You are on page 1of 40

‫‪176‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫الشكلية لرفض قبول األدلة أمام‬ ‫املررباا‬

‫حمكمة العدل الدولية‬

‫‪The formal justification for the refusal‬‬


‫‪to accept the evidence before the‬‬
‫‪International Court of Justice‬‬

‫م‪.‬د‪ .‬نايف أحمد ضاحي‬

‫مدرس القانون الدولي العام‬

‫كلية القانون‪ -‬جامعة تكريت‬

‫خطة البحث‬

‫المقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬تقديم األدلة خالل مرحلتي االجراءات الكتابية‬


‫والشفوية‬

‫المطلب األول‪ :‬عبء االثبات خالل المرافعات الكتابية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عبء االثبات أثناء المرافعات الشفوية‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪177‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األسباب الشكلية لرفض قبول األدلة‬

‫المطلب األول‪ :‬رفض الطرف اآلخر تقديم األدلة االضافية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬رفض محكمة العدل الدولية تقديم األدلة‬


‫الجديدة‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫‪ -‬االستنتاجات‬
‫‪ -‬التوصيات‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪178‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫المقدمة‬

‫نص ميثاق األمم المتحدة على أن محكمة العدل الدولية هي األداة‬


‫القضائية الرئيسية لألمم المتحدة‪ ،‬وتقوم بعملها وفق نظامها األساسي الملحق‬
‫بهذا الميثاق‪ ،‬وهو جزء ال يتج أز من الميثاق(‪.)1‬‬

‫وقد نص النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية على نوعين من‬


‫فض‬
‫االختصاص لها‪ ،‬النوع األول‪ ،‬هو االختصاص القضائي الخاص ب ّ‬
‫النزاعات القانونية الدولية‪ ،‬والنوع الثاني‪ ،‬هو االختصاص االستشاري المتعلق‬
‫بإعطاء الرأي القانوني‪ .‬وتُمثل موافقة الدولة على القبول باختصاص محكمة‬
‫العدل الدولية في نظر النزاع‪ ،‬من أهم األسباب التي تمنح لهذه المحكمة‬
‫االختصاص في البت في النزاع المعروض عليها‪ ،‬أي ان لجوء الدول لمحكمة‬
‫العدل الدولية يكون بإرادة هذه الدول فقط(‪.)2‬‬

‫‪-1‬‬
‫المادة ‪ 92‬من ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫المادتان ‪ 65 ،34‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫القاضية روزالينهيجنز‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في العالم المعاصر‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬مركز‬
‫اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬أبوظبي‪ ،2009 ،‬ص‪.3‬‬
‫واضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد يكون لمحكمة العدل الدولية اختصاص الزامي وفقاً التفاقيات معينة‪،‬‬
‫كما هو الحال مع اتفاقيات الوصاية على سبيل المثال‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالعزيز سرحان‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات الدولية وارساء‬
‫مبادئ القانون الدولي العام مع التطبيق على مشكلة الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون‬
‫دار نشر‪ ،1986 ،‬ص‪.19‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪179‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫ان القاعدة العامة أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬وأمام القضاء الدولي‬
‫بشكل عام‪ ،‬تسمح ألطراف الدعاوى أمام المحكمة المذكورة‪،‬باستخدام كافة‬
‫أنواع األدلة الممكنة إلثبات ادعاءاتهم امامها‪ ،‬فاألصالن محكمة العدل الدولية‬
‫ال ترفض أي من األدلة المقدمة من قبل أطراف القضايا أمامها‪.‬‬

‫بيد أن الواقع العملي لمحكمة العدل الدولية يبين أن المحكمة المذكورة‬


‫‪-‬وكاستثناء من القاعدة العامة في اعاله – لم تقبل بعض األدلة المعروضة‬
‫أمامها‪،‬استنادا الى بعض المبررات الشكلية‪ ،‬ذلك أن النصوص التي تنظم‬
‫عمل محكمة العدل الدولية تحدد مواعيد ثابتة‪ ،‬وتقرر إجراءات معينة‪ ،‬ينبغي‬
‫االلتزام بها عند تقديم األدلة من قبل األطراف‪ ،‬وبالتالي فأن عدم قبول األدلة‬
‫التي يطرحها األطراف أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬يكون في حال عدم االلتزام‬
‫بهذه المواعيد واالجراءات‪.‬‬

‫بيد أنه أجازت بعض النصوص التي وردت في النظامين األساسي‬


‫والداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬كذلك العرف الدولي‪ ،‬ألحد األطراف أو‬
‫كليهما تقديم أدلة كتابية جديدة بعد انتهاء مرحلة اإلجراءات الكتابية‪ ،‬على أن‬
‫يتم حصول الطرف أو األطراف األخرى على الفرصة المناسبة للتعليق على‬
‫هذه األدلة الجديدة‪ ،‬والسماح لها بتقديم أدلة إضافية مضادة لألدلة الجديدة(‪.)1‬‬

‫أن أهمية هذا البحث‪ ،‬تنبع من أنه يسلط الضوء‪ ،‬من خالل المنهج‬
‫التحليلي‪ ،‬على المبررات الشكلية التي تسمح لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬في حال‬

‫‪-1‬‬
‫أحمد رفعت مهدي خطاب‪ ،‬االثبات في القضاء الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،2009 ،‬ص‪.398‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪180‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫تحقق أحدها‪ ،‬رفض األدلة المطروحة من جانب أحد أو كال الطرفين‬


‫المتنازعين‪ ،‬أمام محكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫وكذلك طرح االشكالية أو االشكاليات في هذا الموضوع‪ ،‬والمتعلقة‬


‫بعدم ذكر النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ونظامها الداخلي مسألة ما‬
‫إذا كانت تلك المبررات الشكلية التي وردت فيهما ُذكرت على سبيل المثال أم‬
‫الحصر‪ ،‬وبالتالي هل يجوز‪ ،‬أم ال يجوز‪ ،‬التوسع في هذه المبررات‪ ،‬باعتبارها‬
‫استثناءات على قاعدة حرية األطراف في استخدام كافة األدلة المتوفرة لديهم‬
‫إلثبات ادعاءاتهم أمام محكمة العدل الدولية‪ .‬وكذلك مدى نطاق السلطة‬
‫التقديرية للمحكمة المذكورة في هذا المجال‪.‬‬

‫وفي هدي ما تقدم‪ ،‬وقبل الدخول في بيان المبررات الشكلية لرفض‬


‫قبول األدلة أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬ال بد أن نمهد لذلك بتوضيح كيفية‬
‫وآلية تقديم األدلة أمام محكمة العدل الدولية خالل مرحلتي اإلجراءات الكتابية‬
‫والشفوية‪ .‬لذلك سنقسم هذا البحث إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تقديم األدلة خالل مرحلتي اإلجراءات الكتابية والشفوية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األسباب الشكلية لرفض قبول األدلة‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪181‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫المبحث األول‬

‫تقديم األدلة خالل مرحلتي االجراءات الكتابية والشفوية‬

‫تنقسم االجراءات أمام محكمة العدل الدولية إلى قسمين‪ ،‬كتابية‬


‫وشفوية‪ ،‬واالجراءات الكتابية تشمل كل ما يقدمه األطراف من المذكرات‬
‫والردود والمذكرات المضادة وكل االوراق والمستندات التي تؤيد ما أورده‬
‫األطراف في مذكراتهم من ادعاءات‪ ،‬في حين أن االجراءات الشفوية تشمل‪،‬‬
‫عادة‪ ،‬استماع محكمة العدل الدولية لشهادة الشهود وما يقدمه وكالء األطراف‬
‫ومستشاريهم ومحاميهم من المرافعات الشفوية(‪.)1‬‬

‫وهذا يعني أن ما يقدمه األطراف أمام محكمة العدل الدولية من أدلة‬


‫تهدف إلى إثبات ادعاءاتهم والتخلص من عبء االثبات الذي يتحمله كل‬
‫منهم‪ ،‬يتم خالل مرحلتي اإلجراءات الكتابية والشفوية‪ .‬لذلك سنقسم هذاالمبحث‬
‫إلى مطلبين‪ ،‬نبين في االول منه‪ ،‬عبء االثبات خالل المرافعات الكتابية‪ ،‬أما‬
‫المطلب الثاني فسيكون لبيان عبء االثبات أثناء المرافعات الشفوية‪.‬‬

‫‪-1‬المادة ‪ 43‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬


‫وللتفصيل في بيان آليات تقديم األدلة أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬يراجع‪:‬‬
‫‪Anna (R) and Brendan (P), Evidence Before the International Court‬‬
‫‪of Justice, British Institute of International and Comparative Law,‬‬
‫‪London, 2009.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪182‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫المطلب األول‬

‫عبء االثبات خالل المرافعات الكتابية‬

‫إن النظام االساسي لمحكمة العدل الدولية ونظامها الداخلي تضمن‬


‫نصوصا تُلزم األطراف بأن تكون مرافعاتهم الكتابية مرفقة فيها جميع‬
‫من‬ ‫المرافعات‬ ‫تلك‬ ‫في‬ ‫ماورد‬ ‫تؤيد‬ ‫التي‬ ‫واألوراق‬ ‫المستندات‬
‫ادعاءات(‪.)1‬وبالتالي فأن األطراف يقدمون األدلة الكتابية المؤيدة الدعاءاتهم‬
‫مرفقة بالمرافعات الكتابية التي سيقدمونها إلى محكمة العدل الدولية(‪.)2‬‬

