You are on page 1of 94

‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫مجموعة قصص قصيرة من ‪ 100‬قصة مختارة‪ ،‬بقلم‪:‬‬


‫أو هنري‬
‫‪ ‬هبة المجوس‬
‫‪ ‬عالمي في مقهى‬
‫‪ ‬ما بين الجوالت‬
‫‪ ‬غرفة المنور‬
‫‪ ‬خدمة المحبة‬
‫‪ ‬خروج ماجي‬
‫‪ ‬الشرطي والنشيد‬
‫‪ ‬مذكرات كلب أصفر‬
‫‪ ‬شاعر الحب إليكي شونشتاين‬
‫‪ ‬الغرفة المفروشة‬
‫‪ ‬الورقة األخيرة‬
‫‪ ‬الشاعر والفالح‬
‫‪ ‬نزهة في الحبسة‬
‫‪ ‬تقرير البلدية‬
‫‪ ‬إثبات البودنج‬

‫‪1‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫القصة األولى ‪ :‬هبة المجوس‬

‫أحصت ديال نقودها ثالث مرات بيأس وفي حيرة من أمره‪::‬ا‪ ،‬إذ أن م‪::‬ا تملك‪::‬ه ه‪::‬و‪،‬‬
‫دوالرًا واحدًا وسبعة وثمانون سنتًا فقط‪ ،‬وغدًا سيكون عيد الميالد‪ ،‬وقد أنقذت س‪:‬تون‬
‫سنتًا في قروش جيب شخص أواثنين من اإلفالس؛ نتيجًة الفصال م‪::‬ع البقال‪::‬ة‪ ،‬وب‪::‬ائع‬
‫الخضر‪ ،‬والجزار‪ ،‬وتسبب ذلك في خجل الشخص؛ نتيجة بخله الغانية عن التعريف‪،‬‬
‫والتي ينطوي عليها مثل هذا التعامل الوثيق‪..‬‬
‫كان من الواض‪::‬ح أن م‪::‬ا بي‪::‬د ديال ش‪::‬يئًا تفعل‪::‬ه س‪::‬وى اإلرتم‪::‬اء و الن‪::‬واح على أريك‪::‬ة‬
‫صغيرة رثة‪ ،‬مما يثير النظرة المعنوية؛ ب‪::‬أن الحي‪::‬اة م‪::‬ا هي إال تنه‪::‬دات‪ ،‬وش‪::‬هقات‪،‬‬
‫وابتسامات‪ ،‬حيث تهيمن الشهقات عليها‬
‫ألقت ديال بنظرها إلى المنزل‪ ،‬لقد كانت تعلن عن تراجع مستواه المعيشي تدريجيًا‪،‬‬
‫من الطبقة األولى إلى الثانية‪ ،‬إنها شقة مفروش‪::‬ة مقاب‪::‬ل ‪ 8‬دوالرات في األس‪::‬بوع‪ ،‬لم‬
‫يكن الوصف وصفًا مستعط تمامًا‪ ،‬ولكنه بالتأكيد يحمل في ثناياه تلك الكلم‪::‬ة المع‪::‬برة‬
‫عن مجموعة متسولين يعيش‪:‬ون فيه‪:‬ا‪ ،‬فثم‪:‬ة ص‪::‬ندوق بري‪:‬د في الرده‪::‬ة باألس‪:‬فل‪ ،‬لن‬
‫تكلف رسالة ما نفسها عن‪::‬اء التواج‪::‬د في‪::‬ه ‪ ،‬وزرًا كهربائي‪ً:‬ا‪ ،‬ال يق‪::‬درأن يس‪::‬تميل أي إ‬
‫صبع بش‪::‬ري ليدق‪::‬ه‪ ،‬وأيض‪ً:‬ا بطاق‪::‬ة ذات ص‪::‬لة تحم‪::‬ل اس‪::‬م "الس‪::‬يد جيمس ديلينجه‪::‬ام‬
‫يونج"‪.‬‬
‫لقد تخلوا عن اسم " ديلينجهام" خالل ف‪::‬ترة س‪::‬ابقة من الرخ‪::‬اء ورغ‪::‬د العيش‪ ،‬عن‪::‬دما‬
‫ك‪::‬ان مالكه‪::‬ا يتقاض‪::‬ى ثالث‪::‬ون دوالًر ا أس‪::‬بوعيًا‪ ،‬ولكن اآلن عن‪::‬دما تقلص ال‪::‬دخل إلى‬
‫عشرين دوالرًا‪ ،‬بدت حروف "ديلينجهام" على البطاقة غ‪::‬ير واض‪::‬حة‪ ،‬كم‪::‬ا ل‪::‬و أنهم‬
‫كانوا يفكرون جدًيا في التعاقد م‪::‬ع ش‪::‬خص بس‪::‬يط ومتواض‪::‬ع "‪ ."D‬كلم‪::‬ا ع‪::‬اد الس‪::‬يد‬
‫جيمس ديلينجهام يونج إلى المنزل ووص‪::‬وله إلى ش‪::‬قته العلوي‪::‬ة‪ ،‬ك‪::‬ان ُي دعى "جيم"‪،‬‬
‫تعانقه بشدة السيدة جيمس ديلينجهام يونج‪ ،‬والتي ذكرت بالفعل باسم ديال‪ ،‬فكل شيء‬
‫على ما يرام‪.‬‬
‫أحضرت ديال بعضًا من البودرة‪ ،‬بعدما أنهت بكاءها‪ ،‬ووضعتها على خ‪::‬دها إلخف‪::‬اء‬
‫عالمات البكاء‪ ،‬ووقفت بجانب النافذة‪ ،‬تنظر بفتور إلى قطة رمادية تسير على سياج‬
‫رمادي في فن‪:‬اء خلفي رم‪:‬ادي الل‪::‬ون‪ ،‬س‪:‬يكون عي‪:‬د الميالد ي‪:‬وم غ‪:‬د‪ ،‬ولم يكن ل‪::‬ديها‬

‫‪2‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫سوى ‪ 1.87‬دوالًر ا لتشتري بها هدية لجيم مع أنها كانت ت‪::‬دخر ك‪::‬ل ق‪::‬رش تس‪::‬تطيع‬
‫توف‪::‬يره لع‪::‬دة أش‪::‬هر‪ ،‬ولكن به‪::‬ذه النتيج‪::‬ة‪ ،‬عش‪::‬رون دوالًر ا في األس‪::‬بوع ال تثمن وال‬
‫تغني من جوع‪.‬‬
‫لقد كانت النفقات أكبر مما في الحسبان‪ ،‬وهي دائمًا كذلك‪ ،‬ل‪::‬ديها فق‪::‬ط ‪ 1.87‬دوالر‬
‫لش‪::‬راء هدي‪::‬ة لجيم‪ ،‬وه‪::‬و الش‪::‬خص الوحي‪::‬د ال‪::‬ذي يعنيه‪::‬ا‪ ،‬لق‪::‬د قض‪::‬ت العدي‪::‬د من‬
‫الس‪::‬اعات وهي تخط‪::‬ط بس‪::‬عادة لش‪::‬راء ش‪::‬يء رائ‪::‬ع ل‪::‬ه‪ ،‬ش‪::‬يء جمي‪::‬ل‪ ،‬ون‪::‬ادر‪ ،‬ومن‬
‫الطراز األول – شيء جدير بأن يمتلكه جيم‪.‬‬
‫ثمة حاجز زجاجي بين نوافذ الغرفة‪ ،‬ربما قد تك‪:‬ون ش‪:‬اهدت مثل‪:‬ه في ش‪:‬قة بقيم‪:‬ة ‪8‬‬
‫دوالرات‪ ،‬إذ يمكن ألي شخص نحيف للغاي‪::‬ة وش‪::‬ديد المرون‪::‬ة‪ ،‬أن يالح‪::‬ظ انعك‪::‬اس‬
‫صورته في تسلسل سريع من الشرائط الطولية‪ ،‬وأن يحص‪::‬ل على تص‪::‬ور دقي‪::‬ق إلى‬
‫حد ما لمظهره‪ ،‬وقد س‪::‬اعدت نحال‪::‬ة ديال في إتقانه‪::‬ا له‪::‬ذا الفن‪ .‬وفج‪::‬أة اس‪::‬تدارت من‬
‫النافذة ووقفت أمام الزج‪::‬اج‪ ،‬ك‪::‬انت عيناه‪::‬ا تش‪::‬عان ببراع‪::‬ة‪ ،‬ولكن وجهه‪::‬ا فق‪::‬د لون‪::‬ه‬
‫خالل عشرين ثانية‪ ،‬وسرعان ما قلبت شعرها لألسفل‪ ،‬تاركة إياه بهذا الوضع‪.‬‬
‫يوجد حاليًا اثنين من ممتلكات عائلة جيمس ديلينجهام ي‪::‬ونج‪ ،‬وكان‪::‬ا يفتخ‪::‬ران بهم‪::‬ا‬
‫بشدة‪ ،‬إحداها كانت ساعة جيم الذهبية التي ك‪::‬انت تخص وال‪::‬ده وج‪::‬ده‪ ،‬واآلخ‪::‬ر ك‪::‬ان‬
‫شعر ديال‪ ،‬لو كانت ملكة سبأ تعيش في الشقة المقابلة لعمود التهوية‪ ،‬لك‪::‬انت ديال ق‪::‬د‬
‫تركت شعرها يتدلى من النافذة يوًما ما حتى يج‪::‬ف؛ لمج‪::‬رد خفض قيم‪::‬ة مج‪::‬وهرات‬
‫ص‪::‬احبة الجالل‪::‬ة وه‪::‬داياها‪ ،‬ول‪::‬و ك‪::‬ان المل‪::‬ك س‪::‬ليمان ه‪::‬و الب‪::‬واب‪ ،‬رغم ك‪::‬ل كن‪::‬وزه‬
‫المتراكمة في القبو‪ ،‬لكان جيم قد أخرج ساعته في كل مرة يمضي به‪::‬ا؛ ل‪::‬يراه ينت‪::‬ف‬
‫لحيته من الحسد‪.‬‬
‫ينسدل شعر ديال الجميل حولها‪ ،‬متموًج ا ومشرًق ا كشالل من المياه البنية ‪ ،‬إذ يصل‬
‫طول شعرها إلى ما تحت ركبتها‪ ،‬وكأنه كالثوب عليها‪.‬‬
‫رفعت ديال ش‪::‬عرها م‪::‬رة أخ‪::‬رى بعص‪::‬بية وبس‪::‬رعة‪ ،‬و تع‪::‬ثرت ذات م‪::‬رة ‪ ،‬لدقيق‪::‬ة‪،‬‬
‫ووقفت ثابتة بينما تناثرت دمعة أو اثنتين على السجادة الحمراء البالية‪.‬‬
‫خرجت ديال من باب الغرفة‪ ،‬وهبطت الدرج متجهة إلى الش‪::‬ارع‪ ،‬مرتدي‪::‬ة س‪::‬ترتها‬
‫البنية القديمة؛ وكذلك قبعته‪:‬ا البني‪:‬ة القديم‪:‬ة‪ ،‬م‪:‬ع تن‪:‬ورة من طبق‪:‬ات تش‪:‬به في ش‪:‬كلها‬
‫الدوام‪::‬ة‪ ،‬وال ي‪::‬زال ذل‪::‬ك ال‪::‬بريق الالم‪::‬ع في عينيه‪::‬ا‪ ،‬حيث وقفت عن‪::‬د الفت‪::‬ة كتب‬
‫عليها‪":‬سيدة سوفروني" لمنتج‪::‬ات الش‪::‬عر بجمي‪::‬ع أنواعه‪::‬ا‪ .‬حلقت إح‪::‬دى الط‪::‬ائرات‬

‫‪3‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫فوق ديال بينما هي واقفة أمام واجه‪::‬ة المح‪::‬ل‪ ،‬فاس‪::‬تجمعت قواه‪::‬ا وهي تلهث‪ ،‬ك‪::‬انت‬
‫السيدة كبيرة الهيئة ‪ ،‬وبيضاء للغاية‪ ،‬وباردة‪ ،‬وبالكاد تبدو مثل "السوفروني"‪.‬‬
‫سألت ديال السيدة‪ ":‬أتشترين شعري؟"‬
‫قالت السيدة‪ " :‬أشتري الشعر"‪" ،‬اخلعي قبعتك ودعيني ألقي نظرة عليه"‪.‬‬
‫تدلى الشعر مموجًا كالشالل البني‪.‬‬
‫قالت السيدة مفلتة كتلة الشعر بمهارة‪":‬عشرون دوالرًا"‪.‬‬
‫قالت ديال‪ :‬أعطني إياها سريًعا‪.‬‬
‫أعطت السيدة ديال النقود‪ ،‬مرت الساعتين التاليتين كالبرق‪ ،‬كانت تجول المتاجر من‬
‫أج‪::‬ل هدي‪::‬ة جيم‪ ،‬لق‪::‬د وج‪::‬دتها أخ‪::‬يرًا‪ ،‬بالتأكي‪::‬د أنه‪::‬ا ص‪::‬نعت ألج‪::‬ل جيم وليس ألج‪::‬ل‬
‫شخص آخر‪ ،‬لم يكن هناك مثيل لها في أي من المتاجر‪ ،‬وق‪::‬د قلبت المت‪::‬اجر جميعه‪::‬ا‬
‫رأًس ا على عقب‪ ،‬كانت سلسلة من البالتين بسيطة وغير مبالغ في تص‪::‬ميمها‪ ،‬وتعلن‬
‫حقًا عن قيمته‪:‬ا من خالل الخام‪:‬ة وح‪:‬دها‪ ،‬وليس من خالل زخرفته‪:‬ا المبهرج‪:‬ة كم‪:‬ا‬
‫ينبغي أن تكون عليه كل األشياء الجيدة‪ .‬لقد كانت تستحق حتى الساعة‪ ،‬وبمج‪::‬رد أن‬
‫رأيتها عرفت أنه‪::‬ا ال ب‪::‬د أن تص‪::‬بح لجيم‪ ،‬ك‪::‬انت مثل‪::‬ه في اله‪::‬دوء والقيم‪::‬ة – إذ ه‪::‬و‬
‫الوصف المطبق لكليهما‪ .‬أخذوا منها واحدًا وعشرين دوالرًا مقابل ثمنها‪ ،‬وأس‪::‬رعت‬
‫إلى المنزل ومعها السبع والثمانين سنًت ا‪ .‬قد يكون جيم قلقا بشأن الوقت في أي شركة‬
‫على الرغم من وجود هذه السلسلة في ساعته‪ ،‬وعلى الرغم من ضخامة الس‪::‬اعة‪ ،‬إال‬
‫أنه أحياًن ا كان ينظر إليها خلسة بسبب األربطة الجلدية القديم‪::‬ة ال‪::‬تي ك‪::‬ان يس‪::‬تخدمها‬
‫بدًال من السلسلة‪.‬‬
‫عندما وصلت ديال إلى المنزل‪ ،‬أفسح ثملها المج‪::‬ال قلياًل للحكم‪::‬ة والعق‪::‬ل‪ ،‬أخ‪::‬رجت‬
‫مكواة تجعيد الشعر وأشعلت الغاز وذهبت لعمل إصالح لألضرار التي أحدثها الكرم‬
‫المصاحب للحب‪ ،‬وإنها دائمًا مهمة هائلة‪ ،‬بل إنها مهمة ض‪::‬خمة‪ .‬لق‪::‬د أص‪::‬بح رأس‪::‬ها‬
‫في غض‪::‬ون أربعين دقيق‪::‬ة‪ ،‬مغطى بتجعي‪::‬دات ص‪::‬غيرة متقارب‪::‬ة جعلته‪::‬ا تب‪::‬دو رائع‪::‬ة‬
‫كتلميذة متغيبة عن المدرسة‪ ،‬نظرت طويًال بعناية‪ ،‬وانتقاد إلى انعكاس‪::‬ها في الم‪::‬رآة‪،‬‬
‫وقالت لنفسها‪« :‬إذا لم يقتلني جيم‪ ،‬سيقول أنني أشبه الفتاة اللعوب ح‪:‬تى قب‪:‬ل أن يلقي‬
‫نظرة علي»‪ ،‬ولكن ماذا يمكنني أن أفعل – يا ويحي! م‪:‬اذا يمكن‪:‬ني أن أفع‪:‬ل ب‪:‬دوالر‬
‫وسبعة وثمانين سنًت ا؟»‬
‫أع‪::‬دت القه‪::‬وة في الس‪::‬اعة الس‪::‬ابعة ص‪::‬باحًا‪ ،‬وك‪::‬انت المقالة س‪::‬اخنة‪ ،‬وج‪::‬اهزة ف‪::‬وق‬
‫الموقد؛ لطهي قطع اللحم‪ .‬تأخر جيم على غ‪::‬ير عادت‪::‬ه‪ ،‬أخ‪::‬ذت ديال السلس‪::‬لة وثنته‪::‬ا‬

‫‪4‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫مرتين على معص‪::‬مها‪ ،‬وجلس‪::‬ت على زاوي‪::‬ة الطاول‪::‬ة ب‪::‬القرب من الب‪::‬اب ال‪::‬ذي ك‪::‬ان‬
‫ي‪:‬دخل من‪:‬ه دائًم ا‪ ،‬ثم س‪:‬معت خطوت‪:‬ه بعي‪:‬دًا على عتب ال‪::‬درج األول‪ ،‬امتق‪::‬ع وجهه‪:‬ا‬
‫لوهل‪::‬ة‪ ،‬لق‪::‬د ك‪::‬انت معت‪::‬ادة على تردي‪::‬د دع‪::‬وات ص‪::‬غيرة بص‪::‬مت عن أبس‪::‬ط األش‪::‬ياء‬
‫اليومية‪ ،‬واآلن همست‪ « :‬يا ربي‪ ،‬أرجوك أن تجعله يعتقد أنني مازلت جميلة»‪ .‬فتح‬
‫جيم الباب ودخل ثم أوصده‪ .‬لقد بدى نحيفًا وجادًا للغاية‪ ،‬مسكين جيم‪ ،‬كان في الثانية‬
‫والعشرين من عمره‪ ،‬وكان مثقاًل بعائلت‪::‬ه! إن‪::‬ه بحاج‪::‬ة إلى معط‪::‬ف جدي‪::‬د‪ ،‬وك‪::‬ان بال‬
‫قفازات‪.‬‬
‫تسمر جيم عندما دخل من الباب كمن سكبت عليه مياه باردة‪ ،‬إذ كانت عيناه مثبت‪::‬تين‬
‫على ديال‪ ،‬وكان فيهما تعبير ال تستطيع قراءته‪ ،‬مما أدخل على قلبها ال‪::‬ذعر‪ .‬لم يكن‬
‫تعب‪::‬يرًا ينم عن الغض‪::‬ب‪ ،‬وال المفاج‪::‬أة‪ ،‬وال االس‪::‬تنكار‪ ،‬وال ال‪::‬رعب‪ ،‬وال أًي ا من‬
‫المشاعر التي كانت مستعدة لها‪ ،‬بل كان ببساطة‪ ،‬يحدق به‪::‬ا بثب‪::‬ات م‪::‬ع ه‪::‬ذا التعب‪::‬ير‬
‫الغريب على وجهه‪ .‬تركت ديال الطاولة وذهبت إليه‪ .‬وص‪::‬رخت‪ ":‬عزي‪::‬زي جيم‪ ،‬ال‬
‫تنظر إلي بهذه الطريقة‪ ".‬لقد قمت بقص شعري وبعته؛ ألنني لم أستطع أن ياتي عيد‬
‫الميالد دون إحضار هدية من أجل‪::‬ك‪ ،‬س‪::‬وف ينم‪::‬و م‪::‬رة أخ‪::‬رى – ليس ل‪::‬ديك م‪::‬انع‪،‬‬
‫أليس كذلك؟ كنت مضطرة لفعل ذل‪:‬ك‪ ،‬ش‪:‬عري ينم‪:‬و بس‪:‬رعة رهيب‪:‬ة‪ ،‬هي‪:‬ا ق‪:‬ل "عي‪:‬د‬
‫ميالد س‪::‬عيد!" جيم‪ ،‬ولنكن س‪::‬عداء‪ .‬أنت ال تع‪::‬رف م‪::‬ا م‪::‬دى روع‪::‬ة الهدي‪::‬ة ال‪::‬تي‬
‫أحضرتها لك‪ ،‬يا لجمالها!‬
‫سألها جيم بش‪::‬ق األنفس‪ ،‬كم‪::‬ا ل‪::‬و أن‪::‬ه لم يس‪::‬توعب تل‪::‬ك الحقيق‪::‬ة البين‪::‬ة ‪ ":‬قصص‪::‬ت‬
‫شعرك؟"‬
‫حتى بعد جهد ومش‪::‬قة ق‪::‬الت ديال‪ ":‬قصص‪::‬ته وبعت‪::‬ه‪ ".‬وأكملت ‪":‬أال تحب‪::‬ني على أي‬
‫حال؟ مازلت ديال نفسها التي تحبها ولكن بدون شعري‪ ،‬أليس كذلك؟"‬
‫نظر جيم حول الغرفة بفضول‪ ،‬وقال بشيء من البالهة تقريب ‪ً:‬ا‪" :‬تق‪::‬ولين أن ش‪::‬عرك‬
‫لم بعد موجودًا؟"‬
‫قالت ديال‪« :‬ال داعي للبحث عن‪:‬ه‪" ».‬لق‪::‬د بعت‪:‬ه‪ ،‬ق‪::‬ولت ل‪::‬ك ‪ -‬بعت‪:‬ه وذهبت أدراج‪::‬ه‬
‫أيض‪ً:‬ا‪ ،‬إنه‪::‬ا ليل‪::‬ة عي‪::‬د الميالد ي‪::‬ا زوجي ‪ ،‬ل‪::‬ذا كن جي‪ً:‬د ا معي‪ ،‬فق‪::‬د ذهب من أجل‪::‬ك‪،‬‬
‫وتابعت بعفوية مفاجئة‪ ":‬ربما ك‪::‬ان ش‪::‬عر رأس‪::‬ي مع‪::‬دودًا‪ ،‬ولكن ال أح‪::‬د يس‪::‬تطيع أن‬
‫يحصي حبي لك‪ .‬هل أضع قطع اللحم يا جيم؟"‪ .‬بدا على جيم أنه ق‪::‬د اس‪::‬تيقظ س‪::‬ريًعا‬
‫بعد غيبت‪::‬ه‪ ،‬وأحاطه‪::‬ا بذراعي‪::‬ه لم‪::‬دة عش‪::‬ر ث‪::‬وان‪ .‬لننظ‪::‬ر بتمحيص دقي‪::‬ق إلى بعض‬
‫األش‪::‬ياء غ‪::‬ير المهم‪::‬ة من جه‪::‬ة أخ‪::‬رى‪ ،‬ثماني‪::‬ة دوالرات في األس‪::‬بوع أو ملي‪::‬ون في‬

‫‪5‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الس‪::‬نة ‪ -‬م‪::‬ا الف‪::‬رق؟ ع‪::‬الم الرياض‪::‬يات أو ال‪::‬ذكاء س‪::‬يعطيك إجاب‪::‬ة خاطئ‪::‬ة‪ ،‬أحض‪::‬ر‬
‫المجوس هدايا قيمة‪ ،‬لكن لم يكن ذلك من بينهم‪ ،‬سيتم تسليط الضوء على هذا التأكي‪::‬د‬
‫الغامض الحقًا‪.‬‬
‫أخرج جيم عبوة من جيب معطفه وألقاها على الطاولة‪ ،‬وق‪::‬ال‪" :‬ال ترتك‪::‬بي أي خط‪::‬أ‬
‫يا ديل بشأني‪ ،‬ال أعتقد أن هن‪::‬اك أي ش‪::‬يء في طريق‪::‬ة قص الش‪::‬عر‪ ،‬أو الحالق‪::‬ة‪ ،‬أو‬
‫الشامبو يمكن أن يجعلني أقل‪::‬ل من حب فت‪::‬اتي‪ ،‬ولكن إذا قمت بف‪::‬ك تل‪::‬ك العب‪::‬وة‪ ،‬فق‪::‬د‬
‫تفهمين الس‪::‬بب ال‪::‬ذي دفع‪::‬ني إلى ال‪::‬ذهاب لبعض ال‪::‬وقت في بداي‪::‬ة األم‪::‬ر"‪ .‬م‪::‬زقت‬
‫األص‪::‬ابع البيض‪::‬اء والرش‪::‬يقة الخي‪::‬ط وال‪::‬ورق‪ ،‬وإذ بص‪::‬رخة ف‪::‬رح منتش‪::‬ية؛ يتبعه‪::‬ا‬
‫لألسف! تحول أنثوي سريع إلى الدموع والنحيب الهس‪::‬تيري‪ ،‬مم‪::‬ا يس‪::‬تلزم التوظي‪::‬ف‬
‫الفوري لجميع القوى المريحة لرب المنزل‪.‬‬
‫هذه "األمشاط" – تلك مجموعة األمشاط‪ ،‬الجانبية والخلفية‪ ،‬ال‪::‬تي ك‪::‬انت ديال ت‪::‬دعوا‬
‫لفترة طويلة في نافذة برودواي من أجل الحصول عليها‪ .‬إنها أمشاط جميلة‪ ،‬وص‪::‬دفة‬
‫سلحفاة نقية‪ ،‬مع حواف مرصعة بالجواهر – الظل فقط هو الذي يمكن ارت‪::‬داؤه على‬
‫الشعر الجميل المختفي‪ .‬كانت تعرف أنها أمشاط باهظة الثمن‪ ،‬وك‪::‬ان قلبه‪::‬ا متعطش ‪ً:‬ا‬
‫له‪::‬ا ويت‪::‬وق إليه‪::‬ا دون أدنى أم‪::‬ل في امتالكه‪::‬ا‪ ،‬ولكن أص‪::‬بحت تمتلكه‪::‬ا اآلن‪ ،‬لكن‬
‫الخصالت التي كان ينبغي أن تزين الزين‪::‬ة المنش‪::‬ودة ق‪::‬د اختفت‪ ،‬لكنه‪::‬ا ض‪::‬متهم إلى‬
‫صدرها‪ ،‬وقد استطاعت أخ‪::‬يرًا أن تنظ‪::‬ر إلى األعلى بعي‪::‬نين خ‪::‬افتين مبتس‪::‬مة قائل‪::‬ة‪:‬‬
‫"شعري ينمو بسرعة كبيرة يا جيم!" انتفضت ديال بعدها مثل قطة ص‪::‬غيرة محروق‪::‬ة‬
‫وصرخت‪ " :‬يا ربي‪ ،‬يا ربي!" لم يكن جيم قد رأى هديته الجميلة بعد‪ ،‬لقد م‪::‬دتها ل‪::‬ه‬
‫بف‪:‬ارغ الص‪:‬بر على راح‪:‬ة ي‪:‬دها المفتوح‪:‬ة‪ ،‬ب‪:‬دا أن المع‪:‬دن الثمين الب‪:‬اهت يلم‪:‬ع م‪:‬ع‬
‫انعكاس لروحها المشرقة والمتحمسة‪" :‬أليس هذا رائًع ا يا جيم؟" لقد بحثت في جمي‪::‬ع‬
‫أنحاء المدينة للعثور عليه‪ ،‬سيتوجب عليك اآلن النظر إلى الوقت مائة مرة في اليوم‪.‬‬
‫أعطي ساعتك‪ ،‬أريد أن أرى كيف يبدو عليها‪ ،‬وبدًال من االنصياع‪ ،‬ارتمى جيم على‬
‫األريكة ووضع يديه تحت مؤخرة رأسه وابتسم‪ ،‬ق‪::‬ائًال‪ " :‬لنض‪::‬ع ي‪::‬ا دي‪::‬ل ه‪::‬دايا عي‪::‬د‬
‫الميالد جانبًا ولنحتفظ به‪::‬ا‪ ،‬إنه‪::‬ا جميل‪::‬ة ج‪::‬دًا‪ ،‬إذ ال يج‪::‬در بن‪::‬ا اس‪::‬تخدامها في ال‪::‬وقت‬
‫الحاضر‪ ،‬لقد بعت الساعة للحصول على المال لشراء أمشاطك‪ ،‬ولنفترض اآلن أن‪::‬ك‬
‫وضعتي قطع اللحم عليها»‪.‬‬
‫لقد كان المجوس ‪ -‬كما تعلمون – حكماء رائعون‪ .‬الذين أحضروا اله‪::‬دايا للطف‪::‬ل في‬
‫المهد‪ ،‬وكانوا من اخترعوا فن تقديم هدايا عيد الميالد‪ ،‬ولكونهم حكماء؛ فإن ه‪::‬داياهم‬

‫‪6‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫كانت بال شك حكيمة‪ ،‬وربما تحمل امتياز التب‪:‬ادل في حال‪:‬ة االزدواجي‪:‬ة‪ .‬وق‪:‬د رويت‬
‫لك قصة هادئة على نح‪::‬و م‪::‬ؤلم‪ ،‬لطفلين أحمقين في ش‪::‬قة‪ ،‬ض‪::‬حى ك‪::‬ل منهم‪::‬ا بغ‪::‬ير‬
‫حكمة من أجل بعضهما البعض‪ ،‬بأعظم كنوز منزلهما‪ .‬ثمة كلمة أخيرة لحكماء ه‪::‬ذه‬
‫األيام‪ ،‬لنقل أن ه‪::‬ذين االث‪::‬نين كان‪:‬ا األك‪:‬ثر حكم‪:‬ة من بين ك‪:‬ل من يق‪::‬دم اله‪:‬دايا‪ ،‬وهم‬
‫األكثر حكمة من بين جميع ال‪::‬ذين يق‪::‬دمون ويتلق‪::‬ون اله‪::‬دايا‪ ،‬إن المج‪::‬وس هم األك‪::‬ثر‬
‫حكمة في كل مكان‪.‬‬

‫القصة الثانية‪ :‬عالمي في مقهى‬

‫كان المقهى مزدحمًا في منتصف اللي‪:‬ل‪ ،‬وبمحض الص‪::‬دفة‪ ،‬لم تق‪::‬ع عين أح‪::‬د من‬
‫الواف‪::‬دين على الطاول‪::‬ة الص‪::‬غيرة ال‪::‬تي كنت أجلس عليه‪::‬ا‪ ،‬وثم‪::‬ة كرس‪::‬يان ش‪::‬اغران‬
‫عليها‪ ،‬وقد مدا أذرعهما بكرم الضيافة لتدفق الزب‪::‬ائن‪ ،‬وبع‪::‬دها جلس ش‪::‬خص رحال‪::‬ة‬
‫في إحداها‪ ،‬وكنت سعيًد ا؛ ألنني كنت أؤمن بنظرية مفادها‪ :‬أنه منذ النبي آدم‪ ،‬لم يكن‬
‫هناك عالمي حقيقي في العالم‪ ،‬قد نسمع عنهم‪ ،‬وقد نرى ملصقات أجنبية على الكث‪::‬ير‬
‫من األمتعة‪ ،‬ولكننا نجد مسافرين بدًال من العالميين‪ .‬إنني أستحضر اهتمامك بالمشهد‬
‫‪ -‬الط‪::‬اوالت ذات األس‪::‬طح الرخامي‪::‬ة‪ ،‬ومجموع‪::‬ة مقاع‪::‬د الحائ‪::‬ط المنج‪::‬دة بالجل‪::‬د‪،‬‬
‫وصحبة المثليين‪ ،‬والسيدات الالتي يرتدين تنانير قص‪::‬يرة يمكن ارت‪::‬داؤها في أم‪::‬اكن‬
‫العمل‪ ،‬أو في الحياة اليومية‪ ،‬ويتحدثن بالزمة مرئية رائعة من الذوق‪ ،‬أو االقتص‪::‬اد‪،‬‬
‫أو البذخ‪ ،‬أو الفن‪ ،‬وكذلك النادلون المجتهدون‪ ،‬والمحبون للسخاء‪ ،‬وأيضًا الموس‪::‬يقى‬
‫التي تلبي احتياج الجميع بحكمة من خالل غاراتها على الملحنين؛ مزيج من الح‪::‬ديث‬
‫والضحك ‪ -‬وإذا شئت أيضًا‪ ،‬ثمة فورتسبورغ في المخاريط الزجاجية الطويل‪::‬ة ال‪::‬تي‬
‫تنحني إلى شفتيك كثمرة كرز ناضجة‪ ،‬تتمايل على فرعها إلى منقار ط‪:‬ائر الس‪:‬الب‪.‬‬
‫لقد أخبرني نحات من ماوخ تشانك أن مشهد المقهى كان باريسًيا حًقا‪ .‬لق‪::‬د تم تس‪::‬مية‬
‫رحال باسم إي‪ .‬رشمور كوجلن‪ ،‬وسيتم االستماع إليه في الصيف المقبل في جزي‪::‬زة‬
‫كوني‪ .‬أخبرني أنه سينشئ "منطقة جذب" جديدة هن‪::‬اك‪ ،‬مم‪::‬ا يق‪::‬دم تح‪::‬وياًل ملكًي ا‪ ،‬ثم‬
‫دارت محادثته وفقًا لخطوط الطول والعرض‪ .‬لقد ق‪::‬ام بعم‪::‬ل دائ‪::‬رة كب‪::‬يرة بذراعي‪::‬ه‪،‬‬
‫كما لو أن العالم بينهما‪ ،‬وبهذا يمكنه التحدث بش‪::‬كل م‪::‬ألوف وازدراء‪ ،‬ولم يب‪::‬دو ه‪::‬ذا‬
‫الع‪::‬الم أك‪::‬بر من ب‪::‬ذرة ك‪::‬رز ماراش‪::‬ينو في ثم‪::‬رة عنب على مائ‪::‬دة‪ .‬لق‪::‬د تح‪::‬دث بع‪::‬دم‬

‫‪7‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫احترام عن خ‪::‬ط االس‪::‬تواء‪ ،‬وقف‪::‬ز من ق‪::‬ارة إلى ق‪::‬ارة‪ ،‬وس‪::‬خر من المن‪::‬اطق‪ ،‬ومس‪::‬ح‬
‫أعالي البحار بمنديله‪ ،‬وكان يلوح بيده ليتحدث عن سوق معين في حيدر أب‪::‬اد‪ .‬أوف!‬
‫سوف يأخذك على الزالجات في البالند‪ .‬أغلق فمك! اآلن ركبت القواطع مع كنكاس‬
‫في كيلكهيكي‪ .‬لقد جرك س‪::‬ريعًا ع‪::‬بر مس‪::‬تنقع أركنس‪::‬اس‪ ،‬وترك‪::‬ك تج‪::‬ف للحظ‪::‬ة في‬
‫السهول القلوية في مزرعته في أيداهو‪ ،‬ثم أدخلك في مجتمع األرشيدوقات في فيين‪::‬ا‪.‬‬
‫وسيخبرك حااًل عن نزلة برد أصيب بها أثناء نسيم بحيرة شيكاغو‪ ،‬وكي‪::‬ف عالجته‪::‬ا‬
‫إسكاميال في بوينس آيرس بالتسريب الساخن من عشبة تشوتشوال‪.‬‬
‫كنت سترسل الرسالة إلى"إي‪ .‬رشمور ك‪::‬وغالن‪ ،‬إس‪::‬ق‪ ،.‬الك‪::‬رة األرض‪::‬ية‪ ،‬والنظ‪::‬ام‬
‫الشمسي‪ ،‬والكون"‪ ،‬وقد أرسله بالبريد‪ ،‬ويشعر بالثقة في أنه سيتم تس‪::‬ليمه إلي‪::‬ه‪ .‬كنت‬
‫متأك ‪ً:‬د ا من أن‪::‬ني وج‪::‬دت أخ‪::‬يرًا الش‪::‬خص الع‪::‬المي الحقيقي الوحي‪::‬د من‪::‬ذ الن‪::‬بي آدم‪،‬‬
‫واستمعت إلى خطابه العالمي خشية أن أكتش‪::‬ف في‪::‬ه النغم‪::‬ة المحلي‪::‬ة لمج‪::‬رد رحال‪::‬ة‪.‬‬
‫لكن آرائه لم ترفرف أو تتدلى أبدا؛ لقد كان محايدًا تجاه المدن‪ ،‬والبلدان‪ ،‬والق‪::‬ارات‪،‬‬
‫مثل الرياح أو الجاذبية‪ ،‬وبينما كان إي رش‪::‬مور ك‪::‬وجالن يتح‪::‬دث عن ه‪::‬ذا الك‪::‬وكب‬
‫الصغير‪ ،‬فكرت بسعادة في رجل عظيم شبه عالمي‪ ،‬كتب للعالم أجمع وك‪::‬رس نفس‪::‬ه‬
‫لبومباي‪ .‬ك‪::‬ان علي‪::‬ه أن يق‪::‬ول في إح‪::‬دى قص‪::‬ائده أن هن‪::‬اك فخ‪ً::‬ر ا وتنافًس ا بين م‪::‬دن‬
‫األرض‪ ،‬وأن "الرج‪::‬ال ال‪::‬ذين يول‪::‬دون منه‪::‬ا‪ ،‬يت‪::‬اجرون ص‪::‬عوًد ا وهبوًط ا‪ ،‬ولكنهم‬
‫يتمسكون بأطراف مدنهم" مثل تمسك الطفل بثوب أمه‪ ".‬وكلم‪::‬ا س‪::‬اروا "في ش‪::‬وارع‬
‫صاخبة‪ ،‬ومجهول‪::‬ة" ف‪::‬إنهم يت‪::‬ذكرون م‪::‬دينتهم األص‪::‬لية "األك‪::‬ثر إخالص‪ً:‬ا‪ ،‬وحماق‪::‬ة‪،‬‬
‫وحبًا؛ جاعًال اسمها مجرد َنَف ٍس عالقتهم حسب رباطهم"‪ .‬وقد أثارت سعادتي‪ ،‬ألن‪::‬ني‬
‫رأيت السيد كيبلينج نائمًا‪ .‬لقد وجدت هنا رجًال لم يخلق من تراب؛ بل الشخص الذي‬
‫لن يتف‪:‬اخر بمس‪:‬قط رأس‪:‬ه أو بل‪:‬ده‪ ،‬وإن ح‪:‬دث وتف‪:‬اخر‪ ،‬فإن‪:‬ه س‪:‬يتفاخر بكام‪:‬ل كرت‪:‬ه‬
‫المستديرة أمام المريخيين وسكان القمر‪.‬‬
‫لقد ط‪::‬رحت ه‪::‬ذه المواض‪::‬يع مس‪::‬بقًا من قب‪::‬ل "إي رش‪::‬مور ك‪::‬وغالن" عن‪::‬د الزاوي‪::‬ة‬
‫الثالثة لطاولتنا‪ ،‬وبينما ك‪::‬ان ك‪::‬وجالن يص‪::‬ف لي التض‪::‬اريس على ط‪::‬ول خ‪::‬ط س‪::‬كك‬
‫الحديد السيبيري‪ ،‬انزلقت األوركسترا في مجموعة متنوعة‪ ،‬كان الج‪::‬و الخت‪::‬امي ه‪::‬و‬
‫"ديكسي"‪ ،‬وبينما كانت تت‪::‬دفق النوت‪::‬ات الموس‪::‬يقية المبهج‪::‬ة ‪ ،‬ك‪::‬ادت أن تغلب عليه‪::‬ا‬
‫التصفيقات الحارة من كل طاولة تقريًبا‪ ،‬ويجدر بنا القول أن هذا المشهد الرائع يمكن‬
‫مشاهدته كل مساء في العديد من المقاهي في مدينة نيويورك‪ .‬لقد تم استهالك أطن‪::‬ان‬
‫من المشروب‪ ،‬وحسبت النظريات م‪::‬دى ذل‪::‬ك‪ .‬لق‪::‬د خمن البعض بتس‪::‬رع‪ ،‬أن جمي‪::‬ع‬

‫‪8‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الجنوبيين في المدينة يلجأون إلى المق‪::‬اهي عن‪::‬د حل‪::‬ول المس‪::‬اء‪ ،‬ولكن ه‪::‬ذا التص‪::‬فيق‬
‫للهواء "الثوري" في مدينة شمالية يثير الح‪:‬يرة قليًال؛ لكنه‪:‬ا قابل‪:‬ة للح‪:‬ل‪ .‬ال‪:‬ذي جع‪:‬ل‬
‫العالم يزدهر‪ ،‬هي الح‪::‬رب م‪::‬ع إس‪::‬بانيا‪ ،‬وس‪::‬خاء محاص‪::‬يل النعن‪::‬اع والبطيخ الس‪::‬خية‬
‫لس‪::‬نوات عدي‪::‬دة‪ ،‬وع‪::‬دد قلي‪::‬ل من الف‪::‬ائزين البعي‪::‬دين في مض‪::‬مار الس‪::‬باق في ني‪::‬و‬
‫أورليانز‪ ،‬والمآدب الرائعة التي أقامها مواطنوا إن‪::‬ديانا‪ ،‬و جمعي‪::‬ة كارولين‪::‬ا الش‪::‬مالية‬
‫التي شكلها سكان كانساس؛ جعلت الجنوب باألحرى "بدعة" في مانهاتن‪ .‬سوف يلثغ‬
‫بالتأكيد مانيكيرك بهدوء‪ ،‬لدرجة أن سبابتك اليس‪::‬رى ت‪::‬ذكرها كث‪::‬يًر ا برج‪::‬ل نبي‪::‬ل في‬
‫ريتشموند‪ ،‬وفيرجينيا‪ .‬ياربي‪ ،‬وكما تعلمون‪ ،‬إنها الحرب‪ ،‬لذلك يجب على العديد من‬
‫السيدات أن يعملن اآلن‪.‬‬
‫عن‪::‬دما تم تمثي‪::‬ل دور "ديكس‪::‬ي"‪ ،‬قف‪::‬ز ش‪::‬اب داكن الش‪::‬عر من مك‪::‬ان م‪::‬ا‪ ،‬مطلق ‪ً:‬ا‬
‫صيحة عصابات موس‪:‬بي‪ ،‬ول‪:‬وح باهتي‪:‬اج بقبعت‪:‬ه ناعم‪:‬ة الح‪:‬واف‪ ،‬ثم ض‪:‬ل طريق‪:‬ه‬
‫وسط الدخان‪ ،‬وارتمى على الكرسي الشاغر على طاولتنا‪ ،‬ثم أشعل الس‪::‬جائر‪ .‬ك‪::‬انت‬
‫األمسية في الفترة ال‪::‬تي ي‪:‬زداد فيه‪:‬ا رواد المقهى‪ ،‬له‪:‬ذا ذك‪:‬ر أح‪::‬دنا ثالث‪:‬ة من س‪:‬كان‬
‫فورتس‪:‬بورج للن‪:‬ادل؛ واب‪:‬دى الش‪:‬اب داكن الش‪:‬عر موافقت‪:‬ه بابتس‪:‬امة وإيم‪:‬اءة رأس‪:‬ه‪،‬‬
‫فسارعت إلى طرح سؤال عليه؛ فلدي نظرية أريد تجربتها‪.‬‬
‫باش‪::‬رت بالس‪::‬ؤال‪" :‬ه‪::‬ل تم‪::‬انع أن تخ‪::‬برني م‪::‬ا إذا كنت من‪ "-‬ض‪::‬ربت قبض‪::‬ة إي‪.‬‬
‫رشمور كوجالن الطاولة‪ ،‬فتنذرت بالصمت‪.‬‬
‫قال‪ « :‬أرجو المعذرة‪ ،‬لكن ه‪::‬ذا س‪::‬ؤال ال أحب أن أس‪::‬معه أب‪ً:‬د ا‪ ».‬م‪::‬ا المهم من أين‬
‫يأتي الرجل؟ ه‪::‬ل من الع‪::‬دل الحكم على الرج‪::‬ل من خالل عن‪::‬وان مكتب بري‪::‬ده؟ لق‪::‬د‬
‫رأيت سكان كنتاكي الذين يكرهون الويسكي‪ ،‬وأه‪::‬ل فيرجيني‪::‬ا ال‪::‬ذين لم ينح‪::‬دروا من‬
‫بوكاهونت‪::‬اس‪ ،‬وهن‪::‬وًد ا لم يكتب‪::‬وا رواي‪::‬ة من قب‪::‬ل‪ ،‬ومكس‪::‬يكيين لم يرت‪::‬دوا س‪::‬راويل‬
‫مخملية‪ ،‬خيطت على طول خياطة الدوالرات الفضية‪ ،‬وإنجل‪::‬يز مض‪::‬حكين‪ ،‬وي‪::‬انكيز‬
‫مبذرين‪ ،‬والجنوبيون ذوي الدم البارد‪ ،‬والغرب‪::‬يين ض‪::‬يقوا األف‪::‬ق‪ ،‬وس‪::‬كان نيوي‪::‬ورك‬
‫الذين كانوا منش‪::‬غلين ج‪ً:‬د ا‪ ،‬لدرج‪::‬ة أنهم لم يتمكن‪::‬وا من التوق‪::‬ف لس‪::‬اعة في الش‪::‬ارع‪،‬‬
‫لرؤية بائع البقالة وهو يقوم بتقطيع التوت البري في أكياس ورقية بيد واح‪::‬دة‪ ،‬فليكن‬
‫الرجل رجًال وال تعيقه تحت أي مسمى‪.‬‬
‫قلت‪« :‬عفًو ا‪ ،‬لكن فض‪::‬ولي لم يكن من ف‪::‬راغ‪ ».‬أن‪::‬ا أع‪::‬رف الجن‪::‬وب جي‪::‬دًا‪ ،‬وعن‪::‬دما‬
‫تعزف الفرقة أغني‪::‬ة "ديكس‪::‬ي" أحب أن أش‪::‬اهدها‪ ،‬ولق‪::‬د أص‪::‬بحت معتق‪::‬دًا أن الرج‪::‬ل‬
‫الذي يصفق له‪::‬ذا الج‪::‬و خاص‪::‬ة بح‪::‬رارة‪ ،‬ووالء مزع‪::‬وم‪ ،‬دائًم ا يك‪::‬ون من مواط‪::‬ني‬

‫‪9‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫سيكوكس‪ ،‬أو نيوجيرسي‪ ،‬أو المنطقة الواقعة بين مدرسة موراي هيل ونه‪::‬ر ه‪::‬ارلم‪،‬‬
‫أو من هذه المدينة‪ .‬يجب أن اعترف ب‪::‬أني كنت على وش‪::‬ك اختب‪::‬ار رأيي‪ ،‬من خالل‬
‫االستفس‪:‬ار من ه‪::‬ذا الس‪:‬يد عن‪:‬دما ق‪::‬اطعتني بنظريت‪:‬ك الك‪:‬برى»‪ .‬بع‪:‬دها تح‪::‬دث معي‬
‫الشاب ذو الشعر ال‪::‬داكن‪ ،‬وأص‪::‬بح من الواض‪::‬ح أن عقل‪::‬ه يتح‪::‬رك أيًض ا على حس‪::‬ب‬
‫عاداته الخاصة ‪ .‬وقال بطريقة غامض‪::‬ة‪« :‬أود أن أك‪:‬ون األرض الخص‪::‬بة على قم‪:‬ة‬
‫الوادي‪ ،‬وأغني أيًض ا رالو رالو»‪ .‬من الواضح أن هذا كان غامًضا جًد ا‪ ،‬لذلك التفت‬
‫مرة أخرى إلى كوجالن‪ .‬قال‪« :‬لقد ذهبت حول العالم اثنتي عش‪::‬رة م‪::‬رة»‪" .‬أع‪::‬رف‬
‫شخًص ا من قبيلة إسكيماو في أبرنافيك يرسل إلى سينسيناتي من أجل ربط‪::‬ات عنق‪::‬ه‪،‬‬
‫ورأيت راعًيا للماعز في أوروغواي‪ ،‬فاز بجائزة في مسابقة ألغاز طعام اإلفطار في‬
‫باتل كريك‪ ،‬وأدفع إيجار غرف‪::‬ة في الق‪::‬اهرة في مص‪::‬ر‪ ،‬وأخ‪::‬رى في يوكوهام‪::‬ا على‬
‫م‪::‬دار الس‪::‬نة‪ ،‬ل‪::‬دي نع‪::‬ال في مقهى في ش‪::‬نغهاي‪ ،‬وليس من الض‪::‬روري أن أخ‪::‬برهم‬
‫كيفية طبخ البيض في ريو دي ج‪:‬انيرو أو س‪:‬ياتل‪ .‬إن‪:‬ه ع‪:‬الم ق‪:‬ديم ص‪:‬غير عظيم‪ ،‬م‪:‬ا‬
‫فائ‪::‬دة التف‪::‬اخر بكون‪::‬ك من الش‪::‬مال‪ ،‬أو الجن‪::‬وب‪ ،‬أو من الم‪::‬نزل ال‪::‬ريفي الق‪::‬ديم في‬
‫الوادي‪ ،‬أو من شارع إقليدس‪ ،‬أو من كليفالند‪ ،‬أو بايكس بيك‪ ،‬أو مقاطعة فيرف‪::‬اكس‪،‬‬
‫أو فيرجينيا‪ ،‬أو هوليجان فالتس‪ ،‬أو أي مكان آخر؟ سيكون عالًم ا أفض‪::‬ل ل‪::‬و توقفن‪::‬ا‬
‫عن التص‪::‬رف بحماق‪::‬ة بش‪::‬أن بل‪::‬دة متعفن‪::‬ة أو عش‪::‬رة ف‪::‬دادين من المس‪::‬تنقعات‪ ،‬وه‪::‬ذا‬
‫لمجرد أننا ولدنا هناك»‪ .‬قلت بإعجاب‪" :‬يبدو أنك عالمي حقيقي"‪".‬ولكن يب‪::‬دو أيًض ا‬
‫أنك ستدين الوطنية"‪.‬‬
‫صرح كوجالن بحرارة‪" :‬من بقايا العصر الحجري"‪" .،‬نحن جميًعا إخ‪::‬وة – س‪::‬واء‬
‫كن‪:‬ا رج‪::‬ال ص‪::‬ينيون‪ ،‬وإنجل‪::‬يز‪ ،‬وزول‪::‬وس‪ ،‬وباتاغوني‪:‬ا‪ ،‬والن‪:‬اس ال‪::‬ذين يعيش‪:‬ون في‬
‫منحدر نهر ك‪::‬او‪ .‬س‪::‬يتم مح‪::‬و ك‪::‬ل ه‪::‬ذا الفخ‪::‬ر التاف‪::‬ه بمدين‪::‬ة اإلنس‪::‬ان‪ ،‬أو واليت‪::‬ه‪ ،‬أو‬
‫فرعه‪ ،‬أو بلده في يوم من األيام‪ ،‬وسنكون جميًعا مواط‪::‬نين كم‪::‬ا ينبغي لن‪::‬ا أن نك‪::‬ون‬
‫في العالم »‪.‬‬
‫واصلت حديثي قائًال‪« :‬لكن‪ ،‬ال ترجع أفكارك إلى مكان ما أثناء تجوال‪::‬ك في أراٍض‬
‫أجنبية ‪ -‬بعض األماكن عزيزة و‪"-‬‬
‫قاطعني إي رشمور كوجالن باستخفاف ‪«:‬أي مك‪::‬ان»‪ " ،‬مع‪::‬روف ب‪::‬أن م‪::‬ادة الكتل‪::‬ة‬
‫األرض‪::‬ية‪ ،‬والكروي‪::‬ة‪ ،‬والكوكبي‪::‬ة‪ ،‬والمس‪::‬طحة قليًال عن‪::‬د القط‪::‬بين‪ ،‬معروف‪::‬ة باس‪::‬م‬
‫األرض‪ ،‬وهي موطني ومسكني‪ .‬لقد التقيت بعدد كبير من المواط‪::‬نين المقي‪::‬دين به‪::‬ذا‬
‫البلد في الخارج‪ ،‬ولقد رأيت رجااًل من شيكاغو يجلسون في جن‪::‬دول في البندقي‪::‬ة في‬

‫‪10‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫ليلة يكتمل فيها القمر‪ ،‬ويتفاخرون بقناة الصرف الص‪::‬حي الخاص‪::‬ة بهم‪ ،.‬ولق‪::‬د رأيت‬
‫جنوبًيا يتم تقديمه إلى ملك إنجلترا وهو يسلم على ذلك الملك‪ ،‬دون أن يغمض عينيه‪،‬‬
‫وكنت أعرف المعلومات التي تفيد بأن حفيده من جهة والدت‪::‬ه ك‪::‬ان مرتبًط ا ب‪::‬الزواج‬
‫من عائلة بيركنز في تشارلستون‪ ،‬وكنت أعرف أيضًا أحد س‪::‬كان نيوي‪::‬ورك ال‪::‬ذي تم‬
‫اختطاف‪::‬ه للحص‪::‬ول على فدي‪::‬ة من قب‪::‬ل بعض قط‪::‬اع الط‪::‬رق في أفغانس‪::‬تان‪ ،‬أرس‪::‬ل‬
‫رجاله األموال وع‪:‬اد إلى ك‪:‬ابول م‪:‬ع الوكي‪:‬ل‪ .‬فق‪:‬ال ل‪:‬ه الس‪:‬كان األص‪:‬ليون من خالل‬
‫مترجم "أفغانستان؟"‪" .‬حسنا‪ ،‬ليس بطيئا جدا‪ ،‬هل تعتقد؟" قال‪" :‬ربم‪::‬ا‪ ،‬ال أع‪::‬رف"‪،‬‬
‫وبدأ يخبرهم عن سائق سيارة أجرة في الجادة السادس‪::‬ة وب‪::‬رودواي‪ .‬تل‪::‬ك األفك‪::‬ار ال‬
‫تناسبني أنا لست مقيًد ا ب‪::‬أي ش‪::‬يء ال يبل‪::‬غ قط‪::‬ره ثم‪::‬ان آالف مي‪::‬ل‪ ،‬فق‪::‬ط ض‪::‬عني في‬
‫مكانة إي‪ .‬رشمور كوجالن‪ ،‬إنه مواطن في المجال األرض‪::‬ي‪ .‬لق‪::‬د ودع‪::‬ني الع‪::‬المي‬
‫الكبير وتركني‪ ،‬ألنه ظن أنه رأى شخًص ا يعرفه من خالل الثرثرة وال‪::‬دخان‪ .‬وهك‪::‬ذا‬
‫بقيت مع النكه المحتملة إطالقها‪ ،‬والتي تح‪::‬ولت بص‪::‬وت موس‪::‬يقي إلى فورتس‪::‬بورغ‬
‫دون مزيد من القدرة على التعبير عن تطلعاته إلى الجلوس على قمة الوادي‪ .‬جلست‬
‫أفكر في شخصيتي العالمية الواضحة‪ ،‬وتساءلت‪ :‬كيف استطاع الشاعر أن يفتقده‪.‬‬
‫كنت أنا من اكتشف هذا وصدقته‪ .‬كيف وجدت‪::‬ه؟ "الرج‪::‬ال ال‪::‬ذين يتك‪::‬اثرون من ه‪::‬ذه‬
‫المناطق‪ ،‬يتاجرون بهم ذهاًب ا وإياًب ا‪ ،‬ولكنهم يتش‪::‬بثون ب‪::‬أطراف م‪::‬دنهم كم‪::‬ا يتمس‪::‬ك‬
‫الطفل بثوب أمه‪ ".‬األم‪::‬ر ليس به‪::‬ذا الش‪::‬كل ي‪::‬ا إي رش‪::‬مور ك‪::‬وجالن‪ ،‬م‪::‬ع أن الع‪::‬الم‬
‫أجمع يقف في صفه –‬
‫انقطعت تأمالتي بسبب ضجيج هائل وصراع في جزء آخر من المقهى‪ ،‬رأيت فوق‬
‫رؤوس الرعاة الجالسين إي‪ .‬رش‪:‬مور ك‪:‬وغالن يخ‪:‬وض معرك‪:‬ة حقيق‪:‬ة م‪:‬ع شخص‪ً:‬ا‬
‫غريبًا‪ ،‬لقد تشاجروا بين الطاوالت مثل الجبابرة‪ ،‬وتحطمت الكؤوس‪ ،‬ورفع الرج‪::‬ال‬
‫قبعاتهم وس‪:‬قطوا أرًض ا‪ ،‬وص‪:‬رخت ام‪:‬رأة س‪:‬مراء‪ ،‬وب‪:‬دأت ش‪:‬قراء في غن‪:‬اء أغني‪:‬ة‬
‫"إغاظة"‪ .‬اليزال يحافظ شخصيتي العالمي‪::‬ة على الفخ‪::‬ر ب‪::‬األرض‪ ،‬وس‪::‬معتها عن‪::‬دما‬
‫أطبق النوادل على كال المقاتلين بتشكيلة دق اإلسفين الشهير وحملوهما إلى الخارج‪،‬‬
‫وما زاال يقاومان النوادل‪ .‬اتصلت بمكارثي‪ ،‬وهو أح‪::‬د الح‪::‬راس الفرنس‪::‬يين‪ ،‬وس‪::‬ألته‬
‫عن سبب الصراع‪ .‬قال‪« :‬الرجل ذو ربطة العن‪::‬ق الحم‪::‬راء» (وه‪::‬ذا ه‪::‬و شخص‪::‬يتي‬
‫العالمية)‪« ،‬أصبح ساخًن ا بسبب األشياء التي قيلت عن األرصفة الض‪::‬يقة‪ ،‬وإم‪::‬دادات‬
‫المياه في المكان الذي أتى منه من طرف الرجل اآلخر»‪ .‬قلت في حيرة‪« :‬لماذا هذا‬
‫اإلنسان مواطن العالم‪ ،‬هو عالمي‪ .‬إنه –"‬

‫‪11‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قال مكارثي‪ ":‬ترجع أصوله إلى ماتوامكيج بوالية ماين‪ ،‬ولن يرحم أي شخص ينتقد‬
‫وطنه"‪.‬‬

‫القصة الثالثة‪ :‬ما بين األدوار‬


‫يسطع القمر في شهر مايو‪ ،‬وي‪::‬برز ش‪::‬عاعه ال‪::‬نزل الخ‪::‬اص بالس‪::‬يدة م‪::‬ورفي‪ ،‬ووفق‪ً:‬ا‬
‫للتقويم‪ ،‬فإنه سيتم اكتش‪::‬اف مس‪::‬احة كب‪::‬يرة من األراض‪::‬ي ال‪::‬تي وقعت عليه‪::‬ا س‪::‬طوع‬
‫القمر أيًض ا‪ .‬كان الربيع في ذروته‪ ،‬وس‪::‬رعان م‪::‬ا تبعت‪::‬ه حمى القش‪ ،‬وك‪::‬انت ترت‪::‬دي‬
‫الطبيعة حلتها‪ ،‬إذ كانت الحدائق خضراء تتزين بأوراق جدي‪::‬دة‪ ،‬ويتواج‪::‬د المش‪::‬ترون‬
‫من رواد تجارة الغرب والجنوب‪ .‬كانت تمأل الزهور الهواء بنفحاته‪::‬ا‪ ،‬ويك‪::‬ثر وكالء‬
‫المنتجعات الصيفية في الشوارع إلقن‪::‬اع الن‪::‬اس بص‪::‬فقاتهم له‪::‬ذا الموس‪::‬م؛ حيث ك‪::‬ان‬
‫الهواء واألجوبة على لوسون أك‪::‬ثر اعت‪::‬دااًل ؛ إذ باس‪::‬تطاعتك رؤي‪::‬ة األرغن اليدوي‪::‬ة‪،‬‬
‫والنوافير‪ ،‬والبينوكل تلعب في كل مكان‪ ،‬وكانت نوافذ منزل السيدة مورفي مفتوحة‪،‬‬
‫حيث تجلس مجموع‪::‬ة من المقيمين ف‪::‬وق حص‪::‬ائر مس‪::‬تديرة‪ ،‬ومس‪::‬طحة كالفط‪::‬ائر‬
‫األلماني‪::‬ة على المنح‪::‬در الع‪::‬الي‪ .‬تظهرالس‪::‬يدة مكاس‪::‬كي في إح‪::‬دى النواف‪::‬ذ األمامي‪::‬ة‬
‫بالط‪::‬ابق الث‪::‬اني وهي تنتظ‪::‬ر زوجه‪::‬ا على العش‪::‬اء‪ ،‬وي‪::‬زداد غض‪::‬بها بس‪::‬بب ت‪::‬أخره‪،‬‬
‫فالعشاء أوشك أن يبرد على المائدة‪ .‬لقد جاء السيد مكاسكي في تمام التاس‪::‬عة‪ ،‬ح‪::‬امًال‬
‫معطفه على ذراعه‪ ،‬وجعبته بين أسنانه؛ واعتذر عن إزعاج الجالسين على درج‪::‬ات‬
‫السلم أثناء صعوده‪ ،‬وضع قدميه الكبيرتين التي مقاسها تس‪::‬عة بح‪::‬ذر ش‪::‬ديد‪ .‬وعن‪::‬دما‬
‫فتح ب‪::‬اب غرفت‪::‬ه تلقى مفاج‪::‬أة‪ ،‬فق‪::‬د رحبت ب‪::‬ه زوجت‪::‬ه بكلم‪::‬ات فق‪::‬ط‪ ،‬لم يكن غط‪::‬اء‬
‫الموقد أوهراسة البطاطا هذه المرة‪ .‬يعتقد السيد مكاسكي أن قمر شهر م‪::‬ايو اللطي‪::‬ف‬
‫قد خفف من أعباء زوجته المثقلة على صدرها‪ .‬ألقت السيدة مكاسكي بعض الكلم‪:‬ات‬
‫لزوجها بدًال من أدوات المطبخ‪" :‬لقد س‪::‬معتك"‪ ،‬يمكن‪::‬ك أن تعت‪::‬ذر للن‪::‬اس عن وض‪::‬ع‬
‫أقدامك على أطراف فساتينهم من غير قصد‪ ،‬لكنك س‪::‬تتبع خطى زوجت‪::‬ك‪ ،‬ولوك‪::‬انت‬
‫طويلة كحبل الغسيل‪ ،‬دون التفكير في األم‪:‬ر م‪:‬رة أخ‪:‬رى‪ ،‬وأن‪:‬ا متأك‪:‬د من أن األم‪:‬ر‬
‫سيس‪::‬تغرق وقًت ا أط‪::‬ول من ال‪::‬وقت المس‪::‬تغرق في التخلص من الري‪::‬اح‪ ،‬واألطعم‪::‬ة‬
‫الباردة ألجلك‪ ،‬هذا مثل وجود أموال حيث يمكنك الشراء بها بع‪::‬د ش‪::‬رب راتب‪::‬ك في‬
‫مقهى جاليجرز مساء كل يوم سبت‪ ،‬وق‪::‬دوم رج‪::‬ل الغ‪::‬از إلى الم‪::‬نزل م‪::‬رتين مطالب‪ً:‬ا‬

