Professional Documents
Culture Documents
الزوجان في خيمة السعادة 77 مهارة ووسيلة- الإلكترونية
الزوجان في خيمة السعادة 77 مهارة ووسيلة- الإلكترونية
مزيــدة ومعدلة
الزوجان
في خيمة الســــعادة
77مهارة ووسيلة
المحـــامي
عبد الرحمن بن عبداهلل القرعاوي
الزوجان في خيمة السعادة 77 -مهارة ووسيلة
المحـــامي /عــبدالرحمن بن عبداهلل القرعـــاوي
ح عبدالرحمــن بــن عبداللــه بــن صالــح القرعاوي 1442هـ
فهرســة مكتبــة الملــك فهــد الوطنيــة أثنــاء النشــر
بريدة1442 ،هـ
178ص.. 4سم
ردمك 978_603_03_5390_3
العنوان 3
ديوي 301.427
1442/663
الطبعات السابقة
األولى1428 :هـ 2007 -م
الثانية1429 :هـ 2008 -م
الثالثة1432 :هـ 2011 -م
بســـــم الله
الرحمن الرحيم
المؤلف
كلــف بعضويــة لجنــة الحمايــة االجتماعيــة بمنطقــة ـام ،عض ــو أساس ــي ل ــدى الهيئ ــة الس ــعودية
مح ـ ٍ
القصيــم. للمحاميـــن
درب المقبليــن علــى الــزواج متعاونــاً مــع عــدد مــن محكّ م.
جمعيــات التنمية األســرية.
محك ــم معتم ــد ل ــدى مرك ــز التحكي ــم الهندس ــي
كان ضيفـــاً وشـــارك فـــي عـــدد مـــن الحلقـــات
الســـعودي
التلفزيونيـــة فـــي الشـــأن األســـري.
حاصل على رخصة التدريب الدولية من األكاديمية مستشــار ومــدرب فــي الحــوار األســري ،معتمــد
الدوليـــة للتدريـــــــــــــــب والتطويـــر (.)INTRAC مــن مركــز الملــك عبدالعزيــز للحــوار الوطنــي.
مقدمة
الطبعة
الرابعـة
لقــد تفاجــأت أنــه مضــى علــى صــدور الطبعــة الثالثــة تســع ســنوات ،وكنــت أتلقــى
ـا مــن أصدقــاء وغيرهــم يســألون عــن منافــذ
ـاال أو تواصـ ً
بيــن الفينــة واألخــرى اتصـ ً
ـد ه ــذا
وب ُع ـ َ
بي ــع الكت ــاب ،وكان اعت ــذاري المتك ــرر (نف ــدت الطبع ــة وس ــأكررها قريب ــا) َ
القريــب ،وطــال الوقــت.
لكننـــي قـــررت أن أعيـــد قراءتـــه ،ومراجعتـــه ،قبـــل طبعـــه ،فأضفـــت إلـــى بعـــض
موضوعات ــه ،وعدل ــت عل ــى بعضه ــا ،وزدت ــه موضوع ــات أخ ــرى ،فص ــار مختلف ــا ع ــن
الطبعتي ــن الثاني ــة والثالث ــة اللتي ــن اقتص ــر األم ــر فيهم ــا عل ــى المراجع ــة اللغوي ــة،
والتدقيـــق اإلمالئـــي.
وحي ــن طلب ــت م ــن المصم ــم أن يع ــدل الكت ــاب وف ــق ه ــذه اإلضاف ــات والتعدي ــات
أصـ ّـر هــو اآلخــر علــى إعــادة تصميــم الكتــاب ،بحلــة أخــرى ،فوافقتــه لثقتــي بحرصــه
وإبداع ــه.
كنـــت ممـــن اطلـــع علـــى الطبعـــات الســـابقة لهـــذا الكتـــاب ،فأنـــا ممتـــن
َ فـــإن
خجـــا أمـــام ثقتـــك ولطـــف عودتـــك ،وآمـــل أن تســـرك اإلضافـــات
ً لـــك وأقـــف
والتعديـــات الجديـــدة التـــي ســـتطلع عليهـــا فـــي هـــذه الطبعـــة ،أمـــا القـــراء
الجـــدد فأنـــا ســـعيد بثقتهـــم ،ومتفائـــل أنـــه ســـيكون إضافـــة جميلـــة كجمـــال
أرواحهـــم ،وأعدهـــم أن هـــذا لـــن يكـــون آخـــر عهدهـــم بـــه ،بـــل ســـيتذكرونه بـــإذن
ﷲ كلمـــا طلـــب منهـــم صديـــق اقتـــراح كتـــاب مالئـــم للمتزوجيـــن الجـــدد ،أو
مـــن أمضـــوا ســـنوات فـــي حياتهـــم الزوجيـــة ،ليـــس زعمـــاً أن الكتـــاب مصبـــاح
عـــاء الديـــن ،وإنمـــا ألنـــه اعتمـــد التركيـــز علـــى مـــا يمكـــن ،فـــا ســـحر وال
خـــوارق ،واتســـم بالحيـــاد فلـــم ينحـــز ألحـــد الجنســـين علـــى حســـاب اآلخـــر.
والزل ــت أله ــج بالحم ــد لل ــه عل ــى ه ــذا القب ــول ال ــذي وضع ــه للكت ــاب م ــن طبعت ــه
األول ــى ،وكل ــي أم ــل أن يك ــون إضاف ــة مبهج ــة ،وس ــبيل س ــعادةٍ ،وب ــاب طمأنين ــة،
وحص ــن حماي ــة ،ل ــكل م ــن يش ــرفني باالط ــاع علي ــه وقراءت ــه.
اإلشادة بالكتاب
الزوجيــة هــي حالــة مــن تمــام التوافــق والتكامــل العضــوي والنفســي بيــن الزوجيــن.
فهــي الحالــة المثلــى للعالقــة بيــن المتزوجيــن .وهــي درجــة تعلــو درجــات التبعــل،
والصحبــة ،والرفقــة حيــث انهــا بعــض المراتــب المؤديــة للزوجيــة.
وســبيل الزوجيــة القويــم هــو وجــود رســالة ،ورؤيــة ،وخطــة ،ودرايــة ،وذوق ،يتــم بنــاء
عليهــا جميعــا اختيــار الــزوج بعــد التــوكل علــى اللــه.
ثــم يبــدأ بنــاء كيــان االســرة بتوســيع دائــرة التجانــس والتعــارف ،وتضييــق منطقــة
التبايــن والتخالــف .كل ذلــك يتــم بحــب ،وتــودد وحســن تبعــل .حيــث ال يرســخ بنيــان
الزوجيــة ويثبــت اال بالحــوار الرفيــق الحكيــم المتئــد.
والكتــاب الــذي بيــن يدينــا هــو لخبيــر َب ُصـ َـر احــوال االزواج عــن كثــب وعــن كتــب .فهــو
متخصــص فــي احكامــه لمــن اســتفتى وطلــب ،وعامــل فــي ميــدان االرشــاد واالصــاح
لمــن عانــى وتعــب.
وقــد احببــت فــي الكتــاب ســعة االفــق ،وتنــوع اطيــاف المعرفــة ،وســبر زوايــا الحيــاة
الزوجيــه .فهــو دليــل مرشــد ،يضــع خارطــة الطريــق لمــن اراد ان يبنــي زواجــه علــى
اســس علميــة واقعيــة.
إن الحديــث عــن الجوانــب األســرية ال ينبغــي أن يكــون ضربــة الزب ممــن ال يــدرك أبعــاد
مــا يكتــب ،بــل يجــب أن ينطلــق مــن مــدرك لشــئون األســرة مــن بــاب (فاســأل بــه خبيــرا)،
وهــي كذلــك تحتــاج إلــى تفصيــل مــن بــاب (وفصلنــاه تفصيــا) ،وليــس مــن منطلــق
العمــوم واإلجمــال مــن بــاب (وخــذ بيــدك ضغثــا فاضــرب به).ومــن هــذا المنطلــق
اســتنبط أخونــا الفاضــل عبــد الرحمــن بــن عبــد اللــه القرعــاوي هــذا الجانــب فأضفــى
علــى المكتبــة ِســفرا يجــدر بــكل زوجيــن اقتنــاؤه ،أقــول ذلــك ألننــي قرأتــه بطلــب مــن
مؤلفــه لإلضافــة عليــه ،ولكننــي وجــدت أنــه أضــاف علــي وإلــي معلومــات وإشــارات
جيــدة ،فشــكر اللــه لمؤلفــه ســعيه ،ورزقنــا وإيــاه اإلخــاص فــي القــول والعمــل.
مدرب ومستشار أسري ،والمشرف على مركز سكن لالستشارات التعليمية والتربوية
ســعدت كثيــراً بقــراءة كتابــك القيــم (الزوجــان فــي خيمــة الســعادة) ،ووجــدت نفســي
ـا أن ينشــر علــى أوســع نطــاق؛ ليبلــغ فيــه مــن خــال أطروحاتــه الهادئــة ،وتمنيــت فعـ ً
كل رجــل وكل امــرأة تزوجــا أو ســيتزوجان؛ ففيــه ســيجدان مــا يحصــن بيتهمــا مــن غــارات
الشــيطان ،ودواعــي الفرقــة ،واضطــراب النفــوس ،وقلــق الحيــاة الزوجيــة .بــل ســيجدان
فيــه أســباب هــذه المزعجــات؛ ليكتشــفوا أن مــا بينهمــا لــم يكــن بســبب شــخصي،
لجهــل حقيقــة ،أو لعــدم فهــم مبــدأ مــن مبــادئ التواصــل بينهمــا ،بــل ِ وإنمــا هــو
ســيجدان فيــه مــا يبنــي العالقــة بينهمــا بــكل ســهولة ويســر ،دون تعقيــد؛ ليصــا إلــى
بحبوحــة الســعادة التــي ينشــدانها.
(الزوجــان فــي خيمــة الســعادة) وجبــة رائعــة تجمــع بيــن توافــر عناصــر اإلغــراء
وتكامــل عناصــر التغذيــة الصحيــة للحيــاة الزوجيــة ويزيــد جمالهــا ســهولة هضمهــا.
عندمــا تقــرأ هــذا الكتــاب تجــد مزيجــاً مــن فائــدة الفكــرة وجديتهــا مــع لغــة فصيحــة
جميلــة فيهابالغــة ترتقــي بفهــم القــارئ الــى أبعــاد فســيحة تدفعــه الــى التطبيــق
واالســتفادة .لقــد وفــق الكاتــب فــي ســلة متكاملــة مــن األفــكار المفيــدة أســأل اللــه
النفــع بهــا لــكل قــارئ ولكاتبهــا ولمــن أعانــه وجــزى اللــه الجميــع خيــراً .
هــذا الكتيــب الــذي خطــه لنــا األخ عبــد الرحمــن بــن عبــد اللــه القرعــاوي بأســلوبه الجميــل
وعباراتــه الرشــيقة ومعانيــه الســهلة ،بعيــداً عــن التقعــر والتشــدق ،يفهمــه العامــي
ويســتفيد منــه المثقــف ويألفــه األديــب ،فــي وصــف لخطــوات جميلــة وشــيقة
لمســيرة الحيــاة الزوجيــة الســعيدة التــي تنشــد الوفــاء والوفــاق وتبتغــي الراحــة
واإلســعاد .وحيــث إنــه ليــس كل مــن ينشــد الســعادة يســلك طريقهــا ،فهــذا الكتيــب
يســاعده فــي ذلــك ويســير بقارئــه فــي درب الســعادة الزوجيــة خطــوة خطــوة .أســأل
اللــه تعالــى بأســمائه الحســنى وصفاتــه العــا أن ينفــع بــه كاتبــه وقارئــه.
بين يدي
الكتــــاب
الحمـــد للـــه رب العالميـــن ،وصلـــى الله وســـلم علـــى نبينـــا محمد ســـيد األولين
واآلخريـــن ،وعلـــى آلـــه وصحبـــه أجمعين.
وبعـــد فمن المعلـــوم أن الزواج حلم كل شـــاب وفتاة ،فإذا تحقـــق لهما ذلك ،فإن
أملهما هو تحقيق الســـعادة الزوجية.
إذ إن األصـــل فـــي كل بيـــت أن يبنى على المـــودة والرحمة ،وإنك لتحـــزن حين ترى
بيتا قد ُســـلب شـــيئاً من هذين الركنين أو أحدهما ،وتَ َو ُّد لو أن الســـعادة تشـــترى
الشـــتريتَ ها بما تملك وأهديتهم إياها.
لكن الواحد منا ال يملك إال أن يتلمس أســـباب الســـعادة ليســـلكها بغية أن يحظى
أوال ،ثـــم يـــدل إخوانـــه وأخواتـــه عليها ،مـــن باب (ال يؤمـــن أحدكـــم حتى يحب
بهـــا ً
ألخيه ما يحب لنفســـه).
ولقـــد كنـــت أظـــن ـ كما يظن الكثيـــرون ـ أن الحديث عـــن كثرة البيـــوت التي تعاني
مـــن نقـــص في عـــرى المـــودة والرحمة هـــو مـــن قبيـــل المبالغة ،لكنـــي فوجئت
ببعـــض الدراســـات التي أثبتت كثرة نســـب الطـــاق ،وهي أرقام مخيفـــة ( ،)1كما
أنـــي اطلعـــت على حاالت من الفشـــل والتوتـــر في العالقـــة الزوجيـــة ،التي ربما
كان إصالحهـــا يســـيرا لو توفـــر الوعي والســـعي لإلصالح.
يؤلمنـــي كثيـــراً رؤيـــة الحـــرص الشـــديد عند الجميـــع على نجـــاح حفلة الـــزواج في
مقابـــل إهمال كثير منهم لالســـتعداد للزواج نفســـه بالتعلم والقـــراءة والتدريب.
ال شـــك أن إجادة وتحســـين العالقة الزوجية واالرتقاء بها شـــاق ،لكنـــي متأكد أنها
مشـــقة مؤقتة تخف تدريجيـــاً ،بخالف مشـــقة اإلهمال وعدم رعايـــة العالقة فهي
تكبـــر مع الوقت ،وتســـتمر ،وتؤثر علـــى األوالد الحقاً .
لذلـــك حرصت على اإلســـهام فـــي بيان بعـــض أدبيات الحيـــاة الزوجية ،فـــكان هذا
الكتـــاب والـــذي جاءت كلماته مســـتوحاة من الواقـــع ،بعيدة ـ قدر المســـتطاع ـ عن
المثاليـــة غيـــر الممكنة .أســـأل الله أن يجعله ســـببا فـــي تحقيق المـــودة والرحمة
المنشـــودتين لـــكل زوج وزوجة ،والتـــي امتن الله بها على عبـــاده في قوله {:ومن
آياتـــه أن خلق لكم من أنفســـكم أزواجاً لتســـكنوا إليها وجعل بينكـــم مودة ورحمة
إن فـــي ذلك آليات لقـــوم يتفكرون}(.)2
وال أنســـى أن أشـــكر كل مـــن أهداني إضافـــة ،أو رأيـــاً ،أو مشـــورة ،فجزاهم الله
عني خيـــر الجزاء.
الزوجان في خيمة السعادة 12
الزوجان في خيمة السعادة
لمـــــاذا
الخيمة؟
يعتقــد كثيــرون أن الســعادة ال ينالهــا إال رغيــدي العيــش المرفهيــن ذوي القصــور
المشــيدة ،إال أنــي أعتقــد أن البســطاء ومــن يعيشــون علــى الكفــاف هــم أكثــر النــاس
ســعادة؛ لذلــك ،وألمــر آخــر هــو التفــاؤل بخيــام الجنــة ،دار الســعادة المحضــة األبديــة
كان اختيــاري لهــذا العنــوان:
لــذا ينبغــي أن يــدرك كل مقبــل علــى الــزواج أنــه مــن الطبعــي حصــول
شــيء مــن الخالفــات بالقــدر المعقــول بيــن الزوجيــن ،وهــذا مــا لــم تخــل منــه
بيــوت نبينــا محمــد ـ صلــى اللــه عليــه وســلم ـ فقــد غضــب علــى نســائه
واعتزلهــن شــهراً ()3؛ ومنهــن عائشــة ـ رضــي اللــه عنهــا ـ وهــي أحبهــن إليــه!!