‫ومما ال ريب فيه‪ ،‬أن نظام تقديم المرافعات الكتابية‪ ،‬أمام محكمة‬
‫العدل الدولية‪ ،‬يختلف فيما اذا كانت الدعوى قد تم تقديمها للمحكمة المذكورة‬
‫بمقتضى طلب من أحد األطراف‪ ،‬أو وفقاً التفاق خاص من األطراف‪ .‬ففي‬
‫الحالة األخيرة‪ ،‬أي تقديم الدعوى بموجب اتفاق خاص‪ ،‬فأن نظام تقديم‬
‫المرافعات الكتابية سيتبع ما اتفق عليه األطراف(‪ ،)3‬وغالباً ما يقوم كل طرف‬

‫‪-1‬‬
‫المادة ‪ 43‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬والمادة ‪ 50‬من النظام الداخلي‬
‫لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫د‪ .‬أحمد رفعت مهدي خطاب‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.192-191‬‬
‫‪-3‬واذا لم يذكر األطراف في هذا االتفاق الخاص نظام تقديم المرافعات الكتابية‪ ،‬فتقوم‬
‫محكمة العدل الدولية بتحديد هذا النظام‪.‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.193‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪183‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫بتقديم مذكرة ومذكرة مضادة والردود‪ ،‬إذا كان ذلك ضرورياً وفقاً لرأي محكمة‬
‫العدل الدولية(‪.)1‬‬

‫أما إذا كانت الدعوى قد تم تقديمها لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬بناء على‬
‫طلب من أحد األطراف‪ ،‬فأن المرافعات الكتابية سوف تتضمن مذكرة يقدمها‬
‫المدعي‪ ،‬ومذكرة يقدمها المدعى عليه‪ ،‬ويمكن للمدعي أن يقدم رداً‪ ،‬ويمكن‬
‫للمدعى عليه أن يقدم رداً مضاداً‪ ،‬إذا تم االتفاق على ذلك بين األطراف‪ ،‬أو‬
‫إذا قررت ذلك محكمة العدل الدولية من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد‬
‫األطراف(‪.)2‬‬

‫‪-1‬‬
‫تنص المادة ‪ 46‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬بشأن نظام تقديم المرافعات‬
‫الكتابية في حال رفع الدعوى لمحكمة العدل الدولية بموجب اتفاق خاص‪ ،‬على ما يأتي‪:‬‬
‫"‪ -1‬في الدعاوى المرفوعة بطريق اإلخطار باتفاق خاص‪ ،‬يتحدد عدد وثائق المرافعة‬
‫وترتيب تقديمها على النحو المنصوص عليه في أحكام االتفاق ذاته‪ ،‬إال إذا قررت المحكمة‬
‫إذا لم يتضمن االتفاق الخاص‬ ‫خالف ذلك بعد التحقق من وجهات نظر األطراف‪-2 .‬‬
‫أي نص من هذا القبيل‪ ،‬واذا لم تتفق األطراف بعد ذلك على عدد وثائق المرافعة وترتيب‬
‫تقديمها‪ ،‬يودع كل طرف مذكرة ومذكرة مضادة في غضون األجل نفسه‪ .‬وال تأذن المحكمة‬
‫بتقديم مذكرات جوابية إال إذا ارتأت ضرورتها"‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫تنص المادة ‪ 45‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬بخصوص نظام تقديم‬
‫المرافعات الكتابية في حالة تقديم الدعوى إلى محكمة العدل الدولية بناء على طلب أحد‬
‫األطراف‪ ،‬على ما يأتي‪-1" :‬في الدعاوى المرفوعة بعريضة‪ ،‬تتألف المرافعة من مذكرة من‬
‫المدعي تليها مذكرة مضادة من المدعى عليه‪-2 .‬للمحكمة أن تأذن أو تقضي بتقديم مذكرة‬
‫جوابية من المدعي‪ ،‬ومذكرة تعقيبية من المدعى عليه‪ ،‬إذا اتفقت األطراف على ذلك أو إذا‬
‫قررت المحكمة‪ ،‬من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد األطراف‪ ،‬أن ثمة ضرورة لهاتين‬
‫المذكرتين"‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪184‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫وفي كل حالة يقوم فيها األطراف بتقديم مذكرات كتابية‪ ،‬ينبغي عليهم‬
‫تقديم المستندات التي تؤيد ما جاء في مذكراتهم من ادعاءات(‪.)1‬‬

‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬إذا بدأت اإلجراءات بناء على اتفاق خاص بين‬
‫األطراف‪ ،‬فسوف يكون هناك‪ ،‬عادة‪ ،‬ثالث دورات لتقديم المرافعات الكتابية‬
‫واألدلة الكتابية المؤيدة لها‪ ،‬أما إذا بدأت اإلجراءات بناء على طلب قدمه أحد‬
‫األطراف إلى محكمة العدل الدولية‪ ،‬فسوف تكون هناك فقط دورتان لتقديم‬
‫المرافعات الكتابية واألدلة الكتابية المؤيدة لها(‪.)2‬‬

‫وقد يحدث احياناً أن يجد أحد األطراف نفسه مضط اًر لتقديم مستندات‬
‫جديدة في الدعوى بعد انتهاء المواعيد المحددة لتقديم المرافعات الكتابية‪ ،‬فهل‬
‫يجوز له ذلك؟‬

‫جرى العرف السائد أمام القضاء الدولي في مثل هذه االحوال‪ ،‬على‬
‫السماح لألطراف بتقديم أدلة كتابية جديدة بعد انقضاء مرحلة اإلجراءات‬
‫(المرافعات) الكتابية(‪ .)3‬بيد أن هذا األمر يخضع لشرطين‪ ،‬األول‪ :‬هو أن‬
‫يكون تقديم األدلة الجديدة يجب أن يكون في وقت ليس من شأنه حرمان‬

‫‪-1‬‬
‫د‪ .‬أحمد رفعت مهدي خطاب‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪Rosenne (S),The Law and Practice of International Court, 1920--2‬‬
‫‪1996, Third Edition, Vol.4, MartinusNijhoff Publishers, The Hague,‬‬
‫‪The‬‬ ‫‪Netherlands,‬‬ ‫‪1997,‬‬ ‫‪P.1291.‬‬

‫‪-3‬‬
‫‪Sandifer (D.V), Evidence Before International Tribunals, Revised‬‬
‫‪Edition, University Press of Virginia, Charlottes Ville, New York,‬‬
‫‪1975, P.54.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪185‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫الطرف اآلخر من امكانية التعليق على هذه األدلة أو تقديم أدلته المضادة‪،‬‬
‫والثاني‪ :‬هو حق الطرف اآلخر في تقديم أدلة جديدة مضادة(‪.)1‬‬

‫وقد تم تأكيد ذلك في بعض النصوص التي تضمنها النظام األساسي‬


‫لمحكمة العدل الدولية ونظامها الداخلي‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬نص النظام‬
‫األساس لمحكمة العدل الدولية على ما يأتي"للمحكمة‪ ،‬بعد تلقي األسانيد‬
‫واألدلة في المواعيد التي حددتها لهذا الغرض‪ ،‬أال تقبل من أحد من أطراف‬
‫الدعوى تقديم ما قد يريد تقديمه من أدلة جديدة كتابية أو شفوية إال إذا قبل‬
‫ذلك األطراف اآلخرون"(‪.)2‬‬

‫وقد عالج النظام الداخلي‪ ،‬على نحو مفصل‪ ،‬المسألة المتعلقة بالتقديم‬
‫المتأخر لألدلة الكتابية‪ ،‬حيث بين هذا النظام أنه بعد انتهاء اإلجراءات‬
‫الكتابية‪ ،‬ال يسمح ألي من األطراف تقديم أية مستندات إضافية لمحكمة العدل‬
‫الدولية إال برضاء الطرف اآلخر‪ ،‬ويلزم الطرف الذي يرغب في تقديم مستند‬
‫جديد أن يقدم إلى قلم محكمة العدل الدولية أصل هذا المستند أو نسخة منه‬
‫مصدقاً عليها طبق األصل‪ ،‬يضاف إليها عدد من النسخ التي قد يطلبها قلم‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬وسيقوم مسجل المحكمة المذكورة بإبالغ الطرف اآلخر‬
‫بالمستند الجديد‪،‬‬

‫‪Ibid.,P.55.-1‬‬
‫‪-2‬المادة ‪ 52‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪186‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫وسيعتبر هذا الطرف موافقاً على تقديم هذا المستند الجديد إذا لم‬
‫ُ‬
‫يعترض على تقديمه(‪ .)1‬أما إذا لم يوافق الطرف اآلخر على تقديم المستند‬
‫الجديد‪ ،‬فان محكمة العدل الدولية‪ ،‬بعد قيامها باالستماع إلى وجهات نظر‬
‫األطراف المختلفة‪ ،‬قد تسمح بتقديم المستند‪ ،‬إذا وجدته ضرورياً في القضية‬
‫محل النظر أمامها(‪.)2‬‬

‫وفي كل األحوال التي تتم بها الموافقة على تقديم المستند الجديد‪ ،‬فأنه‬
‫سيعطى للطرف اآلخر فرصة للتعليق على المستند الجديد وتقديم ما يؤيد هذه‬
‫ُ‬
‫التعليقات من المستندات(‪.)3‬‬

‫وقد ّبين النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬أنه ال يجوز اثناء‬
‫اإلجراءات الشفوية اإلشارة إلى مضامين أي مستند لم يتم تقديمه وفقاً لألحوال‬
‫التي رسمها النظام األساسي لمحكمة العدل الدولي ونظامها الداخلي‪ ،‬والمذكورة‬