‫‪12‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫بماله‪ .‬قال السيد مكاسكي وهو يضع معطفه وقبعته على الكرسي‪' :‬ي‪::‬ا ام‪::‬رأة!'‪« :‬إن‬
‫ضجيجكم يعك‪:‬ر ص‪:‬فو ش‪:‬هيتي ‪ ».‬إن‪:‬ك ت‪:‬نزع الحي‪:‬اء من بين لبن‪:‬ات أس‪:‬س المجتم‪:‬ع‬
‫عندما تقلل االدب‪.‬‬
‫أكمل الس‪:‬يد مكاس‪:‬كي‪" :‬إن ه‪:‬ذا ليس أك‪:‬ثر من اس‪:‬تخدام رج‪:‬ل نبي‪:‬ل ألس‪:‬لوبه الح‪:‬اد‪،‬‬
‫ليع‪::‬ارض ب‪::‬ه الس‪::‬يدات الالئي س‪::‬ددن الطري‪::‬ق‪ ،‬مم‪::‬ا يض‪::‬طرنا للمض‪::‬ي بينهن‪ ".‬ه‪::‬ل‬
‫ستبعدون وجوهكم التي تشبه الخنزير عني وتتركوني أكمل طعامي؟"‬
‫انتفضت السيدة مكاسكي‪ ،‬وذهبت إلى الموقد‪ ،‬ثمة شيء ما في أسلوبها يح‪::‬ذر الس‪::‬يد‬
‫مكاس‪::‬كي‪ .‬ف‪::‬إن عبوس‪::‬ها المف‪::‬اجئ‪ ،‬ع‪::‬ادة ين‪::‬بئ بس‪::‬قوط األواني الفخاري‪::‬ة‪ ،‬واألواني‬
‫المعدنية‪ .‬قالت الس‪::‬يدة مكاس‪::‬كي بغض‪::‬ب‪ " :‬وج‪::‬ه الخ‪::‬نزير‪ ،‬أليس ك‪::‬ذلك؟" ‪ ،‬وألقت‬
‫على زوجها قدًر ا مملوًء ا باللحم المقدد‪ ،‬واللفت‪ .‬لم يكن السيد مكاسكي سيء البديهة‪،‬‬
‫بل كان يعرف ما يجب فعله عند الدخول‪ .‬رد السيد مكاسكي م‪:‬ا فعلت‪:‬ه زوجت‪:‬ه بفع‪:‬ل‬
‫آخر‪ ،‬لقد ألقى شريحة من لحم الخنزير المشوي الموجودة على المائدة والتي زينت‬
‫بأوراق النف‪::‬ل على زوجت‪::‬ه‪ ،‬وخط‪::‬ط أن يس‪::‬تخدم الحل‪::‬وى في طب‪::‬ق فخ‪::‬اري؛ لجعل‪::‬ه‬
‫المقابل المناسب لما بعد ذل‪::‬ك‪ .‬لق‪::‬د أص‪::‬ابت الس‪::‬يدة مكاس‪::‬كي قطع‪::‬ة كب‪::‬يرة من الجبن‬
‫السويسري التي ألقاها زوجها أسفل عينها‪ ،‬وبحسب ما حددته مسار المعركة‪ ،‬فإنه‪::‬ا‬
‫البد أن تتوقف عندما ردت السيدة مكاسكي مافعله بإبريق قه‪:‬وة ممل‪:‬وء بس‪:‬ائل أس‪:‬ود‬
‫ساخن‪ ،‬وشبه عطر‪.‬‬
‫إذا أراد أبسط الفقراء اعتبار القهوة هي نهاية األمسية‪ ،‬فدعهم يرتكبون هذا الخطأ‪،‬‬
‫فالسيد مكاسكي ال يقدم طعامًا ثمنه خمسون سنتًا‪.‬‬
‫فاليزال السيد مكاسكي أكثر مكرًا‪ .‬لم تكن أوعي‪::‬ة األص‪::‬ابع‪ 1‬خ‪::‬ارج نط‪::‬اق خبرت‪::‬ه‪،‬‬
‫فليس من الالزم وج‪::‬ودهم في ن‪::‬زل الس‪::‬يدة م‪::‬ورفي؛ ولكن ك‪::‬ان في متن‪::‬اول الي‪::‬د م‪::‬ا‬
‫يعادل تلك األوعية‪ .‬رمى ح‪::‬وض غس‪::‬يل أدوات الج‪::‬رانيت على رأس خص‪::‬مه وهي‬
‫زوجه ظنًا منه أنه انتصر‪ ،‬لحسن الح‪::‬ظ‪ ،‬نف‪::‬دت الس‪::‬يدة مكاس‪::‬كي بجل‪::‬دها في ال‪::‬وقت‬
‫المناسب‪ ،‬ذهبت إلى إلى مك‪:‬واة ف‪::‬رد الش‪:‬عر‪ ،‬وال‪::‬تي ك‪:‬انت تأم‪:‬ل في إنه‪:‬اء مب‪:‬ارزة‬
‫ت‪::‬ذوق الطع‪::‬ام من خالله‪::‬ا؛ كن‪::‬وع من ال‪::‬ود‪ .‬ال‪::‬ذي دفعه‪::‬ا هي والس‪::‬يد مكاس‪::‬كي إلى‬
‫التوقف في نوع من الهدن‪:‬ة غ‪:‬ير الطواعي‪:‬ة؛ ه‪:‬و الص‪:‬راخ الم‪:‬دوي‪ ،‬وال‪:‬ذي يص‪:‬حبه‬
‫عويل من الطابق السفلي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬أوعية يستخدمونها لغمس أطراف أصابعهم بعد تناول الطعام‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫كان يقف الشرطي كليري على الرص‪::‬يف عن‪::‬د زاوي‪::‬ة الم‪::‬نزل‪ ،‬رافع‪ً:‬ا إح‪::‬دى أذني‪::‬ه‬
‫لألعلى‪ ،‬يستمع إلى صوت تحطم األدوات المنزلية‪.‬‬
‫قال الشرطي متأماًل ‪ " :‬إنه جون مكاسكي وسيدته يفعالن ذلك مرة أخرى‪" ».‬أتساءل‬
‫ه‪::‬ل يجب أن أص‪::‬عد وأوق‪::‬ف ال‪::‬نزاع؟" لن أفع‪::‬ل‪ .‬هك‪::‬ذا هم الم‪::‬تزوجون‪ ،‬ليس ل‪::‬ديهم‬
‫سوى القليل من األوقات الممتعة "لن يدوم ط‪:‬ويال‪ ".‬س‪:‬يتعين عليهم بالتأكي‪:‬د اس‪:‬تعارة‬
‫المزيد من األطباق لمواكبة ذلك‪'.‬‬
‫وعندها فقط ج‪::‬اءت الص‪::‬رخة العالي‪::‬ة من أس‪::‬فل ال‪::‬درج‪ ،‬تن‪::‬ذر ب‪::‬الخوف أو التط‪::‬رف‬
‫الشديد‪ .‬قال الشرطي كليري‪« :‬من المحتمل أن يكون قطًا!»‪ ،‬ومش‪::‬ى على عج‪::‬ل في‬
‫االتجاه اآلخر‪ .‬انتفض من كان ج‪::‬الس على ال‪::‬درج‪ ،‬وذهب الس‪::‬يد ت‪::‬ومي إلى ال‪::‬داخل‬
‫ليعرف مصدر هذا الصراخ‪ ،‬وهو الرجل الذي ولد ليصبح محامي الت‪::‬أمين والمحق‪::‬ق‬
‫حسب مهنته‪ ،‬وعاد بخ‪::‬بر ض‪::‬ياع ابن الس‪::‬يدة م‪::‬ورفي الص‪::‬غير‪ ،‬ماي‪::‬ك‪ .‬بع‪::‬دما ذهب‬
‫المراس‪::‬ل‪ ،‬رجعت الس‪::‬يدة م‪::‬ورفي منهم‪::‬رة في البك‪::‬اء‪ ،‬وتنتحب بش‪::‬كل هيس‪::‬تيري‪،‬‬
‫وتعوي إلى السماء لخسارتها من ه‪::‬و أع‪::‬ز على قلبه‪::‬ا‪ ،‬إن‪::‬ه حق‪::‬ا خ‪::‬ير‪ .‬جلس الس‪::‬يد‬
‫تومي إلى جانب صانعة القبعات اآلنسة بوردي‪ ،‬وقد تش‪::‬ابكت أي‪::‬ديهما في تع‪::‬اطف‬
‫لم‪::‬ا يح‪::‬دث‪ .‬استفس‪::‬رت على الف‪::‬ور كًال من الخادمت‪::‬ان العجوزت‪::‬ان‪ ،‬واآلنس‪::‬ة والش‪،‬‬
‫الالئي تشكين كل يوم من الضجيج في بهو النزل‪ ،‬عما إذا كان أي ش‪::‬خص ق‪::‬د نظ‪::‬ر‬
‫خلف الساعة لعل مايك قد يكون خلفها‪.‬‬
‫نهض الرائ‪:‬د ج‪:‬ريج‪ ،‬ال‪:‬ذي ك‪:‬ان يجلس بج‪:‬وار زوجت‪:‬ه الس‪:‬مينة على أعلى درج‪:‬ة‪،‬‬
‫مغلقًا أزرار معطفه‪ ،‬وصاح قائًال‪" :‬الصغير ضائع؟" "س‪::‬وف أنظ‪::‬ف المدين‪::‬ة‪ ".‬ولم‬
‫تكن زوجته لتسمح ل‪::‬ه ب‪:‬الخروج بع‪:‬د حل‪::‬ول الظالم‪ ،‬لكنه‪:‬ا ق‪::‬الت بص‪::‬وت جه‪:‬وري‪:‬‬
‫«اذهب يا لودوفيتش!» "فمن يس‪::‬تطيع أن ينظ‪::‬ر إلى ح‪::‬زن ه‪::‬ذه األم دون أن ينفط‪::‬ر‬
‫قلبه عليها‪ ".‬قال الرائد‪« :‬أعطني ثالثين أو ستين سنًت ا يا حبيب‪::‬تي‪ ' ».‬يبتع‪::‬د األطف‪::‬ال‬
‫الضائعون أحياًن ا‪ ،‬وربما أحتاج إلى سيارة أجرة»‪.‬‬
‫جلس الرجل العجوز ديني على أدنى درجة‪ ،‬في غرفة الصالة‪ ،‬في الطابق الرابع من‬
‫الخلف‪ ،‬محاواًل ق‪::‬راءة ورق‪::‬ة بج‪::‬وار مص‪::‬باح الش‪::‬ارع‪ ،‬وقلب ص‪::‬فحة لمتابع‪::‬ة مق‪::‬ال‬
‫يتحدث حول إضراب النجارين‪ .‬صرخت السيدة ميرفي في اتج‪::‬اه القم‪::‬ر‪« :‬ي‪::‬ا ربي‪،‬‬
‫يامايك‪ ،‬باهلل عليك‪ ،‬أين أنت يا ولدي الصغير؟»‬

‫‪14‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫س‪::‬أل الرج‪::‬ل العج‪::‬وز دي‪::‬ني‪ ،‬الس‪::‬يدة م‪::‬ورفي‪ ،‬وه‪::‬و ي‪::‬راقب تقري‪::‬ر رابط‪::‬ة مهن‬
‫البناء‪«:‬متى رأيت‪::‬ه آخ‪::‬ر م‪::‬رة؟»‪ .‬ص‪::‬رخت الس‪::‬يدة م‪::‬يرفي‪ " :‬ي‪::‬ا ربي"‪" ،‬ك‪::‬ان ذل‪::‬ك‬
‫باألمس‪ ،‬أو ربما قبل أربع ساعات!" ال أدري‪ .‬لكنه مفقود‪ ،‬ولدي الصغير مايك‪ ،‬لق‪::‬د‬
‫كان يلعب على الرصيف هذا الصباح فقط أم كان يوم األربعاء؟ أنا مشغولة بالعم‪::‬ل‪،‬‬
‫ومن الصعب مواكبة مواعيد لعبه؛ لكنني بحثت في الم‪::‬نزل من أعاله إلى قب‪::‬وه‪ ،‬ولم‬
‫أجده‪ ،‬لقد اختفى‪ ،‬ياربي‪ ،‬باهلل عليك ‪' -‬‬
‫لقد تحدت هذه المدينة الكب‪::‬يرة‪ ،‬والص‪::‬امتة‪ ،‬والكئيب‪::‬ة‪ ،‬والض‪::‬خمة‪ ،‬ك‪::‬ل من يس‪::‬بونها‪،‬‬
‫ويلقبونها بأنها صلبة كالحدي‪::‬د؛ وينف‪::‬ون وج‪::‬ود نبض ش‪::‬فقة في حض‪::‬نها؛ إذ يق‪::‬ارنون‬
‫شوارعها بالغابات المنعزلة‪ ،‬وصحاري الحمم البركانية؛ ولكن تحت القش‪::‬رة الص‪::‬لبة‬
‫لجراد البحر‪ ،‬يوجد طعام لذيذ وشهي‪ ،‬ربما كان التشبيه المختلف أك‪::‬ثر حكم‪::‬ة‪ ،‬وم‪::‬ع‬
‫ذل‪::‬ك‪ ،‬ال ينبغي ألح‪::‬د أن يش‪::‬عر باإلهان‪::‬ة‪ ،‬فال يمكن أن نلقب أح ‪ً:‬د ا بج‪::‬راد البح‪::‬ر بال‬
‫مخالب جيدة وكافية‪ .‬وال توجد كارثة تمس القلب المشترك للبشرية مثل فقدان طف‪::‬ل‬
‫صغير‪ .‬تكون أقدام األطف‪::‬ال غ‪::‬ير ص‪::‬لبة‪ ،‬وض‪::‬عيفة للغاي‪::‬ة؛ وتك‪::‬ون الط‪::‬رق ش‪::‬ديدة‬
‫االنحدار وغريبة‪.‬‬
‫أس‪::‬رع الرائ‪::‬د غريغ‪::‬ز إلى الزاوي‪::‬ة‪ ،‬ومض‪::‬ى ع‪::‬بر الش‪::‬ارع إلى م‪::‬نزل بيلي‪ ،‬وق‪::‬ال‬
‫للخادم‪« :‬أعطني وجبة من الجاودار»‪ « .‬هل سبق ل‪::‬ك أن رأيت هن‪::‬ا طفًال متم‪::‬ردًا‬
‫ص‪:‬غيًر ا‪ ،‬ذو أرج‪:‬ل مقوس‪:‬ة‪ ،‬ووجه‪:‬ه متس‪:‬خ‪ ،‬ويبل‪:‬غ من العم‪:‬ر س‪:‬ت س‪:‬نوات في أي‬
‫مكان؟»‬
‫ال يزال السيد تومي ممسكًا بي‪::‬د اآلنس‪:‬ة ب‪::‬وردي على ال‪::‬درج‪ .‬ق‪::‬الت اآلنس‪::‬ة ب‪::‬وردي‪:‬‬
‫«فكر بهذا الطفل العزيز الصغير‪ ،‬الضائع من حضن أمه ‪ -‬ربما س‪::‬قط بالفع‪::‬ل تحت‬
‫ح‪::‬وافر الخي‪::‬ول الحديدي‪::‬ة الراكض‪::‬ة ‪ -‬ي‪::‬اربي‪ ،‬أليس ه‪::‬ذا مروًع ا؟» "أليس ه‪::‬ذا‬
‫صحيحا؟" وافقها السيد تومي ض‪::‬اغطًا على ي‪::‬دها‪ " .‬لنق‪::‬ل أن‪::‬ني ب‪::‬دأت المس‪::‬اعدة في‬
‫البحث عنه!" قالت اآلنسة ب‪::‬وردي‪« :‬ربم‪::‬ا ينبغي علي‪::‬ك ذل‪::‬ك‪ ».‬لكن تب‪ً:‬ا له‪::‬ذا‪ ،‬س‪::‬يد‬
‫تومي‪ ،‬إنك مندفع للغاي‪::‬ة ‪ -‬مته‪::‬ور للغاي‪::‬ة ‪ -‬اف‪::‬ترض أن حادًث ا م‪::‬ا ق‪::‬د يص‪::‬يبك أثن‪::‬اء‬
‫تحمسك للبحث عن الطفل‪ ،‬ثم ماذا ‪- -‬‬
‫استمر الرجل العجوز ديني ممسكًا صحيفته‪ ،‬وق‪::‬رأ عن اتفاقي‪::‬ة التحكيم‪ ،‬وه‪::‬و يتتب‪::‬ع‬
‫المكتوب بإصبع واحد على األسطر‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬جاء السيد والسيدة مكاسكي إلى النافذة في الطابق الثاني ليستردوا أنفاس‪::‬هم‬
‫مرة أخرى‪ ،‬كان السيد مكاسكي يخرج اللفت من سترته بسبابة ملتوية‪ ،‬وكانت سيدته‬

‫‪15‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬
‫تمسح عينها؛ ألن‪::‬ه لم يس‪::‬تطع االس‪::‬تفادة من ملح لحم الخ‪::‬نزير المش‪::‬وي‪ .‬أخ‪::‬رج كًال‬
‫منهما رأسه من الناف‪::‬ذة بع‪::‬د س‪::‬ماعهما الص‪::‬راخ في األس‪::‬فل‪ .‬ق‪::‬الت الس‪::‬يدة مكاس‪::‬كي‬
‫بصوت خافت‪« :‬لقد ضاع مايك الصغير‪ ،‬إنه المالك الجميل الصغير‪ ،‬والمشاغب!»‬
‫قال السيد مكاسكي وهو يمي‪:‬ل من الناف‪::‬ذة‪« :‬ه‪::‬ذا الص‪::‬بي الص‪::‬غير ض‪::‬ائع؟»‪" .‬اآلن‬
‫لماذا؟ هذا سيء تمامًا بم‪::‬ا في‪::‬ه الكفاي‪::‬ة‪ .‬يك‪::‬ون األطف‪::‬ال الص‪::‬غار مختلفين‪ ،‬فل‪::‬و كنت‬
‫ام‪::‬رأة‪ ،‬لكنت راغًب ا في ذل‪::‬ك في فق‪::‬دانها؛ ألنهم عن‪::‬دما يرحل‪::‬ون؛ ي‪::‬تركون الس‪::‬الم‪.‬‬
‫أمسكت السيدة مكاسكي بذراع زوجها متجاهلة اندفاع كلماته‪ ،‬وق‪::‬الت بعاطف‪::‬ة‪« :‬لق‪::‬د‬
‫ضاع طف‪::‬ل اآلنس‪::‬ة م‪::‬يرفي الص‪::‬غير ي‪::‬ا ج‪::‬ون‪ ».‬إنه‪::‬ا مدين‪::‬ة ض‪::‬خمة لفق‪::‬دان األوالد‬
‫الصغار‪ ،‬كان عمره ست سنوات يا جون‪" ،‬إنه نفس العمر ال‪::‬ذي ك‪::‬ان س‪::‬يكون علي‪::‬ه‬
‫طفلنا الصغير لو كان لدينا واحد قبل ست سنوات‪ ".‬قال السيد مكاسكي متمسًك ا به‪::‬ذه‬
‫الحقيقة‪« :‬لم نحظى بأطفال أبًد ا»‪« .‬ولكن لو كان لدينا يا جون‪ ،‬فكر في مدى الحزن‬
‫الذي سيكون في قلوبنا هذه الليلة‪ ،‬مع ه‪::‬روب فيلين الص‪::‬غير‪ ،‬واختطاف‪::‬ه في المدين‪::‬ة‬
‫في أي مكان على اإلطالق»‪.‬‬
‫قال السيد مكاسكي‪" :‬أنتي تتحدثين بحماق‪:‬ة"‪ "" .‬إن‪:‬ه ب‪:‬ات‪ ،‬س‪:‬يتم تس‪:‬ميته على اس‪:‬م‬
‫والدي القديم في كانتريم"‪ .‬قالت السيدة مكاسكي بدون غضب‪" :‬أنت تكذب!"‪« .‬ك‪::‬ان‬
‫أخي جدير بعشرات‪ ،‬من سيارات ماكاسكي المتجولة في المستنقعات‪ ،‬وس‪::‬يتم تس‪::‬مية‬
‫الطف‪::‬ل باس‪::‬مه من بع‪::‬ده ‪ .‬انحنت على حاف‪::‬ة الناف‪::‬ذة ونظ‪::‬رت إلى العجل‪::‬ة والض‪::‬جيج‬
‫باألسفل‪.‬‬
‫قالت السيدة مكاسكي بهدوء‪« :‬ج‪::‬ون‪ ،‬أن‪::‬ا آس‪::‬فة؛ ألن‪::‬ني كنت متس‪::‬رعة مع‪::‬ك‪ ».‬ق‪::‬ال‬
‫زوجها‪ « :‬وكما تقولين‪ ،‬لقد كانت حلوى سريعة‪ ،‬وأسرعي في تن‪::‬اول اللفت وش‪::‬رب‬
‫القهوة‪« ».‬هذا ما يمكن أن تسميه غداًء سريًعا‪ ،‬حس ‪ً:‬ن ا‪ ،‬وال تك‪::‬ذبي‪ ».‬أدخلت الس‪::‬يدة‬
‫مكاسكي ذراعها داخل ذراع زوجها‪ ،‬وأخذت ي‪::‬ده الخش‪::‬نة في ي‪::‬دها‪ .‬ق‪::‬الت‪" :‬اس‪::‬تمع‬
‫إلى بكاء" السيدة ميرفي المسكينة‪" .‬إنه ألمر فظي‪::‬ع أن نض‪::‬يع طف‪::‬ل ص‪::‬غير في ه‪::‬ذه‬
‫المدين‪:‬ة الكب‪:‬يرة الض‪::‬خمة‪ ".‬ل‪::‬و ك‪:‬ان ه‪::‬ذا ه‪::‬و فيلين الص‪::‬غير‪ ،‬ي‪:‬ا ج‪::‬ون‪ ،‬لك‪:‬ان قل‪::‬بي‬
‫سيتحطم‪ .‬سحب السيد مكاسكي يده‪ ،‬لكنه وضعها بشكل محرج حول أكت‪::‬اف زوجت‪::‬ه‬
‫القريبة‪ ،‬قال بفظاظة‪« :‬هذه حماقة ب‪::‬الطبع‪ ،‬لكن‪::‬ني س‪ُ:‬أجرح نفس‪::‬ي إذا اخُتط‪::‬ف ابنن‪::‬ا‬
‫الصغير بات أو أي شيء من هذا القبيل‪ ».‬ولكن لم يوج‪::‬د أي طف‪::‬ل بالنس‪::‬بة لن‪::‬ا‪ ،‬لق‪::‬د‬
‫كنت قبيحًا‪ ،‬وقاسيًا معك يا جودي في بعض األحي‪::‬ان‪ .‬انس‪::‬ى ذل‪::‬ك‪ '.‬لق‪::‬د انحن‪::‬وا مًع ا‬
‫ونظروا إلى دراما القلب التي تم تمثيلها أدناه‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫جلس‪::‬وا هك‪::‬ذا لف‪::‬ترة طويل‪::‬ة‪ ،‬ان‪::‬دفع الن‪::‬اس على ط‪::‬ول الرص‪::‬يف‪ ،‬وهم ي‪::‬تزاحمون‪،‬‬
‫ويتساءلون‪ ،‬ويمألون اله‪:‬واء باإلش‪:‬اعات والتخمين‪:‬ات غ‪:‬ير الهام‪:‬ة‪ .‬تح‪:‬ركت الس‪:‬يدة‬
‫ميرفي في وسطهم ذهاًبا وإياًبا‪ ،‬مثل جبل ناعم‪ ،‬أغرق ش‪::‬الاًل مس‪::‬موًعا من ال‪::‬دموع‪،‬‬
‫ثم جاء ساعي البريد وذهبوا‪.‬‬
‫ارتفعت أصوات عالية أمام المنزل ال‪::‬داخلي‪ ،‬وع‪::‬ادت ض‪::‬جة من جدي‪::‬د‪ .‬س‪::‬أل الس‪::‬يد‬
‫مكاسكي ‪":‬ما األم‪:‬ر اآلن ي‪:‬ا ج‪:‬ودي؟"‪ .‬ق‪:‬الت الس‪:‬يدة مكاس‪:‬كي بص‪:‬وت ع‪:‬اٍل ‪« :‬إن‪:‬ه‬
‫صوت اآلنسة ميرفي»‪" .‬تقول إنها أخ‪::‬يرًا وج‪::‬دت ماي‪::‬ك الص‪::‬غير نائًم ا خل‪::‬ف لفاف‪::‬ة‬
‫المش‪::‬مع الق‪::‬ديم تحت الس‪::‬رير في غرفته‪::‬ا‪ ".‬ض‪::‬حك الس‪::‬يد مكاس‪::‬كي بص‪::‬وت ع‪::‬ال‪،‬‬
‫وصرخ ساخًر ا‪« :‬هذا هو فيلين‪ ،‬أيها المش‪::‬اغب‪ ،‬ك‪::‬ان ب‪::‬ات س‪::‬يفعل ه‪::‬ذه الخدع‪::‬ة إذا‬
‫ضل‪ ،‬وخطف الطفل الذي لم نحظى به أبًد ا‪ ،‬من قبل ذو السلطة‪ ،‬سمه فيلين‪ ،‬وشاهده‬
‫يختبئ تحت السرير مثل الج‪::‬رو األج‪::‬رب‪ .‬نهض‪::‬ت الس‪::‬يدة مكاس‪::‬كي بثق‪::‬ل‪ ،‬واتجهت‬
‫نحو خزانة األطباق بعبوس‪ .‬عاد الشرطي كليري ق‪::‬اب قوس‪::‬ين أو أدنى بينم‪::‬ا تف‪::‬رق‬
‫الحشد‪ .‬أدار أذنه مندهش‪ً:‬ا نح‪::‬و ش‪::‬قة مكاس‪::‬كي؛ حيث ب‪::‬دا ص‪::‬وت اص‪::‬طدام المك‪::‬اوي‬
‫واألواني الصينية‪ ،‬ومشهد أدوات المطبخ الملقاة‪ ،‬مرتفًع ا كم‪::‬ا ك‪::‬ان من قب‪::‬ل‪ .‬أخ‪::‬رج‬
‫الشرطي كليري ساعته‪« .‬بالثع‪::‬ابين المرّح ل‪::‬ة!» ص‪::‬اح ق‪::‬ائًال‪" :‬ك‪::‬ان ج‪::‬ون مكاس‪::‬كي‬
‫وسيدته يتشاجران" لمدة ساعة وربع‪ .‬كان يمكن أن يغفل السيدة وزًن ا أربعين رطًال‪،‬‬
‫لقوة ذراعه‪ .‬عاد الش‪::‬رطي كل‪::‬يري إلى الزاوي‪::‬ة؛ حيث ط‪::‬وى الرج‪::‬ل العج‪::‬وز دي‪::‬ني‬
‫ورقته وأسرع بصعود الدرج‪ ،‬بينم‪::‬ا ك‪::‬انت الس‪::‬يدة م‪::‬يرفي على وش‪::‬ك إغالق الب‪::‬اب‬
‫طوال الليل‪.‬‬

‫القصة الرابعة‪ :‬غرفة المنور‬


‫سُت ريك السيدة األولى‪.‬باركر الصالونات المزدوجة‪ ،‬ولن تجرؤ على مقاطعة وص‪::‬فها‬
‫لمزاي‪::‬اهم‪ ،‬ومزاي‪::‬ا الس‪::‬يد ال‪::‬ذي يقطن لم‪::‬دة ثم‪::‬اني س‪::‬نوات‪ ،‬ومن ثم س‪::‬تتمكن من‬
‫االعتراف بأنك لست طبيًبا بشريًا‪ ،‬وال طبيب أسنان‪ .‬كان أس‪::‬لوب الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر في‬
‫تلقي القبول‪ ،‬من النوع الذي ال يمكنك الشعور أبدًا بنفس الشعور تجاه والديك‪ ،‬اللذين‬
‫أهمال تدريبك على إحدى المهن التي تناسب صاالت السيدة باركر‪ ،‬بعد ذلك صعدت‬
‫مجموعة من الساللم‪ ،‬ونظرت إلى الطابق الثاني وأخبرتني أن ثمنه ثم‪::‬ان دوالرات‪،‬‬

‫‪17‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫ولديها قناعة أن عائلتها التي تقطن فيه‪ ،‬بأنه يستحق مبلغ اث‪::‬نى عش‪::‬رة دوالًر ا‪ ،‬ه‪::‬ذا‬
‫المبلغ الذي دائمًا ما دفعه السيد توسنبيري مقابل ذلك؛ إلى أن غ‪::‬ادر المس‪::‬كن ليت‪::‬ولى‬
‫مسؤولية مزرعة البرتقال الخاص‪::‬ة بأخي‪::‬ه في فلوري‪::‬دا ب‪::‬القرب من ب‪::‬الم بيتش‪ ،‬حيث‬
‫تقضي السيدة ماكنت‪::‬اير دائًم ا فص‪::‬ول الش‪::‬تاء في غرف‪::‬ة أمامي‪::‬ة مزدوج‪::‬ة ذات حم‪::‬ام‬
‫خاص‪ ،‬وبالكاد تتمكن من الثرثرة بأنك تريد شيًئ ا أرخص من هذا‪.‬‬
‫وإذا نجوت من ازدراء الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر‪ ،‬فس‪::‬يتم اص‪::‬طحابك إللق‪::‬اء نظ‪::‬رة على القاع‪::‬ة‬
‫الكبيرة للسيد سكيدرفي الطابق الثالث‪ ،‬م‪::‬ع أن غرف‪::‬ة الس‪::‬يد س‪::‬كيدر لم تكن ش‪::‬اغرة‪،‬‬
‫حيث كان يكتب المسرحيات ويدخن السجائر فيها طوال الي‪::‬وم‪ ،‬وك‪::‬ان ي‪::‬زور غرفت‪::‬ه‬
‫كل من يبحث عن غرفة‪ ،‬فيعجب بالداليات‪ ،‬كان السيد سكيدر بعد ك‪::‬ل زي‪::‬ارة‪ ،‬ي‪::‬دفع‬
‫ش ‪:‬يًئ ا م‪::‬ا من إيج‪::‬اره‪ ،‬خش‪::‬ية اإلخالء المحتم‪::‬ل‪ .‬إذن ‪ -‬تب ‪ً:‬ا‪ ،‬إذن ‪ -‬فلن تك‪::‬ون الس‪::‬يدة‬
‫باركر أب‪ً:‬د ا مستش‪:‬ارة ل‪:‬ك‪ ،‬إذا كنت ال ت‪:‬زال واقًف ا على ق‪:‬دم واح‪:‬دة‪ ،‬وي‪:‬دك الس‪:‬اخنة‬
‫ممسكة بالدوالرات الثالثة الرطبة في جيبك‪ ،‬وتعلن بصوت أجش عن فق‪::‬رك الش‪::‬نيع‬
‫والمذنب‪ .‬كانت تنطق بصوت عاٍل بكلمة "كالرا"‪ ،‬وتدير ل‪::‬ك ظهره‪::‬ا‪ ،‬ثم تس‪::‬ير إلى‬
‫الط‪::‬ابق الس‪::‬فلي‪ ،‬ومن ثم س‪::‬ترافقك الخادم‪::‬ة كالرا ذات الع‪::‬رقين (الع‪::‬رق األبيض‪،‬‬
‫والعرق األسود)‪ ،‬بصعود مجموعة من الس‪::‬اللم الخش‪::‬بية المؤدي‪::‬ة إلى غرف‪::‬ة المن‪::‬ور‬
‫التي ستريك إياها‪ ،‬إنها غرفة تبلغ مساحتها‬
‫‪ 8 × 7‬أقدام في منتصف القاعة‪ ،‬وعلى كل جانب منها كانت هناك خزانة خشبية‬
‫داكنة‪ ،‬أوغرفة تخزين‪ ،‬وكان فيها سرير حدي‪::‬دي‪ ،‬ومغس‪::‬لة‪ ،‬وكرس‪::‬ي‪ ،‬وك‪::‬ان ال‪::‬رف‬
‫خزانة المالبس‪ .‬وعلى ما يبدو أن جدرانها األربعة الخالية‪ ،‬تقترب منك مثل ج‪::‬وانب‬
‫العملة المعدنية‪ ،‬وكأنها ستطبق عليك‪ ،‬مما يجعل يدك تتسلل إلى حلق‪::‬ك‪ ،‬وتش‪::‬هق‪ ،‬ثم‬
‫تلقي نظرة لألعلى كما لو كنت في بئر – وتعيد التنفس مرة أخرى‪ .‬لقد رأيت مربًع ا‬
‫من لون أزرق النهائي‪ ،‬من خالل زجاج المنور الصغير‪.‬‬
‫كانت كالرا تقول بنبرة فيها ازدراء واشمئزاز‪" :‬آه‪ ،‬دوالران‪. "،‬‬
‫وفي أحد األيام‪ ،‬جاءت اآلنسة ليسون للبحث عن غرف‪::‬ة‪ ،‬وك‪::‬انت تحم‪::‬ل آل‪::‬ة كاتب‪::‬ة‪،‬‬
‫ُصنعت لتجرها سيدة أكبر منها بكث‪::‬ير مم‪::‬ا ينم عن ك‪::‬بر حجمه‪::‬ا‪ .‬ك‪::‬انت اآلنس‪::‬ة فت‪::‬اة‬
‫صغيرة جًد ا‪ ،‬ذات أعين كبيرة‪ ،‬وشعر طويل‪ ،‬وعند النظر إليها‪ ،‬ينتاب‪::‬ك ش‪::‬عور كم‪::‬ا‬
‫لو كانوا يقولون‪" :‬يا ربي"‪ .‬لماذا لم تكن مثلنا؟‬
‫أطلعته‪::‬ا الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر على الص‪::‬الونات المزدوج‪::‬ة‪ ،‬ثم ق‪::‬الت اآلنس‪::‬ة ليس‪::‬ون وهي‬
‫ترتج‪::‬ف‪ « :‬يمكن للم‪::‬رء أن يحتف‪::‬ظ بهيك‪::‬ل عظمي‪ ،‬أو مخ‪::‬در‪ ،‬أو فحم في ه‪::‬ذه‬

‫‪18‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الخزانة‪ ،‬لكنني لست طبيبة بشرية‪ ،‬وال طبيبة أس‪::‬نان‪ ».‬أعطته‪::‬ا الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر تل‪::‬ك‬
‫النظرة الجامدة المليئة بالشك‪ ،‬والمشفقة‪ ،‬والساخرة‪ ،‬وعلى ما يبدو‪ ،‬أنها تل‪::‬ك النظ‪:‬رة‬
‫لزمتها ألولئك الذين فشلوا في التأهل كأطباء‪ ،‬أو أطباء أسنان‪ ،‬وعادت أدراجه‪::‬ا إلى‬
‫الطابق الثاني‪.‬‬
‫قالت اآلنسة ليسون‪ « :‬ثمانية دوالرات؟»‪' .‬عزيزي! هل خول إلي‪::‬ك أن‪::‬ني هي‪::‬تي إال‬
‫إذا كنت ج‪:‬رين‪ ،‬إن‪:‬ني مج‪:‬رد فت‪:‬اة ص‪:‬غيرة فق‪:‬يرة وعامل‪:‬ة‪ ،‬أرني ش‪:‬يئا أعلى وأدنى‪.‬‬
‫نهض السيد سكيدر عند طرق باب منزله‪ ،‬ناثرًا أعقاب السجائر على األرض‪ .‬ق‪::‬الت‬
‫الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر وهي تبتس‪::‬م ابتس‪::‬امة ش‪::‬ريرة على نظرات‪::‬ه الش‪::‬احبة‪" :‬عف‪::‬وًا ي‪::‬ا س‪::‬يد‬
‫س‪:::‬كيدر"‪" .‬لم أكن أعلم أن‪:::‬ك بال‪:::‬داخل‪ ،‬لق‪:::‬د طلبت من الس‪:::‬يدة أن تلقي نظ‪:::‬رة على‬
‫دالياتك‪ ".‬قالت اآلنس‪::‬ة ليس‪::‬ون وهي تبتس‪::‬م ب‪::‬براءة‪« :‬إنه‪::‬ا جميل‪::‬ة ج‪ً:‬د ا مقارن‪::‬ة ب‪::‬أي‬
‫شيء»‪ .‬انشغل السيد سكيدر بعد رحيلهم‪::‬ا كث‪::‬يرًا بمح‪::‬و البطل‪::‬ة الطويل‪::‬ة ذات الش‪::‬عر‬
‫األسود من مسرحيته األخيرة (التي لم يؤلفها بعد)‪ ،‬وإدخال شخصية صغيرة ش‪::‬ريرة‬
‫ذات شعر كثيف والمع ومالمح مفعمة بالحيوية‪.‬‬
‫ق‪::‬ال الس‪::‬يد س‪::‬كيدر لنفس‪::‬ه واض‪::‬عًا قدمي‪::‬ه مقاب‪::‬ل ال‪::‬داليات‪ ،‬ويختفي في س‪::‬حابة من‬
‫الدخان مثل الحبار الهوائي‪" :‬سوف تقفز آنا هيلد عليها"‪.‬‬
‫بدت للعالم حالة محفظة اآلنسة ليسون ‪،‬بعد صافرة الخطر‪"،‬كالرا!"‪ .‬دخلت اآلنس‪::‬ة‬
‫في حالة ذهول إثر صدمة ثمن الغرفة‪ ،‬وكأنها تص‪::‬عد س‪::‬لم جهنم الم‪::‬ؤدي إلى غرف‪::‬ة‬
‫حالكة السواد‪ ،‬وأخذت تمتم بالكلمات التهديدية لمحفظته‪::‬ا "دوالران!" تنه‪::‬دت اآلنس‪::‬ة‬
‫ليسون 'أنا أعتبر!' ‪ ،‬وهي تغوص على السرير الحديدي الذي يصدر صريًر ا‪.‬‬
‫كانت اآلنسة ليسون تخرج كل يوم إلى العمل‪ ،‬وكانت تحضر إلى الم‪::‬نزل في اللي‪::‬ل‬
‫أوراًق ا مكتوبة بخط اليد‪ ،‬وتنسخها بآلة الكتابة‪ .‬لم يكن لديها عمل في الليل‪ ،‬في بعض‬
‫األحي‪::‬ان‪ ،‬فك‪::‬انت تجلس على درج‪::‬ات الس‪::‬لم المرتف‪::‬ع م‪::‬ع ن‪::‬زالء الغرف‪::‬ة اآلخ‪::‬رين‪،‬‬
‫وعندما تم وضع الخطط إلنشاء غرفة المنور‪ ،‬لم تكن غرفة اآلنسة لي‪::‬ون ق‪::‬د أع‪::‬دت‬
‫بعد‪ .‬لقد كانت شاذة القلب‪ ،‬ومليئة بالخيال الرقيق‪ ،‬والغريب األطوار‪.‬‬
‫وكلما أتيحت لآلنسة ليسون وقت للجل‪::‬وس على ال‪::‬درج لم‪::‬دة س‪::‬اعة أو س‪::‬اعتين‪،‬‬
‫كان يرسم االبتهاج على وجوه السادة المساكين‪ ،‬بمج‪:‬رد أن ت‪:‬دع الس‪:‬يد س‪:‬كيدر يق‪:‬رأ‬
‫لها ثالثة أعم‪::‬ال من الكومي‪::‬ديا العظيم‪::‬ة (غ‪::‬ير النش‪::‬ورة بع‪::‬د)‪" ،‬إن‪::‬ه ليس طفًال"؛ أو‬
‫وريث م‪::‬ترو األنف‪::‬اق‪ .‬ك‪::‬انت اآلنس‪::‬ة لونج‪::‬نيكر جالس‪::‬ة على الدرج‪::‬ة العلي‪::‬ا تستنش‪::‬ق‬
‫اله‪::‬واء وتق‪::‬ول ‪ ":‬نعم‪ ،‬حق ‪ً:‬ا!"‪ ،‬لق‪::‬د ك‪::‬انت ت‪::‬درس في مدرس‪::‬ة عام‪::‬ة‪ ،‬وهي ش‪::‬قراء‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫وطويل‪::‬ة القام‪::‬ة‪ .‬وك‪::‬انت تجلس اآلنس‪::‬ة دورن على الدرج‪::‬ة الس‪::‬فلية تستنش‪:‬ق اله‪::‬واء‬
‫أيضًا‪ ،‬وكانت تطلق النار كل ي‪:‬وم أح‪:‬د على الب‪:‬ط ال‪:‬ذي يتج‪:‬ول في األرج‪:‬اء‪ ،‬حيث‬
‫تعم‪::‬ل في متج‪::‬ر متع‪::‬دد األقس‪::‬ام‪ ،‬وجلس‪::‬ت اآلنس‪::‬ة ليس‪::‬ون على الدرج‪::‬ة الوس‪::‬طى‪،‬‬
‫وسرعان ما تجمع الرجال حوله‪:‬ا‪ ،‬وخاص‪:‬ة الس‪:‬يد س‪:‬كيدر‪ ،‬ال‪:‬ذي وض‪:‬عها في ذهن‪:‬ه‬
‫لتلعب دور البطول‪::‬ة في درام‪::‬ا رومانس‪::‬ية خاص‪::‬ة (لم يتم اإلعالن عنه‪::‬ا) في الحي‪::‬اة‬
‫الواقعية‪ .‬وكذلك‪ ،‬السيد هوفر الذي هو في الخامسة واألربعين من عمره‪ ،‬وهو بدين‪،‬‬
‫ومحمر الوجه‪ ،‬وأحمق أيضًا‪ ،‬والسيد إيفانز الصغير ج ‪ً:‬د ا‪ ،‬ال‪::‬ذي أس‪::‬عل س‪::‬عاًال جاف ‪ً:‬ا‬
‫متعمدًا؛ لحث اآلنسة ليسون على طلب التوقف عن السجائر من الس‪::‬يد س‪::‬كيدر‪ .‬ولق‪::‬د‬
‫أجمع الرج‪::‬ال على أنه‪::‬ا "األك‪::‬ثر مرًح ا وبهج‪::‬ة على اإلطالق"‪ ،‬لكن ك‪::‬انت الش‪::‬ماتة‬
‫الجالسة على الدرجة العليا‪ ،‬والدرجة السفلية ال تطاق‪.‬‬
‫……………………………‪.‬‬
‫أدعو هللا أن تترك تتوقف الدراما‪ ،‬بينما تترصد الكورس ( وهي فرقة موسيقية من‬
‫المغنيين) األضواء وتسقط دمعة مأساوية على بدانة السيد هوفر‪ .‬قم بضبط المزامير‬
‫على مأساة الشحم‪ ،‬وآفة ضخامة الحجم‪ ،‬وكارثة السمنة ‪ ،‬ربم‪::‬ا ك‪::‬ان فالس‪::‬تاف (اس‪::‬م‬
‫شخص)‪ ،‬قد ج‪::‬رب تق‪::‬ديم أك‪::‬ثر من طن الرومانس‪::‬ية ال‪::‬تي لن تكن ب‪::‬ذرة من ض‪::‬لوع‬
‫روميو المتهالكة‪ .‬قد يتنهد المحب‪ ،‬لكن ال يج‪::‬در ب‪::‬ه الت‪::‬أفف‪ .‬لق‪::‬د تم إرس‪::‬ال الرج‪::‬ال‬
‫الب‪::‬دناء إلى قط‪::‬ار موم‪::‬وس‪ .‬ينبض القلب المخلص عبث ‪ً:‬ا ف‪::‬وق ح‪::‬زام بط‪::‬ول اثن‪::‬ان‬
‫وخمسون بوصة‪ .‬اغرب عن وجهي يل هوفر! قد يجرف ه‪::‬وفر هيلين نفس‪::‬ها‪ ،‬وه‪::‬و‬
‫متورد‪ ،‬وأحمق‪ ،‬ويبلغ من العمر خمسة وأربعين عاًما‪ ،‬وهو مت‪::‬ورد وأحم‪::‬ق‪ ،‬ه‪::‬وفر‬
‫الذي بلغ الخامس واألربعون‪ ،‬مت‪::‬ورد‪ ،‬وأحم‪::‬ق‪ ،‬وب‪::‬دين‪ ،‬ه‪::‬و لحم بال فائ‪::‬دة‪ ،‬فلم تكن‬
‫هناك فرصة لك يا هوفر‪.‬‬
‫وبينما كان يجلس ضيوف السيدة باركرهكذا في إحدى أمسيات الصيف‪ ،‬نظ‪::‬رت‬
‫اآلنسة ليسون إلى السماء وصرخت بضحكتها المرحة الصغيرة‪« :‬لماذا‪ ،‬هن‪::‬اك بيلي‬
‫جاكسون!» أستطيع رؤيته من هنا أيًض ا»‪ .‬نظر الجميع إلى األعلى‪ ،‬ونظ‪::‬ر بعض‪::‬هم‬
‫إلى نواف‪::‬ذ ناطح‪::‬ات الس‪::‬حاب‪ ،‬والبعض اآلخ‪::‬ر يبحث عن منط‪::‬اد‪ ،‬يق‪::‬وده جاكس‪::‬ون‪.‬‬
‫وأوض‪:‬حت اآلنس‪:‬ة ليس‪:‬ون وهي تش‪:‬ير بإص‪:‬بعها الص‪:‬غير‪" :‬إن‪:‬ه ذل‪:‬ك النجم"‪« .‬ليس‬
‫الكبير الذي يومض‪ ،‬بل األزرق الثابت القريب منه‪ ».‬أستطيع أن أرى ذلك ك‪::‬ل ليل‪::‬ة‬
‫من خالل من‪::‬ور بل‪::‬دي‪ ،‬لق‪::‬د س‪::‬ميته بيلي جاكس‪::‬ون‪ .‬ق‪::‬الت اآلنس‪::‬ة لونج‪::‬نيكر "حس‪::‬نا‪،‬‬
‫حقا!"‪" .‬لم أكن أعلم أنك عالمة فلك‪ ،‬يا آنسة ليسون‪ ".‬وقال مراقب النج‪::‬وم الص‪::‬غير‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫«أوه‪ ،‬نعم‪ ،‬أعرف مثل أي واحد من علماء الفلك عن شكل األكم‪:‬ام ال‪:‬تي س‪:‬يرتدونها‬
‫في الخريف القادم على المريخ‪».‬‬
‫قالت اآلنس‪::‬ة لونج‪::‬نيكر‪" :‬حس‪::‬نا‪ ،‬حق‪::‬ا!"‪" .‬النجم ال‪::‬ذي تش‪::‬ير إلي‪::‬ه ه‪::‬و جام‪::‬ا‪ ،‬من‬
‫كوكبة ذات الكرسي‪ ،‬إنه تقريًبا من الحجم الثاني‪ ،‬وممر خط الطول الخاص به ه‪::‬و‪-‬‬
‫قال السيد إيفانز الشاب جًد ا‪" :‬ياربي" "أعتقد أن بيلي جاكسون هو اسم أفض‪::‬ل بكث‪::‬ير‬
‫له‪".‬‬
‫قال السيد هوفر‪ ،‬وهو يتنفس بصوت عاٍل في تح‪ٍ::‬د لآلنس‪::‬ة لونج‪::‬نيكر‪« :‬أوافق‪::‬ك‬
‫الرأي‪" ».‬أعتقد أن اآلنسة ليسون لديها نفس القدر من الح‪::‬ق في تس‪:‬مية النج‪::‬وم مث‪:‬ل‬
‫أي من هؤالء المنجمين القدامى‪".‬‬
‫قالت اآلنسة لونجنيكر‪" :‬حسنا‪ ،‬حقا!"‪ .‬قالت اآلنسة دورن‪" :‬أتساءل عما إذا ك‪::‬ان‬
‫هذا شهاًبا"‪" .‬لقد ض‪::‬ربت تس‪::‬عة بط‪::‬ات‪ ،‬وأرنًب ا من أص‪::‬ل عش‪::‬رة في المع‪::‬رض في‬
‫كوني يوم األحد‪ ".‬قالت اآلنسة ليسون‪« :‬إنه ال يظهر بوض‪::‬وح من هن‪::‬ا‪" ».‬يجب أن‬
‫تراه من غرفتي‪ ".‬أنت تعلم أنه يمكنك رؤية النجوم ح‪::‬تى في النه‪::‬ار من ق‪::‬اع الب‪::‬ئر‪،‬‬
‫غرف‪::‬تي تش‪::‬به عم‪::‬ود منجم للفحم في اللي‪::‬ل‪ ،‬وه‪::‬ذا يجع‪::‬ل بيلي جاكس‪::‬ون يب‪::‬دو مث‪::‬ل‬
‫الدبوس الماسي الكبير الذي تثبت به نايت ثوب الكيمونو الخاص بها»‪.‬‬
‫وم‪::‬ر على األنس‪::‬ة ليس‪::‬ون وقت‪ ،‬لم تحض‪::‬ر في‪::‬ه أي أوراق كب‪::‬يرة إلى الم‪::‬نزل‬
‫لنسخها‪ ،‬كانت تنتقل من مكتب إلى آخ‪::‬ر في الص‪::‬باح ب‪::‬دًال من العم‪::‬ل‪ ،‬وت‪::‬ترك قلبه‪::‬ا‬
‫يذوب في قطرات الرفض البارد التي ينقلها موظفو المكاتب الوقحون‪ ،‬استمر الح‪::‬ال‬
‫على هذا‪.‬‬
‫وجاءت إحدى األمسيات عندما تسلقت بض‪::‬جر منح‪::‬در الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر في الس‪::‬اعة‬
‫التي تعود فيها دائًما من العشاء في المطعم‪ ،‬ولكنها لم تتن‪::‬اول العش‪::‬اء‪ ،‬عن‪::‬دما دخلت‬
‫القاعة التقى بها السيد هوفر‪ ،‬اغتنم فرصته وطلب منه‪::‬ا ال‪::‬زواج من‪::‬ه‪ ،‬ح‪::‬امت فوقه‪::‬ا‬
‫بدانة هوفر مثل االنهيار الجليدي‪ .‬لقد تهربت وتمسكت بالدرابزين‪ ،‬ح‪:‬اول أن يمس‪:‬ك‬
‫بي‪::‬دها‪ ،‬فرفعته‪::‬ا وض‪::‬ربته بق‪::‬وة على وجه‪::‬ه‪ ،‬وخط‪::‬وة بخط‪::‬وة وهي تس‪::‬حب نفس‪::‬ها‬
‫صعدت من السور‪ .‬لقد اجتازت باب السيد سكيدر بينم‪::‬ا ك‪::‬ان يرس‪::‬م ب‪::‬الحبر األحم‪::‬ر‬
‫اتجاه المسرح لميرتل ديلورمي (اآلنسة ليس‪::‬ون) في الكومي‪::‬ديا (غ‪::‬ير المقبول‪::‬ة)‪ ،‬إلى‬
‫"ال‪::‬دوران ع‪::‬بر المس‪::‬رح من إل إلى ج‪::‬انب الك‪::‬ونت"‪ .‬تس‪::‬لقت أخ‪::‬يًر ا الس‪::‬لم المغطى‬
‫بالسجاد‪ ،‬وفتحت باب غرفة المنور‪ ،‬لقد كانت أضعف من أن تش‪:‬عل المص‪:‬باح أو أن‬
‫تخل‪::‬ع مالبس‪::‬ها‪ ،‬ف‪::‬ارتمت على الس‪::‬رير الحدي‪::‬دي‪ ،‬و بالك‪::‬اد يج‪::‬وف جس‪::‬دها الهش‬

‫‪21‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الزنبركات البالية‪ .‬رفعت جفنيها الثقيلين ببطء في تلك الغرف‪::‬ة‪ ،‬وابتس‪::‬مت؛ ألن بيلي‬
‫جاكسون كان يشع عليها‪ ،‬هادًئ ا ومشرًقا وثابًت ا من خالل المنور‪.‬‬
‫لم يكن هناك عالم عنها أو يدري عن حالها‪ ،‬لق‪::‬د غ‪::‬رقت في حف‪::‬رة من الس‪::‬واد‪ ،‬م‪::‬ع‬
‫ذلك المربع الصغير من الضوء الشاحب الذي يحيط بالنجمة التي أطلقت عليها اس‪ً::‬ما‬
‫غريًبا للغاية‪ ،‬يا للهول‪ ،‬بشكل غير فعلي‪ ،‬حضر في ذهنه‪::‬ا أن اآلنس‪::‬ة لونج‪::‬نيكر ق‪::‬د‬
‫تكون على حق؛ لقد كانت جاما‪ ،‬من كوكبة ذات الكرسي‪ ،‬وليس بيلي جاكسون‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬لم يكن بوسعها أن تسمح لها بأن تكون غاما‪ ،‬وبينما كانت مستلقية على ظهرها‬
‫حاولت مرتين رفع ذراعها‪ ،‬ولكن في الم‪:‬رة الثالث‪:‬ة‪ ،‬وض‪::‬عت إص‪::‬بعين رفيعين على‬
‫ش‪::‬فتيها وأرس‪::‬لت قبل‪::‬ة من الحف‪::‬رة الس‪::‬وداء ل‪::‬بيلي جاكس‪::‬ون‪ ،‬ت‪::‬راجعت ذراعه‪::‬ا إلى‬
‫الوراء بشكل ضعيف‪ ،‬وتمتمت بص‪:‬وت خ‪:‬افت‪« :‬وداًع ا ي‪:‬ا بيلي‪ " ».‬أنت على بع‪:‬د‬
‫ماليين األمي‪::‬ال ولن ت‪::‬ومض ول‪::‬و لم‪::‬رة واح‪::‬دة‪ "،‬لكن‪::‬ك بقيت ثابت‪ً:‬ا‪ ،‬بحيث تس‪::‬نح لي‬
‫رؤيتك معظم الوقت‪ ،‬عندما لم يكن هناك أي ش‪:‬يء آخ‪:‬ر س‪:‬وى الظالم للنظ‪:‬ر إلي‪:‬ه‪،‬‬
‫أليس ك‪::‬ذلك؟ ‪ . . .‬ماليين األمي‪::‬ال‪ ....‬وداًع ا بيلي جاكس‪::‬ون»‪ .‬وج‪::‬دت كالرا الب‪::‬اب‬
‫مغلًق ا في الساعة العاشرة من اليوم التالي‪ ،‬ففتحته بالقوة ‪ ،‬وهي الخادمة ذات العرقين‬
‫لم يج‪::‬د نفع‪ً:‬ا الخ‪::‬ل‪ ،‬وال الص‪::‬فع على الرس‪:‬غين‪ ،‬وال ح‪::‬تى ال‪::‬ريش المح‪::‬ترق‪ ،‬فه‪:‬رع‬
‫أحدهم لطلب سيارة إسعاف‪ ،‬وعاد في ال‪:‬وقت المناس‪:‬ب إلى الب‪:‬اب مح‪:‬دًث ا الكث‪:‬ير من‬
‫رنين الجرس‪ ،‬وأصبح الطبيب الشاب القدير‪،‬ال‪::‬ذي يرت‪::‬دي معطف‪::‬ه الكت‪::‬اني األبيض‪،‬‬
‫ج‪::‬اهًز ا على ال‪::‬درج بوجه‪::‬ه الن‪::‬اعم ال‪::‬ذي نص‪::‬ف مبهج ونص‪::‬ف متجهم‪ ،‬ونش‪::‬يًط ا‪،‬‬
‫وواثًق ا‪ .،‬قال بإيجاز‪" :‬اتصلت سيارة اإلسعاف بالرقم ‪' ."49‬ما المشكلة؟'‬
‫استنش‪::‬قت الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر‪ ،‬كم‪::‬ا ل‪::‬و أن مش‪::‬كلتها تتمث‪::‬ل في ح‪::‬دوث مش‪::‬كلة أك‪::‬بر في‬
‫المنزل‪ " :‬نعم يا دكتور‪" ."،‬ال أستطيع أن أفكر في م‪::‬ا يمكن أن يك‪::‬ون األم‪::‬ر معه‪::‬ا‪،‬‬
‫فال يوجد شيء قد نفعله‪ ،‬سيوصلها إلى ذلك‪ ،‬إنها ام‪::‬رأة ش‪::‬ابة‪ ،‬اآلنس‪::‬ة إلس‪::‬ي ‪ -‬نعم‪،‬‬
‫اآلنسة إلسي ليسون‪ .‬لم يحدث هذا من قبل في منزلي ‪'-‬‬
‫صرخ الطبيب بصوت رهيب‪ ":‬أي‪::‬ة غرف‪::‬ة؟"‪ ،‬وك‪::‬انت الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر غريب‪::‬ة عن‪::‬ه‪.‬‬
‫"غرفة المنور‪ ".‬إنه ‪' -‬من الواضح أن طبيب اإلسعاف كان على دراية بموقع غرف‬
‫المنور‪ .‬كان يصعد أربع درجات في كل مرة‪ .‬تبعته السيدة باركر بتروي‪ ،‬كما حثتها‬
‫كرامتها‪.‬‬
‫التقت في أول وص‪::‬ولها‪ ،‬ب‪::‬الطبيب عائ‪::‬دًا وه‪::‬و يحم‪::‬ل عالم‪::‬ة الفل‪::‬ك بين ذراعي‪::‬ه‪،‬‬
‫توقف وأطلق مشرط لسانه بصوت غير عال‪ .‬انه‪::‬ارت الس‪::‬يدة ب‪::‬اركر ت‪::‬دريجيًا مث‪::‬ل‬

‫‪22‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قطعة قماش قاسية تنزلق من مسمار‪ ،‬وبعدها ظ‪::‬ل عقله‪::‬ا وجس‪::‬دها في انهي‪::‬ار‪ .‬ك‪::‬ان‬
‫ضيوف غرفتها الفضوليون يسألونها في بعض األحيان عما قاله لها الطبيب‪.‬‬
‫كانت تجيب‪« :‬فليكن ذلك»‪" .‬إذا ك‪:‬ان بإمك‪:‬اني الحص‪:‬ول على المغف‪:‬رة لس‪:‬ماع ذل‪:‬ك‬
‫سأكون راضية"‪ .‬سار طبيب اإلسعاف بحمله ع‪::‬بر مجموع‪::‬ة من كالب الص‪::‬يد ال‪::‬تي‬
‫تتبع المطاردة الفضولية‪ ،‬وحتى أنها س‪::‬قطت على الرص‪::‬يف خجاًل ؛ ألن وجه‪::‬ه ك‪::‬ان‬
‫وجه شخص يحمل ميت له‪.‬‬
‫الحظوا أنه لم يرقد على السرير المعد لها في سيارة اإلسعاف بالشكل الذي يحمل‪::‬ه‪،‬‬
‫وكل ما قاله للسائق‪ُ« :‬قد مثل إتش ‪ -‬إل‪ ،‬ويلسون»‪.‬‬
‫وهذا كل شيء‪ .‬هل هي قصة؟ رأيت خبًر ا صغيًر ا في جريدة صباح اليوم الت‪::‬الي‪، ،‬‬
‫و قد تساعدك الجملة األخيرة منه (كما ساعدتني) في ربط األحداث مًعا‪.‬‬
‫تم إبالغ قسم االستقبال في مستشفى بلفيو‪ ،‬بأنه تم نقل امرأة شابة من رقم ‪ 49‬شارع‬
‫شرقي‪ ،‬وكانت تعاني من الوهن الناجم عن الجوع‪ .‬واختتمت بهذه الكلمات‪:‬‬
‫ويقول طبيب اإلسعاف الذي أحضر الحالة‪ ،‬الدكتور ويليام جاكسون‪ ،‬أن المريض‪::‬ة‬
‫ستتعافى‪.‬‬

‫القصة الخامسة‪ :‬خدمة المحبة‬


‫ال تبدو أي خدمة صعبة للغاية‪ ،‬عندما يحب المرء فنه‪ .‬هذه هي فرض‪::‬يتنا‪ ،‬الب‪:‬د أن‬
‫تس‪::‬تخلص من ه‪::‬ذه القص‪::‬ة اس‪::‬تنتاجًا‪ ،‬وتثبت في نفس ال‪::‬وقت أن الفرض‪::‬ية غ‪::‬ير‬
‫صحيحة‪ .‬سيكون ذلك عمًال جديدًا في المنطق‪ ،‬وإنجاًز ا في سرد قص‪::‬ص‪ ،‬ق‪::‬د تك‪::‬ون‬
‫أقدم إلى حد ما من سور الصين العظيم‪.‬‬
‫خرج جو الرابي وهو ينبض بعبقرية في الفن التصويري‪ ،‬من ش‪::‬قق م‪::‬ا بع‪::‬د البل‪::‬وط‬
‫في الغرب األوس‪::‬ط‪ ،‬وعن‪::‬دما ك‪::‬ان وفي السادس‪::‬ة من عم‪::‬ره‪ ،‬رس‪::‬م ص‪::‬ورة لمض‪::‬خة‬
‫المدينة يمر بها مواطن بارز مع مواطن ب‪::‬ارزعلى عج‪::‬ل‪ ،‬و تم ب‪::‬روزة ه‪::‬ذا الجه‪::‬د‪،‬‬
‫وتعليقه في نافذة متجر األدوية بجانب سنبلة الذرة بعدد غير متس‪:‬اوي من الص‪::‬فوف‪.‬‬
‫وغادر في سن العشرين إلى نيويورك‪ ،‬بربطة عنق منبثق‪::‬ة‪ ،‬ورأس م‪::‬ال مح‪::‬دود إلى‬
‫حد ما‪.‬‬
‫قامت ديليا كاروثرز بالعزف بشكل واعد‪ ،‬في ستة مقاطع ش‪::‬عرية‪ ،‬يتك‪::‬ون ك‪::‬ل منه‪::‬ا‬
‫من ثم‪::‬ان أبي‪::‬ات‪ ،‬وذل‪::‬ك في قري‪::‬ة مليئ‪::‬ة بأش‪::‬جار الص‪::‬نوبر في الجن‪::‬وب‪ ،‬لدرج‪::‬ة أن‬

‫‪23‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫أقاربها ساهموا بم‪:‬ا يكفي في قبعته‪:‬ا الرقيق‪::‬ة ح‪::‬تى تتمكن من ال‪::‬ذهاب إلى "الش‪:‬مال"‬
‫و"الفينيش"‪ .‬لم يتمكنوا من رؤيتها في نهاية المطاف‪ ،‬لكن هذه هي قصتنا‪.‬‬
‫التقى كل من ج‪::‬و وديلي‪:‬ا في مش‪:‬غل؛ حيث اجتم‪:‬ع ع‪:‬دد من طالب الفن والموس‪:‬يقى‬
‫لمناقش‪::‬ة اإلض‪::‬اءة‪ ،‬وواج‪::‬نر‪ ،‬والموس‪::‬يقى‪ ،‬وص‪::‬ور أعم‪::‬ال رام‪::‬برانت‪ ،‬وال‪::‬دتوفيل‪،‬‬
‫وورق الحائط‪ ،‬وشوبان‪ ،‬و أولونغ‪ .‬وقد أصبح جو وديليا مفت‪::‬ونين ببعض‪::‬هما البعض‬
‫أو كل باآلخر‪ ،‬كما يحلو ل‪:‬ك‪ ،‬وفي وقت قص‪:‬ير تزوج‪:‬ا ‪ -‬ألن‪:‬ه (كم‪:‬ا ذكرن‪:‬ا س‪:‬ابقًا)‪،‬‬
‫عندما يحب المرء فنه‪ ،‬ال تبدو أي خدمة صعبة للغاية‪.‬‬
‫بدأ السيد والسيدة الرابي التدبير الم‪::‬نزلي لش‪::‬قتهما‪ ،‬لق‪::‬د ك‪::‬انت ش‪::‬قة منعزل‪::‬ة ‪ -‬ش‪::‬يء‬
‫يشبه الطريق المنحدر‪ ،‬عند الطرف األيسر من لوحة المف‪::‬اتيح‪ ،‬لكنهم ك‪::‬انوا س‪::‬عداء‪،‬‬
‫ألنه كان لديهما فنهما وكان لديهما بعضهما البعض‪ .‬ونص‪::‬يحتي للش‪::‬اب الغ‪::‬ني هي ‪-‬‬
‫بع كل ما تملكه‪ ،‬وأعطه للفقراء ‪ -‬وكن حارسًا للقمة عيشك في شقة مع فن‪::‬ك وديلي‪::‬ا‬
‫الخاصة بك‪.‬‬
‫يجب على ق‪::‬اطني الش‪::‬قق أن يؤي‪::‬دوا رأيي ب‪::‬أن؛ س‪::‬عادتهم هي الس‪::‬عادة الحقيقي‪::‬ة‬
‫الوحيدة‪ .‬فال يمكن أن يك‪::‬ون الم‪::‬نزل متناغم‪ً:‬ا‪ ،‬إذا ك‪::‬ان س‪::‬عيًد ا‪ - ،‬وإال‪ ،‬دع خزان‪::‬ة‬
‫المالبس تنهار‪ ،‬وتصبح طاول‪:‬ة بلي‪:‬اردو؛ ودع رف الموق‪:‬د يتح‪:‬ول إلى آل‪:‬ة تج‪:‬ديف‪،‬‬
‫والمكتبة إلى حجرة ن‪:‬وم إض‪:‬افية‪ ،‬والمغس‪:‬لة إلى بي‪:‬انو ق‪:‬ائم؛ ودع الج‪:‬دران األربع‪:‬ة‬
‫تجتمع مًع ا‪ ،‬إن شئت ذلك‪ ،‬بحيث تكون أنت وديليا بينهما‪ ،‬ولكن إذا ك‪::‬ان الم‪::‬نزل من‬
‫النوع اآلخر‪ ،‬فليكن واسًعا وطوياًل – ادخل من البواب‪::‬ة الذهبي‪::‬ة‪ ،‬وعل‪::‬ق قبعت‪::‬ك على‬
‫هاتيريس‪ ،‬ورداءك على كيب هورن‪ ،‬واخرج برفقة البرادور‪.‬‬
‫كان جو يرسم في صف ماجيس‪::‬تر العظيم‪ - 2‬أنت تع‪::‬رف ش‪::‬هرته‪ .‬أتعاب‪::‬ه مرتفع‪::‬ة؛‬
‫دروسه خفيفة ‪ -‬وقد جلبت األضواء الب‪:‬ارزة ل‪:‬ه ش‪:‬هرة‪ .‬ك‪:‬انت ديلي‪:‬ا ت‪:‬درس على ي‪:‬د‬
‫روزنستوك‪ ،3‬وأنت تعرف سمعته في حبه إلثارة المتاعب‪.‬‬
‫لقد كانوا سعداء للغاية طالما استمرت أموالهما – ولن أكون ساخرًا‪ -‬إذ هو حال‬
‫الجميع‪ .‬كانت أهدافهم واضحة ومحددة للغاية‪ ،‬كان مقدرًا لجو أن يص‪::‬بح ق‪::‬ادًر ا على‬
‫إخراج الصور التي التقطها لقدماء السادة ذوي الشعيرات الجانبي‪::‬ة‪ ،‬ودف‪::‬اتر الجي‪::‬وب‬
‫السميكة‪ ،‬الذين يريدون وضع أكياًسا رملية لبعض‪::‬هم البعض في االس‪::‬توديو الخ‪::‬اص‬
‫به للحصول على امتياز الشراء‪ .‬كان مقدرًا لديليا أن تصبح مألفة للموسيقى ومن ثم‪،‬‬

