You are on page 1of 382

‫جامعة أبوبكر بلق ايد بتلمسان‬

‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬

‫اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‬


‫(دراسة مقارنة)‬

‫رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‬


‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة ‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪.‬شهيدة قادة ‪.‬‬ ‫بودالي خديجة ‪.‬‬
‫لجنة المناقشة ‪:‬‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة تلمسان‬ ‫أستاذ‬ ‫‪-‬األستاذ بن عمار محمد‬
‫مشرفا و مقررا‬ ‫جامعة تلمسان‬ ‫أستاذ‬ ‫‪-‬األستاذ شهيدة قادة‬
‫مناقشا‬ ‫أستاذ محاضر" أ" جامعة تيارت‬ ‫‪-‬األستاذ بوسماحة الشيخ‬
‫مناقشا‬ ‫‪-‬األستاذ بن عصمان جمال أستاذ محاضر" أ" جامعة تلمسان‬
‫مناقشا‬ ‫‪-‬األستاذ بن أحمد الحاج أستاذ محاضر" أ" جامعة سعيدة‬

‫السنة الجامعية ‪4102/4102 :‬‬

‫‪1‬‬
‫شكر و تقدير ‪.‬‬
‫أشكر كل من ساعدين يف إعداد هذا العمل ‪ ،‬كما أشكر األستاذ الفاضل الدكتور شهيدة‬
‫قادة و الذي أطرين و سهر على أن يرى هذا العمل النور ‪.‬‬
‫كما أن الشكر موصول إىل األساتذة األفاضل أعضاء جلنة املناقشة و الذين زادوين شرفا بقبوهلم‬
‫مناقشة هذه الرسالة ‪:‬‬
‫الشكر إىل األستاذ الدكتور بن عمار حممد من جمامعة تلماان ‪.‬‬
‫و الشكر إىل الدكتور بومساحة الشيخ من جامعة تيارت ‪.‬‬
‫و الشكر إىل الدكتور بن عصمان مجال من جامعة تلماان ‪.‬‬
‫و الشكر إىل األستاذ بن أمحد احلاج من جامعة سعيدة ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اإلهداء‪.‬‬
‫إىل أرواح مجيع شهداء ثورة التحرير اجمليدة و الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة من أجل هذا الوطن‬
‫العزيز‪.‬‬
‫إىل روح خاليت الطاهرة منصورية رمحها اهلل ‪.‬‬
‫إىل أمهايت ‪ ،‬أطال اهلل يف أعمارهن ‪.‬‬
‫إىل والدي أطال اهلل يف عمره ‪.‬‬
‫إىل أبنائي و كل عائليت‪.‬‬
‫كما أهدي هذا العمل إىل أستاذي الفاضل الدكتور شهيدة قادة و الذي كان له الفضل‬
‫الكبري يف إجناز هذا العمل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫" يعيش التحكيم التجاري الدولي في هذه الفترة من التاريخ ‪ ،‬أزهى عصور ازدهاره ‪،‬فمن‬
‫نظام استثنائي منتقد لمنافسته للعدالة التي تقدمها المحاكم الوطنية في الدولة ‪ ،‬إلى نظام‬
‫مكمل لهذه العدالة في الحاالت التي تعجز فيها محاكم الدولة عن تقديم العدالة السريعة‬
‫المتخصصة للمتعاملين مسرح التجارة الدولية ‪ ،‬إلى الحد الذي أصبح معه من نافلة القول‬
‫وصف هذا القضاء الخاص بأنه القضاء الطبيعي و الذي يفضل المتعاملون في إطار‬
‫العالقات الدولية ولوجه مفضلين إياه على قضاء الدولة "‬
‫األستاذة الدكتورة ‪ /‬حفيظة السيد حداد‬
‫محكمة و خبيرة – جامعة اإلسكندرية‬
‫االتجاهات المعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‬

‫‪4‬‬
‫قائمة المختصرات‪.‬‬

‫ج ‪ :‬اجلزء ‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫ج‪.‬ر‪ :‬اجلريدة الرمسية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪.‬ت ‪ :‬دون تاريخ ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫س ‪ :‬الانة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ص ‪ :‬الصفحة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ط ‪ :‬الطبعة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫م ‪ :‬جملد ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫م ‪.‬ق ‪ :‬اجمللة القضائية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫احملكمة العليا ‪ :‬احملكمة العليا اجلزائرية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ن ‪.‬ق ‪ :‬نشرة القضاء ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج ‪ :‬القانون املدين اجلزائري ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ف ‪ :‬القانون املدين الفرناي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬م ‪ :‬القانون املدين املصري ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ج ‪ :‬قانون اإلجراءات املدنية اجلزائري ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ :‬قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلزائري ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ق ‪.‬ب‪.‬ج ‪ :‬القانون البحري اجلزائري ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ف ‪ :‬قانون اإلجراءات املدنية الفرناي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪5‬‬
Liste des abréviations

-Art : Article .
-Bull.Civ :Bulletin des arrêts des chambres civiles de la cour de cassation .
-C .A : Cour d’appel .
-Cass .Civ : la chambre Civile de la Cour de Cassation .
- Cass .Com. : la chambre Commerciale de la Cour de Cassation .
-CCI :la Chambre de Commerce international .
-C .C.I-C.M.I : Le Règlement d’arbitrage de l’organisation Internationale
d’arbitrage maritime .
-Clunet : journal du droit international .
- C.M.I : Comité Maritime International .
- D . : Recueil d’alloz .
-D.M.F : droit maritime Français .
-Gaz .pal : Gazette du palais .
-L.G.D.J : Libraire générale de droit er de jurisprudence .
-Obs : Observation .
-O.P.U : Office des publications universitaires .
-p : page .
-Rapp . : Rapport .
-Rev.Arb : Revues d’ arbitrage .
-Trib . Com :Tribunal de Commerce .
- N.C.P.F :Nouveau code de procédure civile français .

6
‫مقدمة‪.‬‬

‫يشغل التحكيم البحري مكانا بارزا على الصعيدين الدويل والوطين‪ ،‬حبيث أصبح اآلن يفرض نفاه‬
‫كوسيلة فعالة وسريعة حلل املنازعات البحرية الدولية ‪ ،‬وهو خيتلف عن سواه من طرق تاوية املنازعات‬
‫واملتمثلة يف الصلح ‪ ،‬التوفيق والوساطة‪.‬‬
‫إن امليزة األساسية يف التحكيم البحري أنه نظام قضائي من نوع خاص وأن أحكامه تفرض على أطراف‬
‫النزاع عكس التوفيق والوساطة واليت فيهما يقوم كل من املوفق والوسيط بتقدمي مقرتحات لألطراف حماولني‬
‫بذلك اجراء تاوية ودية بينهم‪ ،‬واليت يضل أمرها معلقا على قبوهلا من أطراف النزاع البحري‪.‬‬
‫ويعد نقل البضائع بطريق البحر عامال هاما ترتكز عليه التجارة اخلارجية والذي بواسطته تنفذ الصفقات‬
‫التجارية الدولية واليت تعرف بالبيوع البحرية وهي بيوع دولية‪.‬‬
‫هناك أيضا العديد من احلوادث البحرية واليت تنشأ عنها الكثري من املخاطر اجلايمة والكوارث‬
‫اإلناانية والبيئية مثال على ذلك‪ :‬حوادث التصادم البحري ‪ ،‬وخاصة إذا ما كان أحد طريف احلادثة ناقلة‬
‫برتول وما ياببه ذلك من تارب كميات هائلة من البرتول ومن مث حدوث خاارات‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬
‫اىل قيام العديد من املنازعات البحرية الناشئة عن عقد النقل البحري الدويل‪ ،‬واليت يتم النظر يف حلها إما‬
‫أمام احدى احملاكم القضائية أو االتفاق فيها على اللجوء للتحكيم‪.‬‬
‫إال أن أغلب املتعاملني املتخصصني يف جمال النقل البحري يفضلون اختيار التحكيم البحري كوسيلة‬
‫حلل نزاعاهتم وذلك لالستفادة من مبدأ احملرتفون املتخصصون واملعلنون باألعراف والعادات البحرية‪.‬‬
‫وبالتايل فاالتفاق على اللجوء للتحكيم يف عقد النقل البحري يعين قبول األطراف املتنازعني لقرار احملكم‬
‫الذي يفصل يف النزاع الناشئ عن هذا العقد ‪ ،‬فاالتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري اختيار هنائي‬
‫حلل النزاع عن طريق التحكيم كبديل عن االلتجاء للقضاء ‪.‬‬
‫و ال خيفى على أحد أيمية النقل بوجه عام ‪ ،‬والنقل البحري للبضائع بوجه خاص ‪ ،‬بإعتباره من بني أهم‬
‫أعمدة االقتصاد الوطين و الدويل ملا يوفره من مبادالت جتارية من استرياد وتصدير ‪.‬‬
‫فمنذ أن استقر مبدأ حرية املالحة البحرية يف القانون الدويل يف مطلع القرن الاابع عشر‪ ،‬أصبح النقل‬
‫البحري يدعم التجارة الدولية لصاحل االقتصاد العاملي‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫فأغلب معامالت التجارة الدولية مرتبطة بالنقل حبري ‪ ،‬فال وجود ألحديما دون األخر(‪ . )1‬كما عرف‬
‫النقل البحري يف الانوات األخرية تطور عميق من ثالث نواحي ‪ ،‬تقين ‪ ،‬إقتصادي و قانوين (‪.)2‬‬
‫و يتم نقل البضائع بطريق البحر بواسطة سفن حبرية ذات أشكال و أحجام خمتلفة‪ ،‬ومزودة وجمهزة بأحدث‬
‫األجهزة املالحية بغرض احملافظة على سالمة الطاقم والركاب والبضاعة وذلك جتنبا ألية مشاكل أثناء الرحلة‬
‫البحرية ‪ ،‬اال أن الصراع دائم بني الشاحنني و البنوك و شركات التأمني من جهة والناقلني من جهة أخرى ‪،‬‬
‫حول ماؤولية أطراف عقد النقل البحري هذا ما أسفر على توقيع عدة اتفاقيات دولية هتتم بتنظيم النقل‬
‫البحري الدويل للبضائع‪.‬‬
‫و أوىل االتفاقيات امللزمة يف هذا الشأن هي اتفاقية بروكال بشأن توحيد بعض األحكام املتعلقة باندات‬
‫الشحن املوقعة بتاريخ ‪ 1221‬و اليت انضمت اليها اجلزائر و جعلت أحكامها تعلو على القانون الوطين(‪،)3‬‬
‫إال أن التطبيق العملي هلذه االتفاقية كشف عن عيوب فيها ‪ ،‬هذا ما أوجب النظر يف نصوصها ‪ ،‬األمر‬
‫الذي أدى اىل تعديلها بربتوكول ‪ 1291‬الذي عرفت قواعده بقواعد ويايب ‪Visby rules‬‬
‫و عدلت من جديد بربوتوكول ‪ 1292‬و الذي دخل حيز التنفيذ الدويل يف ‪.1211/12/11‬‬
‫إن اتفاقية بروكال مل تغط ماؤولية الناقل البحري سوى عن املدة اليت تبدأ من شحن البضائع على سطح‬
‫الافينة حىت تفريغها يف ميناء الوصول‪ ،‬أي ال تغطي اهلالك أو األضرار اليت تلحق البضائع أثناء وجودها يف‬
‫حراسة الناقل قبل الشحن أو بعد التفريغ وذلك بالرغم من احتفاظ الناقل يف غالبية األحوال بالبضائع يف‬
‫حراسته سواء قبل أو بعد مرحلة النقل يف غالبية األحوال ‪،‬زيادة على أن معظم حاالت اهلالك أو التلف‬
‫اليت تلحق البضائع حتدث يف هذه الفرتة أي أثناء تواجدها يف امليناء سواء قبل الشحن أو بعد التفريغ‪.‬‬
‫كما أن اتفاقية بروكال لعام ‪ 1221‬مل تنظم ماألة حتديد االختصاص باملنازعات الناشئة عن عقد النقل‬
‫البحري للبضائع األمر الذي أدى إىل ظاهرة إدراج شروط حتديد االختصاص القضائي يف ماتندات‬
‫الشحن‪.‬كل هذه األسباب أدت وبالرغم من انضمام أكثر من ستني دولة إليها ‪ ،‬و أن العمل بأحكامها‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)M.MEZLI Abderhmane,la limitation de la résponabilité dan les contras de tranport de marchandises‬‬
‫‪par mer selon la conventions de bruxelles et du code maritime Algerien , Colloque international ;le‬‬
‫‪contentieux maritime , 2 et 3 mai , université Oran,2009‬‬
‫‪(2)phillipe DELEBEQUE ,L’evolution du transport maritime Brèves remarques,DMF699 ,p16.‬‬
‫‪(3) ZEBOUDJI ,Quelque cause d’exonération de la responsabilité du transporteur maritime,colloque‬‬
‫‪international ;le contentieux maritime , 2 et 3 mai , université Oran,2009‬‬

‫‪8‬‬
‫ألكثر من ستني عاما اىل مطالبة الشاحنني ( الدول النامية بأكثريتها الااحقة ) بالغائها أو استبداهلا نظرا‬
‫الحنيازها بوضوح اىل الناقلني ‪.‬‬
‫و ازاء هذا الوضع ‪ ،‬عقد مؤمتر يف هامبورغ بأملانيا حتت وساطة اجلمعية العامة لألمم املتحدة و مت فيه توقيع‬
‫اتفاقية األمم املتحدة لنقل البضائع بطريق البحر بتاريخ ‪ 1291/33/31‬و عرفت بإسم معاهدة هامبورغ‬
‫و قد جاءت هذه االتفاقية حبماية أفضل للشاحنني ازاء الناقلني ‪ ،‬وقد جنحت يف هذا الصدد بتقدمي مزايا‬
‫مهمة للشاحنني ‪ ،‬و بالتايل أتت اتفاقية هامبورغ منحازة لصاحل الشاحنني بعكس ما جاءت به اتفاقية‬
‫بروكال ‪ ،‬األمر الذي يفار عدم انضمام الدول ذات األسطول البحري الكبري إليها كربيطانيا و الواليات‬
‫املتحدة األمريكية و بعض الدول األوروبية ‪.‬‬
‫إال أنه ازاء االنتقادالت الوجيهة اليت وجهت اىل هذه االتفاقية من الدول العظمى ‪ ،‬واليت تعرف بدول‬
‫الناقلني البحريني و اليت تطالب بتحديد املاؤولية و هي من املبادئ األساسية للنقل الدويل للبضائع وذلك‬
‫حفاظا على مصاحلهم ‪ ،‬و ازاء فشل االتفاقيات الدولية ذات الصلة يف توحيد قواعد النظام القانوين الذي‬
‫حيكم النقل الدويل للبضائع ‪ ،‬حتركت اجلمعية العامة يف األمم املتحدة و أقرت " اتفاقية األمم املتحدة‬
‫املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر كليا أو جزئيا " بتاريخ ‪ 2331/12/11‬وفتحت باب‬
‫التوقيع على هذه االتفاقية بتاريخ ‪/23‬أيلول‪ 2332/‬يف روتردام ‪ ،‬و عرفت هذه االتفاقية باتفاقية روتردام‬
‫‪.)1( Rotterdam rules‬‬
‫و قد أتت اتفاقية روتردام على وجه عام بأحكام تفصيلية و تشعب مواضيعها ‪ ،‬على حنو واسع بكثري مما‬
‫هو احلال يف اتفاقييت بروكال و هامبورغ ‪ .‬و قد عاجلت هذه االتفاقية ما كان كائنا من أحكام موضوعية‬
‫يف اتفاقييت بروكال و يمبورغ فأبقت على جزء منها و عدلت اجلزء األخر‪،‬يف حني أهنا استحدثت أحكاما‬
‫جديدة‪.‬‬
‫إن املعاهدات البحرية الدولية بوجه عام مل تنص على تنظيم عملية التحكيم البحري ‪ ،‬فنجد أن اتفاقية‬
‫بروكال لعام ‪ 1221‬وكذا الربوتوكول املعدل هلا سنة ‪ 1291‬قد اغفال متاما دراسة ماألة التحكيم يف‬
‫املنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري تاركني تنظيم هذه املاألة للشروط الواردة يف سندات الشحن‪.‬‬
‫اال أنه نادرا ما يتضمن سند الشحن شرط التحكيم ‪ ،‬يف حني يغلب صدور سند الشحن وبه نص خاص‬
‫حييل و يشري اىل نصوص مشارطة إجيار الافينة واليت من بينها شرط التحكيم‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Antoine VIALARD , la Limitation de résponsabilité , clé de doute pour le droit maritime du 21e‬‬
‫‪siècle , DMF 699 , janvier 2009 ,P21.‬‬

‫‪9‬‬
‫أما عن اتفاقية هامبورج فقد نظمت فقط التحكيم يف املنازعات الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر‪،‬‬
‫و كانت حريصة فيما أوردته من أحكام يف هذا الصدد ‪،‬حىت ال يكون الفصل يف مثل تلك املنازعات منفذا‬
‫ملخاطر يتعرض هلا الشاحن أو من آل اليه احلق يف البضاعة ‪ ،‬وهو الطرف الضعيف اقتصاديا يف عقد النقل‬
‫البحري‪ ،‬اذا ما اشرتط الناقل وهو الطرف األقوى اقتصاديا يف العقد مكانا معينا للتحكيم أو أن يتم الفصل‬
‫يف املنازعة املعروضة على التحكيم وفق أحكام مغايرة ملا أوردته االتفاقية ‪ ،‬حبيث أن ذلك يعين إهدار ما‬
‫توفره االتفاقية من محاية للشاحن أو ملن آل إليه احلق يف البضاعة ‪.‬‬
‫و قد أجازت اتفاقية هامبورج يف املادة ‪ 22‬االتفاق على التحكيم و بيان مكان التحكيم والقانون الذي‬
‫حيكم منازعة التحكيم‪ ،‬وكانت أحكامها يف هذا اخلصوص من النظام العام وأجازت املادة املذكورة بعد‬
‫ذلك خمالفة هذه األحكام بعد قيام النزاع ‪.‬‬
‫اال أن ما جيب ذكره عن هته االتفاقية أن امكانية اللجوء اىل التحكيم كويالة حلل املنازعات البحرية‬
‫الناشئة عن عقود النقل البحري للبضائع طبقا هلا يكون شريطة أن يكون هذا العقد نفاه خاضعا ألحكام‬
‫االتفاقية ‪ ،‬وذلك من خالل نص املادة ‪ 22‬من االتفاقية ‪ ،‬حيث ياتفاد من هذا النص اخضاع النقل‬
‫الذي تنطبق عليه االتفاقية للتحكيم أياكانت الوثيقة املثبتة للنقل‪ ،‬عقدا كان أو سند الشحن الصادر تنفيذا‬
‫ملشارطة االجيار بواسطة شرط التحكيم الوارد يف املشارطة‪ ،‬و قد وضعت حال واضحا مقتضاه عدم التزام‬
‫حامل الاند حان النية بشرط التحكيم الوارد يف مشارطة االجيار اال اذا تضمن الاند مالحظة خاصة‬
‫تفيد التزام حامل الاند هبذا الشرط‪ ،‬من ناحية أخرى أعطت االتفاقية املدعي حق االختيار للمكان الذي‬
‫جيوز فيه اختاذ اجراء التحكيم ‪ ،‬وذلك من بني عدة اختيارات حددهتا االتفاقية وقد راعت بالنابة هلذه‬
‫االختيارات مصلحة كل من املدعي واملدعى عليه‪ ،‬وأيضا ياتفاد من النص املذكور ضرورة التزام احملكم أو‬
‫هيئة التحكيم بقواعد اتفاقية هامبورج يف الفصل يف املنازعات اليت تنظرها‪ ،‬حيث ال جيوز تطبيق أي قواعد‬
‫أخرى وطنية أو دولية تتناىف أو تتعارض مع أحكام اتفاقية هامبورج‪ ،‬وتنص الفقرة اخلاماة من املادة ‪22‬‬
‫من االتفاقية على الصفة اآلمرة لكل من اختيار أماكن إجراء التحكيم والتزام احملكمني بقواعد االتفاقية‪،‬‬
‫حبيث يعتربان جزءا ضروريا من شرط التحكيم أو اتفاق حتكيم ‪،‬ال ميكن إغفاهلما أو التحلل منهما‪.‬‬
‫أما عن اتفاقية روتردام فقد تبنت وسيلة التحكيم لفض منازعات عقد النقل البحري للبضائع ‪ ،‬و لكي ال‬
‫يكون التحكيم وسيلة للتهرب من أحكام املعاهدة‪ ،‬و ذلك عرب فرض الطرف القوي تطبيق قواعد قانونية‬

‫‪10‬‬
‫على النزاع مغايرة ألحكام املعاهدة ‪ ،‬فقد نظمت هذه األخرية التحكيم الذي ينشأ بشأن نقل البضائع‬
‫املطبق عليه أحكام املعاهدة بالتفصيل ‪ ،‬و على وجه يراعى فيه التوازن بني مصاحل الناقلني و مصاحل‬
‫الشاحنني على حد الاواء ‪.‬‬
‫و زيادة على ما جاء يف االتفاقيات الدولية البحرية بشأن التحكيم ‪ ،‬قد استقر التحكيم البحري الدويل يف‬
‫البلدان املتقدمة على املبادئ اإلجرائية يف لوائح التحكيم اخلاصة باملراكز التحكيمية البحرية املتخصصة‬
‫وذلك يف اطار اتفاق األطراف أو يف اطار القواعد القانونية املقررة يف قوانني التحكيم اخلاصة هلته الدول‪.‬‬
‫و يف ظل تفضيل األطراف اللجوء اىل التحكيم حلل املنازعات الناشئة عن عقود النقل البحرية الدولية‪ ،‬قد‬
‫أصبح التحكيم البحري هو القاعدة و األساس‪ -‬بعد أن كان يعد نظام استثنائي منتقد من جانب قضاء‬
‫احملاكم‪ ،‬مث نظام مكمال هلذا القضاء‪ ،‬حىت أضحى القضاء الطبيعي الذي يفضله املتعاملون البحريون يف‬
‫إطار العالقات الدولية و قد كان أول ظهور للتحكيم البحري مبناسبة منازعات النقل والتجارة البحرية ‪.‬‬
‫كما أنه من احلقائق املؤكدة أن أكثر من ‪ %23‬من املنازعات املعروضة أمام رابطة احملكمني البحريني يف‬
‫لندن ذات طبيعة حبرية ‪ ،‬و أن ‪ %13‬من املنازعات اخلاضعة للتحكيم تتعلق بعقود نقل تتم مبشارطات‬
‫اإلجيار أو سندات الشحن الصادرة تنفيذا هلذه املشارطات‪.‬‬
‫أما بالنابة للتحكيم الذي يتم يف اجنلرتا فقد ثبت أن نابة التحكيم يف املاائل البحرية يعادل ‪ %18‬من‬
‫الرقم العاملي جملموع طلبات التحكيم(‪.)1‬‬
‫إن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو االتفاق الذي يتعهد مبقتضاه أطراف عقد النقل البحري على‬
‫عرض املنازعات اليت نشأت أو اليت ستنشأ ماتقبال عن هذه العالقة على التحكيم البحري‪.‬‬
‫من هنا ناتخلص أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو عصب اللجوء اىل التحكيم البحري إذ عن‬
‫طريقه وبإرادة األطراف يتم اللجوء اىل هذا النوع من التحكيم لتاوية منازعات عقد النقل البحري‪.‬‬
‫و بالرغم من الزخم التشريعي و متاشي اجلزائر مع أحدث اإلجراءات على ماتوى التحكيم التجاري الدويل‬
‫و اتفاقات التحكيم ‪ ،‬و رغم أيمية عملية النقل البحري الدويل ‪ ،‬فإن املشرع اجلزائري و حلد األن مل يضع‬
‫نصوص خاصة بالتحكيم الدويل يف اجملال البحري على األقل و النص على أحكام اتفاق التحكيم باالحالة‬
‫البحري ‪.‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد هبجت عبد اهلل ‪ ،‬ماؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورج‪ ،‬طبعة ‪ ،1222‬ص ‪.118‬‬

‫‪11‬‬
‫و من امللفت لإلنتباه ‪ ،‬أن أرشيف اجلزائر ال حيتوي إال على النزر القليل من األحكام البحرية و اليت هلا‬
‫عالقة مبوضوع اتفاق التحكيم يف جمال النقل البحري كماألة االحتجاج باتفاق التحكيم يف مواجهة الغري‪،‬‬
‫و ماألة حتديد املركز القانوين للمرسل اليه ‪.‬‬
‫و بطبيعة احلال ‪ ،‬ال ميكن هلذا الواقع أن يولد لنا انطباعا بعدم أيمية هذا املوضوع ‪ ،‬خاصة و أن اجلزائر‬
‫حتاول ماايرة ركب التطور االقتصادي و القانوين كباقي الدول ‪.‬‬
‫بل أن تأخر اجلزائر عن ماايرة التطور امللحوظ يف تكريس أحكام خاصة بالتحكيم يف جمال النقل‬
‫البحري ‪ ،‬بات ال يتوافق مع مقتضيات التزاماهتا الدولية اليت انضمت اليها أو هي يف طريقها للدخول اليها‪.‬‬
‫إهنا و بال شك ‪ ،‬األسباب اليت دفعتنا الختيار اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري كموضوع لبحثنا هذا‬
‫‪ ،‬باالضافة اىل دوافع أخرى أيمها ‪:‬‬
‫‪-‬نقص الرتاكمات العلمية يف اجلزائر يف هذا اجملال‪ ،‬بل التنصيصات القانونية و األحكام القضائية يف هذا‬
‫اجملال البحري يف القانون اجلزائري ‪.‬‬
‫‪-‬حاجة اجلزائر و اليت تطرق باب اقتصاد الاوق اىل هذه الدراسات املتخصصة ‪.‬‬
‫‪-‬حاجة الوزارات الوصية اىل مثل هذه البحوث خاصة يف جمال القانون االقتصادي اإلجرائي‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسات العربية و اليت حبثت يف هذا املوضوع هي دراسات عامة‪.‬‬
‫و بالرجوع اىل البحوث و الدراسات اليت اشتغلت على هذا احملور ‪ ،‬فإهنا قد تناولته من خالل عناوين‬
‫خمتلفة ‪:‬‬
‫‪-‬التحكيم البحري ‪.‬‬
‫‪-‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪.‬‬
‫‪-‬ذاتية التحكيم البحري ‪.‬‬
‫‪-‬اتفاق التحكيم البحري ‪.‬‬
‫‪-‬التحكيم التجاري البحري ‪.‬‬
‫و لقد آثرنا تامية هذا البحث باتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري –دراسة مقارنة – لألسباب‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬فاستعمالنا ملصطلح اتفاق التحكيم ‪ ،‬يعين أن الدراسة ستقتصر على اتفاق التحكيم و تبيان‬
‫ماهيته و شروط انعقاده باعتباره عقد ذو طبيعة إجرائية ‪ ،‬و من مث إظهار األثار اخلاصة به ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أما اختيارنا ملعاجلة اتفاق التحكيم خصوصا يف عقد النقل البحري من دون املنازعات البحرية‬ ‫‪-2‬‬
‫األخرى – فريجع اىل أيمية و خصوصية عقد النقل البحري و كذا تشابك و التعقيد القانوين‬
‫لعملية ادراج اتفاقات التحكيم يف عقود النقل البحرية الدولية خاصة يف مدى االحتجاج هبا يف‬
‫مواجهة الغري ‪.‬‬
‫‪ -3‬أما استعمالنا لكلمة دراسة ‪ -‬مقارنة – فهذا يعين أن البحث سياتعمل املنهج املقارن بني‬
‫القانون الفرناي و املصري و اجلزائري‪ ،‬و كذا القانون األمريكي و الربيطاين ‪.‬‬
‫إن اختيار املنهج املقارن ألن الدولة اجلزائرية فتية يف جمال الاوق و قد قاومت كثريا نظام التحكيم‬
‫لكنها يف خطواهتا األوىل يف هذا اجملال ‪ ،‬و بالتايل فهي حباجة اىل الرجوع اىل التجارب القانونية الرائدة‬
‫يف هذا الصدد‪ ،‬و ذلك الستلهام احللول اليت تتوافق مع الواقع اجلزائري ‪.‬‬
‫‪ -1‬اضافة اىل هذا قد اعتمدنا يف دراستنا هذه على املنهج التحليلي ألن هذه املادة غنية بالنصوص‬
‫القانونية و الدولية و كذا األحكام القضائية و تبقى هذه النصوص حباجة اىل حتليالت جديدة و خاصة‬
‫اإلطار القانوين الوطين الذي مازال حربه مل جيف و يف حاجة اىل حتليل و توصيف و كذا اشغال‬
‫و تشغيل ‪.‬‬
‫إنه ال ميكن إنكار أن اجلزائر متتاز مبمارسة حبرية تابق القانون و باملوازات يصبح الواقع يابق تنظيم‬
‫التحكيم لكن بدون اقرار ألحكامه يف هذا اجملال‪.‬‬
‫و بالتايل فما ينقصنا هو التأطري القانوين هلذا الواقع التجاري و االقتصادي اجلديد و الذي يفرض نفاه‬
‫علينا هذا ما جعلنا نبحث عن تأطري قانوين واضح يف القانون اجلزائري ‪ ،‬حبيث يفيد هذا التأطري من‬
‫يتعامل معنا و يعطيه الوضوح و األمان القانوين الذي يتومسه من هذه العالقة القانونية ‪ ،‬وكذا حيمينا حنن‬
‫طبقا لقانونا الوطين ‪.‬‬
‫فقد أصبح اتفاق التحكيم من بادهيات و ثوابت قانون الاوق و هو أحدث من حيث التأطري القانوين‬
‫يف جمال النقل البحري ‪ ،‬هذا و بالرغم من اتااع و تشعب االشكاليات اليت يطرحها هذا املوضوع ‪،‬‬
‫اىل أنه يبدو لنا أن التأطري القانوين التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬يرتبط باالجابة على بعض‬
‫االستفاارات ‪:‬‬
‫‪-‬ما هو املشرتك و اخلاص بني اتفاق التحكيم يف جمال النقل البحري و اتفاق التحكيم يف اجملاالت‬
‫األخرى ؟‬

‫‪13‬‬
‫‪-‬ما هي خصوصية النظام القانوين التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ؟‬
‫‪ -‬ما هو املشرتك و ما هي املفرتقات القانونية حول هذا االتفاق يف النظم القانونية املختلفة ؟‬
‫فإذا سلمنا خبصوصيات عديدة التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عن اتفاقات التحكيم عموما ‪،‬‬
‫فإهنا تنربي لنا استفاارات أخرى تتعلق باألثار القانونية املرتتبة عن هذا االتفاق ‪:‬‬
‫‪-‬من حيث األثار االجرائية هلذا االتفاق و املتعلقة باألثار اإلجابية أو الالبية املرتتبة عنه ‪.‬‬
‫‪-‬و من حيث األثار املوضوعية هلذا االتفاق ما بني قوة ملزمة له ما بني طرفيه و أثر نايب يف مواجهة‬
‫الغري‪.‬‬
‫و لإلجابة على هذه االشكاليات ارتأينا تقايم هذه الدراسة إىل ثالثة أبواب ‪:‬‬
‫‪ -‬باب متهيدي حول التحكيم البحري من نظام استثنائي اىل مؤساة عاملية و معممة ‪ ،‬حبيث يعطينا‬
‫نظرة شاملة على هذا النظام ‪.‬‬
‫‪ -‬و يتكفل الباب األول مباهية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري وشروط انعقاده ‪.‬‬
‫‪ -‬أما الباب الثاين فقد خصص ألثار اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬

‫خطة عامة ‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫الباب التمهيدي‪ :‬التحكيم البحري من نظام استثنائي اىل مؤساة عاملية ومعممة ‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية التحكيم البحري ‪.‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬ظهور التحكيم على الصعيد الدويل ‪.‬‬
‫الباب األول ‪ :‬ماهية و شروط اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و مصدر فعاليته ‪.‬‬
‫الفصل الثاين ‪:‬إبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫الباب الثاين ‪ :‬اآلثار املرتتبة على اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬اآلثار االجرائية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحرية ‪.‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬اآلثار املوضوعية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪.‬‬
‫خامتة ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الباب التمهيدي‬
‫التحكيم البحري من نظام استثنائي الى مؤسسة عالمية و معممة‬

‫‪15‬‬
‫الباب التمهيدي‪ :‬التحكيم البحري من نظام استثنائي الى مؤسسة عالمية و معممة‪.‬‬
‫يعد التحكيم من أقدم الوسائل للتاوية الاليمة للمنازعات القائمة بني األفراد واملتعلقة مبصاحلهم‬
‫اخلاصة داخل اجملتمع (‪ ،)1‬و له أيمية بالغة سواء على الصعيد الداخلي أو الدويل (‪.)2‬كما حتل املنازعات‬
‫الناشئة عن تنفيذ العقود التجارية إما برفع دعوى أمام القضاء أو عن طريق التحكيم مىت اتفق املتعاقدان‬
‫على ذلك (‪.)3‬‬
‫أما عن املنازعات التجارية الدولية بصفة عامة واملنازعات البحرية بصفة خاصة و اليت تتداخل بابب‬
‫االرتباط الوثيق بني النقل البحري و التجارة الدولية فال وجود لنقل حبري بدون جتارة دولية وال جمال للتجارة‬
‫الدولية بدون نقل حبري (‪ ،)4‬فطبيعة هذه املنازعات تتطلب الارعة للفصل فيها وتاوى على يد أشخاص‬
‫هلم خربة كافية وممارسة فعلية ونوعية فأغلب هته املنازعات يكون الفصل فيها عن طريق التحكيم التجاري‬
‫الدويل والذي أصبح يقف على قدم املااواة مع احملاكم الوطنية‪ ،‬بل أصبح متقدما على قضاء الدولة (‪.)5‬‬
‫و ملا كان القانون البحري قد وجد أصال يف األوساط البحرية فله مميزاته اخلاصة وتظهر هته اخلصوصية يف‬
‫القانون التجاري البحري والذي ختتلف قواعده عن القواعد املقررة يف القوانني املدين والتجاري الربي(‪.)6‬‬
‫كما أن استقرار القانون البحري حلد كبري جعل قواعده املاتمدة من األوساط البحرية أن تكون هلا صفة‬
‫االستدامة(‪ ،)7‬وأصبح القانون البحري يتمتع بذاتيته‪ ،‬حبيث استقل عن بقية فروع القوانني األخرى‪ ،‬وقد‬
‫انعكس هذا على وسائل فض املنازعات حبيث أصبح اللجوء إىل التحكيم يف املنازعات البحرية يتجه اليوم‬
‫حنو االستقاللية(‪ )8‬عن التحكيم عموما وبالتايل فقد مجع التحكيم البحري الدويل بني التحكيم التجاري‬
‫الدويل وخصوصية القانون البحري وأصبح للتحكيم البحري أعرافه وحىت مؤساات خاصة به‪.‬‬
‫إن انتشار التحكيم البحري يف جمال التجارة الدولية‪ ،‬أوجد مراكز للتحكيم ومؤساات متخصصة‬
‫بالتحكيم البحري واليت أصبح هلا مكانة دولية ونشاط واسع يف تاوية مئات من القضايا اليت تعرض على‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪.‬مبوسى عبد الوهاب‪،‬التحكيم التجاري الدويل‪ :‬قضاء تعاقدي؟‪،‬جملة دراسات قانونية‪،‬جامعة أبوبكر بلقايد‪،‬تلماان‪،‬العدد‪،2447-44‬ص ‪.141‬‬
‫‪)2(Z.Mehdaoui, Arbitrage commercial la nécessité de s'adapter à la "Mondialisation", le quotidien‬‬
‫‪d'oran, publié le 07/05/2007, p01‬‬
‫(‪)3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2445‬ص ‪331‬‬
‫‪)4( M.MEZLI Abderhmane,op cit.‬‬
‫(‪)5‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪،‬دار الفكر اجلامعية‪ ,‬ص ‪47‬‬
‫(‪)6‬عباس حلمي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،1181‬ص ‪6‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬حممد كامل أمني ملش‪ ،‬حماضرات عن مبادئ التشريع العريب‪ ،‬معهد الدراسات العالية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪1157‬ـ‪ ،1158‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )8‬أ‪.‬د تراري ثاين مصطفى‪ ،‬ذاتية التحكيم البحري‪ ،‬امللتقى الدويل حول املنازعات البحرية‪،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة وهران‪2 ،‬و‪3‬ماي‪.2441‬‬

‫‪16‬‬
‫التحكيم سنويا‪ ،‬وقد سايمت املنظمات الدولية واملؤساات املعنية بالتحكيم بوضع قواعد خاصة‬
‫باإلجراءات اليت تتبع يف سري العملية التحكيمية كما أصدرت عدة دول قوانني تعاجل ماائل التحكيم‬
‫الدويل و تبين العديد من املفاهيم و املبادئ القانونية بشأن اتفاق التحكيم ذاته باعتباره املصدر األصيل‬
‫الذي ياتمد منه احملكم اختصاصه (‪.)1‬‬
‫أما عن نطاق التجارة الدولية فهو يغطي كل نشاط اقتصادي دويل‪ ،‬حبيث أن صفة الدولية تنشأ عندما‬
‫حيصل على الصعيد اإلقتصادي انتقال أموال وخدمات مابني بلد وآخر أو يكون األطراف من جنايات‬
‫خمتلفة أو مقيمني يف بلدان خمتلفة وهذا يتطلب أن ينتج العقد عملية مد و جزر عرب احلدود‪ ،‬هذا ما يتوفر‬
‫يف أغلبية النشاطات ذات الطبيعة البحرية‪ ،‬خاصة عقد النقل البحري والذي يعترب من أهم العمليات اليت‬
‫تقوم هبا الافينة‪ ،‬وحيتل عقد النقل البحري أيمية خاصة بني موضوعات القانون البحري اذ أنه يؤدي وظيفة‬
‫هلا أيميتها اجلوهرية من الناحية االقتصادية والتجارية سواء على النطاق الدويل أو الداخلي اذ أنه ياهل‬
‫تبادل الالع واخلربات يف مجيع أحناء العامل(‪ . )2‬وبالتايل فاملنازعات اليت تنشأ عن عقد النقل البحري تتام‬
‫بالطابع الدويل ‪،‬التجاري والبحري أيضا (‪ ، )3‬وهكذا تكون هلا خصوصيتها وذاتيتها‪ ،‬هذا ما جعل التحكيم‬
‫البحري و الذي يعترب أهم وسيلة للفصل يف هته املنازعات أن يكون له نوعا من الذاتية أيضا‪.‬‬
‫إال أن هذه األيمية اليت احتلها نظام التحكيم مل تكن منذ الوهلة األوىل و إمنا قد تأسات تدرجيا عند‬
‫إحااس اجلماعة الدولية مبزايا هذا النظام البديل لفض منازعات التجارة الدولية ‪ ،‬فال ميكن إنكار أن هذا‬
‫النظام كان مرفوضا من قبل عدة دول يف العامل ‪ ،‬إال أن الواقع العملي قد فرضه عليها ‪ ،‬و أصبح نظام‬
‫التحكيم من نظام استثنائي لفض املنازعات اىل نظام عاملي ‪ ،‬ال ميكن ألية دولة يف العامل أن تفرض‬
‫شروطها ضده ‪ ،‬كما أصبح كمؤساة معممة فأحكامه و نظامه القانوين متبع من اجلميع ‪.‬‬
‫فما مفهوم التحكيم البحري و ما أسباب مناهضته ‪ ،‬وكيف نشأ وتطور؟‬
‫لإلجابة على هذا الاؤال قامنا هذا الباب إىل فصلني‪ :‬ماهية التحكيم البحري يف الفصل األول‬
‫و ظهور التحكيم البحري يف الفصل الثاين‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫)‪(1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫د‪.‬عديل أمري خالد ‪ ،‬عقد النقل البحري‪،‬املكتبة القانونية لدار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬سنة‪،1116‬ص‪.43‬‬
‫)‪(2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪(3) Cécile De Cet Bertin, , La localiation du contentieux du tanport maritime,Colloque international‬‬
‫‪;le contentieux maritime , 2 et 3 mai ,Labo droit de tranports et de activites portuaires, univ . Oran.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية التحكيم البحري‪.‬‬
‫إن ازدياد املنازعات البحرية كما وتعقيدا أدى اىل ازدياد اللجوء اىل التحكيم البحري للفصل يف مثل‬
‫هذه املنازعات‪.‬‬

‫كما أن التطور اهلائل الذي طرأ على التجارة واالستثمار‪ ،‬وكذا تطور وسائل النقل أدى إىل انتشار‬
‫التحكيم الدويل بصفة عامة والتحكيم البحري بصفة خاصة والذي أصبح ظاهرة من ظواهر العصر‬
‫احلديث‪ ،‬إال أن التحكيم البحري ال يعد نظاما حديثا لفض النزعات فهو نظام قدمي يف نشأته ووجوده(‪. )1‬‬
‫و لكنه حديث يف مادته ودراسته وأحكامه‪ ،‬حبيث فرضته الضرورة وساعد على وجوده املصاحل العامة‬
‫واخلاصة على حد الاواء حىت أصبح يوصف بالقضاء الطبيعي الذي يفضله أغلبية املتعاملون يف إطار‬
‫العالقات الدولية البحرية(‪.)2‬‬
‫ويكثر يف جمال عقود التجارة الدولية االتفاق على حل املنازعات الناشئة عن تفاريها أو تنفيذها عن طريق‬
‫التحكيم ‪ ،‬حىت يفصل فيها أشخاص متخصصني ويف مدة قصرية‪،‬ويتمثل هذا االتفاق سواء يف شرط يرد‬
‫يف العقد"شرط التحكيم" أو يف عقد الحق"عقد التحكيم"‪.‬‬
‫إن التحكيم الذي يكون مبناسبة عقد النقل البحري يتجلى يف التحكيم الدويل أكثر من التحكيم‬
‫الداخلي خاصة وأن األصل يف عقد النقل البحري أنه عقد دويل بطبيعته ‪ ،‬اذ أن حمله عادة يكون نقل‬
‫بضاعة من دولة اىل أخرى ‪.‬‬
‫و هكذا أصبح التحكيم البحري املرجع األساسي حلام اخلالفات البحرية الدولية‪ ،‬بل أكثر من ذلك‬
‫أصبحت كافة هته املعامالت ال ختطو عرب احلدود إال إذا كان التحكيم البحري معها مقبوال شرطا أساسيا‬
‫يف العقود الدولية اليت تربم‪ ،‬إال أنه ورغم أيمية نظام التحكيم و قبل أن يصبح كمؤساة عاملية هلا أحكامها‬
‫وأعرافها و نظامها القانوين ‪ ،‬مل تتقبله بعض الدول يف البداية و إمنا رفضته و ناهضته كوسيلة لفض‬
‫منازعاهتا الدولية إال يف حاالت استثنائية كاجلزائر‪ ،‬و هذا يرجع اىل عدة أسباب‪.‬‬
‫فماهو املقصود بنظام التحكيم البحري ؟ و كيف متت مناهضة هذا النظام و ماهي أسباب هذه‬
‫املناهضة؟ لإلجابة على هذا الاؤال قامنا هذا الفصل إىل مبحثني‪ ،‬مفهوم التحكيم البحري يف املبحث‬
‫األول أما املبحث الثاين فهو عن مناهضة نظام التحكيم ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.335‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬اإلجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.47‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التحكيم البحري ‪.‬‬
‫رغم سيادة التحكيم البحري يف حل املنازعات البحرية يف عصرنا احلاضر (‪ )1‬وذلك خروجا عن األصل‬
‫العام الذي يقضي بوجوب اللجوء اىل الالطة القضائية املختصة (‪ )2‬فان للتحكيم البحري نظام قانوين‬
‫معروف منذ القدم وقد انتشر يف دول معينة يف العامل ‪ ،‬ومل ختتص فيه دول أخرى لعدة ظروف (تارخيية ‪،‬‬
‫سياسية ‪ ،‬اديولوجية واقتصادية) رغم خضوعها له مبناسبة املنازعات التجارية الدولية بصفة عامة ومنازعات‬
‫النقل البحري بصفة خاصة واليت تتطلب سرعة الفصل فيها وتاويتها غالبا على يد أشخاص هلم خربة‬
‫كافية وممارسة فعلية يف مثل هذه األعمال ‪.‬‬
‫و بالتايل سوف نتطرق اىل مفهوم نظام التحكيم البحري(املطلب األول) وطبيعتة و كذا الفرق بينه و بني‬
‫الطرق البديلة األخرى حلل املنازعات (املطلب الثاين )‪.‬‬
‫المطلب األول‪:‬تعريف التحكيم البحري وأنواعه‪.‬‬
‫يتمتع التحكيم البحري بذاتيته بابب الطابع اخلاص للمنازعات البحرية واليت يغلب عليها الطابع الفين‪،‬‬
‫وبالرغم من أنه يتجه اليوم حنو االستقاللية عن طريق أعرافه ومؤسااته اخلاصة إال أنه ال خيتلف عن‬
‫التحكيم التجاري الدويل من حيث اإلجراءات فالتحكيم البحري كان هو احملرك الرئياي للتحكيم عموما‬
‫إذ أن معظم املبادئ والقواعد املعمول هبا يف عصرنا هذا ظهرت يف البداية مبناسبة منازعات يغلب عليها‬
‫الطابع البحري(‪.)3‬وبالتايل فتعريف التحكيم البحري ال يكون إال مبعرفة معىن التحكيم عموما وحبصر‬
‫املنازعات البحرية اليت ميكن تاويتها عن طريقه‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف التحكيم البحري‪.‬‬
‫للتحكيم عدة تعاريف ‪ ،‬فتتعدد معانيه يف أصل اللغة(‪ )4‬و له معناه االصطالحي و الفقهي ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬جمموعة رسائل الدكتوراه كلية احلقوق جامعة املنفوية‪ ،‬سنة ‪،1229‬ص‪.41‬‬
‫(‪)2‬أ‪.‬د مبوسى عبد الوهاب‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫(‪)3‬أ‪.‬م صطفى تراري تاين‪ ،‬ذاتية التحكيم البحري‪ ،‬امللتقى الدويل حول املنازعات البحرية‪ ،‬جامعة وهران‪ 2 ،‬و ‪ 3‬ماي ‪.2441‬‬
‫(‪ )4‬تتعدد معاين التحكيم يف أصل اللغة فقال حاكمه اىل احلاكم ‪:‬دعاه و خاصمه ‪،‬وحكمه يف األمر حتكيما ‪:‬أمره يف أن حيكم ‪ ،‬و احلكم ‪":‬من أمساء اهلل‬
‫تعاىل "‪ .‬كما للتحكيم لغة معىن التفويض يف احلكم فيقال فوضت فالين يف مايل حتكيما ‪ ،‬إذا فوضت إليه فأحتك عليه يف ذلك ‪.‬‬
‫عن ‪ :‬األستاذ نبيل صقر‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪ ،‬دار اهلدى اجلزائر‪ ،‬ص ‪.546‬‬
‫و رجل حمكم ‪:‬جمرب مناوب اىل احلكمة ‪،‬واحلكمة هي العدل‪ ،‬ورجل حكيم عدل حكيم‪،‬واحكم االمر أتقنه‪.‬‬
‫عن ‪:‬مناين فراح‪،‬التحكيم طريق بديل حلل املنازعات‪،‬دار اهلدى‪،‬بدون طبعة ‪،‬ص‪.15‬‬
‫وكلمة حتكيم ‪ Arbitrage‬يف اللغة الفرناية‪:‬من فعل حكم ‪ Arbitrer‬وهي من األصل الالتيين من كلمة ‪ Arbitrate‬وتعين التدخل واحلكم بصفته حكم‬
‫و التحكيم يف خالف أونزاع والفصل فيه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف الفقهي للتحكيم‪.‬‬
‫قد عرف علماء الفقه االسالمي التحكيم بأنه "تولية اخلصمني حاكما حيكم بينهما " و يقصد باحلاكم يف‬
‫هذا التعريف "ما يعم الواحد واملتعدد" (‪. )1‬‬
‫أما عن املعىن االصطالحي للتحكيم الذي ذهب اليه فقهاء الشريعة االسالمية الغراء وهو يفيد اطالق اليد‬
‫يف الشئ‪،‬أو تفويض األمر للغري‪ ،‬فقد ذهب املاوردي يف أدب القاضي اىل أن التحكيم هو أن يتخذ‬
‫اخلصمان رجال من الرعية ليقضي بينهما فيما تنازعاه"‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬التعريف االصطالحي للتحكيم‪.‬‬
‫رغم كثرة املنازعات املعروضة على التحكيم إال أنه ال يوجد له أي تعريف تشريعي‪ ،‬فقد عرفه األستاذ‬
‫فوشار ‪ Ph. Fouchard‬بأنه ‪" :‬وسيلة حلل اخلالفات النامجة بني األشخاص العاديني من شخص أو عدة‬
‫أشخاص يتم اختيارهم من قبل أطراف النزاع وهو الوسيلة املمكنة لتنظيم العالقات التجارية الدولية (‪.")2‬‬
‫و قد عرفه األستاذ أمحد أبو الوفا بأنه‪":‬االتفاق على طرح النزاع على أشخاص يامون حمكمني ليفصلوا فيه‬
‫دون احملكمة املختصة به‪ ،‬ويكون هذا االتفاق تبعا لعقد معني يذكر يف صلبه و يامى شرط التحكيم‬
‫و قد يكون مبناسبة نزاع معني قائم بالفعل بني اخلصوم و يامى يف هذه احلالة مشارطة التحكيم(‪".)3‬‬
‫كما ميكن تعريف التحكيم على أنه اتفاق أطراف عالقة قانونية معينة‪ ،‬عقدية أو غري عقدية‪ ،‬على أن يتم‬
‫الفصل يف املنازعة اليت ثارت بينهم بالفعل‪ ،‬أو اليت حيتمل أن تثور عن طريق أشخاص يتم اختيارهم‬
‫كمحكمني ويتوىل األطراف حتديد أشخاص حمكمني أو على األقل يضمنون اتفاقهم على التحكيم أحيانا‬
‫لكيفية اختيار احملكمني‪ ،‬أو أن يعهدوا هليئة أو مركز من اهليئات أو مراكز التحكيم الدائمة لتتوىل تنظيم‬
‫عملية التحكيم وفقا لقواعد أو اللوائح اخلاصة هبذه اهليئات أو املراكز(‪.)4‬‬
‫وعلى الرغم من أن مصطلح التحكيم التجاري الدويل استخدم ألول مرة يف مؤمتر األمم املتحدة للتحكيم‬
‫التجاري الدويل الذي انعقد بنيويورك سنة ‪ 1158‬بشأن االعرتاف وتنفيذ قرارات التحكيم األجنيب‪ ،‬فإن‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬هشام خالد ‪،‬أوليات التحكيم التجاري الدويل‪،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬ص‪.48‬‬
‫(‪ )2‬حممود ماعود‪ ،‬أساليب و تقنيات إبرام العقود الدولية ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬سنة ‪ ،2446‬ص ‪.234‬‬
‫(‪)3‬هشام خالد‪ ،‬املرجع الاابق ذكره‪،‬ص‪.45‬‬
‫(‪)4‬حم مود خمتار أمحد بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،2444 ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪20‬‬
‫نظام التحكيم قد اجته ليصبح نظاما قضائيا عامليا يعلو فوق النظم القضائية الوطنية‪ ،‬وتعددت اهليئات‬
‫واملنظمات اليت متارس عملية التحكيم‪ ،‬كما تعددت االتفاقيات الدولية اليت تضمن للتحكيم وقراراته ذات‬
‫االحرتام الواجب ألحكام القضاء الوطين‪.‬‬
‫و باالضافة ملا تقدم يعرف بعض الفقه التحكيم التجاري الدويل على أنه‪":‬اتفاق األطراف يف منازعة جتارية‬
‫ذات طبيعة دولية على احالة منازعاهتم القائمة أو اليت ستنشأ يف املاتقبل إما اىل هيئة التحكيم اخلاصة أو‬
‫اىل حمكمة حتكيم دائمة لفض هذه املنازعات طبقا للقواعد و االجراءات القانونية املتفق عليها فيما بينهم ‪.‬‬
‫و يف حالة عدم وجود مثل هذا االتفاق فيرتك هليئة التحكيم فض املنازعات على أساس القواعد و األعراف‬
‫الدولية املتعلقة بالتجارة الدولية شريطة استيفاء املقتضيات األساسية للعدالة و احلياد و النزاهة و استصدار‬
‫قرار التحكيم النافذ وحائز لقوة األمر املقضي فيه يعرض على احملاكم الدولية املعنية لوضع الصيغة التنفيذية‬
‫عليه ضمن ضوابط حيددها النظام العام الدويل"(‪.)1‬‬

‫و ارتبط نظام التحكيم يف الانوات األخرية بفكرة التنمية االقتصادية وجذب االستثمارات األجنبية ونادى‬
‫كثري من الفقه بضرورة استقالله عن فروع القانون التقليدية وإدخاله حتت اسم القانون االقتصادي(‪.)2‬‬
‫وأصبح التحكيم هو القضاء الطبيعي الذي يفضله املتعاملون يف إطار العالقات التجارية الدولية(‪،)3‬ونظرا‬
‫هلذه األيمية للتحكيم و الرتباطه بالتجارة الدولية والزدهاره بازدهارها(‪،)4‬لكون هذه األخرية اجملال اخلصب‬
‫المنائه وتطوير قواعده ‪،‬ولكونه أصبح ضرورة يفرضها واقع التجارة العاملية بدأ الفقه والقضاء يهتم به وحياول‬
‫ضبط تعريفه و قواعده كنظام قضائي خاص يعلو فوق النظم القضائية الوطنية‪ ،‬حبيث أعطيت له تعريفات‬
‫اعتمادا على معايري معينة "املعيار القانوين واملعيار االقتصادي" هبدف متييزه عن التحكيم الداخلي من جهة‬
‫و تبيان املنازعات اليت خيتص هبا‪.‬‬
‫أما عن التحكيم البحري فقد أصبح أول وسيلة لفض املنازعات البحرية خاصة ما يتعلق منها بعقود‬
‫النقل البحرية و كل ما يرتبط هبا (‪ .)5‬كما ال خيتلف تعريف التحكيم البحري عن تعريف التحكيم عموما‬
‫اال باخلصوصية اليت تتمتع هبا منازعاته ذات الطابع البحري واليت جتعل له نوعا من الذاتية واالستقاللية‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬هشام خالد‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.57‬‬
‫(‪)2‬أبو زيد رضوان‪ ،‬األسس العامة يف التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬سنة ‪ ، 1181‬ص ‪.44‬‬
‫(‪)3‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪،‬االجتاهات املعاصر بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫(‪)4‬أ‪.‬حممد كوال ‪، ،‬املرجع الاابق‪.41 ،‬‬
‫‪)8(stéphane MIRIBEL , EDITORIAL ,DMF 681(mai 2007) ,p 385‬‬

‫‪21‬‬
‫و بالتايل ميكن تعريف التحكيم البحري أنه ‪":‬اتفاق أطراف منازعة حبرية دولية على احالة منازعاهتم القائمة‬
‫أو املاتقبلية ذات الطبيعة البحرية على هيئة حتكيم " أو ميكن تعريفه على أنه‪ ":‬اتفاق أطراف عالقة حبرية‬
‫على حتكيم احملكم و الذي يكون يف الغالب خمتص يف اجملال البحري (‪ )1‬حلام النزاع حبكم ملزم وقابل‬
‫للتنفيذ" ‪ .‬و من هنا ميكن استخالص بعض خصائص التحكيم البحري من هذين التعريفني كالتايل‪:‬‬
‫_ التحكيم البحري هو أسلوب أو وسيلة ‪ ،‬عن طريقها ميكن حام املنازعات ذات الطبيعة البحرية‪.‬‬
‫‪ -‬حام النزاع البحري يتم عن طريق شخص أو أشخاص يامون احملكم البحري أو احملكمون البحريون‬
‫و الذين يتم تعيينهم بواسطة اخلصوم‪.‬‬
‫_ احملكم أو احملكمني البحريني يكون هلم سلطة الفصل يف النزاع البحري‪،‬كما هو احلال بالنابة للقضاة ‪.‬‬
‫_ التحكيم البحري هو وسيلة خاصة حلام املنازعات البحرية ‪،‬و األفراد هم الذين يقومون بادارة العملية‬
‫التحكيمية‪،‬دون تدخل الدولة يف هذا اخلصوص‪.‬‬
‫_ احلكم الصادر من احملكم سوف يكون هنائيا وملزما ‪ ،‬حيث يضع هناية للنزاع القائم بني اخلصوم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬أنواع التحكيم البحري‪.‬‬
‫أوال‪:‬التمييز بين التحكيم البحري الداخلي والتحكيم البحري الدولي‪.‬‬
‫مل تكن هناك قواعد خاصة بالتحكيم الدويل يف كل دول العامل‪ ،‬فكان يف قانون اإلجراءات املدنية نصوص‬
‫تتعلق فقط بالتحكيم دون اإلشارة إن كانت تتعلق بالتحكيم الداخلي أو الدويل‪ ،‬وبالتايل كانت تطبق هذه‬
‫النصوص يف العالقات الوطنية والتجارية الدولية على حد الاواء‪ ،‬عن طريق إعمال منهج تنازع القوانني‪،‬‬
‫ولكن شيئا فشيئا كان القضاء خيرج عن مقتضيات هته القوانني متاشيا مع املرونة اليت تطبع املعامالت‬
‫التجارية الدولية‪ ،‬واليت متس التحكيم الدويل‪.‬‬
‫وملا أصبح هذا القانون الداخلي ال يااير املاتجدات اليت تطرأ على التجارة الدولية‪ ،‬قام املشرع الفرناي‬
‫بعد تعديله للنصوص القانونية املتعلقة بالتحكيم الداخلي عن طريق مرسوم سنة ‪ ،1213‬جاء مبرسوم‬
‫جديد سنة ‪ 1211‬يتعلق بالتحكيم التجاري الدويل يف قانون اإلجراءات املدنية الفرناي وبالتايل كرست‬
‫يف فرناا ازدواجية تشريعية وأصبحت فرناا متنافاة مع اجنلرتا خاصة يف جمال التحكيم البحري‪.‬‬
‫وانضمت أغلب الدول إىل هذه املنافاة يف جمال التحكيم التجاري الدويل ووضعت له تشريعا خاصا به(‪.)2‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪) 1‬تعرض املنازعات البحرية على هيئات حتكيم خمتصة مثل غرفة التحكيم البحري بباريس ‪.‬‬
‫(‪ )2‬و قد تبىن املشرع اجلزائري هذا اإلجتاه عن طريق املرسوم التشريعي ‪ . 32/23‬و للمزيد من التفاصيل ‪:‬عبد احلميد األحدب ‪ ،‬قانون التحكيم اجلزائري‬
‫اجلديد‪،‬جملة احملكمة العليا ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬سنة ‪ ، 2332‬ص ‪. 22‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ :1-1‬معايري التمييز بني التحكيم البحري الداخلي والتحكيم البحري الدويل‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ من حيث اجلهة املختصة بالتحكيم البحري‪:‬‬
‫التحكيم البحري الداخلي له جهة خاصة به‪ ،‬وأي مااس بقواعد التحكيم الداخلي يعترب مااس‬
‫باختصاص جهة قضائية‪ ،‬أما التحكيم البحري الدويل ال توجد أي جهة قضائية خاصة به‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ من حيث مناخ كل حتكيم‪:‬‬
‫التحكيم البحري الداخلي له مناخ متشدد وذيق خيضع لقواعد القانون الوطين‪.‬‬
‫أما التحكيم البحري الدويل فهو مناخ تفاضلي خيضع إىل القانون الذي يوفر أكثر حتررية التفاق‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ من حيث التأثري‪:‬‬
‫فالتحكيم البحري الدويل ويف إطار العوملة ياحب التحكيم البحري الداخلي وخاصة إذا ما انعدم نص‬
‫ينص على اختصاص التحكيم البحري الداخلي ألن يف هذه احلالة ال اجتهاد مع وجود هذا النص‪ ،‬أي أن‬
‫االختصاص يكون قائما للتحكيم البحري الداخلي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ من حيث حمل اتفاق التحكيم البحري‪:‬‬
‫فما يصح أن حيتكم فيه يف التحكيم البحري الدويل قد ال يصح يف التحكيم البحري الداخلي(‪.)1‬‬
‫‪ 2-1‬بتعريف التحكيم البحري الداخلي والتحكيم البحري الدويل‪.‬‬
‫هناك فرق شاسع بني التحكيم البحري الداخلي والتحكيم البحري الدويل قد يرتاوح بني الصحة‬
‫والبطالن‪ ،‬أما عن التحكيم الداخلي فال يوجد له أي تعريف تشريعي‪ ،‬ولكن عندما قام املشرع اجلزائري‬
‫بإصدار املرسوم التشريعي رقم ‪ 32/23‬واملتعلق بقانون التحكيم الدويل الاابق(‪ )2‬فقد جاء باملادة ‪181‬‬
‫مكرر بتعريف ما هو التحكيم الدويل‪ ":‬يعترب دوليا مبفهوم هذا الفصل وأي الفصل املتعلق بالتحكيم‪،‬‬
‫التحكيم الذي خيص النزاعات املتعلقة مبصاحل التجارة الدولية واليت يكون فيه مقر أو موطن أحد الطرفني‬
‫على األقل يف اخلارج"‪.‬‬
‫يتبني من هذا النص أن املشرع اجلزائري كان يأخذ مبعياريني لتحديد دولية التحكيم‪.‬‬
‫املعيار االقتصادي الفرناي واملتمثل يف أن يتعلق النزاع مبصاحل التجارة الدولية‪ ،‬واملعيار القانوين الاوياري‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عمر الفقي‪ ،‬اجلديد يف التحكيم يف الدول العربية‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الانة ‪ ،2333‬ص ‪.11‬‬
‫(‪)2‬مرسوم ‪ 32/23‬املؤرخ يف ‪ 28‬أفريل ‪ 1223‬واملتعلق بالتحكيم التجاري الدويل‪ ،‬اجلريدة الرمسية لانة ‪ ،1223‬العدد رقم ‪ ،29‬ص ‪.81‬‬

‫‪23‬‬
‫املتمثل يف أن يكون موطن أحد األطراف على األقل يف اخلارج‪ ،‬فاملوطن معيار قانوين وبذلك كان املشرع‬
‫اجلزائري يذيق من دائرة التعامل يف جمال التحكيم التجاري الدويل‪.‬‬
‫أما عن التعديل األخري لقانون التحكيم التجاري الدويل اجلزائري و الذي جاء به قانون اإلجراءات‬
‫املدنية واإلدارية اجلزائري اجلديد(‪ )1‬فنجد أن املشرع اجلزائري نص يف املادة ‪ 1331‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪..‬ج على‬
‫أنه" يعترب التحكيم دوليا‪ ،‬مبفهوم هذا القانون التحكيم الذي خيص النزاعات املتعلقة باملصاحل االقتصادية‬
‫لدولتني على األقل"‪.‬‬
‫إن املشرع اجلزائري أخذ يف تعديله اجلديد مبعيار واحد فقط‪ ،‬والذي يتقارب بشكل ال ميكن إنكاره‬
‫باملعيار االقتصادي الفرناي(‪.)2‬‬
‫‪ 3-1‬املقصود باملعيار االقتصادي‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أن التحكيم البحري قد وضع ليحل منازعات التجارة البحرية الدولية‪ ،‬فالتحكيم‬
‫البحري ازدهر حاليا فهو كظاهرة يتجلى بوضوح يف التحكيم الدويل عن التحكيم الداخلي‪ ،‬كما أصبح‬
‫التحكيم البحري هو املرجع األساسي حلام خالفات التجارة البحرية الدولية‪.‬‬
‫ومن مث وجد التحكيم الدويل البحري من أجل التجارة البحرية الدولية ولذا جيب أن يكون مقياس التفرقة‬
‫بينه وبني التحكيم البحري الداخلي هو التجارة البحرية الدولية‪.‬‬
‫فالتجارة البحرية تصبح دولية حني خترج من اقتصاد بلد ما وحني تنتقل األموال واخلدمات والالع وغريها‬
‫عرب حدود الدول‪ ،‬ويعترب العقد دوليا إعماال للمعيار االقتصادي إذا كان هذا العقد يتصل مبصاحل التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬وقد أوضحت حمكمة النقض الفرناية معيار مصاحل التجارة الدولية يف العديد من أحكامها وذلك‬
‫من خالل اإلشارة إىل أن يكون العقد منطويا على رابطة تتجاوز االقتصاد الداخلي لدولة معنية مبعىن وجود‬
‫حركة ذهاب وإياب للبضائع عرب احلدود(‪.)3‬‬
‫ومن مث فان التحكيم البحري هبذا املفهوم ال يتعلق وال يرتبط بدولة واحدة‪ ،‬سواء كان ذلك من حيث‬
‫طبيعة النزاع‪ ،‬ومن حيث أشخاص النزاع أو احملكمني أو من حيث مكانه وإجراءاته‪ ،‬وقد أورد املشرع يف‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬هذا القانون دخل حيز التنفيذ يف ‪ 23‬أفريل ‪ 2332‬بعد سنة من إصداره يف اجمللة الرمسية يف ‪ 23‬أفريل ‪ )www-joradp.dz( 2331‬يعدل األمر رقم‬
‫‪99‬ـ‪ 118‬يف ‪ 1‬جوان ‪ 1299‬واملتعلق بقانون اإلجراءات املدنية واملرسوم ‪23‬ـ‪ 32‬الصادر يف ‪ 28‬أفريل ‪1223‬‬
‫‪)2(Mostefa Trari Tani, Kluwer law international, 1/2009(Mars), p72.‬‬
‫(‪)3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.382‬‬

‫‪24‬‬
‫املادة ‪ 1831‬من قانون اإلجراءات املدنية الفرناي على أنه " يعترب دوليا التحكيم الذي يضع يف امليزان‬
‫مصاحل التجارة الدولية "وبالتايل فهته املادة تأخذ بصفة صرحية باملعيار االقتصادي لدولية التحكيم‪.‬‬
‫وقد توالت األحكام الصادرة عن القضاء الفرناي لتعرب عن تفضيل املعيار االقتصادي كأساس لتدويل‬
‫التحكيم (‪)1‬حىت قبل صدور قانون التحكيم الفرناي عام ‪ 1211‬وبالطبع بعد صدور هذا القانون‪.‬‬
‫و بالتايل فإن التفرقة بني التحكيم الداخلي و التحكيم الدويل يكون على أساس طبيعة العالقات‬
‫االقتصادية القائمة بني أطرافه و بدون أي دخل الرادة االطراف فيه (‪.)2‬‬

‫واجلدير بالذكر أن هذا املعيار قد لقي جناحا ملموسا يف إطار املعاهدات الدولية و األنظمة القانونية‬
‫الوضعية للتحكيم ومن بينها القانون املصري‪.‬‬
‫وهكذا فبموجب املعيار االقتصادي لطبيعة املنازعات البحرية يكون التحكيم البحري يف عمومه دوليا‪،‬‬
‫فالنقل البحري عامل هام من العوامل اليت ترتكز عليها التجارة الدولية‪ ،‬وكلما نشطت التجارة اخلارجية‬
‫زادت الكميات املنقولة حبرا عن طريق الافن وذلك عرب حدود دول العامل املختلفة‪ ،‬وأصبح التحكيم‬
‫البحري هو الطريق املعقول عامليا حلل املنازعات البحرية الناشئة عن هذه العقود(‪.)3‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحكيم البحري المؤسسي والحر‪.‬‬
‫إن معيار التفرقة بني التحكيم البحري املؤساي والتحكيم البحري احلر يكمن يف شقني جمتمعني أحديما‬
‫وجود مؤساة حتكيم دائمة ذات هيكل عضوي وإداري‪ ،‬والثاين تدخل هذه املؤساة يف العملية التحكيمية‬
‫تنظيما وإدارة وإشرافا‪ .‬وينطبق هذا املعيار بشقيه على التحكيم البحري أمام غرفة التحكيم البحري بباريس‪،‬‬
‫واملنظمة الدولية للتحكيم البحري‪ ،‬وغرفة اللويدز للتحكيم البحري(‪.)1‬‬
‫ويقصد بالتحكيم البحري املؤساي االتفاق على إحالة املنازعات اليت تنشأ أو اليت نشأت بالفعل على‬
‫التحكيم أمام إحدى مؤساات التحكيم البحري الدائمة واليت تتوىل تنظيم وإدارة العملية التحكيمية منذ‬
‫تلقي طلب التحكيم وحىت إصدار حكم التحكيم وذلك عن طريق األجهزة اإلدارية التابعة للمؤساة‬
‫التحكيمية‪ ،‬وعلى ضوء الئحتها التحكيمية‪.‬‬
‫أما التحكيم البحري احلر فهو ذلك النوع من التحكيم الذي يتفق األطراف من خالل اتفاق التحكيم‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬قرار حمكمة استئناف باريس يف احلكم الشهري "‪ "Gotaverken‬بأن اتفاق التحكيم املربم بني شركة ليبية وشركة سويارية للفصل يف املنازعة الناشئة‬
‫مبناسبة تنفيذ العقود املتصلة بالتشييد والتاليم يف الافن برتولية يتام بالطابع الدويل التصاله مبصاحل التجارة الدولية‪.‬‬
‫‪)2(Laurent JAEGER ,Cour de cassation (1ére ch.civ.) 13mars 2007,Revue de l’arbitrage,N°3,p500‬‬
‫(‪)3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪391‬‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.91‬‬
‫‪25‬‬
‫على إدارة وتنظيم عملية التحكيم البحرية‪ ،‬وبالتايل يقوم األطراف بتشكيل هيئة التحكيم واالتفاق على‬
‫حتديد كافة القواعد املطبقة على اإلجراءات التحكيمية واختيار مكان التحكيم والقانون املطبق على‬
‫موضوع النزاع‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التحكيم البحري االختياري والتحكيم البحري االجباري‪.‬‬
‫التحكيم يكون اتفاقي أو اختياري كما قد يكون اجباري ‪ ،‬هذا األخري و الذي عرف تطورا ملحوظا يف‬
‫بعض احلقبات التاخيية ‪ ،‬فبعد الثورة الفرناية أصبح مفروضا يف املعامالت االقتصادية لتقايم الثروة ‪ ،‬فكل‬
‫نزاع بن منتجيم وموزعني كان حيل بالتحكيم(‪ .)1‬و التحكيم االجباري حتكيم عمومي يفرضه القانون على‬
‫املؤساات اإلشرتاكية ‪ ،‬أما اليوم وباقوط النظام اإلشرتاكي وسيطرة النظام الرأس مايل تقريبا على العامل‬
‫فيمكن القول أنه مل يصبح له مكانا يف املنازعات البحرية الدولية‪.‬‬
‫و األصل يف التحكيم البحري أنه حتكيم اختياري يلجأ إليه أطراف النزاع البحري بإرادهتم عن طريق‬
‫اتفاق خاص والذي خيضع للقواعد العامة يف النظرية العامة للعقد بصفة عامة‪ ،‬فضال عن القواعد اخلاصة‬
‫املنصوص عليها يف القوانني اخلاصة بالتحكيم التجاري الدويل(‪.)2‬‬
‫فنظام التحكيم يكون اختياريا‪ ،‬إذا مل يكن االلتجاء إليه أمرا مفروضا على أطراف النزاع البحري وهذا‬
‫بالطبع أمر ماتبعد يف العالقات التجارية البحرية الدولية‪.‬‬
‫إال أنه يرى جانب من فقه القانون الوضعي أن التحكيم يف منازعات التجارة الدولية واليت تعد التجارة‬
‫البحرية األهم فيه‪ ،‬ليس عمال من طبيعة إرادية خالصة إذ أن واقع التجارة الدولية كثريا ما ينبئ عن أن حرية‬
‫اخلصوم يف اختيار نظام التحكيم أصبحت ويما ألنه كثريا ما يفرض نظام التحكيم جربا على أطراف التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬كما هو احلال يف العقود الدولية ذات الشكل النموذجي(‪.)3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬طبيعة التحكيم البحري و تميزه عن باقي الطرق البديلة لحل المنازعات‪.‬‬
‫مل يقتصر فقهاء التحكيم على تعريفه ‪،‬وامنا تعددت اراءهم أيضا حول حتديد الطبيعة القانونية لنظام‬
‫التحكيم‪ ،‬والغاية من ذلك حتديد الوصف القانوين حلكم التحكيم عند ارادة تنفيذه كما ميزوا ما بينه وبني‬
‫الطرق البديلة األخرى حلل املنازعات‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)Guy KEUTGEN ,Georges-Albert DAL ,L’ARBITRAGE EN DROIT BELGE ET‬‬
‫‪INTERNATIONAL ,TOME 1 ,2eme édition ,BRUYLANT 2006 , p 8-p9.‬‬
‫(‪ )2‬حممود الايد عمر التحيوي‪ ،‬مفهوم التحكيم الختياري والتحكيم اإلجباري‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2332‬ص ‪.98‬‬
‫(‪ )3‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪26‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬طبيعة التحكيم البحري‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫لقد تعددت النظريات حول الطبيعة القانونية للتحكيم البحري كالتايل‬
‫أوال‪:‬النظرية التعاقدية للتحكيم ( النظرية الشخصية)‪.‬‬
‫رجح بعض الفقه التكييف التعاقدي لنظام التحكيم ألنه يتم بارادة األطراف احملتكمني(‪ )1‬بل لقد وصل‬
‫األمر بأنصار النظرية التعاقدية اىل القول أن نظام التحكيم ليس فقط نظام تعاقدي‪ ،‬بل و أيضا حىت حكم‬
‫التحكيم ذاته ال يعدوا أن يكون كاائر العقود يتم االلتزام به وتنفيذه كما يتم تنفيذ العقود وهذا ما وجد له‬
‫صدى يف القضاء املقارن (‪. )2‬‬
‫وجند أنصار هذه النظرية خاصة يف فرناا ومصر ‪ ،‬وقد دعم هذا االجتاه يف حمكمة النقض الفرناية حبيث‬
‫اعتربت أن "قرارات التحكيم الصادرة على أساس مشارطة حتكيم تكون وحدة واحدة مع هذه املشارطة‬
‫وتاحب عليها صفتها التعاقدية" ‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬النظرية القضائية لنظام التحكيم (النظرية الموضوعية)‪.‬‬
‫ذهب الفريق الثاين من الفقه اىل تغليب الطابع القضائي لنظام التحكيم ‪ ،‬باعتبار أنه خيضع لقواعد قانون‬
‫االجراءات املدنية من حيث أثاره ونفاذه واجراءاته والطعن فيه كما أن تنفيذه يتم كما تنفذ األحكام‬
‫القضائية‪ .‬كما قضت بعض احملاكم " التحكيم طريق قضائي يتمتع فيه احملكم بالطات ذاتية و ماتقلة‬
‫للفصل يف اخلصومات الىت يطرحها عليه اخلصوم " ‪ .‬فالتحكيم طريق مواز تعرتف به الدولة ألداء العدالة‬
‫ومحاية احلقوق و املراكز القانونية ‪ ،‬وهو يؤدي ما تؤديه حماكمها من وظيفة قضائية وهذا ما يؤيده القانون‬
‫الدويل اخلاص والقانون االجرائي على حد الاواء (‪.)3‬‬

‫ثالثا‪:‬الطبيعة المختلطة لنظام التحكيم‪.‬‬


‫تبىن بعض الفقه موقفا وسطا باعتبار نظام التحكيم يف جمموعه مزجيا بني عنصرين ومن مث فانه يتام‬
‫بطبيعة خمتلطة بني التعاقد والقضاء أي أنه جيمع بني الطابعني القضائي والرضائي‪ ،‬يف كون القرار الذي‬
‫يصدر من هيئة التحكيم هو ملزم ألطراف النزاع كما هو احلال بالنابة لألحكام القضائية‪،‬أما الطابع‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪) 1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪،‬الطبيعة القانونية لنظام التحكيم ‪،‬منشأةاملعارف االسكندرية‪،‬سنة‪ ، 2443‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬أمحد عبدالكرمي سالمة‪ ،‬قانون التحكيم التجاري الدويل والداخلي ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬ص‪42‬‬
‫(‪ )3‬د‪.‬أمحد عبدالكرمي سالمة‪،‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص‪43‬‬

‫‪27‬‬
‫الرضائي للتحكيم كونه يتم مبوجب تالقي ارادة األطراف على حام النزاع بواسطته(‪ .)1‬اال أن هذا الوصف‬
‫قد انتقد اذ أن القول بالطبيعة املختلطة للتحكيم يؤدي اىل اخللط بني حجية حكم التحكيم وبني قوته‬
‫التنفيذية‪ ،‬فحجية األمر املقضي فيه تثبت حلكم التحكيم مبجرد صدوره وهي غري القوة التنفيذية اليت ال‬
‫حيوزها حكم التحكيم اال بصدور أمر قضائي بصدوره‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الطبيعة المستقلة لنظام التحكيم‪.‬‬
‫انتهى البعض من الفقه اىل القول باستقاللية نظام التحكيم‪،‬وأصالته يف الفصل يف املنازعات اليت تدخل‬
‫أصال يف الوالية القضائية املقررة للقضاء العام يف الدولة ‪،‬وأنه جيب النظر اليه نظرة ماتقلة وال ميكن تفاريه‬
‫يف ضوء املبادئ التقليدية حملاولة ربطه بالعقد أو احلكم القضائي الصادر من القضاء (‪.)2‬‬
‫وقد ذهب الدكتور حممود الايد عمر التحيوي يف كتابه الطبيعة القانونية لنظام التحكيم اىل القول بأن‬
‫التحكيم نظام قضائي من نوع خاص (‪ ، )3‬حبيث أن أحكامه تعد أعماال قضائية باملعىن الفين ويعترب‬
‫التحكيم من حيث االجراءات و احلكم قضاء خاص و ما يعرف بالقضاء اخلاص فهو قضاء عام ‪ ،‬ذلك‬
‫أن املشرع قد أقر نظام التحكيم التزاما الرادة األطراف احملتكمني ومىت وضحت هذه االرادة وفقا الشكل‬
‫الذي يتطلبه القانون التزم األطراف احملتكمون بالفصل يف النزاع موضوع االتفاق على التحكيم ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص التحكيم البحري ‪.‬‬
‫أوال‪:‬التحكيم البحري نظام قضائي ذاتي ‪ :‬و تظهر ذاتيته يف أنه نظام قضائي ارادي و قد تلعب ارادة‬
‫األطراف دورا كبريا أو صغريا يف حتديد القواعد املوضوعية واالجرائية اليت تنظم العملية التحكيمية ‪ ،‬كما أنه‬
‫نظام قضائي خاص حيث يتوىل الفصل يف املنازعة شخص خاص و هو احملكم البحري أو هيئات التحكيم‬
‫البحرية سواءا احلرة أو املؤساية‪ ،‬كما أنه نظام قضائي غائي ألنه يهدف الدراك عدة غايات و أيمها مراعاة‬
‫خصوصية املنازعات البحرية ‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬التحكيم البحري نظام قضائي مؤقت‪ :‬ويعين أن احملكمني البحريني يتم اختيارهم ألداء مهمة مؤقتة‬
‫وهي الفصل يف خصومة حبرية حمددة‪ ،‬بعدها تزول تلك اهليئة‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬التحكيم البحري ليس قضاء استثنائيا ‪:‬يذهب اجتاه يف الفقه والقضاء اىل أن التحكيم نظام قضائي‬
‫استثنائي اال أنه يف وقتنا الراهن فإن التحكيم البحري أصبح هو األصل لفض املنازعات البحرية الدولية‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪.‬بن سهلة ثاين بن علي‪،‬الطبيعة القانونية التفاق التحكيم وأثره على تاوية املنازعات االتجارية الدولية‪،‬دراسات قانونية‪،‬جامعة‬
‫أبوبكربلقايد‪،‬تلماان‪،‬العدد‪،2447-44‬ص‪184‬‬
‫(‪)2‬مناين فراح‪ ،‬التحكيم طريق بديل حلل املنازعات‪،‬دار اهلدى‪،‬بدون طبعة ‪،‬ص‪.46‬‬
‫(‪)3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪،‬الطبيعة القانونية لنظام التحكيم ‪،‬املرجع الاابق‪ .‬ص‪.22‬‬
‫‪28‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬التفرقة بين التحكيم البحري و الطرق البديلة األخرى لحل المنازعات‪.‬‬
‫من املعروف أن التحكيم البحري هو طريق بديل حلل املنازعات ذات الطبيعة التجارية الدولية و البحرية ‪،‬‬
‫لكن الكثري جيهل الفرق بينه و بني الطرق البديلة األخرى حلل هذا النوع من املنازعات فهو خيتلف عن هته‬
‫الوسائل و الىت تتمثل أساسا يف الصلح ‪ ،‬الوساطة و اخلربة‪.‬‬
‫و حىت يكون مفهوم التحكيم واضحا يف األذهان ‪،‬فمن الواجب علينا أن منيز بينه وبني النظم األخرى ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تمييز التحكيم عن التوفيق‪ ،‬المصالحة والوساطة‪.‬‬
‫خيتلف التحكيم البحري عن سواه من طرق تاوية املنازعات البحرية واملتمثلة يف الصلح والتوفيق‬
‫والوساطة(‪ )1‬فامليزة األساسية للتحكيم البحري أنه نظام قضائي من نوع خاص ‪،‬و أن أحكامه تفرض على‬
‫أطراف النزاع عكس التوفيق والوساطة‪ ،‬واليت فيهما يقوم كل من املوفق والوسيط بتقدمي مقرتحات لألطراف‬
‫حماولني بذلك إجراء تاوية ودية بينهم(‪ ،)2‬واليت يضل أمرها معلقا على قبوهلا من أطراف النزاع البحري‪.‬‬
‫أما عن اللجوء إىل التحكيم البحري فهو يعين قبول األطراف املتنازعني لقرار احملكم الذي يفصل يف النزاع‬
‫البحري‪ ،‬فالتحكيم البحري اختيار هنائي لطريق التحكيم كبديل عن االلتجاء للقضاء(‪.)3‬‬
‫أما عن الصلح والوساطة ففيهما ياعى املصلح والوسيط التوفيق بني األطراف والبحث عن حل للنزاع‬
‫املطروح أمامهما عن طريق تنازل كل طرف من األطراف على جزء من ادعاءاته(‪ ،)1‬ويف غالب األحيان‬
‫مراكز التحكيم البحري جتعل املصاحلة مرحلة سابقة على التحكيم ونفس اهليئة اليت تتوىل املصاحلة هي‬
‫نفاها تتوىل التحكيم‪ ،‬فإذا انتهت مدة املصاحلة تنتقل إىل التحكيم‪.‬‬
‫و الصلح هو‪ :‬عقد ينظمه القانون املدين وهو عقد حيام به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا‬
‫حمتمال و ذلك بأن يتنازل كل منهما عن جزء من ادعاءاته(‪ .)8‬والصلح هو أقدم الوسائل البديلة حلل‬
‫النزاعات فهو يرتكز على حكمة الشعوب و تقاليدها ‪،‬وقد قال الرسول صلى اهلل عليه و سلم "الصلح‬
‫جائز بني املالمني اال صلحا حرم حالال أو أحل حراما" و لذلك جيوز الصلح فيما جاز التعاقد فيه(‪.)9‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪) 1‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية دار الكتب القانونية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2339‬ص ‪.38‬‬
‫‪)2(François Arradon, l'Arbitrage Maritime en France, la revue Maritime n° 470, octobre 2004, p 01‬‬
‫(‪ )3‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)1‬نبيل صقر‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.812‬‬
‫(‪ )8‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي ‪ ،‬النظام القانوين التفاق التحكيم ‪ ،‬الطبعة االوىل ‪،‬سنة ‪،2338‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫(‪) 9‬عامر بورورو ‪،‬الطرق البديلة حلل النزاعات يف القانون التوناي ‪ ،‬جملة احملكمة العليا‪،‬عدد خاص ‪،‬الطرق البديلة حلل انزاعات ‪:‬الصلح و الوساطة والتحكيم‬
‫‪11-18‬جوان‪،2331‬ص ‪.329‬‬

‫‪29‬‬
‫إن نتيجة املصاحلة هي عقد صلح إذا اتفق عليها األطراف فهي هلا طبيعة تعاقدية‪،‬أما األن هناك تطور‬
‫يف قانون اإلجراءات املدنية بدأ يف فرناا حبيث أن الصلح ليس عقد كباقي العقود‪ ،‬فهناك توجه إىل جعله‬
‫يتمتع بالطبيعة القضائية وذلك حينما ينص القانون على أن يصادق عليه القاضي وميهره بالصيغة التنفيذية‪،‬‬
‫وهذا ما أخذ به املشرع اجلزائري يف تعديله اجلديد يف ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ .‬و بالتايل فشروط اكتااب الصلح الصفة‬
‫القضائية هو حضور أطراف النزاع أمام احملكمة و اقراريما بالصلح و مبضمونه و تصديق القاضي على ذلك‬
‫الصلح(‪ ،)1‬أما عن احملكم فهو يصدر قرارا ملزم ذو طبيعة قضائية ‪.‬‬
‫كما أن التحكيم خيتلف عن الصلح يف عدة أمور فالصلح هو مثرة تفاوض مباشر بني أطراف العقد عن‬
‫طريق تقدمي تنازالت بينهم عن جزء من احلق املوضوعي‪ ،‬بينما يقف دورهم يف التحكيم عند ختويل احملكم‬
‫سلطة حام النزاع حبكم حتكيمي و الذي ميكن أن جياب لطرف واحد بكل طلباته دون الطرف األخر‬
‫و بالتايل فان اتفاق الصلح حيل النزاع حول احلق املوضوعي بشكل مباشر ‪ ،‬أما اتفاق التحكيم فهو‬
‫يتضمن فقط و سيلة حل النزاع حول هذا احلق املوضوعي ‪ ،‬حيث ال يوجد تنازل عن احلق املوضوعي وامنا‬
‫تنازل عن احلق يف حام هذا النزاع أمام قضاء الدولة و حله أمام قضاء خاص (‪)2‬أال و هو التحكيم‪.‬‬
‫أما عن التوفيق )‪ : )La conciliation‬فهو اتفاق األطراف عى حماولة اجراء تاوية ودية عن طريق املوفق‬
‫أو املوفقني الذين يقع عليهم اختيار االطراف(‪ .)3‬و يتمثل يف اعتماد احلوار و املناقشة بتدخل طرف ثالث‬
‫لباط نقاط اخلالف ومااعدة املتنازعني على حل خالفهما و اجياد طريقة مرضية هلما معا ‪،‬فيقرتح عليهم‬
‫احلل الذي يراه ‪ ،‬ولكن مآل املااعي التوفيقية ترتكز على رضاء الفرقاء باحلل ‪ ،‬كما أن دور املوفق أكثر‬
‫ثأثريا من دور الوسيط ألنه يشجع الطرفني على احلوار و الصلح وهو يقدم احللول معتمدا يف ذلك على‬
‫كفاءته يف ادارة احلوار و فهم النزاع إلدراكه الفين به وثقة األطراف يف نزاهته وحياده و سريته‪.‬‬
‫و الوساطة (‪ )Mediation‬هي نوع من التوفيق أو شكل من األشكال اليت يتم هبا التوفيق بني اخلصوم‬
‫فيتدخل شخص يامى الوسيط ليقرب و جهات النظر بعد مساعها و ال ختضع الوساطة ألي شكل يف‬
‫اجراءاهتا و تتحكم فيها ارادة األطراف يف كافة مراحلها ‪ ،‬ألن الوسيط ال يقرتح حال وال سلطة له إللزامهم‬
‫بأي رأي ‪ ،‬و ال تكون الوساطة جائزة عندما ال يكون الصلح جائزا‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عامر بورورو ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.329‬‬
‫(‪)2‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.32‬‬
‫(‪)3‬عامر بورورو ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.339‬‬

‫‪30‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحكيم والخبرة‪.‬‬
‫اخلربة يقصد هبا ذلك االجراء الذي يتعهد مبقتضاه القاضي أو احملكم أو اخلصوم اىل شخص ما مهمة‬
‫ابداء رأيه يف بعض املاائل ذات الطابع الفين اليت يكون على دراية هبا دون الزام القاضي أو احملكم هبذا‬
‫الرأي (‪ .)1‬إن وجه الشبه بني اخلربة و التحكيم هو تدخل شخص من الغري أي أن اخلبري و احملكم لياوا‬
‫من أعضاء اجلهاز القضائي للدولة ‪ ،‬مع اإلشارة اىل أن كل من اخلبري و احملكم قد يبدي رأيه أو يباشر‬
‫عمله يف نقطة قانونية أو واقعة مبناسبة نزاع معروض على القضاء‪.‬‬
‫و نظرا خلصوصية التحكيم البحري فمن الناحية العملية خيتلط التحكيم باخلربة فكثريا ما يكون احملكم‬
‫البحري قد أختري خلربته يف موضوع معني‪ ،‬كذلك هناك بعض مراكز التحكيم تضم إىل نشاطها يف جمال‬
‫التحكيم البحري نشاطات متعلقة باخلربة‪ ،‬واإلشكال الذي يثور هو أنه من الناحية العملية قد ختتلط‬
‫األمور إذا اخرتنا خبري حمكما‪ ،‬فكيف نفرق بني التحكيم واخلربة ؟‪.‬‬
‫ان الفارق بني اخلبري و احملكم يتعلق بكيفية أداء كل منهما للمهمة املناطة به ‪،‬فاحملكم يصدر قراره بناءا‬
‫على ما يقدم له االطراف من ماتندات و مرافعات أما اخلبري فانه يعتمد على معلوماته و خرباته الذاتية‪.‬‬
‫إن اخلبري ال يفصل يف النزاع وال يطبق القانون‪ ،‬فعمل اخلبري هو تقدمي وسائل لإلثبات عن طريق حتقيق‬
‫تقين باستعمال وسائل علمية ويقدم تقريرا عنه‪ ،‬هذا التقرير غري ملزم ال لألطراف وال للقاضي(‪)2‬و ال‬
‫للمحكم‪.‬‬
‫وقد يتم اللجوء يف احلياة العملية إىل شخص تقين عمله هو اخلربة أو مركز للتحكيم البحري ويتفق‬
‫األطراف على أن التقرير ملزم هلم‪ ،‬هنا نكون أمام حتكيم يامى التحكيم باخلربة‪ ،‬هذا اخللط بني التحكيم‬
‫واخلربة وصل أوجه يف الوقت الراهن حبيث جيري احلديث اليوم على الطرق التناوبية للفصل يف املنازعات ‪.‬‬

‫إنه و بالرغم من أيمية نظام التحكيم يف اجملال االقتصادي و التجاري سواء على الصعيد الداخلي أو‬
‫الدويل ‪ ،‬إال أنه مل يكن مرغوبا فيه يف بعض الدول و النظم القانونية ‪ ،‬ومن الدول اليت ناهضت هذا‬
‫النظام يف بداية التعامل به الدولة اجلزائرية و ذلك لعدة أسباب منها الاياسية ومنها االديولوجية و هذا ما‬
‫سوف نتطرق اليه تبعا ‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪)1‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.38‬‬
‫‪(2)Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman. Traité de l'arbitrage commercial international Litek‬‬
‫‪1996, p 22.‬‬

‫‪31‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مناهضة نظام التحكيم‪.‬‬
‫ليس هناك من ريب يف أن التحكيم كأداة لفض النزاعات بني الناس يضرب جبذوره يف عمق تاريخ‬
‫البشرية البعيد حىت ميكن القول أنه أصل القضاء(‪ ، )1‬فقد كان نظام التحكيم يعترب هو القاعدة يف‬
‫الفصل يف املنازعات بني األفراد و اجلماعات يف اجملتمعات القدمية ‪،‬حيث كانت هته اجملتمعات البدائية‬
‫ختطو خطوهتا األوىل يف سلم املدنية و احلضارة ‪ ،‬و كان نفاذ القانون الوضعي وكفالة احرتامه مرتوكا ملشيئة‬
‫األفراد يعتمد على قوهتم اخلاصة و يعول على وسائلهم الذاتية وهو ما كان يعرف بنظام القضاء اخلاص(‪. )2‬‬
‫ومل يكن ذلك يامح باستقرار اجملتمعات و ال يكفل األمن والعدل فيها ومل يكن ممكنا جتاوز هتة األزمة اال‬
‫بإجياد عضو حمايد تكون وظيفته الاهر على محاية القانون الوضعي و ضمان تطبيقه يف الواقع العملي ‪.‬‬
‫ويف البداية ظهر هذا العضو يف إطار ما يامى بنظام التحكيم والذي كان اختياريا مث صار إجباريا يف‬
‫مرحلة الحقة (‪،)3‬ومل يكن نظام التحكيم وبالصورة اليت كان عليها يف اجملتمعات القدمية لياتمر بعد أن‬
‫انتظمت اجملتمعات يف هيئة دول‪ .‬وبالتايل فان مناهضة نظام التحكيم كانت له أسباب عامة ختص كل‬
‫الدول وهذا ما سوف نتطرق له يف مطلب أول أما املطلب الثاين فاوف يكون عن موقف اجلزائر من‬
‫التحكيم التجاري الدويل و البحري ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسباب رفض التحكيم الخاصة بكل الدول ‪.‬‬
‫لقد صار القضاء من واجبات الدولة احلديثة وإحدى وظائفها األساسية وهو يف الوقت ذاتة مظهرا‬
‫لايادهتا ومل يعد يتفق على أن ميارس القضاء غري أعضاء الدولة احلديثة والذين تعينهم هلذا الغرض وتزودهم‬
‫بالالطة وهكذا انتهى األمر اىل حلول القضاء العام يف الدولة حمل القضاء اخلاص وقضاء التحكيم‪.‬‬
‫ويف ظل هذا املظهر األخري لايادة الدولة تقلص دور التحكيم تاركا أرضه لقضاء الدولة وأصبح األصل يف‬
‫النظر يف املنازعات من اختصاص القضاء العام يف الدول اال أنه ومبرور الوقت فإن النظم القانونية الوضعية‬
‫أجازت لألفراد واجلماعات اخراج بعض املنازعات من والية اهليئات القضائية املخصصة للفصل فيها وأن‬
‫يعهدوا هبا اىل نظام التحكيم ‪ .‬وهكذا أصبح يرتدد القول بأن نظام التحكيم هو نظام استثنائي عن األصل‬
‫العام وهو القضاء و ما ياري على مناهضة التحكيم التجاري الدويل عموما ياري على مناهضة التحكيم‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪.‬أمحد عبدالكرمي سالمة‪ ،‬قانون التحكيم التجاري الدويل والداخلي ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬ص ‪. 05‬‬
‫(‪ )2‬حممود الايد عمر التحيوي‪ ،‬مفهوم التحكيم االختياري والتحكيم اجلربي ‪،‬منشأة املعرف بالاكندرية ‪،‬سنة‪، 2002‬ص ‪.8‬‬
‫(‪ )3‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪32‬‬
‫البحري‪ ،‬فالتحكيم البحري ما هو إال فرع من فروع التحكيم التجاري الدويل بصفة عامة يتميز بنوع‬
‫النشاط الذي يتوىل حل منازعاته و كونه نشاطا حبريا تعاقديا أو غري تعاقدي و ذلك يف اطار العالقات‬
‫الناشئة بني األشخاص اخلاصة أو بينها وبني األشخاص املعنوية العامة(‪. )1‬‬
‫إن إعرتاف النظم القانونية بالتحكيم مل يأيت دفعة واحدة فلم يكن هذا النظام مرغوب فيه بصفة عامة‬
‫وقد لقي مناهضة من طرف غالبية الدول وذلك ألسباب سياسية ‪،‬اقتصادية واديولوجية وقد كانت الدول‬
‫ترفض التحكيم بصفة عامة إلحااسها بأن نظام التحكيم ميس بايادهتا الداخلية واخلارجية على حد‬
‫الاواء(‪. )2‬‬
‫و لكن سرعان ما غريت الدول أرائها فيما خيص التحكيم التجاري الدويل ونصت على أحكامه يف قوانينها‬
‫الداخلية وذلك ملا فرضه واقع التجارة العاملية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬موقف الجزائر من التحكيم الدولي‬
‫مر املوقف اجلزائري من التحكيم التجاري الدويل مبرحلتني أساسيتني ‪:‬‬
‫المرحلة األولى ‪ :‬منذ االستقالل الى أواخر الثمانينات‪.‬‬
‫منذ الشهور األوىل لالستقالل كان أول احتكاك للدولة اجلزائرية بالتحكيم التجاري الدويل من خالل‬
‫املنازعات املتعلقة باحملروقات الشئ الذي جعل اجلزائر تتخذ موقفا سياسيا للتحكيم الدويل ال خيتلف عن‬
‫موقف باقي الدول العربية األخرى وهو موقف مناهض(‪. )3‬‬

‫هذا املوقف املناهض ترمجته عدة مواقف قانونية كالتايل‪:‬‬


‫‪ -‬نصوص قانون االجراءات املدنية املتعلقة بالتحكيم كانت معطلة نظرا لعدم تفتح املواطنني مبا يف ذلك‬
‫التجار على التحكيم ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم االنضمام التفاقيات دولية فاعلة مثل اتفاقية نيويورك اخلاصة باالعرتاف و تنفيذ قرارات التحكيم‬
‫األجنبية لانة ‪.1958‬‬
‫‪ -‬موقف سياسي من التحكيم التجاري الدويل و يتمثل يف انتقادات وجهت للنظام التحكيمي الدويل يف‬
‫إطار اخلطاب التارخيي الذي ألقاه الرئيس الراحل هواري بومدين أمام اجلمعية العامة لألمم املتحدة‬
‫والقاضي باقامة نظام اقتصادي عاملي جديد‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف حممد الفقي ‪ ،‬قانون التجارة البحرية‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ‪،‬بدون طبعة ‪،‬سنة ‪، 2447‬ص‪. 372‬‬
‫‪(2)Ali Mzghani,Le droit Musulment de l’arbitrage,Revue de l’arbitrage 2008,N°2,p213‬‬
‫(‪) 3‬عليوش قربوع كمال‪،‬التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر‪،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬الطبعة الثالثة‪،‬سنة ‪،2005‬ص‪.22‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬جمموعة التدابري اليت أخذت ملنع التحكيم يف جمال احملروقات (‪ ، )1‬فبعد صدور قرار ‪ 24‬أفريل ‪1171‬‬
‫املتعلق بتأميم البرتول و احملروقات ‪ ،‬أدى اىل مطالبة الشركات الفرناية احلكومة اجلزائرية باللجوء اىل‬
‫التحكيم تطبيقا إلتفاقية ‪ ، 1165‬غري أن احلكومة اجلزائرية رفضت اللجوء اىل التحكيم حبجة أن‬
‫اجراءات التأميم تعترب من أعمال الايادة ال جيوز اخضاعها اىل االجراءات املنصوص عليها لتاوية‬
‫املنازعات بني الشركات البرتولية و االدارة اجلزائرية ‪ ،‬ولذا مل يبقى أمامها إال قبول األمر الواقع و ذلك‬
‫يف ‪ ، )2(1171/46/34‬و بذلك مت اخضاع كل املنازعات للقانون الوطين (‪. )3‬‬
‫المرحلة الثانية‪:‬منذ سنة ‪ 0811‬الى يومنا هذا‪.‬‬
‫‪ -‬بدأت هته املرحلة يف اطار ما عرف بقوانني استقاللية املؤساات(‪ )4‬سنة‪ 1188‬هذا القانون الذي‬
‫حول املؤساات االشرتاكية سابقا اىل مؤساات عمومية اقتصادية ختضع ملبدأ التجارية كأصل عاما إال‬
‫اذا وجد نص خبالف ذلك ‪.‬‬
‫إن قانون ‪ 41/88‬الذي منح االستقاللية للمؤساات االقتصادية تضمن عدة أحكام تامح هلا‬
‫باللجوء اىل ادراج شرط التحكيم يف عالقاهتا ‪ ،‬منها املادة ‪ 4/24‬اليت تنص على أنه ‪ " :‬تكون‬
‫املمتلكات التابعة لذمة املؤساة العمومية االقتصادية قابلة للتنازل عنها و التصرف فيها وحجزها‬
‫‪...‬كما ميكن أن تكون موضوع مصاحلة حاب مفهوم الفقرة األوىل من املادة ‪ 442‬من األمر رقم‬
‫‪ 154-66‬املؤرخ يف ‪."1166/6/8‬‬
‫و قد كانت املادة ‪1/442‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ج تنص على أنه‪ " :‬جيوز لكل شخص أن يطلب التحكيم يف‬
‫حقوق له مطلق التصرف فيها "(‪. )5‬‬
‫هذا النص يؤكد حرية توجه املؤساات االقتصادية اىل التحكيم ‪.‬‬
‫أما نص املادة ‪ 62‬من قانون ‪ 44/88‬الصادر بتاريخ ‪ 1188/41/12‬اليت تنص على أنه ‪" :‬تلغى‬
‫مجيع األحكام املخالفة هلذا القانون " ‪ .‬و بالتايل فكل االجراءات اليت نص عليها القانون الاابق الذكر‬
‫تدخل يف جمال االلغاءات و قبول التحكيم كوسيلة لفض املنازعات يف النظام القانوين اجلزائري ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪.‬مصطفى تراري ثاين‪ ،‬حماضرات قانون التحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬قام املاجاتري القانون اخلاص األساسي ‪ ،‬جامعة معاكر‪،‬الانة اجلامعية‬
‫‪.2447/2446‬‬
‫(‪ )2‬قانون رقم ‪41/88‬بتاريخ ‪ 1188/41/12‬املتضمن القانون التوجيهي للمؤساات العمومية االقتصادية‪،‬اجلريدة اللرمسية للجمهورية اجلزائرية العدد ‪42‬‬
‫الانة اخلاماة والعشرون بتاريخ ‪. 1188/41/13‬‬
‫(‪)3‬االتفاق املربم بني سونطراك و الشركات الفرناية املربم يف ‪ 1171/46/34‬املتعلق بكيفية تاوية املنازعات املتعلقة بالشركات البرتولية الفرناية املؤممة ‪.‬‬
‫(‪ ) 4‬معاشو عمار ‪،‬الضمانات يف العقود االقتصادية الدولية يف التجربة اجلزائرية ‪ ،‬دكتوراه دولة ‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ،‬سنة ‪ ، 1118،‬ص‪. 328‬‬
‫(‪)5‬و هو ما يتطابق نوعا ما و نص الفقرة األوىل من املادة ‪ 1446‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج احلايل ‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ -‬يف نفس الاياق انضمت اجلزائر اىل اتفاقية نيويورك(‪ )1‬و جاء انضمام اجلزائر هلذه االتفاقية مع ابداء‬
‫رأيها بالتحفظ طبقا ملا تنص عليه الفقرة الثالثة من املادة األوىل من االتفاقية ‪،‬حيث أقرت بأهنا لن تطبق‬
‫أحكام هذه االتفاقية اال بشأن األحكام الصادرة يف دولة أخرى تكون طرفا فيها و على النزاعات‬
‫املتعلقة بالقانون التجاري الدويل كما يقضي بذلك القانون اجلزائري (‪.)2‬‬
‫_ صدور املرسوم التشريعي سنة ‪ )3(1113‬املنظم ألحكام التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر هذا‬
‫املرسوم الذي اقتبس أحكامه من القانون الفرناي و القانون الاوياري (‪.)4‬‬
‫‪ -‬سنة‪ 1115‬انضمت اجلزائر مبوجب األمر ‪ 45-15‬املؤرخ يف ‪ 1115-41-21‬اىل اتفاقية واشنطن‬
‫الصادرة يف ‪ 1165-43-18‬و اخلاصة باملركز الدويل لتاوية منازعات االستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬التعديل الذي طرأ على أحكام التحكيم التجاري الدويل مبوجب قانون االجراءات املدنية واالدارية‬
‫اجلديد و الذي حاول ماايرة ماتجدات التجارة الدولية(‪ )5‬خاصة و أن اجلزائر حتاول الدخول يف‬
‫املنظمة العاملية للتجارة وملفها مايزال قيد الدراسة ‪.‬‬
‫‪ -‬إن ما ميكن قوله فيما خيص مناهضة نظام التحكيم ‪ ،‬فغالبية دول العامل الىت مل تكن تقبل التحكيم‬
‫كوسيلة لفض منازعاهتا الدولية مل تاتطع تطبيق هته املناهضة كليا وكانت ترضخ من احلني اىل األخر‬
‫هلذا النظام ‪ ،‬وذلك لطبيعة املنازعات التجارية الدولية وأيضا واقع الاوق التجارية الدولية واليت تفرض‬
‫فيها القوى االقتصادية العاملية الكربى شروطها وما على الدول الضعيفة اىل القبول والطاعة ‪.‬‬
‫وهذا ما حدث للجزائر واليت شيئا فشيئا تقبلت نظام التحكيم التجاري الدويل و تبنته يف منظومتها‬
‫التشريعية ‪.‬‬
‫أما عن التحكيم البحري على وجه اخلصوص فان اجلزائر مل تضع له حلد األن بعض األحكام القانونية‬
‫اخلاصة به على غرار القوانني املقارنة كالقانون املصري مثال و القانون الفرناي اال أنه تطبق عليه أحكام‬
‫التحكيم التجاري الدويل املنصوص عليها يف قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلديد وذلك لطبيعة‬
‫منازعات التحكيم البحري واليت هلا طبيعة دولية وجتارية و حبرية ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬املرسوم الرئاسي رقم ‪ 233/88‬املؤرخ يف ‪ 1188/11/45‬املتضمن انضمام اجلزائر بتحفض لالتفاقية االعرتاف بالقرارات التحكيمية األجنبية املتحدة من‬
‫مؤمتر األمم املتحدة بنويورك املؤرخ يف ‪. 1158/46/14‬‬
‫(‪ ) 2‬أ‪.‬بن سهلة ثاين بن علي ‪،‬الطبيعة القانونية التفاق التحكيم وأثره على تاوية املنازعات التجارية الدولية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪181‬‬
‫(‪ )3‬املرسوم التشريعي رقم‪ 41/13‬مؤرخ يف ‪3‬ذي القعدة عام ‪1413‬املوافق ‪25‬ابريل سنة‪1113‬يعدل ويتمم االمر رقم‪154-66‬املؤرخ يف ‪ 8‬يونيو واملتضمن‬
‫قانون االجراءات املدنية ‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد‪27‬املوافق‪27‬ابريل‪1113‬ص‪. 58‬‬
‫(‪)4‬عليوش قربوع كمال‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪25‬‬
‫(‪)5‬د‪.‬حمفوظ لشعب ‪ ،‬املنظمة العاملية للتجارة ‪ ،‬سلاة القانون االقتصادي ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬ظهور التحكيم البحري على الصعيد الدولي‪.‬‬
‫عنها(‪.)1‬‬ ‫ياود العالقات البحرية يف عصرنا تيار دافق مقتضاه اللجوء للتحكيم حلل املنازعات الناشئة‬
‫فقليلة هي املنازعات البحرية اليت تفلت اليوم من التحكيم البحري(‪،)2‬حيث يتفق أطراف العالقات البحرية‬
‫على أن يعهدوا باملنازعات احلالة أو املاتقبلة الناشئة عنها إىل حمكمني من اختيارهم من املشهود هلم‬
‫بالكفاءة واخلربة يف اجملال البحري ليفصلوا فيها بأحكام حتكيمية ملزمة‪.‬‬
‫و خيتلف التحكيم البحري عن باقي الطرق البديلة حلل املنازعات فأحكامه ملزمة ألطراف النزاع عكس‬
‫التوفيق والوساطة واليت فيهما يقوم كل من املوفق والوسيط بتقدمي مقرتحات لألطراف حماولني بذلك إجراء‬
‫تاوية ودية بينهم(‪ ،)3‬و هذه التاوية ليات ملزمة ألطراف النزاع البحري‪.‬‬
‫وبالتايل فاالتفاق على اللجوء للتحكيم البحري يعين قبول األطراف املتنازعني لقرار احملكم والذي يفصل‬
‫يف النزاع البحري‪ ،‬فالتحكيم البحري هو اختيار هنائي لطريق التحكيم كبديل عن االلتجاء للقضاء(‪.)1‬‬
‫اال أن التحكيم بصفة عامة مل يكن مرحبا به يف بعض النظم الدولية منذ الوهلة األوىل وذلك ألسباب‬
‫سياسية واقتصادية و اديولوجية املختلفة لكل دولة و من هته الدول اجلزائر و اليت مرت براحل عديدة لقبول‬
‫التحكيم يف نظامها القانوين من املناهضة اىل القبول احملتشم اىل و ضع نظام قانوين متكامل للتحكيم‬
‫ليتماشى و مرونة املعامالت االقتصادية احلديثة‪.‬‬
‫والتحكيم البحري كنظام قانوين حلل املنازعات البحرية ظهر قدميا بظهور التجارة البحرية لدى الدول ذات‬
‫الاواحل و خاصة الدول األوروبية منها و اليت كانت هلا الريادة يف نشأته‪ ،‬فكيف ظهر التحكيم البحري؟‬
‫و هل حاولت الدول توحيد أحكامه ؟و ما هي املنازعات اليت حتل بواسطته ؟‬
‫لالجابة على هذا الاؤال قامنا هذا الفصل اىل مبحثني ‪ :‬نشأة التحكيم البحري وتطوره يف املبحث األول‬
‫و املنازعات اليت ختضع للتحكيم البحري يف املبحث الثاين ‪.‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫(‪ )2‬مصطفى تراري ثاين‪ ،‬ذاتية التحكيم البحري‪ ،‬امللتقى الدويل حول"املنازعات البحرية" خمرب قانون النقل والنشاطات املرفئية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة وهران‪،‬‬
‫‪ 2‬و ‪ 3‬مايو ‪.2332‬‬
‫‪(3) François Arradon, l'arbitrage maritime en France, la revue maritime n°470, octobre 2004, p01.‬‬
‫(‪)1‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية‪ ،‬دار الكتب القانونية ‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬نشأة التحكيم البحري وتطوره‪.‬‬
‫كان التحكيم يف الشرائع القدمية متعارف عليه ومعمول به‪ ،‬وكان عرفا وشريعة لدى العرب قبل االسالم‬
‫وتعود نشأة التحكيم اىل بداية البشرية ‪ ،‬وهو قدمي قدمها‪ ،‬فقد عرفته البشرية قبل أن تعرف القضاء العام‬
‫واعرتفت به كافة األنظمة الاياسية اليت كانت سائدة انذاك ‪،‬كاحلضارات اليونانية والرومانية واالسالمية‬
‫وغريها‪.‬‬
‫والتحكيم البحري كنظام قانوين حلل املنازعات البحرية معروف منذ القدم حبيث ميتد وجوده إىل عصور‬
‫روما القدمية يف القرن الاابع قبل امليالد وازدهار القانون البحري جلزيرة رودس " ‪The Sea Law of‬‬
‫‪ "Rhodes‬مث تبوأ التحكيم البحري مكانه الالئق كوسيلة حلل املنازعات البحرية يف العصور الوسطى نظرا‬
‫الزدهار التجارة البحرية بني الشعوب املختلفة‪ ،‬ونشوء موانئ هامة على حبر الشمال وحبر البلطيق وتدوين‬
‫أعظم قانونني حبريني عرفيني "‪ "Lex Maritima‬ويما قنصلية البحر"‪"Consulato del Mare‬وهي مدونة‬
‫برشلونة يف القرن احلادي عشر للميالد‪ ،‬وجمموعة أولريون "‪ "The Role of Oleron‬اليت وضعت عام‬
‫‪ 1244‬للميالد تضم أحكام القضاة الصادر يف املوانئ الفرناية الواقعة على احمليط األطلنطي(‪.)1‬‬
‫والدليل على انتشار حل املنازعات البحرية بواسطة التحكيم البحري يف العصر الوسيط األحكام‬
‫التحكيمية البحرية الصادرة يف ميناء مرسيليا الفرناي عام ‪ 1248‬للميالد‪ ،‬واليت مازالت موجودة وحمفوظة‬
‫يف فرناا حىت اآلن‪.‬‬
‫أما عن التحكيم يف عصرنا احلاضر فإنه قد القى رواجا وازدهارا ال مثيل هلما نظرا الزدهار التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬وتفضيل أغلب املتعاملني املتخصصني يف اجملال البحري التحكيم البحري كوسيلة حلل منازعاهتم(‪.)2‬‬
‫كما أنه رغم األيمية املتزايدة لوسائل النقل البحري واجلوي يف هذا العصر إال أن وسيلة النقل البحري‬
‫مازالت حتتل املرتبة األوىل ضمن وسائل النقل املختلفة لقلة تكاليفها‪ ،‬ولكرب أحجام الشحنات املنقولة‬
‫بواسطتها وذلك باملقارنة بوسائل النقل األخرى‪ .‬ويعد نقل البضائع عن طريق البحر عامال هاما ترتكز عليه‬
‫التجارة اخلارجية(‪ )3‬والذي بواسطته تنفذ الصفقات التجارية الدولية واليت تعرف بالبيوع الدولية(‪.)4‬‬

‫إن ازدهار عملية التحكيم البحري وانتشاره كوسيلة حلل املنازعات البحرية قد ارتبط بأماكن بعينها دون‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪)2(François Arradon,op cit , p01.‬‬
‫(‪)3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)4‬مسري مجيل الفتالوي‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪37‬‬
‫األخرى لعدة عوامل ومنها متركز األنشطة البحرية يف هته األماكن وتواجد رؤوس األموال الضخمة هبا وأيضا‬
‫الظروف التارخيية اليت جعلت الايادة البحرية يف منطقة دون األخرى(‪ ، )1‬فضال عن التقدم االقتصادي‬
‫والتجاري الذي متركز هو اآلخر يف نفس املناطق من العامل و بالتايل قامنا هذا املبحث اىل التحكيم‬
‫البحري يف النظام األجنلوساكاوين(مطلب أول) و التحكيم البحري يف النظام الالتينوجرماين(مطلب ثاين) ‪،‬‬
‫كما تطرقنا اىل التحكيم يف اتفاقية روتردام باعتبارها أخر اتفاقية دولية بشأن النقل البحري الدويل (مطلب‬
‫ثالث )‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬التحكيم البحري في النظام األنجلوساكسوني‪.‬‬
‫ان اجنلرتا حتتل املرتبة األوىل يف جمال التحكيم البحري حيث ارتبطت الايادة البحرية بالدول االجنليزية‬
‫منذ القدمي‪ ،‬واستمرت هذه الايادة يف العصر احلديث بتأثري التقدم التجاري واالقتصادي‪.‬‬
‫فأصبحت اجنلرتا من أكرب الدول اجملهزة واملالكة ألساطيل النقل البحري‪ ،‬ومعقل التجمعات البحرية‬
‫الكربى‪.‬وقد استغل االجنليز هذه االعتبارات كلها وأنشؤا جمموعة من العقود النموذجية لتنظيم كافة اجملاالت‬
‫واألنشطة البحرية من بناء الافن وإصالحها وشرائها عالوة على عقود النقل البحري مبوجب سندات‬
‫الشحن املختلفة وعقود إجيار ومشارطات الافن‪ ،‬والتأمني البحري‪ ،‬هته العقود أغلبها تشمل شروط‬
‫للتحكيم تقضي بالتحكيم يف لندن كوسيلة حلل املنازعات الناشئة عنها‪.‬‬
‫إن ما جعل بريطانيا من الدول الرائدة يف التحكيم البحري أيضا‪ ،‬حرصها الشديد على جعل احملكمني‬
‫البحريني من أهل االختصاص يف هذا اجملال وتعيني نفس احملكمني يف غالب األحيان(‪ ،)2‬هذا ما جيعل هلم‬
‫كفاءة عالية يف ميدان التحكيم البحري‪.‬‬
‫وقد دفع هذا االزدهار االجنليزي التحكيمي يف اجملال البحري التجمعات البحرية االجنليزية مرة أخرى‬
‫إىل عدم التفريط يف هذا احلق التارخيي واالقتصادي املكتاب فأنشأت مؤساة اللويدز للتأمني البحري غرفة‬
‫للتحكيم البحري يف جمال املنازعات البحرية الناشئة عن العقود البحرية النموذجية للمااعدة البحرية‬
‫واإلنقاذ والتصادم البحري ولتاوية اخلاارات البحرية املشرتكة ووضعت املؤساة شروط حتكيمية تقضي‬
‫بالتحكيم أمام غرفة التحكيم التابعة هلا يف حتكيم حبري مؤساي تنظمه وتديره وتشرف عليه اهليئة بواسطته‬
‫حمكمني حبريني من أعضائها(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪)2(Bruce Hannis, l'avenir de l'arbitrage maritime, arbitre maritime (LMAA e CAMP), Gazette de‬‬
‫‪la chambre maritime de paris n°17, automne 2008, p 3 et 4‬‬
‫(‪)3‬عاطف حممد الفقي‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪38‬‬
‫كما أنشأت التجمعات البحرية االجنليزية مجعية احملكمني البحريني بلندن كجمعية حتكيم حبري ال هتدف‬
‫لتحقيق الربح بل هتدف إىل خدمة اجملتمع البحري االجنليزي بواسطة تدريب احملكمني االجنليز‪ ،‬وضمهم يف‬
‫قائمة حمكميها ليختار األطراف من بينهم حمكميهم الذين يفصلون يف النزاع مبوجب الئحة حتكيم وضعتها‬
‫اجلمعية بشرط اتفاق األطراف على إخضاع حتكيمهم هلذه الالئحة‪ ،‬كما تقدم اجلمعية للمحكمني‬
‫واألطراف أية نصائح أو معلومات أو خدمات يريدوهنا ولكن دون تدخل منها يف تنظيم وإدارة العملية‬
‫التحكيمية ‪ ،‬حيث أن هذا التنظيم وهذه االدارة تبقى للمحكمني وحدهم يف إطار اتفاق األطراف (‪.)1‬‬
‫وهبذا تعترب لندن مركز عاملي للتحكيم الدويل وتشهد أكثر من ‪ 130333‬قضية يف الانة ‪ %13‬منها‬
‫تتعلق باملاائل البحرية والتجارية الدولية(‪.)2‬‬
‫ففي لندن وحدها يتم إصدار أكثر من أربعمائة حكم حتكيم حبري يف كل عام(‪ ،)3‬وتأخذ بريطانيا‬
‫الصدارة يف هذا اجملال‪ ،‬ذلك ألهنا تنظم كافة جماالت األنشطة البحرية بعقود منوذجية من عقود لبناء الافن‬
‫وإصالحها وشرائها‪ ،‬عالوة على عقود النقل البحري مبوجب سندات الشحن املختلفة وعقود إجيار‬
‫ومشارطات الافن والتأمني البحري‪ .‬كما أننا جند غرفة التحكيم البحري بلندن هتدف أصال إىل تدريب‬
‫ورفع كفاءة احملكمني البحريني‪ ،‬إال أنه ما ميكن قوله عن التحكيم البحري يف اجنلرتا أنه تغري يف الوقت احلايل‬
‫عما كان فيه سابقا وميكن هذا االختالف والتطور يف اإلجراءات املتبعة فيه وكذا تأطري احملكمني البحريني‪.‬‬
‫فمنذ ‪ 83‬سنة كان احملكمني البحريني يف الغالب من احملرتفني يف اجملال البحري‪ ،‬أما اليوم فقد حصل‬
‫تغري جذري حبيث أصبح يعني يف اجملال البحري حمكمون هلم تكوين قانوين وبالتايل اإلشكال الذي طرح‬
‫اآلن هو قلة احملكمني البحريني احملرتفني‪ ،‬وذلك أن العمليات التجارية أصبحت أكثر تعقيدا(‪ )1‬وكذا الزخم‬
‫التشريعي احلاصل يف اجملال القانوين واإلجرائي يف امليدان البحري(‪.)8‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪1‬‬
‫(‪)2‬حممودي ماعود‪ ،‬أٍساليب وتقنيات إبرام العقود الدولية‪ ،‬ديوان اجملموعات اجلامعية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪، 2339‬ص ‪.213‬‬
‫(‪)3‬عمر مشهور حديثة اجلازي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪)1(Bruce Harris – Arbitre Maritime (LMAA et CAMP), l'Avenir de l'Arbitrage Maritime,‬‬


‫‪gazette de la chambre arbitrale maritime de paris, n° 17, automne 2008, p03.‬‬
‫‪)8(Ibid, p 04.‬‬

‫‪39‬‬
‫كذلك دخلت الواليات املتحدة األمريكية إىل عامل التحكيم بكل قوة و أصبحت نيويورك حتتل مكانة‬
‫عاملية كربى يف هذا اجملال على أساس أن كافة العقود النموذجية األمريكية حتوي شرطا للتحكيم يقضي‬
‫بالتحكيم يف نيويورك حلل النزاعات الناشئة عن هته العقود(‪.)1‬وأصبحت نيويورك حتتل املكانة الثانية يف جمال‬
‫التحكيم البحري‪ ،‬وتكونت التجمعات البحرية األمريكية اليت أنشأت مجعية احملكمني البحريني بنيويورك‬
‫كجمعية حتكيم حبري حر ‪ ،‬وضعت الئحة حتكيم ملن شاء من األطراف أن جيعلها إطارا إلجراءات‬
‫حتكيمية واملنظمة واملدارة بواسطة حمكمني حبريني تدرهبم اجلمعية وتضمهم يف قائمة حمكميها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التحكيم البحري في النظام الالتينوجرماني ‪.‬‬
‫قد احتلت باريس املرتبة الثالثة يف ميدان التحكيم البحري العاملي ‪ ،‬وحلماية التكتالت البحرية الفرناية‬
‫من هيمنة هيئات التحكيم البحري االجنليزية نشاء التحكيم البحري يف فرناا بإنشاء غرفة التحكيم البحري‬
‫بباريس رمسيا سنة ‪ .)2(1166‬وكان أول مؤساي هته الغرفة حمرتفون ومتخصصون يف اجملال البحري من‬
‫ناقلني وماتأجرين‪ ،‬حبيث أن هدفهم األساسي كان حل منازعاهتم الناشئة عن عقود استئجار الافن عن‬
‫طريق حمكمني حبريني خمتصني‪ ،‬ذلك أن مشارطات اإلجيار متتاز بتعقيد كبري وأهنا ماتوحات من الفكر‬
‫األجنلوساكاوين(‪ .)3‬وكذا رغبتهم يف عدم اللجوء إىل بريطانيا حلل بعض املنازعات البايطة وقد حقق هذا‬
‫اهلدف بارعة وبااطة‪ ،‬واآلن التحكيم البحري بفرناا له مكانة حىت وإن مل يرقى إىل مكانة التحكيم‬
‫البحري بربيطانيا والذي يعد املرجع واألساس ‪.‬‬
‫أما عن اجلزائر فال ميكننا التحدث عن حتكيم حبري بوجه خاص وإمنا نتحدث عن حتكيم جتاري دويل‬
‫عموما تدخل يف إطاره املنازعات البحرية الدولية‪ ،‬ذلك بأنه حلد اآلن مل تدرج نصوص قانونية خمتصة يف‬
‫هذا اجملال‪ .‬وإمنا املشرع اجلزائري نظم التحكيم التجاري الدويل بوجه عام يف قانون اإلجراءات املدنية‬
‫واإلدارية اجلديد‪ .‬ما ميكن ذكره فقط أنه و ألول مرة تعرض املشرع اجلزائري إىل شرط التحكيم باإلشارة يف‬
‫املادة ‪ 1448‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج(‪ ،)4‬هذه املادة تشجع إىل التحكيم البحري بطريقة غري مباشرة ألن شرط‬
‫التحكيم باإلشارة هو من شروط التحكيم األكثر استعماال يف اجملال البحري وخاصة يف جمال عقود النقل‬
‫البحرية ‪.‬كذلك قامت اجلزائر بإنشاء غرفة ختتص يف حل املنازعات التجارية الدولية عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪)2( François Arradon, l'arbitrage maritime en France, op cit ,p 01‬‬
‫‪)3(Ibis‬‬
‫‪(4)Mostefa Trari Tani, Klwer international ; 27ASA Bultin , 1/2009 mars,p75‬‬

‫‪40‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬التحكيم البحري في إتفاقية روتردام ‪.‬‬
‫نظمت اتفاقية روتردام املكان الذي جتري فيه اجراءات التحكيم و فرقت يف هذا الصدد بني التحكيم يف‬
‫النقل املالحي املنتظم(‪ ، )1‬و التحكيم يف النقل املالحي غري املنتظم (‪.)2‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مكان اجراءات التحكيم في النقل المالحي المنتظم ‪.‬‬


‫يتضح من املادة ‪ 75‬من معاهدة روتردام أهنا تعرضت يف الفقرة األوىل منها ملبدأ حل النزاع الذي قد ينشأ‬
‫بشأن عقد نقل البضائع و اليت تاري عليه أحكام االتفاقية بواسطة التحكيم ‪.‬‬
‫و تعرضت املادة سالفة الذكر يف كل من الفقرات الثانية والثالثة و الرابعة منها للمكان الذي جيب أن جيري‬
‫فيه التحكيم باتفاق األطراف(‪ .)3‬فأتاحت هذه الفقرات للمدعي بالتحكيم خيار مكان التحكيم مماثال‬
‫للخيار الذي نصت عليه املادة ‪ 66‬و ‪ 67‬من االتفاقية املتعلقة بشأن االختصاص القضائي ‪.‬‬
‫إال ان هناك استثناء وحيد حول مكان التحكيم يتعلق باحلالة اليت يكون االتفاق على مكان التحكيم ملزما‬
‫لألطراف و حصري ‪ ،‬عند وروده يف عقد كمي (‪ ،)4‬فانه ال يقتضي بصدد التحكيم أن يكون جاريا يف‬
‫احدى الدول املنظمة اىل املعاهدة ‪ ،‬بينما االختصاص القضائي يقتضي أن تكون احملكمة احلصرية املتفق‬
‫عليها تقع يف احدى الدول املنظمة اىل االتفاقية ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪) 1‬حاب اتفاقية روتردام فالنقل املالحي املنتظم يعين خدمة نقل معروضة على عموم الناس من خالل النشر أو بوسيلة مماثلة ‪ ،‬وتشمل النقل بواسطة سفن تعمل بصورة منتظمة بني موانئ‬
‫حمددة وفقا جلداول زمنية ملواعيد االحبار متاحة لعموم الناس ‪.‬‬
‫(‪) 2‬النقل املالحي غري املنتظم هو عكس النقل املالحي املنتظم و هو النقل الذي ال تكون فيه خدمة النقل مطروحة على عموم الناس من خالل النشر أو بوسيلة أخرى حبيث ال يشمل سفن‬
‫تعمل بصورة منتظمة بني موانئ وفقا جلداول زمنية ملواعيد االحبار متاحة لعموم الناس ‪.‬‬
‫(‪ )3‬املادة ‪ 98‬من اتفاقية روتردام تنص ‪"-:‬رهنا بأحكام هذا الفصل‪ ،‬جيوز للطرفني أن يتفقا على أن حيال إىل التحكيم أي نزاع قد ينشأ بشأن نقل البضائع مبقتضى هذه االتفاقية‪-.‬تقام‬
‫إجراءات التحكيم‪ ،‬حابما خيتاره الشخص الذي يتماك مبطالبة جتاه الناقل‪ ،‬يف‪(:‬أ)أي مكان حيدد لذلك الغرض يف اتفاق التحكيم؛ (ب)أي مكان آخر يف دولة يوجد فيها أي من األماكن‬
‫التالية‪:‬‬

‫‘‪‘1‬مقر الناقل؛ أو ‪ 2‘-‬مكان التالم املتفق عليه يف عقد النقل؛ أو‘‪3‬مكان التاليم املتفق عليه يف عقد النقل؛ أو‘‪‘1‬امليناء الذي حتمل فيه البضائع على الافينة يف‬
‫البداية‪ ،‬أو امليناء الذي تفرغ فيه البضائع من الافينة يف النهاية‪- .‬يكون تعيني مكان التحكيم يف االتفاق ملزما يف النـزاعات بني طريف االتفاق إذا كان ذلك االتفاق‬

‫واردا يف عقد كمي حيدد بوضوح امسي الطرفني وعنوانيهما ويكون إما‪(:‬أ)جرى التفاوض عليه بصورة منفردة؛ أو(ب)يتضمن بيانا جليا بأن هناك اتفاق حتكيم وحيدد‬

‫أبواب العقد الكمي احملتوية على اتفاق التحكيم‪.‬‬


‫‪-‬يف حال إبرام اتفاق التحكيم وفقا للفقرة ‪ ٣‬من هذه املادة‪ ،‬ال يكون الشخص الذي ليس طرفا يف العقد الكمي ملزما بتعيني مكان التحكيم يف ذلك االتفاق إال‬

‫إذا‪(:‬أ)كان مكان التحكيم املعني يف االتفاق واقعا يف أحد األماكن املشار إليها يف الفقرة الفرعية ‪( 2‬ب) من هذه املادة؛(ب)وكان االتفاق واردا يف ماتند النقل أو‬

‫سجل النقل اإللكرتوين؛(ج)ووجه إىل الشخص الذي سيكون ملزما بذلك االتفاق إشعار واف ومناسب التوقيت مبكان التحكيم؛(د)وكان القانون املنطبق يامح بأن‬

‫يكون ذلك الشخص ملزما باتفاق التحكيم‪.‬‬

‫‪-‬تعترب أحكام الفقرات ‪ ١‬و‪ ۲‬و‪ ٣‬و‪ ٤‬من هذه املادة جزءا من كل بند أو اتفاق خاص بالتحكيم‪ ،‬ويكون أي حكم يف ذلك البند أو االتفاق باطال مىت تضارب‬

‫معها‪".‬‬
‫(‪) 4‬العقد الكمي يعين عقد نقل ينص على نقل كمية حمددة من البضائع يف سلالة من الشحنات خالل فرتة زمنية متفق عليها ‪ ،‬و ميكن أن يتضمن حتديد الكمية حدا أدىن أو حد أقصى او‬
‫نطاقا معينا ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫كما أبطلت املعاهدة يف فقرهتا اخلاماة من املادة ‪ 75‬كل اتفاق حتكيمي أو شرط حتكيمي يتضمن حتديد‬
‫إجراءات التحكيم باملخالفة لألسس اليت جاءت هبا‪ ،‬و االستثناء هو البند الوارد يف العقد الكمي ‪،‬‬
‫و كذلك ما أوردته املادة ‪ 77‬منها(‪ )1‬واملتعلقة باالتفاق التحكيمي على تاوية النزاع بعد نشأته و ذلك‬
‫يف أي مكان يرتئيه األطراف ‪ ،‬سواء اتفقوا على تطبيق أحكام االتفاقية أو غريها من القواعد (‪. )2‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التحكيم في النقل المالحي غير المنتظم ‪.‬‬


‫إن هذا النوع من النقل ال تطبق عليه كمبدأ عام أحكام اتفاقية روتردام و ذلك مبوجب الفقرة الثانية من‬
‫املادة ‪)3( 6‬من املعاهدة ‪ ،‬وياتثىن من ذلك عندما يكون العقد املنظم لعملية النقل بني الطرفني صدر فيه‬
‫ماتند نقل أو سجل نقل الكرتوين شرط أن ال يكون هذا العقد مشارطة اجيار أو أي عقد أخر الستخدام‬
‫كامل الافينة أو أي حيز عليها ( املادة ‪( 2/6‬أ) (ب) ‪.‬‬
‫و بالتايل ال متنع االتفاقية تنفيذ االتفاق التحكيمي الذي يرد يف أحد عقود النقل يف سياق املالحة غري‬
‫املنتظمة سواء تلك العقود املطبقة عليها أحكام هذه املعاهدة تطبيقا لبند (أ) و (ب) من املادة الاادسة‬
‫سابقة الذكر ‪ ،‬أو تطبيقا الدراج بند يفيد تطبيق أحكام االتفاقية يف العقود غري اخلاضعة أصال ألحكام‬
‫االتفاقية ‪ ،‬أو سواء تلك العقود املطبقة عليها االتفاقية مبوجب املادة ‪ 7‬منها (‪. )4‬‬
‫و بناء على ذلك خيضع التفاقية روتردام اخلاصة بالتحكيم ‪ ،‬االتفاق التحكيمي الوارد يف ماتند نقل أو‬
‫سجل نقل الكرتوين الصادرين مبناسبة مشارطة اجيار أو أي عقد أخر باستخدام سفينة أو أي حيز عليها‬
‫و املطبق بني الناقل و املرسل اليه أو الناقل و الطرف املايطر أو الناقل و احلائز اذا كانوا هؤوالء (غري‬
‫الناقل )‪ ،‬لياوا أطرافا أصليني يف مشارطة االجيار ما مل يكن يبني ماتند النقل أو سجل النقل االلكرتوين‬
‫هوية طريف مشارطة االستئجار أو العقد األخر املاتبعد من نطاق تطبيق االتفاقية و تاريخ مشارطة‬
‫االستئجار أو العقد األخر ‪ .‬و يتضمن البند الذي حيتوي على أحكام اتفاق التحكيم يف مشارطة‬
‫االستئجار أو العقد االخر ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 77‬من اتفاقية روتردام على ‪ ":‬بعد نشوء نزاع ما‪ ،‬جيوز لطريف النـزاع أن يتفقا على تاويته عن طريق التحكيم يف أي مكان‪ ،‬بصرف النظر عن أحكام هذا الفصل والفصل‬
‫‪".١1‬‬
‫(‪)2‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪443‬‬
‫(‪)3‬املادة ‪ 9‬من اتفاقية روتردام ‪":‬ال تنطبق هذه االتفاقية على العقود التالية يف النقل املالحي املنتظم‪(-:‬أ)مشارطات االستئجار؛ (ب)والعقود األخرى املتعلقة باستخدام سفينة أو أي حيز‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪-‬ال تنطبق هذه االتفاقية على عقود النقل يف النقل املالحي غري املنتظم إال عندما‪(:‬أ)ال تكون هناك مشارطة استئجار أو عقد آخر بني الطرفني الستخدام سفينة أو أي حيز عليها؛‬
‫(ب)ويصدر ماتند نقل أو سجل نقل إلكرتوين‪".‬‬
‫(‪)4‬تنص املادة ‪ 7‬من االتفاقية ‪ ":‬بصرف النظر عن أحكام املادة ‪ ،٦‬تنطبق هذه االتفاقية فيما بني الناقل واملرسل إليه أو الطرف املايطر أو احلائز الذي ليس طرفا أصيال يف مشارطة االستئجار‬
‫أو عقد نقل آخر ماتبعد من نطاق انطباق هذه االتفاقية‪ .‬بيد أن هذه االتفاقية ال تنطبق فيما بني الطرفني األصيلني يف عقد نقل ماتبعد مبقتضى املادة ‪.٦‬‬

‫‪42‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المنازعات التي تخضع للتحكيم البحري‪.‬‬
‫تتعدد املنازعات املعروضة على التحكيم البحري حبيث تشمل كافة املنازعات الناشئة يف اطار املعامالت‬
‫البحرية بني األشخاص اخلاصة أو بينها و بني أحد األشخاص املعنوية العامة و نذكر منها ‪:‬‬
‫املنازعات الناشئة يف جمال بناء الافن و اصالحها ‪،‬و املنازعات الناشئة عن التعامالت الواردة على الافن‬
‫كبيع الافن و شرائها ‪ ،‬و املنازعات الناشئة عن عقود النقل البحري و غريها من املنازعات البحرية‪.‬‬
‫و تقام املالحة البحرية إىل أمور جافة وأمور غري جافة حبيث أن املالحة اجلافة تضم كل ما يتعلق‬
‫باالستخدامات التجارية للافن يف حني أن املالحة غري اجلافة تضم كل ما يتعلق باحلوادث البحرية‪ ،‬وعليه‬
‫فان أمور املالحة اجلافة هي غالبا ما تتعلق بالعقود أما بالنابة ألمور املالحة غري اجلافة فمنازعاهتا يف‬
‫الغالب تقوم على أساس املاؤولية غري العقدية أي التقصريية ومثال ذلك حاالت التصادم بني الافن(‪.)1‬‬
‫إن للمالحة غري اجلافة أربعة أنواع أساسية هي‪ :‬التصادم‪ ،‬املااعدة البحرية و اإلنقاذ‪ ،‬املصادرة‪ ،‬وحتديد‬
‫املاؤولية‪ .‬أما بالنابة ألنواع املالحة اجلافة فإن هلا عدة أنواع تتباين بني سفن الركاب‪ ،‬حىت سفن احلمولة‬
‫الاائبة أو اجلافة مرورا بناقالت املواشي‪ ،‬ومن الناحية العملية فإن معظم املنازعات اليت تنتج عن هذه‬
‫اإلستخدامات التجارية تكون حمكومة بعقود وهي يف الغالب إما أن تكون عقود مشارطة إجيار الافن سواء‬
‫لرحلة أو ملدة معينة من الزمن أو سندات الشحن‪ ،‬أو قد تكون عقود بيع وشراء أو حىت صيانة الافن ‪.‬‬
‫أما عن املالحة املختلطة يقصد هبا تلك املالحة اليت متارس يف البحر والنهر على حد الاواء واالجتاه‬
‫احلديث يف حتديد القانون الذي ياري على هذا الضرب من التجارة مييل إىل تطبيق قانون اجلزء األكرب‬
‫واألهم من الرحلة‪ ،‬عمال بقاعدة الفرع يتبع األصل وهي مالمة يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وشريعة روما ويف‬
‫منطق العقل(‪.)2‬أما األماكن اليت خيتلط فيها البحر بالنهر فتخضع التفرقة فيها بني ما يعد مالحة حبرية أو‬
‫هنرية للمخاطر نفاها‪ ،‬وهل هي خماطر حبرية وهي ماألة تقدير ختص القضاء‪.‬‬
‫و مهما يكن فإن أيمية هته التفرقة ترجع إىل أن املالحة البحرية هي اليت ختضع ألحكام القانون البحري‬
‫أما املالحة النهرية والداخلية يف البحريات واألهنار والقنوات املائية فتحكمها قواعد املالحة النهرية‪.‬‬
‫أما فيما خيص املالحة يف األهنار الدولية فتقام إىل ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ املالحة الااحلية‪ :‬وهي املالحة اليت تقتصر على نقل األشخاص والبضائع من موقع يف دولة هنرية‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صالح الدين عبد اللطيف الناهي‪ ،‬الوجيز يف مبادئ القانون البحري‪ ،‬مكتبة دار الثقافة عمان‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪ ،1116‬ص ‪34‬‬
‫(‪)2‬عاطف حممد الفقى ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪43‬‬
‫إىل موقع أخر يف ذات الدولة‪ ،‬كنقل األشخاص والبضائع بني أسوان والقاهرة أي أن املالحة ال تتعدى‬
‫حدود الدولة النهرية الواحدة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املالحة بني النهرية‪ :‬وهي تقتصر على نقل األشخاص والبضائع من موقع يف دولة على النهر إىل‬
‫موقع يف دولة أخرى على ذات النهر‪ ،‬كاملالحة بني اخلرطوم والقاهرة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املالحة الدولية‪ :‬وهي املالحة اليت تقوم هبا الافن يف نقلها للبضائع واألشخاص بني الدول غري‬
‫املشاطئة للنهر الدويل من خالل أعايل البحار أو العكس كحالة املالحة يف شط العرب بالعراق(‪.)1‬‬
‫إن القاعدة العامة اليت حتكم النوع األول توجد يف القوانني الوطنية‪ ،‬أما ما حيكم النوع الثاين للمالحة‬
‫فتوجد قواعده يف االتفاق الذي يربم بني الدولتني أو الدول املشاطئة للنهر‪،‬أما عن األهنار الدولية فيحكمها‬
‫االتفاق أو الرضا املتبادل بني الدول‪.‬‬
‫إن ما ميكن قوله عن اللجوء إىل التحكيم يف املالحة النهرية‪ ،‬فليس هناك ما مينع من ذلك ورغم‬
‫االختالف املوجود بني املالحة النهرية واملالحة البحرية إال أن هناك تقارب ال ميكن إنكاره من حيث‬
‫الوسيلة املاتعملة فيهما وحىت االختالط الذي حيصل بينهما ويف أنواع العقود اليت تتشابه فيهما‪.‬‬
‫وبالتايل فالتحكيم النهري هو يقرب بكثري من التحكيم البحري عنه عن التحكيم عموما‪ ،‬حىت ميكن أن‬
‫يكون جزءا منه‪ ،‬وحىت من الناحية العملية نرى كثري من األحكام الصادرة عن غرفة التحكيم البحري‬
‫بباريس حتل منازعات خاصة باملالحة النهرية(‪ )2‬هذا ما يؤكد التقارب بني التحكيم يف املالحة النهرية‬
‫والتحكيم البحري‪ .‬أما عن حصر هذه العالقات البحرية اليت تكون منازعاهتا حمال للتحكيم البحري أو‬
‫التمثيل هلامل يوجد يف قوانني التحكيم الوطنية و املعاهدات الدولية حصرا هلا سوى ما ورد يف قانون‬
‫التحكيم الفدرايل األمريكي ‪ 1125‬يف املادة األوىل حيث عرف املعامالت البحرية اليت حتل منازعاهتا و فقا‬
‫هلذا القانون بأهنا‪" :‬مشارطات اجيار الافن ‪ ،‬و عمليات النقل البحري مبوجب سند الشحن ‪،‬و االتفاقات‬
‫اخلاصة باستعمال الرصيف البحري للافن و إصالحها و التصادم البحري ‪ ،‬و أي موضوع من موضوعات‬
‫التجارة الدولية واليت تدخل عند االقتضاء يف اختصاص القضاء البحري"‬
‫و قد قامت مراكز التحكيم البحري يف لوائح التحكيم اليت وضعتها بتحديد العالقات البحرية اليت تعرض‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬د‪ .‬عبد املنعم حممد داود‪ ،‬القانون الدويل للبحار‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬ص ‪.318‬‬

‫‪)2(Formule incograin n° 15- foB.fluvial,collection des juris international, date de publication 01-09-‬‬
‫‪1996, arret de la Chambre arbitrale Maritime de paris.‬‬

