Professional Documents
Culture Documents
تفريغ سلسلة شرح نواقض الإسلام
تفريغ سلسلة شرح نواقض الإسلام
لإلماـ:
٘ٔٔٔ – ٕٔٓٙىػ
ٗٓٗٔ – ٖٔٗٛىػ
ألقاىا الشيخ -تقبّلوُ هللا -يف مسجد الرابط ٔتدينة ِس ْرت اللّيبيّة.
2
ملحوظة :ما بُت « » ليس من كالـ ا١ت ِ
حاضر -تقبلو هللا.-
ُ
3
الدرس األوؿ
تعلموف أف الطهارة تنقسم إىل قسمُت :طهارة كربى ،وطهارة صغرى ،ونعٍت ابلطهارة الصغرى؛ ىي اليت
تتعلق ابٟتدث ،سواء كاف منو األكرب أو األصغر ،وأما الطهارة اللربى فنعٍت هبا اإلسالـ ،نعٍت هبا
طهرهُ ماء
التوحيد ،نعٍت هبا اإلٯتاف ،ىذه ىي الطهارة اللربى الذي من خرقها ال يغسلو ماء البحر ،ال يُ ّ
عمن نقضها{ :إِ مَّنَا ال ُْم ْش ِرُكو َف
البحر؛ إال ابلعودة إىل اإلسالـ ،الطهارة اللربى اليت قاؿ هللا تعاىل ّ
س}[التوبة ،]ٕٛ :فا١تشرؾ مهما اغتسل ،مهما توضأ ،ىو بن ّ القرآف َ٧تَس ،كذلق قاؿ الن -ﷺ- ََنَ ٌ
ُ
كما يف اٟتديث الذي أخرجاه يف الصحيحُت من حديث أيب ىريرة -هنع هللا يضر وأرضاه -أف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص-
قاؿ( :املؤمن طاىر ال يَػ ْن ُجس) ،ويف رواية( :إ مف املسلم طاىر ال يَػ ْن ُجس) «أو كما قاؿ الن ﷺ»؛
فا١تسلم طاىر وإف ارتلب بعض نواقض الطهارة الصغرى سواء كانت من قبيل اٟتدث األصغر أو
األكرب ،إال أنو هبذا ا١تعٌت إال أنو يندرج ٖتت الطهارة اللربى اليت سنُدندف حو٢تا إف شاء هللا –سبحانو
وتعاىل -يف ىذه الدورة.
أما الطهارة الصغرى فتجدوف أف أكثر الناس يف أغلب الداير اإلسالمية أو الدوؿ اليت يقطنها ا١تسلموف
يعلفوف ويرددوف ولرٔتا ٭تفظوف نواقض الطهارة الصغرى وىذا أمر حسن ،أمر ٤تمود ،أمر طيب ،وللن
ىناؾ مهم وىناؾ أىمٕ ،تدىم يعلموف نواقض الوضوء ولرٔتا ال ٗتفى على أحد ،فنحن لو سألنا أحد
مثال ..أنت اي أٛتد ،ما ىي نواقض الوضوء؟
اٟتضور ً
4
يقوؿ :ا٠تارج من السبيلُت ،والنوـ العميق أو ا١تستغرؽ ،ىذه اجملمع عليها بُت أىل العلم ،وٕتدوف أف
صغار ا١تسلمُت ٭تفظوف ىذه النواقض نواقض الوضوء ،ونواقض الوضوء منها ا١تجمع عليو ومنها
ُ
ا١تختلف فيو ،فهناؾ اجملمع عليو وكما قاؿ -ابرؾ هللا فيو :-ا٠تارج من السبيلُت ،من بوؿ وغائط ومن
ُ
س الرجل
ريح وغَت ذلق ،وكذا النوـ الطويل ا١تستغرؽ اللثَت ،وىناؾ نواقض للوضوء ُ٥تتلف فيهاَ ،ك َم ّ
مس ا١ترأة سواء بشهوة أو بغَت شهوة ..ىذه مسائل
لذكره ،وكأكل ٟتم اٞتزور (ٟتم اإلبل) ،كذلق ّ
خالفيّة اختلف فيها الفقهاء ىل ىي من نواقض الوضوء أـ ال.
فإذف ،نواقض الوضوء ،نواقض الطهارة الصغرى اللل يتذاكر فيها ويتدارس حو٢تا ويتعلمها ولرٔتا ٭تفظها
ويستظهر أدلة ىذه ا١تسائل ،للنو لو تسأؿ البعض عن نواقض الطهارة اللربى اليت ىي اإلسالـ ،اليت
ىي التوحيد ،لرٔتا عرؼ بعض وجهل األكثر وال حوؿ وال قوة إال ابهلل.
مع أف ىذه أىم من تلق ،وىي أعظم ،واألحلاـ ا١تًتتبة عليها أعظم وأكرب ،سواء كانت األحلاـ
الدنيوية أـ األحلاـ األخروية ،فال بد إذف أننا كما نراعي مسألة الطهارة الصغرى ّتوانبها ا١تتعلقة
ابٟتدث أو برفع اٟتدث األصغر أو األكرب ،كذلق هنتم بل هنتم أكثر من ذلق فيما يتعلق ابلطهارة
اللربى ،ما يتعلق برأس األمر أال وىو اإلسالـ.
ال بد أف نتعلم نواقض اإلسالـ ،نتعلم ما ٮترـ اإلسالـ ،نتعلم ما يتعلق بصحة اإلسالـ من عدمو ،كما
جاء يف اٟتديث الذي أخرجاه يف الصحيحُت من حديث حذيفة بن اليماف -هنع هللا يضر وأرضاه -أنو قاؿ:
(كاف الناس يسألوف رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -عن ا٠تَت ،وكنت أسألو عن الشرِِ )...لَ؟ (٥تافة أف يُدركٍت)
ٮتاؼ أف يقع يف ىذا الشر ،وأعظم الشر ىو الشرؾ ،أعظم الشر ىو اللفر ،فال بد على ا١تسلم ،على
ا١توحد ،على ا١تؤمن ،أف يتعلم ذلق حىت ال يقع فيو وىو يعلم أو ال يعلم.
5
عمد فصنّف يف نواقض اإلسالـ ،وأٝتاىا ابلنواقض العشرة،
الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللاَ -
ومقتصرة على ىذه العشرة اليت ع ّددىا الشيخ -رمحو هللا-؟
وللن ىل نواقض اإلسالـ ُمنحصرة ُ
نقوؿ :إف نواقض اإلسالـ كثَتة ،بل أوصلها بعض العلماء كالشافعية ،فيما نقلو عنهم الشيخ العالمة
سليماف بن سحماف ،كما يف (الدرر السنية ،اجمللد الثاين ،صفحة ٓ )ٖٙأوصل تلق النواقض إىل أكثر
من أربعمائة انقض ،أربعمائة انقض لإلسالـ؛ إذف فليف أف الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا-
قاؿ( :اعلم أف نواقض اإلسالـ )...وع ّدد ىذه العشرة؟ كيف حصر ىذه النواقض اللثَتة اليت ىي كما
بلغلم أكثر من أربعمائة انقض ،حصرىا يف عشرة نواقض؟
بعض العلماء كالشيخ سليماف بن سحماف ،قاؿ أبف ىذه ىي النواقض ا١تجمع عليها ،وما دوف ذلق
ُ
من نواقض قد اختلف العلماء فيها؛ كما أسلفنا أف يف نواقض الوضوء ىناؾ نواقض متفق عليها٣ُ ،تمع
عليها ،وىناؾ نواقض ُ٥تتلف فيها ،كذلق يف نواقض اإلسالـ ىناؾ نواقض ٣تمع عليها بُت العلماء
ٚتيعا ،وىناؾ نواقض قد اختلف العلماء فيها ،وللن ىذا القوؿ ال يُسلّم لو ،وىو قد ذكره الشيخ
ً
سليماف بن سحماف يف ا١تصدر اآلنف أال وىو (الدرر السنية ،اجمللد الثاين ،صفحة ٓ،)ٖٙ
وللن لو تتبعنا النواقض اجملمع عليها سنجد تلق النواقض أكثر من عشرة ،ىي أكثر من ذلق اليت أٚتع
ٚتيعا -عليها.
العلماء -رٛتهم هللا ً
إذف ىناؾ قوؿ آخر يف ىذه ا١تسألة ،أال وىو ما ذكره الشيخ العالمة شيخنا سليماف العلواف -حفظو
هللا -يف بداية شرحو للنواقض قاؿ( :ىذه النواقض العشرة ،وىناؾ نواقض كثَتة ٦تا ذكرىا العلماء يف
أبواب الردة من كتبهم ،وللن تلق النواقض أو تلق ا١تناطات تندرج ٖتت أحد ىذه النواقض العشرة)،
أي تتفرع عن ىذه النواقض ،تتولّد عن ىذه النواقض؛ فهذه النواقض ىي العشرة الرئيسية وىناؾ نواقض
تندرج ٖتت ىذه النواقض .وىذا قوؿ يف ا١تسألة.
وىناؾ قوؿ اثلث ،ولعلو األظهر واألرجح أال وىو :أف ىذه النواقض ىي اليت اشتهرت يف عصر شيخ
ٖتذيرا لألمة عن أف
ً ونوه عليها ،وذكرىا ابلتخصي اإلسالـ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا -لذلق نبّو ّ
تقع فيها ،لذلق ال ينبغي على الداعية أف يلوف ىو يف و ٍاد واألمة ٔتشاكلها ومصائبها وواقعها يف و ٍاد
6
آخر ،بل عليو أف يتللم يف مصائب عصره ،يتللم يف الفنت اليت ٖتدث يف زمانو ،كذلق اليت ٖتدث يف
ِ ِ
ك ْاألَقػ َْربِ َ
ني}[الشعراء.]ٕٔٗ : ريتَ َ
ملانو ،يف أىل بلده؛ إذ أف األقربُت أوؿ اب١تعروؼ { َوأَنذ ْر َعش َ
اشتهارا يف
انتشارا و ً
ً إذف؛ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا -خ ّ ىذه النواقض ابلذكر ألهنا أكثر
زمنو ،وىو ىو -رٛتو هللا -نبّو على ذلق يف آخر ىذه النواقض وذكر أهنا -أف ىذه النواقض -من أكثر
وقوعا يف ختاـ ىذه النواقض.
ما يلوف ً
جدا بُت الناس ،لذلق ٬تدر أف يُنبّو عليها٬ ،تدر على الداعي أف
إذف ىذه النواقض العشرة ىي مشتهرة ً
و٭ت ّذر منها ،حىت ال يقع الناس فيها وال حوؿ وال قوة إال ابهلل.
يُنبّو ُ
ال تنخدعوا وال تعجبوا حينما تسمعوف أف الشيخ فالف بن فالف من مرجئة العصر ذىب ورحل إىل بلد
كذا ،وأوؿ ا١تتوف اليت شرحها ىو النواقض العشرة ،مث ذىب ورحل إىل تلق ا١تنطقة وِل يشرح كتب الفقو
تقييدا ٢تذه النواقض، ِ
ع إىل شرح نواقض اإلسالـ! ِلَ يفعلوف ذلق!؟ ً وال بعض كتب العقيدة ،وإ٪تا فَػَز َ
أوال أف ٬تحد ،مث
للي يضعوا العراقيل دوف ىذه النواقض اليت ما أنزؿ هللا هبا من سلطاف ،ال بد ً
ِ
يستحل ،مث يزعم أنو من عند هللا ،مث كذا وكذا وكذا ...اليت ىي إبليس ما وقع فيها ،إبليس ما وقع فيها
كما سنأيت على ذكر بعض النواقض.
إذف ىم يعمدوف إىل ىذه النواقض ابلشرح ليس للشرح أو التدريس ،وإ٪تا للتلبيس والتدليس على الناس؛
لذلق إذا عرفت ذلق فال تعجب إذ أنو إذا عُ ِر َ
ؼ السبب بَطُ َل العجب.
7
أنو انفع يف اببو ،كذلق من الشروح اليت ُو ِض َعت على ىذه النواقض ،وىي انفعة يف ابهبا :شرح الشيخ:
عبد العزيز الطريفي –حفظو هللا -الذي ىو بعنواف( :اإلعالـ بتوضيح نواقض اإلسالـ).
إذف ىذه بعض اللتب اليت يرجع إليها طالب العلم إف شاء ذلق وأراد ذلق.
قبل أف نقف مع ىذه النواقض ونشَت إليها إشارات عابرات ،ال بد من ذكر ُمصنّف ىذه النواقض
ببعض الًتٚتة ،أو نتطرؽ إىل بعض ما جاء يف سَتتو العطرة -رٛتو هللا رٛتة واسعة ،-ال سيما أف ىذا
األولُت من اللالـ فيهم ،سواء كانوا من األنبياء وا١ترسلُت أو من الصاٟتُتالرجل قد انلو ما انؿ ّ
والصديقُت أو من اجملاىدين والشهداء وغَتىم ..الذين تُ ُللِّ َم فيهم وىم ما عاشوا إال على ىذا الدين،
وما ماتوا إال يف نصرة ىذا الدين -كما ٨تسبهم وهللا حسيبهم.-
تلهنا
قيل إف اإللو ذو ولد ...قيل إف الرسوؿ قد ّ
فإذف ،ا١تصلحوف واجملاىدوف والعلماء الرابنيوف يُتللّم فيهم ويُطعن فيهم ويُثلب فيهم ويُل َذب عليهم
ويُفًتى ويُرموف ابلبهتاف ،فال بد من التمحي ،ال بد من النظر ،ال بد من التحقيق يف سَتىم -رٛتهم
هللا -حىت ال ينخدع ا١تسلم ببعض األقاويل اليت تصد عن االستفادة من ىذا العاِل أو ذاؾ العاِل.
8
حملة عن سرية الشيخ دمحم بن عبد الوىاب:
الشيخ دمحم بن عبد الوىاب بن سليماف بن علي التميمي -رٛتو هللاُ -ولِ َد يف عاـ ٘ٔٔٔ للهجرة ،ولد
يف العُيينة وىي إحدى القرى من قرى ٧تد ا١تشهورة ،ولد يف أىل بيت من الصلحاء والعلماء ،ج ّده ىو
ا١تربزين ا١تق ّدمُت من
الشيخ :سليماف بن علي التميمي وىو رأس من رؤوس اٟتنابلة يف زمنو ،ىو من ّ
علماء اٟتنابلة يف ذلق العهد.
أيضا من العلماء ،وىو قاضي مدينتو ،يقضي فيهم بلتاب هللا وبسنة
أبوه وىو الشيخ عبد الوىاب ً
رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-وورث العلم والقضاء ٦تن؟ من أبيو الشيخ سليماف.
فال تعجب بعد ذلق أف ُٮترج هللا من أصالهبم الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا رٛتة واسعة -إذ
ىو من أىل بيت مباركُت ،أخوه من العلماء ،خالو من العلماء ،أبوه من العلماء ،جده من العلماء،
وىلذا.
فهذا االبن النجيب كاف يفتح على أبيو يف بعض ا١تسائل ويف بعض العلوـ.
كذلق ٦تن درس عليهم يف بداايتو :درس على يد الشيخ :عبد الرٛتن بن أٛتد ،وىو من علماء ٧تد،
أيضا من أىل ٤تلتو.
حساف التميمي ،وىو ً
كذلق درس على الشيخّ :
مث ِل ِ
يلتف هبذا القدر ،بل رحل وسافر يف طلب العلم والدعوة ،وما من عاِل إال ولو رحلة يف طلب
العلم -إال ما شاء هللا.-
9
حاجا للبيت ،مث علف على بعض الشيوخ ىنالق وأخذ عنهم العلم ،مث رحل إىل ا١تدينة
رحل إىل ملة ً
مدينة الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -طالبًا للعلم ،فدرس على بعض شيوخها الالمعُت وقتئذ ،كالشيخ :دمحم السندي ،دمحم
بن حياة السندي -رٛتو هللا ،-وكذلق أخذ على الشيخ :عبد هللا بن إبراىيم الشمري ا١تدين -رٛتو هللا-
،درس عليو واستفاد منو ،مث انتقل وعاد إىل أرضو.
إىل البصرة واستفاد من علمائها وعلى رأسهم أنو أخذ من الشيخ: أيضا رحل إىل العراؽ ،وابألخ
مث ً
دمحم اجملموعي -رٛتو هللا -واستفاد منو.
وِل ِ
يلتف يف رحالتو العلمية أنو أيخذ دوف أف يعطي ٦تا وىبو هللا -سبحانو وتعاىل -وفتح عليو من
آمرا اب١تعروؼ انىيًا عن ا١تنلر ،ال سيما يف ا١تسائل اليت تتعلق بشرؾ القبور وما ىو
العلوـ الشرعيةً ،
منتشر آنذاؾ ،فلما رأوه يف البصرة يُنلر ويُش ّدد النلَت على بعض الشركيات واللفرايت؛ ألّبوا عليو
اجعا إىل بلده.
واجتمعوا عليو حىت طردوه ،وخرج -رٛتو هللا -من البصرة ر ً
يف الطريق انتهى عنو الزاد ،وليس معو ماء ،كاد أف ٯتوت من العطش -رٛتو هللا ،-حىت سخر هللا -
الزبَت من أرض العراؽ،
سبحانو وتعاىل -من أيتيو اب١تاء و٭تملو على ٛتاره وأوصلو إىل بلدتو وىي ُّ
فملث فيها وقتًا مث عاد أدراجو ،إىل أين؟ إىل األحساء.
واستظهر أبرز اعتقادات السلف يف عامة ا١تسائل ،أال ١تا عاد إىل ٧تد علف على كتب السلف٠ ،تّ
وىو :الشيخ ابن تيمية -رٛتو هللا -شيخ اإلسالـ ،وكذلق تلميذه النجيب ابن قيم اٞتوزية -رٛتهم هللا-
،ىؤالء استخلصوا ما عند السلف -رٛتهم هللا -يف ٣تمل مسائل االعتقاد ،الشيخ دمحم بن عبد الوىاب
-رٛتو هللا -علف على كتب ىذين اإلمامُت اٞتليلُت -رٛتهم هللا.-
و١تا كاف ىو يعيش يف بيئة منتشر فيها الشرؾ بلل أنواعو ،وليس فقط الشرؾ من ذبح ،ودعاء لغَت هللا،
واستغاثة بغَت هللا ،وطواؼ ابلقبور؛ ليس فقط الشرؾ بل حىت الفواحش ما ظهر منها وما بطن ،الفجور
والسفور والسرقات وقطع الطريق ،إىل غَت ذلق.
11
كاف اإلنساف إذا يعلف على ىذه اللتبُ ،٭ت مذر منو ولرٔتا يُضيّق عليو أو يُ َ
سجن أو يُقتل ،إىل غَت
تسور البعض على داره أرادوا أف يقتلوه وللن هللا ٧تّاه وسلّمو.
ذلق ،كما حصل للشيخ يف بداية أايموّ ،
الشيخ ١تا كاف يعلف على ىذه اللتب ،يعلف عليها بسريّة ،حىت قيل أنو كاف ُٯتّزؽ الغالؼ ،غالؼ
اللتب حىت ال يعلم الناس أنو يقرأ ١تن؟ لشيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا ،-يقرأ ١تن؟ لإلماـ ابن القيم
-رٛتو هللا ،-كانوا ُ٭ت ّذروف من ىؤالء ،كانوا يَ ْستَػ ْع ُدوف على من يقرأ ٢تؤالء ،واألايـ دوؿ ،وما أشبو الليلة
عامة شباب الصحوة ا١تباركة اإلسالمية الصحيحة حينما يعمدوف إىل قراءة بعض
ابلبارحة! ٕتد أف ّ
ُ
عامة الناس؛ ألف أغلب الناس ُ٭ت ّذر من ىؤالء
اللتب للعلماء الرابنيُتُ ،ٮتفوف ىذه اللتب عن أنظار ّ
األجالء -رٛتهم هللا.-
العلماء ّ
و١تا كنت يف بعض الدوؿ أدرس يف بعض جامعاهتا ،كنا مع بعض الشباب الذين ٨تسبهم على خَت،
األجالء ،كنا نضع عليها بعض
ا٠تَتة من كتب علمائنا ّ
حينما نتبادؿ تلق اللتب الالمعة الساطعة ّ
العناوين ا١تختلفة َكغِالؼ ،كأف نضع عليها شرح لألجرومية ً
مثال ،أو شرح على ألفية ابن مالق يف
النحو ،أو قطر الندى ...إىل غَت ذلق من كتب النحو اليت ال يعارضها أحد من الناس كائنًا من كاف،
مهما اختلفت مشارهبم ،آراؤىم ،توجهاهتم ،إىل غَت ذلق.
الشيخ دمحم كاف بسبب التضييق عليو -رٛتو هللا -يعمد إىل ذلق ،فيقرأ ىذه اللتب ويستقي منها العلم
سرا ،مث بعد ذلق أعلن وجهر بدعوتو يف بلده يف ٧تد ،ال سيما بعد وفاة والده الذي ىو الصايف ا٠تال
الشيخ عبد الوىاب ،إذ أنو كاف يُنلر عليو بعض الشدة اليت ٬تدىا فيو يف إنلاره على الناس.
فالشيخ دمحم -رٛتو هللا -بدأ ابإلنلار على الناس ،واألمر اب١تعروؼ والنهي عن ا١تنلر ،والصدع ابٟتق،
والصرح ابلتوحيد ،إىل آخر ذلق ..إىل أف تلونت عنده ٣تموعة من الطلبة الذين يناصرونو على ذلق،
يتربؾ هبا الناس ،ويدعوهنا من دوف هللا -سبحانو
فسعى إىل إنلار ا١تنلر ابليد ،فعمد إىل األشجار اليت ّ
وتعاىل ،-كما يفعل بعض النسوة آنذاؾ ،يعمدوف إىل بعض الفحوؿ من النخيل ويقولوف( :اي فحل
ويتربكوف هبا من دوف هللا.
زوجا قبل اٟتوؿ) -والعياذ ابهلل ،-ويدعوهنا من دوف هللاّ ،
الفحوؿ ،ارزقنا ً
11
تُدعى من دوف هللا ،ويُطاؼ هبا من دوف هللا ،ويُستغاث هبا ويُذبح ٢تا من دوف هللا -سبحانو وتعاىل،-
نفعا وال ضرا بعد موهتم ،أو
سواء كانت تلق القبور لبعض الصاٟتُت الذين ال ٯتللوف ألنفسهم صرفًا وال ً
يتوىم الناس فيهم الصالح وا٠تَت ،وكما قيل :كم قرب يُزار
كانت تلق القبور لبعض الطاٟتُت الذين ّ
وصاحبو يف النار -والعياذ ابهلل.-
وسواىا ابألرض كما أمر الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص، -كما يف صحيح مسلم من حديث
فإذف عمد إىل تلق القبور ّ
علي -هنع هللا يضر وأرضاه.-
12
أيضا بدعوتو
هتليل وتلبَت وتسبيح ،إىل أف وصل إىل الدرعية ،ىناؾ نزؿ عند بعض أىلها ،مث بدأ ً
واستمر ِل يلِن ،وِل يستلُت -رٛتو هللا ،-وِل ي ِ
عط ال ّدنيّة يف دين هللا ،بل استمر يف دعوتو ،استمر ابألمرُ
أمَتا
اب١تعروؼ ،استمر ابلنهي عن ا١تنلر ،فلاف من ا١تُستجيبُت لدعوتو :الشيخ دمحم بن سعود ،وكاف ً
على تلق ا١تنطقة.
ىنا اجتمع البياف مع السلطاف ،وعندئذ تظهر الدعوة ا١تباركة ،كما قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو
ريا}[الفرقاف: ِ بلتاب يهدي وسيف ينصر){ ،وَك َفى بِربِ َ ِ
ٍ
ك َىاد ًًي َونَص ًَّ َ هللا( :-إ٪تا كاف قواـ ىذا الدين
العز وا١تنعة
ٖٔ] ،الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -من استقرأ سَتتو واستظهرىا يعلم ذلق؛ دعا يف ملة مث ١تا ذىب إىل دار ّ
حساف بن اثبت -هنع هللا يضر وأرضاه:-
يف ا١تدينة ،اشتهرت دعوتو وانتشرت بُت الناس ،كما قاؿ ّ
وخطاب
ُ جانب
دىرا ٔت ّلة ِل ُ٬تَب ...وقد ال َف منوُ ٌ
دعا ا١تُصطفى ً
فلما دعا والسيف صلت بِ َل ّف ِو ...لو أسلموا واستسلموا وأانبوا
فهذه ُسنّة ماضية من ُسنن هللا -سبحانو وتعاىل -اللونيّة ،وكذا اليت تُؤخذ من ابب الشرع؛ كما قاؿ
ابلسلطاف ما ال يزع ابلقرآف).
عُثماف( :إف هللا لَيَػَزعُ ُّ
تعاىدا وتواثقا الشيخ دمحم بن عبد الوىاب مع الشيخ دمحم بن سعود -رٛتهما هللا -على القياـ هبذه
وقوتو ،قاؿ الشيخ دمحم بن سعود للشيخ دمحم بن
الدعوة وعلى نصر الدعوة ،ىذا بعلمو ،وىذا بسلطانو ّ
عز ومنعة ،بدا ٍر ىي خَت من دارؾ.
عبد الوىاب :أبشر بدا ِر ٍّ
ابلعز والتملُت.
فقاؿ لو الشيخ دمحم بن عبد الوىاب :وأنت أبشر ّ
أعزه هللا
فما نصر أحد ىذه الراية (ال إلو إال هللا ،دمحم رسوؿ هللا) وقاـ هبا خَت قياـ ،إال نصره هللا ،وإال ّ
عاجال وإف آجال ،إف يف الدنيا أو اآلخرة؛ فالنصر ليس ىو ا١تادي
وأظهره هللا -سبحانو وتعاىل -إف ً
فحسب ،بل كذا الثبات على ا١تبادئ ،الظفر ابٞتنة؛ ىي إما شهادة وإما ظفر.
13
وللن استثٌت واشًتط الشيخ دمحم بن سعود على الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا ،-فقاؿ لو:
أخشى إف أظهران هللا -سبحانو وتعاىل -أف تسَت إىل أرض أخرى! فقاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -
رٛتو هللا :-بل الدـ الدـ ..وا٢تدـ ا٢تدـ.
ودفِ َن فيها يف سنة ٕٔٓٙللهجرة ،وكاف قربه ىناؾ -رٛتو هللا -وقد
عاش يف الدرعية إىل أف مات فيهاُ ،
انىز الثنتُت والتسعُت سنة -رٛتو هللا.-
إذف ىو عاش يف الدرعية ،واتفق مع الشيخ دمحم بن سعود -رٛتو هللا -على إقامة دين هللا يف األرضِ ،ل
يلتفوا ابلدعوة ،بل هنضوا للقتاؿ وقاتلوا بعد ا١تلاتبة وا١تناصحة والدعوة إىل هللا -سبحانو وتعاىل،-
ُ ُ
ِ
حىت فتح هللا -سبحانو وتعاىل -عليهم الرايض والقصيم وغَتىا ،وفتح غَتىا من ا١تناطق ،وىذه عُرفَت
مرت بثالث مراحل وىي ابلدولة السعودية األوىل؛ إذ أف الدولة السعودية تنقسم إىل ثالثة أقساـ ،أو ّ
ثالث دوؿ وليست بدولة واحدة ،الدولة األوىل ىذه ،مث الدولة الثانية ،مث الدولة السعودية الثالثة
أيضا ،فإذف األوىل ليست كالثانية ،والثانية ليست كاألخَتة ،فال
قدرا ً
األخَتة؛ األخَتة زمنًا واألخَتة ً
ٮتلط البعض كما يفعل بعض الغُالة يف التلفَت ،فيجعلوف الدولة السعودية كلها ٔترتبة واحدة منذ الدولة
األوىل اليت قامت على يد الشيخ دمحم بن عبد الوىاب وكذا الشيخ دمحم بن سعود -رٛتهم هللا -و٬تعلوهنا
ٔتنزلة ىذه األخَتة وهللا ا١تستعاف!
ُ
الشيخ -رٛتو هللا -كما أسلفنا عاش يف الدعوة إىل هللا -سبحانو وتعاىل -ويف نصرة دين هللا -سبحانو
وٗترج على يديو اللثَت من الطالب ومن التالميذ النُّجباء ،منهم :أبناء الشيخ -رٛتو هللا،-
وتعاىلّ ،-
أتملوا ..البعض يتّهم الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا -أنو
علي ،واٟتُسُت ،واٟتسنّ ،
ومن أبنائوّ :
سميهم ابٟتسن واٟتسُت وعلي -مهنع هللا يضر
سمي أبنائو أبٝتاء آؿ البيت ،يُ ّ
يُبغض الن وآؿ بيتو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-ىو يُ ّ
ٚتيعا ،-فهؤالء كانوا من تالمذة الشيخ ،كذلق كاف ابنو إبراىيم من تالمذتو ،كذلق كاف من تالمذة
الشيخٛ :تد بن انصر بن معمر -رٛتو هللا ،-كذلق كاف من أشهر تالمذة الشيخ -رٛتو هللاُ :-حسُت
14
أحب ذلق ،وكذلق من تالمذتو :الشيخ سعود بن عبد
بن غنّاـ ،ولو ترٚتة لشيخو يرجع إليها من ّ
العزيز بن دمحم بن سعود -رحم هللا اٞتميع ،-فهؤالء بعض تالمذة الشيخ -رٛتو هللا رٛتة واسعة.-
من ُمصنّفات الشيخ ومؤلفاتو ما سنذكره بعد قليل ،وللن نُنبّو إىل أهنا قليلة ابلنسبة ألقراف الشيخ -رٛتو
تفرغ لتأليف الرجاؿ ،كاف يصنع الرجاؿ على عينيو -رٛتو ِ
يتفرغ لتأليف اللتب ،وللنو ّهللاِ ،-لَ؟ ألنو ِل ّ
هللا٬ -ت ّد و٬تتهد يف ذلق.
من ُمصنّفات الشيخ ومؤلفاتو ورسائلو( :كتاب التوحيد) وىو من أعظم كتب الشيخ ،الذي ىو ّ
حق
هللا على العبيد ،كذلق من كتب الشيخ ومصنفات الشيخ :كتاب ( ُ٥تتصر السَتة) ،وىو ٥تتصر للتاب
أصال كتاب اإلماـ ابن ىشاـ -رٛتو هللا -يف السَتة
اإلماـ ابن ىشاـ -رٛتو هللا -للسَتة البن ىشاـ ،و ً
أيضا قد اختصر كتاب من؟ كتاب اإلماـ ابن إسحاؽ -رٛتو هللا يف السَتة ،فلتاب الشيخ دمحم بن
ىو ً
عبد الوىاب -رٛتو هللا -ىو ٥تتصر ا١تختصر ،وىو كتاب ماتع يف اببو٥ ،تتصر سَتة الن ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.
كذلق من كتبو٥( :تتصر زاد ا١تعاد) لإلماـ ابن القيم -رٛتو هللا ،-ومن رسائلو( :األصوؿ الثالثة) ،ومن
رسائلو( :كشف الشبهات) ،ومن رسائلو( :القواعد األربع) ،ومن رسائلو( :آداب ا١تشي إىل الصالة)،
وغَتىا من الرسائل.
وكذلق من كتبو( :كتاب اللبائر) ،يُ ِّنوه على أعظم اللبائر أو أشهر اللبائر اليت تُقًتؼ والعياذ ابهلل.
ؤرخ الزركلي -رٛتو هللا -صاحب كتاب األعالـ ،وليس الزركشي -رٛتو هللا -وىو
كذلق أثٌت عليو ا١تُ ّ
من أئمة اٟتنابلة صاحب كتاب (اإلجابة) وغَتىا من اللتب.
الزركلي إذف أثٌت عليو ،أثٌت على الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا رٛتة واسعة.-
15
افًتي عليو
ومن تالمذة الشيخ كما أشران ساب ًقا الذين صنّفوا يف إظهار سَتة الشيخ ،الشيخ الذي ُ
ب عليو ،أخرجوىا انصعة للناس ىو الشيخ :حسُت بن غنّاـ -رٛتو هللا -كتب يف سَتة شيخو ِ
وُكذ َ
الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا رٛتة واسعة.-
ىذه ُمقتطفات من سَتة الشيخ العلم ا١تج ّدد دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا ،-وىو كما أُطلق عليو
ُ
ُ٣ت ّدد القرف الثاين عشر للهجرة؛ وقد جاء يف سنن أيب داوود -رٛتو هللا -عن رسوؿ هللا -ﷺ -أنو قاؿ:
(إف هللا يبعث هلذه األمة على رأس كل مائة سنة من َُي ّدد هلا دينها) ،ومن أعظم التجديد ما يلوف
بتجديد العقيدة.
إذف نبدأ إف شاء هللا -سبحانو وتعاىل -يف ىذه الرسالة ا١تباركة ونُشَت إشارات إىل شرحها وإىل بعض
حل بعض ألفاظها.
ّ
16
نعم ..قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا رٛتة واسعة..-
بسمميحرلا نمحرلا هللا ،اٟتمد هلل رب العا١تُت ،والصالة والسالـ على أشرؼ األنبياء وا١ترسلُت،
(اعلم أف نواقض اإلسالـ عشرة نواقض ،األوؿ :الشرؾ يف عبادة هللا ،قاؿ هللا تعاىل:
شاءُ }[النساء ،]ٔٔٙ :وقاؿ تعاىل: ك لِ َم ْن يَ َ اَّللَ َال يَػ ْغ ِف ُر أَ ْف يُ ْش َر َؾ بِ ِو َويَػ ْغ ِف ُر َما ُدو َف َذلِ َ
{إِ مف م
ني ِم ْن ِ ِ
مار ۖ َوَما للظمال ِم َ
َّلل فَػ َق ْد ح مرـ م ِ
اَّللُ َعلَْيو ا ْْلَنمةَ َوَمأ َْواهُ الن ُ َ َ
{إِنمو من ي ْش ِر ْؾ ِِب مِ
َُْ ُ
صا ٍر}[ا١تائدة ،]ٕٚ :ومنو الذبح لغري هللا ،كمن يذبح للجن أو للقرب).
أَنْ َ
الشرح:
نعم ..سبق وأف تللمنا يف مسألة حصر النواقض يف ىذه العشرة ٔتا يُغٍت عن إعادتو ىا ىنا.
الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رمحو هللا -بدأ هبذا الناقض العظيم من نواقض اإلسالـ ،وىو على
رأس النواقض وىو :الشرؾ ِبهلل -سبحانو وتعاىل.-
(أي
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص١ -تا ُسئل من حديث عبد هللا بن مسعود -هنع هللا يضر وأرضاه -كما جاء يف الصحيحُتُّ :
ال ّذ ِ
نب أعظم؟) عند من؟ عند هللا ..ألف ىناؾ بعض الناس ّ
يتصور بعض الذنوب ىي أعظم الذنوب،
يتنزه عن السرقة وىذا أمر ٤تمود ،عن الراب وىذا أمر
وللن يغفل عن الشرؾ ابهلل -سبحانو وتعاىلّ ،-
يتنزه عن الزان وىذا أمر ٤تمود ،للنو يتوغّل يف اإلشراؾ ابهلل -سبحانو وتعاىل -وىو أعظم ذنب
٤تمودّ ،
ندا وىو ِ
الذنب أعظم عند هللا؟ قاؿ -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص :-أف جتعل هلل ًّ أي
عُصي هللا بو١ ،تا ُسئل الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصُّ ( -
خلقك) -سبحانو وتعاىل.-
هللا خلقق ورزقق وٛتاؾ وأحياؾ ،مث ىذا اإلنساف يُشرؾ مع هللا -سبحانو وتعاىل.-
17
والشرؾ ينقسم إىل أقساـ عديدة وتقسيمات عديدة أيضا ،من تلك التقسيمات:
إذا نظران من انحية الشرؾ ىل ىو مما يتعلق بتوحيد الربوبية ،الذي يُناقض توحيد الربوبية ،أو الذي
يُناقض توحيد األلوىية ،أو توحيد األمساء والصفات ،ىذا تقسيم؛ ً
فمثال:
يػُْبػ َعثُو َف}[اٟتجر]ٖٙ :؛ فهو دعا هللا -سبحانو وتعاىل ،-وقاؿ ماذا؟ (قاؿ ِّ
رب) أثبت الربوبية هلل -عز
وجل-؛ فشرؾ إبليس ِل ي ُلن يف ابب الربوبية ،ىو يعلم أف هللا ىو الرب ،أنو ىو ا٠تالق ،الرازؽ ،ا١تحيي،
ُ
شرع ،اٟت َلم ،اٟتاكم وحده -سبحانو وتعاىل ،-وللن كاف كفر إبليس وشرؾ إبليس من ا١تُميت ،ا١تُ ّ
اب أخرى. أبو ٍ
تجرب الطاغية ،هللا -سبحانو وتعاىل -أخرب عنو وعن قومو ،ماذا قالوا؟ { َو َج َح ُدوا فرعوف ىذا ا١تُ ّ
س ُه ْم ظُل ًْما َو ُعلُ ًّوا}[النمل]ٔٗ :؛ فهم يف قرارة أنفسهم -فرعوف ومن معو ،-يعلموف ِهبَا َو ْ
استَػ ْيػ َقنَػ ْتػ َها أَن ُف ُ
أف هللا ىو ا٠تالق ،الرازؽ ،أف هللا ىو الرب -سبحانو وتعاىل-؛ إذف فما كاف اإلشراؾ أو الشرؾ الذي
استقالال ،وإ٪تا كاف من أبو ٍ
اب أخرى. ً وقع فيو فرعوف ومن معو من ىذا القبيل
18
بل حىت اليهود كما أخرب هللا -سبحانو وتعاىل -أهنم {يَػ ْع ِرفُونَوُ َك َما يَػ ْع ِرفُو َف أَبْػنَ َ
اء ُى ْم}[البقرة]ٔٗٙ :؛
هلل -سبحانو وتعاىل ،-وللن يعرفوف مصداؽ الن –ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-وما جاء بو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -من التوحيد ا٠تال
كاف إشراكهم من ابب ماذا؟ من ابب األلوىية ،من ابب العبادة.
