You are on page 1of 4

‫المحور األول‪ :‬منهجية التعليق على النصوص القانونية واألحكام القضائية وتقديم االستشارات القانونية‬

‫يتم التعرض في هذا المحور أوال إلى منهجية تحليل أو التعليق على النصوص القانونية ثم ثانيا إلى‬
‫الطريقة المتبعة للتعليق على األحكام والقرارات القضائية وثالثا على منهجية تقديم االستشارة القانونية‪.‬‬

‫يظهر جليا من خالل توزيع الطرق الثالثة في التدريس على ثالث أجزاء أن هذه األعمال تختلف من حيث‬
‫طرقها وأدواتها‪ .‬غير أنه في حقيقة األمر‪ ،‬إن كان الطرق الثالثة تختلف من حيث طريقة حلها‪ ،‬إال أن‬
‫مضمون الدراسة في البحوث الثالثة ينصب أساسا على دراسة القاعدة القانونية ومجال تطبيقها‪.‬‬

‫فإذا كانت المنهجية األولى تتعلق باإلحاطة بالنص منشئ القاعدة القانونية لمعرفة فحواها وحدودها‬
‫ومجالها والظروف المحيطة بها‪ ،‬فإن العمل المنصب على التعليق على األحكام القضائية وتقديم االستشارة‬
‫القانونية يتعلق أساسا بمجال تطبيق القاعدة القانونية‪ .‬ذلك أن منهجية التعليق على النصوص تساعد الباحث‬
‫على استيعاب القاعدة ا لقانونية وفهمها وتحديد إطارها الخاص‪ ،‬أما العملية الخاصة بالمنهجيتين األخريتين‬
‫تمكنه من التوصل إلى إمكانية استعمال القاعدة القانونية في حل المسائل القانونية ذات العالقة‪ ،‬ذلك أن‬
‫منهجية التعليق على األحكام أو تقديم االستشارة القانونية هي مسألة تكييف الوقائع القانونية واستيعاب‬
‫كيفية تطبيق القواعد القانونية في الواقع العملي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تسعى هذه المنهجية القانونية التطبيقية في هذا‬
‫المحور إلى تمكين رجل القانون أيا كان العبور واالنتقال من الميدان النظري المجرد إلى الميدان العملي‬
‫التطبيقي‪ ،‬أي‪ :‬من االنتقال من القاعدة القانونية العامة المجردة بعد فهمها‪ ،‬إلى ميدان تطبيقها في الحياة‬
‫العملية بصورة سليمة وصحيحة وعادلة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬منهجية التعليق على النصوص القانونية‬

‫‪ -1‬مفهوم التعليق على النص القانوني‪:‬‬

‫التعليق‪ :‬هو عمل مركب ألنه يقوم على التوفيق والجمع بين عملية تحليل أفكار وعبارات النص وتفتيتها‬
‫لتمييزها وإدراك المسائل األساسية والثانوية واألفكار الهامة والفرعية‪ ،‬وبين عملية التركيب التي تعالج‬
‫بناء وتوحيد هذه األجزاء وإقامة الروابط بينها وبين العالقات والقوانين التي تحكمها في سياق المعلومات‬
‫المتحصل عليها حول تلك األجزاء المكونة لموضوع محل التعليق‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى الحصول على‬
‫معرفة جديدة‪.‬‬

‫إن التعليق على النصوص القانونية عبارة عن محاولة لتفسير وتوضيح النص بقدر من الحرية وبأسلوب‬
‫شخصي إلى حد معين‪ ،‬وذلك عن طريق البحث في مكوناته والعناصر التي يتألف منها وصوال إلى إعطاء‬
‫فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع‪.‬‬

‫ومن أجل ذلك تسعى منهجية التعليق على النصوص القانونية إلى تحقيق هدفين هما‪:‬‬

‫‪ -‬يتمثل الهدف األول في تحديد إطار المناقشة‪ ،‬بحيث يتقيد المعلق باألفكار التي جاءت بالنص دون‬
‫غيرها‪ .‬لتفادي الخروج عن الموضوع‪.‬‬

‫‪ -‬أما الهدف الثاني فيتضمن في إمكانية السماح للمعلق بإعطاء رأيه تجاه أفكار النص‪ ،‬سواء بالتأييد أو‬
‫المخالفة‪ ،‬مما يسمح له بإظهار استيعابه الجيد للمعلومات وقدرته على توظيفها وربط العالقات بين مختلف‬
‫القواعد القانونية‪ .‬وهذا ما يحقق نتيجة ايجابية مفادها االستيعاب الجيد لألفكار والمفاهيم القانونية‬
‫وترسيخها في ذهن المعلق واالستعداد لمناقشتها بدال من حفظها‪.‬‬

‫‪ -2‬مراحل التعليق على النص القانوني‪:‬‬

‫تتطلب منهجية التعليق على النصوص القانونية المرور بمرحلتين أساسيتين‪ :‬تعتبر األولى تحضيرية يتم‬
‫فيها تحليل محل التعليق شكال وموضوعا ‪ ،‬أما الثانية فتسمى المرحلة التحريرية ويتم من خاللها مناقشة‬
‫المسألة والعناصر القانونية التي أثارها النص محل التعليق وفق خطة مناسبة‪.‬‬

