؿ‪ :‬إذا حلم بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬وكاف ُم ً‬
‫ملتزما ابإلسالـ وشرائعو‪..‬؛ إذف ىو ٭تلم ابللتاب والسنة‪،‬‬
‫أتملوا‪ ..-‬وكاف ً‬
‫ابإلسالـ وشرائعو‪ّ - ،‬‬
‫ومرجعو لللتاب والسنة‪ ،‬وللنو حلم يف قضية أو قضااي بغَت اللتاب والسنة عن ىوى أو شهوة أو‬
‫رشوة أو عداوة أو قرابة أو ‪٨‬تو ذلق‪ ،‬فهذا الذي ذكره اإلماـ ابن القيم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬أبنو كفر دوف كفر‪.‬‬

‫كذلق قاؿ يف موطن آخر ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪( :-‬وإذا حلم يف ىذه القضية)؛ فهو يتللم عن قضااي معينة‪ ،‬عن‬
‫نوازؿ معينة دوف االستبداؿ أو التشريع أو الدركات اليت سنتللم عنها الح ًقا إف شاء هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪.-‬‬

‫‪53‬‬
‫أيضا ون ّ على الواقعة‪:‬‬
‫العز ا‪ٟ‬تنفي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف (شرح الطحاوية)‪ ،‬قاؿ ً‬ ‫كذلق قاؿ اإلماـ ابن أيب ّ‬
‫(إذا حلم يف الواقعة بغَت ما أنزؿ هللا سبحانو وتعاىل)‪.‬‬

‫إذف فلل ما تسمعونو من اآلاثر واألقواؿ اليت ينقلها للم مرجئة العصر سواء سلّمنا بصحة تلق األقواؿ‬
‫أـ بضعفها‪ ،‬فهي أين تنزؿ؟ تنزؿ على ىذه الدركة اليت ىي‪ :‬أف ٭تلم يف قضية أو قضااي دوف تبديل‪،‬‬
‫ودوف تشريع‪ ،‬ويلوف مرجعو إىل اللتاب والسنة بغَت حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬فهذه ا‪١‬تسألة كما‬
‫ذكران ىي من ا‪١‬تسائل ا‪٠‬تالفيّة بُت أىل العلم ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ ،-‬من قائل ابلتلفَت هبا‪ ،‬ومن قائل أهنا من‬
‫قبيل ما ىو كفر دوف كفر‪.‬‬

‫كذلك يُلحق هبذه الدركة‪ :‬من ترؾ اْلكم ّبا أنزؿ هللا يف مسألة أو مسائل‪ ،‬ىناؾ من حكم بغري ما‬
‫أنزؿ هللا يف مسألة أو مسائل‪ ،‬قضية أو قضاًي‪ ،‬وىناؾ من ترؾ اْلكم‪ ،‬توقّف ومل حيكم فيها حبكم‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫أتملوا‪ :‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ِ -‬ل ي ُقل (ومن حلم بغَت ما أنزؿ هللا فأولئق ىم اللافروف)‪ ،‬وإ‪٪‬تا قاؿ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}؛ فهذا يعٍت الًتؾ‪ ،‬من ترؾ ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا‪،‬‬
‫اَّللُ فَأ ُْولَئِ َ‬ ‫{ َوَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬
‫َنز َؿ م‬
‫وإف ِل ٭تلم بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬فهذه مسألة خالفية كما ذكران‪.‬‬

‫إذف الدركة األوىل‪ :‬مسألة إمجاعية بني أىل السنة واْلماعة يف عدـ التكفري هبا‪ ،‬الدركة اليت تليها‪:‬‬
‫مسألة خالفية بني أىل السنة واْلماعة يف التكفري أو عدـ التكفري هبا‪.‬‬

‫ننتقل إىل الدركة الثالثة‪ :‬وىي التبديل‪ ،‬أو االستبداؿ؛ أف يُب ّدؿ شريعة هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬بغريىا‬
‫حكما واح ًدا من أحكاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬
‫من األحكاـ‪ ،‬سواء ب ّدهلا مجلةً وتفصيال‪ ،‬أو ب ّدؿ ً‬

‫مثال حلم السرقة بدؿ القطع إف توفرت ‪ٚ‬تيع الشروط ‪٬‬تعلو ا‪ٟ‬تبس‬
‫احدا؟ ‪٬‬تعل ً‬
‫حلما و ً‬
‫كيف يُب ّدؿ ً‬
‫ودفع لو الرشوة أو ِل يدفع‪ ،‬اشتهى أف ٭تلم بو كذا‬ ‫عدوه‪ ،‬أاته شخ‬
‫‪ٜ‬تسة أشهر‪ ،‬سواء أاته قريبو أـ ّ‬
‫احدا من أحلاـ هللا‪ ،‬أو من ابب‬
‫حلما و ً‬
‫أو ال‪ ..‬ىو ٭تلم ابلسجن ‪ٜ‬تسة أشهر‪ ،‬إذف فهذا قد ب ّدؿ ً‬
‫عامة األحلاـ ُ٭تلم فيها‬
‫أوىل لو ب ّدؿ أكثر من حلم أو ‪٣‬تموعة من األحلاـ‪ ،‬كما ٭تصل أف يف ّ‬
‫ابلقوانُت الوضعية‪ ،‬ويف األحواؿ الشخصية أو ما يسمى ابألحواؿ الشخصية اليت تتعلق ابلزواج والطالؽ‬
‫وا‪١‬تَتاث و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬فيحلم فيها ابلشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫احدا من‬
‫حلما و ً‬
‫التبديل قلنا ىذه الدركة الثالثة اليت ‪٨‬تن بصدد اللالـ حو‪٢‬تا‪ ،‬التبديل حينما يُب ّدؿ ً‬
‫أحلاـ هللا أو أكثر من حلم أبحلاـ أخرى‪ ،‬سواء ىو من وضعها أو أخذىا من غَته‪ ،‬كأف يستقيها‬
‫من فرنسا أو بريطانيا أو أمريلا أو من التتار أو من غَتىم؛ فهذه املسألة قد أمجع العلماء أهنا من‬
‫قبيل الكفر األكرب املخرج من امللة‪.‬‬

‫دؿ على ذلق اللتاب والسنة واإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬فمن اللتاب ‪-‬واآلايت كثَتة‪ -‬قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬ ‫وقد ّ‬
‫ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}[ا‪١‬تائدة‪{ ،]ٗٗ :‬فَأُوٰلَئِ َ‬
‫ك ُى ُم الظمالِ ُمو َف}[ا‪١‬تائدة‪:‬‬ ‫اَّللُ فَأ ُْولَئِ َ‬ ‫‪َ { :‬وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬
‫َنز َؿ م‬
‫اس ُقو َف}[ا‪١‬تائدة‪ ]ٗٚ :‬ىذه اآلايت كلها يف اللفر األكرب‪ ،‬يف الظلم األكرب‪ ،‬يف‬ ‫ك ىم الْ َف ِ‬ ‫ِ‬
‫٘ٗ]‪{ ،‬فَأُولَئ َ ُ ُ‬
‫الفسق األكرب‪.‬‬

‫ص ُر‬
‫كذاؾ ُ٭ت َ‬
‫الفسق َ‬
‫الظلم و ُ‬
‫أصغر ‪ ...‬و ُ‬
‫اللفر منو أكربٌ و ُ‬
‫و ُ‬
‫تقرَر لدى ا‪ٟ‬تُ ّذ ِاؽ‬ ‫ِ‬
‫األصل لدى اإلطالؽ ‪ ...‬كما ّ‬
‫ُ‬ ‫األوؿ‬
‫و ُ‬

‫قرر‬
‫الشيخ العالمة عبد اللطيف بن عبد الر‪ٛ‬تن بن حسن ابن الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬يُ ّ‬
‫أبف اللفر والظلم والفسق وا‪ٞ‬تاىلية وا‪١‬تواالة وغَت ذلق‪ ،‬قاؿ‪( :‬إذا ذُكَِرت يف اللتاب فإ‪٪‬تا يُراد هبا اللفر‬
‫األكرب‪ ،‬الفسق األكرب‪ ،‬الظلم األكرب؛ إال بقرينة أو دليل يصرفها من اللفر األكرب إىل األصغر‪ ،‬من‬
‫الظلم األكرب إىل األصغر‪ ،‬من الفسق األكرب إىل األصغر)‪.‬‬

‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ { :‬والْ َكافِ ُرو َف ُى ُم الظمالِ ُمو َف}[البقرة‪ ،]ٕ٘ٗ :‬ويقوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪:-‬‬
‫الشر َؾ لَظُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم}[لقماف‪]ٖٔ :‬؛ ّ‬
‫فسمى الشرؾ ووصفو أبنو ظلم عظيم‪.‬‬ ‫ْم َعظ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫{ َال تُ ْش ِر ْؾ ِِب مَّلل إِ مف ّ ْ‬

‫سوا إِميَانَػ ُهم بِظُل ٍْم أُوٰلَئِ َ‬


‫ك َهلُ ُم ْاأل َْم ُن َو ُىم‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا َوَملْ يَػ ْلب ُ‬
‫ين َ‬
‫مِ‬
‫كذلق قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬الذ َ‬
‫ُّم ْهتَ ُدو َف}[األنعاـ‪١ ]ٕٛ :‬تا نزلت ىذه اآلية ّ‬
‫شق ذلق على بعض أصحاب رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬كما عند‬
‫البخاري يف صحيحو‪ ،‬فذىبوا يشتلوف ويسألوف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬عن الظلم ىا ىنا‪ ،‬فقاؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪:-‬‬
‫لظلم عظيم")‪ ،‬فهم ظنوا أنو مطلق‬
‫(أمل تسمعوا إىل قوؿ الرجل الصاحل‪" :‬ال تشرؾ ِبهلل إف الشرؾ ٌ‬
‫فبُت ‪٢‬تم أف الظلم ىا ىنا‬
‫شق على أنفسهم وقالوا أيّنا ِل يظلم نفسو‪ ،‬فسألوا الن ‪-‬ﷺ‪ّ ،-‬‬
‫الظلم‪ ،‬لذلق ّ‬
‫إ‪٪‬تا ىو الظلم األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫كذلق يف كثَت من اآلايت‪ ،‬كذلق يف مسألة الفسق هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ عن إبليس‪{ :‬فَػ َف َس َق‬
‫َع ْن أ َْم ِر َربِِّو}[اللهف‪ ،]٘ٓ :‬ىل إبليس فسقو فسق دوف فسق؟ ال‪ ،‬ىو الفسق األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪،‬‬
‫وىلذا‪.‬‬

‫كما قاؿ اإلماـ الشاط ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪( :-‬أحلاـ القرآف غائيّة)‪ .‬أي‪َ :‬هنائية‪.‬‬

‫العالمة ابن ابز ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف ‪٣‬تموع فتاواه‪( :‬الظلم إذا جاء يف كتاب هللا فهو‬
‫كذلق يقوؿ الشيخ ّ‬
‫الظلم األكرب)‪.‬‬

‫اورا يل‪ ،‬فسألٍت من تلق األسئلة قاؿ يل‪:‬‬


‫مرة من ا‪١‬ترات األستاذ (عدانف العرعور) يف السجن ُ‪٤‬ت ً‬
‫أاتين ّ‬
‫فرؽ بُت اللفر األكرب‬
‫ىل أنت ترى أف اللفر ينقسم إىل أكرب وأصغر؟ فقلت لو‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬كيف تُ ّ‬
‫واألصغر؟ قلت لو‪ :‬األصل إذا جاء اللفر يف كتاب هللا فهو األكرب‪ ،‬ما ِل يدؿ دليل على أنو األصغر‪،‬‬
‫أو ابلقرينة تدؿ القرينة على أنو من قبيل اللفر األصغر‪ .‬قاؿ‪ :‬أخطأت‪ .‬قلت‪ :‬ما الصواب؟ قاؿ‪ :‬أان‬
‫سألت العديد من طُّالب العلم والدعاة يف الرايض ويف غَتىا‪ ،‬فأجابوا بنفس جوابق‪ ،‬قاؿ‪ :‬وللن ىذا‬
‫ا‪ٞ‬تواب جواب خاطئ‪ ،‬والصحيح كل كفر ‪-‬ىو يقوؿ عن نفسو‪ :-‬ىذه القاعدة أان وضعتها‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫(كل كفر يف اللتاب والسنة فهو كفر أصغر ما ِل يقًتف ابستحالؿ أو جحود أو استلبار أو نفاؽ أو‬
‫شق)‪.‬‬

‫فهذه القاعدة اإلرجائية احملضة اليت ّقررىا ىو كما قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪( :-‬العلم ما‬
‫اشًتؾ فيو الناس)‪ ،‬ىو يضعها ويريد أف نسَت على ىذه القاعدة‪ ،‬ىذه القاعدة اإلرجائية ىو خلط بُت‬
‫أسباب اللفر وأنواع اللفر‪ ،‬بُت مناطات اللفر وبُت أنواع اللفر؛ ومن ذلق أتى ا‪٠‬تلط على مرجئة‬
‫العصر وال حوؿ وال قوة إال ابهلل!‬

‫أرأيتم قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬وَما ََْي َح ُد ِِب ًَيتِنَا إِمال الْ َكافِ ُرو َف}[العنلبوت‪ ،]ٗٚ :‬يف اآلية األخرى‬
‫بعدىا قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬وَما ََْي َح ُد ِِب ًَيتِنَا إِال الظمالِ ُمو َف}[العنلبوت‪ ،]ٜٗ :‬فما تقولوف يف‬
‫ىذه اآلية؟ ىل تقولوف إنو ظلم دوف ظلم؟ ىل تقولوف إف اللفر األوؿ معناه كفر دوف كفر بدليل اآلية‬
‫اليت بعدىا أف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ن ّ وقاؿ (إال الظا‪١‬توف)!؟ أـ ىو كما قاؿ اإلماـ القرط ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫هللا‪ -‬وغَته من ا‪١‬تفسرين‪ :‬الظا‪١‬توف‪ :‬أي اللفار‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫َنز َؿ م‬
‫اَّللُ‬ ‫إذف ىذه اآلايت شبيهة بتلق اآلايت‪ ،‬ىناؾ قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬
‫ك ُى ُم الظمالِ ُمو َف}‪ ،‬وقاؿ‪{ :‬فَأُولَئِ َ‬
‫ك‬ ‫اَّللُ فَأُوٰلَئِ َ‬
‫َنز َؿ م‬ ‫ِ‬ ‫فَأ ُْولَئِ َ‬
‫ك ُى ُم الْ َكاف ُرو َف}‪ ،‬مث قاؿ‪َ { :‬وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬
‫اس ُقو َف}؛ إذف فهذه اآلية شبيهة بتلق اآلية‪َ { :‬وَما ََْي َح ُد ِِب ًَيتِنَا إِمال الْ َكافِ ُرو َف}‪ ،‬وقاؿ‪َ { :‬وَما‬
‫ىم الْ َف ِ‬
‫ُُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وصَتوىا أبىوائهم إىل اللفر األصغر‪ ،‬والظلم‬ ‫ََْي َح ُد ِِب ًَيتنَا إِال الظمال ُمو َف}؛ فإذف لو قالوا يف تلق اآلايت ّ‬
‫األصغر‪ ،‬والفسق األصغر‪ ،‬نُلزمهم هبذه اآلايت الشبيهة لتلق اآلايت‪.‬‬

‫إذف فنقوؿ إهنا من قبيل اللفر األكرب وليس من قبيل اللفر األصغر‪ ،‬ويدؿ على ذلق داللة واضحة‬
‫سبب النزوؿ كما قرر شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف كتابو (مقدمة يف التفسَت) أف معرفة‬
‫أسباب النزوؿ يُعُت الطالب على معرفة وفهم اآلايت‪.‬‬

‫ىذه اآلايت كما جاء عن أ‪ٛ‬تد يف مسنده وغَته نزلت فيمن؟ يف اليهود‪ ،‬نزلت يف اليهود‪ ..‬مىت نزلت؟‬
‫الرجم على الزاين‬
‫عندما قاـ اليهود وذكروا أف الزان انتشر يف أشرافهم‪ ،‬فلانوا يُقيموف ح ّد هللا وىو ّ‬
‫ا‪١‬تحصن إذا كاف من ضعفائهم‪ ،‬وال يقيموف ىذا ا‪ٟ‬تد على أشرافهم إف قاموا ابلزان؛ فقالوا‪ :‬ىلموا نضع‬
‫ُ‬
‫حلما نطبقو على الشريف والوضيع‪ ،‬فاصطلحوا على ا‪ٞ‬تلد والتحيمم‪ ،‬يف رواية‪ :‬اجتمعوا على ا‪ٞ‬تلد‬‫ً‬
‫أبدا أهنم استحلّوا ا‪ٞ‬تلد والتحميم‪ ،‬ما فيها أهنم جحدوا حلم هللا ‪-‬سبحانو‬
‫والتحميم‪ ،‬وليس فيها ً‬
‫احدا من أحلاـ هللا وىو الرجم‪ ،‬واستبدلوه ْتلم من األحلاـ‬
‫حلما و ً‬
‫وتعاىل‪-‬؛ إذف فبمجرد أهنم ب ّدلوا ً‬
‫الوضعية وىو ا‪ٞ‬تلد والتحيمم‪ ،‬وىو تسويد الوجو وإركاب ذلق الفاعل تلق الفاحشة وىي فاحشة الزان‬
‫على ‪ٛ‬تار وىو ُمن ّلس وٯتروف بو يف الطرقات؛ فهذا ا‪ٟ‬تلم الذي قاموا بو وحلموا بو ىم استبدلوا بو‬
‫حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬فل ّفرىم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وأنزؿ فيهم ىذه اآلايت اليت تُتلى إىل قياـ‬
‫الساعة‪.‬‬

‫فإذف نقوؿ ىل كفر اليهود ىو من قبيل كفر دوف كفر؟ ظلمهم ظلم دوف ظلم؟ فسق دوف فسق؟ أـ ىو‬
‫من اللفر األكرب‪ ،‬الظلم األكرب‪ ،‬الفسق األكرب؟ ال شق أف ا‪ٞ‬تواب ىو الثاين‪.‬‬

‫كذلق من اآلايت الدالة يف تقرير ىذه ا‪١‬تسألة وىي كثَتة‪ ،‬قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬وقَاتِلُ ُ‬
‫وى ْم َح مَّت‬
‫الدين ُكلُّو ِمِ‬
‫َّلل}[األنفاؿ‪ ،]ٖٜ :‬فاهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬جعل الغاية ىنا من القتاؿ‬ ‫ال تَ ُكو َف فِ ْتػنَةٌ َويَ ُكو َف ِّ ُ ُ‬

‫‪57‬‬
‫الس ّدي و‪٣‬تاىد‪ ،‬وقاؿ غَتىم‪ :‬أبهنا الشرؾ‪،‬‬
‫ىو ّأال تلوف فتنة‪ ،‬والفتنة كما قاؿ أبو العالية وابن عباس و ُ‬
‫بل ذكر اإلماـ ا‪١‬تاوردي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬اإل‪ٚ‬تاع على ذلق‪ ،‬قاؿ‪ :‬ىي اللفر يف قوؿ ا‪ٞ‬تميع‪.‬‬

‫إذف ىذه الفتنة اليت جعل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬القتاؿ إىل أف تزوؿ ىذه الفتنة‪ ،‬إىل أف يزوؿ ىذا‬
‫الشرؾ‪ ،‬ما ا‪١‬تراد هبذه الفتنة؟ ما ا‪١‬تراد هبذا الشرؾ الذي ذُكر ىا ىنا؟‬

‫َّلل َوَال ِِبلْيَػ ْوِـ ْاْل ِخ ِر َوَال‬


‫أتملوا يف اآلية األخرى هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ‪{ :‬قَاتِلُوا الم ِذين َال يػ ْؤِمنو َف ِِب مِ‬
‫َ ُ ُ‬
‫َّت يػُ ْعطُوا ا ْْلِ ْزيَةَ َع ْن يَ ٍد‬ ‫ِ‬ ‫ِ مِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُحيَ ِّرُمو َف َما َح مرَـ م‬
‫اب َح م ٰ‬
‫ين أُوتُوا الْكتَ َ‬ ‫ين ا ْْلَ ِّق م َن الذ َ‬
‫اَّللُ َوَر ُسولُوُ َوَال يَدينُو َف د َ‬
‫اغ ُرو َف}[التوبة‪ ،]ٕٜ :‬إذف جعل ىنا النهاية يف القتاؿ إىل أف يُعطوا ا‪ٞ‬تزية عن يد وىم صاغروف‪.‬‬ ‫وىم ص ِ‬
‫َُْ َ‬
‫إذا قاـ اليهود إبعطاء ا‪ٞ‬تزية ىل انتهى الشرؾ؟ أـ ىم ال زالوا من ا‪١‬تشركُت؟ ىم ال زالوا كذلق‪ ،‬النصارى‬
‫إذا أعطوا ا‪ٞ‬تزية ىل انتهى الشرؾ؟ أـ ال زالوا من ا‪١‬تشركُت؟ ال زالوا كذلق‪ ،‬فليف قاؿ هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪( :-‬حىت ال تلوف فتنة)؟ أي‪ :‬حىت ال يلوف شركا‪ ،‬كيف قاؿ ذلق؟ كيف نُوفّق بُت ىذه اآلية‬
‫وتلق اآلية؟‬

‫الذمي‬
‫الشرؾ ا‪١‬تنفي ىا ىنا ىو شرؾ ا‪ٟ‬تلم والقضاء والتشريع‪ ،‬ال شرؾ النسق والعبادة‪ ،‬بدليل أننا نًتؾ ّ‬
‫من اليهود والنصارى يف ىذه األرض أو تلق األرض وىو انزؿ ٖتت أحلاـ اإلسالـ‪ٖ ،‬تت األحلاـ‬
‫الشرعية اليت جاءت يف كتاب هللا ويف سنة رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫أيضا من أدلة ا‪١‬تسألة‪.‬‬


‫إذف ىذه اآلية ً‬
‫كذلق قاؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وىو مر معنا ا‪ٟ‬تديث حديث ابن عباس يف سبب نزوؿ ىذه اآلايت عند‬
‫بشر بفتح القسطنطينية ‪-‬وىي ما‬
‫أ‪ٛ‬تد وأيب داوود وعند غَتىم‪ ،‬الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما يف صحيح مسلم ّ‬
‫تسمى اليوـ بًتكيا‪ ،-‬ىذه الدولة فتحها السلطاف دمحم الفاتح وأ‪ٝ‬تى عاصمة تلق ا‪١‬تدينة بػ(إسالـ بوؿ)‬
‫أي‪ :‬مدينة اإلسالـ‪ ،‬أو عاصمة اإلسالـ‪ ،‬أو دار اإلسالـ‪ ،‬للن بعض العلماء ن ّ على أف ىذا الفتح‬
‫بشر بو يف حديث رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬الذي رواه مسلم ورواه غَته‪ ،‬كيف ذلق؟ قاؿ‪:‬‬
‫ليس ىو الفتح ا‪١‬ت ّ‬
‫ُ‬
‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ن ّ يف ذلق الفتح أبهنا تُفتح ابلتهليل والتلبَت‪ ،‬ودمحم الفاتح فتحها ابلسيف؛ فقالوا إف‬
‫العالمة ا‪١‬تح ّدث أ‪ٛ‬تد شاكر ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫بشر بو ليس ذاؾ‪ ،‬ليس ىذا الفتح األوؿ‪ ،‬وقاؿ ذلق اإلماـ ّ‬ ‫الفتح ا‪١‬ت ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هللا‪ -‬يف التفسَت‪ ،‬ن ّ على ذلق وقاؿ‪ :‬إذ أف ىذه البالد قد ُحلمت ابلقوانُت الوضعية‪ ،‬وسيأيت بعد‬
‫بشر بو من قبل الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬
‫ذلق الفتح ا‪١‬ت ّ‬
‫ُ‬

‫‪58‬‬
‫فلما ُحلمت ابلقوانُت الوضعية أصبحت دولة كافرة وليست بدولة مسلمة؛ ألهنا يف تعريف الداير‬
‫الدولة اليت تعلوىا أحلاـ اإلسالـ فهي دار إسالـ‪ ،‬والدولة اليت تعلوىا أحلاـ اللفر فهي دار اللفر‪.‬‬

‫واألدلة على ىذه ا‪١‬تسألة كثَتة من كتاب هللا وسنة رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫احدا من أحلاـ الشريعة وحلم بغَته‪،‬‬ ‫حلما و ً‬


‫‪ٚ‬تيعا على كفر من ب ّدؿ ً‬ ‫كذلق اإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬أ‪ٚ‬تع العلماء ً‬
‫نقل اإل‪ٚ‬تاع اإلماـ إسحاؽ بن راىويو ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬كذلق نقل اإل‪ٚ‬تاع اإلماـ العماد ابن كثَت ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫هللا‪ -‬فقاؿ‪( :‬من ترؾ الشرع ا‪١‬تحلم ا‪١‬ت ّنزؿ على دمحم بن عبد هللا خامت األنبياء وا‪١‬ترسلُت‪ ،‬وحلم بغَته من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشرائع ا‪١‬تنسوخة كفر؛ فليف ٔتن حلم ابلياسق وق ّدمها على حلم هللا وحلم رسوؿ هللا ‪-‬ﷺ‪ ،-‬من‬
‫صنع ذلق كفر إب‪ٚ‬تاع ا‪١‬تسلمُت)‪ .‬كما ذكر ذلق يف (البداية والنهاية‪ ،‬اجمللد الرابع عشر)‪.‬‬

‫فنقل اإل‪ٚ‬تاع على كفر من حلم ابلياسق‪ ،‬وقد نبّو اإلماـ ابن كثَت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬عن ماىية الياسق كما‬
‫اىلِيم ِة يَػ ْبػغُو َف}[ا‪١‬تائدة‪ ]٘ٓ :‬قاؿ‪( :‬كما‬
‫يف كتابو (التفسَت) عند قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬أَفَح ْكم ا ْْل ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫يصنع ذلق أىل ا‪ٞ‬تاىلية‪ ،‬وكما يصنعو اليوـ أولئق الذين ٭تلموف ابلسياسات ا‪١‬تللية‪ ،‬الذين ٭تلموف‬
‫ابلياسق أو الياسا ‪-‬كما يف بعض النسخ‪- ،-‬قاؿ‪ :-‬وىي عبارة عن كتاب وضعو ‪٢‬تم ج ّدىم جنليز‬
‫خاف‪ ،‬وىو ُمقتبس من الداينة اليهودية والنصرانية وا‪١‬تلة اإلسالمية)؛ إذف ىو فيو من داينة اليهود‪ ،‬وفيو‬
‫من داينة النصارى‪ ،‬وفيو من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ومع ذلق ك ّفرىم اإلماـ ابن كثَت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وك ّفرىم‬
‫علماء ذلق العصر‪ ،‬وقاتلوىم كما فعل شيخ اإلسالـ ابن تيمية وابن كثَت وابن القيم واإلماـ الذى‬
‫وغَتىم ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫فذلق الياسق ىو عبارة عن أمور اقتبسها من اليهودية والنصرانية وا‪١‬تلة اإلسالمية‪ ،‬فليف ٔتن جاء اب‪١‬تلة‬
‫النصرانية بُِرّمتها من الفرنسيُت أو من الربيطانيُت أو من غَتىم!؟ ذاؾ دستور ُ‪٥‬تلّط عند التتار فيو من ا‪١‬تلة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وفيو من األحلاـ الوضعية‪ ،‬وفيو من الداينة اليهودية والنصرانية‪ ،‬بل أحلاـ التتار أشد من‬
‫مثال ‪ -‬التتار‪ :-‬عندىم أف الزاين يُقتل‪ ،‬سواء كاف ُ‪٤‬تصنًا أو‬
‫كثَت من األحلاـ الوضعية اليوـ‪ ،‬فعندىم ً‬
‫غَت ُ‪٤‬تصن‪ ،‬ىذا يف الياسق‪ ..‬كذلق عندىم من البنود أف الساحر يُقتل وغَتىا من األحلاـ‪.‬‬

‫بينما يف الدساتَت الوضعية ىي أىوف وأحقر من الياسق بلثَت ؤتراحل‪ ،‬بل إف التتار ِل يُلزموا الناس على‬
‫ا‪ٟ‬تلم والتحاكم إىل الياسق دوف اللتاب والسنة‪ ،‬بل جعلوا بعض احملاكم ٖتلم ابلشريعة‪ ،‬وبعض احملاكم‬
‫ٖتلم ابلياسق‪ ،‬من شاء أف يذىب ويتحاكم إىل الياسق يذىب‪ ،‬ومن شاء أف يتحاكم إىل الشريعة‬
‫خطرا وشرا من القوانُت ا‪١‬تعاصرة ومع ذلق أ‪ٚ‬تع العلماء على‬
‫أخف ً‬
‫يذىب إىل الشريعة؛ فهم أىوف و ّ‬
‫ُ‬
‫تلفَتىم وعلى كفرىم‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫اإلماـ ابن حزـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كذلق نقل اإل‪ٚ‬تاع على أف من حلم يف مسألة من ا‪١‬تسائل ْتلم منسوخ‬
‫من الشرائع السابقة كفر إب‪ٚ‬تاع ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫٘تسها أيدي البشر‬


‫أصال جاء يف التوراة أو يف اإل‪٧‬تيل اليت ِل ّ‬
‫ىذا الذي ٭تلم ْتلم ىو من أحلاـ هللا ً‬
‫من التحريف والتقدمي والتأخَت‪ ،‬الذي ٭تلم ْتلم هللا‪ ،‬اب‪ٟ‬تلم السماوي وللنو منسوخ ابلشريعة‬
‫اإلسالمية ىو كافر إب‪ٚ‬تاع ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬فليف ابلذي ٭تلم بزابلة عقوؿ البشر من األحلاـ الوضعية‬
‫الوضيعة!!؟ كيف يلفر ذاؾ الذي حلم ْتلم هللا وللنو حلم منسوخ من األحلاـ ا‪١‬تنسوخة‪ ،‬وال‬
‫يلفر ىذا الذي ٭تلم ابلقوانُت الوضعية اليت ال عالقة ‪٢‬تا أبحلاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪!!-‬؟‬

‫وَنلّي ىذه املسألة أكثر فأكثر‪ ،‬فنقوؿ‪:‬‬


‫ضح ُ‬
‫ومن ِبب التوضيح نو ّ‬
‫تللمنا عن الدركة األوىل‪ :‬وىي إب‪ٚ‬تاع أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة من قبيل ما ىو كفر دوف كفر‪ ،‬تللمنا عن‬
‫الدركة الثانية‪ :‬وىي ترؾ ا‪ٟ‬تلم ٔتا أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬أو ا‪ٟ‬تلم يف مسائل أو قضااي بغَت‬
‫الشريعة مع الرجوع إىل أحلاـ الشريعة‪ ،‬وقلنا أف ىذه الصورة أو ىذه الدركة مسألة خالفية بُت أىل‬
‫العلم‪ ،‬مث أتينا إىل ىذه ا‪١‬تسألة وىي‪ :‬ا‪١‬تسألة اليت تدور حوؿ التبديل‪ ،‬تبديل أحلاـ هللا ابألحلاـ‬
‫الوضعية الوضيعة وقلنا إهنا مسألة إ‪ٚ‬تاعية بُت أىل العلم يف التلفَت هبا‪ ،‬وتلق مسألة خالفية –الدركة‬
‫اليت قبلها‪.-‬‬

