You are on page 1of 180

‫الطبعة الرابعة‬

‫مزيــدة ومعدلة‬

‫الزوجان‬
‫في خيمة الســــعادة‬
‫‪ 77‬مهارة ووسيلة‬

‫المحـــامي‬
‫عبد الرحمن بن عبداهلل القرعاوي‬
‫الزوجان في خيمة السعادة ‪ 77 -‬مهارة ووسيلة‬
‫المحـــامي ‪ /‬عــبدالرحمن بن عبداهلل القرعـــاوي‬
‫ح عبدالرحمــن بــن عبداللــه بــن صالــح القرعاوي ‪1442‬هـ‬
‫فهرســة مكتبــة الملــك فهــد الوطنيــة أثنــاء النشــر‬

‫القرعــاوي‪ ،‬عبدالرحمــن بــن عبداللــه بــن صالــح القرعــاوي‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬
‫عبدالرحمن بن عبدالله بن صالح القرعاوي ‪ -‬ط‪4‬‬

‫بريدة‪1442 ،‬هـ‬
‫‪ 178‬ص‪.. 4‬سم‬
‫ردمك ‪978_603_03_5390_3‬‬

‫الحقوق الزوجية‬ ‫‪1‬‬

‫العالقات األسرية‬ ‫‪2‬‬

‫العنوان‬ ‫‪3‬‬

‫ديوي ‪301.427‬‬
‫‪1442/663‬‬

‫رقم اإليداع‪1442/663 :‬‬


‫ردمك ‪978_603_03_5390_3‬‬

‫كافة الحقوق محفوظة للمؤلف‬


‫الطبعة الرابعة‬
‫‪1442‬هـ ‪2021 -‬م‬

‫الطبعات السابقة‬
‫األولى‪1428 :‬هـ ‪2007 -‬م‬
‫الثانية‪1429 :‬هـ ‪2008 -‬م‬
‫الثالثة‪1432 :‬هـ ‪2011 -‬م‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪4‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫بســـــم الله‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫المؤلف‬

‫كلــف بعضويــة لجنــة الحمايــة االجتماعيــة بمنطقــة‬ ‫ـام‪ ،‬عض ــو أساس ــي ل ــدى الهيئ ــة الس ــعودية‬
‫مح ـ ٍ‬
‫القصيــم‪.‬‬ ‫للمحاميـــن‬

‫درب المقبليــن علــى الــزواج متعاونــاً مــع عــدد مــن‬ ‫محكّ م‪.‬‬
‫جمعيــات التنمية األســرية‪.‬‬

‫محك ــم معتم ــد ل ــدى مرك ــز التحكي ــم الهندس ــي‬
‫كان ضيفـــاً وشـــارك فـــي عـــدد مـــن الحلقـــات‬
‫الســـعودي‬
‫التلفزيونيـــة فـــي الشـــأن األســـري‪.‬‬

‫دبلـــوم عالـــي (أنظمـــة جنائيـــة) مـــن المعهـــد‬


‫أحــد المشــاركين فــي ورشــة عمــل نظمتهــا وزارة‬
‫العالـــي للقضـــاء‬
‫الشــؤون االجتماعيــة لتطويــر الحقيبــة التدريبيــة‬
‫للمقبليــن علــى الــزواج‪.‬‬
‫عمـــل مستشـــاراً أســـرياً فـــي جمعيـــة التنميـــة‬

‫كتــب عشــرات المقــاالت فــي الشــأن األســري‪.‬‬ ‫األســـرية (أســـرة)‪.‬‬

‫حاصل على رخصة التدريب الدولية من األكاديمية‬ ‫مستشــار ومــدرب فــي الحــوار األســري‪ ،‬معتمــد‬
‫الدوليـــة للتدريـــــــــــــــب والتطويـــر (‪.)INTRAC‬‬ ‫مــن مركــز الملــك عبدالعزيــز للحــوار الوطنــي‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪6‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫مقدمة‬
‫الطبعة‬
‫الرابعـة‬

‫ما أسرع األيام!‬

‫لقــد تفاجــأت أنــه مضــى علــى صــدور الطبعــة الثالثــة تســع ســنوات‪ ،‬وكنــت أتلقــى‬
‫ـا مــن أصدقــاء وغيرهــم يســألون عــن منافــذ‬
‫ـاال أو تواصـ ً‬
‫بيــن الفينــة واألخــرى اتصـ ً‬
‫ـد ه ــذا‬
‫وب ُع ـ َ‬
‫بي ــع الكت ــاب‪ ،‬وكان اعت ــذاري المتك ــرر (نف ــدت الطبع ــة وس ــأكررها قريب ــا) َ‬
‫القريــب‪ ،‬وطــال الوقــت‪.‬‬

‫علـي بأهميـة نشـر الكتـاب‬


‫ّ‬ ‫ويشـاء ﷲ أن يتواصـل معـي أحـد المختصيـن‪ ،‬ويلـح‬
‫إلكترونيـا وترجمتـه إلـى أكثـر مـن لغة‪ .‬أعتقـد أن هذا الحماس والتحفيز يشـوبه دافع‬
‫المحبـة ولكنـي قـررت أن أعتبـره حقيقـة‪ ،‬ألحفز نفسـي على الوفاء بالوعـد بالطبعة‬
‫الرابعة‪.‬‬

‫لكننـــي قـــررت أن أعيـــد قراءتـــه‪ ،‬ومراجعتـــه‪ ،‬قبـــل طبعـــه‪ ،‬فأضفـــت إلـــى بعـــض‬
‫موضوعات ــه‪ ،‬وعدل ــت عل ــى بعضه ــا‪ ،‬وزدت ــه موضوع ــات أخ ــرى‪ ،‬فص ــار مختلف ــا ع ــن‬
‫الطبعتي ــن الثاني ــة والثالث ــة اللتي ــن اقتص ــر األم ــر فيهم ــا عل ــى المراجع ــة اللغوي ــة‪،‬‬
‫والتدقيـــق اإلمالئـــي‪.‬‬

‫وحي ــن طلب ــت م ــن المصم ــم أن يع ــدل الكت ــاب وف ــق ه ــذه اإلضاف ــات والتعدي ــات‬
‫أصـ ّـر هــو اآلخــر علــى إعــادة تصميــم الكتــاب‪ ،‬بحلــة أخــرى‪ ،‬فوافقتــه لثقتــي بحرصــه‬
‫وإبداع ــه‪.‬‬

‫كنـــت ممـــن اطلـــع علـــى الطبعـــات الســـابقة لهـــذا الكتـــاب‪ ،‬فأنـــا ممتـــن‬
‫َ‬ ‫فـــإن‬
‫خجـــا أمـــام ثقتـــك ولطـــف عودتـــك‪ ،‬وآمـــل أن تســـرك اإلضافـــات‬
‫ً‬ ‫لـــك وأقـــف‬
‫والتعديـــات الجديـــدة التـــي ســـتطلع عليهـــا فـــي هـــذه الطبعـــة‪ ،‬أمـــا القـــراء‬
‫الجـــدد فأنـــا ســـعيد بثقتهـــم‪ ،‬ومتفائـــل أنـــه ســـيكون إضافـــة جميلـــة كجمـــال‬
‫أرواحهـــم‪ ،‬وأعدهـــم أن هـــذا لـــن يكـــون آخـــر عهدهـــم بـــه‪ ،‬بـــل ســـيتذكرونه بـــإذن‬
‫ﷲ كلمـــا طلـــب منهـــم صديـــق اقتـــراح كتـــاب مالئـــم للمتزوجيـــن الجـــدد‪ ،‬أو‬
‫مـــن أمضـــوا ســـنوات فـــي حياتهـــم الزوجيـــة‪ ،‬ليـــس زعمـــاً أن الكتـــاب مصبـــاح‬
‫عـــاء الديـــن‪ ،‬وإنمـــا ألنـــه اعتمـــد التركيـــز علـــى مـــا يمكـــن‪ ،‬فـــا ســـحر وال‬
‫خـــوارق‪ ،‬واتســـم بالحيـــاد فلـــم ينحـــز ألحـــد الجنســـين علـــى حســـاب اآلخـــر‪.‬‬

‫والزل ــت أله ــج بالحم ــد لل ــه عل ــى ه ــذا القب ــول ال ــذي وضع ــه للكت ــاب م ــن طبعت ــه‬
‫األول ــى‪ ،‬وكل ــي أم ــل أن يك ــون إضاف ــة مبهج ــة‪ ،‬وس ــبيل س ــعادةٍ ‪ ،‬وب ــاب طمأنين ــة‪،‬‬
‫وحص ــن حماي ــة‪ ،‬ل ــكل م ــن يش ــرفني باالط ــاع علي ــه وقراءت ــه‪.‬‬
‫اإلشادة بالكتاب‬

‫الزوجيــة هــي حالــة مــن تمــام التوافــق والتكامــل العضــوي والنفســي بيــن الزوجيــن‪.‬‬
‫فهــي الحالــة المثلــى للعالقــة بيــن المتزوجيــن‪ .‬وهــي درجــة تعلــو درجــات التبعــل‪،‬‬
‫والصحبــة‪ ،‬والرفقــة حيــث انهــا بعــض المراتــب المؤديــة للزوجيــة‪.‬‬

‫وســبيل الزوجيــة القويــم هــو وجــود رســالة‪ ،‬ورؤيــة‪ ،‬وخطــة‪ ،‬ودرايــة‪ ،‬وذوق‪ ،‬يتــم بنــاء‬
‫عليهــا جميعــا اختيــار الــزوج بعــد التــوكل علــى اللــه‪.‬‬

‫ثــم يبــدأ بنــاء كيــان االســرة بتوســيع دائــرة التجانــس والتعــارف‪ ،‬وتضييــق منطقــة‬
‫التبايــن والتخالــف‪ .‬كل ذلــك يتــم بحــب‪ ،‬وتــودد وحســن تبعــل‪ .‬حيــث ال يرســخ بنيــان‬
‫الزوجيــة ويثبــت اال بالحــوار الرفيــق الحكيــم المتئــد‪.‬‬

‫والكتــاب الــذي بيــن يدينــا هــو لخبيــر َب ُصـ َـر احــوال االزواج عــن كثــب وعــن كتــب‪ .‬فهــو‬
‫متخصــص فــي احكامــه لمــن اســتفتى وطلــب‪ ،‬وعامــل فــي ميــدان االرشــاد واالصــاح‬
‫لمــن عانــى وتعــب‪.‬‬

‫وقــد احببــت فــي الكتــاب ســعة االفــق‪ ،‬وتنــوع اطيــاف المعرفــة‪ ،‬وســبر زوايــا الحيــاة‬
‫الزوجيــه‪ .‬فهــو دليــل مرشــد‪ ،‬يضــع خارطــة الطريــق لمــن اراد ان يبنــي زواجــه علــى‬
‫اســس علميــة واقعيــة‪.‬‬

‫اســأل اللــه للكاتــب المثوبــة العظيمــة‪ ،‬وللقــاريء الفائــدة العميمــة‪ ،‬وللمتزوجيــن‬


‫البدايــات الســليمة‪ ،‬والمســيرة الحكيمــة‪ ،‬وقــرة العيــن والغنيمــة‪.‬‬

‫د‪ .‬إبراهيم بن محمد الخليفي‬

‫استشاري التربية االسرية‬


‫وعلم نفس النمو التربوي‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪8‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫إن الحديــث عــن الجوانــب األســرية ال ينبغــي أن يكــون ضربــة الزب ممــن ال يــدرك أبعــاد‬
‫مــا يكتــب‪ ،‬بــل يجــب أن ينطلــق مــن مــدرك لشــئون األســرة مــن بــاب (فاســأل بــه خبيــرا)‪،‬‬
‫وهــي كذلــك تحتــاج إلــى تفصيــل مــن بــاب (وفصلنــاه تفصيــا)‪ ،‬وليــس مــن منطلــق‬
‫العمــوم واإلجمــال مــن بــاب (وخــذ بيــدك ضغثــا فاضــرب به)‪.‬ومــن هــذا المنطلــق‬
‫اســتنبط أخونــا الفاضــل عبــد الرحمــن بــن عبــد اللــه القرعــاوي هــذا الجانــب فأضفــى‬
‫علــى المكتبــة ِســفرا يجــدر بــكل زوجيــن اقتنــاؤه‪ ،‬أقــول ذلــك ألننــي قرأتــه بطلــب مــن‬
‫مؤلفــه لإلضافــة عليــه‪ ،‬ولكننــي وجــدت أنــه أضــاف علــي وإلــي معلومــات وإشــارات‬
‫جيــدة‪ ،‬فشــكر اللــه لمؤلفــه ســعيه‪ ،‬ورزقنــا وإيــاه اإلخــاص فــي القــول والعمــل‪.‬‬

‫الشيخ خالد بن إبراهيم الصقعبي‬

‫مدرب ومستشار أسري‪ ،‬والمشرف على مركز سكن لالستشارات التعليمية والتربوية‬

‫ســعدت كثيــراً بقــراءة كتابــك القيــم (الزوجــان فــي خيمــة الســعادة)‪ ،‬ووجــدت نفســي‬
‫ـا أن ينشــر علــى أوســع نطــاق؛ ليبلــغ‬ ‫فيــه مــن خــال أطروحاتــه الهادئــة‪ ،‬وتمنيــت فعـ ً‬
‫كل رجــل وكل امــرأة تزوجــا أو ســيتزوجان؛ ففيــه ســيجدان مــا يحصــن بيتهمــا مــن غــارات‬
‫الشــيطان‪ ،‬ودواعــي الفرقــة‪ ،‬واضطــراب النفــوس‪ ،‬وقلــق الحيــاة الزوجيــة‪ .‬بــل ســيجدان‬
‫فيــه أســباب هــذه المزعجــات؛ ليكتشــفوا أن مــا بينهمــا لــم يكــن بســبب شــخصي‪،‬‬
‫لجهــل حقيقــة‪ ،‬أو لعــدم فهــم مبــدأ مــن مبــادئ التواصــل بينهمــا‪ ،‬بــل‬ ‫ِ‬ ‫وإنمــا هــو‬
‫ســيجدان فيــه مــا يبنــي العالقــة بينهمــا بــكل ســهولة ويســر‪ ،‬دون تعقيــد؛ ليصــا إلــى‬
‫بحبوحــة الســعادة التــي ينشــدانها‪.‬‬

‫د‪ .‬خالد بن سعود الحليبي‬

‫مــدرب ومستشــار أســري‪ ،‬ومديــر مركــز التنميــة األســرية‪ ،‬و المشــرف‬


‫العــام علــى مركــز بيــت الخبــرة للدراســات والبحــوث االجتماعيــة باألحســاء‪.‬‬

‫(الزوجــان فــي خيمــة الســعادة) وجبــة رائعــة تجمــع بيــن توافــر عناصــر اإلغــراء‬
‫وتكامــل عناصــر التغذيــة الصحيــة للحيــاة الزوجيــة ويزيــد جمالهــا ســهولة هضمهــا‪.‬‬

‫د‪.‬عبدالعزيز بن عبدالله المقبل‬

‫مدرب ومستشار أسري‪ ،‬والمشرف على مركز سنابل لالستشارات التربوية‬


‫لقــد اشــتمل هــذا الكتــاب الــذي أعــده األخ عبــد الرحمــن القرعــاوي علــى الكثيــر مــن‬
‫المهــارات والتوجيهــات التــي تقــوي العواطــف والمشــاعر اإليجابيــة بيــن الزوجيــن‪،‬‬
‫وتحقــق لهمــا راحــة الجســم والقلــب‪ ،‬ويحصــل لهمــا اســتقرار الحيــاة والمعــاش‪ ،‬وأنــس‬
‫الــروح والطمأنينــة القلبيــة‪.‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬علي بن إبراهيم الزهراني‬

‫المستشـــار التربـــوي واألســـري بالجمعيـــة‬


‫الخيريــة للــزواج ورعايــة األســرة بالمدينــة النبوية‬

‫عندمــا تقــرأ هــذا الكتــاب تجــد مزيجــاً مــن فائــدة الفكــرة وجديتهــا مــع لغــة فصيحــة‬
‫جميلــة فيهابالغــة ترتقــي بفهــم القــارئ الــى أبعــاد فســيحة تدفعــه الــى التطبيــق‬
‫واالســتفادة‪ .‬لقــد وفــق الكاتــب فــي ســلة متكاملــة مــن األفــكار المفيــدة أســأل اللــه‬
‫النفــع بهــا لــكل قــارئ ولكاتبهــا ولمــن أعانــه وجــزى اللــه الجميــع خيــراً ‪.‬‬

‫د‪ .‬عمر بن إبراهيم المديفر‬

‫استشاري طب نفس األطفال والمراهقين والعالج الزوجي والعائلي‬

‫هــذا الكتيــب الــذي خطــه لنــا األخ عبــد الرحمــن بــن عبــد اللــه القرعــاوي بأســلوبه الجميــل‬
‫وعباراتــه الرشــيقة ومعانيــه الســهلة ‪ ،‬بعيــداً عــن التقعــر والتشــدق‪ ،‬يفهمــه العامــي‬
‫ويســتفيد منــه المثقــف ويألفــه األديــب ‪ ،‬فــي وصــف لخطــوات جميلــة وشــيقة‬
‫لمســيرة الحيــاة الزوجيــة الســعيدة التــي تنشــد الوفــاء والوفــاق وتبتغــي الراحــة‬
‫واإلســعاد‪ .‬وحيــث إنــه ليــس كل مــن ينشــد الســعادة يســلك طريقهــا‪ ،‬فهــذا الكتيــب‬
‫يســاعده فــي ذلــك ويســير بقارئــه فــي درب الســعادة الزوجيــة خطــوة خطــوة ‪ .‬أســأل‬
‫اللــه تعالــى بأســمائه الحســنى وصفاتــه العــا أن ينفــع بــه كاتبــه وقارئــه‪.‬‬

‫د‪ .‬يحيى بن إبراهيم اليحيى‬

‫المشــرف العــام علــى مركــز المربــي لالستشــارات‬


‫التعليميــة والتربويــة‪ ،‬والمشــرف علــى موقع طيبة‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪10‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫بين يدي‬
‫الكتــــاب‬
‫الحمـــد للـــه رب العالميـــن‪ ،‬وصلـــى الله وســـلم علـــى نبينـــا محمد ســـيد األولين‬
‫واآلخريـــن‪ ،‬وعلـــى آلـــه وصحبـــه أجمعين‪.‬‬

‫وبعـــد فمن المعلـــوم أن الزواج حلم كل شـــاب وفتاة‪ ،‬فإذا تحقـــق لهما ذلك‪ ،‬فإن‬
‫أملهما هو تحقيق الســـعادة الزوجية‪.‬‬

‫إذ إن األصـــل فـــي كل بيـــت أن يبنى على المـــودة والرحمة‪ ،‬وإنك لتحـــزن حين ترى‬
‫بيتا قد ُســـلب شـــيئاً من هذين الركنين أو أحدهما‪ ،‬وتَ َو ُّد لو أن الســـعادة تشـــترى‬
‫الشـــتريتَ ها بما تملك وأهديتهم إياها‪.‬‬

‫لكن الواحد منا ال يملك إال أن يتلمس أســـباب الســـعادة ليســـلكها بغية أن يحظى‬
‫أوال‪ ،‬ثـــم يـــدل إخوانـــه وأخواتـــه عليها‪ ،‬مـــن باب (ال يؤمـــن أحدكـــم حتى يحب‬
‫بهـــا ً‬
‫ألخيه ما يحب لنفســـه)‪.‬‬

‫ولقـــد كنـــت أظـــن ـ كما يظن الكثيـــرون ـ أن الحديث عـــن كثرة البيـــوت التي تعاني‬
‫مـــن نقـــص في عـــرى المـــودة والرحمة هـــو مـــن قبيـــل المبالغة‪ ،‬لكنـــي فوجئت‬
‫ببعـــض الدراســـات التي أثبتت كثرة نســـب الطـــاق‪ ،‬وهي أرقام مخيفـــة (‪ ،)1‬كما‬
‫أنـــي اطلعـــت على حاالت من الفشـــل والتوتـــر في العالقـــة الزوجيـــة‪ ،‬التي ربما‬
‫كان إصالحهـــا يســـيرا لو توفـــر الوعي والســـعي لإلصالح‪.‬‬

‫يؤلمنـــي كثيـــراً رؤيـــة الحـــرص الشـــديد عند الجميـــع على نجـــاح حفلة الـــزواج في‬
‫مقابـــل إهمال كثير منهم لالســـتعداد للزواج نفســـه بالتعلم والقـــراءة والتدريب‪.‬‬

‫يقضـــي بعضهـــم أيامـــاً فـــي اختيار أثـــاث المنـــزل‪ ،‬والمالبـــس واالكسســـوارات‪،‬‬


‫ويســـتكثرون قـــراءة كتاب‪ ،‬أو حضـــور دورة تدريبيـــة خاصة بالمقبلين علـــى الزواج‪.‬‬

‫ال شـــك أن إجادة وتحســـين العالقة الزوجية واالرتقاء بها شـــاق‪ ،‬لكنـــي متأكد أنها‬
‫مشـــقة مؤقتة تخف تدريجيـــاً ‪ ،‬بخالف مشـــقة اإلهمال وعدم رعايـــة العالقة فهي‬
‫تكبـــر مع الوقت‪ ،‬وتســـتمر‪ ،‬وتؤثر علـــى األوالد الحقاً ‪.‬‬

‫لذلـــك حرصت على اإلســـهام فـــي بيان بعـــض أدبيات الحيـــاة الزوجية‪ ،‬فـــكان هذا‬
‫الكتـــاب والـــذي جاءت كلماته مســـتوحاة من الواقـــع‪ ،‬بعيدة ـ قدر المســـتطاع ـ عن‬
‫المثاليـــة غيـــر الممكنة‪ .‬أســـأل الله أن يجعله ســـببا فـــي تحقيق المـــودة والرحمة‬
‫المنشـــودتين لـــكل زوج وزوجة‪ ،‬والتـــي امتن الله بها على عبـــاده في قوله‪ {:‬ومن‬
‫آياتـــه أن خلق لكم من أنفســـكم أزواجاً لتســـكنوا إليها وجعل بينكـــم مودة ورحمة‬
‫إن فـــي ذلك آليات لقـــوم يتفكرون}(‪.)2‬‬

‫وال أنســـى أن أشـــكر كل مـــن أهداني إضافـــة‪ ،‬أو رأيـــاً ‪ ،‬أو مشـــورة‪ ،‬فجزاهم الله‬
‫عني خيـــر الجزاء‪.‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪12‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫لمـــــاذا‬
‫الخيمة؟‬
‫يعتقــد كثيــرون أن الســعادة ال ينالهــا إال رغيــدي العيــش المرفهيــن ذوي القصــور‬
‫المشــيدة‪ ،‬إال أنــي أعتقــد أن البســطاء ومــن يعيشــون علــى الكفــاف هــم أكثــر النــاس‬
‫ســعادة؛ لذلــك‪ ،‬وألمــر آخــر هــو التفــاؤل بخيــام الجنــة‪ ،‬دار الســعادة المحضــة األبديــة‬
‫كان اختيــاري لهــذا العنــوان‪:‬‬

‫«الزوجان في خيمة السعادة»‬


‫المؤلف‬
‫ال سعادة لهؤالء بعد الزواج‬
‫حينمــا يعيــش الشــاب أو الفتــاة قبــل الــزواج حلــم الســعادة المحضــة الخاليــة‬
‫مــن كل مــا ينغــص أو يكــدر‪ ،‬فــإن ذلــك مــن أكبــر أســباب الحرمان من الســعادة‪.‬‬

‫لــذا ينبغــي أن يــدرك كل مقبــل علــى الــزواج أنــه مــن الطبعــي حصــول‬
‫شــيء مــن الخالفــات بالقــدر المعقــول بيــن الزوجيــن‪ ،‬وهــذا مــا لــم تخــل منــه‬
‫بيــوت نبينــا محمــد ـ صلــى اللــه عليــه وســلم ـ فقــد غضــب علــى نســائه‬
‫واعتزلهــن شــهراً (‪)3‬؛ ومنهــن عائشــة ـ رضــي اللــه عنهــا ـ وهــي أحبهــن إليــه!!‬
‫حتــى إن علمــاء االجتمــاع يقولــون إن البيــت الــذي يخلــو مــن الخالفــات تمامــاً‬
‫ـت فيــه مشــكلة!! ألنــه ال روح فيــه وال تفاعــل‪.‬‬
‫بيـ ٌ‬

‫بــل قــال بعضهــم‪ :‬إن الخالفــات هــي ملــح العالقــة الزوجيــة‪ ،‬فعــدم وجودها‬
‫يفقــد الحيــاة الزوجيــة طعمهــا‪ ،‬كمــا أن كثرتهــا تفســد الحيــاة الزوجية‪.‬‬

‫إذا علــم هــذا وجــب علينــا إزالــة الصــورة الذهنيــة المرتســمة فــي األذهــان‬
‫قبــل الــزواج عــن حيــاة مثاليــة وفردوســية‪ ،‬ووجــب علينــا أن نســعى لتالفــي‬
‫تفاقــم المشــاكل‪ ،‬ونحــرص علــى إصالحهــا‪ ،‬ونتغاضــى عــن اليســير منهــا‪.‬‬

‫بذا نكون اتفقنا أنه ال سعادة بعد الزواج لمن يحلم بسعادة محضة‪.‬‬

‫بعــد هــذا االتفــاق سنســعى ـ أنــا وأنتمــا ـ مــن خــال هــذه الرســالة إلــى‬
‫تحقيــق أعلــى مراتــب الســعادة الممكنــة بــإذن اللــه‪.‬‬

‫فاستعينا بالله‪ ،‬ولنبدأ سوياً ‪..‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪14‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫إن الزواج اليكون جنة إال بأيديكم‪ ،‬واليكون‬


‫جحيما إال بأيديكم‪ ،‬ولكم أن تختاروا كيف‬
‫ً‬
‫جحيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫نعيما أو‬
‫ً‬ ‫تريدون أن يكون زواجكم‪..‬‬
‫أ‪.‬محمد بن رشيد العويد‬
‫بين الحق والواجب‬
‫ـت محاضــرة كان عنوانهــا المحــدد مــن قبــل الجهــة المنظمــة‬
‫قبــل مــدة قدمـ ُ‬
‫(حقــوق الزوجيــن)‪ ،‬وحينمــا بــدأت المحاضــرة قلــت‪« :‬إنــه لــو كان اختيــار‬
‫ـي لجعلتــه‪ :‬واجبــات الزوجيــن»‪ ،‬أي أنــه ينبغــي أن يكــون المحفــز‬
‫الموضــوع إلـ ّ‬
‫ألي منهمــا للحضــور هــو معرفــة واجباتــه ال حقوقــه‪.‬‬
‫لــو قــام كل مــن الزوجيــن بواجباتــه ألصبحــت العالقــة بخيــر‪ ،‬لكــن المشــكلة‬
‫كال منهمــا منشــغل بالبحــث عــن حقوقــه‪ ،‬للمطالبــة بهــا‪.‬‬
‫أن ًّ‬
‫قيامــك بواجباتــك يدفــع اآلخــر للقيــام بواجباتــه تجاهــك‪ ،‬والقيــام بالواجــب‬
‫هــو أفضــل الطــرق للحصــول علــى الحــق‪.‬‬
‫لــن يســتطيع أحدكمــا تحقيــق ســعادته الزوجيــة علــى حســاب اآلخــر‪،‬‬
‫فالســعادة الزوجيــة ال يمكــن أن تتحقــق ألحدكمــا دون اآلخــر‪.‬‬
‫حقاً كامال‪.‬‬
‫أخل بواجبه فال ينتظر ّ‬
‫تصور حق دون واجب‪ ،‬ومن ّ‬
‫ُّ‬ ‫وال يمكن‬
‫والســعادة تتالشــى حينمــا ينظــر كل مــن الزوجيــن إلــى الحيــاة الزوجيــة مــن‬
‫خــال الحقــوق فقــط‪ ،‬لكــن حينمــا ينظــران إليهــا علــى أنهــا واجبــات ينبغــي‬
‫القيــام بهــا‪ ،‬ثــم حقــوق ُينتظــر مــن اآلخــر أداؤهــا‪ ،‬حينئــذ يكــون الزوجــان قــد‬
‫ســلكا طريقــا مختصــراً لتحقيــق الســعادة‪.‬‬
‫والعالقــة الزوجيــة المبنيــة علــى الحــق والواجــب فقــط عالقــةٌ جافــة‬
‫ليــس فيهــا رونــق الحيــاة وماؤهــا‪ ،‬فأيــن اإلحســان‪ ،‬والرحمــة‪ ،‬أيــن العفــو‬
‫والتغاضــي؟!‪.‬‬
‫مــن يقــوم بحقــوق اآلخــر تجاهــه فهــو بذلــك ينفــع نفســه قبــل مــن ُقدمــت‬
‫لــه الحقــوق‪ ،‬إنــه يحمــي نفســه مــن عقــاب التقصيــر‪ ،‬ويرفعهــا ‪ -‬بــإذن اللــه ‪-‬‬
‫درجــات عنــد رب العالميــن‪.‬‬
‫مــن أراد الســعادة فليأخــذ بزمــام المبــادرة‪ ،‬وال ينتظرهــا مــن اآلخــر‪،‬‬
‫فالشــيطان يوحــي ألحدنــا أنــه مســتعد وراغــب فــي اإلصــاح لكــن المشــكلة‬
‫ــده ‪ -‬الشــيطان ‪ -‬عــن المبــادرة إلــى‬
‫فيص ّ‬
‫ُ‬ ‫فــي اآلخــر الــذي ال يريــد إصالحــاً ‪،‬‬
‫اإلصــاح بهــذه الذريعــة‪ ،‬ليحقــق أمنيتــه فــي التفريــق بيــن زوجيــن‪.‬‬
‫ومــن أراد صيانــة هــذه العالقــة فــا يســتعجل النتائــج‪ ،‬فاألدويــة تتفــاوت‬
‫فــي تأثيرهــا‪ ،‬ومنهــا مــا يحتــاج إلــى تحمــل مرارتــه‪ ،‬وصبـ ٍـر فــي انتظــار ثمرتِ ــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪16‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ـب‪ ،‬وعــن َك َثـ ٍ‬


‫ـب‪،‬‬ ‫«البــد أن يعرفــوا عــن ُك ُتـ ٍ‬
‫ماهــي حقــوق الزوجيــة وواجباتهــا‪.‬‬

‫‏فأبناؤنـا اليـوم يتلقـون هـذه الجزئيـة‬


‫مـن المسلسلات الخليجيـة‪ ،‬والعربيـة‪،‬‬
‫والتركيـة‪.‬‬

‫‏تصوروا!! «‪.‬‬
‫د‪ .‬إبراهيم الخليفي‪.‬‬
‫رجل وامرأة‬
‫يجب أن يتعامل الرجل مع المرأة على أنها امرأة‪ ،‬وتتعامل المرأة مع الرجل‬
‫على أنه رجل‪ ،‬مراعين بذلك الفروق واالحتياجات النفسية‪ ،‬والجسدية بين‬
‫الجنسين‪.‬‬
‫إذ تنشأ كثير من المشكالت عن إغفال هذا األمر‪ ،‬فالزوجة تعامل زوجها‬
‫كما تعامل إحدى صديقاتها‪ ،‬وكذلك هو يعاملها كما لو كان مع أحد رفاقه‪.‬‬
‫فينبغي أن يقبل الرجل أن تبقى زوجته امرأة‪ ،‬مقدرا لها طبيعتها‪،‬‬
‫رجال يحب ويهوى ما يهوى‬
‫ً‬ ‫واهتماماتها‪ ،‬وكذا هي تقبل أن يبقى زوجها‬
‫الرجال ويحبون‪.‬‬
‫إن أولويات االحتياج عند كل منهما تختلف ‪ ،‬ومن هنا يقع الخطأ في‬
‫التعامل على أن الطرف اآلخر يحتاج ما أحتاج بنفس الترتيب واألولويات‪.‬‬
‫وألن الحديث في هذا الموضوع قد يطول‪ ،‬وهو على درجة عالية من‬
‫األهمية فإني أحيل إلى بعض الكتب المختصة في ذلك‪ .‬وهي‪:‬‬
‫‪ )١‬الرجال من المريخ والنساء من الزهرة للدكتور جون قراي‪ ،‬الترجمة‬
‫العربية من إصدار مكتبة جرير‪.‬‬
‫‪ )٢‬احتياجاته واحتياجاتها‪ .‬لـ‪ :‬ويالرد إف هارلي‪ ،‬اإلبن‪ ،‬الترجمة العربية من‬
‫إصدار مكتبة جرير‪.‬‬
‫‪ )٣‬للنساء فقط‪ ،‬د‪ .‬شونتي فيلد هان‪ ،‬الترجمة العربية من إصدار مكتبة‬
‫جرير‪.‬‬
‫‪ )٤‬للرجال فقط‪ ،‬د‪ .‬شونتي وجيف فيلد هان‪ ،‬الترجمة العربية من إصدار‬
‫مكتبة جرير‪.‬‬
‫‪ )٥‬الرجل والمرأة‪ ..‬أسرار لم تنشر بعد‪ ،‬لـ‪ :‬آلين ويلر‪ ،‬الترجمة العربية من‬
‫إصدار شركة دار الفراشة‪.‬‬
‫ومن اإلصدارات المسموعة‪:‬‬
‫(‪ )1‬فهم النفسيات‪ ،‬للدكتور جاسم المطوع‪ ،‬شريطان‪ ،‬إصدار دار البالغ‬
‫بجدة‪.‬‬
‫(‪ )2‬مفاتيح العالقات الزوجية الناجحة‪ ،‬للدكتور ياسر بن عبد العزيز قاري‪،‬‬
‫ثالث أشرطة‪ ،‬إصدار تسجيالت حنين بمكة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪18‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫(وليس الذكر كاألنثى)‬