‫أ‪ -‬المرحلة التحضيرية‪ :‬وسميت هذه األخيرة بالتحضيرية‪ ،‬ألنها تساعد في فهم النص جيدا والتعرف على‬
‫أهم مكوناته وعناصره والظروف المحيطة بوضعه‪ ،‬بهدف تحضير المعلق لمناقشته‪ .‬وتتألف هذه المرحلة‬
‫بدورها إلى شقين‪ :‬التحليل الشكلي ثم التحليل الموضوعي‪.‬‬

‫أ‪ -1-‬التحليل الشكلي‪ :‬يقصد بالتحليل الشكلي‪ :‬دراسة النص من حيث الشكل فقط‪ ،‬أي‪ ،‬التطرق لوصف‬
‫المظاهر الخارجية الظاهرة للنص من حيث طوله وتقسيماته وانتمائه وبنيته اللغوية وأسلوبه‪ .‬وللتركيز‬
‫أكثر‪ ،‬فإن هذه المرحلة ترتكز على نقطتين أساسيتين‪ :‬تتمثل في تبيان هوية النص وبنيته‪.‬‬

‫أ‪ -1-1-‬طبيعة النص‪ :‬يتم في هذا الجزء تحديد مصدر النص محل التعليق‪ ،‬إذا كان نصا قانونيا أو فقهيا‪.‬‬
‫وإذا كان نصا قانونيا يستلزم تبيان الجهة القانونية الصادر منها‪ :‬أي إذا كان نصا تشريعيا أم نصا تنظيميا‪.‬‬
‫ذلك فقد سبق أن تعرض الطالب في السنة األولى‪ ،‬إلى أنواع القواعد القانونية من حيث تدرجها في‬
‫النصوص القانونية المختلفة من حيث قوتها اإللزامية والسلطة المصدرة لها‪ ،‬فإما أن تكون صادرة عن‬
‫المشرع أو من السلطة التنظيمية‪.‬‬

‫كما يتضمن أيضا هذا الجزء تحديد انتماء هذا النص من حيث مضمونه‪ ،‬إذا كان مدنيا أو تجاريا أو جنائيا‪.‬‬
‫وفي هذا الجانب يرى بعض الفقه أن الهدف من تحديد انتمائه يساعد في معرفة فئة الناس التي وجه النص‬
‫إليها‪.‬‬

‫أ‪ -2-1-‬تحديد موقع النص‪( :‬مصدر النص) يمكن أن يتكون هذا الجزء من عنصرين‪ :‬المصدر الشكلي‬
‫والمصدر المادي‪.‬‬

‫‪ -‬ويقصد بالمصدر الشكلي تحديد موقع النص‪ :‬وهنا يقوم المعلق بتحديد موقع النص الزماني والمكاني‪،‬‬
‫أي يقصد بذلك تحديد موقع النص من المرجع الذي أخذ منه‪ .‬فإذا كان نصا قانونيا‪ ،‬يتم ذكر بطريقة مرتبة‬
‫ومنظمة أوال تاريخ صدوره وحتى تعديله‪ .‬فتحديد موقع النص الزماني يعني وضعه في إطاره الزماني‬
‫والمكاني بتحديد تاريخه أو تاريخ المصدر الذي أخذ منه‪ ،‬وذلك بتحديد (رقم القانون الذي أخذ منه‬
‫ومضمونه وتاريخ صدوره)‪ ،‬ثم تحديد موقع النص من المصدر أي تحديد مكان وجوده في القانون‬
‫المأخوذ منه وذلك بتحديد بطريقة منتظمة ومرتبة عنوان الباب والف صل والقسم والفرع الموجود فيه‪.‬‬

‫وتعتبر عموما هذه العملية سهلة نوعا ما على الطالب‪ ،‬ألن المصدر الذي أخذ منه النص محل التعليق‬
‫يكون متوفر بين يديه‪.‬‬

‫ويمكن أن يحدد أيضا في هذا الجزء ظروف صدور النص‪ ،‬أي تحديد الغايات والظروف السياسية أو‬
‫االقتصادية أو االجتماعية التي أملت على السلطة المعنية إصدار النص محل التعليق‪ ،‬ذلك ألن معرفة‬
‫ظروف صدور النص من شأنه المساعدة في فهمه أكثر وتحديد أهميته وغاياته وجدوته‪ ،‬خصوصا فهم‬
‫ومناقشة تلك النصوص القانونية التي تعتبر أكثر من غيرها وليدة الظروف‪.‬‬

‫‪ -‬المصدر المادي‪ :‬ويقصد به ما يقابل النص محل التعليق في نص أجنبي الذي تأثر به المشرع الجزائري‬
‫واستنبط منه نفس القاعدة القانونية‪ .‬ألن أحيانا هذا العنصر يكون مهما وضروريا لفهم النص الوطني‬
‫خاصة وأن كان يشوبه نوعا من الغموض أو النقص أو خطأ في الترجمة‪ ،‬فيمكن الرجوع إلى أصل النص‬
‫األجنبي الذي أخذ منه المشرع الوطني لفهم عناصر ومحتوى القاعدة القانوني وإطارها‪.‬‬