‫من ابب التوضيح أكثر نقوؿ‪ :‬قد جاء فيما رواه اإلماـ ابن حبّاف يف صحيحو‪ ،‬وصححو الشيخ األلباين‬
‫‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ ،-‬عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬من حديث أيب أمامة الذي رفعو إىل رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنو قاؿ‪:‬‬
‫نقضن عُرى اإلسالـ عُروة عُروة‪ ،‬كلما كلما انتُقضت عروة تشبّث الناس ِبليت تليها‪ ،‬فأوهلا‬
‫(لتُ ّ‬
‫انتقاضا‪ :‬الصالة) «أو كما قاؿ ﷺ»‪.‬‬
‫ً‬ ‫انتقاضا‪ :‬اْلُ ْكم‪ ،‬وآخرىا‬
‫ً‬
‫نقوؿ من ابب التوضيح‪ :‬نذكر ونُشبّو ا‪ٟ‬تلم ابلصالة‪ ،‬اترؾ الصالة اختلف العلماء كما علمتم يف‬
‫تلفَته‪ ،‬ىل ىو كافر كفر أكرب أو ىو من قبيل ما ىو كفر دوف كفر‪( ،‬التارؾ)‪ ..‬للن الذي يُصلّي لغَت‬
‫هللا؟ ما حلمو؟ ابإل‪ٚ‬تاع أنو كافر‪ ،‬يُصلي لصنم‪ ،‬يًلي لبوذا‪ ،‬أو ‪٨‬تو ذلق‪ ..‬فهذا ابإل‪ٚ‬تاع أنو كافر كفر‬
‫أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬بينما التارؾ اختلف العلماء يف كفره بغض النظر عن الًتجيح‪ ،‬الذي يصلي لغَت هللا‬
‫فهذا كافر كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬كذلق يف ا‪ٟ‬تلم‪ ،‬التارؾ اختلف العلماء يف تلفَته؛ أما ا‪ٟ‬تاكم بغَت‬
‫ما أنزؿ هللا فذلق اللافر الذي أ‪ٚ‬تع العلماء على كفره‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫إذف التارؾ شيء‪ ،‬وا‪ٟ‬تاكم بغَت ما أنزؿ هللا شيء‪ ،‬اترؾ الصالة شيء وا‪١‬تصلّي لغَت هللا ‪-‬سبحانو‬
‫ُ‬
‫وتعاىل‪ -‬شيء آخر‪ ،‬التارؾ ‪ٟ‬تلم هللا سبحانو وتعاىل شيء وا‪ٟ‬تاكم بغَت ما أنزؿ هللا بصورتو التبديلية‬
‫شيء آخر‪.‬‬

‫ىذه ىي الدركة الثالثة‪ ،‬وكما أسلفنا ىي ُ‪٣‬تمع عليها‪.‬‬

‫ننتقل بكم إىل الدركة الرابعة من دركات اْلكم بغري ما أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وىي دركة‬
‫كما غري حكم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬
‫شرع اْلاكم ح ً‬
‫التشريع من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬أبف يُ ّ‬

‫شرعو‬
‫األوؿ ‪-‬الدركة الثالثة‪ :-‬حلم بغَت ما أنزؿ هللا بصورتو التبديلية‪ ،‬قد يلوف أتى بو من أُانس ِل يُ ّ‬
‫شرعوُ غَته‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىو حلم بو فهذا ب ّدؿ‪ ،‬ىذه الدركة اليت بعدىا واليت ىي أخبث منها‪ :‬وىي‬ ‫ىو وإ‪٪‬تا ّ‬
‫ضا مسألة ُجممع عليها بني‬
‫شرع األحلاـ من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وىذه أي ً‬
‫دركة التشريع‪ ،‬أنو يُ ّ‬
‫أىل السنة واْلماعة يف التكفري هبا‪ ،‬من فعلها فهو كافر كفر انقل عن امللة؛ قاؿ هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪{ :-‬أَـ َهلم ُشرَكاء َشر ُعوا َهلم ِمن ِّ‬
‫الدي ِن َما َملْ َأيْذَ ْف بِ ِو م‬
‫اَّللُ}[الشورى‪ّ ]ٕٔ :‬‬
‫فسماىم شركاء‬ ‫ْ ُْ َ ُ َ ُْ َ‬
‫شرعوا من دوف هللا!‬
‫يُنازعوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف التشريع –والعياذ ابهلل‪ ،-‬ىذا مع هللا‪ ،‬فليف إذا ّ‬
‫وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫يح ابْ َن َم ْرََيَ َوَما‬ ‫ِ‬ ‫وف مِ‬ ‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪ { :‬ماختَ ُذوا أَحبارُىم ورْىبانَػهم أَرِبِب ِمن ُد ِ‬
‫اَّلل َوال َْمس َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َْ ً ْ‬
‫اح ًدا ال إِلَوَ إِال ُى َو ُسْب َحانَوُ َع مما يُ ْش ِرُكو َف}[التوبة‪ ،]ٖٔ :‬عبدوا أولئق األحبار‬‫أ ُِمروا إِال لِيػعب ُدوا إِ َهلا و ِ‬
‫ً َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ‬
‫والرىباف يف التشريع‪ ،‬وعبدوا عيسى يف النسق والعبادة‪ ،‬فاهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ّ -‬نزه نفسو عن ىذا‬
‫الشرؾ وعن ذلق الشرؾ‪ ،‬ووصف ا‪ٞ‬تميع ابلشرؾ‪.‬‬

‫وكما تعلموف من ا‪ٟ‬تديث الذي رواه اإلماـ الًتمذي وابن جرير وغَتىم عن عدي بن حامت الطائي‪ ،‬أنو‬
‫‪١‬تا سأؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف ىذه ا‪١‬تسألة اليت ىي مسألة التشريع‪ ،‬قاؿ‪ :‬إ ّان لسنا نعبدىم‪ .‬قاؿ الرسوؿ ‪-‬‬
‫فحرموه؟ قاؿ‪ :‬بلى‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أحل هللا‪ّ ،‬‬
‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( :-‬أمل ُحيلّوا هلم ما َح ّرـ هللا‪ ،‬فأحلّوه؟ أمل ُحي ّرموا عليهم ما ّ‬
‫فتلك عبادهتم)‪« .‬أو كما قاؿ الن ﷺ»‪.‬‬

‫شرع تشريعات‬
‫احدا‪ ،‬فليف ٔتن يُ ّ‬
‫شرع تشر ًيعا و ً‬
‫كيف إذا علمتم أف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ك ّفر من ّ‬
‫كثَتة من دوف هللا أو مع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪!-‬؟‬

‫‪61‬‬
‫وى ْػم إِنم ُك ْػم لَ ُم ْش ِرُكو َف}[األنعاـ‪ ]ٕٔٔ :‬أ ّكد الشرؾ بالـ‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ { :‬وإِ ْف أَطَ ْعتُ ُم ُ‬
‫التأكيد والتوكيد‪( ،‬وإف أطعتموىم إنلم ‪١‬تشركوف) يف ماذا تطيعوهنم؟ يف التشريع‪.‬‬

‫‪١‬تا أرادوا ٖتليل ا‪١‬تيتة قالوا كيف أتكلوف ‪٦‬تا قتلتم وذْتتم وال أتكلوف ‪٦‬تا ذبح هللا أو قتل هللا؟ ويعنوف هبا‬
‫ا‪١‬تيتة؛ فهذا تشريع واحد‪ ،‬لو أطاعهم ا‪١‬تسلم يف ذلق قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪( :-‬وإف أطعتموىم إنلم‬
‫‪١‬تشركوف)‪.‬‬

‫وىنا وقفة‪ :‬من العجيب الغريب املريب أف مرجئة العصر يشرتطوف االستحالؿ أو اْلحود يف مثل‬
‫ىذه املسائل‪ ،‬فنقوؿ‪ :‬عجبًا! كيف يُشرتط االستحالؿ لالستحالؿ!؟ واْلحود للجحود!؟ التشريع‬
‫ما ىو؟ التشريع ىو التحليل والتحرَي‪ ،‬االستحالؿ واْلحود‪ ..‬ىذا ىو التشريع‪ ،‬كيف يُشرتط لكفر‬
‫املُستحل االستحالؿ!؟ يُشرتط لكفر اْلاحد اْلحود!؟ كيف يُسلّم هلم ذلك؟ أو ميشي املُسلم‬
‫معهم يف تلك اخلطوات اليت ال هناية هلا!؟ اشرتاط االستحالؿ لالستحالؿ‪ ،‬واالستحالؿ الستحالؿ‬
‫االستحالؿ‪ ،‬واالستحالؿ الستحالؿ الستحالؿ االستحالؿ! وىكذا يقاؿ يف اْلحود وهللا‬
‫املستعاف!‬

‫نعم‪..‬‬

‫تللمنا وقرران بفضل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أف مسألة ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا دركات‪ ،‬وقرران أف الدركة‬
‫األوىل ىي‪٣ :‬تمل ا‪١‬تعاصي‪ ،‬وأهنا من قبيل ما ىو كفر دوف كفر إب‪ٚ‬تاع أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة‪ ،‬وِل يُل ّفر‬
‫هبا إال ا‪٠‬توارج‪.‬‬

‫مث تللمنا عن الدركة الثانية‪ :‬وىي أف ٭تلم ابللتاب والسنة‪ ،‬ويلوف مرجعو إىل اللتاب والسنة‪ ،‬وللنو‬
‫يستحل ذلق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫٭تلم يف قضية أو قضااي بغَت ما أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬لشهوة أو رشوة دوف أف‬
‫فهذه مسألة اختلف العلماء فيها من ُمل ّفر ومن قائل أبهنا من قبيل كفر دوف كفر‪.‬‬

‫مث تللمنا عن الدركة الثالثة وىي دركة التبديل‪ :‬أف يستبدؿ أحلاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ابألحلاـ‬
‫الوضعية وىذه الدركة قد أ‪ٚ‬تع العلماء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬على التلفَت هبا‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مث تللمنا عن الدركة الرابعة وىي‪ :‬دركة التشريع من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أو مع هللا ‪-‬سبحانو‬
‫وتعاىل‪ ،-‬وقلنا أهنا دركة ُمل ّفرة إب‪ٚ‬تاع أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة‪ ،‬وال يُشًتط فيها كم يزعم ا‪١‬ترجئة االستحالؿ‬
‫أو ا‪ٞ‬تحود؛ إذ ىي ىي االستحالؿ وا‪ٞ‬تحود‪ ،‬فالتشريع ىو عبارة عن استحالؿ وٖترمي‪ ،‬كما قاؿ شيخ‬
‫حرـ ا‪ٟ‬تالؿ‬
‫أحل ا‪ٟ‬تراـ ا‪١‬تُجمع عليو‪ ،‬أو ّ‬
‫اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف (‪٣‬تموع الفتاوى)‪( :‬من ّ‬
‫إ‪ٚ‬تاعا) كفر إ‪ٚ‬تاعا أو قاؿ‪( :‬إب‪ٚ‬تاع الفقهاء)‪.‬‬
‫ا‪١‬تُجمع عليو‪ ،‬أو ب ّدؿ الشرع‪ ،‬كفر ً‬

‫إذف ىذه ا‪١‬تسألة إ‪ٚ‬تاعية وال يُلتفت بعد ذلق ‪١‬تا يُدندف حولو مرجئة العصر أو يتش ّدقوف بو‪ ،‬وىو قو‪٢‬تم‬
‫صوِره يلزـ منو أو يُشًتط لو االستحالؿ واالعتقاد القل ؛ إذ أف ىذه‬
‫أبف ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا بلل ُ‬
‫الدركة ىي من االستحالؿ وا‪ٞ‬تحود بعينها‪.‬‬

‫مث ننتقل إىل الدركة اخلامسة‪ :‬وىي ا ّدعاء حق التشريع املُطلق من دوف هللا أو مع هللا‪.‬‬

‫شرع دوف أف يزعم أف لو حق التشريع‪ ،‬دوف أف‬


‫شرع املُ ّ‬
‫قلنا يف الدركة الرابعة ىو التشريع‪ ،‬قد يُ ّ‬
‫حيصر التشريع فيو أو يف جمالسو سواء كانت الربملانية أو تسمى ِبلشورى أو تسمى ِبألمة أو بغري‬
‫ذلك من مراسم الدين الدميقراطي‪ ،‬فهذا الشخص قد ا ّدعى ح ّق التشريع املُطلق من دوف هللا تعاىل‪،‬‬
‫وىذه الدركة أخبث من مجيع الدركات السابقة املاضية‪ ،‬وقد أمجع العلماء ِبلتكفري هبا‪ ،‬كيف وهللا‬
‫ْق َو ْاأل َْم ُر}[األعراؼ‪ ،]٘ٗ :‬فالذي يقوؿ عن نفسو أنو ىو ا‪٠‬تالق‪،‬‬ ‫‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬أ ََال لَوُ ْ‬
‫اخلَل ُ‬
‫ماذا تقولوف فيو؟ كافر‪ ،‬وال ٮتتلف يف ذلق اثناف وال ينتطح عنزاف‪ ،‬كذلق الذي يقوؿ عن نفسو ىو‬
‫شرع؛ إذف ىو كافر ابإل‪ٚ‬تاع‪ِِ ،‬لَ؟ ألنو شارؾ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وانزع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف‬
‫ا‪١‬تُ ّ‬
‫خاصية من خصائ الربوبية‪.‬‬

‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪( :‬أال لو ا‪٠‬تلق واألمر) كما أف هلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ا‪٠‬تلق‪ ،‬كذلق لو األمر‬
‫وىو التشريع وا‪ٟ‬تلم‪.‬‬

‫إذف من انزع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف ىذه الصفة‪ ،‬أبف ي ّدعي لنفسو أو لغريه ىذه اخلاصية فهو‬
‫كافر ِبمجاع املسلمني‪ ،‬وىذا الكفر من قبيل الكفر األكرب املخرج من امللة‪.‬‬

‫وشر تلك‬
‫مث ننتقل سر ًيعا وإًيكم إىل الدركة السادسة واألخرية وىي أخبث تلك الدركات ّ‬
‫ِبلقوة والسالح والرجاؿ على اْلكم بغري ما أنزؿ هللا وعلى تعطيل أحكاـ‬
‫الدركات‪ ،‬وىي‪ :‬االمتناع ّ‬
‫‪63‬‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬سواء االمتناع على حلم واحد أو على أكثر من ذلق‪ً ،‬‬
‫فضال أف ٯتتنع عن‬
‫شريعة هللا ‪ٚ‬تلةً وتفصيال‪ ،‬فاالمتناع ىذا كفر أكرب َمرج من امللة وىو مناط مستقل من مناطات‬
‫التكفري‪.‬‬

‫جدال أبف ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا كفر دوف كفر‪ ،‬نقوؿ‪ :‬إال أنو ابالمتناع عليو ابلقوة والشوكة‬
‫لو سلّمنا ً‬
‫كفرا ‪٥‬ترجا من ا‪١‬تلة‪ ..‬كيف ذاؾ؟‬
‫وا‪١‬تنعة‪ ،‬يصَت إىل كفر ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلّة‪ً ،‬‬
‫تعلموف أف ترؾ الزكاة ُ‪٣‬تّرد الًتؾ اختلف العلماء فيو بُت قائل أنو كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬وبُت قائل أبنو‬
‫كفر دوف كفر؛ وىذا ىو الصحيح‪ٚ ،‬تاىَت العلماء يقولوف أف ترؾ الزكاة كفر دوف كفر ىو من عامة‬
‫ا‪١‬تعاصي اليت ال ُٗترج ا‪١‬ترء من ا‪١‬تلّة‪ ،‬للن الذي ٯتتنع على ترؾ الزكاة ابلقوة وا‪١‬تنعة والشوكة فهذا كافر كفر‬
‫أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬وقد أ‪ٚ‬تع الصحابة ‪-‬مهنع هللا يضر وأرضاىم‪ -‬يف زمن أيب بلر الصديق ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬على‬
‫تلفَت من؟ تلفَت ا‪١‬تمتنع على ترؾ الزكاة‪.‬‬

‫فل ّفروا ا‪١‬تمتنعُت على ترؾ الزكاة وقاتلوىم قتاؿ رّدة‪ ،‬وليس ىو من ابب قتاؿ البغاة و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬بل قتاؿ‬
‫حرب ُ‪٣‬تلية‪،‬‬
‫ا‪١‬ترتدين كما قاؿ أبو بلر ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪١ -‬تا جاءت ‪٣‬تموعة بعد ذلق اتئبة‪ ،‬قاؿ‪( :‬إما ٌ‬
‫ِ‬
‫وإما س ْل ٌم ُ‪٥‬تزية)‪ .‬قالوا‪ :‬أما ا‪ٟ‬ترب ا‪١‬تُجلية فقد عرفناىا‪ ،‬فما السلم ا‪١‬تُخزية؟ فذكر بعض األمور ون ّ‬
‫منها ومن بينها‪( :‬وتشهدوف أف قتالكم يف النار)؛ إذف ك ّفر الصحابة من امتنع على ترؾ شعَتة من‬
‫شعائر الدين‪ ،‬فليف ٔتن ٯتتنع عن اإلسالـ ُبرّمتو؟ وٯتتنع على ٖتليم غَت اإلسالـ!؟ كيف يُل ّفر من‬
‫امتنع عن شعَتة واحدة وال يُل ّفر من امتنع عن ‪ٚ‬تيع الشعائر والشرائع وامتنع على ٖتليم غَت شريعة‬
‫اإلسالـ!؟ كيف يُل ّفر ذاؾ وال يُل ّفر ىذا؟‬

‫وقد أ‪ٚ‬تع العلماء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬على التلفَت هبذه الدركة‪ ،‬كما نقل اإل‪ٚ‬تاع شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬‬
‫ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف (‪٣‬تموع الفتاوى‪ ،‬يف اجمللد الثامن والعشرين)‪ ،‬يف أكثر من موطن‪ ،‬على أف‪ :‬ما من طائفة‬
‫٘تتنع عن شعَتة ظاىرة من شعائر اإلسالـ كالصالة‪ ،‬والصياـ‪ ،‬وا‪ٟ‬تج‪ ،‬والزكاة‪ ،‬وكا‪ٞ‬تهاد يف سبيل هللا‪،‬‬
‫واألمر اب‪١‬تعروؼ والنهي عن ا‪١‬تنلر‪ ،‬أو عن ضرب ا‪ٞ‬تزية على اللفار‪ ،‬أو قاؿ ٘تتنع على فعل بعض‬
‫احملرمات ا‪١‬تعلومة من دين ا‪١‬تسلمُت ابلضرورة‪ ،‬كالزان‪ ،‬والراب و‪٨‬تو ذلق؛ إذا امتنعت ابلقوة وا‪١‬تنعة فهذه‬
‫طائفة كافرة تُقاتل قتاؿ ا‪١‬ترتدين وليس بقتاؿ البُغاة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫ا‪١‬تاللي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬كذلق اإلماـ ابن عبد الرب ا‪١‬تاللي ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫ّ‬ ‫ون ّ على ىذا اإل‪ٚ‬تاع اإلماـ ابن العريب‬
‫هللا‪ ،-‬كذلق اإلماـ ابن قدمة ا‪١‬تقدسي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬كذلق اإلماـ ابن دقيق العيد ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وىلذا‬
‫ونصوا على ذلق ومنهم الشيخ اجملدد دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وقاؿ‪( :‬إف الصحابة‬ ‫األئمة قالوا ّ‬
‫ِل يسألوا مانعي الزكاة ىل جحدمت وجوهبا أـ ِل ٕتحدوا‪ ،‬بل قاتلوىا قتاؿ ا‪١‬ترتدين)‪ِِ ..‬لَ؟ (ألهنم امتنعوا)‪.‬‬

‫فاالمتناع عن الشعائر الظاىرة أو على ما ىو من غَت شريعة اإلسالـ ذلق يُعترب من اللفر األكرب ا‪١‬تخرج‬
‫من ا‪١‬تلة إب‪ٚ‬تاع العلماء‪.‬‬

‫السنَن‪٘ ،‬تتنع طائفة على ترؾ األذاف أو ٘تتنع‬


‫بل اختلف العلماء يف تلفَت من امتنع على ترؾ ُسنّة من ُّ‬
‫طائفة عن الصلوات النوافل‪ ،‬عن السنن الرواتب‪ ..‬إذا امتنعت طائفة عن تلق السنن اختلف العلماء يف‬
‫تلق الطوائف ا‪١‬تمتنعة كما ذكر ذلق اإلماـ ابن دقيق العيد ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وكذلق قبلو اإلماـ ابن قدامة‬
‫‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪.-‬‬

‫إذف الذي ٯتتنع عن عدـ ٖتليم شريعة هللا‪ ،‬وٯتتنع على ا‪ٟ‬تلم بغَت الشريعة‪ ،‬فهو كافر كفر أكرب ‪٥‬ترج‬
‫جدال أف أصل ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا ىو من قبيل اللفر دوف كفر؛ لو سلّمنا‬
‫من ا‪١‬تلة‪ ،‬وإف سلّمنا ً‬
‫ويتحوؿ إىل اللفر الذي ىو من قبيل ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪.‬‬
‫جدال يصَت ابالمتناع ّ‬
‫ً‬

‫إذا علمتم ىذه الدركات ِل يصعب بعد ذلق عليلم ما تسمعوه من مرجئة العصر حينما ينقلوف للم‬
‫بعض اآلاثر وبعض األقواؿ عن السلف يف أهنم قالوا أبف ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا ىو كفر دوف كفر‪ ،‬ىذه‬
‫األلفاظ وىذه األقواؿ تُ ّنزؿ على أي دركة؟ من يعلم؟ على الثانية أو األوىل كذلق؛ إذ أف مرجئة العصر‬

‫{وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬


‫َنز َؿ م‬
‫اَّللُ‬ ‫٭تتجوف ٔتا فعلو ا‪٠‬توارج يف التلفَت بعامة ا‪١‬تعاصي واالستدالؿ بقو‪٢‬تم‪َ :‬‬
‫أيضا ّ‬ ‫ً‬
‫ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}‪ ،‬وسحبوا ذيل ىذه اآلية على كل الصو‪،‬ر وجعلوه من قبيل ومن قسيم اللفر‬ ‫فَأ ُْولَئِ َ‬
‫كرد فعل على أولئق‪ ،‬فقالوا أبنو من قبيل اللفر األصغر‪.‬‬
‫األكرب –أولئق ا‪٠‬توارج‪ ،-‬فقاـ ا‪١‬ترجئة ّ‬

‫وا‪٠‬توارج وعلي ومعاوية وابن عباس ‪-‬رضي هللا عن علي ومعاوية وابن عباس‪ ،‬وعلى ا‪٠‬توارج ما‬
‫يستحقوف‪ ،-‬كلهم كانوا قد اتفقوا على أف ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا من قبيل اللفر األكرب‪ ،‬للنهم اختلفوا‬
‫يف الصور‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫قرر يف ىذا اجمللس أف االستعانة بغَت هللا كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬أليس كذلق؟ فأان‬
‫مثال‪ :‬نُ ّ‬
‫لنقوؿ أننا ً‬
‫رجال أصابو مرض‬
‫وأنتم اجتمعنا على ىذا القوؿ واتفقنا على ىذا القوؿ‪ ،‬فأتى زيد من الناس فرأى ً‬
‫فذىب إىل الطبيب‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أعوذ ابهلل‪ ،‬استعاف بغَت هللا فهو كافر كفر أكرب!‬

‫ىل نقوؿ إف قولنا األوؿ يف االستعانة بغَت هللا ىو من قبيل اللفر دوف كفر؟ أـ نقوؿ أف ذلق كفر أكرب‬
‫وللن ىذه الصورة اليت تللمت فيها اي زيد ليست من االستعانة اليت نتللم فيها ‪٨‬تن؟ تلق صورة‬
‫أخرى؛ االستعانة ا‪١‬تل ّفرة أف يستعُت بغائب أو بنحوه فيما ال يقدر عليو إال هللا‪ ،‬فهذه استعانة ُمل ّفرة‬
‫ُ‬
‫مر معنا يف الناقض األوؿ والناقض الثاين من ىذا ا‪١‬تنت ا‪١‬تبارؾ‪.‬‬
‫كما ّ‬
‫إذف ال ٮتلطوا ويُلبّسوا عليلم ويُدلّسوا يف الصور‪ ،‬و‪٬‬تمعوا الصور بعضها مع بعض و‪٬‬تعلوىا كلها ٔترتبة‬
‫واحدة‪ ،‬فهذه صورة وىي واالستعانة بغَت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فيما ال يقدر عليو إال هللا‪ ،‬وىي من‬
‫سمى‬
‫قبيل ما ىو كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬وللن ذلق ا‪١‬تريض الذي ذىب إىل الطبيب ىذه نعم قد تُ ّ‬
‫استعانة بغَت هللا‪ ،‬للن ىل ىي استعانة ُمل ّفرة؟ ليست استعانة ُمل ّفرة‪ ،‬ىل ىي استعانة ُ‪٤‬تّرمة؟ ليست‬
‫ىي استعانة ُ‪٤‬تّرمة‪ ،‬قد تلوف ملروىة وقد تلوف جائزة ْتسب اختالؼ العلماء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬يف مسألة‬
‫العالج من ا‪١‬ترض؛ وللن القوؿ ىا ىنا أف تلق صورة أخرى ُمباينة ُمفارقة للصورة اليت ّقرران أهنا من‬
‫نواقض اإلسالـ‪.‬‬

‫كذلق الصور اليت ّقرران أهنا من قبيل ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬فمنها صور ُمل ّفرة ومنها صور ليست‬
‫ٔتُل ّفرة‪.‬‬

‫من يستطع منلم أف يعيد ىذه الدركات اليت ذكرانىا وأشران إليها يف ىذا الدرس؟‬

‫نعم ابرؾ هللا فيق‪..‬‬

‫‪-‬األخ‪ :‬بسم هللا وا‪ٟ‬تمد هلل والصالة والسالـ على رسوؿ هللا‪ ،‬الدركة األوىل‪ :‬وىي من قبيل جنس‬
‫ا‪١‬تعاصي مثل الزان أو السرقة ىي حلم بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬وللنها كفر من قبيل اللفر دوف كفر‪.‬‬

‫الدركة الثانية‪ :‬وىي أف ٭تلم ابلشريعة ويلوف ديدنو ذلق وللن يف مسألة يف قضية معينة أو واقعة معينة‬
‫حلم بغَت الشرع من غَت تبديل أو تشريع أو قانوف أو الئحة فهذا من قبيل كفر دوف كفر‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫*الشيخ‪ :‬ىذه مسألة خالفيّة‪ ،‬ويُنبّو ىا ىنا يف ىذه ا‪١‬تسألة يف ىذه ا‪ٞ‬تزئية‪ :‬قد يقوؿ بعض ا‪١‬ترجئة‪ :‬طيب‬
‫تبديال أو تشر ًيعا أو ‪٨‬تو‬
‫أيضا واقعتُت‪ ،‬ثالث‪ ،‬أربع‪ٜ ،‬تس‪ ..‬إىل كم؟ نقوؿ‪ :‬ما ِل ي ُلن ً‬
‫يف واقعة‪ ،‬و ً‬
‫عمو فحلم لو بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬ابن خالتو‪ ..‬حلم لو بغَت ما أنزؿ هللا‪ ..‬شهوة ألجل‬
‫ذلق‪ ..‬فأاته ابن ّ‬
‫مثال‪ ،‬أبف يقوؿ أبف‬
‫ودفع لو رشوة فحلم لو بغَت ما أنزؿ هللا‪ ،‬أبف يطعن يف الشهود ً‬ ‫ذلق‪ ،‬أاته شخ‬
‫شروط إقامة ا‪ٟ‬تد يف ىذه ا‪١‬تسألة ِل تتوفّر كاملة و‪٨‬تو ذلق‪ ..‬فهذه من قبيل اللفر األصغر الذي ال ُٮترج‬
‫بصاحبو من ا‪١‬تلة وقد اختلف العلماء يف ىذه ا‪١‬تسألة‪.‬‬

‫نعم‪ ..‬الدركة الثالثة‪..‬‬

‫‪-‬األخ‪ :‬الدركة الثانية خالفية بُت أىل العلم منهم من قاؿ أبهنا كفر ومنهم من قاؿ أبهنا كفر دوف كفر‪،‬‬
‫من قاؿ أبهنا كفر أكرب منهم الصحايب ا‪ٞ‬تليل عبد هللا بن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر‪ -‬عندما ُسئل عن الرشوة وقاؿ‬
‫السحت‪..‬‬
‫ىي من ُّ‬

‫السحت‪ ،‬فلما قيل لو يف ا‪ٟ‬تلم؟ قاؿ‪ :‬ذلق اللفر‪.‬‬


‫‪-‬الشيخ‪ :‬قاؿ ُّ‬

‫‪-‬األخ‪ :‬ذلق الطرباين وقاؿ عنو ابن حجر ا‪٢‬تيثمي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬سنده صحيح‪.‬‬

‫صح األثر عن ابن عبّاس كفر دوف كفر يف ا‪ٟ‬تادثة اليت وقعت وقالوا أبنو‬
‫ومن قاؿ أبهنا ليست كفر إف ّ‬
‫قد ح ّلموا الرجاؿ‪.‬‬

‫الدركة الثالثة‪ :‬وىي التبديل أو االستبداؿ وىي كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة وىي مسألة اتفاقية‪ ،‬والدليل من‬
‫ك ُى ُم‬ ‫ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}‪{،‬فَأُوٰلَئِ َ‬
‫اَّللُ فَأ ُْولَئِ َ‬ ‫{وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬
‫َنز َؿ م‬ ‫القرآف قوؿ هللا عز وجل‪َ :‬‬
‫{وقَاتِلُ ُ‬
‫وى ْم‬ ‫ك ُى ُم الْ َفاس ُقو َف}‪ ،‬وقوؿ هللا عز وجل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫تَ ُكو َف فِ ْتػنَةٌ َويَ ُكو َف َح مَّت ال الظمالِ ُمو َف}‪{ ،‬فَأُولَئِ َ‬
‫الدين ُكلُّو ِمِ‬
‫َّلل}‪.‬‬ ‫ِّ ُ ُ‬
‫والدركة الرابعة‪ :‬التشريع‪ ،‬قاؿ هللا عز وجل‪{ :‬أَـ َهلم ُشرَكاء َشرعُوا َهلم ِمن ِّ‬
‫الدي ِن َما َملْ َأيْ َذ ْف بِ ِو م‬
‫اَّللُ}‬ ‫ْ ُْ َ ُ َ ُْ َ‬
‫وىي كفر ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة وىي مسألة اتفاقية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫حق التشريع من دوف هللا‪ ،‬األوؿ الدركة الرابعة‪ :‬ىو ِل ي ّد ِع حق‬
‫*الشيخ‪ :‬والدركة ا‪٠‬تامسة‪ :‬أف ي ّدعي ّ‬
‫شرع‪،‬‬
‫شرع فهذا انقض من نواقض اإلسالـ ابإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬الذي ي ّدعي حق التشريع وإف ِل يُ ّ‬ ‫التشريع‪ ،‬للنو يُ ّ‬
‫فهذا كافر كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة ابإل‪ٚ‬تاع وىذه الدركة أعظم من الدركة اليت قبلها‪.‬‬

