You are on page 1of 24

‫اجمللد ‪ / 09‬الع ــدد‪ ،)2021( 02 :‬ص ‪185 -167‬‬ ‫جملـة القانون العقاري والبيئة‬

‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‪.‬‬

‫‪The civil engineer’s responsibility in Algerian legislation‬‬

‫الدكتورة فنينخ نوال‬


‫‪ 1‬جامعة وهران ‪( 2‬اجلزائر)‪nawel.feninekh@yahoo.com ،‬‬

‫اتريخ النشر‪2021/06/07 :‬‬ ‫اتريخ القبول‪2021/05/25 :‬‬ ‫اتريخ االستالم‪2021/05/16 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫تقوم املسؤولية املدنية للمهندس املعماري بنوعيها العقدية و التقصريية على توافر ثالثة أركان‪ ،‬اخلطأ‪،‬‬
‫الضرر و العالقة السببية بينهما‪ ،‬فمىت اجتمعت هذه األركان يلتزم بدفع التعويض للمضرور و هو ما‬
‫يسمى ابحلق يف التعويض‪ ،‬وعليه فمسؤوليته ختضع لنفس األحكام العامة الواردة يف القانون املدين مع‬
‫مراعاة بعض الفروق واخلصائص فقط‪.‬‬

‫كلمات مفتاحية‪ :‬مهندس معماري‪ ،.‬بناء‪ ،‬مسؤولية مدنية‪ ،‬ضرر‪ ،‬تعويض‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪The civil liability of an architect, in its two types of contractual and‬‬
‫‪default, is based on the availability of three pillars, error, damage, and the‬‬
‫‪causal relationship between them. Only some differences and characteristics.‬‬

‫‪Keywords: Architect., Construction, civil liability, damage, compensation.‬‬

‫‪1‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إن املسؤولية املدنية تنقسم إىل نوعني اثنني‪ ،‬مسؤولية عقدية ومسؤولية تقصريية‪ ،‬أسهم املشرعون‬
‫ومن بعدهم الفقهاء يف تفصيل أحكامها كما استحدث القضاء بعض األحكام املتعلقة هبا و اليت لقيت‬
‫رواجا و قبوال من الفقه‪.‬‬
‫كما أن املسؤولية املدنية بنوعيها حتكمها قواعد متعددة شكلت األرضية واملرجع ملختلف املهنيني‬
‫واحلرفني وأصحاب املهن احلرة يف حال قيام مسؤوليتهم وإن كانوا خيضعون إىل نوع خاص من األحكام إال‬
‫أهنم خيضعون للنظرية العامة للمسؤولية املدنية سواء تعلق األمر مبسؤوليتهم التقصريية أو مسؤوليتهم العقدية‪.‬‬
‫وتعترب مهنة املهندس املعماري من بني املهن احلرة اليت يقوم عليها سوق العقار من خالل التصاميم‬
‫املعمارية واإلشراف على عمليات البناء‪ ،‬فاملهندس يساهم بشكل أو آخر يف عمليات البناء والعقار بصفة‬
‫عامة سواء من خالل التدخالت اإلدارية والقانونية أو حىت التدخالت امليدانية األمر الذي قد يثري مسؤوليته‬
‫املدنية يف أي مرحلة كان عليها تشييد البناء‪ ،‬وعليه سنخصص حبثنا لدراسة مسؤولية املهندس املدنية ففيما‬
‫تتمثل أحكام املسؤولية املدنية للمهندس؟‬
‫لالجابة على هذا التساؤل‪ ،‬نقسم دراستنا إىل مبحثني اثنني خنصص املبحث األول لدراسة املسؤولية‬
‫العقدية للمهندس أما املبحث الثاين فسنخصصه لدراسة مسؤوليته التقصريية تباعا وفق اخلطة اآلتية متبعني‬
‫املنهجني التحليلي و املقارن‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مسؤولية املهندس العقدية‪.‬‬
‫يرتبط املستفيد من البناء مع املهندس املعماري بعقد إلجناز البناء فتنشأ عن هذا العقد التزامات‬
‫تقع على طرفيه ‪ ،‬ومن هذا املنطلق تنظم املادة ‪ 554‬من القانون املدين نوعا خاصا من املسؤولية بني‬
‫طريف عقد املقاولة حملها تشييد مبان أو إقامة منشآت اثبتة أخرى ‪ ،‬يكون املسؤول فيها هو املهندس‬
‫املعماري واملقاول من جهة ‪ ،‬واملستفيد منها رب العمل ومن خيلفه من جهة أخرى ‪ ،‬دون الغري‬
‫األجنيب عن عقد املقاولة ‪ .‬وخيتلف دور املهندس املعماري عن دور املقاول ‪ ،‬حيث أن املهندس‬
‫املعماري ميارس عمال ذو طبيعة فنية إبتكارية مبا يبدعه من نشاط ذهين بعكس املقاول الذي ميارس‬
‫عمال ماداي ذو طابع جتاري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫و عليه إلاثرة مسؤوليته العقدية البد من توفر شروط نوجزها يف ما يلي‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬األطراف القائمة عليها املسؤولية و املستفيدة منها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املهندس املعماري‪.‬‬
‫لقد أوجد املشرع اجلزائري تعريفا للمهندس املعماري وفقا ملا ذهب إليه يف املادة ‪ 09‬من املرسوم‬
‫التشريعي رقم ‪ 07-94‬املعدل واملتمم املتعلق بشروط اإلنتاج املعماري املعدل واملتمم‪1‬واعتربه‬
‫"الشخص احملرتف املكلف عادة مبهمة صاحب العمل الذي يتوىل تصور إجناز البناء ومتابعته" ‪ .‬أما‬
‫قرار الوزاري املشرتك املؤرخ يف ‪ 15‬ماي ‪ 1988‬املعدل واملتمم‪ 2‬فيعرفه على أنّه ‪" :‬كل شخص‬
‫طبيعي أو معنوي تتوافر فيه الشروط واملؤهالت والكفاءات التقنية والوسائل الالزمة الفنية يف جمال‬
‫البناء لصاحل رب العمل وذلك ابلتزامه إزاء هذا األخري على أساس الغرض املطلوب وأجل حمدد‬
‫ومقاييس نوعية‪ ،‬وذلك حتت مسؤوليته الكاملة ويف إطار االلتزامات التعاقدية اليت تربطه بصاحب‬
‫املشروع" ‪.‬‬
‫ولقد أوجب املشرع اجلزائري اللجوء إىل املهندس املعماري يف املشاريع اخلاضعة لرخصة البناء وفقا ملا‬
‫نصت عليه املادة‪ 55‬من قانون ‪ 29-90‬املعدل واملتمم‪ ،3‬إذ أنه جيب إعداد مشاريع البناء اخلاضعة‬
‫لرخصة البناء من طرف مهندس معماري‪ ...‬وهو نفس الوضع الذي أكد عليه املشرع اجلزائري يف‬
‫قانون رقم ‪406-04‬فاشرتط يف إعداد مشاريع البناء اخلاضعة لتأشرية مهندس معماري أن تنجز من‬

‫‪ 1‬مرسوم تشريعي رقم ‪ 07-94‬املؤرخ يف ‪ 18‬ماي ‪ 1994‬املعدل واملتمم بقانون رقم ‪ 06-04‬املؤرخ يف ‪ 14‬أوت ‪ 2004‬املتعلق‬
‫بشروط اإلنتاج املعماري وممارسة مهنة املهندس املعماري ج‪.‬ر رقم ‪ 51‬لسنة ‪. 2004‬‬

‫‪ 2‬قرار وزاري مشرتك مؤرخ يف ‪ 15‬ماي ‪ 1988‬يتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ األشغال يف ميدان البناء املعدل واملتمم ابلقرار الوزاري‬
‫املشرتك املؤرخ يف ‪ 04‬جويلية ‪ ،2001‬ج‪.‬ر رقم ‪ 45‬سنة ‪. 2001‬‬
‫‪ 3‬قانون رقم ‪ 29-90‬املؤرخ يف ‪ 01‬ديسمرب ‪ 1990‬املعدل واملتمم بقانون رقم ‪ 05-04‬املؤرخ يف ‪ 14‬أوت ‪ 2004‬املتعلق‬
‫ابلتهيئة والتعمري‪ ،‬ج‪.‬ر رقم ‪ 51‬لسنة ‪2004‬‬
‫‪ 4‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 176-91‬مؤرخ يف ‪ 28‬ماي ‪ 1991‬احملدد لكيفيات إجراء تسليم شهادة التعمري ورخصة التجزئة ‪ ...‬املعدل‬
‫واملتمم ابملرسوم التنفيذي رقم ‪ 03-06‬املؤرخ يف ‪ 07‬يناير ‪ ،2006‬ج‪.‬ر رقم ‪ 01‬لسنة ‪. 2006‬‬