‫سورة آل عمران اآلية (‪)36‬‬


‫المصارحة الزوجية‬
‫االختــاف وحصــول المشــكالت بيــن الزوجيــن أمــر طبعــي قــد تحتمــه كثــرة‬
‫المخالطــة‪ ،‬واعتمــاد كل مــن الزوجيــن علــى اآلخــر فــي كثيــر مــن أمــور حياتــه‪،‬‬
‫ولكــن األمــر الــذي يجــب أن يكــون ســائدا بيــن الزوجيــن هــو المصارحــة بينهمــا‬
‫ـ بضوابطهــا ـ واختيــار الوقــت المناســب لهــا‪ ،‬فيكــون هنــاك تهيئــة مســبقة‬
‫بيــن الزوجيــن علــى مبــدأ المصارحــة‪.‬‬

‫ــن الصــدور‪ ،‬وكــدر النفــوس‪،‬‬


‫وإذا علــم أن المصارحــة المعتدلــة تذهــب ِإ َح َ‬
‫وتزيــل العتــب‪ ،‬وتشــد مــن أواصــر العالقــة الزوجيــة‪ ،‬إذا علــم ذلــك تهيــأت‬
‫النفــوس لقبولهــا‪ ،‬بــل ســعدت بهــا واتخذتهــا ســلّ ماً ترتقــي مــن خاللــه فــي‬
‫مراقــي الســعادة‪ ،‬والهنــاء‪.‬‬

‫وال بــد أن تكــون الصراحــة مغلفــةً بــاألدب‪ ،‬محمولــة بالحــب‪ ،‬صراحــة بــا‬
‫وقاحــة‪ ،‬حتــى نخفــف مــن مرارتهــا علــى متلقيهــا‪.‬‬

‫وبكلمات جميلة ينمو التقدير‪ ،‬ويزداد الحب‪ ،‬وتصلح الحال بإذن الله‪.‬‬

‫وكلمــا كانــت هــذه الكلمــات عفويــة‪ ،‬كانــت أبلــغ فــي النفــس‪ ،‬وأمتــع‬
‫للســمع ‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪20‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«أفض ــل ش ــيء للزوجي ــة ه ــو البس ــاطة ف ــي‬


‫الح ــوار‪ ،‬والمصارح ــة‪.‬‬
‫‏وهـــذه قـــد تصبـــح مـــن أصعـــب األمـــور‪،‬‬
‫وتســـتبدل بالغمـــوض والتســـتر؛ بســـبب‬
‫ســـوء الطويـــة‪ ،‬أو الخـــوف مـــن المواجهـــة»‪.‬‬
‫د‪ .‬إبراهيم الخليفي‪.‬‬
‫رسالة من نوع آخر‬
‫جــاء فــي الحديــث عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى‬
‫اللــه عليــه وســلم قــال (تهــادوا تحابــوا)(‪.)4‬‬

‫والهديــة لهــا معنــى يفــوق قيمتهــا‪ ،‬وهــي بيــن الزوجيــن رســالة حــب‬
‫المهــدي‪ ،‬ولهــا مناســبات كثيــرة منهــا‪ :‬العيــد‪ ،‬والــوالدة‪،‬‬
‫ودليــل وفــاء يبعثهــا ُ‬
‫والنجــاح‪ ،‬والترقيــة الوظيفيــة‪ ،‬والقــدوم مــن ســفر‪ ،‬وبعــد انجــاء المشــكلة‪،‬‬
‫وبعــد الشــفاء مــن مــرض‪ ،‬وعندمــا تمــر العالقــة الزوجيــة بشــيء مــن البــرود‬
‫والفتــور‪.‬‬

‫وما أجمل الهدية حينما تكون مفاجئة وال مناسبة لها إال الحب والوفاء‪.‬‬

‫وإذا كانــت المــرأة غيــر مقتــدرة ماليــاً فــا بــأس أن تطلــب مــن زوجهــا شــيئا‬
‫مــن المــال ـ يســتطيعه ـ ثــم تفاجئــه بالهديــة‪.‬‬

‫األوالد فيقدمونهــا‬
‫َ‬ ‫أحــد الزوجيــن‬
‫ُ‬ ‫ومــن أجمــل الهدايــا مــا ُيشــرك فيهــا‬
‫ألمهــم أو أبيهــم‪.‬‬

‫ولتقديم الهدية طرق تزيد من جمالها‪ ،‬وتخلد ذكراها في النفس‪.‬‬

‫وليــس ثمــن الهديــة بقيمتهــا الماديــة‪ ،‬فهــي جميلة وإن كانــت وردة صغيرة‪،‬‬
‫إذ األهــم مــن ذلــك هــو قيمتهــا المعنويــة‪ ،‬ومــا تتركــه مــن أثــر إيجابــي فــي‬
‫نفــس مــن ُق ّدمــت إليــه‪.‬‬

‫وهي تحمل رسالةً مفادها إني أحبك ولم أنسك‪ ،‬ولن أتخلى عنك‪...،‬‬

‫أهـــدى إبراهيـــم بـــن المهـــدي إلســـحاق الموصلـــي جـــراب ملـــح‬


‫وجـــراب أشـــنان مطيـــب‪ ،‬وكتـــب إليـــه رقعـــة وفـــي أســـفلها‪:‬‬

‫هديتـــي تقصـــر عـــن همتـــي ‪ ...‬وهمتـــي تعلـــو علـــى مالـــي‬


‫وخالـــص الـــود ومحـــض الهـــوى ‪ ...‬أحســـن مـــا يهديـــه أمثالـــي‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪22‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫إذا تلقيــــــــــــــت هديـة‬


‫وعجزت عن تقديــــــــم‬
‫مايقابلها‪ ،‬فإن فرحـك‬
‫بها وشكرك لمقدمها‬
‫يكون هو الهــدية إليه‪.‬‬
‫ليتمان‬
‫أخطأت ‪ ..‬أنا آسف!‬
‫الخطــأ وارد وال أحــد معصــوم مــن الخطــأ‪ ،‬كمــا قــال رســول اللــه صلــى اللــه‬
‫عليــه وســلم‪( :‬كل ابــن آدم خطــاء وخيــر الخطائيــن التوابــون)(‪.)5‬‬

‫لكــن المشــكلة حينمــا يــدرك أحــد الزوجيــن أنــه مخطــئ ويصــر علــى خطئــه‬
‫ويرفــض االعتــراف بــه‪ ،‬بدافــع أن االعتــراف بالخطــأ أمــام الطــرف الثانــي يجرؤه‬
‫عليــه ويضــع مــن كرامتــه‪ ،‬وهــذه مغالطــة يزينهــا الشــيطان‪.‬‬

‫وتصــورا معــي أيهــا الزوجــان أن شــخصاً أخطــأ عليكمــا ثــم قــام باالعتــراف‬
‫بالخطــأ‪ ،‬واالعتــذار منــه‪ ،‬هــل ســيبقى فــي نفــس مــن وقــع عليــه الخطــأ‬
‫شــيء؟!‪ ،‬إننــي أكاد أجــزم أن مكانتــه فــي قلــب مــن وقــع عليه الخطأ ســتكون‬
‫أحســن ممــا هــي عليــه قبــل وقــوع الخطــأ‪ ،‬وكــم مــن خطــأ صــار ســبب بدايــة‬
‫عالقــة جميلــة وقويــة بيــن اثنيــن‪ ،‬حينمــا اعتــرف المخطــئ بخطئــه واعتــذر‬
‫ـاوزَ صاحــب الحــق وعفــى‪.‬‬
‫وتَ َجـ َ‬

‫حتــى قيــل إن العالقــة التــي تنشــأ بعــد مشــكلة بيــن طرفيهــا هــي أقــوى‬
‫مــن أي عالقــة أخــرى‪.‬‬

‫وأود أن أذكــر الزوجــات أن بعــض األزواج ال يجيــد االعتــذار بصريــح عبارتــه‪،‬‬


‫ـا يعــرض الذهــاب ســوياً لمــكان‬
‫لكنــه يقــدم اعتــذاره علــى هيئــة خدمــة‪ ،‬فمثـ ً‬
‫مــا‪ ،‬أو يســأل هــل تريديــن خدمــة معينــة‪ ،‬فاقبلــي هــذا اعتــذاراً منــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪24‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫الخطأ الذي النعترف‬


‫به يقع مرتـــــــــــــــين‬
‫أجمل اعتذار‬
‫عــن عبــد اللــه بــن مســعود أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم قــال‪:‬‬
‫(التائــب مــن الذنــب كمــن ال ذنــب لــه)(‪.)6‬‬

‫كمــا أننــا نطالــب المخطــئ باالعتــراف بالخطــأ فإننــا نقــول لمــن وقــع عليــه‬
‫الخطــأ إنــه لجديــر بــك أن تصفــح الســيما إذا اعتــرف لــك المخطــئ بخطئــه‪،‬‬
‫فاالعتــراف بالخطــأ أبلــغ اعتــذار‪.‬‬

‫فليقبــل العــذر بابتســامة جميلــة وكلمــة طيبــة تــدل علــى التجــاوز عــن الخطــأ‬
‫ُ‬
‫ونســيانه‪ ،‬وفتــح صفحــة بيضــاء جديــدة‪ ،‬فســيجد مــن عفــا عــن الخطــأ أنســها‬
‫ولذتهــا قبــل مــن أخطــأ‪.‬‬

‫عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫قــال‪( :‬مــا زاد اللــه عبــدا بعفــو إال عــزا ومــا تواضــع أحــد للــه إال رفعــه اللــه)(‪.)7‬‬

‫هــل جربــت أثــر العفــو علــى نفســك؟ جربــه أحدهــم‪ ،‬فــكان يقــول‪ :‬خشــيت‬
‫أال أكــون مأجــوراً فــي عفــوي عــن النــاس؛ ألننــي صــرت أجــد لذلــك لــذة!!‬

‫قال الله عز وجل‪(:‬وليعفوا وليصفحوا أال تحبون أن يغفر الله لكم)(‪.)8‬‬

‫وقال الشاعر مصطفى الغالييني‪:‬‬

‫سامح صديقك إن زلت به قـدم‬


‫فــليس يســلم إنســـان مــن الـزلل‬

‫جميال‪.‬‬
‫ً‬ ‫قدم العفو كريماً ‪ ،‬ليعود إليك أثراً‬

‫وألبــي حاتــم الســبتي “ مــن اعتــرف بالزلــة اســتحق الصفــح عنهــا‪ ،‬ألن ذل‬
‫االعتــذار عــن الزلــة يوجــب تســكين الغضــب عنهــا”‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪26‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ســـعيدا لفتـــرة‬
‫ً‬ ‫إذا أردت أن تعيـــش‬
‫وجي ــزه فانتق ــم‪ ،‬وإذا أردت الس ــعادة‬
‫الدائمـــة فســـامح الجميـــع‪.‬‬

‫طاغور‬
‫مفاتيح و مغاليق‬
‫علــى كل منــا أن يتلمــس األمــور واألشــياء التــي يحبهــا شــريك حياتــه‪،‬‬
‫ليســعى فــي تحقيقهــا لــه‪ ،‬ويتعامــل معــه وفقهــا‪.‬‬

‫وأن يسعى في معرفة ما يكره‪ ،‬ليبتعد عنه وال يؤذيه به‪.‬‬

‫وجميــل أن يخبــر كل منــا اآلخــر بمــا يحــب ومــا يكــره‪ ،‬مثــل طريقــة الــكالم‪،‬‬
‫الحــركات الجســدية والتصرفــات‪ ،‬والمالبــس والمشــارب والمــآكل‪ ،‬وأوقــات‬

‫الراحة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫كــي تكــون هــذه معالــم نســعى مــن خاللهــا إلرضــاء بعضنــا وكســب‬
‫القلــوب‪.‬‬

‫خاصــة وأن بعــض المشــكالت ربمــا تقــع نتيجــة فعــل أحــد الزوجيــن لشــيء‬
‫غيــر محــرم وغيــر منــاف للــذوق واألدب‪ ،‬ولكنــه يضايــق الطــرف اآلخــر لســبب‬
‫أو آلخــر‪ ،‬ويمكــن لفاعلــه االســتغناء عنــه وتركــه دون أدنــى ضــرر يلحقــه‪ ،‬لكنــه‬
‫لــم يكــن يعلــم بــأن هــذا يضايــق شــريكه‪.‬‬

‫أحــد المتزوجيــن حديثــا ـ وفــي ســفر زواجــه ـ قــام بتســليم زوجتــه ورقــة‬
‫دون عليهــا مــا يرغــب ومــا ال يرغــب‪ ،‬مــا يحــب ومــا يكــره‪ ،‬ولســان حالــه حتــى‬
‫ال تقعــي مــن غيــر قصــد فــي شــيء ال أرغبــه فتضايقينــي مــن حيــث ال‬
‫تشــعرين‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪28‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«التعاط ــف ف ــي الحي ــاة الزوجي ــة يعن ــي النظ ــر‬
‫لرغبـــات شـــريك حياتـــك وتجتهـــد لتحقيقهـــا‪.‬‬

‫‏معظــم مشــكالت االزواج ليس بســبب صعوبة‬


‫المشــكلة إنمــا بســـــــبب غيــاب التعاطــف»‪.‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬راشد السهل‪.‬‬


‫خطوط حمراء‬
‫إن الزوجيــن بحكــم عالقتهمــا الحميمــة وطــول مكثهمــا ســوياً ‪ ،‬يكــون‬
‫بينهمــا مــن األســرار والخصوصيــات مــا ال يكــون بيــن غيرهمــا مــن النــاس‪،‬‬
‫لــذا يجــب عليهمــا حفظهــا وعــدم إفشــائها‪ ،‬ألن كشــف أســرار أي منهمــا‬
‫يفقــده ثقتــه فــي مفشــيها‪ ،‬وإذا نزعــت الثقــة بيــن الزوجيــن آذن ذلــك بخــراب‬
‫بيــت الزوجيــة‪ ،‬وأكثــر مــا يجــب أن يحــذره الزوجــان هــو كشــف األســرار حينمــا‬
‫يعيشــان مشــكلة مــا‪ ،‬فحــذار حــذار‪.‬‬

‫ومــن األســرار الزوجيــة وضــع الــزوج المــادي الــذي ال يرضــى كشــفه ألحــد؛‬
‫غنــى وفقــراً ‪.‬‬

‫عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫قــال‪( :‬مــن ســتر مســلماً ســتره اللــه فــي الدنيــا واآلخــرة)(‪.)9‬‬

‫ولئــن كان التأكيــد علــى هــذا األمــر مطلــب فــإن حفــظ مــا يحصــل بيــن‬
‫الزوجيــن فــي الفــراش مــن أهــم المطالــب‪ ،‬كمــا جــاء عــن أبــي ســعيد رضــي‬
‫اللــه عنــه قــال‪ :‬قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬إن مــن أشــر النــاس‬
‫عنــد اللــه منزلــة يــوم القيامــة الرجــل يفضــي إلــى امرأتــه‪ ،‬وتفضــي إليــه‪ ،‬ثــم‬
‫ينشــر ســرها)‪ ،‬وفــي روايــة‪( :‬إن مــن أعظــم األمانــة عنــد اللــه يــوم القيامــة‬
‫الرجــل يفضــي إلــى امرأتــه‪ ،‬وتفضــي إليــه‪ ،‬ثــم ينشــر ســرها)(‪.)10‬‬

‫ولتحفــظ األســرار حتــى عــن الوالديــن واإلخــوة واألخــوات‪ ،‬وأعــز األصدقــاء‪،‬‬


‫فربمــا كان إفشــاء الســر ســببا فــي الفــراق‪ ،‬أو فســاد العشــرة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪30‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫وقـــع شـــجار بيـــن زوجيـــن فجلســـت المـــرأة تبكـــي‬


‫وفـــي هـــذهِ األثنـــاء طـــرق أهلهـــا البـــاب وقـــد أتـــوا‬
‫لزيارتهـــا فســـألوها عمـــا بهـــا فقالـــت‪ :‬جلســـت‬
‫اذكركــم فبكيــت وتمنيــت لــو أنــي أراكــم‪ ،‬فســبحان‬
‫الـــذي جمعنـــا‪ ،‬وكان الـــزوج يســـمعها وهـــي تقـــول‬
‫ذلـــك فعظمـــت فـــي عينـــه وزاد قدرهـــا فـــي قلبـــه‬
‫لحفظه ــا أس ــرار الزوجي ــة‪ ،‬واك ــرم اصه ــاره الزائري ــن‪.‬‬

‫جوال زادها‬
‫التطفيف واألنانية‬
‫يحفــظ بعــض األزواج والزوجــات ويــردد كثيــراً حديثــاً أو أحاديــث عــن رســول‬
‫اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم تكفــل حقــه لــدى شــريك حياتــه‪ ،‬ويحرصــون‬
‫علــى معرفــة مالهــم أكثــر ممــا عليهــم‪ ،‬ومثــل هــؤالء هــم فــي الواقــع أنــاس‬
‫أنانيــون ال يعنيهــم إال أنفســهم‪ ،‬وبالتالــي فإنــه ربمــا لــن يجــد الواحــد منهــم ـ‬
‫زوجــاً كان أو زوجــة ـ لنفســه مكانــاً فــي قلــب شــريكه‪.‬‬

‫أيهــا الــزوج إن الــذي قــال‪( :‬لــو أمــرت شــيئا أن يســجد لشــيء ألمــرت المــرأة‬
‫أن تســجد لزوجهــا والــذي نفســي بيــده ال تــؤدي المــرأة حــق ربهــا حتــى تــؤدي‬
‫حــق زوجهــا)(‪ ،)11‬هــو صلــى اللــه عليــه وســلم مــن قــال‪( :‬إنــي أحــرج حــق‬
‫الضعيفيــن اليتيــم والمــرأة)(‪ ، )12‬وقــال‪:‬‬

‫(استوصوا بالنساء خيراً )(‪،)13‬‬

‫ويــا أيتهــا الزوجــة إن مــن قــال‪( :‬خيركــم خيركــم ألهلــه)(‪ ،)14‬هــو صلــى اللــه‬
‫عليــه وســلم مــن قــال‪( :‬ونســاؤكم مــن أهــل الجنــة ‪ :‬الــودود الولــود العــؤود‬
‫علــى زوجهــا ؛ التــي إذا غضــب جــاءت حتــى تضــع يدهــا فــي يــد زوجهــا وتقــول‬
‫‪ :‬ال أذوق غمضــا حتــى ترضــى)(‪ ،)15‬وقــال‪( :‬إذا صلــت المــرأة خمســها‪،‬‬
‫وصامــت شــهرها‪ ،‬وحفظــت فرجهــا‪ ،‬وأطاعــت زوجهــا قيــل لهــا ادخلــي الجنــة‬
‫مــن أي أبــواب الجنــة شــئت)(‪.)16‬‬

‫فحــري بــكل مــن الزوجيــن أال يطلــب مــا لــه وهــو يعلــم مــن نفســه تقصيــراً‬
‫َب ِّينــاً فيمــا عليــه‪ ،‬بــل يبــادر إلــى إصــاح نفســه والقيــام بواجبــه ً‬
‫أوال‪.‬‬

‫ثــم إنــه ال يعــاب وال ينكــر علــى مــن يطالــب بحقوقــه إذا قــام هــو بمــا لآلخــر‬
‫عليــه مــن حقــوق‪ ،‬إذ إن مــن األزواج والزوجــات ‪ -‬وهــم قلــة ‪ -‬مــن يقــوم بــكل‬
‫مــا عليــه فيقابــل مــن شــريكه بالتقصيــر والنكــران!‬

‫والكمــال فــي ذلــك امتثــال مــا جــاء عــن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم أنــه‬
‫قــال‪ ( :‬أدوا الــذي عليكــم‪ ،‬فسيســألهم اللــه عــز وجــل عــن الــذي عليهــم)(‪.)17‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪32‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫كريمـــا‪،‬‬
‫ً‬ ‫كـــن عـــاد ًلا قبـــل أن تكـــون‬
‫فالضروريـــات تســـبق الكماليـــات‪.‬‬
‫شامفور‬
‫شاركها‪ ..‬وشاركيه‪..‬‬
‫الــزوج لــه اهتماماتــه وهمومــه الخاصــة‪ ،‬والزوجــة كذلــك‪ ،‬وربمــا كانــت‬
‫اهتمامــات أي منهمــا ال تعنــي أو ال تخــص اآلخــر بصفــة مباشــرة‪ ،‬لكــن الــذي‬
‫ينبغــي أن يكــون هــو أن يقتحــم كل مــن الــزوج والزوجــة هــذه الدائــرة علــى‬
‫اآلخــر ويشــاركه فيهــا ويقــف إلــى جنبــه ـ بالطبــع مــا لــم يكــن فــي ذلــك‬
‫مضايقــة لــه أو وقــوع فــي إثــم ـ‪.‬‬

‫إذ إن عمــل الواحــد منــا أو همــه أو اهتماماتــه جــزء منــه‪ ،‬ومشــاركتنا لــه فــي‬
‫ذلــك تزيــد مــن قربنــا منــه وتشــعره باهتمامنــا بــكل مــا يهمــه‪ ،‬وســعينا لمــا‬
‫يريحــه ويســعده‪.‬‬

‫فمــا المانــع أن تشــاركها فــي ترتيــب بعــض محتويــات الغرفة‪ ،‬وأن تشــاطرها‬
‫وأنــت ـ كذلــك ـ جميــل أن تشــاركيه همومــه وتســاعديه فــي‬ ‫ِ‬ ‫هــم العمــل‪،‬‬
‫مثــا ـ تقوميــن بنســخ التدريبــات علــى جهــاز‬‫ً‬ ‫ـ‬ ‫معلمــاً‬ ‫كان‬ ‫فلــو‬ ‫أعمالــه‪،‬‬
‫الحاســب بــدال مــن أن يقــوم هــو بذلــك‪ ،‬هــذه مجــرد أمثلــة‪ .. ،‬وهكــذا‬

‫وإليكما هذه النماذج الرائعة من البيت النبوي‪:‬‬


‫ففــي قصــة بــدء الوحــي لمــا ذهــب نبينــا محمــد صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫إلــى خديجــة وقــص عليهــا مــا حصــل لــه فــي الغــار‪ ،‬طمأنتــه‪ ،‬ثــم انطلقــت بــه‬
‫حتــى أتــت بــه ورقــة بــن نوفــل‪ ،‬ابــن عمهــا‪ ،‬وكان امــرءا تنصــر فــي الجاهليــة‪،‬‬
‫فقالــت لــه خديجــة‪ :‬يــا ابــن عــم اســمع مــن ابــن أخيــك‪ ،‬فقــال لــه ورقــة‪ :‬يــا ابــن‬
‫أخــي مــاذا تــرى؟‪ ...‬الحديــث(‪.)18‬‬

‫وســئلت عائشــة رضــي اللــه عنهــا‪ :‬مــا كان النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫يصنــع فــي بيتــه؟ قالــت‪ :‬كان يكــون فــي مهنــة أهلــه ـ تعنــي خدمــة أهلــه ـ‬
‫فــإذا حضــرت الصــاة خــرج إلــى الصــاة(‪.)19‬‬

‫وعنهــا رضــي اللــه عنهــا ـ كمــا عنــد البخــاري ـ أنهــا قالــت‪ :‬كنــت ُأ َر ِّجـ ُ‬
‫ـل(‪ )20‬رأس‬
‫رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم وأنــا حائــض(‪.)21‬‬

‫فخديجــة رضــي اللــه عنهــا تشــاركه صلــى اللــه عليــه وســلم الهــم وتذهــب‬
‫بــه إلــى ابــن عمهــا‪ ،‬وهــو صلــى اللــه عليــه وســلم يكــون فــي حاجــة أهلــه‪،‬‬
‫وعائشــة رضــي اللــه عنهــا ترجــل شــعره‪ ،‬مــا أروعهــا مــن نمــاذج‪ ،‬فليكونــوا لنــا‬
‫نبراســاً يضيــئ حياتنــا‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪34‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ـم‬
‫«المش ــاركة البارع ــة (بي ــن الزوجي ــن) م ــن أعظ ـ ِ‬
‫األس ــباب لتزكي ــة النف ــس م ــن األناني ــة الذميم ــة؛‬
‫ألنهـــا ُتشـــعر صاح َبهـــا بالســـماحة‪ ،‬الحـــب‪،‬‬
‫ـب دِ ين ــي ً‬
‫أيض ــا‪.‬‬ ‫العط ــاء‪ ،‬التضحي ــة‪ ،‬وه ــذا مط َل ـ ٌ‬
‫فعـــال‬
‫المشـــاركة الراقيـــة تســـاهم بشـــكل َّ‬
‫تخفيـــف التوتـــرات الثنائيـــة‪ ،‬كمـــا‬
‫ِ‬ ‫للغايـــة فـــي‬
‫ـل عل ــى حم ــل َّ‬
‫الط َرفي ــن عل ــى تج ــاوز‬ ‫أنه ــا تعم ـ ُ‬
‫كثيـــر مـــن األخطـــاء‪ ،‬والتغاضـــي عـــن كثيـــر مـــن‬
‫الهفـــوات»‪.‬‬
‫نور الدين قوطيط‪.‬‬
‫هم أقرب الناس إليكما‬
‫إن أهميــة صلــة الــزوج ألهلــه‪ ،‬وصلــة الزوجــة ألهلهــا‪ ،‬أمــر أوضــح مــن أن‬
‫ينبــه لــه ويحــث عليــه‪ ،‬وقــد جــاءت بــه الشــريعة‪ ،‬وعلــى المســلم أن يكــون‬
‫عونــا لغيــره علــى ذلــك‪ ،‬وهــو آثــم إن دعــا إلــى خالفــه‪ ،‬فكيــف إذا كان زوجــا أو‬
‫زوجــة‪ ،‬فحثــه علــى ذلــك مــن محبتــه واإلهتمــام بــه‪.‬‬

‫وإن مــن االهتمــام بالــزوج أو الزوجــة ـ أيضــاً ـ االهتمــام بأهلــه “أو بأهلهــا”‪،‬‬
‫فشــعور الــزوج باهتمــام زوجتــه بأهلــه وســؤالها عنهــم‪ ،‬والحــرص علــى‬
‫زيارتهــم والقــرب منهــم يــدل بطريقــة غيــر مباشــرة علــى مــا لــه مــن حــب فــي‬
‫قلبهــا جعلهــا تصــل قرابتــه‪ ،‬وهــذا يزيــد مــن حظوتهــا لديــه وحبــه لهــا‪ ،‬وكذلــك‬
‫الزوجــة إن رأت ذلــك مــن زوجهــا‪.‬‬

‫وليــس حســناً أال يشــعر الــزوج مــن زوجتــه بــأي اهتمــام بأهلــه أو تواصــل‬
‫معهــم‪ ،‬وهــي كذلــك؛ إذ الخطــاب موجــه لكليهمــا‪.‬‬

‫وأســوأ مــن ذلــك حيــن يقطــع الــزوج عالقتــه بأهــل زوجتــه أو يصــل األمــر‬
‫إلــى أن يعاديهــم‪ ،‬ومثلــه الزوجــة‪ ،‬وهــذا كلــه ممــا يفســد العالقــة بيــن‬
‫الزوجيــن ويفــرق قلبيهمــا‪ ،‬حتــى وإن رضــي الــزوج بإســاءة زوجتــه إلــى أهلــه‪،‬‬
‫أو رضيــت الزوجــة بإســاءة زوجهــا ألهلهــا‪ ،‬ألن مــن رضــي اإلســاءة إلــى أهلــه‬
‫ي بــأال يتــورع هــو عــن اإلســاءة إلــى مــن هــو أبعــد منهــم ـ وإن كان قريبــاُ ـ‬
‫حـ ِـر ٌّ‬
‫كالــزوج أو الزوجــة‪.‬‬

‫أيتهــا الزوجــة أكرمــي أهــل زوجــك‪ ،‬وفاجئيــه ببعــض الهدايــا ـ ولــو كانــت‬
‫بســيطة ـ ألمــه وأخواتــه‪ ،‬وأنــت أيهــا الــزوج افعــل مثــل ذلــك معهــا‪.‬‬

‫وأســمعها فــي أهلهــا مــا تحــب‪ ،‬واعلــم أن ثنــاءك علــى أهلهــا جــزء مــن‬
‫الثنــاء عليهــا وإشــعار لهــا برضــاك عنهــا ومحبتــك لهــا‪ ،‬وأنــت أيتهــا الزوجــة‬
‫افعلــي معــه ذلــك‪.‬‬

‫إن من يفعل ذلك‪ ،‬سيجد له أثراً طيباً بإذن الله‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪36‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫تصرفات خاطئة مع‬


‫أهل الزوج أو الزوجة‪:‬‬
‫قلة التواصـــــــــل معهم‬
‫ضعف استشـــــــــــارتهم‬
‫أن يكـــونوا آخر من يعلم‬
‫‏التعامل الرسمي معهم‬
‫السكــــــن معهم طويال‪.‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬راشد السهل‪.‬‬
‫األفراح واألتراح‬
‫يمــر كل مــن الزوجيــن بلحظــات وأيــام فــرح وأنــس‪ ،‬وكــذا لحظــات حــزن وألــم‪،‬‬
‫وينتظــر الســعيد مــن يهنئــه‪ ،‬والحزيــن مــن يواســيه‪ ،‬وأول مــن ُينتظــر منــه‬
‫المشــاركة هــو الــزوج أوالزوجــة‪ ،‬إذ فــي ذلــك داللــة واضحــة علــى الوفــاء‬
‫وصــدق الحــب‪ ،‬وفــي تــرك ذلــك تجاهــل وصــدود يفضــي إلــى تباعــد القلــوب‪،‬‬
‫وفتــور العواطــف‪.‬‬

‫وثمــة أمــر مهــم تجــب مالحظتــه؛ وهــو أنــه قــد يحصــل ألحــد الزوجيــن أمــر‬
‫يــرى أنــه بشــرى وســعادة‪ ،‬أو مصيبــة ومأســاة‪ ،‬ويكــون اآلخــر غيــر مقتنــع‬
‫بهــذه الرؤيــة‪ ،‬مثــال ذلــك‪ :‬أن تبكــي الزوجــة بســبب كالم ســمعته مــن أحــد‬
‫زميالتهــا ورأت فــي ذلــك إهانــة لهــا‪ ،‬بينمــا الــزوج يــرى أن ذلــك األمــر ال‬
‫يســتحق البــكاء‪ ،‬ففــي هــذه الحالــة ينبغــي أن يشــارك الــزوج زوجتــه مشــاعرها‬
‫ـل لألزمــة ال تكبيرهــا وتضخيمهــا‪ ،‬ألن‬
‫بالحــد المعقــول الــذي يصــل بــه إلــى حـ ٍّ‬
‫فــي مشــاركته لهــا تســلية لهــا وإعانــة لهــا علــى تجــاوز هــذا األمــر‪.‬‬

‫أي أن تجاهــل أي مــن الزوجيــن لفــرح اآلخــر أو حزنــه أمــر ال ينبغــي أن يفعلــه‬
‫كل مــن يســعى منهمــا إلــى أن يكونــا قلبــاً واحــداً ‪.‬‬

‫فالقلــب الواحــد ال يمكــن أن يحــزن بعضــه أو يفــرح‪ ،‬ويتجاهلــه البعــض األخــر‬


‫أو يســخر منــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪38‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫نحن على تحمل الغالبية من مصائبنا‬


‫أقدر منا على تحمل تعليقات‬
‫األصدقاء عليها‬
‫كولتون‬
‫في العيد ‪ ..‬أين أنتما؟‬
‫أيــام العيــد أيــام فــرح وزينــة‪ ،‬وتهنئــة وصلــة‪ ،‬هــي فرصــة لصفــاء القلــوب‬
‫وتآلفهــا‪ ،‬هــذا مــا يفتــرض أن يكــون بيــن عامــة النــاس‪ ،‬وهــو بيــن األزواج مــن‬
‫بــاب أولــى‪ ،‬ولكــن الغريــب أنــك تــرى بعــض األزواج لــم يجتمعــا فــي عيــد منــذ‬
‫ســنوات!!‪.‬‬

‫فمــن األزواج مــن يدركــه العيــد وهــو مســافر داخــل البــاد أو خارجهــا‪ ،‬ال‬
‫لشــيء إال أنــه ذهــب ليقضــي إجــازة ســعيدة !!!‪ ،‬أو حتــى لعمــل يمكــن تأجيلــه‬
‫لغيــر هــذا الوقــت‪ ،‬وقــد تــرك زوجتــه تــرى النســاء مــن حولهــا مــن قريباتهــا‪،‬‬
‫أوصديقاتهــا‪ ،‬أو جاراتهــا يقضيــن العيــد مــع أزواجهــن‪ ،‬وبقربهــم‪ ،‬فــي زيــارة‬
‫أو رحلــة أو جلســة عائليــة‪ ،‬أمــا هــي فإمــا أن تكــون قابعــة فــي بيتهــا‪ ،‬أو عنــد‬
‫أهلهــا‪ ،‬لكنهــا وإن ذهبــت معهــم إلــى مــا يذهبــون إليــه فــي العيــد‪ ،‬وإن‬
‫وجــدت فــي ذلــك ســعادة إال أن ســعادتها بقــرب زوجهــا أتــم‪.‬‬

‫وكذلــك بعــض الزوجــات ممــن اعتــدن ـ وباختيارهــن ـ أن يكــن فــي كل عيــد‬


‫بيــن أهليهــن يجلســن معهــم كل أيــام العيــد‪ ،‬وليــس ألزواجهــن أو حتــى‬
‫أهليهــم أي نصيــب مــن ذلــك‪.‬‬