‫أيضا‬
‫مث الدركة السادسة واألخَتة‪ :‬االمتناع على ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وىذه دركة ً‬
‫ُمل ّفرة إب‪ٚ‬تاع العلماء‪.‬‬

‫ىذا ابختصار وإ‪٬‬تاز وإف كنا قد بسطنا القوؿ يف اللتاب ا‪١‬تشار إليو‪ ،‬نسأؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫ُ‬
‫إ٘تامو وإخراجو بعوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬حوؿ ما يتعلق هبذا الناقض أال وىو الناقض الرابع من‬
‫نواقض اإلسالـ‪.‬‬

‫وهللا سبحانو وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬وجزاكم هللا خَتا‪.‬‬

‫(أسئلة اْلضور)‬

‫يقوؿ‪ :‬نو ّد منكم أف نعرؼ حكم الدميقراطية والدميقراطيني‪.‬‬

‫اإلجابة‪ً :‬‬
‫طبعا ىذا ٭تتاج إىل ‪٤‬تاضرة كاملة‪ ،‬وللن نشَت ىا ىنا يف ىذه العُجالة بُت األذانُت ونقوؿ‪:‬‬

‫ما ىي أصل الدٯتقراطية؟ ال ٕتدوف ىذه الللمة أو معٌت الدٯتقراطية ال يف كتب العقائد وال يف كتب‬
‫الفقو وال يف كتب اللغة‪ ،‬فهي دخيلة على دين ا‪١‬تسلمُت وكذلق على لغة ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬ىي أصل ىذه‬
‫الللمة يوانين‪ ،‬معناىا‪ :‬حلم الشعب ابلشعب‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫زورا‬
‫‪١‬تا كاف يف الغرب ُ٭تلموف ْتلم السماء ‪-‬يف زعمهم‪ْ -‬تلم اللنائس‪ْ ،‬تلم هللا ‪-‬فيما سيزعموف ً‬
‫وهبتاان‪ ،-‬وكانوا يظلموف الناس ويتجاروف يف الظلم ِابِسم ماذا؟ ِابِسم هللا وِابِسم السماء وِابِسم اللنيسة‬
‫ُ‬
‫وهبتاان‬
‫زورا ً‬ ‫ِِ‬
‫وابسم الرىباف‪ ،‬إىل غَت ذلق‪ ..‬فلما كثر الظلم هبذا األمر وهبذه األحلاـ ا‪ٞ‬تائرة اليت تُنسب ً‬
‫إىل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬قاـ الناس ىنالق يف أورواب ابلثورة على حلم هللا وعلى حلم السماء وقالوا‬
‫نريد حلم الشعب‪ ،‬فهم رفضوا حلم هللا‪ ،‬رفضوا حلم الدين‪ ،‬وأرادوا أف ٭تلموا أنفسهم أبنفسهم‪ ،‬قالوا‬
‫ىذا حلم الشعب ابلشعب وأ‪ٝ‬توىا ابلدٯتقراطية؛ أف ُ٭تلم الشعب ابلشعب ِِلَ؟ قالوا حىت ال نقع يف‬
‫ذلق الظلم الذي ىو ِابِسم هللا وِابِسم السماء‪.‬‬

‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أحلامو مقتصرة يف ا‪١‬تساجد يف الصوامع‪ ،‬يف اللنائس‪ ،‬أما الدنيا بسياستها‬
‫واقتصادىا واجتماعها فهي للشعب‪ ،‬مث قالوا ورأوا أهنم ال يستطيعوف أف أيتوا بلل الشعب يف كل مسألة‬
‫ويقوموف ابستفتاء ذلق الشعب يف كل جزئية‪ ،‬فقالوا ىم أف الدٯتقراطية ىي حلم الشعب‪ ،‬فليف إذا‬
‫أراد ا‪ٟ‬تاكم أف ٭تلم يف ىذه ا‪١‬تسألة أو تلق ا‪١‬تسألة أف يستشَت كل الشعب يف كل مسألة؟ يصعب عليو‬
‫فقسموا على حسب ا‪١‬تناطق‪ ،‬على حسب‬
‫ذلق‪ ،‬قالوا إذف ننتدب وننوب عنّا نػُ ّو ًااب يتللموف اب‪ٝ‬تنا‪ّ ،‬‬
‫البالد‪ ،‬الدوؿ‪ ،‬ا‪١‬تدف‪ ،‬القرى‪ ..‬عن كل قرية‪ ،‬عن كل مدينة‪ ،‬ينوب عنهم رجل أو امرأة ويتللم اب‪ٝ‬تهم‪،‬‬
‫ينوب عنهم انئب ويتللم اب‪ٝ‬تهم يف ماذا؟ يف ا‪ٟ‬تلم‪.‬‬

‫إذف ىو حلم الشعب ابلشعب‪ ..‬من يتللم على لساف الشعب؟ ىؤالء النواب الذين يُع ّدوف بعدد ‪٤‬تدد‬
‫ٖتليال وٖترٯتا‪ ،‬تقدٯتًا وأتخَتا‪،‬‬
‫عُت يتللموف ابسم الشعب يف ماذا؟ يف كل ا‪١‬تسائل ا‪١‬تطروحة بُت أيديهم ً‬
‫ُم ّ‬
‫شرعوف من دوف هللا‪ ،‬ويُعطوف‬
‫أف يقولوف يف ىذا القوؿ ال أبس بو أو أف ُ‪٬‬تّرموه‪ ،‬إىل غَت ذلق‪ ..‬فهم يُ ّ‬
‫أحقيّة التشريع من دوف هللا‪ ،‬و٭تلموف يف كل ا‪١‬تسائل ِابِسم الشعب وليس ِابِسم الرب –سبحانو‬
‫وتعاىل‪.-‬‬

‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬إِ ِف ا ْْل ْكم إِال ِمِ‬


‫َّلل}[يوسف‪ ،]ٗٓ :‬وىم يقولوف‪ :‬إف ا‪ٟ‬تلم إال للشعب‪.‬‬ ‫ُ ُ‬
‫ِِ‬
‫{ال يُ ْش ِر ُؾ ِيف ُح ْكمو أ َ‬
‫َح ًدا}[اللهف‪ ،]ٕٙ :‬وىم يقولوف‪ :‬الشعب ال‬ ‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ :‬‬
‫يُشرؾ يف ُحلمو أحدا‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ب ِْلُ ْك ِم ِو}[الرعد‪ ،]ٗٔ :‬وىم يقولوف‪ :‬والشعب ٭تلم‬ ‫ِ‬ ‫{و م‬
‫اَّللُ َْحي ُك ُم َال ُم َع ّق َ‬ ‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ :‬‬
‫حاال من يقوؿ‪ :‬وهللا ُ٭ت ّلم و‪٨‬تن نُع ّقب على حلمو‪ ،‬أو والشعب يُع ّقب‬
‫ال ُمع ّقب ‪ٟ‬تلمو‪ ،‬وأخ ّفهم ً‬
‫على حلمو ‪-‬والعياذ ابهلل‪.-‬‬

‫ْق َو ْاأل َْم ُر}‪ ،‬يقولوف‪ :‬أال لو ا‪٠‬تلق ولنا األمر ‪-‬والعياذ ابهلل‪،-‬‬ ‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬أ ََال لَوُ ْ‬
‫اخلَل ُ‬
‫شرع و‪٨‬تلم –والعياذ ابهلل تعاىل‪.-‬‬
‫أنت ٗتلق‪ ،‬و‪٨‬تن أنمر ونُ ّ‬
‫رب‬
‫فهذه ىي حقيقة الدٯتقراطية‪ ،‬إذا علمت ذلق علمت حلم الدٯتقراطية وكيف أهنا تُناقض شريعة ّ‬
‫الربيّة ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫يلوف ا‪ٟ‬تلم كما قاؿ اإلماـ مالق ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬إماـ دار ا‪٢‬تجرة وإماملم وإمامنا‪ ،‬يقوؿ‪( :‬لن يصلح أمر‬
‫آخر ىذه األمة إال ٔتا صلح بو ّأو‪٢‬تا)‪.‬‬

‫كيف ُح ِل َمت األمة يف بدايتها؟ ىلذا تصلح‪ ،‬أما هبذه التصورات واآلراء واالجتهادات ا‪١‬تختلفة اليت‬
‫كل برأيو‪ ،‬فلن نصل إىل نتيجة‪ ،‬لن نصل إال إىل تشرذـ‪ ،‬إىل‬
‫كل ابجتهاده‪ ،‬و ٌ‬
‫كل هبواه‪ ،‬و ٌ‬
‫تروهنا اليوـ ٌ‬
‫تفرؽ‪ ،‬إىل اغتياالت‪ ،‬إىل مؤامرات‪ ،‬إىل غَت ذلق‪..‬‬
‫ّ‬
‫أما صالح ىذه األمة ٔتا صلُح عليو أوؿ ىذه األمة‪ ،‬كيف حلم الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬الدولة األوىل؟ ىل‬
‫ماس ِّبَا أ ََر َ‬
‫اؾ‬ ‫ني الن ِ‬ ‫ِ‬
‫حلمها ْتلم الشعب؟ أـ حلمها ْتلم الرب ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬؟ {لتَ ْح ُك َم بَػ ْ َ‬
‫اَّللُ}[النساء‪ ،]ٔٓ٘ :‬أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬اللتاب على الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬لِيَ ْح ُلم ال لِيُح َلم‪.‬‬
‫م‬

‫{و َشا ِوْرُى ْم ِيف ْاأل َْم ِر}[آؿ عمراف‪ ،]ٜٔ٘ :‬فهذه يف‬
‫ورى بَػ ْيػنَػ ُه ْم}[الشورى‪ ،]ٖٛ :‬أما‪َ :‬‬
‫{وأ َْم ُرُى ْم ُش َ‬
‫أما‪َ :‬‬
‫ا‪١‬تسائل اليت ِل ِ‬
‫يقض هللا فيها‪ ،‬وِل ين ّ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فيها ْتلم‪ ،‬فهذه نعم‪ ،‬يُشاور فيها من؟‬
‫أىل ا‪ٟ‬تَ ّل والعقد‪ ،‬ليس كل الناس يُشاوروف فيها وإ‪٪‬تا يُشاور أىل ا‪ٟ‬تل والعقد‪ ،‬وىم الذين ‪ٚ‬تعوا بُت‬
‫العلمُت‪ :‬علم الواقع وعلم الدليل‪ ،‬فهؤالء يُرجع إليهم يف ىذه ا‪١‬تسائل اليت ِل ِ‬
‫يقض هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫فيها‪ ..‬أنبٍت ا‪١‬تسجد ىنا؟ أـ ىناؾ؟ أنرصف الشارع ىنا؟ أو يف الطريق اجملاور؟ ىذه ‪٤‬تل شورى‪ ،‬أنغزوىم‬

‫‪71‬‬
‫عامة ا‪١‬تسائل‪ ،‬أيُبٌت ىذا‬
‫غدا؟ أو نغزوىم بعد شهر‪..‬؟ ىذه ‪٤‬تل شورى‪ ،‬وىلذا يف ّ‬
‫اليوـ؟ أو نغزوىم ً‬
‫البناء هبذا النحو؟ أو بذاؾ النحو؟ بطابق؟ أو عشرة طوابق؟ ىذه كلها ‪٤‬تل شورى‪.‬‬

‫أما‪ :‬ىل الراب مباح؟ أـ ال؟ فهذه ليست ‪٤‬تل شورى‪ ،‬أما‪ :‬ىل ُ٭تّرـ ا‪٠‬تمر يف الفنادؽ اليت ىي ‪ٜ‬تس‬
‫‪٧‬توـ؟ أـ ثالث ‪٧‬توـ أـ ال؟ فهذه ليست ‪٤‬تل شورى‪ ،‬ىذه قضى هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فيها وال يُتق ّدـ‬
‫على قوؿ هللا وقوؿ رسولو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬بقوؿ ٍ‬
‫أحد كائنًا من كاف‪.‬‬

‫فهذا ىو الفرؽ ا‪ٞ‬توىري بُت الشورى وبُت الدٯتقراطية‪ ،‬الشورى يف ا‪١‬تسائل اليت ِل ِ‬
‫يقض هللا فيها‪،‬‬
‫والدٯتقراطية يف كل ا‪١‬تسائل قضى هللا فيها أـ ِل ِ‬
‫يقض‪.‬‬

‫الفرؽ الثاين‪ :‬أف الشورى‪ :‬ىي ألىل ا‪ٟ‬تل والعقد من ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬أما الدٯتقراطية‪ :‬فهي للجميع سواء كانوا‬
‫من الصا‪ٟ‬تُت أو من الطا‪ٟ‬تُت‪ ،‬من ا‪١‬تسلمُت أو من اللافرين‪ ،‬من العلمانيُت‪ ،‬من ا‪١‬تلحدين‪ ،‬من‬
‫ُ‬
‫الشيوعيُت‪ ،‬من االشًتاكيُت‪ ،‬إىل غَت ذلق‪ ..‬أىم شيء يلوف من ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬وإف كاف مسيلمة اللذاب‪،‬‬
‫كاف مواطنًا فهو من أىل ا‪ٟ‬تل والعقد عند الدٯتقراطيُت؛ أما عند هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ورسولو فال بد‬
‫من توفر شروط يف الشهود وكذلق فيمن ىم من أىل الشورى‪.‬‬

‫الفرؽ الثالث‪ :‬أف الشورى‪ :‬تعتمد على القوؿ الصواب وإف قاؿ بو األقليّة‪ ،‬أما الدٯتقراطية‪ :‬فتعتمد على‬
‫اقعا أبنو من أبطل األقواؿ‪ ،‬إذا قالت بو األكثرية ىو الدين الذي‬ ‫وشرعا وو ً‬ ‫قوؿ األكثرية‪ ،‬وإف عُلِ َم ً‬
‫عقال ً‬
‫وؾ َعن َسبِ ِ‬ ‫ضي ِ‬
‫ضلُّ َ‬ ‫ِ‬
‫يل‬ ‫{وإِف تُط ْع أَ ْكثَػ َر َمن ِيف ْاأل َْر ِ ُ‬
‫ُٯتشى عليو‪ ..‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ :‬‬
‫ماس َال يَػ ْعلَ ُمو َف}[األعراؼ‪،]ٔٛٚ :‬‬ ‫{وٰلَ ِك من أَ ْكثَػ َر الن ِ‬
‫اَّلل}[األنعاـ‪ ، ]ٔٔٙ :‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪َ :‬‬
‫مِ‬
‫{وَما أَ ْكثَػ ُر الن ِ‬
‫ماس َولَ ْو‬ ‫ِ‬ ‫{وٰلَ ِك من أَ ْكثَػ َر الن ِ‬
‫ماس َال يػُ ْؤمنُو َف}[غافر‪ ،]ٜ٘ :‬ويقوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ :-‬‬ ‫ويقوؿ‪َ :‬‬
‫ت ِّبُْؤِمنِني}[يوسف‪ ]ٖٔٓ :‬ويقوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬وما يػ ْؤِمن أَ ْكثَػرىم ِِب مِ‬
‫َّلل إِال َو ُى ْم‬ ‫صَ‬
‫ََ ُ ُ ُُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َح َر ْ‬
‫ور}[سبأ‪.]ٖٔ :‬‬ ‫ي ال م‬ ‫م ْش ِرُكو َف}[يوسف‪ ]ٔٓٙ :‬ويقوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬وقَلِ ِ ِ ِ‬
‫ش ُك ُ‬ ‫يل ّم ْن عبَاد َ‬
‫َ ٌ‬ ‫ُ‬

‫نسأؿ هللا سبحانو وتعاىل أف نلوف ‪٨‬تن وإايكم من ىؤالء القلّة الذين يشلروف هللا سبحانو وتعاىل على‬
‫نعمو الظاىرة والباطنة‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬وجزاكم هللا خَتا‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الدرس الرابع‬

‫ومصطفاه‬
‫ذؿ َمن عصاه‪ ،‬والصالة والسالـ على نبيّو ُ‬
‫عز َمن أطاعو‪ُ ،‬م ّ‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬ا‪ٟ‬تمد هلل ُم ّ‬
‫وعلى آلو وصحبو ومن وااله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد تللمنا يف الدرس ا‪١‬تنصرـ حوؿ الناقض الرابع من نواقض اإلسالـ‪ ،‬وذكران أف مسألة ا‪ٟ‬تلم بغَت ما‬
‫ُ‬
‫أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪٢ -‬تا صور عديدة وليست بصورة واحدة‪.‬‬

‫قلنا أف الدركة األوىل‪ :‬ىي ُ‪٣‬تمل ا‪١‬تعاصي واللبائر وأ ّهنا قد يُطلق عليها أ ّهنا من ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا‪،‬‬
‫نزوال كليّا‪ ،‬وأ ّهنا من قبيل ما ىو‬ ‫اَّللُ } وللن ً‬
‫نزوال جزئيًا ال ً‬ ‫وتنزؿ عليها اآلية‪َ { :‬وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ‬
‫َنز َؿ م‬
‫كفر دوف كفر إب‪ٚ‬تاع أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة‪.‬‬
‫مثّ الدركة اليت تليها‪ :‬ىي أف ٭تلم ا‪ٟ‬تاكم أو القاضي بشرع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ويلوف مرجعو‬
‫لللتاب والسنة‪ ،‬وللن حلم يف مسألة أو مسائل لشهوة أو لرشوة أو لنحو ذلق بغَت ما أنزؿ هللا ‪-‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وقلنا أف ىذه مسألة خالفية بُت أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة من قائل أبهنا من قبيل اللفر‬
‫األكرب ومن قائل أبهنا من قبيل اللفر األصغر‪.‬‬

‫مث الدركة الثالثة‪ :‬وىي التبديل‪ ،‬تبديل أحلاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أبحلاـ البشر‪ ،‬أو ابألحلاـ‬
‫الشق يف كفره إب‪ٚ‬تاع العلماء ونعٍت ابللفر ىا ىنا اللفر ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السماوية ا‪١‬تنسوخة؛ فهذا‬

‫مثّ الدركة الرابعة وىي أخبث ‪٦‬تا قبلها وىي‪ :‬دركة التشريع من دوف هللا‪ ،‬أو مع هللا ما ِل أيذف بو هللا ‪-‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وإف ِل ي ّد ِع لنفسو أحقيّة التشريع وىذه كفر ابإل‪ٚ‬تاع كما تقدـ‪.‬‬

‫مث الدركة ا‪٠‬تامسة وىي‪ِّ :‬إدعاء حق التشريع ا‪١‬تطلق من دوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وىي كفر أكرب‬
‫شرع ‪.‬‬
‫شرع أو ِل يُ ّ‬
‫إب‪ٚ‬تاع ا‪١‬تسلمُت سواء ّ‬
‫أخَتا الدركة السادسة وىي أخبث تلق الدركات يف مسألة ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا وىي‪ :‬أف ٭تلم‬
‫و ً‬
‫أيضا مسألة قد أ‪ٚ‬تع العلماء‬
‫الشوكة وا‪١‬تنعة‪ ،‬وىذه ً‬
‫ابلقوة و ّ‬
‫ا‪ٟ‬تاكم بغَت ما أنزؿ هللا وٯتتنع على ذلق ّ‬
‫َ‬
‫قاطبة على التلفَت هبا وأهنا من قبيل اللفر األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫هبذه التقسيمات وهبذا التقعيد ال ينطلي على أحد طالسم اإلرجاء‪{ ،‬إِ مَّنَا صنػعوا َكي ُد س ِ‬
‫اح ٍر َوَال يُػ ْف ِل ُح‬ ‫ََ ُ ْ َ‬
‫ث أَتَ ٰى}[طو‪ ،]ٜٙ :‬إذا علمت ىذا التقعيد ال ينطلي عليق‪ ،‬وال يُلبّس عليق بعد ذلق‬ ‫سِ‬
‫اح ُر َح ْي ُ‬ ‫ال م‬
‫ا‪١‬ترجئة بطال‪ٝ‬تهم وشخابيطهم‪.‬‬

‫يف ىذه اللية بعوف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬نبدأ وإايكم عند الناقض ا‪٠‬تامس من نواقض اإلسالـ‪..‬‬

‫نعم‪.‬‬

‫قاؿ الشيخ دمحم بن عبدالوىاب ‪-‬رمحو هللا تعاىل‪ -‬يف رسالة نواقض اإلسالـ‪:‬‬

‫(الناقض اخلامس‪ :‬من أبغض شيئًا مما جاء بو الرسوؿ ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ولو عمل بو كفر إمجاعا‪.‬‬
‫‪ .‬أَ ْع َما َهلُ ْم }[دمحم‪.)]ٜ :‬‬
‫َحبَ َ‬
‫اَّللُ فَأ ْ‬ ‫والدليل قولو تعاىل‪َ { :‬ذلِ َ‬
‫ك ِأبَنمػ ُه ْم َك ِرُىوا َما أ َ‬
‫َنز َؿ م‬

‫الشرح‪:‬‬

‫إ‪ٚ‬تاعا‪ ،‬كما نقل صاحب‬


‫أمرا ‪٦‬تا جاء بو الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬من دين هللا ولو عمل بو كفر ً‬
‫نعم‪ ..‬من كره ً‬
‫اإلقناع وكما نقل اإلماـ إسحاؽ بن رىاويو ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬أف من كره شيئًا ‪٦‬تا جاء بو الن ‪-‬ﷺ‪ -‬فهو‬
‫‪ .‬أَ ْع َما َهلُ ْم}‪.‬‬
‫َحبَ َ‬
‫اَّللُ فَأ ْ‬ ‫كافر إب‪ٚ‬تاع ا‪١‬تسلمُت وإف عمل بو‪{ ،‬ذَلِ َ‬
‫ك ِأبَنػم ُه ْم َك ِرُىوا َما أ َ‬
‫َنز َؿ م‬

‫وتعلموف أف حبوط العمل بُِرّم ِتو ال يلوف إال عند اللفر‪ ،‬ال يلوف إال عند الشرؾ كما قاؿ هللا ‪-‬‬
‫ت لَيَ ْحبَطَ من‬ ‫ين ِمن قَػ ْبلِ َ‬
‫ك لَئِ ْن أَ ْش َرْك َ‬ ‫ِ مِ‬
‫ك} أي‪ :‬اي دمحم { َوإ َىل الذ َ‬
‫سبحانو وتعاىل‪{ :-‬ولََق ْد أ ِ‬
‫ُوح َي إِلَْي َ‬ ‫َ‬
‫ك }[٘‪:ٙ‬الزمر]‪ ،‬إذف؛ حبوط العمل برمتو ال يلوف إال عند اللفر والشرؾ والعياذ ابهلل‪َ { ،‬وقَ ِد ْمنَا‬ ‫َع َملُ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ورا }[ ٖٕ‪ :‬الفرقاف]‪.‬‬ ‫إ َىل َما َعملُوا م ْن َع َم ٍل فَ َج َعلْنَاهُ َىبَ ً‬
‫اء منثُ ً‬

‫أما حبوط بعض األعماؿ فقد تلوف لغَت اللفر‪ ،‬كأف يُرائي اإلنساف يف صالتو فهي حابطة ‪-‬ىذه‬
‫الصالة فقط حابطة‪ ،-‬يف صيامو‪ ،‬يف صدقتو‪ ،‬يف ‪٨‬تو ذلق؛ فاهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أغٌت األغنياء عن‬

‫‪73‬‬
‫الشرؾ‪ ،‬من أشرؾ مع هللا فيو غَته ابلرايء تركو ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وشركو كما جاء ذلق يف ا‪ٟ‬تديث‬
‫القدسي الصحيح‪.‬‬

‫للن حبوط العمل ‪ٚ‬تل ًة وتفصيال ال يلوف إال يف الشرؾ‪ ،‬كذلق يف ىذه ا‪١‬تسألة كراىية ما جاء بو رسوؿ‬
‫دؿ ذلق على أ ّف كراىية ما أنزؿ‬
‫‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ىذا يؤدي ابإلنساف إىل أف ٭تبط عملو ‪-‬والعياذ هللا‪ ،-‬فإذف ّ‬
‫هللا كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪.‬‬

‫ك َال يػ ْؤِمنُو َف ح مَّت ُحي ِّكم َ ِ‬


‫يما َش َج َر بَػ ْيػنَػ ُه ْم مثُم َال ََِي ُدوا ِيف‬
‫وؾ ف َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يقوؿ‪{ :‬فَ َال َوَربِّ َ ُ‬
‫يما}[النساء‪،]ٙ٘ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ت وي ِ‬
‫سلّ ُموا تَ ْسل ً‬‫ض ْي َ َ ُ َ‬ ‫أَن ُف ِس ِه ْم َح َر ًجا ِّممما قَ َ‬

‫فال بد من أموٍر ثالثة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التحاكم لشريعة هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬اليت بُِعث هبا سيد اخللق أمجعني ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬
‫ً‬

‫اثنيًا‪ :‬عدـ اْلرج من أي شيء جاء عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬عدـ كراىية ما جاء بو رسوؿ هللا ‪-‬‬
‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬سواء كاف ذلق من قبيل أركاف اإلسالـ كالصالة والصياـ وا‪ٟ‬تج والزكاة والشهادتُت‪ ،‬أو كاف‬
‫ذلق من أي شعَتة من شعائر اإلسالـ سواء كاف ذلق اللحية اليت أمر هبا الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فيلرىها‬
‫اإلنساف ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬ويبغض ىذه الشعَتة من شعائر الدين اليت أ‪ٚ‬تع العلماء كما ذكر ذلق اإلماـ‬
‫أبو دمحم ابن حزـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وكذلق شيخ اإلسالـ أبو العباس ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬على وجوب‬
‫إعفائها وٖترمي حلقها‪ ،‬ىذه الشعَتة اليت جاءت عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف أوامر عديدة (أعفوا‬
‫اللحى)‪( ،‬وفّروا اللحى)‪( ،‬أوفروا اللحى) إىل غَت ذلق‪ ،‬الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ‪( :‬ولَ ِك من َرِِّب قَ ْد‬
‫ِ ِ‬
‫أ ََم َرِن ِبِِ ْع َفاء ْلْيَ ِيت َوقَ ِّ‬
‫ص َش ِارِِب(‪.‬‬

‫أيضا مسألة ا‪ٟ‬تجاب‪ ،‬مسألة النقاب اليت‬


‫إذف‪ ،‬فال يبغض اإلنساف ما جاء بو الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬كذلق ً‬
‫جاءت عن هللا وعن رسوؿ هللا‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪-‬؛ فا‪١‬تسلم أو ا‪١‬تسلمة ال ‪٬‬توز ‪٢‬تم ْتاؿ أف يبغضوا أو يلرىوا ىذه‬
‫الشعائر وإف ِل يفعلوىا‪.‬‬

‫قصر االنساف فلم ي ِ‬


‫عف ‪ٟ‬تيتو؟ ىذا مؤمن من أىل القبلة وللنو ارتلب بعض ا‪١‬تعاصي‪ ،‬لو خرجت‬ ‫لو ّ‬
‫ُ‬
‫ا‪١‬ترأة بدوف حجاب سافرة؟ ىذه عاصية‪ ،‬وللن أف تبغض ا‪ٟ‬تجاب أو تبغض اللحية‪ ،‬ولو كاف الرجل‬

‫‪74‬‬
‫‪٦‬تن أعفى ‪ٟ‬تيتو ولو كانت ا‪١‬ترأة ‪٦‬تن أسدلت ا‪ٟ‬تجاب عليها وأبغضت ىذه الشعَتة؛ فهي ‪-‬والعياذ ابهلل‪-‬‬
‫ٗترج بذلق من ا‪١‬تلة‪.‬‬

‫قد جاء فيما رواه اإلماـ الطرباين وابن أيب عاصم وغَتىم‪ ،‬عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( :-‬ال يؤمن أحدكم‬

‫تبعا ملا جئتكم بو)‪ ،‬وإف كاف ا‪ٟ‬تديث ّ‬


‫ضعفو بعض أىل العلم كاإلماـ ابن رجب‬ ‫حَّت يكوف ىواه ً‬
‫حسنو البعض كاإلماـ النووي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ويُستأنس بو‬
‫وا‪ٟ‬تنبلي وا‪ٟ‬تافظ ابن حجر ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وللن ّ‬
‫يف ىذا ا‪١‬تقاـ‪.‬‬

‫إذف‪ ،‬قلنا ال يرد اإلنساف وال يلره وال يبغض أي شعَتة من شعائر الدين اليت جاء هبا الن اللرمي ‪-‬‬
‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫ٗترجت يف أحد ا‪ٞ‬تامعات‪ ،‬فقالت‪:‬‬


‫تلق ا‪١‬ترأة اليت ذىبت إىل أحد علماء ا‪١‬تسلمُت وىي سافرة وقد ّ‬
‫(كيف يزعم نبيّلم أننا انقصات عقل ودين؟) تشَت إىل حديث أيب سعيد ا‪٠‬تدري ‪-‬رضي هللا عن‬
‫وأرضاه‪ -‬الذي أخرجاه يف الصحيحُت‪ ،‬وإف كاف قد ّبُت الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ما ىو نقصاف العقل عند‬
‫النساء‪ ،‬وىي أف شهادة ا‪١‬ترأة بنصف شهادة الرجل‪ ،‬ونقصاف دينها أبهنا إذا حاضت ونفست ال تصلي‬
‫وال تصوـ‪ ،‬تًتؾ الصالة وتًتؾ الصياـ‪ ،‬تقضي الصياـ وال تقضي الصالة‪ّ ،‬بُت ذلق الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وللن‬
‫ىذه لغبائها والبتعادىا عن دين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬تظن أف ا‪١‬تسألة مسألة ذكاء‪ ،‬فقالت‪ :‬كيف‬
‫يقوؿ نبيلم عنّا أننّا انقصات عقل ودين وىا أان خرجت األوىل على ا‪ٞ‬تامعة‪ ،‬األوىل على ا‪ٞ‬تامعة!‬

‫فقاؿ ‪٢‬تا‪ :‬ال‪ ،‬ال ذلق يف زمنو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬انقصات عقل ودين‪ ،‬أما اليوـ فال عقل وال دين‪.‬‬

‫ىن‪.‬‬
‫منهن وقليل ما ّ‬
‫وهللا ا‪١‬تستعاف‪ ،‬إال من رحم هللا ّ‬
‫فإذف ال يلره اإلنساف شيئًا ‪٦‬تا جاء عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وىنا مسألة تتعلق هبذه ا‪١‬تسألة‪:‬‬

‫قد ‪٬‬تد اإلنساف بعض ا‪١‬تشقة وبعض التعب والنصب يف أداء بعض الواجبات الشرعية‪ ،‬ىذا ال يدخل يف‬
‫‪ٚ‬تلة من كره ما أنزؿ هللا‪ ،‬وللن عليو أف ‪٬‬تاىد نفسو يف العبادة وعلى العبادة و‪٦‬تارسة العبادة وأداء‬
‫ك ِمن‬ ‫العبادة والقياـ هبا خَت قياـ‪ ،‬وقد جاء عن هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أنو قاؿ‪َ { :‬ك َما أَ ْخ َر َج َ‬
‫ك َربُّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني لَ َكا ِرُىو َف}[األنفاؿ‪ٝ ،]٘ :‬تّاىم أهنم من ا‪١‬تؤمنُت‪ ،‬مىت ذلق؟ يف‬ ‫ك ِِب ْْلَ ِّق َوإِ مف فَ ِري ًقا ّم َن ال ُْم ْؤمنِ َ‬
‫بَػ ْيتِ َ‬