‫‪3‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫طرف مهندس معماري‪ .‬وال شك من أن املشرع يهدف من خالل ذلك كله إجناز بناايت وفقا‬
‫للمعايري التقنية واألصول الفنية لتجنيب البناء أي خلل من شأنه أن حيدث ضررا به ‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد نص املشرع اجلزائري على التزامات املهندس املعماري يف عدة نصوص متفرقة‬
‫ميكن إمجاهلا يف قانون رقم ‪ 29-90‬املعدل واملتمم‪ ،‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ ،5176-91‬املرسوم‬
‫التشريعي رقم ‪ 07-94‬املعدل واملتمم ومنها احرتام معطيات املشروع املرتمجة لرغبة رب العمل صاحب‬
‫املشروع‪ ،‬احرتام التشريعات واللوائح املطبقة يف جمال البناء والتعمري ‪ ...‬فإذا أخل املهندس املعماري‬
‫هبذه االلتزامات وأصيب البناء بضرر يقع حتت طائلة املسؤولية ‪.‬‬
‫طبقا لصريح نص املادة ‪ 01/554‬من القانون املدين اجلزائري واملادة ‪ 03‬من القرار الوزاري املشرتك‬
‫املؤرخ يف ‪ 15‬ماي ‪ 1988‬السابق فإن املسئول األول بضمان سالمة املباين واملنشآت هو املهندس‬
‫املعماري ‪ .‬وإذا أخذان ابلتفسري احلريف للنص فإن املسؤولية ال تنطبق إالّ على من كان حائزا على‬
‫شهادة مهندس يف اهلندسة املعمارية أو ما يعادهلا من املؤهالت اهلندسية األخرى املعرتف هبا من قبل‬
‫نقابة املهندسني‪ ،‬وعضوا ابجلدول الكبري هليئة جزاء املهندسني املعماريني وفقا للنصوص القانونية‬
‫املنظمة لشروط ممارسة مهنة املهندس املعماري‪.6‬‬
‫وابلرغم من أن املادة ‪ 554‬من القانون املدين اجلزائري تتحدث عن املهندس املعماري ‪ ،‬غري أن االجتاه‬
‫السائد يف فقه بعض الدول وبتأييد من جانب من القضاء ابلنظر إىل التطور احلديث يف أعمال‬
‫التشييد والبناء جعل املهندس املعماري يقتصر دوره يف أغلب األحوال على وضع التصميمات‬
‫والرسومات ‪ ،‬يف حني يتوىل غريه من املهندسني يف جمال اهلندسة املدنية ‪ ،‬اهلندسة امليكانيكية ‪... ،‬‬
‫اإلشراف على تنفيذها ‪ .‬لذلك وجب أن ميتد نطاق هذه املسؤولية ليشمل أي مهندس مادام يساهم‬

‫‪ 5‬أنظر قانون رقم ‪ 06-04‬مؤرخ يف ‪ 27‬مجادى الثانية عام ‪ 1425‬املوافق لـ ‪ 14‬غشت سنة ‪ 2004‬يتضمن إلغاء بعض أحكام‬
‫املرسوم التشريعي رقم ‪ 07-94‬املؤرخ يف ‪ 07‬ذي احلجة عام ‪ 1414‬املوافق لـ ‪ 18‬مايو سنة ‪ 1994‬واملتعلق بشروط اإلنتاج‬
‫املعماري وممارسة مهنة املهندس املعماري ‪ ،‬ج‪.‬ر العدد رقم ‪ 51‬لسنة ‪. 2004‬‬

‫‪ 6‬عبد الودود حي ‪ ،‬مسؤولية املهندسني واملقاولني والتأمني عليها ‪ ،‬جمالة مصر املعاصرة ‪ ،‬العدد ‪ ،376‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪ 128‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫بدور يف تنفيذ األعمال‪ .7‬ومن مت يتحمل مسئولية املهندس املعماري كل من قام بتصميم األعمال أو‬
‫أشرف على تنفيذها ولو كان رب العمل نفسه‪ .8‬وإذا اشرتك عدة أشخاص يف القيام مبهمة املهندس‬
‫املعماري سواء يف وضع تصميم األعمال املزمع إنشاؤها ‪ ،‬أو يف اإلشراف والرقابة على تنفيذها كانوا‬
‫مجيعا مسئولني كل يف حدود ما قام به من أعمال ‪.‬‬
‫ويرجع يف حتديد ما يكلف به املهندس املعماري من مهام يف عملية البناء لتحديد مسئوليته إىل‬
‫العقد املربم بينه وبني رب العمل ابعتباره شريعة املتعاقدين وإىل األحكام القانونية الواردة يف جمموعة‬
‫النصوص القانونية املنضمة للمهنة‪ .‬ولذلك جاء نص املادة ‪ 555‬من القانون املدين اجلزائري أبنه "إذا‬
‫اقتصر املهندس املعماري على وضع التصميم دون أن يكلف الرقابة على التنفيذ مل يكن مسئوال إال‬
‫عن العيوب اليت أتت من التصميم ‪ .‬كما قضت احملكمة العليا يف قرارها املؤرخ يف ‪2005/01/19‬‬
‫أبن "املسئولية عن هتدم البناء وسالمته تشمل املهندس املعماري واملقاول على السواء‪ ،‬ما مل يقتصر‬
‫عمل املهندس على وضع التصميم فال يكون مسئوال إال عن العيوب اليت أتت منه"‪.9‬‬
‫اثنيا‪ :‬رب العمـل‪.‬‬
‫ممّا ال شك فيه أن املستفيد األول من الضمان العشري هو رب العمل‪ ،‬إذ يفهم من نص املادة‬
‫‪ 554‬من القانون املدين اجلزائري أن الضمان العشري مقرر أساسا ملصلحة رب العمل الذي تعاقد‬
‫مع املهندس املعماري ‪.‬‬
‫ويقصد برب الع مل على أنه "ذلك الشخص الطبيعي أو املعنوي ‪ ،‬العام أو اخلاص الذي يتم إجناز‬
‫‪10‬‬
‫جراء عيوب البناء‬
‫البناء أو املنشاة الثابتة حلسابه" ‪ .‬ورب العمل هو الذي يصاب عادة ابلضرر من ّ‬
‫اليت هتدد سالمته ومتانته‪ .‬ويستوي يف ذلك أن يكون رب العمل قد ابرم العقد بنفسه أو بواسطة‬
‫وكيل عنه ‪ ،‬وسواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباراي خاصا أو عاما ‪ ،‬مالكا لألرض اليت يقام‬
‫عليها البناء أو جمرد منت فع هبا ‪ .‬وال يعترب املقاول األصلي يف مركز رب العمل يف عالقته ابملقاول من‬

‫‪ 7‬عبد الودود حي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 129‬‬


‫‪ 8‬محمد شكري سرور ‪ ،‬مسئولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬مصر‪، 1980 ،‬ص‬
‫‪ 25‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 9‬قرار المحكمة العليا رقم ‪ 294119‬الصادر بتاريخ ‪ 2005/01/19‬في القضية المنشورة بين (ب‪.‬م) ضد (ب‪.‬ب) ‪ ،‬مجلة‬
‫المحكمة العليا لسنة ‪ ، 2005‬العدد ‪ ، 01‬ص ‪259‬‬
‫‪ 10‬عياشي شعبان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 96‬‬
‫‪5‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫الباطن ‪ ،‬ألن البناء أو املنشأ الثابت الذي يقام أو يشيد ال يكون حلسابه هو بل حلساب من تعاقد‬
‫معه ‪ .‬وابلتايل ال يستطيع الرجوع هبذا الضمان على املقاول من الباطن‪ ،‬وهذا ما قررته الفقرة الثالثة‬
‫من املادة ‪ 554‬من القانون املدين اجلزائري‪ .‬وإذا فقد رب العمل صفته ابلتسليم النهائي للبناء –كأن‬
‫تكون مقاولة عقارية تقوم إببرام عقود مقاوالت إلنشاء مبان حلساب أعضائها وتتوىل فقط عملية‬
‫تشييدها ‪ ،‬مث تقوم بعد ذلك بتوزيعها على أعضائها‪ -‬فال يستطيع رفع دعوى الضمان العشري‬
‫ويتوالها األعضاء أبنفسهم أو من خالل مجعية املالك ابعتبارهم املستفيدين من هذا الضمان‪.11‬‬
‫فالضمان العشري يرتبط أساسا ابمللكية العقارية ويسري معها حيثما سارت ينتقل إىل املالك اجلديد‬
‫كاملشرتي أو املوهوب له‪. 12‬‬
‫ّأما يف حالة امللكية املشرتكة اليت يتعدد فيها مالك البناء أو العمارة تثبت دعوى الضمان‬
‫العشري إىل مجعية املالك ‪ .‬واملالحظ أن املرسوم التنفيذي رقم ‪13 59-94‬مل حيدد صاحب الصفة‬
‫يف رفع دعوى الضمان العشري مما يؤدي بنا إىل الرجوع لألحكام العامة ‪ .‬ومن مث يعود للجمعية اليت‬
‫يكونوهنا فيما بينهم حني يكون اخللل املوجب هلذا الضمان قد حلق األجزاء املشرتكة للبناء طبقا للمادة‬
‫‪ 756‬مكرر ‪ 1‬مدين جزائري ‪ 14‬أما حني يقوم موجب الضمان ابألجزاء اخلاصة من العقار اململوكة‬
‫للشركاء على انفراد (الشقق أو الطبقات) تكون مباشرة دعوى الضمان من اختصاص كل مالك‬
‫للجزء الذي حلقه سبب الضمان على انفراد ‪.‬‬
‫اثنيـا‪ :‬خلف رب العمـل‪.‬‬

‫‪ 11‬حممد حسني منصور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ، 83‬وكذلك د‪.‬حممد شكري سرور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.197‬‬

‫‪ 12‬بلمختار سعاد‪ ،‬املسؤولية املدنية للمهندس املعماري ومقاول البناء‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستري يف القانون ‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم‬
‫السياسية ‪ ،2009 ،‬ص‪. 139‬‬

‫‪ 13‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 59-94‬املؤرخ يف ‪ 07‬مارس ‪ 1994‬املتعلق بتحديد القواعد املتعلقة ابمللكية املشرتكة وتسيري العمارات‬
‫اجلماعية ‪.‬‬