‫‪ . 2‬كان قائدًا عسكريًا رفيع المستوى في عهد اإلمبراطورية الرومانية الالحقة‪ ،‬ويعود تاريخه إلى عهد قسطنطين األكبر‪.‬‬
‫‪ . 3‬كان مؤرخًا‪ ،‬وفيلسوفًا اجتماعيًا‪ ،‬امتدت أعماله إلى تخصصات التاريخ والالهوت وعلم االجتماع واللسانيات وماوراءها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫تزدريها؛ ألنها ستصاب بالته‪:‬اب الحل‪:‬ق عن‪:‬دما ت‪:‬رى مقاع‪:‬د وص‪:‬ناديق األوركس‪:‬ترا‬
‫غير مباعة‪ ،‬وعندما ترى ج‪::‬راد البح‪::‬ر في غرف‪::‬ة الطع‪::‬ام الخاص‪::‬ة‪ ،‬فإنه‪::‬ا س‪::‬ترفض‬
‫الصعود على المسرح‪ .‬كانت الحي‪::‬اة المنزلي‪::‬ة في الش‪::‬قة الص‪::‬غيرة‪ ،‬هي األفض‪::‬ل في‬
‫رأيي ‪ -‬الدردشات الحماسية المفعمة بالحيوية بعد الدراسة اليومية؛ والعشاء الم‪::‬ريح‪،‬‬
‫ووجبات اإلفطار الطازجة‪ ،‬والخفيف‪::‬ة؛ تب‪::‬ادل الطموح‪::‬ات ‪ -‬طموح‪::‬ات مترابط‪::‬ة م‪::‬ع‬
‫بعض‪::‬ها البعض‪ ،‬أو غ‪::‬ير كب‪::‬يرة ‪ -‬المس‪::‬اعدة واإلله‪::‬ام المتب‪::‬ادلين؛ والتجاه‪::‬ل العب‪::‬ثي‬
‫لشطائر الزيتون‪ ،‬والجبن المحشوة في الساعة الحادية عشرة مساًء‪.‬‬
‫ولكن بعد فترة في بعض األحي‪::‬ان‪ ،‬يتم اإلبالغ عن الفن‪ ،‬ح‪::‬تى ل‪::‬و لم يبل‪::‬غ عن‪::‬ه أح‪::‬د‬
‫عمال التبديل وكما يقول السوقيون‪ :‬يخرج كل شيء‪ ،‬وال شيء يدخل‪ .‬كان ينقص‪::‬هما‬
‫المال؛ لدفع أجور السيد ماجيستر والسيد روزنستوك‪ .‬عندما يحب المرء فنه‪ ،‬ال تبدو‬
‫أي خدمة صعبة للغاي‪:‬ة‪ .‬ل‪::‬ذا‪ ،‬ق‪::‬الت ديلي‪:‬ا إنه‪:‬ا يجب أن تعطي دروًس ا في الموس‪:‬يقى‬
‫إلبقاء جريان المياه‪.‬‬
‫وخرجت لتجميع األص‪::‬وات للتالمي‪::‬ذ‪ ،‬لم‪::‬دة ي‪::‬ومين أو ثالث‪::‬ة أي‪::‬ام‪ .‬ق‪::‬الت ديالعن‪::‬دما‬
‫عادت إلى المنزل مبتهجة في إحدى األمس‪:‬يات ‪« :‬ج‪::‬و‪ ،‬عزي‪:‬زي‪ ،‬ل‪::‬دي تلمي‪:‬ذة‪ .‬وي‪:‬ا‬
‫أحالها من تلميذة! جنرال ‪ -‬ابنة الج‪::‬نرال أ‪.‬ب‪ .‬بينك‪::‬ني ‪ -‬في ش‪::‬ارع الس‪::‬بعين األول‪.‬‬
‫مثل هذا المنزل الرائع يا جو‪ ،‬يجب أن ت‪::‬رى الب‪::‬اب األم‪::‬امي! البيزنطي‪::‬ة أعتق‪::‬د أن‪::‬ك‬
‫سوف تسميها‪ .‬داخليا ايضا! ي‪::‬اربي لم أر ش‪:‬يًئ ا كه‪::‬ذا من قب‪::‬ل ي‪::‬ا ج‪::‬و‪" .‬تلمي‪::‬ذتي هي‬
‫ابنته كليمنتينا‪ ".‬أنا أحبها كثيرا بالفعل‪ ،‬إنه‪:‬ا ش‪:‬يء حس‪:‬اس ‪ -‬فس‪:‬اتينها دائم‪ً:‬ا ب‪:‬اللون‬
‫األبيض؛ وأحلى وأبسط األخالق! تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما فقط‪.‬‬
‫سأعطي ثالثة دروس في األسبوع‪ ،‬وفكر فقط ي‪:‬ا ج‪:‬و معي في األم‪:‬ر‪ ،‬عن‪:‬دما يك‪:‬ون‬
‫الدرس بخمس دوالرات‪ ،‬ال م‪::‬انع ل‪::‬دي؛ ألن‪::‬ه عن‪::‬دما أحص‪::‬ل على تلمي‪::‬ذين أو ثالث‪::‬ة‬
‫آخرين‪ ،‬أستطيع استئناف دروسي مع السيد روزنستوك‪ .‬اس‪::‬ترخي‪ ،‬اآلن‪ ،‬عزي‪::‬زتي‪،‬‬
‫وخففي تلك التجاعيد بين حاجبيك‪ ،‬ودعينا نتناول عشاًء لطيًفا»‪ .‬قال جو وهو يه‪::‬اجم‬
‫علبة البازالء بسكين وفأس‪" :‬هذا جيد بالنس‪::‬بة ل‪::‬ك ي‪::‬ا ديلي‪ ،‬ولكن م‪::‬اذا ع‪::‬ني؟" ه‪::‬ل‬
‫تعتقدين بأنني سأسمح ل‪::‬ك بالس‪::‬عي للحص‪::‬ول على األج‪::‬ر‪ ،‬بينم‪::‬ا أتج‪::‬ول في من‪::‬اطق‬
‫الفنون الراقية؟ ليس بعظام بنفينوتو تشيليني! لكني أعتقد أنني أس‪::‬تطيع بي‪::‬ع األوراق‪،‬‬
‫أو وضع الحجارة المرصوفة بالحصى‪ ،‬وكسب دوالر أو دوالرين»‪.‬‬
‫جاءت ديليا وتعلقت حول عنقه‪ " .‬عزيزي ج‪::‬و‪ ،‬إن‪:‬ك س‪:‬خيف‪ ،‬علي‪:‬ك االس‪:‬تمرار في‬
‫دراستك‪ ،‬ليس األمر كما ل‪::‬و أن‪::‬ني ت‪::‬ركت الموس‪::‬يقى وذهبت للعم‪::‬ل في ش‪::‬يء آخ‪::‬ر‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫فبينما أعلم أتعلم‪ .‬أن‪::‬ا دائم‪::‬ا م‪::‬ع موس‪::‬يقاي‪ ،‬ويمكنن‪::‬ا أن نعيش بس‪::‬عادة مث‪::‬ل أص‪::‬حاب‬
‫الماليين على خمس‪::‬ة عش‪::‬ر دوالرات في األس‪::‬بوع‪ ،‬علي‪::‬ك أال تفك‪::‬ر في ت‪::‬رك الس‪::‬يد‬
‫ماجيستر»‪.‬‬
‫قال جو وهو يمد يده إلى طبق الخض‪::‬ار ذو الص‪::‬دف األزرق‪« :‬حس‪ً:‬ن ا‪ ،»،‬ولك‪::‬ني‬
‫أكره أن تقومي بإعط‪:‬اء ال‪:‬دروس‪ ،‬ه‪:‬ذا ليس فن‪ً:‬ا؛ ألن‪:‬ك ورق‪:‬ة رابح‪:‬ة وعزي‪:‬زة على‬
‫القيام بذلك‪ .‬قالت ديليا‪« :‬عندما يحب المرء فنه‪ ،‬ال تب‪::‬دو أي خدم‪::‬ة ص‪::‬عبة للغاي‪::‬ة»‪.‬‬
‫قال جو‪" :‬لقد مدحني ماجيستر في هذا الرسم الذي رسمته في الحديق‪::‬ة"‪« .‬وأعط‪::‬اني‬
‫تينكل اإلذن بتعليق اثنين منهم في نافذته‪ ».‬قد أبيع واحدة إذا رآها صاحب الذوق من‬
‫األثرياء الحمقى»‪.‬‬
‫قالت ديليا بلطف‪" :‬إنني على يقين من قدرتك على فعل ذل‪::‬ك"‪ « .‬دعن‪::‬ا نكن اآلن‬
‫شاكرين للجنرال بينكني ولحم العجل المشوي هذا‪».‬‬
‫ستتناول عائلة الرابيس وجبة إفطار مبكرة‪ ،‬خالل األس‪::‬بوع الت‪::‬الي بأكمل‪::‬ه‪ .،‬ك‪::‬ان‬
‫جو متحمًس ا لبعض الرسومات التخطيطية للتأثيرات الصباحية التي كان يرس‪::‬مها في‬
‫سنترال بارك‪ ،‬وقد أعادته ديليا لتناول اإلفطار‪ ،‬ودللت‪:‬ه‪ ،‬وأثنت علي‪:‬ه‪ ،‬ومنحت‪:‬ه قبل‪:‬ة‪،‬‬
‫وكان ذلك في الساعة الس‪::‬ابعة‪ .‬إن الفن ممارس‪::‬ة جذاب‪::‬ة‪ ،‬تك‪::‬ون الس‪::‬اعة الس‪::‬ابعة في‬
‫أغلب األحيان عندما يعود جو في المساء‪.‬‬
‫وفي نهاية األسبوع‪ ،‬ألقت ديليا ثالث أوراق نقدية من فئة خمس‪::‬ة دوالرات منتص‪::‬رة‬
‫على الطاولة المركزية مقاس ‪( 10 × 8‬بوص‪::‬ة) في الص‪::‬الة المس‪::‬طحة ال‪::‬تي تبل‪::‬غ‬
‫مساحتها ‪( 10 × 8‬قدم) التي كانت فخورة بلطف ولكن ضعيفة‪ ،‬قالت بضجر قليل‪:‬‬
‫«في بعض األحيان‪ ،‬تح‪::‬اول كليمنتين‪::‬ا أن تجرب‪::‬ني‪ ،‬أخش‪::‬ى أنه‪::‬ا ال تت‪::‬درب بم‪::‬ا في‪::‬ه‬
‫الكفاي‪::‬ة‪ ،‬فيجب أن أك‪::‬رر له‪::‬ا نفس األش‪::‬ياء كث‪::‬يًر ا‪ ،‬ثم ترت‪::‬دي دائًم ا مالبس بيض‪::‬اء‬
‫بالكامل‪ ،‬وهذا يصبح روتينيًا‪ ،‬ولكن الجنرال بينكني هو أعز رجل عجوز! أتم‪:‬نى أن‬
‫تتعرف عليه يا جو‪ .‬هو يأتي أحياًن ا عن‪::‬دما أك‪::‬ون م‪::‬ع كليمنتين‪::‬ا على البي‪::‬انو ‪ -‬وه‪::‬و‬
‫أرمل‪ ،‬كما تعلم ‪ -‬ويقف هناك يسحب لحيت‪::‬ه البيض‪::‬اء‪ ،‬ويس‪::‬أل دائم‪::‬ا‪" :‬وكي‪::‬ف تتق‪::‬دم‬
‫أشباه الكائنات وأشباهها؟"‪.‬‬
‫«أتم‪:‬نى أن تتمكن من رؤي‪:‬ة الل‪:‬وح الخش‪:‬بي في غرف‪:‬ة الرس‪:‬م تل‪:‬ك ي‪:‬ا ج‪:‬و!» وتل‪:‬ك‬
‫البوابات التركمستانية البسيطة‪ .‬أتمنى أن تكون كلمنتينا أقوى مم‪::‬ا تب‪::‬دو علي‪::‬ه‪ ،‬فهي‬
‫تعاني من سعال صغير مضحك‪ .‬تبًا‪ ،‬لقد تعلقت بها حًق ا‪ ،‬فهي لطيفة جًد ا وذات تربية‬
‫عالية‪ .‬لقد ك‪::‬ان ش‪::‬قيق الج‪::‬نرال بينك‪::‬ني ذات ي‪::‬وم وزي‪ً::‬ر ا في بوليفي‪::‬ا‪ .‬وبهيئ‪::‬ة م‪::‬ونت‬

‫‪26‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫كريستو‪ ،‬أخرج جو عشرة‪ ،‬وخمسة‪ ،‬واثنين‪ ،‬وواحًد ا ‪ -‬جميعها أوراق نقدي‪::‬ة قانوني‪::‬ة‬
‫‪ -‬ووضعها بجانب أرب‪::‬اح ديلي‪::‬ا‪ ،‬وأعلن بأغلبي‪::‬ة س‪::‬احقة‪" :‬لق‪::‬د قمت ب‪::‬بيع ه‪::‬ذا الل‪::‬ون‬
‫المائي لرجل من بيوريا من أجل مسلة يمتلكها"‪ .‬قالت ديلي‪::‬ا ‪« :‬ال تم‪::‬زح معي‪ ،‬ليس‬
‫من بيوريا!»‪.‬كنت أتمنى أن أراه منذ زمن ي‪::‬ا ديلي‪::‬ا‪ ،‬إن‪::‬ه رج‪::‬ل ب‪::‬دين‪ ،‬ذو وش‪::‬اح من‬
‫الصوف وعود أسنان من ريشة‪ ،‬لقد رأى الرسم في ناف‪::‬ذة تنك‪::‬ل‪ ،‬واعتق‪::‬د في البداي‪::‬ة‬
‫أنه‪:‬ا طاحون‪:‬ة هوائي‪:‬ة‪ ،‬لق‪:‬د ك‪:‬انت لعب‪:‬ة‪ ،‬وق‪:‬د اش‪:‬تراها على أي‪:‬ة ح‪:‬ال‪ .‬وطلب رس‪:‬مًا‬
‫تخطيطًي آخرًا ليأخذه معه – هو رس‪::‬م زي‪::‬تي لمس‪::‬تودع الش‪::‬حن في الكاوان‪::‬ا‪ .‬ق‪::‬الت‬
‫ديليا بحرارة‪ ":‬دروس الموسيقى! نعم‪ ،‬أعتقد أن الفن ال يزال موجوًد ا»‪« :.‬أنا سعيدة‬
‫جًد ا ألنك واصلت العمل‪ - ».‬ال بد أن تفوز يا عزيزي‪ ،‬مجموع المال ثالثة وثالثون‬
‫دوالرًا! لم يكن لدينا الكثير لننفقه من قب‪::‬ل‪ .‬إذًا‪ ،‬س‪::‬نتناول المح‪::‬ار الليل‪::‬ة»‪ .‬ق‪::‬ال ج‪::‬و‪:‬‬
‫«وسمك الفيليه مع الفطر»‪" .‬أين شوكة الزيتون؟"‬
‫وفي مساء يوم السبت التالي‪ ،‬وصل جو أوًال إلى الم‪::‬نزل‪ ،‬وف‪::‬رد مبل‪::‬غ ثماني‪::‬ة عش‪::‬ر‬
‫دوالرات على طاولة الرده‪:‬ة‪ ،‬وغس‪:‬ل م‪:‬ا ب‪:‬دا أن‪:‬ه ق‪:‬در كب‪:‬ير من الطالء ال‪:‬داكن من‬
‫يديه‪.‬‬
‫وص‪::‬لت ديلي‪::‬ا بع‪::‬د نص‪::‬ف س‪::‬اعة‪ ،‬وي‪::‬دها اليم‪::‬نى مربوط‪::‬ة بمجوع‪::‬ة من األغطي‪::‬ة‬
‫والضمادات عديمة الشكل‪ .‬سأل جو بع‪:‬د التحي‪:‬ات المعت‪:‬ادة‪' :‬كي‪:‬ف ه‪::‬ذا؟'‪ .‬ض‪::‬حكت‬
‫ديليا‪ ،‬ولكن ليس بسعادة غ‪::‬امرة‪ ،‬وأوض‪::‬حت أن "كليمنتين‪::‬ا" أص‪::‬رت على الحص‪::‬ول‬
‫على أرنب ويلزي بع‪::‬د ال‪::‬درس‪ ،‬إنه‪::‬ا فت‪::‬اة غريب‪::‬ة‪ ،‬أرانب ويلزي‪::‬ة في الخامس‪::‬ة بع‪::‬د‬
‫الظهر! كان الجنرال هناك‪ ،‬وكان يجب أن تراه يه‪:‬رول نح‪:‬و طب‪:‬ق تق‪:‬ديم الطع‪:‬ام ي‪:‬ا‬
‫جو‪ ،‬كما لو لم يكن هناك خادم في المنزل‪ ،‬أعلم أن كليمنتينا ليست بصحة جيدة؛ إنها‬
‫متوترة للغاية‪ ،‬فقد سكبت كمية كبيرة من الطبق‪ ،‬لدرجة الغلي‪::‬انعلى ي‪::‬دي ومعص‪::‬مي‪،‬‬
‫أثناء تقديمها لألرنب‪ ،‬لقد كان األمر مؤلًما جًد ا يا جو‪ ،‬وك‪::‬انت الفت‪::‬اة العزي‪::‬زة آس‪::‬فة‬
‫جدا! لكن الجنرال بينكني! ‪ ، -‬هذا الرجل العجوز كاد أن يتشتت انتباهه يا جو‪.‬‬
‫هرول الجنرال إلى الطابق السفلي‪ ،‬وأرسل أحدًا ‪ -‬قالوا عام‪::‬ل الف‪::‬رن أو شخًص ا م‪::‬ا‬
‫في الط‪::‬ابق الس‪::‬فلي ‪ -‬إلى ص‪::‬يدلية للحص‪::‬ول على بعض ال‪::‬زيت‪ ،‬واألش‪::‬ياء الالزم‪::‬ة‬
‫لربط معصمي‪ ،‬إنه ال يؤلم كثيًر ا اآلن‪ .‬سأل جو وهو يمس‪:‬ك بي‪:‬دها بحن‪:‬ان‪ ،‬ويس‪:‬حب‬
‫بعض الخيوط البيضاء تحت الضمادات 'ما هذا؟' ‪ .،‬ق‪::‬الت ديلي‪::‬ا‪« :‬إن‪::‬ه ش‪::‬يء ن‪::‬اعم‪،‬‬
‫عليه زيت‪ ».‬قالت بع‪:‬دما رأت الم‪:‬ال على الطاول‪::‬ة‪" :‬ه‪::‬ل قمت ب‪:‬بيع رس‪:‬م آخ‪::‬ر ي‪:‬ا‬
‫ج‪::‬و؟‪ .‬ق‪::‬ال ج‪::‬و "ه‪::‬ل فعلت؟"‪" ،‬فق‪::‬ط اس‪::‬ألي الرج‪::‬ل من بيوري‪::‬ا‪ ".‬لق‪::‬د حص‪::‬ل على‬

‫‪27‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫رسمة مستودعه اليوم‪ ،‬وهو غير واثق‪ ،‬ولكنه يعتقد أنه يري‪::‬د منظ‪ً::‬ر ا آخ‪::‬رًا للمن‪::‬تزه‪،‬‬
‫وإطاللة على نهر هدسون‪ .‬في أي وقت بعد ظه‪::‬ر ه‪::‬ذا الي‪::‬وم ح‪::‬رقت ي‪::‬دك ي‪::‬ا ديلي؟‬
‫قالت ديلي بحزن‪« :‬على م‪:‬ا أعتق‪::‬د الس‪:‬اعة الخامس‪:‬ة‪" ».‬الحدي‪:‬د ‪ -‬أع‪:‬ني أن األرنب‬
‫خرج من النار في ذلك الوقت تقريًبا‪ ".‬كان ينبغي أن ترى يا جو الجنرال بينكني‪.‬‬
‫قال جو‪« :‬اجلسي هنا للحظة ي‪:‬ا ديلي»‪ .‬وق‪:‬د س‪:‬حبها إلى األريك‪:‬ة‪ ،‬وجلس بجانبه‪:‬ا‪،‬‬
‫واضعًا ذراعه على كتفيها‪" :‬ماذا كنت تفعلين خالل األسبوعين الماض‪::‬يين ي‪:‬ا ديلي؟"‬
‫سأل‪ .‬لقد تحدت األمر للحظة أو اثنتين بعين مليئة بالحب والعناد‪ ،‬وتمتمت بعب‪::‬ارة أو‬
‫اثنتين بش‪:‬كل غ‪:‬امض عن الج‪:‬نرال بينك‪:‬ني؛ ولكن أخ‪:‬يرًا‪ ،‬طأط‪:‬أت رأس‪:‬ها لألس‪:‬فل‪،‬‬
‫وخرجت الحقيقة بدموع‪ ،‬واعترفت قائلة‪" :‬لم أتمكن من الحص‪::‬ول على أي تالمي‪::‬ذ"‪.‬‬
‫«ولم أستطع تحمل رؤيتك تتخلى عن دروس‪:‬ك؛ فحص‪:‬لت على مك‪:‬ان لكي القمص‪:‬ان‬
‫في تلك المغسلة الكبيرة بشارع الرابع والعشرين‪ .‬وأعتقد أنني قمت بعمل جيد للغاي‪::‬ة‬
‫لتعويض كل من الجنرال بينكني وكليمنتينا‪ ،‬أليس كذلك يا جو؟ وعندما وضعت فت‪::‬اة‬
‫في المغس‪::‬لة بع‪::‬د ظه‪::‬ر ه‪::‬ذا الي‪::‬وم‪ ،‬مك‪::‬واة س‪::‬اخنة على ي‪::‬دي‪ ،‬كنت في ط‪::‬ريقي إلى‬
‫المنزل ألختل‪::‬ق تل‪::‬ك القص‪::‬ة عن األرنب ال‪::‬ويلزي‪ .‬أنت لس‪::‬ت غاض‪::‬با‪ ،‬أليس ك‪::‬ذلك‪،‬‬
‫جو؟ ولو لم أحصل على العمل‪ ،‬لما كنت بعت رسوماتك ل‪:‬ذلك الرج‪:‬ل من بيوري‪:‬ا»‪.‬‬
‫قال جو بتروي‪« :‬لم يكن من بيوري‪::‬ا»‪" .‬حس ‪ً:‬ن ا‪ ،‬ال يهم من أين أتى‪ .‬كم أنت ذكي ي‪::‬ا‬
‫جو – و‪ -‬قبلني يا جو – وم‪::‬ا ال‪::‬ذي جعل‪::‬ك تش‪::‬ك في أن‪::‬ني لم أكن أعطي دروًس ا في‬
‫الموس‪::‬يقى لكليمنتين‪::‬ا؟ ق‪::‬ال ج‪::‬و‪« :‬لم أكن أش‪::‬ك‪ ،‬ح‪::‬تى الليل‪::‬ة‪ ».‬ولم أكن ألفع‪::‬ل ذل‪::‬ك‬
‫حينها‪ ،‬أنا فق‪:‬ط أرس‪:‬لت مخلف‪:‬ات القطن وال‪:‬زيت من غرف‪:‬ة المح‪:‬رك بع‪:‬د ظه‪:‬ر ه‪:‬ذا‬
‫اليوم‪ ،‬لفتاة أحرقت يدها بمكواة تمليس في الطابق العلوي‪ ،‬لقد قمت بتشغيل المح‪::‬رك‬
‫في تلك المغسلة خالل األسبوعين الماضيين‪.‬‬
‫‪«-‬ثم لم تفعل ذلك ‪»-‬‬
‫قال جو‪« :‬المشتري من بيوريا‪ ،‬والجنرال بينك‪::‬ني كالهم‪::‬ا إب‪::‬داعات من نفس الفن ‪-‬‬
‫لكن‪::‬ك ال تس‪::‬تطيع أن تس‪::‬ميه رس‪::‬مًا أو موس‪::‬يقى‪ ».‬ثم ض‪::‬حكا بع‪::‬د ذل‪::‬ك‪ ،‬وب‪::‬دأ ج‪::‬و‪:‬‬
‫«عندما يحب المرء فنه‪ ،‬ال يبدو أن هناك أي خدمة ‪ -‬لكن ديليا أوقفته ووضعت يدها‬
‫على شفتيه‪ ».‬قالت‪ :‬ال‪ ،‬فقط عندما يحب المرء‪.‬‬

‫القصة السادسة‪ :‬ظهور ماجي‬

‫‪28‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫كان يقفز نادي كلوفر ليف االجتماعي((‪ Clover Leaf Social Club‬في كل ليلة سبت‪،‬‬
‫في قاعة جمعية جي‪::‬ف آن‪::‬د تي‪::‬ك أثلت‪::‬ك (‪ )Give and Take Athletic Association‬على‬
‫الج‪::‬انب ‪، ")and Take‬أو إذا كنت تنتمي إلى القس‪::‬م ال‪::‬ذي يب‪::‬دأ بالق‪::‬دم اليم‪::‬نى في‬
‫رقصة الفالس‪ ،‬فيجب عليك العمل في مصنع الص‪::‬ناديق الورقي‪::‬ة في رينيجول‪::‬د وم‪::‬ع‬
‫ذلك‪ ،‬كان ألي كلوفر ليف امتياز المرافقة أو أن يرافقه شخص خارجي إلى رقص‪::‬ة‬
‫واحدة‪ ،‬لكن في الغالب كان كل من العطاء واألخ‪::‬ذ ((‪ ،Give and take‬يحض‪::‬ر‬
‫فتاة الصندوق الورقي التي تأثر بها؛ وقليل من الغرب‪::‬اء يمكنهم التف‪::‬اخر ب‪::‬أنهم ه‪::‬زوا‬
‫أقدامهم عند الهوب العادي‪.‬‬

‫ذهبت م‪::‬اجي ت‪::‬ول لله‪::‬وب‪ 4‬م‪::‬ع آن‪::‬ا مك‪::‬ارتي و"رفيقته‪::‬ا"؛ وذل‪::‬ك بس‪::‬بب عيونه‪::‬ا‬
‫الباهتة‪ ،‬وفمه‪::‬ا الواس‪::‬ع‪ ،‬وأس‪::‬لوب حركته‪::‬ا بالي‪::‬د اليس‪::‬رى في الخط‪::‬وتين‪ ،‬عملت آن‪::‬ا‬
‫وماجي جنًبا إلى جنب في المصنع‪ ،‬وكان‪::‬ا من أفض‪::‬ل األص‪::‬دقاء على اإلطالق؛ ل‪::‬ذا‪،‬‬
‫كانت آنا دائًما تجع‪::‬ل جيمي ب‪::‬يرنز يأخ‪::‬ذها إلى م‪::‬نزل م‪::‬اجي ك‪::‬ل ليل‪::‬ة س‪::‬بت؛ ح‪::‬تى‬
‫تتمكن صديقتها من الذهاب للرقص معهم‪.‬‬
‫لقد ارتقت جمعية العطاء واألخذ الرياضية إلى مستوى اسمها‪ ،‬إذ تم تجهيز قاع‪::‬ة‬
‫الشركة في شارع أوركارد باختراع‪::‬ات في ص‪::‬ناعة العض‪::‬الت‪ ،‬وم‪::‬ع بن‪::‬اء األلي‪::‬اف‬
‫العضلية بهذه الطريقة‪ ،‬اعتاد األعضاء على إشراك الشرطة والمنظمات االجتماعي‪::‬ة‬
‫والرياضية المنافسة في قتال ممتع‪ .‬كان هوب ليلة السبت مع فتيات مصنع الصناديق‬
‫الورقية‪ ،‬من بين المهن األك‪::‬ثر جدي‪::‬ة‪ ،‬وهي بمثاب‪::‬ة ت‪::‬أثير نقي‪ ،‬وكشاش‪::‬ة فعال‪::‬ة؛ ألن‬
‫النصيحة كانت ت‪:‬دور ح‪:‬ول نفس‪:‬ها في بعض األحي‪:‬ان‪ ،‬وإذا كنت من بين المخت‪:‬ارين‬
‫ال‪::‬ذين ص‪::‬عدوا الس‪::‬لم الخلفي المظلم على أط‪::‬راف أص‪::‬ابعهم ‪ ،‬فق‪::‬د ت‪::‬راهم أنيقين‬
‫ومرضيين قلياًل من وزن الخصر حتى أخمص قدمهم‪ ،‬كما حدث دائًما داخل الحبال‪.‬‬
‫ُيغلق مصنع الص‪::‬ناديق الورقي‪::‬ة الت‪::‬ابع لش‪::‬ركة ‪ Rheingold‬في الس‪::‬اعة الثالث‪::‬ة‬
‫مساًء‪ .‬في أيام السبت‪ .‬عادت آنا وماجي إلى المنزل مًعا في أحد األي‪::‬ام بع‪:‬د الظه‪:‬ر‪،‬‬
‫وعند باب م‪::‬نزل م‪::‬اجي‪ ،‬ق‪::‬الت آن‪::‬ا كالع‪::‬ادة‪« :‬ك‪::‬وني ج‪::‬اهزة في الس‪::‬ابعة‪ ،‬ي‪::‬ا م‪::‬اج؛‬
‫وسوف نأتي أنا وجيمي الصطحابك»‪.‬‬

‫ولكن ما هذا؟ فبدًال من الشكر‪ ،‬واالمتنان المتواضعان‪ ،‬والمعت‪::‬اد من الش‪::‬خص ال‪::‬ذي‬


‫ال يرافقه‪ ،‬ك‪:‬ان هن‪:‬اك رأس مرتف‪:‬ع منتص‪:‬ب‪ ،‬وفخ‪:‬ر في زواي‪:‬ا فم ع‪:‬ريض‪ ،‬وبري‪:‬ق‬
‫تقريًبا في عين بنية باهتة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ .‬نوع من أنواع الرقص يتميز بتنوع القفزات‪ ،‬وهذا النوع يتطلب تدريب محدد وتمرينات رياضية معينة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قالت ماجي‪« :‬شكًر ا يا آنا»‪" .‬لكنك وجيمي ال تحتاج‪:‬ان إلى إزع‪:‬اج نفس‪:‬كما الليل‪:‬ة‪".‬‬
‫لدّي ص‪::‬ديق نبي‪::‬ل س‪::‬يأتي ليرافق‪::‬ني إلى اله‪::‬وب‪ .‬اس‪::‬تغلت آن‪::‬ا الجميل‪::‬ة الفرص‪::‬ة على‬
‫صديقتها‪ ،‬وهزتها‪ ،‬ووبختها‪ ،‬وتوسلت إليها‪ .‬تعرفت ماجي ت‪::‬ول على زمي‪::‬ل! م‪::‬اجي‬
‫بسيطة‪ ،‬وعزيزة‪ ،‬ومخلصة‪ ،‬وغير جذابة‪ ،‬ولطيفة جًد ا كصديقة‪ ،‬وغ‪::‬ير راغب‪::‬ة ج ‪ً:‬د ا‬
‫للحصول على مقعد ذو درج‪::‬تين أو مقع‪::‬د تحت ض‪::‬وء القم‪::‬ر في الحديق‪::‬ة الص‪::‬غيرة‪.‬‬
‫كيف وجدته؟ متى حدث ذل‪::‬ك؟ من ك‪::‬ان؟ ق‪::‬الت م‪::‬اجي وآث‪::‬ار مش‪::‬روب العنب األول‬
‫الذي جمعته من كرم كيوبيد واض‪::‬حة عليه‪::‬ا‪« :‬س‪::‬تريه الليل‪::‬ة‪" ».‬إن‪::‬ه ممتلئ تماًم ا‪".‬‬
‫وأطول من جيمي ببوصتين‪ ،‬ويمتلك خزانة مالبس حديثة‪ .‬س‪:‬وف أقدم‪:‬ه ل‪::‬ك ي‪:‬ا آن‪:‬ا‪،‬‬
‫بمجرد وصولنا إلى القاعة‪.‬‬
‫كانت آنا وجيمي من بين أوائل أفراد ‪ Clover Leaf‬الذين وصلوا ذلك المساء‪ .‬كانت‬
‫عي‪::‬ون آن‪::‬ا مثبت‪::‬ة بش‪::‬كل س‪::‬اطع على ب‪::‬اب القاع‪::‬ة؛ لتتمكن من إلق‪::‬اء أول نظ‪::‬رة على‬
‫"زمي‪::‬ل" ص‪::‬ديقتها‪ .‬اجت‪::‬احت اآلنس‪::‬ة ت‪::‬ول القاع‪::‬ة م‪::‬ع رفيقه‪::‬ا في الس‪::‬اعة ‪8.30‬‬
‫وسرعان ما اكتشفت عينها المظفرة ص‪::‬ديقها تحت جن‪::‬اح جيمي المخلص‪ .‬ص‪::‬رخت‬
‫آنا‪«،‬تبًا‪ ،‬ي‪:‬ا ربي!» "م‪:‬اج لم تحق‪:‬ق نجاًح ا كب‪:‬يًر ا ‪ -‬أوه‪ ،‬ال!" رفي‪:‬ق ممتلئ؟ حس‪:‬نا‪،‬‬
‫أعتقد! أسلوب؟ انظ‪::‬ر إلى "أم"‪ .‬ق‪::‬ال جيمي وفي ص‪::‬وته غلظ‪::‬ة‪« :‬اذه‪::‬بي إلى حيث‬
‫تريدين‪' ».‬اطرديه إن كنت تريدين ذلك‪ .‬هؤالء الرجال الجدد يفوزون دائًما بالس‪::‬بق‪،‬‬
‫وال مانع لي في ذلك‪ ،‬أعتقد أن يستغل الفرصة‪ ،‬ال أكثر وال أق‪::‬ل‪ .‬ه‪::‬اه!' "اص‪::‬مت ي‪::‬ا‬
‫جيمي‪ ".‬أنت تعرف ما أعنيه‪ ،‬أن‪::‬ا س‪::‬عيدة لم‪::‬اج‪ ،‬إن‪::‬ه أول رفي‪::‬ق له‪::‬ا على اإلطالق‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬ها هم قادمون»‪ .‬عبرت ماجي الصالة مثل يخت للتسلية ومعه ط‪::‬راد من ن‪::‬وع‬
‫فاخر‪ .‬وقد برر رفيقه‪::‬ا حق ‪ً:‬ا‪ ،‬نعم الص‪::‬ديق المخلص‪ .‬لق‪::‬د ك‪::‬ان أط‪::‬ول ببوص‪::‬تين من‬
‫متوسط رياض‪:‬ي في فرق‪:‬ة األخ‪:‬ذ والعط‪:‬اء‪ ،‬ش‪:‬عره ال‪:‬داكن مجع‪:‬د‪ ،‬وعين‪:‬اه‪ ،‬وأس‪:‬نانه‬
‫تومضان كلما ابتسم ابتساماته المتكررة‪ .‬لم يعلق شباب ‪ Clover Leaf Club‬وثوقهم‬
‫بنعم الشخص‪ ،‬بقدر ما فعلوا ببراعته‪ ،‬وإنجازات‪::‬ه في الص‪::‬راعات اليدوي‪::‬ة‪ ،‬والحف‪::‬اظ‬
‫عليه من اإلكراه القانوني الذي كان يهدده باس‪:‬تمرار‪ .‬ك‪:‬ان يس‪:‬تهزئ عض‪:‬و الجمعي‪:‬ة‬
‫الذي سيربط صندوًقا ورقًيا في عربته الفاتح‪::‬ة باس‪::‬تخدام ه‪::‬واء ب‪::‬و برومي‪::‬ل ولم تكن‬
‫تعتبر أساليب مشرفة للحرب‪.‬‬

‫ك‪::‬ان لش‪::‬جاعة فرق‪::‬ة ‪ Clover Leaf‬أس‪::‬لحتها وذخيرته‪::‬ا المعتم‪::‬دة‪ ،‬إذ ك‪::‬انت‬


‫العضالت البارزة‪ ،‬والمعطف مفكوك األزرار فوق الص‪::‬در‪ ،‬وج‪::‬و االقتن‪::‬اع ال‪::‬واعي‬
‫بتف‪::‬وق ال‪::‬ذكر في نش‪::‬أة الك‪::‬ون‪ ،‬وح‪::‬تى الع‪::‬رض اله‪::‬ادئ لألرج‪::‬ل المقوس‪::‬ة كعوام‪::‬ل‬
‫إخضاع وساحرة في بطوالت لطيفة من كيوبيد ‪ -‬لقد نظ‪::‬روا إذن إلى انحن‪::‬اءات ه‪::‬ذا‬

‫‪30‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الزائر‪ ،‬وأوضاعه الجذابة مع ذقنه بزاوية جدي‪::‬دة‪ .‬ك‪::‬انت ه‪::‬ذه ص‪::‬يغة التق‪::‬ديم ال‪::‬تي‬
‫اس‪::‬تخدمتها م‪::‬اجي "ص‪::‬ديق لي‪ ،‬الس‪::‬يد ت‪::‬يري أوس‪::‬وليفان‪ ."،‬قادت‪::‬ه في جمي‪::‬ع أنح‪::‬اء‬
‫الغرفة‪ ،‬وقدمته لكل الوافدين الج‪:‬دد من كل‪:‬وفر لي‪:‬ف‪ .‬ك‪:‬انت تقريًب ا جميل‪:‬ة اآلن‪ ،‬م‪:‬ع‬
‫اللمعان الفريد في عينيها الذي يأتي لفت‪::‬اة م‪::‬ع خطيبه‪::‬ا األول‪ ،‬والقط‪::‬ة الص‪::‬غيرة م‪::‬ع‬
‫فأرها األول‪" .‬لقد حصلت م‪:‬اجي ت‪:‬ول على ص‪::‬ديق أخ‪::‬يًر ا"‪ ،‬ك‪:‬انت تل‪::‬ك هي الكلم‪:‬ة‬
‫ال‪::‬تي ت‪::‬رددت بين فتي‪::‬ات الص‪::‬ناديق الورقي‪::‬ة‪" .‬المش‪::‬اة األرض‪::‬ية الخاص‪::‬ة بـ ‪Pipe‬‬
‫‪ - "Mag‬هكذا عبرت فرقة ‪ Give and Takes‬عن ازدرائها الالمبالي‪.‬‬
‫اعت‪:::‬ادت م‪:::‬اجي على االحتف‪:::‬اظ بمك‪:::‬ان دافئ على الحائ‪:::‬ط بظهره‪:::‬ا في اله‪:::‬وب‬
‫األسبوعي‪ .‬لقد شعرت‪ ،‬وأظهرت الكثير من االمتنان‪ ،‬كلما دعاها شريك مضٍح بذاته‬
‫إلى ال‪::‬رقص‪ ،‬مم‪::‬ا أدى إلى تض‪::‬اؤل متعت‪::‬ه وتض‪::‬اءلها في نظ‪::‬ره‪ .‬لق‪::‬د اعت‪::‬ادت على‬
‫مالحظة آنا وهي تحرك جيمي المتردد بمرفقها‪ ،‬كإش‪::‬ارة ل‪::‬ه ل‪::‬دعوة ص‪::‬ديقها للمش‪::‬ي‬
‫فوق قدميه من خالل خطوتين‪ ،‬ولكن تحولت اليقطينة إلى عربة وست س‪::‬ائقين‪ ،‬ك‪::‬ان‬
‫تيري أوس‪:‬وليفان ه‪:‬و األم‪:‬ير الس‪:‬احرالمظفر‪ ،‬وق‪:‬امت م‪:‬اجي ت‪:‬ول ب‪:‬أول تحلي‪:‬ق له‪:‬ا‬
‫كفراشة‪ ،‬وعلى الرغم من اختالط استعاراتنا الخاصة بأرض الخيال‪ ،‬م‪::‬ع اس‪::‬تعارات‬
‫علم الحشرات‪ ،‬إال أنها لن تهز شعرة من ليلة ماجي المثالية‪.‬‬
‫حاصرتها الفتيات للتعرف على "زميلتها"‪ ،‬وبعد عامين من العمى‪ ،‬الح‪::‬ظ ش‪:‬باب‬
‫‪ Clover Leaf‬فجأة سحرًا في اآلنسة تول‪ ،‬لقد استعرضوا عضالتهم المقنعة أمامها‬
‫وطلب‪::‬وا منه‪::‬ا ال‪::‬رقص‪ .‬وهك‪::‬ذا س‪::‬جلت كعض‪::‬وة في الن‪::‬ادي؛ لكن بالنس‪::‬بة لت‪::‬يري‬
‫أوسوليفان‪ ،‬فقد تساقطت األقنعة في تلك األمسية‪ ،‬بشكل كثيف وسريع‪ .‬فق‪::‬د ق‪::‬ام به‪::‬ز‬
‫تجعيد الشعر‪ ،‬ومن ثم ابتسم وقام بالحرك‪:‬ات الس‪:‬بع بس‪:‬هولة؛ لج‪::‬ذب النعم‪:‬ة لغرفت‪:‬ك‬
‫الخاصة أم‪:‬ام ناف‪:‬ذة مفتوح‪:‬ة لم‪:‬دة عش‪:‬ر دق‪:‬ائق ك‪:‬ل ي‪:‬وم‪ ،‬لق‪:‬د ك‪:‬ان ي‪:‬رقص ك‪:‬راعي‬
‫الحقول‪ .‬لقد قام بعم‪::‬ل ت‪::‬داخل بين األس‪::‬لوب والكيفي‪::‬ة وج‪::‬و ال‪::‬رقص‪ .‬ج‪::‬اءت كلمات‪::‬ه‬
‫متعثرة على لسانه‪ ،‬ورقص الفالس مرتين متتاليتين مع فتاة الص‪::‬ندوق ال‪::‬ورقي ال‪::‬تي‬
‫أحضرها ديمبسي دونوفان‪.‬‬
‫كان ديمبسي زعيم الجمعية‪ ،‬حيث ك‪::‬ان يرت‪::‬دي بدل‪::‬ة رس‪::‬مية‪ ،‬ويمكن‪::‬ه أن يج‪::‬ول‬
‫النادي مرتين على يد واحدة‪ .‬لقد ك‪::‬ان واح‪::‬دًا من "بيج ماي‪::‬ك" مس‪::‬اعدي أوس‪::‬وليفان‪،‬‬
‫ولم ينزعج أبًد ا من المتاعب‪ ،‬ولم يجرؤ أي شرطي على اعتقاله‪.‬‬

‫كان أح‪:‬د الض‪:‬باط يتج‪:‬ول ويق‪:‬ول‪" :‬القائ‪:‬د ي‪:‬رغب في رؤيت‪:‬ك بض‪:‬ع دق‪:‬ائق" إلى‬
‫المكتب عندما يكون لديك الوقت يا ديمبس‪::‬ي‪ ،‬ي‪::‬ا ف‪::‬تى»‪ ،‬كلم‪::‬ا كس‪::‬ر رأس رج‪::‬ل‪ ،‬أو‬
‫عربة دف‪::‬ع‪ ،‬أو أطل‪::‬ق الن‪::‬ار على أح‪::‬د أعض‪::‬اء جمعي‪::‬ة هاينري‪::‬ك ب‪ .‬س‪::‬ويني للنزه‪::‬ة‬

‫‪31‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫واألدب في نيكاب‪ ،‬ولكن سيكون هناك العديد من السادة الذين يرتدون سالسل ذهبية‬
‫كبيرة و يدخنون سيجاًر ا أسود؛ وكان أحدهم يروي قصة مضحكة‪ ،‬ثم يعود ديمبس‪::‬ي‬
‫ويعمل لمدة نصف ساعة مع األجراس التي يبلغ وزنها ستة أرطال‪ .‬ل‪::‬ذا‪ ،‬ف‪::‬إن القي‪::‬ام‬
‫بعمل حبل مشدود على سلك ممتد عبر نياجرا كان أداًء آمًن ا‪ ،‬مقارنًة ب‪::‬رقص الف‪::‬الس‬
‫مرتين مع فتاة الصندوق الورقي لديمبسي دونوفان‪ .‬أشرق الوجه المستدير الممتع لـ‬
‫"بيج مايك" أوسوليفان عن‪:‬د الب‪:‬اب لم‪:‬دة خمس دق‪::‬ائق في مك‪:‬ان الح‪::‬ادث في الس‪:‬اعة‬
‫العاشرة‪ .‬كان ينظر دائًما لمدة خمس دقائق‪ ،‬ويبتسم للفتيات وينش‪::‬ر المثالي‪::‬ة الحقيقي‪::‬ة‬
‫على األوالد المبتهجين‪.‬‬
‫أصبح ديمبسي دونوفان فورًاعند مرفقه‪ ،‬وهو يتحدث بسرعة‪ .‬نظر "بيج ماي‪::‬ك"‬
‫بعناية إلى الراقصين وابتسم وهز رأسه وغادر‪.‬‬
‫ت‪::‬وقفت الموس‪::‬يقى‪ ،‬وانتش‪::‬ر الراقص‪::‬ون على الكراس‪::‬ي بمح‪::‬اذاة الج‪::‬دران‪ .‬تخلى‬
‫تيري أوسوليفان‪ ،‬بقوسه الس‪::‬احر‪ ،‬عن فت‪::‬اة جميل‪::‬ة ترت‪::‬دي الل‪::‬ون األزرق لش‪::‬ريكها‪،‬‬
‫وبدأ في العثور على ماجي‪ .‬اعترضه ديمبسي في منتصف أرضية النادي‪.‬‬
‫إن بعض الغري‪::‬زة الجميل‪::‬ة ال‪::‬تي ورثته‪::‬ا لن‪::‬ا روم‪::‬ا‪ ،‬جعلت الجمي‪::‬ع يلتفت‪::‬ون‬
‫وينظرون إليهم تقريبًا‪ -‬كان هناك شعور خفي بأن اثنين من المصارعين قد التقيا في‬
‫الس‪::‬احة‪ .‬اق‪::‬ترب اثن‪::‬ان أو ثالث‪::‬ة من المش‪::‬اركين في العط‪::‬اء واألخ‪::‬ذ بأكم‪::‬ام معط‪::‬ف‬
‫ضيقة‪ .‬قال ديمبسي‪« :‬لحظة واحدة يا سيد أوس‪::‬وليفان»‪' .‬أتم‪::‬نى أن تس‪::‬تمتع بوقت‪::‬ك‪.‬‬
‫قلت لي أين تعيش؟‬
‫كان المصارعان متطابقين جيدًا‪ ،‬ربما ك‪::‬ان ل‪::‬دى ديمبس‪::‬ي عش‪::‬رة أرط‪::‬ال من وزن‪::‬ه‬
‫للتخلي عنها‪ .‬ك‪:‬ان أوس‪:‬وليفان يتمت‪:‬ع باالتس‪:‬اع والس‪:‬رعة‪ ،‬وك‪:‬ان ل‪:‬دى ديمبس‪:‬ي عين‬
‫باردة‪ ،‬وفتحة فم كبيرة‪ ،‬وفك غير قابل للتدمير‪ ،‬وبشرة مثل بشرة الحس‪::‬ناء‪ ،‬ورزان‪::‬ة‬
‫البطل‪ .‬أظهر الزائر المزي‪::‬د من الح‪::‬رارة في ازدرائ‪::‬ه‪ ،‬وأق‪::‬ل س‪::‬يطرة على س‪::‬خريته‬
‫الواضحة‪ .‬لق‪::‬د ك‪::‬انوا أع‪::‬داًء بالش‪::‬ريعة المكتوب‪::‬ة عن‪::‬دما انص‪::‬هرت الص‪::‬خور‪ .‬وعن‪::‬د‬
‫حديثنا عن المتفوق فيهما‪ ،‬فقد كان كًال منهما رائعين جدًا‪ ،‬وأقوياء للغاي‪::‬ة‪ ،‬وال مثي‪::‬ل‬
‫لهما على اإلطالق‪ .‬بل يجب على المرء فقط البقاء على قيد الحياة‪.‬‬
‫قال أوسوليفان بوقاحة‪« :‬أنا أعيش في جران‪::‬د‪" ».‬وال توج‪::‬د مش‪::‬كلة في العث‪::‬ور‬
‫علي في المنزل‪ ".‬أين تعيش؟' تجاهل ديمبسي الس‪::‬ؤال‪ ،‬وت‪::‬ابع ق‪::‬ائًال‪" :‬أنت تق‪::‬ول أن‬
‫اسمك أوسوليفان‪" ."،‬حسًن ا‪ ،‬يقول "بيج مايك" أنه لم يرك من قبل‪".‬‬

‫‪32‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قال المفضل للهوب‪ « :‬ثمة الكثير من األشياء التي لم يرها من قب‪::‬ل‪ .‬وت‪::‬ابع ديمبس‪::‬ي‬
‫بصوت أجش‪« :‬كقاعدة عام‪::‬ة‪ ،‬يع‪::‬رف س‪::‬كان أوس‪::‬وليفان في ه‪::‬ذه المنطق‪::‬ة بعض‪::‬هم‬
‫البعض‪ ،‬ولقد رافقت أحد السيدات األعضاء هنا‪ ،‬ونريد فرصة لفعل الخ‪::‬ير‪ .‬إن ك‪::‬ان‬
‫لديك شجرة عائلة‪ ،‬فدعنا نرى بعضًا من براعم أوسوليفان التاريخية تظهر عليها‪ ،‬أم‬
‫أنكم تريدون منا أن نقتلعها من جذوركم؟‬
‫اقترح أوسوليفان بلطف‪« :‬لنفترض أنك تهتم بشؤونك الخاص‪:‬ة»‪ .‬أب‪:‬رقت عين‪:‬ا‬
‫ديمبسي‪ ،‬ورفع سبابته الملهمة‪ ،‬كم‪:‬ا ل‪::‬و أن فك‪:‬رة رائع‪:‬ة ق‪::‬د خط‪:‬رت في ذهن‪:‬ه‪ .‬ق‪::‬ال‬
‫بحرارة‪" :‬لقد حص‪::‬لت على ج‪::‬وابي اآلن"‪ .‬لق‪::‬د ك‪::‬ان مج‪::‬رد خط‪::‬أ بس‪::‬يط‪ ،‬أنت لس‪::‬ت‬
‫أوسوليفان‪ ،‬أنت مجرد قرد ذو ذيل حلقي‪ .‬اعذرنا لعدم التعرف عليك منذ البداية‪.‬‬
‫أومض‪::‬ت عين أوس‪::‬وليفان‪ ،‬وق‪::‬ام بحرك‪::‬ة س‪::‬ريعة‪ ،‬ولكن آن‪::‬دي جيوغ‪::‬ان ك‪::‬ان‬
‫مستعدًا وأمسك بذراعه‪.‬‬
‫أومأ ديمبسي برأسه إلى آندي وولي‪:‬ام مكماه‪:‬ان‪ ،‬وه‪:‬و س‪:‬كرتير الن‪:‬ادي‪ ،‬وس‪:‬ار‬
‫بس‪::‬رعة نح‪::‬و الب‪::‬اب الموج‪::‬ود في الج‪::‬زء الخلفي من القاع‪::‬ة‪ ،‬وس‪::‬رعان م‪::‬ا انض‪::‬م‬
‫عضوان آخران من جمعية األخذ والعطاء إلى المجموعة الصغيرة‪ .‬وقد أصبح تيري‬
‫أوسوليفان اآلن في أي‪:‬دي مجلس القواع‪:‬د والحك‪:‬ام االجتم‪:‬اعيين‪ .‬تح‪::‬دثوا مع‪:‬ه لف‪::‬ترة‬
‫وجيزة وبهدوء‪ ،‬وأخرجوه عبر نفس الباب في الخلف‪ .‬تتطلب هذه الحركة من جانب‬
‫أعضاء ‪ Clover Leaf‬توضيح أكثر‪ .‬كان الجزء الخلفي من قاع‪::‬ة الجمعي‪::‬ة عب‪::‬ارة‬
‫عن غرفة أصغر يستأجرها النادي‪ ،‬وتحت إشراف المجلس‪ ،‬تمت تسوية الصعوبات‬
‫الشخصية ال‪::‬تي دارت في قاع‪::‬ة ال‪::‬رقص في ه‪::‬ذه الغرف‪::‬ة‪ ،‬رجاًل لرج‪::‬ل‪ ،‬وباس‪::‬تخدام‬
‫أسلحة الطبيعة‪ ،‬فال يمكن ألي س‪::‬يدة أن تق‪::‬ول إنه‪::‬ا ش‪::‬هدت قت‪::‬ااًل في ‪Clover Leaf‬‬
‫‪ hop‬منذ عدة سنوات‪ .‬وقد ضمن ذلك أعضاؤها السادة ‪ .‬لقد ق‪::‬ام ديمبس‪::‬ي والمجلس‬
‫بعملهم التمهيدي بسهولة وسالسة‪ ،‬لدرجة أن الكثيرين في القاعة لم يالحظوا التحق‪::‬ق‬
‫من انتصار أوسوليفان االجتماعي الرائع‪ ،‬وك‪::‬ان من بين ه‪::‬ؤالء م‪::‬اجي‪ ،‬ال‪::‬تي بحثت‬
‫عن مرافقها‪ .‬قالت روز كاسيدي‪ " :‬دخان!" 'ألم تكن موجودا؟ التقط ديمبس دونوفان‬
‫خردة مع رفيقك‪ ،‬وقد خرجا إلى غرفة المجزرة معه‪ .‬كيف يبدو شعري مصفًفا به‪::‬ذه‬
‫الطريق‪::‬ة ي‪::‬ا م‪::‬اج؟ ق‪::‬الت م‪::‬اجي وهي تتنفس بال انقط‪::‬اع بع‪::‬دما وض‪::‬عت ي‪::‬دها على‬
‫منتص‪::‬ف القم‪::‬اش القط‪::‬ني لخص‪::‬رها‪" .‬ذهب للقت‪::‬ال م‪::‬ع ديمبس‪::‬ي!"‪" .‬يجب أن يتم‬
‫إيقافهم‪ ".‬ال يستطيع ديمبسي دونوفان قتاله‪ .‬لماذا‪ ،‬سوف – س‪::‬وف يقتل‪::‬ه! "تب‪ً:‬ا‪ ،‬م‪::‬اذا‬
‫يهمك؟" قالت روزا‪« .‬أال يقاتل البعض منهم في كل خطوة؟»‬

‫‪33‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫لكن ماجي كانت قد خ‪::‬رجت‪ ،‬تنطل‪::‬ق في طريقه‪::‬ا المتع‪::‬رج ع‪::‬بر متاه‪::‬ة الراقص‪::‬ين‪.‬‬
‫اقتحمت الباب الخلفي إلى القاعة المظلمة‪ ،‬لقد سقط الباب عنم‪::‬ا ألقت بكتفه‪::‬ا الص‪::‬لب‬
‫على باب غرفة القتال الفردي‪ .‬الحظت عينها المشهد في اللحظة التي دخلت فيه‪::‬ا –‬
‫وقف المجلس حولها بساعات مفتوحة؛ وديمبس‪::‬ي دونوف‪::‬ان ي‪::‬رقص بأكم‪::‬ام قميص‪::‬ه‪،‬‬
‫بخفة القدمين‪ ،‬وبرشاقة المالكم الحديث الحذر‪ ،‬بينما يقف تيري أوسوليفان‪ ،‬وذراع‪::‬ه‬
‫مطوًيا وثمة نظرة قاتلة في عينيه الداكنتين وهو في متناول خصمه بسهولة؛ و قفزت‬
‫ماجي إلى األم‪::‬ام دون أن تبطئ من س‪::‬رعة دخوله‪::‬ا‪ ،‬وهي تص‪::‬رخ ‪ -‬لق‪::‬د قف‪::‬زت في‬
‫الوقت المناسب لتمسك بذراع أوس‪::‬وليفان ال‪::‬تي ارتفعت فج‪::‬أة وتعلقه‪::‬ا‪ ،‬وت‪::‬نزع منه‪::‬ا‬
‫الخنجر الطويل الالمع الذي سحبه من ذراعه‪.‬‬
‫سقط السكين ووق‪::‬ع على األرض مص‪::‬درًا رنين‪ً:‬ا‪ .‬المش‪::‬هد ال‪::‬ذي رس‪::‬م ب‪::‬دم ب‪::‬ارد في‬
‫غرف جمعية األخذ والعطاء! ولم يحدث مثل هذا الشيء من قب‪::‬ل‪ .‬وق‪::‬ف الجمي‪::‬ع بال‬
‫حراك لمدة دقيقة‪ ،‬وركل آندي جيوغان الخنجر بإص‪::‬بع حذائ‪::‬ه بفض‪::‬ول‪ ،‬كم‪::‬ا ل‪::‬و أن‬
‫أحد األثريين قد أحضر شيئًا لم يصادفوه من قبل‪ ،‬إذ هو س‪::‬الح ق‪::‬ديم ليعلم عن‪::‬ه أح‪::‬د‬
‫من الواقفين‪.‬‬
‫و همس أوسوليفان بعد ذلك بشيء غير مفهوم بين ثناياه‪ ،‬وتبادل النظرات كًال من‬
‫ديمبسي والمجلس‪ ،‬ثم نظر ديمبسي إلى أوسوليفان دون غضب كما ينظر الم‪::‬رء إلى‬
‫كلب ض‪::‬ال‪ ،‬وأوم‪::‬أ برأس‪::‬ه في اتج‪::‬اه الب‪::‬اب‪ .‬ثم ق‪::‬ال بإيج‪::‬از‪« :‬ال‪::‬درج الخلفي ي‪::‬ا‬
‫جوزيبي»‪" .‬شخص ما سوف ينزل قبعتك خلفك‪".‬‬
‫مشيت م‪:‬اجي إلى ديمبس‪:‬ي دونوف‪:‬ان‪ ،‬وثم‪:‬ة بقع‪:‬ة حم‪:‬راء المع‪:‬ة على خ‪:‬ديها‪،‬‬
‫وكانت الدموع تتدفق ببطء على خديها‪ ،‬لكنها نظرت إليه بشجاعة في عينه‪ ،‬ثم قالت‬
‫وقد أصبحت عيناها باهتتين حتى في دموعها‪" :‬أعرف ذلك ي‪::‬ا ديمبس‪::‬ي"‪ .‬كنت أعلم‬
‫أنه غينيا‪ ،‬واسمه الحقيقي توني س‪:‬بينيلي‪ ،‬ولق‪:‬د أس‪:‬رعت بال‪:‬دخول عن‪:‬دما أخ‪:‬بروني‬
‫أنكما تتجادالن‪ .‬تحمل غينيا منهم السكاكين دائًما‪ ،‬ولكنك ال تفهم ي‪::‬ا ديمبس‪::‬ي‪ ،‬لم يكن‬
‫لدي زميل في حياتي لقد سئمت من القدوم مع آنا وجيمي كل ليلة‪ ،‬لذلك ح‪::‬ددت مع‪::‬ه‬
‫أن يطلق على نفسه اسم أوسوليفان‪ ،‬وأحضرته معي‪ ،‬وكنت أعلم أنه لن يكون هن‪::‬اك‬
‫أي شيء له إذا حض‪::‬ر بص‪::‬فته داج‪::‬و‪ .‬أعتق‪::‬د أن‪::‬ني سأس‪::‬تقيل من الن‪::‬ادي اآلن‪ .‬التفت‬
‫ديمبس‪::‬ي إلى آن‪::‬دي جيوغ‪::‬ان‪ ،‬وق‪::‬ال‪« :‬أخ‪::‬رج قطاع‪::‬ة الجبن من الناف‪::‬ذة وأخ‪::‬برهم‬
‫بالداخل أن السيد أوسوليفان لديه رسالة هاتفية للذهاب إلى تاماني هول»‪ .‬ثم عاد إلى‬
‫ماجي وقال‪" :‬قولي يا ماج‪ ،‬سأراك في المنزل"‪ .‬وماذا عن ليل‪::‬ة الس‪::‬بت الق‪::‬ادم؟ ه‪::‬ل‬
‫ستأتي معي إلى الهوب إذا طلبت منك ذلك؟»‪ .‬كان من الالفت للنظ‪:‬ر م‪:‬دى الس‪:‬رعة‬
‫التي يمكن أن تتغير بها عيون ماجي من اللون البني الباهت إلى اللون البني الالمع‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫«معك يا ديمبسي؟» تلعثمت‪ ،‬وأكملت‪" :‬قل ‪ -‬هل تسبح البطة؟"‬

‫القصة السابعة‪ :‬الشرطي والنشيد‬

‫تحرك سوبي بقلق على مقعده في ماديسون سكوير عندما تزبط اإلوزة البري‪::‬ة‬
‫في أعالي الليالي‪ ،‬وتصبح النساء الالتي ال يرتدين مع‪::‬اطف من جل‪::‬د الفقم‪::‬ة لطيف‪::‬ات‬
‫م‪::‬ع أزواجهن‪ ،‬وعن‪::‬دما يتح‪::‬رك س‪::‬وبي بقل‪::‬ق على مقع‪::‬ده في الحديق‪::‬ة‪ ،‬ربم‪::‬ا تعلم أن‬
‫الشتاء قد بات قريبًا‪ .‬سقطت ورقة شجر ميتة في أحضان سوبي‪ ،‬وكانت تل‪::‬ك بطاق‪::‬ة‬
‫جاك فروست‪ .‬إن جاك لطيف م‪::‬ع المقيمين الع‪::‬اديين في ماديس‪::‬ون س‪::‬كوير‪ ،‬ويعطي‬
‫تحذيرًا عادًال بشأن مكالمته الس‪::‬نوية‪ ،‬ويس‪::‬لم ل‪::‬وح التغلي‪::‬ف الخ‪::‬اص ب‪::‬ه إلى ‪North‬‬
‫‪ ،Wind‬خادم قصر ‪ All Outdoors‬عند نواص‪::‬ي الش‪::‬وارع األربع‪::‬ة‪ ،‬ح‪::‬تى يتمكن‬
‫سكانه من االستعداد‪ .‬أصبح عقل س‪::‬وبي م‪::‬درًك ا لحقيق‪::‬ة أن ال‪::‬وقت ق‪::‬د ح‪::‬ان؛ ليش‪::‬كل‬
‫نفسه في لجنة واحدة من الطرق والوس‪:‬ائل لمواجه‪:‬ة الص‪:‬رامة القادم‪:‬ة‪ .‬ول‪:‬ذلك ك‪:‬ان‬
‫يتحرك بقلق على مقعده‪ ،‬فلم تكن طموحات س‪::‬وبي في الس‪::‬بات في أعلى مس‪::‬توياتها‪،‬‬
‫ولم تكن فيها أي اعتبارات للرحالت البحرية في البحر األبيض المتوسط‪ ،‬أو الس‪::‬ماء‬
‫الجنوبية المنومة‪ ،‬أو االنجراف في خليج فيزوف‪ .‬ك‪::‬انت م‪::‬ا تت‪::‬وق إلي‪::‬ه روح‪::‬ه‪ ،‬ه‪::‬و‬
‫قضاء ثالثة أشهر على الجزيرة‪ ،‬ثالثة أشهر من الطعام المضمون والسرير والرفق‪:‬ة‬
‫المتالئمة‪ ،‬وقد بدا لسوبي جوهر األشياء التي يرغب به‪::‬ا لس‪::‬نوات عدي‪::‬دة‪ ،‬في م‪::‬أمن‬
‫من بورياس والمعاطف الزرقاء‪ ، ،‬كان فندق بالكويل المضياف هو مسكنه الشتوي‪،‬‬
‫كذلك قام سوبي بترتيباته المتواضعة لهجرته السنوية إلى الجزي‪::‬رة‪ ،‬تماًم ا كم‪::‬ا ك‪::‬ان‬
‫زمالؤه األكثر حًظ ا من سكان نيويورك يش‪::‬ترون ت‪::‬ذاكرهم إلى ب‪::‬الم بيتش والريف‪::‬يرا‬
‫كل شتاء‪ ،‬واآلن حان الوقت لعمل المثيل‪ .‬في الليل‪::‬ة الس‪::‬ابقة‪ ،‬فش‪::‬لت ص‪::‬حيفة س‪::‬بات‬
‫في صد البرد بينما ك‪::‬ان ين‪::‬ام على مقع‪::‬ده ب‪::‬القرب من الن‪::‬افورة المتدفق‪::‬ة في الس‪::‬احة‬
‫القديمة‪ ،‬مع أنه قام بتوزيعها تحت معطفه‪ ،‬وحول كاحلي‪::‬ه وعلى حج‪::‬ره؛ ل‪::‬ذلك ب‪::‬دت‬
‫الجزي‪:‬رة في ذهن س‪:‬وبي كب‪:‬يرة وفي ال‪:‬وقت المناس‪:‬ب‪ ،‬لق‪:‬د اس‪:‬تهزأ ب‪:‬المؤن ال‪:‬تي تم‬
‫تقديمها باسم الصدقة لمعالي المدينة‪.‬‬
‫كان في رأي سوبي‪ ،‬أن القانون أكثر اعتدااًل من العم‪:‬ل الخ‪:‬يري‪ ،‬حيث ك‪:‬انت هن‪:‬اك‬
‫جول‪:‬ة ال نهائي‪:‬ة من المؤسس‪:‬ات‪ ،‬والبلدي‪:‬ة‪ ،‬واإلليموس‪:‬ينارية‪ ،‬حيث يمكن‪:‬ه أن ينطل‪:‬ق‬
‫ويحصل على السكن والطعام المتوافق مع الحياة البسيطة‪ ،‬لكن الهدايا الخيرية كانت‬