‫‪-1‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ما‬
‫يأتي‪ " :‬ال يجوز‪ ،‬بعد قفل باب المرافعة الخطية‪ ،‬أن يقدم أي طرف أي مستندات جديدة‬
‫للمحكمة إال بموافقة الطرف الخصم أو على النحو المنصوص عليه في الفقرة ‪ 2‬من هذه‬
‫المادة‪ .‬وعلى الطرف الذي يرغب في تقديم المستند الجديد أن يودع نسخته األصلية‬
‫أو نسخة منه مصدقة طبق األصل مع عدد النسخ الذي يطلبه قلم المحكمة الذي يتعين‬
‫عليه أن يكفل إبالغه إلى الطرف الخصم واخطار المحكمة بذلك‪ .‬وتعتبر موافقة الطرف‬
‫الخصم حاصلة إذا لم يعترض على تقديم المستند"‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ما‬
‫يأتي‪ " :‬في حالة عدم الموافقة‪ ،‬يجوز للمحكمة‪ ،‬بعد استماعها لألطراف‪ ،‬أن تأذن بتقديم‬
‫المستند إذا رأت أنه ضروري"‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ما‬
‫يأتي‪" :‬في حالة تقديم مستند جديد‪ ،‬وفقا للفقرة ‪ 1‬أو للفقرة ‪ 2‬من هذه المادة‪ ،‬تُتاح للطرف‬
‫الخصم فرصة التعليق عليه وتقديم مستندات مؤيدة لتعليقاته"‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪187‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫آنفاً‪ ،‬ما لم يكن المستند الجديد جزءاً من مادة منشورة ومتاحة على نحو‬
‫يسير(‪.)1‬وقد أكد النظام الداخلي المذكور على‪ ،‬أنه في كل األحوال التي يسمح‬
‫فيها بتقديم أدلة كتابية جديدة بعد انتهاء مرحلة اإلجراءات الكتابية‪ ،‬والمذكورة‬
‫آنفاً‪ ،‬فأنه يجب أن ال يشكل ذلك التقديم للمستند أو الدليل الجديد أساساً لتأخير‬
‫بدء أو سير اإلجراءات الشفوية(‪.)2‬‬

‫ولم تحدد المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية وقتاً‬
‫محدداً ينبغي خالله أن يتم تقديم االعتراض على طرح المستند الجديد أمام‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬ولذلك فأن هذه المسألة تخضع للسلطة التقديرية‬
‫لمحكمة العدل الدولية(‪.)3‬‬

‫وفي هدي ما تقدم‪ ،‬يتضح من مضمون المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي‬


‫لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬أن قبول األخيرة للمستندات الجديدة التي يمكن طرحها‬
‫من أحد األطراف بعد انتهاء مرحلة اإلجراءات الكتابية‪ ،‬يؤسس إما على موافقة‬
‫الطرف اآلخر‪ ،‬واما على موافقة محكمة العدل الدولية على تقديم هذه‬
‫المستندات إذا وجدت أنها ضرورية‪ ،‬على أن ُيعطى الطرف اآلخر الفرصة‬

‫‪-1‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬التي تنص على‬
‫ما يأتي‪" :‬ال تجوز اإلشارة‪ ،‬خالل المرافعات الشفوية‪ ،‬إلى مضمون مستند لم ُيقدم وفقا‬
‫للمادة ‪ 43‬من النظام األساسي أو وفقا لهذه المادة إال إذا كان هذا المستند جزءا من مطبوع‬
‫يمكن الحصول عليه بيسر"‪.‬‬
‫‪-2‬الفقرة الخامسة من المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬التي تنص‬
‫على ما يأتي‪" :‬ال يشكل تطبيق أحكام هذه المادة‪ ،‬في حد ذاته‪ ،‬سببا لتأجيل فتح باب‬
‫المرافعة الشفوية أو مواصلتها"‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫‪Rosenne (S), OP.Cit., P.1305.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪188‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫الكاملة للتعليق عليها وتقديم ما يؤيد هذه التعليقات من المستندات‪ ،‬وكل ذلك‬
‫مشفوعا بأن ال يؤدي تقديم المستندات الجديدة إلى تأخير البدء أو السير في‬
‫اإلجراءات أو المرافعات الشفوية‪.‬‬

‫وحري بالذكر أنه يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تقرر تمديد المواعيد‬
‫المحددة لتقديم المرافعات الكتابية‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬في القضية المتعلقة‬
‫بموظفي الواليات المتحدة االمريكية الدبلوماسيين والقنصليين في طهران بين‬
‫(الواليات المتحدة االمريكية وايران) (تدابير مؤقتة) عام ‪ ،1979‬فقد كان‬
‫واضحاً أن الطرف المدعى عليه (ايران) لن تشارك في اإلجراءات أو‬
‫المرافعات‪ ،‬ولوجود عنصر استعجال في هذه الدعوى‪ ،‬فقد حددت محكمة‬
‫العدل الدولية ثالثة أشهر كميعاد لتقديم المذكرة‪ ،‬ثم حددت بعد ذلك شه اًر‬
‫واحداً كميعاد لتقديم المذكرة المضادة‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك أكدت محكمة‬
‫العدل الدولية‪ ،‬في هذه القضية‪ ،‬أن الطرف المدعى عليه (ايران) يمكنه ان‬
‫يطلب إعادة النظر في المواعيد المقررة إذا قرر الظهور أمام محكمة العدل‬
‫الدولية(‪.)1‬‬

‫ويحق ألي من األطراف المطالبة بتمديد مواعيد تقديم المرافعات‪ ،‬وفي‬


‫هذه الحالة ستطلب محكمة العدل الدولية من الطرف اآلخر أن يبدي‬
‫مالحظاته بشأن هذا الطلب‪ ،‬فأن وافق فأن محكمة العدل الدولية ستقرر تمديد‬
‫كل مواعيد المرافعات الالحقة وفقاً للميعاد الجديد‪ .‬واذا لم يقم الطرف اآلخر‬

‫‪I.C.J. Reports, 1979, P.23.-1‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪189‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫بالرد وابداء أية مالحظات‪ ،‬فإنه يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تتصرف بناء‬
‫على الطلب الذي طُرح أو قُدم اليها(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫عبء االثبات أثناء المرافعات الشفوية‬

‫يحتوي النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ونظامها الداخلي على‬


‫نصوص تلزم األطراف‪ ،‬قبل وقت كاف من بدء اإلجراءات الشفوية‪ ،‬بإبالغ‬
‫محكمة العدل الدولية بالبيانات الخاصة بأي أدلة ينوون مطالبة محكمة العدل‬
‫الدولية بالحصول عليها أو ينوون تقديمها خالل مرحلة المرافعات الشفوية‪،‬‬
‫على أن تحتوي هذه البيانات كل ما يتعلق بالشهود الذين ينوي كل طرف‬
‫استدعاءهم‪ ،‬مع االشارة إلى المواضيع التي سيتم توجيه األدلة باتجاهها(‪.)2‬‬

‫‪-1‬‬
‫تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 44‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ما‬
‫يأتي‪ " :‬للمحكمة أن تقرر‪ ،‬بناء على طلب الطرف المعني‪ ،‬تمديد أي أجل أو اعتبار أي‬
‫إجراء يتخذ بعد انتهاء األجل المحدد له إجراء صحيحا إذا اقتنعت بأن الطلب مدعم‬
‫بمبررات كافية‪ .‬وتتاح للطرف الخصم في كلتا الحالتين فرصة إلبداء وجهات نظره"‪.‬‬
‫‪-2‬تنص المادة ‪ 57‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ما يأتي‪ " :‬ينبغي لكل‬
‫طرف‪ ،‬دون اإلخالل بأحكام النظام المتعلق بتقديم المستندات‪ ،‬أن يبلغ رئيس القلم‪ ،‬قبل بدء‬
‫المرافعة الشفوية بوقت كاف‪ ،‬بالمعلومات المتعلقة باألدلة التي ينوي أن يقدمها أو أن يطلب‬
‫من المحكمة الحصول عليها‪ ،‬على أن يتضمن هذا البالغ قائمة تبين األسماء الكاملة‬
‫للشهود والخبراء الذين يرغب هذا الطرف في استدعائهم‪ ،‬وتوضح جنسياتهم وأوصافهم‬
‫سيطلب منهم إدالء‬
‫وأماكن إقامتهم‪ ،‬مع اإلشارة بصورة إجمالية إلى النقطة أو النقاط التي ُ‬
‫الشهادة فيها‪ ،‬ويجب أيضا تقديم نسخة من هذا البالغ إلحالتها إلى الطرف الخصم"‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪190‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫وعلى الرغم من أن األدلة الكتابية يتم تقديمها مرفقة بالمرافعات‬


‫الكتابية‪ ،‬بيد أن الواقع العلمي يشير إلى أن األطراف قد يضطرون‪ ،‬أمام‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬إلى تقديم أدلة كتابية خالل مرحلة المرافعات الشفوية‪،‬‬
‫ففي هذه المسألة تطبق محكمة العدل الدولية إجراءات شبيهةباإلجراءات التي‬
‫يتم اتباعها في حالة تقديم أدلة كتابية جديدة بعد انتهاء مرحلة اإلجراءات‬
‫(المرافعات) الكتابية وقبل بدء المرافعات الشفوية‪ ،‬والتي سبق بيانها(‪ .)1‬فمن‬
‫الممكن قبول األدلة الكتابية من جانب محكمة العدل الدولية التي يقدمها أحد‬
‫األطراف خالل سير المرافعات الشفوية إذا وافق الطرف اآلخر على تقديمها‬
‫في هذه المرحلة‪ ،‬وهذه الموافقة تحصل بمجرد عدم اعتراضه عليها‪ ،‬أما إذا‬
‫رفض الطرف اآلخر هذا التقديم‪ ،‬فإن لمحكمة العدل الدولية سلطة تقديرية في‬
‫قبول أو رفض األدلة الكتابية الجديدة(‪.)2‬‬