‫‪44‬‬
‫منازعاهتا على التحكيم البحري و اليت تقوم هذه املؤساات بإدارته و تنظيمه ‪:‬‬
‫فغرفة التحكيم البحري بباريس تضطلع بالتحكيم يف املنازعات الناشئة عن االستغالل البحري ‪،‬و املالحة‬
‫البحرية ‪ ،‬و ال نقل و االجيار البحري ‪ ،‬و بناء الافن أو اصالحها ‪ ،‬و بيع أو شراء الافن التجارية أو سفن‬
‫الصيد أو سفن النزهة ‪ ،‬و املنازعات اخلاصة باألرصفة البحرية و انشاءاهتا و معداهتا و جتهيزها ‪ ،‬وكذا‬
‫املنازعات الناشئة عن التأمني البحري و بوجه عام باملنازعات الناشئة عن أي أنشطة حبرية أخرى ترتبط‬
‫بطريق مباشر أو غري مباشر بأي من املوضوعات الاابقة(‪. )1‬‬
‫أما مجعية احملكميني البحريني بلندن فقد أوردت املنازعات الىت حتل عن طريق التحكيم وفقا لالئحتها‬
‫التحكيمية بطريقة عامة حني قررت يف الالئحة بأهنا تطبق على املنازعات الىت تعد من النوع الذي لو أحيل‬
‫اىل احملكمة العليا االجنليزية فاهنا ستحيله اىل احملكمة البحرية (‪. )2‬‬
‫كذلك حددت املنظمة الدولية للتحكيم البحري يف املادة األوىل من الئحتها التحكيمات اليت ميكن أن‬
‫تعرض أمامها بأهنا ‪ :‬التحكيمات املتعلقة بالتجارة البحرية و منها التحكيمات املتعلقة بالفصل يف منازعات‬
‫مشارطات اجيار الافن ‪،‬وعقود النقل البحري ‪ ،‬وعقود التأمني البحري و االنقاذ البحري ‪ ،‬واخلاارات‬
‫البحرية املشرتكة ‪ ،‬وبناء الافن واصالحها ‪ ،‬وعقود بيع الافن ‪ ،‬وبأي من العقود األخرى اليت تنشأ حقوقا‬
‫على الافن (‪.)3‬‬
‫و هكذا فان املنازعات البحرية اليت تعرض على التحكيم البحري هي منازعات كثرية ومتنوعة و بعيدة‬
‫على أن يتم حصرها و ما يالحظ أن الفرق بني املؤساات التحكيمية البحرية يف هذا اخلصوص إمنا هو‬
‫خالف طفيف يف إطار التنافس بني مراكز التحكيم البحري ‪ ،‬وذلك حماولة ألن تشمل الئحته أكرب‬
‫عدد من العالقات البحرية اليت تعرض منازعاهتا على التحكيم ليصبح هذا املركز أو ذاك يف مقدمة‬
‫مراكز التحكيم العاملية ‪ .‬وكما ذكرنا سابقا أن التحكيم البحري خيص املنازعات ذات الطابع البحري‪،‬‬
‫هته املنازعات اليت ميكن أن تكون حمال للتحكيم البحري ميكن تقايمها اىل املنازعات الناشئة عن‬
‫العقود البحرية( املطلب األول ) و املنازعات الناشئة عن احلوادث البحرية ( املطلب الثاين) ‪،‬أما املطلب‬
‫الثالث فهو عن النقل الدويل املتعدد الوسائط ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادة األوىل من الئحة حتكيم غرفة التحكيم البحري بباريس‪.‬‬
‫(‪)2‬املادة الثالثة من الئحة حتكيم مجعية احملكميني البحريني بلندن‪.‬‬
‫‪(3)T.F . Freed, practice and produrebunder the icc-cmi International Maritime Rules ,the Vth‬‬
‫‪I.C.M.A NEW YORK 1981 .P3‬‬
‫عن عاطف حممد الفقى ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.28‬‬

‫‪45‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المنازعات الناشئة عن العقود البحرية‪.‬‬
‫إن املنازعات الناشئة عن عملية النقل البحري و اليت تتمثل أداهتا القانونية يف العقد ذو الطبيعة التجارية ‪،‬‬
‫الدولية ‪ ،‬هي جزء من جمموعة كبرية من املنازعات البحرية و اليت يكون فضها إما بالقضاء أو التحكيم(‪.)1‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬عقود مشارطة إيجار السفن لمدة معينة‪.‬‬
‫إن ماتأجري الافينة ألجل معني يعقدون هذا العقد للقيام بنقل البضاعة عليها نقال مشروعا(‪،)2‬ويقوم‬
‫املؤجر بوضع سفينته جمهزة حتت تصرف املاتأجر ملدة معينة حيددها العقد املربم بني الطرفني(‪.)3‬وتثور‬
‫املنازعات حول هذا العقد غالبا حول ماؤولية مالك الافينة أو املاتأجر عن خاارة معينة حتققت خالل‬
‫مدة عقد املشارطة مثال على ذلك النزاع الذي يثور حول حتديد ماؤولية املاتأجر عن ضرر حلق بالافينة‬
‫املاتأجرة‪ ،‬وكثريا ما حيمل هذا النوع من العقود شروط للتحكيم يف حالة ما إذا ثار نزاع بني األطراف‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬عقود مشارطة إيجار السفن لرحلة معينة‪.‬‬
‫وتثور املنازعات مبناسبة هذه العقود لتحديد ماؤولية ماتأجر الافينة أو مالكها خبصوص خاارة‬
‫معينة أو بالنابة ملنازعات سالمة املوانئ واملراسي للشحن والتفريغ‪ ،‬أو حالة الافينة عند تاليمها إىل‬
‫املاتأجر‪ ،‬أو املنازعات املتعلقة بغرامات التأخري ‪ ،‬أو خصومة حتكيم تتعلق مبشكلة استيفاء الافينة‬
‫لصالحية نقل البضائع اخلطرة و املاماة شهادة االميو " ‪. )1(" IMO Certificate‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عقود النقل‪.‬‬


‫يوجد نوعان من النقل البحري‪ ،‬نقل البضائع ونقل األشخاص‪ ،‬وقد جرى العرف على أن عبارة النقل‬
‫البحري تاتعمل للداللة على نقل البضائع حبرا إذ هو أهم أنواع النقل البحري على اإلطالق‪.‬‬
‫و نقصد بالنقل البحري للبضائع النقل مبقتضى سند شحن حبري حيث يتم التعاقد بني الناقل سواء‬
‫أكان مالكا للافينة أو ماتأجرا هلا و بني الشاحن‪ ،‬على أن يقوم األول بنقل بضاعة الثاين بواسطة سفينة‬
‫عرب البحار من ميناء اىل أخر ‪ ،‬وذلك نظري أجر معلوم (‪.)5‬وبالتايل فبموجب عقد النقل يتعهد الناقل بتنفيذ‬
‫عدة إرساليات حبرية على سفينة واحدة أو أكثر خالل مدة زمنية متفق عليها وبالتايل قد يثور النزاع‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Cécile De Cet Bertin,op cit .‬‬
‫)‪(2‬صالح الدين عبد اللطيف الناهي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫(‪ )3‬عباس حلمي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،1187‬ص ‪24‬‬
‫(‪ )4‬نادر حممد ابراهيم ‪ ،‬االستعداد القانوين لبدء الشحن البحري للبضائع اخلطرة‪،‬دار الفكر اجلامعي ‪ ،‬سنة ‪ ، 2443‬ص ‪.46‬‬
‫(‪ )5‬كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ يف النقل البحري‪ ،‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2442 ،‬ص ‪.45‬‬
‫عاطف حممد الفقي ‪،‬قانون التجارة البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.273‬‬

‫‪46‬‬
‫حول سلالة من عقود مشارطة إجيار الافن لرحلة معينة‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬سندات الشحن‪.‬‬
‫خرج املشرع البحري على قاعدة حرية االثبات يف املواد التجارية و أوجب اثبات عقد النقل البحري‬
‫بالكتابة(‪. )1‬و يعد سند الشحن أداة إلثبات عقود نقل البضائع بني الناقل وصاحب البضاعة(‪ ،)2‬ووظيفتها‬
‫هي إثبات شحن البضاعة كما أهنا أداة إلثبات عقد النقل وشروطه وأخريا فإهنا متثل البضاعة اليت تقوم‬
‫مقامها أثناء الرحلة البحرية(‪.)3‬و بالتايل فإن أكثر النزعات اليت تثور حتت سند الشحن هي تلك املتعلقة‬
‫باخلاائر واألضرار اليت تلحق بالبضاعة خالل الرحلة أو التأخري يف وصوهلا أو عدم وصول البضاعة أو‬
‫التاليم اخلطأ للبضاعة‪.‬وقد تثور يف هذا الصدد مشكلة إحالة سند الشحن إىل مشارطة اإلجيار الصادر‬
‫مبوجبها واملشتملة على شرط التحكيم‪ ،‬وما إذا كانت اإلحالة العامة إىل نصوص املشارطة تكفي الندماج‬
‫الاند يف املشارطة أم تلزم إحالة خاصة لشرط التحكيم الوارد هبا‪.‬‬
‫الفرع الخامس ‪:‬بيوع السفن المستعملة‪.‬‬
‫بيع الافينة عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشرتي ملكية الافينة يف مقابل نقدي(‪ )4‬وغالبا ما يكون هناك‬
‫عقود منوذجية تاتخدم من أجل هذا النوع من البيوع مثل العقود النروجيية‪ ،‬وأكثر املنازعات يف هذه احلالة‬
‫تدور حول حالة الافينة عند تاليمها إىل املشرتي‪.‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬عقود بناء السفن وإصالحها‪.‬‬
‫إن املنازعات اليت قد تثور عن هذا النوع من العقود تكون حول مدى مطابقة الافينة عند االنتهاء من‬
‫بنائها ملواصفات العقد املتفق عليه مابقا بني طرفيه‪.‬‬
‫الفرع السابع ‪:‬عقود التأمين وإعادة التأمين‪.‬‬
‫يعرف عقد التـأمني البحري على أنه عقد مبوجبه يتعهد شخص هو املؤمن يف مواجهة آخر وهو‬
‫املاتأمن مقابل مبلغ معني يامى القاط بأن يعوض األضرار اليت تصيب ذمة املاتأمن نتيجة حتقق خطر‬
‫من األخطار البحرية(‪.)5‬واملنازعات اليت قد تثور عن هذا النوع من العقود متعلقة باجلوانب التأمينية خصوصا‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف حممد الفقي ‪،‬قانون التجارة البحرية ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪285‬‬
‫(‪ )2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫(‪ )3‬حممد فريد العريين‪ ،‬هاين حممد دويدار‪ ،‬مبادئ القانون التجاري والبحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2443‬ص ‪. 385‬‬
‫‪Mostefa Trari Tani,William Pissort, Patric sarens, Droit commercial international, Editions‬‬
‫‪Berti,2007, p 247.‬‬
‫(‪ )4‬محدي الغنيمي‪ ،‬حماضرات يف القانون البحري اجلزائري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر‪ ،1183 ،‬بدون طبعة‪ ،‬ص ‪. 34‬‬
‫(‪ )5‬عباس حلمي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪47‬‬
‫بني املؤمنني الذين حيلون حمل املاتفيدين األصليني عمال مببدأ احللول يف التأمني‪.‬‬
‫الفرع الثامن‪ :‬البيوع البحرية‪.‬‬
‫غالبا ما تكون البيوع البحرية بيوعا دولية(‪ )1‬وهي حتتل مكانة مهمة يف عامل التجارة الدولية إذ يتم‬
‫مبوجبها استرياد الالع وتصديرها بني أسواق اإلنتاج وأسواق االستهالك اليت يفصل البحر بينها‪ ،‬فهته البيوع‬
‫تقدم مزايا كثرية ألطرافها الذين ينتمون إىل بلدان خمتلفة ومن أهم هته البيوع‪ :‬البيع سيف"‪ "CIF‬البيع فوب‬
‫"‪ "FOB‬البيع سي أند آف "‪ "C & F‬والبيع فاس "‪. "FAS‬وقد يتفق أطراف هته العقود االتفاق إىل اللجوء‬
‫إىل التحكيم البحري إذا ما وقع نزاع بينهم مثال فيما خيص مدى مطابقة البضاعة لألوصاف البيع ‪.‬‬
‫الفرع التاسع ‪:‬منازعات مالحية أخرى‪.‬‬
‫قد تثور منازعات أخرى هلا عالقة باألمور املالحية مثل الدعاوى ضد مزودي الافينة أو املنازعات مع‬
‫سلطات املوانئ(‪.)2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنازعات الناشئة عن الحوادث البحرية‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬التصادم البحري ‪.‬‬
‫التصادم البحري من الطوارئ البحرية اليت تطرأ أثناء الرحلة البحرية فتتعرض معه الافينة ومحولتها للخطر ‪،‬‬
‫وهو لغة ارتطام الافن ببعضها وال تقتصر أحكام التصادم على تراطم الافن البحرية فيما بينها فحاب إذ‬
‫متيل القوانني إىل مد حكمه إىل التصادم بني الافن البحرية وسفن املالحة الداخلية‪.‬‬
‫كما نصت على ذلك املادة ‪ 273‬من القانون البحري اجلزائري(‪ ، )3‬وبابب طبيعة التصادم البحري ال‬
‫يتخيل املرء وجود عقود مابقة بني األطراف تلزم بتاوية النزاع عن طريق التحكيم يف حاالت التصادم‬
‫البحري(‪، )4‬إال أن هذا ال مينع األطراف أن يتفقوا باللجوء إىل التحكيم بإبرام عقد التحكيم إلحالة نزاعهم‬
‫املتعلق بالتصادم على التحكيم البحري‪.‬وهناك ماألتني أساسيتني تربران عند حدوث أي تصادم حبري يما‪:‬‬
‫املاؤولية والتعويضات‪ ،‬فالنابة للماؤولية فان النزاع يثور حول حتديد هوية الافينة املاببة للتصادم موضوع‬
‫الدعوى بناء على البيانات املتوفرة وذلك بتعيني خرباء خمتصني يف هذا اجملال‪ ،‬وبعد ذلك يتم حتديد املبالغ‬
‫املالئمة للتعويض عن األضرار الناجتة عن التصادم البحري(‪. )4‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مسري مجيل حاني الفتالوي‪ ،‬العقود التجارية اجلزائرية‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪)2‬عمر مشهور حديثة اجلازي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫(‪)3‬تنص املادة‪ 273‬من القانون البحري اجلزائري‪ " :‬يعد تصادم سفن يف البحار كل ارتطام مادي أو اصطدام بني الافن يف البحر أو بني الافن وبواخر‬
‫املالحة الداخلية دون األخذ بعني اإلعتبار للمياه اليت وقع فيها التصادم‪".‬‬
‫(‪)4‬عمر مشهور حديثة اجلازي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪48‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المساعدة البحرية واإلنقاذ‪.‬‬
‫يراد باملااعدة املعونة اليت تقدمها سفينة ألخرى يف خطر فإذا طلبت سفينة معونة وقامت سفينة‬
‫بنجدهتا نكون أمام عقد مااعدة(‪ ، )1‬أما عن اإلنقاذ البحري يشرتط فيه أن يقع تصادم بني منشأتني‬
‫إحدايما سفينة وأن تكون إحدايما معرضة خلطر جدي(‪ ،)2‬إن الغالبية العظمى من عمليات املااعدة‬
‫واإلنقاذ البحري تتم من خالل عقود منوذجية خمصصة لذلك مثل النموذج "‪ ،"LOF‬حيث يعترب توقيع ربان‬
‫الافينة على هذا النموذج إقرار مباؤولية مالك الافينة عن دفع نفقات هذا االتفاق دون حتديد قيمة هذه‬
‫النفقات واليت غالبا ما يتم حتديدها عن طريق التحكيم البحري والذي جيري حاب القواعد املقررة لذلك‬
‫واملرفقة غالبا هبذا النموذج "‪.)3("LOF‬‬

‫الفرع الثالث ‪:‬المنازعات الخاصة بتسوية الخسارات البحرية المشتركة‪.‬‬


‫تقوم فكرة املاايمة يف اخلاارة البحرية املشرتكة على أنه إذا هدد حادث حبري سفينة وشحنتها و تعني‬
‫لتفادي هذا احلادث التضحية جبانب من الشحنة أو جبزء من الافينة أو إنفاق مبلغ من النقود‪ ،‬فان‬
‫اخلاارة اليت ترتتب على هذه التضحية الضرورية توزع بني املصاحل املمثلة يف الرحلة البحرية‪ ،‬الافينة‬
‫والبضائع وأجرة النقل البحري(‪ ،)4‬طاملا أن التضحية متت اختيارا بقصد احملافظة على هذه املصاحل جمتمعة‪.‬‬
‫واملبدأ يف حد ذاته قدمي وعادل ولكن تطبيقه يف التشريعات البحرية يأخذ صورا خمتلفة(‪، )4‬وبالتايل فقد تثور‬
‫بعض املنازعات خبصوص حتديد هذا النوع من اخلاارات وتاوى عن طريق التحكيم البحري إذا اختاره‬
‫األطراف كطريقة حلل نزاعهم(‪.)5‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النقل الدولي المتعدد الوسائط ‪.‬‬
‫يعترب النقل متعدد الوسائط نظاما متكامال للنقل الدويل و له نظامه اخلاص به و الذي خيتلف عن النظام‬
‫القانوين لعقد النقل البحري‪ ،‬إال أن يف أغلب االحيان تكون عملية النقل البحري جزء من هذا النقل ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم النقل الدولي متعدد الوسائط ‪.‬‬
‫إن أهم مالمح هذا النوع من النقل يتمثل يف أن عملية النقل تتم باستخدام واسطيت نقل خمتلفتني على‬
‫األقل ‪ ،‬كما لو كانت هناك مرحلة نقل تتم عن طريق البحر و أخرى عن طريق الاكك احلديدية‪ ،‬أو‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد أمني ملش‪ ،‬حمضارات عن مبادئ التشريع البحري‪ ،‬سنة‪ ،1168‬ص ‪.118‬‬
‫(‪ )2‬صالح الدين عبد اللطيف الناهي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 266‬‬
‫(‪)3‬عمر مشهور حديثة اجلازي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 5‬‬
‫‪(4)Othman Ben Fadhel , LES avariers communes à l’épreuve du temps , le contentieux‬‬
‫‪maritime,Colloque international,02et 03 mai 2009 ,Faculté de droit , univ Oran‬‬
‫)‪(5‬عباس حلمي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪49‬‬
‫مرحلة حبرية و أخرى جوية مع ضرورة أن يكون النقل بني مكانني خمتلفني ‪.‬‬
‫و ما جتدر االشارة اليه أن هذا النوع من النقل كان ياميه الفقه البحري التقليدي يف البداية بالنقل‬
‫املختلط كما مساه الفقيه ‪ Ripert‬يف موسوعته (‪.)1‬‬
‫كما أن هذا النوع من النقل يرد على البضائع فقط دون األشخاص ‪ ،‬و إدراج شرط التحكيم يف وثيقة‬
‫النقل املتعدد الوسائط سوف يؤدي إذا ما و قع نزاع ما اىل تطبيق العملية التحكيمية على كل جزء من‬
‫عملية النقل ‪ ،‬وقد نصت املادة ‪27‬من معاهدة األمم التحدة للنقل متعدد الوسائط لانة ‪ 1184‬على‬
‫جواز اللجوء اىل التحكيم يف هذ العقد(‪.)2‬‬
‫و تتمثل املشاكل يف النقل الدويل املتعدد الوسائط يف وجود العديد من األنظمة القانونية املختلفة للدول‬
‫زيادة على تعدد أطراف عملية النقل ‪.‬‬
‫حيث جند أن هناك مالك البضاعة و متعهد النقل متعدد الوسائط ‪ ،‬و متعاقد من الباطن ‪ ،‬كما أن هناك‬
‫أيضا من األنظمة القانونية املتداخلة مع بعضها و العديد من األحكام القضائية مما يؤدي اىل وجود مشاكل‬
‫قضائية ماتعصية ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬احتماالت العملية التحكيمية في النقل المتعدد الوسائط ‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أن عملية النقل متعدد الوسائط هي عملية متداخلة و متشابكة و متعددة األطراف و لو‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Pierre Bonassies,Christian Scaple , Droit maritime , L .G .D. J , DELTA , P 770‬‬
‫(‪)2‬و قد نصت املادة ‪27‬من معاهدة األمم املتحدة للنقل الدويل املتعدد الوسائط لانة ‪ 1184‬على ما يلي ‪-1 " :‬مع مراعاة أحكام هذه املادة ‪ ،‬جيوز‬
‫للطرفني النص ‪ ،‬باتفاق مثبت بالكتابة ‪ ،‬على أن حيال اىل التحكيم أي نزاع فيما يتعلق بالنقل الدويل املتعدد الوسائط ‪.‬‬
‫‪-2‬تتخذ اجراءات التحكيم يف مكان من األماكن التالية و فقا الختيار املدعي ‪:‬‬
‫أ‪-‬مكان يف دولة يقع يف أراضيها ‪:‬‬
‫(‪ ) 1‬حمل الرئياي لعمل املدعي عليه و ان مل يوجد له حمل عمل رئياي فاحملل االعتيادي إلقامة املدعى عليه ‪ ،‬أو‬
‫(‪ ) 2‬مكان ابرام العقد متعدد الوسائط بشرط أن يكون للمدعي عليه فيه حمل عمل أو فرع أو وكالة ‪ ،‬أبرم عن ىطريقأي منها ‪ ،‬أو‬
‫(‪ )3‬مكان استالم البضاعة للنقل الدويل متعدد الوسائط أو مكان التاليم ‪ ،‬او‬
‫ب‪-‬أي مكان أخر يعني هلذا الغرض يف شرط التحكيم أو االتفاق اخلاص به‬
‫‪-3‬يطبق على احملكم أو هيئة التحكيم قواعد هه االتفاقية ‪.‬‬
‫‪ -4‬تعترب أحكام الفقرتني ‪ ،‬من هته املادة جزءا من كل شرط حتكيم أو اتفاق حتكيم ويعترب باطال و الغيا أي نص يف هذا الشرط أو االتفاق يكون متعارضا مع‬
‫هذه األحكام ‪.‬‬
‫‪ -5‬ليس يف أحكام هذه املادة ما يؤثر على صحة أي اتفاق يتعلق بالتحكيم يتوصل اليه الطرفان بعد نشوب املطالبة مبوجب عقد النقل متعدد الوسائط ‪".‬‬
‫و ما يالحظ أن النص الاابق يتطابق متاما و نص املادة‪ 22‬من اتفقية يمبورغ ‪1178‬و اخلاص بالتحكيم ما عدا الفقرة اخلاصة مبوضوع االحالة ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫تصورنا أن هناك تلف أو هالك قد حدث للبضائع فمناطق حدوث النزاع ستكون كالتايل ‪:‬‬
‫‪-‬نزاع بني صاحب البضاعة و متعهد النقل متعدد الوسائط‬
‫‪-‬نزاع بني متعهد النقل متعدد الوسائط و متعاقد من الباطن ‪.‬‬
‫‪ -‬نزاع بني صاحب البضاعة و الناقل الفعلي ‪.‬‬
‫و حلل هذه املنازعات بواسطة التحكيم يتم ادراج شرط التحكيم كاأليت ‪:‬‬
‫‪-‬حيل النزاع بني صاحب البضاعة و متعهد النقل متعدد الوسائط بالتحكيم عن طريق ادخال شرط‬
‫التحكيم يف وثيقة النقل املتعدد الوسائط (‪.)1‬‬
‫‪-‬و يف حالة النزاع الذي حيدث بني متعهد النقل متعدد الوسائط و املتعاقد من الباطن ‪ ،‬ففي هذه احلالة‬
‫ميكن حل النزاع حتكيميا عن طريق ادراج شرط التحكيم يف العقد املنفصل بني املتعهد و التعاقد من‬
‫الباطن‪.‬‬
‫و يكون التحكيم بني صاحب البضاعة و متعهد النقل ماتقل متاما عن التحكيم بني املتعهد و املتعاقد من‬
‫الباطن و ال ميكن ضمان أي تنايق بينهما ‪.‬‬
‫‪-‬أما يف حالة النزاع بني صاحب البضاعة و الناقل الفعلي ‪ :‬ففي حالة كون الناقل الفعلي هو املتعاقد معه‬
‫من الباطن حيث ال توجد بينه و بني صاحب البضاعة أي عالقة تعاقدية مباشرة ( فمتعهد النقل املتعدد‬
‫الوسائط هو الذي تعاقد مع املتعاقد من الباطن ) ‪ ،‬فإن النزاع سوف ينشأ إما بني صاحب البضاعة‬
‫ومتعهد النقل متعدد الوسائط أو بني متعهد النقل املتعدد الوسائط و املتعاقد معه من الباطن ‪.‬‬
‫و من مثة فإنه من غري احملتمل قيام نزاع مباشر بني صاحب البضاعة و املتعاقد معه من الباطن ‪ .‬إال إذا‬
‫إحتوت وثيقة النقل املتعدد الوسائط على شرط تقايم املاؤولية ‪ ،‬أما إذا مل يكن الناقل الفعلي هو املتعاقد‬
‫معه من الباطن فقد ينشأ النزاع يف هذا الوضع ‪.‬‬
‫و هلذا جند أن شرط التحكيم إذا ما أدخل يف وثيقة النقل املتعدد الوسائط فإنه سوف يطبق على كل جزء‬
‫من عملية النقل حىت يف احلالة الاابق ذكرها ‪.‬‬
‫و يبقى موضوع تنايق العملية التحكيمية بني صاحب البضاعة و الناقليني الفعليني(‪. )2‬‬
‫رغم إختالف عقد النقل املتعدد الوسائط عن عقد النقل البحري من حيث الطبيعة القانونية ‪ ،‬إال أهنم‬
‫يشرتكون يف مرحلة عملية النقل البحري يف جمال التجارة الدولية ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)2(،)1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 658‬‬

‫‪51‬‬
‫خالصة الباب التمهيدي‪.‬‬
‫نادرة اليوم املنازعات البحرية اليت تفلت من التحكيم البحري(‪ )1‬هته املنازعات اليت تتمتع بالطابع‬
‫الدويل ‪،‬البحري والتجاري أيضا واليت تنبع خصوصيتها من القانون البحري وبالتايل فمن أوىل مسات‬
‫املنازعات البحرية املعروضة على التحكيم البحري أهنا منازعات متعلقة باألنشطة البحرية يف كافة اجملاالت‬
‫والتخصصات البحرية(‪.)2‬‬
‫إن تطرقنا اىل ماهية التحكيم البحري و نشأته و خصوصية منازعاته ‪ ،‬يقودنا اىل القول بأن التحكيم‬
‫البحري هو الطريق األمثل و الذي حتل بواسطته أغلب املنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري و قد‬
‫قامت غرفة التجارة الدولية مع اللجنة البحرية الدولية بإعداد قواعد خاصة للتحكيم البحري الدويل (‪.)3‬‬

‫كما أن هناك هيئات خاصة للتحكيم البحري الدويل ظهرت مثل غرفة التحكيم البحري بباريس ‪ ،‬هذا ما‬
‫جعل التحكيم البحري يف وقتنا الراهن يعد أهم وسيلة فعالة حلل املنازعات البحرية بصفة عامة و منازعات‬
‫النقل البحري بصفة خاصة و ذلك ملا يتطلبه واقع التجارة البحرية الدولية من سرعة لفض منازعاهتا ‪.‬‬
‫و نظرا خلصوصية التحكيم البحري فهو يأخذ أحكامه من أحكام التحكيم عموما ومن مبادئ القانون‬
‫البحري ‪،‬و بالتايل فمصادر التحكيم البحري متتاز مبزجها بني مصادر التحكيم عموما وبني مصادر القانون‬
‫البحري كون منازعات التحكيم البحري هي ذات الطبيعة البحرية‪.‬‬
‫و حىت يكون التحكيم البحري وسيلة بديلة حلل املنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري جيب اتفاق‬
‫أطرف عقد النقل البحري اىل اللجوء اىل التحكيم حلل منازعاهتم ‪ ،‬و هذا ما يطلق عليه اسم اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري و الذي يعد عصب التحكيم يف هذا العقد فهو منشؤه ‪،‬وراسم خطه ‪،‬‬
‫وحمدد منتهاه والذي سنتطرق اىل دراسة األحكام القانونية اخلاصة به يف البابني املواليني كالتايل ‪:‬‬
‫الباب األول ‪ :‬ماهية و شروط اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬آثار اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬مصطفى تراري ثاين‪ ،‬ذاتية التحكيم البحري‪ ،‬امللت قى الدويل حول " املنازعات البحرية" خمرب قانون النقل والنشاطات املرفقية‪ ،‬جامعة وهران ‪ 2‬و ‪ 3‬ماي‬
‫‪. 2441‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.346‬‬
‫(‪)3‬انظر املادة األوىل من قواعد (‪ )CCI /CMI‬للتحكيم البحري الدويل ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الباب األول‬
‫ماهية و شروط اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‬

‫‪53‬‬
‫الباب األول‪ :‬ماهية و شروط اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫التحكيم هو نظام قضائي اتفاقي (‪ )1‬ويقصد به يف االصطالح القانوين اتفاق أطراف عالقة قانونية‬
‫معينة‪ ،‬عقدية أو غري عقدية‪ ،‬على أن يتم الفصل يف املنازعة اليت ثارت بينهم بالفعل‪ ،‬أو اليت حيتمل أن تثور‬
‫عن طريق أشخاص يتم اختيارهم كمحكمني‪ .‬ويتوىل األطراف حتديد أشخاص حمكمني أو على األقل‬
‫يضمنون اتفاقهم على التح كيم‪ ،‬بيانا لكيفية اختيار احملكمني‪ ،‬أو أن يعهدوا هليئة أو مركز من اهليئات أو‬
‫مراكز التحكيم الدائمة لتتوىل تنظيم عملية التحكيم وفقا للقواعد أو اللوائح اخلاصة هبذه اهليئات أو‬
‫املراكز(‪.)2‬‬
‫وبالتايل فإرادة األطراف الختيار التحكيم الدويل كوسيلة حلل النزاع يعرب عنها اتفاق التحكيم الدويل وهو‬
‫اتفاق يقوم عن طريقه طرفان أو أكثر بتعيني حمكم أو أكثر حيل املنازعات اليت قد تنشأ بينهم أو اليت‬
‫نشأت واملتعلقة مبصاحل التجارة الدولية (‪.)3‬أما عن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري فيقصد به ذلك‬
‫اإلتفاق الذي يتعهد مبقتضاه أطراف العالقة البحرية على عرض املنازعات اليت نشأت أو ستنشأ ماتقبال‬
‫عن عقد النقل البحري على التحكيم ‪.‬‬
‫ويشمل تعبري اتفاق التحكيم الصورتني التقليديتني املعروفتني ويما عقد التحكيم ‪compromis‬‬
‫وشرط التحكيم ‪ . Clause compromissoire‬فعقد التحكيم هو اتفاق اطراف عقد النقل البحري‬
‫على عرض املنازعات اليت نشأت بينهم بالفعل مبناسبة عقد النقل البحري على التحكيم ‪.‬‬
‫أما شرط التحكيم فهو اتفاق أطراف عقد النقل البحري بناءا على نص واضح وصريح يف العقد املربم‬
‫بينهم على عرض املنازعات اليت قد تنشأ ماتقبال عن هذا العقد على التحكيم(‪.)1‬‬
‫إن مصطلح اتفاق التحكيم هو املصطلح الذي تتبناه أغلب األنظمة القانونية واللوائح األساسية املعاصرة‬
‫بشأن التحكيم (‪ )8‬دون أي متييز بني شرط التحكيم وعقد التحكيم‪ ،‬هذا ما تبناه املشرع اجلزائري يف‬
‫املرسوم التشريعي‪ 32/23‬الاابق(‪ )9‬و الذي كان ينظم التحكيم الدويل يف اجلزائر يف مادته ‪ 181‬مكرر ‪1‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬د‪.‬امحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫(‪ )2‬حممود خمتار أمحد بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ، 2331 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪)3( Philippe Fouchard ,E.Gaiyard.B.Goldman. op cit , p209.‬‬
‫(‪ )1‬حممد عبدالفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري‪ ،‬املرجع الاابق ص‪.139‬‬
‫(‪ )8‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ص‪.11‬‬
‫(‪ )6‬املرسوم التشريعي رقم‪ 41/13‬مؤرخ يف ‪3‬ذي القعدة عام ‪1413‬املوافق ‪25‬ابريل سنة‪1113‬يعدل ويتمم االمر رقم‪154-66‬املؤرخ يف ‪ 8‬يونيو واملتضمن‬
‫قانون االجراءات املدنية ‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد‪ 27‬املوافق‪ 27‬أبريل‪ ،1113‬ص‪.58‬‬

‫‪54‬‬
‫اذ نص على‬ ‫(‪)2‬‬ ‫فقرة أوىل (‪ ، )1‬و كذا قانون االجراءات املدنية و االدارية اجلديد يف املادة‪1313‬منه‬
‫أنه ‪ ":‬تاري اتفاقية التحكيم على النزاعات املاتقبلية" وهنا قصد شرط التحكيم و"القائمة" واملقصود‬
‫هبا عقد التحكيم(‪.)3‬‬

‫و اتفاق التحكيم بصفة عامة هو تصرف قانوين باملعىن الفين ‪ ،‬فال وجود له اال بتوافر أركانه األساسية ‪،‬‬
‫و الالزمة ألي تصرف قانوين ‪ ،‬فله أطرافه الذين يربمونه ‪ ،‬وموضوعه الذي ينصب عليه و أثاره اليت يرتبها‬
‫وان كانت ختتلف عن األثار املعتادة للتصرفات القانونية املعروفة يف نظم القانون اخلاص(‪.)1‬‬
‫كما يعد مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم مصدرا لفعاليته وقوته (‪ ،)8‬فأصبح من املألوف أن يربم اتفاق‬
‫التحكيم بشأن أغلب منازعات عقود التجارة الدولية ومن هذه العقود املهمة عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫فأصبحت أغلب عقود النقل حتوي اتفاقا للتحكيم حلل املنازعات الناشئة بابب هذا العقد ‪.‬‬
‫ونظرا أليمية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري كونه العصب األساسي للتحكيم البحري فاوف حناول‬
‫التعرف على ماهيته و شروط انعقاده ملا يثريه هذا االتفاق من مشكالت عملية هلا عالقة خبصوصية عقد‬
‫النقل البحري ‪.‬‬
‫وهنا يثور التاأول حول ‪ :‬هل هذا االتفاق تصرف قانوين عادي أم هو عمل إجرائي ‪ ،‬أو هو عقد ذو‬
‫طبيعة خاصة ؟ و ما هي صور اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ؟ و ما هو مصدر الفعالية القانونية‬
‫التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ؟ و ما هي شروط ابرام هذا االتفاق؟‬
‫و لإلجابة على كل تلك التااؤالت‪ ،‬وغريها قامنا هذا الباب اىل فصلني ‪:‬‬
‫الفصل األول هو عن مفهوم اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و مصدر فعاليته و الفصل الثاين هو عن‬
‫ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪.‬‬

‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 1‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ج الاابق ‪.‬‬
‫(‪ )2‬قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري والذي دخل حيز التنفيذ يف ‪ 28‬فرباير‪.2332‬‬
‫‪)3( Mostfa Trari Tani, Droit algérien de l arbitrage commercial international, op cit, p 35‬‬
‫(‪)1‬د‪.‬امحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫(‪)8‬أ‪.‬نور الدين بكلي‪،‬دور وأيمية اتفاق التحكيم يف العقود التجارية الدولية (يف القانون اجلزائري والقوانني العربية)‪،‬جملة احملكمة العليا‪،‬عدد خاص ‪،‬اجلزء األول‪،‬‬
‫الطرق البديلة حلل النزاعات‪:‬الوساطة و الصلح والتحكيم‪،‬سنة ‪ ،2332‬ص‪.291‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري و مصدر فعاليته ‪.‬‬
‫يعد اتفاق التحكيم هو احملرك األساسي لعملية التحكيم فهو احلجر األساس أو مركز الثقل يف بناء‬
‫التحكيم كنظام حلل نزاعات التجارة الدولية ‪ ،‬بدونه ال ميكن اللجوء اىل هذه الوسيلة البديلة حلل املنازعات‬
‫املرتبطة بالعقود الدولية ‪ ،‬و يقصد باتفاق التحكيم بصفة عامة االتفاق الذي يلتزم مبقتضاه األطراف‬
‫باخضاع النزاع للتحكيم و الذي يأخذ شكلني ‪ ،‬سواء صورة الشرط التحكيمي أو صورة عقد التحكيم ‪.‬‬
‫ان اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري أصبحت حتكمه مبادئ وقواعد قانونية مهمة وخطرية ليس على‬
‫اتفاق التحكيم فحاب وامنا على األثار اليت ترتتب عليه وعلى واقع التجارة البحرية ‪ ،‬واالشكالية اليت تثور‬
‫هنا كيف حندد ماهية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و من أين ياتمد هذا االتفاق فعاليته ؟‬
‫لالجابة على هذا االشكال قامنا هذا الفصل اىل مبحثني ‪ :‬املبحث األول هو عن حتديد مفهوم اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري واملبحث الثاين هو عن فعالية مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم البحري يف‬
‫عقد النقل البحري‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تحديد ماهية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬


‫يكون حتديد مفهوم اتفاق التحكيم البحري عن طريق التطرق اىل خمتلف التعريفات اليت جاءت بشأنه‬
‫سواءا يف التشريعات الوطنية ‪ ،‬الدولية وكذا الفقهية وهذا يف مطلب أول أما املطلب الثاين فهو عن طبيعة‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري وصوره ‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬مفهوم اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬


‫حضي اتفاق التحكيم بإهتمام كبري لدى الفقه والقضاء وكذا القوانني املقارنة والقانون الدويل حيث أعطيت‬
‫له عدة تعريفات كانت يف جمملها تصب يف مفهوم واحد(‪ ، )1‬أما عن تعريف اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري فيكون عن طريق تعريف اتفاق التحكيم عموما مث حتديد مفهوم عقد النقل البحري حىت ناتطيع‬
‫تبيان خصوصية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و مضمونه‪.‬‬

‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.13‬‬

‫‪56‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف اتفاق التحكيم عموما‪.‬‬
‫قبل البدأ بتعريف اتفاق التحكيم _ أو عقد التحكيم كما يامى أحيانا _(‪ )1‬فتجدر اإلشارة اىل أن سبب‬
‫االختالف يف التعبري عن اتفاق التحكيم مبصطلح االتفاق أو العقد مرده اىل التفرقة عند بعض الفقه بني‬
‫االتفاق و العقد (‪. )2‬‬
‫فاالتفاق هو توافق ارادتني أو أكثر على انشاء التزام أو نقله أو تعديله أو اهنائه و العقد هو توافق ارادتني‬
‫على انشاء التزام أو نقله أو تعديله ‪.‬‬
‫و يرى أكثر الفقهاء أنه ال جدوى من التمييز بني االتفاق و العقد ‪ ،‬و هذا الرأي هو األصوب و مع ذلك‬
‫ياتحان من التعبري عن اتفاق التحكيم باالتفاق ليشمل التعبري عن الصورتني اليت يتخذها هذا االتفاق أال‬
‫وهي شرط التحكيم ومشارطة التحكيم أو كما تامى يف بعض القوانني بعقد التحكيم ‪.‬‬
‫أوال‪:‬التعريف الفقهي التفاق التحكيم ‪.‬‬
‫يعرف بعض الفقه اتفاق التحكيم بأنه ذلك االتفاق الذي حيرره اخلصوم فيما بينهم على عرض ما نشأ أو‬
‫ما قد ينشأ من نزاع خبصوص عقد معني على التحكيم ‪.‬‬
‫ومن تعريفات اتفاق التحكيم أنه ذلك العقد الذي يتفق األطراف مبقتضاه على عرض النزاع القائم فعال‬
‫أو النزاع الذي سينشأ يف املاتقبل مبناسبة تنفيذ عقد معني على حمكمني بدال من عرضه على قضاء‬
‫الدولة(‪.)3‬‬

‫و يعرف الفقيه جولدمان اتفاق التحكيم على أنه‪ ":‬هو االتفاق الذي يلتزم مبوجبه األطراف على أن‬
‫خيضعوا للتحكيم سواءا النزاعات اليت ميكن أن تنشأ بينهما و املتعلقة بالعقد أو النزاعات اليت نشأت‬
‫و املتعلقة يف كلتا احلالتني بالتجارة الدولية"(‪.)1‬‬

‫أما األستاذ فيليب فوشار وقولدمان وقايار فقد أوردو أنه اتفاق يقوم عن طريقه طرفان أو أكثر بتعيني‬
‫حمكم أو أكثر حيل املنازعات اليت قد تنشأ بينهم أو اليت نشأت واملتعلقة مبصاحل التجارة الدولية (‪.)8‬‬

‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.92‬‬
‫(‪)2‬د‪.‬عبد الرزا ق الانهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬اجمللد االول ‪،‬منشورات احلليب احلقوقية ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬بريوت‬
‫‪.1221‬‬
‫(‪ )3‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.93‬‬
‫(‪)1‬نورالدين بكلي‪،‬دور و أيمية التحكيم يف العقود التجارية الدولية‪ ،‬الطرق البديلة حلل املنازعات ‪ ،‬جملةاحملكمة العليا‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬ص‪-292‬ص ‪.112‬‬
‫‪(8)Philippe Fouchard ,E.Gaiyard.B.Goldman. op cit , p209 .‬‬

‫‪57‬‬
‫كما أوردت األستاذة حفيظة الايد حداد بأن اتفاق التحكيم هو ذلك االتفاق الذي مبقتضاه تتعهد‬
‫األطراف بأن يتم الفصل يف املنازعات الناشئة بينهم أو احملتمل نشوؤها من خالل التحكيم ‪ ،‬وذلك اذا‬
‫كانت تتعلق مبصاحل التجارة الدولية(‪.)1‬‬

‫وقد اتفقت مجيع التعريفات اليت أوردها الفقه التفاق التحكيم على أنه يشمل ما يامى بشرط التحكيم‬
‫و هو بند من بنود العقد كما يشمل كذلك عقد التحكيم أو كما ياميها البعض مشارطة التحكيم و هو‬
‫االتفاق املربم استقالال عن العقد ‪ .‬كما أظهر االجتاه القضائي والتحكيمي أشكاال أخرى هلذا االتفاق‬
‫كإمتداد شرط التحكيم أو شرط التحكيم باالحالة(‪ ، )2‬وهذا من أهم اتفاقات التحكيم اليت تكون مدرجة‬
‫يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التعريف التشريعي التفاق التحكيم‪.‬‬
‫بالرجوع اىل القوانني املقارنة اخلاصة بالتحكيم التجاري الدويل جند أن أغلبها مل تعطي تعريفا التفاق‬
‫التحكيم ‪ ،‬بل جند أن يف جمملها أكدت بأن اتفاق التحكيم قد يربم حني نشوب النزاع أو قبله أي يكون‬
‫اتفاقا قائما أو ماتقبليا و هذا ما ناتقرئه من القانون الفرناي لانة ‪1181‬يف املادتني ‪1413‬‬
‫و‪ ، )3( 1414‬و قد حذى املشرع اجلزائري حذو املشرع الفرناي ‪ ،‬اذ مل يعرف اتفاق التحكيم يف املرسوم‬
‫التشريعي ‪ 41/13‬وكذا يف التعديل اجلديد الذي جاء به قانون االجراءات املدنية واالدارية فقد نصت املادة‬
‫‪ 1444‬منه ‪":‬تاري اتفاقية التحكيم على النزاعات القائمة واملاتقبلية‪.)4( "..........‬‬

‫و ما يالحظ أن املشرع اجلزائري استعمل مصطلح اتفاقية التحكيم كما جاءت به ترمجة اتفاقية نيويورك للغة‬
‫العربية وكما جاء يف القانون اللبناين و التوناي وغريهم رغم أن أغلب قوانني الدول العربية تاتعمل‬
‫مصطلح اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫و قد أطلق املشرع اجلزائري يف قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلديد اسم اتفاق التحكيم على عقد‬
‫التحكيم أو كما يامى يف بعض النظم القانونية مبشارطة التحكيم ‪.‬‬

‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حفيظة الايد حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )2‬نور الدين بكلي‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.293‬‬
‫(‪)3‬حممد كوال‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 13‬‬
‫(‪)4‬املادة ‪ 1444‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أما عن التشريعات العربية فقد عرفت بعضها اتفاق التحكيم ‪ ،‬بينما مل تعرفه األخرى كما هو احلال يف‬
‫نظام التحكيم الاعودي ( املادة ‪ 46‬لانة‪ 1443‬هجري ) و قانون التحكيم األردين ( املادة ‪ 13‬لانة‬
‫‪ ) 2441‬و اليت أخذت باالجتاه القائل أن التعريفات من عمل الفقه ال املشرع (‪.)1‬‬
‫وقد عرفت بعض القوانني العربية اتفاق التحكيم بقوهلا ‪":‬اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفني لاللتجاء اىل‬
‫التحكيم لتاوية كل أو بعض املنازعات اليت نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهما مبناسبة عالقة قانونية معينة‬
‫عقدية كانت أو غري عقدية " وقد أخذ هبذا التعريف قانون التحكيم املصري لعام ‪ )2(1114‬وقانون‬
‫التحكيم العماين يف املادة العاشرة منهما ‪،‬و املادة اخلاماة من قانون التحكيم الفلاطيين (‪.)3‬‬
‫وقد جاء هذا التعريف مشاهبا ألحكام املادة الاابعة من القانون النموذجي للجنة األمم املتحدة لقانون‬
‫التحكيم التجاري الدويل لعام ‪ ، 1185‬واليت عرفت اتفاق التحكيم كالتايل‪":‬اتفاق التحكيم هو اتفاق بني‬
‫الطرفني على أن حييال اىل التحكيم ‪ ،‬مجيع أو بعض املنازعات اليت نشأت أو قد تنشأ بينهما بشأن عالقة‬
‫قانونية حمددة تعاقدية كانت أو غري تعاقدية ‪".‬‬
‫كما عرفت املادة الثانية من اتفاقية نيويورك اخلاصة باالعرتاف و تنفيذ أحكام احملكميني األجنبية املوقعة‬
‫سنة ‪ 1158‬املصادق عليها من قبل اجلزائر و أغلبية الدول العربية ‪ ،‬عرفت اتفاق التحكيم بأنه ‪":‬االتفاق‬
‫املكتوب يلتزم مبقتضاه األطراف بأن خيضعوا للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة أو اليت قد تنشأ بينهم‬
‫بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غري التعاقدية املتعلقة مباألة جيوز تاويتها عن طريق التحكيم‬
‫و يقصد باالتفاق املكتوب شرط التحكيم الوارد يف عقد أو اتفاق حتكيم وقعته األطراف أو تضمنته رسائل‬
‫أو برقيات متبادلة بينهم "(‪.)4‬‬

‫كما أقرت االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل لانة ‪ 1161‬حق األطراف يف االتفاق على‬
‫التحكيم (‪.)5‬‬

‫هذا فيما خيص تعريف اتفاق التحكيم عموما و لتعريف هذا االتفاق يف عقد النقل البحري جيب التطرق‬
‫قبل ذلك اىل ماهية عقد النقل البحري و خصوصيته‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.93‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬أمحد عبدالكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.293‬‬
‫(‪ )3‬أ‪.‬نورالدين بكلي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.293‬‬
‫(‪)1‬انعقد مؤمتر نيويورك للنظر يف اقرار هذه االتفاقية يف ‪ 1281-33-23‬و بعد مناقشات دامت عشرين يوما أقر املؤمتر اتفاقية تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‬
‫واليت دخلت حيز التنفيذ يف عام ‪.1282‬‬
‫(‪ ) 8‬كان اهلدف من هته االتفاقية تنمية التعاون التجاري بني دول أوروبا الغربية ودول أوروبا الشرقية ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ماهية عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫عقد النقل البحري هوعقد رضائي(‪ )1‬يلتزم مبوجبه الناقل بنقل البضائع حلااب الشاحن من مكان‬
‫ألخر بطريق البحر مقابل أجر حمدد يامى أجرة احلمولة (‪ ، )2‬و يبدأ عقد النقل البحري مبجرد أخذ الناقل‬
‫البضاعة على عاتقه وينتهي بتاليم البضاعة اىل املرسل اليه (‪.)3‬‬
‫و يتم النقل البحري للبضائع عن طريق استخدام الافينة وال يشرتط يف الناقل أن يكون مالكا هلذه‬
‫األخرية فقد يكون ماتأجرا هلا وجمهزا بنقل البضائع من ميناء ألخر مقابل أجر متفق عليه حلااب شخص‬
‫أخر هو الشاحن‪.‬‬
‫وبالتايل فان النقل يكون إما نقل مبشارطة اجيار الافينة و إما نقل مبوجب سند الشحن (‪.)4‬‬

‫أوال ‪ :‬النقل بمشارطة االيجار‪.‬‬


‫هو عقد يضع به اجملهز الافينة كلها أو جزءا منها حتت تصرف الشاحن لنقل كل ما يتطلب اليه نقله‬
‫من بضائع لرحلة أو لعدة رحالت معينة(‪ .)5‬و يف هذه الصورة توضع الافينة جمهزة حتت تصرف الشاحن‬
‫وقد ينص العقد على كامل الافينة أو على جزء منها ‪ ،‬على العكس من ذلك يف اجيار الافينة لزمن معني‬
‫حيث توضع الافينة كلها حتت تصرف املاتأجر ‪.‬كما أن اجملهز حيتفظ يف النقل مبشارطة االجيار باالدارة‬
‫املالحية والتجارية للافينة ‪ ،‬يف حني أن املؤجر يف االجيار لزمن معني يفقد االدارة التجارية و قد يفقد‬
‫االدارة التجارية واملالحية معا ‪.‬‬
‫وهذه الصورة من النقل احنصر نطاقها يف الوقت احلاضر يف نقل الشحنات الكبرية كالقطن والفحم‬
‫والبرتول واخلشب واحلديد و النحاس ‪.‬‬
‫ويثبت العقد يف هذه الصورة مبشارطة االجيار ‪ ،‬وقد جرى العرف على اخلليط بني العقد والاند املثبت‬
‫له(‪،)6‬وتامية العقد يف هذه احلالة " النقل مبشارطة اجيار" ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ينعقد بتطابق اراديت الناقل والشاحن فال يشرتط النعقادة شكال خاص ‪ ،‬والكتابة اليت يفرغ فيها عقد النقل البحري تأخذ احدى الصورتني ‪:‬مشارطة اجيار‬
‫أو سند شحن‪ ،‬واشرتاط الكتابة يف هذا هو لالثبات وليس لصحة العقد‪ .‬وهذا ما ياتنتج من املادة ‪ 746‬فقرة ‪ 1‬واملادة ‪ 741‬من القانون البحري اجلزائري وقد‬
‫أخذت هبذا احلكم حمكمت النقض املصرية‪.‬‬
‫(‪)2‬نصت املادة ‪ 738‬من القانون البحري اجلزائري على أنه‪":‬يتعهد الناقل مبوجب عقد نقل البضائع عن طريق البحر بايصال بضاعة معينة من ميناء اىل ميناء‬
‫أخر ويتعهد الشاحن بدفع مكافأة له وهي أجرة احلمولة"‪.‬‬
‫(‪)3‬محدي الغنيمي ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫(‪)4‬عديل أمري خالد‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫(‪)5‬قد نصت املادة ‪ 644‬من القانون البحري اجلزائري على استئجار الافن‪.‬‬
‫(‪)6‬أي اخللط يف طبيعة العقد الذي هو عقد نقل وهوعقد رضائي وبني الاند املثبت له وهي مشارطة االجيار‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫أ_ أنواع مشارطات ايجار السفن‪.‬‬
‫"مشارطة االجيار" مصطلح يطلق على عقد اجيار الافينة الذي ينعقد بني املؤجر و املاتأجر ‪ ،‬حيث‬
‫يتم ابرام العقد طبقا للقواعد العامة يف ابرام العقود باالضافة اىل النصوص اخلاصة يف القانون البحري ‪.‬‬
‫وقد تناول القانون البحري اجلزائري أحكام هذا العقد يف الباب الثاين منه وحتت عنوان استئجار الافن‬
‫وقد ضم الفصل األول – األحكام العامة من املواد ‪ 644‬اىل‪.641‬‬
‫أما الفصل الثاين هو عن االستئجار على أساس الرحلة و الفصل الثالث استئجار الافينة ملدة معينة ويف‬
‫األخري ضم الفصل الرابع استئجار الافينة هبيكلها‪.‬وبالتايل نالحظ أن املشرع اجلزائري أخذ ثالث‬
‫تقايمات ملشرطات االجيار‪.‬‬
‫‪)0‬استئجار السفينة على أساس الرحلة‪.‬‬
‫يتفق الطرفان يف هذا العقد ‪ ،‬على أن يضع املؤجر حتت تصرف املاتأجر كل الافينة أو جزءا منها (‪،)1‬‬
‫للقيام برحلة حمدودة(‪ )2‬مع تبيان وقت الرحلة وكمية البضاعة و ميناء الوصول(‪ ، )3‬دون بيان دقيق للمدة‬
‫اليت تاتغرقها هذه الرحلة وقد يكون عقد االجيار لعدة رحالت متعاقبة ‪ ،‬وحينئذ يتوجب على الافينة‬
‫القيام بالرحالت املتفق عليها إما بتحديد كمية البضاعة اليت تنقل على مراحل متتالية ‪ ،‬و يف هذا العقد تثار‬
‫صعوبة كون هل يعترب عقد واحد يشمل جمموع الرحالت أو جتزئته اىل عدد من العقود يتعلق كل منها‬
‫برحلة واحدة فقط ‪ .‬والرأي الراجح هو األخذ بالرأي األول و اعتبار العقود واحدة والرحالت املتتالية تنفيذا‬
‫متعاقبا لاللتزامات الناشئة عن هذا العقد(‪ ،)4‬و يتميز عقد تأجري الافينة بالرحلة احتفاظ املؤجر باالدارتني‬
‫املالحية منها و التجارية(‪. )5‬‬
‫‪-4‬استئجار السفينة لمدة معينة ‪:‬‬
‫وهو عقد يلتزم املؤجر مبقتضاه ختصيص سفينة معينة وملدة معينة لتكون حتت تصرف املاتأجر لينتفع‬
‫هبا مقابل أجرة يتفق عليها الطرفان(‪.)6‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬علي طاهر البيايت ‪ ،‬التحكيم التجاري البحري‪ ،‬دراسة قانونية مقارنة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬االردن ‪،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة‪ ، 2446‬ص‪.46‬‬
‫(‪)2‬قد نصت املادة ‪ 654‬حبري جزائري على هذا النوع من االجيارة قائلة ‪":‬يتعهد املؤجر يف عقد استئجارالافينة على أساس الرحلة بأن يضع كليا أو جزئيا‬
‫سفينته مزودة بالتاليح والتجهيز حتت تصرف املاتاجر للقيام برحلة أو اكثر و باملقابل يتعهد املاتاجر بدفع اجرة الافينة"‬
‫‪)3(IETM,L’affretement maritime,Editeur du transport et de la logistique ,p 21‬‬
‫(‪ )4‬محدي الغنيمي ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫(‪ )5‬حممود شحماط ‪ ،‬املختصر يف القانون البحري اجلزائري ‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع ‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫(‪)6‬نصت املادة ‪ 615‬على هذا النوع من االجيار‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫و يف هذه احلالة حيتفظ املؤجر حبق التايري املالحي للافينة (أي االدارة املالحية ) فقط دون التجارية(‪.)1‬‬
‫وتشمل االدارة املالحية متوين الافينة وصيانتها وتايريها وكل ما يتعلق مبالحتها وبالتايل يبقى الربان‬
‫وأعضاء الطقم األخرون مندوبني عن املؤجر ويتعني عليهم التقيد بتعليماته (‪ ، )2‬و يكون التايري التجاري‬
‫(االدارة التجارية) للافينة للماتأجر ‪.‬‬
‫وتشمل االدارة التجارية ابرام عقود النقل وتالم البضائع وتاليمها وحتصيل األجرة ‪ .‬ففي هذه الصورة يتوىل‬
‫املاتأجر استغالل الافينة بنفاه ‪ ،‬واصدار التعليمات واألوامر اىل الربان والطاقم ‪ ،‬وياتقل بتحديد‬
‫رحالت الافينة طيلة الزمن املتفق عليه‪ ،‬ويربم عقود النقل مع غريه بامسه اخلاص فيصبح ناقال وماؤوال‬
‫وحده دون املالك عن تنفيذ هذه العقود ‪.‬‬
‫ويثبت اجيار الافينة جمهزة لزمن معني مبشارطة تامى باملشارطة الزمنية أو املوقوفة ‪ ،‬وال يعترب هذا‬
‫االجيار بأي حال عقد نقل (‪ )3‬وذلك بالنظر اىل التزامات اجملهز (املؤجر) يف هذا العقد ‪.‬‬
‫‪ -3‬ايجار السفينة غير مجهزة‪ :‬هو عقد يضع املالك سفينة عارية غري جمهزة ال بالطاقم وال باملؤونة‬
‫والوقود أي هبيكلها فقط حتت تصرف شخص أخر لالنتفاع هبا ملدة معينة لقاء أجر معلوم (‪ ،)4‬مبعىن أن‬
‫صاحب الافينة يتخلى ملاتأجرها عن ادارهتا التجارية واملالحية معا ‪ .‬ويعترب املاتأجر يف هذه احلالة جمهزا‬
‫للافينة دون املالك ‪.‬ويعترب هذا املاتأجر اجملهز مبثابة الناقل يف مواجهة الشاحنني ‪.‬‬
‫ب‪-‬معيار التفرقة بين أنواع مشارطات ايجار السفينة ‪.‬‬
‫ملا كنا يف ميدان احلرية التعاقدية ‪ ،‬فليس هناك على األقل من الناحية النظرية حد للشروط اليت ميكن‬
‫لالطراف العقد أن يدرجوها يف مشارطاهتم ‪ ،‬و هلذا فانه ليس هناك تقايم حاسم للمشارطات اليت ترد‬
‫على استغالل للافينة ‪ ،‬خاصة وأن احلاجات االقتصادية ليس هلا حد فهي ليات جامدة وهي اليت تفرض‬
‫وضع شرط أو أخر يف عقد معني ‪ .‬وحنن ما يهمنا يف هته التفرقة من الناحية العملية ‪ ،‬مىت تربم هذه‬
‫املشارطة لتنفيذ عملية النقل البحري أي عندما تكون مشارطة االجيار هي الاند الذي يثبت عقد النقل‬
‫البحري وبالتايل امكانية ادراج اتفاقية التحكيم يف هته املشارطة لفض املنازعات الناشئة عن عقد النقل‬
‫بواسطة التحكيم ‪ .‬فليس كل مشارطات اجيار الافن ميكن أن تكون عقدا للنقل البحري على األقل بني‬
‫طرفيه فاالدارة التجارية للافينة ميكن أن تتم هبا عملية النقل دون االدارة االدارية للافينة‪ ،‬و ما جتدر‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممود شحماط ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 138‬‬
‫(‪)2‬املادة ‪ 744‬من القانون البحري اجلزائري‪.‬‬
‫(‪ )3‬محدي الغنيمي ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.77‬‬
‫(‪ )4‬املواد من ‪ 723‬اىل ‪ 726‬من القانون البحري اجلزائري‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫االشارة اليه أن احملاكم األمريكية هي أول من وضع التفرقة بني عقود النقل و مشارطات اجيار الافن (‪.)1‬‬
‫و قد اقرتحت عدة معايري للوضع تقايمات خمتلفة ملشارطات اجيار الافينة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬فقيل بأن الفرق بني املشارطة الزمنية و املشارطة بالرحلة على أساس أن العقد األول يربم ملدة معينة‬
‫أما الثاين فيحدد برحلة أو بعدة رحالت‪.‬‬
‫اال أن هذا التقايم ليس له أيمية قانونية ألنه ينظر اىل عامل جمرد ‪،‬وظيفته هي كيفية حااب االجرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬يفرق أيضا بني مشارطة االجيار اليت ترد على كامل الافينة وبني مشارطة االجيار اجلزئية ‪ .‬وقد وجه‬
‫اىل هذا التقايم نفس النقد الاابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أما املعيار الذي استقام عليه الفقه والقضاء والذي يرتتب على األخذ به أثار قانونية مهمة يف عالقة‬
‫الغري بطريف العقد ‪ ،‬وهو أثر خيتلف باختالف عالقة الطرفني كما تنظمها مشارطة االجيار‪.‬‬
‫فمشارطات اجيار الافينة ختتلف فيما بينها اختالفا مرده اىل الالطات اليت تقررها لكل من طريف العقد‬
‫على الافينة ‪ ،‬ودور كل منها يف استغالهلا وهلذا قامت املشارطات اىل القامني الاابقني ويما املشارطة‬
‫الزمنية واملشارطة بالرحلة على ان هذا التقايم يقوم على مدى انتقال االدارة على الافينة من املؤجر اىل‬
‫املاتاجر ‪ ،‬ألن مباشرة هذه االدارة أو الالطة يؤثر يف مركز من يباشرها أمام الغري بابب ناشئ عن‬
‫استغالل الافينة (‪ . )2‬و قد طبق القضاء الفرناي هذا املعيار فقرر أنه اذا نقل العقد ادرة الافينة ( الفنية‬
‫و التجارية) اىل املاتأجر كنا أمام مشارطة زمنية ‪ ،‬أما اذا مل يرد باملشارطة أي نص ينقل ادارة الافينة‬
‫للماتأجر فان املالك املؤجر حيتفظ بصفة الناقل ما دام املاتأجر ليس له بأي وصف أن يتدخل يف‬
‫استغالل الافينة ‪،‬ولذلك يعترب العقد نقال يتوىل فيه املالك ادارة عملياته‪.‬و اجيار الافينة جمهزة له صورتان‪:‬‬
‫_املشارطة الزمنية ‪ :‬اليت يكون فيها للماتأجر االدارة التجارية ( على األقل) للافينة و قد يكون هلا‬
‫ادارهتا الفنية أيضا ‪.‬‬
‫_ املشارطة بالرحلة ‪ :‬و فيها تظل للمؤجر مجيع سلطاته وحيتفظ بادارته الكاملة على الافينة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النقل بسند الشحن ‪.‬‬
‫أ) تعريف سند الشحن‪:‬‬
‫هو عقد يتعهد فيه الناقل بأن ينقل بضاعة معينة من ميناء ألخر مقابل أجرة يتعهد هبا الشاحن‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)Pierre BONASSIES ,LE DRIOT MAROCAIN ET LE RIGIME JURIDIQUE DES‬‬
‫‪AFFRETEMENT ET TANSPORTS DE MARCHANDISE ,Travaux des journée internationales du‬‬
‫‪droit maritime Marocain ,Rabat10-15 septembre1979 ,P 119.‬‬
‫(‪ )2‬أيمية هذه التفرقة من الناحية العملية يف حبثنا هي مىت ميكن أن تتم عملية النقل مبشارطة االجيار و قد استخلصنا أهنا تتم مبشارطة اجيار بالرحلة ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫و قد أصبح لاند الشحن يف الوقت احلايل عدة وظائف بعدما كان يف البداية ميثل حيازة البضائع و مبرور‬
‫الوقت أصبح نظريا ميثل عقد النقل الذي وجد من أجله حىت أصبح هنالك خلط بينهما فهو الاند الذي‬
‫يثبت عقد النقل البحري و تالم البضاعة(‪.)1‬كما أن سند الشحن يبني التزامات طريف عقد النقل‬
‫و شروط هذا العقد كما ميثل أداة اثبات البضاعة (‪ )2‬و يكون سند الشحن يف شكل ايصال يوقع عليه‬
‫الناقل أو من ميثله (الربان) بتالمه البضاعة على ظهر الافينة (‪.)3‬و جيب حترير سند الشحن يف مجيع‬
‫األحوال ‪ ،‬فاذا تعلق األمر بنقل مبشارطة االجيار ‪ ،‬وجب حترير سند الشحن الثبات الشحن ‪،‬أما اذا تعلق‬
‫األمر بنقل باند الشحن فقد حل سند الشحن عمليا حمل مشارطة االجيار ‪ ،‬و أصبح سندا مثبتا لعقد‬
‫النقل و الشحن معا ‪ .‬وتتميز ورقة سند الشحن عن ورقة مشارطة االجيار كوهنا متثل البضاعة املشحونة ‪،‬‬
‫فاند الشحن ميثل حيازة البضاعة اليت مت نقلها على الافينة مبقتضاه ‪ ،‬ولذا فان حتويل سند الشحن اىل‬
‫الغري يتضمن نقل حيازة البضاعة اليه ‪ ،‬اذ حيق له استالمها مبقتضى سند الشحن يف ميناء الوصول (‪.)4‬‬
‫ب)‪ -‬شكل سند الشحن وبياناته‪:‬‬
‫أفرزت البيئة البحرية أشكاال ثالثة لاند الشحن فأما أن يكون امسيا أو اذنيا أو للحامل و قد خلت‬
‫قواعد الهاي و قواعد فزيب من ذكر هذه األشكال اال أنه قد مت ذكرها يف القوانني األخرى(‪. )5‬‬
‫‪-1‬سند الشحن االمسي ‪ :‬و هو سند الشحن الذي يكون باسم شخص معني (‪)6‬ويكون هذا الشكل بأن‬
‫يتعهد الربان بتاليم البضاعة للشخص املعني يف سند الشحن و غالبا ما يكون هذا الشخص هو املرسل‬
‫أي عندما تندمج شخصية املرسل واملرسل اليه يف شخص مالك الاند ‪ .‬و ال تنتقل امللكية يف هذا النوع‬
‫من سندات الشحن اال عن طريق حوالة احلق املدنية ‪.‬‬
‫‪-2‬الاند االذين أو الاند لألمر ‪ :‬يكون سند الشحن ألمر اذا صدر الذن الشاحن أو الذن املرسل اليه‬
‫أي يذكر فيه االسم مابوقا بصيغة االذن أو األمر‪ ،‬و هو الشكل الذائع لاند الشحن لاهولة تداوله‬
‫بالتظهري‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)René Rodiere ,Emmanuel du pontavice , précis DALLOZ ,11e édition,p265‬‬
‫‪(2)Nathalie Soison , la liberté contractuelle dans les clauses de connaissement , these de doctorat‬‬
‫)‪d’état , 1992, Université de Pantheon Assas(paris 2‬‬
‫(‪)3‬املادة ‪748‬و ‪ 741‬من القانون البحري اجلزائري‪.‬‬
‫(‪)4‬د‪.‬محدي الغنيمي ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫(‪)5‬د‪ .‬علي طاهر البييت ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )6‬د‪.‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬د‪.‬علي البارودي ‪ ،‬د‪ .‬مراد منري فهيم ‪ ،‬أساسيات القانون التجاري والقانون البحري ‪ ،‬منشأة املعارف االسكندرية ‪ ،‬بدون طبعة ‪،‬‬
‫ص ‪.365‬‬

‫‪64‬‬
‫و جيب أن تذكر عبارة األمر صراحة يف سند الشحن حىت ميكن تداوله بطريق التظهري (‪ ، )1‬أي الكتابة على‬
‫ظهر سند الشحن مبا يفيد نقل احلق الثابت فيه اىل شخص أخر أو الذنه(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬سند الشحن للحامل‪ :‬يكون قابال للتداول مبجرد التاليم ‪ ،‬وعلى الربان أن يالم البضاعة ألي‬
‫شخص يتقدم اليه ومعه سند الشحن عند الوصول ‪ ،‬ومن النادر أن يكون سند الشحن حلامله ‪ ،‬نظرا ملا‬
‫يتعرض له صاحبه من خطر الضياع والارقة(‪.)3‬‬

‫ج_ بيانات سند الشحن ‪:‬‬


‫نصت املادة ‪ 748‬من القانون البحري اجلزائري على البيانات الواجب ذكرها يف سند الشحن على وجه‬
‫اخلصوص وهي‪:‬‬
‫‪ _1‬هوية األطراف ‪ :‬اسم الناقل ‪،‬اسم الشاحن واسم املرسل اليه و عنوان كل منهم ‪.‬‬
‫‪ _2‬صفات البضاعة الواجب نقلها ‪ :‬العالمات الرئياية و الضرورية للتعريف بالبضائع ‪،‬عدد الطرود‬
‫و األشياء وكميتها ووزهنا و احلالة والتكييف الظاهران للبضاعة(‪.)4‬‬

‫‪ _3‬عناصر الرحلة ‪ :‬اسم الافينة ‪ ،‬اسم الربان ‪ ،‬ميناء الشحن والتفريغ ‪.‬‬
‫‪ _4‬أجرة احلمولة الواجب دفعها‪ :‬أجرة النقل اذا كانت ماتحقة كلها عند الوصول أو اجلزء املاتحق منها‬
‫و هذه البيانات قابلة للزيادة أو النقصان اال أن سند الشحن قد اشتهر بالشروط اليت ميليها الناقل‬
‫و النماذج اليت يطبعها فال ياتطيع الشاحن اال قبوهلا مذعنا (‪.)5‬‬
‫و أليمية عملية النقل درج العمل على أن يدون يف سند الشحن البيانات اليت يقدمها الشاحن كتابة عن‬
‫البضائع (‪.)6‬‬
‫و تعد وثيقة الشحن ‪ ،‬ثابتة بالقرينة بالنابة الستالم البضاعة من قبل الناقل يف احلالة والكمية املبينة يف‬
‫الوثيقة اال اذا ثبت ما خيالف ذلك ‪ ،‬وال يقبل ما خيالفها اذا نقلت الوثيقة حلامل من الغري حبان نية (‪.)7‬‬

‫و ميكن للناقل أن يرفض تصرحيات الشاحن على وثيقة الشحن واليت تتعلق بعدد الطرود أو القطع و كمية‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬د‪.‬مصطفى كمال طه‪،‬أساسيات القانون البحري‪،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بدون طبعة‪،‬ص‪.245‬‬
‫(‪) 2‬د‪.‬هاين دويدار‪،‬الوجيز يف القانون البحري‪،‬دار اجلامعة اجلديدة‪،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪،2444‬ص‪.245‬‬
‫(‪)3‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬أساسيات القانون البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.246‬‬
‫(‪)4‬املادة ‪ 752‬من القانون البحري اجلزائري ‪.‬‬
‫(‪ )5‬د‪.‬محدي الغنيمي ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )6‬تنص املادة ‪ ": 753‬تدرج بيانات البضائع ضمن وثيقة الشحن على أساس التصريح الكتايب للشاحن ‪"...‬‬
‫(‪ )7‬املادة ‪ 761‬من القانون البحري اجلزائري ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫وزن البضائع عندما تكون لديه دواع جدية للشك يف صحتها أو اذا مل تتوفر لديه الوسائل املعقولة للتحقق‬
‫منها ‪ ،‬أو عندما تكون عالمات التعريف املتعلقة بالبضائع مدفوعة أو خمتومة بشكل تبقى فيه مقروئة بصفة‬
‫عادية حىت هناية الرحلة (‪.)1‬‬

‫د )_ نسخ سند الشحن ‪:‬‬


‫يلتزم الناقل أو من ميثله بتزويد الشاحن بناخ مماثلة عن وثيقة الشحن اليت يراها هذا األخري ضرورية‪.‬‬
‫و تبني عدد الناخ الصادرة على كل ناخة من هذه الناخ‪ .‬وجيب أن ترفق البضاعة على منت الافينة‬
‫بناخة عن وثيقة الشحن ‪ .‬و توقع كل ناخة من وثيقة الشحن من قبل الناقل أو من ميثله والشاحن‬
‫خالل ‪ 24‬ساعة من التحميل و يف موعد أقصاه قبل مغادرة الافينة‪ .‬و جيب أن يبني على ناخ وثيقة‬
‫الشحن و تواريخ و مكان اصدارها (‪.)2‬‬

‫_ اخلالف بني ناخ سند الشحن ‪:‬‬


‫اذا اختلفت ناخ سند الشحن ‪ ،‬ال ميكن لكل طرف أن يتماك بالبيانات املدرجة يف الناخة اليت‬
‫حيملها اال اذا كانت هذه البيانات واردة أيضا يف الناخة املوجودة بني يدي الطرف األخر (‪.)3‬‬

‫واذا ما وجد خالف بني الناخ ‪ ،‬فال حمل لتفضيل ناخة على األخرى ويفضل اىل اللجوء اىل طرق‬
‫االثبات االخرى (‪.)4‬‬

‫ن)_ حجية سند الشحن في االثبات ‪:‬‬


‫‪-1‬فيما بني طرفيه ‪:‬‬
‫لاند الشحن حجية كاملة فيما بني طرفيه الشاحن و الناقل‪ ،‬فهو ينهض دليال على عقد النقل وشروطه‬
‫و األجرة املتفق عليها (‪ .)5‬على أن حجية سند الشحن يف االثبات بني طرفيه ليات مطلقة ‪ ،‬بل جيوز‬
‫اثبات عكس بيانات الاند (‪.)6‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادة ‪ 755‬من القانون البحري اجلزائري ‪.‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 764‬من القانون البحري اجلزائري‪.‬‬
‫(‪)3‬املادة ‪ 762‬من القانون البحري اجلزائري ‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪.‬محدي الغنيمي ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )5‬د‪.‬مصطفى كمال طه ‪،‬أساسيات القانون البحري‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫(‪ )6‬املادة ‪ 761‬من القانون البحري اجلزائري ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫و اذا كانت القواعد العامة تقضي بأنه ال جيوز اثبات ما هو ثابت بالكتابة اال بالكتابة ‪ ،‬فان هذه القواعد‬
‫ال تطبق يف املواد التجارية ومن مثة جيوز اثبات عكس بيانات سند الشحن بكافة طرق االثبات (‪.)1‬‬
‫‪-2‬بالنابة اىل الغري‪:‬‬
‫ال يكون سند الشحن حجة على طرفيه فحاب ‪ ،‬بل يكون حجة على الغري كاملرسل اليه مثال واملؤمن‬
‫على البضائع ‪ .‬و ياتطيع الغري اذا كان له مصلحة يف ذلك أن يثبت عكس ما جاء باند الشحن بكافة‬
‫طرق االثبات ‪ .‬و ذلك دون التقيد مبا يلتزم به الشاحن من ضرورة تقدمي الدليل الكتايب الثبات عكس ما‬
‫جاء به ‪ .‬كما ياتطيع هذا الغري أن ياتند اىل سند الشحن يف مواجهة كل من الناقل و الشاحن على‬
‫أساس أن لاند الشحن حجية كاملة ملصلحته يف مواجهتهما(‪.)2‬‬
‫ه) وظائف سند الشحن‪:‬‬
‫صاحب تطور التجارة البحرية ظهور العناصر األوىل لاند الشحن ‪،‬مث شاع استعماله يف أوربا الغربية يف‬
‫هناية القرن الاادس عشر ‪ .‬وقد كان سند الشحن يف بداية وجوده جمرد ايصال من الناقل يفيد امتام عملية‬
‫شحن البضاعة ‪ ،‬مث تطورت وظيفة سند الشحن حبيث أصبح أداة الثبات عقد النقل البحري بعدما‬
‫أدرجت فيه شروط النقل ‪ ،‬وتعترب الئحة املالحة الفرناية لانة ‪ 1681‬هي أول تنظيم تشريعي يعاجل سند‬
‫الشحن وقد اعرتفت احملاكم بتمثيل سند الشحن للبضاعة وذلك يف أوائل القرنني ‪16‬و‪.)3(17‬‬

‫وبالتايل ميكن القول أن سند الشحن يقوم بثالث وظائف فهو أداة لتمثيل البضاعة املشحونة ذاهتا ويقوم‬
‫مقامها ويعترب حامل الاند مبثابة حائز للبضاعة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التعارض بين سند االيجار وسند الشحن ‪.‬‬
‫اذا وجد تعارض بني سند االجيار وسند الشحن ‪ ،‬فتفضل شروط سند االجيار يف العالقة بني املؤجر‬
‫واملاتأجر ‪ ،‬بينما يكون سند الشحن وحده هو املعترب يف العالقة بني املاتأجر والشاحن ‪ ،‬وذلك ما مل‬
‫يتضمن سند الشحن احالة صرحية اىل سند االجيار و عندئذ جيب االعتداد باند االجيار وحده ‪.‬‬
‫و اذا كان األصل هو وجوب ترجيح الشروط اخلطية على الشروط املطبوعة ‪ ،‬اال أنه اذا وقع تعارض بني‬
‫شروط خطية و شروط مطبوعة يف سند اجيار وسند شحن نظما معا ‪ ،‬وجب ترجيح شروط سند الشحن‬
‫على شروط سند االجيار ‪ ،‬ذلك أن سند الشحن عمل الحق و من مث يعترب تعديال للعقد األصلي (‪. )4‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪.‬مصطفى كمال طه ‪،‬أساسيات القانون البحري‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.242‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬محدي الغنيمي ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫(‪ )3‬د حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.148‬‬
‫(‪ )4‬د‪. .‬مصطفى كمال طه ‪،‬أساسيات القانون البحري‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪. 244‬‬
‫‪67‬‬
‫رابعا‪ :‬وثائق نقل أخرى‪.‬‬
‫أ)_ النقل الدولي متعدد الوسائط‪ :‬يعترب النقل الدويل متعدد الوسائط نظاما متكامال للنقل الدويل له‬
‫نظامه القانوين اخلاص واحملدد و مميزاته العديدة (‪ .)1‬ويكون النقل الدويل متعدد الوسائط عندما تتم عملية‬
‫النقل باستخدام واسطيت نقل خمتلفتني على األقل(‪ ، )2‬كما لو كانت مرحلة نقل تتم عن طريق البحر‬
‫و أخرى عن طريق الاكك احلديدية ‪ ،‬أو مرحلة حبرية و أخرى جوية ‪ .‬والبد أن يكون النقل بني مكانني‬
‫يف بلدين خمتلفني و هو ما يعرف بالنقل الدويل للبضائع ‪،‬كما جيب أن تصدر وثيقة نقل واحدة لتغطي‬
‫كافة مراحل عملية النقل و أن يتوىل ماؤولية وصول البضاعة خالل مراحل النقل املختلفة و املتعددة‬
‫شخص واحد يعترب هو املاؤول أمام أصحاب البضاعة عن أي هالك أو تلف أو تأخري قد يصيبها ‪.‬‬
‫كما حيصل متعهد النقل على أجرة نقل شاملة تغطي كافة مراحل عملية النقل البحري(‪.)3‬‬
‫ب)_النقل المتتابع ‪ :‬النقل املتتابع أو املتعاقب هو النقل الذي يقوم به عدة ناقلني ماتقلني ‪ ،‬و ينقام‬
‫هذا النقل اىل نقل متتابع حبري و نقل متتابع خمتلط‪.‬‬
‫و النقل املتتابع البحري هو النقل الذي يتم عن طريق واسطة واحدة يف مجيع أجزائه و هذه الواسطة هي‬
‫البحر(‪ .)4‬و عقود النقل املاتخدمة يف النقل املتتابع إما أن تكون ماتقلة عن بعضها البعض‪ ،‬مبعىن أن‬
‫يقوم الشاحن بالتعاقد مع الناقل األول و الثاين و الثالث‪ ،...‬وإما أن جيمع مجيع أجزاء عملية النقل عقد‬
‫نقل حبري واحد يقوم بابرامه الشاحن مع ناقل يتوىل ماؤولية النقل يف مجيع مراحله منذ استالمه البضاعة‬
‫حىت تاليمها اىل املرسل اليه (‪ .)5‬ويف هذه احلالة يقوم الناقل املتعاقد باصدار سند شحن مباشر يغطي‬
‫عملية النقل كلها‪.‬‬
‫أما النقل املتتابع املختلط فهو النقل الذي يتم بطرق نقل خمتلفة ‪ ،‬مع ضرورة أن يكون البحر جزءا منها‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تنص الفقرة األوىل من املادة األوىل من اتفاقية األمم املتحدة للنقل املتعدد الوسائط للبضائع لعام ‪ 1184‬على عملية النقل متعدد الوسائط على أهنا‬
‫عملية‪":‬نقل بضائع بواسطتني خمتلفتني على االقل من وسائط النقل ‪،‬على أساس عقد نقل متعدد الوسائط من مكان يف بلد ما يأخذ فيه متعهد النقل متعهد‬
‫النقل متعدد الوسائط البضائع يف حراسته اىل املكان احملدد للتاليم يف بلد اخر"‬
‫(‪ )2‬ليس بالضرورة وجود واسطة حبرية يف النقل الدويل متعدد الوسائط و ياتدل ذلك من الفقرة األوىل املادة األوىل من النقل الدويل متعدد الوسائط كذلك نص‬
‫املادة ‪ 18‬واليت ياتفاد منها ان الواسطة البحرية ليات بالضرورة شرطا حىت يكون النقل متعدد الوسائط ‪ ،‬و قد نصت ايضا الفقرة الثالثة من القاعدة الاادسة‬
‫لقواعد ‪ CCI‬بشأن وثائق النقل الدويل متعدد الوسائط لانة ‪ 1111‬على عدم ضرورة توافر الواسطة البحرية يف هذا النقل‪.‬‬
‫(‪)3‬د‪.‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.263‬‬
‫(‪ )4‬دهانة حممد ‪ ،‬دفع املاؤولية املدنية للناقل ‪ ،‬دكتوراه يف القانون اخلاص ‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم الاياسية ‪ ،‬جامعة أيب بكر بلقايد تلماان ‪ ،‬الانة اجلامعية‬
‫‪. 2411-2414‬ص ‪114‬‬
‫(‪ )5‬يتمتع الناقل يف هذه احلالة بصفتان ‪،‬الصفة األوىل هي صفة الناقل يف النقل االول أما الصفة الثانية فهي صفة الوكيل بالعمولة للنقل بالنابة للنقل التايل وهنا‬
‫يقوم الناقل املتعاقد مع الشاحن باصدار سند شحن واحد يغطي كافة مراحل عملية النقل املتتابعة حيث يعرف سند الشحن هنا باسم سند الشحن املباشر ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫وقد تتم هذه العملية اما عن طريق عقد نقل واحد يشمل كافة مراحل النقل(‪، )1‬أو عن طريق عدة عقود‬
‫حيث يتعاقد فيها الشاحن مع الناقل البحري ومع الناقل الربي ‪ ،‬و اجلوي ‪...‬و من مث يوجد عقدان أو‬
‫أكثر ماتقالن ويف هذه احلالة تاري على كل عقد األحكام اخلاصة به (‪. )2‬‬
‫ج)_ النقل المشترك ‪:‬يف هذه احلالة يلجأ الشاحن اىل التعاقد مع الناقل على أن يقوم الناقل بتزويد‬
‫الشاحن يف خمازنه بالعدد املطلوب من احلاويات الفارغة لكي يتم شحنها بالبضائع ‪ ،‬ومن مث يقوم الناقل‬
‫بتوصيل هذه احلاويات اىل املرسل اليهم (‪.)3‬‬
‫د)_ تذكرة النقل البحري‪ :‬أدى التطور احلديث يف وسائل النقل و االتصاالت مع الاعي لتبايط‬
‫االجراءات املاتندية اىل ظهور صور جديدة لاندات نقل حبري ختتلف يف بعض وظائفها القانونية مع‬
‫الوظائف التقليدية لاندات الشحن العادية‪ ،‬وقد أطلق على هذا الاند تذكرة النقل البحري ‪.‬وياتخدم‬
‫عندما ال تكون هناك نية اىل بيع البضاعة أثناء الرحلة البحرية وتعطي مزيدا من األمان لقلة احتماالت وقوع‬
‫الغش البحري عن طريقها ‪ .‬وقد ظهرت مناذج عديدة من تذكرة النقل البحري وكلها غري قابلة للتداول وهي‬
‫تثبت عقد النقل ووصف البضائع املنقولة‪ .‬وقد أوصت جلنة تاهيل اجراءات التجارة الدولية للمملكة‬
‫املتحدة (‪)4‬باستعمال هذه التذاكر(‪. )5‬‬
‫ن)_ سند الشحن االلكتروني‪:‬على إثر التقدم احلادث يف وسائل االتصال ظهر ما تطلق عليه التجارة‬
‫االلكرتونية تلك اليت تعتمد على شبكة االتصاالت الدولية (االنرتنيت) باستخدام الكمبيوتر ‪ ،‬وازاء التقدم‬
‫التكنولوجي يف نظم املعلومات و امكانية حتقيق بعض األمان القانوين للعمليات االلكرتونية ‪،‬يعد حلول‬
‫سندات الشحن االلكرتونية حمل سندات الشحن التقليدية أمرا طبيعيا ‪،‬طاملا أهنا توفر لألطراف تأمينا يوازي‬
‫اىل حد ما ما متنحه هذه األخرية(‪،)6‬اال أنه جيب ذكر بأن الرسالة االلكرتونية غري قابلة للتداول ‪،‬األمر الذي‬
‫خيلق مشكل كبرية يف التجارة الدولية والذي أدى اىل اختالف االراء من أجل احلاق األثار القانونية اهلامة‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نظرا الختالف طبيعة عمليات النقل يف هذه احلالة فان عقد النقل ال ميكن اثباته باند واحد مثلما حيدث يف النقل املتتابع البحري ‪ ،‬فالبد من اصدار‬
‫الاند املناسب لكل مرحلة عقدية خمتلفة‪.‬‬
‫(‪ )2‬حيث يصدر سند الشحن بالنابة للنقل البحري ‪ ،‬وتذكرة النقل بالنابة للنقل الربي ‪،‬وتذكرة نقل جي بالنابة للنقل اجلوي و ترفق الاندات مع بعضها ‪.‬‬
‫كما خيتلف القانون الواجب التطبيق على كل مرحلة من مراحل عقد النقل فيطبق القانون البحري على مرحلة الرحلة البحرية ‪ ،‬والقانون التجاري أو املدين على‬
‫مرحلة الرحلة الربية أو النهرية و القانون اجلوي على مرحلة الرحلة اجلوية‪.‬‬
‫(‪)3‬د‪.‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.286‬‬
‫‪)4(United Kingdom Commitee for simplifaiation of intrnational trade.‬‬
‫(‪)5‬د‪.‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫(‪)6‬د‪.‬حممد ابراهيم موسى ‪،‬سندات الشحن االلكرتونية بني الواقع واألمول‪،‬دار اجلامعة اجلديدي للنشر ‪،‬سنة ‪، 2445‬ص‪.27‬‬

‫‪69‬‬
‫املرتبطة باند الشحن الورقي بأي وسيلة أخرى بديلة عن احملررات الورقية وترتبط بالبيانات االلكرتونية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تعريف اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫ال خيتلف تعريف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عن تعريف اتفاق التحكيم عموما اال خبصوصية‬
‫أنه ‪ " :‬اإلتفاق الذي يتعهد مبقتضاه أطراف العالقة البحرية على عرض املنازعات اليت نشأت أو ستنشأ‬
‫ماتقبال مبناسبة عقد النقل البحري على التحكيم "‪ ،‬و قد تطرقنا اىل الصور املختلفة اليت يأخذها عقد‬
‫النقل البحري ‪،‬فقد يتم عقد النقل البحري إما مبشارطة اجيار الافينة(مشارطة اجيار بالرحلة) وإما عن طريق‬
‫سند الشحن وكذا وثائق نقل أخرى ‪ .‬و بالتايل يكون اتفاق التحكيم مدرجا يف احدى هذه الوثائق لنزع‬
‫االختصاص عن القضاء الدويل واحالته اىل التحكيم البحري ‪.‬‬
‫و هبذا يأخذ اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري صورتني إما شرط التحكيم ويكون مدرجا يف احدى‬
‫تلك العقود اليت متثل عملية النقل البحري وإما يكون اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬عقد ماتقل‬
‫عن عقد النقل البحري و هو ما يامى بعقد التحكيم (‪ )1‬أو مشارطة التحكيم كما يطلق عليه يف بعض‬
‫القوانني ( القانون املصري‪. )...‬‬
‫و املتأمل يف هذا التعريف جند أنه يرتكز على عدة أمور تربز جوهر اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪:‬‬
‫األول‪:‬أنه تراض بني طريف عقد النقل البحري ‪،‬وتالقي ارادتيهما على اختاذ التحكيم وسيلة لتاوية املنازعات‬
‫الناشئة عن تلك العالقة ‪ ،‬أيا كان أساس تلك العالقة أي سواءا كانت مرتبطة بالعقد ‪ ،‬أو سواءا كانت‬
‫واقعة قانونية كاملاؤولية عن العمل الضار(‪.)2‬‬
‫الثاين‪:‬أنه يعطي للمحكمني سلطة الفصل يف كل أو بعض املنازعات الناشئة مبناسبة عقد النقل البحري‬
‫و الذي ورد مبناسبته اتفاق التحكيم ‪ ،‬وقد يتعلق النزاع بتفاري أو بتحديد أو بتنفيذ العقد‪ ،‬أو بالتعويض‬
‫عن تأخر االلتزامات املتولدة عن عقد النقل البحري و الغالب أن تتحدد هذه املاألة يف اتفاق التحكيم ‪،‬‬
‫أي حتديدا ملوضوع النزاع ‪ ،‬وترتب النظم القانونية جزاء البطالن على خلو اتفاق التحكيم من التحديد‬
‫الدقيق ملوضوع النزاع أو املاألة التحكيمية‪.‬‬
‫الثالث‪:‬أن اتفاق التحكيم قد يكون سابقا على نشوء النزاع بني طريف عقد النقل البحري و هذا ما جنده يف‬
‫الغالب وهو ما يامى بشرط التحكيم ‪ ،‬وقد يكون اتفاق التحكيم الحقا لنشأة النزاع مبناسبة عقد النقل‬
‫البحري و هو ما يامى بعقد التحكيم أو مشارطة التحكيم‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أطلق عليه قانون التحكيم اجلزائري اسم اتفاق التحكيم وهذا غري منطقي حبيث يتم اخللط بينه و بني اتفاق التحكيم الذي يعين أيضا شرط التحكيم ‪.‬‬
‫(‪)2‬د‪.‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.238‬‬

‫‪70‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري و التقسيمات الكبرى للعقود ‪.‬‬
‫تقام العقود بصفة عامة من حيث املوضوع و التكوين و األثر‪ ،‬و موقع اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري من بني هذه التقايمات كالتايل‪:‬‬
‫أوال ‪:‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري و تقسيم العقود من حيث الموضوع‪.‬‬
‫و من هنا جند أن اتفاق التحكيم عموما قد وضع له املشرع قواعد قانونية خاصة به (قانون التحكيم)‬
‫مدرجة يف قانون االجراءات املدنية كونه نظام اجرائي خيتص حبل املنازعات بني األفراد ‪.‬‬
‫وما دام أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تنطبق عليه األحكام العامة مبا فيها األحكام اخلاصة اليت‬
‫أشارت اليها بعض التشريعات الوضعية و االتفاقيات الدولية فيعد اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من‬
‫ضمن العقود املاماة(‪ ،)1‬وتاري عليه القواعد املوجودة يف قانون التحكيم أو قانون املرافعات للدول بصفة‬
‫عامة أو ما يامى يف القانون اجلزائري بقانون االجراءات املدنية واالدارية ‪.‬‬
‫فاذا مل توجد القاعدة القانونية املراد تطبيقها يرجع اىل التنظيم العام للعقود يف القانون املدين ‪ ،‬فالتنظيم العام‬
‫للعقود يكون مبثابة املرجعية و املكمل للتنظيم اخلاص ‪ ،‬خبالف العقود الغري املاماة و اليت يطبق عليها‬
‫التنظيم العام للعقود‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري و تقسيم العقود من حيث التكوين ‪.‬‬
‫تنقام العقود من حيث تكوينها اىل عقود رضائية وعقود شكلية و عقود عينية ‪ ،‬و يعرف العقد الرضائي‬
‫اىل كونه العقد الذي يكفي النعقاده تراضي املتعاقدين أي اقرتان االجياب بالقبول (‪.)2‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تقام العقود من حيث املوضوع اىل عقود ماماة و عقود غري ماماة ‪ ،‬فالعقد املامى هو ما خصه القانون باسم معني و توىل تنظيمه لشيوعه بني الناس‬
‫يف تعاملهم‪.‬‬
‫والعقد الغري املامى هو ما مل خيصه املشرع باسم معني ومل يتوىل تنظيمه‪ ،‬كونه أقل شيوعا من العقود املاماة ‪ ،‬و مناط التمييز بني العقد املامى والغري املامى‬
‫هو وجود تنظيم تشرعي خاص من عدم وجوده‪.‬‬

‫عبد الباسط حممد عبد الواسع الضرسي‪ ،‬املرجع‬ ‫و ملزيد من التفاصيل يف هذا الصدد أنظر ‪:‬عبد الرزاق الانهوري ‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪، 167‬‬
‫الاابق‪،‬ص ‪.66‬‬
‫(‪)2‬رضائية العقود ‪ Le consensualisme‬هي القاعدة يف القانون احلديث خبالف القانون الروماين فقد كانت الشكلية هي القاعدة ‪ ،‬و العقد الرضائي‬
‫هو الذي يتم مبجرد الرتاضي ‪ ،‬بينما العقد الشكلي فيجب لتمامه شكل معني ‪ ،‬والشكل الوحيد اليوم هو الكتابة ‪.‬‬
‫عن ‪ :‬حممد حانني ‪ ،‬الوجيز يف نظرية االلتزام ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية اجلزائر‪،‬طبعة ‪ ،1181‬ص ‪14‬‬

‫‪71‬‬
‫و يعرف العقد الشكلي بأنه العقد الذي ال يكفي النعقاده جمرد الرتاضي بل البد من أن يتخذ فيه التعبري‬
‫عن االرادة شكال معينا حيدده القانون(‪)1‬و من مث اذا ما مت اسقاط هذه التعريفات على اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري جند أن اتفاق التحكيم كونه عقد رضائي أو شكلي خيتلف من نظام قانوين اىل أخر فاذا‬
‫كان القانون يتطلب الكتابة لالنعقاده حبيث تصبح ركن من أركانه فهو عقد شكلي ‪ ،‬أما اذا كان القانون‬
‫يتطلب الكتابة لالثبات فقط فهو من العقود الرضائية و جند أن هناك تباين بني التشريعات الوطنية فيما‬
‫خيص هذا املوضوع ‪ .‬فمن التشريعات املقارنة ما جتعل الكتابة الرمسية شرط ضروري النعقاد اتفاق التحكيم‬
‫مثل اسبانيا و الربتغال (‪ )2‬و منها ما يكتفي بالكتابة فقط دون ذكر شرط الرمسية كالقانون اجلزائري‬
‫و الفرناي ‪،‬أما النظم األجنلوساكاونية فلم جتعل من الكتابة شرط لصحة اتفاق التحكيم و ال حىت وسيلة‬
‫الثباته و إمنا تركت ذلك للقاضي ولتقديره (‪. )3‬‬
‫ثالثا‪ :‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري و تقسيم العقود من حيث األثر‪.‬‬
‫تقام العقود من حيث أثرها اىل عقودة ملزمة جلانبني ‪ ،‬و عقود ملزمة جلانب واحد و تنقام أيضا اىل‬
‫عقود معاوضة وعقود تربع‪.‬‬
‫فالعقد امللزم جلانبني هو العقد الذي ينشئ التزامات متقابلة يف ذمة كل من املتعاقدين ‪ ،‬أما العقد امللزم‬
‫جلانب واحد فهو الذي ال ينشئ التزامات اال يف جانب أحد املتعاقدين ‪ .‬وبالتايل فاتفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري هو من العقود امللزمة جلانبني ألنه ينشأ التزامات تقع على عاتق طرفيه ‪ ،‬فكاليما يلتزم بعدم‬
‫طرح النزاع على القضاء و طرحه على هيئة التحكيم ‪ ،‬و ما مييز اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو‬
‫أنه ينشئ التزاما واحدا يقع على عاتق كل من طرفيه على سبيل التبادل ‪ ،‬وليس التزامات خمتلفة خبالف‬
‫العقود األخرى مثل عقد البيع حيث يلتزم البائع بتاليم الشيء املبيع ويلتزم املشرتي بدفع الثمن ‪.‬‬
‫و بالتايل فأحادية االلتزام هته الواقعة على كل من طرفيه من شأهنا أن تلغي األثار املألوفة لتقابل‬
‫االلتزامات املرتتبة على العقود امللزمة جلانبني ‪ ،‬كالدفع بعدم التنفيذ أو الفاخ لعدم التنفيذ‪ ،‬فاذا رفع أحد‬
‫الطرفني نزاعه اىل هيئة التحكيم فال يتصور أن يدفع الطرف األخر أمام هيئة التحكيم بعدم التنفيذ أو أن‬
‫يطالب بفاخ اتفاق التحكيم لعدم قيام خصمه بتنفيذ التزامه ألن االلتزام واحد للطرفني ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬و قد نصت كافة القوانني املدنية املقارنة على كيفية التعبري عن هته االرادة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضرسي‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪67‬‬
‫(‪)3‬سوف يتم التطرق بالتفصيل ملوضوع الشكلية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف الفصل الثاين من هذا الباب ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫و تقام العقود من حيث أثرها اىل عقود معاوضة و عقود تربع ‪ ،‬فعقد املعاوضة هو العقد الذي يأخذ فيه‬
‫كل متعاقد مقابال ملا أعطاه ‪ ،‬أما عقد التربع فهو العقد الذي ال يأخذ فيه املتعاقد مقابال ملا أعطاه و ال‬
‫يعطي املتعاقد األخر مقابال ملا أخذه ‪.‬‬
‫و بالتايل ميكن القول أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من عقود املعاوضة ألنه يتضمن منفعة‬
‫متبادلة ألطرافه تتمثل يف رغبتهم من االستفادة من املزايا العديدة اليت يقدمها التحكيم البحري و اليت من‬
‫أيمها سرعة الفصل يف النزاع الناشئ عن عقد النقل البحري بواسطة حمكمني متخصصني بطبيعة هذا‬
‫النزاع(‪. )1‬‬

‫كما يرى بعض الفقه أن اتفاق التحكيم ال يندرج ضمن عقود التربع ‪ ،‬وال يعين ذلك أنه من عقود‬
‫املعاوضة (‪ ، )2‬كون اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ال يرد على حق موضوعي ميكن التعاوض عليه‬
‫أو تقوميه أو التربع به ‪ ،‬وامنا يعد عمل اجرائي هو منح احملكمني سلطة الفصل يف النزاع و االمتناع‬
‫عن اللجوء اىل القضاء ‪.‬‬
‫أما اذا اتفق أطراف نزاع عقد النقل البحري اسقاط جزء من االدعاءات مقابل اسقاط اخلصم جزء من‬
‫ادعاءاته ‪ ،‬كما هو احلال يف االتفاق على الصلح فيأخذ يف ذلك معىن املعاوضة ‪.‬‬
‫الفرع الخامس ‪:‬مضمون اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫تقوم عملية التحكيم بصفة عامة على جمموعة من املبادئ و النقاط القانونية و اليت حيددها القانون سلفا أو‬
‫اليت حيددها األطراف يف اتفاق التحكيم ‪ ،‬و بالتايل فارادة أطراف عقد النقل البحري تظهر جليا يف حتديد‬
‫عدة مواضيع عند ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و ذلك لتفادي أي شك أو لبس يف اختيار‬
‫التحكيم كوسيلة حلل منازعاهتم‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مبدأ االتفاق على التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫كما رأينا سابقا فان اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو االتفاق الذي بواسطته يتم اختيار‬
‫التحكيم كطريق بديل حلل منازعات عقد النقل البحري ‪ ،‬وكون التحكيم هو استثناء من املبدأ العام أال‬
‫و هو اللجوء اىل القضاء ‪ ،‬فذلك يقتضي على أطراف النزاع الناشئ عن عقد النقل البحري أن تعرب‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد الرزاق الانهوري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬اجلزءاألول ‪،‬ص‪.175‬‬
‫(‪)2‬أنظر ‪ :‬د مصطفى مجال و د عكاشة عبد العال ‪،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة ‪ ،‬مأخوذ عن عبد الباسط حممد عبد الواسع الضرسي‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬‬
‫ص ‪.71‬‬

‫‪73‬‬
‫بشكل صحيح عن رغبتها باللجوء اليه ‪ ،‬فال جيب االكتفاء بكلمات عامة ال تقطع الشك برغبة األطراف‬
‫يف اللجوء اىل التحكيم و امنا جيب االتفاق على هذا املبدأ بشكل صريح وواضح ألنه يرتب عليه سحب يد‬
‫القضاء من هذا النزاع و احالته اىل هيئة التحكيم املتفق عليها ‪.‬‬
‫و هو ما يالحظ يف العديد من الصيغ اليت ترد مبشارطات االجيار فهي تقول مثال ‪":‬كل النزاعات اليت تنشأ‬
‫عن هذه املشارطة ستحال اىل التحكيم "(‪ ، )1‬فاالتفاق على هذا املبدأ واضح الداللة وال يرتك أي جمال‬
‫للشك باللجوء للتحكيم حلل منازعات عملية النقل هته‪.‬‬
‫كما يوجد صيغ ولكن ليات واضحة الداللة فان ورد يف مشارطة االجيار مثال ‪ ":‬حيل هذا النزاع بواسطة‬
‫جلنة التحكيم والعرف و العادة يف غرفة جتارة بغداد " ‪ ،‬فهذه الصيغة ال تكفي للداللة على اختيار التحكيم‬
‫كوسيلة حلل النزاع ألنه وفقا هلذه اللجنة ميكن أن حيل هذا النزاع بالتوفيق أو املصاحلة (‪ )2‬هذا ما يامى‬
‫باتفاق التحكيم املعتل ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬وقت و مكان االتفاق على التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬


‫كما رأينا سابقا فاألصل أن التحكيم هو نظام قضائي اتفاقي ‪ ،‬يتم الرتاضي عنه من قبل األطراف الراغبني‬
‫يف تاوية منازعاهتم عن طريقه ‪ ،‬فهم املخاطبون بالقواعد القانونية الواردة يف قانون التحكيم ‪ ،‬و اليت‬
‫متنحهم كل احلق يف اختاذ التحكيم وسيلة حلل منازعاهتم و اليت يف دراستنا هذه خيص اللجوء اىل التحكيم‬
‫حلل املنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري ‪ ،‬و بالتايل أطراف عقد النقل البحري هلم احلرية يف أن‬
‫اختاروا التحكيم كوسيلة بديلة حلل منازعاهتم برغبتهم دون أن يااقوا إليه رغما عنهم ‪ .‬و بالتايل فاألطراف‬
‫وحدهم حيددون وقت اللجوء اىل التحكيم إما حلظة ابرام عقد النقل البحري و بدأ التعامل بينهم عن طريق‬
‫النص يف عقدهم على شرط التحكيم و إما خيتارون اللجوء اىل التحكيم بعد نشأة النزاع بينهم عن طريق‬
‫مشارطة أو عقد التحكيم ‪ .‬و لقد نصت خمتلف نظم و قوانني التحكيم على هاتني الصيغتني و اليت سيتم‬
‫التطرق اليهما الحقا أي شرط التحكيم ومشارطة التحكيم‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫)‪(1‬و صيغتها باللغة االجنليزية كالتايل‪:‬‬
‫‪« All DISPUTE ARISING OUT OF THIS CHARTER PARTY SHALL BE REFERRD TO‬‬
‫» ‪ARBITRA‬‬
‫(‪)2‬علي طاهر البيايت‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.114‬‬

‫‪74‬‬
‫فالتشريعات و لوائح هيئات التحكيم تأخذ من ذلك املعيار الزمين " ‪ "criteria temporis‬أي القائم‬
‫على حلظة و وقت االتفاق على التحكيم بالنابة لوقت نشوء النزاع ‪ ،‬للتفرقة بني ما يامى بشرط التحكيم‬
‫و مشارطة التحكيم(‪.)1‬‬
‫كما ياتطيع األطراف االتفاق على حتديد املكان الذي سيجري فيه التحكيم و االتفاق على هذا املكان‬
‫له أثار مهمة فالتشريعات املختلفة ال تاوي بني احلكم الصادر على أراضيها و ذلك الصادر على أراضي‬
‫أجنبية فتشدد غالبا يف اجراءات تنفيذ هذا األخري و معيار املكان قد اعتمدته أيضا اتفاقية نيويورك لتحديد‬
‫أجنبية احلكم من وطنيته (‪.)2‬‬
‫ثالثا‪ :‬الصياغة و أثرها على المفهوم ‪.‬‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو تراضي أطراف عقد النقل البحري اىل اللجوء اىل التحكيم‬
‫لتاوية كل أو بعض املنازعات الناشئة عن هذا العقد ‪ ،‬أو اليت ميكن أن تنشأ عنه حبكم ملزم هلم بدال من‬
‫قضاء الدولة ‪ .‬و بالتايل جيب أن يصاغ اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري سواء كان شرطا أو مشارطة‬
‫بشكل سليم و واضح‪ ،‬غري أن الواقع العملي أظهر أن اتفاقات التحكيم يف عقد النقل البحري تصاغ بنحو‬
‫رديء و غامض ‪ ،‬اىل درجة استحالة اعمال اتفاق التحكيم (‪ ،)3‬و يعود ذلك اىل عدة عوامل ‪:‬‬
‫_ هتاون أطراف عقود النقل البحري يف اختيار من يقوم بصياغة هذه العقود و اتفاقات التحكيم‪ ،‬فغالبا ما‬
‫يقوم بأشخاص غري مؤهلني‪ ،‬والذين ال يدركون املعاين اخلفية و البعد القانوين الكامن وراء هذا لفظ أو تلك‬
‫العبارة‪.‬‬
‫_ عقود النقل الدويل هي عقود معقدة ومتشابكة ‪ ،‬تتداخل فيها جوانب اقتصادية و قانونية و تقنية‬
‫و مالية ‪ ،‬وجيب أن يشارك املتخصصني يف اجملال البحري يف كل هته اجلوانب ‪ ،‬و كما هو موجود يف أوروبا‬
‫أصبح املتخصصون فيب اجلانب القانوين هم أصحاب الريادة يف اجملال البحري و حل مشاكله(‪.)4‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬امحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون التحكيم التجاري الدويل و الداخلي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪219‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 1‬من اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1158‬اخلاصة باالعرتاف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية ‪.‬‬
‫(‪)3‬امحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬املرجع الاابق ذكره‪،‬ص‪.266‬‬
‫‪)4)Bruce Harris, op cit, p 04.‬‬

‫‪75‬‬
‫و من هنا تظهر أيمية احليطة واحلذر يف حترير عقود النقل البحري واالنتباه اىل صياغة اتفاقات التحكيم فيها‬
‫و قد أدت الصياغات املختلفة التفاقات التحكيم اىل ظهور أنواع منها ‪:‬‬
‫» ‪« la convention d’arbitrage pathologique‬‬ ‫أ_اتفاق التحكيم المعتل‪:‬‬
‫قد مت اعتماد تامية اتفاقات التحكيم باملعتلة اتفاقات التحكيم وعلى وجه اخلصوص _شروط التحكيم _‬
‫تلك االتفاقات على التحكيم اليت تقوم باحداث اضطراب للاري العادي للعملية التحكيمية (‪.)1‬‬
‫فاعتالل شروط التحكيم ظاهرة موجود منذ القدم (‪ ،)2‬و من األمور الشائعة يف صياغة اتفاقات التحكيم‬
‫ورودها مضطربة وغامضة ‪ ،‬بل ومتناقضة أحيانا ‪ ،‬ال يتفق مضموهنا مع حقيقة األلفاظ و العبارات‬
‫املاتخدمة يف الصياغة ومع ما يرغب فيه األطراف ‪ ،‬كما يظهر االعتالل أيضا يف عدم حتديد اجلهة اليت‬
‫تتوىل التحكيم أو حىت عدم الوضوح يف مبدأ اللجوء اىل التحكيم(‪.)3‬‬
‫كما يكون اتفاق التحكيم معتال اذا مت تعيني هيئة حتكيم ترفض هذه املهمة أو تعني حمكم قد تويف قبل‬
‫نشوب النزاع ‪ ،‬كما يكون اتفاق التحكيم معتال اذا مت تعيني هيئة حتكيم غري موجودة أو غري معينة تعينا‬
‫كافيا (‪ .)4‬و تكثر هته األخطاء يف اجملال الدويل فمثال تعيني "غرفة التجارة الدولية يف جنيف " و حنن نعلم‬
‫أن مقرها يف باريس ‪ ،‬فقضت غرفة التجارة الدولية يف باريس بأن االرادة املشرتكة لألطراف كانت تتجه حنو‬
‫اعطاء االختصاص بالتحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس مع رغبتهم يف عقد اجللاات يف جنيف (‪. )5‬‬
‫كما يقع أحيانا أن ينص األطراف اتفاق التحكيم على اسم خاطئ ملركز حتكيم معني(‪، )6‬وبالتايل تتجه‬
‫املمارسة العملية يف أغلب األحيان اىل انقاذ أكرب عدد ممكن مما يعرف باتفاقات التحكيم املعتلة‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪)1(Fouchard,Gallaird ,Goldman,op cit ,283‬‬
‫‪(2)Emmnuel JOLIVET ,la clause compromisssoire pathologique,les cahiers de l’arbitrage,2010-1 ,p81‬‬
‫(‪ )3‬د‪.‬امحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون التحكيم التجاري الدويل و الداخلي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.268‬‬
‫(‪)4‬مثال ‪ ":‬ميكن لألطراف أن يلجؤوا اىل التحكيم "‬
‫» … ‪Exp : « les parties peuvent recourir à l’arbitrage‬‬
‫‪(5) V. par ex .à propos de termes « chambre de commerce internationale siégeant à Genève » la‬‬
‫)‪sentnce CCI n° 3460 (1980‬‬
‫(‪ )6‬ففي قضية عرضت علي غرفة التجارة الدولية بباريس ورد النص يف اتفاق التحكيم على أن النزاع بني االطراف يتم تاويته عن طريق " الغرفة الرمسية للتجارة‬
‫بباريس و ملا كان ال يوجد يف فرناا غرفة جتارية رمسية ‪ ،‬بل غرفة التجارة الدولية الشهرية ‪،‬فقد فار القضاء الفرناي النص على أنه يقصد تلك األخيرية ‪.‬راجع‪:‬‬
‫‪Trib.gr inst .paris .13 décembre 1988.Rev.arb.1990,p521.‬‬

‫‪76‬‬
‫باريس(‪.)1‬‬ ‫حىت أن القضاء أخذ هبذا االجتاه و هذا ما أظهرته العديد من أحكام جملس استئناف‬
‫ب_ اتفاق التحكيم األبيض‪clause d’arbitrage blanche:‬‬
‫يعد اتفاق التحكيم األبيض نوعا من اتفاقات التحكيم البايطة ‪ ،‬اليت ال حتتوي اال على مبدأ اللجوء‬
‫للتحكيم فقط ‪ ،‬دون أي حتديد للمنازعات الىت ميكن أن تاوى عن طريقه ماتقبال(‪ ، )2‬كاملنازعات‬
‫الناشئة عن تفاري عقد النقل البحري أو تنفيذه ‪ ،‬أو مثال حتديد حل املنازعات اخلاصة مباؤولية الناقل‬
‫البحري بواسطة التحكيم أو التحكيم اذا أخل أحد أطراف عقد النقل البحري بالتزاماته التعاقدية ‪ .‬كما‬
‫خيلو اتفاق التحكيم األبيض يف عقد النقل البحري من حتديد اجلهة الىت ستتوىل النهوض بعملية التحكيم‬
‫هل هي مركز حتكيم دائم كغرفة التحكيم البحري بباريس(‪ )3‬أم هي هيئة حتكيم حرة كجمعية احملكميني‬
‫البحريني بلندن(‪. )4‬‬
‫كما خيلو اتفاق التحكيم األبيض من بيان عدد احملكمني أو اجلهة اليت تتوىل تعيينهم (‪ ، )5‬و يكون اتفاق‬
‫التحكيم األبيض عدمي األثر يف القانون الداخلي(‪ ، )6‬حيث تاتلزم بعض التشريعات (‪ )7‬و منها القانون‬
‫اجلزائري أن حيدد شرط التحكيم عدد احملكمني ‪ ،‬أو الطريقة اليت يتم هبا حتديدهم واال كان الشرط‬
‫باطال(‪ .)8‬اال أن األمر خيتلف يف املعامالت التجارية الدولية ‪ ،‬فاتفاق التحكيم األبيض صحيح (‪)9‬وال مينعه‬
‫أي نص تشريعي خاص بالتحكيم (‪ ،)10‬و ذلك بتفاري أن اطرافه قد قصدوا حتكيما حرا ‪ ،‬و أهنم‬
‫سيتفقون عند نشأة النزاع على كيفية تشكيل هيئة التحكيم ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)cour de cassation (jére ch .civ.)13mars2007,Rev d’arb 2007 ,N°3‬‬
‫(‪)2‬د‪.‬امحد عبد الكرمي سالمة‪،‬قانون التحكيم التجاري الدويل و الداخلي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.273‬‬
‫(‪)3‬التحكيم املؤساي‪L’arbitrage constitutionel par la chambre arbitral de paris:‬‬
‫(‪)4‬التحكيم احلر‪L’arbitrage ad hoc:‬‬

‫‪)5(, )6( Fouchard,Gaillard,Goldman,op cit, p286‬‬


‫(‪)7‬تنص املادة ‪1443‬فقرة ‪ 2‬من قانون االجراءات املدنية الفرناي اجلديد‪:‬‬
‫‪« sous la meme sanction (la nullité) ,la clause compromissoire doit,soit désigner le ou les arbitres,soit‬‬
‫» ‪prévoire les modalité de leur désignation‬‬
‫(‪)8‬تنص املادة ‪1448‬فقرة ‪2‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري‪:‬‬
‫" جيب أن يتضمن شرط التحكيم ‪ ،‬حتت طائلة البطالن ‪،‬تعيني احملكم أو احملكمني ‪ ،‬أو حتديد كيفية تعيينهم"‬
‫‪)9( Fouchard,Gaillard,Goldman,op cit, p287‬‬
‫(‪ )10‬و يؤكد االجتهاد القضائي بصفة ماتمرة بان املادة ‪ 1443‬من قانون االجراءات املدنية الفرناي اجلديد ال تنطبق بأي حال من األحوال على التحكيم‬
‫التجاري الدويل‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫كما نص املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 1441‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج يف اطار املنازعات التجارية الدولية ويف غياب‬
‫تعيني احملكمني مع صعوبة تعيينهم و عزهلم أو استبداهلم ‪،‬جيوز للطرف املعين بالتعجيل أن يقوم ‪:‬‬
‫‪ _0‬رفع األمر اىل رئيس احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها التحكيم اذا كان التحكيم جيري يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪ _2‬رفع األمر اىل رئيس حمكمة اجلزائر ‪،‬اذا كان التحكيم جيري يف اخلارج واختار األطراف تطبيق قواعد‬
‫االجراءات املعمول هبا يف اجلزائر(‪.)1‬‬
‫و قد استحدث ق‪ .‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج اجلديد يف املادة ‪ )2(1442‬املتعلقة حبالة عدم حتديد اجلهة القضائية املختصة‬
‫يف اتفاقية التحكيم فيؤول االختصاص اىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها مكان ابرام العقد أو مكان‬
‫التنفيذ (‪.)3‬‬

‫و قد قامت بعض االتفاقيات الدولية باجياد أليات لتفعيل اتفاق التحكيم األبيض ‪ ،‬كاالتفاقية األوروبية‬
‫بشأن التحكيم التجاري الدويل لعام ‪ 1161‬وذلك بنصها يف الفقرة الاادسة من املادة الرابعة على أنه اذا‬
‫مل يتضمن اتفاق التحكيم أية اشارة اىل طريقة أو نوع التحكيم ( حتكيم مؤساي أو حتكيم حر ) ‪ ،‬يكون‬
‫للمدعي رخصة اللجوء اىل رئيس غرفة التجارة املختصة يف بلد املدعى عليه ‪ ،‬أو اىل اللجنة اخلاصة املشار‬
‫اليها يف الفقرة الرابعة من ذات املادة و ذلك من أجل تعيني احملكميني ‪ ،‬وتعيني مكان التحكيم ‪ ،‬كما‬
‫يكون للغرفة و اللجنة املشار اليهما إحالة األطراف اىل مؤساة حتكيم منتظمة أو جعل التحكيم حرا (‪.)4‬‬
‫ج_ اتفاقات التحكيم المتراكبة ‪les clauses d’arbitrages combinées‬‬
‫قد تصل سوء صياغة اتفاق التحكيم على أن يرتاكب ذلك االتفاق مع االتفاق بني األطراف على جعل‬
‫االختصاص لقضاء دولة معينة ‪،‬حبيث يتم النص يف عبارة واحدة على اختصاص التحكيم و قضاء الدولة‬
‫كاليما بتاوية النزاع ‪.‬و يأخذ هذا الرتاكب عدة صور‪:‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 1441‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج‪ ":‬ميكن ل ألطراف ‪ ،‬مباشرة أو بالرجوع اىل نظام التحكيم ‪،‬تعيني احملكم أو حتديد شروط تعيينهم و شروط عزهلم أو‬
‫استبداهلم‬
‫يف غياب التعيني ‪،‬و يف حالة صعوبة تعيني احملكمني أو عزهلم أو استبداهلم ‪،‬جيوز للطرف الذي يهمه التعجيل القيام مبا يأيت ‪:‬‬
‫‪ _1‬رفع األمر اىل رئيس احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها التحكيم اذا كان التحكيم جيري يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪ _ 2‬رفع االمر اىل رئيس حمكمة اجلزائر ‪،‬اذا كان التحكيم جيري يف اخلارج واختار األطراف تطبيق قواعد االجراءات املعمول هبا يف اجلزائر‪".‬‬
‫(‪)2‬تنص املادة ‪ 1442‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج‪":‬اذا مل حتدد اجلهة القضائية املختصة يف اتفاقية التحكيم ‪،‬يؤول االختصاص اىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها‬
‫مكان ابرام العقد أو مكان التنفيذ"‪.‬‬
‫(‪)3‬د‪.‬بربارة عبد الرمحن ‪ ،‬شرح قانون االجراءات املدنية و االدارية اجلزائري‪ ،‬طبعة أولىى ‪،‬سنة‪،2441‬منشورات بغدادي ‪،‬ص ‪.552‬‬
‫(‪ )4‬د‪.‬امحد عبد الكرمي سالمة‪،‬قانون التحكيم التجاري الدويل و الداخلي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.274‬‬

‫‪78‬‬
‫‪-‬الصورة األوىل ‪:‬تعارض شرط التحكيم مع شرط اختصاص الدولة(‪ )1‬أي أن العقد ينص على حل‬
‫منازعاته بواسطة التحكيم و القضاء معا (‪ .)2‬و هذا التعارض ال يفار اال بأحد األمرين ‪ ،‬إما عدم خربة‬
‫املاتشار القانوين الذي حرر ذلك العقد و عدم ادراكه حقيقة ومضمون كل من شرط التحكيم و شرط‬
‫االختصاص القضائي لصاحل احملاكم الوطنية و أن وجود أحديما يغين عن األخر‪ ،‬و إما وجود نية تعطيل‬
‫شرط التحكيم(‪ .)3‬و يف كل األحوال قد سار القضاء املقارن على عقد االختصاص للتحكيم أوال‪ ،‬فاذا‬
‫فشل هذا األخري يف مهمته ‪ ،‬أو تعرقلت اجراءاته حيال النزاع اىل قضاء الدولة (‪ .)4‬أو أن التحكيم هو‬
‫القضاء املختص بالنزاع الرئياي و ال يرجع اىل قضاء الدولة اال للبث يف املاائل الفرعية اليت ميكن أن‬
‫تااعد التحكيم على أداء مهمته كاألمر حبضور شاهد ‪ ،‬أو اجراء وقيت أو حتفظي ‪ ،‬أو التدخل يف النهاية‬
‫لتنفيذ حكم التحكيم بعد صدوره ‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة الثانية ‪ :‬يف حالة ما اذا أقر األطراف هليئة التحكيم الفصل يف املنازعات مع اعطاء احلق لألطراف‬
‫الطعن باالستئناف يف احلكم التحكيمي أمام القضاء ‪ ،‬فقد صدر حديثا عن جملس القضاء بباريس (‪ )5‬أنه‬
‫يف اجملال الدويل شروط التحكيم اليت تعطي حق االستئناف أمام اهليئات القضائية هي شروط باطلة و ذلك‬
‫الستقاللية كل من نظام التحكيم عن نظام القضاء (‪.)6‬‬

‫‪-‬الصورة الثالثة ‪ :‬هي جتاور شرط التحكيم مع شرط االختصاص القضائي » ‪ )7( « Juxtaposition‬أي ترك‬
‫اخليار بني طريق التحكيم و طريق القضاء الوطين ‪ ،‬يف هذه احلالة يثار الاؤال أي الشرطني جيب اعماله ؟‬
‫قد ميكن القول أن قضاء الدولة هو األصل‪ ،‬و قضاء التحكيم هو االستثناء‪ .‬وقد ميكن القول أنه بالنابة‬
‫لعقود التجارة الدولية على األقل جيب ايمال شرط االختصاص لقضاء الدولة و تكون األولية لقضاء‬
‫التحكيم و ذلك خدمة ملصاحل التجارة الدولية و االبتعاد عن تعقيدات القضاء الوطين(‪.)8‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬كأن يرد ضمن نص أو بند واحد يف عقد دويل معني ما يلي ‪ ":‬اتفق الطرفان على أن تتم تاوية املنازعات الناشئة عن تفاري او تنفيذ هذا العقد بطريق‬
‫التحكيم وفق القواعد و االجراءات املعمول هبا لدى مركز القاهرة االقليمي للتحكيم التجاري الدويل ‪،‬كما ختتص احملاكم املصرية بنظر النزاع"‪.‬‬
‫‪)2(Fouchard,Gaillard,Goldman,op cit, p289‬‬
‫(‪ )3‬د‪.‬امحد عبد الكرمي سالمة‪،‬قانون التحكيم التجاري الدويل و الداخلي‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.276‬‬
‫(‪)4‬و قدمت تفضيل شرط التحكيم على شرط االختصاص القضائي بالستناد اىل ان شرط التحكيم خاص و شرط االختصاص القضائي شرط عام و اخلاص يقيد‬
‫العام و يتقدم عليه عند التعارض ‪ ،‬كما ان التحكيم هو القضاء املفضل يف نطاق العقود الدولية ‪.‬‬
‫‪(5)paris ,27oct 1994,Rev.arb.1995;263 ;note p .level.sur l’ensemble de la question , v infra,n° 1595‬‬
‫‪)6( Fouchard,Gaillard,Goldman,op cit, p289‬‬
‫(‪ )7‬تكون الصياغة مثال ‪ ":‬عند حدوث نزاع بني الطرفني حول تفاري أو تطبيق هذا العقد يكون االختصاص بالفصل فيه هليئة التحكيم أو حملكمة وهران‬
‫االبتدائية " ‪.‬‬
‫(‪ )8‬د‪.‬امحد عبد الكرمي سالمة‪،‬املرجع الاابق ذكره ‪،‬ص‪.281‬‬

‫‪79‬‬
‫رابعا‪:‬االتفاق على نطاق سريان اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫حيق ألطراف عقد النقل البحري وضع احلدود اليت ياري عليها اتفاق التحكيم املنصوص عليه يف عقد‬
‫النقل البحري و لكنها ال تاتطيع توسيع نطاق سريان هذا العقد ليشمل النزاعات اليت ال جيوز فيها الصلح‬
‫و لكن جيوز هلم التذييق يف النزاعات اليت يشملها االتفاق (‪.)1‬‬
‫و حتديد نطاق االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري قد يكون مثال على أساس مكاين كأن يقتصر‬
‫سريان االتفاق على النزاعات اليت تنشأ يف بلد معني و مثال هذه الصيغة الىت وردت يف مشارطة القمح‬
‫األسرتالية يف عام ‪ 1114‬و اليت تامى اختصارا )‪ (AUST WHEAT1990‬فتحدد هذه املشارطة يف‬
‫صيغتها نطاق اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري باملنازعات اليت حتدث يف أسرتاليا (‪.)2‬‬

‫وقد يتم االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري على أساس زمين كأن يقصر طريف عقد النقل البحري‬
‫سريان العقد على النزاعات اليت تنشأ خالل مدة معينة لتحتاب اعتبارا من تاريخ معني تتفق عليه االطراف‬
‫و املثال على ذلك الصيغة اليت وردت يف مشارطة نقل الفحم البولوندية ‪ 1117‬و اليت تامى اختصارا‬
‫)‪ (polcoal voy‬و اليت تنص أنه اذا تنازع أطراف عقد النقل البحري بشأن حق ناتج عن مشارطة‬
‫االجيار هذه جيب أن يقدم كتابيا خالل سنتني ‪ ،‬واذا كان احلق املتنازع عليه ناتج عن حق ناشئا عن سند‬
‫الشحن فيجب أن يقدم االدعاء خالل سنة واحدة و حتتاب هذه املدة ابتداءا من انتهاء عملية التفريغ(‪.)3‬‬

‫ان مثل هذه االتفاقات صحيحة وال جيوز التحكيم من قبل هيئة التحكيم على نزاعات عقد النقل البحري‬
‫واليت قررت أطراف هذا العقد باستبعادها ‪.‬‬
‫خامسا‪:‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري و االجراءات المتبعة من طرف هيئة التحكيم ‪.‬‬
‫يتم حتديد االجراءات الواجب اتباعها يف اخلصومة التحكيمية أساسا من قبل األطراف أنفاهم ‪ ،‬ويف‬
‫غياب ذلك تتوىل حمكمة التحكيم ضبط االجراءات ‪ ،‬و تضبط االجراءات يف صلب اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري مباشرة أو استنادا اىل نظام حتكيم معني (‪. )4‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬د‪.‬علي الطاهر البيتاين ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪)2‬و تنص هذه الصيغة باالجنليزية ‪:‬‬
‫» ‪« Any dispute arising under this charter party frome vents occur in Australia ….‬‬
‫(‪)3‬و الصيغة تقول باالجنليزية ‪:‬‬
‫‪« settlement of claims , any claim under this charter party of any bill of lafing is sued there under shall‬‬
‫‪be notified in writing , claims under the charter party shall be refrred to arbitration within two years‬‬
‫» ‪and claims under any bill of lading within one year of compltion of descharge‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬بربارة عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.881‬‬

‫‪80‬‬
‫كما ميكن أن يتضمن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬االحالة اىل اجراء معني حبيث يتم اخضاع‬
‫االجراءات الواجب اتباعها اىل قانون االجراءات الذي حيدده أطراف عقد النقل البحري يف اتفاق التحكيم‬
‫أي أن خيتاروا االجراءات املتبعة يف دولة معينة أو تلك املتبعة يف هيئة أو منظمة معينة أو مركز حتكيمي‬
‫معني أو تضع األطراف تلك االجراءات بنفاها و هو النص الصريح للتشريع الفرناي و املصري والعراقي‬
‫و اجلزائري(‪ . )1‬و تقر هيئات التحكيم املختلفة مثل هذه االتفاقات وتعمل على أساسها (‪.)2‬‬

‫فإن مل ينص اتفاق التحكيم على االجراءات الواجب اتباعها تتوىل حمكمة التحكيم ضبط االجراءات‬
‫مباشرة أو استنادا اىل قانون أو نظام حتكيم ‪.‬‬
‫كما ميكن لألطراف أن يصطنعوا ألنفاهم االجراءات الواجب اتباعها يف اخلصومة شريطة أن ال تتعارض‬
‫مع النظام العام الدويل‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬تحديد اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع‪.‬‬
‫قد يتفق أطراف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري على اختيار قانون معني ليتم تطبيقه على موضوع‬
‫النزاع‪ ،‬و يف حالة عدم اتفاق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع تتصدى هيئة‬
‫التحكيم البحري لتحديد القانون الذي سيطبق على موضوع النزاع(‪،)3‬طبقا ملا تراه مناسبا للفصل يف‬
‫موضوع النزاع ‪ .‬اال أن هذه احلرية املوكولة هليئة التحكيم يف هذا الشأن قد قيدت بواسطة معاهدة هامبورج‬
‫‪ 1178‬املتعلقة بالنقل البحري الدويل للبضائع و اليت تعد أول نص دويل يتعلق بالتحكيم البحري بوجه‬
‫خاص وهذا التقيد خاص بالدول املوقعة على هذه االتفاقية ‪.‬كما حددت اتفاقية روتردام ‪ 2441‬للنقل‬
‫البحري الدويل بأنه ليس على احملكم تطبيق قانون دولة غري منظمة اىل هته االتفاقية (‪.)4‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املادة ‪ 298‬عراقي‪ ،‬و املادة ‪ 28‬مصري‪ ،‬و املادة ‪ 1121‬فرناي ‪ ،‬و تنص املادة ‪ 1313‬من القانون اجلزائري على ‪:‬‬
‫"ميكن أن تضبط اتفا قية التحكيم ‪ ،‬االجراءات الواجب اتباعها يف اخلصومة مباشرة أو استنادا اىل نظام حتكيم ‪ ،‬كما ميكن اخضاع هذه االجراءات اىل قانون‬
‫االجراءات الذي حيدده األطراف يف اتفاقية التحكيم‬
‫اذا مل تنص االتفاقية على ذلك ‪ ،‬تتوىل حمكمة التحكيم ضبط االجراءات عند احلاجة ‪ ،‬مباشرة او استنادا اىل قانون أو نظام حتكيم "‪.‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 23‬فقرة ‪ 1‬من نظام التحكيم و التوثيق و اخلربة يف الغرف التجارية العربية و األوروبية ‪ ،‬و املادة ‪ 14‬من نظام التجكيم يف حمكمة التحكيم التابعة‬
‫لغرفة التجلرة الدولية ‪.‬‬
‫(‪)3‬عاطف حممد الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.486‬‬
‫(‪ )4‬فأي اتفاق حتكيمي يتفق األطراف مبقتضاه أن يطبق احملكم قواعد قانون دولة غري منظمة اىل اتفاقية روتردام ‪ ،‬أو قواعد العدالة ‪ ،‬يكون اتفاقا باطال ملخالفته‬
‫املادة‪ 71‬من املعاهدة بطريق غري مباشر ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫أ)إختيار قانون إرادة األطراف‬
‫غالبا ما تطبق هيئة التحكيم على موضوع نزاع عقد النقل البحري القواعد الذي يتفق عليها أطرافه و على‬
‫ذلك نصت املادة ‪ 1454‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج (‪ ، )1‬و هي تعديل بايط للمادة ‪ 458‬مكرر ‪ 14‬من ق‪.‬ا‪.‬م‬
‫تقضي ‪ ،‬بأن فصل حمكمة التحكيم يتم عمال بقواعد القانون الذي اختاره األطراف ‪ ،‬ويف غياب هذا‬
‫االختيار تفصل حاب قواعد القانون و األعراف اليت تراها مناسبة‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 31‬فقرة‪ 1‬من قانون التحكيم املصري على أنه‪":‬تطبق هيئة التحكيم على موضوع‬
‫النزاع‪ ،‬القواعد اليت يتفق عليها الطرفان‪ .‬واذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة ‪ ،‬اتبعت القواعد املوضوعية‬
‫فيه دون القواعد اخلاصة بتنازع القوانني ما مل يتفق على خالف ذلك " ‪ ،‬و هناك تطابق بني أحكام هذه‬
‫املادة وما تضمنته املادة ‪ 28‬فقرة ‪ 1‬من القانون النموذجي اال أن هناك اختالفا بايطا يف الصياغة (‪.)2‬‬
‫و اجلدير بالذكر بأن القانون اجلزائري ذكر فقط القواعد القانونية اليت على األطراف االتفاق عليها و اليت‬
‫تطبق على موضوع النزاع و بالتايل هو يقصد هنا اختيار قواعد موضوعية حمددة خالفا لنظريه املصري‬
‫الذي فرق عند حتديده للقانون الذي يطبق على موضوع النزاع بني كل من القواعد اليت يتفق عليها الطرفان‬
‫و االتفاق على تطبيق قانون دولة معينة من جهة أخرى ‪.‬‬
‫فبالنابة للحالة األوىل اخلاصة بالقواعد اليت يتفق عليها الطرفان و اليت نص عليها كل من القانون اجلزائري‬
‫واملصري فمن املتصور أن يضع األطراف تنظيما خاصا و قواعد خمتارة و حمددة ملواجهة ما قد ينشأ من‬
‫منازعات بينهم و ما يالئمها من حلول ال توجد عادة يف قانون معني ‪ .‬أو قد يلجأ األطراف اىل املزج بني‬
‫عدة مصادر حبيث يقوموا بإنشاء أو تكوين قانون ماتخلص من جمموعة من القواعد و التشريعات اليت قد‬
‫تكون وطنية أو أجنبية مع ادخال العادات و األعراف(‪ )3‬املتعلقة بعقد النقل البحري ‪.‬‬
‫أما عن احلالة الثانية حيث جند ارادة األطراف قد تتجه اىل اختيار تطبيق قانون دولة معينة حبيث يكون‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 1454‬من ق‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ ":‬تفصل حمكمة التحكيم يف النزاع عمال بقواعد القانون الذي اختاره االطراف ‪ ،‬ويف غياب هذا االختيار تفصل حاب‬
‫قواعد القانون و األعراف اليت تراها مالئمة" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حبث تنص املادة ‪ 28‬فقرة ‪ 1‬من القانون النموذجي على أن‪ ":‬حتام حمكمة التحكيم اخلالف وفقا لقواعد القانون املختارة بواسطة األطراف باعتبارها‬
‫الواجبة التطبيق على موضوع اخلالف ‪،‬كل حتديد للقانون أو لنظام قانوين لدولة معينة يعترب‪ -‬عدا عدا وجود ايضاح عكاي صريح – مبثابة حتديد مباشر‬
‫للقواعد القانونية املوضوعية هلذه الدولة و ليس قواعدها املتعلقة بتنازع القوانني " ‪.‬‬
‫(‪)3‬حممد عبدالفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.433‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل يف النزاع طبقا ملا تضمنه هذا القانون من قواعد موضوعية دون القواعد اخلاصة بتنازع القوانني (‪.)1‬‬
‫و بالرغم من أن األطراف هلم احلرية املطلقة يف اختيار القانون الذي حيكم موضوع العالقة بينهما و ما يثور‬
‫من شأنه من منازعات ‪ ،‬اال أن هذه احلرية حمدودة يف بعض التشريعات بضرورة مراعات القواعد‬
‫و القوانني األمرة و اليت جيب مرعاهتا لعدة اعتبارات سواء من الناحية االقتصادية أو االجتماعية أو‬
‫الاياسية (‪ .)2‬و إيضاحا لذلك جند أنه يف القانون املصري ال يصح ادخال شرط حتكيم يف عقد النقل‬
‫البحري للبضائع يامح باعفاء احملكمني من التقيد بأحكام القانون املصري (‪ ، )3‬اال أنه بعد وقوع النزاع‬
‫فيمكن ابرام مشارطة حتكيم يتفق أطرافها على تطبيق قانون أجنيب ‪.‬‬
‫اال أنه جند أن القانون اجلزائري جاء حبكم أخر يف هذا اجملال وهو أنه تطبق األحكام القانونية اخلاصة بعقد‬
‫النقل البحري طبقا للقانون اجلزائري اذا مل توجد اشرتاطات أخرى مل يتفق عليها صراحة ‪ ،‬كما تاري عند‬
‫احلاجة األحكام اخلاصة لالتفاقيات الدولية و اليت تتناول هذا امليدان واليت انضمت اليها اجلزائر و ذلك يف‬
‫النقل البحري الذي يتم بني املوانئ اجلزائرية واملوانئ األجنبية ‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 747‬من القانون‬
‫البحري اجلزائري (‪ .)4‬و بالرجوع اىل أحكام املادة ‪ 1454‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج الاالفة الذكر جند بأن املشرع‬
‫اجلزائري أعطى لألطراف حرية اللجوء اىل نظام التحكيم و اختيار القانون الواجب التطبيق على منازعاته يف‬
‫جمال عقود النقل البحري ‪.‬‬
‫ب) حرية هيئة التحكيم البحري في اختيار القانون الواجب التطبيق على منازعات عقد النقل البحري‬
‫تتمتع هيئة التحكيم البحري حبرية حتديد القانون الواجب التطبيق علي منازعات عقد النقل البحري اذا مل‬
‫يتم حتديده بواسطة األطراف صراحة أو ضمنا ‪ ،‬وهي بصدد ممارستها حلريتها ي حتديد القانون الواجب‬
‫التطبيق قد تطبق قانونا وطنيا و قد تطبق قانونا غري وطين ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اال اذا عرب أطراف عقد النقل البحري بالزام هيئة التحكيم باختيار القانون الذي تشري اليه قواعد التنازع الواردة يف القانون الذي وقع عليهم اختياره ‪.‬‬
‫و قد تبىن املشرع الفرناي هذا االجتاه أي احرتام مبدأ سلطان االرادة يف نصوصه املنظمة للتحكيم التجاري الدويل حيث نصت املادة‪ 1416‬مرافعات فرناي‬
‫على أن ‪":‬يفصل احملكم يف النزاع وفقا لقواعد اليت يراها مناسبة ‪ .‬و يأخذ بعني االعتبار األعراف التجارية يف مجيع األحوال "‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.443‬‬
‫(‪)3‬حيث تنص املادة ‪ 247‬من القانون البحري املصري ‪ ":‬يف حالة االتفاق على احالة الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر اىل التحكيم يلتزم‬
‫احملكمون بالفصل يف النزاع على مقتضى االحكام املنصوص عليها يف هذا القانون بشأن العقد املذكور ‪ .‬و يقع باطال كل اتفاق يقضي باعفاء احملكمني من‬
‫التقيد هبذه األحكام "‪.‬‬
‫(‪)4‬تنص املادة ‪ 443‬من ق‪.‬ب‪.‬ج على أنه ‪:‬ال تاري أحكام هذا الباب ‪،‬مع التحفظ لالستثناءات احملددة فيما يلى ‪،‬اال يف حالة وجد اشرتاطات أخرى مل‬
‫يتفق عليها صراحة ‪ ،‬كما تارري عند احلاجة االحكام اخلاصة لالتفاقيات الدولية و اليت تتناول هذا امليدان واليت انضمت اليها اجلزائر و ذلك يف النقل البحري‬
‫املتمم بني املوانئ اجلزائرية واملوانئ األجنبية‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪-0‬اختيار هيئة التحكيم لقانون وطني ليحكم نزاع عقد النقل البحري‬
‫قد ترى هيئة التحكيم وهي بصدد ممارسة حريتها يف اختيار القانون الواجب التطبيق على نزاع عقد النقل‬
‫البحري تطبيق قانون وطين معني ويتم ذلك بطريقتني ‪:‬‬
‫الطريقة األوىل تكون بتطبيق هيئة التحكيم ملنهج تنازع القوانني املقرر قي القانون الدويل اخلاص وقد نصت‬
‫على هذه الطريقة االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل لانة ‪ 1161‬يف الفقرة األوىل من املادة‬
‫الاابعة والقانون النموذجي ‪ 1185‬يف الفقرة الثانية من املادة ‪، )1(28‬و الئحة حتكيم املنظمة الدولية‬
‫للتحكيم البحري يف الفقرة األوىل من املادة ‪ ، 14‬و الئحة حتكيم اليونارتال ‪1176‬يف الفقرة األوىل من‬
‫املادة ‪ 38‬وذلك بنصوص متماثلة مجيعها تقتضي بأنه يف حالة عدم اتفاق األطراف على القانون الواجب‬
‫التطبيق على موضوع النزاع فانه جيب على هيئة التحكيم تطبيق القانون الذي حتدده قواعد التنازع اليت تراها‬
‫مناسبة ملوضوع النزاع ‪ .‬ومن املالحظ أن أغلب التشريعات الوطنية ومنها القانون الفرناي املصري واجلزائري‬
‫مل تأخذ هبته الطريقة كما رأينا سابقا ‪ .‬بل أن اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع البحري‬
‫وفقا ملنهج تنازع القوانني هو طريق مهجور من القضاء التحكيمي بالكلية (‪ ، )2‬فبدال من حتديدهم أوال‬
‫لقاعدة التنازع الواجبة التطبيق يقوم احملكمون البحريون اىل اختيار قانون وطين أو اىل اختيار القواعد‬
‫املوضوعية الواجب تطبيقها مباشرة و هذه هي الطريقة الثانية املتبعة ‪ ،‬اال أهنم يلتزمون يف ذلك اىل مرعاة يف‬
‫اختيارهم املباشر للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ارتباط هذا القانون املختار و مناسبته ملوضوع‬
‫نزاع عقد النقل البحري املعروض ‪ .‬واذا كان من املالحظ احنصار اختيار هيئة التحكيم البحري للقانون‬
‫الواجب التطبيق على موضوع النزاع غالبا يف تطبيق قانون حمل التحكيم ‪ ،‬وأحيانا قانون علم الافينة أو‬
‫قانون حمل تنفيذ العقد (‪ ، )3‬و لكن املؤشر الغالب استخدامه يف القضاء التحكيمي البحري هو إختيار‬
‫األطراف ملكان التحكيم الذي ياتدل منه تطبيق قانون حمل التحكيم عى موضوع النزاع ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 2/28‬من قانون التحكيم النموذجي على أنه ‪ ":‬اذا مل يعني الطرفان أية قواعد ‪ ،‬وجب على هيئة التحكيم أن تطبق القانون الذي تقرره قواعد‬
‫تنازع القوانني اليت ترى هيئة التحكيم أهنا واجبة التطبيق "‪.‬‬
‫(‪ )2‬يظهر ذلك اذا ما راجعنا القضاء التحكيمي الصادر عن غرفة التحكيم البحري بباريس و القرارت الصادرة عن الغرفة واملنشورة ملخصاهتا يف جملة القانون‬
‫البحري الفرناي ‪ .‬و كذا القضاء التحكيمي الصادر عن مجعية احملكمني البحريني بنيويورك ‪ .‬عن عاطف الفقي ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.414‬‬
‫(‪)3‬ففي حكم التحكيم رقم‪ 424‬الصادر عن هيئة التحكيم التابعة لغرفة التحكيم البحري بباريس يف ‪ 1171-11-26‬حول دعوى حتكيمية متعلقة مباؤولية‬
‫ناقل حبري عن التلف و اخلاارة احلادثة للشحنة لعدم صالحية الافينة للمالحة قررت اهليئة أنه ملا كان سند الشحن قد صدر يف تونس و هي دولة غري موقعة‬
‫على معاهدة بروكال ‪ ،1124‬فان القانون الفرناي الصادر يف ‪1166-46-18‬املتعلق بعقود النقل و االجيار البحري هو الواجب التطبيق على حتديد‬
‫ماؤولية الناقل عن التلف و اهلالك احلادث للشحنة ‪،‬بوصفه قانون حمل تنفيذ عقد النقل البحري‪.‬‬
‫‪Sentence du 26 novembre 1981 (second degré) D.M.F 1982 ; P441‬‬