أما توحيد الربوبية كما أسلفنا ِل ينقضو إال قليل من الناس ،من أراذؿ الناس كمن يُعرفوف ابل ّدىريُت ،أو
ابلشيوعيُت يف ىذا العصر ،الشيوعيوف ال يُؤمنوف اب٠تالق -سبحانو وتعاىل ،-يُنلروف وجود هللا -
ّ
سبحانو وتعاىل ،-وىؤالء من أخبث أنواع اللفار وأقساـ اللفار وأقساـ ا١تشركُت؛ إذ أهنم ِل ٮتالفوا
أيضا العقل وخالفوا الفطرة ،إىل غَت ذلق.
النصوص الشرعية ،بل خالفوا ً
فيما روي عن اإلماـ أيب حنيفة -رٛتو هللا١ -تا تواعد مع بعض أولئق الذين يُنلروف وجود هللا -سبحانو
وتعاىل ،-ينلروف وجود ا٠تالق -سبحانو وتعاىل ،-أف يتناظر معو يف اليوـ اآلخر ،تواعد معو واتفقا على
أخرؾ؟ ويقوؿ لعامة ا١تسلمُت انظروا إىل
موعد معُت ،فتأخر اإلماـ عن ذلق ا١توعد ،فلما أتى قاؿ ما ّ
شيخلم أيب حنيفة كيف ّفر وخاؼ من ٣تاهبيت ومن ٤تاوريت ومن مناظريت ،إىل غَت ذلق..
19
مث تنضم كل خشبة إىل أختها ،مث أتيت ا١تسامَت لوحدىا ..سبحاف هللا! واٟتباؿ ،وتلتف ،وتُضرب
ا١تسامَت ،مث تُصنع اجملاديف ،مث أتيت على ىذا القارب الذي حدث ىلذا ،وىذا من األمور اليت
ؼ لوحده وأوصلٍت إىل الش ِّ
ط اآلخر من النهر ،فهذا كاف سبب عجبت منها! وأتيت وركبت عليو وج ّد َ
أتخري عن ا١تناظرة.
إذف إنلار وجود هللا -سبحانو وتعاىل ،-وإنلار ا٠تالق ال يقع فيو وال يتورط فيو إال من انسلخت منو
الفطرة ،إال من فقد عقلو ،إذف فهذا ما يتعلق ابلشرؾ من انحية أنو يُناقض لتوحيد الربوبية.
وكما أسلفنا ىناؾ ما يُناقض توحيد األلوىية ،وىناؾ ما يُناقض توحيد األٝتاء والصفات.
مث ذكر الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رمحو هللا -بعض صور ىذا الشرؾ ،قاؿ :ومنو الذبح لغَت هللا،
كمن يذبح للجن أو للقرب ،أو لنحو ذلق ،فهذه بعض صور األمور الشركية٦ ،تا يؤدي بنا إىل أف نقوؿ:
أيضا ينقسم أو يُق ّسم إىل أقساـ من انحية أخرى وىي أف:
أف الشرؾ ً
فالشرؾ األكرب ىو املُخرج من امللّة ،كما ذكر الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا -منو :الذبح لغَت
هللا ،منو :اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا ،منو :دعاء غَت هللا -سبحانو وتعاىل -فيما ال يقدر عليو إال هللا،
وىلذا أصناؼ كثَتة ولعل أكثر ىذه األصناؼ سيمر معنا إف شاء هللا -سبحانو وتعاىل.-
للن ىذه من أي قبيل؟ من أي قسم؟ أىو من الشرؾ األكرب أو من الشرؾ األصغر؟ ىو من الشرؾ
األكرب ا١تخرج من ا١تلّة -أعاذان هللا وإايكم منو.-
ُ
ىناؾ الشرؾ األصغر الذي ال ُُيرج من امللة ،منو على سبيل ا١تثاؿ :اٟتلف بغَت هللا -سبحانو
وتعاىل ،-ما ِل يُع ِظّم اٟتالف بو ،كما الن –ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فيما رواه اإلماـ أٛتد( :من حلف بغري هللا فقد
كفر) أو (أشرؾ) يف بعض الرواايت من حديث ابن عمر -رضي هللا عنهما.-
21
إذف ،ىذا من قبيل الشرؾ األصغر الذي ال ُٮترج بصاحبو من ا١تلة.
كذلق يسَت الرايء ،ىو من الشرؾ األصغر كما قاؿ الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-فيما رواه اإلماـ أٛتد أيضا( :إ ّف
أخوؼ ما أخاؼ عليكم الشرؾ األصغر) مث قاؿ الن –ﷺ -يف تعريفو( :الرًيء) ،و ً
أيضا يُسمى الرايء
ابلشرؾ ا٠تفي.
الرًيء من الشرؾ اخلفي ،كما جاء عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف تسميتو بذلق ،تسمية الرايء ابلشرؾ
ا٠تفي.
فهناؾ من أقساـ الشرؾ ما ىو ظاىر :كاالستغاثة بغَت هللا ،كاالستعانة بغَت هللا فيما ال يقدر عليو إال
هللا.
هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿ يف السورة اليت ال تصح صالة إنساف إال هبا{ :إِ مًي َؾ نَػ ْعبُ ُد َوإِ مًي َؾ
ني}[الفاٖتة ،]٘ :أي :ال نستعُت إال بق ،وال نعبد إال ّإايؾ ،هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿ{ :قُ ْل إِ مف ِ
نَ ْستَع ُ
ِِ ص َالِت ونُ ِ
يق لَوُ}[األنعاـ ،]ٖٔٙ -ٕٔٙ :هللا –سبحانو ني ،الَ َش ِر َ ب ال َْعالَ ِم َ
اي َوممََ ِات مَّلل َر ِّ
سكي َوََْميَ َ
َ َ ُ
ص ِّل لَِربِّ َ
ك َو ْاْنَ ْر}[اللوثر.]ٕ : وتعاىل -يقوؿ{ :فَ َ
وحد هللا -سبحانو وتعاىل -يف التوحيد بسائر أقسامو ،و٭تذر ا١تسلم من أف يرتلب ىذا الناقض
إذف ،نُ ّ
العظيم وىو الشرؾ ابهلل يف كافة صوره وأشلالو.
فإذف خنلُص إىل ىذه الفائدة يف تقسيم الشرؾ إىل ىذه األقساـ ،وكل ىذه األقساـ تندرج حتت
الناقض األوؿ من نواقض اإلسالـ العشرة وىو :الشرؾ ِبهلل -سبحانو وتعاىل.-
وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت ،وجزاكم هللا خَتا.
21
ىناؾ أسئلة لبعض اإلخوة ،أنخذ أىم ىذه األسئلة ال سيما اليت تتعلق بدرس الليلة..
يقوؿ السائل :ما مشروعية إقامة اْلدود الشرعية يف ظل غياب سلطاف الشريعة وويل األمر
الشرعي؟
اإلجابةً :
طبعا ىذه ا١تسألة تطوؿ وإجاابتنا بُت األذانُت ،فنحن ٩تتصر االختصار ا١تفيد الذي ىو كما
قل وخل) ..إف شاء هللا.
قل ودؿ ال ما ّ
قاؿ اٞتاحظ -إف شاء هللا( :-خَت اللالـ ما ّ
شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا -ذكر أف اٞتماعة ذات الشوكة ٢تا أف تُقيم اٟتدود ،وإف غاب
سلطاف الشرع اللامل ،إف غاب اإلماـ األعظم ،إف غاب الوايل؛ فإذا ٘ت ّلنت ٣تموعة عندىا شوكة من
وطبعا تعلموف أف اٞتماعات ،ونعٍت ابٞتماعة :ىي إذا انضم شخ
إقامة اٟتدود الشرعية ،فلها ذلقً ،
تتلوف ٚتاعة و٣تموعة من الناس ،إذا ِل ت ُلن ٢تم طاقة وقوة كافية ٢تذا ا١تنصب
إىل شخ ّ ، إىل شخ
اٞتليل من مناصب الشرع ،أال وىو إقامة اٟتدود الشرعية أبقسامها :منها اٟتدود ،ومنها التعزير ،ومنها
تستطع ذلق أف تلوف ٚتاعة حسبويّة يف األمر اب١تعروؼ والنهي عن القصاص ،فال تعدو إذف إف ِل ِ
ا١تنلر ،ومن األمر اب١تعروؼ والنهي عن ا١تنلر تغيَت ا١تنلرات ابليد ،كما قاؿ الن –ﷺ( :-من رأى
أضعف اإلمياف) كما
ُ يستطع فَبِلِسانو ،فإف مل ِ
يستطع فَبِ َقلبِ ِو وذلك منكم منكرا فَليغريهُ بيده ،فإف مل ِ
ً ُّ
روى ذلق البخاري ومسلم من حديث أيب سعيد ا٠تدري -هنع هللا يضر وأرضاه.-
وقوة كافية فلها أف تُقيم اٟتدود ،إف ِل ي ُلن ذلق فتلتفي ابٟتسبة وابألمر
إذف إذا كانت ٢تا شوكة ّ
صوره ،ومن صوره األمر اب١تعروؼ والنهي عن ا١تنلر ابليد.
اب١تعروؼ والنهي عن ا١تنلر بلل ُ
ٮتل ابأللوىية ،وأشران إىل مسألة اإلشراؾ اإلجابة٨ :تن ذكران الشرؾ الذي ّ
ٮتل ابلربوبية والشرؾ الذي ّ
مثال ،فنحن نعٍت بذلق الفعل نفسو ،أف يُشرؾ مع هللا
الذي ُٮتل ابأللوىية وذكران منو اٟتلم والتشريع ً
يف العبادة وليس يف صفة من صفات هللا ،كيف ذلق؟
22
نقوؿ :إف الشرؾ يف اْلكم والقضاء والتشريع ينقسم إىل قسمني ،األوؿ :أف ي ّدعي لنفسو أنو ىو
املُ ِّ
شرع ،ي ّدعي التشريع املُطلق من دوف هللا ،ال ُمطلق التشريع من دوف هللا -سبحانو وتعاىل،-
يتوالىا فالف وفالف وفالف ..اجمللس فالف واجمللس فالف واجمللس فالف..
يقوؿ السلطة التشريعية ّ
فهذا قد انزع هللا يف خاصية من خصائص الربوبية ،ىذا كالذي يقوؿ ماذا؟ {أ ََان َربُّ ُك ُم
األَ ْعلَى}[النازعات ،]ٕ٘ :كالذي ي ّدعي ا٠تلق من دوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-فرعوف ّادعى ا٠تلق من
دوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-الدجاؿ ي ّدعي ا٠تلق من دوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-هللا -سبحانو
ب ال َْعالَ ِم َ
ني}[األعراؼ]٘ٗ :؛ إذف هللا كما لو ا٠تلق ْق َو ْاأل َْم ُر تَػبَ َار َؾ م
اَّللُ َر ُّ وتعاىل -يقوؿ{ :أ ََال لَوُ ْ
اخلَل ُ
كذلق لو األمر وىو التشريع واٟتُلم ،فالذي ي ّدعي لنفسو أو لغَته خاصية التشريع من دوف هللا ،فهو
قد أشرؾ يف الربوبية ،كالذي ي ّدعي ا٠تلق لنفسو أو لغَته من دوف هللا ،ىو أشرؾ يف الربوبية.
شرع من دوف هللا ،ىو حيكم بغري ما أنزؿ هللا ،لكنو مل ي ّد ِع
القسم الثان الذي لرّّبا أشران إليو :ىو يُ ّ
أخل
التشريع املُطلق من دوف هللا ،مل ي ّد ِع ىذه اخلاصية اليت ىي من خصائص الربوبية؛ إذف فهذا ّ
بتوحيد األلوىية ،هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿ{ :وال ي ْش ِر ْؾ بِ ِعب َ ِ ِ
ادة َربِّو أ َ
َح ًدا}[اللهف ،]ٔٔٓ :كذلق َ َ ُ
ِِ
يقوؿَ { :وَال يُ ْش ِر ُؾ ِيف ُح ْكمو أ َ
َح ًدا}[اللهف]ٕٙ :؛ فاإلشراؾ ابهلل يف ُحلْمو كاإلشراؾ ابهلل يف عبادتو،
كما قاؿ الشيخ العالمة دمحم األمُت الشنقيطي كما يف (أضواء البياف).
سؤاؿ :ىناؾ من يظن أف الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رمحو هللا -تكلم يف شرؾ القبور فق...
اإلجابة :نقوؿِ :ل يتللم يف شرؾ القبور فقط ،وإ٪تا تللم يف شرؾ القصور ،شرؾ الدستور ،إىل غَته..
23
مثال كما يف آخر (األصوؿ الثالثة)( :والطواغيت كثَتوف –ويف نسخةُ :كثُر أو كثَتة -قاؿ:
ومن أقوالو ً
ورؤوسهم ٜتسة :إبليس لعنو هللا ،ومن عُبِ َد من دوف هللا وىو ر ٍ
اض ،ومن دعا الناس إىل عبادة نفسو،
ومن ّادعى شيئًا من علم الغيب ،ومن حلم بغَت ما أنزؿ هللا) فجعلو من رؤوس الطواغيت وليس من
كرر ذلق يف كثَت من أقوالو ٕتدوهنا يف (الدرر السنية) ،وسيأيت معنا يف الناقض الرابع
عامة الطواغيت ،و ّ
إف شاء هللا -سبحانو وتعاىل -ذكر اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل.-
وللن كثُر اللالـ وكثرت الرواايت عنو والنقوؿ عنو يف ابب شرؾ القبور ِِلَ؟ ألننا كما أسلفنا آنفا أنو
كاف يتللم يف أعظم مصائب عصره اليت انتشرت واشتهرت يف عصره وىي شرؾ القبور ،دعاء األموات
من دوف هللا ،االستغاثة هبم من دوف هللا ،الطواؼ على قبورىم ،النذر ٢تم ،الذبح ٢تم إىل غَت ذلق؛
فلاف أكثر كالمو -رٛتو هللا -عن ىذه األمور ،كما أف أكثر كالـ اإلماـ أٛتد -رٛتو هللا -عن مسائل
القوؿ ٓتلق القرآف والرد على تلق الفتنة وأتصيل ىذه اٞتوانب؛ فإذف ال ِ
أيت شخ اليوـ ويقوؿ اإلماـ
أٛتد بن حنبل ِل يتللم عن شرؾ القبور ،ىو تللم فقط يف مسألة كالـ هللا -سبحانو وتعاىل !!-ال
يُسلّم لو بذلقِِ ،لَ؟ ألف ىذه ىي فتنة عصره اليت انتشرت فلانت أكثر الرواايت عنو وأكثر أقوالو -رٛتو
هللا -يف ىذا الباب ليُعاجل ىذا ا١ترض الذي اشتهر يف زمانو.
كذلق يُقاؿ يف شيخ اإلسالـ أكثر كالمو عن أبواب األٝتاء والصفات؛ ألف ا١تبتدعة يف زمنو انتشروا
ُ
واشتهروا وظهرت أقوا٢تم يف ىذه األبواب ،فتص ّدى ٢تم -رٛتو هللا ،-فال يُقاؿ أنو ِل يتللّم يف أبواب
شرؾ القبور أو يف غَتىا من أنواع الشرؾ وتللم فقط يف ابب األٝتاء والصفات فقط! ال يُقاؿ ذلق بل
أوال ،مث
نعم أكثر كالمو يف ذلق ،إذ أنو يُعاجل ما كاف عليو قومو؛ وىلذا األنبياء يدعوف الناس للتوحيد ً
يُعاٞتوف ما عندىمٕ ،تدوف بعض األنبياء يذكر لقومو مسائل البيع والشراء وا١تلياؿ و٨تو ذلق ،شعيب
-رٛتو هللا وعليو السالـ -وبعض األنبياء يُرّكز على مسائل أخرى ،وىلذا يف فتنة العصر يتللموف -
رٛتهم هللا رٛتة واسعة.-
24
ضا مما يُسأؿ عنو :مسألة عيسى -عليو السالـ ،-النصارى يتشبثوف بشبهة ماذا؟ أف أىل السنة
وأي ً
وأىل اإلسالـ يقولوف أف القرآف كالـ هللا ليس ّبخلوؽ ،والنصارى يقولوف أنتم تعرتفوف أيها
املسلموف أبف عيسى كلمة هللا ،فإذف ىو ليس ّبخلوؽ!
اإلجابة :ىذه بدعة أو ُشبهة ُمل ّفرة من ُشبَو النصارى ،سبق أف أجبنا عليها ،وللننا نقوؿً :
أوال إف
عيسى خلقو هللا بللمتوُ ،خ ّ هبذه التسمية أنو (كلمة هللا) ،أي :خلقو بللمتو ليس كعادة البشر أهنم
ٮتلقهم هللا -سبحانو وتعاىل -إف كانوا من اإلنس من ماء الرجاؿ ومن أصالب الرجاؿ ،وإف كانوا من
وخلق آدـ
اٞتن كما جاء يف صحيح مسلم أف الن -ﷺ -ذكر أهنم ُخلقوا من انر ،وا١تالئلة من نورُ ،
٦تا ذُكَِر للم.
فإذف خلقو هللا بللمتو أي :قاؿ لو ُكن فَلاف؛ فلالـ هللا شيء الذي ىو ليس ٔتخلوؽ ،وخلق هللا شيء
إىل أف ما أُضيف إىل هللا -سبحانو وتعاىل -قد يلوف من ابب إضافة الصفة آخر ،وننتهي و٩تل
للموصوؼ؛ َك َس ْمع هللا ،بَصر هللا ،نعم ىذه الصفات صفات هللا -سبحانو وتعاىل -ليس ٔتخلوقة ،وقد
تلوف من ابب اإلضافة التشريفية ،كأف يُقاؿ :بيت هللا ..ىل بيت هللا ٥تلوؽ؟ أو ليس ٔتخلوؽ؟ ٥تلوؽ،
ىذه إضافة تشريفية ،كأف يُقاؿ :انقة هللا ..ىل انقة هللا ٥تلوقة أو ليست ٔتخلوقة؟ ٥تلوقة وللن ىذه
إضافة تشريفية ،كذلق إذا قيل عن عيسى (كلمة هللا) ىذه إضافة تشريفية وليست إضافة صفة
١توصوؼ.
وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت ،وجزاكم هللا خَتا.
25
الدرس الثان
فقد ُكنّا تللّمنا البارحة بفضل هللا -سبحانو وتعاىل -عن نواقض اإلسالـ ،وعن تعداد تلق النواقض،
وعن بعض الشروحات اليت ُو ِض َعت على ىذا ا١تنت القصَت يف حجمو اللبَت العظيم يف مضمونو ،مث
عرجنا على شيء من سَتة ىذا اإلماـ الشيخ ا١تج ّدد دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا -ال سيّما يف ظل ّ
ُ
تلق الظروؼ اليت ىيّأت األقزاـ ليتطاولوا على أولئق األعالـ ،وانفحنا عنو ودافعنا عنو وذببنا عنو ٔتا
يسر هللا ُ -سبحانو وتعاىل.-
ّ
وعمت بُت كثَت ٦تن ي ّدعي
مث شرعنا فبدأان وإايكم يف الناقض األوؿ من ىذه النواقض اليت انتشرت ّ
اإلسالـ ،وىا ٨تن وإايكم يف ىذه الليلة بعوف هللا -سبحانو وتعاىل -نبدأ ونتحدث حوؿ ما جاء عن
بعض ىاتيق النواقض ،فنبدأ بعوف هللا من الناقض الثاين.
نعم..
قاؿ الشيخ َمم ُد بن عبد الوىاب -رمحو هللا تعاىل -يف رسالة نواقض اإلسالـ:
(الناقض الثان :من جعل بينو وبني هللا وسائ .يدعوىم ويسأهلم الشفاعة ويتوّكل عليهم
َك َف َر إمجاعا).
26
الشرح:
يتطرؽ إليو الشيخ دمحم رٛتو هللا ،-وىو يف البالغ عن هللا -سبحانو
أما القسم األوؿ -فهو الذي ِل ّ
وؿ إِمال الْبَ َالغُ ال ُْمبِ ُ
ني}[النورُّ ،]٘ٗ :
الر ُسل ىم واسطة بُت هللا وبُت عباده، وتعاىل{ :-وَما َعلَى ال مر ُس ِ
َ
كال ،وإ٪تا ىم واسطة
واسطة يف ماذا؟ ىل يف ُدعائهم؟ وطلب الغوث منهم ،وا١تدد و٨تو ذلق؟ حاشا و ّ
يف التبليغ عن هللا ،واألداء أداء ىذه األمانة اليت جعلها هللا -سبحانو وتعاىل -إليهم ،وأوكلهم هبا ،فقاموا
هبا خَت قياـ ،وبلّغوا ما أودعهم هللا -سبحانو وتعاىل -وما أمرىم هللا -سبحانو وتعاىل -بو إىل الناس؛
فهم إذف واسطة بُت هللا وخلقو يف تبليغ رسالة هللا -سبحانو وتعاىل -للناس كافة ،أو لبعض من أُمروا
بتبليغهم؛ فالن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما جاء يف الصحيحُت من حديث ابن عمر ،قاؿ( :وكاف النيب يُبعث يف
الرسل -
الرسل فهو كافر ّتميع أولئق ُّ برسوؿ من ُّ ت إىل الناس كافّة) ،من كفر ٍ خاصة ،وبُِعثْ ُ
قومو ّ
َح ٍد ِّمن ُّر ُس ِل ِو}[البقرة.]ٕٛ٘ : عليهم السالـ-؛ حيث قاؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-ال نػُ َف ِّر ُؽ بَػ ْ َ
ني أ َ
َح ٍد ِّمن ُّر ُس ِل ِو} وبُت قولو -سبحانو كيف ُ٬تمع بُت قوؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-ال نُػ َف ِّر ُؽ بَػ ْ َ
ني أ َ
ض ُه ْم}[البقرة]ٕٖ٘ :؟ الر ُس ُل فَ م
ضلْنَا بَػ ْع َ وتعاىل{ :-تِل َ
ْك ُّ
َح ٍد ِّمن ُّر ُس ِل ِو}، من يعرؼ اٞتمع بُت ىاتُت اآليتُت؟ بُت قوؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-ال نػُ َف ِّر ُؽ بَػ ْ َ
ني أ َ
ض ُه ْم}؟ الر ُس ُل فَ م
ضلْنَا بَػ ْع َ ويف اآلية األخرى{ :تِل َ
ْك ُّ
الشاىد من ذلق أف ىذه الوسيلة اليت نعٍت هبا ىا ُىنا ىي الوسيلة يف التبليغ عن هللا -سبحانو وتعاىل،-
وليس ىي اليت ذكرىا الشيخ دمحم -رٛتو هللا رٛتة واسعة ،-ىذه الوسيلة اليت ىي أف يُبلّغ الرسوؿ ما
أُوحي إليو من ربّو ،ويُص ّدؽ أىل اإلٯتاف ،كما قاؿ اإلماـ الزىري -رٛتو هللا :-على هللا البالغ وعلى
الرسوؿ الرسالة وعلينا التصديق.
27
ليس كما يصنع بعض غُالة الصوفية الذين ال يعًتفوف بذلق وال يرفعوف لذلق رأسا ،وإ٪تا يقولوف( :أنتم
اٟتي الذي ال ٯتوت)! يقولوف( :أنتم ُٖت ّدثوف قاؿ فالف ا١تيت،
ُٖت ّدثوف عن األموات ،و٨تن ُ٨ت ّدث عن ّ
عن فالف عن فالف وىو ميت عن ميت عن ميت) ،ويعنوف بذلق األسانيد ،يقولوف٨( :تن ُ٨ت ّدث عن
اٟتي الذي ال ٯتوت) -والعياذ ابهلل ،-يعنوف بذلق أهنم يتل ّقوف الشريعة واألحلاـ من هللا ُمباشرة دوف
ّ
ريب)! ىلذا أيتوف ابلبدعالرسل -عليهم الصالة والسالـ ،-يقوؿ قائلهم( :ح ّدثٍت قل عن ّ واسطة وىم ُّ
اللثَتة سواء منها ما يتعلق ابلعقيدة أو الشريعةِِ ،لَ؟ ألف النصوص الشرعية ال تضبطهم ،ال يعًتفوف
للعامة ،أما لنا فاهلل يُوحي إلينا ،هللا يُوحي إلينا إما ُمباشرة وإما يف النوـ) –والعياذ
أبغلبها ،يقولوف( :ىي ّ
ابهلل !-وأيخذوف األحلاـ ُ٭تلُّوف اٟتراـ ُ
و٭تّرموف اٟتالؿ ٦تا جاء عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
الواسطة األخرى اليت يتللم عنها الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا :-وىي يف الدعاء واالستغاثة
ّجأ يف املصائب وال ُك ُرِبت وتفريج املُِلّ ممات وكشف اللهفات؛ يلجؤوف إىل بعض الصاْلني أو
والل َ
ضرا ،ىذه الواسطة من أثبتها َك َفر.
نفعا وال ًّ
الطاْلني من األموات الذين ال ميلكوف ال ً
تلك الواسطة من نفاىا كفر ،أما ىذه من أثبتها فقد كفر ،الذي ي ّدعي ويزعم أف ىناؾ من ا١تخلوقُت
من يدعوىم من دوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-ويستغيث هبم ويتوّكل عليهم إىل غَت ذلق ،فهؤالء من؟
ىؤالء الذين يستغيثوف هبم ٦تن ال حوؿ ٢تم وال ّقوة من دوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-ىذا يُعترب يف دين
الصراح واللفر البواح.
هللا من الشرؾ ُّ
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ كما يف حديث النعماف بن بشَت -هنع هللا يضر وأرضاه ،-الذي أخرجو األربعة ،قاؿ:
(الدعاءُ ىو العبادة) وىذا حديث صحيح ،وأما اٟتديث اآلخر حديث أنس -هنع هللا يضر وأرضاه ،-الذي
أخرجو اإلماـ الًتمذي( :الدعاء ُم ّخ العبادة) فهو ضعيف ال يصح.
صح عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( :-الدعاءُ ىو العبادة).
ويلفينا ما ّ
28
شرعا ،أف صرؼ أي عبادة من العبادات اخلاصة ِبهلل -سبحانو وتعاىل -يُعترب من قبيل
تقرر ً
ومن املُ ّ
الشرؾ األكرب املُخرج من امللّة.
أنتم تعلموف أف توحيد الربوبية ىو توحيد هللا أبفعاؿ هللا ،وأما توحيد األلوىية فهو توحيد هللا أبفعاؿ
العباد ،ومن تلق األفعاؿ :الدعاء ،من تلق األفعاؿ :االستغاثة ،من تلق األفعاؿ :االستعانة ،التوكل،
إىل غَت ذلق ،فهذه كلها أفعاؿ وعبادات جليلة ينبغي على ا١تسلم ّأال يصرفها ٍ
ألحد من ا١تخلوقُت كائنًا
من كاف.
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يقوؿ ُمعلّ ًما ذلق الغُالـ ،وىو ابن عبّاس -رضي هللا عنهما ،-كما عند الًتمذي ،قاؿ:
اسأؿ هللا،سألت فَ ْ
َ ك كلمات ،احفظ هللا حيفظك ،احفظ هللا جتده ُجتاىك ،إذا إن أُع ِلّ ُم َ
(ًي غُالـّ ،
اس ِتعن ِبهلل ،واعلم أف األ ُّمة)...
استعنت فَ ْ
َ اس ِتعن ِبهلل )...ال تستعِن بغَت هللا( ،وإذااستعنت فَ ْ
َ وإذا
ا١تعٍت هبا أ ُّمة البالغ ،أي كل الناس( ..واعلم أف
كل األمة ،وىا ُىنا ال يُعٌت ابألمة أ ُّمة االستجابة ،وإ٪تا ّ
األ ُّمة لو اجتمعوا على أف ينفعوؾ بشيء ،مل ينفعوؾ إال بشيء قد كتبو هللا لك ،وإف اجتمعوا على
وج مفت ُّ
الصحف). ِ
يضروؾ إال بشيء قد كتبو هللا عليكُ ،رف َعت األقالـ َ
يضروؾ بشيء ،مل ُّ
أف ّ
إذف فاألسباب ال تلوف من ا١تسبّبات إال ابألدلة الشرعية ،أما ىلذا أف نتّخذ من األسباب ما ِل يُنزؿ
ُ
هللا بو من ُسلطاف إىل أف نتوصل إىل ا١تسبّبات فال يصح ،مث إف كاف ىو من الغائبُت أو من األموات؛
ُ
فعند ذلق تلوف االستغاثة بو والنّجدة وطلب ا١تدد منو من قبيل الشرؾ األكرب ا١تخرج من ا١تلّة أعاذان
ُ
الصنيع.
هللا وإايكم من ذلق ّ
29
مثال :أف عليا -رضي
قسموف الوظائف يقولوف ً
الشيعة الروافض قد خاضوا يف ىذا الباب وخاضوا ،فهم يُ ّ
هللا عنو أرضاه -ىو للنجاة من السالطُت كما جاء يف (ْتار األنوار) ،يعٍت :إذا أراد اإلنساف أف ينجو
يتوجو إىل من؟ ال يلجأ إىل هللا ،وإ٪تا يلجأ إىل علي بن أيب طالب -هنع هللا يضر
من بطش سلطاف فيدعو من؟ ّ
أرضاه.-
قالوا :إذا أردت اآلخرة ،فَ َس ْل من؟ دمحم بن اٟتنفية ،دمحم بن علي -رٛتو هللا ،-ال تلجأ إىل هللا ،ال
تستغِث ابهلل ،ال تدعو هللا ،وإ٪تا تدعو من؟ تدعو أحد ا١تخلوقُت.
وٮتلّصق من ىذه
نجيق ُ
قالوا :يف الش ّدة تفزع ١تن؟ للعبّاس بن عبد ا١تطلب -هنع هللا يضر وأرضاه ،-قالوا ىو يُ ّ
الشدة.
عليهم بفضل هللا -سبحانو وتعاىل -ودار خالؼ أو حوار بيننا إلظهار اٟتق.
ا١تخلوقُت.
31
مث ينبغي التنبيو وَيدر التنبيو إىل أف طلب الشفاعة من املخلوقني ال تصح ،وإَّنا تُطلب الشفاعة
ممن؟ ممن ميلك الشفاعة ،من هللا -سبحانو وتعاىل ،-كما جاء يف اٟتديث الذي أخرجو اإلماـ
البخاري من حديث جابر بن عبد هللا -رضي هللا عنهما -عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( :-من قاؿ حني
يسمع النداء :اللهم رب ىذه الدعوة التّامة ،والصالة القائمةِ ،
آت َُمم ًدا الوسيلة والفضيلة ،وابعثو ّ
َممودا الذي وعدتو )..قاؿ( :حلّت لو شفاعيت يوـ القيامة) ،كيف ٖتل شفاعة الن -ﷺ-؟
ً مقاما
ً
أبِ ُدعاء الن ؟ أبِ ُدعاء الصاٟتُت؟ أبِ ُدعاء األموات؟ أـ بِ ُدعاء هللا -سبحانو وتعاىل-؟ وبدعاء هللا هللُ -
سبحانو وتعاىل -أيذف إف شاء ١تن شاء ابلشفاعة ،فهناؾ شفاعة منفيّة؛ وىي الشفاعة من غَت هللا،
مِ
آمنُوا
ين َطلب الشفاعة من غَت هللا -سبحانو وتعاىل ،-كما قاؿ هللا -سبحانو وتعاىلًَ { :-ي أَيػُّ َها الذ َ
اعةٌ َوالْ َكافِ ُرو َف ُى ُم ِ ِ
أَنِْف ُقوا ممما َرَزقػْنَا ُك ْم م ْن قَػ ْب ِل أَ ْف َأيِْتَ يَػ ْوٌـ ال بَػ ْي ٌع فِ ِيو َوال ُخلمةٌ َوال َش َف َ
الظمالِ ُمو َف}[البقرة ،]ٕ٘ٗ :فذلق اليوـ ال شفاعة فيو إال ١تن ارتضى -سبحانو وتعاىل.-
فإذف :ىناؾ شفاعة منفية وىي الشفاعة اليت تُطلب من غري هللا ،وىناؾ شفاعة ُمثبتة ،وىذه
الشفاعة املُثبتة تكوف هلل ومن هللا -سبحانو وتعاىل -وحده ،وال تكوف إال أبمرين اثنني:
األمر األوؿ :ىو إذف هللا -سبحانو وتعاىل -للشافع أف يشفعَ { :من ذَا الم ِذي يَ ْش َف ُع ِعن َدهُ إِمال
ِبِِ ْذنِِو}[البقرة ]ٕ٘٘ :إذا ِأذ َف هللا -سبحانو وتعاىل -للشافع أف يشفع فعند ذلق لو أف يشفع ،وإال فهو
ال ٯتلق الشفاعة من عند نفسو كائنًا من كاف.
عمن؟ عن املشفوع ضا أف يتحقق يف الشفاعة املُثبتة :ىو أف يرضى هللا ّ األمر الثان الذي ينبغي أي ً
لو ،كما أخرب هللا -سبحانو وتعاىل -فقاؿَ { :وَال يَ ْش َفعُو َف إِمال لِ َم ِن ْارتَ َ
ض ٰى}[األنبياء ]ٕٛ :إال ١تن
ارتضى.
عند ذلق تثبت الشفاعة٦ ،تن؟ من هللا وإبذف هللا -سبحانو وتعاىل.-
جل يف عُاله.
أما الشفاعة ا١تنفية كما أسلفنا آنفا ،فهي اليت تُطلب من غَت هللا ّ
31
احتج هبا من احتج على إنكار ىذا األصل األصيل الذي
ىناؾ مسألة تتعلق هبذا الباب ،ولطاملا ّ
قررهُ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رمحو هللا:-
ّ
التوسل أبمساء هللا وصفاتو -سبحانو وتعاىل ،-كما جاء عن رسوؿ هللا -
إف الوسيلة املشروعة ىي ُّ
حي ًي قيُّوـ ،بَِر َ
محتك أستغيث) ال برٛتة فالف وال فالف ،وإ٪تا ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أنو قاؿ كما عند الًتمذيً( :ي ُّ
جل يف عُاله.
برٛتتق أستغيث ،فهي وسيلة أبٝتاء هللا وصفات هللا ّ
يتوسل املُسلم أبعمالو الصاْلة إىل هللا ُ -سبحانو وتعاىل ،-أبعمالو
كذلك من الوسيلة املشروعة :أف ّ
يتوسل هبا إىل هللا -سبحانو وتعاىل ،-ما دليل ذلق؟
الفاضلة ،ابلعباداتّ ،
دليل ذلق ما أخرجو الشيخاف البخاري ومسلم من حديث رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص١ ،-تا ق ّ لنا عن أولئق
النفر الثالثة الذين كانوا يف ملاف فنزؿ عليهم ا١تطر ،فدخلوا يف كهف أو يف غار يف اٞتبل ،فسقطت
ونتوسل إليو بصاحل أعمالنا،
عليهم صخرة ،فأغلقت عليهم ذلق الغار ،ماذا فعلوا؟ قالوا تعالوا ندعو هللا ّ
توسلوا لو بصاحل أعما٢تم ،فاألوؿ
توسلوا إىل هللا ىل ابلصاٟتُت؟ ىل ابألولياء؟ ىل ابألنبياء؟ إ٪تا ّ
فهم ّ
الزان
قصتو يف تعفُّفو عن فعل الفاحشة و ّ
قصتو يف ّبره لوالديو وىي طويلة ،واآلخر ذكر ّ كما تعلموف ذكر ّ
تقرب إىل هللا -سبحانو وتعاىل -أبنّوُ حفظ لذلق العامل الذي
ألجل هللا -سبحانو وتعاىل ،-والثالث ّ
عمل أبج ٍر ِ
حف َظ لو أجره و٪تّاهُ لو حىت أاتهُ وسلّموُ ذلق ا١تاؿ دوف أف يُنق منو شيئا.
32
يتوسل هبا إىل هللا -سبحانو وتعاىل :-نعم دعاء الصاْلني
يتوسل هبا املُسلمّ ،
كذلك من األمور اليت ّ
ا١تهدي أمَت ا١تؤمنُت عمر بن ا٠تطاب -هنع هللا يضر
ّ األحياء لوُ ،والدليل على ذلق ما فعلو ا٠تليفة الر ّ
اشدي
نتوسل إليق بنبيّنا
وأرضاه -كما جاء ذلق عند البخاري يف صحيحو ،أنو قاؿ( :اللهم إ ّان ُكنّا ّ
بعم نبيّنا) ما معٌت ذلق؟ ١تا كاف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف حياتو ،كاف الصحابة
نتوسل إليق ّ
«فتسقينا» ،وإنّنا ّ
يسألونو الدعاء ٢تم١ ،تا كاف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -على ا١تنرب ،فدخل ذلق الرجل وقاؿ ىلق الزرع ...إىل غَت
أسبوعا
ً ذلق من كالمو ،ادعُ هللا لنا ،فدعا الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-فأمطر هللا -سبحانو وتعاىل -عليهم السماء
يتوسلوف بدعاء الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-أي :يطلبوف من الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف أثناء حياتو الدنيويّة
من الزماف ،فلانوا ّ
َحيَاءٌ ِعن َد َرِّهبِ ْم}[آؿ عمراف: ال حياتو الربزخيّة؛ ألف تلق عاِل وىذا عاِل آخر ،حياتو الربزخيّة {بَ ْل أ ْ
يتوسلوف إىل الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أي :بطلب
]ٜٔٙعند رّهبم ،وليس عندان ٨تن؛ فإذف يف حياتو الدنيويّة كانوا ّ
الدعاء.