‫فجميــل أن تقضيــا فــي العيــد وقتــا أطــول مــع بعضكمــا‪ ،‬وأن يصــل كل‬
‫منكمــا ـ فــي العيــد ـ أهلــه‪ ،‬وأهــل زوجــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪40‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫فـي يـوم العيـد كم هـي رائعـة قطعة‬


‫الحلوى حينمـا تكون من أحدكما لآلخر‪.‬‬
‫فيها السعادة والحياة‬
‫إن ممــا يجلــب الســعادة للزوجيــن ويؤلــف قلبيهمــا التزامهمــا بــاآلداب‬
‫الشــرعية وحرصهمــا علــى نوافــل العبــادات‪ ،‬الصــاة فــي وقتهــا‪ ،‬وصــاة‬
‫الرجــل مــع الجماعــة ـــوجوباً ـ ‪ ،‬والســنن الرواتــب‪ ،‬والوتــر‪ ،‬وصــاة الضحــى‪ ،‬كمــا‬
‫يســتحب لهمــا أال ينســيا بعــض األذكار واألدعيــة الــواردة عــن رســول اللــه‬
‫ـ صلــى اللــه عليــه وســلم ـ كأذكار الصبــاح والمســاء‪ ،‬وأذكار النــوم‪ ،‬ودعــاء‬
‫دخــول المنــزل والخــروج منــه‪ ،‬ودعــاء دخــول الخــاء‪ ،‬والخــروج منــه‪ ،‬وكفــارة‬
‫المجلــس‪ ،‬والدعــاء الــوارد إذا أراد الرجــل أن يأتــي أهلــه‪ ،‬والتســمية عنــد‬
‫الطعــام‪ ،‬والذكــر الــوارد بعــده‪ ،‬وكــذا دعــاء لبــس الجديــد مــن الثياب‪...‬الــخ‪ ،‬ويــا‬
‫ليــت كل منهمــا أن يرفــع بذلــك صوتــه؛ حتــى يذكــر اآلخــر‪ ،‬ويعلمــه‪.‬‬

‫قــال اللــه عــز وجــل‪( :‬مــن عمــل صالحــا مــن ذكــر أو أنثــى وهــو مؤمــن‬
‫فلنحيينــه حيــاة طيبــة ولنجزينهــم أجرهــم بأحســن مــا كانــوا يعملــون)(‪،)22‬‬
‫فجمــع اللــه لهــم خيــري الدنيــا واآلخــرة‪.‬‬

‫وعــن أبــي موســى رضــي اللــه عنــه عــن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫قــال (مثــل البيــت الــذي يذكــر اللــه فيــه والبيــت الــذي ال يذكــر اللــه فيــه مثــل‬
‫الحــي والميــت)(‪.)23‬‬

‫كذلــك ينبغــي أن يطهــر الزوجــان بيتهمــا مــن المحرمــات‪ ،‬ويهجــرا المعاصــي‪،‬‬


‫ألن فيهــا التعاســة والشــقاء‪ ،‬قــال ربنــا جــل شــأنه ‪:‬‬

‫(ومــن أعــرض عــن ذكــري فــإن لــه معيشــة ضنــكا ونحشــره يــوم القيامــة‬
‫أعمــى)(‪.)24‬‬

‫ويقــول أحــد الســلف‪ :‬إنــي ألعصــي اللــه فــأرى أثــر ذلــك فــي دابتــي‬
‫وزوجتــي!!‪.‬‬

‫اللهم أحينا حياة طيبة‪ ،‬واحشرنا في زمرة المتقين‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪42‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫إن كنت تسعى للسعادة فاستقم‬


‫المراد وتغدو أول من سمـا‬
‫َ‬ ‫تنل‬
‫ِ‬
‫(صفي الدين الحلي)‬
‫المنتصر في الصغائر مهزوم‬
‫إن الكبــار ال تعيقهــم العقبــات الصغيــرة‪ ،‬وهكــذا يجــب أن يكــون الزوجــان‬
‫فيمــا بينهمــا‪ ،‬فإنهمــا إن لــم يتغاضيــا ويتغافــا عــن األخطــاء الصغيــرة فــإن‬
‫العتــاب والمحاســبة ســيقضيان علــى جمــال حياتهمــا الزوجيــة‪ ،‬وســيؤوالن بهــا‬
‫أدراجهــا بالدعــاوى‪ ،‬التــي تأخــذ مكانهــا فــي طابــور‬
‫ُ‬ ‫إلــى قاعــة محاكمــة مكتظــة‬
‫االنتظــار‪ ،‬ولــن تنتهــي المحاكمــة إال بالطــاق‪ ،‬أو المــوت‪.‬‬

‫أمــا إذا كانــت القاعــدة التــي يســيران عليهــا فــي ذلــك هــي‪ :‬التغافــل‬
‫والتســامح‪ ،‬فســيجدان الســعادة والراحــة‪ ،‬وإال تعبــا فــي طلــب المســتحيل‪،‬‬
‫بشــار بــن بــرد‪:‬‬
‫علــى حــد قــول ّ‬

‫إذا كـنت فــي كل األمـــــور معــاتباً‬

‫صـديقك لم تلــق الذي ال تـعــــاتبه‬

‫فعش واحدا أو ِصل أخــــــــــاك فإنه‬

‫مقـــــارف ذنب مـــــرة ومجــــــــــــانبه‬


‫ُ‬

‫إن تجــاوز الخطــأ‪ ،‬ونســيانه والعفــو دون عتــاب‪ ،‬ودون أن يبقــى فــي النفس‬
‫منــه شــيء مرتبــة عليــا‪ ،‬نأمــل جميعــاً أن نصــل إليهــا‪ ،‬ولــو علــى األقــل مــع‬
‫األخطــاء الصغيــرة‪ ،‬فلنبــدأ بهــا‪.‬‬

‫إن الزوجيــن إذا كانــا كذلــك فإنهمــا سيعيشــان حيــاة ســعيدة‪ ،‬ملؤهــا‬
‫المــودة والرحمــة‪.‬‬

‫قال اإلمام أحمد‪ :‬تسعة أعشار العافية في التغافل‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪44‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫لئــن كان العتــاب صابــون القلــوب‪..‬‬


‫فــإن كثرته تورث جفافها وتشــققها‪.‬‬
‫الصدق‪ ..‬الصدق‪..‬‬
‫ومهما تكن عند امــرئ من خــليقة‬

‫وإن خالها تخفى على الناس تعلم‬

‫مــن يكــذب ال يكــذب إال علــى نفســه‪ ،‬والكــذب كمــا قيــل «حبلــه قصيــر»‪،‬‬
‫ومــا أســوأ أن يشــعر أي مــن الزوجيــن أن اآلخــر يكــذب عليــه‪ ،‬فيفقــد ثقتــه‬
‫فــي أقــرب النــاس إليــه‪ ،‬وال يقبــل منــه حتــى كلمــات الحــب‪ ،‬وهــذا خطــأ‬
‫يصعــب عالجــه‪ ،‬لكنــه ال يســتحيل‪ ..‬وقــد ال يكــون العــاج إال باالعتــراف‬
‫وااللتــزام بعــدم تكــراره‪.‬‬

‫كل هــذا بعيــداً عــن الحكــم الشــرعي فــي الكــذب ‪ -‬وال نبعــده ‪ -‬ويكفــي‬
‫فــي ذلــك قــول رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم فــي الحديــث الــذي رواه‬
‫عنــه عبــد اللــه بــن مســعود رضــي اللــه عنــه‪( :‬إن الكــذب يهــدي إلــى الفجــور‬
‫وإن الفجــور يهــدي إلــى النــار‪ ،‬وإن الرجــل ليكــذب حتــى يكتــب عنــد اللــه كذابــاً )‬
‫(‪ ،)25‬مــا أعظمهــا أن يكتــب أحدنــا عنــد اللــه كذابــا‪.‬‬

‫أمــا الصــدق ففيــه كل الخيــر‪ ،‬وإن لــم تكــن فيــه نجــاة الدنيــا فــإن فيــه نجــاة‬
‫اآلخــرة ( إن الصــدق يهــدي إلــى البــر‪ ،‬وإن البــر يهــدي إلــى الجنــة‪ ،‬وإن الرجــل‬
‫ليصــدق حتــى يكــون صديقــا)(‪.)26‬‬

‫بيــن العلمــاء مــا يجــوز مــن الكــذب بيــن الزوجيــن‪ ،‬وأنــه فــي نحــو ثمــن‬
‫وقــد ّ‬
‫مــا يهــدى‪ ،‬وفيمــا يديــم المــودة‪ ،‬ويطيــب الخاطــر‪ ،‬ويؤلــف القلــوب‪ ،‬ويزيــل‬
‫يضيــع حقــاً للطــرف اآلخــر‪ ،‬أو يكــون‬
‫ّ‬ ‫مفســدة متحققــة‪ ،‬أو مخوفــة‪ ،‬بشــرط أال‬
‫فيــه إخــاف للوعــد‪ ،‬أو أن يكــون فــي شــيء يتعلــق بحقــوق الغيــر‪.‬‬

‫فعــن أم كلثــوم بنــت عقبــة قالــت‪ :‬مــا ســمعت رســول اللــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم يرخــص فــي شــيء مــن الكــذب إال فــي ثــاث؛ كان رســول اللــه صلــى‬
‫اللــه عليــه وســلم يقــول ال أعــده كاذبــا الرجــل يصلــح بيــن النــاس يقــول القــول‬
‫وال يريــد بــه إال اإلصــاح والرجــل يقــول فــي الحــرب والرجــل يحــدث امرأتــه‬
‫والمــرأة تحــدث زوجهــا(‪.)27‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪46‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫الخلقة‪،‬‬ ‫الصدق ربيع القلب‪ ،‬وزكاة ِ‬


‫وثمرة المروءة‪ُ ،‬‬
‫وشعاع الضمــــــير‪.‬‬
‫(ثابت بن قرة)‬
‫خبر ال يحتمل التأخير‬
‫ـا كان عنــد النبــي صلــى اللــه عليــه‬‫عــن أنــس بــن مالــك رضــي اللــه عنــه أن رجـ ً‬
‫وســلم‪ ،‬فمــر بــه رجــل فقــال‪ :‬يــا رســول اللــه إنــي ألحــب هــذا فقــال لــه النبــي‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم‪(َ :‬أ ْعلَ ْمتَ ــه) قــال ال قــال‪( :‬أعلمــه) قــال‪ :‬فلحقــه فقــال‬
‫إنــي أحبــك فــي اللــه فقــال‪ :‬أحبــك الــذي أحببتنــي لــه (‪.)28‬‬
‫إذا كان حــب الرجــل المســلم ألخيــه مندوبــاً إلــى إظهاره‪ ،‬ومشــروعاً له إخباره‬
‫بــه؛ بــل والمبــادرة إلــى ذلــك وعــدم تأخيــره إذ جــاء فــي إحــدى روايــات الحديــث‬
‫عنــد اإلمــام أحمــد‪( :‬قــم فأعلمــه)؛ لمــا فــي ذلــك مــن إدخــال الســرور‪ ،‬وجمــع‬
‫القلــوب المؤمنــة علــى قلــب واحــد؛ إذا كان األمــر كذلــك فــإن مشــروعية‬
‫إخبــار أي مــن الزوجيــن لآلخــر بحبــه لــه مــن بــاب أولــى؛ ألن فــي ذلــك تحقيقــا‬
‫لمــا شــرع لــه االرتبــاط بينهمــا مــن األلفــة‪ ،‬وألن اإلســام يســعى إلــى توثيــق‬
‫أواصرهــا‪ ،‬وفــي ذلــك كمــا فــي غيــره إزالــة مــا قــد يكــون فــي النفــس مــن‬
‫عتــب أو نقــص حــب ونحــوه‪ ،‬ويــزداد الترابــط بينهمــا وتتقــارب قلوبهمــا‪ ،‬سـ ّـيما‬
‫أن الشــيطان كثيــراً مــا يفســر ألحــد الزوجيــن بعــض تصرفــات اآلخــر علــى أنهــا‬
‫نابعــة مــن عــدم المحبــة واالحتــرام لــه‪.‬‬
‫فأخبرها بالحب وأخبريه‪.‬‬
‫وينبغــي أال يكــون كالمــاً مجــرداً ‪ ،‬اعتــاد‪ ،‬أو اعتــادت ســماعه حتــى صــار روتينياً‬
‫ال معنــى لــه‪ ،‬بــل ليكــن متجــدداً ونابعــاً مــن القلــب ليدخــل القلــب وليكــن‬
‫فــي األوقــات المناســبة‪ ،‬وبعبــارات عاطفيــة‪ ،‬ومتنوعــة مصحوبــة باالبتســامة‬
‫الحانيــة‪ ،‬والنظــرة الدافئــة‪.‬‬
‫ولنتأمــل معــاً هــذا الحديث‪:‬عــن عمــرو بــن العــاص رضــي اللــه عنــه أن النبــي‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم بعثــه علــى جيــش ذات السالســل‪ ،‬قــال‪ :‬فأتيتــه‬
‫فقلــت‪ :‬أي النــاس أحــب إليــك ؟ قــال‪( :‬عائشــة)‪ ،‬قلــت‪ :‬مــن الرجــال؟ قــال‪(:‬‬
‫ـكت مخافــة أن يجعلنــي‬ ‫أبوهــا) ‪ ،‬قلــت ثــم مــن؟ قــال‪( :‬عمــر)‪ ،‬فعــد رجــاال فسـ ُّ‬
‫فــي آخرهــم(‪.)29‬‬
‫فلئــن كان هــذا القائــد الشــجاع المعــدود مــن دهــاة العــرب يعنيــه هــذا األمــر‬
‫‪ ،‬فــأن يعنــي الزوجيــن مــن بــاب أولــى‪ ،‬ثــم إن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم لــم يجــد أدنــى حــرج فــي التصريــح بحبــه لزوجتــه عائشــة رضــي اللــه‬
‫عنهــا‪.‬‬
‫وجــود الحــب وحــده اليكفــي‪ ،‬بــل البــد مــن التعبيــر عنــه بالطريقــة التــي‬
‫يفهمهــا الطــرف اآلخــر‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪48‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬
‫بضعة مني‬
‫قــد يكــون لزوجــك أو زوجتــك أوالد مــن غيــرك‪ ،‬فإكرامــك لهــم إكــرام‬
‫لشــريك الحيــاة‪ ،‬ووســيلة مــن وســائل التقــرب إليــه‪ ،‬وكســب قلبــه‪ ،‬وهــو‬
‫أيضــاً مــن األعمــال الصالحــة التــي يرجــو المســلم أجرهــا وبركتهــا فــي حياتــه‬
‫وبعــد مماتــه‪.‬‬

‫ويســيء لنفســه مــن يســيء ألبنــاء أو بنــات شــريك الحيــاة‪ ،‬إذ إن إســاءته‬
‫إليهــم تقلــل مــن قــدره فــي قلــب شــريكه وحبــه لــه‪.‬‬

‫فــي المتفــق عليــه عــن المســور بــن مخرمــة رضــي اللــه عنــه قــال‪ :‬قــال‬
‫رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬إنمــا ابنتــي ‪ -‬يعنــي فاطمــة ‪ -‬بضعــة‬
‫منــي يريبنــي مــا رابهــا ويؤذينــي مــا آذاهــا)‪.‬‬

‫إذا كان ثناؤنــا علــى مقتنيــات شــريكنا يدخــل الســرور علــى قلبــه‪ ،‬وانتقادنــا‬
‫لهــا يحزنــه ويضايقــه‪ ،‬فــإن مــا يتعلــق بابنــه أو ابنتــه أكبــر أثــراً ‪.‬‬

‫حب من يكره بعضي‪.‬‬


‫وال تلمني فأنا ال أصدق ّ‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪50‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«من يحب الشجرة يحب األغصان»‬


‫موليير‪.‬‬
‫التقارب الجسدي‬
‫عــن أنــس رضــي اللــه عنــه قــال‪ :‬كان النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫إذا لقــي الرجــل فكلمــه لــم يصــرف وجهــه عنــه حتــى يكــون هــو الــذي‬
‫ينصــرف‪ ،‬وإذا صافحــه لــم ينــزع يــده مــن يــده حتــى يكــون هــو الــذي‬
‫ينزعهــا‪ ،‬ولــم ُيــر متقدمــاً بركبتيــه جليســا لــه قــط (‪.)30‬‬

‫وقــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪ :‬تصافحــوا يذهــب‬


‫الغــل(‪.)31‬‬

‫وعــن أنــس رضــي اللــه عنــه قــال‪ :‬كان أصحــاب النبــي صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم إذا تالقــوا تصافحــوا‪ ،‬وإذا قدمــوا مــن ســفر تعانقوا(‪.)32‬‬

‫كل هــذه الشــواهد‪ ،‬وغيرهــا تــدل علــى مــا للتقــارب الجســدي مــن‬
‫أثـ ٍـر بالــغ فــي تقــارب القلــوب‪ ،‬وتآلفهــا‪ ،‬بيــن اإلخــوة‪ ،‬وهــو كذلــك بيــن‬
‫الزوجيــن مــن بــاب أولــى‪ ،‬وحاجتهمــا إليــه أكبــر‪.‬‬

‫ولكــي يــؤدي هــذا التقــارب بيــن الزوجيــن أثــره اإليجابــي يجــب أن‬
‫يحــذر كل مــن الزوجيــن أن يكــون جســمه غيــر نظيــف‪ ،‬أو تنبعــث‬
‫منــه رائحــة غيــر مرغوبــة تــؤذي الطــرف اآلخــر‪ ،‬أو يــرى عليــه مالبــس‬
‫متســخة‪ ،‬أو تقصيــرا فــي العنايــة بالمظهــر‪ ،‬بــل علــى العكــس يجــب‬
‫أن يحرصــا علــى النظافــة‪ ،‬والرائحــة الزكيــة العطــرة‪ ،‬وحســن المظهــر‪.‬‬

‫أمــا حــال حبيبنــا وقدوتنــا صلــى اللــه عليــه وســلم ـ فــي ذلــك ـ‬
‫فتحدثنــا عنهــا أزواجــه رضــوان اللــه عليهــن‪.‬‬

‫فعــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا‪ ،‬قالــت كنــت أغتســل أنــا والنبــي‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم مــن إنــاء واحــد تختلــف أيدينــا فيــه(‪.)33‬وكان‬
‫يأمرنــي فأتــزر فيباشــرني وأنــا حائــض وكان يخــرج رأســه إلــي وهــو‬
‫معتكــف فأغســله وأنــا حائــض(‪.)34‬‬

‫وعــن أم ســلمة رضــي اللــه عنهــا قالــت‪ :‬حضــت وأنــا مــع النبــي صلــى‬
‫اللــه عليــه وســلم فــي الخميلــة فانســللت فخرجــت منهــا‪ ،‬فأخــذت‬
‫ثيــاب حيضتــي‪ ،‬فلبســتها‪ ،‬فقــال لــي رســول اللــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم‪ (:‬أنَ ِف ْســتِ ؟) قلــت‪ :‬نعــم‪ ،‬فدعانــي‪ ،‬فأدخلنــي معــه فــي‬
‫الخميلــة(‪.)35‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪52‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫عــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا قالــت‪( :‬توفــي النبــي صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم فــي بيتــي‪ ،‬وفــي يومــي‪ ،‬وبيــن ســحري ونحــري)(‪.)36‬‬

‫ثــم تأمــا هــذا الحديــث‪ ،‬ومــا فيــه مــن بيــان ألهميــة التقــارب بيــن‬
‫الزوجيــن‪ ،‬وتأليــف قلبيهمــا؛ قــال النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‪:‬‬

‫(ونســاؤكم مــن أهــل الجنــة ‪ :‬الــودود الولــود العــؤود علــى زوجهــا‬


‫؛ التــي إذا غضــب جــاءت حتــى تضــع يدهــا فــي يــد زوجهــا وتقــول‪ :‬ال‬
‫أذوق غمضــا حتــى ترضــى)(‪.)37‬‬

‫تأمــا‪( :‬جــاءت حتــى تضــع يدهــا فــي يــد زوجهــا)‪ ،‬إنهــا حركــة جميلــة‬
‫تتحــرك معهــا المشــاعر‪ ،‬فتتقــارب علــى إثــر ذلــك القلــوب‪ ،‬وتصفــو‪.‬‬
‫بنك الحب‬
‫فــي يــوم زواجكمــا يفتــح كل واحــد منكمــا لديــه حســابا خاصــاً فــي بنكــه‬
‫العاطفــي باســم شــريك حياتــه‪ ،‬ومنــذ تلــك اللحظــة يســجل لــه فــي حســابه‬
‫عمليــات اإليــداع والســحب‪ ،‬المتمثلــة فــي كل تصــرف يصــدر منــه‪.‬‬

‫فــكل فعــل أو قــول جميــل يقــوم بــه الــزوج هــو عمليــة إيــداع فــي حســابه‬
‫فــي بنــك زوجتــه‪ ،‬يــزداد معــه حبهــا لــه‪ ،‬وكل فعــل أو قــول ســيء يقــوم‬
‫بــه هــو عمليــة ســحب ينقــص معهــا حســابه ويقــل حبهــا لــه‪ ،‬وكــذا كل عمــل‬
‫تقــوم بــه هــي تجاهــه‪ ،‬ســواء بســواء‪.‬‬

‫وقــد تنقلــب عمليــة اإليــداع إلــى عمليــة ســحب‪ ،‬والعكــس‪ ،‬ومثــال األولــى‬
‫أن يســافر الــزوج بزوجتــه فهــذه عمليــة إيــداع لكــن يحولهــا إلــى عمليــة ســحب‬
‫ـدر‪ ،‬وينغــص هــذا التفضــل بمنّ ــة‪ ،‬ومثــال الثانيــة حيــن تخطــئ الزوجــة‬
‫حينمــا ُيكَ ـ ِّ‬
‫علــى زوجهــا فــإن هــذه عمليــة ســحب‪ ،‬تحولهــا باالعتــراف بالخطــأ واالعتــذار‬
‫عنــه إلــى إيــداع‪ ،‬وهــذا مــا يمكــن أن يســمى قلــب الرصيــد أو العمليــة‪.‬‬

‫وبحسب أهمية ودرجة القول أو العمل يكون حجم اإليداع‪.‬‬

‫المهــم أن نتعاهــد هــذا الحســاب ونزيــد حجــم اإليداعــات ونحافــظ عليهــا مــن‬
‫أن يحرقهــا تصــرف غيــر جيــد أو قــول مــؤذ‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪54‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قال اهلل جل شأنه‪:‬‬


‫(قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى)‬
‫(سورة البقرة‪)236 :‬‬
‫جرح غائر‬
‫أقصــد بذلــك بعــض الكلمــات الجارحــة والتــي تتعلــق بمشــاعر القائــل تجــاه‬
‫المقولــة لــه‪ ،‬فيفهــم منهــا مــن يســمعها عــدم انســجام قائلهــا معــه وعــدم‬
‫قبولــه لــه‪ ،‬فيقولهــا الــزوج للزوجــة‪ ،‬أو تقولهــا الزوجــة للــزوج مثــل‪« :‬ال أحبــك»‬
‫‪“ ،‬ليتنــي قبلــت بفــان ـ أو فالنــة ـ إذاً لكانــت حياتــي ســعيدة” ‪ »،‬ليــس لــك‬
‫ـا أو خاطئــاً »‪« ،‬العيــش‬
‫فــي قلبــي نصيــب» ‪ « ،‬االقتــران بــك كان قــراراً متعجـ ً‬
‫معــك ال يطــاق»‪« ،‬أنــا صبــرت عليــك وبقيــت معــك مــن أجــل األوالد» ‪ .‬وغيرها‬
‫ممــا هــو أشــد أو أقــل ولــه أثــره الســلبي علــى النفــس‪.‬‬

‫إن هــذه الكلمــات تزيــل الشــعور باألمــان بيــن الزوجيــن‪ ،‬وتســلب مــا تبقــى‬
‫لــكل منهمــا فــي قلــب اآلخــر‪ ،‬مــع أن هــذا الــكالم ال يصــدر ـ غالبــاً ـ عــن قناعــة‬
‫وإنمــا يخــرج فــي فــورة غضــب ونتيجــة لتصــرف آنــي‪ ،‬لكــن المؤســف أن هــذا‬
‫ال يبــرره وال يمنــع مــن أن يكــون ســبباً فــي تباعــد القلــوب‪ ،‬بــل ربمــا أدى‬
‫إلــى تفــارق األجســاد أعنــي بالطــاق‪ ،‬حيــن يســتقبلها الطــرف اآلخــر‪ ،‬ويبنــي‬
‫عليهــا كثيــراً مــن التصرفــات تجاهــه‪.‬‬

‫ورب كلمــة قالــت لصاحبهــا دعنــي‪ ،‬وكــم مــن كلمــة تمنــى قائلهــا لــو أن‬
‫األرض انشــقت وابتلعتــه ولــم يتفــوه بهــا‪.‬‬

‫لعلنــا ننتهــي فــي هــذه الفقــرة إلــى أنــه ال شــيء أجمــل مــن الصمــت حــال‬
‫الغضــب‪ ،‬إن لــم يكــن ثمــة اعتــذار‪ ،‬ولنؤجــل الحــوار إلــى حيــن هــدوء العاصفــة‬
‫لنكــون أكثــر حكمــة وعقالنيــة‪.‬‬

‫وربما كان الحل في مغادرة المكان فوراً حتى تهدأ النفس‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪56‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫وسائل التفريغ اإليجابي للغضب‪:‬‬


‫االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم‪( .‬مسلم)‬
‫السكوت‪« .‬وإذا غضب أحدكم فليسكت» (مسند أحمد)‬
‫حفظ وصية الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬ال تغضب»‪( .‬البخاري)‬
‫«مـــن كظـــم غيظـــه خيـــره اهلل علـــى رؤوس الخالئـــق بيـــن الحـــور يـــوم‬
‫القيامـــة» (الترمـــذي وابـــن ماجـــة وأبـــو داود وأحمـــد)‬
‫معرفـــة أن رد الغضـــب مـــن صفـــات المتقيـــن والمحســـنين‪ ... « :‬أعـــدت‬
‫للمتقيـــن‪ ،‬الذيـــن ينفقـــون فـــي الســـراء والضـــراء والكاظميـــن الغيـــظ‬
‫والعافيـــن عـــن النـــاس واهلل يحـــب المحســـنين» ( آل عمـــران‪)134-133 :‬‬
‫ومقعدته (الترمذي)‪.‬‬ ‫اإلقبال على الصالة فهي ِكفل الشيطان ُ‬
‫رد الغضـــب صفـــة كمـــال‪ « :‬ليـــس الشـــديد بالصرعـــة‪ ،‬إنمـــا الشـــديد الـــذي‬
‫يملـــك نفســـه عنـــد الغضـــب» (متفـــق عليـــه)‬
‫كظ ــم الغي ــظ هلل أم ــر يحب ــه رس ــول اهلل صل ــى اهلل علي ــه وس ــلم‪« :‬م ــا م ــن‬
‫جرع ــة أح ــب إل ــي م ــن جرع ــة غي ــظ يكظمه ــا عب ــد هلل» (أحم ــد)‪.‬‬
‫مثالية كاذبة‬
‫ابتلــي بعــض األزواج والزوجــات بمشــاهدة المسلســات التــي تصــور‬
‫لهــم عالقــة الممثــل بالممثلــة علــى أنهــا عالقــة ملؤهــا الحــب والرومانســية‪،‬‬
‫خاليــة مــن المشــكالت والمنغصــات‪ ،‬فينظــر إليهــا الــزوج أو الزوجــة نظــرة‬
‫مثاليــة‪ ،‬فيقارنهــا أو تقارنهــا الزوجــة بحالهمــا‪ ،‬فتكــون ســبب تحــول ســلبي‬
‫فــي حياتهمــا الزوجيــة التــي لــم تصــل إلــى هــذه الصــورة التــي يريانهــا فــي‬
‫المسلســل‪.‬‬

‫أخــي الــزوج‪ ،‬أختــي الزوجــة‪ ..‬إن مــا تشــاهدانه إنمــا هــو هــراء و (تمثيــل)‪،‬‬
‫و إال فلــو نظرنــا إلــى الحيــاة الزوجيــة لهــؤالء الممثليــن أنفســهم لوجدنــا أن‬
‫كثيــراً منهــم قــد فشــل فــي حياتــه الزوجيــة‪ ،‬بــل إن عــدداً منهــم فشــل أكثــر‬
‫مــن مــرة‪.‬‬

‫وثمــة صــورة ســيئة أخــرى تغرســها بعــض المسلســات فــي نفــوس‬


‫مشــاهديها‪ ،‬وهــي تصويــر الحيــاة الزوجيــة علــى أنهــا حيــاة شــك‪ ،‬وخيانــات‪،‬‬
‫وأن الحــب فيهــا كاذب‪ ،‬فمثــا تغــرس فــي (الشــعور الداخلــي) عنــد المــرأة أن‬
‫الرجــل دائمــاً يكــذب فــي عواطفــه‪ ،‬وتغــرس عنــد الرجــل أن المــرأة أنانيــة‪ ،‬أو‬
‫تهتــم بأموالــه فقــط‪ ،‬وغيــر ذلــك‪.‬‬

‫فاحــذرا مشــاهدة هــذه المسلســات‪ ،‬لمــا فيهــا مــن المحاذيــر الشــرعية غيــر‬
‫الخافيــة‪ ،‬ولمــا تســببه مــن أثــر ســلبي علــى عالقتكمــا الزوجيــة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪58‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫فقط أمام الكاميرا‬


‫يمكن أن يبتسم العدو لعدوه!!‬
‫عززا هذه الخصال‬
‫إن كل واحــد مــن البشــر مهمــا كان صالحــاً فإنــه ال يخلــو مــن نقــص‪ ،‬وتلــك‬
‫ـا كان أو امــرأة‬
‫ســمة بنــي آدم‪ ،‬فالكمــال للــه وحــده‪ ،‬كــذا فــإن كل إنســان؛ رجـ ً‬
‫لــن تعــدم فيــه صفــة حســنة مهمــا بلــغ مــن ســوء الطبــاع‪.‬‬

‫فهــل فكرنــا يومــاً مــا فــي تلمــس الصفــات اإليجابيــة فــي شــريك الحيــاة‪،‬‬
‫وأثنينــا علــى تلــك الصفــات وشــجعنا صاحبهــا‪ ،‬وعززناها في نفســه‪ /‬نفســها‪.‬‬

‫إن ذلــك يدفــع الطــرف اآلخــر للتمســك بهــا والســعي الكتســاب المزيــد مــن‬
‫الصفــات الحســنة‪ ،‬وتطهيــر النفــس ممــا يضادها‪.‬‬

‫هــل تأملــت يومــاً ذلــك الشــخص الــذي يشــعل الفحــم ليشــوي فوقــه‬
‫اللحــم‪ ,‬إنــه يعمــد إلــى الجهــة المشــتعلة فينفــخ فيهــا لتــزداد مســاحتها‪ ،‬ولــو‬
‫عمــد إلــى األخــرى النطفــأت النــار ولــم يتحقــق لــه المــراد‪ ،‬وكذلــك انتمــا اعمدا‬
‫إلــى جهــة اإليجابيــات فانفخــا فيهــا لتــزداد وتتضــاءل جهــة األخطــاء والســلبيات‪.‬‬

‫قــال حبيبنــا صلــى اللــه عليــه وســلم ألشــج عبــد القيــس “إن فيــك خصلتيــن‬
‫يحبهمــا اللــه‪ :‬الحلم واألنــاة”(‪.)38‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪60‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫عن ابن مســعود أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬


‫وســلم قــال‪( :‬وال شــيء أحــب إليــه المــدح‬
‫مــن اهلل ولذلــك مــدح نفســه)‪ .‬متفــق عليه‪.‬‬
‫اغمروها في بحر الحسنات‬
‫يحدثــك عنهــا‪ ،‬وتحدثــك عنــه‪ ،‬وكأن كل منهمــا يتحــدث عــن شــيطان‪ ،‬ذلــك‬
‫ـاض جميــل فــي العالقــة‪ ،‬وعــن كل‬ ‫أن مشــكلة طــرأت فأعمتهمــا عــن كل مـ ٍ‬
‫موقــف نبيــل مــن الطــرف اآلخــر‪.‬‬
‫أتفعــل هــذا كلــه مشــكلة صغيــرة كانــت أو كبيــرة‪ ،‬أم أنــه اإلجحــاف أزاح‬
‫اإلنصــاف‪.‬‬
‫قليــل مــن العــدل بيــن الزوجيــن المتخاصميــن يفتــح آفاقــا كبيــرة لإلصــاح‬
‫وترميــم العالقــة‪.‬‬
‫ـت عــدة مجالــس لإلصــاح بيــن أزواج متخاصميــن فلــم أجد عــدوا للصلح‬ ‫جلسـ ُ‬
‫مثــل التركيــز علــى األخطــاء‪ ،‬وتضخيمها‪ ،‬وتجاهل اإليجابيــات‪ ،‬وتقزيمها‪.‬‬
‫عنــد الغضــب والخصومــة تغيــب محاســن الخصــم‪ ،‬حيــث يســعى الشــيطان‬
‫لصرفنــا عنهــا‪ ،‬ويقــرب األخطــاء إلــى عيوننــا فتغطــى مجــال الرؤيــة لدينــا‬
‫فنعتقــد ضخامــة األخطــاء بحجــم مــا غطــت مــن الحقائــق ال بحجمهــا هــي‪ ،‬أي‬
‫األخطــاء‪.‬‬
‫وثمــت أمــور تســاعدنا علــى البعــد عــن التجنــي والفجــور فــي الخصومــة أثنــاء‬
‫الخالفــات الزوجيــة‪ ،‬منهــا الدعــاء؛ ولــذا كان مــن دعــاء المصطفــى صلــى اللــه‬
‫عليــه وســلم «وأســألك كلمــة الحــق فــي الرضــا والغضــب»‪ ،‬ومنهــا الســكوت‬
‫حــال الغضــب‪ ،‬ومنهــا تعويــد النفــس علــى التركيــز أثنــاء الرضا علــى اإليجابيات‪،‬‬
‫والشــكر عليهــا‪ ،‬ومنهــا تذكــر أن اللــه سيحاســبنا علــى كل مــا نتلفــظ بــه‪.‬‬
‫أقتــرح علــى كل منكمــا أن يحضــر ـ اآلن ـ ورقــة وقلمــاً ويكتــب كل الصفــات‬
‫اإليجابيــة لآلخــر‪ ،‬ويحتفــظ بهــا‪ ،‬فــإذا وقــع خطــأ مــن اآلخــر‪ ،‬أو خــاف معــه‪،‬‬
‫فصــار ال يــرى ســوى هــذا الخطــأ وال يتذكــر شــيئاً مــن حســناته وإيجابياتــه‬
‫أخــرج ورقــة وكتــب فيهــا هــذه الســلبيات‪ ،‬ثــم أخــرج أخــرى وكتــب اإليجابيــات‪،‬‬
‫ثــم أخــرج ورقــة اإليجابيــات التــي كتبهــا حــال الرضــا‪ ،‬الشــك أن كثيــراً منهــم‬
‫ســيفاجأ أنــه عنــد الخصومــة نســي كثيــراً مــن إيجابيــات اآلخــر‪ ،‬وأن إيجابياتــه‬
‫أكثــر مــن ســلبياته‪.‬‬
‫ثــاث مــن جمعهــن فقــد جمــع‬ ‫ٌ‬ ‫تعليقــا عــن عمــار قــال ‪« :‬‬
‫ً‬ ‫روى البخــاري‬
‫اإليمــان» وذكــر منهــن‪« :‬اإلنصــاف مــن نفســك» والحديــث رواه أصحــاب‬
‫الســنن‪.‬‬
‫إذا كان اللــه أوصــى الزوجيــن بعــد انفصالهمــا بالطــاق بقولــه (والتنســوا‬
‫الفضــل بينكــم‪ ،‬إن اللــه بمــا تعملــون بصيــر) فالوصيــة للزوجيــن المرتبطيــن‬
‫مــن بــاب أولــى‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪62‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قال الشاعر ‪:‬‬


‫ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها‬
‫كفى المرء نب ً‬
‫ال أن ُتعد معايبه‬
‫رسائل مكتوبة‬
‫الرســائل العاطفيــة المكتوبــة بيــن الزوجيــن هــي مــن الوســائل التــي‬
‫تزيــد مــن تآلفهمــا‪ ،‬وتعبــر عــن حــب المرســل لمــن أرســلت إليــه‪ ،‬وســعادته‬
‫باالرتبــاط بــه‪ ،‬وبهــا تُ غتفــر الهفــوات وتُ نســى الــزالت‪ ،‬وأجملهــا مــا يكــون‬
‫عفويــاً بأســلوب المرســل نفســه‪.‬‬

‫ويســتطيع الزوجــان أن يبدعــا فــي صياغتهــا تعبيــراً عمــا فــي قلوبهمــا‪،‬‬


‫ومــن الوســائل فــي ذلــك‪ :‬رســائل الهاتــف الجــوال‪ ،‬وكذلــك إذا كان الزوجــان‬
‫يســتخدمان جهــاز حاســب آلــي واحــد يفاجــئ أحدهمــا اآلخــر بوضــع رســالة حــب‬
‫علــى شــكل خلفيــة لشاشــة الحاســب فيراهــا اآلخــر بعدمــا يقــوم بتشــغيل‬
‫الحاســب‪ ،‬ومنهــا‪ :‬الكتابــة علــى مــرآة غرفــة النــوم‪ ،‬والبطاقــات المرســومة‬
‫فتوضــع علــى الوســادة فــي غرفــة النــوم‪ ،‬أو تســلم باليــد‪ ،‬أو توضــع مــع‬
‫هديــة أو مــع المالبــس أو فــي حقيبــة الســفر أو مــع الطعــام‪ ،‬أو تســلم‬
‫عــن طريــق أحــد األوالد‪ ،‬أو حتــى ترســل بالبريــد العــادي أو االلكترونــي‪،‬‬
‫هــذه مجــرد أمثلــة‪ ،‬وإال فالزوجــان يســتطيعان اســتخدام وســائل أخــرى ربمــا‬
‫كانــت ذات طرافــة كمــا فعلــت إحــدى الزوجــات حينمــا أغضبــت زوجهــا فــي‬
‫أمــر مــا فخــرج مــن البيــت‪ ،‬فقامــت بأخــذ قطعــة مــن الكرتــون وكتبــت عليهــا‪:‬‬
‫“أنــا آســفة” وعلقتهــا بخيــط علــى صــدر طفلهــا‪ ،‬فلمــا جــاء الــزوج رأى ذلــك‬
‫فرضــي عنهــا‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪64‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫يذكـــر أن علـــي بـــن أبـــي طالـــب رضـــي اهلل عنـــه‬


‫دخـــل علـــى زوجتـــه فاطمـــة الزهـــراء رضـــي اهلل‬
‫عنه ــا بن ــت خي ــر البش ــر محم ــد ب ــن عب ــد اهلل صل ــى‬
‫اهلل علي ــه وس ــلم فرآه ــا تس ــتاك بس ــواك م ــن أراك‬
‫فقـــال ‪:‬‬
‫األراك بثغرها‬
‫ِ‬ ‫حظيت يا عود‬
‫َ‬
‫أراك‬ ‫أما خفت يا عود األراك‬
‫لو كنت من أهـل القتال قتلتك‬
‫س َ‬
‫واك‬ ‫س ُ‬
‫واك ِ‬ ‫ما فـاز منـي يا ِ‬
‫ضغط نفسي‬
‫“كال واللــه مــا يخزيــك اللــه أبــدا إنــك لتصــل الرحــم وتحمــل الــكل وتكســب‬
‫المعــدوم وتقــري الضيــف وتعيــن علــى نوائــب الحــق”‬

‫أم المؤمنيــن خديجــة بنــت خويلــد ُم َســلية لمحمــد رســول اللــه صلــى اللــه‬
‫عليــه وســلم(‪.)39‬‬

‫مــا أروع هــذا األســلوب مــن ُأ َّمنــا رضــي اللــه عنهــا‪ ،‬وكــم كان لــه مــن األثــر‬
‫فــي تخفيــف الــروع عــن حبيبنــا صلــى اللــه عليــه وســلم بعــد نــزول الوحــي‬
‫عليــه ألول مــرة‪.‬‬

‫فكأنما كلــماتها فـــي لـــينـهـــا‬

‫سحر بيان(‪)40‬‬
‫ُ‬ ‫شهد وفي التأثير‬
‫ٌ‬

‫وإن مــن الطبيعــي أن يتعــرض أي مــن الزوجيــن لضغــوط الحيــاة المختلفــة‪،‬‬


‫ممــا قــد يكــون لــه األثــر الســلبي علــى حالتــه النفســية‪ ،‬وعالقتــه بغيــره فتــرة‬
‫مــن الوقــت‪ ،‬وفــي هــذه الحالــة يكــون أحــوج مــا يكــون إلــى مــن يقــف بجانبــه‬
‫ويراعــي ظرفــه‪ ،‬ومــن هــذه األوقــات والحــاالت حينمــا يكــون الــزوج فقيــراً ‪،‬‬
‫أو يبحــث عــن عمــل ولــم يجــد‪ ،‬أو عليــه ديــن قــد أثقــل كاهلــه‪ ،‬أو يكــون أي‬
‫منهمــا مريضــاً ‪ ،‬أو فشــل فــي تجــارة‪ ،‬أو عمــل‪ ،‬أو حيــن يمــر أحدهمــا ببعــض‬
‫المشــكالت الشــخصية فــي العمــل أو مــع أحــد األقــارب‪ ،...‬ففــي هــذه الحالــة‬
‫يجــب ـ كمــا أســلفنا ـ أن يقــف شــريكه بجانبــه حتــى يتخطــى هــذا الظــرف‪،‬‬
‫وتلــك المشــكلة‪.‬‬

‫ثــم إنــه يجــب أن نصفــح عــن األخطــاء التــي تقــع مــع مــن يمــر بظــرف مــا‪ ،‬إذ‬
‫قــد يكــون لهــذا الظــرف أثــر علــى تصرفاتــه فيتصــرف بطريقــة لــم تعهــد منــه‬
‫فــي غيــر هــذا الظــرف‪.‬‬

‫كاّل مــن الزوجيــن أن يحــرص علــى أال يســقط‬ ‫مــع هــذا‪ ..‬فإنــي أحــث ّ ً‬
‫مشــاكله الشــخصية علــى عالقتــه الزوجيــة‪ ،‬ألن الطــرف اآلخــر قــد ال يتحمــل‬
‫خطــأه‪ ،‬فيكــون ذلــك ســبباً لتباعــد القلــوب‪ ،‬وتنافــر النفــوس‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪66‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫“رياح المشـــكالت تهب على الجميع ‪ ،‬وتمأل نفوســـهم‬


‫حينها بـ(غبار) الحزن ‪..‬لكن هنـــاك من يحاول (تمديد)‬
‫الحزن ‪ ،‬وهناك من يحـــاول (تبديد) الحزن”‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالعزيز المقبل‪.‬‬
‫بعد العمل‬
‫ــد الوقــت الــذي يلــي قــدوم أي مــن الزوجيــن مــن العمــل وقتــا لــه‬ ‫ُي َع ُّ‬
‫حساســيته؛ حيــث إن القــادم مــن العمــل يكــون متعبــاً ال يــروق لــه أن َيســمع‬
‫أي طلــب‪ ،‬بــل إنــه ينتظــر ســماع الكلمــات التــي تُ ذهــب عنــه عنــاء العمــل‬
‫ومشــقته‪ ،‬فليتجنــب الزوجــان اللــوم والعتــاب والطلــب فــي هــذا الوقــت‪.‬‬

‫فقــد أشــارت دراســة أعــدت فــي إحــدى دول الخليــج إلــى أن أكثــر حــاالت‬
‫الطــاق تحصــل فــي وقــت الظهيــرة بعــد العمــل!‬

‫وأنــت أيهــا الــزوج إذا كانــت زوجتــك تعمــل‪ ،‬فينبغــي عليــك أن تراعــي‬
‫نفســيتها بعــد العمــل‪ ،‬كمــا يجــب ذلــك عليهــا (ولهــن مثــل الــذي عليهــن)(‪.)41‬‬

‫ونصيحتــي للزوجــات أن يحرصــن علــى تهيئــة الجــو المناســب لــأزواج بعــد‬


‫قدومهــم مــن العمــل‪ ،‬ألن هــذا يشــعرهم باهتمامهــن بهــم‪ ،‬وحرصهــن‬
‫علــى راحتهــم‪.‬‬

‫وأكمــل األحــوال هــي حــال أولئــك األزواج والزوجــات الذيــن يخلعــون معطــف‬
‫العمــل وأتعابــه عنــد الخــروج مــن العمــل‪ ،‬ويلتقــون أزواجهــم وزوجاتهــم‬
‫بوجــوهٍ بشوشــة‪ ،‬وأنفــس مطمئنــة‪ ،‬وصــدور متســعة‪..‬‬

‫أعتقد أننا نستطيع ـ بإذن الله ـ أن نكون مثلهم‪ ،‬فلنعود أنفسنا‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪68‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قال تعالى‪:‬‬
‫( ومـن آياتـه أن جعـل لكـم مـن‬
‫أنفسـكم أزواجًا لتسكنوا إليها)‬
‫سورة الروم‪21 :‬‬
‫إنها نصف الحقيقة‬
‫تســمعين فــي بعــض المجالــس مــن تثنــي علــى زوجهــا بأنــه إنســان طيــب‪،‬‬
‫وكريــم‪ ،‬وحســن الخلــق‪ ،‬و‪ ..‬و‪ ..‬و‪ ،..‬وتســمع أنــت أيهــا الــزوج ـ أيضــاً ـ مثــل هــذا‬
‫الــكالم مــن زوج عــن زوجتــه‪.‬‬

‫إن مــا يقولــه هــذا الــزوج‪ ،‬وتقولــه تلــك الزوجــة هــو شــيء يحكــي واقعــاً‬
‫حقيقيــاً يعيشــانه‪ ،‬لكــن مــا أود اإلشــارة إليــه هــو أن هــذا الــكالم ـ غالبــاً ـ‬
‫هــو نصــف الحقيقــة وليــس الحقيقــة كلهــا‪ ،‬فــا يزهدكمــا الشــيطان فــي‬
‫أزواجكــم ـ حينمــا تســمعان هــذا الــكالم ـ‪ ،‬فالــزوج والزوجــة اللــذان أثنــى‬
‫عليهمــا أزواجهمــا همــا مــن البشــر؛ فيهــم خيــر كثيــر وال يخلــون مــن بعــض‬
‫األخطــاء‪ ،‬والنقائــص‪.‬‬

‫ولعلــي أســتغل هــذه المناســبة فــي توجيــه رســالة لــأزواج والزوجــات‬


‫الذيــن يزيــدون فــي اإلطــراء والمــدح ألزواجهــم أمــام اآلخريــن وذلــك مــن‬
‫بــاب التشــبع بمــا لــم يعطــوا‪ ،‬فأذكرهــم بحديــث عائشــة رضــي اللــه عنهــا أن‬
‫امــرأة قالت‪:‬يــا رســول اللــه أقــول إن زوجــي أعطانــي مــا لــم يعطنــي ؟ فقــال‬
‫ـي‬
‫وبـ ْ‬
‫رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم (المتشــبع بمــا لــم يعــط كالبــس ثَ َ‬
‫ور(‪.)43())42‬‬ ‫زُ ٍ‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪70‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫كان بين عائشة بنت طلحة وبين زوجها عمر بن عبيد‬


‫اهلل بن معمر كالم‪ ،‬فسهرت ليلة‪ ،‬فقالت‪ :‬إن ابن أبي‬
‫ربيعة لجاهل بليلتي هذه حيث يقول‪:‬‬
‫ال كفاها كل شيء يهمها‬
‫َو َو ٍ‬
‫فليست لشيء آخر الليل تسهر‬
‫من باب اإلخبار‬
‫ـد الزوجيــن أمـ ٌـر يعكــر مزاجــه ويشــغل بالــه‪ ،‬فــإن خشــي أن يؤثر‬
‫ـم أحـ َ‬
‫دهـ ُ‬
‫قــد َي َ‬
‫ذلــك علــى تعاملــه مــع زوجــه‪ ،‬وهــو ال يرغــب إخبــاره بــه‪ ،‬فلعــل مــن المناســب‬
‫ـا ـ مــن زوجهــا بــأن ثَ َّمــة أمـ ٌـر قــد شــغل بالهــا وتطلــب منــه‬
‫أن تعتــذر الزوجــة ـ مثـ ً‬
‫أن يعذرهــا إن قصــرت تجاهــه هــذا اليــوم النشــغالها بذلــك األمــر‪ ،‬وإن شــاءت‬
‫ـا ـ‪ ،‬ويكــون ذلــك كلــه مــن بــاب‬
‫أخبرتــه باألمــر أو اعتــذرت عــن ذلــك لســريته ـ مثـ ً‬
‫اإلخبــار ‪ ،‬ال التشــكي‪ ،‬إذ إن فيــه االعتــذار عــن التقصيــر‪ ،‬كمــا أن فيــه رســالة‬
‫ـال علــي‪ ،‬ويعنينــي شــعورك تجاهــي‪.‬‬
‫للطــرف اآلخــر‪ :‬إنــك غـ ٍ‬

‫والكتمــان ينبغــي أن ال يصــار إليــه إال فــي أضيــق الحــدود؛ ألن األصــل‬
‫أال يخفــي أحــد الزوجيــن األمــور التــي تعكــر مزاجــه عــن اآلخــر ليتمكــن مــن‬
‫مســاعدته وليكــون أبلــغ فــي عــذره‪ ،‬وأيضــا فــإن الكتمــان قــد يدفــع الطــرف‬
‫اآلخــر إلــى إســاءة الظــن‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪72‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫يعذرك‪..‬‬
‫من يعرف عذرك‬
‫شكر على واجب‬
‫إن قيــام الــزوج بالعمــل والكســب مــن أجــل اإلنفــاق علــى األســرة وقيــام‬
‫الزوجــة بالخدمــة فــي البيــت وتيســير ســبل الراحــة واجــب كل منهمــا‪ ،‬لكــن‬
‫حينمــا يجــد كل منهمــا كلمــات التشــجيع وعبــارات الثنــاء فــإن القيــام بهــذا‬
‫الواجــب ســيتحول إلــى مصــدر لــذة وســعادة لمــن يقــوم بــه ألن كلمــات الثنــاء‬
‫والتشــجيع أمدتــه بطاقــة إيجابيــة‪ ،‬فتقــول الزوجــة لزوجهــا حيــن يأتــي مــن‬
‫عملــه‪ :‬أعانــك اللــه‪ ،‬كل هــذا مــن أجلنــا‪ ،‬وتقــول لــه حيــن يحضــر لهــا شــيئاً مــن‬
‫طلباتهــا أو يوصلهــا إلــى مــكان مــا‪ :‬جــزاك اللــه خيــراً ومــا قصــرت‪ ،‬وهــو ـ مثـ ً‬
‫ـا‬
‫ـ إذا قــدم مــن العمــل ووجــد طعــام الغــداء مجهــزاً فإنــه يشــكرها علــى ذلــك‬
‫‪ ،‬ويثنــي علــى صنيعهــا‪.‬‬

‫إن عبــارة (ال شــكر علــى واجــب)‪ ،‬بالنســبة لمــن أســدي إليــه الواجــب‪ ،‬ممــا ال‬
‫ينبغــي العمــل بهــا‪ ،‬وإن خالفهــا هــو األولــى‪.‬‬

‫عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه قــال‪ :‬قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم‪ ( :‬مــن ال يشــكر النــاس ال يشــكر اللــه)(‪.)44‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪74‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ـرت يدك عن المكافأة‬


‫ص َ‬‫إذا َق ُ‬
‫فليطل لســـــــــانك بالشكر‪..‬‬
‫التضحية‪ ..‬وشريك الحياة‬
‫حينمــا يضحــي أحدكمــا بشــيء ممــا يحــب أو بمصلحــة خاصــة مــن أجل شــريك‬
‫الحيــاة فــإن لذلــك عظيــم األثــر فــي تحقيــق الوئــام بينكما‪.‬‬

‫تخــرج الزوجــة بطفلهــا مــن غرفــة النــوم كيــا يزعــج والــده ببكائــه‪ ،‬تاركــة‬
‫فراشــها‪ ،‬راضيــة بالســهر مــع المشــقة مــن أجــل راحــة زوجهــا‪.‬‬

‫ويجفــو أهــل الزوجــة مــع زوج ابنتهــم لكنــه يصلهم ويحســن إليهم ويســعى‬
‫فــي مصالحهــم طلبــا إلدخــال الســرور علــى زوجته؛ ألنهــم أهلها‪.‬‬

‫ويذكرني هذا بقول التلمساني‪:‬‬

‫هواك و هم ِعدى‬
‫ِ‬ ‫داريت أهلك في‬

‫تكرم !‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ألف عين‬
‫عين ُ‬
‫و ألجل ٍ‬

‫أتظنان أن مثل هذه المواقف ستذهب أدراج الرياح‪.‬‬

‫كال فــإن الكــرام لــن ينســوها‪ ،‬وســتكون ُعــرى توثــق هــذه العالقــة‪،‬‬
‫ومصابيــح تنيــر دروب حياتهمــا‪ ،‬ومــدداً ووقــوداً الســتمرار العالقــة‪.‬‬

‫وقــد أشــارت األســتاذة ناديــة منصــور إلــى أهميــة التضحيــة بقولهــا‪“ :‬الحــب‬
‫خليــط مــن االحتــرام والعطــف والتضحيــة واإليثــار‪ ،‬وهــي تركيبــة للــزواج‬
‫الناجــح‪ ،‬أمــا األنانيــة فتعكــر العالقــة الزوجيــة”‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪76‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«مـن قال إنه يعطي وال يأخذ‪،‬‬


‫فقـد أخـذ فـوق مـا يسـتحق»‬
‫ميخائيل نعيمة‬
‫حتى ال تتسع الهوة‬
‫حينمــا نختلــف يجــب أن نســعى إلــى حــل الخــاف فيمــا بيننــا‪ ،‬فــإن كان وال‬
‫بــد مــن تحكيــم طــرف ثالــث‪ ،‬أو استشــارته فيجــب أن نختــار مــن أوتــي دينــا‬
‫وعلمــا وعقــا‪ ،‬فــإن ّأيــاً مــن الزوجيــن إن استشــار كل مــن هــب ودب فإنــه‬
‫غالبــاً مــا يكــون ذلــك ســبباً فــي تفاقــم المشــكلة واتســاع دائرتهــا‪ ،‬وعلــم كل‬
‫النــاس بهــا‪ ،‬ولــم َي ِصــا فيهــا إلــى حــل‪.‬‬

‫أهــا لالستشــارة‪ ،‬ومــن‬ ‫ً‬ ‫والديــن وحــده ال يكفــي ألن يكــون اإلنســان‬
‫المؤســف أن يستشــار أنــاس لمجــرد أنهــم أصدقــاء أو أقــارب‪ ،‬أو كُ تّ ــاب فــي‬
‫هــذا المنتــدى أو ذاك‪.‬‬

‫واليــوم ـ وللــه الحمــد ـ قــد كثــرت المراكــز االستشــارية الخيريــة التــي يمكــن‬
‫االســتعانة بهــا ـ بعــد اللــه ـ ‪.‬‬

‫كمــا أن ثمــة أمــر يجــب التنبــه لــه هــو أن الحديــث عنــد مــن ال ُينتظــر منــه حــل‪،‬‬
‫أو عقــد‪ ،‬أو رأي مســدد‪ ،‬إن الحديــث عنــده مــن ِقبــل أحــد الزوجيــن عــن اآلخــر‪،‬‬
‫قــد يدخــل فــي بــاب الغيبــة المحرمــة فلنحــذر‪.‬‬

‫ومــا أجمــل البيــوت المســتورة التــي تحفــظ مشــاكلها داخــل أســوارها‪ ،‬وإن‬
‫احتــاج أهلهــا إلــى أطــراف أخــرى اســتعانوا ـ بعــد اللــه ـ بمــن يوثق برأيــه وعقله‪.‬‬

‫أنــا ال أدعــو إلــى إبقــاء المشــكلة داخــل البيــت إال إذا كان طرفاهــا يأمــان‬
‫ويســعيان فــي حلهــا‪ ،‬أمــا إذا رأيــا‪ ،‬أو رأى أحدهمــا‪ ،‬أن المشــكلة تتفاقــم‪،‬‬
‫فــإن مــن الضــروري االســتعانة بالمصلحيــن والمستشــارين المحايديــن‪ .‬فــا‬
‫تستشــيروا صديقــاً أو قريبــاً تغلــب عاطفتــه رأيــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪78‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫وقع بين األعمش وبين امرأته وحشة‪ ،‬فسأل بعض‬


‫أصحابه أن يرضيها ويصلح بينهما‪ ،‬فدخل إليها وقال‪ :‬إن‬
‫أبا محمد شيخ كبير فال يزهدنك فيه عمش عينيه‪،‬‬
‫ودقة ساقيه‪،‬وضعف ركبتيه‪ ،‬ونتن إبطيه‪ ،‬وبخر‬
‫فيه‪ ،‬وجمود كفيه‪ ،‬فقال له األعمش‪ :‬قم قبحك‬
‫اهلل فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه‪.‬‬
‫في السوق‬
‫تحتــاج المــرأة إلــى شــراء بعــض احتياجاتهــا مــن الســوق‪ ،‬وهــذا حــق شــرعي‬
‫مكفــول لهــا‪ ،‬أن يشــتري لهــا زوجهــا مــا تحتــاج‪ ،‬أو أن يذهــب بهــا إلــى الســوق‬
‫لشــراء حاجاتهــا‪.‬‬

‫والمشــكلة أن بعــض األزواج يتــرك زوجتــه تذهــب لوحدهــا إلــى الســوق وال‬
‫يرافقهــا مــع أن مصاحبتــه لهــا ســتر لهــا وحمايــة‪ ،‬وإشــعار منــه لهــا باهتمامــه‬
‫بمــا يهمهــا‪ ،‬وبعضهــم يصحــب زوجتــه إلــى الســوق لكنــه يضايقهــا بتبرمــه‬
‫وتأففــه وغضبــه‪ ،‬بحجــة أنــه ال يحــب األســواق والدخــول فيهــا‪ ،‬ونقــول لــه إن‬
‫مــن حقــك أال تحــب دخــول األســواق فهــي أبغــض البقــاع إلــى اللــه‪ ،‬لكــن ال‬
‫يحــق لــك أن تضايــق زوجتــك وتغضــب مــن أقــل ســبب‪ ،‬ألن غضبــك هــذا يؤثــر‬
‫علــى اتخاذهــا القــرار المناســب فيمــا تــود شــراءه‪ ،‬وبالتالــي شــعورها بأنــه ال‬
‫قــرار لهــا فــي اختيــار مــا يناســبها مــن المالبــس‪ ،‬وحتمــاً ســيؤثر هــذا ســلباً‬
‫علــى عالقتكمــا‪ ،‬ولــو ـ علــى األقــل ـ علــى األمــد البعيــد‪ ،‬إن اســتمر هــذا‬
‫الســلوك‪ ،‬وال تنــس الرصيــد!‪ ،‬و( قــول معــروف ومغفــرة خيــر مــن صدقــة‬
‫يتبعهــا أذى)(‪.)45‬‬

‫فحــري بنــا أن نكــون مــن أولئــك الذيــن ال يتركــون زوجاتهــم يذهبــن لوحدهــن‬
‫إلــى الســوق بــل يكفونهــن عنــاء الذهــاب‪ ،‬أو يذهبــون برفقتهــن‪ ،‬ويتحلــون‬
‫معهــن بكامــل الصبــر والتحمــل‪ ،‬وأجمــل مــن ذلــك حينمــا تشــعرها بأنــك‬
‫ســعيد بمرافقتهــا‪ ،‬ومســاعدتها‪.‬‬

‫وأنــت أيتهــا الزوجــة‪ ..‬أذكــرك بأهميــة مراعــاة أحــوال زوجــك الماديــة‪ ،‬مــع‬
‫مراعــاة اختصــار الوقــت فــي الســوق‪ ،‬فــذا لــه كبيــر األثــر فــي نفســه‪ ،‬كمــا أن‬
‫لــه أثــراً فــي اســتقرار الحيــاة الزوجيــة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪80‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬
‫مشوار‬
‫حينمــا يحســن الــزوج إلــى زوجتــه بالذهــاب بهــا أو معهمــا إلــى مناســبة‪ ،‬أو‬
‫زيــارة أحــد األقــارب‪ ،‬فهــذا فعــل جميــل‪ ،‬لكــن بعــض األزواج ـ وإن كانــوا قلــة‬
‫ـ يتبعــون هــذا المعــروف بــأذى (فتنقلــب العمليــة مــن إيــداع إلــى ســحب)‬
‫ومثــال ذلــك‪ :‬زوج ذهــب بزوجتــه إلــى مناســبة عشــاء عنــد أحــد أقاربــه أو‬
‫أقاربهــا‪ ،‬وفــي نهايــة المناســبة اتصــل بهــا وأخبرها أنه ينتظرها في الســيارة‪،‬‬
‫ـا‪ ،‬فمــا إن ركبــت معــه فــي الســيارة إال واســتقبلها‪( :‬لقــد‬
‫فتأخــرت عليــه قليـ ً‬
‫تأخرتــم علــي‪ ..‬ليتنــي لــم أصطحبكــم إلــى هــذه المناســبة‪ )...‬ونحــو هــذه‬
‫ال لهــا مــن عبــارات الســب والشــتم‪ ،‬مــع أن الزوجــة قــد‬
‫العبــارات‪ ،‬وربمــا كَ َ‬
‫يكــون حبســها عــذر‪ ،‬وبالــذات أم األطفــال التــي ربمــا لمــا همــت بالخــروج‬
‫أخبرهــا أحــد األبنــاء عــن فقــد حذائــه فذهبــت تبحــث عنــه‪ ،‬أو طلــب اآلخــر قضــاء‬
‫حاجتــه فذهبــت بــه ليقضــي حاجتــه‪ ،‬فــكان األولــى بالــزوج أن يستفســر عــن‬
‫ســبب التأخــر قبــل أن يعاتــب‪ ،‬فــإن كان ثمــة تقصيــر فلــه العتــاب ال التجريــح‪.‬‬

‫وكذا الزوجة إن تأخر عنها زوجها‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪82‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قال الشاعر‪:‬‬
‫أفسدت بالمن ما أسديت من حسن‬
‫بمنان‬
‫ِ‬ ‫ليــــــــــس الكــــريم إذا أسدى‬
‫رأيك يهمني‬
‫يتخــذ كل مــن الزوجيــن عــدداً مــن القــرارات فــي حياتهمــا‪ ،‬مــع اختــاف درجــة‬
‫أهميــة هــذه القــرارات‪ ،‬وممــا يزيــد األلفــة بيــن الزوجيــن ويقــارب قلبيهمــا‬
‫هــو استشــارة كل منهمــا لآلخــر فيمــا يريــد القيــام بــه‪ ،‬ال ســيما فــي األمــور‬
‫المتعلقــة بحياتهــم الزوجيــة‪.‬‬

‫أنــا ال أدعــو لالستشــارة فــي كل قــرار‪ ،‬لكــن أدعــو إلــى أن يشــعر كل مــن‬
‫الزوجيــن اآلخــر بأنــه ال يتخــذ قــراراً مــن غيــر مشــورته‪ ،‬فجميــل أن تشــاورها‬
‫فــي اختيــار اليــوم الــذي ســتخرجان فيــه ســوياً للنزهــة‪ ،‬وفــي اختيــار البيــت‬
‫الــذي ترغبــان ســكناه‪ ،‬وأن تشــاوريه فــي اختيــار الهديــة التــي تريديــن تقديمها‬
‫ألمــك‪ ،‬أو أمــه‪ ،‬وفــي المالبــس التــي ستشــترينها لــك‪ ،‬وغيــر ذلــك‪.‬‬

‫إن االستشــارة هــي مــن المستشــير للمستشــار بمثابــة قولــه‪ :‬إنــي أرتــاح‬
‫لــك ولرأيــك ولــذا أحببــت إشــراكك معــي فــي اتخــاذ هــذا القــرار‪.‬‬

‫ومــن النمــاذج فــي ذلــك مــا روى البخــاري أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم فــي صلــح الحديبيــة قــال ألصحابــه‪( :‬قومــوا فانحــروا ثــم احلقــوا) فلــم‬
‫يقــم منهــم أحــد‪ ،‬فدخــل علــى أم ســلمة فذكــر لهــا مــا لقــي مــن النــاس‪،‬‬
‫فقالــت‪ (:‬يــا نبــي اللــه أتحــب ذلــك‪ ،‬اخــرج ثــم ال تكلــم أحــداً منهــم كلمــة حتــى‬
‫تنحــر ُب ْدنــك‪ ،‬وتدعــو حالقــك‪ ،‬فيحلقــك)‪ ،‬ففعــل فلمــا رأوا ذلــك فعلــوا مثــل‬
‫مــا فعــل‪.‬‬

‫كما ينبغي أن ُيعلم أن االستشارة ال تعني اإللزام بأخذ الرأي‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪84‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ـم المؤازرةالمش ــورة)‬


‫ِع ـ َ‬
‫(ن ْ‬
‫علي بن أبي طالب‬
‫رضي اهلل عنه‬
‫اتركا ما ال يمكن تغييره‪..‬‬
‫قال أيوب السختياني‪ :‬إذا لم يكن ما تريد‪ ،‬فأرد ما يكون‪.‬‬

‫بعــض األمــور لــدى الــزوج أو الزوجــة ال يمكــن تغييرهــا؛ كأن تكــون فــي خِ لْ َقة‬
‫أي منهمــا عاهــة ال يمكــن عالجهــا‪ ،‬أو يكــون وضعــه االجتماعــي متدنيــاً عــن‬
‫ٍّ‬
‫ـل مــن اآلخــر‪ ،‬وال يســتطيع‬
‫اآلخــر‪ ،‬أو يكــون مســتوى أحدهمــا التعليمــي أقـ َّ‬
‫تغييــره النشــغاله بكســب‪ ،‬أو تربيــة‪ ،‬أو أي شــيء آخــر‪ ،‬أو يكــون أحــد والــدي‬
‫أحدهمــا أو قريبــه فقيــراً أو بــه عاهــة مســتديمة مــن مــرض أو حتــى جنــون‪،‬‬
‫وغيرهــا مــن األمثلــة‪.‬‬

‫مــا أود اإلشــارة إليــه هنــا هــو أن هــذه األمــور مــا دامــت غيــر ممكنــة التغييــر‬
‫لألفضــل‪ ،‬فــإن الحديــث عنهــا ال يمكــن أن يفهــم علــى أنــه ســعي لإلصــاح أو‬
‫تحســين للحــال‪ ،‬بــل هــو نــوع مــن الهجــاء واللمــز‪ ،‬لــن يجنــي منــه المتحــدث بــه‬
‫إال إيــذاء الطــرف اآلخــر‪ ،‬وبالتالــي انتــزاع محبتــه مــن قلبــه‪.‬‬