‫مثال ذلك‪ :‬يذكر المعلق أن نص المادة محل التعليق يقابل نص المادة في التقنين المصري أو الفرنسي‪.‬‬

‫أ‪ -3-1-‬البناء المطبعي للنص‪ :‬ويعرف أيضا بالبنية الطبوغرافية للنص‪ ،‬ويقصد بذلك بيان عدد فقرات‬
‫النص محل التعليق‪ .‬وتجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن هذا الجزء من التعليق وإن كانت فقط شكلية وسهلة‪ ،‬إال أنه‬
‫يجب عدم االستهانة بها‪ ،‬ألنها تساعد المعلق كثيرا في تحديد عناصر المرحلة الموالية (أي الموضوعية)‪،‬‬
‫حيث أحيانا يمكن أن تدل كل فقرة من النص على فكرة معينة من أفكار النص األساسية‪ ،‬خاصة إذا كان‬
‫النص يحتوي على عدة فقرات‪.‬‬

‫أ‪ -4-1-‬البناء اللغوي والنحوي للنص‪ :‬تتضمن البنية اللغوية للنص اإلشارة خاصة إلى العبارات‬
‫والمصطلحات التي لها أهمية خاصة لفهم محتوى النص والقيام باستخراجها‪ .‬وأيضا الوقوف على مدى‬
‫مالءمتها لسياق النص وغموضها أو وضوحها وداللتها اللغوية ومعناها‪.‬‬

‫أ‪ -5-1-‬البناء المنطقي للنص‪ :‬منطق النص يعني استخراج األسلوب المستعمل من المشرع‪ ،‬غير أنه‬
‫يجب التأكيد‪ ،‬على أنه في الغالب‪ ،‬ليس من السهل دائما‪ ،‬التعرف بسهولة من المعلق على أسلوب النص‪،‬‬
‫غير أنه يمكن التركيز على بعض التعابير أو العناصر‪ :‬كالقياس واالستفهام والشرط والنفي واالستثناء‪...‬‬
‫ويرى بعض الفقه أنه في هذه المحطة يمكن الوقوف على الخصائص التي تتميز بها القاعدة القانونية‪،‬‬
‫كوصفها بأنها قاعدة آمرة أو مكملة ومن تم يمكن تحديد في المناقشة أنها من النظام العام وأنه ملزمة أو‬
‫العكس يمكن مخالفتها وطرق تعويضها‪.‬‬

‫أ‪ -2-‬التحليل الموضوعي‪:‬‬

‫يقتضي التحليل الم وضوعي دراسة النص من حيث المضمون‪ ،‬أي أنه على القاعدة القانونية التي يبنى‬
‫عليها النص‪ ،‬وال يمكن ذلك إال بقراءة النص عد مرات ودراسة كل كلمة أو مصطلح ورد فيه وتحليل كل‬
‫فقرة من فقراته‪ .‬ويتضمن هذا الجزء أيضا عده عناصر كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -1-2-‬استخراج الفكرة العامة‪ :‬يقصد بالفكرة العامة المعنى اإلجمالي للنص‪ ،‬ويتم استخراجها بدقة بعد‬
‫القراءة المتأنية والدقيقة وتحليل كل المسائل والعناصر القانونية التي يتضمنها النص‪.‬‬

‫أ‪ -2-2-‬استخراج األفكار األساسية‪ :‬يقوم المعلق هنا في هذا العنصر بتقسيم النص إلى فقرات أو أفكار‬
‫تقسيما منطقيا‪ ،‬ويقوم بوضع عنوان لكل فقرة‪ .‬وتسهل هذه العملية فيما بعد على المعلق من وضع خطة‬
‫منطقية وسليمة‪.‬‬

‫أ‪ -3-2-‬طرح اإلشكالية‪ :‬ويتم هنا طرح التساؤل المحوري الذي تثيره كل عناصر النص محل التعليق‪،‬‬
‫ويمكن أن تطرح أيضا أسئلة فرعية تساعد في وضع خطة الدراسة‪ .‬وتجدر المالحظة في هذا الجزء من‬
‫التحليل‪ ،‬أن يمكن أن يستعان بالفكرة العامة الستخراج اإلشكالية أو جمع األفكار األساسية وتشكيل‬
‫اإلشكالية حتى ال تكون هذه األخيرة ناقصة‪.‬‬

‫أ‪ -4-2-‬التصريح بالخطة‪ :‬للمعلق الخيار بين البحث في النص عن مبادئ أو مؤشرات قوية تتكون منها‬
‫عنا صر الخطة‪ ،‬أو االعتماد على األفكار األساسية كعناوين ألجزاء الخطة‪.‬‬

‫ب‪ -‬المرحلة التحريرية‪:‬‬

‫مناقشة الخطة‬

You might also like