‫‪ 14‬تنص املادة ‪ 756‬مكرر ‪ 01‬من القانون املدين اجلزائري على أنه ‪" :‬إذا حدث هدم كلي أو جزئي فإنه ميكن للشركاء املالكني‬
‫لألجزاء املتكونة منها املبىن املهدم أن يقرروا أبغلبية األصوات جتديد املبىن أو إصالح اجلزأ الذي حلقه الضرر ‪." ...‬‬
‫‪6‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫جبانب املستفيد األول من الضمان العشري املتمثل يف رب العمل ينتقل احلق يف الضمان العشري‬
‫حالة وفاته خللفه العام من ورثة وموصى هلم تبعا النتقال ملكية البناء إليهم طبقا لقواعد االستخالف‬
‫العام املنصوص عليها يف املادة‪ 108‬من القانون املدين اجلزائري‪ .15‬وابلتايل فإن مجيع احلقوق اليت‬
‫يرتبها عقد املقاولة لرب العمل تنتقل بعد موته إىل خلفه العام‪ ،‬ليحلوا حمل مورثهم يف الرجوع على‬
‫املعماري املسؤول مبقتضى أحكام املسؤولية اخلاصة‪ .‬وينطبق ذات احلكم على خلفه اخلاص كمشرتي‬
‫العقار وفقا للرأي الفقهي السائد‪16‬ابعتبار أن هذه الدعوى من مستلزمات البناء وتتبعه يف أي يد‬
‫وجد‪ ،‬إعماال للمادة ‪ 109‬من القانون املدين اجلزائري اليت حتكم قواعد االستخالف اخلاص‬
‫ابملتعاقد‪17‬وقد ذهب جانب من الفقه وسايره يف ذلك أيضا جانبا من القضاء يف تربير ذلك إىل اعتبار‬
‫الضمان العشري التزاما عينيا ينتقل مع العقار‪ ،‬حيث أن حق التمسك هبذا الضمان يعترب من‬
‫مستلزمات الشيء أو ملحقاته اليت تنتقل معه إىل من انتقلت إليه امللكية دون حاجة للنص عليها‬
‫صراحة يف التصرف الناقل للملكية‪ ،‬ولو كان السبب الذي انتقلت به امللكية ال يلزم الناقل ابلضمان‬
‫كاهلبة مثال‪18‬ويف حالة البيع اإلجياري فإن املشرتي املستأجر ال يستفيد من هذا الضمان إال إذا أصبح‬
‫مالكا فعال للبناء وقت قيام موجبه وذلك بسداده آلخر قسط من الثمن‪ .‬وأما قبل ذلك فال يعدو أن‬
‫يكون هذا الشخص دائنا عاداي لرب العمل (املؤجر) وال يستطيع أن يرفع دعوى الضمان العشري‬

‫يتبني من طبيعة التعامل‪ ،‬أو من نص‬


‫تنص املادة ‪ 108‬مدين جزائري على ‪" :‬ينصرف العقد إىل املتعاقدين واخللف العام‪ ،‬ما مل ّ‬
‫‪15‬‬

‫القانون‪ ،‬أن هذا األثر ال ينصرف إىل اخللف العام كل ذلك مع مراعاة القواعد املتعلقة ابملرياث" ‪.‬‬
‫‪ 16‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪-‬العقود الواردة على العمل‪ -‬اجلزأ السابع‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬‬
‫مصر‪ ، 2004 ،‬ص ‪. 102‬‬

‫‪ 17‬وتنص املادة ‪ 109‬مدين جزائري على ‪" :‬إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إىل خلف‬
‫خاص‪ ،‬فإن هذه االلتزامات واحلقوق تنتقل إىل هذا اخللف يف الوقت الذي ينتقل فيه الشيء‪ ،‬إذا كانت من مستلزماته وكان اخللف‬
‫اخلاص يعلم هبا وقت انتقال الشيء إليه‬
‫‪ 18‬سرحان عدانن إبراهيم ‪ ،‬شرح القانون املدين‪ ،‬العقود املسماة‪ :‬املقاولة‪-‬الوكالة‪-‬الكفالة‪ ،‬الطبعة االوىل‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،2007 ،‬ص ‪.58‬‬ ‫ّ‬

‫‪7‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫ابمسه ‪ ،‬بل من خالل الدعوى غري املباشرة (دعوى رب العمل) إذا ظهر يف البناء(العني املؤجرة) عيب‬
‫موجب للضمان‪،‬وهو ما تقضي به املادة‪ 189‬مدين جزائري‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬شروط قيام مسؤولية املهندس العقدية‪.‬‬
‫قد حيدث أن يقصر املهندس املعماري لسبب أو آلخر يف تنفيذ مهامهما على الوجه املطلوب بصورة‬
‫ينتج عنها اإلضرار برب العمل إىل حد ما ‪ ،‬بل أن تلك األضرار قد تتعداه إىل غريه من األفراد الذين‬
‫هلم صلة بعملية البناء كالعاملني فيها أو القائمني عليها كاملهندس أو املقاول وقد ميتد أثرها إىل‬
‫أشخاص أجانب متاما عن عملية البناء كاجلريان واملارة ‪ .‬غري أن حدوث هذه املضار قد تؤدي إىل‬
‫إاثرة مسؤوليته عن ذلك ‪ ،‬ومن مث يستوجب عليه تعويض املتضرر عما أصابه ‪ .‬وتبعا لذلك نقتصر‬
‫على دراسة األضرار اليت تلحق رب العمل ‪ ،‬وعليه يتعني النعقاد املسئولية العشرية للمهندس املعماري‬
‫قِبَل رب العمل توافر الشروط الثالثة التالية‪:‬‬
‫ارتباط الطرفني بعقد حمله تشييد أو إقامة منشاة اثبتة ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫هتدم املنشأة أو ظهور عيب هبا يهدد مثانة البناء وسالمته ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن حيدث التهدم أو ينكشف العيب خالل مدة الضمان املقدرة بعشر سنوات من وقت‬ ‫‪-‬‬
‫تسليم العمل‪.‬‬
‫إن املسؤولية اخلاصة للمهندس املعماري املقررة يف املادة ‪ 554‬وما بعدها من القانون املدين ال‬
‫تغطي كل ضرر يصيب املباين أو املنشآت الثابتة األخرى‪ .‬ومن مث فإن الضمان العشري يغطي نوعا‬
‫خاصا من الضرر على درجة عالية من اجلسامة وهو إما هتدم البناء أو املنشأة الثابتة‪ ،‬أو تعيبهما‬
‫بعيوب خطرية يرتتب عليها هتديد متانة البناء وسالمته‪ .‬ويستوي يف التهدم – وهو تفكك البناء‬
‫أوانفصاله عن األرض واحنالل الرابطة اليت ترتبط بني أجزاءه –أن يكون كليا أو جزئيا‪ ،‬وسواء كان‬
‫راجعا إىل عيب يف التصميم أو يف تنفيذ األعمال‪ ،‬أو يف املواد املستعملة فيها ‪ ،‬أو يف األرض ذاهتا‬
‫إذا كان من املمكن كشفه وفقا للقواعد الفنية والتقنية املعروفة ‪ ،‬وإال كان قوة قاهرة ويعفى املهندس‬
‫من املسؤولية بسببه ‪.‬‬
‫والتهدم املقصود هنا ذلك الذي يتم بطريقة غري إرادية الذي قد يكون بسبب عيب يف عملية‬
‫التشييد والبناء‪ ،‬أو عيب يف املواد املستعملة أو يف األرض املقام عليها البناء ‪ .‬أما العيب املوجب‬
‫‪8‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫للضمان – والذي اشرتط فيه املشرع اجلزائري شأنه شأن املشرع املصري والفرنسي أن يهدد متانة البناء‬
‫وسالمته –فتقديره مرتوك للسلطة التقديرية لقضاة املوضوع بعد اللجوء إىل اخلربة الفنية ويعرف على‬
‫أنّه ‪" :‬ذلك اخللل الذي يصيب املباين أو املنشآت الثابتة والذي تقتضي أصول الصنعة وقواعد الفن‬
‫خلوها منه"‪.19‬‬
‫وال يشرتط فيه أيضا أن يشمل كل البناء أو املنشأة ويكفي أن يقع يف جزء منها‪ ،‬ومثاهلا اخللل يف‬
‫أساسات البناء أو اهلياكل احلاملة له أو األسقفه وتشقق جدرانه ‪ ...‬ويتعني على قضاة املوضوع أن‬
‫يوضحوا يف حكمهم مدى أمهية العيب‪ ،‬وما إذا كان من شأنه هتديد متانة البناء وسالمته ‪ .‬وال ريب‬
‫يف أن هناك عيواب ال ترقى يف خطورهتا إىل هذه الدرجة ومثاهلا التشققات البسيطة يف احلوائط أو اخلطأ‬
‫يف بعض التوصيالت الكهرابئية الفرعية وحنو ذلك‪.20‬‬
‫وهبذا املعىن خيتلف العيب املقصود ابلدراسة عن عيب املطابقة ‪ ،‬فقد يكون املبىن املشيد سليما‬
‫خاليا من العيوب‪ ،‬إالّ أنّه يكون غري مطابق للمواصفات املتفق عليها كأن خيالف دفرت الشروط من‬
‫حيث مثال مساحة الغرف‪ ،‬كيفيات ترتيبها‪ ،‬طريقة تقسيمها‪ ...‬وتبدوا أمهية التفرقة يف اختالف اجلزاء‬
‫ابختالف نوع العيب‪ ،‬فإذا كانت عيوب املطابقة تؤدي إىل وجوب إصالحها فقط‪ ،‬فإن عيوب البناء‬
‫ينشأ عنها الضمان العشري مبا يتبعه من أحكام خاصة ‪ .‬ومن هذا املنطلق يشرتط يف العيب املوجب‬
‫للضمان أبن يكون خفيا حبيث ال يستطع رب العمل اكتشافه وقت أن يتسلم البناء أو املنشأة‪ ،‬ومل‬
‫يكن يف إمكانه ذلك حىت لو بذل جهد الرجل احلريص يف مثل ظروفه‪ .21‬فإن كان العيب ظاهرا‬
‫أوكان رب العمل على علم به ابلرغم من خفائه وقام ابستالم العمل دون حتفظ‪ ،‬سقط حقه يف‬
‫الضمان الفرتاض أنه تنازل حينئذ عن هذا احلق إبرادته احلرة ‪ .‬ويعترب من قبيل العيوب اخلفية وقت‬
‫تسلم املشروع وجود خلل غري واضح يف العزل الصويت اخلاص جبدران البناء‪ ،‬وجود عوائق وصعوابت‬
‫حتول دون إمكانية دخول املرآب ‪.‬‬