والن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ( :كاف يف األمم قبلكم َُم ّدثوف- ،أيُ :ملهموف -فإف ي ُكن يف ىذه األمة أح ٌد،
فعمر بن اخلطاب) كما جاء عند مسلم.
فإذف عمر ىذا ا١ت ْل َهم ،ىذا الفقيو ،ىذا العاِل اٞتليل ،الصحايب الفاضل ما ذىب وٞتأ إىل قرب الن -
ُ
عم الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يطلب منو
ملسو هلآو هيلع هللا ىلص-؛ ألنو يعلم أنو انتقل إىل الرفيق األعلى ،وللنو ذىب إىل العباس ّ
حي قادر ،فدعا هللا -سبحانو وتعاىل ،-يدعو هللا -سبحانو وتعاىل- ماذا؟ يطلب منو أف يدعو هللا وىو ٌّ
٢تم ،فيُس َقوف كما جاء يف الرواية.
أما ا١تيت فهو أحوج ما يلوف إىل دعاء األحياء لو ،ال أف يدعو ىو لألحياء ،وأنتم تعلموف ِِلَ ُش ِر َعت
أصال ،صالة اٞتنازة على ا١تيت ىي الدعاء للميت ابلرٛتة ،اب١تغفرة ،أبف يتجاوز هللا -
صالة اٞتنازة ً
33
سبحانو وتعاىل -عنو؛ فإذف ليس ا١تيت ىو من يدعو لألحياء ،وإ٪تا األحياء ىم الذين يدعوف للميت،
األحياء ليسوا ْتاجة لألموات ،وإ٪تا األموات ْتاجة لألحياء.
نعم..
صحح مذىبهم َك َفر). (الناقض الثالث :من مل يُك ِّفر املشركني ،أو ّ
شك يف ُكفرىم أو ّ
الشرح:
إٚتاعا ،أي :ساؽ اإلٚتاع على ىذا الناقض ،أال وىو الناقض الثالث من نواقض اإلسالـ.
كفر ً
وىذه القاعدة اٞتليلة قد ّقررىا غَت واحد من أىل العلم ،كاإلماـ ُسفياف بن عُيينة ن ّ عليها ،كاإلماـ
أيب بلر بن عيّاش -رٛتو هللا -ن ّ عليها ،كاإلماـ شبيب النيسابوري -رٛتو هللا -ن ّ عليها ،كاإلماـ
الرازي ن ّ عليها ،كاإلماـ شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو
الرازي ن ّ عليها ،كاإلماـ أيب حامت ّ
أيب ُزرعة ّ
هللا -ن ّ عليها ون ّ على ىذه القاعدة غَت واحد من أىل العلم -رٛتهم هللا رٛتة واسعة.-
34
السنيّة ،اجمللد الثاين ،صفحة :)ٜٔٔ
الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا -يقوؿ كما يف (الدُّرر ّ
ُس ِو ور ِ
أسو ،وىو شهادة أف ال إلو إال هللا، ِ ِ
دتسكوا أبصل دينكم ّأولو وآخره ،أ ّ
(هللا هللا إخوانّ ،
وقربوىم واختذوىم إخوانكم ولو كانوا بعيدين ،وابغضوا الطواغيت
واعرفوا معناىا ،وحبّوا أىلهاّ ،
علي
واكفروا هبم ،وابغضوا من أحبّهم ،أو جادؿ عنهم ،أو مل يُك ّفرىم- ،أو ِل يُل ّفرىم ،-أو قاؿ ما ّ
منهم ،ما كلّفِن هللا هبم؛ فقد كذب ىذا على هللا وافرتى ،بل كلّفو هللا هبم ،وِبلكفر هبم ،وِبلرباءة
منهم).
هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿ{ :قُ ْل ًَي أَيػُّ َها الْ َكافِ ُرو َف}[اللافروف ،]ٔ :وصفهم بوصف اللفرِ ،ل ي ُقل قُل
اي قُريشِ ،ل ي ُقل قُل اي أيها العرب ،وإ٪تا قاؿ{ :قُ ْل َاي أَيػُّ َها الْ َلافُِرو َف}.
(معىن الكفر ِبلطاغوت :أف تربأ من كل عبادة لغري هللا ،وتُبطلها ،وتُك ّفر أىلها وتُعاديهم).
إذف ،ال بد من تلفَت اللافرين سواء كانوا من األصليُت أو من ا١ترتدين ،وعدـ الوقوؼ عن تلفَتىم
بعد أف ك ّفرىم هللا -سبحانو وتعاىل.-
كيف يُل ّفرىم هللا وأنت ُٖتجم عن تلفَتىم!؟ وأنت تقوؿ أنق عب ٌد هلل -سبحانو وتعاىل!-؟ كيف
عمن ك ّفرىم هللا وحلم بلفرىم!؟
تصح عبوديتق هلل تعاىل بعد توقّفق ّ
35
من مل يُك ّفر زي ًدا من الناس فهو كافر ،ومن مل يُك ّفر من مل يُك ّفر زي ًدا فهو كافر ،ومن مل يُك ّفر من مل
يُك ّفر من مل يُك ّفر زي ًدا فهو كافر ،وىكذا..
نقوؿ :ليس األمر كذلق ،ليس فيو تسلسل ،وليس فيو تلفَت ا١تُجتمعات كما ّ
يتوىم البعض؛ وإ٪تا ىذه
قرروهنا دوف علم ودوف بيّنة وال ُسلطاف
القاعدة ٢تا أصوؿ و٢تا ضوابط ،ا١تُرجئة أنفسهم احتاروا فيها وىم يُ ّ
من هللا -سبحانو وتعاىل.-
ضلو وَك ِ
رمو فتح على أىل اٟتق يف تقرير ىذه ا١تسألة ،أال وىي مسألة وللن هللا -سبحانو وتعاىلِٔ -تَنِّ ِو وفَ ِ
ّ
من ِل يُل ّفر اللافرين فهو كافر؛ كيف ذلق؟
نص رسولو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -على تكفريه بعينوَ ،ك َمن ِل
نص هللا -سبحانو وتعاىل ،-أو ّ
أوال :من مل يُك ّفر من ّ
ّ
يُل ّفر فرعوف ،أو ِل يُل ّفر إبليس ،أو ِل يُل ّفر ىاماف ،أو ِل يُل ّفر أاب ٢تب ،أاب جهل ،أاب طالب ..إىل غَت
ذلق ٦تن جاءت النصوص يف تلفَتىم أبعياهنم؛ فهو كافر ،الذي يتوقّف عن تلفَت ىؤالء فهو كافر،
ِِلَ؟ ألنو يُعارض قوؿ هللا -سبحانو وتعاىل ،-يُعارض قوؿ رسولو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف تنزيل ىذه األحلاـ على
أولئق األقواـ.
عمن ِل يُل ّفر إبليس ،قاؿ إبليس ِل يل ُفر ..ماذا قاؿ؟ ِ
الشيخ ابن عثيمُت -رٛتو هللا١ -تا ُسئ َل ّ
قاؿ :من قاؿ ىذه ا١تقولة فقد كفرِِ .لَ؟ استدؿ بقوؿ هللا -سبحانو وتعاىل{ :-إِمال
ين}[البقرة ،]ٖٗ :هللا -سبحانو وتعاىل -ن ّ على ُكف ِره ،وأييت ِ ِ ِِ
استَ ْكبَػ َر َوَكا َف م َن الْ َكاف ِر َ
َب َو ْ
يس أ َ ٰ
إبْل َ
ىذا الرجل ويًتفّع ويتوقّف عن تلفَت إبليس؛ فهذا كافرِِ ،لَ؟ ألنو عارض قوؿ هللا -سبحانو وتعاىل-
ظاىرا.
هنارا ً
جهارا ً
ً
كذلق القوؿ يف كل من عيّنوُ هللا -سبحانو وتعاىل -ابلتلفَت ،أو عيّنو الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -ابلتلفَت .ىذا
أوال.
ً
واثنيًا :من مل يُك ّفر ال ُك ّفار األصليني ،فهو كافر ،الذي يتوقّف كما تروف اليوـ فيما يسمونو ابالنفتاح
و٨تو ذلق ،يقولوف :إخواننا اليهود والنصارى ،إخواننا من ا١تسيحيُت ،من اليهود و٨تو ذلق..
36
طبعا ىذه اللفظة( :أف تُسمي النصارى اب١تسيحيُت) ىذه فيها نوع تزكية ألولئق النصارى اللفار،
* ً
أبنق تنسبهم إىل ا١تسيح -عليو السالـ -وىو براءٌ منهم -عليو السالـ-؛ فاللفظة الشرعية أف هللا ٝتّاىم
ابلنصارى ،هللا ٝتّاىم ابليهود ،فإذف ال نعدو عن ىذه ا١تصطلحات الشرعية وال نبتغي هبا بدال.
إذف من قاؿ بعد كفر النصارى ،بعدـ كفر اليهود ،بعدـ كفر اجملوس ،بعد كفر غَتىم كالبوذيُت وغَتىم
من اللفار األصليُت؛ فهو كافر ابإلٚتاع.
مرة يقوؿ :ىم مؤمنوف من انحية ،و٨تن مؤمنوف من انحية أخرى ،وكل ىذه الطرؽ -
وال يُقبل أنو يُرقّع ّ
والعياذ ابهلل -تُوصل إىل هللا؛ ىذا قد أبطل القرآف من ّأولو إىل آخره.
اإلماـ عبد هللا أاب بطُت -رٛتو هللا -كما يف (الدُّرر السنيّة ،اجمللد الثاين عشر ،صفحة )ٜٚينقل
اإلٚتاع على كفر من توقّف عن تلفَت اليهود والنصارى.
فإذف من توقّف عن كفر اللفار األصليُت وِل يصفهم ٔتا وصفهم هللا -سبحانو وتعاىل -بو؛ فهو كافر.
ىذا اثنيًا.
أما اثلثًا :فمن توقّف عن تكفري من أمجع العلماء على تكفريه بعينو فهو كافر ،كما ذكر اإلماـ
السخاوي -رٛتو هللا -أ مف من توقف يف تلفَت ابن عريب وطائفتو؛ فهو كافر.
ّ
طبعا فرؽ كما تعلموف بُت ُ٤تيي الدين الذي ىو ُ٤تيي الشرؾ ابن عريب صاحب (الفصوص) ،وبُت
* ً
ا١تاللي -رٛتو هللا ،-فرؽ بينهما كما بُت الثرى والثُّرّاي ،كما بُت
ّ العريب
العالمة أيب بلر ابن ّ
اإلماـ ّ
السماء واألرض ،ذاؾ ابن عريب صاحب (الفصوص) ،العلماء كاإلماـ السخاوي وكبعض األئمة
الشافعيّة ونقل وذلق شيخ اإلسالـ ابن تيمية والشيخ ا١تج ّدد دمحم بن عبد الوىاب أ ّف من توقّف يف
ُ
تلفَت ابن عريب فقد كفرِِ ،لَ؟ ألف العلماء قد أٚتعوا على تلفَته ،ال سيما وىو يقوؿ ابٟتلوؿ -والعياذ
ابهلل ،-يقوؿ ابالٖتاد -والعياذ ابهلل.-
37
ويتوقّف عن تلفَت ىذا اللافر الذي ك ّفره العلماء إذف من أٚتع العلماء على كفره ،مث أييت شخ
إٚتاعاً؛ فهو كافر.
من األشخاص ابللفر ،فعند ذلق ال يُقاؿ بتلفَت من توقّف أما لو اختلف أىل العلم يف تعيُت شخ
عن تلفَته.
اٟتجاج بن
اإلماـ اٟتافظ ابن حجر العسقالين -رٛتو هللا -كما يف (هتذيب التهذيب) يذكر ويقوؿ أف ّ
كمجاىد ،وكابن أيب النجود ،وكالشع ّ -
يوسف الثقفي ك ّفره ٣تموعة من العلماء ،كسعيد بن جبَت ،و ُ
على تلفَته وتوقّف عن تلفَت اٟتجاج وىذا ىو رٛتو هللا -وكغَتىم؛ وللن بعض أىل العلم ِل ين
الصحيح ،فهل يُقاؿ ب ُل ْفر من لق يُل ّفر اٟتجاج!؟ ال يُقاؿ بذلق ،بل اإلماـ طاووس اليماين -رٛتو
سموف اٟتجاج ُمؤمنا!
أتملوا -إلخواننا من أىل العراؽ ،يُ ّ
عجبت إلخواننا ّ -
ُ هللا -يقوؿ:
أما من أٚتع العلماء على تلفَته ،فعند ذلق من توقف عن تلفَته فهو كافر.
وأخريا يف تقرير ىذا الناقض والتأصيل والتنظري حولو ِبلضواب .الشرعية نقوؿ :من ِبنت لو
ً ابعا
رً
ِبألدلّة الشرعية ُك ْفر فُالف من الناس ،مث توقف عن تكفريه؛ فهو كافر ،سواء أمجع الناس والعلماء
عمًرا قد ارتلب اللفر ونزؿ
يدا ،أف ْ على تكفريه بعينو أو مل َُيمعوا ،إذا ّ
تبُت لو ابألدلة الشرعية أف ز ً
اللفر عليو ابلضوابط الشرعية ،مث توقف عن تلفَته بعد ذلق ١تصلحة يراىا -والعياذ ابهلل ،-لشهوة،
لنحو ذلقٟ ..تظوظ النفس عن تلفَته ،فهو كافر.
ِ
رد النصوص الشرعية ،عن مواالة ا١تشركُت ،كما سيأيت معنا يف الناقض الثامن،
فليح َذر اإلنساف عن ّ
ْ
ُ
ؤدي بو إىل أف يُنزؿ عليهم أحلاـ ا١تسلمُت،
كيف يُوايل ا١تشركُت؟ حينما يتوقّف عن تلفَتىم ،يُ ّ
األحلاـ ا١تتعلقة أبىل اإلسالـ وعلى رأسها الوالء للمسلمُت ،اٟتب للمسلمُت ،كما سيأيت معنا إبذف
ُ
هللا -سبحانو وتعاىل.-
38
ش ِاق ِق ال مرس َ ِ ِ
ني لَوُ ا ْهلَُدى}[النساء]ٔٔ٘ :؛ فإذف ّ
يتبُت لو ا٢تُدى من أقواؿ رسوؿ وؿ م ْن بَػ ْعد َما تَػبَػ م َ ُ { َوَم ْن يُ َ
هللا ،من أقواؿ هللا -سبحانو وتعاىل -يف حلم فالف من الناس ابللفر ،مث يُشاقق الرسوؿ -ﷺ -وٯتتنع
عن تلفَت ىذا الرجل؛ عند ذلق تُ ّنزؿ عليو ىذه القاعدة ،يُ ّنزؿ عليو ىذا الناقض -والعياذ ابهلل :-من ِل
صحح مذىبهم فقد كفر.
شق يف ُكفرىم أو ّ
يُل ّفر ا١تشركُت أو ّ
نعم ..لعلّنا نقف عند ىذا اٟتد ،وهللا -سبحانو وتعاىل -أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو
وصحبو أٚتعُت.
(أسئلة اْلضور)
ك لِ َم ْن
اَّللَ ال يَػ ْغ ِف ُر أَ ْف يُ ْش َر َؾ بِ ِو َويَػ ْغ ِف ُر َما ُدو َف َذلِ َ
يقوؿ :إف هللا –سبحانو وتعاىل -قد قاؿ{ :إِ مف م
شاءُ}[النساء ،]ٔٔٙ :يقوؿ :ما الدليل على أف هللا -سبحانو وتعاىل -يغفر ملن اتب من الشرؾ؟ يَ َ
ب ما قبلو) ،فاإلسالـ
قاؿ الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما عند مسلم ،لعمرو ،قاؿ لو( :أما علمت أف اإلسالـ ََيُ ّ
ب ما قبلو من الشرؾ واللفر ،وىل كاف أغلب الصحابة -مهنع هللا يضر وأرضاىم -وىل كاف أغلب الصحابة
٬تُ ّ
39
من أصحاب رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قبل البعثة إال من ا١تشركُت؟ إال من اللافرين الذين يعبدوف غَت هللا -
سبحانو وتعاىل -ويدعوف غَت هللا -سبحانو وتعاىل!-؟ فلما أسلموا ك ّفر هللا -سبحانو وتعاىل -عنهم
كل ذلق الشرؾ واللفر -والعياذ ابهلل -بفضلو -سبحانو وتعاىل -ومنّو وكرمو؛ بل تُب ّدؿ تلق السيئات
ابٟتسنات واألجور وذلق من فضل هللا -سبحانو وتعاىل -وسعة فضلو.
فإذف الصحابة -رضواف هللا تبارؾ وتعاىل عليهم ،-أو أغلب الصحابة -رضي هللا تبارؾ وتعاىل عليهم-
كانوا قبل البعثة بعثة الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كانوا يقًتفوف بعض الشركيات ،للن ١تا اتبوا اتب هللا عليهم ،والتائب
من الذنب مهما كاف ىذا الذنب كمن ال ذنب لو.
يقوؿ :ىل سبب تكفري من مل يُك ّفر الكفار ىو أنو ر ّد كالـ هللا -سبحانو وتعاىل -ور ّد كالـ النيب -
ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -؟
اإلجابة :نقوؿ :تلفَت من ِل يُل ّفر اللفار ىو من ابب التلفَت ابلّلوازـ ،ويلزـ من ىذا الفعل ً
لزوما وثي ًقا
ْتيث ال ينفق عنو -إال أف يشاء هللا -يلزـ منو لوازـ عديدة ُمل ّفرة ،منها :رد كالـ هللا -سبحانو
وتعاىل -وكالـ الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-ومنها عدـ الرباءة من الشرؾ وأىلو.
نعم..
اإلجابة :قلنا على حسب ذلق التأصيل الذي ذكرانه :إف كاف ىذا الطاغوت قد أٚتع العلماء على
تلفَته بعينو ،فهو كافر إذا توقّف عن تلفَته ،إف كاف ىذا الطاغوت من اللفار األصليُت ،فإف توقف
هللا -سبحانو وتعاىل -على ذكره بعينو َكفرعوف.. عن تلفَته فهو كافر ،إف كاف ىذا الطاغوت ٦تن ن
فرعوف طاغوت ،إبليس طاغوت كما قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا :-ورؤوس الطواغيت
ٜتسة ،وذكر منهم إبليس؛ فمن توقف عن تلفَته فهو كافر.
41
طاغوات من الطواغيت ،فهذا
ً مث إف كاف ىذا الطاغوت من ا١تسلمُت يف بداية حياتو مث ارت ّد وكفر وأصبح
تبُت ٢تذا الشخ كفر ىذا الطاغوت ،مث توقف وامتنع عن تلفَته؛ فهو كافر.
يُنظر فيو ،فإف ّ
نعم..
يقوؿ السائل :ماذا تعِن بوحدة الوجود؟ مث قاؿ :ونريد نُبذة َُمتصرة عن ىذه الفرقة وىل السيد
قطب -رمحو هللا -يقوؿ هبا؟ وما حكم من يقوؿ هبا؟
اإلجابةً :
طبعا وحدة الوجود ىؤالء الذين يقولوف بذلق -والعياذ ابهلل -ىم أكفر من اليهود والنصارى
كما قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا ،-إذ أف ىؤالء النفر من غُالة الصوفية ومن النصَتية ومن
حل يف ٥تلوقاتو -
الدروز وأمثا٢تم الذين يقولوف بوحدة الوجود ،ىم -والعياذ ابهلل -يقولوف أبف هللا ّ
والعياذ ابهلل ،-يقولوف( :أف هللا يف كل ملاف بذاتو) -تعاىل هللا عن ذلق عُلوا كبَتا -والعياذ ابهلل ال نُريد
أف ُ٧تري على أٝتاعلم بعض األلفاظ ٦تا يقولونو يف ىذا الباب من قو٢تم إف هللا يف كل ملاف بذاتو -
والعياذ ابهلل( ،-أف هللا يف ملاف كذا وكذا وكذا٦ )..تا تعلموف من أماكن القاذورات و٨توىا ،تعاىل هللا
عن ذلق عُلوا كبَتا.
ويقوؿ قائلهم( :ما يف اٞتُبّة إال هللا) -والعياذ ابهلل ،-ويقوؿ قائلهم( :وما الللب وا٠تنزير إال إ٢تُنا) -
والعياذ ابهلل -إىل غَت ذلق ..فهؤالء ىم أصحاب اٟتلوؿ ،ىؤالء ىم اٟتلوليّة ،ىؤالء ىم أصحاب وحدة
الوجود.
اليهود وىم كفرة أشركوا ابهلل بعض ٥تلوقاتو ،وقالوا ْتلوؿ هللا يف بعضهم ،كحلوؿ هللا يف عُزير -والعياذ
ابهلل ،-النصارى قالوا ْتلوؿ هللا يف عيسى -والعياذ ابهلل ،-وىؤالء كفار ابإلٚتاع ،وىم -والعياذ ابهلل-
زعموا حلوؿ هللا -سبحانو وتعاىل -يف بعض ٥تلوقاتو ،فليف ٔتن يتجاوز كفر النصارى وكفر اليهود إىل
حل يف ٚتيع ٥تلوقاتو -والعياذ ابهلل!-
دركات سحيقة ويقوؿ أبف هللا ّ
قرر
يقوؿ( :ىو أان وأان ىو) ىذا ابن عريب صاحب (الفصوص) ،إىل غَت ذلق من ألفاظو اللفرية اليت يُ ّ
فيها مسألة وحدة الوجود ،وىذا كفر ال خالؼ فيو بُت اثنُت من العلماء وال ينتطح فيو كبشاف.
41
الشاىد أف ىذه مسألة ُمل ّفرة أٚتع العلماء على تلفَت القائل هبا وا١تتلبّس هبا كابن عريب ،وِل يلتفوا
ُ
بذلق بل ك ّفروا من توقّف يف تلفَتىم.
البقر
علي إذ ِل تفهم ُ
علي نسج القوايف من منابتها ...وما ّ
ّ
صحيح والفهم قبيح ،وما آفة األخبار إال ُرواهتا. ىذا الفهم انتج عن فهمهم؛ وكما قيل :الن
تبحرهِ يف اللغة واألدب وجهل أولئق األقواـ الذين يتصيّدوف يف ِ
ب لسيّد نتيجة عن ّ
فإذف ىناؾ كالـ نُس َ
ا١تاء العلر .ىذا أوال.
42
أيضا صفة من صفات النساء كما أخرب الن -ﷺ -كما
كذلق فيهم صفة قلنا من صفات اليهود ،و ً
يف اٟتديث ا١تتّفق عليو ١تا قاؿ «فيما معناه» :تل ُفرف ،فقالت النساء :أنلفر ابهلل -سبحانو وتعاىل-؟
ُ
قاؿ :ال ،وللن تل ُفرف العشَت ،إف أحسن إليلم الدىر كلو مث رأت إحداكن منو ما تلره ،قالت :ما
خَتا قط.
رأيت منق ً
فهذا ىو البُهتاف وىذا ىو عدـ اإلنصاؼ ،ىذه الصفات يتخلّق هبا أولئق األقواـ الذين يُزعجوف
ا١توحدين بطعنهم وثلبهم على ا١تج ّددين يف أبواب اٟتاكمية وأبواب الوالء والرباء بلوازـ شىت ال تلزمهم،
ُ
خبث -والعياذ ابهلل -وعدـ إنصاؼ. قلنا إما عن سوء فهم وإما عن ٌ
اإلجابةً :
طبعا ابن سينا ذكر شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا رٛتة واسعة -عن ا٠تُضَت عن شيوخو،
أيضا
أتملوا ،وىذا فيو ً
كافرا ذكياّ ..
كافرا ذكيّا) ..كاف ً
كت علماء ُٓتارى يقولوف( :ابن سينا كاف ً
قاؿ :أدر ُ
أتملوا إىل إنصاؼ أولئق العلماء مع حلمهم على ابن
إشارة إىل ما سبق اللالـ عنو حوؿ اإلنصاؼّ ،
مثال نقوؿ عن عنًتة ونشهد عليو ابللفر ،للن ال ننفي
سينا ابللفر إال أهنم شهدوا لو ابلذكاء ،فنحن ً
عنو صفة الشجاعة ،حامت الطائي كافر مشرؾ للن ال ننفي عنو صفة اللرـ ،وىلذا ..للن أولئق من
مرجئة العصر يُنلروف ويسلبوف اإلنساف إذا خالفهم من كل فضيلة ويتّهمونو بلل نقيصة.
ابن سينا حلم عليو عدد من أىل العلم ابللفر والزندقةِِ ،لَ؟ لفلسفتو ،كما قيل :من ٘تنطق ..تزندؽ.
ىذه الفلسفة ّأدت بو إىل أمور قاؿ هبا ،وال أريد أف أُع ّلر صفو عقوللم ال سيّما يف ىذه العُجالة بتلق
الشطحات والفلسفات يف ذات هللا ويف ُرسلو ويف غَت ذلق ،قالوىا من ٤تض عقو٢تم الفاسدة اللاسدة.
ّ
43
فوت ويُصلّي ..وىكذا..؟
يقوؿ :ما حكم من يُقطّع يف صالتو ،يُصلّي اترة ويقطع اترة ،يُ ّ
اإلجابة :تعلموف أف العلماء -رٛتهم هللا -اختلفوا يف مسألة اترؾ الصالة على ثالثة أقواؿ :أما القوؿ
األوؿ فهو قوؿ اٞتمهور من األحناؼ وا١تاللية والشافعية؛ وىو قوؿ مرجوح أف اترؾ الصالة ال يلفر إال
إذا جحد وجوب الصالة.
أما القوؿ الثاين وىو قوؿ اٟتنابلة ومن قاؿ بقو٢تم :وىو بتلفَت اترؾ الصالة.
أما القوؿ الثالث وىو قوؿ الظاىرية كاإلماـ ابن حزـ -رٛتو هللا :-ىم قالوا بتلفَت من ترؾ صالة
واحدة.
تعمد فًتؾ
اٟتنابلة قالوا :من ترؾ جنس الصالة ال يُصلي ال يركع هلل ركعة فهذا كافر ،الظاىرية قالوا من ّ
صالة واحدة بدوف عذر إىل أف ٮترج وقتها؛ فهو كافر.
الراجح يف ىذه املسألة وهللا -سبحانو وتعاىل -أعلم لتضافر األدلّة :ىو قوؿ اْلنابلة؛ من ترؾ
ِ ِ ِ
ص َال َة َوَال تَ ُكونُوا م َن ال ُْم ْش ِرك َ
ني}[الروـ: يموا ال م
جنس الصالة كفر ،وهللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿَ { :وأَق ُ
ٖٔ] ،الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يقوؿ( :بني الرجل وبني الشرؾ والكفر ترؾ الصالة ،فمن تركها فقد كفر)،
عرؼ الشرؾ ب(اؿ) التعريف( ،بُت الرجل وبُت الشرؾ واللفر ترؾ
فعرؼ اللفر ب(اؿ) التعريفّ ،
ّ
الصالة ،فمن تركها فقد كفر).
كما قاؿ شيخ اإلسالـ -رٛتو هللا -يف (اقتضاء الصراط ا١تستقيم) :أف اللفر إذا عُِّر َ
ؼ ب(اؿ التعريف)
فإ٪تا يُراد بو اللفر األكرب ا١تخرج من ا١تلة.
ُ
مثال :قاؿ -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( -اثنتاف يف الناس مها هبم كفر،
ُخر ً
ِل ي ُقل الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما قاؿ يف أحاديث أ َ
النياحة على امليت ،والطعن يف األنساب) ،فقاؿ كفر وِل ي ُقل اللفرِ ،ل يُ ّ
عرفوُ ب(اؿ) التعريف ،فهنا
يف ترؾ الصالة قاؿ :اللفر.
44
رجال
أف يلوف امرأة وىي يف عذرىا الشرعي الذي ىو اٟتيض أو النفاس يف تركو للصالة ،أو أف يلوف ً
غَت عاقل٣ ،تنوف ،أو ّأال يلوف من ا١تسلمُت.
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ( :ألست برجل مسلم!؟) فإذف سألو عن عدـ صالتو ،كذلق األحاديث كثَتة يف ىذا
حيل دـ امرئ
الباب ،الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما يف حديث ابن مسعود الذي أخرجو يف الصحيحُت ،قاؿ( :ال ّ
مسلم إال ِبحدى ثالث :الثيّب الزان ،والنفس ِبلنفس ،والتارؾ لدينو املُفارؽ للجماعة)ٚ ،تهور
العلماء الذين توقفوا عن كفر اترؾ الصالة وقالوا ىو ال يلفر إال إذا جحد ،قالوا يُستتاب ،واختلفوا يف
ردةً.
مدة االستتابة ،وإال قُتل ..قالوا :يُقتل حدا ،واٟتنابلة قالوا :يُقتل ّ
نقوؿ ٢تم ونوقف اٞتمهور وىم على أعيننا ورؤوسنا ،نقوؿ ٢تمَِِ :ب قتلتموه؟ كيف استحللتم دموُ؟ والن
٭تل دـ امرئ مسلم إال إبحدى ثالث)!!؟ إما أف يلوف ىو ثيّب ز ٍاف ،واترؾ الصالة -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ (ال ّ
يبق إال ٍ
ليس بثيّب زاف ،وإما أف يلوف النفس ابلنفس ،واترؾ الصالة ِل يقتل حىت يُقت منو ،فلم َ
الثالث :التارؾ لدينو؛ إذف اترؾ الصالة -ويُلزـ اٞتمهور بذلق -اترؾ الصالة ىو اترؾ لدينو كما أخرب
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
مث إف الصحابة قد أٚتعوا كما يف حديث عبد هللا بن شقيق على كفر اترؾ الصالة؛ إذف ال يُعتد ٓتالؼ
من خالف بعد إٚتاع الصحابة ،إذا أٚتع الصحابة على مسألة مث اختلف من بعدىم على أقواؿ ،ال
يُلتفت لتلق األقواؿ يف ُمقابل إٚتاع الصحابة -مهنع هللا يضر وأرضاىم.-
مث يف قوؿ اٞتمهور ابشًتاط أف ٬تحد اترؾ الصالة ليلفر؛ نقوؿ :جحود وجوب الصالة كفر ُمستقل
فوت منها وىو جاح ٌد لوجوب
رجال يصلي الصلوات وال يُ ّ بذاتو ،سواء صلى أو ِل يُ ِّ
صل ،لو فرضنا أف ً
الصالة ..ماذا تقولوف فيو؟ يُل ّفرونو وال يتوقفوف يف تلفَته؛ إذف اٞتحود مناط مستقل يف تلفَت اترؾ
الصالة.
والن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -وىو أفصح من نطق ابلضاد كاف يستطيع أف يقوؿ :من جحد الصالة فقد كفر ،كاف
يستطيع أف يقوؿ :بُت الرجل وبُت اللفر والشرؾ جحد الصالة ،فمن جحدىا فقد كفر ،وللنو ِل ي ُقل
ذلق -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
45
و٩تتم إىل ىذه الفائدة اليت ذكرىا شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا رٛتة واسعة -يف (٣تموع الفتاوى،
يف اجمللد السابع) حيث قاؿ( :إف من توقّف عن تلفَت اترؾ الصالة إ٪تا دخلت عليو ُشبهة اإلرجاء).
وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
46
الدرس الثالث
ذؿ من عصاه ،والصالة والسالـ على نبيو عز من أطاعوُ ،م ِّ
بسمميحرلا نمحرلا هللا ،اٟتمد هلل ُم ّ
ِ
وصحبو ومن وااله ،أما بعد: ومصطفاه ،وعلى ِ
آلو ُ
فقد تللّمنا وإايكم ْتوؿ هللا وفضلو وطَولِِو عن بعض نواقض اإلسالـ ،تللمنا عن الشرؾ واإلشراؾ،
يتقربوف إليهم
تللمنا عن االستغاثة واالستعانة بغَت هللا ،وجعل بعض ا١تخلوقُت وسائط بُت أولئق الذين ّ
عرجنا على الناقض الثالث من نواقض اإلسالـ وىو :من ِل
من دوف هللا وبُت هللا -سبحانو وتعاىل ،-مث ّ
صحح مذىبهم فقد كفر ،وىا ٨تن وإايكم مع الناقض الرابع شق يف ُكفرىم أو ّيُل ّفر ا١تشركُت أو ّ
ُ
ابلتعليم والتعلّم ال ابالقًتاؼ والعياذ ابهلل..
نعم..
قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رمحو هللا تعاىل -يف رسالة نواقض اإلسالـ:
(الناقض الرابع :من اعتقد أف غري ىدي النيب ملسو هيلع هللا ىلص أكمل من ىديِ ِو ،أو أ ّف ح ْكم غريهِ
ُ َ ُ َ َ
الطواغيت على ُح ْك ِم ِو ،فهو كافر).
ِ ض ُل ُح ْك َمأحسن من ُح ْك ِم ِو ،كالذي يُف ّ
ُ
نعم ..ابرؾ هللا فيق.
الشرح:
ومسلمة ،أف أفضل األحلاـ أحلاـ هللا - من ا١تعلوـ ومن األمور البديهيّات ا١تُسلّمات عند كل ُمسلم ُ
ْم هللا -سبحانو وتعاىل -ىو
سبحانو وتعاىل -اليت ال أيتيها الباطل من بُت يديها وال من خلفهاُ ،حل ُ
أفضل وأكمل األحلاـ ،كيف والن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يقوؿ كما يف اٟتديث الذي أخرجو اإلماـ مسلم( :أما
47
جل يف عُاله يقوؿ{ :أَفَ ُح ْك َم ٍ
بعد ،فإ ّف خري الكالـ كالـ هللا ،وإف خري اهلدي ىدي َممد ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ،هللا ّ
اَّلل ُح ْك ًما لَِّق ْوٍـ يُوقِنُو َف}[ا١تائدة ،]٘ٓ :أما من يف قلوهبم َد َغل وريب
اىلِيم ِة يػبػغُو َف ومن أَحسن ِمن مِ
ََ ْ ْ َ ُ َ َْ
ا ْْل ِ
َ
فضلوف أحلاـ اٞتاىلية ،سواء أحلاـ اٞتاىلية األوىل أو ا١تعاصرة على أحلاـ هللا -
ونفاؽ ومرض فهم يُ ّ
ُ
سبحانو وتعاىل.-
ديننا وتطبيق ىذا الدين بُت األانـ من أيسر ما يلوف ،كما قاؿ -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف ما أخرجو اإلماـ البخاري يف
السمحة) فما أيسر تطبيق
(أحب األدًيف إىل هللا اْلنيفيّة ّ
ّ األدب ا١تفرد ،أف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ:
األحلاـ الشرعية ،وللن بعض من يف قلبو مرض ٮتتلع وٮتًتؽ وٮتتلق األعذار ىنا وىناؾ ،اترة يتع ّذر
ابلغرب وبرضا ا١تخلوقُت ،واترة يتع ّذر بصعوبة تطبيق تلق األحلاـ السهلة اليسَتة ،واترة يتعلق ويتشبث
بقولو أف ىذه األحلاـ ال تصلح ٢تذا الزماف أو ال تصلح ٢تذا ا١تلاف -والعياذ ابهلل تعاىل.-
لو نظران وأتملنا يف واقع دولة الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -األوىل يف ا١تدينة ،كم حادثة حدثت يف واقعة السرقة؟ كم
يشرب ا٠تمر؟ إىل غَت ذلق. انزلة نزلت يف مسألة الزان؟ كم مرة أُيت بشخ
مث قارهنا ابلوقائع ا١تعاصرة ،كم مرة وكم تسمع وكم ترى من وقائع الزان ا١تتعددة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل!
بل ومسائل االغتصاب -والعياذ ابهلل ،-مسائل السرقات ح ّدث وال حرج ،بدءًا من األرقاـ العالية اليت
ال ُ٭تسن تعدادىا العبد الفقَت من ا١تاليُت وما ىو أكثر من ذلق إىل ما ىو أقل من ذلق ،السرقات
اليوـ متنوعة ومتلونة ،أشلاؿ عديدة يف السرقات واالختالسات واالغتصاابت واالنتهاؾ ..إىل غَت
ذلق.
الزان كما أسلفنا كثَت نسأؿ هللا -سبحانو وتعاىل -السالمة والعافية ،كما جاء عن رسوؿ هللا -ﷺ -أنو
ذكر إذا فشا الزان يف قوـ أىللهم هللا -سبحانو وتعاىل.-
فيم قُتِل ،القاتل ال يدري على ماذا قتل ذلق الشخ ،
والقتل ح ّدث وال حرج ،يُقتل اإلنساف ال يدري َ
كثػَُر ا٢ترج بُت الناس كما قاؿ الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف عالمات الساعة.
س على ذلق من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ،ما كاف اإلنساف أف يتصور أف تقع ىذه الواقعة ِ
مث ق ْ
أبدا! وللن بسبب تنحية حلم هللا واستبدالو هبذه القوانُت الوضعية
أو تلق الواقعة وىو على قيد اٟتياة ً
الوضيعة اليت ىي ال تُغٍت وال تُسمن من جوع ،وكما قيل :من ِأم َن العقاب ..ساء األدب.
48
ويتجارى هبم ا٢توى -والعياذ ابهلل -يف ظل ىذه األحلاـ اليت ىي كعجوة قريش ١تا يصنعوف تلق
التماثيل واألصناـ من التمر مىت ما جاعوا أكلوا منها ،كذلق ىذه القوانُت الوضعية الوضيعة مىت ما
جاعوا أكلوا منها ،وال حوؿ وال قوة إال ابهلل.