‫‪84‬‬
‫فاذا اختار أطراف نزاع عقد النقل البحري عقد حتكيمهم يف باريس ‪ ،‬ومل يتفقوا صراحة أو ضمنا على‬
‫القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ‪ ،‬فإن هيئة التحكيم البحري بباريس تاتشف من اختيارهم‬
‫لباريس حمال للتحكيم تطبيق القانون الفرناي بوصفه قانون حمل التحكيم (‪ ،)1‬وذلك اذا اختارت هيئة‬
‫التحكيم قانون وطين ‪ .‬كذلك إذا اختار أطراف النزاع عقد حتكيمهم يف لندن أو نيويورك فإن هذا اإلختيار‬
‫يعد مؤشرا اىل رغبتهم يف تطبيق القانون االجنليزي أو القانون األمريكي على موضوع النزاع ‪.‬‬
‫إال أنه جتدر االشارة اىل أن احملكم البحري أو هيئة التحكيم البحري ال تلجأ كثريا إلختيار قانون وطين‬
‫ليطبق على موضوع النزاع اال حلكم ماائل حمددة واحتياطية(‪،)2‬حيث تظهر أحكام التحكيم الصادرة عن‬
‫غرفة التحكيم البحري بباريس ‪ ،‬ومجعية احملكميني البحريني بنيويورك أن نابة اختيار احملكمني البحريني‬
‫لقانون وطين ليحكم موضوع النزاع قد ال تتعدى نابة اخلماة باملئة من القواعد القانونية األخرى اليت يتم‬
‫تطبيقها على موضوع النزاع(‪.)3‬‬
‫‪-4‬اختيار هيئة التحكيم لقانون غير وطني يحكم نزاع عقد النقل البحري"القانون البحري الدولي"‪.‬‬
‫بعد أن هجر التحكيم البحري منهج التنازع املقرر يف القانون الدويل اخلاص عند حتديدة للقانون الواجب‬
‫التطبيق على موضوع النزاع ‪ ،‬فإنه يتجه األن حىت اىل هجران القوانني الوطنية بصفة كلية عند حتديده‬
‫للقانون الواجب التطبيق متجها اىل جمال أكثر مرونة وخصوصية يتمثل يف تطبيق قواعد قانونية غري وطنية ال‬
‫تاتمد من هذا القانون أو ذاك ‪ ،‬بل تاتمد من من التشريعات البحرية الدولية (مثل معاهدة بروكال‬
‫معاهدة يمبورج للنقل الدويل وأخريا معاهدة روتردام) ‪ ،‬و شروط العقد حمل النزاع ( أي الشروط املنصوص‬
‫عليها يف عقود النقل البحري النموذجية ) (‪ ، )4‬و العادات و األعراف البحرية ‪ ،‬و الاوابق التحكيمية‬
‫البحرية فيما خيص عقد النقل البحري ‪ .‬وبالتايل قد جنح التحكيم يف مجع كل هته املصادر اخلاصة به لكي‬
‫يكون قانونا حبريا دوليا » ‪ « la lex Mercatoria‬و ليكون قانون اختصاص احملكم البحري ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪)1(Sentence 116 du 24 avril 1974 , D.M .F 1974 P 636 .‬‬
‫و قد أقر هذا احلكم الصادر عن غرفة التحكيم بباريس بتطبيق املرسوم الفرناي الصادر يف ‪ 31‬ديامرب ‪ 1166‬و املتعلق بعقود اجيار الافن و النقل البحري ‪.‬‬
‫(‪)2‬ففي حكم رقم ‪ 626‬الصادر عن هيئة التحكيم البحري بباريس يف ‪ 14‬جوان ‪ 1186‬يف نزاع حول عقد نقل حبري دويل ‪ ،‬قررت هيئة التحكيم أنه فيما‬
‫يتعلق بالقانون املطبق على عملية النقل البحري باند شحن حمل النزاع فانه ينبغي تطبيق اتفاقية بروكال ‪ 1124‬و بروتوكوهلا املعدل ‪ .1178‬على أن يطبق‬
‫القانون الفرناي الصادر يف ‪ 1166-14-18‬املتعلق بعقود االجيار و النقل البحري ‪ ،‬فيما مل يرد بشأنه نص يف االتفاقية املذكورة‪.‬‬
‫‪Sentence 626 du 10 juin 1986 . D.M.F 1987 .P173‬‬
‫(‪)3‬عاطف حممد الفقي ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.416‬‬
‫(‪ )4‬قد ساعد على ظهور هذا املصدر من مصادر القانون البحري الدويل سيادة العقود النموذجية يف جمال التعامالت البحرية املختلفة‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬طبيعة اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري وصوره‪.‬‬
‫من خالل تعريف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ميكن استخالص طبيعته القانونية واليت جتعله‬
‫ماتقال عن عقد النقل البحري ذلك أن له كل مقومات العقد كما أن له خصائص جتعله يتميز عن العقد‬
‫العادي ‪،‬كما أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يأخذ صور خمتلفة ونظرا خلصوصية عقد النقل‬
‫البحري أوردت احلياة العملية عدة صيغ التفاق التحكيم فيه‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬الطبيعة التعاقدية التفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو تصرف قانوين ارادي ‪،‬بل هو عقد حقيقي كاائر العقود املعروفة‬
‫يف القانون املدين (‪ ،)1‬حيث يتوفر له أركان ‪ :‬تراضي ‪،‬حمل ‪،‬سبب (‪ )2‬على أن الرتاضي قد ال يكفي وحده‬
‫لوجود اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري بل يلزم أن يتم افراغه يف شكل كتايب على التفصيل الذي‬
‫سنراه الحقا‪.‬‬
‫و يأخذ على اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري بإعتباره تصرفا قانونيا أو عقدا خصائص عدة‪:‬‬
‫_ أنه اتفاق أو عقد رضائي يتم بتطابق اراديت طرفيه على اخضاع النزاع الذي نشب أو سوف ينشب ‪،‬عن‬
‫عقد النقل البحري على التحكيم ‪.‬‬
‫_ أنه اتفاق ملزم جلانبني ‪ ،‬فهو يرتب التزاما على عاتق طرفيه و الذين هم أطراف لعقد النقل البحري ‪،‬‬
‫جوهره نزول كل طرف يف مواجهة الطرف األخر عن حق اإللتجاء اىل قضاء الدولة والتزامه يف نفس الوقت‬
‫اىل اللجوء اىل التحكيم حلل نزاعات العقد األصلي أي عقد النقل البحري‪.‬‬
‫_ أنه اتفاق ذو طبيعة خاصة ليس كاائر االتفاقات أو التصرفات القانونية االرادية و اليت تنصب عادة‬
‫على احلقوق و املراكز القانونية لألشخاص ‪ ،‬فموضوعه املباشر هو نزع اإلختصاص بالفصل يف النزاع من‬
‫قضاء الدولة و إعطائه للمحكمني‪ ،‬وهذه ماألة اجرائية بالدرجة األوىل ‪ ،‬جتعل القول بأن الطبيعة اإلجرائية‬
‫ال تغيب على هذا االتفاق بل تعمل جنبا اىل جنب مع الطبيعة العقدية له‪.‬‬

‫وبالتايل فرغم أن أغلب ألراء الفقهية متيل اىل الطبيعة التعاقدية التفاق التحكيم ‪ ،‬جند جانبا هاما من الفقه‬
‫يرى بأن له طبيعة خاصة وماتقلة عن أي اتفاق قانوين أخر(‪.)3‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬د‪.‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪.242‬‬
‫(‪)2‬حياول بعض الفقه املعاصر نفي صفة العقد عن اتفاق التحكيم وهذا غري مقبول علميا ألن هذا الفريق من الفقه خلط بني اتفاق التحكيم وهو اختيار‬
‫التحكيم كوسيلة بديلة حلل النزاع وبني عقد التحكيم الذي يكون هبذا املفهوم قد مت بني األطراف املتنازعة و هيئة التحكيم من جهة أخرى عن طريق قبوهلا مهمة‬
‫التحكيم و عقد التحكيم هنا ليس اتفاقا أصيال كاتفاق التحكيم بل هو تابع له و مرتبط بوجوده‪ .‬أمحد صاحل خبلوف‪.‬‬
‫(‪ )3‬أ‪.‬نورالدين بكلي ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.292‬‬

‫‪86‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬صور اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫يأخذ اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري صورتني‪ ،‬صورة شرط التحكيم وصورة عقد التحكيم (مشارطة‬
‫التحكيم)‪ .‬و قد حامت أغلب االتفاقيات الدولية و التشريعات الوطنية ماألة حتديد صور اتفاق‬
‫التحكيم (‪.)1‬‬

‫أوال‪:‬شرط التحكيم‪.‬‬
‫و هو الشرط املنصوص عليه يف عقد النقل البحري ‪ ،‬وينص على أن أي نزاع ميكن أن يثور بابب هذا‬
‫العقد يتم الفصل فيه عن طريق التحكيم‪ .‬و تبني الدراسات بأن شرط التحكيم يعد أهم مصدر من مصادر‬
‫التحكيم التجاري الدويل كما تااهم اتفاقات التحكيم و املتعلقة بالبيع الدويل للبضائع يف تدوين قواعد‬
‫األعمال ألن معظم العقود الدولية تتضمن شرطا للتحكيم (‪ )2‬مبا فيها عقود النقل البحرية الدولية‪.‬‬
‫قد يقتصر مضمون شرط التحكيم يف عقد النقل البحري ‪-‬ويف هته احلالة يكون ضمن بنود مشارطة االجيار‬
‫على اجتاه نية األطراف اىل األخذ بنظام التحكيم كوسيلة حلام املنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري‬
‫دون أي تفصيل يؤدي اىل تطبيق هذا النص ‪ ،‬ويامى هذا بشرط التحكيم الفارغ(‪.)3‬‬
‫كما قد يشمل مضمون شرط التحكيم تنظيم كل جوانب التحكيم من تشكيل احملكمة ‪،‬اختيار هيئة‬
‫التحكيم حتديد موضوع النزاع ‪ ،‬القانون الواجب التطبيق‪ ،‬مكان انعقاد اجللاات ‪ ،‬املواعيد ‪ ،‬اىل غاية‬
‫اصدار القرار التحكيمي يف النزاع‪.‬‬
‫كما قد يكون شرط التحكيم يف عقد النقل البحري عاما أو خاصا ‪ ،‬فيكون عاما اذا أحال اىل التحكيم‬
‫كل املنازعات املتعلقة بتفاري العقد أو تنفيذ العقد ‪ ،‬ويكون خاصا اذا اقتصرت االحالة على ماألة معينة‬
‫ختص عقد النقل البحري ‪.‬كما تثري دراسة شرط التحكيم يف عقد النقل البحري اشكالية هامة و هي هل‬
‫ميتد جمال شرط التحكيم من عقد ينص عليه اىل عقد نقل أخر يتضمنه لكن له عالقة بأحد أطراف العقد؟‬
‫اختلفت املواقف الفقهية يف االجابة على هذا الاؤال و قد قاموا امتداد شرط التحكيم اىل نوعني‬
‫االمتداد العمودي واالمتداد األفقي‪.‬‬
‫أ_ االمتداد العمودي (‪: )l’extension verticale‬‬
‫وتعين امتداد شرط التحكيم من عقد النقل البحري األصلي حيتوي عليه اىل عقد نقل تبعي ال يشتمل عليه‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬و هذا ما أخذت به أيضا اتفاقية نيويورك اخلاصة باالعرتاف وتنفيذ القرارت التحكيمية األجنبية يف مادهتا الثانية ‪.‬‬
‫و قد نص التشريع اجلزائري يف املادة ‪ 1431‬من قانون االجراءات املدنيةو االدارية جلزائري ‪":‬تاري اتفاقية التحكيم على النزاعات املاتقبلية والقائمة"‬
‫(‪)2‬عمر سعد اهلل ‪ ،‬القانون الدويل لألعمال ‪،‬دار هومة ‪ ،‬ص ‪. 134‬‬
‫(‪)3‬نور الدين بكلي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫‪87‬‬
‫ب_ االمتداد األفقي (‪:)l’extention horisentale‬‬
‫و يعين مد شرط التحكيم الذي وافقت عليه شركة نقل حبري أو أكثر اىل عقود وقعتها شركات نقل حبري‬
‫أخرى مل تنص على شرط التحكيم ‪ ،‬لكنها تنتمي لنفس جمموعة الشركات أو الشركات األوىل(‪.)1‬‬
‫ج_ شرط التحكيم باالحالة‪:‬‬
‫قد أظهرت املعامالت الدولية صورة جديدة تعرف بشرط التحكيم باالحالة أو شرط التحكيم باالشارة ‪،‬‬
‫وذلك يف حالة العقود التجارية الدولية اليت تربم عن طريق الفاكس أو التلكس و اليت ال تتضمن شرط‬
‫التحكيم حيث عادة ما يتم االحالة اىل وثائق أخرى تلحق هبا أو قواعد خاصة معدة سلفا ‪.‬‬
‫و بالنابة للعقود املتداخلة ( كعقد النقل البحري ومشارطة االجيار) و اليت هتدف لتحقيق غاية واحدة‬
‫فتتم االحالة من عقد ال يتضمن شرط التحكيم اىل عقد يتضمن هذا الشرط حبيث يقال أن العقد األول‬
‫تضمن عقد التحكيم باالحالة أو باالشارة (‪.)2‬و قد اعترب القضاء الفرناي اتفاق التحكيم املربم يف اطار‬
‫القانون اجلديد صحيحا ‪ ،‬باالحالة اىل عقد منوذجي و قد نصت املادة ‪ 1443‬من قانون االجراءات‬
‫املدنية الفرناي على ذلك (‪.)3‬‬

‫كما نصت املادة ‪ 43/14‬من القانون املصري اجلديد على اتفاق التحكيم باالحالة اذ جاء فيها‪:‬‬
‫" يعترب اتفاقا على االتحكيم كل احالة ترد يف العقد اىل وثيقة تتضمن شرط التحكيم اذا كانت االحالة‬
‫واضحة يف اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد "‪.‬‬
‫أما عن القانون اجلزائري فقد نص ألول مرة على شرط التحكيم باالحالة يف قانون االجراءات املدنية‬
‫و االدارية اجلديد فقد نصت املادة ‪ 1/1448‬منه على‪":‬يثبت شرط التحكيم ‪ ،‬حتت طائلة البطالن‬
‫‪،‬بالكتابة يف االتفاقية األصلية أو يف الوثيقة اليت تاتند اليها‪ ،"...‬و بالتايل فشرط التحكيم يكون باالحالة‬
‫عندما يكون موجودا يف الشروط العامة ‪،‬أو العقد النموذجي ‪ ،‬أو تنظيم معني‪ )...‬أين حييل العقد األصلي‬
‫املربم بني األطراف اىل وثيقة تتضمن شرط التحكيم و اعتبارها جزء ال يتجزء من العقد (‪. )4‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬نور الدين بكلي‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.267‬‬
‫(‪ )2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪. 472‬‬
‫‪(3)Art 1443 C .P .C« A peine de nullité, la convention d'arbitrage est écrite. Elle peut résulter d'un‬‬
‫» ‪échange d'écrits ou d'un document auquel il est fait référence dans la convention principale..‬‬
‫‪(4) Laure BERNHEIM –VAN DE CATEELE , Cour d’appel de paris (pole 1-Ch .1) ,17janvier‬‬
‫‪2012 ,Revue de l’arbitrage2012-N°3 , p 563‬‬

‫‪88‬‬
‫ثانيا‪ :‬عقد التحكيم ( مشارطة التحكيم)‪.‬‬
‫عقد التحكيم أو مشارطة التحكيم يف عقد النقل البحري هو اتفاق أطراف عقد النقل البحري يف عقد‬
‫ماتقل على عرض املنازعات اليت نشأت بالفعل (‪ )1‬مبناسبة عالقتهم التعاقدية ‪ ،‬أي عقد النقل البحري‬
‫على التحكيم ‪.‬‬
‫و غالبا ما يكون اتفاق التحكيم مبعىن )‪ (compromis‬أمشل حملتويات اجراءات التحكيم من شرط‬
‫التحكيم (‪ ،)2‬لكن شرط التحكيم غالبا ما يرد يف مادة واحدة بني شروط العقد األخرى‪.‬‬
‫و تبدو فائدة املشارطة يف عقد النقل البحري يف حالة عدم ادراج أطراف العقد" شرط التحكيم " عند ابرام‬
‫االتفاق األصلي (عقد النقل البحري) ‪ ،‬حيث أن مشارطة التحكيم تفرتض مبدئيا عدم وجود شرط حتكيم‬
‫يف عقد النقل البحري مث يقع النزاع بعد ذلك بني طريف العقد‪ .‬وقد أقرت معظم التشريعات مشارطة‬
‫التحكيم (‪ ،)3‬واملعيار املميز للمشارطة هو ابرامها بعد قيام النزاع الناشئ عن عقد النقل البحري سواء قبل‬
‫رفع الدعوى أمام القضاء و هو األمر الغالب أو بعد رفع الدعوى ‪ ،‬حيث ميكن ابرام مشارطة التحكيم يف‬
‫أي حالة تكون عليها اجراءات الدعوى (‪ )4‬و أمام أي درجة من درجات التقاضي بل و حىت أمام حمكمة‬
‫النقض ( احملكمة العليا يف القضاء اجلزائري)‪ .‬و جيوز ابرام مشارطة التحكيم و لو كانت القضية يف املداولة‬
‫طاملا مل يصدر فيها حكم (‪.)5‬‬
‫وجتدر االشارة أنه ال يصح ابرام املشارطة بالنابة لنزاع انتهى بالفعل بني أطرافه إما حبكم قضائي حاسم‬
‫للنزاع أو حىت حبكم حتكيم هنائي ‪ ،‬و قد تضمن القانون شروط هذا االتفاق حيث نصت املادة ‪1412‬‬
‫من قانون االجاءات املدنية و االدارية اجلزائري ‪...":‬جيب أن يتضمن اتفاق التحكيم ‪ ،‬حتت طائلة‬
‫البطالن‪ ،‬موضوع النزاع ‪،‬و أمساء احملكمني ‪،‬أوكيفية تعيينهم ‪ ، "..‬و بالتايل رتب البطالن كجزاء على عدم‬
‫حتديد موضوع النزاع يف مشارطة التحكيم ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تقام املنازعات املعروضة على التحكيم البحري اىل منازعات ناشئة عن العقود البحرية و أخرى ناشئة عن احلوادث البحرية ‪،‬و بالنابة للنوع األول فهي‬
‫تلك املنازعات اليت تنشأ عن عقود النقل الب حري مبختلف أشكاهلو عقود بناء الافن و اصالحها و عقود التأمني البحري سواء على الافن أو على البضائع ‪،‬‬
‫و عقود البيوع البحرية و كافة ما يتعلق بعمليات النقل البحري‪.‬‬
‫(‪)2‬حممد كوال‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.17‬‬
‫(‪)3‬وقد مسى املشرع اجلزائري مشارطة التحكيم يف القانون اجلديد باتفاق التحكيم يف املادة ‪ 1411‬اذ عرفه بأنه‪ ":‬اتفاق التحكيم هو االتفاق الذي يقبل‬
‫األطراف مبوجبه عرض نزاع سبق نشوؤه على التحكيم "‬
‫(‪)4‬وقد نص املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 1413‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية على أنه‪ ":‬جيوز لألطراف االتفاق على التحكيم ‪،‬حىت أثناء سريان اخلصومة‬
‫التحكيمية أمام اجلهات القضائية " ‪.‬‬
‫(‪) 5‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي ‪،‬النظام القانوين التفاق التحكيم‪،‬املكتب اجلامعي احلديث‪،‬الطبعة األوىل ‪ ،2445‬ص ‪.76‬‬

‫‪89‬‬
‫ثالثا ‪:‬التفرقة بين شرط التحكيم و عقد التحكيم (مشارطة التحكيم)‬
‫على ضوء ما تقدم ميكن أن نفرق بني شرط التحكيم و اتفاق التحكيم مبعىن عقد التحكيم‬
‫" ‪ "compromis‬يف عقد النقل البحري وفقا للنقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬شرط التحكيم يكون منصوص عليه يف عقد النقل البحري فهو احتمايل ‪،‬فقد يتم العمل به و قد ال‬
‫يتم العمل به حاب الظروف ‪ ،‬و بالتايل تغلب عليه صفة عقد الوعد باللجوء اىل التحكيم فهو‬
‫موقوف على قيام النزاع(‪. )1‬‬
‫‪ -‬اتفاق التحكيم أو عقد التحكيم أو مشارطة التحكيم (‪ )2‬و الذي يربم حلل منازعات عقد اللنقل‬
‫البحري بواسطة التحكيم ‪ ،‬فهو عقد قائم بذاته حول نزاع نشأ فعال مبناسبة عقد النقل البحري مما‬
‫ميكن اعتباره عقدا من العقود احملددة و املاماة‪.‬‬
‫‪ -‬شرط التحكيم عقد احتمايل موقوف على قيام النزاع بني أطراف عقد النقل البحري أما عقد التحكيم‬
‫فهو عقد خيص نزاع قائم مبناسبة عقد النقل البحري ‪ ،‬و لذلك غالبا ما يأخذ شكل نظام حيتوي على‬
‫كل النقاط املتعلقة بالتحكيم منذ بداية االجراءات حىت صدور احلكم التحكيمي و تنفيذه‪.‬‬
‫‪ -‬غالبا ما يكون شرط التحكيم خمتصرا ‪ ،‬حييل فقط اىل اجراء التحكيم لتاوية منازعات عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬أما عقد التحكيم فهو نظام كامل حيتوي على كل االجراءات ‪،‬فهو حيدد موضوع النزاع‬
‫و اهليئة التحكيمية و االجراءات ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫و ما يالحظ أنه غالبا ما ياتخدم مصطلح اتفاق التحكيم للتعبري عن الصورتني الاابق ذكريما(‪، )3‬‬
‫و يظهر ذلك بوضوح كالتايل‪:‬‬
‫_ يف التشريع الفرناي للتحكيم التجاري الدويل الصادر يف ‪ 12‬ماي ‪ 1181‬و يف كل التعديالت اليت‬
‫حلقت هذا القانون أخرها تعديل ‪ 2411‬استخدم املشرع الفرناي يف املادة ‪ 1442‬منه عبارة اتفاق‬
‫التحكيم » ‪« la convention d’arbitrage‬بدون أية تفرقة بني شرط التحكيم‬
‫» ‪ « la clause compomissoire‬وعقد التحكيم » ‪. « le compromis‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪.‬حممد كوال‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.18‬‬
‫(‪ )2‬كل هته املرتادفات هلا نفس املعىن اال أن التامية ختتلف من تشريع ألخر ففي القانون اجلزائري اجلديد مسيت مشارطة التحكيم باتفاق التحكيم بدال من‬
‫عقد التحكيم ‪.‬‬
‫(‪)3‬و فد أوردت املادة ‪ 42‬من القانون النموذجي الذي وضعته جلنة األمم املتحدة عناصر عقد التحكيم أو مشارطة التحكيم على سبيل املثال ال احلصر‪،‬حيث‬
‫حيدد كحد أدىن من التعهد بالتحكيم الذي وفقا له يعرض اخلالف على احملكمني وموضوع النزاع وطريقة تشكيل احملكمة و عدد احملكمني و كذا كل النقاط اليت‬
‫يرى األطراف ضرورة ابرازها يف اتفاق التحكيم مثل القواعد الواجبة التطبيق ‪،‬و االجراءات املتبعة ‪،‬املواعيد الواجبة الصدار احلكم التحكيمي‪ ،‬اللغة املاتعملة‬
‫‪...‬اخل ‪ ،‬كما نصت املادة ‪1412‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري على ضرورة حتديدموضوع النزاع و أمساء احملكمني و كيفية تعيينهم‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫‪ -‬مل يفرق القانون البلجيكي الصادر سنة ‪ 1127‬يف املادة ‪ 1677‬أيضا بني شرط التحكيم وعقد‬
‫التحكيم ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك القانون الدويل اخلاص الاوياري اجلديد الصادر ‪ 1187‬مل ياتبعد هذه التفرقة فقط بل انتقدها‬
‫و ذلك بأن اتفاق التحكيم صحيح حىت وان تعلق مبنازعة مل تنشأ بعد(‪.)1‬‬
‫‪ -‬يف اجنلرتا يف قانون التحكيم االجنليزي لانة ‪ 1154‬والقانون اجلديد لانة ‪ 1116‬جند أن املشرع قد‬
‫مجع بني الصورتني حتت عنوان واحد هو اتفاق التحكيم » ‪«Arbitration Agreement‬‬
‫حيث عرفه بأنه "اتفاق مكتوب على عرض املنازعات احلالة أو املاتقبلية على التحكيم "(‪. )2‬‬
‫_ يف الواليات املتحدة األمريكية و طبقا لقانون التحكيم الفدرايل األمريكي لانة ‪ 1125‬فقد وحد بني‬
‫صوريت اتفاق التحكيم حيث قرر يف املادة ‪ 2‬من القانون صحة كل من شرط التحكيم املكتوب يف أي‬
‫عقد حبري أو جتاري لعرض املنازعات الناشئة عنه أو بعضها على التحكيم ‪ ،‬وعقد التحكيم أو مشارطة‬
‫التحكيم املكتوبة بغرض عرض املنازعات احلالة على التحكيم(‪.)3‬‬
‫_ كذلك قانون التحكيم املصري احلايل رقم ( ‪ ) 1114/ 27‬قد وضع كل من شرط التحكيم و مشارطة‬
‫التحكيم على نفس الدرجة من املااواة (‪. )4‬‬
‫_ كما أخذ املشرع اجلزائري بنفس احلكم فلم يفرق بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم يف قانون‬
‫االجراءات املدنية واالدارية اجلديد فقد نصت املادة ‪ 1444‬منه ‪":‬تاري اتفاقية التحكيم على النزاعات‬
‫القائمة واملاتقبلية‪. )5( "...‬‬
‫و يف نفس الاياق حرصت االتفاقيات الدولية املختلفة على عدم التفرقة القانونية بني كل من شرط‬
‫التحكيم و عقد التحكيم كالتايل‪:‬‬
‫_ اتفاقية نيويورك لانة ‪ 1156‬بشأن االعرتاف و تنفيذ أحكام احملكمني الدولية فقد نصت يف الثانية‬
‫منها‪ ":‬على كل دولة موقعة االعرتاف باالتفاق املكتوب الذي يلزم األطراف بأن خيضعو للتحكيم كل أو‬
‫بعض املنازعات الناشئة أو اليت قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غري التعاقدية‬
‫املتعلقة مباألة جواز تاويتها عن طريق التحكيم "‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬د‪.‬حفيظة حداد ‪ ،‬اإلجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )3( )2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.447‬‬
‫(‪)4‬حيث نصت املادة ‪ 14‬من القانون على أن "اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفني على االلتجاء اىل التحكيم لتاوية كل أو بعض املنازعات اليت نشات او ميكن‬
‫أن تنشأبينهما مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غري عقدية"‪.‬‬
‫(‪ )5‬و قد أطلق املشرع اجلزائري اسم اتفاق التحكيم على مشارطة التحكيم ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫_ االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل لانة ‪ 1161‬فقد حددت يف املادة األوىل فقرة ‪ 1‬خبصوص‬
‫نطاق تطبيقها على أهنا تطبق على اتفاقات التحكيم اليت تربم لتاوية منازعات نشأت أو ستنشأ ‪ ،‬كما‬
‫أكدت املادة ‪ 1/1‬أن اتفاق التحكيم ينصرف إما اىل شرط التحكيم الاابق على قيام النزاع ‪ ،‬والذي يدرج‬
‫يف العقد األصلي ‪ ،‬و إما اىل اتفاق التحكيم الالحق لوقوع النزاع الذي يوقعه األطراف أو الذي يرد يف‬
‫مراسالت أو برقيات أو تلكاات ‪.‬‬
‫_ القانون النموذجي لانة ‪ 1185‬قد سوى بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم ‪ ،‬حيث عرف اتفاق‬
‫التحكيم يف املادة ‪ 2 / 1‬بأنه ‪ " :‬اتفاق بني الطرفني على أن حييال اىل التحكيم ‪ ،‬مجيع أو بعض املنازعات‬
‫احملددة الىت نشأت أو قد تنشأ بينهما بشان عالقة قانونية حمددة ‪ .‬كما جيوز أن يكون اتفاق التحكيم يف‬
‫صورة شرط حتكيم وارد يف عقد أو يف صورة اتفاق حتكيم منفصل ‪."...‬‬
‫و يف األخري ميكن القول بأن التعريف الواسع التفاق التحكيم و الذي يشمل كل من شرط التحكيم‬
‫و مشارطة التحكيم دون التفريق بني هاتني الصورتني و ال سيما يف اطار العالقات الدولية ‪ ،‬تبنته جل‬
‫التشريعات احلديثة واالتفاقيات الدولية و اليت مت التطرق اىل بعضها(‪ ، )1‬و هو يتماشى مع التعريف الفقهي‬
‫التقليدي التفاق التحكيم ‪.‬إن التفرقة بني هاتني الصورتني من صور اتفاق التحكيم و املعروفة يف بعض‬
‫األنظمة القانونية ‪ ،‬كالقانون الفرناي ‪ ،‬هي تفرقة آخذة يف الزوال يف اطار التحكيم الداخلي يف فرناا (‪،)2‬‬
‫كما أهنا ليات هلا أي قيمة تذكر على صعيد التحكيم التجاري الدويل ‪.‬فتماك القانون الفرناي هبذه‬
‫التفرقة من الناحية الشكلية يف اطار التحكيم الداخلي (‪، )3‬مرده أنه يف ما مضى يف اطار التحكيم الفرناي‬
‫كان االتفاق على التحكيم الذي يأخذ صورة مشارطة التحكيم هو وحده االتفاق الصحيح املنتج ألثاره‬
‫أما شرط التحكيم فانه كان ال حمل لالعرتاف به اال اذا مت التأكيد عليه مرة أخرى ‪،‬عند نشأة النزاع على‬
‫اعتبار أنه جمرد مرحلة متهيدية سابقة على ابرام مشارطة التحكيم(‪،)4‬اال أنه يف اطار العالقات التجارية‬
‫الدولية فال وجود هلته التفرقة لعدم وجود أية فائدة عملية منها‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬اتفاقية روتردام للنقل البحري لانة ‪ 2441‬ل قد أجازت االتفاق على شرط التحكيم مابقا بني األطراف العالقة البحرية يف املدة ‪75‬منها ‪،‬كما أجازت‬
‫املادة ‪ 77‬من نفس االتفاقية على االتفاق على التحكيم بعد نشأة النزاع وهو ما يامى مبشارطة أو عقد التحكيم و قد اعتمدت على تاميت كل من شرط‬
‫التحكيم ومشارطة التحكيم باتفاق التحكيم‪.‬‬
‫(‪ )2‬جند أن املشرع اجلزائري يف قانون االجراءات املدنية و االدارية اجلديد أيضا يأخذ هبته التفرقة يف اطار التحكيم الدخلي فقط يف املادة ‪ 1447‬بالنابة لشرط‬
‫التحكيم واملادة ‪1411‬بالنابة التفاق التحكيم مبعىن املشارطة ‪.‬‬
‫(‪)3‬انظر قانون التحكيم الفرناي لانة ‪1181‬و الذي يعرف فيه شرط التحكيم يف املادة‪ 1442‬منه‪،‬كما جند بأن القانون اجلزائري أخذ هبذه التفرقة يف اطار‬
‫التحكيم الداخلي أيضا يف ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج وقد أطلق على مشارطة التحكيم اسم اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫(‪)4‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.17‬‬

‫‪92‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الصيغ الخاصة باتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫غالبا ما تتضمن عقود التجارة الدولية والداخلية اتفاقا يندرج ضمن بنود هذا العقد يقضي باحالة النزاعات‬
‫اليت من احملتمل وقوعها من جراء تنفيذ هذه العقود اىل التحكيم و هو شرط التحكيم كما سبق وأن رأينا‪.‬‬
‫هذا الشرط الذي كثريا ما جنده يف عقود النقل البحرية والذي يكون إما مدرجا يف سند الشحن عن طريق‬
‫االحالة كما سنبني الحقا و إما أن يكون مدرجا يف مشارطة االجيار مباشرة ‪،‬كما جيب ذكر امكانية‬
‫اختيار التحكيم كوسيلة لفض املنازعات اليت نشأت بالفعل عن عقد النقل البحري بواسطة ابرام عقد‬
‫التحكيم اذا مل يدرج شرط التحكيم مابقا يف العقد االصلي(عقد النقل البحري) ‪،‬وهكذا جتمع تامية‬
‫اتفاق التحكيم معىن كال من شرط التحكيم و عقد التحكيم ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أنماط صيغ التحكيم في سندات الشحن ‪.‬‬
‫وهي إما صيغ حتيل احالة عامة اىل اتفاق التحكيم الذي تتضمنه مشارطة االجيار وإما صيغ حتيل احالة‬
‫خاصة اىل اتفاق التحكيم املوجود يف مشارطة االجيار‪،‬وإما صيغ ال تنص على التحكيم كوسيلة حلل‬
‫املنازعات اخلاصة بعقد النقل البحري‪.‬‬
‫أ)صيغ تحيل الى شرط التحكيم في مشارطة االيجار احالة عامة ‪.‬‬
‫وهي صيغ ال تشري اىل شرط التحكيم صراحة و لكنها حتاول ربط سند الشحن بالشروط العامة الواردة‬
‫يف مشارطة االجيار ‪ ،‬فاملشارطة حتتوي على العديد من الشروط و اليت تضبط كل جوانب عملية استئجار‬
‫الافينة على عكس سند الشحن الذي إن احتوى عددا من الشروط ال يغطي كل عملية النقل لذا أخذ‬
‫املتعاملون باند الشحن على تضمينه شروطا عامة حتاول أن تدمج به كل ما تتضمنه املشارطة من الشروط‬
‫املذكورة (‪ .)1‬و ما يهمنا حنن هو تأثري شروط االندماج العامة على شرط التحكيم و هل يعترب كذلك‬
‫مندجما بشروط سند الشحن وفقا هلذه الصيغ أم حيتاج اىل صيغ خاصة ؟‪.‬‬
‫لقد تعددت األراء والوجهات بصدد اإلجابة على هذا الاؤال والذي سوف جنيب عليه الحقا وبالتفصيل‬
‫يف صلب موضع حبثنا هذا ‪ ،‬اال أنه لالشارة فقط فهناك بعض الفقه وخاصة االجنليزي فقد استوجب بأن‬
‫شرط التحكيم ال يكون مندجما يف سند الشحن ان كانت عبارة االحالة عامة اال اذا كان هذا الشرط يوضح‬
‫بأنه يغطي النزاعات اليت حتدث عن سند الشحن و عن املشارطة(‪. )2‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬د‪ .‬علي طاهر البييت ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫(‪) 2‬لقد ظهرت مناذج هبته الطريقة نثل ما جنده يف صيغة التحكيم ضمن املشارطة الروسية لنقل اخلشب لعام ‪ 1114‬و اليت تامى اختصارا‬
‫(‪ )RUSWOOD‬وترمجتها بالعربية تقول ‪":‬حتكم هذه املشارطة و تفار طبقا للقانون االنكليزي وأي نزاع ينشأ عن هذه املشارطة أو أي سند الشحن‬
‫حيرر يف ظلها سوف حيال اىل التحكيم ‪."...‬‬
‫‪93‬‬
‫و يرى البعض أن االحالة العامة كافية الندماج شرط التحكيم وفقا للقانون الفرناي وهذا ما نفهمه من‬
‫نص التشريع الفرناي يف املادة ‪ 1443‬اليت تنص على أنه حتت طائلة البطالن‪ ،‬يكون اتفاق التحكيم‬
‫مكتوبا ‪ ،‬إما عن طريق تبادل املاتندات كتابيا أو من خالل تبادل وثيقة تتضمن االشارة اليه ‪.‬‬
‫ب)صيغ تحيل الى اتفاق التحكيم في مشارطة االيجار إحالة خاصة‪.‬‬
‫هذه الصيغة هي أكثر حتديدا ووضوحا من الصيغة الاابقة الذكر ‪ ،‬وهذه الصيغة تنص على اندماج الشروط‬
‫و البنود اخلاصة باملشارطة باند الشحن و تنص صراحة على اندماج اتفاق التحكيم املوجود ىف املشارطة‬
‫باند الشحن (‪.)1‬‬
‫ج) صيغ ال تنص على التحكيم كوسيلة لحل المنازعات‪.‬‬
‫على الرغم من شيوع التحكيم كوسيلة حلل املنازعات التجارية وانتشار صيغ التحكيم بني سندات الشحن‬
‫و مشارطات إجيار الافن إال أن هناك مناذج لاندات الشحن ال تشري للتحكيم كوسيلة حلل منازعاهتا‬
‫وترتك األمر يف ذلك للقضاء ليتوىل بواليته العامة حل النزاع ‪.‬‬
‫ولكن هذه الصيغ جتاهبها يف احلياة البحرية مشكلة مهمة حتتاج اىل الوقوف عندها ‪ ،‬أال وهي مشكلة‬
‫التنازع القضائي و التنازع القانوين (‪.)2‬‬
‫ثانيا‪:‬صيغ التحكيم في مشارطات االيجار‪.‬‬
‫ليس هناك من صيغة واحدة لشرط التحكيم يف مشارطات االجيار ‪،‬فقد تعددت وتنوعت بشكل كبري‬
‫لتلتقي ورغبات املتعاملني يف ذلك النوع من فروع التجارة بل أن أغلب الصيغ املعدلة للمشارطات اليت‬
‫صدرت حديثا تقرتح على األطراف أكثر من صيغة للتحكيم و ما عليهم سوى اختيار الصيغة املناسبة ‪.‬‬
‫فأصبح لكل جتارة اتامت باالطراد و االستقرار و تكرار التعامل مشارطة خاصة هبا ‪ ،‬وجعلت بعض‬
‫املؤساات الدولية املهتمة بالتجارة الدولية من مهمتها األساسية اعداد الصيغ النموذجية للمشارطات‬
‫وكذلك اعداد صيغ التحكيم فيها لكي حتاول اجياد نوع من التوازن بني حقوق و التزامات كل من طريف‬
‫املشارطة(‪ .)3‬ومن أحدث هذه مشارطات االجيار تلك اليت أصدرها مؤمتر البلطيق الدويل (بيكمو)‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬و مثل هذه الصيغة واليت وردت يف مشارطة نقل الفحم األمريكية لعام ‪ 1223‬اليت تامى اختصارا )‪ (AMWELSH93‬و ترمجتها بالعربية‬
‫تقول‪":‬كل النزاعات الىت تنشأعن هذا العقذ سوف حتل يف نيويورك وفق الناق االيت و طبقا لقانون الواليات املتحدة‪.)....‬‬
‫(‪ )2‬مثل هذه واليت تنص على االختصاص القضائي صدرت عام ‪1228‬ويامى هذا الاند اختصارا (‪ )COM BICONBIIL‬ويضم هذا الاند الصيغة‬
‫التالية وهي بالعربية تقول‪":‬النزاعات اليت تنشأمن سند الشحن هذا حتام من قبل حماكم و قانون املكان الذي يوجد فيه مركز األعمال الرئياى للناقل" ‪.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬علي طاهر البييت ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪94‬‬
‫أ) صيغ التحكيم من حيث نطاق سريان االتفاق‪.‬‬
‫تصنف هذه الصيغ من حيث حتديدها لنطاق سريان عقد التحكيم امللحق باملشارطة و الذي يامى‬
‫شرط التحكيم‪ .‬فهناك صيغ تتام بالعمومية حبيث أهنا تشمل كل املنازعات اليت تنشأ بني املؤجر واملاتأجر‬
‫وتتعلق باملشارطة‪،‬وغالبا ما تبدأ هذه الصيغ كاأليت‪" :‬كل النزاعات اليت تنشأ عن هذه املشارطة‪،"...‬كذلك‬
‫هناك صيغة أخرى‪":‬أي نزاع ينشأ عن هذه املشارطة‪.)1("...‬‬
‫وقد أخذت اتفاقية عمان بصيغة عامة واليت تدرج ضمن العقود حىت ينعقد االختصاص للمركز العريب‬
‫للتحكيم التجاري ‪،‬فكانت الصيغة‪":‬كل النزاعات الناشئة عن هذا العقد تتم تاويتها من قبل املركز العريب‬
‫للتحكيم التجاري وفقا لألحكام الواردة يف اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري"(‪.)2‬‬
‫ب)صيغ التحكيم باعتبار تعيين المحكم‪.‬‬
‫هناك طريقة لتعيني احملكم يف مشارطات االجيار وبالتايل يطرح اشكال مدى صالحية تلك الصيغ مع‬
‫توافقها مع القانون والبيئة البحرية‪ ،‬وتقام الصيغ من حيث تعيني احملكم اىل جمموعات ‪:‬‬
‫‪ _1‬اجملموعة األوىل مل تنص على تعيني احملكم و مل تذكر الطريقة اليت يتم هبا التعيني‪ :‬فهذه الصيغة أغفلت‬
‫النص على تعيني احملكم و هو أمر جتعل بعض القوانني جزاءه البطالن ‪ ،‬غري أن هذه الصيغ ال تبطل يف‬
‫ظل قوانني أخرى كالقانون اجلزائري املصري والعراقي مثال ‪،‬و كل ما يف األمر أن صالحية التعيني تنتقل من‬
‫صاحبها اىل احملكمة(‪.)3‬‬
‫‪_2‬اجملموعة الثانية و هي اليت حتدد القانون و االجراءات ولكن بصورة غري مباشرة فقد حتدد هذه الصيغ‬
‫القانون الواجب التطبيق و كذلك االجراءات باالحالة اىل قواعد جهة من جهات التحكيم ليتم التحديد‬
‫وفقا لقواعد تلك اجلهات ‪.‬‬
‫‪ _3‬اجملموعة األخرية و هي تلك اليت يتم النص فيها مباشرة على القانون الواجب التطبيق وكذلك‬
‫االجراءات اليت سوف تطبق على النزاع ‪ ،‬ومثالنا على ذلك الصيغة اليت وردت يف مشارطة شركة قطر‬
‫لألمسدة الكمياوية (‪.)1‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬و مثل هذه الصيغة واليت وردت يف مشارطة أمريكا اجلنوبية لبيع األمسدة لعام ‪ 1211‬واملاماة اختصارا ‪ FERTIVOY‬وكذلك مشارطة الربصة‬
‫اليابانية لبيع الفحم (‪.)NIPPONCOAL‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 2‬الفقرة ‪ 2‬من اتفاقية عمان ‪.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬علي طاهر البييت ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.228‬‬
‫(‪ )1‬و املاماة اختصارا( ‪ ) QAFCO CHARTER‬وترمجتها بالعربية تقول‪":‬هذه االمشارطة سوف حتكم وتفار طبقا للقانون االجنليزي و أي نزاع ينشأ‬
‫من هذه املشارطة أو أي سند الشحن ينشأ يف ظلها سوف حيال للتحكيم يف لندن ‪ .‬ويعني كل طرف منكما واحدا طبقا لقانوين التحكيم لعام ‪1283‬‬
‫و‪ 1292‬و أية أحكام معدلة و بديلة يف هذين القانونني تعتمد اعتبارا من تاريخ نفاذها‪."....‬‬
‫‪95‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬استقاللية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري مصدر فعاليته‪.‬‬
‫هناك مواقف عديدة عن طبيعة شرط التحكيم و أول هذه املواقف ذهب متماشيا مع تاميته و اعتربه‬
‫من شروط العقد األصلي فيتأثر وجودا و عدما بوجود العقد األصلي الذي اندرج فيه كحال باقي الشروط‬
‫على عكس عقد التحكيم الذي يعترب عقدا قائما بذاته (‪ .)1‬أما اإلجتاه األخر يذهب اىل استقالل هذا‬
‫الشرط عن العقد األصلي فال يؤثر بطالن األول عليه و كذلك يضيف هؤالء بأنه قد يكون القانون‬
‫الواجب التطبيق على هذا الشرط هو غري القانون الواجب التطبيق على العقد األصلي)‪.(2‬‬
‫إن مبدأ االستقاللية التفاق التحكيم يعطي احملكم سلطة النظر يف اختصاصه وهو مايامى بالفرناية‬
‫"‪ "Compétence de la compétence‬أو االختصاص باالختصاص ومعىن هذا أن احملكم ياتمر‬
‫يف اجراءات التحكيم وهو الذي يقرر كونه خمتصا بالنظر يف املوضوع أم ال(‪.)3‬‬
‫وخالصة القول فإن مبدأ االستقاللية له أثران هامان على شرط التحكيم ‪ ،‬أوله هو مايامى مببدأ‬
‫الفصل ‪ )1( séparabilité‬بني اتفاق التحكيم والعقد األساسي أو األصلي وهذا ماكرسته حمكمة‬
‫النقض الفرناية يف ‪ 9‬ماي ‪ 1293‬يف قرار ‪ ، cosset‬حيث ذهبت اىل أنه يف اطار التحكيم التجاري‬
‫الدويل فإن اتفاق التحكيم سواء مت هذا اإلتفاق على حنو منفصل وماتقل عن التصرف القانوين األصلي أو‬
‫مت ادراجه فإنه يتمتع دائما باالستقاللية‪ ،‬ياتبعد معه أن يتأثر اتفاق التحكيم بأي بطالن حمتمل يلحق هبذا‬
‫التصرف ‪ ،‬أما األثر الثاين ملبدأ االستقاللية و هو أن اتفاق التحكيم ماتقل عن كل قانون وطين وقد كرس‬
‫هذا املبدأ عن طريق حمكمة النقض الفرناية يف ‪ 23‬ديامرب ‪ 1223‬يف القضية ‪ ، )8( Dalico‬و هذا ما‬
‫سوف نتطرق له يف مطلب أول‪ ،‬أما املطلب الثاين فهو عن األثار املرتتبة عن استقاللية اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري و مدى فعالية هذا املبدأ‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫)‪(1‬د‪ .‬علي طاهر البييت ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.115‬‬
‫)‪ (2‬تراري ثاين مصطفى ‪ ،‬استقاللية اتفاق التحكيم كمبدأ من مبادئ التحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬جملة الدراسات القانونية ‪ ،‬دار القبة للنشر و التوزيع ‪ ،‬ص ‪14‬‬
‫(‪ )3‬املادة ‪ 112‬من قواعد التحكيم للغرفة التجارية الدولية تذكر هذا املبدأ أو تعطي للمحكم سلطة اختاذ القرار حول اختصاصه‬
‫املادة ‪1198‬قانون االجراءات املدين فرناي تكرس مبدأ االختصاص باالختصاص‪.‬‬

‫‪(1) Mostefa Trari tani , droit algérien de l'arbitrage commercial international, op cit , p 37.‬‬
‫‪(8)cass. 1 _re , 7 mai 1963, jc p 1963 II. 13405‬‬

‫‪96‬‬
‫المطلب األول‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫يضم استقالل اتفاق التحكيم معنيني‪ :‬استقالله عن العقد األصلي و استقالله عن كل قانون وطين‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن أول وأقدم معىن لإلستقاللية بالنابة التفاق التحكيم هو استقالله عن العقد األصلي والذي من‬
‫أجله مت االتفاق على التحكيم (‪ ،)1‬و يكون اتفاق التحكيم ماتقل عن عقد النقل البحري واملدرج حلل‬
‫املنازعات الناشئة مبناسبته‪.‬إن مبدأ استقاللية شرط التحكيم عن العقد األصلي تأخذ به أغلب القوانني‬
‫الوطنية املقارنة و لوائح وأحكام التحكيم البحري‪.‬‬
‫أوال‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري في فرنسا ‪.‬‬
‫مل يتناول مرسوم ‪ 1211/812‬الصادر يف ‪ 1211/38/12‬املتعلق باتفاق التحكيم الدويل ماألة‬
‫استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي وقد قررت هذا املبدأ أول مرة حمكمة النقض الفرناية يف قرار‬
‫‪ Gosset‬يف ‪ 9‬ماي ‪ ، )2( 1293‬حيث جاءت نقطة االنطالق لتقرير قاعدة استقالل اتفاق التحكيم‬
‫يف جمال العالقات الدولية اخلاصة حيث أقرت الدائرة املدنية مبحكمة النقض الفرناية اىل أنه يف اطار‬
‫التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬فإن اتفاق التحكيم سواء مت االتفاق على حنو منفصل وماتقل عن التصرف‬
‫القانوين األصلي أو مت إدراجه به فإنه يتمتع دائما باستقالل قانوين كامل اال اذا ظهرت ظروف استثنائية‬
‫ياتبعد معه أن يتأثر اتفاق التحكيم بأي بطالن حمتمل يلحق هبذا التصرف (‪. )3‬و من أهم القضايا البحرية‬
‫اليت طبقت من خالهلا حمكمة النقض الفرناية مبدأ استقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي جند قضية‬
‫‪ Sam-Carle‬وقضية ‪ . Galakis‬ففي قضية الافينة " ‪ " San-Carlo‬كان هناك شرط التحكيم‬
‫يف سند الشحن طرفه أحد األشخاص املعنوية العامة وطبقا لشرط التحكيم يتم إحالة كافة املنازعات اليت‬
‫ستنشأ عن عملية النقل البحري بواسطة الافينة املذكورة خالل رحلتها من إثيوبيا اىل مرسيليا للتحكيم فيها‬
‫أمام ثالثة حمكمني يف مدينة جوة اإليطالية وفقا للقانون اإليطايل‪.‬وقد قام الشخص املعنوي العام بالطعن‬
‫أمام حمكمة النقض الفرناية ببطالن شرط التحكيم على أساس أن املاألة تتعلق باألهلية ومن مث يطبق‬
‫القانون الفرناي لتحديد أهلية هذه املنشأة العامة (‪ ، )1‬وقد صدر حكم النقض يف ‪ 11‬أبريل سنة ‪1291‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪(1) Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman, op cit, p 214.‬‬
‫‪(2) Cass,1-er cir, 7 mais 1963,Gosset, JCP 1963.11.13405.‬‬
‫(‪ )3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )1‬حيث كان قانون املرافعات الفرناي القدمي مينع ادراج شرط التحكيم وابرامه بواسطة الدولة أو أحد األشخاص املعنوية العامة (املواد ‪ 1331‬و ‪ 13‬من‬
‫قانون املرافعات الفرناي القدمي)‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫مقررا صحة شرط التحكيم الذي تربمه الدولة أو أحد االشخاص املعنوية العامة على أساس أن املنع من‬
‫التحاكم ال يشكل مشكلة األهلية يف معىن املادة‪ 3‬فقرة ‪ 3‬مدين وأن هذه املاألة ختضع لقانون جناية‬
‫األطراف املتعاقدة‪ ،‬ومن مث فإن املنع املقرر يف املادتني ‪ 1331‬و ‪ 13‬من قانون املرافعات الفرناي القدمي ال‬
‫يشكل عقبة أمام املنشآت العامة وخضوعها كباقي أطراف القانون اخلاص لقانون أجنيب جييز صحة شرط‬
‫التحكيم عندما يكون العقد دوليا (‪.)1‬‬
‫أما قضية الافينة "‪ "Galakis‬فتتعلق بنزاع خاص بعقد مشارطة مت ابرامه يف لندن ‪ 1213‬بني وزارة‬
‫النقل البحري الفرناية‪ ،‬ومالك الافينة اليونانية"‪ "Galakis‬وكان من بني بنود املشارطة شرطا يقضي‬
‫بإحالة أي نزاع ينشأ عن هذا العقد للتحكيم يف لندن وصدر حكم التحكيم‪ ،‬اال أن وزارة النقل البحري‬
‫دفعت بعدم أهليتها للتحاكم وفقا ألحكام القانون الفرناي ومن مث امتنعت عن التحكيم‪.‬‬
‫وقد رفضت حمكمة النقض الفرناية يف ‪ 21‬ماي ‪ 1299‬هذا الدفع مقررة صحة شرط التحكيم‪ ،‬ومن‬
‫مث أقرت بذلك قاعدة موضوعية يف القانون الفرناي تقضي بصحة شرط التحكيم يف العقود الدولية املربمة‬
‫حلاجات ووفقا لشروط ومقتضيات التجارة البحرية (‪ .)2‬لذلك ميكن القول أن القضاء الفرناي قد أخذ‬
‫مببدأ استقالل شرط التحكيم عن عقد النقل البحري( العقد األصلي)‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬استقالل اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري في انجلترا‪.‬‬
‫لقد تأخر القانون اإلجنليزي يف قبوله هلذا املبدأ (‪ ، )3‬فقد ساد االعتقاد أن هناك ارتباط وثيق بني شرط‬
‫التحكيم "‪ "Arbitration clause‬وبني العقد الذي حيوي هذا الشرط إما أن يبقيا معا أو ياقطا معا‪،‬‬
‫ومن مث فقد كان من غري املمكن أن ينظر احملكمون يف موضوع يتعلق بصالحية ونشأة ووجود العقد‬
‫الرئياي(‪ ،)1‬مع ما قد سيتتبعه ذلك من أثر بالنابة التفاق التحكيم الذي ال يعد منفصال عنه‪ ،‬وقد تعرض‬
‫جملس اللوردات هلذا املوضوع من خالل قضية "‪ "Heyman v, Darwins eta‬حيث أن هته الاابقة‬
‫القضائية جأت لتأكيد ارتباط اتفاق التحكيم بالعقد األصلي وجودا وعدما فاذا مت االدعاء أنه مل يكن‬
‫هناك عقدا أصليا قائما فلن يكون هناك حتكيم من األصل أما اذا كان هناك عقدا قائما بالفعل ولكنه مت‬
‫اإلدعاء ببطالنه فإن شرط التحكيم ال يعمل بالتبعية أي أن الشرط يعترب باطال يف حد ذاته مثل العقد‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) cass. Cir, 14 avril 1964,Reu crit Dr inter, pri, 1966, p.66.note Bertiffol.‬‬
‫‪(2) cass . CIV, 2 mais 1966, Reu, Arb, 1966, p 99.‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬ص‪ -118‬ص ‪.119‬‬
‫‪)3(Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman,op cit p 214.‬‬
‫‪)1("Stood Together or fell together" .‬‬

‫‪98‬‬
‫األصلي‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن موضوع احتاد مصري كل من العقد وشرط التحكيم قد أقر أول مرة عند نظر الدعوى‬
‫"‪ "Jureidini v National British and Irish Millers Insurance co‬وذلك عام ‪1218‬‬
‫اال أنه ظهر اجتاه حديث وجديد يف حكم جمللس اللوردات الربيطاين حيث وردت عبارة يف حكم اللورد‬
‫‪ Diplock‬حتمل معىن االعرتاف التفاق التحكيم بذاتية منفصلة (‪ ، )1‬اال أن الفقيه "‪"Schmitihoff‬‬
‫وقف موقف وسط بني رأي كل من اللورد "‪ "Mac Millan‬صاحب القاعدة التقليدية اليت تقضي‬
‫بارتباط العقد األصلي وشرط التحكيم وجودا وعدما وبني رأي اللورد "‪ "Diplock‬الذي قال بذاتية اتفاق‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫حيث قال الفقيه ‪ Schmitthoff‬أنه بالرغم من أن القاعدة التقليدية مازالت قائمة‪ ،‬اال أهنا ال تتمشى‬
‫مع االجتاه احلديث يف التحكيمات املعاصرة‪ ،‬وقد انعكس رأي الفقيه ‪ Schmittoff‬على أراء العديد من‬
‫الفقهاء حيث عرض للقاضي ‪ Steyn‬مقال حتت عنوان استقالل اتفاق التحكيم ‪"Severability of‬‬
‫"‪arbitration clause‬‬
‫حيث عرض القواعد التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ اذا تبني أن العقد الذي تضمن شرطا التحكيم مل يربم أصال‪ ،‬فان التحكيم ال يكون ماتندا اىل أي‬
‫أساس ممكن‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ اذا كان العقد األصلي باطال بطالنا مطلقا حبيث يكون غري قائم قانونا منذ البداية فان شرط‬
‫التحكيم يأخذ ذات احلكم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تغيري العقد األصلي واخلالف حول تفاري ارادة أطرافه أو تصحيح بطالنه النايب ال يؤثر على وجود‬
‫صحة انفاق التحكيم‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ اذا مت فاخ العقد أو اهناؤه ألي سبب من األسباب سواء لعدم تنفيذ األطراف إللتزاماهتم أو‬
‫لصريورة ذلك ماتحيال‪ ،‬فإن ذلك ال يؤثر على وجود واستمرار اتفاق التحكيم (‪.)2‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حيث قال اللورد ‪: Diplock‬‬
‫‪"Such a contract is of ten to be found as an arbitration clause in a commercial-‬‬
‫‪industrial or other type of contract where so found, it is in strict analysis a separate contract,‬‬
‫‪ancillary to the main contract".‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫(‪)2‬وقد حدث بعد ذلك تطور للقاعدتني (‪ )2‬و (‪ )3‬للتوسع يف مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم واملالحظ أن املبادئ اليت وضعها القاضي "‪ "Steyn‬وكذا‬
‫حمكمة اإلستئناف يف قضية ‪ Harbour v kanso‬قد أخذت الصيغة القانونية والقوة التشريعية عن طريق القام الاابع من قانون التحكيم لانة ‪.1229‬‬

‫‪99‬‬
‫وهكذا جند أن القضاء يف اجنلرتا أخذ مببدأ الفصل بني شرط التحكيم وبني العقد الذي ذكر فيه هذا‬
‫الشرط‪ ،‬وأنه يف حالة عدم وجود أي اتفاق أخر بني األطراف فإن اتفاق التحكيم سواء مت كتابة أو غري‬
‫ذلك‪ ،‬يعترب منفصال عن العقد األصلي فإذا ما حكم بأن العقد األصلي غري صاحل "‪ "invalid‬أو غري‬
‫موجود أصال "‪ "non existant‬أو غري مؤثر أو غري فعال "‪ ،"ineffectif‬فإنه بالرغم من ذلك فان‬
‫شرط التحكيم يبقى ساري املفعول ويعمل به (‪.)1‬‬
‫ومن أهم القضايا البحرية يف هذا الصدد‪ :‬الدعوى املقامة بني ‪H.L. Bremer vulkan v.‬‬
‫‪. south india shipping‬‬
‫حيث أبرم عقد بني مالك أملاين اجلناية "‪ "Bremer vulkan‬وشركة ألبانية لبناء الافن ‪"South‬‬
‫"‪ ،India Corporation‬وذلك من أجل بناء مخس سفن جتارية‪.‬‬
‫اال أنه قام نزاع بني الطرفني لعدم قيام شركة البناء مبرعاة شروط البناء حاب ما جاء يف العقد املربم بني‬
‫الطرفني فقام املالك بطلب التعويض‪ ،‬فطعنت الشركة ودفعت بتقادم الدعوى لرفعها بعد فوات املدة احملددة‬
‫لذلك‪.‬وقد جاء يف تقرير اللورد "‪" "Diplock‬إن شرط التحكيم يشكل عقدا ماتقال بذاته‪ ،‬ويقف جنبا‬
‫اىل جنب مع عقد بناء الافينة ذاته‪ ،‬وبالرغم من حدوث اخفاق من قبل األطراف يف تنفيذ اإللتزامات‬
‫الناشئة عن العقد اال أن شرط التحكيم يبقى للفصل يف هذه املاائل‪.‬‬
‫هناك دعوى أخرى تعرف باسم دعوى الافينة ‪ Hannok‬حيث كان النزاع يتعلق بعقد بيع الافينة‬
‫املذكورة‪ ،‬وقد مت الدفع بطالن شرط التحكيم وكذلك بطالن احلكم الصادر بناء عليه للتأخري يف رفع‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫فقد جاء حكم القاضي اللورد ‪ Diplock‬حيث فرق بني ما يعرف باإللتزامات األساسية اليت تقع على‬
‫عاتق األطراف‪ ،‬وكذلك اإللتزامات القانونية التابعة لإللتزامات األساسية‪.‬‬
‫وأن يرتتب على خرق العقد انقضاء التزامات األطراف األساسية‪ ،‬اال أن ذلك ال يرتتب عليه انقضاء‬
‫اإللتزامات التابعة القانونية واليت منها شرط التحكيم‪ ،‬ومن مث يبقى شرط التحكيم صاحلا وفعاال وياتخدم‬
‫لتحديد املخالفات وتقدير تعويض االلتزام (‪.)2‬‬
‫ــــــــ‬
‫(‪)1‬قانون التحكيم اإلجنليزي لانة ‪ 1229‬الفصل الاابع ‪.‬‬

‫‪(2) Lolyd's Rep, 1983 vol I P 103‬‬


‫عن حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬

‫‪100‬‬
‫ثالثا‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫لقد تأخر النظام القضائي األجنلوساكاوين يف قبول هذا املبدأ حتت اسم "‪ "severability‬يف‬
‫القانون األمريكي‪ ،‬و اسم "‪ "separability‬يف القانون األجنليزي (‪.)1‬‬
‫إن مايتام به النظام األجنلوأمريكي هو اطالق احلرية لألطراف الختيار التحكيم دون التقيد بضرورة‬
‫تعيني أفراد احملكمني سلفا‪ ،‬هذا باإلضافة إىل وجود رقابة قضائية ماتمرة خيضع هلا التحكيم حبيث تتيح‬
‫ألحد الطرفني اللجوء اىل التحكيم على النحو الذي حيدده القضاء (‪.)2‬وقد استقر مبدأ استقالل شرط‬
‫التحكيم عن العقد األصلي يف القضاء األمريكي عندما قررت احملكمة العليا الفيدرالية تبين مبدأ استقاللية‬
‫اتفاق التحكيم وذلك يف دعوى "‪ "primat paint‬عام ‪.)3(1299‬‬

‫رابعا‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم البحري في مصر‪.‬‬


‫لقد نص قانون التحكيم املصري رقم ‪ 29‬لانة ‪ 1221‬صراحة على مبدأ استقالل اتفاق التحكيم‬
‫عن العقد األصلي من خالل نص املادة الثالثة والعشرين واليت تنص على أنه‪ " :‬يعترب شرط التحكيم اتفاق‬
‫ماتقال عن شروط العقد األخرى‪ ،‬وال يرتتب على بطالن العقد أو فاخه أو اهناؤه أي أثر على شرط‬
‫التحكيم الذي يتضمنه اذا كان هذا الشرط صحيحا يف ذاته"(‪.)1‬‬

‫خامسا‪:‬استقالل اتفاق التحكيم البحري في الجزائر‪.‬‬


‫لقد تبىن املشرع اجلزائري مبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي يف املرسوم التشريعي ‪32/23‬‬
‫يف املادة ‪ 181‬مكرر‪ 1‬فقرة ‪ " : 1‬ال ميكن االحتجاج بعدم صحة اتفاقية التحكيم بابب أن العقد‬
‫األساسي قد يكون غري صحيح " ‪ ،‬متأثر بذلك بالقانون الاوياري يف املادة ‪ 191‬فقرة ‪.)8( 3‬و أكد‬
‫هذا املبدأ يف قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلديد يف املادة ‪ 1313‬الفقرة ‪ 1‬أنه ال ميكن االحتجاج‬
‫بعدم صحة اتفاقية التحكيم بابب عدم صحة العقد األصلي‪.‬‬
‫و بالتايل فإنه ال ميكن الطعن بعدم صحة اتفاق التحكيم لعدم صحة عقد النقل البحري يف القانون‬
‫اجلزائري‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Mostefa Trari tani , droit algérien de l'arbitrage commercial international,op cit , p42.‬‬
‫(‪ )2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.131‬‬
‫(‪ )3‬حيث أقرت احملكمة الفيدرالية العليا‪" ،‬ان شروط التحكيم اخلاضعة لقانون التحكيم الفيدرايل ماتقلة عن العقد الذي حيتويها واليت هي جزء منه طاملا أن‬
‫شرط التحكيم مل يتنازع فيه وبالتايل فان شرط التحكيم الواسع سيخضع للتحكيم املاائل املتعلقة ببطالن العقد األصلي‪" .‬‬
‫(‪ )1‬حفيظة حداد‪.‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق‪.‬ص ‪. 33‬‬
‫(‪ )8‬عليوش قربوع‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 39‬‬
‫‪Mostefa trari tari , droit algérien de l'arbitrage commercial international, op cit , p 42‬‬

‫‪101‬‬
‫سادسا‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم في لوائح وأحكام التحكيم البحري‪.‬‬
‫ان مبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي قد حظي بتأييد لوائح وأحكام التحكيم البحري‬
‫كما كان احلال بالنابة للقوانني الوطنية واملعاهدات الدولية‪.‬‬
‫أ‪ -‬غرفة التحكيم البحري بباريس‪.‬‬
‫لقد نصت املادة العاشرة من الئحة التحكيم هلذه الغرفة على أن ‪ " :‬احملكم أو احملكمون ما هم اال‬
‫قضاة ميلكون البث يف اختصاص غرفة التحكيم البحري‪ ،‬وصحة هذا االختصاص‪ ،‬كما أهنم على وجه‬
‫اخلصوص أهل للفصل حول وجود وصحة اتفاق التحكيم أو العقد األصلي الذي يشمله عند‬
‫االقتضاء‪،‬وأيضا حول نطاق اختصاصهم "(‪.)1‬‬
‫وما يالحظ أن هناك العديد من األحكام اليت صدرت عن هذه الغرفة استخدمت حقها املخول هلا‬
‫بواسطة الئحة الغرفة يف تقرير مبدأ استقالل شرط التحكيم عن عقد النقل البحري وعدم ارتباط مصريه‬
‫مبصري العقد األصلي من حيث تعرضها للفصل حول عدم وجود عقد النقل البحري أوبطالنه أو فاخه(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬المنظمة الدولية للتحكيم البحري‪.‬‬
‫حيث تنص املادة ‪ 8‬فقرة ‪ 2‬من الئحة حتكيم املنظمة الدولية للتحكيم البحري على أنه ‪ " :‬ما مل يشرتط‬
‫العكس‪ ،‬فان االدعاء ببطالن أو عدم وجود العقد األصلي ال يؤثر على اختصاص احملكم والذي ياتمده‬
‫من صحة اتفاق التحكيم‪ ،‬ويبقى احملكم فيختص أيضا يف حالة عدم وجود أو بطالن العقد األصلي‬
‫لتحديد حقوق األطراف والفصل يف طالبتهم "‬
‫(‪.)3‬‬

‫و بالتايل فإن عدم صحة عقد النقل البحري ال يؤدي اىل بطالن اتفاق التحكيم استنادا هلته الالئحة‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1(Article x: Investiture des arbitres. "Le ou les arbitre(s) sont juge(s) de la compétence de la‬‬
‫‪chambre arbitrale maritime et de la validité de saisine, ils ont notamment qualité pour se prononcer‬‬
‫‪sur l'existence ou la pénalité de la convention d'arbitrage ou du contrat dans lequel celle-ci est‬‬
‫" ‪éventuellement incluse, ainsi que sur les limites de leur investiture‬‬
‫‪)2(Sentence 641 du 20 novembre 1986 DMF 1987. P 461.‬‬
‫‪Sentence 712 du 30 novembre 1988 DMF 1989, p265.‬‬
‫‪Sentence 720 du 20 janvier 1989 DMF 1989, p 480.‬‬
‫‪Sentence 739 du 15 janvier 1989 DMF 1989, p 732.‬‬
‫‪Sentence 795 du 19 décembre 1990 DMF 1991, p 542‬‬
‫‪Sentence 758 du 12 décembre 1989 DMF 1990, p 837.‬‬
‫‪Sentence 787 du 18 octobre 1990 DMF 1991, p 269.‬‬
‫عن ‪:‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري‪.‬ص ‪.189‬‬
‫(‪ )3‬املادة ‪ 8‬الئحة حتكيم املنظمة الدولية للتحكيم البحري‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫ج‪ -‬لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولية ـ اليونسترال ـ ‪.6791‬‬
‫حيث تنص املادة ‪ 21‬فقرة ‪ 2‬من الئحة التحكيم اليونارتال ‪ 1299‬على أن " يكون حملكمة التحكيم‬
‫سلطة الفصل يف وجود أو صحة العقد الذي يشكل شرط التحكيم جزءا منه "(‪. )1‬‬
‫و هذا يعين أن هذه الالئحة تزود احملكم بالطة الفصل حول وجود أو صحة عقد النقل البحري وذلك‬
‫باستقالل شرط التحكيم عنه‪ ،‬وبالتايل تعطي احملكم سلطة االستمرار يف نظر النزاع حىت لو ثبت عدم وجود‬
‫أو بطالن عقد النقل البحري‪.‬‬
‫هكذا ميكن القول أن مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري يعد من املبادئ املاتقرة حاليا‬
‫سواء يف اطار القوانني الوضعية أو املعاهدات الدولية ولوائح التحكيم وأساس هذه االستقاللية هو اختالف‬
‫موضوع كل من عقد النقل البحري واالتفاق على التحكيم‪ ،‬حيث جند أن االتفاق على التحكيم ليس جمرد‬
‫شرط وارد يف هذا العقد‪ ،‬بل هو عقد ثاين من طبيعة خمتلفة وإن كان مندجما من الناحية املادية يف عقد‬
‫النقل البحري ‪.‬اال أن موضوع االستقاللية كان حمال للجدل بني أنصار استقاللية اتفاق التحكيم عن هذا‬
‫العقد األصلي واملنادين بعدم االستقاللية واجلدير بالذكر أن تقرير استقاللية اتفاق التحكيم عن عقد النقل‬
‫البحري يكون أيضا بنظام قانوين خيتلف عن ذلك الذي حيكم اتفاق التحكيم املربم حلل منازعاته‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬استقاللية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري عن كل قانون وطني‪.‬‬
‫على الرغم من أن مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن العقد األصلي الذي يتضمن هذا االتفاق أو‬
‫الذي يشري إليه نشأ من أجل عزل اتفاق التحكيم عن متاهات العقد األصلي ومشاكله(‪، )2‬وضع مفهوم‬
‫آخر ملعىن استقاللية وهو أن القانون الذي حيكم العقد األصلي خيتلف عن ذلك القانون الذي حيكم اتفاق‬
‫التحكيم ‪ .‬فاتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو تراضي أطراف هذا العقد على االلتجاء اىل التحكيم‬
‫لتاوية كل أو بعض املنازعات اليت نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهما ماتقبال ‪،‬و من هذا التعريف يظهر‬
‫جليا بأن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو تالقي ارادتني بقصد احداث أثر قانوين و هو اخراج‬
‫النزاع الذي بينهم من قبضة اختصاص قضاء الدولة وادخاله حتت سلطة هيئة حتكيم خمتارة‪ .‬و هبذا يكون‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري " عقد" له سائر أركان ومتطلبات العقود عموما ‪ ،‬فاذا ابرم اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري و كان ينطوي على عنصر أجنيب ‪ ،‬و له الطابع الدويل و هو الذي يكون‬
‫يف أغلب األحوال بالنابة لعقود النقل‪ ،‬فإنه يثور بشأنه تنازع بني القوانني وهذا التنازع يفض بواسطة‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادة‪ 21‬فقرة ‪ 2‬من الئحة التحكيم اليونارتال ‪.1299‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪103‬‬
‫‪lex‬‬ ‫قاعدة التنازع اخلاصة بالعقود الدولية ‪ ،‬واليت تقرر أن االختصاص التشريعي يكون لقانون االرادة‬
‫‪، voluntatis‬أي القانون الذي اتفق عليه األطراف بارادهتم احلرة ‪ ،‬وهي قاعدة اعرتفت هبا مجيع التشريعات‬
‫املقارنة ‪ .‬و هكذا خيضع اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و الذي له طابع دويل اىل القانون الذي‬
‫خيتاره األطراف ‪ ،‬عمال مببدأ قانون االرادة ‪ principe d’otonomie de la volonté‬يف العقود الدولية‬
‫عموما ‪ .‬و معىن هذا أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري حيكمه قانون ميكن أن يكون خمتلفا عن‬
‫القانون الذي حيكم عقد النقل البحري اال أنه ميكن لألطراف اعمال القانون الواجب التطبيق على هذا‬
‫االتفاق و بالتايل قد وضعت عدة مناهج عن طريق الفقه والقانون والقضاء لتحديد مدى صحة اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬هته الطرق الثالثة هي‪ :‬منهج تنازع القوانني‪ ،‬منهج القواعد املادية واملنهج املختلط الذي ميزج‬
‫بينهما (‪. )1‬‬
‫أوال ‪ :‬تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم من خالل منهج تنازع القوانين‪.‬‬
‫وفقا للمبادئ التقليدية الاائدة يف النظرية العامة يف القانون الدويل اخلاص يتوقف حتديد القانون‬
‫الواجب التطبيق على املاألة املتنازع عليها ‪ ،‬على حتديد طبيعة هذه املاألة وإدراجها يف أحد األفكار‬
‫املاندة وذلك متهيدا إلعمال القانون الذي يشري إليه ضابط اإلسناد يف قاعدة التنازع اليت مت إدراج هذه‬
‫املاألة يف الفكرة املاندة فيها‪ .‬واعمال هذه املبادئ املتقدمة على اتفاق التحكيم يؤدي اىل تنازع يف‬
‫التكييفات بشأن حتديد طبيعة اتفاق التحكيم وبالتايل امكانية خضوعه إما للقانون الذي حيكم االجراءات‬
‫أو لقانون اإلرادة‪ ،‬فالنظر اىل اتفاق التحكيم على أنه القانون الذي حيكم االجراءات يؤدي اىل خضوعه اىل‬
‫القانون الذي حيكم هذه األخرية‪ ،‬بينما النظر اىل اتفاق التحكيم على أنه عقد ماتقل عن االجراءات اليت‬
‫يعد مصدرها و أساسها‪ ،‬يؤدي اىل اخضاع اتفاق التحكيم اىل القانون الواجب التطبيق الذي ختتاره‬
‫األطراف وفقا للقواعد املاتقرة واملعمول هبا بشأن العقود الدولية بصفة عامة سواء كان عقد حتكيم أو عقد‬
‫آخر‪ .‬ولقد ذهب جانبا من الفقه اىل تبين التكييف اإلجرائي التفاق التحكيم بينما ذهب جانب آخر من‬
‫الفقه اىل تبين التكييف العقدي التفاق التحكيم(‪.)2‬و يعد منهج تنازع القوانني األقدم واملاتعمل أكثر يف‬
‫القانون املقارن (‪.)3‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1( Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman, op cit, p 234.‬‬
‫(‪)2‬حفيظة حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪)3(Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman , op cit, p 235.‬‬

‫‪104‬‬
‫وقد أخذت هبذا املنهج اتفاقية نيويورك يف املادة ‪ 8‬فقرة د ‪ " :‬ال جيوز رفض االعرتاف وتنفيذ احلكم بناء‬
‫على طلب اخلصم الذي حيتج عليه باحلكم اال اذا اقدم هذا اخلصم للالطة املختصة يف البلد املطلوب اليها‬
‫االعرتاف والتنفيذ والدليل على ‪...‬‬
‫د ـ أن تشكيل هيئة التحكيم أو اجراءات التحكيم خمالف ملا اتفق عليه األطراف أو القانون البلد الذي مت‬
‫فيه التحكيم يف حالة عدم االتفاق "‬
‫وبالتايل ما يالحظ على هذه املادة أن القاضي يرفض اإلعرتاف أو تنفيذ حكم التحكيم اذا مل يكن‬
‫اتفاق التحكيم صحيحا بالنابة للقانون الذي اختاره األطراف‪ ،‬وبالتايل اتفاقية نيويورك هنا تطبق مبدأ‬
‫االستقاللية(‪ )1‬باعطاء األطراف حرية كبرية يف اختيار القانون الذي حيكم اتفاقهم‪ ،‬كما أن هذه االتفاقية‬
‫جتعل قانون البلد الذي مت التحكيم فيه اذا مل يتم االتفاق على القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫فكما ذكرنا فان منهج تنازع القوانني هو قانون ارادي ولكن االشكال يثور عندما ال ينص األطراف على‬
‫القانون الواجب التطبيق على شرط التحكيم‪ ،‬هنا األنظمة القانونية اختلفت فمثال القانون االجنليزي أخذ‬
‫بالنظرية التقليدية حىت خيضع كل التحكيمات اليت جتري يف لندن اىل القانون االجنليزي خاصة اجملال‬
‫البحري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم من خالل اعمال منهج القواعد المادية‪.‬‬
‫كرست األحكام الصادرة من كل من حمكمة استثناف باريس أوال مث بعد ذلك حمكمة النقض الفرناية‬
‫منهجا يامح بتقدير وجود وصحة اتفاق التحكيم من خالل اعمال القواعد املادية استقالال عن البحث‬
‫عن القانون الواجب التطبيق(‪.)2‬‬

‫فاجته القضاء الفرناي الذي استخلص يف بداية الاتينات مبدأ صحة اتفاق التحكيم من مبدأ استقاللية‬
‫هذا االتفاق اىل بلورة هذه النتيجة يف هناية الثمانينيات وبداية التاعينات يف العديد من األحكام الصادرة‬
‫عن حمكمة استئناف باريس‪ ،‬واليت أكدت بشكل حاسم على أنه يف املاائل الدولية يتمتع شرط التحكيم‬
‫بصحة وفعالية ذاتية (‪.)3‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫‪)1(Trari tani Mostefa, droit algérien de l'arbitrage commercial international, op cit, p 43.‬‬
‫‪)2( Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman, op, cit p 245.‬‬
‫(‪)3‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪105‬‬
‫ويؤكد الفقه الفرناي يف جمموعه على أن ذلك القضاء ليس اال جمرد طريقة أخرى لفرض مبدأ استقاللية‬
‫اتفاق التحكيم عن كل نظام قانوين وضعي حيكم هذا االتفاق ‪ ،‬فاتفاق التحكيم يتضمن يف ذاته صحته‬
‫وفعاليته‪.‬‬
‫وقد أتى املظهر الثالث لالستقاللية مبقتضى قرار صادر عن حمكمة النقض الفرناية يدعى بقرار‬
‫‪ Dalico‬يف ‪ 23‬ديامرب ‪ 1223‬وقد كان منطوق قرار ‪ Dalico‬بأنه ماعدا مقتضيات النظام العام‬
‫الدويل الفرناي شرط التحكيم ليس ماتقال عن عقد األساس فحاب وإمنا ماتقل عن كل القوانني‬
‫الوطنية (‪. )1‬‬
‫والواقع أن ما ذهبت اليه حمكمة النقض الفرناية ومن قبلها حمكمة استئناف باريس وإن كان حمال لتأييد‬
‫جانب من الفقه الفرناي‪ ،‬فإنه كان حمال أيضا إلنتقاد جانب آخر من الفقه (‪ . )2‬فقد ثار جدل فقهي‬
‫كبري يف هذا الصدد فقد ذهب جانب من الفقه بأن هناك تكريس لنظرية العقد بدون قانون تزعم هذا‬
‫االجتاه الفقيه ‪ Pierre Mayer‬ومن بني االنتقادات اليت وجهها هلذا القرار فقال هل معىن االستقالل‬
‫بأن اتفاق التحكيم ال يكون باطال حىت لفقدان األهلية‪ ،‬وذلك ألن األهلية ختضع لقانون الدولة‪.‬‬
‫وبالتايل فما هي طبيعة قاعدة القانون الدويل للتحكيم اليت تقول هبا حمكمة النقض ؟ هل تنتهي هذه‬
‫القاعدة بالضرورة اىل قانون أعلى من القوانني الوطنية‪ ،‬اذ أن حمكمة النقض ذاهتا أشارت اىل أنه من غري‬
‫الضروري من أجل القول بصحة اتفاق التحكيم وفعاليته اإلشارة اىل قانون وطين أم أن القضاء الفرناي مل‬
‫يقصد بإشارته الاابقة استخالص قاعدة فوق القوانني الوطنية (‪" .)3‬‬
‫أما عن التيار الثاين وهو املايطر على القضاء والفقه يف فرناا وتزعمه األستاذ " ‪Phillipe‬‬
‫‪ Fouchard‬اذ جياوب على هته االنتقادات بقوله‪ ":‬بأن حمكمة النقض الفرناية حينما تذهب اىل أن‬
‫شرط التحكيم ماتقل عن القوانني الوطنية‪ ،‬فإهنا ال تاتند بذلك اىل نظرية العقد بدون قانون وإمنا تقصد‬
‫بذلك العقد بدون تنازع القوانني" ‪ .‬أي أن شرط التحكيم خيضع اىل قواعد مادية (‪ )1‬وهذه القواعد املادية‬
‫ماهي يف احلقيقة اال أعراف وعادات التجارة الدولية أو ما يامى بالقوانني العابرة للدول ‪Loi‬‬
‫‪. transnationale‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كتابة منطوق احلكم بالفرناية عند أ‪.‬حفيظة حداد ‪،‬االجتاهات املعصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 19‬‬
‫(‪ )2‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 19‬‬
‫(‪ )3‬املرجع الاابق دكره‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪(4) Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman, op cit , p 234.‬‬

‫‪106‬‬
‫وقد قام احملكمني عند تعرضهم للفصل يف ماألة وجود اتفاق التحكيم وصحته من أجل تأسيس‬
‫اختصاصهم بتطبيق منهج القواعد العابرة للدول‪ ،‬مفضلني ذلك املنهج املادي على منهج التنازع التقليدي‬
‫والذي يتطلب أن يتم حتديد القانون الواجب التطبيق على وجود اتفاق التحكيم وصحته من خالل إعمال‬
‫قواعد تنازع القوانني‪.‬‬
‫فاحملكم ال ينتمي إىل أي نظام قانوين وطين‪ ،‬وبالتايل ال يوجد لديه سبب يدفعه إىل ترجيح قواعد اإلسناد‬
‫ألحد األنظمة القانونية املتمثلة باملنازعة املعروضة عليه للفصل فيها‪ ،‬و ال إىل ترجيح النصوص املادية هلذه‬
‫القوانني‪ .‬ويف حالة عدم إفصاح األطراف إلرادهتا عن القانون الواجب التطبيق على املنازعة‪ ،‬فإن تطبيق‬
‫احملكمني للقواعد اليت يقدرون أنه تتمشى مع املقتضيات الضرورية للجماعة الدولية و املاتخلصة من‬
‫الدراسات املقارنة املاتمدة من أحكام التحكيم الدويل‪ ،‬استقالال عن التأثر بالذاتية اخلاصة بكل نظام‬
‫وطين تعد دون شك حل يتمشى مع طبيعة عمل احملكم ووظيفته ‪.‬‬
‫فعلى الصعيد العملي‪ ،‬فإن اللجوء اىل اعمال القواعد املادية العابرة للدول‪ ،‬يعد دون أدىن شك أقل‬
‫احتمالية من اعمال املنهج اآلخر الذي يوقف الفصل يف ماألة صحة اتفاق التحكيم على تطبيق أحد‬
‫القوانني املتنازعة‪.‬‬
‫ولذلك يرى األستاذ ‪ E. Gaillard‬أنه من األفضل أن يدفع الفكر القائم على الطابع العابر للدول‬
‫لالطات احملكمني اىل مداها وذلك بغرض الاماح هلم بأنه ال يتم تقدير وجود وصحة اتفاق التحكيم اال‬
‫يف ظل املفاهيم العابرة للدولة‪ ،‬واليت استهدفها القضاء الفرناي من خالل استخدامه لفكرة النظام العام‬
‫الدويل(‪. )1‬‬
‫وإذا كان كل من االجتاهني الاابقني يقرر إما اعمال منهج التنازع من أجل حتديد القانون الواجب التطبيق‬
‫على وجود اتفاق التحكيم وصحته‪ ،‬وإما اعمال املنهج املادي أي تطبيق القواعد املادية‪ ،‬فإن بعض القوانني‬
‫احلديثة الصادرة بشأن التحكيم ذهبت اىل مدى أبعد من ذلك ومسحت باملزج بني القواعد املادية وقواعد‬
‫تنازع القوانني من أجل تقرير صحة اتفاق التحكيم وهذا املنهج هو املنهج املختلط‪.‬‬

‫ــــــــــ‬
‫(‪)1‬مقالة ‪ B. Goldman‬بند ‪ 88‬وما بعدها عن الدكتورة حفيظة الايد حداد ص ‪. 22‬‬
‫‪" Arbitrage commercial international. Généralité, Autonomie et principe de validité, loi applicable‬‬
‫‪"j.cl.dr.Inter Fax 586 – 1 1989 no 14 .‬‬

‫‪107‬‬
‫ثالثا‪ :‬المنهج المختلط من أجل تقرير صحة اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫يعترب املشرع الاوياري أول مشرع قبل إمكانية تطبيق كل من القواعد املادية وقواعد التنازع من أجل‬
‫تقرير صحة اتفاق التحكيم (‪ ،)1‬فاملادة ‪ 191‬من القانون الدويل اخلاص الاوياري واليت تعاجل اتفاق‬
‫التحكيم تامح باالعرتاف بصحة اتفاق التحكيم من الناحية املوضوعية اذا كان هذا االتفاق يتمشى مع‬
‫الشروط اليت يتطلبها القانون املختار من قبل األطراف أو القانون الذي حيكم موضوع النزاع ‪،‬وال سيما‬
‫القانون الواجب التطبيق على العقد األصلي أو وفقا للقانون الاوياري (‪.)2‬‬

‫ان املوقف الذي انتهجه املشرع الاوياري ليس موقفا منفردا اذ اتبعته فيه العديد من األنظمة القانونية‬
‫األخرى‪ ،‬كالقانون اجلزائري الصادر يف ‪ 28‬أبريل ‪ 1223‬يف املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 1‬فقرة ‪ 3‬من قانون‬
‫اإلجراءات املدنية (‪ )3‬تضمن نصا مماثال لنص املادة ‪ 191‬فقرة ‪ 2‬من القانون الدويل اخلاص الاوياري‬
‫اجلديد ‪.‬‬
‫اال ما جتدر االشارة اليه أن التعديل اجلديد الذي جاء به قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري غري‬
‫من املوقف الاابق مبوقف أكثر تقدما ‪ ،‬اذ اعطى احلرية للمحكم يف اختيار القانون الواجب التطبيق بدال‬
‫من اخضاعه للقانون اجلزائري وهذا ماجاءت به املادة ‪1313‬منه (‪. )1‬‬

‫ـــــــــــــ‬
‫‪)1(Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman, op, cit, p 255.‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫(‪)3‬املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 1‬فقرة ‪ 3‬من املرسوم التشريعي اجلزائري ‪" 32/23‬تعترب صحيحة من حيث املوضوع اذا استجابت للشروط اليت يضعها اما القانون الذي‬
‫اتفقت األطراف على اختياره واما القانون املنظم ملوضوع النزاع ال سيما القانون املطبق على العقد األساسي وأما القانون اجلزائري "‪.‬‬

‫(‪ )1‬املادة ‪ 1313‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري‪" :‬تكون اتفاقية التحكيم صحيحة من حيث املوضوع اذا استجابت للشروط اليت يضعها اما‬
‫القانون الذي اتفقت األطراف على اختياره واما القانون املنظم ملوضوع النزاع او القانون الذي يراه احملكم مالئما"‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األثار الغير مباشرة الستقاللية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫ان مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم أصبح يشكل النظام القانوين التفاق التحكيم (‪ ، )1‬و يرتتب عن مبدأ‬
‫استقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عدة أثار سواء مباشرة أو غري مباشرة متنح اتفاق التحكيم‬
‫حصانة فيما يصيب عقد النقل البحري من بطالن ‪ ،‬كما مينح التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫أيضا ذاتيته اخلاصة فيما خيص القانون الواجب التطبيق عليه و كذا مواجهة أي قانون وطين و تفادي قواعد‬
‫تنازع القوانني وهذه هي األثار املباشرة ملبدأ االستقاللية وقد مت التطرق اليها يف الفروع الاابقة ‪.‬‬
‫كما يرتتب أيضا على مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري أثار غري مباشرة هلا أيمية كبرية‬
‫لفعالية هذا املبدأ و هي استقالل احملكم باختصاصه بالفصل يف ماألة االختصاص‪ ،‬و فعالية اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري كمصدر فعالية احملكمة التحكيمية(‪.)2‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري مصدر استقاللية هيئة التحكيم‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه_ مبدأ االختصاص باالختصاص _‬
‫ان مبدأ االختصاص باالختصاص هو الذي مينح للمحكمة التحكيمية سلطة الفصل يف مدى‬
‫اختصاصها يف النزاع املتعلق بعقد النقل البحري ‪ ،‬ويعترب هذا املبدأ من القواعد األساسية يف قانون‬
‫التحكيم (‪.)3‬‬
‫كما يرى بعض الفقه أن هذا املبدأ هو املبدأ املالزم ملبدأ استقاللية اتفاق التحكيم (‪ ،)4‬ألن منح اتفاق‬
‫التحكيم استقاللية يف مواجهة عقد النقل البحري ( العقد األصلي ) و القانون الواجب التطبيق عليه تبقى‬
‫غري كافية اذا منحنا للجهات القضائية صالحية الفصل يف اختصاص اهليئة التحكيمية فتبقى هذه‬
‫االستقاللية ناقصة و غري كاملة‪.‬‬
‫اذن مبدأ االختصاص االختصاص يعطى للمحكم صالحية الفصل يف مدى اختصاصه يف الفصل يف النزاع‬
‫املعروض عليه ‪ ،‬و هو يتمتع هبذه الصالحية استنادا اىل اتفاق التحكيم(‪ )5‬املنصوص عليه يف عقد النقل‬
‫البحري‪ .‬فاتفاق التحكيم هو الذي يعطي للمحكم الالطات الواسعة للبحث يف موضوع النزاع ويف مدى‬
‫صحة هذا االتفاق‪.‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫‪)1(, )2( Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman, op cit, p221.‬‬
‫(‪ )3‬نور الدين بكلي‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.333‬‬
‫‪(4) ,(5) Marie niviere,op cit ,p8 .‬‬

‫‪109‬‬
‫ويكون احملكم تبعا ملبدأ "االختصاص ‪-‬باالختصاص " خمتصا إما مبواصلة اجراءات احملاكمة وإما يضع‬
‫حدا هلا ‪ ،‬و هذا ما يامي بالصورة االجيابية ملبدأ "االختصاص _باالختصاص" ‪ ،‬باملقابل تكون اهليئات‬
‫القضائية غري خمتصة للنظر يف مدى صحة اختصاص احملكمة التحكيمية و هذة الصورة الالبية ملبدأ‬
‫"االختصاص _ باالختصاص"(‪.)1‬‬
‫و قد مت التأكيد على مبدأ " االختصاص‪ -‬باالختصاص " (‪ )2‬بصورة ماتمرة و أول من أقرة القضاء‬
‫الفرناي سنة‪، )3( 1141‬بعد ذلك تبناه احملكمون يف سلطة الفصل يف مدى اختصاصهم من عدمه‪.‬‬
‫كما كرست أغلب التشريعات هذا املبدأ منها القانون الفرناي‪ ،‬القانون الاوياري ‪ ،‬القانون‬
‫املكايكي‪،‬كما قد مت تكرياه مؤخرا يف القانون األجنلوساكاوين(‪ ، )4‬أما القوانني العربية فقد تبنت هذا‬
‫املبدأ أيضا يف تشريعاهتا احلديثة و جاءت أغلب هذه القوانني بصياغة متطابقة ‪ ،‬فمثال كرس املشرع‬
‫اجلزائري هذا املبدأ يف املادة ‪ 458‬مكرر‪ 47‬من قانون االجراءات املدنية القدمي ‪ " :‬تفصل حمكمة التحكيم‬
‫يف االختصاص اخلاص هبا ‪ ،‬وجيب اثارة الدفع بعدم االختصاص ‪ ،‬قبل أي دفع يتعلق باملوضوع "(‪.)5‬‬
‫وتتطابق مع املادة ‪ 1444‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلديد(‪ ، )6‬كما أقرت هذا املبدأ املادة‬
‫‪22‬من قانون التحكيم املصري و املادة ‪ 61‬من قانون التحكيم التوناي ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري مصدر استقاللية المحكم في اتخاذ كل اإلجراءات‪.‬‬
‫إن احملكم الفاصل يف نزاع نشأ مبناسبة عقد النقل البحري مبختلف أشكاله ياتمد سلطته و اختصاصه‬
‫من اتفاق التحكيم سواء كان شرطا أو مشارطة ‪ ،‬فهو يقوم بعمله على أساس وجود هذا االتفاق ‪،‬كما أن‬
‫اهليئة التحكيمية ملزمة بكل ما اتفق عليه األطراف‪ ،‬سواء يف حتديد القانون الواجب التطبيق على‬
‫االجراءات أو على املوضوع(‪. )7‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫)‪(1‬‬ ‫‪Marie niviere,op cit, p2.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫» ‪Le principe « compétence_ compétence‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫‪Cass.civ ;22 fevrier 1949.‬‬
‫)‪(4‬‬ ‫‪Marie niviere,op cit,p09.‬‬
‫(‪ )8‬مرسوم تشريعي رقم‪ 32-23‬مؤرخ يف‪28‬افريل‪. 1223‬‬
‫(‪)6‬قانون صادر يف ‪ 23‬أفريل ‪ ، 2448‬جريدة الرمسية العدد‪ 21 :‬لانة ‪ 2448‬اذ نصت املادة‪ 1444‬منه على‪ ":‬تفصل حمكمة التحكيم يف االختصاص‬
‫اخلاص هبا ‪.‬و جيب اثارة الدفع بعدم االختصاص قبل أي دفاع يف املوضوع ‪ .‬تفصل حممة التحكيم يف اختصاصها حبكم أويل اذا كان الدفع بعدم االختصاص‬
‫مرتبط مبوضوع النزاع"‪.‬‬
‫(‪)7‬تنص املادة ‪1443‬فقرة ‪ 1‬من نفس املرسوم على ‪":‬ميكن أن تضبط يف اتفاقية التحكيم ‪،‬االجراءات الواجب اتباعها يف اخلصومة مباشرة او استنادا على‬
‫نظام حتكيم ‪ ،‬كما ميكن اخضاع هذه االجراءات اىل قانون االجراءات الذي حيدده األطراف يف اتفاقية التحكيم‪."...‬‬
‫كما تنص املادة ‪1454‬من املرسوم الاابق ذكره على‪":‬تفصل حمكمة التحكيم يف النزاع عمال بقواعد القانون الذي اختاره االطراف‪. "...‬‬

‫‪110‬‬
‫وكما رأينا سابقا أنه يف غياب مثل هذا االتفاق متنح أغلب التشريعات الدولية احلديثة و منها القوانني‬
‫العربية مبا فيها القانون اجلزائري للمحكم الالطة واحلرية يف اختيار القانون الواجب التطبيق على‬
‫االجراءات(‪ ، )1‬و كذلك على موضوع النزاع دون اللجوء اىل قانون مقر التحكيم (‪. )2‬‬
‫فاحملكم له وضع خيتلف عن وضع القاضي و الذي له قانون ملزم به و هو قانون الواجب التطبيق يف دولة‬
‫ما ‪ ،‬بينما احملكم مقيد فقط مبا اتفق عليه األطراف ‪ ،‬وسكوت األطراف يعين منح احملكم احلرية يف اختيار‬
‫القانون الواجب التطبيق (‪. )3‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬استقاللية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري في اختيار نوع التحكيم‪.‬‬
‫ياتطيع أطراف عقد النقل البحري يف اتفاق التحكيم الذي عقدوه مباشرة تامية احملكمني الذين‬
‫يتولون عملية التحكيم اذا حدث نزاع بينهم أو أن يقوم أطراف عقد النقل البحري االتفاق على جهة معينة‬
‫يتم التحكيم وفقا لقواعدها‪ .‬و بالتايل فاألطراف هلم احلرية و االستقاللية وفقا التفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري على اختيار إما التحكيم احلر و إما التحكيم املؤساي ‪ ،‬اال أنه جتدر االشارة أنه نظرا‬
‫خلصوصية منازعات عقد النقل البحري واليت هلا الطابع التجاري ‪ ،‬البحري و الدويل (‪ )4‬فإن هلا هيئات‬
‫حتكيم خاصة للفصل فيها‪ ،‬و هي هيئات التحكيم البحري سواء قد اختار أطراف عقد النقل البحري‬
‫التحكيم البحري احلر أو التحكيم البحري املؤساي و اليت سنتطرق اليها تبعا و ذلك أن سلطات هيئة‬
‫التحكيم ختتلف من حتكيم ألخر ‪.‬‬
‫و يقصد بالتحكيم البحري املؤساي االتفاق على إحالة املنازعات اليت تنشأ أو اليت نشأت بالفعل‬
‫على التحكيم أمام إحدى مؤساات التحكيم البحري الدائمة واليت تتوىل تنظيم وإدارة العملية التحكيمية‬
‫منذ تلقي طلب التحكيم وحىت إصدار حكم التحكيم وذلك عن طريق األجهزة اإلدارية التابعة للمؤساة‬
‫التحكيمية‪ ،‬وعلى ضوء الئحتها التحكيمية‪.‬‬
‫أما التحكيم البحري احلر فهو ذلك النوع من التحكيم الذي يتفق األطراف من خالل اتفاق التحكيم‬
‫على إدارة وتنظيم عملية التحكيم البحرية‪ ،‬وبالتايل يقوم األطراف بتشكيل هيئة التحكيم واالتفاق على‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وقد نصت املادة ‪ 1443‬يف فقرهتا الثانية ‪...":‬اذا مل تنص االتفاقية على ذلك ‪ ،‬تتوىل حمكمة التحكيم ضبط االجراءات ‪،‬عند احلاجة ‪ ،‬مباشرة او استنادا‬
‫اىل قانون او نظام التحكيم "‪.‬‬
‫(‪ )2‬كما نصت املادة ‪ 1454‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري‪":‬تفصل حمكمة التحكيم يف النزاع عمال بقواعد القانون الذي اختاره األطر اف ‪،‬‬
‫ويف غياب هذا االختيار تفصل حاب قواعد القانون و األعراف اليت تراها مالئمة "‪.‬‬
‫(‪)3‬نور الدين بكلي‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.312‬‬
‫(‪)4‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬ص‪.347‬‬

‫‪111‬‬
‫حتديد كافة القواعد املطبقة على اإلجراءات التحكيمية واختيار مكان التحكيم والقانون املطبق على‬
‫موضوع النزاع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مراكز التحكيم البحري المؤسسي‪.‬‬
‫بباريس‪)La chambre Arbitrale Maritime de Paris(.‬‬ ‫أـ غرفة التحكيم البحري‬
‫تأسات غرفة التحكيم البحري بباريس عام ‪ 1222‬مبوجب قانون ‪ 31‬يوليو ‪ 1231‬بواسطة اللجنة‬
‫املركزية الفرناية جملهزي الافن‪ ،‬مث توقف نشاطها تقريبا الندالع احلرب العاملية الثانية‪ :‬مث أعيد تنظيمها يف‬
‫‪ 1‬نوفمرب ‪ .)1(1299‬وهي غرفة حتكيم متخصصة يف جمال املنازعات البحرية وهي تضم يف عضويتها كافة‬
‫التخصصات البحرية من مالك الافن وربانية الافن ووكالء حبريني ومقاولني الشحن والتفريغ والاماسرة‬
‫البحريني‪ ،‬وشركات بناء الافن وشركات التأمني والنقل البحري‪ ،‬وغرفة التحكيم بباريس هلا الئحة حتكيم‬
‫وضعت بواسطة جملس إدارة مكون من ‪ 19‬عضو يتم اختيارهم بواسطة اجلمعية العامة عن طريق اإلقرتاع‬
‫الاري وبأغلبية األصوات وجيدد نصفهم كل سنة‪ ،‬وميكن للمجلس تعديل الالئحة عند الضرورة‪.‬‬
‫كما أن للغرفة قائمة من احملكمني الفرنايني و األجانب‪ ،‬و لغرفة التحكيم البحري بباريس سكرتارية‬
‫تتلقى طلبات التحكيم وجتري اإلتصاالت بني األطراف‪ ،‬وبينهم وبني احملكمني‪ ،‬وترسل اإلعالنات‬
‫واملذكرات واملاتندات وتكون حلقة وصل بني األطراف واحملكمني‪ ،‬وتراعى املواعيد الواردة بالئحة التحكيم‬
‫لكل اجراء يراعي فيه ميعادا معينا‪ ،‬وترتب جزاءات خمالفة تلك املواعيد‪ ،‬وحتدد الرسوم واألتعاب وتوزيعها‬
‫بني اخلصوم(‪.)2‬‬
‫كذلك تقوم الغرفة بواجب املااعدة يف تعيني احملكمني‪ ،‬فعندما تكون هيئة التحكيم مكونة من ثالثة‬
‫حمكمني فإن على كل طرف أن يعني حمكمه على أن تعني اللجنة العامة للغرفة احملكم الثالث رئيس هيئة‬
‫التحكيم‪ ،‬وعند عدم اتفاق الطرفني على احملكم الوحيد‪ ،‬وكذا عند ختلف أحد الطرفني عن تعيني حمكمه يف‬
‫حالة التشكيل املتعدد هليئة التحكيم تقوم اللجنة هبذا التعيني ‪ ،‬كما تقوم اللجنة بتعيني مجيع أعضاء هيئة‬
‫التحكيم الثالثية إذا كان التحكيم استئنافيا‪.‬كما تتوىل اللجنة البت يف طلبات رد احملكمني بقرار غري‬
‫مابب ‪،‬و إذا طلب األطراف تعيني حمكم من خارج القائمة حتتفظ الغرفة حبقها يف رفضه أو قبوله دون‬
‫ابداء أسباب للرفض(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف حممد الفقي‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )2‬املواد ‪ 13 ،8 ،1‬من الئحة حتكيم غرفة التحكيم البحري بباريس‪.‬‬
‫(‪ )3‬املادتان ‪ 9‬و ‪ 18‬من الئحة حتكيم غرفة التحكيم البحري بباريس‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫كما يتم مناقشة حكم التحكيم عن طريق جلنة الغرفة بتقدميه هلا من احملكم أو من هيئة التحكيم قبل‬
‫اعالنه‪ ،‬وميكنها أن تشري على هيئة التحكيم بأن تدخل عليه تعديالت تراها‪ ،‬وأن تلفت نظر احملكمني اىل‬
‫النظر يف القضية من منظور آخر(‪.)1‬‬
‫وأخريا يفصل احملكمني يف القضايا بإسم الغرفة بعد توقيع احلكم من رئيس الغرفة و الذي ميلك مد‬
‫املواعيد املقررة يف الالئحة أو من أحد نوابه عند غيابه‪ ،‬وحتفظ ناخة من احلكم يف الغرفة واليت حتتفظ‬
‫حبقها يف اعالن أو عدم اعالن األحكام مع مراعاة الارية يف ذكر أمساء األطراف أو اسم الافينة(‪.)2‬‬
‫وبالتايل فإن غرفة التحكيم البحري بباريس هبيكلها التنظيمي واإلداري تتدخل يف سري العملية التحكيمية‬
‫منذ تلقي طلب التحكيم وحىت اصدار احلكم‪ ،‬بل ويصل التدخل اىل مداه عن طريق رقابة احلكم‬
‫التحكيمي وامكانية طلب تعديله عن طريق جلنة الغرفة‪ ،‬وهي صورة صارخة من صور تدخل الغرفة يف‬
‫العملية التحكيمية و اليت ال جندها لدى باقي مراكز التحكيم البحري(‪.)3‬‬
‫ب ـ غرفة اللويدز للتحكيم البحري‬
‫تعترب هاته الغرفة من أهم وأعرق مؤساات التحكيم البحري وتضم أشهر احملكمني الذين هلم كفاءة يف‬
‫جمال املااعدات البحرية واإلنقاذ وعمليات النقل البحري‪.‬‬
‫تقوم هذه الغرفة بتنظيم العملية التحكيمية بالكامل ابتداء من تلقي طلبات التحكيم حىت صدور قرار‬
‫التحكيم ‪،‬هلا سكرتارية خاصة تقوم بإجراء االتصاالت الالزمة بني األطراف وماتشاريهم واحملكمني مع‬
‫تقدير الرسوم ونفقات التحكيم‪.‬‬
‫كما ميتد عمل الغرفة إىل تنظيم وإدارة حاالت االستئناف على حكم احملكم ويتم تطبيق القانون اإلجنليزي‬
‫على العملية التحكيمية‪ ،‬حبيث يتم الفصل يف املنازعات مبوجب التشريعات الاارية املفعول ومن بينها‬
‫قوانني التحكيم الصادرة ‪ 1283‬ـ ‪ 1298‬ـ ‪ 1292‬ـ ‪.)1(1229‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املادة ‪ 12‬من الئحة غرفة التحكيم البحري بباريس‪.‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 21‬من الالئحة الاابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬حممودي ماعود‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪113‬‬
‫ج‪.‬المنظمة الدولية للتحكيم البحري‪.‬‬
‫مع ازدياد املنازعات البحرية كماً و تعقيداً‪ ،‬قامت غرفة التجارة الدولية(‪ ،)CCI‬واللجنة البحرية الدولية‬
‫(‪ )CMI‬سويا بوضع الئحة حتكيم حبري تعرف بالئحة حتكيم (‪ ،)CCI-CMI‬وذلك بواسطة خرباء‬
‫من غرفة التجارة الدولية واللجنة البحرية الدولية‪ ،‬ومت تبين هذه الالئحة من خالل اجتماع اللجنة البحرية‬
‫الدولية يف مارس ‪ ،1291‬ومن خالل جملس إدارة غرفة التجارة البحرية الدولية يف يونيه ‪.1291‬‬
‫ويقع تطبيق هذه الالئحة على عاتق منظمة حتكيم جديدة تعرف باملنظمة الدولية للتحكيم البحري‪،‬‬
‫وهي منظمة دولية وليات فرناية ولكن فرناا هي مقر اللجنة الدائمة ومقر سكرتارية املنظمة‪ ،‬وتتكون‬
‫اللجنة الدائمة من ‪ 12‬عضوا تعني غرفة التجارة الدولية نصفهم‪ ،‬وتعني اللجنة البحرية الدولية النصف‬
‫الثاين‪ ،‬وذلك ملدة ثالث سنوات ويتم اختيار رئيس اللجنة الدائمة بالتعاون بني غرفة التجارة الدولية واللجنة‬
‫البحرية الدولية‪ ،‬كما يعني نائبني للرئيس تعني غرفة التجارة الدولية أحديما‪ ،‬وتعني اللجنة البحرية الدولية‬
‫اآلخر من بني أعضاء اللجنة الدائمة‪ ،‬وختتار غرفة التجارة الدولية الاكرتارية(‪.)1‬‬
‫يتم تدخل املنظمة الدولية للتحكيم البحري يف سريان العملية التحكيمية من عدة نواحي منها‪:‬‬
‫املااعدة يف تعيني احملكم أو يف تشكيل هيئة التحكيم‪ ،‬حيث تقوم اللجنة الدائمة باحللول حمل الطرف‬
‫املتخلف عن تعيني حمكمه يف حالة تشكيل هيئة التحكيم من ثالثة حمكمني‪ ،‬وكذلك تقوم اللجنة الدائمة‬
‫بتعيني احملكم الواحد أو احملكم الثالث يف حالة عدم اتفاق األطراف على تعيني احملكم الواحد أو احملكم‬
‫الثالث يف حالة عدم اتفاق األطراف على التعيني يف احلالة األوىل‪ ،‬وعدم اتفاق احملكمني املختارين سلفا من‬
‫قبل األطراف يف احلالة الثانية‪ ،‬كما تفصل اللجنة الدائمة يف عدد احملكمني عندما ال يتفق األطراف مابقا‬
‫على ذلك‪ ،‬وتفصل اللجنة الدائمة كذلك يف مشاكل رد احملكمني واستبداهلم إذا قدم األطراف أي‬
‫اعرتاضات على أشخاص احملكمني‪ ،‬أو قامت باحملكم ظروف متنعه من اإلستمرار كالوفاة أو التنحي أو غري‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫وللمنظمة سكرتارية يقع مقرها يف غرفة التجارة الدولية تاهر على تطبيق الئحة التحكيم وتلقى طلبات‬
‫التحكيم واملاتندات وامللفات واملذكرات من األطراف وحماميهم‪ ،‬وجتري كافة االتصاالت بني األطراف أو‬
‫ماتشاريهم وحمكميهم‪.‬‬
‫وأخريا يبدو الوجه املؤساي للمنظمة الدولية للتحكيم البحري من خالل األوجه املالية التحكيمية وتاويتها‬
‫حيث حتدد اللجنة الدائمة يف كل قضية األتعاب والرسوم الالزمة لتغطية نفقات التحكيم‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.28‬‬
‫‪114‬‬
‫وهكذا يتضح توافر شقي معيار التحكيم املؤساي أمام املنظمة الدولية للتحكيم البحري من هيكل إداري‬
‫وتنظيمي يشرف على تطبيق الئحتها ويقوم بدور فعال يف سري التحكيم بتنظيمه وإدارته‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراكز التحكيم البحري الحر‪.‬‬
‫إذا كان التحكيم املؤساي قد نشأ يف هناية القرن التاسع عشر مث تطور تطورا سريعا و ال سيما على‬
‫الصعيد الدويل التجاري فإن التحكيم احلر كان أول نوع من أنواع التحكيم وما تزال مكانته هذه خاصة يف‬
‫املنازعات اليت تقع بني الدول‪ ،‬ألهنا ذات سيادة وحني تذهب إىل التحكيم فإهنا ال ترضى به إال إذا كان يف‬
‫الشكل الذي يراعي سيادهتا‪.‬‬
‫وهناك عدة مراكز للتحكيم البحري احلر منها‪:‬‬
‫أـ جمعية المحكمين البحريين بلندن(‪.)1‬‬
‫تأسات مجعية احملكمني البحريني بلندن عام ‪ ،1293‬وأخذت طريقها كغرفة حتكيم للمحكمني‬
‫البحريني ملؤساة البلطيق للتجارة والتبادل‪ ،‬وتضم تقريبا مخاني من األعضاء املؤساني باإلضافة إىل حوايل‬
‫مائتني من األعضاء اآلخرين كاحملامني واملاتشارين القانونيني وجمهزي الافن وغريهم (‪.)2‬‬
‫وهلذه املؤساة الئحة تعرف بقواعد مجعية لندن للمحكمني البحريني ‪ 1219‬واملعدلة عام ‪،1221‬‬
‫والئحة للمنازعات الصغرية ‪ 1221‬واليت ال تزيد قيمة النزاع فيها عن حد معني تبايطا لإلجراءات وتقليال‬
‫للنفقات يف حتكيم املنازعات البايطة‪.‬‬
‫تقوم مجعية احملكمني البحريني بلندن خبدمة اجملتمع البحري بصفة عامة عن طريق وضع قائمة باحملكمني‬
‫البحريني األكفاء واملتخصصني ليتم اإلختيار احلر عن طريق األطراف من هذه القائمة املعدة سلفا‪ ،‬وكذلك‬
‫عن طريق الئحة حتكيم يلجأ إليها احملكم أو هيئة التحكيم املختارة من قائمة اجلمعية واليت ال خيضع هلا‬
‫التحكيم إال باختيار األطراف‪ ،‬وكذلك إلعطاء أي حمكم وبناء على طلبه أية نصائح خبصوص املاائل‬
‫املتعلقة باري التحكيم‪ ،‬واألخذ يف االعتبار ما يالحظه احملكمني يف عملهم من مالحظات قد يتم تبنيها‬
‫كقاعدة يف التحكيم البحري بلندن ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1( The London Maritime Arbitrators Association, 45-48 Rivington Street, London EC2A 3 QP.‬‬
‫‪UNITED KING DOM.‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 9‬من الئحة حتكيم املنظمة الدولية للتحكيم البحري‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫و تضم هذه اجلمعية جلنة كبرية من احملامني واملاتشارين القانونيني وعاملني يف جمال النقل البحري وكذا‬
‫بعض من ربابنة الافن املشهود هلم بالكفاءة ‪ ،‬وهلذه اجلمعية الئحة تضم كافة األحكام والقواعد اخلاصة‬
‫هبا وال تقوم اجلمعية بأي دور يف تنظيم العملية التحكيمية وال يف اإلشراف عليها إذا طلب منها ذلك‪ ،‬وإمنا‬
‫تاهل فقط اختيار احملكمني البحريني بتجهيز قائمة من احملكمني األكفاء وإمدادهم باالستشارة واملشورة يف‬
‫كافة ما يتطلبونه دون تدخل اجلمعية يف عملهم‪ ،‬كما ال تتدخل اجلمعية خبصوص حتديد مكان عقد‬
‫التحكيم ومواعيد اجللاات(‪ )1‬وكون هذه اجللاات شفوية أو بناء على وثائق أو ماتندات(‪ ،)2‬كما أن‬
‫اجلمعية ال تقوم بنشر أي أحكام حتكيمية إال إذا مت االتفاق على ذلك بني احملكم واألطراف(‪.)3‬‬
‫ومن مث فجمعية احملكمني البحريني بلندن ال تتدخل مطلقا يف سري العملية التحكيمية‪ ،‬ومن مث فالتحكيم‬
‫البحري يف لندن مبوجب الئحة مجعية احملكمني البحريني هو حتكيم حبري حر‪.‬‬
‫ب ـ جمعية المحكمين البحريين بنيويورك(‪.)4‬‬
‫تأسات مجعية احملكمني البحريني بنيويورك عام ‪ 1293‬بواسطة جمموعة تتكون من تاعة أفراد هلم خربة‬
‫بالتحكيم وهم من الاماسرة املرخصني‪ ،‬ووكالء الافن التجارية وقد شعروا بضرورة تكوين مؤساة تقوم‬
‫مبمارسة عمليات التحكيم البحري يف نيويورك على حنو أكثر رمسية‪ ،‬وميكنها توفري جمموعة من احملكمني‬
‫احملنكني ميكن اللجوء إليهم يف هذا اجملال مع توافر الثقة يف كفاءهتم يف نظر املنازعات والفصل فيها فيما‬
‫يتعلق هبذا اجملال املتخصص إىل حد ما ‪ .‬و مبرور الانوات ازداد حجم األعضاء يف اجلمعية حىت بلغ ما‬
‫يربو على مائة وعشرين عضوا‪.‬و قد قامت اجلمعية بوضع الئحة حتكيم وقواعد متثل املبادئ احلاكمة‬
‫لالوكيات احملكم‪ ،‬والئحة حتكيم للمنازعات الصغرية(‪ .)8‬إن مجعية احملكمني البحريني بنيويورك هي مجعية‬
‫للتحكيم البحري احلر وهي مجعية ال هتدف جللب الربح‪ ،‬غرضها هو متكني املشاركني يف التحكيم البحري‬
‫من االستفادة من التحكيم على أفضل وجه من خالل وضع الئحة حتكيم‪ ،‬وتدريب أعضائها على‬
‫املمارسات التحكيمية املختلفة عن طريق عقد دورات تدريبية‪ ،‬وحتاني العالقات العامة بني أطراف‬
‫التحكيم أو ماتشاريهم واحملكمني وغريهم من املهتمني بالتحكيم البحري‪.‬‬
‫ولكن الئحة حتكيم مجعية احملكمني البحريني بنيويورك ليات هلا الصفة اإللزامية‪ ،‬فهي ال تطبق على‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املادة ‪ 1‬من الئحة مجعية لندن للمحكمني البحريني سنة ‪ 1291‬املعدلة عام ‪.1221‬‬
‫)‪ (2‬املادة ‪ 9‬من نفس االئحة الاابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬املادة ‪ 11‬من نفس الالئحة الاابقة‪.‬‬
‫‪(1) Society of Maritime Arbitrators Inc. 26 Brodway, Suite 1296 New York, N.Y. 1004 U.S.A.‬‬
‫(‪)8‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.139‬‬

‫‪116‬‬
‫التحكيمات إال عند موافقة أطراف التحكيم على ذلك وقد يتم االتفاق على تطبيق هذه الالئحة يف اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬ولكن عادة ال يتم ذكرها وتقوم هيئة التحكيم عادة عند الشروع يف التحكيم باالتفاق على ما‬
‫إذا كانت هذه الالئحة سيتم تطبيقها أم ال(‪.)1‬‬
‫إن اجلمعية ال حتتفظ لنفاها بأي دور يف تنظيم وإدارة العملية التحكيمية فكافة اإلتصاالت تتم بني‬
‫األطراف أو ماتشاريهم واحملكمني بعيدا عن اجلهاز اإلداري للجمعية‪ ،‬فالتحكيم ال يبدأ بطلب إىل اجلمعية‬
‫بل بطلب من طالب التحكيم إىل الطرف اآلخر مشتمال على ما يوضح طبيعة النزاع وقيمته النقدية‬
‫والتعويض املطلوب إىل غري ذلك من بيانات(‪.)2‬‬
‫وتتم اإلتصاالت كذلك بني األطراف أو ماتشاريهم واحملكمني مباشرة شفهيا أو كتابة للقيام بتشكيل‬
‫هيئة التحكيم‪ ،‬وبعد قبول احملكمني للتعيني واكتمال اهليئة يعلن رئيس اهليئة األطراف أو ماتشاريهم‬
‫باكتمال اهليئة واستعدادها لبدء اجللاات(‪.)3‬‬
‫كذلك جتري االتصاالت مباشرة بني األطراف أو ماتشاريهم واحملكمني عند حدوث أي عارض يف طريق‬
‫سريان العملية التحكيمية كما يف املشكالت النامجة عن تعيني هيئة التحكيم‪ ،‬فإن ماال يتفق عليه بني‬
‫األطراف بصدد تشكيل هيئة التحكيم(‪ ،)1‬أو بصدد رد أو استبدال احملكم(‪ )8‬يرجع فيه إىل‬
‫الغري‪ ،‬والغري هنا ليس مجعية احملكمني البحريني بل هي احملاكم القضائية األمريكية املختصة‪.‬‬
‫ويقع على عاتق احملكم حتديد أجره وهو يف سبيله إىل هذا يضع يف حاباته تعقيد املوضوع والوقت‬
‫املاتغرق‪ ،‬وله أن يطلب دفع أجره والتكاليف اليت حتملها كاملة قبل إصدار احلكم‪ ،‬وله أن يصدر قرارا‬
‫باحلجز يف حكمه الستيفاء مجيع األجور والتكاليف(‪.)9‬‬
‫إن مجعية احملكمني البحريني بنيويورك ال تشرف بنفاها على تطبيق الئحتها‪ ،‬وال تضطلع بأي دور يف تايري‬
‫العملية التحكيمية‪ ،‬فهي مجعية متلك الئحة حتكيم ملن أراد أن يارتشد هبا من األطراف أو احملكمني‪،‬وفيها‬
‫تظهر حرية األطراف أو ماتشاريهم أو حمكميهم يف تايري الدعوى التحكيمية دون أي تدخل من اجلمعية‬
‫و إن كان البد من تدخل فلن يأيت من اجلمعية بل تقرر الالئحة بنفاها أن التدخل يأيت عن طريق طلب‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادة ‪ 1‬من الئحة مجعية احملكمني البحريني بنيويورك ‪.1221‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 9‬من الئحة الاابقة ‪.‬‬
‫(‪ )3‬املادة ‪ 12‬من الئحة مجعية احملكمني البحريني بنيويورك ‪.1221‬‬
‫(‪ )1‬املادتان ‪ 13‬و ‪ 11‬من الالئحة الاابقة‪.‬‬
‫(‪ )8‬املادة ‪ 2‬من الالئحة الاابقة‪.‬‬
‫(‪ )9‬املادة ‪ 39‬من الالئحة الاابقة‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫املااعدة من احملكمة األمريكية املختصة بناء على طلب األطراف أو ماتشاريهم أو احملكمني وهكذا فإن‬
‫التحكيم طبقا لالئحة مجعية احملكمني البحريني بنيويورك هو حتكيم حبري حر(‪.)1‬‬
‫ج‪ -‬التحكيم البحري بموجب الئحة تحكيم لجنة األمم المتحدة للقانون الدولي (اليونسترال‬
‫‪ :)6791‬وضعت جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل الئحة حتكيم منوذجية اختيارية وشاملة‪،‬‬
‫وهي ما يطلق عليها (الئحة اليونارتال ‪ )1299‬وهي يف متناول أي من األطراف أو احملكمني للاري على‬
‫قواعدها ولكن جيب لكي تطبق هذه الالئحة على التحكيم أن يتفق األطراف على تطبيقها‪ ،‬وهي شاملة‬
‫ألهنا حتتوي على كافة النصوص القادرة على تايري العملية التحكيمية‪ ،‬كما أن األطراف ومن منطلق مبدأ‬
‫احلرية ميكنهم استبعاد بعض نصوصها أو استبداهلا ببعض النصوص األخرى أو اإلضافة إليها‪.‬‬
‫ولكن التحكيم مبوجب الئحة اليونارتال ‪ 1299‬ال يعد حتكيما مؤسايا حيث مل تنشئ جلنة األمم‬
‫املتحدة للقانون التجاري الدويل مؤساة حتكيمية دائمة تشرف على تطبيق هذه الالئحة‪ ،‬فالتحكيم مبوجب‬
‫الئحة اليونارتال هو حتكيم حر بكل معىن الكلمة(‪.)2‬ولكن ماذا عن اللجوء إىل حمكمة التحكيم الدائمة‬
‫بالهاي واليت يلجأ األطراف أو أحدهم إىل سكرتاريتها العامة حلل املشاكل اليت قد تنجم عن العجز أو‬
‫التخلف عن تعيني أحد احملكمني‪ ،‬وكذا مشاكل تقدير أتعاب احملكمني ومشاكل رد احملكمني عند‬
‫اإلقتضاء؟‬
‫جييب األستاذ فوشار"‪ "Fouchard‬مقررا أن اللجوء إىل الاكرتارية العامة حملكمة التحكيم الدائمة‬
‫بالهاي‪ ،‬وفضال عن أهنا ال تعني احملكمني بنفاها بل فقط تعني سلطة تعيينهم‪ ،‬فإن هذا التدخل من هذه‬
‫الاكرتارية كانت قد قبلته الدول املختلفة ألسباب سياسية لكوهنا حمكمة حتكيمية تعد كالطة حمايدة‪.‬‬
‫كذلك فإن هذه احملكمة كانت قد أنشئت أصال للفصل يف املنازعات بني الدول بعضها البعض‪ ،‬وأياً ما‬
‫كان األمر فان تدخلها مل يصل إىل درجة تنظيم وإدارة التحكيمات‪.‬‬
‫وهكذا فإن التحكيم مبوجب الئحة اليونارتال ‪ 1299‬هو حتكيم حر‪ ،‬حيث مل تنشئ جلنة األمم املتحدة‬
‫للقانون التجاري الدويل مؤساة حتكيمية بل وضعت الئحة اختيارية‪ ،‬وأما عن اللجوء إىل الاكرتارية العامة‬
‫حملكمة التحكيم الدائمة بالهاي‪ ،‬فما ذلك إال ألسباب ومهام حمددة تتمثل يف تعيني سلطة لتعيني احملكم‬
‫أو احملكمني عند عدم االتفاق على التعيني بني األطراف مباشرة أو لتقدير نفقات التحكيم‪ ،‬أو الفصل يف‬
‫ماألة رد احملكم‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف حمىمد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫(‪ )2‬املرجع الاابق ذكره‪،‬ص‪.131‬‬

‫‪118‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬من مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري الى مبدأ صحته‪.‬‬
‫يعترب مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري كما بينا سابقا أنه صمام األمان لصحة‬
‫اتفاق التحكيم ‪ ،‬سواء جاء على شكل شرط حتكيمي أو عقد حتكيمي(مشارطة حتكيم)‪.‬‬
‫و عليه فإن مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري يشكل النظام القانوين التفاق التحكيم‬
‫ملا يرتبه من أثار تشكل الركائز األساسية هلذا االتفاق لتجعله فعاال وغري قابل للبطالن‪ ،‬ليضع اتفاق‬
‫التحكيم نظاما مصدره إرادة األطراف و منه ياتمد احملكم سلطته ‪ ،‬كما يبني القانون الذي ياري على‬
‫اإلجراءات و القانون الذي ياري على موضوع النزاع(‪.)1‬‬
‫إن اقرار الفعالية املطلقة التفاق التحكيم جيرنا اىل دراسة جمال إعمال هذا املبدأ و مىت ينتفي تطبيقه على‬
‫اتفاق التحكيم ؟ و قد تكون اإلجابة على أنه ينتفي العمل مببدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬اذا ورد اتفاق التحكيم باطال أي كان االتفاق نابعا من ذاته وسوف نتطرق يف دراستنا الالحقة‬
‫عن شروط صحة هذا االتفاق( الفصل الثاين)‪.‬‬
‫إن اقرار مبدأ االستقاللية ال يعين جعل اتفاق التحكيم الباطل اتفاقا صحيحا و إمنا محاية اتفاق التحكيم‬
‫الصحيح من اإلبطال بابب بطالن العقد األصلي أي بطالن عقد النقل البحري‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪:‬عدم قابلية اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري لإلبطال‪.‬‬
‫لقد رأينا كيف تطور مبدأ استقالل اتفاق التحكيم وأصبحت صحة اتفاق التحكيم تتدعم كلما استقل‬
‫اتفاق التحكيم عن العقد األصلي (عقد النقل البحري) ‪ ،‬تأكيدا على استقاللية اتفاق التحكيم الكاملة‬
‫حىت عن القانون الواجب التطبيق على عقد النقل البحري و قد تطرقنا اىل خمتلف القرارات القضائية اليت‬
‫أقرت هذه املبادئ املهمة بصفة عامة ‪ ،‬ووصل التطور يف هذا اجملال يف قرار ‪ zanzi‬لانة ‪)2( 1111‬‬

‫و الذي وضع مبدأ صحة اتفاق التحكيم يف اجملال الدويل عقدا صحيحا يف كل األحوال والشرط الوحيد‬
‫و هو وجود تراضي بني الطرفني على هذا االتفاق (‪ ،)3‬و حىت أن هذا الشرط يتم فحصه حبرية كاملة من‬
‫قبل احملكمني‪.‬‬
‫هذا ما أدى بعض الفقهاء للقول بأن اتفاق التحكيم أصبح فعاال لدرجة أنه أصبح غري قابل للبطالن(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نور الدين بكلي‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.339‬‬
‫‪(2)cass‬‬‫‪.1ère .civ‬‬
‫‪.05janvier1999 , »zanzi » ,Rev.arb .1999.26‬‬
‫‪(3) Marie niviere,op cit,p08.‬‬
‫(‪)1‬أمحد صاحل خبلوف ‪،‬ص‪،121‬عن نور الدين بكلي‪،‬املرجع الاابق ص ‪.332‬‬

‫‪119‬‬
‫الفرع الخامس‪:‬استقاللية اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري مصدر فعالية المحكمة التحكيمية‬
‫و الحكم التحكيمي‪.‬‬
‫إن مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم يشكل النظام القانوين التفاق التحكيم ملا ينتج عنه من قواعد تنظم‬
‫هذا االتفاق كما أن اتفاق التحكيم بدوره يشكل النظام القانوين للتحكيم ‪،‬باعتبار أن اللجوء هلذا النظام‬
‫البديل حلل املنازعات يتم مبوجب اتفاق التحكيم ( املادة ‪1313‬من قانون االجراءات املدنية و االدارية‬
‫اجلزائري) (‪ ،)1‬و أن هذا االتفاق حيدد موضوع النزاع و اهليئة التحكيمية و القانون الواجب التطبيق على‬
‫االجراءات و على موضوع النزاع و أحيانا كيفية تشكيل اهليئة التحكيمية وحتديد مهمة احملكمني‬
‫( ‪1311‬املادة من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج)(‪ ،)2‬اىل جانب أنه مبوجب أثار استقاللية اتفاق التحكيم خيتص احملكم‬
‫بالنظر يف مدى اختصاصه (‪.)3‬‬
‫أوال‪:‬تعين اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري للمحكمة التحكيمية و اختصاصاتها‪.‬‬
‫تظهر فعالية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف تعيني احملكمة التحكيمية من خالل التشريعات‬
‫الداخلية و االتفاقيات الدولية و أصبح من األثار املهمة هلذا االتفاق‪ ،‬و هو األثر االجيايب الذي يتمثل يف‬
‫التزام األطراف مبوجب اتفاق التحكيم اسناد املنازعات الناشئة مبناسبة عقد النقل البحري و املتفق عليها‬
‫مبوجب هذا االتفاق على التحكيم ‪ ،‬اذ أن تعيني احملكمة التحكيمية ما هو اال تنفيذ اللتزام تعاقدي وتنفيذ‬
‫التفاق التحكيم ‪،‬ويعترب تطبيقا ملبدأ القوة امللزمة للعقود و تكرياا لقاعدة العقد شريعة املتعاقدين و هي من‬
‫املبادئ املاتقر عليها يف القانون الدويل للعقود(‪.)4‬‬
‫إن فعالية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تظهر يف التنفيذ اجلربي التفاق التحكيم فيما خيص‬
‫تعيني اهليئة التحكيمية و ذلك بالنابة للشخص الذي يربم اتفاق التحكيم مث مياطل يف اختاذ االجراءات أو‬
‫ميتنع عن املشاركة يف اجرائه ‪ ،‬ففي هذه احلالة يتم اعمال اآلليات القانونية لنظام التحكيم عن طريق اختاذ‬
‫التدابري رغم امتناع هذا املتعاقد املشاركة يف اجراءاته ‪ ،‬سواء بامتناعه عن تعيني احملكم أو رئيس هيئة‬
‫التحكيم ‪.‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادةمن ‪": 1444‬ميكن لالطراف مباشرة أو بالرجوع اىل نظام النحكيم ‪،‬تعيني احملكم أو احملكمني أو حتديد شروط تعيينهم و شروط عزهلم أو‬
‫استبداهلم‪."...‬‬
‫(‪)2‬املادة ‪ 1444‬من قانون االجراءات املدنية و االدارية اجلزائري ‪.‬‬
‫‪)3( Mohand Issad, La nouvelle loi Algérienne Relative à l’arbitrage International, revue de‬‬
‫‪l’arbitrage 2008-n°3,p1210‬‬
‫(‪)4‬نورالدين بكلي ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص‪.311‬‬

‫‪120‬‬
‫ثانيا‪:‬اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري أساس اإلعتراف والتنفيذ و الطعن في الحكم التحكيمي‪.‬‬
‫يقول األستاذ فيلب فوشار أنه يف جمال التحكيم التجاري الدويل أصبح قاضي التنفيذ كموزع آيل للصيغة‬
‫التنفيذية (‪،)1‬فمن خالل األحكام التحكيمية العديدة جند أن قضاة التنفيذ ال يعارضون اإلعرتاف هبذه‬
‫األحكام أو بتنفيذها اال بصفة استثنائية و من بني أسباب بطالن أو عدم اإلعرتاف باحلكم التحكيمي‬
‫حاب اإلجتهاد القضائي هو تناقض األسباب‪.‬‬
‫و خيضع اإلعرتاف بأحكام التحكيم الدولية يف اجلزائر اىل مدى توافر جمموعة من الشروط‪:‬‬
‫_ اذا أثبت من متاك بأحكام التحكيم الدولية ‪ ،‬بأن هذه األحكام موجودة (‪)2‬كأن يقدم األصل مرفقا‬
‫باتفاقية التحكيم أو بناخ عنهما تاتويف شروط صحتها(‪ ،)3‬و يتم ايداعها بأمانة ضبط اجلهة القضائية‬
‫املختصة من الطرف املعين بالتعجيل (‪ ،)4‬يف هذه احلالة يقع على اخلصم اثبات العكس ‪.‬‬
‫_ اذا كان االعرتاف غري خمالف للنظام العام الدويل(‪.)5‬‬

‫وتعترب قابلة للتنفيذ و بنفس الشروط ‪،‬بأمر صادر عن رئيس احملكمة اليت صدرت أحكام التحكيم يف دائرة‬
‫اختصاصها أو حمكمة حمل التنفيذ اذا كان مقر حمكمة التحكيم موجودا خارج االقليم الوطين (‪.)6‬‬
‫كما أن أغلب حاالت الطعن يف احلكم التحكيمي مرتبطة باتفاق التحكيم سواء بصفة مباشرة أو غري‬
‫مباشرة ‪،‬و عليه فإن أغلب التشريعات العربية تقر ببطالن احلكم التحكيمي ببطالن اتفاق التحكيم و هذا‬
‫ما أخذ به القانون اجلزائري أيضا يف قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري يف املادة ‪ 1456‬منه‬
‫و اليت نصت على حاالت استئناف القرار الذي مسح باالعرتاف و التنفيذ أو أسباب دعوى الطعن‬
‫بالبطالن فيما خيص القرارات التحكيمية الصادرة باجلزائر و هي كالتايل‪:‬‬
‫"_ اذا فصلت حمكمة التحكيم بدون اتفاقية حتكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة االتفاقية‪.‬‬
‫_ اذا كان تشكيل حمكمة التحكيم أو تعيني احملكم الوحيد خمالفا للقانون‪.‬‬
‫_ اذا فصلت حمكمة التحكيم مبا خيالف املهمة املاندة اليها ‪.‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نور الدين بكلي ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪.313‬‬
‫(‪)2‬و هذا ما نصت عليه املادة ‪ 1451‬يف فقرهتا األوىل من قانون االجراءات املدنية و االدارية اجلزائري‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهذا ما جاءت به املادة ‪ 1452‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج‪.‬‬
‫(‪)4‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪1453‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج‪.‬‬
‫(‪ )5‬هذا ما نصت عليه أيضا املادة ‪ 1451‬يف فقرهتا األوىل من قانون االجراءات املدنية و االدارية اجلزائري‪.‬‬
‫(‪ )6‬وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من املادة‪ 1454‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫_ اذا مل يراع مبدأ الوجاهية ‪.‬‬
‫_ اذا مل تابب حمكمة التحكيم حكمها ‪ ،‬أو اذا وجد تناقض يف األسباب ‪.‬‬
‫_ اذا كان حكم التحكيم خمالفا للنظام العام الدويل"(‪. )1‬‬

‫و استنادا على هذه املواد ميكن القول بأن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يعترب احلجر األساس‬
‫لفعالية و صحة احلكم التحكيمي الصادر عن هيئة التحكيم‪ ،‬أي أن صحة احلكم التحكيمي حلل النزاع‬
‫الناشئ عن عقد النقل البحري تتوقف على صحة اتفاق التحكيم املنصوص عليه يف هذا العقد ‪ ،‬و هذا ما‬
‫تأكده أيضا املادة ‪ 5‬من اتفاقية نيويورك فقد نصت على أنه ‪ ":‬ال جيوز رفض االعرتاف و تنفيذ احلكم‬
‫التحكيمي بناء على طلب اخلصم الذي حيتج عليه باحلكم اال اذا قدم هذا اخلصم للالطة املختصة يف‬
‫البلد املطلوب اليها االعرتاف و التنفيذ الدليل على ‪:‬‬
‫أ_ أن أطراف االتفاق املنصوص عليه يف املادة الثانية كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عدميي األهلية‬
‫و أن االتفاق املذكور غري صحيح وفقا للقانون الذي أخضعه له األطراف أو عند عدم النص على ذلك‬
‫طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه احلكم "‪.‬‬
‫كما نصت الفقرة ج على "أن احلكم فصل يف نزاع غري وارد يف مشارطة التحكيم أو يف عقد‬
‫التحكيم أو جتاوز حدودها فيما قضى به ‪."...‬‬
‫و نصت الفقرة د أن ‪ ":‬تشكيل هيئة التحكيم أو اجراءات التحكيم خمالف ملا اتفق عليه األطراف أوقانون‬
‫البلد الذي مت فيه التحكيم يف حالة عدم االتفاق "‪.‬‬
‫و بالتايل يظهر جليا األيمية اليت أولتها اتفاقية نيويورك و التشريعات العربية التفاق التحكيم وصحته‬
‫واالعرتاف وتنفيذ احلكم حيث يرفض هذا االعرتاف و تنفيذ احلكم مبجرد اثبات أن اتفاق التحكيم غري‬
‫صحيح وفقا للقانون الذي أخضعه له األطراف أو وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه احلكم‪.‬‬

‫خالصة الفصل ‪:‬‬


‫يعد اتفاق التحكيم املنصوص عليه يف عقد النقل البحري سواء كان شرطا أو مشارطة عصب التحكيم‬
‫يف عقود النقل البحرية وذلك خلصوصيته واستقالليته كما رأينا سابقا‪ ،‬فبواسطته وعن طريقه تكون امكانية‬
‫اللجوء اىل التحكيم قائمة ‪ ،‬و يعترب اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عقدا قائم بذاته و ياتمد‬
‫مقوماته بصفة ماتقلة عن العقد األساسي ‪،‬مما يشكل مصدر ذاتيته و فعاليته وبالتايل سوف خنصص‬
‫الفصل املوايل عن كيفية ابرام اتفاقات التحكيم يف عقود النقل البحرية و الشروط الشكلية واملوضوعية هلا ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪1389‬من ق‪..‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج و ما تقابل املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 23‬من قانون االجراءات املدنية اجلزائري الاابق‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬إبرام اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫اتفاق التحكيم الدويل هو اتفاق يقوم عن طريقه طرفان أو أكثر بتعيني حمكم أو أكثر حيل املنازعات اليت‬
‫قد تنشأ بينهم أو اليت نشأت واملتعلقة مبصاحل التجارة الدولية (‪، )1‬أما عن اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري فيقصد به ذلك اإلتفاق الذي يتعهد مبقتضاه أطراف عقد النقل البحري على عرض املنازعات اليت‬
‫نشأت أو ستنشأ ماتقبال عن هذا العقد على التحكيم ‪.‬‬
‫و كما سبق وأن رأينا أن تعبري اتفاق التحكيم يشمل الصورتني التقليديتني املعروفتني ويما عقد التحكيم‬
‫أو مشارطة التحكيم ‪ compromis‬وشرط التحكيم ‪. Clause compromissoire‬‬
‫فعقد التحكيم أو مشارطة التحكيم هو اتفاق أطراف عقد النقل البحري على عرض املنازعات اليت نشأت‬
‫بينهم بالفعل مبناسبة عقد النقل البحري على التحكيم‪.‬‬
‫أما شرط التحكيم يف عقد النقل البحري فهو اتفاق أطراف عقد النقل البحري بناءا على نص واضح‬
‫وصريح يف العقد املربم بينهم على عرض املنازعات اليت قد تنشأ ماتقبال عن هذه العالقة على التحكيم ‪،‬‬
‫و هذه الصورة هي الغالبة يف عقود النقل البحري (‪.)2‬‬
‫أما يف اجملال الدويل فالتفرقة بني صوريت االتفاق من الناحية النظرية ال تظهر‪ ،‬فعندما نتحدث عن اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري فنعين هبا شرط التحكيم يف الغالب هذا خاصة يف املعامالت الدولية‪ ،‬حىت‬
‫أن مراكز وأنظمة التحكيم الدويل تقدم شروط للتحكيم منوذجية ونادرا مشارطات التحكيم ‪.‬‬
‫كما أنه من الاهل على املتعاملني الدوليني يف جمال عقود النقل البحرية والذين هم من بلدان خمتلفة أن‬
‫يتفقوا على أن حيلوا منازعاهتم عن طريق التحكيم وذلك بوضع شرط للتحكيم مابقا (‪.)3‬‬
‫إن ما ميكن قوله يف هذا الصدد أن تفضيل شرط التحكيم عن عقد التحكيم قد أقرته معظم األنظمة‬
‫القانونية املعاصرة اذ أن أهم املبادئ اليت وضعت يف الانوات األخرية من طرف اهليئات التحكيمية‬
‫واألنظمة املقارنة كانت ختص بالتحديد شرط التحكيم‪ ،‬و من بني هته املبادئ األساسية هو مبدأ‬
‫االستقاللية اليت يتمتع هبا اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫إن إختيار التحكيم كوسيلة لفض النزاع الناشئ مبناسبة عقد النقل البحري جيد منبعه من إرادة األطراف‬
‫و اليت تعرب عنها إتفاقية التحكيم يف عقد النقل البحري (‪.)1‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫‪)1( Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman,op cit .p209.‬‬
‫(‪ )2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪)3(Mostefa Trari Tani, Droit algérien de l arbitrage commercial international, op cit, p 35‬‬
‫‪(4) Christian Gavalda.Claude Lucas de Leyssac, L’ arbitrage. Dalloz 1993, p19‬‬
‫‪123‬‬
‫وال يعدو اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري أن يكون شأنه شأن أي اتفاق تعبريا عن إرادتني تراضيتا‬
‫على اختيار التحكيم وسيلة لتاوية منازعات ثارت أو قد تثور بينهم ولذا يلزم أن تتوفر فيه كل الشروط‬
‫املوضوعية الالزمة لصحة أي اتفاق كما يلزم توفر الشروط الشكلية اليت يتطلبها القانون‪.‬‬
‫اال أن املعامالت الدولية أظهرت صورة جديدة تعرف بشرط التحكيم باإلحالة ‪clause d'arbitrage par‬‬
‫‪ ،référence‬وذلك يف حالة عقود النقل الدولية اليت تربم عن طريق الفاكس أو التلكس واليت ال تتضمن‬
‫شرط للتحكيم ‪ ،‬حيث عادة ما يتم االحالة اىل وثائق أخرى تلحق هبما أو قواعد خاصة معدة سلفا‪ ،‬كما‬
‫أننا جند شرط التحكيم باالشارة يف العقود الدولية املتداخلة واملتشابكة‪ ،‬كعقد البيع وعقد النقل أو عقد‬
‫استئجار الافينة وعقد النقل وتتم هته احلالة عندما يصدر سند الشحن تنفيذا ملشارطة االجيار‪ ،‬فقد‬
‫يتضمن سند الشحن اإلحالة اىل الشروط الواردة يف مشارطة اإلجيار‪ ،‬وجيب عندئذ اعمال هذه الشروط‬
‫وبقدر االحالة اليت يتضمناها الاند(‪.)1‬‬
‫وبالتايل يف العقود اليت هتدف اىل حتقيق غاية واحدة تتم اإلحالة من عقد ال يتضمن شرط التحكيم اىل‬
‫عقد يتضمن هذا الشرط حبيث يقال أن العقد األول قد تضمن شرط التحكيم باإلحالة أو باإلشارة‪ ،‬ولقد‬
‫كان موضوع صحة شرط التحكيم عن طريق اإلشارة حمال للعديد من األحكام سواء يف قضاء الدول‬
‫الالتينية أو يف قضاء الدول األجنلوساكاونية‪ .‬هذا باإلضافة اىل افراد العديد من القوانني الوضعية يف كثري‬
‫من الدول لنصوص تعاجل شرط التحكيم باالشارة بشكل مباشر‪ ،‬وعلى نفس الدرب سار القانون‬
‫النموذجي للتحكيم الذي أعدته جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل واملعروف باسم اليونارتال‬
‫حيث تنص املادة ‪ 91‬فقرة من هذا القانون على أنه‪:‬‬
‫"جيب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا‪ ،‬ويعترب االتفاق مكتوبا اذا ورد يف وثيقة موقعة من الطرفني أو يف‬
‫تبادل رسائل أو تلكاات أو غريها من وسائل االتصال الالكي والالسلكي تكون مبثابة سجل لالتفاق‪،‬‬
‫أو يف تبادل املطالبة والدفاع اليت يدعي فيها أحد الطرفني وجود اتفاق و ال ينكره الطرف اآلخر‪ ،‬وتعترب‬
‫االشارة يف عقدها اىل ماتند يشتمل على شرط التحكيم مبثابة اتفاق حتكيم شريطة أن يكون العقد مكتوبا‬
‫وأن تكون اإلشارة قد وردت حبيث جتعل ذلك الشرط جزءا من العقد"(‪.)2‬‬