حتــى إن علمــاء االجتمــاع يقولــون إن البيــت الــذي يخلــو مــن الخالفــات تمامــاً
ـت فيــه مشــكلة!! ألنــه ال روح فيــه وال تفاعــل.
بيـ ٌ
بــل قــال بعضهــم :إن الخالفــات هــي ملــح العالقــة الزوجيــة ،فعــدم وجودها
يفقــد الحيــاة الزوجيــة طعمهــا ،كمــا أن كثرتهــا تفســد الحيــاة الزوجية.
إذا علــم هــذا وجــب علينــا إزالــة الصــورة الذهنيــة المرتســمة فــي األذهــان
قبــل الــزواج عــن حيــاة مثاليــة وفردوســية ،ووجــب علينــا أن نســعى لتالفــي
تفاقــم المشــاكل ،ونحــرص علــى إصالحهــا ،ونتغاضــى عــن اليســير منهــا.
بذا نكون اتفقنا أنه ال سعادة بعد الزواج لمن يحلم بسعادة محضة.
بعــد هــذا االتفــاق سنســعى ـ أنــا وأنتمــا ـ مــن خــال هــذه الرســالة إلــى
تحقيــق أعلــى مراتــب الســعادة الممكنــة بــإذن اللــه.
تصوروا!! «.
د .إبراهيم الخليفي.
رجل وامرأة
يجب أن يتعامل الرجل مع المرأة على أنها امرأة ،وتتعامل المرأة مع الرجل
على أنه رجل ،مراعين بذلك الفروق واالحتياجات النفسية ،والجسدية بين
الجنسين.
إذ تنشأ كثير من المشكالت عن إغفال هذا األمر ،فالزوجة تعامل زوجها
كما تعامل إحدى صديقاتها ،وكذلك هو يعاملها كما لو كان مع أحد رفاقه.
فينبغي أن يقبل الرجل أن تبقى زوجته امرأة ،مقدرا لها طبيعتها،
رجال يحب ويهوى ما يهوى
ً واهتماماتها ،وكذا هي تقبل أن يبقى زوجها
الرجال ويحبون.
إن أولويات االحتياج عند كل منهما تختلف ،ومن هنا يقع الخطأ في
التعامل على أن الطرف اآلخر يحتاج ما أحتاج بنفس الترتيب واألولويات.
وألن الحديث في هذا الموضوع قد يطول ،وهو على درجة عالية من
األهمية فإني أحيل إلى بعض الكتب المختصة في ذلك .وهي:
)١الرجال من المريخ والنساء من الزهرة للدكتور جون قراي ،الترجمة
العربية من إصدار مكتبة جرير.
)٢احتياجاته واحتياجاتها .لـ :ويالرد إف هارلي ،اإلبن ،الترجمة العربية من
إصدار مكتبة جرير.
)٣للنساء فقط ،د .شونتي فيلد هان ،الترجمة العربية من إصدار مكتبة
جرير.
)٤للرجال فقط ،د .شونتي وجيف فيلد هان ،الترجمة العربية من إصدار
مكتبة جرير.
)٥الرجل والمرأة ..أسرار لم تنشر بعد ،لـ :آلين ويلر ،الترجمة العربية من
إصدار شركة دار الفراشة.
ومن اإلصدارات المسموعة:
( )1فهم النفسيات ،للدكتور جاسم المطوع ،شريطان ،إصدار دار البالغ
بجدة.
( )2مفاتيح العالقات الزوجية الناجحة ،للدكتور ياسر بن عبد العزيز قاري،
ثالث أشرطة ،إصدار تسجيالت حنين بمكة.
وال بــد أن تكــون الصراحــة مغلفــةً بــاألدب ،محمولــة بالحــب ،صراحــة بــا
وقاحــة ،حتــى نخفــف مــن مرارتهــا علــى متلقيهــا.
وبكلمات جميلة ينمو التقدير ،ويزداد الحب ،وتصلح الحال بإذن الله.
وكلمــا كانــت هــذه الكلمــات عفويــة ،كانــت أبلــغ فــي النفــس ،وأمتــع
للســمع .
والهديــة لهــا معنــى يفــوق قيمتهــا ،وهــي بيــن الزوجيــن رســالة حــب
المهــدي ،ولهــا مناســبات كثيــرة منهــا :العيــد ،والــوالدة،
ودليــل وفــاء يبعثهــا ُ
والنجــاح ،والترقيــة الوظيفيــة ،والقــدوم مــن ســفر ،وبعــد انجــاء المشــكلة،
وبعــد الشــفاء مــن مــرض ،وعندمــا تمــر العالقــة الزوجيــة بشــيء مــن البــرود
والفتــور.
وما أجمل الهدية حينما تكون مفاجئة وال مناسبة لها إال الحب والوفاء.
وإذا كانــت المــرأة غيــر مقتــدرة ماليــاً فــا بــأس أن تطلــب مــن زوجهــا شــيئا
مــن المــال ـ يســتطيعه ـ ثــم تفاجئــه بالهديــة.
األوالد فيقدمونهــا
َ أحــد الزوجيــن
ُ ومــن أجمــل الهدايــا مــا ُيشــرك فيهــا
ألمهــم أو أبيهــم.
وليــس ثمــن الهديــة بقيمتهــا الماديــة ،فهــي جميلة وإن كانــت وردة صغيرة،
إذ األهــم مــن ذلــك هــو قيمتهــا المعنويــة ،ومــا تتركــه مــن أثــر إيجابــي فــي
نفــس مــن ُق ّدمــت إليــه.
وهي تحمل رسالةً مفادها إني أحبك ولم أنسك ،ولن أتخلى عنك...،
لكــن المشــكلة حينمــا يــدرك أحــد الزوجيــن أنــه مخطــئ ويصــر علــى خطئــه
ويرفــض االعتــراف بــه ،بدافــع أن االعتــراف بالخطــأ أمــام الطــرف الثانــي يجرؤه
عليــه ويضــع مــن كرامتــه ،وهــذه مغالطــة يزينهــا الشــيطان.
وتصــورا معــي أيهــا الزوجــان أن شــخصاً أخطــأ عليكمــا ثــم قــام باالعتــراف
بالخطــأ ،واالعتــذار منــه ،هــل ســيبقى فــي نفــس مــن وقــع عليــه الخطــأ
شــيء؟! ،إننــي أكاد أجــزم أن مكانتــه فــي قلــب مــن وقــع عليه الخطأ ســتكون
أحســن ممــا هــي عليــه قبــل وقــوع الخطــأ ،وكــم مــن خطــأ صــار ســبب بدايــة
عالقــة جميلــة وقويــة بيــن اثنيــن ،حينمــا اعتــرف المخطــئ بخطئــه واعتــذر
ـاوزَ صاحــب الحــق وعفــى.
وتَ َجـ َ
حتــى قيــل إن العالقــة التــي تنشــأ بعــد مشــكلة بيــن طرفيهــا هــي أقــوى
مــن أي عالقــة أخــرى.
كمــا أننــا نطالــب المخطــئ باالعتــراف بالخطــأ فإننــا نقــول لمــن وقــع عليــه
الخطــأ إنــه لجديــر بــك أن تصفــح الســيما إذا اعتــرف لــك المخطــئ بخطئــه،
فاالعتــراف بالخطــأ أبلــغ اعتــذار.
فليقبــل العــذر بابتســامة جميلــة وكلمــة طيبــة تــدل علــى التجــاوز عــن الخطــأ
ُ
ونســيانه ،وفتــح صفحــة بيضــاء جديــدة ،فســيجد مــن عفــا عــن الخطــأ أنســها
ولذتهــا قبــل مــن أخطــأ.
عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم
قــال( :مــا زاد اللــه عبــدا بعفــو إال عــزا ومــا تواضــع أحــد للــه إال رفعــه اللــه)(.)7
هــل جربــت أثــر العفــو علــى نفســك؟ جربــه أحدهــم ،فــكان يقــول :خشــيت
أال أكــون مأجــوراً فــي عفــوي عــن النــاس؛ ألننــي صــرت أجــد لذلــك لــذة!!
جميال.
ً قدم العفو كريماً ،ليعود إليك أثراً
وألبــي حاتــم الســبتي “ مــن اعتــرف بالزلــة اســتحق الصفــح عنهــا ،ألن ذل
االعتــذار عــن الزلــة يوجــب تســكين الغضــب عنهــا”
ســـعيدا لفتـــرة
ً إذا أردت أن تعيـــش
وجي ــزه فانتق ــم ،وإذا أردت الس ــعادة
الدائمـــة فســـامح الجميـــع.
طاغور
مفاتيح و مغاليق
علــى كل منــا أن يتلمــس األمــور واألشــياء التــي يحبهــا شــريك حياتــه،
ليســعى فــي تحقيقهــا لــه ،ويتعامــل معــه وفقهــا.
وجميــل أن يخبــر كل منــا اآلخــر بمــا يحــب ومــا يكــره ،مثــل طريقــة الــكالم،
الحــركات الجســدية والتصرفــات ،والمالبــس والمشــارب والمــآكل ،وأوقــات
الراحة ،وغيرها.
كــي تكــون هــذه معالــم نســعى مــن خاللهــا إلرضــاء بعضنــا وكســب
القلــوب.
خاصــة وأن بعــض المشــكالت ربمــا تقــع نتيجــة فعــل أحــد الزوجيــن لشــيء
غيــر محــرم وغيــر منــاف للــذوق واألدب ،ولكنــه يضايــق الطــرف اآلخــر لســبب
أو آلخــر ،ويمكــن لفاعلــه االســتغناء عنــه وتركــه دون أدنــى ضــرر يلحقــه ،لكنــه
لــم يكــن يعلــم بــأن هــذا يضايــق شــريكه.
أحــد المتزوجيــن حديثــا ـ وفــي ســفر زواجــه ـ قــام بتســليم زوجتــه ورقــة
دون عليهــا مــا يرغــب ومــا ال يرغــب ،مــا يحــب ومــا يكــره ،ولســان حالــه حتــى
ال تقعــي مــن غيــر قصــد فــي شــيء ال أرغبــه فتضايقينــي مــن حيــث ال
تشــعرين.
«التعاط ــف ف ــي الحي ــاة الزوجي ــة يعن ــي النظ ــر
لرغبـــات شـــريك حياتـــك وتجتهـــد لتحقيقهـــا.
ومــن األســرار الزوجيــة وضــع الــزوج المــادي الــذي ال يرضــى كشــفه ألحــد؛
غنــى وفقــراً .
عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم
قــال( :مــن ســتر مســلماً ســتره اللــه فــي الدنيــا واآلخــرة)(.)9
ولئــن كان التأكيــد علــى هــذا األمــر مطلــب فــإن حفــظ مــا يحصــل بيــن
الزوجيــن فــي الفــراش مــن أهــم المطالــب ،كمــا جــاء عــن أبــي ســعيد رضــي
اللــه عنــه قــال :قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :إن مــن أشــر النــاس
عنــد اللــه منزلــة يــوم القيامــة الرجــل يفضــي إلــى امرأتــه ،وتفضــي إليــه ،ثــم
ينشــر ســرها) ،وفــي روايــة( :إن مــن أعظــم األمانــة عنــد اللــه يــوم القيامــة
الرجــل يفضــي إلــى امرأتــه ،وتفضــي إليــه ،ثــم ينشــر ســرها)(.)10
جوال زادها
التطفيف واألنانية
يحفــظ بعــض األزواج والزوجــات ويــردد كثيــراً حديثــاً أو أحاديــث عــن رســول
اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم تكفــل حقــه لــدى شــريك حياتــه ،ويحرصــون
علــى معرفــة مالهــم أكثــر ممــا عليهــم ،ومثــل هــؤالء هــم فــي الواقــع أنــاس
أنانيــون ال يعنيهــم إال أنفســهم ،وبالتالــي فإنــه ربمــا لــن يجــد الواحــد منهــم ـ
زوجــاً كان أو زوجــة ـ لنفســه مكانــاً فــي قلــب شــريكه.
أيهــا الــزوج إن الــذي قــال( :لــو أمــرت شــيئا أن يســجد لشــيء ألمــرت المــرأة
أن تســجد لزوجهــا والــذي نفســي بيــده ال تــؤدي المــرأة حــق ربهــا حتــى تــؤدي
حــق زوجهــا)( ،)11هــو صلــى اللــه عليــه وســلم مــن قــال( :إنــي أحــرج حــق
الضعيفيــن اليتيــم والمــرأة)( ، )12وقــال:
ويــا أيتهــا الزوجــة إن مــن قــال( :خيركــم خيركــم ألهلــه)( ،)14هــو صلــى اللــه
عليــه وســلم مــن قــال( :ونســاؤكم مــن أهــل الجنــة :الــودود الولــود العــؤود
علــى زوجهــا ؛ التــي إذا غضــب جــاءت حتــى تضــع يدهــا فــي يــد زوجهــا وتقــول
:ال أذوق غمضــا حتــى ترضــى)( ،)15وقــال( :إذا صلــت المــرأة خمســها،
وصامــت شــهرها ،وحفظــت فرجهــا ،وأطاعــت زوجهــا قيــل لهــا ادخلــي الجنــة
مــن أي أبــواب الجنــة شــئت)(.)16
فحــري بــكل مــن الزوجيــن أال يطلــب مــا لــه وهــو يعلــم مــن نفســه تقصيــراً
َب ِّينــاً فيمــا عليــه ،بــل يبــادر إلــى إصــاح نفســه والقيــام بواجبــه ً
أوال.
ثــم إنــه ال يعــاب وال ينكــر علــى مــن يطالــب بحقوقــه إذا قــام هــو بمــا لآلخــر
عليــه مــن حقــوق ،إذ إن مــن األزواج والزوجــات -وهــم قلــة -مــن يقــوم بــكل
مــا عليــه فيقابــل مــن شــريكه بالتقصيــر والنكــران!
والكمــال فــي ذلــك امتثــال مــا جــاء عــن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم أنــه
قــال ( :أدوا الــذي عليكــم ،فسيســألهم اللــه عــز وجــل عــن الــذي عليهــم)(.)17
كريمـــا،
ً كـــن عـــاد ًلا قبـــل أن تكـــون
فالضروريـــات تســـبق الكماليـــات.
شامفور
شاركها ..وشاركيه..
الــزوج لــه اهتماماتــه وهمومــه الخاصــة ،والزوجــة كذلــك ،وربمــا كانــت
اهتمامــات أي منهمــا ال تعنــي أو ال تخــص اآلخــر بصفــة مباشــرة ،لكــن الــذي
ينبغــي أن يكــون هــو أن يقتحــم كل مــن الــزوج والزوجــة هــذه الدائــرة علــى
اآلخــر ويشــاركه فيهــا ويقــف إلــى جنبــه ـ بالطبــع مــا لــم يكــن فــي ذلــك
مضايقــة لــه أو وقــوع فــي إثــم ـ.
إذ إن عمــل الواحــد منــا أو همــه أو اهتماماتــه جــزء منــه ،ومشــاركتنا لــه فــي
ذلــك تزيــد مــن قربنــا منــه وتشــعره باهتمامنــا بــكل مــا يهمــه ،وســعينا لمــا
يريحــه ويســعده.
فمــا المانــع أن تشــاركها فــي ترتيــب بعــض محتويــات الغرفة ،وأن تشــاطرها
وأنــت ـ كذلــك ـ جميــل أن تشــاركيه همومــه وتســاعديه فــي ِ هــم العمــل،
مثــا ـ تقوميــن بنســخ التدريبــات علــى جهــازً ـ معلمــاً كان فلــو أعمالــه،
الحاســب بــدال مــن أن يقــوم هــو بذلــك ،هــذه مجــرد أمثلــة .. ،وهكــذا
وســئلت عائشــة رضــي اللــه عنهــا :مــا كان النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم
يصنــع فــي بيتــه؟ قالــت :كان يكــون فــي مهنــة أهلــه ـ تعنــي خدمــة أهلــه ـ
فــإذا حضــرت الصــاة خــرج إلــى الصــاة(.)19
وعنهــا رضــي اللــه عنهــا ـ كمــا عنــد البخــاري ـ أنهــا قالــت :كنــت ُأ َر ِّجـ ُ
ـل( )20رأس
رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم وأنــا حائــض(.)21
فخديجــة رضــي اللــه عنهــا تشــاركه صلــى اللــه عليــه وســلم الهــم وتذهــب
بــه إلــى ابــن عمهــا ،وهــو صلــى اللــه عليــه وســلم يكــون فــي حاجــة أهلــه،
وعائشــة رضــي اللــه عنهــا ترجــل شــعره ،مــا أروعهــا مــن نمــاذج ،فليكونــوا لنــا
نبراســاً يضيــئ حياتنــا.
