You are on page 1of 6

‫المحور الثاني‬

‫منهجية التعليق على‬


‫النصوص القانونية‬
‫يمكن أن يكون النص القانوني على شكل عمل تشريعي وهو النص المكتوب الصادر‬
‫عن سلطة مختصة قصد تنظيم مسألة معينة‪ ،‬فقد يتعلق األمر بالتشريع األساسي‬
‫كالدستور‪ ،‬كما يمكن أن يكون تشريع عضوي كالقانون العضوي‪ ،‬أيضا قد يكون‬
‫تشريع عادي مثل القوانين واألوامر‪ ،‬باإلضافة إلى كونه نص تنظيمي يكون في‬
‫شكل مرسوم رئاسي أو تنفيذي‪ ،‬كما يمكن أن يكون على شكل نص فقهي سواء كان‬
‫نصا تشريعيا أو فقهيا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم التعليق على النص القانوني‬


‫يُعرف النص القانوني على أنه عبارة عن مجموعة من األفكار حول مسألة قانونية‬
‫معينة تعرض على الطالب لمناقشتها واإلجابة عليها بطريقة علمية مبنية على قواعد‬
‫المنهجية من أجل الوصول إلى النتائج الموثوق منها‪.‬‬
‫لذلك تعد منهجية التعليق على النصوص القانونية من العمليات المركبة التي تقوم‬
‫على التوفيق بين عملية التحليل التي تبنى على تحليل وتقييم األفكار وكذا تمييز‬
‫المسائل األساسية عن المسائل الفرعية‪ ،‬وبين عملية التركيب الهادفة إلى توحيد‬
‫األفكار المراد معالجتها باالستناد إلى النصوص القانونية التي تحكمها من أجل‬
‫الوصول إلى النتائج العلمية الصحيحة‪.‬‬
‫إذن يعتبر هذا النوع من التعليقات وسيلة بيداغوجية تكوينية بالدرجة األولى التي‬
‫تسمح لطالب بالتكوين والمهارة في اكتساب المعارف القانونية وطريقة توظيفها‬
‫عمليا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهداف التعليق على النصوص القانونية‬


‫إن معالجة النصوص القانونية تتم وفق منهجية علمية تتميز بقواعد وأسس منظمة‬
‫وموضوعية يجب على الطالب التقيد بها لغرض نجاح عمليتي التعليق والتحليل بكل‬
‫جدارة‪.‬‬
‫لذلك ظهرت أهمية التعليق على النصوص القانونية كأداة لتحقيق عدة أهداف أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬ضبط الطالب نطاق التحليل لألفكار الواردة في النص القانوني محل التعليق‬
‫لغرض تفادي الخروج عن نطاق النص‪.‬‬
‫‪ ‬اكتساب الطالب القدرة على توظيف المعلومات النظرية ذات العالقة بأفكار‬
‫النص التي تؤدي حتما إلى التحليل الصحيح المقيد بقواعد المنهجية‪.‬‬
‫‪ ‬تكوين الطالب على التعليق في النصوص القانونية بأسلوب شخصي إلى حد‬
‫معين من إبداء لرأيه الخاص بالتفسير والشرح والنقد والتقييم سواء كان‬
‫ذلك بالموافقة أو بالمخالفة مع ضرورة تبرير موقفه الشخصي من تلك‬
‫األفكار المغايرة لموقفه‪ ،‬حتى يتسنى له التكييف الصحيح للمسألة القانونية‬
‫التي يثيرها النص محل التعليق‪.‬‬
‫‪ ‬تدريب الطالب على التفكير القانوني بالوصف والتحليل والمقارنة‬
‫واالستنتاج لنجاح التعليق‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مراحل التعليق على النصوص القانونية‬


‫تتطلب منهجية التعليق على النصوص القانونية طريقتين علميتين وجب على‬
‫الطالب التقيد بهما من خالل تنظيم عمله ضمن مرحلتين مهمتين يبدأ بالمرحلة‬
‫األولى المسماة بالمرحلة التحضيرية أو التمهيدية يقوم فيها الطالب بتفكيك النص‬
‫من الناحية الشكلية الستخراج أهم األفكار األساسية وبلورتها لطرح اإلشكالية‬
‫التي أثيرت في النص محل التعليق‪ ،‬ثم تليها المرحلة الموالية ال ُممثلة في المرحلة‬
‫التحريرية لمناقشة تلك األفكار الهامة للوصول إلى النتائج القانونية الصحيحة‪.‬‬