‫واذا رغب أحد األطراف استدعاء شاهد لم تُبلغ محكمة العدل الدولية‪،‬‬
‫مسبقاً‪ ،‬بالمعلومات المتعلقة به‪ ،‬فيجوز لمحكمة العدل الدولية أن تستمع لهذا‬
‫الشاهد إذا لم يعترض الطرف اآلخر على ذلك‪ ،‬أو إذا وجدت محكمة العدل‬
‫الدولية أن ما سيقدمه هذا الشاهد من األدلة ستكون متعلقة بالموضوع‬

‫‪-1‬‬
‫المادة ‪ 52‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬والمادة ‪ 56‬من نظامها الداخلي‪.‬‬
‫‪-2‬المادة ‪ 52‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪191‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫على األرجح(‪.)1‬‬

‫ويتضح من الممارسة العملية لمحكمة العدل الدولية بشأن سماع‬


‫الشهود‪ ،‬أن محكمة العدل الدولية كانت تتفق مع األطراف‪ ،‬غالباً‪ ،‬على أن‬
‫يدلي الشهود بأقوالهم بين الدورتين األولى والثانية من المرافعات الشفوية‪،‬‬
‫بشرط أن ُيدلي أوالً بشهاداتهم الشهود الذين تم استدعاؤهم من قبل المدعي(‪.)2‬‬

‫ويشير النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية إلى حق وكالء األطراف‬


‫ومستشاريهم ومحاميهم في استجواب الشهود‪ ،‬وكذلك حق رئيس محكمة العدل‬
‫الدولية‪ ،‬وقضاتها‪ ،‬في طرح األسئلة على هؤالء الشهود(‪.)3‬‬

‫ويمكن لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬وفقاً لسلطتها التقديرية‪ ،‬أن تقرر‪ ،‬في‬
‫أي وقت‪ ،‬مطالبة األطراف بتقديم أية أدلة إضافية قد تعتبرها ضرورية‪،‬‬
‫فمحكمة العدل الدولية تتمتع بسلطات واسعة في مطالبة األطراف‪ ،‬في أي‬
‫نزاع مطروح امامها‪ ،‬بتقديم أدلة اضافية‪ ،‬إذا كانت األدلة التي قدمها األطراف‬

‫‪-1‬‬
‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 63‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ما‬
‫يأتي‪" :‬لألطراف الحق في طلب استدعاء جميع الشهود والخبراء المدرجة أسماؤهم في‬
‫القائمة المرسلة للمحكمة وفقا للمادة ‪ 57‬من هذا النظام‪ .‬واذا رغب أحد األطراف‪ ،‬في أي‬
‫مرحلة من مراحل المرافعة الشفوية‪ ،‬في استدعاء شاهد أو خبير لم ُيدرج اسمه في هذه‬
‫القائمة‪ ،‬يتعين عليه أن يخطر المحكمة والطرف الخصم بذلك مع تقديم المعلومات المطلوبة‬
‫في المادة ‪ .57‬ويتم االستماع إلى الشاهد أو الخبير إذا لم يعترض الطرف الخصم على‬
‫ذلك‪ ،‬أو إذا رأت المحكمة أن من المرجح أن تكون لشهادته صلة في القضية"‪.‬‬
‫‪Rosenne (S), OP.Cit., P.1343.-2‬‬
‫‪-3‬المادة ‪ 65‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪192‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫غير كافية(‪ ،)1‬أو إذا أشار أحد األطراف في مرافعاته إلى مستند ما ولم يقم‬
‫بتقديم هذا المستند(‪.)2‬‬

‫وقد أكد النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية على سلطة األخيرة في‬
‫مطالبة األطراف بتقديم أدلة إضافية(‪.)3‬‬

‫كذلك اجاز النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬لألخيرة أن تشير‪،‬‬


‫في أي وقت قبل أو اثناء الجلسات الشفوية‪ ،‬إلى أي موضوعات أو نقاط قد‬
‫ترغب في توجيه األطراف إليها‪ ،‬وأن تقوم هذه المحكمة‪ ،‬اثناء الجلسات‬
‫الشفوية‪ ،‬بتوجيه اسئلة إلى وكالء األطراف أو محاميهم أو مستشاريهم‪ ،‬وأن‬
‫تطلب منهم تقديم التفسيرات‪ ،‬إما بشكل مباشر أو في الميعاد الذي يحدده‬
‫رئيس محكمة العدل الدولية(‪.)4‬‬

‫‪Sandifer (D.V), OP.Cit., P.156.-1‬‬


‫‪-2‬‬
‫‪kazazi (M), Burden of Proof and Related Issues-A study on Evidence‬‬
‫‪Before International Tribunals, Kluwer Law International, The Hague, The‬‬
‫‪Netherlands, 1996, P.168.‬‬
‫‪-3‬المادة ‪ 49‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬التي تنص على ما يأتي‪ " :‬يجوز للمحكمة‪ ،‬ولو‬
‫من قبل بدء المرافعة‪ ،‬أن تطلب من الوكالء تقديم أي مستند أو بيان‪ ،‬وما يقع من االمتناع عن إجابة‬
‫طلبها تثبته رسمياً"‪.‬‬
‫‪-4‬‬
‫في‬ ‫للمحكمة‪،‬‬ ‫المادة ‪ 61‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية التي تنص على ما يأتي‪-1" :‬‬
‫أي وقت‪ ،‬قبل عقد الجلسات أو أثنائها أن تبين أي نقاط أو مسائل تود أن يوجه إليها األطراف اهتماما‬
‫خاصا‪ ،‬أو ترى أنها قد عولجت بما فيه الكفاية‪ -2 .‬للمحكمة أن توجه‪ ،‬خالل الجلسات‪ ،‬أسئلة للوكالء‬
‫والمستشارين والمحامين وأنتطلب منهم إيضاحات‪-3 .‬لكل قاض حق مماثل في توجيه األسئلة‪ ،‬ولكن عليه‬
‫قبل ممارسة هذا الحق أن ي فصح عن نيته في ذلك للرئيس الذي هو‪ ،‬بحكم المادة ‪ 45‬من النظام‬
‫األساسي‪ ،‬المسؤول عن إدارة الجلسات‪.‬‬
‫‪ -4‬يجوز للوكالء والمستشارين والمحامين اإلجابة إما فو ار أو في غضون أجل يحدده الرئيس"‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪193‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫ويتضح مما تقدم‪ ،‬أن سلطة محكمة العدل الدولية في مطالبة‬


‫األطراف بتقديم مستندات ومعلومات إضافية لتوضيح المسائل محل النزاع‪،‬‬
‫تُعد من األمور المؤكدة التي ال جدال أو شك فيها‪.‬‬

‫وطبقاً للنظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬يمكن لألخيرة‪ ،‬في أي‬
‫وقت‪ ،‬مطالبة األطراف بتقديم أدلة أو تفسيرات قد تعتبرها محكمة العدل الدولية‬
‫ضرورية لتوضيح أي من المواضيع محل النزاع‪ ،‬أو ان تطلب معلومات أخرى‬
‫بهذا الشأن‪ ،‬أو أن ترتب‪ ،‬إذا وجدت ضرورة لذلك‪ ،‬لحضور الشهود لتقديم أدلة‬
‫خالل اإلجراءات أو المرافعات أمامها(‪.)1‬‬

‫واجازت المادة ‪ 72‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬إعادة‬


‫فتح اإلجراءات الشفوية‪ ،‬بعد غلقها‪ ،‬وذلك إذا قدم أحد األطراف رده الكتابي‬
‫على سؤال وجهته إليه محكمة العدل الدولية بموجب المادة ‪ 61‬من نظامها‬

‫الداخلي‪ ،‬أو إذا قدم أحد األطراف أي دليل أو تفسير أو اوراق جديدة طبقاً‬
‫للمادة ‪ 62‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬وقد تلقتها األخيرة بعد‬
‫غلق اإلجراءات الشفوية‪ ،‬حيث سيتم إبالغ الطرف اآلخر بالمستندات الجديدة‬

‫‪-1‬المادة ‪ 62‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬التي تنص على ما يأتي‪-1" :‬‬
‫للمحكمة أن تدعو األطراف‪ ،‬في أي وقت‪ ،‬إلى تقديم األدلة أو التفسيرات التي تراها‬
‫ضرورية لتوضيح أي جانب من جوانب المسائل المطروحة‪ ،‬أو أن تسعى هي نفسها‬
‫للحصول على معلومات أخرى لهذا الغرض‪-2 .‬للمحكمة‪،‬عند االقتضاء‪ ،‬أن ترتب أمر‬
‫حضور شاهد‪ ،‬أو خبير‪ ،‬لإلدالء بإفادة أثناء النظر في الدعوى"‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪194‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫مع منحه فرصة للتعليق عليها‪ ،‬وسيكون من حق محكمة العدل الدولية‪ ،‬عند‬
‫الضرورة‪ ،‬إعادة فتح اإلجراءات الشفوية لهذا الغرض(‪.)1‬‬