‫ـم الحديــث إذن فــي نقــص ال يمكــن تغييــره؟ إن كنــا نريــد قلوبــا متآلفــة‪،‬‬
‫َفلِ ـ َ‬
‫ونفوســاً متحابــة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪86‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫إذا شقيت في طلب المفقـود‬


‫حرمت السعادة في الموجود‬
‫النفقة‪ ..‬ال تقتير وال تبذير‬
‫الــزوج مطالــب ـ شــرعاً ـ بالنفقــة علــى زوجتــه‪ ،‬وليــس غريبــاً أن النفقــة ربمــا‬
‫كانــت ســببا لتباعــد القلــوب‪ ،‬حيــن يقتــر الــزوج علــى زوجتــه فيشــعرها ذلــك‬
‫بعــدم اهتمامــه بهــا‪ ،‬وكــذا حيــن تطلــب الزوجــة مــن زوجهــا فــوق مــا يطيــق‬
‫مــن النفقــة فإنــه قــد يفهــم مــن ذلــك أنهــا امــرأة أنانيــة وماديــة تفضــل المــادة‬
‫علــى ســعادته وإســعاده‪.‬‬

‫إن علــى الــزوج أن ينفــق علــى بيتــه وزوجتــه ويؤمــن لهــا احتياجاتهــا حســب‬
‫اســتطاعته‪ ،‬مــن غيــر ِمنًّ ــةٍ ‪ ،‬وهــو مأجــور فــي ذلــك‪ ،‬كمــا قــال رســول اللــه‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم لســعد رضــي اللــه عنــه‪( :‬ولســت تنفــق نفقــة تبتغــي‬
‫فــي امرأتــك)(‪، )46‬‬
‫ِّ‬ ‫بهــا وجــه اللــه إال أجــرت بهــا حتــى اللقمــة تجعلهــا فــي‬
‫وعلــى الزوجــة ـ أيضــاً ـ أن تُ ـ ِـري زوجهــا ترشــيدها وحرصهــا علــى توفيــر مالــه‪،‬‬
‫وأال تطلــب إال مــا تحتاجــه هــي‪ ،‬ويســتطيعه هــو‪.‬‬

‫ولنــا فــي قــول اللــه تعالى‪(:‬لينفــق ذو ســعة مــن ســعته)(‪،)47‬‬


‫وقوله‪(:‬والذيــن إذا أنفقــوا لــم يســرفوا ولــم يقتــروا)(‪ ، )48‬وقوله تعالى(وال‬
‫تجعــل يــدك مغلولــة إلــى عنقــك وال تبســطها كل البســط فتقعــد ملومــاً‬
‫نبــراس نســير عليــه فــي هــذا الجانــب مــن جوانــب حياتنــا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫محســوراً )(‪)49‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪88‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قال أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه‪:‬‬


‫إني ألبغض أهل بيت ينفقون رزق أيام في يوم واحد‪.‬‬
‫أحب األسماء إليه‬
‫إن مــن إكــرام اللــه للمؤمــن مــن عبــاده ـ فــي اآلخــرة ـ أن ينــادى بأحــب‬
‫األســماء إليــه‪ ،‬ألن هــذا ممــا يحبــه اإلنســان فــي الدنيــا؛ ولذلــك اعتنــى‬
‫اإلســام بحســن اختيــار األســماء ووردت أحاديــث صحيحــة عــن رســول اللــه‬
‫غيــر فيهــا بعــض األســماء بأحســن منهــا‪ ،‬كل ذلــك‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم ّ‬
‫لمــا لهــذه األســماء مــن أثــر علــى أصحابهــا؛ حيــث هــي جــزء مــن كيانهــم‬
‫و شــخصيتهم ‪.‬‬

‫وإن منــاداة أي مــن الزوجيــن لآلخــر بأحــب األســماء إليــه‪ ،‬ممــا يؤنســه‪،‬‬
‫ويفرحــه‪ ،‬وأحــب األســماء بالنســبة للزوجيــن يختلــف مــن زوج أو زوجــة إلــى‬
‫آخريــن‪ ،‬فمــن األزواج مــن يفضــل أن ينــادى باســمه األول (عبــد اللــه) أو‬
‫(عائشــة)‪ ،‬ومنهــم مــن يفضــل أن ينــادى بكنيتــه (أبــو عبــد الرحمــن)‪ ،‬ومنهــم‬
‫مــن يفضــل مناداتــه بلقــب جميــل تطلقــه عليــه زوجتــه‪ ،‬ـ أو يطلقــه عليهــا‬
‫زوجهــاـ ‪ ،‬أو بترخيــم االســم وهــو حــذف آخــره‪ ،‬وقــد كان رســول اللــه صلــى‬
‫ـش)‪ ،‬فعنهــا رضــي اللــه عنهــا‬
‫اللــه عليــه وســلم ينــادي عائشــة بقولــه (يــا عائـ ْ‬
‫قالــت قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم يومــاً ‪( :‬يــا عائــش هــذا جبريــل‬
‫يقرئــك الســام) فقلــت‪ :‬وعليــه الســام ورحمــة اللــه وبركاتــه تــرى مــا ال أرى‪،‬‬
‫تريــد رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم(‪.)50‬‬

‫بعــض الرجــال والنســاء يحــب الواحــد منهــم أن يناديــه النــاس بكنيتــه‪ ،‬لكنــه‬
‫يحــب مــن شــريكه أن يناديــه باســمه األول‪.‬‬

‫أيهــا الزوجــان‪ ..‬ليعــرف كل منكمــا االســم أو اللقــب المحبــب لشــريكه‪،‬‬


‫وليناديــه بــه‪ ،‬إن االســم المحبــب يــزداد جمــاال حينمــا ُيســمع مــن الحبيــب‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪90‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫فـي مكـة جـاء عتبـة بـن ربيعـة لرسـول ﷲ ﷺ وعـرض عليه‬


‫عروضـا مسـتفزة فلمـا انتهـى قـال لـه ﷺ (أفرغـت يـا أبـا‬
‫الوليد)‪...‬إلـخ‪ .‬حتـى فـي هـذا الموقـف تلطـف لـه ونـاداه‬
‫بأحـب األسـماء إليـه‪ .‬وإنـه لعلـى خلـق عظيـم ﷺ‬
‫ال ثالث‪ ..‬أنا وأنت فقط‬
‫هنــا لــن أتكلــم عــن حــق الــزوج فــي التعــدد ومتــى يتــزوج ومتــى ال يجــوز لــه‬
‫ذلــك‪ ،‬فلســت مــن أهــل الفتــوى‪.‬‬
‫مــا أود اإلشــارة إليــه هــو مــا يحصــل مــن بعــض األزواج مــن أنــه فــي حــال‬
‫غضبــه أو ربمــا قــال مازحــاً لزوجتــه‪“ :‬ســأتزوج بثانيــة” وصــار هــذا الــكالم يتكــرر‬
‫منــه كثيــراً ‪.‬‬
‫أيهــا الــزوج‪ ..‬تتــزوج أو ال تتــزوج‪ ،‬هــذا أمــر راجــع إليــك‪ ،‬لكــن إيــاك أن تجعــل‬
‫موضــوع الــزواج ســاحاً تشــهره أمــام زوجتــك أو تســتفزها بــه‪ ،‬فــإن الزوجــة‬
‫وفطــرت علــى محبــة االنفــراد بالــزوج وكراهيــة وجــود ضــرة لهــا‬ ‫ُجبلــت ُ‬
‫وشــريكة فــي الــزوج‪.‬‬
‫ثــم اعلــم أن رســالتك هــذه ســتأتيها كمــا أردت أنــت مــن اإلســاءة!!‪ ،‬حينمــا‬
‫ذكــرت هــذا فــي ســياق االســتفزاز أو التهديــد‪ ،‬فتفهــم مــن كالمــك أنــك‬
‫تقــول‪ :‬ســأتزوج أخــرى أفضــل منــك‪ ،‬أعطيهــا مــن الحــب مــا ال أعطيــك؛ ألنــك‬
‫ال تســتحقين الحــب‪ ،‬فتفهــم هــي أن حبــك لهــا قــد نقــص أو ذهــب‪ ،‬فتجلــب‬
‫إلــى قلبهــا حزنــاً يعكــر صفــو حياتكمــا‪ ،‬وربمــا لــم تكــن أنــت تــدرك أبعــاده‪.‬‬
‫إن الزوجــة ال يــروق لهــا أن يمــدح زوجهــا امــرأة أخــرى أمامهــا‪ ،‬فضــا عــن أن‬
‫يتحــدث عــن الــزواج بأخــرى‪.‬‬
‫ـا أمــام زوجــك‪ ،‬وبالــذات حيــن يكــون‬
‫وأنــت أيتهــا الزوجــة إيــاك أن تمدحــي رجـ ً‬
‫الحديــث عــن زوجــك األول ـ إن كان ـ‪ ،‬إن هــذا يضايــق زوجــك ويشــعره بأنــك‬
‫ـت عليــه مــا لــم تــري فــي زوجــك‪.‬‬
‫رأيــت فيمــن أثنيـ ِ‬
‫وممــا يعكــر علــى الزوجيــن صفــو حياتهمــا أن يقــارن أي مــن الزوجيــن اآلخــر‬
‫بغيــره‪ ،‬كأن تقــول الزوجــة فــي معـ ِـرض الثنــاء‪ :‬إن فالنــاً يفعــل لزوجتــه كــذا‪،‬‬
‫ويعطيهــا كــذا‪ ،‬ويذهــب بهــا إلــى مــكان كــذا‪ ،‬أو يقــول الــزوج‪ :‬لقــد أكلــت عنــد‬
‫ـان طعامــاً ‪ -‬طبختــه زوجتــه ‪ -‬لــم أذق مثلــه فــي حياتــي‪ ،‬أو‪ :‬لــو أنــك تعتنيــن‬
‫فـ ٍ‬
‫بــأوالدك كمــا تعتنــي فالنــة‪.‬‬
‫ـكرك إذ لــم‬
‫ـك ـ وهــذا هــو المؤمــل ـ تقوليــن‪ :‬زوجــي الغالــي أشـ َ‬
‫كأنــي بـ ِ‬
‫أســمع منــك قــط شــيئاً مــن ذلــك‪ ،‬وســأكون كذلــك‪.‬‬
‫ـك لســت ممــن يتخــذون الــزواج مــن‬‫ـك تقــول لهــا مثــل ذلــك وأنـ َ‬
‫وكأنــي بـ َ‬
‫أخــرى ســاحا يشــهرونه أمــام زوجاتهــم ويســتفزونهن بــه‪.‬‬
‫وليكن شعار كل منا‪ :‬أكون لغيري كما أحب أن يكون لي‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪92‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«بين الزوج وامرأته ال تمرر خيطا»‪.‬‬


‫مثل روسي‪.‬‬
‫لماذا نسافر ؟!‬
‫اعتــاد بعــض األزواج علــى الســفر ســوياً لعــدة أيــام‪ ،‬واعتــاد بعضهــم الخــروج‬
‫إلــى بعــض المتنزهــات القريبــة‪ ،‬أو حتــى الفنــادق أوالمنتجعــات ليــوم أو‬
‫يوميــن‪ ،‬وهــذا أمــر حســن يكســر الزوجــان فيــه روتيــن الحيــاة‪ ،‬ويحــركان ماءهــا‬
‫الراكــد‪ ،‬ويبتعــدان عــن صخــب الحيــاة ومشــاكلها‪ ،‬ويتفــرغ كل منهمــا لآلخــر‬
‫وينفــرد بــه‪.‬‬

‫أليــس هــذا مــن حــق كل منهمــا علــى اآلخــر ـ إن اســتطاع ذلــك ماديــاً ـ‪ ،‬ســيما‬
‫فــي هــذا الزمــن الــذي كثــرت فيــه االلتزامــات واالرتباطــات‪ ،‬فأصبحــت فــرص‬
‫التقــاء بعــض األزواج وانفرادهمــا أقــل مــن ذي قبــل‪.‬‬

‫جــرب أيهــا الــزوج وأنــت أيتهــا الزوجــة هــذه الفكــرة‪ ،‬جربــا أن تكونــا يومــاً أو‬
‫يوميــن ســوياً ‪ ،‬واتــركا أوالدكمــا عنــد الجــدة الغاليــة‪ ،‬أو الخالــة اللطيفــة!‪.‬‬

‫ستســتمتعان برحلــة جميلــة‪ ،‬وستغســان عــن قلبيكمــا كل لــوم‪ ،‬وعتــب‪،‬‬


‫بــل ربمــا تحســان بنفــس المشــاعر التــي كانــت أيــام الــزواج األولــى‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪94‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫مما يجلب السعادة لنا في أسفارنا‬


‫اتباع المنهج النبوي في ذلك‪:‬‬

‫دعاء السفر‪.‬‬

‫التكــــبير إذا صعد مـــرتفعًا‬


‫والتسبيح إذا هبط منخفضًا‪.‬‬

‫إكرام رفيق السفر‬


‫وتعاهـــــد حاجته‪.‬‬
‫عتاب المحبين‬
‫قــد يعتــب أي مــن الزوجيــن علــى اآلخــر فــي أمــر مــا‪ ،‬لكــن ينبغــي أال يكــون‬
‫التعبيــر عــن العتــب بألفــاظ تجــرح القلــوب وتباعدهــا‪.‬‬

‫إن هــذا التعبيــر هــو وســيلة إليصــال رســالة العتــب‪ ،‬فلتكــن الوســيلة داعيــة‬
‫لأللفــة وإصــاح مــا فســد وتجــاوز المشــكلة؛ إذ إن بعــض األزواج والزوجــات‬
‫حينمــا يعتــب ال يــدري مــا يقــول‪ ،‬فتخــرج منــه ألفــاظ تحتــاج هــي إلــى اعتــذار‬
‫وربمــا كانــت شــرارة لمشــكلة أكبــر‪.‬‬

‫فليكــن العتــاب فــي قالــب يشــعر بالحــب والمــودة‪ :‬إننــي أعتــب عليــك يــا‬
‫حبيبــي فــي كــذا وكــذا‪...‬‬

‫وإليكــم هــذا األنمــوذج الرائــع لعتــاب المحبيــن‪ ..‬فعــن عائشــة رضــي اللــه‬
‫عنهــا قالــت قــال لــي رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪ (:‬إنــي ألعلــم إذا‬
‫كنــت عنــي راضيــة وإذا كنــت علــي غضبــى) قالــت‪ :‬فقلــت ومــن أيــن تعــرف‬
‫ذلــك قــال‪:‬‬

‫(أمــا إذا كنــت عنــي راضيــة فإنــك تقوليــن ال ورب محمــد وإذا كنــت علــي‬
‫غضبــى قلــت ال ورب إبراهيــم) قالــت‪ :‬قلــت أجــل واللــه يــا رســول اللــه مــا‬
‫أهجــر إال اســمك(‪.)51‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪96‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫عن النعمان بن بشير قال ‪ :‬جاء أبو بكر يستأذن على النبي فسمع‬
‫عائشة وهى رافعة صوتها على رسول اهلل فأذن له فدخل فقال‪:‬‬
‫يا ابنة أم رومان وتناولها أترفعين صوتك على رسول اهلل قال‬
‫فحال النبي بينه وبينها ‪،‬قال‪ :‬فلما خرج أبو بكر جعل النبي‬
‫يقول لها يترضاها‪ :‬أال ترين أنى قدحلت بين الرجل وبينك‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها‪ ،‬قال‬
‫فأذن له فدخل فقال له أبو بكر‪ :‬يا رسول اهلل أشركاني في‬
‫سلمكما كما أشركتماني في حربكما‪.‬‬
‫أخرجه اإلمام أحمد‬
‫ندية‬
‫حروف ّ‬
‫الولَ ـــــــه‬
‫أنت الغــــــــــــال أنت َ‬

‫ناديتني قلــــــــبي اتجـــــــــــه‬

‫هــي مــن نفــس الحــروف األبجديــة الثمانيــة والعشــرين‪ ،‬ولكنهــا تنبــض‬


‫بالحيــاة بلــون آخــر غيــر اللــون الــذي اعتــاده بعــض األزواج‪.‬‬

‫فجميــل أن يعتــاد عليهــا الزوجــان‪ ،‬يعتــادان علــى تبادلهــا فــي مــا بينهمــا‪ ،‬إنهــا‬
‫عبــارات الحــب‪ ،‬وكلمــات الغــزل‪ ،‬والدعــوات الصادقــة‪ ،‬إنهــا تفعــل فــي القلــوب‬
‫فعــل الســحر‪ ،‬إن هــذه الكلمــات تزيــل مــا قــد يعلــق بالنفــوس مــن تراكمــات‬
‫األخطــاء‪ ،‬وآثــار التقصيــر‪ ،‬وســوء الفهــم‪.‬‬

‫وليتكمــا أيهــا الزوجــان تقــرءان بعــض األبيــات في الشــعر الغزلــي‪ ،‬وتهديانها‬


‫لبعضكما كتابة أو مشــافهة‪.‬‬

‫امدحهــا أمــام أبنائهــا وبناتهــا‪ ،‬وحثهــم علــى الدعــاء لهــا بالعافيــة والســامة‬
‫والتوفيــق‪ ،‬واذكــر لهــم جميــل صفاتهــا‪ ،‬وكريــم خصالهــا‪ ،‬وافعلــي أنــت‬
‫الشــيء نفســه‪.‬‬

‫إن بعضنــا ربمــا ال يســتطيع ذلــك أو يخجــل مــن تجربتــه‪ ،‬وذلــك لعــدم اعتيــاده‬
‫لــه‪ ،‬ليــس إال‪ ،‬وكذلــك ألنــه لــم يتــذوق حالوتــه‪ ،‬ويحــس بثمرتــه‪.‬‬

‫تقــول شــونتي فيلدهــان فــي كتابهــا (للنســاء فقــط)‪ “:‬كمــا نحــب أن‬
‫نســمع (أنــا أحبــك) فــإن قلــب الرجــل يخفــق بشــدة لســماع كلمــات بســيطة‬
‫مثــل‪( :‬كــم أنــا فخــورة بــك)”‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪98‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قــال الحبيب صلى اهلل عليه وســلم‪:‬‬


‫(الكلمــة الطيبــة صدقــة)‪.‬‬
‫متفق عليه‬
‫بينا سبب العتب‬
‫ِّ‬
‫يحمــل أحــد الزوجيــن فــي نفســه حينمــا يقــع عليــه الخطــأ مــن شــريك حياتــه‪،‬‬
‫دون أن يبيــن لــه ســبب العتــب‪ ،‬والــذي ينبغــي هــو أال يكــون ذلــك‪ ،‬ألن بعــض‬
‫مــن يقــع منهــم الخطــأ هــم أنفســهم ال يشــعرون أنهــم أخطــأوا ‪.‬‬

‫لــذا كان األولــى بــكل منــا إذا وقــع عليــه الخطــأ أن يبيــن للطــرف اآلخــر ســبب‬
‫عتبــه عليــه‪ ،‬ويســمع منــه‪ ،‬فقــد يفاجــأ بمبــادرة الطــرف الثانــي باالعتــذار وأن‬
‫خطــأه لــم يكــن مقصــوداً ‪ ،‬أو ربمــا لــم يكــن يشــعر أنــه أخطــأ‪ ،‬وربمــا اكتشــف‬
‫المعاتِ ــب أن عتبــه كان فــي غيــر محلــه‪ ،‬وأنــه كان بســبب فهمــه للموقــف‬
‫بطريقــة خاطئــة‪ ،‬وقــد يكتشــف أن تصرفــا منــه كان ســببا للمشــكلة‪ ،‬أو مــن‬
‫أســبابها‪ ،‬فيبــادر هــو إلــى االعتــذار‪.‬‬

‫إن مبــادرة مــن وقــع عليــه الخطــأ بفتــح الموضــوع مــع الطــرف اآلخــر فرصــة‬
‫للطــرف اآلخــر أن يكــون جريئــاً فــي االعتــراف بخطئــه وتقديــم االعتــذار‪.‬‬

‫وال ننــس أن نتلطــف عنــد العتــب‪ ،‬ألن الطــرف اآلخــر يســتحق هــذا اللطــف‪،‬‬
‫وحياتنــا ونفوســنا تســتحق العيــش بهــدوء وســام‪.‬‬

‫ومن جميل ما قيل‪ “ :‬اإلفراط في العتاب يدعو إلى االجتناب”‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪100‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ق ــال اب ــن الس ــماك لمحم ــد ب ــن س ــليمان‪ ،‬أو حم ــاد ب ــن موس ــى لكاتب ــه‪،‬‬
‫وقـــد رآه معرضـــً عنـــه‪ :‬مالـــي أراك كالمعـــرض عنـــي؟ فأجابـــه‪:‬‬
‫بلغنـــي عنـــك شـــيء كرهتـــه‪ ،‬قـــال‪ :‬إذًا ال أبالـــي‪ ،‬قـــال‪ :‬ولـــم؟‬
‫ً‬
‫باطـــا لـــم تقبلـــه‪ ،‬قـــال‪:‬‬ ‫قال‪:‬ألنـــه إن كان ذنبـــً غفرتـــه‪ ،‬وإن كان‬
‫فعـــاد إلـــى الموانســـة*‬
‫األوالد ليسوا مشكلة‬
‫ربما كان األوالد سبباً في انتقاض بعض العرى في العالقة الزوجية‪.‬‬
‫عفــواً ‪ ..‬صحيــح أن األوالد مــن زينــة الحيــاة الدنيــا‪ ،‬لكــن حينمــا يقــع الزوجــان‬
‫فــي بعــض الســلوكيات الخاطئــة أمامهــم‪ ،‬أو بشــأنهم‪ ،‬فقــد يكــون ذلــك‬
‫ســبباً فــي ضعــف األواصــر الزوجيــة‪.‬‬
‫وثمة أمور يحسن بالزوجين التنبه لها في عالقتهما مع أوالدهما‪ ،‬منها‪:‬‬
‫احذرا الخالف أمام األوالد‪:‬‬
‫مــن حــق أوالدنــا علينــا أال نتجــادل بحضرتهــم‪ ،‬ألن هــذا يزيــد مــن حجــم‬
‫المشــكلة بيــن الزوجيــن‪ ،‬ويؤثــر ســلبا علــى نفســيات األوالد ومســتقبلهم‪،‬‬
‫وعواطفهــم تجاهنــا بــل ربمــا كان ذلــك ســبب انشــقاق فــي البيــت فينقســم‬
‫األوالد إلــى مجموعتيــن؛ مجموعــة تؤيــد األب فــي كل مــا يقــول وال تقبــل‬
‫مــن األم أمــراً وال رأيــاً ‪ ،‬والفئــة الثانيــة مــع األم‪ ،‬فيفقــد األبــوان دورهمــا فــي‬
‫التربيــة ليصبــح كل واحــد منهــا رئيــس حــزب داخــل هــذا البيــت؛ يســعى مــن‬
‫خاللــه إلثبــات ذاتــه وإقصــاء شــريك حياتــه‪.‬‬
‫ال ينتصر أحدكما من اآلخر ألحد األوالد‪ ،‬وال يعترض على رأيه أمامهم‪:‬‬
‫قــد يــرى الــزوج أن زوجتــه أخطــأت علــى أحــد األوالد فــي طريقــة التوجيــه‬
‫أو العقــاب (والعكــس)‪ ،‬والــذي ينبغــي هــو أال يعتــرض ـ علــى اإلجــراء المتخــذ‬
‫ـ أمــام األوالد‪ ،‬وأن يبيــن لهــا (أو‪ :‬تبيــن لــه) الــرأي فــي هــذا اإلجــراء علــى‬
‫انفــراد‪.‬‬
‫إن االعتــراض أمــام األوالد مــن شــأنه إيغــار الصــدور‪ ،‬فيوغــر صــدر المعتـ َـرض‬
‫عليــه‪ ،‬ويفقــد األبنــاء ثقتهــم برأيــه‪ ،‬وهــذا ليــس محببــاً ألي منكمــا بالطبــع‪.‬‬
‫تنظيم أوقات نوم األوالد‪:‬‬
‫علــى الزوجــة أن تضبــط أوقــات نــوم األطفــال بمــا يكفــل للوالــد رؤيتهــم‬
‫عنــد مجيئــه‪ ،‬ومــا يتيــح لــه وللزوجــة االنفــراد ببعضهمــا أوقــات الراحــة‪ ،‬فيجــب‬
‫أن ينــام األطفــال قبــل دخــول الــزوج إلــى غرفــة النــوم‪ ،‬حتــى وإن كانــوا‬
‫ينامــون فــي غرفــة مســتقلة‪ ،‬أو علــى األقــل شــغل وقتهــم بمــا ال يضرهــم‪،‬‬
‫ويكفــل للــزوج والزوجــة الراحــة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪102‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬
‫العبا ً‬
‫معا‪..‬‬
‫إن عالقــة الزوجيــن ال بــد وأن يكــون فيهــا شــيء مــن اللعــب أو المــزاح‬
‫والمــرح المشــترك‪ ،‬وهــذا مــا تضمنتــه عالقــة خيــر البشــرية وأزكاهــا محمــد ـ‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم ـ بزوجاتــه‪.‬‬

‫فعــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا قالــت‪ :‬خرجــت مــع النبــي صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم فــي بعــض أســفاره وأنــا جاريــة لــم أحمــل اللحــم ولــم أبــدن فقــال‬
‫للنــاس تقدمــوا فتقدمــوا ثــم قــال لــي تعالــي حتــى أســابقك فســابقته‬
‫فســبقته فســكت عنــي حتــى إذا حملــت اللحــم وبدنــت ونســيت خرجــت معــه‬
‫فــي بعــض أســفاره فقــال للنــاس تقدمــوا فتقدمــوا ثــم قــال تعالــي حتــى‬
‫أســابقك فســابقته فســبقني فجعــل يضحــك وهــو يقــول هــذه بتلــك(‪.)52‬‬

‫إنــه ـ صلــى اللــه عليــه وســلم ـ لــم يقــل‪ :‬إننــي أكبــر مــن أن ألعــب مــع‬
‫زوجتــي‪ ،‬أو‪ :‬ليــس لــدي متســع مــن الوقــت لمثــل هــذا اللعــب واللهــو‪ ،‬ولــم‬
‫تقــل هــي ـ رضــي اللــه عنهــا ـ إن هــذا العمــل ال يليــق بامــرأة عاقلــة‪ ،‬وإنــه مــن‬
‫عمــل األطفــال‪.‬‬

‫وكمــا كان صلــى اللــه عليــه وســلم قــدوة لنــا بفعلــه فقــد حثنــا بقولــه‪ ،‬فعــن‬
‫جابــر رضــي اللــه عنــه ـ فــي حديــث طويــل ـ وفيــه أنــه صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫قــال لــه‪( :‬فهــا جاريــة تالعبهــا وتالعبــك‪ ،‬وتضاحكهــا وتضاحــكك)(‪ ،)53‬وفــي‬
‫روايــة‪( :‬فأيــن أنــت مــن العــذارى ولِ عابهــا؟)(‪.)54‬‬

‫أيها الزوجان‪ ..‬متى كانت آخر مرة لعبتما فيها سوياً !!‬

‫إن صخــب الحيــاة‪ ،‬وكثــرة مشــاغلها وظروفهــا‪ ،‬ينبغــي أن ال تنســينا أهميــة‬


‫الترفيــه والدعابــة بيننــا كزوجيــن‪ ،‬ومهمــا كانــت إمكانياتنــا الماديــة فهنــاك‬
‫فــرص تالئمهــا‪.‬‬

‫إن الدعابة ماء يغسل وعثاء الحياة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪104‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪:‬‬


‫كنت أغتسل أنا ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫من إناء بيني وبينه واحد‪ ،‬فيبادرني حتى أقول‪:‬‬
‫دع لي دع لي‪ ،‬قالت‪ :‬وهما جنبان‪.‬‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫الحمد لله‪..‬‬
‫ـــق أدنــى درجــة مــن درجــات الســعادة الزوجيــة نعمــة حــرم منهــا‬
‫ـقــ َ‬
‫ِإ ّن تَ َح ُّ‬
‫آخــرون‪ ،‬وإننــا لــن نســتطيع الحفــاظ علــى هــذه النعمــة وجلــب مزيــد مــن‬
‫الســعادة إال بشــكر المنعــم جــل شــأنه‪ ،‬فهــو ســبحانه القائــل‪( :‬وإذ تــأذن‬
‫ربكــم لئــن شــكرتم ألزيدنكــم)(‪.)55‬‬

‫فهــل جلســنا ســوياً وتذكرنــا هــذه النعمــة‪ ،‬وســردنا شــيئاً مــن تفاصيلهــا‪،‬‬
‫وحمدنــا اللــه عليهــا‪« .‬وإن تعــدوا نعمــة اللــه التحصوهــا» (‪.)56‬‬

‫والشــكر رضــى القلــب وقناعتــه‪ ،‬وحديــث اللســان‪ ،‬وتســخير الجــوارح فــي‬


‫طاعــة المنعــم‪ ،‬والمعصيــة منافيــة للشــكر‪.‬‬

‫التأمــل فــي النعــم ولفــت االنتبــاه إليهــا بيــن الفينــة واألخــرى هــو مصــدر‬
‫مــن أكبــر مصــادر الســعادة والرضــى‪.‬‬

‫ولنردد مع د‪ .‬غازي القصيبي‪:‬‬

‫الثغر‬
‫ِ‬ ‫واألحالم ضاحكة‬
‫ُ‬ ‫الحمد!‬
‫ُ‬ ‫لك‬
‫الظفر‬
‫ِ‬ ‫دامية‬ ‫واأليام‬
‫ُ‬ ‫!‬ ‫الحمد‬
‫ُ‬ ‫لك‬
‫واألفراح ترقص في دمي‬‫ُ‬ ‫الحمد!‬
‫ُ‬ ‫لك‬
‫واألتراح تعصف في صدري‬
‫ُ‬ ‫الحمد!‬
‫ُ‬ ‫لك‬
‫لك الحمد! ال أوفيك حمداً ‪ ..‬وإن طغى‬
‫الغدر‬
‫ِ‬ ‫ت لياليه في‬
‫لج ْ‬
‫زماني‪ ..‬وإن ّ‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪106‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫من جوامع دعاء الحبيب محمد صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬


‫اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك‬
‫لغـة العيون‬
‫إذا توطــدت العالقــة بيــن الزوجيــن فإنهمــا يصــان إلــى درجــة مــن الوئــام‬
‫تجعــل أحدهمــا يقــرأ نظــرات اآلخــر‪ ،‬ويعــرف دالالتهــا‪.‬‬

‫وهــذا مــا نــراه فيمــا جــاء عــن عائشــة ‪ -‬رضــي اللــه عنهــا ‪ -‬أنهــا قالــت‪ :‬إن مــن‬
‫نعــم اللــه علــي أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم توفــي فــي بيتــي‬
‫وفــي يومــي وبيــن ســحري ونحــري وأن اللــه جمــع بيــن ريقــي وريقــه عنــد‬
‫ــي عبــد الرحمــن وبيــده الســواك وأنــا مســندة رســول اللــه‬
‫موتــه دخــل َعلَ َّ‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم فرأيتــه ينظــر إليــه وعرفــت أنــه يحــب الســواك فقلــت‬
‫آخــذه لــك فأشــار برأســه أن نعــم فتناولتــه فاشــتد عليــه وقلــت ألينــه لــك‬
‫فأمـ َّـره ‪ ...‬الحديــث(‪.)57‬‬
‫فأشــار برأســه أن نعــم فلَ َّينْ تــه َ‬

‫إن لغــة العيــون هــي اللغــة الوحيــدة التــي ال تحتــاج إلــى مترجــم؛ ذلــك أن‬
‫جميــع شــعوب األرض تفهمهــا‪ ،‬فكيــف باثنيــن يكثــر التقاؤهمــا وتواصلهمــا‪،‬‬
‫فمــن شــبه الطبعــي أن يصــا إلــى درجــة مــن الوئــام يعــرف كل منهمــا حاجــة‬
‫اآلخــر مــن نظراتــه‪ ،‬وال يحتــاج فيهــا إلــى الــكالم‪.‬‬

‫وخاطبت‬
‫َ‬ ‫وتعطلت لغة الكالم‬

‫عيني في لغة الهوى عيناك‬


‫َّ‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪108‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫العين لسان ال يكذب‬


‫ليغب الجسد ويبقى االتصال‬
‫ـل أو غيــره‪ ،‬أو زيــارة طويلــة‬
‫قــد يغيــب الزوجــان عــن بعضهمــا؛ فــي ســفر عمـ ٍ‬
‫وهــذا الغيــاب بحــد ذاتــه ـ إن كان لــه مــا يبــرره ـ ليــس مشــكلة‪ ،‬لكــن المشــكلة‬
‫حينمــا ينقطــع التواصــل بيــن الزوجيــن خــال هــذه الفتــرة‪ ،‬ســيما مــع توافــر‬
‫وســائل االتصــال‪.‬‬

‫يقضــي بعــض األزواج والزوجــات الدقائــق فــي مكالمــات مــع بعــض الزمــاء‬
‫والزميــات‪ ،‬لكنهــم يبخلــون بجــزء منهــا علــى شــركاء حياتهــم‪ ،‬أو يغفلــون عــن‬
‫ذلــك‪ ،‬مــع أهميتــه‪ ،‬وعظيــم أثــره‪.‬‬

‫إن هــذا التواصــل يشــعر اآلخــر بحبــك لــه‪ ،‬وعــدم غيابــه عــن خاطــرك‪ ،‬وأنــه وإن‬
‫كان بعيــداً عــن الجســد فهــو األقــرب إلــى القلــب والنفس‪.‬‬