ـم
«المش ــاركة البارع ــة (بي ــن الزوجي ــن) م ــن أعظ ـ ِ
األس ــباب لتزكي ــة النف ــس م ــن األناني ــة الذميم ــة؛
ألنهـــا ُتشـــعر صاح َبهـــا بالســـماحة ،الحـــب،
ـب دِ ين ــي ً
أيض ــا. العط ــاء ،التضحي ــة ،وه ــذا مط َل ـ ٌ
فعـــال
المشـــاركة الراقيـــة تســـاهم بشـــكل َّ
تخفيـــف التوتـــرات الثنائيـــة ،كمـــا
ِ للغايـــة فـــي
ـل عل ــى حم ــل َّ
الط َرفي ــن عل ــى تج ــاوز أنه ــا تعم ـ ُ
كثيـــر مـــن األخطـــاء ،والتغاضـــي عـــن كثيـــر مـــن
الهفـــوات».
نور الدين قوطيط.
هم أقرب الناس إليكما
إن أهميــة صلــة الــزوج ألهلــه ،وصلــة الزوجــة ألهلهــا ،أمــر أوضــح مــن أن
ينبــه لــه ويحــث عليــه ،وقــد جــاءت بــه الشــريعة ،وعلــى المســلم أن يكــون
عونــا لغيــره علــى ذلــك ،وهــو آثــم إن دعــا إلــى خالفــه ،فكيــف إذا كان زوجــا أو
زوجــة ،فحثــه علــى ذلــك مــن محبتــه واإلهتمــام بــه.
وإن مــن االهتمــام بالــزوج أو الزوجــة ـ أيضــاً ـ االهتمــام بأهلــه “أو بأهلهــا”،
فشــعور الــزوج باهتمــام زوجتــه بأهلــه وســؤالها عنهــم ،والحــرص علــى
زيارتهــم والقــرب منهــم يــدل بطريقــة غيــر مباشــرة علــى مــا لــه مــن حــب فــي
قلبهــا جعلهــا تصــل قرابتــه ،وهــذا يزيــد مــن حظوتهــا لديــه وحبــه لهــا ،وكذلــك
الزوجــة إن رأت ذلــك مــن زوجهــا.
وليــس حســناً أال يشــعر الــزوج مــن زوجتــه بــأي اهتمــام بأهلــه أو تواصــل
معهــم ،وهــي كذلــك؛ إذ الخطــاب موجــه لكليهمــا.
وأســوأ مــن ذلــك حيــن يقطــع الــزوج عالقتــه بأهــل زوجتــه أو يصــل األمــر
إلــى أن يعاديهــم ،ومثلــه الزوجــة ،وهــذا كلــه ممــا يفســد العالقــة بيــن
الزوجيــن ويفــرق قلبيهمــا ،حتــى وإن رضــي الــزوج بإســاءة زوجتــه إلــى أهلــه،
أو رضيــت الزوجــة بإســاءة زوجهــا ألهلهــا ،ألن مــن رضــي اإلســاءة إلــى أهلــه
ي بــأال يتــورع هــو عــن اإلســاءة إلــى مــن هــو أبعــد منهــم ـ وإن كان قريبــاُ ـ
حـ ِـر ٌّ
كالــزوج أو الزوجــة.
أيتهــا الزوجــة أكرمــي أهــل زوجــك ،وفاجئيــه ببعــض الهدايــا ـ ولــو كانــت
بســيطة ـ ألمــه وأخواتــه ،وأنــت أيهــا الــزوج افعــل مثــل ذلــك معهــا.
وأســمعها فــي أهلهــا مــا تحــب ،واعلــم أن ثنــاءك علــى أهلهــا جــزء مــن
الثنــاء عليهــا وإشــعار لهــا برضــاك عنهــا ومحبتــك لهــا ،وأنــت أيتهــا الزوجــة
افعلــي معــه ذلــك.
وثمــة أمــر مهــم تجــب مالحظتــه؛ وهــو أنــه قــد يحصــل ألحــد الزوجيــن أمــر
يــرى أنــه بشــرى وســعادة ،أو مصيبــة ومأســاة ،ويكــون اآلخــر غيــر مقتنــع
بهــذه الرؤيــة ،مثــال ذلــك :أن تبكــي الزوجــة بســبب كالم ســمعته مــن أحــد
زميالتهــا ورأت فــي ذلــك إهانــة لهــا ،بينمــا الــزوج يــرى أن ذلــك األمــر ال
يســتحق البــكاء ،ففــي هــذه الحالــة ينبغــي أن يشــارك الــزوج زوجتــه مشــاعرها
ـل لألزمــة ال تكبيرهــا وتضخيمهــا ،ألن
بالحــد المعقــول الــذي يصــل بــه إلــى حـ ٍّ
فــي مشــاركته لهــا تســلية لهــا وإعانــة لهــا علــى تجــاوز هــذا األمــر.
أي أن تجاهــل أي مــن الزوجيــن لفــرح اآلخــر أو حزنــه أمــر ال ينبغــي أن يفعلــه
كل مــن يســعى منهمــا إلــى أن يكونــا قلبــاً واحــداً .
فمــن األزواج مــن يدركــه العيــد وهــو مســافر داخــل البــاد أو خارجهــا ،ال
لشــيء إال أنــه ذهــب ليقضــي إجــازة ســعيدة !!! ،أو حتــى لعمــل يمكــن تأجيلــه
لغيــر هــذا الوقــت ،وقــد تــرك زوجتــه تــرى النســاء مــن حولهــا مــن قريباتهــا،
أوصديقاتهــا ،أو جاراتهــا يقضيــن العيــد مــع أزواجهــن ،وبقربهــم ،فــي زيــارة
أو رحلــة أو جلســة عائليــة ،أمــا هــي فإمــا أن تكــون قابعــة فــي بيتهــا ،أو عنــد
أهلهــا ،لكنهــا وإن ذهبــت معهــم إلــى مــا يذهبــون إليــه فــي العيــد ،وإن
وجــدت فــي ذلــك ســعادة إال أن ســعادتها بقــرب زوجهــا أتــم.
فجميــل أن تقضيــا فــي العيــد وقتــا أطــول مــع بعضكمــا ،وأن يصــل كل
منكمــا ـ فــي العيــد ـ أهلــه ،وأهــل زوجــه.
قــال اللــه عــز وجــل( :مــن عمــل صالحــا مــن ذكــر أو أنثــى وهــو مؤمــن
فلنحيينــه حيــاة طيبــة ولنجزينهــم أجرهــم بأحســن مــا كانــوا يعملــون)(،)22
فجمــع اللــه لهــم خيــري الدنيــا واآلخــرة.
وعــن أبــي موســى رضــي اللــه عنــه عــن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم
قــال (مثــل البيــت الــذي يذكــر اللــه فيــه والبيــت الــذي ال يذكــر اللــه فيــه مثــل
الحــي والميــت)(.)23
(ومــن أعــرض عــن ذكــري فــإن لــه معيشــة ضنــكا ونحشــره يــوم القيامــة
أعمــى)(.)24
ويقــول أحــد الســلف :إنــي ألعصــي اللــه فــأرى أثــر ذلــك فــي دابتــي
وزوجتــي!!.
أمــا إذا كانــت القاعــدة التــي يســيران عليهــا فــي ذلــك هــي :التغافــل
والتســامح ،فســيجدان الســعادة والراحــة ،وإال تعبــا فــي طلــب المســتحيل،
بشــار بــن بــرد:
علــى حــد قــول ّ
إن تجــاوز الخطــأ ،ونســيانه والعفــو دون عتــاب ،ودون أن يبقــى فــي النفس
منــه شــيء مرتبــة عليــا ،نأمــل جميعــاً أن نصــل إليهــا ،ولــو علــى األقــل مــع
األخطــاء الصغيــرة ،فلنبــدأ بهــا.
إن الزوجيــن إذا كانــا كذلــك فإنهمــا سيعيشــان حيــاة ســعيدة ،ملؤهــا
المــودة والرحمــة.
مــن يكــذب ال يكــذب إال علــى نفســه ،والكــذب كمــا قيــل «حبلــه قصيــر»،
ومــا أســوأ أن يشــعر أي مــن الزوجيــن أن اآلخــر يكــذب عليــه ،فيفقــد ثقتــه
فــي أقــرب النــاس إليــه ،وال يقبــل منــه حتــى كلمــات الحــب ،وهــذا خطــأ
يصعــب عالجــه ،لكنــه ال يســتحيل ..وقــد ال يكــون العــاج إال باالعتــراف
وااللتــزام بعــدم تكــراره.
كل هــذا بعيــداً عــن الحكــم الشــرعي فــي الكــذب -وال نبعــده -ويكفــي
فــي ذلــك قــول رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم فــي الحديــث الــذي رواه
عنــه عبــد اللــه بــن مســعود رضــي اللــه عنــه( :إن الكــذب يهــدي إلــى الفجــور
وإن الفجــور يهــدي إلــى النــار ،وإن الرجــل ليكــذب حتــى يكتــب عنــد اللــه كذابــاً )
( ،)25مــا أعظمهــا أن يكتــب أحدنــا عنــد اللــه كذابــا.
أمــا الصــدق ففيــه كل الخيــر ،وإن لــم تكــن فيــه نجــاة الدنيــا فــإن فيــه نجــاة
اآلخــرة ( إن الصــدق يهــدي إلــى البــر ،وإن البــر يهــدي إلــى الجنــة ،وإن الرجــل
ليصــدق حتــى يكــون صديقــا)(.)26
بيــن العلمــاء مــا يجــوز مــن الكــذب بيــن الزوجيــن ،وأنــه فــي نحــو ثمــن
وقــد ّ
مــا يهــدى ،وفيمــا يديــم المــودة ،ويطيــب الخاطــر ،ويؤلــف القلــوب ،ويزيــل
يضيــع حقــاً للطــرف اآلخــر ،أو يكــون
ّ مفســدة متحققــة ،أو مخوفــة ،بشــرط أال
فيــه إخــاف للوعــد ،أو أن يكــون فــي شــيء يتعلــق بحقــوق الغيــر.
فعــن أم كلثــوم بنــت عقبــة قالــت :مــا ســمعت رســول اللــه صلــى اللــه عليــه
وســلم يرخــص فــي شــيء مــن الكــذب إال فــي ثــاث؛ كان رســول اللــه صلــى
اللــه عليــه وســلم يقــول ال أعــده كاذبــا الرجــل يصلــح بيــن النــاس يقــول القــول
وال يريــد بــه إال اإلصــاح والرجــل يقــول فــي الحــرب والرجــل يحــدث امرأتــه
والمــرأة تحــدث زوجهــا(.)27
ويســيء لنفســه مــن يســيء ألبنــاء أو بنــات شــريك الحيــاة ،إذ إن إســاءته
إليهــم تقلــل مــن قــدره فــي قلــب شــريكه وحبــه لــه.
فــي المتفــق عليــه عــن المســور بــن مخرمــة رضــي اللــه عنــه قــال :قــال
رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :إنمــا ابنتــي -يعنــي فاطمــة -بضعــة
منــي يريبنــي مــا رابهــا ويؤذينــي مــا آذاهــا).
إذا كان ثناؤنــا علــى مقتنيــات شــريكنا يدخــل الســرور علــى قلبــه ،وانتقادنــا
لهــا يحزنــه ويضايقــه ،فــإن مــا يتعلــق بابنــه أو ابنتــه أكبــر أثــراً .
وعــن أنــس رضــي اللــه عنــه قــال :كان أصحــاب النبــي صلــى اللــه عليــه
وســلم إذا تالقــوا تصافحــوا ،وإذا قدمــوا مــن ســفر تعانقوا(.)32
كل هــذه الشــواهد ،وغيرهــا تــدل علــى مــا للتقــارب الجســدي مــن
أثـ ٍـر بالــغ فــي تقــارب القلــوب ،وتآلفهــا ،بيــن اإلخــوة ،وهــو كذلــك بيــن
الزوجيــن مــن بــاب أولــى ،وحاجتهمــا إليــه أكبــر.
ولكــي يــؤدي هــذا التقــارب بيــن الزوجيــن أثــره اإليجابــي يجــب أن
يحــذر كل مــن الزوجيــن أن يكــون جســمه غيــر نظيــف ،أو تنبعــث
منــه رائحــة غيــر مرغوبــة تــؤذي الطــرف اآلخــر ،أو يــرى عليــه مالبــس
متســخة ،أو تقصيــرا فــي العنايــة بالمظهــر ،بــل علــى العكــس يجــب
أن يحرصــا علــى النظافــة ،والرائحــة الزكيــة العطــرة ،وحســن المظهــر.
أمــا حــال حبيبنــا وقدوتنــا صلــى اللــه عليــه وســلم ـ فــي ذلــك ـ
فتحدثنــا عنهــا أزواجــه رضــوان اللــه عليهــن.
فعــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا ،قالــت كنــت أغتســل أنــا والنبــي
صلــى اللــه عليــه وســلم مــن إنــاء واحــد تختلــف أيدينــا فيــه(.)33وكان
يأمرنــي فأتــزر فيباشــرني وأنــا حائــض وكان يخــرج رأســه إلــي وهــو
معتكــف فأغســله وأنــا حائــض(.)34
وعــن أم ســلمة رضــي اللــه عنهــا قالــت :حضــت وأنــا مــع النبــي صلــى
اللــه عليــه وســلم فــي الخميلــة فانســللت فخرجــت منهــا ،فأخــذت
ثيــاب حيضتــي ،فلبســتها ،فقــال لــي رســول اللــه صلــى اللــه عليــه
وســلم (:أنَ ِف ْســتِ ؟) قلــت :نعــم ،فدعانــي ،فأدخلنــي معــه فــي
الخميلــة(.)35
عــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا قالــت( :توفــي النبــي صلــى اللــه عليــه
وســلم فــي بيتــي ،وفــي يومــي ،وبيــن ســحري ونحــري)(.)36
ثــم تأمــا هــذا الحديــث ،ومــا فيــه مــن بيــان ألهميــة التقــارب بيــن
الزوجيــن ،وتأليــف قلبيهمــا؛ قــال النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم:
تأمــا( :جــاءت حتــى تضــع يدهــا فــي يــد زوجهــا) ،إنهــا حركــة جميلــة
تتحــرك معهــا المشــاعر ،فتتقــارب علــى إثــر ذلــك القلــوب ،وتصفــو.
بنك الحب
فــي يــوم زواجكمــا يفتــح كل واحــد منكمــا لديــه حســابا خاصــاً فــي بنكــه
العاطفــي باســم شــريك حياتــه ،ومنــذ تلــك اللحظــة يســجل لــه فــي حســابه
عمليــات اإليــداع والســحب ،المتمثلــة فــي كل تصــرف يصــدر منــه.
فــكل فعــل أو قــول جميــل يقــوم بــه الــزوج هــو عمليــة إيــداع فــي حســابه
فــي بنــك زوجتــه ،يــزداد معــه حبهــا لــه ،وكل فعــل أو قــول ســيء يقــوم
بــه هــو عمليــة ســحب ينقــص معهــا حســابه ويقــل حبهــا لــه ،وكــذا كل عمــل
تقــوم بــه هــي تجاهــه ،ســواء بســواء.