‫‪ 19‬حممد انجي ايقوت ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪ 20‬نبيلة رسالن ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪ ، 158‬حممد حسني منصور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 126‬‬
‫حممد عبد الرحيم عنرب ‪ ،‬عقد املقاولة ‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،2007 ،‬ص ‪.176‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪9‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫وليس هناك أدىن شك يف أن شرط خفاء العيب يعد شرطا قاسيا لرب العمل خاصة إذا كان‬
‫شخصا غري خبري بش ؤون البناء ألنه يكون ملزما بتقدير حالة أعمال معمارية يف غاية من األمهية‬
‫والتعقيد عند التسليم‪ .‬لذا فقد ختفى عليه الكثري من العيوب اليت ال ختفى على ذوي اخلربة من الفنيني‪،‬‬
‫ومع ذلك ميكن لرب العمل االستعانة مبهندس متخصص عند املعاينة والفحص لتسلم العمل ‪.‬غري‬
‫أنه وخالفا للقواعد العامة يف ضمان العيب فإنه ال يشرتط إلعمال الضمان العشري أن يكون العيب‬
‫قدميا وفقا للقواعد العامة املنظمة ألحكام العيوب اخلفية ‪ ،‬أي موجودا قبل استالم رب العمل وقبوله‬
‫للمبىن أو املنشأة‪ .‬فيمتد الضمان إىل العيوب اليت تطرأ بعد التسليم أيضا طاملا كان ذلك خالل مدة‬
‫الضمان اليت نص عليها القانون وهو املوقف الذي أخذت به حمكمة النقض املصرية يف عدة قرارات‬
‫قضائية صادرة عنها‪ .22‬كما أن املهندس املعماري ال يسأل إالّ عن العيوب اليت تشوب البناء وينجم‬
‫عنها ضرر على درجة من اخلطورة الذي من شأنه املساس بسالمة ومثانة العناصر التجهيزية غري القابلة‬
‫لالنفصال‪.‬‬
‫هذا عن مسؤولية املهندس العقدية أما مسؤوليته التقصريية فتتبلور يف ما يلي‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬مسؤولية املهندس التقصريية‪.‬‬
‫تقوم مسؤولية املهندس التقصريية إذا ما ارتكب خطأ تسبب فيه بضرر للغري أي غري رب العمل وخلفه‬
‫و هو خيضع بذلك لألحكام العامة يف املسؤولية التقصريية و الين نلخصها يف االيت‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أركان املسؤولية التقصريية للمهندس‪.‬‬
‫النعقاد املسؤولية املدنية‪ ،‬البد من اج تماع أركان ثالث من خطأ و ضرر و عالقة سببية بني اخلطأ‬
‫والضرر‪.‬‬
‫و مبا أن األمر ي تعلق ابملسؤولية الطبية فيوصف اخلطأ على أنه خطأ طيب فهل هو نفسه اخلطأ‬
‫طبقا للقواعد التقليدية يف املسؤولية أم مفهومه خيتلف ومثله احلكم ابلنسبة للضرر و العالقة السببية‬
‫بينهما؟‬
‫أوال‪ :‬اخلطأ‪.‬‬

‫‪ 22‬عاطف النقيب‪ ،‬النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي‪ .‬منشورات عويدات‪ ،‬ط‪ ،3‬سنة ‪ ،1984‬ص‪.25‬‬
‫‪10‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫عرف اخلطأ طبقا للقواعد العامة يف املسؤولية على أنه إخالل ابلتزام سابق‪ ،‬سواء كـان هــذا‬ ‫يُ ّ‬
‫االلت ـزام مصدره العقد أو القانون‪.‬فاخلطأ قد يكون عقداي‪ ،‬و قد يكون تقصرياي‪ .‬أما اخلطأ العقدي‬
‫فيتمثل يف عدم تنفيذ االلتزام احملدد يف العقد أو الـتأخر يف تنفيذه‪ .‬و أما اخلطأ التقصريي فلقيامه البد‬
‫من توفر ركنني‪ ،‬الركن املادي و يتمثل يف االحنراف عن السلوك املألوف للشخص العادي املوضوع يف‬
‫نفس الظروف اخلارجية احمليطة به‪ ،‬أما الركن املعنوي فيتمثل يف اإلدراك و التمييز حيث ال يسأل عن‬
‫اخلطأ إال الشخص املميز‪ ،‬فمىت اجتمع الركنان قام اخلطأ التقصريي الذي قد يتخذ صور عدة فإما‬
‫يكون انجتا عن فعل عمدي أو انتج عن إمهال أو رعونة أو عدم تبصر‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬الضرر‪.‬‬
‫ال يكفي لتحقق املسؤولية التقصريية أن يثبت وقوع اخلطأ‪ ،‬بل جيب أن يثبت املضرور أن اخلطأ‬
‫الذي وقع من املسؤول ق د سبب له ضررا‪ .‬و الضرر كما عرفه البعض هو إخالل مبصلحة مشروعةأو‬
‫كما عرفه البعض اآلخر هو ما يصيب املرء يف حق من حقوقه‪ .‬فركــن الضرر الزم لقيـام املســؤولية‬
‫حبيث إذا ما انـتـفى اخلطأ ال تقـوم املسؤولية و ابلضرورة يسقط احلق يف التعويض و ال تقبل الدعوى‬
‫إذا ما رفعها املضرور لعدم إثباته الضرر أي انتفاء مصلحته فال دعوى بدون مصلحة‪.23‬‬
‫و الضرر نوعان‪ ،‬ضرر مادي و ضرر معنوي‪ .‬أما الضرر املادي فهو كل ما ميس ابملصاحل املالية‬
‫الداخلة يف الذمة املالية للمضرور أي كل تعد على حـق من حقــوق اإلنسان فـي سالمـة نفسه وممـتلكاته‬
‫فينتقص منها أو يعطلها أو يتلفها أو يغتصبها أو حيول دون مالكها و استعماهلا أو استثمارها و يقدر‬
‫ذلك الضرر مبال‪ .‬و للمضرور أن يثبت الضرر بكافة وسائل اإلثبات مهما كان نوعها العتبار الضرر‬
‫واقعة مادية‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬الضرر املادي إما أن يكون جسداي أو غري جسدي‪ ،‬فالضرر اجلسدي هو ما ميس جسم‬
‫اإلنسان بينما الضرر الغري جسدي فهو ذلك الضرر الذي يلحق ابلذمة املالية للشخص‪.‬‬
‫و أمـا الضرر املعنوي‪ ،‬فهــو األذى الـذي يلحــق بغري مادايت اإلنسان فيمس مبشاعره‬
‫أوإبحساسه أو بعاطفته أو بنفسه أو مبكانته العائلية أو املهنية أو االجتماعية حمداث لديه األمل النفسي‬