‫جرب وجربي‪ ،‬إنكما ستلتقيان بعد هذا الغياب أكثر اشتياقاً وأعمق حباً ‪.‬‬

‫أذهـــــــب‬
‫ْ‬ ‫لم أعـــــد دارياً إلى أين‬

‫أقـــــرب‬
‫ْ‬ ‫كل يـــــوم أحــــــــس أنـــك‬

‫صـعـــــب‬
‫ٌ‬ ‫اعتيـــادي عــلى غــــيابك‬

‫واعتيادي على حضورك أصــعب‬

‫أتمنى لو كــنت بــــــؤبؤ عـــــــيني‬

‫أترانـي طلبت ما لــــيس ُيطــلب‬

‫همســة‪ :‬إن لغيــاب أي مــن الزوجيــن عــن اآلخــر غيابــا ال يطــول فوائــد ال‬
‫تخفــى؛ منهــا تجديــد الحــب وبعــث االشــتياق بينهمــا‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪110‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫بجفوتكم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫نكافيكم‬
‫ْ‬ ‫«نزوركم ال‬
‫ْ‬
‫م ُيس َت َز ْر زا َرا‬
‫حب إذا َل ْ‬
‫الم ّ‬ ‫ّ‬
‫إن ُ‬
‫ٌ‬
‫نازحة‬ ‫يستقرب الدا َر شوقًا وهي‬
‫ُ‬
‫الدارا»‪.‬‬ ‫وق لم يس َت ِ‬
‫بع ِد ّ‬ ‫عالج َّ‬
‫الش َ‬ ‫َ‬ ‫َم ْن‬
‫العباس بن األحنف‪.‬‬
‫أصغيا لبعضكما‬
‫يقــوي عالقــة أي مــن الزوجيــن باآلخــر حســن االســتماع واإلصغــاء لحديثــه‪،‬‬
‫وعــدم مقاطعتــه إذا تحــدث‪ ،‬أو تجاهــل حديثــه‪ ،‬أو التقليــل مــن شــأنه‪ ،‬بطريقــة‬
‫قــد تشــعر بــاالزدراء واالســتخفاف‪.‬‬

‫إن النــاس قــد يقولــون عــن فــان إنــه متحــدث جيــد‪ ،‬بينمــا هــو فــي الحقيقــة‬
‫مســتمع لبق!‬

‫كفالن هذا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫فلنكن‬

‫إن بعــض األزواج أو الزوجــات يقاطــع اآلخــر بالتفاتــةٍ إلــى أحــد األطفــال‪ ،‬أو‬
‫بالــرد علــى الهاتــف‪ ،‬أو قــراءة جريــدة‪ ،‬أو باالنشــغال بــأي شــيء آخــر‪ ،‬وهــذا مــا‬
‫ـوار بيــن حبيبيــن‪.‬‬
‫الينبغــي أن يكــون فــي حـ ٍ‬

‫أمــا حينمــا يضطــر أحدكمــا لمقاطعــة اآلخــر ألمــر “مهــم” أو طــارئ‪ ،‬فينبغــي‬
‫أن يكــون ذلــك بطريقــة لبقــة‪ ،‬تشــعر اآلخــر باالهتمــام بــه وبحديثــه‪ ،‬كقــول‪:‬‬
‫(أســتأذنك فــي كــذا)‪ ،‬و(لــو ســمحت)‪ ،‬و(لــو تكرمــت) ونحوهــا‪.‬‬

‫تأكــدا مــن أنكمــا تحســنان اإلصغــاء‪ ،‬وال تقاطعــان المتحــدث‪ ،‬فحســن‬


‫اإلصغــاء واالســتماع ال يكلــف الكثيــر‪ ،‬لكــن لــه دالالت إيجابيــة عظيمــة‪ ،‬وتركــه‬
‫كفيــل بخلــق مشــكلة كبيــرة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪112‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قالوا في أدب الحديث واالستماع‪:‬‬


‫عليك أن تفتح أذنيك قبل‬
‫أن يفتح الناس أفواههم‪.‬‬
‫طوله يروض على االستغناء‬
‫إن الهجــر شــرع للــزوج‪ ،‬كوســيلة مــن وســائل التأديــب وعــاج بعــض‬
‫المشــاكل‪ ،‬ولــم يشــرع ليكــون هــو مشــكلة بحــد ذاتــه‪ ،‬إذ شــرع لــه ضوابــط‬
‫منهــا‪:‬‬

‫‪ 1-‬أال يزيــد علــى ثالثــة أيــام‪ ،‬إال إذا كان الهجــر ألمــر شــرعي‪ ،‬فــا بــأس مــن‬
‫الزيــادة بحســب مــا تقتضيــه المصلحــة‪.‬‬

‫‪ 2-‬وأال يكــون خــارج البيــت‪ ،‬بــل قــال بعــض أهــل العلــم‪:‬إن اللــه قــال‪:‬‬
‫(واهجروهــن فــي المضاجــع)(‪ ،)58‬ولــم يقــل واهجــروا المضاجــع‪ ،‬فــدل علــى‬
‫أن الهجــر يكــون فــي الفــراش‪ ،‬فينــام معهــا فــي الفــراش ويوليهــا ظهــره‪.‬‬

‫إن ديننــا الحنيــف نهــى الــزوج أن يخــرج زوجتــه مــن البيــت فــي الطــاق‬
‫فضــا عــن غيــر المطلقــة‪.‬‬
‫ً‬ ‫الرجعــي مادامــت فــي العــدة‪،‬‬

‫فالــزوج إذا هجــر زوجتــه‪ ،‬ولــم يخــرج مــن البيــت أو ُيخرجهــا فــإن هــذه الفتــرة‬
‫هــي فرصــة لمراجعــة كل منهمــا لمــا حصــل‪ ،‬والتفكيــر بحكمــة وتعقــل‪،‬‬
‫والســعي إلــى إيجــاد الحــل‪ ،‬والمخــرج‪.‬‬

‫أمــا إذا خــرج أحدهمــا مــن البيــت فــإن ذلــك يســبب اتســاع دائــرة المشــكلة‬
‫وتأزمهــا‪ ،‬وربمــا يشــعر كل منهمــا باســتغنائه عــن اآلخــر‪ ،‬وعندمــا تزيــد مــدة‬
‫الهجــر عــن ثالثــة أيــام فــإن الزوجيــن قــد يألفانهــا‪ ،‬فيتعــذر االجتمــاع بعــد ذلــك‪.‬‬

‫فلنحسن استخدام أدوات البناء؛ كي ال تكون معاول هدم‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪114‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫« وحـدة الهجـر ‪ -‬عزلة َ‬


‫اله ْجر ‪ -‬عـذاب غليظ ال تراه العين‪،‬‬
‫ً‬
‫عبثـا‪،‬‬ ‫وال يتصـوره العقـل‪ ،‬وهـي ذاتهـا تجعـل المقاومـة‬
‫سـمم كل سـاعة مـن اليـوم‪ ،‬وتملأ أيـام الحيـاة كلهـا‬‫ِّ‬ ‫و ُت‬
‫هـدم لألمـل والحيـاة‪ ،‬ومـن‬
‫ٌ‬ ‫بالشـقاء؛ ألنهـا ‪ -‬الوحـدة ‪-‬‬
‫ثمراتهـا تثبيـط الهمـة وتوزيـع الهـدف‪ ،‬وهمـا يصيـران‬
‫علـى مـر األيـام أشـد وأشـمل وأعصـى علـى العلاج‪،‬‬
‫ويثقلان علـى النفـس أكثـرَ مـن أي ضربـة قويـة سـريعة»‬
‫د‪ .‬جينا لمبروزو‪.‬‬
‫إنها تأسر القلوب‬
‫هــي ال تحتــاج إلــى كبيــر جهــد‪ ،‬وال مشــقة فيهــا وال عنــاء‪ ،‬لكنهــا تفعــل‬
‫فعــل الســحر فــي القلــوب‪ ،‬هــي تدخــل القلــب مــن أوســع أبوابــه‪ ،‬تشــعر‬
‫الطــرف اآلخــر بالحــب والوئــام واأللفــة‪ ،‬تكفــي عــن كثيــر مــن كلمــات الحــب‪،‬‬
‫وتغنــي عــن كثيــر مــن جمــل الثنــاء‪ ،‬إضافــة إلــى كل ذلــك فهــي تزيــد صاحبهــا‬
‫ـاال‪.‬‬
‫بهــاء وجمـ ً‬

‫إنها االبتسامة‪ ،‬وطالقة الوجه‪ ،‬فما أجمل الثغور الباسمة‪.‬‬

‫عــن جريــر بــن عبداللــه رضــي اللــه عنــه قــال مــا حجبنــي النبــي صلــى اللــه‬
‫عليــه وســلم منــذ أســلمت وال رآنــي إال تبســم فــي وجهــي(‪.)59‬‬

‫وعــن أبــي ذر رضــي اللــه عنــه قــال قــال لــي النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‪:‬‬
‫(ال تحقــرن مــن المعــروف شــيئاً ولــو أن تلقــى أخــاك بوجــه طلــق)(‪.)60‬‬

‫وعنــه قــال قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬تبســمك فــي وجــه‬
‫أخيــك لــك صدقــة)(‪.)61‬‬

‫هــذا فــي وجــه أخيــك المســلم مهمــا بعــد‪ ،‬فكيــف إذا كان تبســم أحــد‬
‫الزوجيــن فــي وجــه اآلخــر‪.‬‬

‫إن حبيبنــا صلــى اللــه عليــه وســلم لــم يحثنــا علــى ذلــك إال ليقينــه أن لذلــك‬
‫أثــراً فــي تأليــف القلــوب واجتماعهــا‪ ،‬وتوحيــد الكلمــة‪.‬‬

‫فلتعــل االبتســامة محيانــا وال تكــن ابتســامة الراشــي‪ :‬فبعضهــم وبعضهــن‬


‫يبتســمون لكــن متــى‪ ..‬إذا كان لهــم حاجــة!!‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪116‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫إذا كان الكريم عَ بوس وجهٍ‬


‫البخيل‬
‫ِ‬ ‫فما أحلى البشاشة في‬
‫ال تسقطوا رغباتكم‬
‫جــاء للبيــت وقــد اقتــرب موعــد ســفر األســرة‪ ،‬وهــو يعــرف أن زوجتــه ترغــب‬
‫أن تكــون الوجهــة إلــى مدينــة (أ)‪ ،‬وال مانــع لديهــا أن تكــون إلــى (ب)‪ ،‬بينمــا‬
‫هــو يرغــب الذهــاب إلــى (ب)‪ ،‬فقــال‪ :‬ســنذهب إلــى (ب)‪ ،‬وقــد اختــرت ذلــك‬
‫لعلمــي بحبــك لــه‪ ،‬ورغبتــك فيــه‪.‬‬

‫أمــا هــي فقــد أعــدت وجبــة العشــاء فــي أوانــي حافظــة للحــرارة وقالــت‪ :‬مــا‬
‫رأيــك أن نخــرج للعشــاء فــي أحــد المنتزهــات القريبــة ألن ذلــك مــن شــأنه جلب‬
‫ـك ولــأوالد‪ ،‬بينمــا هــو يعلــم شــدة حبهــا هــي للخــروج برفقتــه‬
‫الســعادة لـ َ‬
‫إلــى المتنزهــات‪.‬‬

‫ـد الزوجيــن رغبتــه‪ ،‬أو‬


‫صــور عديــدة تقــع فــي بعــض البيــوت ُيسـ ِـقط فيهــا أحـ ُ‬
‫الرغبــة المشــتركة علــى الطــرف اآلخــر وكأنــه يقــول ـ أو تقــول ـ‪ :‬ســأفعل هــذا‬
‫الشــيء أو فعلتــه مــن أجلــك‪.‬‬

‫إن األحــرى بهــذا الرجــل أن يقــول‪ :‬إن رغبتــي هــي أن تكــون رحلتنــا إلــى‬
‫(ب)‪ ،‬وبمــا أنــه ال مانــع لديــك مــن ذلــك‪ ،‬فمــا رأيــك أن نذهــب إليهــا‪ ،‬حينهــا‬
‫ســتوافقه علــى ذلــك‪ ،‬بطيــب نفــس منهــا‪ ،..‬وهــي فلتقــل‪ :‬لنخــرج إلــى أحــد‬
‫المتنزهــات ألن ذلــك مــن شــأنه جلــب الســعادة والســرور لنــا جميعــاً ‪.‬‬

‫إن هذا الملحظ دقيق‪ ،‬لكنه غاية في األهمية‪.‬‬

‫أنــا ســعيد ألنكمــا تكرهــان هــذا األســلوب‪ ،‬ولكــن ســعادتي أكبــر ببعدكمــا‬
‫عنــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪118‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬
‫كونا صديقين‬
‫ً‬
‫ملجأ لها‬ ‫حينمــا يكــون الــزوج صديقــا لزوجتــه فإنــه يشــعرها باألمــان‪ ،‬إذ يكــون‬
‫ـ بعــد اللــه ـ فــي األحــزان والملمــات‪ ،‬وشــريكاً لهــا فــي األفــراح والمســرات‪،‬‬
‫وكــذا الــزوج إذا رأى فــي زوجتــه صديقــة صدوقــة فإنــه ال يأنــس إال بقربهــا‪،‬‬
‫وال يســعده شــيء كرضاهــا بعــد رضــا اللــه ورضــا الوالديــن‪.‬‬

‫جــاء فــي حديــث عائشــة فــي قصــة صواحــب أم زرع ‪ :‬قالــت الحاديــة عشــرة‬
‫ـحم عضــدي‬
‫ـي ومــأ مــن شـ ٍ‬
‫ـي أذنَ ـ ّ‬
‫زوجــي أبــو زرع فمــا أبــو زرع ؟ أنــاس مــن ُحلِ ـ ٍّ‬
‫وبجحنــي فبجحــت إلــي نفســي وجدنــي فــي أهــل غنيمــة بشــق فجعلنــي‬
‫فــي أهــل صهيــل وأطيــط ودائــس ومنــق فعنــده أقــول فــا أقبــح وأرقــد‬
‫فأتصبــح وأشــرب فأتقنــح‪ ،...‬وفيــه‪ :‬قالــت عائشــة قــال لــي رســول اللــه صلــى‬
‫اللــه عليــه وســلم كنــت لــك كأبــي زرع ألم زرع(‪.)62‬‬

‫قــال العلمــاء‪ :‬هــو تطييــب لنفســها وإيضــاح لحســن عشــرته إياهــا‪ ،‬وإال‬
‫فهــو خيــر مــن أبــي زرع فــي ذلــك‪.‬‬

‫وعــن أنــس رضــي اللــه عنــه أن جــاراً لرســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫فارســيا كان طيــب المــرق فصنــع لرســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم ثــم‬
‫جــاء يدعــوه‪ ،‬فقــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬وهــذه) يعنــي‬
‫عائشــة‪ ،‬فقــال‪ :‬ال‪ ،‬فقــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬ال)‪ ،‬فعــاد‬
‫يدعــوه‪ ،‬فقــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬وهــذه)‪ ،‬قــال‪ :‬ال‪ ،‬قــال‬
‫رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬ال)‪ ،‬ثــم عــاد يدعــوه‪ ،‬فقــال رســول‬
‫اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬وهــذه)‪ ،‬قــال‪ :‬نعــم ‪ -‬فــي الثالثــة ‪ ،-‬فقامــا‬
‫يتدافعــان حتــى أتيــا منزلــه(‪.)63‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪120‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫كع ْين وأختها‬


‫وإني وإياه َ‬
‫م‬
‫ص ِ‬ ‫ـــك ٍّ‬
‫ف ومِ ْع َ‬ ‫وإني وإياه َك َ‬

‫(أبو فراس الحمداني)‬


‫ً‬
‫أحيانا‪..‬‬ ‫واألنف يبغض قبل القلب‬
‫عــن جابــر بــن عبــد اللــه رضــي اللــه عنهمــا أن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫قــال‪( :‬مــن أكل ثومــا أو بصــا فليعتزلنــا أو ليعتــزل مســجدنا وليقعــد فــي‬
‫بيتــه)(‪.)64‬‬

‫كمــا أننــا نأخــذ مــن هــذا الحديــث حكمــه الظاهــر‪ ،‬فإننــا نأخــذ منــه رعايــة‬
‫اإلســام لحقــوق الغيــر‪ ،‬حتــى فــي هــذا األمــر وهــو الرائحــة‪ ،‬فمــن حقهــم‬
‫علينــا أال نؤذيهــم بأيــة رائحــة كريهــة‪.‬‬

‫والزوجــان همــا أولــى مــن ينبغــي أن يراعيــا ذلــك فيمــا بينهمــا‪ ،‬فليحرصــا‬
‫علــى رائحــة البــدن‪ ،‬والفــم‪ ،‬والشــعر‪ ،‬والمالبــس كــي ال يشــم أحدهمــا مــن‬
‫اآلخــر رائحــة يكرههــا فيكــون ذلــك ســببا فــي نفــوره‪ ،‬وعــدم رغبتــه فــي‬
‫االقتــراب منــه‪.‬‬

‫وقــد كان النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم كمــا فــي صحيــح مســلم إذا دخــل‬
‫بيتــه بــدأ بالســواك ليطيــب فمــه‪.‬‬

‫وفــي مســلم أيضــاً عــن أنــس رضــي اللــه عنــه قــال‪( :‬مــا شــممت شــيئاً قــط‪،‬‬
‫مســكاً وال عنبــراً أطيــب مــن ريــح رســول اللــه)‪.‬‬

‫وفــي هــذا الوقــت تيســرت وللــه الحمــد ســبل ووســائل الحفــاظ علــى‬
‫الرائحــة الزكيــة الطيبــة‪ ،‬ومكافحــة الرائحــة الكريهــة‪ ،‬ومــن الوســائل فــي‬
‫ذلــك‪ :‬لتطهيــر الفــم وتعطيــره‪ :‬الســواك‪ ،‬الفرشــاة والمعجــون‪ ،‬علــك‬
‫اللبــان‪ ،‬الحلــوى المعطــرة بالنعنــاع أو غيــره‪ ،‬وللجســم‪ :‬يمكــن اســتخدام‬
‫الكريمــات والعطــور التــي تطيــب رائحــة الجســم‪ ،‬و”الشــامبوهات” الخاصــة‬
‫بالــرأس‪ ،‬وكــذا المعطــرات المزيلــة لرائحــة العــرق والتــي تســتخدم عــادة بعــد‬
‫االســتحمام‪ ،‬وهــي متوفــرة فــي الصيدليــات‪.‬‬

‫وال تنســيا االهتمــام بالقدميــن ورائحتهمــا لمــن يلبــس الجــوارب‪ .‬فــا‬


‫أنســى مــا قرأتــه مــرة فــي إحــدى الصحــف أن أحــد الزوجــات طلبــت مــن‬
‫القاضــي تطليقهــا مــن زوجهــا‪ ،‬ألنــه ال يعتنــي بنظافــة ورائحــة قدميــه‪،‬‬
‫وقالــت بأنهــا لــن ترجــع إليــه إال أن يتعهــد بالعنايــة بنظافــة قدميــه‪“ ،‬وشــر‬
‫البليــة مــا يضحــك”‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪122‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫جـاء فـي وصيـة أعرابيـة البنتهـا ليلـة زفافهـا‪:‬‬


‫“تفقـدي موضـع عينيـه وأنفـه‪ ،‬فلا تقـع عينيـه‬
‫منـك علـى قبيـح‪ ،‬وال يشـم منـك إال أطيـب ريـح”‬
‫وهـذه الوصية لـكال الزوجين‪ ،‬فالزوجة تتطلـع لذلك من زوجها‪.‬‬
‫هل تحبان النقد؟‬
‫أيهــا الزوجــان ليقبــل كل منكمــا النقــد مــن اآلخــر بصــدر رحــب‪ ،‬ولينظــر‬
‫إليــه علــى أن الدافــع إليــه هــو المحبــة والســعي إلــى تنزيهــه مــن النقائــص‬
‫والعيــوب‪ ،‬وإظهــاره فــي أبهــى حلــة‪ ،‬كــي يكــون أنموذجــاً للكمــال البشــري‪.‬‬
‫إذا كانــت تلــك هــي رؤيتنــا للنقــد‪ ،‬وهــذا هــو تصورنــا عنــه‪ ،‬فإننــا لــن نجــد‬
‫أي مشــكلة فــي قبولــه‪ ،‬والســعي مــن خاللــه إلــى إصــاح الــذات وتطويرهــا‪.‬‬
‫ومــا أجمــل العبــارة التــي تقــول‪ :‬إذا أردت أن تتحاشــى النقــد‪ :‬فــا تعمــل‬
‫شــيئاً ‪ ،‬وال تقــل شــيئاً ‪ ،‬وال تكــن شــيئاً ‪.‬‬
‫مثلمــا يحســن بمــن ُوجــه إليــه النقــد أن يتقبلــه بصــدر رحــب‪ ،‬وظــن حســن‪،‬‬
‫نتقــد أال يغيــب عــن ذهنــه أن النقــد ثقيــل علــى‬‫فإنــه أيضــا ينبغــي لمــن َي ِ‬
‫النفــس مهمــا كان دافعــه‪ ،‬وهــذا يدعــو إلــى توجيهــه بصــورة لطيفــة‪ ،‬مبتعــدا‬
‫المنتقــد وإيذائــه‪.‬‬
‫َ‬ ‫فــي ذلــك عــن إحــراج‬
‫وحتــى يؤتــي النقــد ثمــاره ال بــد مــن معرفــة أنــه ُمـ ٌّـر علــى النفــس‪ ،‬فالبــد‬
‫أن يكــون بقالــب جميــل‪.‬‬
‫ولنــا فــي ســيرة رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم أســوة حســنة‪ ،‬فقــد‬
‫ــم الرجــل عبــد اللــه لــو كان يصلــي مــن الليــل)‪،‬‬
‫قــال كمــا روى البخــاري‪( :‬نِ ْع َ‬
‫ـا(‪.)65‬‬‫ً‬ ‫ـ‬ ‫قلي‬ ‫إال‬ ‫ـل‬‫فــكان بعــد ال ينــام مــن الليـ‬
‫فقــد جعــل صلــى اللــه عليــه وســلم النقــد بيــن ثناءيــن فكأنــه قــال‪ :‬إن فــي‬
‫عبــد اللــه مــن الصفــات الحســنة الكثيــر ممــا يصعــب حصــره ‪ ،‬لكنــي أعتــب عليــه‬
‫ــم الرجــل)‪ ،‬فأنــت‬
‫أنــه ال يقــوم مــن الليــل‪ ،‬فلــو صلــى مــن الليــل لــكان (نِ ْع َ‬
‫أيهــا الــزوج وأنــت أيتهــا الزوجــة يمكنكمــا أن تســلكا هــذا المنهــج النبــوي فــي‬
‫انتقــاد كل منكمــا لآلخــر‪.‬‬
‫كأن يقــول هــو‪( :‬مــا أروع طهيــك للطعــام ‪ -‬وإن كان يحتــاج إلــى قليــل مــن‬
‫الملــح ‪ -‬يــا أمهــر طباخــة)‪ ،‬وتقــول هــي‪:‬‬
‫(كــم أنــت رائــع يــا حبيبــي ‪ -‬مــا ذا لــو اعتنيــت باقتنــاء أروع العطــور ‪ -‬يــا أروع‬
‫إنسان)‪.‬‬
‫المنتقد‪.‬‬
‫َ‬ ‫وليكن النقد منصباً علـى الفعل ال على ذات الشخص‬
‫همســة‪ :‬إننــا بعــدم قبولنــا للنقــد لــن نســتطيع منــع اآلخريــن مــن توجيهــه‬
‫إلينــا‪ ،‬لكننــا نحــرم أنفســنا فرصــة االســتفادة منــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪124‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«النقـــد مثـــل المطـــر‪ ،‬ينبغـــي أن‬


‫يكـــون يســـيرًا بمـــا يكفـــي ليغـــذي‬
‫نمــو االنســان دون أن يدمــر جــذوره»‪.‬‬
‫فرانك كالرك‪.‬‬
‫فن االستقبال‬
‫إن لحظــة اللقــاء بيــن الزوجيــن هــي مــا ســتبنى عليهــا الدقائــق بــل ربمــا‬
‫الســاعات التــي تليهــا‪ ،‬فاللحظــة التــي يســتقبل فيهــا الــزوج زوجتــه بعــد‬
‫مجيئهــا مــن بيــت أهلهــا‪ ،‬أو تســتقبل فيهــا الزوجــة زوجهــا حيــن رجوعــه مــن‬
‫عملــه‪ ،‬إن هــذه اللحظــة إن كان اللقــاء فيهــا واالســتقبال بكلمــة رقيقــة‪،‬‬
‫وعبــارة لطيفــة‪ ،‬وابتســامة جميلــة‪ ،‬فــإن فــي ذلــك داللــة علــى دفء اللقــاء‬
‫وزيــادة إلــف القلــوب‪ ،‬أمــا إذا كان اللقــاء بكلمــات جامــدة جمــود عواطــف‬
‫صاحبهــا‪ ،‬أو بوجــه مكفهــر وجبيــن مقطــب‪ ،‬فــإن ذلــك ينبــئ عــن شــعور بعــدم‬
‫االغتبــاط والســعادة بهــذا االســتقبال واللقــاء‪.‬‬

‫ور ّدة فعــل كل مــن هذيــن التصرفيــن لــن تكــون إال بالمثــل غالبــاً ‪ ،‬ممــا يكون‬
‫َ‬
‫ســبباً فــي زيــادة األلفــة فــي الحالــة األولــى‪ ،‬ومزيــدا مــن البعــد والتنافــر فــي‬
‫الحالــة الثانية‪.‬‬

‫إذا علمنــا أن لالســتقبال فنونــاً فمــن الجميــل أن نســعى إلــى إتقانهــا‪،‬‬


‫وترجمتهــا واقعــاً عمليــاً تــزدان بــه عالقتنــا الزوجيــة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪126‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫إن تلقه تلق البشاشة والندى‬

‫طل َ‬
‫ِق المح َّيا مشرق األحساب‬ ‫َ‬
‫الشعور بالمسؤولية‪..‬‬
‫تتضمــن العالقــة الزوجيــة عــدداً مــن المســؤوليات مقســمة بيــن الزوجيــن‪،‬‬
‫وشــعور كل واحــد منهمــا بمســؤوليته تجــاه ذلــك مــن شــأنه توطيــد العالقــة‬
‫بينهمــا‪ ،‬وخلــق جــو مــن الحــب والتوافــق فــي حياتهمــا‪ ،‬وبالعكــس مــن ذلــك‬
‫لــو قصــر أي مــن الزوجيــن فــي شــيء مــن مســؤولياته‪.‬‬

‫واألمثلــة علــى التقصيــر فــي ذلــك كثيــرة جــداً ‪ ،‬وكل أدرى بحالــه‪ ،‬ولكــن أذكــر‬
‫منهــا علــى ســبيل المثــال‪:‬‬

‫يأتي الزوج إلى البيت في وقته المعتاد فيجد زوجته نائمة!‪.‬‬

‫يأتــي الــزوج مــن عملــه وقــد اعتــاد أن يــأكل وجبــة الغــداء ثــم يأخــذ قســطاً‬
‫مــن الراحــة‪ ،‬فيفاجــأ بــأن الغــداء غيــر مجهــز ويتكــرر هــذا بــدون مبــرر!‪.‬‬

‫تخبــر الزوجــة زوجهــا عــن أن اســطوانة الغــاز فارغــة أو قاربــت‪ ،‬فيتأخــر الــزوج‬
‫عــن اســتبدالها!‪.‬‬

‫يخــرج الــزوج فــي رحلــة مــع زمالئــه تــاركاً زوجتــه المريضــة لوحدهــا فــي‬
‫البيــت!‪.‬‬

‫يتصــل أحــد زمــاء الــزوج عليــه فــي البيــت بعــد الظهــر ويدعــوه لمشــاركته‬
‫فــي وجبــة الغــداء مــع بعــض الزمــاء‪ ،‬فيكتفــي هــذا الــزوج بإخبــار زوجتــه أنــه‬
‫لــن يتغــدى معهــم؛ ألنــه ســيذهب إلــى زميلــه‪ ،‬بينمــا الزوجــة كانــت قــد أعــدت‬
‫الغــداء!‪.‬‬

‫عفــواً قــد يــرى البعــض أن هــذه الصــور ال تســتحق الذكــر وأنهــا أمــور يســيرة‪،‬‬
‫ولكنــي أرى خــاف ذلــك تمامــاً ‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪128‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«اإلنسان الكسول كالماء الراكد‪ ،‬كالهما مكروه»‬


‫مثل فرنسي‪.‬‬
‫استثمار المواهب‬
‫هــل أحدكمــا شــاعر‪ ،‬أو صاحــب صــوت نــدي‪ ،‬أو أديــب‪ ،‬أوخطــاط‪ ،‬أو رســام‪ ،‬أو‬
‫مصمــم‪ ،‬أو علــى أقــل األحــوال يملــك عبــارة أدبيــة رقيقــة؟‬

‫إذا كان الجــواب بنعــم‪ ..‬فهــل اســتخدمتما هــذه الموهبــة فــي التعبيــر عــن‬
‫حبكــم‪ ،‬ووفائكــم‪ ،‬وســعادتكم بالقــرب مــن بعضكــم‪.‬‬

‫إنه جهد ال يكلف وقتاً ‪ ،‬لكنه يأسر قلباً ‪.‬‬

‫قال الشاعر علي الجارم‪:‬‬

‫الشعر عاصـــــــــفةٌ تقتاد عاصــفةً‬

‫أفــــــــــكار‬
‫ِ‬ ‫وفكــــــرة تجـــــــلى بــين‬

‫األرواح َألهبـها‬
‫َ‬ ‫الشعر إن المس‬
‫ُ‬

‫بـتيــــــــــــار‬
‫ِ‬ ‫تيــــــــــــار‬
‫ٌ‬ ‫كمــــــا تَ قـــــــابل‬

‫الشعر أنشودة الفـــنان يرسلها‬

‫إقـــــفار‬
‫ِ‬ ‫إلى القلوب فتـــحيا بعد‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪130‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ال يضرني أن ليس على رأسي‬


‫تـــاج ما دام في يــــــدي قلم‪.‬‬
‫(فولتير)‬
‫اخضعي بالقول!‬
‫هل ترفعين صوتك عليه أو عنده؟‬

‫إن مــن جمــال المــرأة وجاذبيتهــا رقــة صوتهــا وخضوعــه‪ ،‬ومــا ينافــي ذلــك‬
‫ينافــي جمالهــا‪ ،‬ولــذا قــال اللــه تعالــى‪( :‬فــا تخضعــن بالقــول فيطمــع الــذي‬
‫فــي قلبــه مــرض)(‪.)66‬‬

‫ؤســف لحــال نســاء يخضعــن بالقــول عنــد مــن ال يجــوز لهــن الخضــوع عنــده‪،‬‬
‫وي َ‬
‫ُ‬
‫وال يخضعــن عنــد مــن فــي الخضــوع بالقــول عنــده ســعادة الدنيــا‪ ،‬وفــاح‬
‫اآلخــرة بــإذن اللــه تعالــى‪.‬‬

‫أتمنى أال يحتاج الزوج إلى وضع القطن في أذنيه‪.‬‬

‫إن بعــض األزواج ال يعــرف ِر َّقــة كلمــات زوجتــه وأســلوبها البليــغ وفــن‬
‫الحديــث والحــوار‪ ،‬وجاذبيتــه إال حينمــا يســمعها تتحــدث إلــى إحــدى زميالتهــا‬
‫أو قريباتهــا!!‪.‬‬

‫وأنــت أيهــا الــزوج أخاطبــك بمــا خاطبــت بــه الزوجــة‪ ،‬وأدعــوك إلــى ليــن القول‬
‫ولطيفــه مــع النــاس كلهــم فضــا عــن األقربيــن منهم‪.‬‬

‫ـون صوتــك‬
‫أوصــى الديــان بــن قطــن الحارثــي ابنتــه‪ ،‬فقــال‪( :‬يابنيــة ال يعلـ ّ‬
‫صــوت زوجــك وال يكــن أمــرك علــى أمــره)‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪132‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫“عبقرية المرأة في قلبها”‬


‫سقراط‬
‫ً‬
‫رفقا بالقوارير‬
‫عزيــزي الــزوج‪ ..‬قــد تغضــب زوجتــك يومــا مــا وترفــع صوتهــا عليــك‪ ،‬أو تقــول‬
‫كالمــا ال يرضيــك‪ ،‬فاصبــر وتحمــل منهــا ذلــك‪ ،‬ودعهــا تنفــس عمــا فــي نفســها‬
‫فهــي ال تملــك إال لســانها؛ إذ ال تملــك أن تضربــك‪ ،‬وال تملــك أن تطلقــك‪،‬‬
‫وال تملــك أن تخرجــك مــن البيــت ألنــه بيتــك‪ ،‬والقوامــة لــك‪.‬‬

‫وال تكبتهــا فكبتهــا وكتمهــا ربمــا ســبب لهــا أمراضــاً نفســية‪ ،‬أو كان دافعــا‬
‫ـق حرام‪.‬‬
‫عمــن تنفــس عنــده عــن همومهــا ولــو كان ذلــك بطريـ ٍ‬
‫لهــا إلــى البحــث َّ‬

