You are on page 1of 101

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﺎن ﻣﻴﺮة ﺑﺠﺎﻳﺔ‬

‫ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬


‫ﻗﺴﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم‬

‫ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ‬
‫اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺪوﻟﻲ‬

‫ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﺎﺳﺘﺮ‬


‫ﺗﺨﺼﺺ‪ :‬اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي‬

‫ﻣﻦ إﻋﺪاد‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺗﻌﻮﻳﻠﺖ ﻛﺮﻳﻢ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ‪2020-2019‬‬


‫مقدم ـ ـ ـ ــة‬

‫عرف التحكيم تطورا كب ﺮا ي ٔالانظمة القانونية املقارنة الحديثة‪ ،‬وأصبح يحظى بمكانة مرموقة‪ ،‬إذ‬
‫يعت ﺮ من ب ن أهم الطرق ال يلجأ إل ا ي حسم ال اعات‪ ،‬هذﻩ املكانة تتج ى أك ﺮ ي مجال التجارة الدولية‬
‫أين يوصف التحكيم بالطريق العادي‪ ،‬إن لم نقل الوحيد‪ ،1‬الذي يلجأ إليه املتعاملون ي هذا املجال‬
‫ّ‬
‫ويفضلونه ع ى سلك طريق القضاء والطرق البديلة ٔالاخرى‪ ،‬ملا يحققه من مزايا وما يوفرﻩ من حلول فعالة‬
‫ملواجهة ٕالاشكاليات العويصة ال تطرحها املعامالت التجارية الدولية‪ ،‬خاصة ي ظل العوملة ال عرفها‬
‫الاقتصاد العالم ‪.‬‬

‫ع ى غرار ٔالانظمة القانونية الحديثة‪ ،‬عرف النظام القانوني الجزائري تطورا كب ًﺮا ي مجال تنظيم‬
‫التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬فبعدما رفضت الجزائر الخضوع له طيلة ما يقارب ‪ 30‬سنة‪ ،‬وذلك من خالل نص‬
‫املادة ‪ 442‬من قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،2‬غ ّ ﺮت من موقفها ورضخت للضغط املزدوج الذي فرض‬
‫عل ا‪ٔ :‬الازمة الاقتصادية من جهة و الضغط ٔالاجن من جهة أخرى‪.‬‬

‫بدأت بوادر انفتاح الجزائر ع ى التحكيم التجاري الدو ي كوسيلة لفض املنازعات ي مجال التجارة‬
‫ي ‪ ،31983/03/27‬ثم تدعم هذا الانفتاح بانضمام الجزائر‬ ‫الدولية‪ ،‬بإبرام نظام التحكيم الجزائري الفرنﺴ‬
‫إ ى أهم اتفاقية دولية ي هذا املجال و ي اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1958‬واملتعلقة باالع ﺮاف وتنفيذ ٔالاحكام‬
‫التحكيمية ٔالاجنبية‪.4‬‬

‫‪ -1‬إذ نادرا ما نجد عقد تجاري دو ي ال يتضمن شرط اللجوء إ ى التحكيم للفصل ي ال اعات املحتملة‪ ،‬لذلك يرى البعض ّأن التحكيم‬
‫هو الطريق الوحيد ي مجال فض ال اعات التجارية الدولية‪ ،‬راجع مثال‪:‬‬
‫‪Jean Pierre ANCEL, « La lecture de la jurisprudence française en matière d’arbitrage international », in‬‬
‫‪l’arbitrage commercial interne et international, colloque organisé par le ministère de la justice et la CGEM en‬‬
‫‪collaboration avec la cour suprême, cour suprême du Maroc les 3& 4 Mars 2004, Cahier de la cour, n°6,‬‬
‫‪2005, p. 182.‬‬
‫‪ -2‬أمر رقم ‪ 154 -66‬مؤرخ ي ‪ 8‬جوان ‪ ،1966‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪.1966/47‬‬
‫‪ -3‬يمكن الاطالع ع ى نصوص هذا النظام ي‪:‬‬
‫‪TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, OPU, Alger, 1999, p.155.‬‬
‫‪ -4‬انضمت الجزائر إ ى هذﻩ الاتفاقية بموجب املرسوم رقم ‪ 233 -88‬املؤرخ ي ‪ ،1988/11/5‬املتضمن انضمام الجزائر بتحفظ‬
‫لالتفاقية الخاصة باالع ﺮاف بالقرارات التحكيمية ٔالاجنبية وتنفيذها‪ ،‬املوقع عل ا ي نيويورك بتاريخ ‪ 10‬جوان ‪.1958‬‬

‫‪1‬‬
‫إ ى جانب ذلك‪ ،‬أبرمت الجزائر عدة اتفاقيات ثنائية لتشجيع وحماية الاستثمار تنص ع ى اللجوء إ ى‬
‫هذﻩ الوسيلة لحل ال اعات‪.5‬‬

‫وجاء الاع ﺮاف باللجوء إ ى التحكيم التجاري الدو ي ي القانون الداخ ي‪ ،‬بصدور املرسوم التشري ي رقم‬
‫‪ 09-93‬املؤرخ ي ‪ 23‬أبريل ‪ ،61993‬الذي ّ‬
‫عدل املادة ‪ 442‬من هذا قانون ٕالاجراءات املدنية‪ ،‬كما ّتممه بفصل‬
‫خاص بالتحكيم التجاري الدو ي استلهم قواعدﻩ من القانون ن الفرنﺴ والسويسري‪ ،‬باعتبارهما من أك ﺮ‬
‫القوان ن املقارنة تشجيعا لهذﻩ الوسيلة من وسائل حل ال اعات املتعلقة بالتجارة الدولية‪.‬‬

‫هذا وقد استغل املشرع الجزائري إلغاء قانون ٕالاجراءات املدنية ي سنة ‪ 2008‬واستبداله بقانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬ليعيد النظر ي بعض ٔالاحكام املنظمة للتحكيم‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬وللتحكيم التجاري‬
‫الدو ي بصفة خاصة‪ ،‬وذلك ي اتجاﻩ تشجيعه وتحريرﻩ أك ﺮ من خالل ٔالاخذ بالحلول الجديدة ال توصلت‬
‫إل ا القوان ن املقارنة واملمارسة التحكيمية والقضائية ع ى املستوى الدو ي‪.‬‬

‫ع ى ضوء ما سبق‪ ،‬ستنصب هذﻩ املحاضرات ع ى دراسة تنظيم التحكيم التجاري الدو ي ي قانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬مع ٕالاشارة كلما دعت الضرورة وع ى سبيل املقارنة‪ ،‬إ ى ما كان معمول به ي‬
‫إطار قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬وما هو معمول به ي القوان ن الداخلية املقارنة والاتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫‪ -5‬من ب ن هذﻩ الاتفاقيات‪:‬‬


‫‪ -‬الاتفاق الرامي إ ى تشجيع الاستثمارات املوقع ي واشنطن بتاريخ ‪ 22‬جوان ‪ 1990‬ب ن حكومة الجمهورية الجزائرية الديموقراطية‬
‫الشعبية وحكومة الواليات املتحدة ٔالامريكية‪ ،‬املصادق عليه بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪ 319/90‬املؤرخ ي ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،1990‬جريدة‬
‫رسمية‪ ،‬عدد ‪.1990/45‬‬
‫‪ -‬الاتفاق املوقع عليه ي الجزائر بتاريخ ‪ 24‬أبريل ‪ 1991‬ب ن حكومة الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية والاتحاد الاقتصادي‬
‫البلجيكي ‪ -‬اللكسمبور ي‪ ،‬املتعلق بالتشجيع والحماية املتبادلة لالستثمارات‪ ،‬املصادق عليه بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪345/91‬‬
‫املؤرخ ي ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،1991‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪1991/46‬‬
‫‪ -‬الاتفاق املوقع عليه ي الجزائر بتاريخ ‪ 18‬ماي ‪ 1991‬امل ﺮم ب ن حكومة الجمهورية الجزائرية الديموقراطية وحكومة الجمهورية‬
‫ٕالايطالية حول ال ﺮقية والحماية املتبادلة لالستثمارات‪ ،‬املصادق عليه بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪ 346/91‬املؤرخ ي ‪ 5‬أكتوبر‬
‫‪ ،1991‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪.1991/46‬‬
‫‪ -6‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪.1993/27‬‬

‫‪2‬‬
‫وبما ّأن عملية التحكيم تمر بطبيع ا بثالثة مراحل تبدأ باتفاق ٔالاطراف وتتخللها خصومة وتنتﻬ‬
‫بحكم‪ ،‬ارتأينا تقسيم هذﻩ املحاضرات إ ى أربعة محاور‪ ،‬يخصص املحور ٔالاول إلعطاء نظرة عامة حول نظام‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري لتنظيم كل مرحلة‬ ‫التحكيم‪ ،‬وتخصص املحاور ٔالاخرى إلبراز ٔالاحكام القانونية ال جاء ا‬
‫من املراحل ال تمر ا عملية التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وذلك كما ي ي‪:‬‬

‫املحور ٔالاول‪ :‬التحكيم بوجه عام‬


‫املحور الثاني‪ :‬اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‬
‫املحور الثالث‪ :‬إجراءات التحكيم التجاري الدو ي‬
‫املحور الرابع‪ :‬حكم التحكيم التجاري الدو ي‬

‫‪3‬‬
‫املحور ٔالاول‬
‫التحكيم بوجه عام‬
‫قبل صدور املرسوم التشري ي رقم ‪ ،09-93‬كان التحكيم يخضع للمواد من ‪ 442‬إ ى ‪ 458‬من قانون‬
‫حينئذ ال يم ّ ب ن التحكيم الدو ي والتحكيم الداخ ي‪ ،‬وبدأ التمي ب ن‬‫ٍ‬ ‫ٕالاجراءات املدنية‪ ،‬وكان هذا ٔالاخ ﺮ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نو ي التحكيم بصدور املرسوم املذكور‪ ،‬والذي أدخل فصال كامال إ ى قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬تحت‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ع ى هذا التقسيم ي قانون‬ ‫عنوان " ي ٔالاحكام الخاصة بالتحكيم التجاري الدو ي"‪ ،‬وقد أبقى‬
‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية الساري املفعول ي موادﻩ من ‪ 1006‬إ ى ‪.1061‬‬

‫إ ّن التمعن ي مضمون أحكام املواد من ‪ 1006‬إ ى ‪ 1061‬املذكورة أعالﻩ‪،‬يب ّ ن بوضوح التباعد الكب ﺮ‬
‫ب ن القواعد املنظمة للتحكيم الداخ ي وتلك القواعد املنظمة للتحكيم الدو ي من حيث التشجيع واللي ﺮالية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حيث نجد ّأن حرية ٔالاطراف واملحكم ن تأخذ ح ا كب ﺮا ي التحكيم التجاري الدو ي وال نجد لها إال ح ا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تكريسا للمبادئ ال‬ ‫صغ ﺮا بالنسبة للتحكيم الداخ ي‪ ،‬كما أننا ال نجد ي القواعد املنظمة للتحكيم الداخ ي‬
‫تضمن فعاليته ضد ٕالاجراءات التسويفية والتعطيلية ال من املمكن أن تلجأ إل ا ٔالاطراف سيئة ّ‬
‫النية‪،‬‬
‫عكس ما نجدﻩ ي التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬ويضاف إ ى ذلك الاختالف الكب ﺮ من حيث طرق الطعن ي‬
‫ٔالاحكام الصادرة ي كل من النوع ن‪.‬‬

‫لكن ورغم كل الاختالف املوجود بي ما‪ ،‬إال أ ّ ما ينطلقان من أساس واحد ويش ﺮكان ي النظرية‬
‫العامة‪ ،‬لذلك وقبل التفصيل ي التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬سنتو ى الحديث عن مفهوم التحكيم بصفة‬
‫عامة‪ ،‬وطبيعته القانونية وأنواعه وتمي ﻩ عن ٔالانظمة املشا ة له‪.‬‬

‫املبحث ٔالاول‬
‫مفه ـ ـ ــوم التحكي ـ ــم‬
‫يطرح تحديد مفهوم التحكيم مسائل متعددة‪ ،‬سواء من حيث تعريفه أو من حيث طبيعته أو من‬
‫حيث أنواعه‪ ،‬وقد نتج ذلك عن طبيعته الخاصة ال تجمع ي نفس الوقت ب ن مظاهر العقد وب ن مظاهر‬
‫العمل القضائي‪ ،‬كونه يبدأ باتفاق وينتﻬ بحكم له طبيعة العمل القضائي‪ ،‬هذا ما خلق جدال كب ﺮا ي‬
‫تكييف طبيعته القانونية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫لقد أدى ذلك إ ى اختالف الفقه ي تحديد املقصود ذﻩ الوسيلة من وسائل الفصل ي ال اعات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واق ﺮحت بذلك ّ‬
‫عدة تعاريف‪ ،‬بعضها يركز ع ى الجانب العقدي ي التحكيم والبعض ٓالاخر يركز ع ى جانبه‬
‫القضائي‪.‬‬

‫إ ى جانب ذلك‪ ،‬يق ﺮب التحكيم من عدة وسائل أخرى لحل ال اعات‪ ،‬مما يستد ي تمي ﻩ ع ا‬
‫وتحديد مظاهر هذا التمي ‪ ،‬خاصة ّأن مصطلح التحكيم يستعمل ي الكث ﺮ من الحاالت للتعب ﺮ عن غ ﺮ‬
‫املع الاصطال ي القانوني له‪.‬‬

‫املطلب ٔالاول‬
‫تعريف التحكيم وأهميته‬
‫ّ‬ ‫اختلفت التعاريف املقدمة للتحكيم‪ ،‬حيث ّ‬
‫يعرفه البعض بال ﺮك ع ى جوانبه الاتفاقية‪ ،‬بينما يركز آخرون‬
‫ع ى جوانبه ٕالاجرائية القضائية‪ ،‬رغم هذا الاختالف يجمع الكل ع ى ٔالاهمية ال يلع ا ي حل ال اعات‪،‬‬
‫خاصة تلك الناتجة عن العالقات التجارية الدولية‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬تعريف التحكيم‬


‫ّ‬
‫بأنه "اتفاق أطراف عالقة قانونية ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة عقدية‬ ‫يعرف التحكيم بصفة عامة ي الاصطالح القانوني‬
‫أو غ ﺮ عقدية‪ ،‬ع ى أن يتم الفصل ي املنازعة ال ثارت بي ما بالفعل أو ال يحتمل أن تثور‪ ،‬عن طريق‬
‫أشخاص يتم اختيارهم كمحكم ن"‪ ،7‬أو"وسيلة لفض نزاع قائم‪ ،‬أو مستقبل‪ ،‬بعيدا عن والية القضاء‬
‫املختص مع ال ام ٔالاطراف بعرض ال اع كله أو بعضه ع ى محكم أو ثالث للفصل فيه بحكم الزم لهم"‪.8‬‬

‫ويعرفه جانب من الفقه الفرنﺴ ‪ 9‬كما ي ي‪:‬‬


‫‪" L’arbitrage est une technique visant à faire donner la solution d’une question,‬‬
‫‪intéressant les rapports entre deux ou plusieurs personnes, par une ou plusieurs‬‬
‫‪personnes – l’arbitre ou les arbitres – lesquelles tiennent leurs pouvoirs d’une‬‬
‫‪convention privée et statuent sur la base de cette convention, sans être investis de‬‬
‫‪cette mission par l’Etat".‬‬

‫‪ -7‬مختار أحمد بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1995 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -8‬من ﺮ عبد املجيد‪،‬قضاء التحكيم ي منازعات التجارة الدولية‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر ‪ .1995‬ص ‪.7‬‬
‫‪9‬‬
‫‪-DAVID René,l’arbitrage dans le commerce international, 2eme Edition LGDJ, paris 1982. P.9.‬‬

‫‪5‬‬
‫من جهتنا نميل إ ى التعريف الذي ّ‬
‫قدمه الدكتور عبد الكريم سالمة‪ ،‬وذلك لكونه يجمع ب ن‬
‫مختلف الجوانب ال يطرحها التحكيم‪ ،‬عكس التعاريف السابقة ال تركز ع ى جانب واحد منه دون‬
‫ّ‬ ‫الجانب ٓالاخر‪ ،‬فقد ّ‬
‫عرفه ع ى أنه" نظام قضائي خاص‪ ،‬يختار فيه ٔالاطراف قضا م‪ ،‬ويعهدون إل م‬
‫قد تنشأ أو نشأت بالفعل بي م‪ ،‬بخصوص‬ ‫اتفاق مكتوب‪ ،‬بمهمة تسوية املنازعات ال‬ ‫بمقت‬
‫يجوز حسمها بطريق التحكيم‪ ،‬وفقا ملقتضيات القانون‬ ‫عالقا م التعاقدية أو غ ﺮ التعاقدية وال‬
‫والعدالة وإصدار قرار قضائي ملزم لهم"‪.10‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية التحكيم‬


‫يرجع الاهتمام امل ايد بالتحكيم بصفة عامة‪ ،‬والتحكيم التجاري الدو ي بصفة خاصة‪ ،‬إ ى املزايا ال‬
‫يوفرها ومن بي ا‪:‬‬

‫‪ -‬تبسيط إجراءات الفصل ي ال اع والتحرر من الشكليات ال يفرضها اللجوء إ ى القضاء الوط ‪.‬‬
‫‪ -‬سرعة الفصل ي ال اعات ال تعرض أمام املحكمة التحكيمية واقتصاد النفقات‪.‬‬
‫‪ -‬عرض ال اعات فيه ع ى أشخاص ذو خ ﺮة ي املجال القانوني والتق والاقتصادي وهم ع ى دراية بعادات‬
‫وأعراف التجارة الدولية عكس القضاء الذي قد يلجأ إ ى الاستعانة بأهل الخ ﺮة ي املسائل الفنية‪ ،‬ويتفادى‬
‫بذلك طول ٕالاجراءات‪.‬‬
‫‪ -‬توف ﺮ السرية ي جلسات التحكيم‪ ،‬إذ يفضل املتعامل ن عدم الكشف عن أسرارهم التجارية ي املحاكم‪،‬‬
‫نظرا الرتكاز معامال م ع ى عنصر الثقة املرتبطة بسمع م‪ ،‬وت ﺮز أهمية هذا العنصر أك ﺮ ي مجال العقود‬
‫املتعلقة بنقل التكنولوجية أو املعرفة الفنية‪.‬‬
‫‪ -‬تفادي مشكلة تنازع الاختصاص القضائي الدو ي‪.‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫تمي التحكيم عن بعض ٔالانظمة املشا ة له‬

‫التحكيم وسيلة من الوسائل البديلة لفض ال اعات إ ى جانب الصلح والوساطة والخ ﺮة‪ ،‬وتسم‬
‫الوسائل البديلة كو ا تسمح بحل ال اعات دون إتباع الطريق املعهود وهو الطريق القضائي‪ ،‬ونظرا الش ﺮاك‬
‫ّ‬
‫كل هذﻩ الوسائل ي هدفها‪ ،‬فقد يثار نوع من اللبس ي تحديد طبيعة املهمة ال يقوم ا الشخص أو‬

‫ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2006 ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪ -10‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬التحكيم ي املعامالت املالية الداخلية والدولية‪ ،‬دار ال‬

‫‪6‬‬
‫ٔالاشخاص املتدخلون لفض ال اع املطروح‪ ،‬خاصة ّأن مصطلح التحكيم يستعمل ي الكث ﺮ من ٔالاحيان ي‬
‫غ ﺮ معناﻩ القانوني‪ ،‬لذا ينب ي التمي بينه وب ن القضاء والصلح والوساطة والخ ﺮة كما ي ي‪:‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬تمي التحكيم عن القضاء‪:‬‬


‫يعت ﺮ القضاء سلطة من السلطات ال تتمتع ا الدولة وال تفصل ب ن املتخاصم ن وحماية‬
‫الحقوق‪ ،‬ويش ﺮك مع التحكيم ي كونه طريق للفصل ي ال اع بحكم ملزم‪ ،‬ويمكن التمي بينه وب ن التحكيم‬
‫من خالل ما ي ي‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان التحكيم‪11‬يش ﺮط توافق إرادة ٔالاطراف ع ى اختيارﻩ كطريق لحل ال اع القائم أو املحتمل بي م‪،‬‬
‫أمام املحاكم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فإن القضاء له والية عامة وال يتطلب موافقة املد ى عليه للتقا‬
‫‪ -‬ي التحكيم يتو ى ٔالاطراف اختيار الشخص أو ٔالاشخاص الذين تسند إل م مهمة الفصل ي ال اع أو‬
‫فإن القا يع ن من طرف‬ ‫يبينون ع ى ٔالاقل كيفية تعيي م واملؤهالت املطلوبة ف م‪ ،‬أما ي القضاء‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫الدولة وال دخل للمتخاصم ن ي تعيينه‪.‬‬


‫أثناء فصله ي ال اع املعروض عليه بإسقاط حكم القاعدة القانونية ع ى وقائع ال اع‬ ‫‪ -‬يل م القا‬
‫للوصول إ ى الحل القانوني‪ ،‬بينما املحكم ي التحكيم يمكن أن يعفيه ٔالاطراف من الال ام بنص القانون‪،‬‬
‫ويفصل ي هذﻩ الحالة وفقا ملا يراﻩ مناسبا لحل ال اع‪ ،‬لكن ذلك يتوقف عادة‪ -‬وفق جل التشريعات‪-‬ع ى‬
‫وجود اتفاق صريح ب ن ٔالاطراف يمنحه صفة "محكم بالصلح"‪.12‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التمي ب ن التحكيم والصلح‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لقد ّ‬
‫املشرع الجزائري عقد الصلح بأنه" عقد ينﻬ به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به‬ ‫عرف‬
‫نزاعا محتمال‪ ،‬وذلك بأن يتنازل كل م ما ع ى وجه التبادل عن حقه"‪.13‬‬
‫ّ‬
‫يتفق الصلح ذا املفهوم مع التحكيم ي كو ما دفان إ ى إ اء وحسم ال اع دون اللجوء إ ى‬
‫ّ‬
‫القضاء‪ ،‬كما يش ﺮكان أيضا ي كون اللجوء إل ما يكون باتفاق ٔالاطراف قبل أو بعد نشأة ال اع‪ ،‬غ ﺮ أ ّ ما‬
‫يختلفان ي عدة أمور لع ى أهمها ما ي ي‪:‬‬
‫يش ﺮط الصلح تنازل ٔالاطراف بالتبادل عن جزء من حقه ع ى أن يحصل ي املقابل ع ى الجزء‬ ‫‪-‬‬
‫ٓالاخر‪ ،‬بينما ال نجد ي التحكيم مثل هذا الشرط ويتو ى املحكم الفصل ي ال اع ملصلحة أحد الطرف ن‪.‬‬

‫‪ -11‬ونقصد هنا التحكيم الاختياري املب علىاإلرادة الحرة ألطرافه وليس التحكيم ٕالاجباري الذي يلجأ إليه بنص القانون‪.‬‬
‫‪ -12‬سيد أحمد محمود‪ ،‬مفهوم التحكيم وفقا لقانون املرافعات‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص‪ 26‬و‪.27‬‬
‫‪ -13‬املادة ‪ 459‬من القانون املدني‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫يمكن أن يكون الصلح تلقائيا ودون تدخل شخص من الغ ﺮ لفض ال اع‪ ،‬كما يمكن أن يع ّ ن أطراف‬ ‫‪-‬‬
‫ال اع شخص من الغ ﺮ ليق ﺮح عل م الحل ٔالانسب لل اع‪ ،‬بينما يكون التحكيم دائما بتدخل شخص أو عدة‬
‫أشخاص من الغ ﺮ من أجل حسم ال اع‪.‬‬
‫حكم التحكيم ‪-‬كما س ﺮى ي حينه ‪ -‬ملزم ألطرافه مثل إلزامية ٔالاحكام القضائية وي ّنفذ ج ﺮيا ولو‬ ‫‪-‬‬
‫استد ى ٔالامر تدخل القوة العمومية إذا رفض أحد أطرافه تنفيذﻩ طواعية‪ ،‬ي ح ن يتوقف تنفيذ الحل‬
‫املتوصل إليه من خالل الصلح ع ى قبوله من قبل ٔالاطراف‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التمي ب ن التحكيم والوساطة‪:‬‬


‫تعت ﺮ الوساطة الشكل الرئيﺴ ملساعدة ٔالاطراف العاجزة عن حل نزاع أو صراع تستخدم طرفا ثالثا‬
‫محايدا ونز ا من اختيار هؤالء ٔالاطراف‪ ،‬ليساعدهم ي التوصل إ ى تسوية‪ ،14‬ذا تش ﺮك الوساطة مع‬
‫التحكيم ي كو ما من ب ن الطرق البديلة لتسوية ال اعات بعيدا عن القضاء الرسم ‪ ،‬كما أ ّ ما يتطلبان‬
‫تدخل شخص أو أشخاص من الغ ﺮ للفصل ي ال اع‪.‬‬
‫يختلف التحكيم عن الوساطة من حيث عدة أمور نلخصها ي ٓالاتي‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان الوسيط يساعد املتنازع ن ي تطبيق قيمهم وتنفيذها ع ى الحقائق الواقعية للوصول إ ى‬
‫نتيجة‪ ،‬فهو يس ى فقط إ ى التقريب ب ن وجهات نظر املتنا ع ن‪ّ ،‬‬
‫فإن املحكم يقوم بتطبيق القانون ع ى‬ ‫ز‬
‫الوقائع للوصول إ ى نتيجة‪.‬‬
‫‪ -‬ي التحكيم يكون الحكم ملزم وفق ما ّبيننا سابقا‪ ،‬بينما يتوقف حل ال اع ي الوساطة ع ى اتفاق‬
‫ٔالاطراف ع ى الحل املتوصل إليه‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪:‬التمي ب ن التحكيم والخ ﺮة‪:‬‬


‫الخ ﺮة ي تلك املهمة ال يعهد بمقتضاها الخصوم إ ى شخص ي مهنة أو مجال مع ن بمهمة‬
‫إلبداء رأيه ي مسألة فنية تدخل ي مجال اختصاصه دون إلزام الخصوم ذا الرأي‪ ،15‬فالخب ﺮ قد يكون‬
‫مهندسا أو طبيبا أو تاجرا أو محاسبا ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫تش ﺮك الخ ﺮة مع التحكيم ي كو ا من الوسائل ال يمكن من خاللها الوصول إ ى حل ال اع‪ّ ،‬‬
‫وأن‬
‫كل من الخب ﺮ واملحكم ّ‬
‫يعي ما ٔالاطراف بكل حرية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يختلف التحكيم عن الخ ﺮة ي عدة مسائل‪ ،‬تتمثل أهمها ي ما ي ي‪:‬‬

‫‪ -14‬بش ﺮ الصلي ‪ ،‬الحلول البديلة لل اعات املدنية‪ ،‬الوساطة القضائية‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2010 ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -15‬دف الخ ﺮة القضائية –حسب املادة ‪ 125‬ق إ م إ ‪ -‬إ ى "توضيح واقعة مادية تقنية أو علمية محضة للقا "‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬يقوم الخب ﺮ بإعطاء رأيه ي مسألة معينة ذات طبيعة فنية أو تقنية‪ ،‬فهو بذلك ينظر ي املسائل‬
‫ّ‬
‫الواقعية دون القانونية‪ ،‬بينما يقوم املحكم بإسقاط حكم القانون ع ى وقائع ال اع للوصول إ ى الحل‬
‫القانوني‪ ،‬فهو بذلك يفصل من حيث الواقع والقانون‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫حل ال اع ي الخ ﺮة ع ى اتفاق ٔالاطراف‬ ‫‪ -‬يكون الحكم الصادر ي التحكيم ملزم لألطراف‪ ،‬بينما يتوقف‬
‫ع ى قبول الحل املتوصل إليه من طرف الخب ﺮ‪ ،‬ذلك ّ‬
‫ألن رأي هذا ٔالاخ ﺮ استشاري وليس ملزم‪.16‬‬

‫املبحث الثاني‬
‫الطبيعة القانونية للتحكيم وأنواعه‬
‫لقد ثار جدل كب ﺮ حول الطبيعة القانونية للتحكيم‪ ،‬ويرجع السبب ي ذلك إ ى جمعه ب ن الطابع‬
‫الاتفا ي العقدي املستمد من اتفاق التحكيم‪ ،‬والطابع القضائي النظامي املستمد من الوظيفة القضائية ال‬
‫يتوالها املحكم والطبيعة امللزمة للحكم الذي يصدرﻩ‪ ،‬وب ن بدايته الاتفاقية و ايته القضائية تتخلله‬
‫إجراءات مما يضفي عليه الطابع ٕالاجرائي‪.‬‬
‫ّ‬
‫وإ ى جانب ذلك‪ ،‬ومهما كان التكييف القانوني الذي نعتمدﻩ ي تحديد طبيعة التحكيم‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫لهذا ٔالاخ ﺮ أن ينقسم إ ى عدة أنواع تختلف فيما بي ا حسب املعيار املعتمد للتمي بي ا‪.‬‬

‫املطلب ٔالاول‬
‫الطبيعة القانونية للتحكيم‬
‫ففي ح ن يركز البعض ع ى بداية التحكيم الاتفاقية لتغليب طابعه العقدي‪ ،‬يركز البعض ٓالاخر‬
‫ع ى ايته القضائية لتغليب طابعه القضائي‪ .‬ب ن هذا الاتجاﻩ وذاك‪ ،‬حاول البعض تقديم رأيا وسطا ي ﺮز‬
‫الطبيعة املختلطة له‪ ،‬وهناك من يقول بطبيعته املستقلة لتجنب مواجهة التناقضات ال تنتج عن الجمع‬
‫ب ن طابعه الاتفا ي وطابعه ٕالاجرائي القضائي‪ ،‬وفيما ي ي مضمون وحجج هذﻩ ٓالاراء‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة العقدية للتحكيم‬


‫يرى أصحاب هذا الاتجاﻩ ّأن التحكيم ذو طبيعة تعاقدية‪ ،‬كونه يستمد وجودﻩ وقوته من إرادة‬
‫تحدد سلطة محكمة التحكيم واختصاصا ا‪ ،‬وتحدد القواعد القانونية‬ ‫ّ‬ ‫ٔالاطراف‪ ،‬فهذﻩ ٕالارادة ي ال‬
‫الواجبة التطبيق للفصل ي ال اع املعروض عل ا‪ ،‬و ي ال تختار الشخص أو ٔالاشخاص الذين تسند إل م‬

‫‪ -16‬سيد أحمد محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪9‬‬
‫مهمة التحكيم وهؤالء ليسوا قضاة بل أفراد عادي ن‪ ،‬وبالتا ي يلزم لنفاذ وتنفيذ حكم التحكيم موافقة‬
‫ٔالاطراف عليه‪ ،‬ؤالامر بالتنفيذ الذي يصدرﻩ القضاء بعد ذلك هو الذي يمد الحكم بقوة السلطة العامة‬
‫ويرفعه إ ى مرتبة الحكم القضائي‪.17‬‬
‫يؤخذ ع ى هذا الاتجاﻩ مغاالته ي الدور الذي تلعبه ٕالا ادة ي التحكيم‪ّ ،‬‬
‫وأن ٔالاطراف ال يطلبون من‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫املحكم الكشف عن إراد م وإنما الكشف عن إرادة القانون ي شأن املسألة املعروضة عليه‪ ،‬فاملحكم يقوم‬
‫وأن العقد ليس هو جوهر التحكيم‪ ،‬كما ّأن املحكم ن ال‬ ‫ي الواقع بالوظيفة ذا ا ال يقوم ا القا ‪ّ ،18‬‬

‫املختص‪ ،‬أو بواسطة‬ ‫ّ‬


‫يعينون دائما باتفاق ٔالاطراف‪ ،‬أو بواسط م‪ ،‬وإنما قد يتم تعيي م بواسطة القا‬
‫إدارة مراكز التحكيم الدائمة عندما يكون التحكيم مؤسساتي‪.19‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة القضائية للتحكيم‪:‬‬


‫ّ‬
‫ع ى خالف الاتجاﻩ السابق‪ ،‬ركز أصحاب الاتجاﻩ القائل بالطبيعة القضائية للتحكيم ع ى الوظيفة‬
‫ال يقوم ا املحكم‪ ،‬إذ َي ْع َت ِ ﺮ هؤالء ّأن التحكيم طريقا قضائيا لحسم ال اعات‪ ،‬فاملحكم‪ -‬حس م ‪ -‬يعت ﺮ‬
‫قاضيا بحكم وظيفته و ي الفصل ي ال اعات‪ ،‬ويصدر حكما حقيقيا يحوز حجية ال ء املق فيه‪ ،‬أي‬
‫ّ‬
‫به‪ ،‬كما يرى أصحاب هذا الاتجاﻩ ّأن إرادة‬ ‫أنه يقوم بعمل قضائي ينتﻬ بحكم له حجية ٔالامر املق‬
‫ّ‬
‫املشرع الذي سمح ب ﺮتيب هذﻩ ٓالاثار‪.20‬‬ ‫ٔالاطراف غ ﺮ قادرةع ى خلق التحكيم لو ال‬
‫ُي ّ‬
‫عد التحكيم –حسب هذا الاتجاﻩ إذن‪ً -‬‬
‫نوعا من أنواع القضاء إ ى جانب القضاء العام للدولة‪،‬‬
‫شأنه ي ذلك شأن القضاء ٔالاجن ‪ ،‬الذي يع ﺮف القانون الوض ي الداخ ي بأحكامه‪.‬‬

‫أثناء نظر‬ ‫يؤخذ ع ى هذا الاتجاﻩ ّأن املحكم يفتقر ألهم سلطة من السلطات ال يتمتع ا القا‬
‫ال اع‪ ،‬و ي سلطة ٔالامر)‪ (L’impérium‬ال تسمح له بإلزام الشاهد بالحضور لإلدالء بشهادته‪ ،‬أو إجبار‬

‫‪ -17‬سيد أحمد محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪ -18‬عمر نوري عبد ﷲ عبابنه‪ ،‬شرط التحكيم من حيث صحته واستقالليته‪ ،‬أطروحة لنيل درجة الدكتوراﻩ ي القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية الدراسات القانونية العليا‪ ،‬جامعة عمان العربية للدراسات العليا‪ ،2006 ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -19‬وجدي راغب فهم ‪ " ،‬هل التحكيم نوع من القضاء؟ دراسة انتقادية للنظرية القضائية للتحكيم" مجلة الحقوق الكويتية‪ ،‬عدد ‪-1‬‬
‫‪ ،1993 ،2‬ص ‪.132‬‬
‫‪ -20‬عمر نوري عبد ﷲ عبابنه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪10‬‬
‫الخصم بتقديم مستند تحت يدﻩ‪ ،‬أو سلطة توقيع الغرامات‪...‬إلخ‪ ،‬إ ى جانب ذلك‪ّ ،‬‬
‫فإن القضاء مظهر من‬
‫مظاهر السيادة ال تستأثر ا الدولة‪.21‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة املختلطة للتحكيم‪:‬‬


‫حاول أصحاب هذا الاتجاﻩ التوفيق ب ن البداية العقدية للتحكيم و ايته القضائية‪ ،‬واعت ﺮوا أن‬
‫التحكيم يقوم ع ى طبيعة مركبة‪ ،‬وذلك ع ى أساس ّأن الطابع العقدي للتحكيم يبدو واضحا ي اختيار‬
‫الخصوم لهذﻩ الوسيلة لحل نزاعا م واستبعاد والية القضاء‪ ،‬و ي اختيارهم للقانون الواجب التطبيق ع ى‬
‫ٕالاجراءات وع ى موضوع ال اع ي مجال التجارة الدولية خاصة‪ ،22‬هذا من جهة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تظهر أيضا‬
‫الطبيعة القضائية من خالل حكم التحكيم الذي ينتﻬ به ال اع والذي يلزم أطراف التحكيم ويعت ﺮ ً‬
‫سندا‬
‫تنفيذيا بعد استنفادﻩ لطرق الطعن املقررة ً‬
‫قانونا‪.‬‬

‫وأن أصحابه اختاروا أسهل‬ ‫ّإن أهم ما يؤخذ ع ى هذا الاتجاﻩ هو ّأنه تغا مواجهة الحقيقة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أي جديد‪ ،‬بل وأ ّ ذا الاتجاﻩ يجانب الصواب من ناحيت ن‪ٔ :‬الاو ى أنه اعت ﺮ اتفاق‬
‫الحلول كو م لم يقدموا ّ‬
‫ّ‬ ‫التحكيم عقد‪ ،‬مع ّأنه ت ﺮتب عليه نتائج تتجاوز أهمي ا وخطور ا ّ‬
‫أي عقد آخر‪23‬؛ الثانية أنه اعت ﺮ حكم‬
‫التحكيم بمثابة حكم قضائي‪ ،‬بالرغم من وجود اختالفات جوهرية بي ما من حيث نظامهما القانوني‪.24‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة املستقلة للتحكيم‪:‬‬


‫لقد استقر الفقه الحديث ع ى الطبيعة املستقلة للتحكيم‪ ،‬بالنظر للوظيفة الاجتماعية‬
‫والاقتصادية املتم ة له‪ ،‬فهو يشبع حاجة اجتماعية مختلفة عن الحاجة ال يشبعها القضاء‪ ،‬كما ّأن‬
‫تطورﻩ أدى إ ى ظهور مظاهر حديثة له ع ى غرار التحكيم ٕالاجباري واملراكز الدائمة للتحكيم‪ ،‬وهو ما ساهم‬
‫ي تراجع النظرية العقدية ي التحكيم‪.25‬‬

‫يعت ﺮ التحكيم ذا املفهوم الجديد نظام له طبيعة خاصة وله ذاتيته املستقلة‪ ،‬يرتكز ع ى الجوانب‬
‫الاتفاقية للتحكيم إذا كانت تساعدﻩ ع ى تحقيق فعاليته‪ ،‬كما يرتكز ع ى جوانبه ٕالاجرائية القضائية إذا‬
‫وإنما يمكن ي حاالت معينة أن يعينون‬ ‫ّ‬
‫اقتضت فعاليته ذلك‪ ،‬فاملحكمون ال يعينون دائما باتفاق ٔالاطراف‬

‫‪ -21‬إبراهيم أحمد إبراهيم‪ ،‬التحكيم الدو ي الخاص‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص‪.35‬‬
‫‪ -22‬ويكون دور إرادة ٔالاطراف أك ﺮ ي التحكيم الحر الذي تتو ى فيه إرادة ٔالاطراف تنظيم كل جزئيات العملية التحكيمية‪ .‬راجع ي ذلك‪:‬‬
‫حسن املصري‪ ،‬التحكيم التجاري الدو ي ي ظل القانون الكوي والقانون املقارن‪ ،‬د‪.‬د ‪ .‬ن‪ ،‬الكويت‪ ،1996 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -23‬عمر نوري عبد ﷲ عبابنه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -24‬إبراهيم أحمد إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -25‬ي نفس املع ‪ :‬عمر نوري عبد ﷲ عبابنه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪11‬‬
‫من قبل املحكمة املختصة أو مراكز التحكيم الدائمة‪ ،‬كما ّأن أغلبية أحكام التحكيم ال تتطلب التنفيذ‬
‫ّ‬
‫الج ﺮي‪،‬ألنه من ب ن خصائص التحكيم‪،‬كونه دف إ ى حل ال اع مع الحفاظ ع ى استمرار العالقات ب ن‬
‫أطرافه‪ ،‬فهؤالء ينفذون تلك ٔالاحكام طواعية‪.26‬‬

‫تظهر تطبيقات هذﻩ النظرية ٔالاخ ﺮة ي ّ‬


‫كل الحلول ال توضع ملواجهة املشاكل ال يواجها نظام‬
‫التحكيم لتحقيق فعاليته‪،‬نذكر م ا مسألة استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ومسألة "الاختصاص‪-‬‬
‫باالختصاص"‪.27‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫أنـ ـ ـ ــواع التحكي ـ ــم‬
‫يمكن تقسيم التحكيم إ ى عدة أنواع‪ ،‬بحسب املعيار املعتمد لذلك كما ي ي‪:‬‬

‫الفرع ٔالاول‪:‬التحكيم الاختياري والتحكيم ٕالاجباري‬


‫يرتكز التمي ب ن النوع ن ع ى معيار تدخل إرادة ٔالاطراف ي اختيار التحكيم كوسيلة لحل ال اع‬
‫أمرا مفروضا ع ى الخصوم‪ ،‬أي ّأن اللجوء إليه يتم‬ ‫بي م‪ ،‬فيكون التحكيم اختياريا إذا لم يكن اللجوء إليه ً‬
‫ً‬
‫قانونيا‬ ‫بمحض إرادة ٔالاطراف‪ ،‬وهو ٔالاصل ي التحكيم‪،‬بينما يكون التحكيم إجبارًيا إذا كان اللجوء إليه ال اما‬
‫املشرع كطريق لحل نوع مع ّ ن أو أنواع ّ‬
‫معينة من ال اعات‪.28‬‬ ‫فرضه ّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التحكيم الحر والتحكيم املؤسﺴ‬


‫يعتمد هذا التقسيم ع ى الجهة ال تتو ى إدارة عملية التحكيم‪ ،‬إذ يكون التحكيم ً‬
‫حرا )‪(AD-HOC‬‬
‫عندما يتو ى ٔالاطراف إدارة وتنظيم إجراءات التحكيم‪ ،‬وذلك باختيار املحكم أو املحكم ن الذين سيتولون‬
‫يس ﺮ التحكيم وفقا لها‪ ،‬بينما يكون التحكيم‬ ‫الفصل ي ال اع‪ ،‬وتحديد جميع ٕالاجراءات ال‬
‫مؤسﺴ )‪ ،(Institutionnel‬عندما تتوالﻩ هيئات ومنظمات وطنية ودولية مختصة ي تقديم خدمة التحكيم‪،‬‬

‫‪ -26‬ي نفس املع ‪ :‬حسن املصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬


‫‪ -27‬لتفصيل أك ﺮ ي هذا املوضوع راجع‪ :‬تعويلت كريم‪ ،‬فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراﻩ علوم‪،‬‬
‫تخصص القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ -‬ت ي وزو‪ ،2017 ،‬خصوصا ص ص ‪.89-45‬‬
‫أقر ّ‬
‫املشرع الجزائري التحكيم ٕالاجباري بموجب ٔالامر رقم ‪ 44-75‬املؤرخ ي ‪ 17‬يونيو سنة ‪ 1975‬املتعلق بالتحكيم‬ ‫‪ -28‬لقد سبق وأن ّ‬
‫ٕالاجباري لبعض الهيئات‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 53‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬يوليو ‪) 1975‬مل ى(‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ً‬
‫سلفا‪ّ ،‬‬ ‫وفقا لقواعد وإجراءات ّ‬
‫تحددها القرارات املنشئة لهذﻩ الهيئات واملنظمات واملراكز أو‬ ‫محددة وموضوعة‬
‫الاتفاقيات الدولية‪. 29‬‬

‫تجدر ٕالاشارة إ ى الانتشار الكب ﺮ ملراكز التحكيم الدائمة ي العالم‪ ،‬سواء كان اختصاصها عالم ‪:‬‬
‫كمحكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس؛ ومحكمة لندن للتحكيم الدو ي؛ واملركز الدو ي‬
‫لتسوية املنازعات املتعلقة باالستثمارات ب ن الدول ورعايا الدول ٔالاخرى الذي أنشأته اتفاقية واشنطن لعام‬
‫‪،1965‬أو كان اختصاصها جهوي؛ كمركز القاهرة للتحكيم التجاري الدو ي‪،‬أو كان اختصاصها وط بحت‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التحكيم بالقانون والتحكيم بالصلح‬


‫يعتمد هذا التقسيم ع ى مدى ّ‬
‫تقيد املحكم أو محكمة التحكيم بتطبيق القانون‪ ،‬فيكون تحكيما‬
‫بالقانون‪ ،‬وهو ٔالاصل‪ ،‬عندما يكون املحكم ملزم بتطبيق القانون املوضو ي وٕالاجرائي لحل ال اع ب ن ٔالاطراف‪،‬‬
‫مقيد بتطبيق حكم القانون‪ ،‬بل يمكن له أن‬ ‫أما التحكيم بالصلح‪ ،‬فيكون ي هل ملحكم سلطة أك ﺮ‪ ،‬إذ ال يكون ّ‬
‫يتو ى الفصل ي ال اع وفقا لقواعد العدالة وٕالانصاف بدال من تطبيق القانون املوضو ي‪ ،‬ومثل هذﻩ السلطة‬
‫تحتاج إ ى اتفاق خاص ب ن أطراف ال اع‪ ،‬و ي غياب مثل هذا الاتفاق يتو ى املحكم الفصل ي ال اع وفقا لقواعد‬
‫القانون‪.30‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬التحكيم الوط والتحكيم ٔالاجن‬


‫ً‬
‫تحكيما‬ ‫يعتمد هذا التقسيم ع ى معيار جغرا ي بحت‪ ،‬فإذا جرى التحكيم ي إقليم دولة معينة فيعت ﺮ‬
‫ً‬
‫وطنيا من منظور هذﻩ الدولة‪ ،‬أما إذا جرى التحكيم ي إقليم دولة أجنبية‪ ،‬فيعت ﺮ التحكيم ي هذﻩ الحالة‬
‫ً‬
‫أجنبيا‪ ،‬ويستند تحديد مكان التحكيم إ ى مكان صدور حكم التحكيم‪.31‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬التحكيم الداخ ي والتحكيم الدو ي‪:‬‬


‫تعت ﺮ التفرقة ب ن التحكيم الداخ ي والتحكيم الدو ي مسألة هامة ودقيقة ي نفس الوقت؛ فﻬ‬
‫هامة ملا تنطوي عليه من نتائج هامة سواء ع ى مستوى تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق أو ع ى‬

‫‪ -29‬سيد أحمد محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 15‬وما يل ا‪.‬‬


‫‪ -30‬راجع‪ :‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.69 – 64‬‬
‫‪ -31‬سيد أحمد محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 5‬و ما يل ا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مستوى تحديد نطاق إرادة ٔالاطراف ي تنظيم العملية التحكيمية‪32‬؛ وتعت ﺮ هذﻩ التفرقة دقيقة ً‬
‫نظرا‬
‫الختالف التشريعات املقارنة ي تحديد املعيار املعتمد لذلك‪.‬‬

‫يكون التحكيم دوليا طاملا كانت العالقة محل ال اع دولية‪،‬بمع ّأن دولية العالقة محل ال اع ي ال‬
‫تضفي الطابع الدو ي ع ى اتفاق التحكيم مهما كانت صورته‪ ،‬هذا ولقد اختلفت التشريعات الداخلية للدول ي‬
‫تحديد دولية العالقة محل ال اع ي التحكيم‪ ،‬فهناك من يعتمد ع ى معيار قانوني‪ ،‬وهناك من يعتمد ع ى‬
‫معيار اقتصادي‪،‬هذا ما يجعلنا نتساءل عن موقف ّ‬
‫املشرع الجزائري‪.‬‬

‫أوال‪:‬املعيار القانوني‬
‫يتم ّ هذا املعيار بالبساطة‪ ،‬ويعتمد ع ى منهج التنازع التقليدي‪ ،‬آخذا ي ذلك بضوابط ٕالاسناد‬
‫التقليدية‪ ،‬كالجنسية واملوطن ومحل إقامة ٔالاطراف‪.33‬‬

‫ّ‬
‫املشرع السويسري ي القانون الدو ي الخاص الصادر سنة ‪ ،1987‬حيث تنص‬ ‫لقد أخذ ذا املعيار‬
‫تطبق نصوص هذا الفصل ع ى كل تحكيم إذا كان مقر محكمة‬‫الفقرة ٔالاو ى من املادة ‪ 176‬منه ع ى ّأنه ّ‬
‫التحكيم يوجد ي سويسرا وإذا لم يكن ألحد الطرف ن ع ى ٔالاقل موطن أو محل إقامة ي سويسرا‪.34‬‬
‫بناء ع ى هذا‪ ،‬فال ّ‬
‫تطبق النصوص املتعلقة بالتحكيم التجاري الدو ي إال إذا كان ال اع قد نشأ ب ن‬ ‫ً‬
‫طرف ن يقيم أحدهما ع ى ٔالاقل خــارج سويسرا‪ ،‬فيكفي لكي يكتسب التحكيم الطبيعة الدولية وفقا لهذا‬
‫القانون أن يتوفر شرطان‪:‬‬
‫ّ‬
‫ألنه ي الحالة العكسية‪ ،‬ال ّ‬
‫يطبق القانون‬ ‫‪-‬أن يكون مقر محكمة التحكيم ي سويسرا‪ ،‬وهو شرط بديﻬ‬
‫السويسري الخاص بالتحكيم الدو ي ح وإن كان التحكيم دو ي‪ ،‬بل ّ‬
‫يطبق قانون دولة املقر إال إذا اتفق‬
‫ٔالاطراف ع ى قانون آخر‪.‬‬
‫‪-‬أن يكون ألحد الطرف ن ع ى ٔالاقل موطن أو محل إقامة خارج سويسرا‪ ،‬وهذا وقت إبرام هذا الاتفاق‪.‬‬