‫‪75‬‬
‫غزوة بدر‪ ،‬فهم صفوة الصفوة‪ ،‬وُك ّمل ال ُل ّمل‪ ،‬خيار ا‪٠‬تيار‪ ،‬أىل بدر بعضهم كره ذلق القتاؿ للنو ِل‬
‫يلره ىذه العبادة‪ ،‬ىذه الشعَتة‪ ،‬وللن كانت صعبة عليو أف يواجو ذلق ا‪ٞ‬تيش وقد خرج إ‪٪‬تا خرج للعَت‬
‫وليس للنفَت‪.‬‬

‫فإذف ليس كل عبادة فيها صعوبة أو نوع مشقة ويلوف اإلنساف حينما ‪٬‬تد تلق ا‪١‬تشقة عليو يلوف ‪٦‬تن‬
‫م‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ال ِْقتَ ُ‬
‫اؿ َو ُى َو ُك ْرهٌ ل ُك ْم}[البقرة‪ ،]ٕٔٙ :‬فَ ّ‬
‫سماهُ‬
‫ِ‬
‫كره هللا‪ ،‬ال! هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ‪ُ { :‬كت َ‬
‫وىو أدرى أبنفس البشر‪ٝ ،‬تّاهُ ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ِ -‬ابل ُلره أي‪ :‬أف فيو بعض ا‪١‬تشقة‪.‬‬

‫كذلق من ىذا القبيل ما قالو دمحم بن مسلمة ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬كما يف الصحيحُت‪( :‬عنّاان وسألنا‬
‫الصدقة) أي‪ :‬أف ىذه الصدقة فيها نوع عناء ومشقة؛ لذلق جعل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬على ىذه‬
‫العبادات الشاقّة األجر العظيم وإ‪٪‬تا الغُنم ابلغُرـ واألجر على قدر ا‪١‬تشقة‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫قاؿ املُصنّف رمحو هللا‪:‬‬

‫(الناقض السادس‪ :‬من استهزأ بشيء من دين الرسوؿ ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬أو ثواب هللا أو عقابو‬
‫آًيتِِو َوَر ُسولِ ِو ُكنتُ ْم تَ ْستَػ ْه ِزئُو َف‪ ،‬ال تَػ ْعتَ ِذ ُروا قَ ْد َك َف ْرُُْت‬ ‫ِ‬
‫كفر‪ ،‬والدليل قولو تعاىل {قُ ْل أ َِِب مَّلل َو َ‬
‫بَػ ْع َد إِميَانِ ُك ْم}[التوبة‪.)]ٙٙ-ٙ٘ :‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ..‬ىذا ىو الناقض السادس من نواقض اإلسالـ‪ ،‬وىو أف يستهزئ اإلنساف ابهلل‪ ،‬أو ابلرسوؿ ‪-‬ﷺ‪-‬‬
‫‪ ،‬أو ابلشريعة سواء كاف ذلق ‪-‬أي ما استهزأ بو‪ -‬من أصوؿ الدين أـ من فروع الدين‪ ،‬ال يستهزئ‬
‫بشيء جاء عن هللا أو جاء عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫‪76‬‬
‫فا‪ٟ‬تذر ا‪ٟ‬تذر‪ ،‬ىؤالء قوـ أو رىط أو طائفة كانوا مع رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ال أقوؿ فقط يصلوف ويصوموف‬
‫و٭تجوف ويعتمروف ال‪ ،‬بل كما جاء فيما رواه اإلماـ ابن جرير ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬وأبو الشيخ وغَت‪٫‬تا‪ ،‬أهنم كانوا‬
‫مع رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف غزا ٍة من غزواتو وليس يف أي غزوة‪ ،‬بل ىي يف غزوة العسرة‪ ،‬ذلق ا‪ٞ‬تيش‪،‬‬
‫تلق الغزوة اليت كانت يف ضيق شديد اب‪١‬تسلمُت‪ ،‬يف ا‪١‬تاؿ‪ ،‬ويف الراحلة‪ ،‬ويف الزاد وليس فقط‪ ،‬بل يف‬
‫القيض الشديد‪ ،‬خرج الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ٔ -‬تن معو من ا‪١‬تدينة إىل تبوؾ‪ ،‬وللم أف تتصوروا تلق ا‪١‬تسافة البعيدة‬
‫بُت ا‪١‬تدينة وبُت تبوؾ وال طائرات وال سيارات وال قطارات وإ‪٪‬تا ىي اإلبل والبعَت‪ ،‬بل كانوا يتناوبوف على‬
‫البعَت الواحد يركب الرجل وٯتشي الثالثة وىلذا‪ ،‬ويف قلة من الطعاـ ويف حر شديد‪ ،‬ومع ذلق قاـ ثالثة‬
‫‪٦‬تن كاف مع الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف تلق الغزوة أي أهنم من اجملاىدين ليقطعوا الطريق فقاؿ قائل منهم‪( :‬ما‬
‫بطوان‪ ،‬وأكذب ألسنة وأجنب عند اللقاء)‪ ،‬فأنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫رأينا مثل قُػّرائنا ىؤالء‪ ،‬أرغب ً‬
‫ب}[التوبة‪:‬‬ ‫{ولَئِن َسأَلْتَػ ُه ْم لَيَػ ُقولُ من إِ مَّنَا ُكنما َخنُ ُ‬
‫وض َونَػل َْع ُ‬ ‫فيهم ىذه اآلايت اليت تُتلى إىل قياـ الساعة‪َ :‬‬
‫٘‪ ،]ٙ‬ىل قاؿ هللا كذبتم؟ بل أنتم قصدمت اللفر يف قلوبلم؟ أنتم إ‪٪‬تا كنتم تلرىوف الدين وتبغضوف‬
‫الدين؟ إىل غَت ذلق‪..‬؟‬

‫أقرىم هللا وص ّدقهم على ذلق أهنم فقط ٯتزحوف ويلعبوف‪ ،‬حىت جاء يف بعض‬
‫ال‪ ،‬ما قاؿ هللا ذلق‪ ،‬بل ّ‬
‫الرواايت من حديث عمر (أهنم كانوا يقطعوف الطريق)‪ ،‬أي‪ :‬لبعد ىذه ا‪١‬تسافة يتسلّوف يف الطريق‪ ،‬فيُللّم‬
‫آًيتِِو َوَر ُسولِ ِو ُكنتُ ْم‬ ‫ِ‬
‫بعضهم بعضا يف مثل ىذه ا‪١‬تسائل‪ ،‬فاهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ‪{ :‬قُ ْل أَ ِِب مَّلل َو َ‬
‫تَ ْستَػ ْه ِزئُو َف‪ ،‬ال تَػ ْعتَ ِذ ُروا قَ ْد َك َف ْرُُت بَػ ْع َد إِميَانِ ُك ْم}‪ ،‬ال تعتذروا قد كفرمت بعد إٯتانلم‪.‬‬

‫رد على من زعم أف ىؤالء النفر من ا‪١‬تنافقُت‪ ،‬بل‬


‫ويف ذلق كما قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تة هللا‪ٌّ -‬‬
‫كانوا مؤمنُت قبل ذلق بدليل‪{ :‬قَ ْد َك َف ْرُُت بَػ ْع َد إِميَانِ ُك ْم}‪ ،‬كانوا من أىل اإلٯتاف‪ ،‬بل كانوا من اجملاىدين‬
‫ابلدين واستهزؤوا ِّ‬
‫ابلدين ك ّفرىم هللا ‪-‬‬ ‫الذين ٮترجوف مع رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف غزواتو‪ ،‬وللن ‪١‬تا سخروا ِّ‬
‫ّ‬
‫سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫وأتملوا إىل تلق الصورة‪ ،‬إىل ىذا ا‪ٟ‬تديث أ ّف الذي تللّم هبذا اللالـ عشرة؟ عشروف؟ ال ‪ ..‬إ‪٪‬تا الذي‬
‫تللم واحد‪ ،‬فقاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬قَ ْد َك َف ْرُُت بَػ ْع َد إِميَانِ ُك ْم}‪ ،‬كيف يتللم واحد وهللا يُلفمر من‬
‫حضر وَِل يُنلر؟ الثالثة الذين حضروا وَِل ينلروا ىذا االستهزاء ك ّفرىم هللا ‪ٚ‬ت ًيعا؛‬

‫‪77‬‬
‫فإذف الذي يستهزأ ِّ‬
‫ِبلدين أو ببعض شعائر الدين ىو كافر وليس فق‪ ،.‬بل الذي حيضر ذلك‬
‫اجمللس وال يػُغَِّري وال يُنكر فهو كافر كذلك‪.‬‬

‫وضوا ِيف‬
‫فا‪ٟ‬تذر ا‪ٟ‬تذر من ‪٣‬تالسة ا‪١‬تستهزئُت بدين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬فَ َال تَػ ْقعُ ُدوا َم َع ُه ْم َح مَّت َُيُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يث غَ ِريهِ إِنم ُكم إِ ًذا ِمثْػلُهم} ليس فقط‪{ ..‬إِ مف م ِ‬
‫ين ِيف َج َهن َ‬
‫مم‬ ‫ني َوالْ َكاف ِر َ‬‫اَّللَ َجام ُع ال ُْمنَافق َ‬ ‫ْ ّ ُْ‬ ‫َح ِد ٍ ْ‬
‫مج ًيعا}[النساء‪ ،]ٔٗٓ:‬ال ‪٬‬تمع أولئق اللفار فحسب الذين نطقوا ابللفر وابالستهزاء فقط‪ ،‬بل حىت‬ ‫َِ‬
‫الذين جالسوىم وكانوا معهم دوف نلَت ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬فيدخل يف ذلق من يشاىد ا‪١‬تسلسالت اليت‬
‫تستهزأ بدين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬اب‪ٟ‬تجاب‪ ،‬ابلنقاب‪ ،‬ابللحية‪ ،‬ابلثوب القصَت‪ ،‬ابلسواؾ‪ ،‬إىل غَت‬
‫ذلق من شعائر اإلسالـ الظاىرة‪ ،‬يدخل يف ذلق من يشاىد ويضحق‪ ،‬بعض ا‪١‬تسرحيات من سقطة‬
‫القوـ الذين يستهزؤوف بدين هللا ويستهزؤوف بشعائر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬تَػَرُكوا اللفار من األصليُت‬
‫صوبوا سهامهم‬
‫وا‪١‬ترتدين‪ ،‬تَػَرُكوا الصليبُت‪ ،‬تركوا اليهود الغاصبُت ِل يتللموا عليهم ببنت شفة‪ ،‬للنهم ّ‬
‫وغمزا و‪١‬تزا وال‬
‫‪٫‬تزا ً‬
‫وكالمهم إىل َمن؟ إىل الثػُّلّة ا‪١‬توحدة ا‪١‬تُؤمنة ا‪١‬تُتمسلة بدين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ً -‬‬
‫حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫يف زمن ا‪٠‬تلفاء الراشدين ‪-‬مهنع هللا يضر أ‪ٚ‬تعُت‪ -‬يف مسجد ابللوفة‪ ،‬تللم رجل ببعض اللالـ ا‪١‬تل ّفر‪ ،‬وَِل يُنلر‬
‫ُ‬
‫عليو أصحاب ذلق ا‪١‬تسجد‪ ،‬فسمعهم بعض الناس‪ ،‬فرفعوا أمرىم إىل من؟ إىل عبد هللا بن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر‬
‫وأرضاه‪ -‬الذي قاؿ عنو الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وأوصى أبخذ القرآف عن أربعة ومنهم عبد هللا بن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر‬
‫علما) أي‪:‬‬
‫ف ُملئ ً‬
‫دي عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ُ ( :-‬كنيّ ٌ‬
‫وأرضاه‪ ،-‬الذي قاؿ عنو ا‪٠‬تليفة الراش ّ‬
‫قصَتا‪ ،‬للنو ‪٦‬تلوء من العلم‪ ،‬وقاؿ ألىل العراؽ‪( :‬آثرتلم بو على‬
‫أف ابن مسعود كاف ضعي ًفا ‪٨‬تي ًفا ً‬
‫وج ّل فقو أىل العراؽ بعده إ‪٪‬تا يرووف عن ابن مسعود ‪-‬‬
‫نفسي)‪ ،‬أرسل ابن مسعود ليُف ّقو أىل العراؽ‪ُ ،‬‬
‫وعمن أيخذ منو ‪.‬‬
‫هنع هللا يضر وأرضاه‪ّ -‬‬

‫أتملوا‪ :‬ىم ليسوا يف قػُبّة من قبب الشرؾ الدٯتوقراطية و‪٨‬توىا‪ ،‬إ‪٪‬تا‬


‫رفعوا مسألة ىؤالء الذين يف ا‪١‬تسجد‪ّ ،‬‬
‫ىم يف مسجد يُرفع فيو األذاف والتلبَت وشعائر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وللن ‪١‬تا تللم رجل ابللفر‬
‫ّ‬
‫وسلت البقية‪ ،‬اختلف الصحابة ‪-‬مهنع هللا يضر وأرضاىم‪ -‬يف حلم أولئق ا‪ٞ‬تماعة‪ ،‬من قائل أهنم يُقتلوف دوف‬
‫استتابة‪ ،‬ومن قائل أهنم يُستتابوف فإف اتبوا وإال قُتلوا‪ِ ،‬ل ٮتتلفوا يف تلفَتىم؛ وإ‪٪‬تا اختلفوا يف استتابتهم‪،‬‬
‫فاستتابوا بعضهم وقتلوا بعضهم ومنهم ابن ال ّنواحو وكاف عا‪١‬تا فيهم‪.‬‬
‫ً‬
‫‪78‬‬
‫فإذف مسألة االستهزاء يف دين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ومسألة االستهزاء بشرعو‪ ،‬ومسألة االستهزاء بنبيّو‬
‫أو ٔتا جاء عنو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬مسألة خطَتة ال ينبغي أف تُغفل ْتاؿ‪ ،‬بل ينبغي على كل مسلم أف يُنلر ىذه‬
‫و٭ت ّذر الناس منها ال سيما يف ىذه األعصار واألمصار ا‪١‬تتأخرة حيث كثر كالـ الناس يف‬
‫ا‪١‬تسألة ويتللم ُ‬
‫ىذه األبواب وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫قاؿ املُصنّف رمحو هللا‪:‬‬

‫(الناقض السابع‪ :‬السحر‪ ،‬ومنو الصرؼ والعطف‪ ،‬فمن فعلو أو رضي بو كفر‪ .‬الدليل‬
‫وال إِ مَّنَا َْْن ُن فِ ْتػنَةٌ فَ َال تَ ْك ُف ْر}[البقرة‪.)]ٕٔٓ:‬‬
‫َح ٍد َح مَّت يَػ ُق َ‬ ‫ِ ِِ‬
‫{وما يُػ َعلّ َماف م ْن أ َ‬
‫قولو تعاىل‪َ :‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ..‬ىذا انقض من نواقض اإلسالـ ا‪١‬تعلومة الظاىرة ا‪١‬تشهورة‪ ،‬وال يُع ّلر على ىذا الناقض أ ّف بعض‬
‫العلماء ش ّذ فقاؿ بعدـ تلفَت الساحر كما روي عن الشافعية‪ ،‬وللن ىذا القوؿ الذي قاؿ بو بعض‬
‫أبدا عن أولئق السادة من العلماء أف‬
‫وجو إف صح التعبَت؛ فال يُعقل ً‬
‫الشافعية ال يُسلّم ‪٢‬تم‪ ،‬بل لعلو يُ ّ‬
‫يتوقفوا يف تلفَت الساحر‪ ،‬وإ‪٪‬تا السحر الذي تللموا عنو ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬ىو ما كاف من خ ّفة اليد و‪٨‬تو‬
‫التقرب من الركوع والسجود والذبح لو‪،‬‬
‫ويتقرب لو أبنواع ّ‬
‫ا‪ٞ‬تٍت ّ‬
‫ذلق‪ ،‬ال الذي يتعامل فيو اإلنسي مع ّ‬
‫إىل غَت ذلق من أنواع الشرؾ األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلّة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ىناؾ نػَ َفر من اللفار يف عهد الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪-‬أشاعوا وأذاعوا أبف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يُزّكي سليماف بن داوود ‪-‬‬
‫عليو السالـ‪ -‬ويقوؿ أبنو من األنبياء‪ ،‬وىو ساحر يركب الريح ‪-‬كما زعم أولئق‪ ،-‬فقاؿ هللا‪َ { :‬وَما َك َف َر‬
‫سلَيما ُف وٰلَ ِك من ال م ِ‬
‫ني َك َف ُروا}[البقرة‪ ،]ٕٔٓ :‬إذف ّ‬
‫يقرر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف ىذه ا‪١‬تسألة أف‬ ‫شيَاط َ‬ ‫ُ َْ َ‬
‫السحر كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة { َوَما َك َف َر ُسلَْي َما ُف} ٔتعٌت‪ :‬أف سليماف ِل يلن ً‬
‫ساحرا‪ ،‬والساحر كافر‪،‬‬
‫واللافر قد يلوف ساحر وقد ال يلوف كذلق‪ ،‬فلل ساحر كافر وليس العلس‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ني َك َف ُروا‬ ‫إذف قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬وما َك َفر سلَيما ُف} أي‪ِ :‬ل يلن ساحرا‪{ ،‬ولَ ِك من ال م ِ‬
‫شيَاط َ‬ ‫ً َ‬ ‫ََ َ ُ َْ‬
‫ِ‬
‫الس ْح َر}‪ ،‬إذف فالسحر كفر أكرب ُ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ماس ّ‬
‫يػُ َعلّ ُمو َف الن َ‬

‫والسحر لو حقيقة كما ذىب إىل ذلق ‪ٚ‬تهور أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة ٓتالؼ ا‪١‬تعتزلة الذين نفوا أف تلوف‬
‫ُ‬
‫للسحر حقيقة‪.‬‬

‫والسحر أقساـ‪ ،‬منو‪:‬‬

‫سحر التخييل‪ ،‬كما صنع السحرة مع موسى ‪-‬عليو السالـ‪ُُ { :-‬يَيم ُل إِلَْي ِو ِمن ِس ْح ِرِى ْم أَنػم َها‬
‫تَ ْس َعى}[‪ :ٙٙ‬طو]‪ ،‬فَػ ُهم‪ ..‬ىذا يُسمى بسحر التخييل‪.‬‬

‫وىناؾ ما يُسمى بسحر الصرؼ‪ :‬أف يُصرؼ اإلنساف عن زوجتو بسحر وعمل يُصنع لو‪.‬‬

‫أو العطف‪ :‬العطف ىو عكس الصرؼ‪ ،‬أف يُعطَف اإلنساف على امرأة أو غري ذلك‪ ،‬وىو يف‬
‫ب تلك املرأة أو ُِحيب غريىا‪.‬‬
‫األصل ال ُحيبّها فيُعمل لو ىذا السحر لكي ُحي ّ‬

‫فإذف ىذه بعض أقساـ السحر‪.‬‬

‫وقد جاء كما يف الصحيحُت من حديث عائشة ‪-‬اهنع هللا يضر وأرضاىا‪ -‬أف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قد ُس ِحر‪ُ ،‬ٮتَيمل إليو‬
‫أنو أييت بعض نسائو وىو ال يفعل‪َ ،‬س َحَرهُ َمن؟ َس َحرهُ لبيب بن األعصم ذلق اليهودي ا‪٠‬تبيث‪.‬‬

‫قد يقوؿ قائل سواء كاف من الشيعة الرافضة ممن يبثوف ُّ‬
‫الشبو بني أىل السنة‪ ،‬أو كاف من النصارى‬
‫نيب؟‬
‫الذين يُطاعنوف أىل اإلسالـ ببعض شبهاهتم‪ ،‬كيف يُسحر وىو ّ‬

‫نقوؿ‪ :‬ما ُسحر الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ً -‬‬
‫أوال يف شيء من أمور الوحي‪ ،‬ومن أمور الدين فهو معصوـ يف ىذا‬
‫ا‪ٞ‬تانب‪.‬‬

‫اثنيًا‪ :‬إ‪٪‬تا ُسحر الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ٟ -‬تلم كثَتة‪ ،‬منها‪ :‬أف يُعلّم أمتو ماذا يفعل من ُسحر‪ ،‬فقد أنزؿ هللا ‪-‬‬
‫ئ من ذلق السحر‪.‬‬
‫ا‪١‬تعوذتُت‪ ،‬فقرأىم الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فرب َ‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬بعد ذلق ّ‬

‫‪81‬‬
‫بالء األنبياء‬
‫وكذلق منها‪ :‬أف األنبياء ليسوا ٔتعزؿ عن البالء‪ ،‬وقد جاء عن الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( :-‬أش ّد الناس ً‬
‫مثّ األمثل فاألمثل)‪.‬‬

‫إذف ال تعجبوا بعد ذلق حينما تسمعوف اإلماـ ابن القيم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ‪-‬يقوؿ يف كتابو (الفوائد‪ ،‬صفحة‬
‫شر اب‪١‬تنشار زكراي‪ ،‬وذُبح ا‪ٟ‬تصور‬
‫يق نصب فيو آدـ‪ ،‬ونُ َ‬
‫أنت والطريق؟ طر ٌ‬
‫ٗ٘) يقوؿ‪( :‬اي ُ‪٥‬تنّث العزـ أين َ‬
‫٭تِت‪ ،‬وأُلقي يف النار إبراىيم‪ ،‬وأُضجع للذبح إ‪ٝ‬تاعيل‪ ،‬وبيع يوسف بثم ٍن ٓتس‪ ،‬وسار مع الوحش عيسى‬
‫وانؿ أصناؼ األذى دمحم ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.)-‬‬

‫إذف ىناؾ من األنبياء من ذُبح‪ ،‬ىناؾ من األنبياء من نُشر اب‪١‬تناشَت‪ ،‬إىل غَت ذلق‪ ،‬فالن ‪-‬ﷺ‪ -‬ابتُلي‬
‫أوال‪ :‬أف األنبياء يُبتلوف يف دين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬فيصربوف فلذلق‬
‫ببعض االبتالءات من ابب ً‬
‫على من سار على ىديهم‪.‬‬

‫اثنيًا‪ :‬ىو يف زمن التشريع‪ ،‬يُعلّم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬األمة ماذا تصنع ‪١‬تن ُس ِحر‪ ،‬أو ماذا يصنع من‬
‫ُس ِحر‪.‬‬

‫فصالىا ثُنائية‪ ،‬فقيل لو يف ذلق‪ ،‬فأكملها مثّ أتى‬


‫أيضا سها الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف الصالة الرابعية‪ّ ،‬‬
‫كما ً‬
‫بسجود السهو‪ِ ،‬لَ ورد ذلق السهو على ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪-‬؟ ليُعلم أمتو من بعده ماذا يصنع األئمة‪ ،‬أو ماذا يصنع‬
‫ا‪١‬تصلي حينما يسهو يف صالتو‪ ،‬أييت و‪٬‬ترب بعض األحلاـ اليت ُٕت َرب بسجود السهو‪.‬‬

‫فإذف السحر لو حقيقة‪ ،‬والسحر كما تقدـ كفر أكرب ُ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪.‬‬

‫ما حكم الساحر؟‬

‫قد ورد عند الًتمذي‪ ،‬والدار قطٍت ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ ،-‬عن جندب –هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬عن رسوؿ هللا‪-‬صلى هللا‬
‫ِ‬
‫ف يف تصحيحو وتضعيفو‪ ،‬والصحيح‬ ‫عليو وآلو وسلم‪ -‬أنو قاؿ‪( :‬ح ّد الساحر ضربو ِبلسيف)‪ ،‬واختُل َ‬
‫أنو موقوؼ على جندب ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪.-‬‬

‫كذلق جاء عند أ‪ٛ‬تد ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف ا‪١‬تسند‪ ،‬عن عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬أنو أمر يف آخر‬
‫سنة من خالفتو بقتل كل ساحر‪ ،‬ويف رواية سفياف‪ ( :‬وساحرة)‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫إذف عمر ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬الذي كما جاء عند الًتمذي من قوؿ رسوؿ هللا‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪( :-‬اقتدوا ِبلّذين من‬
‫بعدي أِب بكر وعمر)‪ ،‬عمر أمر بقتل كل ساحر وساحرة‪.‬‬

‫كذلق فعلت أـ ا‪١‬تؤمنُت حفصة ‪-‬اهنع هللا يضر وأرضاىا‪ ،-‬حيث قتلت جارية ‪٢‬تا سحرهتا كما روى ذلق اإلماـ‬
‫مالق ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف ا‪١‬توطأ وللن إسناده منقطع وللن جاء إبسناد صحيح فيما رواه عبدهللا بن أ‪ٛ‬تد‬
‫‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬وكذلق رواه البيهقي‪.‬‬

‫إذف‪ ،‬فَ َح ُّد الساحر أنو يُقتل‪ِ ،‬لَ يُقتل؟‬

‫طبعا بعد القدرة‪..‬‬


‫طبعا أمجع العلماء على قتل الساحر وإف اتب‪ً ،‬‬
‫ً‬

‫ملَ يُقتل الساحر؟‬

‫حدا‪ ،‬واثنيًا‪ :‬ر ّدةً‪ ،‬يُقتل لكفره‪ ،‬وإف اتب يُقتل ًّ‬
‫حدا؛ ألف بقتل الساحر تبطل ‪ٚ‬تيع األعماؿ اليت‬ ‫أوال‪ًّ :‬‬
‫ً‬
‫عملها ِمن السحر والعقد والنفث و‪٨‬تو ذلق من األعماؿ السحرية‪ ،‬تبطل بفضل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫عند َمن؟ عند قتل الساحر أو موت الساحر‪.‬‬

‫فإذف ىذه حلمة من ا‪ٟ‬تِلم ا‪١‬تتعلّقة ٔتاذا؟ بقتل الساحر وإف اتب‪َ ،‬وإِ مف اتب‪.‬‬
‫ُ‬
‫مر معنا أ مف‪..‬‬
‫والسحر كما ّ‬

‫جمردة‪.‬‬
‫الردة تنقسم إىل قسمني‪ :‬ردة مغلظة‪ ،‬ور ّدة ّ‬

‫الر ّدة املغلّظة‪ :‬اليت يتبعها أذيّة للمسلمني كر ّدة الساحر‪ ،‬فهي ر ّدة مغلّظة‪.‬‬

‫ىذا فيما يتعلق ابلساحر‪ ،‬فما يتعلق ٔتن جاء إىل الساحر‪ ،‬ويدخل يف ذلق بال شق َمن شاىد قنوات‬
‫السحرة‪ ،‬أو دخل إىل ا‪١‬تواقع العنلبوتية اليت تتعلق ابلسحر ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬أو اتبع ما يتللموف بو من‬
‫طالسم ومن شعوذات ومن أبراج ومن قراءة للفناجُت و‪٨‬تو ذلق؛ كل ذلق يدخل يف اإلتياف للساحر‪،‬‬
‫الذي أييت للساحر أو اللاىن فال يُص ّدقو فيما يقوؿ ىذا حلمو كما جاء يف ا‪ٟ‬تديث الذي رواه اإلماـ‬
‫ساحرا أو كاىنا‪ ،‬مل تُقبل لو صالة أربعني ليلة)‪ ،‬ىذا الذي أييت وال يُص مدؽ‪ّ ،‬أما الذي‬
‫مسلم‪( :‬من أتى ً‬
‫أيتيو ويص ّدؽ الساحر أو اللاىن ٔتا يقوؿ فهذا حلمو كما جاء يف ا‪١‬تستدرؾ على الصحيحُت عند‬

‫‪82‬‬
‫ساحرا أو كاىنًا فصدقو ّبا يقوؿ‪،‬‬
‫اإلماـ ا‪ٟ‬تاكم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنّو قاؿ‪( :‬من أتى ً‬
‫فقد كفر ّبا أنزؿ على دمحم)‪ ،‬ىلذا ىو حلم من أييت للساحر ويصدؽ الساحر‪ ،‬كذلق روى اإلماـ‬
‫البزار ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬بسند صحيح عن عبدهللا بن مسعود وىو موقوؼ عليو ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬أنو قاؿ‪( :‬من‬
‫ّ‬
‫ساحرا فصدقو ّبا يقوؿ فقد كفر ّبا أنزؿ على دمحم) ﷺ‪.‬‬
‫أتى ً‬

‫إذف ا‪١‬تسألة خطَتة وليست اب‪٢‬تيّنة‪ ،‬ال نقوؿ ا‪١‬تسألة من حيث تعلقها ابلساحر نفسو‪ ،‬بل حىت ا‪١‬تسألة‬
‫بتعلقها ٔتن أييت للساحر ومن يُصدؽ الساحر ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬فا‪ٟ‬تذر ا‪ٟ‬تذر‪ ،‬والنّأي ابلنفس عن تلق‬
‫البُؤر اليت يلثر فيها الشرؾ واللفر والعياذ ابهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫لعلنا نقف ىا ىنا للثرة األسئلة ابألمس والليلة فنأخذ بعض األسئلة إف شاء هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪،-‬‬
‫وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبيّنا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪.‬‬

‫(أسئلة اْلضور)‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ما الفرؽ بني قتاؿ املرتدين وقتاؿ البغاة؟‬

‫و‪٬‬تهز عليو ويُذفّف على جرحاىم‪ ،‬وليست‬ ‫اإلجابة‪ :‬ىناؾ فروؽ كثَتة ً‬
‫جدا منها‪ :‬أف اللافر يُقتل ُ‬
‫ا‪١‬تسألة كذلق يف قتاؿ البغاة‪ ،‬فال ُ‪٬‬تهز على ا‪ٞ‬ترحى من البُغاة‪ ،‬كذلق اللفار تُغنم أموا‪٢‬تم‪ّ ،‬أما أمواؿ‬
‫البُغاة فال تُغنم‪ ،‬وال ‪٬‬توز لق ْتاؿ أف أتخذ من أمواؿ أولئق ا‪١‬تسلمُت الذين ىم من البغاة‪ ،‬كذلق ال‬
‫تُسىب نساء البغاة‪ ،‬وتُسىب نساء ال ُل ّفار‪ ،‬كذلق ال يًُتحم على قتلى ا‪١‬ترتدين ويُشهد على قتالىم ابلنار‪،‬‬
‫غسلوف‪ ،‬ويُصلى عليهم‪ ،‬ويُدفنوف يف مقابر ا‪١‬تسلمُت‪،‬‬
‫وليس األمر كذلق مع قتلى البغاة‪ ،‬بل يُل ّفنوف ويُ ّ‬
‫ويًُتحم عليهم‪ ،‬ويُستغفر ‪٢‬تم‪ ،‬وليس كذلق األمر مع اللفار سواء كانوا من األصليُت أو من ا‪١‬ترتدين‬
‫فرؽ يف ‪ٚ‬تيع تلق ا‪١‬تسائل ويف غَتىا‪.‬‬
‫فيُ ّ‬