‫‪35‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫مرهونة بأحد روح سوبي المتفاخرة‪ ،‬فإذا لم يكن بالعملة المعدنية‪ ،‬إذًا‪ ،‬عليك أن تدفع‬
‫بإذالل الروح المتفاخرة‪ ،‬مقابل كل منفعة تحصل عليه‪::‬ا على أي‪::‬دي العم‪::‬ل الخ‪::‬يري‪.‬‬
‫وكما كان لقيصر بروتوس‪ ،‬فإن كل سرير من سرير الصدقة يجب أن يكون ل‪::‬ه ثمن‬
‫حم‪::‬ام‪ ،‬وك‪::‬ل رغي‪::‬ف خ‪::‬بز يجب أن يك‪::‬ون تعويض ‪ً:‬ا عن مح‪::‬اكم التف‪::‬تيش الخاص‪::‬ة‬
‫والشخصية‪ .‬ولذلك فمن األفضل أن تك‪:‬ون ض‪:‬يًفا على الق‪:‬انون‪ ،‬وال‪:‬ذي‪ ،‬على ال‪:‬رغم‬
‫من تطبيقه وفًق ا للقواعد‪ ،‬فإنه ال يتدخل بشكل غير مالئم في الشؤون الخاص‪::‬ة لرج‪::‬ل‬
‫نبيل‪.‬‬
‫بعد أن قرر سوبي الذهاب إلى الجزي‪::‬رة‪ ،‬ش‪::‬رع على الف‪::‬ور في تحقي‪::‬ق رغبت‪::‬ه‪.‬‬
‫وثمة العديد من الطرق السهلة للقيام بذلك‪ ،‬كان األمر األكثر متعة هو تن‪::‬اول العش‪::‬اء‬
‫الفاخر في مطعم باهظ الثمن؛ ومن ثم‪ ،‬يتم تسليمها به‪::‬دوء ودون ض‪::‬جة إلى ش‪::‬رطي‬
‫بعد إعالن إفالسها‪ ،‬وسيكمل بالباقي القاضي المكلف بها‪.‬‬
‫ترك سوبي مقعده وخرج من الساحة‪ ،‬وعبر البح‪::‬ر المس‪::‬توي من األس‪::‬فلت‪ ،‬حيث‬
‫يتدفق برودواي والجادة الخامس‪::‬ة مًع ا‪ ،‬واس‪::‬تدار نح‪::‬و ب‪::‬رودواي‪ ،‬وتوق‪::‬ف في مقهى‬
‫متأللئ‪ ،‬حيث يتم جمع أفضل منتجات العنب كل ليلة‪ ،‬دودة القز والبروتوبالزم‪ .‬كان‬
‫سوبي يثق بنفسه من أسفل زر سترته إلى أعلى‪ .‬كان حليًق ا‪ ،‬وكان معطفه الئًقا‪ ،‬وق‪::‬د‬
‫أهدته له سيدة مبشرة في يوم عيد الشكر قميص‪:‬ه األس‪:‬ود األني‪:‬ق ذو األربع‪:‬ة أي‪:‬ادي‪،‬‬
‫وإذا تمكن من الوصول إلى طاولة في المطعم ؛ سيكون ذلك هو النجاح غير المتوقع‬
‫له‪ ،‬لن يثير الجزء الذي سيظهر فوق الطاولة أي شك في ذهن النادل‪ .‬اعتق‪::‬د س‪::‬وبي‬
‫أن الموضوع‪ ،‬سيدور حول البط البري المشوي‪ -‬مع زجاج‪::‬ة ش‪::‬ابلي‪ ،‬ثم ك‪::‬اممبرت‪،‬‬
‫ونصف تاسي وسيجارة‪ .‬سيكون دوالرًا واح‪::‬دًا كافي ‪ً:‬ا للس‪::‬يجارة‪ ،‬لن يك‪::‬ون المجم‪::‬وع‬
‫األجمالي مرتفع‪ً:‬ا إلى الح‪::‬د ال‪::‬ذي يس‪::‬تدعي أي مظه‪::‬ر من مظ‪::‬اهر االنتق‪::‬ام من إدارة‬
‫المقهى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن اللحم سيتركه ممتلًئ ا وس‪::‬عيًد ا في الرحل‪::‬ة إلى ملج‪::‬أه الش‪::‬توي‪.‬‬
‫ولكن عندما وطأت ق‪::‬دم س‪::‬وبي ب‪::‬اب المطعم‪ ،‬وقعت عين رئيس الن‪::‬ادل على بنطال‪::‬ه‬
‫البالي وحذائه المتهالك‪ ،‬فأدارته أيدي قوية‪ ،‬وجاهزة‪ ،‬وحملته في صمت وسرعة إلى‬
‫الرص‪::‬يف‪ ،‬وتجنبت المص‪::‬ير المش‪::‬ؤوم‪ ،‬للب‪::‬ط ال‪::‬بري المه‪::‬دد‪ ،‬فق‪::‬ام س‪::‬وبي بإيق‪::‬اف‬
‫برودواي‪ .‬يبدو أن طريقه إلى الجزيرة المرتقبة‪ ،‬لم يكن طريًقا به حس للمتع‪::‬ة‪ ،‬وق‪::‬د‬
‫يلزم التفكير في طريقة أخرى للدخول إلى عالم النسيان‪.‬‬

‫أدت األضواء الكهربائية‪ ،‬والبضائع المعروضة بمهارة‪ ،‬خلف األلواح الزجاجية إلى‬
‫ظهور نافذة متجر واضحة في ناصية شارع ‪ ،Sixth Avenue‬فأخذ س‪::‬وبي حج‪::‬رًا‬

‫‪36‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫مرصوًف ا وحطم زجاج النافذة‪ .‬جاء الناس يركضون عند الناصية‪ ،‬وثم‪::‬ة ش‪::‬رطي في‬
‫المقدمة‪ .‬وقف سوبي ساكًن ا ويداه في جيوبه‪ ،‬وابتسم عندما رأى األزرار النحاسية‪.‬‬

‫سأل الضابط بحماس‪" :‬أين الرجل الذي فعل ذلك؟"‪ .‬قال سوبي «أال تكتشف ذلك‪،‬‬
‫فربما كان لي عالقة باألمر؟» ‪ ،‬ال يخلو األم‪::‬ر من س‪::‬خريته‪ ،‬ولكن‪::‬ه ودود‪ ،‬كم‪::‬ا ل‪::‬و‬
‫كان الشخص يرحب بالحظ السعيد‪ .‬رفض عقل الشرطي قبول سوبي حتى كدليل‪.‬‬

‫الرجال الذين يحطمون النوافذ ال يبقون للتفاوض مع أتباع الق‪::‬انون‪ ،‬يأخ‪::‬ذون إلى‬
‫أعقابهم‪ .‬مع نادي مع‪:‬روف انض‪:‬م إلى المط‪:‬اردة‪ ،‬رأى الش‪:‬رطي رجًال في منتص‪:‬ف‬
‫الطريق يركض ليلحق بسيارة‪ ..‬سوبي مع االشمئزازالذ يش‪::‬عر ب‪::‬ه س‪::‬وبي في قلب‪::‬ه ‪،‬‬
‫إال أنه تكاسل ولم ينجح مرتين‪.‬‬
‫كان هناك مطعم ليس له ادعاءات كبيرة يقع على الجانب اآلخر من الشارع؛‬
‫حيث ك‪::‬ان يل‪::‬بي ش‪::‬هية كب‪::‬يرة‪ ،‬ومحاف‪::‬ظ متواض‪::‬عة‪ .‬ك‪::‬انت األواني الفخاري‪::‬ة والج‪::‬و‬
‫مثقًال‪ ،‬وحساءه خفيفًا وكذلك مقارش الطاوالت‪ .‬أخذ سوبي حذائ‪::‬ه المتهجم‪ ،‬وبنطال‪::‬ه‬
‫المنم‪::‬ق إلى ه‪::‬ذا المك‪::‬ان‪ ،‬دون تح‪::‬دي‪ .‬وجلس على طاول‪::‬ة‪ ،‬وتن‪::‬اول ش‪::‬رائح اللحم‬
‫البقري والفطائر‪ ،‬والكعك‪ ،‬وفطيرة‪ .‬وبعدها‪ ،‬كشف للنادل حقيقة أنه هو وأدق قطع‪::‬ة‬
‫عمل‪::‬ة غرب‪:‬اء‪ .‬ق‪::‬ال س‪:‬وبي‪" :‬اآلن‪ ،‬انش‪:‬غل واتص‪::‬ل بالش‪:‬رطي"‪" .‬وال تجع‪:‬ل الرج‪::‬ل‬
‫ينتظر‪ ".‬قال النادل بصوت يشبه كعك الزبدة وعين مثل الكرز في كوكتي‪::‬ل مانه‪::‬اتن‪:‬‬
‫«ال شرطي لك»‪" .‬مرحًبا أيها المحتال!" ضرب ن‪::‬ادالن س‪::‬وبي على أذن‪::‬ه اليس‪::‬رى‪،‬‬
‫على الرصيف القاسي‪ ،‬وقام‪ ،‬يربط مفاصلة ببعضها‪ ،‬كما يفتح قاعدة النجار‪ ،‬ونفض‬
‫الغبار عن ثيابه‪ .‬بدا االعتقال مجرد حلم وردي‪ ،‬وبدت الجزي‪::‬رة بعي‪::‬دة ج‪ً:‬د ا‪ .‬ض‪::‬حك‬
‫شرطي كان يق‪:‬ف أم‪:‬ام متج‪:‬ر لألدوي‪:‬ة على بع‪:‬د ب‪:‬ابين‪ ،‬ثم س‪:‬ار في الش‪:‬ارع‪ .‬س‪:‬افر‬
‫سوبي على بعد خمس بنايات‪ ،‬قبل أن تسمح له شجاعته بالتقاطه‪:‬ا م‪:‬رة أخ‪::‬رى‪ .‬ه‪::‬ذه‬
‫المرة أتاحت الفرصة ما وصفه لنفسه بسخافة بـ "حزام السرج"‪ .‬ك‪::‬انت هن‪::‬اك ام‪::‬رأة‬
‫شابة‪ ،‬ذات مظهر متواضع‪ ،‬وجذاب‪ ،‬تقف أم‪::‬ام ناف‪::‬ذة الع‪::‬رض وهي تح‪::‬دق باهتم‪::‬ام‬
‫حيوي في عرضها ألكواب الحالقة‪ ،‬والمحابر‪ ،‬وعلى بعد ي‪::‬اردتين‪ 5‬من الناف‪::‬ذة ك‪::‬ان‬
‫هناك شرطيًا ضخمًا‪ ،‬صارم السلوك‪ ،‬متكًئ ا على سدادة مياه‪.‬‬
‫لقد كان تصميم سوبي هو أن يتولى دور "الهراسة" الحقيرة والملعنة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وحدة قياس لألطوال كانت تستخدم في انكلترا وما زالت تستخدم في أمريكا‪ ،‬والتي تتكون من ‪ 3‬أقدام أو ‪ 36‬بوصة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫ش‪::‬جعه المظه‪::‬ر ال‪::‬راقي واألني‪::‬ق لض‪::‬حيته‪ ،‬والتواص‪::‬ل م‪::‬ع الش‪::‬رطي المل‪::‬تزم على‬
‫االعتقاد بأنه سيشعر قريًبا‪ ،‬بالقبضة الرسمية اللطيفة على ذراعه‪ ،‬والتي ستضمن له‬
‫مكانه الشتوي على الجزيرة الصغيرة الضيقة اليمنى‪.‬‬
‫عدل سوبي ربطة عنق السيدة المبشرة الجاهزة‪ ،‬وس‪:‬حب أص‪:‬فاده المتقلص‪:‬ة إلى‬
‫الخارج‪ ،‬ووضع قبعته على مكان غير قادر على القت‪:‬ل‪ ،‬واتج‪:‬ه نح‪:‬و الم‪:‬رأة الش‪:‬ابة‪.‬‬
‫نظ‪::‬ر إليه‪::‬ا‪ ،‬وُأِخ ذ بس‪::‬عال مف‪::‬اجئ و"أط‪::‬راف"‪ ،‬وابتس‪::‬م‪ ،‬لق‪::‬د ابتس‪::‬م بتكل‪::‬ف‪ ،‬وذهب‬
‫بوقاح‪::‬ة ع‪::‬بر سلس‪::‬لة "الهراس‪::‬ة" الوقح‪::‬ة والمهين‪::‬ة‪ .‬رأى س‪::‬وبي بنص‪::‬ف عين أن‬
‫الشرطي كان يراقبه بال هوادة‪ .‬ابتعدت الشابة بضع خطوات‪ ،‬وأعطته‪:‬ا م‪:‬رة أخ‪:‬رى‬
‫اهتماًما مستغرًق ا بأكواب الحالقة‪ .‬تبعها سوبي‪ ،‬ووقف بجانبه‪::‬ا بج‪::‬رأة‪ ،‬ورف‪::‬ع قبعت‪::‬ه‬
‫وقال‪« :‬آه‪ ،‬بيديليا!» أال تريد أن تأتي وتلعبي في ح‪::‬ديقتي؟ وك‪::‬ان الش‪::‬رطي ال ي‪::‬زال‬
‫يبحث‪ .‬لم يكن على الم‪::‬رأة الش‪::‬ابة المض‪::‬طهدة‪ ،‬س‪::‬وى اإلش‪::‬ارة بإص‪::‬بعها وس‪::‬يكون‬
‫سوبي في طريقه عملًيا إلى مالذه المعزول‪ .‬لقد خيل إليه بالفعل‪ ،‬أنه يمكن أن يش‪::‬عر‬
‫بال‪::‬دفء الم‪::‬ريح في مب‪::‬نى المحط‪::‬ة‪ .‬واجهت‪::‬ه الش‪::‬ابة وم‪::‬دت ي‪::‬دها وأمس‪::‬كت بأكم‪::‬ام‬
‫معط‪::‬ف س‪::‬وبي‪ .‬ق‪::‬الت بف‪::‬رح‪« :‬بالتأكي‪::‬د ي‪::‬ا ماي‪::‬ك‪ ،‬إذا نفخت‪::‬ني في دل‪::‬و من رغ‪::‬وة‬
‫الصابون‪ ».‬كنت سأتحدث إليك مبكًر ا‪ ،‬لكن الشرطي كان يراقب‪ .‬بينما كانت الش‪::‬ابة‬
‫تلعب دور اللبالب المتشبث بشجرة البل‪::‬وط‪ ،‬م‪::‬ر س‪::‬وبي بج‪::‬وار الش‪::‬رطي وق‪::‬د تغلب‬
‫عليه الكآبة‪ .‬بدا وكأنه محكوم عليه بالحرية‪.‬‬
‫و نفض رفيقه وركض عند الناصية التالية‪ .،‬توقف في المنطقة حيث توجد ليًال‬
‫الشوارع المضيئة‪ ،‬والقلوب‪ ،‬والنذور‪ ،‬والنصوص المكتوب‪:‬ة‪ .‬ك‪:‬انت النس‪:‬اء يرت‪:‬دين‬
‫الفراء‪ ،‬والرجال الذين يرتدون المعاطف الكبيرة يتحركون بمرح في الهواء الشتوي‪.‬‬
‫استولى على سوبي خوف مفاجئ من أن بعض الس‪::‬حر الم‪::‬روع جعل‪::‬ه في م‪::‬أمن من‬
‫االعتقال‪ .‬جلبت له هذه الفكرة القليل من الذعر‪ ،‬وعندما صادف شرطًيا آخ‪::‬ر يتس‪::‬كع‬
‫بشكل رائع أمام مسرح فخم‪ ،‬لفت انتباهه القشة المباشرة المتمثل‪::‬ة في "الس‪::‬لوك غ‪::‬ير‬
‫المنضبط"‪ .‬بدأ سوبي بالصراخ بكلمات ثرثرة بأعلى ص‪::‬وته القاس‪::‬ي‪ ،‬وه‪::‬و مخم‪::‬ور‬
‫على الرصيف‪ .،‬كان يرقص‪ ،‬يعوي‪ ،‬يهذي وي‪::‬زعج ويلكن‪ .‬أدار الش‪::‬رطي هراوت‪::‬ه‪،‬‬
‫وأدار ظه‪::‬ره لس‪::‬وبي وق‪::‬ال ألح‪::‬د المواط‪::‬نين‪« :‬ه‪::‬ذا واح‪::‬د من فتي‪::‬ان جامع‪::‬ة يي‪::‬ل‬
‫يحتفلون» ببيضة اإلوزة التي قدموها لكلية هارتفورد‪ .‬إن‪::‬ه م‪::‬زعج؛ ولكن ال ض‪::‬رر‪.‬‬
‫لدينا تعليمات بأن نحبهم»‪.‬‬

‫أوقف سوبي بائًسا‪ ،‬مضربه غير المجدي‪ ،‬ألن يض‪::‬ع ش‪::‬رطي ي‪::‬ده علي‪::‬ه؟ في خيال‪::‬ه‪،‬‬
‫بدت الجزيرة الممتعة‪ ،‬والهادئة بعيدة المنال‪ .‬لقد أزرر معطف‪::‬ه الخفي‪::‬ف في مواجه‪::‬ة‬

‫‪38‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الريح الباردة‪ .‬رأى رجًال في متجر سيجار‪ ،‬يرتدي مالبس أنيقة‪ ،‬يشعل سيجاًر ا على‬
‫ض‪::‬وء مت‪::‬أرجح‪ .‬وق‪::‬د وض‪::‬ع مظلت‪::‬ه الحريريةعن‪::‬د ب‪::‬اب ال‪::‬دخول‪ .‬دخ‪::‬ل س‪::‬وبي إلى‬
‫الداخل‪ ،‬وأمن المظل‪:‬ة وانطل‪:‬ق به‪:‬ا ب‪:‬تروي‪ .‬تبع‪:‬ه الرج‪:‬ل عن‪:‬د ض‪:‬وء الس‪:‬يجار على‬
‫عجل‪ ،‬وقال بصرامة‪" :‬مظلتي"‪ .‬سخر سوبي‪ ،‬مضيًف ا إهانة للسرقة الصغيرة‪' .‬حق‪::‬ا‬
‫ك‪::‬ذلك؟' "حس‪ً::‬ن ا‪ ،‬لم‪::‬اذا ال تتص‪::‬ل بالش‪::‬رطي؟" أخ‪::‬ذت مظلت‪::‬ك! لم‪::‬اذا ال تتص‪::‬ل‬
‫بالشرطي؟ هناك واحد يقف عند الناصية»‪.‬‬
‫أبطأ صاحب المظلة خطواته‪ ،‬وفعل سوبي نفس الش‪::‬يء‪ ،‬م‪::‬ع ش‪::‬عوره ب‪::‬أن الح‪::‬ظ‬
‫س‪::‬يواجهه م‪::‬رة أخ‪::‬رى‪ .‬نظ‪::‬ر الش‪::‬رطي إلى االث‪::‬نين بفض‪::‬ول‪ ،‬ق‪::‬ال الرج‪::‬ل ص‪::‬احب‬
‫المظلة‪" :‬ب‪::‬الطبع‪ "،‬أي ‪ -‬حس‪ً:‬ن ا‪ ،‬أنت تع‪::‬رف كي‪::‬ف تح‪::‬دث ه‪::‬ذه األخط‪::‬اء ‪ -‬أن‪::‬ا ‪ -‬إذا‬
‫كانت مظلتك‪ ،‬أتمنى أن تعذرني ‪ -‬لقد التقطته‪::‬ا ه‪::‬ذا الص‪::‬باح في أح‪::‬د المط‪::‬اعم ‪ -‬إذا‬
‫كنت تعرف ذلك إنه‪:‬ا ملك‪:‬ك‪ ،‬لم‪:‬اذا ‪ -‬أتم‪:‬نى أن تفع‪:‬ل ذل‪:‬ك ‪" -‬ق‪:‬ال س‪:‬وبي بشراس‪:‬ة‪:‬‬
‫"بالطبع إنها لي"‪ .‬تراجع الرجل صحاب المظلة السابق‪.‬‬
‫سارع الشرطي لمساعدة شقراء طويلة ترتدي عب‪::‬اءة أوب‪::‬را عب‪::‬ور الش‪::‬ارع أم‪::‬ام‬
‫سيارة كانت تقترب من مسافة بنايتين‪ ،‬وسار سوبي شرًقا عبر شارع تض‪::‬رر بس‪::‬بب‬
‫التحس‪::‬ينات‪ .‬ألقى المظل‪::‬ة بغض‪::‬ب في الحفري‪::‬ات‪ .‬تمتم ض‪::‬د الرج‪::‬ال ال‪::‬ذين يرت‪::‬دون‬
‫الخوذات ويحملون الهراوات؛ وألنه أراد أن يقع في براثنهم‪ ،‬بدا أنهم يعتبرونه ملًك ا‬
‫ال يمكن أن ي‪::‬رتكب أي خط‪::‬أ‪ .‬أخ‪::‬يًر ا‪ ،‬وص‪::‬ل س‪::‬وبي إلى أح‪::‬د الط‪::‬رق المؤدي‪::‬ة إلى‬
‫الشرق حيث كان البريق واالضطراب خافًت ا‪ .‬لقد وضع وجهه في هذا االتجاه باتج‪::‬اه‬
‫ميدان ماديسون‪ ،‬ألن غري‪::‬زة الع‪::‬ودة إلى الم‪::‬نزل تظ‪::‬ل موج‪::‬ودة ح‪::‬تى عن‪::‬دما يك‪::‬ون‬
‫المنزل عبارة عن مقعد في الحديقة‪ .‬ولكن في زاوية هادئة على غ‪::‬ير الع‪::‬ادة‪ ،‬توق‪::‬ف‬
‫سوبي عن العمل‪ .‬كانت هنا كنيسة قديمة‪ ،‬غريبة ومتعرجة وجملونية‪ ،‬ت‪::‬وهج ض‪::‬وء‬
‫ناعم من خالل إحدى النوافذ الملطخة باللون البنفس‪::‬جي ‪ ،‬حيث ك‪::‬ان ع‪::‬ازف األرغن‬
‫يتسكع بال شك فوق المفاتيح‪ ،‬للتأكد من إتقانه لنشيد السبت القادم‪ .‬ألنه موسيقى عذبة‬
‫انجرفت إلى أذني سوبي‪ ،‬وجذبته وأبقته مذهواًل أمام انحناءات السياج الحديدي‪.‬‬
‫كان القمر في األعلى المًع ا وهادًئ ا؛ وك‪::‬انت الس‪::‬يارات‪ ،‬والمش‪::‬اة قليلين‪ .‬وتغ‪::‬رد‬
‫العصافير بنعاس في األفاريز ‪ -‬لبعض ال‪::‬وقت ربم‪::‬ا ك‪::‬ان المش‪::‬هد عب‪::‬ارة عن س‪::‬احة‬
‫كنيسة ريفية‪.‬‬
‫ثبت النشيد ال‪::‬ذي عزف‪::‬ه ع‪::‬ازف األرغن‪ ،‬س‪::‬وبي على الس‪::‬ياج الحدي‪::‬دي؛ ألن‪::‬ه ك‪::‬ان‬
‫يعرف‪::‬ه جي‪ً:‬د ا في األي‪::‬ام ال‪::‬تي ك‪::‬انت فيه‪::‬ا حيات‪::‬ه تحت‪::‬وي على أش‪::‬ياء مث‪::‬ل األمه‪::‬ات‪،‬‬
‫والورود‪ ،‬والطموحات‪ ،‬واألصدقاء‪ ،‬واألفكار الطاهرة‪ ،‬والياقات‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫أحدث اقتران حالة سوبي العقلية المتقبل‪::‬ة‪ ،‬والت‪::‬أثيرات المتعلق‪::‬ة بالكنيس‪::‬ة القديم‪::‬ة‬
‫تغييًر ا رائًعا مفاجًئ ا في روحه‪ ،‬فقد نظر برعب س‪::‬ريع إلى الحف‪::‬رة ال‪::‬تي س‪::‬قط فيه‪::‬ا‪،‬‬
‫واأليام المتدهورة‪ ،‬والرغبات غير المستحقة‪ ،‬واآلم‪::‬ال الميت‪::‬ة‪ ،‬والق‪::‬درات المحطم‪::‬ة‪،‬‬
‫والدوافع الوضيعة التي شكلت وجوده‪ .‬وقد استجاب قلبه في لحظة أيًض ا‪ ،‬بشكل مثير‬
‫لهذا المزاج الجديد‪ .‬لقد دفعه دافع لحظي وقوي إلى القتال م‪::‬ع المص‪::‬ير الي‪::‬ائس‪ ،‬أن‪::‬ه‬
‫سينتشل نفسه من الوحل‪ ،‬وس‪::‬وف يص‪::‬نع اإلنس‪::‬ان من نفس‪::‬ه م‪::‬رة أخ‪::‬رى؛ سينتص‪::‬ر‬
‫على الشر الذي استولى عليه‪ .‬كان صغيًر ا نسبًيا بعد؛ له‪::‬ذا‪ ،‬ك‪::‬ان لدي‪::‬ه وقت؛ س‪::‬وف‬
‫يحيي طموحاته القديمة‪ ،‬ويسعى لتحقيقها دون تعثر‪ .‬لقد أحدثت تلك النغمات المهيبة‪،‬‬
‫ثورة فيه‪ ،‬ولكنها لطيفة‪ .‬سيذهب غدًا إلى منطقة وسط المدينة الص‪::‬اخبة‪ ،‬ويبحث عن‬
‫عمل‪ .‬وقد عرض عليه أحد مستوردي الف‪::‬راء ذات م‪::‬رة مكاًن ا كس‪::‬ائق‪ ،‬س‪::‬يجده غ‪ً:‬د ا‬
‫ويطلب الحصول عليه‪ ،‬سيكون شخًص ا م‪::‬ا في الع‪::‬الم‪ .‬ش‪::‬عر س‪::‬وبي بي‪::‬د موض‪::‬وعة‬
‫على ذراعه‪ ،‬نظر بسرعة حوله إلى الوجه العريض لش‪::‬رطي‪ .‬س‪::‬أل الض‪::‬ابط‪ ":‬م‪::‬اذا‬
‫تفعل هنا؟ قال سوبي "ال شيء"‪ .،‬قال الشرطي 'اذا تعال فورًا"‪ .‬ق‪::‬ال قاض‪::‬ي محكم‪::‬ة‬
‫الشرطة في صباح اليوم التالي‪« :‬ثالثة أشهر على الجزيرة»‪.‬‬

‫القصة الثامنة‪ :‬ذكريات كلب أصفر‬


‫ال أتوفع أن أًيا منكم سيطرد من مكانه لقراءة مساهمة من حيوان‪ .‬لقد أثبت السيد‬
‫كيبلينج‪ ،‬والعديد من اآلخرين حقيقة أن الحيوانات يمكنها التعبير عن نفسها باللغة‬
‫اإلنجليزية المجزية‪ ،‬وال توجد مجلة ُت طبع في أيامنا هذه‪ ،‬دون أن تحتوي على قصة‬
‫عن حيوان‪ ،‬باستثناء المجالت الشهرية ذات الطراز القديم التي ال تزال تنشر صور‬
‫برايان‪ ،‬و رعب مونت بيليه‪.‬‬
‫لكنك ال تحتاج إلى البحث عن أي أدب عالق في مقالتي‪ ،‬مثل بيرو‪ ،‬وهو الدب‪،‬‬
‫وسنيكو‪ ،‬وهوالثعبان‪ ،‬وتمانو‪ ،‬وهوالنمر‪ ،‬الذين يتحدثون في كتب األدغال‪ .‬ال ُيتوقع‬
‫من الكلب األصفر الذي قضى معظم حياته في شقة رخيصة في نيويورك‪ ،‬ينام في‬
‫الزاوية‪ ،‬ومرتدًيا تنورة داخلية قديمة من الساتان (التي سكبت عليها النبيذ في مأدبة‬
‫ليدي لونجشورمين)‪ ،‬أن يؤدي أي حيل مع فن الكالم‪.‬‬

‫لقد ولدت جرًو ا أصفر اللون‪ ،‬مجهول التاريخ والمحلية والنسب والوزن‪ .‬أول أمر‬
‫أستطيع أن أتذكره‪ ،‬هو أن امرأة عجوز وضعتني في سلة في برودواي‪ ،‬وثالثة‬

‫‪40‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫وعشرون محاولة‪ ،‬حتى يتم بيعي لسيدة بدينة‪ .‬كانت تشجعني األم العجوز هوبارد‬
‫على التغلب على الفرقة باعتباري كلب صغير طويل الشعر ‪ -‬هامبلتوني ‪ -‬أحمر ‪-‬‬
‫أيرلندي ‪ -‬كوشين ‪ -‬صيني ‪ -‬ستوك ‪ -‬بوجيس ثعلب‪ .‬طاردت السيدة البدينة حرف‬
‫‪ v‬بين عينات الحبوب الكبيرة فانيليت في حقيبة تسوقها حتى وجدتها واستسلمت‬
‫لألمر‪ ، .‬صرت حيواًن ا أليًفا‪ ،‬منذ تلك اللحظة‪ ،‬حبوبًا‪ ،‬وعزيزًا خاًص ا بأمي‪ .‬قل‪ ،‬أيها‬
‫القارئ اللطيف‪ ،‬هل سبق لك أن رأيت امرأة تزن مائتي رطل‪ ،‬تستنشق نكهة جبن‬
‫الكممبير‪ ،‬ويلتقطك بيو ديسباني‪ ،‬ويضربك بأنفها في كل مكان‪ ،‬وهي تقول طوال‬
‫الوقت بنبرة صوت إيما إيمز‪" :‬تبًا" ‪ ،‬أوو أم أودلوم‪ ،‬أم دودلوم‪ ،‬أم وودلوم‪ ،‬أم‬
‫تودلوم‪ ،‬أم سكودلومز؟' ‪،‬‬
‫نشأت ألكون كلًبا أصفر مجهول الهوية‪ ،‬من نسب جرو أصفر ‪ ،‬يشبه تقاطًعا‬
‫بين قطة أنجورا وعلبة ليمون‪ .‬لكن سيدتي لم تتعثر أبدًا‪ ،‬لقد اعتقدت أن الجراء‬
‫البدائيين اللذين طاردهما نوح إلى الفلك لم يكونا سوى فرع جانبي ألسالفي‪.‬‬
‫استغرق األمر اثنين من رجال الشرطة لمنعها من دخولي إلى حديقة ماديسون‬
‫سكوير؛ للحصول على جائزة الكالب البوليسية السيبيرية‪.‬‬
‫سأخبرك عن تلك الشقة‪ ،‬كان المنزل هو الشيء العادي في نيويورك‪ ،‬حيث كان‬
‫مرصوًف ا بالرخام البارياني في قاعة المدخل‪ ،‬وباألحجار المرصوفة بالحصى فوق‬
‫الطابق األول‪ .‬كانت شقتنا عبارة عن ثالثة طوابق ‪ -‬حسًن ا‪ ،‬ليست رحالت جوية –‬
‫بل بالتسلق‪ .‬قد استأجرتها سيدتي غير مفروشة‪ ،‬ووضعت األشياء العادية ‪ -‬مجموعة‬
‫صالة منجدة عتيقة تعود إلى عام ‪ ،1903‬و زيت كرومو الغيشا في بيت شاي‬
‫هارلم‪ ،‬ونبتة مطاط وزوج‪ ،‬وبواسطة سيريوس! كان هناك قدمين مشعرتين ولقد‬
‫شعرت باألسف عليه‪ ،‬لقد كان رجًال صغيًر ا بشعر رملي وشوارب تشبه شعري‬
‫كثيًر ا‪ .‬مسيطرة على زوجها؟ ‪ -‬حسًن ا‪ ،‬الطوقان وطيور النحام‪ ،‬والبجع كلها كانت‬
‫تحمل فواتيرها‪ ،‬قد مسح األطباق‪ ،‬واستمع إلى سيدتي وهي تحكي عن األشياء‬
‫الرخيصة‪ ،‬والممزقة التي علقتها السيدة ذات المعطف المصنوع من جلد السنجاب‬
‫في الطابق الثاني على حبل الغسيل حتى تجف‪ ،‬وبينما كانت تتناول العشاء‪ ،‬كانت‬
‫تجعله يأخذني في نزهة على األقدام‪ ،‬في كل مساء‪.‬‬

‫إذا عرف الرجال كيف تقضي النساء الوقت عندما يكن بمفردهن‪ ،‬فلن يتزوجن أب ‪ً:‬د ا‪.‬‬
‫تجلس لورا لين جيبي‪ ،‬وتأكل الفول السوداني الهش‪،‬وتضع القلي‪::‬ل من كريم‪::‬ة الل‪::‬وز‬
‫على عضالت رقبتها‪ ،‬تترك األطباق غير مغسولة‪،‬وتقضي نصف ساعة من الحديث‬
‫مع رجل الثلج‪ ،‬وتجلس لقراءة مجموعة من الرسائل القديمة‪ ،‬تض‪::‬ع أمامه‪::‬ا وع‪::‬اءين‬

‫‪41‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫من المخلالت‪ ،‬وزجاجتين من مستخلص الشعير‪ ،‬وتطل لمدة ساعة واح‪::‬دة من خالل‬
‫ثقب في ظل النافذة في المسطح ع‪::‬بر عم‪::‬ود اله‪::‬واء ‪ -‬ه‪::‬ذا ك‪::‬ل م‪::‬ا في األم‪::‬ر‪ .‬وقب‪::‬ل‬
‫عشرين دقيقة من موعد عودته من العمل‪ ،‬تقوم بتسوية المنزل‪ ،‬وإخفاء فأره‪::‬ا ح‪::‬تى‬
‫ال يظهر‪ ،‬وتخرج الكثير من الخياطة لخدعة مدتها عشر دقائق‪.‬‬
‫لقد عشت حياة كلب في تلك الشقة‪« .‬معظم اليوم أقضيه هناك في زاويتي أش‪::‬اهد‬
‫الم‪::‬رأة البدين‪::‬ة‪ ،‬وهي تقض‪::‬ي ال‪::‬وقت ‪ ».‬كنت أن‪::‬ام أحياًن ا وأحلم ب‪::‬أحالم كاذب‪::‬ة عن‬
‫مطاردة القطط في األقبية‪ ،‬والزمجرة على السيدات المسنات الالتي يرتدين القفازات‬
‫الس‪::‬وداء‪ ،‬كم‪::‬ا ك‪::‬ان ين‪::‬وي الكلب أن يفع‪::‬ل‪ ،‬ثم تنقض علّي ب‪::‬الكثير من ثرث‪::‬رة كالب‬
‫الب‪::‬ودل التافه‪::‬ة ه‪::‬ذه ثم تقبل‪::‬ني على أنفي ‪ -‬ولكن م‪::‬اذا يمكن‪::‬ني أن أفع‪::‬ل؟ الكلب ال‬
‫يستطيع مضغ القرنفل‪.‬‬
‫ب‪::‬دأت أش‪::‬عر باألس‪::‬ف على ه‪::‬وبي‪ ،‬كلب قططي إذا لم أفع‪::‬ل ذل‪::‬ك‪ .‬لق‪::‬د ب‪::‬دونا‬
‫متشابهين إلى حد كبير‪ ،‬لدرجة أن الن‪::‬اس الحظ‪::‬وا ذل‪::‬ك عن‪::‬دما خرجن‪::‬ا؛ ل‪::‬ذلك هزن‪::‬ا‬
‫الش‪::‬وارع ال‪::‬تي ت‪::‬نزل به‪::‬ا س‪::‬يارة أج‪::‬رة مورغ‪::‬ان‪ ،‬وش‪::‬رعنا في تس‪::‬لق أك‪::‬وام ثل‪::‬وج‬
‫شهرديسمبر الماضي في الشوارع حيث يعيش الفقراء من الناس ‪.‬‬
‫لق‪::‬د س‪:‬معت أول معزوف‪::‬ة أرغن تع‪:‬زف في مس‪:‬يرة زف‪::‬اف مندلس‪:‬ون في إح‪::‬دى‬
‫األمس‪:‬يات عن‪::‬دما كن‪::‬ا نت‪::‬نزه‪ ،‬وكنت أح‪::‬اول أن أب‪::‬دو كج‪::‬ائزة س‪::‬انت برن‪::‬ارد‪ ،‬وك‪::‬ان‬
‫الرجل العجوز يحاول أن يبدو وكأنه لم يكن ليقتل‪ ،‬نظرت إليه وقلت بطريقتي‪« :‬م‪::‬ا‬
‫الذي تبدو عليه متعكًر ا جًد ا‪ ،‬يا جراد البح‪::‬ر المش‪:‬ذب؟» إنه‪:‬ا ال تقبل‪::‬ك‪ ،‬وليس علي‪:‬ك‬
‫الجل‪::‬وس في حجره‪::‬ا‪ ،‬واالس‪::‬تماع إلى ح‪::‬ديث من ش‪::‬أنه أن يجع‪::‬ل كت‪::‬اب الكومي‪::‬ديا‬
‫الموسيقية يبدو مثل أقوال إبكتيتوس‪ ،6‬يجب أن تش‪::‬كرهللا؛ ألن‪::‬ك لس‪::‬ت كلب ‪ً:‬ا‪ .‬ع‪::‬د إلى‬
‫رشدك يا بنيديك‪ ،‬وادعي كي يتالشى الحزن»‪ .‬لقد نظر إلّي الحادث ال‪::‬زوجي ب‪::‬ذكاء‬
‫يش‪::‬به الكالب في وجه‪::‬ه‪ .‬يق‪::‬ول‪« :‬لم‪::‬اذا ي‪::‬ا كلب‪ ،‬كلب جي‪::‬د‪ ».‬تب‪::‬دو تقريًب ا وكأن‪::‬ك‬
‫تستطيع التحدث‪ .‬ما هذا ي‪:‬ا كلب‪ ،‬قط‪:‬ط؟ ه‪:‬ل يمكن أن تتكلم القط‪:‬ط! لكن‪:‬ه ب‪:‬الطبع لم‬
‫يس‪::‬تطع أن يفهم‪ .‬ينك‪::‬ر البش‪::‬ر ق‪::‬درة الحيوان‪::‬ات على التح‪::‬دث‪ .‬إن أرض‪::‬ية التواص‪::‬ل‬
‫المشتركة الوحيدة التي يمكن للكالب والرجال أن يجتمعوا عليها هي الخيال‪.‬‬
‫تعيش سيدة تمتلك كلًب ا أس‪::‬ود الل‪::‬ون‪ ،‬في الش‪::‬قة المقابل‪::‬ة للقاع‪::‬ة‪ ،‬ك‪::‬ان زوجه‪::‬ا‬
‫يصحبه كل مساء للت‪:‬نزه‪ ،‬لكن‪:‬ه ك‪:‬ان دائًم ا يع‪:‬ود إلى الم‪:‬نزل مبتهًج ا‪ ،‬وه‪:‬و يص‪:‬فر‪.‬‬
‫لمس‪::‬ت أنوًف ا لكالب ب‪::‬اللون األس‪::‬ود ذات ي‪::‬وم في القاع‪::‬ة‪ ،‬و ق‪::‬د ض‪::‬ربته من أج‪::‬ل‬
‫التوضيح‪ ،‬وكنت أقول‪« :‬انظر هنا تحرك وهز ذيل‪::‬ك‪ ،‬أنت تعلم أن‪::‬ه ليس من طبيع‪::‬ة‬
‫الرجل الحقيقي أن يلعب دور الممرض الج‪::‬اف لكلب في األم‪::‬اكن العام‪::‬ة‪ .‬لم أر ق‪::‬ط‬
‫‪ 6‬مؤرخ وفيلسوف يوناني‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫شخًصا مقيًد ا إلى القوس‪ ،‬ومع ذلك ال يبدو أنه يرغب في لعق كل رج‪::‬ل آخ‪::‬ر ينظ‪::‬ر‬
‫إليه‪ .‬لكن رئيسك في العمل يأتي ك‪::‬ل ي‪::‬وم مرًح ا‪ ،‬ويتم إع‪::‬داده كمح‪::‬رض ه‪::‬اٍو يق‪::‬وم‬
‫بخدعة البيض‪ .‬يقول بالك وتان‪ ":‬كيف يفعل ذلك؟ ال تق‪::‬ل لي أن‪::‬ه يحب ذل‪::‬ك‪' .‬ل‪::‬ه؟'‪.‬‬
‫"لماذا‪ ،‬إنه يستخدم عالج الطبيعة الخاص‪ ".‬قد أصبح ثمًال‪.‬‬
‫عندما كنا نخرج في البداية‪ ،‬ك‪:‬ان يب‪:‬دو خج‪:‬واًل ‪ ،‬مث‪:‬ل الرج‪:‬ل الموج‪:‬ود على متن‬
‫السفينة البخارية‪ ،‬والذي يفضل لعب بيدرو عندما يربحون الج‪::‬وائز الك‪::‬برى‪ .‬بحل‪::‬ول‬
‫الوقت الذي وصلنا فيه إلى ثمانية ص‪::‬الونات‪ ،‬لم يع‪::‬د يهتم بم‪::‬ا إذا ك‪::‬ان الموج‪::‬ود في‬
‫نهاية صفه كلًبا أم سمك السلور‪ .‬لقد فقدت بوصتين من ذيلي أثن‪::‬اء مح‪::‬اولتي تج‪::‬اوز‬
‫تلك األبواب المتأرجحة‪.‬‬
‫كانت مسرحية انسخ هذا من فضلك‪ ،‬التي حصلت عليها من ذلك الكلب‪ ،‬كالمؤشر‬
‫بالنسبة إلي‪ ،‬فقد جعلتني أفكر‪.‬‬
‫وفي ح‪::‬والي الس‪::‬اعة السادس‪::‬ة من إح‪::‬دى األمس‪::‬يات‪ ،‬أمرت‪::‬ه س‪::‬يدتي باالنش‪::‬غال‪،‬‬
‫والقيام بعملية التنفس االصطناعي من أجل لوفي‪ .‬لق‪::‬د أخفيت‪::‬ه ح‪::‬تى اآلن‪ ،‬ولكن ه‪::‬ذا‬
‫هو ما دعتني به‪ .‬كان الكلب بالك وتان يسمى "تويتنس"‪ .‬أعتقد أن لدي انتفاًخ ا من‪::‬ه‬
‫بقدر م‪::‬ا يمكن‪::‬ك مط‪::‬اردة أرنب‪ .‬ال ت‪::‬زال كلم‪::‬ة "‪ "Lovey‬بمثاب‪::‬ة علب‪::‬ة من المع‪::‬دن‪،‬‬
‫تحمل اسم احترام المرء لذاته‪.‬‬
‫شددت طابور حارسي أمام سيارة ص‪::‬الون جذاب‪::‬ة وراقي‪::‬ة‪ ،‬في مك‪::‬ان ه‪::‬ادئ في‬
‫شارع آمن‪ .‬لقد اندفعت بسرعة كبيرة نحو األبواب‪ ،‬وأن‪::‬ا أئن مث‪::‬ل كلب في الرس‪::‬ائل‬
‫الصحفية التي تخبر العائلة أن أليس الصغيرة غارقة في المستنقع أثناء جمع الزن‪::‬ابق‬
‫في الجدول‪ .‬يقول الرجل العجوز بابتسامة ‪":‬لماذا‪ ،‬رتق عي‪::‬ني‪ "،‬؛ "يرت‪::‬ق عي‪::‬ني إذا‬
‫لم يطلب مني ابن عصير الليمون‪ ،‬ذو اللون الزعفراني أن أتن‪::‬اول مش‪::‬روًبا‪ ".‬دع‪::‬ني‬
‫أرى ‪ -‬كم من الوقت مضى منذ أن قمت بتوفير جلد األحذي‪::‬ة عن طري‪::‬ق وض‪::‬ع ق‪::‬دم‬
‫واحدة على مسند القدمين؟ أعتقد أنني سوف –‬
‫'كنت أعلم أنني أملكه‪ .‬تن‪::‬اول سكوتًش ا س‪::‬اخًن ا وه‪::‬و ج‪::‬الس على الطاول‪::‬ة‪ .‬ظلت‬
‫عائلة كامبل لمدة ساعة قادمة‪ ،‬جلست بجانبه وأطرقت بذيلي للن‪::‬ادل‪ ،‬وأتن‪::‬اول وجب‪::‬ة‬
‫غداء مجانية مثل ماما في شقتها ال تعادل أبًد ا شاحنتها محلي‪::‬ة الص‪::‬نع ال‪::‬تي اش‪::‬ترتها‬
‫من متجر أطعمة معلبة قبل ثماني دقائق من عودة بابا إلى الم‪::‬نزل‪ .‬عن‪::‬دما اس‪::‬تنفدت‬
‫منتجات اسكتلندا كلها باستثناء خبز الجاودار‪ ،‬فكني الرجل العجوز من ساق الطاولة‬
‫ولعب معي في الخ‪:‬ارج كم‪:‬ا يلعب الص‪:‬ياد م‪:‬ع س‪:‬مك الس‪:‬لمون‪ ،‬وهن‪:‬اك خل‪:‬ع ي‪:‬اقتي‬
‫وألقى بها في الشارع‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫يقول العجوز‪" :‬الكلب المسكين"‪" .‬كلب جيد‪ ".‬لن تقبلك بعد اآلن‪ .‬إنه عار شديد‪ ،‬أيها‬
‫الكلب الطيب‪ ،‬اذهب بعيًد ا‪ ،‬ولتدعسك سيارة في الشارع وكن سعيًد ا‪.‬‬
‫لقد رفضت المغادرة‪ ،‬قفزت وتجولت حول ساقي الرجل العجوز سعيًد ا مث‪::‬ل كلب‬
‫صغير على سجادة‪ .‬قلت له‪« :‬أيها العجوز البرغوث الذي يطارد طيور الغابة‪ ،‬أيه‪::‬ا‬
‫الصياد العجوز‪ ،‬الذي يشير إلى األرانب‪ ،‬ويسرق البيض‪ ،‬أال ترى أن‪::‬ني ال أري‪::‬د أن‬
‫أتركك؟» أال ترى أننا كالنا جرو في الغابة‪ ،‬وأن اآلنسة هي العم القاسي الذي يتبعك‬
‫بمنشفة األطباق‪ ،‬وأنا مع مرهم البراغيث‪ ،‬وقوس وردي لربط‪::‬ه على ذيلي‪ .‬لم‪::‬اذا ال‬
‫نقطع كل ذلك ونعفو إلى األبد؟»‪.‬‬
‫ربما ستقول أنه لم يفهم ‪ -‬ربم‪::‬ا لم يفهم‪ .‬لكن‪::‬ه أحكم قبض‪::‬ته على مش‪::‬روب ه‪::‬وت‬
‫سكوتش‪ ،‬وظل ساكًن ا يفكر لمدة دقيقة‪.‬‬
‫قال أخيًر ا‪" :،‬يا كلب‪ ،‬نحن ال نعيش أك‪::‬ثر من اث‪::‬ني عش‪::‬ر ك‪::‬ائن حي على ه‪::‬ذه‬
‫األرض‪ ،‬وقليل جًد ا منا يعيش أك‪::‬ثر من ثالثمائ‪::‬ة ش‪::‬خص‪ .‬إذا رأيت تل‪::‬ك الش‪::‬قة بع‪::‬د‬
‫اآلن‪ ،‬فأنا هي الشقة‪ ،‬و إذا فعلت ذلك فأنت تتملق؛ وهذا ليس تملًق ا‪ .‬أنا أعرض ستين‬
‫إلى واحد‪ ،‬حيث يفوز( ويستوارد هو ) بف‪::‬ارق ط‪::‬ول كلب ألم‪::‬اني‪ .‬لم يكن هن‪::‬اك أي‬
‫غزل‪ ،‬لكنني كنت ألعب مع سيدي إلى أن نعبر الشارع الثالث والعش‪::‬رين‪ .‬وق‪::‬د رأت‬
‫القطط الموجودة على الطريق‪ ،‬سبًبا للتعبير عن الش‪::‬كر؛ ألنه‪::‬ا ُمنحت مخ‪::‬الب ق‪::‬ادرة‬
‫على اإلمساك باألشياء‪ .‬قال سيدي لشخص غ‪:‬ريب ك‪:‬ان واقًف ا يأك‪:‬ل كعك‪:‬ة الكش‪:‬مش‬
‫على جانب جيرسي‪« :،‬أنا وكلبي‪ ،‬نحن متجهون إلى جبال روكي»‪ ،‬ولكن أك‪::‬ثر م‪::‬ا‬
‫أسعدني هو عندما قام والدي بسحب كلتا أذني حتى عويت‪.‬‬
‫وقال‪« :‬أيها المواطن العادي‪ ،‬ذو رأس القرد‪ ،‬وذي‪::‬ل الج‪::‬رذ‪ ،‬وابن بس‪::‬اط الب‪::‬اب‬
‫ذو اللون الكبريتي‪ ،‬هل تعرف بماذا سأسميك؟»‬
‫ورد في ذه‪::‬ني كلم‪::‬ة "‪ ،"Lovey‬وت‪::‬ذمرت بح‪::‬زن‪ .‬يق‪::‬ول س‪::‬يدي‪« :‬سأس‪::‬ميك‬
‫«بيت»‪ ».‬تمنيت في تلك اللحظة بأن يكون لدي خمس ذي‪:‬ول ألهزه‪:‬ا؛ إنص‪:‬افًا لتل‪:‬ك‬
‫المناسبة السعيدة‪ ،‬وأنا على علم بأنه لن يسعني هزهم جميعًا‪.‬‬

‫القصة التاسعة‪ :‬شاعر الحب إليكي شونشتاين‬

‫‪44‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫يقع متجر أدوية بلو اليت في وسط المدينة‪ ،‬بين شارعي بويري وفرست أفنيو‪ ،‬حيث‬
‫إن المسافة بين الشارعين هي األقصر‪ .‬ال يعتبر "بلو اليت" أن الص‪::‬يدلية هي مك‪::‬ان‬
‫للص‪::‬ودا‪ ،‬والرائح‪::‬ة‪ ،‬واآليس ك‪:‬ريم‪ ،‬وإذا طلبت من‪:‬ه مس‪:‬كًن ا لأللم‪ ،‬فلن يعطي‪:‬ك ح‪::‬تى‬
‫سكاكر‪ .‬يستهزئ متجر بلو اليت بفنون الصيدلة الحديثة التي توفر العمالة‪ ،‬إنها تنق‪:‬ع‬
‫أفيونها‪ ،‬وترش‪:‬ح اللودان‪:‬وم‪ ،‬والكافوري‪:‬ك الخ‪:‬اص به‪:‬ا‪ُ .‬تص‪:‬نع الحب‪:‬وب خل‪:‬ف مكتب‬
‫الوصفات الطبية الطويل‪ ،‬حتى يومنا هذا‪ ،‬حيث يتم لف الحب‪::‬وب في ورق األق‪::‬راص‬
‫الخاص‪::‬ة به‪::‬ا‪ ،‬وتقس‪::‬م بملعق‪::‬ة‪ ،‬ثم يتم لفه‪::‬ا باإلص‪::‬بع واإلبه‪::‬ام‪ ،‬ومغط‪::‬اة بكالس‪::‬يد‬
‫الماغنسيوم‪ ،‬ويتم تسليمها في علب أقراص صغيرة دائرية من ال‪::‬ورق المق‪::‬وى‪ .‬يق‪::‬ع‬
‫المتج‪::‬ر في زاوي‪::‬ة م‪::‬ا‪ ،‬حيث تلعب مجموع‪::‬ات من األطف‪::‬ال الم‪::‬رحين ذوي المالبس‬
‫الممزقة‪ ،‬ويتم وصف لهم قطرات السعال‪ ،‬واألشربة المهدئة الموجودة في المتجر‪.‬‬
‫كان ‪ Ikey Schoenstein‬هو الموظ‪::‬ف الليلي لش‪::‬ركة ‪ Blue Light‬وص‪::‬ديق‬
‫عمالئها‪ ،‬حيث أن المتج‪::‬ر يق‪::‬ع على الج‪::‬انب الش‪:‬رقي‪ ،‬وله‪:‬ذا ف‪::‬إن األق‪:‬دام تك‪:‬ثرعلى‬
‫الصيدلية ‪ ،‬و كما ينبغي أن يكون الصيدلي‪ ،‬فه‪::‬و مستش‪::‬ار‪ ،‬ومع‪::‬ترف ب‪::‬ه كص‪::‬يدلي‪،‬‬
‫وناصح بما هو مناسب‪ ،‬ومبشر‪ ،‬ومعلم قادر وراغب في عمله‪ُ ،‬يحترم علمه‪ ،‬وُتبَّج ل‬
‫حكمته الغامضة‪ ،‬وكثيًر ا ما ُيسكب دواءه في الحضيض دون تذوقه‪ .‬لذلك ك‪::‬ان أن‪::‬ف‬
‫إيكي الق‪::‬رني‪ ،‬ال‪::‬ذي يرت‪::‬دي نظ‪::‬ارة طبي‪::‬ة وشخص‪::‬يته الض‪::‬يقة المنحني‪::‬ة المعروف‪::‬ة‪،‬‬
‫معروًفا جيًد ا في محيط بلو اليت‪ ،‬وكانت نصيحته ومالحظاته‪ ،‬مس‪::‬موعة‪ ،‬ومطلوب‪::‬ة‬
‫جدًا‪.‬‬
‫أقام إيكي في غرفة‪ ،‬وتناول اإلفطار في منزل السيدة ريدل‪ ،‬الذي يق‪::‬ع على بع‪::‬د‬
‫مربعين من غرفته‪ ،‬وكان للسيدة ريدل ابنة اسمها روزي‪ .‬لقد ك‪::‬ان اإلطن‪::‬اب عبًث ا ‪-‬‬
‫ال بد أنك خمنت ذل‪::‬ك ‪ -‬ك‪::‬ان إيكي يعش‪::‬ق روزي‪ .‬لق‪::‬د ص‪::‬بغت ك‪::‬ل أفك‪::‬اره‪ ،‬وك‪::‬انت‬
‫المس‪::‬تخلص الم‪::‬ركب‪ ،‬لك‪::‬ل م‪::‬ا ك‪::‬ان نقًي ا كيميائي‪::‬ا‪ ،‬ومخ‪::‬دًر ا‪ ،‬ولم يكن المستوص‪::‬ف‬
‫يحتوي على شيء مساٍو لها؛ ولكن كان إيكي خجوال‪ ،‬وبقيت آمال‪::‬ه معلق‪::‬ة في حيض‬
‫تخلفه ومخاوفه‪ .‬كان خلف مكتبه في الخارج شخصًا متفوًق ا‪ ،‬يدمرك بهدوء المعرف‪::‬ة‬
‫والقيم‪::‬ة الخاص‪::‬ة؛ ‪ ،‬ك‪::‬ان رجاًل ال تق‪::‬در ركب‪::‬ه على حمل‪::‬ه‪ ،‬ك‪::‬ان أعمى‪ ،‬ومتج‪::‬واًل‬
‫ملعوًن ا‪ ،‬يرتدي مالبس غيرمالئمة‪ ،‬وملطخة بالمواد الكيميائي‪::‬ة‪ ،‬وتف‪::‬وح منه‪::‬ا رائح‪::‬ة‬
‫الصبار السقطري ونبات األمونيا‪.‬‬
‫كان تشانك ماكجوان‪ ،‬الذبابة في مرهم إيكي (مرحًبا به ثالث مرات‪ ،‬كلم‪:‬ا تق‪:‬وم‬
‫بهش الذبابة ثالث مرات متتالية‪ ،‬وقد بات هذا مجاًز ا!)‪.‬‬
‫وقد كان السيد ماكجوان يسعى جاهدًا أيًض ا؛ اللتق‪::‬اط االبتس‪::‬امات المش‪::‬رقة ال‪::‬تي‬
‫تلقيها روزي‪ ،‬لكنه لم يكن العبًا خارجًيا كما كان إيكي‪ .‬لقد اخت‪::‬ارهم من الخف‪::‬افيش‪،‬‬

‫‪45‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫فهي تبقى مستيقظة في الليل‪ .‬في الوقت نفسه‪ ،‬ك‪::‬ان ص‪::‬ديًقا وعمياًل إلكي في ال‪::‬وقت‬
‫ذاته‪ ،‬وغالًبا ما ك‪::‬ان ي‪::‬زور متج‪::‬ر أدوي‪::‬ة ‪Blue Light‬؛ للحص‪::‬ول على قطع‪::‬ة قطن‬
‫مطلية باليود‪ ،‬أو الحصول على رباط مطاطي الصق‪ ،‬وذلك بعد قضاء أمسية ممتعة‬
‫على طول باوري‪.‬‬
‫انج‪::‬رف م‪::‬اكجوان إلى الم‪::‬نزل بطريقت‪::‬ه الص‪::‬امتة الس‪::‬هلة‪ ،‬في ظه‪::‬يرة أح‪::‬د األي‪::‬ام‪،‬‬
‫وجلس على كرسي جمي‪::‬ل‪ ،‬بوج‪::‬ه أملس‪ ،‬وق‪::‬اٍس ‪ ،‬ال يقه‪::‬ر‪ ،‬ولطي‪::‬ف‪ .‬ق‪::‬ال م‪::‬اكجوان‬
‫عندما أحضر صديقه المؤونة‪ ،‬وجلس في الجهة المقابل‪::‬ة‪ ،‬يطحن ص‪::‬مغ الج‪::‬اوي إلى‬
‫مسحوق‪« :‬إيكي»‪" ،‬ضع تركيزك في عملك‪ ،‬إنها مخدرات بالنسبة لي إذا كان لديك‬
‫الصف الذي أحتاجه‪".‬‬
‫فقام إيكي بفحص وجه السيد ماكجوان بحًث ا عن أدلة الصراع المعت‪::‬ادة‪ ،‬لكن‪::‬ه لم‬
‫يج‪::‬د ش‪:‬يًئ ا‪ .‬أم‪:‬ره‪" :‬اخل‪::‬ع معطف‪::‬ك‪« ."،‬أعتق‪::‬د بالفع‪:‬ل أن‪:‬ك ق‪::‬د ُغ رزت في ض‪::‬لوعك‬
‫بس‪::‬كين‪ .‬لق‪::‬د أخبرت‪::‬ك م‪::‬رات عدي‪::‬دة أن ه‪::‬ؤالء ال‪::‬داجو‪ 7‬س‪::‬يقتلونك»‪ .‬ابتس‪::‬م الس‪::‬يد‬
‫ماكجوان‪ .‬قال‪" :‬ليسوا هم"‪" .‬ليس أي داجو‪ ".‬لكنك حددت التش‪::‬خيص جي‪ً:‬د ا بم‪::‬ا في‪::‬ه‬
‫الكفاية‪ ،‬إنه تحت معطفي‪ ،‬بالقرب من الضلوع‪ .‬اس‪:‬مع! إيكي ‪ -‬أن‪:‬ا وروزي س‪:‬نهرب‬
‫ونتزوج الليلة‪'.‬‬
‫تورمت سبابة إيكي اليسرى فوق حافة الهاون‪ ،‬مما جعلها بال حراك‪ ،‬فقد ض‪::‬ربها‬
‫بشدة بالمدقة‪ ،‬لكنه لم يشعر به‪::‬ا‪ .‬وفي ه‪::‬ذه األثن‪::‬اء تالش‪:‬ت ابتس‪::‬امة الس‪::‬يد م‪::‬اكجوان‬
‫وتحولت إلى نظرة كآبة محيرة‪.‬‬
‫وت‪::‬ابع‪« :‬ه‪::‬ذا إذا ظلت متمس‪::‬كة ب‪::‬الفكرة ح‪::‬تى يحين ال‪::‬وقت‪ ».‬لق‪::‬د قمن‪::‬ا بتمدي‪::‬د‬
‫األنابيب للبوابة لمدة أسبوعين‪ .‬لقد قالت ذات يوم إنها ستفعل؛ في نفس المس‪:‬اء ق‪::‬الت‬
‫نيكسي‪ .‬لقد اتفقنا الليلة‪ ،‬وروزي متمسكة باإليجاب ه‪:‬ذه الم‪:‬رة لم‪:‬دة ي‪:‬ومين ك‪:‬املين‪،‬‬
‫ولكن لم يتبق سوى خمس ساعات حتى يحين الوقت‪ ،‬وأخشى وقوفها بج‪::‬انبي عن‪::‬دما‬
‫يتعلق األمر بالحك»‪ .‬قال إيكي‪" :‬قلت أنك تريد المخدرات"‪.‬‬
‫بدا السيد ماكجوان غ‪::‬ير مرت‪::‬اح ومتض‪::‬ايًقا ‪ -‬وهي حال‪::‬ة تتع‪::‬ارض م‪::‬ع س‪::‬لوكه‬
‫المعتاد‪ .‬لقد صنع تقويًما طبًيا حاصاًل على ب‪:‬راءة اخ‪:‬تراع في لفاف‪:‬ة‪ ،‬وزوده‪:‬ا بح‪:‬ذر‬
‫مبالغ فيه بشأن إصبعه‪ .‬قال‪" :‬لن أسمح لهذه اإلعاقة المزدوجة أن تبدأ بداي‪::‬ة خاطئ‪::‬ة‬
‫الليلة مقابل مليون"‪« .‬لدي شقة صغيرة في هارلم جاهزة تماًما‪ ،‬مع وجود األقح‪::‬وان‬
‫على الطاولة وغالية جاهزة للغليان‪ .‬ولقد قمت بتعيين مدقع المنبر؛ ليكون جاهًز ا لنا‬
‫في منزله في الساعة ‪ .9.30‬يجب أن تؤتي ثمارها‪ ،‬وإذا لم تغير روزي رأيه‪:‬ا م‪:‬رة‬
‫‪ 7‬مصطلح "‪ "Dagoes‬هو مصطلح عامي‪ ،‬ومهين‪ .‬يستخدم تاريخًيا لإلشارة إلى من هم من أصل إيطالي‪ .‬نشأت في الواليات المتحدة في أوائل القرن‬
‫العشرين‪ ،‬وتم استخدامها لتحقير المهاجرين اإليطاليين وتصويرهم بصورة نمطية‪ ،‬ومن المهم مالحظة أن استخدام مثل هذه المصطلحات يعد أمًر ا غير‬
‫محترم ويديم الصور النمطية الضارة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫أخرى! ‪ -‬توقف السيد ماكجوان‪ ،‬فريسة لشكوكه‪ .‬قال إيكي بعد قليل‪« :‬ال أفهم بعد ما‬
‫الذي يجعلك تتحدث عن المخدرات‪ ،‬أو ما الذي يمكنني فعله حي‪::‬ال ذل‪::‬ك‪« ».‬الرج‪::‬ل‬
‫العج‪::‬وز ري‪::‬دل ال يحب‪::‬ني قلياًل »‪ ،‬واص‪::‬ل المتح‪::‬دث المض‪::‬طرب عازًم ا على تنظيم‬
‫حججه‪" .‬لمدة أسبوع لم يسمح لروزي بالخروج معي من الب‪:‬اب‪ ".‬ل‪:‬وال خس‪:‬ارة أح‪:‬د‬
‫المقيمين لكانوا قد طردوني منذ فترة طويلة‪ .‬أنا أجني ‪ 20‬دوالًر ا في األس‪::‬بوع‪ ،‬ولن‬
‫تندم أبًد ا على الطيران في الحظيرة مع تشانك ماكجوان‪.‬‬

‫ق‪::‬ال إيكي‪" :‬س‪::‬وف تع‪::‬ذرني ي‪::‬ا تش‪::‬انك"‪" .‬يجب أن أكتب وص‪::‬فة طبي‪::‬ة س‪::‬يتم أخ‪::‬ذها‬
‫قريًب ا‪ ".‬ق‪::‬ال م‪::‬اكجوان وه‪::‬و ينظ‪::‬ر لألعلى فج‪::‬أة‪« :‬اس‪::‬مع‪ ،‬مثاًل ‪ ،‬إيكي‪ ،‬أليس هن‪::‬اك‬
‫بودر من نوع ما‪ ،‬ن‪::‬وع من المس‪::‬احيق ال‪::‬تي س‪::‬تجعل فت‪::‬اة مثل‪::‬ك أفض‪::‬ل إذا أعطيته‪::‬ا‬
‫إياها؟»‬
‫كانت شفة إيكي تحت أنفه ملتوية ب‪::‬ازدراء لعظم‪::‬ة التن‪::‬وير؛ ولكن قب‪::‬ل أن يتمكن‬
‫من اإلجابة‪ ،‬واصل ماكجوان‪" :‬أخبرني تيم الس‪::‬ي ذات م‪::‬رة أن‪::‬ه حص‪::‬ل على بعض‬
‫منها من أح‪:‬د المت‪:‬ذمرين في الج‪:‬زء العل‪:‬وي من المدين‪:‬ة‪ ،‬وأطعمه‪:‬ا لفتات‪:‬ه في المي‪:‬اه‬
‫الغازية"‪ .‬منذ الجرعة األولى‪ ،‬كان في قمة تألق‪::‬ه‪ ،‬وب‪::‬دا الجمي‪::‬ع وك‪::‬أنهم ثالثين س ‪:‬نًت ا‬
‫بالنسبة لها‪ .‬لقد تزوجا في أقل من أسبوعين‪.‬‬
‫كان ‪ Chunk McGowan‬قوًيا وبسيًط ا‪ ،‬كان من الممكن لقارئ أفضل للرجال‬
‫من إيكي أن يرى أن هيكله الصلب كان معلًق ا بأسالك دقيقة‪ ،‬مث‪::‬ل ج‪::‬نرال جي‪::‬د ك‪::‬ان‬
‫على وشك غزو أراضي العدو‪ ،‬كان يس‪::‬عى لحماي‪::‬ة ك‪::‬ل نقط‪::‬ة من الفش‪::‬ل المحتم‪::‬ل‪،‬‬
‫وتابع تشانك بأمل‪« :‬اعتقدت أنه إذا كان لدي واحدة من المساحيق؛ ألعطيها لروزي‬
‫عندما أراها على العشاء الليلة‪ ،‬فقد يقويه‪::‬ا ذل‪::‬ك ويمنعه‪::‬ا من ال‪::‬تراجع عن اقتراحه‪::‬ا‬
‫بالتخطي‪ ».‬أعتقد أنها ال تحتاج إلى فريق ضخم لسحبها بعيًد ا‪ ،‬لكن النساء أفضل في‬
‫التدريب من قواعد الجري‪ .‬إذا كانت هذه األشياء ستعمل لبضع ساعات فقط‪ ،‬فسوف‬
‫تفي ب‪::‬الغرض»‪ .‬س‪::‬أل إيكي‪" :‬م‪::‬تى س‪::‬تحدث حماق‪::‬ة اله‪::‬روب ه‪::‬ذه؟"‪ .‬ق‪::‬ال الس‪::‬يد‬
‫م‪::‬اكجوان‪« :‬الس‪::‬اعة التاس‪::‬عة‪" ».‬العش‪::‬اء في الس‪::‬اعة الس‪::‬ابعة‪ "،‬وفي الثامن‪::‬ة ت‪::‬ذهب‬
‫روزي إلى الف‪:‬راش وهي تع‪:‬اني من الص‪:‬داع‪ .‬عن‪:‬دما كنت في التاس‪:‬عة من عم‪:‬ري‪،‬‬
‫سمح لي بارفينزانو بالعبور إلى الفناء الخلفي لمنزله‪ ،‬حيث يوجد ل‪::‬وح خ‪::‬ارج س‪::‬ياج‬
‫منزل ريدل المجاور‪ .‬أذهب تحت نافذتها وأساعدها في اله‪::‬روب من الحري‪::‬ق‪ .‬علين‪::‬ا‬
‫أن نجعله‪:‬ا مبك‪:‬رة على حس‪:‬اب الواع‪:‬ظ‪ ،‬س‪:‬يكون األم‪:‬ر س‪:‬هًال للغاي‪:‬ة إذا لم ت‪:‬تراجع‬
‫روزي عندما يذهب أثره‪:‬ا‪ .‬ه‪:‬ل يمكن‪:‬ك أن تعطي‪:‬ني واح‪:‬دة من المس‪:‬احيق ي‪:‬ا إيكي؟‬