‫ثــم أيتهــا الزوجــة الباحثــة عــن الســعادة إننــي حينمــا أوصــي الــزوج بذلــك‬
‫ينبغــي أال تفهمــي أن ذلــك تصريحــا لــك بهــذا الفعــل وموافقــة لــك عليــه‪،‬‬
‫بــل إننــي أحــذرك مــن ذلــك‪ ،‬إذ ال أســتطيع أن أضمــن لــك حســن العاقبــة‪،‬‬
‫واعلمــي ‪ -‬وليعلــم الــزوج كذلــك ‪ -‬أن الرفــق مــا كان فــي شــيء إال زانــه‪،‬‬
‫وهــذا ليــس خبــراً منــي‪ ،‬بــل هــو خبــر ووعــد مــن الحبيــب صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم‪ ،‬فعــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا أنــه صلــى اللــه عليــه وســلم قــال‪:‬‬
‫(إن الرفــق ال يكــون فــي شــيء إال زانــه‪ ،‬وال ينــزع مــن شــيء إال شــانه)(‪.)67‬‬

‫قال صلى الله عليه وسلم‪( :‬استوصوا بالنساء خيراً )‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫وتلفــت األســتاذة ناديــة منصــور النظــر حــول الموضــوع بقولهــا‪“ :‬يتصــور‬


‫ً‬
‫خطــأ أن التــودد مــع الزوجــة نــوع مــن الضعــف‪ ،‬وأن الرحمــة معهــا‬ ‫الرجــل‬
‫تفســدها‪ ،‬وتقلــل مــن عوامــل ضبطهــا”‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪134‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫« يشـكل أسـلوب اإلهمـال أزمـة نفسـية للزوجـة‬


‫وتفسـر علـى أنهـا رفـض تقبـل الـزوج لهـا‪ ،‬وتضـاؤل‬
‫أهميتهـا‪ ،‬والتشـكيك فـي قدراتهـا‪ ،‬وجمالهـا‪ ،‬بـل‬
‫وفـي أنوثتهـا»‬
‫نادية منصور‪.‬‬
‫لكل خصوصيته‪...‬‬
‫ٍّ‬
‫إن لــكل مــن الزوجيــن خصوصياتــه‪ ،‬وســعي أي منهمــا إلــى كشــف‬
‫خصوصيــات اآلخــر غالبــاً مــا يكــون وخيــم العاقبــة‪.‬‬

‫ويتمثــل الســعي المذمــوم فــي كشــف هــذه الخصوصيــات فــي صــور‬


‫منهــا التجســس‪ ،‬والتلصــص‪ ،‬فيتجســس أي مــن الزوجيــن علــى مكالمــات‬
‫اآلخــر‪ ،‬ويطلــع علــى أوراقــه الخاصــة‪ ،‬ورســائله االلكترونيــة‪ ،‬ورســائل الجــوال‪،‬‬
‫وجلســاته مــع أقاربــه وأصدقائــه‪.‬‬

‫إن مــن يتجســس غالبــا مــا ُيــ َـؤ ّول األمــور علــى أســوء ظــن‪ ،‬ثــم ال يمكنــه‬
‫التحقــق مــن صــدق تأويلــه مــن عدمــه ألنــه ال يرغــب ـ غالبــاً ـ فــي مكاشــفة‬
‫الطــرف اآلخــر باطالعــه علــى هــذا الســر‪ ،‬وإن تجــرأ وكاشــفه بذلــك فــإن ذلــك‬
‫غالبــا مــا يكــون مســماراً يــدق فــي نعــش العالقــة‪ ،‬ومعــوال علــى بنــاء الحــب‬
‫الــذي بنــوه‪.‬‬

‫إن أبلــغ مــا يمكــن قولــه هنــا هــو قــول رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‪:‬‬
‫( ال تجسســوا‪ ،‬وال تحسســوا وال تباغضــوا)(‪ ،)68‬وقولــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم ـ كمــا فــي حديــث ابــن عبــاس رضــي اللــه عنهمــا‪( :‬مــن اســتمع إلــى‬
‫حديــث قــوم وهــم لــه كارهــون أو يفــرون منــه صــب فــي أذنــه اآلنــك يــوم‬
‫القيامــة)(‪.)69‬‬

‫قــال شــراح الحديــث‪ :‬التجســس وهــو البحــث عــن العــورات والســيئات‪،‬‬


‫والتحســس‪ :‬هــو طلــب المــرء معرفــة األخبــار و األحــوال الغائبــة عنــه ‪.‬‬

‫وقــال اإلمــام األوزاعــي ‪ :‬التجســس البحــث عــن الشــيء والتحســس‬


‫االســتماع إلــى حديــث القــوم وهــم لــه كارهــون أو يتســمع علــى أبوابهــم‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪136‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قـال النبـي صلـى اهلل عليـه وسـلم ‪« :‬مـن‬


‫ُ‬
‫تركه ما ال يعنيه»‬ ‫ُحسـن إسالم المرء‬

‫[رواه الترمذي وصححه األلباني] ‪.‬‬


‫المكافئ ال يسعد‬
‫يكــرم إال إذا ُأكــرم وال يحســن إال إذا ُأحســن إليــه‪ ،‬ال يمكــن أن‬
‫ِ‬ ‫إن مــن ال‬
‫يكــون ســعيدا فــي حياتــه‪،‬‬

‫وإن تقصيــر أي مــن الزوجيــن ينبغــي أال يكــون داعيــاً لتقصيــر الطــرف اآلخــر‪،‬‬
‫ألن اللــه تعالــى يقــول‪( :‬ادفــع بالتــي هــي أحســن فــإذا الــذي بينــك وبينــه‬
‫عــداوة كأنــه ولــي حميــم)(‪َ ،)70‬فلَ ــم يأمرنــا بــأن نــرد الصــاع صاعيــن ‪ -‬كمــا يقــال‬
‫‪.-‬‬

‫وروى عبــد اللــه بــن عمــرو رضــي اللــه عنهمــا أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم قــال‪( :‬ليــس الواصــل بالمكافئ)(‪.)71‬‬

‫عاجــا‪ ،‬فــإن‬
‫ً‬ ‫فليحســن كل مــن الــزوج والزوجــة وإن لــم يجــدا لذلــك أثــراً‬
‫الفعــل الحســن غيــث‪ ،‬والغيــث تعجــل ثمرتــه فــي بقــاع وتتأخــر فــي أخــرى‪،‬‬
‫وقليلــة هــي البقــاع التــي ال ثمــرة للغيــث فيهــا‪.‬‬

‫إن للعطــاء لــذة لــو ذاقهــا المتطلعــون لألخــذ لبــادروا إليــه‪ ،‬ولمــا أشــغلوا‬
‫أنفســهم بمــا هــم فيــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪138‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫(أجود الناس من أعطى من حرمه‪،‬‬


‫وأحلم الناس من عفا عمن ظلمه)‬

‫عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‬


‫ال تكسري كبرياءه‬
‫أيتهــا الزوجــة المباركــة إنــك تســتطيعين أن تكســبي ود زوجــك بمراعــاة‬
‫ظروفــه الماديــة‪ ،‬فحيــن يطلــب أوالدك شــيئا تريــن أنــه يشــق عليــه شــراؤه‪ ،‬أو‬
‫حتــى تريــن أنــه يريــد شــراء شــيء يعــرف رغبتــك أو رغبــة أوالده فــي شــرائه‬
‫لــه‪ ،‬فتقوليــن لــه‪ :‬أنــت لــم تقصــر يومــا ولــن تقصــر فــي شــراء هــذا الشــيء‪،‬‬
‫لكــن يــا عزيــزي ال حاجــة لنــا بهــذا الشــيء اآلن‪ ،‬أو كلمــة نحوهــا‪ ،‬إنــه ســيعلم‬
‫ضمنــا أنــه مــا دفعــك لذلــك إال الرفــق بــه‪ ،‬وحتــى لــو لــم يشــعر بذلــك فــإن الله‬
‫يعلــم‪ ،‬وســيجعل لــك فــي قلبــه مــن الحــب مثلمــا فعلــت وزيــادة‪ ،‬وسينشــر‬
‫الســعادة بينكمــا‪.‬‬

‫وإيــاك أن تقولــي‪ :‬ال داعــي أن نشــتري هــذا الشــيء أو لــن نشــتري هــذا‬
‫الشــيء ألن وضعــك المــادي ال يحتمــل ذلــك‪.‬‬

‫إن بعــض هــذه العبــارات وإن كان القصــد منهــا التوفيــر علــى الــزوج ومراعــاة‬
‫حالتــه الماديــة‪ ،‬إال أن الشــيطان قــد يوحــي إلــى الــزوج أن هــذا لمــزٌ لــه بالعجــز‬
‫المالي‪.‬‬

‫وكــذا حينمــا تريديــن شــراء شــيء لــه أو لبيتكمــا مــن مالــك الخــاص‪ ،‬فإيــاك‬
‫أن تشــعريه مــن قريــب أو بعيــد أن فعلــك هــذا جــاء إعانــة لــه وتقديــرا لحاجتــه‬
‫إلــى المســاعدة‪ ،‬بــل قولــي‪ :‬أعــرف أنــك لســت بحاجــة إلــى مالــي ولكــن أرغــب‬
‫أن أشــاركك هــذا الفضــل وأرد لــك شــيئا مــن جميلــك الــذي ال أســتطيع‬
‫مكافأتــك عليــه‪.‬‬

‫لــن تخســري شــيئا بهــذه العبــارة‪ ،‬بــل إنــك تكســبين بهــا أضعــاف مــا ترجيــن‪،‬‬
‫مــن تحقيــق للســعادة‪ ،‬وجلــب للمــودة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪140‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«السهم يغرز بالجسد‪ ،‬لكن اإلهانة تخترق الروح»‪.‬‬

‫بالتاستار غراتيان‪.‬‬
‫أحسنا به الظن‬
‫عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫قــال‪( :‬قــال اللــه‪ :‬أنــا عنــد ظــن عبــدي بــي)(‪.)72‬‬

‫إننــا حينمــا نحســن الظــن باللــه فــي كل شــيء فإنــه يصلــح شــؤوننا‪ ،‬ومــن‬
‫ذلــك حياتنــا الزوجيــة‪ ،‬فالــزوج والزوجــة إذا كان ظنهمــا باللــه حســنا وأنــه‬
‫سيســعدهما فــي حياتهمــا‪َ ،‬ف َظنُّ نــا باللــه تعالــى الكريــم المنــان أن ســيحقق‬
‫لهمــا الســعادة وهــذا وعــد ربانــي‪ ،‬كمــا فــي الحديــث اآلنــف ذكــره‪.‬‬

‫قال أبو حامد الغزالي رحمه الله‪:‬‬

‫ســوء الظــن تلقيــن مــن الشــيطان‪ ،‬وحســن الظــن تلقيــن مــن اللــه تعالــى‪،‬‬
‫قــال اللــه تعالــى‪( :‬الشــيطان يعدكــم الفقــر ويأمركــم بالفحشــاء واللــه يعدكم‬
‫ـا)(‪)73‬‬
‫مغفــرة منــه وفضـ ً‬

‫أمــا اليــأس فهــو كمــا قــال أميــن الريحانــي‪ :‬اليــأس طريــق ســهل ال يســلكه‬
‫إال العاجــزون‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪142‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ال تيأسن من انفراجِ شديدةٍ‬


‫شدائد‬
‫ُ‬ ‫قد تنجلي َ‬
‫الغ َمرات وهي‬
‫أقسم ُ‬
‫ت أال تنقضي‬ ‫ْ‬ ‫كم كربة‬
‫الواحد‬
‫ُ‬ ‫زالت َ‬
‫وف َّرجها الجليل‬

‫(صالح عبد القدوس)‬


‫لقمة الحالل‬
‫عــن ســعد بــن أبــي وقــاص رضــي اللــه عنــه أن النبــي صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم قــال‪( :‬ولســت تنفــق نفقــة تبتغــي بهــا وجــه اللــه إال أجــرت بهــا حتــى‬
‫ــي امرأتــك)(‪ )74‬أي‪ :‬فــي فمهــا‪.‬‬
‫اللقمــة تجعلهــا فــي ِف ِّ‬

‫وعــن جابــر بــن عبــد اللــه رضــي اللــه عنهمــا أن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫قــال لكعــب بــن عجــرة‪( :‬ياكعــب بــن عجــرة إنــه ال يدخــل الجنــة لحــم نبــت مــن‬
‫ـار‬
‫ـحت‪ ،‬النـ ُ‬
‫سـ ٍ‬

‫أولى به)(‪.)75‬‬

‫ولــن تكــون النــار أولــى بــه إال ألن هــذا الســحت ســيؤثر علــى عبادتــه‪،‬‬
‫وأخالقــه‪.‬‬

‫وجاء في األثر‪ :‬أطب مطعمك تجب دعوتك‪.‬‬

‫قــال الحســن البصــري رحمــه اللــه‪( :‬وقفــت علــى بــزاز بمكــة أشــتري منــه‬
‫ثوبــاً ‪ ،‬فجعــل يمــدح ويحلــف‪ ،‬فتركتــه‪ ،‬وقلــت‪ :‬ال ينبغــي الشــراء مــن مثلــه‪،‬‬
‫واشــتريت مــن غيــره‪ ،‬ثــم حججــت بعــد ذلــك بســنتين‪ ،‬فوقفــت عليــه فلــم‬
‫أســمعه يحلــف‪ ،‬فقلــت لــه‪ :‬ألســت الرجــل الــذي وقفــت عليــه منــذ ســنوات؟‬
‫قــال‪ :‬نعــم‪ ،‬قلــت لــه‪ :‬وأي شــيء أخرجــك إلــى مــا أرى؟ مــا أراك تمــدح وال‬
‫تحلــف؟ قــال‪ :‬كانــت لــي إمــرأة إن جئتهــا بقليــل نزرتــه‪ ،‬وإن جئتهــا بكثيــر قللتــه‪،‬‬
‫ثــم أماتهــا اللــه‪ ،‬فتزوجــت أمــرأة بعدهــا‪ ،‬فــإذا أردت الغــدو إلــى الســوق أخــذت‬
‫بمجامــع ثيابــي ثــم قالــت‪( :‬يافــان اتــق اللــه والتطعمنــا إال طيبــاً ‪ ،‬إن جئتنــا‬
‫بقليــل كثرنــاه‪ ،‬وإن لــم تأتنــا بشــيء أعنــاك بمغزلنــا)‪.‬‬

‫َفلْ نَ تَ َح ّر الحالل؛ لتحسن الحال‪ ،‬ونسعد في المآل بإذن الله‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪144‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫من جوامع الدعاء‪:‬‬


‫“ اللهم إني أسألك رزقًا طيبًا”‬
‫أزكى لكم‪..‬‬
‫إن كل مــا يزكــي النفــوس‪ ،‬فإنــه يجلــب لهــا الســعادة‪ ،‬وإذا كان الوعــد بــزكاة‬
‫النفــوس مــن بارئهــا‪ ،‬فــإن مــن الغبــن والخســران عــدم الســعي لتحقيقــه‪.‬‬

‫أيهــا الزوجــان إن فــي غــض البصــر عمــا حــرم اللــه‪ ،‬زكاة للنفــوس‪ ،‬وإن مــن ال‬
‫يغــض بصــره عمــا حــرم اللــه ُيســلب القناعــة فيمــا آتــاه اللــه مــن زوج أو زوجــة‪،‬‬
‫ممــا يكــون لــه بالــغ األثــر فــي تالشــي الميــول إلــى الشــريك زوجــا أو زوجــة‪،‬‬
‫ونقــص الســعادة بمعاشــرته‪ ،‬وصحبتــه‪.‬‬

‫قــال اللــه تعالى‪(:‬قــل للمؤمنيــن يغضــوا مــن أبصارهــم ويحفظــوا فروجهــم‬


‫ذلــك أزكــى لهــم)(‪ ،)76‬وفــي اآليــة التــي تليها‪(:‬وقــل للمؤمنــات يغضضــن‬
‫مــن أبصارهــن ويحفظــن فروجهــن)(‪.)77‬‬

‫وإذا أطلــق أي مــن الزوجيــن نظــره فــي الجنــس اآلخــر فإنــه ومــع الوقــت‬
‫ســيزهد فــي شــريكه‪ ،‬ويفقــد االســتمتاع معــه‪ ،‬وتتطلــع نفســه لمــن ليــس‬
‫لــه‪ ،‬وقــد أحســن الشــاعر حينمــا قــال‪:‬‬

‫رائدا‬
‫ً‬ ‫أرسلت طرفك‬
‫َ‬ ‫وكنت متى‬
‫َ‬

‫المناظر‬
‫ُ‬ ‫يوما أتعبتك‬
‫‏ لقلبك ً‬

‫قادر‬
‫ٌ‬ ‫رأيت الذي ال كُ لُّ ه أنت‬
‫َ‬

‫صابر‬
‫ُ‬ ‫‏عليه وال عن بعضه أنت‬

‫وقال إبراهيم بن أدهم ‪ -‬رحمه الله ‪ :-‬من أطلق نظره طال أسفه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪146‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫“إن خير ما للمرأة أن ال ترى الرجال‪ ،‬وال يروها”‬


‫فاطمة بنت محمد رضي اهلل عنها‬
‫حتى ال يخطف القلب‬
‫عنايــة الزوجــة بجمالهــا وزينتهــا أمــام زوجهــا أحــد ركائــز الســعادة الزوجيــة‪،‬‬
‫وتــزداد الحاجــة لعنايــة الزوجــة بزينتهــا أمــام زوجهــا فــي األوقــات واألماكــن‬
‫التــي تخشــى فيهــا فتنــة الــزوج لوجــود نســاء متبرجــات مظهــرات لمفاتنهــن‬
‫وزينتهــن‪.‬‬

‫وتغفــل كثيــر مــن الزوجــات عــن ذلــك خصوصــاً إذا كانــوا فــي ســفر؛ مــا قــد‬
‫يكــون ســبباً فــي افتتــان بعــض األزواج بغيــر زوجاتهــم‪ ،‬ولربمــا كـ ّ‬
‫ـن أقــل جمــاال‬
‫مــن زوجاتهــم لكنهــن امتــزن عليهــن وفقنهــن بالتجمــل والعنايــة‪ ،‬فحافظــي‬
‫علــى زوجــك‪ ،‬بعنايتــك بنفســك‪ ،‬والــكالم نفســه يوجــه للــزوج‪.‬‬

‫عــن جابــر رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم رأى امــرأة‬
‫فأتــى امرأتــه زينــب وهــي تمعــس منيئــة لهــا فقضــى حاجتــه ثــم خــرج إلــى‬
‫أصحابــه فقــال‪( :‬إن المــرأة تقبــل فــي صــورة شــيطان‪ ،‬وتدبــر فــي صــورة‬
‫شــيطان؛ فــإذا أبصــر أحدكــم امــرأة فليــأت أهلــه فــإن ذلــك يــرد مــا فــي‬
‫نفســه)(‪.)78‬‬

‫قولــه‪( :‬تمعــس منيئــة لهــا) قــال أهــل اللغــة‪ :‬المعــس الدلــك والمنيئــة هــي‬
‫الجلــد أول مــا يوضــع فــي الدبــاغ‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪148‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫مهمات ينبغي أن ال تلهينا عن مهم‪:‬‬


‫“بمجرد أن تتزوج المرأة عــادة ما تهمل نفسها كحبيبة؛‬
‫تنغمس في العمل‪ ،‬وتربية األوالد‪ ،‬واالعتناء بالمنزل‪ ،‬و تهمل‬
‫زوجها‪ ،‬وذلك قد يكون سببا رئيسيا في احتمالية انجذاب‬
‫فعليك أن تحذري الدخول في تلك‬
‫ِ‬ ‫زوجها المــرأة أخــرى!‬
‫الدائرة المفرغة وأن تبقي زوجك منجذبا إليك طوال الوقت”‪.‬‬
‫صحيفة بوابة الشروق‪.‬‬
‫بطيب نفس‬
‫إن عقــد الزوجيــة مــن أعظــم العقــود وأحقهــا بالوفــاء‪ ،‬فإمســاك بمعــروف‬
‫أو تســريح بإحســان‪ ،‬وإن لــكل مــن الــزوج والزوجــة اشــتراط أي شــرط ال يحــل‬
‫حرامــا وال يحــرم حــاال‪ ،‬وعلــى الطــرف اآلخــر االلتــزام بهــذا الشــرط‪.‬‬

‫ولــن أتكلــم عمــن ال يفــي بهــذه الشــروط‪ ،‬فهــذا قــد ظلــم وتعــدى‪ ،‬وارتكب‬
‫جرمــا عظيمــاً ‪ ،‬زوجــاً كان أو زوجة‪.‬‬

‫إن الحديــث هنــا عمــن يفــي بالشــروط‪ ،‬ولكنــه ُيتبــع هــذا الوفــاء بالمــن‬
‫واألذى‪ ،‬إن مــن يفعــل ذلــك يســلب الســعادة فــي الدنيــا‪ ،‬ويخشــى عليــه‬
‫آجــا إن لــم يتــب مــن ذلــك‪.‬‬
‫ً‬ ‫عاجــا أو‬
‫ً‬ ‫العقــاب مــن اللــه علــى ذلــك‬

‫من بواجب‪.‬‬
‫فأوفوا بالعقود بطيب نفس منكم‪ ،‬فبئس الخُ لُ ق ٌّ‬

‫والخطاب هنا موجه للزوج والزوجة‪.‬‬

‫فعــن عقبــة بــن عامــر رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليه وســلم‬
‫قــال‪( :‬أحــق الشــروط أن توفــوا بــه ما اســتحللتم به الفــروج(‪.)79‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪150‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ع ــن أب ــي ذر رض ــي اهلل عن ــه ع ــن النب ــي صل ــى اهلل‬
‫عليـــه وســـلم قـــال‪( :‬ثالثـــة ال يكلمهـــم اهلل‬
‫ي ــوم القيام ــة) وذك ــر منه ــم (الم َّن ــان ال ــذي‬
‫ال ُيعطـــي شـــيئًا إال َم َّنـــه)‪ُ.‬‬
‫رواه مسلم‬
‫احتياج مهم‬
‫إنــه كمــا أن الزوجيــن محتاجــان لإلشــباع العاطفــي فيمــا بينهمــا‪ ،‬فإنهمــا‬
‫كذلــك محتاجــان لإلشــباع الجســدي الغريــزي‪ ،‬وقــد تعجبــان إن قلــت لكمــا إن‬
‫إحــدى الدراســات(‪ )80‬خلصــت إلــى أن ســبعين بالمائــة ‪ 70٪‬مــن المشــكالت‬
‫الزوجيــة ســببها الحقيقــي مشــكلةٌ فــي العالقــة الزوجيــة الخاصــة‪ ،‬العالقــة‬
‫فــي الفــراش‪ ،‬ولكنهــا تغلــف فــي كثيــر مــن األحيــان بادعــاء مشــاكل أخــرى‬
‫إمــا حرجــاً مــن ذكــر الســبب الحقيقــي‪ ،‬أو عــدم وعــي بــه وإدراك لــه‪ .‬وأنــا فــي‬
‫ذلــك أخاطــب الزوجيــن علــى حــد ســواء‪.‬‬

‫ـا أكثــر فــي هــذا الموضــوع ‪ -‬بــإذن‬


‫هــذا لإلشــارة فقــط‪ ،‬ولعلــي أورد تفصيـ ً‬
‫اللــه ‪ -‬فــي كتــاب “ الزوجــان فــي غرفــة النــوم”‪ ،‬أســأل اللــه أن ييســر تمامــه‪،‬‬
‫وصوابه‪.‬‬

‫يقــول األســتاذ نبيــل محمــد محمــود‪“ :‬وقــد أثبتــت الدراســات النفســية أن‬
‫ـدوءا وســعادة‪ ،‬بوجــود توافــق‬
‫ـتقرارا وهـ ً‬
‫ً‬ ‫العالقــة بيــن الزوجيــن تكــون أكثــر اسـ‬
‫جنســي بينهمــا؛ ألن العالقــة الجنســية بحكــم طبيعتهــا مصــدر نشــوة ولــذة‪،‬‬
‫فهــي تشــبع حاجــة ملحــة لــدى الرجــل والمــرأة على الســواء‪ ،‬واضطراب إشــباع‬
‫ـورا بيــن الزوجيــن‪ ،‬إلــى‬
‫هــذه الغريــزة لمــدة طويلــة يســبب توتـ ًـرا نفسـ ًّـيا ونفـ ً‬
‫كثيــرا مــن المتخصصيــن يبحثــون وراء كل زواج فاشــل أو‬ ‫ً‬ ‫الحــد الــذي جعــل‬
‫متعثــر عــن اضطــراب مــن هــذا النــوع”‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪152‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫“مـا تـزال العالقـة الزوجيـة الخاصـة جـدًا أصعب‬


‫منطقـة يسـتطيع الزوجـان مناقشـتها‪ ،‬وتقـول‬
‫خبيـرة النفـس البريطانية‪ :‬إن العالقة اإلنسـانية‬
‫بيـن الزوجيـن إذا كانـت تعيسـة؛ فـإن العشـرة‬
‫الزوجيـة تكـون مـرآة صادقـة”‬
‫بثينة السيد العراقي‪.‬‬
‫من أعظم الوسائل‬
‫عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم كان إذا‬
‫ـان (‪)81‬إذا تــزوج قــال‪( :‬بــارك اللــه لــك وبــارك عليــك وجمــع بينكمــا‬
‫رفــأ اإلنسـ َ‬
‫ّ‬
‫فــي خيــر)(‪.)82‬‬

‫يحــرص كثيــر مــن المقبليــن علــى الــزواج مــن األزواج والزوجــات‪ ،‬علــى‬
‫الدعــاء‪ ،‬بــل ويوصــون مــن يحبهــم ويحبونــه بالدعــاء لهــم بالتوفيــق‪ ،‬وهــذا‬
‫أمــر حســن‪ ،‬وكــم مــن دعــوة أصلــح اللــه بســببها بيــن زوجيــن وألــف قلبيهمــا‪،‬‬
‫ولكــن مــا أروم اإلشــارة إليــه هنــا هــو أنــه كمــا يحســن الدعــاء قبــل الــزواج‬
‫وســؤال اللــه التوفيــق‪ ،‬فإنــه كذلــك ينبغــي عــدم الغفلــة عنــه بعــد الــزواج‪،‬‬
‫وليــداوم عليــه الزوجــان‪ ،‬وليتحــروا فــي ذلــك األوقــات واألماكــن واألحــوال‬
‫التــي ترتجــى فيهــا اإلجابــة‪ ،‬ومــن تلــك األحــوال ـ وهــي كثيــرة ـ حــال الصيــام‪،‬‬
‫وعنــد الفطــر للصائــم‪ ،‬وفــي الســفر‪ ،‬وفــي الســجود‪ ،‬وبعــد متابعــة المــؤذن‪،‬‬
‫وفــي الثلــث األخيــر مــن الليــل‪ ،‬وفــي ســاعة الجمعــة‪ ،‬وحــال وقــوف الحــاج‬
‫بعرفــة‪ ،‬وحــال إطابــة المطعــم والمشــرب‪.‬‬

‫عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه قــال قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه‬
‫وســلم أيهــا النــاس إن اللــه طيــب ال يقبــل إال طيبــا وإن اللــه أمــر المؤمنيــن‬
‫بمــا أمــر بــه المرســلين فقــال‪( :‬يــا أيهــا الرســل كلــوا مــن الطيبــات واعملــوا‬
‫صالحــا إنــي بمــا تعملــون عليــم)‪ ،‬وقــال‪( :‬يــا أيهــا الذيــن آمنــوا كلــوا مــن طيبــات‬
‫مــا رزقناكــم)‪ ،‬ثــم ذكــر الرجــل يطيــل الســفر أشــعث أغبــر يمــد يديــه إلــى‬
‫الســماء يــا رب يــا رب ومطعمــه حــرام ومشــربه حــرام وملبســه حــرام وغــذي‬
‫بالحــرام فأنــى يســتجاب لذلــك(‪.)83‬‬

‫إن الدعــاء مــن أعظــم الوســائل وأهمهــا وأقواهــا فــي تحقيــق الســعادة‬
‫الزوجيــة‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪154‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قـال اهلل تعالـى‪( :‬وإذا سـألك عبـادي عنـي فإنـي‬


‫قريـب أجيـب دعـوة الـداع إذا دعان فليسـتجيبوا‬
‫لـي وليؤمنـوا بـي لعلهـم يرشـدون)‬
‫سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪186‬‬
‫نار تحرق العالقات‬

‫العالقــة الزوجيــة عالقــة متجــذرة وممتــدة‪ ،‬متجــذرة حتــى‬


‫الخصوصيــات‪ ،‬وممتــدة عبــر الســنوات‪ ،‬وإذا كانــت كذلــك فمــن‬
‫الطبيعــي أن يعتريهــا الفتــور بعــض األوقــات‪ ،‬وليــس غريبــا أن ينشــأ‬
‫الخــا ف‬ ‪‪.‬‬

‫والخالف يجب أال يتعدى حدود األدب‪ ،‬وال يقفز جدران الحقوق‬‪‪.‬‬

‫لكن فئة من الناس تجاوزت‪ ،‬فندمت‪ ،‬وأخرى تجاوزت فخسرت‬‪‪.‬‬

‫وحينمــا يتجــاوز أحــد األطــراف فــي مــا يــراه حقــا لــه‪ ،‬فإنــه ينقلــب إلــى‬
‫معتــد بعــد أن كان صاحــب حق‬‪‪.‬‬

‫تســأل هــؤالء فتجــد أن الغضــب واالنفعــال ســاقهم إلــى التجــاوز‬


‫واالعتــداء‪ ،‬وربمــا كان ســبب خســارتهم للطــرف اآلخــر‬‪‪.‬‬

‫تقــول الحكمــة‪« :‬ال أحــد يغضــب مــن دون ســبب‪ ،‬ولكــن قلّ مــا يكــون‬
‫الســبب وجيهــاً‬‪‪».‬‬

‫إن الســيطرة علــى الغضــب واجــب شــرعي‪ ،‬وصفــة كمــال أخالقــي‬


‫يجــب أن يتحلــى بهــا كل منــا‪ ،‬الســيما إذا تعلــق األمــر بمــن تربطنــا‬
‫بهــم عالقــة زوجي ـة‬‪‪.‬‬

‫الكل متفقون على أهميته‪ ،‬لكن الخالف بيننا في التطبيق‬‪‪.‬‬

‫البعــض لديــه اعتقــاد أنــه ال يســتطيع الســيطرة علــى نفســه‪،‬‬


‫ويقــول «أنــا ســريع االنفعــال‪ ،‬ويجــب أن يراعينــي الطــرف اآلخــر‬»‪‪‬‬

‫لكنــك تجــده يســيطر علــى انفعاالتــه حينمــا يتعلــق األمــر بمســؤول‬


‫يرجــو لديــه مصلحــة‪ ،‬أو آخــر يخــاف بطشــه‪ ،‬أو حتــى مجنــون يخــاف‬
‫طيش ـه‬‪‪.‬‬

‫إذً ا الســيطرة ممكنــة‪ ،‬وهــي مرتبطــة بفكــرة الخــوف والرجــاء‪ ،‬فــإذا‬


‫كنــا نخــاف أحــدا أو نرجــوه اســتطعنا كبــح جمــاح الغضــب‪ ،‬وتحكمنــا فــي‬
‫تصرفاتنا‬‪‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪156‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫فهــل نســتطيع أن نفعــل ذلــك فــي عالقاتنــا الزوجيــة؟ الجــواب‪:‬‬


‫نعــم‪ ،‬حينمــا يرتفــع لدينــا مســتوى الخــوف والرجــاء‪ ،‬خوفــا مــن عقــاب‬
‫اللــه إن اعتدينــا‪ ،‬ورجــاء ثوابــه إن كظمنــا غيظنــا‪ ،‬وخوفــا مــن عواقبــه‬
‫الوخيمــة‪ ،‬ورجــاء حمايــة جنــاب العالقــة الزوجيــة‪ ،‬حينهــا يكــون التحكــم‬
‫فــي تصرفاتنــا ممكنــا‪ ،‬مــع المشــقة‪ ،‬ثــم يصيــر يســيرا مــع التوفيــق‬
‫والدرب ـة‬‪‪.‬‬

‫وإننــي حينمــا أقــول ذلــك ال يعنــي افتــراض عــدم حصــول االنفعــال‬


‫والغضــب‪ ،‬لكــن الخطــأ فــي أن يكــون ســلوكا مكــررا‪ ،‬وســمة الزمــة‪،‬‬
‫وطبعــا دائمــا‪ ،‬وتذكــر دائمــا الحكمــة التــي تقــول‪« :‬إذا كنــت تغضــب‬
‫لســبب صغيــر‪ ،‬فهــذا يعطــي انطباعــاً عــن حجــم عقل ـك‬‪‪».!.‬‬

‫جــاء رجــل إلــى النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم فقــال‪ :‬أوصنــي‪ ،‬قــال‪:‬‬
‫«ال تغضــب» فكــرر مــرارا‪ ،‬فقــال‪« :‬التغضــب‪)84( ».‬‬