إذف هللا -سبحانو وتعاىل -ىو الذي خلق ىذا ا٠تلق ،وىو الذي خلق ىذه األرض ،وىو الذي أنزؿ
حلما ُمهيمنًا على ٚتيع الشرائع
حاكما ً اللتاب الذي ال أيتيو الباطل من بُت يديو وال من خلفو ،أنزلو ً
اخلَبِريُ}[ا١تلق ،]ٔٗ :بلى!
يف ْحرفة أو الوضعية {أ ََال يَػ ْعلَ ُم َم ْن َخلَ َق َو ُى َو اللم ِط ُ
ا١تنسوخة أو ا١تُ ّ
هللا -سبحانو وتعاىل -يعلم ما يُصلِح العباد وما يُصلِح البالد ،فلل جرٯتة وضع هللا -سبحانو وتعاىل-
عليها حدا ،عقوبة ُمق ّدرة بقدر؛ فأحلاـ هللا ٟتِِ َل ٍم ىو يراىا -سبحانو وتعاىل -ويعلمها -سبحانو
وتعاىل -وىي أصلح وأ٧تع وأنفع للعباد لو كانوا يعلموف.
الشيخ دمحم ىا ىنا يتطرؽ إىل انقض من نواقض اإلسالـ ا١تنتشرة العظيمة( :ومن اعتقد أف غَت ىدي
فضل -ويف بعض النسخ-
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أكمل من ىديو أو أف حلم غَته أحسن من حلمو ،كالذي يُ ّ
انقض من نواقض اإلسالـ.
فضلوف حلم الطواغيت على حلمو) ..فهذا ٌ
كالذين يُ ّ
لكن لعل بعض مرجئة العصر يتشبثوف هبذا اللفظ :أف الشيخ قاؿ (من اعتقد) قالوا إذف ىو حصر
ىذا الناقض يف االعتقاد وليس يف العمل!
نقوؿ :إنو ِل ٭تصر ذلق ،ومن أين للم اٟتصر والقصر!! ىو تللم على مسألة وعلى صورة انزلة يف زمنو
أيضا يف زماننا ،فال يعٍت أنو ٭تصر يف مسألة تلفَت
أف بعض الناس يعتقد ىذا االعتقاد وىو حاصل ً
اٟتاكم بغَت ما أنزؿ هللا يف اٟتاكم ا١ت ِ
عتقد أف حلم غَت هللا أفضل من حلم هللا -سبحانو وتعاىل ،-ال
ُ
يُؤخذ من ذلق أنو ٭تصر وإال لقاؿ :ال يلفر حىت يعتقد! فعند ذلق نعم ،نقوؿ إنو حصر وىو ِل يفعل
ذلق وحاشاه.
أيضا ذكر اإلماـ ابن العريب ا١تاللي صورة من الصور وقاؿ( :من زعم أف ىذا اٟتلم من عند هللا
كما ً
فقد كفر) أييت مرجئة العصر ويقولوف :أتملوا إىل كالـ ىذا اإلماـ أنو قاؿ يزعم أنو من عند هللا! إذف
يقولوف ال يلفر اٟتاكم بغَت ما أنزؿ هللا إال إذا زعم!
49
نقوؿ :من أين ىذا اٟتصر!؟ ىو ذكر كمثاؿ على ا١تسألة ،ذكر كصورة من صور ا١تسألة أف من اعتقد
أف حلم هللا -سبحانو وتعاىل -أو حلم غَت هللا -سبحانو وتعاىل -أفضل وأحسن وأكمل من حلمو
فقد كفر ،ىذه صورة من الصور.
فسئِلت عن ذلق ،فقلتوسب الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصُ -
سب هللا ّ
رجال من الناس ّ
لو أان نزلت انزلة بُت يدي أف ً
سب هللا فقط؟
وسب رسولو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فقد كفر ،ىل يقوؿ قائل إف أاب سفياف ال يُل ّفر من ّ
سب هللا ّ
من ّ
معا!؟ ال يقوؿ ذلق قائل وال يلزمٍت ىذا القوؿ ،أان أتللم
ال يُل ّفر إال من سب هللا وسب الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصً -
عن صورة حدثت بُت يدي ،صورة منتشرة؛ أهنم سبّوا هللا وسبّوا الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فأان ّقررت ىذه ا١تسألة
أين أشًتط اجتماع ىذاف ا١تناطاف ،ال فقلت :من سب هللا وسب الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كفر ،فال يُؤخذ من قويل ّ
سب الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كفر؛ وللٍت أتللم
سب هللا كفر كذلق من ّ
يؤخذ منو ذلق ،بل أان أعتقد أف من ّ
وسب الن
سب هللا ّوسب الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فقلت من ّ
سب هللا ّعن صورة معينة حدثت أف ذلق الفاعل ّ
-ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فقد كفر.
كذلق ىا ىنا ،حينما يقوؿ من اعتقد أف غَت ىدي الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أكمل من ىديو ،أو أف حلم غَت
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أفضل من حلمو ،فقد كفر؛ ىو يتللم عن صورة معينة يف ىذه ا١تسألة ،فال يُقيّد تلفَت
اٟتاكم بغَت ما أنزؿ هللا يف مسألة االعتقاد ،نقوؿ نعم ..من اعتقد ،فهو أضاؼ مناط آخر ،أضاؼ
سيمر معنا إف شاء هللا.
مناطًا للمناط ا١تُل ّفر األوؿ وىو اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا كما ُ
فإذف الذي يعتقد أف غَت حلم هللا -سبحانو وتعاىل -أفضل من حلمو ىذا مناط مستقل يف التلفَت،
فضل حلم غَت هللا على حلم هللا - ِ
سواء حلم ْتلم هللا ،أو ِل ٟتلم ْتلم هللا ،ىو كافر ِلَ؟ ألنو ّ
سبحانو وتعاىل ،-فهذا مناط مستقل من مناطات التلفَت يف ىذه ا١تسألة.
مث هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿً{ :ي أَيُّػها الم ِذين آمنوا َال ُِحتلُّوا َشعائِر مِ
اَّلل}[ا١تائدة ]ٕ :كيف استحلوا َ َ َ َُ َ َ
شعائر هللا!؟ قاؿ اإلماـ القرط -رٛتو هللا( :-إف استحال٢تا استبدا٢تا)؛ إذف استحالؿ شعائر هللا ىو
استبدا٢تا بغَتىا ،فهذا ىو االستحالؿ الذي ذُكَِر فيما يفعلو بعض اللفار من قريش يف تبديل األشهر
حرموُ هللا -سبحانو وتعاىل -من تلق األشهر. اٟتُُرـ ،تبديل األشهر اٟتُُرـ يعٍت أهنم استحلّوا ما ّ
51
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمُت -رٛتو هللا -أنو ال يعقل أف إنساان يًتؾ شيئا إىل ٍ
شيء آخر إال وىو يعتقد ً ً ُ
ضرورًة أف ىذا الشيء الذي صار إليو أفضل من الذي تركو.
من ترؾ سيارة ،دابّة ،واستبد٢تا بغَتىا فهذا ابلضرورة العقلية ِل يًتؾ األوىل ويصَت إىل الثانية إال أنو يعتقد
أف الثانية أفضل من األوىل ٍ
بوجو من الوجوه ،إما أهنا أكمل طر ًازا ،إما أهنا أريح لو ،إما أهنا أرخ لو،
إما أنو ُ٭تسن قيادة ىذه السيارة أفضل من تلق ..إىل غَت ذلق؛ فهو يعتقد تفضيل ىذه السيارة بوجو
من الوجوه على اليت تركها ،فمن ترؾ شيئًا وصار إىل غَته ىو ابلضرورة العقلية يعتقد أف ذلق الشيء
الذي صار إليو أفضل من الذي تركو.
لرىا غَت ٥تتار ألفعالو ،فهو ترؾ ىذه السيارة إىل السيارة األخرى قد أُكِ ِرَه على ذلق
اللهم إال إف كاف ُم ً
فعند ذلق نعم ،ىو ليس ٔتختار ىو ِل يعتقد التفضيل ،وللن األصل ىو توافق الظاىر مع الباطن كما
جاء يف حديث النعماف بن بشَت -هنع هللا يضر وأرضاه ،-كما يف الصحيحُت( :أال إف يف اْلسد مضغة ،إذا
صلحت صلح سائر اْلسد ،وإذا فسدت فسد سائر اْلسد ،أال وىي القلب).
ىذا من حيث األصل أف اإلنساف ما يًتؾ حلم هللا -سبحانو وتعاىل -إىل حلم غَته إال أنو يعتقد
ابلضرورة العقلية أف ذلق اٟتلم أفضل وأعدؿ من حلم هللا -سبحانو وتعاىل ،-ال سيما إف ٕتارى أكثر
فصرح أبف ذلق اٟتلم ا١تخالف ٟتلم هللا ىو العدؿ ،يسموهنا ٔتحاكم العدؿ ،يسموهنا بوزارة العدؿ؛ إذ
ّ
فضلوا وق ّدموا
أهنم يروف فيها العدؿ احملض دوف حلم هللا وحلم رسولو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-فال شق أف ىؤالء ّ
ىذه األحلاـ الوضعية على تلق األحلاـ السماويّة.
وىنا نقف وقفة من ِبب التأصيل والتقعيد هلذه املسألة اْلليلة اليت كثُػ َر فيها اللغ .يف ىذه األًيـ،
ومتقوؿ ،بعلم وبغري علم ،بفهم وبغري فهم ،الكل ُيوض يف ىذه
وكثر فيها االختالؼ بني قائل ّ
املسألة من ِبب الرتقيع لبعض الطوائف ،ولبعض اْلكومات ،وجتويز ما تفعل ،وحتليل ما تفعل ،أو
الذب والدفاع عنها ّبا استطاعوا من البياف كما قاؿ -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( :-أخوؼ ما أخاؼ عليكم ...جداؿ
منافق ِبلقرآف) كذلك ُروي عن النيب -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ( :منافق عليم اللساف).
51
ىذه ال ّدركات اليت ىي يف ابب اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا حبّذا من اإلخوة تدوين ذلق عن العبد الفقَت،
كتااب ِل َير النور بعد ،وبفضل هللا –سبحانو وتعاىلُ -م ٌّ
ستعد أف أُانظر حربت يف ىذه ال ّدركات ً
وأان قد ّ
على ىذا التقعيد وىذا التأصيل يف ىذه ا١تسألة وأف أ ِ
ُابىل على ُ٣تملو.
أوال نقوؿ :إف اْلكم بغري ما أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل -ينقسم إىل دركات ،أما الدركة األوىل اليت
ً
خطرا وإٙتًا وأىوف تلق الدركات ،و٨تن سنمضي بلم شيئًا فشيئًا يف تلق
ىي أقل ىاتيق الدركات ً
السحيق وىو الواقع يف ىذا العصر اليوـ وال حوؿ وال قوة إال ابهلل.
الدركات إىل أف نصل إىل ّ
أىوف ىاتيك الدركات يف مسألة اْلكم بغري ما أنزؿ هللا :ىي جممل املعاصي والذنوب ،ىي من قبيل
اْلكم بغري ما أنزؿ هللا ،فالسرقة ليست حلم هللا ،وإ٪تا ىي حلم بغَت ما أنزؿ هللا ،الزان كذلق ،ا٠تمر
س على ذلق ،ىذه ا١تعاصي ىي غَت حلم هللا -سبحانو وتعاىل -ولكنها من قبيل ما ىو ِ
كذلق ،وق ْ
كفر دوف كفر؛ كفر ال ينقل عن امللة إَّنا ىي كبائر ،إَّنا ىي معاصي ال خترج بصاحبها من امللة ما مل
يستحل تلك املعاصي ،فهذه أوؿ دركة ولذلق ذكر اإلماـ الرازي عند تفسَت قوؿ هللا -سبحانو
ّ
ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}[ا١تائدة ]ٗٗ :قاؿ :ا٠توارج أنزلوا ىذه اآلية
اَّللُ فَأُ ْولَئِ َ وتعاىلَ { :-وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ
َنز َؿ م
على سائر ا١تعاصي ،وقالوا أبهنا -أي ا١تعاصي -ىي حلم بغَت ما أنزؿ هللا وابلتايل ىي كفر أكرب ٥ترج
من ا١تلة.
إذف ىذه الدركة مسألة إٚتاعية بُت أىل السنة واٞتماعة؛ أهنا ليست بلفر أكرب ٥ترج من ا١تلة ،وِل ي ُقل
ابلتلفَت هبا إال ا٠توارج ،ىذه الدركة األوىل وىي كما أسلفنا إٚتاعية يف عدـ التلفَت هبا.
الدركة الثانية اليت ىي شر من ىذه الدركة :أف حيكم اْلاكم بكتاب هللا وبسنة رسولو -ملسو هيلع هللا ىلص،-
ويكوف مرجعو يف ذلك الكتاب والسنة ،ولكنو يف مسألة من املسائل أو قضية من القضاًي أو واقعة
من الوقائع أو انزلة من النوازؿ ،حكم فيها بغري ما أنزؿ هللا لشهوة أو رشوة أو قرابة أو عداوة أو لغَت
ذلق من األسباب؛ فهذه الصورة اليت ىي أف ٭تلم يف قضية أو قضااي ،واقعة أو وقائع بغَت ما أنزؿ هللا
52
شرع؛ فهذه مسألة خالفيّة بني أىل العلم ،بعض أىل العلم ك ّفر
-سبحانو وتعاىل -دوف أف يُب ّدؿ أو يُ ّ
هبا ،كعبد هللا بن مسعود -هنع هللا يضر وأرضاه -كما روى ذلق اإلماـ الطرباين -رٛتو هللا -عنو ،وقاؿ اإلماـ
ابن حجر ا٢تيثمي كما يف الزواجر إبسناد صحيحُ ،سئِل عبد هللا بن مسعود -هنع هللا يضر وأرضاه -عن الرشوة،
السحت) ،فقالوا :يف اٟتلم؟ قاؿ( :ذلق اللفر). فقاؿ( :ىي ُّ
إذف عبد هللا بن مسعود -هنع هللا يضر وأرضاه -يرى أف ىذه الصورة من قبيل اللفر األكرب ا١تخرج من ا١تلة،
ُ
الس ّدي -رٛتو هللا -يرى أف ىذه الصورة ىي من قبيل اللفر األكرب ا١تخرج من ا١تلّة. كذلق اإلماـ ُّ
ُ
وىناؾ بعض السلف -رمحهم هللا -يروف أف ىذه الصورة ليست من قبيل الكفر األكرب املُخرج من
امللة ،بل ىي من قبيل ما ىو كفر دوف كفر ،وىذا ا١تروي عن ابن عباس -اهنع هللا يضر -وقد اختلف العلماء
جدال بصحة ذلق عن ابن عباس فهو يرى أف ىذه الصورة
يف تصحيح ذلق وتضعيفو ،وللن لو سلّمنا ً
ىي من قبيل ما ىو كفر دوف كفر وليس ما سيأيت إبذف هللا -سبحانو وتعاىل.-
كذلق قاؿ يف موطن آخر -رٛتو هللا( :-وإذا حلم يف ىذه القضية)؛ فهو يتللم عن قضااي معينة ،عن
نوازؿ معينة دوف االستبداؿ أو التشريع أو الدركات اليت سنتللم عنها الح ًقا إف شاء هللا -سبحانو
وتعاىل.-
53
أيضا ون ّ على الواقعة:
العز اٟتنفي -رٛتو هللا -يف (شرح الطحاوية) ،قاؿ ً كذلق قاؿ اإلماـ ابن أيب ّ
(إذا حلم يف الواقعة بغَت ما أنزؿ هللا سبحانو وتعاىل).
إذف فلل ما تسمعونو من اآلاثر واألقواؿ اليت ينقلها للم مرجئة العصر سواء سلّمنا بصحة تلق األقواؿ
أـ بضعفها ،فهي أين تنزؿ؟ تنزؿ على ىذه الدركة اليت ىي :أف ٭تلم يف قضية أو قضااي دوف تبديل،
ودوف تشريع ،ويلوف مرجعو إىل اللتاب والسنة بغَت حلم هللا -سبحانو وتعاىل ،-فهذه ا١تسألة كما
ذكران ىي من ا١تسائل ا٠تالفيّة بُت أىل العلم -رٛتهم هللا ،-من قائل ابلتلفَت هبا ،ومن قائل أهنا من
قبيل ما ىو كفر دوف كفر.
كذلك يُلحق هبذه الدركة :من ترؾ اْلكم ّبا أنزؿ هللا يف مسألة أو مسائل ،ىناؾ من حكم بغري ما
أنزؿ هللا يف مسألة أو مسائل ،قضية أو قضاًي ،وىناؾ من ترؾ اْلكم ،توقّف ومل حيكم فيها حبكم
هللا -سبحانو وتعاىل.-
أتملوا :هللا -سبحانو وتعاىلِ -ل ي ُقل (ومن حلم بغَت ما أنزؿ هللا فأولئق ىم اللافروف) ،وإ٪تا قاؿ: ّ
ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}؛ فهذا يعٍت الًتؾ ،من ترؾ اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا،
اَّللُ فَأ ُْولَئِ َ { َوَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ
َنز َؿ م
وإف ِل ٭تلم بغَت ما أنزؿ هللا ،فهذه مسألة خالفية كما ذكران.
إذف الدركة األوىل :مسألة إمجاعية بني أىل السنة واْلماعة يف عدـ التكفري هبا ،الدركة اليت تليها:
مسألة خالفية بني أىل السنة واْلماعة يف التكفري أو عدـ التكفري هبا.
ننتقل إىل الدركة الثالثة :وىي التبديل ،أو االستبداؿ؛ أف يُب ّدؿ شريعة هللا -سبحانو وتعاىل -بغريىا
حكما واح ًدا من أحكاـ هللا -سبحانو وتعاىل.-
من األحكاـ ،سواء ب ّدهلا مجلةً وتفصيال ،أو ب ّدؿ ً
مثال حلم السرقة بدؿ القطع إف توفرت ٚتيع الشروط ٬تعلو اٟتبس
احدا؟ ٬تعل ً
حلما و ً
كيف يُب ّدؿ ً
ودفع لو الرشوة أو ِل يدفع ،اشتهى أف ٭تلم بو كذا عدوه ،أاته شخ
ٜتسة أشهر ،سواء أاته قريبو أـ ّ
احدا من أحلاـ هللا ،أو من ابب
حلما و ً
أو ال ..ىو ٭تلم ابلسجن ٜتسة أشهر ،إذف فهذا قد ب ّدؿ ً
عامة األحلاـ ُ٭تلم فيها
أوىل لو ب ّدؿ أكثر من حلم أو ٣تموعة من األحلاـ ،كما ٭تصل أف يف ّ
ابلقوانُت الوضعية ،ويف األحواؿ الشخصية أو ما يسمى ابألحواؿ الشخصية اليت تتعلق ابلزواج والطالؽ
وا١تَتاث و٨تو ذلق ،فيحلم فيها ابلشريعة اإلسالمية.
54
احدا من
حلما و ً
التبديل قلنا ىذه الدركة الثالثة اليت ٨تن بصدد اللالـ حو٢تا ،التبديل حينما يُب ّدؿ ً
أحلاـ هللا أو أكثر من حلم أبحلاـ أخرى ،سواء ىو من وضعها أو أخذىا من غَته ،كأف يستقيها
من فرنسا أو بريطانيا أو أمريلا أو من التتار أو من غَتىم؛ فهذه املسألة قد أمجع العلماء أهنا من
قبيل الكفر األكرب املخرج من امللة.
دؿ على ذلق اللتاب والسنة واإلٚتاع ،فمن اللتاب -واآلايت كثَتة -قوؿ هللا -سبحانو وتعاىل- وقد ّ
ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}[ا١تائدة{ ،]ٗٗ :فَأُوٰلَئِ َ
ك ُى ُم الظمالِ ُمو َف}[ا١تائدة: اَّللُ فَأ ُْولَئِ َ َ { :وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ
َنز َؿ م
اس ُقو َف}[ا١تائدة ]ٗٚ :ىذه اآلايت كلها يف اللفر األكرب ،يف الظلم األكرب ،يف ك ىم الْ َف ِ ِ
٘ٗ]{ ،فَأُولَئ َ ُ ُ
الفسق األكرب.
ص ُر
كذاؾ ُ٭ت َ
الفسق َ
الظلم و ُ
أصغر ...و ُ
اللفر منو أكربٌ و ُ
و ُ
تقرَر لدى اٟتُ ّذ ِاؽ ِ
األصل لدى اإلطالؽ ...كما ّ
ُ األوؿ
و ُ
قرر
الشيخ العالمة عبد اللطيف بن عبد الرٛتن بن حسن ابن الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتهم هللا -يُ ّ
أبف اللفر والظلم والفسق واٞتاىلية وا١تواالة وغَت ذلق ،قاؿ( :إذا ذُكَِرت يف اللتاب فإ٪تا يُراد هبا اللفر
األكرب ،الفسق األكرب ،الظلم األكرب؛ إال بقرينة أو دليل يصرفها من اللفر األكرب إىل األصغر ،من
الظلم األكرب إىل األصغر ،من الفسق األكرب إىل األصغر).
هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿَ { :والْ َكافِ ُرو َف ُى ُم الظمالِ ُمو َف}[البقرة ،]ٕ٘ٗ :ويقوؿ هللا -سبحانو وتعاىل:-
الشر َؾ لَظُل ِ ِ ِ
يم}[لقماف]ٖٔ :؛ ّ
فسمى الشرؾ ووصفو أبنو ظلم عظيم. ْم َعظ ٌ ٌ { َال تُ ْش ِر ْؾ ِِب مَّلل إِ مف ّ ْ
55
كذلق يف كثَت من اآلايت ،كذلق يف مسألة الفسق هللا -سبحانو وتعاىل -قاؿ عن إبليس{ :فَػ َف َس َق
َع ْن أ َْم ِر َربِِّو}[اللهف ،]٘ٓ :ىل إبليس فسقو فسق دوف فسق؟ ال ،ىو الفسق األكرب ا١تخرج من ا١تلة،
وىلذا.
كما قاؿ اإلماـ الشاط -رٛتو هللا( :-أحلاـ القرآف غائيّة) .أيَ :هنائية.
العالمة ابن ابز -رٛتو هللا -كما يف ٣تموع فتاواه( :الظلم إذا جاء يف كتاب هللا فهو
كذلق يقوؿ الشيخ ّ
الظلم األكرب).
فهذه القاعدة اإلرجائية احملضة اليت ّقررىا ىو كما قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا( :-العلم ما
اشًتؾ فيو الناس) ،ىو يضعها ويريد أف نسَت على ىذه القاعدة ،ىذه القاعدة اإلرجائية ىو خلط بُت
أسباب اللفر وأنواع اللفر ،بُت مناطات اللفر وبُت أنواع اللفر؛ ومن ذلق أتى ا٠تلط على مرجئة
العصر وال حوؿ وال قوة إال ابهلل!
أرأيتم قوؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-وَما ََْي َح ُد ِِب ًَيتِنَا إِمال الْ َكافِ ُرو َف}[العنلبوت ،]ٗٚ :يف اآلية األخرى
بعدىا قاؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-وَما ََْي َح ُد ِِب ًَيتِنَا إِال الظمالِ ُمو َف}[العنلبوت ،]ٜٗ :فما تقولوف يف
ىذه اآلية؟ ىل تقولوف إنو ظلم دوف ظلم؟ ىل تقولوف إف اللفر األوؿ معناه كفر دوف كفر بدليل اآلية
اليت بعدىا أف هللا -سبحانو وتعاىل -ن ّ وقاؿ (إال الظا١توف)!؟ أـ ىو كما قاؿ اإلماـ القرط -رٛتو
هللا -وغَته من ا١تفسرين :الظا١توف :أي اللفار.
56
َنز َؿ م
اَّللُ إذف ىذه اآلايت شبيهة بتلق اآلايت ،ىناؾ قاؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ
ك ُى ُم الظمالِ ُمو َف} ،وقاؿ{ :فَأُولَئِ َ
ك اَّللُ فَأُوٰلَئِ َ
َنز َؿ م ِ فَأ ُْولَئِ َ
ك ُى ُم الْ َكاف ُرو َف} ،مث قاؿَ { :وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ
اس ُقو َف}؛ إذف فهذه اآلية شبيهة بتلق اآليةَ { :وَما ََْي َح ُد ِِب ًَيتِنَا إِمال الْ َكافِ ُرو َف} ،وقاؿَ { :وَما
ىم الْ َف ِ
ُُ
ِ ِ
وصَتوىا أبىوائهم إىل اللفر األصغر ،والظلم ََْي َح ُد ِِب ًَيتنَا إِال الظمال ُمو َف}؛ فإذف لو قالوا يف تلق اآلايت ّ
األصغر ،والفسق األصغر ،نُلزمهم هبذه اآلايت الشبيهة لتلق اآلايت.
إذف فنقوؿ إهنا من قبيل اللفر األكرب وليس من قبيل اللفر األصغر ،ويدؿ على ذلق داللة واضحة
سبب النزوؿ كما قرر شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا -يف كتابو (مقدمة يف التفسَت) أف معرفة
أسباب النزوؿ يُعُت الطالب على معرفة وفهم اآلايت.
ىذه اآلايت كما جاء عن أٛتد يف مسنده وغَته نزلت فيمن؟ يف اليهود ،نزلت يف اليهود ..مىت نزلت؟
الرجم على الزاين
عندما قاـ اليهود وذكروا أف الزان انتشر يف أشرافهم ،فلانوا يُقيموف ح ّد هللا وىو ّ
ا١تحصن إذا كاف من ضعفائهم ،وال يقيموف ىذا اٟتد على أشرافهم إف قاموا ابلزان؛ فقالوا :ىلموا نضع
ُ
حلما نطبقو على الشريف والوضيع ،فاصطلحوا على اٞتلد والتحيمم ،يف رواية :اجتمعوا على اٞتلدً
أبدا أهنم استحلّوا اٞتلد والتحميم ،ما فيها أهنم جحدوا حلم هللا -سبحانو
والتحميم ،وليس فيها ً
احدا من أحلاـ هللا وىو الرجم ،واستبدلوه ْتلم من األحلاـ
حلما و ً
وتعاىل-؛ إذف فبمجرد أهنم ب ّدلوا ً
الوضعية وىو اٞتلد والتحيمم ،وىو تسويد الوجو وإركاب ذلق الفاعل تلق الفاحشة وىي فاحشة الزان
على ٛتار وىو ُمن ّلس وٯتروف بو يف الطرقات؛ فهذا اٟتلم الذي قاموا بو وحلموا بو ىم استبدلوا بو
حلم هللا -سبحانو وتعاىل ،-فل ّفرىم هللا -سبحانو وتعاىل -وأنزؿ فيهم ىذه اآلايت اليت تُتلى إىل قياـ
الساعة.
فإذف نقوؿ ىل كفر اليهود ىو من قبيل كفر دوف كفر؟ ظلمهم ظلم دوف ظلم؟ فسق دوف فسق؟ أـ ىو
من اللفر األكرب ،الظلم األكرب ،الفسق األكرب؟ ال شق أف اٞتواب ىو الثاين.
كذلق من اآلايت الدالة يف تقرير ىذه ا١تسألة وىي كثَتة ،قوؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-وقَاتِلُ ُ
وى ْم َح مَّت
الدين ُكلُّو ِمِ
َّلل}[األنفاؿ ،]ٖٜ :فاهلل -سبحانو وتعاىل -جعل الغاية ىنا من القتاؿ ال تَ ُكو َف فِ ْتػنَةٌ َويَ ُكو َف ِّ ُ ُ
57
الس ّدي و٣تاىد ،وقاؿ غَتىم :أبهنا الشرؾ،
ىو ّأال تلوف فتنة ،والفتنة كما قاؿ أبو العالية وابن عباس و ُ
بل ذكر اإلماـ ا١تاوردي -رٛتو هللا -اإلٚتاع على ذلق ،قاؿ :ىي اللفر يف قوؿ اٞتميع.
إذف ىذه الفتنة اليت جعل هللا -سبحانو وتعاىل -القتاؿ إىل أف تزوؿ ىذه الفتنة ،إىل أف يزوؿ ىذا
الشرؾ ،ما ا١تراد هبذه الفتنة؟ ما ا١تراد هبذا الشرؾ الذي ذُكر ىا ىنا؟
الذمي
الشرؾ ا١تنفي ىا ىنا ىو شرؾ اٟتلم والقضاء والتشريع ،ال شرؾ النسق والعبادة ،بدليل أننا نًتؾ ّ
من اليهود والنصارى يف ىذه األرض أو تلق األرض وىو انزؿ ٖتت أحلاـ اإلسالـٖ ،تت األحلاـ
الشرعية اليت جاءت يف كتاب هللا ويف سنة رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
58
فلما ُحلمت ابلقوانُت الوضعية أصبحت دولة كافرة وليست بدولة مسلمة؛ ألهنا يف تعريف الداير
الدولة اليت تعلوىا أحلاـ اإلسالـ فهي دار إسالـ ،والدولة اليت تعلوىا أحلاـ اللفر فهي دار اللفر.
واألدلة على ىذه ا١تسألة كثَتة من كتاب هللا وسنة رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
فنقل اإلٚتاع على كفر من حلم ابلياسق ،وقد نبّو اإلماـ ابن كثَت -رٛتو هللا -عن ماىية الياسق كما
اىلِيم ِة يَػ ْبػغُو َف}[ا١تائدة ]٘ٓ :قاؿ( :كما
يف كتابو (التفسَت) عند قوؿ هللا -سبحانو وتعاىل{ :-أَفَح ْكم ا ْْل ِ
ُ َ َ
يصنع ذلق أىل اٞتاىلية ،وكما يصنعو اليوـ أولئق الذين ٭تلموف ابلسياسات ا١تللية ،الذين ٭تلموف
ابلياسق أو الياسا -كما يف بعض النسخ- ،-قاؿ :-وىي عبارة عن كتاب وضعو ٢تم ج ّدىم جنليز
خاف ،وىو ُمقتبس من الداينة اليهودية والنصرانية وا١تلة اإلسالمية)؛ إذف ىو فيو من داينة اليهود ،وفيو
من داينة النصارى ،وفيو من الشريعة اإلسالمية ،ومع ذلق ك ّفرىم اإلماـ ابن كثَت -رٛتو هللا ،-وك ّفرىم
علماء ذلق العصر ،وقاتلوىم كما فعل شيخ اإلسالـ ابن تيمية وابن كثَت وابن القيم واإلماـ الذى
وغَتىم -رٛتهم هللا رٛتة واسعة.-
فذلق الياسق ىو عبارة عن أمور اقتبسها من اليهودية والنصرانية وا١تلة اإلسالمية ،فليف ٔتن جاء اب١تلة
النصرانية بُِرّمتها من الفرنسيُت أو من الربيطانيُت أو من غَتىم!؟ ذاؾ دستور ُ٥تلّط عند التتار فيو من ا١تلة
اإلسالمية ،وفيو من األحلاـ الوضعية ،وفيو من الداينة اليهودية والنصرانية ،بل أحلاـ التتار أشد من
مثال -التتار :-عندىم أف الزاين يُقتل ،سواء كاف ُ٤تصنًا أو
كثَت من األحلاـ الوضعية اليوـ ،فعندىم ً
غَت ُ٤تصن ،ىذا يف الياسق ..كذلق عندىم من البنود أف الساحر يُقتل وغَتىا من األحلاـ.
بينما يف الدساتَت الوضعية ىي أىوف وأحقر من الياسق بلثَت ؤتراحل ،بل إف التتار ِل يُلزموا الناس على
اٟتلم والتحاكم إىل الياسق دوف اللتاب والسنة ،بل جعلوا بعض احملاكم ٖتلم ابلشريعة ،وبعض احملاكم
ٖتلم ابلياسق ،من شاء أف يذىب ويتحاكم إىل الياسق يذىب ،ومن شاء أف يتحاكم إىل الشريعة
خطرا وشرا من القوانُت ا١تعاصرة ومع ذلق أٚتع العلماء على
أخف ً
يذىب إىل الشريعة؛ فهم أىوف و ّ
ُ
تلفَتىم وعلى كفرىم.
59
اإلماـ ابن حزـ -رٛتو هللا -كذلق نقل اإلٚتاع على أف من حلم يف مسألة من ا١تسائل ْتلم منسوخ
من الشرائع السابقة كفر إبٚتاع ا١تسلمُت.
من ابب التوضيح أكثر نقوؿ :قد جاء فيما رواه اإلماـ ابن حبّاف يف صحيحو ،وصححو الشيخ األلباين
-رٛتهم هللا ،-عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -من حديث أيب أمامة الذي رفعو إىل رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أنو قاؿ:
نقضن عُرى اإلسالـ عُروة عُروة ،كلما كلما انتُقضت عروة تشبّث الناس ِبليت تليها ،فأوهلا
(لتُ ّ
انتقاضا :الصالة) «أو كما قاؿ ﷺ».
ً انتقاضا :اْلُ ْكم ،وآخرىا
ً
نقوؿ من ابب التوضيح :نذكر ونُشبّو اٟتلم ابلصالة ،اترؾ الصالة اختلف العلماء كما علمتم يف
تلفَته ،ىل ىو كافر كفر أكرب أو ىو من قبيل ما ىو كفر دوف كفر( ،التارؾ) ..للن الذي يُصلّي لغَت
هللا؟ ما حلمو؟ ابإلٚتاع أنو كافر ،يُصلي لصنم ،يًلي لبوذا ،أو ٨تو ذلق ..فهذا ابإلٚتاع أنو كافر كفر
أكرب ٥ترج من ا١تلة ،بينما التارؾ اختلف العلماء يف كفره بغض النظر عن الًتجيح ،الذي يصلي لغَت هللا
فهذا كافر كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة ،كذلق يف اٟتلم ،التارؾ اختلف العلماء يف تلفَته؛ أما اٟتاكم بغَت
ما أنزؿ هللا فذلق اللافر الذي أٚتع العلماء على كفره.
61
إذف التارؾ شيء ،واٟتاكم بغَت ما أنزؿ هللا شيء ،اترؾ الصالة شيء وا١تصلّي لغَت هللا -سبحانو
ُ
وتعاىل -شيء آخر ،التارؾ ٟتلم هللا سبحانو وتعاىل شيء واٟتاكم بغَت ما أنزؿ هللا بصورتو التبديلية
شيء آخر.
ننتقل بكم إىل الدركة الرابعة من دركات اْلكم بغري ما أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل ،-وىي دركة
كما غري حكم هللا -سبحانو وتعاىل.-
شرع اْلاكم ح ً
التشريع من دوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-أبف يُ ّ
شرعو
األوؿ -الدركة الثالثة :-حلم بغَت ما أنزؿ هللا بصورتو التبديلية ،قد يلوف أتى بو من أُانس ِل يُ ّ
شرعوُ غَته ،وإ٪تا ىو حلم بو فهذا ب ّدؿ ،ىذه الدركة اليت بعدىا واليت ىي أخبث منها :وىي ىو وإ٪تا ّ
ضا مسألة ُجممع عليها بني
شرع األحلاـ من دوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-وىذه أي ً
دركة التشريع ،أنو يُ ّ
أىل السنة واْلماعة يف التكفري هبا ،من فعلها فهو كافر كفر انقل عن امللة؛ قاؿ هللا -سبحانو
وتعاىل{ :-أَـ َهلم ُشرَكاء َشر ُعوا َهلم ِمن ِّ
الدي ِن َما َملْ َأيْذَ ْف بِ ِو م
اَّللُ}[الشورىّ ]ٕٔ :
فسماىم شركاء ْ ُْ َ ُ َ ُْ َ
شرعوا من دوف هللا!
يُنازعوف هللا -سبحانو وتعاىل -يف التشريع –والعياذ ابهلل ،-ىذا مع هللا ،فليف إذا ّ
وال حوؿ وال قوة إال ابهلل.
يح ابْ َن َم ْرََيَ َوَما ِ وف مِ هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿ { :ماختَ ُذوا أَحبارُىم ورْىبانَػهم أَرِبِب ِمن ُد ِ
اَّلل َوال َْمس َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َْ ً ْ
اح ًدا ال إِلَوَ إِال ُى َو ُسْب َحانَوُ َع مما يُ ْش ِرُكو َف}[التوبة ،]ٖٔ :عبدوا أولئق األحبارأ ُِمروا إِال لِيػعب ُدوا إِ َهلا و ِ
ً َ َ ُْ ُ
والرىباف يف التشريع ،وعبدوا عيسى يف النسق والعبادة ،فاهلل -سبحانو وتعاىلّ -نزه نفسو عن ىذا
الشرؾ وعن ذلق الشرؾ ،ووصف اٞتميع ابلشرؾ.
وكما تعلموف من اٟتديث الذي رواه اإلماـ الًتمذي وابن جرير وغَتىم عن عدي بن حامت الطائي ،أنو
١تا سأؿ الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف ىذه ا١تسألة اليت ىي مسألة التشريع ،قاؿ :إ ّان لسنا نعبدىم .قاؿ الرسوؿ -
فحرموه؟ قاؿ :بلى .قاؿ: ِ
أحل هللاّ ،
ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( :-أمل ُحيلّوا هلم ما َح ّرـ هللا ،فأحلّوه؟ أمل ُحي ّرموا عليهم ما ّ
فتلك عبادهتم)« .أو كما قاؿ الن ﷺ».