‫‪ /1‬المرحلة التحضيرية‬
‫تعت بر المرحلة التمهيدية لتعليق على النصوص القانونية من أهم المراحل‬
‫باعتبارها تعالج عمليتين‪ ،‬إحداهما تختص بالتحليل الشكلي واألخرى تهتم‬
‫بالتحليل الموضوعي‪.‬‬
‫أ ‪ /‬التحليل الشكلي للنص‪ :‬يستوجب على الطالب في هذه المرحلة من التحليل‬
‫اتباع عناصر المنهجية من حيث‪:‬‬
‫‪ ‬قراءة النص القانوني‪ :‬قبل بداية التحليل البد للطالب قراءة النص القانوني‬
‫لعدة مرات متكررة بطريقة متمعنة ودقيقة لفهم المصطلحات القانونية الصعبة‬
‫والغامضة الواردة في النص لتسهيل مهمة استخراج الفكرة العامة واألفكار‬
‫األساسية التي تطرح فيما بعد على شكل إشكالية‪.‬‬
‫‪ ‬طبيعة النص القانوني‪ :‬يجب على الطالب تبيان طبيعة النص ونوعه من‬
‫خالل توضيح ما إذا كان مادة قانونية من تقنين معين مثل التقنين المدني أو‬
‫ما إذا كان نص فقهي فهو يتضمن مجموعة من الفقرات المقتطفة من مرجع‬
‫فقيه معين‪.‬‬
‫‪ ‬المصدر الشكلي للنص‪ :‬يعني موقع النص التشريعي أو الفقهي من المرجع‬
‫الذي أخذ منه بطريقة علمية ومنظمة‪ ،‬لكنها تختلف باختالف طبيعة النص من‬
‫أجل تسهيل استخراج الفكرة العامة‪.‬‬
‫_ فإذا كان النص محل التعليق لنص تشريعي‪ :‬يتعين على الطالب ذكر موقع‬
‫النص من التقنين الذي أخذ منه ويقوم بترتيب العناوين حسب ما جاء به في النص‬
‫من األسفل إلى األعلى‪ ،‬ومثال على ذلك‪:‬‬
‫تقع المادة ‪ 124‬من القانون المدني الجزائري في القسم األول تحت عنوان"‬
‫المسؤولية عن األعمال الشخصية" من الفصل الثالث "العمل المستحق‬
‫لتعويض"‪ ،‬من الباب األول المعنون "بمصادر االلتزام"‪ ،‬من الكتاب الثاني"‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬من األمر رقم ‪ 58/75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر‪1975‬‬
‫المتعلق بالقانون المدني"‪.‬‬
‫_ فإذا كان النص محل التعليق لنص فقهي‪ :‬فيتعين على الطالب االلتزام بقواعد‬
‫المنهجية ويجب عليه ذكر موقع النص الفقهي من المرجع الذي أخذ منه مع‬
‫ضرورة إسناد كل المعلومات والبيانات الخاصة بهذا المرجع الفقهي إلى النص‬
‫محل التعليق‪ ،‬مثال على ذلك‪:‬‬
‫" علي فياللي‪ ،‬االلتزامات‪ ،‬العمل المستحق للتعويض‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬موفم‬
‫للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪" .20‬‬
‫‪ ‬المصدر المادي للنص‪ :‬ويقصد بهذا النوع من المصدر بما تأثر المشرع‬
‫الجزائري لما وضع هذا النص التشريعي أو الفقهي‪ ،‬مع العلم أن المشرع‬
‫الجزائري يتأثر في أغلب األحيان من المشرع الفرنسي أو االجتهاد الفرنسي‬
‫أيضا بالتشريع المصري‪ ،‬وكذا أحكام الشريعة اإلسالمية إذا تعلق االمر‬
‫باألحوال الشخصية وبالميراث‪ ،‬ففي هذه الحالة يذكر الطالب النص محل‬
‫التعليق والنص المقابل له‪ ،‬مثال على ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬أحكام المادة ‪ 25‬من القانون المدني الجزائري تقابلها نفس أحكام المادة‬
‫‪ 29‬من القانون المدني المصري‪.‬‬
‫‪ ‬أحكام المادة ‪ 124‬من القانون المدني الجزائري تقابلها نفس أحكام المادة‬
‫‪ 1382‬من القانون المدني الفرنسي وأيضا تقابلها نفس أحكام المادة ‪163‬‬
‫من القانون المدني المصري‪.‬‬
‫ب ‪ /‬التحليل الموضوعي للنص القانوني‪ :‬في هذه المرحلة القراءة المتمعنة‬
‫والمعمقة ضرورية ألن بالقراءة والتفكير المنطقي فإنه يولد التمعن في‬
‫المصطلحات القانونية الواردة في النص‪ ،‬والتي يتم شرحها بدقة فتسهل بذلك‬
‫مهمة استخراج األفكار األولية التي يثيرها النص التشريعي أو النص الفقهي من‬
‫مسائل قانونية تحتاج إلى تحليل منهجي بطريقة علمية ومنطقية بالتقيد بالعناصر‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ ‬استخراج األفكار األساسية للنص القانوني‪ :‬في هذه المرحلة الحاسمة يتمعن‬
‫الطالب في مضمون فقرات النص بنوعيه من خالل الفهم المدقق والتفسير‬
‫العميق لغرض استخراج األفكار األساسية المستمدة في األصل من المعنى‬
‫اإلجمالي للنص‪ ،‬وغالبا ما تقسم األفكار إلى فكرتين أساسيتين تكون لها عالقة‬
‫مباشرة مع فقرات النص المختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬طرح اإلشكالية‪ :‬تعد العنصر المهم والصعب في نفس الوقت‪ ،‬فهي من‬
‫عناصر التعليق على النص القانوني‪ ،‬وتعتمد بالدرجة األولى على الصياغة‬
‫القانونية لألسئلة بأسلوب منهجي دقيق وواضح لطرح المسائل القانونية‪.‬‬
‫بالنسبة لطريقة طرح اإلشكالية في النص القانوني فإنها تتماشى على حسب‬
‫األفكار الرئيسة التي ا ستخرجت حتى ال يكون هناك خروج عن الموضوع‪.‬‬

