Professional Documents
Culture Documents
تعد الصحة النفسية من المواضيع المهمة جًّد ا للجميع ،وأحد أهم مقّو مات الصحة النفسية العالقاُت
اإلنسانيُة ،وللحديث أكثر عنها ،استضاف برنامج بودكاست فنجان من قناة إذاعة ثمانية األستاذ
ياسر الحزيمي ،وهو مدّر ب معتمد ذو خبرة في تقديم الدورات والمحاضرات في مجال تطوير
العالقات ومهارات االتصال .القت هذه الحلقة رواجا كبيرا بين الجماهير منذ اللحظة األولي
لعرضها ،حيث تخطت عدد المشاهدات للحلقة 20مليون مشاهدة في خالل شهرين فقط من
عرضها ،لتصبح واحدة من أفضل حلقات إذاعة ثمانية لعام .2022وقامت القناة بتقسيم الحلقة الي
عشرة مقاطع ،استهل فيها األستاذ ياسر الحزيمي بمقدمة في البداية عن العالقات اإلنسانية ،وسبب
اختياره مجال العالقات ،وأركانها ،ثم انتقل الي عالقة اإلنسان بذاته ،ولماذا يحب اإلنسان نفسه ،و
عالقات اإلنسان المعاصر ،ثم تناول أقسام العالقات ،و العالقة بالجنس اآلخر في العمل ،و العالقات
.المرضية وعالجها ،واختتم الحلقة برقم اإلنسان اإلجتماعي
:البداية 1-
بدأت الحلقة بقاعدة أنه ال توجد عالقة بدون حاجة ،حتي العالقة مع اهلل تكون لحاجة ،لكن عالقة
اهلل مع الناس ليست لحاجة ألنه هو المستغني سبحانه .ثم تطرقت لألهمية الكبيرة للصحة النفسية
.للجميع ،وأحد أهم مقومات الصحة النفسية هي العالقات اإلنسانية
األول :االهتمام بمجال العالقات اإلنسانية ،حيث أنه كتب كتاًبا عن الذات والشخصية تحت عنوان
الشخصية القوية .الكتاب كان لشفاء نفسه فقط في البداية ،لكن تم نشره الحًقا .يتعلق األمر بتطوير
شخصية جيدة تمكنك من التفاعل مع الناس .فوجود عالقات يتطلب امتالك سيف وغمد ودرع .و
كشخص حكيم ،يجب أن تعرف متى تشهر سيفك ضد من يستحقه ألسباب وجيهة ومتى تضعه في
غمده .على سبيل المثال ،عند التعامل مع الوالدين والشيوخ واألحباء ال سيف على االطالق .بينما
هناك أشخاص يجب أن تتعامل معهم باستخدام سيفك لرسم خط ال يتخطوه .المشكلة أن امتالك
.سيف بدون غمد هو عنف ،بينما وجود غمد بدون سيف هو لطف مفرط يؤدي إلى الضعف
الثاني :اإلعتقاد أن الذات عبارة عن بضاعة في السوق االجتماعي .ولكن السؤال هو كيفية
تسويقها .فبعض الناس لديهم منتجات جيدة ولكن لديهم تسويق ضعيف ،وقد يكون لدى اآلخرين
منتجات سيئة ولكن لديهم مهارات تسويقية ممتازة .لهذا السبب تخدعنا االنطباعات األولى في
مقابالت العمل والعالقات واألحداث والتجمعات سواء باإليجاب أو السلب .كل واحٍد مّنا له صورة
ذاتية ،يراها الّناس وقد ينجذبون لها أو ينفرون منها ،والُم دهش هنا أّن الّناس ال ترى في اإلنسان
إال ما يراه هو في نفسه ،فمن عّظم نفسه وإ ن كان دنيء الّنفس ،سيراه اآلخرون عظيمًا ،ومن حّقر
.نفسه لظّنه في نفسه أّنها كذلك ،سُيحّقر اآلخرون من شأّنه كذلك
الركن األول هو العالقة مع اهلل أو الرابطة الروحانية .البحث عن إله مطلق هو غريزة لدي البشر،
فطبيعة البشر هي اإليمان باهلل والحاجة إلى إله .أي إله؟ هذا هو المكان الذي يختلف فيه الناس.