‫‪ 23‬عاطف النقيب‪ ،‬النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي‪ .‬منشورات عويدات‪ ،‬ط‪ ،3‬سنة ‪ ،1984‬ص‪.25‬‬
‫‪11‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫أو الشعور ابالنتقاص من قدره‪ .‬أي هو األمل الناتج عن املساس هبـذه املشاعر و كذا املساس ابحلقوق‬
‫املع نوية للشخص كحقوقه املدنية من حق يف احلياة و يف سالمــة جسمــه و مسعــته و شه ـرتـه و مكـانتـه‬
‫االجتمـاعـية‪ ،‬فـإن اعتـدي على حق من هذه احلقوق سواء ابالنتقاص أو التعطيل شكل ذلك ضررا‬
‫معنواي‪ .‬هذا الضرر خلصه القضاء الفرنسي و بعده الفقه يف تعريف واحد و هو "االضطراب يف ظروف‬
‫احلياة" ()‪(Trouble aux conditions d’existence24‬‬
‫إال أن التعــويــض عن الضرر املعنوي أاثر جدال كبريا و استمر النقاش فيه زمنا طويال‪ ،‬فلـم تقــبل‬
‫فكـرة التعـويض عن الضرر املعنوي ابعتبار أنه ال ميكن قياسه ابلنقود و أن النقود ال ميكن أن تزيله من‬
‫نفس اإلنسان‪ .‬مث بعد ذلك عُذل عن هذا الرأي و اعترب أن التعويض ال مينح للمتضرر إلزالة الضرر‬
‫و إمنا يعترب وسيلة إلرضاء النفس جتعله يتحمل أمله أو ينساه بتوظيفه املال مبا يعود عليه ابلنفع‪.‬‬
‫أما التشريع اجلزائري‪ ،‬فلقد نص على الضرر املعنوي و على التعويض عنه يف نص املادة ‪182‬‬
‫مكرر من القانون املدين اليت استحدثها مبوجب التعديل اجلديد‪ ،‬فقبل التعديل أي فــي إطـار األمر‬
‫رقم ‪ 58-75‬املــؤرخ ب ‪ 1975-09-26‬مل يكـن ينـص صـراحة على التعويض عن الضرر املعنوي‪.‬‬
‫و لقــد‪ ،‬نص املشرع اجلزائري على التعويض املعنوي يف املادة ‪ 182‬مكرر مدين و اليت تقابلها‬
‫املادتني ‪ 223‬مدين سوري و ‪ 222‬مدين مصري بقوله‪:‬‬
‫" يشمل التعويض عن الضرر املعنوي كل مساس ابحلرية أو الشرف أو السمعة"‪.‬‬
‫كما نص عليه يف قوانني أخرى منها‪ ،‬قانون األسرة يف املادة ‪ 05‬منه بنصه على أنه إذا ترتب‬
‫عن العدول عن اخلطبة ضرر مادي أو معنوي ألحد الطرفني جاز احلكم له ابلتعويض‪.‬‬
‫و جتب املالحظة إىل أنه ال يتحقق الضرر و يثبت قانوان إىل إذا اتصف ببعض املواصفات سواء‬
‫كان ضررا ماداي أو معنواي فال فارق بينهما‪ .‬هذه املواصفات أو الشروط تتمثل يف‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫‪M. Bourré-Quenillet, le préjudice sexuel : preuve, nature juridique et‬‬
‫‪indemnisation. JCP 1996, 1, 3986.‬‬

‫‪12‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ -1‬أن يقع الضرر على حق أو مصلحة مشروعة‪.‬‬


‫يتمتع اإلنسان حبقوق يكفلها الدستور و القانون‪ ،‬فاحلق صفة مالزمة للشخصية اإلنسانية‬
‫حيميه القانون كاحلق يف احلياة و سالمة النفس و اجلسد و املمتلكات‪ ،‬و ابلتايل فإن كل ضرر يلحق‬
‫حبق من حقوق اإلنسان احملمية قانوان يستوجب التعويض عنه ما مل حيل دون ذلك مانع قانوين‪.‬‬
‫و احلقوق عدة أنواع‪ ،‬حقوق عامة و حقوق خاصة‪ .‬أما احلقوق العامة فهي تلك احلقوق اليت‬
‫تثبت لكل الناس بغض النظر عن انتمائهم إىل وطن أو دولة معينة أي هي احلقــوق اليت تثبـت لإلنسان‬
‫بصفتــه كذلك‪ ،‬أقرها القانون و محاها لورودها على قيم الزمة لوجــود اإلنسان و استـمـراره فــي اجملتـمع‬
‫و هتــدف مجيعـها إىل محاية الكيانني املادي و األديب لإلنسان و مثاهلا حق احلياة‪ ،‬و صيانة العرض‬
‫والشرف و االعتبار‪.‬‬
‫و تتميز هذه احلقوق من حيث احلماية القانونية فيفرض على الغري واجب االمتناع عن املساس‬
‫هبا‪ ،‬كاالمتناع عن املساس بشرف الشخص لذلك جند أن اجلزاء يتخذ صورة رد الفعل الذي يرتبه‬
‫القانون على اإلخالل هبذه احلماية و هو نشأة احلق يف التعويض‪ .‬كما يالحظ أن هذه احلقوق رغم‬
‫انتفاء صفتها املالية إال أهنا قد تنشئ لصاحبها حقا ماليا نتيجة التعدي عليها‪.‬‬
‫و أما احلقوق اخلاصة فهي قدرات قانونية خيوهلا القانون لألفراد و لكنها ختتلف من شخص إىل‬
‫آخر حبسب احلالة الشخصية أو احلالة املدنية لكل فرد على حدة‪ 25‬و تتميز هذه احلقوق أبهنا تقوم‬
‫على الروابط الشخصية و الروابط املالية مما جعلها تقسم إىل نوعني حقوق عائلية و حقوق مالية‪.‬‬
‫تتمثل احلقوق العائلية يف احلقوق اليت تثبت للشخص ابعتباره عضوا يف أسرة معينة و جتد‬
‫مصدرها يف روابط القرابة و املصاهرة منها حق اإلرث و حق النفقة‪ .‬و تتميز هذه احلقوق يف كوهنا‬
‫خارجة عن دائرة التعامل حيث ال جيوز التصرف فيها أو التنازل عنها‪ .‬بينما تتمثل احلقوق املالية يف‬
‫احلقوق اليت ختول لصاحبها احلصول على فائدة مالية و هي احلقوق اليت جيوز التصرف فيها و هي‬
‫ثالثة أنواع‪ ،‬احلقوق العينية (و هي سلطة مباشرة يقررها القانون لشخص معني على شيء معني‬

‫‪ 25‬محدي عبد الرمحن‪ ،‬فيصل زكي عبد الواحد‪ ،‬امحد عبد العال أبو قرين‪ ،‬املدخل لدراسة القانون‪ :‬دروس يف القانون احلق‪ ،‬نظرية‬
‫االلتزام‪ .‬العام اجلامعي ‪ ،2001-2000‬ص‪.233‬‬

‫‪13‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫ابلذات) اليت تنقسم بدورها إىل حقوق عينية أصلية كحق امللكية و االنتفاع و االرتفاق و حقوق‬
‫عينية تبعية كحق الرهن بنوعيه الرمسي و احليازي و حــق االمتياز و حــق التخصيص‪ .‬و احلقوق‬
‫الشخصية (و هي سلطة يقررها القانون لشخص على آخر يلتزم مبقتضاها القيام بعمل أو االمتناع‬
‫عنه أو إعطاء شيء)‪.26‬و مثاهلا عالقة الدائنية‪ ،‬و التزام البائع بتسليم الشيء املبيع إىل املشرتي و كذا‬
‫التزام املقاول إبنشاء البناء الذي تعهد إبنشائه‪ .‬و أخريا احلقوق املعنوية (و هي سلطة يقررها القانون‬
‫قوم ابملال ألن‬
‫للشخص على إنتاجه الفكري) كحق املؤلف و إن كان يرد على شيء معنوي إال أنه يُ ّ‬
‫احلق املعنوي خيول صاحبه حق استغالل و استثمار إنتاجه الفكري و التصرف فيه أيضا‪.‬‬
‫كما أنه تنبـثــق عــن هـذه احلقوق مصاحل يعمل اإلنسان على حتقيقها و احلفاظ عليها و هي‬
‫موضع محاية من القانون‪ .‬هذه احلماية تتحقق عمليا مبنح صاحب املصلحة احلق ابللجوء إىل القضاء‬
‫طالبا احلماية و التعويض له عن األضرار اليت حلقت مبصلحته احملمية قانوان‪ ،‬على هذا جاءت املادة‬
‫‪ 13‬من قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلزائري تنص على أن الدعوى وسيلة لكل من له مصلحة‬
‫قانونية قائمة أو حمتملة‪.‬‬
‫و املقصود ابملصلحة القانونية تلك اليت حيميها القانون‪ ،‬سواء ابلنص عليها صراحة أو ألهنا‬
‫مالزمة ألحد احلقوق األساسية لإلنسان املعرتف هبا من اجلميع و املكرسة من قبل القضاء على أهنا‬
‫حقوق مشروعة تنبثق منها مصاحل مشروعة سواء ورد بشأهنا نص دستوري أم قانوين أو مل يرد)‪.‬‬
‫و املصلحة حىت تكون حممية قانوان‪ ،‬البد من توفرها على صفة املشروعية أي أن تكون مشروعة‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬فإن حق اإلدعاء ابملسؤولية طلبا للتعويض عن األضرار حمصور أبصحاب احلقوق احملمية‬
‫قانوان‪ ،‬أي الذين أجاز هلم القانون االدعاء أمام القضاء بشأن هذه احلقوق‪.‬‬
‫هذا عن الشرط األول الواجب توفره يف الضرر حىت يتمكن املضرور من احلصول على التعويض‪ ،‬فإىل‬
‫جـانب هــذا الشرط جيـب أن يكون الضرر كذلك ضررا حمقق الوقوع‪ ،‬فما مضمون هذا الشرط؟‬

‫محدي عبد الرمحن‪ ،‬فيصل زكي عبد الواحد‪ ،‬امحد عبد العال أبو قرين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪239‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪14‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ -2‬أن يكون الضرر حمقق الوقوع‪.‬‬