‫‪ -32‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.80- 78‬‬


‫‪ -33‬تعويلت كريم‪ ،‬استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬دراسة ع ى ضوء املرسوم التشري ي رقم ‪ 09-93‬والقانون املقارن‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجست ﺮ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ -‬ت ي وزو‪ ،2004 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -34‬جاء النص ٔالاص ي باللغة الفرنسية كما ي ي‪:‬‬
‫‪« Les dispositions du présent chapitre s’appliquent à tout arbitrage si le siège arbitral se trouve en suisse et si‬‬
‫‪l’une des parties n’avait, au moment de la conclusion de la convention d’arbitrage, ni son domicile, ni sa‬‬
‫‪résidence habituelle en suisse… ».‬‬

‫‪14‬‬
‫املشرع السويسري لهذا املعيار إ ى بساطته من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ّ‬
‫فإن الواقع‬ ‫ّ‬ ‫ُيرجع البعض تفضيل‬
‫نظرا لوجود العديد من العقود ال ت ﺮم ً‬
‫يوميا وبشكل ال يمكن حصرﻩ ب ن الشركات السويسرية‪،‬‬ ‫يفرض ذلك ً‬
‫وال تث ﺮ مصالح التجارة الدولية‪.35‬‬

‫لقد انتقد جانب من الفقه‪ 36‬هذا املعيار بالقول ّأن الضوابط القانونية كالجنسية واملوطن ومحل‬
‫ٕالاقامة أو ح مكان التحكيم‪ ،‬ال أهمية لها ي تحديد دولية التحكيم‪ ،‬ويرى هذا الجانب أن معيار الدولية‬
‫مرتبط بطبيعة ال اع‪ّ ،‬‬
‫وأن التحكيم يكون دوليا إذا اتفق عليه بشأن عالقة قانونية تنتم لطائفة"عالقات‬
‫التجارة الدولية"‪ ،‬وال أهمية بعد ذلك لجنسية ٔالاطراف أو مكان التحكيم أو القانون الواجب التطبيق‪...‬إلخ‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬املعيار الاقتصادي‬
‫يجد هذا املعيار جذورﻩ ي القضاء الفرنﺴ املعروف بقضاء» ‪ «MATTER‬نسبة إ ى املحامي العام‬
‫"‪ "Paul MATTER‬ي الحكم الذي صدر سنة ‪ 1927‬ي قضية "‪ ،"PELISSIER‬والذي اعتمد فيه معيار تحرك‬
‫ٔالاموال – دخول وخروج ٔالاموال‪ -‬لتحديد دولية العقد‪.‬‬
‫دوليا ً‬
‫وفقا لهذا املعيار "عندما تكون حركة ٔالاموال ذات طبيعة مزدوجة‪ ،‬توريد وتصدير"‪.‬‬ ‫يكون العقد ً‬

‫ّ‬
‫املشرع الفرنﺴ واملبنية ع ى فكرة‬ ‫لقد تطور هذا املعيار بعد ذلك إ ى أن وصل إ ى الصيغة ال ّ‬
‫كرسها‬
‫ي صيغته‬ ‫املساس باملصالح التجارية الدولية‪،‬حيث تنص املادة ‪ 1504‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املعدلة ي سنة ‪ 37 2011‬ع ى أنه ‪:‬‬
‫‪« Est international l’arbitrage qui met en cause des intérêts du commerce international ».‬‬
‫ً‬
‫تطبيقا لهذا املعيار‪ ،‬يمكن القول ّأن الع ﺮة ي تحديد دولية التحكيم ي الرابطة التعاقدية موضوع‬
‫ال اع ال تتصل بأك ﺮ من دولة واحدة‪ ،‬فم كان العقد ٔالاص ي يتضمن انتقاال لألموال أو الخدمات أو املصالح‬
‫ع ﺮ حدود أك ﺮ من دولة أو تمس اقتصاد دولت ن ع ى ٔالاقل‪ ،‬تصبح مصالح تمس بالتجارة الدولية‪ ،‬وتمتد آثارﻩ‬
‫إ ى ال اع النا ﺊ ع ا‪.‬‬

‫‪ -35‬راجع ع ى سبيل املثال‪:‬‬


‫‪LALIVE (P), POUDRET (J.F.),REYMOND (C),Le droit de l’arbitrage interne et international en suisse.‬‬
‫‪PAYOT, LAUSANE 1989. P. 292 ; - LALIVE (P), GAILLARD (E), " Le nouveau droit de l’arbitrage‬‬
‫‪international en suisse", JDI, n° 4- 1989. P. 914.‬‬
‫‪ -36‬مختار أحمد بريري‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪-37‬وقد جاء هذا التعديل بموجب‪:‬‬
‫‪Décret n°2011-48 du 13 Janvier 2011, portant réforme de l’arbitrage, J.O.R.F du 14 Janvier 2011.‬‬
‫‪ -‬املادة ‪ 1504‬تقابلها املادة ‪ 1492‬من الصياغة السابقة لتعديل ‪.2011‬‬

‫‪15‬‬
‫ُيؤخذ ع ى هذا املعيار عدم دقته‪ ،‬فهو يتسع ويضيق حسب املفهوم الذي يعطى ملصالح التجارة‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬فإنه يث ﺮ عند تطبيقه مسألة تحديد املقصود بمصالح التجارة الدولية‪ ،‬فهل يجب‬
‫ً‬
‫واسعا بشكل تدخل ي‬ ‫تفس ﺮها تفس ًﺮا ً‬
‫ضيقا يقتصر فقط ع ى العقود التجارية الدولية‪ ،‬أو تفس ﺮها تفس ًﺮا‬
‫نطاقه العقود الاقتصادية بشكل عام بما ف ا العقود ال ت ﺮمها الدولة والهيئات التابعة لها؟‬

‫ّإن ٔالاحكام التحكيمية ال تعرضت إ ى هذﻩ املسألة أخذت بالتفس ﺮ الواسع الذي يشمل جميع‬
‫العقود والاتفاقات ال تمس بمصالح التجارة الدولية بما ف ا تلك ال ت ﺮمها الدولة والهيئات التابعة لها‪،38‬‬
‫هذا ما أدى ببعض الكتاب إ ى التنبيه بما يمكن لهذا املعيار أن يؤدي إليه من توسيع غ ﺮ عقالني ملفهوم دولية‬
‫التحكيم خاصة ي الوقت الحا ي مع نظام العوملة‪.39‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري‬ ‫ثالثا‪:‬موقف‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري قبل سنة ‪ 1993‬إ ى مسألة تحديد دولية التحكيم ي النصوص املنظمة له‬ ‫لم يتطرق‬
‫ي قانون ٕالاجراءات املدنية الساري املفعول‪،40‬ويقت تحديد دولية التحكيم ي ظل هذا القانون‪ ،‬الرجوع إ ى‬
‫ّ‬
‫قواعد التنازع املنصوص عل ا ي القانون املدني‪ ،‬وبالتحديد إ ى املادة ‪ 18‬منه ال تنص ع ى أنه"يسري ع ى‬
‫الال امات التعاقدية‪ ،‬قانون املكان الذي ين ﺮم ف ا لعقد‪ ،‬ما لم يتفق املتعاقدان ع ى تطبيق قانون آخر‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تكريسا للمعيار القانوني الذي يعتمد‬ ‫غ ﺮ أن العقود املتعلقة بالعقار يسري عل ا قانون موقعه"‪،‬وهو ما يمثل‬
‫ع ى فكرة العنصر ٔالاجن ي العقد‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ملسألة تحديد دولية التحكيم ي التعديل الذي أدخله ع ى قانون‬ ‫لقد تصدى‬
‫ٕالاجراءات املدنية ي سنة ‪ ،1993‬حيث نصت املادة ‪ 458‬مكرر منه‪ ،‬وال أضيفت بموجب املرسوم التشري ي‬
‫ّ‬
‫رقم ‪ ،09-93‬ع ى أنه‪ ":‬يعت ﺮ دوليا بمفهوم هذا الفصل‪ ،‬التحكيم الذي يخص ال اعات املتعلقة بمصالح‬
‫التجارة الدولية والذي يكون فيه مقر أحد الطرف ن ع ى ٔالاقل ي الخارج"‪.‬‬
‫املشرع الجزائري قد أخذ باملعيارين ً‬
‫معا لتحديد دولية التحكيم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من خالل نص هذﻩ املادة‪ ،‬نجد ّأن‬
‫مزدوجا له عامل قانوني مستمد من القانون السويسري وآخر اقتصادي مستمد من‬ ‫ً‬ ‫و ذا يكون قد تب معيا ًرا‬
‫القانون الفرنﺴ ‪ ،‬و ذا يكون ّ‬
‫املشرع الجزائري قد أدخل منهج التنازع التقليدي ي القانون الجزائري للتحكيم‪.41‬‬

‫‪38‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, O.P.U, Alger 1999, p. 21.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪‐ BEN ABDERRAHMANE Dahmane :"La réforme du droit algérien de l’arbitrage commercial‬‬
‫‪international", La gazette du palais, n° 101-103 (numéro spécial Algérie),1999,note n°05.‬‬
‫‪ -40‬الصادر بموجب ٔالامر رقم ‪ 154-66‬املؤرخ ي ‪ 8‬يونيو ‪) 1966‬مل ى(‪.‬‬
‫‪ -41‬تعويلت كريم‪ ،‬استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 18‬و‪.19‬‬

‫‪16‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ع ى املعيار املزدوج ي هذا القانون‪ ،‬إ ى الرغبة ي تضييق‬ ‫لقد أرجع البعض اعتماد‬
‫ّ‬ ‫مجال تطبيق املرسوم التشري ي قم ‪ّ ،09-93‬‬
‫وبالتا ي مجال اللجوء إ ى التحكيم كوسيلة لحل ال اعات‪ ،‬وإبقائه‬ ‫ر‬
‫ألن اعتماد املعيار الاقتصادي وحدﻩ سيؤدي إ ى توسيع مجال‬ ‫كوسيلة استثنائية مقا ًنة بالقضاء الوط ‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫التحكيم التجاري الدو ي بشكل كب ﺮ خاصة مع نظام العوملة‪ ،‬كما ّأن ٔالاخذ باملعيار القانوني فقط قد يؤدي إ ى‬
‫التضييق من مجال التحكيم التجاري الدو ي وإخراج الكث ﺮ من ال اعات رغم اتصالها بمصالح التجارة‬
‫الدولية‪.42‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري استجاب لالنتقادات ال طالت موقفه السابق الذي جمع فيه ب ن‬ ‫يبدو ّأن‬
‫املعيارين‪ ،‬حيث استغل صدور القانون رقم ‪ ،09-08‬املتضمن قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬ليستغ عن‬
‫املعيار القانوني ويبقي فقط ع ى املعيار الاقتصادي‪،‬إذ تنص املادة ‪ 1039‬منه ع ى ّأنه‪ّ " :‬‬
‫يعد التحكيم ً‬
‫دوليا‪،‬‬
‫بمفهوم هذا القانون‪ ،‬التحكيم الذي يخص ال اعات املتعلقة باملصالح الاقتصادية لدولت ن ع ى ٔالاقل"‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع مصطلح "املصالح الاقتصادية" للتأكيد ع ى عدم اقتصار التحكيم التجاري‬ ‫لقد استعمل‬
‫الدو ي ع ى املصالح التجارية باملفهوم الضيق الذي يشمل فقط ٔالاعمال التجارية بمفهوم القانون التجاري‪ ،‬بل‬
‫يشمل إ ى جانب ذلك كل العقود الدولية ال ينتج ع ا أثر ع ى الحياة الاقتصادية‪ ،‬ع ى غرار عقود الاستثمار‪،‬‬
‫وعقود التنمية ال ت ﺮمها الدولة ي إطار إنجاز املشاريع الك ﺮى‪ ،‬كبناء السدود واملطارات‪...‬إلخ‪.43‬‬
‫ّ‬
‫التوجه نحو تشجيع هذﻩ الوسيلة من وسائل حل ال اعات‬ ‫ّ‬
‫للمشرع الجزائري‪،‬‬ ‫ّ‬
‫يجسد املوقف الجديد‬
‫ومقتضيات هذا النوع من التجارة‪.‬‬ ‫ي مجال التجارة الدولية‪ ،‬بما توفرﻩ من حرية لألطراف تتما‬

‫‪42‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, Op. cit., p. 32.‬‬
‫ّ‬
‫ألنه يستوعب ح ال اعات ال تثور ب ن الدولة الجزائرية والدول‬ ‫‪ -43‬يث ﺮ هذا املصطلح الذي استخدمه املشرع الجزائري غموض كب ﺮ‬
‫ٔالاخرى واملتعلقة بالجوانب الاقتصادية‪ ،‬فمثل هذﻩ ال اعات تخرج بطبيع ا من نطاق التحكيم التجاري الدو ي وتدخل ي نطاق‬
‫التحكيم الدو ي العام )التحكيم ب ن الدول(‪ ،‬راجع ي ذلك‪:‬‬
‫‪Mostefa TRARI-TANI, « L’arbitrage international dans le nouveau code algérien de procédure civile et‬‬
‫‪administrative », ASA Bulletin, 1/2009, p.73 (72-87).‬‬
‫لإلشارة‪ّ ،‬‬
‫تفسر "مصالح التجارة الدولية" ي فرنسا‪ ،‬ال نقل ع ا املعيار الاقتصادي‪ ،‬تفس ﺮا واسعا يشمل كل ما يمس بالحياة‬
‫الاقتصادية‪ ،‬حيث يرى ٔالاساتذة ‪ّ Fouchard, Gaillard, Goldman‬أن‪:‬‬
‫‪"L’internationalité de l’arbitrage ne résulte donc que de l’objet du litige qui en est‬‬
‫‪l’occasion…Toute opération impliquant un mouvement de biens, de services, ou un paiement par-‬‬
‫‪dessus les frontières, ou intéressant l’économie (ou la monnaie) de deux pays au moins, met en‬‬
‫‪cause, de ce seul faut, les intérêts du commerce international et il en va de même du litige qu’elle‬‬
‫‪pourrait provoquer».‬‬

‫‪17‬‬
‫املحور الثاني‬
‫اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‬
‫تستلزم صحة اتفاق التحكيم‪ ،‬باعتبارﻩ اتفاق يتضمن التعب ﺮ عن إراديت ن أو أك ﺮ‪ ،‬توافر الشروط‬
‫ّ‬ ‫املوضوعية العامة الالزمة لصحة ّ‬
‫أي عقد أو اتفاق‪ ،‬كما تستلزم توافر الشروط الشكلية ال يش ﺮطها‬
‫القانون‪ ،‬إضافة إ ى بعض الشروط الخاصة وال تنبثق من طبيعته الخاصة كاتفاق قضائي‪.44‬‬

‫بما ّأن أغلبية الدول تم ّ ب ن النظام القانوني للتحكيم الداخ ي وب ن النظام القانوني للتحكيم‬
‫فإن الدراسة ي هذا املقام تنصب ع ى تحديد شروط صحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي مع‬ ‫الدو ي‪ّ ،‬‬

‫مقارن ا بشروط اتفاق التحكيم الداخ ي كلما اقتضت الضرورة ذلك‪.‬‬

‫وباعتبار اتفاق التحكيم نقطة البداية ي عملية التحكيم ومن أهم العناصر ال تم ّ ﻩ عن غ ﺮﻩ من‬
‫أدوات تحقيق الوظيفة القضائية‪ ،‬فهو حجر الزاوية ي نظام التحكيم‪ ،‬بذلك تتولد عنه عدة آثار‪ ،‬م ا ما‬
‫يتصل باالختصاص وبالتحديد سلب اختصاص املحاكم الوطنية وعقد اختصاص محكمة التحكيم للفصل‬
‫ي ال اعات ال يوجد بشأ ا اتفاق التحكيم‪ ،‬وم ا ما ينصب ع ى عاتق ٔالاشخاص وما تث ﺮﻩ من مسائل‬
‫حول تحديد امللزم ن ذا الاتفاق ومدى إمكانية تمديد آثارﻩ إ ى غ ﺮ ٔالاطراف املوقع ن عليه‪.‬‬

‫املبحث ٔالاول‬
‫صحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‬
‫ّإن جوهر التحكيم الاختياري بصفة عامة‪ ،‬والتحكيم التجاري الدو ي بصفة خاصة‪،‬هو اتفاق‬
‫ً‬
‫قانونيا له هياكله وإجراءاته وقواعدﻩ ال رسمها‬ ‫ٔالاطراف الراغب ن ي اللجوء إليه‪ ،‬فبالرغم من كونه ً‬
‫نظاما‬
‫ّ‬
‫القانون‪ ،‬إال أنه نظام اتفا ي أساسه إرادة أطرافه‪.45‬‬

‫املشرع الجزائري التحكيم التجاري الدو ي بتنظيم خاص أوردﻩ ي الفصل السادس من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خص‬ ‫لقد‬
‫الباب الثاني من الكتاب الخامس من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادا ية‪ ،‬لذلك ّ‬
‫فإن دراسة الشروط ال‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫املشرع‬ ‫تستلزمها صحة اتفاق التحكيم ي مجال التجارة الدولية يمر حتما ع ﺮ تحديد دولية التحكيم وموقف‬
‫ألن الشروط القانونية لصحة اتفاق التحكيم الدو ي‬‫الجزائري من املعاي ﺮ املعتمد عل ا ي هذا املجال‪ ،‬ذلك ّ‬

‫‪44‬‬
‫‪- TERKI Nour- Eddine, op. cit., p. 27.‬‬
‫‪ -45‬عمر نوري عبد ﷲ عبابنه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 21‬و‪.22‬‬

‫‪18‬‬
‫يش ﺮطها بالنسبة لصحة اتفاق التحكيم الداخ ي‪ ،‬سواء فيما يتعلق بالشروط‬ ‫تختلف عن تلك ال‬
‫املوضوعية أو فيما يتعلق بالشروط الشكلية‪.‬‬

‫املطلب ٔالاول‬
‫صحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي من حيث املوضوع‬
‫يش ﺮط اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬كغ ﺮﻩ من الاتفاقات والعقود‪ ،‬ضرورة توافر ال ﺮا‬
‫ع ى محل ممكن ومشروع‪ ،‬وأن يستند إ ى سبب مشروع‪.‬‬ ‫الصحيح الخا ي من العيوب‪ ،‬وأن يرد هذا ال ﺮا‬

‫إذا كان تقدير توافر هذﻩ الشروط بالنسبة التفاق التحكيم الداخ ي يخضع إ ى القانون الجزائري‪،‬‬
‫فإن تقدير صحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ومدى توافر هذﻩ الشروط أخضعه نص الفقرة الثالثة من‬ ‫ّ‬

‫فإن تقدير صحة‬‫املادة ‪ 1040‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادا ية إ ى ثالثة قوان ن محتملة التطبيق‪ ،‬لذلك ّ‬
‫ر‬
‫اتفاق التحكيم التجاري الدو ي من حيث املوضوع يتطلب تحديد القانون الواجب التطبيق عليه‪ ،‬قبل‬
‫تحديد الشروط ال يستلزمها هذا القانون‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬القانون واجب التطبيق ع ى موضوع اتفاق التحكيم الدو ي‬


‫ّ‬
‫املشرع الجزائري قد‬ ‫نجد من خالل نص املادة ‪ 1040‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ّ ،‬أن‬
‫أخذ بازدواجية ٕالارادة‪ ،‬حيث ترك لألطراف حرية اختيار القانون واجب التطبيق ع ى اتفاق التحكيم‬
‫ً‬
‫صراحة‪ ،‬أو ضمنيا عن طريق اختيار القانون الواجب التطبيق ع ى موضوع ال اع‪ ،‬و ي غياب ٕالارادة‬
‫ً‬ ‫الصريحة أو الضمنية ّ‬
‫تقدر صحة وفعالية هذا الاتفاق وفقا إلرادة املحكم‪ ،‬وبذلك يكون قد جمع ب ن منهج‬
‫ّ‬ ‫وكرس ثالثة حلول ّ‬ ‫التنازع ومنهج القواعد املادية‪ّ ،‬‬
‫تطبق بالتناوب و دف كلها إ ى توسيع مجال صحة اتفاق‬
‫التحكيم ي مجال التجارة الدولية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تقدير صحة اتفاق التحكيم وفقا للقانون الذي اختارﻩ ٔالاطراف‬
‫أي قانون ليحكم‬ ‫يسمح تطبيق نص املادة ‪ 1040‬ي فقر ا الثالثة‪ ،46‬بأن يقوم ٔالاطراف باختيار ّ‬
‫املشرع الجزائري بموجب نص هذﻩ املادة مبدأ ٕالارادة‬‫ّ‬ ‫كرس‬‫الاتفاق ع ى التحكيم الذي أبرموﻩ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ً‬
‫املستقلة املع ﺮف به عامليا‪ ،‬أك ﺮ من ذلك‪ ،‬فإ ّن هذﻩ املادة تسمح ليس فقط بإعطاء الحرية لألطراف ي‬

‫‪ -46‬ويقابلها نص املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 1‬من قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫أي قانون وط ‪ ،‬مثل ما هو معمول به ي إطار قواعد التنازع ي القانون الدو ي الخاص‬ ‫اختيار تطبيق ّ‬
‫ّ‬
‫مك م من اللجوء إ ى إخضاع اتفاقهم ّ‬ ‫ّ‬
‫ألية قاعدة قانونية مهما كان مصدرها‪.‬‬ ‫الجزائري‪ ،47‬وإنما ت‬
‫ّإن ما ّ‬
‫يؤسس هذا التفس ﺮ هو نص املادة السالفة الذكر ي صياغته باللغة الفرنسية‪ ،48‬حيث ّأن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫املشرع الجزائري استعمل مصطلح "‪ "Droit‬بدال من مصطلح "‪ "Loi‬الذي استعمله ي إطار املادة ‪ 18‬من‬
‫القانون املدني الجزائري‪ ،49‬فمصطلح" ‪ "Droit‬يع القانون بمفهومه املوضو ي وليس بمفهومه الشك ي وال‬
‫يقصد به القاعدة القانونية ذات املصدر التشري ي فحسب‪ ،‬بل يشمل كل القواعد القانونية مهما كان‬
‫مصدرها بما ي ذلك قانون التجار الدو ي‪.50‬‬

‫وفقا ملا سبق‪ ،‬يمكن ألطراف اتفاق التحكيم أن يتفقوا ع ى إخضاع هذا ٔالاخ ﺮ لنظام التحكيم‬
‫الساري املفعول لدى مركز تحكيم مع ّ ن أو هيئة ّ‬
‫معينة‪ ،‬مثل ذلك املعمول به لدى مركز "‪ ،"CIRDI‬أو لدى‬
‫غرفة التجارة الدولية أو نظام التحكيم الذي أعدته لجنة ٔالامم املتحدة للقانون التجاري الدو ي"‪"CNUDCI‬‬
‫ّ‬
‫أو القانون النموذ ي للتحكيم الذي أعدته نفس اللجنة‪ ،‬كما يمكن إخضاعه لحكم املبادئ العامة للقانون‪،‬‬
‫أو لقواعد يحددو ا مباشرة ي نفس الاتفاق أو ي اتفاق الحق‪.‬‬

‫مقرر ي املادة )‪-1/5‬أ( من اتفاقية نيويورك لعام‬ ‫لإلشارة‪،‬فإذا كان هذا الحل يتم مع ما هو ّ‬
‫‪ ،1958‬املتعلقة باعتماد أحكام التحكيم ٔالاجنبية وتنفيذها‪ ،‬فإ ّ ا تعت ﺮ أك ﺮ لي ﺮالية من مبدأ استقاللية‬
‫املحددة للقانون واجب التطبيق ع ى‬‫ّ‬ ‫املكرس ي التعديل ٔالاخ ﺮ للمادة ‪ 18‬من القانون املدني‬ ‫ّ‬ ‫ٕالارادة‬
‫املشرع الجزائري ّ‬
‫قيد ي هذﻩ ٔالاخ ﺮة ٔالاطراف عند اختيار قانون دولة معينة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الال امات التعاقدية‪ ،51‬ذلك ّأن‬
‫واش ﺮط أن تكون هناك صلة حقيقية ب ن القانون املختار وب ن املتعاقدين أو العقد‪.‬‬

‫‪ -47‬راجع املادة ‪ 18‬من القانون املدني الجزائري مثال‪.‬‬


‫بالرغم من كون النص ٔالاص ي هو النص العربي من الناحية القانونية‪ ،‬إال ّأن النص الفرنﺴ هو ٔالاصل من الناحية الواقعية‪،‬‬ ‫‪ّ -48‬‬
‫وذلك لكون معظم نصوص قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية املتعلقة بالتحكيم نقلت عن القانون الفرنﺴ ‪.‬‬
‫‪ -49‬تنص الفقرة ٔالاو ى من املادة ‪ 18‬من القانون املدني باللغة الفرنسية ع ى ما ي ي‪:‬‬
‫‪“ Les obligations contractuelles sont régies par la loi d’autonomie dès lors qu’elle a une relation avec les‬‬
‫‪contractants ou le contrat”.‬‬
‫بينما تنص الفقرة الثالثة من املادة ‪ 1040‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى ما ي ي‪:‬‬
‫‪“Quant au fond, elle [la convention] est valable si elle répond aux conditions que posent, soit le droit choisi‬‬
‫‪par les parties, soit le droit régissant l’objet du litige, soit le droit que l’arbitre estime approprié”.‬‬
‫‪50‬‬
‫‪- AKROUN Yacoute, « L’arbitrage commercial international en Algérie »,in L’Algérie en mutation : Les‬‬
‫‪instruments juridiques de passage à l’économie de marché, s. dir. CHARVIN Robert et GUESMI Ammar,‬‬
‫‪L’Harmattan, Paris 2001, p.286.‬‬
‫‪ -51‬يتعلق ٔالامر بتعديل القانون املدني بموجب القانون رقم ‪ 10-05‬املؤرخ ي ‪ 20‬جوان ‪ ،2005‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪.2005/44‬‬

‫‪20‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري لشرط وجود عالقة موضوعية ب ن القانون‬ ‫يرى ٔالاستاذ "م ﺮوك ن" ّأن تكريس‬
‫املختار و العقد ي املادة ‪ 18‬من القانون املدني‪ ،‬بعد التعديل الذي أدخل عليه ي سنة ‪ 2005‬بموجب‬
‫ّ‬
‫القانون رقم ‪ 10-05‬املؤرخ ي ‪ 20‬يونيو‪ ،2005‬يمثل مفارقة ع ى أساس أنه ال يتما مع التوجه املعتمد ي‬
‫املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 14‬من قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬وال تقابلها املادة ‪ 1050‬من قانون ٕالاجراءات‬
‫ً‬ ‫املدنية وٕالادا ية الساري املفعول‪ّ ،‬‬
‫وأن هذا التقييد التشري ي يحمل ي طياته تقييدا لسلطة املحكم ي‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫الفصل ي ال اع وفقا لقواعد القانون ال يراها مالئمة‪ّ ،52‬‬
‫وأن هذا الوضع ينطبق أيضا ع ى مسألة القانون‬
‫واجب التطبيق‪.53‬‬
‫ً‬
‫من جهتنا‪ ،‬نستبعد تماما تطبيق نص املادة ‪ 18‬من القانون املدني ي مجال التحكيم التجاري‬
‫ً‬
‫حلوال خاصة ي قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادا ية‪ ،‬حيث ّ‬
‫حدد‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫املشرع الجزائري وضع‬ ‫الدو ي‪ ،‬ذلك ّأن‬
‫القانون واجب التطبيق ع ى اتفاق التحكيم ي نص املادة ‪ 1040‬منه ّ‬
‫وحدد القانون واجب التطبيق ع ى‬
‫موضوع ال اع ي املادة ‪ 1050‬من نفس القانون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع ع ى إرادة ٔالاطراف ي اختيار القانون واجب التطبيق‪ ،‬يشكل‬ ‫فإذا كان القيد الذي وضعه‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫دون أدنى شك تراجعا عن لي ﺮالية نص املادة ‪ 18‬من القانون املدني قبل التعديل‪ ،54‬فإنه ال يمس بلي ﺮالية‬
‫ّ‬
‫املشرع من خاللها‬ ‫املكرسة ي مجال التحكيم التجاري الدو ي ي القانون الجزائري‪ ،‬حيث أراد‬ ‫ّ‬ ‫الحلول‬
‫استبعاد منهج التنازع التقليدي ي مجال عقود التجارة الدولية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إخضاع اتفاق التحكيم للقانون املنظم ملوضوع ال اع‬


‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ي املادة ‪ 1040‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى خيار تطبيق‬ ‫لقد نص‬
‫القانون املنظم ملوضوع ال اع لتقدير صحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬غ ﺮ ّأن هذا الخيار ال يجب أن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يفهم كأنه نتيجة عن عدم استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي عن العقد ٔالاص ي‪ ،‬استنادا لصريح‬

‫‪ -52‬انظر‪:‬‬
‫‪MEBROUKINE Ali, « L’arbitrage commercial international en Algérie », In Le débat juridique au‬‬
‫‪Maghreb : de l’étatisme à l’Etat de droit, Etudes en l’honneur de Ahmed MAHIOU, Editions Publisud-‬‬
‫‪Iremam, Paris 2009, p.122 et 123.‬‬
‫‪ -53‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ -54‬لم تتضمن املادة ‪ 18‬من القانون املدني قبل التعديل مثل هذا التقييد‪ ،‬حيث جاءت بالصيغة التالية‪:‬‬
‫"يسري ع ى الال امات التعاقدية‪ ،‬قانون املكان الذي ُي ْ ﺮم فيه العقد ما لم يتفق املتعاقدان ع ى تطبيق قانون آخر‪.‬‬
‫غ ﺮ أن العقود املتعلقة بالعقار يسري عل ا قانون موقعه"‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ّ‬
‫عبارة الفقرة ٔالاخ ﺮة من نفس املادة وإنما نتيجة اختيارﻩ من قبل ٔالاطـراف‪ ،‬أو نتيجـة لنفس ال ﺮك القانـوني‬
‫لهمـا‪ ،55‬وهو الحل الذي اعت ﺮ بمثابة اختيار ضم لألطراف‪.‬‬

‫للتذك ﺮ‪ ،‬لقد أثار نص املادة ‪ 458‬مكرر‪ 1‬من قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪56‬التساؤل حول الحالة‬
‫ال ال يختار ف ا ٔالاطراف القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم‪ ،‬وال ذلك الذي يحكم العقد ٔالاص ي‪ ،‬فهل‬
‫طبق املحكم مباشرة الحل الثالث الذي يحيل ع ى تطبيق القانون الجزائري‪ ،‬أم ّأن املحكم يطبق نص‬ ‫ي ّ‬
‫املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 14‬من نفس القانون‪ ،57‬ال تسمح له باللجوء إ ى تطبيق املبادئ العامة للقانون وعادات‬
‫التجارة الدولية ع ى موضوع ال اع وتطبيقها ع ى اتفاق التحكيم؟‬
‫ّ‬
‫ّإن مثل هذا الحل ال يمكن التسليم به‪ ،‬ألنه يؤدي إ ى البحث عن القانون واجب التطبيق ع ى‬
‫موضوع ال اع‪ ،‬قبل الفصل ي مسألة أولية تتعلق بتحديد القانون واجب التطبيق ع ى اتفاق التحكيم‬
‫بناء عليه مدى اختصاص محكمة التحكيم‪.‬‬‫لتقرير صحته ووجودﻩ‪ ،‬والذي يتحدد ً‬

‫ً‬
‫ّإن الوضع املتقدم لم يعد قائما ي ظل قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية الساري املفعول‪ ،‬ذلك ّأن‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري استبدل الخيار املتعلق بالقانون الجزائري املنصوص عليه ي نص املادة ‪ 458‬مكرر‪1‬من‬
‫ً‬
‫القانون املل ى‪ ،‬بخيار جديد يعطي الاختصاص مباشرة للمحكم ي اختيار القانون الذي يراﻩ مالئما لحكم‬
‫اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقدير صحة اتفاق التحكيم وفقا للقانون الذي يراﻩ املحكم مالئما‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري النظر ي مسألة القانون واجب التطبيق ع ى اتفاق التحكيم التجاري‬ ‫لقد أعاد‬
‫الدو ي‪ ،‬وذلك بموجب قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬والجديد الذي أتى به ي هذا الشأن هو استبدال‬
‫ٕالاحالة ع ى تطبيق القانون الجزائري ي العبارة ٔالاخ ﺮة من الفقرة الثالثة من املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 1‬من قانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬وتكريس سلطة املحكم ي تطبيق القانون الذي يراﻩ مالئما لتقدير صحة اتفاق‬
‫التحكيم من حيث املوضوع‪.‬‬

‫‪ -55‬تعويلت كريم‪ ،‬فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 263‬و‪.264‬‬
‫‪ّ -56‬إن نص هذﻩ املادة مأخوذ حرفيا من نص املادة ‪ 2/178‬من القانون الدو ي الخاص السويسري الجديد مع استبدال عبارة القانون‬
‫السويسري بعبارة القانون الجزائري‪ .‬انظر ي تحليل النص السويسري‪:‬‬
‫‪LALIVE Pierre, GAILLARD Emmanuel, op. cit., p.928.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -57‬تنص هذﻩ املادة ع ى أنه " تفصل محكمة التحكيم ي ال اع طبقا لقواعد القانون الذي اختارﻩ ٔالاطراف‪ ،‬و ي غياب‬
‫ذلك‪،‬تفصل محكمة التحكيم وفقا لقواعد القانون ؤالاعراف ال تراها مالئمة"‪ .‬هذﻩ املادة تقابلها املادة ‪ 1050‬من قانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ّ‬
‫مع ما هو مقرر ي اتفاقية نيويورك النافذة ي الجزائر‪ ،‬إال أنه‬ ‫بالرغم من ّأن الحل السابق يتما‬
‫يتناقض– ي رأي الكث ﺮين‪ –58‬مع أحكام املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 14‬السالفة الذكر‪ ،‬وال تجعل للمحكم سلطة‬
‫اللجوء مباشرة لتطبيق املبادئ العامة للقانون وأعراف التجارة الدولية‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري أخذ بالحل الذي اق ﺮحه الفقه‪ ،‬واملتمثل ي توحيد املعاملة ال‬ ‫لذلك‪ ،‬يبدو ّأن‬
‫يعامل ا كل من اتفاق التحكيم والعقد ٔالاص ي بتعويض " القانون الجزائري" بمبادئ القانون ؤالاعراف‬
‫التجارية الدولية‪ ،59‬بل وترك للمحكم سلطة تقديرية واسعة ي سبيل تحديد القانون الذي يراﻩ مالئما‬
‫لتقدير صحة اتفاق التحكيم‪.60‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫املشرع الجزائري قد ّ‬
‫ّ‬
‫كرس حال لي ﺮاليا بامتياز ي مجال تحديد القانون الذي يخضع له‬ ‫ذا يكون‬
‫تقدير صحة اتفاق التحكيم ي مجال التجارة الدولية‪ ،‬حيث ذهب إ ى أبعد مما ذهبت إليه اتفاقية نيويورك‬
‫لعام ‪ ،1958‬بل وأبعد من القانون السويسري الذي استلهمه ي سنة ‪ ،1993‬لكنه لم يصل إ ى ّ‬
‫حد تكريس‬
‫استقاللية اتفاق التحكيم التامة عن القوان ن الوطنية ع ى الطريقة الفرنسية‪.61‬‬
‫املشرع الجزائري يوسع من احتماالت ّ‬
‫صحة هذا الاتفاق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جسدﻩ‬ ‫بناء ع ى ما سبق‪ّ ،‬‬
‫فإن الحل الذي ّ‬ ‫ً‬
‫من خالل تقرير ثالثة حلول تطبق بالتناوب و دف إ ى تقرير فعالية اتفاق التحكيم ي أك ﺮ عدد ممكن من‬
‫ً‬
‫الحاالت‪ ،‬دون فصله تماما عن القانون الوط واجب التطبيق عليه‪.‬‬

‫‪ -58‬من بي م‪:‬‬
‫‪TERKI Nour-Eddine,« Les limites du décret législatif du 27 avril 1993 relatif à l’arbitrage commercial‬‬
‫‪international », séminaire sur L’arbitrage commercial international, Chambre algérienne de commerce et d’industrie,‬‬
‫‪Alger, le 31mars &1er avril 2001, p.4 ; Ali MEBROUKINE, op. cit., pp.122-124.‬‬
‫‪59‬‬
‫‪- TERKI Nour- Eddine, « Les limites du décret législatif du 27 avril 1993 relatif à l’arbitrage commercial‬‬
‫‪international », op. cit.,p.4.‬‬
‫‪ -60‬هذا الوضع الجديد أملته اعتبارات سياسية واقتصادية تتمثل ع ى وجه الخصوص ي تغ ﺮ الخريطة الجيوسياسية ودخول الجزائر‬
‫اقتصاد السوق وشدة املنافسة الدولية ب ن الدول املستقبلة لالستثمارات ٔالاجنبية‪ .‬انظر أستاذنا‪ :‬معاشو عمار‪،‬‬
‫الضماناتفيالعقودالاقتصاديةالدوليةفيالتجربةالجزائريةفيعقوداملفتاحوٕالانتاجفياليد‪،‬رسالةدكتوراﻩ‪،‬معهدالحقوقوالعلوماإلدارية‪،‬جام‬
‫عةالجزائر‪ ،.1998 ،‬ص‪.347‬‬
‫ّ‬
‫املشرع‬ ‫ّ‬
‫‪ -61‬ي رأي مخالف‪ ،‬ترى ٔالاستاذة أكرون ياقوت ي تعليقها ع ى املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 1‬من قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬أن‬
‫كرس مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم بالنسبة لكل قانون وط ‪ ،‬بما يحمله من صعوبات‪ .‬انظر‪:‬‬‫الجزائري قد ّ‬
‫‪AKROUN Yacoute,op. cit., p.286.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري سيأخذ بالحل املعمول به ي‬ ‫من جهته‪ ،‬توقع املرحوم "محند إسعد"‪ ،‬ي تعليقه ع ى نص القانون الجديد‪ّ ،‬أن‬
‫فرنسا بمناسبة التعديل املقبل لقانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪ISSAD Mohand, « La nouvelle loi algérienne relative à l’arbitrage international », Rev. arb., n°3/ 2008, p.‬‬
‫‪423.‬‬

‫‪23‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫املشرع‪ ،‬تجسيدا ل ﺮاجع الجزائر عن حرصها التقليدي ع ى تطبيق‬ ‫يعت ﺮ هذا الحل الذي اعتمدﻩ‬
‫ً‬
‫القانون الوط ضمانا لسياد ا السياسية والاقتصادية‪ ،‬ويسمح بتحقيق أهدافها ومصالحها‪ ،62‬ويدخل ذلك‬
‫ي إطار تشجيع اللجوء إ ى التحكيم التجاري الدو ي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط املوضوعية لصحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪:‬‬
‫يخضع اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ّ‬
‫كأي اتفاق آخر لتوافر ٔالاركان املوضوعية العامة ال‬
‫تش ﺮطها القواعد العامة ل ﺮتيب ٓالاثار القانونية املنتظرة من هذﻩ الاتفاقات‪ ،‬إذ يستلزم اتفاق التحكيم‬
‫اض صحيحومحل ممكن ومشروع وسبب مشروع‪ ،‬ويخضع تقدير توفر هذﻩ الشروط‬ ‫التجاري توافر تر ٍ‬
‫للقانون واجب التطبيق ع ى اتفاق التحكيم وفق ما تم بيانه آنفا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ال ﺮا‬


‫نقصد بال ﺮا تطابق إرادت ن أو أك ﺮ واتجاهها إ ى ترتيب آثار قانونية تبعا ملضمون ما اتفق عليه‪،‬‬
‫حرا‪ ،‬كوسيلة لحسم ال اعات ال ثارت أو قد تثور‬ ‫وذلك بتال ي إيجاب و قبول ع ى اختيار التحكيم اختيا ًرا ً‬
‫بشأن العالقة ٔالاصلية‪.63‬‬
‫ّ‬
‫املشرع ب ن‬ ‫صادرا عن أطراف لهم أهلية التصرف‪ . 64‬هذا ولم يم ّ‬ ‫يش ﺮط أن يكون ال ﺮا‬
‫الشخص الطبي ي والشخص املعنوي التابع للقانون الخاص‪ ،‬فاألشخاص الطبيعية تخضع ي تحديد أهلي ا‬
‫إ ى قاعدة التنازع املنصوص عل ا ي املادة ‪ 10‬من القانون املدني‪ ،‬غ ﺮ ّأن الفقرة الثانية من نفس املادة تضع‬
‫قيدا ع ى هذا الضابط ي حالة التصرفات املالية ال تعقد ي الجزائر وتنتج آثارها ف ا‪ ،‬إذا كان أحد‬‫ً‬
‫ٔالاطراف أجنبيا وناقص ٔالاهلية‪ ،‬وكان نقص أهليته يرجع إ ى سبب فيه خفاء ال يسهل ّ‬
‫تبينه‪ .‬فهذا السبب ال‬
‫يؤثر ي أهليته و ي صحة املعاملة‪ ،‬وينطبق هذا ع ى اتفاق التحكيم‪ ،‬ويتوقف ٔالاخذ ذا القيد ع ى حسن‬
‫نية الطرف الوط ‪.65‬‬

‫جل العقود ال أبرمت مع املؤسسات ٔالاجنبية شرط تطبيق القانون الوط ‪ ،‬انظر‪ :‬معاشو عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.340‬‬ ‫ّ‬
‫تتضمن ّ‬ ‫‪-62‬‬
‫‪ -63‬مختار أحمد بريري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪36‬‬
‫‪ -64‬راجع املواد ‪ 59‬وما يل ا من القانون املدني الجزائري‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine,L’arbitrage commercial international en Algérie, Op.cit., p. 50 et51.‬‬

‫‪24‬‬
‫أما فيما يتعلق باألشخاص املعنوية الخاصة‪ ،‬فﻬ تخضع أيضا لنفس املبدأ‪ ،‬فالشركات التجارية‬
‫مثال تخضع للقانون الجزائري إذا كانت تمارس نشاطها فـي الجزائر‪ ،‬حيث تكتسب الشخصية القانونية‪،‬‬
‫وبالتا ي أهلية اللجوء إ ى التحكيم‪ ،‬بعد قيدها ي السجل التجاري‪.66‬‬

‫ثانيا‪ :‬املحل‬
‫ي اتفاق التحكيم و محل اتفاق التحكيم‪ ،‬حيث يعت ﺮ ّأن ٔالاول‬ ‫يم ّ البعض‪67‬ب ن محل ال ﺮا‬
‫يتمثل ي اتجاﻩ إرادة أطراف الاتفاق إ ى عرض ال اع ع ى التحكيم‪ ،‬بينما محل اتفاق التحكيم يتمثل ي عدة‬
‫أمور يمكن أن يغيب بعضها و م ا ‪ :‬تعي ن املحكم ن؛ تحديد سلطا م؛ تحديد ال اع الذي يعرض‬
‫عل م‪...‬الخ‪ ،‬وهذﻩ ٔالامور تتعلق أك ﺮ بوضع اتفاق التحكيم موضع التنفيذ وليس بصحته وفعاليته‪ ،‬وبالتا ي‬
‫ي اتفاق التحكيم‪ ،‬والذي يث ﺮ مسألت ن‪:‬‬ ‫فإننا نع بالدراسة ي هذا املقام محل ال ﺮا‬

‫أ‪ -‬القابلية الشخصية للتحكيم"‪" L’arbitrabilité subjective‬‬

‫تثار مسألة القابلية الشخصية""‪ ،‬عندما يكون أحد أطراف اتفاق التحكيم دولة أو مؤسسة تابعة‬
‫لها‪ ،‬فهل لها القدرة أو الصالحية ع ى إبرام مثل هذا الاتفاق أو إبرام العقود ال تتضمن شروط التحكيم؟‬
‫ً‬
‫موحدا تجاﻩ هذﻩ املسألة‪ ،‬بل اختلفت فيما بي ا‪ ،‬فم ا من‬ ‫ً‬
‫موقفا‬ ‫لم تتخذ القوان ن الوطنية‬
‫اع ﺮف للدول ؤالاشخاص العامة بأهلية اللجوء إ ى التحكيم‪ ،‬وم ا من يحظر عل ا ذلك‪.68‬‬

‫ّإن أك ﺮ مثال ع ى الحظر املفروض ع ى الدولة ؤالاشخاص املعنوية العامة من اللجوء إ ى التحكيم‬
‫هو القانون الفرنﺴ ‪ ،‬ويجد أساسه ي املادت ن‪83‬و‪ 1004‬من قانون ٕالاجراءات املدنية القديم‪ ،69‬إذ نصت‬
‫املادة ‪ 1004‬ع ى عدم جواز الاتفاق ع ى التحكيم ي املنازعات ال يش ﺮط ف ا القانون تبليغها إ ى النيابة‬
‫عددت املادة ‪83‬من نفس القانون هذﻩ املنازعات و ذكر من‬ ‫العامة وحضورها ي الدعوى‪ ،‬وقد ّ‬

‫بي ا‪":‬املنازعات ال يكون أحد أطرافها الدولة أو الدوم ن أو البلديات أو املؤسسات العامة‪."...‬‬

‫‪ -66‬راجع نص املادة ‪ 10‬من القانون املدني واملادت ن ‪ 2/547‬و‪ 1/549‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫‪‐ GOLDMAN Berthold, " Arbitrage commercial international : convention d’arbitrage (formation, objet et‬‬
‫‪arbitrabilité)",J.C.D. inter, fasc. 586-3,p. 2et3.‬‬
‫‪ -68‬انظر ي ذلك‪ :‬سراج حس ن محمد أبو زيد‪ ،‬التحكيم ي عقود الب ﺮول‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص‪ 304‬وما يل ا‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫‪- FOUCHARD Philippe, GAILLARD Emmanuel, GOLDMAN Berthold, Op.cit., p.330.‬‬

‫‪25‬‬
‫لكن بعد ذلك‪ ،‬وتحت ضغط املصلحة الاقتصادية‪ ،‬أدخلت تعديالت ع ى هذﻩ املواد وأجازت لهذﻩ‬
‫ٔالاشخاص‪ ،‬بما ف ا الدولة‪ ،‬باللجوء إ ى التحكيم ولكن بشكل استثنائي‪ ،‬وبموجب قوان ن خاصة‪،‬ثم جاء‬
‫التعديل الصادر ي ‪ 9‬جويلية ‪ 1975‬الذي ربط اللجوء إ ى التحكيم ب ﺮخيص يصدر ي ش ـ ــكل مرسوم‪ ،‬وبعد‬
‫التعديل الذي جاء سنة ‪ ،1981‬الذي استبعد تطبيق املواد السابقة ي مجال التحكيم التجاري الدو ي‪،‬‬
‫أصبح الحظر يقتصر فقط ع ى املجال الداخ ي‪ ،70‬وبذلك تجسدت املبادئ ال وصلت إل ا محكمة النقض‬
‫الفرنسية‪ ،‬خاصة ي حكم"‪ ،71"Sancarlo‬و أصبحت منذ ذلك الوقت قاعدة مادية ي التحكيم التجاري‬
‫الدو ي الفرنﺴ ‪.72‬‬