‫‪83‬‬
‫يقوؿ‪ :‬البعض يزعم من ُمرجئة العصر أف ابن تيمية ‪-‬رمحو هللا‪ -‬عذر بعض القضاة الذين حيكموف‬
‫بغري ما أنزؿ هللا؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نعم ‪ ،‬نقوؿ نعم عذر بعضهم وِل يعذر البعض اآلخر‪ ،‬وللن من الذين عذرىم؟‬
‫‪٨‬تن تللمنا عن بعض أولئق يف تلق التقسيمات وىي أصحاب القسم أو الدركة الثانية ‪،‬‬
‫وىم الذين ٭تلموف بش راع هللا ‪ -‬سبحانو وتعاىل ‪ ، -‬فحلم وا بغَت شرع هللا لشهوة أو رشوة‬
‫أو ‪٨‬تو ذلق قلنا‪ ،‬فهؤالء الذين اختلف ا لعلماء فيهم‪٨ ،‬تن عندما قلنا لشهوة أو رشوة أو‬
‫ق رابة أو عداوة ِل نقصر األمر على ذلق‪ ،‬كذلق يدخل يف ىذا الباب ألجل بدعة من‬
‫غَت ما جاء عن‬
‫البدع ‪ ،‬حلم يف بعض ا‪١‬تسائل بغَت ما أنزؿ هللا لبدعة من البدع وىو ِل يُ ّ‬
‫هللا وعن رسوؿ هللا ‪ -‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ‪ِ ، -‬ل يُب ّد ؿ ‪ ،‬بل مرجع و إىل اللتاب والسنة ‪ ،‬وللن ألجل بدعة‬
‫عنده حلم يف ىذه ا‪١‬تسائل أ و ىذه ا‪١‬تسألة بغَت ما أنزؿ هللا ‪ ،‬كما فعل بعض أولئق‬
‫ا‪١‬تبتدعة من القضاة يف زمن شيخ اإلسالـ ابن تيمية كابن ‪٥‬تلوؼ وغَته‪ ،‬ف أولئق الذين‬
‫عذرىم إ‪٪‬تا كان وا من أىل البدع الذين ٭تلموف ابللتاب والسن ة وللن حلم وا يف بعض‬
‫األحلاـ بغَت اللتاب والسنة لبدعة من البدع‪.‬‬

‫يقوؿ السائل ‪ :‬إذا كانت الدولة كافرة ىل يلزـ تكفري الشعب؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ ال يلزـ تلفَت الشعب‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىذا أصل من أصوؿ ا‪٠‬توارج‪ ،‬وال سيما النجدات منهم‪ ،‬أهنم‬
‫يؤصلوف فيقولوف‪( :‬إذا كفر ا‪ٟ‬تاكم كفر احمللوـ‪ ،‬ا‪ٟ‬تاضر منو والباد‪ ،‬الشاىد منو والغائب)‪ ،‬فهم يُل ّفروف‬
‫ّ‬
‫اجملتمعات‪ ،‬ويُل ّفروف الشعوب ألجل كفر ا‪ٟ‬تلومات وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫شرع ال يكفر حَّت لو استحل؟‬


‫يقوؿ‪ :‬ىل ثبت عن الشيخني ابن ِبز وابن عثيمني أهنما قاال أف املُ ّ‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ ِل يثبت عنهم ذلق‪ ،‬وإ‪٪‬تا كما قيل‪:‬‬

‫قوال صحيحا ‪ ...‬وآفَتوُ من الفه ِم السقي ِم‬ ‫وكم من ِ‬


‫عائب ً‬

‫‪84‬‬
‫كما قاؿ أبو الطيب ا‪١‬تتن ‪ ،‬إذف ىناؾ من يفهم كالـ بعض أىل العلم ال سيما من ا‪١‬تعاصرين على غَت‬
‫وتدليسا‬
‫ً‬ ‫وقصدا‬
‫تعمدا ً‬
‫مرادىم‪ ،‬ىذا بعض األصناؼ من الناس‪ ،‬وىناؾ من ُ٭ت ّمل كالـ ىؤالء العلماء ً‬
‫فمثال الشيخ ابن عثيمُت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬قد قرر ىذه ا‪١‬تسألة‬
‫وتلبيسا على الناس وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫مثال يف كتاب (فقو العبادات‪ ،‬يف‬
‫توضيحا ال ‪٣‬تاؿ معو للمواربة أو للمداراة وا‪١‬تداىنة‪ ،‬تللم ً‬
‫ً‬ ‫وأوضحها‬
‫وبُت ما‬
‫وفصل فيها ّ‬
‫ابب وقسم العقيدة)‪ ،‬تللم عن مسألة ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ّ ،-‬‬
‫ُكنّا قد قررانه‪ ،‬قاؿ‪ :‬ينقسم إىل قسمُت ‪-‬قسمو ىو بتقسيمو‪ ،-‬وقاؿ أف ا‪ٟ‬تلم بغَت ما أنزؿ هللا ينقسم‬
‫قسم إما أف يفعل ذلق لشهوة‪ ،‬أو لظلم‪ ،‬أو‬
‫إىل قسمُت‪ ،‬األوؿ‪ :‬أف يلوف مرجعو لللتاب والسنة‪ ،‬مثّ ّ‬
‫لغَت ذلق‪ ،‬فيلوف ّإما من الظلمة وإما من الفسقة‪ ،‬ىذا من؟ الذي مرجعو إىل اللتاب والسنة وِل يُبدؿ‬
‫وِل يُشرع‪.‬‬

‫مث قاؿ القسم الثاين‪ :‬وىو من قبيل اللفر األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪ ،‬قاؿ‪ :‬وىو أف يُب ّدؿ أحلاـ هللا ‪-‬‬
‫شرع تشريعات من عنده‪ ،‬فهذا كافر كفر أكرب ‪٥‬ترج من‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬ابألحلاـ الوضعية‪ ،‬أو أف يُ ّ‬
‫ا‪١‬تلة وال يُشًتط يف ىذا الباب أو يف ىذا القسم االستحالؿ‪.‬‬

‫الشيخ عبد العزيز بن ابز ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ال سيما يف تعليقاتو على كتاب (فتح اجمليد) وهللا‬ ‫كذلق ن‬
‫تبارؾ وتعاىل أعلم‪.‬‬

‫يقوؿ‪ :‬ما ىو الفرؽ بني التشريع والتبديل؟‬

‫غَت أحلاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أب ٍ‬


‫حلاـ‬ ‫اإلجابة‪ :‬سبق وأف نبّهنا إىل ذلق‪ ،‬وقلنا أف التبديل ىو‪ :‬أف يُ ّ‬
‫غَت أحلاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬سواء كانت ىذه األحلاـ من دولتو‪ ،‬ما يُسمونو ابلتشريع احمللي أو‬
‫ٍ‬
‫أبحلاـ من أورواب أو من غَتىا وحلم هبا فهذا ُمبدؿ‪ ،‬وإف ِل يُشرع‪.‬‬ ‫ا‪٠‬تارجي الدويل‪ ،‬فهو أتى‬

‫شرع‪.‬‬
‫شرع أحلاـ من عند نفسو‪ ،‬فهذا ُم ّ‬
‫اآلخر‪ :‬ىو ّ‬

‫‪85‬‬
‫شرع األحلاـ‪ ،‬قد ٭تلم بغَت ما أنزؿ هللا بصورتو التبديلية‪ ،‬وىو ِل‬
‫فإذف األوؿ ال يُشًتط أف يلوف قد ّ‬
‫تورط يف مناط التبديل‪ ،‬حيث أنو أتى ابألحلاـ جاىزة من‬
‫شرع وِل يُتورط يف مناط التشريع‪ ،‬وللنو ّ‬
‫يُ ّ‬
‫و٭ترـ‪.‬‬
‫و٭تلل ُ‬
‫شرع األحلاـ ُ‬
‫عند غَته وحلم هبا فهذا ُمب ّدؿ‪ ،‬و ّأما ا‪١‬تُشرع فهو الذي يُ ّ‬

‫يقوؿ‪ :‬ما حكم من حكم ِبلقانوف الوضعي ومل يُشرع ومل يُبدؿ؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ ىذه الصورة ال تُعقل‪ ،‬ىذه الصورة ال تُعقل‪ ،‬إذا حلم ابلقانوف الوضعي فهو ب ّدؿ‪،‬‬
‫التبديل ما ىو؟ أف يُبدؿ حلم هللا ْتلم ِسواه؛ فإذا حلم هبذه القوانُت الوضعية فهو ب ّدؿ‪ ،‬قد يلوف‬
‫شرعُت وللنو ابلضرورة من ا‪١‬تب ّدلُت‪ ،‬نقوؿ يف الصورة اليت قبلها واليت قلنا أف السلف اختلفوا‬
‫ليس من ا‪١‬تُ ّ‬
‫ُ‬
‫فيها‪ ،‬ونقوؿ أف ا‪١‬ترجئة غاية ما عندىم من اآلاثر واألقواؿ إ‪٪‬تا ىي يف تلق الصورة اليت ليس معها تبديل‬
‫أو تشريع وىو أف ٭تلم ابللتاب والسنة‪.‬‬

‫مثاال‪ ،‬واب‪١‬تثاؿ يتضح ا‪١‬تقاؿ‪ :‬رجل ٍ‬


‫قاض‪ ،‬زيد من الناس ٭تلم ابللتاب والسنة يف كل ا‪١‬تسائل‪،‬‬ ‫نضرب ً‬
‫فأاته ابن عمو وقد زان ‪-‬والعياذ ابهلل‪ -‬وىو ُ‪٤‬تصن‪ ،‬وأتى أربع شهود يشهدوف عليو ابلزان‪ ،‬فلما رأى‬
‫ا‪ٟ‬تالة ىذه طعن يف عدالة بعض الشهود‪ ،‬قاؿ ىذا الشاىد الثالث ليس بعدؿ‪ ،‬إذف ال يُقاـ ا‪ٟ‬تلم على‬
‫ىذا الرجل وىو ابن عمو‪ِ ،‬ل يقم حد هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬على ابن عمو‪ ،‬ىذا حلم بغَت ما أنزؿ هللا‪،‬‬
‫للن ىو ىل قاؿ ٔتا أف ا‪١‬تادة كذا ٖتلم عليو ابلسجن ‪ٜ‬تس سنوات؟ ما فعل ذلق ما ب ّدؿ‪ ،‬ىو ٭تلم‬
‫خرج ‪٥‬تارج البن عمو‪.‬‬
‫ابللتاب والسنة‪ ،‬وللن ّ‬
‫أقر على نفسو ابلسرقة‪،‬‬
‫أوال‪ :‬ىو اعًتؼ و ّ‬ ‫آخر‪ٍ ،‬‬
‫قاض آخر وىو عمرو‪ ،‬أاته ابن خالتو وقد سرؽ‪ ،‬قاؿ‪ً :‬‬
‫ابعا‪ :‬مسألة ا‪ٟ‬ترز‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫اثنيًا‪ :‬ىذا ا‪١‬تاؿ قد بلغ النصاب‪ ،‬نصاب القطع‪ ،‬اثلثًا‪ :‬ال ُشبهة لو يف ا‪١‬تاؿ‪ ،‬ر ً‬
‫فخرج ابن خالتو هبذا التخريج؛ فإذف ىو حلم بغَت ما أنزؿ هللا يف‬
‫ىو ىذا ابن خاليت ِل يسرؽ من حرز‪ّ ،‬‬
‫ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬وللنو ىل ىو كافر كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة؟‬

‫شرع‪ ،‬ذاؾ ا‪١‬تبّدؿ أو‬


‫‪ٚ‬تهور العلماء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬ال يُل ّفروف من وقع يف ىذه الصور‪ ،‬ىو ِل يُب ّدؿ‪ ،‬وِل يُ ّ‬
‫ُ‬
‫قانوان‪( :‬السارؽ يُسجن ثالثة أشهر)‪ ،‬أاته ابن عمتو حلم عليو ثالثة أشهر‪ ،‬ابن خالتو‬ ‫ا‪١‬تشرع وضع ً‬
‫ُ‬
‫ثالثة أشهر‪ ،‬شخ ال يعرفو ثالثة أشهر‪ ،‬شخ بينو وبينو عداوة ثالثة أشهر؛ إ‪٪‬تا ىو ٭تلم هبذا‬

‫‪86‬‬
‫ا‪ٟ‬تلم الوضعي‪ ،‬ال عالقة لو ابلرجعية إىل اللتاب والسنة‪ ،‬ىو ٭تلم هبذا القانوف الوضعي فهو ُمب ّدؿ‬
‫‪ٟ‬تلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وىذا اللافر الذي يلفر اللفر األكرب‪ ،‬وىذا الذي نزلت فيو اآلايت‪ ،‬كما‬
‫حلما واحدا‪ ،‬ىم كانوا يف السابق نعم ٭تلموف ابللتاب والسنة‪ ،‬وللن‬
‫جاء عن اليهود أهنم ب ّدلوا ً‬
‫٭تلموف ٔتا أوحى هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬إليهم‪ ،‬كما قالوا‪( :‬كاف إذا زان فينا الشريف تركناه‪ ،‬وإذا زان فينا‬
‫الوضيع أقمنا عليو ا‪ٟ‬تد)‪ ،‬ىؤالء كانوا يف ىذه الفًتة ىم ٭تلموف ٔتا أنزؿ هللا‪ ،‬وللن ىذه الصورة اليت‬
‫فعلوىا أبهنم ال يُطبقوف أحلاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬على الشرفاء ىذه من أي صورة؟ من الدركة الثانية‬
‫اليت ذكرانىا أنو ِل يُبدؿ حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬ىو ٭تلم ٔتا أنزؿ هللا وللن يف بعض الصور‪ ،‬يف‬
‫مر هبا اليهود وىذه كفر دوف كفر‬
‫بعض النوازؿ إذا أتى األشراؼ ِل يُ ّنزلوا عليهم ح ّد الرجم‪ ،‬ىذه مرحلة ّ‬
‫على القوؿ الصحيح‪ ،‬مث انتقلوا من ىذه ا‪١‬ترحلة‪ ،‬من ىذه الصورة إىل صورة أخرى وىي صورة التّبديل‪،‬‬
‫فب ّدلوا بدؿ ح ّد الرجم ح ّد ا‪ٞ‬تلد والتحميم‪ ،‬وطبقوه على ا‪ٞ‬تميع‪ ،‬على الشريف والوضيع‪ ،‬فعند ذلق ىم‬
‫كفار كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة‪ ،‬وىذه ىي صورة التبديل‪.‬‬

‫ص ّح عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما يف ا‪ٟ‬تديث ا‪١‬تتفق عليو‪( :‬لتَػتمبِ ُع من َسنَ َن من كاف قبلكم حذو‬
‫وقد َ‬
‫الق ّذة ِبلق ّذة حَّت لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه‪ .‬قالوا‪ً :‬ي رسوؿ هللا‪ ،‬اليهود والنصارى؟ قاؿ‪:‬‬
‫فمن؟) قاؿ فمن‪.‬‬

‫كما ُروي عن أنس ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬فيما رواه اإلماـ ابن أيب شيبة‪ :‬يلوف عليلم أمراء مث ا‪ٞ‬تبابرة مث‬
‫يت)‪ ،‬نعم كاف ىناؾ جبابرة يف بعض مراحل‬ ‫اغ ُ‬‫وؾ‪ ،‬مثُم ا ْْلبابِرةُ‪ ،‬مثُم الطمو ِ‬
‫الطواغيت(«إِنػم َها َستَ ُكو ُف» ُملُ ٌ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ا‪ٟ‬تلم األموي وبعض مراحل الدولة العباسية ْتيث أهنم ‪٬‬توروف يف ا‪ٟ‬تلم‪ ،‬كما أسلفنا ىم يرجعوف إىل‬
‫اللتاب والسنة وللن يف انزلة أو نوازؿ‪ ،‬يف قضية أو قضااي‪ ،‬٭تلموف بغَت الشريعة‪ ،‬فهذا الذي يُقاؿ يف‬
‫حقهم كفر دوف كفر‪ ،‬ظلم دوف ظلم‪ ،‬فسق دوف فسق‪.‬‬

‫مث انتقلنا وال حوؿ وال قوة إال ابهلل إىل مرحلة ا‪ٟ‬تلم الطاغويت كما قاؿ أنس بن مالق ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪:-‬‬
‫(مث الطواغيت)‪ ،‬والطواغيت من؟ ىم الذين يُبدلوف أحلاـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أبحلاـ سواه كما قاؿ‬
‫الشيخ دمحم بن عبدالوىاب‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬ورؤوس الطواغيت ‪ٜ‬تسة‪- ،‬وذكر منهم‪ :-‬ومن حلم بغَت ما‬
‫أنزؿ هللا‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫يقوؿ‪ :‬يستدؿ مرجئة العصر بقولو تعاىل‪{ :‬أـ َهلُ ْم ُش َرَكاءُ َش َرعُوا َهلُم ِّم َن ال ِّدي ِن َما َملْ َأيْذَف بِ ِو‬
‫شرعوف قوانني وضعية‬ ‫م‬
‫اَّللُ}[الشورى‪ ،]ٕٔ :‬وحيتجوف ويقولوف إف نص ىذه اْلية يقع على الذين يُ ّ‬
‫وينسبوهنا للدين؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ إ‪٪‬تا وقع ا‪٠‬تطأ وا‪٠‬تطل ‪٢‬تؤالء من اببُت‪ ،‬الباب األوؿ‪ :‬أهنم حصروا وقصروا الدين يف‬
‫الصالة والصياـ وا‪ٟ‬تج والعمرة و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬بينما الدين يشمل سائر األحلاـ ومن ىاتيق األحلاـ ما‬
‫تتعلق ابلسياسية (كانت بنو إسرائيل تسوسهم أنبياؤىم)‪ ،‬كما جاء عند البخاري وعند أ‪ٛ‬تد ‪-‬ر‪ٛ‬تهم‬
‫هللا‪.-‬‬

‫إذف ىناؾ مسائل تتعلق ابلسياسة وىي من دين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬عندما يُبد‪٢‬تا من يُبد‪٢‬تا إىل‬
‫قوانُت وضعية وضيعة‪ ،‬فهو شرع من الدين ‪-‬إف كاف شرع‪ ،-‬شرع من الدين ما ِل أيذف بو هللا‪ ،‬يف ىذه‬
‫ا‪ٞ‬تزئية‪ ،‬يف ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬كذلق ما يتعلق ابالقتصاد يف مسائل الراب و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬ومسائل البيوع يف كتب‬
‫الفقو كتب كاملة تتللم عن أحلاـ البيوع‪ ،‬ىذه من دين هللا وليست من الدنيا اليت ِل ٭تلم فيها هللا ‪-‬‬
‫شرعوف أنو ٕتوز الفوائد الربوية‪ ،‬بنسبة‬
‫سبحانو وتعاىل‪ ،-‬أو ِل ٭تلم فيها رسوؿ هللا‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فعندما يُ ّ‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫عشرة اب‪١‬تائة أو ثالثة اب‪١‬تائة أو واحد ونصف اب‪١‬تائة‪ ،‬ىذا شرع من الدين ما ِل أيذف بو هللا‪ ،‬كذلق ق ْ‬
‫يف ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تسائل اليت تتعلق ابلسياسة واالقتصاد واالجتماع وما إىل ذلق‪.‬‬

‫إذف ىم ضلوا السبيل يف االستنتاج واالستنباط من ىذه اآلية من ىذا الباب‪ ،‬أهنم ظنّوا أف ىذا الدين‬
‫اسعا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حجروا و ً‬
‫لرا على الصالة والصياـ وبذلق قد ّ‬ ‫ح ً‬
‫ا‪١‬تسألة الثانية أو الباب الثاين الذي ضلوا فيو عن عمد أو عن غَت عمد‪ :‬وىي ٕتاىلهم أف اإللزاـ دين‪،‬‬
‫ك}[يوسف‪ ]ٚٙ :‬دين ا‪١‬تلق أي‪ :‬حلم ا‪١‬تلق‪،‬‬ ‫َخاهُ ِيف ِدي ِن الْم ِل ِ‬ ‫أف اإللزاـ دين‪َ { ..‬ما َكا َف لِيَأ ُ‬
‫ْخ َذ أ َ‬
‫َ‬
‫وشرعوا األحلاـ الوضعية‪ ،‬ألزموا الناس‬
‫قضاء ا‪١‬تلق‪ ،‬فهذا ىو دين ا‪١‬تلق‪ .‬فالذين استبدلوا األحلاـ‪ّ ،‬‬
‫هبا‪ ،‬وجعلوىا دينًا يسَت عليو الناس وإف رغمت أنوفهم‪ ،‬وإف رغمت أنوفهم‪.‬‬

‫سوغ‪ -‬غَت الشريعة ىذا‬


‫سوغ ‪-‬فقط ّ‬
‫شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ذكر اإل‪ٚ‬تاع على أف من ّ‬
‫كافر ابإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬فليف ٔتن ألزـ الناس على غَت شرع هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬؟‬

‫‪88‬‬
‫يقوؿ‪ :‬ىناؾ بعض العلماء نص على أف املستهزئني أولئك الذين نزلت فيهم اْلًيت من املنافقني؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ أولئق ا‪١‬تنافقوف ىم استمرؤوا على النفاؽ بعد ذلق‪،‬كما أخرب هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يف‬
‫مسألة العفو عن طائفة منهم وعدـ العفو عن فئة األخرى‪ ،‬ونقوؿ بن كالـ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫وقاؿ‪{ :‬قَ ْد َك َف ْرُُت بَػ ْع َد‬ ‫الذي ال ٭تتاج أو ليس معو أتويل‪ ،‬أف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬ن‬
‫إِميَانِ ُك ْم}[التوبة‪ ،]ٙٙ :‬فقد كانوا من ا‪١‬تؤمنُت‪ ،‬وشيخ اإلسالـ ابن تيمية رد على من قاؿ أبهنم من‬
‫سمى مؤمنًا أو ال يُنسب إىل ا‪١‬تؤمنُت‪.‬‬
‫ا‪١‬تنافقُت؛ ألف ا‪١‬تنافق ال يُ ّ‬

‫طبعا ىذا يف أحلاـ اآلخرة‪ ،‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬مطلع على ذلق‪ ،‬إلينا نعم ىو مؤمن يف الظاىر‪،‬‬
‫ً‬
‫‪٨‬تن ال نعلم ما يف سريرتو‪ ،‬وللن هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أليس يعلم السر وأخفى؟ فلو كاف ذلق الرجل‬
‫تفوه بذلق اللالـ‪ ،‬ولو كاف أولئق الذين استهزؤوا من ا‪١‬تنافقُت‪ ،‬لفضحهم هللا ‪-‬سبحانو‬
‫الذي ّ‬
‫وتعاىل‪ -‬كما فضح غَتىم كما يف سورة الفاضحة وىذه اآلية من سورة الفاضحة اليت فضح هللا ‪-‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬هبا أىل النفاؽ‪.‬‬

‫الذي ٭تضر يف ‪٣‬تلس ويُستهزأ فيو بدين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬نقوؿ‪٬ :‬تب عليو وجوب شرعيًا أف‬
‫يُنلر ىذا ا‪١‬تنلر العظيم والفعل الشنيع ا‪ٞ‬تسيم‪ ،‬يُنلره اب‪١‬تراحل اليت ذكرىا الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما يف حديث‬
‫ُ‬
‫منكرا فليغريه بيده‪ ،‬فإف مل يستطع فبلسانو‪ ،‬فإف مل‬ ‫أيب سعيد ا‪٠‬تدري ا‪١‬تتفق عليو‪( :‬من رأى منكم ً‬
‫يستطع فبقلبو‪ ،‬وذلك أضعف اإلمياف)‪ ،‬نقف ىا ىنا بُرىة مع ىذه اللفظة‪( :‬فإف ِل يستطع فبقلبو)‪،‬‬
‫قاؿ العلماء‪ :‬أقل اإلنلار ابلقلب ىو أف يقوـ من اجمللس‪ ،‬يقوـ من اجمللس‪ ،‬فهذا أقل اإلنلار ابلقلب‪،‬‬
‫يقوـ من اجمللس {إنم ُك ْم إِ ًذا ِمثْػلُ ُه ْم}[النساء‪ ]ٔٗٓ :‬ىذا ‪١‬تن؟ ‪١‬تن ِل يػَ ُقم من اجمللس وال حوؿ وال قوة إال‬
‫ابهلل‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ىل يُستتاب الساحر أـ ال؟‬

‫‪89‬‬
‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ إف مسألة استتابة الساحر قد أ‪ٚ‬تع العلماء على أف الساحر يُقتل وإف اتب‪ ،‬ىذا مىت؟‬
‫بعد القدرة ِ‬
‫{م ْن قَػ ْب ِل أَ ْف تَػ ْق ِد ُروا َعلَْي ِه ْم}[ا‪١‬تائدة‪ ]ٖٗ :‬كما ذكر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل يف سورة ا‪١‬تائدة‪،‬‬
‫أما لو اتب قبل القدرة عليو‪ ،‬فنعم‪ ..‬ىذا يًُتؾ وال سبيل إىل قتلو إف اتب وأظهر التوبة النصوح‪.‬‬

‫فإذف الساحر إف قُدر عليو‪ ،‬فتاب‪ ،‬أو ِل يتُب‪ ،‬حلمو القتل‪ ،‬وللنو إف ِل يتُب‪ ،‬فيُقتل ردة‪ ،‬وإف اتب‬
‫حدا‪ ،‬وأمر توبتو بينو وبُت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬إف كاف صادقًا أو كاذاب‪.‬‬
‫يُقتل ً‬

‫سؤاؿ‪ :‬ما حكم من يذىب إىل الساحر ويطلب منو السحر لكي يسحر الناس؟‬

‫اإلجابة‪ :‬ىذا كافر ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬فقد كفر ٔتا أنزؿ على دمحم كما روى ذلق اإلماـ ا‪ٟ‬تاكم ً‬
‫مرفوعا عن‬
‫البزار موقوفًا على ابن مسعود ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬وقد تقدـ‪.‬‬
‫رسوؿ هللا –ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬ورواه ّ‬

‫سؤاؿ‪ :‬ىل َيوز بناء أحكاـ على رؤًي يراىا املسلم يف منامو؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ‪ :‬إف ا‪١‬تناـ كما قاؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪« -‬فيما معناه»‪ :‬ذىبت النبوة وبقيت املبشرات‪ ،‬قالوا ما‬

‫ىي ًي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪ :‬الرؤًي الصاْلة يراىا املسلم أو تُرى لو‪ ،‬والن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬جاء َ‬
‫وص ّح عنو ‪-‬ﷺ‪-‬‬
‫أف الرؤاي الصا‪ٟ‬تة بضع من كذا وسبعُت جزءًا من النبوة‪ ،‬ويف بعض الرواايت بضع من كذا وأربعُت جزءًا‬
‫من النبوة‪ ،‬كيف ا‪ٞ‬تمع بينهما؟ قاؿ أىل العلم‪ :‬على حسب صدؽ الرائي يف حياتو اليومية‪ ،‬يف يقظتو‬
‫يلوف صدقو يف منامو‪ ،‬حىت يرى الرؤاي فتحدث كفلق الصبح‪.‬‬

‫بشرات‪ ،‬يف النذارات أنو يػُبَ ّشر بلذا وكذا فيحدث‪ ..‬نعم‪ ،‬يُنذر من كذا‬
‫للن الرؤاي أين ‪٤‬تل الرؤاي؟ يف ا‪١‬ت ّ‬
‫ُ‬
‫وكذا‪ ،‬فيًتؾ ىذا الفعل‪ ..‬نعم‪ ،‬للن يف مسائل األحلاـ ال عالقة اب‪١‬تناـ يف ىذه ا‪١‬تسائل‪ ،‬فا‪١‬تنامات ال‬
‫بشرات و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬أما‬
‫ٕتويزا وال أتثيما‪ ،‬ال يؤخذ منها إال ا‪١‬ت ّ‬
‫ٖتليال وال ٖترٯتا‪ ،‬ال يؤخذ منها ً‬
‫يؤخذ منها ً‬
‫ُ‬
‫األحلاـ‪ ،‬كما يصنع بعض الطُرقيّة من الصوفية وكذلق بعض الشيعة‪ ،‬أهنم يعتمدوف على أتصيالهتم‬
‫التخرصات الشيطانية‪ ،‬وال‬
‫وتقريراهتم يف األصوؿ والفروع على ا‪١‬تنامات وعلى بعض الرؤى واألوىاـ و ّ‬
‫حوؿ وال قوة إال ابهلل‪ ،‬نقوؿ‪ :‬إف الشريعة قد اكتملت و٘تّت يف حياة رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وقد أخربان الن‬
‫‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وِل يلتم شيئًا ‪٦‬تا أنزلو هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬عليو‪ ،‬فال ‪٬‬توز بعد ذلق أف يؤخذ من ا‪١‬تنامات‬

‫‪91‬‬
‫األحلاـ فهي ليست بدليل شرعي ال من األدلة اجملمع عليها وال من األدلة ا‪١‬تختلف فيها وىي ليست‬
‫ْتجة يف دين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫حالال‪ ،‬ال ‪٬‬توز لو‬


‫بل ذكر العلماء حىت لو رأى الرائي يف ا‪١‬تناـ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ُ -‬٭ت ّل لو حر ًاما أو ُ٭تّرـ عليو ً‬
‫األخذ بذلق ا‪١‬تناـ‪ ،‬حيث أف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬بلّغ كل ما أوحي إليو من ربو و‪٨‬تن نشهد على ذلق‪.‬‬

‫اإلماـ عبدالقادر ا‪ٞ‬تيالين ر‪ٛ‬تو هللا ‪٩-‬تلط بُت ا‪ٞ‬تيالين وا‪ٞ‬توالين‪ ،‬نسأؿ هللا سبحانو وتعاىل أف يرحم‬
‫األوؿ و٭تفظ الثاين‪ ،-‬اإلماـ عبد القادر ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬رأى وىو قائم يصلي من الليل رأى رؤاي يف اليقظة‬
‫نورا خرج ٕتاىو من األماـ ويقوؿ وٮترج صوت من ذلق النور‪( :‬إين أان ربق اي‬
‫وليست يف ا‪١‬تناـ‪ :‬أف ً‬
‫ُحرـ عليق ما أْتت ‪٢‬تذه األمة)‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اخسأ أي‬
‫حرمت على ىذه األمة وأ ّ‬
‫ُحل لق ما ّ‬
‫عبدالقادر‪ ،‬أ ّ‬
‫كنت أنت‬
‫مٍت بعلمق اي عبد القادر‪ ،‬كيف ذلق؟) قاؿ‪ :‬لو َ‬
‫تعد قدرؾ‪ ،‬قاؿ‪( :‬لقد ‪٧‬توت ّ‬
‫عدو هللا لن ُ‬
‫ّ‬
‫هللا لقلت أان هللا‪ ،‬وللنق ِل تستطع أف تقوؿ ذلق وقلت إين أان ربق‪.‬‬