‫ان كون التحكيم نظام قضائي استثنائي‪ ،‬من مث جيب ذكره بصراحة ووضوح ودون أي غموض واالحالة‬
‫اليه بدقة وخصوصية‪ ،‬فاذا أحال اخلصوم صراحة اىل الشروط العامة املتضمنة شرط التحكيم فمن الواجب‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪472‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 9‬فقرة ‪ 2‬من قانون جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫البحث عن حقيقة قصديما‪ ،‬فال يكون التحكيم ملزما اال اذا اتضح أهنما يقصدان اإلحالة صراحة اىل‬
‫الشروط العامة بأكملها أو أن تكون هناك احالة واضحة وصرحية اىل اللجوء اىل التحكيم‪.‬‬
‫وبالتايل يصبح ركن الرتاضي أهم ركن واجب توافره يف اتفاق التحكيم باالشارة‪ ،‬حيث قد يربم األطراف‬
‫مشارطة حتكيم يتفقون صراحة على احالة النزاع الذي نشأ بينهم اىل التحكيم‪ ،‬أو ينصون يف العقد‬
‫األصلي على اللجوء للتحكيم عند قيام النزاع أو يوقعون املشارطة أو العقد النموذجي الذي يتضمن شرط‬
‫التحكيم أو يتبادلون الوثائق املكتوبة كالرسائل والربقيات والفاكس والتلكس واليت تظهر بوضوح اتفاقهم‬
‫وتقابل أرائهم على اللجوء اىل التحكيم‪.‬‬
‫اال أنه يف العقود الدولية اليت تربم بواسطة وسائل اإلتصال الاريعة فهي يف الغالب ال تتضمن يف حمتواها‬
‫ما يفيد اللجوء اىل للتحكيم صراحة ولكن حتتوي احالة أو اشارة اىل وثائق أخرى تلحق هبا كالعقود‬
‫النموذجية‪ ،‬أو قد تتم اإلحالة اىل قواعد خاصة معدة سلفا من قبل املشروع املتعاقد واليت تاري أوتوماتيكيا‬
‫على مجيع العقود املربمة بواسطته‪ ،‬وهنا تتضمن الوثائق احملال اليها شرط للتحكيم‪.‬‬
‫كذلك بالنابة للعقود املرتبطة واملتداخلة واليت تتدخل بعضها البعض وهتدف اىل حتقيق غاية واحدة‬
‫كاندات الشحن ومشارطة إلجيار فقد تتم اإلحالة من سند الشحن اىل مشارطة اإلجيار‪ ،‬ويعترب العقد‬
‫األول مبثابة عقد متضمنا لشرط التحكيم عن طريق اإلشارة أو اإلحالة(‪.)1‬‬
‫وبالتايل فان هذا النوع من شروط التحكيم عن طريق اإلحالة يثري تااؤال هاما حول موضوع اإلحالة اىل‬
‫شروط منوذجية أو اىل عقد آخر متشابك ومتداخل مع العقد األول حمل االتفاق‪ ،‬وهل تكفي هذه االشارة‬
‫أو اإلحالة اىل انصراف نية األطراف اىل اختيار أسلوب التحكيم حلل ما قد ينشأ من منازعات بني‬
‫األطراف رغم عدم توفر أي مؤشر يف الوثيقة التعاقدية يفيد حىت علمهم بوجود شرط التحكيم ضمن بنود‬
‫النموذج احملال اليه؟ وهل تكفي هذه االحالة لتوافر ركن الرضى؟ ‪.‬‬
‫وبصفة عامة ما هي الشروط املوضوعية والشكلية اليت يتطلب توافرها يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري حىت يكون صحيحا من الناحية القانونية ؟‪.‬‬
‫لإلجابة على هذه األسئلة قامنا هذا الفصل اىل مبحثني ‪ ،‬املبحث األول يضم الشروط املوضوعية التفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري واملبحث الثاين هو عن الشروط الشكلية التفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬

‫‪)1( Mostefa Trari Tani, Droit algérien de l arbitrage commercial international, op cit, p36.‬‬

‫‪125‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الشروط الموضوعية التفاق التحكيم البحري‪.‬‬
‫إن استقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عن العقد األساسي يؤدي اىل كون اتفاق التحكيم‬
‫هو عقد منفصل متاما عن عقد النقل البحري ‪ ،‬ويتم باتفاق األفراد واجلماعات ويعترب مظهر سلطات‬
‫إراداهتم واستعماال منهم حلقهم يف اإللتجاء اىل نظام التحكيم من أجل الفصل يف منازعات عقد النقل‬
‫البحري سواء كانت قائمة أو اليت ميكن أن تنشأ بينهم يف املاتقبل ‪.‬‬
‫وبالتايل يكون اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عقدا من العقود اليت تنظمها النظرية العامة للعقد‬
‫شأنه يف ذلك شأن أي عقد آخر (‪ )1‬باإلضافة اىل خضوعه لألحكام اخلاصة الواردة بشأنه (‪ ،)2‬سواء‬
‫وردت يف قانون املرافعات املدنية والتجارية ضمن النصوص القانونية املنظمة للتحكيم وقواعد االتفاق عليه‬
‫أو وردت يف شكل قانوين خاص لقوانني التحكيم الوطنية اليت يف بعض النظم القانونية ‪.‬‬
‫و حىت يكون اتفاق التحكيم صحيحا ينبغي النظر اىل القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم من‬
‫ناحية املوضوع ‪ ،‬فبالنابة للقانون املطبق على اتفاق التحكيم ‪ ،‬فإذا رجعنا اىل بعض االتفاقيات الدولية‬
‫و منها اتفاقية نيويورك فقد نصت املادة اخلاماة أنه ال جيوز رفض اإلعرتاف و تنفيذ احلكم إال إذا قدم‬
‫اخلصم الدليل على أن أطراف اإلتفاق املنصوص عليه يف املادة الثانية كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق‬
‫عليهم عدميي األهلية أو أن اإلتفاق املذكور غري صحيح وفقا للقانون الذي أخضعته له األطراف أو عند‬
‫عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه احلكم ‪.‬‬
‫فمن خالل هذا النص يظهر بأن اتفاق التحكيم صحيح و الذي تتوفر فيه الشروط املوضوعية مثل حالة‬
‫صحة الرتاضي ‪ ،‬و خلوه من أي عيب خيضع لقاعدة أصلية هي قانون اإلرادة و هي القاعدة اليت جماهلا يف‬
‫العقود الدولية ‪ ،‬و قاعدة إحتياطية و هي قانون مكان صدور حكم التحكيم (‪.)3‬‬
‫فيكون القانون الذي اختاره األطراف إما وطنيا باللجوء إىل قانون جناية املتعاقد أو مكان إبرام العقد‬
‫األصلي ‪ ،‬كما قد يكون قانونا دوليا ماتمدا من معاهدة دولية أو من األعراف الدولية ‪ ،‬فقانون اإلرادة‬
‫يعين اإلرادة الصرحية للمتعاقدين جتنبا للتأويالت املتناقضة اليت قد تنتج عن اإلرادة الضمنية (‪.)1‬‬
‫أما القاعدة الثانية ‪ ،‬فتجد أساسها يف أن مكان صدور احلكم التحكيمي هو القانون الذي يتحدد على‬
‫أساسه ما إذا كان حكم التحكيم الصادر بناء على إتفاق التحكيم قد أصبح هنائيا أم مل يصبح كذلك‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممود الايد عمرالتحيوي‪ ،‬أركان االتفاق على التحكيم وشروط صحته ‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬االسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ ،2331‬ص‪.122‬‬
‫‪)2( Christian Gavalda.Claude Lucas de Leyssac .op cit ; p20.‬‬
‫(‪)3‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪. 122‬‬
‫(‪)1‬و مل يتطرق القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدويل هلذه املاألة ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫و بيان ما إذا كانت الالطة املختصة يف مكان التحكيم قد أوقفته أو ألغته ‪ ،‬مما يكون له أثره على إتفاق‬
‫التحكيم و بالتايل على تنفيذ احلكم (‪.)1‬‬
‫أما القانون الفرناي فهو يأخذ بقانون االرادة كأصل عام على أركان اتفاق التحكيم و يف حالة غيابه يطبق‬
‫احملكم القانون املالئم مبا فيه العادات التجارية الدولية ‪،‬و هذا ما نصت عليه املادة ‪ 1811‬من قانون‬
‫اإلجراءات املدنية الفرناي (‪.)2‬و قد متاشى القانون اجلزائري مع هذا الفكر و أخذ يف املادة ‪)3( 1313‬‬

‫منه بتطبيق قانون االرادة على شروط اتفاق التحكيم كأصل عام‪ ،‬و إما القانون املنظم ملوضوع النزاع و إما‬
‫القانون الذي يراه احملكم مالئما وهذا االجتاه كان مناجما نوعا ما مع املوقف الدويل ‪،‬بل و كان أكثر‬
‫مرونه مما كان قد نص عليه يف املادة ‪ 181‬مكرر ‪1‬فقرة ‪ 3‬من املرسوم التنفيذي ‪ 32/23‬و اليت كانت قد‬
‫أخضعت إتفاق التحكيم لثالث مصادر وهي قانون اإلرادة و إما القانون ااملنظم ملوضوع النزاع السيما‬
‫القانون املطبق على العقد األساس و إما القانون اجلزائري ‪ .‬و بالتايل فقد أعطى املشرع اجلزائري يف التعديل‬
‫اجلديد أكثر حرية للمحكم يف إختيار القانون األكثر مالءمة حلل النزاع بدال من تطبيق القانون اجلزائري ‪،‬‬
‫و هذا ما يبني و يؤكد سياسة االنفتاح اليت تبناها املشرع اجلزائري يف هذا الصدد ‪.‬‬
‫إن االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري شرطا كان أم عقدا تنطبق عليه القواعد العامة يف العقد‬
‫فهو ياتلزم وجود أركان واليت يتعني توافرها يف االتفاقات عموما فهو ياتوجب ركن الرتاضي‪ ،‬احملل‬
‫والابب‪،‬كما أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو عقد ذو طبيعة خاصة (‪ ، )1‬فهو اتفاق إجرائي‬
‫خيتلف عن باقي االتفاقات األخرى‪.‬‬
‫وبالتايل فخصوصية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تؤدي بنا اىل التااؤل عن األركان الواجبة‬
‫لصحته‪ ،‬سواء كانت موضوعية أو شكلية وسوف نتطرق يف هذا املبحث اىل شروطه املوضوعية من خالل‬
‫مطلبني‪ :‬املطلب األول هو عن الرتاضي يف إتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري واملطلب الثاين يضم‬
‫سبب و حمل إتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪. 122‬‬
‫(‪)2‬فقد نصت الفقرة االنية من املادة ‪...": 1313‬تكون اتفاقية التحكيم صحيحة من حبث املوضوع ‪،‬إذا إستجابت للشرو ط اليت يضعها إما القانون الذي‬
‫إتفق األطراف عليه أو القانون املنظم ملوضوع النزاع أو القانون الذي يراه احملكم مالئما "‬
‫‪(3)L’art 1511du code civil francais : « Le tribunal arbitral tranche le litige conformément‬‬
‫‪aux règles de droit que les parties ont choisies ou, à défaut, conformément à celles qu'il‬‬
‫‪estime appropriées.‬‬
‫‪Il tient compte, dans tous les cas, des usages du commerce‬‬

‫(‪ )1‬حممود الايد عمرالتحيوي‪ ،‬الطبيعة القانونية لنظام التحكيم‪،‬منشاة املعارف باالسكندرية‪ ،‬بدون طبعة ‪ ، 2333 ،‬ص‪.89‬‬

‫‪127‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التراضي في االتفاق على التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري كأي عقد يتم باالجياب و القبول و يتعني أن تتوافر فيه‬
‫الشروط اليت تتطلبها األنظمة القانونية الوضعية يف سائر العقود كتوافر األهلية لدى املتعاقدين ‪،‬و أن يكون‬
‫الرضا خاليا من العيوب املفادة له وهي الغلط ‪،‬التدليس‪ ،‬االكراه واالستغالل(‪ . )1‬وتوافر موضوع العقد‬
‫و سببه ومن مث فاتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري قوامه اإلرادة فاذا انتفت اإلرادة متاما كان العقد‬
‫معدوما(‪، )2‬أما اذا كانت هذه اإلرادة صادرة ممن ميلكها و لكنها معيبة فإن اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري يكون باطال وفقا لقواعد القانون املدين يف األنظمة القانونية الوضعية (‪.)3‬‬
‫و اإلرادة هي أساس الرضى و بالتايل أساس العقد ‪ ،‬و ال يعتد هبذه اإلرادة اال اذا حصل التعبري عنها‬
‫صراحة (‪،)1‬و لكن ال ينتج التعبري عن اإلرادة أثره اال اذا اتصل بعلم من وجه اليه(‪،)8‬أما قبل تلك اللحظة‬
‫فالتعبري عن اإلرادة يكون موجودا و لكنه غري منتج ألثره القانوين‪.‬‬
‫و ال تظهر أيمية تراخي أثر التعبري عن اإلرادة اىل وقت اتصاله بعلم من وجه إليه يف التعاقد بني غائبني (‪،)9‬‬
‫اذ توجد يف هذا النوع من التعاقد بالضرورة فرتة من الزمن بني صدور التعبري من صاحبه و وصوله اىل من‬
‫يرسل إليه ‪ .‬أما بالنابة للتعاقد بني حاضرين سواء كان يف جملس العقد أو عن طريق اهلاتف أو ما يشاهبه‬
‫فال يثور مثل هذا اإلشكال‪،‬اذ أن صدور التعبري و وصوله يتمان يف هذه احلالة يف نفس الوقت‪ .‬و التعبري‬
‫عن اإلرادة يوجد فور صدوره من صاحبه و يبقى هذا التعبري موجودا و منتجا ألثاره حىت اذا مات من‬
‫صدر منه التعبري أو فقد أهليته ‪ ،‬اذا ما حتقق اتصاله بعلم من وجه اليه (‪ )9‬مامل يظهر من التعبري ذاته أو‬
‫من طبيعة التعامل أن العقد ال ينعقد إال مع من وجه التعبري نفاه‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬عبد الرزاق الانهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬مصادر اإللتزام ‪،‬اجلزء األول‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫(‪ )2‬حممود الايد عمرالتحيوي‪ ،‬أركان االتفاق على التحكيم وشروط صحته ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.138‬‬
‫(‪ )3‬و قد ينظم القانون املدين اجلزائري النظرية العامة للعقود من املادة ‪ 81‬اىل املادة ‪ 123‬منه‪.‬‬
‫(‪)1‬و يتم التعبري عن االرادة حاب املادة ‪93‬من ق‪.‬م‪.‬ج بقوهلا‪":‬التعبري عن االرادة يكون باللفظ ‪ ،‬وبالكتابة ‪،‬أو باالشارة املتداولة عرفا ‪ ،‬كما يكون باختاذ‬
‫موقف ال يدع أي شك يف داللته على مقصود صاحبه‪ .‬وجيوز أن يكون التعبري عن االرادة ضمنيا اذا مل ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صرحيا"‬
‫(‪)8‬و تنص املادة ‪91‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه ‪ ":‬ينتج التعبري عن االرادة أثره يف الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه اليه و يعترب وصول التعبري قرينة على العلم به‬
‫ما مل يقم الدليل على عكس ذلك "‪.‬‬
‫(‪)9‬و تنص املادة ‪ 99‬من ق‪.‬م‪.‬ج ‪":‬يعترب التعاقد ما بني الغائبني قد مت يف املكان و الزمان اللذين يعلم فيهما املوجب بالقبول ‪ ،‬ما مل يوجد اتفاق أو نص قانوين‬
‫يقضي بغري ذلك "‪.‬‬
‫(‪)9‬وتنص املادة ‪ 92‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪":‬اذا مات من صدر منه التعبري عن االرادة أو فقد أهليته قبل ان ينتج التعبري أثره ـ‪،‬فان ذلك مينع من ترتب هذا االثر عند‬
‫اتصال التعبري بعلم من وجه ايه ‪،‬هذا ما مل يتبني العكس من التعبري أو من طبيعة التعامل"‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫و إذا كان االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري هو عقدا رضائيا ينعقد بالرتاضي عليه فإنه يلزم‬
‫فضال عن وجود الرضا أن يكون صحيحا ‪،‬بأن يكون صادرا عن أهلية تعتد هبا األنظمة القانونية الوضعية‬
‫و ترتب عليها األثار القانونية الالزمة ‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬أهلية ابرام اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري لدى األطراف‪.‬‬
‫أبدت القوانني الوطنية وحدة كبرية فيما يتعلق بأهلية األطراف للجوء للتحكيم فلم تقرر أي دولة شروطا‬
‫خاصة باألهلية الالزمة البرام اتفاق التحكيم ‪ ،‬ففي كل األحوال تطبق هنا القواعد العامة املتعلقة بأهلية‬
‫األشخاص الطبيعية و املعنوية إلبرام العقود بوجه عام (‪.)1‬‬
‫و األهلية هنا هي صالحية طريف النزاع و الناشئ مبناسبة عقد النقل البحري يف إحالة هذا النزاع ( قائما أو‬
‫حمتمل القيام) للتحكيم ‪ .‬فما هي األهلية املطلوبة ملباشرة مثل هذا التصرف القانوين؟ ‪.‬‬
‫اشرتطت القوانني املختلفة توافر أهلية التصرف إلبرام اتفاق التحكيم (‪،)2‬أما الصيب املميز و من يف حكمه‬
‫فال ياتطيع مباشرة عقد اتفاق التحكيم لوحده و ال جيوز ملن ينوب عنه ابرام اتفاق التحكيم عنه اال بإذن‬
‫من احملكمة املختصة بذلك مراعاة ملصلحة الصغري يف ذلك (‪ ، )3‬و هذا احلكم ينطبق أيضا على الصيب غري‬
‫املميز و من يلحق هبما ‪.‬‬
‫أما الصيب املأذون بالتجارة اذا ما استوىف الشروط األربعة املنصوص عليها يف املادة اخلاماة من القانون‬
‫التجاري اجلزائري(‪ )1‬فياتطيع ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري مباشرة‪ ،‬إلعتباره أكمل سن الرشد‬
‫حبكم القانون و أنه كما رأينا أن منازعات عقد النقل البحري هلا طبيعة جتارية و بالتايل جيوز له االتفاق‬
‫على فضها بواسطة التحكيم ‪ .‬كما ال جيوز للوكيل عن أحد أطراف عقد النقل البحري طلب إحالة‬
‫منازعاته على التحكيم إال مبوافقة صرحية من األصيل مامل خيول صراحة وطبقا لوكالة خاصة هبذا الشأن‪.‬‬
‫و إمجاال فإن شرط األهلية ال يثري أي اشكال فيما حنن بصدده حيث يتوافر هذا الشرط غالبا يف أطراف‬
‫عقد النقل البحري‪ .‬و قد أقر القانون اجلزائري صراحة حق أي شخص طبيعي له أهلية كاملة باللجوء اىل‬
‫التحكيم يف الفقرة األوىل من املادة ‪ 1339‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج (‪، )8‬و لكن ما يهمنا البحث فيه موضوعنا هذا‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪.199‬‬
‫(‪)2‬أنظر املادة ‪ 13‬من ق‪.‬ا‪.‬م فيما خيص أهلية الشخص الطبيعي واملادة ‪83‬و ‪ 81‬من ق‪.‬م‪.‬ج فيما خيص أهلية الشخص املعنوي‪.‬‬
‫(‪)3‬علي الطاهر البيتاين‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)1‬فرحة زراوي صاحل‪،‬الكامل يف القانون التجاري اجلزائري‪،‬النشر الثاين‪ ،‬نشر وتوزيع ابن خلدون ‪،‬سنة ‪ ،2333‬ص ‪.313‬‬
‫(‪)8‬تنص املادة ‪ 1339‬فقرة‪": 1‬ميكن لكل شخص اللجوء اىل التحكيم يف احلقوق اليت له مطلق التصرف فيها ‪.‬ال جيوز التحكيم يف املاائل املتعلقة بالنظام‬
‫العام أو حالة األشخاص و أهليتهم ‪."...‬‬

‫‪129‬‬
‫هو أهلية أو سلطة الدولة أو أحد أشخاصها املعنوية العامة ‪ ،‬إلبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫و كذا سلطة الوكيل يف إبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أهلية الدولة أو األشخاص المعنوية العامة إلبرام اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫ازداد تدخل الدولة و أشخاصها املعنوية العامة يف عصرنا احلاضر يف احلياة التجارية البحرية الدولية حيث‬
‫تالشت فكرة الدولة احلارسة ‪ ،‬وحلت حملها فكرة الدولة التاجرة ‪ ،‬و الدولة الناقلة ‪ ،‬و الدولة الشاحنة ‪.‬‬
‫حيث متلكت الدولة و أشخاصها املعنوية العامة أساطيل الافن التجارية و شركات النقل البحري ‪،‬و حيث‬
‫إحتلت دول أخرى دور الشاحن البحري عن طريق ابرامها لعقود نقل و إجيار حبريني متضمنة اتفاقات على‬
‫حل منازعاهتا بواسطة التحكيم (‪.)1‬‬
‫و هنا يثور التااؤل عن أهلية الدولة و أشخاصها املعنوية العامة إلبرام هذا االتفاق التحكيمي اخلاص‬
‫بعقود النقل البحرية الدولية ‪،‬و مبا قد جيره من تداعيات خاصة باحلصانة القضائية هلذه الدولة أو تلك ؟‬
‫لإلجابة على هذ االشكال و بالرجوع اىل املعاهدات الدولية يف هذا الشأن فإنه ال يوجد أي نص خاص‬
‫حول أهلية الدولة أو األشخاص املعنوية العامة البرام اتفاقات التحكيم ‪،‬فقد قررت االتفاقيات الدولية يف‬
‫جمملها اىل عدم مااسها بالقواعد القانونية أو القضائية للدولة اليت تتبىن هذه االتفاقيات فيما يتعلق مباألة‬
‫أو سلطة الدولة او األشخاص املعنوية العامة البرام اتفاقات التحكيم‪ .‬ومن هذه االتفاقيات نذكر القانون‬
‫النموذجي للتحكيم التجاري الدويل للجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل ‪ 1218‬فقد نص يف‬
‫مادته األوىل يف فقرهتا اخلاماة ‪ ":‬ال ميس هذا القانون أي قانون للدولة اليت تتبناه ال جيوز مبقتضاه تاوية‬
‫منازعات معينة بطريق التحكيم أو ال جيوز عرض منازعات معينة على التحكيم اال طبقا ألحكام غري‬
‫أحكام هذا القانون "(‪ .)2‬أما بالنابة للقوانني الوطنية للدول و أحكامها القضائية فقد ظهر موقفها فيما‬
‫خيص ماألة سلطة أو أهلية الدولة أو األشخاص املعنوية العامة إلبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫أ)الفكر الالتينوجرماني‪:‬‬
‫‪-1‬فرنسا‪ :‬لقد كان قانون املرافعات الفرناي القدمي يقضي بعدم جواز ابرام اتفاق التحكيم يف املنازعات‬
‫اليت يكون أحد أطرافها الدولة أو الدومني العام أو البلديات أو املؤساات العامة طبقا للمادة ‪،)3( 1331‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪.199‬‬
‫(‪)2‬و قد أخذت بنفس احلكم كل من اتفاقية نيويورك ‪1281‬و االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل ‪. 1291‬‬
‫(‪)3‬قضت املادة ‪ 1331‬من ق‪.‬م‪.‬ف القدمي بعدم جواز ابرام االتفاقات التحكيمية بصدد املنازعات اليت كان القانون يشرتط تبليغها للنيابة العامة و قد حددت‬
‫املادة‪ 13‬من ذات القانون هذه املنازعات ومن بينها املنازعات اليت تكون أحد أطرافها الدولة أو الدومني العام أو البلديات أو املؤساات العامة ‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫و املادة ‪ 13‬من نفس القانون ‪،‬و بالرغم من الغاء نصوص هذا القانون واستبداله بقانون املرافعات اجلديد‬
‫إال أن منع الدولة أو األشخاص املعنوية العامة من أن تكون طرفا يف اتفاق التحكيم ما زال ساريا يف‬
‫النصوص التشريعية الفرناية (‪ .)1‬إال أن هذه القاعدة التشريعية الفرناية قد قلبت رأسا على عقب عن‬
‫طريق القضاء الفرناي يف مواد التحكيم الدويل ‪ ،‬و الذي قرر بدون نص على تطبيق هذه القاعدة التشريعية‬
‫فقط على االتفاقات التحكيمية الداخلية حبيث ال ميتد هذا املنع للدولة و األشخاص املعنوية العامة اىل‬
‫االتفاقات التحكيمية الدولية ‪.‬كما أقر القضاء الفرناي بأهلية الدولة و األشخاص املعنوية العامة يف ابرام‬
‫اتفاقات التحكيم يف عقود النقل البحرية يف عدة قضايا نذكر منها ‪:‬‬
‫دعوى شركة» ‪ « Myrtoon stream ship‬اجملهزة و املؤجرة للافينة "تازيس" ضد وزارة النقل‬
‫البحرية الفرناية و املاتأجرة للافينة املذكورة‪،‬حكمت حمكمة استئناف باريس يف حكمها الصادر يف ‪13‬‬
‫أفريل‪ 1298‬بأن ‪":‬منع الدولة و األشخاص املعنوية العامة من أن تكون طرفا يف اتفاق حتكيم مقيد‬
‫باتفاقات التحكيم املتعلقة بالعقود الداخلية وال ينطبق هذا املنع على اتفاقات التحكيم ذات الطابع الدويل‪.‬‬
‫يف دعوى الافينة "‪ "san carlo‬ضد املكتب الفرناي الوطين للحبوب ‪،‬حكمت حمكمة النقض‬
‫الفرناية يف حكمها الصادر يف ‪ 11‬أفريل ‪ 1291‬بأن احلظر الوارد يف القانون الفرناي على الدولة أو‬
‫األشخاص املعنوية العامة من أن تكون طرفا يف اتفاق التحكيم ياتبعد من جمال التحكيم الدويل‪.‬وقالت‬
‫احملكمة ‪ ":‬إن منع الدولة من أن تكون طرفا يف اتفاق حتكيم و املقرر يف املادة ‪ 1331‬و املادة ‪ 13‬من‬
‫قانون املرافعات املدنية اذا كان يعترب من النظام العام الداخلي ‪،‬فإنه ال يعد من قبيل النظام العام الدويل ‪،‬‬
‫و ال يشكل عقبة أمام املؤساة العامة لتكون طرفا يف اتفاق حتكيم وارد يف عقد من عقود القانون اخلاص‬
‫خيضع لقانون أجنيب جييز صحة شرط التحكيم يف عقد يتمتع بالصفة الدولية"‪.‬‬
‫كما قالت احملكمة ‪ ":‬عندما ينازع يف صحة شرط التحكيم بالنظر اىل أساس هذا احلظر الوارد على الدولة‬
‫‪،‬فإن هذه املاألة ال تعترب من ماائل األهلية مبعناها الوارد يف املادة ‪3/3‬من القانون املدين و بالتايل فإن‬
‫قاضي املوضوع ميلك فقط الفصل حول معرفة ما اذا كان هذا املنع العام املقرر بالنابة للعقود الداخلية‬
‫ينبغي أيضا أن يطبق على عقود القانون الدويل اخلاص ‪ ،‬و املربمة لضرورات و مبوجب شروط عادات‬
‫التجارة البحرية ‪ :‬وهذه املاألة ختضع لقانون العقد و ليس للقانون الشخصي للمتعاقدين‪".‬‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪) 1‬و هذا احلظر القانوين يف فرناا بالنابة ملنع الدولة الفرناية و األشخاص االعتبارية األخرى من أن تكون طرفا يف اتفاق التحكيم ما زال ساريا اعماال لنص‬
‫املادة (‪ )2393‬من القانون املدين الفرناي و املعدلة بالقانون الوضعي الفرناي رقم (‪ )829-98‬و الصادر يف ‪ 1298/9/2‬و اليت تقرر عدم امكانية‬
‫األشخاص العامة للجوء للتحكيم ‪ ،‬و هذا احلظر الذي جاءت به املادة يف إطار قانون التحكيم الداخلي ما زال موجودا ومل ميااه أي تعديل‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫و يف دعوى » ‪ )1( « Galakis‬مالك الافينة " أسباسيا" و املؤجرة لوزارة النقل البحري الفرناية ‪،‬‬
‫أكدت حمكمة النقض الفرناية يف حكمها الصادر يف ‪ 1299/1/2‬قضاءها الاابق ماتبعدة احلظر‬
‫الاابق بشأن اتفاقات التحكيم الدولية‪ ،‬و قد أقرت بأن هذا املنع بشأن أهلية الدولة يف ابرام اتفاقات‬
‫التحكيم يكون فقط بالنابة للعقود الداخلية و ال يطبق على العقود الدولية املربمة لضرورات ووفقا لشروط‬
‫عادات التجارة الدولية ‪.‬‬
‫‪ -2‬مصر ‪:‬‬
‫قرر قانون التحكيم املصري صراحة أهلية الدولة أو األشخاص املعنوية العامة البرام اتفاق التحكيم و ذلك‬
‫يف مادته األوىل سريان القانون على كل حتكيم سواء كان بني أطراف القانون اخلاص أو أطراف القانون‬
‫العام‪ ،‬أيا كانت طبيعة العالقة القانونية اليت يدور حوهلا النزاع اذا كان التحكيم جيري يف مصر أو كان‬
‫حتكيما جتاريا دوليا جيري يف اخلارج و اتفق أطرافه إلخضاعه ألحكام هذا القانون(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬الجزائر‪:‬‬
‫لقد أقر املشرع اجلزائري صراحة أهلية األشخاص املعنوية العامة و يقصد هبا الدولة و الوالية و البلدية‬
‫واملؤساات ذات الصبغة اإلدارية االتفاق على التحكيم يف املادة ‪ 1339‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج(‪ ،)3‬فال جيوز هلا‬
‫أن تطلب التحكيم ما عدا يف عالقاهتا االقتصادية الدولية أو يف اطار الصفقات العمومية(‪.)1‬‬
‫و بالتايل فأهلية الدولة اجلزائرية و األشخاص املعنوية العامة مقررة البرام اتفاقات التحكيم يف عقود النقل‬
‫الدولية وفقا للتشريع اجلزائري ‪.‬‬
‫ب)الفكر األنجلوساكسوني‪:‬‬
‫‪-6‬انجلترا ‪:‬‬
‫إن أهلية الدولة و األشخاص املعنوية العامة البرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري مقررة وثابتة‬
‫يف اجنلرتا مبوجب النصوص القانونية حيث ميلك التاج الربيطاين احلق يف أن يكون طرفا يف اتفاق‬
‫التحكيم مبوجب املادة ‪33‬من قانون التحكيم االجنليزي ‪ 1283‬و املادة الاابعة من قانون التحكيم‬
‫ـــــــــــــ‬
‫‪(1)Tresor public C/Galakis,Cass.Civ .2-8-1966 , clunet,1966 , P 648 ,note Level‬‬
‫(‪)2‬عاطف حممد الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫(‪)3‬تنص املادة‪ 1339‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج فقرة ‪2‬على أنه‪...":‬و ال جيوز لألشخاص املعنوية العامة أن تطلب التحكيم ‪ ،‬ما عدا يف عالقاهتا االقتصادية الدولية أو‬
‫يف اطار الصفقات العمومية"‪.‬‬
‫(‪ )1‬بربارة عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.831‬‬

‫‪132‬‬
‫االجنليزي ‪ 1212‬و اليت تقرر تطبيق أحكام قوانني التحكيم االجنليزي على اتفاقات التحكيم اليت تكون‬
‫الدولة طرفا فيها (‪ .)1‬و بالتايل فإنه من املاتقر يف اجنلرتا قبول الدولة كطرف يف اتفاق التحكيم يف عقود‬
‫النقل البحرية ‪.‬‬
‫‪-2‬الواليات المتحدة األمريكية ‪:‬‬
‫تقررت أهلية الدولة و األشخاص املعنوية العامة يف الواليات املتحدة األمريكية إلبرام اتفاقات التحكيم‬
‫بواسطة القضاء األمريكي ‪،‬و ذلك بصدد االتفاقات التحكيمية اليت أبرمتها بصدد املعامالت التجارية‬
‫اخلاصة و منها عقود النقل الدولية البحرية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬سلطة الوكيل في ابرام اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫تعترب نيابة الوكيل عن املوكل هي أهم أحوال النيابة االتفاقية و يعني حدودها عقد الوكالة (‪ ،)2‬و تثبت‬
‫للوكيل مبقتضى الوكالة الصفة اإلجرائية يف متثيل املوكل اجرائيا(‪ . )3‬و تقام الوكالة اىل وكالة عامة و وكالة‬
‫خاصة فالوكالة العامة و هي الوكالة الواردة يف ألفاظ عامة ال ختصيص فيها حىت لنوع العمل القانوين‬
‫احلاصل فيه التوكيل ‪ ،‬و بالتايل فال تثبت للوكيل فيها الصفة يف متثيل املوكل إال بالنابة ألعمال اإلدارة‬
‫وحدها‪ .‬أما الوكالة اخلاصة فتكون يف كل عمل ليس من أعمال االدارة و بصفة خاصة البيع ‪ ،‬الرهن ‪،‬‬
‫‪...‬و الصلح ‪.‬‬
‫و الوكالة عمل دائم احلدوث البرام عقود النقل البحرية ‪ ،‬و مبأن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يعد‬
‫عمال قانونيا فليس بالضرورة أن يربمه ذوي الشأن بأنفاهم ‪ ،‬و لكنهم ميلكون توكيل غريهم يف ابرام هذا‬
‫االتفاق نيابة عنهم كالوكيل البحري أو الاماار البحري أو قبطان الافينة أو املاتشار القانوين أو غريهم‬
‫من املفوضني اتفاقا يف ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إال أن الاؤال الذي يطرح يف هذا الشأن ما هي طبيعة هذه الوكالة ؟ هل هي وكالة عامة أم جتب وكالة‬
‫خاصة البرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري؟‪.‬‬
‫للوكيل االتفاقي يف فرناا ‪ ،‬اجنلرتا ‪ ،‬الواليات املتحدة األمريكية ‪ ،‬مصر واجلزائر(‪ )1‬أن يربم اتفاق التحكيم‬
‫نيابة عن موكله شريطة أن يكون مفوضا يف ابرام هذا االتفاق مبوجب توكيل خاص‪ ،‬فاذا كان وكيال عاما أو‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممدالفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫(‪)2‬و قد عرفت املادة ‪ 891‬من ق‪.‬م‪.‬ج ‪ ":‬الوكالة أو االنابة هو عقد مبقتضاه يفوض شخص شخصا أخر للقيام بعمل شيء حلااب املوكل و بامسه"‬
‫(‪)3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬أركان االتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.332‬‬
‫(‪)1‬وقد نصت الفقرة األوىل املادة‪ 891‬من ق‪.‬م‪.‬ج صراحة على وجوب الوكالة اخلاصة البرام اتفاق التحكيم بقوهلا ‪":‬البد من وكالة خاصة يف كل عمل ليس‬
‫من أعمال االدارة ‪،‬السيما البيع و الرهن والتربع و الصلح واالقرار و التحكيم وتوجيه اليمني و املرافعة أمام القضاء‪."...‬‬

‫‪133‬‬
‫وكيال خاصا بشأن تصرف أخر امتنع عليه ابرام اتفاق التحكيم و ذلك خلطورة اتفاق التحكيم وما يرتتب‬
‫عليه من أثار ‪ ،‬وعلى هذ األساس فان الوكالة املقررة للجوء اىل التوفيق و هو كما رأينا سابقا ال ينهي النزاع‬
‫و ال مينع من اختاذ االجرءات القضائية الحقا ‪ ،‬ال تعطي احلق يف ابرام اتفاق التحكيم (‪.)1‬‬
‫وبالتايل ناتخلص أن القوانني استلزمت الوكالة اخلاصة البرام اتفاق التحكيم و لكن ما هو نطاق هذا‬
‫التوكيل اخلاص ؟‪.‬‬
‫نظرا خلصوصية التوكيل البرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ميكن حتديد نطاق هته الوكالة يف‬
‫النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪)1‬تفويض الوكيل باالتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري جيب أن ال يكون خاصا بنزاع حمدد إذ أنه‬
‫يف أغلب األحيان و يف عقود النقل البحرية الدولية يأخذ اتفاق التحكيم صورة شرط التحكيم ‪،‬أما اذا كان‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف صورة مشارطة حتكيم يتحدد فيه النزاع(‪ )2‬و بالتايل هنا جيوز‬
‫للوكيل حتديد املنازعات الىت جيوز التحكيم فيها حول تنفيذ العقد أو تفاريه ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫‪ )2‬جيوز للوكيل متثيل املوكل يف خصومة التحكيم اذا كان املوكل قد فوضه بذلك صراحة أو ضمنا ‪.‬‬
‫‪ )3‬إن الوكالة يف ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ميكن أن تعطي الوكيل حرية التصرف يف اختاذ‬
‫القرارات املتعلقة بالتحكيم ‪ ،‬حيث أن املمارسات العملية لعقود النقل البحرية النموذجية و العادات‬
‫و األعراف املهنية املوحدة يف أغلب احلاالت ‪،‬حييل أطراف العقد األصلي املرتبطون باتفاق حتكيم اىل‬
‫الئحة حتكيم خيضع هلا حتكيمهم تقرر أن ماتشاري األطراف ميلكون كل الالطات الختاذ القرارات‬
‫املتعلقة بالتحكيم ‪ .‬باإلضافة اىل أن بعض اللوائح التحكيمية ختول لرئيس املؤساة التحكيمية سلطة تعيني‬
‫احملكمني و مد مهلة التحكيم (‪.)3‬‬
‫‪)1‬اذا كانت الوكالة جيب أن تكون صرحية ‪ ،‬إال أن هذا ال يعين تطلب الشكلية البرامها بالرغم من أن‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري نفاه جيب أن يكون مكتوبا ‪ ،‬فالوكالة إلبرام اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري ال ختضع لنفس الشروط الشكلية الالزمة البرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫و يف القانون اجلزائري األصل يف املعامالت التجارية هو اطالق حرية اإلثبات دون التقيد بالقيود الواردة يف‬
‫القانون املدين حيث أن املادة ‪ 893‬من ق‪.‬م‪.‬ج(‪ )1‬تاتلزم وجوب أن يتوافر يف الوكالة الشكل الواجب‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.111‬‬
‫(‪)2‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬أركان االتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪. 339‬‬
‫(‪)3‬عاطف حممد الفقي‪،‬املرجع الاابق ذكره‪،‬ص‪.193‬‬
‫(‪)1‬تنص املادة‪ 893‬ق‪.‬م‪.‬ج‪":‬جيب أن يتوافر يف الوكالة الشكل الواجب توفره يف العمل القانوين الذي يكون حمله الوكالة ‪،‬امل يوجد نص يقضي خبالف ذلك"‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫توافره يف العمل القانوين الذي يكون حملها ‪،‬فهذا النص و إن كان هو األصل العام إال أنه ال يقرر قاعدة‬
‫مطلقة حيث أردف مؤكدا ‪" :‬مامل يوجد نص يقضي بغري ذلك " و نفس احلكم أخذ به القانون املصري يف‬
‫املادة ‪ 233‬مدين ‪.‬‬
‫كما أن املادة ( ‪ ) 132‬من القانون التجاري الفرناي ال تشرتط الكتابة يف املواد التجارية ‪ ،‬و بالتايل تصح‬
‫الوكالة الشفوية البرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و ميكن اثبات سلطة التوكيل بالبينة (‪.)1‬‬
‫و إمجاال فإن تضمني املعامالت التجارية و كافة العقود البحرية مبا فيها عقود النقل البحرية اتفاقا للتحكيم‬
‫أصبح من الشروط املألوفة على حنو ميكن معه القول بوجود قرينة مفادها أن تفويض الوكيل التجاري أو‬
‫البحري يف ابرام اتفاق حتكيم يعد حاليا من قبيل التعهدات املقبولة ضمنا‪ ،‬و اليت أساها العرف التجاري‬
‫أي هي وكالة افرتاضية إلبرام اتفاق التحكيم وال يصح انكارها إال اذا وجد نصا خاصا بالوكالة مينع الوكيل‬
‫من ابرام هذا االتفاق(‪ . )2‬و هذا أمر تقتضيه طبيعة التجارة الدولية وما جيب أن يتوافر هلا من ثقة يف‬
‫التعامل وسرعة وحان نية يف التنفيذ (‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التراضي المباشر في اتفاق التحكيم البحري‪.‬‬
‫نقصد بالنقل البحري للبضائع النقل مبقتضى سند شحن حبري حيث يتم التعاقد بني الناقل سواء أكان‬
‫مالكا للافينة أو ماتأجرا إياها ‪ ،‬و الشاحن على أن يقوم األول بنقل بضاعة الثاين بواسطة سفينة عرب‬
‫البحار من ميناء اىل أخر وذلك مقابل أجر معلوم (‪ .)1‬إن الشاحن هو الشخص الذي يلتزم بتقدمي بضاعة‬
‫لنقلها سواء كان مالكا هلا أو بائعا هلا يرسلها ملشرتيها‪ ،‬أو وكيال بالعمولة عن مالكها ‪.‬‬
‫و هكذا فإن عقد النقل البحري للبضائع هو عقد ثنائي األطراف يربم بني الناقل و الشاحن و هو يضل‬
‫ثنائيا حىت إذا كان املرسل اليه للبضاعة شخصا أخر خالف الشاحن حيث أنه إذا كان عقد النقل البحري‬
‫يعطي للمرسل اليه بعض احلقوق إجتاه الناقل كما يلزمه إجتاهه ببعض االلتزامات اال أنه ال يدخله طرفا يف‬
‫العقد ‪.‬‬
‫إن عقد النقل البحري عقد رضائي ال يشرتط لصحته افراغه يف شكل خاص ‪ ،‬و الكتابة شرط الثباته‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.113‬‬
‫(‪)2‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬أركان االتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.313‬‬
‫(‪ )3‬حول املرونة اليت أدخلت على استلزام وكالة خاصة البرام اتفاق التحكيم اعرتف جانب من الفقه املقارن ملديرى الشركات بنفس الصالحيات الاابقة‬
‫‪،‬باعتبار أن اتفاق التحكيم يعد من أعمال االدارة اجلارية و بالتايل ميكنهم ابرام هذا االتفاق دون حاجة الشرتاط احلصول على تفويض مابق على تفويض‬
‫خاص بذلك ‪ :‬يف دراسة سلطة مدير الشركة يف ابرام اتفاقات التحكيم البحرية أنظر عاطف حممد راشد الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق‬
‫‪،‬ص ‪ 111‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي ‪ ،‬قانون التجارة البحرية ‪،‬ص ‪.292‬‬
‫‪135‬‬
‫و ليس النعقاده ‪ ،‬وشركات املالحة البحرية قد درجت على اإلكتفاء بتحرير سند الشحن يتضمن كافة‬
‫بيانات عقد النقل البحري ليعد وسيلة كافية الثبات هذا العقد مبا حيتويه من التزامات تقع على عاتق طرفيه ‪.‬‬
‫إن رضاء أطراف عقد النقل البحري باإللتجاء اىل نظام التحكيم للفصل يف منازعاهتم حلظة ابرام اإلتفاق‬
‫على التحكيم يعد ركنا أساسيا لإلتفاق عليه و هذا الرضا ال يفرتض بل البد من وجود دليل عليه ‪،‬ألن اإلتفاق‬
‫على التحكيم يشكل خروجا عن األصل العام يف التقاضي العام يف الدولة احلديثة فالبد من التعبري عنه صراحة‬
‫وعدم افرتاضه أو اإلحالة إليه بوجه خاص بإعتباره نظاما استثتائيا‪.‬‬
‫غري أن التعبري عن اإلرادة ال يقع دائما مبثل هذه الصراحة يف اتفاقات التحكيم يف عقود النقل البحرية فيثري‬
‫تفاريها بعض الصعوبات فإذا انضم أشخاص أخرون اىل اتفاق التحكيم هذا ‪ ،‬فإنه جيب أن يكون‬
‫انضمامهم هلذا اإلتفاق صرحيا فال يفرتض جملرد دخوهلم أو اشرتاكهم يف عالقة مع األطراف األصليني يف‬
‫عقد النقل البحري ‪.‬و يثور التااؤل عندئذ عما اذا كان يوجد رضاء من األطراف الذين مل يكونوا طرفا يف‬
‫سند الشحن أو عقد النقل البحري ولكن هلم عالقة هبذا العقد ‪ ،‬و مدى االحتجاج يف مواجهتهم باتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري للفصل يف منازعاهتم البحرية من عدمه ؟ و كيف يعتد بالرتاضي على اتفاق‬
‫التحكيم الصادر عنهم ؟‪.‬‬
‫إن اجلواب على هذا الاؤال يؤدي بنا اىل تفصيل عدة حاالت ‪:‬‬
‫احلالة األوىل ‪ :‬اذا كان املرسل اليه هو نفاه الشاحن أو كان وكيال عنه فإن يف هذه احلالة ال يطرح أي‬
‫إشكال ألن ركن الرتاضي موجود على اتفاق التحكيم الوارد يف عقد النقل البحري‪ ،‬سواء كان منصوص‬
‫عليه يف سند الشحن أو سواء قد مت النقل مبشارطة االجيار ألنه مت مناقشة أطراف عقد النقل البحري لشرط‬
‫التحكيم الوارد يف عقد النقل البحري مع مناقشتهم لشروط العقد األصلي‪ .‬و بالتايل فالرتاضي موجود حىت‬
‫و إن مت عقد النقل البحري بعقد منوذجي معد سلفا فهناك رضى ضمىن بشرط التحكيم املدرج فيه‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬يف هذه احلالة جيب التفرقة فيما اذا كانت مشارطة االجيار متثل عقد النقل البحري أو هي‬
‫متثل فقط عقد اجيار للافينة (‪ ،)1‬فإذا مت عقد اجيار الافينة بني املؤجر واملاتأجر على أساس عقد نقل‬
‫حبري بينهم فإن مضمون سند الشحن الصادر مبناسبة هذا العقد جيب أن يكون مطابقا ملا ورد يف مضمون‬
‫مشارطة االجيار(‪.)2‬وبالتايل فإذا كان هناك اتفاق حتكيم منصوص عليه يف مشارطة االجيار فيجب أن‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ ) 1‬وقد مت التطرق اىل هته التفرقة عند دراستنا ملاهية عقد النقل البحري يف الفصل الاابق ‪.‬‬
‫‪)2(Michel POURCELET , LE TRANSPORT MARITIME SOUS CONNAISEMENT DROIT‬‬
‫‪Canadien,américan e anglais , les presses de l’université de montréal ,1972, p190‬‬

‫‪136‬‬
‫يكون منصوص عليه يف سند الشحن ‪ ،‬أما اذا مل يذكر اتفاق التحكيم يف سند الشحن و مل تذكر أية‬
‫احالة اىل بنود مشارطة االجيار فيه فال ميكن االحتجاج به يف مواجهة الغري احلامل للاند (‪ ، )1‬ألنه ال علم‬
‫له به و مل يصدر أي رضى منه لقبول هذا الشرط االستثنائي و بالتايل فقط أطراف عقد النقل البحري‬
‫وحدهم يكون مرتبطون باتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬اذا كان شرط التحكيم واردا يف سند الشحن و بالتايل فأحان مثال يعطي يف هذا الصدد هو‬
‫عن عقد النقل البحري باند الشحن‪ ،‬اذ أن النقل البحري يضم ثالث أطراف‪ :‬املرسل‪ ،‬الناقل أو الشاحن‬
‫واملرسل اليه هذا األخري هو مرتبط بعقد النقل اال بعد قبوله للبضاعة أي قبوله لاند الشحن (‪. )2‬‬
‫وبالتايل عندما يثور نزاع هل يكون اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري نافذ يف حق املرسل اليه رغم كونه مل‬
‫يكن طرفا يف العقد األصلي وهل جيب أن يكون قبوله بصفة صرحية أو يكفي قبوله الضمين له ؟‪.‬‬
‫ان حجية أي عقد أو شرط للتحكيم يقتضي العلم به أوال مث يطرح الاؤال هل جيب أن يكون الرضى هبذا‬
‫الشرط بصفة صرحية أو يكون فقط ضمنيا ‪.‬‬
‫هذا الاؤال كان حمل نقاش وكانت فيه أراء متضاربة بني الغرفة املدنية والغرفة التجارية جمللس النقض بفرناا‬
‫واليت كانت هلما آراء خمتلفة متاما‪ ،‬هذا ما يبني أكثر اخلصوصية اليت يتمتع هبا القانون البحري عن فروع‬
‫القانون األخرى (‪.)3‬‬

‫ان الغرفة التجارية جمللس النقض الفرناي كانت دائما تقتضي بوجوب الرضى الصريح لشرط التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري من طرف املرسل اليه حىت يكون نافذا يف حقه أما الغرفة املدنية تكتفي بالرضى الضمين‬
‫لإلحتجاج بشرط التحكيم يف عقد النقل البحري يف مواجهة املرسل اليه ‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Michel POURCELET , LE TRANSPORT MARITIME SOUS CONNAISEMENT DROIT‬‬
‫‪Canadien,américan et anglais, op cit , p191‬‬
‫‪(2) Marie Nivière, le principe " compétence – compétence " dans le contentieux maritime,‬‬
‫‪université aix Marseille, promotion 2007 p 61‬‬
‫‪(3) Marie Nivière, op cit , p 61.‬‬

‫‪137‬‬
‫أوال‪:‬موقف القضاء الالتينوجرماني من شكل التراضي في اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫أ) الغرفة التجارية لمجلس النقض الفرنسي (الرضا الصريح)‪.‬‬
‫جملس النقض قام حبماية املرسل اليه حبيث قضى "حىت يكون نافذ يف مواجهة املرسل اليه‪ ،‬شرط‬
‫التحكيم املنصوص عليه يف سند الشحن جيب أن يكون عاملا به ويكون مقبوال من طرفه‪ ،‬حبيث يف وقت‬
‫التفريغ وباستالمه للبضاعة أصبح طرفا يف عقد النقل " (‪.)1‬‬

‫هذا القرار حيدد أمرين ‪ :‬األول أن املرسل اليه عند استالمه للبضاعة يصبح طرفا يف عقد النقل ‪ ،‬حبيث أن‬
‫املرسل اليه ال يصبح طرفا يف عقد النقل مبجرد قبوله لاند الشحن ‪.‬‬
‫وبالتايل حاب هذا القرار تالم البضاعة هو وقت وكيفية التعبري عن اإلرادة من طرف املرسل اليه‪.‬‬
‫األمر الثاين يبني هذا القرار أنه حىت يكون شرط التحكيم نافذا يف مواجهة املرسل اليه جيب أن يكون‬
‫مقبوال صراحة من قبله‪ .‬ولكن ميكن طرح الاؤال ملاذا جيب قبول صريح لشرط التحكيم وليس للشروط‬
‫األخرى املوجودة يف سند الشحن ؟‪.‬‬
‫قامت حمكمة النقض الفرناية بالقضاء بأن شرط التحكيم املوجود يف سند الشحن أو يف عقد اجيار‬
‫الافينة والذي يكون مقبوال من طرف الشاحن ‪ ،‬الميكن االحتجاج به يف مواجهة املرسل اليه اذا مل يكن‬
‫قد قام بقبوله قبل تفريغ البضاعة (‪.)2‬‬

‫قد قضى أيضا بأن شرط التحكيم املوجود يف مشارطة اجيار الافينة الغري مصحوب باند الشحن ال ميكن‬
‫اإلحتجاج به أمام مؤمن املرسل اليه اذا مل يتم اعالمه به وحىت قبوله له‪ ،‬حىت ولو أصبح طرفا يف العقد عند‬
‫وصول البضاعة (‪. )3‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) cass. com, 29 novembre 1994 , " Navire Slop Osprey " DMF 1995, 218.‬‬
‫‪La cours de cassation décide pour être opposable au destinataire, une clause compromissoire insérée‬‬
‫‪dans un connaissement doit avoir été portée à sa connaissance et avoir été acceptée par lui, au plus‬‬
‫" ‪tard au moment de la reception de la marchandise, il avait adhéré au contrat de transport‬‬
‫‪(2) cass com , 24 janvier 1995 , BTL 1995-89‬‬
‫‪En espèce, le transporteur invoquait qu'il avait envoyé au destinataire une photocopie de charte‬‬
‫‪partie contenant de la clause compromissoire. Mais la cours de cassation repproche aux juges du‬‬
‫‪fond de ne pas avoir recherché si cette circonstance valait acceptation par le destinataire.‬‬
‫‪(3) CA Rouen, 17 janvier 2002, n° juris – DATA 2002 – 184317‬‬

‫‪138‬‬
‫ب) موقف الغرفة المدنية األولى لمجلس النقض الفرنسي ) القبول الضمني (‪.‬‬
‫قضت هذه الغرفة بأنه ميكن اإلحتجاج بشرط التحكيم يف مواجهة املرسل اليه حبيث ميكنه أن يعلم به‬
‫مبجرد تفريغ البضاعة أو عن طريق اخلربة ‪ ،‬كونه طرفا يف عقد حبري دويل فهو نافذ يف حقه بدون قبول‬
‫صريح (‪ . )1‬فالغرفة املدنية تكتفي بالقبول الضمين لشرط التحكيم من طرف املرسل اليه أو نائبه حىت يكون‬
‫نافذا يف مواجهته ‪.‬‬
‫إن خصوصية اجملال التجاري البحري تقتضي بأن الرضى يف شرط التحكيم يكون خمتلفا عن الرضى يف‬
‫شرط التحكيم يف باقي فروع القانون فهو رضى من نوع خاص ‪،‬فقبول املرسل اليه الضمين لشرط التحكيم‬
‫هو من مقتضيات املعامالت البحرية واليت تتم بالاهولة والارعة ‪.‬‬
‫إن الرضى الضمين من طرف املرسل اليه لشرط التحكيم ميكن أن يربر بأن هذا النوع من شروط التحكيم‬
‫خيص احملرتفون املتخصصون يف اجملال البحري ألنه ليس من العدل اعتبار املرسل اليه غري معين بشرط‬
‫التحكيم املرفق يف العقد األصلي ‪ ،‬اذ أن املرسل اليه هو حمرتف يف اجملال البحري وبالتايل فهو من املفروض‬
‫يعرف املعامالت واألعراف البحرية وباخلصوص سند الشحن الذي حيمل شرط للتحكيم‪.‬‬
‫إن القرار بيال (‪ )2‬الصادر عن الغرفة التجارية جمللس النقض الفرناي يف ‪ 21‬فرباير‪ 2339‬يدعم القرار‬
‫"الندوس" (‪ )3‬ويقضي بالرضى الضمين لشرط التحكيم من طرف املرسل اليه يف املعامالت البحرية‪.‬‬
‫يف هذه القضية )‪ (Pella‬قامت مؤساة املطاحن الكربى لفرناا باستئجار سفينة من املؤساة‬
‫"‪ "Ebony maritime‬لنقل أكياس دقيق القمح من مدينة روان "‪ "Rouen‬اىل كوبا‪ ،‬املؤساة املرسل‬
‫اليها "‪ "Aminport‬وجدت البضاعة غري مطابقة للمواصفات املتفق عليها ‪ ،‬وكان هناك شرط التحكيم‬
‫مدرج يف مشارطة اإلجيار ومذكور أيضا يف سند الشحن‪.‬‬
‫احملكمة التجارية بباريس حكمت بعدم اختصاصها للنظر يف موضوع النزاع وذلك مبوجب مبدأ اإلختصاص‬
‫باإلختصاص‪ .‬فقام مؤمنو املرسل اليه بالدفع بعدم حجية شرط التحكيم اجتاه املرسل اليه وطعنوا يف احلكم‬
‫الصادر عن احملكمة التجارية والذي قام جملس االستئناف برفضه‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) cass, 1-ère, cir, 22 novembre 2005, "Navire Lindos" Marie Nivière ,op cit, p 66‬‬
‫‪(2) cass.com, 21 février 2006 "Navire Pella" DMF 2006,p 379.‬‬
‫‪(3) cass, 1-ère.cir, 22 novembre 2005 "Navire Lindos".‬‬

‫‪139‬‬
‫و خالصة القول حول نفاذ و حجية شرط التحكيم اجتاه املرسل اليه أو حامل سند الشحن قد كان‬
‫حمل نقاش وجدل قضائي‪ ،‬وذلك بالنظر يف ماألة الرضى فقد صدرت أحكام خمتلفة يف هذا الصدد فاذا‬
‫أراد احملكمون األخذ بالاوابق القضائية ميكنهم األخذ حبكم "‪ "stop osprey‬لانة ‪ 1221‬وبالتايل‬
‫يقررون بأن شرط التحكيم هو غري نافذ اجتاه حامل سند الشحن أو املرسل اليه اال اذا صدر الرضى منه‬
‫صراحة بقبول هذا الشرط‪.‬‬
‫وإما أن يأخذوا بقرار"‪ "Lindos‬ويكتفوا بالرضى الضمين كما أن جملس استئناف روان" ‪"Rouen‬‬
‫قرر بأنه يكون نافذ يف مواجهة املرسل اليه أو حامل سند الشحن كل شرط حتكيم و املدرج يف مشارطة‬
‫اإلجيار و حييل اليه سند الشحن (‪. )1‬وبالتايل هذا احلكم دعم احلكمني الاابقني "‪"Pella‬‬
‫و "‪ "Lindos‬باألخذ باإلرادة الضمنية اجتاه حامل سند الشحن‪.‬‬
‫إن جملس النقض الفرناي يف كل من القرارين الاابق ذكريما انضم اىل اجتاه جملس القضاء األورويب‪ ،‬و ما‬
‫يأخذ به االجتاه الدويل باعتبار أن شرط التحكيم املدرج يف سند الشحن يعد كقبول ضمين التفاق التحكيم‬
‫يف عقد النقل البحري (‪. )2‬‬
‫ج)موقف المحكمة العليا بالجزائر عن الرضى في شرط التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫تقر الغرفة التجارية والبحرية يف احملكمة العليا يف أغلب األحيان بصحة شرط التحكيم يف مواجهة‬
‫املرسل اليه اذا تبني هلا من مقتضيات القضية علمه هبذا الشرط أو اكمانية علمه به‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء األنجلوساكسوني من شكل الرضى في اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫األحكام القضائية اليت عاجلت موضوع الرضى يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف هذين البلدين‬
‫ختتلف عن ماصدر من أحكام قضائية يف فرناا‪ ،‬حبيث أن اجنلرتا وأمريكا تأخذان مبعيارين لصحة الرتاضي‪.‬‬
‫فالقضاء يف هذين البلدين ال يراقب فقط صحة الرتاضي بشرط التحكيم باإلحالة يف سند الشحن فحاب‬
‫وإمنا يراقب أيضا صحة الرتاضي يف شرط التحكيم األصلي والذي حييل اليه سند الشحن (‪. )3‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) DELEBECQUE Philipe ; président de la chambre arbitral maritime de France; l’opposabilité de‬‬
‫‪la clause compromisoire et/ou des clauses de juridiction dans le contentieux maritime; colloque‬‬
‫‪international; 02et03mai 2009.‬‬
‫‪(2)CA Rouen, 14 octobre 1994, Navire Istanbul " DMF 1998,p 479.‬‬
‫‪(3) Diop papa Ousmane, la clause D'arbitrage dans le connaissement et le contentieux Maritime,‬‬
‫‪université de droit d'Aix Marseille, p 48.‬‬

‫‪140‬‬
‫ثالثا ‪ :‬موقف غرفة التحكيم البحري بباريس ‪.‬‬
‫إن مبدأ االختصاص باالختصاص هو الذي يعطي احملكم احلق يف مراقبة رضى و مدى حجية شرط‬
‫التحكيم يف مواجهة املرسل اليه بنفاه ‪ ،‬أما عن غرفة التحكيم البحري بباريس فليس هلا اجتاه حمدد فيما‬
‫خيص موقفها من رضى املرسل اليه بشرط التحكيم‪ .‬فهي تنظر فيه حالة حبالة حاب ظروف القضية‬
‫املطروحة أمامها ‪ ،‬فهي تأخذ بظروف املرسل اليه فإذا كان ال يعرف اطالقا الشاحن فإهنا حتكم بعدم حجية‬
‫شرط التحكيم يف مواجهته ‪ ،‬أما اذا كانت ظروف القضية تظهر إمكانية علم حامل الاند هبذا الشرط فإنه‬
‫يصبح نافذا يف مواجهته (‪.)1‬‬
‫رابعا‪ :‬صحة التراضي في اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري المعتل ‪.‬‬
‫كما رأينا سابقا فإن األحكام القضائية الصادرة عن الغرفة املدنية لباريس أخذت بالرضى الضمين لشرط‬
‫التحكيم ذلك أن اخلصوصية يف هذا اجملال على ماتوى القانون املقارن ومن ناحية املمارسة العملية هناك‬
‫معاملة تفضيلية للتحكيم على حااب االختصاص للقضاء العادي‪ ،‬وبالتايل إنقاص أكرب عدد ممكن مما‬
‫يعرف باتفاقات التحكيم املعتلة ‪.‬فالقاضي هنا يأخذ باإلرادة الباطنية أو الضمنية(‪ )2‬استثناءا على األصل‬
‫العام والذي يقضي باألخذ باإلرادة املعلنة ‪،‬ذلك أن التخصص يف اجملال البحري جيعل احملرتف على علم‬
‫ببعض األعراف البحرية كإدراج شرط التحكيم يف عقد استئجار الافينة ‪.‬‬
‫وبالتايل ال ميكن االحتجاج بعدم توفر ركن الرضى وأن شرط التحكيم غري نافذ اجتاهه ذلك أنه على‬
‫ماتوى التجارة العاملية اليوم‪ ،‬أصبح األصل يف الفصل يف املنازعات التجارية الدولية يعود اىل التحكيم‬
‫فيرتتب على ذلك عدم التذييق على التحكيم وبالتايل عدم التذييق على اتفاق التحكيم ‪ .‬كما أن نشأة‬
‫اتفاقات التحكيم البحرية املعتلة قد تكون عن عدم معرفة وجهل األطراف كيفية التعبري عن ارادهتم بطريقة‬
‫صحيحة (‪،)3‬وبالتايل ال يأخذ هبذه األخطاء الغري متعمدة وبذلك ننقص أكرب عدد من اتفاقات التحكيم‬
‫البحرية املعتلة(‪.)1‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Francois Arradon.; l’arbitrage maritime en France: le point de vue du pratitien; communication‬‬
‫‪lors de l assemblée de l’association francaise du droit maritime; jeudi 22 mars 2007.‬‬

‫(‪ )2‬حفيظة الايد حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪(3) Ph fouchard. E.Gaiyard, B Goldman, opcit, p211.‬‬

‫(‪)1‬بودايل خدجية ‪ ،‬اتفاق التحكيم البحري (دراسة مقارنة)‪،‬جامعة معاكر ‪ ،‬الانة اجلامعية ‪،2313/2332‬ص ‪. 91‬‬

‫‪141‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التراضي في اتفاق التحكيم البحري باإلحالة‪.‬‬
‫يف عقد النقل البحري للبضائع أظهرت املمارسات العملية الدولية شكل أخر من أشكال اتفاقات‬
‫التحكيم وهو شرط التحكيم باإلشارة ويعرف شرط التحكيم باإلشارة بأنه‪ ":‬اتفاق على التحكيم غري‬
‫مدرج يف العقد الذي يرتجم اتفاق األطراف واملوقع عادة من قبلهم ولكنه يوجد يف وثائق أخرى ماتقلة‬
‫عن هذا العقد وحتيل اليها ارادة األطراف صراحة أو ضمنا على حنو يؤدي اىل ادماج هذه الوثائق يف العقد‬
‫ذاته(‪. ")1‬‬
‫وما حيدث يف الغالب يف املعامالت الدولية أن األطراف ال يكتبون بدقة مصطلحات اتفاقهم على التحكيم‬
‫ولكنهم يكتفون باإلحالة اليه يف وثائق الحقة أو مكتفني بارفاق شروط عامة ومطبوعة ومعدة سلفا بواسطة‬
‫أحد الطرفني‪ ،‬أو باإلحالة اىل الشروط النموذجية واملوضوعة بواسطة إحدى اهليئات الدولية املتخصصة(‪.)2‬‬
‫وهنا تطرح عدة اشكاالت قانونية من جوانب متعددة عن هذا النوع من شروط التحكيم يف عقود النقل‬
‫البحرية الدولية ‪،‬ومن هته االشكاالت هل هذا النوع من الشروط ونظرا خلصوصيته يعد عقد شكلي أو‬
‫رضائي ‪،‬وكيف يتم الرتاضي يف شرط التحكيم باإلشارة أو باالحالة ؟‪.‬‬
‫يف عقد النقل البحري باند الشحن(‪ )3‬فإنه يندر أن يتضمن سند الشحن شرط التحكيم‪ ،‬ويف حني‬
‫يغلب صدور هذا العقد مبوجب مشارطة اجيار للافينة حميال لنصوص هته املشارطة واليت من بينها شرط‬
‫التحكيم(‪ ،)1‬ومن هنا يثور التااؤل هل يعترب حامل سند الشحن قد ارتضى باالتفاق على التحكيم الوارد‬
‫مبشارطة االجيار وهل تعد االحالة اىل الوثيقة األخرى‪ ،‬كافية للقول بانصراف نية األطراف ذوي الشأن يف‬
‫سند الشحن اىل اختيار نظام التحكيم الوارد ضمن حمتوياهتا طريقا للفصل يف منازعاهتم حلظة ابرام االتفاق‬
‫على التحكيم ؟ أم جيب أن تكون هذه االحالة خاصة وواضحة وحمددة اىل شرط التحكيم الوارد هبا‪.‬‬

‫وما هو تأثري هذه االحالة الواردة يف سند الشحن اىل شروط مشارطة االجيار على رضا الشاحن أو الغري‬
‫حامل سند الشحن أو املرسل اليه أو املؤمن على البضاعة‪ ،‬أو املاتأجر من الباطن أو من ظهر اليه الاند‬
‫ممن مل يكونوا أطرافا يف مشارطة االجيار احملال اليها؟‬

‫ـــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬حممد الايد التحيوي‪ ،‬أركان اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫)‪ (2‬حممد خمتار أمحد بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪)3‬حممود الايد التحيوي‪ ،‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي ‪ ،‬قانون التجارة البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.399‬‬

‫‪142‬‬
‫كما أنه ويف اطار املعامالت اجلارية بني األطراف ذوي الشأن فإنه من املتصور أن يتم االتفاق يف صدد‬
‫عقد جديد باإلشارة اىل شروط عقد قائم أو سابق‪ ،‬ويكون هذا األخري مشتمال على شرط للتحكيم كما‬
‫يتحقق وضعا مماثال يف حالة جتديد ذات العقد الذي تضمن شرط للتحكيم‪ ،‬ومن مث يتم التااؤل عن مدى‬
‫تأثري هذا االرتباط‪ ،‬أو هذه االستمرارية بالنابة إلمكانية القول بتوافر الرضا يف اتفاق التحكيم‪ ،‬يف شأن‬
‫العالقة الناشئة عن العقد اجلديد؟‬
‫ان نقطة البداية يف النظام القانوين للتحكيم هي ضرورة التأكد من وجود االتفاق على التحكيم‪ ،‬خلطورة‬
‫األثر اجلوهري الذي يرتتب على هذا النوع من االتفاقات أال هو سلب القضاء العام للدولة اختصاصه‬
‫األصيل لصاحل قضاء خاص يرتضيه األطراف احملتكمون(‪.)1‬‬
‫ان ركن الرتاضي يف اتفاق التحكيم البحري باالشارة كان حمال للعديد من األحكام القضائية املقارنة‬
‫واليت امتازت بالتنوع يف وجهات النظر‪ .‬فوفقا للقضاء الفرناي فقد كان موقفه ماتقرا وثابتا منذ زمن طويل‬
‫على أنه‪ ":‬ينبغي لالحتجاج بشرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار‪ ،‬على حامل الاند الذي أحال شروطها‬
‫أن يتوافر يف حقه العلم الثابت بشرط التحكيم الوارد ضمن بنود مشارطة اإلجيار املذكورة‪ ،‬والقبول اليقيين‬
‫املؤكد هلذا احلامل هبذا الشرط التحكيمي‪ ،‬بأن تكون االحالة الواردة باند الشحن هي احالة خاصة‪،‬‬
‫وواضحة‪ ،‬وحمددة لشرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار احملال إليها‪ ،‬أو بأن يرفق نص املشارطة باند‬
‫الشحن‪ ،‬أو بأن يتم ابالغ هذا احلامل بنص مشارطة اإلجيار املذكورة بطريقة ثابتة‪ ،‬ومؤكدة ال تدع جمال‬
‫للشك يف أن هذا احلامل لاند الشحن قد علم بشرط التحكيم الوارد باملشارطة‪ ،‬وأبدى رضاءا كامال هبذا‬
‫الشرط ‪ ،‬نظرا خلطورته ‪ ،‬وألنه مل يكن طرفا يف مشارطة االجيار ‪ ،‬ال حيتج هبا‪ ،‬وبنصوصها عليه كما مل يكن‬
‫شرط التحكيم مدرجا باند الشحن الذي حيمله حىت تنتفي شبهة عدم وجود رضاء هذا احلامل‪ ،‬عن طريق‬
‫ادعائه هبذا الشرط التحكيمي (‪.)2‬‬

‫كما قضت حمكمة النقض الفرناية أنه‪ ":‬حىت تكون بصدد حتكيم حاب املفهوم املاتقر عليه لنظام‬
‫التحكيم ـ يتعني التحقق من أن ارادة األطراف ذوي الشأن قد اجتهت بالفعل اىل ختويل ذلك الغري أو‬
‫الشخص الثالث سلطة قضائية"(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممود االايد التحيوي‪ ،‬أركان اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪(2) Aix.9 Dec.1960.DMF.1961. P 163. Trib.com. Nantes, 3 avril, 1980.‬‬
‫‪D.M.F.1981.P 247. Aix – en Provence – 13 jan. 1988, Rev AB. 1990. P 617‬‬
‫‪(3) cass.civ 25 Mai 1962 Rev Arb 1975. p 302. note : loquin‬‬
‫‪cass.civ.7 juin 1978. Rev Arb 1979.p 34. note Roland.‬‬
‫عن حممود االايد التحيوي‪ ،‬أركان اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ص ‪.191‬‬

‫‪143‬‬
‫وقضت بأنه‪ " :‬حامل سند الشحن الصادر تنفيذا ملشارطة اجيار بالرحلة ال ميكن أن حيتج عليه بشرط‬
‫التحكيم الوارد مبشارطة االجيار والذي مل يكن موجودا باند الشحن‪ ،‬ومل يكن موضوعا لقبول مؤكد من‬
‫جانب حامله"(‪.)1‬‬

‫أما عن كيفية التعبري عن هذا الرتاضي أي هل جيب أن يتم التعبري عنه بصفة صرحية أو ضمنية فقد‬
‫تطرقنا يف الرتاضي املباشر عن االختالف القضائي الذي كان حول هته النقطة‪،‬وكيف كانت األراء متضاربة‬
‫بني الغرفة املدنية والغرفة التجارية جمللس النقض بفرناا(‪ .)2‬فقد كانت هته األخرية تقضي بوجوب الرضى‬
‫الصريح بشرط التحكيم البحري من طرف حامل سند الشحن حىت يكون نافذا يف حقه أما الغرفة املدنية‬
‫فهي تكتفي بتوافر الرضى الضمين هبذا الشرط(‪.)3‬‬

‫ان تشدد القضاء الفرناي حول ضرورة توافر العلم اليقيين بشرط التحكيم باالشارة يبني خصوصية هذا‬
‫النوع من اتفاقات التحكيم‪ ،‬فكما قال القاضي"‪ " "M. Bonassies‬أنه ليس صحيحا القول أن من‬
‫املتعارف عليه أن شرط التحكيم الدويل يكون دائما مدمج يف عقد النقل البحري الدويل" ولكن بالعكس‬
‫ما يوجد يف ميدان العالقات الدولية ما هو إال جمرد اشارة مدرجة يف سند الشحن بطريقة قد تكون غري‬
‫واضحة حتيل اىل شرط التحكيم املدرج يف مشارطة االجيار (‪.)1‬‬

‫إن القانون الفرناي ال يرفض أو يعارض فكرة شرط التحكيم باالشارة ولكن يضع له شروطا حمددة لكي‬
‫يقبل شرط التحكيم املوجود يف العقد األصلي مبجرد اإلشارة اليه‪.‬‬
‫أما عن القضاء االجنليزي و األمريكي ففي جمال االطالع على صحة شرط التحكيم باالشارة املوجود يف‬
‫سند الشحن فهو يقوم كذلك بفحص شرط التحكيم املوجود يف العقد األصلي والذي متت االشارة اليه(‪.)8‬‬

‫كما أن القضاء االجنليزي قضى بأن االحالة الواضحة والصرحية يتم هبا دمج شرط التحكيم يف سند‬
‫الشحن وهذا ما جاء يف حكم الصادر يف قضية "‪.)9("The Merak‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)cass.com. 4 juin 1985 DMF 1986. P 106. Note R.Achard.‬‬
‫عن حممود الايد التحيوي‪ ،‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.198‬‬

‫‪(2) Olivier cachard," l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire du tiers porteur du‬‬
‫‪connaissement de charte partie " op.cit, p 01.‬‬
‫‪(3) Marie Nivière, op cit, p 61.‬‬
‫‪(1) Cass.civ, 1-ere ch., Navire Lindos obs, p. Bonassies, DMF 2006. Diop papa Ousmane, op cit,‬‬
‫‪p 46.‬‬
‫‪(8) Diop papa Ousmane, op cit, p 48.‬‬
‫‪(9) The Merak, lodyds law Reports II, 1964, p 527‬‬

‫‪144‬‬
‫أما اذا كانت احالة عامة فقد ترفض(‪)1‬كما كان ذلك يف القضية "‪.)2("The Annefiel‬‬
‫وبالتايل فكل هته األحكام القضائية املقارنة (فرناا واجنلرتا) تقضي بوجوب اثبات وجود رضاء األطراف‬
‫بشرط التحكيم باالحالة)‪،(3‬وبذلك يتحقق القضاء من حتقيق قصد األطراف يف رغبتهم يف اختيار التحكيم‬
‫لفض منازعاهتم ذات الطابع البحري‪.‬‬
‫أما عن موقف القضاء املصري من موضوع الرضى يف شرط التحكيم باالشارة كان أقل تشددا من القضاء‬
‫الفرناي واالجنليزي‪ ،‬ذلك أن حمكمة النقض املصرية عندما تصدت لشرط التحكيم الوارد يف سند الشحن‬
‫أو الذي حييل فيه سند الشحن اىل مشارطة االجيار سواء كانت احالة عامة أو خاصة انتهت يف قضائها اىل‬
‫أنه‪ ":‬إن قانون التجارة البحري املصري جيعل من املرسل إليه طرفا ذا شأن يف سند الشحن‪ ،‬باعتباره‬
‫صاحب املصلحة يف عملية الشحن‪ ،‬يتكافأ مركزه حينما يطالب بتنفيذ عقد النقل ومركز الشاحن‪ ،‬وأنه‬
‫يرتبط باند الشحن ملا يرتبط به الشاحن ومنذ ارتباط األخري به‪ ،‬ومقتضى ذلك أن يلتزم املرسل اليه بشرط‬
‫التحكيم الوارد يف ناخة سند الشحن املرسلة اليه‪ ،‬باعتباره يف حكم األصيل فيه‪ ،‬ومن مث فال يعترب الشاحن‬
‫نائب عنه يف سند الشحن‪ ،‬حىت يتطلب األمر وكالة خاصة أو حىت يقال أن الشاحن قد تصرف يف شأن‬
‫من شؤون املرسل اليه‪ ،‬وهو ما ال ميلك حق التصرف فيه"(‪.)4‬‬

‫كما قضت كذلك بشأنه‪ " :‬ال يشرتط يف حالة صدور سند الشحن حميال احالة عامة اىل شروط‬
‫مشارطة االجيار أن يكون الشاحن قد وقع سند الشحن الذي ال يعدو أن يكون يف هذه احلالة ايصاال‬
‫باستالم البضاعة‪ ،‬وشحنها على ظهر الافينة‪،‬حىت يلتزم املرسل اليه بشروط مشارطة االجيار الذي صدر‬
‫سند الشحن مبوجبها‪ ،‬ومن بينها شرط التحكيم باعتباره طرفا ذا شأن يف عقد النقل‪ ،‬يتكافأ مركزه ومركز‬
‫الشاحن ماتأجر الافينة عندما يطالب بتنفيذ العقد الذي تثبته املشارطة حيث تكفي االحالة العامة‬
‫الواردة يف سند الشحن اىل مشارطة االجيار‪ ،‬اللتزام حامل الاند بشرط التحكيم الوارد يف تلك املشارطة‪،‬‬
‫كما تكفي مثل هذه االحالة اللتزام املرسل اليه هبذا الشرط التحكيمي"(‪.)8‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Federal Bulker, loyds law Report I, 1989, p 19.‬‬
‫‪(2) The Annefiel, loyds law Reports I, 1971, p 4.‬‬
‫‪(3) Diop papa Ousmane, op cit, p 49.‬‬
‫)‪ (4‬نقض مدين مصري‪ ،‬جلاة ‪ 1299/2/9‬العدد األول ـ ‪ ،1299‬ص ‪ ،331‬وحكم آخر بتاريخ ‪ 1298/9/19‬جمموعة املكتب الفين ـ س(‪ )19‬ـ ص‬
‫‪.991‬‬
‫مشار هلذين احلكمني القضائيني يف ‪ :‬حممود الايد عمر التحيوي "أركان اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫(‪)8‬عاطف حممد راشد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.182،193‬‬

‫‪145‬‬
‫وكان القضاء يالك نفس توجه حمكمة النقض املصرية قبل صدور قانون التحكيم املصري رقم (‪ )29‬لانة‬
‫‪ 1221‬يف شأن التحكيم يف املواد املدنية والتجارية‪ ،‬كما تنص الفقرة الثالثة من املادة العاشرة من قانون‬
‫التحكيم املصري رقم ‪ 29‬لانة ‪ 1221‬يف شأن التحكيم يف املواد املدنية والتجارية على أنه‪:‬‬
‫" يعترب اتفاق على التحكيم كل احالة ترد يف العقد اىل وثيقة تتضمن شرط التحكيم اذا كانت االحالة‬
‫واضحة يف اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد"‪.‬‬
‫وقد رأى جانب من فقه القانون الوضعي املصري(‪ )1‬بأن نص الفقرة الثالثة من املادة العاشرة من قانون‬
‫التحكيم املصري لن يغري شيئا يف موقف القضاء املصري الاابق من موضوع التحكيم يف صدد سند‬
‫الشحن ولن يكون له موقفا جديدا‪ ،‬فهذا النص القانوين شأنه شأن النص القانوين األصلي املاتقى منه وهو‬
‫نص الفقرة الثانية من املادة الاابعة من القانون النموذجي للجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل‪،‬‬
‫حيث أنه وان أقر اإلحالة العامة اىل الوثيقة املشتملة على شرط التحكيم‪ ،‬اال أنه مل ينظم بطريقة واضحة‬
‫شروط هذه اإلحالة‪ ،‬أو مىت تكفي اإلحالة العامة الواردة يف اتفاق األطراف ذوي الشأن لدمج شرط‬
‫التحكيم الوارد يف الوثيقة‪.‬‬
‫وقد انتقد جانب من فقه القانون الوضعي املصري موقف حمكمة النقض املصرية‪ ،‬ذلك أهنا افرتضت قبول‬
‫املرسل اليه بشرط التحكيم‪ ،‬بل فرضته عليه ال سيما و أن املطلع حليثيات أحكامها القضائية الصادرة يف‬
‫هذا الشأن‪ ،‬يتبني أن املرسل اليه وعلى كافة مراحل الدعوى القضائية يرفض شرط التحكيم الوارد يف سند‬
‫الشحن‪.‬‬
‫فاملرسل اليه والشاحن‪ ،‬ال يعدان طرفان ذا شأن يف شرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار اال منذ أن يعلما‬
‫به ويوافقا عليه(‪، )2‬حيث أن األمر هنا يتعلق بتوافر الرضا باإلتفاق على التحكيم يف حق كل من الشاحن‬
‫أو املرسل اليه و حىت املؤمن على البضاعة(‪ )3‬أو غريهم‪ ،‬وحىت يعد أي منهم طرفا يف االتفاق على‬
‫التحكيم‪ ،‬فإنه ينبغي أن يتوافر لديه العلم الكايف هبذا االتفاق ومالبااته وأن يكون راضيا بااللتزام به‪ ،‬و إال‬
‫عد مذعنا‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممود الايد التحيوي‪ ،‬أركان اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫(‪)2‬وهذا ما أخذت به الغرفة التجارية جمللس النقض الفرناي يف‪:‬‬
‫‪cass.com,29 novembre 1994,"Navire Slop Osperey"DMF1995,218‬‬
‫‪(3) Olivier Cachard," l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire du tiers porteur du‬‬
‫‪connaissement de charte partie", op.cit ,p 01.‬‬

‫‪146‬‬
‫إال أن هناك جانب من الفقه يرى بأن موقف القضاء املصري تغري بالفعل حبيث أنه تطلب وجود االحالة‬
‫الصرحية والغري اجملهلة وذلك بتأثره باملادة ‪ 3/13‬من القانون ‪ 1221/29‬من التحكيم املصري(‪.)1‬‬
‫وما يالحظ أن مالك القضاء الفرناي كان أحان من مالك نظريه املصري بعدم افرتاضه رضاء أحد‬
‫املتعاقدين باالتفاق على التحكيم‪ ،‬وال يعتد بوجود الرضى اال بعد ثبوته بوجه يقيين ومؤكد خاصة يف شرط‬
‫التحكيم باالشارة‪ ،‬ذلك أن نظام التحكيم هو طريق استثنائي للفصل يف املنازعات وبالتايل جيب عدم‬
‫التوسع يف تفاريه وعدم افرتاض وجود الرضاء به ‪ .‬و بالتايل فان وجود الرضى بشرط التحكيم باالحالة من‬
‫عدمه يتأثر بعملية دمج شرط التحكيم باالحالة يف العقد األصلي أي عقد النقل البحري و كيفية تفاريها‬
‫يف النظم القانونية املختلفة و هذا ما سوف نتطرق اليه تبعا ‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬شروط عملية دمج شرط التحكيم في سند الشحن‪.‬‬
‫قد تعرضنا لتعريف شرط التحكيم باإلشارة يف عقد النقل البحري ورأينا أنه اتفاق على التحكيم غري‬
‫مدمج يف العقد الذي يرتجم اتفاق األطراف وهو يف هذا املقام يتمثل يف سند الشحن واملوقع غالبا من‬
‫قبلهم‪ ،‬ولكنه يوجد يف وثائق أخرى ماتقلة عن هذا العقد واملتمثلة يف مشارطة االجيار وحتيل اليها ارادة‬
‫األطراف صراحة أو ضمنا على حنو يؤدي اىل ادماج هذه الوثائق يف العقد ذاته(‪.)2‬‬

‫ان فكرة االحالة أو الدمج تتجلى أكثر يف جمال عقود النقل البحري‪ ،‬حيث غالبا ما يرد يف عقد نقل‬
‫البضائع "‪ "Bill of lading‬ما يفيد سريان كافة شروط عقد مشارطة الافينة ‪"charter‬‬
‫"‪ party‬على عقد نقل البضائع‪ ،‬حيث حيتوي عقد املشارطة على شرط حتكيم‪ ،‬ومن مث تربر أيمية‬
‫موضوع شرط التحكيم باالحالة أو عمليات دمج شرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة داخل بنود سند‬
‫الشحن وذلك على أساس أن أطراف التعاقد خيتلفون يف كال العقدين وليات هناك عالقة تربط حامل‬
‫سند الشحن مبالك الافينة و بالتايل هنا تثور ماألة الرتاضي و امكانية وجوده عن طريق عملية الدمج ‪.‬‬
‫وقد أظهرت املمارسة العملية لكثري من حاالت الدمج وجوب توافر شروط لنجاح هته العملية وتتمثل يف‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن تكون هناك اشارة أو حالة صرحية أو ضمنية يف العقد الذي نشأ حوله وذلك اىل ماتند أخر يشمل‬
‫على شرط التحكيم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن تكون كلمات الدمج أو االحالة واضحة ومالئمة وتشمل صراحة اشارة اىل شرط التحكيم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن تكون كلمات شرط التحكيم مالئمة وتغطي املنازعات اليت نشأت يف العقد املطلوب دجمها فيه‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.813‬‬
‫(‪)2‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪.199‬‬

‫‪147‬‬
‫حوله ‪،‬‬ ‫‪ 1‬ـ أال يكون هناك تعارض أو تناقض بني شرط التحكيم وبني موضوع العقد الذي نشأ النزاع‬
‫وسوف نتعرض لكل شرط على حدى‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلحالة الصريحة أو الضمنية في عقد النقل البحري الذي نشأ النزاع حوله الى وثائق أخرى‬
‫تشتمل على شرط التحكيم‪.‬‬
‫إن أول شرط حىت تتم عملية الدمج هو أن تكون هناك احالة أو اشارة صرحية أو ضمنية يف العقد الذي‬
‫نشأ النزاع حوله اىل وثائق أخرى تشتمل على شرط التحكيم‪ ،‬على حنو يؤدي اىل ادماج هذه الوثائق يف‬
‫العقد ذاته حمل النزاع ‪ .‬فبالنابة للعقود املتداخلة و املتشابكة كعقد مشارطة اجيار الافينة و عقد النقل‬
‫البحري للبضائع(‪ )1‬فهي عقود هتدف لتحقيق غاية واحدة وهي حتقيق عملية النقل البحري ‪ ،‬فقد تتم‬
‫االحالة من عقد ال يتضمن شرط التحكيم اىل عقد يتضمن هذ الشرط حبيث يقال أن العقد األول قد‬
‫تضمن شرط التحكيم باالحالة أو باالشارة ‪ .‬و يف هذا اخلصوص نص القانون النموذجي للتحكيم الذي‬
‫أعدته جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل و املعروف اختصارا باسم ‪ UNISTRAL‬حيث‬
‫تنص املادة الاابعة فقرة ‪ 2‬من هذا القانون على أنه ‪ " :‬جيب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ‪ ،‬ويعترب‬
‫االتفاق مكتوبا اذا ورد يف تبادل رسائل أو تلكاات أو غريها من وسائل االتصال الالكي أو الالسلكي‬
‫تكون مبثلبة سجل لالتفاق ‪ ،‬أو يف تبادل املطالبة و الدفاع اليت يدعي فيها أحد الطرفني و جود اتفاق وال‬
‫ينكره الطرف األخر و تعترب االشارة يف عقد ما اىل ماتند يشتمل على شرط التحكيم مبثابة اتفاق حتكيم‬
‫‪،‬شريطة أن يكون العقد مكتوبا و أن تكون االشارة قد وردت حبيث جتعل ذلك الشرط جزءا من العقد "‪.‬‬
‫و لقد كان موضوع صحة شرط التحكيم باالشارة حمال للعديد من األحكام سواء يف قضاء الدول الالتينية‬
‫أو يف قضاء الدول األجنلوساكاونية ‪ ،‬هذا باالضافة اىل افراد العديد من القوانني الوضعية يف الدول الاابق‬
‫ذكرها ‪ ،‬فقد نصت املادة العاشرة الفقرة ‪ 3‬من قانون التحكيم املصري على أنه ‪ ":‬يعترب اتفاق التحكيم كل‬
‫احالة ترد يف العقد اىل وثيقة تتضمن شرط التحكيم اذا كانت االحالة واضحة يف اعتبار هذا الشرط جزءا‬
‫من العقد ‪".‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬عندما يصدر سند الشحن تنفيذا ملشارطة إجيار ‪ ،‬فقد يتضمن سند الشحن اإلحالة اىل الشروط الواردة يف مشارطة االجيار ‪ ،‬و جيب عندئذ اعمال هذه‬
‫الشروط و بقدر االحالة اليت يتضمنها الاند ‪ ،‬فان كانت إحالة شاملة ملا حييل اليه سند الشحن من شروط واردة يف املشارطة ‪ ،‬و جب تطبيق شروط املشارطة‬
‫على العالقة الناشئة عن سند الشحن يف األحوال اليت ال يرد فيها نص خاص يف سند الشحن ‪ ،‬وملا كانت حقوق املرسل اليه على البضاعة تتحدد باند الشحن‬
‫‪ ،‬فال حيتج عليه هبذا الاند دون مشارطة االجيار ‪ ،‬اال مىت تضمن الاند إحالة اىل املشارطة و علم املرسل اليه هبذه اإلحالة أو كان جيب أن يعلم وقت أن تلقى‬
‫سند الشحن"‬
‫نقض مصري يف ‪ ،1219/2/29‬الطعن رقم ‪ 2132‬لانة‪82‬ق‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫و قد أشار املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 1331‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج على شرط التحكيم باالحالة عند تطرقه‬
‫لشكل شرط التحكيم و نعتقد أن هذا غري كايف اذا كان من األجدر أن يوضح أكثر املقصود هبذا الشرط‬
‫و كذا موقفه من اعتباره جزء من العقد األصلي كما فعل نظريه املصري و ذلك خلطورة األثار القانونية‬
‫املرتتبة عليه‪.‬‬
‫و كما ذكرنا سابقا أن اتفاق التحكيم شأنه يف ذلك شأن أي عقد أخر يقتضى للقول بوجوده كاتفاق‬
‫يرتب أثاره القانونية ‪ ،‬حتقق رضاء األطراف باالتفاق على التحكيم عن طريق انصراف ارادهتم املشرتكة يف‬
‫اخضاع النزاع الناشئ أو احملتمل النشوء بينهم اىل احملكم للفصل فيه (‪.)1‬‬
‫إال أنه و يف اطار العقود الدولية اليت تربم بواسطة وسائل االتصال الاريعة ‪ ،‬ال تتضمن عادة يف حمتواها ما‬
‫يفيد اجلوء للتحكيم صراحة ‪ ،‬ولكن حتتوي على احالة أو اشارة اىل وثائق أخرى تلحق هبا كالعقود‬
‫النموذجية ‪ ،‬أو قد تتم االحالة اىل قواعد خاصة معدة سلفا من قبل املشروع املتعاقد و اليت تاري‬
‫أتوماتيكيا على مجيع العقود املربمة بواسطته و بال شك تتضمن الوثائق احملال إليها شرط التحكيم و قد‬
‫تطرقنا يف عنصر الرتاضي يف شرط التحكيم باالحالة اىل خمتلف االجتاهات القانونية و القضائية املطبقة يف‬
‫هذا الصدد حول توافر عنصر الرضى من عدمه بالنابة هلذا النوع من شروط التحكيم و كيف تباينت‬
‫مواقف األنظمة القانونية املقارنة يف هذا الصدد ‪ .‬و نعتقد بأن ماألة دمج شرط التحكيم باالشارة وجعله‬
‫جزءا من العقد يكون مرتبطا أساسا مبدى توافر عنصر الرتاضي هبذا الشرط‪ -‬من عدمه‪ ،‬فاذا توافر عنصر‬
‫الرضى بشرط التحكيم باالحالة فإن عملية الدمج تتم و اذا مل يتوافر طبقا الجتاه قانوين معني فإن عملية‬
‫الدمج ال تتم ‪.‬‬
‫كذلك يثور التااؤل حول عملية دمج شرط التحكيم و جعله جزءا من العقد بالنابة جملموعة العقود اليت‬
‫هتدف لتحقيق غاية واحدة كمثال ابرام عدة مشارطات اجيار سفينة لتحقيق عملية نقل واحدة ‪ ،‬أو ابرام‬
‫عدة عقود نقل لتحقيق عملية نقل واحدة كما يف حالة النقل املتعدد الوسائط ‪ ،‬و أيضا هناك اشكال‬
‫بالنابة ملالحق العقود ‪ ،‬و كذا عملية التجديد الضمين لعقود النقل اليت تتضمن شرط التحكيم و هذا ما‬
‫سوف نتطرق اليه تبعا ‪.‬‬
‫أ) مجموعة العقود‪.‬‬
‫ال يتم حتقيق العمليات الكبرية املتصلة بالتجارة الدولية عن طريق ابرام جمرد عقد واحد بني األطراف‬
‫املعنية هبذه العمليات ولكن تربم العديد من العقود‪ ،‬فيربم االطار االتفاقي التعاقدي أو ما يعرف‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬الدكتور حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪149‬‬
‫بـ ‪ contrat cadre‬ويتبع ذلك ابرام العديد من العقود التنفيذية الالزمة لتحقيق واجناز هذه العملية‬
‫وتتعلق جبوانبها املختلفة‪ .‬وأحيانا يتم ابرام عقد يهدف اىل انشاء مشروع مشرتك مصحوب مبالحق مرتبطة‬
‫به وعقود أخرى متنوعة متصلة بعمل هذا املشروع‪ ،‬وتتصل هذه العقود مجيعا بالعديد من األطراف غري‬
‫األطراف األصلية املوقعة على اإلطار االتفاقي(‪.)1‬‬

‫فاالشكال الذي يطرح هو هل كانت ارادة األطراف قد انصرفت اىل مد سريان اتفاق التحكيم الوارد يف‬
‫أحد العقود على العقود األخرى املربمة بني ذات األطراف املوقعة على العقد الوارد فيه الشرط املذكور؟‬
‫يف هذا الشأن توجد عدة حاالت ‪:‬‬
‫احلالة األوىل تتعلق باحلالة اليت يكون فيها العقد األساسي ‪ le contrat de base‬وحده ودون سائر‬
‫العقود األخرى اليت تااهم يف حتقيق العملية التعاقدية واليت تشري اليه متضمنا شرط التحكيم‪ ،‬وهذا الغرض‬
‫ال يثري صعوبة‪ :‬فإرادة األطراف صرحية‪ ،‬يف اإلعالن عن رغبتها يف اخضاع مجيع املنازعات احملتمل أن تنشب‬
‫يف اطار العملية التعاقدية بأكملها للتحكيم‪ ،‬ويف خضوع هذه املنازعات اىل حمكمة حتكيم واحدة يتم‬
‫تشكيلها وفقا للنصوص الواردة يف العقد األساسي الذي يشكل اطار العملية التعاقدية يف جمملها(‪.)2‬‬
‫فاذا كان هناك عقد حيتوي على شرط حتكيم ومت عمل عقد أخر كملحق للعقد األول أو امتداد له وامللحق‬
‫أو االمتداد ال حيتوي أي منهما على شرط التحكيم‪ ،‬فإن ماألة ما اذا كان شرط التحكيم يف العقد األول‬
‫يشكل جزءا من العقد الثاين (امللحق) تعتمد على ما اذا كانت االتفاقية الثانية ماتقلة كلية عن األوىل‪ ،‬أم‬
‫تعترب جمرد امتداد هلا فإذا كانت امتداد هلا‪ ،‬امتد شرط التحكيم ليشمل امللحق(‪.)3‬‬
‫أما احلالة الثانية ففيها يتضمن كل عقد من العقود املربمة بني األطراف واليت تااهم يف حتقيق العملية‬
‫التعاقدية شرطا حتكيميا ماتقال وحىت اذا كررت األطراف يف هذه العقود نفس الشرط التحكيمي حرفيا‪،‬‬
‫فقد يؤدي ذلك اىل اثارة التااؤل حول هل يتعني اختيار هيئه حتكيم واحدة من أجل أن تفصل يف‬
‫املنازعات احملتملة النشوء عن هذه العقود أم أنه يتعني تشكيل هيئات حتكيم مبقدار ما يوجد من عقود‪.‬‬
‫واذا مل يوجد اتفاق صريح من قبل األطراف حول مواجهة هذه املشكلة فإنه عند نشأة املنازعة تتوقف‬
‫االجابة على هذا التااؤل على تفاري ارادة األطراف األصلية و كقاعدة عامة‪ ،‬فإنه ميكن القول بأن تكرار‬
‫األطراف لذات الشرط التحكيمي يف مجيع العقود يعين انصراف ارادهتا يف اخضاع مجيع املنازعات املتصلة‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Fh. Fouchard, Gaillard, Goldman, op cit, op 318.‬‬
‫)‪ (2‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪198‬‬
‫)‪ (3‬حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬

‫‪150‬‬
‫هبذه العالقة التعاقدية اىل ذات حمكمة التحكيم(‪.)1‬‬
‫ب) تجديد العقد الذي تضمن شرط التحكيم‪.‬‬
‫يف هذه احلالة يوجد عقد أصلي واحد تضمن اتفاق حتكيم مكتوب‪ ،‬اال أن مدة ذلك العقد انتهت دون‬
‫حترير أية وثيقة مكتوبة تفيد جتديده بذات الشروط مبا يف ذلك اتفاق التحكيم‪ ،‬بينما أن العالقة العقدية‬
‫استمرت على أساس وجود جتديد ضمين‪ ،‬والتااؤل هنا هل يعد اتفاق التحكيم هو اآلخر قد استمر رغم‬
‫ختلف النص املكتوب‪ ،‬حبيث ياري على ما قد ينشأ خالل فرتة التجديد من منازعات بني األطراف(‪)2‬؟‪.‬‬

‫وتظهر هذه الصورة بوضوح يف عقود املدة القائمة على الثقة‪ ،‬عندما تنتهي الفرتة الزمنية احملددة أصال‬
‫لاريان العقد ولكن ياتمر األطراف يف التعامل على ذات األساس مبا حيمل اىل القول بأن العقد األصلي‬
‫قد جتدد ضمنا‪.‬وما نالحظ أن اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1281‬اخلاصة باالعرتاف وتنفيذ أحكام احملكمني‬
‫األجنبية وحىت القوانني املقارنة مل تعاجل هته املاألة‪ ،‬اال أنه طبقا للقضاء املقارن جيوز استمرار شرط التحكيم‬
‫يف ظل التجديدات املتبادلة يف العقد حيث ال يشرتط أن تنص التجديدات على استمرار نفاذ شرط‬
‫التحكيم‪ ،‬على اعتبار أن هذه املاألة متعلقة بتفاري وحتديد نطاق تطبيق اتفاق التحكيم الوارد يف العقد‬
‫األصلي‪.‬‬
‫ج)منازعات حول ماهية مصدر الدمج ‪.‬‬
‫قد تنشأ منازعات عند حماولة دمج شرط التحكيم املوجود يف بعض االتفاقيات مع عدم حتديد ماهية هته‬
‫االتفاقيات و لتوضيح ذلك ففى دعوى ناشئة عن عقد نقل حبري(‪،)3‬كانت هناك احالة من بوليصة‬
‫الشحن اىل عقد املشارطة و حقيقة األمر كان هناك عقدين مشارطة ‪ ،‬العقد األصلي و عقد مشارطة من‬
‫الباطن و كل منها حيتوي على شروط حتكيم خمتلفة ‪ ،‬و قد حكمت احملكمة أن عقد املشارطة األصلي هو‬
‫املقصود (‪.)1‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Ph. Fouchard, Gaillard, Goldman, op cit, p 318.‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪192‬‬
‫‪(3)Naviqazione Alta talia SPA .V.Svenska‬‬
‫‪Petroleum AB , the nai Matteini‬‬
‫(‪ )1‬حيث جاء يف بوليصة الشحن التايل ‪:‬‬
‫» ‪« All terms , conditions and exeptions were as per charter party‬‬
‫و ملا كان هناك عقدين للمشارطة أحديما عقد مشارطة أصلي و األخر من الباطن و كل منهما حيتوي على شرط حتكيم خمتلف فقد جاء يف حكم القاضي‬
‫‪Gatehouse J .‬‬
‫» ‪« The general rule that the references in bills f lading are presumed to be the head charter‬‬

‫‪151‬‬
‫ثانيا‪ :‬يجب أن تكون كلمات الدمج واضحة ومناسبة وتشمل صراحة اشارة الى شرط التحكيم‪.‬‬
‫عندما حيتوي ماتند أو عقد ماتقل على شرط حتكيم مت دجمه باالشارة اىل العقد األصلي‪ ،‬فال بد من‬
‫التأكد من اجتاه األطراف اىل دمج شرط التحكيم و ال يتحقق ذلك مبجرد اختيار كلمات ومصطلحات‬
‫عامة‪ ،‬حيث ال بد أن تكون االشارة واضحة ومباشرة وصرحية‪.‬‬
‫وقد اهتمت العديد من الالطات مبوضوع دمج شرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة داخل سند‬
‫الشحن نظرا للمنازعات اليت ميكن أن تثار بابب عدم دقة عملية الدمج‪.‬‬
‫ان االجتاه الذي سلكته احملاكم الربيطانية‪ ،‬أنه يف حالة عدم وجود كلمات دمج واضحة وصرحية يف شرط‬
‫االحالة فلن يتم دمج شرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة واملنعقد بني املالك واملاتأجر داخل بنود‬
‫عقد النقل البحري واملنعقد بني املالك والشاحن(‪.)1‬‬

‫وقد استقرت أحكام احملاكم اإلجنليزية منذ حوايل قرن من الزمن على تفاري كلمات الدمج املوجودة يف‬
‫سندات الشحن تفاريا ضيقا‪ ،‬وكان الابق يف ذلك يرجع اىل قرار جملس اللوردات يف الدعوى املقامة بني‬
‫‪. TW Thomas et Co.lrdv.portsea steamship co.ltd.the portsmouth‬‬
‫حيث كانت سندات الشحن حتتوي على شرط اإلحالة(‪ )2‬وقد حكم جملس اللوردات أن تلك الكلمات‬
‫غري كافية وغري مالئمة لدمج شرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة يف سند الشحن‪.‬‬
‫وبالتايل فإن الكلمات العامة غري كافية إلمتام عملية الدمج يف بوليصة أو سند الشحن‪،‬وإنه ليس من العدل‬
‫حرمان حائز سند الشحن والذي ليس طرفا يف عقد املشارطة من اللجوء اىل القضاء حبجة أن هناك شرطا‬
‫للتحكيم مل يعلم هو عنه شيئا‪ ،‬وليس يف إمكانه أن يعلم عنه شيئا(‪.)3‬‬
‫أما يف دعوى الافينة ‪:The Rena k‬‬
‫حيث نصت كلمات شرط االحالة على‪:‬‬
‫"‪"All other terms conditions, clauses and exception including the arbitration clause‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فيؤكد القاضي ‪ Megan‬أنه جيب أن يشار اىل شرط التحكيم بكل صراحة ودقة ووضوح‪ ،‬وعلى النقيض من ذلك فان القاضي ‪"Ralph Gibson‬‬
‫يرى أن عملية الدمج ميكن أن تتم حىت مع استخدام كلمات عامة طاملا أن نية األطراف قد اجتهت اىل امتام الدمج‪ ،‬ولقد بذلت حماوالت عن طريق االستئناف‬
‫للتوفيق بني وجهيت النظر الاابقة وذلك يف الدعوى ‪ Giffen V. Drake and Suill‬فقد رأت احملكمة ان اختالف وجهيت نظر كل من القاضي ‪Sir‬‬
‫‪ John Megan‬والقاضي ‪ Ralph Gibson‬ما هو اال خالف ظاهري أكثر منه اختالف حقيقي‪ ،‬مث استطردت قائلة بأن كل منهما قد أشار اىل نفس‬
‫النقطة اهلامة أال وهي ضرورة توافر نية األطراف‪.‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )2‬يتمثل شرط االحالة قي‪« all other and conditions and exception…. As per charter "party".":‬‬
‫(‪ )3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪152‬‬
‫وكانت مشارطة اإلجيار حتتوي على شرط التحكيم‪ ،‬ومن مث قضت احملاكم االجنليزية بأن كلمات اإلحالة‬
‫كما جاءت تلزم حامل سند الشحن شرط التحكيم‪ .‬وقد عرب اللورد ‪ Brandon‬عن رأيه يف هذه‬
‫الدعوى قائال‪":‬ان اضافة الكلمات مبا فيها شرط التحكيم هي كلمات خاصة وواضحة وحمدودة‪ ،‬تعين أن‬
‫أطراف سند الشحن قد انصرفت نيتهم اىل تطبيق نصوص شرط التحكيم الوارد باملشارطة على منازعات‬
‫سند الشحن حىت ولو اقتضى األمر تفاري شرط التحكيم وتأويله جلعله قابال للتطبيق على منازعات سند‬
‫الشحن لتحقق لألطراف مطلبهم"‪.‬‬
‫وعكس ذلك بالنابة للافينة"‪"The Njeos‬حيث جاءت كلمات شرط اإلحالة يف سند الشحن‬
‫كاآليت‪"All the terms, conditions and exceptions":‬‬
‫وبناءا على هته الكلمات مل يتم دمج شرط التحكيم يف سند الشحن على أساس أن كلمات الدمج غري‬
‫حمددة وغري صرحية وال تشري ال من قريب وال من بعيد اىل شرط التحكيم‪ ،‬وأن شرط التحكيم ما هو إال‬
‫التزام ثانوي ماتقل وليس جمرد بند من البنود أو مصطلح من بني املصطلحات‪.‬‬
‫أما خبصوص دعوى الافينة ‪ )1( The Annefield‬فكلمات شرط اإلحالة الواردة لاند الشحن‬
‫كانت‪":‬كل النصوص والشروط واإلعفاءات الواردة يف مشارطة االجيار مبا فيها شرط اإليمال مندجمة يف هذا‬
‫الاند"‪.‬‬
‫أما شرط التحكيم الوارد يف مشارطة اإلجيار والذي ينص على أن "كل املنازعات الناشئة من وقت آلخر‬
‫عن هذا العقد ستحال للتحكيم" فقد رفضت احملكمة ادماج شرط التحكيم الوارد يف املشارطة يف سند‬
‫الشحن على أساس أنه خاص باملنازعات الناشئة عن عقد املشارطة فقط(‪.)2‬‬
‫ثالثا‪ :‬قابلية شرط التحكيم للتطبيق على المنازعات الناشئة عن السند الموجود به شرط االحالة‪.‬‬
‫قد تكون كلمات اإلحالة كافية وواضحة للقيام بعملية دمج شرط التحكيم يف العقد ‪ ،‬إال أنه بالرغم من‬
‫ذلك ال تتم عملية الدمج بابب كون كلمات شرط التحكيم غري مناسبة للتطبيق على املنازعات اليت تنشأ‬
‫عن العقد املوجود به شرط اإلحالة ‪ .‬وتعترب املنازعات اخلاصة باندات الشحن من أكثر املنازعات و أيمها‬
‫و اليت تتعرض لتطبيقات هذا الشرط ‪ ،‬و القاعدة املفرتضة يف هذه احلاالت هي امكانية دمج شرط‬
‫التحكيم املوجود يف عقد املشارطة عن طريق كلمات االحالة املوجودة يف سند الشحن و بالتايل فمن‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح الرتك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪(2)Michel POURCELET , op cit , p192‬‬

‫‪153‬‬
‫الضروري و حىت يتم الدمج أن تظهر كلمات االحالة اجتاه نية األطراف حلل املنازعات عن طريق التحكيم‬
‫و قد اعتمد القضاء االجنليزي املقارن المتام عملية الدمج على طريقتني متكاملتني حىت يتم دمج شرط‬
‫التحكيم يف سند الشحن ‪.‬‬
‫الطريقة األوىل ‪ :‬هي التحقق من أن كلمات االحالة املوجودة يف سند الشحن كلمات واضحة و خاصة‬
‫وحمددة و تشري دون أدىن شك اىل شرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة وذلك لدجمه يف سند الشحن ‪.‬‬
‫كما أن احملاكم االجنليزية و بدرجة من املرونة تقوم جبعل شرط التحكيم الوارد مبشارطة اإلجيار متناسقا‬
‫و مناسبا مع سند الشحن ‪.‬‬
‫الطريقة الثانية‪ :‬إذا كانت كلمات االحالة قد جاءت بصيغة عامة غري حمددة ‪ ،‬ففى هذه احلالة يتم البحث‬
‫يف كلمات شرط التحكيم للتأكد من أن هذا الشرط يتفق و موضوع النزاع الناشئ عن سند الشحن ‪ ،‬فإذا‬
‫ما تأكد القضاء من هذا االتفاق متت عملية الدمج(‪. )1‬‬
‫رابعا‪ :‬عدم التناقض أو التعارض‪.‬‬
‫جيب أن تكون كلمات الدمج مناسبة يف العقد وأيضا أن يكون شرط التحكيم قابل للتطبيق على‬
‫املنازعات الناشئة عن العقد‪ ،‬و قد ترفض احملاكم عملية الدمج اذا ما كان شرط التحكيم متناقضا أو‬
‫متعارضا مع العقد(‪، )2‬مبعىن عدم وجود اناجام أو توافق بني شرط التحكيم املدمج ونصوص العقد وقد‬
‫يكون التناقض وعدم االناجام من كلمات شرط التحكيم ذاته‪.‬‬
‫وقد حيتوي العقد على شرط حتكيم صريح موجود يف العقد ذاته عالوة على دمج شرط حتكيم آخر بواسطة‬
‫مصطلحات منطية موجودة يف العقد‪ ،‬وقد قضت حمكمة النقض املصرية بأنه اذا كان شرط التحكيم الوارد‬
‫مبشارطة االجيار قد نص على أن يكون عرض النزاع على هيئة التحكيم بنيويورك و كان شرط التحكيم‬
‫الذي أحال اليه سند الشحن يف البند العاشر قد نص على أن يكون نظر التحكيم يف لندن‪ ،‬فإن هذا‬
‫الشرط هو الذي جيب اعماله دون الشرط الوارد يف مشارطة اجيار الافينة(‪. )3‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) dans l’affaire The Meark :C.A.THE Meark ;1964 .2 Loyd’s Rep ,527 .‬‬
‫حيث كان شرط التحكيم املوجود مبشارطة االجيار ينص على أن ‪ " :‬أي نزاع ينشأ عن هذه املشارطة أو أي سند شحن صادر تنفيذا هلا سيحال‬
‫اىل التحكيم "‪ .‬أما شرط االحالة فينص على أنه ‪":‬كل النصوص و الشروط واالعفاءات املوجودة باملشارطة تطبق على هذا الاند " والواضح هنا‬
‫أن شرط االحالة املوجود يف سند الشحن هو شرط إحالة عام ‪ ،‬اال أن حمكمة االستئناف قضت بأن إضافة العبارة "أو أي سند شحن صادر تنفيذا‬
‫هلا" اىل شرط التحكيم الوارد باملشارطة ‪ ،‬جعلت هذا الشرط يندمج يف سند الشحن ‪.‬‬

‫‪)2(Diop papa osmane; op cit; p50.‬‬


‫(‪ )3‬نقض مصري يف ‪ 19‬جويلية سنة ‪ 1298‬جمموعة أحكام النقض الانة ‪ 19‬ص ‪.913‬‬

‫‪154‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬سبب ومحل اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن سبب التحكيم يتمثل يف ارادة الطرفني يف حل النزاع الناشئ بينهما عن طريق التحكيم و على هذا‬
‫فإن الفرض األغلب األعم يتمثل يف أن الابب يكون دائما مشروعا (‪ ،)1‬و الابب يف اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري يعترب أحد عناصر الشروط املوضوعية هلذا االتفاق ‪ .‬و تتمثل مشروعية الابب يف أن‬
‫اتفاق أطراف عقد النقل البحري على التحكيم جيد سببه يف أن ارادة األطراف قد اتفقت على استبعاد‬
‫طرح النزاع على القضاء ‪ ،‬و تفويض األمر للمحكمني البحريني و هذا سبب مشروع دائما (‪.)2‬‬
‫أما عن ركن احملل يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬فهو ال خيتلف عن غريه من العقود يف هذا‬
‫الشأن ‪ ،‬حيث يعد حمل العقد ركنا أساسيا من أركانه و الذي ال ينعقد بدونه و يشرتط يف هذا احملل فضال‬
‫عن وجوده ‪ ،‬أن يكون مشروعا تطبيقا للنظرية العامة للعقد(‪. )3‬‬
‫إال أنه بالنابة التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري شرطا كان أو مشارطة فإنه جيب أن يتضمن شيئا‬
‫أخر و هو حتديد النزاع و املراد الفصل فيه عن طريق التحكيم و هذا هو اجلانب املوضوعي يف حمل اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬هذا النزاع هو الذي سيحدد اختصاص احملكم و الذي ال ميكنه الفصل‬
‫اال يف النزاع أو املنازعات اليت اتفق األطراف على أن يعهدوا هبا اليه و تفرض القوانني املقارنة مبدأين يف‬
‫هذا الشأن ‪ :‬األول و هو أن يكون موضوع اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري حمددا مبا فيه الكفاية‬
‫و الثاين هو قابلية حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري للتحكيم أي عدم خمالفة موضوعه للنظام‬
‫العام (‪.)1‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تحديد موضوع اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن حتديد موضوع اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري أي حتديد موضوع النزاع أو املنازعات اليت‬
‫سيفصل فيها احملكم أو احملكمون ‪،‬خيتلف حاب الصورة اليت أبرم فيها اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري إما يف صورة مشارطة حتكيم أو شرط حتكيم ‪.‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬معوض عبد التواب ‪ ،‬املاتحدث يف التحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.131‬‬
‫(‪)3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪،‬أركان اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪. 312‬‬
‫(‪)1‬عاطف الفقي‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪،‬املرجع الاابق‪،‬ص ‪. 123‬‬

‫‪155‬‬
‫فمشكلة حتديد النزاع أو املنازعات اليت ستعرض على التحكيم ال تثار عندما يربم اتفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري يف صورة مشارطة حتكيم حيث يكون النزاع قد نشأ بالفعل قبل ابرام املشارطة ‪ ،‬و بالتايل‬
‫يكون من الاهل حتديده فيها و بالتايل حتديد املهمة املوكول هبا اىل احملكم أو احملكمني و غريها من‬
‫البيانات اليت حتام األمور و ال تدع جماال للشك و اخلالف ‪.‬‬
‫كل ذلك على عكس ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف صورة شرط حتكيم ‪ ،‬حيث يتم ابرامه‬
‫قبل نشوء أي نزاع و بني أطراف ال يتوقعون حدوث أي نزاع على االطالق مما جيعلهم ال يولون عناية كبرية‬
‫لصياغة هذا الشرط التحكيمي ‪ ،‬ولذا ال مفر وقتها من ابرامه يف شكل نص عام ال حيدد فيه النزاع بصورة‬
‫كافية (‪.)1‬‬
‫و جيري حتديد صيغة النزاع يف شرط التحكيم يف عقود النقل البحرية النموذجية بطرق خمتلفة ‪:‬‬
‫فقد يطلق عليه اصطالح " نزاع " أو "خالف" أو "مطالبة " و ترتب هذه املصطلحات من حيث الذيق‬
‫و االتااع كالتايل ‪ ":‬مطالبة مث نزاع مث خالف " ‪ ،‬حبيث أن معظم املنازعات تنتج عن املطالبات اال أنه‬
‫ليس يف كل احلاالت تصبح املطالبة نزاعا فقد تكون جمرد خالف حول صحة بضاعة مالمة عن طريق‬
‫عقد نقل حبري ‪ .‬أما بالنابة للمرتتبات املالية للنزاع ميكن أن تنشأ حىت يقدم طلب التحكيم و بالتايل‬
‫فكلمة "خالف" أوسع نطاقا من كلمة "نزاع" و إن كانت من الناحية العملية تاتخدمان بالتناوب حاب‬
‫اللغة املاتعملة ‪.‬‬
‫كذلك ختتلف صياغة نص شرط التحكيم يف عقود النقل النموذجية البحرية من عقد ألخر ‪:‬‬
‫فمعظم شروط التحكيم يف هذه العقود جترى صيغة الشرط على أن ‪" :‬أي منازعات ناجتة من العقد"(‪)2‬‬

‫و جترى صيغ أخرى بعبارة " أي أو كل منازعات ناشئة طبقا هلذا العقد "(‪ ، )3‬وصيغ أخرى بعبارة ‪:‬‬
‫"أي منازعة تنشأ بني "(‪ ، )1‬و قد أعطى القضاء االجنليزي لعبارة" أي منازعة ناجتة عن العقد" معىن واسعا‬
‫حيث قضى بأن هذه الصيغة تغطي كل املنازعات الناجتة عن العقد حبيث ال خيرج عنها سوى املنازعات‬
‫اخلاصة مبا اذا كان هناك عقد أصال أو كان باطال من أساسه لعدم املشروعية مثال "(‪.)8‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عاطف الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.123‬‬
‫» ‪(2) « Any (All) disputes arising out (of) the contract‬‬
‫» ‪(3) « Any (All) disputes arising under this contract‬‬
‫» ‪(4) « Any disputes arise between‬‬
‫(‪)8‬حممد عاطف الفقي‪ ،‬املرجع الاابق ذكره ‪،‬ص ‪.128‬‬

‫‪156‬‬
‫العقد(‪")2‬‬ ‫و صيغ أخرى بعبارة ‪":‬أي نزاع ناشئ من " (‪، )1‬و صيغ بعبارة ‪" :‬أي نزاع ناشئ عن تنفيذ هذا‬
‫و صيغ أخرى بعبارة ‪ " :‬أي نزاع ينشأ ذو عالقة بالعقد " (‪. )3‬‬
‫و أخريا هناك صيغ جامعة ألكثر من صيغة من الصيغ الاابقة تضفي اتااعا أكثر على النزاع موضوع‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و موسعة بذلك من اختصاص احملكمني يف هذا اجملال ‪ .‬فعلى سبيل‬
‫املثال تأيت الصيغة ‪ " :‬أي نزاع بني أطراف عقد النقل البحري خبصوص أي موضوع ناتج أو متعلق هبذا‬
‫العقد أو بأي شرط فيه أو بشأنه "(‪. )1‬‬
‫و هكذا فإن اختالف الصيغ اليت تربم هبا اتفاقات التحكيم يف عقود النقل البحرية ترتب أثارها بالنابة‬
‫لضيق أو اتااع هذه االتفاقات التحكيمية من حيث املنازعات املتعلقة بعقود النقل هته و املعروضة على‬
‫التحكيم ‪.‬‬
‫اال أن الوضع الاائد يف اجملال البحري هو أن شروط التحكيم الواردة يف عقود النقل البحرية يغلب عليها‬
‫أن ترد بنص عام ال حيقق حتديدا كافيا النزاع حمل االتفاق على التحكيم اذ ال يكون النزاع قد نشأ وقت‬
‫ابرام اتفاق التحكيم ‪ ،‬بالتايل يقع على األطراف دراسة الصيغ الاائدة الختالف النتائج املرتتبة عليها من‬
‫حيث ضيق أو اتااع موضوع النزاع حمل اتفاق التحكيم ‪ .‬ويقع على عاتق القضاء الوطين التحقق من‬
‫وجود النزاع من عدمه ‪ ،‬أو التحقق اذا كان النزاع داخال ضمن نص شرط التحكيم الوارد يف عقد النقل‬
‫البحري و ذلك عند النظر يف صحة شرط التحكيم لتقرير ما اذا كانت احملكمة القضائية ستاتمر يف نظر‬
‫الدعوى اذا رفعت أمامها أم ستحيلها اىل التحكيم ‪.‬‬
‫كما يذهب بعض الفقه اىل القول بأنه ال توجد لغة أو صياغة حمددة ميكن عن طريقها االشارة اىل طبيعة‬
‫شرط التحكيم لتقرير ما اذا كان موسعا أو مذيقا ملفهوم النزاع ‪ ،‬فاألمر مرتوك للمحكمة اليت تنظر النزاع‬
‫حول صحة اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (‪.)8‬‬

‫ــــــــــ‬
‫» ‪(1) « Any (All) disputes arising from‬‬
‫» ‪(2) « Any (All) disputes arising during execution of this contract‬‬
‫» ‪(3) « Any (All) disputes arise conection with the contract‬‬
‫‪(1) « Any (All) disputes between the partie hereto as to any matter arising out of relating to this‬‬
‫» ‪contract or any stipulation herein or with respect hereto ….‬‬

‫(‪ )8‬و بالتايل ختتص احملكمة بالنظر يف وجود النزاع من عدمه بالنظر فيما اذا كان النزاع داخال يف موضوع االتفاق على التحكيم أم ال و قد تكون هذه احملكمة‬
‫احملكمة العادية للقضاء الوطين كما ميكنها أن تكون حمكمة حتكيمية‪ ،‬فكما رأينا أن احملكم له سلطة البث يف مدى اختصاصه مببدأ االخصاص باالختصاص‬
‫املقرر له يف كل االنظمة القانونية املقارنة ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫فقد قضى يف اجنلرتا بأن شرط التحكيم الذي إكتفى بالنص على أن ‪ ":‬التحكيم يعقد يف لندن " يفار‬
‫على أساس أنه يعىن أية منازعة طبقا ملشارطة االجيار حتل بطريق التحكيم يف لندن ‪.‬‬
‫كما قضى بأنه اذا نص شرط التحكيم الوارد يف عقد النقل حبري لشحنة أخشاب على أن ‪ ":‬أي‬
‫منازعات طبقا هلذا العقد و اليت ال يتوصل اىل حل ودي هلا حتال اىل التحكيم يف موسكو فيما عدا‬
‫املنازعات اخلاصة باملواصفات و حالة البضاعة و املقاسات و صحة املاتندات للبضائع املشحونة فتكون‬
‫حمال للتحكيم يف لندن " فإن املطالبة بالتعويض عن عدم تاليم املاتندات ال خيتص بنظرها التحكيم يف‬
‫لندن طبقا لشروط عقد النقل البحري ألهنا مطالبة ال تتعلق بصحة املاتندات ‪.‬‬
‫و يذهب بعض الفقه اىل أن املنازعات اليت تعترب حمال للتحكيم هي تلك الناشئة يف الفرتة الاابقة على‬
‫تعيني احملكم ‪ ،‬فاحملكم ليس له االختصاص يف املنازعات اليت مل تكن موجودة عند تعيينه إال لو اتفق‬
‫األطراف على غري ذلك (‪.)1‬‬
‫و اىل جانب أخر تنص لوائح التحكيم الصادرة عن مؤساات التحكيم البحرية على ضرورة اشتمال طلب‬
‫التحكيم املقدم إليها على وثائق و كل من شأنه توضيح موضوع النزاع (‪ ، )2‬و بعد ذلك قد ينظر احملكم‬
‫نفاه يف صيغة شرط التحكيم يف عقد النقل البحري مفارا اياه لتقرير ما اذا كان هناك نزاع أم ال ‪ ،‬و ما‬
‫اذا كان هذا النزاع يف حالة وجوده مما تشمله املنازعات حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫هذا وقد تطرقنا سابقا و حنن بصدد مدى توافر عنصر الرضا يف حق حامل سند الشحن امكانية اتااع‬
‫شرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار ليشمل منازعات سندات الشحن الصادرة مبوجبه و ما هي شروط‬
‫الواجبة إلمتداد شرط التحكيم و دجمه ‪.‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عاطف الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.233‬‬
‫(‪ )2‬فتقرر املادة الرابعة من الئحة التحكيم لغرفة التحكيم البحري بباريس على أنه حىت ينعقد االختصاص للغرفة جيب على املدعي تقدمي طلب التحكيم شارحا‬
‫فيه باجياز موضوع التحكيم ‪.‬‬
‫كذلك تقرر املادة الاادسة من الئحة حتكيم مجعية احملكمني البحرييني بنيويورك أنه جيب على طالب التحكيم ارسال مذكرة مكتوبة بذلك اىل الطرف األخر‬
‫‪،‬وينبغي أن حتوي مذكرة مكتوبة بذلك اىل الطرف األخر ‪ ،‬توضح طبيعة النزاع ‪.‬‬
‫كما تنص املادة احلادية عشر يف فقرهتا األوىل من الئحة حتكيم مجعية احملكمني البحريني بلندن أنه يتم اجتماعا متهيديا بني األطراف أو ممثليهم مع هيئة التحكيم‬
‫لتجهيز قائمة باملوضوعات اليت سوف تكون حمال للتحكيم ‪.‬‬
‫و أخريا تقرر املادة الثالثة يف فقرهتا الثالثة من الئحة حتكيم املنظمة الدولية للتحكيم البحري ضرورة أن يشتمل طلب التحكيم املقدم من املدعي على ملخص‬
‫ادعائاته و كذا الوثائق املثبتة لالتفاق التحكيمي ‪ ،‬و أي وثيقة من شأهنا أن توضح موضوع النزاع ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬قابلية محل اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري للتحكيم ‪.‬‬
‫يشرتط يف حمل التحكيم أن يكون من املاائل و املوضوعات اليت جيوز تاويتها بواسطة التحكيم (‪، )1‬‬
‫و عن قابلية املنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري للتحكيم‪ ،‬فإنه حىت يكون موضوع االتفاق فيها‬
‫مشروعا يشرتط أن يكون من بني املنازعات اليت ميكن حلها بواسطة التحكيم البحري ‪.‬‬
‫و ماألة قابلية منازعات عقد النقل البحري للحل عن طريق التحكيم البحري تثار بأحد الاببني ‪:‬‬
‫السبب األول ‪ :‬أن يكون أحد أطراف النزاع الناشئ عن عقد النقل البحري واملتفق على حله بواسطة‬
‫التحكيم البحري هي الدولة أو أحد األشخاص املعنوية العامة ‪ ،‬وهنا نكون بصدد عدم قابلية شخصية حلل‬
‫النزاع عن طريق التحكيم و قد رأينا سابقا و حنن بصدد حبث أهلية و سلطة الدولة أو الشخص املعنوي‬
‫العام يف ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬كيف أن الدولة واألشخاص املعنوية العامة ميكنها‬
‫و حيق هلا يف فرناا و اجنلرتا و الواليات املتحدة األمريكية و مصر و اجلزائر و أغلبية الدول و األنظمة‬
‫القانونية املقارنة ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و بالتايل أن تكون طرفا يف نزاع يعد حمال التفاق‬
‫حتكيم يف عقد نقل حبري(‪. )2‬‬
‫السبب الثاني ‪ :‬أن يكون النزاع املتفق على حله بواسطة التحكيم من بني املوضوعات اليت ثبت أن القانون‬
‫الوطين أو املبادئ القانونية العامة تقرر بصفة أمرة عدم جواز حلها حتكيميا ‪،‬أي أهنا من املاائل املتعلقة‬
‫بالنظام العام‪ .‬وهنا نكون بصدد عدم قابلية موضوع النزاع للحل عن طريق التحكيم و قد رأينا مابقا يف‬
‫العالقات البحرية اليت جيوز حلها بواسطة التحكيم كيف أهنا مجيعها من املاائل اليت جيوز حل منازعتها‬
‫بواسطة التحكيم مبا فيها عقد النقل البحري ‪ ،‬طاملا أهنا ال تعد عالقات دولة بدولة يف منازعات سياسية أو‬
‫اجتماعية وامنا هي منازعات هلا طابع جتاري‪ ،‬دويل و حبري ‪ .‬هذا و أن النابة الغالبة من التحكيمات‬
‫البحرية جتري خبصوص املنازعات املتعلقة بالنقل البحري سواء مت هذا النقل مبوجب سند الشحن تضمن‬
‫شرط حتكيم بني نصوصه أو أحال اىل شرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار اليت صدر الاند مبوجبها ‪ ،‬أو‬
‫مت النقل مبوجب مشارطة اجيار حيث يندر وجود مشارطة اجيار ختلو من شرط التحكيم ‪ ،‬فأكرب نابة من‬
‫التحكيمات البحرية و اليت تتم يف لندن تتعلق بعمليات النقل البحري باند الشحن أو مبشارطة االجيار‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة‪ 1339‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ ":‬ميكن لكل شخص اللجوء اىل التحكيم يف احلقوق اليت له مطلق التصرف فيها ‪.‬ال جيوز التحكيم يف املائل املتعلقة‬
‫بالنظام العام أو حالة األشخاص و أهليتهم ‪ .‬و ال جيوز لألشخاص املعنوية العامة أن تطلب التحكيم ‪ ،‬ما عدا يف عالقاهتا االقتصادية الدولية أو يف اطار‬
‫الصفقات العمومية "‪.‬‬
‫(‪)2‬حممد عاطف الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ص ‪.232‬‬

‫‪159‬‬
‫كما أن معظم أحكام التحكيم البحري الصادرة عن غرفة التحكيم البحري بباريس تتعلق بعمليات نقل‬
‫حبري(‪ ، )1‬و هذا ما يؤكد لنا قابلية منازعات عقد النقل البحري للتحكيم ‪.‬‬
‫تبقى فقط ماألة مدى جواز التحكيم يف عقد النقل البحري مرتبطة بطبيعة بعض املنازعات فيما يتعلق ‪:‬‬
‫باملنازعات اليت تدخل يف االختصاص املنفرد للقضاء الوطين ونقصد هبا حاالت االختصاص احمللي يف اطار‬
‫املعامالت الدولية يف بعض الدول‪ ،‬و كذا املنازعات املتعلقة باجراءات التنفيذ ‪ ،‬كما هناك خالف فقهي‬
‫و قضائي حول جواز االلتجاء اىل نظام التحكيم خبصوص الوجه املاتعجل من املنازعة املوضوعية لعقد‬
‫النقل البحري و املتفق على الفصل فيها عن طريق نظام التحكيم‪ ،‬سواء كان النزاع موضوع االتفاق على‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري معروضا بالفعل على هيئة التحكيم املكلفة بالفصل يف هذا النزاع البحري‬
‫موضوع االتفاق على التحكيم للفصل فيه‪ ،‬أم مل يكن قد عرض عليها بعد (‪. )2‬‬
‫إن املنازعات الناشئة عن تنفيذ عقود النقل البحرية تكون غالبا حمل النطق بإجراءات حتفظية يف انتظار‬
‫الفصل يف موضوع النزاع‪ ،‬ويف هته احلالة يعني خبري ليذكر أسباب فااد البضاعة املنقولة أو ليتفحص‬
‫وضعية الافينة املاتأجرة هل هي صاحلة للمالحة أم ال(‪.)3‬‬
‫ولكن الاؤال الذي يطرح من ميلك اختاذ اإلجراءات التحفظية أو الوقتية بعد االتفاق على التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري؟ وهل هي من اختصاص قاضي األمور املاتعجلة أو هي من اختصاص احملكم؟‪.‬‬
‫يف هته احلالة كجواب أول‪ ،‬الفقه الفرناي وضع مبدأ يامى "مبدأ اإلختصاص التنافاي"‬
‫' ‪ ' Principe de compétence concurrente‬هذا املبدأ يامح لكل من القاضي واحملكمني النطق‬
‫باإلجراءات التحفظية والوقتية(‪.)1‬إن هذا املبدأ خيتلف من نظام قانوين آلخر أو حاب نوع التدبري‬
‫التحفظي املطلوب اختاذه‪ ،‬ففي النظام االجنليزي يف قانون التحكيم الدويل لانة ‪ 1229‬يذكر االختصاص‬
‫املكمل بتدخل القاضي والذي يكون بالنطق باإلجراءات التحفظية ولكن فقط عند عدم التدخل الصحيح‬
‫هليئة التحكيم(‪.)4‬كما أنه يف بعض النظم القانونية هناك إجراءات حتفظية ال ميكن للمحكم النطق هبا وهي‬
‫اليت متثل مبدأ الالطة العامة يف الدولة‪.‬‬
‫حتت هته التحفظات القاضي واحملكم هلم سلطة تنافاية يف النطق باإلجراءات التحفظية هذا ما جيعل وجود‬
‫بعض اإلختالفات يف قراراهتم خبصوص نفس النزاع‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪) 1‬و هذا ما يظهر من خالل مراجعة أحكام التحكيم الصادرة عن غرفة التحكيم بباريس ‪ ،‬واملنشورة ملخصاهتا تباعا يف جملة القانون البحري الفرناي ‪.‬‬
‫)‪ (2‬أشرف عبد العليم الرفاعي ‪ ،‬اتفاق التحكيم واملشكالت العملية والقانونية يف العالقات اخلاصة الدولية‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪(3) Olivier Cachard, « les mesures conservatoires dans l’arbitrage maritime » , p 02.‬‬
‫‪)4( PH. Fouchar, E Gaillard, B Goldman, op cit, N° 1306, p725‬‬

‫‪160‬‬
‫أوال‪ :‬مدى اختصاص القضاء المستعجل بالوجه المستعجل من النزاع موضوع االتفاق على التحكيم‬
‫في عقد النقل البحري شرطا كان أم مشارطة‪.‬‬
‫أ)اإلجراءات التحفظية المتخذة من طرف القاضي‪.‬‬
‫إن اختصاص القاضي بالنطق باإلجراءات التحفظية معرتفا به وهو ذو تأثري على ما ميكن للمحكم‬
‫الفصل به يف موضوع النزاع موضوع االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن املتفق عليه يف القضاء الفرناي والقضاء املقارن أن اختصاص القاضي بالنطق باإلجراءات التحفظية ال‬
‫ميكن نزعه اذا حتققت حالة االستعجال ‪،‬ال باالتفاق عليه يف شرط التحكيم وال عن طريق أمر هيئة‬
‫التحكيم‪ ،‬كما أن طلب األطراف من القاضي النطق بإجراء حتفظي أو وقيت ال ينزع االختصاص من هيئة‬
‫التحكيم يف الفصل يف النزاع املوضوعي األصلي حمل االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫و القضاء الفرناي جيعل أيضا من اختصاص القاضي يف األمر مبصادرة سفينة مع أن احملكمني قد حكموا‬
‫بالعكس (‪. )1‬كما ميكن لألطراف أيضا أن يتفقوا على العهدة لقضاء الدولة بالفصل يف اإلجراءات الوقتية‬
‫والتحفظية على الرغم من اتفاقهم على اختصاص احملكم بالفصل يف موضوع املنازعة(‪.)2‬‬
‫ب) إمكانية إلغاء أو تعديل إجراء تحفظي بأمر من القاضي من طرف هيئة التحكيم‪.‬‬
‫عندما يأمر القاضي بإجراء حتفظي ألحد األطراف‪ ،‬الطرف األخر غالبا ما حياول إلغاء هذا اإلجراء أمام‬
‫هيئة التحكيم‪ .‬فإىل أي مدى ميكن حملكمة التحكيم جتميد أو توقيف اإلجراء التحفظي والذي نطق به‬
‫القاضي؟‪ .‬إن احملكم ال ميكنه تعديل أو إلغاء إجراء مل يقم بالنطق به‪ ،‬فقد مت تقدمي طلب حملكمة التحكيم‬
‫لألمر بتوقيف إجراء حتفظي متخذ من طرف قاضي مغريب و قد باء هذا االجراء بالفشل(‪.)3‬إال أنه ميكن‬
‫حملكمة التحكيم أن تؤكد وتؤيد إجراء حتفظي نطق به القاضي‪،‬ومع ذلك فالبعض يطالبون بإعطاء‬
‫االختصاص للمحكم حىت ياتطيع تغيري أو تعديل إجراء حتفظي نطق به القاضي وذلك لإلعطاء الفعالية‬
‫اإلجرائية هليئة التحكيم‪ ،‬إال أنه لتفادي مثل هذا النوع من املشاكل فيمكن اختيار احملكم منذ البداية لألمر‬
‫باإلجراءات الوقتية والتحفظية(‪.)1‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) cass. com, 08 juin 1995. n° 93-11446, Bull IV n° 170, p98: « l’existence d’une clause‬‬
‫‪compromissoire n’interdit pas, même après la saisine de la juridiction arbitrale, la mise en œuvre‬‬
‫‪d’une saisie concervatoire dans les conditions requise pour que cette saisie soit autorisée par la loi‬‬
‫‪applicable ».‬‬
‫(‪ )2‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫‪)3(Sentence CCI n° 4998, JDI, 1986 p 1139, obs, SI‬‬
‫‪)1( Olivier Cachard, les mesures conservatoires dans l’arbitrage maritime, op cit, p 06‬‬

‫‪161‬‬
‫ج) اإلجراءات التحفظية المتخذة من طرف المحكم‪.‬‬
‫إن خمتلف مصادر قانون التحكيم تعرتف باختصاص احملكم يف النطق باإلجراءات التحفظية(‪.)1‬‬
‫إن احملكمون يبنون اختصاصهم من الئحة التحكيم للمركز الذي اختاره األطراف للفصل يف نزاعهم‬
‫وبالطبع لوائح التحكيم اجلديدة تعطي احلق للمحكني لألمر هبذا النوع من اإلجراءات التحفظية وذلك يف‬
‫الظروف املختلفة ‪،‬وهذا ما أخذت به غرفة التحكيم البحري بباريس(‪ )2‬حبيث نصت يف الئحتها لانة‬
‫‪ 2331‬على مادتني ختتص باإلجراءات التحفظية ‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪ XI‬على أن احملكمني قبل النطق حبكم التحكيم ميكنهم األمر بكل إجراء وقيت أو‬
‫حتفظي أو كل إجراء توجيهي تنفيذي عند االقتضاء‪ ."...‬أما املادة ‪ V‬فتنص أنه ميكن طلب من حمكمة‬
‫التحكيم إجراء حتفظي‪ .‬كما أن الئحة مركز لندن للتحكيم البحري هي كذلك تتضمن أحكام خاصة‬
‫ماتلهمة من القانون األجنلوساكاوين(‪.)3‬‬
‫إن األحكام التحكيمية يف جمملها تؤكد مبدأ اختصاص احملكمني يف النطق باإلجراءات التحفظية وحىت‬
‫إمكانية حمكمة حتكيمية من أمر أحد األطراف بوضع ضمانات يف يد الطرف املتضرر(‪.)1‬‬
‫فالاؤال الذي ميكن طرحه هل هته اإلجراءات التحفظية اليت يأمر هبا احملكم تنفذ من قبل األطراف؟‬
‫إن ما هو مالحظ من الناحية العملية أن هته اإلجراءات تطلب يف بداية اخلصومة التحكيمية وبالتايل ففي‬
‫الغالب أهنا تنفذ وذلك خلوف األطراف أن يؤثر ذلك سلبا من جانبهم أثناء الفصل يف موضوع النزاع‪ ،‬أما‬
‫إذا مل يقم أحد األطراف بتنفيذ هذا النوع من اإلجراءات ميكن يف هذه احلالة اللجوء إىل القاضي لألمر‬
‫بالتنفيذ اجلربي‪.‬‬
‫إن القانون املقارن أيضا يعرتف بإختصاص احملكم يف األمر باإلجراءات التحفظية خاصة اليت استنبطت‬
‫أحكام قانون التحكيم من القانون النموذجي للتحكيم التجاري‪.)8( CNUDCI‬‬
‫ــــــــــ‬
‫‪)1( Olivier Cachard, les mesures conservatoires dans l’arbitrage maritime, op cit, p 6‬‬
‫‪)2( http://www.arbitrage-maritime.org‬‬
‫‪)3( Olivier Cachard ; les mesures conservatoires dans l’arbitrage maritime, op cit, p 7.‬‬
‫‪)1( Sentence CCi n° 9154, Bull, CCI 2000, vol 11/1, p 103/104 par Olivier Cachard, OPcit, p3‬‬
‫‪(8) Art. 17 de loi, type de la CNUDCI sur l’arbitrage commercial international, intégré en 1996 pouvoir du‬‬
‫‪tribunal arbitral d’ordonner des mesures provisoires « Saul convention contraire des parties, le tribunal‬‬
‫‪arbitral peut, à la demande d’une partie, ordonner à toute partie de prendre toute mesure provisoire ou‬‬
‫‪conservatoire qu’il juge nécessaire en ce qui concerne l’objet du différent. Le tribunal arbitral peut, à ce titre,‬‬
‫» ‪exiger de toute partie le versement d’une provision appropriée‬‬

‫‪162‬‬
‫والقانون البلجيكي(‪.)2‬كما أقر املشرع اجلزائري اختصاص‬ ‫الاوياري(‪)1‬‬ ‫وهكذا احلال بالنابة للقانون‬
‫احملكم باالجراءات التحفظية و الوقتية كأصل عام يف املادة ‪ 1319‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج (‪.)3‬‬
‫كما أن بعض القوانني تلتزم الصمت يف هته النقطة ‪ ،‬إال أهنا يف الغالب تعرتف بإختصاص احملكم للنطق‬
‫بالتدابري الوقتية والتحفظية وذلك ما يفرضه الواقع العملي‪ .‬وبالتايل ما ميكن استخالصه هو أنه كل من‬
‫القاضي واحملكم هلم االختصاص يف النطق باإلجراءات الوقتية والتحفظية وهذا حاب ظروف الفصل يف‬
‫املنازعة حمل االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عدم قابلية التحكيم في المنازعات المتعلقة باجراءات التنفيذ الجبري‪.‬‬
‫ال جيوز التحكيم كذلك يف املنازعات املتعلقة بإجراءات التنفيذ وفقا للقاعدة اليت تقضي بأن اجراءات‬
‫التنفيذ إمنا جتري حتت اشراف القضاء و رقابته ‪ ،‬فال يتصور مثال أن حيكم حمكم يف صحة أو بطالن‬
‫اجراءات التنفيذ اليت تتم بواسطة القضاء(‪)1‬فيما خيص نزاع متعلق بعقد نقل حبري ‪ ،‬وكذلك بشأن الدعوى‬
‫املتعلقة بتلك االجراءات أو اتباع وسائل أخرى للتنفيذ (‪. )8‬‬
‫ثالثا ‪:‬القابلية للتحكيم و المسائل التي تدخل في االختصاص الدولي األمر للمحاكم الوطنية ‪.‬‬
‫تنظم القوانني املقارنة االختصاص الدويل حملاكمها الوطنية ‪ ،‬و بالتايل قد احتدم اخلالف بني فقهاء القانون‬
‫املقارن حول مدى تعلق القواعد املنظمة لذلك االختصاص بالنظام العام من عدمه ؟ ‪ .‬فقد قيل أن قواعد‬
‫االختصاص الدويل من النظام العام ‪ ،‬حبابان أن هذه "القواعد حتدد والية قضاء الدولة إزاء املنازعات اليت‬
‫تثور على اقليمها و ترتبط بذلك بوظيفة أساسية من وظائف الدولة و هي أداء العدالة يف االقليم ‪...‬عن‬
‫طريق سلطتها القضائية بغرض حتقيق مصلحة عامة هي اقرار النظام والاكينة يف االقليم و تلك اعتبارات‬
‫متس بالضرورة صميم النظام العام ‪ ".‬غري أننا نرى أن هذا الرأي مل يعد يتماشى مع احلقيقة الواقعية ‪،‬‬
‫والقانونية الاائدة يف دول العامل األن ‪ ،‬على األقل يف خصوص منازعات التجارة الدولية ‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫‪(1) Art. 183al. 1 de la loi fédérale sur le droit international privé du 18 déc. 1987 « Sauf convention contraire, le tribunal‬‬
‫‪arbitral peut ordonner des mesures provisionnelles ou des mesures conservatoires à la demande de l’une des parties » et‬‬
‫‪183 al.3 « le tribunal arbitral ou le juge peuvent subordonner les mesures provisionnelles ou les mesures conservatoires‬‬
‫‪qu’ils ont été requis d’ordonner à la fourniture de sûretés appropriées‬‬
‫‪(2) Art. 1696-1° du code Judiciaire Belge « Sans préjudice de l’application de l’article 1679.2, le tribunal arbitral peut‬‬
‫» ‪ordonner des mesures provisoires et conservatoires à la demande d’une partie, à l’exception de la saisie conservatoire‬‬
‫‪et art. 1696-2° « le tribunal arbitral peut ordonner une enquête, une expertise, une descente sur les lieux, la comparution‬‬
‫‪personnelle des parties, recevoir le serment à titre décisoire ou le déférer à titre supplétoire. Il peut aussi, aux conditions‬‬
‫» ‪prévues à l’article 877 du présent Code. Ordonner la procédure de document détenus par une partie‬‬