‫ي مصر‪ ،‬يعت ﺮ قانو ا من ب ن القوان ن ال اع ﺮفت بأهلية الدولة و ٔالاشخاص العامة باللجوء إ ى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع املصري ي القانون الجديد ع ى أنه‪" :‬مع عدم ٕالاخالل بأحكام الاتفاقيات الدولية‬ ‫التحكيم‪ ،‬فنص‬
‫]‪ [...‬تسري أحكام هذا القانون ع ى كل تحكيم ب ن أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون‬
‫الخاص أيا كانت طبيعة العالقة ال يدور حولها ال اع]‪.73"[...‬‬
‫ّ‬
‫بأنه‪ ":‬ي‬ ‫وجاء تعديل ‪ 22‬أفريل‪ 1997‬إلضافة فقرة إ ى املادة ٔالاو ى املذكور نصها أعالﻩ‪ ،‬تق‬
‫ّ‬
‫املشرع املصري‬ ‫جميع ٔالاحوال يجوز الاتفاق ع ى التحكيم ي منازعات العقود ٕالادارية]‪ ،"[...‬بذلك يكون‬
‫قد وضع ً‬
‫حدا للخالف الذي ثار بشأن هذا النوع من العقود‪ ،‬و هو ما يجعل اللجوء إ ى التحكيم ي مصر أمر‬
‫جائز بالنسبة ألشخاص القانون العام ومهما كانت طبيعة ال اع‪.74‬‬

‫ي الجزائر‪ ،‬يرجع الحظر املفروض ع ى ٔالاشخاص املعنوية العامة ي اللجوء إ ى التحكيم إ ى نص‬
‫ّ‬
‫املادة ‪ 3/442‬من قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬وال تنص ع ى أنه"ال يجوز للدولة ؤالاشخاص العامة‬
‫اللجوء إ ى التحكيم"‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪‐ Ibid.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -71‬حيث قضت بأنه‪» :‬إذا كان الحظر املفروض ع ى الدولة ؤالاشخاص العامة بعدم اللجوء إ ى التحكيم بموجب املادت ن ‪ 83‬و‪1004‬‬
‫من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ يعت ﺮ من النظام العام الداخ ي‪ ،‬فإنه ال يعت ﺮ من النظام العام الدو ي وال يقف عقبة ي أن‬
‫تخضع املؤسسة العامة‪ ،‬كأي متعاقد آخر‪ ،‬للعقد الذي ت ﺮمه إ ى قانون أجن يقرر صحة شرط التحكيم‪ .‬وذلك مادام أن العقد من‬
‫عقود القانون الخاص ذو الطابع الدو ي‪.« ...‬‬
‫‪ -‬صدر هذا القرار عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ ،1964/04 /14‬مشار إليه ي‪:‬‬
‫‪ROBERT Jean, L’Arbitrage : droit interne, droit international privé, 5ème édition, Dalloz, Paris 1983,p. 251.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪- GOLDMAN Berthold, op.cit., fasc. 586-3,p. 5.‬‬
‫‪ -73‬أنظر املادة ٔالاو ى من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬ي شأن التحكيم ي املواد املدنية والتجارية‪،‬السابق ٕالاشارة إليه‪.‬‬
‫‪ -74‬سراج حس ن محمد أبو زيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 307‬و‪308‬‬

‫‪26‬‬
‫وقد شمل هذا الحظر ح املؤسسات العمومية الاقتصادية‪ ،‬رغم اختالف الفقه ي تفس ﺮ هذﻩ‬
‫املادة‪،75‬وقد ازدادت حدة هذا الخالف بعد صدور املرسوم رقم ‪ 145-82‬املؤرخ ي ‪ 10‬أبريل ‪،1982‬‬
‫واملتضمن تنظيم صفقات املتعامل العمومي‪.76‬‬

‫لكن‪،‬وبالرغم من هذا املوقف التشري ي الواضح والرافض للتحكيم‪ ،‬فقد أبرمت الجزائر عدة عقود‬
‫ي مجال الب ﺮول مع الشركات ٔالاجنبية الخاصة وال تضمنت شروطا للتحكيم‪ ،‬ونذكر ع ى سبيل املثال‬
‫العقد الذي أبرمته ي ‪ 1968/10/19‬مع شركة "‪ٔ "GETTY‬الامريكية والذي استمر ح بعد تأميم املحروقات‬
‫سنة ‪771971‬؛ واملثال الثاني هو نظام التحكيم الجزائري‪-‬الفرنﺴ ‪ ،‬املوقع ي ‪ ،1983/03/27‬الذي يعت ﺮ‬
‫ً‬
‫تجسيدا لالتفاق ٕالاطار امل ﺮم ب ن الحكومت ن ي ‪ 1982/06/21‬واملتعلق بالتعاون الاقتصادي ب ن البلدين‪.78‬‬
‫املشرع الجزائري ّ‬
‫وعدل صياغة املادة ‪ 442‬من قانون ٕالاجراءات‬ ‫ّ‬ ‫وبغرض إزالة هذا التناقض‪ ،‬تدخل‬
‫املدنية‪ ،‬وذلك بموجب املادة ٔالاو ى من املرسوم التشري ي رقم ‪ 09 -93‬ع ى الشكل التا ي‪...":‬وال يجوز‬
‫لألشخاص املعنوي ن التابع ن للقانون العام أن يطلبوا التحكيم ما عدا ي عالقا م التجارية الدولية"‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ع ى نفس الاتجاﻩ ي املادة ‪ 1006‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‬ ‫لقد أبقى‬
‫مع تسجيل اختالف طفيف ي الصياغة‪ ،‬حيث استبدل عبارة " عالقا م التجارية الدولية" بعبارة "عالقا م‬
‫ّ‬
‫الاقتصادية الدولية‪ ،‬كما أنه‪ ،‬و ي نقلة نوعية‪ ،‬أضاف إل ا إمكانية لجوء ٔالاشخاص املعنوية العامة إمكانية‬
‫اللجوء إ ى التحكيم ي إطار الصفقات العمومية‪ ،‬وقد جاءت الصياغة الجديدة كما ي ي‪" :‬وال يجوز‬
‫لألشخاص املعنوية العامة أن تطلب التحكيم‪ ،‬ما عدا ي عالقا ا الاقتصادية الدولية أو ي إطار‬
‫الصفقات العمومية"‪.‬‬

‫للتحكيم "‪"L’arbitrabilté objective‬‬ ‫ب‪ -‬القابلية املوضوعية‬


‫يش ﺮط القانون لصحة اتفاق التحكيم‪ ،‬أن يكون محله مشروعا‪ ،‬وأهم ما يلزم لتوافر مشروعيته‬
‫هو أن يكون ال اع من ال اعات ال يجوز تسوي ا عن طريق التحكيم‪ ،‬وتنصب القابلية املوضوعية للتحكيم‬

‫‪ -75‬ألك ﺮ تفاصيل حول املوضوع‪ ،‬ير ى الاطالع ع ى‪:‬‬


‫‪ZAALANI (A.M), "L’intervention des personnes publiques et para-publiques dans l’arbitrage international‬‬
‫‪commercial (Point de vue du droit algérien)",RASJEP, n° 3, 1997, p. 901et s.‬‬
‫‪ -76‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،15‬الصادر بتاريخ ‪.1982/04/13‬‬
‫‪ -77‬لقد تم تعديل بعض أحكام بروتوكول ‪ ،1968‬وذلك ي ‪ 1972/05/27‬دف مطابقته مع ٕالاطار القانوني الجديد‪ ،‬خاصة بعد‬
‫التأميم‪ ،‬غ ﺮ ّأن البند الخاص بالتحكيم لم ّ‬
‫يعدل وبقي ساري املفعول وفقا للمادة ‪ 2‬من نص التعديل‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪BOUZANA (B), Le contentieux des hydrocarbures entre l’Algérie et les sociétés étrangères, O.P.U-‬‬
‫‪Publisud, 1985, p.437.‬‬
‫‪78‬‬
‫‪‐ TERKI Nour- Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op.cit.,p.10.‬‬

‫‪27‬‬
‫ّ‬
‫املشرع للتحكيم كوسيلة لفض ال اعات‪ ،79‬فكل دولة لها‬ ‫ع ى تلك الحدود املتعلقة بالنظام العام ال رسمها‬
‫ّ‬ ‫الحرية‪ -‬وفقا لسياس ا الاقتصادية والاجتماعية‪ -‬أن ّ‬
‫تحدد املسائل ال يمكن حلها عن طريق التحكيم‪.80‬‬

‫ّ‬
‫املشرع والقضاء الوطني ن أن يوازنا ب ن املسائل ذات‬ ‫ولرسم هذﻩ الحدود‪ ،‬ينب ي ع ى ّ‬
‫كل من‬
‫دف إل ا‬ ‫املصلحة العامة‪ ،‬مثل حقوق ٕالانسان‪ ،‬مسائل قانون العقوبات‪...‬من جهة‪ ،‬واملصلحة العامة ال‬
‫تشجيع التحكيم‪ ،‬خاصة ي املسائل التجارية‪ ،‬واملتمثل ي تخفيض الضغط ع ى املحاكم الوطنية وتنمية‬
‫وتوسيع مجال التجارة الدولية‪...‬من جهة أخرى‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري بعض املسائل من مجال التحكيم‪ ،‬ويتعلق ٔالامر باملسائل املتعلقة‬ ‫ً‬
‫تجسيدا لذلك‪ ،‬أخرج‬
‫آخذا ي ذلك بالحل الكالسيكي املعتمد ي ّ‬ ‫ً‬
‫جل التشريعات‬ ‫بالنظام العام وحالة ٔالاشخاص وأهلي م‪،81‬‬
‫الداخلية للدول‪ ،‬رغم اختالفها ي بعض املسائل‪ ،‬خاصة تلك املتعلقة بتحديد النظام العام املقصود‪.82‬‬

‫ّإن هذﻩ الفكرة الغامضة تتسع وتضيق وفقا للتفس ﺮ الذي يمكن إعطاؤﻩ لها من طرف القضاء‪ ،‬مع‬
‫ٔالاخذ بع ن الاعتبار مجموع املبادئ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للدولة‪ ،‬ومع غياب ٔالاحكام‬
‫القضائية الجزائرية ي هذا املجال‪ ،‬نرى مع الفقه الجزائري الغالب ضرورة إعطاء مفهوم ومضمون ّ‬
‫ضيق ن‬
‫لفكرة النظام العام‪ ،‬بشكل يسمح للتحكيم التجاري الدو ي بتحقيق فعاليته وهدفه‪ ،‬خاصة بعد دخول‬
‫الجزائر اقتصاد السوق وفتح املجال للشركات ٔالاجنبية لالستثمار ف ا‪.83‬‬

‫‪79‬‬
‫‪‐ REDFERN Alain, HUNTER Martin, Droit et pratique de l’arbitrage commercial international,‬‬
‫‪traduction ROBINE Eric, 2eme édition L.G.D.J, Paris, 1991, p.113.‬‬
‫مكرسة ي الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم‪ ،‬حيث تنص الفقرة ٔالاو ى من املادة الثانية من اتفاقية نيويورك لعام‬ ‫‪ -80‬هذﻩ الحرية ّ‬
‫‪ 1958‬ع ى ما ي ي‪" :‬تع ﺮف كل دولة متعاقدة باالتفاق املكتوب الذي يل م بمقتضاﻩ ٔالاطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض‬
‫املنازعات ال نشأت أو يمكن أن تنشأ بي م بشأن عالقة قانونية معينة‪ ،‬سواء كانت تعاقدية أو غ ﺮ تعاقدية‪ ،‬م تعلقت بمسألة‬
‫ّ‬
‫يجوز تسوي ا بطريق التحكيم"‪ .‬من جه ا‪ ،‬تنص املادة ‪ 4/25‬من اتفاقية واشنطن ‪ 1965‬ع ى أنه "يجوز لكل دولة متعاقدة عند‬
‫التوقيع أو املوافقة أو التصديق ع ى الاتفاقية أو ي تاريخ الحق‪ ،‬أن تخطر املركز بال اع أو ال اعات ال ترى بإمكانية خضوعها أو‬
‫عدم خضوعها الختصاص املركز"‪.‬‬
‫‪ -81‬راجع نص املادة ‪ 1006‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬
‫املشرع الجزائري لم يضع قواعد خاصة ي مجال القابلية للتحكيم ي الفصل الخاص بالتحكيم التجاري‬ ‫ّ‬ ‫‪ -82‬ينب ي ٕالاشارة هنا إ ى ّأن‬
‫الدو ي‪ ،‬بل اكتفى بتنظيم ذلك بموجب املادة ‪ 1006‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ال جاءت ضمن القواعد العامة للتحكيم‪،‬‬
‫فإن تفس ﺮ فكرة النظام العام ينب ي أن تأخذ بع ن الاعتبار الطابع الدو ي للتحكيم وما نصت عليه املادت ن ‪ 1051‬من نفس‬ ‫لذلك ّ‬
‫املحددة لحاالت بطالن هذا الحكم اللتان‬‫ّ‬ ‫القانون واملتعلقة بشروط الاع ﺮاف وتنفيذ حكم التحكيم التجاري الدو ي واملادة ‪1056‬‬
‫استعملتا عبارة النظام العام الدو ي‪ .‬راجع ي نفس املع ‪:‬‬
‫‪TRARI- TANI Mostefa, op. cit., p.75.‬‬
‫‪ -83‬لتفاصيل أك ﺮ حول فكرة النظام العام ي التحكيم التجاري الدو ي وموقف القانون الجزائري والقانون املقارن‪ ،‬راجع‪ :‬تعويلت‬
‫كريم‪ ،‬فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.299-272‬‬

‫‪28‬‬
‫ثالثا‪ :‬السبب‬
‫تتمثل النتيجة الهامة ال ينتظرها ٔالاطراف عند إبرامهم اتفاق التحكيم‪ ،‬ي عرض نزاعهما أمام‬
‫محكمة تحكيم‪ ،‬واستبعاد طرح ال اع ع ى القضاء الوط املختص أصال بحل ال اع‪ ،‬وبالتا ي فسبب اتفاق‬
‫التحكيم يتمثل ي إرادة أطرافه استبعاد والية القضاء الوط وعقد اختصاص محكمة التحكيم‪ ،‬وهو بذلك‬
‫سبب مشروع‪.‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫الشروط الشكلية لصحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‬

‫لقد كان وال يزال الشكل الذي يستلزمه اتفاق التحكيم‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬وشكل اتفاق التحكيم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫التجاري الدو ي بصفة خاصة‪ ،‬محل اختالف مواقف ٔالانظمة القانونية‪ ،‬حيث تبنت هذﻩ ٔالاخ ﺮة حلوال‬
‫متباينة‪ ،‬وقد انعكس هذا التباين ي املواقف ح ع ى الاتفاقيات الدولية ال لم تحسم هذﻩ املسألة وتركت‬
‫ً‬
‫فراغا نتجت عنه تأويالت متعددة ي الفقه‪.‬‬

‫فإذا كانت بعض ٔالانظمة القانونية ال ترى سببا ي إخضاع اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ألي‬
‫شرط شك ي‪ ،‬ويكفي إلبرامه تطابق إ ادة ٔالاطراف ويمكن إثباته بش وسائل ٕالاثبات‪ّ ،‬‬
‫فإن هناك من ٔالانظمة‬ ‫ر‬
‫القانونية ٔالاخرى من اش ﺮطت كتابة هذا الاتفاق بسبب ٓالاثار القانونية الخط ﺮة ال تنتج عنه‪ ،‬هذا ما‬
‫ّ‬
‫املشرع‬ ‫يجعلنا نتطرق بالدراسة لشكل اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ي القانون املقارن قبل تحديد موقف‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬شكل اتفاق التحكيم ي بعض ٔالانظمة القانونية املقارنة‬


‫ّ‬
‫إال ّأن ٕالاشكال يطرح حول‬ ‫تعت ﺮ لي ﺮالية التحكيم التجاري الدو ي ظاهرة حقيقية ي ٓالاونة ٔالاخ ﺮة‪،‬‬
‫مسألة معرفة حدود هذﻩ اللي ﺮالية عندما يتعلق ٔالامر بشكل التعب ﺮ عن إرادة الال ام باتفاق التحكيم‪،‬‬
‫وكيفية التوفيق ب ن اللي ﺮالية الالزمة لتحقيق فعالية اتفاق التحكيم بوجه خاص ونظام التحكيم بوجه عام‪،‬‬
‫والشكلية ال يفرضها ٔالامن القانوني‪ ،‬بالنظر إ ى ٓالاثار املهمة والخط ﺮة ال تتمخض عن إبرام هذا الاتفاق‪،‬‬
‫ً‬
‫خاصة ما يتعلق م ا باستبعاد اختصاص القضاء الوط املختص أصال‪ ،‬وعقد اختصاص أشخاص عادي ن‬
‫يختارهم ٔالاطراف بكل حرية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫أوال‪ :‬عدم خضوع اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ّ‬
‫ألي شرط شك ي ي بعض ٔالانظمة‬
‫اتجه القانون الفرنﺴ ي تعديله ٔالاخ ﺮ لألحكام املنظمة للتحكيم الدو ي ي قانون ٕالاجراءات املدنية‬
‫ً‬ ‫إ ى أبعد ّ‬
‫مما تقرﻩ قوان ن الدول ذات التقاليد ٔالانجلوسكسونية‪،‬وال ال ترى م ﺮرا إلخضاع اتفاق التحكيم‬
‫لشكل مع ن يم ﻩ عن سائر التصرفات القانونية ٔالاخرى الخاضعة ملبدأ الرضائية‪ ،‬حيث تكون الكتابة ف ا‬
‫مجرد وسيلة إثبات اتجاﻩ إرادة ٔالاطراف إ ى اللجوء إ ى التحكيم‪ ،‬ويعكس موقف هذﻩ الدول نظر ا إ ى‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫نظاما للتقا يوازي قضاء الدولة و ليس ّ‬
‫مجرد استثناء له‪.84‬‬ ‫التحكيم باعتبارﻩ‬

‫لقد نصت صراحة املادة ‪ 1507‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ ‪ ،‬ي صيغته الناتجة عن تعديل‬
‫‪ 13‬جانفي ‪ ،2011‬ع ى ّأن اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ال يخضع ألي شرط شك ي‪،85‬ليق ّ ن بذلك ما ّ‬
‫قررته‬
‫محكمة النقض الفرنسية منذ مدة‪.86‬‬

‫كان القانون الفرنﺴ ذو التقاليد الالتينية يش ﺮط الكتابة ي اتفاق التحكيم‪ ،‬من خالل نص املادة‬
‫املعدلة ي سن ‪ 1980‬و‪ ،1981‬وال تنص ع ى " بطالن شرط‬ ‫‪ 1443‬من قانون ٕالاجراءات املدنية ي صيغته ّ‬

‫التحكيم إذا لم يكن مكتوبا‪ّ ،‬إما ي ورقة العقد ٔالاص ي‪ ،‬وإما ي ورقة أخرى يش ﺮ إل ا هذا العقد"‪ ،‬وفقا لهذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫النص اعت ﺮ ّ‬
‫املشرع الفرنﺴ شرط التحكيم اتفاقا شكليا تلزم الكتابة لوجودﻩ‪.‬‬

‫أما بالنسبة ملشارطة التحكيم‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 1449‬من نفس القانون ع ى ّأن "إثبات مشارطة‬
‫التحكيم يكون بالكتابة‪ ،‬كما يمكن أن يتم ي محضر موقع من ٔالاطراف املحتكم ن واملحكم ن"‪.‬‬

‫تعت ﺮ املادة ‪ 1449‬السالفة الذكر ّأن الكتابة وسيلة إلثبات مشارطة التحكيم وليس شرطا لصح ا‪،‬‬
‫غ ﺮ ّأن هذا الحكم منصوص عليه ي القانون الداخ ي وال يسري ع ى التحكيم الدو ي إال ي حالة اتفاق‬

‫‪ -84‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬التحكيمفيالعالقاتالخاصةالدوليةوالداخلية‪،‬منشوراتالحلبيالحقوقية‪،‬ب ﺮوت‪-‬‬


‫‪ ،1998‬ص‪373‬‬
‫‪ -85‬إذ تنص هذﻩ املادة ع ى أن‪ّ:‬‬
‫‪« La convention d’arbitrage n’est soumise à aucune condition de forme ».‬‬
‫‪ -86‬يبقى ّأن النص صراحة ع ى عدم خضوع اتفاق التحكيم ألي شرط شك ي أمر أدهش البعض ع ى أساس ّأن املادة ‪ 1507‬وضعت‬
‫ّ‬
‫قاعدة لتب ّ ن أنه ال توجد قاعدة وهذا مرفوض من الناحية التشريعية‪:‬‬
‫» ‪« [C]ette disposition est étonnante, car voici une règle qui vient indiquer…qu’il n’y a pas de règle‬‬
‫هذا وقد أعت ﺮ ّأن ٔالاهمية العملية لهذﻩ املادة ليس السماح باتفاق التحكيم الشفﻬ بل تجنيب اتفاق التحكيم املكتوب الدفوع‬
‫املتعلقة بشكله أو للسماح بقبول بأك ﺮ سهولة اتفاقات التحكيم باإلحالة‪ .‬راجع ي ذلك‪:‬‬
‫‪JARROSSON Charles, PELLERIN Jacques, « Le droit français de l’arbitrage après le décret du 13 janvier‬‬
‫‪2011 », Rev. arb., n°1/2011., p.64‬‬

‫‪30‬‬
‫ٔالاطراف ع ى خضوع اتفاق التحكيم امل ﺮم بي م للقانون الفرنﺴ ‪ ،87‬أي ّأن ٔالاطراف يمكن لهم الاتفاق ع ى‬
‫عدم الال ام بالكتابة كشرط لوجود اتفاق التحكيم‪.88‬‬

‫ي فرنسا‪،‬‬ ‫ع ى كل حال‪ّ ،‬‬


‫فإن كتابة اتفاق التحكيم الزمة إلثباته عند تنفيذ حكم التحكيم ٔالاجن‬
‫إذ ّأن املادة ‪ 1499‬تتطلب تقديم اتفاق التحكيم إلثبات وجودﻩ‪.‬‬
‫ي نفس اتجاﻩ القانون الفرنﺴ ‪ّ ،‬‬
‫عدل القانون البلجيكي من موقفه بخصوص شرط كتابة اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬وأخذ بالخيار الثاني الذي أوردﻩ القانون النموذ ي للجنة ٔالامم املتحدة للقانون التجاري الدو ي‬
‫بالنسبة للمادة السابعة منه ي صيغته املعدلة ي سنة ‪ ،89 2006‬حيث لم َي ُعد نص املادة ‪ 1681‬من قانون‬
‫ٕالاجراءات البلجيكي يتطلب الكتابة ي اتفاق التحكيم كشرط إلثباته‪ ،‬وذلك بعد التعديل الذي أدخله عليه‬
‫ّ‬
‫املشرع البلجيكي ي ‪ 28‬جوان ‪ ،2013‬وهو ما يع إمكانية إثباته بكل الوسائل القانونية وإمكانية إبرام هذا‬
‫ً‬
‫الاتفاق شفاهة‪.90‬‬

‫ثانيا‪ :‬اش ﺮاط كتابة اتفاق التحكيم ي ٔالانظمة القانونية ٔالاخرى‬


‫أخرجت الكث ﺮ من ٔالانظمة القانونية اتفاق التحكيم من دائرة التصرفات الرضائية‪ ،‬وذلك دف‬
‫ً‬
‫التحقق من اتجاﻩ إرادة ٔالاطراف فعال إ ى التحكيم‪ ،‬وهذا يرجع بتقدير جانب من الفقه‪ 91‬إ ى ٓالاثار الخط ﺮة‬
‫والهامة ي نفس الوقت‪ ،‬ال تنتج عن هذا الاتفاق ع ى قوان ن الدول ي حالة الاع ﺮاف بصحته‪ ،‬خاصة م ا‬
‫سلب الاختصاص من املحاكم الوطنية املختصة أصال بفض ال اع‪ ،92‬لذلك ربطت هذﻩ ٔالانظمة القانونية‬
‫ً‬
‫إضافة إ ى توافر إرادة ٔالاطراف‪ -‬بوجود الكتابة‪ ،‬و ّ‬
‫قررت بطالن الاتفاق غ ﺮ املكتوب‪،‬‬ ‫وجود اتفاق التحكيم‪-‬‬
‫ً‬
‫وفقا لهذا الاتجاﻩ ليست ّ‬
‫مجرد وسيلة إثبات لوجود اتفاق التحكيم‪.‬‬ ‫فالكتابة‬

‫‪ -87‬انظر ي نفس املع ‪:‬‬


‫‪GAILLARD Emmanuel, « Le nouveau droit Français de l’arbitrage interne et international », Recueil Dalloz,‬‬
‫‪n°03 du 20 janvier 2011, p.184.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -88‬حيث ّأن املادة ‪ 1495‬قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ الجديد تجعل القواعد املتعلقة بالشكل ي القانون الفرنﺴ اختيارية عند‬
‫اتفاق أطراف التحكيم ع ى تطبيق هذا القانون‪ .‬انظر ي ذلك‪:‬‬
‫‪GOLDMAN Berthold, « Arbitrage commercial international : convention d’arbitrage, forme et‬‬
‫‪preuve », J.C.D International, fasc586-4 Paris1989, p.6 ; FOUCHARD Philippe, GAILLARD‬‬
‫‪Emmanuel, GOLDMAN Berthold, op. cit.,p.385.‬‬
‫‪ -89‬ينص الخيار الثاني للمادة السابعة ع ى ّأن‪":‬اتفاق التحكيم" هو اتفاق ب ن الطرف ن ع ى أن يحيال إ ى التحكيم جميع أو بعض ما‬
‫نشأ أو ما قد ينشأ بي ما من نزاعات بشأن عالقة قانونية ّ‬
‫محددة‪ ،‬سواء أكانت تعاقدية أم غ ﺮ تعاقدية"‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫‪- CAPRASSE Olivier, « Le nouveau droit belge de l’arbitrage », Rev. arb., n° 4/2013, p.959.‬‬
‫‪ -91‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.372‬‬
‫‪92‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p.52.‬‬

‫‪31‬‬
‫ي هذا الاتجاﻩ‪ ،‬نص قانون التحكيم املصري الجديد لسنة ‪ 1994‬مثال ع ى ّأنه "يجب أن يكون‬
‫اتفاق التحكيم مكتوبا وإال كان باطال‪ ،93"...‬ويع هذا النص ّأن الكتابة شرط لصحة اتفاق التحكيم وليس‬
‫ّ‬
‫املشرع املغربي‪.94‬‬ ‫مجرد وسيلة إلثباته‪،‬وهو نفس الاتجاﻩ الذي أخذ به ً‬
‫أيضا‬ ‫ّ‬

‫ّ‬
‫انعكس الاختالف السابق ي القوان ن الداخلية بشكل واضح ع ى الاتفاقيات الدولية‪ ،‬فقد تبنت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املتشدد من جهة‪،‬‬ ‫اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1958‬موقفا وسطا سعت من خالله التوفيق ب ن املوقف الالتي‬
‫ع ى التضارب‬ ‫والل ﺮالية الكاملة للدول ٔالانجلوسكسونية من جهة أخرى‪ ،‬واستطاعت بذلك أن تق‬
‫السابق وعدم الاستقرار ي نتائج التحكيم ي العالقات الدولية‪ ،95‬حيث وضعت هذﻩ الاتفاقية ضوابط عامة‬
‫ّ‬
‫التحقق من وجود اتفاق التحكيم‪ ،‬وأعادت بذلك تقييم موقف‬ ‫التطبيق ي مختلف الدول ٔالاعضاء وتكفل‬
‫ّ‬
‫بروتوكول واتفاقية جنيف ع ى التوا ي لعامي ‪1923‬و‪ ،1927‬اللذان تركا الحرية لكل دولة لتحديد الضمانات‬
‫ال تراها ضرورية للتأكد من وجود اتفاق التحكيم‪.96‬‬
‫يظهر املوقف التوفيقي التفاقية نيويورك ً‬
‫جليا من خالل ما جاء به نص املادة الثانية وال صيغت‬
‫كما ي ي‪:‬‬
‫"‪-1‬تع ﺮف كل دولة متعاقدة باالتفاق املكتوب الذي يتعهد ٔالاطراف بمقتضاﻩ أن يخضعوا للتحكيم كافة‬
‫أو أية خالفات نشأت أو يمكن أن تنشأ بي م]‪[...‬‬
‫‪ -2‬وتعب ﺮ"اتفاق مكتوب" يشمل شرط التحكيم الوارد ي عقد أو اتفاق التحكيم‪ ،‬موقع عليه من‬
‫ٔالاطراف أو متضمن ي تبادل للخطابات أو ال ﺮقيات"‪.‬‬
‫ً‬
‫بالرغم من ّأن النص السابق يبدو واضحا‪ ،‬إال ّأن الفقه اختلف ي تفس ﺮﻩ و ي مدى اعتبار الكتابة‬
‫مجرد وسيلة إلثباته‪ ،‬حيث ذهب رأي أول إ ى القول ّأن شرط الكتابة‬ ‫شرط وجود اتفاق التحكيم أو ّ‬

‫‪ -93‬املادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬ي شأن التحكيم ي املواد املدنية والتجارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -94‬ينص الفصل ‪ 313‬من قانون املسطرة املدنية املغربي بعد تعديل ‪ 2008‬ع ى أنه‪:‬‬
‫" يجب أن ي ﺮم اتفاق التحكيم كتابة إما بعقد رسمي أو عر ي أو بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية املختارة‪ ،‬يعت ﺮ اتفاق‬
‫التحكيم م ﺮما كتابة إذا ورد ي وثيقة موقعة من ٔالاطراف أو ي رسائل متبادلة أو برقيات أو أي وسيلة أخرى من وسائل الاتصال‬
‫تعد بمثابة اتفاق تثبت وجودﻩ‪ ،‬أو ح بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع ال يد ي ف ا أحد الطرف ن بوجود اتفاق تحكيم‬ ‫ّ‬ ‫وال‬
‫دون أن ينازعه الطرف ٓالاخر ي ذلك‪.‬‬
‫ويعد ي حكم اتفاق التحكيم امل ﺮم كتابة كذلك كل إحالة ي عقد مكتوب إ ى أحكام عقد نموذ ي أو اتفاقية دولية أو إ ى أي‬ ‫ّ‬
‫وثيقة أخرى تتضمن شرطا تحكيميا إذا كانت ٕالاحالة واضحة ي اعتبار هذا الشرط جزء من العقد"‪.‬‬
‫‪-95‬سامية راشد‪ ،‬التحكيم ي العالقات الدولية الخاصة‪ ،‬الكتاب ٔالاول‪ ،‬اتفاق التحكيم‪ ،‬منشأة املعارف‪ٕ ،‬الاسكندرية‪ .1984 ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪ -96‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.377‬‬

‫‪32‬‬
‫املنصوص عليه ي املادة الثانية من هذﻩ الاتفاقية‪ ،‬يعت ﺮ شرط ًا لصحة اتفاق التحكيم ووجودهوليس ّ‬
‫مجرد‬
‫ّ‬ ‫وسيلة إلثباته‪ ،‬وبالتا ي ف ّ‬
‫إن غيابه يرتب البطالن‪.97‬‬
‫يضيف البعض ب ّ‬
‫أن شرط الكتابة الوا د ي اتفاقية نيويورك ّ‬
‫يعد قاعدة دولية تسمو ع ى القواعد‬ ‫ر‬
‫الواردة ي التشريعات الداخلية‪ ،‬عند التعرض ملسألة الكتابة الواجب توافرها التفاق التحكيم باعتبار أن‬
‫فإن الطبيعة الدولية لتلك القاعدة ال أتت ا اتفاقية‬ ‫هذا الشرط شرط صحة‪ ،‬وحسب هذا املوقف‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫نيويورك ترتب عدة نتائج‪ ،‬من أهمها أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وفقا للمفهوم الوارد باملادة الثانية من‬
‫ً ً‬
‫الاتفاقية‪ ،‬وذلك ح ولو لم يكن شرط كتابة اتفاق التحكيم متطلبا وفقا للتشريع الوط ي الدولة املعنية‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما أنه ي املقابل‪،‬يعت ﺮ اتفاق التحكيم مستوفيا للشكل املطلوب بتوافر شرط الكتابة حسب‬
‫ّ ً‬
‫تشددا ي هذا الخصوص‪،‬وال قد تستلزمها‬ ‫املفهوم الوارد باالتفاقية‪ ،‬وذلك بغض النظر عن القيود ٔالاك ﺮ‬
‫مجرد انضمام هذﻩ الدول إ ى الاتفاقية يستنتج منه إلغاء ضم‬ ‫النصوص التشريعية ي الدولة املعنية‪ّ ،‬‬
‫ألن ّ‬
‫ألية متطلبات قانونية زائدة عن الحد ٔالادنى الذي تقتضيه املادة الثانية من هذﻩ الاتفاقية‪.98‬‬

‫من جهته اعت ﺮ أصحاب الرأي الثاني شرط الكتابة الوارد ي نص املادة الثانية من اتفاقية نيويورك‬
‫كشرط إثبات فقط‪ ،‬ويرى ّأن غيا ا ال يؤدي ً‬
‫حتما إ ى بطالن اتفاق التحكيم‪ ،‬ويستند ي ذلك إ ى غياب عبارة‬
‫"بطالن" ي هذﻩ املادة‪.99‬‬

‫يبدو ّأن أصحاب هذا الرأي متأثرون بدعاة التفس ﺮ اللي ﺮا ي لنص الاتفاقية املذكور‪ ،‬لكن التفس ﺮ‬
‫اللي ﺮا ي الذي دعوا إليه يخص فقط إمكانية تطبيقها خارج إجراءات التنفيذ والاع ﺮاف‪.100‬‬

‫من جه ا‪ ،‬قدمت اتفاقية جنيف لعام ‪ ،1961‬الخاصة بالتحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وامل ﺮمة ب ن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الدول ٔالاوربية‪ ،‬تيس ﺮا كب ﺮا بالنسبة لشكل اتفاق التحكيم‪ ،‬حيث تج الاع ﺮاف باتفاق التحكيم غ ﺮ‬
‫املكتوب ي شأن املعامالت ال تتم ي إطار الدول ال ال تتطلب قواني ا كتابة اتفاق التحكيم‪ ،‬وذلك وفقا‬
‫للفقرة الثانية من ماد ا ٔالاو ى‪ ،‬فإذا كان قانون دولة من الدول ٔالاعضاء ي الاتفاقية ال يستلزم كتابة اتفاق‬

‫‪ -97‬انظر كذلك ي نفس املع ‪ :‬عاطف شهاب‪ ،‬اتفاقالتحكيمالتجاريالدوليوالاختصاصالتحكيم ‪،‬دارال ضةالعربية‪،‬القاهرة‪،‬‬


‫‪،2002‬ص‪ 225‬و‪226‬؛ أحمد السيد صاوي‪ ،‬التحكيم طبقا للقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وأنظمة التحكيم الدولية‪ ،‬ط‪ ،2‬املؤسسة‬
‫الفنية للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،2004 ،‬ص‪ 47‬؛مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.378‬‬
‫‪ -98‬انظر‪ :‬راشد سامية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.307‬‬
‫‪ -99‬إبراهيم أحمد إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 82‬و‪83‬؛ أحمد صالح ع ي مخلوف‪ ،‬اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬رسالة لنيل درجة دكتوراﻩ ي الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬جامعة القاهرة‪ ،2000 ،‬ص‪.109‬‬
‫‪100‬‬
‫‪- GOLDMAN Berthold, op. cit., fasc. 586-4, p.12.‬‬

‫‪33‬‬
‫ً‬ ‫التحكيم‪ّ ،‬‬
‫فإن الاتفاقية تقر هذا الاتفاق و لو لم يكن مكتوبا‪ ،‬كما أ ّ ا تقر أيضا الاتفاق الذي يرد ي‬
‫خطابات أو برقيات أو فاكسات متبادلة ب ن ٔالاطراف‪.101‬‬
‫ً‬
‫تتطلب اتفاقية جنيف‪ ،‬من حيث املبدأ حسب هذا النص‪ ،‬أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا دون أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تش ﺮط شكال معينا ع ى غرار اتفاقية نيويورك‪ ،‬إال ّأن ما تتم ّ به الاتفاقية ٔالاوربية‪،‬أ ّ ا تج اتفاق التحكيم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تقرها القوان ن ٔالاك ﺮ تحررا‪ ،‬وذلك ي العالقات ال تتم ي إطار الدول ال ال تتطلب‬ ‫امل ﺮم ي ٔالاشكال ال‬
‫قواني ا كتابة اتفاق التحكيم‪.102‬‬
‫إ ى جانب الاتفاقيت ن السابقت ن‪ ،‬تستلزم اتفاقية واشنطن الخاصة بتسوية املنازعات املتعلقة‬
‫باالستثمار واملنشئة للمركز الدو ي لتسوية املنازعات ب ن الدول ورعايا الدول ٔالاخرى‪ ،‬الكتابة ي اتفاق‬
‫ّ‬
‫التحكيم ي نص املادة ‪ 1/25‬م ا‪ ،‬وتؤكدﻩ املادة ‪ 3/2‬من امللحق الثاني لهذﻩ الاتفاقية‪ ،‬وال تنص ع ى ّأن‬
‫هو التاريخ الذي أفرغ فيه طرفا ال اع تراض ما ي وثيقة مكتوبة لطرح نزاعهما أمام املركز‪.103‬‬ ‫تاريخ ال ﺮا‬

‫الفرع الثاني‪:‬شكلية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ي القانون الجزائري‬


‫ّ‬
‫املشرع الجزائري‪ ،‬ي الفقرة الثانية من املادة ‪ 1040‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪،‬‬ ‫أوجب‬
‫وتحت طائلة البطالن‪ ،‬أن ي ﺮم اتفاق التحكيم بموجب عقد كتابي‪ ،104‬واش ﺮط تقديمه مع أصل حكم‬
‫التحكيم إلثبات وجود هذا ٔالاخ ﺮ قصد الاع ﺮاف به أو تنفيذﻩ وفقا ملا جاء ي نص املادة ‪ 1052‬من نفس‬
‫القانون‪ ،‬فالكتابة وفقا لهذﻩ النصوص شرط النعقاد اتفاق التحكيم وإثباته‪.‬‬

‫‪-101‬جاء نص الفقرة )أ( من املادة ٔالاو ى من هذﻩ الاتفاقية كما ي ي‪:‬‬


‫‪« Aux fins de la présente convention, on entend par :‬‬
‫‪a) « convention d’arbitrage », soit une clause compromissoire insérée dans un contrat, soit un compromis,‬‬
‫‪contrat ou compromis signés par les parties ou contenus dans un échange de lettres, de télégrammes ou de‬‬
‫‪communications par téléscripteur, et, dans les rapports entre pays dont les lois n’imposent pas la forme‬‬
‫‪écrite à la convention d'arbitrage, toute convention conclue dans les formes permises par ces lois ».‬‬
‫‪ -102‬إبراهيم أحمد إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫ّ‬
‫‪ -103‬تنص املادة ‪ 1/25‬من هذﻩ الاتفاقية ع ى أنه "يمتد اختصاص املركز إ ى املنازعات ذات الطابع القانوني ال تنشأ ب ن دولة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متعاقدة وأحد رعايا دولة متعاقدة أخرى‪ ،‬وال تتصل اتصاال مباشرا بأحد الاستثمارات‪ ،‬بشرط أن يوافق أطراف ال اع كتابة ع ى‬
‫طرحها ع ى املركز وم أبدى طر ي ال اع موافق ما املش ﺮكة فإنه ال يجوز ّ‬
‫ألي م ما أن يسح ا بمفردﻩ"‪.‬‬
‫هذﻩ الاتفاقية منشورة بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪ 346/95‬املؤرخ ي ‪ 30‬أكتوبر ‪ ،1995‬املتضمن املصادقة ع ى اتفاقية تسوية‬
‫املنازعات املتعلقة باالستثمارات ب ن الدول ورعايا الدول ٔالاخرى‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.66‬‬
‫ّ‬
‫‪ -104‬تنص هذﻩ املادة ع ى أنه "يجب من حيث الشكل‪ ،‬وتحت طائلة البطالن‪ ،‬أن ت ﺮم اتفاقية التحكيم كتابة‪ ،‬أو بأية وسيلة اتصال‬
‫أخرى تج ٕالاثبات بالكتابة"‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫رغم ّأن هذا النص الجديد أبقى ع ى شرط الكتابة ليس فقط إلثبات اتفاق التحكيم بل كركن من‬
‫أركان وجودﻩ من ٔالاساس‪ ،‬إال ّأنه ّ‬
‫وسع من مفهوم الكتابة ليشمل كل الوسائل الحديثة لالتصال؛ كالرسائل‬
‫ٕالالك ﺮونية أو الفاكس أو التلكس أو ّأية وسيلة أخرى تج ٕالاثبات بالكتابة‪ ،105‬و ذا يكون القانون الجزائري‬
‫من ب ن القوان ن ٔالاك ﺮ لي ﺮالية ي هذا املجال‪،‬بتبنيه التوصية ال وضع ا لجنة ٔالامم املتحدة للقانون‬
‫التجاري الدو ي ي سنة ‪ 2006‬بخصوص تفس ﺮ نص املادة الثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة باالع ﺮاف‬
‫بقرارات التحكيم ٔالاجنبية وتنفيذها‪.106‬‬

‫لقد تخطى القانون الجديد اتفاقية نيويورك بقبوله الفاكس وال ﺮيد الالك ﺮوني إ ى جانب ال ﺮقيات‬
‫ال تش ﺮ إل ا هذﻩ الاتفاقية‪ ،‬والفقه يعت ﺮ ّأن املراسالت تشمل ال ﺮقيات والتلكس‪ ،107‬و ي كل ٔالاحوال‪ ،‬فإ ّن‬
‫العبارة الواردة ي القانون الجديد "أو بأي وسيلة اتصال أخرى تج ٕالاثبات بالكتابة" تحمل مع واسع‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫جدا لإلثبات الكتابي‪ ،108‬ومن شأ ا أن تجسد ما يراﻩ جانب من الفقه الجزائري أنه الحل ٔالانسب ملسألة‬
‫ّ‬
‫كتابة اتفاق التحكيم ي مجال التجارة الدولية‪،‬وهو ذلك الحل الذي يوفق ب ن اللي ﺮالية ال يتم ّ ا‬
‫التحكيم التجاري الدو ي والشكلية الضرورية لضمان ٔالامن القانوني‪.109‬‬

‫فالكتابة إذن "الزمة بالنسبة إ ى كل عنصر من العناصر املكونة التفاق التحكيم‪ ،‬ذلك ّأن الهدف‬
‫ً‬
‫م ا هو تفادي ال اع مستقبال ب ن ٔالاطراف حول محتويات اتفاق التحكيم"‪ ،110‬بيد ّأن الكتابة املقصودة‬
‫ّ‬
‫تسجل ع ى ورقة موقعة من ٔالاطراف مثل ما كان الوضع عليه من قبل‪،‬‬ ‫ليست تلك الكتابة الكالسيكية ال‬
‫ّ‬
‫وإنما الكتابة باملفهوم الحديث الذي يستوعب كل أشكال الكتابة بما ف ا تلك الناتجة عن التطورات الراهنة‬

‫‪ -105‬حيث اكتفى نص املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 1‬من قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى باش ﺮاط الكتابة تحت طائلة البطالن دون تحديد مفهوم‬
‫ّ‬
‫الكتابة املقصودة‪ ،‬وقد نصت هذﻩ املادة ي فقر ا الثانية ع ى أنه" يجب من حيث الشكل‪ ،‬وتحت طائلة البطالن‪ ،‬أن ت ﺮم اتفاقية‬
‫التحكيم بموجب عقد كتابي"‪.‬‬
‫هذا ما جعل الفقه الجزائري ينادي بضرورة التوسيع ي مفهوم الكتابة الوارد ي هذﻩ املادة لكي يستوعب الوسائل الحديثة ي‬
‫الاتصال بما يتما ع ى ٔالاقل مع ما نصت عليه اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1958‬السالفة الذكر‪ ،‬راجع ع ى سبيل املثال‪ :‬عليوش قربوع‬
‫كمال‪،‬التحكيم التجاري الدو ي ي الجزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2001 ،‬ص‪33‬و‪.34‬‬
‫‪ -106‬اعتمد ا لجنة ٔالامم املتحدة للقانون التجاري الدو ي بمناسبة انعقاد دور ا التاسعة والثالث ن ي‪٧‬تموز‪/‬يوليه‪.2006‬‬
‫‪107‬‬
‫‪- ROBERT Jean, op.cit., p. 69.‬‬
‫‪ -108‬عبد الحميد ٔالاحدب‪" ،‬قانون التحكيم الجزائري الجديد"‪ ،‬مداخلة ي إطار اليومان الدراسيان حول الطرق البديلة لحل ال اعات‪:‬‬
‫الصلح‪ ،‬الوساطة والتحكيم‪ ،‬املحكمة العليا‪ 16-15 ،‬جوان ‪ ،2008‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬عدد خاص‪ ،2009،‬الجزء ٔالاول‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪109‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p.56.‬‬
‫‪ -110‬يرى البعض ي هذا الصدد ّأن الكتابة ي الشكل الوحيد الذي يؤكد بوضوح تطابق إرادة ٔالاطراف ع ى اللجوء إ ى التحكيم‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪DELVOLVE Jean-Louis, « La convention d’arbitrage (Ses conditions, son formalisme, ses effets…) », in‬‬
‫‪L’arbitrage commercial interne et international, colloque organisé par le ministère de la justice et la CGEM‬‬
‫‪en collaboration avec la cour suprême, les 3-4 Mars 2004, Rabat, Maroc, Cahier de la cour, n°6/2005, p.‬‬
‫‪155.‬‬

‫‪35‬‬
‫ي وسائل الاتصال الحديثة‪ ،‬كالفاكس والتلكس وال ﺮيد الالك ﺮوني‪،‬أو عن طريق الرسائل ع ﺮ الهاتف "‪"SMS‬‬
‫أو ع ﺮ ٕالان ﺮنيت"‪ّ "E-MAIL‬‬
‫ألن هذﻩ الوسائل تج ٕالاثبات بالكتابة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ينب ي التأكيد هنا ع ى أنه إذا كانت الاتفاقات التحكيمية املكتوبة أث ﺮت من ورا ا عدة نزاعات‬
‫تتعلق بتحديد نطاق تطبيقها ومجال اختصاص املحكمة التحكيمية‪ّ ،‬‬
‫فإن الشروط التحكيمية الرضائية أو‬
‫الشفوية سيكون لها أثر سل ع ى فعالية التحكيم‪ ،‬أل ّ ا ستث ﺮ نزاعات أك ﺮ‪ ،‬وذلك يؤدي إ ى إطالة أمد‬
‫ً‬ ‫املنازعات ُوي ّ‬
‫صع ا‪ ،‬لكو ا وبدال من أن تكون وسيلة لحل ال اعات املوضوعية‪ ،‬فإذا ا تدخلنا ي نزاعات‬
‫إجرائية وشكلية تتعلق بالتحكيم ّ‬
‫بحد ذاته‪.111‬‬

‫املبحث الثاني‬
‫آثار اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‬
‫ّ‬
‫يرتب اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وع ى غرار سائر العقود و الاتفاقات ٔالاخرى‪ ،‬آثار قانونية‬
‫متعددة‪،‬بوصفه تعهد بموجبه يل م ٔالاطراف بحل ال اع القائم أو املحتمل بي م عن طريق محكم ن وليس‬
‫عن طريق القضاء الوط ‪ ،‬فهو يؤثر من جهة ع ى الاختصاص‪ ،‬حيث ينتج عنه استبعاد اختصاص القضاء‬
‫الوط بالنظر ي ال اع أو ال اعات موضوع الاتفاق رغم كونه هو املختص أصال بالنظر ف ا‪ ،‬وتخويل سلطة‬
‫الفصل ي هذﻩ ال اعات إ ى محكمة التحكيم ال يعي ا ٔالاطراف‪ ،‬كما يؤثر من جهة أخرى ع ى ٔالاشخاص‪،‬‬
‫فإنه يمكن ي حاالت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫معينة أن يحدث اتفاق‬ ‫وإذا كان ٔالاشخاص املعني ن أصال هم أطراف هذا الاتفاق‪،‬‬
‫التحكيم آثارﻩ بالنسبة للغ ﺮ‪.‬‬

‫املطلب ٔالاول‬
‫آثار اتفاق التحكيم ع ى الاختصاص‬
‫حدث اتفاق التحكيم أثر مزدوج ع ى الاختصاص‪ ،‬فهو دف بالدرجة ٔالاو ى إ ى عقد اختصاص‬ ‫ُ‬
‫ي ِ‬
‫املحكمة التحكيمية للنظر ي ال اع أو ال اعات املتفق عل ا‪ ،‬ويؤدي ي مقابل ذلك إ ى إبعاد اختصاص‬
‫القضاء الوط الذي كان قبل الاتفاق هو املختص بالنظر ي هذﻩ ال اعات‪.‬‬