‫‪ٚ‬تيعا‪ ،‬وىي انسخة‬


‫اثنيًا‪ :‬أف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ّ -‬بُت أف ىذه الشريعة احملمدية ىي خا٘تة الشرائع ً‬
‫للل ما قبلها ‪٦‬تا خالفها‪ ،‬وىي ُمهيمنة على ‪ٚ‬تيع الشرائع‪ ،‬والن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أخرب أنو آخر األنبياء ال ن ّ‬
‫بعده‪ ،‬كذلق شريعتو ال تُنسخ –ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فهذا ‪٦‬تا يدؿ على بطالف وكذب ذلق األفاؾ وىو من‬
‫الشياطُت الذين خرجوا ‪٢‬تذا اإلماـ وِل يُصدقو و‪٧‬تى بعلمو ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وللن بعض ا‪ٞ‬تهلة يقعوف يف‬
‫ىذه ا‪١‬تصائر الشيطانية‪ ،‬سواء كاف يف اليقظة أو يف ا‪١‬تناـ فيأتيهم الشيطاف و٭تل ‪٢‬تم ا‪ٟ‬تراـ و٭ترـ عليهم‬
‫ا‪ٟ‬تالؿ ويُطيعونو يف ذلق وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ما حكم من جامع زوجتو يف هنار رمضاف وىي ُمكرىة؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ اللفارة عليو وليست عليها‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫جالسا يف جملس يُدعى إىل وحدة األدًيف ومل يُنكر ذلك ومل ُيرج‬
‫يقوؿ السائل‪ :‬ما حكم من كاف ً‬
‫من ذلك اجمللس؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ أف الواجب يف حقو أنو ٮترج من ذلق اجمللس الذي يُلفر فيو ابهلل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫الدين ِع ْن َد مِ‬
‫ِ ِ‬
‫اَّلل اإلسالـ}[آؿ عمراف‪ ،]ٜٔ :‬فمن جلس يف ىذا اجمللس فاهلل ا‪١‬تستعاف‬ ‫والعياذ ابهلل‪{ ،‬إ مف ّ َ‬
‫قد تقدـ حلم ذلق الرجل‪ ،‬فعليو ابلتوبة واألوبة والرجوع إىل دين اإلسالـ‪ ،‬اللهم إال أف يلوف اللالـ‬
‫مثال مسائل ا‪١‬تناظرة و‪٨‬تو ذلق مع بقية األدايف‪،‬‬ ‫يف ذلق اجمللس ليس عن وحدة األدايف وإ‪٪‬تا ىو عن ً‬
‫ك ِِب ْْلِ ْكم ِة والْمو ِعظَ ِة ا ْْلسنَ ِة ۖ وج ِ‬
‫اد ْهلُم ِِبلمِيت‬ ‫ع إِ َ ٰىل َسبِ ِ‬
‫يل َربِّ َ‬ ‫فقد أمر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬ا ْد ُ‬
‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َْ‬
‫ِ مِ‬ ‫ِ‬ ‫ِىي أَحسن}[النحل‪ ،]ٕٔ٘ :‬وقاؿ‪{ :‬وَال ُجتَ ِ‬
‫ادلُوا أ َْىل ال ِ‬
‫ين ظَلَ ُموا‬ ‫اب إِمال ِِبلمِيت ى َي أ ْ‬
‫َح َس ُن إ مال الذ َ‬ ‫ْكتَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َُ‬
‫ِم ْنػ ُه ْم}[العنلبوت‪ ،]ٗٙ :‬فإذف يُنظر يف تلق ا‪١‬تسألة ما الذي دار ابلتحديد يف ذلق اجمللس؟ إف قالوا أبف‬
‫ربنا واحد وديننا واحد وأف ىذه الطرؽ كلها تؤدي إىل هللا ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،-‬فهذا كفر صريح ال مرية فيو‬
‫سواء يف كفر القائل أو يف كفر من ِل ينلر وقد حضر ذلق اجمللس‪.‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ما حكم التصوير يف اإلسالـ؟‬

‫‪٤‬ترـ يف دين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وقد نُسخ ذلق‬ ‫اإلجابة‪ً :‬‬
‫طبعا األصل يف ا‪١‬تسألة أف التصوير ىلذا ّ‬
‫جائزا يف شرائع من قبلنا‪ ،‬كما جاء عن سليماف ‪-‬عليو السالـ‪ -‬وللن يف ديننا الن ‪-‬ﷺ‪-‬‬
‫وقد كاف ً‬
‫لعن ا‪١‬تصورين كما يف الصحيحُت‪ ،‬وجاءت األحاديث يف ىذا الباب كثَتة‪ ،‬وللن ىناؾ مسائل تتفرع‬
‫عن ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬من ىذه ا‪١‬تسائل اليت يلثر اللغط فيها ىذه األايـ‪ :‬مسألة التصوير الفوتوغرايف‪ ،‬ما‬
‫تصويرا إال أنو ال يلحقو ذلق االسم‪ِ ،‬لَ؟ ألف العربة اب‪ٟ‬تقائق وا‪١‬تعاين ال‬
‫ً‬ ‫يعرؼ هبذا االسم‪ ،‬ىذا وإف ُ‪ٝ‬تّي‬
‫فمثال‪ :‬القهوة‪ ،‬يف لغة العرب ىي ا‪٠‬تمر‪ ،‬فهل يقوؿ قائل بتحرمي القهوة! ِلَ؟ ألهنا من‬
‫ابأللفاظ وا‪١‬تباين‪ً ،‬‬
‫أ‪ٝ‬تاء ا‪٠‬تمر وقد صح عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنو قاؿ‪( :‬أيت قوـ يشربوف اخلمر يسموهنا بغري امسها)‬
‫ىل يقوؿ ذلق بتحرمي ذلق؟ كما قاؿ بعض العلماء بذلق وتراجعوا بعد معرفتهم ‪١‬تاىية القهوة؟ ال يقوؿ‬
‫ذلق؛ إذف من قاؿ بتحرمي القهوة ال‪ٝ‬تها يلوف قد أخطأ‪ ،‬كذلق من قاؿ بتحرمي التصوير الفوتوغرايف‬
‫جملرد االسم نقوؿ لو قد أخطأ يف ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬وإ‪٪‬تا الصواب يُنظر ‪ٟ‬تقيقة ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬التصوير‬

‫‪92‬‬
‫الفوتوغرايف ىو عبارة عن علس الصورة اليت ىي ‪٦‬تا خلق هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وليس ُمضاىاة ‪١‬تا خلق‬
‫هللا كما ىو متحقق يف الرسم ويف التجسيد و‪٨‬تو ذلق ‪٦‬تا جاء الن يف ٖترٯتو‪ .‬فا‪١‬تضاىاة إذف ليست‬
‫ُ‬
‫وعدما‪ ،‬ا‪١‬تضاىاة ىي ليست ا‪١‬تضاىاة ‪١‬تا خلق هللا‬
‫وجودا ً‬
‫ٔتتوفرة يف ىذه ا‪١‬تسألة وا‪ٟ‬تلم يدور مع علتو ً‬
‫ُ‬
‫إنساان وقف أماـ ا‪١‬ترآة ىل يُقاؿ لو الوقوؼ أماـ‬
‫بل ىي ىي صورة خلق هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬لو أف ً‬
‫ا‪١‬ترآة ُ‪٤‬ترـ؟ ِل؟ ىذه صورة وقد ضاىيت خلق هللا؟ ال‪ ،‬ىذه ىي ىي خلق هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وللن‬
‫عُ ِلست الصورة‪ ،‬كذلق الذي يقف أماـ ا‪١‬تاء الراكد و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬تُعلس صورتو‪ ،‬ىذه ىي صورة ما‬
‫خلق هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وللن الفرؽ بُت التصوير الفوتوغرايف وبُت ا‪١‬ترآة أف ىذا ٭تبس الظل وذاؾ‬
‫ال ٭تبس الظل‪.‬‬

‫إنساان كتب‪ ،‬زيد من الناس كتب على ىذه الورقة ‪-‬ىذا خط السائل ال أعلم ما ا‪ٝ‬تو‪ ،-‬زيد من‬
‫ولو أف ً‬
‫الناس‪ ،‬أتى رجل ونسخو هبذه اآللة من آالت النسخ‪ ،‬نسخو مئة نسخة‪ ،‬مث أتيت للم وقلت للم خط‬
‫من ىذا؟ خط من ىذا؟ ىل يقوؿ قائل إنو خط اآللة؟ ىل يقوؿ قائل أنو خط م ٍ‬
‫ضاه ‪٠‬تط زيد؟ ال‪ ،‬ىو‬ ‫ُ‬
‫ىو خط زيد‪ ،‬وللن عُلس خط زيد فال يُقاؿ أنو ُمضاىاة ‪٠‬تط زيد‪ ،‬وللن لو أتى شخ من ا‪١‬تاىرين‬
‫يف التزوير فأخذ ُ٭تاكي خط زيد وكتب ٔتثل خطّو َوَر ِ‪ٝ‬ت ِو‪ ،‬فهذا نقوؿ نعم ىذا مضاىاة ‪٠‬تط زيد وليس‬
‫ىو ىو خط زيد‪ ،‬أما األوؿ فإنو ىو ىو خط زيد وللنو عُ ِلس‪ ،‬فلذلق األمر يف مسألة التصوير‬
‫الفوتوغرايف و‪٨‬توه فهو علس ‪١‬تا خلق هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬للصور اليت خلقها هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫وليس فيها مضاىاة ‪١‬تا خلق هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫أيضا ُمستثنيات ذكرىا العلماء كتفريع على ىذه ا‪١‬تسألة‪ ،‬كمسألة الصور ا‪١‬تهانة كما فعلت عائشة‬ ‫وىناؾ ً‬
‫ُ‬
‫‪-‬اهنع هللا يضر‪١ -‬تا دخل الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬والصورة معلقة على ستارة‪ ،‬نزع الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فقطعتها عائشة ‪-‬اهنع هللا يضر‪-‬‬
‫وجعلتها وسائد وىي ُمهانة‪.‬‬

‫كذلق استثٌت العلماء ما ىو من قبيل الدمى اليت يلعب هبا الصبياف وا‪ٞ‬تواري الصغَتات‪ ،‬فهذا من‬
‫األمور ا‪١‬تستثنيات من حلم التصوير؛ بدليل أف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ِ -‬أذف لعائشة إقر ًارا ابللعب ابلدمية‪ ،‬كانت‬
‫صورة‪ ،‬فلم يُنلر الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬عليها‬
‫لعائشة ‪-‬اهنع هللا يضر‪ -‬وقد كانت صغَتة كما تعلموف تلعب يف دمية ُم ّ‬
‫ذلق‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫وا‪١‬تسألة يف التصوير ا‪١‬ترئي أخف من التصوير الفوتوغرايف من انحية ا‪٠‬تالؼ و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬من قاؿ ّتواز‬
‫األوؿ من ابب أوىل يقوؿ ّتواز الثاين‪ ،‬ومن قاؿ بتحرمي األوؿ بعضهم يقوؿ بتحرمي الثاين‪ ،‬وبعضهم يبيح‬
‫الثاين‪ ،‬وبعضهم ال يُبح ذلق إال يف مسائل أو لضرورات أو ‪ٟ‬تاجيات تقوـ مقاـ الضرورايت كالدعوة إىل‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬و‪٨‬تو ذلق‪.‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ما حكم من يستعني ِبْلن يف العالج؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ إف األصل يف ا‪ٞ‬تن اللذب وإف زعم أنو مسلم‪ ،‬فال يتورط ا‪١‬تسلم ابالستعانة هبذا ا‪ٞ‬تن‬
‫ويقوؿ إين أستعِن اب‪ٞ‬تن ا‪١‬تسلم على ‪٨‬تو ىذه ا‪١‬تسائل‪ ،‬نعم ُروي عن عمر ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬وصح عنو أنو‬
‫كاف يتتبّع أخبار سراايه وجيوشو اليت أرسلها‪ ،‬يقوؿ‪( :‬أيتيٍت بريدي من ا‪ٞ‬تن فيخربين ٓترب القوـ من نصر‬
‫أو ىزٯتة قبل أف أيتيو بريد اإلنس بلياؿ)‪ ،‬البعض يتشبث هبذا القوؿ وىذا الفعل من عمر ‪-‬هنع هللا يضر‪،-‬‬
‫وببعض ما جاء عن شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف مثل ىذه ا‪١‬تسائل؛ وللننا نقوؿ ونقرر ما‬
‫أيضا وىي مسألة‪ :‬س ّد الذرائع‪ ،‬سد الذرائع الذي يفتح على‬
‫قرره أئمة ا‪١‬تاللية ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬وغَتىم ً‬
‫نفسو ىذا الباب ال يؤمن من الفتنة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪ ،‬ويتجارى بو ا‪٢‬توى والشياطُت والعياذ ابهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ملاذا اإلماـ أمحد ‪-‬رمحو هللا‪ -‬مل ُيرج على أئمة زمانو؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ الرد على ىذه ا‪١‬تسألة يطوؿ‪ ،‬وللن نلخصها يف نقاط‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إف ِل َير اإلماـ أ‪ٛ‬تد ا‪٠‬تروج فقد رآه غَته من األئمة‪ ،‬والعربة مع الدليل وليس مع اإلماـ الفالين أو‬
‫ً‬
‫الفالين‪ ،‬فَ ُد ْر مع الدليل حيث دار‪ ،‬مث يف زمن اإلماـ أ‪ٛ‬تد ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬خرج غَته‪ ،‬خرج اإلماـ أ‪ٛ‬تد بن‬
‫جاد بنفسو‬
‫ترحم عليو وقاؿ‪( :‬ر‪ٛ‬تو هللا لقد َ‬
‫أقره اإلماـ أ‪ٛ‬تد على ذلق ا‪٠‬تروج‪ ،‬و‪١‬تا قُتل ّ‬
‫نصر ا‪٠‬تزاعي‪ ،‬و ّ‬
‫فأقره وإف ِل ٮترج‪.‬‬
‫يف سبيل هللا) كما ذكر ذلق اإلماـ ابن كثَت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف (البداية والنهاية)‪ّ ،‬‬

‫‪94‬‬
‫اثنيًا‪ :‬ا‪٠‬تروج على ا‪ٟ‬تاكم ىو من فروع مسألة التلفَت‪ ،‬فالصحيح والراجح من أىل العلم ال ُٮتَرج إال‬
‫ا‪٠‬تالؿ أنو ك ّفره‪،‬‬
‫على اللافر‪ ،‬فننظر ىل ك ّفر اإلماـ أ‪ٛ‬تد ا‪١‬تأموف أو ال؟ قد ُرويت رواية عند اإلماـ ّ‬
‫فنقوؿ بعد ذلق التلفَت أو ا‪٠‬تروج أو كل األحلاـ الشرعية منوطة ابالستطاعة‪ ،‬ىل استطاع اإلماـ أ‪ٛ‬تد‬
‫على ا‪٠‬تروج؟ مث ِل ٮترج؟ نقوؿ‪ :‬من تتبع سَتة اإلماـ أ‪ٛ‬تد ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يعلم علم اليقُت أنو ِل يلن‬
‫مستطيعا؛ حيث أنو كاف بُت مطاردة ومن ٍع وسج ٍن وغَت ذلق من األمور اليت تعلموهنا‪ ،‬فهو كاف من‬
‫ً‬
‫ا‪١‬تستضعفُت يف األرض ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬ىناؾ بعض الرسوـ املتحركة اليت تُعرض لألطفاؿ وْنو ذلك فيها الكثري من السحر‬
‫وْنو ذلك؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ ىذه ُٕتتنب وال يراىا وال يُشاىدىا الغلماف والصبياف‪ِ ،‬لَ؟ ‪-‬وإف كانوا غَت ُمللفُت‪-‬؛ ألف‬
‫(مروا أبناءكم ِبلصالة لسبع واضربوىم عليها‬
‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما قاؿ كما عند أ‪ٛ‬تد يف مسنده‪ ،‬قاؿ‪ُ :‬‬
‫لعشر)‪ ،‬فإذف ىم يُ ّ‬
‫عودوف على طاعة هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وٯتنعوف من ا‪١‬تعاصي ومن احملاذير الشرعية‬
‫منذ نعومة أظفارىم‪ ،‬وىذه األفالـ اللارتونية ما تسمى بُت قوسُت أو الرسوـ ا‪١‬تتحركة تزرع يف قلوب‬
‫األطفاؿ والناشئة أمور عظيمة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل قد يعجز ا‪١‬تصلحوف من إصالحها بعد ذلق‬
‫حينما ال ينفع الندـ‪..‬‬

‫عودهُ أبوهُ‬
‫وينشأ انشئ الفتياف منّا ‪ ...‬على ما كاف ّ‬
‫فإذف لو تعود على ذلق وأخذ عقيدتو من ىذه الرسوـ ال سيما فيما يتعلق ابلتوحيد ؤتا يتعلق بربوبية‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وما يتعلق ابلسحر والشعوذة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل‪ ،‬بعد ذلق قد يصعب‬
‫إصالح ىذا الفساد كما قيل‪:‬‬

‫إايؾ أف تبتل ِ‬
‫اب‪١‬تاء‬ ‫إايؾ َ‬
‫ألقاهُ يف اليم ملتوفًا وقاؿ لو ‪َ ...‬‬
‫م‬

‫‪95‬‬
‫يقوؿ السائل‪ :‬ما حكم من يُشاىد يف التلفاز السحر ويُكذبو؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ ال ‪٬‬توز لو ذلق وىذا قد يدخل يف حديث رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬اآلنف الذي رواه اإلماـ‬
‫ساحرا أو كاىنًا‪ ،‬مل تُقبل لو صالة أربعني ليلة)‪ ،‬ىذا إف كاف ُملذب لو‪ ،‬غَت ُمصدؽ‬
‫مسلم‪( :‬من أتى ً‬
‫مر معنا ما أخرجو اإلماـ ا‪ٟ‬تاكم ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫العراؼ‪ ،‬أما إف ص ّدقو فقد ّ‬
‫لذلق الساحر وذلق اللاىن أو ّ‬
‫هللا‪.-‬‬

‫قر حبرمة الرِب؟‬


‫يقوؿ السائل‪ :‬ىل يُك ّفر ويل األمر الشرعي إذا تعامل ِبلرِب يف املصارؼ مع أنو يُ ّ‬

‫اإلجابة‪ :‬ال يُل ّفر‪ً ،‬‬


‫طبعا ‪٨‬تن ال نُل ّفر ابللبائر والراب من ‪ٚ‬تلة اللبائر‪ ،‬وللن األمر ٮتتلف فيما إذا امتنع‬
‫غَت واحد من أىل العلم كاإلماـ ابن العريب ا‪١‬تاللي ‪-‬‬ ‫ابلقوة والشوكة ‪ٚ‬تاعة وطائفة على الراب فقد ن‬
‫ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬على أف ىذه الطائفة تُقاتَل قتاؿ ردة وليس من قبيل قتاؿ البغاة‪ ،‬و ّأما لو ارتلب ا‪١‬تعاصي يف‬
‫ذاتو فهو مذنب وىو ٍ‬
‫عاص يقاؿ فيو ما يقاؿ يف الرعيّة‪ ،‬يقاؿ فيو ما يُقاؿ يف أي رجل من الرعية‬ ‫حد ِ‬
‫يرتلب بعض الذنوب وبعض ا‪١‬تعاصي‪.‬‬

‫يسأؿ عن حتديد وقت اإلقامة؟‬

‫شرعي عن رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أو عمن جاء بعده‪ ،‬وإ‪٪‬تا يُنتظر اإلماـ‪،‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ ليس فيو ن‬
‫وا‪١‬تسػألة فيها سعة‪ ،‬والسنة يف صالة العشاء التأخَت‪.‬‬

‫وهللا سبحانو وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى وآلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬وجزاكم هللا خَتا‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الدرس اخلامس واألخري‬

‫ذؿ من عصاه‪ ،‬والصالة والسالـ على نبيو‬


‫عز من أطاعو‪ُ ،‬م ّ‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬ا‪ٟ‬تمد هلل ُم ّ‬
‫ومصطفاه‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫فقد تللمنا يف الدرس ا‪١‬تنصرـ عن بعض ما جاءَ ويتعلق تعل ًقا وثي ًقا بنواقض اإلسالـ‪ ،‬واب‪١‬تلفرات‪،‬‬
‫وابلشركيات اليت ن ّ عليها ىذا اإلماـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ ،-‬وىا ‪٨‬تن وإايكم نواصل يف ىذا ا‪١‬تنت‬
‫‪٥‬تتصرا يف حجمو‪.‬‬
‫ً‬ ‫يسَتا‬
‫العظيم يف النفع وإف كاف ً‬
‫نعم ‪..‬‬

‫قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬رمحو هللا تعاىل‪ -‬يف رسالة نواقض اإلسالـ‪:‬‬

‫{ًي‬
‫(الناقض الثامن‪ :‬مظاىرة املشركني ومعاونتهم على املسلمني‪ .‬والدليل قولو تعاىل‪َ :‬‬
‫ض َوَمن يَػتَػ َومهلُم‬‫ض ُه ْم أ َْولِيَاءُ بَػ ْع ٍ‬
‫ار ٰى أ َْولِيَاءَ ۘ بَػ ْع ُ‬
‫مص َ‬ ‫مخ ُذوا الْيَػ ُه َ‬
‫ود َوالن َ‬
‫أَيُّػها الم ِذين آمنُوا َال تَػت ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ني}[ا‪١‬تائدة‪.)]٘ٔ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ َال يَػ ْهدي الْ َق ْوَـ الظمال ِم َ‬‫ِّمن ُك ْم فَِإنموُ ِم ْنػ ُه ْم ۗ إِ مف م‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫ومعاونتُػ ُهم‪..‬‬
‫ُ‬

‫ىذا ىو الناقض الثامن من نواقض اإلسالـ‪ ،‬وليس ا‪١‬تسألة مسألة أ‪٫‬تية يف التقدمي والتأخَت يف مسألة‬
‫النواقض‪ ،‬كلها خطَت‪ ،‬وكلها جسيم‪ ،‬وكلها عظيم؛ وللن ىذا ‪٦‬تا ع من للشيخ يف الًتتيب‪ ،‬أو ىو ‪٦‬تا كثر‬
‫واشتهر يف زمنو‪ ،‬فهو يذكر ىذه النواقض حسب االشتهار يف زمنو‪ ،‬وحسب حدوث تلق النواقض‬

‫‪97‬‬
‫ووقوعها‪ ،‬على حسب وقوعها ىذا قد يلوف لو وجو؛ أي من انحية الًتتيب‪ ،‬وقد ال يلوف للًتتيب‬
‫وجو‪.‬‬

‫نقوؿ‪ :‬إف مناصرة الكفار‪ ،‬ومظاىرة الكفار على املسلمني انقض من نواقض اإلسالـ‪ ،‬وىذا الناقض‬
‫ضا ىو من النواقض اجملمع عليها بني أىل العلم‪ ،‬نقل اال‪ٚ‬تاع اإلماـ ابن حزـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة‬
‫أي ً‬
‫واسعة‪ ،-‬وكذا نقل اإل‪ٚ‬تاع من ا‪١‬تعاصرين الشيخ عبد العزيز بن ابز كما يف ‪٣‬تموع فتاواه‪.‬‬

‫جدا‪ ،‬وللن نذكر بعض األدلة على ىذه‬


‫وىذا الناقض اآلايت الدالة عليو واألحاديث الواردة فيو كثَتة ً‬
‫أسا فال ىداهُ هللا وال كرامة؛ إذ أ مف ا‪ٟ‬تجة يف األدلة عن هللا‬
‫ا‪١‬تسألة‪ ،‬ومن ِل يتعظ هبذه األدلة وِل يرفع ‪٢‬تا ر ً‬
‫وعن رسولو ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وإف ِل يَِرد يف ا‪١‬تسألة إال دليل واحد للفى بو‪ ،‬على ا‪١‬تسلم أف يُسلّم { َوَما َكا َف‬
‫اخلِيَػ َرةُ ِم ْن أ َْم ِرِى ْم}[األحزاب‪.]ٖٙ :‬‬ ‫ضى م‬
‫اَّللُ َوَر ُسولُوُ أ َْم ًرا أَف يَ ُكو َف َهلُ ُم ْ‬ ‫لِ ُم ْؤِم ٍن َوَال ُم ْؤِمنَ ٍة إِذَا قَ َ‬

‫إذف من ىاتيك األدلة وىي كثرية‪:‬‬

‫ْكتَ ِ‬
‫اب‬ ‫قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬أَ َمل تَػر إِ َىل الم ِذين َانفَػ ُقوا يػ ُقولُو َف ِإل ْخواهنِِم الم ِذين َك َفروا ِمن أ َْى ِل ال ِ‬
‫َ ُ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬ ‫لَئِن أُ ْخ ِرجتُم لَنَ ْخرج من مع ُكم وال نُ ِط ِ‬
‫َح ًدا أَبَ ًدا َوإِ ْف قُوتلْتُ ْم لَنَػ ْن ُ‬
‫ص َرنم ُك ْم} أتمل‪َ { :‬و م‬
‫اَّللُ يَ ْش َه ُد‬ ‫يع في ُك ْم أ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ ْ ْ ُ َ ََ ْ َ‬
‫إِنػمهم لَ َك ِ‬
‫اذبُو َف}[ا‪ٟ‬تشر‪.]ٔٔ :‬‬ ‫ُْ‬

‫ين َانفَػ ُقوا}‪ ،‬مث وصفهم أبهنم من إخوة اللفار‪{ :‬يػَ ُقولُو َف ِإل ْخ َواهنِِ ُم‬ ‫ِ مِ‬
‫أوال‪ :‬وصفهم ابلنفاؽ‪{ :‬أََِلْ تَػَر إ َىل الذ َ‬ ‫ً‬
‫وذكر ما ا‪١‬تناط ا‪١‬تل ّفر يف ىذه ا‪١‬تسألة‪،‬‬ ‫اب}‪ ،‬مث ّبُت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬ ‫الم ِذين َك َفروا ِمن أ َْى ِل الْ ِلتَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫جل يف عُاله‬ ‫فقط وعدوىم أبهنم ماذا؟ سينصروهنم على ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬وىل صدقوا يف ذلق الوعد؟ هللا ّ‬
‫اَّللُ يَ ْش َه ُد إِنػ ُمه ْم‬ ‫ِ‬
‫{وإِ ْف قُوت ْلتُ ْم لَنَػْن ُ‬
‫صَرنم ُل ْم َو م‬ ‫ك ّذهبم من فوؽ سبع ‪ٝ‬تاوات‪ ،‬قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ :-‬‬
‫لَ َل ِاذبُو َف}‪.‬‬

‫فاهللُ ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬كذهبم يف دعواىم ‪١‬تناصرة اللفار على ا‪١‬تسلمُت ومع ذلق ك ّفرىم‪ ،‬حلم عليهم‬
‫ابللفر؛ لذلق يقوؿ الشيخ ‪ٛ‬تد بن عتيق ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪( :-‬فتأمل إىل ىذه اآلية‪ ،‬هللا ك ّفر ىؤالء مع كذهبم‬
‫يف دعواىم‪ ،‬ووعودىم ابلنصرة لللفار‪ ،‬فليف ٔتن وعد اللفار أبف ينصرىم على ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬وص ّدؽ‬
‫ذلق فعالً!؟)‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫بل ‪٨‬تن نقوؿ‪ :‬كيف ٔتن وعدىم وكتب معهم ا‪١‬تواثيق يف نصرهتم على ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬مث ص ّدؽ ذلق بلسانو‪،‬‬
‫وبرجالو‪ ،‬وأبفعالو‪ ،‬وبنفطو‪ ،‬وبقواعده‪ ،‬وبسالحو‪ ،‬وبلل ما ٯتلق!! كيف يلفر أولئق الذين تفوىوا‬
‫فقط ابللساف أبهنم سينصروف اللفار‪ ،‬وَك َذبوا بشهادة هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪!-‬؟ كيف يلفر أولئق وال‬
‫وتفوه‪ ،‬ووعد وص ّدؽ ذلق!؟ كيف ال يل ّفر ذاؾ أو يلفر ذاؾ وال يلفر ىذا؟‬ ‫يلفر من تللم‪ّ ،‬‬
‫اءةٌ ِيف ُّ‬
‫الزبُ ِر}[القمر‪ ،]ٖٗ :‬ىذا دليل من ‪ٚ‬تلة أدلة يف تلفَت من؟‬ ‫ِ ِ‬ ‫م‬
‫{أَ ُكف ُ‬
‫ارُك ْم َخ ْيػ ٌر م ْن أُولَئ ُك ْم أ َْـ لَ ُك ْم بَػ َر َ‬
‫تلفَت من انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫كذلق من األدلة الظاىرة يف ا‪١‬تسألة قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ :-‬إِ ْذ ي ِ‬


‫ك إِ َىل ال َْم َالئِ َك ِة أِّ‬
‫َن‬ ‫وحي َربُّ َ‬ ‫ُ‬
‫ض ِربُوا فَػ ْو َؽ‬
‫ب فَا ْ‬ ‫وب} من؟ { ِيف قُػلُ ِ م ِ‬ ‫آمنُوا ۖ َسأُل ِْقي ِيف قُػلُ ِ‬ ‫ِ مِ‬
‫الر ْع َ‬
‫ين َك َف ُروا ُّ‬
‫وب الذ َ‬ ‫ين َ‬‫َم َع ُك ْم فَػثَبّتُوا الذ َ‬
‫ك ِأبَنػم ُه ْم َشاقُّوا م‬ ‫ض ِربوا ِم ْنػهم ُك مل بػنَ ٍ‬
‫اف‪ٰ ،‬ذَلِ َ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ َوَر ُسولَوُ}[األنفاؿ‪.]ٖٔ-ٕٔ :‬‬ ‫ْاألَ ْعنَاؽ َوا ْ ُ ُ ْ َ‬

‫أتملوا يف ىذه اآلايت‪ ،‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أوحى إىل مالئلتو بنصرة ا‪١‬تؤمنُت وبتأييد ا‪١‬تؤمنُت على‬
‫أمر ابإلثخاف فيهم يف القتاؿ‪ ،‬مث ذكر السبب ‪-‬سبحانو‬
‫من؟ على اللفار‪ٝ ،‬تّاىم ووصفهم ابللفر‪ ،‬و َ‬
‫ِ‬
‫وتعاىل‪َٰ { :-‬ذَل َ‬
‫ق ِأبَنػ ُمه ْم َشاقُّوا م‬
‫اَّللَ َوَر ُسولَوُ}‪ ،‬وا‪١‬تشاقة إخواين ‪-‬ابرؾ هللا يل وللم‪ -‬أان لو مسلت ىذه‬
‫الورقة‪ ،‬وشققت ىذه الورقة نصفُت‪ ،‬فهذه ىي حقيقة ا‪١‬تشاقّة‪ ،‬أف يلوف ىذا يف شق وىذا يف شق آخر؛‬
‫ُ‬
‫فالذي يقف يف خندؽ اللفار‪ ،‬يف شق اللفار‪ ،‬يف ح ّد اللفار‪ ،‬يف عدوة اللفار ضد شق ا‪١‬تؤمنُت‪ ،‬ح ّد‬
‫مناصرا لللفار على ا‪١‬تسلمُت؛ فهذا قد وصفو هللا ا‪ٞ‬تليل ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬ ‫ً‬ ‫ا‪١‬تؤمنُت‪ ،‬عدوة ا‪١‬تؤمنُت‪..‬‬
‫َين مع ُلم فَػثَبِتُوا الم ِذين آمنُوا ۚ سأُلْ ِقي ِيف قُػلُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أبنو من الذين كفروا {إِ ْذ ي ِ‬
‫وب‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ق إِ َىل الْ َم َالئ َلة أِّ َ َ ْ ّ‬
‫وحي َربُّ َ‬ ‫ُ‬
‫اؽ واض ِربوا ِمْنػهم ُك مل بػن ٍ ِ‬ ‫مِ‬
‫اف‪ََٰ ،‬ذل َ‬
‫ق ِأبَنػ ُمه ْم َشاقُّوا م‬
‫اَّللَ َوَر ُسولَوُ}‪.‬‬ ‫اض ِربُوا فَػ ْو َؽ ْاأل َْعنَ ِ َ ْ ُ ُ ْ ََ‬ ‫ب فَ ْ‬ ‫الر ْع َ‬
‫ين َك َف ُروا ُّ‬
‫الذ َ‬
‫إذف حلم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬عليهم ابللف ِر‪ ،‬وسبب ذلق أهنم شاقوا هللا ورسولو‪ ،‬أي كانوا يف شق‬
‫وأىل اإلٯتاف يف شق آخر‪.‬‬