‫أخيــرا‪ :‬يغتــر الغاضــب بقــوة انفعالــه‪ ،‬وينســى أنــه تعبيــر عــن ضعــف‬
‫تحكمــه فــي ذاتــه‪.‬‬
‫حرك عينك‬
‫ّ‬
‫اتصــل بالمستشــار األســري وقــال‪ :‬أفكــر فــي تطليــق زوجتــي‪ ،‬فلمــا ســأله‬
‫المستشــار‪ :‬لمــاذا؟‪ ،‬أجــاب بــأن شــكلها لــم يعجبــه‪ ،‬وأثنــاء حديثهمــا تبيــن‬
‫للمستشــار أن الــزوج قــد ركــز علــى صفــة شــكلية صغيــرة‪ ،‬وتجاهــل مزايــا‬
‫كبيــرة فــي خَ لقهــا‪ ،‬وســمات كثيــرة فــي أخالقهــا‬‪‪.‬‬
‫هــذه الحالــة ومثيالتهــا تتكــرر علــى المستشــارين مــن قبــل أزواج وزوجــات‪،‬‬
‫واألســوأ أن يتعــدى األمــر ذلــك إلــى أن يتخــذ صاحب القضية قــراره باالنفصال‬
‫دون استشــارة أحد‬‪‪.‬‬
‫فــي مثــل هــذه القضيــة يركــز أحــد طرفــي العالقــة الزوجيــة علــى قصــور أو‬
‫تقصيــر بســيط فــي الطــرف اآلخــر‪ ،‬فيتضخــم األمــر فــي نفســه حتــى ينســيه‬
‫كثيــرا مــن المزايــا الحســنة‬‪‪.‬‬
‫ـل أحدهــا تكــرار ســماع هــذه الصفــة غيــر‬‫ولهــذه المشــكلة عــدة أســباب‪ ،‬لعـ ّ‬
‫المحببــة‪ ،‬فتتكــرر علــى أذن الــزوج أو الزوجــة فــي حديــث قريــب أو صديــق‪،‬‬
‫فيزهدهــم هــذا القريــب أو الصديــق فــي أزواجهــم مــن حيــث يشــعر أو ال‬
‫يشــعر‬‪‪.‬‬
‫كمــا ال يخفــى أن إفســاد العالقــة مــن أكبــر الغايــات اإلبليســية‪ ،‬التــي‬
‫يبعــث ألجلهــا ســراياه‪ ،‬حيــث جــاء فــي الحديــث الصحيــح‪“ :‬إن إبليــس يضــع‬
‫عرشــه علــى المــاء‪ ،‬ثــم يبعــث ســراياه يفتنــون النــاس‪ ،‬فأدناهــم منــه منزلــة‬
‫أعظمهــم فتنــة يجــيء أحدهــم فيقــول‪ :‬فعلــت كــذا‪ ،‬وكــذا فيقــول‪ :‬مــا‬
‫ـت شــيئا‪ .‬قــال‪ :‬ثــم يجــيء أحدهــم فيقــول‪ :‬مــا تركتــه حتــى فرقــت بينــه‬ ‫صنعـ َ‬
‫وبيــن امرأتــه‪ .‬قــال ‪ :‬فيدنيــه منــه‪ ،‬ويقــول‪ :‬نِ عــم أنــت‪)85( ”.‬‬
‫فــإذا لــم يجــد الشــيطان مشــكلة يفــرق الزوجيــن مــن خاللهــا‪ ،‬عمــد إلــى‬
‫عيــب بســيط‪ ،‬ونقــص يســير فــي الــزوج أو الزوجــة‪ ،‬فأشــغل بــه الطــرف اآلخــر‪،‬‬
‫فيظــل يفكــر وينشــغل بــه‪ ،‬حتــى يكبــر فــي نفســه‪ ،‬ويتضخــم‪ ،‬فــا يبصــر‬
‫معــه إيجابيــات الطــرف اآلخــر‪ ،‬فيصيــر كقطعــة صغيــرة وضعــت أمــام العيــن‬
‫فأعمتهــا عــن رؤيــة الســماء‬‪‪.‬‬
‫وال يــزال الشــيطان يعمينــا عــن عيوبنــا‪ ،‬والصفــات الحســنة فــي أزواجنــا‪،‬‬
‫ويذكرنــا بمزايانــا وعيــوب أزواجنــا‪ ،‬حتــى يظفــر ببغيتــه‪ ،‬أو نســتمر فــي‬
‫مدافعتــه‬ ‪‪.‬‬
‫فــإذا ذكّ ــر الشــيطان أحدنــا بصفــة يكرههــا فــي اآلخــر‪ ،‬فليذكــر نفســه‬
‫بصفــات يحبهــا‪ ،‬وهــذا هــدي نبــوي عظيــم‪“ :‬ال يفــرك مؤمــن مؤمنــة‪ ،‬إن كــره‬
‫منهــا خلقــا‪ ،‬رضــي منهــا آخــر‪)86( ”.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪158‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫لو ركز الطاهي على رائحة البصل لحرم‬


‫الضيوف نكهته الجميلة في الطعام‪،‬‬
‫لكنه نظر إلى كل ميزة وعيب بنسبته‪.‬‬
‫نبض العالقة‬
‫يقــول‪ :‬لــم أســتطع فهمهــا‪ ،‬وتقــول هــي‪ :‬لــم أفهمــه‪ ،‬وحينمــا تســألهما‬
‫تكتشــف أنهمــا ال يجلســان مــع بعضهمــا‪ ،‬وال يتحدثــان إلــى بعــض‪ ،‬يلتقيــان‬
‫علــى وجبــة الغــداء‪ ،‬وترافقــه إلــى بيــت أهلهــا‪ ،‬وال يتحــاوران إال علــى إثــر‬
‫مشــكلة بينهمــا‪ ،‬والنفــوس مشــحونة واألصــوات مرتفعــة‪.‬‬

‫بــكل تأكيــد لــن يفهــم أحدكمــا اآلخــر مــا دام الحديــث بينكمــا معطــا‪ ،‬والحــوار‬
‫اإليجابــي معدومــا‪ ،‬وليــس غريبــا أن تســتمر العالقــة لســنوات دون أن تفهمــا‬
‫بعضكمــا‪ ،‬مــا دمتمــا كذلك‪.‬‬

‫حينمــا تُ مــد جســور الحــوار اإليجابــي بيــن الزوجيــن‪ ،‬يفهــم كل منهمــا اآلخــر‪،‬‬
‫ويعــرف كل منهمــا مــا يــؤذي اآلخــر فيجتنبــه‪ ،‬ويكتفــي كل منهمــا بشــكوى‬
‫اآلخــر إليــه ال إلــى اآلخريــن‪ ،‬مــا دام ســيجد أذنــا تصغــي‪ ،‬وقلبــا مفتوحــا‪.‬‬

‫مفهــوم الحــوار ال يقتصــر علــى النقــاش في المشــكالت‪ ،‬وال على الحديث‬


‫عــن أهــداف األســرة ومشــاريعها‪ ،‬وال علــى مشــاعر االمتنــان تجــاه معــروف‬
‫قدمــه الطــرف اآلخــر‪ ،‬وال علــى جلســة ســمر يتذكــران فيهــا أجمــل أيامهمــا‪،‬‬
‫إنــه يشــمل كل هــذه األمــور؛ ثنــاء وعتــاب وذكريــات ومشــاريع‪ ،‬ومســامرة‪.‬‬

‫إن الحــوار بيــن الزوجيــن هــدف بحــد ذاتــه‪ ،‬بغــض النظــر عــن موضوعاتــه‪ ،‬فهــو‬
‫يبصــر كل منكمــا بطبيعــة اآلخــر‪ ،‬وهــو فرصــة للتنفيــس عمــا فــي النفــوس‪،‬‬
‫تزيــن بهــا جــدران العالقــة الزوجيــة‪ ،‬كمــا أنــه يشــعر كل‬
‫وهــو لوحــات جميلــة ّ‬
‫منهمــا باهتمــام اآلخــر بــه‪ ،‬وحرصــه عليــه‪.‬‬

‫إن الحــوار صمــام أمــان للعالقــة الزوجيــة‪ ،‬وطــارد للملــل وكاســر للرتابــة‪،‬‬
‫إنــه يعرفــك علــى اآلخــر وعلــى مفاتيــح قلبــه‪ ،‬ويختصــر لــك طريــق الحــل‬
‫للمشــكالت التــي تنشــأ بينكمــا‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪160‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«امـــزج حديثـــك بالفكاهـــة و اجعلهـــا‬


‫تأتــي بشــكل طبيعــي غيــر مصطنــع»‪.‬‬
‫ديل كارنيجي‪.‬‬
‫لينجح الحوار‬
‫إن الحــوار ال يكــون مثمــرا مــا لــم تكــن النفــوس مهيــأة لــه‪ ،‬باختيــار الوقــت‬
‫المناســب‪ ،‬فمــن غيــر المناســب أن نتناقــش فــي المشــكالت بعــد رجــوع‬
‫بأمــر مــا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أحدنــا مــن عملــه‪ ،‬وال وهــو يســتعد لخــروج‪ ،‬أو ذهنــه مشــغول‬
‫مشــوش‪ ،‬وحتــى جلســات األنــس والمســامرة ال بــد مــن اختيــار‬
‫ّ‬ ‫وفكــره‬
‫الوقــت المناســب لهــا‪.‬‬

‫ولــن يؤتــي النقــاش ثمرتــه؛ إذا كنــا أو أحدنــا فــي حالــة انفعــال‪ ،‬مــن غضــب‬
‫أو بــكاء‪ ،‬بــل ال بــد أن نكــون فــي حالــة هــدوء‪ ،‬ومتــى مــا رأينــا أن النقــاش‬
‫احتــد‪ ،‬والصــوت ارتفــع‪ ،‬فلنتوقــف عــن النقــاش‪ ،‬وليقــل أحدنــا لآلخــر‪ :‬عالقتــي‬
‫بــك أهــم مــن هــذا النقــاش‪ ،‬فلنؤجلــه لوقــت آخــر‪.‬‬

‫إن الحــوار ال يعنــي أن يلــزم أحدنــا اآلخــر برأيــه‪ ،‬لكــن مــن حــق الــزوج أن يلزمهــا‬
‫علــى مــا يــرى فيــه المصلحــة ممــا ال معصيــة فيــه‪ ،‬وذلــك بمــا لــه عليهــا مــن‬
‫قوامــة‪.‬‬

‫ال تجعــا غرفــة النــوم محــا للنقــاش فــي مشــكالتكم‪ ،‬حتــى ال تتحــول إلــى‬
‫حلبــة صــراع‪ ،‬أو قاعــة محاكمــة‪.‬‬

‫ال تفســرا المواقــف والكلمــات تفســيرا ســلبيا‪ ،‬لمجــرد اعتقادكمــا ذلــك‪،‬‬


‫فــإذا لــم نجــد للتصــرف محمــا حســنا‪ ،‬فلنســأل الطــرف اآلخــر عــن قصــده‪،‬‬
‫فقــد يتضــح لنــا غيــر مــا كنــا نعتقــد‪ ،‬لمــاذا حينمــا يقــول أحدنــا لآلخــر (أنــت‬
‫تقصــد‪ )..‬ال يكــون القصــد إال ســيئا؟!‬

‫إذا أبــدى الطــرف اآلخــر بعــض المالحظــات عليــك‪ ،‬فــا تقــدم لــه أي مالحظة‬
‫وأجــل مالحظاتــك‬
‫عليــه‪ ،‬بــل ناقشــه فــي مالحظاتــه‪ ،‬وتقبلهــا بصــدر رحــب‪ّ ،‬‬
‫أليــام أو أســابيع‪ ،‬حتــى ال تكــون الجلســة تبــادل اتهامــات‪.‬‬

‫ممــا يشــجع الطــرف اآلخــر علــى االســتمرار فــي جلســات الحــوار‪ ،‬أن تكــون‬
‫كلماتــي طيبــة منتقــاة‪ ،‬وأن أكــون مســتمعا جيــداً ‪ ،‬وآال أقاطــع حديثــه‪ ،‬وال‬
‫أســتأثر بالحديــث عنــه‪ ،‬وأحتــرم ذاتــه‪ ،‬ورأيــه‪ ،‬وإن اختلفــت معــه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪162‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫«عندمـــا تدخـــل فـــي نقـــاش ‪ ،‬حافـــظ‬


‫علــى هــدوء أعصابــك ‪ ،‬أمــا منطقك إذا‬
‫كان س ــليمًا فس ــوف يعتن ــي بنفس ــه»‬
‫جوزيف فاريل‪.‬‬
‫لم يصمت األزواج؟!‬
‫يشــتكين صمــت أزواجهــن‪ ،‬وبالمناســبة فالمشــكلة ليســت محليــة‪ ،‬إذ‬
‫يشــير تقريــر لمجلــة «بونتــه» األلمانيــة إلــى أن تسـ ًـعا مــن كل عشــر ســيدات‬
‫يعانيــن مــن صمــت األزواج‪ ،‬وانعــدام المشــاعر بيــن األزواج المرتبطيــن منــذ‬
‫أكثــر مــن خمــس ســنوات‪.‬‬

‫والزوجــة عــادة هــي مــن يبحــث عــن حــل لهــذه المشــكلة‪ ،‬كونهــا المتضــررة‪،‬‬
‫لــذا ســتكون رســالتي هنــا موجهــة لهــا‪ ،‬كــون الدافعيــة لديهــا للحــل يفتــرض‬
‫أن تكــون أكبــر منهــا لــدى الــزوج‪ ،‬فهــو قــد ال يجــد مشــكلة فــي صمتــه‪ ،‬بــل‬
‫ربمــا رآه راحــة أو حــا‪ ،‬فــإن كانــت تتمثــل «تحــدث كــي أراك»‪ ،‬فهــو يتمثــل‬
‫«إذا كان الــكالم مــن فضــة فالســكوت مــن ذهــب»‪ ،‬وأكثــر مــا يؤذيهــا مــن‬
‫صمتــه أنهــا تــراه تعبيــراً عــن الرفــض وعــدم القبــول‪ ،‬بينمــا قــد يكــون ســمة‬
‫شــخصية مالزمــة لــه حتــى عنــد أهلــه وبيــن زمالئــه‪ ،‬وجيرانــه؛ وهنــا علــى‬
‫الزوجــة أن تتفهــم ذلــك‪ ،‬وتتقبلــه‪ ،‬كمــا أن الرجــل بطبعــه أقــل كالمــا مــن‬
‫المــرأة‪ ،‬ويســتهلك معظــم كلماتــه اليوميــة أثنــاء العمــل‪ ،‬فــي حيــن أن منهــن‬
‫مــن تنتظــر عودتــه مــن عملــه‪ ،‬وهــي لــم تســتهلك شــيئا يذكــر مــن كلمــات‬
‫اليــوم التــي تقــدر بنحــو ثالثــة أضعــاف كلماتــه‪.‬‬

‫يختــار بعضهــم الصمــت ألنــه تحــدث إليهــا بــكالم فنقلتــه إلــى أحــد أقاربهــا‬
‫أو زميالتهــا‪ ،‬فآثــر الصمــت حفاظــاً علــى خصوصيتــه وأســراره‪ ،‬ويلجــأ بعضهــم‬
‫للصمــت هربــا مــن حديــث يتحــول إلــى جــدال‪ ،‬ومغاضبــة‪ ،‬فأحدهــم يقــول‪ :‬إن‬
‫أبديــت مالحظــة صغيــرة قلبــت علــي الموضــوع‪ ،‬وانفعلــت‪ ،‬وآخــرون يهربــون‬
‫مــن الحديــث معهــن‪ ،‬ألنــه ال يــكاد يخلــو مــن طلــب أو شــكوى‪ ،‬أو أخبــار غيــر‬
‫ســارة!‪ ،‬وكثــرة الخــاف والعنــاد مــن الزوجــة‪ ،‬تدفعــه إلــى إيثــار الصمــت‪ ،‬فــي‬
‫حيــن أن اســتجابتها لــه‪ ،‬واحترامــه‪ ،‬وحســن حوارهــا معــه‪ ،‬أمــور تدفعــه إلــى‬
‫الحديــث وهجــر الصمــت‪ ،‬إن رغبــت أن يتحــدث فــا تقاطيعــه وال تنشــغلي‬
‫عنــه أثنــاء الحديــث‪ ،‬وال تســتخفي بآرائــه واهتماماتــه‪ ،‬تخطــئ حينمــا تريــد مــن‬
‫زوجهــا أن يتحــدث كمــا تتحــدث مــع صديقتهــا‪ ،‬فالرجــل ليــس كالمــرأة‪ ،‬تلتقــي‬
‫ـاء عابــراً فيــدور بينهمــا مــن الحديــث أكثــر ممــا‬
‫امرأتــان فــي عيــادة الحــي لقـ ً‬
‫يــدور بيــن زوجيهمــا اللذيــن يلتقيــان كل يــوم خمــس مــرات فــي مســجد‬
‫الحــي‪ ،‬لــذا يجــب أن تقــدري للرجــل طبيعتــه هــذه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪164‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫أفكار خاطـــــئة عن‬


‫صمت شريك الحياة‪:‬‬
‫ال يحب أن يتكلم معي‪.‬‬
‫أشعر وكأني ثقيل عليه‪.‬‬
‫من الصعب أن تستمر عالقتنا‪.‬‬
‫المشكلة أكـــــبر من الصمت‪.‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬راشد السهل‪.‬‬
‫حفزيه ليتحدث‬
‫إن شــكرك لــه علــى جلســة قصيــرة تتحدثــان فيهــا‪ ،‬يحفــزه للمزيــد أكثــر مــن‬
‫ّ‬
‫تكــرار لومــه علــى الصمــت‪ ،‬أمــا اســتخفافك باهتماماتــه‪ ،‬وكثــرة انتقــادك لــه‪،‬‬
‫يجعــان الصمــت خيــارا مريحــا بالنســبة لــه‪.‬‬

‫واختيــار الوقــت المناســب للحديــث قــد يحمــي البيــت مــن صمــت الــزوج‪،‬‬
‫ولــن يشــفع لهــا كونهــا فــي قمــة النشــوة للحــوار والحديــث حينمــا يكــون ذلــك‬
‫عنــد عودتــه مــن العمــل‪ ،‬حيــث يكــون مرهقــا وغيــر مســتعد للحديــث‪.‬‬

‫الرتابــة فــي الحيــاة الزوجيــة وحيــاة الزوجيــن بشــكل عــام تدفــع إلــى الصمــت‪،‬‬
‫وتجديــد المــرأة فــي الحيــاة الزوجيــة‪ ،‬وفــي بيتهــا‪ ،‬وفــي الطعــام الــذي‬
‫تقدمــه‪ ،‬أمــور ربمــا تكــون نــواة لحديــث يقتــل الصمــت‪.‬‬

‫حدثيــه حــول اهتماماتــه‪ ،‬وفيمــا يجيــد الحديــث عنــه‪ ،‬أال تريــن تلــك العجــوز‬
‫التــي ال تتحــدث إال قليــا فلمــا ســئلت عــن قديــم أيامهــا‪ ،‬وذكريــات شــبابها‬
‫انطلقــت بالحديــث‪.‬‬

‫ال تقولــي لــه‪ :‬أنــت كثيــر الصمــت‪ ،‬فســيرد عليــك‪ :‬أنــت ثرثــارة أو النقــاش‬
‫معــك عقيــم‪ ،‬لكــن أغريــه بالــكالم وهيئــي لــه أســبابه‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪166‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫ينصـــح د‪ .‬ســـري ناصـــر الزوجـــة حينمـــا‬


‫يصمــت زوجهــا وترغــب فــي أن يتكلم أال‬
‫تالحق ــه باألس ــئلة وإنم ــا تسترس ــل ف ــي‬
‫الحديـــث عـــن موضـــوع يحبـــه بطريقـــة‬
‫سلســة ناعمــة وســوف يتجــاوب معهــا‪.‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪168‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫قبــل أن‬
‫أودعكم‬

‫ال يســـعني إال أن أجزل لكم الشـــكر لثقتكـــم واقتنائكم‬


‫آمال أن أكون أضفـــت جديدا أو‬
‫هـــذا الكتـــاب‪ ،‬ثم قراءتـــه‪ً ،‬‬
‫ذكـــرت بمغفول عنه‪.‬‬

‫كما إنـــه تســـعدني إضافاتكم وأســـتضيء بمالحظاتكم‬


‫علـــى هذا الموضـــوع وغيره من الموضوعـــات التي هي‬
‫قيـــد اإلعـــداد أســـأل اللـــه أن ييســـرها علـــى أتـــم وجـــه‪،‬‬
‫و هي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫الزوجان في غرفة النوم‪.‬‬
‫الطريق إلى الزواج‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫نبض األسرة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫بيني وبين إخوتي ( معالم في عالقة اإلخوة واألخوات)‬ ‫‪4‬‬

‫حكاية التعدد (ليست دعوة وال تحذير)‬ ‫‪5‬‬

‫ولكم مني أزكى تحية‬


‫هوامش‬
‫الكتــــاب‬
‫‪ )41‬سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪228‬‬ ‫‪ )1‬حسب إحصائية نسبت لمركز األمير سلمان‬
‫‪ )42‬أي‪ :‬كذب وبهتان‪.‬‬ ‫االجتماعي بالرياض‪.‬‬
‫‪ )43‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ )2‬سورة الروم‪ :‬اآلية ‪21‬‬
‫‪ )44‬رواه الترمذي‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ )45‬سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪263‬‬ ‫‪ )4‬أخرجه البخاري في األدب المفرد وحسنه‬
‫‪ )46‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫األلباني‪.‬‬
‫‪ )47‬سورة الطالق‪ :‬اآلية ‪7‬‬ ‫‪ )5‬رواه الترمذي وابن ماجة‪ ،‬والحاكم‪ ،‬وحسنه‬
‫‪ )48‬سورة الفرقان‪ :‬اآلية ‪67‬‬ ‫األلباني‪.‬‬
‫‪ )49‬سورة اإلسراء‪ :‬اآلية ‪29‬‬ ‫‪ )6‬رواه ابن ماجة‪ ،‬والطبراني‪ ،‬قال األلباني‪:‬‬
‫‪ )50‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫حسن لغيره‪.‬‬
‫‪ )51‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫‪ )7‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ )52‬رواه أحمد‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬ ‫‪ )8‬سورة النور‪ :‬اآلية ‪.22‬‬
‫‪ )53‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪ )9‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ )54‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ )10‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ )55‬سورة إبراهيم‪ :‬اآلية ‪7‬‬ ‫‪ )11‬رواه ابن ماجة‪ ،‬وابــن حبان في صحيحه‪،‬‬
‫‪ )56‬سورة النحل‪ :‬اآلية ‪18‬‬ ‫واللفظ له‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫‪ )57‬رواه البخاري‬ ‫‪ )12‬رواه اب ــن مــاجــة‪ ،‬واب ــن حــبــان والــحــاكــم‪،‬‬
‫‪ )58‬سورة النساء‪ :‬اآلية ‪43‬‬ ‫وأحمد‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫‪ )59‬رواه البخاري‬ ‫‪ )13‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫‪ )60‬رواه مسلم‬ ‫‪ )14‬رواه الترمذي‪ ،‬وابــن ماجة‪ ،‬والــدارمــي‪،‬‬
‫‪ )61‬رواه الترمذي‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬ ‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫‪ )62‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫‪ )15‬رواه النسائي‪ ،‬وغيره‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫‪ )63‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ )16‬رواه أحمد‪ ،‬والطبراني‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫‪ )64‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫‪ )17‬رواه ابن ماجة‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫‪ )65‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‬ ‫‪ )18‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫‪ )66‬سورة األحزاب‪ :‬اآلية ‪32‬‬ ‫‪ )19‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ )67‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ )20‬قــال فــي مختار الــصــحــاح‪ :‬ترجيل الشعر‬
‫‪ )68‬رواه البخاري عن أبي هريرة‪.‬‬ ‫تجعيده وترجيله أيضا إرساله بمشطه‪.‬‬
‫‪ )69‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪ )21‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ )70‬سورة فصلت‪ :‬اآلية ‪34‬‬ ‫‪ )22‬سورة النحل‪ :‬اآلية ‪97‬‬
‫‪ )71‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪ )23‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ )72‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫‪ )24‬سورة طه (‪)124‬‬
‫‪ )73‬سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪268‬‬ ‫‪ )25‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫‪ )74‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫‪ )26‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‬
‫‪ )75‬رواه الترمذي‪ ،‬وأحمد واللفظ له‪ ،‬وصححه‬ ‫‪ )27‬رواه أبو داود والترمذي وصححه األلباني‪.‬‬
‫األلباني‪.‬‬ ‫‪ )28‬رواه أبو داود‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫‪ )76‬سورة النور‪ :‬اآلية ‪30‬‬ ‫‪ )29‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ )77‬سورة النور‪ :‬اآلية ‪31‬‬ ‫‪ )30‬رواه ابن ماجة‪ ،‬قال األلباني‪ :‬ضعيف إال‬
‫‪ )78‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫جملة المصافحة فهي ثابتة‪.‬‬
‫‪ )79‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫‪ )31‬رواه مالك‪ ،‬وضعفه األلباني‪.‬‬
‫‪ )80‬سمعتها من أحــد أساتذة علم النفس‪،‬‬ ‫‪ )32‬رواه الطبراني‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫ولم أعثر على مصدرها‪.‬‬ ‫‪ )33‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫رفأه‪ ،‬أي‪ :‬هنأه ودعا له‪.‬‬ ‫‪َّ )81‬‬ ‫‪ )34‬رواه البخاري ‪.‬‬
‫‪ )82‬رواه الــتــرمــذي‪ ،‬وأب ــو داود‪ ،‬واب ــن ماجة‪،‬‬ ‫‪ )35‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وأحمد‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬ ‫‪ )36‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ )83‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ )37‬رواه النسائي‪ ،‬وغيره‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫‪ )84‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪ )38‬رواه مسلم‬
‫‪ )85‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ )39‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫‪ )86‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ )40‬من قصيدة للشيخ ضياء الصابوني‪.‬‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪170‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫موضوعات‬
‫الكتـــــــــاب‬
‫عتاب المحبين ‪96 .................................‬‬ ‫مقدمة الطبعة الرابعة ‪7 .......................‬‬
‫حروف وردية ‪98 ..................................‬‬ ‫بين يدي الكتاب ‪11 ..............................‬‬
‫َّبينا سبب العتب ‪100 .............................‬‬ ‫ال سعادة لهؤالء بعد الزواج ‪14 ..............‬‬
‫حقوق و واجبات ‪16 ..............................‬‬
‫األوالد ليسوا مشكلة ‪102 ....................‬‬
‫رجل و امرأة ‪18 ...................................‬‬
‫ً‬
‫معا ‪104 ......................................‬‬ ‫إلعبا‬ ‫المصارحة الزوجية ‪20 ............................‬‬
‫الحمدلله ‪106 .....................................‬‬ ‫رسالة من نوع آخر ‪22 ...........................‬‬
‫لغة العيون ‪108..................................‬‬ ‫أخطأت أنا آسف! ‪24 ............................‬‬
‫ليغب الجسد ويبقى االتصال ‪110 ..........‬‬ ‫أجمل اعتذار ‪26 ...................................‬‬
‫أصغيا لبعضكما ‪112 .............................‬‬ ‫مفاتيح ومغاليق ‪28 ..............................‬‬
‫خطوط حمراء ‪30 .................................‬‬
‫طوله يروض على االستغناء ‪114 ...........‬‬
‫التطفيف واألنانية ‪32 ...........................‬‬
‫إنها تأسر القلوب ‪116 ..........................‬‬ ‫شاركها وشاركيه‪34 ..............................‬‬
‫ال تسقطوا رغباتكم ‪118 ......................‬‬ ‫هم أقرب الناس إليكما ‪36 ....................‬‬
‫كونا صديقين ‪120 ...............................‬‬ ‫األفراح واألتراح ‪38 ...............................‬‬
‫ً‬
‫أحيانا ‪122 .......‬‬ ‫واألنف يبغض قبل القلب‬ ‫في العيد أين أنتما؟ ‪40 ........................‬‬
‫هل تحبان النقد؟! ‪124 ..........................‬‬ ‫فيها السعادة والحياة ‪42 .......................‬‬
‫المنتصر في الصغائر مهزوم ‪44 ............‬‬
‫فن االستقبال ‪126 ..............................‬‬
‫الصدق‪ ..‬الصدق‪46 ............................ ..‬‬
‫الشعور بالمسؤولية‪128.................... ..‬‬ ‫خبر ال يحتمل التأخير ‪48..........................‬‬
‫استثمار المواهب ‪130 .........................‬‬ ‫بضعة مني ‪50 ....................................‬‬
‫اخضعي له بالقول! ‪132 ........................‬‬ ‫التقارب الجسدي ‪52 .............................‬‬
‫ً‬
‫رفقا بالقوارير ‪134 ...............................‬‬ ‫بنك الحب ‪54 .....................................‬‬
‫ٍّ‬
‫لكل خصوصيته‪136 ............................ ..‬‬ ‫جرح غائر ‪56........................................‬‬
‫مثالية كاذبة ‪58 ..................................‬‬
‫المكافئ ال يسعد ‪138 .........................‬‬
‫عززا هذه الخصال ‪60 .............................‬‬
‫ال تكسري كبرياءه ‪140..........................‬‬ ‫اغمروها في بحر الحسنات ‪62 ...............‬‬
‫أحسنا به الظن ‪142 ..............................‬‬ ‫رسائل مكتوبة ‪64 ...............................‬‬
‫لقمة الحالل ‪144 .................................‬‬ ‫ضغط نفسي ‪66 ................................‬‬
‫أزكى لكم ‪146.....................................‬‬ ‫بعد العمل ‪68 ....................................‬‬
‫حتى ال يخطف القلب ‪148 ...................‬‬ ‫إنها نصف الحقيقة ‪70 ..........................‬‬
‫من باب اإلخبار ‪72 ...............................‬‬
‫بطيب نفس ‪150................................‬‬
‫شكر على واجب ‪74 ...........................‬‬
‫احتياج مهم ‪152 ................................‬‬ ‫التضحية وشريك الحياة ‪76 ....................‬‬
‫من أعظم الوسائل ‪154 .......................‬‬ ‫هل تريدان أن تتسع الهوة؟ ‪78 ..............‬‬
‫نار تحرق العالقات ‪156 ..........................‬‬ ‫في السوق ‪80 ...................................‬‬
‫حرك عينك ‪158 .....................................‬‬
‫ّ‬ ‫مشوار ‪82 .........................................‬‬
‫نبض العالقة ‪160 .................................‬‬ ‫رأيك يهمني ‪84 ..................................‬‬
‫اتركا ماال يمكن تغييره‪86 ................... ..‬‬
‫لينجح الحوار ‪162 ...................................‬‬
‫النفقة‪ ..‬التقتير وال تبذير ‪88 ................‬‬
‫لم يصمت األزواج؟! ‪164 ........................‬‬ ‫أحب األسماء إليه ‪90 ............................‬‬
‫حفزيه ليتحدث ‪166 ...............................‬‬ ‫ال ثالث‪ ..‬أنا وأنت فقط ‪92 ....................‬‬
‫الهوامش ‪170 ......................................‬‬ ‫لماذا نسافر؟! ‪94 ................................‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪172‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫أسعد بتواصلكم‬

‫‪)+966(551331000‬‬ ‫انقر‬
‫للتواصل‬
‫‪aqlawer1@gmail.com‬‬
‫‪QaraawiA‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪174‬‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫دون أفكارك واستفد منها‬


‫ّ‬
‫دون أفكارك واستفد منها‬
‫ّ‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪176‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬

‫دون أفكارك واستفد منها‬


‫ّ‬
‫دون أفكارك واستفد منها‬
‫ّ‬

‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫‪178‬‬


‫الزوجان في خيمة السعادة‬
‫إن كنــت ممــن اطلــع علــى الطبعــات الســابقة لهــذا الكتــاب‪،‬‬
‫ـا أمــام ثقتــك ولطــف عودتــك‪،‬‬ ‫فأنــا ممتــن لــك وأقــف خجـ ً‬
‫وآمــل أن تســرك اإلضافــات والتعديــات الجديــدة التــي‬
‫ســتطلع عليهــا فــي هــذه الطبعــة‪ ،‬أمــا القــراء الجــدد فأنــا‬
‫ســعيد بثقتهــم‪ ،‬ومتفائــل أنــه ســيكون إضافــة جميلــة كجمال‬
‫أرواحهــم‪ ،‬وأعدهــم أن هــذا لــن يكــون آخــر عهدهــم بــه‪ ،‬بــل‬
‫ســيتذكرونه بــإذن ﷲ كلمــا طلــب منهــم صديــق اقتــراح‬
‫كتــاب مالئــم للمتزوجيــن الجــدد‪ ،‬أو مــن أمضــوا ســنوات‬
‫فــي حياتهــم الزوجيــة‪ ،‬ليــس زعمــاً أن الكتــاب مصبــاح عــاء‬
‫الديــن‪ ،‬وإنمــا ألنــه اعتمــد التركيــز علــى مــا يمكــن‪ ،‬فــا ســحر‬
‫وال خــوارق‪ ،‬واتســم بالحيــاد فلــم ينحــز ألحــد الجنســين علــى‬
‫حســاب اآلخــر‪.‬‬
‫المؤلف‬

‫الكتــاب الــذي بيــن يدينــا هو لخبير َب ُص َر احوال االزواج عن كثب‬


‫وعن كتب‪ .‬فهو متخصص في احكامه لمن استفتى وطلب‪،‬‬
‫وعامــل فــي ميــدان االرشــاد واالصــاح لمــن عانــى وتعــب‪.‬‬
‫وقــد احببــت فــي الكتــاب ســعة االفــق‪ ،‬وتنــوع اطيــاف‬
‫المعرفــة‪ ،‬وســبر زوايــا الحيــاة الزوجيــه‪ .‬فهــو دليــل مرشــد‪،‬‬
‫يضــع خارطــة الطريــق لمــن اراد ان يبنــي زواجــه علــى اســس‬
‫علميــة واقعيــة‪.‬‬
‫د‪ .‬إبراهيم بن محمد الخليفي‬
‫استشاري التربية االسرية‬
‫وعلم نفس النمو التربوي‬

‫إلكترونيا‬
‫ً‬ ‫يتوفر الكتاب‬ ‫سعر الكتاب‬
‫‪180‬‬
‫واإلنجليزية‬
‫الزوجان في خيمة السعادة‬ ‫باللغتين العربية‬ ‫ريال‬ ‫‪25‬‬

You might also like