‫‪ -111‬تجدر ٕالاشارة ي هذا الخصوص إ ى ّأن مشارطة التحكيم ال ت ﺮم بعد إثارة ال اع تكون أك ﺮ دقة ي تحديد املسائل محل ال اع‬
‫ب ن ٔالاطراف‪ ،‬وذلك مقارنة بشرط التحكيم الذي قد يكون أك ﺮ عمومية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬اختصاص املحكمة التحكيمية‬
‫يتمثل ٔالاثر ٕالايجابي التفاق التحكيم‪ ،‬ي عقد اختصاص محكمة التحكيم بالنظر ي ال اع املطروح‬
‫ب ن أطراف هذا الاتفاق‪ ،‬ويجد هذا ٔالاثر أساسه بالنسبة للمحكم ن ي قبولهم للمهمة املوكلة إل م بعد‬
‫تعيي م‪ ،‬أما بالنسبة لألطراف فيتولد مباشرة من اتفاقهم ع ى جعل حل ال اع من اختصاص املحكم ن‬
‫واملجسد ي اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫أي إشكال يذكر‪ ،‬غ ﺮ ّأن الواقع العم ي يب ّ ن خالف‬


‫يبدو من الناحية النظرية ّأن هذا ٔالاثر ال يث ﺮ ّ‬
‫ذلك‪ ،‬فكث ًﺮا ما يتمسك أحد أطراف اتفاق التحكيم بخروج املسألة محل ال اع من اختصاص املحكمة‬
‫التحكيمية‪ ،‬سواء كان ذلك نتيجة الاختالف ي تفس ﺮ مضمون اتفاق التحكيم) خاصة إذا جاء ي صورة‬
‫شرط التحكيم(‪ ،‬أو تحديد مجال اختصاص املحكمة التحكيمية‪ ،‬مما يؤدي إ ى إثارة مسألة أخرى ال تقل‬
‫أهمية و ي تحديد الجهة املختصة بالفصل ي مدى اختصاص محكمة التحكيم‪ ،‬أي بعبارة أخرى‪ ،‬هل‬
‫تفصل ف ا املحكمة القضائية أم ّأن محكمة التحكيم تتمتع بسلطة الفصل ي مدى اختصاصها؟‬

‫أوال ‪ :‬مجال اختصاص املحكمة التحكيمية‬


‫يقصد بمجال اختصاص املحكمة التحكيمية‪ ،‬النطاق املوضو ي التفاق التحكيم‪ ،‬وبما أن التحكيم‬
‫فإن املحكم ال يمكن له أن يفصل إال ي املسائل ال اتفقت‬ ‫يقوم أساسا ع ى إ ادة ٔالاطراف واتفاقهم‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫ٔالاطراف عل ا‪ ،‬إذ ال يوجد ما يلزم ٔالاطراف ي اتفاق التحكيم ع ى إخضاع جميع ال اعات القائمة بي م أو‬
‫واملوضو ي‪.‬‬ ‫املحتملة إ ى التحكيم‪ ،‬مع ٔالاخذ باالعتبار طبعا مسألة القابلية للتحكيم بشق ا الشخ‬

‫تجدر ٕالاشارة إ ى ّأن مسألة تحديد نطاق اتفاق التحكيم ومجال اختصاص محكمة التحكيم‪ ،‬ال‬
‫تطرح بشكل واسع إذا أخذ اتفاق التحكيم صورة مشارطة التحكيم‪ ،‬ويرجع ذلك إ ى الخصائص ال تتم ّ ا‬
‫ّ‬
‫هذﻩ ٔالاخ ﺮة‪ ،‬خاصة كو ا تأتي بعد نشأة ال اع‪ ،‬مما يسمح لألطراف بتحديدﻩ بدقة‪ ،‬بينما الاتفاق الذي‬
‫ّ‬
‫يأخذ صورة شرط تحكيم‪ ،‬فإنه عادة ما يكون عام وغ ﺮ دقيق‪ ،‬وهو ما يث ﺮ مسألة تفس ﺮﻩ وتحديد‬
‫ً‬
‫تعقيدا ي حالة تعدد ال اعات املتصلة بعقد واحد‪ ،‬أو ي حالة ارتباط مجموعة من‬ ‫نطاقه‪،‬وتزيد املسألة‬
‫ي حالة العقود املتتابعة ب ن ذات ٔالاطراف‪.112‬‬ ‫العقود فيما بينه‪ ،‬أو ح‬

‫‪ -112‬لتفاصيل أك ﺮ حول املوضوع‪ ،‬راجع‪ :‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الاتجاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬دار الفكر الجام ي‪،‬‬
‫ٕالاسكندرية‪ ،.2001 ،‬ص ‪ 152‬وما يل ا‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فعند توفر حالة من الحاالت املتقدمة‪ ،‬ونازع أحد ٔالاطراف ي مسألة اختصاص محكمة التحكيم‪،‬‬
‫أو ح ي حالة ٕالادعاء بعدم صحة اتفاق التحكيم ّ‬
‫ألي سبب كان‪ ،‬بعد رفع الطرف ٓالاخر ال اع أمام محكمة‬
‫التحكيم‪ ،‬يثور التساؤل التا ي‪ :‬هل لهذﻩ ٔالاخ ﺮة سلطة الفصل ي مدى اختصاصها أم أ ّ ا ملزمة باالنتظار‬
‫ح الفصل ف ا من طرف القضاء الوط ؟‬

‫ثانيا‪ :‬اختصاص محكمة التحكيم بالنظر ي اختصاصها‬


‫ّإن ترتيب اتفاق التحكيم ألثرﻩ ٕالايجابي‪ ،‬املتمثل ي اختصاص املحكمة التحكيمية بالفصل ي‬
‫ال اع موضوع هذا الاتفاق‪ ،‬ال يكون دائما دون صعوبات‪ ،‬فقد يحدث عندما يثور ال اع ب ن الطرف ن‪،‬‬
‫ويطلب أحدهما اللجوء إ ى التحكيم‪ ،‬أن يحاول الطرف ٔالاخر عرقلة إجراءاته بالدفع بعدم اختصاص‬
‫محكمة التحكيم بالفصل ي ال اع‪ ،‬مستندا ي ذلك ع ى العديد من ٔالاسباب؛ فقد ّ‬
‫يؤسس دفعه ع ى بطالن‬
‫العقد ٔالاص ي أو عدم وجودﻩ؛أو ع ى بطالن اتفاق التحكيم ذاته؛ أو تجاوز املسألة املتنازع ف ا الختصاص‬
‫محكمة التحكيم نظرا لتجاوزها لنطاق اتفاق التحكيم‪...‬الخ‪.‬‬

‫ال تعت ﺮ الحاالت السابقة تصورات نظرية بحتة‪ ،‬إذ ب ّ ن الواقع العم ي الكث ﺮ من الحاالت ال رفض‬
‫ف ا بعض ٔالاطراف املشاركة ي إجراءات التحكيم وتمسكوا بعدم اختصاص محكمة التحكيم‪ ،113‬وثار بذلك‬
‫التساؤل عن الجهة ال تملك سلطة الفصل ي مسألة اختصاص محكمة التحكيم‪ ،‬فهل يرجع الاختصاص‬
‫إ ى املحكمة القضائية أم تتو ى محكمة التحكيم بنفسها الفصل ي مسألة اختصاصها؟‬

‫كرست معظم ٔالانظمة القانونية املعاصرة اختصاص محكمة التحكيم بالفصل ي مسألة‬ ‫ّ‬
‫اختصاصها‪ ،‬فأصبح بذلك مبدأ من املبادئ ٔالاساسية ال يقوم عل ا التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وأطلق عليه‬
‫اصطالح مبدأ "الاختصاص‪-‬باالختصاص" باللغة الفرنسية"‪ ، "Compétence-compétence‬وذلك بدال من‬
‫املصطلح ٔالاملاني الذي انتشر قبل ذلك وهو" ‪ّ ،"kompetenz-kompetenz‬‬
‫ألن هذا ٔالاخ ﺮ تعرض النتقادات‬
‫شديدة من الفقه ً‬
‫نظرا لعدم دقة مضمونه‪.114‬‬

‫‪ -113‬من أشهر القضايا املتعلقة ذﻩ املسألة‪ ،‬وال فصلت محكمة النقض الفرنسية ف ا نجد كل من القضية املعروفة بـ "‪ "METU‬والقضية‬
‫املعروفة بـ "‪ ،"EXPORTLES‬راجع التفاصيل ي‪:‬‬
‫‪- Cass.civ., 1ère, 01 décembre 1999, Rev. arb., n°1, 2000, p. 96, note FOUCHARD (PH).‬‬
‫‪ -114‬ألك ﺮ تفاصل حول مبدأ "الاختصاص‪ -‬باالختصاص"‪ ،‬ير ى الاطالع ع ى‪:‬تعويلت كريم‪ ،‬فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 13‬وما يل ا‪.‬راجع كذلك‪:‬‬
‫‪Magali BOUCARON-NARDETTO, Le principe compétence- compétence en droit de l’arbitrage, PUAM,‬‬
‫‪AIX-EN-PROVENCE, 2013, spéc. Pp.23-29.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -1‬مضمون مبدأ "الاختصاص–باالختصاص"‬
‫ُي ّ‬
‫عد مبدأ "الاختصاص‪ -‬باالختصاص" من أهم املبادئ ال تضمن للتحكيم كل فعاليته‪ ،‬فهدفه‬
‫يتمثل ي غلق الباب أمام كل ٕالاجراءات والوسائل الاحتيالية الرامية إ ى املماطلة إلفقاد التحكيم الغاية من‬
‫وجودﻩ و ي سرعة الفصل ي ال اعات‪.115‬‬

‫ينطوي هذا املبدأ ع ى جانب ن‪ :‬جانب إيجابي دف إ ى الاع ﺮاف للمحكم بسلطة الفصل ي مسألة‬
‫اختصاصه؛ وجانب سل يمنع القضاء الوط من النظر ي مسألة الاختصاص ح يفصل املحكم ف ا‬
‫‪116‬‬
‫مكرس ي جل القوان ن الوطنية‬‫باألولوية‪ ،‬وإذا كان الجانب ٔالاول املتعلق باألثر ٕالايجابي لهذا املبدأ ّ‬
‫ّ‬
‫يشكل إ ى ّ‬ ‫والاتفاقيات الدولية‪ّ ،117‬‬
‫حد الساعة خصوصية‬ ‫فإن الجانب الثاني الخاص باألثر السل‬
‫قبل أن ّ‬
‫تقننه املادة ‪ 1465‬من قانون ٕالاجراءات املدنية بعد تعديل‬ ‫‪119‬‬ ‫ّ‬
‫كرسته محكمة النقض‬ ‫‪118‬‬
‫فرنسية‬
‫سنة ‪.1202011‬‬
‫لإلشارة‪ ،‬وردت املادة ‪ 1465‬السابقة الذكر ي إطار قواعد التحكيم الداخ ي‪ ،‬لك ا ّ‬
‫تطبق ي‬
‫ً‬
‫التحكيم التجاري الدو ي عمال باإلحالة الصريحة املنصوص عل ا ي املادة ‪ 1506‬من القانون الفرنﺴ‬
‫السالف الذكر‪ ،‬وبموجب هذﻩ املادة تمنح أولوية الفصل ي مسألة الاختصاص للمحكم تحت الرقابة‬
‫القضائية الالحقة بمناسبة رقابة البطالن أو التنفيذ‪.121‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬ي نفس املع ‪:‬‬
‫‪TOUMLILT Ahmed Alaâ, La dualité de l’arbitrage : Analyse critique de la loi 08-05, Tome I, thèse pour‬‬
‫‪le doctorat en droit, faculté de droit de Grenoble, université Pierre Mendès, France, 2010, p.225.‬‬
‫‪ -116‬ع ى سبيل املثال‪ :‬املادة ‪ 22‬من قانون التحكيم املصري لسنة ‪ ،1994‬املادة ‪ 61‬من القانون التونﺴ للتحكيم الصادر عام ‪،1993‬‬
‫املادة ‪ 9-327‬من قانون التحكيم املغربي لسنة ‪...2008‬‬
‫‪ -117‬انظر ع ى سبيل املثال املادة ‪ 3-5‬من اتفاقية جنيف لعام ‪)1961‬الاتفاقية ٔالاوربية للتحكيم(‪ ،‬وكذا املادة ‪ 41‬من اتفاقية واشنطن‬
‫لعام ‪ 1965‬املنشئة للمركز الدو ي لتسوية املنازعات املتعلقة باالستثمارات ب ن الدول ورعايا الدول ٔالاخرى‪ .‬املادة ‪ 24‬من اتفاقية‬
‫عمان العربية لسنة ‪... 1987‬‬
‫‪118‬‬
‫‪- AY Ebru, La validité de la convention d’arbitrage en droit Turc et comparé de l’arbitrage international,‬‬
‫‪Thèse de doctorat en droit, faculté de droit et des sciences économiques, université Paris I, Panthéon-‬‬
‫‪Sorbonne, 2009, p.167.‬‬
‫‪119‬‬
‫‪- Cass. Civ.1, 5 janvier 1999, n°96-21.430, M. Zanzi C/J. de Coninck et autres, Rev. arb. 1999, p. 260 note‬‬
‫‪Ph. FOUCHARD.‬‬
‫‪120‬‬
‫‪- Art 1465 CPCF dispose : « Le tribunal arbitral est seul compétent pour statuer sur les contestations‬‬
‫‪relatives à son pouvoir juridictionnel ».‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -121‬هذا ما دفع بالبعض إ ى القول ّ‬
‫بأن هذا ٔالاثر مؤشر هام ع ى الثقة ال تضعها مختلف ٔالانظمة القانونية ي التحكيم وبالتا ي‬
‫درجة الانخراط ي السياسة التشجيعية لهذﻩ الوسيلة من وسائل حل ال اعات‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪GAILLARD Emmanuel, « L’effet négatif de la compétence- compétence », in études de procédure et‬‬
‫‪d’arbitrage en l’honneur de Jean-François Poudret, Lausanne 1999, p.402.‬‬

‫‪39‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع الجزائري استلهم الكث ﺮ من قواعد التحكيم من القانون الفرنﺴ ‪ ،‬إال أنه لم‬ ‫بال ّرغم من ّأن‬
‫ّ‬ ‫يذهب إ ى ّ‬
‫حد ٔالاخذ باألثر السل ملبدأ "الاختصاص‪ -‬باالختصاص"‪ ،‬واكتفى بالنص ع ى أنه" تفصل محكمة‬
‫التحكيم ي الاختصاص الخاص ا]‪ ،122"[...‬دون أن يمنع القضاء الوط من التصدي ملسألة اختصاص‬
‫املحكم قبل أن يفصل هذا ٔالاخ ﺮ ف ا‪ ،‬هذا ما يطرح مسألة نطاق الرقابة ع ى اختصاص املحكم وال من‬
‫عندما يعرض عليه ال اع قبل صدور حكم التحكيم الفاصل ي املوضوع‪ ،‬سواء‬ ‫املمكن أن يمارسها القا‬
‫كان ذلك عندما يطلب منه الفصل ي هذﻩ املسألة كطلب أص ي أو عندما يدفع أمامه بوجود اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫‪ -2‬م ﺮرات ٔالاخذ بمبدأ "الاختصاص‪-‬باالختصاص"‬


‫ّ‬
‫اعتمد الاتجاﻩ املدافع عن مبدأ "الاختصاص‪-‬باالختصاص"‪ ،‬ي تأكيدﻩ ع ى ضرورة تبنيه ي القوان ن‬
‫املنظمة للتحكيم‪ ،‬وع ى اعتبارﻩ مبدأ من املبادئ ال يقوم عل ا التحكيم الحديث‪ ،‬ع ى مجموعة من‬
‫امل ﺮرات العملية م ا‪:‬‬

‫‪ -‬يكتﺴ تب مبدأ "الاختصاص‪-‬باالختصاص" –حسب املدافع ن عنه‪ -‬أهمية بالغة‪ ،‬كونه يساعد‬
‫استفحلت ي املعامالت التجارية‬ ‫سد طريق الغش والتحايل‪ ،‬ويساهم ي محاربة سوء النية ال‬ ‫عى ّ‬

‫تجنب سوء النية ي املعامالت التجارية الدولية‪،124‬‬‫الدولية‪ ،123‬وذلك من خالل ضمان فعالية التحكيم ومنه ّ‬

‫ينتظرها ٔالاطراف من اللجوء إ ى التحكيم‪ ،‬و ي "عدالة ع ى‬ ‫وهو ما يساعد ع ى تحقيق العدالة ال‬
‫املقاس"‪.125‬‬

‫‪ -122‬املادة ‪ 1045‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬


‫‪ -123‬هذا الوضع جعل البعض يتحدث عن تردي ٔالاخالق ي إطار التجارة الدولية‪:‬‬
‫‪« Le principe de compétence- compétence « constitue l’une des règles matérielles les plus en vogue‬‬
‫‪actuellement dans l’arbitrage international. Cela est dû là aussi à cette « dégradation des mœurs », tout‬‬
‫‪décriée en ce qui concerne la constitution du tribunal arbitral et qui, généralement, ne cesse pas avec‬‬
‫‪l’intervention d’une autorité pour aider à ladite constitution ».‬‬
‫‪TRARI TANI Mostefa, Droit algérien de l’arbitrage commercial international, Berti Editions, Alger, 2007,‬‬
‫‪p.105.‬‬
‫‪ -124‬حيث يرى البعض ّأن التحكيم وسيلة لضمان الفعالية ؤالاخالق ي حل ال اعات‪:‬‬
‫‪« [L]’arbitrage comme instrument de garantie de l’efficacité et de l’éthique des solutions pour dissoudre le‬‬
‫‪conflit, engendrer la coopération, entretenir ou restaurer l’harmonie ».‬‬
‫‪Voir : WALD Arnold, « L’arbitrage : entre efficacité et éthique », in Etudes offertes au professeur Philippe‬‬
‫‪MALNIVAUD, LITEC, Paris, 2007, p.719.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -125‬يرى البعض أنه‪:‬‬
‫‪« Un des intérêts traditionnellement vantés de l’arbitrage est de permettre aux parties de faire prévaloir le‬‬
‫‪sur-mesure sur le prêt à porter ».‬‬
‫‪CAPRASSE Olivier, op. cit., p.958.‬‬

‫‪40‬‬
‫الذي أرادوا‬ ‫أمام القا‬ ‫‪ -‬يعيد نفي سلطة املحكم ي البت ي مسألة اختصاصه ٔالاطراف للتقا‬
‫الوط يع الدخول من جديد ي خصومة‬ ‫استبعادﻩ من خالل الاتفاق ع ى التحكيم‪ ،‬والعودة إ ى القا‬
‫مع ما تفرضه مقتضيات التجارة الدولية‪ ،‬خاصة ي مجال تحديد املحكمة‬ ‫قضائية طويلة ومعقدة ال تتما‬
‫القضائية املختصة والقانون الواجب التطبيق ع ى اتفاق التحكيم وع ى موضوع ال اع‪.126‬‬
‫ّ‬
‫املبدأ‪،‬أن إعمال هذا ٔالاخ ﺮ من شأنه أن يضمن ترتيب اتفاق التحكيم آلثارﻩ‪ ،‬بغض‬ ‫يرى مؤيدو هذا‬
‫ّ‬
‫املعطلة والتسويفية ال يلجأ إل ا أحد ٔالاطراف‪ ،‬خاصة ّ‬
‫وأن الطرف الذي يدفع بعدم‬ ‫النظر عن ٕالاجراءات ِ‬
‫ً‬
‫اختصاص محكمة التحكيم‪ ،‬أو يرفع الدعوى أمام القا ‪،‬يتحرك غالبا بسوء النية ويحاول بكل الطرق‬
‫كسب الوقت ال غ ﺮ‪.127‬‬

‫فعالية إ ى‬ ‫‪ -‬من ب ن ٔالاهداف ال يصبو مبدأ "الاختصاص‪-‬باالختصاص" إ ى تحقيقها‪ ،‬منح أق‬


‫التحكيم كوسيلة لفض ال اعات‪ ،‬حيث يسمح بإعطاء حرية كاملة للمحكم من أجل النظر ي صالحية‬
‫محتوى ومدى اتفاق التحكيم ال ع ى أساسها سيفصل ي ال اع‪.128‬‬

‫يتحقق ذلك ب ﺮك كل املنازعات أمام املحكم‪ ،‬وتفادي وقف إجراءات التحكيم وإرجاء الفصل إ ى‬
‫ترفع أمام‬ ‫غاية صدور حكم قضائي عن الجهة القضائية املختصة‪ ،‬أو تجنب ٕالاجراءات املوازية ال‬
‫القضاء‪ ،129‬وذلك بغرض التوصل إ ى حل ال اع وإصدار حكم تحكيم ي أقصر مدة ممكنة‪ ،130‬فالقول بغ ﺮ‬

‫‪126‬‬
‫‪- Dans ce sens : GAILLARD Emmanuel, « Les manœuvres dilatoires des parties et des arbitres dans‬‬
‫‪l’arbitrage commercial international », Rev. Arb., n°4/1990, p.759;FERNADEZROZAS José Carlos, « Le‬‬
‫‪rôle des juridictions étatiques devant l’arbitrage commercial international », in recueil de cours de‬‬
‫‪l’académie de la Haye, Vol. 290 (2001), Martinus Nijhoff Publishers, 2001,p.98.‬‬
‫‪ -127‬راجع ي هذﻩ الفكرة ع ى سبيل املثال‪ :‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،300‬أنور ع ي أحمد الط ‪ ،‬مبدأ‬
‫الاختصاص باالختصاص ي مجال التحكيم‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2009 ،‬ص‪51‬؛ عمر نوري عبد ﷲ عبابنه‪ ،‬شرط التحكيم‬
‫التجاري من حيث صحته واستقالله)دراسة مقارنة ب ن القانون ٔالاردني والاتفاقيات الدولية(‪ ،‬أطروحة الدكتوراﻩ‪ ،‬جامعة عمان‬
‫العربية للدراسات العليا‪ ،2006 ،‬ص ‪ .290‬انظر أيضا‪:‬‬
‫; ‪DIMOLITSA Antonias, « Autonomie et « kompétenz-kompétenz » », Rev. arb., n° 2/1998, p. 325‬‬
‫‪RAVILLON Laurence, « Retour sur le principe « compétence-compétence » », in Le juge et l’arbitre, s.‬‬
‫‪direc. BOSTANJI Sami, HORCHANI Ferhat, MANCIAUX Sébastien, Editions A. PEDONE, Paris, 2014,‬‬
‫‪p.90 ; BOUCARON-NARDETTO Magali, op.cit., p.27.‬‬
‫‪ -128‬ي نفس املع ‪ :‬عليوش قربوع كمال‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪-129‬أل ّن نقطة ضعف نظام التحكيم تكمن ي كونه يرتكز ع ى إرادة أطرافه‪ ،‬ويكفي أن يكون أحد ٔالاطراف س ﺊ النية لكي يفتح الباب‬
‫أمامه الستعمال مجموعة من املناورات وٕالاجراءات ال ستؤدي إل إهدار فعالية اتفاق التحكيم‪ .‬مما جعل البعض يقول‪:‬‬
‫‪« Les manœuvres dilatoires sont la plaie de l’arbitrage ».‬‬
‫‪ANCEL Jean Pierre, « La cour de cassation et les principes fondateurs de l’arbitrage international », in Le‬‬
‫‪juge entre deux millénaires, Mélange Pierre Drai, Dalloz, Paris, 2000, p. 166.‬‬
‫‪130‬‬
‫‪- Thomas CLAY,« « Liberté, Egalité, Efficacité » : la devise du nouveau droit français de l’arbitrage.‬‬
‫‪Commentaire article par article », (Première partie), JDI, n°2/2012, p.494.‬‬

‫‪41‬‬
‫ذلك يع إهدار امل ة ٔالاساسية ال يتمتع ا التحكيم‪ ،‬و ي م ة سرعة الفصل ي ال اعات واقتصاد الوقت‬
‫ّ‬
‫بمجرد التشكيك ي اختصاص محكمة التحكيم‪.131‬‬ ‫ألن ذلك يفتح باب التعطيل‬ ‫وٕالاجراءات‪ّ ،‬‬

‫‪ -‬تساهم سلطة املحكم بالفصل ي اختصاصه ي تحقيق العدالة‪ ،‬وتساعد ع ى ّ‬


‫تجنب تعطيل‬
‫تخفف من حجم القضايا املعروضة ع ى‬ ‫إجراءات التحكيم ح صدور قرار بشأن الاختصاص‪ ،‬كما ّ‬
‫كرسته ّ‬ ‫ً‬
‫مبدأ عامليا‪ّ ،‬‬
‫جل التشريعات‬ ‫القضاء‪ ،132‬كل هذﻩ امل ﺮرات جعلت من مبدأ "الاختصاص‪-‬باالختصاص"‬
‫الوطنية والاتفاقيات الدولية ولوائح وأنظمة التحكيم السارية لدى مراكز التحكيم الدائمة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عدم اختصاص املحاكم الوطنية‬


‫ّإن ضمان تطبيق واح ﺮام اتفاق التحكيم‪ ،‬وبالتا ي تحقيق فعاليته‪ ،‬يستد ي أن يقابل ٔالاثر ٕالايجابي‬
‫‪ -‬أي اختصاص محكمة التحكيم‪ -‬أثر سل وهو عدم اختصاص املحاكم القضائية بالفصل ي ال اع الذي‬
‫اتفق ٔالاطراف ع ى حله عن طريق التحكيم‪،‬لذلك نصت عليه أغلب التشريعات الوطنية الحديثة‬
‫ّ‬
‫والاتفاقيات الدولية املنظمة للتحكيم الدو ي‪ ،‬وهو ما رفعه إ ى مصف املبادئ املادية ي القانون ع ﺮ الدو ي‬
‫للتحكيم‪ ،‬رغم الاع ﺮاف له ببعض الاستثناءات‪ ،‬فبعد دراسة شروط تطبيق املبدأ‪ ،‬تأتي دراسة الاستثناءات‬
‫ال ترد عليه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط تطبيق املبدأ‬


‫ّ‬
‫الوط من النظر ي ال اعات املتفق ع ى حلها عن طريق‬ ‫يتطلب استبعاد اختصاص القا‬
‫التحكيم التجاري الدو ي توفر الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬تمسك أحد ٔالاطراف باتفاق التحكيم‬


‫ً‬
‫ضمنيا‪،‬‬ ‫تسمح الطبيعة الاتفاقية للتحكيم بتنازل ٔالاطراف عنه‪ ،‬سواء كان هذا التنازل صري ًحا أو‬
‫يفسر منع القا الوط الذي يعرض عليه ال اع من القضاء تلقائيا بعدم اختصاصه‪ ،‬حيث ال‬ ‫هذا ما ّ‬
‫ّ‬
‫يمكن له إثارة اتفاق التحكيم تلقائيا وإنما البد من إثارته من أحد أطرافه‪.‬‬

‫الوط ‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫‪ -131‬إذ يرى ٔالاستاذ "عليوش قربوع " ّأن السرعة والسرية ال يتمتع ما التحكيم تفقدان كل مع بتدخل القا‬
‫‪ALLIOUCH-KERBOUA Kamel, « Le contrôle post-arbitral de la sentence internationale en droit algérien »,‬‬
‫‪in Le juge et l’arbitre, Sami BOUSTANJI et autres (s. direc.), Editions A. PEDONE, Paris, 2014, p.285.‬‬
‫‪132‬‬
‫‪- PHILIPPE Mirèze, « Les pouvoirs de l’arbitre et de la cour d’arbitrage de la CCI relatifs à leur‬‬
‫‪compétence », Rev. Arb., n°3/2006, p. 612.‬‬

‫‪42‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري هذا‬ ‫ع ى غرار ّ‬
‫جل القوان ن الوطنية الحديثة‪133‬والاتفاقيات الدولية‪ ،134‬أورد‬
‫ّ‬
‫الشرط ي نص املادة ‪ 1045‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ال نصت ع ى أنه "يكون القا غ ﺮ‬
‫مختص بالفصل ي موضوع ال اع‪ ،‬إذا كانت الخصومة التحكيمية قائمة‪،‬أو إذا تب ن له وجود اتفاقية‬
‫تحكيم ع ى أن تثار من أحد ٔالاطراف"‪.‬‬

‫تجدر ٕالاشارة إ ى ّأن قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى لم يكن ينص ع ى هذا الشرط‪ ،‬رغم ذلك‪،‬اعت ﺮﻩ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منطقيا لكون ٔالاطراف ي ال اع يمكن لهم التنازل عن اتفاقهم‪ ،‬سواء صراحة أو ضمنيا‪،‬‬ ‫البعض شرطا‬
‫بعدم‬ ‫الجزائري ال يمكن له أن يق‬ ‫بقبول الدفاع ي املوضوع وعدم إثارة اتفاقهم ع ى التحكيم‪ ،‬فالقا‬
‫اختصاصه من تلقاء نفسه‪ ،‬بل يجب ع ى ٔالاطراف إثارة اتفاق التحكيم‪.135‬‬

‫‪ -2‬إثارة الدفع باتفاق التحكيم قبل أي دفاع ي املوضوع‬


‫تب ّ ن الدراسة املقارنة لقوان ن التحكيم بوضوح ّأن الدفع بوجود اتفاق التحكيم يجب إبداؤﻩ قبل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الحديث ي املوضوع‪ّ ،‬‬
‫وأن عدم إثا ته ي هذﻩ املرحلة ّ‬
‫يعد –كما سبق بيانه‪ -‬تنازال ضمنيا عن التمسك به‪،‬‬ ‫ر‬
‫وهو ما يسمح للمحكمة بالتصدي ملوضوع الدعوى والفصل ي ال اع املوضو ي‪ ،‬هذا ما ّ‬
‫يقرب الدفع بوجود‬
‫اتفاق التحكيم من الدفع بعدم الاختصاص غ ﺮ املتعلق بالنظام العام‪.‬‬

‫ع ى هذا ٔالاساس‪ ،‬فإ ّن إثارة وجود اتفاق التحكيم من الطرف الذي مه ٔالامر وفقا للمادة ‪1045‬‬
‫من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬ينب ي أن يكون قبل إثارة ّ‬
‫أي دفع بعدم القبول أو ي املوضوع‪ ،‬ذلك‬
‫ّ‬
‫كيف الدفع بوجود اتفاق التحكيم ع ى أنه دفع بعدم الاختصاص الذي يعت ﺮ من‬ ‫املشرع الجزائري ّ‬
‫ّ‬ ‫أل ّن‬
‫وطبيعة التحكيم الاتفاقية من‬ ‫تسقط بالحديث ي املوضوع‪ ،136‬وهذا يتم‬ ‫الدفوع الشكلية ال‬

‫‪ -133‬انظر ع ى سبيل املثال‪ :‬املادة ‪ 1448‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ الجديد‪ ،‬املادة ‪ 1/13‬من القانون املصري الجديد الخاص‬
‫بالتحكيم ي املواد املدنية والتجارية‪ ،‬املادة ‪ 1/7‬من القانون الدو ي الخاص السويسري الجديد‪...‬‬
‫‪ -134‬هذا ما نصت عليه املادة ‪ 1/4‬من بروتوكول جنيف ‪ ،1923‬وتنص املادة ‪ 3/2‬من اتفاقية نيويورك ‪ 1958‬ع ى ما ي ي‪:‬‬
‫"ع ى محكمة الدولة املتعاقدة املطروح عل ا نزاع بصدد مسألة أبرم ٔالاطراف بشأ ا اتفاق تحكيم ]‪ [ ...‬أن تحيل ٔالاطراف‬
‫للتحكيم وذلك بناء ع ى طلب أحدهم]‪."[...‬‬
‫‪135‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p. 63.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -136‬تنص املادة ‪ 50‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى أنه " يجب إثارة الدفوع الشكلية ي آن واحد قبل إبداء أي دفاع ي‬
‫املوضوع‪ ،‬أو دفع بعدم القبول‪ ،‬وذلك تحت طائلة عدم القبول"‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫جهة‪،‬وضروري لتجنب استعماله كوسيلة مماطلة من الطرف س ﺊ النية‪ ،‬الذي يريد إفقاد التحكيم فعاليته‬
‫من جهة أخرى‪.137‬‬

‫لإلشارة‪ ،‬لم تش ﺮط أغلب القوان ن املقارنة‪ ،‬لتطبيق مبدأ عدم اختصاص القضاء الوط ‪ ،‬أن‬
‫يكون أحد ٔالاطراف قد بدأ فعال ي اتخاذ إجراءات التحكيم‪،‬مما يسمح بتطبيقه ح قبل البدء ف ا‪ ،‬كما ّأن‬
‫الوط عدم‬ ‫النصوص املنظمة لهذا املبدأ ي هذﻩ القوان ن جاءت مطلقة‪ ،‬يستفاد م ا ضرورة إقرار القا‬
‫اختصاصه سواء كان ال اع قد عرض عليه قبل بدء إجراءات التحكيم أو بعد بد ا و اتصال محكمة‬
‫ّ‬
‫املشرع ي نص املادة ‪ 1045‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬حيث‬ ‫التحكيم بال اع‪ ،138‬وهو ما أخذ به‬
‫ّ‬
‫وبالرغم من تمي ﻩ ب ن الحالة ال تكون ف ا خصومة التحكيم قائمة والحالة ال تكون ف ا غ ﺮ قائمة‪ ،‬إال‬
‫ّ‬
‫أنه جعل القا غ ﺮ مختص ي كلتا الحالت ن‪ ،‬لكنه اش ﺮط ي الحالة الثانية إثبات وجود اتفاق التحكيم‪،‬‬
‫بينما ي الحالة ٔالاو ى يكفي إثبات قيام خصومة التحكيم‪.139‬‬

‫‪ -3‬مدى اش ﺮاط صحة اتفاق التحكيم‬


‫يثور التساؤل أخ ﺮا عما إذا كان تطبيق مبدأ عدم اختصاص القضاء الوط يش ﺮط أن يكون‬
‫اتفاق التحكيم صحيحا وقابال للتطبيق؟‬
‫ً‬
‫موحدا‪،‬‬ ‫ً‬
‫موقفا‬ ‫لم تتخذ التشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية عند إجاب ا ع ى هذا التساؤل‬
‫ي‬ ‫موقفا صريحا من مسألة مدى سلطة القا‬‫ً‬ ‫وإنما انقسمت إ ى عدة اتجاهات‪ ،‬إذ هناك من لم يت ن‬
‫للتأكد من صحة‬ ‫النظر ي صحة اتفاق التحكيم‪ ،140‬وهناك من يأخذ باالتجاﻩ الذي يمنح سلطة للقا‬
‫اتفاق التحكيم‪ ،‬فإذا وجد ّأن هذا الاتفاق صحيح ومنتج آلثارﻩ امتنع عليه النظر ي موضوع ال اع‪ ،‬أما إذا‬

‫ً‬
‫‪ -137‬لإلشارة‪ ،‬ح التشريعات ال اعت ﺮت الدفع باتفاق التحكيم دفعا بعدم القبول اش ﺮطت أن يثار قبل الحديث ي املوضوع‪ .‬راجع‬
‫ع ى سبيل املثال املادة ‪ 13‬من قانون التحكيم املصري‪.‬‬
‫‪ -138‬ي نفس املع ‪ :‬راشد سامية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪442‬؛ سراج حس ن محمد أبو زيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.389‬‬
‫ألن قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى ال يع ﺮف باألثر‬‫‪ -139‬تجدر ٕالاشارة هنا إ ى ّأن التشريع الجزائري عرف تطور كب ﺮ ي هذﻩ املسألة ّ‬
‫السل التفاق التحكيم إال ي الحالة ال تكون ف ا دعوى التحكيم معلقة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 8‬فقرة ‪ ،2‬ع ى ّأنـه"‪...‬يكون‬
‫القا غ ﺮ مختص للفصل ي املوضوع م كانت دعوى التحكيم معلقة"‪.‬‬
‫يفهم من هذا النص ّأن القا الوط مختص بنظر ال اع قبل البدء ي إجراءات التحكيم‪ ،‬وهو ما يفقد اتفاق التحكيم فعاليته‪،‬‬
‫ّ‬
‫املشرع إ ى تغي ﺮ موقفه ي إطار قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬ ‫لذلك تعرض إ ى نقد كب ﺮ دفع‬
‫راجع ي هذﻩ الانتقادات مثال‪:‬‬
‫‪TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op-cit., p.61et62.‬‬
‫‪ -140‬وهو ما نجدﻩ ي قانون التحكيم املصري مثال‪ ،‬ونتج عن ذلك اختالف ٓالاراء الفقهية حول هذﻩ املسألة‪ .‬راجع ع ى سبيل املثال‪:‬‬
‫مختار أحمد بريري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،49-47‬سراج حس ن محمد أبو زيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.397‬‬

‫‪44‬‬
‫وجد ّأن اتفاق التحكيم باطل أو غ ﺮ ّ‬
‫فعال تصدى ملوضوع ال اع وفصل فيه‪ .141‬ي ح ن هناك من يأخذ‬
‫من النظر ي مسألة صحة اتفاق التحكيم إال بصفة سطحية ويل م القا‬ ‫باالتجاﻩ الذي يمنع القا‬
‫وفقا لهذا الاتجاﻩ بإعالن عدم اختصاصه إال ي حال البطالن الظاهر التفاق التحكيم أو عدم قابليته‬
‫الظاهرة للتطبيق‪ ،‬وهو الاتجاﻩ الذي تبناﻩ القانون الفرنﺴ ‪.142‬‬

‫ي الجزائر‪ ،‬كان تطبيق قاعدة عدم اختصاص املحاكم القضائية بالفصل ي ال اع الذي يوجد‬
‫بشأنه اتفاق تحكيم‪ ،‬يقتصر فقط ع ى الحالة ال تكون ف ا دعوى التحكيم معلقة حسب نص املادة ‪458‬‬
‫مكرر ‪ 8‬من قانون ٕالاجراءات املل ى‪ ،‬وبالتا ي ّ‬
‫فإن مسألة اش ﺮاط صحة اتفاق التحكيم ال تطرح إذا لم تكن‬
‫دعوى التحكيم معلقة‪ّ ،‬‬
‫ألن صحة هذا الاتفاق ال تمنع املحكمة القضائية من التصدي ملوضوع ال اع ي هذﻩ‬
‫الحالة‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع النظر ي الحلول ال وضع ا‪،‬‬ ‫لكن ونظرا لالنتقادات‪ 143‬ال تعرضت لها هذﻩ املادة‪ ،‬أعاد‬
‫ح قبل الشروع ي إجراءات تشكيل محكمة التحكيم‪.‬‬ ‫حيث ّ‬
‫كرس القانون الجديد عدم اختصاص القا‬

‫غ ﺮ ّأن نص املادة ‪ 1045‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية اش ﺮط وجود اتفاق التحكيم ولم‬
‫يب ّ ن طبيعة هذا الوجود وهل يتعلق ٔالامر بالوجود الشك ي أو الوجود القانوني‪ ،‬و ي انتظار التفس ﺮ الذي‬
‫سيعطى له من طرف القضاء‪ ،‬نرى ضرورة ٔالاخذ بفكرة الوجود الشك ي فقط تماشيا مع املادة ‪ 1040‬ال‬
‫تش ﺮط الكتابة لصحة اتفاق التحكيم ودون البحث ي مدى توفر ٔالاركان املادية لهذا الاتفاق ألن ذلك‬
‫سيتعارض مع مبدأ "الاختصاص – باالختصاص" ّ‬
‫املكرس ي املادة ‪1044‬من نفس القانون‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الفرنﺴ ‪ ،‬لكنه لم‬ ‫ّ‬
‫املشرع الجزائري أخذ باالتجاﻩ الذي أخذ به‬ ‫مما سبق‪ ،‬يمكن أن نقول ّأن‬
‫يعتمد ع ى فكرة البطالن الظاهر‪ ،‬بل اعتمد ع ى فكرة أخرى و ي فكرة "الوجود الشك ي" التفاق التحكيم‪،‬‬
‫ي نظر ال اع لصالح محكمة التحكيم‪.‬‬ ‫من أجل استبعاد اختصاص القا‬

‫ثانيا‪:‬الاستثناءات الواردة ع ى هذا املبدأ‬


‫الوط ‪،‬‬ ‫أوردت القوان ن الحديثة للتحكيم بعض الاستثناءات ع ى مبدأ عدم اختصاص القا‬
‫ً‬
‫أساسا إ ى مساعدة التحكيم التجاري الدو ي ع ى‬ ‫حيث يبقى ف ا هذا ٔالاخ ﺮ متمتعا بسلطات واسعة دف‬

‫‪ -141‬مثال‪ :‬املادة ‪ 1/7‬من القانون الدو ي الخاص السويسري لسنة ‪1987‬؛ املادة ‪ 3/2‬من اتفاقية نيويورك لعام ‪...1958‬‬
‫‪ -142‬راجع املادة ‪ 1448‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ ‪.‬‬
‫‪ -143‬انظر مثال‪ :‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪ 46‬و‪47‬؛ وكذلك‪:‬‬
‫‪- TERKI Nour- Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p. 61 et 62.‬‬

‫‪45‬‬
‫ً‬
‫سواء تعلق بتشكيل محكمة‬ ‫تحقيق أهدافه وفعاليته‪،‬إذ يتدخل لحل ّ‬
‫أي إشكال يعيق العملية التحكيمية‪،‬‬
‫التحكيم أو س ﺮ الخصومة التحكيمية‪ ،‬خاصة إذا كنا أمام التحكيم الحر "‪.144"AD-HOC‬‬

‫فكل القوان ن الحديثة ي مجال التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬سمحت للطرف املع بالتعجيل رفع‬
‫ٔالامر أمام الجهة القضائية املختصة ملطالب ا بالتدخل لتشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬وذلك مهما كان سبب هذا‬
‫التأخر أو سبب عدم التشكيل‪.145‬‬

‫إضافة إ ى املساعدة ال يقدمها القضاء ي تشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬خاصة ي حالة التحكيم‬
‫الحر‪ّ ،‬‬
‫فإن القضاء يحتفظ أيضا باختصاصه ي مجال ٔالامور املستعجلة والتحفظية‪ ،146‬فاتفاق التحكيم ال‬
‫ي ﺮتب عليه سلب حق أحد الطرف ن ي أن يلجأ إ ى القضاء للحصول ع ى أمر باتخاذ إجراء تحفظي أو فرض‬
‫تدب ﺮ مؤقت‪ ،‬وهذا يرجع بطبيعة الحال إ ى سلطة ٔالامر املقررة للقضاء وال تفتقر إل ا محكمة التحكيم‬
‫رغم تمتعها بسلطة اتخاذ مثل هذﻩ التداب ﺮ‪ ،147‬إضافة إ ى ّأن "ٔالامر ي املنازعات املستعجلة يتعلق بخطر‬
‫املشرع بقضاء خاص متم عن القضاء صاحب الاختصاص ي دعوى‬ ‫ّ‬ ‫محدق أو ضرر داهم يواجهه‬
‫املوضوع"‪ ،148‬فﻬ ال تحتمل التأخ ﺮ‪.‬‬

‫إ ى جانب ما سبق‪ ،‬يمكن للقضاء الوط أن يتدخل ي كل الحاالت ال يتطل ا الس ﺮ العادي‬
‫ّ‬
‫للتحكيم‪،‬كحالة طلب استصدار أمر بتقديم أدلة أو لتمديد مهمة املحكم ن أو لتصحيح ٕالاجراءات أو ي‬
‫حاالت أخرى غ ﺮ محصورة‪.149‬‬

‫‪ -144‬لقد اختصر ٔالاستاذ "بن شنب" هذا الدور ي العبارة التالية‪:‬‬


‫‪« Si d’une seule phrase, il fallait résumer le rôle du juge d’appui, on pourrait dire qu’il devient la soupape‬‬
‫‪de sécurité du bon fonctionnement de l’arbitrage, y compris lorsque ce dernier est institutionnel ».‬‬
‫‪BENCHENEB Ali, « L’arbitrage et le rôle du juge d’appui en droits algérien et français », RDAI/IBLJ, N°1,‬‬
‫‪2012, p. 32.‬‬
‫‪ -145‬راجع ع ى سبيل املثال‪ :‬املادة ‪ 1041‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية؛ املادة ‪ 17‬من قانون التحكيم املصري؛ املادت ن ‪1451‬‬
‫و‪ 1452‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ الجديد‪...‬الخ‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ي املادة ‪1046‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬ ‫‪ -146‬وهو ما أخذ به‬
‫‪147‬‬
‫‪- «En raison de l’effet de la convention d’arbitrage et de l’absence d’imperium des arbitres, certaines‬‬
‫» …‪mesures ne peuvent être prises efficacement que par les juridictions étatiques‬‬
‫‪- FOUCHARD Philippe, GAILLARD Emmanuel, GOLDMAN Berthold, op.cit., p. 248.‬‬
‫‪ -148‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.527‬‬
‫‪ -149‬راجع املادت ن ‪ 1047‬و‪ 1048‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫آثار اتفاق التحكيم بالنسبة لألشخاص‬

‫اتفاق التحكيم كغ ﺮﻩ من الاتفاقات يتمتع بالقوة ٕالالزامية‪ ،‬وينتج آثارﻩ ي مواجهة أطرافه‪ ،‬كما‬
‫ً‬
‫استثناء أن يرتب آثارا تجاﻩ الغ ﺮ‪.‬‬ ‫يمكن‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬آثار اتفاق التحكيم بالنسبة لألطراف‬


‫أض ى التحكيم ي مجال التجارة الدولية حاليا‪ ،‬الوسيلة العادية لتسوية ال اعات ب ن املتعامل ن ي‬
‫هذا املجال‪ ،‬بل يعت ﺮﻩ البعض كوسيلة وحيدة ي هذا املجال‪ ،150‬ومثل هذا الرأي صاحبه اتجاﻩ نحو تمديد‬
‫آثار اتفاق التحكيم إ ى أشخاص لم تكن أطرافا فيه أثناء إبرامه‪ ،‬وهو ما أدى إ ى تحديد الطرف ي اتفاق‬
‫التحكيم وفق مفهوم ن‪ :‬يعتمد ٔالاول ع ى التفس ﺮ الضيق املب ع ى الاعتبارات القانونية‪ ،‬بينما يعتمد الثاني‬
‫ع ى املفهوم الواسع املب ع ى اعتبارات اقتصادية وفكرة الفعالية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أثار اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ع ى ٔالاطراف باملفهوم الضيق‬


‫ّإن الطرف ي ّ‬
‫أي عقد كان هو "من يصدر عنه تعب ﺮ عن إرادة الال ام‪ ،‬فيساهم ي تكوينه‪ ،‬فال‬
‫يكفي أن يرد ذكرﻩ أو يوقع عليه بصفة أخرى غ ﺮ هذﻩ الصفة "‪.151‬‬

‫انطالقا من هذا التعريف العام‪ ،‬فالطرف ي اتفاق التحكيم هو الشخص الذي يصدر عنه التعب ﺮ‬
‫عن إرادة الال ام باتفاق التحكيم‪ -‬سواء جاء ي صورة شرط تحكيم أو ي صورة مشارطة تحكيم‪.‬‬

‫وبما ّأن مجال تطبيق اتفاق التحكيم‪ ،‬سواء من حيث ٔالاشخاص أو من حيث املوضوع‪ ،‬يخضع‬
‫للقانون الذي يحكم هذا الاتفاق‪ ،152‬وإذا كان هذا ٔالاخ ﺮ هو القانون الجزائري‪ ،‬فيكون هذا الاتفاق ملزم‬
‫لطرفيه عمال بنص املادة ‪ 106‬من القانون املدني‪ ،‬وال تنص ع ى ّأن‪" :‬العقد شريعة املتعاقدين‪ ،‬وال يجوز‬
‫نقضه‪ ،‬وال تعديله إال باتفاق الطرف ن‪ ،‬أو لألسباب ال يقررها القانون"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫عمال بمبدأ نسبية ٓالاثار امل ﺮتبة ع ى العقد من حيث ٔالاطراف ومن حيث املوضوع‪ ،‬فإنه ال يمكن‬
‫للعقد أن يلزم غ ﺮ أطرافه‪ ،‬فاتفاق التحكيم أيضا ال يمكن الاحتجاج به ع ى من لم يكن طرفا فيه‪ ،‬وال يمكن‬
‫‪150‬‬
‫‪‐ ANCEL Jean-Pierre, « La lecture de la jurisprudence française en matière d’arbitrage international », in‬‬
‫‪L’arbitrage commercial interne et international, colloque organisé par le Ministère de la justice et la CGEM‬‬
‫‪en collaboration avec la cour suprême, cour suprême du Maroc les 3-4 Mars 2004, cahier de la cour,‬‬
‫‪n°6/2005, p. 182.‬‬
‫‪ -151‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.449‬‬
‫‪152‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p. 65.‬‬