شرع تشريعات
احدا ،فليف ٔتن يُ ّ
شرع تشر ًيعا و ً
كيف إذا علمتم أف هللا -سبحانو وتعاىل -ك ّفر من ّ
كثَتة من دوف هللا أو مع هللا -سبحانو وتعاىل!-؟
61
وى ْػم إِنم ُك ْػم لَ ُم ْش ِرُكو َف}[األنعاـ ]ٕٔٔ :أ ّكد الشرؾ بالـ
هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿَ { :وإِ ْف أَطَ ْعتُ ُم ُ
التأكيد والتوكيد( ،وإف أطعتموىم إنلم ١تشركوف) يف ماذا تطيعوهنم؟ يف التشريع.
١تا أرادوا ٖتليل ا١تيتة قالوا كيف أتكلوف ٦تا قتلتم وذْتتم وال أتكلوف ٦تا ذبح هللا أو قتل هللا؟ ويعنوف هبا
ا١تيتة؛ فهذا تشريع واحد ،لو أطاعهم ا١تسلم يف ذلق قاؿ هللا -سبحانو وتعاىل( :-وإف أطعتموىم إنلم
١تشركوف).
وىنا وقفة :من العجيب الغريب املريب أف مرجئة العصر يشرتطوف االستحالؿ أو اْلحود يف مثل
ىذه املسائل ،فنقوؿ :عجبًا! كيف يُشرتط االستحالؿ لالستحالؿ!؟ واْلحود للجحود!؟ التشريع
ما ىو؟ التشريع ىو التحليل والتحرَي ،االستحالؿ واْلحود ..ىذا ىو التشريع ،كيف يُشرتط لكفر
املُستحل االستحالؿ!؟ يُشرتط لكفر اْلاحد اْلحود!؟ كيف يُسلّم هلم ذلك؟ أو ميشي املُسلم
معهم يف تلك اخلطوات اليت ال هناية هلا!؟ اشرتاط االستحالؿ لالستحالؿ ،واالستحالؿ الستحالؿ
االستحالؿ ،واالستحالؿ الستحالؿ الستحالؿ االستحالؿ! وىكذا يقاؿ يف اْلحود وهللا
املستعاف!
نعم..
تللمنا وقرران بفضل هللا -سبحانو وتعاىل -أف مسألة اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا دركات ،وقرران أف الدركة
األوىل ىي٣ :تمل ا١تعاصي ،وأهنا من قبيل ما ىو كفر دوف كفر إبٚتاع أىل السنة واٞتماعة ،وِل يُل ّفر
هبا إال ا٠توارج.
مث تللمنا عن الدركة الثانية :وىي أف ٭تلم ابللتاب والسنة ،ويلوف مرجعو إىل اللتاب والسنة ،وللنو
يستحل ذلق،
ّ ٭تلم يف قضية أو قضااي بغَت ما أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل ،-لشهوة أو رشوة دوف أف
فهذه مسألة اختلف العلماء فيها من ُمل ّفر ومن قائل أبهنا من قبيل كفر دوف كفر.
مث تللمنا عن الدركة الثالثة وىي دركة التبديل :أف يستبدؿ أحلاـ هللا -سبحانو وتعاىل -ابألحلاـ
الوضعية وىذه الدركة قد أٚتع العلماء -رٛتهم هللا -على التلفَت هبا.
62
مث تللمنا عن الدركة الرابعة وىي :دركة التشريع من دوف هللا -سبحانو وتعاىل -أو مع هللا -سبحانو
وتعاىل ،-وقلنا أهنا دركة ُمل ّفرة إبٚتاع أىل السنة واٞتماعة ،وال يُشًتط فيها كم يزعم ا١ترجئة االستحالؿ
أو اٞتحود؛ إذ ىي ىي االستحالؿ واٞتحود ،فالتشريع ىو عبارة عن استحالؿ وٖترمي ،كما قاؿ شيخ
حرـ اٟتالؿ
أحل اٟتراـ ا١تُجمع عليو ،أو ّ
اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا -كما يف (٣تموع الفتاوى)( :من ّ
إٚتاعا) كفر إٚتاعا أو قاؿ( :إبٚتاع الفقهاء).
ا١تُجمع عليو ،أو ب ّدؿ الشرع ،كفر ً
إذف ىذه ا١تسألة إٚتاعية وال يُلتفت بعد ذلق ١تا يُدندف حولو مرجئة العصر أو يتش ّدقوف بو ،وىو قو٢تم
صوِره يلزـ منو أو يُشًتط لو االستحالؿ واالعتقاد القل ؛ إذ أف ىذه
أبف اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا بلل ُ
الدركة ىي من االستحالؿ واٞتحود بعينها.
مث ننتقل إىل الدركة اخلامسة :وىي ا ّدعاء حق التشريع املُطلق من دوف هللا أو مع هللا.
هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿ( :أال لو ا٠تلق واألمر) كما أف هلل -سبحانو وتعاىل -ا٠تلق ،كذلق لو األمر
وىو التشريع واٟتلم.
إذف من انزع هللا -سبحانو وتعاىل -يف ىذه الصفة ،أبف ي ّدعي لنفسو أو لغريه ىذه اخلاصية فهو
كافر ِبمجاع املسلمني ،وىذا الكفر من قبيل الكفر األكرب املخرج من امللة.
وشر تلك
مث ننتقل سر ًيعا وإًيكم إىل الدركة السادسة واألخرية وىي أخبث تلك الدركات ّ
ِبلقوة والسالح والرجاؿ على اْلكم بغري ما أنزؿ هللا وعلى تعطيل أحكاـ
الدركات ،وىي :االمتناع ّ
63
هللا -سبحانو وتعاىل ،-سواء االمتناع على حلم واحد أو على أكثر من ذلقً ،
فضال أف ٯتتنع عن
شريعة هللا ٚتلةً وتفصيال ،فاالمتناع ىذا كفر أكرب َمرج من امللة وىو مناط مستقل من مناطات
التكفري.
جدال أبف اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا كفر دوف كفر ،نقوؿ :إال أنو ابالمتناع عليو ابلقوة والشوكة
لو سلّمنا ً
كفرا ٥ترجا من ا١تلة ..كيف ذاؾ؟
وا١تنعة ،يصَت إىل كفر ٥ترج من ا١تلّةً ،
تعلموف أف ترؾ الزكاة ُ٣تّرد الًتؾ اختلف العلماء فيو بُت قائل أنو كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة ،وبُت قائل أبنو
كفر دوف كفر؛ وىذا ىو الصحيحٚ ،تاىَت العلماء يقولوف أف ترؾ الزكاة كفر دوف كفر ىو من عامة
ا١تعاصي اليت ال ُٗترج ا١ترء من ا١تلّة ،للن الذي ٯتتنع على ترؾ الزكاة ابلقوة وا١تنعة والشوكة فهذا كافر كفر
أكرب ٥ترج من ا١تلة ،وقد أٚتع الصحابة -مهنع هللا يضر وأرضاىم -يف زمن أيب بلر الصديق -هنع هللا يضر وأرضاه -على
تلفَت من؟ تلفَت ا١تمتنع على ترؾ الزكاة.
فل ّفروا ا١تمتنعُت على ترؾ الزكاة وقاتلوىم قتاؿ رّدة ،وليس ىو من ابب قتاؿ البغاة و٨تو ذلق ،بل قتاؿ
حرب ُ٣تلية،
ا١ترتدين كما قاؿ أبو بلر -هنع هللا يضر وأرضاه١ -تا جاءت ٣تموعة بعد ذلق اتئبة ،قاؿ( :إما ٌ
ِ
وإما س ْل ٌم ُ٥تزية) .قالوا :أما اٟترب ا١تُجلية فقد عرفناىا ،فما السلم ا١تُخزية؟ فذكر بعض األمور ون ّ
منها ومن بينها( :وتشهدوف أف قتالكم يف النار)؛ إذف ك ّفر الصحابة من امتنع على ترؾ شعَتة من
شعائر الدين ،فليف ٔتن ٯتتنع عن اإلسالـ ُبرّمتو؟ وٯتتنع على ٖتليم غَت اإلسالـ!؟ كيف يُل ّفر من
امتنع عن شعَتة واحدة وال يُل ّفر من امتنع عن ٚتيع الشعائر والشرائع وامتنع على ٖتليم غَت شريعة
اإلسالـ!؟ كيف يُل ّفر ذاؾ وال يُل ّفر ىذا؟
وقد أٚتع العلماء -رٛتهم هللا -على التلفَت هبذه الدركة ،كما نقل اإلٚتاع شيخ اإلسالـ ابن تيمية -
رٛتو هللا -يف (٣تموع الفتاوى ،يف اجمللد الثامن والعشرين) ،يف أكثر من موطن ،على أف :ما من طائفة
٘تتنع عن شعَتة ظاىرة من شعائر اإلسالـ كالصالة ،والصياـ ،واٟتج ،والزكاة ،وكاٞتهاد يف سبيل هللا،
واألمر اب١تعروؼ والنهي عن ا١تنلر ،أو عن ضرب اٞتزية على اللفار ،أو قاؿ ٘تتنع على فعل بعض
احملرمات ا١تعلومة من دين ا١تسلمُت ابلضرورة ،كالزان ،والراب و٨تو ذلق؛ إذا امتنعت ابلقوة وا١تنعة فهذه
طائفة كافرة تُقاتل قتاؿ ا١ترتدين وليس بقتاؿ البُغاة.
64
ا١تاللي -رٛتو هللا ،-كذلق اإلماـ ابن عبد الرب ا١تاللي -رٛتو
ّ ون ّ على ىذا اإلٚتاع اإلماـ ابن العريب
هللا ،-كذلق اإلماـ ابن قدمة ا١تقدسي -رٛتو هللا ،-كذلق اإلماـ ابن دقيق العيد -رٛتو هللا ،-وىلذا
ونصوا على ذلق ومنهم الشيخ اجملدد دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا ،-وقاؿ( :إف الصحابة األئمة قالوا ّ
ِل يسألوا مانعي الزكاة ىل جحدمت وجوهبا أـ ِل ٕتحدوا ،بل قاتلوىا قتاؿ ا١ترتدين)ِِ ..لَ؟ (ألهنم امتنعوا).
فاالمتناع عن الشعائر الظاىرة أو على ما ىو من غَت شريعة اإلسالـ ذلق يُعترب من اللفر األكرب ا١تخرج
من ا١تلة إبٚتاع العلماء.
إذف الذي ٯتتنع عن عدـ ٖتليم شريعة هللا ،وٯتتنع على اٟتلم بغَت الشريعة ،فهو كافر كفر أكرب ٥ترج
جدال أف أصل اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا ىو من قبيل اللفر دوف كفر؛ لو سلّمنا
من ا١تلة ،وإف سلّمنا ً
ويتحوؿ إىل اللفر الذي ىو من قبيل ا١تخرج من ا١تلة.
جدال يصَت ابالمتناع ّ
ً
إذا علمتم ىذه الدركات ِل يصعب بعد ذلق عليلم ما تسمعوه من مرجئة العصر حينما ينقلوف للم
بعض اآلاثر وبعض األقواؿ عن السلف يف أهنم قالوا أبف اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا ىو كفر دوف كفر ،ىذه
األلفاظ وىذه األقواؿ تُ ّنزؿ على أي دركة؟ من يعلم؟ على الثانية أو األوىل كذلق؛ إذ أف مرجئة العصر
وا٠توارج وعلي ومعاوية وابن عباس -رضي هللا عن علي ومعاوية وابن عباس ،وعلى ا٠توارج ما
يستحقوف ،-كلهم كانوا قد اتفقوا على أف اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا من قبيل اللفر األكرب ،للنهم اختلفوا
يف الصور.
65
قرر يف ىذا اجمللس أف االستعانة بغَت هللا كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة ،أليس كذلق؟ فأان
مثال :نُ ّ
لنقوؿ أننا ً
رجال أصابو مرض
وأنتم اجتمعنا على ىذا القوؿ واتفقنا على ىذا القوؿ ،فأتى زيد من الناس فرأى ً
فذىب إىل الطبيب ،فقاؿ :أعوذ ابهلل ،استعاف بغَت هللا فهو كافر كفر أكرب!
ىل نقوؿ إف قولنا األوؿ يف االستعانة بغَت هللا ىو من قبيل اللفر دوف كفر؟ أـ نقوؿ أف ذلق كفر أكرب
وللن ىذه الصورة اليت تللمت فيها اي زيد ليست من االستعانة اليت نتللم فيها ٨تن؟ تلق صورة
أخرى؛ االستعانة ا١تل ّفرة أف يستعُت بغائب أو بنحوه فيما ال يقدر عليو إال هللا ،فهذه استعانة ُمل ّفرة
ُ
مر معنا يف الناقض األوؿ والناقض الثاين من ىذا ا١تنت ا١تبارؾ.
كما ّ
إذف ال ٮتلطوا ويُلبّسوا عليلم ويُدلّسوا يف الصور ،و٬تمعوا الصور بعضها مع بعض و٬تعلوىا كلها ٔترتبة
واحدة ،فهذه صورة وىي واالستعانة بغَت هللا -سبحانو وتعاىل -فيما ال يقدر عليو إال هللا ،وىي من
سمى
قبيل ما ىو كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة ،وللن ذلق ا١تريض الذي ذىب إىل الطبيب ىذه نعم قد تُ ّ
استعانة بغَت هللا ،للن ىل ىي استعانة ُمل ّفرة؟ ليست استعانة ُمل ّفرة ،ىل ىي استعانة ُ٤تّرمة؟ ليست
ىي استعانة ُ٤تّرمة ،قد تلوف ملروىة وقد تلوف جائزة ْتسب اختالؼ العلماء -رٛتهم هللا -يف مسألة
العالج من ا١ترض؛ وللن القوؿ ىا ىنا أف تلق صورة أخرى ُمباينة ُمفارقة للصورة اليت ّقرران أهنا من
نواقض اإلسالـ.
كذلق الصور اليت ّقرران أهنا من قبيل اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا ،فمنها صور ُمل ّفرة ومنها صور ليست
ٔتُل ّفرة.
من يستطع منلم أف يعيد ىذه الدركات اليت ذكرانىا وأشران إليها يف ىذا الدرس؟
-األخ :بسم هللا واٟتمد هلل والصالة والسالـ على رسوؿ هللا ،الدركة األوىل :وىي من قبيل جنس
ا١تعاصي مثل الزان أو السرقة ىي حلم بغَت ما أنزؿ هللا ،وللنها كفر من قبيل اللفر دوف كفر.
الدركة الثانية :وىي أف ٭تلم ابلشريعة ويلوف ديدنو ذلق وللن يف مسألة يف قضية معينة أو واقعة معينة
حلم بغَت الشرع من غَت تبديل أو تشريع أو قانوف أو الئحة فهذا من قبيل كفر دوف كفر.
66
*الشيخ :ىذه مسألة خالفيّة ،ويُنبّو ىا ىنا يف ىذه ا١تسألة يف ىذه اٞتزئية :قد يقوؿ بعض ا١ترجئة :طيب
تبديال أو تشر ًيعا أو ٨تو
أيضا واقعتُت ،ثالث ،أربعٜ ،تس ..إىل كم؟ نقوؿ :ما ِل ي ُلن ً
يف واقعة ،و ً
عمو فحلم لو بغَت ما أنزؿ هللا ،ابن خالتو ..حلم لو بغَت ما أنزؿ هللا ..شهوة ألجل
ذلق ..فأاته ابن ّ
مثال ،أبف يقوؿ أبف
ودفع لو رشوة فحلم لو بغَت ما أنزؿ هللا ،أبف يطعن يف الشهود ً ذلق ،أاته شخ
شروط إقامة اٟتد يف ىذه ا١تسألة ِل تتوفّر كاملة و٨تو ذلق ..فهذه من قبيل اللفر األصغر الذي ال ُٮترج
بصاحبو من ا١تلة وقد اختلف العلماء يف ىذه ا١تسألة.
-األخ :الدركة الثانية خالفية بُت أىل العلم منهم من قاؿ أبهنا كفر ومنهم من قاؿ أبهنا كفر دوف كفر،
من قاؿ أبهنا كفر أكرب منهم الصحايب اٞتليل عبد هللا بن مسعود -هنع هللا يضر -عندما ُسئل عن الرشوة وقاؿ
السحت..
ىي من ُّ
-األخ :ذلق الطرباين وقاؿ عنو ابن حجر ا٢تيثمي -رٛتو هللا -سنده صحيح.
صح األثر عن ابن عبّاس كفر دوف كفر يف اٟتادثة اليت وقعت وقالوا أبنو
ومن قاؿ أبهنا ليست كفر إف ّ
قد ح ّلموا الرجاؿ.
الدركة الثالثة :وىي التبديل أو االستبداؿ وىي كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة وىي مسألة اتفاقية ،والدليل من
ك ُى ُم ك ُى ُم الْ َكافِ ُرو َف}{،فَأُوٰلَئِ َ
اَّللُ فَأ ُْولَئِ َ {وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ
َنز َؿ م القرآف قوؿ هللا عز وجلَ :
{وقَاتِلُ ُ
وى ْم ك ُى ُم الْ َفاس ُقو َف} ،وقوؿ هللا عز وجلَ :
ِ تَ ُكو َف فِ ْتػنَةٌ َويَ ُكو َف َح مَّت ال الظمالِ ُمو َف}{ ،فَأُولَئِ َ
الدين ُكلُّو ِمِ
َّلل}. ِّ ُ ُ
والدركة الرابعة :التشريع ،قاؿ هللا عز وجل{ :أَـ َهلم ُشرَكاء َشرعُوا َهلم ِمن ِّ
الدي ِن َما َملْ َأيْ َذ ْف بِ ِو م
اَّللُ} ْ ُْ َ ُ َ ُْ َ
وىي كفر ٥ترج من ا١تلة وىي مسألة اتفاقية.
67
حق التشريع من دوف هللا ،األوؿ الدركة الرابعة :ىو ِل ي ّد ِع حق
*الشيخ :والدركة ا٠تامسة :أف ي ّدعي ّ
شرع،
شرع فهذا انقض من نواقض اإلسالـ ابإلٚتاع ،الذي ي ّدعي حق التشريع وإف ِل يُ ّ التشريع ،للنو يُ ّ
فهذا كافر كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة ابإلٚتاع وىذه الدركة أعظم من الدركة اليت قبلها.
أيضا
مث الدركة السادسة واألخَتة :االمتناع على اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل -وىذه دركة ً
ُمل ّفرة إبٚتاع العلماء.
ىذا ابختصار وإ٬تاز وإف كنا قد بسطنا القوؿ يف اللتاب ا١تشار إليو ،نسأؿ هللا -سبحانو وتعاىل-
ُ
إ٘تامو وإخراجو بعوف هللا -سبحانو وتعاىل ،-حوؿ ما يتعلق هبذا الناقض أال وىو الناقض الرابع من
نواقض اإلسالـ.
وهللا سبحانو وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت ،وجزاكم هللا خَتا.
(أسئلة اْلضور)
اإلجابةً :
طبعا ىذا ٭تتاج إىل ٤تاضرة كاملة ،وللن نشَت ىا ىنا يف ىذه العُجالة بُت األذانُت ونقوؿ:
ما ىي أصل الدٯتقراطية؟ ال ٕتدوف ىذه الللمة أو معٌت الدٯتقراطية ال يف كتب العقائد وال يف كتب
الفقو وال يف كتب اللغة ،فهي دخيلة على دين ا١تسلمُت وكذلق على لغة ا١تسلمُت ،ىي أصل ىذه
الللمة يوانين ،معناىا :حلم الشعب ابلشعب.
68
زورا
١تا كاف يف الغرب ُ٭تلموف ْتلم السماء -يف زعمهمْ -تلم اللنائسْ ،تلم هللا -فيما سيزعموف ً
وهبتاان ،-وكانوا يظلموف الناس ويتجاروف يف الظلم ِابِسم ماذا؟ ِابِسم هللا وِابِسم السماء وِابِسم اللنيسة
ُ
وهبتاان
زورا ً ِِ
وابسم الرىباف ،إىل غَت ذلق ..فلما كثر الظلم هبذا األمر وهبذه األحلاـ اٞتائرة اليت تُنسب ً
إىل هللا -سبحانو وتعاىل ،-قاـ الناس ىنالق يف أورواب ابلثورة على حلم هللا وعلى حلم السماء وقالوا
نريد حلم الشعب ،فهم رفضوا حلم هللا ،رفضوا حلم الدين ،وأرادوا أف ٭تلموا أنفسهم أبنفسهم ،قالوا
ىذا حلم الشعب ابلشعب وأٝتوىا ابلدٯتقراطية؛ أف ُ٭تلم الشعب ابلشعب ِِلَ؟ قالوا حىت ال نقع يف
ذلق الظلم الذي ىو ِابِسم هللا وِابِسم السماء.
هللا -سبحانو وتعاىل -أحلامو مقتصرة يف ا١تساجد يف الصوامع ،يف اللنائس ،أما الدنيا بسياستها
واقتصادىا واجتماعها فهي للشعب ،مث قالوا ورأوا أهنم ال يستطيعوف أف أيتوا بلل الشعب يف كل مسألة
ويقوموف ابستفتاء ذلق الشعب يف كل جزئية ،فقالوا ىم أف الدٯتقراطية ىي حلم الشعب ،فليف إذا
أراد اٟتاكم أف ٭تلم يف ىذه ا١تسألة أو تلق ا١تسألة أف يستشَت كل الشعب يف كل مسألة؟ يصعب عليو
فقسموا على حسب ا١تناطق ،على حسب
ذلق ،قالوا إذف ننتدب وننوب عنّا نػُ ّو ًااب يتللموف ابٝتناّ ،
البالد ،الدوؿ ،ا١تدف ،القرى ..عن كل قرية ،عن كل مدينة ،ينوب عنهم رجل أو امرأة ويتللم ابٝتهم،
ينوب عنهم انئب ويتللم ابٝتهم يف ماذا؟ يف اٟتلم.
إذف ىو حلم الشعب ابلشعب ..من يتللم على لساف الشعب؟ ىؤالء النواب الذين يُع ّدوف بعدد ٤تدد
ٖتليال وٖترٯتا ،تقدٯتًا وأتخَتا،
عُت يتللموف ابسم الشعب يف ماذا؟ يف كل ا١تسائل ا١تطروحة بُت أيديهم ً
ُم ّ
شرعوف من دوف هللا ،ويُعطوف
أف يقولوف يف ىذا القوؿ ال أبس بو أو أف ُ٬تّرموه ،إىل غَت ذلق ..فهم يُ ّ
أحقيّة التشريع من دوف هللا ،و٭تلموف يف كل ا١تسائل ِابِسم الشعب وليس ِابِسم الرب –سبحانو
وتعاىل.-
69
ب ِْلُ ْك ِم ِو}[الرعد ،]ٗٔ :وىم يقولوف :والشعب ٭تلم ِ {و م
اَّللُ َْحي ُك ُم َال ُم َع ّق َ هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿَ :
حاال من يقوؿ :وهللا ُ٭ت ّلم و٨تن نُع ّقب على حلمو ،أو والشعب يُع ّقب
ال ُمع ّقب ٟتلمو ،وأخ ّفهم ً
على حلمو -والعياذ ابهلل.-
ْق َو ْاأل َْم ُر} ،يقولوف :أال لو ا٠تلق ولنا األمر -والعياذ ابهلل،- هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿ{ :أ ََال لَوُ ْ
اخلَل ُ
شرع و٨تلم –والعياذ ابهلل تعاىل.-
أنت ٗتلق ،و٨تن أنمر ونُ ّ
رب
فهذه ىي حقيقة الدٯتقراطية ،إذا علمت ذلق علمت حلم الدٯتقراطية وكيف أهنا تُناقض شريعة ّ
الربيّة -سبحانو وتعاىل.-
نعم..
يلوف اٟتلم كما قاؿ اإلماـ مالق -رٛتو هللا -إماـ دار ا٢تجرة وإماملم وإمامنا ،يقوؿ( :لن يصلح أمر
آخر ىذه األمة إال ٔتا صلح بو ّأو٢تا).
كيف ُح ِل َمت األمة يف بدايتها؟ ىلذا تصلح ،أما هبذه التصورات واآلراء واالجتهادات ا١تختلفة اليت
كل برأيو ،فلن نصل إىل نتيجة ،لن نصل إال إىل تشرذـ ،إىل
كل ابجتهاده ،و ٌ
كل هبواه ،و ٌ
تروهنا اليوـ ٌ
تفرؽ ،إىل اغتياالت ،إىل مؤامرات ،إىل غَت ذلق..
ّ
أما صالح ىذه األمة ٔتا صلُح عليو أوؿ ىذه األمة ،كيف حلم الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -الدولة األوىل؟ ىل
ماس ِّبَا أ ََر َ
اؾ ني الن ِ ِ
حلمها ْتلم الشعب؟ أـ حلمها ْتلم الرب -سبحانو وتعاىل-؟ {لتَ ْح ُك َم بَػ ْ َ
اَّللُ}[النساء ،]ٔٓ٘ :أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل -اللتاب على الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -لِيَ ْح ُلم ال لِيُح َلم.
م
{و َشا ِوْرُى ْم ِيف ْاأل َْم ِر}[آؿ عمراف ،]ٜٔ٘ :فهذه يف
ورى بَػ ْيػنَػ ُه ْم}[الشورى ،]ٖٛ :أماَ :
{وأ َْم ُرُى ْم ُش َ
أماَ :
ا١تسائل اليت ِل ِ
يقض هللا فيها ،وِل ين ّ هللا -سبحانو وتعاىل -فيها ْتلم ،فهذه نعم ،يُشاور فيها من؟
أىل اٟتَ ّل والعقد ،ليس كل الناس يُشاوروف فيها وإ٪تا يُشاور أىل اٟتل والعقد ،وىم الذين ٚتعوا بُت
العلمُت :علم الواقع وعلم الدليل ،فهؤالء يُرجع إليهم يف ىذه ا١تسائل اليت ِل ِ
يقض هللا -سبحانو وتعاىل-
فيها ..أنبٍت ا١تسجد ىنا؟ أـ ىناؾ؟ أنرصف الشارع ىنا؟ أو يف الطريق اجملاور؟ ىذه ٤تل شورى ،أنغزوىم
71
عامة ا١تسائل ،أيُبٌت ىذا
غدا؟ أو نغزوىم بعد شهر..؟ ىذه ٤تل شورى ،وىلذا يف ّ
اليوـ؟ أو نغزوىم ً
البناء هبذا النحو؟ أو بذاؾ النحو؟ بطابق؟ أو عشرة طوابق؟ ىذه كلها ٤تل شورى.
أما :ىل الراب مباح؟ أـ ال؟ فهذه ليست ٤تل شورى ،أما :ىل ُ٭تّرـ ا٠تمر يف الفنادؽ اليت ىي ٜتس
٧توـ؟ أـ ثالث ٧توـ أـ ال؟ فهذه ليست ٤تل شورى ،ىذه قضى هللا -سبحانو وتعاىل -فيها وال يُتق ّدـ
على قوؿ هللا وقوؿ رسولو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -بقوؿ ٍ
أحد كائنًا من كاف.
فهذا ىو الفرؽ اٞتوىري بُت الشورى وبُت الدٯتقراطية ،الشورى يف ا١تسائل اليت ِل ِ
يقض هللا فيها،
والدٯتقراطية يف كل ا١تسائل قضى هللا فيها أـ ِل ِ
يقض.
الفرؽ الثاين :أف الشورى :ىي ألىل اٟتل والعقد من ا١تسلمُت ،أما الدٯتقراطية :فهي للجميع سواء كانوا
من الصاٟتُت أو من الطاٟتُت ،من ا١تسلمُت أو من اللافرين ،من العلمانيُت ،من ا١تلحدين ،من
ُ
الشيوعيُت ،من االشًتاكيُت ،إىل غَت ذلق ..أىم شيء يلوف من ا١تواطنُت ،وإف كاف مسيلمة اللذاب،
كاف مواطنًا فهو من أىل اٟتل والعقد عند الدٯتقراطيُت؛ أما عند هللا -سبحانو وتعاىل -ورسولو فال بد
من توفر شروط يف الشهود وكذلق فيمن ىم من أىل الشورى.
الفرؽ الثالث :أف الشورى :تعتمد على القوؿ الصواب وإف قاؿ بو األقليّة ،أما الدٯتقراطية :فتعتمد على
اقعا أبنو من أبطل األقواؿ ،إذا قالت بو األكثرية ىو الدين الذي وشرعا وو ً قوؿ األكثرية ،وإف عُلِ َم ً
عقال ً
وؾ َعن َسبِ ِ ضي ِ
ضلُّ َ ِ
يل {وإِف تُط ْع أَ ْكثَػ َر َمن ِيف ْاأل َْر ِ ُ
ُٯتشى عليو ..هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿَ :
ماس َال يَػ ْعلَ ُمو َف}[األعراؼ،]ٔٛٚ : {وٰلَ ِك من أَ ْكثَػ َر الن ِ
اَّلل}[األنعاـ ، ]ٔٔٙ :هللا -سبحانو وتعاىل -يقوؿَ :
مِ
{وَما أَ ْكثَػ ُر الن ِ
ماس َولَ ْو ِ {وٰلَ ِك من أَ ْكثَػ َر الن ِ
ماس َال يػُ ْؤمنُو َف}[غافر ،]ٜ٘ :ويقوؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ :- ويقوؿَ :
ت ِّبُْؤِمنِني}[يوسف ]ٖٔٓ :ويقوؿ هللا -سبحانو وتعاىل{ :-وما يػ ْؤِمن أَ ْكثَػرىم ِِب مِ
َّلل إِال َو ُى ْم صَ
ََ ُ ُ ُُ ْ َ َح َر ْ
ور}[سبأ.]ٖٔ : ي ال م م ْش ِرُكو َف}[يوسف ]ٔٓٙ :ويقوؿ هللا -سبحانو وتعاىل{ :-وقَلِ ِ ِ ِ
ش ُك ُ يل ّم ْن عبَاد َ
َ ٌ ُ
نسأؿ هللا سبحانو وتعاىل أف نلوف ٨تن وإايكم من ىؤالء القلّة الذين يشلروف هللا سبحانو وتعاىل على
نعمو الظاىرة والباطنة ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت ،وجزاكم هللا خَتا.
71
الدرس الرابع
ومصطفاه
ذؿ َمن عصاه ،والصالة والسالـ على نبيّو ُ
عز َمن أطاعوُ ،م ّ
بسمميحرلا نمحرلا هللا ،اٟتمد هلل ُم ّ
وعلى آلو وصحبو ومن وااله ،أما بعد:
فقد تللمنا يف الدرس ا١تنصرـ حوؿ الناقض الرابع من نواقض اإلسالـ ،وذكران أف مسألة اٟتلم بغَت ما
ُ
أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل٢ -تا صور عديدة وليست بصورة واحدة.
قلنا أف الدركة األوىل :ىي ُ٣تمل ا١تعاصي واللبائر وأ ّهنا قد يُطلق عليها أ ّهنا من اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا،
نزوال كليّا ،وأ ّهنا من قبيل ما ىو اَّللُ } وللن ً
نزوال جزئيًا ال ً وتنزؿ عليها اآليةَ { :وَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّبَا أ َ
َنز َؿ م
كفر دوف كفر إبٚتاع أىل السنة واٞتماعة.
مثّ الدركة اليت تليها :ىي أف ٭تلم اٟتاكم أو القاضي بشرع هللا -سبحانو وتعاىل ،-ويلوف مرجعو
لللتاب والسنة ،وللن حلم يف مسألة أو مسائل لشهوة أو لرشوة أو لنحو ذلق بغَت ما أنزؿ هللا -
سبحانو وتعاىل ،-وقلنا أف ىذه مسألة خالفية بُت أىل السنة واٞتماعة من قائل أبهنا من قبيل اللفر
األكرب ومن قائل أبهنا من قبيل اللفر األصغر.
مث الدركة الثالثة :وىي التبديل ،تبديل أحلاـ هللا -سبحانو وتعاىل -أبحلاـ البشر ،أو ابألحلاـ
الشق يف كفره إبٚتاع العلماء ونعٍت ابللفر ىا ىنا اللفر ا١تخرج من ا١تلة.
ّ السماوية ا١تنسوخة؛ فهذا
مثّ الدركة الرابعة وىي أخبث ٦تا قبلها وىي :دركة التشريع من دوف هللا ،أو مع هللا ما ِل أيذف بو هللا -
سبحانو وتعاىل ،-وإف ِل ي ّد ِع لنفسو أحقيّة التشريع وىذه كفر ابإلٚتاع كما تقدـ.
مث الدركة ا٠تامسة وىيِّ :إدعاء حق التشريع ا١تطلق من دوف هللا -سبحانو وتعاىل -وىي كفر أكرب
شرع .
شرع أو ِل يُ ّ
إبٚتاع ا١تسلمُت سواء ّ
أخَتا الدركة السادسة وىي أخبث تلق الدركات يف مسألة اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا وىي :أف ٭تلم
و ً
أيضا مسألة قد أٚتع العلماء
الشوكة وا١تنعة ،وىذه ً
ابلقوة و ّ
اٟتاكم بغَت ما أنزؿ هللا وٯتتنع على ذلق ّ
َ
قاطبة على التلفَت هبا وأهنا من قبيل اللفر األكرب ا١تخرج من ا١تلة.
72
هبذه التقسيمات وهبذا التقعيد ال ينطلي على أحد طالسم اإلرجاء{ ،إِ مَّنَا صنػعوا َكي ُد س ِ
اح ٍر َوَال يُػ ْف ِل ُح ََ ُ ْ َ
ث أَتَ ٰى}[طو ،]ٜٙ :إذا علمت ىذا التقعيد ال ينطلي عليق ،وال يُلبّس عليق بعد ذلق سِ
اح ُر َح ْي ُ ال م
ا١ترجئة بطالٝتهم وشخابيطهم.
يف ىذه اللية بعوف هللا -سبحانو وتعاىل -نبدأ وإايكم عند الناقض ا٠تامس من نواقض اإلسالـ..
نعم.
قاؿ الشيخ دمحم بن عبدالوىاب -رمحو هللا تعاىل -يف رسالة نواقض اإلسالـ:
(الناقض اخلامس :من أبغض شيئًا مما جاء بو الرسوؿ -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -ولو عمل بو كفر إمجاعا.
.أَ ْع َما َهلُ ْم }[دمحم.)]ٜ :
َحبَ َ
اَّللُ فَأ ْ والدليل قولو تعاىلَ { :ذلِ َ
ك ِأبَنمػ ُه ْم َك ِرُىوا َما أ َ
َنز َؿ م
الشرح:
وتعلموف أف حبوط العمل بُِرّم ِتو ال يلوف إال عند اللفر ،ال يلوف إال عند الشرؾ كما قاؿ هللا -
ت لَيَ ْحبَطَ من ين ِمن قَػ ْبلِ َ
ك لَئِ ْن أَ ْش َرْك َ ِ مِ
ك} أي :اي دمحم { َوإ َىل الذ َ
سبحانو وتعاىل{ :-ولََق ْد أ ِ
ُوح َي إِلَْي َ َ
ك }[٘:ٙالزمر] ،إذف؛ حبوط العمل برمتو ال يلوف إال عند اللفر والشرؾ والعياذ ابهللَ { ،وقَ ِد ْمنَا َع َملُ َ
ِ ِ ِ
ورا }[ ٖٕ :الفرقاف]. إ َىل َما َعملُوا م ْن َع َم ٍل فَ َج َعلْنَاهُ َىبَ ً
اء منثُ ً
أما حبوط بعض األعماؿ فقد تلوف لغَت اللفر ،كأف يُرائي اإلنساف يف صالتو فهي حابطة -ىذه
الصالة فقط حابطة ،-يف صيامو ،يف صدقتو ،يف ٨تو ذلق؛ فاهلل -سبحانو وتعاىل -أغٌت األغنياء عن
73
الشرؾ ،من أشرؾ مع هللا فيو غَته ابلرايء تركو -سبحانو وتعاىل -وشركو كما جاء ذلق يف اٟتديث
القدسي الصحيح.
للن حبوط العمل ٚتل ًة وتفصيال ال يلوف إال يف الشرؾ ،كذلق يف ىذه ا١تسألة كراىية ما جاء بو رسوؿ
دؿ ذلق على أ ّف كراىية ما أنزؿ
-ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -ىذا يؤدي ابإلنساف إىل أف ٭تبط عملو -والعياذ هللا ،-فإذف ّ
هللا كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة.
أوال :التحاكم لشريعة هللا -سبحانو وتعاىل -اليت بُِعث هبا سيد اخللق أمجعني -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
ً
اثنيًا :عدـ اْلرج من أي شيء جاء عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-عدـ كراىية ما جاء بو رسوؿ هللا -
ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-سواء كاف ذلق من قبيل أركاف اإلسالـ كالصالة والصياـ واٟتج والزكاة والشهادتُت ،أو كاف
ذلق من أي شعَتة من شعائر اإلسالـ سواء كاف ذلق اللحية اليت أمر هبا الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فيلرىها
اإلنساف -والعياذ ابهلل ،-ويبغض ىذه الشعَتة من شعائر الدين اليت أٚتع العلماء كما ذكر ذلق اإلماـ
أبو دمحم ابن حزـ -رٛتو هللا ،-وكذلق شيخ اإلسالـ أبو العباس ابن تيمية -رٛتو هللا -على وجوب
إعفائها وٖترمي حلقها ،ىذه الشعَتة اليت جاءت عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف أوامر عديدة (أعفوا
اللحى)( ،وفّروا اللحى)( ،أوفروا اللحى) إىل غَت ذلق ،الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ( :ولَ ِك من َرِِّب قَ ْد
ِ ِ
أ ََم َرِن ِبِِ ْع َفاء ْلْيَ ِيت َوقَ ِّ
ص َش ِارِِب(.