‫(‪ )3‬تنص املادة ‪ 1319‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ ":‬ميكن حملكمة التحكيم أن تأمر بتدابري مؤقتة أو حتفظية بناء على طلب أحد األطراف ‪."...‬‬
‫(‪)1‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضرسي‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪. 139‬‬
‫(‪ )8‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪. 322‬‬

‫‪163‬‬
‫فمن ناحية قد اعرتفت أغلب القوانني املقارنة بالتحكيم كطريق موازي وال نقول كطريق استثنائي ‪ ،‬لتاوية‬
‫املنازعات املدنية و التجارية و البحرية ‪ .‬بل ال نغايل اذا قلنا أن قضاء التحكيم صار هو القضاء الطبيعي‬
‫ملنازعات التجارة البحرية وخاصة يف عقود النقل البحرية ‪.‬‬
‫و يف هذا االطار سوف نتطرق اىل رأي القضاء الفرناي و القضاء املصري و القانون اجلزائري ‪.‬‬
‫أ) القانون الفرنسي و مدى تعلق قواعد االختصاص القضائي الدولي بالنظام العام ‪.‬‬
‫يتميز النظام القضائي يف القانون الفرناي بعدم استناده اىل قواعد تشريعية منظمة لالختصاص القضائي‬
‫الدويل للمحاكم الفرناية باستثناء املادتني ‪ 11‬و ‪ 18‬من القانون املدين الفرناي وتقرر أن اختصاص‬
‫احملاكم الفرناية اذا كان املدعي أو املدعى عليه فرنايا (‪.)1‬‬

‫وعلى الرغم من االنتقادات اليت وجهها الفقه اىل هذا القانون فان قانون املرافعات املدنية والتجارية‬
‫الفرناي الصادر يف ‪ 8‬ديامرب ‪ 1298‬واملعمول به يف أول يناير ‪ 1299‬مل يضع حل هلته املشكلة‪ ،‬فهو‬
‫مل يتضمن قواعد منظمة لالختصاص القضائي الدويل للمحاكم الفرناية‪ ،‬حبيث تضمن نصا خيص اخلضوع‬
‫االختياري وهو املادة ‪ 11‬بأن كل شرطا خيالف بطريق مباشر أو غري مباشر قواعد االختصاص احمللي يعترب‬
‫عدمي األثر هذا مامل يكن قد اتفق عليه بني أشخاص هلم صفة التاجر‪ .‬وبالتايل أثري الاؤال هل املواد الواردة‬
‫يف هذا التشريع واخلاصة مبعاجلة حاالت االختصاص احمللي وهي ‪ 12‬وما بعدها تطبق أيضا يف اطار‬
‫املعامالت الدولية(‪ )2‬؟‪.‬‬
‫لقد أمجع الفقه يف فرناا على ضرورة عدم جريان هذا احلظر يف اطار العالقات الدولية‪ ،‬فالرأي املاتقر‬
‫يف فرناا على جواز اخلروج عن االختصاص الدويل للمحاكم الفرناية ‪،‬والقائم على املادتني ‪18 ، 11‬‬
‫من القانون املدين‪ .‬اذ يعد االختصاص ميزة مرتتبة عن ثبوت اجلناية وبالتايل جيوز التنازل عنها ملن هي‬
‫مقررة يف مصلحته‪ ،‬فاذا كان املدعى عليه فرنايا واملدعي أجنيب أو فرناي فإن التنازل يتم باتفاقهما‪.‬‬
‫و بالتايل تصبح قواعد االختصاص الدويل غري متعلقة بالنظام العام(‪ ،)3‬فطبقا للقانون الفرناي جيوز‬
‫ألطراف عقد النقل البحري االتفاق على فض منازعاهتم بواسطة التحكيم مهما كانت وضعية رعاياه يف‬
‫النزاع ( مدعى أو مدعى عليه) ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬اتفاق التحكيم واملشكالت العملية والقانونية يف العالقات اخلاصة الدولية‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد احلداد‪ ،‬القانون القضائي اخلاص الدويل ‪ ،‬الفتح للطباعة ‪ ،1222‬صفحة ‪ 119‬وما بعدها عن أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬املرجع الاابق‬
‫ذكره‪.‬‬
‫(‪)3‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص‪.318‬‬

‫‪164‬‬
‫ب) القضاء المصري يقرر قاعدة عدم تعلق قواعد االختصاص القضائي الدولي بالنظام العام في‬
‫منازعات النقل البحري‪.‬‬
‫يعترب أغلب فقهاء مصر بأن قواعد االختصاص القضائي الدويل للمحاكم املصرية هي من قواعد النظام‬
‫العام اليت ال جيوز بناء على إرادة اخلصوم خمالفتها لصاحل حماكم الدول األجنبية‪ ،‬إن هذا الرأي خيالف ما‬
‫انتهى اليه قضاء حمكمة النقض يف عدة منازعات حبرية بالرغم من وجود نص يف القانون املصري مينع أن‬
‫يكون التحكيم يف اخلارج على يد أشخاص غري مصريني ‪ ،‬فرضى أطراف اخلصومة هو أساس التحكيم‬
‫وسوف نتعرض اىل موقف القضاء املصري من التحكيم األجنيب يف منازعة متعلقة بعقد نقل حبري ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪ -‬حكم محكمة النقض الصادر في ‪ 5‬مارس ‪6795‬‬
‫وتتخلص وقائع هذه القضية يف أن الطاعن بصفته أقام على املطعون ضدها دعوى جتارية باإلسكندرية‬
‫يطلب الزامها مببلغ من الفوائد القانونية‪ ...‬وقال شارحا لدعواه أنه بتاريخ ‪ 1291/2/23‬وصلت الباخرة‬
‫"حرييت" التابعة للشركة املطعون ضدها اىل ميناء االسكندرية‪ ،‬وعليها شحنة من زيت عباد الشمس حلااب‬
‫الطاعن‪ ،‬وقد اتضح عند تفريغ البضاعة املشحونة أهنا أصيبت بعدة اضرار قد حلقت بالبضاعة أثناء الرحلة‬
‫البحرية فياأل عنها الناقل‪.‬‬
‫دفعت الشركة املطعون ضدها بعدم قبول الدعوى لالتفاق يف مشارطة اجيار الافينة على شرط اهناء النزاع‬
‫بطريق التحكيم ‪ ،‬قضت حمكمة أول درجة بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى‪ ،‬استأنف الطاعن احلكم طالبا‬
‫الغائه واحلكم بطلباته الاابقة‪.‬‬
‫قضت حمكمة استئناف اإلسكندرية بتأييد احلكم املاتأنف‪ ،‬طعن الطاعن على هذا احلكم بطريق النقض‬
‫وقد أقيم الطعن على ثالثة أسباب ‪ ،‬حاصلها خمالفة القانون واخلطأ يف تطبيقه وما يعنينا يف هذا اجملال قول‬
‫الطاعن أن احلكم املطعون فيه بإعراضه عن الفصل يف نزاع من اختصاص القضاء العادي يكون قد أنكر‬
‫العدالة وخالف القانون وأخطأ يف تطبيقه مبا ياتوجب نقضه‪.‬‬
‫وقد ردت حمكمة النقض على ذلك قائلة‪:‬‬
‫"و حيث أن هذا النعي غري سليم ذلك أنه يبني من مدونات احلكم املطعون فيه أنه قال‪" :‬أنه يبني من‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الطعن رقم ‪ 183‬لانة ‪ 13‬ق‪ ،‬جمموعة أحكام النقض‪ ،‬لانة ‪ ،29‬ص ‪.838‬‬
‫كانت املنازعة يف هذا الصدد متعلقة بنقل حبري لشحنة من زيت عباد الشمس اىل مصر ومن مث داخله يف اختصاص احملاكم املصرية وفقا لقواعد االختصاص‬
‫الدويل اخلاصة هبا‪ .‬هذا احلكم مشارا اليه يف أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬اتفاق التحكيم واملشكالت العملية والقانونية يف العالقات اخلاصة الدولية ‪ ،‬املرجع‬
‫الاابق‪ ،‬ص‪.392‬‬

‫‪165‬‬
‫مراجعة مشارطة اإلجيار أهنا حمررة يف برييه بني مالكي الباخرة وشركة "فردريك حاكيم" كماتأجر عن نقل‬
‫محولة زيت على تلك الباخرة من كونيتانزا اىل االسكندرية "وأن البند الثامن عشر منها نص فيه على أن أي‬
‫منازعة تنشأ أثناء تنفيذ هذه املشارطة تعرض على التحكيم يف لندن‪.‬‬
‫واذا كان احلكم املطعون فيه قد رد على ما دفع الطاعن يف أن القضاء بعدم قبول الدعوى فيه انكار للعدالة‬
‫بقوله‪ ":‬ان شرط التحكيم يف اخلارج هو شرط صحيح طبقا ملفهوم املادة ‪ 111‬من قانون املرافعات امللغى‬
‫والذي انعقدت يف ظل مشارطة االجيار وسند الشحن موضوع النزاع وإن مثل هذا الشرط ال خمالفة فيه‬
‫للنظام العام‪.‬‬
‫ملا كان ذلك‪ ،‬وكانت ارادة اخلصوم هي اليت ختلق التحكيم وقد أقر املشرع جواز االتفاق عليه ولو مت يف‬
‫اخلارج دون أن ميس ذلك النظام العام يف مصر‪.‬‬
‫فان نعى الطاعن على احلكم املطعون فيه بإنكار العدالة اذ قضى بعدم قبول الدعوى نعى غري صحيح‬
‫ويكون الطعن برمته على غري أساس ويتعني رفضه‪".‬‬
‫يف ضوء ما تقدم ميكن القول أن شرط التحكيم الذي يقرر اجراء التحكيم يف اخلارج هو شرط صحيح‬
‫يف القانون املصري‪ ،‬على ذات الوجه القائم بالنابة لشرط التحكيم الوطين‪ ،‬وإن أثره الاالب الختصاص‬
‫احملاكم املصرية معرتف به فقها وقضاء‪ ،‬وحيث أن إحرتام ذلك الشرط ال يعد خمالفا للنظام العام يف مصر‬
‫وهذه النتيجة تضع النظام القانوين املصري يف هذا اجملال ال يف املوضع املوازي ألقلية ضئيلة من األنظمة‬
‫األجنبية‪ ،‬ولكن باألصح على ذات املرتبة مع شبه اإلمجاع يف األنظمة القانونية املعاصرة‪.‬‬
‫وهذه النتيجة كذلك ال ميكن اال أن تكون يف صاحل مصر يف انفتاحها على العامل اخلارجي ويف مضاعفة‬
‫مبادالهتا مع اخلارج (‪)1‬ويف صاحل املركز اإلقليمي للتحكيم بالقاهرة‪.‬‬
‫ج) مدى تعلق قواعد االختصاص الدولي بالنظام العام في القانون الجزائري ‪.‬‬
‫ال تعترب قواعد االختصاص القضائي الدويل قواعد إسناد‪ ،‬و إمنا تعترب قواعد مادية مهمتها حتديد احلاالت‬
‫اليت يعترب فيها القضاء الوطين خمتصا بالنظر يف املنازعات املشتملة على عنصر أجنيب (‪ .)2‬و أمام عدم وجود‬
‫أي نص تشريعي يتضمن القواعد العادية لالختصاص القضائي الدويل ال مناص من الرجوع اىل قواعد‬
‫االختصاص القضائي الداخلي ومدها اىل اجملال الدويل ‪ .‬وهذا ما أمجع علية الفقه وأيده القضاء املقارن يف‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اشرف عبد العليم الرفاعي ‪،‬اتفاق التحكيم واملشكالت العملية والقانونية يف العالقات اخلاصة الدولية ‪ ،‬املرجع الاابق‪.393 ،‬‬
‫(‪)2‬د‪.‬عراب بلقاسم ‪ ،‬القانون الدويل اخلاص اجلزائري‪-‬تنازع االختصاص القضائي الدويل ‪-‬اجلناية ‪،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫‪166‬‬
‫مناسبات خمتلفة (‪ .)1‬و القواعد اليت يتم مدها اىل اجملال الدويل هي قواعد االختصاص احمللي ال قواعد‬
‫االختصاص النوعي ‪ ،‬و بذلك نكون قد نقلنا قواعد االختصاص احمللي الداخلي اىل اجملال الدويل لكن مع‬
‫فارق أن قواعد االختصاص احمللي الداخلي حتدد لنا احملكمة املختصة داخل النظام القضائي اجلزائري ‪ ،‬أما‬
‫قواعد االختصاص القضائي الدويل فتبني لنا فقط اذا كان القضاء اجلزائري خمتصا أم ال ‪.‬‬
‫و عليه فإن املواد من ‪ 39‬اىل ‪ 13‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية (‪)2‬هي اليت يتم نقلها اىل اجملال‬
‫الدويل و عقد االختصاص وفقا للمحاكم اجلزائرية يف املنازعات ذات الطابع الدويل كلما كان ضابط‬
‫االختصاص املعتمد عليه موجودا يف اجلزائر ‪ ،‬وذلك أيا كانت جناية أطرافها ‪ .‬إال أنه نرى بأن نقل قواعد‬
‫االختصاص احمللي الداخلي اىل اجملال الدويل يتطلب ادخال تعديالت عليها لتكون متالئمة معه ‪.‬‬
‫و بالتايل قد يكون القضاء اجلزائري خمتصا بالنظر يف النزاع الدويل ‪ ،‬غري أن اخلصوم يتفقون على عرضه على‬
‫التحكيم ‪ ،‬فهل مثل هذا االتفاق الذي يعدل قواعد االختصاص القضائي الدويل ينتج أثره ‪ ،‬فتصبح هيئة‬
‫التحكيم خمتصة بالنظر يف النزاع ؟‬
‫ان القانون اجلزائري هو الذي قرر وحده ما اذا كان جيوز أو ال جيوز عقد االختصاص باالتفاق للقضاء‬
‫اجلزائري رغم عدم اختصاصه ‪ ،‬أو سلب االختصاص عنه رغم اختصاصه و عقده لقضاء دولة أخرى أو‬
‫للقضاء التحكيمي ‪.‬و بناء على ذلك واذا رجعنا اىل املادة ‪ 19‬من قانون االجراءات املدنية و االدارية(‪)3‬‬

‫فإننا جند أهنا جتيز للخصوم احلضور دائما باختياريما أمام القاضي ‪،‬حىت و لو مل يكن خمتصا حمليا بنظر‬
‫الدعوى ‪ ،‬مما يفيد بأن قواعد االختصاص القضائي احمللي ليات من النظام العام ألنه ميكن االتفاق على‬
‫خمالفتها ‪.‬‬
‫و ملا كانت قواعد االختصاص القضائي الدويل يف اجلزائر هي امتداد لقواعد االختصاص احمللي الداخلي ‪،‬‬
‫فهي من مث ليات من النظام العام و بالتايل ميكن االتفاق على خمالفتها ‪ ،‬فيصح االتفاق على سلب‬
‫االختصاص عن القضاء اجلزائري رغم اختصاصه واهلعدة به اىل القضاء التحكيمي ‪ .‬و هذا ينطبق بال شك‬
‫على حل املنازعات املتعلقة بعقود النقل البحرية خصوصا و أن املشرع اجلزائري كان أكثر مرونة يف هذا‬
‫النوع من املنازعات حبيث أنه أجاز للمدعي يف الدعوى الناشئة عن عقد النقل البحري حق االختيار بني‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪.‬عراب بلقاسم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)2‬هته املواد تقابل املواد ‪ 1‬و ‪ 2‬من قانون االجراءات املدنية اجلزائري القدمي ‪.‬‬
‫(‪)3‬هته املادة تقابل املادة ‪ 21‬من قانون االجراءات املدنية اجلزائري القدمي‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫حمكمة اقامة املدعى عليه أو حمكمة ميناء التفريغ حاب ما جاءت به املادة ‪ )1(918‬من القانون البحري‬
‫اجلزائري و هذه احلرية الختيار احملكمة الىت ستفصل يف النزاع هو يف اطار القانون الداخلي (‪. )2‬‬
‫و بالتايل فمن باب أوىل أن تكون هته احلرية أوسع نطاقا يف اجملال الدويل ‪ ،‬و بصيغة أخرى فإنه جيوز‬
‫االتفاق على التحكيم يف عقود النقل البحرية حىت ولو عقد االختصاص الدويل للمحاكم اجلزائرية وهذا ما‬
‫أكدته املادة ‪1339‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج حبيث أهنا أجازت التحكيم يف كل املاائل ما عدا املتعلقة بالنظام‬
‫العام ‪ ،‬و قد رأينا أن قواعد االختصاص القضائي الدويل هي قواعد غري متعلقة بالنظام العام ‪.‬‬
‫و قد نصت املادة ‪ 919‬من ق‪.‬ب‪.‬ج ‪":‬ال تاري أحكام هذا الباب‪،‬مع التحفظ لإلستثناءات احملددة فيما‬
‫يلي‪ ،‬إال يف حالة وجود اشرتاطات أخرى مل يتفق عليها صراحة ‪.‬وتاري عندد احلاجة األحكام اخلاصة‬
‫لإلتفاقية الدولية اليت تتناول هذا امليدان و اليت انضمت اليها اجلزائر و ذلك يف النقل البحري املتمم بني‬
‫املوانئ اجلزائرية و األجنبية " ‪.‬‬
‫إن هذا النص يبني صراحة أنه يف االطار العالقات الدولية ميكن وضع شروط خاصة يتفق عليها‬
‫األطراف و تكون حاب ما نصت عليه االتفاقية الدولية املنضمة اليها اجلزائر يف هذا الشأن ‪ ،‬إال أن‬
‫هذا النص ميكن أن حيدث نفس الصعوبات اليت تعرض هلا القضاء الفرناي ‪ ،‬وهي مدى نفاذ شروط‬
‫االختصاص القضائي أو شروط التحكيم املدرجة يف مشارطات االجيار أو سندات الشحن يف مواجهة‬
‫حامل الاند أو من حيل حمله كاملؤمن (‪ ،)3‬حبيث قد كان هناك جدل كبري و تعارض بني القرارات القضائية‬
‫يف هذا الصدد ‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 918‬من القانون البحري اجلزائري على أنه ‪ " :‬ترفع القضايا اليت تتعلق بعقد النقل البحري أمام اجلهات القضائية املختصة إقليميا حاب قواعد‬
‫القانون العام "‪.‬‬
‫(‪)2‬و من منازعات عقد النقل البحري – حتديد اجلهة القضائية املختصة حمليا ‪:‬‬
‫من املقرر قانونا " ترفع القضايا اليت تتعلق بعقد النقل البحري أمام اجلهات القضائية املختصة إقليميا حاب قواعد القانون العام "‬
‫ومن مث فإن قضاة املوضوع ملا ألزموا الشركتني املدعيتني برفع دعوايما أمام حمكمة مقر إقامة املدعيتني برفع دعوايما أمام حمكمة مقر إقامة املدعي عليه رغم أن املادة‬
‫‪ 918‬من القانون البحري متنح للمدعي حق االختيار بني حمكمة مقر إقامة املدعي عليه الأو حمكمة ميناء التفريغ ‪ .‬ومىت كان كذلك استوجب النقض ‪.‬‬
‫ملف ‪ 192929‬بناريخ ‪ 1229-12-19‬االجتهاد القضائي ‪ .‬عن ‪ :‬نبيل صقر ‪ ،‬القانون البحري و النصوص التنظيمية اخلاصة باملالحة البحرية ‪ ،‬اجتهاد‬
‫احملكمة العليا ‪ ،‬دار اهلدى ‪ ،‬عني مليلة –اجلزائر ‪،‬ص ‪. 198‬‬
‫‪(3)M.BOUABDELLAH Med , La Subrogation de l’assureur dans le contrat de tarnsport maritime ,‬‬
‫‪colloque international sur « Le contentieu maritime » ,Oran les 02 et 3 Mai2009 , p 02 .‬‬

‫‪168‬‬
‫و أخريا إن ما ميكن قوله بصدد قابلية حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري للتحكيم ‪ ،‬فإنه يف‬
‫اعتقادنا أن اعتماد القوانني املقارنة فكرة النظام العام ملنع قضاء التحكيم عن بعض املاائل ‪ ،‬ال ميكن‬
‫اعماله يف موضوعنا هذا اال بعد التفرقة بني النظام العام الداخلي و النظام العام الدويل‪ ،‬فليس كل ما يعد‬
‫من األول يعد من الثاين ‪ ،‬فالواقع أنه ليس كل ماألة منظمة بقواعد أمرة يف القانون الداخلي ‪ ،‬تعد متصلة‬
‫بالنظام العام الدويل و خترج من نطاق املاائل اليت ال جيوز التحكيم فيها‪.‬‬
‫فال جيب النظر فقط اىل األساس القاعدي للماألة حمل النزاع وما اذا كانت منظمة بقواعد أمرة من عدمه ‪،‬‬
‫بل جيب أن ننظر اىل األثار الواقعية و الفعلية للفصل يف تلك املاألة و تعارضها مع اعتبارات النظام العام‬
‫الدويل ‪ .‬و قد رأينا هذا يف امكانية أن يقوم احملكم باختاذ االجراءات التحفظية و الوقتية رغم كوهنا متعلقة‬
‫بالنظام العام الداخلي و لكنها غري مرتبطة باعتبارات النظام العام الدويل وذلك لالعتبارات العملية اليت‬
‫فرضت دوليا خاصة يف جمال النقل البحري‪.‬‬
‫و رأينا بأن املادة ‪ 919‬من ق‪.‬ب‪.‬ج قد نصت بأنه ال تاري أحكام الباب اخلاص بنقل البضائع حبرا إال‬
‫إذا مل تكن هناك إشرتاطات أخرى ‪ ،‬كما تاري عند احلاجة األحكام الدولية اليت انضمت اليها اجلزائر يف‬
‫هذا الباب ‪.‬‬
‫إال أن ما جتدر االشارة اليه أن اجلزائر إنضمت يف هذا الشأن إال إلتفاقية واحدة وهي اتفاقية بروكال لعام‬
‫‪ 1221‬و اليت مل تنص على التحكيم كوسيلة لفض منازعات النقل البحري‪ ،‬و بالتايل يبقى الاؤال‬
‫مطروحا على مدى صحة اتفاقات التحكيم طبقا ألحكام القانون البحري اجلزائري ‪ .‬إال أنه مادام أن عقد‬
‫النقل البحري هو عقد جتاري يف طبيعته فيجوز طبقا ألحكام القانون التجاري الدويل يف اجلزائر اللجوء اليه‬
‫إذا إتفق أطرافه على ذلك ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الشروط الشكلية التفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫األصل يف االتفاقات و العقود الرضائية ‪ ،‬و املفرتض أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو‬
‫عقد باملعىن احلقيقي خيضع هلذه القاعدة (‪ . )1‬إن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تصرف قانوين‬
‫و بالنظر اىل طابعه الدويل باألقل يف معامالت التجارة الدولية ‪ ،‬فهو يثري ماألة تنازع القوانني يف شأن‬
‫متطلباته الشكلية كما هو الشأن يف موضوعه ‪،‬و بالتايل يتم فيه إعمال القواعد العامة حلل تنازع القوانني‬
‫يف الشكل أي أنه خيضع لقاعدة قانون احملل حيكم الشكل ‪ .‬مبعىن أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫يكون صحيحا إذا مت يف الشكل الذي يقرره قانون الدولة اليت أبرم فيها االتفاق و مت فيها التعبري عن ارادة‬
‫أطرافه بنزع اإلختصاص بتاوية النزاع الناشئ عن عقد النقل البحري من قضاء الدولة و ختويله للتحكيم‬
‫البحري ‪.‬‬
‫و هبذا قضت هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس عام ‪ 1211‬بأنه ‪":‬يف أي معاملة دولية ميكن‬
‫لشكل اتفاق التحكيم أن يلتزم أيضا بقانون مكان ابرام االتفاق طبقا ملبدأ احملل حيكم شكل التصرف"(‪. )2‬‬
‫إال أنه بالنظر للطابع التخريي لقاعدة قانون احملل حيكم الشكل ‪ ،‬فإن اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري ميكن أن يكون صحيحا من ناحية الشكل الذي يفرغ فيه إذا استوىف الشكل ليس الذي يفرضه‬
‫قانون حمل ابرامه ‪ ،‬بل الذي يفرضه قانون اإلرادة واجب التطبيق على موضوع اتفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري ‪ ،‬حبيث يصبح القانون الذي اختاره أطراف هذا العقد هو الواجب التطبيق على موضوع‬
‫و على شكل اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫و رغم احللول اليت عرضناها و اليت مازالت بعض الدول تتبناها و تؤمن بصالحية منهج تنازع القوانني لفض‬
‫خمتلف أنواع تنازع القوانني يف العالقات اخلاصة الدولية ‪ ،‬فاالجتاه املروج لقضاء التحكيم والذي يرى فيه‬
‫القضاء الطبيعي ملنازعات التجارة الدولية ينادي بتجنب إعمال منهج تنازع القوانني يف جمال التحكيم ‪.‬‬
‫و بالتايل جيب االعرتاف بصحة وسالمة اتفاق التحكيم من حيث الشكل و ذلك استقالال عن العقد‬
‫األصلي وما ياتلزمه القانون الواجب التطبيق ‪ ،‬بل واستقالال عن أي قانون وطين أخر‪ ،‬وهذا ما يامى‬
‫مبنهج القواعد املادية أو املوضوعية ‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪)1‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪)2( « dans l’affaire international ,(la) forme (de la convention d’arbitrage ) peut assi respecter la loi‬‬
‫» ‪du lieu de conclusion de l’accord selon le principe locus regit actum‬‬
‫حكم يف القضية رقم ‪ 8132‬الصادر يف زيوريخ ‪ ،‬منشور يف كلوين ‪، 1211‬ص‪.1121‬‬

‫‪170‬‬
‫و مهما يكن فإنه سواء كان القانون الواجب التطبيق على شكل اتفاق التحكيم هو القانون الذي حتدده‬
‫قواعد تنازع القوانني أو كان قاعدة مادية أو موضوعية ‪ ،‬فإنه من املالئم التعرف على حقيقة و نوع الشكل‬
‫املطلوب يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف القوانني الوطنية حمل البحث ‪ ،‬و يف املعاهدات‬
‫الدولية ويف لوائح التحكيم البحري و نتااءل عما إذا كان يشرتط شكال معينا إلبرام اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري كالرمسية أو الكتابة أم يكفي ابرامه شفاهة ؟‪.‬‬
‫و لإلجابة على هذا التااؤل سوف نقام هذا املبحث اىل مطلبني ‪ :‬املطلب األول هو عن الكتابة كشرط‬
‫إلبرام أو إلثبات اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬أما املطلب الثاين سيضم شكل اتفاق التحكيم‬
‫باإلحالة يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪:‬الكتابة كشرط إلبرام أو إلثبات اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫هناك من التشريعات ما جعل من اتفاق التحكيم اتفاقا شكليا ‪ ،‬بإستلزامه الكتابة ركنا يف اتفاق التحكيم‬
‫الزم لوجوده ال يصح من غريه‪ ،‬و نتيجة لذلك فإن أي اتفاق حتكيم يف عقد نقل حبري ال يكون مكتوبا‬
‫طبقا هلته القوانني يكون باطال ال أثر له ‪ ،‬كما يبطل اتفاق األطراف على استبعاد الكتابة يف هذا االتفاق‬
‫على التحكيم (‪.)1‬‬
‫كما يتجه جانب أخر من التشريعات إىل جعل الكتابة جمرد وسيلة الثبات االتفاق على التحكيم‬
‫حبيث أن انعدام الكتابة ال يؤدي اىل انعدم هذا االتفاق أو بطالنه ‪ ،‬بل جيعله عند انكاره بدون فعالية ‪.‬‬
‫كما أن كافة قوانني التحكيم قد اتفقت على أنه يف حالة اتفاق التحكيم املربم يف صورة تبادل ماتندات‬
‫كتابية أو برقيات أو ما شاهبها تكون بدورها دليال على أهنا اجيابا مثبتا بالكتابة قد تالقي مع قبول أفرغ‬
‫التعبري عنه كذلك يف نص مكتوبا‪ ،‬وأن املناط يف توافر أو عدم توافر هذه الصورة املاتحدثة من اتفاقات‬
‫التحكيم هو وجود تبادل للماتندات املكتوبة اذ يكتفي بوجود ماتندات كتابية متبادلة بني الطرفني للقول‬
‫بوجود اتفاق حتكيم‪ .‬حبيث يتعني التاليم بتحقيق االتفاق عند التأكد من امتام التبادل‪ ،‬كما أن اهلدف من‬
‫تبادل املاتندات كتابيا هو االطمئنان اىل أن األطراف كانوا على علم كاف بوجود اتفاق التحكيم حاب‬
‫املراسالت والوثائق املتبادلة(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫(‪ )2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬

‫‪171‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الشكل المطلوب النعقاد اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري و األنظمة المقارنة‪.‬‬
‫قد اختلفت التشريعات وكذا التشريع الدويل (اتفاقية نيويورك) والقضاء يف فكرة شكل اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫فاتفاقية نيويورك لانة ‪* 1281‬مل تتكلم عن الشكلية يف اتفاق التحكيم بصورة مباشرة‪،‬وإمنا أشارت إليها‬
‫يف معرض تطرقها اىل ماألة أخرى‪ ،‬اذ أقرت بأحقية القاضي يف عدم تنفيذ التحكيم اذا كان التحكيم غري‬
‫موجود‪ .‬و قد تطلبت املادة الثانية يف فقرهتا األوىل من اتفاقية نيويورك بشأن االعرتاف و تنفيذ أحكام‬
‫التحكيم الدولية أن ‪ ":‬كل دولة موقعة ستعرتف بإتفاق التحكيم املكتوب‪،)1( "....‬و بالتايل فقد جعلت‬
‫من اتفاق التحكيم اتفاقا مكتوبا‪.‬مث عرفت هذا االتفاق يف الفقرة الثانية من نفس املادة بأنه‪ ":‬شرط‬
‫التحكيم يف عقد أو اتفاق التحكيم املوقع عليه من األطراف ‪ ،‬أو االتفاق الذي تضمنته اخلطابات املتبادلة‬
‫أو الربقيات" ‪ ،‬و بالتايل فأن اتفاقية نيويورك جاءت حبد أدىن الميكن للدول أن ختالفه(‪.)2‬‬
‫أوال ‪ :‬القوانين المقارنة التي تتطلب الشكل النعقاد اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫يتطلب القانون اجلزائري أيضا أن تربم اتفاقية التحكيم مبوجب عقد كتايب واال فإهنا تقع باطلة حاب ما‬
‫جاء يف القانون القدمي _ املرسوم ‪ 32/23‬يف املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 32/31‬أنه " جيب من حيث الشكل‬
‫وحتت طائلة البطالن أن تربم اتفاقية التحكيم مبوجب عقد كتايب "‪ .‬كما تبىن املشرع نفس االجتاه يف القانون‬
‫اجلديد يف املادة ‪ )3(1313‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج حاليا حبيث نصت أنه ‪ " ":‬جيب من حيث الشكل وحتت‬
‫طائلة البطالن أن تربم اتفاقية التحكيم كتابة ‪ ،‬أو بأية وسيلة أخرى جتيز االثبات بالكتابة‪".‬‬
‫مبعىن أن النعي على ضرورة اشرتاط الكتابة يف اتفاق التحكيم جيعل من شرط الكتابة شرط وجود وليس‬
‫جمرد شرط اثبات ‪ ،‬واجلدير بالذكر أن املادة الاابق ذكرها متجاناة مع املادة ‪ 2‬التفاقية نيويورك لانة‬
‫‪ .1281‬فهته املادة تبني بأن أي شكل من الكتابة مقبول‪ ،‬إال أن املشرع اجلزائري حينما نص يف املادة‬
‫‪ )1(1313‬بأن الكتابة حتت طائلة البطالن بالنابة للتحكيم التجاري الدويل‪ ،‬فبهذا يكون قد خرج عن‬
‫االلتزامات اليت تفوضها اتفاقية نيويورك‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫*اتفاقية نيويورك لانة ‪ 1281‬و اخلاصة بتنفيذ أحكام التحكيم و قد انضمت إليها اجلزائر سنة ‪. 1211‬‬
‫)‪ (1‬املادة ‪ 2‬من اتفاقية نيويورك لانة ‪.1281‬‬
‫)‪ (2‬األستاذ مصطفى تراري الثاين ‪ ،‬حمضرات يف التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬قام املاجاتري القانون اخلاص ‪ ،‬جامعة معاكر‪ ،‬الانة اجلامعية ‪.2339/2339‬‬
‫(‪ )3‬عليوش قربوع‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫(‪ )1‬املادة ‪ 1313‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ ....." :‬جيب من حيث الشكل وحتت طائلة البطالن أن تربم اتفاقية التحكيم كتابة‪ ،‬او بأية وسيلة اتصال أخرى جتيز‬
‫االثبات بالكتابة ‪."......‬‬

‫‪172‬‬
‫ان اتفاقية نيويورك جاءت حبد أدىن فجاء املشرع اجلزائري حبد أعلى من احلد األدىن هلذه االتفاقية اذ‬
‫أضاف "حتت طائلة البطالن " ‪ ،‬و قد أخذ املشرع اجلزائري مبنهج القواعد املادية أي أنه تناىف ماألة تنازع‬
‫القوانني يف جمال التحكيم التجاري الدويل‪.‬‬
‫أما القضاء اجلزائري فقد أقر بعضه يف ظل قانون االجراءات املدنية القدمي اىل القول بأنه ميكن للقاضي‬
‫اجلزائري تعطيل أحكام املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 31‬فيما يعين الكتابة حتت طائلة البطالن‪ ،‬ويطبق فقط ماجاء‬
‫يف اتفاقية نيويورك أي بطلب الكتابة فقط ‪.‬‬
‫أما عن موقف التشريعات الوطنية املقارنة‪ ،‬فاملشرع الفرناي يف مرسوم سنة ‪ 1213‬اخلاص بالتحكيم‬
‫الداخلي هنج منهج املشرع اجلزائري ‪ ،‬اذ جعل اتفاق التحكيم مكتوب حتت طائلة البطالن‪.‬‬
‫بينما بالنابة للتحكيم التجاري الدويل فلم ينص على هذا احلكم‪ ،‬بل أشار فقط اىل أن قواعد التحكيم‬
‫الداخلي عموما تطبق على التحكيم التجاري الدويل ولكن ليات هلا الصفة اآلمرة وهذا يعترب حكم عام‪.‬‬
‫وبالتايل مادام القانون الداخلي يفرض كتابة اتفاق التحكيم حتت طائلة البطالن ومادام أن هذا احلكم‬
‫ليات له الصفة اآلمرة‪ ،‬فناتنج أن الكتابة هنا ليات شرطا للتحكيم فاملهم كان يتطلب القانون الفرناي‬
‫أن تكون هنالك ارادة حقيقية التفاق األطراف على التحكيم "‪.)1( "une volonté caractérisé‬‬
‫لذلك يقول الكثري من الفقه الفرناي بأن اتفاقية نيويورك تعداها الزمن كوهنا تشرتط الكتابة‪ ،‬وبالتايل‬
‫املشرع الفرناي أتى بقاعدة أدىن من احلد األدىن و اليت أتت به هذه اإلتفاقية و هذه القاعدة هي‬
‫أنه‪":‬تكفي وجود ارادة معربة عن نية األطراف يف التحكيم" ‪.‬‬
‫و يرى األستاذ فوشار‪ ph- Fouchard‬بأن جتاوز فرناا إلتفاقية نيويورك بالنابة لشكل اتفاق التحكيم‬
‫راجع اىل كون طبيعة قواعد اتفاقية نيويورك ليات بقواعد آمرة وملزمة‪ ،‬وإمنا جاءت حبد أدىن الذي على‬
‫الدول أن تلتزم به‪ ،‬ويرى هذا الفقيه أنه الحرج وال إمث على الدول إذا ما تبنت مواقف أكثر تقدما وتعطي‬
‫حد أقصى‪ .‬و عليه اذا كان هنالك تعارض مابني اتفاقية دولية وقانون داخلي فهنا يطبق القاضي القانون‬
‫الداخلي اذا كان مينح قواعد أكثر فائدة من قواعد االتفاقيات الدولية ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬بالرغم من أنه كان هناك خلط عند بعض قضاة حمكمة النقض ا لفرناية و الذين خالفوا مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن العقد األساسي و حاولوا ربط‬
‫شكل اتفاق التحكيم بشكل العقد األساسي و هذا غري منطقي و ال أساس له من الصحة ‪ .‬و كان هذا يف قضية ‪:‬‬
‫‪Dans l’affaire Gassia le 10 juillet 1990 , rev .arb.1990.p 855‬‬
‫‪PH. Fouchar, E Gaillard, B Goldman, op cit, p 376.‬‬

‫‪173‬‬
‫كما أن القضاء الفرناي حينما يطبق أحكام القانون الداخلي على اتفاق التحكيم فهذه األحكام ليات‬
.‫ذات صبغة آمرة وإمنا ميكن له أن ال يطبق القاضي حكم الكتابة حتت طائلة البطالن ويطبق الكتابة فقط‬
‫ أي هل هنالك إرادة صرحية إلتفاق‬،‫بل أكثر من ذلك أصبح القضاء الفرناي يبحث عن النية احلقيقية‬
. )1(‫التحكيم وبالتايل يكفي وجود نية يف التحكيم وهذا موقف متقدم عن موقف اتفاقية نيويورك‬
‫)من قانون املرافعات املدنية الفرناي‬2( 1487 ‫إال أن هناك جانب من الفقه الفرناي ياتشهد بنص املادة‬
‫اجلديد على أنه النص الذي ميكن أن ياتخلص منه ضرورة افراغ اتفاق التحكيم الدويل يف شكل حمدد‬
‫ من نفس القانون يف اطار التحكيم التجاري‬1818 ‫ و كذا نص املادة‬. ‫وهذا يف اطار التحكيم الداخلي‬
‫الدويل حيث يفيد هذا النص بشأن االعرتاف وتنفيد أحكام التحكيم الصادر يف اخلارج بشأن التحكيم‬
‫الدويل على أنه " يتعني اثبات وجود اتفاق التحكيم عن طريق تقدمي أصل احلكم مصحوبا باتفاق التحكيم‬
.(3)" ‫أو صور من الوثائق املتضمنة للشروط املتطلبة‬
‫ــــــــــــ‬
: ‫ يف اطار حبث ـ دراسة دكتوراه ـ بعنوان‬Françoise crépin ‫) هذا ما تقدمت به الباحثة‬1(
"L'existence du sentence international devant les tribunaux arbitraire Française »
‫ وهذه اجلهة القضائية متثلت أساسا يف‬،‫ وكان التغليب دائما للمرسوم‬1211 ‫فقط أحصت كل احلاالت اليت يوجد فيها تعارض بني معاهدة نيويورك ومرسوم‬
.‫حمكمة استئناف باريس‬

(2)articl du c.p.c 1487 « La sentence arbitrale n'est susceptible d'exécution forcée qu'en vertu d'une
ordonnance d'exequatur émanant du tribunal de grande instance dans le ressort duquel cette
sentence a été rendue

La procédure relative à la demande d'exequatur n'est pas contradictoire.

La requête est déposée par la partie la plus diligente au greffe de la juridiction accompagnée de
l'original de la sentence et d'un exemplaire de la convention d'arbitrage ou de leurs copies réunissant
les conditions requises pour leur authenticité.

L'exequatur est apposé sur l'original ou, si celui-ci n'est pas produit, sur la copie de la sentence
arbitrale répondant aux conditions prévues à l'alinéa précédent. »

(3)art 1515du c.p.c «L'existence d'une sentence arbitrale est établie par la production de l'original
accompagné de la convention d'arbitrage ou des copies de ces documents réunissant les conditions
requises pour leur authenticité.

Si ces documents ne sont pas rédigés en langue française, la partie requérante en produit une
traduction. Elle peut être invitée à produire une traduction établie par un traducteur inscrit sur une
liste d'experts judiciaires ou par un traducteur habilité à intervenir auprès des autorités judiciaires ou
administratives d'un autre Etat membre de l'Union européenne, d'un Etat partie à l'accord sur
l'Espace économique européen ou de la Confédération suisse. »

174
‫بينما يذهب جانب آخر من الفقه اىل اإلعتداد بنص املادة ‪ )1(1113‬من قانون املرافعات املدنية الفرناي‬
‫اجلديد ‪ ،‬حيث تنص الفقرة األوىل منها على أنه جيب أن يكون شرط التحكيم مكتوبا يف االتفاق األصلي‬
‫أو يف وثيقة يشري اليها هذا االتفاق واال كان باطال")‪.(2‬إال أنه جيب االشارة اىل أن الشكل املطلوب التفاق‬
‫التحكيم طبقا للقانون الفرناي ال يكون اال يف اطار التحكيم الداخلي‪ ،‬اذ أنه و يف اطار التحكيم التجاري‬
‫الدويل فقد نص قانون االجراءات املدنية الفرناي صراحة يف نص املادة ‪ 1839‬على أن اتفاقية التحكيم‬
‫ال ختضع ألي شكل حمدد و بالتايل ال ياتثىن منها يف اعتقادنا حىت أن تكون بطريقة شفوية (‪ .)3‬و بالتايل‬
‫ال داعي لاحب أحكام التحكيم الداخلي على التحكيم التجاؤي الدويل و ذلك لوجود قاعدة قانونية‬
‫مباشرة تقرر احلكم و االجتاه املتبع من طرف املشرع الفرناي فيما خيص شكل اتفاق التحكيم الدويل ‪.‬‬
‫كما اشرتط قانون التحكيم املصري لانة ‪ 1221‬لصحة اتفاق التحكيم أن يكون مكتوبا مقررا صراحة أن‬
‫الكتابة املطلوب توافرها يف اتفاق التحكيم هي النعقاده و ليس إلثباته فقط‪ ،‬حيث رتب هذا القانون على‬
‫ختلف الكتابة بطالن اتفاق التحكيم و هذا ما نصت عليه املادة الثانية عشر من هذا القانون ‪ " :‬جيب أن‬
‫يكون اتفاق التحكيم مكتوبا و إال كان باطال ‪ . )1( "....‬مث أضاف النص معرفا اتفاق التحكيم املكتوب‬
‫بأنه يكون كذلك " ‪...‬إذا تضمنه حمرر وقعه الطرفان أو اذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات‬
‫أو غريها من وسائل االتصاالت املكتوبة" ‪ ،‬هكذا يظهر لنا بأن كال من التشريعني املصري و اجلزائري قد‬
‫أخذا بنفس احلكم فيما خيص شكل اتفاق التحكيم و الذي جيب أن يكون مكتوبا حتت طائلة البطالن ‪،‬‬
‫كما نصا على كتابة اتفاق التحكيم بوسائل االتصال احلديثة ‪.‬‬
‫و بالتايل فإن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري وفقا هلذين القانونني ينقام اىل نوعني ‪( :‬األول) جيب‬
‫توقيعه من الطرفني إضافة اىل كتابته كأن يوقع الطرفان مشارطة إجيار متضمنة شرط التحكيم ‪،‬و( الثاين) ال‬
‫يشرتط توقيعه بل تكتفي كتابته كالرسائل املتبادلة أو الربقيات املتبادلة و اليت تظهر بوضوح اتفاق األطراف‬
‫كتابة على اللجوء للتحكيم(‪.)8‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean Robert, L’ARBITRAGE droit international privé, 6-eme édition, DALLOZ, p 238‬‬

‫‪(2)art 1443 du c.p.c « A peine de nullité, la convention d'arbitrage est écrite. Elle peut résulter d'un‬‬
‫» ‪échange d'écrits ou d'un document auquel il est fait référence dans la convention principale.‬‬

‫» ‪(3)art 1507 du c.p.c « La convention d'arbitrage n'est soumise à aucune condition de forme.‬‬

‫(‪)1‬د‪.‬األحدب‪ ،‬موسوعة التحكيم الدويل‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.182‬‬


‫(‪)8‬عاطف الفقي ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.239‬‬

‫‪175‬‬
‫أما القانون املغريب فيعترب الكتابة شرط انعقاد وليس شرط اإلثبات ‪،‬و قد ذهب القضاء املغريب اىل القول‬
‫بأنه أي شكل من أشكال الكتابة هو مقبول وليس الكتابة مبفهومها الداخلي‪.‬‬
‫أما عن املشرع اللييب فقد استلزم التوقيع أمام البند أو مشارطة التحكيم ‪ ،‬بل أكثر من ذلك جيب ذكر رقم‬
‫عقد التحكيم أي رقم العقد الذي جاء فيه اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم‪.‬كما رتب أيضا املشرع اليمين‬
‫بطالن اتفاق التحكيم اذا مل يكن مكتوبا يف املادة ‪ 18‬من قانون التحكيم اليمين (‪. )1‬‬
‫و هكذا فإنه جيب وفقا التفاقية نيويورك ‪ ،‬و قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري لانة ‪2331‬‬
‫ووفقا لقانون التحكيم املصري لانة ‪ 1221‬و كذا القانون املغريب و اللييب – أن يكون اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري مكتوبا و اال كان باطال ‪ ،‬و بالتايل يف مفهوم هذه القوانني االتفاق على التحكيم يف‬
‫عقود النقل البحرية الدولية ال ميكن أن يربم شفاهة ‪ .‬و كذا ال جيوز القبول الضمين التفاق التحكيم املربم‬
‫شفاهة و املقبول أمام هيئة التحكيم بأن يدعي أحد الطرفني وجود اتفاق حتكيم و ال ينكره الطرف األخر‬
‫بل ياتمر يف إجراءات التحكيم(‪ ، )2‬فعلى أطراف نزاع عقد النقل البحري حترير اتفاق التحكيم لضمان‬
‫حقوقهم أمام هته القوانني الوطنية و االتفاقية الدولية اذا ما حدث إشكال يف التنفيذ أو حتقق سبب من‬
‫أسباب بطالن احلكم التحكيمي ‪.‬‬
‫كما أنه و بالرغم من أن اتفاقية نيويورك مل ترتب صراحة جزاء البطالن على خمالفة مقتضى الشكلية‬
‫املطلوبة التفاق التحكيم ‪،‬إال أن الفقه قد أمجع على أهنا وضعت بوجوب كتابة اتفاق التحكيم قاعدة‬
‫موحدة تامو على القواعد الواردة يف قوانني الدول املوقعة‪ ،‬تقرر ضرورة توافر الشكل املكتوب كما قررته‬
‫االتفاقية حصرا بشرط التحكيم أو اتفاق التحكيم املوقع عليه من طرف األطراف أو بتبادل األطراف‬
‫للرسائل أو الربقيات ‪ ،‬وليس بأي طريق أخر ‪ ،‬فهذه القاعدة املوحدة تشمل احلد األقصى و احلد األدىن‬
‫ملما تتطلبه االتفاقية معا و يف آن واحد ‪:‬‬
‫‪-‬احلد األقصى حيث جيب على احملاكم عدم جتاوزه مبتطلبات أشد شكلية‪.‬‬
‫‪-‬احلد األدىن حيث جيب على احملاكم أال تقبل أقل منه بالنابة لشكل اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫ان اتفاقية نيويورك قد وضعت قاعدة تتطلب توافر الشكل املكتوب لصحة انعقاد اتفاق التحكيم و ليس‬
‫الثباته فقط مبعىن بطالن اتفاق التحكيم الغري املكتوب ‪ ،‬وعدم جواز إثباته بوسائل أخرى (‪.)3‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضرسي‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.239‬‬
‫(‪)3‬املرجع الاابق ذكره ‪،‬ص ‪.239‬‬

‫‪176‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اتفاقية روتردام لسنة‪*2262‬و الشكل المطلوب البرام اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫لقد أكدت اتفاقية روتردام و اخلاصة بالنقل البحري للبضائع يف املادة ‪ ،)1( 75‬و بطريقة غري مباشرة على‬
‫ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري كتابة عن طريق ضرورة حتديد اجراءات التحكيم و مكان‬
‫التحكيم يف هذا االتفاق إذا كان اتفاق التحكيم شرطا مدرجا يف عقد النقل‪ ،‬كما جيب التقيد بكل‬
‫شروط اإلتفاقية و إال كان شرط التحكيم يف عقد النقل البحري باطال ‪.‬إال أنه ما جيب اإلشارة اليه أن‬
‫اتفاقية روتردام شددت على وجوب كتابة البيانات اخلاصة باتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري اذا كان‬
‫شرطا مدرجا يف هذا العقد سواء يف مشارطة االجيار أو يف ماتند النقل أو يف الاجل االلكرتوين بينما يف‬
‫ــــــــــــ‬
‫* اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليا أو جزئيا‪ :‬مت التوقيع عليهايف ‪ 23‬أيلول‪/‬سبتمرب‬
‫‪ 2332‬يف روتردام‪ ،‬هولندا‪ ،‬وتوصي بأن تدعى القواعد اليت تنص عليها االتفاقية "قواعد روتردام"‪ ،‬وقد جاءت لتوحيد األحكام‬
‫القانونية اخلاصة بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر كليا وجزئيا و األخذ بعني اإلعتبار وسائل النقل احلديثة ‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫النقل باحلاويات و عقود النقل من باب اىل باب و استخدام وثائق النقل االلكرتونية ‪.‬‬

‫(‪)1‬املادة ‪ 98‬من اتفاقية روتردام للنقل البحري ‪:‬اتفاقات التحكيم‬

‫‪-‬رهنا بأحكام هذا الفصل‪ ،‬جيوز للطرفني أن يتفقا على أن حيال إىل التحكيم أي نزاع قد ينشأ بشأن نقل البضائع مبقتضى هذه االتفاقية‪.‬‬

‫‪-‬تقام إجراءات التحكيم‪ ،‬حابما خيتاره الشخص الذي يتماك مبطالبة جتاه الناقل‪ ،‬يف‪(:‬أ)أي مكان حيدد لذلك الغرض يف اتفاق‬
‫التحكيم؛ أو (ب)أي مكان آخر يف دولة يوجد فيها أي من األماكن التالية‪ ‘1‘:‬مقر الناقل؛ أو‘‪‘2‬مكان التالم املتفق عليه يف عقد‬
‫النقل؛ أو‬

‫‘‪‘3‬مكان التاليم املتفق عليه يف عقد النقل؛ أو‘‪‘1‬امليناء الذي حتمل فيه البضائع على الافينة يف البداية‪ ،‬أو امليناء الذي تفرغ فيه البضائع‬
‫من الافينة يف النهاية‪.‬‬

‫‪-‬يكون تعيني مكان التحكيم يف االتفاق ملزما يف النـزاعات بني طريف االتفاق إذا كان ذلك االتفاق واردا يف عقد كمي حيدد بوضوح امسي‬
‫الطرفني وعنوانيهما ويكون إما‪:‬‬

‫(أ)جرى التفاوض عليه بصورة منفردة؛ أو (ب)يتضمن بيانا جليا بأن هناك اتفاق حتكيم وحيدد أبواب العقد الكمي احملتوية على اتفاق‬
‫التحكيم‪.‬‬

‫‪-‬يف حال إبرام اتفاق التحكيم وفقا للفقرة ‪ ٣‬من هذه املادة‪ ،‬ال يكون الشخص الذي ليس طرفا يف العقد الكمي ملزما بتعيني مكان‬
‫التحكيم يف ذلك االتفاق إال إذا‪(:‬أ)كان مكان التحكيم املعني يف االتفاق واقعا يف أحد األماكن املشار إليها يف الفقرة الفرعية ‪( 2‬ب) من‬
‫وكان االتفاق واردا يف ماتند النقل أو سجل النقل اإللكرتوين؛‬ ‫هذه املادة؛(ب)‬

‫(ج)ووجه إىل الشخص الذي سيكون ملزما بذلك االتفاق إشعار واف ومناسب التوقيت مبكان التحكيم؛‬

‫(د)وكان القانون املنطبق يامح بأن يكون ذلك الشخص ملزما باتفاق التحكيم‪.‬‬

‫‪-‬تعترب أحكام الفقرات ‪ ١‬و‪ ۲‬و‪ ٣‬و‪ ٤‬من هذه املادة جزءا من كل بند أو اتفاق خاص بالتحكيم‪ ،‬ويكون أي حكم يف ذلك البند أو‬
‫االتفاق باطال مىت تضارب معها‪.‬‬
‫‪177‬‬
‫النقل املالحي الغري منتظم فلم تشرتط االتفاقية كتابة اتفاق التحكيم يف هذا العقد‬
‫(‪.)1‬‬

‫كمامل تبني اتفاقية روتردام ‪ 2332‬الشكل املطلوب التفاق التحكيم إذا كان قد مت مبشارطة حتكيم أي‬
‫بعد نشأة النزاع اخلاص بعقد النقل البحري حبيث أن املادة ‪ )2( 99‬قد نصت ‪ ":‬بعد نشوء نزاع ما‪،‬‬
‫جيوز لطريف النـزاع أن يتفقا على تاويته عن طريق التحكيم يف أي مكان‪ ،‬بصرف النظر عن أحكام هذا‬
‫الفصل والفصل ‪".١1‬‬
‫و بالتايل فهذه االتفاقية قد أعطت حرية كبرية ألطراف عقد النقل البحري يف إختيار مكان التحكيم أي‬
‫أهنم ميكنهم اجراء التحكيم يف أي مكان كان دون ضرورة كتابة البيانات اخلاصة هبذا التحكيم ‪.‬‬
‫كما أن هذه االتفاقية ال تطبق أحكامها إال على الدول املتعاقدة فيها و امللتزمة هبا‪.‬‬
‫إن ما جيب االشارة اليه هو أن من بني أهداف هته االتفاقية هي تدارك ما حدث من تطورات تكنولوجية‬
‫و جتارية منذ اعتماد اتفاقية بروكال‪ 1221‬للنقل البحري واتفاقية يمبورج ‪ *1291‬وضرورة تعزيزيما‬
‫و حتديثهما ‪.‬و بالتايل قد أكدت يف ديباجتها على ضرورة قبول استخدام الوثائق االلكرتونية وقبوهلا وتوحيد‬
‫أحكامها ما بني دول العامل ‪.‬‬
‫و سجل النقل االكرتوين تبعا التفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر‬
‫كليا أو جزئيا ( اتفاقية روتردام ‪ ، )2441‬هو الاجل الذي حيتوي على املعلومات الواردة يف رسالة واحدة‬
‫أو أكثر يصدرها الناقل بوسيلة اتصال الكرتونية بقتضى عقد النقل ‪ ،‬وكذلك املعلومات الواردة مبرفقات‬
‫هذه الرسالة ما يطلق عليها ال ‪ Attaches‬املرفقة مع الربيد االلكرتوين و هو على نوعني ‪:‬‬
‫‪-1‬سجل النقل االلكرتوين القابل للتداول‪ :‬و هو الذي يكون مؤشرا عليه مبا يفيد أنه قابل للتداول كعبارة "‬
‫ألمر " أو " قابل للتداول " أو أي عبارة أخرى مالئمة يعرتف القانون املنطبق باملفعول ذاته ‪ ،‬شرط أن ال‬
‫يذكر يف الاجل صراحة عبارة " غري قابل للتداول " أو "ليس قابال للتداول " على أن ياتويف صدوره‬
‫االجراءات اليت تنص عليها املعاهدة ( املادة ‪ 11/1‬و ‪.)1/1‬‬
‫‪-2‬سجل النقل االلكرتوين غري قابل للتداول‪ :‬هو الاجل مبعناه املوصوف أعاله إمنا يكون غري قابل‬
‫للتداول (املادة ‪.)24/1‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املادة ‪:99‬اتفاق التحكيم يف النقل املالحي غري املنتظم‪-‬ليس يف هذه االتفاقية ما ميس وجوب إنفاذ اتفاق للتحكيم يرد يف أحد‬
‫عقود النقل يف سياق النقل املالحي غري املنتظم وتنطبق عليه هذه االتفاقية أو أحكام هذه االتفاقية بابب‪"...:‬‬
‫(‪)2‬املادة ‪:99‬االتفاق على التحكيم بعد نشوء النـزاعبعد نشوء نزاع ما‪ ،‬جيوز لطريف النـزاع أن يتفقا على تاويته عن طريق التحكيم يف أي‬
‫مكان‪ ،‬بصرف النظر عن أحكام هذا الفصل والفصل ‪.١1‬‬
‫اتفاقية بروكال‪ 1221‬للنقل البحري و هي االتفاقية اليت انضمت اليها اجلزائر يف جمال النقل البحري الدويل للبضائع ‪ ،‬أما إتفاقية يمبورج فلم تنضم إليها ‪.‬‬ ‫*‬
‫‪178‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أنظمة تتطلب الشكل إلثبات اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫ال تشرتط تشريعات بعض الدول الكتابة يف اتفاق التحكيم كالاويد والدمنارك وأملانيا ‪ ،‬وهذه األخرية ال‬
‫تشرتط الكتابة عندما يكون االتفاق على التحكيم قد وقع بني التجار(‪ ، )1‬وال شك أنه يف اطار املعامالت‬
‫التجارية هنالك حرية يف االثبات ‪.‬‬
‫إال أن بعض التشريعات تعترب كتابة اتفاق التحكيم فقط كشرط اثبات له و ليس كشرط إلنعقاده و من‬
‫هذه التشريعات نذكر ‪ ،‬قانون التحكيم املوريتاين لعام ‪ 2333‬الذي نصت مادته الاادسة على أنه‪ ":‬ال‬
‫يثبت اتفاق التحكيم إال بالكتابة ‪ ،‬سواء مبحرر رمسي ‪ ،‬أو مبحرر عريف أو مبحضر جلاة أو مبحضر مت‬
‫حتريره لدى حمكمة حتكيم خمتارة" ‪ ،‬قانون التحكيم التوناي لعام ‪ 1223‬يف مادته الاادسة و كذلك‬
‫قانون التحكيم اهلولندي لعام ‪،1219‬و قانون التحكيم البلغاري لعام ‪ 1211‬وقانون التحكيم الربازيلي‬
‫لعام ‪ 1229‬و كذلك قانون التحكيم البلجيكي لعام ‪ 1221‬و قانون التحكيم سوياري لعام ‪1219‬‬
‫وقانون التحكيم االمرايت لعام ‪ 1222‬حيث نصت املادة ‪":2/233‬وال يثبت اتفاق على التحكيم إال‬
‫بالكتابة "(‪.)2‬‬
‫و من األنظمة اليت تتطلب ضرورة توافر الشكل املكتوب إلثبات اتفاق التحكيم قانون التحكيم االجنليزي ‪،‬‬
‫و قانون التحكيم الفيدرايل األمريكي و معاهدة يمبورج ‪ ، 1291‬والقانون النموذجي ‪، 1298‬والئحة‬
‫حتكيم اليونارتال‪ ،‬والئحة حتكيم املنظمة الدولة للتحكيم البحري ‪.‬‬
‫أوال‪:‬موقف النظام األنجلوساكسوني ‪.‬‬
‫قد نص قانون التحكيم االجنليزي ‪ 1283‬يف مادته الثانية و الثالثني معرفا اتفاق التحكيم بأنه "اتفاق‬
‫مكتوب ‪ "...‬كذلك نص قانون التحكيم االجنليزي ‪ 1298‬متأثرا مبا ورد يف اتفاقية نيويورك ‪ 1281‬حيث‬
‫أنه التشريع الذي أدجمها يف قانون التحكيم االجنليزي ‪ 1283‬يف مادته الاابعة على أن اتفاق التحكيم‬
‫هو‪ ":‬اتفاق مكتوب ‪ ،‬ويشمل االتفاقات الضمنية عن طريق تبادل اخلطابات أو الربقيات الخضاع‬
‫املنازعالت احلالة أو املاتقبلية على التحكيم "‪ .‬كما نصت املادة اخلاماة الفقرة األوىل من قانون التحكيم‬
‫االجنليزي لانة ‪ 1229‬على اثبات اتفاق التحكيم كتابة(‪. )3‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬بودايل خدجية ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪)2‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪،‬قانون التحكيم التجاري الدويل ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.123‬‬
‫‪(3) « The provisions of this part apply anly where the arbitration agreement is in writing .and any of‬‬
‫‪her agreement between the parties as to any matte ris effective for the purposes of this part only if‬‬
‫» ‪writing‬‬

‫‪179‬‬
‫كذلك نص قانون التحكيم الفيدرايل األمريكي لانة‪ 1228‬يف مادته الثانية حتت عنوان " صحة و هنائية‬
‫و نفاذ اتفاقات التحكيم " على أنه‪ ":‬أي نص مكتوب وارد يف أي معاملة حبرية ‪ ...‬يقرر عرض املنازعات‬
‫اليت ستنشأ عنها ‪ ،‬أو املنازعات الناجتة عن عدم تنفيذها كليا أو جزئيا على التحكيم ‪ ،‬أو أي اتفاق‬
‫مكتوب يقرر عرض أي خالف ناتج عن هذه املعاملة ‪...‬أو عن عدم تنفيذها كليا أو جزئيا على التحكيم‬
‫سيكون صحيحا و هنائيا ونافذا "(‪.)1‬‬
‫و هكذا فإن قوانني التحكيم يف اجنلرتا ‪ ،‬والواليات املتحدة األمريكية تقرر أن اتفاق التحكيم جيب أن‬
‫يكون مكتوبا و لكن هذه القوانني مرنة جدا فيما يتعلق بإستلزام هذا الشكل املكتوب ‪ ،‬حيث أهنا ال‬
‫تفرض أي شروط خاصة هبذا اخلصوص ‪ .‬فليس من الضروري ابرام اتفاق التحكيم يف وثيقة واحدة ‪،‬‬
‫فيمكن أن ينتج عن تبادل خطابات أو برقيات أو تلكاات أو أية وثائق أخرى متبادلة بني األطراف‬
‫املتعاقدة ‪ ،‬وكل هذا يعتمد على املمارسات التجارية يف العصر احلاضر ‪ ،‬فيكفي عزم األطراف على االرتباط‬
‫باتفاق حتكيم مكتوب و أن يكون ذلك العزم و النية واضحة (‪.)2‬‬
‫إنه ال يوجد أي نص خاص يف هته القوانني و الذي ياتلزم توقيع األطراف على اتفاق التحكيم و الراجح‬
‫أنه طاملا أن نية االطراف اجتهت اىل ابرام اتفاق التحكيم و طاملا أن شرط الكتابة موجود ‪ ،‬فإنه ال حيتاج‬
‫اىل توقيع األطراف حىت يكون صحيحا ‪ .‬ففي املمارسات البحرية الدولية ال حتتاج مشارطات االجيار و اليت‬
‫تتم بواسطتها عملية النقل البحري إىل توقيع األطراف فتكفي الربقيات أو أي ماتند كتايب إلبرام اتفاق‬
‫التحكيم الذي تعرتف به قوانني التحكيم ‪.‬‬
‫و تبعا لذلك فإن الكتابة يف دول القانون العام مشرتطة الثبات اتفاق التحكيم وليس النعقاده حيث مل‬
‫ترتب جزاء البطالن على ختلف الشكل املكتوب ‪.‬‬
‫و بالتايل ميكن أن يربم اتفاق التحكيم شفاهة وفقا للقانون العام و إن كان من الصعب وجود مثل هذا‬
‫االتفاق الشفوي و ذلك ملا سوف يتعرض اليه من خماطر بداية من صعوبة اثباته ‪ ،‬و املنازعة يف وجوده‬
‫أصال ‪ ،‬حىت رفض تنفيذه مرورا بفقدان تأمينه ومحايته بقوانني التحكيم حيث أنه جيوز الرجوع عنه يف أي‬
‫وقت طاملا مل يصدر حكم حتكيمي بعد ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف الفقي ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.231‬‬
‫(‪)2‬املرجع الاابق ذكره ‪،‬ص ‪ 232‬عن ‪:‬‬
‫‪Van Den Berg , Etude Comparative du droit de l’arbitrage commercial dans les pays de commen‬‬
‫‪law ,these ,Aix , 1977,P 32‬‬

‫‪180‬‬
‫كما قد ينتج اتفاق التحكيم الغري مكتوب دون اتفاق صريح من االطراف بل من مناقشاهتم أما احملكم ‪،‬‬
‫ويلتزم االطراف حبكم احملكم حول هذا النزاع ‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬موقف المعاهدات الدولية ‪.‬‬
‫تأيت اتفاقية هامبورج ‪ 1291‬على رأس املعاهدات الدولية كأول نص دويل خيتص بالتحكيم يف‬
‫املنازعات البحرية مقررة يف املادة ‪ 1/22‬منها ‪... " :‬جيوز للطرفني النص باتفاق مثبت كتابة على أن حيال‬
‫اىل التحكيم أي نزاع قد ينشأ فيما يتعلق بنقل بضائع مبوجب هذه االتفاقية " (‪ ، )1‬فالنص صريح على أن‬
‫الكتابة اليت استلزمتها االتفاقية التفاق التحكيم البحري كانت فقط الثباته وليات النعقاده ‪.‬‬
‫أما عن القانون النموذجي ‪ 1218‬فقد نص يف مادته الاابعة الفقرة الثانية على أنه‪":‬جيب أن يكون اتفاق‬
‫التحكيم مكتوبا ‪ ، "...‬كما أقر بأن اتفاق التحكيم املكتوب يكون كذلك ‪... ":‬إذا ورد يف وثيقة موقعة‬
‫من الطرفني أو يف تبادل رسائل و تلكاات أو برقيات أو غريها من وسائل االتصال الالكي أو الالسلكي‬
‫اليت تكون مبثابة سجل لالتفاق ‪،‬أو يف تبادل املطالبة و الدفاع اليت يدعى فيها أحد الطرفني وجود اتفاق‬
‫التحكيم ‪ ،‬وال ينكره الطرف األخر "‪ .‬و بالتايل فإن القانون النموذجي مل يرتب البطالن على ختلف‬
‫الشكل املكتوب ‪ ،‬كما أن اتفاق التحكيم الشفوي يعترب صحيحا تبعا ملا ورد يف النص الاابق و ملا ورد‬
‫أيضا يف املادة ‪ 2/19‬منه (‪ )2‬و اليت تنص‪ ":‬يثار الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم يف موعد أقصاه‬
‫تقدمي بيان الدفاع و الذي ميكن أن يتعلق وفق الفقرة األوىل من نفس املادة بوجود اتفاق التحكيم أو‬
‫بصحته و بالتايل من حيث الشكل ‪ "-‬فقبول الدفاع حول املوضوع يصحح اتفاق التحكيم من حيث‬
‫الشكل حىت ولو مل يكن ثابتا بالكتابة أصال ‪.‬‬
‫كما قررت الئحة حتكيم اليونارتال لانة ‪ 1299‬ضرورة تطلب الكتابة التفاق التحكيم لإلثبات ال‬
‫لالنعقاد حني قررت يف مادهتا األوىل يف فقرهتا األوىل أنه ‪ ":‬عندما يتفق طرفا عقد ما كتابة على أن حتال‬
‫املنازعات اليت تتعلق بذلك العقد للتحكيم وفقا لقواعد اليونارتال للتحكيم فإن تلك املنازعات ستاوى‬
‫وفقا هلذه القواعد مع مراعاة التعديالت اليت يتفق عليها الطرفان كتابة " (‪ . )3‬إن عدم ترتيب هذه الالئحة‬
‫البطالن على ختلف الشكل املكتوب يف اتفاق التحكيم يبني أن الكتابة الالزمة يف مفهوم الالئحة هي‬
‫الزمة الثبات االتفاق ال النعقاده ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املادة ‪22‬فقرة‪ 1‬من اتفاقية يمبورج لانة ‪1291‬و املتعلقة بالنقل البحري للبضائع ‪.‬‬
‫(‪)2‬املادة ‪19‬فقرة ‪ 2‬من القانون النموذجي لانة ‪.1298‬‬
‫(‪)3‬املادة‪ 1‬فقرة ‪ 1‬من الئحة حتكيم اليونارتال لانة ‪. 1291‬‬

‫‪181‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬أنظمة ال تتطلب توافر الشكل كلية ‪.‬‬
‫و هي االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل ‪ 1161‬و قانون التحكيم التجاري الدويل الفرناي وفقا‬
‫للمرسوم رقم ‪ 48-2411‬املؤرخ يف ‪ 13‬جانفي ‪.2411‬‬
‫أوال‪ :‬االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدولي لسنة ‪.0890‬‬
‫قررت اإلتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل لانة ‪ 1161‬يف الفقرة الثانية من مادهتا األوىل على‬
‫أنه ‪ ":‬يقصد باتفاق التحكيم شرط التحكيم يف عقد أو اتفاق التحكيم املوقع عليه من األطراف ‪ ،‬أو‬
‫االتفاق الذي تضمنته اخلطابات املتبادلة أو الربقيات ‪ "...‬و هكذا يقرر النص ما ذهبت اليه اتفاقية‬
‫نيويورك ‪ ،‬ولكنه يذهب ألبعد من ذلك من حيث املرونة حبيث ينص ‪... ":‬و يف العالقات اليت تقوم بني‬
‫رعايا دول ال تتطلب تشريعاهتا الشكل الكتايب إلتفاق التحكيم فكل إتفاق حتكيم يتم وفقا للشكل املقرر‬
‫يف هذه التشريعات يكون سائغا "(‪. )1‬‬
‫و بالتايل فإن هذا النص يقرر صراحة صحة األشكال املقررة يف قوانني البالد اليت ال تتطلب ضرورة توافر‬
‫الشكل الكتايب لصحة اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫و الاؤال الذي يطرح يف هذا الصدد ‪ :‬هل هناك تعارض بني ما جاء يف اتفاقية نيويورك ‪ 1158‬و االتفاقية‬
‫األوروبية لانة ‪1161‬؟ ‪.‬‬
‫جييب الفقه بأنه ال يوجد أي تعارض بني االتفاقيتني بل بالعكس هناك تكامل بينهما ‪ ،‬حبيث تزيد االتفاقية‬
‫األوروبية حكما أخر جيعلها أكثر حتررا من اتفاقية نيويورك يف هذا امليدان‪ ،‬عندما أجازت تبعا لقواعد التنازع‬
‫صحة شكل اتفاق التحكيم حىت و لو مل ياتويف الشكل املكتوب يف الدول اليت ال تتطلب هذا الشكل‬
‫املكتوب (‪.)2‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القانون الفرنسي للتحكيم التجاري الدولي ‪.‬‬
‫فبعد أن تطلب املرسوم الفرناي للتحكيم الداخلي لانة ‪ 2411‬يف املادة ‪ 1443‬أن يكون شرط التحكيم‬
‫مكتوبا و إال كان باطال (‪ ، )3‬و بعدما تقرر املادة ‪ 1118‬وجوب حتديد موضوع النزاع كتابة يف مشارطة‬
‫التحكيم (‪ ، )1‬فإن املشرع الفرناي و خبصوص _يف التحكيم التجاري الدويل _ مل يورد أي قاعدة حتكم‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املادة األوىل الفقرة‪ 2‬من اإلتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل لانة ‪.1291‬‬
‫(‪ )2‬عاطف الفقي ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.218‬‬
‫‪(3)Art 1443 du c.p.c : « A peine de nullité, la convention d'arbitrage est écrite. Elle peut résulter‬‬
‫”‪d'un échange d'écrits ou d'un document auquel il est fait référence dans la convention principale‬‬
‫”‪(4)art 1445 du c.p.c : « A peine de nullité, le compromis détermine l'objet du litige.‬‬

‫‪182‬‬
‫اتفاق التحكيم من حيث الشكل ‪ ،‬فقد نص يف املادة ‪ 1547‬من املرسوم ‪ 48-2411‬أنه ليس مطلوبا‬
‫أي شكل خاص و ال ماهية معينة يف اتفاق التحكيم الدويل (‪.)1‬‬
‫فالقانون الفرناي يف إطار التحكيم الدويل تبىن احلرية اليت جاءت هبا االتفاقية األوروبية لانة ‪1161‬‬
‫و بذلك كان أكثر حتررا من اتفاقية نيويورك ‪. 1158‬‬
‫إال أنه أيضا جند بالبحث يف القانون الفرناي للتحكيم الدويل نصا قد تنشأ عنه ضرورة الشكل املكتوب‬
‫التفاق التحكيم الدويل و هو نص املادة ‪ 1515‬من قانون االجراءات املدنية الفرناي و الذي ينص يف‬
‫اطار التحكيم الصادر يف اخلارج أو يف مواد التحكيم الدويل على ضرورة تقدمي حكم التحكيم مع ترمجة‬
‫ألصل اتفاق التحكيم أو لصورته(‪ . )2‬فهل سريتب هذا النص ضرورة توافر الشكل املكتوب التفاق‬
‫التحكيم الدويل؟‪.‬‬
‫يف هته احلالة جييب الفقه الفرناي بأن هذا النص ال يغري من احلكم الاابق حيث جيب الفصل بني ماألة‬
‫االعرتاف و تنفيذ حكم التحكيم األجنيب أو الدويل ‪ ،‬و ماألة إثبات قبول اتفاق التحكيم أو قبول مبدأ‬
‫التحكيم ‪ .‬وبالتايل يظل جائزا يف القانون الفرناي ابرام اتفاق التحكيم الدويل شفاهة و كذا ابرامه ضمنيا‬
‫باحلضور أمام حمكمة التحكيم ‪.‬‬
‫كما قد يطلق سؤال أخر يف هذا اإلطار وهو عن التعارض بني احلرية املقررة يف التشريع الفرناي و اتفاقية‬
‫نيويورك ؟‪.‬‬
‫إن التعارض بني القانون الفرناي و اتفاقية نيويورك حتله املادة الاابعة من هذه اإلتفاقية حبيث أهنا تامح‬
‫لكل طرف يود التماك حبكم حتكيمي باإلستفادة بالكيفية أو بالقدر املقرر يف تشريع أو معاهدات البلد‬
‫املطلوب إليه اإلعرتاف باحلكم و تنفيذه ‪ .‬و بالتايل عندما يصدر حكم حتكيم فإن املادة الثانية من اتفاقية‬
‫نيويورك و اليت توجب الكتابة إلنعقاد اتفاق التحكيم ال يتماك هبا إلبطال أو إعاقة االعرتاف أو تنفيذ‬
‫ــــــــــــ‬
‫» ‪(1)art 1507 du c.p.c : « La convention d'arbitrage n'est soumise à aucune condition de forme.‬‬

‫‪(2)art 1515 du c.p.c : « L'existence d'une sentence arbitrale est établie par la production de l'original‬‬
‫‪accompagné de la convention d'arbitrage ou des copies de ces documents réunissant les conditions‬‬
‫‪requises pour leur authenticité.‬‬

‫‪Si ces documents ne sont pas rédigés en langue française, la partie requérante en produit une‬‬
‫‪traduction. Elle peut être invitée à produire une traduction établie par un traducteur inscrit sur une‬‬
‫‪liste d'experts judiciaires ou par un traducteur habilité à intervenir auprès des autorités judiciaires ou‬‬
‫‪administratives d'un autre Etat membre de l'Union européenne, d'un Etat partie à l'accord sur‬‬
‫‪l'Espace économique européen ou de la Confédération suisse.‬‬

‫‪183‬‬
‫احلكم ‪ ،‬فقط ميكن أن يثار اجلدل حول صحة اتفاق التحكيم املربم شفاهة وفق القانون الفرناي للتحكيم‬
‫الدويل(‪. )1‬‬
‫إن ما ميكن قوله عن التشريع الفرناي فيما يتعلق بالتحكيم الدويل فقد اعترب حرية األطراف يف حدها‬
‫األقصى فإذا اتفق األطراف على عدم كتابة اتفاق التحكيم فعليهم اثباته ‪ ،‬فاذا طلب متعامل اقتصادي يف‬
‫عالقة دولية نقل بضاعة حبرا تلفونيا من اخلارج و قبل الشروط العامة للناقل ‪ ،‬فإن كال منهما يعترب موافقا‬
‫على عدم ابرام اتفاق حتكيم مكتوب ‪ .‬وميكنهم االتفاق على عدم مراعاة نصوص القانون الفرناي‬
‫الداخلي ‪ ،‬و تلك هي املرونة املطبقة على التحكيم الدويل طبقا للقانون الفرناي ‪ ،‬و لكن يف احلقيقة أن‬
‫هذا القانون ينتظر األطراف عند املنعطف مبعىن أنه مل يفرض قاعدة الكتابة حلظة ابرام اتفاق التحكيم‬
‫الدويل ‪ ،‬ولكنه فرضها حلظة طلب اعرتافه وتنفيذه حلكم التحكيم فقد نصت املادة‪ 1515‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ف‬
‫على أنه لطلب االعرتاف باحلكم التحكيمي و تنفيذه جيب تقدمي أصل اتفاق التحكيم أو صورته و ترمجته‬
‫لو كان بلغة غري اللغة الفرناية ‪.‬‬
‫و أخريا و كما يرى الدكتور عاطف الفقي وحنن نأيده ‪،‬أن كل األنظمة اليت تطرقنا اليها سواء القوانني‬
‫الوطنية أو االتفاقيات الدولية و سواء منها اليت تطلبت الشكل املكتوب أو تلك اليت مل تتطلبه ‪ ،‬فإهنا‬
‫مجيعها تراعي بالنابة لشكل اتفاق التحكيم اعتبارين أساسيني يما املرونه و التأمني ‪:‬‬
‫_ املرونة يف ابرام عقود النقل البحرية ‪ ،‬و التماشي مع متطلبات الارعة اليت يتطلبها ابرام هذه العقود‬
‫بواسطة ماتحدثات العلم احلديث يف جمال االتصاالت الالكية و الالسلكية وغريها ‪.‬‬
‫_ تأمني العملية التحكيمية برمتها بداية من اثبات اتفاق التحكيم نفاه و حىت عدم تنفيذ احلكم اختياريا‬
‫مرورا بتعرض العملية التحكيمية ذاهتا للخطر عند عدم الوجود املادي التفاق التحكيم‪ .‬حيث لن نتعرف‬
‫على النزاع الواجب حله حتكيميا ‪ ،‬وال على سلطات احملكمني ‪ ،‬و ال على مكان التحكيم ‪ ،‬وال على‬
‫القانون املطبق و غريها من الشروط الالزمة لتايري العملية التحكيمية حىت هنايتها ‪ .‬وينبغي اذن مراعاة‬
‫هذين االعتبارين ‪ ،‬وعدم التضحية بأحديما يف سبيل األخر ‪ ،‬و يتحقق ذلك بإشرتاط توافر الشكل‬
‫املكتوب باملعىن الوارد يف قانون التحكيم اجلزائري ‪ ،2448‬وقانون التحكيم املصري ‪ ، 1113‬واتفاقية‬
‫نيويورك ‪،‬واتفاقية روتردام ‪ ،2441‬أي الكتابة النعقاد اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري الدويل ‪،‬‬
‫وذلك بتوقيع األطراف على الشرط أو املشارطة أو بتبادل الوثائق و املاتندات املكتوبة بالطرق احلديثة‬
‫لإلتصال بني األطراف املتعاقدة ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف الفقي ‪،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪.219‬‬
‫‪184‬‬
‫الفرع الرابع‪:‬إحالل البيانات االلكترونية محل المستندات الورقية في مجال النقل البحري ‪.‬‬
‫إن الثورة التكنولوجية اهلائلة يف جمال املعلومات و االتصاالت إمتد أثرها إىل كافة نواحي احلياة ‪ ،‬و كان‬
‫البد أن تتأثر هبا عملية النقل مبختلف أنواعه سواء على ماتوى الدول أو على ماتوى األفراد ‪.‬‬
‫و لعل ميدان التجارة والنقل كان من بني األنظمة اليت تأثرت اىل حد كبري بالنظام االلكرتوين لتبادل‬
‫املعلومات ‪ ،‬بل ميكن القول أن عامل التجارة و النقل يف جمال إبرام العقود خيطو خبطى حثيثة حنو الغاء‬
‫التعامل باملاتندات الورقية التقليدية و التعامل عن طريق احلاسبات األلية و التبادل االلكرتوين للمعلومات ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المقصود بنظام تبادل البيانات الكترونيا ‪.‬‬
‫إن املقصود بتبادل البيانات الكرتونيا هو ارسال البيانات حمل التبادل من حاسب أيل إىل حاسب أيل أخر‬
‫و بالعكس ‪ .‬و يف جمال حبثنا فإن البيانات التجارية و االدارية و اخلاصة بعقد النقل البحري هي اليت يتم‬
‫تبادهلا بني احلواسب األلية املختلفة ‪ .‬و قد تعددت التعريفات املختلفة حول املقصود بتبادل املعلومات‬
‫الكرتونيا ‪ ،‬حيث عرفته اللجنة البحرية الدولية بأنه تبادل بيانات التجارة عن طريق االرسال عن بعد ‪،‬‬
‫وهناك تعريف أخر يقضي بأن تبادل البيانات الكرتونيا يعين نقل البيانات من حاسب أيل اىل حاسب أيل‬
‫أخر يف صورة صيغة منطية بدون استخدام احملررات الورقية (‪.)1‬‬
‫إن التوسع الزائد يف استخدام احلواسب األلية لتبادل البيانات و ملا متتع به من مميزات سوف جيعل من‬
‫استخدام الرسائل االلكرتونية حتل حمل املاتندات الورقية التقليدية لتنتقل املعامالت يف جمال التجارة و النقل‬
‫من جمتمع تبادل البيانات الورقي اىل تبادل البيانات االلكرتوين ( الالورقي )‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مميزات نظام تبادل البيانات الكترونيا في عقود النقل البحري ‪.‬‬
‫لعلنا نتااءل عن مميزات نظام التبادل اإللكرتوين و الذي بدأ يايطر على املعامالت التجارية و عمليات‬
‫النقل و حيل حمل التبادل الورقي للبيانات ‪ ،‬إن أهم مزايا نظام تبادل البيانات الكرتونيا تتمثل يف توفري‬
‫املصاريف و انعكاس هذا التوفري على أجرة النقل و بالتايل على الاعر االمجايل للالعة (‪ ،)2‬وال يكون‬
‫التوفري يف النواحي املادية فقط و إمنا يكون أيضا يف الوقت الذي يتم فيه تبادل املاتندات الالورقية عالوة‬
‫على الدقة يف العمل ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.339‬‬
‫(‪)2‬حبيث أن التكاليف يتم ختفيضها بنابة ‪ 54‬باملئة عند استخدام نظام تبادل املعلومات الكرتونيا "‪"EDI‬‬

‫‪185‬‬
‫كما أنه من اجيابيات سندات النقل االلكرتونية حتاني خدمة إدارة املعلومات و تبادل البيانات سواء على‬
‫املاتوى احمللي أو على املاتوى الدويل و من مث تاليم البضائع يف الوقت احملدد و املتفق عليه و لعل وصول‬
‫املاتندات الالورقية قبل وصول البضائع يعطي فرصة كبرية ملاتلم البضائع من االطالع على بنود و مواد‬
‫تلك املاتندات ‪ ،‬و خاصة إذا ما كان هناك شرط حتكيم من عدمه أو شرط إحالة اىل عقد منوذجي أخر‬
‫أو اىل املشارطة األساسية حيث مت إصدار سندات الشحن ‪ .‬ومن مث ميكن القول أن عنصر " العلم " قد‬
‫توافر لدى املرسل اليه (ماتلم البضائع ) مبعرفته ما تضمنته مشارطة اإلجيار أو سند الشحن من شروط‬
‫و من بينها شرط التحكيم أو على األقل كان بوسع املرسل اليه أن يعلم مبا تضمنته هذه املشارطة أو سند‬
‫الشحن من شروط ‪.‬‬
‫أضف اىل ذلك فإن سندات النقل االلكرتونية حتقق عملية حفظ البيانات يف اليار و األمان ألكرب مدة‬
‫ممكنة مع سهولة اسرتجاعها و لو لانوات عديدة سابقة ‪ ،‬باإلضافة لاهولة و يار عمليات املراقبة‬
‫مبختلف أنواعها سواء مراقبة مجركية أو صحية أو فنية (‪.)1‬‬
‫ثالثا‪ :‬محاولة إيجاد لغة واحدة لتبادل البيانات االلكترونية في مجال النقل البحري‪.‬‬
‫إن البحث عن قواعد تنايق عمليات تبادل املعلومات الكرتونيا كان من أولويات أطراف التجارة و النقل‬
‫فقد قامت بعض اهليئات الوطنية واملنظمات الدولية اىل حماولة إجياد لغة منطية موحدة متفق عليها لتفادي‬
‫حدوث خلل يف اخلدمات املقدمة سواء على املاتوى احمللي أو الدويل ‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال قامت الغرفة الدولية للنقل البحري (‪ )2‬بتجميع بيانات خمتلفة جملموعة من املاتندات‬
‫الورقية وأعدهتا يف صور رسالة الكرتونية حتمل اسم » ‪ « Data International of chipping‬واملعروفة‬
‫اختصارا باسم» ‪ « DISCO‬و يتم تبادل البيانات اليت مت جتميعها و املتعلقة بالبضائع بني ذوي الشأن‬
‫باملوانئ املختلفة و ذلك من خالل تبادل الرسائل االلكرتونية اليت مت إعدادها ‪.‬‬
‫كما قامت اللجنة االقتصادية يف أوروبا بتكوين مجاعة عمل لوضع مبا يعرف ب " القواعد املتعلقة بتبادل‬
‫البيانات الكرتونيا يف جمال االدارة و التجارة و النقل "‪ ،‬و كان اهلدف من وضع هذه القواعد تياري جمال‬
‫التجارة والنقل الدوليني إلحتواء هذه القواعد على العديد من املبادئ و األسس اليت هتدف اىل توحيد منط‬
‫التبادل االلكرتوين للبيانات بني األطراف املختلفة (‪،)3‬عن طريق استخدام رسائل منطية تعرف بالرسائل‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬عقود البيوع البحرية الدولية ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.318‬‬
‫‪(2) International Chamber of shipping .‬‬
‫(‪ )3‬هذه األطراف هم مقدمو البضائع و املرسلون اليهم و متعهدو النقل و هيئات التأمني وهيئات اجلمارك باإلضافة إىل املنتجون و املوزعون و الوسطاء‬
‫و املصدرون ‪،‬و عن طريق هذه القواعد يتم االنتقال باالمة و يار من التعامل بالنظام الورقي اىل تطيق نظام التبادل االكرتوين ‪EDI‬‬
‫‪186‬‬
‫النمطية لألمم اللمتحدة » )‪.« Unieted Nations Standard Message(UNSM‬‬
‫رابعا‪:‬إتفاق التحكيم اإللكتروني‪.‬‬
‫إن اإلتفاق على التحكيم يتخذ عادة شكال معينا ‪ ،‬فال يكفي كما تذهب بعض التشريعات الغربية ‪،‬‬
‫الرتاضي للقول بوجوده و صحته (‪ ،)1‬فالغالب أن يشرتط املشرع ضرورة اإلتفاق على التحكيم كتابة و إال‬
‫كان باطال (‪.)2‬‬
‫بيد أن الكتابة اليت اشرتطها النص ال تقتصر على املعىن التقليدي هلا و إمنا متتد لتشمل تلك الصورة اجلديدة‬
‫اليت استحدثتها و سائل االتصال احلديثة و هي الكتابة اإللكرتونية‪ ،‬اليت من شأهنا إثبات نابة املعلومات‬
‫اليت تتضمنها إىل شخص بعينه ‪ .‬فالتفاري الاليم هلذا النص يذهب إىل توسيع مفهوم الكتابة ‪ ،‬ليشمل كل‬
‫الصور اليت يظهرها التطور املعاصر مادام أهنا تامح حبفظ املعلومات و تبقي على مضموهنا يف وثيقة ما‬
‫على حنو يامح باسرتجاعه و االحتكام إليه عند اخلالف ‪ .‬و هذا ما قررته صراحة املادة ‪ 2/7‬من القانون‬
‫النموذجي ‪ 1298‬على أنه ‪":‬جيب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ‪،‬ويعترب االتفاق مكتوبا إذا ورد يف‬
‫وثيقة موقعة من الطرفني أو يف تبادل رسائل و تلكاات أو برقيات أو غريها من وسائل االتصال الالكي‬
‫أو الالسلكي اليت تكون مبثابة سجل لالتفاق ‪.‬أو يف تبادل املطالبة و الدفاع اليت يدعى فيها أحد الطرفني‬
‫وجود اتفاق التحكيم ‪ ،‬وال ينكره الطرف األخر‪ ،‬وتعترب اإلشارة يف عقد ما إىل ماتند يشتمل على شرط‬
‫التحكيم مبثابة اتفاق حتكيم شريطة أن يكون العقد مكتوبا و أن تكون اإلشارة قد وردت حبيث جتعل ذلك‬
‫الشرط جزءا من العقد "‪.‬‬
‫و قد أخذت هبذا احلكم املادة ‪ 178‬من القانون الدويل اخلاص الاوياري الصادر يف ‪1187/12/18‬‬
‫إذ قررت ‪ ":‬يعترب اتفاق التحكيم صحيحا من حيث الشكل إذا كان مكتوبا ‪ ،‬أو واردا يف تبادل برقيات ‪،‬‬
‫تلكاات أو فاكس أو غريها من وسائل االتصال اليت متكن من اثباته بواسطة نص "و لقد أخذ قانون‬
‫التحكيم األملاين الصادر يف ‪ 1116‬بنفس احلكم ‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 6‬من القانون النموذجي بشأن التجارة االلكرتونية ‪ ،‬إذ قررت يف فقرهتا األوىل أنه‪":‬عندما‬
‫يشرتط القانون أن تكون املعلومات مكتوبة ‪ ،‬تاتويف رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيار االطالع على‬
‫البيانات الواردة فيها على حنو يتيح استخدامها بالرجوع اليها الحقا "‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬فلم يتطلب القانون الفرناي شكال معينا لصحة اتفاق التحكيم الدويل املادة ‪1839‬من قانون املرافعات اجلديد ‪.‬‬
‫(‪)2‬و هذا ما أخذت به أغلب التشريعات املقارنة مثل القانون اجلزائري واملصري و قانون املرافعات االيطايل و القانون األملاين ‪ ،‬و القانون النموذجي لانة‬
‫‪1298‬بشأن التحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬و اتفاقية نيويورك لانة ‪. 1289‬‬

‫‪187‬‬
‫هذا ما كرسته كذلك العديد من األحكام القضائية عند إعماهلا لنص املادة الثانية من اتفاقية نيويورك ‪،‬‬
‫بتفاريها مفهوم الكتابة الوارد هبا يف ضوء املادة الاابعة من القانون النموذجي مبا جيعل من االتفاقية أكثر‬
‫استجابة للتطورات املاتخدمة يف اجناز املعامالت و تاوية املنازعات ‪ .‬و يعد حكم احملكمة االحتادية‬
‫الاويارية الصادر يف ‪16‬يناير ‪ 1115‬دليال واضحا على األخذ بالتفاري الواسع لشرط الكتابة و باط‬
‫هلذا االصطالح على الرسائل و الربقيات و غريها من وسائل االتصال الالكية و الالسلكية " (‪. )1‬‬

‫كما بينت اتفاقية روتردام لانة ‪ 2441‬من خالل التطرق اىل تعيني مكان التحكيم قبوهلا التفاق‬
‫التحكيم الوارد يف سجالت النقل االلكرتونية(‪، )2‬و قد بينت اإلتفاقية يف ديباجتها على ضرورة مواكبة‬
‫التطور التكنولوجي و االعرتاف بالاندات االلكرتونية و هذا من أهدافها ‪ .‬و على الرغم من التاهيالت‬
‫اليت حتاول اضفاءها بعض النظم القانونية على قبول اتفاقات التحكيم االلكرتونية ‪ ،‬إال أنه ال جيب انكار‬
‫الصعوبة القائمة ‪،‬طاملا ال تعرتف الدول يف قوانينها صراحة باتفاقات التحكيم الواردة يف العقود اإللكرتونية ‪.‬‬
‫و لعل مبعث هذه الصعوبة كان يكمن أيضا يف أن غالبية القواعد القانونية يف جمال االعرتاف و تنفيذ‬
‫أحكام التحكيم الدولية ماتاقاة من االتفاقية الدولية املوقعة يف نيويورك ‪ ، 1158‬و اليت كانت تقف‬
‫املادتان الثانية و الرابعة منها حجر عثرة أمام هذا اإلعرتاف ‪ ،‬فقد نصت املادة الثانية على ‪ ":‬تعرتف كل‬
‫دولة متعاقدة باإلتفاق املكتوب الذي يلتزم األطراف مبقتضاه أن خيضعوا للتحكيم كل أو بعض املنازعات‬
‫الناشئة أو اليت ستنشأ بينهم بشأن عالقة قانونية حمددة ‪ ،‬سواء أكانت تعاقدية أو غري تعاقدية تتعلق‬
‫مبوضوع قابل للتاوية عن طريق التحكيم ‪ .‬و تعبري اتفاق مكتوب يشمل شرط التحكيم الوارد يف عقد‬
‫اتفاق التحكيم املوقع عليه من األطراف أو تضمينه اخلطابات املتبادلة أو الربقيات "‪.‬‬
‫وياتفاد من هذا النص بأن تنفيذ حكم التحكيم يقتضي كتابة االتفاق أو إفراغه يف وثيقة موقع عليها من‬
‫قبل األطراف (كخطاب أو برقية ) يفيد قبوهلم له ‪ .‬فكأن هذه املادة تقيد التزام الدول باالعرتاف بأحكام‬
‫التحكيم األجنبية و تنفيذها بقيد مؤداه أن يكون اتفاق التحكيم موقعا عليه من قبل األطراف ‪ ،‬فضال عن‬
‫ضرورة أن يكون حكم التحكيم موقعا ‪ ،‬وال شك من أن هته القيود حتول دون حتقيق اهلدف املنشود من‬
‫التحكيم ‪ .‬األمر الذي يقتضي ضرورة توسيع املفهوم التقليدي لكل من الكتابة والتوقيع ليشمال ما‬
‫استحدثته التقنيات اجلديدة من صور هلما ‪ ،‬وذلك حىت ميكن اسباغ احلماية اليت أقرهتا اتفاقية نيويورك‬
‫الدولية لانة ‪ 1158‬على اتفاقات التحكيم االلكرتونية و على اإلجراءات اليت يتم إجنازها عرب شبكة‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد ابراهيم موسى ‪،‬سندات الشحن االلكرتونية بني الواقع و املأمول ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2338‬ص ‪.121‬‬
‫(‪)2‬الفقرة الرابعة من املادة ‪ 98‬من اتفاقية روتردام ‪ 2332‬للنقل البضائع عرب البحر ‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫اإلتصال اإللكرتونية ‪.‬كذلك تاتلزم املادة الرابعة من تلك االتفاقية جمموعة من الشروط الشكلية اليت يتعني‬
‫على طالب التنفيذ استيفاؤها حىت ميكن النظر يف تنفيذ احلكم األجنيب ‪ ،‬وذلك بنصها ‪:‬‬
‫" ‪-1‬على كل من يطلب االعرتاف و التنفيذ املنصوص عليهما يف املادة الثالثة أن يقدم مع الطلب ‪:‬‬
‫أ‪-‬أصل احلكم مصادقا عليه أو صورة معتمدة من األصل جتمع الشروط املطلوبة لرمسية الاند ‪.‬‬
‫ب‪-‬أصل االتفاق املنصوص عليه يف املادة الثانية أو صورة جتمع الشروط املطلوبة لرمسية الاند ‪.‬‬
‫‪-2‬و على طالب االعرتاف و التنفيذ ‪ ،‬إذا كان احلكم أو االتفاق املشار اليهما غري حمرر بلغة البلد الرمسية‬
‫املطلوب فيها التنفيذ ‪ ،‬أن يقدم ترمجة معتمدة من مرتجم رمسي أو حملف أو أحد رجال الالك الدبلوماسي‬
‫أو القنصلي "(‪.)1‬إن هذا النص و النصوص املشاهبة له يف التشريعات الداخلية املختلفة للنظم املقارنة ما‬
‫تزيد األمر إال تعقيدا و يضيف مشكلة أخرى أمام اتفاقات التحكيم اإللكرتونية و ما يصدر عنها من‬
‫أحكام بتطلبه أن يقدم طالب التنفيذ أصل احلكم و أصل االتفاق أو صورة معتمدة منهما ‪.‬‬
‫و بالتايل يتحتم ضرورة تغيري نصوص هذه االتفاقية على حنو حيقق االستمرارية هلذه اآللية و هي ابرام‬
‫اتفاقات التحكيم االلكرتونية سواء كانت شرطا أو مشارطة (‪ ، )2‬و يكفل الفعالية ملا يصدر عنها من‬
‫أحكام و يزيل ما يعوقها من عقبات و هذا التغيري البد أن ميتد إىل التشريعات الوطنية ‪ ،‬ملا تلعبه من دور‬
‫يف توجيه القاضي اآلمر بالتنفيذ (‪.)3‬‬
‫إال أنه ما جيب اإلشارة إليه أن اتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بإستخدام اخلطابات اإللكرتونية يف العقود‬
‫الدولية لانة ‪ 2445‬قد وضعت حال هلذا اإلشكال القانوين بالنابة للدول املنضمة إلتفاقية نيويورك أو‬
‫اليت ستنضم ‪ ،‬فقد أجازت طبقا ملادهتا العشرين على أن اخلطابات اإللكرتونية مقبولة يف سياق تكوين أو‬
‫تنفيذ عقد تاري عليه إتفاقية نيويورك يبقى إشكال أخر هو أن اإلتفاقية ال تاري على سندات الشحن ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬الفرضيات القانونية لتبادل البيانات اإللكترونية لالتفاق‪.‬‬
‫تشرتط معظم الدول أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا و إال كان باطال كما هو احلال يف القانون اجلزائري‬
‫ويف القانون املصري (املادة ‪ 1444‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ ،‬و املادة ‪ 12‬من ق‪.‬ت‪.‬م رقم ‪. )1114/27‬‬
‫و هناك دول أخرى ال تشرتط الكتابة يف اتفاق التحكيم اذا كان قد وقع بني التجار كالاويد ‪ ،‬الدمنارك‬
‫و أملانيا ‪.‬و تعترب بعض الدول شرط الكتابة هو شرط إثبات و ليس شرط انعقاد ‪ ،‬كما هو احلال يف‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬و قد رأينا بأن نفس احلكم أخذت به املادة ‪ 1818‬من قانون االجراءات املدنية الفرناي ‪.‬‬
‫(‪)2‬فشرط التحكيم االلكرتوين يكون كبيان مدرج ما بني بيانات عقد النقل البحري االلكرتوين سواءا كان مشرطة اجيار أو سند الشحن أما مشارطة التحكيم‬
‫االلكرتوين و هي ابرام عقد التحكيم عرب شبكة االتصال االلكرتونية بني أطراف عقد النقل البحري بعد نشأة النزاع ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حممد ابراهيم موسى‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪189‬‬
‫ايطاليا‪ ،‬بلجيكا ‪ ،‬إجنلرتا و الواليات املتحدة األمريكية و قد أخذت هبذا قوانني معظم الدول العربية‪.‬‬
‫كما تطلبت معظم االتفاقيات الدولية مثل اتفاقية نيويورك و االتفاقية العربية للتحكيم التجاري الدويل(‪، )1‬‬
‫و القانون النموذجي الذي وضعته اليونارتال (‪)2‬على أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ‪.‬‬
‫و يف األخري هناك نظم قانونية اعرتفت باتفاق التحكيم الشفهي يف اطار املعامالت التجارية الدولية وهي‬
‫فرناا و االتفاقية األوروبية و لكن بشروط قد مت ذكرها سابقا‪.‬‬
‫إذن ياتنتج من كل هذا أنه وبصفة عامة جيب أن يكون كحد أدىن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫مكتوبا حىت ميكن اثبات وجوده أو انعقاده ‪ ،‬و ألن الكتابة بإعتبارها أقوى طرق اإلثبات لكافة مصادر‬
‫احلقوق ‪ ،‬فإهنا تشرتط عادة إلثبات معظم اتفاقات التحكيم و لكن الاؤال الذي يطرح أي نوع من‬
‫الكتابة مقبول من هته النظم القانونية ؟ ‪.‬‬
‫اجلدير بالذكر أن اتفاق التحكيم كما رأينا أنه وفقا لبعض النظم القانونية ليس بالعقد الشكلي و بالتايل‬
‫فإن طريقة تبادل البيانات املتعلقة بالعقد لن تؤثر يف انعقاده و ليس هو الشأن يف نظم قانونية أخرى و اليت‬
‫تتطلب ركن الكتابة حتت طائلة البطالن أي أن اتفاق التحكيم هو عقد شكلي و الكتابة ركن النعقاده‬
‫بالنابة هلته القوانني ‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن املاتندات الورقية تقبل كدليل إثبات بشرط أن تكون موقعة من الطرف املدعى عليه باحلق‬
‫املثبت يف املاتند الورقي ‪ ،‬كما أن الربقيات و التلكاات اليت كانت تاتخدم البرام بعض العقود البحرية‬
‫و اليت كانت تدرج فيها اتفاقات التحكيم فكانت نفاها وسيلة الثبات هذه العقود ‪.‬‬
‫من ناحية أخرى هناك خطوات متاارعة حنو االقالع عن التعامل بواسطة املاتندات الورقية التقليدية اىل‬
‫استخدام احلاسبات األلية و الرسائل االلكرتونية ( عقود النقل و التجارة االلكرتونية ) (‪ ، )3‬وهذا ما دعت‬
‫إليه اتفاقية روتردام ‪ 2441‬للنقل البحري الدويل‪ ،‬بالرغم من الصعوبة اليت يواجهها هذا النظام اجلديد نظرا‬
‫لإلشكاالت القانونية املرتتبة عليه و منها ماألة التوقيع االلكرتوين و ذلك للتحقق من شخصية أطراف‬
‫عقد النقل البحري و كذا امكانية احملاكم من قبول البيانات االلكرتونية كدليل اثبات ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬قد وضعت املادة ‪ 2/2‬من هذه االتفاقية مقرتح لشرط منوذجي ميكن ادراجه يف العقود اليت يراد إخضاع املنازعات الناشئة عنها للتحكيم و من مث ميكن‬
‫القول بأن هذه االتفاقية قد أخذت بالكتابة إلدراج الشرط يف العقد أو لتنظيم اتفاق الحق حول حام النزاع بالتحكيم ‪.‬‬
‫(‪)2‬قد نصت املادة‪ 2/7‬على ضرورة أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا كما أشارت إىل اعتبار االتفاق مكتوبا إذا ورد يف وثيقة موقعة من الطرفني أو يف تبادل‬
‫رسائل أو تلكاات أو برقيات أو غريا من وسائل االتصال الالكي و الالسلكي تكون مبثابة سجل لالتفاق ‪ .‬أو يف تبادل املطالبة و الدفاع اليت يدعي فيها احد‬
‫الطرفني و جود اتفاق و الل ينكره الطرف االخر ‪ .‬و تعترب اإلشارة يف عقد ما إىل ماتند يشتمل على شرط التحكيم مبثابة اتفاق حتكيم ‪ ،‬شريطة أن يكون‬
‫العقد مكتوبا و ان تكون االشارة قد وردت حبيث جتعل ذلك الشرط جزءا من العقد ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬عقود البيوع البحرية الدولية ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.321‬‬
‫‪190‬‬
‫لقد حقق نظام الرسائل االلكرتونية جناحا يف ما خيص معاجلة ماألة التوقيع عن طريق استبدال ماألة‬
‫التوقيع على املاتند عن طريق عدة بدائل بغرض التأكد من شخصية مرسل الرسالة االلكرتونية ‪ ،‬و تتمثل‬
‫هذه البدائل يف استخدام شفرة معينة بني املرسل و املرسل اليه أو مفاتيح اختبار (‪ )1‬أو إدخال نظام النداء‬
‫املرتد أو النداء العكاي (‪ ، )2‬أو شفرة اضفاء الشرعية (‪ .)3‬و يرى البعض الفقه املقارن أن استخدام هذه‬
‫البدائل بدال من التوقيع التقليدي على املاتند الورقي يعطي ضمانا أكرب وال يرتك أي فرصة للغش أو‬
‫التزوير(‪ ، )4‬كما جند أن هناك دراسة أجرهتا منظمة اليونارتال خلصت اىل أنه يتعني على الدول اليت تاتلزم‬
‫قوانينها وضع التوقيع على الاندات العرفية كشرط لاريان مفعوهلا أن تقوم بتعديل تلك القوانني و تعرتف‬
‫بنظام االرسال االلكرتوين كبديل للتوقيع على الاندات الورقية ‪.‬‬
‫أما عن امكانية قبول احملاكم البيانات االلكرتونية كدليل اثبات بدال من الوثائق التقليدية ‪،‬و مبعىن أخر هل‬
‫تتااوى البيانات االلكرتونية كدليل لإلثبات بدال من الوثائق التقليدية ؟ أي هل يعتد باتفاق التحكيم‬
‫اإللكرتوين و املنصوص عليه ضمن هته البيانات االلكرتونية و املتعلقة بالنشاط التجاري و النقل ؟‪.‬‬
‫لقد وقف القضاء املقارن طويال مرتددا أمام ماألة قبول البيانات االلكرتونية من عدمه إال أنه تشري كافة‬
‫الدالئل على إمكانية قبول معلومات احلاسب األيل كدليل يعتد به أمام احملاكم ‪ ،‬على أساس أنه ميكن‬
‫حتميل البيانات اىل أي وسيلة معدة حلمل هذه البيانات ‪ ،‬فقد تكون الوسيلة حلمل البيانات على شكل‬
‫حمرر ورقي ‪ ،‬أو شاشة احلاسب األيل ‪ ،‬أو شريط تاجيل و هكذا ‪ .‬و من أوائل املبادرات الدولية خبصوص‬
‫قبول البيانات االلكرتونية كدليل قانوين يعتد به جند توصية جملس التعاون اجلمروكي األمريكي » ‪« CCC‬‬
‫و اليت تفيد بإمكانية استخدام املعلومات الظاهرة على شاشة احلاسب األيل كدليل قانوين ‪.‬‬
‫كذلك أجاز قانون االثبات املدين يف اململكة املتحدة لانة ‪ 1168‬للقاضي بقبول البيانات املاتخدمة من‬
‫احلاسبات األلية إذا ما كان احلاسب األيل يعمل أثناء هذه الفرتة بانتظام ‪ ،‬و أن احلاسب األيل كان يغذى‬
‫جبميع البيانات املتعلقة باملوضوع بصفة منتظمة و ذلك كدليل على الواقعة القانونية (‪.)5‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪)1(Test Keys .‬‬
‫‪(2)Call back .‬‬
‫‪(3)Macro Authentication code‬‬
‫(‪ )4‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫(‪ )8‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬عقود البيوع البحرية الدولية ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.322‬‬

‫‪191‬‬
‫و مهما يكن فإن الوسيلة املعدة حلمل البيانات و لو إختلفت عرب األزمنة عن طريق التقدم التكنولوجي ال‬
‫حتتاج إىل تعديل قوانني عملها ‪ ،‬إال أن للقاضي احلق يف تقييم و تقدير مدى اإلعتماد على هذه‬
‫الاجالت يف اإلثبات ‪.‬‬
‫و يالحظ أن"قواعد الالوك املوحدة لتبادل البيانات التجارية باستخدام اإلرسال اإللكرتوين" )‪(UNCID‬‬
‫قد ألزمت األطراف املتعاقدة مباك سجالت شاملة لكل البيانات التجارية حمل النشاط التجاري املتبادل‬
‫بني احلاسبات األلية ‪ ،‬مع تعيني أحد املاؤولني ملراقبة ذلك بطريقة دقيقة ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬سند الشحن االلكتروني و شرط التحكيم‪.‬‬
‫إن عقد النقل البحري هو من العقود الرضائية اليت تتم مبوافقة إرادة طرفيه الناقل و الشاحن ‪ ،‬دون ضرورة‬
‫افراغه يف شكل معني و إن كان املشرع البحري قد إستلزم كتابته ‪ ،‬غري أن الكتابة املطلوبة إلثبات العقد‬
‫وليس لصحته (‪ ، )1‬فاألصل إذن أن عقد النقل البحري للبضائع يتم مبوافقة طرفيه على الشروط الواردة فيه‬
‫وإن كان بعيدا عن الواقع العملي ‪ ،‬إذ يغلب على هذه العقود صفة االذعان (‪. )2‬‬

‫إن عقود النقل تأخذ يف أغلب األحيان صورة عقود إذعان‪ ،‬خاصة عندما يتم النقل على خطوط منتظمة‬
‫حيث ال يكون أمام الشاحن سوى الرضوخ ملا تضعه شركات النقل من شروط أو رفضها دون إدخال أية‬
‫تعديالت عليها ‪ ،‬و يعد سند الشحن املاتند الذي تفرغ فيه هذه الشروط و يتم من خالله إثبات عقد‬
‫النقل البحري (‪.)3‬‬
‫إن كتابة هذه الشروط تتنوع إىل كتابة عادية تفرغ على الورق ‪ ،‬أو كتابة الكرتونية يف صورة رسالة بيانات‪،‬‬
‫إن سند الشحن العادي قد يعرف بأنه إيصال بالبضائع املشحونة يوقعه الربان و يالمه للشاحن كدليل‬
‫على استالم البضاعة على ظهر الافينة ‪ ،‬كما يعترب أداة الثبات عقد النقل البحري ‪ .‬أما سند الشحن‬
‫االلكرتوين ميكن تعريفه بأنه عبارة عن رسالة بيانات تتضمن جمموعة من املعلومات موقعة من الناقل تفيد‬
‫استالمه البضاعة ‪.‬‬
‫إن الوثيقة اإللكرتونية أو رسالة البيانات قد تكون رسالة الكرتونية عادية موقعة ممن صدرت عنه أو قد‬
‫تكون رسالة مشفرة بإستخدام جمموعة من العمليات احلاابية يتم من خالهلا تشفري مضموهنا (‪.)4‬‬
‫و يتم اللجوء اىل هذا النوع األخري من الرسائل إلضفاء نوع من الثقة على سندات الشحن اليت تتم عرب‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف حممد الفقي ‪ ،‬النقل البحري للبضائع ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،2441 ،‬ص ‪.47‬‬
‫(‪)2‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬القانون البحري اجلديد ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪ ،1115 ،‬ص ‪. 248‬‬
‫(‪)3‬حممد ابراهيم موسى ‪ ،‬سندات الشحن االلكرتونية بني الواقع و املأمول ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪ ،1228 ،‬ص ‪.98‬‬
‫(‪)4‬تعد هذه الوسيلة إحدى وسائل األمان القانوين لاندات الشحن االلكرتونية ‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫شبكة االنرتنيت ‪ ،‬إذ أهنا تضمن للمرسل اليه سالمة املعلومات اليت تتضمنها دون حتريف أو تعديل قد ينتج‬
‫عن تدخل شخص أخر على الشبكة (‪.)1‬‬
‫و بالتايل فاإلشكال الذي يطرح يف موضوعنا هو مدى قانونية ونفاذ املعلومات املوجودة يف سندات الشحن‬
‫االلكرتونية و من بينها اتفاق التحكيم البحري؟‪.‬‬
‫لقد تعددت األراء و اإلجتاهات من أجل إحلاق األثار القانونية اهلامة املرتبطة باند الشحن الورقي بأي‬
‫وسيلة أخرى بديلة عن احملررات الورقية و املرتبطة بالبيانات االلكرتونية ‪.‬و من بني هذه األراء و االجتاهات‬
‫جند ‪:‬‬
‫‪ )1‬االستعانة مباتخرج مطبوع صادر عن احلاسب األيل ‪ ،‬يتمتع هذا املاتخرج بنفس الوظائف‬
‫القانونية لاند الشحن (‪. )2‬‬
‫‪)2‬اإلجتاه الثاين يبني إمكانية إحالل أقراص التاجيل اخلاصة باحلاسب األيل حمل سند الشحن ‪ ،‬حبيث‬
‫تقوم هذه األقراص مقام سند الشحن التقليدي و تتم هذه العملية عن طريق حتويل كافة املعلومات املختزنة‬
‫على األقراص خبصوص شحنة معينة من جهاز املرسل اىل جهاز املرسل املاتفيد‪ .‬و بالتايل فإن عملية‬
‫حتويل كافة املعلومات يف حد ذاهتا متاثل كل العمليات اليت يقوم هبا سند الشحن التقليدي ‪.‬‬
‫و هكذا فإن غياب احملررات الورقية التقليدية يف نظام تبادل البيانات الكرتونيا قد خلق مشكلة ‪ ،‬تتمثل يف‬
‫أن هناك أمور ماتقرة لعشرات الانني خبصوص ما هلذه املاتندات الورقية من وظائف قانونية ماتقرة ‪،‬‬
‫لذلك استحدث ما يامى بعقد التبادل حيث ياتطيع طرفا عقد النقل أن يتفقا على األخذ بالوظائف‬
‫التقليدية ملاتند النقل عند تبادل البيانات املتبادلة بينهما الكرتونيا ‪ ،‬و قد قدم عقد التبادل حلوال ممكنة‬
‫لتجنب املخاطر أو االتفاق على توزيعها و اليت من احملتمل أن تقع أثناء التعامل من خالل نظام التبادل‬
‫االلكرتوين للبيانات‪ ،‬لذلك ميكن أن يغطي عقد التبادل النقاط التالية ‪:‬‬
‫_جيب أن حيتوي اتفاق التبادل (عقد التبادل) على شروط عقد النقل (‪ ،)3‬إال أنه ال يتصور إرسال كافة‬
‫شروط العقد املطولة أو أي تفصيالت و ذلك لعدم اقتصادية هذا اإلجراء ‪ ،‬و من مث ياتخدم شرط‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد ابراهيم موسى ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫(‪) 2‬وهذا ما نصت عليه القاعدة العاشرة من قواعد اللجنة البحرية بشأن سندات الشحن االلكرتونية تعطي احلق للحامل يف أن يطلب من الناقل سند شحن‬
‫ورقي و ذلك قبل قيام األول بتاليم الثاين البضاعة ‪ ،‬كذلك من حق احلامل أن يأخذ من الناقل ماتخرج مطبوع لرسالة اإلفادة باالستالم مع ضرورة التأشري‬
‫عليها بالعبارة صورة غري قابلة للتداول ‪ ،‬مع العلم أن إعطاء مثل هذا املاتخرج ال يؤدي اىل اهناء التعامل عن طريق التبادل االلكرتوين للمعلومات " ‪EDI‬‬
‫(‪) 3‬ومن بني الشروط األساسية و الواجب االتفاق عليها االتفاق على ألية فض املنازعات الناشئة عن هذا العقد واليت تكون يف أغلب األحيان عن طريق‬
‫التحكيم البحري‬

‫‪193‬‬
‫اإلحالة ‪ ،‬لإلشارة اىل نية األطراف املتعاقدة لتطبيق شروط عقد معني أو اتفاقية دولية ‪.‬‬
‫_ حتابا من إحتمال إثارة أي نزاع بشأن نقل شحنة من الشحنات كان من الضروري عند ابرام عقد‬
‫التبادل تاجيل كافة املعامالت و اخلطوات و املوضوعات املاتقبلية و احملتمل اثارهتا ‪ ،‬وبناءا على ما مت‬
‫تاجيله ميكن حفظ حق كل التصرف ‪ ،‬كذلك أن يقر كل طرف بقبوله هلذه التاجيالت الستخدامها يف‬
‫اثبات نواحي املعامالت االلكرتونية بينهما ‪.‬‬
‫_ من النقاط اهلامة الواجب االتفاق عليها هو قيام شركات النقل اليت تاتخدم نظم االتصاالت االلكرتونية‬
‫باالتفاق على طريقة و مكان حام أي منازعات قد تنشأ بينهما و القانون الواجب التطبيق على النزاع‬
‫كابرام اتفاق التحكيم البحري االلكرتوين و حتديد نوع التحكيم املقرر له (مؤساي أو حر) و كذا االحالة‬
‫اىل قانون معني يطبق على اجراءاته و موضوعه ‪.‬‬
‫_ إن إقرار الطرفان يف اتفاق التبادل أو وسيلة إثبات الشرعية املتفق عليها على البيانات الواردة فيه سوف‬
‫يضفي على الرسائل االلكرتونية الشكل القانوين و جيعل منها سندا قانونيا يعتد به يف مواجهة من أصدره‪.‬‬
‫كما لو استخدمت حمررات ورقية موقعة خبط اليد ‪ ،‬و اجلدير بالذكر أن هناك نظريتني أو اجتاهني النعقاد‬
‫العقد باملراسلة أو فيما بني الغائبني (دون احتاد جملس العقد مع ختلل فرتة من الزمن بني صدور القبول‬
‫و العلم به ) أو انعقاد العقد عن طريق تبادل البيانات الكرتونيا ‪،‬حيث نتاأل هل يتم انعقاد العقد يف‬
‫الوقت و املكان الذين صدر فيهما القبول ‪ ،‬أم يف الوقت و املكان الذين يتم فيهما العلم بالقبول ؟ ‪.‬‬
‫إن كل من القانونني املدين اجلزائري واملصري يقضيان بأنه التعاقد بني الغائبني يتم يف املكان والزمان اللذين‬
‫يعلم فيهما املوجب بالقبول‪ ،‬ما مل يوجد اتفاق أو نص قانوين يقضي خبالف ذلك(‪.)1‬‬
‫أما يف فرناا مييل غالبية الفقه إىل األخذ بنظرية إعالن القبول إال أنه يف اجنلرتا فإن القضاء قد استقر على‬
‫األخذ بنظرية العلم بالقبول ‪ ،‬و مبا أن الكتابة ليات شرطا النعقاد اتفاق التحكيم يف أغلب النظم القانونية‬
‫املقارنة و بناءا على ما سبق فال تؤثر طريقة تبادل البيانات املتعلقة بالعقد يف انعقاده ‪ ،‬تبقى ماألة قبول‬
‫هته البيانات االلكرتونية و اخلاصة باتفاق التحكيم االلكرتوين يف النظم اليت تتطلب كتابة هذا العقد حتت‬
‫طائلة البطالن‪.‬و قد أخذت الدول املتقدمة بالنظام االلكرتوين يف ميدان التجارة والنقل وهذا ما تبنته قواعد‬
‫اليونارتال النموذجي لانة ‪ 1116‬بشأن التجارة اإللكرتونية(‪، )2‬و اتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بإستخدام‬
‫اخلطابات االلكرتونية يف العقود الدولية لانة ‪ 2445‬و اتفاقية روتردام للنقل البحري للبضائع ‪.2441‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادة‪67‬من القانون املدين اجلزائري واملادة ‪17‬من القانون املدين املصري‪.‬‬
‫(‪ )2‬معوان مصطفى ‪ ،‬اإلثبات يف املعامالت اإللكرتونية يف التشريعات الدولية ‪ ،‬دار الكتب احلديثة ‪،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬سنة ‪، 2448‬ص‪. 99‬‬

‫‪194‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬شكل اتفاق التحكيم باإلحالة في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫ال جدال يف وجوب الكتابة يف شرط التحكيم باإلحالة نظرا لغموض وخطورة هذا النوع من االتفاقات‬
‫كما أنه لو ال كتابة هته االحالة و االشارة إليها ما اعتمدنا له أصال هذه التامية ‪،‬أي أن االحالة الواردة‬
‫يف سند الشحن و اليت تكون عن طريق الكتابة هي اليت جتعل اتفاق التحكيم باإلحالة موجودا من عدمه ‪.‬‬
‫فالنصوص القانونية أغلبها تتطلب الكتابة يف هذا النوع من شروط التحكيم‪ ،‬إال أن التااؤل الذي يثار يف‬
‫هذا الصدد هو‪ :‬هل يعتد باتفاق التحكيم يف احلاالت اليت يقوم فيها األطراف باالحالة اىل عقد منوذجي‬
‫يتضمن مقتضاه اخلضوع اىل التحكيم كافية لتحقيق شروط الشكلية؟‪.‬أما بالنابة لعملية دمج شرط‬
‫التحكيم املوجود يف عقد املشارطة يف سند الشحن فكيف تعامل القضاء املقارن مع شكل هذا الدمج ؟‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف القوانين المقارنة من شكل اتفاق التحكيم باإلحالة‪.‬‬
‫إن بالنابة لصحة شرط التحكيم باالشارة فإن املشكلة هنا تتعلق بالشكل والقانون الذي ختضع له هذه‬
‫الصحة و يف حقيقة األمر فإن التفاوت بني التشريعات الوضعية املنظمة للتحكيم‪ ،‬بشأن شكل اتفاق‬
‫التحكيم جيعل من ماألة القانون الواجب التطبيق على هذه املاألة يف غاية األيمية‪.‬‬
‫وتذهب العديد من األنظمة القانونية املعاصرة اىل النص على ضرورة افراغ هذا االتفاق يف الشكل الكتايب‪،‬‬
‫من بني هته األنظمة على سبيل املثال نص املادة ‪ 1113‬من قانون املرافعات الفرناي اجلديد و اليت تنص‬
‫على أنه ‪":‬حتت طائلة البطالن ‪ ،‬اتفاق التحكيم يكون مكتوبا ‪،‬واليت يكون عن تبادل ماتندات كتابية أو‬
‫عن طريق االشارة اليه يف االتفاقية االصلية "(‪.)1‬‬
‫و أما عن املشرع اجلزائري فقد رأينا بأنه يتطلب الكتابة بالنابة التفاق التحكيم مبا فيها شرط التحكيم‬
‫باالحالة(‪. )2‬‬
‫أما عن قانون التحكيم املصري ‪ 1223‬فقد قرر يف الفقرة الثالثة من املادة العاشرة أنه ‪ " :‬يعترب اتفاقا على‬
‫التحكيم كل احالة ترد يف العقد إىل وثيقة تتضمن شرط التحكيم إذا كانت اإلحالة واضحة يف اعتبار هذا‬
‫الشرط جزءا من العقد " ‪.‬‬
‫إن هذا النص شأنه شأن النص األصلي املاتقى منه ‪ ،‬وهو نص املادة الاابعة يف فقرهتا الثانية من القانون‬
‫النموذجي للجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل ‪ 1298‬و الذي يف رأينا أنه غامض حيث أنه‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) art 1443 : « A peine de nullité, la convention d'arbitrage est écrite. Elle peut résulter d'un‬‬
‫”‪échange d'écrits ou d'un document auquel il est fait référence dans la convention principale.‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 1313‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ ....." :‬جيب من حيث الشكل وحتت طائلة البطالن أن تربم اتفاقية التحكيم كتابة‪ ،‬أو بأية وسيلة اتصال أخرى جتيز‬
‫االثبات بالكتابة ‪"......‬‬

‫‪195‬‬
‫أقر اإلحالة العامة إىل الوثيقة املشتملة على شرط التحكيم ‪،‬إال انه مل ينظم بطريقة واضحة شروط هذه‬
‫إليها (‪.)1‬‬ ‫اإلحالة العامة الواردة يف اتفاق األطراف إلدماج شرط التحكيم يف الوثيقة احملال‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القضاء المقارن و شكل اتفاق التحكيم باالحالة‪.‬‬
‫اجلدير بالذكر أن مشكلة صحة شرط التحكيم عن طريق االشارة كانت حمال للعديد من اآلراء الفقهية‬
‫وأيضا للعديد من األحكام وخاصة تلك الصادرة عن القضاء الفرناي(قضية ‪Société Bomor oil‬‬
‫‪ )C/E.T.A.P‬حبيث أن حكم النقض الفرناي إقتضى اإلشارة املكتوبة يف العقد األصلي للوثيقة املندجمة‬
‫فيه‪ ،‬وذكر أن هذه الوثيقة تتضمن شرط حتكيم(‪. )2‬‬

‫و بالتايل فإن الشرط الوحيد الذي وضعه القرار هو ضرورة وجود شرط التحكيم باالشارة يف العقد األصلي‬
‫وكذا وجود معامالت جتارية بني االطراف(‪ .)3‬ومن مث القول بأنه مت تبين قاعدة مادية جديدة بشأن التحكيم‬
‫الدويل تقتضي صحة هذا الشرط دون تطلب أي شرط يتعلق بشكله أي أهم شئ يأخذ بعني االعتبار وهو‬
‫اإلرادة احلقيقية لألطراف(‪، )1‬يف اجتاه رغبتهم اىل شرط التحكيم باالشارة ‪.‬‬
‫وبالتايل تبعا للقضاء الفرناي فإن ما تتطلبه اتفاقية نيويورك من كتابة التفاق التحكيم أصبح باإلمكان‬
‫التعامل به بكل حرية(‪.)8‬‬

‫أما عن القضاء األجنلوساكاونس فكل من اجنلرتا وأمريكا تأخذان مبعيارين لصحة شرط التحكيم باالحالة‬
‫فالقضاء ال يراقب اإلحالة يف سند الشحن فحاب ‪،‬و إمنا يراقب أيضا شرط التحكيم األصلي والذي حييل‬
‫اليه سند الشحن ‪ .‬و بالتايل فهو يراقب صحة و وجود اتفاق التحكيم املوجود يف وثيقة النقل ‪ ،‬إال أنه كما‬
‫رأينا يف الاابق أن كتابة اتفاق التحكيم يف القوانني األجنلوساكاونية تكون فقط إلثباته وليس النعقاده إال‬
‫أننا ناتنتج يف هته احلالة اخلاصة أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و الذي يكون حمل احالة من‬
‫سند شحن جيب أن يكون مكتوبا حىت يتاىن مراقبة صحته من عدمها ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادة‪ 9‬من القانون النموذجي للجنة األمم املتحدة " جيب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ‪ ،‬ويعترب االتفاق مكتوبا إذا ورد يف وثيقة موقعة من الطرفني أو يف‬
‫تبادل رسائل أو تلكاات أو برقيات أو غريها من وسائل االتصال الالكي أو الالسلكي تكون مبثابة سجل لالتفاق ‪،‬أو يف تبادل املطالبة و الدفاع اليت يدعي‬
‫فيها أحد الطرفني وجود اتفاق و ال ينكره الطرف األخر ‪ ،‬وتعترب اإلشارة يف عقد ما اىل ماتند يشتمل على شرط التحكيم مبثابة اتفاق حتكيم شريطة أن يكون‬
‫العقد مكتوبا و أن تكون االشارة قد وردت حبيث جتعل ذلك الشرط جزءا من العقد "‬
‫‪(2) La cour de cassation a part un second arrêt en date 9 novembre 1993 clairement tranché la question de la clause .‬‬
‫‪d'arbitrage par référence en faveur du consensualisme: "en matière d'arbitrage international, la clause compromissoire‬‬
‫‪par référence écrite à un document qui le contien, par exemple des conditions générales on un contra type, est valable‬‬
‫‪à défaut de mention dans la convention principale, lorsque la partie à laquelle la teneur de ce document au moment de‬‬
‫"‪la conclusion du contrat et qu'elle a fût ce par son silencen accépté l'incorporation du document au contrat‬‬
‫‪(3) Jean Robert, op cit, p 239.‬‬
‫‪(4) Ph.Fouchard, Gaillard, Goldman, op cit, p 29.‬‬
‫‪(8) Diop papa Ousmane, op cit, p 17‬‬
‫‪196‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬موقف القضاء من الشكل الواجب لعملية الدمج‪.‬‬
‫إن جمال عقود النقل البحري‪ ،‬كثريا ما ينص فيها ما يفيد االحالة اىل عقد املشارطة لدمج بعض هذه‬
‫الشروط املوجودة يف عقد املشارطة داخل سند الشحن ومن بني أهم هته الشروط شرط التحكيم ‪.‬‬

‫اال أن هناك صيغ عديدة و خمتلفة لشرط التحكيم باالحالة واليت غالبا ما ينشأ منها اختالف وجهات‬
‫النظر‪ ،‬حيث يدفع البعض أن شرط التحكيم باالحالة بكلماته املوجودة غري كاف لدمج شرط التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري‪ ،‬و أن كلمات االحالة بالرغم من أهنا تؤدي الغرض املطلوب منها اال أن تطبيق شرط‬
‫التحكيم قاصر فقط على أطراف عقد املشارطة دون باقي أطراف عملية النقل البحري‪.‬‬
‫فقد كانت هناك العديد والعديد من القضايا البحرية واليت حمورها الرئياي هو مدى صحة شرط التحكيم‬
‫باالحالة وأيضا مدى تطبيق شرط التحكيم على املنازعات املختلفة ‪.‬‬
‫ولقد أكدت احملاكم الربيطانية أن شرط التحكيم يف عقد املشارطة بني املالك واملاتأجر ال ميكن أن يتم‬
‫دجمه يف سند الشحن والذي طرفاه املالك وماتلم البضاعة وذلك يف حالة عدم وجود كلمات واضحة‬
‫وصرحية تشري اىل شرط التحكيم‪.‬‬
‫ولقد أتيحت الفرصة أمام القضاء اإلجنليزي يف أكثر من قضية وذلك لكي جيدد‪ ،‬موقفه بشأن تبين اإلحالة‬
‫العامة أو اإلحالة اخلاصة لكي تتم عملية دمج شرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة داخل بنود عقد‬
‫النقل البحري وقد حام القضاء اإلجنليزي هذا املوضوع خبصوص تفاري مضمون اإلحالة حبكمه الصادر‬
‫يف ‪ 19‬فرباير ‪ )1(1291‬وذلك يف القضية التالية‪:‬‬
‫" حيث مت ابرام عقد مشارطة الستئجار سفينة لرحلة واحدة بغرض القيام بنقل شحنة سكر من احدى‬
‫جزر احمليط اهلندي اىل أحد املوانئ الربيطانية‪ ،‬وكان عقد املشارطة حيتوي على نص يشري اىل أن (أي‬
‫منازعات قد تنشأ من ظله تتم تاويتها عن طريق التحكيم يف لندن)"‪.‬‬
‫وقد مت اصدار بوليصتني للشحن لتغطية الشحنة كانت األوىل حتتوي على النص التايل‪:‬‬
‫‪" All other terms, conditions clauses and exception including arbitration clause as‬‬
‫‪well as the négligence clause and cesser as per charter party".‬‬
‫أما البوليصة الثانية فكانت حتتوي على نص آخر مفاده‪:‬‬
‫‪" All terms, clauses, conditions and exceptions including the arbitration clause, the‬‬
‫‪negligence clause and the cesser clause of charter party deted april 31, 1977, are‬‬
‫‪hereby incorporated ".‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Admirability court, queen Bench Division, 17 febrauray 1978, British and Mauritius‬‬
‫‪V.Panamian and British, Gaja, part V.74; y.BIV, 1979, p 323.‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪.811 ،‬‬
‫‪197‬‬
‫وهنا جاء حكم القضاء االجنليزي حامسا وواضحا ومؤداه أنه‪ ":‬لكي تكون اإلحالة اىل الشروط الواردة‬
‫يف عقد أخر ذات أثر قانوين ومنتجة وفعالة‪ ،‬ال بد أن تذكر من بني ما تذكره على وجه التخصيص شرط‬
‫التحكيم حيث ميكن يف هذه احلالة التأكد من أن نية األطراف قد رغبت بالفعل يف مد نطاقه ليشمل‬
‫املنازعات اليت تنشأ يف ظل العقد اجلديد"(‪.)1‬‬

‫هكذا يتضح أنه اذا كانت كلمات شرط االحالة الوارد باند الشحن تثري بكل خصوصية ووضوح اىل‬
‫شرط التحكيم الوارد يف عقد املشارطة فان عملية الدمج تتم‪.‬‬
‫وقد تأيت بعض شروط االحالة كلماهتا هلا صفة العمومية دون ختصيصه اال أن القضاء جيد نية األطراف قد‬
‫انتهت فعال اىل عملية التحكيم حلل األنزعة اليت نشأت دون اللجوء اىل احملاكم‪.‬‬
‫وقد قرر القضاء االجنليزي أن هذه اإلحالة العامة ال تعين بالضرورة عدم ادماج شرط التحكيم الوارد‬
‫باملشارطة يف سند الشحن‪ ،‬ومن مث يتم البحث يف شرط التحكيم نفاه الوارد مبشارطة االجيار وتفحصه‬
‫بكل دقة ملعرفة هل هناك قدر معقول من االتفاق و االناجام اذا ما طبق على املنازعات الناشئة عن سند‬
‫الشحن‪ ،‬فإذا مت ذلك يتم دمج شرط التحكيم يف سند الشحن‪.‬‬
‫ومن حاالت االحالة تلك جند دعوى الافينة ‪ ،)2(Merak‬حيث جاءت كلمات شرط اإلحالة يف سند‬
‫الشحن كالتايل‪ ":‬كل النصوص واالعفاءات املوجودة باملشارطة تطبق على هذا الاند"(‪.)3‬‬
‫أما كلمات شرط التحكيم الوارد باملشارطة فجاءت كالتايل‪ ":‬أي نزاع ينشأ عن هذه املشارطة‪ ،‬أو أي سند‬
‫شحن صادر تنفيذا هلا سيحال اىل التحكيم"‪.‬‬
‫والواضح أن كلمات شرط االحالة هي كلمات عامة إال أن نية األطراف قد انتهت اىل تطبيق كافة‬
‫النصوص واإلعفاءات املوجودة باملشارطة ومن بينها شرط التحكيم‪ ،‬كذلك بالنظر اىل شرط التحكيم‬
‫باملشارطة قد حددت أي منازعات ناشئة عن املشارطة أو أي سند شحن صادر تنفيذا هلا سيحال اىل‬
‫التحكيم وهو هبذا جيعل شرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار مندجما يف سند الشحن(‪.)1‬و القضاة يف هذه‬
‫القضية قد قرروا أن الكلمات الواردة باند الشحن كافية لدمج شرط التحكيم يف هذا الاند(‪.)8‬‬

‫ـــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.813‬‬
‫‪)2("The Merak, loyds low reports II, 1964, p527.‬‬
‫‪)3( "Tous les terme, condition, clauses et exceptions contenus dans la dite charte partie‬‬
‫‪s'appliquent à ce connaissement." Diop Papa ousmane, op cit, p 49.‬‬

‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.811‬‬
‫‪)8(Diop papa ousmanek op cit, p 49‬‬

‫‪198‬‬
‫أما جانب أخر من القضاء االجنليزي فقد رفض عملية الدمج لعدم حرمان حامل الاند من حقه الطبيعي‬
‫يف اللجوء للقضاء ‪ ،‬ففي دعوى الافينة ‪ Hamilton‬حيث جاءت كلمات شرط االحالة‪:‬‬
‫‪" All other terms and conditions and exceptions… as per charter party ".‬‬
‫أما كلمات شرط التحكيم الواردة باملشارطة فتنص على أنه‪ ":‬كل املنازعات الناشئة عن هذه املشارطة‬
‫ستحال اىل التحكيم "‪.‬‬
‫وقد رفضت احملكمة ادماج شرط التحكيم املوجود باملشارطة داخل سند الشحن وقد برر القاضي ‪"Esher‬‬
‫"‪ M.R.‬حكمه‪ ":‬أنه عندما يتضمن سند الشحن عبارة مثل "كافة الشروط األخرى كما وردت باملشارطة"‬
‫فإن شروط املشارطة جيب قراءهتا حرفيا يف سند الشحن كما وردت باملشارطة ومن الواضح أن شرط‬
‫التحكيم الوارد باملشارطة ال حييل اىل املنازعات اليت تنشأ عن سند الشحن وإمنا اىل املنازعات الناشئة عن‬
‫مشارطة االجيار‪ ،‬وهبذا فإن شرط التحكيم الوارد باملشارطة ال يطبق على املنازعات الناشئة عن سند‬
‫الشحن‪.‬‬

‫وهكذا جند أن القضاء االجنليزي قد تطلب صراحة وضوح كلمات الدمج لكي تتم عملية الدمج من‬
‫مشارطة االجيار اىل سند الشحن وهذا ماكان أيضا يف القضية "‪، )1("The Annefield‬حبيث القضاة‬
‫برروا موقفهم بأن امليدان التجاري يلزمه التأكد من العلم اليقيين وبالتايل فإن الكلمات العامة ليات كافية‬
‫لدمج شرط التحكيم يف سند الشحن(‪.)2‬‬
‫وقد خلص الفقيه االجنليزي "‪ "Tetley‬يف حبث قام به عن موضوع اإلحالة يف سند الشحن اىل شرط‬
‫التحكيم يف عقد املشارطة كالتايل‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ يف حالة ما إذا كانت شرط اإلحالة املذكورة يف سند الشحن حتيل احالة واضحة ودقيقة وصرحية اىل‬
‫شرط التحكيم املذكور يف عقد املشارطة فإن عملية دمج شرط التحكيم يف سند الشحن ستتم دومنا حاجة‬
‫اىل قراءة شرط التحكيم والتدقيق يف صياغته الواردة مبشارطة اإلجيار للتأكد من أنه يتوافق ويناجم مع‬
‫موضوع سند الشحن‪ ،‬بل أن للمحكمة أن تقوم بالتعامل مع شرط التحكيم بدرجة من املرونة لتجعله‬
‫مناسبا ومتفقا مع سند الشحن‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬

‫‪(1) The Annefield, loyds law reports I, 1971, p04.‬‬


‫‪(2) Diop papa ousmane, op cit, p 49.‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ 2‬ـ أما اذا وردت اإلحالة يف سند الشحن يف كلمات عامة غري خمصصة لشرط التحكيم‪ ،‬فإن احملكمة‬
‫تقضي برفض عملية الدمج أتوماتيكيا‪ ،‬ولكنها ستحاول التأكد مما اذا كانت كلمات شرط التحكيم تتفق‬
‫وتتماشى مع موضوع سند الشحن من شحن ونقل وتاليم‪ ،‬فإذا تأكدت احملكمة من وجود توافق بني‬
‫شرط التحكيم الوارد بعقد املشارطة وموضوع سند الشحن حكمت بإمتام عملية الدمج واجلدير بالذكر أن‬
‫الكلمات العامة لوحدها لن تؤدي لعلمية الدمج(‪.)1‬‬
‫أما عن القضاء األمريكي فقد فرق بني نوعني من شروط التحكيم البحري‪ ،‬شرط التحكيم الشامل وشرط‬
‫التحكيم احملدود‪.‬‬
‫فقد قضت احملاكم يف الواليات املتحدة األمريكية أنه عندما يكون شرط التحكيم شامل بشكل كاف فإنه‬
‫يفار بالزام الطرف الثالث الغري املوقع على سند الشحن مثل الشاحنني أو ماتلمي البضاعة بعملية‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫يف دعوى الافينة "‪ )2("Nadir‬حيث مت حتميل الافينة بشحنة من الاكر من تركيا اىل الواليات املتحدة‬
‫األمريكية(‪ )3‬اال أن الشحنة أصاهبا التلف‪ ،‬مما جعل ماتلم البضاعة يلجأ اىل القضاء األمريكي دون‬
‫االلتفات اىل شرط التحكيم املدمج يف سند الشحن جبحة أن هذا الشرط غري كاف إللتزامه بالتحكيم‬
‫ويطبق فقط على املنازعات اليت تنشأ بني املالك واملاتأجر(‪ )1‬وال يطبق على أي أطراف أخرى‪.‬‬
‫وقد الحظت احملكمة أن سندات الشحن صادرة الستخدامها تبعا لعقد املشارطة‪ ،‬كما أن شرط اإلحالة‬
‫كان شامال بدرجة كافية‪.‬‬
‫وقد رأت احملكمة أن شرط التحكيم مل ينص صراحة على كلميت املالك واملاتأجر‪ ،‬ولكن مت استخدام‬
‫كلمات عامة بدال منها مثل األطراف ‪ Parties‬واملدعى عليهم ‪، defendants‬ومن مث صدر حكم‬
‫احملكمة برفض ادعاء ماتلمي البضاعة وحكمت بأن يتم نظر النزاع أمام التحكيم‪.‬‬
‫أيضا حكمت احملكمة الفيدرالية لقطاع جنوب نيويورك الصادرة بتاريخ ‪ 11‬أوت ‪ ،1299‬حيث تاربت‬
‫كميات من الزيت املشحون من الافينة أثناء رحلتها البحرية‪ ،‬وقد متاكت الشركة الناقلة(صاحبة الشحنة)‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1( W. Tetley, arbitration clauses in ocean Bills of ladings, Y.B.Mar. L, 1985, p 70-72‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.819،819‬‬
‫‪)2( Diop papa Ousmane, op cit, p 51‬‬
‫‪)3( See lowry co v.SS Nadir, 223 F.supp.871, 1965 AMC 1340 (S.D.NY 1963).‬‬
‫)‪223 F.supp.871,1965 AMC 1340 (S.D.NY 1963‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.883‬‬
‫‪)1( See iol at 871,1965 AMC at 1340.‬‬

‫‪200‬‬
‫بأهنا ليات طرفا يف عقد استئجار الافينة واملوجود به شرط التحكيم‪ ،‬وكانت قد اعرتضت على‬
‫طلب احالة النزاع حول املاؤولية للتحكيم(‪.)1‬‬
‫اال أن احملكمة رفضت هذا االعرتاض‪ ،‬بابب اإلحالة الواردة يف عقد النقل البحري اىل شروط عقد‬
‫استئجار الافينة وذلك ألن اإلحالة كانت كاملة‪ ،‬دقيقة وشاملة ألي خالفات أو منازعات ومهما كانت‬
‫طبيعتها واليت نشأت عن هذه املشارطة‪.‬‬
‫كما إختذت احملاكم األمريكية موقفا أخر اجتاه شرط التحكيم فاذا كانت كلمات شرط التحكيم قد كتبت‬
‫بطريقة حمدودة ‪،‬حبيث تتطلب أن يكون التحكيم يف املنازعات اليت تنشأ بني املالك واملاتأجرين فقط‪ ،‬هنا‬
‫ال يكون شرط التحكيم ملزما ألي طرف آخر(‪ ، )2‬و هذا ما يامى بشرط التحكيم احملدود‪.‬‬
‫ويف الدعوى املقامة بني‪.( Production Steel co.V.SS.François):‬‬
‫فقد قضى بأنه‪ ":‬عندما يكون عقد النقل البحري قد أدمج فيه شرط التحكيم الوارد يف مشارطة اإلجيار‪،‬‬
‫فإن احملكمة ال متلك سلطة اإللتزام بالتحكيم لكل من ظهر اليهم سند الشحن وذلك ألن شرط الوارد يف‬
‫مشارطة اإلجيار كان خاصا و حمددا وليس عاما ‪.‬‬
‫حيث أشار فقط اىل التحكيم بني املالك واملاتأجر طرفا عقد املشارطة أما هؤوالء احملول اليهم الاند فلم‬
‫يكونوا مالكني وال ماتأجرين فال يلتزمون إذن باخلضوع للتحكيم‪.‬‬
‫أما عن موقف القضاء الفرناي فهو يف قمة التشدد حول هته النقطة ‪ ،‬و لكي يعتد باالحالة الوارد باند‬
‫الشحن‪ ،‬فهو يشرتط لصحة الدمج أن تكون االحالة واضحة وحمددة اىل شرط التحكيم الوارد مبشارطة‬
‫االجيار احملال اليها(‪.)3‬‬
‫كما ميكن أن يرفق نص املشارطة باند الشحن‪ ،‬أو يتم ابالغ حامل سند الشحن بطريقة مؤكدة وثابتة‬
‫بنص مشارطة االجيار والتأكد من أنه قد علم بشرط التحكيم املذكور يف املشارطة وأبدى موافقته الصرحية‬
‫بشرط التحكيم الوارد باملشارطة ‪ .‬وبالتايل القضاء الفرناي جاء مبعيار أخر لصحة الدمج و هو علم حامل‬
‫الاند به‪ .‬وهذا ما أكده يف عدة أحكام له‪ ،‬مثل ما جاء يف القضية اسطمبول واليت أكدت فيه احملكمة‬
‫أن اإلحالة البايطة بطريقة عامة اىل نصوص وبنود وحقوق وحتفظات عقد املشارطة‪ ،‬غري كافية لدمج شرط‬
‫ـــــــــ‬
‫‪(1) See iol, at 874, 1965 A.M.C. at 1344;lay lee corp.V Anastasias (D.N.J. 1986)AMC,1986, p‬‬
‫‪2304.‬‬
‫‪(2) See production Steel co.A.M.C. 2529 (S.D.N.Y.1968).‬‬
‫عن حممد عبد لفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.881‬‬
‫‪(3) Diop papa ousmane, op cit, p49.‬‬