‫وفي هدي ما تقدم‪ ،‬يتبين‪ ،‬أنه يمكن لألطراف‪ ،‬أمام محكمة العدل‬
‫الدولية‪ ،‬أن يقوموا بطرح األدلة خالل مرحلتي اإلجراءات الكتابية والشفوية‪،‬‬
‫حيث يتم تقديم األدلة الكتابية مرفقة بالمرافعات الكتابية لتأييد االدعاءات التي‬
‫وردت بها‪ ،‬كذلك يمكن لألطراف تقديم أدلة كتابية جديدة بعد انتهاء مرحلة‬
‫اإلجراءات (المرافعات) الكتابية‪ ،‬بغض النظر عن فترة تقديم هذه األدلة‬
‫الجديدة‪ ،‬سواء كان قبل بدء اإلجراءات الشفوية أو خالل سيرها أو بعد‬
‫انتهائها‪ ،‬بشرط موافقة الطرف اآلخر على ذلك أو الحصول على اذن من‬
‫محكمة العدل الدولية للقيام بذلك‪ .‬كذلك يمكن تقديم األدلة الشفوية خالل‬
‫مرحلة اإلجراءات (المرافعات) الشفوية بشرط إبالغ محكمة العدل الدولية بها‬
‫قبل بدء اإلجراءات الشفوية‪ ،‬ويجوز تقديمها‪،‬دون إبالغ محكمة العدل الدولية‬
‫بها من قبل‪ ،‬بشرط عدم اعتراض الطرف اآلخر على ذلك‪ ،‬أو سماح محكمة‬
‫العدل الدولية بتقديمها رغم اعتراض الطرف اآلخر على تقديمها‪ .‬إضافة إلى‬
‫ذلك يمكن تقديم أدلة شفوية جديدة بعد غلق المرافعات الشفوية‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫اتفاق األطراف على إعادة فتح المرافعات الشفوية أو إذا سمحت محكمة العدل‬

‫‪-1‬تنص المادة ‪ 72‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ما يأتي‪ " :‬ينبغي إبالغ‬
‫الطرف الخصم أي رد خطي مقدم من أحد األطراف على سؤال وجه إليه وفقا للمادة ‪61‬‬
‫من هذا النظام‪ ،‬أو أي دليل أو تفسير مقدم من أحد األطراف وفقا للمادة ‪ ،62‬تتسلمه‬
‫المحكمة بعد إقفال باب المرافعة الشفوية‪ .‬كما ينبغي أن تُتاح له فرصة التعليق عليه‪.‬‬
‫ويجوز‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬إعادة فتح باب المرافعة الشفوية لهذا الغرض"‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪195‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫الدولية بذلك‪ ،‬فاألمر يخضع التفاق األطراف‪ ،‬من جهة‪ ،‬وللسلطة التقديرية‬
‫لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬من جهة أخرى(‪.)1‬‬

‫‪-1‬المواد (‪ 43‬و ‪ 49‬و ‪ )52‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬والمواد (‪46-44‬‬
‫و ‪ 57-56‬و ‪ 63-61‬و ‪ )72‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫وللتفصيل في بيان االجراءات التي تتم أمام محكمة العدل الدولية وآلية عمل هذه المحكمة‪،‬‬
‫يراجع‪:‬‬
‫‪Robert (K), The International Court of Justice, B.Y.B.I.L., Volume‬‬
‫‪84, Oxford University Press, 2014.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪196‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫المبحث الثاني‬

‫األسباب الشكلية لرفض قبول األدلة‬

‫أن مسألة قبول األدلة المقدمة من األطراف‪ ،‬والتي لم يتم بشأنها‬


‫االلتزام بالمواعيد واإلجراءات المحددة في النظامين األساسي والداخلي لمحكمة‬
‫العدل الدولية‪ ،‬تكون خاضعة لعدم اعتراض الطرف اآلخر على تقديمها‪ ،‬أو‬
‫موافقة محكمة العدل الدولية على تقديمها‪ .‬لذلك قد تقضي محكمة العدل‬
‫الدولية بعدم قبول األدلة الجديدة‪ ،‬استناداً إلى سببين شكليين‪ ،‬األول‪ ،‬هو أن‬
‫يرفض الطرف اآلخر تقديم األدلة االضافية‪ ،‬والثاني‪ ،‬أن تقضي محكمة العدل‬
‫الدولية بعدم قبول األدلة الجديدة‪.‬‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪:‬لبيان هذين السببين‪،‬‬
‫وعلى النحو اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‬

‫رفض الطرف اآلخر تقديم األدلة االضافية‬

‫يجوز لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬أن تقضي برفضها قبول تقديم أدلة‬
‫جديدة من جانب أحد األطراف وذلك لعدم قبول الطرف اآلخر بتقديمها‪ ،‬وعند‬
‫ذلك تصدر محكمة العدل الدولية قرارها بعدم قبول هذه األدلة‪ ،‬بناء على‬
‫رفض الخصم لتقديمها واقتناع محكمة العدل الدولية بالمبررات التي ساقها‬
‫الطرف اآلخر (الخصم) لرفض هذه األدلة‪ .‬وهذا ما أكده ‪ -‬كما سبق الذكر‪-‬‬
‫النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬بقوله‪" :‬للمحكمة‪ ،‬بعد تلقي االسانيد‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪197‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫واألدلة في المواعيد التي حددتها لهذا الغرض‪ ،‬أال تقبل من أحد اطراف‬
‫الدعوى تقديم ما قد يريد تقديمه من أدلة جديدة كتابية أو شفوية إال إذا قبل‬
‫ذلك األطراف اآلخرون"(‪.)1‬‬

‫كذلك نص النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على هذه القاعدة‪،‬‬


‫حيث بين‪ ،‬وكما ذكرنا سابقاً‪ ،‬انه لن يكون لدى أي من األطراف امكانية تقديم‬
‫مستندات اضافية لمحكمة العدل الدولية دون رضاء الطرف اآلخر‪ ،‬وفي حالة‬
‫قيام أحد األطراف بطرح مستند جديد سيقوم قلم محكمة العدل الدولية بإبالغ‬
‫الطرف اآلخر بهذا المستند‪ ،‬واذا لم يعترض هذا الطرف على تقديم المستند‬
‫فأنه يعتبر أنه قد قبل بتقديم هذا المستند(‪.)2‬‬

‫وبشأن األدلة الشفوية‪ ،‬ذكر النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬أنه‬
‫إذا رغب أحد األطراف في استدعاء شاهد أو خبير لم يرد أسمه في القائمة‬
‫المبلغة لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬فأنه يمكن االستماع لهذا الشاهد أو الخبير‪ ،‬إذا‬
‫لم يعترض الطرف اآلخر على ذلك(‪.)3‬‬

‫وتُظهر الممارسة العملية لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬أن األخيرة‪ ،‬على‬


‫الرغم من تمتعها بالسلطة التقديرية الكاملة‪ ،‬كانت تقضي‪ ،‬في اغلب االحيان‪،‬‬
‫بعدم قبول األدلة الجديدة المقدمة من جانب أحد األطراف في حالة رفض‬

‫‪-1‬المادة ‪ 52‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬


‫‪-2‬الفقرة األولى من المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪-3‬الفقرة األولى من المادة ‪ 63‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪198‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫الخصم (الطرف اآلخر) لتقديمها(‪ .)1‬ففي جوهر قضية نزاع الحدود البرية‬
‫والجزرية والبحرية بين (السلفادور وهندوراس‪ :‬مع تدخل نيكاراغوا) عام‬
‫‪ ،1992‬قدمت "السلفادور" مستندات جديدة خالل المرافعات الشفوية‪ ،‬فقرر‬
‫رئيس غرفة محكمة العدل الدولية‪ ،‬التي نظرت هذه القضية‪ ،‬تطبيق المادة ‪56‬‬
‫من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬وتم إبالغ "هندوراس" بنسخة من‬
‫تلك المستندات‪ ،‬وقد رفضت "هندوراس" قبول المستندات الجديدة‪ ،‬لذلك قررت‬
‫غرفة محكمة العدل الدولية عدم قبول هذه المستندات(‪.)2‬‬

‫‪-1‬الجدير بالذكر أن المحكمة الدائمة للعدل الدولي‪ ،‬التي سبقت المحكمة الحالية (محكمة العدل‬
‫الدولية)‪ ،‬سارت بهذا االتجاه في القضايا التي نظرتها في عهد عصبة األمم‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬في‬
‫قضية المناطق الحرة بين (سويس ار وفرنسا)‪ ،‬عام ‪ ،1929‬قام ممثل الحكومة السويسرية أثناء‬
‫الجلسات الشفوية بقراءة بعض العبارات من احد الكتب‪ ،‬فأعترض ممثل الحكومة الفرنسية على ذلك‬
‫وطالب المحكمة الدائمة للعدل الدولي برفض قبول هذه األدلة الجديدة‪ ،‬استنادا الى المادة ‪ 52‬من‬
‫النظام األساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي‪ .‬لذلك قررت األخيرة عدم قبول األدلة الجديدة‪.‬‬
‫‪P.C.I.J., Series A, No.22, 1929, PP.5, 14, 21.‬‬
‫‪I.C.J. Reports, 1992, P.360.-2‬‬
‫ولبيان حيثيات وتفاصيل هذه القضية‪ ،‬يراجع‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد ابو الوفا‪ ،‬التعليق على قضاء محكمة العدل الدولية‪ :‬قضية نزاع الحدود البرية والجزرية‬
‫والبحرية (السلفادور ضد هندوراس‪ ،‬مع تدخل نيكاراغوا)‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬المجلد‬
‫‪.1993 ،49‬‬
‫ووفقاً للنظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬يجوز لألخيرة تشكيل غرفاً (دوائر) تتكون من انماط‬
‫متنوعة حسب تحديد نظامها‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 29‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‬
‫على تشكيل غرفة من= =خمسة قضاة معروفة بإجراءاتها المختصرة‪ ،‬كذلك يجوز تشكيل غرف‬
‫خاصة تتكون من ثالثة قضاة على األقل للنظر في أنواع خاصة من القضايا‪ ،‬كقضايا العمل‬
‫والمواصالت‪.‬‬
‫للتفصيل في بيان ماهية غرف محكمة العدل الدولية يراجع‪:‬‬
‫د‪ .‬الخير قشي‪ ،‬غرف محكمة العدل الدولية ومدى مالءمتها كبديل مؤقت لمحكمة العدل العربية‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪199‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫وفي القضية المتعلقة بتيمور الشرقية بين (البرتغال واستراليا)‪،‬قدمت‬