74
٦تن أعفى ٟتيتو ولو كانت ا١ترأة ٦تن أسدلت اٟتجاب عليها وأبغضت ىذه الشعَتة؛ فهي -والعياذ ابهلل-
ٗترج بذلق من ا١تلة.
قد جاء فيما رواه اإلماـ الطرباين وابن أيب عاصم وغَتىم ،عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( :-ال يؤمن أحدكم
إذف ،قلنا ال يرد اإلنساف وال يلره وال يبغض أي شعَتة من شعائر الدين اليت جاء هبا الن اللرمي -
ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
فقاؿ ٢تا :ال ،ال ذلق يف زمنو -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -انقصات عقل ودين ،أما اليوـ فال عقل وال دين.
ىن.
منهن وقليل ما ّ
وهللا ا١تستعاف ،إال من رحم هللا ّ
فإذف ال يلره اإلنساف شيئًا ٦تا جاء عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-وىنا مسألة تتعلق هبذه ا١تسألة:
قد ٬تد اإلنساف بعض ا١تشقة وبعض التعب والنصب يف أداء بعض الواجبات الشرعية ،ىذا ال يدخل يف
ٚتلة من كره ما أنزؿ هللا ،وللن عليو أف ٬تاىد نفسو يف العبادة وعلى العبادة و٦تارسة العبادة وأداء
ك ِمن العبادة والقياـ هبا خَت قياـ ،وقد جاء عن هللا -سبحانو وتعاىل -أنو قاؿَ { :ك َما أَ ْخ َر َج َ
ك َربُّ َ
ِ ِ
ني لَ َكا ِرُىو َف}[األنفاؿٝ ،]٘ :تّاىم أهنم من ا١تؤمنُت ،مىت ذلق؟ يف ك ِِب ْْلَ ِّق َوإِ مف فَ ِري ًقا ّم َن ال ُْم ْؤمنِ َ
بَػ ْيتِ َ
75
غزوة بدر ،فهم صفوة الصفوة ،وُك ّمل ال ُل ّمل ،خيار ا٠تيار ،أىل بدر بعضهم كره ذلق القتاؿ للنو ِل
يلره ىذه العبادة ،ىذه الشعَتة ،وللن كانت صعبة عليو أف يواجو ذلق اٞتيش وقد خرج إ٪تا خرج للعَت
وليس للنفَت.
فإذف ليس كل عبادة فيها صعوبة أو نوع مشقة ويلوف اإلنساف حينما ٬تد تلق ا١تشقة عليو يلوف ٦تن
م ب َعلَْي ُك ُم ال ِْقتَ ُ
اؿ َو ُى َو ُك ْرهٌ ل ُك ْم}[البقرة ،]ٕٔٙ :فَ ّ
سماهُ
ِ
كره هللا ،ال! هللا -سبحانو وتعاىل -قاؿُ { :كت َ
وىو أدرى أبنفس البشرٝ ،تّاهُ -سبحانو وتعاىلِ -ابل ُلره أي :أف فيو بعض ا١تشقة.
كذلق من ىذا القبيل ما قالو دمحم بن مسلمة -هنع هللا يضر وأرضاه -كما يف الصحيحُت( :عنّاان وسألنا
الصدقة) أي :أف ىذه الصدقة فيها نوع عناء ومشقة؛ لذلق جعل هللا -سبحانو وتعاىل -على ىذه
العبادات الشاقّة األجر العظيم وإ٪تا الغُنم ابلغُرـ واألجر على قدر ا١تشقة.
نعم..
(الناقض السادس :من استهزأ بشيء من دين الرسوؿ -ملسو هيلع هللا ىلص ،-أو ثواب هللا أو عقابو
آًيتِِو َوَر ُسولِ ِو ُكنتُ ْم تَ ْستَػ ْه ِزئُو َف ،ال تَػ ْعتَ ِذ ُروا قَ ْد َك َف ْرُُْت ِ
كفر ،والدليل قولو تعاىل {قُ ْل أ َِِب مَّلل َو َ
بَػ ْع َد إِميَانِ ُك ْم}[التوبة.)]ٙٙ-ٙ٘ :
الشرح:
نعم ..ىذا ىو الناقض السادس من نواقض اإلسالـ ،وىو أف يستهزئ اإلنساف ابهلل ،أو ابلرسوؿ -ﷺ-
،أو ابلشريعة سواء كاف ذلق -أي ما استهزأ بو -من أصوؿ الدين أـ من فروع الدين ،ال يستهزئ
بشيء جاء عن هللا أو جاء عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
76
فاٟتذر اٟتذر ،ىؤالء قوـ أو رىط أو طائفة كانوا مع رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -ال أقوؿ فقط يصلوف ويصوموف
و٭تجوف ويعتمروف ال ،بل كما جاء فيما رواه اإلماـ ابن جرير -رٛتو هللا -وأبو الشيخ وغَت٫تا ،أهنم كانوا
مع رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف غزا ٍة من غزواتو وليس يف أي غزوة ،بل ىي يف غزوة العسرة ،ذلق اٞتيش،
تلق الغزوة اليت كانت يف ضيق شديد اب١تسلمُت ،يف ا١تاؿ ،ويف الراحلة ،ويف الزاد وليس فقط ،بل يف
القيض الشديد ،خرج الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصٔ -تن معو من ا١تدينة إىل تبوؾ ،وللم أف تتصوروا تلق ا١تسافة البعيدة
بُت ا١تدينة وبُت تبوؾ وال طائرات وال سيارات وال قطارات وإ٪تا ىي اإلبل والبعَت ،بل كانوا يتناوبوف على
البعَت الواحد يركب الرجل وٯتشي الثالثة وىلذا ،ويف قلة من الطعاـ ويف حر شديد ،ومع ذلق قاـ ثالثة
٦تن كاف مع الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يف تلق الغزوة أي أهنم من اجملاىدين ليقطعوا الطريق فقاؿ قائل منهم( :ما
بطوان ،وأكذب ألسنة وأجنب عند اللقاء) ،فأنزؿ هللا -سبحانو وتعاىل-
رأينا مثل قُػّرائنا ىؤالء ،أرغب ً
ب}[التوبة: {ولَئِن َسأَلْتَػ ُه ْم لَيَػ ُقولُ من إِ مَّنَا ُكنما َخنُ ُ
وض َونَػل َْع ُ فيهم ىذه اآلايت اليت تُتلى إىل قياـ الساعةَ :
٘ ،]ٙىل قاؿ هللا كذبتم؟ بل أنتم قصدمت اللفر يف قلوبلم؟ أنتم إ٪تا كنتم تلرىوف الدين وتبغضوف
الدين؟ إىل غَت ذلق..؟
أقرىم هللا وص ّدقهم على ذلق أهنم فقط ٯتزحوف ويلعبوف ،حىت جاء يف بعض
ال ،ما قاؿ هللا ذلق ،بل ّ
الرواايت من حديث عمر (أهنم كانوا يقطعوف الطريق) ،أي :لبعد ىذه ا١تسافة يتسلّوف يف الطريق ،فيُللّم
آًيتِِو َوَر ُسولِ ِو ُكنتُ ْم ِ
بعضهم بعضا يف مثل ىذه ا١تسائل ،فاهلل -سبحانو وتعاىل -قاؿ{ :قُ ْل أَ ِِب مَّلل َو َ
تَ ْستَػ ْه ِزئُو َف ،ال تَػ ْعتَ ِذ ُروا قَ ْد َك َف ْرُُت بَػ ْع َد إِميَانِ ُك ْم} ،ال تعتذروا قد كفرمت بعد إٯتانلم.
وأتملوا إىل تلق الصورة ،إىل ىذا اٟتديث أ ّف الذي تللّم هبذا اللالـ عشرة؟ عشروف؟ ال ..إ٪تا الذي
تللم واحد ،فقاؿ هللا -سبحانو وتعاىل{ :-قَ ْد َك َف ْرُُت بَػ ْع َد إِميَانِ ُك ْم} ،كيف يتللم واحد وهللا يُلفمر من
حضر وَِل يُنلر؟ الثالثة الذين حضروا وَِل ينلروا ىذا االستهزاء ك ّفرىم هللا ٚت ًيعا؛
77
فإذف الذي يستهزأ ِّ
ِبلدين أو ببعض شعائر الدين ىو كافر وليس فق ،.بل الذي حيضر ذلك
اجمللس وال يػُغَِّري وال يُنكر فهو كافر كذلك.
وضوا ِيف
فاٟتذر اٟتذر من ٣تالسة ا١تستهزئُت بدين هللا -سبحانو وتعاىل{ :-فَ َال تَػ ْقعُ ُدوا َم َع ُه ْم َح مَّت َُيُ ُ
ِ ِِ يث غَ ِريهِ إِنم ُكم إِ ًذا ِمثْػلُهم} ليس فقط{ ..إِ مف م ِ
ين ِيف َج َهن َ
مم ني َوالْ َكاف ِر َاَّللَ َجام ُع ال ُْمنَافق َ ْ ّ ُْ َح ِد ٍ ْ
مج ًيعا}[النساء ،]ٔٗٓ:ال ٬تمع أولئق اللفار فحسب الذين نطقوا ابللفر وابالستهزاء فقط ،بل حىت َِ
الذين جالسوىم وكانوا معهم دوف نلَت -والعياذ ابهلل ،-فيدخل يف ذلق من يشاىد ا١تسلسالت اليت
تستهزأ بدين هللا -سبحانو وتعاىل ،-ابٟتجاب ،ابلنقاب ،ابللحية ،ابلثوب القصَت ،ابلسواؾ ،إىل غَت
ذلق من شعائر اإلسالـ الظاىرة ،يدخل يف ذلق من يشاىد ويضحق ،بعض ا١تسرحيات من سقطة
القوـ الذين يستهزؤوف بدين هللا ويستهزؤوف بشعائر هللا -سبحانو وتعاىل ،-تَػَرُكوا اللفار من األصليُت
صوبوا سهامهم
وا١ترتدين ،تَػَرُكوا الصليبُت ،تركوا اليهود الغاصبُت ِل يتللموا عليهم ببنت شفة ،للنهم ّ
وغمزا و١تزا وال
٫تزا ً
وكالمهم إىل َمن؟ إىل الثػُّلّة ا١توحدة ا١تُؤمنة ا١تُتمسلة بدين هللا -سبحانو وتعاىلً -
حوؿ وال قوة إال ابهلل.
يف زمن ا٠تلفاء الراشدين -مهنع هللا يضر أٚتعُت -يف مسجد ابللوفة ،تللم رجل ببعض اللالـ ا١تل ّفر ،وَِل يُنلر
ُ
عليو أصحاب ذلق ا١تسجد ،فسمعهم بعض الناس ،فرفعوا أمرىم إىل من؟ إىل عبد هللا بن مسعود -هنع هللا يضر
وأرضاه -الذي قاؿ عنو الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -وأوصى أبخذ القرآف عن أربعة ومنهم عبد هللا بن مسعود -هنع هللا يضر
علما) أي:
ف ُملئ ً
دي عمر بن ا٠تطاب -هنع هللا يضر وأرضاهُ ( :-كنيّ ٌ
وأرضاه ،-الذي قاؿ عنو ا٠تليفة الراش ّ
قصَتا ،للنو ٦تلوء من العلم ،وقاؿ ألىل العراؽ( :آثرتلم بو على
أف ابن مسعود كاف ضعي ًفا ٨تي ًفا ً
وج ّل فقو أىل العراؽ بعده إ٪تا يرووف عن ابن مسعود -
نفسي) ،أرسل ابن مسعود ليُف ّقو أىل العراؽُ ،
وعمن أيخذ منو .
هنع هللا يضر وأرضاهّ -
نعم..
(الناقض السابع :السحر ،ومنو الصرؼ والعطف ،فمن فعلو أو رضي بو كفر .الدليل
وال إِ مَّنَا َْْن ُن فِ ْتػنَةٌ فَ َال تَ ْك ُف ْر}[البقرة.)]ٕٔٓ:
َح ٍد َح مَّت يَػ ُق َ ِ ِِ
{وما يُػ َعلّ َماف م ْن أ َ
قولو تعاىلَ :
الشرح:
نعم ..ىذا انقض من نواقض اإلسالـ ا١تعلومة الظاىرة ا١تشهورة ،وال يُع ّلر على ىذا الناقض أ ّف بعض
العلماء ش ّذ فقاؿ بعدـ تلفَت الساحر كما روي عن الشافعية ،وللن ىذا القوؿ الذي قاؿ بو بعض
أبدا عن أولئق السادة من العلماء أف
وجو إف صح التعبَت؛ فال يُعقل ً
الشافعية ال يُسلّم ٢تم ،بل لعلو يُ ّ
يتوقفوا يف تلفَت الساحر ،وإ٪تا السحر الذي تللموا عنو -وهللا أعلم -ىو ما كاف من خ ّفة اليد و٨تو
التقرب من الركوع والسجود والذبح لو،
ويتقرب لو أبنواع ّ
اٞتٍت ّ
ذلق ،ال الذي يتعامل فيو اإلنسي مع ّ
إىل غَت ذلق من أنواع الشرؾ األكرب ا١تخرج من ا١تلّة.
ُ
ىناؾ نػَ َفر من اللفار يف عهد الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص-أشاعوا وأذاعوا أبف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -يُزّكي سليماف بن داوود -
عليو السالـ -ويقوؿ أبنو من األنبياء ،وىو ساحر يركب الريح -كما زعم أولئق ،-فقاؿ هللاَ { :وَما َك َف َر
سلَيما ُف وٰلَ ِك من ال م ِ
ني َك َف ُروا}[البقرة ،]ٕٔٓ :إذف ّ
يقرر هللا -سبحانو وتعاىل -يف ىذه ا١تسألة أف شيَاط َ ُ َْ َ
السحر كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة { َوَما َك َف َر ُسلَْي َما ُف} ٔتعٌت :أف سليماف ِل يلن ً
ساحرا ،والساحر كافر،
واللافر قد يلوف ساحر وقد ال يلوف كذلق ،فلل ساحر كافر وليس العلس.
79
ني َك َف ُروا إذف قاؿ هللا -سبحانو وتعاىل{ :-وما َك َفر سلَيما ُف} أيِ :ل يلن ساحرا{ ،ولَ ِك من ال م ِ
شيَاط َ ً َ ََ َ ُ َْ
ِ
الس ْح َر} ،إذف فالسحر كفر أكرب ُ٥ترج من ا١تلّة. ِ
ماس ّ
يػُ َعلّ ُمو َف الن َ
والسحر لو حقيقة كما ذىب إىل ذلق ٚتهور أىل السنة واٞتماعة ٓتالؼ ا١تعتزلة الذين نفوا أف تلوف
ُ
للسحر حقيقة.
سحر التخييل ،كما صنع السحرة مع موسى -عليو السالـُُ { :-يَيم ُل إِلَْي ِو ِمن ِس ْح ِرِى ْم أَنػم َها
تَ ْس َعى}[ :ٙٙطو] ،فَػ ُهم ..ىذا يُسمى بسحر التخييل.
وىناؾ ما يُسمى بسحر الصرؼ :أف يُصرؼ اإلنساف عن زوجتو بسحر وعمل يُصنع لو.
أو العطف :العطف ىو عكس الصرؼ ،أف يُعطَف اإلنساف على امرأة أو غري ذلك ،وىو يف
ب تلك املرأة أو ُِحيب غريىا.
األصل ال ُحيبّها فيُعمل لو ىذا السحر لكي ُحي ّ
وقد جاء كما يف الصحيحُت من حديث عائشة -اهنع هللا يضر وأرضاىا -أف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قد ُس ِحرُ ،ٮتَيمل إليو
أنو أييت بعض نسائو وىو ال يفعلَ ،س َحَرهُ َمن؟ َس َحرهُ لبيب بن األعصم ذلق اليهودي ا٠تبيث.
قد يقوؿ قائل سواء كاف من الشيعة الرافضة ممن يبثوف ُّ
الشبو بني أىل السنة ،أو كاف من النصارى
نيب؟
الذين يُطاعنوف أىل اإلسالـ ببعض شبهاهتم ،كيف يُسحر وىو ّ
نقوؿ :ما ُسحر الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصً -
أوال يف شيء من أمور الوحي ،ومن أمور الدين فهو معصوـ يف ىذا
اٞتانب.
اثنيًا :إ٪تا ُسحر الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصٟ -تلم كثَتة ،منها :أف يُعلّم أمتو ماذا يفعل من ُسحر ،فقد أنزؿ هللا -
ئ من ذلق السحر.
ا١تعوذتُت ،فقرأىم الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فرب َ
سبحانو وتعاىل -بعد ذلق ّ
81
بالء األنبياء
وكذلق منها :أف األنبياء ليسوا ٔتعزؿ عن البالء ،وقد جاء عن الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( :-أش ّد الناس ً
مثّ األمثل فاألمثل).
إذف ال تعجبوا بعد ذلق حينما تسمعوف اإلماـ ابن القيم -رٛتو هللا -يقوؿ يف كتابو (الفوائد ،صفحة
شر اب١تنشار زكراي ،وذُبح اٟتصور
يق نصب فيو آدـ ،ونُ َ
أنت والطريق؟ طر ٌ
ٗ٘) يقوؿ( :اي ُ٥تنّث العزـ أين َ
٭تِت ،وأُلقي يف النار إبراىيم ،وأُضجع للذبح إٝتاعيل ،وبيع يوسف بثم ٍن ٓتس ،وسار مع الوحش عيسى
وانؿ أصناؼ األذى دمحم -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.)-
إذف ىناؾ من األنبياء من ذُبح ،ىناؾ من األنبياء من نُشر اب١تناشَت ،إىل غَت ذلق ،فالن -ﷺ -ابتُلي
أوال :أف األنبياء يُبتلوف يف دين هللا -سبحانو وتعاىل ،-فيصربوف فلذلق
ببعض االبتالءات من ابب ً
على من سار على ىديهم.
اثنيًا :ىو يف زمن التشريع ،يُعلّم هللا -سبحانو وتعاىل -األمة ماذا تصنع ١تن ُس ِحر ،أو ماذا يصنع من
ُس ِحر.
فإذف السحر لو حقيقة ،والسحر كما تقدـ كفر أكرب ُ٥ترج من ا١تلة.
قد ورد عند الًتمذي ،والدار قطٍت -رٛتهم هللا ،-عن جندب –هنع هللا يضر وأرضاه ،-عن رسوؿ هللا-صلى هللا
ِ
ف يف تصحيحو وتضعيفو ،والصحيح عليو وآلو وسلم -أنو قاؿ( :ح ّد الساحر ضربو ِبلسيف) ،واختُل َ
أنو موقوؼ على جندب -هنع هللا يضر وأرضاه.-
كذلق جاء عند أٛتد -رٛتو هللا -يف ا١تسند ،عن عمر بن ا٠تطاب -هنع هللا يضر وأرضاه -أنو أمر يف آخر
سنة من خالفتو بقتل كل ساحر ،ويف رواية سفياف ( :وساحرة).
81
إذف عمر -هنع هللا يضر وأرضاه -الذي كما جاء عند الًتمذي من قوؿ رسوؿ هللا-ملسو هلآو هيلع هللا ىلص( :-اقتدوا ِبلّذين من
بعدي أِب بكر وعمر) ،عمر أمر بقتل كل ساحر وساحرة.
كذلق فعلت أـ ا١تؤمنُت حفصة -اهنع هللا يضر وأرضاىا ،-حيث قتلت جارية ٢تا سحرهتا كما روى ذلق اإلماـ
مالق -رٛتو هللا -يف ا١توطأ وللن إسناده منقطع وللن جاء إبسناد صحيح فيما رواه عبدهللا بن أٛتد
-رٛتو هللا -وكذلق رواه البيهقي.
حدا ،واثنيًا :ر ّدةً ،يُقتل لكفره ،وإف اتب يُقتل ًّ
حدا؛ ألف بقتل الساحر تبطل ٚتيع األعماؿ اليت أوالًّ :
ً
عملها ِمن السحر والعقد والنفث و٨تو ذلق من األعماؿ السحرية ،تبطل بفضل هللا -سبحانو وتعاىل-
عند َمن؟ عند قتل الساحر أو موت الساحر.
فإذف ىذه حلمة من اٟتِلم ا١تتعلّقة ٔتاذا؟ بقتل الساحر وإف اتبَ ،وإِ مف اتب.
ُ
مر معنا أ مف..
والسحر كما ّ
جمردة.
الردة تنقسم إىل قسمني :ردة مغلظة ،ور ّدة ّ
الر ّدة املغلّظة :اليت يتبعها أذيّة للمسلمني كر ّدة الساحر ،فهي ر ّدة مغلّظة.
ىذا فيما يتعلق ابلساحر ،فما يتعلق ٔتن جاء إىل الساحر ،ويدخل يف ذلق بال شق َمن شاىد قنوات
السحرة ،أو دخل إىل ا١تواقع العنلبوتية اليت تتعلق ابلسحر -والعياذ ابهلل ،-أو اتبع ما يتللموف بو من
طالسم ومن شعوذات ومن أبراج ومن قراءة للفناجُت و٨تو ذلق؛ كل ذلق يدخل يف اإلتياف للساحر،
الذي أييت للساحر أو اللاىن فال يُص ّدقو فيما يقوؿ ىذا حلمو كما جاء يف اٟتديث الذي رواه اإلماـ
ساحرا أو كاىنا ،مل تُقبل لو صالة أربعني ليلة) ،ىذا الذي أييت وال يُص مدؽّ ،أما الذي
مسلم( :من أتى ً
أيتيو ويص ّدؽ الساحر أو اللاىن ٔتا يقوؿ فهذا حلمو كما جاء يف ا١تستدرؾ على الصحيحُت عند
82
ساحرا أو كاىنًا فصدقو ّبا يقوؿ،
اإلماـ اٟتاكم -رٛتو هللا -عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أنّو قاؿ( :من أتى ً
فقد كفر ّبا أنزؿ على دمحم) ،ىلذا ىو حلم من أييت للساحر ويصدؽ الساحر ،كذلق روى اإلماـ
البزار -رٛتو هللا -بسند صحيح عن عبدهللا بن مسعود وىو موقوؼ عليو -هنع هللا يضر وأرضاه -أنو قاؿ( :من
ّ
ساحرا فصدقو ّبا يقوؿ فقد كفر ّبا أنزؿ على دمحم) ﷺ.
أتى ً
إذف ا١تسألة خطَتة وليست اب٢تيّنة ،ال نقوؿ ا١تسألة من حيث تعلقها ابلساحر نفسو ،بل حىت ا١تسألة
بتعلقها ٔتن أييت للساحر ومن يُصدؽ الساحر -والعياذ ابهلل ،-فاٟتذر اٟتذر ،والنّأي ابلنفس عن تلق
البُؤر اليت يلثر فيها الشرؾ واللفر والعياذ ابهلل -سبحانو وتعاىل.-
لعلنا نقف ىا ىنا للثرة األسئلة ابألمس والليلة فنأخذ بعض األسئلة إف شاء هللا -سبحانو وتعاىل،-
وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبيّنا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
(أسئلة اْلضور)
و٬تهز عليو ويُذفّف على جرحاىم ،وليست اإلجابة :ىناؾ فروؽ كثَتة ً
جدا منها :أف اللافر يُقتل ُ
ا١تسألة كذلق يف قتاؿ البغاة ،فال ُ٬تهز على اٞترحى من البُغاة ،كذلق اللفار تُغنم أموا٢تمّ ،أما أمواؿ
البُغاة فال تُغنم ،وال ٬توز لق ْتاؿ أف أتخذ من أمواؿ أولئق ا١تسلمُت الذين ىم من البغاة ،كذلق ال
تُسىب نساء البغاة ،وتُسىب نساء ال ُل ّفار ،كذلق ال يًُتحم على قتلى ا١ترتدين ويُشهد على قتالىم ابلنار،
غسلوف ،ويُصلى عليهم ،ويُدفنوف يف مقابر ا١تسلمُت،
وليس األمر كذلق مع قتلى البغاة ،بل يُل ّفنوف ويُ ّ
ويًُتحم عليهم ،ويُستغفر ٢تم ،وليس كذلق األمر مع اللفار سواء كانوا من األصليُت أو من ا١ترتدين
فرؽ يف ٚتيع تلق ا١تسائل ويف غَتىا.
فيُ ّ
83
يقوؿ :البعض يزعم من ُمرجئة العصر أف ابن تيمية -رمحو هللا -عذر بعض القضاة الذين حيكموف
بغري ما أنزؿ هللا؟
اإلجابة :نعم ،نقوؿ نعم عذر بعضهم وِل يعذر البعض اآلخر ،وللن من الذين عذرىم؟
٨تن تللمنا عن بعض أولئق يف تلق التقسيمات وىي أصحاب القسم أو الدركة الثانية ،
وىم الذين ٭تلموف بش راع هللا -سبحانو وتعاىل ، -فحلم وا بغَت شرع هللا لشهوة أو رشوة
أو ٨تو ذلق قلنا ،فهؤالء الذين اختلف ا لعلماء فيهم٨ ،تن عندما قلنا لشهوة أو رشوة أو
ق رابة أو عداوة ِل نقصر األمر على ذلق ،كذلق يدخل يف ىذا الباب ألجل بدعة من
غَت ما جاء عن
البدع ،حلم يف بعض ا١تسائل بغَت ما أنزؿ هللا لبدعة من البدع وىو ِل يُ ّ
هللا وعن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ِ ، -ل يُب ّد ؿ ،بل مرجع و إىل اللتاب والسنة ،وللن ألجل بدعة
عنده حلم يف ىذه ا١تسائل أ و ىذه ا١تسألة بغَت ما أنزؿ هللا ،كما فعل بعض أولئق
ا١تبتدعة من القضاة يف زمن شيخ اإلسالـ ابن تيمية كابن ٥تلوؼ وغَته ،ف أولئق الذين
عذرىم إ٪تا كان وا من أىل البدع الذين ٭تلموف ابللتاب والسن ة وللن حلم وا يف بعض
األحلاـ بغَت اللتاب والسنة لبدعة من البدع.
اإلجابة :نقوؿ ال يلزـ تلفَت الشعب ،وإ٪تا ىذا أصل من أصوؿ ا٠توارج ،وال سيما النجدات منهم ،أهنم
يؤصلوف فيقولوف( :إذا كفر اٟتاكم كفر احمللوـ ،اٟتاضر منو والباد ،الشاىد منو والغائب) ،فهم يُل ّفروف
ّ
اجملتمعات ،ويُل ّفروف الشعوب ألجل كفر اٟتلومات وال حوؿ وال قوة إال ابهلل.
84
كما قاؿ أبو الطيب ا١تتن ،إذف ىناؾ من يفهم كالـ بعض أىل العلم ال سيما من ا١تعاصرين على غَت
وتدليسا
ً وقصدا
تعمدا ً
مرادىم ،ىذا بعض األصناؼ من الناس ،وىناؾ من ُ٭ت ّمل كالـ ىؤالء العلماء ً
فمثال الشيخ ابن عثيمُت -رٛتو هللا -قد قرر ىذه ا١تسألة
وتلبيسا على الناس وال حوؿ وال قوة إال ابهللً ،
ً
مثال يف كتاب (فقو العبادات ،يف
توضيحا ال ٣تاؿ معو للمواربة أو للمداراة وا١تداىنة ،تللم ً
ً وأوضحها
وبُت ما
وفصل فيها ّ
ابب وقسم العقيدة) ،تللم عن مسألة اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا -سبحانو وتعاىلّ ،-
ُكنّا قد قررانه ،قاؿ :ينقسم إىل قسمُت -قسمو ىو بتقسيمو ،-وقاؿ أف اٟتلم بغَت ما أنزؿ هللا ينقسم
قسم إما أف يفعل ذلق لشهوة ،أو لظلم ،أو
إىل قسمُت ،األوؿ :أف يلوف مرجعو لللتاب والسنة ،مثّ ّ
لغَت ذلق ،فيلوف ّإما من الظلمة وإما من الفسقة ،ىذا من؟ الذي مرجعو إىل اللتاب والسنة وِل يُبدؿ
وِل يُشرع.
مث قاؿ القسم الثاين :وىو من قبيل اللفر األكرب ا١تخرج من ا١تلة ،قاؿ :وىو أف يُب ّدؿ أحلاـ هللا -
شرع تشريعات من عنده ،فهذا كافر كفر أكرب ٥ترج من
سبحانو وتعاىل -ابألحلاـ الوضعية ،أو أف يُ ّ
ا١تلة وال يُشًتط يف ىذا الباب أو يف ىذا القسم االستحالؿ.
الشيخ عبد العزيز بن ابز -رٛتو هللا -ال سيما يف تعليقاتو على كتاب (فتح اجمليد) وهللا كذلق ن
تبارؾ وتعاىل أعلم.
شرع.
شرع أحلاـ من عند نفسو ،فهذا ُم ّ
اآلخر :ىو ّ
85
شرع األحلاـ ،قد ٭تلم بغَت ما أنزؿ هللا بصورتو التبديلية ،وىو ِل
فإذف األوؿ ال يُشًتط أف يلوف قد ّ
تورط يف مناط التبديل ،حيث أنو أتى ابألحلاـ جاىزة من
شرع وِل يُتورط يف مناط التشريع ،وللنو ّ
يُ ّ
و٭ترـ.
و٭تلل ُ
شرع األحلاـ ُ
عند غَته وحلم هبا فهذا ُمب ّدؿ ،و ّأما ا١تُشرع فهو الذي يُ ّ
يقوؿ :ما حكم من حكم ِبلقانوف الوضعي ومل يُشرع ومل يُبدؿ؟
اإلجابة :نقوؿ ىذه الصورة ال تُعقل ،ىذه الصورة ال تُعقل ،إذا حلم ابلقانوف الوضعي فهو ب ّدؿ،
التبديل ما ىو؟ أف يُبدؿ حلم هللا ْتلم ِسواه؛ فإذا حلم هبذه القوانُت الوضعية فهو ب ّدؿ ،قد يلوف
شرعُت وللنو ابلضرورة من ا١تب ّدلُت ،نقوؿ يف الصورة اليت قبلها واليت قلنا أف السلف اختلفوا
ليس من ا١تُ ّ
ُ
فيها ،ونقوؿ أف ا١ترجئة غاية ما عندىم من اآلاثر واألقواؿ إ٪تا ىي يف تلق الصورة اليت ليس معها تبديل
أو تشريع وىو أف ٭تلم ابللتاب والسنة.
86
اٟتلم الوضعي ،ال عالقة لو ابلرجعية إىل اللتاب والسنة ،ىو ٭تلم هبذا القانوف الوضعي فهو ُمب ّدؿ
ٟتلم هللا -سبحانو وتعاىل ،-وىذا اللافر الذي يلفر اللفر األكرب ،وىذا الذي نزلت فيو اآلايت ،كما
حلما واحدا ،ىم كانوا يف السابق نعم ٭تلموف ابللتاب والسنة ،وللن
جاء عن اليهود أهنم ب ّدلوا ً
٭تلموف ٔتا أوحى هللا -سبحانو وتعاىل -إليهم ،كما قالوا( :كاف إذا زان فينا الشريف تركناه ،وإذا زان فينا
الوضيع أقمنا عليو اٟتد) ،ىؤالء كانوا يف ىذه الفًتة ىم ٭تلموف ٔتا أنزؿ هللا ،وللن ىذه الصورة اليت
فعلوىا أبهنم ال يُطبقوف أحلاـ هللا -سبحانو وتعاىل -على الشرفاء ىذه من أي صورة؟ من الدركة الثانية
اليت ذكرانىا أنو ِل يُبدؿ حلم هللا -سبحانو وتعاىل ،-ىو ٭تلم ٔتا أنزؿ هللا وللن يف بعض الصور ،يف
مر هبا اليهود وىذه كفر دوف كفر
بعض النوازؿ إذا أتى األشراؼ ِل يُ ّنزلوا عليهم ح ّد الرجم ،ىذه مرحلة ّ
على القوؿ الصحيح ،مث انتقلوا من ىذه ا١ترحلة ،من ىذه الصورة إىل صورة أخرى وىي صورة التّبديل،
فب ّدلوا بدؿ ح ّد الرجم ح ّد اٞتلد والتحميم ،وطبقوه على اٞتميع ،على الشريف والوضيع ،فعند ذلق ىم
كفار كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة ،وىذه ىي صورة التبديل.
ص ّح عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما يف اٟتديث ا١تتفق عليو( :لتَػتمبِ ُع من َسنَ َن من كاف قبلكم حذو
وقد َ
الق ّذة ِبلق ّذة حَّت لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه .قالواً :ي رسوؿ هللا ،اليهود والنصارى؟ قاؿ:
فمن؟) قاؿ فمن.
كما ُروي عن أنس -هنع هللا يضر وأرضاه -فيما رواه اإلماـ ابن أيب شيبة :يلوف عليلم أمراء مث اٞتبابرة مث
يت) ،نعم كاف ىناؾ جبابرة يف بعض مراحل اغ ُوؾ ،مثُم ا ْْلبابِرةُ ،مثُم الطمو ِ
الطواغيت(«إِنػم َها َستَ ُكو ُف» ُملُ ٌ
َ ََ َ
اٟتلم األموي وبعض مراحل الدولة العباسية ْتيث أهنم ٬توروف يف اٟتلم ،كما أسلفنا ىم يرجعوف إىل
اللتاب والسنة وللن يف انزلة أو نوازؿ ،يف قضية أو قضااي ،٭تلموف بغَت الشريعة ،فهذا الذي يُقاؿ يف
حقهم كفر دوف كفر ،ظلم دوف ظلم ،فسق دوف فسق.
مث انتقلنا وال حوؿ وال قوة إال ابهلل إىل مرحلة اٟتلم الطاغويت كما قاؿ أنس بن مالق -هنع هللا يضر وأرضاه:-
(مث الطواغيت) ،والطواغيت من؟ ىم الذين يُبدلوف أحلاـ هللا -سبحانو وتعاىل -أبحلاـ سواه كما قاؿ
الشيخ دمحم بن عبدالوىاب-رٛتو هللا :-ورؤوس الطواغيت ٜتسة- ،وذكر منهم :-ومن حلم بغَت ما
أنزؿ هللا.
87
يقوؿ :يستدؿ مرجئة العصر بقولو تعاىل{ :أـ َهلُ ْم ُش َرَكاءُ َش َرعُوا َهلُم ِّم َن ال ِّدي ِن َما َملْ َأيْذَف بِ ِو
شرعوف قوانني وضعية م
اَّللُ}[الشورى ،]ٕٔ :وحيتجوف ويقولوف إف نص ىذه اْلية يقع على الذين يُ ّ
وينسبوهنا للدين؟
اإلجابة :نقوؿ إ٪تا وقع ا٠تطأ وا٠تطل ٢تؤالء من اببُت ،الباب األوؿ :أهنم حصروا وقصروا الدين يف
الصالة والصياـ واٟتج والعمرة و٨تو ذلق ،بينما الدين يشمل سائر األحلاـ ومن ىاتيق األحلاـ ما
تتعلق ابلسياسية (كانت بنو إسرائيل تسوسهم أنبياؤىم) ،كما جاء عند البخاري وعند أٛتد -رٛتهم
هللا.-
إذف ىناؾ مسائل تتعلق ابلسياسة وىي من دين هللا -سبحانو وتعاىل ،-عندما يُبد٢تا من يُبد٢تا إىل
قوانُت وضعية وضيعة ،فهو شرع من الدين -إف كاف شرع ،-شرع من الدين ما ِل أيذف بو هللا ،يف ىذه
اٞتزئية ،يف ىذه ا١تسألة ،كذلق ما يتعلق ابالقتصاد يف مسائل الراب و٨تو ذلق ،ومسائل البيوع يف كتب
الفقو كتب كاملة تتللم عن أحلاـ البيوع ،ىذه من دين هللا وليست من الدنيا اليت ِل ٭تلم فيها هللا -
شرعوف أنو ٕتوز الفوائد الربوية ،بنسبة
سبحانو وتعاىل ،-أو ِل ٭تلم فيها رسوؿ هللا-ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-فعندما يُ ّ
س ِ
عشرة اب١تائة أو ثالثة اب١تائة أو واحد ونصف اب١تائة ،ىذا شرع من الدين ما ِل أيذف بو هللا ،كذلق ق ْ
يف ٚتيع ا١تسائل اليت تتعلق ابلسياسة واالقتصاد واالجتماع وما إىل ذلق.
إذف ىم ضلوا السبيل يف االستنتاج واالستنباط من ىذه اآلية من ىذا الباب ،أهنم ظنّوا أف ىذا الدين
اسعا. ِ
حجروا و ً
لرا على الصالة والصياـ وبذلق قد ّ ح ً
ا١تسألة الثانية أو الباب الثاين الذي ضلوا فيو عن عمد أو عن غَت عمد :وىي ٕتاىلهم أف اإللزاـ دين،
ك}[يوسف ]ٚٙ :دين ا١تلق أي :حلم ا١تلق، َخاهُ ِيف ِدي ِن الْم ِل ِ أف اإللزاـ دينَ { ..ما َكا َف لِيَأ ُ
ْخ َذ أ َ
َ
وشرعوا األحلاـ الوضعية ،ألزموا الناس
قضاء ا١تلق ،فهذا ىو دين ا١تلق .فالذين استبدلوا األحلاـّ ،
هبا ،وجعلوىا دينًا يسَت عليو الناس وإف رغمت أنوفهم ،وإف رغمت أنوفهم.