وقــد تنقلــب عمليــة اإليــداع إلــى عمليــة ســحب ،والعكــس ،ومثــال األولــى
أن يســافر الــزوج بزوجتــه فهــذه عمليــة إيــداع لكــن يحولهــا إلــى عمليــة ســحب
ـدر ،وينغــص هــذا التفضــل بمنّ ــة ،ومثــال الثانيــة حيــن تخطــئ الزوجــة
حينمــا ُيكَ ـ ِّ
علــى زوجهــا فــإن هــذه عمليــة ســحب ،تحولهــا باالعتــراف بالخطــأ واالعتــذار
عنــه إلــى إيــداع ،وهــذا مــا يمكــن أن يســمى قلــب الرصيــد أو العمليــة.
المهــم أن نتعاهــد هــذا الحســاب ونزيــد حجــم اإليداعــات ونحافــظ عليهــا مــن
أن يحرقهــا تصــرف غيــر جيــد أو قــول مــؤذ.
إن هــذه الكلمــات تزيــل الشــعور باألمــان بيــن الزوجيــن ،وتســلب مــا تبقــى
لــكل منهمــا فــي قلــب اآلخــر ،مــع أن هــذا الــكالم ال يصــدر ـ غالبــاً ـ عــن قناعــة
وإنمــا يخــرج فــي فــورة غضــب ونتيجــة لتصــرف آنــي ،لكــن المؤســف أن هــذا
ال يبــرره وال يمنــع مــن أن يكــون ســبباً فــي تباعــد القلــوب ،بــل ربمــا أدى
إلــى تفــارق األجســاد أعنــي بالطــاق ،حيــن يســتقبلها الطــرف اآلخــر ،ويبنــي
عليهــا كثيــراً مــن التصرفــات تجاهــه.
ورب كلمــة قالــت لصاحبهــا دعنــي ،وكــم مــن كلمــة تمنــى قائلهــا لــو أن
األرض انشــقت وابتلعتــه ولــم يتفــوه بهــا.
لعلنــا ننتهــي فــي هــذه الفقــرة إلــى أنــه ال شــيء أجمــل مــن الصمــت حــال
الغضــب ،إن لــم يكــن ثمــة اعتــذار ،ولنؤجــل الحــوار إلــى حيــن هــدوء العاصفــة
لنكــون أكثــر حكمــة وعقالنيــة.
أخــي الــزوج ،أختــي الزوجــة ..إن مــا تشــاهدانه إنمــا هــو هــراء و (تمثيــل)،
و إال فلــو نظرنــا إلــى الحيــاة الزوجيــة لهــؤالء الممثليــن أنفســهم لوجدنــا أن
كثيــراً منهــم قــد فشــل فــي حياتــه الزوجيــة ،بــل إن عــدداً منهــم فشــل أكثــر
مــن مــرة.
فاحــذرا مشــاهدة هــذه المسلســات ،لمــا فيهــا مــن المحاذيــر الشــرعية غيــر
الخافيــة ،ولمــا تســببه مــن أثــر ســلبي علــى عالقتكمــا الزوجيــة.
فهــل فكرنــا يومــاً مــا فــي تلمــس الصفــات اإليجابيــة فــي شــريك الحيــاة،
وأثنينــا علــى تلــك الصفــات وشــجعنا صاحبهــا ،وعززناها في نفســه /نفســها.
إن ذلــك يدفــع الطــرف اآلخــر للتمســك بهــا والســعي الكتســاب المزيــد مــن
الصفــات الحســنة ،وتطهيــر النفــس ممــا يضادها.
هــل تأملــت يومــاً ذلــك الشــخص الــذي يشــعل الفحــم ليشــوي فوقــه
اللحــم ,إنــه يعمــد إلــى الجهــة المشــتعلة فينفــخ فيهــا لتــزداد مســاحتها ،ولــو
عمــد إلــى األخــرى النطفــأت النــار ولــم يتحقــق لــه المــراد ،وكذلــك انتمــا اعمدا
إلــى جهــة اإليجابيــات فانفخــا فيهــا لتــزداد وتتضــاءل جهــة األخطــاء والســلبيات.
قــال حبيبنــا صلــى اللــه عليــه وســلم ألشــج عبــد القيــس “إن فيــك خصلتيــن
يحبهمــا اللــه :الحلم واألنــاة”(.)38
أم المؤمنيــن خديجــة بنــت خويلــد ُم َســلية لمحمــد رســول اللــه صلــى اللــه
عليــه وســلم(.)39
مــا أروع هــذا األســلوب مــن ُأ َّمنــا رضــي اللــه عنهــا ،وكــم كان لــه مــن األثــر
فــي تخفيــف الــروع عــن حبيبنــا صلــى اللــه عليــه وســلم بعــد نــزول الوحــي
عليــه ألول مــرة.
سحر بيان()40
ُ شهد وفي التأثير
ٌ
ثــم إنــه يجــب أن نصفــح عــن األخطــاء التــي تقــع مــع مــن يمــر بظــرف مــا ،إذ
قــد يكــون لهــذا الظــرف أثــر علــى تصرفاتــه فيتصــرف بطريقــة لــم تعهــد منــه
فــي غيــر هــذا الظــرف.
كاّل مــن الزوجيــن أن يحــرص علــى أال يســقط مــع هــذا ..فإنــي أحــث ّ ً
مشــاكله الشــخصية علــى عالقتــه الزوجيــة ،ألن الطــرف اآلخــر قــد ال يتحمــل
خطــأه ،فيكــون ذلــك ســبباً لتباعــد القلــوب ،وتنافــر النفــوس.
فقــد أشــارت دراســة أعــدت فــي إحــدى دول الخليــج إلــى أن أكثــر حــاالت
الطــاق تحصــل فــي وقــت الظهيــرة بعــد العمــل!
وأنــت أيهــا الــزوج إذا كانــت زوجتــك تعمــل ،فينبغــي عليــك أن تراعــي
نفســيتها بعــد العمــل ،كمــا يجــب ذلــك عليهــا (ولهــن مثــل الــذي عليهــن)(.)41
وأكمــل األحــوال هــي حــال أولئــك األزواج والزوجــات الذيــن يخلعــون معطــف
العمــل وأتعابــه عنــد الخــروج مــن العمــل ،ويلتقــون أزواجهــم وزوجاتهــم
بوجــوهٍ بشوشــة ،وأنفــس مطمئنــة ،وصــدور متســعة..
قال تعالى:
( ومـن آياتـه أن جعـل لكـم مـن
أنفسـكم أزواجًا لتسكنوا إليها)
سورة الروم21 :
إنها نصف الحقيقة
تســمعين فــي بعــض المجالــس مــن تثنــي علــى زوجهــا بأنــه إنســان طيــب،
وكريــم ،وحســن الخلــق ،و ..و ..و ،..وتســمع أنــت أيهــا الــزوج ـ أيضــاً ـ مثــل هــذا
الــكالم مــن زوج عــن زوجتــه.
إن مــا يقولــه هــذا الــزوج ،وتقولــه تلــك الزوجــة هــو شــيء يحكــي واقعــاً
حقيقيــاً يعيشــانه ،لكــن مــا أود اإلشــارة إليــه هــو أن هــذا الــكالم ـ غالبــاً ـ
هــو نصــف الحقيقــة وليــس الحقيقــة كلهــا ،فــا يزهدكمــا الشــيطان فــي
أزواجكــم ـ حينمــا تســمعان هــذا الــكالم ـ ،فالــزوج والزوجــة اللــذان أثنــى
عليهمــا أزواجهمــا همــا مــن البشــر؛ فيهــم خيــر كثيــر وال يخلــون مــن بعــض
األخطــاء ،والنقائــص.
والكتمــان ينبغــي أن ال يصــار إليــه إال فــي أضيــق الحــدود؛ ألن األصــل
أال يخفــي أحــد الزوجيــن األمــور التــي تعكــر مزاجــه عــن اآلخــر ليتمكــن مــن
مســاعدته وليكــون أبلــغ فــي عــذره ،وأيضــا فــإن الكتمــان قــد يدفــع الطــرف
اآلخــر إلــى إســاءة الظــن.
يعذرك..
من يعرف عذرك
شكر على واجب
إن قيــام الــزوج بالعمــل والكســب مــن أجــل اإلنفــاق علــى األســرة وقيــام
الزوجــة بالخدمــة فــي البيــت وتيســير ســبل الراحــة واجــب كل منهمــا ،لكــن
حينمــا يجــد كل منهمــا كلمــات التشــجيع وعبــارات الثنــاء فــإن القيــام بهــذا
الواجــب ســيتحول إلــى مصــدر لــذة وســعادة لمــن يقــوم بــه ألن كلمــات الثنــاء
والتشــجيع أمدتــه بطاقــة إيجابيــة ،فتقــول الزوجــة لزوجهــا حيــن يأتــي مــن
عملــه :أعانــك اللــه ،كل هــذا مــن أجلنــا ،وتقــول لــه حيــن يحضــر لهــا شــيئاً مــن
طلباتهــا أو يوصلهــا إلــى مــكان مــا :جــزاك اللــه خيــراً ومــا قصــرت ،وهــو ـ مثـ ً
ـا
ـ إذا قــدم مــن العمــل ووجــد طعــام الغــداء مجهــزاً فإنــه يشــكرها علــى ذلــك
،ويثنــي علــى صنيعهــا.
إن عبــارة (ال شــكر علــى واجــب) ،بالنســبة لمــن أســدي إليــه الواجــب ،ممــا ال
ينبغــي العمــل بهــا ،وإن خالفهــا هــو األولــى.
عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه قــال :قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه
وســلم ( :مــن ال يشــكر النــاس ال يشــكر اللــه)(.)44
تخــرج الزوجــة بطفلهــا مــن غرفــة النــوم كيــا يزعــج والــده ببكائــه ،تاركــة
فراشــها ،راضيــة بالســهر مــع المشــقة مــن أجــل راحــة زوجهــا.
ويجفــو أهــل الزوجــة مــع زوج ابنتهــم لكنــه يصلهم ويحســن إليهم ويســعى
فــي مصالحهــم طلبــا إلدخــال الســرور علــى زوجته؛ ألنهــم أهلها.
هواك و هم ِعدى
ِ داريت أهلك في
تكرم !.
ُ ألف عين
عين ُ
و ألجل ٍ
كال فــإن الكــرام لــن ينســوها ،وســتكون ُعــرى توثــق هــذه العالقــة،
ومصابيــح تنيــر دروب حياتهمــا ،ومــدداً ووقــوداً الســتمرار العالقــة.
وقــد أشــارت األســتاذة ناديــة منصــور إلــى أهميــة التضحيــة بقولهــا“ :الحــب
خليــط مــن االحتــرام والعطــف والتضحيــة واإليثــار ،وهــي تركيبــة للــزواج
الناجــح ،أمــا األنانيــة فتعكــر العالقــة الزوجيــة”
أهــا لالستشــارة ،ومــن ً والديــن وحــده ال يكفــي ألن يكــون اإلنســان
المؤســف أن يستشــار أنــاس لمجــرد أنهــم أصدقــاء أو أقــارب ،أو كُ تّ ــاب فــي
هــذا المنتــدى أو ذاك.
واليــوم ـ وللــه الحمــد ـ قــد كثــرت المراكــز االستشــارية الخيريــة التــي يمكــن
االســتعانة بهــا ـ بعــد اللــه ـ .
كمــا أن ثمــة أمــر يجــب التنبــه لــه هــو أن الحديــث عنــد مــن ال ُينتظــر منــه حــل،
أو عقــد ،أو رأي مســدد ،إن الحديــث عنــده مــن ِقبــل أحــد الزوجيــن عــن اآلخــر،
قــد يدخــل فــي بــاب الغيبــة المحرمــة فلنحــذر.
ومــا أجمــل البيــوت المســتورة التــي تحفــظ مشــاكلها داخــل أســوارها ،وإن
احتــاج أهلهــا إلــى أطــراف أخــرى اســتعانوا ـ بعــد اللــه ـ بمــن يوثق برأيــه وعقله.
أنــا ال أدعــو إلــى إبقــاء المشــكلة داخــل البيــت إال إذا كان طرفاهــا يأمــان
ويســعيان فــي حلهــا ،أمــا إذا رأيــا ،أو رأى أحدهمــا ،أن المشــكلة تتفاقــم،
فــإن مــن الضــروري االســتعانة بالمصلحيــن والمستشــارين المحايديــن .فــا
تستشــيروا صديقــاً أو قريبــاً تغلــب عاطفتــه رأيــه.
والمشــكلة أن بعــض األزواج يتــرك زوجتــه تذهــب لوحدهــا إلــى الســوق وال
يرافقهــا مــع أن مصاحبتــه لهــا ســتر لهــا وحمايــة ،وإشــعار منــه لهــا باهتمامــه
بمــا يهمهــا ،وبعضهــم يصحــب زوجتــه إلــى الســوق لكنــه يضايقهــا بتبرمــه
وتأففــه وغضبــه ،بحجــة أنــه ال يحــب األســواق والدخــول فيهــا ،ونقــول لــه إن
مــن حقــك أال تحــب دخــول األســواق فهــي أبغــض البقــاع إلــى اللــه ،لكــن ال
يحــق لــك أن تضايــق زوجتــك وتغضــب مــن أقــل ســبب ،ألن غضبــك هــذا يؤثــر
علــى اتخاذهــا القــرار المناســب فيمــا تــود شــراءه ،وبالتالــي شــعورها بأنــه ال
قــرار لهــا فــي اختيــار مــا يناســبها مــن المالبــس ،وحتمــاً ســيؤثر هــذا ســلباً
علــى عالقتكمــا ،ولــو ـ علــى األقــل ـ علــى األمــد البعيــد ،إن اســتمر هــذا
الســلوك ،وال تنــس الرصيــد! ،و( قــول معــروف ومغفــرة خيــر مــن صدقــة
يتبعهــا أذى)(.)45
فحــري بنــا أن نكــون مــن أولئــك الذيــن ال يتركــون زوجاتهــم يذهبــن لوحدهــن
إلــى الســوق بــل يكفونهــن عنــاء الذهــاب ،أو يذهبــون برفقتهــن ،ويتحلــون
معهــن بكامــل الصبــر والتحمــل ،وأجمــل مــن ذلــك حينمــا تشــعرها بأنــك
ســعيد بمرافقتهــا ،ومســاعدتها.
وأنــت أيتهــا الزوجــة ..أذكــرك بأهميــة مراعــاة أحــوال زوجــك الماديــة ،مــع
مراعــاة اختصــار الوقــت فــي الســوق ،فــذا لــه كبيــر األثــر فــي نفســه ،كمــا أن
لــه أثــراً فــي اســتقرار الحيــاة الزوجيــة.
قال الشاعر:
أفسدت بالمن ما أسديت من حسن
بمنان
ِ ليــــــــــس الكــــريم إذا أسدى
رأيك يهمني
يتخــذ كل مــن الزوجيــن عــدداً مــن القــرارات فــي حياتهمــا ،مــع اختــاف درجــة
أهميــة هــذه القــرارات ،وممــا يزيــد األلفــة بيــن الزوجيــن ويقــارب قلبيهمــا
هــو استشــارة كل منهمــا لآلخــر فيمــا يريــد القيــام بــه ،ال ســيما فــي األمــور
المتعلقــة بحياتهــم الزوجيــة.
أنــا ال أدعــو لالستشــارة فــي كل قــرار ،لكــن أدعــو إلــى أن يشــعر كل مــن
الزوجيــن اآلخــر بأنــه ال يتخــذ قــراراً مــن غيــر مشــورته ،فجميــل أن تشــاورها
فــي اختيــار اليــوم الــذي ســتخرجان فيــه ســوياً للنزهــة ،وفــي اختيــار البيــت
الــذي ترغبــان ســكناه ،وأن تشــاوريه فــي اختيــار الهديــة التــي تريديــن تقديمها
ألمــك ،أو أمــه ،وفــي المالبــس التــي ستشــترينها لــك ،وغيــر ذلــك.
إن االستشــارة هــي مــن المستشــير للمستشــار بمثابــة قولــه :إنــي أرتــاح
لــك ولرأيــك ولــذا أحببــت إشــراكك معــي فــي اتخــاذ هــذا القــرار.