‫مبا أن قيام املسؤولية املدنية على عاتق من تسبب بضرر للغري ترمي إىل حتميله عبء التعويض‬
‫عن الضرر الذي أحدثه‪ ،‬فالبد أن يكون هذا الضرر قد وقع فعال و بصورة أكيدة حيث ميكن للقاضي‬
‫حتديد معامله و تقدير التعويض املناسب له و الذي يفرتض فيه أن يكون معادال للضرر حسب ما‬
‫ذهبت إليه املادة ‪ 131‬من القانون املدين اجلزائري اليت أحالت إىل تطبيق املادتني ‪ 182‬و ‪182‬‬
‫مكرر من نفس القانون‪.‬‬
‫و يُلحق ابلضرر احملقق الوقوع‪ ،‬الضرر املستقبلي إذا كان من املستطاع تقديره فورا فهو حمقق الوقوع‬
‫و لكن مل يقع بعد‪ ،‬كما إذا أحلق ضررا جسداي بشخص اتجر‪ ،‬فأجريت له عملية جراحية أوىل‪ ،‬و‬
‫من مث قرر األطباء إجراء عملية اثنية له بعد مرور فرتة زمنية حمددة مما استلزم إقعاده عن العمل ملدة‬
‫أشهر متتد مستقبال نظرا إلصابته‪ ،‬ففي مثل هذا الوضع حيكم القاضي ابلتعويض له عن الضرر الذي‬
‫حلق به ليشمل نفقات العملية اجملراة (ضرر حمقق) و تلك اليت ستجرى و كذا الربح الفائت املتمثل‬
‫يف خسارة الربح خالل األشهر اليت سيكون أثناءها متوقفا عن ممارسة جتارته (ضرر مستقبلي)‪.‬‬
‫ابإلضافة إىل التعويض عن اآلالم النفسية اليت ألّمت به جراء احلادث‪.‬‬
‫كما أن الضرر قد يكو ن غري مؤكد احلصول أو ما يعرب عنه ابلضرر االحتمايل‪ ،‬هذا الضرر ال‬
‫يوجب التعويض لتعذر حتديده و تقديره فال يعرف ما إذا كان سيقع يف املستقبل أم ال‪.‬‬
‫هذا عن الشرط الثاين للضرر و هو كونه حمقق الوقوع مبا يشمله من احتماالت‪ .‬إال أنه يشرتط يف‬
‫الضرر شرط آخر و هو كونه مباشرا‪ ،‬فما املقصود هبذا الشرط؟‬
‫‪ -3‬أن يكون الضرر مباشرا‪.‬‬
‫الضرر املباشر هو النتيجة احلتمية و الضرورية للفعل اخلاطئ حبيث إذا مل يكن اخلطأ قد حصل‪،‬‬
‫فإن الضرر مل يكن ليقع‪ .‬أو كما عرفه البعض أبنه ذلك الضرر الذي ال ميكن للمضرور أن يتوقاه ببذل‬
‫جهد معقول‪ .‬و يقابله الضرر الغري مباشر و هو الضرر الثاين أو الثالث الذي يعقب الضرر األول‪.‬‬
‫و الضرر املرتد )‪ (préjudice par ricochet‬و هو الضرر الذي يصيب شخصا آخر غري املضرور‬
‫سواء كان من أقاربه أو غريهم نتيجة فعل خاطئ واحد‪ ،‬فاألصل أنه ال يعوض إال على الضرر املباشر‬
‫و هو الوضع يف التشريع اجلزائري‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫و مثاله أن يرتك أحد الرعاة بقرته مصابة بوابء عند راع اثن لرتعى مع بقره و يكون الراعي الثاين‬
‫قد تعاقد مع مصنع للحليب ليزوده ابحلليب يف أجل معلوم‪ .‬إال أن البقر نتيجة للعدوى بذلك الوابء‬
‫أصيبت كلها ففسد حليبها و ابلتايل هل يعوض الراعي صاحب البقرة املوبوءة الراعي الثاين عن الضرر‬
‫املتمثل يف إصابة بقره ابلوابء فقط ابعتباره ضرر مباشر للخطأ أو يعوضه كذلك عن فساد حليبها‬
‫ابعتباره الضرر الثاين و هو ضرر غري مباشر؟ أو يعــوض أيضا صاحب املصنع عن الضرر الذي أصابه‬
‫‪.‬‬
‫من عدم توفر احلليب و هو الضرر املرتد؟‬
‫حســب القـاعـدة العامـة صاحـب البقـرة املوبــوءة يعوض الراعي الثاين عن اإلصـابـة ابلوبـاء فقـط‬
‫ابعتـبار أن الضـرر الذي أصاب هذا األخري هو ضرر مباشر للخطأ و ال يعوضه عن فساد احلليب‬
‫ألنه ضرر غري مباشر كما ال يعوض صاحب املصنع ألن الضرر الذي حلقه هو ضرر ارتد إليه فقط‪.‬‬
‫إال أن القضاء الفرنسي‪ ،‬تبىن فكرة الضرر املرتد )‪ (Le préjudice par ricochet‬و قبل‬
‫تعويض األشخاص املضرورين ارتداداي أي األشخاص املنتقل إليهم الضرر و مثاله رب العائـلة الذي‬
‫يصاب جبروح ابلغة أدت به إىل عجز كلي بسبب حادث سري‪ ،‬فإن زوجته و أبنـاءه هلــم احلق فـي‬
‫طلـب التعـويـض و ذلـك ابال رتـداد عـن الضـرر س ـواء املـادي أو املعنوي‪ ،‬فالضرر املادي يتجسد يف‬
‫خسارة اإلعاانت اليت كان يوفرها هلم األب‪.‬‬
‫ولكي يتحصل املتضرر على التعويض ال بد أن يتحقق الضرر ابعتباره الركن الثاين يف املسؤولية‬
‫إىل جانب ركن اخلطأ‪ .‬و الضرر ال يتحقق إال بتوفر شروط معينة منها أن يكون الضرر الذي حلق‬
‫املضرور قد وقع على حق حيميه القانون أو على مصلحة مشروعة‪ ،‬و أن يكون حمقق الوقوع أو‬
‫مستقبال بشرط أن يكون وقوعه مؤكدا و ميكن حتديد قيمة التعويض املعادلة له‪ .‬و أخريا جيب أن‬
‫يكون مباشرا أي انجتا مباشرة عن اخلطأ مع األخذ بعني االعتبار الضرر املرتد ابلنسبة للتشريع الفرنسي‪.‬‬
‫و لكـن ثبـوت اخلطأ و حتقق الضرر‪ ،‬ليسا كافيني لقيام املسؤولية عن الفعل الشخصي بل ال بد‬
‫أن يكون الضرر انجتا عن اخلطأ أو ما يعرب عنه بوجوب وجود عالقة سببية بني اخلطأ و الضرر‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬يشرتط إىل جانب ركين اخلطأ و الضرر‪ ،‬ركن اثلث حىت تقوم املسؤولية و هو العالقة‬
‫السببية بني اخلطأ و الضرر )‪ ، (Le lien de causalité‬فما املقصود هبا؟‬

‫‪16‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫اثلثا‪ :‬العالقة السببية‪.‬‬


‫لكي يلزم من صدر عنه اخلطأ ابلتعويض عن األضرار اليت أحدثها للغري‪ ،‬جيب أن تكون هذه‬
‫األضرار متصلة سببيا خبطئه‪ .‬لذا جند أن طرح العالقة السببية كركن اثلث يف املسؤولية التقصريية له‬
‫صلة مبوضوع الضرر املباشر و الضرر الغري مباشر و الضرر املـرتـد‪ ،‬األضـرار التـي سبــق لـنا البحـث‬
‫فيــها‪ ،‬هلـذا سنكـتـفي بدراســة هــذه الصلـة و النظرايت اليت عاجلتها‪.‬‬
‫هناك عدة طرق لتحليل العالقة السببية‪ ،‬و لنأخذ أبسط مثال دهست سيارة أحد املارة‪ .‬هذا‬
‫احلادث وقع نظرا لعدة أسباب‪ :‬السرعة اليت كان يقود هبا السائق سيارته‪ ،‬عطل املكابح‪ ،‬حالة ازدحام‬
‫يف الطريق‪ ،‬قطع املار للطريق بسرعة ابلنظر إىل غريه من املارة‪...‬لو نواصل تعداد األسباب لوجدان‬
‫أكثر مما ذكر‪ .‬و لكن السؤال الذي يطرح ما هو السبب الذي شكل اخلطأ فأوقع الضرر؟ هل كل‬
‫األسباب جمتمعة ؟ أم جيب أن خنتار سببا واحدا ؟‬
‫لإلجــابة علــى هــذا التـس ــاؤل وجــدت نظريتــان اثنـتـان‪ ،‬نظـريـة تـعــادل األسباب و نظرية السبب‬
‫املنتج‪ .‬فما مضمون كل من النظريتني و ما موقف املشرع اجلزائري منها؟‬
‫أوال‪ :‬نظرية تعادل األسباب‪(La théorie de l’équivalence des conditions) .‬‬
‫مؤدى هذه النظرية أنه جيب األخذ بكل سبب اشرتك يف إحداث الضرر و لو كان سببا بعيدا‪،‬‬
‫فجميع األسباب اليت تداخلت يف وقوع الضرر أسبااب متكافئة و متعادلة‪.27‬‬
‫و للتحقق ما إذا ما كان السبب متكافئا‪ ،‬جيب أن نطرح السؤال اآليت‪ :‬هل كان الضرر يقع لو‬
‫مل يشرتك هذا السبب ؟ فإذا كان اجلواب ابلنفي آنذاك يعترب سببا متكافئا بينما إذا كان اجلواب‬
‫ابإلجياب فال يعتد هبذا السبب‪ .28‬فمثال بكلية احلقوق أهنى أستاذ مادة القانون املدين حماضرته متأخرا‬
‫بعشر دقائق (أضاف عشر دقائق على الوقت املخصص له يف حصته) مما دفع أحد الطلبة إىل اخلروج‬
‫مس رعا لكي يلحق القطار فصدمته سيارة أحلقت به أضرارا‪ .‬طبقا لنظرية تعادل األسباب أو تكافئها‬
‫فإن األستاذ يعترب كذلك مسؤوال عن الضرر الذي حلق ابلطالب‪.‬‬