‫‪47‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫فرك إيكي شوينشتاين أنفه ببطء‪ .‬قال‪« :‬قطعة واحدة‪ ،‬إن األدوية من هذا النوع يجب‬
‫أن يتوخى الصيادلة الكثير من الحذر‪ .‬أنت الوحيد من مع‪::‬رفي ال‪::‬ذي يعلم بش‪::‬أن ه‪::‬ذا‬
‫المسحوق وأعهده لك ولكن من أجلك سأفعل ذلك‪ ،‬وسترى كيف يجع‪::‬ل روزي تفك‪::‬ر‬
‫فيك»‪ .‬ذهب إيكي خلف مكتب الوصفات الطبية‪ ،‬وهناك ق‪::‬ام بس‪::‬حق قرص‪::‬ين ق‪::‬ابلين‬
‫للذوبان إلى مسحوق‪ ،‬يحتوي كل منهما على ربع حب‪::‬ة من المورفي‪::‬ا‪ ،‬وأض‪::‬اف إليهم‬
‫القليل من سكر الالكتوز؛ لمضاعفة الحجم‪ ،‬وطوى الخليط بدقة في ورقة بيضاء‪ .‬إن‬
‫تناول هذا المسحوق من قبل شخص بالغ سيضمن عدة ساعات من النوم الثقي‪::‬ل دون‬
‫خط‪::‬ر على الن‪::‬ائم‪ .‬س‪::‬لم ه‪::‬ذا إلى ‪ ،Chunk McGowan‬وطلب من‪::‬ه أن يقدم‪::‬ه في‬
‫سائل‪ ،‬إن أمكن‪ ،‬وتلقى الشكر الجزيل من الفناء الخلفي ‪.Lochinvar‬‬

‫تصبح دقة تصرفات إيكي واضحة عند قراءة حركته الالحق‪::‬ة‪ ،‬أرس‪::‬ل رس‪::‬واًل للس‪::‬يد‬
‫ري‪::‬دل وكش‪::‬ف عن خط‪::‬ط م‪::‬اكجوان لله‪::‬روب م‪::‬ع روزي‪ .‬ك‪::‬ان الس‪::‬يد ري‪::‬دل رجاًل‬
‫شجاًعا‪ ،‬وبشرته مغ‪:‬برة ومتس‪:‬رعة‪ .‬ق‪::‬ال بإيج‪::‬از إليكي‪" :‬أن‪:‬ا ممتن ج‪ً:‬د ا"‪" .‬الكس‪:‬ول‬
‫األيرلندي ضعيف الفهم!" غرفتي الخاصة تقع فوق غرفة روزي مباشرًة‪ ،‬وسأص‪::‬عد‬
‫إلى هن‪::‬اك بنفس‪::‬ي بع‪::‬د العش‪::‬اء وأمأل البندقي‪::‬ة وأنتظ‪::‬ر‪ ،‬إذا ج‪::‬اء إلى الفن‪::‬اء الخلفي‬
‫لمنزلي؛ فسوف يذهب بعيًد ا في سيارة إسعاف بدًال من كرسي الزفاف‪.‬‬
‫ومع احتج‪::‬از روزي في ب‪::‬راثن مورفي‪::‬وس لس‪::‬اعات طويل‪::‬ة من الن‪::‬وم العمي‪::‬ق‪،‬‬
‫وانتظار الوالد المتعطش للدماء‪ ،‬مسلًح ا وُمح‪ّ:‬ذ ًر ا‪ ،‬ش‪::‬عر إيكي أن منافس‪::‬ه ك‪::‬ان قريًب ا‬
‫بالفعل‪ ،‬انتظر طوال الليل بسبب االنزعاج في متجر بلو اليت وانش‪::‬غل في واجبات‪::‬ه؛‬
‫للحصول على أخبار بالصدفة عن المأساة‪ ،‬لكن لم يأت أي شيء‪.‬‬
‫وصل موظف اليوم‪ ،‬في الساعة الثامن‪::‬ة ص‪::‬باًح ا‪ ،‬وب‪::‬دأ إيكي مس‪::‬رًعا في طلب‬
‫السيدة ريدل لمعرفة ما حدث‪.‬‬
‫قفز تشانك ماكجوان من سيارة عابرة‪ ،‬أثناء خروج‪:‬ه من المتج‪:‬ر‪ ،‬وأمس‪:‬ك بي‪:‬ده ‪-‬‬
‫تشانك ماكجوان بابتسامة منتصرة ومحم‪ً:‬ر ا من الف‪:‬رح‪ .‬ق‪:‬ال تش‪:‬انك م‪:‬ع إليس‪:‬يوم في‬
‫ابتس‪::‬امته‪" :‬لق‪::‬د نجحت في ذل‪::‬ك"‪" .‬لق‪::‬د ض‪::‬ربت روزي مخ‪::‬رج الحري‪::‬ق في ال‪::‬وقت‬
‫المحدد لثانية واحدة‪ ،‬وكنا تحت السلك عند منزل الواعظ الديني عند الساعة العاش‪:‬رة‬
‫إال ربع‪ ".‬إنها في الشقة ‪ -‬لقد طبخت البيض هذا الصباح في ث‪:‬وب الكيمون‪:‬و األزرق‬
‫‪ -‬يا رب! كم انا محظوظ! يجب أن تسرع يوًما ما يا إيكي وتتغذى معنا‪ ،‬لدي وظيف‪::‬ة‬
‫ب‪::‬القرب من الجس‪::‬ر‪ ،‬وه‪::‬ذا ه‪::‬و المك‪::‬ان ال‪::‬ذي أتوج‪::‬ه إلي‪::‬ه اآلن‪ .‬تلعثم إيكي‪" :‬ال‪-‬‬
‫المسحوق؟"‪ .‬قال تش‪::‬انك وه‪::‬و يوس‪::‬ع ابتس‪::‬امته؛ «أوه‪ ،‬تل‪::‬ك األش‪::‬ياء ال‪::‬تي أعطيت‪::‬ني‬
‫إياها!» 'حسنا‪ ،‬سار األمر بهذه الطريقة‪ .‬جلست على طاول‪::‬ة العش‪:‬اء الليل‪::‬ة الماض‪::‬ية‬

‫‪48‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫في مطعم ريدلز‪ ،‬ونظرت إلى روزي‪ ،‬وقلت لنفس‪::‬ي‪" ،‬تش‪::‬نك‪ ،‬إذا تمكنت من القبض‬
‫على الفتاة‪ ،‬ض‪::‬عها في الس‪::‬احة ‪ -‬ال تح‪::‬اول اس‪::‬تخدام أي خدع‪::‬ة م‪::‬ع ش‪::‬خص أص‪::‬يل‬
‫مثلها‪ ".‬وأحتفظ بالورقة التي تعطيني إياه‪::‬ا في جي‪::‬بي‪ .‬وبع‪::‬د ذل‪::‬ك تس‪::‬قط مص‪::‬ابيحي‬
‫على طرف آخر ‪ ،‬والذي حاضر ‪ ،‬كما أقول لنفسي‪ ،‬يفشل في إظهار المودة المناسبة‬
‫تجاه ص‪::‬هره الق‪::‬ادم‪ ،‬ل‪::‬ذلك أراقب فرص‪::‬تي وأض‪::‬ع ه‪::‬ذا المس‪::‬حوق في قه‪::‬وة الرج‪::‬ل‬
‫العجوز ريدل ‪ -‬أفهمت ؟"‬
‫القصة العاشرة‪ :‬الغرفة المفروشة‬

‫القلق‪ ،‬المتغير‪ ،‬الشرود صفات تمثل الوقت في حد ذاته‪ ،‬الغالبية العظمى من س‪::‬كان‬
‫منطقة الطوب األحمر في الجانب الغربي السفلي‪.‬‬
‫لديهم مائة منزل‪ ،‬لكنهم مشردون‪ .‬إنهم ينتقلون من غرف‪::‬ة مفروش‪::‬ة إلى أخ‪::‬رى‪،‬‬
‫هم ع‪::‬ابرين إلى األب‪::‬د – إذ هم مع‪::‬ابرون في المس‪::‬كن‪ ،‬وح‪::‬تى مع‪::‬ابرون في القلب‬
‫والعقل‪ .‬يغنون في موسيقى الراغتايم "‪ . "Home Sweet Home‬يحملون الالريس‬
‫والبينات‪ 8‬في صندوق الفرقة؛ كرمتهم متشابكة حول صورة القبعة‪ .‬نبات المطاط هو‬
‫شجرة التين الخاصة بهم‪ ،‬فال بد أن تحتوي منازل ه‪::‬ذه المنطق‪::‬ة‪ ،‬ال‪::‬تي ك‪::‬ان يس‪::‬كنها‬
‫ألف ساكن‪ ،‬على ألف حكاية يمكن سردها‪ ،‬معظمها مملة بال شك؛ ولكن س‪::‬يكون من‬
‫الغريب أال يتم العثور على شبح أو اثنين في أعقاب كل هذه األشباح المتشردة‪.‬‬
‫بعد حلول الظالم في إحدى األمسيات ‪ ،‬ثمة شاب يتجول بين ه‪::‬ذه القص‪::‬ور الحم‪::‬راء‬
‫المتداعية‪ ،‬ويقرع أجراسها‪ .‬وفي اليوم الثاني عش‪::‬ر‪ ،‬وض‪::‬ع حقيبت‪::‬ه اليدوي‪::‬ة الهزيل‪::‬ة‬
‫على الدرج‪ ،‬ومسح الغبار عن عصابة قبعته‪ ،‬وجبهته‪ .‬بدا الج‪::‬رس خافًت ا وبعي‪ً:‬د ا في‬
‫بعض األعماق النائية المجوفة‪ ،‬حتى وصل إلى باب هذا الم‪::‬نزل الث‪::‬اني عش‪::‬ر ال‪::‬ذي‬
‫قرع جرس‪::‬ه‪ ،‬ج‪::‬اءت م‪::‬دبرة م‪::‬نزل جعلت‪::‬ه يفك‪::‬ر في دودة ينهش‪::‬ها الج‪::‬وع‪ ،‬ق‪::‬د أكلت‬
‫جوزها في قشرته المجوفة‪ ،‬وتسعى اآلن لملء الفراغ بمستأجرين صالحين لألكل‪.‬‬

‫سأل إذا كان هناك غرفة يسمح العيش بها‪ .‬قالت م‪::‬دبرة الم‪::‬نزل‪" :‬ادخ‪::‬ل‪ "،‬ج‪::‬اء‬
‫صوتها من حلقها‪ ،‬وقد بدا مبطًن ا بالفراء‪" .‬لقد استعدت الط‪::‬ابق الث‪::‬الث‪ ،‬وه‪::‬و ش‪::‬اغر‬
‫منذ أسبوع مضى‪ .‬هل ترغب في النظر إليه؟ تبعها الش‪::‬اب إلى أعلى ال‪::‬درج‪ ،‬ض‪::‬وء‬
‫خافت خفف ظالل القاع‪:‬ات من دون مص‪:‬در معين‪ .‬لق‪:‬د دعس‪:‬وا به‪:‬دوء على س‪:‬جادة‬
‫‪ " Lares et penates" 8‬هي عبارة التينية تشير إلى اآللهة أو اآللهة المنزلية في الديانة الرومانية القديمة‪ .‬غالًبا ما يستخدم هذا المصطلح بشكل‬
‫مجازي لإلشارة إلى الممتلكات أو الجوانب العزيزة أو األساسية في المنزل أو األسرة‪ .‬ويمكن استخدامه أيًض ا على نطاق أوسع لتمثيل فكرة الممتلكات‬
‫أو القيم الشخصية أو العزيزة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫سلم ك‪::‬ان من الممكن أن يتج‪::‬اهلوا األج‪::‬زاء المغط‪::‬اه في‪::‬ه‪ .‬يب‪::‬دو أن الغرف‪::‬ة أص‪::‬بحت‬
‫نباتية‪ .‬لقد تدهورت إلى هذا الحد‪ ،‬من الهواء الذي بال ش‪::‬مس إلى األش‪::‬نة الخص‪::‬بة‪،‬‬
‫أو الطح‪::‬الب المنتش‪::‬رة ال‪::‬تي نمت في بق‪::‬ع على ال‪::‬درج‪ ،‬وك‪::‬انت لزج‪::‬ة تحت الق‪::‬دم‬
‫كالمواد العضوية‪.‬‬
‫كانت هناك منافذ شاغرة في الجدار عند كل منعطف من الدرج ‪ .‬ربم‪::‬ا ذات ي‪::‬وم‪،‬‬
‫قد تم وضع النباتات بداخلها‪ ،‬وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فقد ماتوا في ذلك اله‪::‬واء الفاس‪::‬د‬
‫والملوث‪ .‬ربما ك‪::‬انت تماثي‪::‬ل القديس‪::‬ين منتص‪::‬بة هن‪::‬اك‪ ،‬لكن لم يكن من الص‪::‬عب أن‬
‫نتصور أن العفاريت والشياطين ق‪::‬د س‪::‬حبوها في الظالم إلى األعم‪::‬اق غ‪::‬ير المقدس‪::‬ة‬
‫ألى بعض الحفر المنتشرة باألسفل‪ .‬قالت م‪::‬دبرة الم‪::‬نزل من حلقه‪::‬ا المكس‪::‬و ب‪::‬الفرو‪:‬‬
‫"ه‪::‬ذه هي الغرف‪::‬ة‪'،‬إنه‪::‬ا غرف‪::‬ة جميل‪::‬ة‪ ،‬ولم تكن ش‪::‬اغرة في كث‪::‬ير من األحي‪::‬ان‪ .‬لق‪::‬د‬
‫اس‪:‬تقبلت بعض الن‪:‬اس‪ ،‬رفيعي ال‪::‬ذوق في الص‪::‬يف الماض‪::‬ي‪ ،‬ولم تكن هن‪:‬اك مش‪:‬كلة‬
‫على اإلطالق‪ ،‬ودفعت لدقيقة مقدمًا‪ .‬احتفظ يبراولز وموني بالماء لمدة ثالثة أش‪::‬هر‪.‬‬
‫وقد قاموا بعمل رسم الستعراض مسرحي‪ .‬اآلنس‪::‬ة بيريت‪::‬ا س‪::‬براولز ‪ -‬ربم‪::‬ا س‪::‬معت‬
‫عنها – نعم‪ ،‬لقد نسيت‪ ،‬تلك كانت مجرد أسماء مسرحية ‪ -‬هناك فوق الخزان‪::‬ة حيث‬
‫تم تعلي‪::‬ق ش‪::‬هادة ال‪::‬زواج في إط‪::‬ار‪ .‬هن‪::‬ا الغ‪::‬از ‪ ،‬وكم‪::‬ا ت‪::‬رى هن‪::‬اك مس‪::‬احة كب‪::‬يرة‬
‫للخزانة‪ .‬إنها غرفة يحبها الجميع‪ .‬ال تبقى شاغرة لفترة طويلة أبًد ا‪.‬‬

‫س‪:‬أل الش‪:‬اب ‪":‬ه‪:‬ل ل‪:‬ديك العدي‪:‬د من المس‪:‬رحيين ال‪:‬ذين يس‪:‬كنون هن‪:‬ا؟‪" .‬إنهم ي‪:‬أتون‬
‫ويرحلون‪ ".‬ترتبط نسبة كبيرة من نزالئي بالمسارح‪ ".‬نعم يا سيدي‪ ،‬هذه هي المنطقة‬
‫المسرحية‪ ،‬ولكن ال يبقى الممثلون طويًال في أي مكان‪ .‬إن‪::‬ه من نص‪::‬يبي‪ .‬نعم‪« ،‬إنهم‬
‫يأتون ويذهبون»‪ .‬لق‪::‬د قطن الغرف‪::‬ة‪ ،‬ودف‪::‬ع ثمن أس‪::‬بوع مق‪::‬دما‪ .‬ق‪::‬ال إن‪::‬ه ك‪::‬ان متعًب ا‬
‫وسيستحوذ على المكان في الحال‪ .‬لق‪::‬د أحص‪::‬ى مال‪::‬ه‪ .‬وق‪::‬الت‪ ":‬إن الغرف‪::‬ة أص‪::‬بحت‬
‫جاهزة حتى المناشف والماء"‪ .‬وعندما ابتعدت م‪::‬دبرة الم‪::‬نزل‪ ،‬ط‪::‬رح الس‪::‬ؤال ال‪::‬ذي‬
‫حمله على طرف لسانه للمرة األلف‪.‬‬
‫فتاة صغيرة ‪ -‬اآلنسة فاشنر ‪ -‬اآلنسة إلويز فاشنر ‪ -‬هل تتذكرين أح‪::‬دًا بمواص‪::‬فات‬
‫هذه الفت‪::‬اة بين نزالئ‪::‬ك؟ على األرجح أنه‪::‬ا س‪::‬تغني على المس‪::‬رح‪ ،‬إنه‪::‬ا فت‪::‬اة جميل‪::‬ة‪،‬‬
‫ومتوسطة الطول‪ ،‬ونحيلة الجسم‪،‬و لها شعر ذهبي محمر‪ ،‬وشامة داكنة ب‪::‬القرب من‬
‫حاجبها األيسر‪ .‬ق‪::‬الت‪'":‬ال‪ ،‬ال أت‪::‬ذكر ه‪::‬ذا االس‪::‬م"‪ .‬األش‪::‬خاص المس‪::‬رحيين يغ‪::‬يرون‬
‫أسماء‪ ،‬بقدر ما يغيرون غرفهم‪« .‬يأتون ويذهبون»‪" .‬أنا ال أذكر هذا األمر"‬

‫‪50‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫ال‪ ،‬دائما ال‪ .‬خمسة أشهر من االستجواب المتواصل والس‪::‬لبية المحتم‪::‬ة‪ ،‬يمض‪::‬ي‬
‫الكث‪::‬ير من ال‪::‬وقت يومًي ا‪ ،‬في اس‪::‬تجواب الم‪::‬دراء‪ ،‬وال‪::‬وكالء‪ ،‬والم‪::‬دارس‪ ،‬والف‪::‬رق‬
‫الموس‪::‬يقية ؛ ليًال بين جمه‪::‬ور المس‪::‬ارح من نج‪::‬وم الس‪::‬ينما‪ ،‬وص‪::‬وًال إلى قاع‪::‬ات‬
‫الموسيقى في مستوى منخفض للغاية‪ ،‬لدرجة أنه كان يخشى أن يجد أكثر ما يتمن‪::‬اه‪.‬‬
‫من أحب شخصًا‪ ،‬سيبذل الغالي والنفيس من أجل العث‪::‬ور عليه‪::‬ا‪ .‬ك‪::‬ان على يقين من‬
‫أن هذه المدينة العظيم‪::‬ة المطوق‪::‬ة بالمي‪::‬اه‪ ،‬احتجزته‪::‬ا في مك‪::‬ان م‪::‬ا من‪::‬ذ اختفائه‪::‬ا من‬
‫المنزل‪ ،‬لكنها كانت مثل الرمال المتحركة الهائلة‪ ،‬التي تح‪::‬رك جزيئاته‪::‬ا باس‪::‬تمرار‪،‬‬
‫دون أي أساس‪ ، ،‬وحبيباتها العليا اليوم‪ ،‬تصبح غدًا‪ ،‬مدفونة في الطين‪ ،‬والوحل‪.‬‬
‫استقبلت الغرفة المفروشة آخر ض‪:‬يوفها‪ ،‬بت‪:‬وهج للم‪:‬رة األولى‪ ،‬على غ‪:‬رار تل‪:‬ك‬
‫المض‪::‬يفة الزائف‪::‬ة‪ ،‬ال‪::‬تي رحبت ترحيًب ا محموًم ا‪ ،‬ومنهًك ا‪ ،‬وروتينًي ا مث‪::‬ل ابتس‪::‬امة‬
‫ديميريب الخاداع‪::‬ة‪ .‬وج‪::‬اءت الراح‪::‬ة المذهل‪::‬ة‪ ،‬في الومض‪::‬ات المنعكس‪::‬ة من األث‪::‬اث‬
‫المتهالك‪ ،‬والمفروشات الممزقة ألريك‪:‬ة‪ ،‬وكرس‪:‬يين‪ ،‬وزج‪:‬اج فاص‪:‬ل رخيص الثمن‪،‬‬
‫بين النافذتين‪ ،‬وإطار أو إطارين مذهبين للصور‪ ،‬وسرير نحاس‪::‬ي في الزاوي‪::‬ة‪ .‬ك‪::‬ان‬
‫الضيف متكًئ ا‪ ،‬وخاماًل على كرس‪::‬ي‪ ،‬بينم‪::‬ا الغرف‪::‬ة‪ ،‬المرتبك‪::‬ة في الكالم‪ ،‬تح‪::‬اول أن‬
‫تكلمه عن تنوع مستأجريها وكأنها شقة في بابل‪ .‬كانت هناك س‪::‬جادة متع‪::‬ددة األل‪::‬وان‬
‫مثل بعض الجزر االستوائية ذات األزهار الرائعة‪ ،‬والمستطيلة الشكل‪ ،‬محاطة ببحر‬
‫متموج من الحصير المتسخ‪.‬‬

‫كانت هناك تلك الصور ال‪::‬تي تالح‪::‬ق المش‪::‬ردين من م‪::‬نزل إلى م‪::‬نزل‪ ،‬على الج‪::‬دار‬
‫المغطى بورق المثليين‪ - ،‬العشاق الهوغونوتيون‪ ،‬الش‪::‬جار األول‪ ،‬وإفط‪::‬ار الزف‪::‬اف‪،‬‬
‫والنفس عند النافورة‪ ،‬وكان الشكل الصارم العفيف للرف‪ ،‬مخفي بشكل غير محمود‪،‬‬
‫خلف بعض األقمشة المرسومة بش‪::‬كل فاض‪::‬ح مث‪::‬ل أوش‪::‬حة البالي‪::‬ه األم‪::‬ازوني‪ .‬ك‪::‬ان‬
‫هناك بعض الحطام المهجور‪ ،‬الذي ألقاه جانب الغرفة التي تقطعت بها السبل عن‪::‬دما‬
‫حملهم شراع محظوظ إلى ميناء جديد ‪ -‬مزهرية تافهة أو اثن‪::‬تين‪ ،‬وص‪::‬ور لممثالت‪،‬‬
‫وزجاجة دواء‪ ،‬وبعض البطاقات الضالة من سطح السفينة‪.‬‬
‫عندما أصبحت أحرف التشفير واضحة واحدة تلو األخرى‪ ،‬اكتس‪::‬بت المخلف‪::‬ات‬
‫الصغيرة التي تركها موكب الضيوف‪ ،‬أهمية في الغرف‪::‬ة المفروش‪::‬ة‪ .‬ك‪::‬انت المس‪::‬احة‬
‫الرّث ة في الس‪::‬جادة أم‪::‬ام الخزان‪::‬ة‪ ،‬تش‪::‬ير إلى أن ام‪::‬رأة جميل‪::‬ة س‪::‬ارت وس‪::‬ط الحش‪::‬د‪.‬‬
‫وتتح‪::‬دث بص‪::‬مات األص‪::‬ابع الص‪::‬غيرة الموج‪::‬ودة على الحائ‪::‬ط عن س‪::‬جناء ص‪::‬غار‬
‫يحاولون تحسس طريقهم إلى الشمس واله‪:‬واء‪ ،‬وتش‪:‬ع بقع‪:‬ة متن‪:‬اثرة مث‪:‬ل ظ‪:‬ل قنبل‪:‬ة‬
‫متفجرة‪ ،‬تشهد على مكان تناثر الزجاج‪ ،‬أو الزجاجة‪ ،‬ومحتوياتها على الحائط‪ .‬ك‪::‬ان‬

‫‪51‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫على زجاج الرصيف‪ ،‬ماسة مكتوب‪::‬ة ب‪::‬أحرف مذهل‪::‬ة اس‪::‬م "م‪::‬اري" يب‪::‬دو أن تع‪::‬اقب‬
‫سكان الغرفة المفروشة قد انقلبوا في غضب ‪ -‬ربما أغ‪::‬رتهم برودته‪::‬ا الص‪::‬ارخة إلى‬
‫حد ال يحتمل ‪ -‬وألحقوا بها عواطفهم‪ .‬كان األثاث متكسًر ا ومكسوًر ا وبدت األريك‪::‬ة‪،‬‬
‫التي شوهتها الزنبركات المتفجرة‪ ،‬وحًش ا رهيًبا ُقت‪:‬ل أثن‪:‬اء الض‪:‬غط الن‪:‬اتج عن بعض‬
‫التشنجات الغريبة‪ .‬كانت بعض االضطرابات القوية؛ قد أدت إلى شق شريحة كب‪::‬يرة‬
‫من الرف الرخامي‪ ،‬وكان لكل لوح خشبي على األرض صرخة خاصة به‪ ،‬كم‪::‬ا ل‪::‬و‬
‫كانت من عذاب منفصل وفردي‪ .‬بدا من غير المعقول أن كل ه‪::‬ذا الحق‪::‬د واألذى ق‪::‬د‬
‫وقع على الغرفة من قبل أولئك الذين أطلقوا عليها اسم م‪::‬نزلهم لبعض ال‪::‬وقت؛ وم‪::‬ع‬
‫ذلك‪ ،‬ربما كانت غريزة المنزل المخدوعة ال‪:‬تي ظلت على قي‪:‬د الحي‪:‬اة بش‪:‬كل أعمى‪،‬‬
‫والغضب واالس‪:‬تياء من آله‪:‬ة الم‪:‬نزل الزائف‪:‬ة هي ال‪:‬تي أش‪:‬علت غض‪:‬بهم‪ ،‬إن‪:‬ه ك‪:‬وخ‬
‫خاص بنا يمكننا كنسه وتزيينه ونعتز به‪.‬‬
‫سمح الشاب الجالس على الكرسي لهذه األفكار بأن تتس‪:‬لل إلى عقل‪:‬ه‪ ،‬بينم‪:‬ا ك‪:‬انت‬
‫األصوات المفروشة‪ ،‬والروائح المفروشة تتدفق إلى الغرفة‪ .‬سمع في إح‪::‬دى الغ‪::‬رف‬
‫ضحًك ا قهقاًها‪ ،‬وبطيًئ ا‪ ،‬وسلًسا؛ وفي حاالت أخ‪::‬رى‪ ،‬مناج‪::‬اة الت‪::‬وبيخ‪ ،‬وق‪::‬رع ال‪::‬نرد‪،‬‬
‫والتهويدة‪ ،‬والبكاء الباهت؛ وفوقه آلة البانجو ترن بالروح‪ .‬طرقت األبواب في مكان‬
‫ما‪ ،‬وزأرت القطارات المرتفعة بشكل متقطع‪ ،‬وثمة ع‪::‬واء لقط‪::‬ة بائس‪::‬ة على الس‪::‬ياج‬
‫الخلفي‪ .‬وكان يستنشق أنفاس المنزل ‪ -‬رائحة رطبة وليس رائحة ‪ -‬دفق بارد وعفن‪،‬‬
‫كما لو كان من أقبية تحت األرض ممزوًج ا برائحة مش‪::‬مع‪ ،‬وأعم‪::‬ال خش‪::‬بية متعفن‪::‬ة‬
‫وفاسدة‪.‬‬
‫وبينما كان يستريح هناك‪ ،‬امتألت الغرفة فجأة‪ ،‬برائحة المجنونيت القوية الحلوة‪.‬‬
‫لقد جاء األمر‪ ،‬كما لو أنه هبت عليه ريح واحدة تأكيد‪ ،‬وعطر ‪،‬وتأكيد لدرجة أنه بدا‬
‫وكأنه زائر حي‪ .‬وصاح الرجل بصوت عاٍل ‪« :‬ماذا يا عزيزي؟» كما ل‪::‬و أن‪::‬ه ق‪::‬د تم‬
‫اس‪::‬تدعاؤه‪ ،‬ونهض وبحث عن مص‪::‬در تل‪::‬ك الرائح‪::‬ة‪ .‬م‪::‬د ذراعي‪::‬ه إليه‪::‬ا‪ ،‬فتعلقت ب‪::‬ه‬
‫الرائحة الغنية‪ ،‬وغلفته‪ ،‬وكانت حواس‪::‬ه كله‪::‬ا في ذل‪::‬ك ال‪::‬وقت مض‪::‬طربة ومختلط‪::‬ة‪،‬‬
‫كيف يمكن استدعاء شخص ما بشكل قاطع بواسطة الرائحة؟ بالتأكيد يجب أن يك‪::‬ون‬
‫صوًت ا؛ ولكن‪ ،‬أليس هذا الصوت هو الذي لمسه وداعبه؟‬
‫صرخ قائًال‪« :‬لقد كانت في هذه الغرفة»‪ ،‬وقف‪::‬ز لعل‪::‬ه ين‪::‬تزع منه‪::‬ا رم‪ً:‬ز ا‪ ،‬ألن‪::‬ه‬
‫ك‪::‬ان يعلم أن‪::‬ه س‪::‬يتعرف على أص‪::‬غر ش‪::‬يء يخص‪::‬ها أوأي ش‪::‬يء لمس‪::‬ته‪ .‬رائح‪::‬ة‬
‫المجنونيت المغلفة‪ ،‬هذه هي الرائحة التي أحبتها وصنعتها بنفسها ‪ -‬من أين أتت؟ لقد‬
‫تم ترتيب الغرفة ولكن بإهمال‪ ،‬لقد كانت هناك ست دبابيس شعر متناثرة على وشاح‬
‫الخزان‪::‬ة الهش ‪ -‬ه‪::‬ؤالء األص‪::‬دقاء الكتوم‪::‬ون ال‪::‬ذين ال يمكن تمي‪::‬يزهم عن الجنس‬

‫‪52‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫البشري‪ ،‬األنثويون من حيث الجنس‪ ،‬والمزاج الالمتناهي‪ ،‬والذين ال يتواص‪::‬لون م‪::‬ع‬


‫التوتر‪ .‬لقد تجاهل هؤالء‪ ،‬مدرًك ا الفتقارهم المنتصر إلى الهوي‪::‬ة‪ .‬وأثن‪::‬اء نبش أدراج‬
‫الخزانة‪ ،‬عثر على منديل صغير ممزق مهج‪::‬ور‪ ،‬ثم ض‪::‬غطه على وجه‪::‬ه‪ ،‬وألقى ب‪::‬ه‬
‫على األرض‪ .‬لقد كان يجمع بين رائح‪::‬ة س‪::‬يئة‪ ،‬ورائح‪::‬ة نبت‪::‬ة الهلي‪::‬وتروب العط‪::‬رة‪.‬‬
‫ووجد أزراًر ا غريبة‪ ،‬في درج آخ‪:‬ر‪ ،‬وبرنامًج ا مس‪:‬رحًيا‪ ،‬و رهن بطاق‪:‬ة سمس‪:‬ار ‪،‬‬
‫وقطعتي أعشاب من الفصيلة الخبازية المفقودة‪ ،‬وكتاًبا عن عرافة األحالم‪ .‬وكان في‬
‫نهاية الدرج‪ ،‬طوق شعر أسود اللون المرأة من الساتان ‪ ،‬وقد أوقف‪:‬ه ه‪:‬ذا الط‪:‬وق‪ ،‬إذ‬
‫هو واقف بين الجليد والنار‪ ،‬لكن ربط‪::‬ة الش‪::‬عر المص‪::‬نوعة من الس‪::‬اتان األس‪::‬ود هي‬
‫أيًض ا زينة األنوثة المحتشمة‪ ،‬وغبال شخصي‪ ،‬وشيء مشترك بين جمبع اإلناث‪ ،‬وال‬
‫يحكي أي حكايات‪.‬‬
‫ثم اجت‪::‬از الغرف‪::‬ة مث‪::‬ل كلب الص‪::‬يد على الرائح‪::‬ة‪ ،‬ن‪::‬اظًر ا في الج‪::‬دران‪ ،‬مت‪::‬أماًل‬
‫زوايا السجادة المنتفخة على يديه وركبتيه‪ ،‬ينقب في الرفوف والط‪::‬اوالت‪ ،‬والس‪::‬تائر‬
‫والداليات‪ ،‬والخزانة المخمورة في الزاوية‪ ،‬بحًث ا عن عالمة مرئية‪ ،‬غير قادرة على‬
‫إدراك أنها كانت هناك بجانب‪:‬ه‪ ،‬وحول‪::‬ه‪ ،‬وض‪::‬ده‪ ،‬وفي داخل‪::‬ه‪ ،‬وفوق‪::‬ه‪ ،‬وتتش‪:‬بث ب‪:‬ه‪،‬‬
‫وتتودد إلي‪::‬ه‪ ،‬وتنادي‪::‬ه من خالل حواس‪::‬ه الدقيق‪::‬ة بش‪::‬كل م‪::‬ؤثر للغاي‪::‬ة‪ ،‬ح‪::‬تى أن أك‪::‬ثر‬
‫حواسه جرأة أصبحت على علم بالنداء‪ .‬و أج‪::‬اب م‪::‬رة أخ‪::‬رى بص‪::‬وت ع‪::‬ال‪ :‬نعم ي‪::‬ا‬
‫عزيزي! واستدار بنظرة جامح‪::‬ة لينظ‪::‬ر إلى الخالء‪ ،‬ألن‪::‬ه لم يس‪::‬تطع تمي‪::‬يز الش‪::‬كل‪،‬‬
‫والل‪::‬ون‪ ،‬والحب‪ ،‬وال‪::‬ذراعين المم‪::‬دودتين في رائح‪::‬ة المجن‪::‬ونيت‪ .‬ي‪::‬ا ربي! م‪::‬ا تل‪::‬ك‬
‫الرائحة؟ ومنذ متى كان للروائح صوت تنادي به؟ هكذا تلمسها حوله‪.‬‬

‫فحفر في الشقوق والزوايا‪ ،‬ووجد الفلين والسجائر‪ .‬وقد مرر ه‪:‬ذه في ازدراء س‪:‬لبي‪.‬‬
‫ولكن ذات مرة وجد في إحدى ثنيات الحصير‪ ،‬سيجاًر ا نصف مدخن‪ ،‬فوض‪::‬عه تحت‬
‫كعبه‪ ،‬بقسم أخضر‪ ،‬وحاد‪.‬لقد قلب الغرفة رأسًا على عقب‪ .‬ووج‪::‬د س‪::‬جالت ص‪::‬غيرة‬
‫كئيبة‪ ،‬وحقيرة‪ ،‬للعديد من المستأجرين المتجولين؛ لكن تلك ال‪::‬تي بحث عنه‪::‬ا‪ ،‬وال‪::‬تي‬
‫ربما تكون قد سكنت هناك‪ ،‬والتي بدا أن روحها تحوم هناك‪ ،‬لم يجد لها أي أثر‪.‬‬
‫ثم فكر في مدبرة المنزل‪ ،‬وركض من الغرف‪::‬ة المس‪::‬كونة في الط‪::‬ابق الس‪::‬فلي إلى‬
‫الباب الذي أظهر ض‪:‬وءًا خافت‪ً:‬ا‪ .‬لق‪:‬د خ‪:‬رجت لتض‪:‬ربه‪ ،‬لق‪:‬د خنقت حماس‪:‬ته بك‪:‬ل م‪:‬ا‬
‫استطاعت به ‪ .‬وتوسل إليها‪« :‬هل تخبريني ي‪:‬ا س‪:‬يدتي من ك‪:‬ان يش‪:‬غل الغرف‪::‬ة ال‪::‬تي‬
‫كنت أملكها قبل مجيئي؟» 'نعم سيدي‪ .‬أس‪::‬تطيع أن أق‪::‬ول ل‪::‬ك م‪::‬رة أخ‪::‬رى‪ .‬لق‪::‬د كان‪::‬ا‬
‫سبراولز وموني‪ ،‬كما قلت‪ .‬اآلنسة بيريتا سبراولز كانت موج‪::‬ودة في دور الع‪::‬رض‪،‬‬

‫‪53‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫لكن اآلنسة موني كانت كذلك‪ .‬عرف بيتي باالحترام‪ ،‬ففوقًا‪ ،‬علقت شهادة ال‪::‬زواج ‪،‬‬
‫وهي مؤطرة على مسمار ‪ " -‬أعني أي نوع من الس‪::‬يدات ك‪::‬انت اآلنس‪::‬ة س‪::‬براولز ‪-‬‬
‫في مظهرها‪ ،‬؟"‬
‫«لم‪::‬اذا‪ ،‬ذات شعرأس‪::‬ود ي‪::‬ا س‪::‬يدي‪ ،‬قص‪::‬يرة وقوي‪::‬ة‪ ،‬ذات وج‪::‬ه مض‪::‬حك‪ .‬ولق‪::‬د‬
‫غادروا قبل أسبوع من يوم الثالثاء‪.‬‬
‫وقبل أن يحتلوها؟ «لماذا‪ ،‬كان هناك رجل واحد مرتبط بأعمال التجفيف‪ ،‬لقد غادر‬
‫مديًن ا لي بأسبوع‪ .‬وقبله كانت اآلنسة كراودر وطفاله‪::‬ا‪ ،‬ال‪::‬ذين مكث‪::‬وا أربع‪::‬ة أش‪::‬هر؛‬
‫وكان خلفهم السيد دويل العجوز‪ ،‬الذي دفع أبناؤه ثمن إيج‪::‬اره‪ ،‬ولق‪::‬د احتف‪::‬ظ بالغرف‪::‬ة‬
‫لمدة ستة أشهر‪ .‬هذا يعود إلى ع‪:‬ام مض‪::‬ى ي‪:‬ا س‪:‬يدي‪ ،‬وال أت‪:‬ذكر المزي‪:‬د»‪ .‬فش‪:‬كرها‬
‫وعاد إلى غرفته‪ .‬كانت الغرفة ميتة‪ .‬لقد ذهب الجوهر الذي أحياها‪ ،‬لقد رح‪::‬ل عط‪::‬ر‬
‫المجن‪::‬ونيت‪ ،‬وحلت في مكانه‪::‬ا الرائح‪::‬ة القديم‪::‬ة ال‪::‬تي ال مع‪::‬نى له‪::‬ا ألث‪::‬اث الم‪::‬نزل‬
‫المتعفن والجو الموجود في المخزن‪ .‬لقد استنزف إيمانه‪ ،‬انحس‪::‬ار أمل‪::‬ه‪ .‬جلس يح‪::‬دق‬
‫في اللون األصفر‪ ،‬ويغني أغنية ضوء الغاز‪ ،‬وسرعان م‪::‬ا نهض إلى الس‪::‬رير‪ ،‬وب‪::‬دأ‬
‫في تمزيق المالءات إلى شرائح‪ .‬وباستخدام نص‪:‬ل س‪:‬كينه‪ ،‬دفعهم بق‪:‬وة إلى ك‪:‬ل ش‪:‬ق‬
‫حول النوافذ واألبواب‪ .‬وعن‪::‬دما أص‪::‬بح ك‪::‬ل ش‪::‬يء مريًح ا ومش‪::‬دوًد ا‪ ،‬أطف‪::‬أ الض‪::‬وء‪،‬‬
‫وأشعل الغاز بالكامل مرة أخرى‪ ،‬واستلقى على السرير ممتًن ا‪.‬‬

‫لقد كانت تنتهي ليلة الس‪::‬يدة م‪::‬اكول بعلب‪::‬ة المش‪::‬روب؛ ل‪::‬ذلك أحض‪::‬رتها وجلس‪::‬ت م‪::‬ع‬
‫السيدة بوردي في أحد تل‪::‬ك الخل‪::‬وات الموج‪::‬ودة تحت األرض حيث تجتم‪::‬ع م‪::‬دبرات‬
‫المنزل‪ ،‬وتموت الدودة بمفردها‪ .‬قالت السيدة بوردي عبر دائرة دقيق‪::‬ة من الرغ‪::‬وة‪:‬‬
‫«لقد اس‪:‬تأجرت الط‪:‬ابق الث‪:‬الث ه‪:‬ذا المس‪:‬اء‪" .‬أخ‪:‬ذها ش‪:‬اب‪ ،‬ذهب إلى الس‪:‬رير قب‪:‬ل‬
‫ساعتين‪.‬‬

‫قالت الس‪::‬يدة م‪::‬اكول بإعج‪::‬اب ش‪::‬ديد «واآلن‪ ،‬ه‪::‬ل فعلت ذل‪::‬ك‪ ،‬ي‪::‬ا س‪::‬يدة ب‪::‬وردي‪،‬‬
‫س‪::‬يدتي؟» "أنت عجيب‪::‬ة في اس‪::‬تئجار غ‪::‬رف من ه‪::‬ذا الن‪::‬وع"‪ .‬وه‪::‬ل أخبرت‪::‬ه إذن؟‬
‫واختتمت كالمها بهمسة أجش مليئة ب‪::‬الغموض‪ .‬ق‪::‬الت الس‪::‬يدة ب‪::‬وردي‪ ،‬بلهج‪::‬ة أك‪::‬ثر‬
‫فروًيا‪« :‬الغرف مفروشة لإليجار‪ ».‬لم أخبره يا س‪::‬يدة م‪::‬اكول»‪« .‬أنت على ح‪::‬ق ي‪::‬ا‬
‫سيدتي؛ ' نحن نكسب لقمة عيشنا ونظل على قيد الحي‪::‬اة من اس‪::‬تئجار الغ‪::‬رف‪ .‬ل‪::‬ديك‬
‫حس جيد في مجال األعمال‪ ،‬سيدتي‪ .‬هناك العدي‪:‬د من األش‪:‬خاص ال‪:‬ذين سيرفض‪:‬ون‬
‫استئجار غرفة إذا علموا أن حالة انتحار حدثت بعد الموت في السرير‪ .‬ق‪::‬الت الس‪::‬يدة‬
‫ب‪::‬وردي‪« :‬كم‪::‬ا تق‪::‬ول‪ ،‬علين‪::‬ا أن نكس‪::‬ب رزقن‪::‬ا‪ .‬نعم ي‪::‬ا س‪::‬يدتي؛ ه‪::‬ذا ص‪::‬حيح‪" .‬لق‪::‬د‬

‫‪54‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫ساعدتكم منذ استيقاظ واحد فقط في هذا اليوم في ترتيب الط‪::‬ابق الث‪::‬الث من الخل‪::‬ف‪،‬‬
‫ثم كانت كولين على وشك أن تقتل نفسها بسبب زلة الغاز العفوي‪::‬ة‪ ،‬لق‪::‬د ك‪::‬ان وجهه‪::‬ا‬
‫الصغير يتصبب عرقًا‪ ،‬سيدة بوردي‪ ،‬سيدتي‪ .‬ق‪::‬الت الس‪::‬يدة ب‪::‬وردي‪ ،‬موافق‪::‬ة ولكنه‪::‬ا‬
‫منتقدة‪« :‬لقد ُو ِص فت بالوسيم‪ ،‬كما تقولين ‪ ،‬ولكن بسبب تلك الشامة‪ ،‬ك‪::‬ان ل‪::‬ديها نم‪::‬و‬
‫في حاجبها األيسر‪ ».‬املئي كأسك مرة أخرى يا سيدة ماكول»‪.‬‬

‫القصة الحادية عشر‪ :‬الورقة األخيرة‬

‫أصابت الشوارع حالة من الجنون في منطقة صغيرة غرب واشنطن س‪::‬كوير‪،‬‬


‫وانقس‪::‬مت إلى ش‪::‬رائح ص‪::‬غيرة تس‪::‬مى "األم‪::‬اكن"‪ .‬تش‪::‬كل ه‪::‬ذه "األم‪::‬اكن" زواي‪::‬ا‬
‫ومنعطفات غريبة‪ ،‬فإذا بشارع واحد يعبر نفسه مرة أو مرتين‪ .‬اكتشف أح‪::‬د الفن‪::‬انين‬
‫ذات مرة إمكانية قيمة في هذا الشارع‪ ،‬لنفترض أن جامع‪ً:‬ا يحم‪::‬ل ف‪::‬اتورة لل‪::‬دهانات‪،‬‬
‫والورق‪ ،‬والقماش‪ ،‬وأثناء عبوره هذا الطريق‪ ،‬يجد نفسه فجأة عائًد ا‪ ،‬دون دف‪::‬ع س‪::‬نتًا‬
‫واح‪::‬دًا في الحس‪::‬اب! ل‪::‬ذلك‪ ،‬س‪::‬رعان م‪::‬ا ج‪::‬اء أه‪::‬ل الفن إلى قري‪::‬ة غ‪::‬رينتش القديم‪::‬ة‬
‫الجذابة‪ ،‬بحًث ا عن النوافذ الشمالية والجملونات‪ 9‬التي تع‪::‬ود إلى الق‪::‬رن الث‪::‬امن عش‪::‬ر‪،‬‬
‫والسندرات الهولندية‪ ،‬واإليجارات المنخفض‪::‬ة‪ ،‬ثم اس‪::‬توردوا بعض أك‪::‬واب ال‪::‬بيوتر‪،‬‬
‫وطبًق ا أو اثنين من الجادة السادسة (األفنيو السادس) ‪ ،‬وأصبحوا "مستعمرة"‪.‬‬
‫كان لدى سو وجونسي االستوديو الخاص بهما‪ ،‬في الجزء العلوي من مب‪::‬نى من‬
‫الطوب‪ ،‬مكون من ثالثة طوابق‪ .،‬ك‪::‬ان "جونس‪::‬ي" مألوًف ا لجوان‪::‬ا‪ ،‬أح‪::‬دهما ك‪::‬ان من‬
‫والي‪::‬ة م‪::‬اين‪ ،‬واآلخ‪::‬ر من كاليفورني‪::‬ا‪ .‬لق‪::‬د التقي‪::‬ا على طاول‪::‬ة الطع‪::‬ام في مطعم "‬
‫‪ "Delmonico's‬في شارع ‪ ،Eighth Street‬ووجدا أن أذواقهما في الفن‪ ،‬وسلطة‬
‫الهندباء‪ ،‬وأكمام األسقف‪ ،‬كانت متجانسة جًد ا لدرجة أن االستوديو المشترك نتج عن‬
‫هذا التجانس‪.‬‬
‫لقد كان ذلك في شهر مايو‪ ،‬كان في نوفمبر هناك شيء ب‪::‬ارد‪ ،‬وغ‪::‬ريب غ‪::‬ير‬
‫مرئي‪ ،‬أطلق عليه األطباء اسم االلتهاب الرئ‪:‬وي‪ ،‬أخ‪:‬ذ يط‪:‬ارد المس‪:‬تعمرة‪ ،‬وخاص‪:‬ة‬
‫عندما يلمسو بإصبعهم الجليدي‪ ،‬شيئًا هن‪::‬ا أو‪،‬هن‪::‬اك‪ .‬خط‪::‬ا ه‪::‬ذا الُم دمر بج‪::‬رأة على‬
‫الجانب الشرقي‪ ، ،‬فضرب ض‪::‬حاياه بالعش‪:‬رات‪ ،‬لكن قدمي‪:‬ه ك‪:‬انت تس‪:‬ير ببطء ع‪:‬بر‬
‫متاهة "األماكن" الضيقة التي تنمو فيها الطحالب‪.‬‬

‫‪ 9‬الجملون عمومًا هو الجزء األعلى من المثلث‪ .‬ويستخدم المصطلح في الهندسة المعمارية لتعريف نوع من األسقف للبيوت والمباني القرميدية‪ .‬من‬
‫األمثلة على أسلوب بناء الجملون دار البلدية في مدينة مونستر األلمانية‪.‬ومعناها أيضًا األسقف المحدبة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫لم يكن السيد االلتهاب الرئوي هو ما يمكن أن تسميه رجًال عجوًز ا شهًما‪ ،‬فلم‬
‫تكن عثة ام‪::‬رأة ش‪:‬ابة‪ ،‬ب‪::‬دماء ض‪::‬عف بس‪::‬بب ه‪::‬واء كاليفورني‪::‬ا‪ ،‬لعب‪::‬ة عادل‪::‬ة بالنس‪::‬بة‬
‫للعجوز ذو القبضة الحمراء‪ ،‬والنفس القصير‪ .‬لكن أص‪::‬اب جونس‪::‬ي‪ ،‬وبالك‪::‬اد ك‪::‬انت‬
‫تستلقي أو تتحرك‪ ،‬على سريرها الحديدي المطلي‪ ،‬وتنظ‪::‬ر من خالل زج‪::‬اج النواف‪::‬ذ‬
‫الهولندية الصغيرة إلى الجانب الخالي من المنزل المجاور المبني من الطوب‪.‬‬
‫دعا سو ‪،‬الطبيب المشغول ذو حاجب رم‪::‬ادي أش‪::‬عث في ص‪::‬باح أح‪::‬د األي‪::‬ام‪ ،‬إلى‬
‫الردهة‪ .‬قال وهو ينفض الزئبق في مقي‪:‬اس الح‪::‬رارة الس‪:‬ريري الخ‪::‬اص ب‪:‬ه‪« :‬ل‪::‬ديها‬
‫فرصة واحدة‪ ،‬دعنا نقول‪ ،‬عشرة‪" ».‬وهذه الفرصة هي أن ترغب في العيش‪ ".‬به‪:‬ذه‬
‫الطريقة يصطف الناس بجانب متعهد دفن الموتى مما يجعل دس‪::‬تور األدوي‪::‬ة بأكمل‪::‬ه‬
‫يبدو سخيًفا‪ .‬لق‪:‬د ق‪:‬ررت س‪:‬يدتك الص‪:‬غيرة أنه‪:‬ا لن تتحس‪:‬ن‪ .‬ه‪:‬ل ل‪:‬ديها أي ش‪:‬يء في‬
‫ذهنها؟‬
‫قالت سو‪" :‬لقد أرادت أن ترسم خليج نابولي يوًما ما"‪.‬‬
‫‪ -‬لم أقصد هذا ! هل لديها أي شيء في ذهنها يستحق التفكير فيه مرتين‪ :‬رجل‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال؟»‪.‬‬
‫قالت سو بصوتها رنين قيثارة اليه‪::‬ود ‪':‬رج‪::‬ل؟'‪ .‬ه‪::‬ل يس‪::‬تحق الرج‪::‬ل – لكن ال ي‪::‬ا‬
‫دكتور؛ ال يوجد شيء من هذا القبيل‪.‬‬
‫قال الطبيب‪« :‬حسًن ا‪ ،‬إنه الوهن إذن‪« ».‬سأفعل كل ما يمكن أن يحققه العلم‪ ،‬بق‪::‬در‬
‫ما يمكن أن يحققه من خالل جهودي‪ .‬لكن كلما بدأت مريض‪:‬تي في ع‪:‬د العرب‪:‬ات في‬
‫م‪:‬وكب جنازته‪:‬ا‪ ،‬انقص خمس‪:‬ين في المائ‪:‬ة من الق‪:‬وة العالجي‪:‬ة لألدوي‪:‬ة‪ .‬إذا جعلته‪:‬ا‬
‫تطرح سؤاًال واح‪ً:‬د ا ح‪::‬ول أنم‪::‬اط الش‪::‬تاء الجدي‪::‬دة بأكم‪::‬ام العب‪::‬اءة‪ ،‬فس‪::‬أعدك بفرص‪::‬ة‬
‫واحدة من كل خمسة لها‪ ،‬بدًال من واحدة من كل عشرة‪'.‬‬
‫بعد أن ذهب الطبيب‪ ،‬دخلت سو إلى غرفة العمل و بكت كث‪::‬يرًا في من‪::‬ديل ورقي‬
‫حتى أصبح كاللب الطري المبلل‪ ،‬ثم دخلت متبخترة إلى غرفة جونسي‪ ،‬ومعها لوحة‬
‫الرسم الخاصة بها‪ ،‬وهي تصفر بموسيقى الراغتايم‪.‬‬
‫استلقت جونسي‪ ،‬بالكاد أحدثت تموجا تحت أغطية السرير‪ ،‬ووجهها نحو الناف‪::‬ذة‪.‬‬
‫توقفت سو عن الصفير معتقدة أنها نائمة‪.‬‬
‫قامت ب‪::‬ترتيب لوحته‪::‬ا وباش‪::‬رت في الرس‪::‬م‪ ،‬بقلم ح‪::‬بر؛ لتوض‪::‬يح قص‪::‬ة إح‪::‬دى‬
‫المجالت‪ .‬يجب على الفنانين الشباب‪ ،‬أن يمه‪::‬دوا ط‪::‬ريقهم إلى الفن‪ ،‬من خالل رس‪::‬م‬
‫صور لقصص المجالت التي يكتبها المؤلفون الشباب لتمهيد طريقهم إلى األدب‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫سمعت سو ص‪:‬وتًا منخفض‪ً:‬ا‪ ،‬تك‪:‬رر ع‪:‬دة م‪:‬رات بينم‪:‬ا ك‪:‬انت ترس‪:‬م س‪:‬رواًال أنيق‪ً:‬ا‬
‫لركوب الخيل‪ ،‬ونظارة أحادية على شخص‪::‬ية البط‪:‬ل‪ ،‬وه‪::‬و راعي بق‪::‬ر من أي‪:‬داهو‪.،‬‬
‫ذهبت بسرعة إلى السرير‪ ،‬كانت عيون جونس‪::‬ي مفتوح‪::‬ة على نط‪::‬اق واس‪::‬ع‪ ،‬ك‪::‬انت‬
‫تنظر من النافذة وتعد ‪ -‬تعد تنازليًا‪.‬‬
‫ق‪::‬الت‪« :‬اثن‪::‬ا عش‪::‬ر»‪ ،‬وبع‪::‬د قلي‪::‬ل‪« ،‬أح‪::‬د عش‪::‬ر»‪ .‬ثم "عش‪::‬رة" و"تس‪::‬عة"؛ ثم‬
‫"ثماني‪::‬ة" و"س‪::‬بعة" مًع ا تقريًب ا‪ .‬نظ‪::‬رت س‪::‬و باهتم‪::‬ام من الناف‪::‬ذة‪ ،‬م‪::‬اذا ك‪::‬ان هن‪::‬اك‬
‫لنحسب؟ لم يكن هناك سوى ساحة فارغة وكئيبة يمكن رؤيتها‪ ،‬والج‪::‬انب الف‪::‬ارغ من‬
‫الم‪::‬نزل المب‪::‬ني من الط‪::‬وب على بع‪::‬د عش‪::‬رين ق‪::‬دًما‪ .‬ك‪::‬انت ش‪::‬جرة لبالب قديم‪::‬ة‪،‬‬
‫وعارية‪ ،‬معقودة ومتحللة من الجذور‪ ،‬تتس‪::‬لق ح‪::‬تى منتص‪::‬ف الطري‪::‬ق ف‪::‬وق الج‪::‬دار‬
‫المبني من الطوب‪ .‬كانت أنف‪:‬اس الخري‪:‬ف الب‪:‬اردة ق‪:‬د ض‪:‬ربت أوراقه‪:‬ا من الكرم‪:‬ة؛‬
‫حتى التصقت أغصانها الهيكلية‪ ،‬شبه العارية‪ ،‬بالطوب المتهدم‪ .‬سألت سو "ما األمر‬
‫يا عزيزي؟"‪ .‬قالت جونسي بصوت هامس تقريًب ا‪" :‬س‪::‬تة‪" ."،‬إنهم يس‪::‬قطون بش‪::‬كل‬
‫أسرع اآلن‪ ".‬قبل ثالثة أيام كان هناك ما يق‪:‬رب من مائ‪:‬ة‪ .‬لق‪:‬د أوج‪:‬ع ع‪:‬دهم رأس‪:‬ي‪،‬‬
‫ولكن اآلن أصبح األمر سهًال‪ .‬هناك تسقط واحدة أخرى‪ .‬لم يتبق سوى خمسة اآلن‪.‬‬
‫'خمسة ماذا يا عزيزي؟ أخبري سودي الخاصة بك‪.‬‬
‫'أوراق‪ .‬على كرمة اللبالب‪ .‬عندما يسقط األخير يجب أن أذهب أيًض ا‪ .‬لقد عرفت‬
‫ذلك لثالثة أيام‪".‬ألم يخبرك الطبيب؟ "‬
‫اشتكت سو بازدراء شديد‪ ":‬لم أسمع ق‪::‬ط بمث‪::‬ل ه‪::‬ذا اله‪::‬راء"‪" .‬م‪::‬ا عالق‪::‬ة أوراق‬
‫اللبالب القديمة بتحسن حالتك؟" وكنت تحبين تلك الكرمة‪ ،‬أيته‪::‬ا الفت‪::‬اة المش‪::‬اغب‪ .‬ال‬
‫تتحدثي عن هذا بتلك السهولة‪ .‬لماذا‪ ،‬أخ‪::‬برني الط‪::‬بيب ه‪::‬ذا الص‪::‬باح أن فرص‪::‬ك في‬
‫التعافي قريًبا كانت حقيقي‪::‬ة ‪ -‬دعن‪::‬ا ن‪::‬رى بالض‪::‬بط م‪::‬ا قال‪::‬ه ‪ -‬ق‪::‬ال إن الف‪::‬رص ك‪::‬انت‬
‫عشرة إلى واحد! لماذا‪ ،‬إنها فرصة جي‪::‬دة تقريًب ا مث‪::‬ل تل‪::‬ك ال‪::‬تي ل‪::‬دينا في نيوي‪::‬ورك‬
‫عندما نركب سيارات الشارع‪ ،‬أو نسير بالقرب من مبنى جدي‪::‬د‪ .‬ح‪::‬اولي أن تتن‪::‬اولي‬
‫بعض الحساء اآلن‪ ،‬ودعي س‪:‬ودي تع‪:‬ود إلى رس‪:‬مها‪ ،‬ح‪::‬تى تتمكن من بيعه‪:‬ا لرج‪::‬ل‬
‫التحرير ‪ ،‬وشراء النبيذ لطفلتها المريضة‪ ،‬وقطع لحم الخنزير لنفسها الجشعة»‪.‬‬
‫قالت جونس‪::‬ي وهي تبقي عينيه‪::‬ا مثبت‪::‬تين في الناف‪::‬ذة‪" :‬ال داعي لتن‪::‬اول المزي‪::‬د من‬
‫النبيذ"‪" .‬هناك تسقط أخرى‪ ".‬ال‪ ،‬ال أريد أي حساء‪ .‬وهذا يترك أربعة فقط‪ .‬أري‪::‬د أن‬
‫أرى آخر سقوط قبل أن يحل الظالم‪ ،‬ثم سأذهب أيضا‪.‬‬

‫قالت سو وهي تنح‪::‬ني فوقه‪::‬ا‪" :‬عزي‪::‬زتي جونس‪::‬ي‪ ،‬ه‪::‬ل تع‪::‬ديني ب‪::‬أن تبقي عيني‪::‬ك‬
‫مغلقتين‪ ،‬وأال تنظري من النافذة حتى أنتهي من العم‪::‬ل؟" يجب أن أق‪::‬وم بتس‪::‬ليم تل‪::‬ك‬

‫‪57‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الرسومات بحلول الغد‪ ،‬أنا بحاج‪::‬ة إلى الض‪::‬وء‪ ،‬وإال سأس‪::‬حب الظ‪::‬ل إلى األس‪::‬فل»‪.‬‬
‫سأل جونسي ببرود‪« :‬أال يمكنك الرسم في الغرفة األخرى؟»‪.‬‬
‫ق‪::‬الت س‪::‬و‪« :‬أفض‪::‬ل أن أك‪::‬ون هن‪::‬ا بجانب‪::‬ك»‪" .‬عالوة على ذل‪::‬ك‪ ،‬ال أري‪::‬دك أن‬
‫تستمري في النظر إلى أوراق اللبالب السخيفة تلك‪".‬‬
‫قالت جونس‪:‬ي وهي تغمض عينيه‪:‬ا وتس‪:‬تلقي ب‪:‬اللون األبيض وس‪:‬اكنة مث‪:‬ل تمث‪:‬ال‬
‫ساقط‪" :‬أخبريني بمجرد أن تنتهي‪ ،‬ألنني أريد أن أرى التمث‪::‬ال األخ‪::‬ير يس‪::‬قط"‪ .‬لق‪::‬د‬
‫تعبت من االنتظار‪ ،‬والتفكير‪ ،‬أريد أن أتحرر قبضتي المتمسكة ببك‪::‬ل ش‪::‬يء‪ ،‬وأبح‪::‬ر‬
‫لألسفل‪ ،‬لألسفل‪ ،‬تماًما‪ ،‬مثل واحدة من تلك األوراق المسكينة المتعب‪::‬ة»‪ .‬ق‪::‬الت س‪::‬و‪:‬‬
‫"حاولي النوم"‪« .‬يجب أن أتص‪::‬ل ببيرم‪::‬ان ليك‪::‬ون نم‪::‬وذجي لعام‪::‬ل المن‪::‬اجم الناس‪::‬ك‬
‫العجوز‪ ،‬لن أغيب لمدة دقيقة‪ ،‬ال تحاولي التحرك حتى أعود»‪.‬‬
‫كان بيرمان العجوز‪ ،‬رسامًا يعيش في الطابق األرضي تحتهما‪ ،‬ك‪::‬ان ق‪::‬د تج‪::‬اوز‬
‫الستين من عمره وكانت لحي‪:‬ة مايك‪:‬ل أنجيل‪::‬و موس‪:‬ى ‪ ،‬تتجع‪:‬د من رأس س‪:‬اتير على‬
‫طول جسد عفريت‪ .‬كان بيرمان فاشًال في الفن‪ ،‬لقد ظل يمسك بالفرشاة لم‪:‬دة أربعين‬
‫عاًما دون أن يقترب بما يكفي ليلمس طرف ثوب سيدته‪ .‬لقد كان دائًما على وشك أن‬
‫يرس‪::‬م تحف‪::‬ة فني‪::‬ة‪ ،‬لكن‪::‬ه لم يب‪::‬دأها بع‪::‬د‪ .‬لم يرس‪::‬م ش‪:‬يًئ ا لع‪::‬دة س‪::‬نوات‪ ،‬إال بين الحين‬
‫واآلخر في مجال التجارة أو اإلعالن‪ .‬لقد كس‪::‬ب القلي‪::‬ل من الم‪::‬ال‪ ،‬من خالل العم‪::‬ل‬
‫كنم‪::‬وذج له‪::‬ؤالء الفن‪::‬انين الش‪::‬باب في المس‪::‬تعمرة‪ ،‬ال‪::‬ذين لم يتمكن‪::‬وا من دف‪::‬ع ثمن‬
‫االحتراف‪ .‬كان يشرب النبيذ بإسراف‪ ،‬وال يزال يتحدث عن تحفته القادمة‪ .‬فق‪::‬د ك‪::‬ان‬
‫رجاًل عجوًز ا صغيًر ا شرًس ا‪ .،‬فيما عدا ذلك‪ ،‬يسخر بش‪::‬دة من نعوم‪::‬ة أي ش‪::‬خص‪،‬‬
‫ويعتبر نفسه كلًبا خاًص ا ينتظر حماية الفنانين الشابين في االستوديو أعاله‪.‬‬
‫وجدت سو أن بيرمان تفوح منه رائحة توت العرعر القوية في عرينه ذي اإلض‪::‬اءة‬
‫الخافتة باألسفل‪ ،‬وفي إحدى الزوايا ك‪::‬انت هن‪::‬اك لوح‪::‬ة قماش‪::‬ية فارغ‪::‬ة على حام‪::‬ل‬
‫ك‪::‬انت تنتظ‪::‬ر هن‪::‬اك لخمس وعش‪::‬رين عاًم ا؛ لتلقي الس‪::‬طر األول من التحف‪::‬ة الفني‪::‬ة‪.‬‬
‫أخبرته سو عن خيال جونسي‪ ،‬وكيف كانت تخشى أن تصبح خفيفة وهشة مثل ورقة‬
‫الشجر‪ ،‬وتطفو بعيًد ا عندما تضعف قبضتها الطفيفة على العالم‪.‬‬
‫صرخ بيرمان العجوز‪ ،‬بعينيه الحم‪::‬راء المتدفق‪::‬ة بوض‪::‬وح‪ ،‬ب‪::‬ازدراءه وس‪::‬خريته‬
‫لمثل هذه التخيالت الغبية‪ .‬صرخ قائًال‪ «:‬عديمة اإلحساس !»‪" .‬هل يوج‪::‬د أش‪::‬خاص‬
‫في العالم بهذه الحماقة يموتون بسبب سقوط أوراق من كرمة محيرة؟" لم أس‪::‬مع عن‬
‫شيء من هذا القبي‪::‬ل‪ .‬ال‪ ،‬لن أك‪::‬ون نموذًج ا لش‪::‬عبك األحم‪::‬ق‪ .‬ه‪::‬ل تس‪::‬محين للوقاح‪::‬ة‬
‫السخيفة أن تأتي تحت وطأتها؟ نقطة صغيرة‪ ،‬آه‪ ،‬مسكينة اآلنسة يونسي»‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قالت سو‪« :‬إنه‪::‬ا مريض‪::‬ة ج‪ً:‬د ا وض‪::‬عيفة للغاي‪::‬ة‪ ،‬وق‪::‬د جعلت الحمى عقله‪::‬ا مريًض ا‪،‬‬
‫ومليًئ ا بالتخيالت الغريبة‪ ».‬حسًن ا‪ ،‬سيد بيرم‪::‬ان‪ ،‬إذا كنت ال تهتم ب‪::‬الوقوف معي‪ ،‬فال‬
‫داعي لذلك‪ ،‬لكنني أعتقد أنك عجوز شنيع‪ ،‬وعجوز مشاكس»‪.‬‬
‫صاح بيرمان‪" :‬أنت تمام‪:‬ا مث‪:‬ل الم‪:‬رأة"من ق‪:‬ال أن‪:‬ني لن أزعج‪:‬ك؟" وت‪:‬ابع‪ ":‬لق‪:‬د‬
‫جئت معك‪ ،‬لنصف ساعة كنت أحاول أن أقول نقط‪::‬ة أن‪::‬ا مس‪::‬تعد للب‪::‬وس‪ .‬جي‪::‬د! ه‪::‬ذا‬
‫ليس مكاًن ا يرقد فيه شخص مريض أبله مثل اآلنسة يونسي‪ .‬سأرسم تحفة فني‪::‬ة يوًم ا‬
‫ما‪ ،‬وسنذهب جميًع ا‪ .‬هذا جيد! نعم‪'.‬‬
‫كانت جونسي نائمة عندما صعدوا إلى الطابق العلوي‪ ،‬فسحبت سو الس‪::‬تارة إلى‬
‫حافة النافذة‪ ،‬وأشارت إلى بيرمان بال‪::‬دخول إلى الغرف‪::‬ة األخ‪::‬رى‪ .‬وهن‪::‬اك أطل‪::‬وا من‬
‫الناف‪::‬ذة بخ‪::‬وف على كرم‪::‬ة اللبالب‪ ،‬ثم نظ‪::‬روا إلى بعض‪::‬هم البعض للحظ‪::‬ة دون أن‬
‫يتحدثوا‪ .‬كان يتساقط المطر البارد المستمر‪ ،‬ممزوًج ا بالثلج‪ .‬جلس بيرمان‪ ،‬بقميص‪::‬ه‬
‫األزرق القديم‪ ،‬كعامل منجم ناسك على غالية مقلوبة من أجل صخرة‪.‬‬
‫عندما استيقظت سو في صباح اليوم التالي من نوم دام س‪::‬اعة‪ ،‬وج‪::‬دت جونس‪::‬ي‬
‫بعي‪::‬نين ب‪::‬اهتتين مفتوح‪::‬تين على مص‪::‬راعيهما تح‪::‬دق في الظ‪::‬ل األخض‪::‬ر المرس‪::‬وم‪.‬‬
‫'اسحبيها! أريد أن أرى‪ ،‬أمرت بصوت خافت‪ .‬أطاعت سو بضجر‪.‬‬
‫لكن عجبًا! بعد المطر الغزير وهبوب الرياح العاتية التي استمرت طوال الليل‪،‬‬
‫ال تزال هناك ورقة لبالب واقفة على الجدار المبني من الطوب‪ ،‬وكانت الورقة على‬
‫الكرمة‪ .‬كان ال يزال أخضر داكًن ا بالقرب من س‪::‬اقه‪ ،‬ولكن ك‪::‬ان يت‪::‬دلى بش‪::‬جاعة من‬
‫ف‪::‬رع على ارتف‪::‬اع ح‪::‬والي عش‪::‬رين ق‪::‬دًما عن األرض‪ ،‬بحواف‪::‬ه المس‪::‬ننة المص‪::‬بوغة‬
‫باللون األصفر الناتج عن االنحالل والتدهور‪.‬‬
‫قالت جونسي‪« :‬إنها األخيرة‪' ».‬أنا اعتقد أنها ستس‪::‬قط بالتأكي‪::‬د أثن‪::‬اء اللي‪::‬ل‪ .‬لق‪::‬د‬
‫سمعت الريح‪ ،‬سوف يسقط اليوم‪ ،‬وس‪::‬أموت في نفس ال‪::‬وقت»‪ .‬ق‪::‬الت س‪::‬و وجونس‪::‬ي‬
‫تمي‪::‬ل بوجهه‪::‬ا المه‪::‬ترئ إلى الوس‪::‬ادة‪' :‬عزي‪::‬زي عزي‪::‬زي!' "فك‪::‬ري بي‪ ،‬إن كنت ال‬
‫تفكري في نفسك‪ ".‬ما الذي يمكنني فعله؟' لكن جونسي لم ترد‪ .‬عندما تس‪::‬تعد ال‪::‬روح‬
‫لل‪::‬ذهاب في رحلته‪::‬ا الغامض‪::‬ة والبعي‪::‬دة‪ ،‬تك‪::‬ون هي الش‪::‬يء األك‪::‬ثر عزل‪::‬ة في الع‪::‬الم‬
‫أجمع‪ .‬يبدو أن الخيال قد استحوذ عليها بقوة أكبر؛ حيث انفكت الرواب‪::‬ط ال‪::‬تي ك‪::‬انت‬
‫تربطها بالصداقة واألرض واحدة تلو األخرى‪.‬‬
‫انقض‪::‬ت س‪::‬اعات النه‪::‬ار‪ ،‬وك‪::‬ان بإمك‪::‬انهم رؤي‪::‬ة ورق‪::‬ة اللبالب الوحي‪::‬دة الملتص‪::‬قة‬
‫بساقها على الحائط‪ ،.‬ح‪::‬تى خالل الغ‪::‬روب‪ .‬وبع‪::‬د ذل‪::‬ك‪ ،‬هبت الري‪::‬اح الش‪::‬مالية م‪::‬رة‬