88
يقوؿ :ىناؾ بعض العلماء نص على أف املستهزئني أولئك الذين نزلت فيهم اْلًيت من املنافقني؟
اإلجابة :نقوؿ أولئق ا١تنافقوف ىم استمرؤوا على النفاؽ بعد ذلق،كما أخرب هللا -سبحانو وتعاىل -يف
مسألة العفو عن طائفة منهم وعدـ العفو عن فئة األخرى ،ونقوؿ بن كالـ هللا -سبحانو وتعاىل-
وقاؿ{ :قَ ْد َك َف ْرُُت بَػ ْع َد الذي ال ٭تتاج أو ليس معو أتويل ،أف هللا -سبحانو وتعاىل -ن
إِميَانِ ُك ْم}[التوبة ،]ٙٙ :فقد كانوا من ا١تؤمنُت ،وشيخ اإلسالـ ابن تيمية رد على من قاؿ أبهنم من
سمى مؤمنًا أو ال يُنسب إىل ا١تؤمنُت.
ا١تنافقُت؛ ألف ا١تنافق ال يُ ّ
طبعا ىذا يف أحلاـ اآلخرة ،هللا -سبحانو وتعاىل -مطلع على ذلق ،إلينا نعم ىو مؤمن يف الظاىر،
ً
٨تن ال نعلم ما يف سريرتو ،وللن هللا -سبحانو وتعاىل -أليس يعلم السر وأخفى؟ فلو كاف ذلق الرجل
تفوه بذلق اللالـ ،ولو كاف أولئق الذين استهزؤوا من ا١تنافقُت ،لفضحهم هللا -سبحانو
الذي ّ
وتعاىل -كما فضح غَتىم كما يف سورة الفاضحة وىذه اآلية من سورة الفاضحة اليت فضح هللا -
سبحانو وتعاىل -هبا أىل النفاؽ.
الذي ٭تضر يف ٣تلس ويُستهزأ فيو بدين هللا -سبحانو وتعاىل ،-نقوؿ٬ :تب عليو وجوب شرعيًا أف
يُنلر ىذا ا١تنلر العظيم والفعل الشنيع اٞتسيم ،يُنلره اب١تراحل اليت ذكرىا الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما يف حديث
ُ
منكرا فليغريه بيده ،فإف مل يستطع فبلسانو ،فإف مل أيب سعيد ا٠تدري ا١تتفق عليو( :من رأى منكم ً
يستطع فبقلبو ،وذلك أضعف اإلمياف) ،نقف ىا ىنا بُرىة مع ىذه اللفظة( :فإف ِل يستطع فبقلبو)،
قاؿ العلماء :أقل اإلنلار ابلقلب ىو أف يقوـ من اجمللس ،يقوـ من اجمللس ،فهذا أقل اإلنلار ابلقلب،
يقوـ من اجمللس {إنم ُك ْم إِ ًذا ِمثْػلُ ُه ْم}[النساء ]ٔٗٓ :ىذا ١تن؟ ١تن ِل يػَ ُقم من اجمللس وال حوؿ وال قوة إال
ابهلل.
نعم..
89
اإلجابة :نقوؿ إف مسألة استتابة الساحر قد أٚتع العلماء على أف الساحر يُقتل وإف اتب ،ىذا مىت؟
بعد القدرة ِ
{م ْن قَػ ْب ِل أَ ْف تَػ ْق ِد ُروا َعلَْي ِه ْم}[ا١تائدة ]ٖٗ :كما ذكر هللا -سبحانو وتعاىل يف سورة ا١تائدة،
أما لو اتب قبل القدرة عليو ،فنعم ..ىذا يًُتؾ وال سبيل إىل قتلو إف اتب وأظهر التوبة النصوح.
فإذف الساحر إف قُدر عليو ،فتاب ،أو ِل يتُب ،حلمو القتل ،وللنو إف ِل يتُب ،فيُقتل ردة ،وإف اتب
حدا ،وأمر توبتو بينو وبُت هللا -سبحانو وتعاىل -إف كاف صادقًا أو كاذاب.
يُقتل ً
سؤاؿ :ما حكم من يذىب إىل الساحر ويطلب منو السحر لكي يسحر الناس؟
اإلجابة :ىذا كافر -والعياذ ابهلل ،-فقد كفر ٔتا أنزؿ على دمحم كما روى ذلق اإلماـ اٟتاكم ً
مرفوعا عن
البزار موقوفًا على ابن مسعود -هنع هللا يضر وأرضاه -وقد تقدـ.
رسوؿ هللا –ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-ورواه ّ
سؤاؿ :ىل َيوز بناء أحكاـ على رؤًي يراىا املسلم يف منامو؟
اإلجابة :نقوؿ :إف ا١تناـ كما قاؿ الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص« -فيما معناه» :ذىبت النبوة وبقيت املبشرات ،قالوا ما
ىي ًي رسوؿ هللا؟ قاؿ :الرؤًي الصاْلة يراىا املسلم أو تُرى لو ،والن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -جاء َ
وص ّح عنو -ﷺ-
أف الرؤاي الصاٟتة بضع من كذا وسبعُت جزءًا من النبوة ،ويف بعض الرواايت بضع من كذا وأربعُت جزءًا
من النبوة ،كيف اٞتمع بينهما؟ قاؿ أىل العلم :على حسب صدؽ الرائي يف حياتو اليومية ،يف يقظتو
يلوف صدقو يف منامو ،حىت يرى الرؤاي فتحدث كفلق الصبح.
بشرات ،يف النذارات أنو يػُبَ ّشر بلذا وكذا فيحدث ..نعم ،يُنذر من كذا
للن الرؤاي أين ٤تل الرؤاي؟ يف ا١ت ّ
ُ
وكذا ،فيًتؾ ىذا الفعل ..نعم ،للن يف مسائل األحلاـ ال عالقة اب١تناـ يف ىذه ا١تسائل ،فا١تنامات ال
بشرات و٨تو ذلق ،أما
ٕتويزا وال أتثيما ،ال يؤخذ منها إال ا١ت ّ
ٖتليال وال ٖترٯتا ،ال يؤخذ منها ً
يؤخذ منها ً
ُ
األحلاـ ،كما يصنع بعض الطُرقيّة من الصوفية وكذلق بعض الشيعة ،أهنم يعتمدوف على أتصيالهتم
التخرصات الشيطانية ،وال
وتقريراهتم يف األصوؿ والفروع على ا١تنامات وعلى بعض الرؤى واألوىاـ و ّ
حوؿ وال قوة إال ابهلل ،نقوؿ :إف الشريعة قد اكتملت و٘تّت يف حياة رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -وقد أخربان الن
-ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -وِل يلتم شيئًا ٦تا أنزلو هللا -سبحانو وتعاىل -عليو ،فال ٬توز بعد ذلق أف يؤخذ من ا١تنامات
91
األحلاـ فهي ليست بدليل شرعي ال من األدلة اجملمع عليها وال من األدلة ا١تختلف فيها وىي ليست
ْتجة يف دين هللا -سبحانو وتعاىل.-
اإلماـ عبدالقادر اٞتيالين رٛتو هللا ٩-تلط بُت اٞتيالين واٞتوالين ،نسأؿ هللا سبحانو وتعاىل أف يرحم
األوؿ و٭تفظ الثاين ،-اإلماـ عبد القادر -رٛتو هللا -رأى وىو قائم يصلي من الليل رأى رؤاي يف اليقظة
نورا خرج ٕتاىو من األماـ ويقوؿ وٮترج صوت من ذلق النور( :إين أان ربق اي
وليست يف ا١تناـ :أف ً
ُحرـ عليق ما أْتت ٢تذه األمة) ،فقاؿ :اخسأ أي
حرمت على ىذه األمة وأ ّ
ُحل لق ما ّ
عبدالقادر ،أ ّ
كنت أنت
مٍت بعلمق اي عبد القادر ،كيف ذلق؟) قاؿ :لو َ
تعد قدرؾ ،قاؿ( :لقد ٧توت ّ
عدو هللا لن ُ
ّ
هللا لقلت أان هللا ،وللنق ِل تستطع أف تقوؿ ذلق وقلت إين أان ربق.
يقوؿ السائل :ما حكم من جامع زوجتو يف هنار رمضاف وىي ُمكرىة؟
91
جالسا يف جملس يُدعى إىل وحدة األدًيف ومل يُنكر ذلك ومل ُيرج
يقوؿ السائل :ما حكم من كاف ً
من ذلك اجمللس؟
اإلجابة :نقوؿ أف الواجب يف حقو أنو ٮترج من ذلق اجمللس الذي يُلفر فيو ابهلل -سبحانو وتعاىل-
الدين ِع ْن َد مِ
ِ ِ
اَّلل اإلسالـ}[آؿ عمراف ،]ٜٔ :فمن جلس يف ىذا اجمللس فاهلل ا١تستعاف والعياذ ابهلل{ ،إ مف ّ َ
قد تقدـ حلم ذلق الرجل ،فعليو ابلتوبة واألوبة والرجوع إىل دين اإلسالـ ،اللهم إال أف يلوف اللالـ
مثال مسائل ا١تناظرة و٨تو ذلق مع بقية األدايف، يف ذلق اجمللس ليس عن وحدة األدايف وإ٪تا ىو عن ً
ك ِِب ْْلِ ْكم ِة والْمو ِعظَ ِة ا ْْلسنَ ِة ۖ وج ِ
اد ْهلُم ِِبلمِيت ع إِ َ ٰىل َسبِ ِ
يل َربِّ َ فقد أمر هللا -سبحانو وتعاىل{ :-ا ْد ُ
ََ ََ َ َ َْ
ِ مِ ِ ِىي أَحسن}[النحل ،]ٕٔ٘ :وقاؿ{ :وَال ُجتَ ِ
ادلُوا أ َْىل ال ِ
ين ظَلَ ُموا اب إِمال ِِبلمِيت ى َي أ ْ
َح َس ُن إ مال الذ َ ْكتَ ِ
َ َ َ ْ َُ
ِم ْنػ ُه ْم}[العنلبوت ،]ٗٙ :فإذف يُنظر يف تلق ا١تسألة ما الذي دار ابلتحديد يف ذلق اجمللس؟ إف قالوا أبف
ربنا واحد وديننا واحد وأف ىذه الطرؽ كلها تؤدي إىل هللا -والعياذ ابهلل ،-فهذا كفر صريح ال مرية فيو
سواء يف كفر القائل أو يف كفر من ِل ينلر وقد حضر ذلق اجمللس.
٤ترـ يف دين هللا -سبحانو وتعاىل ،-وقد نُسخ ذلق اإلجابةً :
طبعا األصل يف ا١تسألة أف التصوير ىلذا ّ
جائزا يف شرائع من قبلنا ،كما جاء عن سليماف -عليو السالـ -وللن يف ديننا الن -ﷺ-
وقد كاف ً
لعن ا١تصورين كما يف الصحيحُت ،وجاءت األحاديث يف ىذا الباب كثَتة ،وللن ىناؾ مسائل تتفرع
عن ىذه ا١تسألة ،من ىذه ا١تسائل اليت يلثر اللغط فيها ىذه األايـ :مسألة التصوير الفوتوغرايف ،ما
تصويرا إال أنو ال يلحقو ذلق االسمِ ،لَ؟ ألف العربة ابٟتقائق وا١تعاين ال
ً يعرؼ هبذا االسم ،ىذا وإف ُٝتّي
فمثال :القهوة ،يف لغة العرب ىي ا٠تمر ،فهل يقوؿ قائل بتحرمي القهوة! ِلَ؟ ألهنا من
ابأللفاظ وا١تباينً ،
أٝتاء ا٠تمر وقد صح عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أنو قاؿ( :أيت قوـ يشربوف اخلمر يسموهنا بغري امسها)
ىل يقوؿ ذلق بتحرمي ذلق؟ كما قاؿ بعض العلماء بذلق وتراجعوا بعد معرفتهم ١تاىية القهوة؟ ال يقوؿ
ذلق؛ إذف من قاؿ بتحرمي القهوة الٝتها يلوف قد أخطأ ،كذلق من قاؿ بتحرمي التصوير الفوتوغرايف
جملرد االسم نقوؿ لو قد أخطأ يف ىذه ا١تسألة ،وإ٪تا الصواب يُنظر ٟتقيقة ىذه ا١تسألة ،التصوير
92
الفوتوغرايف ىو عبارة عن علس الصورة اليت ىي ٦تا خلق هللا -سبحانو وتعاىل -وليس ُمضاىاة ١تا خلق
هللا كما ىو متحقق يف الرسم ويف التجسيد و٨تو ذلق ٦تا جاء الن يف ٖترٯتو .فا١تضاىاة إذف ليست
ُ
وعدما ،ا١تضاىاة ىي ليست ا١تضاىاة ١تا خلق هللا
وجودا ً
ٔتتوفرة يف ىذه ا١تسألة واٟتلم يدور مع علتو ً
ُ
إنساان وقف أماـ ا١ترآة ىل يُقاؿ لو الوقوؼ أماـ
بل ىي ىي صورة خلق هللا -سبحانو وتعاىل ،-لو أف ً
ا١ترآة ُ٤ترـ؟ ِل؟ ىذه صورة وقد ضاىيت خلق هللا؟ ال ،ىذه ىي ىي خلق هللا -سبحانو وتعاىل ،-وللن
عُ ِلست الصورة ،كذلق الذي يقف أماـ ا١تاء الراكد و٨تو ذلق ،تُعلس صورتو ،ىذه ىي صورة ما
خلق هللا -سبحانو وتعاىل ،-وللن الفرؽ بُت التصوير الفوتوغرايف وبُت ا١ترآة أف ىذا ٭تبس الظل وذاؾ
ال ٭تبس الظل.
إنساان كتب ،زيد من الناس كتب على ىذه الورقة -ىذا خط السائل ال أعلم ما اٝتو ،-زيد من
ولو أف ً
الناس ،أتى رجل ونسخو هبذه اآللة من آالت النسخ ،نسخو مئة نسخة ،مث أتيت للم وقلت للم خط
من ىذا؟ خط من ىذا؟ ىل يقوؿ قائل إنو خط اآللة؟ ىل يقوؿ قائل أنو خط م ٍ
ضاه ٠تط زيد؟ ال ،ىو ُ
ىو خط زيد ،وللن عُلس خط زيد فال يُقاؿ أنو ُمضاىاة ٠تط زيد ،وللن لو أتى شخ من ا١تاىرين
يف التزوير فأخذ ُ٭تاكي خط زيد وكتب ٔتثل خطّو َوَر ِٝت ِو ،فهذا نقوؿ نعم ىذا مضاىاة ٠تط زيد وليس
ىو ىو خط زيد ،أما األوؿ فإنو ىو ىو خط زيد وللنو عُ ِلس ،فلذلق األمر يف مسألة التصوير
الفوتوغرايف و٨توه فهو علس ١تا خلق هللا -سبحانو وتعاىل -للصور اليت خلقها هللا -سبحانو وتعاىل-
وليس فيها مضاىاة ١تا خلق هللا -سبحانو وتعاىل.-
أيضا ُمستثنيات ذكرىا العلماء كتفريع على ىذه ا١تسألة ،كمسألة الصور ا١تهانة كما فعلت عائشة وىناؾ ً
ُ
-اهنع هللا يضر١ -تا دخل الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -والصورة معلقة على ستارة ،نزع الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-فقطعتها عائشة -اهنع هللا يضر-
وجعلتها وسائد وىي ُمهانة.
كذلق استثٌت العلماء ما ىو من قبيل الدمى اليت يلعب هبا الصبياف واٞتواري الصغَتات ،فهذا من
األمور ا١تستثنيات من حلم التصوير؛ بدليل أف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصِ -أذف لعائشة إقر ًارا ابللعب ابلدمية ،كانت
صورة ،فلم يُنلر الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -عليها
لعائشة -اهنع هللا يضر -وقد كانت صغَتة كما تعلموف تلعب يف دمية ُم ّ
ذلق.
93
وا١تسألة يف التصوير ا١ترئي أخف من التصوير الفوتوغرايف من انحية ا٠تالؼ و٨تو ذلق ،من قاؿ ّتواز
األوؿ من ابب أوىل يقوؿ ّتواز الثاين ،ومن قاؿ بتحرمي األوؿ بعضهم يقوؿ بتحرمي الثاين ،وبعضهم يبيح
الثاين ،وبعضهم ال يُبح ذلق إال يف مسائل أو لضرورات أو ٟتاجيات تقوـ مقاـ الضرورايت كالدعوة إىل
هللا -سبحانو وتعاىل -و٨تو ذلق.
اإلجابة :نقوؿ إف األصل يف اٞتن اللذب وإف زعم أنو مسلم ،فال يتورط ا١تسلم ابالستعانة هبذا اٞتن
ويقوؿ إين أستعِن ابٞتن ا١تسلم على ٨تو ىذه ا١تسائل ،نعم ُروي عن عمر -هنع هللا يضر وأرضاه -وصح عنو أنو
كاف يتتبّع أخبار سراايه وجيوشو اليت أرسلها ،يقوؿ( :أيتيٍت بريدي من اٞتن فيخربين ٓترب القوـ من نصر
أو ىزٯتة قبل أف أيتيو بريد اإلنس بلياؿ) ،البعض يتشبث هبذا القوؿ وىذا الفعل من عمر -هنع هللا يضر،-
وببعض ما جاء عن شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا -يف مثل ىذه ا١تسائل؛ وللننا نقوؿ ونقرر ما
أيضا وىي مسألة :س ّد الذرائع ،سد الذرائع الذي يفتح على
قرره أئمة ا١تاللية -رٛتهم هللا -وغَتىم ً
نفسو ىذا الباب ال يؤمن من الفتنة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل ،ويتجارى بو ا٢توى والشياطُت والعياذ ابهلل
تعاىل.
يقوؿ السائل :ملاذا اإلماـ أمحد -رمحو هللا -مل ُيرج على أئمة زمانو؟
اإلجابة :نقوؿ الرد على ىذه ا١تسألة يطوؿ ،وللن نلخصها يف نقاط:
أوال :إف ِل َير اإلماـ أٛتد ا٠تروج فقد رآه غَته من األئمة ،والعربة مع الدليل وليس مع اإلماـ الفالين أو
ً
الفالين ،فَ ُد ْر مع الدليل حيث دار ،مث يف زمن اإلماـ أٛتد -رٛتو هللا -خرج غَته ،خرج اإلماـ أٛتد بن
جاد بنفسو
ترحم عليو وقاؿ( :رٛتو هللا لقد َ
أقره اإلماـ أٛتد على ذلق ا٠تروج ،و١تا قُتل ّ
نصر ا٠تزاعي ،و ّ
فأقره وإف ِل ٮترج.
يف سبيل هللا) كما ذكر ذلق اإلماـ ابن كثَت -رٛتو هللا -يف (البداية والنهاية)ّ ،
94
اثنيًا :ا٠تروج على اٟتاكم ىو من فروع مسألة التلفَت ،فالصحيح والراجح من أىل العلم ال ُٮتَرج إال
ا٠تالؿ أنو ك ّفره،
على اللافر ،فننظر ىل ك ّفر اإلماـ أٛتد ا١تأموف أو ال؟ قد ُرويت رواية عند اإلماـ ّ
فنقوؿ بعد ذلق التلفَت أو ا٠تروج أو كل األحلاـ الشرعية منوطة ابالستطاعة ،ىل استطاع اإلماـ أٛتد
على ا٠تروج؟ مث ِل ٮترج؟ نقوؿ :من تتبع سَتة اإلماـ أٛتد -رٛتو هللا -يعلم علم اليقُت أنو ِل يلن
مستطيعا؛ حيث أنو كاف بُت مطاردة ومن ٍع وسج ٍن وغَت ذلق من األمور اليت تعلموهنا ،فهو كاف من
ً
ا١تستضعفُت يف األرض -رٛتو هللا رٛتة واسعة.-
يقوؿ السائل :ىناؾ بعض الرسوـ املتحركة اليت تُعرض لألطفاؿ وْنو ذلك فيها الكثري من السحر
وْنو ذلك؟
اإلجابة :نقوؿ ىذه ُٕتتنب وال يراىا وال يُشاىدىا الغلماف والصبيافِ ،لَ؟ -وإف كانوا غَت ُمللفُت-؛ ألف
(مروا أبناءكم ِبلصالة لسبع واضربوىم عليها
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما قاؿ كما عند أٛتد يف مسنده ،قاؿُ :
لعشر) ،فإذف ىم يُ ّ
عودوف على طاعة هللا -سبحانو وتعاىل ،-وٯتنعوف من ا١تعاصي ومن احملاذير الشرعية
منذ نعومة أظفارىم ،وىذه األفالـ اللارتونية ما تسمى بُت قوسُت أو الرسوـ ا١تتحركة تزرع يف قلوب
األطفاؿ والناشئة أمور عظيمة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل قد يعجز ا١تصلحوف من إصالحها بعد ذلق
حينما ال ينفع الندـ..
عودهُ أبوهُ
وينشأ انشئ الفتياف منّا ...على ما كاف ّ
فإذف لو تعود على ذلق وأخذ عقيدتو من ىذه الرسوـ ال سيما فيما يتعلق ابلتوحيد ؤتا يتعلق بربوبية
هللا -سبحانو وتعاىل ،-وما يتعلق ابلسحر والشعوذة وال حوؿ وال قوة إال ابهلل ،بعد ذلق قد يصعب
إصالح ىذا الفساد كما قيل:
إايؾ أف تبتل ِ
اب١تاء إايؾ َ
ألقاهُ يف اليم ملتوفًا وقاؿ لو َ ...
م
95
يقوؿ السائل :ما حكم من يُشاىد يف التلفاز السحر ويُكذبو؟
اإلجابة :نقوؿ ال ٬توز لو ذلق وىذا قد يدخل يف حديث رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -اآلنف الذي رواه اإلماـ
ساحرا أو كاىنًا ،مل تُقبل لو صالة أربعني ليلة) ،ىذا إف كاف ُملذب لو ،غَت ُمصدؽ
مسلم( :من أتى ً
مر معنا ما أخرجو اإلماـ اٟتاكم -رٛتو
العراؼ ،أما إف ص ّدقو فقد ّ
لذلق الساحر وذلق اللاىن أو ّ
هللا.-
شرعي عن رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أو عمن جاء بعده ،وإ٪تا يُنتظر اإلماـ، اإلجابة :نقوؿ ليس فيو ن
وا١تسػألة فيها سعة ،والسنة يف صالة العشاء التأخَت.
وهللا سبحانو وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى وآلو وصحبو أٚتعُت ،وجزاكم هللا خَتا.
96
الدرس اخلامس واألخري
فقد تللمنا يف الدرس ا١تنصرـ عن بعض ما جاءَ ويتعلق تعل ًقا وثي ًقا بنواقض اإلسالـ ،واب١تلفرات،
وابلشركيات اليت ن ّ عليها ىذا اإلماـ -رٛتو هللا رٛتة واسعة ،-وىا ٨تن وإايكم نواصل يف ىذا ا١تنت
٥تتصرا يف حجمو.
ً يسَتا
العظيم يف النفع وإف كاف ً
نعم ..
قاؿ الشيخ دمحم بن عبد الوىاب -رمحو هللا تعاىل -يف رسالة نواقض اإلسالـ:
{ًي
(الناقض الثامن :مظاىرة املشركني ومعاونتهم على املسلمني .والدليل قولو تعاىلَ :
ض َوَمن يَػتَػ َومهلُمض ُه ْم أ َْولِيَاءُ بَػ ْع ٍ
ار ٰى أ َْولِيَاءَ ۘ بَػ ْع ُ
مص َ مخ ُذوا الْيَػ ُه َ
ود َوالن َ
أَيُّػها الم ِذين آمنُوا َال تَػت ِ
َ َ َ
ني}[ا١تائدة.)]٘ٔ : ِ ِ
اَّللَ َال يَػ ْهدي الْ َق ْوَـ الظمال ِم َِّمن ُك ْم فَِإنموُ ِم ْنػ ُه ْم ۗ إِ مف م
الشرح:
نعم..
ومعاونتُػ ُهم..
ُ
ىذا ىو الناقض الثامن من نواقض اإلسالـ ،وليس ا١تسألة مسألة أ٫تية يف التقدمي والتأخَت يف مسألة
النواقض ،كلها خطَت ،وكلها جسيم ،وكلها عظيم؛ وللن ىذا ٦تا ع من للشيخ يف الًتتيب ،أو ىو ٦تا كثر
واشتهر يف زمنو ،فهو يذكر ىذه النواقض حسب االشتهار يف زمنو ،وحسب حدوث تلق النواقض
97
ووقوعها ،على حسب وقوعها ىذا قد يلوف لو وجو؛ أي من انحية الًتتيب ،وقد ال يلوف للًتتيب
وجو.
نقوؿ :إف مناصرة الكفار ،ومظاىرة الكفار على املسلمني انقض من نواقض اإلسالـ ،وىذا الناقض
ضا ىو من النواقض اجملمع عليها بني أىل العلم ،نقل االٚتاع اإلماـ ابن حزـ -رٛتو هللا رٛتة
أي ً
واسعة ،-وكذا نقل اإلٚتاع من ا١تعاصرين الشيخ عبد العزيز بن ابز كما يف ٣تموع فتاواه.
ْكتَ ِ
اب قوؿ هللا -سبحانو وتعاىل{ :-أَ َمل تَػر إِ َىل الم ِذين َانفَػ ُقوا يػ ُقولُو َف ِإل ْخواهنِِم الم ِذين َك َفروا ِمن أ َْى ِل ال ِ
َ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ
ِ لَئِن أُ ْخ ِرجتُم لَنَ ْخرج من مع ُكم وال نُ ِط ِ
َح ًدا أَبَ ًدا َوإِ ْف قُوتلْتُ ْم لَنَػ ْن ُ
ص َرنم ُك ْم} أتملَ { :و م
اَّللُ يَ ْش َه ُد يع في ُك ْم أ َ
ُ ْ ْ ْ ُ َ ََ ْ َ
إِنػمهم لَ َك ِ
اذبُو َف}[اٟتشر.]ٔٔ : ُْ
ين َانفَػ ُقوا} ،مث وصفهم أبهنم من إخوة اللفار{ :يػَ ُقولُو َف ِإل ْخ َواهنِِ ُم ِ مِ
أوال :وصفهم ابلنفاؽ{ :أََِلْ تَػَر إ َىل الذ َ ً
وذكر ما ا١تناط ا١تل ّفر يف ىذه ا١تسألة، اب} ،مث ّبُت هللا -سبحانو وتعاىل- الم ِذين َك َفروا ِمن أ َْى ِل الْ ِلتَ ِ
ُ َ َ ُ ْ
جل يف عُاله فقط وعدوىم أبهنم ماذا؟ سينصروهنم على ا١تسلمُت ،وىل صدقوا يف ذلق الوعد؟ هللا ّ
اَّللُ يَ ْش َه ُد إِنػ ُمه ْم ِ
{وإِ ْف قُوت ْلتُ ْم لَنَػْن ُ
صَرنم ُل ْم َو م ك ّذهبم من فوؽ سبع ٝتاوات ،قاؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ :-
لَ َل ِاذبُو َف}.
فاهللُ -سبحانو وتعاىل -كذهبم يف دعواىم ١تناصرة اللفار على ا١تسلمُت ومع ذلق ك ّفرىم ،حلم عليهم
ابللفر؛ لذلق يقوؿ الشيخ ٛتد بن عتيق -رٛتو هللا( :-فتأمل إىل ىذه اآلية ،هللا ك ّفر ىؤالء مع كذهبم
يف دعواىم ،ووعودىم ابلنصرة لللفار ،فليف ٔتن وعد اللفار أبف ينصرىم على ا١تسلمُت ،وص ّدؽ
ذلق فعالً!؟).
98
بل ٨تن نقوؿ :كيف ٔتن وعدىم وكتب معهم ا١تواثيق يف نصرهتم على ا١تسلمُت ،مث ص ّدؽ ذلق بلسانو،
وبرجالو ،وأبفعالو ،وبنفطو ،وبقواعده ،وبسالحو ،وبلل ما ٯتلق!! كيف يلفر أولئق الذين تفوىوا
فقط ابللساف أبهنم سينصروف اللفار ،وَك َذبوا بشهادة هللا -سبحانو وتعاىل!-؟ كيف يلفر أولئق وال
وتفوه ،ووعد وص ّدؽ ذلق!؟ كيف ال يل ّفر ذاؾ أو يلفر ذاؾ وال يلفر ىذا؟ يلفر من تللمّ ،
اءةٌ ِيف ُّ
الزبُ ِر}[القمر ،]ٖٗ :ىذا دليل من ٚتلة أدلة يف تلفَت من؟ ِ ِ م
{أَ ُكف ُ
ارُك ْم َخ ْيػ ٌر م ْن أُولَئ ُك ْم أ َْـ لَ ُك ْم بَػ َر َ
تلفَت من انصر اللفار على ا١تسلمُت.
أتملوا يف ىذه اآلايت ،هللا -سبحانو وتعاىل -أوحى إىل مالئلتو بنصرة ا١تؤمنُت وبتأييد ا١تؤمنُت على
أمر ابإلثخاف فيهم يف القتاؿ ،مث ذكر السبب -سبحانو
من؟ على اللفارٝ ،تّاىم ووصفهم ابللفر ،و َ
ِ
وتعاىلَٰ { :-ذَل َ
ق ِأبَنػ ُمه ْم َشاقُّوا م
اَّللَ َوَر ُسولَوُ} ،وا١تشاقة إخواين -ابرؾ هللا يل وللم -أان لو مسلت ىذه
الورقة ،وشققت ىذه الورقة نصفُت ،فهذه ىي حقيقة ا١تشاقّة ،أف يلوف ىذا يف شق وىذا يف شق آخر؛
ُ
فالذي يقف يف خندؽ اللفار ،يف شق اللفار ،يف ح ّد اللفار ،يف عدوة اللفار ضد شق ا١تؤمنُت ،ح ّد
مناصرا لللفار على ا١تسلمُت؛ فهذا قد وصفو هللا اٞتليل -سبحانو وتعاىل- ً ا١تؤمنُت ،عدوة ا١تؤمنُت..
َين مع ُلم فَػثَبِتُوا الم ِذين آمنُوا ۚ سأُلْ ِقي ِيف قُػلُ ِ ِ ِ أبنو من الذين كفروا {إِ ْذ ي ِ
وب َ َ َ ق إِ َىل الْ َم َالئ َلة أِّ َ َ ْ ّ
وحي َربُّ َ ُ
اؽ واض ِربوا ِمْنػهم ُك مل بػن ٍ ِ مِ
افََٰ ،ذل َ
ق ِأبَنػ ُمه ْم َشاقُّوا م
اَّللَ َوَر ُسولَوُ}. اض ِربُوا فَػ ْو َؽ ْاأل َْعنَ ِ َ ْ ُ ُ ْ ََ ب فَ ْ الر ْع َ
ين َك َف ُروا ُّ
الذ َ
إذف حلم هللا -سبحانو وتعاىل -عليهم ابللف ِر ،وسبب ذلق أهنم شاقوا هللا ورسولو ،أي كانوا يف شق
وأىل اإلٯتاف يف شق آخر.
مِ
كذلق من اآلايت الدالة على ذلق وىي كثَتة كما أسلفنا ،قوؿ هللا -سبحانو وتعاىلًَ { :-ي أَيػُّ َها الذ َ
ين
ض ۖ َوَمن يَػتَػ َومهلُم ِّمن ُك ْم فَِإنموُ ِم ْنػ ُه ْم ۖ
ض ُه ْم أ َْولِيَاءُ بَػ ْع ٍ
اء ۖ بَػ ْع ُ ِ
مص َار ٰى أ َْوليَ َ
ود َوالن َ
آمنُوا َال تَػت ِ
مخ ُذوا الْيَػ ُه َ َ
ِ ِ
ني}[ا١تائدة ،]٘ٔ :ويف ىذه اآلية ثالثة أوجو يف الداللة على كفر من انصر اَّللَ َال يَػ ْهدي الْ َق ْو َـ الظمال ِم َ
إِ مف م
وظاىر اللفار على ا١تسلمُت:
99
الوجو األوؿ :أف هللا -سبحانو وتعاىل -قاؿ عن اللفار ،عن اليهود والنصارى يف ىذه اآلية{ :بعضهم
أولياءُ بعض} ،قاؿ شيخ ا١تفسرين الطربي -رٛتو هللا :-أي :بعضهم أنصار بعض.
فإذف اللفار أنصار لللفار ،ففي ىذا حلم من يناصر اللفار على ا١تسلمُت ،فال يناصر اللفار على
ا١تسلمُت إال منهم وإال من ٚتلتهم .ىذا الوجو األوؿ .
الوجو الثاين من نفس اآلية :أف هللا -سبحانو وتعاىل -قاؿ{ :ومن يتو٢تم منلم فإنو منهم} .أي :يف
اٟتلم يف الدارين ،يف الدنيا ويف االخرة ،كما قاؿ اإلماـ القرط -رٛتو هللا ،-يف تفسَته قاؿ :وىذه
اآلية قاطعة لإلرث بينهم.
ما معٌت ذلق؟ تعلموف أف اختالؼ األدايف مانع من موانع التوارث ،كما صح عن رسوؿ هللا -ﷺ،-
كما أخرجاه( :ال يرث املسلم الكافر وال الكافر املسلم).
إذف فهذه اآلية مانعة من اإلرث؛ إذ أ مف ا١تناصر مناصر اللفار على ا١تسلمُت ٌ
كافر مرتد.
وذكر اإلماـ ابن حزـ -رٛتو هللا -كما أشران يف مطلع ىذا الدرس ،اإلٚتاع على ذلق ،قاؿ :أ مف ىذه
اآلية على ظاىرىا يف حلم من انصر اللفار على ا١تسلمُت وال ٮتتلف يف ذلق من ا١تسلمُت اثناف.
الوجو الثالث من نفس اآلية يف تلفَت من انصر اللفار على ا١تسلمُت :أ مف هللا -سبحانو وتعاىل -قاؿ:
وقد قاؿ هللا -سبحانو وتعاىلَ { :-والْ َكافِ ُرو َف ُى ُم الظمالِ ُمو َف}[البقرة ،]ٕ٘ٗ :وقاؿ هللا -سبحانو وتعاىل-
الشر َؾ لَظُل ِ ِ ِ
يم}[لقماف.]ٖٔ :
ْم َعظ ٌٌ {ال تُ ْش ِر ْؾ ِِب مَّلل إِ مف ّ ْ
َ :
إذف يف ىذه اآلايت الداللة اللافية يف كفر من انصر اللفار على ا١تسلمُت ،واآلايت يف ىذا الباب
كثَتة كما أسلفنا.
111
من أحاديث رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص:-
ما رواه اإلماـ اب ُن ىشاـ أو ابن إسحاؽ على الصحيح ،ونقلو عنو بعد ذلق اإلماـ ابن ىشاـ -رٛتو
هللا -يف خرب غزوة بدر١ ،تا خرج من خرج مع ا١تشركُت يف بدر ،ومنهم العباس بن عبد ا١تطلب ،وقاؿ ىو
ملرىا ،وكاف من أىل االٯتاف ،فقاؿ لو الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص« -فيما
ملرىا وإ٪تا خرج معهم ً
عن نفسو :إ٪تا كاف ً
افتد نفسك.معناه» :أما سريرتك فإىل هللا ،وأما ظاىرؾ فإليناِ ،
فعاملو الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -معاملة اللفار الذين أُسروا ضمن من أُسروا يف غزوة بدر ،عاملو معاملة السبعُت
من اللفار الذين أُسروا ،وِل يلتفت الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -لدعوى العباس لإلكراهِ ،لَ؟ ألنو خرج وانصر ا١تشركُت
على ا١تسلمُت.
لذلق يقوؿ شيخ اإلسالـ وا١تسلمُت -رٛتو هللا -ابن تيّمية كما يف (٣تموع الفتاوى ،اجمللد ،ٕٛصفحة
ٖٔ٘) ذكر -رٛتو هللا -أ مف السلف والصحابة قد أٚتعوا على كفر مانعي الزكاة ،قاؿ( :وىذا مع كوهنم
يصلوف ،ويصوموف ،وِل يلونوا مع من قاتل ا١تسلمُت) ،قاؿ( :فليف ٔتن خرج مع اللفار مقاتالً
للمسلمُت!) ،فهذا قاؿ( :يقاتل قتاؿ الردة وال يُلتفت لدعوى اإلكراه أو ٨تو ذلق ،إ٪تا علينا ابلظواىر
وهللا -سبحانو وتعاىل -يتوىل السرائر).
مث استدؿ واستشهد ابٟتديث الذي أخرجاه يف الصحيحُت ،عن أُـ ا١تؤمنُت من حديث ذلق اٞتيش
الذي يغزو اللعبة فيخسف هللا -سبحانو وتعاىل -أبو٢تم وآخرىم ،قالت أُـ ا١تؤمنُت :كيف ذلق اي
الساقة ،وفيهم ا١تلره ،وفيهم من ليس منهم! قاؿ( :يبعثوف على
رسوؿ هللا وفيهم من ليس منهم؟ فيهم ّ
ُ
نياهتم).
قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا -يف ا١توطن الذي أشران إليو ،قاؿ( :ىذا مع قدرة هللا -سبحانو
فرؽ
وتعاىل -على التمييز بُت ا١تُلره وبُت غَته ،فليف يطالب من ال يستطيع ذلق من اجملاىدين أبف يُ ّ
يف القتاؿ بُت ا١تلره وبُت غَت ا١تلره؟).
ُ ُ
مناصرا ٢تم على ا١تسلمُت ،فحلمو حلم أولئق اللفار. جيش ويف ِ
صف اللفار إذف كل من خرج يف ِ
ً
111
كذلق يستدؿ على ىذه ا١تسألة ابلقياس ،وقد سبق وبيّػنّا أنو يُستدؿ على ىذه ا١تسألة ابإلٚتاع ،وذكران
مثالُت على اإلٚتاع ،مثاؿ متقدـ وىو كالـ اإلماـ ابن حزـ ،ومثاؿ معاصر حىت ال ٭تتج ٤تتج ويقوؿ إف
كالـ السلف لو كذا وكذا وكذا ،وزماف وملاف وٮتتلف إىل غَت ذلق...