‫مِ‬
‫كذلق من اآلايت الدالة على ذلق وىي كثَتة كما أسلفنا‪ ،‬قوؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ًَ { :-‬ي أَيػُّ َها الذ َ‬
‫ين‬
‫ض ۖ َوَمن يَػتَػ َومهلُم ِّمن ُك ْم فَِإنموُ ِم ْنػ ُه ْم ۖ‬
‫ض ُه ْم أ َْولِيَاءُ بَػ ْع ٍ‬
‫اء ۖ بَػ ْع ُ‬ ‫ِ‬
‫مص َار ٰى أ َْوليَ َ‬
‫ود َوالن َ‬
‫آمنُوا َال تَػت ِ‬
‫مخ ُذوا الْيَػ ُه َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني}[ا‪١‬تائدة‪ ،]٘ٔ :‬ويف ىذه اآلية ثالثة أوجو يف الداللة على كفر من انصر‬ ‫اَّللَ َال يَػ ْهدي الْ َق ْو َـ الظمال ِم َ‬
‫إِ مف م‬
‫وظاىر اللفار على ا‪١‬تسلمُت‪:‬‬

‫‪99‬‬
‫الوجو األوؿ‪ :‬أف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ عن اللفار‪ ،‬عن اليهود والنصارى يف ىذه اآلية‪{ :‬بعضهم‬
‫أولياءُ بعض}‪ ،‬قاؿ شيخ ا‪١‬تفسرين الطربي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬أي‪ :‬بعضهم أنصار بعض‪.‬‬

‫فإذف اللفار أنصار لللفار‪ ،‬ففي ىذا حلم من يناصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬فال يناصر اللفار على‬
‫ا‪١‬تسلمُت إال منهم وإال من ‪ٚ‬تلتهم‪ .‬ىذا الوجو األوؿ ‪.‬‬

‫الوجو الثاين من نفس اآلية‪ :‬أف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ‪{ :‬ومن يتو‪٢‬تم منلم فإنو منهم}‪ .‬أي‪ :‬يف‬
‫ا‪ٟ‬تلم يف الدارين‪ ،‬يف الدنيا ويف االخرة‪ ،‬كما قاؿ اإلماـ القرط ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬يف تفسَته قاؿ‪ :‬وىذه‬
‫اآلية قاطعة لإلرث بينهم‪.‬‬

‫ما معٌت ذلق؟ تعلموف أف اختالؼ األدايف مانع من موانع التوارث‪ ،‬كما صح عن رسوؿ هللا ‪-‬ﷺ‪،-‬‬
‫كما أخرجاه‪( :‬ال يرث املسلم الكافر وال الكافر املسلم)‪.‬‬

‫إذف فهذه اآلية مانعة من اإلرث؛ إذ أ مف ا‪١‬تناصر مناصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت ٌ‬
‫كافر مرتد‪.‬‬

‫وذكر اإلماـ ابن حزـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما أشران يف مطلع ىذا الدرس‪ ،‬اإل‪ٚ‬تاع على ذلق‪ ،‬قاؿ‪ :‬أ مف ىذه‬
‫اآلية على ظاىرىا يف حلم من انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت وال ٮتتلف يف ذلق من ا‪١‬تسلمُت اثناف‪.‬‬

‫ماـ ابن حزـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬


‫ىلذا قاؿ اإل ُ‬

‫الوجو الثالث من نفس اآلية يف تلفَت من انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت‪ :‬أ مف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬قاؿ‪:‬‬

‫{ومن يتو‪٢‬تم منلم فإنو منهم إ مف هللاَ اليهدي َ‬


‫القوـ الظا‪١‬تُت}‪ ،‬ومر معنا كما يف شرح الناقض الرابع من‬
‫نواقض اإلسالـ‪ ،‬أ مف أحلاـ ِ‬
‫القرآف غائيّة‪ ،‬كما قاؿ اإلماـ الشاط ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬أ مف اللفر‪ ،‬والظلم‪،‬‬
‫والفسق إذا أُطلق يف القرآف فَتاد بو األكرب ما ِل يدؿ دليل أو قرينة على خالؼ ذلق‪.‬‬

‫وقد قاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َ { :-‬والْ َكافِ ُرو َف ُى ُم الظمالِ ُمو َف}[البقرة‪ ،]ٕ٘ٗ :‬وقاؿ هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫الشر َؾ لَظُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم}[لقماف‪.]ٖٔ :‬‬
‫ْم َعظ ٌ‬‫ٌ‬ ‫{ال تُ ْش ِر ْؾ ِِب مَّلل إِ مف ّ ْ‬
‫‪َ :‬‬

‫إذف يف ىذه اآلايت الداللة اللافية يف كفر من انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬واآلايت يف ىذا الباب‬
‫كثَتة كما أسلفنا‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫من أحاديث رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪:-‬‬

‫ما رواه اإلماـ اب ُن ىشاـ أو ابن إسحاؽ على الصحيح‪ ،‬ونقلو عنو بعد ذلق اإلماـ ابن ىشاـ ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫هللا‪ -‬يف خرب غزوة بدر‪١ ،‬تا خرج من خرج مع ا‪١‬تشركُت يف بدر‪ ،‬ومنهم العباس بن عبد ا‪١‬تطلب‪ ،‬وقاؿ ىو‬
‫ملرىا‪ ،‬وكاف من أىل االٯتاف‪ ،‬فقاؿ لو الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪« -‬فيما‬
‫ملرىا وإ‪٪‬تا خرج معهم ً‬
‫عن نفسو‪ :‬إ‪٪‬تا كاف ً‬
‫افتد نفسك‪.‬‬‫معناه»‪ :‬أما سريرتك فإىل هللا‪ ،‬وأما ظاىرؾ فإلينا‪ِ ،‬‬

‫فعاملو الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬معاملة اللفار الذين أُسروا ضمن من أُسروا يف غزوة بدر‪ ،‬عاملو معاملة السبعُت‬
‫من اللفار الذين أُسروا‪ ،‬وِل يلتفت الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬لدعوى العباس لإلكراه‪ِ ،‬لَ؟ ألنو خرج وانصر ا‪١‬تشركُت‬
‫على ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫لذلق يقوؿ شيخ اإلسالـ وا‪١‬تسلمُت ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬ابن تيّمية كما يف (‪٣‬تموع الفتاوى‪ ،‬اجمللد ‪ ،ٕٛ‬صفحة‬
‫ٖٔ٘) ذكر ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬أ مف السلف والصحابة قد أ‪ٚ‬تعوا على كفر مانعي الزكاة‪ ،‬قاؿ‪( :‬وىذا مع كوهنم‬
‫يصلوف‪ ،‬ويصوموف‪ ،‬وِل يلونوا مع من قاتل ا‪١‬تسلمُت)‪ ،‬قاؿ‪( :‬فليف ٔتن خرج مع اللفار مقاتالً‬
‫للمسلمُت!)‪ ،‬فهذا قاؿ‪( :‬يقاتل قتاؿ الردة وال يُلتفت لدعوى اإلكراه أو ‪٨‬تو ذلق‪ ،‬إ‪٪‬تا علينا ابلظواىر‬
‫وهللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬يتوىل السرائر)‪.‬‬

‫مث استدؿ واستشهد اب‪ٟ‬تديث الذي أخرجاه يف الصحيحُت‪ ،‬عن أُـ ا‪١‬تؤمنُت من حديث ذلق ا‪ٞ‬تيش‬
‫الذي يغزو اللعبة فيخسف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أبو‪٢‬تم وآخرىم‪ ،‬قالت أُـ ا‪١‬تؤمنُت‪ :‬كيف ذلق اي‬
‫الساقة‪ ،‬وفيهم ا‪١‬تلره‪ ،‬وفيهم من ليس منهم! قاؿ‪( :‬يبعثوف على‬
‫رسوؿ هللا وفيهم من ليس منهم؟ فيهم ّ‬
‫ُ‬
‫نياهتم)‪.‬‬

‫قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف ا‪١‬توطن الذي أشران إليو‪ ،‬قاؿ‪( :‬ىذا مع قدرة هللا ‪-‬سبحانو‬
‫فرؽ‬
‫وتعاىل‪ -‬على التمييز بُت ا‪١‬تُلره وبُت غَته‪ ،‬فليف يطالب من ال يستطيع ذلق من اجملاىدين أبف يُ ّ‬
‫يف القتاؿ بُت ا‪١‬تلره وبُت غَت ا‪١‬تلره؟)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مناصرا ‪٢‬تم على ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬فحلمو حلم أولئق اللفار‪.‬‬ ‫جيش ويف ِ‬
‫صف اللفار‬ ‫إذف كل من خرج يف ِ‬
‫ً‬

‫‪111‬‬
‫كذلق يستدؿ على ىذه ا‪١‬تسألة ابلقياس‪ ،‬وقد سبق وبيّػنّا أنو يُستدؿ على ىذه ا‪١‬تسألة ابإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬وذكران‬
‫مثالُت على اإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬مثاؿ متقدـ وىو كالـ اإلماـ ابن حزـ‪ ،‬ومثاؿ معاصر حىت ال ٭تتج ‪٤‬تتج ويقوؿ إف‬
‫كالـ السلف لو كذا وكذا وكذا‪ ،‬وزماف وملاف وٮتتلف إىل غَت ذلق‪...‬‬

‫ا‪١‬تسلمُت على‬
‫َ‬ ‫نقوؿ من ا‪١‬تعاصرين الشيخ عبد العزيز بن ابز كما يف (‪٣‬تموع الفتاوى) فتاواه‪ ،‬ذكر إ‪ٚ‬تاع‬
‫كفر من ظاىر وانصر ا‪١‬تشركُت على ا‪١‬تسلمُت‪ .‬نقوؿ ىذا اإل‪ٚ‬تاع‪.‬‬

‫إذا أتينا إىل القياس‪ ،‬فمن األمثلة على القياس‪:‬‬

‫غازًي فقد غزا)‪.‬‬


‫جهز ً‬‫قوؿ الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬كما يف ا‪ٟ‬تديث الذي أخرجاه‪ ،‬قاؿ‪( :‬من ّ‬

‫جعل من يعُت الغُزاة من اجملاىدين‪ ،‬حلمو كحلم اجملاىد الغازي؛ كذلق بقياس العلس‪ ،‬بقياس‬
‫العلس‪ ،‬ىذا يف القتاؿ يف سبيل هللا‪ ،‬كذلق يف قياس العلس يف القتاؿ يف سبيل الطاغوت‪ ،‬من أعاف‬
‫ونصر الطاغوت على ا‪١‬تسلمُت ولو اب‪١‬تاؿ‪ ،‬ولو ابللساف‪ ،‬ولو غَت ذلق‪ ،‬فحلمو حلم ا‪١‬تقاتل‪ ،‬حلمو‬
‫ين َك َف ُروا يػُ َقاتِلُو َف ِيف َسبِ ِ‬
‫يل‬ ‫يل مِ م ِ‬ ‫آمنُوا يُػ َقاتِلُو َف ِيف َسبِ ِ‬ ‫مِ‬
‫اَّلل َوالذ َ‬ ‫ين َ‬
‫حلم اللافر الذي قاتل ا‪١‬تسلمُت {الذ َ‬
‫وت}[النساء‪.]ٚٙ :‬‬ ‫الطماغُ ِ‬

‫فهذه بعض األدلة من اللتاب والسنة واإل‪ٚ‬تاع والقياس على كفر من ظاىر ا‪١‬تشركُت وانصرىم على‬
‫ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫يف زمن اإلماـ أ‪ٛ‬تد ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ -‬خرج اببق ا‪٠‬ترمي سنة ٕٔٓ للهجرة‪ ،‬وانصر اللفار على‬
‫ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬فل ّفره إماـ أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة اإلماـ أ‪ٛ‬تد حلم عليو ابللفر والردة ِلَ؟ ألنو انصر ا‪١‬تشركُت‬
‫على ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫الشيخ اجملدد دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يقوؿ كما يف (الدرر السنية) وكذلق يف (الرسائل‬
‫الشخصية)‪ ،‬ذكر وقاؿ‪( :‬إ مف األدلة على كفر من أشرؾ ِبهلل‪ )...‬أتملوا‪( :‬وعلى كفر من انصر الكفار‬
‫على املسلمني وإف مل يُشرؾ‪ )...‬وإف ِل يُشرؾ‪( ..‬أكثر من أف تُذكر من كتاب هللا‪ ،‬وسنة رسوؿ هللا‬
‫ومن كالـ أىل العلم كلهم)‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫إذف ذكر أ مف األدلة على كفر من انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت ولو ِل يُشرؾ‪ ،‬ولو ِل يُشرؾ ىذه ضع عليها‬
‫ألف خط‪ ،‬ولو ِل يُشرؾ؛ إذ أ مف ىذا العمل لوحده مناط من مناطات اللفر‪ ،‬مناط من مناطات الشرؾ‬
‫وإف ِل يُشرؾ من شرؾ النُسق و‪٨‬توه‪.‬‬

‫إذا انصر الكفار على املسلمني فهو كافر‪ ،‬وال يُقيّد ذلك ّباذا؟ ِبعتقاد القلب كما يزعموف اليوـ‪،‬‬
‫إذا أحبهم ألجل دينهم كفر‪ ،‬وإذا مل حيب الكفار ألجل دينهم وإف انصرىم على املسلمني‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ال يكفر!‬

‫أحب الكفار ألجل دينهم فهو‬‫نقوؿ‪ :‬إ مف ُحب الكفار ألجل دينهم مناط مستقل يف التكفري‪ ،‬فمن َ‬
‫نصوا على‬ ‫ِ‬
‫كافر وإف كاف جالس يف بيت أُمو وأبيو‪ ،‬بغض النظر انصر أو مل يناصر‪ ،‬فَل َم األئمة ّ‬
‫عرضا أو مل ِ‬
‫أتت‬ ‫املناصرة واملظاىرة؟ كاف هلم أف يقولوا من أحبهم ألجل دينهم‪ ،‬واملناصرة إف أتت ً‬
‫ال عالقة هلا يف مسألة التكفري بزعمهم!‬

‫فإذف ىم نصوا على ا‪١‬تناصرة‪ ،‬وِل ينصوا على ُحب اللفار ألجل دينهم‪ ،‬وىذا مناط آخر مستقل كما‬
‫ذكران‪.‬‬

‫إف انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت كفر‪ ،‬فإف انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت و أحب اللفار من أجل دينهم‬
‫كفرا فوؽ كفر‪ ،‬وهللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪١ -‬تا ذكر يف تلق اآلايت‬ ‫فهذا قد ‪ٚ‬تع كفر إىل كفر‪ ،‬فهذا ارتلب ً‬
‫ض‬‫ين ِيف قُػلُوهبِِم م َر ٌ‬ ‫مِ‬
‫حينما حلم على من انصر اللفار على ا‪١‬تسلمُت ابللفر‪ ،‬قاؿ‪{ :‬فَػتَػ َرى الذ َ‬
‫سا ِرعُو َف فِي ِه ْم} يقولوف ‪٨‬تبهم ألجل دينهم؟ ما قاؿ ذلق ‪-‬سبحانو وتعاىل‪{ ،-‬يَػ ُقولُو َف َخنْ َ‬
‫ش ٰى أَ ْف‬ ‫يُ َ‬
‫صيبَػنَا َدائَِرةٌ}[ا‪١‬تائدة‪]ٕ٘ :‬؛ إذف ىم انصروىم ألجل الدنيا ال ألجل الدين‪ ،‬انصروىم ألجل ا‪١‬تصاحل‬
‫تُ ِ‬

‫ك‬‫الدنيوية من السلطاف وا‪١‬تلق و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬مع ذلق ك ّفرىم هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪َٰ { :-‬ذلِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدنْػيَا َعلَى ْاْل ِخ َرِة َوأَ مف م‬
‫اَّللَ َال يَػ ْهدي الْ َق ْو َـ الْ َكاف ِر َ‬
‫ين}[النحل‪،]ٔٓٚ :‬‬ ‫ِأبَنػم ُه ُم ْ‬
‫استَ َحبُّوا ا ْْلَيَا َة ُّ‬

‫فسماىم أهنم من اللافرين مع أهنم ِل يرتلبوا النواقض أو ا‪١‬تلفرات إال ألجل الدنيا ال ألجل الدين‪،‬‬
‫وأغلب من كفر من الناس إ‪٪‬تا ذلق ألجل ُحبّ ِو للدنيا‪ ،‬وألجل أثرتو على الدنيا‪ ،‬وتقدمي الدنيا على‬
‫تفوىوا هبا دليل‪.‬‬
‫اآلخرة‪ ،‬والحوؿ وال قوة إال ابهلل‪ ،‬فليس ‪٢‬تم يف ىذه ا‪١‬تسألة اليت ّ‬

‫‪113‬‬
‫قد يشغب البعض ّبسألة قصة حاطب بن أِب بلتعة ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬وإف كنا قد تكلمنا يف ذلك‬
‫وتقدـ الكالـ حوؿ مسألة حاطب ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬ولكننا خنتصر ىا ىنا من ِبب ال َيوز أتخري‬
‫البياف عن وقت اْلاجة‪ ،‬يف ىذه املسألة نقوؿ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حاطب بن أيب بلتعة ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ِ -‬ل يفعل فعالً صر٭تًا يف مسألة ا‪١‬تناصرة‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىو ظٍت و‪٤‬تتمل‬
‫ً‬
‫يف ا‪١‬تناصرة؛ إذ أنو أرسل تلق الرسالة وِل تصل‪ ،‬وقد جاء يف نصها كما ذكر أىل ا‪١‬تغازي‪ ،‬كاإلماـ‬
‫الواقدي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬وكغَته‪( :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬من حاطب بن أيب بلتعة إىل من يراه من أىل‬
‫ملة‪ ،‬قد أاتكم رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ّ -‬تيش كالليل‪ ،‬يسَت كالسيل‪ ،‬وهللا لو أاتكم وحده لنصره هللا‬
‫أوال‪.‬‬
‫عليلم)‪ .‬إذف ىذا ا‪٠‬تطاب ظٍت الداللة يف ا‪١‬تناصرة‪ ،‬ىذا ً‬

‫اثنيًا‪ :‬نتأمل وننظر يف قوؿ عمر ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬قاؿ‪( :‬اي رسوؿ هللا‪ ،‬دعٍت أضرب عنق ىذا ا‪١‬تنافق) يف‬
‫رواية البخاري ومسلم‪ ،‬ويف رواية اإلماـ ا‪ٟ‬تاكم يف مستدركو على الصحيحُت‪( :‬فقد كفر)‪ ،‬فعمر ىل‬
‫كاف سيلفر حاطبًا ألجل كبَتة من اللبائر؟‬

‫فعال ىو من‬
‫عق الوالدين‪ ،‬أو كذب‪ ،‬أو فعل ً‬
‫لو كاف من أويت بو قد شرب ا‪٠‬تمر‪ ،‬أو زان‪ ،‬أو سرؽ‪ ،‬أو ّ‬
‫‪ٚ‬تلة اللبائر اليت ال ٗترج بصاحبها عن ا‪١‬تلة‪ ،‬ىل كاف عمر وىو الفقيو ا‪١‬تلهم سيقوؿ دعٍت أضرب عنق‬
‫ىذا فقد كفر؟‬

‫حاشاه من ذلق‪ِِ ،‬لَ؟ ألنو من ا‪١‬تتقرر عند عمر أف ا‪١‬تناصرة من قبيل اللفر األكرب ا‪١‬تخرج من ا‪١‬تلة‪ ،‬سواء‬
‫كفر ىذا ا‪١‬تناصر أو ال‪ ،‬ىذه قضية عُت‪ ،‬سينظر يف الشروط وا‪١‬توانع يف حقها‪ِِ ،‬لَ؟ ألهنا ليست صر٭تة‬
‫يف ا‪١‬تناصرة‪.‬‬

‫تدادا‬
‫مث ننظر إىل قوؿ حاطب ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬قاؿ أوؿ ما تللم‪( :‬وهللا اي رسوؿ هللا ما فعلت ذلق ار ً‬
‫عن ديٍت)‪.‬‬

‫لو كاف قد أويت بو وقد شرب ا‪٠‬تمر‪ ،‬أو زان‪ ،‬أو سرؽ أو ‪٨‬تو ذلق من ا‪١‬تعاصي أو اللبائر اليت ىي ال‬
‫تدادا عن‬
‫ٗترج بصاحبها من ا‪١‬تلة‪ ،‬ىل كاف سيقوؿ حاطب‪ :‬وهللا اي رسوؿ هللا ما فعلت ذلق الزان ار ً‬
‫تدادا عن ديٍت!؟ لن يقوؿ ذلق‪ِِ ،‬لَ؟ ألنو من ا‪١‬تتقرر عنده أف ىذه‬
‫ديٍت!؟ ما فعلت تلق السرقة ار ً‬

‫‪114‬‬
‫األعماؿ ليست من قبيل النواقض‪ ،‬وللن من ا‪١‬تتقرر عنده ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬أف ا‪١‬تناصرة وىي الناقض‬
‫الثامن اليت ذكرىا ىنا الشيخ دمحم بن عبد الوىاب من نواقض اإلسالـ‪.‬‬

‫تدادا عن ديٍت‪.‬‬
‫لذلق قاؿ ما فعلتو ار ً‬

‫إذف فننظر إىل ىذه النازلة‪ ،‬إىل ىذه الواقعة اليت حدثت يف عهد رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫قلنا أهنا ليست بصر٭تة يف الداللة على ا‪١‬تناصرة‪ ،‬فهنا ترجع ا‪١‬تسألة إىل القصد‪.‬‬

‫قلنا يف املسائل وأسباب الكفر ومناطات الكفر منها ماىو صريح على الكفر‪ ،‬ومنها ما ليس‬
‫كذلك‪ ،‬أما الصريح فال يُسأؿ عن القصد‪ ،‬وأما غري الصريح فيُسأؿ اإلنساف عن قصده‪.‬‬

‫ذُكر عنده‬ ‫االستهزاء ابلن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كفر أكرب ‪٥‬ترج من ا‪١‬تلة كما تقدـ يف نواقض اإلسالـ‪ ،‬للن شخ‬
‫الن ‪-‬ﷺ‪ -‬فأشار بيده‪ ،‬فهذا الفعل غَت صريح الداللة يف االستهزاء ويف استنقاص الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فهنا‬
‫‪ٛ‬تلق على ذلق؟ فهنا يُرجع إىل قصده‪ ،‬يف ماذا؟ يف ا‪١‬تسائل اليت ىي احملتَ َملَة‪ ،‬أو‬
‫يُسأؿ ىذا الفاعل ما َ‬
‫ا‪١‬ت ِ‬
‫حتملة يف أهنا من اللفر أو ال‪.‬‬
‫ُ‬
‫أما ا‪١‬تسائل الصر٭تة فال يُرجع ‪٢‬تا إىل القصد‪ ،‬كما بيّنا ذلق وقرران ذلق يف دورة (ضوابط التلفَت‬
‫وشروطو وموانعو)‪.‬‬

‫فهنا تللم حاطب وأدىل بعذره‪ ،‬فزّكاه الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬وزّكى سريرة حاطب‪ ،‬فقاؿ‪َ :‬دعُوهُ فقد صدقكم‪..‬‬
‫َدعُوهُ فقد صدقلم‪« .‬أو كما قاؿ ﷺ»‪.‬‬

‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كما يف الصحيحُت‪ ،‬زّكى سريرة حاطب‪ ،‬فمن لنا ٔتن يزكي سريرة أولئق الذين يُقاسوف‬
‫س وبُت‬
‫على حاطب؟ وال وجو للقياس بُت فعلهم وبُت فعل حاطب! ألنو كما تعلموف فرؽ بُت من َج م‬
‫ا‪ٞ‬تاسوس؛ ىذا فعل أو صيغة مبالغة يف الفعل‪ ،‬بُت من قتل وبُت القتّاؿ فرؽ‪ ،‬فال يقاس ىذا على ذاؾ‪،‬‬
‫ىذا وقع منو الفعل من جنس ذلق الفعل‪ ،‬وللن ىل ىو منو أو ال؟ ىنا ُع ِذ َر حاطب ٔتاذا؟ بعذر‬
‫التأويل كما ن على ذلق اإلماـ البخاري ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف تبويبو على ىذا ا‪ٟ‬تديث يف صحيحو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫(ابب ما جاء يف ا‪١‬تتأولُت)‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫فإذف لو كاف حاطب بن أيب بلتعة ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ -‬قد ارتلب شيئًا من اللبائر ‪١‬تا وضعو البخاري ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫وبوب عليو ابب ما جاء يف ا‪١‬تتأولُت؛ ألنو يعلم أف ا‪١‬تناصرة انقض من‬
‫هللا‪ -‬يف كتاب استتابة ا‪١‬ترتدين ّ‬
‫يضا ذكر ذلق ا‪ٟ‬تافظ ابن حجر ‪-‬ر‪ٛ‬تو‬
‫نواقض اإلسالـ‪ ،‬وللن عذر حاطب أنو من ا‪١‬تتأولُت‪ ،‬كما أ ً‬
‫بتأو ِلو أف فعلو لن يضر الن ‪-‬ﷺ‪ -‬يف شيء)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هللا‪ -‬يف شرح الصحيح‪ ،‬فقاؿ‪( :‬وعُذ َر حاطب ّ‬

‫فهو قد أتوؿ أ مف فعلو ٖتصيل حاصل ولن يضر الن ‪-‬ﷺ‪ -‬يف شيء؛ بدليل أنو قاؿ‪( :‬وهللا لو أاتكم‬
‫وحده لنصره هللاُ عليلم)‪.‬‬

‫إذف ىذه ا‪٠‬تالصة يف مسألة حاطب ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ ،-‬وبذلق نلوف قد ختمنا اللالـ حوؿ ىذا الناقض‬
‫بشيء من اإل‪٬‬تاز‪ ،‬وإال قد بسط العلماء ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ -‬اللالـ حوؿ ىذا الناقض‪ ،‬واللالـ حوؿ رد‬
‫الشبو ا‪١‬تتعلقة هبذا الناقض‪.‬‬
‫ُّ‬

‫وأنتم تروف يف أغلب النواقض ال توجد شبهات كبَتة حو‪٢‬تا ِِلَ؟ ألف ا‪ٟ‬تُ ّلاـ ِل يقعوا فيها‪ ،‬وللن النواقض‬
‫العلم نقطة كثّرىا ا‪ٞ‬تُّهاؿ)‬ ‫ِ‬
‫اليت وقع ا‪ٟ‬تلاـ فيها ىنا تلثر الشبهات ِلَ؟ كما قاؿ علي ‪-‬هنع هللا يضر وأرضاه‪ُ ( :-‬‬
‫كثّرىا ا‪ٞ‬تهاؿ‪..‬‬

‫فهؤالء ا‪ٞ‬تهاؿ أتوا من ابب الًتقيع ألولئق ووضعوا الشبهات والعراقيل أماـ ىذه النواقض من ابب‬
‫الدفاع عنهم والذود عنهم و‪٨‬تو ذلق‪.‬‬

‫فال تستغربوا بعد ذلق إف أطلنا النفس ولو بشيء يسَت حوؿ ىذه النواقض ِِلَ؟ كما روي عن اإلماـ‬
‫أ‪ٛ‬تد وإف ِل أقف عليو يف كتاب معُت‪ ،‬أنو قاؿ‪( :‬اسلتوا نسلت)‪ .‬ىلذا قاؿ ألىل البدع (اسلتوا‬
‫نسلت)‪.‬‬

‫إف ِل تضعوا شبهات لن نرد على تلق الشبهات ِِلَ؟ ألنو ليس ابلضرورة أف تُنشئ أنت الشبهة‪ ،‬فًتد‬
‫عليها‪ ،‬فتجعلها يف َخلد وذىن السامع دوف حاجة إىل ذلق‪ ،‬وللنها لو أُثَتت عند ذلق تتباحث تلق‬
‫الشبهة‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫‪116‬‬
‫قاؿ املُصنّف رمحو هللا‪:‬‬

‫(الناقض التاسع‪ :‬من اعتقد أف بعض الناس يسعو اخلروج عن شريعة دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬كما‬
‫وسع اخلضر اخلروج عن شريعة موسى ‪-‬عليو السالـ‪-‬؛ فهو كافر)‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫على ىذا الناقض‪ِِ ،‬لَ؟ ألف‬ ‫ا‪٠‬تِ ْ‬


‫ضر وا‪٠‬تَضر ‪-‬عليو السالـ‪ ،-‬فَػيُب ُّت الشيخ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ -‬وين‬
‫ىناؾ أُانس ‪٦‬تن ينتسبوف إىل اإلسالـ‪ ،‬ال سيما من غُالة الصوفية‪ ،‬يزعموف ويدللوف على أفعا‪٢‬تم يف‬
‫مناقضة الشريعة أبف لديهم حجة يف ذلق‪ ،‬ما ىي ا‪ٟ‬تجة؟ أف ا‪٠‬تضر ‪-‬عليو السالـ‪ -‬خرج عن شريعة‬
‫موسى‪.‬‬

‫أوال أف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬قاؿ كما يف الصحيحُت‪( :‬وكاف‬
‫قياس مع الفارؽ‪ ،‬إذ أنلم تعلموف ً‬
‫نقوؿ‪ :‬ىذا ٌ‬
‫النيب يُبعث لقومو خاصة‪ ،‬وبُعثت إىل الناس كافة)‪.‬‬

‫فالن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬رسالتو خالدة للناس ‪ٚ‬تيعا‪ ،‬بعرهبم وعجمهم‪ ،‬إبنسهم ِ‬
‫وجنّهم‪ ،‬للناس كافة‪.‬‬ ‫ً‬

‫وقاؿ كما عند أ‪ٛ‬تد‪( :‬لو كاف موسى حيًّا ما وسعو إال أف يتّبعِن) كما قاؿ الن ‪-‬ﷺ‪.-‬‬

‫كذلق ذكر كما يف الصحيحُت‪ ،‬عند نزوؿ عيسى يف آخر الزماف لن ٭تلم إال بشريعة الن ‪-‬ﷺ‪،-‬‬
‫ولن يتقدـ على إماـ ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫لذلق من اللطائف ىا ىنا‪ ،‬ذكر اإلماـ ابن حجر ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف كتابو (اإلصابة يف التمييز بُت‬
‫الصحابة)‪ ،‬ذكر اسم عيسى بن مرمي أنو من أصحاب رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وقاؿ‪( :‬يػُْلغَز بذلق فيُقاؿ‪:‬‬
‫صحايب أفضل من أيب بلر وعمر وعثماف وعلي)‪.‬‬
‫ٌ‬
‫من ىو؟ قاؿ عيسى بن مرمي‪ ،‬كيف ذلق؟ أف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬التقى بو يف حادثة اإلسراء وا‪١‬تعراج‪ ،‬قد‬
‫أيضا‪ ،‬للن نقوؿ‪ :‬أنو التقى بغَته من األنبياء يف حياة الربزخ‪ ،‬أما عيسى‬
‫يقوؿ قائل‪ :‬نعم‪ ،‬التقى بغَته ً‬