ومــن النمــاذج فــي ذلــك مــا روى البخــاري أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه
وســلم فــي صلــح الحديبيــة قــال ألصحابــه( :قومــوا فانحــروا ثــم احلقــوا) فلــم
يقــم منهــم أحــد ،فدخــل علــى أم ســلمة فذكــر لهــا مــا لقــي مــن النــاس،
فقالــت (:يــا نبــي اللــه أتحــب ذلــك ،اخــرج ثــم ال تكلــم أحــداً منهــم كلمــة حتــى
تنحــر ُب ْدنــك ،وتدعــو حالقــك ،فيحلقــك) ،ففعــل فلمــا رأوا ذلــك فعلــوا مثــل
مــا فعــل.
بعــض األمــور لــدى الــزوج أو الزوجــة ال يمكــن تغييرهــا؛ كأن تكــون فــي خِ لْ َقة
أي منهمــا عاهــة ال يمكــن عالجهــا ،أو يكــون وضعــه االجتماعــي متدنيــاً عــن
ٍّ
ـل مــن اآلخــر ،وال يســتطيع
اآلخــر ،أو يكــون مســتوى أحدهمــا التعليمــي أقـ َّ
تغييــره النشــغاله بكســب ،أو تربيــة ،أو أي شــيء آخــر ،أو يكــون أحــد والــدي
أحدهمــا أو قريبــه فقيــراً أو بــه عاهــة مســتديمة مــن مــرض أو حتــى جنــون،
وغيرهــا مــن األمثلــة.
مــا أود اإلشــارة إليــه هنــا هــو أن هــذه األمــور مــا دامــت غيــر ممكنــة التغييــر
لألفضــل ،فــإن الحديــث عنهــا ال يمكــن أن يفهــم علــى أنــه ســعي لإلصــاح أو
تحســين للحــال ،بــل هــو نــوع مــن الهجــاء واللمــز ،لــن يجنــي منــه المتحــدث بــه
إال إيــذاء الطــرف اآلخــر ،وبالتالــي انتــزاع محبتــه مــن قلبــه.
ـم الحديــث إذن فــي نقــص ال يمكــن تغييــره؟ إن كنــا نريــد قلوبــا متآلفــة،
َفلِ ـ َ
ونفوســاً متحابــة.
إن علــى الــزوج أن ينفــق علــى بيتــه وزوجتــه ويؤمــن لهــا احتياجاتهــا حســب
اســتطاعته ،مــن غيــر ِمنًّ ــةٍ ،وهــو مأجــور فــي ذلــك ،كمــا قــال رســول اللــه
صلــى اللــه عليــه وســلم لســعد رضــي اللــه عنــه( :ولســت تنفــق نفقــة تبتغــي
فــي امرأتــك)(، )46
ِّ بهــا وجــه اللــه إال أجــرت بهــا حتــى اللقمــة تجعلهــا فــي
وعلــى الزوجــة ـ أيضــاً ـ أن تُ ـ ِـري زوجهــا ترشــيدها وحرصهــا علــى توفيــر مالــه،
وأال تطلــب إال مــا تحتاجــه هــي ،ويســتطيعه هــو.
وإن منــاداة أي مــن الزوجيــن لآلخــر بأحــب األســماء إليــه ،ممــا يؤنســه،
ويفرحــه ،وأحــب األســماء بالنســبة للزوجيــن يختلــف مــن زوج أو زوجــة إلــى
آخريــن ،فمــن األزواج مــن يفضــل أن ينــادى باســمه األول (عبــد اللــه) أو
(عائشــة) ،ومنهــم مــن يفضــل أن ينــادى بكنيتــه (أبــو عبــد الرحمــن) ،ومنهــم
مــن يفضــل مناداتــه بلقــب جميــل تطلقــه عليــه زوجتــه ،ـ أو يطلقــه عليهــا
زوجهــاـ ،أو بترخيــم االســم وهــو حــذف آخــره ،وقــد كان رســول اللــه صلــى
ـش) ،فعنهــا رضــي اللــه عنهــا
اللــه عليــه وســلم ينــادي عائشــة بقولــه (يــا عائـ ْ
قالــت قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم يومــاً ( :يــا عائــش هــذا جبريــل
يقرئــك الســام) فقلــت :وعليــه الســام ورحمــة اللــه وبركاتــه تــرى مــا ال أرى،
تريــد رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم(.)50
بعــض الرجــال والنســاء يحــب الواحــد منهــم أن يناديــه النــاس بكنيتــه ،لكنــه
يحــب مــن شــريكه أن يناديــه باســمه األول.
أليــس هــذا مــن حــق كل منهمــا علــى اآلخــر ـ إن اســتطاع ذلــك ماديــاً ـ ،ســيما
فــي هــذا الزمــن الــذي كثــرت فيــه االلتزامــات واالرتباطــات ،فأصبحــت فــرص
التقــاء بعــض األزواج وانفرادهمــا أقــل مــن ذي قبــل.
جــرب أيهــا الــزوج وأنــت أيتهــا الزوجــة هــذه الفكــرة ،جربــا أن تكونــا يومــاً أو
يوميــن ســوياً ،واتــركا أوالدكمــا عنــد الجــدة الغاليــة ،أو الخالــة اللطيفــة!.
دعاء السفر.
إن هــذا التعبيــر هــو وســيلة إليصــال رســالة العتــب ،فلتكــن الوســيلة داعيــة
لأللفــة وإصــاح مــا فســد وتجــاوز المشــكلة؛ إذ إن بعــض األزواج والزوجــات
حينمــا يعتــب ال يــدري مــا يقــول ،فتخــرج منــه ألفــاظ تحتــاج هــي إلــى اعتــذار
وربمــا كانــت شــرارة لمشــكلة أكبــر.
فليكــن العتــاب فــي قالــب يشــعر بالحــب والمــودة :إننــي أعتــب عليــك يــا
حبيبــي فــي كــذا وكــذا...
وإليكــم هــذا األنمــوذج الرائــع لعتــاب المحبيــن ..فعــن عائشــة رضــي اللــه
عنهــا قالــت قــال لــي رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم (:إنــي ألعلــم إذا
كنــت عنــي راضيــة وإذا كنــت علــي غضبــى) قالــت :فقلــت ومــن أيــن تعــرف
ذلــك قــال:
(أمــا إذا كنــت عنــي راضيــة فإنــك تقوليــن ال ورب محمــد وإذا كنــت علــي
غضبــى قلــت ال ورب إبراهيــم) قالــت :قلــت أجــل واللــه يــا رســول اللــه مــا
أهجــر إال اســمك(.)51
عن النعمان بن بشير قال :جاء أبو بكر يستأذن على النبي فسمع
عائشة وهى رافعة صوتها على رسول اهلل فأذن له فدخل فقال:
يا ابنة أم رومان وتناولها أترفعين صوتك على رسول اهلل قال
فحال النبي بينه وبينها ،قال :فلما خرج أبو بكر جعل النبي
يقول لها يترضاها :أال ترين أنى قدحلت بين الرجل وبينك.
قال :ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها ،قال
فأذن له فدخل فقال له أبو بكر :يا رسول اهلل أشركاني في
سلمكما كما أشركتماني في حربكما.
أخرجه اإلمام أحمد
ندية
حروف ّ
الولَ ـــــــه
أنت الغــــــــــــال أنت َ
فجميــل أن يعتــاد عليهــا الزوجــان ،يعتــادان علــى تبادلهــا فــي مــا بينهمــا ،إنهــا
عبــارات الحــب ،وكلمــات الغــزل ،والدعــوات الصادقــة ،إنهــا تفعــل فــي القلــوب
فعــل الســحر ،إن هــذه الكلمــات تزيــل مــا قــد يعلــق بالنفــوس مــن تراكمــات
األخطــاء ،وآثــار التقصيــر ،وســوء الفهــم.
امدحهــا أمــام أبنائهــا وبناتهــا ،وحثهــم علــى الدعــاء لهــا بالعافيــة والســامة
والتوفيــق ،واذكــر لهــم جميــل صفاتهــا ،وكريــم خصالهــا ،وافعلــي أنــت
الشــيء نفســه.
إن بعضنــا ربمــا ال يســتطيع ذلــك أو يخجــل مــن تجربتــه ،وذلــك لعــدم اعتيــاده
لــه ،ليــس إال ،وكذلــك ألنــه لــم يتــذوق حالوتــه ،ويحــس بثمرتــه.
تقــول شــونتي فيلدهــان فــي كتابهــا (للنســاء فقــط) “:كمــا نحــب أن
نســمع (أنــا أحبــك) فــإن قلــب الرجــل يخفــق بشــدة لســماع كلمــات بســيطة
مثــل( :كــم أنــا فخــورة بــك)”
لــذا كان األولــى بــكل منــا إذا وقــع عليــه الخطــأ أن يبيــن للطــرف اآلخــر ســبب
عتبــه عليــه ،ويســمع منــه ،فقــد يفاجــأ بمبــادرة الطــرف الثانــي باالعتــذار وأن
خطــأه لــم يكــن مقصــوداً ،أو ربمــا لــم يكــن يشــعر أنــه أخطــأ ،وربمــا اكتشــف
المعاتِ ــب أن عتبــه كان فــي غيــر محلــه ،وأنــه كان بســبب فهمــه للموقــف
بطريقــة خاطئــة ،وقــد يكتشــف أن تصرفــا منــه كان ســببا للمشــكلة ،أو مــن
أســبابها ،فيبــادر هــو إلــى االعتــذار.
إن مبــادرة مــن وقــع عليــه الخطــأ بفتــح الموضــوع مــع الطــرف اآلخــر فرصــة
للطــرف اآلخــر أن يكــون جريئــاً فــي االعتــراف بخطئــه وتقديــم االعتــذار.
وال ننــس أن نتلطــف عنــد العتــب ،ألن الطــرف اآلخــر يســتحق هــذا اللطــف،
وحياتنــا ونفوســنا تســتحق العيــش بهــدوء وســام.
ق ــال اب ــن الس ــماك لمحم ــد ب ــن س ــليمان ،أو حم ــاد ب ــن موس ــى لكاتب ــه،
وقـــد رآه معرضـــً عنـــه :مالـــي أراك كالمعـــرض عنـــي؟ فأجابـــه:
بلغنـــي عنـــك شـــيء كرهتـــه ،قـــال :إذًا ال أبالـــي ،قـــال :ولـــم؟
ً
باطـــا لـــم تقبلـــه ،قـــال: قال:ألنـــه إن كان ذنبـــً غفرتـــه ،وإن كان
فعـــاد إلـــى الموانســـة*
األوالد ليسوا مشكلة
ربما كان األوالد سبباً في انتقاض بعض العرى في العالقة الزوجية.
عفــواً ..صحيــح أن األوالد مــن زينــة الحيــاة الدنيــا ،لكــن حينمــا يقــع الزوجــان
فــي بعــض الســلوكيات الخاطئــة أمامهــم ،أو بشــأنهم ،فقــد يكــون ذلــك
ســبباً فــي ضعــف األواصــر الزوجيــة.
وثمة أمور يحسن بالزوجين التنبه لها في عالقتهما مع أوالدهما ،منها:
احذرا الخالف أمام األوالد:
مــن حــق أوالدنــا علينــا أال نتجــادل بحضرتهــم ،ألن هــذا يزيــد مــن حجــم
المشــكلة بيــن الزوجيــن ،ويؤثــر ســلبا علــى نفســيات األوالد ومســتقبلهم،
وعواطفهــم تجاهنــا بــل ربمــا كان ذلــك ســبب انشــقاق فــي البيــت فينقســم
األوالد إلــى مجموعتيــن؛ مجموعــة تؤيــد األب فــي كل مــا يقــول وال تقبــل
مــن األم أمــراً وال رأيــاً ،والفئــة الثانيــة مــع األم ،فيفقــد األبــوان دورهمــا فــي
التربيــة ليصبــح كل واحــد منهــا رئيــس حــزب داخــل هــذا البيــت؛ يســعى مــن
خاللــه إلثبــات ذاتــه وإقصــاء شــريك حياتــه.
ال ينتصر أحدكما من اآلخر ألحد األوالد ،وال يعترض على رأيه أمامهم:
قــد يــرى الــزوج أن زوجتــه أخطــأت علــى أحــد األوالد فــي طريقــة التوجيــه
أو العقــاب (والعكــس) ،والــذي ينبغــي هــو أال يعتــرض ـ علــى اإلجــراء المتخــذ
ـ أمــام األوالد ،وأن يبيــن لهــا (أو :تبيــن لــه) الــرأي فــي هــذا اإلجــراء علــى
انفــراد.
إن االعتــراض أمــام األوالد مــن شــأنه إيغــار الصــدور ،فيوغــر صــدر المعتـ َـرض
عليــه ،ويفقــد األبنــاء ثقتهــم برأيــه ،وهــذا ليــس محببــاً ألي منكمــا بالطبــع.
تنظيم أوقات نوم األوالد:
علــى الزوجــة أن تضبــط أوقــات نــوم األطفــال بمــا يكفــل للوالــد رؤيتهــم
عنــد مجيئــه ،ومــا يتيــح لــه وللزوجــة االنفــراد ببعضهمــا أوقــات الراحــة ،فيجــب
أن ينــام األطفــال قبــل دخــول الــزوج إلــى غرفــة النــوم ،حتــى وإن كانــوا
ينامــون فــي غرفــة مســتقلة ،أو علــى األقــل شــغل وقتهــم بمــا ال يضرهــم،
ويكفــل للــزوج والزوجــة الراحــة.
فعــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا قالــت :خرجــت مــع النبــي صلــى اللــه عليــه
وســلم فــي بعــض أســفاره وأنــا جاريــة لــم أحمــل اللحــم ولــم أبــدن فقــال
للنــاس تقدمــوا فتقدمــوا ثــم قــال لــي تعالــي حتــى أســابقك فســابقته
فســبقته فســكت عنــي حتــى إذا حملــت اللحــم وبدنــت ونســيت خرجــت معــه
فــي بعــض أســفاره فقــال للنــاس تقدمــوا فتقدمــوا ثــم قــال تعالــي حتــى
أســابقك فســابقته فســبقني فجعــل يضحــك وهــو يقــول هــذه بتلــك(.)52
إنــه ـ صلــى اللــه عليــه وســلم ـ لــم يقــل :إننــي أكبــر مــن أن ألعــب مــع
زوجتــي ،أو :ليــس لــدي متســع مــن الوقــت لمثــل هــذا اللعــب واللهــو ،ولــم
تقــل هــي ـ رضــي اللــه عنهــا ـ إن هــذا العمــل ال يليــق بامــرأة عاقلــة ،وإنــه مــن
عمــل األطفــال.
وكمــا كان صلــى اللــه عليــه وســلم قــدوة لنــا بفعلــه فقــد حثنــا بقولــه ،فعــن
جابــر رضــي اللــه عنــه ـ فــي حديــث طويــل ـ وفيــه أنــه صلــى اللــه عليــه وســلم
قــال لــه( :فهــا جاريــة تالعبهــا وتالعبــك ،وتضاحكهــا وتضاحــكك)( ،)53وفــي
روايــة( :فأيــن أنــت مــن العــذارى ولِ عابهــا؟)(.)54
أيها الزوجان ..متى كانت آخر مرة لعبتما فيها سوياً !!
فهــل جلســنا ســوياً وتذكرنــا هــذه النعمــة ،وســردنا شــيئاً مــن تفاصيلهــا،
وحمدنــا اللــه عليهــا« .وإن تعــدوا نعمــة اللــه التحصوهــا» (.)56
التأمــل فــي النعــم ولفــت االنتبــاه إليهــا بيــن الفينــة واألخــرى هــو مصــدر
مــن أكبــر مصــادر الســعادة والرضــى.
الثغر
ِ واألحالم ضاحكة
ُ الحمد!
ُ لك
الظفر
ِ دامية واأليام
ُ ! الحمد
ُ لك
واألفراح ترقص في دميُ الحمد!
ُ لك
واألتراح تعصف في صدري
ُ الحمد!