‫‪47‬‬
‫للغ ﺮ أن يتمسك به ي مواجهة من هم أطرافا فيه‪ ،‬فإذا كان هذا الاتفاق تصرفا قانونيا بالنسبة ألطرافه‪،‬‬
‫فهو ّ‬
‫مجرد واقعة ي مواجهة الغ ﺮ‪.153‬‬
‫عينيا ّ‬
‫ألن‬ ‫تجدر ٕالاشارة إ ى ّأن اتفاق التحكيم ال يقبل التنفيذ بمقابل‪ ،‬بل تنفيذﻩ يكون دائم ـ ــا ً‬
‫يفسر تدخل القا الوط أو رئيس مركز التحكيم‬ ‫سيجردﻩ من ّأية فائدة‪ ،154‬هذا ما ّ‬
‫ّ‬ ‫القول بغ ﺮ ذلك‬
‫ّ‬
‫الذي يكون نظامه واجب التطبيق‪ ،‬حسب ٔالاحوال‪ ،‬لتعي ن املحكم عند تأخر أو رفض أحد ٔالاطراف تعيينه‪،‬‬
‫أو تعي ن رئيس محكمة التحكيم ي حالة اختالفهم ي تعيينه‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬بالنسبة لألطراف باملفهوم الواسع‬


‫أدى انتشار التحكيم ي ٓالاونة ٔالاخ ﺮة‪ ،‬كما سبقت ٕالاشارة إليه‪ ،‬إ ى اعتبارﻩ الوسيلة املعتادة لحل‬
‫ال اعات املتعلقة بالتجارة الدولية‪ ،‬ولتحقيق أك ﺮ فعالية له‪ ،‬ظهر اتجاﻩ نحو توسيع مجال تطبيق اتفاق‬
‫التحكيم من حيث ٔالاشخاص‪ ،‬وذلك من خالل توسيع مفهوم الطرف فيه‪ ،‬وبالتا ي تقييد مبدأ نسبية‬
‫آثارﻩ‪،‬وتطرح مسألة التوسيع ي عدة حاالت نذكر م ا‪:‬‬

‫‪ -1‬حالة مجموعات الشركات ‪:‬‬


‫تتحقق هذﻩ الحالة عندما تقوم شركة تنتم إ ى مجموعة شركات "‪،"Groupe de sociétés‬‬
‫بإبرام عقد تجاري دو ي يتضمن شرط تحكيم‪ ،‬فهل هذا الشرط يسري ي مواجهة الشركات ٔالاخرى املنتمية‬
‫ً‬
‫عقدا يتضمن شرطا للتحكيم‪ ،‬فهل هذا‬ ‫لنفس املجموعة أم ال؟ كما تطرح أيضا عندما ت ﺮم شركة ُأم ً‬

‫الشرط يلزم فروع هذﻩ الشركة؟‬

‫ت ﺮز أهمي ا ي حالة إخالل هذﻩ الشركات أو الفروع الل اما ا التعاقدية أو عدم تنفيذ املشروع‬
‫محل العقد‪ ،‬فإثارة مسؤولية هذﻩ الشركات أو الفروع ع ى أساس شروط التحكيم الواردة ي العقود ٔالاصلية‬
‫قد تكون غ ﺮ مجدية‪ ،‬سواء لعدم كفاية أو عدم تغطية القيمة النقدية لهذﻩ الشركات لقيمة الضرر الذي‬
‫أصاب الطرف املتعاقد معها‪ ،‬أو ّأن هذﻩ الشركات ليس لها من السيولة النقدية ما يكفي لتنفيذ العقد أو‬
‫ح ما يكفي لتعويض الضرر‪ ،155‬هذا ما يستد ي توسيع نطاق اتفاق التحكيم امل ﺮم من طرف شركة تنتم‬

‫‪ -153‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.135‬‬


‫‪154‬‬
‫‪-« Une convention d’arbitrage dont le refus d’exécution ne pourrait donner lieu qu’à des dommages-‬‬
‫‪intérêts serait d’un médiocre intérêt ».‬‬
‫‪FOUCHARD Philippe, GAILLARD Emmanuel, GOLDMAN Berthold, op.cit., p. 338.‬‬
‫‪ -155‬هذا وتختلف املسؤولية ي مجموعات الشركات باختالف نوعها‪ ،‬حيث تكون فردية ي نادي املؤسسات‪ ،‬تضامنية ي كونسورسيوم‬
‫املؤسسات ومسؤولية تضامنية وفردية ي تجمع املنفعة الاقتصادية‪ .‬لتفصيل ذلك‪ :‬معاشو عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.101 - 96‬‬

‫‪48‬‬
‫إ ى مجموعة‪ ،‬ليشمل جميع الشركات ٔالاخرى املنتمية إ ى نفس املجموعة‪ ،‬وذلك حماية ملصالح الشركات‬
‫املتعاقدة معها‪.‬‬
‫لكن غم هذﻩ ٔالاهمية‪ّ ،‬‬
‫فإن تجسيد املفهوم الواسع للطرف ي اتفاق التحكيم أمر ي غاية‬ ‫ر‬
‫الصعوبة‪ ،‬فمن الناحية القانونية البحتة‪ ،‬يف ﺮض ّ‬
‫تمتع كل شركة بشخصية قانونية مستقلة عن الشخصية‬
‫القانونية للشركات ٔالاخرى ال تنتم إ ى نفس املجموعة‪ ،‬وهو ما ينطبق كذلك بالنسبة للفروع ال تتمتع‬
‫بشخصية قانونية مستقلة عن الشخصية القانونية للشركة ٔالام‪ ،‬فهذﻩ الشركات والفروع –حسب الحالة‪ -‬ال‬
‫ً‬
‫تل م إال بما أبرمته من عقود عمال بمبدأ نسبية آثار العقد‪ ،‬هذا من جهة‪.‬‬
‫غ ﺮ ّأنه ومن جهة أخرى‪ ،‬نجد ّأن استقاللية هذﻩ الشركات ال أثر لها من الناحية الاقتصادية‪ّ ،‬‬
‫ألن‬
‫هذﻩ الشركات والفروع ما ي إال وسيلة لتحقيق إس ﺮاتيجية املجموعة أو الشركة ٔالام ‪ -‬حسب الحالة‪.156‬‬

‫بالنظر إ ى ما سبق‪ ،‬حاول املحكمون ي مجال التجارة الدولية التوفيق ب ن هذﻩ املعطيات‬
‫املتناقضة لحل هذﻩ ٕالاشكالية‪ ،‬و اعت ﺮوا ّأن ٔالاصل هو عدم ال ام شركة باتفاق التحكيم الذي أبرمته شركة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫استثناء أن تمتد آثار هذا الاتفاق إ ى الشركات ٔالاخرى‪،‬‬ ‫أخرى تنتم معها إ ى نفس املجموعة‪ ،‬غ ﺮ أنه يمكن‬
‫إذا ثبت من الظروف املحيطة ذا العقد ّأن هذﻩ الشركات ساهمت بدور كب ﺮ ي إبرام العقد‪ ،‬وبالنظر إ ى‬
‫ّ‬
‫تربطها ا‪ ،‬ففي هذﻩ الحالة يرى البعض أنه " يجب تغليب فكرة الوحدة‬ ‫الروابط الاقتصادية ال‬
‫الاقتصادية ال توجد وراء فكرة مجموعة الشركات ع ى اعتبار التعدد القانوني للوحدات املكونة لهذﻩ‬
‫املجموعة"‪.157‬‬

‫لقد تم تجسيد هذا الحل عمليا مثال ي حكم التحكيم الصادر تحت مظلة غرفة التجارة الدولية‬
‫بباريس سنة ‪ 1991‬ي القضية رقم ‪ ،1586519‬ويعت ﺮ هذا الح ـ ــل امتداد وتكملة للحكم التحكيم الصادر ي‬
‫إطار نفس املركز ي سنة ‪ 1982‬ي القضية رقم ‪ 4131‬املعروفة بقضية"‪.159"DOWCHEMICAL‬‬

‫‪156‬‬
‫‪-TERKI Nour- Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op.cit., p. 66.‬‬
‫‪ -157‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪139‬؛ ع ي سيد قاسم‪" ،‬شرط التحكيم ومجموعة الشركات"‪ ،‬أعمال املؤتمر السنوي‬
‫السادس عشر )التحكيم التجاري الدو ي(‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة ٕالامارات العربية املتحدة‪ ،‬أيام ‪ 30 -28‬أبريل ‪،2008‬ص ص ‪،84-69‬‬
‫منشور ع ى الرابط التا ي‪http://slconf.uaeu.ac.ae/arabic_prev_conf.asp:‬‬
‫‪ -158‬لالطالع ع ى الحكم‪:‬‬
‫‪DERAINS Yves, Obs-sous sentence rendue en 1991 dans l’affaire n°6519, JDI, 1991,p.1069.‬‬
‫‪ -159‬يمكن الاطالع ع ى ملخص وقائع القضية ي‪ :‬تعويلت كريم‪ ،‬استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،...‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪،57‬‬
‫هامش رقم ‪.133‬‬

‫‪49‬‬
‫يتضح مما سبق ّأن تحديد ٔالاطراف الذين يملكون التمسك باتفاق التحكيم ويمكن الاحتجاج‬
‫عل م به‪ ،‬يتوقف ع ى الفحص الدقيق للعقد واملالبسات املحيطة به‪ ،‬خاصة ّ‬
‫وأن ٔالامر ي العقود الدولية‬
‫يؤدي ي العديد من الحاالت إ ى استعانة ٔالاطراف ٔالاصلي ن بمقاول ن من الباطن أو بفروع يتم تأسيسها‬
‫ملباشرة تنفيذ العقد أو العقود املتتابعة ال قد يتم إبرامها‪ .‬ففي هذﻩ الحاالت يمتد اتفاق التحكيم ويتسع‬
‫نطاقه ليشمل الشركات ال لم توقع عليه‪ ،‬ويتسع بذلك مفهوم الطرف بتحقق الشروط التالية‪:‬‬

‫أ‪ -‬التمثيل الفع ي أو الضم للشركات ٔالاعضاء ي املجموعة‪.‬‬


‫ب‪-‬املساهمة الفعالة ي املفاوضات السابقة إلبرام العقد املتضمن شرط التحكيم‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن تكون هذﻩ الشركات معنية ذا العقد وباملنازعات ال يمكن أن تتمخض عنه‪.‬‬

‫‪ -2‬حالة العقود ال ت ﺮمها الدولة أو أحد ٔالاجهزة التابعة لها‬


‫ّ‬
‫إنمسألة مدى إمكانية توسيع مفهوم الطرف‪ ،‬وبالتا ي توسيع نطاق اتفاق التحكيم من حيث‬
‫ت ﺮمها‬ ‫ٔالاشخاص‪ ،‬ال تقتصر فقط ع ى حالة مجموعات الشركات‪ ،‬بل تثور أيضا بصدد العقود ال‬
‫الدولةوتقبل ف ا التحكيم وكذلك بصدد العقود ال ت ﺮمها ٔالاجهزة التابعة للدولة‪ ،‬ففي الحالة ٔالاو ى تثار‬
‫مسألة مدى سريان اتفاق التحكيم ي مواجهة ٔالاجهزة التابعة للدولة‪ ،‬و ي الحالة الثانية تثار مسألة مدى‬
‫سريان هذا الشرط ي مواجهة الدولة‪.‬‬

‫ّإن هذﻩ املسائل ليست ّ‬


‫مجرد تصور نظري‪ ،‬بل طرحت ي عدة مناسبات أمام محاكم التحكيم‬
‫ي عدة دول‪ ،‬وفيما ي ي أمثلة عن كل حالة من هذﻩ الحاالت‪:‬‬ ‫وأمام القضاء الوط‬

‫أـ حالة العقود ال ت ﺮمها الدولة‬


‫لقد أث ﺮت مسألة سريان شرط التحكيم الذي ت ﺮمه الدولة ع ى ٔالاجهزة التابعة لها ي عدة قضايا‬
‫عالجها التحكيم والقضاء‪،‬نذكر من بي ا ع ى سبيل املثال‪ ،‬القضية رقم ‪ 4727‬ال فصلت ف ا محكمة‬
‫التحكيم املشكلة وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس‪ ،‬واملتعلقة بال اع النا ﺊ عن العقد امل ﺮم ب ن‬
‫شركة "‪ "SWISSOILCORPORATION‬وحكومة الجابون‪.160‬‬

‫تتلخص وقائع هذﻩ القضية ي قيام شركة "‪"SWISS OÏL‬بإبرام عقد مع جمهورية الجابون‬
‫ً‬
‫لشراء املواد الب ﺮولية‪ ،‬ولقد تضمن هذا العقد شرطا للتحكيم وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫‪- CCI n° 4727, Rev. arb., 1989, p.309, note JARROSSON (Ch.).‬‬

‫‪50‬‬
‫أثناء إبرام العقد‪ ،‬قام املدير العام للشركة العامة الجابونية "‪ "PETROGAB‬بوضع توقيعه ي‬
‫أسفل أحد مالحق هذا العقد‪ ،‬وذلك بعد التذك ﺮ بصفته وبعد عبارة "لصالح الجمهورية الجابونية"‪.‬‬

‫بسبب ال اعات الناشئة عن العقد‪ ،‬وعدم الاتفاق ع ى كيفية تحديد السعر‪ ،‬رفضت الشركة‬
‫السويسرية دفع ثمن جزء من الب ﺮول الذي تسلمته‪ ،‬مما أدى بالحكومة الجابونية إ ى رفض تسليم‬
‫الشحنات الجديدة‪ .‬وإزاء هذا املوقف‪ ،‬ونظرا لفشل الحلول الودية‪ ،‬لجأت شرك ـ ـ ـ ـ ــة "‪"SWISS OIL‬إ ى‬
‫ً‬
‫التحكيم عمال بالشرط الذي تضمنه العقد ضد كل من جمهورية الجابون وشركة"‪ ،"PETROGAB‬بادعاء‬
‫ً‬
‫ّأن هذﻩ ٔالاخ ﺮة أصبحت طرفا ي العقد بسبب توقيع املدير العام لها ع ى امللحق املذكور‪.‬‬

‫ي حكمها الصادر بتاريخ ‪ ،1987/04/30‬رفضت هيئة التحكيم ما ذهبت إليه الشركة املدعية‪،‬‬
‫بأنه لصالح الجمهورية الجابونية‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫وقررت ب ّ‬
‫وأن عدم إشارة ملحق‬ ‫أن ٕالاشارة املصاحبة لتوقيع املدير العام‬
‫العقد إ ى شركة"‪ " PETROGAB‬باعتبارها طرفا ي العقد‪ ،‬أمور تثبت ّأن التوقيع الصادر عن املدير العام لم‬
‫َ‬
‫يصدر لصالح هذﻩ الشركة‪ ،‬بل لصالح الحكومة الجابونية ال أبرم هذا امللحق ملصلح ا‪ ،‬وهو نفس املوقف‬
‫وقررت ّأن‬
‫الذي اتخذته محكمة استئناف باريس‪،‬وال رفضت الطعن ضد حكم محكمة التحكيم‪ّ ،‬‬
‫"ٔالاطراف ي الاتفاق ع ى التحكيم هم هؤالء الذين ساهموا بإراد م ي إبرام العقد"‪،‬واستبعدت بالتا ي‬
‫سريان شرط التحكيم الذي أبرمته الدولة الجابونية ي مواجهة شركة "‪"PETROGAB‬التابعة لها‪.‬‬

‫ب‪ -‬حالة العقود ال ت ﺮمها الهيئات أو ٔالاجهزة التابعة للدولة‬


‫يطرح التساؤل ي هذﻩ الحالة حول مدى إمكانية إعمال اتفاق التحكيم ي مواجهة الدولة ال تتبع‬
‫لها الهيئات أو ٔالاجهزة ال أبرمت العقود املتضمنة لشروط التحكيم‪ ،‬وقد طرحت هذﻩ املسألة بدورها ي‬
‫عدة مناسبات‪ ،‬سواء أمام محاكم التحكيم أو أمام الجهات القضائية الوطنية‪ ،‬ومن أشهر القضايا ال‬
‫أث ﺮت ف ا نذكر‪ :‬قضية"‪ "Westland Helicopters Ltd‬ضد هيئة التصنيع العربية وقضية هضبة ٔالاهرام‬
‫ب ن جمهورية مصر وشركة "‪.161"Southern Pacific Properties‬‬

‫لقد توصلت محاكم التحكيم ال فصلت ي القضيت ن إ ى توسيع نطاق اتفاق التحكيم من حيث‬
‫ٔالاشخاص‪ ،‬ليشمل ٔالاجهزة والهيئات التابعة للدولة ال أبرمت العقد الذي يتضمنه‪ ،‬وذلك انطالقا من‬
‫أسباب ظاهرية ودون البحث عن ٕالارادة الحقيقية لهؤالء ٔالاطراف‪.‬‬

‫‪ -161‬راجع ملخص عن وقائع القضيت ن ي‪ :‬تعويلت كريم‪ ،‬استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،...‬مرجع سابق ص ‪ 60‬وما يل ا‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫غ ﺮ ّأن القضاء الوط لم يأخذ بما وصلت إليه محاكم التحكيم وأبطل ٔالاحكام الصادرة ي‬
‫القضيت ن‪ ،‬وذلك بمناسبة الطعن بالبطالن‪ ،‬وقد استند ي ذلك ع ى الشخصية القانونية املستقلة لهذﻩ‬
‫الهيئات ي كلتا القضيت ن‪ .‬وع ى أساس ّأن الصلة الوثيقة ال توجد ب ن هذﻩ الهيئات ؤالاجهزة من جهة‪،‬‬
‫واملجسدة ي الرقابة ال تما سها هذﻩ ٔالاخ ﺮة عل ا‪ ،‬ال ُت ّ‬
‫عد عامال كافيا‬ ‫ّ‬ ‫والدولة ال تتبع لها من جهة أخرى‪،‬‬
‫ر‬
‫فإن تخويل‬‫من أجل قلب القرينة املستفادة من عدم توقيع الدولة ع ى شرط التحكيم‪ .‬بل أك ﺮ من ذلك‪ّ ،‬‬

‫هذﻩ ٔالاجهزة والهيئات بسلطة التقا وتحديد الوسائل ال تلجأ إل ا من أجل الفصل ي املنازعات الناشئة‬
‫بي ا وب ن املتعاقدين معها‪ ،‬يدل ّ‬
‫بأن هذﻩ الدول قد ع ّ ﺮت عن رغب ا ي عدم الخضوع التفاق التحكيم‪.‬‬

‫مجرد اف ﺮاض ّأن الطرف الخاص املتعاقد مع‬


‫فقبول الدولة لالتفاق ع ى التحكيم ال يستخلص من ّ‬
‫الشخص الاعتباري التابع للدولة‪ ،‬ما كان يمكن أن يقبل التعاقد معه دون ال ام الدولة باتفاق التحكيم‪.‬‬

‫عل ضوء ما سبق‪ ،‬نقول ّأن توسيع نطاق اتفاق التحكيم من حيث ٔالاشخاص )توسيع مفهوم‬
‫الطرف فيه(‪ ،‬سواء كان ذلك ي مجموع الشركات أو ي الاتفاقات ال ت ﺮمها الدولة والهيئات التابعة لها ‪،‬ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اعتمادا ع ى الظروف املحيطة بإبرام‬ ‫يمكن أن يجد أساسه إال من خالل البحث عن اتجاﻩ إرادة ٔالاطراف‪،‬‬
‫ّ‬
‫يتحدد نطاق اتفاق التحكيم‪ ،‬ففي حالة عدم‬ ‫ألن إ ادة ٔالاطراف ي املعيار الوحيد الذي ً‬
‫وفقا له‬ ‫العقود‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫مد آثار اتفاق التحكيم‪ّ ،‬‬
‫فإن الذين لم‬ ‫توفر الشروط السابقة الذكر‪ ،‬أي عدم اتجاﻩ إ ادة ٔالاطراف إ ى ّ‬
‫ر‬
‫يوقعوا ع ى اتفاق التحكيم يعت ﺮون من الغ ﺮ‪.162‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آثار اتفاق التحكيم بالنسبة للغ ﺮ‬


‫قد يحدث للعقد ٔالاص ي الذي تضمن اتفاق التحكيم التجاري الدو ي أن ينتقل‪ ،‬أثناء تنفيذﻩ أو‬
‫قبله‪ ،‬إ ى أشخاص غ ﺮ ٔالاشخاص الذين أبرموﻩ‪ ،‬و ي مثل هذﻩ الحالة تطرح التساؤل التا ي‪ :‬هل ينتقل اتفاق‬
‫التحكيم إ ى الغ ﺮ الذي انتقل إليه هذا العقد؟‬

‫يقت مبدأ نسبية آثار العقد املنصوص عليه ي املادة ‪ 113‬من القانون املدني الجزائري ٕالاجابة‬
‫ع ى السؤال السابق بالنفي‪ ،163‬حيث ُيلزم اتفاق التحكيم –وفقا لهذا املبدأ‪ -‬أطرافه فقط وال يرتب آثارا ع ى‬
‫الغ ﺮ‪،‬غ ﺮ ّأن هذا املبدأ يمكن أن ترد عليه استثناءات تتعلق بحالة انتقال اتفاق التحكيم إ ى الخلف الخاص‬
‫أو إ ى الخلف العام‪.‬‬

‫‪ -162‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 64‬و‪.65‬‬


‫ّ‬
‫‪ -163‬تنص املادة ‪ 113‬ق م ج ع ى أنه "ال يرتب العقد ال اما ي ذمة الغ ﺮ‪ ،‬ولكن يجوز أن يكسبه حقا"‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫أوال‪ :‬آثار اتفاق التحكيم ع ى الخلف الخاص‬
‫تقتصر خالفة الخلف الخاص لسلفه ع ى حق مع ن من الحقوق أو ع ى ال ام مع ن من الال امات‪.‬‬
‫من هذا املنطلق‪ ،‬ف ّ‬
‫إن نطاق البحث ي امتداد آثار العقود ال ي ﺮمها السلف‪ ،‬بما ف ا اتفاق التحكيم‪ ،‬إليه‬
‫يقتصر ع ى ما يتعلق م ا بالحق أو الال ام الذي انتقل إليه أو بال ء الذي يرد عليه هذا الحق أو الال ام‪.‬‬

‫ّإن انتقال آثار اتفاق التحكيم إ ى الخلف الخاص‪ ،‬يف ﺮض بالضرورة انتقال آثار العقد ٔالاص ي‬
‫الاتفاق‪ .‬ويكون ذلك بتحقق شروط الخالفة ال‬ ‫نص القانون أو بمقت‬ ‫إليه‪ ،164‬سواء كان ذلك بمقت‬
‫تتمثل ي‪:‬‬

‫‪ -‬أن تكون الحقوق والال امات موضوع هذا الانتقال من مستلزمات العقد ٔالاص ي‪ ،‬وهو شرط يتحقق‬
‫بالضرو ة ي اتفاق التحكيم‪ّ ،‬‬
‫ألن موضوعه يتعلق بال اعات ال نشأت أو يمكن أن تنشأ عن العقد ٔالاص ي‪،‬‬ ‫ر‬
‫فهو من مستلزماته‪.165‬‬
‫‪ -‬أن يكون الخلف الخاص ع ى علم باتفاق التحكيم‪ ،‬والعلم ي هذﻩ الحالة يختلف إذا ما كان هذا الاتفاق‬
‫ّ‬
‫مدرج ي العقد ٔالاص ي‪ ،‬حيث يف ﺮض علم الخلف الخاص به‪ ،‬ألنه ع ى علم بالعقد ٔالاص ي‪ ،‬والحالة ال‬
‫يكون ف ا اتفاق التحكيم منفصال عن العقد ٔالاص ي‪ ،‬و ي هذﻩ الحالة ال يعد العلم بالعقد ٔالاص ي قرينة ع ى‬
‫علم الخلف باتفاق التحكيم‪ ،‬وبالتا ي لهذا ٔالاخ ﺮ التمسك بعدم انتقال اتفاق التحكيم إليه رغم انتقال‬
‫العقد ٔالاص ي‪.‬‬
‫نش ﺮ هنا إ ى ّأن عدم استبعاد انتقال اتفاق التحكيم صراحة ُي ّ‬
‫عد قرينة ع ى قبوله ي حالة انتقال‬
‫العقد ٔالاص ي الذي يتضمنه‪ ،‬فاالنتقال الاتفا ي للعقد ٔالاص ي يستنتج منه ّ‬
‫بأن الطرف الذي انتقل إليه‬
‫العقد ٔالاص ي قد قبل كل بنودﻩ بما ف ا البند املتعلق بحل ال اعات‪.166‬‬

‫ّإن املثال الشائع ي مجال التحكيم التجاري الدو ي هو الخالفة عن طريق الحلول‪ ،‬ويتحقق ذلك ي‬
‫عقود ضمان الاستثمارات ضد ٔالاخطار السياسية كما هو منصوص عليه مثال ي الاتفاقية املتضمنة إنشاء‬

‫‪ -164‬هناك من يرى ّأن انتقال اتفاق التحكيم دون انتقال العقد ٔالاص ي الذي يتعلق به ال يمكن تصورﻩ‪ّ ،‬‬
‫ألن هذا الاتفاق سيفقد‬
‫محله‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪FOUCHRD Philippe, GAILLARD Emmanuel, GOLDMAN Berthold, op. cit., p. 443.‬‬
‫‪ -165‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 468‬وما يل ا‪.‬‬
‫‪166‬‬
‫‪- FOUCHRD Philippe, GAILLARD Emmanuel, GOLDMAN Berthold, op. cit., p. 444.‬‬

‫‪53‬‬
‫الوكالة الدولية لضمان الاستثمارات املعروفة باسم "اتفاقية سيول لعام‪ ،167"1985‬كما نصت عليه أيضا‬
‫معظم الاتفاقيات الثنائية ال أبرم ا الجزائر ي مجال ترقية وحماية الاستثمارات‪.168‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار اتفاق التحكيم ع ى الخلف العام‬


‫الخلف العام هو الخلف الذي يخلف سلفه ي ذمته املالية كلها أو ي حصة م ا‪ ،‬كالوارث‬
‫والشخص املعنوي الذي يندمج فيه شخص معنوي آخر ؤالاشخاص ال ينقسم إل ا الشخص املعنوي‪،‬‬
‫ففي حالة وفاة أحد املتعاقدين مثال‪ ،‬تنتقل حقوقه الناشئة عن العقد الذي أبرمه قبل وفاته إ ى ورثته وإ ى‬
‫له بحصة من تركته‪،‬كما تنتقل إل م كذلك الال امات ال تكون قد نشأت ع ى عاتقه‬ ‫من يكون قد أو‬
‫من العقد‪ ،‬لكن هذﻩ الال امات ال تنتقل إ ى الخلف العام إال ي حدود ما آل إليه من ال ﺮكة‪ ،169‬وإذا كان هذا‬
‫هو املعمول به بالنسبة النتقال الحقوق والال امات بصفة عامة‪ ،‬فما هو الشأن بالنسبة التفاق التحكيم؟‬

‫يجد هذا التساؤل مصدرﻩ فيما سبقت ٕالاشارة إليه من ّأن اتفاق التحكيم اتفاق قضائي‪ ،‬فهو‬
‫اتفاق إجرائي ومضمونه يكون دائما حقوق وال امات إجرائية وليس حقوق وال امات مالية تدخل ي مفهوم‬
‫ال ﺮكة وتتحدد بحدودها‪ ،‬لذلك ّ‬
‫فإن انتقاله إ ى الخلف العام ال ّ‬
‫يتحدد بحدود ال ﺮكة‪.‬‬

‫إجابة ع ى هذا التساؤل‪ ،‬ذهب اج اد محاكم التحكيم إ ى تقرير انتقال اتفاق التحكيم إ ى الخلف‬
‫العام‪ ،‬واعت ﺮت أ ّنه إذا انقسمت شركة إ ى عدة شركات‪ ،‬وكانت قد أبرمت اتفاقا للتحكيم‪ّ ،‬‬
‫فإن هذا الاتفاق‬
‫ينتقل إ ى الشركات الناتجة عن هذا الانقسام‪،170‬وهو ما ينطبق أيضا ع ى حالة اندماج الشركات‪.‬‬
‫ّ‬
‫ع ى اتفاق‬ ‫تجدر ٕالاشارة ي ٔالاخ ﺮ إ ى أنه يمكن لألطراف الاتفاق ع ى إضفاء الطابع الشخ‬
‫التحكيم‪ ،‬وهو ما يحول دون انتقال آثارﻩ إ ى الخلف‪ ،‬وذلك ع ى أساس ّأن التحكيم نظام يقوم أساسا ع ى‬
‫ّ‬
‫بمجرد وفاة أحد أطرافه إذا كان شخصا طبيعيا أو بحله إذا‬ ‫ٕالارادة‪ ،‬و ي هذﻩ الحالة ينق هذا الاتفاق‬
‫كان شخصا معنويا‪.‬‬

‫‪ -167‬نص هذﻩ الاتفاقية منشور بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪ 345-95‬املؤرخ ي ‪ ،1995/10/30‬واملتضمن املصادقة ع ى الاتفاقية‬
‫املتضمنة إنشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،66‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬نوفم ﺮ لسنة ‪.1995‬‬
‫‪168‬‬
‫‪- voir : TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p. 69.‬‬
‫‪ -169‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬املرجع سابق‪ ،‬ص ‪.470‬‬
‫‪ -170‬هذا ما وصلت إليه محكمة تحكيم ي إطار غرفة التجارة الدولية بباريس بمناسبة الفصل ي القضية رقم ‪ ،5884‬وال طرحت ب ن‬
‫ثالث مؤسسات عامة جزائرية من جهة‪ ،‬وشركة فرنسية من جهة أخرى‪) .‬قضية غ ﺮ منشورة(‪ ،‬وقائعها مشار إل ا ي كتاب ٔالاستاذ تركي‬
‫نور الدين‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p.70 &71.‬‬

‫‪54‬‬
‫املح ـ ـ ــور الث ـ ـ ـ ـالث‬
‫إجراءات التحكي ـ ــم التج ـ ـاري الدول ـ ـ ـي‬
‫يقصد بإجراءات التحكيم‪ ،‬بداية تلك املسائل املتعلقة بوالية قضاء التحكيم وتشكيل محكمة‬
‫التحكيم واختصاصا ا‪ ،‬وإجراءات املرافعات ال ّ‬
‫تتبع لد ا إ ى غاية إصدارها للحكم ال ائي ‪.171‬‬

‫يعتمد تنظيم التحكيم التجاري الدو ي ي قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬ع ى غرار القوان ن‬
‫ي عملية التحكيم إال‬ ‫الحديثة املنظمة له‪ ،‬ع ى توسيع مجال إعمال إرادة ٔالاطراف‪ ،‬وال يتدخل القا‬
‫للقيام بدورﻩ كمساعد لتذليل الصعوبات والعقبات ال من شأ ا أن ّدد نجاح هذا النظام أو فعاليته‪ّ ،‬‬
‫ألن‬
‫إرادة ٔالاطراف ال تعت ﺮ مركز قوة التحكيم عادة يمكن أن تشكل نقطة ضعفه ي الحاالت ال يغيب ف ا‬
‫الاتفاق ب ن ٔالاطراف ع ى مسألة من املسائل‪.‬‬

‫تتج ى مظاهر توسيع مجال إعمال إرادة ٔالاطراف ي مجال التحكيم التجاري الدو ي ي القانون‬
‫الجزائري سواء من خالل تكريس حرية ٔالاطراف ي تعي ن املحكم ن وتشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬و ي تكريس‬
‫حري م ي تحديد القانون الذي تخضع له ٕالاجراءات املتبعة من قبل هذﻩ املحكمة وكذا القانون الذين‬
‫تطبقه للفصل ي موضوع ال اع املعروض عل ا‪.‬‬

‫املبحث ٔالاول‬
‫تشكيل محكمة التحكيم التجاري الدو ي‬
‫يرتكز اختيار املحكم أو املحكم ن ع ى الثقة ال يضعها ٔالاطراف ي عدال م ونزاه م وكفاء م‪،‬‬
‫لذلك ُت ّ‬
‫كرس قوان ن التحكيم الحديثة حرية ٔالاطراف ي تشكيل محكمة التحكيم وتعي ن املحكم ن وعزلهم‬
‫واستبدالهم‪ ،‬أو تحديد شروط ذلك‪ ،‬غ ﺮ أ ّن تجسيد هذﻩ الحرية ع ى أرض الواقع‪ ،‬خاصة عندما يكون‬
‫حر‪ ،‬قد يصطدم بعقبات تحول دون تمكن ٔالاطراف من تعي ن املحكم ن أو استكمال تشكيل‬ ‫التحكيم ّ‬
‫ّ‬
‫لرفع تلك العقبات‬ ‫فعالية التحكيم تدخل القا‬ ‫محكمة التحكيم‪ ،‬ففي مثل هذﻩ الحاالت تقت‬
‫وتشكيل محكمة التحكيم‪.‬‬

‫‪ -171 -1‬وفاء مزيد فلحوط‪" ،‬النظام القانوني الواجب التطبيق ي إطار التحكيم التجاري الدو ي"‪ ،‬أعمال املؤتمر الدو ي السنوي‬
‫السادس عشر )التحكيم التجاري الدو ي(‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة ٕالامارات العربية املتحدة‪ ،‬أيام ‪ 30-28‬أفريل‬
‫‪ ،2008‬ص‪ ،553‬منشور ع ى الرابط التا ي‪http://slconf.uaeu.ac.ae/arabic_prev_conf.asp :‬‬

‫‪55‬‬
‫املطلب ٔالاول‬
‫تشكيل محكمة التحكيم من قبل ٔالاطراف‬
‫ع ى غرار القوان ن الحديثة املنظمة للتحكيم التجاري الدو ي‪ّ ،‬‬
‫كرس قانون ٕالاجراءات املدنية‬
‫وٕالادارية مبدأ حرية ٔالاطراف ي تعي ن املحكم ن وتشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬وتحديد شروط تعيي م وشروط‬
‫ّ‬
‫عزلهم أو استبدالهم‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 1041‬منه ع ى أنه "يمكن لألطراف‪ ،‬مباشرة أو بالرجوع إ ى نظام‬
‫التحكيم‪ ،‬تعي ن املحكم أو املحك ن أو تحديد شروط تعيي م وشروط عزلهم أو استبدالهم"‪.‬‬
‫ّ‬
‫تطبيقا لنص هذﻩ املادة‪ ،‬فإنه يمكن ألطراف اتفاق التحكيم التجاري الدو ي أن يتفقوا ع ى تعي ن‬
‫تشكيلة محكمة التحكيم إما بصفة مباشرة‪ ،‬أو بالرجوع إ ى نظام التحكيم‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬التعي ن املباشر ألعضاء محكمة التحكيم‬


‫تسمح املادة ‪ 1041‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ألطراف اتفاق التحكيم بتعي ن املحكم أو‬
‫ّ‬
‫املحكم ن بطريقة مباشرة‪ ،‬حيث نصت ع ى أنه "يمكن لألطراف‪... ،‬تعي ن املحكم أو املحكم ن‪."...‬‬

‫عادة ما يلجأ ٔالاطراف إ ى هذﻩ الطريقة ي تعي ن املحكم أو املحكم ن عندما يكون التحكيم ّ‬
‫حر‬
‫)تحكيم الحاالت الخاصة(‪ ،‬وفيه يتو ى هؤالء ٔالاطراف هذا التعي ن مسبقا ي اتفاق التحكيم أو ينتظرون‬
‫نشأة ال اع للقيام به‪ ،‬و ي الحالة ال يتفق ف ا ع ى تشكيلة ثالثية‪ ،‬يمكن لألطراف تعي ن املحكم الثالث أو‬
‫ترك ذلك للمحكم ن املعين ن‪.172‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعي ن بالرجوع إ ى نظام تحكيم مع ّ ن‬


‫يكون اللجوء إ ى هذﻩ الطريقة عادة‪ ،‬عندما يتفق أطراف اتفاق التحكيم ع ى اختيار مركز تحكيم‬
‫دائم‪ ،‬و ي هذﻩ الحالة عادة ما ال يتفق ٔالاطراف ع ى تشكيلة محكمة التحكيم ال ستفصل ي ال اع‬
‫مباشرة‪ ،‬ويتو ى املركز املختار تعي ن املحكم أو املحكم ن وفقا ملا ينص عليه نظام التحكيم الساري لديه‪ .‬إذ‬
‫تقوم مراكز التحكيم الدائمة بإعداد قوائم بأسماء املحكم ن املقبول ن لد ا‪ ،‬وتع ّ ن من بي م املحكم أو‬
‫املحكم ن للفصل ي ال اع‪.173‬‬

‫‪ -172‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬


‫‪ -173‬املالحظ ي هذا املجال هو وجود اختالف ب ن مراكز التحكيم الدائمة بخصوص عدد املحكم ن‪ ،‬إذ تميل أنظمة التحكيم املعمول‬
‫ا لدى مراكز التحكيم ٔالانجلو‪-‬أمريكية إ ى تفضيل التشكيلة الفردية إال ي حالة ال اعات الضخمة ال تتطلب التعدد‪ ،‬بينما تميل‬
‫أنظمة مراكز التحكيم ي البلدان ذات التقاليد الالتينو‪-‬جرمانية إ ى تفضيل التشكيلة الجماعية‪ ،‬ولكل من الاختيارين عيوبه ومزاياﻩ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫تشكيل محكمة التحكيم بمساعدة القا‬

‫هناك عدة حاالت يمكن ف ا أن تصطدم فعالية اتفاق التحكيم بإشكالية تعي ن املحكم ن وتشكيل‬
‫ّ‬
‫محكمة التحكيم ال بدو ا ال يمكن وضع هذا الاتفاق موضع التنفيذ‪ ،‬خاصة أنه ال يقبل التنفيذ بمقابل‪،‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري دورا مساعدا للقا وسمح له بالتدخل لتعي ن املحكم أو املحكم ن‪ ،‬وتشكيل‬ ‫كرس‬‫لذلك ّ‬
‫محكمة التحكيم‪ ،‬إذا طلب منه ذلك‪ّ ،‬‬
‫وحدد له ٕالاجراءات ال يتبعها‪ ،‬وذلك ي الفقرة الثانية من املادة‬
‫‪ 1041‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬

‫ي تعي ن املحكم ن‪:‬‬ ‫الفرع ٔالاول‪ :‬حاالت تدخل القا‬


‫قد ال يتحقق اختيار املحتكم ن ألعضاء محكمة التحكيم ي كل الفروض‪ ،‬إذ يمكن أن ال يتفق‬
‫هؤالء ع ى تعي ن املحكم الوحيد‪ ،‬وقد يتقاعس أحد الطرف ن ي تعي ن محكم من جهته أو استبداله ألي‬
‫سبب كان إذا كانت التشكيلة املتفق عل ا جماعية‪،‬وقد ال يتوصل املحكمون املعينون إ ى تعي ن املحكم‬
‫املرجح‪ ،‬ي كافة هذﻩ الفروض يقت وضع اتفاق التحكيم موضع التنفيذ وتحقيق فعاليته‪ ،‬تدخل الجهة‬
‫ّ‬
‫القضائية لتشكيل محكمة التحكيم ال ستتو ى الفصل ي ال اع الذي اتفق ٔالاطراف ع ى حله عن طريق‬
‫التحكيم‪.174‬‬

‫ال يثور اختصاص املحكمة القضائية ي تشكيل محكمة التحكيم‪ -‬وفقا ملا سبق‪ -‬إال إذا اختلف‬
‫املحتكمون ي اختيار املحكم ن وتعيي م أو تحديد وقت اختيارهم‪ ،175‬أو عجزوا عن ذلك ألي سبب كان‪،‬‬
‫ً‬
‫ونظرا للطبيعة ٕالاجرائية الخاصة التفاق التحكيم‪ ،‬وال ال تتم مع فكرة تنفيذ هذا الاتفاق بمقابل‪ ،‬ومن‬
‫تكرس فكرة‬‫أجل تحقيق فعالية هذا ٔالاخ ﺮ‪ ،‬جاءت القوان ن املنظمة للتحكيم ي مختلف الدول بنصوص ّ‬
‫ّ‬
‫املحك‪ ،‬حيث‬ ‫مساعدة القضاء للتحكيم ي مثل هذﻩ الحاالت ال تكون ف ا فعالية اتفاق التحكيم ع ى‬

‫راجع‪ :‬محسن شفيق‪ ،‬التحكيم التجاري الدو ي )دراسة ي قانون التجارة الدولية(‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1997 ،‬ص ص‬
‫‪.229-219‬‬
‫‪ -174‬راجع ي هذا الصدد‪:‬‬
‫‪BENCHENEB Ali, op. cit., p. 23; GARA Noureddine, « Les difficultés de constitution du tribunal arbitral »,‬‬
‫‪in Le juge et l’arbitre, BOUSTANJI Sami &autres(S.Direc.), Editions A. PEDONE, Paris 2014, p.63 -67.‬‬
‫‪ -175‬محمود مصطفى يونس‪ ،‬املرجع ي قانون التحكيم املصري واملقارن‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪،2016-2015‬‬
‫ص ‪.285‬‬

‫‪57‬‬
‫منحت هذﻩ القوان ن للقا سلطة التدخل من أجل حل ّ‬
‫أي إشكال يحول دون تشكيل محكمة التحكيم‪،‬‬
‫ّ‬
‫ألن ذلك سيعيق الس ﺮ العادي لعملية التحكيم و ّدد فعالي ا‪.176‬‬

‫املساعد"‪ "Le juge d’appui‬مثلما‬ ‫ّ‬


‫املشرع الجزائري لم يستعمل مصطلح القا‬ ‫بالرغم من ّأن‬
‫ّ‬
‫جاء ي قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ ‪ ،177‬إال ّأن القا الجزائري يضطلع بدور املساعد للتحكيم ي‬
‫الكث ﺮ من الحاالت‪ ،178‬ويمنح له القانون سلطة التدخل لضمان فعالية التحكيم ورفع الصعوبات ال تحول‬
‫دون الس ﺮ العادي لعملية التحكيم‪ ،‬خاصة م ا تلك ال تعيق تشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬وذلك عمال بنص‬
‫الفقرة الثانية من املادة ‪ 1041‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ال سوت ب ن الصعوبات املتعلقة‬
‫بالتعي ن والعزل والاستبدال‪.179‬‬

‫لتعي ن املحكم ن‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات تدخل القا‬


‫يتدخل القا الجزائري ي مجال تشكيل محكمة التحكيم بموجب أمر ع ى عريضة‪ ،‬يصدرﻩ ً‬
‫بناء‬
‫ع ى طلب يقدمه الطرف الذي مه ٔالامر يثبت فيه وجود اتفاق التحكيم ويب ّ ن فيه ٕالاشكال الذي يعيق‬
‫استكمال إجراءات تشكيل محكمة التحكيم وفقا للحاالت السابق ذكرها مع كل ٕالاثباتات ال يراها ضرورية‪.‬‬
‫من حيث الاختصاص‪ ،‬لقد ّ‬
‫حددت املادة ‪ 1041‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية الجهة‬
‫القضائية املختصة للتدخل ي مجال تشكيل محكمة التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وقد م ّ ت ي ذلك ب ن‬
‫حالت ن‪:‬‬

‫ي التدخل ي إجراءات التحكيم‪ :‬دراسة ي قانون التحكيم ٔالاردني‬ ‫‪ -176‬ي نفس املع ‪ :‬محمد أحمد البديرات‪" ،‬مدى سلطة القا‬
‫رقم )‪ (31‬لسنة ‪،"2001‬أعمال املؤتمر السنوي السادس عشر )التحكيم التجاري الدو ي(‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة ٕالامارات العربية‬
‫املتحدة‪ ،‬أيام ‪ 30-28‬أفريل ‪ ، 2008‬ص ‪ ، 711‬منشور ع ى الرابط التا ي‪:‬‬
‫‪http://slconf.uaeu.ac.ae/arabic_prev_conf.asp‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع الفرنﺴ املصطلح الفقﻬ الذي يع ﺮ عن العالقة الجديدة ال تربط ب ن القا ومحكمة التحكيم بعدما انتشر‬ ‫‪ -177‬لقد ق ن‬
‫استعماله ي الفقه ثم ي القضاء‪ ،‬أال وهو مصطلح "القا املساعد""‪ ،"Le juge d’appui‬حيث دخل هذا املصطلح لقانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ بموجب التعديل الذي أدخل ع ى قانون ٕالاجراءات املدنية ي ‪ 13‬جانفي ‪ .2013‬راجع ملزيد من التفاصيل‪:‬‬
‫‪CLAY Thomas, «L'appui du juge à l'arbitrage », Cahiers de l'arbitrage, n° 2, 2011, p. 331 ; BENCHENEB‬‬
‫‪Ali, op. cit., pp. 19-33 ; ELAHDAB Jalal, « Le nouveau droit algérien de l’arbitrage : approche comparée‬‬
‫‪franco-algérienne », Gaz. Pal., recueil mars-avril 2009, p.978 ; PLUYETTE Gérard, « Le juge d’appui :‬‬
‫‪l’expérience française », in Le juge et l’arbitrage, Sami Bostanji&autres (S. direc), Editions A. PEDONE,‬‬
‫‪Paris, 2014, p.135‬‬
‫‪ -178‬كحالة التدخل من أجل اتخاذ التداب ﺮ الوقتية والتحفظية وفقا للمادة ‪ 1046‬ق إ م إ؛ أو حالة تقديم ٔالادلة أو تمديد مهمة‬
‫املحكم ن أو تثبيت ٕالاجراءات‪...‬إلخ وفقا للمادة ‪ 1048‬ق إ م إ‪.‬‬
‫ي تحقيق فعالية التحكيم التجاري الدو ي"‪ ،‬املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬عدد ‪،2010 ،01‬‬ ‫‪ -179‬تعويلت كريم‪" ،‬دور القا‬
‫ص ‪.142‬‬

‫‪58‬‬
‫يتدخل ي مجال تعي ن محكمة التحكيم فقط إذا اتفق‬ ‫‪ -‬إذا كان التحكيم يجري ي الخارج‪ّ ،‬‬
‫فإن القا‬
‫ٔالاطراف ع ى تطبيق قواعد ٕالاجراءات املعمول ا ي الجزائر‪ ،‬و ي هذﻩ الحالة يؤول الاختصاص لرئيس‬
‫محكمة الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان التحكيم يجري ع ى القطر الجزائري‪ّ ،‬‬
‫فإن الاختصاص يؤول لرئيس املحكمة ال يجري التحكيم‬
‫ي دائرة اختصاصها‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬وبالنظر لكون مسألة تعي ن املحكم ن وتشكيل محكمة التحكيم تطرح بطبيع ا قبل الشروع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫مسبقا بسبب عدم تحديدﻩ من قبل‬ ‫الفع ي ي عملية التحكيم‪ ،‬فإنه قد ال يكون مكان إجراء التحكيم معلوما‬
‫ٔالاطراف‪ .‬من أجل مواجهة هذا الفرض‪ ،‬وضعت املادة ‪ 1042‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية قاعدة‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫احتياطية ّ‬
‫يتحدد وفقا له الاختصاص‪ ،‬بالنظر إ ى مكان إبرام العقد أو‬ ‫جسدت من خاللها معيارا موضوعيا‬
‫مكان تنفيذﻩ‪ ،‬أي ّأن الاختصاص ي هذا املجال يؤول لرئيس املحكمة ال أبرم العقد ي دائرة اختصاصها‪،‬‬
‫أو لرئيس املحكمة ال ينفذ هذا العقد ي دائرة اختصاصها‪.‬‬
‫هناك من اعت ﺮ ّأن املادة ‪ 1042‬أعالﻩ غ ﺮ مفهومة‪ ،180‬وهناك من انتقدها ع ى أساس أ ّ ا لم ّ‬
‫تحدد‬
‫كيفية الاختيار ب ن محكمة مكان إبرام العقد ومحكمة مكان تنفيذﻩ‪ ،‬وهل مسألة الاختيار تدخل ي نطاق‬
‫إرادة ٔالاطراف؟ هذا من جهة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يؤخذ ع ى هذﻩ املادة أيضا تعارضها مع أحكام املادة ‪1041‬‬
‫من نفس القانون‪ ،‬حيث ّأن هذﻩ ٔالاخ ﺮة ت ﺮك املبادرة للطرف الذي مه التعجيل‪ ،‬برفع الطلب لرئيس‬
‫محكمة الجزائر إذا كان التحكيم يجري ي الخارج واتفق ٔالاطراف ع ى تطبيق القانون الجزائري‪ ،‬أو رفع‬
‫الطلب إ ى رئيس املحكمة ال يجري التحكيم ي دائرة اختصاصها إذا كان التحكيم يجري ي ٕالاقليم‬
‫الجزائري‪ ،‬فاملادة ‪ 1042‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية جاءت – حسب هذا الرأي‪ -‬لحل نفس املسألة‬
‫ّ ّ‬
‫وأن الحل ن متناقض ن‪.181‬‬ ‫ال عالج ا املادة ‪ 1041‬من نفس القانون‬