‫‪201‬‬
‫التحكيم يف سند الشحن ‪ ،‬ومن مث لن تكون اإلحالة كافية لعملية الدمج (‪.)1‬‬
‫أما عن القضاء املصري فهو يشرتط لصحة دمج شرط التحكيم أن تكون هناك احالة واضحة وصرحية‬
‫لشرط التحكيم‪ ،‬كما يشرتط ملد نطاقه على عقد جديد بني األطراف أن يكون شرط التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري جزء ال يتجزء من العقد املربم ‪ ،‬حيث ميكنه عندئذ فقط التأكد من أن نية األطراف قد‬
‫اجتهت بالفعل اىل مد نطاقه ليشمل املنازعات اليت تنشأ يف ظل العقد اجلديد‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬الشكل الواجب التفاق التحكيم باالحالة في المعاهدات الدولية ‪.‬‬
‫مل تتضمن االتفاقيات الدولية املتعلقة بالتحكيم الدويل كاتفاقية نيويورك ‪ 1281‬و االتفاقية األوروبية‬
‫للتحكيم التجاري الدويل ‪ 1291‬أي نص خاص حول شرط التحكيم باالحالة ‪ ،‬ومل يشر اليها سوى‬
‫القانون النموذجي ‪ ، 1218‬كذلك مل تتضمن اتفاقية بروكال ‪ 1221‬و ال الربوتوكول املعدل هلا ‪1291‬‬
‫حول النقل البحري الدويل للبضائع باند الشحن أية نصوص خاصة بالتحكيم ‪ .‬هذا ما فتح الباب‬
‫للتضاربات و االختالفات العميقة بني احللول القضائية املعطاة هلذه املاألة يف كل من فرناا ‪ ،‬اجنلرتا ‪،‬‬
‫الواليات املتحدة األمريكية و مصر ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬قضاء يربط احلل بركن الرضى و الذي ينبغي توافره إذا كانت االحالة هلا شكل حمدد و الذي جيب أن‬
‫تكون واضحة وصرحية و حمددة ‪ ،‬وذلك بالبحث يف شرط التحكيم باالحالة نفاه الوارد باند الشحن‬
‫دون التطرق لشرط التحكيم الوارد باملشارطة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قضاء يقضي بالبحث يف شرط اإلحالة الوارد بالاند أوال فإن كان واضحا و حمددا و صرحيا يف‬
‫إحالته اىل شرط التحكيم الوارد باملشارطة أدمج هذا الشرط يف الاند ‪ ،‬و إال فيتم البحث يف شرط‬
‫التحكيم نفاه الوارد باملشارطة لتقرير ما إذا كان يامح باالمتداد إىل حل منازعات سند الشحن أيضا‪ ،‬أو‬
‫يتوافق و يناجم مباشرة مع طبيعة الاند وعملية النقل البحري من شحن و نقل وتاليم حىت يندمج يف‬
‫الاند و إال فلن تكفي االحالة العامة الدماجه يف الاند (‪.)2‬‬
‫ثالثا‪ :‬قضاء يرتدد بني االكتفاء باالحالة العامة و بني وجود احالة خاصة ليس اىل شرط التحكيم الوارد‬
‫باملشارطة و لكن اىل املشارطة نفاها و حتديدها ومتييزها يف الاند متييزا واضحا بذكر تارخيها و أطرافها‬
‫و مكان ابرامها و ما اىل ذلك ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬قضاء يكتفي باالحالة العامة يف أقصى درجاهتا حىت و لو مل يوقع الشاحن على سند الشحن قبل‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪.821،‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪202‬‬
‫حتويله للمرسل اليه ‪.‬‬
‫و أمام هته اخلالفات بني القضاء الوطين يف الدول حمل البحث ‪ ،‬وحىت داخل الدولة الواحدة ‪ ،‬جاءت‬
‫اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع باند الشحن و املاماة بقواعد يمبورج ‪ 1291‬لتوحد احللول‬
‫املتبناة عن طريق القضاء الوطين هلذه الدول (‪ .)1‬وقد نصت هته االتفاقية فيما خيص شرط التحكيم بإحالة‬
‫سند الشحن إىل مشارطة األجيار يف املادة الثانية و العشرين يف فقرهتا الثانية على أنه ‪ ":‬إذا تضمنت‬
‫مشارطة االجيار نصا على إحالة املنازعات الناشئة مبوجبها اىل التحكيم ‪ ،‬و صدر سند شحن استنادا اىل‬
‫مشارطة االجيار دون أن يتضمن شرطا واضحا أو صرحيا يفيد أن هذا النص يلزم حامل سند الشحن ‪ ،‬فال‬
‫جيوز للناقل االحتجاج هبذا جتاه حامل الاند احلائز له حبان النية " ‪.‬‬
‫و هكذا فإن االحتجاج بشرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار على حامل سند الشحن سيكون فقط إذا‬
‫حدد ذلك الاند بواسطة "شرط واضح " و لكن الاؤال الذي يطرح ‪ :‬ما املقصود بالشرط الواضح ؟‪.‬‬
‫إن هذه االتفاقية مل تبني مقصودها بالشرط الواضح و بالتايل مل حتام اخلالف القضائي الذي رأيناه حول‬
‫صيغة االحالة ‪ ،‬حبيث أن كل قضاء يعترب معياره هو معيار ذلك "الشرط الواضح " الكايف لقبول صحة‬
‫االحالة ‪ ،‬حىت و إن كانت االحالة اىل املشارطة احالة عامة كما يف اجنلرتا و الواليات املتحدة األمريكية‬
‫ومصر(‪. )2‬و قد تباينت التفاريات فيما خيص هذه املاألة ‪:‬‬
‫_ حيث ذهب البعض اىل أن املادة ‪ 22‬من قواعد يمبورج ‪ 1291‬تقرر بوضوح أن صحة شرط التحكيم‬
‫الوارد يف مشارطة االجيار يف مواجهة حامل سند الشحن تتبع ادراج شرط التحكيم صراحة يف سند الشحن‬
‫حيث ال حيتج على حامل سند الشحن حان النية بشرط التحكيم الوارد يف املشارطة إذا مل يدرج هذا‬
‫الشرط يف سند الشحن حىت و لو أحال إىل شروط مشارطة االجيار املشتملة على شرط التحكيم ‪.‬‬
‫_ يف حني ذهب البعض أن تفاري املادة ‪ 2/22‬من قواعد يمبورج ‪ 1291‬يشمل االحالة اخلاصة‬
‫كما يشمل أيضا االحالة العامة اىل مشارطة اإلجيار و تعيينها يف الاند بذكر تارخيها بطريقة حتقق ذاتيتها‬
‫يف الاند ‪ ،‬حيث أن االحالة العامة تعد من قبيل الشرح الواضح الوارد يف االتفاقية ‪.‬‬
‫و هكذا فإن اتفاقية يمبورج لانة ‪ 1291‬مل تأت بالتوحيد املنشود يف هذه املاالة و مل تقطع اخلالفات‬
‫الفقهية والقضائية حول الطريقة اليت جيب أن تكون هبا شكل االحالة ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قد تضمنت اتفاقية يمبورج للنقل البحري قواعد مفصلة يف االختصاص القضائي املادة ‪ 21‬وقواعد مفصلة يف االختصاص التحكيمي املادة ‪ 22‬منها ‪.‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.192‬‬

‫‪203‬‬
‫أما عن اتفاقية روتردام للنقل البحري للبضائع ‪ 2332‬فقد بينت يف املادة ‪ 99‬منها وهي املادة الوحيدة‬
‫الىت نصت على اتفاق التحكيم باالحالة اىل وجوب تطبيق نص اتفاق التحكيم باالحالة اخلاصة يف‬
‫مشارطة االجيار أو عقد النقل البحري ‪ ،‬إذا وردت االحالة يف ماتند النقل أو سجل النقل االلكرتوين (‪. )1‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬شرط التحكيم باالحالة في الممارسات التحكيمية البحرية ‪.‬‬


‫تبنت غرفة التحكيم البحري بباريس املبدأ الفرناي املاتقر يف قراراهتا التحكيمية أنه حىت تكون االحالة‬
‫صحيحة اليت يشري اليها سند الشحن اىل مشارطة االجيار ‪ ،‬ينبغي أن تكون هذه االحالة واضحة وحمددة‬
‫اىل شرط التحكيم الوارد ضمن نصوص املشارطة احملال اليها (‪ ، )2‬و يفهم من ذلك وجوب كتابة االحالة‬
‫اخلاصة اىل شرط التحكيم البحري ‪.‬‬

‫خالصة الفصل الثاني مع التعقيب‬


‫كما رأينا أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ال يعدوا أن يكون ‪-‬شأنه شأن أي عقد – تعبريا عن‬
‫إرادتني تراضيتا على اختيار التحكيم و سيلة لتاوية منازعات ثارت أو قد تثور و لذا يلزم أن تتوافر فيه‬
‫الشروط املوضوعية الالزمة لصحة أي اتفاق و اليت تتمثل يف الرتاضي الصحيح أي تطابق ارادتني عن طريق‬
‫تالقي اجياب وقبول حلام منازعات عقد النقل البحري بواسطة التحكيم ‪.‬‬
‫كما أنه يف عقد النقل البحري للبضائع يندر أن يتضمن سند الشحن شرط التحكيم بني نصوصه يف حني‬
‫يغلب صدور هذا الاند مبوجب مشارطة االجيار تشتمل على شرط التحكيم بني نصوصها ‪ ،‬ويف هذه‬
‫احلالة قد حييل سند الشحن اىل نصوص مشارطة االجيار اليت صدر تنفيذا هلا‪ .‬و قد تاألنا هل يعترب حامل‬
‫سند الشحن راضيا بشرط التحكيم الوارد مبشارطة اإلجيار يف هذه احلالة ؟ ‪.‬‬
‫و قد انقام الرأي بصدد اإلجابة على هذا التااؤل اىل اجتاهني ‪:‬‬
‫اإلجتاه األول ‪ :‬و هو إجتاه قضاء احملاكم الفرناية ‪ ،‬و قضاء غرفة التحكيم البحري بباريس‪ ،‬و ما ذهبت اليه‬
‫األحكام القضائية اإلجنليزية و بعض األحكام القضائية األمريكية ‪ .‬ويقضي هذ االجتاه بأنه يشرتط إلندماج‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 99‬فقرة ‪ 2‬على ‪ ":‬بصرف النظر عن الفقرة ‪ ١‬من هذه املادة‪ ،‬يكون اتفاق التحكيم الوارد يف ماتند نقل أو سجل نقل‬
‫إلكرتوين تنطبق عليه هذه االتفاقية بابب انطباق املادة ‪ ٧‬خاضعا ألحكام هذا الفصل ما مل يكن ماتند النقل أو سجل النقل اإللكرتوين‪:‬‬

‫(أ)يبني هوية طريف مشارطة االستئجار أو العقد اآلخر املاتبعد من نطاق انطباق هذه االتفاقية بابب انطباق املادة ‪ 9‬ويبني تاريخ مشارطة‬
‫االستئجار أو العقد اآلخر؛‬

‫(ب)ويتضمن‪ ،‬من خالل إشارة حمددة‪ ،‬البند الذي حيتوي على أحكام اتفاق التحكيم يف مشارطة االستئجار أو العقد اآلخر‪".‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.193‬‬

‫‪204‬‬
‫شرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار يف سند الشحن الصادر تنفيذا هلا أن تكون االحالة الواردة يف الاند‬
‫اىل شرط التحكيم الوارد باملشارطة إحالة خاصة و واضحة و حمددة إىل هذا الشرط التحكيمي و ذلك‬
‫حىت نقول أن هناك رضى ألن األمر يتعلق بضرورة توافر الرضا لدى حامل الاند بشرط التحكيم الوارد‬
‫باملشارطة اليت مل يكن احلامل طرفا فيها ‪.‬‬
‫اإلجتاه الثاين‪:‬و هو القضاء املصري و بعض األحكام القضائية االجنليزية و بعض األحكام القضائية‬
‫األمريكية و يقضي هذا اإلجتاه بأنه يكفي إلندماج شرط التحكيم الوارد باملشارطة يف سند الشحن الصادر‬
‫تنفيذا هلا أن تكون اإلحالة الواردة يف الاند إحالة عامة إىل شروط املشارطة ‪ .‬إال أننا لانا مع هذا اإلجتاه‬
‫بل مع وجوب اإلحالة اخلاصة واحملددة لشرط التحكيم حىت نقول بتوافر ركن الرضى حلامل سند الشحن أو‬
‫وثيقة النقل بصفة عامة و حىت فيما خيص الوثيقة اإللكرتونية و ذلك نظرا ملا يرتتب على شرط التحكيم من‬
‫أثار تفوق خطورهتا أي شرط أخر مدرج يف العقد خاصة استبعاد والية القضاء الوطين بنظر النزاع حمل‬
‫إتفاق التحكيم و إختصاص قضاء التحكيم به ‪.‬‬
‫أيضا من الضروري لصحة الرضى توافر األهلية لدى أطراف العملية التحكيمية و هي أهلية التصرف و إذا‬
‫كان االتفاق على التحكيم مت بواسطة الوكيل جيب أن تكون الوكالة خاصة و مكتوبة لألثار القانونية‬
‫اخلطرية اليت ترتتب على هذا االتفاق ‪ ،‬أيضا من األيمية مبا كان أن يكون النزاع املطلوب الفصل فيه عن‬
‫طريق التحكيم حمددا أي حتديد حمل التحكيم و يكون هذا احملل قابل للتاوية بطريق التحكيم ‪.‬‬
‫و أخريا فإن الابب يعترب أحد عناصر الشروط املوضوعية و تتمثل مشروعيته يف أن اتفاق األطراف على‬
‫التحكيم جيد سببه يف أن ارادة األطراف قد اتفقت على استبعاد طرح منازعات عقد النقل البحري على‬
‫القضاء و تفويض األمر للمحكمني وهذا الابب مشروع يف الغالب ‪.‬‬
‫كما يلزم يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري توافر الشروط الشكلية اليت تطلبتها بعض األنظمة‬
‫القانونية إلنعقاده و لتاهيل ظروف التجارة الدولية و حتررها من القيود ‪ ،‬مل حتدد هذه النصوص شكال‬
‫كتابيا معينا ‪ ،‬حيث اكتفت بورود هذا االتفاق يف صورة مراسالت أو برقيات متبادلة بني الطرفني ‪ ،‬وميتد‬
‫ذلك اىل كل وسائل االتصال املكتوبة ‪ ،‬و لكن جيب حتقق االجياب و القبول بشأن التحكيم‪.‬إال أنه جيب‬
‫على هته النظم القانونية ضرورة ماايرة التطور التكنولوجي احلاصل يف جمال تبادل البيانات و املبادالت‬
‫التجارية يف الوقت الراهن بقبوهلا التفاقات التحكيم االلكرتونية‪ ،‬و اليت أصبحت كثرية االستخدام حاليا يف‬
‫جمال النقل البحري و هذا ما ذهبت اىل تأكيده اتفاقية روتردام للنقل البحري لانة‪ 2332‬على ضرورة‬
‫استخدام احملررات االلكرتونية يف جمال النقل البحري وقبوهلا من طرف كافة التشريعات الوطنية ‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫الباب الثاني‬
‫اآلثار المترتبة على اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬اآلثار المترتبة على اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫مىت أبرم اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري صحيحا مكتمال ألركانه و شروطه ‪ ،‬فإنه يرتب األثر‬
‫القانوين الذي يهدف إليه ‪ ،‬و جوهره حجب سلطة قضاء أية دولة عن الفصل يف موضوع نزاع عقد النقل‬
‫البحري و ختويل األمر إىل قضاء ذايت خاص و هو قضاء التحكيم ‪ ،‬و هذا هو األثر اإلجرائي املباشر‬
‫إلتفاق التحكيم سواء كان أثرا اجيابيا أو سلبيا ‪.‬‬
‫كما أن هذا األثر املباشر يولد التزامات ليس فقط على عاتق طرفيه ‪ ،‬بل كذلك على عاتق أطراف‬
‫أخرى ‪ .‬فبني طرفيه يكون التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري قوة ملزمة يف وجوب عرض النزاع على‬
‫التحكيم ‪ ،‬و ليس ألحديما أن يتخلى عنه ‪ ،‬أو يعطل مقتضاه بإرادته املنفردة ‪ ،‬و إال جاز للطرف األخر‬
‫أن يلجاء إىل القضاء ‪ ،‬إستنادا إىل واليته العامة ‪ ،‬بطلب دعوة الطرف األول لتنفيذ اتفاق التحكيم (‪.)1‬‬
‫و يف مواجهة الغري يعترب اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري مانعا قضائيا ‪ ،‬حيضر على حماكم الدولة أن‬
‫تنظر يف نزاع حول عقد نقل حبري يوجد خبصوصه اتفاق التحكيم ‪ ،‬وإن رفعت الدعوى بذلك النزاع تعني‬
‫احلكم بعدم قبوهلا ‪ ،‬لتعرض إىل قضاء التحكيم لينظر فيها مطبقا مبدأ االختصاص – باإلختصاص ‪.‬‬
‫إال أن شأن الغري بالنابة لعقد النقل البحري يطرح مشكلة يف حتديد مفهومه خاصة بالنابة ملركز املرسل‬
‫اليه يف هذا العقد ‪ ،‬و كذا األشخاص الذين حيلون حمله و يطرح الاؤال دوما ‪ ،‬حول أثر شرط التحكيم‬
‫باند الشحن ‪ ،‬بالنابة حلامله ‪ .‬و إذا ورد أيضا شرط التحكيم يف عقد اجيار الافينة ‪ ،‬دون سند الشحن‬
‫فكيف جيب أن تكون االحالة اليه يف سند الشحن حىت يكون نافذا يف مواجهة احلامل ؟‬
‫إن املتأمل يف تلك األثار يدرك أن بعضها له طبيعة موضوعية و البعض األخر ذو طبيعة إجرائية و لكل‬
‫قواعده و أحكامه اخلاصة ‪.‬‬
‫و بالتايل الاؤال الذي يطرح ‪ :‬ما هي األثار اإلجرائية و املوضوعية إلتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري ؟‪.‬‬
‫لإلجابة على هذا التااؤل قامنا هذا الباب اىل فصلني ‪ :‬الفصل األول هو عن األثار االجرائية التفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬أما الفصل الثاين فهو عن األثار املوضوعية التفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬د ‪.‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.132‬‬

‫‪207‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬األثار اإلجرائية التفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫يتميز احلق يف التحكيم بنطاقه املزدوج ‪ :‬اإلجيايب والاليب ‪ .‬فهو من الناحية اإلجيابية خيول صاحبه سلطة‬
‫اإللتجاء اىل إجراءات التحكيم للفصل يف النزاع الذي ثار مع الطرف األخر ‪ ،‬كما خيول من الناحية‬
‫الالبية سلطة منع الطرف احملتكم " الطرف يف االتفاق على التحكيم " من اإللتجاء إىل القضاء العام يف‬
‫الدولة ‪ ،‬للفصل يف النزاع موضوع اإلتفاق على التحكيم – شرطا كان أو مشارطة ‪.‬‬
‫و بعبارة أخرى ‪ ،‬فإن احلق يف التحكيم هو احلق يف استبدال إجراءات التقاضى بإجراءات التحكيم ‪ ،‬أو‬
‫استبدال القضاء العام يف الدولة هبيئة التحكيم املكلفة بالفصل يف النزاع موضوع االتفاق على التحكيم‬
‫شرطا كان أو مشارطة (‪.)1‬‬
‫و هكذا يرتتب على اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري بوصفه العقد الذي تتعهد األطراف فيه أن يتم‬
‫الفصل يف املنازعات الناشئة بينهم أو اليت قد تنشأ بينهم بواسطة احملكمني ‪ ،‬و ليس بواسطة قضاء الدولة‬
‫أثران خمتلفان ‪ :‬األثر األول فهو ما يعرف باألثر الاليب ووفقا له ميتنع على األطراف االلتجاء إىل احملاكم‬
‫الوطنية من أجل الفصل يف املنازعات املتفق على حلها بواسطة التحكيم (‪0)2‬‬

‫أما األثر الثاين الذي يرتبه اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري اجيايب ووفقا له يتعني على األطراف أن‬
‫حترتم التعهد الصادر عنها ‪ ،‬وتعهد باملنازعات املتفق بشأهنا على التحكيم إىل احملكم ‪.‬‬
‫إن املنازعات األكثر حدوثا بشأن التحكيم أمام احملاكم الوطنية يتعلق الكثري منها باتفاق التحكيم و ليس‬
‫حبكم التحكيم إذ غالبا ما حياول أحد أطراف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري التخلص من إلزامية‬
‫هذا االتفاق راغبا يف اللجوء اىل احملكمة العادية يف حني يتماك الطرف األخر باتفاق التحكيم راغبا يف‬
‫توجيه النزاع إىل القضاء التحكيمي (‪.)3‬‬
‫و سنتعرض يف هذا الفصل لكل من األثرين اإلجرائيني و نظرا أليميتهما بشيء من التفصيل‪:‬‬
‫األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف املبحث األول ‪ ،‬أما املبحث الثاين فهو عن األثر‬
‫االجيايب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪) 1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬سنة ‪ ،2443‬ص‪.138‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪)3‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪208‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬األثر السلبي التفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫يقتضي احرتام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬أنه إىل جانب ضرورة احرتام أطراف هذا العقد‬
‫لتعهداهتم و ضرورة عرض املنازعة املتفق بشأهنا على التحكيم إىل حمكمة التحكيم و هذا ما يامى باألثر‬
‫االجيايب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬ضرورة احرتام ايضا األثر الاليب هلذا االتفاق و الذي حيرم‬
‫على األطراف االلتجاء اىل القضاء الوطين لطلب الفصل يف املنازعة حمل اتفاق التحكيم (‪.)1‬‬
‫إن مضمون األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يتمثل يف استبعاد اختصاص احملاكم‬
‫الوطنية بنظر النزاع أو املنازعات املتعلقة بعقد نقل البحري و املتفق على حلها حتكيميا ‪ ،‬حيث ال ينبغي‬
‫للمحاكم الوطنية النظر يف النزاع حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري احرتاما هلذا اإلتفاق و إحرتاما‬
‫إلرادة أطرافه(‪. )2‬كما أن الدفع بوجود االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري شرطا كان أو مشارطة‬
‫هو أداة التماك باجلانب الاليب للحق يف التحكيم ‪ ،‬فهو الوسيلة اليت ختوهلا األنظمة القانونية الوضعية‬
‫على اختالفها – للمدعى عليه أمام القضاء العام يف الدولة ‪ ،‬للتماك بوجود االتفاق على التحكيم و من‬
‫مث حقه يف االلتجاء اىل نظام التحكيم للفصل يف النزاع موضوع االتفاق على التحكيم ‪ ،‬بغرض منع القضاء‬
‫العام يف الدولة من الاري يف اجراءات الفصل فيه (‪.)3‬‬
‫و ال شك أن للقضاء دور مهم للغاية يف دعوى التحكيم سواء يف سري إجراءات التحكيم أو فيما يتخذه‬
‫من تدابري و قتية وحتفظية و أيضا يف استدعاء الشهود و االنابة القضائية (‪ ، )4‬لذا جيب ذكر أن مبدأ عدم‬
‫اختصاص احملاكم الوطنية بالنظر يف النزاع حمل االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ترد عليه‬
‫استثناءات وهلذا يطرح التااؤل التايل‪:‬كيف يتم استبعاد اختصاص احملاكم الوطنية طبقا لألثر الاليب‬
‫التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و ما طبيعة هذا االستبعاد ؟ و ما هي اإلستثناءات الواردة على هذا‬
‫املبدأ ؟ ‪.‬‬
‫لإلجابة على هذه اإلشكالية قامنا هذا املبحث اىل ‪:‬مبدأ نقل االختصاص من القضاء الوطين اىل‬
‫التحكيم بالنظر يف منازعات النقل البحري يف املطلب األول‪ ،‬أما املطلب الثاين هو عن االستثناءات الواردة‬
‫على مبدأ عدم اختصاص احملاكم الوطنية بنظر منازعات عقد النقل البحري املتفق بشأهنا على التحكيم ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.173‬‬
‫(‪)2‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.224‬‬
‫(‪)3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫(‪) 4‬حممد وليد منصور‪،‬الدور االسرتاتيجي و اخلالف للقضاء يف حتقيق فعالية التحكيم يف التشريع الاوري‪،‬جملة التحكيم‪،‬العدد الثامن ‪،‬أكتوبر‪،2414‬ص‪.165‬‬

‫‪209‬‬
‫المطلب األول‪:‬نقل االختصاص من القضاء الوطني الى التحكيم بالنظر في منازعات النقل البحري‪.‬‬
‫إذا أبرم إتفاق التحكيم لتاوية منازعات عقد النقل البحري‪،‬فإن احملاكم الوطنية مينع عليها النظر يف هذا‬
‫النزاع أصال ألنه من إختصاص احملكمة التحكيمية (‪.)1‬كما يعد مبدأ عدم اختصاص احملاكم الوطنية بنظر‬
‫املنازعات املتفق بشأهنا على التحكيم سواء اختذ اتفاق التحكيم صورة شرط حتكيم مدرج يف عقد النقل‬
‫البحري‪ ،‬أو صورة مشارطة حتكيم أو عقد حتكيم اتفق عليها أطراف عقد النقل البحري بعد نشأة النزاع‬
‫بينهم ‪ ،‬مبدأ كرسته املعاهدات الدولية املتصلة بالتحكيم و كذا التشريعات الوطنية املعنية هبذا املوضوع‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون و طبيعة األثر السلبي التفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫إن أساس األثر الاليب إلتفاق التحكيم هو نزع اإلختصاص من القضاء الوطين و حرمان حماكم الدولة‬
‫من نظر أي نزاع اتفق بشأنه على التحكيم (‪ ،)2‬أما عن طبيعته فقد كانت حمل جدل فقهي وقضائي كبري‪.‬‬
‫أوال‪:‬مضمون المبدأ‪:‬‬
‫يتمثل األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف منع عرض النزاع موضوع االتفاق على‬
‫التحكيم شرطا كان أو مشارطة على القضاء العام يف الدولة ‪ ،‬ومنع هذا القضاء من الفصل فيه ‪.‬‬
‫فاالتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري شرطا كان أم مشارطة مينع القضاء العام يف الدولة من نظر‬
‫النزاع املتفق على الفصل فيه عن طريق هيئة التحكيم املكلفة بذلك ‪ ،‬بدال من احملكمة املختصة أصال‬
‫بتحقيقه و الفصل يف موضوعه ‪ ،‬و خيول املدعى عليه دفعا بذلك ‪ ،‬وهو ما يامى بالدفع بوجود االتفاق‬
‫على التحكيم (‪.)3‬‬
‫فبإتفاق أطراف عقد النقل البحري احملتكمني على نظام التحكيم ‪ ،‬للفصل يف منازعاهتم القائمة أو‬
‫احملتملة ‪ ،‬حلظة إبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬فإنه ميتنع عليهم اإللتجاء إىل القضاء العام يف‬
‫الدولة للفصل فيها ‪.‬‬
‫كما أهنم و بإتفاقهم على نظام التحكيم مينعون القضاء العام يف الدولة من نظر النزاع موضوع االتفاق‬
‫على التحكيم يف عقد النقل البحري – شرطا كان أو مشارطة – إذا رفع إليه من أحد أطراف عقد النقل‬
‫البحري احملتكمني ‪ ،‬إذ يكون للطرف احملتكم األخر يف الدعوى القضائية البحرية أن يدفع بوجود االتفاق‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫(‪)2‬الصحايب حان عبد احلليم ‪ ،‬التعليق على قرار قضائي (الاودان)‪،‬جملة التحكيم‪،‬العدد الثامن ‪،‬أكتوبر‪،2414‬ص‪.282‬‬
‫(‪ )3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬سنة ‪ ،2443‬ص ‪.133‬‬

‫‪210‬‬
‫على التحكيم ‪ .‬و على قضاء الدولة مىت تبني له جدية الدفع و قانونيته أن ميتنع عن نظر هذا النزاع (‪.)1‬‬
‫و قد كرس هذا املبدأ يف جل املعاهدات الدولية اخلاصة بالتحكيم و القوانني الوطنية ‪.‬‬
‫أ) موقف القانون الدولي من مبدأ نقل اإلختصاص ‪.‬‬
‫ياتمد هذا املبدأ وجوده من اإلتفاقات الدولية يف جمال التحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬إذ وضعت قاعدة‬
‫موضوعية موحدة تامو على التشريعات الداخلية للدول ‪ ،‬فقد استبعدت اتفاقية نيويورك لانة ‪1281‬‬
‫اختصاص القضاء الوطين يف نظر النزاع الذي أبرم بشأنه اتفاق التحكيم شرطا كان أو مشارطة ‪ ،‬حيث‬
‫نصت املادة الثانية الفقرة ‪ 3‬من هذه اإلتفاقية على أنه ‪ ":‬إذا عرض النزاع على حمكمة يف إحدى الدول‬
‫املتعاقدة و كان يتعلق مبوضوع اتفاق الطرفان على عرضه على التحكيم ‪ ،‬باملعىن املقصود يف هذه املادة ‪،‬‬
‫على احملكمة أن حتيل النزاع على التحكيم ‪ -‬إذا طلب أحد الطرفني ذلك إال إذا رأت احملكمة أن االتفاق‬
‫ملغى أو غري ذي مفعول أو غري صاحل للتطبيق "‪.‬‬
‫فبهذا النص فرض حظر على حماكم الدول يف نظر الدعوى املتفق على فضها بواسطة التحكيم‪،‬حيث‬
‫تلتزم هبا حماكم كل الدول األعضاء املنضمة لإلتفاقية أيا ما كانت جناية األطراف يف اتفاق التحكيم ‪ ،‬أو‬
‫املكان املتفق على جعله مقرا للتحكيم ‪ .‬وما دامت أن هذه القاعدة ذات طبيعة دولية فهي تاري بأثر‬
‫مباشر‪ ،‬مع استبعاد كل سلطة تقديرية للقاضي و اليت قد زالت متاما يف صدد العالقات الدولية اخلاصة‬
‫حبيث أصبح من املتعني على احملاكم أن ترتب على إتفاق التحكيم أثره املانع وجوبا فور متاك أحد‬
‫األطراف به (‪ ، )2‬كما على خمتلف الدول األعضاء اليت إنضمت اىل هته اإلتفاقية اإللتزام هبذا املبدأ و ذلك‬
‫عن طريق ‪:‬‬
‫‪ -‬تعهدها بتكريس هذا املنع يف قوانينها الداخلية ‪ ،‬بفرض التزام احملاكم التخلي النظر يف املنازعات اليت‬
‫تعود الختصاص احملكمة التحكيمية ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلستجابة لطلب أحد أطراف النزاع يف حالة عدم احرتام هذا املبدأ و هذا بالتخلي عن النظر يف‬
‫الدعوى املرفوعة أمام القاضي (‪.)3‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 134‬‬
‫(‪ )2‬سامية راشد ‪ ،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية ‪ ،‬ص ‪. 436-435‬‬
‫(‪)3‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 132‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬إذا عرض مثل هذا النزاع على القاضي الوطين ‪ ،‬عليه أن يقضي بعدم اختصاصه و إعادة الدعوى اىل‬
‫اهليئة التحكيمية (‪.)1‬‬
‫أما اإلتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل فقد تبنت بشكل غري مباشر مبدأ عدم إختصاص القضاء‬
‫الوطين يف حالة وجود اتفاق على التحكيم (‪ ، )2‬و أوردت يف املادة الاادسة منها(‪ )3‬أنه إذا رفع أحد‬
‫أطراف اتفاق التحكيم الدعوى أمام القضاء العادي مث دفع املدعي عليه أمامها بعدم إختصاصها استنادا‬
‫لوجود اتفاق حتكيم فإن هذا الدفع جيب أن يقدم قبل البدأ يف املرافعة ‪ .‬كما أن الفقرة الثالثة من هذه املادة‬
‫إفرتضت أن اخلصم مل يدفع أمام هيئة التحكيم بعدم اإلختصاص ‪ ،‬و إمنا جلأ مباشرة إىل حمكمة القضاء‬
‫العادي و طلب منها احلكم بعدم وجود اتفاق التحكيم أو ببطالنه أو بإنقضائه ‪ ،‬و إلجتناب اإلضطراب‬
‫الذي ينشأ بتشتت النزاع بني اجلهتني ‪ ،‬ألزم هذا النص احملكمة بأن تأمر بوقف الفصل يف الطلب الذي قدم‬
‫إليها حىت يصدر حكم التحكيم ‪ ،‬غري أن النص أجاز للمحكمة استثناءا ألسباب خطرية أال تأمر بوقف‬
‫الفصل يف الطلب و تاتمر يف نظره ‪ ،‬فإذا قضت بقبوله فمعىن ذلك أهنا سلبت اإلختصاص من هيئة‬
‫التحكيم (‪ .)1‬مث أكدت الفقرة الرابعة من املادة الاادسة يف هذه اإلتفاقية على أن وجود اتفاق التحكيم ال‬
‫مينع من التقدم للجهات القضائية املختصة بطلب إجراء وقيت أو حتفظي ‪ ،‬كما أن تقدمي مثل هذا الطلب‬
‫ال يفار على أنه تنازل ضمين من اخلصم الذي قدمه على عرض موضوع النزاع على التحكيم و الرجوع به‬
‫اىل القضاء العادي (‪.)8‬‬
‫و الواقع أن هذا النص يعيبه أنه ال يواجه إال احلالة اليت تكون فيها اجراءات التحكيم قد شرع يف اختاذها ‪،‬‬
‫بينما أن ذات القاعدة يتعني إعماهلا حىت يف حالة عدم الشروع يف هذه اإلجراءات طاملا كان هناك إتفاق‬
‫على التحكيم ‪ ،‬وذلك من أجل اجتناب املنافاة بني اختصاص اجلهات الوطنية و التحكيمية ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫(‪ )3‬قد نصت اإلتفاقية األوروبية حول التحكيم التجاري الدويل املؤرخة يف ‪ 1161/44/21‬جبنيف على حالة عدم االختصاص القضاء الوطين يف حالة وجود‬
‫اتفاق حتكيم يف املادة ‪ 6‬و كذلك نصت على هذا املبدأ املادة ‪ 8‬من القانون النموذجي للجنة األمم املتحدة حول التحكيم التجاري الدويل لانة ‪.1185‬‬
‫(‪)1‬فقد نصت املادة ‪ 3/9‬من هذه املعاهدة على أنه ‪:‬‬
‫" يف حالة عدم اإللتجاء الاابق إىل أية قضاء وطين ‪ ،‬و الشروع يف إختاذ اجراءات التحكيم فإن احملاكم القضائية يف الدول املتعاقدة ‪ ،‬واليت عهد إليها‬
‫باملنازعة املنصبة على ذات املوضوع املعروض على قضاء التحكيم و بني ذات االطراف ‪ ،‬أن تتوقف عن الفصل يف املوضوع اخلاضع إلختصاص احملاكم ‪ ،‬إال‬
‫إلسباب خطرية ‪ ،‬وذلك حىت يتم صدور حكم التحكيم "‬
‫(‪)5‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.226‬‬

‫‪212‬‬
‫كذلك قد نصت املادة الثامنة من قانون التحكيم النموذجي الذي أعدته جلنة األمم املتحدة للقانون‬
‫التجاري الدويل على أن ‪:‬‬
‫"‪-1‬على احملكمة اليت ترفع أمامها دعوى ماألة أبرم بشأهنا اتفاق حتكيم ‪،‬أن حتيل الطرفني اىل التحكيم‪،‬‬
‫إذا طلب منها أحد الطرفني يف موعد أقصاه تاريخ تقدمي بيانه األول يف موضوع النزاع ‪ ،‬ما مل يتضح هلا أن‬
‫اإلتفاق باطل و الغ أو عدمي األثر و ال ميكن تنفيذه ‪.‬‬
‫‪-2‬إذا رفعت الدعوى مما أشري اليه يف الفقرة األوىل من هذه املادة ‪ ،‬فيجوز مع ذلك البدء أو اإلستمرار يف‬
‫إجراءات التحكيم ‪ ،‬وجيوز أن يصدر قرار حتكيم و الدعوى ال تزال منظورة أمام احملكمة "(‪. )1‬‬
‫إن ما يظهر لنا من هذه املادة أهنا أكدت على عدم إختصاص احملاكم الوطنية بالنظر يف املنازعات اليت أبرم‬
‫بشأهنا اتفاق التحكيم ‪ ،‬وعليها أن حتيله على قضاء التحكيم إال أهنا ربطت ذلك بطلب أحد الطرفني ‪.‬‬
‫و لقد حرصت الفقرة ‪ 2‬من هذه املادة على تأكيد أنه رفع الدعوى املشار إليه يف الفقرة األوىل من نفس‬
‫املادة ال حيول دون البدء يف إجراءات التحكيم أو اإلستمرار فيها أو إصدار حكم فيها "‪.‬‬
‫ب ) موقف القوانين الوطنية من مبدأ نقل اإلختصاص ‪.‬‬
‫إن مبدأ استبعاد إختصاص القضاء العادي بنظر النزاع حمل اتفاق التحكيم قد تقرر يف أغلب قوانني‬
‫التحكيم الوطنية و التشريعات احلديثة املنظمة إلتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫‪-6‬األثر السلبي في الفكر الالتينوجرماني ‪:‬‬
‫فقد أكد هذا املبدأ قانون املرافعات الفرناي اجلديد يف املادة ‪ )2( 1181‬بشأن التحكيم الداخلي حيث‬
‫فرضت على القضاء الفرناي التقرير بعدم اختصاصه بنظر هذا النزاع ‪ ،‬و إن كان هذا احلكم مل يتكرر يف‬
‫الباب اخلاص بالتحكيم الدويل إال أنه يأخذ به من باب أوىل يف منازعات التجارة الدولية ‪ ،‬و هو مبدأ‬
‫أساسي جيد مصدره يف اإلتفاقيات الدولية الاابقة ‪ ،‬و قد أكده القضاء الفرناي و تكرر يف كل القوانني‬
‫الفرناية و اليت أجازت صحة إتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬املادة ‪ 8‬من القانون النموذجي للجنة االمم املتحدة حول التحكيم التجاري الدويل لانة ‪.1185‬‬
‫‪(2)Article 1448 -Modifié parDécret n°2011-48 du 13 janvier 2011 – art:‬‬
‫‪“ Lorsqu'un litige relevant d'une convention d'arbitrage est porté devant une juridiction de l'Etat,‬‬
‫‪celle-ci se déclare incompétente sauf si le tribunal arbitral n'est pas encore saisi et si la convention‬‬
‫‪d'arbitrage est manifestement nulle ou manifestement inapplicable.‬‬
‫‪La juridiction de l'Etat ne peut relever d'office son incompétence.‬‬
‫”‪Toute stipulation contraire au présent article est réputée non écrite‬‬

‫‪213‬‬
‫إال أن املادة الاابقة الذكر تبني أن القاضي الفرناي ال ميكنه اثارة هذا املبدأ من تلقاء نفاه ‪.‬‬
‫أما عن القانون املصري فقد نصت املادة ‪ 13‬من القانون املصري رقم ‪ 29‬لانة ‪1221‬بشأن التحكيم يف‬
‫املواد املدنية والتجارية على أنه ‪ " :‬جيب على احملكمة اليت يرفع اليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق حتكيم بعدم‬
‫قبول الدعوى اذا دفع املدعي عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع يف الدعوى "‪.‬‬
‫إن هذا النص يبني أن حق املدعى عليه يف الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق على التحكيم بشأن‬
‫املنازعة املعروضة على القضاء املصري ياقط يف حالة إبدائه ألي دفاع يف الدعوى ‪ ،‬أي بعد تقدمي املدعي‬
‫عليه ألي طلب أو إبدائه ألي دفاع تنازل عن إتفاق التحكيم و قبل اخلضوع إلختصاص القضاء الوطين‬
‫بشأن املنازعة املتفق بشأهنا على التحكيم(‪، )1‬كما يفهم أن القاضي املصري ال ميكنه أن يثري هذا الدفع من‬
‫تلقاء نفاه ‪.‬‬
‫و بإنضمام اجلزائر إىل اتفاقية نيويورك ‪ 1281‬قد اعتمدت نفس القاعدة القانونية املكرسة و الناجتة عن‬
‫وجود اتفاق التحكيم صحيحا ‪ ،‬وهي عدم إختصاص القضاء الوطين أصال ‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 1318‬من قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلزائري اجلديد على أنه ‪ " :‬يكون‬
‫القاضي غري خمتص بالفصل يف موضوع النزاع ‪ ،‬إذا كانت اخلصومة التحكيمية قائمة ‪ ،‬أو إذا تبني له وجود‬
‫اتفاقية حتكيم على أن تثار من أحد األطراف "‪ .‬و بالتايل قد بني لنا هذا النص صراحة بأن القاضي غري‬
‫خمتص يف موضوع النزاع ‪ ،‬مبجرد بدأ التحكيم أو إذا تبني له وجود اتفاق حتكيم ‪.‬‬
‫و تبعا لذلك فالقاضي اجلزائري يكون غري خمتص بالفصل يف موضوع النزاع يف حالتني ‪:‬‬
‫‪)1‬إذا كانت اخلصومة التحكيمية قائمة و ما يالحظ هنا أن املشرع قدم اخلصومة التحكيمية على‬
‫اخلصومة القضائية فمىت علم القاضي بأن النزاع مطروح أمام حمكمة حتكيم عليه التصريح بعدم‬
‫إختصاصه بالفصل يف موضوع النزاع(‪.)2‬‬
‫‪)2‬إذا ما أثار أحد األطراف و جود اتفاق حتكيم ‪.‬‬
‫و بالتايل فإثارة عدم إختصاص القاضي يكون من النظام العام و على القاضي أن يثريه من تلقاء نفاه يف‬
‫احلالة األوىل و يكون إختياري بالنابة لألطراف و ليس من النظام العام يف احلالة الثانية ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.198‬‬
‫(‪)2‬بربارة عبد الرمحان ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.888‬‬

‫‪214‬‬
‫و هذا املوفق يبني لنا الطابع الليربايل الذي تبنته النصوص التشريعية اجلزائرية اجلديدة خالفا لنص املادة‬
‫‪ 181‬مكرر ‪ 1/1‬من املرسوم التشريعي اجلزائري املعدل و اخلاص بالتحكيم التجاري الدويل لانة ‪1223‬‬
‫و اليت أثار مضموهنا نوعا من اللبس و التناقض مع ما ينبغي ماايرته طبقا لنص املادة الثالثة فقرة ‪ 2‬من‬
‫اتفاقية نيويورك لانة ‪ 1281‬و اليت وقعت عليها اجلزائر (‪.)1‬‬
‫و الواقع أن احلل الذي جاء به كل من املشرع الفرناي و املصري و اجلزائري و املتمثل يف عدم إختصاص‬
‫القضاء الوطين حبل النزاع املتفق بشأنه على التحكيم ياتند إىل الطبيعة اإلتفاقية للتحكيم ‪ .‬فالتحكيم‬
‫ياتند بطبيعته على إرادة األطراف ‪ ،‬اليت ختتار هذا الطريق حلل املنازعات الناشئة بينهم ‪ .‬فلألطراف بناءا‬
‫على إتفاقهم امكانية عدم اللجوء اىل قضاء الدولة و التنازل عن رفع دعواهم أمامه ‪ ،‬وهذا التنازل قد يكون‬
‫صرحيا أو ضمنيا ‪.‬‬
‫و مبفهوم املخالفة فالقاضي املطروح أمامه النزاع املتفق بشأنه على التحكيم ال ميكن أن يثري الدفع بعدم‬
‫اإلختصاص من تلقاء نفاه استنادا اىل وجود هذا الشرط ‪.‬‬
‫فاملدعي عندما ‪ ،‬يقوم بإعالن املتعاقد معه للمثول أمام قضاء الدولة يتنازل عن امليزة اليت خيوهلا إياه اتفاق‬
‫التحكيم ‪.‬‬
‫و مثول املدعي عليه أمام قضاء الدولة ‪ ،‬دون اثارته للدفع بعدم اختصاص هذا القضاء يعد أيضا قبول‬
‫املدعي عليه إلختصاص هذا القضاء‪.‬‬
‫و هذا اإلتفاق تبعا إلرادة املدعي و املدعى عليه يفرض على القاضي ‪-‬كما يفرض أي إتفاق أخر أيا كان‬
‫شكله (‪.)2‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فقد نصت املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 1/1‬الاابقة على أنه ‪ " :‬تكون دعوى التحكيم معلقه عندما يرفع أحد أطراف دعوى أمام احملكم أو احملكمني املعنيني يف‬
‫اتفاقية التحكيم أو عندما يباشر أحد األطراف إجراءات يف تأسيس حمكمة التحكيم ويف حالة غياب مثل هذا التعيني ‪ ،‬يكون القاضي غري خمتص يف املوضوع‬
‫مىت كانت دعوى التحكيم معلقة "‪.‬‬
‫و ما يؤخذ على هذه املادة هو عدم حامها للقضية بكل وضوح ‪ ،‬إذا التفاري األويل هلا يوحي مبا يلي ‪:‬‬
‫‪) 1‬يفهم من هذه املادة عدم إختصاص القضاء الوطين ‪ ،‬عكس املشرع الفرناي الذي كان أكثر وضوحا ‪.‬‬
‫‪ )2‬ميكن التماك بإختصاص القضاء الوطين مامل يقم أحد االطراف بإخطار اهليئة التحكيمية وفقا إلتفاق التحكيم ‪ ،‬أو مل يقم أحد األطراف بتحريك‬
‫إجراءات التحكيم و تشكيل احملكمة التحكيمية ‪ ،‬مما يفهم بأن عدم القيام بأحد اإلجرائني وفقا للمادة ‪ 181‬مكرر ‪ 1/1‬من أحد أطراف النزاع ‪ ،‬رغم وجود‬
‫اتفاق التحكيم ال مينع من النظر يف النزاع من طرف احملكمة الوطنية و هذا كان تناقض مع نص املادة ‪ 3/2‬من اتفاقية نيويورك لانة ‪ 1281‬و كذا نص املادة‬
‫‪ 181‬مكرر‪ 9‬ألنه تعرتف صراحة باختصاص احملكمة التحكيمية بالنظر يف إختصاصها ‪ .‬و قد ظهر تأثر املشرع اجلزائري باملشرع الاوياري و الذي أخذ حرفيا‬
‫نص املادة ‪ 181‬مكرر ‪ 1/1‬من القانون الدويل اخلاص الاوياري لانة ‪. 1219‬‬
‫و على هذا فالتعديل اجلديد و الذي جاءت به املادة ‪ 1318‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ألغى أي تناقض أو تفاري جيعل أطراف اتفاق التحكيم يتهربون من فض النزاع‬
‫بواسطة التحكيم ‪ ،‬وكان متماشيا مع القانون اإلتفاقي الدويل و القوانني الوطنية املقارنة ‪.‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪198‬‬
‫‪215‬‬
‫‪ -2‬األثر السلبي في الفكر األنجلوساكسوني ‪:‬‬
‫يف اجنلرتا صدر قانون التحكيم اإلجنليزي لانة ‪ 1298‬مدجما حكم الفقرة الثالثة من املادة الثانية من اتفاقية‬
‫نيويورك ‪ 1281‬يف قانون التحكيم اإلجنليزي لانة ‪ ، 1283‬و قد نصت املادة األوىل من قانون التحكيم‬
‫اإلجنليزي لانة ‪ 1298‬على أنه ‪":‬عندما يتعلق األمر باتفاق حتكيم دويل ‪،‬وعندما يرفع أحد أطرافه أو من‬
‫ميثله دعوى قضائية ضد الطرف األخر أو من ميثله حول موضوع مما يدخل يف نطاق اتفاق التحكيم فإنه‬
‫جيوز للطرف األخر يف أي وقت أن يتقدم للمحكمة طالبا وقف اإلجراءات أمامها ‪ ،‬وذلك قبل تقدمي‬
‫الدفاع أو القيام بأي إجراءات أخرى ‪ ،‬وللمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى إال إذا ظهر هلا بأن اتفاق‬
‫التحكيم باطل و ال أثر له أو غري قابل للتنفيذ ‪ ،‬أو أنه ال يوجد نزاع بني األطراف فيما خيص موضوع‬
‫اتفاق التحكيم ‪ ".‬و منذ ذلك الوقت أصبح الوضع يف التحكيم الدويل اإلجنليزي خيتلف عنه بالنابة‬
‫لتحكيمه الداخلي‪ ،‬ففي هذا األخري مازالت للمحاكم اإلجنليزية الالطة التقديرية يف وقف الدعوى‬
‫القضائية ويف املقابل ال سلطة تقديرية هلا بشأن اتفاقات التحكيم الدولية(‪. )1‬‬
‫وقد أكد هذا املوقف القضاء اإلجنليزي يف العديد من األحكام البحرية املتتالية ‪:‬‬
‫فقد قرر اللورد » ‪ « wilberforce‬يف احلكم الصادر عن جملس اللوردات الربيطاين يف دعوى‬
‫» ‪ « Nova (jersey)V.kammgarn‬يف ديامرب ‪ 1299‬أنه ‪ ":‬مما ال شك فيه أن اتفاق التحكيم‬
‫حمل الدعوى املنظورة ليس إتفاق حتكيم حملي ‪ ،‬و هلذا فإنه من الوهلة األوىل كان جيب على احملكمة تطبيق‬
‫املادة األوىل‪ 1/‬من قانون التحكيم ‪ ، 1298‬وكان وقف الدعوى القضائية أمرا إجباريا و ملزما " (‪. )2‬‬
‫و يف الدعوى » ‪ « the Rena K‬الصادرة عن احملكمة البحرية عام ‪ 1291‬فقد ذكر القاضي‬
‫» ‪ « Bardon‬يف تقريره ‪ " :‬أن قانون التحكيم ‪ 1298‬قد صدر تنفيذا إلتفاقية نيويورك ‪1281‬‬
‫لإلعرتاف وتنفيذ أحكام التحكيم ‪ ،‬إنه من الضروري لإلعرتاف و تنفيذ األحكام التحكيمية قادرة على‬
‫إنتاج هذه األحكام ‪ ،‬فحىت تكون األحكام نافذة ينبغي أوال أن تكون اإلتفاقات التحكيمية نافذة "‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫’‪(2)H.L. Nova (jersey) Knit Itd .V.kammgarn Spinnerei G .M.B .H .Loyd‬‬
‫‪Rep ,1977,Vol , 1,p463‬‬
‫مأخوذ عن ‪ :‬عاطف الفقي ‪ ،‬املرجع الاابق ذكره ‪.‬‬
‫و قد تقرر نفس احلكم من طرف اللورد ‪ Graham‬يف دعوى » ‪ « Roussel-U claf V.Searle‬الصادر عن جملس اللوردات الربيطاين يف أكتوبر‬
‫‪.1299‬‬

‫‪216‬‬
‫و أخريا يف دعوى » ‪ « the World star‬الصادرة عن احملكمة البحرية يف ‪ 1219‬ذكر القاضي‬
‫" ‪ "Sheen‬يف تقريره ‪ " :‬أنه ملا ثبت اتفاق التحكيم مل يكن اتفاق التحكيم داخلي حباب مفهومه الوارد‬
‫يف املادة الرابعة ‪ 1/‬من قانون التحكيم االجنليزي لانة ‪ 1298‬فعلى احملكمة أن تأمر بوقف الدعوى‬
‫مبوجب املادة األوىل فقرة ‪ 1‬من هذا القانون ‪...‬مث استطرد ‪ ...‬إن احملكمة مطالبة بإصدار أمر بوقف‬
‫الدعوى و هلذا فليس من حقها أن تفرض شروطا إلصدار هذا األمر "‪.‬‬
‫و أما يف الواليات املتحدة األمريكية و عمال باملادتني الثالثة و الرابعة من قانون التحكيم الفدرايل األمريكي‬
‫‪ 1228‬و اليت تقرر أنه إذا أقيمت دعوى يف أي حمكمة من حماكم الواليات املتحدة األمريكية خبصوص‬
‫أي قضية حمالة اىل التحكيم مبوجب اتفاق مكتوب فإن احملكمة عند إقتناعها بأن هذه القضية حمالة‬
‫للتحكيم مبوجب اتفاق مكتوب أن توقف الدعوى عند طلب أحد األطراف ذلك حىت يتم التحكيم مهمته‬
‫تبعا لالتفاق التحكيمي و ال سلطة تقديرية هلا يف رفض األمر بوقف الدعوى(‪. )1‬‬
‫و بالتايل و طبقا هلذا القانون فإنه ميكن للمدعى عليه وكذا املدعي أيضا التقدم للمحكمة ‪-‬طالبا وقف‬
‫الدعوى القضائية لوجود اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫و هذا ما أكده القضاء الفدرايل األمريكي يف الدعوى " ‪ "Serguros‬حيث ألغت حمكمة اإلستئناف‬
‫حكم احملكمة اإلبتدائية و اليت رفضت فيه طلب مالك الافينة وقف اإلجراءات مبوجب املادة الثالثة من‬
‫قانون التحكيم الفدرايل ‪ 1228‬مراعاة للتكلفة اإلقتصادية للدعوى ‪ ،‬حيث قررت حمكمة اإلستئناف أن‬
‫احملكمة اإلبتدائية ال متلك سلطة تقديرية لرفض وقف الدعوى القضائية نظرا لوجود إتفاق التحكيم (‪.)2‬‬
‫و هكذا جتمع املعاهدات الدولية ‪ ،‬و القوانني الوطنية و القضاء يف الدول حمل البحث على إعطاء الفعالية‬
‫إلتفاق التحكيم عموما و اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري خصوصا بالب اختصاص القضاء الوطين‬
‫بنظر النزاع حمل اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫و نتااءل هنا عن األمر الصادر من احملكمة القضائية عند استبعادها النظر يف النزاع حمل إتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري ‪ ،‬هل هو أمر يفصل يف دفع شكلي أم دفع موضوعي أم دفع بعدم القبول ؟ و هل‬
‫يقف األمر بإستبعاد نظر الدعوى أم يتعدى ذلك اىل إحالة النزاع اىل التحكيم ؟‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Van den Berg ,etude compartive du droit de l’arbitrage commercial dans les pays de common‬‬
‫‪law,these Aix,1977,p50‬‬
‫عن عاطف الفقي ‪ ،‬املرجع الاابق ذكره ‪.‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.234‬‬

‫‪217‬‬
‫لإلجابة على هذه التااؤالت جند أن املعاهدات الدولية مل حتدد املقصود باإلحالة اىل احملاكم الوطنية‬
‫و طبيعة الدفع بالتحكيم ‪ ،‬و بالتايل فإن األمر حيام بواسطة القوانني الوطنية و املمارسات القضائية يف‬
‫الدول حمل البحث ‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬تحديد الطبيعة القانونية للدفع بالتحكيم ‪.‬‬


‫لقد ثار اخلالف يف فقه القانون الوضعي ‪،‬التشريع ‪ ،‬و أحكام القضاء املقارن يف تكييف الدفع بوجود‬
‫اتفاق التحكيم و حول حتديد الطبيعة القانونية له(‪ ، )1‬فقد ذهب اجتاه أول اىل تكييف الدفع بوجود اتفاق‬
‫التحكيم على أنه دفع بعدم االختصاص ‪ ،‬و ذهب اجتاه ثاين بأنه دفع بعدم القبول ‪ ،‬و قد ذهب اجتاه‬
‫ثالث بأنه من الدفوع الشكلية ‪ ،‬كما ظهر اجتاه رابع على أنه دفع ببطالن املطالبة القضائية‪،‬أما االجتاه‬
‫اخلامس فقد كيفه على أنه دفع بوقف الدعوى القضائية ‪ ،‬كما نصت بعض التشريعات املقارنة على التزام‬
‫احملكمة باإلحالة يف حالة الدفع بوجود اتفاق التحكيم قبل الكالم يف املوضوع ‪.‬‬
‫و بالتايل فالاؤال الذي يطرح ما هي طبيعة الدفع بوجود اتفاق التحكيم هل هو دفعا بعدم اإلختصاص ؟‬
‫أم دفعا بعدم القبول ؟ ‪...‬أم أنه غري ذلك ؟‪.‬‬
‫لإلجابة على هذا الاؤال سوف نتطرق اىل اإلجتاهني الرئيايني البارزين حول طبيعة الدفع بالتحكيم يف فقه‬
‫القانون الوضعي‪ ،‬وأحكام القانون الوضعي و يما اجتاه الفكر الالتينوجرماين و اجتاه الفكر األجنلوساكاوين‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬الدفع مبعناه العام يطلق على كل وسائل الدفاع اليت يقدمها اخلصم يف الدعوى القضائية ‪ ،‬لإلجابة على طلبات خصمه فيها ‪ ،‬بقصد تفادي له احلكم هبا ‪،‬‬
‫سواءا كانت موجهة اىل اخلصومة القضائية ‪،‬أو اىل إجراءاهتا ‪ ،‬أو موجهة إىل موضوع احلق املدعى به ‪ ،‬أو اىل سلطة اخلصم يف استعمال دعواه القضائية ‪ ،‬منكرا‬
‫حقه فيها ‪ .‬أما الدفع مبعناه اخلاص يف قانون املرافعات املدنية و التجارية ‪ ،‬فهو الدفع املوجه إىل إجراءات اخلصومة القضائية ‪ ،‬أو اىل سلطة احملكمة بشأهنا ‪،‬‬
‫وهي ما يطلق عليها الدفوع اإلجرائية مثل الدفع ببطالن صحيفة الدعوى القضائية ‪ ،‬أو الدفع بعدم إختصاص احملكمة و غريها ‪.‬‬
‫أما وسائل الدفاع املوجهة اىل موضوع الدعوى القضائية ‪ ،‬فإهنا تعرف بالدفوع املوضوعية ‪.‬‬
‫أما الوسائل اليت ينكر هبا اخلصم على خصمه سلطته يف استعمال الدعوى القضائية ‪ ،‬فتعرف بالدفع بعدم القبول ‪.‬‬
‫و يف كل من الدفع بعدم اإلختصاص ‪ ،‬و الدفع بعدم القبول يطلب املتماك بالدفع من احملكمة عدم الفصل يف الدعوى القضائية ‪ ،‬ففي احلالة األوىل ينكر‬
‫عليها إختصاصها ‪ ،‬وواليتها يف نظر الدعوى القضائية ‪ .‬بينما يف احلالة الثانية ينكر فقط سلطتها يف مساع الدعوى القضائية ‪.‬‬
‫و بالتايل فإنه يف الدفع بعدم اإلختصاص يتماك اخلصم مبنع احملكمة من مساع الدعوى القضائية ألهنا خترج عن حدود واليتها ‪ ،‬بينما يف الدفع بعدم القبول ‪،‬‬
‫يتماك اخلصم مبنع احملكمة من مساع الدعوى القضائية لابب ما ‪ ،‬مع تاليمه بإختصاصها القضائي بنظرها ‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ -‬أ) طبيعة الدفع بالتحكيم في النظام الالتينوجرماني ‪.‬‬
‫‪)6‬الدفع بالتحكيم هو دفع بعدم االختصاص ‪.‬‬
‫ذهب الرأي الاائد يف كل من الفقه و القضاء ‪ :‬الفرناي(‪ ، )1‬اإليطايل و املصري و بعض التشريعات‬
‫الوضعية إىل القول بأن الدفع بوجود اإلتفاق على التحكيم ‪-‬شرطا كان أو مشارطة – هو دفعا بعدم‬
‫اإلختصاص ‪ ،‬و إعتربت حمكمة النقض االيطالية هذا الدفع من الدفوع اإلجرائية غري املتعلقة بالنظام العام ‪،‬‬
‫مثله يف ذلك مثل الدفع بعدم اإلختصاص احمللي ‪ .‬و من مث ال متلك احملكمة احلكم به من تلقاء نفاها بل‬
‫جيب التماك به أمامها يف امليعاد احملدد للدفوع اإلجرائية غري املتعلقة بالنظام العام ‪ ،‬أي قبل الكالم يف‬
‫الدعوى القضائية ‪ ،‬و إال سقط حقه يف إبدائه ‪.‬‬
‫أما عن القضاء الفرناي فقبل صدور قانون اإلجراءات املدنية احلايل قد انقام يف رأيه فذهب يف بعض‬
‫أحكامه إىل إعتبار الدفع بوجود اإلتفاق على التحكيم شرطا كان أو مشارطة من قبيل الدفع بعدم‬
‫اإلختصاص املتعلق بالنظام العام(‪، )2‬بينما ذهبت بعض أحكام القضاء الفرناي األخرى إىل إعتباره دفعا‬
‫بعدم اإلختصاص غري املتعلق بالنظام العام(‪.)3‬‬
‫إال أن الفقه يف فرناا مل حيدث من جانبه مثل هذا اإلنقاام يف الرأي ‪ ،‬والذي أمجع على إعتبار الدفع‬
‫بالتحكيم دفعا بعدم اإلختصاص و أوجب التماك به قبل الكالم يف موضوع الدعوى القضائية‪.‬‬
‫و قد ذهب قانون اإلجراءات الفرناي مع هذا الرأي يف إعتبار الدفع بالتحكيم دفعا باإلختصاص غري‬
‫متعلق بالنظام العام الفرناي و إمنا يتعلق باملصلحة اخلاصة لألطراف احملتكمني ‪ ،‬و ال جيوز أن حتكم به‬
‫احملكمة من تلقاء نفاها(‪. )1‬‬
‫كما أن هذا اإلنقاام مل يوجد يف أحكام القضاء املصري و فقه القانون الوضعي املصري ‪ ،‬حيث أمجعت‬
‫احملاكم املصرية على إعتبار الدفع بالتحكيم دفع غري متعلق بالنظام العام املصري ‪ ،‬وجيب التماك به قبل‬
‫الكالم يف موضوع الدعوى القضائية ‪ ،‬و إال سقط احلق يف إبدائه (‪ . )8‬و هذا الرأي كان قبل صدور قانون‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪) 1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬سنة ‪ ،2443‬ص ‪.133‬‬

‫‪(2)Incompétence absolue .‬‬


‫‪(3)Incompétence relative .‬‬

‫(‪ )4‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.158‬‬
‫(‪ )5‬أنظر أحكام النقض املدين املصري و املشار إليها يف ‪ :‬أمحد أبو الوفا _التحكيم اإلختياري و اإلجباري –الطبعةاخلاماة ‪-1211-‬بند ‪-18‬ص‪.122‬‬

‫‪219‬‬
‫التحكيم املصري لانة ‪ 1221‬و الذي جعله دفعا بعدم القبول أي دفعا موضوعي وليس شكلي كما‬
‫سنرى الحقا ‪.‬‬
‫أما عن القانون اجلزائري فقد اعترب الدفع بعدم اختصاص القضاء الوطين هو دفع بعدم االختصاص أي أنه‬
‫دفع شكلي و هذا ما جاءت به املادة ‪ 1318‬من قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلزائري اجلديد على‬
‫أنه ‪ " :‬يكون القاضي غري خمتص بالفصل يف موضوع النزاع ‪ ،‬إذا كانت اخلصومة التحكيمية قائمة ‪ ،‬أو إذا‬
‫تبني له وجود اتفاقية حتكيم على أن تثار من أحد األطراف "‪ .‬كما يظهر لنا من هذا النص صراحة بأن‬
‫استبعاد إختصاص القاضي يف احلالة األوىل يعترب من النظام العام وجيب أن يثريه من تلقاء نفاه ‪ ،‬وهذه يف‬
‫حالة ما إذا كانت اخلصومة التحكيمية قائمة(‪. )1‬‬
‫أما إذا تبني أنه مثة اتفاق حتكيم ففي هذه احلالة فقد اعترب املشرع اجلزائري أن الدفع بعدم االختصاص دفع‬
‫غري متعلق بالنظام العام و ميكن أن يثار من أحد أطراف النزاع ‪.‬‬
‫و خالصة القول ‪ ،‬أنه اذا إعتربنا بأن الدفع بالتحكيم يعد من الدفوع بعدم اختصاص احملكمة بنظر النزاع‬
‫موضوع اإلتفاق على التحكيم شرطا كان أو مشارطة ‪ ،‬فمن غري املمكن حتديد نوع هذا االختصاص ألنه‬
‫ليس متعلق بالوظيفة القضائية ‪ ،‬أو متعلقا باحملل ‪ ،‬ألن احملكمة املختصة أصال بنظر النزاع موضوع االتفاق‬
‫على التحكيم ختتص بالفعل اختصاصا قضائيا ‪ ،‬و الذي ال ميكن و صفه مبجرد اإلشراف أو الرقابة على‬
‫هيئة التحكيم املكلفة بالفصل بالنزاع موضوع االتفاق على التحكيم ‪.‬‬

‫‪)2‬الدفع بالتحكيم هو دفع بعدم قبول الدعوى ‪.‬‬


‫اعتربت بعض القوانني الوضعية اىل اعتبار الدفع بالتحكيم دفعا بعدم قبول الدعوى القضائية أو بعدم‬
‫جواز نظرها‪ ،‬تأسياا على أن اتفاق التحكيم يؤدي اىل نزول األطراف احملتكمون عن اإللتجاء اىل القضاء‬
‫العام يف الدولة ‪ .‬و مىت تنازل أطراف االتفاق على التحكيم بإرادهتم على سلطة االلتجاء اىل القضاء العام‬
‫يف الدولة ‪ ،‬تكون الدعوى القضائية قد فقدت شرطا من شروط قبوهلا ‪ ،‬مما ميتنع معه على احملكمة قبوهلا ‪.‬‬
‫فالدفع بالتحكيم يف حقيقته يكون دفعا بالتنازل عن اخلصومة القضائية و من مث ‪ ،‬فإنه يندرج يف عداد‬
‫الدفوع بعدم قبول الدعوى القضائية (‪.)2‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬بربارة عبد الرمحان ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.888‬‬
‫(‪ )2‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.178‬‬

‫‪220‬‬
‫و قد وجد اإلجتاه القائل بأن الدفع بوجود االتفاق على التحكيم هو دفعا بعدم قبول الدعوى القضائية‬
‫اعتمادا يف قانون التحكيم املصري رقم ‪ 29‬لانة ‪ 1221‬يف شأن التحكيم يف املواد املدنية و التجارية‬
‫فطبقا للمادة ‪ 13‬من هذا القانون فإنه ‪ – " :‬جيب على احملكمة اليت يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق‬
‫حتكيم أن حتكم بعدم قبول الدعوى اذا دفع املدعي عليه بذلك قبل ابدائه أي طلب أو دفاع يف الدعوى ‪.‬‬
‫و ال حيول رفع الدعوى املشار اليها يف الفقرة الاابقة دون البدء يف اجراءات التحكيم أو االستمرار فيها‬
‫أو اصدار حكم حتكيم "‪.‬‬
‫كما أخذ هبذا االجتاه املشرع البحريين و كذا العديد من القوانني العربية و اليت اعتربت الدفع باتفاق‬
‫التحكيم أنه دفع بعدم قبول الدعوى القضائية (‪.)1‬‬
‫و إذا عدنا اىل ما أقره املشرع املصري يف الفقرة األوىل من املادة الاابقة الذكر فإنه جعل الدفع بعدم القبول‬
‫دفعا غري متعلق بالنظام العام حيث ال تقضي به احملكمة من تلقاء نفاها ‪ ،‬بل يتعني أن يطلبه املدعي عليه‬
‫و جيب ابداءه قبل ابداء أي طلب أو دفع يف املوضوع ‪.‬‬
‫أما عن الفقرة الثانية من نفس املادة فهي تبني بأن التجاء أحد أطراف االتفاق على التحكيم للقضاء العام‬
‫يف الدولة ‪ ،‬ال مينع الطرف األخر من بدأ إجراءات التحكيم و ال مينع هيئة التحكيم من اصدار حكم‬
‫ملزم ألطراف النزاع يف الدعوى املنظورة أمامها‪.‬‬

‫ب)طبيعة الدفع بالتحكيم في النظام األنجلوساكسوني ‪.‬‬


‫ينصرف مفهوم الدفع بالتحكيم يف اجنلرتا من قبل احملاكم الوطنية بوقف االجراءات املنظورة أمامها‬
‫" ‪ " stay the court proceeding‬و قد استخدم هذا التعبري يف الدعاوى البحرية اليت تطرقت هلذه‬
‫املاألة(‪ ، )1‬و قد تعدى األمر بوقف االجراءات اىل األمر بإحالة األطراف اىل التحكيم ‪ ،‬و حتديد مواعيد‬
‫معينة هلذا اللجوء للتحكيم ‪ ،‬وذلك يف حاالت معينة كحاالت وجود حجز حتفظي على الافينة أو حتصيل‬
‫كفالة كما هو مقرر يف قانون القضاء املدين االجنليزي ‪.)2( 1212‬‬
‫أما عن القانون األمريكي و حاب ما ورد يف املادة ‪ 239‬من الفصل الثاين من قانون التحكيم‬
‫الفدرايل األمريكي ‪ ،‬فإن األمر ال يقف عند احلكم بوقف االجراءات بل يتعداه اىل األمر بإحالة األطراف‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.177‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.232‬‬

‫‪221‬‬
‫اىل التحكيم " ‪ . )1(" oder to compel Arbitration‬و بالتايل فإن القانون األمريكي هبذا التوسع‬
‫يظهر عزم املشرع األمريكي على االعرتاف الواسع بالتحكيم الدويل كطريقة حلل منازعات التجارة‬
‫الدولية(‪.)2‬‬
‫و هكذا فإن األمر الصادر عن احملاكم االجنليزية أو األمريكية بعدم االختصاص أو بوقف االجراءات أو‬
‫برفض نظر الدعوى ‪ ،‬هو دفع اجرائي أو شكلي مصدرا أمر ينهي اخلصومة دون الفصل يف موضوعها ‪،‬‬
‫وهو دفع جيب ابداؤه قبل ابداء أي طلب أو دفاع يف الدعوى و إال سقط احلق فيه حيث أنه جيوز التنازل‬
‫عن التماك به صراحة أو ضمنا ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬النطاق الموضوعي لألثر السلبي التفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫جيب بيان موضوع النزاع احملدد و القائم بالفعل بني أطراف عقد النقل البحري و احملتكمني "أطراف اتفاق‬
‫التحكيم " ‪ ،‬يف مشارطة التحكيم (عقد التحكيم) ‪ .‬كما قد يكون حتديد النزاع املراد الفصل فيه عن طريق‬
‫نظام التحكيم واردا يف شرط التحكيم ‪ ،‬و الذي يكون قد سبق ادراجه يف عقد النقل البحري ( يف الصور‬
‫اليت قد رأيناها سابقا )‪ .‬و اذا كان من االزم عند رفع الدعوى القضائية اىل القاضي العام يف الدولة بيان‬
‫موضوعها بعبارة صرحية وواضحة فإنه جيب من باب أوىل مراعاة ذلك يف التقاضي أمام غري القضاء العام‬
‫يف الدولة ‪ ،‬و هذا لألثار املهمة اليت ترتتب على هذا التحديد يف خمتلف صور اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫‪ -‬من ناحية أوىل‪ :‬أن هيئة القضاء العام يف الدولة متتنع عن الفصل يف النزاع احملدد و املعهود به هليئة‬
‫التحكيم للفصل فيه دون غريه من املنازعات املتعلقة بعقد النقل البحري‪.‬‬
‫‪ -‬من ناحية ثانية‪ :‬أن والية هيئة التحكيم املكلفة بالفصل يف النزاع موضوع االتفاق على التحكيم –‬
‫شرطا كان أو مشارطة – تكون قاصرة فقط على النزاع احملدد يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري دون‬
‫غريه ‪ ،‬و عليه فإن هيئة التحكيم جيب أن تلتزم حبدود تلك الوالية االستثنائية لنظام التحكيم فان خرجت‬
‫عليها ‪ ،‬كان حكم التحكيم الصادر منها باطال (‪.)3‬‬

‫‪ -‬من ناحية ثالثة‪ :‬يتم حتديد النزاع حمل اتفاق التحكيم من قبل أطراف عقد النقل البحري كما ميكن‬
‫تفويض وكيل عن طريق توكيل خاص جييز له حتديد النزاع و املراد الفصل فيه عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 239‬من الفصل الثاين من قانون التحكيم الفدرايل األمريكي على أن ‪ ":‬احملكمة املختصة و فقا هلذا الفصل رمبا تأمر باإلحالة للتحكيم " مما‬
‫يضع نوعا من اللبس حول وجوب أو جواز هذا األمر بناء على كلمة" رمبا –‪ "may‬و قد ذهب جانب من الفقه األمريكي اىل أنه رغم ظاهر هذه العبارة اال‬
‫أهنا تأيت على عكس لغة ومعىن اتفاقية نييورك ‪ ، 1281‬وينبغي تفاريها على أن االحالة اىل التحكيم أمر وجويب ‪.‬‬
‫(‪ )2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.233‬‬
‫(‪ )3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.221‬‬

‫‪222‬‬
‫‪ -‬من ناحية رابعة‪ :‬أن املنازعات و اليت تكون حمل التحديد يف اتفاق التحكيم هي املنازعات الناشئة عن‬
‫تفاري عقد النقل البحري‪ ،‬أو تنفيذ هذا العقد‪.‬‬
‫و ال يشرتط أن يرد حتديد النزاع املراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم يف ذات العقد املتضمن شرط‬
‫التحكيم ‪ ،‬و إمنا ميكن أن يشري هذا العقد اىل عقد أخر (مثال احالة سند الشحن اىل مشارطة اجيار‬
‫الافينة كما رأينا سابقا ) ‪ ،‬أو عمل قانوين أخر( كإدراج وثيقة الحقة تبني كل معطيات اتفاق التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري ) ‪ ،‬بل من املمكن حتديد حمل النزاع بعد ذلك ‪ ،‬أثناء املرافعة أمام هيئة التحكيم املكلفة‬
‫بالفصل فيه (‪ .)1‬و مادام أن حتديد موضوع النزاع متعلق مبحل اتفاق التحكيم يف حمل اتفاق التحكيم فال‬
‫يتصور عدم حتديده و إال كان إتفاق التحكيم دون ركن احملل ‪.‬‬
‫و مما سبق جيب التأكيد على أن نطاق األثر الاليب التفاق التحكيم يتحدد مبدى تعيني حمل اتفاق‬
‫التحكيم و مشوليته ملوضوع النزاع و كذا امكانية التنازع ما بني هيئة التحكيم و القضاء العام يف الدولة ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الدفع بشمول اتفاق التحكيم لموضوع النزاع ‪.‬‬
‫الدفع بشمول اتفاق التحكيم ملوضوع النزاع من الدفوع اليت يبىن عليها عدم اختصاص القضاء العام‬
‫للدولة ملوضوع النزاع ‪.‬‬
‫إذ قد يتضمن اتفاق التحكيم املاائل املتنازع عليها و قد ال يتضمن هذه املاائل مطلقا ‪ ،‬وقد ال يتضمن‬
‫مجيع املاائل املتنازع عليها ‪ ،‬فإذا انصرف القضاء للماائل الغري املتفق عليها كان حكمه موافقا للقانون‬
‫و يف هذه احلالة ترفض هيئة القضاء الدفع بشمول اتفاق التحكيم ملوضوع النزاع ‪ ،‬إذا ما دفع أمامها‬
‫بشمول اتفاق التحكيم ملوضوع النزاع ‪ ،‬و يظهر األثر الاليب التفاق التحكيم يف احلالة العكاية إذا مشل‬
‫اتفاق التحكيم موضوع النزاع فعلى هيئة القضاء التنازل عن الفصل يف اخلصومة و قبول الدفع بشمول‬
‫اتفاق التحكيم ملوضوع النزاع و بالتايل تكون هيئة التحكيم هي املختصة يف هذه احلالة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التنازع في االختصاص بين محاكم الدولة و هيئة التحكيم ‪.‬‬
‫التنازع يف االختصاص هو تنازع بني جهيت القضاء العادي و اإلداري أو بني جهة من جهات القضاء‬
‫و هيئة من اهليئات ذات االختصاص القضائي حول االختصاص بنظر النزاع أو عدم االختصاص بنظر‬
‫النزاع‪ ،‬وهذا التنازع قد يكون سلبيا و قد يكون اجيابيا و قد يتعلق بالتنازع يف تنفيذ حكمني متناقضني (‪.)2‬‬
‫و قد إستعمل املشرع اجلزائري لفض منازعات االختصاص فقط يف حالة التنازع بني جهة القضاء العادي‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 232‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬امحد ابراهيم عبد التواب ‪ ،‬اتفاق التحكيم والدفوع املتعلقة به ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2332‬ص‪.832‬‬

‫‪223‬‬
‫واإلداري عمال بأحكام املادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ )1( 33-21‬و املتعلق بإختصاصات حمكمة التنازع ‪.‬‬
‫و مل يشر املشرع اجلزائري على أي تدابري ختص منازعات االختصاص أمام حمكمة التنازع (‪ )2‬بني هيئات‬
‫القضاء الوطين و هيئات التحكيم ‪ ،‬خالفا للمشرع املصري و الذي أشار اىل هذين النوعني من تنازع‬
‫االختصاص وفقا لنص املادة ‪ 28‬من احملكمة الدستورية العليا رقم ‪ 11‬لانة ‪ ، 1292‬وهو التنازع بني‬
‫جهيت القضاء العادي و اإلداري أو بني جهة من جهات القضاء و هيئة من هيئات ذات االختصاص‬
‫القضائي(‪.)3‬‬
‫_ و الاؤال الذي يطرح ‪ ،‬هل يتصور التنازع بني هيئات التحكيم و جهات القضاء العادي أو اإلداري ؟‬
‫هيئة التحكيم هيئة غري قضائية يقوم األفراد أو مراكز التحكيم املنظمة بتشكيلها ‪ ،‬األمر الذي ينفي عنها‬
‫من الناحية الشكلية أو العضوية وصف اهليئة القضائية ‪ ،‬فهي من ناحية مشكلة من غري القضاة ‪ ،‬كما أن‬
‫اختيار أعضائها يكون من قبل األفراد و ليس من قبل الدولة أو الالطة القضائية كما هو احلال يف اختيار‬
‫القضاة ‪ .‬و أنه يف حالة تعيني احملكمني من قبل احملكمة املختصة بالنزاع يكون ذلك موقوفا أيضا على ارادة‬
‫أطراف اتفاق التحكيم ‪ ،‬غري أن هيئة التحكيم تفصل يف املنازعات اليت اتفق األطراف على احالتها‬
‫للتحكيم دون قضاء الدولة ‪ ،‬مع الزام احملاكم يف حالة الدفع بوجود اتفاق التحكيم قبل أي طلب أو دفاع‬
‫يف موضوع الدعوى املطروحة عليها ‪،‬أن حتكم بعدم القبول كما هو احلال يف القانون املصري و العماين (‪،)1‬‬
‫أو احلكم بعدم االختصاص كما هو احلال يف القانون الفرناي و االيطايل و اجلزائري و الكوييت ‪ ،‬أو احلكم‬
‫بإحالة األطراف اىل حمكمة التحكيم كما هو احلال يف اجنلرتا و الواليات املتحدة األمريكية ‪.‬‬
‫األمر الذي يثري التااؤل حول طبيعة عمل هيئة التحكيم ‪ ،‬هل هي هيئة قضائية استثنائية أم أهنا هيئة ادارية‬
‫أم أهنا هيئة ذات اختصاص قضائي ؟‬
‫اختلف الفقه يف حتديد الطبيعة القانونية هليئة التحكيم ‪ ،‬حيث ذهب البعض اىل أن هيئة التحكيم هي‬
‫هيئة قضائية خاصة أو استثنائية ‪ ،‬ويقوم هذا الرأي على اجازة املشرع لألفراد يف اختيارهم حملكميهم ‪،‬‬
‫للفصل يف املنازعات اليت ثارت أو قد تثور بينهم و ذلك على وترية حماكم الدول ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬قانون عضوي رقم ‪ 43-18‬مؤرخ يف ‪3‬يونيو ‪ ، 1118‬يتعلق باختصاصات حمكمة التنازع و تنظيمها وعملها ‪ ،‬جريدة رمسية رقم ‪ 31‬لانة ‪. 1118‬‬
‫(‪)2‬بربارة عبد الرمحان ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.344‬‬
‫(‪)3‬أمحد ابراهيم عبد التواب ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.532‬‬
‫(‪)4‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.534‬‬

‫‪224‬‬
‫و قد ذهب بعض الفقه للقول بأن هيئة التحكيم اليت تشكل يف الفصل يف النزاع هي هيئة ادارية ذات‬
‫اختصاص قضائي (‪ ،)1‬وذهب رأي لعدم اعتبارها هيئة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي ‪ ،‬وقد ذهب‬
‫البعض األخر اىل اعتبارها هيئة ذات اختصاص قضائي ‪ ،‬و يقوم هذا الرأي على أساس التاليم بإستقالل‬
‫التحكيم عن قضاء الدولة ‪.‬‬
‫و بالتايل فإ نه يصعب حتديد التكييف الصحيح هليئة التحكيم فهي ليات باهليئة القضائية ‪ ،‬كما أهنا ال‬
‫تعترب من اهليئات القضائية االستثنائية أو اهليئات ذات االختصاص القضائي أو اهليئات االدارية ‪ ،‬فهي هيئة‬
‫خاصة استثنائية تتشكل باتفاق األطراف أو من قبل احملكمة يف حالة عدم اتفاق األطراف على ذلك ‪،‬‬
‫و أن االتفاق على اختصاص تلك اهليئة بنظر النزاع ال يالب اختصاص القضاء بنظر النزاع(‪.)2‬‬
‫إن تكييف هيئة التحكيم على أهنا هيئة خاصة استثنائية ‪ ،‬ال مينع من تصور التنازع بينها و بني حماكم‬
‫الدول ‪ ،‬اال أن الفقه اختلف يف قيام هذا التنازع من عدمه ‪ ،‬فقد أقر بعض الفقه إمكانية قيام هذا التنازع‬
‫كما أنكر البعض األخر التنازع بني قضاء الدول و هيئات التحكيم ‪.‬‬
‫و يف اعتقادنا أن عدم اعتبار هيئة التحكيم من جهات القضاء ال ينفي اعتبارها جهة قضاء خاصة‬
‫واستثنائية خاصة و أن القانون يعرتف بإلزامية أحكامها ‪ ،‬كما أن االعرتاف بنظام التحكيم كنظام‬
‫ماتحدث يف النظام القانوين تفرضه ظروف و أوضاع اجملتمع يف الوقت الراهن ‪ ،‬وضرورة النظر يف قيام‬
‫التنازع بني هيئة التحكيم و حماكم الدولة أمر البد منه و على التشريعات القانونية التفطن هلذا األمر‬
‫و النص على هيئة خاصة ختتص بالفصل يف هذا التنازع سواء كان اجيايب أو سليب ‪.‬‬
‫و بالتايل فعدم قبول الفصل يف النزاع املعروض من طرف قضاء الدول بابب وجود اتفاق حتكيم و إعماال‬
‫لألثر الاليب التفاق التحكيم ميكن أن يكون حمل تنازع اذا ما مل تقبل هيئة التحكيم الفصل يف نفس‬
‫املوضوع ‪ ،‬و احلالة العكاية هي إعمال األثر االجيايب التفاق التحكيم و الذي تفصل به هيئة التحكيم يف‬
‫نزاع قد يتم الفصل فيه أيضا من طرف القضاء العام يف الدولة ‪ ،‬و هنا تظهر األيمية العملية يف استحداث‬
‫هيئة للفصل يف هذا النوع من التنازع ‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬و قد شاع هذا التكييف لدى فقهاء القانون العام ‪.‬‬
‫(‪)2‬أمحد ابراهيم عبد التواب ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.544‬‬

‫‪225‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬االستثناءات الواردة على مبدأ األثر السلبي التفاق التحكيم في عقد النقل البحري‬
‫على الرغم من أن القاعدة العامة اليت حتكم مالك القضاء الوطين فيما يتعلق باملنازعات اخلاصة الدولية‬
‫املتعلقة بعقد النقل البحري و املتفق بشأهنا على التحكيم ‪ ،‬تتلخص يف عدم اختصاص هذا القضاء‬
‫بالفصل يف هذه املنازعات إال أن هذه القاعدة العامة ترد عليها بعض القيود و االستثناءات (‪.)1‬‬
‫و بالتايل فإن عدم االختصاص القضائي يف الدول حمل البحث‪ ،‬و كذا يف املعاهدات الدولية اخلاصة‬
‫بالتحكيم الدويل هو عدم اختصاص نايب ينبغي على صاحب املصلحة التماك به ( املدعى عليه أو من‬
‫ميثله أو حىت املدعي كما يف القانون الفدرايل األمريكي) (‪.)2‬‬

‫كما أن استبعاد اختصاص احملاكم الوطنية من جمال التحكيم ليس استبعاد هنائي حبيث يبقى هلا دور يف‬
‫بعض احلاالت أبرزها انعقاد االختصاص للمحاكم الوطنية بشأن اختاذ اإلجراءات الوقتية و التحفظية‬
‫املتصلة باملنازعات املتفق بشأهنا على التحكيم ‪ ،‬تدخل القضاء من أجل تكوين حمكمة التحكيم يف حالة‬
‫عدم تشكيلها ‪ ،‬كما ميكن للقضاء التدخل من أجل مباشرة الرقابة على حكم التحكيم سواء كانت هذه‬
‫الرقابة يف إطار دعوى األمر بتنفيذ احلكم التحكيمي أو من خالل الطعن بالبطالن يف احلكم التحكيمي ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬جواز نزول أطراف اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري عن هذا االتفاق‪.‬‬
‫إن ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يصري هنائيا و نافذا يف مواجهة أطرافه و بالتايل ال جيوز‬
‫الرجوع فيه باالرادة املنفردة ألحد األطراف ‪.‬‬
‫و جيوز التنازل الصريح عن هذا االتفاق التحكيمي مبوافقة طرفيه و ذلك بتصرحيهما أمام احملكمة القضائية‬
‫اليت رفع أمامها النزاع حمل اتفاق التحكيم عن تنازهلما عن هذا االتفاق بعد ابرامه‪ ،‬و رغبتهما يف نظر‬
‫الدعوى من طرف القضاء الوطين ‪ .‬و يف حكم حملكمة استئناف " ‪ "Aix‬متعلق بنقل حبري دويل تقول‬
‫احملكمة ‪ " :‬إذا كان عدم اختصاص احملاكم الوطنية لوجود شرط التحكيم جيب أن يندرج حتت طائفة عدم‬
‫االختصاص النوعي ‪ ،‬فإنه لن يكون اال عدم اختصاص نايب حيث إنه مقرر ملصلحة األطراف ‪ ،‬وهلذا فإن‬
‫احملكمة ال ميكنها للتقرير بعدم اختصاصها االستشهاد بشرط التحكيم للقضاء بعدم اختصاصها من تلقاء‬
‫نفاها ‪ ،‬فهذا من شأن املاتأجر وحده " (‪ . )3‬من هذا القرار يظهر بأن األطراف لوحدهم هلم احلق بالتنازل‬
‫عن اتفاق التحكيم و ال ميكن للقضاء الوطين اثارة الدفع من تلقاء نفاه ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.199‬‬
‫(‪ )2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 237‬‬
‫‪(3)Aix , 19 Mars 1964 , D.M.F . 1965 ,P 220 .‬‬

‫‪226‬‬
‫كما ميكن للمدعي عليه أيضا التنازل صراحة عن الدفع بعدم اختصاص احملاكم الوطنية بعد أن كان دفع‬
‫اختصاصها(‪.)1‬‬
‫بعدم‬
‫إال أن اخلالف قد نشأ بني القوانني املقارنة يف التنازل الضمين عن اتفاق التحكيم ‪ ،‬ففي فرناا اذا مل‬
‫يدفع املدعي عليه بعدم اختصاص احملكمة الوطنية فإن هذا االمتناع و الاكوت يفار بأنه تنازل ضمين عن‬
‫اتفاق التحكيم ‪.‬و هذا النزول يكون ضمنيا و ناجتا أيضا عن حضور األطراف أمام احملاكم الوطنية و عدم‬
‫متاكهم باتفاق التحكيم قبل اختاذ أي اجراءات يف املوضوع ‪.‬‬
‫و قد اتبع املشرع االجنليزي نفس احلل و هو وقف اإلجراءات للمحكمة القضائية طاملا متاك أحد‬
‫األطراف هبذا الوقف ‪ ،‬و قد حدد ميعادا بني رفع الدعوى و اختاذ أي خطوة حول موضوع ‪ .‬فاملدعي‬
‫برفع دعواه أمام القضاء الوطين يعد متنازال عن اتفاق التحكيم ‪ ،‬و املدعي عليه قد ال يرغب يف الدفع بعدم‬
‫اختصاص احملكمة الوطنية ‪ ،‬فاذا صمت عن هذا الدفع يف املدة احملددة ‪ ،‬و اذا ختذ أي خطوة يف التقاضي‬
‫بعد احلضور كتقدمي املذكرات فلن حيصل على وقف الدعوى ‪ ،‬فاحلق يف وقف اإلجراءات يفقد بواسطة‬
‫الطرف الذي يقدم مذكراته أو يتحدث أو يتخذ أي خطوة يف اجراءات التقاضي(‪.)2‬‬
‫و خيتلف املوقف األمريكي مع املوقفني الفرناي و االجنليزي بشأن التنازل الضمين عن اتفاق التحكيم أمام‬
‫القضاء الوطين ‪ ،‬و الفارق األول يف الواليات املتحدة األمريكية هو أنه ليس جمرد اللجوء اىل القضاء الوطين‬
‫و اختاذ اجراءات يف موضوع الدعوى يعد يف حد ذاته دليال على التنازل عن اتفاق التحكيم ‪ ،‬فالتنازل عن‬
‫احلق يف التحكيم ال ياتمد اال من معطيات حتكيمية ‪ ،‬حىت و إن باشر املدعي الدعوى القضائية و قدم‬
‫املدعى عليه دفاعه بصورة اجيابية ‪ ،‬برفع دعوى فرعية أو بادخال طرف ثالث يف اخلصومة فإن هذا كله ال‬
‫ينهض دليال على التنازل عن اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫إن ما يعتمده القضاء األمريكي هو حماولة اثبات الضرر الالحق بأحد األطراف نتيجة هلذا الوقف‬
‫و حتويل القضية للتحكيم نظرا لفوات ميعاد التحكيم أو أنه سبق نظر هذه الدعوى أمامه و ال شك أن‬
‫اثبات هذا الضرر ليس بالشئ اهلني و بالتايل يتصور أنه يف أغلب األحيان توقف االجراءات أمام احملاكم‬
‫و حتال اىل التحكيم (‪. )3‬‬
‫أما عن الفارق الثاين أنه حىت املدعي جيوز له الرجوع عن رفع الدعوى القضائية و طلب اإلحالة اىل‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)paris ,7juin 1984 Rev .Arbitrage,1984, P 504 ,note E.Mezger‬‬

‫(‪ )2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.231‬‬


‫(‪)3‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪. 213‬‬

‫‪227‬‬
‫التحكيم فقانون التحكيم الفدرايل يف مادته الثالثة مل يفرق بني املدعي و املدعى عليه يف طلب وقف‬
‫االجراءات ‪ .‬فاملدعي له احلق يف طلب وقف الدعوى القضائية قبل صدور حكم هنائي يفصل يف موضوع‬
‫النزاع و احالته اىل التحكيم ‪،‬و تبقى دائما الالطة التقديرية مرتوكة هليئة القضاء حاب معطيات كل قضية‬
‫يف حتديد مدى وجود ضرر الحق بالطرف األخر من عدمه ‪ ،‬و مدى وجود أي تأخري يف طلب احالة‬
‫الدعوى اىل التحكيم ‪.‬‬
‫هذا ما جيعل النظام األمريكي يعطي أكثر فعالية التفاق التحكيم يف مجيع الظروف و احلاالت أكثر من‬
‫نظرييه االجنليزي و الفرناي(‪.)1‬‬
‫أما عن القانون اجلزائري فإنه يظهر من استقراء نص املادة ‪ 1318‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية (‪)2‬‬

‫أن القاضي يكون غري خمتص يف الفصل يف موضوع النزاع إال اذا أثار أحد طرفيه بوجود اتفاقية حتكيم ‪،‬‬
‫مبفهوم املخالفة أنه ليس هناك ما مينع أطراف النزاع بالتنازل الصريح عن اتفاق التحكيم و القبول بفصل‬
‫القضاء الوطين يف نزاعهم ‪ ،‬كما أن سكوهتم و عدم اثارهتم للدفع بوجود اتفاق التحكيم ما هو إال تنازل‬
‫ضمين بينهم عن اللجوء للتحكيم ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حاالت انعقاد االختصاص للمحاكم الوطنية‪.‬‬


‫ان استبعاد اختصاص احملاكم الوطنية من اجملال التحكيمي ‪ ،‬ليس استبعاد هنائي ‪ ،‬ولكنه استبعاد يتحدد‬
‫نطاقه باملنازعات املوضوعية حمل اتفاق التحكيم حيث يبقى للمحاكم الوطنية دور يف العملية التحكيمية‬
‫بداية من املااعدة يف تعيني احملكمني حىت املااعدة يف تنفيذ حكم التحكيم ‪ ،‬مرورا باالشراف و الرقابة‬
‫على االجراءات التحكيمية ‪ ،‬زيادة على ذلك إمكانية التقدم للمحاكم الوطنية إلختاذ االجراءات الوقتية أو‬
‫التحفظية ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعطيل األثر السلبي التفاق التحكيم في حالة االجراءات الوقتية والتحفظية ‪.‬‬
‫تنظم األنظمة القانونية الوضعية و على اختالف مذاهبها و اجتاهاهتا صور من احلماية القضاية للحقوق‬
‫و املراكز القانونية و منها احلماية القضائية املاتعجلة ‪ .‬فقد رأت األنظمة القانونية املختلفة عدم كفاية‬
‫القضاء العادي و اليت تكون اجراءاته كثرية وبطيئة ‪ ،‬فأنشأت اىل جانبه القضاء املاتعجل ‪ ،‬و الذي يقدم‬
‫لألفراد االسعافات األولية العاجلة عند وجود خطر حمدق باحلقوق و املصاحل املشروعة ‪ ،‬باختاذ اجراءات‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫(‪ )2‬تنص املادة ‪ 1318‬من قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلزائري اجلديد على أنه ‪ " :‬يكون القاضي غري خمتص بالفصل يف موضوع النزاع ‪ ،‬إذا كانت‬
‫اخلصومة التحكيمية قائمة ‪ ،‬أو إذا تبني له وجود اتفاقية حتكيم على أن تثار من أحد األطراف "‪.‬‬
‫‪228‬‬
‫وقتية سريعة حتمي احلقوق و املراكز القانونية ‪ ،‬حلني عرض موضوع النزاع على حمكمة املوضوع املختصة‬
‫بتحقيقه و الفصل فيه ‪ ،‬ليأخذ النزاع طريقه العادي وفقا لإلجراءات املعتادة ‪.‬‬
‫و تتحقق احلماية القضائية الوقتية عن طريق اختاذ جمموعة من التدابري التحفظية أو الوقتية و اليت من‬
‫شأهنا ضمان حتقيق احلماية القانونية الكاملة للحق أو املركز القانوين ‪ ،‬و هذه التدابري متثل مضمون‬
‫القضاء الوقيت (‪.)1‬‬
‫و ما دام أن احلق أو املركز القانوين املوضوعي من املاائل اليت جيوز فيها التحكيم ‪ ،‬فإن املنازعات‬
‫املاتعجلة املتعلقة به تكون بالضرورة مما جيوز التحكيم فيها ‪ .‬إذ ما دام أن القانون الوضعي قد أجاز‬
‫االتفاق على التحكيم بشأن منازعات موضوعية ‪ ،‬فإنه جييز ومن باب أوىل عرض املنازعات املاتعجلة‬
‫على التحكيم أيضا ‪ ،‬بدال من عرضها على احملاكم العادية يف الدولة ‪.‬‬
‫إنه من الصعب من يف اطار التحكيم البحري الدويل فيما خيص عقود النقل البحرية وضع تعريف موحد‬
‫لإلجراءات الوقتية أو التحفظية يف غياب فكرة عاملية مشرتكة بني األنظمة القضائية الوطنية املختلفة ميكن‬
‫أن حييل إليها القضاء الوطين أو القضاء التحكيمي يف اطار اجراءات التحكيم البحري الدويل ‪ ،‬و بالتايل‬
‫فإن القاضي الوطين اذا طلب منه اختاذ اجراء وقيت أو حتفظي فإنه سوف حيدد ماهية هذا االجراء وفقا‬
‫لقانونه الوطين و هل يعد من قبيل االجراءات الوقتية أو التحفظية أو ال يعد كذلك ‪.‬‬
‫أما احملكم البحري فهو حمكم دويل و ليس قاضيا خيضع لقانون وطين ‪ ،‬و بالتايل سوف يكون حر يف‬
‫حتديد ماهية اإلجراء املطلوب و ذلك من خالل نصوص الئحة التحكيم اليت يعمل مبقتضاها أو من خالل‬
‫القانون الذي اختاره األطراف ليحكم اجراءات التحكيم عند احلاجة إليه لتكملة نقص الالئحة التحكيمية‪.‬‬
‫كما أن احملكم البحري لن ياتطيع اإلمتناع عن تطبيق قانون حمل التحكيم اذا اشتمل يف مواد التحكيم‬
‫الدويل على نصوص أمرة متعلقة باالجراءات الوقتية أو التحفظية (‪.)2‬‬
‫إن العالقة بني القضاء التحكيمي و القضاء الوطين يف هذا اجملال هي عالقة تنافاية كما أهنا أيضا عالقة‬
‫تعاون‪ ،‬فإن كان حملكمة التحكيم البحري أن تأمر بإجراءات وقتية أو حتفظية بصدد اخلصومة التحكيمية ‪،‬‬
‫إال أن احملاكم الوطنية هلا دائما الدور املؤثر يف هذا اجملال ‪.‬‬
‫و بالرجوع اىل األثر الاليب التفاق التحكيم فثمة عدة أسئلة تطرح يف هذا الصدد ‪ :‬من ميلك اختاذ هذه‬
‫االجراءات التحفظية أو الوقتية بعد االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ؟ و ماذا عن األوامر‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.255‬‬
‫(‪ )2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.242‬‬

‫‪229‬‬
‫الوقتية أو التحفظية اليت صدرت عن احملاكم الوطنية قبل الدفع بعدم اختصاصها بنظر النزاع حمل االتفاق‬
‫على التحكيم و قبل وقف الدعوى ؟ هل تلغى هذه اإلجراءات أو تبقى نافذة ؟ و هل تبقى لقاضي األمور‬
‫املاتعجلة سلطاته يف اختاذ مثل هذه اإلجراءات بالرغم من وجود االتفاق على التحكيم ؟ ‪.‬‬
‫ال جدال يف أن جمرد االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري شرطا كان أو مشارطة ال مينع‬
‫األطراف احملتكمني من اللجوء اىل قاضي األمور املاتعجلة ‪ ،‬طالبا الختاذ أي إجراء ‪ ،‬أو تدبري حتفظى ‪،‬‬
‫أو وقيت طاملا أن هيئة التحكيم املكلفة بالفصل يف النزاع موضوع اإلتفاق على التحكيم مل تتشكل بعد(‪.)1‬‬
‫كما أنه ليس هناك ما مينع من تدخل القضاء الوطين باألمر باالجراءات التحفظية و الوقتية أثناء قيام‬
‫اخلصومة التحكيمية وهذا لعدة اعتبارات و لوجود عدة أسباب خلصها األستاذ كلود قولدمان " ‪Claude‬‬
‫‪ "Goldman‬فيمايلي ‪:‬‬
‫‪-1‬ال توجد حمكمة حتكيم دائمة ‪ ،‬حيث إن كل نزاع ياتأهل تشكيل حمكمة حتكيم جديدة أو تعيني‬
‫حمكم وحيد ‪ ،‬فاذا طبقنا مبدأ األثر الاليب التفاق التحكيم بكل جوانبه و مبا فيه من دقة فإن األطراف‬
‫سيجدون أنفاهم يف مواجهة قضاء خال ميكن أن يظل هكذا شهورا عدة بني نشوء النزاع و بني أن يلجاء‬
‫إليه األطراف طالبني أمرا وقتيا أو اجراءا حتفظيا ‪ ،‬يف حني أن هذه الفرتة هي اليت تنشأ فيها الغالبية العظمى‬
‫من احلاجات التحفظية و حينئذ فال مناص من اللجوء اىل القضاء الوطين ‪.‬‬
‫‪-2‬االجراءات التحكيمية حضورية ‪ ،‬فال يوجد اجراء بناء على طلب و بالتايل فإن أثر املفاجأة قد يؤثر‬
‫أحيانا على فعالية اإلجراءات املقررة ‪.‬‬
‫‪-3‬كما أن الطابع التعاقدي التفاق التحكيم يؤدي اىل نتيجتني ‪:‬‬
‫‪-‬احملكم متجرد من أي اختصاص اجتاه الغري ‪.‬‬
‫‪-‬احملكم ال ميلك وسائل اإلكراه ‪ ،‬و بالتايل فلن ميكن تنفيذ االجراءات التحفظية اليت يأمر هبا اجباريا اال‬
‫مبااعدة القاضي الوطين (‪.)2‬‬
‫و هكذا فإن التحكيم يرتك يف جمال االجراءات الوقتية أو التحفظية فراغا جيب تكملته عن طريق القضاء‬
‫الوطين ‪ ،‬و هذا األمر ال يكون إال عن طريق تنظيم هذه العالقة التعاونية و اليت جند مصدرها يف املعاهدات‬
‫الدولية و القوانني الوطنية ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 215‬‬
‫(‪ )2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 243‬‬

‫‪230‬‬
‫ثانيا‪:‬تعطيل األثر السلبي التفاق التحكيم بالنسبة لالجراءات التحفظية و الوقتية في المعاهدات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫بالنابة للمعاهدات الدولية جند يف البداية معاهدة بروكال ‪ ، 1282‬و اليت تقرر يف مادهتا الاابعة‬
‫الفقرة الثانية و الثالثة أنه اذا كانت احملكمة اليت وقع احلجز على الافن يف دائرهتا غري خمتصة بالفصل يف‬
‫املوضوع فإن الكفالة أو الضمان الذي يقدم لرفع احلجز جيب أن يتضمن تنفيذ كل األحكام الالحقة اليت‬
‫تصدرها احملكمة املختصة بالفصل يف املوضوع ‪ ،‬وحتدد احملكمة اليت وقع احلجز يف دائرهتا امليعاد الذي جيب‬
‫فيه على املدعي رفع دعوى املوضوع أمام احملكمة املختصة ‪ ،‬وإذا اتفق اخلصوم على عقد االختصاص‬
‫حملكمة قضائية أخرى أو على عرض النزاع على التحكيم جاز للمحكمة أن حتدد ميعادا جيب فيه على‬
‫احلاجز رفع دعواه القضائية أو التحكيمية حول املوضوع ‪.‬‬
‫و هبذا تقرر املعاهدة سلطة هيئة القضاء يف توقيع احلجز التحفظي على الافن و استمرار هذا احلجز رغم‬
‫االتفاق على التحكيم و رغم حتديدها لطريف االتفاق التحكيمي ميعادا لرفع الدعوى التحكيمية حول‬
‫املوضوع حيث ال يتناقض هذا مع احتفاظ القضاء الوطين بالكفالة أو الضمان املقدم لرفع احلجز لضمان‬
‫تنفيذ احلكم التحكيمي املنتظر اصداره (‪ .)1‬كما نصت االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل‬
‫‪ 1291‬يف املادة الاادسة منها الفقرة الرابعة على أنه ‪ " :‬ال يعترب الطلب املقدم اىل اجلهات القضائية‬
‫الوطنية الختاذ إجراءات وقتية أو حتفظية خمالفا التفاق التحكيم ‪ ،‬وال عرضا للنزاع على احملاكم الوطنية "‬
‫أما عن اتفاقية يمبورج ‪ 1291‬فلم متنع احملاكم القضائية من اختاذ االجراءات التحفظية و ذلك على‬
‫الرغم من وجود اتفاق التحكيم و ذلك ضمانا لتنفيذ احلكم التحكيمي يف املاتقبل و هذا ما جاءت به‬
‫املادة ‪ 21‬فقرة ‪. 3‬كما نص القانون النموذجي لانة ‪ 1218‬يف مادته التاسعة على أنه ‪ ":‬ال يعترب‬
‫مناقضا التفاق التحكيم أن يطلب أحد الطرفني قبل بدأ اجراءات التحكيم أو يف أثناءها من إحدى‬
‫احملاكم أن تتخذ اجراء وقيت و أن تتخذ احملكمة إجراء بناء على هذا الطلب "‪.‬‬
‫أما اتفاقية روتردام ‪ 2332‬فلم خترج عن هذا املنطق باعطاء صالحية االجراءات التحفظية والوقتية‬
‫للمحكمة الوطنية و قد نصت الفقرة الثانية من املادة ‪ 93‬على أنه ‪ ":‬ليس يف هذه االتفاقية ما ميس‬
‫الوالية القضائية فيما يتعلق بالتدابري املؤقتة أو الوقائية‪ ،‬مبا فيها احلجز‪."...‬‬
‫و أخريا فلم تتناول اتفاقية نيويورك ‪ 1281‬أثر اتفاق التحكيم على االجراءات التحفظية و الوقتية(‪. )2‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 244‬‬
‫(‪ )2‬مراد الفضيل ‪،‬تعليق على قرار اجمللس األعلى للملكة املغربية ‪ ،‬جملة التحكيم‪،‬العدد الثامن ‪،‬أكتوبر‪ ،2414‬ص ‪. 411‬‬

‫‪231‬‬
‫و هبذا يعد اختصاص القضاء الوطين باالجراءات التحفظية و الوقتية واضحا يف املعاهدات الدولية‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬تعطيل األثر السلبي التفاق التحكيم بالنسبة لالجراءات التحفظية و الوقتية في قوانين الدول‪.‬‬
‫أما عن القوانني الوطنية يف الدول ‪:‬‬
‫‪)1‬الفكر الالتينوجرماني ‪.‬‬
‫ففي فرناا فإن سلطة قاضي األمور املاتعجلة يف اختاذ التدابري الوقائية و التحفظية مرتوكة إلرادة األطراف‬
‫فيمكنهم التنازل عنها صراحة يف اتفاق التحكيم أو ضمنيا بإحالة األطراف اىل الئحة حتكيم معينة ‪ ،‬هذه‬
‫احلرية جاءت من اقرار األثر الاليب التفاق التحكيم يف التحكيم الداخلي يف فرناا و انطباقه على التحكيم‬
‫الدويل ‪،‬كما يرى بعض الفقه الفرناي أنه يف بعض احلاالت فإن اللجوء اىل القضاء الوطين للنطق هبذه‬
‫االجراءات هو أمر ضروري ملا هلا من قوة تنفيذية (‪.)1‬‬
‫كما ال يتدخل القضاء الفرناي إال لاد النقص املوجود يف االجراءات التحكيمية ‪،‬و قد فرق قضاء‬
‫حمكمة النقض الفرناية بني ما إذا كانت حمكمة التحكيم قد تشكلت أم ال ‪ :‬فاذا كانت مل تتشكل بعد‬
‫فإن القاضي الفرناي سيحتفظ بإختصاصه بإختاذ االجراءات التحفظية املطلوبة ‪ ،‬أما اذا تشكلت فإن‬
‫القاضي يكون غري خمتص ‪ .‬و قد عارض البعض اجتاه حمكمة النقض بأنه ال جيب استبعاد اختصاص‬
‫القاضي كلية ذلك أنه و بتوافر حالة االستعجال فإن حكم التحكيم باإلجراء التحفظي سيكون جمردا من‬
‫الصفة التنفيذية عكس أوامر قاضي االستعجال و اليت تكون نافذة مؤقتا (‪.)2‬‬
‫كما رأى اجتاه أخر من الفقه و يؤيده الدكتور عاطف الفقي بأن التفرقة الاابقة تشمل فقط االجراءات‬
‫اليت ال تتعلق بالغري و ليس هلا صفة القمعية أما إذا كانت كذلك فإن اختصاص قاضي االستعجال مربرة‬
‫و ذلك لتأمني فعالية االجراءات التحكيمية و يتم الاماح بتنفيذ احلكم التحكيمي ‪.‬‬
‫أما عن القانون املصري فقد نص قانون التحكيم فيه لانة ‪ 1221‬يف مادته ‪ 11‬على أنه ‪ " :‬جيوز‬
‫للمحكمة املشار اليها يف املادة (‪ )2‬من هذا القانون أن تأمر بناء على طلب أحد طريف التحكيم باختاذ‬
‫تدابري مؤقتة أو حتفظية سواء قبل البدء يف اجراءات التحكيم أو أثناء سريها "‪ ،‬و املقصود باحملكمة دائما‬
‫هي احملكمة املختصة بالنظر يف النزاع موضوع االتفاق على التحكيم شرطا كان أو مشارطة إذا تعلق األمر‬
‫بتحكيم دويل (‪ ،)3‬و حمكمة استئناف القاهرة أو أي حمكمة استئناف أخرى يف مصر يتفق األطراف على‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p735‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.247‬‬
‫(‪) 3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.344‬‬

‫‪232‬‬
‫اللجوء اليها لتأمر بناء على طلب أحدهم بإختاذ تدابري مؤقتة أو حتفظية سواء قبل البدء يف اجراءات‬
‫التحكيم أو أثناء سريها يف حالة التحكيم الدويل (‪.)1‬‬
‫أما عن القانون اجلزائري فبمجرد بدء التحكيم ‪ ،‬تنتهي امكانية تدخل القاضي الوطين و فقا للطابع‬
‫الليربايل للنصوصه ‪ ،‬حىت بالنابة للتدابري التحفظية والوقتية و اليت جعلها التشريع اجلزائري كأصل عام من‬
‫اختصاص اهليئة التحكيمية (‪ ،)2‬غري أن هذا مل مينع املشرع اجلزائري من وضع بعض االستثناءات لألثر‬
‫الاليب التفاق التحكيم ‪ ،‬فقد أعطت املادة ‪ 1319‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج (‪ )3‬القضاء امكانية التدخل بالنابة‬
‫للتدابري التحفظية و الوقتية مىت استلزم األمر ذلك ‪:‬‬
‫‪-‬إذا أمرت حمكمة التحكيم بتدابري مؤقتة أو حتفظية بناء على طلب أحد األطراف ما مل ينص اتفاق‬
‫التحكيم على خالف ذلك ‪ ،‬من هذه العبارة يفهم بأن ارادة األطراف يف اتفاق التحكيم هي اليت تقرر‬
‫مدى اختصاص هيئة التحكيم هبذه االجراءات و اليت ميكن هلذه االرادة أن ختتار أن تعهد باالجراءات‬
‫التحفظية أو الوقتية للقضاء الوطين ‪ ،‬و بالتايل فإن سلطة قاضي األمور املاتعجلة يف اختاذ التدابري الوقائية‬
‫و التحفظية طبقا لنصوص التحكيم الدويل يف اجلزائر ‪ ،‬مرتوكة الرادة األطراف فيمكنهم النص عنها صراحة‬
‫يف اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫‪-‬اذا مل يقم الطرف املعين بتنفيذ هذه التدابري اراديا ‪ ،‬جاز حملكمة التحكيم أن تطلب تدخل القاضي‬
‫املختص ويطبق يف هذا الشأن قانون بلد القاضي ‪.‬‬
‫‪-‬ميكن حملكمة التحكيم كما ميكن للقاضي اخضاع التدابري املؤقتة أو التحفظية اىل تقدمي الضمانات‬
‫املالئمة من قبل الطرف الذي طلب هذا التدبري (‪.)1‬‬
‫و هبذا يعد اختصاص القضاء الوطين باالجراءات التحفظية و الوقتية يف قوانني الفكر الالتينوجرماين غري‬
‫ماتبعد يف حاالت حمددة ‪ :‬عن طريق اقرار هذا االختصاص بارادة األطراف احملتكمني ‪ ،‬أو عن طريق رقابة‬
‫القضاء لتنفيذ هذه التدابري االستعجالية ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.344‬‬
‫(‪)2‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪. 112‬‬
‫(‪ )3‬تنص املادة ‪ 1319‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا ‪.‬ج على أنه ‪ ":‬ميكن حملكمة التحكيم أن تأمر بتدابري مؤقتة أو حتفظية بناء على طلب أحد األطراف ‪ ،‬ما مل ينص اتفاق‬
‫التحكيم على خالف ذلك ‪.‬‬
‫إذا مل يقم الطرف املعين بتنفيذ هذا التدبري اراديا جاز حملكمة التحكيم أن تطلب تدخل القاضي املختص ‪ ،‬و يطبق يف هذا الشأن قانون بلد القاضي ‪.‬‬
‫ميكن حملكمة التحكيم أو للقاضي أن خيضع التدابري املؤقتة أو التحفظية اىل تقدمي الضمانات املالئمة من قبل الطرف الذي طلب التدبري ‪".‬‬
‫(‪)1‬بربارة عبد الرمحان ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.889‬‬

‫‪233‬‬
‫‪)2‬الفكر األنجلوساكسوني ‪.‬‬
‫أما عن القضاء االجنليزي ‪ :‬فقد ذهبت بعض األحكام اىل أن احملكمة االجنليزية عند ايقافها للدعوى‬
‫املنظورة ‪ ،‬ال تفقد فقط اختصاصها بالنظر يف موضوع الدعوى حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪،‬‬
‫و لكنها تفقد أيضا اختصاصها بالنظر يف االجراءات التحفظية و الوقتية كاألمر بإستيقاف الافينة أو األمر‬
‫بإستمراره إذ يصبح بدون سند بعد وقف الدعوى أمام القضاء الوطين ‪.‬‬
‫و قد ذهبت بعض األحكام األخرى اىل حق احملاكم االجنليزية رغم احلكم بايقاف الدعوى القضائية لوجود‬
‫اتفاق التحكيم يف اصدار أوامر وقتية أو حتفظية سابقة على صدور احلكم التحكيمي ‪ ،‬كاألمر باستيقاف‬
‫الافينة أو اقتضاء كفالة أو استمرار هذا االيقاف أو تلك الكفالة تأمينا لتنفيذ حكم التحكيم املنتظر ‪.‬‬
‫ففي دعوى" ‪ "the Rena K‬الصادرة عن احملكمة البحرية يف ديامرب ‪ 1211‬يقول القاضي‬
‫"‪ " : "Bradon‬ال يوجد ما مينع احملكمة من اصدار أمر وقيت باستبقاء استيقاف الافينة بناء على طلب‬
‫الشاحنني ‪ ،‬بعد أن كان هذا األمر قد صدر و الدعوى اليت أوقفت منظورة أمامها ‪ ،‬وذلك ضمانا لتنفيذ‬
‫القرار التحكيمي املنتظر إصداره و مبوجب املادة ‪ 12‬فقرة ‪ 9‬من قانون التحكيم ‪ 1283‬فإن احملكمة متلك‬
‫سلطة تقديرية حيال هذا األمر حىت و لو مل يكن التحكيم قد بدأ بعد ‪ ،‬وهلا أن تأمر ببدء التحكيم خالل‬
‫و قت حمدد "(‪. )1‬‬

‫و قد تبنت حمكمة االستئناف هذا الرأي يف دعوى "‪ "the vasso‬يف نوفمرب ‪ 1213‬حيث يقول‬
‫اللورد " ‪ " : " Robert Goff‬إن احملكمة البحرية متلك سلطة األمر باستيقاف الافينة أو باستمراره‬
‫عندما يكون هدف املدعي هو احلصول على تأمني لتنفيذ القرار التحكيمي ‪ ،‬املنتظر صدوره عن‬
‫اجراءات حتكيمية " ‪.‬‬
‫و إن كان وقف الدعوى القضائية إجباري مبوجب املادة األوىل من قانون التحكيم االجنليزي ‪ 1298‬إال أن‬
‫املشرع االجنليزي قد أقر يف املادة ‪ 29‬من قانون القضاء املدين ‪ 1212‬على ما استقر عليه القضاء ‪،‬بإعطاء‬
‫احملاكم البحرية عندما توقف اإلجراءات الاارية أمامها يف دعوى النقل البحري لوجوب عرض النزاع على‬
‫التحكيم ‪ ،‬سلطة اإلبقاء على األمر الصادر باستيقاف الافينة أو حتصيل كفالة ‪ ،‬أو احلصول على هذا‬
‫التأمني قبل أن تأمر احملكمة بوقف الدعوى ‪ ،‬فاالجراءات التحكيمية ال حتول دون صاحب احلق‬
‫و احلصول على أوامر حتفظية كتأمني مكافئ لإلفراج املؤقت عن الافينة " ‪.‬‬
‫و هبذا فإن كل من القانون و القضاء االجنليزي يفصالن بني وقف الدعوى القضائية لوجود اتفاق التحكيم‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫‪234‬‬
‫واستيقاف الافينة كما يف معاهدة بروكال الستيقاف الافن ‪.)1(1282‬‬
‫أما عن القانون األمريكي فإن املادة الثامنة من قانون التحكيم الفدرايل األمريكي لانة ‪ 1228‬تنص على‬
‫أنه ‪ ":‬يف الدعاوى البحرية ميكن للمدعي البدء يف اإلجراءات القضائية أمام احملاكم طالبا األمر باحلجز‬
‫التحفظي على الافينة أو أي ممتلكات أخرى للطرف األخر طبقا لالجراءات املعتادة أمام القضاء البحري‪،‬‬
‫و للمحكمة االختصاص بإحالة األطراف للتحكيم مع ابقاء ما اختذته من قرارات حتفظية تأمينا للقرار‬
‫التحكيمي املنتظر اصداره " ‪.‬‬
‫و يف تفاري هذا النص و خصوصا بعد ادماج معاهدة نيويورك ‪ 1281‬يف التشريع الفدرايل األمريكي ‪،‬‬
‫ولتقرير إن كان خيضع هذا النص للتحكيم الدويل اخلاضع لالتفاقية أم ينطبق فقط على التحكيم الداخلي‪،‬‬
‫و ما اذا كانت للمحكمة القضائية امكانية األمر باالجراءات الوقتية أو التحفظية يف مواد التحكيم الدويل‬
‫رغم وقف الدعوى و احالة األطراف اىل التحكيم ‪:‬‬
‫‪-‬يف بداية األمر ذهبت بعض احملاكم األمريكية اىل أنه و بالرجوع اىل معاهدة نيويورك املدجمة يف التشريع‬
‫األمريكي ‪ ،‬مبوجب املادة ‪ 231‬من قانون اإلدماج ‪ ،‬فإن احملاكم األمريكية ممنوعة من الفصل يف أي‬
‫جانب من جوانب الدعوى املنظورة أمامها و ما عليها إال األمر بإحالة األطراف اىل التحكيم إذ ليس هلا‬
‫االختصاص ال مبوضوع النزاع ‪ ،‬و ال باختاذ إجراءات وقتية أو حتفظية كاحلجرز التحفظي (‪.)2‬‬
‫‪-‬بعدها استقر القضاء األمريكي على اعتبار أن نص املادة الثامنة من قانون التحكيم الفدرايل ال ينطبق‬
‫على التحكيم الداخلي فحاب ‪ ،‬بل ينطبق أيضا على التحكيم الدويل طبقا لنص املادة ‪ 231‬من قانون‬
‫االدماج الاابق ذكره(‪. )3‬‬
‫و بالتايل ميكن ألطراف يف دعوى حبرية منظورة أمام القضاء البحري بطلب اجراءات وقتية أو حتفظية‬
‫كطلب استيقاف الافينة أو أية ممتلكات أخرى للطرف األخر‪ ،‬أو النظر يف طلب احلجز التحفظي على‬
‫الافينة أثناء نظر التحكيم ‪ ،‬و جيوز للمحكمة أن تأمر باستبقاء هذا االستيقاف أو الكفالة لتأمني تنفيذ‬
‫القرار التحكيمي املنتظر تطبيقا لقانون التحكيم الفدرايل ‪.‬‬
‫و قد حكمت احملكمة االستئنافية لوالية نيويورك يف نزاع حبري أنه ‪ " :‬بالرغم من أن مشارطة االجيار‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫(‪ )2‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫(‪)3‬فبموجب املادة ‪ 231‬من قانون االدماج ‪ ،‬إدماج معاهدة نيويورك يف التشريع األمريكي و اليت قررت أن ‪ ":‬الفصل األول من قانون التحكيم الفدرايل‬
‫األمريكي يطبق على الدعوى و االجراءات املتخذة وفقا للفصل الثاين " و هو الفصل الذي أدمج االتفاقية يف التشريع األمريكي املثمثل يف الفصل األول " طاملا‬
‫مل يتعارض معه و ال مع االتفاقية اليت وقعت عليها الواليات املتحدة " ‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫تشمل على نص يقضي بوجوب عرض املنازعات الناجتة عنها على التحكيم يف لندن ووفقا لقانون التحكيم‬
‫االجنليزي ‪ ،‬إال أن احملكمة االبتدائية األمريكية متلك االختصاص باحلجز التحفظي ‪ ،‬على األموال اململوكة‬
‫ملالك الافينة كتأمني ألي قرار حتكيمي يصدر ضده يف لندن "‪.‬‬
‫كما أنه من االجراءات التحفظية و الوقتية املهمة هي األمر بتاليم الوثائق احملجوزة لدى اخلصم و قد‬
‫استقر القانون األمريكي و االجنليزي على اختصاص القضاء الوطين يف النطق مبثل هذه األوامر و اليت تكون‬
‫ذات قوة تنفيذية (‪. )1‬‬
‫وبالتايل ما ميكن استخالصه من القوانني حمل البحث هو أنه كل من القاضي واحملكم هلم االختصاص يف‬
‫النطق باإلجراءات الوقتية والتحفظية وهذا حاب ظروف الفصل يف املنازعة حمل االتفاق على التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري ‪.‬‬

‫رابعا‪:‬تعطيل األثر السلبي التفاق التحكيم بالنسبة لالجراءات التحفظية و الوقتية في لوائح التحكيم‬
‫إن وجود اتفاق التحكيم ال يعين منع القضاء من اصدار األوامر الوقتية و التحفظية اليت يراها مناسبة‬
‫و هذا ما أقرته بعض لوائح التحكيم ‪ ،‬فقد نصت املادة الرابعة من الئحة مجعية احملكمني البحريني بلندن‬
‫جبواز تقدم أحد األطراف اىل احملكمة العليا االجنليزية بدال من حمكمة التحكيم خبصوص أي من‬
‫املوضوعات التمهيدية أو املؤقتة مما تدخل يف اختصاصها ‪ .‬كما نصت الئحة اليونارتال لانة ‪ 1299‬يف‬
‫املادة ‪ 29‬فقرة ‪ 3‬على أنه ‪ " :‬ال يعترب متعارضا مع االتفاق التحكيمي أو تنازال عن ذلك االتفاق قيام أي‬
‫من الطرفني بتقدمي طلب اىل هيئة قضائية بشان اختاذ تدابري وقتية أو وقائية " ‪.‬‬
‫و قد أغفلت العديد من اللوائح التحكيمية النص على هذا األمر و ذلك حرصها للعهدة هبذه التدابري‬
‫الوقتية و التحفظية حملكميها ‪.‬‬
‫إنه من األجدر يف رأينا ختيري الطالب بني التحكيم و القضاء هلذه االجراءات التحفظية و الوقتية ‪ ،‬و ذلك‬
‫ألسباب عدة ‪ :‬فيمكن أن يتطلب االجراء التحفظي كاحلجز على الافينة تدخل الالطات الوطنية ملثل‬
‫هذا االجراء القمعي مما خيرج عن استطاعة احملكم ‪ ،‬كما ميكن أن يكون هذا االجراء التحفظي متعلق بالغري‬
‫ممن ال سلطة حملكمة التحكيم عليهم (‪.)2‬‬
‫إال أنه و يف األخري جيب أن ال تكون هذه الالطة لللمحكمة الوطنية يف اختاذ اإلجراءات التحفظية‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit , p740‬‬
‫(‪)2‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.255‬‬

‫‪236‬‬
‫و الوقتية ذريعة للتدخل يف موضوع النزاع حمل اتفاق التحكيم و بالتايل يعد هذا تعدي على سلطات‬
‫احملكمني ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفرع الثالث‪:‬موانع األثر السلبي التفاق التحكيم في عقد النقل البحري‬
‫قد تكون احملكمة التحكيمية غري خمتصة رغم وجود اتفاق التحكيم (‪ ،)1‬حبيث أمجعت املعاهدات الدولية‬
‫املتعلقة بالتحكيم و بعض القوانني الوطنية املقارنة على وجود بعض املوانع حتول دون تطبيق األثر الاليب‬
‫التفاق التحكيم باستبعاد والية احملاكم الوطنية بنظر النزاع حمل اتفاق التحكيم ‪:‬‬
‫فقد قرر القانون النموذجي ‪ 1218‬يف مادته الثانية الفقرة األوىل وجوب االحالة للتحكيم مامل يتضح‬
‫للمحكمة أن اتفاق التحكيم باطل أو عدمي األثر أو ال ميكن تنفيذه ‪.‬‬
‫كما قررت اتفاقية نيويورك ‪ 1281‬يف مادهتا الثانية الفقرة الثالثة وجوب وقف الدعوى ما مل تتبني احملكمة‬
‫أن اتفاق التحكيم باطل "‪ " caduque‬أو من غري املمكن اعماله "‪ "inopérante‬أو غري قابل للتطبيق‬
‫"‪."non susceptible d’etre appliquée‬‬
‫و ألن أغلب الدول انضمت اىل اتفاقية نيويورك منها فرناا و مصر و اجلزائر و اجنلرتا و الواليات املتحدة‬
‫األمريكية ‪..‬اخل ‪ ،‬فيكون نص املادة ‪ 3/2‬أمسى من النصوص القانونية اخلاصة هلذه الدول ‪ .‬و بالتايل فإنه‬
‫ميكن االحتجاج و التماك هبذه احلاالت حاب اجتاه كل دولة منضمة هلذه االتفاقية مهما كان موقف‬
‫التشريع الداخلي‪.‬‬
‫و يظهر بأن وضع املوانع الثالث اليت من شأهنا تعطيل اختصاص احملكمة التحكيمية حاب اتفاقية‬
‫نيويورك ‪ ،‬كان يهدف اىل التضييق من االحتجاج بفكرة النظام العام و اقتصاره فقط يف حالة االعرتاف‬
‫و تنفيذ احلكم التحكيمي ‪ ،‬ألن فكرة النظام العام كفكرة مطاطة من شأهنا أن تقضي على القاعدة‬
‫املوضوعية الدولية املوحدة من حيث عاملية تطبيقها ووحدة تفاريها (‪.)2‬‬
‫و بابب تداخل املوانع الثالثة بعضها ببعض ‪ ،‬سوف ناتعني ببعض التطبيقات القضائية و اليت حاولت‬
‫تفاري هذه املوانع وفقا للقانون املطبق على التحكيم ووفقا لقواعد التنازع ‪ ،‬و قد أكدت التطبيقات‬
‫القضائية املختلفة على أن التماك بأحد املوانع جيب أن يقع على اتفاق التحكيم ‪ ،‬و ليس على العقد‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪)2‬يعين اقتصار فكرة النظام العام على مرحلة االعرتاف و التنفيذ فقط و هذا يعين أن اتفاقية نيويورك لانة ‪ 1281‬استبعدت امكانية التماك بالنظام العام‬
‫لدفع اختصاص احملكمة التحكيمية و بالتايل تعطيل أثر اتفاق التحكيم و إال كان بامكان واضعي االتفاقية أن ينصو يف أواخر املادة ‪ 3/2‬بدل املوانع الثالثة‬
‫على القول ب ‪":‬و ذلك ما مل يتبني للمحكمة أن هذا االتفاق خمالفا للنظام العام " عن سامية راشد ‪ ،‬التحكيم يف العالقات الدولية اخلاصة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬‬
‫ص ‪.193‬‬

‫‪237‬‬
‫األصلي الذي مبوجبه وجد اتفاق التحكيم شرطا كان أو مشارطة (‪ ()1‬و يتمثل العقد األصلي يف حبثنا هذا‬
‫يف عقد النقل البحري و الذي يربم إما بواسطة مشاطة اجيار الافينة أو سند الشحن أو أي وثائق نقل‬
‫أخرى كما بيناه سابقا ) ‪.‬‬
‫و من القضايا املتعلقة هبذه املوانع نورد بعض األمثلة ‪:‬‬
‫‪-‬تطرق القضاء األمريكي يف قضية استئجار سفينة ايطالية من طرف شركة ماجلة جبزر البهماس ‪ ،‬بضمان‬
‫الشركة األم األمريكية ملدة مخس سنوات ‪ ،‬توقفت الشركة املاتأجرة للافينة عن تنفيذ العقد فرفعت الشركة‬
‫اإليطالية دعوى حتكيم ضد املاتأجر و الشركة األم األمريكية لشرط التحكيم الوارد يف عقد استئجار‬
‫الافينة ‪.‬‬
‫رفع الطرفان املدعى عليهما دعوى أمام حمكمة نيويورك لطلب وقف إجراءات التحكيم لبطالن اتفاق‬
‫التحكيم ‪ ،‬مما جيعله عدمي األثر‪ ،‬ذلك أن العقد األصلي يتضمن شرطا جيعل الشحن و التفريغ يف كل موانئ‬
‫البحر املتوسط ما عدا املوانئ اإلسرائيلية ‪ ،‬مما جيعل هذا الشرط خمالفا للنظام العام األمريكي و بالتايل‬
‫بطالن العقد األصلي لعدم شرعيته ‪ ،‬والقول بامتداد أثر البطالن التفاق التحكيم استنادا ألحد املوانع‬
‫الواردة يف املادة ‪ 3/2‬من اتفاقية نيويورك لانة ‪ ، 1281‬وبتاريخ ‪ 1299/39/21‬أصدرت حمكمة‬
‫نيويورك حكمها رافضة هذا االدعاء مقدرة أن العربة باتفاق التحكيم يف حد ذاته لتحديد صحته أو بطالنه‬
‫و ليس بالعقد األصلي (‪.)2‬‬
‫و يف دعوى "‪ " the Rena k‬الصادرة عن احملكمة البحرية ‪ 1291‬تقول احملكمة ‪ " :‬إن عبارة –غري قابل‬
‫للتطبيق – الواردة يف املادة األوىل من قانون التحكيم االجنليزي ‪ 1298‬جيب تفاريها باالحالة ملعرفة ما اذا‬
‫كان اتفاق التحكيم قابال للتطبيق حىت اصدار القرار التحكيمي أم ال ‪ .‬فاذا كان أحد أطراف االتفاق‬
‫التحكيمي غري قادر على الوفاء مبا يقتضيه تنفيذ القرار التحكيمي إذا صدر ضده ‪ ،‬فإن هذا ال جيعل مثل‬
‫هذا االتفاق التحكيمي غري قابل للتطبيق حاب معناه الوارد يف املادة األوىل من القانون ‪)3(".‬‬

‫و هكذا قضى بأن عدم قدرة املدعي عليه ماديا على تنفيذ حكم التحكيم ال يعد شكال من أشكال عدم‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 144‬‬
‫)‪)2(Bahamas V .Italien,American,(SDNY 1976‬‬
‫حيث جاء يف احلكم التحكيمي املرتجم من االجنليزية أنه ‪ " :‬فاملعيار هو أن يكون جوهر االلتزام باللجوء اىل التحكيم ممنوعا يف احلالة املطروحة مبقتضى نص‬
‫تشريعي خاص أو وفقا لاياسة عامة معلنة حتظر امكانية التحكيم كوسيلة حلل املنازعات يف مثل هذه الظروف "‬
‫عن سامية راشد ‪ ،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية –اتفاق التحكيم ‪ ،-‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪ 199‬و ‪. 199‬‬
‫(‪)3‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.251‬‬

‫‪238‬‬
‫قابلية اتفاق التحكيم للتطبيق ‪ ،‬حيث جيب اعطاء مفهوم ضيق لعبارة "غري قابلة للتطبيق " ‪ ،‬حبيث ينظر‬
‫اىل اتفاق التحكيم جمردا من الظروف اخلاصة و مصري حكم التحكيم من حيث امكانية تنفيذه ماديا ‪.‬‬
‫وكانت وقائع الدعوى تتلخص يف دعوى خاصة مباؤولية شركة الشحن البحري عن الضرر الذي حلق‬
‫شحنة سكر خالل الرحلة البحرية ‪ ،‬وحيث جلأت الشركة املضرورة اىل القضاء الربيطاين طالبة سرعة الفصل‬
‫يف الدعوى املوضوعية املتعلقة باملاؤولية و مقدار التعويض املاتحق باعتبار أن عقد الشحن البحري و إن‬
‫كان قد تضمن اتفاق التحكيم ‪ ،‬إال أن الشركة الشاحنة يف حالة مالية من الاوء حبيث إنه إذا ما انتظر‬
‫القضاء الربيطاين اللجوء اىل التحكيم و صدور حكم حتكيم فإن خطرا حقيقيا بأال تكون هناك أية أموال‬
‫باقية ميكن التنفيذ عليها ‪ ،‬وبالتايل فإن هذا اخلطر املايل احملدق جيعل اتفاق التحكيم غري قابل للتطبيق‬
‫فقضي مبا سبق (‪ ،)1‬ومل يقبل طلبها ‪.‬‬
‫يف األخري و بالرجوع اىل خمتلف التشريعات ‪ ،‬و أحكام القضاء الوطين يف الدول حمل البحث فإهنا حترص‬
‫مجيعها على تضييق دائرة املوانع اليت حتول دون استبعاد اختصاص القضاء الوطين باملنازعات حمل اتفاق‬
‫التحكيم تشجيعا للتحكيم يف منازعات النقل و التجارة البحرية ‪.‬‬
‫وخالصة القول أنه و بالرغم من األثر الاليب التفاق التحكيم و الذي جيعل القضاء غري خمتص يف‬
‫املنازعات حمل االتفاق على التحكيم ‪ ،‬إال أن هذه القاعدة ترد عليها بعض القيود واالستثناءات كما تطرقنا‬
‫هلا فيما سبق ‪(:‬ارادة األطراف و االجراءات التحفظية والوقتية و كذا يف حالة بطالن اتفاق التحكيم أو اذا‬
‫مل ميكن تنفيذه ) ‪.‬‬
‫هذا و يعرتف التشريع اجلزائري و النظم القانونية املقارنة باستثناءات أخرى منها تدخل القضاء الوطين‬
‫لتشكيل حمكمة التحكيم يف حالة تعذر تشكلها ‪ ،‬و كذا تدخل القضاء يف حالة تقدمي األدلة ‪ ،‬و رد‬
‫احملكمني ‪ ،‬والتنفيذ و االعرتاف باحلكم التحكيمي و طرق الطعن و غريها‪.‬‬
‫و بعدما يالب األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري االختصاص من قضاء الدولة يتم نقل‬
‫االختصاص من قضاء الدولة اىل قضاء التحكيم ‪ ،‬حبيث تصبح هيئة التحكيم هي صاحبة الوالية يف تاوية‬
‫املنزاعات املربم بشأهنا اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و هو ما يطلق عليه اسم األثر االجيايب التفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عاطف الفقي ‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.251‬‬

‫‪239‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬األثر االيجابي التفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن األثر االجيايب التفاق التحكيم هو أهم أثر من الناحية اإلجرائية ‪ ،‬فبموجبه يتم نقل االختصاص من‬
‫قضاء الدولة اىل قضاء التحكيم ‪ ،‬حبيث تصبح هيئة التحكيم هي صاحبة الوالية يف تاوية النزاع املربم‬
‫بشأنه اتفاق التحكيم (‪.)1‬‬
‫فإذا كان األثر الاليب التفاق التحكيم يالب االختصاص من قضاء الدولة ‪ ،‬فإنه ال ينشأ عن ذلك‬
‫فراغ قضائي‪ ،‬ألن األثر االجيايب التفاق التحكيم جيعل حمله القضاء االتفاقي الذي أراده األطراف و هو‬
‫اختيار التحكيم كطريق بديل حلل منازعاهتم ‪.‬‬
‫غري أن مقتضى ثبوت سلطة الفصل يف النزاع لقضاء التحكيم ‪ ،‬ال يكون إال بالتزام األطراف احملتكمون‬
‫يف اختاذ اجراءات التحكيم ‪ ،‬و اليت تبدأ من اليوم الذي يتالم فيه املدعى عليه اخطار أو طلب التحكيم‬
‫من املدعي ‪ ،‬مث قيامهم بتشكيل هيئة التحكيم ‪ ،‬و االتفاق على االجراءات اليت تتبعها ‪ ،‬وبدأ تلك اهليئة‬
‫بالبت يف وجود وصحة اتفاق التحكيم ‪ ،‬مث يف ماألة اختصاصها بنظر النزاع ‪ ،‬اىل غري ذلك من‬
‫االجراءات ‪...‬اخل ‪ .‬و بالتايل فمن كل هته التصرفات القانونية االجيابية فإن الاؤال الذي يطرح يف هذا‬
‫الصدد ‪ :‬ما هو مضمون و نطاق األثر االجيايب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ؟‬
‫إنه وفقا لألثر االجيايب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يتعني على األطراف احرتام اإللتزام الصادر‬
‫عنها ‪ ،‬و أن تعهد مبنازعات عقد النقل البحري املتفق بشأهنا على التحكيم اىل احملكم (‪ ، )2‬و هذا ما‬
‫سوف نتطرق اليه يف مطلب أول ‪ ،‬كما أن األثر االجيايب التفاق التحكيم جيعل احملكمة التحكيمية هي‬
‫املختصة يف نظر موضوع النزاع (‪ ، )3‬و هذا مبوجب اتفاق التحكيم املربم بني األطراف و املاتمد من‬
‫ارادهتم يف اللجوء اليه و استقالليتة القانونية كتصرف منفصل متاما عن العقد األصلي (‪ ، )4‬فاتفاق التحكيم‬
‫يف عقد النقل البحري يعد األساس و املصدر الذي تاتند منه حمكمة التحكيم اختصاصها بالفصل يف‬
‫املنازعة و كذا حقها يف النظر يف مدى اختصاصها ‪ ،‬كما تنظر كذلك يف مدى صحة اتفاق التحكيم‬
‫و حمتواه (‪ ، )5‬وهذا ما سوف يتم التطرق إليه يف املطلب الثاين ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.516‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.114‬‬
‫‪(3) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 395.‬‬
‫– ‪(4) Jérome Barbet , Cour d’appel de Paris (Pole 1-Ch . 1 ) , 17 mars 2011 , Revu D’arbitrge 2011‬‬
‫‪N° 2) ,P 490 .‬‬
‫(‪)5‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 136‬‬

‫‪240‬‬
‫المطلب األول ‪:‬التزام األطراف على العهدة للمحكمين بمنازعات عقد النقل البحري و المتفق على‬
‫حلها بواسطة التحكيم ‪.‬‬
‫يلزم اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري األطراف بأن يعهدوا باملنازعة الناشئة بينهم و املتفق على‬
‫حلها بواسطة التحكيم اىل احملكم هذا من جهة ‪ ،‬كما أن هذا اإللتزام جيب تنفيذه عينا (‪ ،)1‬و هذا ما‬
‫سوف يتم التطرق اليه تبعا ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مضمون مبدأ التزام األطراف باللجوء الى التحكيم ‪.‬‬
‫إن التزام األطراف بالعهدة بنزاعهم أو منازعاهتم الناشئة عن عقد النقل البحري املتفق بشأهنا يف اتفاق‬
‫التحكيم ‪ ،‬ناشئ من التطبيق األصيل ملبدأ القوة امللزمة هلذا االتفاق (‪ ، )2‬فمبدأ القوة امللزمة للعقود أو‬
‫العقد شريعة املتعاقدين"‪ " pacta sunt servenda‬هو من املبادئ املطبقة و املاتقرة يف القانون الدويل‬
‫للعقود (‪.)3‬‬
‫و قد يرى جانب من فقهاء و رواد قانون التحكيم التجاري الدويل بفرناا و منهم فوشار و قولدمان‬
‫و قيار يف كتاهبم موسوعة التحكيم بأنه يف الوقت الراهن ال يوجد أية صعوبة يف قبول و الالعرتاف مببدأ‬
‫القوة امللزمة التفاق التحكيم على اعتبارها قاعدة مادية من قواعد القانون الفرناي للتحكيم الدويل و حىت‬
‫على اعتبارها قاعدة من قواعد القانون العابر للدول بشأن التحكيم التجاري الدويل(‪.)4‬‬
‫هذا ما يفار من وجهة نظر هؤوالء الفقهاء ‪ ،‬أن القضاء الفرناي ال يلجأ اىل البحث عن القانون الواجب‬
‫التطبيق من أجل تأكيد القوة امللزمة التفاق التحكيم ‪ ،‬و أن القانون األجنيب الذي ال يعرتف بالقوة امللزمة‬
‫التفاق التحكيم لن تكون له من وجهة نظر النظام القانوين الفرناي أية فرصة للتطبيق ‪ ،‬حىت بالنابة للنزاع‬
‫الذي يرتبط بالدولة اليت صدر عنها القانون سواء ارتبطت املنازعة هبذه الدولة من خالل جناية األطراف‬
‫فيها ‪،‬أو من خالل موضوع املنازعة أو من خالل القانون الواجب التطبيق على املوضوع (‪.)5‬‬
‫و يؤكد هذا اجلانب من الفقه الفرناي أن القضاء الفرناي ميكنه باالستناد اىل القاعدة املادية املذكورة اليت‬
‫يقرها القانون الفرناي بشأن التحكيم ‪ ،‬االعرتاف حبكم التحكيم الصادر بناء على شرط التحكيم ‪،‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.111‬‬
‫‪Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 396.‬‬
‫‪(2) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 396.‬‬
‫(‪)3‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.111‬‬
‫‪(4) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 396.‬‬
‫‪(5)Ibis .‬‬