ا١تسلمُت على
َ نقوؿ من ا١تعاصرين الشيخ عبد العزيز بن ابز كما يف (٣تموع الفتاوى) فتاواه ،ذكر إٚتاع
كفر من ظاىر وانصر ا١تشركُت على ا١تسلمُت .نقوؿ ىذا اإلٚتاع.
جعل من يعُت الغُزاة من اجملاىدين ،حلمو كحلم اجملاىد الغازي؛ كذلق بقياس العلس ،بقياس
العلس ،ىذا يف القتاؿ يف سبيل هللا ،كذلق يف قياس العلس يف القتاؿ يف سبيل الطاغوت ،من أعاف
ونصر الطاغوت على ا١تسلمُت ولو اب١تاؿ ،ولو ابللساف ،ولو غَت ذلق ،فحلمو حلم ا١تقاتل ،حلمو
ين َك َف ُروا يػُ َقاتِلُو َف ِيف َسبِ ِ
يل يل مِ م ِ آمنُوا يُػ َقاتِلُو َف ِيف َسبِ ِ مِ
اَّلل َوالذ َ ين َ
حلم اللافر الذي قاتل ا١تسلمُت {الذ َ
وت}[النساء.]ٚٙ : الطماغُ ِ
فهذه بعض األدلة من اللتاب والسنة واإلٚتاع والقياس على كفر من ظاىر ا١تشركُت وانصرىم على
ا١تسلمُت.
يف زمن اإلماـ أٛتد -رٛتو هللا رٛتة واسعة -خرج اببق ا٠ترمي سنة ٕٔٓ للهجرة ،وانصر اللفار على
ا١تسلمُت ،فل ّفره إماـ أىل السنة واٞتماعة اإلماـ أٛتد حلم عليو ابللفر والردة ِلَ؟ ألنو انصر ا١تشركُت
على ا١تسلمُت.
الشيخ اجملدد دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا -يقوؿ كما يف (الدرر السنية) وكذلق يف (الرسائل
الشخصية) ،ذكر وقاؿ( :إ مف األدلة على كفر من أشرؾ ِبهلل )...أتملوا( :وعلى كفر من انصر الكفار
على املسلمني وإف مل يُشرؾ )...وإف ِل يُشرؾ( ..أكثر من أف تُذكر من كتاب هللا ،وسنة رسوؿ هللا
ومن كالـ أىل العلم كلهم).
112
إذف ذكر أ مف األدلة على كفر من انصر اللفار على ا١تسلمُت ولو ِل يُشرؾ ،ولو ِل يُشرؾ ىذه ضع عليها
ألف خط ،ولو ِل يُشرؾ؛ إذ أ مف ىذا العمل لوحده مناط من مناطات اللفر ،مناط من مناطات الشرؾ
وإف ِل يُشرؾ من شرؾ النُسق و٨توه.
إذا انصر الكفار على املسلمني فهو كافر ،وال يُقيّد ذلك ّباذا؟ ِبعتقاد القلب كما يزعموف اليوـ،
إذا أحبهم ألجل دينهم كفر ،وإذا مل حيب الكفار ألجل دينهم وإف انصرىم على املسلمني ،قالوا:
ال يكفر!
أحب الكفار ألجل دينهم فهونقوؿ :إ مف ُحب الكفار ألجل دينهم مناط مستقل يف التكفري ،فمن َ
نصوا على ِ
كافر وإف كاف جالس يف بيت أُمو وأبيو ،بغض النظر انصر أو مل يناصر ،فَل َم األئمة ّ
عرضا أو مل ِ
أتت املناصرة واملظاىرة؟ كاف هلم أف يقولوا من أحبهم ألجل دينهم ،واملناصرة إف أتت ً
ال عالقة هلا يف مسألة التكفري بزعمهم!
فإذف ىم نصوا على ا١تناصرة ،وِل ينصوا على ُحب اللفار ألجل دينهم ،وىذا مناط آخر مستقل كما
ذكران.
إف انصر اللفار على ا١تسلمُت كفر ،فإف انصر اللفار على ا١تسلمُت و أحب اللفار من أجل دينهم
كفرا فوؽ كفر ،وهللا -سبحانو وتعاىل١ -تا ذكر يف تلق اآلايت فهذا قد ٚتع كفر إىل كفر ،فهذا ارتلب ً
ضين ِيف قُػلُوهبِِم م َر ٌ مِ
حينما حلم على من انصر اللفار على ا١تسلمُت ابللفر ،قاؿ{ :فَػتَػ َرى الذ َ
سا ِرعُو َف فِي ِه ْم} يقولوف ٨تبهم ألجل دينهم؟ ما قاؿ ذلق -سبحانو وتعاىل{ ،-يَػ ُقولُو َف َخنْ َ
ش ٰى أَ ْف يُ َ
صيبَػنَا َدائَِرةٌ}[ا١تائدة]ٕ٘ :؛ إذف ىم انصروىم ألجل الدنيا ال ألجل الدين ،انصروىم ألجل ا١تصاحل
تُ ِ
كالدنيوية من السلطاف وا١تلق و٨تو ذلق ،مع ذلق ك ّفرىم هللا -سبحانو وتعاىلَٰ { :-ذلِ َ
ِ ِ الدنْػيَا َعلَى ْاْل ِخ َرِة َوأَ مف م
اَّللَ َال يَػ ْهدي الْ َق ْو َـ الْ َكاف ِر َ
ين}[النحل،]ٔٓٚ : ِأبَنػم ُه ُم ْ
استَ َحبُّوا ا ْْلَيَا َة ُّ
فسماىم أهنم من اللافرين مع أهنم ِل يرتلبوا النواقض أو ا١تلفرات إال ألجل الدنيا ال ألجل الدين،
وأغلب من كفر من الناس إ٪تا ذلق ألجل ُحبّ ِو للدنيا ،وألجل أثرتو على الدنيا ،وتقدمي الدنيا على
تفوىوا هبا دليل.
اآلخرة ،والحوؿ وال قوة إال ابهلل ،فليس ٢تم يف ىذه ا١تسألة اليت ّ
113
قد يشغب البعض ّبسألة قصة حاطب بن أِب بلتعة -هنع هللا يضر وأرضاه ،-وإف كنا قد تكلمنا يف ذلك
وتقدـ الكالـ حوؿ مسألة حاطب -هنع هللا يضر وأرضاه ،-ولكننا خنتصر ىا ىنا من ِبب ال َيوز أتخري
البياف عن وقت اْلاجة ،يف ىذه املسألة نقوؿ:
أوال :حاطب بن أيب بلتعة -هنع هللا يضر وأرضاهِ -ل يفعل فعالً صر٭تًا يف مسألة ا١تناصرة ،وإ٪تا ىو ظٍت و٤تتمل
ً
يف ا١تناصرة؛ إذ أنو أرسل تلق الرسالة وِل تصل ،وقد جاء يف نصها كما ذكر أىل ا١تغازي ،كاإلماـ
الواقدي -رٛتو هللا -وكغَته( :بسمميحرلا نمحرلا هللا ،من حاطب بن أيب بلتعة إىل من يراه من أىل
ملة ،قد أاتكم رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلصّ -تيش كالليل ،يسَت كالسيل ،وهللا لو أاتكم وحده لنصره هللا
أوال.
عليلم) .إذف ىذا ا٠تطاب ظٍت الداللة يف ا١تناصرة ،ىذا ً
اثنيًا :نتأمل وننظر يف قوؿ عمر -هنع هللا يضر وأرضاه ،-قاؿ( :اي رسوؿ هللا ،دعٍت أضرب عنق ىذا ا١تنافق) يف
رواية البخاري ومسلم ،ويف رواية اإلماـ اٟتاكم يف مستدركو على الصحيحُت( :فقد كفر) ،فعمر ىل
كاف سيلفر حاطبًا ألجل كبَتة من اللبائر؟
فعال ىو من
عق الوالدين ،أو كذب ،أو فعل ً
لو كاف من أويت بو قد شرب ا٠تمر ،أو زان ،أو سرؽ ،أو ّ
ٚتلة اللبائر اليت ال ٗترج بصاحبها عن ا١تلة ،ىل كاف عمر وىو الفقيو ا١تلهم سيقوؿ دعٍت أضرب عنق
ىذا فقد كفر؟
حاشاه من ذلقِِ ،لَ؟ ألنو من ا١تتقرر عند عمر أف ا١تناصرة من قبيل اللفر األكرب ا١تخرج من ا١تلة ،سواء
كفر ىذا ا١تناصر أو ال ،ىذه قضية عُت ،سينظر يف الشروط وا١توانع يف حقهاِِ ،لَ؟ ألهنا ليست صر٭تة
يف ا١تناصرة.
تدادا
مث ننظر إىل قوؿ حاطب -هنع هللا يضر وأرضاه ،-قاؿ أوؿ ما تللم( :وهللا اي رسوؿ هللا ما فعلت ذلق ار ً
عن ديٍت).
لو كاف قد أويت بو وقد شرب ا٠تمر ،أو زان ،أو سرؽ أو ٨تو ذلق من ا١تعاصي أو اللبائر اليت ىي ال
تدادا عن
ٗترج بصاحبها من ا١تلة ،ىل كاف سيقوؿ حاطب :وهللا اي رسوؿ هللا ما فعلت ذلق الزان ار ً
تدادا عن ديٍت!؟ لن يقوؿ ذلقِِ ،لَ؟ ألنو من ا١تتقرر عنده أف ىذه
ديٍت!؟ ما فعلت تلق السرقة ار ً
114
األعماؿ ليست من قبيل النواقض ،وللن من ا١تتقرر عنده -هنع هللا يضر وأرضاه -أف ا١تناصرة وىي الناقض
الثامن اليت ذكرىا ىنا الشيخ دمحم بن عبد الوىاب من نواقض اإلسالـ.
تدادا عن ديٍت.
لذلق قاؿ ما فعلتو ار ً
إذف فننظر إىل ىذه النازلة ،إىل ىذه الواقعة اليت حدثت يف عهد رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
قلنا أهنا ليست بصر٭تة يف الداللة على ا١تناصرة ،فهنا ترجع ا١تسألة إىل القصد.
قلنا يف املسائل وأسباب الكفر ومناطات الكفر منها ماىو صريح على الكفر ،ومنها ما ليس
كذلك ،أما الصريح فال يُسأؿ عن القصد ،وأما غري الصريح فيُسأؿ اإلنساف عن قصده.
ذُكر عنده االستهزاء ابلن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كفر أكرب ٥ترج من ا١تلة كما تقدـ يف نواقض اإلسالـ ،للن شخ
الن -ﷺ -فأشار بيده ،فهذا الفعل غَت صريح الداللة يف االستهزاء ويف استنقاص الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-فهنا
ٛتلق على ذلق؟ فهنا يُرجع إىل قصده ،يف ماذا؟ يف ا١تسائل اليت ىي احملتَ َملَة ،أو
يُسأؿ ىذا الفاعل ما َ
ا١ت ِ
حتملة يف أهنا من اللفر أو ال.
ُ
أما ا١تسائل الصر٭تة فال يُرجع ٢تا إىل القصد ،كما بيّنا ذلق وقرران ذلق يف دورة (ضوابط التلفَت
وشروطو وموانعو).
فهنا تللم حاطب وأدىل بعذره ،فزّكاه الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -وزّكى سريرة حاطب ،فقاؿَ :دعُوهُ فقد صدقكم..
َدعُوهُ فقد صدقلم« .أو كما قاؿ ﷺ».
الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كما يف الصحيحُت ،زّكى سريرة حاطب ،فمن لنا ٔتن يزكي سريرة أولئق الذين يُقاسوف
س وبُت
على حاطب؟ وال وجو للقياس بُت فعلهم وبُت فعل حاطب! ألنو كما تعلموف فرؽ بُت من َج م
اٞتاسوس؛ ىذا فعل أو صيغة مبالغة يف الفعل ،بُت من قتل وبُت القتّاؿ فرؽ ،فال يقاس ىذا على ذاؾ،
ىذا وقع منو الفعل من جنس ذلق الفعل ،وللن ىل ىو منو أو ال؟ ىنا ُع ِذ َر حاطب ٔتاذا؟ بعذر
التأويل كما ن على ذلق اإلماـ البخاري -رٛتو هللا -يف تبويبو على ىذا اٟتديث يف صحيحو ،فقاؿ:
(ابب ما جاء يف ا١تتأولُت).
115
فإذف لو كاف حاطب بن أيب بلتعة -هنع هللا يضر وأرضاه -قد ارتلب شيئًا من اللبائر ١تا وضعو البخاري -رٛتو
وبوب عليو ابب ما جاء يف ا١تتأولُت؛ ألنو يعلم أف ا١تناصرة انقض من
هللا -يف كتاب استتابة ا١ترتدين ّ
يضا ذكر ذلق اٟتافظ ابن حجر -رٛتو
نواقض اإلسالـ ،وللن عذر حاطب أنو من ا١تتأولُت ،كما أ ً
بتأو ِلو أف فعلو لن يضر الن -ﷺ -يف شيء). ِ
هللا -يف شرح الصحيح ،فقاؿ( :وعُذ َر حاطب ّ
فهو قد أتوؿ أ مف فعلو ٖتصيل حاصل ولن يضر الن -ﷺ -يف شيء؛ بدليل أنو قاؿ( :وهللا لو أاتكم
وحده لنصره هللاُ عليلم).
إذف ىذه ا٠تالصة يف مسألة حاطب -هنع هللا يضر وأرضاه ،-وبذلق نلوف قد ختمنا اللالـ حوؿ ىذا الناقض
بشيء من اإل٬تاز ،وإال قد بسط العلماء -رٛتهم هللا -اللالـ حوؿ ىذا الناقض ،واللالـ حوؿ رد
الشبو ا١تتعلقة هبذا الناقض.
ُّ
وأنتم تروف يف أغلب النواقض ال توجد شبهات كبَتة حو٢تا ِِلَ؟ ألف اٟتُ ّلاـ ِل يقعوا فيها ،وللن النواقض
العلم نقطة كثّرىا اٞتُّهاؿ) ِ
اليت وقع اٟتلاـ فيها ىنا تلثر الشبهات ِلَ؟ كما قاؿ علي -هنع هللا يضر وأرضاهُ ( :-
كثّرىا اٞتهاؿ..
فهؤالء اٞتهاؿ أتوا من ابب الًتقيع ألولئق ووضعوا الشبهات والعراقيل أماـ ىذه النواقض من ابب
الدفاع عنهم والذود عنهم و٨تو ذلق.
فال تستغربوا بعد ذلق إف أطلنا النفس ولو بشيء يسَت حوؿ ىذه النواقض ِِلَ؟ كما روي عن اإلماـ
أٛتد وإف ِل أقف عليو يف كتاب معُت ،أنو قاؿ( :اسلتوا نسلت) .ىلذا قاؿ ألىل البدع (اسلتوا
نسلت).
إف ِل تضعوا شبهات لن نرد على تلق الشبهات ِِلَ؟ ألنو ليس ابلضرورة أف تُنشئ أنت الشبهة ،فًتد
عليها ،فتجعلها يف َخلد وذىن السامع دوف حاجة إىل ذلق ،وللنها لو أُثَتت عند ذلق تتباحث تلق
الشبهة.
نعم..
116
قاؿ املُصنّف رمحو هللا:
(الناقض التاسع :من اعتقد أف بعض الناس يسعو اخلروج عن شريعة دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص ،-كما
وسع اخلضر اخلروج عن شريعة موسى -عليو السالـ-؛ فهو كافر).
الشرح:
أوال أف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -قاؿ كما يف الصحيحُت( :وكاف
قياس مع الفارؽ ،إذ أنلم تعلموف ً
نقوؿ :ىذا ٌ
النيب يُبعث لقومو خاصة ،وبُعثت إىل الناس كافة).
فالن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -رسالتو خالدة للناس ٚتيعا ،بعرهبم وعجمهم ،إبنسهم ِ
وجنّهم ،للناس كافة. ً
وقاؿ كما عند أٛتد( :لو كاف موسى حيًّا ما وسعو إال أف يتّبعِن) كما قاؿ الن -ﷺ.-
كذلق ذكر كما يف الصحيحُت ،عند نزوؿ عيسى يف آخر الزماف لن ٭تلم إال بشريعة الن -ﷺ،-
ولن يتقدـ على إماـ ا١تسلمُت.
لذلق من اللطائف ىا ىنا ،ذكر اإلماـ ابن حجر -رٛتو هللا -يف كتابو (اإلصابة يف التمييز بُت
الصحابة) ،ذكر اسم عيسى بن مرمي أنو من أصحاب رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-وقاؿ( :يػُْلغَز بذلق فيُقاؿ:
صحايب أفضل من أيب بلر وعمر وعثماف وعلي).
ٌ
من ىو؟ قاؿ عيسى بن مرمي ،كيف ذلق؟ أف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -التقى بو يف حادثة اإلسراء وا١تعراج ،قد
أيضا ،للن نقوؿ :أنو التقى بغَته من األنبياء يف حياة الربزخ ،أما عيسى
يقوؿ قائل :نعم ،التقى بغَته ً
117
فلاف من األحياء كما ذكر هللا -سبحانو وتعاىل ،-مث أنو سينزؿ يف آخر الزماف ،وسيتّبع الن -صلى
رسوال نبيا.
هللا عليو وآلو وسلم ،-سيلوف من ٚتلة اجملددين يف ىذه األمة ،وليس بصفتو ً
إذف سيحلم بشريعة الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-لذلق ذكر اإلماـ السيوطي -رٛتو هللا -يف منظومتو يف أٝتاء
على اسم عيسى بن مرمي -عليو السالـ.- اجملددين ،ذكر ون
إذف لو نزؿ عيسى يف آخر الزماف سيحلم ٔتاذا؟ ْتلم الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-وشريعة الن انسخة ٞتميع
الشرائع قبلها يف ما خالفها ،وال أتيت شريعة بعدىا تنسخ شريعة الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
أما اللالـ يف موسى وا٠تضر فيختلف؛ إذ أ مف موسى -عليو السالـِ -ل يُبعث إىل ا٠تضر -عليو
السالـ ،-مث إ مف ا٠تضر -عليو السالـ -على الصحيح ىو من األنبياء وليس من األولياء ِِلَ؟ ألنو قاؿ:
{ َوَما فَػ َعلْتُوُ َع ْن أ َْم ِري}[اللهف ،]ٕٛ :إذف ىو عن أمر من؟ عن أمر هللا -سبحانو وتعاىل -وليس عن أمر
نفسو.
يُن َلر عليو ِِلَ ال تصلي يف ا١تسجد؟ يقوؿ (أان أُصلي اآلف يف اٟترـ)! فيقوؿ ىذا من نظ َِت ما جاء بو
ا٠تضر ،أنو يفعل األفعاؿ موسى يراىا من ا١تنلرات وىي ليست كذلق ،بل إ مف ا٠تضر علّمو هللا -
علما -سبحانو وتعاىل ،-فيحتجوف بذلق وأ مف ا٠تضر خرج على شريعة
سبحانو وتعاىل -من لدنو ً
موسى!
نقوؿ :أف موسى ِل يُبعث للخضر -عليو السالـ ،-وإ٪تا ا٠تضر ن قد أرسلو هللا -سبحانو وتعاىل،-
وكما جاء عند البخاري أ مف هللا -سبحانو وتعاىل -علّم ا٠تضر ما ِل يُعلّم موسى ،وعلّم موسى ما ِل يُعلّم
ا٠تضر.
118
الشاىد :أحدىم يفعل ا١تنلرات من غالة الصوفية كبيع ا١تخدرات و٨تو ذلق ،فحينما يُنلر عليو ٭تتج
بذلق! أنو لرٔتا يفعل كذا وكذا!
خرج -والعياذ ابهلل ،ويُذكر ذلق يف كراماهتم ،-خرج شيخ من شيوخهم ،من شيوخ الطرقية مع بعض
للمريدُ ( :كن بُت يدي شيخق كا١تيت بُت
تالمذتو يسموهنا التالميذ ويطلقوف عليهم اب١تُريدين ،ويقولوف ُ
غس ِلو ،إف ٯتينًا فيمُت ،إف ً
مشاال فشماؿ)! يد ُم ّ
وسخن لو ا١تاء حىت يغتسل)!
يقولوف( :إف دخلت امرأة حسناء على شيخق فاذىب ّ
أي :ال تُنلر عليو ،ال تعًتض فتنطرد ،ال تنلر عليو ِِلَ؟ ألف موسى أنلر على ا٠تضر وكاف اٟتق مع
موسى!
نقوؿ :اٟتق مع موسى وا٠تضر؛ موسى من واجبو كما أوحى هللا إليو يف شريعتو أنو ال يسلت عن
ا١تنلرات الظاىرة فينلرىا ،وا٠تضر :هللا -سبحانو وتعاىل -أطْلَ َعو على ما ِل يُطْلِع موسى -عليو
السالـ-؛ وذلق كاف بوحي من هللا -سبحانو وتعاىل( -وما فعلتوُ عن أمري) ،وليس كما يتخبط ىؤالء
ابلرؤى وا٠تياالت الشيطانية.
نقوؿ :إ مف شريعة الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -تلزـ اٞتميع ،وىي للجميع.
رقي مع بعض تالمذتو من ا١تريدين ،فرأى األاتف وىي أُنثى اٟتمار -والعياذُّ
فإذف خرج ذلق الشيخ الط ّ
ابهلل -وطأ تلق البهيمة ،فما كاف من أحد تالمذتو إال أنو أنلر ومضى ،واآلخر قاؿ :ال ،ال بد أف نرى
ما ىي حجة الشيخ! (وعلّمناهُ من لدان علما)!!
فانتظر الشيخ ،فلما أتى سألو عن ذلق ،فتللم الشيخ أب مف ذلق التلميذ الذي ذىب وأنلر ال خَت
يرٕتى فيو ،قاؿ( :كنت أُنقذ غري ًقا يف البحر) بذلق الصنيع وبذلق الفعل -والعياذ ابهلل!-
ىذه ٕتدوهنا يف كراماهتم ،كما كتب غَت واحد منهم ،فال أُريد أف أُطيل عليلم يف تلق ا٠تزعبالت
والشعوذات ،وللن من زعم ذلق أنو يسعو ا٠تروج عن شريعة الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -فهو كافر ،ىذا من نواقض
اإلسالـ العشرة اجملمع عليها- ،والعياذ ابهلل -ال يُسمع ألمثاؿ ىؤالء وال يُلتفت ٢تم.
نعم ..
119
قاؿ املُصنّف رمحو هللا:
(الناقض العاشر :اإلعراض عن دين هللا تعاىل ال يتعلّمو وال يعمل بو ،والدليل قولو
ِ ِ تعاىل{ :ومن أَظْلَم ِمممن ذُّكِر ِِبًي ِ ِ
ض َع ْنػ َها ۖ إِ مان م َن ال ُْم ْج ِرم َ
ني ت َربِّو مثُم أَ ْع َر َ َ َ ََ ْ ُ
ُمنتَ ِق ُمو َف}[السجدة ،]ٕٕ :والفرؽ يف مجيع ىذه النواقض).
الشرح:
نعم ىذا ىو الناقض العاشر من نواقض اإلسالـ ،وقلنا أف الًتتيب ىذا ال وجو لو ،ىذا على قوؿ،
والقوؿ الثاين :أنو على حسب االشتهار ،فيقدـ الشيخ انقض على انقض ليس أف ذلق الناقض أوضح،
وليس أف ذلق الناقض شر من اآلخر ،بل كل ىاتيق النواقض عظيمة ،وكلها ُٮتشى على ا١ترء منها ومن
الوقوع فيها إىل غَت ذلق ،وللن ىذا الًتتيب ال ُحلم لو وهللا تبارؾ وتعاىل أعلم.
اإلعراض عن دين هللا ابلللية ال يتعلمو وال يعمل بو ،ىذا انقض مستقل من نواقض اإلسالـ.
إذف يصح أف نتعقب مسألة مانع ،الذي ىو من موانع التلفَت وىو اٞتهل ا١تعجز كما أسلفنا وبينا يف
ُ
(دورة ا١توانع وشروط وضوابط التلفَت) ،يصح أف نُلحق ذلق ا١تانع هبذا القيد ،وىو اإلعراض عن دين
هللا -سبحانو وتعاىل.-
ملوـ ِ
فافهم عجز عن ِ
التعلم ...إذ كل قادر ٌ وشرطُوُ ٌ
قلنا وذلك اْلهل يكوف يف بعض األبواب ،أما أف يكوف يف الدين كلو ،يُعرض عن الدين ،ال يتعلم
الدين وال يعمل بو فهذا انقض مستقل من نواقض اإلسالـ.
111
وىذا ما يفعلو البعض من الذين سقطوا يف ٛتئة الردة بلل أنواعها وألواهنا وأطيافهاُ ،٭تتج ٢تم ويُعتذر
عنهم أبهنم جهلة!
نقوؿ :ىذا جهلهم من ابب اإلعراض عن دين هللا -سبحانو وتعاىل ،-وىذا انقض من نواقض اإلسالـ
العشرة اليت قررىا شيخ اإلسالـ دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا رٛتة واسعة.-
إذف فهذه بعض النواقض ذكرىا الشيخ -رٛتو هللا رٛتة واسعة ،-و٨تن قمنا بدوران ابإلشارة إىل بعضها
كالـ وكالـ ،وىذه ا١تسائل ذات شجوف ،وبعضها يبعث على بعض ،وللن
ابلشرح ا١توجز ،وإال ىناؾ ٌ
عزاؤان أ مف العلماء من السابقُت والالحقُت وا١تعاصرين قد تللموا حو٢تا وشرحوىا وبسطوىا ،فارجعوا إىل
مواطن تلق الشروح وذلق اللالـ ا١تفصل.
نعم..
(وال فرؽ يف مجيع ىذه النواقض بني اهلازؿ ،واْلاد ،واخلائف ،إال املكره ،وكلها من
خطرا ،ومن أكثر ما يكوف وقوعا ،فينبغي للمسلم أف حيذرىا وُياؼ منها
أعظم مايكوف ً
على نفسو).
الشرح:
نعم ،بيّػنّا وأشران يف صدر شرحنا ٢تذه النواقض يف اليوـ األوؿ ،يف الدرس األوؿ أ مف العلماء ذكروا
واختلفوا يف ٖتديد نواقض اإلسالـ هبذه النواقض العشرة ،قلنا من ٚتلة ما قلنا أف القوؿ األوؿ:
قالوا :أ مف ىذه ىي النواقض اجملمع عليها ،وىناؾ نواقض كثَتة قد اختلف العلماء فيها ،وىي قد تصل
إىل أكثر من أربعمائة انقض ،للن ىذه ىي النواقض اليت أٚتع العلماء عليها ،وذكران أ مف ٦تن قاؿ ذلق
الشيخ سليماف بن سحماف -رٛتو هللا -كما يف (الدرر السنية).
111
وللن ىذا القوؿ ال يُسلّم لو؛ إذ أ مف نواقض اإلسالـ اجملمع عليها أكثر من ذلق بلثَت.
مث ذكران القوؿ الثاين وىو :أ مف نواقض اإلسالـ ىذه ىي النواقض العشرة ،وبقية النواقض تندرج وتتولد
عن ىذه النواقض العشرة ،وقلنا إف ٦تن قاؿ هبذا القوؿ ىو الشيخ سليماف العلواف -رٛتو هللا ،-صاحب
ىذه الرسالة (التبياف يف شرح نواقض اإلسالـ).
على يضا ،وقلنا القوؿ األظهر واألرجح وهللا -سبحانو وتعاىل -أعلم يف الن
وعقبّنا على ىذا القوؿ أ ً
ىذه النواقض دوف غَتىا ،كما قاؿ الشيخ اجملدد دمحم بن عبد الوىاب -رٛتو هللا ،-وىو صاحب ىذه
دوهنا وىو من صنفها ،ذكر يف آخرىا ويف ختامها أ مف ىذه النواقض من أشهر وأكثر ما
الرسالة وىو من ّ
يلوف وقوعا؛ فلذلق نبّو عليها وح ّذر منها -رٛتو هللا رٛتة واسعة.-
وذكر مسألة وىي :أنو ال فرؽ بُت ىذه النواقض أو يف من ارتلب ىذه النواقض بُت ا٢تازؿ ،واٞتاد،
َّلل ِمن بَػ ْع ِد إِميَانِِو
وا٠تائف ،إال ا١تلره ،إال ا١تلره ،كما استثٌت هللا -سبحانو وتعاىل -فقاؿ{ :من َك َفر ِِب مِ
َ َ ُ ُ
ِ ٰ ِ ِ
ص ْد ًرا}[النحل.]ٔٓٙ : ِ إِمال َم ْن أُ ْك ِرَه َوقَػلْبُوُ ُمط َْمئن ِب ِْإلميَاف َولَكن من َش َر َ
ح ِبلْ ُك ْف ِر َ ِ
إذف ِل يستث ِن هللا ال ا٠تائف ،وال ا٢تازؿ ،وال اٞتاد ،وال ا١تازح ،وال غَت ىؤالءِ ،ل يستث ِن إال ا١تلره -
ُ
سبحانو وتعاىل.-
إذف ال بد من االىتماـ هبذه النواقض ،ومعرفة ىذه النواقض ،من أي ابب؟ من ابب:
وال بد أف ٨تذر الناس ،من أىالينا ،من إخواننا ،من أصحابنا ،من أحبابنا٦ ،تن ىو حولنا ،من غَتىم،
٨تذرىم من ىذه النواقض؛ ألف أىل السنة واٞتماعة كما قاؿ شيخ االسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا :-ىم
خَت الناس للناس.
112
ٖتب ا٠تَت للغَت ،كما أنق ٖتب ذلق لنفسق ،كما جاء يف الصحيحُت ،فعليق أف ٖتب ذلق لغَتؾ،
فلما أنق ٖتاذر ،وٗتاؼ على نفسق أف تقع يف أحد ىذه النواقض ،كذلق عليق أف ٗتاؼ على
غَتؾ ٦تن حولق أو من عامة ا١تسلمُت.
الشراّح -رٛتهم هللا ،-ومنهم شيخ اإلسالـ ابن تيمية -رٛتو هللا -يف ذلق اٟتديث
كما ذكر بعض ُّ
الذي أشران إليو آنفا( :ال يؤمن أحدكم حَّت حيب ألخيو ما حيب لنفسو) ،وقاؿ الن -ﷺ -يف مسألة
أف ٖتب ألخيق ما ٖتب لنفسق ،قاؿ «فيما معناه» كذلق ٬تب عليق أف تُبغض ألخيق ما تبغضو
لنفسق ،أف تلره ألخيق ما تلرىو لنفسق.
وكلنا ذلق الرجل الذي يلره أف يقع يف أحد ىذه النواقض ،كما جاء يف الصحيحُت عن رسوؿ هللا -
ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-ال ٬تد ا١ترء حالوة اإلٯتاف إال هبذه الثالثة ،وما ىذه الثالثة؟ ذكر منها الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص :-أف ُ٭تب
هللا ورسولو أكثر ٦تا سوا٫تا ،أف ٭تب ا١ترء ال ٭تبو إال هلل ،وأف يلره أف يعود إىل اللفر كما يلره أف
يقذؼ يف النار.
أعاذان هللا وإايكم من النار ،ومن أسباب النار ،ومن تلق األسباب ،وعلى رأس تلق األسباب :اللفر
والشرؾ -والعياذ ابهلل.-
ىذه دورة ٥تتصرة يف شرح ىذا ا١تنت ا١تختصر ،وما كاف فيها من توفيق وسداد فهو من رب العباد -
سبحانو وتعاىل ،-وما كاف فيها من تقصَت وخطأ كما قاؿ العالمة ابن القيم -رٛتو هللا( :-فذلق من
طبيعة البشر) ،فذلق من طبيعة البشر ،وما ندعي ألنفسنا العصمة ،وللن نُس ّدد ونُقارب.
وهللا سبحانو وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
113
(أسئلة اْلضور)
يقوؿ السائل :قلتم ال َيوز أتخري البياف عن وقت اْلاجة ،فهل من شرح مبس.؟
اإلجابة :ىذه قاعدة شرعية ذكرىا بعض أىل االصوؿ ،أنو ال ٬توز أتخَت البياف عن وقت اٟتاجة ،ما
معٌت ذلق؟ تُراعى ىذه القاعدة من وجهُت:
لو كاف ذلق الفعل ُمنلرا ،أو لو كاف ذلق القوؿ ُمنلرا ،ألنلره الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -كيف وىو الذي يقوؿ:
منكرا فليغريه بيده ،فإف مل يستطع فبلسانو ،فاف مل يستطع فبقلو ،وذلك أضعف
(من رأى منكم ً
غَته أبعاله -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.- اإلمياف) ،وحاشا الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -أف يُ ّ
غَت ا١تنلر أبضعف اإلٯتاف ،بل يُ ّ
فإذف الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -إذا حدث أمامو حدث وِل يُنلره فهذا يدؿ على إقراره ،وىذه مسألة أُصولية ،من
حيث التأصيل والتقعيد لألدلة الشرعية ،فإف األصوليُت يًتٚتوف ويشرحوف السنة أبهنا كل ما جاء عن
رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -من قوؿ أو فعل أو تقرير بعد البعثة.
إذف من ٚتلة تقارير الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص :-أف يقاؿ القوؿ أو يفعل الفعل وال ي ِ
نل ُرهُ ،فهذا يؤخذ منو اإلابحة أوُ ُ ُ
اللراىة على حسب ،أنو ِل يُنلر ذلق الفعل الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص.-
كذلق من وجو آخر :أ مف العاِل ،أو الداعية ،أو اللاتب ،أو من قرر مسألة من ا١تسائل إذا كاف يتعلق
هبا أبمر قد تُفهم على خالؼ ذلق فهو ال ٬توز لو أف يسلت ويؤخر البياف عن وقت اٟتاجة ،بل عليو
114
أف يقرر ما يتعلق هبذه ا١تسألة يف ذات اجمللسِِ ،لَ؟ حىت ال يُؤخذ سلوتو وعدـ إنلاره حجة أو ٨تو
ذلق ،أو يؤخذ منو أنو يقوؿ ّتواز ذلق ،فإذف ال ٬توز أتخَت البياف عن وقت اٟتاجة.
أ ًوال :قلنا يؤخذ منو ا١تسائل اليت أقرىا الن -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،-وتندرج ٖتت اإلقرار.
اثنيًا :أهنا حلم شرعي على كل من علم مسألة وعلّمها ،أف يذكر متعلقات ا١تسألة إذا أُسيء فهم
وجواب أف
ا١تسألة ،أو تعلق ببعض األذىاف ما يناقض تلق ا١تسألة ،أو ما يعلر صفو تلق ا١تسألة ،فعليو ً
يبُت ما يتعلق بذلق.
يقوؿ السائل :إذا مل يستث ِن هللا عز وجل إال املُكره ،فكيف جعل اخلطأ واْلهل املُ ِ
عجز والتأويل
املُستساغ من موانع التكفري؟
اإلجابة :نقوؿ :ال ٬توز اللفر إال يف ىذه اٟتالة اليت ذكرىا هللا -سبحانو وتعاىل٬ ،-توز اللفر ً
ظاىرا،
مىت؟ يف حالة اإلكراه فقط ،أما ا١تخطئ فهو ِل يتعمدِ ،ل يقصد العمل ا١تل ّفر ،ىو ِل يقصد ،أما ا١تلره
ُ ُ
جوزه هللا -سبحانو وتعاىل-
فقد قصد ىذا القوؿ ا١تُل ّفر والعمل ا١تُل ّفر ٖتت طائل اإلكراه ،وىذا قد ّ
ظاىرا ال ابطنًا ٖتت وطأة اإلكراه.
ً
أتويال
تأوؿ ً مثال ،فهو ِل يتعمد القوؿ ا١تُل ّفر ،أو الفعل ا١تُل ّفر ،كذلق يُقاؿ يف حق ا١تُ ّ
أما ا١تخطئ ً
أتوؿ أف ىذا الفعل ليس من ا١تل ّفرات يف شيء بدليل كذا وكذا ،وذكران شروط التأويل ُمستسا ًغا ،ىو ّ
ُ
مىت يُقبل التأويل ومىت ال يُقبل التأويل ،كذا قلنا يف اٞتهل ،كذا يف التأويل ،كذا يف ا٠تطأ.
115
فنقوؿ :ىؤالء ُكلهم الذين ُع ِذ ُروا ىم ما قصدوا القوؿ ا١تل ّفر ،سواء ِل يقصدوه حقيقةً ،أو ِل يقصدوه
ُ
ُح ْل ًما.
ظاىرا ٖتت وطأة اإلكراه ،وقد أجاز هللا -سبحانو وأما ا١تُلره ،فقصد القوؿ ا١تُل ّفر ،أو الفعل ا١تُل ّفر ً
وتعاىل -لو ذلق؛ فال يُقاس عليو غَته ،أنو شخ يرى أنو من مصلحة الدعوة أف يفعل ىذا الفعل
لره.ا١تُل ّفر ،ال٬توز لو ذلق ،هللا ِل يستث ِن إال ا١تُ َ
رأى أنو من الضرورة أنو يرتلب ىذا الفعل ا١تل ّفر ،ال ٬توز لو ذلقِِ ،لَ؟ هللا ِل يستث ِن إال ا١تلره.
ُ ُ
ا٠تائف؟ هللا ِل يستث ِن إال ا١تلره ،وىلذا..
ُ
وهللا سبحانو وتعاىل أعلم ،وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت ،وجزاكم هللا خَتا.
116
َُتم ِحبَ ْم ِد هللا..
117