‫من جهتنا‪ ،‬نرى ّأن صياغة نص املادة ‪ 1042‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ليست سليمة‪،‬‬
‫املشرع قصد من خالل هذﻩ املادة ّ‬
‫سد الفراغ الذي من املمكن أن ي ﺮكه عدم تحديد ٔالاطراف ملكان‬ ‫ّ‬ ‫ذلك ّأن‬
‫إجراء التحكيم‪ ،‬كأن ي ﺮك تحديدﻩ لمحكمة التحكيم‪ ،‬وبحكم ّأن تشكيل محكمة التحكيم مسألة سابقة ع ى‬
‫ّ‬
‫تحديد هذﻩ املحكمة ملقرها‪ ،‬فإنه من غ ﺮ املمكن ي هذﻩ الحالة تحديد الاختصاص ي تعي ن املحكم ن‬

‫‪180‬‬
‫‪- TRARI TANI Mostefa, « L’arbitrage international dans le nouveau code algérien de procédure civile et‬‬
‫‪administrative », op. cit., p.78.‬‬
‫‪181‬‬
‫‪-ALLIOUCH-KERBOUA-MEZIANI Naïma, L’arbitrage commercial international en Algérie, O.P.U.,‬‬
‫‪Alger, 2010,p.36 et 37.‬‬

‫‪59‬‬
‫تطبق فقط ع ى الحالة ال يكون ف ا‬‫ّ‬ ‫وتشكيل محكمة التحكيم وفقا للمادة ‪ 1041‬السالفة الذكر‪ ،‬ال‬
‫ّ‬
‫املشرع إيجاد ضابط أو ضوابط ملواجهة الحالة ال ال يكون‬ ‫ً‬
‫مسبقا‪ ،‬وبالتا ي كان ع ى‬ ‫مكان التحكيم معلو ًما‬
‫ً‬
‫ف ا مكان التحكيم معلوما قبل تشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬وهو الفرض الذي تصدى له بالضابط ن الواردين‬
‫ي املادة ‪ 1042‬السالفة الذكر‪ ،‬وهما ضابط مكان إبرام العقد وضابط مكان تنفيذﻩ‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع شوهت‬ ‫فإن الصياغة ال اعتمدها‬‫إذا كان هذا هو املنتظر من وضع املادة ‪ 1042‬أعالﻩ‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫الحل الذي وضعته‪ ،‬فبدال من النص ع ى الحالة ال ال يتفق ف ا ٔالاطراف ع ى مكان إجراء التحكيم‪،‬‬
‫استعملت عبارة "إذا لم تحدد الجهة القضائية املختصة ي اتفاقية التحكيم"‪ ،‬فهذﻩ العبارة يمكن أن تكون‬
‫مصدر لبس‪ ،‬إذ يمكن أن ال يتفق ٔالاطراف ع ى املحكمة املختصة رغم اتفاقهم ع ى مكان إجراء التحكيم‪،‬‬
‫ّ‬
‫املشرع صياغة النص‬ ‫و ي هذﻩ الحالة تطبق املادة ‪ 1041‬السابقة الذكر وليس املادة ‪ ،1042‬فكان ع ى‬
‫بالشكل التا ي ‪ " :‬إذا لم يحدد مكان إجراء التحكيم ي اتفاقية التحكيم‪ ،‬يؤول الاختصاص إ ى املحكمة ال‬
‫يقع ي دائرة اختصاصها مكان إبرام العقد أو مكان التنفيذ"‪.‬‬
‫ّ‬
‫تجدر ٕالاشارة ي ٔالاخ ﺮ إ ى أنه وع ى عكس قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬الذي سمح للقا‬
‫املطلوب منه التدخل لتشكيل محكمة التحكيم أن يرفض التدخل إذا ًبينت دراسة موجزة عدم وجود ّأية‬
‫اتفاقية تحكيم ب ن ٔالاطراف‪ّ ،182‬‬
‫فإن قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية لم يتناول مسألة الرقابة ال من‬
‫ي هذﻩ الحالة ع ى اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪.‬‬ ‫املمكن أن يمارسها القا‬
‫ّ‬
‫فإنه من الضروري‬ ‫أمام هذا الفراغ القانوني ي النصوص الخاصة بالتحكيم التجاري الدو ي‪،‬‬
‫العودة إ ى ما نصت عليه الفقرة الثانية من املادة ‪ 1009‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪،‬وال جاءت‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ضمن القواعد العامة املنظمة لشرط التحكيم‪،‬حيث تنص ع ى أنه "إذا كان شرط التحكيم باطال أو غ ﺮ‬
‫كاف لتشكيل محكمة التحكيم‪،‬يعاين رئيس املحكمة ذلك ويصرح بأال وجه للتعي ن"‪.‬‬
‫ٍ‬

‫فإذا ما تم التسليم ذا الحل‪ ،‬يكون لرئيس املحكمة كل السلطة ي فحص اتفاق التحكيم من‬
‫مسبقة ع ى اختصاص‬‫حيث وجودﻩ وصحته وقابليته للتطبيق‪ ،‬وهو ما يعت ﺮ بطريقة غ ﺮ مباشرة رقابة ّ‬
‫محكمة التحكيم‪ ،‬تقي من إهدار الوقت واملال ي تشكيل محكمة تحكيم ال طائل وال جدوى م ا‪.183‬‬

‫ّ‬
‫‪ -182‬إذ نصت املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 4‬منه ع ى أنه‪" :‬إذا د ي قاض إ ى تعي ن محكم حسب الشروط املذكورة ي املواد السابقة‪ ،‬فإنه‬
‫يستجيب لطلب التعي ن بموجب أمر يصدر ع ى مجرد عريضة‪ ،‬إال إذا ّبينت دراسة موجزة عدم وجود أية اتفاقية تحكيم ب ن‬
‫ٔالاطراف"‪.‬‬
‫‪ -183‬راجع ي هذا الاختالف‪ :‬تعويلت كريم‪ ،‬فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪60‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫س ﺮ خصومة التحكيـ ــم التجاري الدول ـ ــي‬
‫بعد تشكيل محكمة التحكيم تشكيال صحيحا‪ ،‬ينب ي عل ا أن تنظر ي مسألة ٕالاجراءات ال‬
‫ستتبعها ي سبيل الفصل ي ال اع‪ ،‬وتحديدها يكون وفقا للقانون واجب التطبيق عل ا‪ ،‬وبعد معالجة مسألة‬
‫القواعد ٕالاجرائية‪ ،‬تأتي مرحلة تحديد القانون واجب التطبيق ع ى موضوع ال اع تمهيدا لتطبيقه للفصل‬
‫ال ائي ي ال اع املعروض ع ى محكمة التحكيم‪.‬‬

‫املطلب ٔالاول‬
‫تحديد القانون واجب التطبيق ع ى ٕالاجراءات‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري مسألة تحديد القانون واجب التطبيق ع ى إجراءات خصومة التحكيم‬ ‫لقد أخرج‬
‫من حكم القاعدة العامة املنصوص عل ا ي قواعد تنازع القوان ن‪ ،‬وبالتحديد ي املادة ‪ 21‬مكرر من القانون‬
‫املدني‪ ،‬وال مفادها ّأن مسائل ٕالاجراءات تخضع لقانون القا ‪ ،‬أي ّأن ٕالاجراءات تخضع للقانون ٕالاجرائي‬
‫للدولة ال تباشر ف ا هذﻩ ٕالاجراءات‪،184‬‬

‫يخضع إذن تحديد القانون واجب التطبيق ع ى إجراءات التحكيم لحكم خاص منصوص عليه ي‬
‫نص املادة ‪ 1043‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ال جاءت كما ي ي‪:‬‬

‫"يمكن أن تضبط ي اتفاقية التحكيم‪ٕ ،‬الاجراءات الواجب اتباعها ي الخصومة مباشرة أو استنادا ع ى‬
‫نظام تحكيم‪ ،‬كما يمكن إخضاع هذﻩ ٕالاجراءات إ ى قانون ٕالاجراءات الذي يحددﻩ ٔالاطراف ي اتفاقية‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫إذا لم تنص الاتفاقية ع ى ذلك‪ ،‬تتو ى محكمة التحكيم ضبط ٕالاجراءات‪ ،‬عند الحاجة‪ ،‬مباشرة أو‬
‫استنادا إ ى قانون أو نظام التحكيم"‪.‬‬

‫انطالقا من نص هذﻩ املادة‪ ،‬يكون تحديد القانون واجب التطبيق ع ى ٕالاجراءات باتفاق ٔالاطراف‪،‬‬
‫و ي غياب الاتفاق تتو ى محكمة التحكيم هذا التحديد‪.‬‬

‫‪ -184‬تنص املادة ‪ 21‬مكرر من القانون املدني الجزائري ع ى ّأن" يسري ع ى قواعد الاختصاص وٕالاجراءات قانون الدولة ال ترفع‬
‫ف ا الدعوى أو تباشر ف ا ٕالاجراءات"‬

‫‪61‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬اختيار ٔالاطراف للقانون ٕالاجرائي‬
‫تكريس حق ٔالاطراف ي اختيار القانون واجب التطبيق ع ى إجراءات التحكيم ي قانون‬ ‫يتما‬
‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية واستبعاد قاعدة التنازع ال تخضع ٕالاجراءات لقانون القا الذي تباشر أمامه‬
‫هذﻩ ٕالاجراءات‪ ،‬مع ما استقرت عليه التشريعات الوطنية الحديثة والاتفاقيات الدولية‪ ،‬خاصة ّأن هذا الحل‬
‫ع ى الصعوبات ال تنتج عن عدم تمتع املحكم‬ ‫يمثل امتداد للطابع ٕالارادي للتحكيم من جهة‪ ،‬ويق‬
‫بقانون القا "‪ ،"Lex fori‬كونه يع ّ ن من قبل ٔالاطراف وال يعمل باسم الدولة ال يجري ف ا التحكيم‪ ،‬أي‬
‫الذي يلزم بتطبيق قانون دولته ع ى إجراءات‬ ‫أنه ال يوجد هناك قانونا إجرائيا يفرض عليه عكس القا‬
‫الخصومة‪.185‬‬
‫املشرع الجزائري ّ‬
‫كرس‬ ‫ّ‬ ‫بالعودة إ ى نص املادة ‪ 1043‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬نجد ّأن‬
‫الحرية الكاملة لألطراف ي تحديد القانون ٕالاجرائي‪ ،‬حيث يمكن لهؤالء ضبط ٕالاجراءات مباشرة ي اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬كما يمك م الاستناد ي تحديد هذﻩ ٕالاجراءات إ ى قانون داخ ي لدولة معينة أو لنظام تحكيم‬
‫معمول به لدى مركز مع ّ ن من مراكز التحكيم‪.‬‬
‫غ ﺮ ّأن الحرية ال يتمتع ا ٔالاطراف ي تحديد القانون واجب التطبيق ع ى ٕالاجراءات وال ّ‬
‫كرسها‬
‫ّ‬
‫املشرع ي املادة ‪ 1043‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬تجد حدودها ي القواعد املتعلقة بالنظام العام‬
‫الدو ي ٕالاجرائي‪ ،‬كتلك املتعلقة بحقوق الدفاع والوجاهية‪ ،‬ومخالفة هذﻩ القواعد يمن شأ ا أن يجعل حكم‬
‫التحكيم الصادر عن محكمة التحكيم باطال وغ ﺮ قابل للتنفيذ‪.186‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اختيار القانون ٕالاجرائي من طرف محكمة التحكيم‬


‫قد ال ّ‬
‫يحدد أطراف اتفاق التحكيم القانون أو القواعد ٕالاجرائية ال تتبعها هيئة التحكيم‪ ،‬سواء‬
‫كان ذلك عن قصد أو عن غ ﺮ قصد‪ ،‬و ي هذﻩ الحالة تطرح مسألة تحديد هذﻩ القواعد ي غياب اختيار‬
‫ٔالاطراف‪.‬‬
‫ّ‬
‫تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 1043‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى أنه " إذا لم تنص‬
‫الاتفاقية ع ى ذلك‪ ،‬تتو ى محكمة التحكيم ضبط ٕالاجراءات‪ ،‬عند الحاجة‪ ،‬مباشرة أو استنادا إ ى قانون‬
‫أو نظام التحكيم"‪.‬‬

‫‪ -185‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.320‬‬


‫‪186‬‬
‫‪- Dans le même sens : TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit.,p.‬‬
‫‪95.‬‬

‫‪62‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري توقع مثل هذﻩ الحالة وعالجها بوضع قاعدة‬ ‫واضح من خالل هذا النص ّأن‬
‫احتياطية إلرادة ٔالاطراف‪ ،‬مفادها إعطاء سلطة تحديد قواعد إجراءات التحكيم ملحكمة التحكيم نفسها‬
‫وفقا ملا تراﻩ مناسبا‪ ،‬وذلك سواء بصفة مباشرة أو باالستناد إ ى قانون داخ ي مع ّ ن أو نظام تحكيم معمول‬
‫به لدى مركز مع ن من مراكز التحكيم أو نظام التحكيم الذي أعدته لجنة ٔالامم املتحدة للقانون التجاري‬
‫الدو ي‪.‬‬

‫ّإن الحرية ال تتمتع ا محكمة التحكيم ي اختيار القواعد ٕالاجرائية‪ ،‬وع ى غرار الحرية ال يتمتع‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري قد ساير الاتجاﻩ‬ ‫ا ٔالاطراف أنفسهم‪ ،‬ال ّ‬
‫يحدها إال النظام العام الدو ي ٕالاجرائي‪ ،‬ذا يكون‬
‫الحا ي ع ى مستوى القانون املقارن ي استبعاد تطبيق قواعد التنازع التقليدية ي مجال التحكيم التجاري‬
‫الدو ي‪ -‬ع ى ٔالاقل ي مسألة تحديد القانون واجب التطبيق ع ى إجراءات التحكيم‪،‬إذ لم ُي ِحل ع ى تطبيق‬
‫الضوابط القانونية التقليدية لتحديد هذا القانون‪ ،‬كتطبيق قانون دولة مقر التحكيم‪ ،187‬أو قانون الدولة‬
‫ّ‬
‫يطبق قانو ا ع ى موضوع ال اع‪.188‬‬ ‫ال‬

‫يبقى أن نش ﺮ إ ى ّأن محكمة التحكيم ليس لها سلطة مطلقة ي تحديد القانون ٕالاجرائي‪ ،‬إذ عل ا‬
‫أن تأخذ بع ن الاعتبار القانون ٕالاجرائي لكل من دولة مقر التحكيم وقانون الدولة ال يحتمل تنفيذ حكم‬
‫التحكيم ف ا‪ ،‬وذلك بغرض تو ي إبطال هذا الحكم أو رفض تنفيذﻩ بدعوى مخالفته لإلجراءات ال تعت ﺮها‬
‫هذﻩ القوان ن من النظام العام الدو ي‪.‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫تحديد القانون واجب التطبيق ع ى موضوع ال اع‬
‫لقد عرفت الجزائر ً‬
‫تطورا كب ًﺮا ي موقفها من مسألة تحديد القانون واجب التطبيق ع ى العقود‬
‫ً‬
‫ضمانا لسياد ا‬ ‫الاقتصادية الدولية‪ ،‬إذ تراجعت عن حرصها التقليدي ع ى تطبيق القانون الوط‬
‫السياسية والاقتصادية‪ ،‬حيث ّ‬
‫كرست هذا ال ﺮاجع ي املرسوم التشري ي رقم ‪ 09-93‬املعدل واملتمم لقانون‬

‫‪ -187‬وهو الضابط الذي أخذت به اتفاقية نيويورك ي املادة )‪ 1/5‬د( م ا ملواجهة حالة غياب إرادة ٔالاطراف‪ ،‬حيث تنص ع ى ّأن " ‪-1‬‬
‫ال يرفض اعتماد القرار أو تنفيذﻩ بناء ع ى طلب من طرف املستشهد به ضدﻩ إال إذا قدم هذا الطرف إ ى السلطة املختصة ي البلد‬
‫املطلوب ٕالاعتماد والتنفيذ فيه الدليل ع ى ما يأتي‪:‬‬
‫أ‪...-‬‬
‫د‪ -‬أن تشكيل املحكمة التحكيمية أو إجراء التحكيم لم يكن مطابقا التفاقية ٔالاطراف‪ ،‬أو أنه ي حالة عدم وجود الاتفاقية‪ ،‬لم يكن‬
‫مطابقا لقانون البلد الذي وقع فيه التحكيم‪"....‬‬
‫‪ -188‬لتفصيل أسباب استبعاد هذﻩ الضوابط‪ :‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 329‬وما يل ا‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ي تحديدﻩ‪ ،‬و ي غياب اختيار ٔالاطراف جعل‬ ‫ٕالاجراءات املدنية‪ ،‬الذي أعطى إرادة ٔالاطراف الدور ٔالاساﺳ‬
‫سلطة تحديدﻩ ي يد محكمة التحكيم‪.‬‬

‫ّإن الحل الذي أبقي عليه ي ظل قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية الصادر ي سنة ‪ ،2008‬من‬
‫خالل نص املادة ‪ 1050‬منه ال تنص عل ّأنه "تفصل محكمة التحكيم ي ال اع عمال بقواعد القانون‬
‫الذي اختارﻩ ٔالاطراف‪ ،‬و ي غياب هذا الاختيار تفصل حسب قواعد القانون ؤالاعراف ال تراها مالئمة"‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬القانون الذي يختارﻩ ٔالاطراف‬


‫من خالل نص املادة ‪ 1050‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية املشار إليه أعالﻩ‪ ،‬يتضح بما ال‬
‫املشرع ملبدأ حرية ٔالاطراف ي اختيار القانون الذي يرغبون ي تطبيقه ع ى موضوع‬‫ّ‬ ‫يدع مجاال للشك‪ ،‬تكريس‬
‫ّ‬
‫ال اع املتفق ع ى حله عن طريق التحكيم‪ ،189‬ويأتي ذلك كتتويج لسياسة الانفتاح ال فرض ا الظروف‬
‫الاقتصادية الوطنية وتوسع نطاق العوملة بما تحمله من توحيد للنظام القانوني للعالقات التجارية الدولية‪،‬‬
‫وحماية الاستثمارات ٔالاجنبية ال ال تحتمل القيود والاختالفات القانونية الداخلية‪.190‬‬

‫ّإن املالحظ ع ى نص املادة املذكورة أ ّ ا ذهب بإرادة ٔالاطراف ي تحديد القانون واجب التطبيق ع ى‬
‫ّ‬
‫يتحدد وفقا‬ ‫موضوع ال اع إ ى أبعد من مبدأ استقاللية ٕالارادة ّ‬
‫املكرس ي املادة ‪ 18‬من القانون املدني ال‬
‫ي إطار قواعد تنازع القوان ن‪،191‬‬ ‫لها القانون واجب التطبيق ع ى الال امات التعاقدية ذات العنصر ٔالاجن‬
‫ويظهر ذلك من جانب ن هما‪:‬‬

‫قيدا ع ى اختيار ٔالاطراف للقانون واجب التطبيق يتمثل ي وجود‬ ‫‪ -‬وضعت املادة ‪ 18‬من القانون املدني ً‬
‫عالقة حقيقية ب ن هذا القانون املختار وب ن العقد أو أطرافه‪.‬‬
‫ّإن مثل هذا القيد ال وجود له تطبيقا للمادة ‪ 1050‬من قانون ٕالاجراءات املدنية‪ ،‬إذ يمكن لألطراف اختيار‬
‫ً‬
‫مناسبا ح ولو لم تكن له أية عالقة ال بالعقد وال باملتعاقدين‪.‬‬ ‫أي قانون يرونه‬
‫‪ -‬تسمح املادة ‪ 1050‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية بتوسيع نطاق القانون واجب التطبيق ليشمل‬
‫كل "القواعد القانونية" مهما كانت طبيع ا ومصدرها‪ ،‬سواء كانت ذات مصدر تشري ي أو مصدر اتفا ي أو‬
‫عر ي‪ ،‬بينما تقتصر حرية ٔالاطراف ً‬
‫وفقا للمادة ‪ 18‬من القانون املدني ع ى اختيار قانون دولة معينة بمفهومه‬
‫الشك ي‪ ،‬أي القواعد القانونية ذات املصدر التشري ي‪ ،‬إذ ولو ّأن املادة ‪ 18‬أعالﻩ‪ ،‬ي صيغ ا العربية‪،‬‬

‫‪189‬‬
‫‪- ALLIOUCH-KERBOUA-MEZIANI Naïma, op. cit., p.50.‬‬
‫‪190‬‬
‫‪- TRARI TANI Mostefa, Droit algérien de l’arbitrage commercial international, op. cit., p. 130.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -191‬تنص الفقرة ٔالاو ى املادة ‪ 18‬من القانون املدني ع ى أنه‪" :‬يسري ع ى الال امات التعاقدية القانون املختار من املتعاقدين إذا كانت‬
‫له صلة حقيقية باملتعاقدين أو بالعقد"‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫استعملت مصطلح "القانون"‪ ،‬إال ّأن نص هذﻩ املادة باللغة الفرنسية هو ٔالاك ﺮ وضوحا‪ ،‬حيث استعمل‬
‫ّ‬
‫مصطلح "‪ ،"Loi‬فبالرغم من كون النص العربي هو النص الرسم ‪ ،‬إال أنه وبالنظر لكون النص مأخوذ من‬
‫ّ‬
‫للمشرع الجزائري كون النص ٔالاص ي‬ ‫القانون الفرنﺴ ‪ّ ،‬‬
‫فإن ذلك ال ي ﺮك مجاال للشك حول النية الحقيقية‬
‫هو النص الفرنﺴ ‪.‬‬

‫أك ﺮ من ذلك‪ ،‬وع ى عكس نص املادة ‪ 18‬من القانون املدني‪ ،‬يسمح نص املادة ‪ 1050‬بتجزئة‬
‫القانون واجب التطبيق وإخضاع كل مسألة من املسائل محل ال اع إ ى قاعدة أو قواعد مستمدة من مصادر‬
‫مختلفة بما ف ا قواعد التجارة الدولية )‪ (LEX MERCATORIA‬أو قوان ن داخلية مختلفة‪.192‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القانون الذي يختارﻩ املحكم‬


‫رأينا ّأن ٔالاصل هو تطبيق محكمة التحكيم للقانون الذي اختارﻩ ٔالاطراف عند الفصل ي موضوع‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري قاعدة احتياطية‬ ‫ال اع‪ ،‬غ ﺮ ّأن هؤالء قد يتخلفون عن تحديد هذا القانون‪ ،‬لذلك وضع‬
‫ّ‬
‫تتمثل ي تكريس "إرادة محكمة التحكيم"‪ ،‬أي أنه خول ملحكمة التحكيم سلطة اختيار القانون واجب‬
‫التطبيق ع ى ال اع إذا تخلف ٔالاطراف عن اختيارﻩ‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ملواجهة غياب اختيار ٔالاطراف للقانون واجب التطبيق‬ ‫يعت ﺮ الحل الذي اعتمدﻩ‬
‫ع ى موضوع ال اع ي املادة ‪ 1050‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬خطوة عمالقة ي اتجاﻩ تحرير‬
‫التحكيم من القيود ال تفرضها القوان ن الوطنية‪ ،‬وذلك من خالل تكريس منهج التحديد املباشر للقانون‬
‫واجب التطبيق واستبعاد منهج تنازع القوان ن التقليدي‪.‬‬
‫ّ‬
‫ينب ي ٕالاشارة هنا‪ ،‬إ ى أنه ي حالة غياب اختيار ٔالاطراف للقانون واجب التطبيق‪ ،‬وإعماال ملنهج‬
‫تنازع القوان ن وفقا للمادة ‪ 18‬من القانون املدني‪ ،‬يتو ى القا الجزائري تطبيق قانون املوطن املش ﺮك أو‬
‫الجنسية املش ﺮكة لألطراف‪ ،‬و ي حالة عدم إمكان ذلك‪ ،‬يطبق قانون محل إبرام العقد‪ ،‬فليس له ّأية سلطة‬
‫ي اختيار هذا القانون‪.‬‬
‫ما يالحظ ع ى الحل الذي جاءت به املادة ‪ 1050‬ق إ م إ‪ّ ،‬أنه ّ‬
‫يكرس سلطة مطلقة ملحكمة‬
‫التحكيم ي اختيار قواعد القانون ؤالاعراف ال تراها مالئمة لتطبيقها ع ى موضوع ال اع املعروض عل ا‪،‬‬
‫ويمكن أن تستقي هذﻩ القواعد من كل مصادر القانون بما ف ا أعراف التجارة الدولية ال عادة ما يميل‬

‫‪192‬‬
‫‪- TRARI TANI Mostefa, Droit algérien de l’arbitrage commercial international, op. cit., p. 135.‬‬

‫‪65‬‬
‫املحكمون إ ى تطبيقها نظرا ملالءم ا ملقتضيات التجارة الدولية لكو ا من خلق املتعامل ن ي مجال التجارة‬
‫الدولية أنفسهم‪.‬‬
‫ّإن القيد الوحيد الذي ّ‬
‫يحد من سلطة محكمة التحكيم ي اختيار قواعد القانون ال تراها مالئمة‬
‫لتطبق ع ى موضوع ال اع هو القيد املتعلق بالنظام العام الدو ي الذي تؤدي مخالفته إ ى بطالن حكم‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫التحكيم ورفض الاع ﺮاف به أو تنفيذﻩ عمال باملادت ن ‪ 1051‬و‪ 1056‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري قد ذهب إ ى أبعد مما ذهب إليه كل من‬ ‫ّ‬
‫بأن‬ ‫‪193‬‬
‫نرى مع ٔالاستاذ عليوش قربوع‬
‫القانون الفرنﺴ والقانون السويسري اللذان استلهم م ما قواعد التحكيم التجاري الدو ي ي سنة ‪،1993‬‬
‫حيث لم ينقل القيد املنصوص عليه ي القانون السويسري الذي يش ﺮط ي القانون الذي يختارﻩ املحكم‬
‫ّ‬
‫للفصل بموجبه ي موضوع ال اع أن تكون له عالقة وثيقة ذا ٔالاخ ﺮ‪ .‬كما أنه لم يأخذ بالنص الفرنﺴ‬
‫الذي يلزم املحكم عند اختيارﻩ للقانون واجب التطبيق مراعاة أعراف التجارة‪.‬‬

‫املشرع الجزائري مع موقف الذين يرون ّأن محكمة التحكيم التجاري الدو ي تعمل‬
‫ّ‬ ‫موقف‬ ‫يتما‬
‫دائما ع ى اختيار القواعد القانونية ال تحسم ال اعات الناشئة عن معامالت التجارة واملبادالت الاقتصادية‬
‫الدولية من ناحية‪ ،‬وتخدم املصالح الحيوية للتجارة الدولية من جهة أخرى‪ ،‬بغض النظر عن النظام القانوني‬
‫الذي يمكن أن تستقى منه تلك القواعد‪ ،‬خاصة أ ّ ا تفتقد إ ى نظام إسناد أو قواعد تنازع قوان ن تلزمها‬
‫بتطبيق قانون وط مع ن‪.194‬‬

‫‪ -193‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬


‫‪ -194‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪66‬‬
‫املحور الرابع‬
‫حكم التحكيم التجاري الدو ي‬
‫تنتﻬ عملية التحكيم بإصدار حكم تحكيم ملزم‪ ،‬ومن خالله تتج ى بوضوح الطبيعة القضائية‬
‫ّ‬
‫للتحكيم ألنه يكشف العمل القضائي الذي تقوم به محكمة التحكيم‪ ،‬فبالرغم من ّأن سلط ا ي إصدار هذا‬
‫الحكم مستمدة من إرادة ٔالاطراف املع ّ ﺮ ع ا ي اتفاق التحكيم‪ ،‬إال أ ّ ا تقوم بنفس الوظيفة املنوط بالقا‬
‫القيام ا أال و ي الفصل ي املنازعة املعروضة عل ا بإصدار حكم ف ا‪.‬‬

‫يظهر من خالل تنظيم حكم التحكيم ي قانون مع ّ ن‪ ،‬الدرجة ال وصل إل ا تطور التحكيم فيه‪،‬‬
‫ويعكس د جة تشجيعه من طرف الدولة املعنية‪ّ ،‬‬
‫ألن فعالية هذﻩ الوسيلة من وسائل حل ال اعات مرتبطة‬ ‫ر‬
‫باملعاملة القانونية ال يحظى ا حكم التحكيم‪ ،‬وذلك سواء من خالل الشروط ال تستلزمها صحته‪ ،‬أو‬
‫من خالل شروط وإجراءات الاع ﺮاف به وتنفيذﻩ‪ ،‬أو من خالل الطرق املفتوحة للطعن فيه ونطاق الرقابة‬
‫ال يمارسها القضاء عليه‪.‬‬

‫املبحث ٔالاول‬
‫صدور حكم التحكيم التجاري الدو ي‬
‫يمكن أن تصدر محكمة التحكيم عدة قرارات تؤدي ا املهمة املسندة إل ا وتتوج عملها‪ ،‬لذلك‬
‫تطرح مسألة تحديد القرارات ال تأخذ وصف حكم التحكيم وما يستتبعه ذلك من نتائج‪ ،‬السيما تحديد‬
‫إجراءات تنفيذها وطرق الطعن ف ا‪ ،‬خاصة ّأن هناك اختالف كب ﺮ ي تحديد ٔالاعمال والقرارات ال تتخذها‬
‫تكيف بأ ّ ا أحكام تحكيمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محكمة التحكيم وال‬
‫ّ‬
‫ومهما كان املفهوم املعتمد لحكم التحكيم ومهما كان نوع هذا ٔالاخ ﺮ‪ ،‬فإنه يتطلب لصحته توفر‬
‫مجموعة من الشروط‪ ،‬بعضها يتعلق بكيفية صدورﻩ‪ ،‬والبعض ٓالاخر يتعلق بالبيانات ال يستلزمها‪.‬‬

‫املطلب ٔالاول‬
‫تعريف حكم التحكيم التجاري الدو ي وشروط صدورﻩ‬

‫‪67‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري تحديد املقصود بحكم التحكيم بصفة‬ ‫ع ى غرار التشريعات املقارنة‪ ،‬لم يتول‬
‫عامة وحكم التحكيم التجاري بصفة خاصة‪ ،‬سواء ي إطار قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬أو ي إطار‬
‫قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪.‬‬

‫من جهته‪ ،‬اختلف الفقه عند محاولته لتحديد ٔالاعمال ال تصدرها محكمة التحكيم ال يمكن‬
‫فيه‪ ،195‬خاصة تلك ٔالاعمال ال تصدرها للفصل ي‬ ‫املق‬ ‫أن توصف بأ ا أحكام وتكتسب حجية ال‬
‫مسائل أخرى غ ﺮ املسائل املتعلقة بموضوع ال اع‪ ،‬حيث ظهر اتجاه ن؛ أحدهما يتب تعريفا موسعا وٓالاخر‬
‫يتب تعريفا ضيقا‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬التعريف املوسع لحكم التحكيم‪.‬‬

‫ي عم هذا الاتجاﻩ ٔالاستاذ "‪ ،"E. GAILLARD‬الذي يعت ﺮ ّأن "العمل الصادر عن املحكم‪ ،‬والذي‬
‫يفصل بشكل قط ي‪ّ ،‬‬
‫كليا أو جزئيا‪ ،‬ي ال اع املعروض عليه‪ ،‬سواء تعلق القرار بموضوع ال اع ذاته أو‬
‫باالختصاص أو بمسألة تتعلق باإلجراءات‪ ،‬أدت باملحكم إ ى الحكم بإ اء الخصومة"‪ .196‬وهو التعريف الذي‬
‫أخذ به القضاء الفرنﺴ ‪،197‬‬

‫يق ﺮب هذا التعريف كث ﺮ من التعريف الذي اق ﺮح ي إطار لجنة ٔالامم املتحدة للقانون التجاري‬
‫الدو ي أثناء وضعها للقانون النموذ ي‪ ،‬إال ّأن الصيغة ال ائية لهذا القانون أسقطته لوجود اختالفات كث ﺮة‬
‫ب ن ممث ي الدول حول هذﻩ املسألة‪.198‬‬

‫‪ -195‬لإلشارة هناك من يستعمل مصطلح "حكم" وهناك من يستعمل مصطلح "قرار" للتعب ﺮ عن العمل الذي يصدرﻩ املحكم‪ ،‬لكن‬
‫الع ﺮة بمضمون العمل وليس باملصطلح أو الوصف الذي يأخذﻩ‪ ،‬راجع ي ذلك‪ :‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام‬
‫التحكيم الصادرة ي املنازعات الخاصة الدولية‪ ،‬دار الفكر الجام ي‪ٕ ،‬الاسكندرية‪ ،1997 ،‬ص‪.19‬‬
‫‪196‬‬
‫‪- “l’acte des arbitres qui tranche de manière définitive, en tout ou en partie, le litige qui leur a été soumis,‬‬
‫‪que ce soit sur le fond, sur la compétence ou sur un motif de procédure qui les conduit à mettre fin à‬‬
‫» ‪l’instance‬‬
‫‪GAILLARD Emmanuel, « Arbitrage commercial international, sentence arbitrale, procédure », J.D.C.‬‬
‫‪International, 1994, Fasc. 586-9-2.‬‬
‫‪197‬‬
‫‪- cour d’appel de Paris, 25 mars 1994, Rev. Arb., 1994, p. 391.‬‬
‫‪ -198‬لقد جاء النص املق ﺮح كما ي ي‪:‬‬
‫‪« Le mot sentence doit s’entendre d’une sentence définitive qui tranche toutes les questions soumises au‬‬
‫‪tribunal arbitral et de toute autre décision du tribunal arbitral qui règle définitivement une question de fond‬‬
‫‪quelconque ou la question de sa compétence ou toute autre question de procédure, mais dans le dernier cas,‬‬
‫‪seulement si le tribunal arbitral qualifie sa décision de sentence ».‬‬
‫‪Gaillard Emmanuel, « Arbitrage commercial international, sentence arbitrale…, op. cit., n°5‬‬

‫‪68‬‬
‫يسمح ٔالاخذ ذا التعريف إذن‪ ،‬باالع ﺮاف بصفة الحكم التحكيم ليس فقط للحكم الصادر ي‬
‫موضوع ال اع‪ ،‬بل وللقرارات ال تصدرها محكمة التحكيم ي مجال اختصاصها و ي مجال ٕالاجراءات وال‬
‫تفصل بشكل قط ي ي املسائل املطروحة‪.199‬‬

‫ّ‬
‫الضيق لحكم التحكيم‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التعريف‬

‫يعت ﺮ أصحاب هذا الاتجاﻩ الذي ي عمه جانب من الفقه السويسري‪ّ ،200‬أن حكم التحكيم هو ذلك‬
‫وأن القرارات الصادرة عن محكمة التحكيم وال ال‬ ‫الحكم الذي ينﻬ بشكل ك ي أو جزئي منا عة التحكيم‪ّ ،‬‬
‫ز‬
‫تعد أحكاما تحكيمية إال إذا ا ت بشكل جزئي أو ك ي منازعة التحكيم‪ ،‬وبالنتيجة‬‫محدد ال ّ‬
‫تفصل ي نزاع ّ‬
‫فﻬ ال تعدو أن تكون إال ّ‬
‫مجرد أحكام تحض ﺮية أو أولية‪ ،‬مما يجعلها ال تقبل الطعن ف ا بالبطالن استقالال‬
‫عن الحكم التحكيم الذي سيصدر بناء ع ى الطلبات املقدمة من ٔالاطراف‪.‬‬

‫لإلشارة‪ ،‬يذهب البعض إ ى اعتبار اسقاط الاق ﺮاح املقدم ي إطار إعداد القانون النموذ ي للمفهوم‬
‫املوسع – كما سبقت ٕالاشارة إليه‪ -‬وعدم تجسيدﻩ ي الصيغة ال ائية‪ ،‬دليل ع ى تكريس املفهوم الضيق ي‬
‫هذا القانون‪ ،‬لذلك ال يعت ﺮ مثال القرار الذي تصدرﻩ محكمة التحكيم ي مسألة اختصاصها حكما‬
‫تحكيميا‪.201‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حكم التحكيم من منظورنا الخاص‬

‫مع‬ ‫من جهتنا نميل إ ى الاتجاﻩ ٔالاول الذي يساندﻩ أغلب الفقه‪ ،‬وذلك بالنظر لكونه يتما‬
‫الفلسفة التشجيعية ال يقوم عل ا التحكيم ي ٔالانظمة القانونية الحديثة‪ ،‬وما يصبو إليه من تحقيق‬
‫الفعالية والسرعة ي الفصل ي ال اعات‪ ،‬خاصة ي إطار التجارة الدولية‪.202‬‬

‫ّإن عدم الاع ﺮاف بصفة الحكم لقرار املحكم الصادر ي اختصاصه من شأنه أن يطيل أمد‬
‫الخصومة التحكيمية دون م ّﺮر‪ ،‬وقد يعيدنا إ ى رحاب القضاء الذي جاء اتفاق التحكيم أصال الستبعادﻩ‬
‫نظرا لتعقيدات إجراءاته وطول أمدها‪.‬‬

‫‪ -199‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام التحكيم الصادرة ي املنازعات الخاصة الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪200‬‬
‫‪- LALIVE Pierre, Le droit de l’arbitrage interne et international en suisse, Payot, Lausanne, 1989, p.405‬‬
‫‪& 406.‬‬
‫‪201‬‬
‫‪- RACINE Jean-Baptiste, « La sentence d’incompétence », Rev. Arb., n°4, 2010, p. 738.‬‬
‫‪ -202‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام التحكيم الصادرة ي املنازعات الخاصة الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪69‬‬
‫يبدو من خالل تحليل نصوص قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية الخاصة بالتحكيم التجاري‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري يميل إ ى ٔالاخذ باالتجاﻩ الذي يوسع من مجال حكم التحكيم‪ ،‬ويظهر ذلك جليا‬ ‫الدو ي‪ّ ،‬أن‬
‫من خالل توحيدﻩ للمصطلح املستخدم للتعب ﺮ عنه ب ن التحكيم الداخ ي والتحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وهو‬
‫مصطلح "الحكم"‪ ،203‬وقد اع ﺮف ع ى سبيل املثال بصفة الحكم لذلك الذي تصدرﻩ محكمة التحكيم ي‬
‫ّ‬
‫مسالة اختصاصها‪ ،204‬حيث تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 1044‬من هذا القانون ع ى أنه "تفصل محكمة‬
‫التحكيم ي اختصاصها بحكم أو ي إال إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع ال اع"‪ .‬كما ّأن املادة‬
‫‪ 1049‬من نفس القانون تسمح ملحكمة التحكيم بإصدار أحكام باتفاق ٔالاطراف وأحكام جزئية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫أنواع حكم التحكيم التجاري الدو ي‬
‫املوسع لحكم التحكيم‪ ،‬يمكن أن نم ّ ب ن عدة أنواع من أحكام التحكيم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫انطالقا من املفهوم‬
‫ً‬
‫استنادا إ ى معاي ﺮ مختلفة‪ .‬فإذا اعتمدنا ع ى معيار الطلبات املفصول ف ا وال يشملها الحكم يمكن‬ ‫وذلك‬
‫ّ‬
‫أن نم ّ ب ن الحكم الجزئي والحكم الك ي‪ ،‬وإذا اعتمدنا ع ى املسألة املفصول ف ا نم ّ ب ن الحكم ٔالاو ي‬
‫والحكم ال ائي‪ ،‬ويمكن أن نظيف إ ى ذلك الحكم الذي يصدرﻩ املحكم واملتضمن اتفاق ٔالاطراف‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬الحكم الك ي‬


‫يكون الحكم كليا أو ائيا‪ ،‬إذا فصلت فيه محكمة التحكيم ي كل الطلبات ال أبداها ٔالاطراف ي‬
‫ُ‬
‫موضوع ال اع‪ ،‬وبصدورﻩ تنق خصومة التحكيم ومعه تستنفد والية محكمة التحكيم‪ ،‬وتسم كذلك‬
‫مثل هذﻩ ٔالاحكام باألحكام القطعية أو امل ية للخصومة‪ ،‬وتعت ﺮ ٔالاصل الذي ال يحتاج إ ى النص عليه ي‬
‫القانون‪ ،‬إذ يع ّ ﺮ عنه عادة بحكم التحكيم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حكم التحكيم الجزئي‬


‫ويكون حكم التحكيم جزئيا‪ ،‬إذا فصل ي جزء من ال اع املطروح أمام محكمة التحكيم‪ ،‬أي ي‬
‫جزء من الطلبات وبقيت طلبات أخرى تحتفظ محكمة التحكيم بوالي ا ي الفصل ف ا‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫ٔالاحكام يحسم جزء من ال اع فقط وليس كل ال اع‪.‬‬

‫‪ -203‬حيث كان قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬بعد تعديله سنة ‪ ،1993‬يستعمل مصطلح "حكم التحكيم" ي التحكيم الداخ ي"‪،‬‬
‫ويستعمل مصطلح "قرار " ي التحكيم التجار ي الدو ي‪.‬‬
‫‪ -204‬حو ل الجدل الذي ثار حول طبيعة الحكم الذي يصدرﻩ املحكم ي مسألة اختصاصه ي القانون الجزائري‪ ،‬راجع‪ :‬تعويلت كريم‪،‬‬
‫فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 74‬وما يل ا‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ملحكمة التحكيم التجاري الدو ي بسلطة إصدار أحكام جزئية بصريح‬ ‫لقد اع ﺮف‬
‫ّ‬
‫نص املادة ‪ 1049‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ال تنص ع ى أنه "يجوز ملحكمة التحكيم إصدار‬
‫‪ ...‬أو أحكام جزئية‪ ،‬ما لم يتفق ٔالاطراف ع ى خالف ذلك"‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حكم التحكيم ٔالاو ي‬


‫جاء النص ع ى هذا النوع من أحكام التحكيم ي الفقرة ٔالاخ ﺮة من املادة ‪ 1044‬من قانون‬
‫تفصل ف ا محكمة التحكيم ي الدفع بعدم‬ ‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬وتتمثل ي تلك ٔالاحكام ال‬
‫اختصاصها الذي يتمسك به أحد ٔالاطراف قبل أي نقاش ي املوضوع‪.‬‬

‫تسم هذﻩ ٔالاحكام باألولية‪ ،‬كو ا تصدر كأصل قبل النظر ي موضوع ال اع‪ ،‬أل ّ ا تتعلق بمسألة‬
‫ّ‬
‫املشرع سمح‬ ‫أولية ي مسألة مدى اختصاص محكمة التحكيم بالنظر ي ال اع املعروض عل ا‪ ،‬إال ّأن‬
‫بالفصل مع موضوع ال اع إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبط باملوضوع‪ ،‬و ي هذﻩ الحالة تصدر محكمة‬
‫التحكيم حكم واحد يفصل ي نفس الوقت ي الاختصاص و ي املوضوع‪.205‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬حكم التحكيم باتفاق ٔالاطراف‬


‫يم ّ الفقه‪ 206‬ب ن صورت ن لحكم التحكيم باتفاق ٔالاطراف‪ ،‬إذ تتج ى الصورة ٔالاو ى ي الحالة ال‬
‫حد إلجراءات التحكيم‪ ،‬بتنازلها أو إبرامها مصالحة )‪ (Transaction‬فيما‬ ‫يتفق ف ا ٔالاطراف ع ى وضع ّ‬

‫بي ا‪ ،‬و ي هذﻩ الحالة يمكن أن تصدر محكمة التحكيم حكما يتعلق فقط بالتكاليف وأتعاب املحكم ن‪.‬‬

‫أما الصورة الثانية‪ ،‬فﻬ الصورة ال تتعلق بالحالة ال يتضمن ف ا حكم التحكيم الحل الذي‬
‫توصل إليه أطراف ال اع أنفسهم‪ ،‬حيث يلجؤون إ ى هذﻩ الصورة رغبة ي الاستفادة من مقومات الحكم‬
‫خاصة ما تعلق بإلزاميته وحجيته‪.‬‬

‫لإلشارة‪ ،‬نصت املادة ‪ 1049‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية صراحة ع ى هذا النوع من‬
‫ٔالاحكام‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -205‬تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 1044‬ق إ م إ ع ى أنه "تفصل محكمة التحكيم ي الاختصاص الخاص ا بحكم أو ي إال إذا كان‬
‫الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع ال اع"‬
‫‪ -206‬راجع مثال ‪:‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،59‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام التحكيم الصادرة ي‬
‫املنازعات الخاصة الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 36‬وما يل ا‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫الاع ﺮاف بحكم التحكيم التجاري الدو ي وتنفيذﻩ الج ﺮي‬
‫الشك ّأن الهدف من اللجوء إ ى التحكيم هو الفصل ي ال اع بالفعالية املرجوة والوصول إ ى تنفيذ‬
‫الحل املتوصل إليه من قبل محكمة التحكيم ع ى أرض الواقع‪ ،‬لذلك تعت ﺮ النصوص املنظمة لشروط‬
‫وإجراءات التنفيذ ي قانون مع ّ ن مسألة محورية ي تحديد فعالية نظام التحكيم ي قانون الدولة املعنية‪،‬‬
‫ّ‬
‫حيث أنه يتوقف عل ا تحديد مكانة هذﻩ الوسيلة من وسائل الفصل ي ال اعات‪.‬‬

‫ّإن املبالغة ي الشروط املطلوبة لالع ﺮاف ذﻩ ٔالاحكام وتنفيذها سيعدم الجدوى من اللجوء إ ى‬
‫التحكيم أصال‪ ،‬كما ّأن تعقيد إجراءات التنفيذ والاع ﺮاف من شأنه أن يعيدنا إ ى التعقيدات ال أراد‬
‫املشرع الجزائري م ّ ب ن شروط وإجراءات‬
‫ّ‬ ‫ٔالاطراف تفاد ا بتجنب القضاء وولوج طريق التحكيم‪ ،‬وبما ّأن‬
‫تنفيذ ٔالاحكام القضائية ٔالاجنبية عن تلك الخاصة بأحكام التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬فإننا سنتناول تباعا‪،‬‬
‫شروط الاع ﺮاف بحكم التحكيم الدو ي وتنفيذﻩ ثم ٕالاجراءات الواجب اتباعها‪.‬‬

‫املطلب ٔالاول‬
‫شروط الاع ﺮاف بحكم التحكيم وتنفيذﻩ‬
‫ّ‬
‫تنص املادة ‪ 1051‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى أنه"يتم الاع ﺮاف بأحكام التحكيم‬
‫الدو ي ي الجزائر إذا أثبت من تمسك ا وجودها‪ ،‬وكان هذا الاع ﺮاف غ ﺮ مخالف للنظام العام الدو ي‪.‬‬
‫وتعت ﺮ قابلة للتنفيذ ي الجزائر وبنفس الشروط‪ ،‬بأمر صادر عن رئيس املحكمة ال صدرت أحكام‬
‫التحكيم ي دائرة اختصاصها‪ ،‬أو محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر محكمة التحكيم موجودا خارج‬
‫ٕالاقليم الجزائري"‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري م ّ ب ن عملي الاع ﺮاف والتنفيذ غ ﺮ أنه أخضعهما‬
‫ّ‬ ‫من خالل هذﻩ املادة‪ ،‬نجد ّأن‬
‫إ ى نفس الشروط‪ ،‬وقبل التطرق إ ى هذﻩ الشروط ع ى حدى‪ ،‬سنب ّ ن الفرق ب ن العمليت ن‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬الفرق ب ن الاع ﺮاف بحكم التحكيم الدو ي وتنفيذﻩ‬