‫‪ 27‬عاطف النقيب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.303‬‬


‫محدي عبد الرمحن‪ ،‬فيصل زكي عبد الواحد‪ ،‬امحد عبد العال أبو قرين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.242‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪17‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫يظهر مما سبق أن نظرية تعادل األسباب جتعل كل سبب مسؤول عن النتيجة‪ ،‬أي أن األسباب‬
‫مجيعها متضامنة يف إحلاق الضرر‪ .‬إال أن هذه النظرية انتقدت ألهنا وسعت من نطاق املسؤولية‬
‫وجعلت املرء مسؤوال عن كل املساوئ اليت حتيط به يف حياته‪ .‬فإذا كان املرء مسؤوال على كل شيء‬
‫فهو ليس مسؤوال عن أي شيء‪ .‬هلذا وجدت النظرية الثانية و هي نظرية السبب املنتج‪ ،‬فما املقصود‬
‫هبا؟‬
‫اثنيا‪ :‬نظرية السبب املنتج‪(La théorie de la causalité adéquate) .‬‬
‫مبقارنة هذه النظرية ابلنظرية األوىل (تكافؤ األسباب) جند أن هذه األخرية أسهل يف التطبيق من‬
‫الحقتها إذ أن مجيع األسباب متكافئة يف إحداث الضرر و ال جهد يف حتديدها‪ .‬بينـما نظـرية السب ــب‬
‫املنـتـج فم ـ ؤداها أنــه جيــب البحث عن األسباب املنتجة يف إحداث الضرر ‪(Les causes‬‬
‫)‪ adéquates‬و األسباب العرضية )‪ (Les causes fortuites‬فيعتد ابألوىل و هتمل الثانية‪.‬‬
‫و السبب املنتج هو ذلك السبب الذي جيعل حدوث الضرر حمتمال طبقا للسري العادي لألمور‬
‫و الذي لعب دورا أس اسيا يف إحداثه‪ .‬أي ضرورة حصر السببية يف الواقعة اليت تؤدي وفقا للمألوف‬
‫إىل حدوث الضرر و هي الواقعة اليت من شأهنا إحداث الضرر حبسب اجملرى الطبيعي لألمور‪.‬‬
‫و يقع عبء إثبات السبب املنتج على املضرور و له احلق يف إثباته بكافة وسائل اإلثبات ابعتباره‬
‫واقعة قانونية‪ .‬إال أن إثباته ليس ابألمر السهل خاصة إذا تعدد مسببو الضرر من جهة فال يعرف من‬
‫هو مرتكب الفعل‪ ،‬ففي هذه احلالة يصبح اجلميع مسؤولني عن الضرر مسؤولية تضامنية‪ .‬و مـن جهـة‬
‫أخـرى‪ ،‬فـي حـالة تعــدد األسباب و غموض الصلة السببية بينها و بني الضرر‪ ،‬هنا جند أن القضاء‬
‫الفرنسي لعب دورا هاما يف حتديد الصلة السببية و القول ما إذا كان من شأن الفعل األصلي أن‬
‫حيدث هذه النتيجة وفقا للمجرى العادي و الطبيعي لألمور أم أن عوامل أخرى طارئة تدخلت يف‬
‫إحداث هذه النتيجة و من مث اعتمد اترة على نظرية تكافؤ األسباب و اترة أخرى على نظرية السبب‬
‫املنتج على حسب القضية املعروضة أمامه‪.‬‬
‫و هناك حالة أخرى‪ ،‬أين ينشئ فيها اخلطأ الواحد عدة أضرار متسلسلة فهل تعترب العالقة‬
‫السببية قائمة بني اخلطأ و بني مجيع األضرار؟ اجلواب على هذا التساؤل يتوقف على مدى الضرر‬
‫املأخوذ به‪ ،‬فالنسبة للتشريع اجلزائري الذي أيخذ ابلضرر املباشر فقط يكون املخطئ مسؤوال عن‬
‫‪18‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫الضرر املباشر فقط دون غريه من األضرار األخرى‪ ،‬بينما قد يكون مسؤوال عن مجيع األضرار يف ظل‬
‫تشريعات أخرى مثل ما هو معمول به يف التشريع الفرنسي فقد يسأل حىت على الضرر املرتد‪.‬‬
‫و املالحــظ أن الفقـه العـريب و منه اجلزائري مع انعدام أي نص قانوين يشري إىل اعتماد نظرية‬
‫دون األخرى مال إىل تطبيق النظرية الثانية يف حتديد العالقة السببية و هي نظرية السبب املنتج أو‬
‫السبب الفعال‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬متـى ثبتــت الصلة بيـن اخلطأ و الضـرر أي بتـوفـر العـالقـة السبـبـية بينهما تقـوم مسؤولية‬
‫الفاعـل‪ ،‬إال أن هـنـاك حاالت ميكن ملرتكب الفعل فيها أن ينفي تلك العالقة و تنتفي مسؤوليته و ال‬
‫يسأل عن أي تعويض‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حاالت انتفاء مسؤولية املهندس التقصريية‪.‬‬
‫احلاالت اليت تنتفي فيها العالقة السببية ابلرغم من قيامها هي ثالثة‪ ،‬القوة القاهرة خطأ الغري‬
‫وخطأ املضرور‪ .‬يعرب عن هذه احلاالت الثالث "ابلسبب األجنيب" أي مىت كنا أمام سبب أجنيب تنتفي‬
‫العالقة السببية بني اخلطأ و الضرر و عليه ال تقوم أي مسؤولية جتاه مرتكب الفعل اخلاطئ‪ .‬فما‬
‫املقصود بكل حالة من هذه احلاالت؟‬
‫سنتناول كل حالة على حدة اتباعا يف ما يلي‪.‬‬
‫‪ -1‬القوة القاهرة‪:‬‬
‫القوة القاهرة هي حادث خارجي ال ميكن توقعه و ال دفعه يؤدي بشكل مباشر إىل إحداث‬
‫الضرر‪ ،‬أو كـمـا عرفــها البـعـض أبهنا احلادث الذي ليس ابإلمكان عادة توقعه أو ترقبه‪ ،‬و ال ابملستطاع‬
‫دفعه‪ .29‬و مثــاهلا حــدوث الـزالزل أو البـراكني أو الفيضاانت أو هبوب عاصفة قوية‪.‬‬
‫‪ -2‬خطأ الغري‪:‬‬
‫يقصـد ابلغـري كـل شخـص عـدا املتـضرر‪ ،‬فإذا كـان خطأ الغري هو السبب الوحيد يف وقوع الضرر‬
‫فإن مسؤولية الفاعل تنتفي ابنتفاء الرابطة السببية كأن يتعمد سائق سيارة مطاردة سيارة أخرى فيضطر‬

‫‪ 29‬عاطف النقيب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.306‬‬


‫‪19‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫املطاردة أن ينحرف يسارا فيصيب مارا يف الطريق‪ ،‬فال مسؤولية عليه و إمنا تقع املسؤولية‬
‫سائق السيارة َ‬
‫على عاتق صاحب السيارة اليت كانت تطارده‪.‬‬
‫‪ -3‬خطأ املضرور‪.‬‬
‫تنتفي العالقة السببية إذا أثبت املسؤول عن اخلطأ أن الضرر يرجع إىل خطأ املضرور كما إذا قام‬
‫سائق السيارة بدهس مار يف الطريق و إشارة املرور كانت محراء ابلنسـبــة للمـارة فأصيـب جبــروح‪ ،‬فـي‬
‫هــذه احلالة تنتفي العالقة السببية بني خطأ السائق و الضرر الذي أصيب به املار بسبب خطأ هذا‬
‫األخري حيث هو الذي أخطأ حني مل حيرتم إشارة املرور‪.‬‬
‫بيد أنه إذا اشرتك خطأ املسؤول مع خطأ املضرور يف إحداث الضرر‪ ،‬فيكون هناك خطأ مشرتك‬
‫فال يلزم املسؤول إال ببعض التعويض‪.30‬‬

‫و لقد نص املشرع اجلزائري على السبب األجنيب بصوره الثالث و اعتربه سببا منفيا للعالقة‬
‫السببية و ابلتايل سببا معفيا من املسؤولية يف نص املادة ‪ 127‬من القانون املدين بقوله‪:‬‬
‫" إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب ال يد له فيه كحادث فجائي‪ ،‬أو قوة قاهرة‪ ،‬أوخطأ‬
‫صدر من املضرور أو خطأ من الغري كان غري ملزم بتعويض هذا الضرر ما مل يوجد نص قانوين أواتفاق‬
‫خيالف ذلك"‪.‬‬
‫و كخالصة ملا سبق‪ ،‬مىت توافرت األركان الثالثة من خطأ و ضرر و عالقة سببية بينهما ‪ ،‬فـإن‬
‫املسؤوليـة تقوم يف جانب املهندس و يرتتب على قيامها إلزامه بدفع التعويض للمضرور و هو ما يسمى‬
‫ابحلق يف التعويض‪ ،‬ففي ما يتمثل التعويض؟‬
‫التعويض هو مبلغ مايل يقدره القضاء املعروض عليه النزاع‪ ،‬حبيث يدفعه املسؤول عن الفعل‬
‫اخلاطئ إىل املضرور‪ ،‬و على القاضي أن حيكم به يف حدود الطلب فال ميكنه أن يتجاوزه و لو أتكد‬
‫من انه اقل من املستحق‪.‬‬