‫استراليا مستندا اضافيا أثناء الجلسات الشفوية‪ ،‬فرفضت البرتغال قبول هذا‬
‫المستند‪ ،‬مستندة في ذلك إلى الفقرة األولى من المادة ‪ 56‬من النظام الداخلي‬
‫لمحكمة العدل الدولية التي تضمنت عدم جواز اإلشارة أثناء المرافعات الشفوية‬
‫إلى مضامين أي مستند لم يتم تقديمه طبقاً للمادة ‪ 43‬من النظام األساسي‬
‫لمحكمة العدل الدولية– أي مرفقاً بالمرافعات الشفوية‪ ،-‬أو وفقاً لهذه المادة‬
‫بناء على عدم اعتراض الطرف اآلخر أو‬
‫(‪ 56‬من النظام الداخلي) – أي ً‬
‫بموافقة محكمة العدل الدولية‪ -‬ما لم يكن هذا المستند جزءاً من مادة منشورة‬
‫متاحة على نحو يسير‪ .‬واستنادا لذلك قضت محكمة العدل الدولية‪ ،‬التي‬
‫اصدرت حكمها في هذه القضية عام ‪ ،1995‬بعدم قبول المستند الجديد الذي‬
‫قدمته استراليا خالل المرافعات الشفوية(‪.)1‬‬

‫ويالحظ أن اعتراض أحد األطراف على األدلة الجديدة التي يقدمها‬


‫الطرف اآلخر لن يقود‪ ،‬في كل األحوال‪ ،‬إلى أن تقضي محكمة العدل الدولية‬
‫بعدم قبول هذه األدلة‪ ،‬فبموجب سلطتها التقديرية يمكن لمحكمة العدل الدولية‬
‫أن تقرر قبول األدلة الجديدة بالرغم من عدم موافقة الطرف اآلخر على‬
‫تقديمها‪ ،‬وفي حال وجدت محكمة العدل الدولية‪ ،‬أن تلك األدلة ضرورية‬
‫لكشف الحقيقة بخصوص المواضيع محل النزاع‪ ،‬بيد أنهفي هذه الحالة يجب‬
‫على محكمة العدل الدولية‪ ،‬بالمقابل‪ ،‬أن تسمح للطرف اآلخر بتقديم‬

‫‪I.C.J. Reports, 1995, P.93.-1‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪200‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫مالحظاته بشأن األدلة الجديدة‪ ،‬إضافة للسماح له بتقديم األدلة المضادة في‬
‫حال رغب في ذلك(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫رفض محكمة العدل الدولية تقديم األدلة الجديدة‬

‫في حال لم يتم مراعاة القواعد المتعلقة بالمواعيد واإلجراءات الخاصة‬


‫بتقديم األدلة الجديدة أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬يمكن لألخيرة أن ترفض قبول‬
‫هذه األدلة‪ .‬وسلطة محكمة العدل الدولية‪ ،‬في هذا الشأن‪ ،‬غير مقيدة بموقف‬
‫الطرف اآلخر الرافض أو القابل لتقديم األدلة الجديدة‪ ،‬بل لمحكمة العدل‬
‫الدولية كامل السلطة التقديرية في هذا الجانب‪ ،‬فلها أن تقرر عدم قبول األدلة‬
‫الجديدة بالرغم من عدم اعتراض الطرف اآلخر على تقديمها‪ ،‬ولها أن تقرر‬
‫عدم قبول األدلة الجديدة بناء على توافر اسباب غير تلك التي قدمها الطرف‬
‫اآلخر المعترض على تقديمها‪ .‬كذلك يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تقرر‬
‫عدم قبول األدلة الجديدة بناء على اعتراض الخصم (الطرف اآلخر) على‬
‫تقديمها(‪.)2‬‬

‫وقد أكد النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية على ذلك‪ ،‬كما سبق‬
‫البيان‪ ،‬إذ تضمن النص اآلتي‪" :‬للمحكمة‪ ،‬بعد تلقي األسانيد واألدلة في‬
‫المواعيد التي حددتها لهذا الغرض‪ ،‬أال تقبل من أحد من أطراف الدعوى تقديم‬

‫‪-1‬‬
‫د‪ .‬أحمد رفعت مهدي خطاب‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.402-401‬‬
‫‪-2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.402‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪201‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫ما قد يريد تقديمه من أدلة جديدة كتابية أو شفوية إال إذا قبل ذلك األطراف‬
‫اآلخرون"(‪.)1‬‬

‫كذلك أكد النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية على ذات المعني‪،‬‬
‫حيث ورد فيه النص اآلتي‪" :‬لألطراف الحق في طلب استدعاء جميع الشهود‬
‫والخبراء المدرجة أسماؤهم في القائمة المرسلة للمحكمة وفقا للمادة ‪ 57‬من‬
‫هذاالنظام‪ .‬واذا رغب أحد األطراف‪ ،‬في أي مرحلة من مراحل المرافعة‬
‫الشفوية‪ ،‬في استدعاء شاهد أو خبير لم ُيدرج اسمه في هذه القائمة‪ ،‬يتعين‬
‫عليه أن يخطر المحكمة والطرف الخصم بذلك مع تقديم المعلومات المطلوبة‬
‫في المادة ‪ .57‬ويتم االستماع إلى الشاهد أو الخبير إذا لم يعترض الطرف‬
‫الخصم على ذلك‪ ،‬أو إذا رأت المحكمة أن من المرجح أن تكون لشهادته صلة‬
‫في القضية"(‪.)2‬‬

‫وهناك عدد من القضايا رفضت فيه محكمة العدل الدولية قبول األدلة‬
‫الجديدة المقدمة من األطراف‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬في قضية اللجوء بين‬
‫(كولومبيا وبوليفيا) اشار أحد األطراف‪ ،‬أثناء اإلجراءات الشفوية‪ ،‬إلى بعض‬
‫المستندات التي لم يتم تقديمها أثناء اإلجراءات الكتابية(‪ ،)3‬مؤكداً أنه لم يقدم‬
‫هذه المستندات على أنها أدلة على الوقائع محل الدعوى بل باعتبارها مجرد‬
‫معلومات‪ ،‬بيد أن محكمة العدل الدولية لم توافق على هذه التفرقة‪ ،‬إذ أكد‬

‫‪-1‬‬
‫المادة ‪ 52‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 63‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫وهذه المستندات‪ ،‬المشار إليها في هذه القضية‪ ،‬هي عبارة عن اقتباسات من تقارير‬
‫صحفية متعلقة بوقائع هذه القضية أو الدعوى‪.‬‬
‫‪I.C.J. Reports, 1950, P.10.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪202‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫رئيس محكمة العدل الدولية‪ ،‬أنه طبقاً للمادة ‪ 48‬من النظام الداخلي لمحكمة‬
‫العدل الدولية(‪ ،)1‬لكي يكون ممكناً اإلشارة إلى مستندات خالل المرافعات‬
‫الشفوية‪ ،‬فأنه يجب أن تكون تلك المستندات قد تم تقديمها خالل المرافعات‬
‫الكتابية‪ ،‬لذلك قررت محكمة العدل الدولية‪ ،‬التي اصدرت حكمها في جوهر‬
‫هذه القضية عام ‪ ،1950‬رفض قبول المستندات أو األدلة الجديدة(‪.)2‬‬

‫وسلطة محكمة العدل الدولية التقديرية في قبول األدلة الجديدة تتسع‪،‬‬


‫إضافة لحقها في قبول األدلة التي يتم تقديمها بعد انقضاء المواعيد المقررة‪،‬‬
‫لتشمل الحق بقبول المستندات واألدلة الجديدة التي ال ُيراعى في تقديمها‬
‫القواعد اإلجرائية المتبعة أمامها‪ ،‬فبالرغم من أن النظام األساسي لمحكمة‬

‫‪-1‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن رقم هذه المادة قد تغير‪ ،‬بعد التعديالت التي جرت على هذا النظام‬
‫الداخلي بعد هذه القضية المشار اليها‪ ،‬حيث أصبحت هذه المادة برقم ‪ 52‬من النظام‬
‫الداخلي لمحكمة العدل الدولية لعام ‪ ،1972‬وبرقم ‪ 56‬من النظام الداخلي لمحكمة العدل‬
‫الدولية الصادر عام ‪ 1978‬النافذ حاليا‪.‬ولبيان الحاجة الى تعديل االجراءات أمام محكمة‬
‫العدل الدولية بما يضمن تسهيل وصول هذه المحكمة للحقيقية‪ ،‬يراجع‪:‬‬
‫‪Peat (D), The Use of Court-Appointed Experts by the International‬‬
‫‪Court of justice, B.Y.B.I.L.,Volume 84, Oxford University Press,‬‬
‫‪2014.‬‬
‫‪I.C.J. Reports, 1950, PP.10, 43.-2‬‬
‫والجدير بالذكر أن محكمة العدل الدولية قد أعلنت‪ ،‬عام ‪ ،1953‬عن توجيهات عامة‪،‬‬
‫كرت فيها األطراف ووكالئهم‪ ،‬أن اإلجراءات أمام محكمة العدل الدولية تتكون من‬ ‫ذ ّ‬
‫مرحلتين‪ ،‬كتابية وشفوية‪ ،‬وال يسمح بتقديم المستندات الجديدة بعد انتهاء مرحلة اإلجراءات‬
‫الكتابية إال في الظروف االستثنائية‪ ،‬وطبقاً للشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 48‬من‬
‫النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪International Court of Justice Yearbook 1953-1954, P.114.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪203‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫العدل الدولية ونظامها الداخلي قد نظما طريقة تقديم األدلة والمستندات‪ ،‬فأنه‬
‫ومن أجل الحصول على ما من شأنه إيضاح الوقائع محل الدعوى‪ ،‬فأن‬
‫محكمة العدل الدولية قبلت األدلة التي تم تقديمها بالمخالفة للقواعد اإلجرائية‬
‫السائدة أمامها بهذا الشأن(‪ .)1‬ففي جوهر قضية األنشطة العسكرية وشبه‬
‫العسكرية في نيكاراغوا وضدها بين (نيكاراغوا والواليات المتحدة االمريكية)‬
‫عام ‪ ،1986‬على سبيل المثال‪ ،‬قدمت الواليات المتحدة االمريكية‪ ،‬التي قررت‬
‫عدم الظهور أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬بعض المستندات والخطابات التي لم‬
‫يتم تقديمها على وفق القواعد اإلجرائية المتبعة أمام محكمة العدل الدولية‪،‬‬
‫حيث أن تقديمها حصل عن طريق البريد‪ ،‬ومع ذلك أخذت محكمة العدل‬
‫الدولية بنظر االعتبار هذه المستندات‪ ،‬وأخذت بالمعلومات التي تضمنتها(‪.)2‬‬