ُ لك
لك الحمد! ال أوفيك حمداً ..وإن طغى
الغدر
ِ ت لياليه في
لج ْ
زماني ..وإن ّ
وهــذا مــا نــراه فيمــا جــاء عــن عائشــة -رضــي اللــه عنهــا -أنهــا قالــت :إن مــن
نعــم اللــه علــي أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم توفــي فــي بيتــي
وفــي يومــي وبيــن ســحري ونحــري وأن اللــه جمــع بيــن ريقــي وريقــه عنــد
ــي عبــد الرحمــن وبيــده الســواك وأنــا مســندة رســول اللــه
موتــه دخــل َعلَ َّ
صلــى اللــه عليــه وســلم فرأيتــه ينظــر إليــه وعرفــت أنــه يحــب الســواك فقلــت
آخــذه لــك فأشــار برأســه أن نعــم فتناولتــه فاشــتد عليــه وقلــت ألينــه لــك
فأمـ َّـره ...الحديــث(.)57
فأشــار برأســه أن نعــم فلَ َّينْ تــه َ
إن لغــة العيــون هــي اللغــة الوحيــدة التــي ال تحتــاج إلــى مترجــم؛ ذلــك أن
جميــع شــعوب األرض تفهمهــا ،فكيــف باثنيــن يكثــر التقاؤهمــا وتواصلهمــا،
فمــن شــبه الطبعــي أن يصــا إلــى درجــة مــن الوئــام يعــرف كل منهمــا حاجــة
اآلخــر مــن نظراتــه ،وال يحتــاج فيهــا إلــى الــكالم.
وخاطبت
َ وتعطلت لغة الكالم
يقضــي بعــض األزواج والزوجــات الدقائــق فــي مكالمــات مــع بعــض الزمــاء
والزميــات ،لكنهــم يبخلــون بجــزء منهــا علــى شــركاء حياتهــم ،أو يغفلــون عــن
ذلــك ،مــع أهميتــه ،وعظيــم أثــره.
إن هــذا التواصــل يشــعر اآلخــر بحبــك لــه ،وعــدم غيابــه عــن خاطــرك ،وأنــه وإن
كان بعيــداً عــن الجســد فهــو األقــرب إلــى القلــب والنفس.
جرب وجربي ،إنكما ستلتقيان بعد هذا الغياب أكثر اشتياقاً وأعمق حباً .
أذهـــــــب
ْ لم أعـــــد دارياً إلى أين
أقـــــرب
ْ كل يـــــوم أحــــــــس أنـــك
صـعـــــب
ٌ اعتيـــادي عــلى غــــيابك
همســة :إن لغيــاب أي مــن الزوجيــن عــن اآلخــر غيابــا ال يطــول فوائــد ال
تخفــى؛ منهــا تجديــد الحــب وبعــث االشــتياق بينهمــا.
بجفوتكم.
ْ نكافيكم
ْ «نزوركم ال
ْ
م ُيس َت َز ْر زا َرا
حب إذا َل ْ
الم ّ ّ
إن ُ
ٌ
نازحة يستقرب الدا َر شوقًا وهي
ُ
الدارا». وق لم يس َت ِ
بع ِد ّ عالج َّ
الش َ َ َم ْن
العباس بن األحنف.
أصغيا لبعضكما
يقــوي عالقــة أي مــن الزوجيــن باآلخــر حســن االســتماع واإلصغــاء لحديثــه،
وعــدم مقاطعتــه إذا تحــدث ،أو تجاهــل حديثــه ،أو التقليــل مــن شــأنه ،بطريقــة
قــد تشــعر بــاالزدراء واالســتخفاف.
إن النــاس قــد يقولــون عــن فــان إنــه متحــدث جيــد ،بينمــا هــو فــي الحقيقــة
مســتمع لبق!
كفالن هذا.
ٍ فلنكن
إن بعــض األزواج أو الزوجــات يقاطــع اآلخــر بالتفاتــةٍ إلــى أحــد األطفــال ،أو
بالــرد علــى الهاتــف ،أو قــراءة جريــدة ،أو باالنشــغال بــأي شــيء آخــر ،وهــذا مــا
ـوار بيــن حبيبيــن.
الينبغــي أن يكــون فــي حـ ٍ
أمــا حينمــا يضطــر أحدكمــا لمقاطعــة اآلخــر ألمــر “مهــم” أو طــارئ ،فينبغــي
أن يكــون ذلــك بطريقــة لبقــة ،تشــعر اآلخــر باالهتمــام بــه وبحديثــه ،كقــول:
(أســتأذنك فــي كــذا) ،و(لــو ســمحت) ،و(لــو تكرمــت) ونحوهــا.
1-أال يزيــد علــى ثالثــة أيــام ،إال إذا كان الهجــر ألمــر شــرعي ،فــا بــأس مــن
الزيــادة بحســب مــا تقتضيــه المصلحــة.
2-وأال يكــون خــارج البيــت ،بــل قــال بعــض أهــل العلــم:إن اللــه قــال:
(واهجروهــن فــي المضاجــع)( ،)58ولــم يقــل واهجــروا المضاجــع ،فــدل علــى
أن الهجــر يكــون فــي الفــراش ،فينــام معهــا فــي الفــراش ويوليهــا ظهــره.
إن ديننــا الحنيــف نهــى الــزوج أن يخــرج زوجتــه مــن البيــت فــي الطــاق
فضــا عــن غيــر المطلقــة.
ً الرجعــي مادامــت فــي العــدة،
فالــزوج إذا هجــر زوجتــه ،ولــم يخــرج مــن البيــت أو ُيخرجهــا فــإن هــذه الفتــرة
هــي فرصــة لمراجعــة كل منهمــا لمــا حصــل ،والتفكيــر بحكمــة وتعقــل،
والســعي إلــى إيجــاد الحــل ،والمخــرج.
أمــا إذا خــرج أحدهمــا مــن البيــت فــإن ذلــك يســبب اتســاع دائــرة المشــكلة
وتأزمهــا ،وربمــا يشــعر كل منهمــا باســتغنائه عــن اآلخــر ،وعندمــا تزيــد مــدة
الهجــر عــن ثالثــة أيــام فــإن الزوجيــن قــد يألفانهــا ،فيتعــذر االجتمــاع بعــد ذلــك.
عــن جريــر بــن عبداللــه رضــي اللــه عنــه قــال مــا حجبنــي النبــي صلــى اللــه
عليــه وســلم منــذ أســلمت وال رآنــي إال تبســم فــي وجهــي(.)59
وعــن أبــي ذر رضــي اللــه عنــه قــال قــال لــي النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم:
(ال تحقــرن مــن المعــروف شــيئاً ولــو أن تلقــى أخــاك بوجــه طلــق)(.)60
وعنــه قــال قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :تبســمك فــي وجــه
أخيــك لــك صدقــة)(.)61
هــذا فــي وجــه أخيــك المســلم مهمــا بعــد ،فكيــف إذا كان تبســم أحــد
الزوجيــن فــي وجــه اآلخــر.
إن حبيبنــا صلــى اللــه عليــه وســلم لــم يحثنــا علــى ذلــك إال ليقينــه أن لذلــك
أثــراً فــي تأليــف القلــوب واجتماعهــا ،وتوحيــد الكلمــة.
أمــا هــي فقــد أعــدت وجبــة العشــاء فــي أوانــي حافظــة للحــرارة وقالــت :مــا
رأيــك أن نخــرج للعشــاء فــي أحــد المنتزهــات القريبــة ألن ذلــك مــن شــأنه جلب
ـك ولــأوالد ،بينمــا هــو يعلــم شــدة حبهــا هــي للخــروج برفقتــه
الســعادة لـ َ
إلــى المتنزهــات.
إن األحــرى بهــذا الرجــل أن يقــول :إن رغبتــي هــي أن تكــون رحلتنــا إلــى
(ب) ،وبمــا أنــه ال مانــع لديــك مــن ذلــك ،فمــا رأيــك أن نذهــب إليهــا ،حينهــا
ســتوافقه علــى ذلــك ،بطيــب نفــس منهــا ،..وهــي فلتقــل :لنخــرج إلــى أحــد
المتنزهــات ألن ذلــك مــن شــأنه جلــب الســعادة والســرور لنــا جميعــاً .
أنــا ســعيد ألنكمــا تكرهــان هــذا األســلوب ،ولكــن ســعادتي أكبــر ببعدكمــا
عنــه.
جــاء فــي حديــث عائشــة فــي قصــة صواحــب أم زرع :قالــت الحاديــة عشــرة
ـحم عضــدي
ـي ومــأ مــن شـ ٍ
ـي أذنَ ـ ّ
زوجــي أبــو زرع فمــا أبــو زرع ؟ أنــاس مــن ُحلِ ـ ٍّ
وبجحنــي فبجحــت إلــي نفســي وجدنــي فــي أهــل غنيمــة بشــق فجعلنــي
فــي أهــل صهيــل وأطيــط ودائــس ومنــق فعنــده أقــول فــا أقبــح وأرقــد
فأتصبــح وأشــرب فأتقنــح ،...وفيــه :قالــت عائشــة قــال لــي رســول اللــه صلــى
اللــه عليــه وســلم كنــت لــك كأبــي زرع ألم زرع(.)62
قــال العلمــاء :هــو تطييــب لنفســها وإيضــاح لحســن عشــرته إياهــا ،وإال
فهــو خيــر مــن أبــي زرع فــي ذلــك.
وعــن أنــس رضــي اللــه عنــه أن جــاراً لرســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم
فارســيا كان طيــب المــرق فصنــع لرســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم ثــم
جــاء يدعــوه ،فقــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :وهــذه) يعنــي
عائشــة ،فقــال :ال ،فقــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :ال) ،فعــاد
يدعــوه ،فقــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :وهــذه) ،قــال :ال ،قــال
رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :ال) ،ثــم عــاد يدعــوه ،فقــال رســول
اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم( :وهــذه) ،قــال :نعــم -فــي الثالثــة ،-فقامــا
يتدافعــان حتــى أتيــا منزلــه(.)63
كمــا أننــا نأخــذ مــن هــذا الحديــث حكمــه الظاهــر ،فإننــا نأخــذ منــه رعايــة
اإلســام لحقــوق الغيــر ،حتــى فــي هــذا األمــر وهــو الرائحــة ،فمــن حقهــم
علينــا أال نؤذيهــم بأيــة رائحــة كريهــة.
والزوجــان همــا أولــى مــن ينبغــي أن يراعيــا ذلــك فيمــا بينهمــا ،فليحرصــا
علــى رائحــة البــدن ،والفــم ،والشــعر ،والمالبــس كــي ال يشــم أحدهمــا مــن
اآلخــر رائحــة يكرههــا فيكــون ذلــك ســببا فــي نفــوره ،وعــدم رغبتــه فــي
االقتــراب منــه.
وقــد كان النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم كمــا فــي صحيــح مســلم إذا دخــل
بيتــه بــدأ بالســواك ليطيــب فمــه.
وفــي مســلم أيضــاً عــن أنــس رضــي اللــه عنــه قــال( :مــا شــممت شــيئاً قــط،
مســكاً وال عنبــراً أطيــب مــن ريــح رســول اللــه).
وفــي هــذا الوقــت تيســرت وللــه الحمــد ســبل ووســائل الحفــاظ علــى
الرائحــة الزكيــة الطيبــة ،ومكافحــة الرائحــة الكريهــة ،ومــن الوســائل فــي
ذلــك :لتطهيــر الفــم وتعطيــره :الســواك ،الفرشــاة والمعجــون ،علــك
اللبــان ،الحلــوى المعطــرة بالنعنــاع أو غيــره ،وللجســم :يمكــن اســتخدام
الكريمــات والعطــور التــي تطيــب رائحــة الجســم ،و”الشــامبوهات” الخاصــة
بالــرأس ،وكــذا المعطــرات المزيلــة لرائحــة العــرق والتــي تســتخدم عــادة بعــد
االســتحمام ،وهــي متوفــرة فــي الصيدليــات.
ور ّدة فعــل كل مــن هذيــن التصرفيــن لــن تكــون إال بالمثــل غالبــاً ،ممــا يكون
َ
ســبباً فــي زيــادة األلفــة فــي الحالــة األولــى ،ومزيــدا مــن البعــد والتنافــر فــي
الحالــة الثانية.
طل َ
ِق المح َّيا مشرق األحساب َ
الشعور بالمسؤولية..
تتضمــن العالقــة الزوجيــة عــدداً مــن المســؤوليات مقســمة بيــن الزوجيــن،
وشــعور كل واحــد منهمــا بمســؤوليته تجــاه ذلــك مــن شــأنه توطيــد العالقــة
بينهمــا ،وخلــق جــو مــن الحــب والتوافــق فــي حياتهمــا ،وبالعكــس مــن ذلــك
لــو قصــر أي مــن الزوجيــن فــي شــيء مــن مســؤولياته.
واألمثلــة علــى التقصيــر فــي ذلــك كثيــرة جــداً ،وكل أدرى بحالــه ،ولكــن أذكــر
منهــا علــى ســبيل المثــال:
يأتــي الــزوج مــن عملــه وقــد اعتــاد أن يــأكل وجبــة الغــداء ثــم يأخــذ قســطاً
مــن الراحــة ،فيفاجــأ بــأن الغــداء غيــر مجهــز ويتكــرر هــذا بــدون مبــرر!.
تخبــر الزوجــة زوجهــا عــن أن اســطوانة الغــاز فارغــة أو قاربــت ،فيتأخــر الــزوج
عــن اســتبدالها!.
يخــرج الــزوج فــي رحلــة مــع زمالئــه تــاركاً زوجتــه المريضــة لوحدهــا فــي
البيــت!.
يتصــل أحــد زمــاء الــزوج عليــه فــي البيــت بعــد الظهــر ويدعــوه لمشــاركته
فــي وجبــة الغــداء مــع بعــض الزمــاء ،فيكتفــي هــذا الــزوج بإخبــار زوجتــه أنــه
لــن يتغــدى معهــم؛ ألنــه ســيذهب إلــى زميلــه ،بينمــا الزوجــة كانــت قــد أعــدت
الغــداء!.
عفــواً قــد يــرى البعــض أن هــذه الصــور ال تســتحق الذكــر وأنهــا أمــور يســيرة،
ولكنــي أرى خــاف ذلــك تمامــاً .
إذا كان الجــواب بنعــم ..فهــل اســتخدمتما هــذه الموهبــة فــي التعبيــر عــن
حبكــم ،ووفائكــم ،وســعادتكم بالقــرب مــن بعضكــم.
أفــــــــــكار
ِ وفكــــــرة تجـــــــلى بــين
األرواح َألهبـها
َ الشعر إن المس
ُ
بـتيــــــــــــار
ِ تيــــــــــــار
ٌ كمــــــا تَ قـــــــابل
إقـــــفار
ِ إلى القلوب فتـــحيا بعد
إن مــن جمــال المــرأة وجاذبيتهــا رقــة صوتهــا وخضوعــه ،ومــا ينافــي ذلــك
ينافــي جمالهــا ،ولــذا قــال اللــه تعالــى( :فــا تخضعــن بالقــول فيطمــع الــذي
فــي قلبــه مــرض)(.)66
ؤســف لحــال نســاء يخضعــن بالقــول عنــد مــن ال يجــوز لهــن الخضــوع عنــده،
وي َ
ُ
وال يخضعــن عنــد مــن فــي الخضــوع بالقــول عنــده ســعادة الدنيــا ،وفــاح
اآلخــرة بــإذن اللــه تعالــى.
إن بعــض األزواج ال يعــرف ِر َّقــة كلمــات زوجتــه وأســلوبها البليــغ وفــن
الحديــث والحــوار ،وجاذبيتــه إال حينمــا يســمعها تتحــدث إلــى إحــدى زميالتهــا
أو قريباتهــا!!.
وأنــت أيهــا الــزوج أخاطبــك بمــا خاطبــت بــه الزوجــة ،وأدعــوك إلــى ليــن القول
ولطيفــه مــع النــاس كلهــم فضــا عــن األقربيــن منهم.
ـون صوتــك
أوصــى الديــان بــن قطــن الحارثــي ابنتــه ،فقــال( :يابنيــة ال يعلـ ّ
صــوت زوجــك وال يكــن أمــرك علــى أمــره).