‫عبد الرزاق امحد السنهوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.348‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪20‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫كما أن التعويض يكون عن الضررين املادي و املعنوي معا و ال ميكن احلكم ابلتعويض عن‬
‫‪31‬‬
‫الضرر املعنوي دون الضرر املادي هذا ما وصلت إليه احملكمة العليا اجلزائرية يف اجتهادها القضائي‬
‫و يشمل التعويض‪ ،‬ما حلق املضرور من خسارة و ما فاته من كسب ابإلضافة إىل التعــويـض عـما‬
‫حــدث لـه فعال سواء كان الضرر ماداي أو معنواي على أن يراعي القاضي املعروض عليه النزاع الظروف‬
‫املالبسة‪ .‬و التعويض إما أن يكون نقدا أو عينا أو يف بعض احلاالت أيمر القاضي إبرجاع احلالة إىل‬
‫ما كانت عليه قبل ارتكاب اخلطأ و وقوع الضرر فيبقى األمر راجعا إىل سلطة القاضي التقديرية‬
‫حسب ما تبينه املادة ‪ 132‬من القانون املدين اجلزائري‪.‬‬
‫مع اإلشارة إىل أن املضرور يسقط حقه ابلتقادم يف طلب التعويض خالل مخسة عشر سنة من‬
‫يوم وقوع الفعل الضار وفقا ملا تشري إليه املادة ‪ 133‬من نفس القانون‬

‫خامتة‪:‬‬

‫بعد دراسة املوضوع اتضح لنا أن املســؤولية عن الفعل الشخصي للمهندس بوجــه عام تقوم‬
‫على ثالثة أركان اخلطأ و الضرر و العالقة السببية بينهما‪ ،‬أما اخلطأ و هو إخالل ابلتزام قانوين فيتحقق‬
‫مىت كان الشخص مميزا و احنرف عن سلوك الرجل العادي و هو يف نفس ظروفه اخلارجية احمليطة به‪،‬‬
‫إال أنه ال يعترب كذلك إذا ارتكب الفعل و هو يف حالة دفاع شرعي أو يف حالة ضرورة أو يف حالة‬
‫تنفيذه ألمر رئيسه‪ ،‬كما ال يعترب خمطئا يف حالة ما إذا رضي املتضرر ابلضرر أو كان عاملا ابخلطر‬
‫الذي ينجر عن مثل هذا الفعل‪.‬‬

‫أما الضرر و هو الركن الثاين يف املسؤولية إىل جانب ركن اخلطأ‪ ،‬فال يتحقق إال بتوفر شروط‬
‫معينة منها أن يكون الضرر الذي حلق املضرور قد وقع على حق حيميه القانون أو على مصلحة‬

‫‪ 31‬قرار مؤرخ يف ‪ ،1986-07-08‬ملف رقم ‪ ،42308‬اجمللة القضائية لسنة ‪ ،1990‬العدد األول‪ ،‬ص‪.254‬‬
‫‪21‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫مشروعة‪ ،‬و أن يكون حمقق الوقوع أو مستقبال بشرط أن يكون وقوعه مؤكدا و ميكن حتديد قيمة‬
‫التعويض املعادلة له‪ .‬و أخريا جيب أن يكون مباشرا أي انجتا مباشرة عن اخلطأ‪.‬‬

‫و آخر ركن يف املسؤولية هو العالقة السببية بني الفعل و الضرر‪ ،‬أي أن يكون الضرر انجتا عن‬
‫اخلطأ ‪ ،‬و إن تعددت أسباب الضرر فإما أن يؤخذ هبا مجيعا تطبيقا لنظرية تكافؤ األسباب أو يؤخذ‬
‫منها ما هو منتج فقط طبقا لنظرية السبب املنتج و هي األكثر انتشارا‪ .‬إال أنـه ميكـن انتـفاء هذه‬
‫العالقة إبثبــات السبب األجنيب بشرط أن يكون خارجي و غري متوقع و غري ممكن دفعه و ال ينسب‬
‫للمسؤول‪ .‬فإن مل يثبت السبب األجنيب و ثبتت األركان الثـالثة جمـتــمعة وجــب على املخطئ تعويض‬
‫املضرور عن الضررين املادي و املعنوي‪ ،‬و التعويض خيضع يف تقديره لسلطة القاضي‪ .‬هذا عن املسؤولية‬
‫عن الفعل الشخصي‪.‬‬

‫أما مسؤوليته العقدية فتكون اجتاه رب العمل أو خلفه العام و اخلاص و ذلك خالل ‪10‬‬
‫سنوات من اتريخ ابرام االتفاق و هو ما يعرف ابلضمان العشري‪.‬‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الودود حي ‪ ،‬مسؤولية املهندسني واملقاولني والتأمني عليها ‪ ،‬جمالة مصر املعاصرة العدد ‪،376‬‬
‫سنة ‪،1997‬‬
‫‪ -‬بلمختار سعاد‪ ،‬املسؤولية املدنية للمهندس املعماري ومقاول البناء‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستري يف‬
‫القانون ‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية ‪.2009 ،‬‬
‫‪ -‬محدي عبد الرمحن‪ ،‬فيصل زكي عبد الواحد‪ ،‬امحد عبد العال أبو قرين‪ ،‬املدخل لدراسة القانون‪:‬‬
‫دروس يف القانون احلق‪ ،‬نظرية االلتزام‪ .‬العام اجلامعي ‪.،2001-2000‬‬

‫‪ -‬سرحان عدانن إبراهيم ‪ ،‬شرح القانون املدين‪ ،‬العقود املسماة‪ :‬املقاولة‪-‬الوكالة‪-‬الكفالة‪ ،‬الطبعة‬
‫عمان‪2007 ،‬‬
‫االوىل‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ّ ،‬‬
‫‪22‬‬
‫مسؤولية املهندس املدنية يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-‬سهلي زهدور‪ ،‬مسؤولية عدمي التمييز يف التشريع اجلزائري مقاران‪ .‬أطروحة الدكتوراه‪ ،‬جامعة وهران‪،‬‬
‫كلية احلقوق‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2006-2005‬ص‪.09‬‬

‫‪-‬عاطف النقيب‪ ،‬النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي‪ .‬منشورات عويدات‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫سنة ‪1984‬‬

‫‪-‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪-‬العقود الواردة على العمل‪ -‬اجلزأ السابع‪،‬‬
‫اجمللد األول‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬مصر‪2004 ،‬‬

‫‪ -‬عز الدين الدانصوري‪ ،‬عبد احلميد الشواريب‪ ،‬املسؤولية املدنية يف ضوء الفقه و القضاء‪ .‬اجلزء األول‪،‬‬
‫منشأة املعارف‪ ،‬شركة اجلالل ‪ ،‬االسكندرية‪.، 2004 ،‬‬

‫‪-‬محمد شكري سرور ‪ ،‬مسئولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة‬


‫األخرى‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬مصر‪1980 ،‬‬
‫‪M. Bourré-Quenillet, le préjudice sexuel : preuve, nature juridique et‬‬
‫‪indemnisation.‬‬ ‫‪JCP‬‬ ‫‪1996,‬‬ ‫‪1,‬‬
‫‪3986.‬‬
‫احملاضرات‪:‬‬
‫حممد حبار‪ ،‬حماضرات يف مادة االلتزامات‪ ،‬طلبة السنة الثانية‪،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة اجلامعية ‪-2003‬‬
‫‪.2004‬‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬
‫قانون رقم ‪ 29-90‬املؤرخ يف ‪ 01‬ديسمرب ‪ 1990‬املعدل واملتمم بقانون رقم ‪ 05-04‬املؤرخ يف‬
‫‪ 14‬أوت ‪ 2004‬املتعلق ابلتهيئة والتعمري‪ ،‬ج‪.‬ر رقم ‪ 51‬لسنة ‪. 2004‬‬
‫قانون رقم ‪ 06-04‬مؤرخ يف ‪ 27‬مجادى الثانية عام ‪ 1425‬املوافق لـ ‪ 14‬غشت سنة ‪2004‬‬
‫يتضمن إلغاء بعض أحكام املرسوم التشريعي رقم ‪ 07-94‬املؤرخ يف ‪ 07‬ذي احلجة عام ‪1414‬‬

‫‪23‬‬
‫فنينخ نوال‬

‫املوافق لـ ‪ 18‬مايو سنة ‪ 1994‬واملتعلق بشروط اإلنتاج املعماري وممارسة مهنة املهندس املعماري ‪،‬‬
‫ج‪.‬ر العدد رقم ‪ 51‬لسنة ‪. 2004‬‬
‫مرسوم تنفيذي رقم ‪ 176-91‬مؤرخ يف ‪ 28‬ماي ‪ 1991‬احملدد لكيفيات إجراء تسليم شهادة‬
‫التعمري ورخصة التجزئة ‪ ...‬املعدل واملتمم ابملرسوم التنفيذي رقم ‪ 03-06‬املؤرخ يف ‪ 07‬يناير‬
‫‪ ،2006‬ج‪.‬ر رقم ‪ 01‬لسنة ‪. 2006‬‬
‫املرسوم التنفيذي رقم ‪ 59-94‬املؤرخ يف ‪ 07‬مارس ‪ 1994‬املتعلق بتحديد القواعد املتعلقة ابمللكية‬
‫املشرتكة وتسيري العمارات اجلماعية ‪.‬‬

‫‪24‬‬

You might also like