لهذا السبب تم إرسال الرسل لتعريفنا على هذا اإلله والتعرف عليه لنا .ينظر بعض غير المتدينين
أو الملحدين إلى السماء عندما تصبح الحياة صعبة ألنهم يبحثون عن كيان مطلق يتجاوز اإلنسانية.
.حتى عندما يصعد الكفار السفينة فإنهم يدعون اهلل مخلصين له في الدين
الركن الثاني هو عالقة اإلنسان بذاتة من ناحية التقدير والقبول .فيجب علي اإلنسان أن يعتز بنفسه
ويرقيها كما قال رسول اهلل ﷺ " ال ينبغي للمؤمِن أن ُيِذ َّل نفَس ه" أي ال يجوز للمسلم أن
يتصدى ألنواع من البالء ال يستطيع تحملها .أركان العالقات في بودكاست ياسر الحزيمي هي
عالقة الفرد مع اهلل ،ومع ذاته ،ومع اآلخرين ،وهي مرتبٌة حسب األهمية ،وهو ما يعني ،أّن عالقة
اإلنسان بنفسه أو بذاته ،هي أهم من عالقاته باآلخرين .العالقة مع الذات هي أال يكون ما أنت
عليه ،على غير ما ُتظهر ما أنت عليه .وهل نحن مع غيرنا ،ما نحن عليه فعًال؟ يكاد يكون األمر
مستحيًال ،ولكن ما ُيريد ياسر الحزيمي أن يقوله ،هو أّننا كلما ابتعدنا عن حقيقة ذواتنا أمام
اآلخرين ،كلما اغتربنا عن أنفسنا بصدق .ويصنف الناس إلي ثالثة أنواع ،الشخص الذي يساعدك
هو سيدك ،والشخص الذي تساعده هو سجينك ،والشخص الذي ال يحتاج إليك هو معادل لك.
جزء آخر من الذات هو مصالحها .لذلك ،لدينا العديد من العالقات القائمة على المصالح المشتركة.
فالعالقات تعتمد على التعاون والتكافل ،استفيد منك وانت تستفيد مني .لذلك ،كلما زادت مهاراتك،
زادت الحاجة إليك كلما كنت أكثر استقاللية أيًض ا .ليس هناك أحد محصن من انتقادات الناس ،كل
.ما تحتاج هو أن تقدر نفسك ،وتطلب رضا اهلل ،وترفع من أخالقك ،وتترك الناس لخالقهم
كيف تعرف أن لديك عالقة جيدة مع نفسك؟ إن معرفة حقوقك وحدودك هي عالمة رائعة على أنك
تحب نفسك .وكذلك تطبيع األخطاء ،فال بأس في ارتكاب األخطاء ألن اإلنسان بطبيعته ناقص.
كمال البشر هو اعترافهم بنقصهم ،فالكمال هلل وحده .السعي إلى الكمال هو أمر غير كامل في حد
ذاته .هناك فرق بين قبول النقص والتسوية به .العالمة األخرى هي أال تخجل من أي شيء طبيعي
مثل مظهرك ،شعرك ،حب الشباب ،الصلع ،القبيلة ،أو سيارتك .بعض الناس يوقفون
سياراتهم بعيًد ا خجاًل أو يصبحون خجولين ألن القهوة انسكبت على مالبسهم .أو ارتداء حذاء
صغير مؤلم فقط إلعجاب الناس .ابحث عن راحتك ،وليس راحتهم .لذا ،فإن قبول الذات هو عالمة
علي حبها .وقبول الذات ال يعني التوقف عن تحسين نفسك .العالمة األخرى هي أن تكون على
طبيعتك .من المؤلم أن تتصرف وفًقا لما يقوله اآلخرون .أن تحب نفسك هو أن تقبل نفسك
وتتحدث عن حقيقتك ،وأن تكون طفال في جلد رجل يعبر عن احتياجاته بشكل مريًح ،يستمتع
بفرح خالص ،ويشعر بالفخر واألمان ،ويحب الحياة .هذا هو قبول الذات .قال رسول اهلل ﷺ
"".إن شر الناس ذو الوجهين ،الذي يأتي هؤالء بوجه ،وهؤالء بوجه