‫‪59‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫أخرى مع حلول الليل‪ ،‬بينما ال يزال المط‪::‬ر يض‪::‬رب النواف‪::‬ذ‪ ،‬ويتس‪::‬اقط من األف‪::‬اريز‬
‫الهولندية المنخفضة‪.‬‬

‫عندما يعلن النهار عن قدومه يا جونسي عديم الرحمة‪ ،‬ستكون ورقة اللبالب ال تزال‬
‫هناك‪.‬‬
‫استلقت جونس‪:‬ي لف‪::‬ترة طويل‪::‬ة وهي تنظ‪:‬ر إليه‪:‬ا‪ ،‬ثم اتص‪::‬لت بس‪:‬و ال‪::‬تي ك‪:‬انت تقلب‬
‫حساء الدجاج فوق موقد الغاز‪.‬‬
‫قالت جونسي‪" :‬لق‪::‬د كنت فت‪::‬اة س‪::‬يئة ي‪::‬ا س‪::‬ودي"‪" .‬ش‪::‬يء م‪::‬ا جع‪::‬ل تل‪::‬ك الورق‪::‬ة‬
‫األخيرة تبقى هناك لتظهر لي كم كنت ش‪:‬ريرة‪ ،‬من الخط‪:‬أ تم‪:‬ني الم‪:‬وت‪ ،‬يمكن‪:‬ك أن‬
‫تحض‪::‬ري لي قلياًل من الحس‪::‬اء اآلن‪ ،‬وبعض الحليب م‪::‬ع القلي‪::‬ل من الخم‪::‬ر‪ ،‬و‪ -‬ال؛‬
‫أوًال‪ ،‬أحضر لي مرآة يدوية؛ ثم احزمي بعض الوس‪::‬ائد ح‪::‬ولي‪ ،‬وس‪::‬أجلس وأش‪::‬اهدك‬
‫تطبخين»‪.‬‬
‫وبعد ساعة قالت‪" :‬سودي‪ ،‬أتمنى أن أرسم خليج نابولي يوًما ما"‪.‬‬
‫جاء الطبيب في وقت ما بعد الظهر‪ ،‬وكان لدى سو عذر للذهاب إلى الردهة عندما‬
‫غادر‪ .‬قال الطبيب وهو يتحدث عن سو النحيلة‪ ،‬وهي تصافح يده‪« :‬حتى الفرص‪».‬‬
‫"مع التمريض الجيد سوف تفوز‪ ".‬واآلن يجب أن أرى حالة أخرى لدي في الط‪::‬ابق‬
‫السفلي‪ .‬بيرمان‪ ،‬اسمه ‪ --‬على ما أعتقد أنه ن‪::‬وع م‪::‬ا من الفن‪::‬انين‪ ،‬االلته‪::‬اب الرئ‪::‬وي‬
‫أيضا‪ ،‬إنه رجل عجوز وضعيف‪ ،‬ونوبة الهجوم حادة‪ ،‬ال أمل ل‪::‬ه‪ .‬لكن‪:‬ه س‪:‬يذهب إلى‬
‫المستشفى اليوم ليشعر براحة أكبر‪.‬‬
‫قال الطبيب لسو‪ ،‬في الي‪::‬وم الت‪::‬الي‪" :،‬لق‪::‬د تج‪::‬اوزت مرحل‪::‬ة الخط‪::‬ر"‪ .‬لق‪::‬د ربحت‪.‬‬
‫التغذية والرعاية اآلن – هذا كل شيء‪.‬‬
‫وبعد ظهر ذلك اليوم‪ ،‬جاءت سو إلى السرير حيث كانت جونسي مس‪::‬تلقية‪ ،‬وهي‬
‫تحيك في رضا وش‪::‬اح كت‪::‬ف ص‪::‬وفًيا أزرق الل‪::‬ون وع‪::‬ديم الفائ‪::‬دة‪ ،‬ووض‪::‬عت ذراًع ا‬
‫واحدة حولها والوسائد وكل شيء‪ .‬قالت‪" :‬لدي شيء ألخبرك به أيها الفأر األبيض"‪.‬‬
‫' لقد توفي السيد‪.‬بيرمان بسبب االلتهاب الرئ‪::‬وي الي‪::‬وم في المستش‪::‬فى‪ .‬ك‪::‬ان م‪::‬ريض‬
‫يومين فقط‪ .‬وق‪::‬د وج‪::‬ده الب‪::‬واب في ص‪::‬باح الي‪::‬وم األول في غرفت‪::‬ه بالط‪::‬ابق الس‪::‬فلي‬
‫عاجًز ا عن الحركة من شدة من األلم‪ ،‬كان حذائه مبلًال ومالبسه أيض ‪ً:‬ا‪ ،‬نتيج‪::‬ة ال‪::‬برد‬
‫القارس‪ .‬لم يتمكنوا تخيل أين كان في مث‪::‬ل ه‪::‬ذه الليل‪::‬ة المروع‪::‬ة‪ .‬وبع‪::‬د ذل‪::‬ك وج‪::‬دوا‬
‫فانوًسا ال يزال مضاًء‪ ،‬وسلمًا تم سحبه من مكانه‪ ،‬وبعض الفرش المتن‪::‬اثرة‪ ،‬ولوح‪::‬ة‬
‫ألوان ممزوجة باللونين األخضر واألصفر‪ ،‬و‪ -‬انظري من النافذة يا عزيزتي‪ ،‬أخيًر ا‬
‫ورق‪::‬ة اللبالب على الحائ‪::‬ط‪ .‬ألم تتس‪::‬اءل لم‪::‬اذا لم ترف‪::‬رف أو تتح‪::‬رك عن‪::‬دما تهب‬

‫‪60‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الرياح؟ آه‪ ،‬يا عزيزي‪ ،‬إنها تحفة بيرمان الفنية – لق‪::‬د رس‪::‬مها هن‪::‬اك في الليل‪::‬ة ال‪::‬تي‬
‫سقطت فيها الورقة األخيرة‪.‬‬

‫القصة الثانية عشر‪ :‬الشاعر والفالح‬

‫كتب صديقي الشاعر‪ ،‬الذي عاش على اتصال وثيق مع الطبيعة طوال حياته‪،‬‬
‫قصيدة ذات يوم‪ ،‬وأخذها إلى أحد المحررين‪ .‬لقد كانت ريفية حية‪ ،‬مليئة بالنفس‬
‫الحقيقي للحقول‪ ،‬وغناء الطيور‪ ،‬والثرثرة اللطيفة للجداول المتدفقة‪ .‬وعندما اتصل‬
‫الشاعر مرة أخرى ليرى األمر‪ ،‬مع أمله في قلبه بتناول شريحة لحم البقر‪ ،‬أعيدت‬
‫إليه مع التعليق‪" :‬مصطنعة للغاية"‪ .‬التقى العديد منا أثناء تناول السباجيتي وطبق‬
‫تشيانتي الهولندي في مقاطعة دوتشيس‪ ،‬وابتلعنا االستياء بالشوكة الزلقة‪ ،‬وهناك‬
‫حفرنا حفرة للمحرر‪ ،‬وكان معنا كونانت‪ ،‬وهو كاتب روائي متمكن –لقد داس على‬
‫األسفلت طوال حياته‪ ،‬ولم ينظر قط إلى المشاهد الريفية إال بأحاسيس االشمئزاز من‬
‫نوافذ القطارات السريعة‪.‬‬
‫كتب كونانت قصيدة وأطلق عليها اسم "الظبية والنهر"‪ .‬لقد كانت عينة رائعة من‬
‫نوع العمل الذي تتوقعه من شاعر ضل طريقه مع أماريليس حتى نوافذ بائع‬
‫الزهور‪ ،‬والذي كانت مناقشته الوحيدة في علم الطيور مع نادل‪ .‬وقع كونانت على‬
‫هذه القصيدة وأرسلناها إلى نفس المحرر‪ ،‬ولكن هذا ليس له عالقة بالقصة‪ .‬وفي‬
‫صباح اليوم التالي‪ ،‬وبينما كان يقرأ المحرر السطر األول من القصيدة ‪ ،‬تعثر كائن‬
‫قبالة عّبارة ويست شور‪ ،‬وسار ببطء عبر شارع األربعين الثاني‪ .‬كان الغازي شابًا‬
‫ذو عيون زرقاء فاتحة اللون‪ ،‬وشفاه متدلية‪ ،‬وشعر بنفس لون شعر اليتيم الصغير‬
‫(اكتشف الحًق ا أنه ابنة إيرل) في إحدى مسرحيات السيد بالني‪ ،‬كان سرواله‬
‫قصيرًا‪ ،‬ومعطفه قصير األكمام‪ ،‬وأزرار القميص في منتصف ظهره‪ ،‬وكان أحد‬
‫ساق الحذاء سروال قصير‪ .‬نظرت بترقب بدون جدوى‪ ،‬إلى قبعته المصنوعة من‬
‫القش التي تحتوي على فتحات لألذنين‪ ،‬وكان شكلها يثير الشك في أنها قد تم‬
‫انتزاعها من مالك حصان سابق‪ ،‬وكان في يده حقيبة‪ ،‬و يستحيل وصفها بأنها‬
‫مهمة ؛ فلن يحمل حتى رجل من بوسطن هذه الحيقيبة؛ ليحمل فيها غداءه وكتب‬
‫القانون إلى مكتبه‪ .‬و كانت هناك خصلة من القش في شعره فوق إحدى أذنيه‪- ،‬‬

‫‪61‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫خطاب تصديق الريفي‪ ،‬وشارة براءته‪ ،‬واللمسة األخيرة المتشبثة بجنة عدن التي‬
‫ظلت باقية لتخجل رجال الطوب الذهبي‪.‬‬
‫مرت به حشود المدينة مبتسمة عن علم‪ .‬لقد رأوا الغريب الخام يقف في‬
‫المزراب‪ ،‬ويمد رقبته نحو المباني الشاهقة‪ .‬عند هذا‪ ،‬توقفوا عن االبتسام‪ ،‬وحتى‬
‫عن النظر إليه‪ .‬لقد حدث ذلك في كثير من األحيان‪ .‬ألقى البعض نظرة خاطفة على‬
‫الحقيبة العتيقة ليروا ما هي "جاذبية" كوني أو نوع العلكة التي قد يستحضرها في‬
‫ذاكرته‪ .‬ولكن في الغالب يتم تجاهله‪ .‬حتى بدا على بائعي الصحف أنهم يشعرون‬
‫بالملل عندما اندفع بعيدًا عن طريق سيارات األجرة‪ ،‬وعربات الشوارع مثل مهرج‬
‫السيرك‪.‬‬
‫وقف "بونكو هاري" في الجادة الثامنة ‪،‬بشاربه المصبوغ وعيناه الالمعتين‬
‫اللطيفتين‪ .‬كان هاري فناًن ا جيًد ا جًد ا؛ بحيث ال يتألم عند رؤية ممثل يبالغ في دوره‪.‬‬
‫اقترب من رجل ريفي توقف ليفتح فمه‪ ،‬ويهز رأسه عند نافذة محل مجوهرات‪.،‬‬
‫قال بانتقاد‪« :‬سميك جًد ا يا صديقي‪ ،‬سميك جًد ا ببضع بوصات‪ ».‬أنا ال أعرف ما‬
‫هو وضعك‪ .‬ولكن لديك خصائص سميكة جًد ا‪ .‬هذا التبن‪ ،‬اآلن‪ ،‬لماذا‪ ،‬حتى هذا لم‬
‫يعد مسموحُا به في حلبة بروكتور بعد اآلن»‪.‬‬
‫قال الرجل الريفي‪« :‬أنا ال أفهمك يا سيد»‪" .‬أنا ال أبحث" عن أي سيرك‪ .‬لقد‬
‫عدت للتو من مقاطعة أولستر إللقاء نظرة على المدينة‪ ،‬حيث أن األمر قد انتهى‪.‬يا‬
‫هللا على كبر حجمها! اعتقدت أن بوكيبسي كان من األشرار‪ ،‬ولكن هذه المدينة هنا‬
‫أكبر بخمسة أضعاف»‪ .‬قال بونكو هاري وهو يرفع حاجبيه‪« :‬أوه‪ ،‬حسًن ا‪ ،‬لم أقصد‬
‫أن أتدخل في شؤونك‪ ،‬إنك غير ملزم بإخباري شيئًا‪ ،‬اعتقدت أنه يجب عليك أن‬
‫تخفف من حدة صوتك قلياًل ‪ ،‬لذا حاولت أن أجعلك حكيًما وأتمنى لك النجاح في‬
‫كسبك مهما كان‪ .‬على أية حال‪ ،‬تعال وتناول مشروًبا »‪ .‬اعترف اآلخر‪« :‬ال أمانع‬
‫في تناول كأس من البيرة»‪ .‬ذهبا إلى مقهى يرتاده الرجال ذوو الوجوه الناعمة‬
‫والعيون الخادعة‪ ،‬وجلسوا يتناولون مشروباتهم‪..‬‬

‫قال هايلوكس‪« :‬أنا سعيد ألنني التقيت بك يا سيد‪ ".‬هل تريد أن تلعب لعبة أو اثنتين‬
‫من لعبة ‪Seven-Up‬؟" لقد حصلت على كيردس‪ .‬وأخرجهم من حقيبة سفر نوح ‪-‬‬
‫سطح نادر ال يضاهى‪ ،‬دهني بوجبات لحم الخنزير المقدد ومتسخ بتربة حقول الذرة‪.‬‬
‫ضحك "بونكو هاري" بصوت عاٍل ولفترة وجيزة‪.‬‬
‫قال بحزم‪" :‬ليست بالنسبة لي‪ ،‬أيها الرياضي « لست معارضًا لمكياجك هذا مقابل‬
‫سنت واحد‪ ،‬لكني مازلت أقول أنك بالغت في األمر»‪ .‬لم يرتدي آل روبز مثل هذا‬

‫‪62‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫الزي منذ عام ‪ ،1979‬أشك في أنك تستطيع أن تعمل في بروكلين من أجل ساعة‬
‫ذات مفاتيح بهذا التصميم‪».‬‬
‫قال هايلوكس متفاخًر ا‪« :‬كًال‪ ،‬ال داعي لالعتقاد بأنني ال أملك المال‪ ».‬وقد‬
‫أخرج أربع كتل ملفوفة بإحكام‪ ،‬أو أوراًق ا نقدية بحجم فنجان شاي‪ ،‬ووضعها على‬
‫الطاولة‪.‬‬
‫وأعلن قائًال‪" :‬لقد حصلت على ذلك مقابل حصتي من مزرعة جدتي"‪" .‬هناك‬
‫تسمعمائة وخمسون دوالًر ا في تلك القائمة‪ ".‬فكرت أن آتي إلى المدينة‪ ،‬وأبحث‬
‫حولي عن عمل محتمل ألباشر به»‪ .‬تناول "بونكو هاري" لفافة النقود ونظر إليها‬
‫باحترام تقريًبا بعينيه المبتسمتين‪.‬‬
‫قال بانتقاد‪" :‬لقد رأيت ما هو أسوأ"‪ .‬ولكنك لن تفعل ذلك أبًد ا بمالبسهم‪ .‬أنت‬
‫ترغب في الحصول على حذاء بلون فاتح‪ ،‬وبدلة سوداء‪ ،‬وقبعة من القش ذات‬
‫شريط ملون‪ ،‬والتحدث كثيًر ا عن بيتسبرج وفروق الشحن‪ ،‬وشرب الشيري على‬
‫اإلفطار‪ ،‬حتى تتمكن من التخلص من أشياء زائفة من هذا القبيل»‪ .‬سأل رجالن أو‬
‫ثالثة من رجال بونكو هاري‪ ،‬ذوي العيون الماكرة بعد أن جمع هايلوكس أمواله‬
‫المطعونة فيها وغادر‪" :‬ما هي ساللته؟"‪ .‬قال هاري‪« :‬أعتقد أنه غريب األطوار‪».‬‬
‫"وإال فهو أحد رجال جيروم‪ ".‬أو بعض الرجل مع الكسب غير المشروع الجديد‪ .‬انه‬
‫ريفي جدًا‪ .‬ربما يكون ذلك ‪ -‬وأنا أتساءل اآلن ‪ -‬كال‪ ،‬ال يمكن أن تكون نقودًا‬
‫حقيقية‪ .‬تجول هايلوكس في األرجاء‪ ،‬من المحتمل أن العطش قد أصابه مرة أخرى‪،‬‬
‫ألنه غاص في حالة من الترنح المظلم في شارع جانبي واشترى البيرة‪ .‬علق العديد‬
‫من الزمالء األشرار على أحد طرفي الطاولة‪ .‬أضاءت عيونهم عند النظرة األولى‬
‫له ‪ ،‬ولكن عندما أصبح إصراره وبساطته المبالغ فيها واضًح ا‪ ،‬تغيرت تعبيراتهم‬
‫إلى شك حذر‪ .‬قام هايلوكس بتأرجح حقيبته عبرالطاولة‪ .‬قال وهو يمضغ نهاية‬
‫سيجاره الخبيث‪« :‬احتفظ بهذا لبعض الوقت يا سيد‪" ».‬سأعود بعد أن أتغلب على‬
‫التعويذة‪ .‬وراقبها‪ ،‬فهناك ‪ 950‬دوالًر ا بداخلها‪ ،‬على الرغم من أنك ربما لن تعتقد‬
‫ذلك إذا نظرت إلي‪.‬‬
‫«في مكان ما خارج الفونوغراف‪ ،‬عثر على مقطوعة موسيقية‪ ،‬وكان هايلوكس‬
‫بعيًد ا عنها‪ ،‬وأزرار ذيل معطفه تتخبط في منتصف ظهره‪.‬‬

‫هكذا قال الرجال المعلقون على الطاولة‪ ،‬وهم يغمزون بعضهم بعًضا علًن ا "ديفي؟‬
‫"مايك‪ ."،‬قال الن‪:‬ادل وه‪:‬و يرك‪:‬ل الحقيب‪:‬ة جانب‪ً:‬ا‪« :‬بص‪:‬راحة اآلن ‪" ».‬أنت ال تعتق‪:‬د‬
‫أنني سأقع في ذلك‪ ،‬أليس كذلك؟" يمكن ألي شخص أن يرى أنه ليس ثرث‪::‬ار‪ ،‬أعتق‪::‬د‬

‫‪63‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫أنه أحد أعضاء فريق ماكدو فهو الم‪::‬ع إذا جع‪::‬ل نفس‪::‬ه منه‪::‬ا‪ ،‬ال يوج‪::‬د أي مك‪::‬ان في‬
‫البالد اآلن‪ ،‬يرتدون مثل هذا منذ أن كان لديهم خدمة التوصيل المجانية في المن‪::‬اطق‬
‫الريفية إلى بروفيدنس‪ ،‬رود آيالن‪::‬د‪ .‬إذا ك‪::‬ان يحم‪::‬ل تس‪::‬عة وخمس‪::‬ين دوالًر ا في تل‪::‬ك‬
‫الحقيبة‪ ،‬فأن حافلة واتربيري‪ ،‬بثمانية وتسعين سنًت ا‪ ،‬وتتوقف عند الساعة العاشرة إال‬
‫عشر دقائق»‪ .‬عاد هايلوكس ليأخذ حقيبته عندما استنفد موارد السيد إديسون للتسلية‪،‬‬
‫ومن ثم ك‪::‬ان يتج‪::‬ول بش‪::‬جاعة في ب‪::‬رودواي ‪ ،‬ويقتل‪::‬ع المش‪::‬اهد بعيني‪::‬ه الزرق‪::‬اوين‬
‫المتلهفتين‪ ،‬لكن ظلت برودواي ترفض‪:‬ه دائًم ا وأب‪ً:‬د ا بنظ‪:‬رات مقتض‪:‬بة وابتس‪:‬امات‬
‫ساخرة‪ .‬لقد كان أقدم "الكمامات" التي يجب أن تتحمله‪::‬ا المدين‪::‬ة‪ .‬لق‪::‬د ك‪::‬ان مس‪::‬تحياًل‬
‫بشكل صارخ‪ ،‬وريفًيا جًد ا‪ ،‬ومبالًغ ا فيه للغاية بما يتجاوز المنتجات األكثر غرابة في‬
‫الفن‪::‬اء‪ ،‬ومس‪::‬رح القش‪ ،‬ومس‪::‬رح الفودفي‪::‬ل‪ ،‬لدرج‪::‬ة أن‪::‬ه لم يكن يث‪::‬ير س‪::‬وى الض‪::‬جر‬
‫والشك‪ .‬وكانت خصلة القش في شعره حقيقي‪::‬ة ج ‪ً:‬د ا‪ ،‬منعش‪::‬ة ج ‪ً:‬د ا ورائح‪::‬ة الم‪::‬روج‪،‬‬
‫ريفية بشكل صاخب‪ ،‬لدرج‪:‬ة أن‪:‬ه ح‪:‬تى ص‪:‬ياد القواق‪:‬ع ك‪:‬ان سيض‪:‬ع حب‪:‬ات الب‪:‬ازالء‬
‫ويطوي طاولته عند رؤيته‪.‬‬
‫جلس هايلوكس على مجموعة من الدرجات الحجرية‪ ،‬و أخرج لفافة ظهره‪:‬ا أص‪:‬فر‬
‫من الحقيبة مرة أخرى‪.‬السطحي‪ ،‬ورقمه عشرون‪ ،‬وأومأ إلى بائع الص‪::‬حف ق‪::‬ال‪ :‬ي‪::‬ا‬
‫بني‪ ،‬اركض إلى مكان ما وغِّير لي هذا‪ .‬لقد اقتربت كثيًر ا من عل‪:‬ف ال‪:‬دجاج؛ أعتق‪:‬د‬
‫أنك سوف تحصل على النيك‪::‬ل إذا كنت س‪::‬وف تس‪::‬رع‪ .‬وظه‪::‬رت نظ‪::‬رة جارح‪::‬ة من‬
‫خالل التراب على وجه الص‪::‬حفي‪" .‬ع‪:‬ذًر ا‪ ،‬اذهب‪ ،‬واحص‪::‬ل على ف‪::‬اتورة تتغ‪:‬ير من‬
‫تلقاء نفسها‪ .‬إن مالبسك ال تتناسب مع عمل المزرع‪::‬ة‪ ،‬اذهب واحص‪::‬ل على غيره‪::‬ا‬
‫بأموالك الخيالية‪.‬‬
‫رأى هايلوكس سائق حاد البصر كان يجلس في أحد أرك‪::‬ان دار القم‪::‬ار‪ ،‬وق‪::‬د أص‪::‬بح‬
‫تعبيره فجأة بارًد ا وفضوليًا‪ .‬قال الرجل الريفي‪« :‬يا سيدي‪« .‬لقد س‪::‬معت عن أم‪::‬اكن‬
‫في هذه المدينة حيث يمكن ألي زميل أن يلعب لعبة جيدة بالزالجة القديمة‪ ،‬أو يرب‪::‬ط‬
‫بطاق‪::‬ة في كين‪::‬و‪ ،‬ل‪::‬دي تس‪::‬عمائة وخمس‪::‬ون دوالًر ا في ه‪::‬ذه الحقيب‪::‬ة‪ ،‬وق‪::‬د أتيت من‬
‫أولستر القديمة لرؤية المعالم السياحية‪ .‬هل تع‪::‬رف أين يمكن للزمي‪::‬ل الحص‪::‬ول على‬
‫إجراء بش‪::‬أن ح‪::‬والي تس‪::‬ع دوالرات أو عش‪::‬ر دوالرات؟ س‪::‬أمارس بعض الرياض‪::‬ة‪،‬‬
‫وبعد ذلك ربما سأشتري عمًال من نوع ما‪ .‬بدا السائق متألمًا‪ ،‬متفحص‪ً:‬ا بقع‪::‬ة بيض‪::‬اء‬
‫على ظفر سبابته اليسرى‪.‬‬
‫' تمتم بعتاب‪« :‬يا لها من جبنة أيها الرجل العجوز‪' ».‬البد أن يكون المكتب‬
‫المركزي مجنوناً‪ ،‬ليرسلك لتبدو مثل الجيلي‪ .10‬ال يمكنك الوصول إلى مسافة كتلتين‬
‫‪ُ .‬ت ستخدم هذه العبارة غالًبا لوصف شخص ماهر في التحرك دون أن يالحظه أحد أو يمتلك مستوى معيًن ا من الخبرة في مجال معين‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪64‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫من لعبة الرصيف التي يستخدمها توني باستور‪ .‬لقد ساعدك السيد سكوتي األخير‬
‫من وادي الموت على التغلب على مجموعة ضخمة من الشوارع في طريق المناظر‬
‫اإلليزابيثية والملحقات الميكانيكية‪ .‬لندعها تصبح سهلة‪ .‬كال‪ ،‬ال أعرف أي قاعات‬
‫ذهبية‪ ،‬حيث يمكن للمرء أن يراهن بها بعربة ممتازة»‪ .‬بعد أن صدته المدينة‬
‫العظيمة التي كانت سريعة جًد ا في اكتشاف األشياء المصطنعة مرة أخرى‪ ،‬جلس‬
‫هايلوكس على الرصيف وعرض أفكاره لعقد مؤتمر‪.‬‬
‫قال‪« :‬إنها مالبسي»‪ ،‬سحقًا‪ ،‬ليست كذلك‪ .‬إنهم يعتقدون أني ريفي‪ ،‬وليس عندي‬
‫شيء لفعله‪ .‬لم يسخر أحد أبًد ا من هذه القبعة في مقاطعة أولستر‪ .‬أعتقد أنه إذا كنت‬
‫تريد أن يالحظك الناس في نيويورك‪ ،‬فينبغي اإلرتداء مثلهم‪.‬‬
‫لذلك ذهب هايلوكس للتسوق في األسواق حيث كان الرجال يتحدثون من خالل‬
‫أنوفهم‪ ،‬ويفركون أيديهم‪ ،‬ويلصقون الشريط بسعادة غامرة فوق االنتفاخ في جيبه‬
‫الداخلي حيث توجد حبة حمراء من الذرة مع عدد متساو من الصفوف‪ .‬وتدفق‬
‫الرسل الذين يحملون الطرود والصناديق إلى فندقه في برودواي تحت أضواء لونج‬
‫أكر‪.‬‬
‫وفي الساعة التاسعة مساًء‪ ،‬نزل أحدهم إلى الرصيف‪ ،‬الذي كانت مقاطعة‬
‫أولستر ستزيله عليه‪ .‬كان حذاؤه بلون أسمر ساطع؛ قبعته أحدث طراز‪ ،‬كانت‬
‫سراويله ذات اللون الرمادي الفاتح مجعدًا بشدة‪ ،‬وكان منديل حريري أزرق مرح‬
‫يرفرف من جيب صدر معطفه اإلنجليزي األنيق‪ ،‬ربما كانت ياقته تزين نافذة‬
‫الغسيل؛ تم قص شعره األشقر بشكل قريب من أذنه‪ ،‬لقد اختفت خصلة القش‪.‬‬
‫وقف متألًق ا للحظة‪ ، ،‬مع الهواء الممتع لبوليفاردييه‪ ،‬يؤلف في ذهنه الطريق لمتعه‬
‫المسائية‪ .‬وبعد ذلك قلب الشارع المشرق‪ ،‬والمبتهج رأسًا على عقب؛ لخطوة سهلة‬
‫‪.‬ورشيقة للمليونير‬
‫ولكن في اللحظة التي توقف فيها‪ ،‬أحاطته أعين المدينة األكثر حكمة وذكاًء في‬
‫مجال رؤيتها‪ .‬اختار رجل بدين ذو أعين رمادية اثنين من أصدقائه برفع حاجبيه من‬
‫صف الكراسي أمام الفندق‪.‬‬
‫قال الرجل ذو العيون الرمادية‪« :‬أروع طائر رأيته منذ ستة أشهر‪' ».‬تعال‪'.‬‬
‫كانت الساعة الحادية عشرة والنصف عندما دخل رجل إلى مركز الشرطة في‬
‫الشارع السابع واألربعين الغربي وهو يروي قصة أخطائه‪ .‬قال وهو يلهث‪ « :‬كل‬
‫نصيبي من مزرعة جدتي‪ ،‬هو تسعمائة وخمسون دوالرًا »‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫انتزع منه الرقيب اسم جابيز بولتونجو‪ ،‬من مزرعة لوكست فالي‪ ،‬مقاطعة‬
‫أولستر‪ ،‬ثم بدأ في أخذ أوصاف السادة ذوي األذرع القوية‪.‬‬
‫عندما ذهب كونانت لرؤية المحرر بشأن مصير قصيدته‪ ،‬تم استقباله في المكتب‬
‫الداخلي المزين بالتماثيل الصغيرة التي رسمها رودان وجي جي براون‪ ،‬فوق رأس‬
‫موظف المكتب‪.‬‬
‫قال المحرر‪« :‬عندما قرأت السطر األول من رواية «الظبية والنهر»‪ ،‬عرفت‬
‫أنه عمل شخص كانت حياته من القلب إلى القلب مع الطبيعة‪ ،‬لم يعميني فن الخط‬
‫النهائي عن هذه الحقيقة‪ .‬وباستخدام مقارنة منزلية إلى حد ما‪ ،‬كان األمر كما لو كان‬
‫طفاًل بريًا‪ ،‬وحرًا من الغابة‪ ،‬والحقول يرتدي زي الموضة ويسير في برودواي‪.‬‬

‫قال كونانت‪" :‬شكًر ا"‪« .‬أفترض أن الشيك سيكون يوم الخميس‪ ،‬كالعادة‪ ».‬لقد‬
‫اختلطت مبادئ‪ ،‬وقيم هذه القصة بطريقة أو بأخرى‪ .‬يمكنك االختيار بين "البقاء في‬
‫المزرعة" أو "عدم كتابة الشعر"‪.‬‬

‫القصة الثالثة عشر‪ :‬نزهة في الحبسة‬

‫لقد افترقنا أنا وزوجتي في ذلك الصباح‪ ،‬كما اعت‪:‬دنا دائم‪:‬ا‪ .‬لق‪::‬د ت‪:‬ركت ك‪:‬وب ش‪:‬ايها‬
‫الثاني لتتبعني إلى الباب األمامي‪ ،‬ثم نزعت من طية صدر سترتي خيط ال‪::‬وبر غ‪::‬ير‬
‫المرئي (الفعل العالمي الذي تقوم به المرأة إلعالن الملكي‪::‬ة) وطلبت م‪::‬ني أن أعت‪::‬ني‬
‫بنفسي فور شعوري بالبرد‪ ،‬لم يكن لدي أي نزلة برد‪ ،‬ثم ج‪:‬اءت قبل‪:‬ة الف‪:‬راق ‪ -‬قبل‪:‬ة‬
‫الحياة المنزلية بنكهة يونغ هايسون‪ ،‬لم يكن هناك خوف من االرتجال والتن‪::‬وع ال‪::‬ذي‬
‫يضفي نكهة على عاداتها الالمتناهية‪ ،‬وبلمس‪::‬ة بارع‪::‬ة من س‪::‬وء الممارس‪::‬ة الطويل‪::‬ة‪،‬‬
‫قامت بضرب دبوس الوشاح الخاص بي عن طري‪::‬ق الخط‪::‬أ؛ وعن‪::‬دما أغلقت الب‪::‬اب‪،‬‬
‫بعدها سمعت صوت نعالها الصباحي‪ ،‬عائدة إلى الشاي البارد‪.‬‬

‫عندما انطلقت لم يكن لدي أي فكرة أو شعور مسبق بم‪::‬ا س‪::‬يحدث‪ ،‬وق‪::‬د ح‪::‬دث م‪::‬ا لم‬
‫يكن في الحسبان‪ .‬كنت أكدح ألسابيع عدي‪::‬دة ‪ ،‬لياًل ونه‪::‬اًر ا تقريًب ا‪ ،‬في قض‪::‬ية ق‪::‬انون‬
‫السكك الحديدية الشهيرة التي فزت بها منتصرًا‪ ،‬سوى قبل أيام قليلة‪ .‬في الواقع‪ ،‬لق‪::‬د‬

‫‪66‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫كنت أتعم‪::‬ق في الق‪::‬انون دون توق‪::‬ف تقريًب ا لس‪::‬نوات عدي‪::‬دة‪ .‬لق‪::‬د ح‪::‬ذرني ص‪::‬ديقي‬
‫وطبيبي الطبيب فولني‪ ،‬مرة أو مرتين‪.‬‬
‫وقال‪« :‬إذا لم تسترح يا بيلفورد‪ ،‬فسوف تتم‪::‬زق فج‪::‬أة‪ ».‬إم‪::‬ا أعص‪::‬ابك أو عقل‪::‬ك‪،‬‬
‫سوف يفسح المجال لذلك‪ .‬أخبرني‪ ،‬هل يم‪::‬ر أس‪::‬بوع دون أن تق‪::‬رأ في الص‪::‬حف عن‬
‫حال‪:‬ة فق‪:‬دان الق‪:‬درة على الكالم ‪ -‬عن رج‪:‬ل ض‪:‬ائع‪ ،‬متج‪:‬ول بال اس‪:‬م‪ ،‬وق‪:‬د تم مس‪:‬ح‬
‫ماضيه وهويته ‪ -‬وكل ذلك من تلك الجلطة الدماغية الصغيرة ال‪:‬تي أح‪:‬دثها اإلره‪:‬اق‬
‫في العمل أو تقلق؟‬
‫قلت‪" :‬لقد فكرت دائًما‪ "،‬أن الجلطة في تلك الحاالت كانت موجودة بالفعل في أدمغ‪::‬ة‬
‫مراسلي الصحف فقط»‪ .‬هز الدكتور فولني رأسه‪ ،‬وق‪:‬ال‪" :‬الم‪:‬رض موج‪:‬ود"‪" .‬أنت‬
‫بحاجة إلى التغيير أو الراحة‪ ،‬قاعة المحكمة‪ ،‬والمكتب والم‪::‬نزل ‪ -‬ه‪::‬ذا ه‪::‬و الطري‪::‬ق‬
‫الوحيد الذي تسافر إليه‪ ،‬اقرأ كتب القانون للترفيه عنك‪ ،‬ويستحس‪:‬ن أخ‪:‬ذ التح‪:‬ذير في‬
‫الوقت المناسب‪.‬‬
‫قلت دفاعًيا‪ « :‬أنا وزوجتي نلعب لعبة الكريبج في ليالي الخميس‪ ،‬وتقرأ لي في‬
‫أيام األحد الرس‪::‬الة األس‪::‬بوعية من وال‪::‬دتها‪ .‬لم يتم تحدي‪::‬د م‪::‬ا إذا ك‪::‬انت كتب الق‪::‬انون‬
‫ترفيهية أم ال‪.‬‬
‫كنت أفكر في كلمات دكتور فول‪::‬ني‪ ،‬بينم‪::‬ا كنت أس‪::‬ير في ذل‪::‬ك الص‪::‬باح‪ ،‬كنت‬
‫أشعر أنني بحالة جيدة كما كنت أفعل عادًة ‪ ،‬ربما في حالة معنوية أفضل من المعتاد‪.‬‬
‫استيقظت بعضالتي متصلبة ومتش‪::‬نجة بع‪::‬د أن نمت لف‪::‬ترة طويل‪::‬ة على المقع‪::‬د غ‪::‬ير‬
‫المريح لمدرب الفترة الصباحية‪ .‬أسندت رأسي على المقع‪::‬د وح‪::‬اولت التفك‪::‬ير‪ ،‬وبع‪::‬د‬
‫وقت طويل قلت لنفسي‪" :‬البد أن يكون لدي اسم من ن‪::‬وع م‪::‬ا"‪ .‬لق‪::‬د فتش‪::‬ت جي‪::‬وبي‪،‬‬
‫ليس هناك بطاقة ؛ والحرف‪::‬ا؛ ال يمكن‪::‬ني العث‪::‬ور على ورق‪::‬ة‪ ،‬أو ح‪::‬رف واح‪::‬د فق‪::‬ط‪،‬‬
‫لكنني وجدت في جيب معطفي ما يق‪::‬رب من ثالث‪::‬ة آالف دوالر من األوراق النقدي‪::‬ة‬
‫ذات القيمة الكبيرة‪ .‬أخذت أكرر في نفسي‪«:‬ال ب‪:‬د أن أك‪:‬ون شخًص ا م‪:‬ا ب‪:‬الطبع‪، »،‬‬
‫وبدأت أفكر مرة أخرى‪.‬‬

‫كانت السيارة مكتظة بالرجال‪ ،‬وقلت لنفسي إنه ال بد أن هن‪::‬اك بعض االهتمام‪::‬ات‬
‫المشتركة بينهم‪ ،‬ألنهم اختلطوا بحرية‪ ،‬وب‪::‬دوا في أفض‪::‬ل ح‪::‬االتهم من روح الدعاب‪::‬ة‬
‫والروح المعنوية‪ .‬احتل رجل بدين ذو نظارات‪ ،‬النصف الش‪::‬اغر من مقع‪::‬دي بإيم‪::‬اءة‬
‫ودية ‪ ،‬وكانت تفوح منه رائحة القرفة والصبر‪ ،‬وفتح صحيفة يقرأ فيها‪ .‬كن‪::‬ا نتح‪::‬دث‬
‫كما يفعل المسافرون‪ ،‬عن الشؤون الجارية‪ ،‬في الفترات الفاصلة بين فترات قراءته‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫لقد وجدت نفسي ق‪::‬ادرًا على مواص‪::‬لة المحادث‪::‬ة ح‪::‬ول ه‪::‬ذه المواض‪::‬يع بتق‪::‬دير‪ ،‬على‬
‫األقل في ذاكرتي‪ .‬وبعد قليل قال رفيقي‪« :‬أنت واحد منا بالطبع‪ ».‬هن‪::‬اك الكث‪::‬ير من‬
‫الرجال الرائعين الذين يرسلهم الغرب في هذا الوقت‪ ،‬أنا سعيد ألنهم عقدوا الم‪::‬ؤتمر‬
‫في نيويورك‪ ،‬فلم أذهب إلى الشرق من قبل‪ .‬اسمي آر بي بولدر ‪ -‬بولدر آن‪::‬د س‪::‬ون‪،‬‬
‫من هيكوري جروف‪ ،‬ميسوري‪ '.‬وعلى الرغم من أنني لم أكن مستعًد ا‪ ،‬فقد ص‪::‬عدت‬
‫إلى حالة الطوارئ‪ ،‬كما يفعل الرجال عندما يواجهون ذل‪::‬ك‪ .‬يجب أن أقيم اآلن حف‪::‬ل‬
‫تعميد‪ ،‬وأن أكون طفًال‪ ،‬وقسًا‪ ،‬وأبًا في نفس ال‪::‬وقت‪ .‬حض‪::‬رت حواس‪::‬ي إلنق‪::‬اذ عقلي‬
‫البطيء‪ .‬قدمت رائحة المخدرات المستمرة من رفيقي فك‪::‬رة واح‪::‬دة س‪::‬اعدتني أك‪::‬ثر؛‬
‫حيث التقت عيني بإعالن واضح‪ ،‬إثر نظرة سريعة على جريدته‪.‬‬
‫قلت به‪:::‬دوء‪« :‬اس‪:::‬مي ه‪:::‬و إدوارد بينكه‪:::‬امر‪ ».‬أن‪:::‬ا ص‪:::‬يدلي‪ ،‬وبي‪:::‬تي يق‪:::‬ع في‬
‫كورنوبوليس‪ ،‬كانساس‪.‬‬
‫ق‪:‬ال زميلي في الس‪:‬فر بلط‪:‬ف‪« :‬كنت أع‪:‬رف أن‪:‬ك ص‪:‬يدلي‪" ».‬لق‪:‬د رأيت البقع‪:‬ة‬
‫القاس‪::‬ية على س‪::‬بابتك اليم‪::‬نى حيث يف‪::‬رك مقبض المدق‪::‬ة‪ .‬ب‪::‬الطبع‪ ،‬أنت من‪::‬دوب إلى‬
‫مؤتمرنا الوطني‪.‬‬
‫سألت متعجبًا‪« :‬هل كل هؤالء الرجال تجار عقاقير؟»‬
‫'هم كذلك‪ ،‬جاءت هذه السيارة من الغرب‪ ،‬وهم أيًض ا تجار األدوية القدامى ‪ -‬ال أحد‬
‫منهم من ص‪::‬يدليات األق‪::‬راص والحبيب‪::‬ات الحاص‪::‬لين على ب‪::‬راءات االخ‪::‬تراع ال‪::‬ذين‬
‫يستخدمون ماكينات القمار بدًال من مكتب الوص‪::‬فات الطبي‪::‬ة‪ .‬نحن نرش‪::‬ح محاص‪::‬يلنا‬
‫الكافورية ونلف حبوبنا بأنفسنا‪ ،‬وال نفضل التعامل م‪::‬ع ع‪::‬دد قلي‪::‬ل من قليلي الخ‪::‬برة‪،‬‬
‫ونحمل جانًبا من الحلويات واألحذية‪ .‬أقول لك يا هامبينكر‪ ،‬لدي فك‪::‬رة ألطرحه‪::‬ا في‬
‫هذا المؤتمر ‪-‬إنهم يريدون أفكارًا جديدة‪ .‬أنت تعرف اآلن‪ ،‬الزجاجات الموجودة على‬
‫الرفوف والتي تحت‪::‬وي على مق‪::‬يئ الج‪::‬ير وملح روش‪::‬يل للنم‪::‬ل‪et Pot. Tart. ( .‬‬
‫‪ -) .and Sod. et Pot‬وكما تعلم‪ ،‬أحدهما سام‪ ،‬واآلخر غير ض‪:‬ار‪ ،‬ومن الس‪:‬هل‬
‫الخلط‪ .‬أين يحتفظ بها تجار األدوية غالبيًا؟ لماذا‪ ،‬على رف‪::‬وف مختلف‪::‬ة‪ ،‬وبعي ‪ً:‬د ا ق‪::‬در‬
‫اإلمكان‪ .‬هذا خاطئ‪ ،‬أقول أن احتفظ بها جنًبا إلى جنب‪ ،‬فعندما تريد واح‪::‬دة يمكن‪::‬ك‬
‫دائًما مقارنتها باألخرى وتجنب األخطاء‪ .‬هل فهمت الفكرة؟‬
‫قلت‪« :‬يبدو لي أنها فكرة جيدة جًد ا»‪' .‬حسًن ا! ‪ ،‬سأقوم بعمل نسخة احتياطية من‪::‬ه‬
‫عندما أطرح الفكرة في المؤتمر‪ .‬سوف نجع‪::‬ل بعض ه‪::‬ؤالء األس‪::‬اتذة ال‪::‬ذين يظن‪::‬ون‬
‫أنهم العينات الوحيدة في السوق‪ ،‬يبدون كأقراص تحت الجلد‪'.‬‬
‫قلت وأنا أشعر بالدفء‪« :‬إذا كان بإمكاني تقديم أي مساعدة‪ ،‬زجاجتي‪ -‬إيه»‬
‫‪' -‬ترترات األنتيمون والبوتاس‪ ،‬وترترات الصودا والبوتاس‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬
‫' )‪'-(Tartrate of antimony and potash, and tartrate of soda and potash‬‬

‫اختتم بحزم‪" :‬من اآلن فصاعدا الجلوس جنبا إلى جنب‪."،‬‬


‫قال السيد بولدر‪ « :‬هناك شيء آخ‪::‬ر اآلن »‪" .‬بالنس‪::‬بة للس‪::‬واغ في معالج‪::‬ة كتل‪::‬ة‬
‫الحبوب‪ ،‬أيهما تفضل ‪ -‬كربونات المغنيسيوم أم جذر الجليسرهيزا المسحوق؟"‬
‫قلت‪« :‬ال‪-‬إيه‪ -‬المغنيسيوم»‪ .‬كان قولها أسهل من الكلمة األخرى‪.‬‬
‫نظر إلّي السيد بولدر بارتياب من خالل نظارته‪ .‬ق‪::‬ال‪« :‬أعط‪::‬ني الجليس‪::‬رهيزا»‪.‬‬
‫"كعك المغنيسيوم‪".‬‬
‫قال بعد ذلك وهو يسلمني ص‪::‬حيفته ويض‪::‬ع إص‪::‬بعه على أح‪::‬د المق‪::‬االت‪«:‬ه‪::‬ذه حال‪::‬ة‬
‫أخ‪::‬رى من ح‪::‬االت الحبس‪::‬ة الكاذب‪::‬ة» أن‪::‬ا ال أؤمن بهم‪ ،‬لق‪::‬د أدرجت تس‪::‬عة من أص‪::‬ل‬
‫عشرة منهم على أنهم محتالون‪ .‬رجل سئم من عمله‪ ،‬وأهله ويريد قضاء وقت ممتع‪،‬‬
‫يهرب إلى مكان ما‪ ،‬وعندما يجدونه يتظاهر بأنه فقد ذاكرته ‪ -‬ال يع‪:‬رف اس‪:‬مه‪ ،‬ولن‬
‫يتع‪::‬رف ح‪::‬تى على عالم‪::‬ة الفراول‪::‬ة على كت‪::‬ف زوجت‪::‬ه األيس‪::‬ر‪ .‬فق‪::‬دان الق‪::‬درة على‬
‫الكالم! تبًا! لماذا ال يستطيعون البقاء في الم‪::‬نزل والنس‪::‬يان؟ أخ‪::‬ذت الورق‪::‬ة وق‪::‬رأت‪،‬‬
‫بعد العناوين الالذعة‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫"دنف‪:‬ر‪ 12 ،‬يوني‪:‬و‪/‬حزي‪:‬ران‪ - .‬إل‪:‬وين س‪:‬ي‪ .‬بيلف‪:‬ورد‪ ،‬المح‪:‬امي الب‪:‬ارز‪ ،‬مفق‪:‬ود في ظ‪:‬روف‬


‫غامضة من منزله من‪:‬ذ ثالث‪:‬ة أي‪:‬ام‪ ،‬وق‪:‬د تم ب‪:‬ذل ك‪:‬ل الجه‪:‬ود لتحدي‪:‬د مكان‪:‬ه" بالج‪:‬دوى‪ .‬الس‪:‬يد‬
‫بيلفورد مواطن معروف ويتمتع بأعلى مكانة‪ ،‬ويتمتع بممارس‪::‬ة قانوني‪::‬ة كب‪::‬يرة ومربح‪::‬ة‪ ،‬وه‪::‬و‬
‫متزوج‪ ،‬ويمتلك منزًال راقيًا‪ ،‬ومكتبة خاصة هي األوسع في الوالية‪ ،‬وفي ي‪::‬وم اختفائ‪::‬ه‪ ،‬س‪::‬حب‬
‫مبلًغ ا كب‪::‬يًر ا من الم‪::‬ال من المص‪::‬رف ال‪::‬ذي يتعام‪::‬ل مع‪::‬ه‪ ،‬ولم يتم العث‪::‬ور على من رآه بع‪::‬د أن‬
‫غادرالمصرف‪ .‬كان السيد بيلفورد رجاًل يتمتع بذوق هادئ‪ ،‬ومنزلي على نحو فريد‪ ،‬ويبدو أنه‬
‫يجد سعادته في منزله ومهنته‪ .‬إذا كان هناك أي دليل مطلق ‪ً:‬ا على اختفائ‪::‬ه الغ‪::‬ريب‪ ،‬فق‪::‬د يك‪::‬ون‬
‫موجوًد ا في حقيقة أنه كان منشغاًل بعمق لعدة أشهر في قضية قانونية مهمة تتعل‪::‬ق بش‪::‬ركة كي‪::‬و‬
‫واي آند زيد لسكك الحديد‪ ،‬ويخشى أن يكون اإلرهاق قد أثر على عقله‪ ،‬ويتم ب‪::‬ذل ك‪::‬ل الجه‪::‬ود‬
‫الكتشاف مكان وجود الرجل المفقود‪.‬‬

‫قلت بعد أن قرأت الرسالة‪« :‬يبدو لي أنك لست ساخًر ا تماًما ي‪::‬ا س‪::‬يد بول‪::‬در»‪" .‬‬
‫يبدو هذا بالنس‪:‬بة لي وكأن‪::‬ه حال‪::‬ة حقيقي‪::‬ة‪ ".‬لم‪::‬اذا يجب على ه‪::‬ذا الرج‪::‬ل‪ ،‬المزده‪::‬ر‪،‬‬
‫المتزوج السعيد والمح‪::‬ترم‪ ،‬أن يخت‪::‬ار فج‪::‬أة التخلي عن ك‪::‬ل ش‪::‬يء؟ أعلم أن هف‪::‬وات‬
‫الذاكرة هذه تحدث بالفعل‪ ،‬وأن الرجال يجدون أنفسهم بال اسم‪ ،‬أو تاريخ‪ ،‬أو منزل‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قال السيد بولدر «أوه‪ ،‬الغامون والجالب!»‪" .‬إنها القبرات التي يبحثون عنه‪::‬ا‪".‬‬
‫هناك الكثير من التعليم في الوقت الحاض‪::‬ر‪ ،‬يع‪::‬رف الرج‪::‬ال عن فق‪::‬دان الق‪::‬درة على‬
‫الكالم‪ ،‬ويستخدمونها كذريعة‪ ،‬والنساء حكيمات أيضًا‪.‬‬

‫ينظرون إليك في عينيك عندما ينتهي األمربطريقة علمية كما تري‪:‬د‪ ،‬ويقول‪:‬ون‪" :‬لق‪:‬د‬
‫نّو مني مغناطيسًيا"‪ .‬وهكذا تحول السيد بولدر عن كالمه‪ ،‬لكنه لم يس‪::‬اعدني بتعليقات‪::‬ه‬
‫وفلسفته‪ .‬وصلنا إلى نيويورك حوالي الس‪:‬اعة العاش‪:‬رة ليًال‪ .‬ركبت س‪:‬يارة أج‪::‬رة إلى‬
‫أحد الفنادق‪ ،‬وكتبت اس‪:‬مي "إدوارد بينكه‪:‬امر" في الس‪:‬جل‪ .‬وبينم‪:‬ا كنت أفع‪:‬ل ذل‪:‬ك‪،‬‬
‫شعرت بأن طفوًا رائعًا‪ ،‬ووحشيًا‪ ،‬ومسكرًا يغمرني ‪ -‬شعور بالحرية غير المحدودة‪،‬‬
‫واإلمكانيات ال‪::‬تي تم تحقيقه‪::‬ا ح‪::‬ديًث ا‪ ،‬لق‪::‬د ول‪::‬دت للت‪::‬و في الع‪::‬الم‪ ،‬وانكس‪::‬رت القي‪::‬ود‬
‫القديمة ‪ -‬مهما كانت ‪ -‬من يدي وق‪::‬دمي‪ .‬ك‪:‬ان المس‪:‬تقبل أم‪:‬امي طريق‪ً:‬ا واض‪::‬حًا مث‪:‬ل‬
‫الطريق الذي يدخله طفل رضيع‪ ،‬ويمكنني أن أبدأ فيه مزودًا بتعلم اإلنسان وخبرته‪.‬‬
‫اعتقدت أن موظف الفندق نظر إلي لم‪::‬دة خمس ث‪::‬واني‪ ،‬فلم يكن ل‪::‬دي أي أمتع‪::‬ة‪.‬‬
‫قلت‪« :‬اتفاقية تجار المخدرات»‪" .‬لقد فشل صندوقي بطريقة م‪::‬ا في الوص‪::‬ول‪ ".‬لق‪::‬د‬
‫سحبت لفة من المال‪.‬‬
‫قال وهو ُيظهر سنًا المع‪::‬ة‪ :‬نعم!'‪« :‬ل‪::‬دينا ع‪::‬دد ال ب‪::‬أس ب‪::‬ه من المن‪::‬دوبين الغرب‪::‬يين‬
‫ال‪::‬ذين يتوقف‪::‬ون هن‪:‬ا‪ ».‬ثم ض‪::‬رب الج‪::‬رس للص‪::‬بي‪ ،‬لق‪::‬د ح‪::‬اولت إض‪::‬فاء الل‪::‬ون على‬
‫دوري‪.‬‬
‫قلت‪« :‬هن‪::‬اك حرك‪::‬ة مهم‪::‬ة س‪::‬يرًا على األق‪::‬دام بينن‪::‬ا نحن الغرب‪::‬يين‪ ،‬فيم‪::‬ا يتعل‪::‬ق‬
‫بالتوص‪::‬ية المقدم‪::‬ة إلى الم‪::‬ؤتمر ب‪::‬أن يتم االحتف‪::‬اظ بالزجاج‪::‬ات ال‪::‬تي تحت‪::‬وي على‬
‫ترترات األنتيمون والبوتاس‪ ،‬وترترات الصوديوم والبوتاس‪ ،‬في مكان متجاور على‬
‫الرف‪'.‬‬
‫قال الموظ‪::‬ف على عج‪::‬ل‪ « :‬إلى الثالث‪::‬ة والرابع‪::‬ة عش‪::‬ر س‪::‬يدي‪ ».‬لق‪::‬د تم نقلي‬
‫بعيًد ا إلى غرفتي‪.‬‬
‫اشتريت صندوًقا ومالبًسا في اليوم التالي‪ ،‬وب‪::‬دأت أعيش حي‪::‬اة إدوارد بينكه‪::‬امر‪.‬‬
‫لم أفرض ضرائب على عقلي بمحاوالت حل مشاكل الماضي‪ ،‬لقد كان كأًسا الذًع ا‪،‬‬
‫ومتألًق ا رفعته المدينة الجزي‪::‬رة العظيم‪::‬ة إلى ش‪::‬فتي‪ ،‬ش‪::‬ربت من‪::‬ه ش‪::‬اكرًا‪ .‬إن مف‪::‬اتيح‬
‫مانهاتن ملك لمن يستطيع أن يحملها‪ ،‬عليك أن تكون إم‪::‬ا ض‪::‬يف المدين‪::‬ة‪ ،‬أو ض‪::‬حية‬
‫لها‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫كانت األيام القليلة التالية كالذهب والفضة‪ .‬لقد عرف إدوارد بينكه‪::‬امر‪ ،‬ال‪::‬ذي يع‪::‬د‬
‫حتى والدته بالساعات فقط‪ ،‬الفرحة النادرة المتمثلة في رؤية عالم كامل‪ ،‬وغير مقي‪::‬د‬
‫على هذا النحو‪ ،‬ثم جلست منبهًر ا بالسجاد الس‪::‬حري الموج‪::‬ود في المس‪::‬ارح وح‪::‬دائق‬
‫األس‪::‬طح‪ ،‬وال‪::‬ذي ك‪::‬ان ينق‪::‬ل الم‪::‬رء إلى أراٍض غريب‪::‬ة‪ ،‬ومبهج‪::‬ة مليئ‪::‬ة بالموس‪::‬يقى‬
‫المرحة‪ ،‬والفتي‪::‬ات الجميالت‪ ،‬والمحاك‪::‬اة الس‪::‬اخرة الغريب‪::‬ة‪ ،‬والمبذج‪::‬ة للبش‪::‬رية‪ .‬لق‪::‬د‬
‫ذهبت هنا وهناك بإرادتي العزيزة‪ ،‬دون حدود للمكان‪ ،‬أو الزمان‪ ،‬أو السلوك‪.‬‬

‫تن‪::‬اولت العش‪::‬اء في مالهي غريب‪::‬ة‪ ،‬على ط‪::‬اوالت أك‪::‬ثر غراب‪::‬ة‪ ،‬على أنغ‪::‬ام‬
‫الموس‪:‬يقى المجري‪:‬ة‪ ،‬والص‪::‬يحات الجامح‪::‬ة للفن‪:‬انين‪ ،‬والنح‪::‬اتين الزئبق‪::‬يين‪ .‬أو‪ ،‬حيث‬
‫ترتج‪::‬ف الحي‪::‬اة الليلي‪::‬ة في ال‪::‬وهج الكهرب‪::‬ائي مث‪::‬ل ص‪::‬ورة حركي‪::‬ة‪ ،‬وقبع‪::‬ات الع‪::‬الم‬
‫ومجوهراته‪ ،‬ومن يرتدونهم‪ ،‬والرج‪::‬ال ال‪::‬ذين يجعل‪::‬ون ه‪::‬ذه األش‪::‬ياء الثالث‪::‬ة ممكن‪::‬ة‪،‬‬
‫يقابلون بالبهجة الرائعة‪ ،‬والتأثير المذهل‪ .‬و تعلمت شيًئ ا واحًد ا لم أكن أعرفه من قبل‬
‫من بين ك‪:‬ل ه‪::‬ذه المش‪:‬اهد ال‪::‬تي ذكرته‪:‬ا‪ ،‬وهي أن االتفاقي‪:‬ة هي ال‪::‬تي تحم‪:‬ل مفت‪:‬اح‬
‫الحرية‪ ،‬وليس الرخصة‪ .،‬لدى كوميتي بوابة رسوم يجب علي‪::‬ك ال‪::‬دفع عن‪::‬دها‪ ،‬وإال‬
‫فال يج‪::‬وز ل‪::‬ك ال‪::‬دخول إلى أرض الحري‪::‬ة‪ .‬في ك‪::‬ل ه‪::‬ذا ال‪::‬بريق‪ ،‬واالض‪::‬طراب‬
‫الظاهري‪ ،‬واالستعراض‪ ،‬والتخلي‪ ،‬رأيت هذا القانون‪ ،‬غير مزعج‪ ،‬ولكنه يسود مثل‬
‫الحديد‪ .‬ولهذا يجب عليك في مانهاتن أن تطيع هذه القوانين غ‪::‬ير المكتوب‪::‬ة‪ ،‬وعن‪::‬دها‬
‫ستكون أكثر حرية من األحرار‪ ،‬وإذا رفضت االلتزام بها‪ ،‬فإنك ستضع األغالل‪.‬‬
‫عندما ك‪::‬ان م‪::‬زاجي يحث‪::‬ني‪ ،‬في بعض األحي‪::‬ان‪ ،‬كنت أبحث عن غ‪::‬رف النخي‪::‬ل‬
‫الفخمة ال‪:‬تي تغمغم به‪:‬دوء‪ ،‬وال‪:‬تي تف‪:‬وح منه‪:‬ا رائح‪:‬ة الحي‪:‬اة النبيل‪:‬ة‪ ،‬وض‪:‬بط النفس‬
‫الرقي‪::‬ق‪ ،‬حيث أتن‪::‬اول العش‪::‬اء‪ .‬وكنت أن‪::‬زل م‪::‬رة أخ‪::‬رى‪ ،‬إلى المم‪::‬رات المائي‪::‬ة في‬
‫البواخر المكتظة بالموظف‪::‬ات وفتي‪::‬ات المت‪::‬اجر الص‪::‬اخبات‪ ،‬أنيق‪::‬ات المظه‪::‬ر‪ ،‬وغ‪::‬ير‬
‫مراقبات‪ ،‬الالتي يمارسن الحب من أجل ملذاتهن الفجة على شواطئ الجزيرة‪ .‬وكان‬
‫هن‪::‬اك دائًم ا ب‪::‬رودواي ‪ -‬ب‪::‬رودواي الالمع‪::‬ة‪ ،‬والفخم‪::‬ة‪ ،‬والم‪::‬اكرة‪ ،‬والمتنوع‪::‬ة‪،‬‬
‫والمرغوبة ‪ -‬التي تنمو على المرء مثل عادة األفيون‪.‬‬
‫بعد ظهر أحد األيام‪ ،‬عندما دخلت الفندق‪ ،‬اعترض ط‪:‬ريقي رج‪::‬ل ب‪:‬دين ذو أن‪:‬ف‬
‫كبير وشارب أسود‪ ،‬وعندما كنت سأمر من حوله‪ ،‬استقبلني بألفة هجومي‪::‬ة‪ ،‬وص‪::‬رخ‬
‫بصوت عال‪« :‬مرحبًا بيلفورد!»‪" .‬ما الذي تفعله في نيوي‪:‬ورك؟" لم أكن أعلم أن أي‬
‫شيء يمكن أن يسحبك بعيًد ا عن عرين الكتب الق‪::‬ديم الخ‪::‬اص ب‪:‬ك‪ .‬ه‪::‬ل الس‪:‬يدة "بي"‬
‫موجودة أم أن هذا عمل صغير تديره وحدها‪ ،‬ها؟‬