‫‪241‬‬
‫حىت و إن قرر قانون دولة أخرى على اتصال وثيق باملنازعة و اليت صدر فيها احلكم على عدم ترتيب أي‬
‫أثر قانوين و عدم متتعه بالقوة االلزامية‪ ،‬ألهنا ال تقبل بصحة شرط التحكيم أو ألي سبب أخر (‪. )1‬‬
‫فعلى سبيل املثال ‪ ،‬فإن القانون الكومليب بشأن التحكيم الصادر يف ‪ 47‬أكتوبر ‪ 1181‬ال يعرتف بالقوة‬
‫امللزمة التفاق التحكيم املربم بني طرفني اذا كانت املنازعة اليت يتصل هبا ‪ ،‬من شأهنا أن تتعلق بالغري ‪.‬‬
‫و هذا احلل الذي جاء به القانون الاابق الذكر يف نظر هذا الفقه ‪ ،‬يف الواقع حل ال خيدم صاحل التحكيم‬
‫و ال يشجع عليه ‪.‬‬
‫فلو قام نزاع بني ناقل حبري أجنيب و مرسل اليه كومليب بشأن البضاعة املرسلة اىل كوملبيا ‪،‬و من أجل اعمال‬
‫اتفاق التحكيم الوارد يف عقد النقل البحري ‪ ،‬فإن أحد املتعاقدين و الذي ال يشرتط أن يكون الطرف‬
‫الكومليب ‪ ،‬يثري وجود اتفاق التحكيم و بالتايل اصدار حكم حتكيمي حيتج به يف مواجهة الطرف الفرناي ‪،‬‬
‫و نظرا لعدم رغبة املرسل اليه أو من ميثله يف املشاركة يف اجراءات التحكيم ‪ ،‬يتماك ببطالن اتفاق‬
‫التحكيم ‪ .‬فاذا عرضت املنازعة على القضاء الفرناي ‪ ،‬نظرا ألن التحكيم كان مقره فرناا ‪ ،‬أو ألن حكم‬
‫التحكيم يتعني تنفيذه فيها‪ ،‬فان احملاكم الفرناية ال يتعني عليها أن تبحث عن ما هو القانون الواجب‬
‫التطبيق على اتفاق التحكيم من أجل أن حتدد اذا كان هذا القانون يقر بفعالية اتفاق التحكيم ووفقا ألي‬
‫شروط ‪ .‬فاحملاكم الفرناية عليها أن تفصل يف هذه املاألة و فقا للقانون الفرناي للتحكيم و تعمل‬
‫الشروط اليت يقتضيها هذا القانون من أجل صحة اتفاق التحكيم (‪.)2‬‬
‫كما أقرت االتفاقيات الدولية و املتعلقة بالتحكيم الدويل االلتزام الواقع على األطراف باللجوء اىل حل‬
‫منازعاتتهم املتفق على حلها بواسطة التحكيم اىل احملكمني ‪ .‬و قد أقر هذا املبدأ بروتوكول جنيف بشأن‬
‫شروط التحكيم منذ عام ‪ 1123‬يف املادة األوىل منه* و ذلك بتأكيده على صحة شروط التحكيم‬
‫و مشارطة التحكيم الواردة بني األطراف اخلاضعة حملاكم الدول األطراف يف املعاهدة (‪.)3‬‬
‫كما أخذت اتفاقية نيويورك ‪ 1158‬و املتعلقة باالعرتاف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية هي أيضا‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.112‬‬
‫‪Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 396.‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 113‬‬
‫* مت املصادقة عليها يف جنيف ‪ 24‬سبتمرب ‪ ، 1123‬هذا الربوتوكول مل يعد مطبق بني الدول اليت صادقت على اتفاقية نيويورك ‪.‬‬

‫‪(3) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 397.‬‬

‫‪242‬‬
‫بنفس املبدأ يف مادهتا الثانية فقرة أوىل على أن ‪ ":‬تعرتف كل دولة متعاقدة باالتفاق املكتوب الذي يلتزم‬
‫مبقتضاه األطراف بأن خيضعوا للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة أو اليت قد تنشأ بينهم بشأن موضوع‬
‫من روابط القانون التعاقدية أو غري التعاقدية املتعلقة مباألة جيوز تاويتها عن طريق التحكيم "(‪.)1‬‬
‫و بشكل غري مباشر عاجلت معاهدة جنيف املوقعة يف ‪ 21‬أفريل ‪ 1161‬االلتزام الواقع على األطراف‬
‫باللجوء للمحكمني للفصل يف منازعاهتم املتفق بشأهنا على التحكيم ‪ ،‬وقد كرست هذا االلتزام عن طريق‬
‫تنظيمها الدقيق الذي وضعته لكيفية تعيني احملكم أو احملكمني يف حالة عدم حتديد األطراف هلذا التعيني‬
‫و ذلك يف املادة الرابعة منها ‪.‬و هذه النصوص تظهر بوضوح بأن األطراف ملزمة باللجوء باملنازعة الوارد‬
‫بشأهنا االتفاق على التحكيم اىل احملكميني (‪.)2‬‬
‫و يف الواقع إن التزام أطراف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري بالعهدة اىل احملكم أو احملكمني باملنازعة‬
‫أو املنازعات املتفق على حلها بواسطة التحكيم ‪ ،‬يتطلب من أجل ضمان فعاليته و احرتامه أن يكون‬
‫امتناع أحد األطراف عن القيام هبذا االلتزام مقرتنا بإمكانية الزامه على التنفيذ العيين هلذا االلتزام (‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التنفيذ العيني لاللتزام الواقع على األطراف في اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫يعترب مبدأ حتقيق فعالية التحكيم من املبادئ األساسية اليت حتاول مجيع القوانني املنظمة للتحكيم‬
‫احرتامه ملا يف هذا األمر من ضمان قيام التحكيم بتحقيق األهداف املرجوة منه ‪ ،‬و لذلك إذا جلأ أحد‬
‫األطراف اىل احملاكم الوطنية على الرغم من وجود اتفاق التحكيم ‪ ،‬فإن احرتام األثر االجيايب التفاق‬
‫التحكيم من شأنه أن يؤدي اىل ضرورة إجبار هذا الطرف على اللجوء اىل التحكيم ‪ ،‬أي اىل ضرورة التنفيذ‬
‫العيين لإللتزام الواقع على األطراف يف اتفاق التحكيم باللجوء اىل التحكيم (‪.)4‬‬
‫و تظهر فكرة التنفيذ العيين لاللتزام الواقع على األطراف باللجوء اىل التحكيم يف حالة االتفاق عليه احرتاما‬
‫للقوة امللزمة التفاق التحكيم و ملبدأ العقد شريعة املتعاقدين يف احلكم الوارد يف املادة الثانية الفقرة الثالثة من‬
‫معاهدة نيويورك يف شأن االعرتاف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية إذ تنص املادة على مايلي ‪ ":‬على‬
‫حمكمة الدول املتعاقدة اليت يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان حمل اتفاق من األطراف باملعىن الوارد‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬الفقرة االوىل من املادة الثانية من اتفاقية نيويورك لانة ‪ 1158‬و املتعلقة بشأن االعرتاف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية ‪.‬‬
‫‪(2) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 398.‬‬
‫(‪)3‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪)4‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬جملة‬
‫التحكيم ‪ ،‬العدد الثامن ‪ ،‬الانة الثانية ‪ ،‬أكتوبر ‪ ، 2414‬ص‪. 38‬‬

‫‪243‬‬
‫يف هذه املادة أن حتيل اخلصوم بناء على طلب أحدهم اىل التحكيم ‪ ،‬وذلك ما مل يتبني للمحكمة أن هذا‬
‫االتفاق باطل و ال أثر له أو غري قابل للتطبيق " ‪.‬‬
‫و قد كرس القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدويل مبدأ احرتام األثر االجيايب التفاق التحكيم‬
‫و املتمثل يف ضرورة التنفيذ العيين هلذا االتفاق مبوجب نص املادة الثامنة و اليت تنص على أنه ‪ ":‬على‬
‫احملكمة اليت ترفع أمامها دعوى يف ماألة أبرم بشأهنا اتفاق حتكيم أن حتيل الطرفني إذا طلب منها ذلك‬
‫أحد الطرفني اىل التحكيم ‪ ،‬يف موعد أقصاه تاريخ تقدمي بيانه األول يف موضوع النزاع ما مل يتضح هلا أن‬
‫االتفاق باطل أو الغ أو عدمي األثر أو ال ميكن تنفيذه " ‪.‬‬
‫إن الزام احملكمة الوطنية اليت ترفع أمامها الدعوى املتفق عرضها على التحكيم بإحالة األطراف اىل التحكيم‬
‫إذا طلب أحد الطرفني ذلك بالقيود الواردة يف املادة الاابقة الذكر ‪ ،‬و إن كان يفيد احرتام األثر االجيايب‬
‫التفاق التحكيم و ضرورة التنفيذ العيين له ‪ ،‬فإنه يف الوقت نفاه يعرب عن احرتام أثر آخر يرتبه اتفاق‬
‫التحكيم أال وهو األثر الاليب له و املتمثل بعدم اختصاص احملاكم الوطنية بنظر املنازعة املتفق بشأهنا على‬
‫التحكيم (‪.)1‬‬
‫و يذهب جانب من الفقه اىل القول بأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬الذي ال ترتتب على خمالفته سوى امكانية إلزام‬
‫الطرف الذي ختلف عن وضعه حمل التنفيذ بالتعويض ‪ ،‬يعد اتفاق حتكيم حمدود الفعالية وذلك لصعوبة‬
‫حتديد الضرر الواقع على الطرف و الناتج عن عدم قدرته على عرض املنازعة املتفق بشأهنا على التحكيم‬
‫أمام احملكم ‪،‬نظرا ألن جهة قضائية وطنية قد أقرت و إعرتفت باختصاصها بنظر هذه املنازعة ‪.‬‬
‫و يكون هذا الضرر حقيقيا ماديا لفقدان الشخص املزايا اليت متنحها و تقدمها معاهدة نيويورك بشأن تنفيذ‬
‫و االعرتاف بأحكام التحكيم األجنبية (‪.)2‬‬
‫فالطرف الذي يتحصل على حكم بإلزام الطرف املتعاقد معه من قبل اجلهات القضائية يف دولة ما سوف‬
‫يكون يف مركز أقل مالءمة له فيما يتعلق بتنفيذ هذا احلكم ‪ ،‬عما اذا القرار الذي يريد تنفيذه هو حكم‬
‫حتكيمي صادر عن هيئة حتكيم اختذت من احدى الدول املتعاقدة مقرا هلا ‪ ،‬و هو فرض يتحقق بشكل‬
‫ماتمر نظرا ألن الغالبية العظمى من الدول تعد طرفا يف هذه املعاهدة و هذا ما يياري تنفيذ احلكم احمللي‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬جملة‬
‫التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 31‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.114‬‬
‫‪Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 398‬‬

‫‪244‬‬
‫و االعرتاف به ‪.‬‬
‫فمنذ اللحظة اليت يقرر فيها القضاء يف الدولة اختصاصه بالفصل يف موضوع املنازعة املعروضة عليه ‪ ،‬فإن‬
‫كل تقدير للضرر من أجل تعويضه سوف يتم من خالل مقارنة صعبة بني املزايا لكل من العدالة اليت‬
‫يقدمها التحكيم و عدالة احملاكم الوطنية (‪ .)1‬و يف هذه احلالة يصعب وضع تقييم مايل لعدم قيام‬
‫احملكمني بالفصل يف املنازعة و الفصل فيها من قبل حماكم الدولة ‪ ،‬طاملا أن أي انكار للعدالة مل يكن‬
‫متحققا يف واقعة احلال (‪ .)2‬كما أنه وحده التنفيذ العيين التفاق التحكيم بالعهدة للمنازعات أمام هيئة‬
‫التحكيم يرضي أطراف النزاع(‪.)3‬‬
‫و ما جتدر االشارة اليه أن هذا احلل مل يكن معموال به يف بعض القوانني و الشرائع القدمية ‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫املثال التعويض املايل عن التخلف عن التنفيذ العيين التفاق التحكيم مل يكن حمال للمجازاة يف القانون‬
‫الروماين و ميكن للطرف أن يتحلل من اتفاقه عن التحكيم و حىت بعد صدور حكم التحكيم ‪ ،‬و ذلك‬
‫عن طريق دفع ‪ la poena‬املنصوص عليها يف املشارطة ‪.‬‬
‫كذلك يف الوقت الراهن ‪ ،‬فإن بعض األنظمة القانونية ذات النزعة املعادية للتحكيم ‪ ،‬ال تعرتف بالتنفيذ‬
‫كجزاء لعدم احرتام االتفاق على التحكيم ‪ ،‬وهو احلال يف العديد من دول أمريكا الالتينية مثل الربازيل‪،‬‬
‫على الرغم من وجود تطور ملحوض لصاحل التحكيم يف هذه الدول (‪.)4‬‬
‫و يف الواقع أن األنظمة القانونية اليت تتبىن مثل تلك احللول هي أنظمة قانونية آخذة يف العزلة ‪ ،‬إذ أن‬
‫الغالبية العظمى من األنظمة القانونية الوضعية تتضمن نصوصا هتدف إىل ضمان التنفيذ العيين التفاق‬
‫التحكيم (‪.)5‬‬
‫إن التنفيذ العيين اجلربي التفاق التحكيم يتم من خالل إستخدام أليات هتدف اىل قهر مقاومة الطرف‬
‫الذي بعد قبوله االتفاق على التحكيم ال يود املشاركة يف اجراءه‪ ،‬بل و حياول وبكل الطرق أن يؤخر اىل‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 398.‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪115‬‬
‫(‪ ) 3‬و مع ذلك يبقى هناك حمال للتقييم املايل بالنابة للنفقات النامجة عن قيام الطرف بالدفاع عن حقه أمام احملاكم الوطنية غري املختصة و ذلك على الرغم من‬
‫وجود اتفاق التحكيم ‪ .‬فهذه النفقات ميكن التماك بالتعويض عنها أمام احملكمني املختصني بالفصل يف املنازعة تنفيذا التفاق التحكيم ‪ ،‬ويقع على الطرف‬
‫الذي اجته اىل القضاء عبء حتمل هذه النفقات اخلاصة بالطرف األخر الذي اضطر اىل الدفاع عن حقه أمام القضاء ‪.‬‬
‫ان هذا اجلزاء يف الصورة املتقدمة يعد جزاء على خمالفة االلتزام الاليب الناجم عن اتفاق التحكيم و الذي يلزم األطراف يف اتفاق التحكيم على عدم التوجه اىل‬
‫احملاكم الوطنية و عرض املنازعة املتفق بشأهنا على التحكيم على احملاكم الوطنية ‪.‬‬
‫‪(4) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 399.‬‬
‫(‪ )5‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪245‬‬
‫اللجوء اىل هذه االجراءات ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬احترام اتفاق التحكيم من خالل مقاومة األساليب التسويفية التي يلجأ لها األطراف‬
‫لمنع التحكيم ‪.‬‬
‫تتعدد األساليب التاويفية اليت يلجأ إليها بعض أطراف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ملنع بدأ‬
‫إجراءات التحكيم أو ملنع الاري فيها ‪ ،‬ومن بني هذه األساليب كقاعدة عامة إما جلوئهم اىل القضاء الوطين‬
‫أو االمتناع عن تعيني احملكمني أو ردهم ‪،‬أو االمتناع عن املاايمة يف تعيني رئيس هيئة التحكيم أو رفضهم‬
‫تقدمي املاتندات أو الدفاع (‪ ، )1‬و قد واجه هذا األمر كل من القوانني الدولية و القوانني الوضعية ‪.‬‬
‫ففي هذ االطار ‪ ،‬تناولت املادة ‪ 11‬من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدويل هذا الفرض بنصها‬
‫على أنه اذا كان التحكيم بثالثة حمكمني ‪ ،‬ومل يقم أحد الطرفني بتعيني احملكم يف خالل ثالثني يوما من‬
‫تعيينهما ‪ ،‬وجب أن تقوم بتعيينه بناء على طلب أحد الطرفني احملكمة أو الالطة األخرى املاماة يف املادة‬
‫‪ ، 6‬و هو أيضا احلل املتبع إذا كان التحكيم مبحكم و مل ياتطع الطرفان االتفاق على حمكم و جب أن‬
‫تقوم بتعيينه بناء على طلب أحد الطرفني احملكمة أو الالطة األخرى املاماة يف املادة ‪.)2( 6‬‬

‫و تذهب بعض الدول من أجل مواجهة عدم قيام أحد األطراف يف اتفاق التحكيم بتعيني حمكم اىل‬
‫النص على هيئة خمتصة تتوىل مهمة تعيني هذا احملكم بدال من الطرف الذي تقاعس عن تنفيذ هذا‬
‫االلتزام(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Natalie Najjar ; L’arbitrage dans les pays Arabe Face AUX Exigence du commerce‬‬
‫‪International,DELTA ;p 400 - 401‬‬
‫(‪)2‬تنص املادة ‪ 11‬من قانون التحكيم على ‪" :‬‬
‫‪-1‬لطريف التحكيم االتفاق على اختيار احملكمني و على كيفية ووقت اختيارهم فاذا مل يتفقا اتبع ما يأيت ‪:‬‬
‫أ) فاذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من حمكم واحد تولت احملكمة املشار اليها يف املادة ‪ 6‬من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفني ‪.‬‬
‫ب) فاذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثالثة حمكمني اختار كل طرف حمكما مث يتفق احملكمان على اختيار احملكم الثالث ‪ ،‬فاذا مل يعني أحد الطرفني حمكمه‬
‫خالل الثالثني يوما التالية لتالمه طلبا بذلك من الطرف األخر ‪ ،‬أو إذا مل يتفق احملكمان املعنيان على اختيار احملكم الثالث خالل ثالثني يوما التالية لتاريخ‬
‫تعيني أخريما ‪ ،‬تولت احملكمة املشار اليها يف املادة ‪ 6‬من هذ ا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفني ‪ ،‬ويكون للمحكم الذي اختاره احملكمان املعينان أو‬
‫الذي اختارته احملكمة رئاسة هيئة التحكيم ‪ ،‬وتاري هذه األحكام يف حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثالثة حمكمني ‪.‬‬
‫‪ -2‬و إذا خالف أحد الطرفني إ جراءات اختيار احملكمني اليت اتفقا عليها ‪ ،‬أو مل يتفق احملكمان املعنيان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه ‪ ،‬أو إذا ختلف الغري عن‬
‫أداء ما عهد به اليه يف هذا الشأن تولت احملكمة املشار اليها يف املادة ‪ 1‬من هذا القانون بناء على طلب أحد الطرفني القيام باجراء أو بالعمل املطلوب ما مل‬
‫ينص يف االتفاق على كيفية أخرى المتام هذا االجراء أو العمل ‪.‬‬
‫‪ -3‬و تراعي احملكمة يف احملكم الذي ختتاره الشروط الين يتطلبها هذا القانون و تلك اليت اتفق عليها الطرفان ‪ ،‬و تصدر قرارها باختيار احملكم على وجه الارعة‬
‫‪ ،‬ومع عدم االخالل بأحكام املادتني (‪ ) 11، 18‬من هذا القانون ال يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن ‪.‬‬
‫(‪)3‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.117‬‬

‫‪246‬‬
‫و يعترب قانون التحكيم اجلزائري من القوانني اليت تبنت هذا احلل فطبقا للمادة ‪ 1441‬من قانون‬
‫االجراءات املدنية و االدارية اجلزائري فالقاعدة أن لألطراف مباشرة أو بالرجوع اىل نظام التحكيم ‪ ،‬تعيني‬
‫احملكم أو احملكمني أو حتديد شروط تعيينهم و شروط عزهلم أو استبداهلم و يف غياب تعيني احملكمني مع‬
‫صعوبة تعيينهم و عزهلم واستبداهلم ‪ ،‬جيوز للطرف املعين بالتعجيل أن يقوم ‪:‬‬
‫‪-1‬رفع األمر اىل رئيس احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها التحكيم إذا كان التحكيم جيري يف اجلزائر ‪.‬‬
‫‪ -2‬رفع األمر اىل رئيس حمكمة اجلزائر إذا كان التحكيم جيري يف اخلارج و اختار األطراف تطبيق قواعد‬
‫االجراءات املعمول هبا يف اجلزائر (‪.)1‬‬
‫مث استحدث القانون اجلديد املادة ‪ 1442‬املتعلقة حبالة عدم حتديد اجلهة القضائية املختصة يف اتفاقية‬
‫التحكيم ‪ ،‬فيؤول االختصاص اىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها مكان إبرام العقد أو مكان‬
‫التنفيذ(‪.)2‬‬
‫و قد تبىن قانون التحكيم املصري رقم ‪ 27‬لانة ‪ 1114‬نفس احلل يف املادة ‪ 17‬منه على أنه ‪-1":‬‬
‫لطريف التحكيم االتفاق على اختيار احملكمني و على كيفية ووقت اختيارهم فاذا مل يتفقا أتبع ما يلي ‪:‬‬
‫(أ)إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من حمكم واحد تولت احملكمة املشار اليها يف املادة ‪ 1‬من هذا القانون‬
‫إختياره بناء على طلب أحد الطرفني ‪.‬‬
‫(ب) فاذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثالثة حمكمني ‪ ،‬اختار كل طرف حمكما مث يتفق احملكمان على‬
‫اختيار احملكم الثالث ‪ ،‬فاذا مل يعني أحد الطرفني حمكمه خالل الثالثني يوما التالية لتالمه طلبا بذلك من‬
‫الطرف األخر ‪ ،‬أو اذا مل يتفق احملكمان املعينان على اختيار احملكم الثالث خالل ثالثني يوما التالية لتاريخ‬
‫تعيني أخريما ‪ ،‬تولت احملكمة املشار اليها يف املادة ‪ 1‬من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفني‪.‬‬
‫ويكون للمحكم الذي اختاره احملكمان املعينان أو الذي اختارته احملكمة رئاسة هيئة التحكيم من أكثر من‬
‫ثالثة حمكمني ‪.)3("....‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 1441‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ ":‬ميكن لألطراف ‪ ،‬مباشرة أو بالرجوع اىل نظام التحكيم ‪ ،‬تعيني احملكم أو احملكمني أو حتديد شروط تعيينهم و شروط‬
‫عزهلم أو استبداهلم ‪.‬‬
‫يف غياب التعيني ‪ ،‬ويف حالة صعوبة تعيني احملكمني أو عزهلم أو استبداهلم ‪ ،‬جيوز للطرف الذي يهمه التعجيل القيام مبا يأيت ‪:‬‬
‫‪-1‬رفع األمر اىل رئيس احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها التحكيم إذا كان التحكيم جيري يف اجلزائر ‪.‬‬
‫‪ -2‬رفع األمر اىل رئيس حمكمة اجلزائر إذا كان التحكيم جيري يف اخلارج و اختار األطراف تطبيق قواعد االجراءات املعمول هبا يف اجلزائر ‪.‬‬
‫(‪)2‬املادة ‪ " : 1442‬إذا مل حتدد اجلهة القضائية املختصة يف اتفاقية التحكيم ‪ ،‬يؤول االختصاص اىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها مكان ابرام العقد "‪.‬‬
‫(‪ )3‬املادة ‪ 17‬من قانون التحكيم املصري رقم ‪ 27‬لانة ‪. 1114‬‬

‫‪247‬‬
‫و قد تبىن القانون اهلولندي اجلديد بشأن التحكيم هذا احلل بل و أنه جعل من القاعدة املتقدمة قاعدة‬
‫أمرة تعلو على اتفاق األطراف‪ ،‬عند تطبيق القانون اهلولندي ‪ .‬كما أن إمتناع أحد األطراف عن تعيني‬
‫حمكم ال يؤدي اىل إعاقة الشروع يف اجراءات التحكيم يف القانون الفرناي (‪.)1‬‬
‫و من بني األساليب التاويفية األخرى القيام برد احملكم و يلعب قضاء الدولة دورا مهما يف موضوع الرد‬
‫على النحو احملدد يف املادة ‪ )2( 1416‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج و املادة ‪ 11‬من قانون التحكيم املصري (‪.)3‬‬
‫و إذا كان قضاء الدولة يلعب هذا الدور احليوي من أجل مقاومة األعمال التاويفية ‪ ،‬فإنه ياعى إىل‬
‫حتقيق نوع من التكامل بينه و بني قضاء التحكيم من أجل تدعيم اجراءات التحكيم (‪.)4‬‬
‫و أيا ما كانت الوسائل و الطرق اليت تلجأ اليها التشريعات الوطنية من أجل و ضع االتفاق على التحكيم‬
‫موضع التنفيذ العيين أو الفعلي ‪ ،‬سواء كانت قبل تشكيل حمكمة التحكيم ‪ ،‬أو بعد تشكيلها ‪ ،‬فإن هناك‬
‫حقيقة ذهبت اىل تقريرها القوانني الدولية والوطنية و كذا جانب من الفقه و هي أن مقاومة أحد األطراف‬
‫لالتفاق على التحكيم و امتناعه عن تنفيذ التزامه لن يؤدي إىل جتميد اجراءات التحكيم ‪.‬‬
‫و على الرغم من وجود األليات املتقدمة ‪ ،‬فإن حمكمة التحكيم قد ال ميكن تشكيلها إما ألسباب تتعلق‬
‫بالعيوب اليت حلقت باتفاق التحكيم ذاته‪،‬أو بابب املصاعب و العراقيل اليت قد يضعها القانون أو اجلهات‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪118‬‬
‫(‪)2‬املادة‪ 1416‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج ‪ " :‬جيوز رد احملكم يف احلاالت األتية ‪:‬‬
‫‪-‬عندما ال تتوفر فيه املؤهالت املتفق عليها بني األطراف ‪،‬‬
‫‪-‬عندما يوجد سبب رد منصوص عليه يف نظام التحكيم املوافق عليه من قبل األطراف ‪،‬‬
‫‪-‬عندما تتبني من الظروف شبهة مشروعة يف استقالليته ‪ ،‬السيما بابب وجود مصلحة أو عالقة اقتصادية أو عائلية مع أحد األطراف مباشرة أو عن طريق‬
‫وسيط ‪.‬‬
‫ال جيوز طلب رد احملكم من الطرف الذي كان قد عينه ‪ ،‬أو شارك يف تعيينه إال لابب علم به بعد التعيني ‪.‬‬
‫تبلغ حمكمة التتحكيم و الطرف األخر دون تأخري بابب الرد ‪.‬‬
‫يف حالة النزاع ‪ ،‬إذا مل يتضمن نظام التحكيم كيفيات تاويته أو مل ياع األطراف لتاوية إجراءات الرد يفصل القاضي يف ذلك بأمر بناء على طلب من يهمه‬
‫التعجيل ‪.‬‬
‫هذا األمر غري قابل ألي طعن ‪".‬‬
‫(‪)3‬تنص املادة ‪ 11‬من قانون التحكيم املصري ‪– ":‬يقدم طلب الرد كتابة اىل هيئة التحكيم مبينا فيه أسباب الرد خالل مخاة عشرة يوما من تاريخ علم طلب‬
‫الرد بتشكيل هذه اهليئة أو بالظروف املربرة بالرد ‪ ،‬فاذا مل يتنح احملكم املطلوب رده خالل مخاة عشر يوما من تاريخ تقدمي الطلب ‪ ،‬حيال بغري رسوم اىل احملكمة‬
‫املشار اليها يف املادة ‪ 1‬من هذا القانون للفصل فيه حبكم غري قابل للطعن ‪.‬‬
‫‪-‬ال يقبل طلب الرد ممن سبق له تقدمي طلب برد احملكم نفاه يف ذات التحكيم ‪.‬‬
‫‪-‬ال يرتتب على تقدمي طلب الرد أو على الطعن يف حكم التحكيم الصادر برفضه وقف إجراءات التحكيم ‪ ،‬و إذا حكم برد احملكم ترتب على ذلك اعتبار ما‬
‫يكون قد مت من اجراءات التحكيم ‪ ،‬مبا يف ذلك حكم احملكمني ‪ ،‬كأن مل يكن ‪" .‬‬
‫(‪ )4‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬جملة‬
‫التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 41‬‬
‫‪248‬‬
‫القضائية يف دولة مقر التحكيم املختارة من قبل األطراف‪.‬‬
‫و ملواجهة هذا اإلحتمال ‪ ،‬فإن بعض القوانني ‪ ،‬قررت بابب انعدام القدرة على توقيع اجلزاء على الطرف‬
‫الذي خالف االلتزام الوارد يف اتفاق التحكيم ‪ ،‬اىل العودة اىل حظرية اجلهات القضائية الوطنية ‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل املثال نصت املادة ‪ 7‬من القانون الدويل اخلاص الاوياري على أنه ‪ ":‬للمحاكم الاويارية أن‬
‫تعرتف لنفاها باالختصاص على الرغم من وجود االتفاق على التحكيم إذا ثبت أن حمكمة التحكيم ال‬
‫ميكن تشكيلها ألسباب ترجع اىل املدعي عليه يف التحكيم على حنو واضح "‪.‬‬
‫و مع ذلك ‪ ،‬فإنه من الواضح أن هذا احلل ال يلجأ اليه اال على حنو استثنائي و عند فشلت األليات‬
‫األخرى االحتياطية املشار اليها سابقا ‪ ،‬و بالتايل الطرف املناهض للتحكيم ال ميكنه إال يف أحوال نادرة‬
‫جدا أن يقوم يتجميد إجراءات التحكيم لعدم رغبته يف املشاركة فيه (‪.)1‬‬
‫و إذا كانت مجيع األليات الاالف بياهنا و اليت تاعى اىل ضمان حتقق الفعالية القصوى للتحكيم كاتفاق‬
‫و إجراء ‪ ،‬تاتخدم على نطاق واسع يف مجيع األنظمة القانونية ذات النزعة الالتينية ‪ ،‬فإن هناك أليات‬
‫أخرى جيري العمل القضائي على استخدامها يف الدولة ذات النزعة األجنلوساكاونية املتأثرة بالنظام‬
‫االجنليزي لتحقق ذات الغاية أي لضمان حتقق فعالية اتفاق التحكيم و ها ما سوف نتطرق اليه تبعا ‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬أوامر الزجر كآلية لضمان فعالية اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫من أجل مقاومة رغبة األطراف اليت على الرغم من اتفاقهما على التحكيم ‪ ،‬تاعى اىل التنصل منه عن‬
‫طريق جلوئها مباشرة إىل قضاء الدولة ‪ ،‬جلأ النظام االجنليزي و األنظمة القانونية اليت حتذو حذوه أو ما‬
‫تامى باألنظمة القانونية املعروفة ب ‪ ( common law‬النظام األجنلوساكاوين ) اىل إستخدام ألية‬
‫خاصة تعرف باسم ‪ anti-suit injuctions‬ووفقا هلذا النظام حيق للطرف يف اتفاق التحكيم الذي‬
‫حياول الطرف األخر املااس بأثره اإلجيايب ‪ ،‬أن يطلب من احملكمة الوطنية أن تأمر هذا الطرف األخري‬
‫باالمتناع عن الاري يف املنازعة اليت أقامها أمام القضاء الرمسي ‪ ،‬و ذلك ألن االستمرار يف هذه املنازعة‬
‫خمالفة التفاق تعاقدي سابق مت بني األطراف و هو االتفاق على التحكيم‪.‬‬
‫و بعبارة أخرى يقصد بأمر الزجر ‪ anti-suit injuctions‬االجراء الذي مبوجبه حيظر القاضي الوطين‬
‫يف دولة ما على املدعي أن يرفع دعواه أو ياتمر فيها أمام قضاء أجنيب (‪.)2‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.123‬‬
‫(‪ )2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬جملة‬
‫التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 46‬‬

‫‪249‬‬
‫التحكيم(‪)1‬‬ ‫و نظام ‪ anti-suit injuctions‬أو كما مساها "فليب دالباك" باحلماية اجلزائية لشروط‬
‫متبع يف كل من اجنلرتا و الواليات املتحدة األمريكية و كندا وبصفة عامة يف الغالبية العظمى من الدول‬
‫املتأثرة بالقانون االجنليزي ‪.‬‬
‫و تبدو أيمية ألية األوامر بالزجر اليت تصدر من القاضي الوطين مبنع املدعي من رفع دعواه أو االستمرار فيها‬
‫أمام قضاء أجنيب بالنابة اىل التحكيم يف احلاالت اليت يظهر فيها ألحد أطراف التحكيم أن الطرف األخر‬
‫يف هذا االتفاق ال ينوي أن يعرض املنازعة على التحكيم‪ ،‬أو أنه فعال قد رفع دعواه أمام حماكم الدولة‬
‫منتهكا بذلك القوة امللزمة التفاق التحكيم ‪ .‬ففي مثل هذه احلاالت ياتطيع الطرف املعين أن يلتمس من‬
‫القضاء الوطين أن يصدر أمرا بالنهي أو بالزجر ‪ anti-suit injuctions‬يف مواجهة الطرف الذي‬
‫انتهك اتفاق التحكيم ‪ -‬حيظر عليه االستمرار يف االجراءات اليت بدأها أمام القضاء األجنيب ‪.‬‬
‫و هتدف أوامر الزجر يف احلالتني الاالفتني اىل حتقيق كفالة احرتام اتفاق األطراف ‪ ،‬و ذلك دون االهتمام‬
‫بالتطرق اىل حبث ماألة االختصاص الدويل للمحاكم األجنبية املرفوعة أمامها النزاع باملخالفة لالتفاق‬
‫التعاقدي ‪.‬حيث يرى البعض أنه ال يوجد سبب معقول يؤدي اىل الرتدد يف إصدار األمر باملنع من الاري يف‬
‫اإلجراءات أمام احملاكم األجنبية ‪ ،‬وذلك أخذا بعني اإلعتبار أن املدعي يف هذه الدعاوى املقامة أمام‬
‫احملاكم األجنبية قد خالف التزاما واقعا عليه بعدم رفع الدعوى أمام احملاكم األجنبية(‪. )2‬‬
‫و على الرغم من أن أوامر الزجر املتقدمة هتدف اىل حتقيق ضمان الفعالية التفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬فإن الفلافة اليت تقوم عليها هذه األوامر ال ختلو من االنتقاد سواء على صعيد قواعد القانون‬
‫الدويل العام احلاكمة حلق كل دولة يف أن حتدد حبرية شبه مطلقة القواعد املنظمة لإلختصاص القضائي‬
‫الدويل حملاكمها ‪ ،‬و أيضا القواعد الواردة يف معاهدة نيويورك ‪ ، )3( 1158‬وكذلك على صعيد التشريعات‬
‫األوروبية املنظمة لالختصاص القضائي الدويل لدول اجملموعة األوروربية و يف مقدمتها معاهدة بروكال‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Delebecque Phillipe, l'opposabilité de la clause compromissoire et ou des clauses de juridiction dans‬‬
‫‪le contentieux maritime, colloque international, 2 et 3 mars 2009.‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬املرجع‬
‫الاابق ‪ ،‬ص ‪. 47‬‬
‫(‪ )3‬تنص املادة الثانية فقرة ‪ 3‬من معاهدة نيويورك على أنه " على حمكمة الدول املتعاقدة اليت يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان حمل اتفاق من األطراف‬
‫باملعىن الوارد يف هذه املادة أن حتيل اخلصوم بناء على طلب أحدهم اىل التحكيم ن و ذلك ما مل يتبني للمحكمة أن هذا االتفاق باطل و ال أثر له أو غري قابل‬
‫للتطبيق "و التفاري الراجح هلذا النص يؤدي اىل رفض اوامر الزجر ‪ .‬إذ يقرر هذا النص اختصاصا استئثاريا حملاكم الدول األطراف يف املعاهدة لكي تقضي بعدم‬
‫اختصاصها او بعدم قبوهلا للمنازعات املقامة امامه و اليت مت رفعها على الرغم من وجود اتفاق حتكيم صحيح و مرتب الثاره طاملا متاك الطرف املعين بوجود‬
‫هذا االتفاق ‪ .‬و على الرغم من هذا االنتقاد ألوامر الزجر الصادرة من القضاء االجنليزي ‪ ،‬فان هذا القضاء مل جيد فيه ما حيول بينه و بني اصداره هلذه األوامر‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫لانة ‪ 1168‬و التشريع األورويب رقم ‪ 44‬لانة ‪.)1( 2441‬‬
‫إن أول قضية تعرضت فيها حمكمة العدل األوروبية للقرارات القضائية باملنع عن متابعة الدعوى كان يف‬
‫قضية "ترنر" معتربة هذه القرارت خمالفة للنظام األورويب رقم ‪ ،)2( 2441/44‬و لقد أتيحت الفرصة‬
‫حملكمة العدل األوروبية يف حكمها الصادر يف ‪ 14‬فرباير ‪ 2414‬يف القضية (‪)Case C -185/07‬‬
‫يف أن حتام األمر يف ماألة مدى إمكانية اللجوء اىل أوامر الزجر يف نطاق االحتاد االورويب فقضت يف هذه‬
‫القضية بأنه " يتعارض مع التشريع األورويب رقم ‪ 2441/44‬الصادر يف ‪ 22‬ديامرب ‪ 2444‬و اخلاص‬
‫بتحديد االختصاص و االعرتاف و تنفيذ األحكام الصادرة يف املاائل املدنية و التجارية أن تقوم حمكمة‬
‫دولة طرف بإصدار أمر ملنع شخص من أن يشرع أو ياتمر يف اإلجراءات املقامة أمام حماكم دولة أخرى‬
‫طرفا تأسياا على أن هذه االجراءات تتعارض مع اتفاق التحكيم "‪ .‬و سوف نتعرض لوقائع هذه القضية‬
‫أ‪-‬عرض قضية ‪:West Tankers‬‬
‫تتعلق الوقائع اليت صدر فيها احلكم الاابق أنه يف أغاطس ‪ 2444‬اصطدمت الافينة ‪Front‬‬
‫‪ Comor‬اململوكة لشركة ‪ West Tankers‬و املاتأجرة من قبل شركة ‪ Erg Petroli‬يف سرياكوز‬
‫يف ايطاليا مع ‪ Jetty‬مملوك لشركة ‪Erg‬و أحلقت به أضرارا ‪ .‬و لقد نص يف عقد اجيار الافينة على أنه‬
‫خيضع للقانون االجنليزي كما أنه يوجد فيه شرط حتكيم يف لندن ‪.‬و لقد طالبت شركة‪ Erg‬بالتعويض من‬
‫قبل شركات التأمني ‪ Allianz‬و شركة ‪ General‬يف حدود التأمني ‪ ،‬وبدأت إجراءات التحكيم يف‬
‫لندن ضد ‪ West Tankers‬لتغطية اجلزء الباقي من االضرار الناجتة من التصادم ‪.‬‬
‫و بعد أن قامت شركة ‪ Allianz‬و شركة ‪ General‬بدفع التعويض املاتحق وفقا لوثائق التأمني فإهنما‬
‫رفعتا دعوى يف ‪ 34‬يونيو ‪ 2443‬ضد ‪ West Tankers‬أمام القضاء االيطايل ‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫اسرتجاع املبالغ اليت دفعتها لشركة ‪ Erg‬اليت حلقت هبا أضرار ‪ ،‬و أساتا الدعوى على حلول الشركتني‬
‫املذكورتني حمل شركة ‪ Erg‬اليت أحلقت هبا األضرار وذلك وفقا لنص املادة ‪ 1116‬من القانون االيطايل ‪.‬‬
‫و لقد دفعت شركة ‪ West Tankers‬بعدم اختصاص القضاء االيطايل بابب وجود اتفاق على‬
‫التحكيم ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬تقوم معاهدة بروكال ‪ 1168‬و التشريع األورويب رقم ‪ 44‬لانة ‪ 2441‬على مبدأ رئياي هو املااواة التامة بني مجيع األجهزة القضائية يف الدول‬
‫األطراف فيها ‪ ،‬تلك املااواة املؤساة على الثقة الكاملة يف األجهزة القضائية للدول األعضاء يف االحتاد األورويب ‪ .‬و يف ظل هذه الفلافة هناك صعوبة مبكان‬
‫قبول ألية أوامر الزجر داخل النظام القانوين األورويب ‪ .‬فهذه األوامر تشكل نوعا من عدم الثقة يف األنظمة القضائية األخرى الغربية عن النظام القضائي االجنليزي‬
‫و هو ما يتعارض مع الفكر الذي انطاقت معه املعاهدة و التشريع األورويب رقم ‪ 44‬لانة ‪. 2441‬‬
‫(‪ )2‬خليل مشنتف ‪ ،‬اجتهادات قضائية دولية حول التحكيم ‪ ، ،‬جملة التحكيم ‪ ،‬العدد الثامن ‪ ،‬الانة الثانية ‪ ،‬أكتوبر ‪،2414‬ص‪.644‬‬

‫‪251‬‬
‫و يف نفس الوقت قامت شركة ‪ West Tankers‬يف ‪ 14‬سبتمرب ‪ 2444‬برفع دعوى أمام احملكمة‬
‫العليا يف اململكة املتحدة " احملكمة التجارية " ‪ ،‬ملتماة اصدار أمر بأن املنازعة بينها من جهة و بني‬
‫شركات التأمني ‪ Allianz‬و شركة ‪ General‬من جهة أخرى ‪ ،‬جيب أن حتام عن طريق التحكيم‬
‫ووفقا التفاق التحكيم ‪.‬‬
‫كما طلبت ‪ West Tankers‬أيضا بإصدار أمر ضد شركيت ‪ Allianz‬و ‪ General‬ملنعهما من‬
‫اقامة دعوى واجراءات غري التحكيم و طلبت أيضا منهما أن يوقفا االجراءات اليت بدأت فيهما أمام‬
‫القضاء االيطايل ‪ .‬و يف ‪ 21‬سبتمرب ‪ 2445‬أصدرت احملكمة التجارية املشار اليها سابق حكما أيدت فيه‬
‫طلبات شركة ‪ West Tankers‬و مت منحها ‪ anti-suit injuctions‬ضد كل من ‪Allianz‬‬
‫و شركة ‪.General‬‬
‫و لقد استأنفت شركة ‪ General‬احلكم املذكور أمام جملس اللوردات ‪House of Lords‬‬
‫و متاكت مبنح مثل ذلك األمر بالزجر ‪ ،‬وهذا يعد خمالفا للتشريع األورويب رقم ‪2441-44‬‬
‫» ‪. « Regulation n°44/2001‬‬
‫و لقد أوقف جملس اللوردات نظر الدعوى و أرسل الاؤال التايل اىل حمكمة العدل األوروبية ‪ " :‬هل يعد‬
‫متماشيا مع التشريع األورويب أن تقوم حماكم دولة طرف بإصدار أمر مينع شخصا من الشروع أو االستمرار‬
‫يف االجراءات أمام حماكم دولة أخرى طرف تأسياا على أن هذه االجراءات تتعارض مع اتفاق التحكيم؟"‬
‫و لقد أصدرت حمكمة العدل األوروبية حكمها الذي قضى بأنه " يتعارض مع التشريع األورويب رقم‬
‫‪ 2441/44‬الصادر يف ‪ 22‬ديامرب ‪ 2444‬و اخلاص بتحديد االختصاص و االعرتاف و تنفيذ األحكام‬
‫الصادرة يف املاائل املدنية و التجارية أن تقوم حمكمة دولة طرف باصدار أمر ملنع شخص من أن يشرع أو‬
‫ياتمر يف اإلجراءات املقامة أمام حماكم دولة أخرى طرف تأسياا على أن هذه االجراءات تتعارض مع‬
‫اتفاق التحكيم "(‪.)1‬‬
‫ب –تقدير المبدأ الذي أرسته محكمة العدل األوروبية ‪.‬‬
‫يعد احلكم الصادر من حمكمة العدل األوروبية وفقا لتقدير البعض مبثابة مامار أخر يف تابوت أوامر الزجر‬
‫على الصعيد األورويب (‪ .)2‬إال أن ما جتدر االشارة إليه فإن احلظر املشار اليه باللجوء اىل استخدام هذه‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬قد مت عرض هذه القضية من طرف ‪:‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم‬
‫‪ ، Anti-suit Injuctions‬املرجع الاابق ‪ ،‬من ص ‪ 54‬اىل ص ‪. 52‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬املرجع‬
‫الاابق ‪ ،‬ص ‪. 52‬‬
‫‪252‬‬
‫اآللية على صعيد العالقات األوروبية القضائية لن مينع على ما يبدو من استخدامها خارج النطاق األورويب‬
‫و هذا ما أكدته حمكمة النقض الفرناية يف حكم هلا‪ ،‬بأنه جيوز اصدار أوامر الزجر يف اطار االتفاق املانح‬
‫لإلختصاص طاملا كان خارج نطاق تطبيق القانون األورويب و املعاهدات الدولية‪ ،‬و هو ما يفيد أيضا جواز‬
‫إصدار هذه األوامر يف ذات النطاق إذا تعلق األمر باتفاق حتكيم هذا من جهة كما أنه ال جيوز تفاري‬
‫احلكم الصادر عن حمكمة العدل األوروربية على أنه سوف يؤثر على ضمان فعالية اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫مبعىن أخر ياتطيع القضاء االجنليزي أن يصدر أوامر زجر ضد الطرف يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬و الذي على الرغم من موافقته عليه ‪ ،‬يرفع دعواه أمام قضاء دولة أجنبية غري طرف يف االحتاد‬
‫األورويب ‪ .‬و إذا كانت أوامر الزجر قد استخدمت لضمان األثر االجيايب التفاق التحكيم ‪ ،‬فإهنا قد‬
‫استخدمت أيضا كوسيلة للنيل من فعالية هذا األثر و هو ما سنتعرض له يف النقطة املوالية ‪.‬‬
‫الفرع الخامس ‪ :‬أوامر الزجر كوسيلة للنيل من اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫يقصد بأوامر الزجر اليت هتدف إىل النيل من التحكيم األوامر اليت يقوم القضاء الوطين (سواء كان قضاء‬
‫دولة املقر أو القضاء الوطين ألحد األطراف املعنية أو القضاء األجنيب ) بإصدارها للحيلولة دون الاري يف‬
‫اجراءات التحكيم أو ملنع البدأ فيها أصال و ذلك بناء على طلب أحد األطراف املعنية ‪.‬‬
‫و يتم استخدام أوامر الزجر للنيل من اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬إما قبل البدء يف إجراءات‬
‫التحكيم و ذلك من أجل منع تشكيل هيئة التحكيم ‪ ،‬أو قبل البدأ يف اجراءات التحكيم و ذلك ملنع‬
‫استمرار هذه االجراءات ‪.‬‬
‫و يتم التفرقة فيما خيص هذه األوامر بني دول القانون العام ‪ Common Law‬و الدول الالتينية ‪،‬‬
‫فبالنابة للدول اليت تتبع النظام األجنلوساكاوين تقبل حماكمها إصدار أوامر الزجر ملنع الشروع يف‬
‫اجراءات التحكيم أو ملنع سري هذه اإلجراءات ‪ ،‬بينما ال تصدر حماكم الدول اليت تتبع للنظام الالتيين أو‬
‫نظام القانون املدين مثل هذه األوامر ‪.‬و لقد استخدمت أوامر الزجر كوسيلة للنيل من فعالية اتفاق التحكيم‬
‫من قبل احملاكم االجنليزية و حماكم الواليات املتحدة األمريكية ‪ ،‬و ذلك يف األحوال اليت تكون املنازعة‬
‫املعروضة على احملكمني ال يغطيها اتفاق التحكيم (‪. )1‬‬
‫إنه و بعد تطرقنا اىل األثر االجيايب األول التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري وهو مبدأ الزامية أطرافه‬
‫باللجوء اىل التحكيم وكذا االستثناءات الواردة عليه ‪،‬سوف نتطرق اىل ثاين أثر اجيايب له ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬املرجع‬
‫الاابق ‪ ،‬ص ‪. 56‬‬

‫‪253‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اختصاص محكمة التحكيم بالفصل في المنازعات محل اتفاق التحكيم في عقد‬
‫النقل البحري ‪.‬‬
‫إن األثر االجيايب الثاين التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو اعطاء االختصاص حملكمة التحكيم‬
‫للفصل يف النزاع أو املنازعات حمل اتفاق التحكيم ‪ ،‬و بدون شك أن العالقة املوجودة ما بني أطراف النزاع‬
‫و هيئة التحكيم هي عالقة تنبع من تراضي كل منهم ‪ ،‬عن طريق قبول احملكمني ملهمتهم ‪ ،‬و اليت تنبع‬
‫أصال من ارادة األطراف يف تكليفهم هبا عن طريق ابرامهم التفاق التحكيم (‪.)1‬‬
‫و سوف يتم التطرق يف هذا املطلب اىل اختصاص حمكمة التحكيم يف الفصل يف اختصاصها و كذا يف‬
‫الفصل يف موضوع النزاع حمل اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬اختصاص محكمة التحكيم بالفصل في اختصاصها ‪.‬‬
‫يعترب مبدأ اختصاص احملكم يف ماألة اختصاصه نتيجة من نتائج األثر االجيايب التفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري و يعد هذا املبدأ من أهم املبادئ يف اطار التحكيم الدويل و من أدقها يف ذات الوقت ‪،‬‬
‫و يطلق على هذا املبدأ األساسي يف التحكيم مبدأ "االختصاص باالختصاص " ‪ .‬و مفاده أن هيئة‬
‫التحكيم هي اليت ختتص بالنظر فيما اذا كانت خمتصة بالنزاع املعروض عليها ‪ ،‬و قد أرست حمكمة النقض‬
‫الفرناية(‪ )2‬هذا املبدأ حبكم شهري جاء فيه أنه ‪ " :‬كأي جهة قضائية ‪ ،‬و لو كانت استثنائية ‪ ،‬يدخل يف‬
‫سلطة احملكمني وواجبهم التحقق مما اذا كانوا – طبقا لنصوص اتفاق التحكيم الذي يتماك به ذو‬
‫املصلحة – خمتصني بالنظر يف موضوع النزاع املطروح عليهم " (‪.)3‬‬
‫و يكون هليئة التحكيم هذا االختصاص‪ ،‬ولو دفع أمامها بإنعدام اتفاق التحكيم أو ببطالنه‪ ،‬أو باقوطه‪.‬‬
‫ذلك أن احملكم لكي ينظر ما يعرض عليه من نزاع البد له أن يقرر أوال اختصاصه بنظره ‪ ،‬ولو اقتضى هذا‬
‫البحث يف وجود و صحة و بقاء و نفاذ اتفاق التحكيم الذي ياتند اليه طالب التحكيم ‪ ،‬اذ ياتمد‬
‫واليته من ارادة الطرفني ‪ ،‬أي من اتفاق التحكيم (‪.)4‬‬
‫و قد أثار موضوع اختصاص احملكم بالفصل يف موضوع اختصاصه" ‪"competence –competence‬‬
‫العديد من اجلدل و ذلك على الرغم من االعرتاف شبه الكامل هبذا املبدأ يف األنظمة القانونية املعاصرة ‪.‬‬
‫فما هو أساس هذا املبدأ ؟ و ما هي مصادره ؟‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 407.‬‬
‫(‪)2‬نقض فرناي ‪ ،‬الدائرة التجارية ‪ 22 ،‬فرباير ‪. 1141‬‬
‫(‪ )3‬فتحي وايل ‪ ،‬الرقابة القضائية على صحة اتفاق التحكيم أثناء اجراءات التحكيم ‪ ،‬جملة التحكيم ‪ ،‬العدد الثامن ‪ ،‬الانة الثانية ‪ ،‬أكتوبر ‪ ، 2414‬ص ‪.75‬‬
‫(‪)4‬املرجع الاابق ذكره ‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫أوال ‪ :‬تحديد المعنى االصطالحي لفكرة اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه ‪.‬‬
‫ياتخدم الفقه عادة للتعبري عن اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه ‪ ،‬األلفاظ األملانية‬
‫املاتخدمة من قبل الفقه األملاين و املعروفة ب ‪. kompetnze-kompetnze‬‬
‫و الواقع أن املعىن احلقيقي ملصطلح ‪ ، kompetnze-kompetnze‬مل يتم القاء الضوء عليه على‬
‫الرغم من أيمية املاألة لتحديد املقصود بفكرة اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه ‪.‬‬
‫إن ما جتدر االشارة اليه أن املصطلح القانوين األملاين الاابق الذكر خيتلف معناه عن املعىن الذي يأخذ به‬
‫يف أدبيات التحكيم التجاري الدويل ‪ .‬ذلك أن املصطلح األملاين ‪ kompetnze-kompetnze‬يعين‬
‫سلطة احملكم يف أن يفصل يف ماألة اختصاصه بصفة هنائية دون اخلضوع اىل أية رقابة قضائية (‪ ، )1‬و قد‬
‫مت رفض هذه الالطة للمحكم و املأخوذة هبذا املعىن سواء يف أملانيا أو يف دول أخرى ‪ ،‬و ذلك بابب‬
‫التناقض الذي تأدي إليه‪ ،‬فمن املاائل املتنازع عليها يف أملانيا ماألة حتديد ما اذا كان قضاء الدولة يتعني‬
‫عليه أن ميتنع عن نظر املنازعة حىت ينتهي احملكمون من الفصل يف ماألة اختصاصهم (‪. )2‬‬
‫و لتفادي التناقضات املتقدمة ملا يثريه املصطلح األملاين من لبس ‪ ،‬إنه من األفضل عدم استخدام‬
‫مصطلح ‪ kompetnze-kompetnze‬و استخدام مصطلح ‪competence –competence‬‬
‫و الذي يشري اىل اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه ‪ ،‬هذه العبارة اليت استخدمت كمصطلح‬
‫قانوين يف اللغة االجنليزية (‪.)3‬‬

‫و اجلدير بالذكر أن الفقه الاوياري املدرك للفروق الدقيقة يف القوانني الوطنية املقارنة ‪ ،‬هو أول من أشار‬
‫مبكرا لعدم مالئمة استخدام مصطلح ‪ ، kompetnze-kompetnze‬نظرا للمعىن اخلاص الذي‬
‫ياتوعبه هذا املصطلح يف القانون األملاين (‪.)4‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مصادر مبدأ االختصاص باالختصاص ‪.‬‬
‫ياتمد مبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه أساسه من العديد من املصادر الشكلية‬
‫سواء كانت هذه املصادر هي املعاهدات الدولية املتصلة بالتحكيم أو القوانني الوطنية املعاصرة للعديد من‬
‫الدول ‪ ،‬و كذا الغالبية العظمى من لوائح التحكيم ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 410.‬‬
‫(‪)2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪125‬‬
‫‪(3) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 411.‬‬
‫(‪)4‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬املرجع الاابق ذكره ‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫إن مبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه نصت عليه العديد من القوانني الوطنية املعاصرة‬
‫املنظمة للتحكيم ‪ ،‬ومن بني هذه القوانني القانون اجلزائري حبيث نصت املادة ‪ 1444‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج على‬
‫أنه ‪ ":‬تفصل حمكمة التحكيم يف االختصاص اخلاص هبا ‪ ،‬و جيب اثارة الدفع بعدم االختصاص قبل أي‬
‫دفاع يف املوضوع ‪.‬‬
‫تفصل حمكمة التحكيم يف اختصاصها حبكم أويل إذا كان الدفع بعدم االختصاص مرتبطا مبوضوع النزاع"‬
‫فطبقا هلذه املادة فاتفاق التحكيم يرتب على اهليئة التحكيمية النظر يف مدى اختصاصها (االختصاص ‪-‬‬
‫باالختصاص ) (‪ ، )1‬و ذلك عندما يثار الدفع بعدم اختصاص حمكمة التحكيم ‪ ،‬شريطة تقدمي هذا الدفع‬
‫قبل أي دفاع يف املوضوع ‪ ،‬و يكون فصل حمكمة التحكيم يف اختصاصها حبكم أويل إذا كان الدفع بعدم‬
‫االختصاص مرتبطا مبوضوع النزاع (‪.)2‬‬
‫و يرمي مبدأ االختصاص باالختصاص اىل متكني هيئة التحكيم من الفصل يف النزاع دون تعطيل بابب‬
‫رفع دعوى أمام حماكم الدولة يتعلق بوجود أو بصحة اتفاق التحكيم (‪.)3‬‬
‫و قد قنن هذا املبدأ أيضا يف قانون التحكيم املصري رقم ‪ 27‬لانة ‪ 1114‬يف املادة ‪ 22‬فقرة أوىل منه‬
‫و اليت نصت ‪ " :‬تفصل هيئة التحكيم يف الدفوع املتعلقة بعدم اختصاصها مبا يف ذلك الدفوع املبنية على‬
‫عدم وجود اتفاق التحكيم أو سقوطه أو بطالنه أو عدم مشوله ملوضوع النزاع "‪.‬‬
‫كذلك فإن النصوص احلديثة املنظمة للتحكيم يف العديد من الدول تقرر ذات املبدأ كالقانون الاوياري ‪،‬‬
‫و القانون البلجيكي و القانون اهلولندي و القانون االسباين و القانون الربتغايل و القانون التوناي ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫و قد كرس القانون الفرناي مبدأ االختصاص‪ -‬باالختصاص يف املادة ‪1465‬منه إذ نصت على أنه‬
‫حمكمة التحكيم وحدها املختصة للفصل يف الدفوع املتعلقة مبدى اختصاصها يف موضوع الدعوى (‪. )4‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪136‬‬
‫(‪ )2‬بربارة عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 555‬‬
‫(‪)3‬فتحي وايل ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 75‬‬
‫‪)4( Article 1465 Modifié par Décret n°2011-48 du 13 janvier 2011 - art. 2‬‬

‫‪"Le tribunal arbitral est seul compétent pour statuer sur les contestations relatives à son pouvoir‬‬
‫"‪juridictionnel‬‬

‫‪256‬‬
‫وكما كرست القوانني الوضعية املعاصرة يف كثري من الدول مبدأ فصل احملكم يف ماألة اختصاصه‪ ،‬فقد‬
‫كرسته املعاهدات الدولية املتصلة بالتحكيم و كذا أغلبية لوائح التحكيم ‪.‬‬
‫أما عن اتفاقية نيويورك املتعلقة باالعرتاف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية املوقعة يف ‪ 14‬أكتوبر‬
‫‪ ، 1158‬مل تتعرض ملاألة اختصاص احملكم بالفصل يف اختصاصه ‪ ،‬و لعل أن هذا االغفال من جانبها‬
‫هلذه املاألة مبعثه أن اهلدف املباشر هلذه املعاهدة هو حتديد شروط االعرتاف و تنفيذ حكم التحكيم (‪.)1‬‬
‫أما معاهدة جنيف املوقعة يف ‪ 1161‬فقد تعرضت ملبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه‬
‫بشكل واضح ‪ ،‬فقد نصت يف املادة اخلاماة فقرة ‪ 3‬على أنه ‪ ":‬ال يلتزم احملكم الذي ينكر األطراف عليه‬
‫االختصاص ‪ ،‬أن يتخلى عن نظر املنازعة ‪ ،‬و له أن يفصل يف ماألة اختصاصه و يف وجود و صحة العقد‬
‫الذي يعد هذا االتفاق جزءا منه ‪ ،‬وذلك دون إخالل بالرقابة القضائية الالحقة املنصوص عليها يف قانون‬
‫القاضي"(‪ . )2‬كما نصت االتفاقية األوروبية بشأن التحكيم التجاري الدويل لانة ‪ 1161‬على أنه‪ ":‬تكون‬
‫للمحكم سلطة الفصل يف اختصاصه و يف وجود وصحة اتفاق التحكيم " (‪.)3‬‬
‫و يذهب جانب من الفقه اىل اعتبار أن مبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه من املبادئ‬
‫األساسية للنظام العام العابر للدول‪ ،‬و ذلك بابب قبول هذا املبدأ بشكل عام يف العديد من الوثائق‬
‫الدولية وذلك على الرغم من تالدد بعض األنظمة الوضعية املتأثرة بالنظام األجنلوساكاوين بتكريس مبدأ‬
‫اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه (‪. )4‬‬
‫كما تنص على مبدأ االختصاص ‪ -‬باالختصاص املادة ‪ 1/ 21‬من قواعد اليونارتال لعام ‪ 1176‬اليت‬
‫وضعتها جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل و اليت يعمل هبا مركز القاهرة االقليمي واليت تنص‬
‫على أن ‪ " :‬اهليئة هي املختصة بالفصل يف الدفوع اخلاصة بعدم اختصاصها و يدخل يف ذلك الدفوع‬
‫املتعلقة بوجود و صحة اتفاق التحكيم " ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 411.‬‬
‫(‪)2‬النص الفرناي للمادة املذكورة ‪:‬‬
‫‪“sous reserve des controles judiciaries ultérieurs prévus par la loi du for , l’arbitre dont la competence‬‬
‫‪est contéstée , ne doit pas se déssaisir de l’affaire; il a le pouvoir de statuer sur sa proper compétence et‬‬
‫‪sur l’existence ou la validité de la convention d’arbitrage ou du contrat don’t cette convention fait‬‬
‫“ ‪partie‬‬
‫(‪)3‬املادة ‪ 3/5‬من هذه االتفاقية ‪.‬‬
‫(‪)4‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص‪. 121‬‬

‫‪257‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 16‬فقرة ‪ 3‬من القانون النمطي للتحكيم التجاري الدويل ‪ CNUDCI‬لعام ‪1185‬‬
‫على هذا املبدأ (‪. )1‬‬
‫و تؤكد لوائح التحكيم األساسية على مبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه ‪،‬فقد نصت‬
‫الئحة غرفة التجارة الدولية بباريس ‪ CCI‬يف املادة ‪ 6‬فقرة ‪ 2‬على ‪ ":‬اذا مل يرد املدعي عليه على طلب‬
‫التحكيم أو أثار دفعا يتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو صحته أو نطاقه كان حملكمة التحكيم الدولية من‬
‫فحص ظاهر األوراق امكانية االعتداد بوجود اتفاق التحكيم أن تقرر مواصلة التحكيم دون املااس بقبول‬
‫أو سالمة هذه الدفوع و يف هذه احلالة يكون هليئة التحكيم اختاذ أي قرار يتعلق باختصاصها فاذا مل‬
‫تتوصل حمكمة التحكيم الدولية اىل هذه النتيجة يتم ابالغ األطراف أن التحكيم غري ممكن "(‪.)2‬‬
‫كما نصت على ذات املبدأ الئحة مجعية التحكيم األمريكية لعام ‪(1112‬م‪ )2/15‬و الئحة حمكمة‬
‫لندن للتحكيم الدويل لعام ‪( 1185‬م‪ ، )1/15‬و الئحة مجعية التحكيم االيطالية ‪( 1185‬م ‪)1/14‬‬
‫و الئحة املركز البلجيكي لدراسة و ممارسة التحكيم الوطين و الدويل لعام ‪ (1188‬م‪ ، )3/11‬و نظام‬
‫التوفيق و التحكيم التجاري لغرفة جتارة و صناعة ديب لعام ‪ 1114‬حيث جاءت املادة ‪/5‬ب منه ‪" :‬‬
‫ختتص هيئة التحكيم بالفصل يف الدفوع املتعلقة بعدم اختصاصها ‪ ،‬ويشمل ذلك الدفوع املبنية على عدم‬
‫وجود اتفاق حتكيم أو بطالن هذا االتفاق أو انقضائه أو عدم مشوله موضوع النزاع "‪.‬‬
‫و تبنت نفس املعىن املادة ‪ 11‬من الئحة اجراءات التحكيم لدى مركز التحكيم التجاري لدول جملس‬
‫التعاون لدول اخلليج العربية لعام ‪ 1114‬و اليت نصت على ‪" :‬ختتص هيئة التحكيم بالفصل يف الدفوع‬
‫املتعلقة بعدم اختصاصها ‪ ،‬ويشمل ذلك الدفوع املبنية على عدم وجود اتفاق حتكيم أو بطالن هذا االتفاق‬
‫أو انقضائه أو عدم مشوله موضوع النزاع ‪ ،‬و جيب ابداء هذه الدفوع يف اجللاة األوىل قبل الدخول يف‬
‫املوضوع "‪.‬‬
‫و قد أجرى القضاء تطبيقات عديدة هلذا املبدأ ‪ ،‬ومن ذلك القضاء الفرناي (‪، )3‬كما قضت حمكمة‬
‫التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس بأن للمحكم وحده ‪ ،‬اختاذ أي قرار يتعلق باختصاصه (‪.)4‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)Art 16 paragraphe 3 : « le tribunal arbitral peut statuer sur l’exeption (d’incompétence du tribunal‬‬
‫» ‪arbitral) soit en le traitant comme une question préable . soit dans sa sentence sur le fond‬‬
‫(‪ )2‬فتحي وايل ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 75‬‬
‫(‪)3‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 525‬‬
‫(‪)4‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص‪.526‬‬

‫‪258‬‬
‫و يذهب جانب من الفقه الفرناي اىل القول بأن ترديد لوائح التحكيم ملبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف‬
‫ماألة اختصاصه و إن كان يعرب بالقبول العام الذي حيظى به هذا املبدأ ‪ ،‬فإنه على صعيد الفن القانوين‬
‫اخلالص ‪ ،‬ال يضيف أية قيمة هلذا املبدأ ‪ .‬فالئحة التحكيم و اليت تاتمد كل قيمة هلا من ارادة األطراف‬
‫على إعمال أحكامها ‪ ،‬ال ميكنها أن متنح للمحكمني حقوقا أكثر من تلك اليت تقر هلا هبم األنظمة‬
‫القانونية املختصة (‪.)1‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أساس مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه ‪.‬‬
‫بالنظر اىل رسوخ مبدأ االختصاص باالختصاص يف خمتلف االتفاقيات الدولية ‪،‬و التشريعات الوطنية‬
‫ولوائح و نظم هيئات التحكيم و قضاء التحكيم ‪ ،‬فإن هذا املبدأ جيد أساسه على األقل يف نطاق التحكيم‬
‫الدويل ‪ ،‬يف قاعدة عرفية خاصة بتحكيم منازعات التجارة الدولية ‪ ،‬قبل أن يصري قاعدة قانونية تطبق يف‬
‫كال من التحكيم الدخلي و التحكيم الدويل ‪ .‬بل ميكن التقرير أن ذلك املبدأ يعد قاعدة موضوعية أو‬
‫مادية ‪ Regle matérielle‬من قواعد التحكيم التجاري ‪.‬‬
‫و يدعم هذا التحليل أن ذلك املبدأ يكون واجب االعمال بغض النظر عن وجود أو صحة العقد‬
‫األصلي‪ ،‬أو صحة اتفاق التحكيم ذاته ‪ ،‬بل و بغض النظر عن ضرورة الرجوع اىل قانون دولة معينة يقره‬
‫أو يعرتف به(‪.)2‬‬
‫و على ذلك ال يكون صحيحا الرأي الذي يعترب أن مبدأ استقالل اتفاق التحكيم هو األساس احلقيقي‬
‫ملبدأ االختصاص باالختصاص ‪ ،‬و قد حرص جانب من الفقه الفرناي على إيضاح بأن هذين املبدأين ال‬
‫يلتقيا اال بشكل جزئي و هو ما يدعو اىل ضرورة الفصل بينهما بعناية شديدة (‪. )3‬‬
‫فمبدأ استقالل اتفاق التحكيم مبدأ موضوعي يتعلق بوجود اتفاق التحكيم ‪ ،‬و هو عقد و احلفاظ عليه‬
‫من أية شائبة قد تعلق بالعقد األصلي و متتدإاليه فيصيبه البطالن أو االنعدام أو الفاخ ‪،‬و بالتايل يتعني‬
‫كفالة فعاليته حتقيقا لرغبة األطراف ‪.‬كما أن هذا املبدأ يعجز عن كيفية تفاري إستمرار احملكم يف أداء‬
‫مهمته يف حالة أسباب البطالن املتعلقة بإتفاق التحكيم ذاته ‪ .‬إذ أن هذه النتيجة األخرية هي أثر خاص‬
‫يرتتب على مبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه ‪ ،‬كما أن مبدأ االختصاص باالختصاص‬
‫مبدأ اجرائي يتعلق بالطة احملكم يف البت يف ماألة اختصاصه من عدمه ‪ ،‬أيا كان سبب الدفع بعدم‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪134‬‬
‫(‪)2‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‬
‫‪(3) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 413.‬‬

‫‪259‬‬
‫االختصاص‪ ،‬حىت عند إقتضاء الفصل يف بطالن اتفاق التحكيم و يصدر قرار بعدم اختصاصه(‪. )1‬‬
‫الواقع أن كل من هذين األثرين ال ميكن رديما اىل اتفاق التحكيم ‪ ،‬إذ كيف للمحكم باالستناد فقط على‬
‫اتفاق التحكيم أن يقرر أن هذا االتفاق باطل أو حىت يعرتف بالابب الذي ميكن أن يؤدي اىل مالحظة‬
‫هذا البطالن (‪)2‬؟‪.‬‬
‫و بالتايل فإن مبدأ االختصاص باالختصاص ال ياتمد مصدره من اتفاق التحكيم و إمنا من قانون‬
‫التحكيم يف دولة املقر و يف قوانني الدول األخرى‪ ،‬احملتمل عرض حكم التحكيم الصادر من احملكم‬
‫بالفصل يف ماألة اختصاصه لإلعرتاف به أمام حماكمها ‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال ‪ ،‬إذا قررت هيئة حتكيم و املنعقدة يف دولة ما من الدول كفرناا أو اجنلرتا حلل نزاع متعلق‬
‫بعقد نقل حبري ‪ ،‬إصدار حكم بعدم اختصاصها نظرا لعدم وجود اتفاق حتكيم صحيح يف عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬فإن هذا القرار ياتند اىل القانون الفرناي أو االجنليزي على حاب األحوال ‪ ،‬وال ياتند على‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و الذي قضى بأنه معدوم أو باطل ‪.‬‬
‫و يف ضوء ما تقدم ‪ ،‬فإن مبدأ االختصاص باالختصاص ال يعين مطلقا أن يرتك للمحكم موضوع الرقابة‬
‫على اختصاصه ‪ .‬بل على العكس ‪ ،‬فإن هذا االختصاص تتم مراقبته بواسطة اجلهات القضائية يف الدول‬
‫مبناسبة الطعن بالبطالن يف حكم التحكيم أو إصدار األمر بتنفيذه ‪.‬‬
‫و يرى جانب من الفقه الفرناي أن مبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه له وظيفة مزدوجة‪،‬‬
‫ويرتب أثران مثل اتفاق التحكيم ذاته ‪.‬‬
‫فلمبدأ االختصاص باالختصاص أثر اجيايب هو الاماح للمحكمني بأن يفصلوا بأنفاهم يف ماألة‬
‫اختصاصهم و هذا األثر حمل إمجاع كل التشريعات الوطنية احلديثة واالتفاقيات الدولية ‪.‬‬
‫كما هلذا املبدأ املهم أثر سليب إذ يامح للمحكمني ليس فقط الفصل يف ماألة اختصاصهم ‪ ،‬وإمنا‬
‫بالفصل فيها أوال و قبل أى جهة(‪. )3‬‬
‫و اىل جانب النتائج الاابقة الذكر و اليت يرتبها اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري سوف نتطرق إىل‬
‫نتيجة أخرى أساسية و اليت ترتتب على األثر االجيايب هلذا االتفاق ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 131‬‬
‫‪(2) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 414.‬‬
‫(‪)3‬أ ‪.‬حفيظة الايد حداد ‪،‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪. 133‬‬

‫‪260‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬انعقاد االختصاص للتحكيم بالفصل في منازعات عقد النقل البحري المتفق عليها‪.‬‬
‫النتيجة الثانية املهمة و املرتتبة على األثر االجيايب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تنصب على‬
‫االعرتاف باالختصاص حملكمة التحكيم بالفصل يف املنازعات املتفق على حلها هبذا الطريق و احملددة يف‬
‫اتفاق التحكيم سواء أكان شرطا للتحكيم أو مشارطة حتكيم ‪ .‬فمىت ينعقد اختصاص حمكمة التحكيم‬
‫و ما هو نطاق هذا االختصاص ؟‬
‫أوال ‪ :‬تقرير اختصاص محكمة التحكيم للفصل في منازعات موضوع االتفاق على التحكيم ‪.‬‬
‫تصبح حمكمة التحكيم هي املختصة يف نظر موضوع النزاع و احملدد مبوجب اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬عن طريق اتفاقهم بالعهدة ببعض منازعاهتم أو كلها و الناشئة عن عقد النقل البحري هليئة‬
‫التحكيم للفصل فيها ‪.‬‬
‫و عليه تصبح احملكمة التحكيمية هي املختصة أصال بنظر النزاع(‪ ، )1‬وكذا النظر قبل ذلك يف مدى‬
‫اختصاصها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نطاق اختصاص محكمة التحكيم ‪.‬‬
‫ياتمد احملكم و اليته بالفصل يف املنازعة املتفق بشأهنا على التحكيم من االتفاق املربم بني أطراف عقد‬
‫النقل البحري على اختيار التحكيم كوسيلة للفصل يف املنازعات الناشئة بينهم بابب هذا العقد (‪.)2‬‬
‫و ميكن القول بأن اختصاص احملكمة التحكيمية بعد تقرير اختصاصها يكون حمدادا مبوضوع النزاع الوارد يف‬
‫شرط التحكيم أو اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬و ال ميكن أن ميتد دور اهليئة التحكيمية اىل ما‬
‫مل يطلبه اخلصوم ‪ ،‬و إال كان جتاوزا الختصاصها و دعوى للطعن يف احلكم التحكيمي سواء باالستئناف ‪،‬‬
‫أو بدعوى البطالن ‪ ،‬باإلضافة اىل مراعاة النظام العام الدويل (‪. )3‬‬

‫إن موضوع النزاع احملدد يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ما هو اال حمل هلذا االتفاق كما مت‬
‫التطرق اليه سابقا يف حمل اتفاق التحكيم ‪ .‬و زيادة على كونه ركن موضوعي التفاق التحكيم ‪ ،‬تظرا أيمية‬
‫حتديده يف هذا املقام كونه حيدد نطاق اختصاص هيئة التحكيم للفصل يف املنازعات حمل اتفاق التحكيم‬
‫يف عقد النقل البحري و هنا تظهر لنا األيمية القانونية و العملية هلذا التحديد ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪136‬‬
‫(‪ )2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪. 135‬‬
‫(‪)3‬حممد كوال ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 137‬‬

‫‪261‬‬
‫كما يكون فصل حمكمة التحكيم حبكم أويل إذا كان الدفع بعدم اختصاصها مرتبط مبوضوع النزاع حباب‬
‫الفقرة الثانية من املادة ‪ 1444‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج (‪.)1‬‬
‫إن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن أي عقد ‪ ،‬خيضع ملبدأ نابية األثار املتولدة‬
‫على العقد من حيث األطراف و من حيث املوضوع ‪ ،‬فكما ال ميكن للعقد أن يلزم غري أطرافه فإن اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري أيضا ال ميكن االحتجاج به على من مل يكن طرفا فيه و ال ميكن أيضا‬
‫للغري أن يتماك به يف مواجهة من هم أطراف فيه ‪ ،‬و هو ما ميكن أن يطلق عليه مبدأ نابية أثار اتفاق‬
‫التحكيم من حيث األطراف ‪ ،‬فاالتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري إذا كان تصرفا قانونيا بالنابة‬
‫ألطرافه فإنه جمرد واقعة يف موجهة الغري (‪.)2‬‬
‫كما أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تتحدد أثاره من حيث املوضوع باملنازعات اليت اتفق على‬
‫حلها بواسطة التحكيم ‪ ،‬و بالتايل ال ميتد أثر هذا االتفاق اىل غري ذلك من املاائل اليت ال يشملها االتفاق‬
‫على التحكيم يف عقد النقل البحري و هو ما ميكن أن يطلق عليه مببدأ نابية أثار اتفاق التحكيم من‬
‫حيث املوضوع ‪.‬‬
‫خالصة الفصل ‪:‬‬
‫إن مبدأ الزامية االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ما هو اال إعمال ألثاره االجيابية و الالبية‬
‫هلذا االتفاق ‪ ،‬حيث أن األثر االجيايب املرتتب على اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو الزامية االتفاق‬
‫على فض النزاع الناشئ عن عقد النقل البحري بواسطة التحكيم و التزام األطراف حبل النزاع وفقا ملا اتفقا‬
‫عليه وحاب نصوص االتفاق اخلاص بالتحكيم ‪ ،‬أما األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫هو حرمان حماكم الدولة من نظر أي نزاع اتفق عليه األطراف خبصوص عقد النقل البحري على فضه عن‬
‫طريق التحكيم (‪.)3‬‬
‫و تفاعل هذان األمران يقود ألول وهلة ‪ ،‬إىل أن هناك قطيعة بني كال القضاءين ‪ :‬قضاء الدولة و قضاء‬
‫التحكيم ‪.‬‬
‫غري أن هذا االستخالص مرفوض على االطالق ‪ ،‬فالتعاون و التااند بني كال القضائني مطلوب ‪ ،‬بل‬
‫ومفروض أيضا ‪،‬و هلذا كان من الطبيعي أن ينشأ نوع من التعاون بني قضاء الدولة و قضاء التحكيم‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬بربارة عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.555‬‬
‫(‪ )2‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 135‬‬
‫(‪)3‬أ‪.‬الصحايب حان عبد احلليم ‪ ،‬التعليق على قرار قضائي ‪،‬جملة التحكيم ‪ ،2313‬العدد الثامن ‪ ،‬ص ‪. 212‬‬

‫‪262‬‬
‫من أجل اضفاء املزيد من الفعالية التفاق التحكيم (‪.)1‬‬
‫فكون التعاون مطلوب بينهما من ناحية ‪ ،‬ألن قضاء التحكيم قضاء اتفاقي جيد سنده يف اتفاق التحكيم‬
‫يف عقد النقل البحري و الذي أبرمه احملتكمون ‪ ،‬و بتلك املثابة يفتقد اىل الالطة اليت تاتطيع وضع‬
‫أحكامه موضع التنفيذ اجلربي على أطرافه سواء تلك اليت يصدرها قبل الفصل يف املوضوع أم بعده (‪.)2‬‬
‫كما أنه من املعروف أن احملكم كشخص ال يتمتع بقوة القهر وااللزام أو ما يعرف ب‪، )3( Imperuim‬‬
‫و من حيث أن سلطة األمر أو اجلرب ال تتوفر إال لقضاء الدولة فليس هناك ما مينع من طلب تدخله‬
‫ملااندة قضاء التحكيم ‪.‬‬
‫أما عن التعاون مفروض بني القضائني ‪ ،‬ألن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ال ينزع االختصاص من‬
‫قضاء الدولة ‪ ،‬و إمنا حيجبه عن نظر النزاع و مينعه من مساع الدعوى طاملا بقي ذلك االتفاق قائما ‪.‬‬
‫و من مث فإنه من الواجب اللجوء اليه كلما طرأ عارض يعوق سري عملية التحكيم أو حيد من فعالية اتفاق‬
‫التحكيم أو احلكم الصادر‪.‬‬
‫و هلذا قد نصت االتفاقيات الدولية و التشريعات املتعلقة بالتحكيم على و جوب حتديد كل دولة حمكمة‬
‫من حماكم نظامها القضائي للمااعدة يف املاائل اليت قد تعرقل بدء أو سري أو إهناء عملية التحكيم ‪.‬‬
‫من ذلك ما نصت عليه املادة ‪ 1311‬و ‪ )1(1312‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري و كذا‬
‫املادة ‪ 2‬من قانون التحكيم املصري ‪.‬‬
‫و بعدما تطرقنا اىل األثار االجرائية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (األثر الاليب و االجيايب)‬
‫و التكامل القانوين الذي بينهما يظهر لنا بعد هذه الدراسة أن هذان األثران خيصان اتفاق التحكيم‬
‫و الذي أبرم حلل منازعات عقد نقل حبري ‪ ،‬ويما ال خيتلفان عن األثار اليت ترتتب عن أي اتفاق حتكيم‬
‫عموما ‪ .‬ما جيعلنا نبدأ الفصل املوايل باؤال و هو ‪ :‬ماذا عن األثار املوضوعية التفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري ؟ هل األثار املوضوعية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري جتعل من هذا االتفاق له‬
‫ذاتيته و خصوصيته ‪ ،‬و خمتلف متاما عن أي اتفاق حتكيم أخر؟ ‪ .‬هذا ما سوف حناول االجابة عنه يف‬
‫الفصل املوايل ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬املرجع‬
‫الاابق ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫(‪)2‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 832‬‬
‫(‪ )3‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫(‪ )1‬أنظر املادة ‪ 1311‬و املادة ‪ 1312‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬األثار الموضوعية إلتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن مفهوم القوة امللزمة إلتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري بإعتباره عقدا ‪ ،‬ال ختتلف عن القوة امللزمة‬
‫للعقود عموما ‪ ،‬و ملا كان األثر اجلوهري لذلك االتفاق هو إلتزام طرفيه بطرح النزاع على قضاء التحكيم ‪،‬‬
‫و االمتناع عن اللجوء اىل قضاء الدولة ‪ ،‬فإن مقتضى القوة امللزمة التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫أن هناك إلتزاما بتحقيق نتيجة (‪ )obligation de resultat‬يقع على عاتق كل من طريف التحكيم (‪ ،)1‬هو‬
‫االمتناع عن عرض نزاعه على قضاء الدولة و ضرورة قيام كل منهما باملاايمة يف اختاذ اجراءات التحكيم ‪،‬‬
‫و اليت ال تنتهي إال بأحد األمرين ‪ :‬صدور حكم حاسم للنزاع بينهما ‪ ،‬أو بإتفاقهما معا على اإلناحاب ‪،‬‬
‫وإهناء اإلجراءات قبل صدور احلكم (‪.)2‬‬
‫فإن خالف أحديما ذلك يكون قد أخل مببدأ حان النية يف تنفيذ إلتزاماته التعاقدية ‪ .‬كما خيتص القانون‬
‫الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ( قانون االرادة أو قانون مقر التحكيم ‪)...‬‬
‫بتحديد مفهوم القوة امللزمة التفاق التحكيم ‪ ،‬و جزاء اإلخالل هبا أو األثر املرتتب على تقاعس أحد طريف‬
‫االتفاق عن تنفيذ التزامه ببدأ إجراءات التحكيم و حماولة اإلفالت من ذلك اإللتزام ‪،‬و حتديد كيفية تنفيذ‬
‫ذلك اإللتزام عن طريق ‪ :‬التنفيذ العيين أو التنفيذ مبقابل ‪ .‬و قد استقر الرأي بأن التنفيذ العيين هو الوسيلة‬
‫الوحيدة املقبولة يف هذا الشأن ‪ .‬و مثل هذا اجلزاء للقوة امللزمة التفاق التحكيم نصت عليه العديد من‬
‫األنظمة و لوائح و قوانني التحكيم املقارنة (‪.)3‬‬
‫و إذا قد يعترب البعض خضوع مبدأ القوة امللزمة التفاق التحكيم للقانون واجب التطبيق على ذلك االتفاق‬
‫و اعتباره بالتايل من املاائل اليت تتنازع بشأهنا القوانني ‪ ،‬إال أننا نتجه مع البعض اىل إعتبار ذلك من‬
‫القواعد املادية أو املوضوعية للتحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬و بناءا على ذلك يلتزم األطراف يف مجيع األحوال‬
‫‪ ،‬بإتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري باملاايمة يف عملية التحكيم ‪ ،‬وبدء إجراءاته بتوجيه إخطار اىل‬
‫الطرف األخر ‪ ،‬وتعيني احملكمة ‪...‬اخل‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬د ‪.‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫(‪)2‬إن هذا األمر تنظمه جل األنظمة و تشريعات التحكيم ‪ ،‬منهم القانون النمطي للتحكيم التجاري الدويل للجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل لعام‬
‫‪ 1218‬الذي نص يف املادة ‪ 1/33‬على أنه " إذا إتفق الطرفان ‪ ،‬يف خال ل إجراءات التحكيم ‪ ،‬على تاوية فيما بينهما ‪ ،‬كان على هيئة التحكيم أن تنهي‬
‫اإلجراءات و أن تثبت التاوية بناءا على طلب الطرفني و عدم إعرتاضهما ‪ ،‬يف صورة قرار حتكيم بشروط متفق عليها "‬
‫(‪)3‬املادة ‪ 11‬من القانون النمطي للجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل لعام ‪ ، 1218‬واملادة ‪9‬من قواعد التحكيم للجنة األمم املتحدة اليونارتال‬
‫‪ ،1299‬و املادة من اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬و املادة ‪12‬من الئحة اجراءات التحكيم أمام مركز التحكيم التجاري لدول اخلليج‬
‫العربية لعام ‪.....1221‬اخل‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫و مقتضى ذلك التكييف ملبدأ القوة امللزمة إلتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬أنه ال جيب فقط‬
‫اإلعرتاف مبلزومية ذلك االتفاق بغض النظر عن القانون الواجب التطبيق ‪ ،‬بل كذلك االعرتاف حبكم‬
‫التحكيم الصادر بناءا على شرط حتكيم يعتربه القانون واجب عليه ‪ ،‬حيث ال تقتصر تلك القوة امللزمة‬
‫فقط على مشارطة التحكيم (عقد التحكيم) دون شرط التحكيم ‪.‬‬
‫و إذا كانت القوة امللزمة التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تقيد طرفيه بضرورة إحالة النزاع إىل‬
‫التحكيم( األثر االجيايب والاليب التفاق التحكيم ) ‪ ،‬إال أن اإللتزام الناشئ عن تلك القوة يشمل شقني ‪:‬‬
‫‪-‬أثر نايب من حيث املوضوع ‪ ،‬فيتحدد أثر اتفاق التحكيم من حيث املوضوع باملنازعات اليت اتفق على‬
‫حلها هبذا الطريق و بالتايل ال ميتد أثر هذا االتفاق اىل غري ذلك من املاائل اليت ال يشملها االتفاق على‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري و هو ما ميكن أن يطلق عليه اسم مبدأ نابية أثار اتفاق التحكيم من‬
‫حيث املوضوع ‪.‬‬
‫‪-‬كما ال يقيد اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري غري طرفيه أو ما يامى باألثر النايب التفاق التحكيم‬
‫من حيث األشخاص ‪ ،‬و حيدد النطاق الشخصي هلذا املبدأ القانون الواجب التطبيق على اتفاق‬
‫التحكيم(‪ ، )1‬فمن حيث املبادئ العامة يف نظرية العقد تفيد أن العقد ال يقيد غري أطرافه ‪ ،‬و ال ينتج‬
‫التزامات أو حقوق إال يف مواجهتهم دون أن ينتقل إىل غريهم ‪ ،‬فإن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫ال خيرج عن ذلك ‪ ،‬إال أنه من املقبول انتقال هذا األثر إىل غري هؤالء (‪ .)2‬فهو ينتقل اىل اخللف العام‬
‫كالورثة(‪ ، )3‬كما ينتقل اىل اخللف اخلاص ‪ ،‬و خيتص القانون الواجب التطبيق يف حتديد مفهوم كل من‬
‫اخللف العام واخللف اخلاص لطريف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و كذلك من هو الغري و الذي‬
‫ميكن أن حنتج عليه هبذا االتفاق ‪ ،‬أو حيتج هو به ‪.‬‬
‫و يف هذا اخلصوص ‪ ،‬قد ختتلف األحكام و احللول فيما بني القوانني املقارنة ‪:‬‬
‫‪-‬ففى شأن اندماج شركات النقل البحري ثار الاؤال ‪ :‬هل تلتزم الشركة اجلديدة ‪ ،‬اليت حصل معها‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬مع األخذ بعني االعتبار االجتاه الذي يرى بأن مبدأ القوة امللزمة التفاق التحكيم يشكل قاعدة مادية من قواعد التحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬جيب االعرتاف به‬
‫و إحرتامه خارج دائرة أي قانون وضعي على حنو ما أشرنا سابقا ‪.‬‬
‫‪(2)ph. Delebecque : la transmission de la clause compromissoire ; Rev .arb. 1991 .p19 et ss‬‬
‫(‪)3‬وقد قضت غرفة التجارة الدولية بباريس عام ‪ 1299‬بأنه ‪:‬‬
‫‪« Selon la doctrine juridique dominante, une convention d’arbitrage n’est pas valable entre les‬‬
‫‪parties seulement .mais s’impose également à leurs successeurs universels . et à leur ayant cause à‬‬
‫» ‪titre particulier cessionaires et tous acquérieurs d’obligation‬‬
‫عن د ‪.‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫د‪ .‬عبد الاالم ذيب ‪ ،‬قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلديد ‪ ،‬موفم للنشر ‪ ،‬الطبعة الثالثة منقحة ‪ ،‬ص ‪.823‬‬

‫‪265‬‬
‫اإلندماج ‪ ،‬باتفاق التحكيم املربم مبناسبة عقد النقل البحري ‪ ،‬و الذي كانت الشركة األوىل قد أبرمته مع‬
‫من تعاملت معهم ‪.‬‬
‫قد ذهبت أحكام القضاء عموما إىل أن الشركة اجلديدة ال تلتزم بإتفاق التحكيم الذي أبرمته الشركة‬
‫املندجمة ‪ ،‬غري أنه ميكن القول بأن الشركة اجلديدة حتل بقوة القانون حمل الشركة املندجمة يف حقوقها‬
‫و إلتزاماهتا و من مث فهي تكون ملتزمة بتنفيذ اتفاق التحكيم الذي أبرمته شركة النقل املندجمة ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك بالنابة إلنقاام الشركات ‪ ،‬حيث تعترب شركة النقل البحري املتولدة عن اإلنقاام خلفا عاما‬
‫للشركة األم‪ ،‬و تلتزم بإتفاق التحكيم الذي أبرمته قبل اإلنقاام ‪ ،‬و ياتطيع الطرف األخر لعقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬مطالبة الشركة الوليدة بااللتزام بإتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫‪ -‬أيضا بالنابة لورود شرط التحكيم يف عقد اجيار الافينة ‪ -‬دون سند الشحن فقد اجته رأي بأن حامل‬
‫الاند ال يلتزم بذلك الشرط ‪ ،‬إال إذا كانت هناك إحالة صرحية إليه يف سند الشحن ‪ ،‬وال تكفي‬
‫اإلحالة العامة ‪ ،‬حيث ال تؤدي تلك اإلحالة العامة إىل جعل شرط التحكيم الوارد بعقد اإلجيار مندجما‬
‫يف سند الشحن ‪ .‬إال أن هذا احلل قد خيتلف من نظام قانوين ألخر ومن نظام قضائي ألخر ‪.‬‬
‫‪ -‬إن الواقع العملي يف معامالت التجارة البحرية والنقل البحري أثبت أن هناك أشخاصا من الغري ميكن‬
‫أن ميتد اليهم أثر اتفاق التحكيم املربم بني طرفيه و يطرح الاؤال دوما حول أثر وجود شرط التحكيم‬
‫باند الشحن ‪ ،‬بالنابة حلامله ‪.‬‬
‫وللبحث عن األثار املوضوعية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و مبعىن أخر قوته امللزمة من حيث‬
‫املوضوع( النطاق املوضوعي ) و من حيث األشخاص (النطاق الشخصي له ) ‪ ،‬و مدى نفاذ اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري يف مواجهة الغري احلامل لاند الشحن ومنهم املرسل إليه و من حيل حمله ‪،‬‬
‫قمنا بتقايم هذا الفصل إىل مبحثني‪ :‬املبحث األول يضم مبدأ نابية أثار اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري أما املبحث الثاين فهو عن موقف القضاء املقارن من االحتجاج باتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مبدأ نسبية أثار اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن إتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن أي عقد ‪ ،‬خيضع ملبدأ نابية األثار‬
‫املتولدة على العقد من حيث األطراف و من حيث املوضوع ‪ .‬فكما ال يلزم العقد إال أطرافه ‪ ،‬فإن إتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري ال ميكن االحتجاج به على من مل يكن طرفا فيه ‪ ،‬و ال ميكن أيضا للغري أن‬
‫يتماك به يف مواجهة من هم أطراف فيه و هو ما يطلق عليه نابية أثار العقد من حيث األطراف ‪.‬‬
‫فاالتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري‪ ،‬إذا كان تصرفا قانونيا بالنابة ألطرافه فإنه جمرد واقعة يف‬
‫مواجهة الغري (‪.)1‬‬
‫إال أن التماك مببدأ نابية العقود على إطالقه تطبيق تقليدي هلذه القاعدة (‪ ،)2‬فمع مطلع القرن اجلديد‬
‫ظهر استثناء على هذا املبدأ يتماشى و متطلبات التطور احلاصل يف شىت العالقات القانونية ‪ ،‬هذا املبدأ هو‬
‫مبدأ نفاذ العقود ‪ ،‬و على الرغم من أن فكرة نفاذ العقود ما هي إال إستثناء على املبدأ األول فهي ال‬
‫تتعارض معه و إمنا أعملت لوضع توازن عادل ما بني العالقات القانونية املختلفة و مدى االحتجاج هبا يف‬
‫مواجهة كل من شارك فيها حىت وإن مل يكن طرفا أصلي يف العالقة التعاقدية ‪.‬‬
‫إن خصوصية التجارة البحرية والنقل البحري أثبت أن هناك أشخاصا من الغري ميكن أن ميتد اليهم أثر‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري املربم بني طرفيه‪ ،‬و يطرح الاؤال دوما حول أثر وجود شرط التحكيم‬
‫باند الشحن بالنابة حلامله ‪ .‬فاملرسل إليه الذي مل يوقع سند الشحن يعترب قد قبل الاند بكل شروطه‬
‫و بنوده منذ حلظة نقله بالتظهري وحامل الاند ليس خلفا خاصا ‪ ،‬ولكن له حق مرتبط بالاند الذي‬
‫حيمله ‪ ،‬ومن مث يتقيد بشرط التحكيم الوارد بذلك الاند كما أن له أن يتماك به (‪.)3‬‬
‫و أحان مثال يعطى يف الصدد هو عن عقد النقل البحري باند الشحن‪ ،‬إذ أن النقل البحري يضم‬
‫ثالث أطراف‪:‬الناقل و الشاحن واملرسل إليه هذا األخري هو مرتبط بعقد النقل إال بعد قبوله لاند‬
‫الشحن(‪.)1‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪) 1‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 138‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 893‬‬
‫(‪) 3‬و يف هذا املعىن قضت حمكمت النقض املصرية أن شرط التحكيم الوارد باند الشحن يلزم املرسل اليه بإعتباره يف حكم االصيل رغم عدم توقيعه على ذلك‬
‫الاند و عدم تعاقده على نقل البضاعة ‪ ،‬فاملرسل اليه ‪ ،‬أي حامل الاند ‪ ،‬يعترب طرفا ذا شان يف عقد النقل البحري يتكافأ مركزه ومركز الشاحن ‪ ،‬ومن مث يلتزم‬
‫بشرط التحكيم الوارد فيه فال ياتطيع أن يرفع دعواه مباشرة إىل قضاء الدولة ‪،‬كما ال ياتطيع أن يطالب بتنفيذ ذلك الشرط ‪.‬‬
‫نقض مدين ‪ 29‬يونيو ‪ ، 1291‬جمموعة املكتب الفين ‪ ،‬الانة ‪ ،22‬ص‪.1311‬‬

‫‪(1)Marie Nivière op cit, p 61‬‬

‫‪267‬‬
‫بالتايل هنا يثور اإلشكال حول مدى حجية شرط التحكيم املدرج يف سند الشحن أو احملال إليه سند‬
‫الشحن يف مواجهة املرسل إليه‪ ،‬كما ميكن طرح التااؤل حول نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة أشخاص‬
‫آخرين ميكنهم االرتباط بطريقة أو بأخرى بشرط التحكيم البحري كمؤمن املرسل إليه مثال‪.‬‬
‫و إلجياد حل هلذا اإلشكال ثار جدل فقهي وقضائي حول مدى نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل‬
‫إليه أو من ميكن أن حيل حمله‪.‬‬
‫وقد ظهرت عدة نظريات لتحديد املركز القانوين للمرسل إليه‪ ،‬إال أن القضاء املقارن مل يأخذ باجتاه حمدد‬
‫وواضح فيما خيص هته املاألة‪ ،‬وإمنا تضاربت أحكامه ما بني اعتبار املرسل إليه مبثابة طرفا يف عقد النقل‬
‫البحري وما بني اعتباره من الغري(‪ ، )1‬وما بني اعتبار حيازته لاند الشحن مبثابة حيازة رمزية للبضاعة(‪.)2‬‬
‫ولتفادي هذا املشكل استند الفقه احلديث إىل نظرية جديدة تامى بنظرية النفاذ اواالحتجاج لتربير األساس‬
‫القانوين للعالقات اليت تنشأ يف إطار عقد النقل البحري للبضائع بني املرسل إليه واملرتبطني بشكل أو بأخر‬
‫هبذا العقد‪.‬‬
‫كذلك فإ ن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تتحدد أثاره من حيث املوضوع باملنازعات اليت اتفق‬
‫على حلها عن طريق التحكيم و بالتايل ال ميتد أثر هذا االتفاق اىل غري املاائل اليت حددت يف اتفاق‬
‫التحكيم و هو ما يطلق عليه باألثر النايب إلتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (‪.)3‬‬
‫و نظرا أليمية كل من املبادئ الاابقة الذكر و التطورات احلديثة بشأهنا سواء على الصعيد الفقهي أو على‬
‫صعيد األحكام القضائية و أحكام التحكيم ‪ ،‬و نظرا خلصوصية عملية النقل البحري و أطرافها ‪ ،‬فإنه‬
‫سنتعرض هلا من خالل تقايم هذا املبحث اىل مطلبني ‪ :‬املطلب األول هو عن ماهية القوة امللزمة التفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫أما املطلب الثاين فاوف يكون حول مدى سريان اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف مواجهة‬
‫املرسل اليه ‪.‬‬

‫ــــــــــــــ‬

‫‪(1)Haddoum Kamel, la problématique de l'opposabilité de la clause compromissoire dans le‬‬


‫‪contentieux maritime, le cas du destinataire, revue de la cour suprême, tome 2, p 10‬‬
‫(‪) 2‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املركز القانوين للمرسل اليه يف عقد النقل البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2331‬ص ‪.131‬‬
‫(‪) 3‬حفيظة الايد حداد ‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 138‬‬

‫‪268‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬ماهية القوة الملزمة التفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إذا كانت القوة امللزمة التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تقيد أطرافه ( مبدأ نابية أثار اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري من حيث األشخاص ) بضرورة احالة املنازعات املتفق على حلها هبذا‬
‫الطريق و احملددة يف اتفاق التحكيم (مبدأ نابية أثار اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من حيث‬
‫املوضوع ) ‪ ،‬فإن هذا املبدأ قد طرأت عليه تطورات و ظهرت نظريات قانونية جديدة يف هذا الشأن حلل‬
‫املشاكل القانونية اليت قد تنشأ عن تطبيقات القوة امللزمة للعقود ‪ ،‬سواء من حيث األشخاص أو من حيث‬
‫املوضوع ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬خلفية تاريخية لمبدأ القوة الملزمة للعقود ‪ -‬و تطوره‪.‬‬
‫العقد شريعة املتعاقدين ‪ ،‬و هلذه القوة أثر نايب سواء من حيث األشخاص أو من حيث املوضوع ‪.‬‬
‫و قد كانت القاعدة الرومانية تنص على أن العقد ال يلزم و ال يقيد غري طرفيه(‪:)1‬‬
‫» ‪« Res inter alios acta aliis nec nocet nec prodest‬‬
‫و معناها أن "العقد ال ياري على من مل يكن طرفا فيه " ‪ ،‬وقد كانت هذه املادة األصل التارخيي للمادة‬
‫‪ 1198‬مدين فرناي ‪ ،‬إال أن الفقه التقليدي مل يلتزم بالتفاري الذي كان مأخوذا به يف القانون الروماين‬
‫فيما يتعلق هبذه القاعدة ‪.‬‬
‫و اجلدير بالذكر أن فكرة العقد كانت املكان اخلصب لتطبيق اجتاه الفقه التقليدي الفرناي بعدم االعرتاف‬
‫برتتيب أية أثار للعقد خارج دائرة األطراف املتعاقدة حيث كانت فكرة العقد يف فرناا املكان األكثر تطبيقا‬
‫للفلافة الفردية ‪ ،‬وقد اجته الفقه التقليدي هناك اىل تفاري مواد القانون املدين من منطلق الدفاع عن حرية‬
‫الفرد و ضمان مبدأ سلطان االرادة ‪ ،‬لذلك مل يعرتف هذا الفقه برتتيب أية أثار للعقد خارج دائرة األطراف‬
‫املتعاقدة (‪.)2‬‬
‫و قد أشارت املادة ‪ 1198‬مدين فرناي اىل مبدأ نابية أثر العقود بقوهلا أن " االتفاقات ليس هلا أثر إال‬
‫بني أطرافها فهي ال تضر الغري و ال تفيده إال يف حدود املادة ‪ 1221‬مدين فرناي "‪ ،‬و قد أخذ القانون‬
‫املصري هبذا املبدأ و حىت القانون اجلزائري ‪.‬‬
‫كما قد مت إستخدام لفظ االحتجاج أو النفاذ » ‪ « l’opposabilité‬يف أحول كثرية للداللة على‬
‫وجود استثناء على مبدأ نابية العقود ‪ ،‬بل إن لفظ عدم النفاذ » ‪ « Inopposabilité‬كان اللفظ‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد حانني ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 28‬‬
‫(‪ )2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.891‬‬

‫‪269‬‬
‫األكثر استخداما إليضاح حالة العقد الذي ليس له أثر يف مواجهة الغري باعتبار ذلك حمض تطبيق حلدود‬
‫مبدأ نابية أثر العقود املقرر باملادة ‪ 1198‬مدين فرناي ‪.‬‬
‫هذا و قد أدى التفاري غري الدقيق لنص املادة ‪ 1198‬مدين فرناي اىل اخللط املعروف بني نابية‬
‫العقود و نفاذ احلقوق حىت أن الفقه الفرناي التقليدي قد انتهى اىل صيغة جامدة مؤداها أن " االتفاقات‬
‫ال ميكن أن تفرض أي التزام على الغري أيا كان نوع هذا االلتزام " كما أن التفاري الواسع هلذه املادة قد‬
‫جلب قائمة طويلة من االستثناءات ال متثل حقيقة يف معظم فروضها‪.‬‬
‫كما أخذ االجتاه التقليدي يف الفقه الفرناي على أن املادة ‪ 1198‬مدين فرناي و اليت تعاجل مبدأ نابية‬
‫أثر العقود إمنا حتمل يف طياهتا مبدأ عام أخر هو عدم النفاذ مبعىن أن أثار العقود بطريقة مباشرة أو غري‬
‫مباشرة ال تنصرف اىل الغري و ال ميكن االحتجاج قبله بأية أثار ماتمدة من كيان العقد ذاته ‪.‬‬
‫و قد اتفق القضاء الفرناي مع هذا االجتاه و رفض االقرار للغري بإمكانية االحتجاج يف مواجهة شخص قام‬
‫بتصرف و متعاقد أخر (‪.)1‬‬
‫و مع مطلع هذا القرن كشف الغموض اخلاص بنطاق تكييف مبدأ نابية العقود بفضل اجلهود الفقهية‬
‫و القضائية حيث أظهرت أنه ال يوجد أي تعارض بني هذا املبدأ و مبدأ نفاذ العقود ‪.‬‬
‫هذا وقد استمرت البحوث و الدراسات حنو حتديد أكثر دقة ملبدأ نابية أثر العقود ووضع احلدود الفاصلة‬
‫بينه و بني مبدأ نفاذ العقود اىل أن أصبح هلذا املبدأ ذاتيته و تفرده ‪.‬‬
‫فالعقد بصفته واقعة ميكن أن حيتج به الغري أو حياج به حباب األحوال دون أن يعين ذلك الإلخالل مببدأ‬
‫نابية العقود (‪.)2‬‬
‫و بناء على هذا يفرق الفقه املوضوعي بني القوة امللزمة للعقد أو االتفاق بوصفه تصرفا قانونيا و يقصرها‬
‫على أطرافه و بني االحتجاج بالعقد بوصفه واقعة اجتاه الغري (‪، )3‬أما الفقه االجرائي فيفرق بني حجية الشئ‬
‫املقضى للحكم و يقصرها على أطرافه و االحتجاج باحلكم يف مواجهة الكافة مبا فيهم الغري ‪.‬‬
‫و هبذا جند أن التصرف له جانبان ‪ ،‬اجلانب األول ذا أثر مباشر على أطراف العقد و يعرف مببدأ نابية‬
‫العقود أما اجلانب الثاين فهو ذات أثر غري مباشر ميس الغري إما بفائدة أو التزام ‪ ،‬و هذا هو مبدأ نفاذ‬
‫العقد أو االحتجاج به أو سريانه أي أن األثار غري املباشرة أو أثار العقد اخلارجية هي اليت تتصل بوجود‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.892‬‬
‫(‪)2‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص‪. 893‬‬
‫(‪ )3‬ان ما جتدر االشارة اليه أن فكرة الطرف الثالث ليات بفكرة حديثة و إمنا هي فكرة قدمية ‪ ،‬بل كانت حمال للعديد من البحوث القضائية و الفقهية ‪ ،‬يف‬
‫مواضيع شىت من فروع القانون اخلاص ‪ ،‬و مثال ذلك حتديد املركز القانوين للمرسل اليه ‪.‬‬
‫‪270‬‬
‫العقد كواقعة ميكن أن حيتج به قبل الغري أو حياج به (‪ ، )1‬أما أثار العقد الداخلية فهي تتعلق باألطراف(‪. )2‬‬
‫إال أنه لكي حيتج بالعقد قبل الكافة ‪ ،‬أو لكي ينفذ عقد يف مواجهة الغري كان من الضروري توافر عنصر‬
‫العلم لدى الغري هبذا العقد و يعترب علما يقينيا ‪ ،‬حيث ال ميكن وفقا للقواعد العامة احرتام واقعة اجتماعية‬
‫أو قانونية أو حىت مادية دون أن نضع يف االعتبار علم الغري هبا ‪.‬‬
‫و نظرا خلصوصية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري فمن األيمية حتديد مفهوم الغري ملعرفة من الذي‬
‫حياج هبذا العقد أو بعبارة أخرى على من ينفذ هذا االتفاق‪ .‬و بالتايل هل يعترب املرسل اليه "طرفا " أو‬
‫"غري" حبيث ياري عليه مبدأ نابية أثر العقد ‪ ،‬أو مبدأ نفاذ العقد أو االحتجاج به ؟ ‪.‬‬
‫و هذا ما سوف حناول االجابة عليه يف النقاط املوالية ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬نفاذ العقد و االحتجاج به بصفته واقعة اتجاه الغير ‪.‬‬
‫قد ينفذ العقد بصفته واقعة اجتماعية أو بصفته واقعة قانونية ‪.‬‬
‫أوال ‪:‬نفاذ العقد كواقعة اجتماعية ‪.‬‬
‫يتمثل نفاذ العقد بصفته واقعة اجتماعية يف وجوده كمصدر للمعلومات أو كوسيلة لالثبات ‪ ،‬تاتفيد‬
‫منه كل طوائف الغري مبختلف أنواعها سواء الغري احلقيقي و الذي ليات له عالقة أو مصلحة مباشرة‬
‫بالعقد أو غري احلقيقي الذي له مصلحة و عالقة بأحد أطراف العقد ويدخل يف فئته الدائنون العاديون‬
‫و اخللف اخلاص ‪.‬‬
‫حيث ميكن استخدام العقد كمصدر للمعلومات حيتج هبا الغري أو حياج هبا دون أن يعترب ذلك إفادة للغري‬
‫من عقد ليس طرفا فيه‪ ،‬باملخالفة ملبدأ نابية العقود ‪ ،‬و يعترب العقد هنا واقعة مادية (‪. )3‬‬
‫و التطبيقات العملية كثرية يف هذا اجملال فاحملكم أو القاضي ميكنهم باإلستناد اىل عقد أو أخر احلصول‬
‫على ما يرونه مناسبا من معلومات تااعد على استظهار وجه احلق يف النزاع املطروح أمامه ‪ ،‬فاحملكم‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.891‬‬
‫(‪ )2‬من املعروف قانونا أن العقد شريعة املتعاقدين ‪ ،‬و إذا اكتملت أركانه انصرفت أثاره اىل عاقديه دون أن متتد اىل غرييما و هذا ما نصت عليه املادة ‪139‬‬
‫من القانون املدين اجلزائري ‪ ":‬العقد شريعة املتعاقدين ‪ ،‬فال جيوز نقضه ‪ ،‬أو تعديله إال بإتفاق الطرفني ‪ ،‬أو لألسباب اليت يقرها القانون " كما نصت املادة ‪113‬‬
‫من نفس القانون أن ‪ ":‬ال يرتب العقد التزاما يف ذمة الغري و لكن جيوز أن يكابه حقوقا " ‪.‬‬
‫(‪) 3‬و مثال ذلك االستناد اىل عقد معني بصفته واقعة لتقدير قيمة الشيء موضوع النزاع أو لتقدير قيمة خاائر يف جمال اقتصادي معني ‪ ،‬كما ياتخدم العقد‬
‫كواقعة لتحديد االعناصر الضرورية الواجب وضعها يف احلابان لتقدير قيمة التعويض يف حالة حدوث اتالف أو خاائر ‪...‬اخل ‪ ،‬و ليس من الضروري أن تكون‬
‫مثة عالقة بني هذا العقد باعتباره واقعة و بني أطراف النزاع حىت ميكن استاقاء املعلومات الضرورية ‪،‬و بالتايل ميكن القول أن مثة استثناء على على مبدأ نابية‬
‫العقود باعتبار أن الغري هنا ياتفيد أو يضار من عقد ليس طرفا فيه حباب األحوال ‪ .‬على أساس أن األثار النامجة عن العقود و املتعلقة مبثل هذه اجملاالت هي‬
‫أثار غري مباشرة تدخل يف جمال النفاذ و ليات أثار مباشرة تدخل يف جمال األثر امللزم أي مبدأ نابية العقود ‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫و القاضي هلم مطلق احلرية يف االسرتشاد بالعقود اليت تكون أجنبية عن طرف النزاع بصفتها وقائع مادية‬
‫و ذلك من منطلق واجب كل من احملكم و القاضي يف التحري و البحث‪ ،‬للوصول اىل احلقيقة (‪)1‬يف‬
‫الدعوى املنظورة أمامهم حىت يكون هناك قضاء عادل ‪.‬‬
‫أما بالنابة الستخدام العقد كوسيلة لإلثبات فنالحظ أن الغري عندما يتماك بالعقد كدليل يف االثبات‬
‫فهو يتماك به من منطلق نفاذه بصفته واقعة اجتماعية ‪،‬كأن يتماك املضرور بالعقد القائم بني العامل‬
‫مرتكب اخلطأ و رب العمل املاؤول عن فعل تابعه وفقا للقواعد العامة ‪ .‬و هكذا ميثل العقد مصدرا أجنبيا‬
‫بالنابة للنزاع و ليات له أي قوة اثبات فيما يتعلق باملوضوع األساسي للنزاع القائم بني العاقدين و إال‬
‫نكون قد إجتزنا جمال الواقعة القانونية دخوال اىل نطاق التصرف القانوين ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نفاذ العقد كواقعة قانونية ‪.‬‬
‫خيتلف نفاذ العقد بصفته واقعة اجتماعية و الذي ميكن أن ياتخدم الستخراج بعض املعلومات أو‬
‫كوسيلة لالثبات ‪ ،‬عن نفاذه كواقعة قانونية و اليت يتولد عنه نتيجة هلا أثار قانونية قد تكاب الغري حقا أو‬
‫حتمله التزاما ‪ ،‬وهو هبذا املفهوم يتشابه مع الوقائع القانونية األخرى الذي يرتب عليها القانون أثارا مثل‬
‫العمل غري املشروع كمصدر من مصادر االلتزام و كذا االثراء بال سبب‪.‬‬
‫فنفاذ العقد يف هذه احلالة يكون أقوى من حالة نفاذه بصفته واقعة اجتماعية ‪ ،‬كما أن نفاذ العقد بصفته‬
‫واقعة قانونية يتولد عنه التزام يقع على عاتق الغري بإحرتام عقود األخرين و االمتناع عن كل ما من شأنه‬
‫اإلخالل مبا تتضمنه من حقوق والتزامات ‪ ،‬ولعل نفاذ العقد بصفته واقعة قانونية تشكل مدخال مناسبا‬
‫للوصول اىل معرفة املركز القانوين للمرسل إليه يف عملية النقل البحري للبضائع ‪ ،‬و مدى التزامه باتفاق‬
‫التحكيم املدرج يف هذا العقد ‪.‬‬
‫أيضا فإن شرط التحكيم الوارد يف سند الشحن أو يف مشارطة اإلجيار ‪ ،‬واليت أحال اليها هذا الاند احالة‬
‫واضحة وقاطعة ‪ ،‬هذا الشرط و ما مياثله من شروط و اليت ميكن أن ترد يف سند الشحن يلزم إحرتامها وفقا‬
‫ملفهوم نفاذ العقد و االحتجاج به بصفته واقعة قانونية مولدة التزام باحرتامه سواء من طرف العاقدين‬
‫األصليني أو من املرسل اليه حيث تضمهم جمموعة عقدية واحدة ‪ .‬إال أنه من الضروري توافر عنصر العلم‬
‫سواء كان علما حقيقيا أو حكميا (‪. )2‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وقد نصت املادة ‪1319‬من قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري على ‪ " :‬تتوىل حمكمة التحكيم البحث عن األدلة "‪.‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.818‬‬

‫‪272‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نطاق القوة الملزمة التفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫يتحدد نطاق اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري كونه ال ياري إال على املاائل اليت حددها اتفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري وهذا ما يامى بأثر اتفاق التحكيم من حيث املوضوع أو بالنطاق‬
‫املوضوعي التفاق لتحكيم ‪.‬‬
‫كما أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ال يقيد غري أطرافه و هذا ما يطلق عليه األثر النايب‬
‫التفاق التحكيم من حيث األشخاص ‪ ،‬و بالتايل سوف نتطرق اىل مضمون هذا النطاق و حدوده ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬نطاق اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري من حيث الموضوع ‪.‬‬
‫إن العقد نايب كذلك من حيث املوضوع أو املضمون مبعىن أنه اليلزم إال مبا ورد فيه و هذا يثري ثالث‬
‫ماائل و هي تفاري العقد و حتديد نطاقه و كيفية تنفيذه(‪. )1‬‬
‫و لتحديد مضمون أي عقد ‪ ،‬لزم معرفة معىن العبارات اليت يتضمنها ‪ ،‬فقد تكون هذه العبارات غامضة‬
‫وعندئذ يلزم تفاريها إلستجالء املعىن ‪ ،‬و استخالص معىن العقد يكون بتحديد ما قصدته اإلرادة املشرتكة‬
‫لعاقديه (‪ )2‬و اإلرادة املشرتكة لطريف العقد أمر معنوي ‪ ،‬و لكنها تاتخلص من عبارة العقد فضال عن‬
‫ظروف و املالباات اليت تكتنف ابرامه (‪.)3‬‬
‫و نظرا خلصوصية تطبيق و تفاري شروط عقد النقل البحري فإنه وجب علينا معرفة مابقا كيف تاري هذه‬
‫الشروط على أطرافه و كيف حيتج هبا اجتاههم من حيث املوضوع و من بينها شرط التحكيم ‪ ،‬و بعدها‬
‫تبيان النطاق الوضوعي التفاق التحكيم املدرج يف هذا العقد ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الخصوصية في تطبيق و تفسير شروط عقد النقل البحري‪.‬‬
‫قد يرد يف عقد النقل البحري عبارات يكون مدلوهلا القانوين غري واضح أو خيتلف معناها من هنج قانوين‬
‫اىل هنج قانوين أخر ‪ ،‬سيما اذا أخذنا بعني االعتبار أن غالبية النقل البحري يتام بالطابع الدويل ‪ ،‬حيث‬
‫جيري النقل من مرفأ يقع يف دولة معينة اىل مرفأ واقع يف دولة أخرى ‪ ،‬و ال خيفى تنوع العادات و األعراف‬
‫و املمارسات اجلارية يف املهن املعنية يف كل مرفأ ‪ ،‬و مدى اعتبار هذه العادات و املمارسات كأحد‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد حانني ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫(‪)2‬قد نصت املادة ‪ 111‬من القانون املدين اجلزائري على ‪ ":‬إذا كانت عبارة العقد واضحة فال جيوز االحنراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف على ارادة‬
‫املتعاقدين ‪.‬‬
‫أما اذا كان هناك حمل لتأويل العقد ‪ ،‬فيجب البحث عن االرادة املشرتكة للمتعاقدين دون الوقوف عند املعىن احلريف لأللفاظ ‪ ،‬مع االستهداء يف ذلك بطبيعة‬
‫التعامل ‪ ،‬ومبا ينبغي أن يتوافر من أمانة و ثقة بني املتعاقدين ‪ ،‬وفقا للعرف اجلاري يف املعامالت "‬
‫(‪ )3‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 112‬‬

‫‪273‬‬
‫املصادر االحتياطية للنقل البحري‪ ،‬كمهل التفريغ و الشحن و التفريغ و اليت ختتلف من مرفأ ألخر ‪.‬‬
‫و إذا تعرض احملكم أو القاضي لتفاري شروط عقد النقل البحري فإنه سوف يطبق قواعد القانون املدين يف‬
‫شأن تفاري العقود ‪ ،‬حبيث ال شيء جديد يف هذا الصدد مييز هذا العقد عن غريه من العقود ‪ ،‬لذلك مل‬
‫يرد يف القانون البحري اجلزائري و حىت القوانني البحرية املقارنة أية قاعدة مميزة يف شأن تفاريه ‪.‬‬
‫و إذا اعتمد احملكم أو القاضي فكرة أن عقد النقل البحري من عقود االذعان ‪ ،‬يرتتب على ذلك أال تفار‬
‫العبارات الغامضة يف العقد تفاريا يضر مبصلحة الشاحن إذا كان طرفا مذعنا يف العقد دائنا كان أم مدينا‬
‫ألن طبيعة عقد االذعان تقضي هبذا التفاري(‪ . )1‬و نظرا ألن الطرف املذعن يكون عادة هو الطرف‬
‫الضعيف يف الرابطة العقدية جيب محايته(‪ )2‬من أي شرط تعافي ‪ ،‬خالفا للقاعدة العامة اليت تقضي‬
‫بوجوب تفاري الشك ملصلحة املدين عمال باملادة ‪112‬من القانون املدين اجلزائري ‪.‬‬
‫و قد ألزمت القوانني الوضعية البحرية احملكم أو القاضي برتجيح الشروط اخلطية ( أي املكتوبة باليد ) إذا ما‬
‫تعارضت مع الشروط املطبوعة الواردة يف عقد النقل ‪ ،‬مع العلم بأن كل من الشروط اخلطية و الشروط‬
‫املطبوعة هي متااوية القيمة القانونية من حيث الزاميتها و أثارها ما عدا يف حالة تعارضها ‪.‬‬
‫و يف احلالة اليت يتم عقد النقل البحري مبوجب مشارطة اجيار (سند اجيار ) ‪ ،‬نظم بالتزامن مع سند الشحن‬
‫لذات عملية النقل ‪ ،‬فإنه إذا وقع نزاع بني شروط خطية و شروط مطبوعة بني مشارطة االجيار و سند‬
‫الشحن ‪ ،‬فالبعض يرى أن كافة الشروط الواردة بالاند سواء كانت مطبوعة أو مكتوبة ترجح على الشروط‬
‫الواردة يف مشارطة االجيار أيا كانت هذه الشروط مكتوبة أو مطبوعة ‪ ،‬بإعتبارها أخر تعبري عن ارادة‬
‫األطراف ‪ .‬أما عن مدى سريان هذه الشروط الواردة يف سند الشحن على الشاحن حاب طبيعتها فقد‬
‫فرق بعض الفقه و القضاء بني نوعني من الشروط(‪ ، )3‬فهناك شروط عادية و شروط غري عادية فبالنابة‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬و قد نصت املادة ‪ 112‬من ق‪.‬م ‪.‬ج ‪ " :‬يؤول الشك يف مصلحة املدين غري أنه ال جيوز أن يكون تأويل العبارات الغامضة يف عقود االذعان ضارا مبصلحة‬
‫الطرف املذعن "‪.‬‬
‫(‪)2‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 33‬‬
‫‪PAUL CHAUVEAU ,TRAITE DE DROIT MARITIME ,LIBRAIRIES TECHNIQUES,1958 ,P488‬‬
‫(‪)3‬مثة قرار قدمي صادر عن القاضي املنفرد ببريوت فرق بني البنود العادية و البنود غري العادية املدرجة يف سندات الشحن فقد ورد يف القرار ‪ ":‬الشروط املدونة يف‬
‫البوليصة على نوعني األول عادي و الثاين غري عادي ‪ ،‬واذا كانت الشروط العادية تعترب سارية حبق الشاحن حىت و لو مل يوقعها ‪ ،‬فأن مثة قرينة بأن قد رضي هبا‬
‫لكوهنا عادية و غري ملزمة له بغري ما يلزمه به القانون أو املنطق أما الشروط غري العادية فال حمل عندها لقرينة القبول املذكورة ‪ ،‬وينبغي االشرتاط من الناقل أن‬
‫يثبت علم الشاحن هبا وقبوله هلا ‪...‬و ان يامى بالبند العادي ليس حقا البند الذي جرى الناقلون على وضعه يف مجيع بوالص الشحن ذلك أن ليس من بوليصة‬
‫اال و هي حتوي بندا ان مل يكن بنودا عديدة خارقة لألحكام العادية ‪...‬و أن املعيار الواجب اعتماده اذا لتحديد البنود غري العادية هو يف أن تكون هذه غري‬
‫منطبقة متاما على أحكام عقد النقل القانونية أو غري املناجمة معه و مما ال شك فيه أن البند الذي جييزه الناقل فيه لنفاه أن يفرغ البضاعة يف املرفأ املقصود هو‬
‫بند غري عادي و غري منتظر من الشاحن فال ياري عليه اال اذا أثبت الناقل قبوله له" منفرد مدين رقم ‪921‬تاريخ‪1282/1/3‬نشره‪1282‬ص‪.189‬‬

‫‪274‬‬
‫اىل الشروط العادية تعترب سارية يف مواجهة الشاحن حىت و إن مل يوقع عليها ‪ ،‬ذلك كون أن هناك قرينة‬
‫احلالة(‪)1‬‬ ‫على رضاه و علمه هبا ‪ ،‬أما عن الشروط الغري العادية فال حمل لتطبيق قرينة العلم و القبول يف هذه‬
‫‪ ،‬بل جيب على الناقل أن يثبت علم الشاحن وقبوله هبا و من بني هذه الشروط شرط التحكيم ‪ ،‬و هلذا‬
‫جند بأن القضاء كان دائما يراقب الشروط اخلاصة يف سند الشحن ومن بينها شرط التحكيم و هل‬
‫الشاحن قد قبل هذا الشرط حىت ميكن احلتجاج به يف مواجهته ‪.‬‬
‫ففي بداية األمر تبىن القضاء بالنابة للشروط اخلاصة املدرجة يف سند الشحن االجتاه الشكلي و هو‬
‫وجوب أن تكون هذه الشروط موقعة من طرف الشاحن لكي تاري يف حقه ‪ .‬أما األن فقد اتبع اجتاه أخر‬
‫و هو أن شرط التحكيم ياري يف مواجهة الشاحن حىت و إن مل يوقعه (‪،)2‬كون هذه الشروط أصبح‬
‫جاري التعامل هبا يف فض منازعات النقل البحري و بالتايل مل يصبح القضاء يدقق حىت يف كون الشاحن‬
‫قد قبلها أم ال (‪ ،)3‬بل أصبح يفرتض أن هذا األخري قد علم هبا ‪.‬‬
‫كما أنه ال غىن عن توقيع سند الشحن من قبل الربان (أو حىت الناقل ) بوصفه نائبا عن الناقل و قد‬
‫جرى العرف البحري أن يوقع سند الشحن أي ممثل بري كأمني الافينة أو مدير الفرع أو الشركة املفوضة‬
‫بالتوقيع ‪ .‬و إذا كان الشاحن كطرف يف عقد النقل البحري عليه التوقيع على سند الشحن إللزامه مبضمونه‬
‫إال أن عدم توقيعه ال يلغي مفعول سند الشحن و الشروط الواردة فيه ‪ ،‬فالناقل ياتطيع االحتجاج به عليه‬
‫بشرط أن يثبت قبوله له عند تاليمه اياه ‪ ،‬أما إذا حصل تباين يف الشروط و البيانات املدرجة يف سند‬
‫الشحن فإن كل ناخة تكون حجة على موقعها أي أنه ال يلتزم و ال حيتج يف مواجهته اال مبضمون هذه‬
‫الناخة ‪.‬‬
‫أما إذا مت عقد النقل البحري عن طريق مشارطة اجيار ‪ ،‬و قد يصدر بناء على هذه املشارطة سند شحن‬
‫من قبل مؤجر الافينة اىل املاتأجر اذا كان سند االجيار لرحلة معينة ‪ ،‬و إما من قبل املاتأجر اىل صاحب‬
‫البضائع اذا كان سند االجيار ملدة معينة ‪ .‬فتعترب سندات الشحن الصادرة بناء على مشارطة اجيار ايصاال‬
‫بالبضائع املشحونة و متثلها متاما كاندات الشحن الصادرة مبوجب عقد النقل ‪ .‬و تكون امسية أو ألمر أو‬
‫للحامل ‪ .‬فقد يكون سند الشحن مبوجب مشارطة اجيار صادر بإسم ماتأجر الافينة و قد تكون بإسم‬
‫غريه من االشخاص ‪ ،‬ويتم تداول هذا الاند اذا كان للحامل أو ألمر متاما كاند الشحن مبوجب عقد‬
‫النقل ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 33‬‬
‫‪(2) ; (3) PAUL CHAUVEAU ,OP CIT ,P492‬‬

‫‪275‬‬
‫فإذا كان احلامل الشرعي لاند الشحن هذا هو غري املاتأجر األصلي عندها تثار اشكالية قانونية عند‬
‫وجود تباين بني بنود مشارطة االجيار و بنود سند الشحن الصادرة بناء عليها ‪ ،‬وكذلك اشكالية القوة‬
‫الثبوتية لبنود مشارطة االجيار مبواجهة حامل سند الشحن ‪.‬‬
‫أما فيما خيص العالقة بني املؤجر و املاتأجر فبدون شك أن شروط مشارطة االجيار هي اليت ترجح على‬
‫شروط سند الشحن اذا وقع تباين بينهما ‪ ،‬مع مراعاة أنه اذا نظم سند االجيار و سند الشحن معا ووقع‬
‫تباين بني الشروط اخلطية والشروط املطبوعة فإن شروط سند الشحن هي اليت ترجح ‪.‬‬
‫أما فيما خيص العالقة بني املاتأجر و الشاحن ‪ ،‬فعندما حيمل الشاحن سند شحن صادر عن املاتأجر‬
‫يكون غريب عن مشارطة االجيار أي أنه من الغري بالنابة لعقد اجيار الافينة املربم بني املؤجر و املاتأجر ‪،‬‬
‫و بالتايل ال ميكن االحتجاج بشروط مشارطة االجيار و منها شرط التحكيم الوارد فيها اعماال ملبدأ املفعول‬
‫النايب للعقود ما مل حييل سند الشحن احالة واضحة وصرحية اىل بنود مشارطة االجيار ‪.‬‬
‫و قد رأينا سبقا أن وجود مثل هذه االحالة يف سند الشحن جيعل من سند الشحن جزءا ال يتجزاء من‬
‫سند اإلجيار و يندمج فيه و ياري على حامل هذا الاند‪.‬‬
‫و يف األخري ميكن القول أن بنود مشارطة االجيار تاري على املؤجر و املاتأجر و لو صدر سند الشحن‬
‫للماتأجر مبوجب مشارطة االجيار مع عدم اغفال التفصيل الاابق الذكر‪.‬‬
‫أما بني املؤجر و املاتأجر و الشاحن و املرسل اليه أو أي شخص ثالث حامل لاند الشحن فإن بنود‬
‫مشارطة االجيار هي الاارية مبا فيها شرط التحكيم بشرط أن تكون هناك احالة واضحة و صرحية تؤدي اىل‬
‫خضوع سند الشحن لشروط مشارطة االجيار (‪. )1‬‬

‫أما عن عقد النقل البحري الدويل للبضائع و الذي تنطبق عليه اتفاقية هامبورغ ‪ ،‬فقد نصت هذه االتفاقية‬
‫على وجوب تفاري و تطبيق النصوص القانونية املنطبقة على العقد مبراعاة الطابع الدويل لالتفاقية و ضرورة‬
‫تشجيع التزام التوحيد يف التطبيق ‪ ،‬و يعين ذلك أن احملكم أو القاضي عندما ينظر يف نزاع بعقد حبري دويل‬
‫للبضائع تنطبق عليه اتفاقية هامبورغ عليه أال يتقيد بالنظريات الاائدة يف تشريعه ‪ ،‬بل عليه ختطي كل‬
‫احلدود االقليمية إىل اجملال الدويل حيث تاود مبادئ عليا ‪ ،‬و هذا هو الشأن يف اتفاقية روتردام حيث‬
‫نصت املادة الثانية منها على ‪ " :‬يراعى يف تفاري هذه االتفاقية طابعها الدويل و ضرورة العمل على‬
‫تطبيقها بشكل موحد و التزام حان النية يف هذه االتفاقية "‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪276‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الشروط المطبوعة في سند الشحن وقيمتها القانونية ‪.‬‬
‫أضحت شركات املالحة البحرية كافة تصدر سندات شحن منطية تتضمن شروط النقل املطبوعة سلفا ‪.‬‬
‫و يندر على املاتوى العملي صدور سند الشحن بغري تلك الطريقة املتعارف عليها عامليا ‪ ،‬والشروط اليت‬
‫تتضمنها و إن اختلفت يف بعض التفاصيل اال أهنا تتجه اىل حتديد املضمون االتفاقي لعقد النقل البحري‬
‫بوجه عام على حنو يوفر للشركات املالحية املزيد من احلماية ‪ .‬ويالحظ أن تلك الشروط املطبوعة تفصل يف‬
‫كافة املاائل املتعلقة بعقد النقل ‪ ،‬من حيث حتديد حقوق و التزامات األطراف ‪ ،‬ومدى جواز االحتجاج‬
‫بالبيانات الواردة بالاند إجتاه الغري مثل شرط التحكيم الوارد فيها ‪ ،‬وكذا حتديد القواعد القانونية اليت خيضع‬
‫هلا العقد ‪ ،‬و شروط االختصاص القضائي ( احملكمة املختصة للفصل بالنزاع عند نشوئه ) أو عن طريق‬
‫احالة النزاع اىل التحكيم بادراج شرط التحكيم يف الاند ‪ ،‬أو بوجود احالة اىل مشارطة االجيار لشرط‬
‫التحكيم وغري ذلك من املاائل االجرائية املتعلقة باملواعيد و حتديدها ‪ ،‬و رفع األمر اىل القضاء أو التحكيم‬
‫مبواعيد حمددة ‪.‬‬
‫إن القيد الوارد على صحة هذه الشروط املطبوعة و من بينها شرط التحكيم بأن ال ختالف شروط مكتوبة‬
‫خبط اليد ‪ ،‬و اذا وجد تناقض بينهما ترجح الشروط املكتوبة (‪.)1‬‬
‫ثالثا ‪ :‬االمتداد الموضوعي التفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫األصل أن اتفاق التحكيم يف القانون الداخلي يفار تفاريا ضيقا و يف احلدود اليت حتقق الغرض منه ‪،‬‬
‫ألنه طريق استثنائي لفض املنازعات و هو يقيد أطرافه حبرماهنم من القضاء الطبيعي ‪ ،‬و بالتايل إذا ورد‬
‫اتفاق التحكيم على املنازعات اخلاصة بتفاري عقد النقل البحري‪ ،‬فال متتد سلطات هيئة التحكيم اىل‬
‫املنازعات املتصلة بتنفيذه ‪ ،‬إذ ال يفرتض امتداد اتفاق التحكيم اىل ماائل مل يقصدها احملتكمون ‪.‬‬
‫غري أنه يف جمال التحكيم التجاري الدويل عموما و التحكيم يف عقود النقل البحرية الدولية خصوصا‬
‫يبدو األمر على خالف ذلك ‪ ،‬فاحلرص على زيادة فعالية اتفاق التحكيم قد دعى اىل اخلروج على تلك‬
‫املبادئ و قد أصبح مقبوال اعتماد تفاري ال نقول موسعا ‪ ،‬بل منطقي وفعال التفاق التحكيم (‪.)2‬‬
‫و على كل حال ‪ ،‬فإنه قد أضحى مألوفا جتاوز نطاق اتفاق التحكيم لإلطار الضيق الذي قصده أطرافه ‪،‬‬
‫على األقل يف حتكيم التجارة الدولية ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫(‪)2‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.181‬‬

‫‪277‬‬
‫و يتحدد النطاق احلقيقي التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف بعض األحيان ليس بالنظر اىل‬
‫األشخاص املعنية به ‪ ،‬و إمنا باملاائل اليت ختضع التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫فال يوجد بطبيعة احلال ما يلزم األطراف يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري على اخضاع مجيع‬
‫املنازعات الناشئة بينهم اىل احملكم ‪ .‬و مادام أن التحكيم يقوم على ارادة األطراف و اتفاقهم و بالتايل فإن‬
‫احملكم ال ميكن أن يفصل إال يف املاائل و املنازعات اليت اتفقت األطراف على أن يتم الفصل فيها‬
‫وحامها هبذا الطريق ‪.‬‬
‫و بالتايل قد حيدث من الناحية العملية أن حيدد أطراف عقد النقل البحري صراحة عدم اخضاع بعض‬
‫املاائل للتحكيم ‪ ،‬بل و كثريا ما يلجأ األطراف اىل وسائل أخرى من أجل الفصل يف املنازعات املختلفة‬
‫باألوجه العديدة للعالقات القائمة بينهم ‪ ،‬فعلى سبيل املثال قد يتفق األطراف على العهدة اىل قضاء‬
‫الدولة للفصل يف االجراءات الوقتية و التحفظية املتعلقة بعقد النقل البحري على الرغم من اتفاقهم على‬
‫اختصاص احملكمة بالفصل يف موضوع منازعات هذا العقد ‪.‬‬
‫كما أنه ميكن لألطراف يف اطار عقد النقل البحري أن ختتار يف اطار هذا العقد التعايش بني أكثر من‬
‫شكل من أشكال التحكيم ‪ ،‬حتكيم حر و حتكيم مؤساي ‪ ،‬أو ختضع بعض املنازعات للتحكيم‬
‫و البعض األخر للقضاء الوطين (‪.)1‬‬
‫و تبقى هذه املاائل كلها تثري مشكلة تفاري اتفاق التحكيم و تتخذ أيمية خاصة يف األحوال التالية ‪:‬‬
‫أ)تعدد المنازعات المتصلة بعقد واحد ‪:‬‬
‫يصلح شرط التحكيم الذي متت صياغته بشكل جيد وشامل و عام ‪ ،‬الحتوائه كل املنازعات اليت ميكن‬
‫أن تنشأ بني األطراف بشأن عقد النقل البحري الذي اتفق األطراف على اللجوء اىل التحكيم للفصل فيما‬
‫ينشأ عنه من نزاع ‪ ،‬و الواقع أن هذا اهلدف هو ما تاعى اىل حتقيقه شروط التحكيم النموذجية و لوائح‬
‫التحكيم املتعلقة بالتحكيم(‪. )2‬‬
‫فشرط التحكيم النموذجي الذي وضعته جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل يقرتح أن يشمل اتفاق‬
‫التحكيم كل منازعة أو خالف أو مطالبة تنشأ عن العقد املماثل أو تتصل به أو بفاخه أو الغائه ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حفيظة الايد حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 189‬‬
‫‪(2) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 315.‬‬

‫‪278‬‬
‫بينما ينص شرط التحكيم النموذجي الذي وضعته غرفة التجارة الدولية بباريس أن الشرط يشمل مجيع‬
‫املنازعات الناشئة عن العقد املاثل‬
‫)‪.(1‬‬

‫و لتفادي أي اشكال على أطراف عقد النقل البحري جيب حتديد طبيعة املنازعات اليت ميكن أن تنشأ‬
‫بشأن العقد املربم بينهم ‪ ،‬و الذين اتفقوا على اخضاعها للتحكيم ‪،‬و أن حيددوا تلك املاائل بشكل‬
‫تفصيلي مع عدم اغفال أي شكل من األشكال املختلفة للمنازعات اليت من احملتمل نشوؤها و املتعلقة‬
‫بعقد النقل البحري‪ ،‬مع اضافة ما يتعلق بصحة هذا العقد وكذا تفاريه و تنفيذه ومثل هذا التحديد من‬
‫شأنه أن ال يثري أية مشاكل خاصة (‪. )2‬‬
‫كما أن هناك بعض اتفاقات التحكيم يف عقد النقل البحري و اليت تعد اتفاقات غري قابلة لالعمال‬
‫و هي ما يطلق عليها اتفاقات التحكيم املعتلة وقد تطرقنا اليها مابقا ‪ ،‬وهي اتفاقات أو غالبا شروط‬
‫حتكيم تاتخدم صيغ عامة و تغفل بعض األنواع من املشاكل املتعلقة بالعقد ‪ ،‬فهناك بعض اتفاقات‬
‫التحكيم اليت تغفل االشارة اىل املنازعات املتعلقة بصحة العقد (‪ ، )3‬و هناك أيضا اتفاقات حتكيم ال ختضع‬
‫للتحكيم إال املنازعات املتعلقة بتفاري العقد ‪.‬‬
‫و قد حيدث اغفال بعدم اشارة اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري اىل املنازعات املتعلقة بصحة العقد‬
‫وهكذا و عند نشأة النزاع هبذا الشأن ‪،‬يكون للطرف ذو مصلحة يف تعطيل الاري يف اجراءات التحكيم‬
‫فرصة بأن يدعي بوجود سبب حيتم بطالن العقد ‪ ،‬من أجل تعقيد عمل احملكم و الذي يكون بالطبع غري‬
‫خمتص يف نظر هذه املاألة لعدم مشول اتفاق التحكيم عليها ‪ ،‬حينها يتعني عرضها على قضاء الدولة لكي‬
‫يفصل فيها بوصفه القضاء املختص ‪.‬‬
‫و مثل هذه الصياغة يف اتفاقات التحكيم يتعني حتاشيها ملا تثريه من مشاكل و هدر للوقت ‪.‬‬
‫ب)مجموعة العقود ‪:‬‬
‫و يتعلق هذا الفرض باحلالة اليت ترتبط فيها جمموعة من العقود بعضها ببعض األخر إما بابب موضوعها‬
‫أو بابب األطراف اليت أبرمتها ‪ ،‬واليت تضم بعضها شرط للتحكيم بينما مل تتضمن العقود األخرى شروط‬
‫مماثلة ‪ .‬و يف هذا الفرض فإنه يتم التااؤل عما اذا اجتهت ارادة األطراف اىل خضوع املنازعات احملتملة‬
‫النشوء من هذا الكل التعاقدي اىل التحكيم ؟‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 315‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 181‬‬
‫‪(3) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p284‬‬