‫‪ /2‬المرحلة التحريرية‬
‫تتميز هذه المرحلة بخطوتين مهمتين والممثلة في البداية بوضع خطة ُمحكمة‬
‫ومناسبة للنص محل التعليق‪ ،‬والخطوة الموالية تبنى على عنصر التحليل‬
‫والمناقشة لألفكار األساسية التي طرحت على شكل أسئلة سميت باإلشكالية‪.‬‬
‫أ‪ /‬تصميم خطة مناسبة‪ :‬فهي تمثل اإلطار العام للبحث العلمي بصفة عامة‬
‫والبحث القانوني بصفة خاصة‪ ،‬بحيث تتحكم في مسألة وضع الخطة مجموعة‬
‫من القيود والقواعد التي يجب على الطالب االلتزام بها والممثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة وضع خطة في إطار اإلشكالية المطروحة وفقا لألفكار األساسية‬
‫الواردة في النص محل التعليق‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون الخطة متوازنة في تقسيماتها حسب قواعد المنهجية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون الخطة ثنائية متكونة من مبحثين‪ ،‬وكل سؤال مطروح في‬
‫اإلشكالية البد أن يوضع في مبحث خاص‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون صياغة الخطة بأسلوب قانوني وواضح‪.‬‬
‫ب ‪ /‬التحليل والمناقشة للنصوص القانونية‬
‫ف ي هذه المرحلة وجب على الطالب إتباع المنهجية العلمية المتبعة في تحليل‬
‫البحوث القانونية التي تتضمن باألساس مقدمة وصلب الموضوع وخاتمة‪.‬‬
‫‪ ‬مقدمة‬
‫يبدأ الطالب بعرض الموضوع محل التعليق بتقديم تمهيد على شكل فقرات‬
‫متتالية ومختصرة ومحكمة تعتمد على سرد كل ما تحتويه المرحلة التحضرية‬
‫والممثلة في التحليل الشكلي والتحليل الموضوعي لكن بدون كتابة العناوين‪.‬‬
‫‪ ‬صلب الموضوع‬
‫يجب مناقشة صلب الموضوع في النص القانوني سواء كان نصا تشريعيا أو‬
‫فقهيا على أن يكون تبعا لتسلسل الخطة بمنهجية دقيقة ومنطق صحيح‪ ،‬فال يكفي‬
‫سرد المعلومات النظرية فقط‪ ،‬بل البد من الشرح والمناقشة والتفسير باالعتماد‬
‫على الحجج والبراهين القانونية من قواعد قانونية وآراء فقهية واجتهادات قضائية‬
‫مع شرط ابراز القدرات الشخصية والعلمية للطالب للوصول الى النتائج‬
‫المرجوة‪.‬‬
‫‪ ‬خاتمة‬
‫تعد بمثابة نهاية البحث لترتيب ما توصل إليه الطالب من نتائج وهذا بفعل التحليل‬
‫والمناقشة لألفكار األساسية محل التعليق تحرر في فقرة موجزة ودقيقة بغرض‬
‫إبداء الطالب رأيه إما بالموافقة أو بالرفض لكن بالتبرير القانوني والنقد البناء‪.‬‬

You might also like