‫‪72‬‬
‫دخل مصطلح الاع ﺮاف بالحكم إ ى القانون ٕالاجرائي الجزائري بموجب املرسوم التشري ي رقم‬
‫‪ 09/93‬املعدل واملتمم لقانون ٕالاجراءات املدنية املل ى ي سنة ‪ 2008‬بموجب قانون ٕالاجراءات املدنية‬
‫وٕالادارية الساري املفعول‪ ،‬ويرى البعض‪ّ 207‬أن هذا املفهوم نقل من قانون ٕالاجراءات الفرنﺴ ‪ ،‬ويكمن أصل‬
‫تتعلق باالع ﺮاف وتنفيذ ٔالاحكام‬ ‫إدماجه ي القانون الجزائري ي اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1958‬ال‬
‫التحكيمية ٔالاجنبية‪ ،‬وال انضمت إل ا الجزائر ي سنة ‪.1988‬‬

‫تتمثل عملية الاع ﺮاف بحكم التحكيم الدو ي ي إدماجه ي النظام القانوني الجزائري‪ ،‬بما يسمح له‬
‫ب ﺮتيب كل آثارﻩ ي ٕالاقليم الجزائري‪ ،‬كاستعماله مثال للدفع بسبق الفصل ي ال اع املعروض أمام القا‬
‫الجزائري‪ ،208‬وهو ال دف بالضرو ة لتنفيذ حكم التحكيم املع ي الجزائر‪ّ ،‬‬
‫ألن التنفيذ دف إ ى استصدار‬ ‫ر‬
‫الصيغة التنفيذية وتجسيد الحل الذي يتضمنه الحكم ع ى أرض الواقع‪.‬‬
‫ّ‬
‫لإلشارة‪ ،‬هناك من يرى بأن التمي ب ن الاع ﺮاف والتنفيذ غ ﺮ ٍ‬
‫مجد‪ ،‬نظرا للصلة الوثيقة ب ن‬
‫الاع ﺮاف والصيغة التنفيذية‪ ،209‬لكن ومها يكن ّ‬
‫فإن الاع ﺮاف بحكم التحكيم الدو ي وتنفيذﻩ ي الجزائر‬
‫توفر الشرط ن التالي ن‪:‬‬ ‫يقت‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شرط إثبات وجود حكم التحكيم‬


‫ً ّ‬ ‫ً‬
‫يعت ﺮ شرط إثبات وجود حكم التحكيم الدو ي شرطا منطقيا‪ ،‬ألنه من غ ﺮ املتصور الاع ﺮاف بحكم‬
‫غ ﺮ موجود أو تنفيذﻩ‪ ،‬خاصة إذا علمنا ّأن حكم التحكيم يقت أن يكون مكتوب‪ ،‬ويقع ع ﺊ إثبات هذا‬
‫الوجود ع ى الطرف الذي يتمسك به أو ّيد ي وجودﻩ‪ ،‬ويتم ٕالاثبات بتقديم أصل حكم التحكيم مرفقا بأصل‬
‫اتفاقية التحكيم ال صدر بناء عل ا أو تقديم نسخ ع ما تستو ي شروط الصحة‪ ،210‬و ي حالة تحريرهما‬
‫بغ ﺮ اللغة العربية‪ ،‬يل م املع بتقديمهما مرفقة بال ﺮجمة الرسمية إ ى اللغة العربية إعماال للمادة ‪ 8‬من‬
‫قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ي مسألة إثبات حكم التحكيم الدو ي املراد تنفيذﻩ أو الاع ﺮاف به‬ ‫يتما موقف‬
‫قررت اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1958‬ي ماد ا الرابعة ال تنص ع ى ما ي ي‪:‬‬‫ي الجزائر مع ما ّ‬

‫‪ -207‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬


‫‪208‬‬
‫‪- TRARI TANI Mostefa, « L’arbitrage international dans le nouveau code algérien de procédure civile et‬‬
‫‪administrative », op. cit., p. 82.‬‬
‫‪209‬‬
‫‪- ROBERT Jean, op. cit., p.209.‬‬
‫‪ -210‬راجع املادة ‪ 1052‬ق إ م إ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫"‪ -1‬للحصول ع ى الاع ﺮاف والتنفيذ املذكورين ي املادة السابقة‪ ،‬يقوم الطرف الذي يطلب الاع ﺮاف‬
‫والتنفيذ وقت تقديم الطلب‪ ،‬بتقديم ما ي ي‪:‬‬
‫)أ ( القرار ٔالاص ي مصدقا عليه حسب ٔالاصول املتبعة أو نسخة منه معتمدة حسب ٔالاصول؛‬
‫)ب( الاتفاق ٔالاص ي املشار إليه ي املادة الثانية أو صورة منه معتمدة حسب ٔالاصول‪.‬‬
‫‪ -2‬م كان الحكم املذكور أو الاتفاق املذكور بلغة خالف اللغة الرسمية للبلد الذي يحتج فيه بالقرار‪،‬‬
‫وجب ع ى الطرف الذي يطلب الاع ﺮاف وتنفيذﻩ أن يقدم ترجمة لهات ن الوثيقت ن ذﻩ اللغة‪ .‬ويجب أن‬
‫تكون ال ﺮجمة معتمدة من موظف رسمي أو م ﺮجم محلف أو ممثل دبلوماﺳ أو قنص ي"‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬شرط عدم مخالفة الاع ﺮاف أو التنفيذ للنظام العام الدو ي‬

‫دخلت فكرة النظام العام الدو ي إ ى القانون الجزائري بموجب املرسوم التشري ي رقم ‪09-93‬‬
‫املؤرخ ي ‪ 25‬أبريل ‪ ،1993‬املعدل واملتمم لألمر رقم ‪ 154-66‬املؤرخ ي ‪ 8‬جوان ‪ 1966‬واملتضمن قانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية‪ ،‬والذي أدخل ألول مرة فصال كامال لتنظيم التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وبذلك يعت ﺮ القانون‬
‫ي ٔالاخذ ذﻩ الفكرة‪.‬‬ ‫الجزائري من ب ن القوان ن ال حذت حذو القانون الفرنﺴ‬
‫إذا ما أخذنا باملفهوم الفرنﺴ الذي أخذت منه‪ّ ،‬‬
‫فإن عبارة "النظام العام الدو ي" ال تع ال النظام‬
‫العام الدو ي الحقيقي وال أنواع النظام العام الداخ ي‪ ،‬بل يتعلق ٔالامر بشكل جد مخفف من هذا النظام‬
‫ٔالاخ ﺮ بدرجة يوجد معها نظام عام دو ي خاص بكل نظام قانوني‪ ،‬ويبقى تحديد مضمونه ع ى عاتق القا‬
‫الذي يأخذ طبعا بع ن الاعتبار ما تطرحه العالقات التجارية الدولية من تقييد لهذا النظام العام سواء ع ى‬
‫مستوى النظام العام ٕالاجرائي أو ع ى مستوى النظام العام املوضو ي"‪.211‬‬

‫ي انتظار املوقف الذي سيتخذﻩ القضاء الجزائري‪ ،‬نرى ّأن املفهوم الذي يجب أن يتبناﻩ القا‬
‫مع التحكيم التجاري الدو ي دون أن يصل إ ى حد الاعتماد الك ي ع ى‬ ‫للنظام العام الدو ي ينب ي أن يتما‬
‫النظام العام ع ﺮ الدو ي‪ ،‬بل يجب كذلك أن يأخذ بع ن الاعتبار النظام العام الداخ ي للدول‪ ،‬وأن يكون هذا‬
‫خال من أي‬
‫النظام العام قيد فع ي وحقيقي ع ى حكم التحكيم وليس –كما وصفه البعض‪" -‬مجرد تحفظ ٍ‬
‫مضمون ومع "‪.212‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري‪ ،‬والذي‬ ‫ّإن املالحظ ع ى قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬هو اللبس الذي أحدثه‬
‫من شأنه أن يودي إ ى عدة تأويالت بصدد تفس ﺮ املادت ن ‪ 1051‬و‪ 1056‬من هذا القانون‪ ،‬فإذا كانت املادة‬

‫‪211‬‬
‫‪‐ TRARI TANI Mostefa, Droit algérien de l’arbitrage commercial international, op. cit., p.164.‬‬
‫‪212‬‬
‫‪‐ RACINE Jean-Baptiste, «Réflexions sur l’autonomie de l’arbitrage commercial international », Rev.arb.,‬‬
‫‪n° 2, 2005, p.326.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ 1051‬من هذا القانون‪ ،‬وال تتعلق بشروط الاع ﺮاف بحكم التحكيم الدو ي‪ ،‬تعت ﺮ ّأن الاع ﺮاف بحكم‬
‫التحكيم وتنفيذﻩ يش ﺮطان أن ال يتعا ض هذا الاع ﺮاف أو هذا التنفيذ مع النظام العام الدو ي‪ّ ،‬‬
‫فإن املادة‬ ‫ر‬
‫‪ 1056‬املحددة للحاالت ال يجوز ف ا استئناف ٔالامر القا باالع ﺮاف أو بتنفيذ حكم التحكيم الدو ي‪،‬‬
‫ً‬
‫وال ي نفسها حاالت بطالن حكم التحكيم الصادر ي الجزائر إعماال للمادة ‪ 1058‬من نفس القانون‪ ،‬تنص‬
‫ع ى مخالفة حكم التحكيم للنظام العام الدو ي فقط بغض النظر عن تنفيذﻩ أو الاع ﺮاف به‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫لإلشارة‪ ،‬لم يكن هذا اللبس موجودا ي ظل قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪ ،‬حيث كان هناك‬
‫انسجام تام ب ن املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 17‬واملادة ‪ 458‬مكرر ‪ ،23‬إذ نصتا ع ى حالة مخالفة الاع ﺮاف أو تنفيذ‬
‫حكم )قرار( التحكيم للنظام العام الدو ي‪.213‬‬

‫يمكن‬ ‫فإذا عدنا إ ى الوضع الحا ي لنصوص قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬نقول ّأن القا‬
‫بمجرد مخالفته للنظام العام الدو ي باملفهوم‬ ‫ّ‬ ‫له أن يحكم بإبطال حكم التحكيم الصادر ي الجزائر‬
‫الجزائري‪ ،‬وبغض النظر عن طلب الاع ﺮاف ذا الحكم أو تنفيذﻩ ي الجزائر‪ ،‬وبغض النظر كذلك عن زوال‬
‫أو بقاء قاعدة النظام العام أثناء طلب الاع ﺮاف أو التنفيذ‪ ،‬وهذا ال نجدﻩ ي القانون الفرنﺴ ‪.214‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع إلزالة هذا اللبس وعدم الانسجام ب ن النص ن‪ ،‬نرى ضرورة الاعتماد ع ى‬ ‫قبل تدخل‬
‫مضمون قيد النظام العام الدو ي الورد ي املادة ‪ 1051‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية للتمي ب ن‬
‫ّ‬
‫الحاالت ال سيطلب ف ا الاع ﺮاف أو تنفيذ حكم التحكيم ي الجزائر والحاالت ال ال يطلب ف ا‪ ،‬ذلك أنه ال‬
‫جدوى من إبطال حكم تحكيم ي الجزائر ال يتعارض مع النظام العام ي قانون الدولة ال سيطلب الاع ﺮاف‬
‫ّ‬ ‫أو التنفيذ ع ى إقليمها‪ّ ،‬‬
‫ألن هذا الحل من شأنه أن يوفق ب ن ضرورة مراقبة حكم التحكيم من زاوية النظام‬
‫العام الدو ي وضرورة السهر ع ى تحقيق فعالية التحكيم التجاري الدو ي‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -213‬نصت املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 17‬من هذا ٔالامر ع ى أنه "يتم الاع ﺮاف ي الجزائر بالقرارات التحكيمية الدولية إذا أثبت املتمسك ا‬
‫وجودها‪ ،‬وكان هذا الاع ﺮاف غ ﺮ مخالف للنظام العام الدو ي‪.‬‬
‫وبنفس الشروط تعت ﺮ قابلة للتنفيذ ي الجزائر‪ ،‬من لدن رئيس املحكمة ال صدرت هذﻩ القرارات ي دائرة اختصاصها أو من‬
‫رئيس محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر محكمة التحكيم موجودا خارج تراب الجمهورية"‪.‬‬
‫كما نصت الفقرة )ح( من املادة ‪ 458‬مكرر ‪ 23‬من نفس القانون ع ى أنه‪ ":‬ال يجوز استئناف القرار الذي يسمح باالع ﺮاف أو التنفيذ‬
‫إال ي الحاالت التالية‪:‬‬
‫أ(‪...‬‬
‫ح( إذا كان الاع ﺮاف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدو ي"‪.‬‬
‫‪ -214‬راجع نص املادت ن ‪ 1514‬و‪ 1520‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ ي صيغته املعدلة ي ‪.2011‬‬

‫‪75‬‬
‫ّ‬
‫ي ٔالاخ ﺮ نقول أنه إذا كانت فكرة النظام العام ي ميدان التحكيم التجاري الدو ي يتع ّ ن تفس ﺮها‬
‫فإنه ي املقابل‪ ،‬ال يجب أن يكون‬ ‫ّ‬
‫تفس ﺮا ضيقا ح ال تصبح عرقلة لتنفيذ ٔالاحكام التحكيمية الدولية‪،‬‬
‫تقييد النظام العام وسيلة الن اك املبادئ ٔالاساسية ال تحكم دولة معينة تشجيعا للجوء إ ى التحكيم‬
‫بغرض إخفاء املعامالت املشبوهة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫إجراءات الاع ﺮاف بحكم التحكيم وتنفيذﻩ‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ي مسألة تحديد شروط الاع ﺮاف بحكم التحكيم وتنفيذﻩ‪،‬‬ ‫ع ى غرار ما قام به‬
‫وحد أيضا ٕالاجراءات الواجب اتباعها الستصدار ٔالامر باالع ﺮاف أو بالتنفيذ‪ ،‬إذ نص ع ى املحكمة املختصة‬
‫ي املادة ‪ 1051‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬وأحال فيما يخص ٕالاجراءات ع ى تلك املعمول ا ي‬
‫إطار تنفيذ حكم التحكيم الداخ ي‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬الجهة القضائية املختصة بإصدار ٔالامر باالع ﺮاف أو التنفيذ‬
‫لقد م ّ ت الفقرة الثانية من املادة ‪ 1051‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ب ن الحالة ال‬
‫يصدر ف ا حكم التحكيم ي الجزائر والحالة ال يصدر ف ا حكم التحكيم ي الخارج‪ ،‬ففي الحالة ٔالاو ى‬
‫يؤول الاختصاص إ ى رئيس املحكمة ال صدر ي دائرة اختصاصها حكم التحكيم الدو ي‪ ،‬بينما يؤول‬
‫الاختصاص بإصدار هذا ٔالامر ي الحالة الثانية لرئيس محكمة محل التنفيذ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات إصدار ٔالامر باالع ﺮاف أو التنفيذ‬


‫يصدر رئيس املحكمة املختصة أمرﻩ باالع ﺮاف وتنفيذ حكم التحكيم الدو ي بناء ع ى طلب من مه‬
‫التعجيل بعد إيداع الوثائق املثبتة لوجود الحكم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عملية إيداع الوثائق‬


‫ّ‬
‫تنص املادة ‪ 1053‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى أنه "تودع الوثائق املذكورة ي املادة‬
‫‪ 1052‬أعالﻩ‪ ،‬بأمانة ضبط الجهة القضائية املختصة من الطرف املع بالتعجيل"‪.‬‬
‫فإن الوثائق املعنية باإليداع ي الوثائق املطلوبة إلثبات وجود حكم التحكيم الدو ي‪،‬‬ ‫للتذك ﺮ‪ّ ،‬‬

‫ويتعلق ٔالامر بأصل حكم التحكيم الدو ي واتفاقية التحكيم‪ ،‬أو نسخ ع ما تستو ي شروط الصحة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫ع ى مدى توفر الشروط املطلوبة ي املادة ‪1051‬‬ ‫دف عملية ٕالايداع إ ى ضمان رقابة القا‬
‫إلصدار ٔالامر باالع ﺮاف أو بتنفيذ الحكم املع ‪ ،‬يرجع ذلك إ ى خضوع حكم التحكيم الدو ي إ ى رقابة الدولة‪،‬‬
‫وال يمكن لها أن تقوم ا إال إذا تم إيداع هذا الحكم لدى الجهة القضائية املختصة‪.215‬‬

‫تتم عملية ٕالايداع من الطرف الذي مه التعجيل والذي يتمثل عادة ي الطرف الذي صدر الحكم‬
‫لصالحه‪ ،‬لكن ال يوجد ما يمنع الطرف الذي صدر الحكم ي غ ﺮ صالحه من القيام بعملية ٕالايداع‪.‬‬
‫وبمجرد إيداع الوثائق املطلوبة‪ ،‬يتو ى أم ن الضبط تحرير محضر عن هذا ٕالايداع‪ ،‬ويتحمل‬
‫ٔالاطراف النفقات الخاصة ذﻩ العملية‪.216‬‬

‫ثانيا‪ :‬استصدار ٔالامر‬


‫يصدر ٔالامر باالع ﺮاف أو بتنفيذ حكم التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬بناء ع ى طلب الطرف الذي صدر‬
‫الحكم ملصلحته يقدم ي شكل عريضة تستو ي شروط قبولها وفقا للقواعد العامة املقررة ي قانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادا ية‪ ،‬حيث ال تكفي عملية ٕالايداع إلضفاء الصيغة التنفيذية ع ى حكم التحكيم‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ر‬
‫يتطلب عمل قانوني يلزمه بإصدار ٔالامر باالع ﺮاف أو التنفيذ ويكون هذا العمل ي‬ ‫تحريك نشاط القا‬
‫شكل طلب‪ ،‬بينما عملية ٕالايداع ي عمل مادي‪.‬‬

‫ويجب ع ى الطالب إرفاق طلبه بحكم التحكيم املراد تنفيذﻩ واتفاق التحكيم أو بنسخ ع ما‬
‫تستو ي شروط صح ا مع ترجم ا الرسمية إ ى اللغة العربية عند الاقتضاء‪ ،‬إ ى جانب ذلك هناك من يرى‬
‫ضرورة إرفاق الطلب بنسخة من محضر ٕالايداع املشار عليه أعالﻩ‪ ،‬وهو ما لم ينص عليه القانون‪.217‬‬

‫ينظر رئيس املحكمة ي الطلب من خالل فحص توفر الشروط ال يتطلب ا القانون واملشار إل ا‬
‫أعالﻩ‪ ،‬دون أن تمتد سلطته إ ى مراجعة حكم التحكيم املراد تنفيذﻩ‪ ،‬ويقتصر دورﻩ ي ٔالامر باالع ﺮاف أو‬
‫التنفيذ إذا أثبت الطالب وجود حكم التحكيم ّ‬
‫وأن الاع ﺮاف به أو تنفيذﻩ ال يتعارض مع النظام العام الدو ي‪،‬‬
‫أو إصدار أمر برفض الاع ﺮاف أو التنفيذ إذا تخلفت هذﻩ الشروط‪.‬‬

‫‪ -215‬زودة عمر‪ " ،‬إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم ٔالاجنبية"‪ ،‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬الطرق البديلة لحل ال اعات‪ :‬الوساطة‬
‫والصلح والتحكيم‪ ،‬الجزء ٔالاول‪ ،2008 ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -216‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -217‬ي هذا الرأي‪ :‬زودة عمر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫لإلشارة‪ ،‬أخذت املحكمة العليا )الغرفة املدنية( ذا الرأي ي القرار الصادر بتاريخ ‪ 2004/12/29‬ي الطعن رقم ‪ ،311816‬وهو ما‬
‫انتقدﻩ ٔالاستاذ زرق ن رمضان ي تعليقه ع ى هذا القرار‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪ZERGUINE Ramdane, « L’exequatur des sentences arbitrales étrangères en Algérie, commentaire de l’arrêt‬‬
‫‪de la cour suprême- chambre civile- N°311816 du 29/12/2004 », Revue de la cour suprême, n°1, 2006, pp.‬‬
‫‪134-156.‬‬

‫‪77‬‬
‫ّ‬
‫تجدر ٕالاشارة إ ى ّأن إصدار ٔالامر ال يتطلب الوجاهية‪ ،‬ألنه ال يتطلب تكليف ٔالاطراف بالحضور‪ ،‬كما‬
‫نش ﺮ أيضا إ ى ّأن قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية لم يب ّ ن الشكل الذي يأخذﻩ ٔالامر الذي يصدرﻩ القا‬
‫ولم يب ّ ن ما إذا كان يصدر ي ذيل العريضة أو يوضع ع ى ورقة حكم التحكيم أو ع ى هامشه‪ ،218‬و ي غياب‬
‫ً‬
‫النص‪،‬هناك من يرى ّأن ٔالامر يصدر ع ى ذيل العريضة إعماال للقواعد العامة لألوامر ع ى العرائض‪ ،219‬بينما‬
‫يرى البعض ٓالاخر ّأن القا يضع تأش ﺮته ع ى الحكم محل طلب الاع ﺮاف أو التنفيذ فقط‪ ،‬أما إذا رفض‬
‫الطلب‪ ،‬ففي هذﻩ الحالة يتع ّ ن عليه تسبيب ٔالامر الرافض لالع ﺮاف أو التنفيذ‪.220‬‬

‫إذا صدر ٔالامر بالتنفيذ‪ ،‬يسلم رئيس أمناء الضبط نسخة رسمية ممهورة بالصيغة التنفيذية من‬
‫حكم التحكيم ملن يطل ا من ٔالاطراف‪،221‬والذي يمكن أن ي ّنفذ بصفة مستعجلة إذا كان مشموال بالنفاذ‬
‫املعجل‪.222‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫الطعن ي حكم التحكيم التجاري الدو ي‬
‫تعت ﺮ مسألة طرق الطعن ي أحكام التحكيم‪ ،‬من املسائل ال تب ّ ن مدى القوة ٕالالزامية ال تتمتع‬
‫ا هذﻩ ٔالاحكام وكذلك مدى السلطات ال يبيحها القانون للقضاء الوط للرقابة عل ا‪ ،‬وال تؤثر بشكل‬
‫كب ﺮ ومباشر ع ى فعالية نظام التحكيم ومدى تشجيعه‪.‬‬

‫فإذا كان من الضروري فتح باب الطعن ضد حكم املحكم ن‪ ،‬بوصفه عمل بشري ال يخلو من‬
‫ً‬
‫السهو والخطأ‪ ،‬وبالتا ي من الضروري إخضاعه للطعن فيه حفاظا ع ى حقوق املتقاض ن املتضررين من سهو‬
‫فإن التوسع ي طرق الطعن ضد أحكام التحكيم‪ ،‬وإخضاعها لنفس الطرق ال تخضع‬‫املحكم ن وأخطا م‪ّ ،‬‬

‫لها ٔالاحكام القضائية‪ ،‬من شأنه أن يعدم أي جدوى من اللجوء إ ى هذا النظام‪ ،223‬لذلك سنعالج ي هذا‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري الطعن ضد حكم التحكيم الدو ي‪ ،‬من حيث طرق الطعن املفتوحة‬ ‫املبحث كيف نظم‬
‫وإجراءا ا‪ ،‬ومن حيث ٔالاوجه ال تتأسس عل ا هذﻩ الطعون‪.‬‬

‫‪ -218‬ع ى خالف قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى الذي نص ع ى ّأن ٔالامر يوضع ع ى أصل الحكم أو ع ى هامشه‪ .‬راجع املادة ‪ 458‬مكرر‬
‫‪ 18‬ق إ م‪ ،‬وهو نفس الشكل الذي نص عليه قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ ي نص املادة ‪ 1517‬منه‪.‬‬
‫‪ -219‬زودة عمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪220‬‬
‫‪- ALLIOUCH-KERBOUA-MEZIANI Naïma, op. cit., p. 73.‬‬
‫‪ -221‬راجع نص املادة ‪ 1036‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ال تحيل إل ا املادة ‪ 1054‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -222‬املادة ‪ 1037‬ق إ م إ‪.‬‬
‫‪ -223‬ي نفس املع ‪ :‬ع ي بركات‪ ،‬الطعن ي أحكام التحكيم‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2002 ،‬ص ‪ 6‬و‪.7‬‬

‫‪78‬‬
‫املطلب ٔالاول‬
‫طرق الطعن ي أحكام التحكيم التجاري الدو ي‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري قد‬ ‫يبدو من خالل الاطالع ع ى نصوص قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ّ ،‬أن‬
‫ّ‬
‫خفف بشكل كب ﺮ من الرقابة القضائية ال يخضع لها حكم التحكيم التجاري الدو ي‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع استبعد طرق‬ ‫فع ى عكس ما نصت عليه القواعد املنظمة للتحكيم الداخ ي‪ ،‬نجد ّأن‬
‫وجسد طريق طعن خاص هو الطعن‬‫الطعن التقليدية ي مجال الطعن ضد حكم التحكيم التجاري الدو ي‪ّ ،‬‬
‫بالبطالن فقط‪ ،‬وذلك إذا كان الحكم صادرا ي الجزائر‪ ،‬بينما ال يقبل الحكم الصادر خارج ٕالاقليم الجزائري‬
‫أي طعن ي الجزائر‪ ،‬بل سمح القانون فقط برفض الاع ﺮاف به أو رفض تنفيذﻩ إذا توفرت حالة من الحاالت‬
‫املنصوص عل ا ي املادة ‪ 1056‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬وجعل ٔالامر الصادر عن رئيس‬
‫ً‬
‫املحكمة ي مسألة الاع ﺮاف بحكم التحكيم التجاري الدو ي وتنفيذﻩ قابال لالستئناف أمام املجلس القضائي‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬استئناف ٔالامر الصادر ي مسألة الاع ﺮاف والتنفيذ‬


‫ّ‬
‫املشرع الجزائري‪،‬من خالل قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬ب ن استئناف ٔالامر برفض‬ ‫مّ‬

‫الاع ﺮاف ورفض التنفيذ وب ن ٔالامر باالع ﺮاف والتنفيذ‪ ،‬وذلك كما ي ي‪:‬‬

‫برفض الاع ﺮاف أو رفض التنفيذ‬ ‫أوال‪ :‬استئناف ٔالامر القا‬


‫ّ‬
‫برفض‬ ‫تنص املادة ‪ 1055‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى أنه "يكون ٔالامر القا‬
‫الاع ﺮاف أو برفض التنفيذ قابال لالستئناف"‪.‬‬

‫لم يم ّ نص هذﻩ املادة ب ن الحالة ال يكون ف ا حكم التحكيم صادرا ي الجزائر والحالة ال‬
‫يكون ف ا صادرا ي الخارج‪ ،‬إذ يكون ٔالامر بالرفض قابال باالستئناف‪ ،‬وفتح طريق الاستئناف ضد هذا ٔالامر‬
‫يذهب ي اتجاﻩ استغالل كل الفرص من أجل الوصول إ ى تنفيذ حكم التحكيم التجاري الدو ي وتحقيق‬
‫ّ‬
‫ألن فض الاع ﺮاف به وتنفيذﻩ ال يكون إال ي حاالت ّ‬
‫محددة ع ى سبيل الحصر ي املادة ‪ 1056‬من‬ ‫فعاليته‪ ،‬ر‬
‫نفس القانون‪.‬‬
‫ّ‬
‫لإلشارة‪ ،‬يمكن تأسيس الاستئناف ي هذﻩ الحالة ع ى أي وجه من ٔالاوجه‪ ،‬ألنه استئناف عام مثله‬
‫مثل الاستئناف ي القواعد العامة‪.224‬‬

‫‪ -224‬أي للمواد من ‪ 332‬إ ى ‪ 347‬ق إ م إ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫باالع ﺮاف أو بالتنفيذ‬ ‫ثانيا‪ :‬استئناف ٔالامر القا‬
‫ع ى عكس الاستئناف املوجه ضد ٔالامر القا برفض الاع ﺮاف أو برفض التنفيذ‪ ،‬يعت ﺮ الاستئناف‬
‫خاصا‪ ،‬كونه ال يجوز إال ي حاالت ّ‬ ‫ً‬
‫استئنافا ً‬
‫محددة ع ى سبيل‬ ‫املوجه ضد ٔالامر القا باالع ﺮاف أو بالتنفيذ‬
‫الحصر ي املادة ‪ 1056‬املشار إل ا أعالﻩ‪ ،225‬كما ّأنه يخص الحالة ال يكون ف ا حكم التحكيم التجاري‬
‫الدو ي صاد ًرا ي الخارج فقط‪ ،‬بينما ال يقبل ٔالامر القا بتنفيذ حكم التحكيم الدو ي الصادر ي الجزائر أي‬
‫طعن عمال بنص املادة ‪ 1058‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬

‫غ ﺮ ّأن الطعن بالبطالن ي حكم التحكيم ي هذﻩ الحالة يستتبع بالضرورة الطعن ي ذلك ٔالامر أو‬
‫ح تخ ي املحكمة عن نظر طلب التنفيذ إذا لم يتم الفصل فيه بعد‪ ،‬والغاية من ذلك هو الاكتفاء بطريق‬
‫طعن واحد وتفادي ازدواجية الطعن‪ ،‬أي عدم الجمع ب ن استئناف ٔالامر بالتنفيذ والطعن بالبطالن‪.226‬‬

‫ع ى سبيل املقارنة‪ ،‬سمح قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ باستئناف أمر تنفيذ حكم التحكيم‬
‫الدو ي الصادر ي فرنسا ي الحالة ال يتفق ف ا ٔالاطراف ع ى التنازل عن الطعن بالبطالن‪ ،‬وهو ما يفهم منه‬
‫ّ‬
‫أنه خ ّ ﺮ ٔالاطراف ب ن طريق استئناف ٔالامر القا بتنفيذ حكم التحكيم وب ن طريق الطعن بالبطالن‪.227‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الطعن بالبطالن ضد حكم التحكيم التجاري الدو ي‬


‫ع ى غرار ٔالانظمة القانونية الحديثة‪ ،‬اعتمد النظام القانوني الجزائري طريق طعن وحيد ضد حكم‬
‫التحكيم الدو ي الصادر ي الجزائر وهو الطعن بالبطالن‪ ،‬واستبعد كل طرق الطعن ٔالاخرى املفتوحة ضد‬
‫ّ‬
‫ٔالاحكام القضائية‪ ،228‬إذ تنص الفقرة ٔالاو ى من املادة ‪ 1058‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى أنه‬

‫ّ‬
‫‪ -225‬تنص هذﻩ املادة ع ى أنه‪" :‬ال يجوز استئناف ٔالامر القا باالع ﺮاف أو التنفيذ إال ي الحاالت التالية‪"...:‬‬
‫‪ -226‬إذ تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 1058‬ق إ م إ‪" :‬ال يقبل ٔالامر الذي يق بتنفيذ حكم التحكيم الدو ي املشار إليه أعالﻩ أي‬
‫ّ‬
‫طعن‪ ،‬غ ﺮ أن الطعن ببطالن حكم التحكيم يرتب بقوة القانون الطعن ي أمر التنفيذ أو تخ ي املحكمة عن الفصل ي طلب‬
‫التنفيذ‪ ،‬إذا لم يتم الفصل فيه"‪.‬‬
‫‪ -227‬إذ تنص املادة ‪ 1522‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ ي صيغته املعدلة ي ‪ 2011‬ع ى ما ي ي‪:‬‬
‫‪« Par convention spéciale, les parties peuvent à tout moment renoncer expressément au recours en‬‬
‫‪annulation.‬‬
‫‪Dans ce cas, elles peuvent toujours faire appel de l’ordonnance d’exequatur pour l’un des motifs prévus à‬‬
‫‪l’article 1520.‬‬
‫‪L’appel est formé dans le délai d’un mois à compter de la notification de la sentence revêtue de l’exequatur.‬‬
‫‪La notification est faite par voie de signification à moins que les parties en conviennent autrement ».‬‬
‫‪ -228‬بينما أخضع أحكام التحكيم الداخ ي إ ى كل من الطعن باالستئناف واع ﺮاض الغ ﺮ الخارج عن الخصومة واستبعد العارضة‪ .‬راجع‬
‫املادة ‪ 1032‬ق إ م إ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫"يمكن أن يكون حكم التحكيم الدو ي الصادر ي الجزائر موضوع طعن بالبطالن ي الحاالت املنصوص‬
‫عل ا ي املادة ‪ 1056‬أعالﻩ"‪.‬‬

‫مع خصوصية التحكيم وتضمن عدم اللجوء إ ى مراجعة الحل‬ ‫تتم ّ ﺮ دعوى البطالن‪ ،‬بكو ا تتما‬
‫الذي توصلت إليه محكمة التحكيم‪ ،‬وبكو ا ذات طبيعة مختلطة‪ ،‬إذ تعد من ناحية دربا من دروب النقض‪،‬‬
‫ولها من ناحية أخرى بعض خصائص الطعن باالستئناف‪.229‬‬

‫يظهر اق ﺮاب دعوى البطالن من طريق الطعن بالنقض من خالل تحديد الحاالت ال يسمح برفعها‬
‫ف ا حيث ّ‬
‫يحدد القانون هذﻩ الحاالت ع ى سبيل الحصر‪ ،‬وال يمكن قبولها خارج تلك الحاالت املحددة‪ ،‬كما‬
‫أ ّ ا ال تؤدي إ ى التصدي ملوضوع ال اع من جديد‪ ،‬بل تقوم الجهة القضائية املرفوعة إل ا بالتأكد من توفر‬
‫الحاالت املثارة والحكم ببطالن الحكم‪.‬‬

‫بينما يظهر اق ﺮا ا من طريق الاستئناف ي كو ا تسمح بالتأكد من توفر الحاالت املؤسس عل ا‬


‫سواء من حيث القانون أو من حيث الواقع‪ ،‬كما أ ّ ا ترفع أمام محكمة الدرجة الثانية‪.230‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫إجراءات الطعن ي أحكام التحكيم التجاري الدو ي‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري إجراءات خاصة لرفع الطعون املشار إل ا أعالﻩ‪ ،‬باستثناء تحديدﻩ للجهة‬ ‫لم يضع‬
‫القضائية املختصة بنظرها وآجال رفعها‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ :‬إجراءات استئناف ٔالامر الصادر ي مسألة الاع ﺮاف بحكم التحكيم وتنفيذﻩ‬
‫يرفع الاستئناف الذي يوجه ضد ٔالامر الصادر عن رئيس املحكمة املختصة عند فصله ي طلب‬
‫الاع ﺮاف أو التنفيذ أمام املجلس القضائي الذي يتبع له ي أجل شهر واحد من تاريخ التبليغ الرسم لهذا‬
‫ٔالامر‪ ،231‬باتباع ٕالاجراءات املعتادة ي رفع الاستئناف‪ ،‬أي بعريضة استئناف تودع لدى أمانة ضبط املجلس‬
‫وموقعة من محامي‪ ،‬وتبلغ بعد تسجيلها للمستأنف عليه ّ‬
‫ألن هذا الاستئناف يفتح املجال للنقاش الحضوري‬
‫والوجا ي ب ن ٔالاطراف عكس طلب التنفيذ أمام رئيس املحكمة‪.‬‬

‫‪ -229‬ي نفس املع ‪ :‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام التحكيم‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -230‬كما أ ا ليست دعوى مبتدأة لنظر نزاع مع ّ ن يعرض ألول مرة ح يعهد ا إ ى محكمة أول درجة‪ .‬راجع‪ :‬ع ى بركات‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -231‬نص املادة ‪ 1057‬ق إ م إ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫نش ﺮ هنا إ ى ّأن ممارسة الطعن باالستئناف ي ٔالامر الصادر عن رئيس املحكمة وآجال ممارسته‬
‫يوقف تنفيذ حكم التحكيم‪ ،232‬كما ّأن القرارات الصادرة ً‬
‫بناء عليه قابلة للطعن بالنقض أمام املحكمة‬
‫العليا‪.233‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات الطعن بالبطالن‬


‫يرفع الطعن بالبطالن ضد حكم التحكيم الدو ي الصادر ي الجزائر أمام املجلس القضائي الذي‬
‫صدر حكم التحكيم ي دائرة اختصاصه‪ ،‬ويقبل هذا الطعن من تاريخ صدور الحكم إ ى غاية شهر واحد من‬
‫تاريخ التبليغ الرسم لألمر القا بالتنفيذ‪ ،234‬معناﻩ ّأن آجال الطعن تبقى مفتوحة طيلة الف ﺮة السابقة‬
‫للتبليغ الرسم لألمر‪ ،‬ويضاف إل ا شهر واحد من تاريخ ذلك التبليغ‪.‬‬
‫املشرع لم يخصه بإجراءات خاصة‪ّ ،‬‬
‫فإن دعوى البطالن‬ ‫ّ‬ ‫من حيث إجراءات رفع الطعن‪ ،‬وبما ّأن‬
‫ترفع باتباع ٕالاجراءات املعمول ا أمام املجلس القضائي‪.‬‬

‫تجدر ٕالاشارة ي ٔالاخ ﺮ إ ى ّأن الطعن بالبطالن وآجال ممارسته لها أثر موقف لتنفيذ حكم التحكيم‪،‬‬
‫كما ّأن القرار الصادر فيه قابل للطعن بالنقض‪.‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫أوجه الطعن ي أحكام التحكيم التجاري الدو ي‬
‫دف الرقابة القضائية ع ى حكم التحكيم‪ ،‬سواء بمناسبة الطعن بالبطالن أو بمناسبة طلب‬
‫التنفيذ‪،‬إ ى التحقق من تطابق إرادة ٔالاطراف ي اللجوء إ ى التحكيم ومدى اح ﺮام املحكم لهذﻩ ٕالارادة‪،‬وكذا‬
‫مدى اح ﺮام محكمة التحكيم للمبادئ ٔالاساسية للمحاكمة العادلة أثناء س ﺮ خصومة التحكيم وأثناء صدور‬
‫ّ‬
‫املشرع ب ن الحاالت ال‬ ‫الحكم‪ ،‬باإلضافة إ ى مراقبة مراعاة هذا الحكم للنظام العام الدو ي‪ ،‬لذلك ّ‬
‫وحد‬
‫حدد هذﻩ الحاالت‬‫يرفض الاع ﺮاف بحكم التحكيم أو تنفيذﻩ بسب ا وتلك ال تؤدي إ ى بطالنه‪ ،‬حيث ّ‬
‫ً‬
‫تحديدا حصرًيا ي املادة ‪ 1056‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية الجزائري ال نصت ع ى ست حاالت‬

‫‪ -232‬املادة ‪ 1060‬ق إ م إ‪.‬‬


‫‪ -233‬املادة ‪ 1061‬ق إ م إ‪.‬‬
‫‪ -234‬املادة ‪ 1059‬ق إ م إ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫فقط‪ ،235‬ويمكن تصنيفها إ ى ثالثة أصناف‪ :‬الحاالت املتعلقة باتفاق التحكيم؛ الحاالت املتعلقة بمحكمة‬
‫التحكيم؛ والحاالت املتعلقة بحكم التحكيم‪.‬‬

‫الفرع ٔالاول‪ٔ :‬الاوجه املتعلقة باتفاق التحكيم‬


‫يعت ﺮ اتفاق التحكيم أساس اللجوء إ ى التحكيم ونقطة بدايته –كما رأينا أعالﻩ‪ -‬إذ يستمد منه‬
‫املحكم سلطته ي الفصل ي ال اع‪ ،‬وال يمكن تصور صدور حكم التحكيم دون وجود هذا الاتفاق‪ ،‬لذلك‬
‫تتطلب القوان ن املنظمة للتحكيم الاختياري‪ ،‬وتحت طائلة الرفض‪ ،‬إرفاق اتفاق التحكيم بالحكم املراد‬
‫تنفيذﻩ أو الاع ﺮاف به‪ ،‬والغرض من ذلك هو التأكد من اتجاﻩ إرادة ٔالاطراف إ ى عقد اختصاص محكمة‬
‫ً‬
‫التحكيم واستبعاد القا املختص أصال من النظر ي ال اع‪.‬‬

‫ع ى هذا ٔالاساس‪ ،‬جاء من ب ن الحاالت املنصوص عل ا ي املادة ‪ 1056‬من قانون ٕالاجراءات املدنية‬
‫باالع ﺮاف أو بالتنفيذ‪ ،‬الحالة املتعلقة بفصل محكمة‬ ‫وٕالادارية وال يجوز ف ا استئناف ٔالامر القا‬
‫التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء ع ى اتفاقية باطلة أو بموجب اتفاقية منقضية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حالة عدم وجود اتفاق التحكيم‪:‬‬


‫تتعلق هذﻩ الحالة باملنازعة ي تطابق إرادة ٔالاطراف أصال باللجوء إ ى التحكيم‪ ،‬ويمكن أن تتحقق‬
‫‪ ،‬أو املحل‪ ،‬كما تتحقق إذا غاب شرط الكتابة الذي يعت ﺮ ي نظر‬ ‫مثال إذا غاب أحد أركان الاتفاق كال ﺮا‬
‫القانون الجزائري ركنا من أركان العقد وليس وسيلة إلثباته فقط‪ ،‬ففي مثل هذﻩ الحاالت ال وجود أصال‬
‫التفاق التحكيم‪ ،‬وبالتا ي ال يمكن تصور صدور حكم التحكيم‪.236‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬حالة بطالن اتفاق التحكيم‬
‫من ب ن ٔالاسباب املؤدية كذلك إ ى بطالن حكم التحكيم وعدم قابليته لالع ﺮاف والتنفيذ‪ ،‬حالة‬
‫بطالن اتفاق التحكيم سواء كان ذلك بسبب عيوب الرضا أو عدم أهلية أطرافه‪ ،‬أو عدم قابلية ال اع للحل‬
‫عن طريق التحكيم‪ ،‬كال اعات املتعلقة بحالة ٔالاشخاص وأهلي م‪ ،‬فتقدير محكمة التحكيم الختصاصها ي‬

‫‪ -235‬بينما نص قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى ع ى ثمانية‪ ،‬وتنص املادة الخامسة اتفاقية نيويرك لعام ‪ 1958‬ع ى سبع حاالت‪.‬‬
‫‪ -236‬ي نفس املع ‪ :‬عبد اللطيف بو العلف‪ ،‬الطعن بالبطالن ي الحكم التحكيم ‪ ،‬دراسة ي القانون املغربي وا املقارن‪ ،‬دار ٓالافاق‬
‫املغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪.45 ،2011 ،‬‬

‫‪83‬‬
‫الوط كي يتأكد من صحة أساس هذا‬ ‫فض ال اع يخضع للرقابة القضائية الالحقة ال يقوم ا القا‬
‫الاختصاص أال وهو اتفاق التحكيم‪.237‬‬

‫ينب ي التذك ﺮ هنا إ ى ّأن بطالن العقد ٔالاص ي ال يستتبع بالضرورة بطالن اتفاق التحكيم‪ ،‬عمال‬
‫بمبدأ استقاللية اتفاق التحكيم ي مجال التجارة الدولية‪،‬املكرس ي الفقرة ٔالاخ ﺮ من املادة ‪ 1040‬من قانون‬
‫وأن تقدير هذا البطالن يكون وفقا للقانون واجب التطبيق حسبما تم توضيحه‬ ‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادا ية‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫أعالﻩ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حالة انقضاء مدة التحكيم‪:‬‬


‫ّ‬
‫املحددة ي اتفاق التحكيم أو ي اتفاق الحق‬ ‫تل م محكمة التحكيم أن تصدر حكم التحكيم ي املدة‬
‫ّ‬
‫املحددة ي القانون‬ ‫ّ‬ ‫ب ن ٔالاطراف‪ ،‬وإذا لم ّ‬
‫تحدد هذﻩ املدة من قبل ٔالاطراف‪ ،‬فإنه يؤخذ باملدة القانونية‬
‫فإن املحكمة ملزمة بإصدار حكم التحكيم ي‬ ‫واجب التطبيق‪ ،‬وإذا كان هذا القانون هو القانون الجزائري ّ‬

‫مدة أربعة أشهر تبدأ من تاريخ تعي ن املحكم ن أو من تاريخ إخطار محكمة التحكيم‪.238‬‬
‫ّ‬
‫نش ﺮ هنا إ ى أنه يمكن تمديد هذﻩ املدة بأمر من رئيس املحكمة املختصة إذا طلب منه ذلك‪ ،‬وذلك‬
‫ي إطار دورﻩ املساعد للتحكيم‪ ،‬وفقا لإلجراءات والشروط املنصوص عل ا ي املادة ‪ 1048‬من قانون‬
‫ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ٔ :‬الاوجه املتعلقة بمحكمة التحكيم‬


‫من ب ن حاالت الطعن بالبطالن الستة ال نصت عل ا املادة ‪ 1056‬من قانون ٕالاجراءات املدنية‬
‫وٕالادارية‪ ،‬هناك ثالث حاالت تتعلق بتشكيل محكمة التحكيم ومهامها‪ ،‬ويتعلق ٔالامر بحالة تشكيل هذﻩ‬
‫املحكمة أو تعي ن املحكم الوحيد بطريقة مخالفة للقانون؛ وحالة فصلها بما يخالف املهمة املسندة إل ا؛‬
‫وحالة عدم مراعا ا ملبدأ الوجاهية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تشكيل محكمة التحكيم أو تعي ن املحكم الوحيد بطريقة مخالفة للقانون‬

‫‪ -237‬راجع‪ :‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام التحكيم ‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -238‬املادة ‪ 1018‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫املشرع الجزائري قد ّ‬
‫كرس‪ ،‬من خالل املادة ‪ 1041‬من قانون ٕالاجراءات‬ ‫ّ‬ ‫لقد سبقت ٕالاشارة إ ى ّأن‬
‫ّ‬
‫املدنية وٕالادارية‪ ،‬مبدأ حرية ٔالاطراف ي تعي ن املحكم ن وتشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬وأنه ي حالة صعوبة ي‬
‫املختص عملية التعي ن بناء ع ى طلب من مه التعجيل‪ ،‬فإذا‬ ‫تشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬يتو ى القا‬
‫ُ ّ‬
‫ش ِكلت محكمة التحكيم خارج هذﻩ ٔالاطر‪ ،‬يكون تشكيل املحكمة غ ﺮ قانوني يمكن أن يؤدي إ ى بطالن حكم‬
‫التحكيم وإ ى رفض الاع ﺮاف به أو رفض تنفيذﻩ‪ ،‬ونذكر من ب ن هذﻩ الحاالت‪ :‬تعي ن شخص معنوي كمحكم؛‬
‫عدم توفر املحكم املع ن ع ى الشروط املتفق عل ا ب ن ٔالاطراف‪...‬الخ‪.‬‬

‫يعت ﺮ هذا السبب من أوجه الطعن املعروفة ي ّ‬


‫جل ٔالانظمة القانونية ونصت عليه الفقرة )د( من‬
‫املادة الخامسة من اتفاقية نيويورك لعام ‪ ،1958‬ال نصت ي نفس الوقت ع ى مخالفة التشكيل التفاق‬
‫ً‬
‫مخالفا للقانون ي حالة غياب الاتفاق‪ .‬بينما نص القانون ع ى تشكيل محكمة التحكيم بصفة‬ ‫ٔالاطراف أو‬
‫غ ﺮ نظامية "‪ "Irrégulièrement constitué‬لتشمل ي نفس الوقت مخالفة الاتفاق أو مخالفة القانون‪.239‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري أراد النص فقط ع ى حالة مخالفة تشكيل محكمة التحكيم للقانون‪،‬‬ ‫ال نضن ّ‬
‫بأن‬
‫لذلك ينب ي تفس ﺮ النص بشكل يستوعب حالة مخالفة اتفاق ٔالاطراف‪ّ ،‬‬
‫ألن العقد شريعة املتعاقدين وفقا‬
‫للمادة ‪ 106‬من القانون املدني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فصل محكمة التحكيم بما يخالف املهمة املسندة إل ا‬


‫تتحدد مهمة املحكم أو محكمة التحكيم بوثيقة املهمة ال يستلمو ا مع بداية مهم م‪ ،‬ويل مون‬
‫باح ﺮامها تحت طائلة تعريض حكمهم للبطالن أو عدم الاع ﺮاف به وعدم تنفيذﻩ‪ ،‬ؤالامر هنا يتعلق ي نفس‬
‫الوقت باإلجراءات واملوضوع‪.‬‬

‫يعت ﺮ الفقه ّأن هذا الوجه واسع‪ ،‬وبإمكانه أن يفتح الباب ع ى مصراعيه إلعادة النظر ي مضمون‬
‫ما توصل إليه حكم التحكيم‪ ،‬ويمكن بالتا ي أن يجعل املحكمة القضائية درجة ثانية فعلية من درجات‬
‫التقا ‪ ،240‬لذلك ربط الاج اد القضائي الفرنﺴ الرقابة القضائية ع ى هذا الوجه بالخرق الواضح لحدود‬
‫ً‬
‫تلك املهمة‪ ،241‬كأن يقوم املحكم بمهمته بصفته محكما بالصلح دون أن يخوله ٔالاطراف هذﻩ املهمة‪.‬‬