وال تكبتهــا فكبتهــا وكتمهــا ربمــا ســبب لهــا أمراضــاً نفســية ،أو كان دافعــا
ـق حرام.
عمــن تنفــس عنــده عــن همومهــا ولــو كان ذلــك بطريـ ٍ
لهــا إلــى البحــث َّ
ثــم أيتهــا الزوجــة الباحثــة عــن الســعادة إننــي حينمــا أوصــي الــزوج بذلــك
ينبغــي أال تفهمــي أن ذلــك تصريحــا لــك بهــذا الفعــل وموافقــة لــك عليــه،
بــل إننــي أحــذرك مــن ذلــك ،إذ ال أســتطيع أن أضمــن لــك حســن العاقبــة،
واعلمــي -وليعلــم الــزوج كذلــك -أن الرفــق مــا كان فــي شــيء إال زانــه،
وهــذا ليــس خبــراً منــي ،بــل هــو خبــر ووعــد مــن الحبيــب صلــى اللــه عليــه
وســلم ،فعــن عائشــة رضــي اللــه عنهــا أنــه صلــى اللــه عليــه وســلم قــال:
(إن الرفــق ال يكــون فــي شــيء إال زانــه ،وال ينــزع مــن شــيء إال شــانه)(.)67
قال صلى الله عليه وسلم( :استوصوا بالنساء خيراً ) .رواه مسلم.
إن مــن يتجســس غالبــا مــا ُيــ َـؤ ّول األمــور علــى أســوء ظــن ،ثــم ال يمكنــه
التحقــق مــن صــدق تأويلــه مــن عدمــه ألنــه ال يرغــب ـ غالبــاً ـ فــي مكاشــفة
الطــرف اآلخــر باطالعــه علــى هــذا الســر ،وإن تجــرأ وكاشــفه بذلــك فــإن ذلــك
غالبــا مــا يكــون مســماراً يــدق فــي نعــش العالقــة ،ومعــوال علــى بنــاء الحــب
الــذي بنــوه.
إن أبلــغ مــا يمكــن قولــه هنــا هــو قــول رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم:
( ال تجسســوا ،وال تحسســوا وال تباغضــوا)( ،)68وقولــه صلــى اللــه عليــه
وســلم ـ كمــا فــي حديــث ابــن عبــاس رضــي اللــه عنهمــا( :مــن اســتمع إلــى
حديــث قــوم وهــم لــه كارهــون أو يفــرون منــه صــب فــي أذنــه اآلنــك يــوم
القيامــة)(.)69
وإن تقصيــر أي مــن الزوجيــن ينبغــي أال يكــون داعيــاً لتقصيــر الطــرف اآلخــر،
ألن اللــه تعالــى يقــول( :ادفــع بالتــي هــي أحســن فــإذا الــذي بينــك وبينــه
عــداوة كأنــه ولــي حميــم)(َ ،)70فلَ ــم يأمرنــا بــأن نــرد الصــاع صاعيــن -كمــا يقــال
.-
وروى عبــد اللــه بــن عمــرو رضــي اللــه عنهمــا أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه
وســلم قــال( :ليــس الواصــل بالمكافئ)(.)71
عاجــا ،فــإن
ً فليحســن كل مــن الــزوج والزوجــة وإن لــم يجــدا لذلــك أثــراً
الفعــل الحســن غيــث ،والغيــث تعجــل ثمرتــه فــي بقــاع وتتأخــر فــي أخــرى،
وقليلــة هــي البقــاع التــي ال ثمــرة للغيــث فيهــا.
إن للعطــاء لــذة لــو ذاقهــا المتطلعــون لألخــذ لبــادروا إليــه ،ولمــا أشــغلوا
أنفســهم بمــا هــم فيــه.
وإيــاك أن تقولــي :ال داعــي أن نشــتري هــذا الشــيء أو لــن نشــتري هــذا
الشــيء ألن وضعــك المــادي ال يحتمــل ذلــك.
إن بعــض هــذه العبــارات وإن كان القصــد منهــا التوفيــر علــى الــزوج ومراعــاة
حالتــه الماديــة ،إال أن الشــيطان قــد يوحــي إلــى الــزوج أن هــذا لمــزٌ لــه بالعجــز
المالي.
وكــذا حينمــا تريديــن شــراء شــيء لــه أو لبيتكمــا مــن مالــك الخــاص ،فإيــاك
أن تشــعريه مــن قريــب أو بعيــد أن فعلــك هــذا جــاء إعانــة لــه وتقديــرا لحاجتــه
إلــى المســاعدة ،بــل قولــي :أعــرف أنــك لســت بحاجــة إلــى مالــي ولكــن أرغــب
أن أشــاركك هــذا الفضــل وأرد لــك شــيئا مــن جميلــك الــذي ال أســتطيع
مكافأتــك عليــه.
لــن تخســري شــيئا بهــذه العبــارة ،بــل إنــك تكســبين بهــا أضعــاف مــا ترجيــن،
مــن تحقيــق للســعادة ،وجلــب للمــودة.
بالتاستار غراتيان.
أحسنا به الظن
عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم
قــال( :قــال اللــه :أنــا عنــد ظــن عبــدي بــي)(.)72
إننــا حينمــا نحســن الظــن باللــه فــي كل شــيء فإنــه يصلــح شــؤوننا ،ومــن
ذلــك حياتنــا الزوجيــة ،فالــزوج والزوجــة إذا كان ظنهمــا باللــه حســنا وأنــه
سيســعدهما فــي حياتهمــاَ ،ف َظنُّ نــا باللــه تعالــى الكريــم المنــان أن ســيحقق
لهمــا الســعادة وهــذا وعــد ربانــي ،كمــا فــي الحديــث اآلنــف ذكــره.
ســوء الظــن تلقيــن مــن الشــيطان ،وحســن الظــن تلقيــن مــن اللــه تعالــى،
قــال اللــه تعالــى( :الشــيطان يعدكــم الفقــر ويأمركــم بالفحشــاء واللــه يعدكم
ـا)()73
مغفــرة منــه وفضـ ً
أمــا اليــأس فهــو كمــا قــال أميــن الريحانــي :اليــأس طريــق ســهل ال يســلكه
إال العاجــزون.
وعــن جابــر بــن عبــد اللــه رضــي اللــه عنهمــا أن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم
قــال لكعــب بــن عجــرة( :ياكعــب بــن عجــرة إنــه ال يدخــل الجنــة لحــم نبــت مــن
ـار
ـحت ،النـ ُ
سـ ٍ
أولى به)(.)75
ولــن تكــون النــار أولــى بــه إال ألن هــذا الســحت ســيؤثر علــى عبادتــه،
وأخالقــه.
قــال الحســن البصــري رحمــه اللــه( :وقفــت علــى بــزاز بمكــة أشــتري منــه
ثوبــاً ،فجعــل يمــدح ويحلــف ،فتركتــه ،وقلــت :ال ينبغــي الشــراء مــن مثلــه،
واشــتريت مــن غيــره ،ثــم حججــت بعــد ذلــك بســنتين ،فوقفــت عليــه فلــم
أســمعه يحلــف ،فقلــت لــه :ألســت الرجــل الــذي وقفــت عليــه منــذ ســنوات؟
قــال :نعــم ،قلــت لــه :وأي شــيء أخرجــك إلــى مــا أرى؟ مــا أراك تمــدح وال
تحلــف؟ قــال :كانــت لــي إمــرأة إن جئتهــا بقليــل نزرتــه ،وإن جئتهــا بكثيــر قللتــه،
ثــم أماتهــا اللــه ،فتزوجــت أمــرأة بعدهــا ،فــإذا أردت الغــدو إلــى الســوق أخــذت
بمجامــع ثيابــي ثــم قالــت( :يافــان اتــق اللــه والتطعمنــا إال طيبــاً ،إن جئتنــا
بقليــل كثرنــاه ،وإن لــم تأتنــا بشــيء أعنــاك بمغزلنــا).
أيهــا الزوجــان إن فــي غــض البصــر عمــا حــرم اللــه ،زكاة للنفــوس ،وإن مــن ال
يغــض بصــره عمــا حــرم اللــه ُيســلب القناعــة فيمــا آتــاه اللــه مــن زوج أو زوجــة،
ممــا يكــون لــه بالــغ األثــر فــي تالشــي الميــول إلــى الشــريك زوجــا أو زوجــة،
ونقــص الســعادة بمعاشــرته ،وصحبتــه.
وإذا أطلــق أي مــن الزوجيــن نظــره فــي الجنــس اآلخــر فإنــه ومــع الوقــت
ســيزهد فــي شــريكه ،ويفقــد االســتمتاع معــه ،وتتطلــع نفســه لمــن ليــس
لــه ،وقــد أحســن الشــاعر حينمــا قــال:
رائدا
ً أرسلت طرفك
َ وكنت متى
َ
المناظر
ُ يوما أتعبتك
لقلبك ً
قادر
ٌ رأيت الذي ال كُ لُّ ه أنت
َ
صابر
ُ عليه وال عن بعضه أنت
وقال إبراهيم بن أدهم -رحمه الله :-من أطلق نظره طال أسفه.
وتغفــل كثيــر مــن الزوجــات عــن ذلــك خصوصــاً إذا كانــوا فــي ســفر؛ مــا قــد
يكــون ســبباً فــي افتتــان بعــض األزواج بغيــر زوجاتهــم ،ولربمــا كـ ّ
ـن أقــل جمــاال
مــن زوجاتهــم لكنهــن امتــزن عليهــن وفقنهــن بالتجمــل والعنايــة ،فحافظــي
علــى زوجــك ،بعنايتــك بنفســك ،والــكالم نفســه يوجــه للــزوج.
عــن جابــر رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم رأى امــرأة
فأتــى امرأتــه زينــب وهــي تمعــس منيئــة لهــا فقضــى حاجتــه ثــم خــرج إلــى
أصحابــه فقــال( :إن المــرأة تقبــل فــي صــورة شــيطان ،وتدبــر فــي صــورة
شــيطان؛ فــإذا أبصــر أحدكــم امــرأة فليــأت أهلــه فــإن ذلــك يــرد مــا فــي
نفســه)(.)78
قولــه( :تمعــس منيئــة لهــا) قــال أهــل اللغــة :المعــس الدلــك والمنيئــة هــي
الجلــد أول مــا يوضــع فــي الدبــاغ.
ولــن أتكلــم عمــن ال يفــي بهــذه الشــروط ،فهــذا قــد ظلــم وتعــدى ،وارتكب
جرمــا عظيمــاً ،زوجــاً كان أو زوجة.
إن الحديــث هنــا عمــن يفــي بالشــروط ،ولكنــه ُيتبــع هــذا الوفــاء بالمــن
واألذى ،إن مــن يفعــل ذلــك يســلب الســعادة فــي الدنيــا ،ويخشــى عليــه
آجــا إن لــم يتــب مــن ذلــك.
ً عاجــا أو
ً العقــاب مــن اللــه علــى ذلــك
من بواجب.
فأوفوا بالعقود بطيب نفس منكم ،فبئس الخُ لُ ق ٌّ
فعــن عقبــة بــن عامــر رضــي اللــه عنــه أن رســول اللــه صلــى اللــه عليه وســلم
قــال( :أحــق الشــروط أن توفــوا بــه ما اســتحللتم به الفــروج(.)79
ع ــن أب ــي ذر رض ــي اهلل عن ــه ع ــن النب ــي صل ــى اهلل
عليـــه وســـلم قـــال( :ثالثـــة ال يكلمهـــم اهلل
ي ــوم القيام ــة) وذك ــر منه ــم (الم َّن ــان ال ــذي
ال ُيعطـــي شـــيئًا إال َم َّنـــه)ُ.
رواه مسلم
احتياج مهم
إنــه كمــا أن الزوجيــن محتاجــان لإلشــباع العاطفــي فيمــا بينهمــا ،فإنهمــا
كذلــك محتاجــان لإلشــباع الجســدي الغريــزي ،وقــد تعجبــان إن قلــت لكمــا إن
إحــدى الدراســات( )80خلصــت إلــى أن ســبعين بالمائــة 70٪مــن المشــكالت
الزوجيــة ســببها الحقيقــي مشــكلةٌ فــي العالقــة الزوجيــة الخاصــة ،العالقــة
فــي الفــراش ،ولكنهــا تغلــف فــي كثيــر مــن األحيــان بادعــاء مشــاكل أخــرى
إمــا حرجــاً مــن ذكــر الســبب الحقيقــي ،أو عــدم وعــي بــه وإدراك لــه .وأنــا فــي
ذلــك أخاطــب الزوجيــن علــى حــد ســواء.
يقــول األســتاذ نبيــل محمــد محمــود“ :وقــد أثبتــت الدراســات النفســية أن
ـدوءا وســعادة ،بوجــود توافــق
ـتقرارا وهـ ً
ً العالقــة بيــن الزوجيــن تكــون أكثــر اسـ
جنســي بينهمــا؛ ألن العالقــة الجنســية بحكــم طبيعتهــا مصــدر نشــوة ولــذة،
فهــي تشــبع حاجــة ملحــة لــدى الرجــل والمــرأة على الســواء ،واضطراب إشــباع
ـورا بيــن الزوجيــن ،إلــى
هــذه الغريــزة لمــدة طويلــة يســبب توتـ ًـرا نفسـ ًّـيا ونفـ ً
كثيــرا مــن المتخصصيــن يبحثــون وراء كل زواج فاشــل أو ً الحــد الــذي جعــل
متعثــر عــن اضطــراب مــن هــذا النــوع”
يحــرص كثيــر مــن المقبليــن علــى الــزواج مــن األزواج والزوجــات ،علــى
الدعــاء ،بــل ويوصــون مــن يحبهــم ويحبونــه بالدعــاء لهــم بالتوفيــق ،وهــذا
أمــر حســن ،وكــم مــن دعــوة أصلــح اللــه بســببها بيــن زوجيــن وألــف قلبيهمــا،
ولكــن مــا أروم اإلشــارة إليــه هنــا هــو أنــه كمــا يحســن الدعــاء قبــل الــزواج
وســؤال اللــه التوفيــق ،فإنــه كذلــك ينبغــي عــدم الغفلــة عنــه بعــد الــزواج،
وليــداوم عليــه الزوجــان ،وليتحــروا فــي ذلــك األوقــات واألماكــن واألحــوال
التــي ترتجــى فيهــا اإلجابــة ،ومــن تلــك األحــوال ـ وهــي كثيــرة ـ حــال الصيــام،
وعنــد الفطــر للصائــم ،وفــي الســفر ،وفــي الســجود ،وبعــد متابعــة المــؤذن،
وفــي الثلــث األخيــر مــن الليــل ،وفــي ســاعة الجمعــة ،وحــال وقــوف الحــاج
بعرفــة ،وحــال إطابــة المطعــم والمشــرب.
عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه قــال قــال رســول اللــه صلــى اللــه عليــه
وســلم أيهــا النــاس إن اللــه طيــب ال يقبــل إال طيبــا وإن اللــه أمــر المؤمنيــن
بمــا أمــر بــه المرســلين فقــال( :يــا أيهــا الرســل كلــوا مــن الطيبــات واعملــوا
صالحــا إنــي بمــا تعملــون عليــم) ،وقــال( :يــا أيهــا الذيــن آمنــوا كلــوا مــن طيبــات
مــا رزقناكــم) ،ثــم ذكــر الرجــل يطيــل الســفر أشــعث أغبــر يمــد يديــه إلــى
الســماء يــا رب يــا رب ومطعمــه حــرام ومشــربه حــرام وملبســه حــرام وغــذي
بالحــرام فأنــى يســتجاب لذلــك(.)83
إن الدعــاء مــن أعظــم الوســائل وأهمهــا وأقواهــا فــي تحقيــق الســعادة
الزوجيــة.
والخالف يجب أال يتعدى حدود األدب ،وال يقفز جدران الحقوق.
وحينمــا يتجــاوز أحــد األطــراف فــي مــا يــراه حقــا لــه ،فإنــه ينقلــب إلــى
معتــد بعــد أن كان صاحــب حق.