دمرت المادية البشر وحولتهم إلى مظاهر ،واختزلتهم العلمانية إلي خاليا وأنسجة وأرقام .وبعد
المادية تأتي الحرية .أنا حر في أن أفعل ما أريد فـ"أنا حر ما لم أضر" .أقصى درجات عبادة اهلل
هو التحرر من أي أحد غير اهلل .أنت خادمه ،وهذه هي الحرية الفعلية .وبعد المادية والحرية تأتي
النسبية .فعندما نتحرر جميًع ا ،تصبح الحقيقة نسبية .ما هو الكرم؟ هل هو في تصوري أم
تصورك؟ الحرية واألمان متضادان .يأتي الشعور باألمان من األسرة ؛ إنهم يمنحون حريتك
بأمان .ثم انتزعت الفردية األسرة وتركتنا منعزلين في جزرنا الخاصة محاطين ببحر وسائل
التواصل االجتماعي .وصلنا إلى حالة تسمى قصر النظر األخالقي وفقدان اإلحساس بالصواب
والخطأ الذي كان يتم تعريفه من خالل الدين واألسرة وأعراف المجتمع وتقاليده .يظهر قصر
النظر هذا في حالة الفصل بين الدال والمدلول .وهذا يعني مثًال أن الملتحي ليس بالضرورة شخًص ا
.صالًح ا .هذا صحيح ،لكنه استثناء وليس قاعدة
ثم أتت العولمة لنشر ثقافات ومفاهيم لتساهم في تسويق منتجاتها وأفكارها في مجتمعات لم تكن
لتجد ضالتها فيها بدون توجيه صدمات مهينة لها بأن شعوب تلك المجتمعات تعيش تحت األرض
.طالما ال تشتري منتجاتها وخدماتها
بعد العولمة ،تم إدخال النفعية .فالسؤال األول في اإلنهيار األخالقي هو "ما الفائدة من ذلك بالنسبة
.لي؟" .كأن يخبرك شخص بشيئ ولسان حالك ال شأن لي بذلك مدفوع بالفردية والنفعية
ثم ،التعاقدية .عندما تكون عالقتنا تعاقدية ،فإننا نشارك في العقد .أعطيك شيًئا ،وأنت تعطيني شيًئا
في المقابل .إنها اتفاقية قانونية تفتقر إلى اإلنسانية .هذا يعني أننا مسؤولون فقط عما اتفقنا عليه،
لنكون عادلين ولكن ليس بالضرورة لطفاء ،على الرغم من أن اللطف هو طبيعة العالقات
.اإلنسانية
التعاقدية مفيدة أثناء النزاعات والخالفات؛ ال يمكن أن تكون طبيعة العالقة ذاتها .إنها اآلن آلية
.داخل العائالت .سأدفع للخادمة ،وستدفع للسائق ،وما إلى ذلك
كلما زادت االحتياجات التي يمكنك تلبيتها ،زاد عدد األشخاص الذين يتصلون بك ،وهو أمر
طبيعي! إذا قبلت هذه الحقيقة ،فلن تحمل ضغينة عندما يتوقفون عن التحدث إليك بعد أن قدمت
.لهم معروًفا ،هذه هي طبيعة العالقات
.العالقة الحية :تبني هذه العالقة على الحقوق والواجبات والفضل والعدل والتصالح والتسامح
العالقة المريضة :تتعلق بشكل أساسي بتجنب اللوم عن طريق تلبية احتياجات شخص ما لتجنب
.انزعاجه فقط
.العالقة الممرضة :التي ُيطالبك فيها الطرف اآلخر ،بما هو فوق واجباتك ،بدون أن ُيعطيك حقوقك
العالقة الميتة :التي يعيش فيها كل طرٍف بسالٍم مع اآلخر ،ولكنه سالم أشبه بالموت ،فال واجبات
.وال حقوق ،وبالتالي بال مودة أو سكينة
العالقة المميتة :هي العالقة التي تفسد عليك مصالح الدنيا ومفالح اآلخرة .وهي كل عالقة ال
ُ.ترضي اهلل ،والتي دائمًا ما تكون نهايتها سيئة