‫‪ -239‬راجع نص املادة ‪ 1520‬من قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ الساري املفعول‪.‬‬


‫‪ -240‬راجع ع ى سبيل املثال‪ :‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪71‬؛ عبد الحميد ٔالاحدب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪ -241‬إذ اعت ﺮ مثال ّأن الخطأ ي تحديد الوقائع أو الخطأ القانوني ال يؤدي إ ى بطالن الحكم‪ .‬أشار إ ى ذلك‪ :‬عبد الحميد ٔالاحدب‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬

‫‪85‬‬
‫بعدم اختصاص‬ ‫لإلشارة‪ ،‬يمكن الاستناد إ ى هذا الوجه من أجل إبطال حكم التحكيم القا‬
‫بأن محكمة التحكيم مختصة‪ ،‬وذلك نظرا لغياب وجه خاص بتمسك هذﻩ‬ ‫محكمة التحكيم إذا أى الطاعن ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫املشرع‬ ‫ٔالاخ ﺮة بعدم اختصاصها خطأ ي املادة ‪ 1056‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬بينما نص عل ا‬
‫صراحة ي قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪.242‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدم اح ﺮام محكمة التحكيم ملبدأ الوجاهية‬


‫اح ﺮامه‬ ‫يعت ﺮ مبدأ الوجاهية من املبادئ ٔالاساسية ال تقوم عل ا املحاكمة العادلة‪ ،‬ويقت‬
‫ّ‬
‫سواء كانت املحاكمة أمام القضاء أو ي إطار الوسائل ٔالاخرى لحل ال اعات‪ ،‬ألنه يضمن حق أساﺳ آخر وهو‬
‫حق الدفاع ّ‬
‫املكرس ي القوان ن ٕالاجرائية‪ ،243‬املدنية م ا والجزائية‪.‬‬

‫يقصد بمبدأ الوجاهية أن تمنح لكل طرف من أطراف الخصومة فرص متكافئة إلبداء دفوعه‬
‫حضور ٔالاطراف أو استدعا م بصفة قانونية‪،‬‬ ‫وطلباته ومناقشة دفوع وطلبات خصمه‪ ،244‬وهو ما يقت‬
‫فممارسة الرقابة القضائية ع ى مدى اح ﺮام هذا املبدأ يدخل ي إطار "ضمان الرقابة ع ى املتطلبات‬
‫ٔالاساسية لكل عدالة ولو كانت عدالة خاصة"‪ ،245‬فعدم اح ﺮام هذا املبدأ يفتح املجال إلمكانية رفض‬
‫مقر صدورﻩ‪.‬‬ ‫الاع ﺮاف به ورفض تنفيذﻩ‪ ،‬وح إبطاله من طرف قا‬

‫الفرع الثالث‪ٔ :‬الاوجه املتعلقة بحكم التحكيم بحد ذاته‬


‫لقد نصت املادة ‪ 1056‬من قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية ع ى وجه ن من أوجه الطعن بالبطالن‬
‫مستمدان من حكم التحكيم بذاته‪ ،‬ويتعلق ٔالامر بغياب التسبيب أو تناقض ٔالاسباب وكذا مخالفة الحكم‬
‫للنظام العام الدو ي‪.‬‬

‫‪ -242‬ي تفصيل ذلك‪ :‬تعويلت كريم‪ ،‬فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 84‬وما يل ا‪.‬‬
‫‪ -243‬تنص بعض التشريعات املقارنة املنظمة للتحكيم مباشرة ع ى حق الدفاع وليس ع ى مبدأ الوجاهية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫للتشريع املغربي‪ ،‬راجع‪ :‬عبد اللطيف بوالعلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 86‬وما يل ا‪.‬‬
‫‪244‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, op. cit., p. 140.‬‬
‫‪ -245‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪72‬؛ و ي نفس املع أيضا‪ :‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام التحكيم‬
‫الصادرة ي املنازعات الخاصة الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 192‬وما يل ا‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫أوال‪ :‬انعدام التسبيب أو تناقض ٔالاسباب ي حكم التحكيم‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري‬ ‫ورد هذا الوجه ي الفقرة الخامسة من املادة ‪ 1056‬السالفة الذكر‪ ،‬حيث سمح‬
‫باالع ﺮاف بحكم التحكيم التجاري الدو ي أو بتنفيذﻩ إذا صدر هذا الحكم ي الخارج‪،‬‬ ‫باستئناف ٔالامر القا‬
‫أو الطعن ببطالنه إذا صدر الحكم داخل القطر الجزائري‪ ،‬ي الحالة ال يخلو ف ا حكم التحكيم من‬
‫التسبيب أو كان هناك تناقض ٔالاسباب ي الحكم‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ع ى هذا الوجه الذي نص عليه ي قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى‪،‬‬ ‫لقد أبقى‬
‫بالرغم من التوجه الحا ي ي القانون املقارن نحو استبعادﻩ‪ ،246‬ع ى أساس ّأن مراقبة التسبيب من شأنه أن‬
‫إمكانية مراجعة هذا الحكم من حيث موضوعه وما توصل إليه من ّ‬
‫حل لل اع‪ ،‬وهو ما‬ ‫يفتح أمام القا‬
‫من شأنه أن يضع التحكيم التجاري الدو ي تحت إشراف القضاء‪ ،‬خاصة إذا تعلق ٔالامر بمراقبة مدى تعارض‬
‫ٔالاسباب‪.‬‬

‫ّ‬
‫املشرع الجزائري ي هذا املجال‬ ‫لإلشارة‪ ،‬هناك من الفقه الجزائري من يعت ﺮ ّأن الحل الذي ّ‬
‫كرسه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التسرع ي الفصل ي ال اع أو‬ ‫حل منطقي‪ ،‬ألنه يلزم املحكم ن بالبحث عن الحل العقالني املعلل واجتناب‬
‫الارتكاز ع ى تعليل متناقض أو غ ﺮ مقنع بالنسبة لألطراف‪.247‬‬

‫ثانيا‪ :‬مخالفة حكم التحكيم للنظام العام الدو ي‬


‫ملراقبة حكم التحكيم من‬ ‫يسمح القانون الجزائري‪ ،‬وع ى غرار القوان ن املقارنة‪ ،‬بتدخل القا‬
‫حيث اح ﺮامه للنظام العام‪ ،‬سواء كان ذلك بمناسبة طلب استصدار ٔالامر بالتنفيذ‪ ،‬أو بمناسبة الطعن‬
‫بالبطالن‪ ،‬إال ّأنه لم يأخذ بفكرة الرقابة ع ى حكم التحكيم من زاوية النظام العام التقليدي بمفهوم القانون‬
‫الداخ ي البحت‪ ،‬بل تأثر بموقف القانون الفرنﺴ وأخذ بفكرة النظام العام الدو ي‪ ،‬كما رأينا سابقا‪.‬‬

‫الجزائري لفكرة النظام العام ي‬ ‫و ي هذا الصدد‪،‬نرى أ ّن التفس ﺮ الذي يجب أن ّ‬


‫يتبناﻩ القا‬
‫ميدان التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬هو التفس ﺮ الذي من شأنه التوفيق ب ن ضرورة تضييق مضمون قيد النظام‬
‫العام ليتما مع ما تطرحه عالقات التجارة الدولية ً‬
‫نظرا لالختالف ب ن ٔالانظمة القانونية املحتملة‬

‫‪ -246‬ع ى سبيل املثال‪ ،‬لم ينص قانون ٕالاجراءات املدنية الفرنﺴ الساري املفعول ع ى هذا الوجه‪ ،‬كما لم ينص عليه لقانون املصري‪،‬‬
‫ولم يتضمن نص املادة ‪ 34‬من القانون النموذ ي للتحكيم هذا الوجه‪.‬‬
‫‪ -247‬ي هذا الرأي‪ :‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪87‬‬
‫التطبيق‪ ،‬وب ن مقتضيات السهر ع ى رقابة حكم التحكيم من زاوية النظام العام للوقوف ع ى مدى مخالفة‬
‫‪ ،‬والقول بغ ﺮ ذلك هو إفراغ ملحتوى قيد النظام العام‪.248‬‬ ‫الاع ﺮاف وتنفيذ الحكم لقانون القا‬

‫خ ـ ـ ـاتم ـ ـ ـة‬
‫يتضح من خالل ما سبق ّأن التحكيم التجاري الدو ي ي الجزائر يحظى بتنظيم قانوني مالئم الزدهارﻩ‬
‫وانتشارﻩ‪ ،‬يعكس التحول الكب ﺮ ي السياسة التشريعية ي هذا املجال‪ ،‬فبعدما كان نظام منتقد وغ ﺮ مرغوب‬
‫فيه ي مرحلة ّ‬
‫معينة‪ ،‬وصل إ ى درجة كب ﺮة من اللي ﺮالية والتشجيع‪ ،‬حيث ّ‬
‫كرس القانون الجزائري أحدث‬
‫املبادئ ال ظهرت ي القانون املقارن لتحقيق فعاليته‪ ،‬مما يجعل القانون الجزائري من أك ﺮ القوان ن املقارنة‬
‫ّ‬
‫املشرع إ ى أبعد مما ذهبت إليه هذﻩ القوان ن‬ ‫لي ﺮالية وتشجيع لهذﻩ الوسيلة‪ ،‬بل وهناك مسائل ذهب ف ا‬
‫املقارنة‪.‬‬

‫فإذا كان الفقه يرى ي قانون ٕالاجراءات املدنية املل ى ي نصوصه املنظمة للتحكيم التجاري الدو ي‬
‫قانونيا لي ﺮاليا‪ّ ،‬‬
‫فإن قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية قد ّ‬
‫عمق من هذﻩ اللي ﺮالية‪ ،‬ي بعض املسائل‪ ،‬إ ى‬
‫درجة أبعد من اللي ﺮالية ال تم قواعد التحكيم ي أك ﺮ القوان ن تطورا ي هذا املجال‪ ،‬ع ى غرار القانون‬
‫الفرنﺴ ‪ ،‬ويظهر ذلك مثال ي مسألة القانون واجب التطبيق ع ى اتفاق التحكيم وع ى موضوع ال اع‪.‬‬

‫كما يظهر جليا كذلك من خالل استقراء نصوص قانون ٕالاجراءات املدنية املتعلقة بالتحكيم‬
‫ّ‬
‫التجاري الدو ي‪ ،‬أنه تأثر كث ﺮا بالتوجه الفرنﺴ الذي يم ﻩ تغليب الاعتبارات الاقتصادية ومقتضيات‬
‫الفعالية ع ى الاعتبارات القانونية ي معالجة املسائل ال يطرحها التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬وهو ما يتج ى‬
‫من خالل استبعاد منهج تنازع القوان ن وإحالل محله منهج القواعد املادية املباشرة نتيجة التخ ي عن‬

‫‪ -248‬راجع ما سبق من الصفحة ‪ 80‬إ ى الصفحة ‪.82‬‬

‫‪88‬‬
‫الحلول ال أخذت من القانون السويسري ي سنة ‪ ،1993‬ع ى غرار التخ ي عن املعيار القانوني ي تحديد‬
‫دولية التحكيم‪ ،‬كما تظهر أيضا ي تب مبدئي استقاللية اتفاق التحكيم و "ٕالاختصاص‪-‬باالختصاص"‪،‬‬
‫وتوسيع مجال حرية ٔالاطراف ي ّ‬
‫جل املسائل ال تحكم عملية التحكيم‪.‬‬

‫ويظهر تشجيع التحكيم التجاري الدو ي ي قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية أخ ﺮا‪ ،‬ي منع القضاء‬
‫من التدخل ي العملية التحكيمية خارج الحاالت ال يطلب منه ذلك من ٔالاطراف أو من محكمة التحكيم‬
‫نفسها‪ ،‬ويكون التدخل ي هذﻩ الحالة من باب رفع الصعوبات ال تواجه التحكيم ومساعدته ع ى تحقيق‬
‫الفعالية املرجوة‪ ،‬كما ّأن الرقابة القضائية ع ى حكم التحكيم رقابة مرنة دف إ ى ضمان عدم مخالفة‬
‫التحكيم للمبادئ ٕالاجرائية ٔالاساسية ال تحقق املحاكمة العادلة‪ ،‬سواء كانت هذﻩ الرقابة بمناسبة طلب‬
‫الاع ﺮاف ذا الحكم او تنفيذﻩ أو كانت بمناسبة الطعن فيه بالبطالن‪.‬‬

‫قائمة املراجع‬
‫ّ‬
‫املراجع باللغة العربية‬
‫أوال– الكتب‪:‬‬
‫إبراهيم أحمد إبراهيم‪ ،‬التحكيم الدو ي الخاص‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2000 ،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أحمد السيد صاوي‪ ،‬التحكيم طبقا للقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وأنظمة التحكيم الدولية‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫املؤسسة الفنية للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة ‪.2004‬‬
‫أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬التحكيم ي املعامالت املالية الداخلية والدولية‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2006 ،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أنور ع ي أحمد الط ‪ ،‬مبدأ الاختصاص باالختصاص ي مجال التحكيم‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2009 ،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫بو العلف عبد اللطيف‪ ،‬الطعن بالبطالن ي الحكم التحكيم )دراسة ي القانون املغربي واملقارن(‪ ،‬دار ٓالافاق‬ ‫‪-5‬‬
‫املغربية للنشر والتوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪.2011 ،‬‬
‫بش ﺮ الصلي ‪ ،‬الحلول البديلة لل اعات املدنية‪ ،‬الوساطة القضائية‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،2010 ،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫حسن املصري‪ ،‬التحكيم التجاري الدو ي ي ظل القانون الكوي والقانون املقارن‪ ،‬مطبعة عباد الرحمن‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الكويت‪.1996 ،‬‬
‫حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الطعن بالبطالن ع ى أحكام التحكيم الصادرة ي املنازعات الخاصة الدولية‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪-8‬‬
‫الجام ي‪ٕ ،‬الاسكندرية‪.1997 ،‬‬
‫حفيظة السيد الحداد‪ ،‬الاتجاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬دار الفكر الجام ي‪ٕ ،‬الاسكندرية‪.2001 ،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫محسن شفيق‪ ،‬التحكيم التجاري الدو ي )دراسة ي قانون التجارة الدولية(‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫‪.1997‬‬

‫‪89‬‬
‫محمود مصطفى يونس‪ ،‬املرجع ي قانون التحكيم املصري واملقارن‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ال ضة العربية‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫القاهرة ‪.2016-2015‬‬
‫مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬التحكيم ي العالقات الخاصة الدولية والداخلية‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫منشورات الحل الحقوقية‪ ،‬ب ﺮوت‪.1998 -‬‬
‫مختار أحمد بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬ ‫‪-13‬‬
‫سراج حس ن محمد أبو زيد‪ ،‬التحكيم ي عقود الب ﺮول‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2000 ،‬‬ ‫‪-14‬‬
‫سيد أحمد محمود‪ ،‬مفهوم التحكيم وفقا لقانون املرافعات‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2005 ،‬‬ ‫‪-15‬‬
‫عاطف شهاب‪ ،‬اتفاق التحكيم التجاري الدو ي والاختصاص التحكيم ‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2002 ،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫ع ي بركات‪ ،‬الطعن ي أحكام التحكيم‪ ،‬دار ال ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪2002 ،‬‬ ‫‪-17‬‬
‫عليوش قربوع كمال‪ ،‬التحكيم التجاري الدو ي ي الجزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪.2001‬‬ ‫‪-18‬‬
‫راشد سامية‪ ،‬التحكيم ي العالقات الخاصة الدولية‪ ،‬الكتاب ٔالاول‪ ،‬اتفاق التحكيم‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬‬ ‫‪-19‬‬
‫ٕالاسكندرية‪.1984 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرسائل واملذكرات الجامعية‪:‬‬


‫أ‪ -‬رسائل الدكتوراﻩ‪:‬‬
‫أحمد صالح ع ي مخلوف‪ ،‬اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات التجارة الدولية‪ ،‬رسالة لنيل درجة‬ ‫‪-20‬‬
‫دكتوراﻩ ي الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.2000 ،‬‬
‫تعويلت كريم‪ ،‬فعالية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬أطروحة دكتوراﻩ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬ ‫‪-21‬‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬ت ي وزو‪.2017 ،‬‬
‫معاشو عمار‪ ،‬الضمانات ي العقود الاقتصادية الدولية ي التجربة الجزائرية ي عقود املفتاح وٕالانتاج ي‬ ‫‪-22‬‬
‫اليد‪،‬رسالة دكتوراﻩ‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم ٕالادارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.1998 ،‬‬
‫عمر نوري عبد ﷲ عبابنه‪ ،‬شرط التحكيم التجاري من حيث صحته واستقالليته )دراسة مقارنة ب ن القانون‬ ‫‪-23‬‬
‫ٔالاردني والاتفاقيات الدولية(‪ ،‬أطروحة دكتوراﻩ ي القانون الخاص‪ ،‬كلية الدراسات القانونية العليا‪ ،‬جامعة‬
‫عمان‪.2006 ،‬‬

‫ب‪ -‬مذكرات املاجست ﺮ‪:‬‬


‫‪ -1‬تعويلت كريم‪ ،‬استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪ ،‬دراسة ع ى ضوء املرسوم التشري ي رقم ‪09-93‬‬
‫والقانون املقارن‪ ،‬مذكرة ماجست ﺮ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ -‬ت ي وزو‪.2004 ،‬‬

‫ثالثا‪ :‬املقاالت واملداخالت‪:‬‬

‫‪90‬‬
‫وجدي راغب فهم ‪" ،‬هل التحكيم نوع من القضاء؟ دراسة انتقادية لنظرية القضائية للتحكيم"‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-1‬‬
‫الحقوق الكويتية‪ ،‬الكويت‪ ،‬السنة ‪ ،17‬عدد ‪ .1993 ،4-1‬ص ص ‪.172 – 131‬‬
‫عبد الحميد ٔالاحدب‪"،‬قانون التحكيم الجزائري الجديد"‪ ،‬مداخلة ي إطار اليومان الدراسيان حول‬ ‫‪-2‬‬
‫الطرق البديلة لحل ال اعات‪ :‬الصلح‪ ،‬الوساطة والتحكيم‪ ،‬املحكمة العليا‪ ،‬يومي ‪ 16-15‬جوان ‪، 2008‬‬
‫مجلة املحكمة العليا‪ ،‬عدد خاص‪ ،2009 ،‬الجزء ٔالاول‪ ،‬ص ص ‪.216-21‬‬
‫وفاء مزيد فلحوط‪" ،‬النظام القانوني الواجب التطبيق ي إطار التحكيم التجاري الدو ي"‪ ،‬أعمال املؤتمر‬ ‫‪-3‬‬
‫الدو ي السنوي السادس عشر )التحكيم التجاري الدو ي(‪ .‬كلية القانون‪ ،‬جامعة ٕالامارات العربية‬
‫املتحدة‪ ،‬أيام ‪ 30-28‬أفريل ‪،2008‬ص ص ‪ ،581 – 551‬منشور ع ى الرابط‬
‫التا ي‪http://slconf.uaeu.ac.ae/arabic_prev_conf.asp:‬‬
‫ي التدخل ي إجراءات التحكيم‪ :‬دراسة ي قانون التحكيم‬ ‫محمد أحمد البديرات‪" ،‬مدى سلطة القا‬ ‫‪-4‬‬
‫ٔالاردني رقم )‪ (31‬لسنة ‪،"2001‬أعمال املؤتمر السنوي السادس عشر )التحكيم التجاري الدو ي(‪ ،‬كلية‬
‫القانون‪ ،‬جامعة ٕالامارات العربية املتحدة‪ ،‬أيام ‪ 30-28‬أفريل ‪ ،2008‬ص ‪ ،737 – 711‬منشور ع ى‬
‫الرابط التا ي‪:‬‬
‫‪http://slconf.uaeu.ac.ae/arabic_prev_conf.asp‬‬
‫ي تحقيق فعالية التحكيم التجاري الدو ي"‪ ،‬املجلة ٔالاكاديمية للبحث‬ ‫‪ -5‬تعويلت كريم‪" ،‬دور القا‬
‫القانوني‪ ،‬عدد ‪ ،2010 ،01‬ص ص ‪.154-141‬‬
‫‪ -6‬زودة عمر‪ " ،‬إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم ٔالاجنبية"‪ ،‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬الطرق‬
‫البديلة لحل ال اعات‪ :‬الوساطة والصلح والتحكيم‪ ،‬الجزء ٔالاول‪ ،2008 ،‬ص ص ‪.237 -217‬‬
‫‪ -7‬ع ي سيد قاسم‪" ،‬شرط التحكيم ومجموعة الشركات"‪ ،‬أعمال املؤتمر السنوي السادس عشر )التحكيم‬
‫التجاري الدو ي(‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة ٕالامارات العربية املتحدة‪ ،‬أيام ‪ 30 -28‬أبريل ‪،2008‬ص ص ‪-69‬‬
‫‪ ،84‬منشور ع ى الرابط التا ي‪http://slconf.uaeu.ac.ae/arabic_prev_conf.asp:‬‬

‫رابعا‪ :‬النصوص القانونية‪:‬‬


‫أ‪ -‬الاتفاقيات الدولية السارية املفعول ي الجزائر‬
‫‪ -1‬الاتفاقية الخاصة باعتماد القرارات التحكيمية ٔالاجنبية وتنفيذها املوقع عل ا ي نيويورك بتاريخ‬
‫‪،1958/06/10‬انضمت الجزائر إ ى هذﻩ الاتفاقية بموجب املرسوم رقم ‪ 233-88‬املؤرخ ي ‪1988/11/05‬‬
‫املتضمن انضمام الجزائر بتحفظ‪ .‬ج‪ .‬ر‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،48‬الصادر بتاريخ ‪.1988/11/23‬‬
‫‪ -2‬الاتفاق الرامي إ ى تشجيع الاستثمارات املوقع عليه ي واشنطن يوم ‪ 22‬يونيو ‪ 1990‬ب ن حكومة‬
‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الواليات املتحدة ٔالامريكية‪ ،‬صادقت عليه الجزائر‬
‫بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪ 319-90‬املؤرخ ي ‪ 17‬أكتوبر ‪،1990‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،45‬الصادر بتاريخ ‪/10/24‬‬
‫‪.1990‬‬
‫‪ -3‬الاتفاق امل ﺮم ب ن حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والاتحاد الاقتصادي البلجيكي‪-‬‬
‫ّ‬
‫اللكسمبور ي املتعلق بالتشجيع والحماية املتبادلة لالستثمارات املوقع بالجزائر بتاريخ ‪ 24‬أبريل ‪،1991‬‬
‫‪91‬‬
‫صادقت عليه الجزائر بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪ 345-91‬املؤرخ ي ‪ 05‬أكتوبر ‪ ،1991‬ج‪ .‬ر‪ ،‬عدد ‪،46‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪.1991 /10/6‬‬
‫‪ -4‬الاتفاق امل ﺮم ب ن حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجمهورية ٕالايطالية حول‬
‫ال ﺮقية والحماية املتبادلة لالستثمارات‪ ،‬صادقت عليه الجزائر بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪346-91‬‬
‫املؤرخ ي ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،1991‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪،46‬الصادر بتاريخ‪.1991/10/6‬‬

‫‪ -5‬اتفاقية تسوية املنازعات املتعلقة باالستثمارات ب ن الدول ورعايا الدول ٔالاخرى‪ ،‬املوقع عل ا بواشنطن‬
‫بتاريخ ‪ ،1965/03/18‬املصادق عل ا من قبل الجزائر بموجب املرسوم الرئاﺳ رقم ‪ ،346-95‬املؤرخ ي‬
‫‪ ،1995/10/30‬ج‪ .‬ر‪ ،‬عدد‪ ،66‬الصادر بتاريخ ‪.1995 /11/5‬‬

‫ب‪ -‬النصوص التشريعية‪:‬‬


‫‪ -1‬أمر ‪ 154-66‬مؤرخ ي ‪ ،1966/06/08‬يتضمن قانون ٕالاجراءات املدنية‪ ،‬معدل ومتمم )مل ى(‪.‬‬
‫‪ -2‬أمر رقم ‪ 44-75‬مؤرخ ي ‪ 17‬يونيو سنة ‪ ،1975‬يتعلق بالتحكيم ٕالاجباري لبعض الهيئات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،53‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬يوليو ‪) 1975‬مل ى(‪.‬‬
‫‪ -3‬أمر رقم ‪ 58-75‬مؤرخ ي ‪ ،1975/09/26‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون رقم ‪ 09-08‬مؤرخ ي ‪ ،2008/02/25‬يتضمن قانون ٕالاجراءات املدنية وٕالادارية‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد ‪،21‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪.2008‬‬

‫د‪ -‬النصوص القانونية لبعض البلدان العربية‪:‬‬


‫‪ -1‬مجلة التحكيم التونسية الصادرة بموجب القانون رقم ‪ ،42-93‬املؤرخ ي ‪ ،1993/04/26‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية التونسية‪ ،‬عدد ‪ 33‬الصادر بتاريخ ‪.1993/05/4‬‬
‫‪ -2‬قانون املسطرة املدنية املغربي املعدل واملتمم بمقت القانون رقم ‪ 05-08‬املتعلق بالتحكيم والوساطة‬
‫الاتفاقية الصادر ٔالامر بتنفيذﻩ بمقت الظه ﺮ الشريف رقم ‪ 1 .07 .169‬بتاريخ ‪ 30‬نوفم ﺮ ‪ .2007‬منشور‬
‫ع ى املوقع التا ي‪www. Adala.justice.gov.ma :‬‬

‫خامسا‪ :‬الاج اد القضائي‬


‫‪-1‬قرار املحكمة العليا رقم ‪ 626204‬بتاريخ ‪ ،2010/06/03‬قضية ديوان املركب ٔالاومل محمد بوضياف ضد‬
‫الشركة التجارية ذ م م لألشغال)ر‪،‬ك(‪ ،‬منشور ع ى موقع املحكمة العليا‪www.coursupreme.dz :‬‬

‫سادسا‪ :‬الوث ـ ـ ـ ـ ــائق‪:‬‬


‫‪ -1‬القانون النموذ ي الذي أعدته لجنة ٔالامم املتحدة للقانون التجاري الدو ي‪ ،‬منشور ع ى موقع اللجنة‪:‬‬
‫‪www.uncitral.org‬‬
‫‪ -2‬نظام التحكيم للجنة ٔالامم املتحدة للقانون التجاري الدو ي‪ ،‬منشور ع ى موقع اللجنة‪:‬‬
‫‪www.uncitral.org‬‬

‫‪92‬‬
:‫ منشور ي موقع اللجنة‬.1976 ‫ ديسم ﺮ‬15 ‫ املصادق عل ا بتاريخ‬98/31 ‫ توصية ٔالامم املتحدة رقم‬-3
www.uncitral.org
‫ قانون التحكيم ي املواد املدنية والتجارية واملذكرات‬،(‫ وزارة العدل لجمهورية مصر العربية)إدارة التشريع‬-4
.1995 ،‫ القاهرة‬،‫ٕالايضاحية وجميع ٔالاعمال التحض ﺮية املتعلقة به‬

:‫املراجع باللغة الفرنسية‬


I- Ouvrages
1- ALLIOUCH-KERBOUA-MEZIANI Naima, L’arbitrage commercial international en Algérie,
O.P.U., Alger 2010.
2- BOUCARON-NARDETTO Magali, Le principe compétence- compétence en droit de
l’arbitrage, PUAM, AIX-EN-PROVENCE, 2013.
3- BOUZANA (B), Le contentieux des hydrocarbures entre l’Algérie et les sociétés étrangères,
O.P.U- Publisud, 1985, p.437..
4- DAVID René, L’arbitrage dans le commerce international, 2eme édition, LGDJ, Paris, 1982.
5- FOUCHARD Philippe, GAILLARD Emmanuel, GOLDMAN Berthold, Traité de l’arbitrage
commercial international, Litec-Delta, Paris1996.
6- LALIVE Pierre, Le droit de l’arbitrage interne et international en suisse, Payot, Lausanne, 1989.
7- LALIVE (P), POUDRET (J.F.),REYMOND (C),Le droit de l’arbitrage interne et international
en suisse. PAYOT, LAUSANE 1989
8- REDFERN Alain, HUNTER Martin, Droit et pratique de l’arbitrage commercial international,
traduction ROBINE Eric, 2eme édition L.G.D.J, Paris1991.
9- ROBERT Jean, L’arbitrage ; droit interne, droit international privé, 5ème édition, Dalloz, Paris,
1983.
10- TERKI Nour-Eddine, L’arbitrage commercial international en Algérie, O.P.U., Alger1999.
11- TRARI TANI Mostefa, Droit algérien de l’arbitrage commercial international, Berti éditions,
Alger, 2007.

II- Thèses :
1- AY Ebru, la validité de la convention d’arbitrage en droits Turc et comparé de l’arbitrage
international, thèse de doctorat, faculté de droit, université de Paris I Panthéon-Sorbonne, 15
décembre 2009.
2- TOUMLILT Ahmed Alaâ, La dualité de l’arbitrage : analyse critique de la loi 08-05, Tome I,
Thèse pour le doctorat en droit, université pierre Mandes, faculté de droit de Grenoble, France,
juillet 2010.

93
II- Articles et communications:
1- AKROUN Yacoute, « L’arbitrage commercial international en Algérie », in L’Algérie en
mutation : Les instruments juridiques de passage à l’économie de marché, s. dir. CHARVIN
Robert et GUESMI Ammar, L’Harmattan, Paris 2001, pp. 277- 306.
2- ALLIOUCH-KERBOUA Kamel, « Le contrôle post-arbitral de la sentence internationale en
droit algérien », in Le juge et l’arbitre, sous direc. BOUSTANJI Sami, HORCHANI Ferhat,
MANCIAUX Sébastien, Editions A. PEDONE, Paris, 2014, pp.269-285.
3- ANCEL Jean Pierre, « La cour de cassation et les principes fondateurs de l’arbitrage
international », in Le juge entre deux millénaires, Mélange Pierre Drai, Dalloz, Paris, 2000, pp.
161-170.
4- ANCEL Jean-Pierre, « La lecture de la jurisprudence française en matière d’arbitrage
international », in L’arbitrage commercial interne et international, colloque organisé par le
Ministère de la justice et la CGEM en collaboration avec la cour suprême, cour suprême du
Maroc les 3-4 Mars 2004, cahier de la cour, n°6/2005, pp. 179-191.
5- BEDJAOUI Mohamed, MEBROUKINE Ali, « Le nouveau droit de l’arbitrage international en
Algérie », JDI, n°4/1993, pp.873- 909.
6- BEN ABDERRAHMANE Dahmane, « La réforme du droit algérien de l’arbitrage », Gaz.
Pal.,n° 101-103, 1999, pp.27-34.
7- BENCHENEB Ali, « L’arbitrage et le rôle du juge d’appui en droits algérien et français »,
RDAI, n°1/2012, pp. 19-33.
8- CAPRASSE Olivier, « Le nouveau droit belge de l’arbitrage », Rev. arb., n°4/2013, pp. 953-
978.
9- CLAY Thomas, « L'appui du juge à l'arbitrage », Cahiers de l'arbitrage, n° 2/2011, p. 331.
10- CLAY Thomas, « « Liberté, Egalité, Efficacité » : la devise du nouveau droit français de
l’arbitrage. Commentaire article par article », (première partie), JDI, n°2/2012, pp.443-532.
11- DELVOLVE Jean-Louis, « La convention d’arbitrage (Ses condition, son formalisme, ses
effets…) », in L’arbitrage commercial interne et international, colloque organisé par le
ministère de la justice et la CGEM en collaboration avec la cour suprême, les 3-4 Mars 2004,
Rabat, Maroc, Cahier de la cour, n°6/2005, pp. 149-162.
12- DIMOLITSA Antonias, « Autonomie et « kompétenz-kompétenz » », Rev. arb., n° 2/1998,
pp.305-357
13- EL AHDAB Jalal, « Le nouveau droit algérien de l’arbitrage : Approche comparée franco-
Algérienne », Gaz. Pal., recueil mars-avril 2009, pp.972-988.
14- FERNADEZ ROZAS José Carlos, « Le rôle des juridictions étatiques devant l’arbitrage
commercial international », in recueil de cours de l’académie de la Haye, Vol. 290 (2001),
Martinus Nijhoff Publishers, 2001,p.98.
15- GAILLARD Emmanuel, « Les manœuvres dilatoires des parties et des arbitres dans l’arbitrage
commercial international », Rev. Arb., n°4/1990, p.759.
16- GAILLARD Emmanuel, « Arbitrage commercial international. Sentence arbitrale. Procédure »,
J. C. D. international, 1994, Fasc. 586-9-2.
17- GAILLARD Emmanuel, « L’effet négatif de la compétence-compétence », in Etudes de
procédure et d’arbitrage en l’honneur de Jean-François POUDRET, Faculté de droit de
l’université de Lausanne, Lausanne, 1999, pp387- 402 (consultable sur le site :
www.shearman.com)
18- GAILLARD Emmanuel, « Le nouveau droit Français de l’arbitrage interne et international »,
Recueil Dalloz, n°03 du 20 janvier 2011, pp.175-192.
19- GARA Noureddine, « Les difficultés de constitution du tribunal arbitral », in Le juge et
l’arbitre, sous direc. BOUSTANJI Sami HORCHANI Ferhat, MANCIAUX Sébastien,
Editions A. PEDONE, Paris 2014, p.63-67.
20- GOLDMAN Berthold, « arbitrage commercial international : convention d’arbitrage : forme et
preuve », J.C.D international, fasc. 586-4, 1989.

94
21- GOLDMAN Berthold, " Arbitrage commercial international : convention d’arbitrage
(formation, objet et arbitrabilité)", J.C.D. inter, fasc. 586-3.
22- ISSAD Mohand, « La nouvelle loi algérienne relative à l’arbitrage international », Rev. arb.,
n°3/ 2008, pp. 419-427.
23- JARROSSON Charles, PELLERIN Jacques, «Le droit français de l’arbitrage après le décret du
13 janvier 2011 », Rev. arb. n°1/ 2011, pp. 5-86.
24- LALIVE Pierre, GAILLARD Emmanuel, «Le nouveau droit de l’arbitrage international en
suisse », JDI, n°4/1989, pp.905-963.
25- MEBROUKINE Ali, « L’arbitrage commercial international en Algérie », In Le débat juridique
au Maghreb : de l’étatisme à l’Etat de droit, Etudes en l’honneur de Ahmed MAHIOU,
Editions Publisud-Iremam, Paris 2009, pp.119-141.
26- PHILIPPE Mirèze, « Les pouvoirs de l’arbitre et de la cour d’arbitrage de la CCI relatifs à leur
compétence », Rev. arb., n°3/2006, pp.591-616.
27- PLUYETTE Gerard, « Le juge d’appui : l’expérience française », in Le juge et l’arbitrage, sous
direc. Sami Bostanji & autre, Editions A. PEDONE, Paris, 2014, pp.131-145.
28- RACINE Jean-Baptiste, « Réflexions sur l’autonomie de l’arbitrage commercial international »,
Rev. arb., n°2/2005, pp. 305- 360.
29- RACINE Jean-Baptiste, « La sentence d’incompétence », Rev. arb., n°4/2010, pp. 727-781.
30- TERKI Nour-Eddine, «Les limites du décret législatif du 27 avril 1993 relatif à l’arbitrage
commercial international », séminaire sur L’arbitrage commercial international, La Chambre
nationale du commerce, Alger, le 31mars &1er avril 2001.
31- TRARI TANI Mostefa, «L’arbitrage international dans le nouveau code algérien de procédure
civile et administrative », bull. ASA, Vol. 27, n°1/2009, pp. 72-85.
32- WALD Arnold, « L’arbitrage : entre efficacité et éthique », in Etudes offertes au professeur
Philippe MALNIVAUD, LITEC, Paris, 2007, pp.715-728.
33- ZAALANI (A.M), "L’intervention des personnes publiques et para-publiques dans l’arbitrage
international commercial (Point de vue du droit algérien)", RASJEP, n° 3, 1997, p. 901et s.
34- ZERGUINE Ramdane, « L’exequatur des sentences arbitrales étrangères en Algérie,
commentaire de l’arrêt de la cour suprême- ch. Civ.- N°311816 du 29/12/2004 », Revue de la
cour suprême, n°1, 2006, pp. 134-156.

IV-Jurisprudence étrangère :
1- Cass. Civ.1re ch., 5 janvier 1999, M. zanzi c/ j. de Coninck et autre », Rev. Arb. n°2/1999, p.261,
note Philippe FOUCHARD.
2- Cass. Civ., 1re ch. 1décembre 1999, Société Métu Système France et autres c/ société Sulzer
Infra; cass. Civ. 1re ch, société Exportles c/ société Rubois, Rev. Arb., n°1/2000, p.105, Note
Philippe FOUCHARD.
3- Cour d’appel de Paris, 25 mars 1994, Rev. Arb., 1994, p. 391.

V- Jurisprudence arbitrale :
1- DERAINS Yves, Obs-sous sentence rendue en 1991 dans l’affaire n°6519, JDI, 1991, p.1069.
2- CCI n° 4727, Rev. arb., 1989, p.309, note JARROSSON (Ch.).

VI- Documents :
1- Loi fédérale suisse sur le droit international privé (LDIP 1987), consultable sur : www.admin.ch/
2- Code de procédure civile français. Consultable sur : www.légifrance.gouv.fr

95
‫مقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪01........................................................................................................................‬‬

‫املحور ٔالاول‪ :‬التحكيم بوجه عام‪04.................................................................................‬‬


‫املبحث ٔالاول‪ :‬مفه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم التحكيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‪04...................................................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬تعريف التحكيم وأهميته‪05...................................................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬تعريف التحكيم ‪05..................................................................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬أهمية التحكيم ‪06...................................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬تمي التحكيم عن بعض ٔالانظمة املشا ة له‪06.....................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬تمي التحكيم عن القضاء‪07...................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التمي ب ن التحكيم والصلح‪07................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التمي ب ن التحكيم والوساطة‪08...........................................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التمي ب ن التحكيم والخ ﺮة‪08................................................................................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للتحكيم وأنواعه‪09..................................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬الطبيعة القانونية للتحكيم ‪09................................................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة العقدية للتحكيم‪09............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة القضائية للتحكيم‪10.........................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة املختلطة للتحكيم‪11........................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الاتجاﻩ القائل بالطبيعة املستقلة للتحكيم‪11..........................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواع التحكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‪12....................................................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬التحكيم الاختياري والتحكيم ٕالاجباري‪12...................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التحكيم الحر والتحكيم املؤسﺴ ‪12.......................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التحكيم بالقانون والتحكيم بالصلح‪13..................................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التحكيم الوط والتحكيم ٔالاجن ‪13.......................................................................‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬التحكيم الداخ ي والتحكيم الدو ي‪13..................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬املعيار القانوني‪14...............................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬املعيار الاقتصادي ‪15.........................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫املشرع الجزائري‪16.................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬موقف‬

‫‪96‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪18..........................................................‬‬
‫املبحث ٔالاول‪ :‬صحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪18................................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬صحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي من حيث املوضوع‪19.....................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬القانون واجب التطبيق ع ى موضوع اتفاق التحكيم الدو ي‪19...................................‬‬
‫أوال‪ :‬تقدير صحة اتفاق التحكيم وفقا للقانون الذي اختارﻩ ٔالاطراف‪19........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬إخضاع اتفاق التحكيم للقانون املنظم ملوضوع ال اع‪21......................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬تقدير صحة اتفاق التحكيم وفقا للقانون الذي يراﻩ املحكم مالئما‪22...................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط املوضوعية لصحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪24..................................‬‬
‫‪24..........................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬ال ﺮا‬
‫ثانيا‪ :‬املحل ‪25............................................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬القابلية الشخصية للتحكيم ‪25...............................................................................................‬‬
‫ب‪ -‬القابلية املوضوعية للتحكيم‪27............................................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬السبب‪29..........................................................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الشروط الشكلية لصحة اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪29....................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬شكل اتفاق التحكيم ي بعض ٔالانظمة القانونية املقارنة‪29........................................‬‬
‫آلي شرط شك ي ي بعض ٔالانظمة‪30...................‬‬ ‫أوال‪ :‬عدم خضوع اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ّ‬
‫ثانيا‪ :‬اش ﺮاط كتابة اتفاق التحكيم ي ٔالانظمة القانونية ٔالاخرى‪31................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شكلية اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ي القانون الجزائري‪34...................................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬آثار اتفاق التحكيم التجاري الدو ي‪36...................................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬آثار اتفاق التحكيم ع ى الاختصاص‪36...................................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬اختصاص املحكمة التحكيمية‪37.............................................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬مجال اختصاص املحكمة التحكيمية ‪37.............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬اختصاص محكمة التحكيم بالنظر ي اختصاصها‪38...........................................................‬‬
‫‪ -1‬مضمون مبدأ "الاختصاص–باالختصاص"‪39........................................................................‬‬
‫م ﺮرات ٔالاخذ بمبدأ "الاختصاص‪-‬باالختصاص"‪40............................................................‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عدم اختصاص املحاكم الوطنية‪42.........................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬شروط تطبيق املبدأ‪42........................................................................................................‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ -1‬تمسك أحد ٔالاطراف باتفاق التحكيم‪42..................................................................................‬‬
‫‪ -2‬إثارة الدفع باتفاق التحكيم قبل أي دفاع ي املوضوع‪43........................................................‬‬
‫‪ -3‬مدى اش ﺮاط صحة اتفاق التحكيم ‪44.................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الاستثناءات الواردة ع ى هذا املبدأ‪45.................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬آثار اتفاق التحكيم بالنسبة لألشخاص‪47.............................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬آثار اتفاق التحكيم بالنسبة لألطراف‪47....................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬أثار اتفاق التحكيم التجاري الدو ي ع ى ٔالاطراف باملفهوم الضيق‪47.......................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬بالنسبة لألطراف باملفهوم الواسع‪48................................................................................‬‬
‫‪ -1‬حالة مجموعات الشركات ‪48................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬حالة العقود ال ت ﺮمها الدولة أو أحد ٔالاجهزة التابعة لها‪50...................................................‬‬
‫أـ حالة العقود ال ت ﺮمها الدولة‪50.............................................................................................‬‬
‫ب‪ -‬حالة العقود ال ت ﺮمها الهيئات أو ٔالاجهزة التابعة للدولة‪51...............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آثار اتفاق التحكيم بالنسبة الغ ﺮ‪52........................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬آثار اتفاق التحكيم ع ى الخلف الخاص ‪53..........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار اتفاق التحكيم ع ى الخلف العام ‪54............................................................................‬‬

‫املح ـ ـ ـور الث ـالث‪ :‬إجراءات التحكي ـ ــم التج ـ ـ ـاري الدول ـ ـ ـي‪55..........................................‬‬
‫املبحث ٔالاول‪ :‬تشكيل محكمة التحكيم التجاري الدو ي‪55.............................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬تشكيل محكمة التحكيم من قبل ٔالاطراف‪56..........................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬التعي ن املباشر ألعضاء محكمة التحكيم‪56...............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التعي ن بالرجوع إ ى نظام تحكيم مع ّ ن‪56.................................................................‬‬
‫‪57.......................................................‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تشكيل محكمة التحكيم بمساعدة القا‬
‫ي تعي ن املحكم ن‪57..............................................................‬‬ ‫الفرع ٔالاول‪ :‬حاالت تدخل القا‬
‫لتعي ن املحكم ن‪58.............................................................‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات تدخل القا‬
‫املبحث الثاني‪ :‬س ﺮ خصومة التحكيـ ـ ـ ـ ـ ــم التجاري الدول ـ ــي‪61..........................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬تحديد القانون واجب التطبيق ع ى ٕالاجراءات‪61.....................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬اختيار ٔالاطراف للقانون ٕالاجرائي‪62...........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختيار القانون ٕالاجرائي من طرف محكمة التحكيم‪62...............................................‬‬
‫‪98‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬تحديد القانون واجب التطبيق ع ى موضوع ال اع‪63.............................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬القانون الذي اختارﻩ ٔالاطراف‪64...............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القانون الذي يختارﻩ املحكم‪65................................................................................‬‬

‫املحور الرابع‪ :‬حكم التحكيم التجاري الدو ي‪67............................................................‬‬


‫املبحث ٔالاول‪ :‬صدور حكم التحكيم التجاري الدو ي‪67..................................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬تعريف حكم التحكيم التجاري الدو ي وشروط صدورﻩ‪67........................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬التعريف املوسع لحكم التحكيم‪68............................................................................‬‬
‫ّ‬
‫الضيق لحكم التحكيم‪69..........................................................................‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التعريف‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حكم التحكيم من منظورنا الخاص‪69....................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أنواع حكم التحكيم التجاري الدو ي‪70..................................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬الحكم الك ي )ال ائي(‪70...........................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حكم التحكيم الجزئي‪70..........................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حكم التحكيم ٔالاو ي‪71..........................................................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬حكم التحكيم باتفاق ٔالاطراف‪71.............................................................................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الاع ﺮاف بحكم التحكيم التجاري الدو ي وتنفيذﻩ الج ﺮي‪72....................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬شروط الاع ﺮاف بحكم التحكيم وتنفيذﻩ‪72.............................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬الفرق ب ن الاع ﺮاف بحكم التحكيم الدو ي وتنفيذﻩ‪72.................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شرط إثبات وجود حكم التحكيم‪73.........................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬شرط عدم مخالفة الاع ﺮاف أو التنفيذ للنظام العام الدو ي‪74................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬إجراءات الاع ﺮاف بحكم التحكيم وتنفيذﻩ‪76.........................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬الجهة القضائية املختصة بإصدار ٔالامر باالع ﺮاف أو التنفيذ ‪76..................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات إصدار ٔالامر باالع ﺮاف أو التنفيذ‪76............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬عملية إيداع الوثائق‪76........................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬استصدار ٔالامر‪77...............................................................................................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الطعن ي حكم التحكيم التجاري الدو ي‪78...........................................................‬‬
‫املطلب ٔالاول‪ :‬طرق الطعن ي أحكام التحكيم التجاري الدو ي‪78...................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬استئناف ٔالامر الصادر ي مسألة الاع ﺮاف والتنفيذ‪79................................................‬‬

‫‪99‬‬
‫برفض الاع ﺮاف أو رفض التنفيذ‪79...................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬استئناف ٔالامر القا‬
‫باالع ﺮاف أو بالتنفيذ‪79...................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬استئناف ٔالامر القا‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الطعن بالبطالن ضد حكم التحكيم التجاري الدو ي‪80.............................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬إجراءات الطعن ي أحكام التحكيم التجاري الدو ي‪81.............................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ :‬إجراءات استئناف ٔالامر الصادر ي مسألة الاع ﺮاف بحكم التحكيم وتنفيذﻩ‪81.............‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات الطعن بالبطالن‪82....................................................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أوجه الطعن ي أحكام التحكيم التجاري الدو ي‪82................................................‬‬
‫الفرع ٔالاول‪ٔ :‬الاوجه املتعلقة باتفاق التحكيم‪82............................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬حالة عدم وجود اتفاق التحكيم‪83......................................................................................‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬حالة بطالن اتفاق التحكيم‪83............................................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬حالة انقضاء مدة التحكيم‪84.............................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ٔ :‬الاوجه املتعلقة بمحكمة التحكيم‪84........................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تشكيل محكمة التحكيم أو تعي ن املحكم الوحيد بطريقة مخالفة للقانون‪84.........................‬‬
‫ثانيا‪ :‬فصل محكمة التحكيم بما يخالف املهمة املسندة إل ا‪85....................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬عدم اح ﺮام محكمة التحكيم ملبدأ الوجاهية‪86...................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ٔ :‬الاوجه املتعلقة بحكم التحكيم بحد ذاته‪86............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬انعدام التسبيب أو تناقض ٔالاسباب ي حكم التحكيم‪86.......................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مخالفة حكم التحكيم للنظام العام الدو ي‪87.....................................................................‬‬
‫خ ـ ـ ـ ـ ــاتم ـ ـ ـ ـ ــة‪88.............................................................................................................................‬‬
‫قائمة املراجع‪89.........................................................................................................................‬‬
‫الفهرس‪96.................................................................................................................................‬‬

‫‪100‬‬

You might also like