‫وبمتابعة القضايا التي نظرتها محكمة العدل الدولية‪ ،‬نجد أن األخيرة‬


‫لم تستخدم سلطتها برفض قبول األدلة الجديدة إال في حاالت نادرة(‪ ،)3‬ألن‬

‫‪-1‬حري بالذكر أن الممارسة العملية لمحكمة العدل الدولية تشير إلى أن األخيرة كانت تقرر‪ ،‬في‬
‫بعض األحيان‪ ،‬قبول األدلة الجديدة بالرغم من رفض الطرف اآلخر تقديمها‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫في قضية نوتيبوم (‪ )Nottebohm‬بين (إمارة لختنشتاين وجمهورية غواتيماال) عام ‪ ،1955‬فقد‬
‫أبدت غواتيماال رغبتها بتقديم عدد من المستندات الجديدة‪ ،‬وقد وافق ممثل لختنشتاين على تقديم‬
‫البعض منها ورفض البعض اآلخر‪ ،‬بيد أن= =محكمة العدل الدولية قررت قبول كل المستندات‬
‫الجديدة‪ ،‬واعطت إلمارة لختنشتاين الفرصة إلبداء المالحظات على تلك المستندات وتقديم‬
‫المستندات االضافية للرد عليها‪.‬‬
‫‪I.C.J. Reports, 1955, P.6.‬‬
‫‪I.C.J. Reports, 1986, PP.25-26.-2‬‬
‫‪-3‬لالطالع على تفاصيل القضايا التي نظرتها محكمة العدل الدولية يراجع‪:‬‬
‫موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (‪-1992 ،1991-1948‬‬
‫‪ ،)2002-1997 ،1998‬منشورات األمم المتحدة‪ ،‬نيويورك‪ ،‬سنوات الطباعة (‪،1998 ،1993‬‬
‫‪.)2005‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪204‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة األمم المتحدة‪،‬‬


‫بموجب المادة ‪ 92‬من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬وبالتالي فالمحكمة المذكورة تسعى‬
‫دائماً للوصول إلى الحقيقة واصدار أحكامها القضائية النهائية في فض‬
‫المنازعات الدولية والمساهمة الفاعلة في تحقيق وظيفة منظمة األمم المتحدة‬
‫األساسية في المحافظة على السلم واألمن الدوليين‪ ،‬طبقاً لميثاق منظمة األمم‬
‫المتحدة(‪.)1‬‬

‫‪-1‬الفقرة األولى من المادة األولى من ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬


‫ويجب التأكيد على أن سلطة محكمة العدل الدولية‪،‬المتعلقةبعدم قبول األدلة الجديدة‪ ،‬تكون‬
‫ذات فائدة بشأن سوء النية لدى أحد األطراف الذي يمتنع عن تقديم األدلة في مرحلة مبكرة‬
‫من اإلجراءات‪ ،‬ثم يقوم بتقديمها في مرحلة الحقة‪ ،‬بهدف تفويت الفرصة على خصمه في‬
‫أن يكون لديه الوقت الكافي لدراستها والرد عليها‪.‬‬
‫‪Sandifer (D.V), OP.Cit., P.86.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪205‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫الخاتمة‬

‫من مجمل بحثنا في الموضوع المتعلق بالمبررات الشكليةلرفض قبول‬


‫األدلة أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬توصلنا إلى مجموعة من االستنتاجات‬
‫والتوصيات في هذا الشأن‪ ،‬وعلى النحو اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االستنتاجات‬

‫‪ -1‬ان محكمة العدل الدولية‪ ،‬فيما يتعلق بقبول األدلة أمامها‪ ،‬قد تبنت قواعد‬
‫مرنة وطبقتها بشكل أكثر مرونة في حاالت رفض قبول األدلة ألسباب‬
‫شكلية‪.‬‬
‫‪ -2‬ان المبررات الشكلية لرفض قبول األدلة أمام محكمة العدل الدولية‬
‫تتمثل‪ :‬برفض قبول األدلة التي يتم تقديمها بعد انقضاء المواعيد المقررة‪،‬‬
‫أو يتم تقديمها على نحو مخالف لإلجراءات المتبعة في هذا الشأن‪ ،‬والتي‬
‫نص عليها النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ونظامها الداخلي‪.‬‬
‫‪ -3‬ان محكمة العدل الدولية قد اظهرت مرونة كبيرة فيما يتعلق بالمبررات‬
‫الشكلية لرفض قبول األدلة أمامها‪ ،‬حيث أن محكمة العدل الدولية كانت‬
‫تقبل تلك األدلة دون تردد‪ ،‬وبغض النظر عن تحقق المبررات الشكلية‬
‫لرفض قبولها‪ ،‬طالما وجدت أن تلك األدلة تساعد على إلقاء المزيد من‬
‫االيضاح على المسائل محل النزاع‪.‬‬
‫‪ -4‬ان محكمة العدل الدولية لم ترفض قبول دليل معين قُدم من جانب‬
‫األطراف أمامها ما لم يكن هذا الدليل قد تم تقديمه من أحد األطراف‪،‬‬
‫بسوء نية‪ ،‬بعد انقضاء المواعيد المقررة‪ ،‬أو تم التقديم دون االلتزام‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪206‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫باإلجراءات السائدة أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬وذلك بهدف تفويت‬


‫الفرصة على الطرف اآلخر في االطالع على هذا الدليل والرد عليه‬

‫بشكل كاف‪ ،‬أو رأت محكمة العدل الدولية أن هذا الدليل لن يكون مفيداً‬
‫في بيان الحقيقة فيما يتعلق بالمسائل محل النزاع‪ .‬أما في غير هذه‬
‫ويترك تقدير‬
‫األحوال‪ ،‬فستكون جميع األدلة مقبولة‪ ،‬من الناحية الشكلية‪ُ ،‬‬
‫قيمتها ومدى االستناد عليها‪ ،‬في إصدار الحكم النهائي في النزاع‪ ،‬إلى‬
‫السلطة التقديرية الواسعة لمحكمة العدل الدولية في إطار مراعاتها‬
‫للوظيفة األساسية لمنظمة األمم المتحدة في المحافظة على السلم واألمن‬
‫الدوليين‪ ،‬باعتبار أن محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي‬
‫لألمم المتحدة‪ ،‬وفقاً لميثاق األخيرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التوصيات‬

‫‪ -1‬تحديد المبررات الشكلية في النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪،‬‬


‫على سبيل الحصر‪ ،‬ألن هذه المبررات تمثل استثناءات على االصل‬
‫أو القاعدة العامة السائدة أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬والقضاء الدولي‬
‫بشكل عام‪ ،‬والتي تقضي بحرية األطراف في االستعانة بكل انواع‬
‫األدلة الممكنة إلثبات ادعاءاتهم‪.‬‬
‫‪ -2‬توسع محكمة العدل الدولية في استخدام سلطتها التقديرية في عدم‬
‫رفض قبول األدلة أمامها‪ ،‬بغض النظر عن تحقق المبررات‬
‫الشكليةلرفض القبول‪ ،‬السيما في الحاالت التي تكون فيها هذه األدلة‬
‫عامالً مساعداً في إيضاح الوقائع والوصول إلى الحقيقية‪ ،‬وبالتالي‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪207‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫تتمكن محكمة العدل الدولية من إصدار حكمها النهائي العادل الذي‬


‫يحسم النزاع الدولي المعروض أمامها‪.‬‬
‫‪ -3‬حصر قبول محكمة العدل الدولية للرفض الذي يبديه أحد األطراف‬
‫تجاه األدلة المقدمة من جانب الطرف اآلخر‪ ،‬عند تحقق المبررات‬
‫الشكلية للرفض المذكورة في هذا البحث‪ ،‬في حالة تيقن محكمة العدل‬
‫الدولية أن رفض هذا الطرف لتقديم األدلة له ما يسوغه‪ ،‬والمتمثل‬
‫فيالضرر الواضح على حقوقه ومصالحه في القضية محل النظر من‬
‫جانب محكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪208‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫قائمة المصادر‬
‫أوالً‪ :‬باللغة العربية‬
‫أ ـ الكتب‪:‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬أحمد رفعت مهدي خطاب‪ ،‬االثبات في القضاء الدولي‪ ،‬الطبعة‬