تقــول الحكمــة« :ال أحــد يغضــب مــن دون ســبب ،ولكــن قلّ مــا يكــون
الســبب وجيهــاً».
جــاء رجــل إلــى النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم فقــال :أوصنــي ،قــال:
«ال تغضــب» فكــرر مــرارا ،فقــال« :التغضــب)84( ».
أخيــرا :يغتــر الغاضــب بقــوة انفعالــه ،وينســى أنــه تعبيــر عــن ضعــف
تحكمــه فــي ذاتــه.
حرك عينك
ّ
اتصــل بالمستشــار األســري وقــال :أفكــر فــي تطليــق زوجتــي ،فلمــا ســأله
المستشــار :لمــاذا؟ ،أجــاب بــأن شــكلها لــم يعجبــه ،وأثنــاء حديثهمــا تبيــن
للمستشــار أن الــزوج قــد ركــز علــى صفــة شــكلية صغيــرة ،وتجاهــل مزايــا
كبيــرة فــي خَ لقهــا ،وســمات كثيــرة فــي أخالقهــا.
هــذه الحالــة ومثيالتهــا تتكــرر علــى المستشــارين مــن قبــل أزواج وزوجــات،
واألســوأ أن يتعــدى األمــر ذلــك إلــى أن يتخــذ صاحب القضية قــراره باالنفصال
دون استشــارة أحد.
فــي مثــل هــذه القضيــة يركــز أحــد طرفــي العالقــة الزوجيــة علــى قصــور أو
تقصيــر بســيط فــي الطــرف اآلخــر ،فيتضخــم األمــر فــي نفســه حتــى ينســيه
كثيــرا مــن المزايــا الحســنة.
ـل أحدهــا تكــرار ســماع هــذه الصفــة غيــرولهــذه المشــكلة عــدة أســباب ،لعـ ّ
المحببــة ،فتتكــرر علــى أذن الــزوج أو الزوجــة فــي حديــث قريــب أو صديــق،
فيزهدهــم هــذا القريــب أو الصديــق فــي أزواجهــم مــن حيــث يشــعر أو ال
يشــعر.
كمــا ال يخفــى أن إفســاد العالقــة مــن أكبــر الغايــات اإلبليســية ،التــي
يبعــث ألجلهــا ســراياه ،حيــث جــاء فــي الحديــث الصحيــح“ :إن إبليــس يضــع
عرشــه علــى المــاء ،ثــم يبعــث ســراياه يفتنــون النــاس ،فأدناهــم منــه منزلــة
أعظمهــم فتنــة يجــيء أحدهــم فيقــول :فعلــت كــذا ،وكــذا فيقــول :مــا
ـت شــيئا .قــال :ثــم يجــيء أحدهــم فيقــول :مــا تركتــه حتــى فرقــت بينــه صنعـ َ
وبيــن امرأتــه .قــال :فيدنيــه منــه ،ويقــول :نِ عــم أنــت)85( ”.
فــإذا لــم يجــد الشــيطان مشــكلة يفــرق الزوجيــن مــن خاللهــا ،عمــد إلــى
عيــب بســيط ،ونقــص يســير فــي الــزوج أو الزوجــة ،فأشــغل بــه الطــرف اآلخــر،
فيظــل يفكــر وينشــغل بــه ،حتــى يكبــر فــي نفســه ،ويتضخــم ،فــا يبصــر
معــه إيجابيــات الطــرف اآلخــر ،فيصيــر كقطعــة صغيــرة وضعــت أمــام العيــن
فأعمتهــا عــن رؤيــة الســماء.
وال يــزال الشــيطان يعمينــا عــن عيوبنــا ،والصفــات الحســنة فــي أزواجنــا،
ويذكرنــا بمزايانــا وعيــوب أزواجنــا ،حتــى يظفــر ببغيتــه ،أو نســتمر فــي
مدافعتــه .
فــإذا ذكّ ــر الشــيطان أحدنــا بصفــة يكرههــا فــي اآلخــر ،فليذكــر نفســه
بصفــات يحبهــا ،وهــذا هــدي نبــوي عظيــم“ :ال يفــرك مؤمــن مؤمنــة ،إن كــره
منهــا خلقــا ،رضــي منهــا آخــر)86( ”.
بــكل تأكيــد لــن يفهــم أحدكمــا اآلخــر مــا دام الحديــث بينكمــا معطــا ،والحــوار
اإليجابــي معدومــا ،وليــس غريبــا أن تســتمر العالقــة لســنوات دون أن تفهمــا
بعضكمــا ،مــا دمتمــا كذلك.
حينمــا تُ مــد جســور الحــوار اإليجابــي بيــن الزوجيــن ،يفهــم كل منهمــا اآلخــر،
ويعــرف كل منهمــا مــا يــؤذي اآلخــر فيجتنبــه ،ويكتفــي كل منهمــا بشــكوى
اآلخــر إليــه ال إلــى اآلخريــن ،مــا دام ســيجد أذنــا تصغــي ،وقلبــا مفتوحــا.
إن الحــوار بيــن الزوجيــن هــدف بحــد ذاتــه ،بغــض النظــر عــن موضوعاتــه ،فهــو
يبصــر كل منكمــا بطبيعــة اآلخــر ،وهــو فرصــة للتنفيــس عمــا فــي النفــوس،
تزيــن بهــا جــدران العالقــة الزوجيــة ،كمــا أنــه يشــعر كل
وهــو لوحــات جميلــة ّ
منهمــا باهتمــام اآلخــر بــه ،وحرصــه عليــه.
إن الحــوار صمــام أمــان للعالقــة الزوجيــة ،وطــارد للملــل وكاســر للرتابــة،
إنــه يعرفــك علــى اآلخــر وعلــى مفاتيــح قلبــه ،ويختصــر لــك طريــق الحــل
للمشــكالت التــي تنشــأ بينكمــا.
ولــن يؤتــي النقــاش ثمرتــه؛ إذا كنــا أو أحدنــا فــي حالــة انفعــال ،مــن غضــب
أو بــكاء ،بــل ال بــد أن نكــون فــي حالــة هــدوء ،ومتــى مــا رأينــا أن النقــاش
احتــد ،والصــوت ارتفــع ،فلنتوقــف عــن النقــاش ،وليقــل أحدنــا لآلخــر :عالقتــي
بــك أهــم مــن هــذا النقــاش ،فلنؤجلــه لوقــت آخــر.
إن الحــوار ال يعنــي أن يلــزم أحدنــا اآلخــر برأيــه ،لكــن مــن حــق الــزوج أن يلزمهــا
علــى مــا يــرى فيــه المصلحــة ممــا ال معصيــة فيــه ،وذلــك بمــا لــه عليهــا مــن
قوامــة.
ال تجعــا غرفــة النــوم محــا للنقــاش فــي مشــكالتكم ،حتــى ال تتحــول إلــى
حلبــة صــراع ،أو قاعــة محاكمــة.
إذا أبــدى الطــرف اآلخــر بعــض المالحظــات عليــك ،فــا تقــدم لــه أي مالحظة
وأجــل مالحظاتــك
عليــه ،بــل ناقشــه فــي مالحظاتــه ،وتقبلهــا بصــدر رحــبّ ،
أليــام أو أســابيع ،حتــى ال تكــون الجلســة تبــادل اتهامــات.
ممــا يشــجع الطــرف اآلخــر علــى االســتمرار فــي جلســات الحــوار ،أن تكــون
كلماتــي طيبــة منتقــاة ،وأن أكــون مســتمعا جيــداً ،وآال أقاطــع حديثــه ،وال
أســتأثر بالحديــث عنــه ،وأحتــرم ذاتــه ،ورأيــه ،وإن اختلفــت معــه.
والزوجــة عــادة هــي مــن يبحــث عــن حــل لهــذه المشــكلة ،كونهــا المتضــررة،
لــذا ســتكون رســالتي هنــا موجهــة لهــا ،كــون الدافعيــة لديهــا للحــل يفتــرض
أن تكــون أكبــر منهــا لــدى الــزوج ،فهــو قــد ال يجــد مشــكلة فــي صمتــه ،بــل
ربمــا رآه راحــة أو حــا ،فــإن كانــت تتمثــل «تحــدث كــي أراك» ،فهــو يتمثــل
«إذا كان الــكالم مــن فضــة فالســكوت مــن ذهــب» ،وأكثــر مــا يؤذيهــا مــن
صمتــه أنهــا تــراه تعبيــراً عــن الرفــض وعــدم القبــول ،بينمــا قــد يكــون ســمة
شــخصية مالزمــة لــه حتــى عنــد أهلــه وبيــن زمالئــه ،وجيرانــه؛ وهنــا علــى
الزوجــة أن تتفهــم ذلــك ،وتتقبلــه ،كمــا أن الرجــل بطبعــه أقــل كالمــا مــن
المــرأة ،ويســتهلك معظــم كلماتــه اليوميــة أثنــاء العمــل ،فــي حيــن أن منهــن
مــن تنتظــر عودتــه مــن عملــه ،وهــي لــم تســتهلك شــيئا يذكــر مــن كلمــات
اليــوم التــي تقــدر بنحــو ثالثــة أضعــاف كلماتــه.
يختــار بعضهــم الصمــت ألنــه تحــدث إليهــا بــكالم فنقلتــه إلــى أحــد أقاربهــا
أو زميالتهــا ،فآثــر الصمــت حفاظــاً علــى خصوصيتــه وأســراره ،ويلجــأ بعضهــم
للصمــت هربــا مــن حديــث يتحــول إلــى جــدال ،ومغاضبــة ،فأحدهــم يقــول :إن
أبديــت مالحظــة صغيــرة قلبــت علــي الموضــوع ،وانفعلــت ،وآخــرون يهربــون
مــن الحديــث معهــن ،ألنــه ال يــكاد يخلــو مــن طلــب أو شــكوى ،أو أخبــار غيــر
ســارة! ،وكثــرة الخــاف والعنــاد مــن الزوجــة ،تدفعــه إلــى إيثــار الصمــت ،فــي
حيــن أن اســتجابتها لــه ،واحترامــه ،وحســن حوارهــا معــه ،أمــور تدفعــه إلــى
الحديــث وهجــر الصمــت ،إن رغبــت أن يتحــدث فــا تقاطيعــه وال تنشــغلي
عنــه أثنــاء الحديــث ،وال تســتخفي بآرائــه واهتماماتــه ،تخطــئ حينمــا تريــد مــن
زوجهــا أن يتحــدث كمــا تتحــدث مــع صديقتهــا ،فالرجــل ليــس كالمــرأة ،تلتقــي
ـاء عابــراً فيــدور بينهمــا مــن الحديــث أكثــر ممــا
امرأتــان فــي عيــادة الحــي لقـ ً
يــدور بيــن زوجيهمــا اللذيــن يلتقيــان كل يــوم خمــس مــرات فــي مســجد
الحــي ،لــذا يجــب أن تقــدري للرجــل طبيعتــه هــذه.
واختيــار الوقــت المناســب للحديــث قــد يحمــي البيــت مــن صمــت الــزوج،
ولــن يشــفع لهــا كونهــا فــي قمــة النشــوة للحــوار والحديــث حينمــا يكــون ذلــك
عنــد عودتــه مــن العمــل ،حيــث يكــون مرهقــا وغيــر مســتعد للحديــث.
الرتابــة فــي الحيــاة الزوجيــة وحيــاة الزوجيــن بشــكل عــام تدفــع إلــى الصمــت،
وتجديــد المــرأة فــي الحيــاة الزوجيــة ،وفــي بيتهــا ،وفــي الطعــام الــذي
تقدمــه ،أمــور ربمــا تكــون نــواة لحديــث يقتــل الصمــت.
حدثيــه حــول اهتماماتــه ،وفيمــا يجيــد الحديــث عنــه ،أال تريــن تلــك العجــوز
التــي ال تتحــدث إال قليــا فلمــا ســئلت عــن قديــم أيامهــا ،وذكريــات شــبابها
انطلقــت بالحديــث.
ال تقولــي لــه :أنــت كثيــر الصمــت ،فســيرد عليــك :أنــت ثرثــارة أو النقــاش
معــك عقيــم ،لكــن أغريــه بالــكالم وهيئــي لــه أســبابه.
قبــل أن
أودعكم
موضوعات
الكتـــــــــاب
عتاب المحبين 96 ................................. مقدمة الطبعة الرابعة 7 .......................
حروف وردية 98 .................................. بين يدي الكتاب 11 ..............................
َّبينا سبب العتب 100 ............................. ال سعادة لهؤالء بعد الزواج 14 ..............
حقوق و واجبات 16 ..............................
األوالد ليسوا مشكلة 102 ....................
رجل و امرأة 18 ...................................
ً
معا 104 ...................................... إلعبا المصارحة الزوجية 20 ............................
الحمدلله 106 ..................................... رسالة من نوع آخر 22 ...........................
لغة العيون 108.................................. أخطأت أنا آسف! 24 ............................
ليغب الجسد ويبقى االتصال 110 .......... أجمل اعتذار 26 ...................................
أصغيا لبعضكما 112 ............................. مفاتيح ومغاليق 28 ..............................
خطوط حمراء 30 .................................
طوله يروض على االستغناء 114 ...........
التطفيف واألنانية 32 ...........................
إنها تأسر القلوب 116 .......................... شاركها وشاركيه34 ..............................
ال تسقطوا رغباتكم 118 ...................... هم أقرب الناس إليكما 36 ....................
كونا صديقين 120 ............................... األفراح واألتراح 38 ...............................
ً
أحيانا 122 ....... واألنف يبغض قبل القلب في العيد أين أنتما؟ 40 ........................
هل تحبان النقد؟! 124 .......................... فيها السعادة والحياة 42 .......................
المنتصر في الصغائر مهزوم 44 ............
فن االستقبال 126 ..............................
الصدق ..الصدق46 ............................ ..
الشعور بالمسؤولية128.................... .. خبر ال يحتمل التأخير 48..........................
استثمار المواهب 130 ......................... بضعة مني 50 ....................................
اخضعي له بالقول! 132 ........................ التقارب الجسدي 52 .............................
ً
رفقا بالقوارير 134 ............................... بنك الحب 54 .....................................
ٍّ
لكل خصوصيته136 ............................ .. جرح غائر 56........................................
مثالية كاذبة 58 ..................................
المكافئ ال يسعد 138 .........................
عززا هذه الخصال 60 .............................
ال تكسري كبرياءه 140.......................... اغمروها في بحر الحسنات 62 ...............
أحسنا به الظن 142 .............................. رسائل مكتوبة 64 ...............................
لقمة الحالل 144 ................................. ضغط نفسي 66 ................................
أزكى لكم 146..................................... بعد العمل 68 ....................................
حتى ال يخطف القلب 148 ................... إنها نصف الحقيقة 70 ..........................
من باب اإلخبار 72 ...............................
بطيب نفس 150................................
شكر على واجب 74 ...........................
احتياج مهم 152 ................................ التضحية وشريك الحياة 76 ....................
من أعظم الوسائل 154 ....................... هل تريدان أن تتسع الهوة؟ 78 ..............
نار تحرق العالقات 156 .......................... في السوق 80 ...................................
حرك عينك 158 .....................................
ّ مشوار 82 .........................................
نبض العالقة 160 ................................. رأيك يهمني 84 ..................................
اتركا ماال يمكن تغييره86 ................... ..
لينجح الحوار 162 ...................................
النفقة ..التقتير وال تبذير 88 ................
لم يصمت األزواج؟! 164 ........................ أحب األسماء إليه 90 ............................
حفزيه ليتحدث 166 ............................... ال ثالث ..أنا وأنت فقط 92 ....................
الهوامش 170 ...................................... لماذا نسافر؟! 94 ................................
الزوجان في خيمة السعادة 172
الزوجان في خيمة السعادة
أسعد بتواصلكم
)+966(551331000 انقر
للتواصل
aqlawer1@gmail.com
QaraawiA
الزوجان في خيمة السعادة 174
الزوجان في خيمة السعادة
إلكترونيا
ً يتوفر الكتاب سعر الكتاب
180
واإلنجليزية
الزوجان في خيمة السعادة باللغتين العربية ريال 25