‫‪71‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قلت ببرود وأطلقت يدي من قبضته‪" :‬لقد ارتكبت خطًأ يا س‪::‬يدي‪ "،‬س‪::‬وف تع‪::‬ذرني‪.‬‬
‫"اسمي بينكهامر‪ ".‬سقط الرجل على جانبه‪ ،‬ويبدو أنه مندهش‪ ،‬وبينما كنت أسير إلى‬
‫مكتب الكاتب سمعته ينادي عامل الجرس ويقول شيًئ ا عن فراغات التلغراف‪.‬‬
‫قلت للموظف‪« :‬سوف تعطي‪::‬ني ف‪::‬اتورتي‪ ،‬وس‪::‬تقوم ب‪::‬إنزال أمتع‪::‬تي خالل نص‪::‬ف‬
‫ساعة‪ ».‬ال يهمني أن أبقى حيث يزعجني رجال الثقة»‪.‬‬
‫انتقلت بعد ظهر ذلك اليوم إلى فندق آخر‪ ،‬فندق هادئ قديم الطراز يقع في الج‪::‬ادة‬
‫الخامسة السفلية‪.‬‬

‫كان هناك مطعم على بعد مسافة قصيرة من برودواي‪ ،‬حيث يمكن تق‪::‬ديم الطع‪::‬ام‬
‫في اله‪::‬واء الطل‪::‬ق تقريب‪ً::‬ا‪ ،‬وس‪::‬ط مجموع‪::‬ة اس‪::‬توائية من النبات‪::‬ات‪ ،‬إذ أن اله‪::‬دوء‪،‬‬
‫والفخامة‪ ،‬والخدمة المثالية جعلت منه مكانًا مثالًيا لتناول الغ‪::‬داء أو المرطب‪::‬ات‪ .‬كنت‬
‫هناك بعد ظه‪::‬ر أح‪::‬د األي‪::‬ام‪ ،‬أش‪::‬ق ط‪::‬ريقي إلى طاول‪::‬ة بين نبات‪::‬ات الس‪::‬رخس عن‪::‬دما‬
‫شعرت بأن أكمامي قد علقت‪.‬‬
‫صاح بصوت حلو بشكل مثير للدهشة 'السيد‪ .‬بيلفورد!»‪..‬‬
‫التفتت بسرعة ألرى سيدة تجلس بمفرده‪::‬ا‪ ،‬س‪::‬يدة في الثالثين من عمره‪::‬ا تقريًب ا‪،‬‬
‫ذات عيون جميلة للغاية‪ ،‬نظرت إلي كما لو كنت صديقها العزيز جًد ا‪.‬‬
‫قالت متهمة‪" :‬كنت على وشك تجاهلي"‪' .‬ال تقل لي أنك ال تعرفني‪ .‬لم‪::‬اذا ال ينبغي‬
‫لنا أن نتصافح – مرة واحدة على األقل كل خمسة عشر عاما؟‬
‫لقد صافحتها في الحال‪ ،‬اس‪:‬تدعيت بح‪:‬اجبي ن‪:‬اداًل يح‪:‬وم‪ ،‬ثم أخ‪:‬ذت كرس‪ً:‬يا مقابله‪:‬ا‬
‫على الطاولة‪ ،‬كانت السيدة تغازل ثلًج ا برتقالًيا‪ .‬طلبت مشروبًا اس‪::‬مه ك‪::‬ريم النعن‪::‬اع‪.‬‬
‫كان شعرها برونزيًا محمرًا‪ ،‬وال تسنح لك فرص‪::‬ة النظ‪::‬ر إلي‪::‬ه؛ ألن‪::‬ك ال تس‪::‬تطيع أن‬
‫تنظر بعيدًا عن عينيها؛ ولكن‪::‬ك تدرك‪::‬ه كم‪::‬ا ت‪::‬درك غ‪::‬روب الش‪::‬مس وأنت تنظ‪::‬ر إلى‬
‫أعماق الغابة عند الشفق‪.‬‬
‫سألت‪" :‬هل أنت متأكدة أنك تعرفينني؟"‬
‫قالت مبتسمة‪« :‬ال‪ ،‬لم أكن متأكدة من ذلك أبدًا»‪.‬‬
‫قلت بقل‪::‬ق قلي‪::‬ل‪« :‬م‪::‬ا رأي‪::‬ك إذًا‪ ،‬إذا أخبرت‪::‬ك أن اس‪::‬مي إدوارد بينكه‪::‬امر‪ ،‬من‬
‫كورنوبوليس‪ ،‬كانساس‪».‬‬
‫كررت بنظرة مرحة‪" :‬ماذا أعتقد؟" «لماذا‪ ،‬بالطبع‪ ،‬لم تحضر السيدة بيلفورد مع‪::‬ك‬
‫إلى نيويورك‪ ،‬أتمنى لو أنك قد فعلت هذا‪ ،‬كنت أود أن أرى ماريان‪.‬‬
‫انخفض صوتها قلياًل –‬

‫‪72‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫شعرت بعينيه‪::‬ا الرائع‪::‬تين تبحث‪::‬ان عن وجهي وعن كثب‪" .‬أنت لم تتغ‪::‬ير كث‪::‬يًر ا ي‪::‬ا‬
‫إلوين"‪.‬‬
‫عدلت قائلة‪« :‬نعم‪ ،‬لقد فعلت ذلك»‪ ،‬وكانت هناك نغمة ناعم‪::‬ة ومبهج‪::‬ة في أح‪::‬دث‬
‫نغماته‪::‬ا؛ 'لق‪::‬د الحظت ذل‪::‬ك‪ ،‬أنت لم تنس‪ ،‬لم تنَس لم‪::‬دة ع‪::‬ام أو ي‪::‬وم أو س‪::‬اعة‪ .‬لق‪::‬د‬
‫أخبرتك أنك لن تستطيع ذلك أبدًا‪.‬‬
‫لقد قمت بدس ماصتي بفارغ الصبر في كريم النعناع‪.‬‬
‫قلت‪ " ،‬متأكد من َع ذرك لي ‪ "،‬وقد شعرت ببعض االنزع‪::‬اج من نظراته‪::‬ا‪ ،‬ولكن‬
‫هذه هي المشكلة فقط‪ ،‬لقد نسيت‪ ،‬لقد نسيت كل شيء‪.‬‬
‫لقد انتهكت إنكاري‪ ،‬وض‪::‬حكت بش‪:‬كل لذي‪::‬ذ على ش‪::‬يء ب‪::‬دا أنه‪::‬ا ت‪::‬راه في وجهي‪،‬‬
‫وتابعت‪" :‬لقد سمعت عنك في بعض األحيان"‪" .‬أنت محاٍم كب‪::‬ير ج ‪ً:‬د ا في الغ‪::‬رب ي‪::‬ا‬
‫دنفر‪ ،‬أليس كذلك‪ ،‬أو لوس أنجلوس؟" يجب أن تكون ماريان فخورة جًد ا بك‪ ،‬أعتق‪::‬د‬
‫أنك تعلم أنني تزوجت بعد ستة أشهر من زواجك‪.‬‬

‫ربما تكون قد رأيت ذلك في الصحف‪ ،‬الزهور وحدها تكلف ألفي دوالر‪.‬‬
‫وقد ذكرت خمسة عشر عام‪ ،‬خمسة عشر عاما هي فترة طويلة‪.‬‬
‫سألت بخجل إلى حد ما‪« :‬هل سيكون الوقت قد فات ألقدم لك التهاني؟»‬
‫أجابتني بجرأة ش‪::‬ديدة‪ ،‬جعلت‪::‬ني أص‪::‬مت‪" :‬ليس إذا كنت تج‪::‬رؤ على فع‪::‬ل ذل‪::‬ك‪"،‬‬
‫وبدأت في تجعد األنماط على القماش بأظفر إبهامي‪.‬‬
‫قالت وهي تمي‪::‬ل نح‪::‬وي بلهف‪::‬ة‪" :‬أخ‪::‬برني بش‪::‬يء واح‪::‬د ‪ -‬ش‪::‬يء أردت أن أعرف‪::‬ه‬
‫لسنوات عديدة ‪ -‬فقط من فضول الم‪::‬رأة ب‪::‬الطبع ‪ -‬ه‪::‬ل تج‪::‬رأت من‪::‬ذ تل‪::‬ك الليل‪::‬ة على‬
‫اللمس أو الشم أو النظر؟ عند ال‪::‬ورد األبيض – عن‪::‬د ال‪::‬ورد األبيض المبل‪::‬ل ب‪::‬المطر‬
‫والندى؟‬
‫أخذت رشفة من ك‪::‬ريم النعن‪::‬اع‪ ،‬وقلت وأن‪::‬ا أتنه‪::‬د‪:‬أعتق‪::‬د أن‪::‬ه س‪::‬يكون بال ج‪::‬دوى‪،‬‬
‫تكرار أنني ال أتذكر هذه األشياء مطلقًا‪ ،‬ذاكرتي مخطئ‪::‬ة تماًم ا‪ ،‬ال أحت‪::‬اج أن أق‪::‬ول‬
‫كم أنا نادم على ذلك»‪.‬‬
‫أس‪::‬ندت الس‪::‬يدة ذراعيه‪::‬ا على الطاول‪::‬ة‪ ،‬واحتق‪::‬رت عيناه‪::‬ا كلم‪::‬اتي م‪::‬رة أخ‪::‬رى‪،‬‬
‫وذهبت مسافرة في طريقها الخاص مباشرة إلى روحي‪.‬‬
‫ضحكت بهدوء‪ ،‬بصوت غريب؛ ك‪::‬انت ض‪::‬حكة س‪::‬عادة‪ ،‬نعم‪ ،‬وض‪::‬حكة مض‪::‬مونة‪،‬‬
‫وبائسة‪ ،‬وقدحاولت أن أنظر بعيدًا عنها‪.‬‬
‫تنفست بسعادة‪" :‬أنت تكذب يا إلوين بيلفورد‪" "،‬نعم‪ ،‬أنا أعلم أنك تكذب!"‬
‫لقد حدقت في السرخس‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫فقلت‪« :‬اسمي إدوارد بينكهامر»‪ .‬لقد جئت م‪::‬ع المن‪::‬دوبين إلى الم‪::‬ؤتمر الوط‪::‬ني‬
‫لتجارالعق‪::‬اقير‪ .‬هن‪::‬اك حرك‪::‬ة على األق‪::‬دام ل‪::‬ترتيب موق‪::‬ع جدي‪::‬د لزجاج‪::‬ات ترت‪::‬رات‬
‫األنتيمون وترترات البوتاس‪ ،‬والتي من المحتمل جدًا أن ال تحظى به‪::‬ا س‪::‬وى القلي‪::‬ل‬
‫من االهتمام‪'.‬‬
‫توقف النداو الساطع قبل المدخل فقامت السيدة فأخذت يدها‪ ،‬وانحنيت‪.‬‬
‫فقلت لها‪" :‬أنا آسف بش‪::‬دة؛ ألن‪::‬ني ال أس‪::‬تطيع الت‪::‬ذكر"‪ .‬أس‪::‬تطيع أن أش‪::‬رح‪ ،‬ولكن‬
‫أخشى أنك لن تفهمي ما سأقول‪ ،‬ولن تعترفي ببنكهامر؛ وأنا حًق ا ال أس‪::‬تطيع تص‪::‬ور‬
‫الورود واألشياء األخرى مطلقًا»‪.‬‬
‫ق‪::‬الت بابتس‪::‬امتها الس‪::‬عيدة الحزين‪::‬ة وهي تص‪::‬عد إلى عربته‪::‬ا‪« :‬وداًع ا ي‪::‬ا س‪::‬يد‬
‫بيلفورد»‪.‬‬
‫لق‪::‬د حض‪::‬رت المس‪::‬رح في تل‪::‬ك الليل‪::‬ة‪ ،‬وعن‪::‬دما ع‪::‬دت إلى الفن‪::‬دق‪ ،‬وبطريق‪::‬ة‬
‫سحرية‪ ،‬ظهر بجانبي رجل هادئ يرتدي مالبس داكنة‪ ،‬وقد بدا مهتمًا بف‪::‬رك أظ‪:‬افره‬
‫بمنديل حريري‪.‬‬

‫قال بإهمال‪ ،‬معطيًا الجزء األكبر من اهتمامه لسبابته‪' :‬سيد‪" .‬بينكه‪::‬امر‪" ، "،‬ه‪::‬ل لي‬
‫أن أطلب منك التنحي جانبًا معي إلجراء محادثة قصيرة؟" هناك غرفة هنا‪.‬‬
‫أجبت‪" :‬بالتأكيد‪."،‬‬
‫قادني إلى صالة صغيرة خاصة‪ ،‬حيث كانت هناك سيدة ورج‪::‬ل نبي‪::‬ل‪ .‬وخمنت أن‬
‫السيدة كانت ستبدو عادة حس‪::‬نة المظه‪::‬ر‪ ،‬ل‪::‬وال أن مالمحه‪::‬ا لم يغش‪::‬اها تعب‪::‬ير القل‪::‬ق‬
‫الش‪::‬ديد والتعب‪ .‬لق‪::‬د ك‪::‬ان لمظهره‪::‬ا ش‪::‬كله الخ‪::‬اص‪ ،‬وتمتل‪::‬ك ألواًن ا ومالمح تناس‪::‬ب‬
‫خي‪::‬الي‪ ،‬وك‪::‬انت ترت‪::‬دي ث‪::‬وب الس‪::‬فر‪ .‬لق‪::‬د رمقت‪::‬ني بنظ‪::‬رة ج‪::‬ادة من القل‪::‬ق الش‪::‬ديد‪،‬‬
‫وضغطت بيدها غير المستقرة على صدرها‪ .‬أعتقد أنها ك‪::‬انت س‪::‬تبدأ بي‪ ،‬لكن الس‪::‬يد‬
‫أوقف حركتها بحركة يده المسيطرة‪ ،‬ثم جاء بنفسه لمقابلتي‪ .‬كان رجًال في األربعين‬
‫من عمره‪ ،‬ورمادي اللون قليًال عند صدغيه‪ ،‬وذو وجه قوي ومفكر‪.‬‬
‫قال بحرارة‪ « :‬أيها الرجل العجوز بيلفورد‪ ،‬أنا سعيد برؤيتك مرة أخرى‪».‬‬
‫نحن نعلم بالطبع أن كل شيء على ما يرام‪ .‬لق‪::‬د ح‪::‬ذرتك‪ ،‬كم‪::‬ا تعلم‪ ،‬أن‪::‬ك تب‪::‬الغ في‬
‫األمر‪ .‬ستعود معنا اآلن‪ ،‬وستصبح على طبيعتك مرة أخرى في وقت ال يذكر‪.‬‬
‫ابتسمت بس‪::‬خرية‪ ،‬وقلت‪« :‬لق‪::‬د كنُت أع‪::‬اني من «بيلف‪::‬ورد» كث‪::‬يرًا‪ ،‬وق‪::‬در خ‪::‬رج‬
‫األمر عن حده‪ ».‬ومع ذلك‪ ،‬قد يصبح األمر مرهًقا في النهاية‪ ،‬هل ترغب في قب‪::‬ول‬
‫الفرضية القائلة بأن اسمي هو إدوارد بينكهامر‪ ،‬وأنني لم أرك من قبل في حياتي؟»‬

‫‪74‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫وقبل أن يتمكن الرجل من الرد‪ ،‬جاءت ص‪::‬رخة عوي‪::‬ل من الم‪::‬رأة‪ ،‬وق‪::‬د قف‪::‬زت‬
‫عبر ذراعه المحتجزة‪ .‬صرخت‪ ،‬وهي تلقي بنفسها علي‪ ،‬وتمسك بي بقوة‪" :‬إل‪::‬وين!"‬
‫وصرخت مجدًد ا‪« :‬إلوين‪ ،‬ال تكسر قلبي‪ ».‬أن‪::‬ا زوجت‪::‬ك ‪ -‬ق‪::‬ل اس‪::‬مي م‪::‬رة واح‪::‬دة ‪-‬‬
‫مرة واحدة فقط! أستطيع أن أراك ميتًا‪ ،‬بدال من هذه الطريقة‪.‬‬
‫قمت بفك ذراعيها باحترام‪ ،‬ولكن بحزم‪ ،‬وقلت بص‪::‬رامة‪« :‬س‪::‬يدتي‪ ،‬اع‪::‬ذريني إذا‬
‫أخبرتك أنك قبلت التش‪::‬ابه بينن‪::‬ا بس‪::‬رعة قليًال‪" ».‬من المؤس‪::‬ف‪ "،‬واص‪::‬لت ض‪::‬حكتي‬
‫المسلية‪ ،‬عندما خطرت لي هذه الفكرة‪" ،‬من المؤس‪::‬ف أن‪::‬ني وبيلف‪::‬ورد ه‪::‬ذا‪ ،‬ال يمكن‬
‫أن نبقى جنًب ا إلى جنب على نفس ال‪::‬رف مث‪::‬ل ترت‪::‬رات الص‪::‬وديوم‪ ،‬واألن‪::‬تيمون‪،‬‬
‫بغ‪::‬رض تحدي‪::‬د الهوي‪::‬ة"‪ .‬اختتمت بس‪::‬خرية‪" ،‬لكي تفهم اإلش‪::‬ارة‪" "،‬ق‪::‬د يك‪::‬ون من‬
‫الضروري بالنسبة لك أن تراقب إجراءات المؤتمر الوطني لتجار العقاقير"‪.‬‬
‫التفتت السيدة إلى رفيقها‪ ،‬وأمسكت بذراعه شاكية‪« :‬ما األم‪::‬ر ي‪::‬ا دكت‪::‬ور فول‪::‬ني؟‬
‫سحقًا‪ ،‬ما هذا؟‬

‫لق‪::‬د قاده‪::‬ا إلى الب‪::‬اب‪ ،‬وس‪::‬معته يق‪::‬ول‪" :‬اذه‪::‬بي إلى غرفت‪::‬ك لبعض ال‪::‬وقت"‪ ،‬س‪::‬أبقى‬
‫وأتحدث معه‪ .‬هل سيمانع؟ ال‪ ،‬ال أعتقد ذلك‪ ،‬فق‪:‬ط ج‪:‬زء من ال‪:‬دماغ‪ ،‬نعم‪ ،‬أن‪:‬ا متأك‪:‬د‬
‫من أنه سوف يتعافى‪ ،‬اذهبي إلى غرفتك واتركيني معه‪.‬‬
‫اختفت السيدة‪ .‬كما خرج الرجل ذو المالبس الداكنة إلى الخارج‪ ،‬وال ي‪::‬زال يق‪::‬وم‬
‫بشذب نفسه بطريقة مدروسة‪ ،‬أعتقد أنه انتظر في القاعة‪.‬‬
‫ق‪::‬ال الس‪::‬يد ال‪::‬ذي بقى‪« :‬أود أن أتح‪::‬دث مع‪::‬ك لبعض ال‪::‬وقت‪ ،‬س‪::‬يد بينكه‪::‬امر‪ ،‬إذا‬
‫سمحت لي بذلك‪».‬‬
‫أجبته‪« :‬حسًن ا جًد ا‪ ،‬إذا كنت تهتم بذلك‪ ،‬وسوف تع‪::‬ذرني إذا أخ‪::‬ذت األم‪::‬ر براح‪::‬ة‬
‫أكثر؛ أنا متعب إلى حد ما‪ ،‬وتمددت على األريك‪:‬ة بج‪:‬وار الناف‪:‬ذة وأش‪:‬علت س‪:‬يجارًا‪.‬‬
‫وسحب كرسًيا بالقرب مني‪.‬‬
‫قال بهدوء‪" :‬دعنا نتحدث عن هذه النقطة"‪" ،‬اسمك ليس بينكهامر‪.‬‬
‫" قلت ببرود‪" :‬أنا أعرف ذلك مثلك تماًما"‪ .‬ولكن يجب أن يكون للرجل اسم م‪::‬ا‪،‬‬
‫ويمكنني أن أؤكد ل‪::‬ك أن‪:‬ني ال أب‪:‬الغ في إعج‪::‬ابي باس‪:‬م بينكه‪:‬امر‪ ،‬ولكن عن‪:‬دما يق‪::‬وم‬
‫المرء بتعميد نفسه فجأة‪ ،‬فإن األس‪::‬ماء الجميل‪::‬ة ال تب‪::‬دو أنه‪::‬ا تش‪::‬ير إلى نفس‪::‬ها‪ ،‬ولكن‬
‫لنفترض أنه كان شيرينغهاوزن أو سكروغينز! أعتقد أنني قمت بعم‪:‬ل جي‪:‬د ج‪ً:‬د ا م‪:‬ع‬
‫بينكهامر‪.‬‬
‫قال الرجل اآلخر بجدي‪::‬ة‪« :‬اس‪::‬مك ه‪::‬و إل‪::‬وين س‪::‬ي‪ .‬بيلف‪::‬ورد‪ ».‬أنت من أوائ‪::‬ل‬
‫المحامين في دنفر‪ ،‬إنك تعاني من نوبة فق‪:‬دان الق‪:‬درة على الكالم‪ ،‬مم‪:‬ا جعل‪:‬ك تنس‪:‬ى‬

‫‪75‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫هويتك‪ ،‬وك‪::‬ان الس‪::‬بب في ذل‪::‬ك‪ ،‬ه‪::‬و اإلف‪::‬راط في العم‪::‬ل‪ ،‬وربم‪::‬ا الحي‪::‬اة الخالي‪::‬ة من‬
‫الترفيه والملذات الطبيعية‪ .‬السيدة التي غادرت الغرفة للتو هي زوجتك»‪.‬‬
‫قلت بعد توقف قضائي‪« :‬إنها ما يمكن أن أس‪::‬ميه ام‪::‬رأة جميل‪::‬ة المظه‪::‬ر»‪" .‬أن‪::‬ا‬
‫معجب بشكل خاص بظل اللون البني في شعرها‪" ".‬إنها نعم الزوج‪::‬ة‪ .‬لم ي‪::‬رف له‪::‬ا‬
‫جفن منذ اختفائك‪ ،‬وبالكاد استطاعت ذلك‪ ،‬منذ ما يقرب من أسبوعين‪.‬‬
‫علمن‪::‬ا أن‪::‬ك كنت في نيوي‪::‬ورك من خالل برقي‪::‬ة أرس‪::‬لها رج‪::‬ل مس‪::‬افر من دنف‪::‬ر‪،‬‬
‫وهو إيزيدور نيومانقال‪ ،‬لقد التقى بك في فندق هنا‪ ،‬وأنك لم تتعرف عليه‪.‬‬
‫قلت‪" :‬أعتق‪::‬د أن‪::‬ني أت‪::‬ذكر ه‪::‬ذه المناس‪::‬بة"‪ ،‬وإذا لم أكن مخطًئ ا‪ ،‬فق‪::‬د ن‪::‬اداني ذل‪::‬ك‬
‫الرجل بـ«بيلفورد»‪ ،‬ولكن أال تعتقد أن الوقت قد حان اآلن لتقدم نفسك؟‬
‫"أنا روبرت فولني ‪ -‬دكت‪::‬ور فول‪::‬ني‪ ".‬لق‪::‬د كنت ص‪::‬ديقك المق‪::‬رب لم‪::‬دة عش‪::‬رين‬
‫عامًا‪ ،‬وطبيبك لمدة خمسة عشر عامًا‪ ،‬ولقد جئت مع السيدة بيلفورد؛ لتتبع‪::‬ك بمج‪::‬رد‬
‫حصولنا على البرقية‪ .‬حاول يا إلوين‪ ،‬أيها الرجل العجوز – حاول أن تتذكر!‬

‫سألت مع عبوس قليال ‪":‬وم‪::‬ا الفائ‪::‬دة من المحاول‪::‬ة!"‪" .‬أنت تق‪::‬ول أن‪::‬ك ط‪::‬بيب‪ ".‬ه‪::‬ل‬
‫الحبسة قابلة للشفاء؟ عندما يفقد اإلنسان ذاكرته‪ ،‬هل تعود ببطء أم فجأة؟‬
‫"أحياًن ا بشكل تدريجي وغير كامل؛ وفي بعض األحيان تعود فجأة كما ذهبت‪.‬‬
‫سألت‪« :‬هل ستتولى عالج حالتي يا دكتور فولني؟»‪.‬‬
‫قال‪« :‬يا صديقي القديم‪ ،‬سأبذل كل ما في وسعي‪ ،‬وسأفعل كل م‪::‬ا يمكن أن يفعل‪::‬ه‬
‫العلم لعالجك‪».‬‬
‫قلت‪« :‬حسًن ا جًد ا‪ ،‬إذًا ستعتبرني مريضك‪ ».‬كل ش‪::‬يء أص‪::‬بح موض‪::‬ع ثق‪::‬ة اآلن ‪-‬‬
‫الثقة المهنية‪.‬‬
‫قال الدكتور فولني‪« :‬بالطبع»‪.‬‬
‫نهضت من األريكة‪ ،‬ك‪::‬ان أح‪::‬دهم ق‪::‬د وض‪::‬ع مزهري‪::‬ة من ال‪::‬ورود البيض‪::‬اء على‬
‫الطاولة الوسطى ‪ -‬مجموعة من الورود البيض‪::‬اء المنث‪::‬ورة ح‪::‬ديثًا والعط‪::‬رة‪ ،‬رميتهم‬
‫بعيًد ا من النافذة‪ ،‬ثم استلقيت على األريكة مرة أخرى‪.‬‬
‫قلت‪« :‬سيكون من األفضل يا بوبي أن يحدث العالج فج‪::‬أة‪ ».‬لق‪::‬د س‪::‬ئمت من ك‪::‬ل‬
‫ذلك‪ .‬على أية ح‪::‬ال‪ ،‬يمكن‪::‬ك ال‪::‬ذهاب اآلن وإحض‪::‬ار ماري‪::‬ان‪ .‬قلت م‪::‬ع تنهي‪::‬دة‪ ،‬وأن‪::‬ا‬
‫أركله على ساقه‪ ":‬ولكن‪ ،‬يا دكتور ‪" -‬حسًن ا يا دكتور‪ ،‬لقد كان رائًعا!"‬

‫القصة الرابعة عشر‪ :‬تقرير البلدية‬


‫المدن مليئة بالفخر‪،‬‬

‫‪76‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬
‫‪-‬‬ ‫يتحدى كل منهم اآلخر‪،‬‬
‫‪،‬أتى الفخر من أعماق جبالها‬
‫التي أتت من أعباء شاطئها‬
‫‪.‬ر‪ .‬كيبلينج‬

‫لنقل أنك تتخيل رواية عن شيكاغو‪ ،‬أو بوفالو‪ ،‬أو ناشفيل‪ ،‬أو تينيسي! هناك ثالث مدن كبرى فقط في‬
‫الواليات المتحدة تعتبر "مدن الحكايات" ‪ -‬بالطبع‪ ،‬نيويورك‪ ،‬ونيو أورليانز‪ ،‬واألفضل منها‪ ،‬سان‬
‫فرانسيسكو‪ - .‬فرانك نوريس‪.‬‬

‫وفقا لسكان كاليفورنيا‪ ،‬الشرق هو الشرق‪ ،‬والغرب هو سان فرانسيسكو‪ ،‬سكان‬


‫كاليفورنيا هم حشد من الناس‪ ،‬فهم ليسوا مجرد سكان دولة‪ ،‬إنهم من جنوب غربها‪.‬‬
‫لم يعد سكان شيكاغو اآلن‪ ،‬أقل والًء لمدينتهم؛ ولكن عندما تسألهم عن السبب‪،‬‬
‫يتلعثمون‪ ،‬ويتحدثون عن أسماك البحيرة ومبنى ‪ Odd Fellows‬الجديد‪ ،‬على عكس‬
‫سكان كاليفورنيا‪ ،‬فإنهم يخوضون في التفاصيل‪.‬‬

‫لديهم بالطبع تفاصيل لسبب والئهم لمدينتهم‪ ،‬فالمناخ حجة جيدة تطرحها لنصف‬
‫ساعة بينما تفكر في فواتير الفحم‪ ،‬ومالبسك الداخلية الثقيلة‪ ،‬ولكن يأتيهم‬
‫الجنون ‪،‬بمجرد أن يظنوا أن صمتك هو اإلدانة‪ ،‬ويتصورون مدينة البوابة الذهبية‪،‬‬
‫أنها بغداد العالم الجديد‪ .‬ليس هناك حتى اآلن على سبيل الرأي‪ ،‬حاجة للتفنيد‪ ،‬ولكن‬
‫يا أبناء العمومة األعزاء جميعًا (من نسل آدم وحواء)‪ ،‬من المتهور أن يضع أحد‬
‫إصبعه على الخريطة ويقول‪ " :‬ال يمكن أن تكون في هذه المدينة هناك قصة حب ‪-‬‬
‫ماذا يمكن أن يحدث هنا؟" نعم‪ ،‬إنه عمل جريء ومتهور أن تتحدى التاريخ‬
‫والرومانسية وراند وماكنالي بجملة واحدة‪.‬‬

‫مدينة ناشفيل هي مدينة‪ ،‬وميناء التسليم‪ ،‬وعاصمة والية تينيسي‪ ،‬تقع على نهر كمبرالند‪ ،‬وعلى خطوط‬
‫السكك الحديدية إل‪.‬سي‪ ،‬وإس تي‪.‬إل‪ ،‬وإل آند إن‪ .‬وتعتبر هذه المدينة أهم مركز تعليمي في الجنوب‪.‬‬

‫نزلت من القطار الساعة الثامنة مساًء‪ ،‬بعد أن بحثت في قاموس المرادفات عبًث ا‬
‫عن الصفات‪ ،‬وجعلني أقارن في شكل وصفه بدًال من هذا‪.‬‬

‫كان قاموس المرادفات خليط من‪ :‬ثالثون جزءًا من ضباب لندن؛ عشرة أجزاء من‬
‫المالريا؛ عشرون جزءًا من تسرب الغاز؛ خمسة وعشرون جزًءا من قطرات الندى‬

‫‪77‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫المتجمعة في الطوب عند شروق الشمس‪ ،‬؛ خمسة عشر جزءًا من رائحة زهر‬
‫العسل‪.‬‬
‫سيعطيك الخليط تصوًر ا تقريبيًا لرذاذ ناشفيل‪ .‬إنها ليست عطرة مثل كرة العثة‪،‬‬
‫وال ثخينة مثل حساء البازالء؛ ولكن هذا يكفي ‪ -‬سوف يخدم هذا‪.‬‬
‫ذهبت إلى فندق في تمبريل‪ ،‬وقد تطلب مني األمر قمعًا ذاتيًا قويًا؛ حتى أتمكن من‬
‫عدم التسلق إلى قمته‪ ،‬وتقليد كارتون سيدني‪ .‬تم رسم السيارة في أحداث الكرتون‪،‬‬
‫بواسطة وحوش من عصر مضى‪ ،‬ويقودها شيء مظلم ومتحرر‪.‬‬
‫لقد كنت نعسًا‪ ،‬ومتعبًا‪ ،‬لذا‪ ،‬عندما وصلت إلى الفندق دفعت له مبلغ الخمسين‬
‫سنًت ا الذي طلبه على عجل (مع مبلغ تقريبي من البقشيش‪ ،‬أؤكد لك ذلك)‪ .‬عرفت‬
‫عادات المدينة؛ ولم أرغب في سماعه يتحدث عن "سيده" السابق‪ ،‬أو أي شيء حدث‬
‫قبل الحرب‪.‬‬
‫كان الفندق من النوع الذي يوصف بأنه جدد‪ ،‬وهذا يعني‪ ،‬أنه استحق عشرون‬
‫ألف دوالرًا‪ ،‬من األعمدة الرخامية الجديدة‪ ،‬والبالط‪ ،‬واألضواء الكهربائية‪،‬‬
‫والمباخر النحاسية في الردهة‪ ،‬وجدول زمني جديد لـقطار ‪ ،L. & N‬والطباعة‬
‫الحجرية لـ ‪ Lookout Mountain‬في كل واحدة من الغرف الرائعة في الفندق‪.‬‬
‫كانت إدارة الفندق خالية من العتاب‪ ،‬وكان االهتمام مليًئ ا بالمجاملة الجنوبية الرائعة‪،‬‬
‫والخدمة بطيئة كحركة الحلزون‪ ،‬وجيدة كريب فان وينكل‪ ،‬وكان الطعام يستحق‬
‫السفر أللف ميل من أجله‪.‬‬

‫ال يوجد فندق آخر في العالم حيث يمكنك الحصول على العشاء على كبد ال‪::‬دجاج في‬
‫البروشيت‪ ،‬سألت ناداًل زنجي‪ً:‬ا إذا ك‪::‬ان هن‪::‬اك أي ش‪::‬يء يفعل‪::‬ه في المدين‪::‬ة‪ ،‬لق‪::‬د فك‪::‬ر‬
‫بجدية لمدة دقيقة‪ ،‬ثم أجاب‪« :‬حسًن ا‪ ،‬أيها الرئيس‪ ،‬ال أعتق‪::‬د حق ‪ً:‬ا أن هن‪::‬اك أي ش‪::‬يء‬
‫يمكن القيام به على اإلطالق بعد غروب الشمس‪».‬‬
‫لقد غربت الشمس‪ ،‬وغرقت في قطرات المطر من فترة طويلة؛ لذلك تم رفض‬
‫هذا المشهد بالنسبة إلي‪ .‬لكنني خرجت إلى الشوارع تحت المطر ألرى ما قد يك‪::‬ون‬
‫هناك‪.‬‬

‫إنه مبني على أسس تموجية‪ ،‬وتتم إنارة الشوارع بالكهرباء بتكلفة ‪ 32470‬دوالرًا سنويًا‪.‬‬

‫ح‪::‬دثت أعم‪::‬ال ش‪::‬غب عرقي‪::‬ة عن‪::‬دما غ‪::‬ادرت الفن‪::‬دق‪ .‬لق‪::‬د ه‪::‬اجمتني مجموع‪::‬ة من‬
‫األح‪::‬رار‪ ،‬أو الع‪::‬رب‪ ،‬أو الزول‪::‬و‪ ،‬مس‪::‬لحين بـ ‪ -‬ال‪ ،‬لق‪::‬د رأيت بوض‪::‬وح أنه‪::‬ا لم تكن‬

‫‪78‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫بنادق‪ ،‬بل سياطًا‪ ،‬ورأيت بشكل خافت قافلة من المركب‪::‬ات الس‪::‬وداء الخرق‪::‬اء؛ وعن‪::‬د‬
‫الصراخ المطمئن‪" :‬اذهب إلى أي مكان في المدينة‪ ،‬أيها ال‪::‬رئيس‪ ،‬بخمس‪::‬ين س‪:‬نًت ا"‪،‬‬
‫اعتقدت أنني مجرد "أجرة" وليس ضحية‪ .‬مشيت عبر ش‪::‬وارع طويل‪::‬ة‪ ،‬كله‪::‬ا ت‪::‬ؤدي‬
‫إلى أعلى التل‪ .‬تساءلت كيف سقطت تلك الشوارع مرة أخرى‪ ،‬ربم‪::‬ا لم يفعل‪::‬وا ذل‪::‬ك‬
‫حتى تم "تصنيفهم"‪ .‬رأيت في عدد قليل من "الشوارع الرئيسية" أضواء في المتاجر‬
‫هنا وهناك؛ ورأيت سيارات الشوارع وهي تنقل مواطنين من علية القوم هنا وهناك؛‬
‫ورأيت أشخاصًا يمرون منخ‪::‬رطين في فن المحادث‪::‬ة‪ ،‬وس‪::‬معت ض‪::‬حكة ش‪::‬به مفعم‪::‬ة‬
‫بالحيوية تصدر من صالة بيع المشروبات الغازية واآليس كريم‪ ،‬ويبدو أن الش‪::‬وارع‬
‫غير "الرئيسية" ق‪::‬د أغ‪::‬رت على ح‪::‬دودها من‪::‬ازل مكرس‪::‬ة للس‪::‬الم والحي‪::‬اة المنزلي‪::‬ة‪،‬‬
‫وكانت األضواء في كثيرمنها‪ ،‬تسطع خلف ظالل النواف‪::‬ذ المرس‪:‬ومة بح‪::‬ذر؛ وك‪:‬انت‬
‫ترن موسيقى منظمة في عدد قليل من آالت البيانو ال يمكن إصالحها‪ ،‬وفي الواقع لم‬
‫يكن هناك سوى القليل من "العمل"‪ .‬تمنيت لو أتيت قبل غروب الشمس؛ لذلك ع‪::‬دت‬
‫إلى فندقي‪ .‬في نوفمبر عام ‪1864‬م‪ ،‬تقدم الج‪::‬نرال الكونف‪::‬درالي ه‪::‬ود ض‪::‬د ناش‪::‬فيل‪،‬‬
‫حيث أغلق قوة وطنية بقيادة الج‪::‬نرال توم‪::‬اس‪ ،‬ثم انطل‪::‬ق األخ‪::‬ير وه‪::‬زم الحلف‪::‬اء في‬
‫صراع رهيب‪ ،‬لقد س‪::‬معت ط‪::‬وال حي‪::‬اتي عن مه‪::‬ارة الجن‪::‬وب في الرماي‪::‬ة الرائع‪::‬ة‪،‬‬
‫وأعجبت بها‪ ،‬وشهدت عليه‪::‬ا في ص‪::‬راعاته الس‪::‬لمية في من‪::‬اطق مض‪::‬غ التب‪::‬غ؛ ولكن‬
‫المفاج‪::‬أة ك‪::‬انت تنتظ‪::‬رني في فن‪::‬دقي‪ ،‬إذ ك‪::‬ان هن‪::‬اك في الرده‪::‬ة الكب‪::‬يرة اث‪::‬نى عش‪::‬ر‬
‫مبخرًا‪ ،‬نحاسيًا‪ ،‬ساطعًا‪ ،‬وجديدًا‪ ،‬ومهيبًا‪ ،‬وواسعًا ‪ ،‬طويل‪::‬ون بم‪::‬ا يكفي ليتم تس‪::‬ميتهم‬
‫بالجرار‪ ،‬وواسعي الفم لدرجة أنه كان ينبغي أن تكون جرة فريق البيسبول للسيدات‪،‬‬
‫قادرة على رمي الكرة في واحدة منها‪ ،‬على بع‪::‬د خمس خط‪::‬وات بعي‪::‬دًا‪ .‬ولكن‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن المعركة الرهيبة ك‪::‬انت ال ت‪::‬زال مس‪::‬تعرة‪ ،‬إال أن الع‪::‬دو لم يع‪::‬اني‪ ،‬ب‪::‬ل‬
‫وقفوا مشرقين‪ ،‬وجديدين‪ ،‬ومهيبين‪ ،‬وواسعين‪ ،‬ولم يمسهم أحد‪.‬‬

‫لكن ظالل جيفرسون بريك! أرضية البالط ‪ -‬أرض‪::‬ية البالط الجميل‪::‬ة! لم أس‪::‬تطع‬
‫تجنب التفكير في معركة ناشفيل‪ ،‬ومحاولة استخالص بعض االس‪::‬تنتاجات‪ ،‬كم‪::‬ا هي‬
‫عادتي الحمقاء‪ ،‬حول الرماية الوراثية‪ .‬هنا رأيت ألول مرة الرائد (بمجاملة في غير‬
‫محلها) وينتوورث كاسويل‪ .‬لقد عرفته نوعًا ما في اللحظة التي عانت فيها عيني من‬
‫رؤيته‪ .‬ق‪:‬ال ص‪:‬ديقي الق‪:‬ديم‪ ،‬أ‪ .‬تينيس‪:‬ون‪":‬ليس للف‪:‬ئران م‪:‬وطن جغ‪:‬رافي"‪ .‬كم‪:‬ا ق‪:‬ال‬
‫بشكل جيد كل شيء تقريبًا‪:‬‬

‫يا رسول هللا‪ ،‬اشقني بالشفاه الثرثارة‘‬

‫‪79‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫واشقني بالحشرة البريطانية‪ ،‬أال وهو الفأر‪.‬‬

‫لنعتبر أن كلمة "بريطانية" بمثابة إعالن قابل للتبديل‪ ،‬وأن الفأرهو فأر‪.‬‬
‫كان هذا الرجل يتصيد في بهو الفندق مثل كلب جائع نسي المكان الذي دفن فيه عظمته‪.‬‬
‫كان وجهه ممتدًا على مساحة كبيرة‪ ،‬وأحمر اللون‪ ،‬وكثيفًا‪ ،‬وله نوع من الضخامة الهادئة مثل‬
‫وجه بوذا‪ ،‬كان يمتلك فضيلة واحدة‪ ،‬وهي أنه يحلق شعره بسالسة شديدة‪ .‬وال تمحى سمة‬
‫الوحش من اإلنسان حتى يحلق لحيته‪ .‬أعتقد أنه لو لم يستخدم ماكينة الحالقة في ذلك اليوم‪،‬‬
‫لكنت قد صدت تقدمه‪ ،‬ولكان التقويم اإلجرامي للعالم قد تجنب إضافة جريمة قتل واحدة‪.‬‬
‫لقد صادف أنني كنت أقف على بعد خمسة أقدام من مبصقة عندما أطلق الرائد كاسويل‬
‫النار عليها‪ ،‬لقد كنت شديد المالحظة بما يكفي ألدرك أن القوة المهاجمة كانت تستخدم بنادق‬
‫جاتلينج بدًال من بنادق السنجاب؛ لذا فقد انحرفت بسرعة كبيرة‪ ،‬لدرجة أن الرائد اغتنم‬
‫الفرصة لالعتذار لشخص غير مقاتل‪ ،‬وكانت له الشفاه الثرثارة‪ ،‬حيث أصبح صديقي في أربع‬
‫دقائق‪ ،‬ثم سحبني إلى الحانة‪.‬‬
‫لقد كنت أرغب في أن أشير هنا إلى أنني جنوبي‪ ،‬لكنني لست واحدًا من حيث المهنة أو‬
‫التجارة‪ .‬فأنا أتجنب ربطة العنق‪ ،‬والقبعة المترهلة‪ ،‬واألمير ألبرت‪ ،‬وعدد حزم القطن التي‬
‫دمرها شيرمان‪ ،‬ومضغ العلكة‪ ،‬وال أبتهج عندما تعزف األوركسترا ديكسي‪ .‬انزلقت قليًال على‬
‫المقعد ذو الزاوية الجلدية‪ ،‬حسًن ا‪ ،‬طلبت وسبرجر آخر‪ ،‬وأتمنى أن يكون ‪ Longstreet‬لديهم‬
‫أيضًا‪ ،‬ولكن ما الفائدة؟ ضرب الرائد كاسويل الطاولة بقبضته‪ ،‬وقد سمع صدى أول رصاصة‬
‫في فورت سمتر‪ ،‬بدأت أشعر باألمل عندما أطلق آخر رصاصة على أبوماتوكس‪ ،‬لكنه بدأ‬
‫بعد ذلك بدراسة شجرة العائلة‪ ،‬وأثبت أن آدم لم يكن سوى ابن عم ثالث لفرع ثانوي من عائلة‬
‫كاسويل‪ .‬لقد تخلص من علم األنساب‪ ،‬وتولى هو ما أكرهه‪ ،‬وهو شؤون عائلته الخاصة‪ .‬لقد‬
‫تحدث عن زوجته‪ ،‬وتتبع نسبها إلى حواء‪ ،‬ونفى بفظاظة‪ ،‬أي شائعة محتملة‪ ،‬بأنها ربما كانت‬
‫لها عالقات في أرض نود‪ ،‬وبدأت أشك بحلول هذا الوقت‪ ،‬في أنه كان يحاول إخفاء حقيقة‬
‫طلبه المشروبات من خالل الضوضاء‪ ،‬على أمل أن أشعر بالحيرة عند دفع ثمنها‪ ،‬ولكن عندما‬
‫سقطوا مغشيين‪ ،‬اصطدم دوالر فضي على الطاولة‪ ،‬مصدرًا صوتًا عاليًا‪ ،‬ثم بالطبع‪ ،‬يوجد‬
‫حصة إلزامية أخرى‪ ،‬وعندما دفعت ثمن ذلك‪ ،‬تركته بفظاظة؛ ألنني لم أرغب في المزيد منه‪.‬‬
‫لكن قبل أن أفرج عني‪ ،‬تحدث بصوت عاٍل عن الدخل الذي تتلقاه زوجته‪ ،‬وأظهر لي حفنة من‬
‫النقود الفضية‪.‬‬
‫عندما حصلت على مفتاحي على المكتب‪ ،‬قال لي الموظف بلطف‪« :‬إذا كان ذلك الرجل‬
‫كاسويل قد أزعجك‪ ،‬وترغب في تقديم شكوى‪ ،‬فسنطرده‪" ».‬إنه مصدر إزعاج‪ ،‬ومتسكع‪،‬‬
‫وليس لديه أي وسيلة دعم معروفة‪ ،‬على الرغم من أنه يبدو أنه يمتلك بعض المال في معظم‬
‫األوقات‪ ،‬ولكن ال يبدو أننا قادرون على التوصل إلى أي وسيلة لطرده بشكل قانوني‪".‬‬
‫قلت بعد بعض التفكير‪« :‬لماذا‪ ،‬ال؟» ال أرى طريقي واضًح ا لتقديم شكوى‪ ،‬لكني أود‬
‫تسجيل نفسي على أنني أؤكد أنني ال أهتم بشركته‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫وتابعت كالمي‪" :‬يبدو أن مدينتك مدينة هادئة‪ ،‬ما هي طريقة الترفيه‪ ،‬أو المغامرة‪ ،‬أو‬
‫اإلثارة التي يمكنك تقديمها للغريب الموجود داخل بواباتك؟»‪.‬‬

‫قال الموظف‪« :‬حسًن ا يا سيدي‪ ،‬سيكون هناك عرض هنا يوم الخميس القادم‪ .‬إنه ‪ -‬سأبحث‬
‫عنه وأرسل اإلعالن إلى غرفتك مع الماء المثلج‪ ،‬طاب مساؤك‪'.‬‬
‫بعد أن صعدت إلى غرفتي نظرت من النافذة‪ ،‬وكانت الساعة حوالي العاشرة فقط؛ لكنني‬
‫نظرت إلى مدينة صامتة‪ .‬استمر رذاذ المطر في الهطول‪ ،‬متأللئًا بأضواء خافتة‪ ،‬ومتباعدة‬
‫كحبات الكشمش في كعكة تباع في سوق السيدات‪ .‬قلت لنفسي بينما اصطدم حذائي األول‬
‫بسقف ساكن الغرفة التي تحت حذائي‪" :‬مكان هادئ"‪"،‬ال شيء من الحياة هنا يعطي اللون‪،‬‬
‫والتنوع للمدن في الشرق والغرب‪ ،‬إنها مجرد مدينة تجارية جيدة وعادية وروتينية»‪.‬‬

‫تحتل ناشفيل مكانة رائدة بين مراكز التصنيع في البالد‪ ،‬إنه السوق الخامس للبوط‪ ،‬والحذاء في‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬وأكبر مدينة لتصنيع الحلوى والمفرقعات في الجنوب‪ ،‬ويقوم بتجارة ضخمة‬
‫بالجملة للسلع الجافة والبقالة واألدوية‪.‬‬

‫يجب أن أخبرك كيف وصلت إلى ناشفيل‪ ،‬وأؤكد ل‪::‬ك أن االس‪::‬تطراد يجلب لي نفس الق‪::‬در من‬
‫الملل كم‪::‬ا يس‪::‬بب ل‪::‬ك‪ .‬كنت أس‪::‬افر إلى مك‪::‬ان آخ‪::‬ر في وظيف‪::‬تي الخاص‪::‬ة‪ ،‬ولكن حص‪::‬لت على‬
‫عمولة من مجلة أدبية شمالية للتوقف هناك وإقامة عالقة شخصية بين النشر وأح‪::‬د المس‪::‬اهمين‬
‫فيها‪ ،‬أزاليا أدير‪ .‬أرسلت أدير (لم يكن هناك أي دليل على الشخصية باستثناء خ‪::‬ط الي‪::‬د) بعض‬
‫المقاالت (الفن المفقود!) والقصائد‪ ،‬ال‪::‬تي جعلت المح‪::‬ررين يقس‪::‬مون باالستحس‪::‬ان خالل مأدب‪::‬ة‬
‫غداء الساعة الواحدة‪ .‬لذا فقد كلفوني بجمع أدير المذكور وركن‪::‬ه من خالل التعاق‪::‬د على إنتاج‪::‬ه‬
‫بسعر سنتان للكلمة‪ ،‬قبل أن يعرض عليها ناشر آخر عشرة أو عشرين سنتًا‪.‬‬
‫وفي الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي‪ ،‬وبعد أن تناولت كبد ال‪::‬دجاج في البروش‪::‬يت‬
‫(جربها إذا كان بإمكانك العثور على ذلك الفندق)‪ ،‬انحرفت عن رذاذ المطر‪ ،‬وقد ك‪::‬ان ال ي‪::‬زال‬
‫مستمًر ا لفترة غير محدودة‪ ،‬في الزاوية األولى وجدت العم قيصر‪ .‬لق‪::‬د ك‪::‬ان زنجي‪ً:‬ا قوي‪ً:‬ا‪ ،‬أق‪::‬دم‬
‫من األهرام‪::‬ات‪ ،‬ذو ص‪::‬وف رم‪::‬ادي ووج‪::‬ه ي‪::‬ذكرني ب‪::‬بروتوس‪ ،‬وبع‪::‬د ثاني‪::‬ة بالمل‪::‬ك الراح‪::‬ل‬
‫سيتوايو‪.‬لقد كان يرتدي المعطف األكثر روعة الذي رأيته أو أتوقع رؤيته على اإلطالق‪ ،‬فه‪::‬و‬
‫يصل إلى كاحليه‪ ،‬وكانت ذات لون رمادي كونفدرالي في يوم ما‪ ،‬ومع تنوع العوام‪::‬ل الطبيعي‪::‬ة‬
‫كالمطر‪ ،‬والشمس‪ ،‬والعمر‪ ،‬كان على وشك أن يبهت معطف يوسف‪ ،‬بجانبه‪ ،‬إلى ل‪::‬ون أح‪::‬ادي‬
‫ش‪::‬احب‪ .‬يجب أن أبقى مرت‪:‬دًيا ذل‪::‬ك المعط‪::‬ف؛ ألن األم‪::‬ر يتعل‪::‬ق بالقص‪::‬ة ‪ -‬القص‪::‬ة ال‪::‬تي ط‪::‬ال‬
‫انتظارها‪ ،‬ألنك بالكاد تتوقع حدوث أي شيء في ناشفيل‪.‬‬
‫كان يجب في مرة من المرات أن يكون المعطف العسكري للض‪::‬ابط‪ ،‬ق‪::‬د اختفت عباءت‪::‬ه ‪،‬‬
‫ولكن الجزء السفلي من مقدمته بالكامل كان مزين ‪ً:‬ا بالض‪::‬فادع‪ ،‬والش‪::‬رابات بش‪::‬كل رائ‪::‬ع‪ ،‬ولكن‬
‫اختفت تلك الضفادع والشرابات اآلن‪ .‬وبدًال من ذلك‪ ،‬تم خياط‪::‬ة ض‪::‬فادع جدي‪::‬دة مص‪::‬نوعة من‬

‫‪81‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫خيوط القنب الشائعة الملتوية بمهارة (على ما أظن من خالل بعض "األم السوداء" الباقي‪::‬ة على‬
‫قيد الحياة)‪ .‬كان هذا الخيط متهالكًا‪ ،‬وأشعثًا‪ .‬البد أن‪::‬ه أض‪::‬يف إلى المعط‪::‬ف بتف‪::‬اٍن ال طعم ل‪::‬ه‪،‬‬
‫كبديل للروعة المتالشية ‪ ،‬ولكنه مضني؛ ألنه اتبع منحنيات الضفادع المفقودة منذ زمن طوي‪::‬ل‬
‫بأمانة‪ ،‬وإلكمال الض‪::‬حك‪ ،‬والش‪::‬فقة في الث‪::‬وب‪ ،‬اختفت جمي‪::‬ع أزراره باس‪::‬تثناء زر واح‪::‬د‪ .‬بقي‬
‫الزر الثاني من األعلى وحده‪ ،‬وتم تثبيت المعطف بخيوط أخ‪::‬رى مربوط‪::‬ة من خالل الع‪::‬راوي‬
‫وفتحات أخرى مثقوبة بوقاحة في الج‪:‬انب اآلخ‪:‬ر‪ .‬لم يكن هن‪:‬اك ق‪:‬ط مث‪:‬ل ه‪:‬ذا الث‪:‬وب الغ‪:‬ريب‬
‫المزخرف بشكل خيالي وبألوان مرقطة كثيرة‪ ،‬لقد كان الزر الوحيد بحجم نصف دوالرًا‪ ،‬وه‪::‬و‬
‫مصنوع من القرن األصفر ومخيط بخيوط خشنة‪.‬‬

‫وقف هذا الزنجي بجانب عربة قديمة جًد ا لدرجة أن‪ ،‬جح‪::‬ا نفس‪::‬ه ربم‪::‬ا ق‪::‬د يك‪::‬ون ب‪::‬دأ به‪::‬ا‬
‫خطًا مخترًق ا بعد أن غادر الفلك م‪::‬ع الحي‪::‬وانين المرب‪::‬وطين به‪::‬ا‪ ،‬وعن‪::‬دما اق‪::‬تربت‪ ،‬فتح الب‪::‬اب‪،‬‬
‫وأخرج منفضة غبار جلدية‪ ،‬ولّو ح بها‪ ،‬دون أن يستخدمها‪ ،‬وقال بصوت عميق هادر‪« :‬ادخ‪::‬ل‬
‫مباشرة‪ ،‬ياس‪::‬يدي؛ فهي ال تحت‪::‬وي على ذرة غب‪::‬ار‪ ،‬إنه‪::‬ا مج‪::‬رد ع‪::‬ودة من جن‪::‬ازة ي‪::‬ا س‪::‬يدي»‪.‬‬
‫استنتجت أنه في مثل هذه المناسبات االحتفالية يتم تنظيف العربات بش‪:‬كل إض‪:‬افي‪ .‬نظ‪:‬رت إلى‬
‫أعلى‪ ،‬وأس‪::‬فل الش‪::‬ارع وأدركت أن‪::‬ه لم يكن هن‪::‬اك س‪::‬وى القلي‪::‬ل من الخي‪::‬ارات بين المركب‪::‬ات‬
‫المستأجرة التي تصطف على جانبي الرصيف‪ .‬لقد بحثت في دفتر م‪:‬ذكراتي عن عن‪:‬وان أزالي‪:‬ا‬
‫أدير‪ .‬قلت‪" :‬أريد أن أذهب إلى ‪ 861‬شارع جيس‪::‬امين"‪ ،‬وكنت على وش‪::‬ك ال‪::‬دخول في عملي‪::‬ة‬
‫االختراق‪ ،‬لكن منعتني للحظة ذراع الزنجي العجوز السميكة‪ ،‬والطويلة ال‪::‬تي تش‪::‬به الغ‪::‬وريال‪،‬‬
‫أومضت للحظة نظرة مفاجئة من الشك والعداء على وجهه الضخم والكئيب‪ .‬وبع‪::‬د ذل‪::‬ك‪ ،‬وبع‪::‬د‬
‫أن عاد سريًع ا إلى اإلدانة‪ ،‬سأل ببرود‪« :‬ما سبب وجودك هناك أيها الرئيس؟» ما ه‪:‬ذا بالنس‪:‬بة‬
‫لك؟ سألت بحدة قليال‪" :‬ال شيء"‪ ،‬س‪:‬يدي‪"،‬ال ش‪:‬يء"‪ .‬إن‪:‬ه ج‪:‬زء منع‪:‬زل من المدين‪:‬ة وقلي‪:‬ل من‬
‫الناس لديهم عمل هناك‪ .‬ادخل مباشرة‪ ،‬فالمقاعد نظيفة – لقد عدي لتوي من الجنازة يا سيدي‪'.‬‬
‫ال بد أن المسافة كانت قد قطعت مياًل ونصف حتى نهاية رحلتن‪::‬ا‪ ،‬لم أتمكن من س‪::‬ماع أي‬
‫شيء سوى الخشخشة المخيفة لالختراق القديم‪ ،‬فوق رصف الط‪::‬وب غ‪::‬ير المس‪::‬توي؛ لم أتمكن‬
‫من شم أي رائحة سوى رذاذ المطر‪ ،‬الذي أصبح اآلن بنكهة دخان الفحم‪ ،‬وما يشبه مزيج ‪ً:‬ا من‬
‫أزهار القطران‪ ،‬والدفلى‪ ،‬وكل ما استطعت رؤيت‪::‬ه من خالل النواف‪::‬ذ المتدفق‪::‬ة‪ ،‬ه‪::‬و ص‪::‬فين من‬
‫المنازل المعتمة‪.‬‬

‫تبلغ مساحة المدينة ‪ 10‬أميال مربع‪::‬ة‪ ،‬و‪ 181‬ميًال من الش‪::‬وارع‪ ،‬منه‪::‬ا ‪ 137‬ميًال معب‪::‬دة؛ نظ‪::‬ام محط‪::‬ات‬
‫المياه الذي تبلغ تكلفته ‪ 2,000,000‬دوالرًا‪ ،‬مع ‪ 77‬ميًال من األنابيب الرئيسية‪.‬‬

‫كان شارع ثم‪::‬ان وس‪:‬تين جيس‪:‬امين عب‪::‬ارة عن قص‪::‬ر متهال‪::‬ك‪ ،‬على بع‪::‬د ثالثين ي‪::‬اردة من‬
‫الشارع‪ ،‬حيث بني وسط بستان رائع من األشجار والشجيرات غير المشذبة‪ ،‬وق‪::‬د ف‪::‬اض ص‪::‬ف‬
‫من الشجيرات الصندوقية‪ ،‬وكاد يخفي السياج الشاحب عن األنظار؛ تم إغالق البواب‪::‬ة بواس‪::‬طة‬

‫‪82‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫حبل المشنقة ال‪::‬ذي يحي‪::‬ط بعم‪::‬ود البواب‪::‬ة وأول ح‪:‬اجز للبواب‪::‬ة‪ ،‬ولكن عن‪::‬دما دخلت إلى ال‪::‬داخل‬
‫رأيت أن ‪ 861‬كان عبارة عن قوقعة‪ ،‬وظل‪ ،‬وشبح من العظمة والتميز السابقين‪.‬لكني لم أدخل‬
‫بعد في القصة‪.‬‬
‫عندما توقفت أصوات القعقع‪::‬ة‪ ،‬وع‪::‬ادت ذوات األرب‪::‬ع المرهق‪::‬ة إلى الراح‪::‬ة‪ ،‬س‪::‬لمت جيه‪::‬و‬
‫خمسين سنتًا مع ربع إضافي‪ ،‬وشعرت بوهج من الكرم الواعي كما فعلت‪ ،‬ولقد رفض ذلك‪.‬‬

‫قال‪" :‬إنهما دوالران"‪' .‬كيف ذلك؟' "من الواضح أنني سمعتك تنادي في الفندق‪" :‬خمسون‬
‫سنًت ا ألي جزء من المدينة‪.‬‬
‫كرر بإصرار " «إنها دوالران‪ ،‬هاه‪" .‬إنها طرق طويلة من الفندق‪»، ".‬‬
‫قلت‪« :‬إنها داخ‪::‬ل ح‪::‬دود المدين‪::‬ة وداخله‪::‬ا تماًم ا»‪« .‬ال تظن أن‪::‬ك التقطت يانكًي ا ذو ق‪::‬رن‬
‫أخضر‪ .‬هل ترى تلك التالل هناك؟»؟‪ ،‬واصلت المض‪:‬ي ق‪:‬دًما‪ ،‬وأش‪:‬ير نح‪:‬و الش‪:‬رق (لم أتمكن‬
‫من رؤيتهم بنفسي بسبب الرذاذ)؛ حسًن ا‪ ،‬لقد ولدت وترعرعت على الجانب اآلخر منهم‪.‬‬
‫أيها الزنجي العجوز األحمق‪ ،‬أال يمكنك أن تخبر الن‪::‬اس عن اآلخ‪::‬رين عن‪::‬دما ت‪::‬راهم؟»‪.‬‬
‫خفف الوجه الكئيب للملك سيتوايو‪.‬‬
‫"هل أنت من الجنوب‪ ،‬يا سيدي؟" أعتقد أن حذائك هو ال‪::‬ذي خ‪::‬دعني‪ .‬هن‪::‬اك ش‪::‬يء ح‪::‬اد في‬
‫أصابع القدم ليرتديه أي رجل جنوبي»‪.‬‬
‫قلت ال محالة «إذن فإن الرسوم هي خمسون سنتًا‪ ،‬على ما أعتقد؟»‪.‬‬
‫عادت تعابير وجهه الس‪::‬ابقة‪ ،‬ال‪::‬تي ك‪::‬انت مزيًج ا من الجش‪::‬ع والع‪::‬داء‪ ،‬وبقيت عش‪::‬ر دق‪::‬ائق‬
‫واختفت‪ .‬قال‪« :‬يا رئيس‪ ،‬خمسون سنًت ا هو الصحيح؛ لكني بحاجة إلى دوالرين‪ ،‬ي‪::‬ا س‪::‬يدي أن‪::‬ا‬
‫ملزم بالحصول على دوالرين‪ .‬يا سيدي أنا ال أطالب بذلك اآلن‪ ،‬؛ بعد أن أع‪::‬رف من أنت؛ أن‪::‬ا‬
‫أقول حًّق ا إنني يجب أن أحصل على دوالرين الليلة‪ ،‬والعمل أمر عظيم»‪.‬‬
‫استقر السالم والثقة على مالمحه الثقيلة‪ ،‬لقد كان محظوظا أكثر مما كان يأمل‪ ،‬فبدًال من‬
‫أن يلتقط قرًن ا أخضر‪ ،‬جاهاًل بالمعدالت‪ ،‬حصل على الميراث‪.‬‬
‫قلت‪ ،‬وأنا أضع ي‪:‬دي في جي‪:‬بي‪" ،‬يجب أن يتم تس‪:‬ليمك إلى الش‪:‬رطة"‪" .‬لق‪:‬د أربكت الوغ‪:‬د‬
‫العجوز‪ "،‬ألول مرة رأيته يبتسم‪ .‬هو يعلم ؛ ه‪::‬و يعلم؛ هو يعلم‪ ،‬وق‪::‬د أعطيت‪::‬ه ورق‪::‬تين بقيم‪::‬ة‬
‫دوالر واحد‪ .‬عندما سلمتهم‪ ،‬الحظت أن أحدهم قد شهد أوقاًت ا محفوفة بالمخاطر‪ ،‬كانت الزاوي‪::‬ة‬
‫اليمنى العليا مفقودة‪ ،‬وقد تم تمزيقها من المنتصف ولكنه‪::‬ا تم ربطه‪::‬ا م‪::‬رة أخ‪::‬رى‪ .‬وق‪::‬د احتف‪::‬ظ‬
‫شريط من المناديل الورقية الزرقاء‪ ،‬الذي تم لصقه فوق االنقسام‪ ،‬لقد اكتفيت من قطاع الط‪::‬رق‬
‫األفريقي في الوقت الحاضر‪ :‬تركته سعيدًا‪ ،‬ورفعت الحبل وفتحت البوابة التي تصدر صريرًا‪.‬‬
‫وكما قلت‪ ،‬لقد كان المنزل قذيفة‪ ،‬فلم تمسه فرشاة الرس‪::‬م من‪::‬ذ عش‪::‬رين عاًم ا‪ .‬لم أس‪::‬تطع أن‬
‫أفهم لم‪::‬اذا ال ينبغي أن تض‪::‬ربه ريح قوي‪::‬ة مث‪::‬ل بيت من ورق ح‪::‬تى نظ‪::‬رت م‪::‬رة أخ‪::‬رى إلى‬
‫األشجار التي احتضنته بقوة ‪ -‬األشجار التي شهدت معركة ناشفيل وما زالت تحي‪::‬ط بأغص‪::‬انها‬
‫الواقية ضد العاصفة‪ ،‬والرياح‪ ،‬والعدو‪ ،‬والبرد‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫استقبلتني أزاليا أدير‪ ،‬إنها في الخمس‪::‬ين من عمره‪::‬ا‪ ،‬ذات ش‪::‬عر أبيض‪ ،‬من نس‪::‬ل الفرس‪::‬ان‪،‬‬
‫نحيفة وضعيفة مثل المنزل الذي تعيش فيه‪ ،‬ترتدي أرخص‪ ،‬وأنظف فس‪::‬تان رأيت‪::‬ه في حي‪::‬اتي‪،‬‬
‫مع هواء بسيط مثل الملكة‪.،‬‬
‫بدت غرفة االس‪:‬تقبال بمس‪:‬احة مي‪::‬ل مرب‪::‬ع‪ ،‬ألن‪::‬ه لم يكن فيه‪::‬ا ش‪:‬يء س‪:‬وى بعض ص‪::‬فوف‬
‫الكتب‪ ،‬على أرفف كتب غ‪::‬ير مطلي‪::‬ة من خش‪::‬ب الص‪::‬نوبر األبيض‪ ،‬وطاول‪::‬ة رخامي‪::‬ة مش‪::‬ققة‪،‬‬
‫وسجادة خشنة‪ ،‬وأريكة من شعر الخيل وكرسيين أو ثالث‪::‬ة كراس‪::‬ي‪ ،‬نعم‪ ،‬ك‪::‬انت هن‪::‬اك ص‪::‬ورة‬
‫على الحائط‪ ،‬رسمت بقلم تلوين ملون لمجموع‪::‬ة من زه‪::‬ور الث‪::‬الوث‪ ،‬نظ‪::‬رت ح‪:‬ولي بحًث ا عن‬
‫صورة ألندرو جاكسون‪ ،‬والسلة المعلقة المصنوعة من كوز الصنوبر‪ ،‬لكنهما لم تكونا هناك‪.‬‬
‫لقد أجريت محادثة بيني وبين أزاليا أدير‪ ،‬وسوف نعيد لكم القلي‪::‬ل منه‪::‬ا‪ .‬لق‪::‬د ك‪::‬انت نتاج ‪ً:‬ا‬
‫للجنوب القديم‪ ،‬ونشأت بلطف في الحي‪::‬اة المحمي‪::‬ة‪ ،‬لم يكن تعليمه‪::‬ا واس‪::‬ع النط‪::‬اق‪ ،‬ولكن‪::‬ه ك‪::‬ان‬
‫عميقًا وذو أصالة رائعة في نطاقه الض‪::‬يق إلى ح‪::‬د م‪::‬ا‪ .‬لق‪::‬د تلقت تعليمه‪::‬ا في الم‪::‬نزل‪ ،‬وك‪::‬انت‬
‫معرفتها بالعالم مستمدة من االستدالل‪ ،‬واإللهام‪ ،‬ومن بينهم‪ ،‬مجموعة صغيرة ثمين‪::‬ة من كت‪::‬اب‬
‫المقاالت‪ .‬واصلت تنظيف أصابعي‪ ،‬بينما ك‪::‬انت تتح‪::‬دث معي‪ ،‬مح‪::‬اواًل ‪ ،‬دون وعي‪ ،‬تخليص‪::‬ها‬
‫من الغبار الغائب عن ظهور نص‪::‬ف الس‪::‬اق لك‪::‬ل من المب‪ ،‬وتشوس‪::‬ر‪ ،‬وه‪::‬ازليت‪ ،‬وم‪::‬اركوس‬
‫أوريليوس‪ ،‬ومونتين‪ ،‬وهود‪ .‬لقد كانت رائعة‪ ،‬وكانت اكتشافًا قيمًا‪ ،‬إن الجميع تقريب ‪ً:‬ا في أيامن‪::‬ا‬
‫هذه يعرفون الكثير عن الحياة الحقيقية‪.‬‬
‫كنت أدرك بوضوح أن أزاليا أدير كانت فقيرة جًد ا‪ .‬كان لديها منزل وفستان‪ ،‬و كما تخيلت‬
‫‪،‬لم يكن هن‪::‬اك أي ش‪::‬يء آخ‪::‬ر‪ ،‬وهك‪::‬ذا‪ ،‬بين واج‪::‬بي تج‪::‬اه المجل‪::‬ة‪ ،‬ووالئي للش‪::‬عراء‪ ،‬وكت‪::‬اب‬
‫المقاالت الذين حاربوا توماس في وادي كمبرالند‪ ،‬استمعت إلى صوتها‪ ،‬الذي كان مثل ص‪::‬وت‬
‫القيثارة‪ ،‬ووجدت أنني ال أستطيع التحدث عن العقود‪ ،‬في حضور رب‪:‬ات اإلله‪:‬ام التس‪:‬عة والنعم‬
‫الثالث‪ ،‬تردد المرء في تقليص الموضوع إلى سنتان‪ ،‬يجب أن تكون هناك ندوة أخرى بع‪::‬د أن‬
‫أستعيد عملي التجاري‪ ،‬ولكنني تحدثت عن مهمتي‪ ،‬وتم تحديد الس‪::‬اعة الثالث‪::‬ة بع‪::‬د ظه‪::‬ر الي‪::‬وم‬
‫التالي لمناقشة اقتراح العمل‪.‬‬
‫قلت بينما بدأت االستعداد للمغادرة (وهو الوقت المناسب للعموميات السلسة)‪« :‬مدينتك تبدو‬
‫مكاًن ا هادًئ ا‪ ،‬ورصينًا‪ .‬يجب أن أقول إنها مسقط رأس‪::‬ي‪ ،‬حيث تح‪::‬دث أش‪::‬ياء قليل‪::‬ة خارج‪::‬ة عن‬
‫المألوف على اإلطالق"‪.‬‬