‫‪117‬‬
‫فلاف من األحياء كما ذكر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬مث أنو سينزؿ يف آخر الزماف‪ ،‬وسيتّبع الن ‪-‬صلى‬
‫رسوال نبيا‪.‬‬
‫هللا عليو وآلو وسلم‪ ،-‬سيلوف من ‪ٚ‬تلة اجملددين يف ىذه األمة‪ ،‬وليس بصفتو ً‬

‫إذف سيحلم بشريعة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬لذلق ذكر اإلماـ السيوطي ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف منظومتو يف أ‪ٝ‬تاء‬
‫على اسم عيسى بن مرمي ‪-‬عليو السالـ‪.-‬‬ ‫اجملددين‪ ،‬ذكر ون‬

‫إذف لو نزؿ عيسى يف آخر الزماف سيحلم ٔتاذا؟ ْتلم الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وشريعة الن انسخة ‪ٞ‬تميع‬
‫الشرائع قبلها يف ما خالفها‪ ،‬وال أتيت شريعة بعدىا تنسخ شريعة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫أما اللالـ يف موسى وا‪٠‬تضر فيختلف؛ إذ أ مف موسى ‪-‬عليو السالـ‪ِ -‬ل يُبعث إىل ا‪٠‬تضر ‪-‬عليو‬
‫السالـ‪ ،-‬مث إ مف ا‪٠‬تضر ‪-‬عليو السالـ‪ -‬على الصحيح ىو من األنبياء وليس من األولياء ِِلَ؟ ألنو قاؿ‪:‬‬
‫{ َوَما فَػ َعلْتُوُ َع ْن أ َْم ِري}[اللهف‪ ،]ٕٛ :‬إذف ىو عن أمر من؟ عن أمر هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬وليس عن أمر‬
‫نفسو‪.‬‬

‫قسموف العلم‪ ،‬ويقولوف أ مف‬


‫فإذف يُراعى ىذا القيد‪ ،‬وال يلتفت إىل ترىات الصوفية بعد ذلق حينما يُ ّ‬
‫{و َعلم ْمنَاهُ ِمن لم ُد مان ِعل ًْما}[اللهف‪ ]ٙ٘ :‬يشَتوف إىل ذلق‪ ،‬أ مف هللاَ ‪-‬‬
‫اللدين‪ ،‬ويشَتوف‪َ :‬‬
‫عندىم العلم ّ‬
‫ا‪٠‬تضر ‪-‬عليو السالـ‪ -‬من لدنو ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬علما‪ ،‬وىذا العلم ِل يلن اطّلع‬ ‫َ‬ ‫سبحانو وتعاىل‪ -‬علّم‬
‫عليو موسى ‪-‬عليو السالـ‪ ،-‬فيقولوف‪( :‬أنتم تنلروف الظاىر‪ ،‬وللن ‪٨‬تن نتعامل يف الباطن)! فيزعم‬
‫أحدىم أنو يُصلي يف ا‪ٟ‬ترـ‪ ،‬بينما ىو جالس يف بيتو!‬

‫يُن َلر عليو ِِلَ ال تصلي يف ا‪١‬تسجد؟ يقوؿ (أان أُصلي اآلف يف ا‪ٟ‬ترـ)! فيقوؿ ىذا من نظ َِت ما جاء بو‬
‫ا‪٠‬تضر‪ ،‬أنو يفعل األفعاؿ موسى يراىا من ا‪١‬تنلرات وىي ليست كذلق‪ ،‬بل إ مف ا‪٠‬تضر علّمو هللا ‪-‬‬
‫علما ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬فيحتجوف بذلق وأ مف ا‪٠‬تضر خرج على شريعة‬
‫سبحانو وتعاىل‪ -‬من لدنو ً‬
‫موسى!‬

‫نقوؿ‪ :‬أف موسى ِل يُبعث للخضر ‪-‬عليو السالـ‪ ،-‬وإ‪٪‬تا ا‪٠‬تضر ن قد أرسلو هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪،-‬‬
‫وكما جاء عند البخاري أ مف هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬علّم ا‪٠‬تضر ما ِل يُعلّم موسى‪ ،‬وعلّم موسى ما ِل يُعلّم‬
‫ا‪٠‬تضر‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الشاىد‪ :‬أحدىم يفعل ا‪١‬تنلرات من غالة الصوفية كبيع ا‪١‬تخدرات و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬فحينما يُنلر عليو ٭تتج‬
‫بذلق! أنو لرٔتا يفعل كذا وكذا!‬

‫خرج ‪-‬والعياذ ابهلل‪ ،‬ويُذكر ذلق يف كراماهتم‪ ،-‬خرج شيخ من شيوخهم‪ ،‬من شيوخ الطرقية مع بعض‬
‫للمريد‪ُ ( :‬كن بُت يدي شيخق كا‪١‬تيت بُت‬
‫تالمذتو يسموهنا التالميذ ويطلقوف عليهم اب‪١‬تُريدين‪ ،‬ويقولوف ُ‬
‫غس ِلو‪ ،‬إف ٯتينًا فيمُت‪ ،‬إف ً‬
‫مشاال فشماؿ)!‬ ‫يد ُم ّ‬
‫وسخن لو ا‪١‬تاء حىت يغتسل)!‬
‫يقولوف‪( :‬إف دخلت امرأة حسناء على شيخق فاذىب ّ‬

‫أي‪ :‬ال تُنلر عليو‪ ،‬ال تعًتض فتنطرد‪ ،‬ال تنلر عليو ِِلَ؟ ألف موسى أنلر على ا‪٠‬تضر وكاف ا‪ٟ‬تق مع‬
‫موسى!‬

‫نقوؿ‪ :‬ا‪ٟ‬تق مع موسى وا‪٠‬تضر؛ موسى من واجبو كما أوحى هللا إليو يف شريعتو أنو ال يسلت عن‬
‫ا‪١‬تنلرات الظاىرة فينلرىا‪ ،‬وا‪٠‬تضر‪ :‬هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أطْلَ َعو على ما ِل يُطْلِع موسى ‪-‬عليو‬
‫السالـ‪-‬؛ وذلق كاف بوحي من هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪( -‬وما فعلتوُ عن أمري)‪ ،‬وليس كما يتخبط ىؤالء‬
‫ابلرؤى وا‪٠‬تياالت الشيطانية‪.‬‬

‫نقوؿ‪ :‬إ مف شريعة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬تلزـ ا‪ٞ‬تميع‪ ،‬وىي للجميع‪.‬‬

‫رقي مع بعض تالمذتو من ا‪١‬تريدين‪ ،‬فرأى األاتف وىي أُنثى ا‪ٟ‬تمار ‪-‬والعياذ‬‫ُّ‬
‫فإذف خرج ذلق الشيخ الط ّ‬
‫ابهلل‪ -‬وطأ تلق البهيمة‪ ،‬فما كاف من أحد تالمذتو إال أنو أنلر ومضى‪ ،‬واآلخر قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬ال بد أف نرى‬
‫ما ىي حجة الشيخ! (وعلّمناهُ من لدان علما)!!‬

‫فانتظر الشيخ‪ ،‬فلما أتى سألو عن ذلق‪ ،‬فتللم الشيخ أب مف ذلق التلميذ الذي ذىب وأنلر ال خَت‬
‫يرٕتى فيو‪ ،‬قاؿ‪( :‬كنت أُنقذ غري ًقا يف البحر) بذلق الصنيع وبذلق الفعل ‪-‬والعياذ ابهلل‪!-‬‬

‫ىذه ٕتدوهنا يف كراماهتم‪ ،‬كما كتب غَت واحد منهم‪ ،‬فال أُريد أف أُطيل عليلم يف تلق ا‪٠‬تزعبالت‬
‫والشعوذات‪ ،‬وللن من زعم ذلق أنو يسعو ا‪٠‬تروج عن شريعة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬فهو كافر‪ ،‬ىذا من نواقض‬
‫اإلسالـ العشرة اجملمع عليها‪- ،‬والعياذ ابهلل‪ -‬ال يُسمع ألمثاؿ ىؤالء وال يُلتفت ‪٢‬تم‪.‬‬

‫نعم ‪..‬‬

‫‪119‬‬
‫قاؿ املُصنّف رمحو هللا‪:‬‬

‫(الناقض العاشر‪ :‬اإلعراض عن دين هللا تعاىل ال يتعلّمو وال يعمل بو‪ ،‬والدليل قولو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعاىل‪{ :‬ومن أَظْلَم ِمممن ذُّكِر ِِبًي ِ ِ‬
‫ض َع ْنػ َها ۖ إِ مان م َن ال ُْم ْج ِرم َ‬
‫ني‬ ‫ت َربِّو مثُم أَ ْع َر َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫ُمنتَ ِق ُمو َف}[السجدة‪ ،]ٕٕ :‬والفرؽ يف مجيع ىذه النواقض)‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم ىذا ىو الناقض العاشر من نواقض اإلسالـ‪ ،‬وقلنا أف الًتتيب ىذا ال وجو لو‪ ،‬ىذا على قوؿ‪،‬‬
‫والقوؿ الثاين‪ :‬أنو على حسب االشتهار‪ ،‬فيقدـ الشيخ انقض على انقض ليس أف ذلق الناقض أوضح‪،‬‬
‫وليس أف ذلق الناقض شر من اآلخر‪ ،‬بل كل ىاتيق النواقض عظيمة‪ ،‬وكلها ُٮتشى على ا‪١‬ترء منها ومن‬
‫الوقوع فيها إىل غَت ذلق‪ ،‬وللن ىذا الًتتيب ال ُحلم لو وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم‪.‬‬

‫اإلعراض عن دين هللا ابلللية ال يتعلمو وال يعمل بو‪ ،‬ىذا انقض مستقل من نواقض اإلسالـ‪.‬‬

‫إذف يصح أف نتعقب مسألة مانع‪ ،‬الذي ىو من موانع التلفَت وىو ا‪ٞ‬تهل ا‪١‬تعجز كما أسلفنا وبينا يف‬
‫ُ‬
‫(دورة ا‪١‬توانع وشروط وضوابط التلفَت)‪ ،‬يصح أف نُلحق ذلق ا‪١‬تانع هبذا القيد‪ ،‬وىو اإلعراض عن دين‬
‫هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫جهل ىو ىو انقض من نواقض التكفري‪ ،‬كيف‬


‫جهل قد يكوف من موانع التكفري‪ ،‬وىناؾ ٌ‬
‫فهناؾ ٌ‬
‫ذلك؟‬

‫قلنا أف ذلك اْلهل الذي يُعذر بو‪:‬‬

‫ملوـ ِ‬
‫فافهم‬ ‫عجز عن ِ‬
‫التعلم ‪ ...‬إذ كل قادر ٌ‬ ‫وشرطُوُ ٌ‬

‫قلنا وذلك اْلهل يكوف يف بعض األبواب‪ ،‬أما أف يكوف يف الدين كلو‪ ،‬يُعرض عن الدين‪ ،‬ال يتعلم‬
‫الدين وال يعمل بو فهذا انقض مستقل من نواقض اإلسالـ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫وىذا ما يفعلو البعض من الذين سقطوا يف ‪ٛ‬تئة الردة بلل أنواعها وألواهنا وأطيافها‪ُ ،‬٭تتج ‪٢‬تم ويُعتذر‬
‫عنهم أبهنم جهلة!‬

‫نقوؿ‪ :‬ىذا جهلهم من ابب اإلعراض عن دين هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وىذا انقض من نواقض اإلسالـ‬
‫العشرة اليت قررىا شيخ اإلسالـ دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫إذف فهذه بعض النواقض ذكرىا الشيخ ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪ ،-‬و‪٨‬تن قمنا بدوران ابإلشارة إىل بعضها‬
‫كالـ وكالـ‪ ،‬وىذه ا‪١‬تسائل ذات شجوف‪ ،‬وبعضها يبعث على بعض‪ ،‬وللن‬
‫ابلشرح ا‪١‬توجز‪ ،‬وإال ىناؾ ٌ‬
‫عزاؤان أ مف العلماء من السابقُت والالحقُت وا‪١‬تعاصرين قد تللموا حو‪٢‬تا وشرحوىا وبسطوىا‪ ،‬فارجعوا إىل‬
‫مواطن تلق الشروح وذلق اللالـ ا‪١‬تفصل‪.‬‬

‫نعم‪..‬‬

‫قاؿ الشيخ يف ختاـ ىذه النواقض‪:‬‬

‫(وال فرؽ يف مجيع ىذه النواقض بني اهلازؿ‪ ،‬واْلاد‪ ،‬واخلائف‪ ،‬إال املكره‪ ،‬وكلها من‬
‫خطرا‪ ،‬ومن أكثر ما يكوف وقوعا‪ ،‬فينبغي للمسلم أف حيذرىا وُياؼ منها‬
‫أعظم مايكوف ً‬
‫على نفسو‪).‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬بيّػنّا وأشران يف صدر شرحنا ‪٢‬تذه النواقض يف اليوـ األوؿ‪ ،‬يف الدرس األوؿ أ مف العلماء ذكروا‬
‫واختلفوا يف ٖتديد نواقض اإلسالـ هبذه النواقض العشرة‪ ،‬قلنا من ‪ٚ‬تلة ما قلنا أف القوؿ األوؿ‪:‬‬

‫قالوا‪ :‬أ مف ىذه ىي النواقض اجملمع عليها‪ ،‬وىناؾ نواقض كثَتة قد اختلف العلماء فيها‪ ،‬وىي قد تصل‬
‫إىل أكثر من أربعمائة انقض‪ ،‬للن ىذه ىي النواقض اليت أ‪ٚ‬تع العلماء عليها‪ ،‬وذكران أ مف ‪٦‬تن قاؿ ذلق‬
‫الشيخ سليماف بن سحماف ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬كما يف (الدرر السنية)‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫وللن ىذا القوؿ ال يُسلّم لو؛ إذ أ مف نواقض اإلسالـ اجملمع عليها أكثر من ذلق بلثَت‪.‬‬

‫مث ذكران القوؿ الثاين وىو‪ :‬أ مف نواقض اإلسالـ ىذه ىي النواقض العشرة‪ ،‬وبقية النواقض تندرج وتتولد‬
‫عن ىذه النواقض العشرة‪ ،‬وقلنا إف ‪٦‬تن قاؿ هبذا القوؿ ىو الشيخ سليماف العلواف ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬صاحب‬
‫ىذه الرسالة (التبياف يف شرح نواقض اإلسالـ)‪.‬‬

‫على‬ ‫يضا‪ ،‬وقلنا القوؿ األظهر واألرجح وهللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬أعلم يف الن‬
‫وعقبّنا على ىذا القوؿ أ ً‬
‫ىذه النواقض دوف غَتىا‪ ،‬كما قاؿ الشيخ اجملدد دمحم بن عبد الوىاب ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ ،-‬وىو صاحب ىذه‬
‫دوهنا وىو من صنفها‪ ،‬ذكر يف آخرىا ويف ختامها أ مف ىذه النواقض من أشهر وأكثر ما‬
‫الرسالة وىو من ّ‬
‫يلوف وقوعا؛ فلذلق نبّو عليها وح ّذر منها ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا ر‪ٛ‬تة واسعة‪.-‬‬

‫وذكر مسألة وىي‪ :‬أنو ال فرؽ بُت ىذه النواقض أو يف من ارتلب ىذه النواقض بُت ا‪٢‬تازؿ‪ ،‬وا‪ٞ‬تاد‪،‬‬
‫َّلل ِمن بَػ ْع ِد إِميَانِِو‬
‫وا‪٠‬تائف‪ ،‬إال ا‪١‬تلره‪ ،‬إال ا‪١‬تلره‪ ،‬كما استثٌت هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬فقاؿ‪{ :‬من َك َفر ِِب مِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْد ًرا}[النحل‪.]ٔٓٙ :‬‬ ‫ِ‬ ‫إِمال َم ْن أُ ْك ِرَه َوقَػلْبُوُ ُمط َْمئن ِب ِْإلميَاف َولَكن من َش َر َ‬
‫ح ِبلْ ُك ْف ِر َ‬ ‫ِ‬

‫إذف ِل يستث ِن هللا ال ا‪٠‬تائف‪ ،‬وال ا‪٢‬تازؿ‪ ،‬وال ا‪ٞ‬تاد‪ ،‬وال ا‪١‬تازح‪ ،‬وال غَت ىؤالء‪ِ ،‬ل يستث ِن إال ا‪١‬تلره ‪-‬‬
‫ُ‬
‫سبحانو وتعاىل‪.-‬‬

‫مرت معنا يف (دورة الضوابط‪ ،‬ضوابط التلفَت وشروطو وموانعو)‪،‬‬


‫فإذف ليس من موانع التلفَت‪ ،‬وقد ّ‬
‫مازحا‪ ،‬أو جادا‪ ،‬أو خائ ًفا‪ ،‬ليس منها يف شيء‪ ،‬وقد بيّػنّا‬
‫ليس منها أف يلوف مرتلب الناقض ىازًال‪ ،‬أو ً‬
‫وأشران وتللمنا حوؿ مسألة ا‪٠‬تائف‪ ،‬وأنو فرؽ بُت ا‪٠‬تائف وبُت ا‪١‬تلره‪ ،‬وأف اإلكراه عذر وللن ا‪٠‬توؼ‬
‫ُ‬
‫ليس بعذر شرعي‪ ،‬ودللنا على ذلق‪ ،‬فلَتجع لو من شاء يف تلق الدورة ‪.‬‬

‫إذف ال بد من االىتماـ هبذه النواقض ‪ ،‬ومعرفة ىذه النواقض‪ ،‬من أي ابب؟ من ابب‪:‬‬

‫عرفت الشر ال للشر للن ِ‬


‫لتوقيو ‪ ...‬ومن ال يعرؼ الشر من ا‪٠‬تَت يقع فيو‬

‫وال بد أف ‪٨‬تذر الناس‪ ،‬من أىالينا‪ ،‬من إخواننا‪ ،‬من أصحابنا‪ ،‬من أحبابنا‪٦ ،‬تن ىو حولنا‪ ،‬من غَتىم‪،‬‬
‫‪٨‬تذرىم من ىذه النواقض؛ ألف أىل السنة وا‪ٞ‬تماعة كما قاؿ شيخ االسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ :-‬ىم‬
‫خَت الناس للناس‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ٖتب ا‪٠‬تَت للغَت‪ ،‬كما أنق ٖتب ذلق لنفسق‪ ،‬كما جاء يف الصحيحُت‪ ،‬فعليق أف ٖتب ذلق لغَتؾ‪،‬‬

‫فلما أنق ٖتاذر‪ ،‬وٗتاؼ على نفسق أف تقع يف أحد ىذه النواقض‪ ،‬كذلق عليق أف ٗتاؼ على‬
‫غَتؾ ‪٦‬تن حولق أو من عامة ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫الشراّح ‪-‬ر‪ٛ‬تهم هللا‪ ،-‬ومنهم شيخ اإلسالـ ابن تيمية ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪ -‬يف ذلق ا‪ٟ‬تديث‬
‫كما ذكر بعض ُّ‬
‫الذي أشران إليو آنفا‪( :‬ال يؤمن أحدكم حَّت حيب ألخيو ما حيب لنفسو)‪ ،‬وقاؿ الن ‪-‬ﷺ‪ -‬يف مسألة‬
‫أف ٖتب ألخيق ما ٖتب لنفسق‪ ،‬قاؿ «فيما معناه» كذلق ‪٬‬تب عليق أف تُبغض ألخيق ما تبغضو‬
‫لنفسق‪ ،‬أف تلره ألخيق ما تلرىو لنفسق‪.‬‬

‫وكلنا ذلق الرجل الذي يلره أف يقع يف أحد ىذه النواقض‪ ،‬كما جاء يف الصحيحُت عن رسوؿ هللا ‪-‬‬
‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬ال ‪٬‬تد ا‪١‬ترء حالوة اإلٯتاف إال هبذه الثالثة‪ ،‬وما ىذه الثالثة؟ ذكر منها الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ :-‬أف ُ٭تب‬
‫هللا ورسولو أكثر ‪٦‬تا سوا‪٫‬تا‪ ،‬أف ٭تب ا‪١‬ترء ال ٭تبو إال هلل‪ ،‬وأف يلره أف يعود إىل اللفر كما يلره أف‬
‫يقذؼ يف النار‪.‬‬

‫أعاذان هللا وإايكم من النار‪ ،‬ومن أسباب النار‪ ،‬ومن تلق األسباب‪ ،‬وعلى رأس تلق األسباب‪ :‬اللفر‬
‫والشرؾ ‪-‬والعياذ ابهلل‪.-‬‬

‫ىذه دورة ‪٥‬تتصرة يف شرح ىذا ا‪١‬تنت ا‪١‬تختصر‪ ،‬وما كاف فيها من توفيق وسداد فهو من رب العباد ‪-‬‬
‫سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وما كاف فيها من تقصَت وخطأ كما قاؿ العالمة ابن القيم ‪-‬ر‪ٛ‬تو هللا‪( :-‬فذلق من‬
‫طبيعة البشر)‪ ،‬فذلق من طبيعة البشر‪ ،‬وما ندعي ألنفسنا العصمة‪ ،‬وللن نُس ّدد ونُقارب‪.‬‬

‫وهللا سبحانو وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫(أسئلة اْلضور)‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬قلتم ال َيوز أتخري البياف عن وقت اْلاجة‪ ،‬فهل من شرح مبس‪.‬؟‬

‫اإلجابة‪ :‬ىذه قاعدة شرعية ذكرىا بعض أىل االصوؿ‪ ،‬أنو ال ‪٬‬توز أتخَت البياف عن وقت ا‪ٟ‬تاجة‪ ،‬ما‬
‫معٌت ذلق؟ تُراعى ىذه القاعدة من وجهُت‪:‬‬

‫الوجو األوؿ‪ :‬أنو إذا فُعِ َل شيء‪ ،‬أو قاؿ قائل ً‬


‫قوال يف حضرة الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬ويف زمن التشريع‪ ،‬والن ‪-‬‬
‫ىذا القوؿ أو ذلق الفعل‪ ،‬فيؤخذ منو إقرار‬ ‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ِ -‬ل يُنلر على ذلق الرجل‪ ،‬أو على ذلق الشخ‬
‫الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬لذلق الفعل‪ِِ ..‬لَ؟ ألنو ال ‪٬‬توز أتخَت البياف عن وقت ا‪ٟ‬تاجة‪.‬‬

‫لو كاف ذلق الفعل ُمنلرا‪ ،‬أو لو كاف ذلق القوؿ ُمنلرا‪ ،‬ألنلره الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬كيف وىو الذي يقوؿ‪:‬‬
‫منكرا فليغريه بيده‪ ،‬فإف مل يستطع فبلسانو‪ ،‬فاف مل يستطع فبقلو‪ ،‬وذلك أضعف‬
‫(من رأى منكم ً‬
‫غَته أبعاله ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬ ‫اإلمياف)‪ ،‬وحاشا الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬أف يُ ّ‬
‫غَت ا‪١‬تنلر أبضعف اإلٯتاف‪ ،‬بل يُ ّ‬

‫فإذف الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬إذا حدث أمامو حدث وِل يُنلره فهذا يدؿ على إقراره‪ ،‬وىذه مسألة أُصولية‪ ،‬من‬
‫حيث التأصيل والتقعيد لألدلة الشرعية‪ ،‬فإف األصوليُت يًت‪ٚ‬توف ويشرحوف السنة أبهنا كل ما جاء عن‬
‫رسوؿ هللا ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ -‬من قوؿ أو فعل أو تقرير بعد البعثة‪.‬‬

‫إذف من ‪ٚ‬تلة تقارير الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ :-‬أف يقاؿ القوؿ أو يفعل الفعل وال ي ِ‬
‫نل ُرهُ‪ ،‬فهذا يؤخذ منو اإلابحة أو‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اللراىة على حسب‪ ،‬أنو ِل يُنلر ذلق الفعل الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪.-‬‬

‫منلرا ٭تتاج إىل تبيُت الن ‪-‬صلى هللا عليو‬


‫فيُقاؿ‪ :‬ال ‪٬‬توز أتخَت البياف عن وقت ا‪ٟ‬تاجة‪ ،‬ولو كاف ىذا ً‬
‫وسلم‪ -‬لبيّنو يف ا‪ٟ‬تاؿ‪ ،‬وِل يتأخر الن ‪-‬ﷺ‪ -‬ابلبياف‪ .‬ىذا من وجو‪.‬‬

‫كذلق من وجو آخر‪ :‬أ مف العاِل‪ ،‬أو الداعية‪ ،‬أو اللاتب‪ ،‬أو من قرر مسألة من ا‪١‬تسائل إذا كاف يتعلق‬
‫هبا أبمر قد تُفهم على خالؼ ذلق فهو ال ‪٬‬توز لو أف يسلت ويؤخر البياف عن وقت ا‪ٟ‬تاجة‪ ،‬بل عليو‬

‫‪114‬‬
‫أف يقرر ما يتعلق هبذه ا‪١‬تسألة يف ذات اجمللس‪ِِ ،‬لَ؟ حىت ال يُؤخذ سلوتو وعدـ إنلاره حجة أو ‪٨‬تو‬
‫ذلق‪ ،‬أو يؤخذ منو أنو يقوؿ ّتواز ذلق‪ ،‬فإذف ال ‪٬‬توز أتخَت البياف عن وقت ا‪ٟ‬تاجة‪.‬‬

‫أ ًوال‪ :‬قلنا يؤخذ منو ا‪١‬تسائل اليت أقرىا الن ‪-‬ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وتندرج ٖتت اإلقرار‪.‬‬

‫اثنيًا‪ :‬أهنا حلم شرعي على كل من علم مسألة وعلّمها‪ ،‬أف يذكر متعلقات ا‪١‬تسألة إذا أُسيء فهم‬
‫وجواب أف‬
‫ا‪١‬تسألة‪ ،‬أو تعلق ببعض األذىاف ما يناقض تلق ا‪١‬تسألة‪ ،‬أو ما يعلر صفو تلق ا‪١‬تسألة‪ ،‬فعليو ً‬
‫يبُت ما يتعلق بذلق‪.‬‬

‫يقوؿ السائل‪ :‬إذا مل يستث ِن هللا عز وجل إال املُكره‪ ،‬فكيف جعل اخلطأ واْلهل املُ ِ‬
‫عجز والتأويل‬
‫املُستساغ من موانع التكفري؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نقوؿ‪ :‬ال ‪٬‬توز اللفر إال يف ىذه ا‪ٟ‬تالة اليت ذكرىا هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪٬ ،-‬توز اللفر ً‬
‫ظاىرا‪،‬‬
‫مىت؟ يف حالة اإلكراه فقط‪ ،‬أما ا‪١‬تخطئ فهو ِل يتعمد‪ِ ،‬ل يقصد العمل ا‪١‬تل ّفر‪ ،‬ىو ِل يقصد‪ ،‬أما ا‪١‬تلره‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جوزه هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪-‬‬
‫فقد قصد ىذا القوؿ ا‪١‬تُل ّفر والعمل ا‪١‬تُل ّفر ٖتت طائل اإلكراه‪ ،‬وىذا قد ّ‬
‫ظاىرا ال ابطنًا ٖتت وطأة اإلكراه‪.‬‬
‫ً‬
‫أتويال‬
‫تأوؿ ً‬ ‫مثال‪ ،‬فهو ِل يتعمد القوؿ ا‪١‬تُل ّفر‪ ،‬أو الفعل ا‪١‬تُل ّفر‪ ،‬كذلق يُقاؿ يف حق ا‪١‬تُ ّ‬
‫أما ا‪١‬تخطئ ً‬
‫أتوؿ أف ىذا الفعل ليس من ا‪١‬تل ّفرات يف شيء بدليل كذا وكذا‪ ،‬وذكران شروط التأويل‬ ‫ُمستسا ًغا‪ ،‬ىو ّ‬
‫ُ‬
‫مىت يُقبل التأويل ومىت ال يُقبل التأويل‪ ،‬كذا قلنا يف ا‪ٞ‬تهل‪ ،‬كذا يف التأويل‪ ،‬كذا يف ا‪٠‬تطأ‪.‬‬

‫قوال من ا‪١‬تل ّفرات‪ ،‬للن ىو ليس من أصوؿ الدين الواضحات‪ ،‬وصدر‬


‫فعال أو ً‬
‫ا‪ٞ‬تهل قلنا أف يرتلب ً‬
‫ُ‬
‫ىذا الفعل عن ماذا؟ عن جهلو ‪ٟ‬تداثة عهده ابإلسالـ‪ ،‬أو ابللفر‪ ،‬يصح أف تقوؿ ذلق‪ ،‬ويصح أف‬
‫مثال‪ :‬إنساف أسلم حديثًا‪ ،‬وأنلر وجحد‬
‫تقوؿ ذاؾ‪ ،‬وأو أف يلوف ببادية بعيدة أو ‪٨‬تو ذلق‪ ،‬فهذا ‪١‬تا ً‬
‫وجوب الصالة‪ ،‬ىذا ُك ْفر ابإل‪ٚ‬تاع‪ ،‬وللنو ىو ِل يعلم أف إنلار وجوب الصالة من ا‪١‬تل ّفرات‪ ،‬ىو ابلتّو‬
‫ُ‬
‫أسلم‪ ،‬وىو بعيد عن أىل اإلسالـ أف يُف ّقهوه و‪٨‬تو ذلق‪ ،‬وللنو على التوحيد‪ ،‬فهنا يُ ّبُت لو ويُعلّم تلق‬
‫ا‪١‬تسائل‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫فنقوؿ‪ :‬ىؤالء ُكلهم الذين ُع ِذ ُروا ىم ما قصدوا القوؿ ا‪١‬تل ّفر‪ ،‬سواء ِل يقصدوه حقيقةً‪ ،‬أو ِل يقصدوه‬
‫ُ‬
‫ُح ْل ًما‪.‬‬

‫ظاىرا ٖتت وطأة اإلكراه‪ ،‬وقد أجاز هللا ‪-‬سبحانو‬ ‫وأما ا‪١‬تُلره‪ ،‬فقصد القوؿ ا‪١‬تُل ّفر‪ ،‬أو الفعل ا‪١‬تُل ّفر ً‬
‫وتعاىل‪ -‬لو ذلق؛ فال يُقاس عليو غَته‪ ،‬أنو شخ يرى أنو من مصلحة الدعوة أف يفعل ىذا الفعل‬
‫لره‪.‬‬‫ا‪١‬تُل ّفر‪ ،‬ال‪٬‬توز لو ذلق‪ ،‬هللا ِل يستث ِن إال ا‪١‬تُ َ‬
‫رأى أنو من الضرورة أنو يرتلب ىذا الفعل ا‪١‬تل ّفر‪ ،‬ال ‪٬‬توز لو ذلق‪ِِ ،‬لَ؟ هللا ِل يستث ِن إال ا‪١‬تلره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ا‪٠‬تائف؟ هللا ِل يستث ِن إال ا‪١‬تلره‪ ،‬وىلذا‪..‬‬
‫ُ‬

‫وهللا سبحانو وتعاىل أعلم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬وجزاكم هللا خَتا‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫َُتم ِحبَ ْم ِد هللا‪..‬‬

‫ال تنسوان من صاحل الدعاء‪،‬‬

‫وجزى هللا من يُساىم يف نشره خري اْلزاء‪.‬‬

‫‪ 8‬ذو القعدة‪ 9341 ،‬ىػ‪.‬‬

‫‪117‬‬

You might also like