األمر بسيط ،إذا كان هناك أي جاذبية ،اطلب يدها للزواج .االتصال بين الجنسين له قاعدتانَ " :فاَل
َتْخ َضْعَن ِباْلَقْو ِل " و " َو ُقْلَن َقْو ال َم ْع ُر وًفا" .ويفرق الحزيمي بين العالقات المنتظمة والعميقة .فترتبط
العالقة المنتظمة بزمان ومكان محددين وبطريقة متكررة ،كما هو الحال في مكان العمل .وهذه
العالقة تعفيك من إلقاء اللوم على زمالئك لعدم سؤالك عنك أثناء غيابك ،ال التزامات .بينما تتجاوز
العالقة العميقة سياق العالقات العادية كما عندما يتحول زمالء العمل إلي أصدقاء مثًال .وثمة قاعدة
.مهمة هي أنه كلما قويت العالقة قصر عمرها ،واذا زادت العالقة في شدتها نقصت في مدتها
الحب عذب لكن العشق عذاب ،هكذا استهل الحزيمي حديثه عن التعلق المريض .وذكر أن ابن
عباس كان يتعوذ باهلل من التعلق واإلفتتان .ويري الحزيمي أن الحب الزائد عن الحد كالتفكير فيهم
في غيابهم ،والتركيز عليهم في حضورهم ،وحب التملك هي مؤشرات علي وجود مشكلة في
العالقة أو التعلق مما قد يصيب الطرف األخر بالإلنزعاج وعدم الراحة .وهذا النوع من التعلق ال
يمكن أن يتحول إلي صداقة وقد يؤدي الي نهايات مفجعة في حال عدم الوصول إلي مبتغاه .لذا ال
يمكن أن نسمي ذلك عالقة بل مرض ألنه ال يمكن ألحد أن يختزل حياته كلها في شخص واحد،
فاإلنسان يقوم بعدة أدوار :أن يكون عبًد ا هلل ،وابًنا ،وأًبا ،وزوًج ا ،وصديًقا ،وجاًر ا ،
ومواطًنا ،وموظًفا .عندما ينجذب شخص لفتاة يجب عليه أال يقيم معها عالقة للتعرف عليها ،بل
عليه أن يبحث عن طريقة مشروعة وصحية وآمنة للتعرف عليها .العالقات لها ثالث مراحل:
الميل ،التعرف ،واتخاذ القرار .تأتي مشكلة الميل من التباطؤ في المرحلة األولى إنها عالقة
عمياء ال تعرف فيها من هم حًقا .ثم إذا استغرقت المرحلة الثانية وهي التعرف وقًتا طويًال،
فسيكون القرار هو عدم الحفاظ على العالقة في الغالب .ويري الحزيمي أنه ال أحد مثالي لذلك فإن
.الصبر واإللتزام والمصداقية وعدم الخداع يخلقان عالقة مستقرة
المكان يحدد المكانة والمكانة تحدد المكان .ومن هنا يمكن سن قاعدة الرقم اإلجتماعي ،فكل إنسان
له رقم إجتماعي في مكان ما .فمن هو رقم واحد في مكان ما ،عليه أن يتقبل أنه رقم عشرة في
مكان آخر .فدكتور الجامعة هو رقم واحد في عمله ،بينما يعتمد رقمه في أسرته علي ترتيبه بين
اخوانه مثال .هذا التقبل يجعل الشخص يتقبل كثير من المواقف ويتعاطي معها بشكل واع جدًا.
وتنوع هذه المكانة ينطبق علي المالئكة وأماكنهم في السماوات ،وكذلك األنبياء ،والصحابة ،والناس
فيقول اهلل عز وجل (انُظْر َك ْيَف َفَّض ْلَنا َبْعَض ُهْم َع َلٰى َبْع ٍض ۚ َو َلآْل ِخ َر ُة َأْك َبُر َد َر َج اٍت َو َأْك َبُر َتْفِض يًال).
وقد يعتمد تصنيف المكانة علي السلطة الدينية أو السلطة العلمية أو السلطة اإلجتماعية أو السلطة
.اإلنسانية أو السلطة المهنية وأخرها وأقواها السلطة األخالقية