‫تمارس المدينة تجارة واس‪:‬عة النط‪:‬اق في المواق‪:‬د‪ ،‬واألواني المجوف‪::‬ة م‪:‬ع الغ‪:‬رب والجن‪:‬وب‪ ،‬وتبل‪:‬غ الطاق‪::‬ة‬
‫اإلنتاجية اليومية لمطاحن الدقيق أكثر من ‪ 2000‬برميل‪.‬‬

‫بدا أن أزاليا أدير تفكر‪ .‬قالت بنوع من الح‪:‬دة الص‪:‬ادقة ال‪:‬تي يب‪:‬دو أنه‪:‬ا تخص‪:‬ها‪« :‬لم أفك‪:‬ر في‬
‫األمر بهذه الطريقة من قبل‪" ».‬أليس تحدث األشياء في األماكن الهادئة والرصينة ؟ أتخيل أن‪::‬ه‬
‫عندما بدأ هللا في خلق األرض في صباح يوم االثنين األول‪ ،‬كان بإمك‪::‬ان الم‪::‬رء أن ينح‪::‬ني من‬
‫نوافذه ويسمع قطرة الطين تتناثر من مجرفه وهو يبني التالل األبدي‪::‬ة‪ .‬م‪::‬اذا نتج عن المش‪::‬روع‬

‫‪84‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫األكثر ضجيجًا في العالم ‪-‬أع‪::‬ني بن‪::‬اء ب‪::‬رج باب‪::‬ل‪ -‬أخ‪::‬يرًا؟ ص‪::‬فحة ونص‪::‬ف من اإلس‪::‬برانتو في‬
‫مجلة أمريكا الشمالية‪.‬‬
‫قلت بتفاهة‪« :‬بالطبع‪ ،‬الطبيعة البش‪::‬رية هي نفس‪::‬ها في ك‪::‬ل مك‪::‬ان؛ ولكن هن‪::‬اك المزي‪::‬د من‬
‫األلوان‪ ،‬والدراما‪ ،‬والحركة‪ ،‬والرومانسية في بعض المدن أكثر من غيرها‪.‬‬
‫قالت أزاليا أدير‪« :‬على الس‪::‬طح»‪" .‬لق‪::‬د س‪::‬افرت ع‪::‬دة م‪::‬رات ح‪::‬ول الع‪::‬الم في منط‪::‬اد ذه‪::‬بي‬
‫مرفوع على جناحين – طبعًا في أحالمي‪ .‬لقد رأيت (في إحدى جوالتي الخيالية) سلطان تركيا‬
‫يشد بيديه إحدى زوجاته التي كشفت وجهها أمام العامة‪ ،‬ورأيت رجًال في ناشفيل يمزق ت‪::‬ذاكر‬
‫المسرح الخاصة ب‪::‬ه؛ ألن زوجت‪::‬ه ك‪::‬انت خارج‪::‬ة ووجهه‪::‬ا مغطى بمس‪::‬حوق األرز‪ ،‬وفي الحي‬
‫الصيني بسان فرانسيسكو رأيت الجاري‪:‬ة س‪:‬ينج يي تقطرعليه‪:‬ا ببطء بوص‪:‬ة‪ ،‬ببوص‪:‬ة في زيت‬
‫اللوز المغلي‪ ،‬لتجعلها تقسم أنها لن ترى حبيبها األمريكي مرة أخرى‪ ،‬واستسلمت عندما وصل‬
‫الزيت المغلي إلى ثالث بوص‪::‬ات ف‪::‬وق ركبته‪::‬ا‪ ،‬وفي حفل‪::‬ة ي‪::‬وكر في ش‪::‬رق ناش‪::‬فيل في الليل‪::‬ة‬
‫الماضية‪ ،‬رأيت كيتي مورغان ُت قتل على يد سبعة من زمالئها في المدرس‪::‬ة وأص‪::‬دقاء حياته‪::‬ا؛‬
‫ألنها تزوجت من دهان منزل‪ .‬لقد كان الزيت المغلي يغلي عاليًا مثل قلبها؛ ولك‪::‬ني كنت أتم‪::‬نى‬
‫لو رأيت االبتسامة الصغيرة الجميلة التي ك‪::‬انت تحمله‪::‬ا من طاول‪::‬ة إلى أخ‪::‬رى‪ .‬تب‪ً:‬ا‪ ،‬نعم‪ ،‬إنه‪::‬ا‬
‫مدينة رتيبة‪.‬‬
‫طرق شخص ما الفراغ في الجزء الخلفي من المنزل على بعد أميال قليلة فقط من المنازل‬
‫المبنية من الطوب األحمر والطين والمتاجر وساحات الخش‪:‬ب»‪ ..‬تنفس‪:‬ت أزالي‪:‬ا أدي‪:‬ر اعت‪:‬ذارًا‬
‫ناعمًا‪ ،‬وذهبت للتحقق من الصوت‪ .‬عادت في غضون ثالث دقائق بعينين مشرقتين‪ ،‬واحم‪::‬رار‬
‫خافت على خديها‪ ،‬وعشر سنوات مرفوعة عن كتفيها‪.‬‬
‫قالت‪« :‬يجب أن تتناول كوبًا من الشاي قبل أن تذهب‪ ،‬وتأكل كعكة سكر‪».‬‬
‫وصلت وهزت جرسًا حديديًا صغيرًا‪ .‬كانت هناك فتاة زنجية صغيرة في الثاني‪::‬ة عش‪::‬رة من‬
‫عمره‪::‬ا‪ ،‬حافي‪::‬ة الق‪::‬دمين‪ ،‬وغ‪::‬ير مرتب‪::‬ة تمام ‪ً:‬ا‪ ،‬تح‪::‬دق في وجهي بإبهامه‪::‬ا في فمه‪::‬ا‪ ،‬وعينيه‪::‬ا‬
‫المنتفختين‪ .‬فتحت أزاليا أدير محفظة صغيرة بالية وأخرجت ورقة دوالرًا‪ ،‬إنها ورقة دوالري‪::‬ة‬
‫فقدت الزاوية اليمنى العلي‪::‬ا منه‪::‬ا‪ ،‬ممزق‪::‬ة إلى قطع‪::‬تين وألص‪::‬قت مًع ا م‪::‬رة أخ‪::‬رى بش‪::‬ريط من‬
‫المناديل الورقية الزرقاء‪ ،‬لقد كانت واحدة من الفواتير التي أعطيتها للقرصان الزنجي ‪ -‬هناك‬
‫لم يكن هناك شك في ذلك‪.‬‬

‫قالت وهي تعطي الفتاة الورقة الدوالرية ‪" :‬اذهبي إلى متجر السيد بيكر عند الزاوية يا إم‪::‬بي‪"،‬‬
‫‪" ،‬وأحضري ربع رطل من الشاي ‪ -‬النوع الذي يرسله لي دائمًا ‪ -‬وكعك الس‪::‬كر بقيم‪::‬ة عش‪::‬رة‬
‫سنتات"‪ . .‬اآلن‪ ،‬وبسرعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬أوضحت لي أن إمدادات الشاي في المنزل قد استنفدت‪.‬‬
‫غادرت إمبي من الطريق الخلفي‪ ،‬وقبل أن تموت‪ ،‬خ‪:‬دش ق‪:‬دميها الع‪:‬اريتين الص‪:‬لبتين على‬
‫الشرفة الخلفية‪ ،‬مأل المنزل األج‪::‬وف ص‪::‬رخة جامح‪::‬ة ‪ -‬كنت على يقين من أنه‪::‬ا ص‪::‬رختها‪ ،‬ثم‬
‫اختلطت نغمات صوت الرجل الغاض‪::‬ب العميق‪::‬ة‪ ،‬والخش‪::‬نة م‪::‬ع ص‪::‬راخ الفت‪::‬اة‪ ،‬وكلماته‪::‬ا غ‪::‬ير‬
‫المفهومة‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫نهضت أزاليا أدير دون مفاجأة أو انفعال واختفت‪ .‬سمعت قعقعة صوت الرج‪::‬ل األجش لم‪::‬دة‬
‫دقيقتين ؛ ثم حدث ما يشبه القسم وشجار خفيف‪ ،‬وعادت بهدوء إلى كرسيها‪.‬‬
‫قالت‪« :‬هذا منزل فسيح‪ ،‬ولدي مستأجر لج‪:‬زء من‪:‬ه‪ ،‬يؤس‪:‬فني أن أض‪:‬طر إلى إلغ‪:‬اء دع‪:‬وتي‬
‫لتناول الشاي‪ ،‬كان من المستحيل الحصول على النوع الذي أس‪::‬تخدمه دائم ‪ً:‬ا في المتج‪::‬ر‪ .‬ربم‪::‬ا‬
‫سيتمكن السيد بيكر غًد ا من إمدادي باإلمدادات»‪.‬‬
‫كنت على يقين من أن إمبي لم يكن لديه الوقت لمغادرة المنزل‪ ،‬أخذت إج‪::‬ازتي واستفس‪::‬رت‬
‫عن خطوط سير السيارات و‪ .‬وبعد أن قطعت شوطًا طويًال في طريقي‪ ،‬تذكرت أنني لم أعرف‬
‫اسم أزاليا أدير‪ ،‬ولكن غدًا سيفي بالغرض‪.‬‬
‫بدأت في السير في نفس اليوم‪ ،‬على طريق اإلثم الذي فرضته علّي هذه المدينة الهادئ‪::‬ة‪ ،‬لق‪::‬د‬
‫مكثت في المدينة لمدة يومين فقط‪ ،‬ولكن في تلك الفترة تمكنت من الكذب بال خجل عن طري‪::‬ق‬
‫التلغراف‪ ،‬وأن أكون شريًك ا ‪ -‬بعد وقوع الحادث‪ ،‬إذا كان هذا هو المصطلح الق‪:‬انوني الص‪:‬حيح‬
‫‪ -‬في جريمة قتل‪.‬‬
‫وبينما كنت أدور حول الزاوية القريبة من فندقي‪ ،‬أمسك بي سائق عفريت‪ ،‬يرت‪::‬دي معطف ‪ً:‬ا‬
‫متعدد األلوان‪ ،‬وفتح باب زنزانة تابوته المتجول‪ ،‬وحرك منفضة الريش وب‪::‬دأ طقوس‪::‬ه‪" :‬ادخ‪::‬ل‬
‫مباشرة‪ ،‬أيها الرئيس"‪ .‬العربة نظيفة – لقد عدت لتوي من الجنازة‪ ،‬خمسون سنتا ألي ‪ '-‬وبع‪::‬د‬
‫ذلك عرفني وابتسم ابتسامة عريضة‪« .‬عفًو ا أيها الرئيس؛ أنت الرجل الذي تخلص مني‪ .‬شكرا‬
‫لك للطفك يا سيدي‪.‬‬
‫قلت‪« :‬سأذهب إلى ‪ 861‬مرة أخرى بع‪::‬د ظه‪::‬ر الغ‪::‬د في الس‪::‬اعة الثالث‪::‬ة‪ ،‬وإذا كنت س‪::‬تأتي‬
‫هنا‪ ،‬فسوف أسمح لك أن تقودني‪ ».‬إذن أنت تعرف اآلنسة أدير؟ اختتمُت كالمي وأنا أفك‪::‬ر في‬
‫فاتورتي بالدوالر‪ .‬فأجاب‪" :‬أنا أنتمي إلى والدها القاضي أدير"‪.‬‬

‫قلت‪" :‬أعتقد أنها فقيرة جًد ا"‪« .‬ليس لديها الكثير من المال لتتحدث عنه‪ ،‬أليس كذلك؟»‬
‫نظرت للحظة مرة أخرى إلى الوج‪::‬ه الش‪::‬رس للمل‪::‬ك س‪::‬يتوايو‪ ،‬ثم تح‪::‬ول م‪::‬رة أخ‪::‬رى إلى‬
‫سائق زنجي عجوز مبتز‪.‬‬
‫قال ببطء‪« :‬إنها ال تس‪::‬تطيع أن تتض‪::‬ور جوًع ا‪ ،‬أليس ك‪::‬ذلك؟» «إن ل‪::‬ديها مص‪::‬ادرها؛ ي‪::‬ا‬
‫سيدي لديها مصادرها‪.‬‬
‫قلت‪« :‬سأدفع لك خمسين سنًت ا مقابل الرحلة‪».‬‬
‫أج‪::‬اب بتواض‪::‬ع‪« :‬ه‪::‬ذا ص‪::‬حيح تمام‪ً:‬ا‪ ،‬س‪::‬يدي» لق‪::‬د كنت في حاج‪::‬ة ماس‪::‬ة للحص‪::‬ول على‬
‫دوالرين هذا‪ ،‬أيها الرئيس‪.‬‬
‫ذهبت إلى الفندق وكذبت بشأن الكهرباء‪ .‬لقد قمت بإرسال المجلة‪' :‬تأخذ أ‪.‬أدير مقابل ثمانية‬
‫سنتات للكلمة»‪.‬‬
‫وكان الجواب الذي جاء‪ " :‬أيها األحمق‪ ،‬أعطها إياها بسرعة‪." ،‬‬
‫وقبل العشاء مباشرة‪ ،‬هجم علّي "الرائ‪::‬د" وينت‪::‬وورث كاس‪::‬ويل بتحي‪::‬ات ص‪::‬ديق مفق‪::‬ود من‪::‬ذ‬
‫زمن طويل‪ ،‬لقد رأيت عددًا قليًال من الرجال الذين كرهتهم على الفور‪ ،‬وكان من الصعب ج‪::‬دًا‬
‫التخلص منهم‪ ،‬كنت أقف عند الحانة عندما اعتدى علّي ؛ ول‪::‬ذلك لم أتمكن من التل‪::‬ويح بالش‪::‬ريط‬

‫‪86‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫األبيض في وجهه‪ ،‬كنت سأدفع ثمن المشروبات بكل سرور‪ ،‬على أمل أن أه‪::‬رب من ش‪::‬خص‬
‫آخر‪ ،‬لكنه كان واحدًا من هؤالء المشاغبين الحقيرين‪ ،‬والصاخبين‪ ،‬الذين ال بد أن يك‪::‬ون ل‪::‬ديهم‬
‫فرق نحاسية‪ ،‬وألعاب نارية‪ ،‬يراقبون كل سنت يضيعونه في حماقاتهم‪.‬‬
‫وفي جو من إنتاج الماليين‪ ،‬أخرج ورقتين نق‪::‬ديتين من فئ‪::‬ة دوالر واح‪::‬د من جيب‪::‬ه ووض‪::‬ع‬
‫إحداهما على البار‪ ،‬نظرت مرة أخرى إلى ورقة الدوالر‪ ،‬وكانت الزاوية اليمنى العليا مفق‪::‬ودة‪،‬‬
‫وممزقة من المنتصف‪ ،‬ومرقعة بشريط من المناديل الورقية الزرقاء‪ ،‬لقد كانت فاتورة ال‪::‬دوالر‬
‫الخاصة بي مرة أخرى‪ ،‬ولم يكن من الممكن أن يكون غير ذلك‪.‬‬
‫صعدت إلى غرفتي‪ ،‬لقد جعلني رذاذ المطر‪ ،‬والرتابة في بلدة جنوبي‪::‬ة‪ ،‬كئيب‪::‬ة‪ ،‬وخالي‪::‬ة من‬
‫األحداث‪ ،‬متعب‪ً:‬ا‪ ،‬وفت‪::‬ورًا‪ ،‬أت‪::‬ذكر أن‪::‬ه قب‪::‬ل أن أذهب للن‪::‬وم مباش‪:‬رة‪ ،‬تخلص‪::‬ت عقلًي ا من ورق‪:‬ة‬
‫الدوالر الغامضة (التي ربما تكون ق‪::‬د ش‪::‬كلت مفتاح‪ً:‬ا‪ ،‬لقص‪::‬ة بوليس‪::‬ية رائع‪::‬ة للغاي‪::‬ة عن س‪::‬ان‬
‫فرانسيسكو) بأن قلت لنفسي بنعاس‪" :‬يبدو كما لو أن الكثير من الناس هنا يمتلك‪::‬ون األس‪::‬هم في‬
‫‪ ،Hack Driver's Trust‬يدفع األرباح على الفور أيًض ا‪ .‬أتساءل عما إذا ‪' -‬ثم نمت‪.‬‬
‫كان الملك سيتوايو في موقعه في اليوم الت‪::‬الي‪ ،‬وق‪::‬د ه‪::‬ز عظ‪::‬امي ف‪::‬وق الحج‪::‬ارة إلى ‪،861‬‬
‫وكان عليه أن ينتظر ويهّز ني مرة أخرى عندما أكون مستعدًا‪.‬‬
‫بدت أزاليا أدير أكثر شحوبًا‪ ،‬ونظافًة ‪ ،‬وأض‪::‬عف مم‪::‬ا ك‪::‬انت تب‪::‬دو علي‪::‬ه في الي‪::‬وم الس‪:‬ابق‪،‬‬
‫وبعد أن وقعت العقد بثمانية سنتات لكل كلمة‪ ،‬أصبح لونها شاحبًا‪ ،‬وبدأت تنزلق من كرسيها‪.‬‬

‫تمكنت من وضعها على األريكة ذات شعر الخيل التي تعود إلى العص‪::‬ر الق‪::‬ديم دون الكث‪::‬ير‬
‫من المتاعب‪ ،‬ثم ركضت إلى الرصيف وصرخت على القرص‪::‬ان ذي الل‪::‬ون القه‪::‬وي؛ ليحض‪::‬ر‬
‫طبيب ‪ً:‬ا‪ ،‬وبحكم‪::‬ة لم أكن أش‪::‬ك فيه‪::‬ا‪ ،‬لق‪::‬د تخلى عن فريق‪::‬ه‪ ،‬وانطل‪::‬ق في الش‪::‬ارع‪ ،‬م‪::‬دركًا قيم‪::‬ة‬
‫السرعة‪ .‬و عاد في غضون عشر دقائق‪ ،‬ومعه رج‪::‬ل طب موه‪::‬وب‪ ،‬ذو ش‪::‬عر رم‪::‬ادي وق‪::‬دير‪.‬‬
‫شرحت له في بض‪:‬ع كلم‪:‬ات (قيم‪:‬ة ك‪:‬ل منه‪:‬ا أق‪:‬ل بكث‪:‬ير من ثماني‪:‬ة س‪:‬نتات) وج‪:‬ودي في بيت‬
‫الغموض األجوف‪ .‬انحنى بتفهم مهيب‪ ،‬والتفت إلى الزنجي العجوز‪.‬‬
‫قال بهدوء‪« :‬عمي قيصر‪ ،‬اركض إلى منزلي‪ ،‬واطلب من اآلنسة لوس‪::‬ي أن تعطي‪::‬ك إبري‪::‬ق‬
‫كريمة‪ ،‬مملوءًا بالحليب الطازج‪ ،‬ونصف كوب من النبيذ‪ ».‬وأسرع بالعودة‪ .‬ال تقود ‪ -‬اركض‪.‬‬
‫أريدك أن تعود إلى منزلي هذا األسبوع بعض الوقت‪.‬‬
‫وخطر لي أن الدكتور ميريمان شعر أيضًا بعدم الثقة‪ ،‬فيما يتعلق بقوى السرعة التي تتمتع‬
‫بها خيول القرصان األرضي‪ ،‬وبعد أن رحل العم قيصر‪ ،‬بتثاق‪::‬ل‪ ،‬ولكن بس‪::‬رعة‪ .‬نظ‪::‬ر إلي في‬
‫الشارع الطبيب‪ ،‬بأدب شديد‪ ،‬وحسابات دقيقة‪ ،‬إلى أن قرر أنني قد أفعل ذلك‪.‬‬
‫وقال‪" :‬إنها مجرد حالة من عدم كفاية التغذية"‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ ،‬نتيجة الفق‪::‬ر‪ ،‬والكبري‪::‬اء‪،‬‬
‫والج‪::‬وع‪ .‬ل‪::‬دى الس‪::‬يدة كاس‪::‬ويل العدي‪::‬د من األص‪::‬دقاء المخلص‪::‬ين‪ ،‬ال‪::‬ذين س‪::‬يكونون س‪::‬عداء‬
‫بمساعدتها‪ ،‬لكنها لن تقبل شيئًا‪ ،‬إال من ذلك الزنجي العجوز‪ ،‬إنه العم قيصر‪ ،‬الذي كان مملوك‪ً:‬ا‬
‫لعائلتها ذات يوم‪».‬‬
‫قلت في مفاج‪::‬أة 'الّس يدة‪ .‬كاس‪::‬ويل!»‪ ..‬ثم نظ‪::‬رت إلى العق‪::‬د ورأيت أنه‪::‬ا وقعت علي‪::‬ه باس‪::‬م‬
‫"أزاليا أدير كاسويل"‪ .‬قلت‪« :‬اعتقدت أنها اآلنسة أدير»‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫قال الطبيب‪« :‬متزوجة من رجل مخمور ال قيمة له يا سيدي‪" ،».‬يقال إنه يسرق منها حتى‬
‫المبالغ الصغيرة التي يساهم بها خادمها العجوز في إعالتها‪".‬‬
‫وسرعان م‪::‬ا أع‪::‬اد الط‪::‬بيب إحي‪::‬اء أزالي‪::‬ا عن‪::‬دما تم إحض‪::‬ار الحليب والنبي‪::‬ذ‪ .‬جلس‪::‬ت أدي‪::‬ر‪،‬‬
‫وتحدثت عن جمال أوراق الخريف ال‪::‬تي ك‪::‬انت في موس‪::‬مها في ذل‪::‬ك ال‪::‬وقت‪ ،‬وارتف‪::‬اع لونه‪::‬ا‪،‬‬
‫وأشارت باستخفاف إلى نوبة اإلغماء التي تعرضت لها على أنها نتيجة لخفقان ق‪::‬ديم في القلب‪،‬‬
‫ثم قامت إمبي بتهويتها‪ ،‬وهي مستلقية على األريك‪::‬ة‪ .‬ك‪::‬ان الط‪::‬بيب في مك‪::‬ان آخ‪::‬ر‪ ،‬فتبعت‪::‬ه إلى‬
‫الباب‪ ،‬وأخبرته أنه من ضمن سلطتي‪ ،‬ونواياي تقديم مبل‪::‬غ معق‪::‬ول من الم‪::‬ال إلى أزيلي‪::‬ا أدي‪::‬ر‪،‬‬
‫على المساهمات المستقبلية في المجلة‪ ،‬وقد بدا مسرورًا‪.‬‬
‫قال‪« :‬بالمناسبة‪ ،‬ربما تود أن تعرف أن‪::‬ك حص‪::‬لت على ملكي‪::‬ة س‪::‬ائق الح‪::‬وذي‪ ».‬ك‪::‬ان ج‪::‬د‬
‫القيصر القديم ملًك ا في الكونغو‪ ،‬وكما الحظت‪ ،‬فإن القيصر نفسه لديه طرق ملكية »‪.‬‬

‫وبينما كان يهم الطبيب في المغادرة‪ ،‬سمعت صوت العم سيزار في الداخل‪« :‬ه‪:‬ل حص‪:‬ل من‪:‬ك‬
‫على دوالرين‪ ،‬يا آنسة زاليا؟» سمعت أزاليا أدي‪::‬ر تجيب بص‪::‬وت ض‪::‬عيف «نعم ي‪::‬ا قيص‪::‬ر‪.»،‬‬
‫وبعد ذلك دخلت‪ ،‬واختتمت المفاوضات التجارية مع المساهم لدينا‪ ،‬لق‪::‬د تحملت مس‪::‬ؤولية تق‪::‬ديم‬
‫خمسين دوالرًا‪ ،‬واضعًا ذلك كإجراء شكلي ضروري لربط صفقتنا‪ ،‬وبعدها أعادني العم قيصر‬
‫إلى الفندق‪.‬‬
‫تنتهي كل القصة هنا‪ ،‬بقدر ما أستطيع أن أشهد كشاهد‪ ،‬والباقي يجب أن يكون مج‪::‬رد بيان‪::‬ات‬
‫مجردة من الحقائق‪.‬‬
‫خرجت في نزهة‪ ،‬في حوالي الساعة السادسة‪ ،‬وكان العم قيصر في ركنه‪ .‬فتح باب عربته‪،‬‬
‫ونفض منفضته‪ ،‬وبدأ صيغته الكئيبة‪« :‬ادخل يا سيدي‪ ».‬خمسون سنًت ا إلى أي مكان في المدينة‬
‫‪ -‬هاك نظيف جيدًا‪ ،‬يا سيدي ‪ -‬لقد عدت لتوي من جن‪::‬ازة ‪ -‬وبع‪::‬د ذل‪::‬ك تع‪::‬رف علي‪ ،‬أعتق‪::‬د أن‬
‫بصره أصبح سيئًا‪ ،‬إذ كان معطفه قد اكتسب المزيد من ظالل األلوان الباهتة‪ ،‬وأص‪::‬بحت‪ ،‬فت‪::‬ل‬
‫الخيوط أكثر اهتراءًا‪ ،‬وخشونة‪ ،‬وكان الزر األخ‪::‬ير المتبقي ‪ -‬زر الق‪::‬رن األص‪::‬فر ‪ -‬ق‪::‬د اختفى‪.‬‬
‫وكان سليل الملوك المتنوع هو العم قيصر‪ .‬رأيت حشًد ا متحمًس ا يحاص‪::‬ر واجه‪::‬ة ص‪::‬يدلية بع‪::‬د‬
‫حوالي ساعتين‪ .‬وحيث ال يحدث شيء في الصحراء ‪ ،‬كان هذا ه‪::‬و المن؛ ل‪::‬ذلك ش‪::‬قت ط‪::‬ريقي‬
‫إلى الداخل‪ ،‬على أريكة مرتجلة من الصناديق والكراسي الفارغة‪ ،‬كان جسد الرائد وينت‪::‬وورث‬
‫كاسويل ممددًا‪ ،‬وكان الطبيب يختبره؛ بحثًا عن العنصر الخالد‪ .‬وأن قراره كان واضحًا بغيابه‪.‬‬
‫تم العث‪::‬ور على الرائ‪::‬د الس‪::‬ابق؛ ميت‪ً::‬ا في ش‪::‬ارع مظلم‪ ،‬وتم إحض‪::‬اره بواس‪::‬طة مواط‪::‬نين‬
‫فضوليين‪ ،‬ومتضايقين إلى متجر األدوية‪ .‬وأظهرت التفاصيل أن الراحل ك‪::‬ان يخ‪::‬وض معرك‪::‬ة‬
‫رهيبة‪ ،‬وعلى الرغم من أنه كان متعطًال‪ ،‬وفاسقَا‪ ،‬إال أنه كان أيض‪ً:‬ا محارب‪ً:‬ا‪ .‬لكن‪::‬ه ق‪::‬د خس‪::‬ر‪،‬‬
‫كانت يداه مشدودتين بإحكام لدرجة أن أصابعه لم تفتح‪ ،‬وكان المواطنون اللطفاء الذين عرفوه‪،‬‬
‫يقفون ح‪:‬ولهم‪ ،‬ويبحث‪::‬ون في مف‪::‬رداتهم؛ للعث‪::‬ورعلى بعض الكلم‪::‬ات الطيب‪::‬ة‪ ،‬للح‪:‬ديث عن‪::‬ه‪ ،‬إن‬
‫أمكن ذل‪::‬ك‪ .‬ق‪:‬ال رج‪:‬ل ذو مظه‪::‬ر طيب‪ ،‬بع‪::‬د تفك‪::‬ير طوي‪::‬ل‪ " :‬ك‪::‬ان "ك‪::‬اس" واح‪ً:‬د ا من أفض‪::‬ل‬
‫المتهجين في المدرسة‪ ،‬وهو في سن الثانية عشرة تقريبًا "‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫وبينما كنت واقًف ا هناك‪ ،‬استرخت أصابع اليد اليمنى للرجل ال‪::‬ذي ك‪::‬ان مم‪::‬ددًا‪ ،‬وال‪::‬تي ك‪::‬انت‬
‫تتدلى على جانب صندوق صنوبر أبيض‪ ،‬وأسقطت ش‪:‬يًئ ا م‪::‬ا عن‪::‬د ق‪::‬دمي‪ ،‬غطيت‪::‬ه بق‪::‬دم واح‪::‬دة‬
‫بهدوء‪ ،‬وبعد قليل التقطته‪ ،‬ووضعته في جيبه‪ .‬لقد اعتقدت أنه في ص‪::‬راعه األخ‪::‬ير‪ ،‬وال ب‪::‬د أن‬
‫يده قد أمسكت بذلك الشيء دون قصد‪ ،‬وأمسكته بقبضة الموت‪.‬‬

‫ك‪::‬ان وف‪::‬اة الرائ‪::‬د كاس‪::‬ويل‪ ،‬ه‪::‬و الموض‪::‬وع الرئيس‪::‬ي للح‪::‬ديث في الفن‪::‬دق في تل‪::‬ك الليل‪::‬ة‪ ،‬م‪::‬ع‬
‫االستثناءات المحتملة للسياسة والحظر‪.‬‬
‫سمعت رجًال يقول لمجموعة من المستمعين‪ « :‬أيها السادة‪ ،‬في رأيي‪ ،‬لقد ُقتل كاس‪::‬ويل من‬
‫أجل ماله على يد بعض هؤالء الزنوج الذين ليس لهم حساب‪ ،‬لقد كان معه خمسون دوالرًا بعد‬
‫ظهر هذا اليوم‪ ،‬وقد أظهرها لعدد من السادة في الفندق‪ ،‬وعندما تم العثور علي‪::‬ه‪ ،‬لم يكن الم‪::‬ال‬
‫بحوزته‪.‬‬
‫غادرت المدينة في الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي‪ ،‬وبينما ك‪::‬ان القط‪::‬ار يع‪::‬بر الجس‪::‬ر‬
‫فوق نهر كمبرالند‪ ،‬أخرجت من جيبي زر معطف أصفر اللون بحجم قطعة خمسين س‪::‬نتًا‪ ،‬م‪::‬ع‬
‫أطراف مهترئة من خيوط خش‪:‬نة معلق‪::‬ة من‪::‬ه‪ ،‬وألق‪::‬اه من الناف‪:‬ذة إلى المي‪::‬اه الراك‪::‬دة‪ ،‬والموحل‪::‬ة‬
‫باألسفل‪ .‬وتساءلت ما الذي يحدث في بوفالو!‬

‫القصة الخامسة عشر‪ :‬إثبات حلوى البودنج‬

‫وينكي‪::‬د س‪::‬برينج عدس‪::‬ي زج‪::‬اجي يعم‪::‬ل ل‪::‬دى مح‪::‬رر ويس‪::‬تبروك‪ ،‬من مجل‪::‬ة‬
‫مينيرفا‪ ،‬وصرفه عن مساره‪ .‬لق‪::‬د تن‪:‬اول طع‪:‬ام الغ‪:‬داء في زاويت‪:‬ه المفض‪::‬لة في أح‪::‬د‬
‫فنادق برودواي‪ ،‬وكان عائدًا إلى مكتبه عندما سحر بجمال الجو الربيعي‪ ،‬مما يع‪::‬ني‬
‫أنه اتجه شرًق ا في الشارع السادس والعشرين‪ ،‬وسار بأمان أم‪::‬ام المركب‪::‬ات الربيعي‪::‬ة‬
‫في الجادة الخامسة‪ ،‬وتجول على طول الممرات في ميدان ماديسون الناشئ‪.‬‬
‫كان الهواء اللطيف‪ ،‬وأجواء الحديقة الصغيرة بمثابة أجواء ريفي‪::‬ة تقريب ‪ً:‬ا؛ وك‪::‬ان‬
‫اللون األخضر هو اللون الرئيسي عند خلق اإلنس‪::‬ان‪ ،‬والغط‪::‬اء النب‪::‬اتي‪ ،‬وك‪::‬ان ل‪::‬ون‬
‫العشب الصلب بين المم‪:‬رات ه‪:‬و الزنج‪:‬ار‪ ،‬وه‪:‬و ل‪:‬ون أخض‪:‬ر س‪:‬ام‪ ،‬ي‪:‬ذكرنا بحش‪:‬د‬
‫البشر المهجورين‪ ،‬الذين تنفسوا على التربة خالل فصلي الصيف‪ ،‬والخريف‪ . .‬بدت‬
‫براعم األشجار المتفجرة‪ ،‬مألوفة على نحو غريب ألولئك ال‪::‬ذين زرع‪::‬وا نبات‪::‬ات بين‬
‫زخارف‪ ،‬طبق السمك في عشاء بأربعين سنتًا‪ ،‬وك‪:‬انت الس‪:‬ماء في األعلى ذات ل‪:‬ون‬
‫زبرجد شاحب والذي قفاه شعراء القاعات بكلمات مثل "ت‪::‬رو" و"س‪::‬و" و"ك‪::‬و"‪ .‬ك‪::‬ان‬
‫الل‪::‬ون األخض‪::‬ر الظ‪::‬اهري للمقاع‪::‬د المطلي‪::‬ة ح‪::‬ديًث ا‪ ،‬ه‪::‬و الل‪::‬ون الوحي‪::‬د‪ ،‬الط‪::‬بيعي‪،‬‬

‫‪89‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫والصريح‪ ،‬والمرئي الذي ظل بين لون خيار مخل‪::‬ل‪ ،‬ول‪::‬ون معط‪::‬ف واق من ع‪::‬ودة‬
‫س‪::‬ريعة للمط‪::‬ر من الع‪::‬ام الماض‪::‬ي‪ ،‬ولكن ب‪::‬دا المش‪::‬هد تحف‪::‬ة فني‪::‬ة‪ ،‬بالنس‪::‬بة للمح‪::‬رر‬
‫ويستبروك الذي نشأ في المدينة‪.‬‬
‫وسواء كنت اآلن‪ ،‬من أولئك الذين ين‪::‬دفعون إلى ال‪::‬داخل‪ ،‬أو من الحش‪::‬د اللطي‪::‬ف‬
‫الذي يخشى السير‪ ،‬فيجب عليك أن تتبعه في غزو قصير لعقل المحرر‪.‬‬
‫كانت روح المحرر ويستبروك راضية وهادئة‪ ،‬فق‪::‬د ب‪::‬اع ع‪::‬دد أبري‪::‬ل من مينيرف‪::‬ا‬
‫طبعته بالكامل قبل اليوم العاشر من الشهر ‪ -‬كتب أحد ب‪::‬ائعي الص‪::‬حف في كيوك‪::‬وك‬
‫أنه كان بإمكانه بيع خمسين نسخة إضافية لو حصل عليها‪ ،‬وكان أصحاب المجلة ق‪::‬د‬
‫رفعوا راتبه (المحرر)؛ لقد قام للتو بتثبيت جوهرة في منزله لطباخ مس‪::‬تورد ح‪::‬ديثًا‪،‬‬
‫كان يخاف من رجال الشرطة ؛ ونشرت الصحف الصباحية بالكامل خطابًا‪ ،‬ألقاه في‬
‫مأدبة للناشرين‪ ،‬وكان هناك أيضًا صدى النغمات المبتهجة في ذهن‪::‬ه‪ ،‬ألغني‪::‬ة رائع‪::‬ة‬
‫غنتها له زوجته الشابة الساحرة‪ ،‬في ذل‪::‬ك الص‪::‬باح‪ ،‬قب‪::‬ل أن يغ‪::‬ادر ش‪::‬قته في الج‪::‬زء‬
‫العلوي من المدينة‪ .‬لقد كانت مهتمة بشدة بموسيقاها في اآلون‪::‬ة األخ‪::‬يرة‪ ،‬وتمارس‪::‬ها‬
‫مبكًر ا وبجد‪ ،‬وعندما أثنى عليها على التحسن في صوتها‪ ،‬احتضنته بشدة من الفرحة‬
‫بمدحه‪ .‬ولقد أحس أيضًا بال‪::‬دواء المنش‪:‬ط الحمي‪:‬د للممرض‪::‬ة المدرب‪:‬ة س‪:‬برينج‪ ،‬وه‪::‬و‬
‫يتعثر بهدوء في أجنحة مدينة النقاهة‪.‬‬
‫بينما كان يتجول المحرر ويستبروك بين صفوف مقاعد الحديقة (التي كانت تمتلئ‬
‫بالفع‪::‬ل بالمتش‪::‬ردين وح‪::‬راس الطفول‪::‬ة الخارج‪::‬ة عن الق‪::‬انون) ش‪::‬عر ب‪::‬أن أكمام‪::‬ه تم‬
‫اإلمساك بها وإمساكها‪ ،‬اشتبه في أنه على وشك أن يتم اض‪:‬طهاده‪ ،‬فتح‪:‬ول إلى وج‪:‬ه‬
‫بارد وغير مربح‪ ،‬ورأى أن آسره ك‪:‬ان ‪ -‬داو ‪ -‬ش‪:‬اكلفورد داو‪ ،‬ق‪:‬ذرًا‪ ،‬وش‪:‬به خش‪:‬ن‪،‬‬
‫ونادًر ا ما يظهر فيه‪ ،‬مظهره األنيق من خالل الخطوط العميقة للرث‪.‬‬

‫بينما يقوم المحرر بإخراج نفس‪::‬ه من مفاجأت‪::‬ه‪ ،‬يتم تق‪::‬ديم س‪::‬يرة ذاتي‪::‬ة لـ ‪،Dawe‬‬
‫كان كاتًبا روائي‪ً:‬ا‪ ،‬وأح‪::‬د مع‪::‬ارف ويس‪::‬تبروك الق‪::‬دامى‪ ،‬ربم‪::‬ا ك‪::‬انوا ق‪::‬د أطلق‪::‬وا على‬
‫بعضهم البعض اسم األص‪::‬دقاء الق‪:‬دامى في وقت م‪:‬ا‪ .‬ك‪:‬ان ل‪:‬دى داو بعض الم‪:‬ال في‬
‫تلك األيام‪ ،‬وكان يعيش في شقة سكنية الئقة‪ ،‬بالقرب من ويستبروك‪ .‬كانت العائلت‪::‬ان‬
‫ت‪::‬ذهبان غالًب ا إلى المس‪::‬ارح وتن‪::‬اول العش‪::‬اء مع‪ً::‬ا‪ .‬أص‪::‬بحت الس‪::‬يدة داو والس‪::‬يدة‬
‫ويس‪::‬تبروك ص‪::‬ديقين "أع‪::‬زين"‪ .‬ثم‪ ،‬غم‪::‬رت في أح‪::‬د األي‪::‬ام مجس‪::‬ات ص‪::‬غيرة من‬
‫األخطبوط‪ ،‬لمجرد التسلية‪ ،‬عاص‪::‬مة داو‪ ،‬وانتق‪::‬ل إلى حي جراميرس‪::‬ي ب‪::‬ارك‪ ،‬حيث‬
‫يمكن للمرء أن يجلس على جذعه‪ ،‬تحت الثريات ذات الثم‪::‬اني ف‪::‬روع‪ ،‬وقبال‪::‬ة رخ‪::‬ام‬

‫‪90‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫كارارا‪ ،‬مقابل القليل من البرغل في األس‪::‬بوع‪ ،‬ويش‪::‬اهد الف‪::‬ئران تلعب على األرض‪.‬‬
‫يعتقد داو أنه يعيش من خالل كتابة الخيال‪ .‬كان يبيع قص‪::‬ة بين الحين واآلخ‪::‬ر‪ ،‬وق‪::‬د‬
‫قدم الكثير إلى ويستبروك‪ .‬طبعت مينيرفا واحدة‪ ،‬أو اثنتين منه‪::‬ا؛ تم إرج‪::‬اع الب‪::‬اقي‪.‬‬
‫أرس‪::‬ل ويس‪::‬تبروك خطاب‪ً:‬ا‪ ،‬شخص‪::‬يًا‪ ،‬دقيق‪ً:‬ا‪ ،‬وواعًي ا م‪::‬ع ك‪::‬ل مخطوط‪::‬ة مرفوض‪::‬ة‪،‬‬
‫موضًح ا بالتفصيل أسباب اعتبارها غير مت‪::‬وفرة‪ .‬ك‪::‬ان للمح‪::‬رر ويس‪::‬تبروك تص‪::‬وره‬
‫الواضح لما يشكل خياًال جيدًا‪ ،‬و فعل داو ذلك أيضًا‪ .‬كانت الس‪::‬يدة داو مهتم‪::‬ة بش‪::‬كل‬
‫أساسي بمكون‪::‬ات أطب‪::‬اق الطع‪::‬ام الض‪::‬ئيلة ال‪::‬تي تمكنت من تجميعه‪::‬ا مًع ا‪ ،‬وفي أح‪::‬د‬
‫األيام‪ ،‬كان داو يتحدث إليها عن امتيازات بعض الكتاب الفرنسيين‪ ،‬وق‪::‬د جلس‪::‬واعلى‬
‫العشاء‪ ،‬يتناولون طبقًا‪ ،‬كان من الممكن أن يتناول‪:‬ه تلمي‪:‬ذ ج‪:‬ائع عن‪:‬دما يتناول‪:‬ه‪ ،‬لق‪:‬د‬
‫علق داو على هذا‪.‬‬
‫قالت السيدة داو‪" :‬إنها تجزئة موباسان"‪" .‬قد ال يكون ذل‪::‬ك فن‪ً:‬ا‪ ،‬لكن‪::‬ني أتم‪::‬نى أن‬
‫تقوم بعمل مسلس‪::‬ل من خمس دورات‪ ،‬لم‪::‬اريون كروف‪::‬ورد‪ ،‬م‪::‬ع س‪::‬ونيتة إيال‪ ،‬ويل‪::‬ر‬
‫ويلكوكس للحلوى‪ ".‬أنا جائع‪'.‬‬
‫ك‪::‬ان ش‪::‬اكلفورد داو‪ ،‬بقدره‪::‬ذا النج‪::‬اح‪ ،‬عن‪::‬دما ان‪::‬تزع كم المح‪::‬رر ويس‪::‬تبروك في‬
‫ماديسون سكوير‪ .‬كانت تلك هي المرة األولى التي يرى فيه‪::‬ا المح‪::‬رر داو من‪::‬ذ ع‪::‬دة‬
‫أشهر‪ .‬قال ويستبروك بطريقة محرجة إلى حد ما‪" :‬لماذا يا ش‪::‬اك‪ ،‬ه‪::‬ل ه‪::‬ذا أنت؟" ‪،‬‬
‫ألن شكل هذه العبارة بدا وكأنه يمس مظه‪::‬ر اآلخ‪::‬ر المتغ‪::‬ير‪ .‬ق‪::‬ال داو وه‪::‬و يس‪::‬حب‬
‫كمه‪' :‬هذا مكتبي «اجلس لدقيق‪::‬ة‪ .».‬ال أس‪::‬تطيع أن آتي إلي‪::‬ك وأب‪::‬دو كم‪::‬ا أفع‪::‬ل‪ .‬نعم‪،‬‬
‫اجلس‪ ،‬فلن تتع‪::‬رض للع‪::‬ار‪ .‬س‪::‬تأخذك تل‪::‬ك الطي‪::‬ور نص‪::‬ف المقطوع‪::‬ة على المقاع‪::‬د‬
‫األخرى إلى متسلق الش‪::‬رفة المنتفخ‪ ،‬ولن يعرف‪::‬وا أن‪::‬ك مج‪::‬رد مح‪::‬رر‪ .‬ق‪::‬ال المح‪::‬رر‬
‫ويستبروك وهو يغوص بحذر على المقعد األخضر الخبيث ‪«:‬أتدخن يا شاك؟»‪ .‬لق‪::‬د‬
‫استسلم دائًما برشاقة‪ ،‬عندما قرر ذلك ‪.‬‬
‫التقط داو السيجار‪ ،‬بينما كان طائر الرفراف يرمي سهامه على مكان للتش‪::‬مس‪،‬‬
‫أو فتاة تنقر على كريمة الشوكوالتة‪.‬‬
‫بدأ المحرر "لقد للتو ‪' ."-‬اه انا اعرف؛ قال داو‪" :‬ال تنتهي"‪" .‬أعطني مباراة‪ ".‬لديك‬
‫عشر دقائق فقط لتجنيبها‪ .‬كيف تمكنت من تجاوز موظف مكتبي وغزو حرمتي؟ ه‪::‬ا‬
‫ه‪::‬و ذا ي‪:‬ذهب اآلن‪ ،‬ي‪:‬رمي هراوت‪:‬ه على كلب ال يس‪:‬تطيع ق‪::‬راءة الفت‪:‬ات "ابتع‪:‬د عن‬
‫العشب"‪.‬‬
‫سأل المحرر «كيف تسير الكتابة؟»‪.‬‬
‫ق‪:::‬ال داو‪« :‬انظ‪:::‬ر إلي‪ ،‬لمعرف‪:::‬ة إجابت‪:::‬ك‪ ».‬واآلن ال تنظ‪:::‬ر إلي‪ ،‬تل‪:::‬ك النظ‪:::‬رة‬
‫المحرجة‪ ،‬والودية‪ ،‬ولكن الصادقة وتسألني لماذا ال أحصل على وظيفة كوكي‪::‬ل نبي‪::‬ذ‬

‫‪91‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫أو سائق سيارة أجرة‪ ،‬أنا في المعركة حتى النهاية‪ .‬أعلم أن‪::‬ني أس‪::‬تطيع كتاب‪::‬ة رواي‪::‬ة‬
‫جيدة وسأجبركم يا رفاق على االعتراف بذلك بعد‪ ،‬سأجعلك تغير تهجئة "الن‪::‬دم" إلى‬
‫"‪ "c-h-e-q-u-e‬قبل أن أنتهي منك‪ .‬حدق المحرر ويستبروك من خالل نظارة أنف‪::‬ه‬
‫بتعبير حزين لطيف‪ ،‬كل العلم‪ ،‬متعاطف‪ ،‬متش‪::‬كك ‪ -‬التعب‪::‬ير المحمي بحق‪::‬وق الطب‪::‬ع‬
‫والنشر للمحرر المحاصر بالمساهم غير المتاح‪.‬‬
‫س‪::‬أل داو‪":‬ه‪::‬ل ق‪::‬رأت القص‪::‬ة األخ‪::‬يرة ال‪::‬تي أرس‪::‬لتها ل‪::‬ك بح‪::‬رص ‪" -‬إن‪::‬ذار‬
‫الروح"؟"‪ .' .‬لقد ترددت بشأن تل‪:‬ك القص‪:‬ة ي‪:‬ا (ش‪:‬اك)‪ ،‬لق‪:‬د ت‪:‬رددت حًق ا‪ .‬ك‪:‬ان لدي‪:‬ه‬
‫بعض النقاط الجيدة‪ .‬كنت أكتب لك رسالة ألرسلها معها عندما تعود إليك‪ .‬أنا نادم –‬
‫قال داو متجهًما‪« :‬ال تهتم بالندم‪ ».‬لم يعد هناك مرهم‪ ،‬وال لدغة فيهم بعد اآلن‪ .‬م‪::‬ا‬
‫أريد أن أعرفه هو السبب‪ .‬أوًال‪ ،‬تعال اآلن؛ لنخرج النقاط الجيدة‪.‬‬
‫قال ويستبروك عم‪ً:‬د ا بع‪::‬د تنهي‪::‬دة مكتوم‪::‬ة‪« :‬القص‪::‬ة مكتوب‪::‬ة ح‪::‬ول حبك‪::‬ة أص‪::‬لية‬
‫تقريًبا‪ .‬التوصيف ‪ -‬أفضل ما قمت به‪ ،‬البناء ‪ -‬بنفس الج‪::‬ودة تقريًب ا‪ ،‬باس‪::‬تثناء بعض‬
‫المفاصل الضعيفة التي يمكن تقويتها ببعض التغي‪::‬يرات واللمس‪::‬ات‪ ،‬لق‪::‬د ك‪::‬انت قص‪::‬ة‬
‫جيدة‪ ،‬باستثناء ‪ -‬قاطعت داو‪" :‬أستطيع أن أكتب باللغة اإلنجليزية‪ ،‬أليس كذلك؟"‪.‬‬
‫ق‪::‬ال المح‪::‬رر‪« :‬لق‪::‬د أخبرت‪::‬ك دائًم ا أن ل‪::‬ديك أس‪::‬لوبًا‪" ».‬ثم المش‪::‬كلة هي ‪ "-‬ق‪::‬ال‬
‫المحرر ويستبروك‪" :‬نفس الشيء القديم"‪" .‬أنت تعمل حتى ذروتها مثل الفن‪::‬ان‪ ،‬ومن‬
‫ثم تح‪::‬ول نفس‪::‬ك إلى مص‪::‬ور‪ ،‬ال أع‪::‬رف أي ش‪::‬كل من أش‪::‬كال الجن‪::‬ون العني‪::‬د ال‪::‬ذي‬
‫يمتلكك يا شاك‪ ،‬لكن هذا ما تفعله بكل ما تكتبه‪ ،‬ال‪ ،‬سأسحب المقارنة م‪::‬ع المص‪::‬ور‪.‬‬
‫بين الحين واآلخ‪:::‬ر‪ ،‬يتمكن التص‪:::‬وير الفوت‪:::‬وغرافي‪ ،‬على ال‪:::‬رغم من منظ‪:::‬وره‬
‫المستحيل‪ ،‬من تسجيل لمحة عابرة من الحقيقة‪ .‬لكنك تفسد كل خاتمة بتلك الض‪::‬ربات‬
‫المس‪::‬طحة‪ ،‬والباهت‪::‬ة‪ ،‬والطامس‪::‬ة لفرش‪::‬اتك ال‪::‬تي كث‪::‬يًر ا م‪::‬ا اش‪::‬تكيت منه‪::‬ا‪ .‬إذا كنت‬
‫س‪::‬ترتفع إلى القم‪::‬ة األدبي‪::‬ة في مش‪::‬اهدك الدرامي‪::‬ة‪ ،‬وترس‪::‬مها ب‪::‬األلوان العالي‪::‬ة ال‪::‬تي‬
‫يتطلبها الفن؛ فإن ساعي البريد سيترك عدًد ا أقل من األظ‪:‬رف الض‪::‬خمة ال‪::‬تي تحم‪:‬ل‬
‫عنواًن ا ذاتًيا عند باب منزلك‪.‬‬

‫ص‪::‬رخ داو بس‪::‬خرية ‪«:‬أوه‪ ،‬الكم‪::‬ان وأض‪::‬واء األق‪::‬دام!»‪" .‬ال ي‪::‬زال ل‪::‬ديك تل‪::‬ك‬
‫ال‪:‬دراما المنش‪:‬رة القديم‪:‬ة في عقل‪:‬ك ح‪:‬تى اآلن‪ .‬عن‪:‬دما يختط‪:‬ف الرج‪:‬ل ذو الش‪:‬ارب‬
‫األسود بيسي ذات الشعر الذهبي‪ ،‬ال بد أن تجعل األم تركع‪ ،‬وترف‪::‬ع ي‪::‬ديها في دائ‪::‬رة‬
‫الضوء وتقول‪" :‬فلتشهد السماء العلي‪::‬ا أن‪::‬ني لن أرت‪::‬اح ليًال‪ ،‬وال نه‪::‬اًر ا ح‪::‬تى الش‪::‬رير‬
‫عديم القلب الذي سرق طفلي يشعر بثقل انتقام األم!"‬

‫‪92‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫"اعترف المحرر ويستبروك بابتسامة الرض‪:‬ا الت‪:‬ام عن النفس‪ ،‬وق‪:‬ال‪« :‬أعتق‪:‬د أن‬
‫المرأة في الحياة الواقعية ستعبر عن نفسها بهذه الكلمات أو بكلمات مشابهة جدًا‪».‬‬
‫ق‪::‬ال داو بح‪::‬رارة‪« :‬ليس في س‪::‬تمائة ليل‪::‬ة من الج‪::‬ري في أي مك‪::‬ان‪ ،‬ولكن على‬
‫المسرح»‪" .‬سأخبرك بما ستقوله في الحياة الحقيقية‪".‬‬
‫كانت تقول‪" :‬ماذا! لقد ق‪:‬اد رج‪:‬ل غ‪:‬ريب بيس‪:‬ي بعي‪ً:‬د ا؟ ي‪:‬ا إلهي! إنه‪:‬ا مش‪:‬كلة تل‪:‬و‬
‫األخرى! أحضر قبعتي األخرى‪ ،‬يجب أن أسرع إلى مركز الشرطة‪ .‬لماذا لم يعت‪::‬ني‬
‫بها أحد‪ ،‬أنا "أود أن أعرف؟ بحق هللا‪ ،‬ابتعد عن طريقي‪ ،‬وإال فلن أس‪::‬تعد أب ‪ً:‬د ا‪ .‬ليس‬
‫تلك القبعة ‪ -‬تلك القبعة البنية ذات األقواس المخملية‪ ،‬ال بد أن بيسي ك‪::‬انت مجنون‪::‬ة؛‬
‫فهي عادًة ما تخجل من الغرباء‪ .‬هل هذا أيضًا "كمية كبيرة من البودرة؟ يا إلهي! كم‬
‫أنا منزعج!"‬
‫وت‪::‬ابع داو‪« :‬ه‪::‬ذه هي الطريق‪::‬ة ال‪::‬تي تتح‪::‬دث به‪::‬ا‪" .‬الن‪::‬اس في الحي‪::‬اة الحقيقي‪::‬ة ال‬
‫يط‪::‬يرون إلى البط‪::‬والت‪ ،‬والش‪::‬عر الف‪::‬ارغ في األزم‪::‬ات العاطفي‪::‬ة‪ ،‬إنهم ببس‪::‬اطة ال‬
‫يس‪::‬تطيعون فع‪::‬ل ذل‪::‬ك‪ ،‬إذا تح‪::‬دثوا على اإلطالق في مث‪::‬ل ه‪::‬ذه المناس‪::‬بات‪ ،‬ف‪::‬إنهم‬
‫يس‪::‬تمدون من نفس المف‪::‬ردات ال‪::‬تي يس‪::‬تخدمونها ك‪::‬ل ي‪::‬وم‪ ،‬ويشوش‪::‬ون كلم‪::‬اتهم‪،‬‬
‫وأفكارهم أكثر قليًال‪ ،‬هذا كل شيء‪.‬‬
‫قال المحرر ويستبروك بشكل مثير لإلعجاب‪« :‬يا شاك‪ ،‬هل سبق لك أن التقطت‬
‫جسد طفل‪ ،‬مشوًها‪ ،‬وهامًد ا من تحت حاجز سيارة في الشارع‪ ،‬وحملته بين ذراعي‪::‬ك‬
‫ووض‪::‬عته أم‪::‬ام األم المش‪::‬تتة؟» ه‪::‬ل س‪::‬بق ل‪::‬ك أن فعلت ذل‪::‬ك واس‪::‬تمعت إلى كلم‪::‬ات‬
‫الحزن واليأس وهي تتدفق بشكل عفوي من شفتيها؟‬
‫قال داو‪« :‬لم أفعل ذلك قط‪' ».‬هل فعلت؟'‬
‫قال المحرر ويستبروك مع عبوس طفيف‪« :‬حسًن ا‪ ،‬ال‪« .‬لكنني أستطيع أن أتخي‪::‬ل‬
‫جيًد ا ما ستقوله»‪.‬‬
‫ق‪::‬ال داو‪« :‬وأن‪::‬ا أيًض ا أس‪::‬تطيع ذل‪::‬ك‪ ».‬واآلن ح‪::‬ان ال‪::‬وقت المناس‪::‬ب للمح‪::‬رر‬
‫ويستبروك ليلعب دور الوسيط‪ ،‬ويسكت مساهمه العنيد‪ ،‬ولم يكن لكاتب روائي غ‪::‬ير‬
‫مكتمل‪ ،‬أن يملي كلمات لينطقها أبطال وبطالت مجلة منيرفا‪ ،‬خالفًا لنظري‪::‬ات رئيس‬
‫تحريرها‪.‬‬

‫ق‪::‬ال‪« :‬عزي‪::‬زي ش‪::‬اك‪ ،‬إذا كنت أع‪::‬رف ش ‪:‬يًئ ا عن الحي‪::‬اة‪ ،‬فأن‪::‬ا أعلم أن ك‪::‬ل عاطف‪::‬ة‬
‫مفاجئة‪ ،‬وعميق‪:‬ة‪ ،‬ومأس‪:‬اوية‪ ،‬في قلب اإلنس‪:‬ان‪ ،‬تس‪:‬تدعي تعب‪:‬يرًا مناس‪ً:‬با‪ ،‬ومتوافًق ا‪،‬‬
‫ومريحًا‪ ،‬ومتناس‪ً::‬با‪ ،‬عن المش‪::‬اعر؟ س‪::‬يكون من الص‪::‬عب تحدي‪::‬د مق‪::‬دار ه‪::‬ذا التواف‪::‬ق‬
‫الحتمي بين التعبير‪ ،‬والشعور الذي يجب أن ُيعزى إلى الطبيعة‪ ،‬وكم يجب أن ُيعزى‬

‫‪93‬‬
‫أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – ‪ 100‬ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة‬

‫إلى تأثير الفن‪ .‬إن الزئير ال‪::‬رهيب‪ ،‬والم‪::‬روع لللب‪::‬ؤة ال‪::‬تي ُح رمت من أش‪::‬بالها‪ ،‬ه‪::‬و‬
‫بشكل كبير أعلى بكث‪:‬ير من أنينه‪:‬ا‪ ،‬وخرخرته‪:‬ا المعت‪:‬ادة كم‪:‬ا أن أق‪:‬وال ل‪:‬ير الملكي‪:‬ة‬
‫والمتعالية أعلى من مس‪::‬توى أبخرت‪::‬ه الخرفي‪::‬ة‪ ،‬ولكن من الص‪::‬حيح أيًض ا‪ ،‬أن جمي‪::‬ع‬
‫الرج‪::‬ال والنس‪::‬اء ل‪::‬ديهم م‪::‬ا يمكن تس‪::‬ميته ب‪::‬الحس ال‪::‬درامي الالواعي‪ ،‬ال‪::‬ذي يوقظ‪::‬ه‬
‫عاطفة عميقة‪ ،‬وقوية بما فيه الكفاية ‪ -‬وه‪::‬و إحس‪::‬اس مكتس‪::‬ب دون وعي من األدب‪،‬‬
‫والمسرح الذي يدفعهم إلى التعبير عن تلك المش‪::‬اعر باللغ‪::‬ة ال‪::‬تي تلي‪::‬ق بهم‪ .‬األهمي‪::‬ة‬
‫والقيمة التاريخية‪.‬‬
‫سأل داو‪« :‬وباسم الس‪::‬بع أغطي‪::‬ة ل‪::‬برج الق‪::‬وس المق‪::‬دس‪ ،‬من أين حص‪::‬ل المس‪::‬رح‬
‫واألدب على هذه الحيلة؟»‪.‬‬
‫أجاب المحرربانتصار‪« :‬من الحياة»‪.‬‬
‫نهض كاتب القصة من على المقعد‪ ،‬وأش‪::‬ار ببالغ‪::‬ة ولكن بغب‪::‬اء‪ ،‬فلق‪::‬د طلب من‪::‬ه‬
‫الكلم‪::‬ات ال‪::‬تي يمكن من خالله‪::‬ا ص‪::‬ياغة معارض‪::‬ته بش‪::‬كل مناس‪::‬ب‪ .‬فتح عيني‪::‬ه‬
‫الحمراوتين‪ ،‬على مقعد بالقرب من أحد المتسكعين‪ ،‬وأدرك أن دعم‪::‬ه المعن‪::‬وي ك‪::‬ان‬
‫بسبب أخيه المضطهد‪.‬‬
‫ن‪::‬ادى بص‪::‬وت أجش على داو "لكم‪::‬ه واح‪::‬دة ي‪::‬ا ج‪::‬اك‪" ."،‬م‪::‬ا ال‪::‬ذي أتى ب‪::‬ه لُيح‪::‬دث‬
‫ضجيجًا‪ ،‬مثل رواق صغير بين السادة الذين يأتون إلى الساحة للتحضير والتفكير؟"‬
‫نظر المحرر ويستبروك إلى ساعته باستعراض متأثر للترفيه‪ .‬سأل داو بقلق شديد‪:‬‬
‫«أخبرني‪ ،‬ما هي األخطاء الخاصة في «إنذار الروح» التي جعلتك ترميها أرًضا»‪.‬‬
‫قال ويستبروك‪« :‬عندما ذهب غابرييل موراي إلى هاتفه‪ ،‬وأخبره أن لصًا أطل‪::‬ق‬
‫النار على خطيبته‪ ،‬قال ‪ -‬ال أتذكر الكلمات بالضبط‪ ،‬ولكن –‬
‫قال داو‪« :‬أتذكرها‪' .»،‬يقول‪" :‬اللعنة المركزية؛ هي دائمًا ما تقطعني‬
‫(ثم قال لصديقه)‪" :‬قل يا تومي‪ ،‬هل ُتحِدث اثنتين وثالثين رصاصة حف‪::‬رة كب‪::‬يرة؟‬
‫إن‪::‬ه ن‪::‬وع من الح‪::‬ظ الص‪::‬عب‪ ،‬أليس ك‪::‬ذلك؟ ه‪::‬ل يمكن‪::‬ك أن تحض‪::‬ر لي مش‪::‬روبًا من‬
‫الخزانة الجانبية يا تومي؟ ال؛ بشكل مستقيم؛ فال شيء على الجانب‪".‬‬

‫‪94‬‬

You might also like