‫األولى‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪.2009 ،‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬الخير قشي‪ ،‬غرف محكمة العدل الدولية ومدى مالءمتها كبديل‬
‫مؤقت لمحكمة العدل العربية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬
‫‪ -3‬القاضية روزالينهيجنز‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في العالم المعاصر‪،‬‬
‫الطبعة ‪ ،1‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬أبوظبي‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬عبدالعزيز سرحان‪ ،‬دور محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات‬
‫الدولية وارساء مبادئ القانون الدولي العام مع التطبيق على مشكلة‬
‫الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون دار نشر‪.1986 ،‬‬

‫ب ـ الدوريات والرسائل‪:‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬أحمد ابو الوفا‪ ،‬التعليق على قضاء محكمة العدل الدولية‪ :‬قضية‬
‫نزاع الحدود البرية والجزرية والبحرية (السلفادور ضد هندوراس‪ ،‬مع‬
‫تدخل نيكاراغوا)‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬المجلد ‪،49‬‬
‫‪.1993‬‬
‫‪-2‬‬
‫ج ـ الوثائق والتقارير‪:‬‬
‫‪ -1‬ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪209‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫‪ -2‬النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬


‫‪ -3‬النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪ -4‬موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية‬
‫(‪ ،)1991-1948‬منشورات األمم المتحدة‪ ،‬نيويورك‪.1993 ،‬‬
‫‪ -5‬موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية‬
‫(‪ ،)1996-1992‬منشورات األمم المتحدة‪ ،‬نيويورك‪.1998 ،‬‬
‫‪ -6‬موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية‬
‫(‪ ،)2002-1997‬منشورات األمم المتحدة‪ ،‬نيويورك‪.2005 ،‬‬
‫‪ -7‬األمم المتحدة‪ ،‬تقرير محكمة العدل الدولية ‪ 1‬آب‪ /‬أغسطس ‪-2006‬‬
‫‪ 31‬تموز‪ /‬يوليو ‪ ،2007‬الجمعية العامة‪ ،‬الوثائق الرسمية‪ ،‬الدورة‬
‫‪ ،62‬الملحق رقم ‪ ،(A/62/4( 4‬نيويورك‪.2007 ،‬‬

‫ثانياً‪ :‬باللغة اإلنكليزية‬


‫أ ـ الكتب‪:‬‬
‫‪1- kazazi (M), Burden of Proof and Related Issues-A‬‬
‫‪study on Evidence Before International Tribunals,‬‬
‫‪Kluwer Law International, The Hague, The‬‬
‫‪Netherlands, 1996.‬‬
‫‪2- Rosenne (S),The Law and Practice of International‬‬
‫‪Court, 1920-1996, Third Edition, Vol.4,‬‬
‫‪MartinusNijhoff Publishers, The Hague, The‬‬
‫‪Netherlands, 1997.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


210 ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

3- Sandifer (D.V), Evidence Before International


Tribunals, Revised Edition, University Press of
Virginia, Charlottes Ville, New York, 1975.
:‫ب ـ الوثائق والتقارير‬
1- P.C.I.J., Series A, No.22, 1929, Case of The Free
Zones, Judgment of 1929.
2- I.C.J. Reports, Asylum Case (Colombia/ Peru),
Judgment of 20 November 1950.
3- International Court of Justice Yearbook 1953-1954.
4- I.C.J. Reports, Nottebohm Case, Second Phase,
Judgment of 6 April 1955.
5- I.C.J. Reports, Case Concerning United States
Diplomatic and Consular Staff in Tehran, Request
for the Indication of Provisional Measures, Order of
15 December 1979.
6- I.C.J. Reports, Case Concerning the Frontier
Dispute, (Burkina Faso/ Mali), Request for the
Indication of Provisional Measures, Order of 10
January 1986.
7- I.C.J. Reports, Case Concerning Land, Island and
Maritime Frontier Dispute (El Salvador/Honduras:
Nicaragua intervening), Judgment of 11 September
1992.
8- I.C.J. Reports, East Timor (Portugal v. Australia),
Judgment of 30 June 1995.

Journal of college of Law for Legal and Political Sciences


211 ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫ج ـ مصادر المكتبة‬
:‫االفتراضية‬
1- Anna (R) And Brendan (P), Evidence Before the
International Court of Justice, British Institute of
International and Comparative Law, London, 2009.
2- Peat (D), The Use of Court-Appointed Experts by
the
International Court of justice, B.Y.B.I.L., Volume 84,
Oxford University Press, 2014.
3- Robert (K), The International Court of Justice,
B.Y.B.I.L., Volume 84, Oxford University Press,
2014.
:‫د ـ موقع محكمةالعدل الدولية على االنترنت‬
1- www.Ici-Cij.org. Judgment of 5 December 2011-
Application of the Interim Accord of 13 September
1995 (The Former Yugoslav Republic of Macedonia
V. Greece).

Journal of college of Law for Legal and Political Sciences


212 ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫دليل المختصرات باللغة االنكليزية‬

B.Y.B.I.L. :British Yearbook of


International Law.

I.C.J. Reports : International Court of


Justice Reports of
Judgments, Advisory Opinions
and Orders.

P.C.I.J. : Permanent Court of


International Justice.

Journal of college of Law for Legal and Political Sciences


‫‪213‬‬ ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

‫الملخص‬

‫تناولنا‪ ،‬في هذا البحث‪ ،‬المبررات الشكلية لرفض قبول األدلة أمام‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬حيث قسمناه إلى مبحثين‪:‬األول أحتوى على بيان كيفية‬
‫أو آليةتقديم األدلة خالل مرحلتي االجراءات الكتابية والشفوية‪ ،‬أما المبحث‬
‫الثاني‪ ،‬فتناول األسباب الشكلية لرفض قبول األدلة‪ ،‬والمتمثلة‪ :‬برفض قبول‬
‫األدلة التي يتم تقديمها بعد انقضاء المواعيد المقررة‪ ،‬أو يتم تقديمها على نحو‬
‫مخالف لإلجراءات المتبعة في هذا الشأن‪.‬‬

‫وفي الخاتمة بينا أهم االستنتاجات التي توصنا إليها في موضوع‬


‫البحث‪ ،‬وابرزها‪ :‬ان محكمة العدل الدولية لم ترفض قبول دليل معين قُدم من‬
‫جانب األطراف أمامها ما لم يكن هذا الدليل قد تم تقديمه‪ ،‬من أحد األطراف‪،‬‬
‫بسوء نية‪ ،‬وذلك بهدف تفويت الفرصة على الطرف اآلخر في االطالع على‬
‫هذا الدليل والرد عليه بشكل كاف‪ ،‬أو رأت هذه المحكمة‪ ،‬أن هذا الدليل لن‬
‫يكون مفيداً في بيان الحقيقة‪ ،‬فيما يتعلق بالمسائل محل النزاع‪ .‬أما في غير‬
‫ويترك تقدير‬
‫هذه األحوال فستكون جميع األدلة مقبولة من الناحية الشكلية‪ُ ،‬‬
‫قيمتها‪ ،‬ومدى االستناد عليها في إصدار الحكم النهائي في النزاع‪ ،‬إلى السلطة‬
‫التقديرية الواسعة لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬في إطار مراعاتها للوظيفة األساسية‬
‫لمنظمة األمم المتحدة في المحافظة على السلم واألمن الدوليين‪ ،‬باعتبار أن‬
‫محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي لألمم المتحدة‪ ،‬وفقاً لميثاق‬
‫األخيرة‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


‫‪214‬‬ ‫مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‬

‫وأهم التوصيات التي ذكرناها في الخاتمة‪ ،‬تتمثل بتحديد المبررات‬


‫الشكلية في النظام الداخلي لمحكمة العدل الدولية‪ ،‬على سبيل الحصر‪ ،‬ألن‬
‫هذه المبررات تمثل استثناءات على القاعدة العامة السائدة أمام محكمة العدل‬
‫الدولية‪ ،‬والقضاء الدولي بشكل عام‪ ،‬والتي تقضي بحرية األطراف في‬
‫االستعانة بكل أنواع األدلة الممكنة إلثبات ادعاءاتهم‪.‬‬

‫‪Journal of college of Law for Legal and Political Sciences‬‬


215 ‫المبررات الشكلية لرفض قبول االدلة امام محكمة العدل الدولية‬

Abstract

The Formal Justification for The Refusal to Accept The


Evidence Before The International Court of Justice
We had, in this research, the justifications formalism for
the refusal to accept the evidence before the International
Court of Justice, where divided by the two sections: the
first consisted to explain how or mechanism to present
evidence during the two phases of the written and oral
proceedings, while the second section, handled the formal
reasons for the refusal to accept the evidence, and of: reject
admission of evidence to be submitted after the expiration
of deadlines, or are presented in a manner contrary to the
procedures in this regard.
In Conclusion Mentioned results in our findings in this
research, mostnotably, the International Court of Justice did
not refuse to accept certain evidencepresented by the
parties befo resuch evidence had not been presented from
one of the parties, in badfaith, in order to miss an
opportunity to the other party to have access to this
directory and respond to it adequately, or this Court held
that this guide will beuseful in establishing the truthwith
respect to the matters in dispute.
The most important recommendations that we have
mentioned in the conclusion, is to define the justifications
formalism and objectivity in the Rules of Procedure of the
International Court of Justice, for a few, because these
justifications represent exceptions to the general rule
prevailing before the International Court of Justice, and the
international judiciary in general, and which requires the
parties' freedom in the use of all types of possible evidence
to prove their claims.

Journal of college of Law for Legal and Political Sciences

You might also like