‫‪279‬‬
‫و كثريا ما جند هذا النوع من العقود يف جمال عمليات النقل البحري للبضائع فعادة ما تقرتن البيوع البحرية‬
‫بعقد النقل البحري ‪ ،‬وهناك البيع فوب ‪ FOB‬و البيع سيف ‪ CIF‬و يشرتك النوعان يف أن تاليم‬
‫البضاعة اىل املشرتي يتم يف ميناء القيام ‪ ،‬و خيتلفان يف أنه يف البيع فوب يقتصر التزام البائع على نقل‬
‫البضاعة اىل ميناء القيام و شحنها على الافينة اليت يعينها املشرتي‪ ،‬فتنتهي عندئذ التزاماته و يكون على‬
‫املشرتي بعد ذلك أن يربم عقد النقل و يتحمل مصاريف النقل و مصاريف التأمني إذا قام بالتأمني على‬
‫البضاعة ‪ .‬و ال يلجأ املشرتي اىل هذا النوع من البيوع إال إذا كان له وكيل يف ميناء القيام ينوب عنه يف‬
‫ابرام النقل و التأمني ‪ ،‬وجيوز أن يعهد املشرتي اىل البائع بابرام عقد النقل و عقد التأمني حلاابه ‪ ،‬فيعمل‬
‫البائع عندئذ بوصفه و كيال عن املشرتي ‪ ،‬إال أنه جيب أن يكون بيده وكالة خاصة ‪.‬‬
‫أما البيع سيف فإن البائع يلتزم بإبرام عقد النقل و دفع أجرته و بإجراء التأمني على البضاعة و ال يعمل‬
‫البائع ذلك بوصفه وكيال عن املشرتي ‪،‬و إمنا ينفذ التزاما ناشئا عن عقد البيع ذاته إذ أن الثمن الذي يلتزم‬
‫به املشرتي يتضمن مصاريف الشحن و أجرة النقل و نفقات التأمني ‪ ،‬كما يلتزم البائع يف نوعي البيع‬
‫بإرسال سند الشحن للمشرتي (‪.)1‬‬
‫و بناء على هذا تظهر لنا العالقات املتشابكة و املتداخلة بني عدة عقود يف جمال النقل البحري‪ ،‬كما يتم‬
‫حتقيق العمليات الكبرية املتصلة بالتجارة الدولية واليت يتم أغلبها عرب البحر‪ ،‬عن طريق ابرام العديد من‬
‫العقود ‪ :‬فيربم االطار االتفاقي التعاقدي أو ما يعرف ب ‪ Contrat cadre‬و يتبع ذلك ابرام العديد‬
‫من العقود التنفيذية الالزمة لتحقيق و إجناز هذه العملية و تتعلق جبوانبها املتعددة (‪. )2‬كإبرام مشارطات‬
‫اجيار سفن لتحقيق عمليات النقل البحري ‪ ،‬فمثال فيما خيص عقد االجيار بالرحلة أو بالرحالت و الذي‬
‫اختلف رأي الفقه يف كونه عقد مشارطة بالرحلة أم أنه عقد نقل أم جيمع االثنني معا (‪ ،)3‬فاألصل فيه أنه‬
‫يتم تنفيذ الرحلة البحرية بافينة معينة‪ ،‬ومن مث فيمكن للربان لتنفيذ التزاماته املتعلقة بالرحلة لتحقيق عملية‬
‫النقل تغيري الافينة اذا أصبحت األوىل غري صاحلة للمالحة أثناء تنفيذ العقد ‪ ،‬و بالتايل يقوم الربان‬
‫باستئجار سفينة أخرى لنقل البضائع اىل ميناء الوصول ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 899‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 193‬‬
‫(‪)3‬حيث يذكر د‪ .‬على مجال الدي ن يف كتابه مشارطات اجيار الافن ‪ ،‬أنه يف املشارطة بالرحلة يكون هدف املاتأجر غالبا هو نقل كمية معينة من البضاعة ‪،‬‬
‫وهنا تظهر فكرة النقل ‪ ،‬ولكن فكرة االجيار تبقى قائمة و مايطرة ‪ ،‬حتكم وتفار التزامات املؤجر ‪ ،‬فهذا األخري ال يتعهد فقط مبجرد تنفيذ عملية النقل بل‬
‫يتعهد أوال أن يضع حتت تصرف املاتأجر سفينة معينة ‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫و من هذه األمثلة يظهر لنا أنه ميكن ابرام عدة عقود لتنفيذ عملية نقل‪ ،‬و يف هذه احلالة يطرح الاؤال‬
‫حول مد سريان اتفاق التحكيم الوارد يف أحد هذه العقود على العقود األخرى املربمة بني ذات األطراف‬
‫املوقعة على العقد الوارد فيه الشرط املذكور ‪.‬‬
‫و هنا جيب التفرقة بني ثالث فروض ‪:‬‬
‫‪-‬الفرض األول و يتعلق فيها أن العقد األساسي ‪ le contrat de base‬و حده دون سائر العقود‬
‫اليت تااهم يف حتقيق العملية التعاقدية و اليت تشري اليه يتضمن شرط التحكيم ‪ ،‬وهذا الفرض ال يثري‬
‫صعوبة فإرادة األطراف صرحية ‪ ،‬يف اإلعالن عن رغبتها يف اخضاع مجيع املنازعات احملتمل أن تنشأ يف اطار‬
‫العملية التعاقدية بأكملها اىل التحكيم ‪ .‬و يف خضوع هذه املنازعات اىل حمكمة حتكيم واحدة يتم‬
‫تشكيلها وفقا للنصوص الواردة يف العقد األساسي الذي يشكل اطار العملية التعاقدية مبجملها (‪.)1‬‬
‫و يرى األستاذ الدكتور أمحد عبد الكرمي سالمة أنه و إذا كان شرط التحكيم الذي يرد يف العقد التنفيذي‬
‫أو التبعي ال ميتد اىل األصلي ‪ ،‬إال أن العكس يكون صحيحا ‪.‬‬
‫و بتلك املثابة ‪ ،‬فإن شرط التحكيم الوارد يف العقد االطاري أو األصلي يناحب اىل العقود التنفيذية عمال‬
‫مببدأ الفرع يتبع األصل ‪ ،‬و إستنادا اىل االرادة الضمنية لألطراف (‪.)2‬‬
‫أما الفرض الثاين ‪ ،‬ففيه يتضمن كل عقد من العقود املربمة لتحقيق نفس العملية التعاقدية واملتمثلة يف‬
‫عملية النقل البحري ‪ ،‬شرطا حتكيميا ماتقال و حىت اذا كررت األطراف يف هذه العقود نفس الشرط‬
‫التحكيمي حرفيا ‪ ،‬فقد يؤدي اىل طرح التااؤل حول هل يتعني اختيار هيئة حتكيم واحدة من أجل الفصل‬
‫يف املنازعات احملتملة النشوء عن هذه العقود‪ ،‬أم أنه يتعني تشكيل هيئة حتكيم لكل عقد من العقود على‬
‫حدى‪.‬‬
‫و إذا مل يوجد اتفاق صريح من قبل األطراف حول مواجهة هذا االشكال فإنه عند نشأة النزاع فإن اجلواب‬
‫على التااؤل الاابق يرتكز على تفاري االرادة املشرتكة لألطراف ‪.‬‬
‫و كقاعدة عامة ‪ ،‬فتكرار األطراف لذات الشرط التحكيمي يف مجيع عقودهم يعين انصراف ارادهتم يف‬
‫اخضاع مجيهع املنازعات املتصلة هبذه العالقة التعاقدية اىل ذات احملكمة التحكيمية(‪. )3‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 318‬‬
‫(‪)2‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.189‬‬
‫(‪)3‬حفيظة الايد حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.192‬‬

‫‪281‬‬
‫‪-‬أما عن الفرض الثالث و األخري ‪ ،‬فتزداد فيه األمور تعقيدا عندما ختتلف الشروط التحكيمية الواردة يف‬
‫كل عقد من العقود (‪ )1‬لتحقيق عملية النقل البحري ‪ ،‬و هو ما قد حيدث يف الناحية العملية على الرغم‬
‫مما قد تثريه هذه العقود من مشاكل ‪.‬‬
‫و قد خلصت االجتهادات القضائية يف مثل هذه القضايا أنه بالنابة للعقود املرتبطة و اليت هتدف اىل‬
‫حتقيق مشروع موحد ‪ ،‬و اليت يتضمن كل منها شرط حتكيمي خيتلف عن الشروط الواردة يف العقود األخرى‬
‫فإن حتديد احملكم الختصاصه بنظر املنازعة املعروضة عليه‪ ،‬لن يتم بإعمال ذات القواعد اليت حتكم الدعوى‬
‫املدنية أمام قضاء الدولة ‪ ،‬من مد القاضي الختصاصه يف مجيع املاائل املرتبطة باملنازعة املعروضة عليه‬
‫و ضمها للفصل فيها حتت واليته نظرا لالرتباط وعدم القابلية للتجزئة‪ .‬فهذا املبدأ املقرر يف األنظمة‬
‫القانونية الوضعية املعاصرة و الذي تفرضه اعتبارات حان أداء العدالة من جهة و حتاشي تضارب األحكام‬
‫يف املاائل املرتبطة ارتباطا وثيقا ‪ ،‬ويطبقه القاضي الوطين تلقائيا ‪ ،‬ال حمل إلعماله بشأن التحكيم حيث‬
‫يتمتع كل طرف باملنازعة باحلرية يف تعيني حمكمه ‪ ،‬ويتقيد هذا األخري حبدود و نطاق شرط التحكيم و ال‬
‫ميكنه أن خيرج عنه و إال تعرض حكمه لالبطال(‪.)2‬‬
‫إن فكرة ضم الطلبات املرتبطة أمام التحكيم مرفوضة كأصل عام إال إذا ظهر من الظروف احمليطة‬
‫باملنازعة و من شروط التحكيم املختلفة املدرجة يف العقود املرتبطة ‪ ،‬و اليت هتدف إىل إجناز مشروع واحد‬
‫أن ارادة االطراف املشرتكة و املؤكدة صرحية أو ضمنية تقبل مثل هذا الضم ‪ .‬إال أنه ما جتدر االشارة اليه‬
‫بأن املشرع اهلولندي يف قانون االجراءات املدنية خرج على هذه القاعدة و أقر امكانية الضم حلان سري‬
‫العدالة(‪. )3‬‬
‫ج) العقود المتتابعة المبرمة بين ذات األطراف ‪:‬‬
‫حيث يكون االرتباط شخصيا بني أطرافها ‪ ،‬وهنا تربم بني نفس األطراف عدة عقود(‪ ، )1‬عادة ما تكون‬
‫متتابعة زمنيا ‪ ،‬فإذا ورد اتفاق التحكيم يف عقد منها دون العقود التالية له ‪ ،‬فقد اجته القضاء املقارن اىل مد‬
‫ذلك االتفاق اىل تلك األخرية ‪ ،‬حبيث تفض منازعاهتا بطريق التحكيم دون قضاء الدولة ‪ ،‬وذلك وفقا ملا‬
‫يقتضيه العرف و سوابق التعامل بني األطراف (‪. )8‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 318 .‬‬
‫(‪)2‬حفيظة الايد حداد ‪،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 191‬‬
‫(‪ )3‬حفيظة الايد حداد ‪،‬املرجع الاابق ذكره ‪.‬‬
‫(‪ ) 1‬نتصور يف موضوعنا هذا ابرام عدة عقود نقل أو عدة مشارطات اجيار سفن لتحقيق عمليات نقل دويل للبضائع بني نفس األطراف ‪.‬‬
‫(‪ )8‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪. 189‬‬

‫‪282‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬موقف القضاء المقارن من النطاق الموضوعي لشرط التحكيم باالحالة ‪.‬‬
‫يعد الرضا من أهم الشروط املوضوعية الالزمة لصحة اتفاق التحكيم البحري باالحالة ‪ ،‬وعادة ما يكون‬
‫التعبري عن هذا الرضا واضحا ومميزا وذلك عندما تتقابل ارادة طريف اتفاق التحكيم صراحة وبوضوح على‬
‫اختاذ التحكيم وسيلة لفض املنازعات الناشئة أو اليت ميكن أن تنشأ ماتقبال بينهما ‪ .‬وقد ال يقع مبثل هذه‬
‫الصراحة فيثري تفاري هذه االرادة بعض الصعوبات‪ ،‬ويتمثل التعبري الصريح عن االرادة من خالل عدة‬
‫معايري خمتلفة فقد يتم عن طريق مشارطة حتكيم(عقد حتكيم) ‪ ،‬يتم االتفاق من خالهلا على احالة النزاع‬
‫الذي نشأ بينهم اىل التحكيم أو قد ينص يف العقد األصلي اىل اللجوء للتحكيم عند قيام النزاع‪ .‬أو قد يتم‬
‫التوقيع على املشارطة أو العقد النموذجي الذي يتضمن شرط التحكيم‪ ،‬أو عن طريق تبادل الوثائق املكتوبة‬
‫كالرسائل و الربقيات عالوة على وسائل االتصال احلديثة (اتفاق التحكيم االلكرتوين )‪ ،‬حبيث ال يظهر‬
‫بوضوح اجتاه ارادهتم اىل ابرام اتفاق التحكيم البحري و بالتايل يثور اشكال مدى حجيته من حيث‬
‫املوضوع يف مواجهتهم ‪.‬‬
‫وقد كان موضوع االحالة حمال للعديد من األحكام سواء يف قضاء الدول الالتينية مثل فرناا ومصر أو يف‬
‫قضاء الدول األجنلوساكاونية (إجنلرتا و الواليات املتحدة األمريكية)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬االحالة في القضاء الالتينوجرماني ‪.‬‬
‫أ) االحالة في فرنسا‪.‬‬
‫يعترب القضاء الفرناي من األقضية املتشددة يف موضوع اإلحالة حيث يتطلب أن تكون اإلحالة خاصة‬
‫وحمددة وال ينقصها الوضوح‪ ،‬حىت يكون حامل سند الشحن على علم تام بشرط التحكيم يف العقد احملال‬
‫إليه بالرغم من حماولة بعض احملاكم الفرناية التخفيف من هذه الشدة وإعطاء مااحة أكرب من احلرية يف‬
‫هذا الشأن ‪.‬‬
‫واألصل أنه لإلحتجاج بشرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار على حامل سند الشحن املوجود به نص‬
‫شرط اإلحالة والذي حييل اىل شروط املشارطة‪ ،‬فإنه جيب أن يكون حامل سند الشحن على علم ثابت‬
‫و أكيد بشرط التحكيم املوجود ضمن بنود مشارطة اإلجيار و البد من أن يكون حامل الاند قد قبل‬
‫وبكل تأكيد هذا الشرط التحكيمي (‪، )1‬و يتوافر هذا العلم اذا ما كانت كلمات نص شرط اإلحالة الوارد‬
‫باند الشحن تشري بكل وضوح اىل شرط التحكيم الوارد مبشارطة اإلجيار وأن يكون حامل الاند قد اطلع‬
‫ـــــــــــ‬

‫‪(1) Marie Niviere, op.cit, p 62‬‬

‫‪283‬‬
‫على نصوص املشارطة عن طريق ارفاق ناخ من نص املشارطة مع سند الشحن أو بإرفاق مالحق بالشروط‬
‫العامة يف املشارطة ‪،‬أو بأي طريقة تأكد بأن حامل الاند قد علم بنصوص املشارطة وقد قبل اتفاق‬
‫التحكيم بصراحة من قبله "‪ . "Acceptation expresse de sa part‬و اهلدف الرئياي من التأكد من‬
‫أن حامل الاند قد علم بشرط التحكيم وقبله هو التأكد من توافر ركن الرضى من جانب حامل الاند(‪،)1‬‬
‫حيث يعترب هذا الشرط من أهم الشروط املوضوعية الواجب توافرها عند قيام أي عقد بني طرفيه(‪.)2‬‬
‫وما يالحظ أن القضاء الفرناي أخذ بالعديد من القرائن اليت تؤكد أن حامل سند الشحن على علم تام‬
‫وقبول أكيد بشرط التحكيم‪.‬‬
‫‪ )6‬دعوى السفينة أسبيلو ‪. Aspillo‬‬
‫يف هته الدعوى أكدت حمكمة النقض الفرناية اجتاهها املتشدد خبصوص شرط اإلحالة يف حكمها‬
‫الصادر ‪ 1‬يونيو ‪.1218‬‬
‫حيث أكتفت حمكمة استئناف روان "‪ "Rouen‬يف هذه الدعوى باإلحالة العامة البايطة الواردة يف سند‬
‫الشحن وذلك باالحتجاج بشرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة على حامل سند الشحن‪ ،‬و أنه ال‬
‫ميكن حلامل الاند الدفع بعدم علمه بتلك املشارطة ونصوصها(‪ ، )3‬اال أنه عند رفع األمر اىل حمكمة‬
‫النقض قررت نقض احلكم الاابق (‪ )1‬حيث قررت أن‪:‬‬
‫" احلكم الذي يقرر أن حامل سند الشحن بالتظهري يلتزم بشرط التحكيم املوجود يف عقد املشارطة والذي‬
‫مل يكن مناوخا باند الشحن وكذلك عدم وجود ناخ من املشارطة‪ ،‬كما أنه ال يعلم شئ من نص الشرط‬
‫هو حكم خمالف لنص املادة (‪ )1121‬من القانون املدين وأنه ال ميكن االحتجاج ضده بشرط يف عقد‬
‫املشارطة‪ ،‬ال توجد ناخة منها‪ ،‬ومل يكن حمال ملوافقة أكيدة من جانبه"‪.‬‬
‫وقد مت احالة القضية اىل حمكمة استئناف باريس واليت أكدت املبدأ الاابق واملاتقر‪ ،‬مقررة أن‪" :‬اإلحالة‬
‫البايطة العامة اىل نصوص وشروط واعفاءات مشارطة اإلجيار‪ ،‬بالرغم من دقتها وحتديد دجمها يف سند‬
‫الشحن‪ ،‬اال أهنا مع ذلك يف حالة عدم وجود ناخ للمشارطة أو مالحق للشروط العامة هبا أو عدم‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Cour de cassation chambre commerciale, 4 juin 1985.office du commerce de la Tunisie‬‬
‫‪(o.c.t)/société fiadora.cour d'appel de paris(1-ere Ch A), 19 janvier 1988.office du commerce de la‬‬
‫‪Tunisie (o.c.t) c/ société Fiadora‬‬
‫)‪ (2‬عبد الرزاق الانهوري‪،‬اجلزء األول‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.298‬‬
‫‪(3) Cours d'appel de Rouen ( 1-ere et 2-eme ch.civ.Réunie).14 octobre 1997, Navire "Istanbul Z".‬‬
‫‪(4) Cours de cassation chambre commerciale, 4 juin 1985, DMF 1986,p 106 note R. Achard.‬‬
‫حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.819‬‬

‫‪284‬‬
‫ناخها يف سند الشحن‪ ،‬فإهنا ال تكتفي للقول بوجود قبول مؤكد لدى حامل سند الشحن بشرط التحكيم‬
‫الوارد باملشارطة‪ ،‬وأن شرط التحكيم املوجود يف عقد الشراء ال يطبق و ال ميتد اىل العقد الذي يشري اليه‬
‫الاند والالحق لعقد الشراء " ‪ .‬وبالتايل ميكن القول بأن القضاء الفرناي يف هته الدعوى تشدد يف ضرورة‬
‫توافر العلم اليقيين والقبول والرضى يف جانب حامل سند الشحن ‪،‬لكي يلتزم بشرط التحكيم الوارد يف‬
‫املشارطة بالرغم من عدم كونه طرفا فيها‪ ،‬وأنه لكي تتم عملية دمج هذا الشرط داخل بنود سند الشحن‬
‫البد من كلمات واضحة وصرحية مع ضرورة وجود ناخ للمشارطة أو مالحق للشروط العامة هبا لإلطالع‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ )2‬دعوى شركة سير "‪."Sier‬‬
‫تتلخص وقائع هذه الدعوى يف قيام شركة سري "‪ "Sier‬بشراء شحنة من املواد الغذائية واليت قامت‬
‫بدورها باجراء عقد مشارطة مع شركة مشال افريقيا املالحية وذلك يف ‪ 12‬يوليو ‪ 1211‬بغرض نقل‬
‫الشحنة من ميناء روان"‪ "Rouen‬اىل ميناء رنيو "‪ "Reunion‬باستخدام الافينة‬
‫بروبونيت"‪ "Propontis‬إال أن الافينة املذكورة مل تكن جاهزة ‪ ،‬مما دعى شركة مشال افريقيا املالحية اىل‬
‫التعاقد مع شركة "سيشكون" املالحية الستئجار سفينة أخرى وهي "‪ "Aegis Harvest‬لنقل الشحنة‬
‫املذكورة‪ .‬وبعد امتام عملية الشحن مت اصدار سندات الشحن املؤرخة يف ‪ 19‬أوت ‪ 1211‬وهبا إحالة اىل‬
‫عقد املشارطة األول املنعقد يف ‪ 12‬يوليو ‪.1211‬‬
‫ويف ‪ 1‬ديامرب ‪ 1211‬قامت شركة مشال افريقيا املالحية باإلبالغ بأن الافينة قد استبدلت بغريها وبعد‬
‫وصول الشحنة اىل امليناء احملدد وأثناء تفريغها اتضح أهنا قد تعرضت للتلف بابب مياه البحر‪ ،‬األمر الذي‬
‫دعا شركة سري "‪( "SIER‬الطرف املشرتي) مبطالبة كل من شركة مشال افريقيا املالحية‪ ،‬وشركة سيشكون‬
‫(طرفا املشارطة الثانية بالتعويض عن األضرار اليت وقعت‪ ،‬وذلك أمام القضاء وقد صدر حكم بذلك يف‬
‫‪ 18‬أبريل ‪ 1211‬اال أن الشركة "سيشكون" (الطرف اجملهز يف عقد املشارطة الثاين) قامت بالطعن يف‬
‫احلكم الصادر أمام حمكمة االستئناف ودفعت بعدم االختصاص احملكمة التجارية لوجود شرط التحكيم‪.‬‬
‫ولقد رفضت حمكمة االستئناف الدفع بعدم االختصاص املؤسس على وجود شرط التحكيم (يف عقد‬
‫املشارطة األول) والذي أثري بواسطة شركة "سيشكون" ويف نفس الوقت قبلت الطلب املقدم من شركة‬
‫سري"‪.)1( "SIER‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)«La société SIER, ainsi que ses assureurs, on assigné notamment la société Norafrica et la société Psichikon en‬‬
‫‪dommage. Intérêts; que part le premier des arrêts attaque. la cour d'appel a rejeté une exception d'incompétence fondée‬‬
‫‪sur une clause compromissoire qu'avait soulevée la société Psichikon, et, par le second a accueilli la demande au fond‬‬
‫» "‪présentée par la société "SIER‬‬
‫‪285‬‬
‫وكان طلب الطعن املقدم من سيشكون مبين على أساس أن عقد املشارطة (الثاين) أو عقد التأجري من‬
‫الباطن قد مت بني شركة مشال إفريقيا املالحية وبينها‪ ،‬وأن شركة "‪ "SIER‬املرسل اليها ال ميكنها مباشرة‬
‫دعوى كهذه اال باحالهلا حمل شركة افريقيا ‪.‬‬
‫ومن مث فال توجد عالقة تعاقدية بني شركة سري"‪ "SIER‬وشركة سيشكون‪ ،‬وكذلك اغفال التحري عما اذا‬
‫كان شرط االحالة الذي حييل اىل شروط عقد املشارطة املربمة يف ‪ 12‬يوليو ‪( 1211‬أي عقد املشارطة‬
‫األول املربم بني شركة سري"‪ "SIER‬وبني شركة مشال افريقيا املالحية)‪.‬‬
‫وقد أوضح احلكم أن سند الشحن الذي وقعه ربان الافينة قد أحال يف مصطلحات عامة وبدون وجود‬
‫ناخ أو مالحق للشروط العامة لعقد املشارطة املربم يف ‪ 11‬يوليو ‪( 1184‬عقد املشارطة املربم بني شركة‬
‫سري وشركة مشال (افريقيا للمالحة) والذي مل تكن شركة سيشكون طرفا فيه )‪ ،‬وقد أشارت احملكمة أهنا مل‬
‫تنب حكمها إال على الشروط اليت متت ‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار " التعديالت اليت متت من طرف واحد‬
‫مبعرفة جمهز الافينة " و املقصود بالتعديالت هنا هو إستئجار الافينة الثانية ‪ ،‬و هية حمل قبول أكيد من‬
‫جانب "املتعاقدين اآلخرين يف العقد األول" وكذلك قد أمتت البحث والتحري الذي زعم بأنه مت اغفاله‪.‬‬

‫من جهة أخرى تأكد تاليم سند الشحن مبعرفة ربان الافينة حيث مت حتميل الشحنة مما ينتج عنه أن شركة‬
‫سيشكون مرتبطة تعاقديا مع الشاحن(‪. )1‬‬
‫ومن مث مل تكن أسباب الطعن صحيحة لذلك مت احلكم برفض الطعن املقدم من شركة سيشكون واخلاص‬
‫بعدم اختصاص احملكمة التجارية‪.‬‬
‫هذا وقد أيدت حمكمة النقض القرارات اليت اختذهتا احملكمة االستئنافية خبصوص رفض الطعن بعدم‬
‫اختصاص احملكمة التجارية لوجود شرط التحكيم‪.‬‬
‫وبالرغم من أن هناك جانب من القضاء الفرناي ساند موقف قضاء التحكيم الدويل اخلاص مبد شرط‬
‫التحكيم املربم مع أحد أفراد اجملموعة اىل العقود املربمة مع باقي أفراد اجملموعة اال أنه ما يالحظ أن القضاء‬
‫الفرناي قد ختلى عن نظرية مجاعة املتعاقدين وكذلك نظرية سلالة العقود(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) L'arrêt a relevé que le connaissement signé par le capitaine de l'Aegis Harvest se référait, en‬‬
‫‪termes généraux et sans les reproduire ni les annexer au conditions générales de la charte – partie du‬‬
‫‪19 juillet 1984 à laquelle la société Psichikon n'était pas partie: que la cour d'appel a retenu de ces‬‬
‫‪constatation qu'il n'était pas établi que ces clauses avaient fait compte tenu des des " modifications‬‬
‫‪apportées unilatéralement par l'armateur" l'objet d'une acceptation certaine de la part des‬‬
‫‪"cocontractants liés par la charte initiale" : qu'ainsi la cour d'appel a effectué la recherche‬‬
‫‪prétendument émise.‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.821‬‬

‫‪286‬‬
‫و يف هته القضية‪ ،‬بالرغم من اخلاائر االقتصادية الكبرية اليت ميكن أن تنشأ عن هذا التخلي واملعارضة‬
‫الشديدة هلذا االجتاه‪ ،‬اال أن االجتهاد القضائي الفرناي قد مال حنو القبول مببدأ أثر العقد التحكيمي اىل‬
‫شركة من نفس عائلة الشركة املوقعة التفاق التحكيم‪ ،‬وكيف تتضافر العقود املتعددة على حتقيق هدف‬
‫واحد مشرتك رغم اختالف أطرافها مكونة بذلك ائتالفا عقديا متناسقا‪ ،‬وأيضا مدى ماايمة هذه النظرية‬
‫يف توضيح األساسي القانوين لقيام املرسل اليه يف املطالبة حبقوقه ويف حتمل التزاماته الناشئة عن سند‬
‫الشحن‪.‬‬
‫إن األحكام التحكيمية تقضي مبد أثر العقد التحكيمي اىل شركة من نفس النوع عندما ميكن التأكد من‬
‫تدخلها أثناء ابرام العقد أو عند تنفيذه واليت أصبحت طرفا فيه بصورة ضمنية‪ ،‬كما أن بعض أحكام‬
‫التحكيم أقرت مبد أثر شرط التحكيم على شركة من نفس عائلة الشركة املوقعة حىت وإن مل توقع بنفاها‬
‫على هذا الشرط(‪.)1‬‬
‫‪ )3‬دعوى السفينة اليني "‪."Eleni‬‬
‫لقد حكمت حمكمة استئناف إيكس ‪ " :‬أن شرط االحالة هو شرط منوذجي‪ ،‬و هو ميلك كل احلجية‬
‫على املرسل إليه أو وكيله و ال ميكن ألي منهما أن يتجاهل وجوده أو كلماته ومصطلحاته"‪.‬‬
‫أما يف حكم آخر فكان موقفها أكثر تشددا حيث تطلبت موافقه مؤكدة من املرسل اليه(‪ )2‬كما قضت‬
‫أنه اذا كانت االحالة عامة‪ ،‬فإهنا تعترب كما لو كانت عدمية األثر وأن االحالة الدقيقة والواضحة هي اليت‬
‫تتمتع بالقوة اإللزامية‪.‬‬
‫كما دعت حمكمة النقض حمرري سندات الشحن ملراجعة ناخهم للتأكد من دقة ووضوح نصوص‬
‫اإلحالة‪.‬‬
‫‪ )1‬دعوى شركة البحر المتوسط للشحن وحكم القض الصادر في ‪ 61‬يونيو ‪.6772‬‬
‫يف دعوى شركة البحر املتوسط للشحن حيث صدر احلكم من الغرفة املدنية األوىل حملكمة النقض يف‬
‫‪ 19‬يونيو ‪ ،1222‬وقد أبدت حمكمة النقض حكم االستئناف اخلاص برفض الدفع القائم على وجود‬
‫شرط التحكيم وقد بينت احملكمة أن سند الشحن مل يوقعه الشاحن و أن الناقل مل ياتطع أن يثبت أن‬
‫ـــــــــــ‬

‫‪(1) Fh. Fouchard, Gaillard, Goldman, op cit, p 302‬‬


‫‪)2( La cour d'AIX C 24 juin 1970 Dr.Marit.fr 1970.679.note A.C;D,Somm.32 égal,p.B "observation‬‬
‫‪de l'arrêt Eleni", Dr.marit.Fr. 1971.75.‬‬

‫‪287‬‬
‫هذه الشروط كانت حمل موافقة من الشاحن ‪،‬وجاء القرار بأن توقيع الشاحن يعترب شرط لإلحتجاج قبله‬
‫التحكيم ‪.‬‬ ‫بشرط‬
‫‪)6(Istanbul‬‬ ‫‪ )5‬دعوى السفينة اسطمبول ‪. z‬‬
‫تتلخص و قائع هذه الدعوى كما يلي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن هناك عقدين أحديما عقد بيع بني شركة الريكو ‪ LORICO‬كطرف أول بائع وشركة اتغراين‬
‫‪ ITALGRANI‬كطرف ثان مشرتي‪ ،‬وعقد مشارطة طرفاه البائع يف عقد البيع األول ولكن بصفته‬
‫ماتأجرا وناقال حبريا واملؤجر وهو شركة التأجري اسطمبول‪.Istanbul Denizcilik‬‬
‫‪ 2‬ـ حدوث تلف بالبضاعة‪ ،‬حتفظ املشرتي على مثن البضاعة‪ ،‬جلوء البائع اىل التحكيم بناء على شرط‬
‫التحكيم يف عقد البيع‪ ،‬كما أن البائع متاك أيضا بشرط التحكيم يف عقد املشارطة بصفته ماتأجرا‬
‫للافينة اسطمبول (‪.)2‬‬
‫‪ 3‬ـ صدور قرار التحكيم يف غري صاحل املشرتي‪ ،‬الذي جلأ بدوره اىل احملكمة التجارية بباريس واليت تناولت‬
‫النزاع على أساس عدم تنفيذ بنود وشروط عقد النقل وليس عقد البيع‪ ،‬وأن نطاق اخلصومة قد حتدد‬
‫بالتنفيذ الايء لعقد النقل(‪.)3‬‬
‫‪ 1‬ـ وطبقا لعقد املشارطة املربم يف ‪ 21‬فرباير ‪ 1221‬فإن هيئة التحكيم تتكون من ثالثة أفراد‪ ،‬وأن يتم‬
‫التحكيم يف لندن‪ ،‬وقرار التحكيم هنائي‪.‬‬
‫‪.5‬عند عرض النزاع على احملكمة التجارية بباريس دفع املاتأجر(الذي هو يف األصل البائع) بعدم‬
‫اختصاص احملكمة لنظر هذا النزاع لوجود شرط التحكيم يف عقد املشارطة‪ ،‬اال أن احملكمة رفضت هذا‬
‫االعرتاض على أساس أن املرسل اليه اتغراين ‪ ITALGRANI‬مل حيط علما أكيدا بشرط التحكيم ومن‬
‫مث مل حيدد موافقة من عدمها على هذا الشرط‪ ،‬ومن مث يكون القضاء هو املختص لنظر اخلالف‪.‬‬
‫كما أنه مل يتالم ناخا من عقد املشارطة اال بعد استالم البضاعة‪ ،‬مبعىن أنه مل يكن هناك الوقت الكايف‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Cour d'appel de Rouen( 1er et 2° ch. Civ. Reunies) 14 octobre 1997, Navire,"Istanbul".;marie‬‬
‫‪nivierre ;op cit;p‬‬
‫‪(2) "Attendu que pour justifier son contredit, la société Lorico Beyrouth se fonde, d'une part, sur la‬‬
‫‪clause compromissoire continue dans le contrat de vente du 18 avril 1991 et, d'une part, sur une‬‬
‫‪clause compromissoire insérée dans la charte – partie à temps q'elle a conclue avec l'armateur turc‬‬
‫‪du navire "Istanbul Z" le 28 février 1991".‬‬
‫‪(3) "Mais attendu d'une part que le litige dont a été sais le tribunal de commerce de Paris est fondé‬‬
‫‪sur l'inexécution de transport et nom sur celle du contrat…..‬‬

‫‪288‬‬
‫لالطالع على بنود وشرط املشارطة‪ ،‬ومن مث ال ميكن أن تتماك ضد املرسل اليه بشرط التحكيم‪ ،‬ومن‬
‫حقه اللجوء للقضاء مباشرة دون التقيد بشرط التحكيم‪.‬ومن مث يكون التااؤل هنا عن موضوع املوافقة‬
‫الصرحية على شرط التحكيم‪ ،‬هل من الضروري أن يكون الشرط مناوخا باند الشحن؟ هل من الضروري‬
‫أن يتوافر يف حق حامل سند الشحن العلم الثابت بشرط التحكيم الوارد ضمن بنود مشارطة االجيار‬
‫املذكورة‪ ،‬والقبول املؤكد اليقيين هلذا احلامل الشرط التحكيمي‪.‬‬
‫‪6‬ـ أنه عندما اعرتضت شركة الريكو على قرار حمكمة استئناف باريس والصادر يف ‪ 18‬نوفمرب ‪1112‬‬
‫والذي بقضي بعدم قبول اعرتاض األوىل نظر النزاع أمام القضاء‪ ،‬احملكمة قد ذكرت أن اإلحالة البايطة‬
‫بطريقة عامة اىل نصوص وبنود وحقوق وحتفظات عقد املشارطة‪ ،‬غري كافية لدمج شرط التحكيم يف سند‬
‫الشحن لعدم اطالع حامل الاند عل ناخ من املشارطة (احملال اليها)‪ ،‬ومن مث لن تكون اإلحالة كافية‬
‫لعملية الدمج(‪، )1‬وهذا يعين أن احملكمة تتطلب ضرورة اطالع حامل سند الشحن على ناخة من عقد‬
‫املشارطة لكي يكون هناك قبوال أكيدا وصرحيا بأنه قد ارتضى شرط التحكيم ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ كذلك تذكر شركة الريكو أن شركة اتغراين قد حصلت على ناخة من هذه املشارطة قبل استالم كل‬
‫البضاعة ‪ ،‬ومن مث فإن الشركة الثانية كانت متلك من الوقت الكايف لإلطالع على بنود وشروط عقد‬
‫املشارطة‪ ،‬وخاصة شرط التحكيم وحيث أنه مل يفعل ذلك فليس من حقه اللجوء للقضاء(‪.)2‬‬
‫‪ 1‬ـ اال أن حمكمة باريس أكدت أن ناخة عقد املشارطة قد وصلت بعد تالم كل البضاعة وأن شركة‬
‫اتغراين مل تاتلم ناخة من عقد املشارطة الذي مت يف اخلارج‪(.‬ومن مث فلم يكن هناك حىت الوقت الكايف‬
‫لكي تتطلع الشركة على عقد املشارطة وخاصة شرط التحكيم‪ ،‬ومن مث ال تتقيد بشرط التحكيم‪ ،‬ويكون‬
‫االختصاص للقضاء)(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع لاابق‪ ،‬ص‪.528‬‬
‫‪)2("… sur sa demande, Italgrani avait obtenue copie de cette charte-partie." Avant la reception‬‬
‫‪de la marchandise" et que par suite il est importait de verifier si la clause compromissoire‬‬
‫‪discutée avait fait ou nom l'objet d'une acceptation expresse de ce distinataire".‬‬
‫‪)3("Il convient alors de se demander si la solution eut été diférente, et l'arret de la cour de Paris‬‬
‫‪confirmé, dans l'hypothèse inverse où la copie de charte-partie serait parvenue après la‬‬
‫‪livraison de la marchandise, ou meme si ITALGRANI n'avait jamais reçu copie d'une charte‬‬
‫"‪partie conclue en dehors de lui.‬‬

‫‪289‬‬
‫‪ 2‬ـ اال أنه قد مت اعتبار أن هذه املوافقة الصرحية قد بدأت من وقت استالم الشحنة املذكورة يف عقد‬
‫النقل(‪.)1‬‬
‫‪ 13‬ـ نعت حمكمة النقض يف حكمها الصادر يف ‪ 21‬يناير ‪ 1228‬موقف قضاة حماكم االستئناف‪ ،‬الذي‬
‫يتمثل يف متاكهم بأن " االحالة البايطة وبطريقة عامة لشروط عقد املشارطة غري كافية للقول بأن هناك‬
‫موافقة أكيدة من حلظة استالم البضاعة‪ ،‬بل كان جيب البحث والتحري يف نص شرط التحكيم‪ ،‬أو رؤية‬
‫ناخة من عقد املشارطة اليت أرسلت بالربيد قبل استالم البضاعة كلها‪ ،‬أو ما اذا كانت هناك اشارة يف‬
‫حمررات النقل أو خالفه "‪.‬‬
‫كما حددت حمكمة النقض حمكمة روان كمحكمة احالة للبث يف االعرتاض املقدم من شركات الريكو‬
‫لالحتجاج على حكم احملكمة التجارية بباريس والصادر يف ‪ 1222/2/8‬واخلاص بعدم اختصاص احملكمة‬
‫لنظر الدعوى لوجود شرط التحكيم‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق مت الغاء حكم احملكمة التجارية يف باريس الصادر يف ‪ 1222/2/8‬والذي أعلن‬
‫االختصاص بنظر الدعاوى بني شركة اتغراين ضد شركة "الريكو"‪،‬وتطبيق شرط التحكيم املوجود يف عقد‬
‫املشارطة املنعقدة يف ‪.)2(1221/2/21‬‬
‫‪ 11‬ـ يظهر بوضوح جتاهل العادات و األعراف التجارية الدولية‪ ،‬واليت تعرف باسم ‪،Lex Mercatoria‬‬
‫ويتمثل ذلك يف عدم تنفيذ عقود النقل أو املشارطة تنفيذا جيد مع عدم توافر مبدأ حان النية(‪ ،)3‬وقد جاء‬
‫يف حتليل هذه الدعوى أن األطراف التجارية الدولية قد أضرت اىل حد كبري‪.‬‬
‫من حتليل وقائع دعوى الافينة "اسطمبول" جند أن موقف حمكمة النقض الفرناية كان أكثر تشددا حنو‬
‫التأكد من أن حامل سند الشحن قد أبدى موافقته الصرحية‪ ،‬دون أدىن شك على قبول شرط التحكيم‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) "Qu'en outres les opérations du déchargement qui a duré jusqu'en juillet 1992 n'etaient pas‬‬
‫‪terminées au moment de la manifestation express de l'acceptation des conditions de la‬‬
‫‪charte partie tel qu'il résulte de l'ordre de paiement donné; qu’il s'en déduit par conséquent‬‬
‫‪que cette acceptation a eu au moment de la livraison, quand il a été adhéré au contrat de‬‬
‫‪transport".‬‬
‫‪(2) La cour de cassation a désigné la cour d'appel de Rouen cour de renvoi pour stature sur le‬‬
‫‪contredit élevé à l'encontre du jugement du tribunal de commerce de paris du 5 février‬‬
‫‪1992.‬‬
‫(‪ )3‬وقد مت ترمجة املصطلح ‪ Les Mercatoria‬اىل قانون التجارة الدولية‪،‬حيث ينطوي هذا القانون على عادات وأعراف التجارة الدولية‪ ,‬والعقود النموذجية‬
‫والشروط العامة‪ ,‬واملبادئ العامة للقانون املشرتكة بني األمم املتمد نة وقواعد العدالة واإلنصاف مىت مت تفويض احملكم يف احلكم مبقتضاها‪ ،‬كما ميتد فيشمل أيضا‬
‫االتفاقات الدولية املوحدة يف شأن التجارة الدولية‪ ،‬سواء بالنابة للقواعد املوضوعية أو قواعد اإلسناد وكذلك التشريعات الوطنية املختلفة يف شأن تنظيم التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬وهذا القانون من طبيعة مهنية أساسا "‪ "de nature essentièllement professionnelles‬لتنظيم عالقات اجملتمع الدويل للتجار‬
‫"‪ "Communauté internationale des commerçants‬فهو قانون تكون خارج الدول "‪."Extraétatique‬‬

‫‪290‬‬
‫هكذ جند أن موقف القضاء الفرناي كان ومازال يف قمة التشدد اجتاه العلم اليقيين والقبول واملوافقة‬
‫الصرحية من جانب حامل سند الشحن ‪،‬من أجل أن يلتزم بشرط التحكيم الوارد يف املشارطة واليت مل يكن‬
‫طرفا فيها ليعد طرفا يف شرط التحكيم ‪ ،‬ولكي يعتد باالحالة الوارد باند الشحن البد من أن تكون‬
‫االحالة واضحة وحمددة اىل شرط التحكيم الوارد مبشارطة االجيار احملال اليها(‪)1‬‬

‫كما ميكن أن يرفق نص املشارطة باند الشحن‪ ،‬أو يتم ابالغ حامل سند الشحن بطريقة مؤكدة وثابتة‬
‫بنص مشارطة االجيار والتأكد من أنه قد علم بشرط التحكيم املذكور يف املشارطة ‪،‬وأبدى موافقته الصرحية‬
‫بشرط التحكيم الوارد باملشارطة(‪.)2‬‬

‫ب) اإلحالة في مصر‪.‬‬


‫لقد استقرت أحكام حمكمة النقض املصرية وذلك قبل صدور قانون التحكيم احلايل‪ ،‬القانون رقم ‪29‬‬
‫لانة ‪ 1221‬على أن االحالة سواء كانت عامة أو خاصة من شأهنا أن جتعل شرط التحكيم املوجود يف‬
‫عقد املشارطة مندجما يف بوليصة الشحن‪ ،‬هذا باالضافة اىل أن شرط التحكيم يصبح ملزما حلامل سند‬
‫الشحن أو للمرسل اليه ‪،‬باعتباره طرفا ذا شأن يف سند الشحن يتااوى يف مركزه مع مركز الشاحن حينما‬
‫يطالب بتنفيذ عقد النقل‪ ،‬وذلك باعتبار املرسل اليه صاحب املصلحة يف عملية الشحن ومن مث يرتبط‬
‫بالاند كما يرتبط به الشاحن ومنذ ارتباطه به(‪.)3‬‬
‫أيضا قضت حمكمة النقض املصرية بعدم اشرتاط توقيع الشاحن على سند شحن الذي حييل احالة عامة اىل‬
‫مشارطة االجيار ‪ ،‬على أساس اعتبار الاند يف هذه احلالة ما هو اال ايصاال باستالم البضاعة‪ ":‬اذا كان من‬
‫الثابت بالدعوى أن عملية النقل قد متت مبوجب مشارطة االجيار بالرحلة ‪،‬اشتملت على شروط االتفاق‬
‫وحرر تنفيذا هلا سند شحن والذي تضمن االحالة بصيغة عامة اىل ما تضمنته املشارطة من شروط ‪ ،‬ومن‬
‫بينها شرط التحكيم وكان الشاحن هو ماتأجر الافينة فإن توقيعه على املشارطة مبا اشتملت عليه من‬
‫شرط التحكيم يلزم الطاعن باعتباره مرسال اليه وطرفا ذا شأن يف النقل يتكافأ مركزه ومركز الشاحن ماتأجر‬
‫الافينة عندما يطالب بتنفيذ العقد الذي تثبته املشارطة ومن مث فال يعترب الشاحن نائبا عن الطاعن يف عقد‬
‫ــــــــــــ‬

‫‪(1)Diop papa ousmane, op cit, p12.‬‬


‫‪(2) Ibis, p15.‬‬
‫(‪)3‬الطعن رقم ‪ 93‬لانة ‪ 33‬ق جلاة ‪ 98/2/28‬س ‪ 19‬ص ‪ ،223‬الطعن رقم ‪ 139‬لانة ‪ 1233‬ق جلاة ‪ 98/9/11‬س ‪ 19‬ص ‪ :991‬الطعن‬
‫رقم ‪ 398‬سنة ‪ 31‬ق جلاة ‪ 98/9/11‬س ‪ 12‬ص ‪ :91‬الطعن رقم ‪ 81‬لانة ‪ 39‬ق جلاة ‪ 1213/1/11‬س ‪ 21‬ص ‪ :821‬الطعن رقم ‪ 23‬سنة‬
‫‪ 31‬ق جلاة ‪ 1293/1/3‬س ‪ 21‬ص ‪ :882‬الطعن رقم ‪ 138‬سنة ‪ 33‬ق جلاة ‪ 1299/2/9‬س ‪ 11‬ص ‪.333‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.839‬‬
‫‪291‬‬
‫املشارطة أو يف سند الشحن حىت يتطلب األمر وكالة خاصة‪ ،‬وال يؤثر على هذه النتيجة عدم توقيع‬
‫الشاحن على سند الشحن الذي يعد يف هذه احلالة جمرد ايصال باستالم البضاعة وشحنها على‬
‫الافينة"(‪.)1‬‬

‫كما قضت حمكمة النقض أن التزام املرسل اليه باند الشحن دون اعرتاض وقيامه بتنفيذ عقد النقل دون‬
‫حتفظ ‪،‬يعد قرينة على القبول الضمين للشروط اليت يتضمنها سند الشحن سواء كانت شروطا عادية أو‬
‫استثنائية مبا يف ذلك شرط التحكيم رغم عدم توقيع الشحن على سند الشحن(‪.)2‬‬

‫كما قضت حمكمة النقض بأن االحالة الواردة يف سند الشحن اىل شروط مشارطة االجيار الافينة امنا تكون‬
‫فيما مل يرد بشأنه نص خاص يف سند الشحن‪ ،‬كشرط التحكيم الوارد يف مشارطة االجيار(‪.)3‬‬

‫كانت تلك أهم املبادئ اليت سنتها حمكمة النقض املصرية قبل سريان قانون التحكيم املصري اجلديد‬
‫(القانون رقم ‪،)1221/29‬وما ميكن قوله أن القضاء املصري كان متااهال يف قبوله االحالة لشرط‬
‫التحكيم واالعرتاف بالرضى الضمين‪.‬‬
‫و يالحظ أنه وبعد صدور قانون التحكيم اجلديد ‪ ،‬قد حاول القضاء املصري تغيري وجهته فقد قضى حديثا‬
‫بوجوب االحالة الصرحية و اخلاصة ‪ ،‬وقد كان هذا احلكم متوافقا مع ما تنص عليه املادة ‪ 13‬فقرة ‪ 3‬من‬
‫قانون التحكيم و اليت تنص على أنه‪":‬يعترب اتفاقا على التحكيم كل احالة ترد يف العقد اىل وثيقة تتضمن‬
‫شرط حتكيم‪ ،‬اذا كانت االحالة واضحة يف اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد"‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االحالة في مجموعة الدول االنجلوساكسونية‪.‬‬
‫ان األحكام القضائية اليت صدرت يف موضوع االحالة يف كل من بريطانيا وأمريكا ختتلف عن األحكام‬
‫القضائية الفرناية يف هذا اجملال‪ ،‬حبيث أن قضاء الدول األجنلوساكاونية يأخذ مبعيارين لصحة شرط‬
‫التحكيم باالحالة واملتمثل يف فحص صحة اإلشارة أو اإلحالة املدرجة يف سند الشحن وكذا فحص صحة‬
‫شرط التحكيم املوجود يف العقد األصلي الذي حييل اليه سند الشحن‪ ،‬اال أنه هناك بعض االختالفات‬
‫الطفيفة بني القضاء االجنليزي واألمريكي وقد مت التطرق اليها سابقا من خالل التطرق لصحة الدمج‬
‫و بالتايل إمكانية اإلحتجاج بشرط التحكيم ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الطعن رقم ‪ 183‬سنة ‪ 12‬ق جلاة ‪.1211/2/2‬‬
‫(‪ )2‬الطعن رقم ‪ 199‬سنة ‪ 12‬ق جلاة ‪.12/9/29‬‬
‫(‪ )3‬الطعن رقم ‪ 1892‬سنة ‪ 12‬ق جلاة ‪ ،1219/2/13‬الطعن ‪ 1118‬سنة ‪ 82‬ق جلاة ‪.1219/11/19‬‬

‫‪292‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬نطاق اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري من حيث األشخاص ‪.‬‬
‫إذا اعتربنا أن القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم هو املختص بتحديد مفهوم مبدأ القوة امللزمة‬
‫التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (‪ ، )1‬فإنه خيتص ببيان النطاق الشخصي لذلك املبدأ أو ما يامى‬
‫باألثر النايب ‪ l’effet relatif‬التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من حيث األشخاص ‪.‬‬
‫وكما رأينا سابقا أن املبادئ العامة يف نظرية العقد تفيد أن العقد ال يقيد غري أطرافه ‪ ،‬و ال ينتج حقوق اال‬
‫يف مواجهتهم ‪ ،‬دون أن ينتقل اىل غريهم ‪ ،‬فإن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ال خيرج على ذلك‬
‫و أطراف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري تتحدد بأطراف عقد النقل البحري‪ ،‬و اليت غالبا عند‬
‫ابرامها لعقد النقل البحري تكون قد وضعت بندا خاصا بفض منازعات هذا العقد بواسطة التحكيم ‪،‬‬
‫أو كما رأينا مابقا النص على هذا الشرط يف مشارطات االجيار النموذجية أو سندات الشحن النموذجية‬
‫و اليت يوقع عليها أطراف عقد النقل البحري عند ابرامهم هلذا العقد ‪ ،‬و هلذا من املهم معرفة أطراف عملية‬
‫النقل البحري و ذلك لتحديد أطراف العالقة األصلية عن الغري ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أطراف عقد النقل البحري للبضائع ‪.‬‬
‫األصل أن ينشأ عقد النقل البحري بني طرفني ‪ ،‬الناقل و الشاحن مباشرة دون أي واسطة بينهما ‪ ،‬إال أن‬
‫غالبا ما يلجأ الطرفان اىل مندوب أو وكيل عنها البرام هذا العقد ‪ .‬فقد ميثل الشاحن أحد الوكالء‬
‫بالعمولة‪ ،‬و قد ميثل الناقل وكيال عنه و يكون يف غالب األحيان الربان ‪ ،‬أو من ميثله مندوبا حبريا كأمني‬
‫الافينة (‪.)2‬‬
‫و األصل أيضا أن تقتصر أثار عقد النقل البحري و الشروط و البنود املتفق بشأهنا يف العقد ( كشرط‬
‫التحكيم ) بني الناقل و الشاحن ‪ ،‬إال أنه مثة شخص ثالث ترسل له البضائع و تربطه باملرسل عادة عالقة‬
‫تعاقدية سابقة ‪ ،‬فيقوم باستالم البضائع املشحونة عند وصوهلا ‪ ،‬نتيجة ترتب له حق خاص مباشر اجتاه‬
‫الناقل بتاليمه البضائع املرسالة و يف امليعاد احملدد بالرغم من أنه ليس طرفا يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫و هذا احلق مينحه الصفة و املصلحة يف اقامة دعوى املاؤولية على الناقل يف حال أخل بالتزام بتاليم‬
‫البضاعة وفقا لشروط العقد ‪.‬‬
‫و كثريا ما تكون شخصية املرسل اليه جمهولة حني انشاء العقد ‪ ،‬على اعتبار أن سند الشحن الذي يصدر‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪(1)PAUL CHAUVEAU ,TRAITE DE DROIT MARITIME ,LIBRAIRIES‬‬
‫‪TECHNIQUES,1958 ,P494‬‬

‫(‪)2‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪. 23‬‬


‫‪293‬‬
‫بناء على عقد النقل و يثبته ‪ ،‬ميكن أن يكون حلامله ‪ ،‬أو ألمر ‪ ،‬و بالتايل يكفي تظهري الاند ليكون‬
‫املظهر إليه له صفة املرسل اليه ‪.‬‬
‫‪-1‬الناقل البحري ‪:‬‬
‫الناقل البحري هو من ارتبط بعقد نقل حبري مع الشاحن ‪ ،‬فقد يكون الناقل مالك الافينة ‪ ،‬وقد يكون‬
‫جمهزها ‪ ،‬أو ماتأجرها ‪ ،‬و تكمن أيمية حتديد صفة الناقل من الناحية العملية يف معرفة الشاحن أو املرسل‬
‫إليه ضد من يقيم دعوى املاؤولية عند االخالل بتنفيذ عقد النقل ‪ ،‬على اعتبار أن مالك الافينة املعروف‬
‫دائما من خالل سجل ملكية الافن ‪ ،‬ال يكون له صفة الناقل (‪.)1‬‬
‫أما اتفاقية بروكال عرفت الناقل بأنه يشمل مالك الافينة أو ماتأجرها املرتبط مع الشاحن بعقد النقل‬
‫(املادة ‪/1‬أ) ‪.‬‬
‫أما اتفاقية هامبورغ فقد عرفت الناقل أنه كل شخص أبرم عقدا أو أبرم بإمسه عقدا مع الشاحن لنقل‬
‫البضائع حبرا ‪ ،‬و قد أشارت املعاهدة اىل الناقل الفعلي باعتباره كل شخص يكون الناقل قد عهد اليه بتنفيذ‬
‫نقل البضائع أو جزء من النقل كما يشمل كل شخص أخر يكون قد عهد اليه هبذا التنفيذ ( املادة ‪-1/1‬‬
‫‪. )2‬‬
‫أما الناقل وفق اتفاقية روتردام هو الشخص الذي يربم عقد النقل مع الشاحن ‪ ،‬فلم تشرتط أن يكون الناقل‬
‫أبرم عقد نقل حبري بالكامل شأن معاهديت بروكال و هامبورغ (املادة ‪ ، )8/1‬و مبا أن عقد النقل يقوم‬
‫بتنفيذه غري الناقل فقد حددت معاهدة روتردام الطرف املنفذ الذي يؤدي أو يتعهد بأن يؤدي أيا من‬
‫واجبات الناقل بناء على طلب هذا األخري و حتت اشرافه أو سيطرته (املادة ‪(/9‬أ)) ‪.‬‬
‫‪ -2‬الشاحن ‪ :‬قد يكون مالك البضاعة املشحونة و قد ال يكون مالكها ‪ ،‬فهو الذي يربم عقد النقل مع‬
‫الناقل إما بنفاه مباشرة أو عرب ممثل له ‪ ،‬و قد يربم عقد النقل البحري بالرغم من غياب أطرافه األصليني‬
‫ذلك عندما يتمثل الشاحن بوكيل العمولة ‪ ،‬دون أن نناى أنه يف بعض األحيان يتدخل شخص ثالث‬
‫لتقريب وجهات النظر حول شروط العقد بني الناقل و الشاحن ‪ ،‬وهذا الشخص هو الاماار البحري‬
‫و الذي ال يعترب طرفا يف العالقة التعاقدية ‪.‬‬
‫و قد أغفلت اتفاقية بروكال تعريف الشاحن ‪ ،‬أما معاهده هامبورغ فقد عرفته بأنه كل شخص أبرم عقدا‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 29‬‬

‫‪294‬‬
‫أو أبرم بإمسه أو نيابة عنه عقد نقل للبضائع حبرا مع الناقل أو أي شخص قام بتاليم البضائع للناقل سواء‬
‫مت التاليم بواسطته أو بامسه أو نيابة عنه و كانت تلك البضائع تتعلق بعقد النقل البحري (مادة ‪.)3/1‬‬
‫أما اتفاقية روتردام قد عرفت الشاحن بأنه الشخص الذي يربم عقد النقل مع الناقل (مادة ‪ )1/1‬فلم‬
‫تشرتط كما اشرتطت معاهدة هامبورغ أن يربم عقد نقل حبري بالكامل ‪ ،‬كما نصت اتفاقية روتردام على‬
‫الشاحن املاتندي و هو الشخص غري الشاحن و يقبل بأن يامى ب" الشاحن" يف ماتند نقل أو سجل‬
‫نقل الكرتوين (م‪.)2/‬‬
‫‪-3‬المرسل إليه ‪ :‬ال يعد طرفا أصليا يف عقد النقل البحري للبضائع ال بشكل مباشر و ال بشكل غري‬
‫مباشر ‪ ،‬و باملقابل ال يعترب من الغري املطلق فهو طبقا ملا جاءت به حمكمة النقض املصرية أنه يعترب طرف‬
‫ذا شأن يف عقد النقل البحري ‪ ،‬إذ أنه ياتمد حقوقه من هذا العقد مبواجهة الناقل ‪ ،‬عندما يكون سند‬
‫الشحن بامسه أو للحامل آل اليه ‪ ،‬أو لألمر مظهرا اليه (‪ . )1‬عنده ياتمد املرسل اليه حقوقه من سند‬
‫الشحن هذا و ليس من عقد النقل ‪ ،‬فيكون له بعض احلقوق الناشئة عن عقد النقل كما يتحمل بعض‬
‫االلتزامات الناشئة عنه ‪ .‬و من أهم تلك احلقوق احلق يف تالم البضائع من الناقل يف مكان الوصول ‪،‬‬
‫احلق يف رفع دعوى املاؤولية يف حالة تلف البضاعة أو التأخر يف تاليمها ‪ ،...‬و قد حاولت عدة نظريات‬
‫تربير الاند القانوين الذي جيعل للمرسل اليه حقوقا و حيمله بالتزامات اجتاه الناقل ( النظريات اليت حددت‬
‫مركز املرسل اليه يف عقد النقل البحري ومنها النظريات التقليدية‪ :‬استنادا اىل االشرتاط ملصلحة الغري‪ ،‬اعتباره‬
‫خلفا خاصا ‪ ،...‬كما هنا نظرية جديدة جاء هبا الفقه احلديث لتربير مركز املرسل اليه يف عقد النقل‬
‫البحري و هي نظرية النفاذ داخل اجملموعة العقدية الواحدة )‪.‬‬
‫و إذا كانت معاهدة بروكال مل تتعرض لتعريف املرسل اليه ‪ ،‬إال أن اتفاقية هامبورغ اعتربت أن املرسل اليه‬
‫هو الشخص الذي له احلق باستالم البضائع ( املادة ‪.)1 /1‬‬
‫أما عن اتفاقية روتردام فقد عرفت املرسل إليه بأنه الشخص الذي حيق له تالم البضائع مبقتضى عقد النقل‬
‫أو ماتند النقل أو سجل النقل االلكرتوين (‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 29‬‬
‫(‪)2‬املادة األوىل من اتفاقية روتردام ‪"-11... ":‬املرسل إليه" يعين الشخص الذي حيق لـه تالم البضائع مبقتضى عقد النقل أو ماتند‬
‫النقل أو سجل النقل اإللكرتوين‪"...‬‬

‫‪295‬‬
‫ثانيا ‪ :‬انتقال اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫إن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ال يرتب أثاره يف غري مواجهة أطرافه ‪ ،‬الذين تفاوضوا بشأنه‬
‫ووقعوه‪ ،‬سواء بأنفاهم أو عن طريق ممثليهم ‪ ،‬وهم الذين يكون هلم التماك بأثاره (‪.)1‬‬
‫غري أنه إذا كان اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ال يناحب أثره اال على من أبرمه ‪ ،‬إال أنه ميكن أن‬
‫ينتقل هذا األثر اىل غري هؤوالء ‪ ،‬فهو ينتقل اىل اخللف العام كالورثة (‪، )2‬كما ينتقل اىل اخللف اخلاص(‪.)3‬‬

‫و جتدر اإلشارة بأن هذا النفاذ مل يقع نتيجة الرادة العاقدين بل حبكم القانون و من مث ال يتعارض وقاعدة‬
‫عدم التزام الغري بعقد مل يشرتك فيه (‪ . )1‬و خيتص القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم بتحديد‬
‫من هو اخللف العام و من هو اخللف اخلاص لطريف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪ ،‬و كذلك من‬
‫هو الغري (‪ )8‬و الذي ميكن أن حيتج باتفاق التحكيم عليه أو حيتج هو به‪.‬‬
‫و بشأن اخللف اخلاص ‪ ،‬الذي خيلف سلفه يف حق معني و هو يف شأن اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬احلق الشخصي الناتج عن ذلك االتفاق ‪ ،‬حيث يلتزم به ‪ ،‬فبالنابة حلوالة احلق ‪ ،‬أو حوالة‬
‫العقود ‪ ،‬فإن أثر اتفاق التحكيم الذي يربمه الدائن احمليل و املدين احملال عليه ينتقل اىل احملال إليه احلق ‪.‬‬
‫فاملدين احملال عليه ياتطيع أن حيتج ‪ ،‬يف مواجهة احملال اليه ‪ ،‬بكل الدفوع اليت له يف مواجهة الدائن ‪،‬‬
‫و منها الدفع بوجود اتفاق التحكيم أمام قضاء الدولة ‪ ،‬حىت يتخلى عن نظر النزاع الذي يوجد بشأنه‬
‫اتفاق التحكيم ذلك أن حوالة العقود ‪ ،‬أو حوالة احلق ‪ ،‬تنقل كل عناصر االلتزام أو احلق الشخصي اىل‬
‫احملال اليه و جتعله طرفا أصيال يف اتفاق التحكيم ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مع األخذ باالعتبار أن إجتاه كبري من الفقه املعاصر للتحكيم التجاري الدويل يرى بأن مبدأ القوة امللزمة يشكل قاعدة مادية من قواعد التحكيم التجاري‬
‫الدويل ‪ ،‬فيجب االعرتاف به و احرتامه خارج دائرة أي قانون وضعي على حنو ما كرنا سابق ‪ ،‬و حنن نااند هذا الرأي ألنه يعطي فعالية أكثر التفاق التحكيم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫(‪)3‬و قد قضت غرفة التجارة الدولية بباريس عام ‪ 1299‬بأنه ‪:‬‬
‫‪« Selon la doctrine juridique dominante , une convention d’arbitrage n’est pas valable entre les‬‬
‫‪parties seulemen . mais s’impose également à leurs successeurs universels ,et à leur ayant cause à‬‬
‫» ‪titre particulier cessionnaires et tous acquérieurs d’obligation‬‬
‫أنظر احلكم يف القضية ‪ 2929‬منشور يف ‪ 1291 clunet‬ص ‪ 213‬تعليق ‪Y .DERAINS‬‬
‫مأخوذ من املرجع الاابق ذكره ‪.‬‬
‫(‪)1‬حممد حانني ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬
‫(‪)8‬و الغري هنا هو كل شخص مل يكن طرفا يف اتفاق التحكيم البحري ‪ ،‬ومل يكن خلفا عاما أو خاصا ألحد طرفيه ‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫و يف احللول الشخصي ‪ la subrogation personnelle‬فإن الشخص الذي حيل حمل الدائن ‪ ،‬وهو‬
‫املاتفيد ‪ ،‬ينتقل اليه أثر اتفاق التحكيم الذي أبرمه الدائن عند انتقال حقوقه ‪.‬‬
‫و هكذا يف جمال التأمني و حلول شركة التأمني حمل املؤمن عليه ‪ ،‬فإن الشركة تكون ملتزمة باتفاق التحكيم‬
‫يف عقد النقل البحري و الذي قبله املؤمن عليه و الذي ياتمد منه حقوقه (‪.)1‬‬
‫أما عن االشرتاط ملصلحة الغري ‪ ،‬ميكن القول أن شرط التحكيم ال حيمل املنتفع باإللتزامات ‪ ،‬إمنا يرتب له‬
‫حقوقا فقط ‪ .‬وملا كان شرط التحكيم يرمي اىل حتقيق محاية احلقوق ‪ ،‬فإنه ميكن للمنتفع أن يتماك بشرط‬
‫التحكيم الذي أبرمه املشرتط ‪ ،‬إال أن بعض الفقه الفرناي يرى بأن املنتفع ال يرتبط باتفاق التحكيم إال إذا‬
‫وافق عليه فيما بعد(‪.)2‬‬
‫كما أن الواقع العملي يف معامالت النقل الدويل البحري للبضائع أثبت أن هناك أشخاص من الغري ميكن‬
‫أن ميتد اليهم أثر اتفاق التحكيم املربم بني طريف عقد النقل ‪ .‬و يطرح الاؤال دوما ‪ ،‬حول أثر وجود شرط‬
‫التحكيم باند الشحن ‪ ،‬بالنابة حلامله ‪ .‬فالشاحن الذي مل يوقع سند الشحن يعترب قد قبل الاند بكل‬
‫شروطه وبنوده منذ حلظة تظهريه ‪ .‬وحامل الاند ليس خلفا خاصا ‪ ،‬و لكن له حق مرتبط بالاند الذي‬
‫حيمله ‪ ،‬ومن مث فهو يتقيد بشرط التحكيم الوارد بذلك الاند كما له أن يتماك به(‪.)3‬‬
‫و إذا ورد شرط التحكيم يف عقد اجيار الافينة ‪ ،‬دون سند الشحن ‪ ،‬فقد اجته الرأي الاائد اىل أن حامل‬
‫الاند ال يلتزم بذلك الشرط ‪ ،‬إال إذا كانت هناك احالة صرحية إليه يف سند الشحن وال تكفي االحالة‬
‫العامة كما رأينا يف أغلب قوانني و أحكام القضاء املقارنة ‪ ،‬حيث ال تؤدي االحالة العامة اىل جعل شرط‬
‫التحكيم الوارد بعقد االجيار مندجما يف سند الشحن‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص‪182‬‬
‫‪(2) Philippe Fouchard, E.Gaiyard.B.Goldman., op cit, p 298 .‬‬
‫(‪ )3‬و يف هذا املعىن قضت حمكمة النقض املصرية أن شرط التحكيم الوارد باند الشحن يلزم املرسل اليه باعتباره يف حكم األصيل رغم عدم توقيعه على ذلك‬
‫الاند و عدم تعاقده على نقل البضاعة ‪ .‬فامل رسل اليه ‪ ،‬أي حامل الاند ‪ ،‬يعترب طرفا ذا شأن يف عقد النقل البحري يتكافا مركزه و مركز الشاحن ‪ ،‬ومن مث يلتزم‬
‫بشرط التحكيم الوارد فيه ‪ .‬فال ياتطيع أن يرفع دعواه مباشرة اىل قضاء الدولة ‪ ،‬كما ال ياتطيع أن يطالب بتنفيذ ذلك الشرط ‪.‬‬
‫نقض مدين ‪ 29‬يونيو ‪ ، 1291‬جمموعة الكتب الفين ‪ ،‬الانة ‪ ، 22‬ص ‪ ، 1311‬و نقض مدين ‪ 11‬أبريل ‪ ، 1293‬نفس املرجع ‪ ،‬الانة ‪ ، 21‬ص‬
‫‪ . 821‬مأخوذ من‪ :‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 112‬إن ما جتدر االشارة اليه أن هذا القرار الذي أخذت به حمكمة النقض املصرية ليس‬
‫بالعام ‪،‬و امنا هناك تضرب األراء حول مركز املرسل اليه يف الدول املختلفة و هذا ما سنتطرق اليه يف املطلب املوايل بنوع من التفصيل ‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مدى سريان اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري في مواجهة حامل سند الشحن‪.‬‬
‫(النطاق الشخصي التفاق للتحكيم في عقد النقل البحري )‬
‫إن مشكل االحتجاج بشرط التحكيم البحري يف مواجهة حامل سند الشحن هو موضوع لعدة‬
‫منازعات ‪ ،‬كما أن دراسة مدى نفاذ شرط التحكيم يف جمال النقل البحري مرتبط باملركز القانوين حلامل‬
‫سند الشحن (‪ ، )1‬كما إختلفت الدول يف مدى قبوهلا لنفاذ شرط التحكيم يف عقد النقل البحري يف‬
‫مواجهة حامل سند الشحن فبعضها تضع شروطا مشددة هلذا ‪ ،‬و أخرى أكثر تااهال (‪.)2‬‬
‫وقد ترجم هذا التااهل والتشدد الذي تبنته الدول باألحكام القضائية اليت صدرت مبناسبة منازعات‬
‫ثارت حول مدى التزام املرسل إليه بشرط التحكيم البحري بصورتيه أي شرط التحكيم املدرج يف سند‬
‫الشحن أو شرط التحكيم احمليل إليه سند الشحن و هو ما يعرف بشرط التحكيم باإلحالة‪.‬‬
‫و يعترب املرسل إليه الشخص الذي يتلقى البضاعة عن طريق عقد النقل البحري ‪ ،‬بواسطة سند نقل عادي‬
‫أو الكرتوين (‪ )3‬بدون أن يكون طرفا يف هذا العقد ‪،‬و لعل أيمية حتديد املركز القانوين للمرسل اليه تنبع من‬
‫عالقاته املتشعبة اىل حد كبري يف جمال عمليات النقل البحري للبضائع ‪ ،‬و لنا أن نتصور مدى هذا التداخل‬
‫و ذلك التشعب إذا ما علمنا بعالقات املرسل اليه مع العديد من األشخاص و ذلك منذ بداية ابرام عقد‬
‫البيع ‪ ،‬مرورا بعمليات الشحن املختلفة اخلاصة بالبضاعة و إصدار سندات الشحن بأنواعها ‪ ،‬مع احتمال‬
‫تداول هذه الاندات بني أكثر من ماتفيد حىت تصل اىل املرسل اليه صاحب احلق يف االستالم(‪.)4‬‬
‫و لذلك فمن األيمية مبا كان حتديد مفهوم الغري ملعرفة من حياج باتفاق التحكيم الوارد يف عقد النقل‬
‫البحري أو على من ينفذ هذا العقد ؟و كذا حتديد ما إذا كان املرسل اليه يعترب" طرفا " أم من "الغري "‬
‫يف هذا العقد؟و بالتايل ما هو املبدأ الذي يطبق عليه هل مبدأ نابية أثر العقد ‪ ،‬أم مبدأ نفاذ العقد‬
‫واالحتجاج به؟وهل ينتقل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري اىل مؤمن البضاعة عن طريق احللول ؟‪.‬‬
‫و قد أجبنا على هذه اإلشكاالت القانونية من خالل مطلبني‪ :‬املطلب األول هو عن املركز القانوين للمرسل‬
‫إليه ومدى نفاذ اتفاق التحكيم يف مواجهته ومطلب ثاين يضم انتقال اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫عن طريق احللول‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Hadouan Kamel, op cit, p08‬‬
‫‪(2) Ibis , p 09‬‬
‫‪(3) Wei HOU , LA LIBERTE CONTRACTUELLE EN DROIT DES TRANSPORTS‬‬
‫‪MARITIMES DES MARCHANDISE,presses Universitaires AIX –Marseille , 2011,p186‬‬

‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق ‪،‬ص ‪.899‬‬

‫‪298‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المركز القانوني للمرسل إليه في عقد النقل البحري و مدى نفاذ اتفاق التحكيم في‬
‫مواجهته‪.‬‬
‫إن مفهوم الغري يف عقد النقل البحري يعين أنه أي شخص غري الشاحن و الذي يربم عقد النقل مع‬
‫الناقل (‪، )1‬كما ال خيفى علينا أن التوصل لإلجابة على األسئلة الاابقة سيؤدي بنا اىل حتديد املركز‬
‫القانوين للمرسل اليه ‪،‬و بالتايل كشف حقيقته و أساس عالقته املركبة مع العديد من األطراف اليت تتداخل‬
‫وتتشابك يف عمليات نقل البضائع حبرا ابتداءا من تنفيذ هذه العمليات يف ميناء الشحن و حىت تاليم‬
‫البضاعة للمرسل اليه يف ميناء الوصول حيث مازال حتديد مركز املرسل اليه مثار خالف شديد يف الفقه‬
‫و القضاء تنازعه أراء و نظريات عديدة مل تالم أي منها من النقد ‪.‬‬
‫و يعتقد البعض أن حتديد املركز القانوين للمرسل إليه يف عقد النقل البحري هو أمر نظري ولكن يف‬
‫احلقيقة أنه من األيمية مبا كان بالنظر إىل النتائج العملية والقانونية املرتتبة عنه(‪ .)2‬وقد ظهرت عدة نظريات‬
‫يف هذا الصدد وذلك ملعرفة مدى نفاذ الشروط املرتتبة عن عقد النقل البحري يف مواجهته‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬النظريات التقليدية لتحديد المركز القانوني للمرسل إليه‪.‬‬
‫ال ينتج عقد النقل البحري أثره من حيث املبدأ إال بني املتعاقدين مع ذلك فقد متيز هذا العقد بأن‬
‫الذي يتالم البضائع هو املرسل إليه(‪ ،)3‬والذي يعد بال شك من الغري بالنابة للعالقة العقدية األصلية‬
‫القائمة بني الناقل والشاحن فهو ليس طرفا يف هذه العالقة ألنه ببااطة مل يشارك يف إبرامها(‪. )1‬ونظرا‬
‫خلصوصية املعامالت البحرية(‪ )8‬وتعقيدها ‪ ،‬فمن الناحية العملية أوجب قيام عالقات مباشرة بني املرسل إليه‬
‫والناقل دون استطاعة تربير ذلك قانونا‪ ،‬وقد أوقع ذلك الفقه والقضاء يف حرية عند التعرض لبيان األساس‬
‫القانوين ملركز املرسل إليه يف سند الشحن‪ ،‬خاصة وأن مواد القانون البحري تفرق بني حجية سند الشحن‬
‫بالنابة ألطرافه وحجيته بالنابة للغري(‪.)9‬وقد حاولت نظريات عدة إجياد األساس القانوين ملركز املرسل إليه ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية االشتراط لمصلحة الغير‪.‬‬
‫خيضع مفهوم االشرتاط ملصلحة الغري يف القانون اجلزائري للمادة ‪ 119‬من القانون املدين اجلزائري حيث‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)Wei HOU, op cit , p185‬‬
‫(‪)2‬عباس مصطفى املصري‪،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)3‬د‪ .‬صربي محد خاطر‪ ،‬الغري عن العقد‪ ،‬سنة ‪ ،2331‬ص ‪. 22‬‬
‫(‪)1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)8‬عباس حلمي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫(‪)9‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 821‬‬

‫‪299‬‬
‫تنص على أنه‪ " :‬جيوز للشخص أن يتعاقد بإمسه على التزامات يشرتطها ملصلحة الغري‪ ،‬إذا كان له يف تنفيذ‬
‫هذه االلتزامات مصلحة شخصية أو أدبية‪".‬‬
‫ويرتتب على هذا االشرتاط أن يكاب الغري حقا مباشرا قبل املتعهد بتنفيذ االشرتاط ياتطيع أن يطالبه‬
‫بوفائه‪ ،‬مامل يتفق على خالف ذلك‪ ،‬ويكون هلذا املدين أن حيتج ضد املنتفع مبا يعارض مضمون العقد‪.‬‬
‫وجيوز كذلك للمشرتط أن يطالب بتنفيذ ما اشرتط ملصلحة املنتفع‪ ،‬إال إذا تبني من العقد أن املنتفع‬
‫وحده جيوز له ذلك"(‪ . )1‬ونظام االشرتاط ملصلحة الغري يشكل استثناءا على مبدأ نابية العقود سواء يف‬
‫القانون اجلزائري أو القانون املصري و حىت يف القانون الفرناي(‪ .)2‬و إن كانت هناك اجتاهات فقهية حديثة‬
‫ال ترى يف هذا النظام أي استثناء على مبدأ نابية العقود‪ ،‬تأسياا على أن توافر إرادة املنتفع جتعله مبثابة‬
‫الطرف يف العالقة األصلية(‪.)3‬‬
‫و قد أفرط القضاء يف استخدام هذا املفهوم يف حاالت كثرية منها تقرير اشرتاط ضمين ملصلحة أقارب‬
‫املاافر املضرور يف عقد نقل األشخاص إلفادهتم من مزايا النظام العقدي ‪،‬و إتاحة رجوعهم ضد الناقل‬
‫على أساس قواعد املاؤولية العقدية‪ .‬ومن ناحية أخرى اجته القضاء إىل الركون لنفس املفهوم لتمكني الغري‬
‫من املطالبة ملصلحته بتنفيذ ذات األداء العقدي املقرر للدائن يف العقد األصلي ومثال ذلك دعوى املرسل‬
‫إليه ضد الناقل للمطالبة باستالم البضاعة أو بالتعويض عن اهلالك أو التلف (‪.)1‬‬
‫فغالبا ياتند القضاء إىل مفهوم االشرتاط ملصلحة الغري إذا ما أراد حتقيق فائدة للغري من خالل نظام‬
‫املاؤولية العقدية‪ ،‬وقد استخدم هذا النظام عمليا من أجل حتقيق غايات خمتلفة ففي بعض احلاالت‬
‫ياتخدم لتمكني الغري من االستفادة من مزايا النظام العقدي ويف البعض اآلخر ياتخدم ملنح الغري حق‬
‫املطالبة بتنفيذ أداء عقدي من خالل عالقة عقدية ليس طرفا فيها‪ ،‬تلك غايات خمتلفة تاتخدم‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬يقابل هذه املادة يف القانون الفرناي املادة ‪ 1121‬مدين فرناي نصها كالتايل‪:‬‬
‫‪"on peut pareillement stipuler au profit d'un tiers lorsque telle est la condition d'une stipulation que‬‬
‫‪l'on fait pour soi-même d'une donation que l'on fait à un autre, celui qui a fait cette stipulation ne‬‬
‫"‪peut la révoquer, si le tiers a déclaré vouloir en profiter‬‬
‫ويقابلها يف القانون املصري املادة ‪ 181‬من القانون املصري واليت تنص‪ ":‬جيوز للشخص أن يتعاقد بامسه على التزامات يشرتطها ملصلحة الغري اذ أن له يف‬
‫تنفيذ هذه االلتزامات مصلحة شخصية ويرتتب على هذا االشرتاط أن يكاب الغري حقا مباشرا قبل املعهد بتنفيذ االشرتاط ياتطيع أن يطالبه لو فاته مامل يتفق‬
‫على خالف ذلك‪ ،‬ويكون هلذا املعهد أن يتماك قبل املنتفع بالدفوع اليت تنشأ عن العقد‪"..‬‬
‫(‪ )2‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.933‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬صربي محد خاطر‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.92،93‬‬

‫‪300‬‬
‫لتحقيقها فكرة واحدة هي فكرة االشرتاط ملصلحة الغري(‪.)1‬‬
‫ولتحقق االشرتاط ملصلحة الغري وجب توافر أمرين معا‪:‬‬
‫أ) أن يكون التعاقد بإسم من يربم العقد ولكن ملصلحة شخص أخر يظهر يف العقد‪.‬‬
‫ب) أن يكون املتعاقدان قد قصدا إنشاء حق خاص مباشر للغري املاتفيد‪ ،‬ذلك أن الغرض يف االشرتاط‬
‫ملصلحة الغري‪ ،‬أن الغري املاتفيد ياتطيع املطالبة باحلق الناشئ له عن العقد املربم بني الطرفني دون رجوع‬
‫إىل املشرتط كي يطالب له من تعاقد معه هبذا احلق(‪.)2‬‬
‫عموما ومن منطق البحث عن أساس قانوين ملركز املرسل إليه قد إعتقد الفقه فكرة االشرتاط ملصلحة الغري‬
‫كاند قانوين هلذا املركز عندما قرر أن الشاحن وقت إبرامه عقد النقل يشرتط ملصلحة املرسل إليه فيكاب‬
‫هذا األخري هبذا االشرتاط احلق يف تالم البضاعة‪ ،‬ويتحقق قبوله بالطبع عندما يتقدم الستالم هذه‬
‫البضاعة‪ ،‬من ناحية أخرى فإن قبول هذا االشرتاط من جانب املرسل إليه يفرتض قبوله تنفيذ االلتزامات‬
‫املرتبطة هبذا االشرتاط كااللتزام بدفع أجرة النقل وااللتزام بالشروط الواردة يف سند الشحن ومن بينها شرط‬
‫التحكيم البحري‪.‬‬
‫نقد هذه النظرية‪:‬‬
‫قد وجه العديد من االنتقادات إىل هذه النظرية وأيمها‪:‬‬
‫أ ) أنه وفقا للمواد القانونية اليت قررت نظام االشرتاط ملصلحة الغري سواء يف اجلزائر‪ ،‬مصر أو فرناا أنه‬
‫يرتتب عليه اكتااب الغري حقا دون حتميله بأية التزامات(‪ ، )3‬وبالتايل إلزام املرسل إليه بشرط التحكيم‬
‫البحري املوجود يف سند الشحن أو الذي حييل إليه سند الشحن ملشارطة اإلجيار يكون دون تربير سليم‪.‬‬
‫ب) يتيح النظام القانوين لالشرتاط ملصلحة الغري للمتعهد أن يتماك قبل املنتفع بالدفوع اليت ميكن أن‬
‫تنشأ عن هذا العقد‪ ،‬وهذا يعين أنه ميكن االحتجاج بشروط عقد املشارطة قبل حامل الاند الصادر ماتند‬
‫إىل هذه املشارطة باعتباره متدخال يف عقد النقل حىت ومل يكن هذا الاند قد تضمنها أو أشار إليها‬
‫بوضوح‪ ،‬إال أنه جرى العمل على أن شروط مشارطة اإلجيار ال حيتج هبا قبل حامل سند الشحن ومنها‬
‫شرط التحكيم البحري باإلحالة ما مل يكن بشكل واضح وصريح ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.933‬‬
‫(‪ )3‬وقد نصت املادة ‪ 113‬من القانون املدين اجلزائري على أن العقد ال يرتب التزاما يف ذمة الغري ولكن جيوز أن يكابه حقا‪.‬‬
‫د‪ .‬الانهوري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬ص ‪.993‬‬

‫‪301‬‬
‫د) يفرتض نظام االشرتاط ملصلحة الغري توافر عنصر نفاي أساسي أال وهو "نية االشرتاط" ليس لصاحل‬
‫املشرتط نفاه وإمنا لصاحل الغري‪ ،‬فقصد االشرتاط ملصلحة الغري هو أن تتجه إرادة املشرتط واملتعهد إىل‬
‫إنشاء حق خاص يف ذمة املنتفع مباشرة‪ ،‬أي إىل إكااب املنتفع حقا مبجرد اتفاقهما على ذلك دون أن مير‬
‫هذا احلق بذمة أي منهما‪ ،‬وبالتايل فان اتفاق أصحاب العالقة األصلية إىل إحالة ما ينشب من نزاع على‬
‫التحكيم البحري مل يكن لينصرف إىل املرسل إليه و بالتايل فإن أحكام االشرتاط ملصلحة الغري ال تنطبق إذا‬
‫كان املشرتط قد اشرتط احلق لنفاه وحوله إىل املنتفع(‪.)1‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نظرية الخلف الخاص‪.‬‬
‫لقد اعترب بعض الفقه أن املرسل إليه حامل سند الشحن خلفا خاصا للشاحن بوصفه مشرتي للبضاعة‪،‬‬
‫وملا كان عقد عقده الشاحن واملتعلق هبذه البضاعة‪ ،‬فإن املرسل إليه وبإعتباره خلف خاصا ينتقل إليه ما‬
‫يرتبه هذا العقد من حقوق والتزامات(‪، )2‬ومنها شرط التحكيم املدرج يف سند الشحن وذلك طبقا لنص‬
‫املادة ‪ 132‬من القانون املدين اجلزائري واليت تنص‪ ":‬إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقا‪ ،‬شخصية تتصل‬
‫بشيء انتقل بعد ذلك إىل خلف خاص‪ ،‬فإن هذه االلتزامات واحلقوق تنتقل إىل هذا اخللف يف الوقت‬
‫الذي ينتقل فيه الشيء‪ ،‬إذا كانت ماتلزماته وكان اخللف اخلاص يعلم هبا وقت انتقال الشيء إليه"(‪.)3‬‬
‫إنه وباستقراء هته املادة يتبني أن اخللف اخلاص هو من ينتقل إليه حق خاص من احلقوق أو دين من ديون‬
‫الالف الثابتة يف ذمته املالية بإحدى االتفاقات الناقلة للحقوق أو بنص القانون(‪. )1‬‬
‫وحاب هذه النظرية فإن احلقوق اليت يتلقاها املرسل إليه من عقد النقل البحري الذي مل يكن طرفا فيه‬
‫وكذا التزاماته إمنا يرجع تفاريه إىل املادة ‪ 132‬من القانون املدين اخلاصة بتأثر اخللف اخلاص بتصرفات‬
‫الالف متعلقة بالعني اليت نقلها إىل آثار ذلك اخللف مىت كانت احلقوق وااللتزامات الناشئة عن هذه‬
‫التصرفات من ماتلزمات الشيء الذي انتقل إىل اخللف اخلاص‪.‬‬
‫ولتطبيق املادة ‪ 132‬من القانون املدين كأساس قانوين ملركز املرسل إليه جيب مراعاة بعض الضوابط اليت‬
‫جاءت هبا‪ ،‬فأثر العقد ينصرف حاب هته املادة إىل اخللف اخلاص بشروط أربعة وهي‪:‬‬
‫أ ـ أن يرد تصرف الالف على ذات الشيء الذي تلقاه اخللف‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫(‪)3‬يتقابل هذا النص املادة ‪ 119‬من القانون املدين املصري‪.‬‬
‫(‪) 1‬ومن الفقهاء الذين استندوا إىل نظرية اخللف اخلاص كأساس ملركز املرسل إليه يف عقد النقل البحري األستاذ الدكتور عبد احلي حجازي يف حبثه" نظريات يف‬
‫االشرتاط ملصلحة الغري" والفقيه "‪." Garreau de la machine‬‬

‫‪302‬‬
‫ب ـ أن تكون امللكية مل تنتقل بعد إىل اخللف وقت التزام الالف للتصرف مع الغري‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫امللكية قد انتقلت قبل التصرف فيكون اخللف الذي تلقاها أجنبيا عن املتصرف(‪.)1‬‬
‫ج ـ أن يعلم اخللف علما يقينا بالتصرف الذي أبرمه سلفه مع الغري وباحلقوق وااللتزامات اليت ترتبت‬
‫عليه حىت ميكن أن ينتقل إليه شيء منها‪.‬‬
‫د ـ أن تكون احلقوق وااللتزامات الناشئة عن العقد من ماتلزمات احلق الذي آل إىل اخللف(‪ )2‬وقد‬
‫استقر القضاء والفقه على أن احلقوق تكون من ماتلزمات الشيء إذا كانت مكملة له‪ ،‬فقد اشرتط الفقهاء‬
‫يف احلق املتصل بالشيء املاتخلف فيه الشروط اآلتية(‪:)3‬‬
‫أ ـ أن يكون حقا ال ميكن أن ياتعمله إال مالك الشيء‪.‬‬
‫ب ـ أن يكون الشيء ال املالك هو حمل االعتبار يف تقرير احلق ‪.‬‬
‫ج ـ أن يكون احلق مكمال للشيء بأن يكون من شأنه حفظه أو تقويته أو درء اخلطر عنه‪.‬‬
‫أما بالنابة لاللتزام فقد اشرتطوا بشأنه الشروط التالية‪:‬‬
‫أ ـ أن يكون الشيء حمل االعتبار يف تقريره وليس حمل االعتبار هو شخصية املالك أو مبعىن آخر ال‬
‫يكون االلتزام ذا اعتبار شخصي‪.‬‬
‫ب ـ أن يكون االلتزام حمددا للشيء وأن يقيد من استعماله أو حيدد من سلطات املالك عليه‪.‬‬
‫ج ـ أال يكون باإلمكان تنفيذه تنفيذا عينيا إال عن طريق مالك الشيء(‪.)1‬‬

‫من العرض الاابق لشروط املادة ‪ 132‬من القانون املدين اجلزائري واليت تتناول ماألة انتقال احلقوق‬
‫وااللتزامات إىل اخللف اخلاص يتضح بأن صرفها إىل اجملال الذي حنن بصدده وهو مدى حجية شرط‬
‫التحكيم املدرج يف سند الشحن يف مواجهة املرسل إليه‪ ،‬حيملها أكثر مما حتتمل وخيرج بنا عن اإلطار الفين‬
‫احملدد هلا وذلك ألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ال تنتقل االلتزامات اليت رتبها الالف على الشيء الذي انتقل إىل الالف اخلاص إال إذا كانت تقيد من‬
‫استعمال الشيء أو حتد من سلطات املالك عليه‪ ،‬أما إذا كان ما رتبه الالف التزامات شخصيا‪ ،‬كااللتزام‬
‫بشرط التحكيم فال يكون إال باتفاق خاص بني اخللف والالف‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪)2‬محد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫(‪)3‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫(‪)1‬عبد الرزاق الانهوري ‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.931‬‬

‫‪303‬‬
‫‪ -‬ياتطيع املدين أن يتماك يف مواجهة اخللف اخلاص بكافة الدفوع اليت عااها أن تكون قائمة يف‬
‫العالقة بني هذا املدين وبني الالف‪ ،‬وهذا بالطبع خيالف ما هو مقرر بالنابة حلق املرسل إليه يف مواجهة‬
‫الناقل‪ ،‬فقد استقر العرف تياريا لتداول سند الشحن ومتكينا له من أداء وظيفته االنتمائية على تطبيق‬
‫قاعدة عدم جواز االحتجاج بالدفوع على احلامل حان النية(‪،)1‬وبالتايل ال ميكن االحتجاج بشرط التحكيم‬
‫املدرج يف سند الشحن أو احمليل إليه سند الشحن يف مواجهة املرسل إليه حان النية والذي مل يعلم به‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬نظرية النيابة الناقصة‪.‬‬
‫يرى البعض(‪ )2‬أن الشاحن عند تعاقده مع الناقل يعترب نائبا عن املرسل إليه‪ ،‬إال أن هذه النيابة ناقصة‬
‫فمقتضى هذه الفكرة أنه من يتعاقد بامسه (الشاحن) بإذن وحلااب الغري (املرسل إليه)‪ ،‬يعترب نائبا عن‬
‫ذلك الغري مع بقائه ملزما شخصيا أمام املتعاقد معه (الناقل) مبقتضى العقد الذي أبرمه‪.‬‬
‫ومن مث يعترب الشاحن يف تعاقده مع الناقل نائبا عن املرسل إليه ولكن هذه النيابة ناقصة إذ يضل الشاحن‬
‫طرفا يف عقد النقل يف الوقت الذي يكون فيه املرسل إليه طرفا يف هذا العقد وفقا ألحكام النيابة‪ ،‬اليت‬
‫تقضي بإنصراف أثار العقد إىل األصل‪ .‬وختتلف النيابة الناقصة عن النيابة الكاملة يف أن هته األخرية‬
‫تتضمن جتديدا بتغيري املدين شريطة االتفاق صراحة على براءة ذمة املدين األصلي‪ ،‬ذلك أن التجديد ال‬
‫يفرتض حاب القواعد العامة(‪.)3‬‬
‫تقدير النظرية‪:‬‬
‫إن هذه النظرية تشكل مفهوما قانونيا يتأسس على اإلرادة‪ ،‬واإلرادة هنا ال ميكن القول بتوافرها يف كل‬
‫احلاالت وإمنا األمر ال يعدو كونه حمض افرتاض الياتند إىل نية حقيقية مما يضعف مثل هته النظريات‬
‫وجيعلها حمل نقد(‪ .)1‬فهته النظرية تقوم على نية افرتاضية ال تشكل حقيقة فهي جتعل من املرسل إليه طرفا يف‬
‫عقد النقل رغم أنه يعترب بال شك "غريا" بالنابة هلذا العقد‪ ،‬فالشاحن حني يتعاقد مع الناقل ال تتجه نيته‬
‫إىل أن تكون له صفة مزدوجة‪ ،‬صفته كأصيل وصفته نائب عن املرسل إليه‪.‬‬
‫كما أن هذا العرض يتعارض متاما مع إمكانية تداول سند الشحن وانتقاله بني أكثر من ماتفيد‪ ،‬مبعىن أن‬
‫األخذ هبذه النظرية يؤدي إىل عدم تغيري املاتفيد من سند الشحن على أساس أن احلقوق وااللتزامات‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬عباس مصطفى‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫(‪ )2‬من بني الذين استندوا إىل فكرة النيابة الناقصة كأساس قانوين ملركز املرسل إليه األستاذ » ‪. « Ripert‬‬
‫(‪ )3‬حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.932‬‬
‫(‪)1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪304‬‬
‫اليت يتضمنها هذا الاند ختص األصيل فقط والذي تعاقد النائب نيابة عنه عند إبرام عقد النقل البحري(‪.)1‬‬
‫ويف األخري أن املرسل إليه أو حامل سند الشحن قد ال يكون معلوما وقت إبرام عقد النقل‪ ،‬وقد يتغري‬
‫شخص املرسل إليه حاب تداول سند الشحن الذي ميثل البضاعة‪ ،‬وبالطبع من الصعوبة افرتاض نيابة‬
‫الشاحن عن حامل سند الشحن الذي يتقدم إىل الربان مطالبا باستالم البضاعة بابب حيازته لاند‬
‫الشحن والذي قد يكون شخصا غري املرسل إليه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬نظرية الحيازة الرمزية للبضاعة‪.‬‬
‫لقد اعتنق عدد كبري من الفقهاء نظرية احليازة الرمزية كأساس حلق الغري حامل سند الشحن يف مواجهة‬
‫الناقل‪ ،‬حيث يقوم سند الشحن بتزويد حامله الشرعي حبق ذايت وماتقل عن عقد املشارطة القائم أساسا‬
‫بني الناقل والشاحن‪ ،‬ففي سند الشحن أساس حقه وحدود التزاماته‪ ،‬كما أن سند الشحن ميثل البضاعة‬
‫املشحونة على ظهر الافينة ويعترب حامله حائزا حيازة رمزية للبضاعة ذاهتا‪ ،‬فكان من الطبيعي أن يؤدي‬
‫ذلك إىل ضرورة ختويل حامل سند الشحن حقا شخصيا قبل الناقل‪.‬‬
‫ويقوم الفقه املااند هلذه النظرية برتتيب حق خاص للمرسل إليه حان النية هذا احلق ال يتقيد‬
‫بالعالقات بني الناقل والشاحن أو احلاملني الاابقني للاند‪ ،‬ومن مث ال ياتطيع الناقل أن حيتج قبل املرسل‬
‫إليه بالدفوع اليت ميكنه االحتجاج هبا قبل الشاحن(‪، )2‬كما يلتزم املرسل إليه بالشروط اليت أحال إليها سند‬
‫الشحن يف ماتندات أخرى عالوة على التزامه بالشروط الواردة يف سند الشحن ومنها شرط التحكيم‬
‫والذي يكون يف سند الشحن أو الذي حييل إليه سند الشحن ويأخذ هبذه النظرية كثري من الفقه‬
‫املصري(‪.)3‬‬
‫وبالرغم من وجاهة هته النظرية إال أهنا تعرضت النتقادات ‪ ،‬فاالعتداد بكون سند الشحن ميثل البضاعة‬
‫املنقولة حبرا ويامح بإجراء العمليات االقتصادية املختلفة على البضائع اليت ميثلها حبيث يااعد على تداوهلا‬
‫أمر استلزمته الضرورة العملية‪ ،‬إال أن الاؤال مازال قائما عن ما هو األساس القانوين ملركز املرسل إليه وحقه‬
‫يف املطالبة بتنفيذ عقد مل يكن طرفا فيه باإلضافة إىل التزامه بالشروط الواردة يف سند الشحن‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.932‬‬
‫(‪ )2‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪(3)Haddouna Kamel, op cit, p 10.‬‬

‫‪305‬‬
‫خامسا‪ :‬المرسل إليه يستمد حقه من سند الشحن ذاته‪.‬‬
‫لقد اعتنق عدد كبري من الفقهاء هذه النظرية(‪ )1‬مقررين أن حق املرسل إليه يف مواجهة الناقل إمنا ياتند‬
‫إىل سند الشحن الذي يزود حامله الشرعي حبق ذايت وماتقل عن عقد النقل األصلي املربم بني الشاحن‬
‫والناقل‪ ،‬ففي سند الشحن أساس حقه وحدود التزاماته‪ ،‬فاملرسل إليه حان النية خيوله سند الشحن حقا‬
‫خاصا وعليه فالناقل ال ياتطيع أن حيتج قبل املرسل بالدفوع اليت ميكنه االحتجاج هبا قبل الشاحن‪.‬‬
‫كما أن املرسل إليه يلتزم بالشروط الواردة يف سند الشحن كشرط التحكيم البحري املدرج يف سند الشحن‬
‫كما يلتزم بالشروط اليت أحال إليها سند الشحن يف ماتندات أخرى ‪،‬وقد اعتنقت حمكمة النقض املصرية‬
‫هته النظرية يف حكم حديث هلا كما أن حمكمة النقض الفرناية قد أصدرت أكثر من حكم أشارت فيه إىل‬
‫أن املرسل إليه إمنا يتداعى ضد الناقل مبوجب حق ذايت ياتمده من كونه احلائز لاند الشحن‪ ،‬ومل تعد‬
‫احملكمة تشري يف قضائها احلديث إىل ماألة االشرتاط ملصلحة الغري(‪.)2‬‬
‫كما أقرت الغرفة التجارية والبحرية للمحكمة العليا يف اجلزائر بأن سند الشحن هو الذي يثبت مركز املرسل‬
‫إليه(‪.)3‬‬
‫سادسا ‪ :‬موقف القضاء المقارن التقليدي من مركز المرسل إليه‪.‬‬
‫مل يأخذ القضاء املقارن باجتاه حمدد وواضح فيما يتعلق هبذه املاألة املهمة وإمنا تضاربت أحكامه ما بني‬
‫اعتبار املرسل إليه مبثابة طرفا يف عقد النقل البحري‪ ،‬ومابني اعتباره من الغري يف بعض األحوال ومابني اعتبار‬
‫حيازته لاند الشحن مبثابة حيازة رمزية للبضاعة(‪،)1‬وهلذا جاءت اجتاهات ونظريات حديثة حملاولة تربير‬
‫مركزه‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬يقول ا ألستاذ "روديري"‪ " :‬أن سند الشحن قد حلقه تطور كبري يف نطاق التجارة البحرية فقد تدرج تطوره من جمرد ايصال يثبت استالم البضاعة اىل أداة‬
‫إلثبات عقد النقل واثبات شروطه اىل أن أصبح أخريا سندا ميثل البضاعة املشحونة يتم تداوهلا بتداوله وميثل تاليمه تاليمها‪ ،‬فاند الشحن له وجهان‪ ،‬وجه‬
‫عيين ميثل البضاعة املشحونة‪ ،‬ووجه شخصي يتيح ملن حيوزه احلق يف املطالبة باستالم البضاعة‪ ".‬ـ عن عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق ص ‪118‬‬
‫(‪)2‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪119‬‬
‫(‪)3‬القضية رقم ‪ 118318‬لـ ‪ 1229/12/19‬من الغرفة التجارية والبحرية للمحكمة العليا‪.‬‬
‫‪)1(Haddouan Kamel, op cit, p 10 .‬‬

‫‪306‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية النفاذ كأساس قانوني لمركز المرسل إليه‪.‬‬
‫إن املشكل احلااس الذي يصادف أثناء البحث عن أساس قانوين للعالقات املباشرة اليت تقوم يف إطار‬
‫عقد نقل البضائع حبرا بني املرسل إليه واملرتبطني بشكل أو بأخر هبذا العقد سواء ناقل أصلي أو ناقلون‬
‫متتابعون أو مقاولو شحن وتفريغ ‪ ،‬تكون عند ضرورة حتميل مركز الغري بالتزامات لصاحل طرف أخر يف‬
‫عالقة عقدية مث إبرامها ومل يشارك فيها(‪،)1‬وقد سبق وأن رأينا أن املفاهيم القانونية التقليدية قاصرة عن إجياد‬
‫أساس قانوين جامع لتربير مثل هذه املراكز القانونية‪.‬‬
‫إن مبدأ سريان العقود ونفاذها ميكن أن يشكل أساسا قانونيا ملركز املرسل إليه والناقل البحري والشاحن‬
‫ولكن يف كافة العالقات اليت ميكن أن تقوم داخل اجملموعة العقدية لعملية النقل البحري(‪.)2‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية المجموعات العقدية وشرط التحكيم‪.‬‬
‫يأخذ مفهوم اجملموعة العقدية أحد الشكلني‪ ،‬الشكل األول يتواجد يف الواقع العملي يف شكل جتمع‬
‫عقدي أما الثاين فيتواجد يف شكل سلالة عقدية‪.‬‬
‫والتجمع العقدي يظم عدة عقود هلا هدف أساسي واحد‪ ،‬وهذا النوع من العقود يظهر أكثر بالنابة‬
‫للعقود الدولية املتشابكة واملرتبطة واليت تتصل بعضها بالبعض األخر وهتدف إىل حتقيق غاية واحدة(‪، )3‬وكل‬
‫عقد منها يعترب جزءا من هذا اجملموع‪.‬‬
‫أما الالالة العقدية فهي تتشكل بوجه أخر فربغم من أن هدف العمل ليس واحد أو هو قليل األيمية إال‬
‫أن الالالة حول ذات احملل الذي متت بشأنه العقود اليت تنظمها هذه الالالة‪ ،‬ومبعىن أخر فإن عقود‬
‫الالالة ال تشكل جمموعا يرمي إىل هدف واحد وإمنا هي تتابع يف حلقات حول ذات احملل مثل بيع شيء‬
‫معني وتداوله يف األسواق مع قيام فكرة ضمان االستحقاق مع شروط متعلقة بالشيء املبيع (‪.)1‬‬
‫إنه وبتأملنا موضوع البحث جند أن إحدى صور اجملموعات العقدية اليت تنظمها وحدة الابب قد جتادت‬
‫أمامنا‪ ،‬فهناك عقد بيع بضاعة طرفه الشاحن و املرسل إليه‪ ،‬و عقد نقل هذه البضاعة‪ ،‬وعقد الشحن‬
‫والتفريغ‪ ،‬وعقد التأمني على البضاعة‪ ،‬وعقود نقل متتابعة‪ ،‬مبعىن أننا جند أن هناك عقدا أصليا يتمثل يف بيع‬
‫بضاعة مث عقود تابعة تتجمع وتدور حول العقد األصلي للتأكد من ضمان وصول البضاعة املباعة إىل‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪)2‬محد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.929‬‬
‫(‪)3‬حفيظة الايد احلداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪ 189‬وما بعد‪.‬‬
‫(‪)1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪307‬‬
‫املرسل إليه ومن مث فإن هذه الصورة من صور اجملموعات العقدية تدخل حتت صيغة التجمع العقدي لعدة‬
‫عقود حتقق هدف واحد‪،‬وهو ضمان وصول البضاعة املباعة إىل املرسل إليه يف حالة جيدة‬
‫وسليمة(‪،)1‬واستنادا إىل ظاهرة التجمع العقدي فإنه يوجد بداخل هذه اجملموعات العقدية عالقات مباشرة‬
‫بني أعضائها حىت ولو كانت هناك ماافة كبرية تفصل بينهم(‪.)2‬‬
‫وقد قررت حمكمة النقض املصرية يف بعض أحكامها أن ‪" :‬املرسل إليه يعترب طرفا ذا شأن يف عقد النقل‬
‫البحري" ‪ ،‬مطبقة بشأنه هذا النظام العقدي بالرغم أنه يعترب من الناحية الفنية "غريا" وليس طرفا بالنابة‬
‫هلذا النقل البحري‪ ،‬وبالتايل ميكن االحتجاج يف مواجهته بشرط التحكيم البحري‪.‬‬
‫ونتيجة للقصور التشريعي يف هذا اخلصوص جند أن القضاء قد أوضح يف بعض األحكام أن األطراف يف‬
‫جمموعة عقدية لياو غريا يف عالقاهتم املتبادلة فيمكن ألي منهم أن يتداعى ضد األخر‪ ،‬وحقيقة األمر فإن‬
‫هذا االجتاه ما هو إال إبراز لوجود حق مباشر بني عضوين داخل جمموعة عقدية‪ ،‬جيمعها وحدة احملل أو‬
‫وحدة الابب أساسه قوة النفاذ داخل هذه اجملموعة حيث تتوافر الرابطة القانونية الالزمة داخل هذه‬
‫اجملموعة بعيدا عن اجملال األخر امللزم للعقد ومبدأ نابية العقود‪.‬‬
‫وكان الفقه الفرناي قد اجته إىل دراسة هذه الظاهرة يف صورتيها حتت مامى واحد هو جمموعات العقود‬
‫أو جماميع العقود "‪ ،)3("Groupe de Contrats‬حيث كشفت هذه الدراسة عن وجود نوع من التبعية‬
‫بني عقود اجملموعة العقدية الواحدة‪ ،‬وهذا ما جيعل من أطراف كل عقد من العقود املكونة للمجموعة أطرافا‬
‫يف كل اجملموعة العقدية‪ ،‬وذلك خالفا ملا يفرضه مفهوم مبدأ نابية أثر العقود‪.‬‬
‫ويثور اجلدل يف الفقه والقضاء حول االحتجاج بشرط التحكيم الوارد يف أحد العقود على أطراف عقد‬
‫أخر‪ ،‬بالرغم من عدم وجود إحالة بذلك الشرط الوارد يف العقد األول مع العلم أن هناك رابطة تبعية بني‬
‫العقدين أو جيمعها هدف اقتصادي مشرتك‪.‬‬
‫مبعىن أخر هل ال بد ملن يبتغي حتريك دعوى املاؤولية أن يلتزم بشرط التحكيم املدرج يف العقد الذي مل‬
‫يكن طرفا فيه ‪،‬وذلك قبل اللجوء للقضاء بناءا على النظرية الاابقة؟‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.922‬‬
‫(‪)2‬كما قال األستاذ "‪ " :"Teyssie‬فان مفهوم اجملموعة العقدية ينبغي أن يربر قيام عالقات مباشرة ذات طبيعة عقدية بني األعضاء‪.‬ـ" عن عباس مصطفى‬
‫املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫(‪ )3‬إ جته الفقه الفرناي احلديث لدراسة هذه الظاهرة‪ ،‬حيث كشفت هذه الدراسة عن وجود نوع من التبعية املتبادلة أحيانا واملنفردة أحيانا أخرى بني عقود‬
‫اجملموعة العقدية الواحدة‪ ،‬جيعل منها كال واحدا يصعب الفصل بني وحداته من الناحيتني االقتصادية والقانونية على حد الاواء‪ ،‬وهذا ما جيعل من أطراف كل‬
‫عقد من العقود املكونة للمجموعة أطرافا يف الكل الذي متثله اجملموعة دون حاجة ألن يكونوا أطرافا يف بقية العقود الداخلة يف اجملموعة خالف ملا يفرضه منطق‬
‫نابية أثر العقود ‪ .‬عن حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.932‬‬
‫‪308‬‬
‫لإلجابة على الاؤال انقامت اآلراء هبذا اخلصوص‪ ،‬حبيث اعتد البعض باإلرادة احلقيقية لقبول التحكيم‬
‫وتطلب ضرورة علم وقبول مجيع أطراف العملية التحكيمية هبذا الشرط ومن مث فهذا الرأي أخذ مبنهج‬
‫التفاري الذيق التفاق التحكيم‪.‬‬
‫أما الرأي الثاين فقد اعتد بفكرة اإلرادة الظاهرة حيث جيري شرط التحكيم الوارد يف أحد العقود على‬
‫عقد ثاين ال يتضمن شرط التحكيم‪ ،‬وذلك بناء على ما تولد لدى أطراف العقد الثاين من اعتقاد بأن أي‬
‫عقد وما تضمنه يف اجملموعة العقدية ملزم لكل أعضاء اجلماعة‪.‬‬
‫إال أن الفقيه كركاسون "‪ "Carcassonne‬ال يرحب باالجتاه الثاين ويذكر‪" :‬إن التوسع يف مد األثر امللزم‬
‫التفاق التحكيم إىل أشخاص لياوا بأطراف فيه من الناحية املوضوعية‪ ،‬جيب أال يكونوا كذلك من الناحية‬
‫القانونية‪ ،‬وأن املفهوم الواسع لفكرة الطرف الذي أخذ به الفقه وشاطره يف ذلك القضاء مدعاة للخوف‬
‫واحلذر يف أوساط التحكيم يف أن يوجد نوع من امربيالية التحكيم ‪ ،‬فالشركة األم ختشى أن جتلب إىل‬
‫التحكيم وهي ال ترغب فيه‪ ،‬جملرد أن الشركة الوليدة ضمنت التحكيم الغيايب "(‪.)1‬‬
‫أما الفقيه "‪ "Ghestin‬فيذكر أنه ال يفرتض احلصول على موافقة املتعاقدين األخرين بالنابة لكل‬
‫العقود احمليطة بالتعاقدات املربمة‪ ،‬وهذا الرأي ميكن تربيره مبا قال األستاذ تياي يف حبثه القيم واملتعلق بدراسة‬
‫اجملموعات العقدية على أن أساس مثل هذه العالقات يرجع يف حقيقته إىل وجود عقد واحد مركب‪ ،‬وإن‬
‫تعددت العقود يف الواقع فمثل هذه اجملموعات العقدية يف رأيه جيب النظرة إليها نظرة متميزة ودقيقة(‪. )2‬‬
‫إال أنه كما يرى األستاذ عباس مصطفى املصري أن " هذا االجتاه غري سديد وال خيلو من االفرتاض أيضا‪،‬‬
‫فكيف ميكن اعتبار عدة عقود مبثابة عقد واحد حىت ولو كانت تشكل جمموعة عقدية‪ ،‬وكيف ميكن‬
‫التداعي ضد شخص على أساس قواعد املاؤولية العقدية رغم أنه يعترب غريا يف املعىن الفين الدقيق للفظ‪،‬‬
‫وكيف ميكن على هذا األساس تربير قاعدة تطهري الدفوع واليت تفرض نفاها داخل بعض اجملموعات‬
‫العقدية نتيجة تداول سند الشحن مثال بني أكثر من ماتفيد أو ما إىل ذلك؟(‪.")3‬‬

‫ونتيجة لعدم وضوح أساس قانوين ومنطقي للعالقات املباشرة الناشئة عن اجملموعة العقدية املربمة أساسا‬
‫لنقل البضاعة حبرا وتوصيلها بني أيدي املرسل إليه وعجز النظريات اليت قيلت يف هذا الصدد عن توفر مثل‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ ) 1‬أما عن الفقيه فوشار فهو يرى بأنه ال يوجد نوع من أمرييالية التحكيم وال حتميل التحكيم أكثر مما حيتمل يف هذا الصدد‪.‬‬
‫عن حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫(‪ )2‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )3‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.118‬‬

‫‪309‬‬
‫هذا األساس فإن الفقهاء قد جلئوا إىل أسلوب اإلنشاء واعتربوا أن هذه العالقات تشكل استثناء على مبدأ‬
‫نابية العقود‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النفاذ كسند قانوني لمركز المرسل إليه‪.‬‬
‫إن النفاذ أو االحتجاج كفكرة قانونية قائمة ينشأ عنه التزام ملقى على عاتق الغري بإحرتام عقود األخرين‬
‫واالمتناع عن كل ما من شأنه اإلخالل مبا تتضمنه من حقوق والتزامات‪ ،‬ويكون ذلك مقررا أيضا يف‬
‫عالقات احلق املباشر بني األعضاء يف جمموعة عقدية جيمعها وحدة احملل أو وحدة الابب وذلك بفضل قوة‬
‫النفاذ داخل هذه اجملموعة‪ ،‬باإلضافة إىل توافر شرط املصلحة يف حق أعضاء اجملموعة إجتاه عضو أخر‪.‬‬
‫أ ـ نسبية العقود ونفاذها‪:‬‬
‫من املقرر قانونا أن القوة امللزمة للعقد تقتصر على عاقديه دون أن متتد إىل غرييما‪ ،‬مامل ينص القانون على‬
‫خالف ذلك(‪ )1‬وهذا ما يعرف بـ "مبدأ نابية أثر العقود"‪.‬‬
‫وبالرغم من ذلك فما يالحظ أن القضاء سواء يف فرناا أو يف مصر أو اجلزائر قد جتاوز هذا املبدأ يف بعض‬
‫احلاالت وعلى رأسها مركز املرسل إليه(‪ )2‬يف عقد النقل البحري ‪ ،‬حيث جند أن القضاء قد اعرتف له‬
‫حبقوق وألقى عليه بالتزامات ناشئة عن عقد النقل البحري بالرغم من أنه ليس طرفا يف العقد الذي مت إبرامه‬
‫أساسا بني الناقل والشاحن‪ ،‬فهو من طائفة الغري إال إذا كان استثناءا طرفا يف عقد النقل عندما يكون‬
‫املرسل هو نفاه املرسل إليه(‪.)3‬‬
‫إال أنه يوجد مبدأ أخر وهو "مبدأ نفاذ العقود"(‪ ، )1‬يقوم جبانب "مبدأ نابية أثر العقود"‪ ،‬وقد يطلق عليه‬
‫"مبدأ سريان العقد" أو مبدأ "االحتجاج بالعقد" وهو يعين أنه إذا كانت حدود العقد نابية وقاصرة على‬
‫طرفيه يف إطار مفهوم األثر امللزم له‪ ،‬فان هناك إطار أخر يتعلق باألثار الغري املباشرة للعقد أال وهو نفاذ‬
‫هذا العقد من منطلق حماجاة الكافة به وفرض احرتامه عليهم(‪.)8‬‬
‫ــــــــــــــ ـ‬
‫(‪ )1‬تنص املادة ‪ 113‬مدين جزائري " ال يرتب العقد التزاما يف ذمة الغري‪ ،‬ولكن جيوز أن يكابه حقا "‪ .‬وهذا ما أخذ به املشرع املصري يف املادة ‪ 182‬واملادة‬
‫‪ 1198‬مدين فرناي واليت أشارت إىل مبدأ نابية أثر العقود‪ ":‬االتفاقات ليس هلا أثر إال بني أطرافها فهي ال تضر الغري وال تفيده إال يف حدود املادة ‪1121‬‬
‫مدين" كما نصت املادة ‪ 1131‬مدين فرناي على أن‪ ":‬االتفاقات اليت متت على وجه شرعي تقوم بالنابة إىل من عقدوها مقام القانون" وهي تقابل نص املادة‬
‫‪ 139‬مدين جزائري‪ ":‬العقد شريعة املتعاقدين‪ ،‬فال جيوز نقضه‪ ،‬وال تعديله إال باتفاق الطرفني أو لألسباب اليت يقررها القانون" وهي تقابل املادة ‪ 119‬مدين‬
‫مصري‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬فتحديد املركز القانوين للمرسل إليه أثار خالف شديد يف الفقه والقضاء ونازعته آراء ونظريات عديدة كما رأينا سابقا‪.‬‬
‫(‪ )3‬صربي حممد خاطر‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 92‬‬
‫(‪ )1‬استعمل لفظ النفاذ "‪ " L'opposabilité‬يف أحوال كثرية كدليل على وجود استثناء على مبدأ نابية العقود‪ ،‬كما أن لفظ "‪"inopposabilité‬‬
‫استخدم لتوضيح حالة العقد الذي ليس له أثر يف مواجهة الغري وباعتبار ذلك حمض تطبيق حلدود مبدأ نابية أثر العقود املقرر باملادة ‪ 1128‬مدين فرناي‪.‬‬
‫(‪ )8‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪310‬‬
‫وكقاعدة عامة ونتيجة لنفاذ عقد ما يف مواجهة الغري بصفته واقعة قانونية فإن الغري بناء على ذلك ال يلتزم‬
‫إال بواجب سليب عام بإحرتام عقود األخرين‪ ،‬مبعىن أنه يشكل يف مضمونه التزاما بإمتناع عن عمل مؤداه‬
‫عدم انتهاك عقود األخرين بتصرفات الحقة تؤثر يف االشرتاطات العقدية اليت تتضمنها هذه العقود مبا قد‬
‫يؤدي إىل إخالل أحد املتعاقدين بالتزاماته جتاه املتعاقد األخر‪ ،‬وال صلة لذلك مببدأ نابية أثر العقود وإمنا‬
‫هذا الواجب باالحرتام هو أثر خارجي أو غري مباشر للعقد باعتباره واقعة قانونية‪.‬‬
‫وإذا ما تعرض الغري للعقد يف مواجهته ولالشرتاطات العقدية اليت تتضمنه بعمل مادي‪ ،‬وليس بتصرف‬
‫قانوين فهو خيرج عن اإلطار الفين الدقيق ملفهوم نفاذ العقود‪ .‬فالنفاذ هنا يعين نفاذ لعقد أول يف مواجهة‬
‫عقد ثان‪ ،‬حيث قد يأيت العقد الثاين يف صورة انتهاك لالشرتاطات العقدية املوجودة يف العقد األول‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إىل إخالل أحد أطراف هذا العقد األول بالتزاماته جتاه الطرف األخر‪ ،‬وقد يأيت يف صورة تصرف‬
‫الحق يفتقر إىل األسبقية واألفضلية جتاه عقد سابق عليه‪.‬‬
‫ويرى األستاذ عباس املصري على غرار هذا االلتزام الاليب باحرتام عقود األخرين وعدم اإلخالل هبا‬
‫مادامت قد استوفت شروط نفاذها يف مواجهة الغري‪ ،‬واستنادا إىل ذات املفهوم فإن النفاذ داخل جمموعة‬
‫عقدية على النحو الذي سبق إيضاحه مع توافر عنصر املصلحة ـ وقد أظهر التزاما جديدا داخل هذه‬
‫اجملموعة ليس له الطابع الاليب وإمنا الطابع االجيايب‪ ،‬وهذا أمر منطقي وإال فما هي صورة االلتزام باالحرتام‬
‫الذي متليه فكرة النفاذ داخل اجملموعة العقدية؟‪.‬‬
‫وبالتايل ليس من املنطق القول بأنه ذو صبغة سلبية على النحو الاالف ذكره فإحرتام عقد الغري داخل‬
‫جمموعة عقدية نتيجة لقوة النفاذ داخلها يوجب على عضو اجملموعة الذي تتوافر يف مواجهته مصلحة هلذا‬
‫الغري يف تنفيذ أداء معني أن ينفذ هذا األداء‪ ،‬ومبعىن أخر فإنه ينشأ هلذا الغري صاحب املصلحة حق خاص‬
‫يوفره له النفاذ داخل اجملموعة العقدية اليت هو عضو فيها ‪ ،‬ويتيح له ذلك أن يطلب من عضو أخر داخل‬
‫ذات اجملموعة أن حيرتم مصلحته وأن ينفذ لصاحله أداء يف العالقة العقدية األصلية‪ .‬فإثبات وجود التزام‬
‫سليب يقع على عاتق الغري باحرتام عقود األخرين نتيجة لنفاذ هذه العقود يف مواجهته وإقامة ماؤولية يف‬
‫حالة اإلخالل هبذا االلتزام من خالل مفهوم التواطؤ أو ما إىل ذلك‪ ،‬جيعل من غري املفهوم رفض القول‬
‫بوجود التزام اجيايب باحرتام حق الغري عضو اجملموعة العقدية من جانب عضو أخر يف ذات اجملموعة نتيجة‬
‫لقوة النفاذ داخلها فاملاألة هي نفاها‪ ،‬و اإلجابة جيب أن تكون واحدة يف احلالتني(‪ .)1‬وبالتايل فحاب‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪311‬‬
‫نظرية النفاذ فإدراج شرط التحكيم يف سند الشحن أو اإلحالة إليه جيعل املرسل إليه ملزما به وذلك حاب‬
‫قاعدة احرتام عقود األخرين واالشرتاطات العقدية اليت تتضمنها‪.‬‬
‫ولكن رغم الدور اهلام هلته النظرية‪ ،‬إال أهنا تاتند على عنصر أساسي أال وهو "العلم" مبعىن أنه لكي نقول‬
‫بنفاذ عقد ما يف مواجهة الغري يلزم توافر علم الغري هبذا العقد أو االتفاق(‪.)1‬‬
‫وبالتايل لكي يكون شرط التحكيم نافذا يف مواجهة املرسل إليه جيب أن يعلم هبذا الشرط‪ ،‬وإال فكيف‬
‫ميكن احرتام واقعة اجتماعية أو قانونية أو حىت مادية دون العلم هبا‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن هناك العديد من البحوث الفقهية واليت متيز مفهوم النفاذ عن مفهوم النابية‪ ،‬واستمرت‬
‫البحوث والدراسات حنو حتديد أكثر دقة ملبدأ نابية أثر العقود ووضع احلدود الفاصلة بينه وبني مبدأ نفاذ‬
‫العقود إىل أن أصبح للمبدأ األخري ذاتيته وتفرده عن مبدأ نابية العقود‪.‬‬
‫فالعقد بصفته واقعة ميكن أن حيتج به الغري أو حياج به حباب األحوال دون أن يعين ذلك املااس من أي‬
‫ناحية مببدأ نابية العقود(‪.)2‬‬
‫ب ـ العلم كشرط إلعمال مبدأ النفاذ‪.‬‬
‫إن النفاذ كمفهوم قانوين لتربير عالقات "الغري مع املتعاقدين" ياتند على ضرورة توافر عنصر هام وهو‬
‫العلم‪ ،‬مبعىن أنه لكي نقول بنفاذ عقد ما يف مواجهة الغري يلزم توافر علم الغري هبذا العقد فانه وفقا للقواعد‬
‫العامة ال يلتزم الغري باحرتام واقعة اجتماعية أو قانونية أو حىت مادية دون علمه هبذه الواقعة‪ ،‬وقد يكون‬
‫العلم حقيقيا أو حكميا وهذا ما توفره نظم شهر احلقوق والتصرفات(‪.)3‬‬
‫وهكذا فإذا ما توافر شرط العلم سواء أكان العلم بأن العقد يشكل جزءا من جمموعة عقدية تضم عقودا‬
‫أخرى‪ ،‬أو علم كل فرد من أفراد اجملموعة حبق باقي أعضاء اجملموعة وحدود هذا احلق‪ ،‬تولد النفاذ داخل‬
‫هذه اجملموعة مع قيام التزام اجيايب باحرتام حق الغري داخل هذه اجملموعة‪.‬‬
‫وبالتايل حىت يكون شرط التحكيم نافذا يف مواجهة املرسل إليه جيب أن يتوفر هلذا األخري عنصر العلم‬
‫وهناك العديد من التطبيقات على هذه الفكرة‪ ،‬فقد حكمت حمكمة أكس بضرورة التأكد من توفر عنصر‬
‫العلم حىت يكون شرط التحكيم نافذا يف حقهم(‪.)1‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬وقد رأينا يف الفصل األول كيف استلزم القضاء العلم اليقيين بشرط التحكيم حىت يكون نافذا يف مواجهة املرسل اليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.913‬‬
‫(‪ )3‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪)1( CA.AIX-en Provence, 15 mai 1991, navire Julia, Inédit.‬‬

‫‪312‬‬
‫أيضا يف احلكم الصادر يف ‪ 9‬فرباير سنة ‪ )1(1229‬رفضت حمكمة النقض سند الشحن‪ ،‬واألساس يف‬
‫ذلك هو عدم نفاذ هذا الشرط يف مواجهة املرسل إليه لعدم توافر العلم به والذي يشكل شرط أساسيا‬
‫للنفاذ أو االحتجاج به‪.‬‬
‫كذلك ألزمت حمكمة النقض املصرية املرسل إليه بشرط التحكيم(‪ )2‬املنصوص عليه يف مشارطة اإلجيار‪،‬‬
‫بالرغم من عدم النص عليه صراحة يف سند الشحن‪ ،‬إال أن هناك إحالة يف سند الشحن إىل مشارطة‬
‫اإلجيار ومن مث كان بوسعه أن يعلم مبا تضمنته هذه املشارطة من بنود وشروط‪.‬‬
‫وبالتايل ووفقا ملفهوم النفاذ يكون توافر شرط العلم مؤديا إىل نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه‬
‫والتزامه باحرتامه إذا ما تداعى صاحب املصلحة يف ذلك داخل هذه اجملموعة العقدية‪.‬‬
‫و هكذا ميكن استخالص أن فكرة النفاذ وسريان العقود ميكن أن تشكل أساسا قانونيا مقبوال ومنطقيا‬
‫ملركز املرسل إليه يف عقد النقل البحري‪ ،‬فهته النظرية تعترب املرسل إليه من الغري عن عقد النقل البحري إذ‬
‫أنه مل يشارك يف إبرام هذا العقد إال أهنا تنشأ له التزام باحرتام حق الغري صاحب املصلحة داخل اجملموعة‬
‫العقدية(‪.)3‬‬
‫ج‪ .‬العلم في مستند النقل االلكتروني ‪.‬‬
‫إن ما مييز النظام االلكرتوين للبيانات هو سرعة تداول الرسائل االلكرتونية من مكان االرسال اىل مكان‬
‫االستقبال ‪ ،‬ومن مث فإذا ما اشتمل سند الشحن على شرط التحكيم أو على احالة اىل مشارطة اإلجيار ‪،‬‬
‫فإنه ميكن القول أنه بوسع املرسل اليه أو حامل سند الشحن أن يعلم مبا تضمنه هذا الاند أو مشارطة‬
‫االجيار من شروط و بنود‪ .‬ووفقا ملفهوم النفاذ يكون قد توفر شرط العلم املؤدي اىل نفاذ شرط التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري يف مواجهة الغري ‪ ،‬و إلزامه باحرتامه إذا ما دفع بذلك من له مصلحة داخل هذه‬
‫اجملموعة العقدية (‪.)1‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نقض مدين مصري يف ‪ 1229/2/9‬الطعن رقم ‪ 138‬لانة ‪ 33‬ق جمموعة أحكام النقض الانة ‪ 11‬ص ‪.233‬‬
‫(‪ )2‬الطعن رقم ‪ 33 93‬ق‪ ،‬جمموعة أحكام النقض‪ ،‬جلاة ‪ 1298/2/28‬س ‪ ،19‬ص ‪.223‬‬
‫الطعن رقم ‪ 139‬سنة ‪ 33‬ق‪ ،‬جمموعة أحكام النقض‪ ،‬جلاة ‪ 1298/9/19‬س ‪ ،19‬ص ‪.991‬‬
‫الطعن رقم ‪ 398‬سنة ‪ 31‬ق‪ ،‬جمموعة أحكام النقض جلاة ‪. 1298/9/19‬‬
‫(‪)3‬حممد عبد الفتاح ترك ‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫(‪)1‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪.982‬‬

‫‪313‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬موقف الفقه الحديث والقضاء من المركز القانوني للمرسل إليه‪.‬‬
‫إن حتديد املركز القانوين للمرسل إليه قد لقي صعوبات‪ ،‬و مرد هته الصعوبة مرتبط بالطبيعة القانونية لعقد‬
‫النقل البحري والذي يعترب عقد رضائي‪ ،‬و باخلصوص عقد ثالثي األطراف(‪.)1‬‬
‫فجانب من الفقه اعترب أن املرسل إليه ياتمد حقوقه من عقد النقل البحري‪ ،‬فهو ال يعترب من الغري‬
‫بالنابة لعقد النقل املربم بني املرسل إليه والناقل وبالتايل فإذا ما اعتربنا أن املرسل إليه حامل سند الشحن‬
‫ليس من الغري‪ ،‬فنظريا ال يوجد أي عائق يف نفاذ شرط التحكيم البحري يف مواجهته إذا ما تبني أنه علم به‬
‫ومل يعرب عن رفضه له(‪.)2‬كما اعترب البعض من هؤالء الفقهاء أن املرسل إليه هو طرف يف عقد النقل‬
‫البحري منذ بداية عملية النقل وليس طرفا انضم للعملية يف وقت الحق أي بعد استالمه للبضاعة‪.‬‬
‫وجلعل املرسل إليه طرفا يف عقد النقل البحري‪ ،‬ارتكز الفقه على عدد من النظريات كما رأينا سابقا منهم‬
‫نظرية االلتزام ملصلحة الغري ونظرية اخللف اخلاص ونظرية احليازة الرمزية للبضاعة‪.‬‬
‫ولكن الطرح الذي اعترب النقل البحري عقد ثالثي األطراف هو الذي تبناه القضاء بكثرة(‪.)3‬‬
‫أما عن الرأي املعارض فقد اعترب أن املرسل إليه طرف أجنيب عن عقد النقل البحري وهذا ما جاءت به‬
‫نظرية النفاذ ‪،‬وبالتايل فاالحتجاج بشرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه يكون باحرتامه للمصلحة املوجودة‬
‫داخل اجملموعة العقدية(‪ ، )1‬وبالتايل فبمجرد مشاركته يف تنفيذ عقد النقل كإستالمه للبضاعة أو دفعه لاند‬
‫تاديد مثن البضاعة للبنك‪ ،‬كل هته قرائن على إمكانية علمه بشرط التحكيم وبالتايل تصبح نافذة يف‬
‫حقه(‪.)8‬واستنادا على هته النظريات اليت جاءت يف حتديد املركز املرسل إليه فاملالحظ أن القضاء مل يأخذ‬
‫باجتاه حمدد وواضح وماتقر بالنابة للمركز القانوين للمرسل إليه‪ ،‬فبالنابة للغرفة التجارية والبحرية باحملكمة‬
‫العليا باجلزائر فقد جاءت يف قرار هلا‪ ":‬ما هو مدرج يف سند الشحن هو الذي يبني مركز املرسل إليه وهو‬
‫الذي يعطيه احلق يف مواجهة الناقل البحري بتعويضه عن البضاعة"(‪.)9‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Haddouan Kamel, op cit, p 9.‬‬
‫‪(2) V.P.exemple les motifs de l'arrêt cit, 1, 26 juin 1990. Dreistern Werk crouzier Rer Arb, 1991, p‬‬
‫‪291 note. c Kessedjian admettant que l'opposabilité de la clause au contractant ayant eu‬‬
‫‪connaissance des conditions générales et ayant pu, même son silence, accepter l'incorporation de la‬‬
‫‪clause au contrat.‬‬
‫‪(3) Haddouan Kamel, op cit, p10.‬‬
‫(‪)1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪)8( Diop papa ousmane, op cit, p 26.‬‬

‫‪)9(Affaire n° 145015 du 17/12/1996 note Haddouan Kamel, op cit, p 10‬‬

‫‪314‬‬
‫وبالتايل حاب هذا القرار فإن سند الشحن هو الذي يبني املركز احلقيقي للمرسل إليه(‪.)1‬‬
‫كما أكدت احملكمة العليا يف اجلزائر يف قرار حديث هلا بتاريخ ‪ 2331/31/32‬على أنه‪ " :‬جيب القول‬
‫لئن كان املرسل إليه غري ملزم ببند التحكيم الذي تشري إليه وثيقة الشحن‪ ،‬فباملقابل هذا ال مينعه من‬
‫التماك به وحيث يبني من وثيقة الشحن أهنا تشري إىل عقد إجيار الافينة‪.)2("..‬‬
‫وهبذا ميكن القول أن احملكمة العليا يف هذا القرار اعتربت املرسل إليه من الغري حبيث ال ميكن أن يتماك يف‬
‫مواجهته بنفاذ شرط التحكيم ‪ ،‬فال جيوز يف مواجهة الغري حان النية إثبات الدليل املاتخلص من الاند‬
‫أو خالف ما ورد يف البيانات وجيوز ذلك هلذا الغري(‪.)3‬‬
‫أما عن القضاء املصري فقد اختلف هو أيضا بني اعتبار املرسل إليه طرفا يف عقد النقل البحري وبني‬
‫اعتباره من الغري‪ ،‬أو وصف حيازته لاند الشحن كحيازة رمزية للبضاعة‪.‬‬
‫أيضا يف فرناا كان املركز القانوين للمرسل إليه حمال لعدة قضايا وقد تبىن القضاء بصفة عامة مبدأ‬
‫االحتجاج بشرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه بالرغم أنه خيالف مبدأ من أهم مبادئ القانون املدين وهو‬
‫مبدأ نابية العقود‪.‬‬
‫وهكذا ميكن القول أن أحكام القضاء سواء يف اجلزائر‪ ،‬مصر أو فرناا اختلفت ما بني اعتبار املرسل إليه‬
‫مبثابة طرف يف عقد النقل‪ ،‬وما بني اعتباره من الغري وما بني اعتبار حيازته لاند الشحن مبثابة حيازة رمزية‬
‫للبضاعة‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬موقف القضاء من حجية اتفاق التحكيم في مواجهة المرسل إليه‪.‬‬
‫إن االحتجاج بشرط التحكيم البحري يف مواجهة املرسل إليه ارتبط بنقطتني مهمتني‪ ،‬النقطة األوىل وهي‬
‫أن نفاذ شرط التحكيم يف مواجهته ترتبط باملركز القانوين للمرسل إليه(‪ ،)4‬أما عن النقطة الثانية وهي أن‬
‫نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه مرتبط بكيفية قبوله وعلمه هبذا الشرط‪.‬‬
‫إنه منذ الانني العشر الاابقة وهذا املوضوع حمل الكثري من املنازعات البحرية(‪، )5‬وقد اختلف موقف‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حيث يتحدد مركز الغري من سند الشحن على أساس أهنم يعتمدون على البيانات الواردة فيه وال يعرفون حقيقة ما يكون قد دار بني طريف العقد _الناقل‬
‫والشاحن) خارج نطاق ما جاء باند الشحن‪.‬‬
‫(‪ )2‬قرار ‪ 132819‬لـ ‪.2331/31/32‬‬
‫(‪ )3‬حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.921‬‬

‫‪)1(Haddoum Kamel, op cit, p 8.‬‬


‫‪(5)Gilles Heligon, opposabilité aux distinataires des clauses de compétences des contrats de‬‬
‫‪transport: question de droit? Gazette de la chambre maritime de paris Hiver 2003-2004, n°3, p1‬‬

‫‪315‬‬
‫القضاء املقارن يف هذا الصدد‪،‬ذلك لعدم استنادهم لنفس الاند القانوين الذي حاول كل منهم تربير‬
‫حكمه به‪ ،‬فقد اعترب بعض القضاء أن املرسل إليه يعد كطرف يف عقد النقل البحري ويلتزم بشرط التحكيم‬
‫البحري‪ ،‬أما البعض األخر اعتربه املرسل إليه من الغري وبالتايل فهو غري ملزم بشرط التحكيم لكن البعض‬
‫من هؤالء ومن الذين اعتربوه من الغري‪ ،‬ألزموه بشرط التحكيم البحري مربرين موقفهم بإحدى النظريات اليت‬
‫جاءت للبحث يف مركزه وبأنه ملزم باحرتام الشروط الواردة يف عقد النقل البحري أو يف مشارطة إجيار‬
‫الافينة‪.‬أما عن جانب من القضاء فقد ارتكز لالحتجاج بشرط التحكيم البحري يف مواجهة املرسل إليه‬
‫مبدى علم هذا األخري به وقبوله له‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حجية شرط التحكيم في مواجهة المرسل إليه باالستناد إلى مركزه القانوني‪.‬‬
‫أ) موقف القضاء الجزائري‪.‬‬
‫يف اجلزائر اختلفت االجتاهات اليت أخذت هبا احملكمة العليا فمرة تعترب املرسل إليه طرفا يف عقد النقل‬
‫البحري وميكنه استعمال بند التحكيم كما نصت عليه يف القرار التايل‪ " :‬حيث أن اإلشارة لعقد إجيار‬
‫الافينة يف وثيقة للشحن جتعل املرسل إليه املطعون ضدها يف قضية احلال طرفا يف هذا العقد وهلا احلق يف‬
‫استعمال بند التحكيم ‪ ...‬إن أرادة التماك به ‪.)1("...‬‬
‫ويف حكم أخر جعلت احملكمة العليا املرسل إليه من الغري يف عقد النقل البحري وهو غري ملزم بشرط‬
‫التحكيم البحري حبيث جاءت يف القرار على أنه " جيب القول لئن كان املرسل إليه غري ملزم ببند التحكيم‬
‫الذي تشري إليه وثيقة الشحن‪ ،‬فباملقابل هذا ال مينعه من التماك به وحيث يبني من وثيقة الشحن أهنا‬
‫تشري إىل عقد إجيار الافينة ‪.)2("...‬‬
‫وقد جاءت احملكمة العليا برأي أخر وهو أنه ‪ ":‬ما دون يف سند الشحن هو الذي يعطي املرسل إليه احلق‬
‫يف أن يتماك بطلب التعويض يف مواجهة الناقل(‪.")3‬‬
‫وبالتايل نالحظ حاب هذا القرار أن احملكمة العليا جعلت سند الشحن هو الذي حيدد للمرسل إليه مركزه‬
‫القانوين وحقوقه اليت ياتمدها تكون من هذا الاند هبذا أظهرت احملكمة العليا أيمية سند الشحن يف نفاذ‬
‫شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫)‪(1‬قرار رقم ‪ 132819‬ر ‪ 2331/31/32‬من احملكمة العليا اجلزائرية‪.‬‬
‫)‪(2‬قرار احملكمة العليا اجلزائرية رقم ‪ 132819‬ر ‪.2331/31/32‬‬
‫)‪(3‬قضية رقم ‪ 118318‬ر ‪. 1229/12/19‬‬

‫‪(4)Haddoum Kamel, op cit, p11.‬‬


‫‪316‬‬
‫ب) موقف القضاء المصري‪.‬‬
‫مل تأخذ حمكمة النقض املصرية بإجتاه حمدد وواضح وماتقر بالنابة ملركز املرسل إليه حيث نالحظ أن‬
‫أحكامها اختلفت ما بني اعتبار املرسل إليه مبثابة طرف يف عقد النقل البحري وهبذا يصبح شرط التحكيم‬
‫نافذا يف حقه‪ ،‬وما بني اعتباره من الغري وما بني اعتبار حيازته لاند الشحن مبثابة حيازة رمزية للبضاعة(‪.)1‬‬
‫ففي عدة أحكام هلا (‪ )2‬اعتربت حمكمة النقض املصرية بأن املرسل إليه "طرف ذو شأن يف سند الشحن‬
‫يتكافأ مركزه مع مركز الشاحن‪ ،‬ويرتبط باند الشحن كما يرتبط به الشاحن "(‪.)3‬‬
‫وقد اعتربت حمكمة النقض املصري املرسل إليه يف حكم األصيل وأنه يلتزم بشرط التحكيم الوارد يف سند‬
‫الشحن وال يعترب الشاحن نائبا عنه(‪، )1‬وقد جاءت يف حكم هلا‪ " :‬مىت اعتربت الطاعنة (املرسل إليه) طرفا‬
‫ذا شأن يف سند الشحن فإهنا تكون هبذه الصفة قد ارتبطت به ومبا جاء به من شرط التحكيم وتكون‬
‫بذلك يف حكم األصيل فيه‪ ،‬ومن مث فلم تكن الشركة الشاحنة نائبة عنها يف سند الشحن حىت يتطلب‬
‫األمر وكالة خاصة أو حىت يقال إىل هذه الشركة قد تصرفت يف شأن من شؤون الطاعنة وهي ال متلك حق‬
‫التصرف فيه"(‪.)8‬‬
‫ومل تبقى احملكمة العليا يف موقفها هذا والذي مؤداه أن املرسل إليه يلتزم بشرط التحكيم لكونه طرفا ذا‬
‫شأن يف عقد النقل البحري وإمنا أصدرت احملكمة أحكاما أخرى‪ ،‬حيث اعتربت فيه املرسل إليه من الغري‬
‫على عكس األحكام الاابقة‪،‬وقد قضت " أنه وان كان إثبات عكس بيانات سند الشحن اخلاصة‬
‫بالبضاعة جائزا يف العالقة بني الناقل والشاحن إال أنه ال جيوز إزاء من عدايما كاملرسل إليه‪ ،‬إذ لاند‬
‫الشحن حجية مطلقة يف اإلثبات لصاحله فيما يتعلق هبذه البيانات فليس للناقل أن يثبت قبله عكس ما‬
‫تضمنه ‪.)9("...‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬حممدعبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري‪،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 922‬‬
‫(‪ )2‬الطعن رقم ‪ 31‬سنة ‪ 32‬ق جلاة ‪ 1213/31/11‬س ‪ 21‬ص ‪. 821‬‬
‫(‪ )3‬أمحد حممد حاين‪ ،‬قضاء النقض البحري‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية بدون طبعة‪ ،1229 ،‬ص ‪.133‬‬
‫معيد أمحد شعلة‪ ،‬قضاء النقض التجاري يف عقد النقل‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬سنة ‪ ،1223‬ص ‪ 211‬ـ الطعن رقم ‪ 23‬سنة ‪ 33‬ق جلاة ‪ 1228/2/28‬س‬
‫‪ 19‬ص ‪ 223‬ـ الطعن رقم ‪ 398‬سنة ‪ 31‬ق جلاة ‪ 1298/9/11‬س ‪ 19‬ص ‪919‬‬
‫(‪ )1‬أمحد حممد حاين‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪ 133‬ـ طعن رقم ‪ 23‬سنة ‪ 23‬ق جلاة ‪ 1298/2/28‬س ‪ 19‬ص ‪882‬‬
‫(‪)8‬سعيد أمحد شعلة‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 213‬‬
‫‪.‬الطعن رقم ‪ 23‬سنة ‪ 33‬ق جلاة ‪ 1228/32/28‬س ‪ 19‬ص ‪. 223‬‬
‫‪.‬الطعن رقم ‪ 813‬سنة ‪ 38‬ق جلاة ‪ 1293/31/23‬س ‪ 21‬ع‪ ،‬ص ‪119‬‬
‫(‪)9‬الطعن رقم ‪ 238‬سنة ‪ 23‬ق جلاة ‪ 1291/12/28‬س ‪ 22‬ص ‪. 2323‬‬
‫الطعن رقم ‪ 919‬سنة ‪ 81‬ق جلاة ‪.1219/11/21‬‬

‫‪317‬‬
‫ويف ‪ 21‬مارس ‪ )1(1299‬جند أن حمكمة النقض قد أقرت مبدأ أخر وهو أهنا اعتربت حيازة املرسل إليه‬
‫لاند الشحن مبثابة حيازة رمزية للبضاعة(‪.)2‬‬
‫ج) موقف القضاء الفرنسي‪.‬‬
‫إن إعتبار عقد النقل البحري عقد ثالثي األطراف‪ ،‬وضع عدة مشاكل وتعقيدات لتحديد من يكون‬
‫شرط التحكيم نافذا يف حقه(‪ ، )3‬ومهما كان املركز القانوين الذي يعطى إىل املرسل إليه فاالحتجاج بشرط‬
‫التحكيم يف مواجهة املرسل إليه‪ ،‬مل يعد حمل شك عند اجلهات القضائية‪ ،‬و بعد فرتة من احلرية‪ ،‬جاء القرار‬
‫الصادر سنة ‪ 1232‬والذي جعل تنفيذ عقد النقل البحري خيضع أيضا لكل الشروط املدرجة يف هذا‬
‫العقد"(‪.)1‬‬
‫إن االحتجاج يف مواجهة املرسل إليه بشرط التحكيم البحري يفضله أغلب القضاة الفرنايني‪ ،‬وإذا كان هذا‬
‫االجتاه هو الذي كان الغالب عند جملس النقض الفرناي إال أن هذا األخري غري هذا االجتاه يف ‪ 29‬ماي‬
‫‪ ، 1222‬حبيث وضع شروط حمددة حىت يكون شرط التحكيم نافذا يف مواجهة الغري احلامل لاند الشحن‬
‫ومنهم املرسل إليه‪ ،‬ففي هذا القرار واملتعلق بنقل دويل هنري عن طريق سند الشحن أصدر جملس النقض‬
‫الفرناي أنه"يكون نافذا شرط التحكيم فقط يف مواجهة األطراف الذين كانوا على علم هبذا الشرط وقد‬
‫عربوا عن قبوهلم له وقت إبرام العقد" كما أكد القرار أن شرط التحكيم يكون نافذا يف مواجهة الغري حامل‬
‫سند الشحن(‪.)8‬‬
‫و يف األخري ميكن القول أنه قد نشأت حالة من القلق بابب هذا التباين يف صدور األحكام عن‬
‫قضاءات الدول وعدم حتديد موقف واضح يف هذا املوضوع اهلام الذي يرتتب عليه نتائج قد تكون اجيابية‬
‫لطرف وسلبية لطرف آخر على أساس ضخامة املصاحل العملية واملالية اليت ترتتب على هذا املوقف(‪.)9‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬نقض مدين مصري يف ‪ ،1299/32/21‬الطعن رقم ‪ 119‬لانة ‪ 33‬ق‪ ،‬جمموعة أحكام النقض لانة ‪ 21‬ص ‪.131‬‬
‫‪(2)Haddoum Kamel, op cit; P 10.‬‬
‫(‪ )3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.922‬‬
‫‪(1) Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence internationale dans les connaissements,‬‬
‫‪consensualisme ou formalisme, op cit, n°48.‬‬
‫‪(5)Ibid , n° 49 .‬‬
‫(‪)9‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.923‬‬

‫‪318‬‬
‫ثانيا‪ :‬االحتجاج باتفاق التحكيم في مواجهة المرسل إليه باالستناد إلى مدى قبوله له‪.‬‬
‫إن الاؤال املطروح حول مدى االحتجاج يف مواجهة املرسل إليه بشرط التحكيم املدرج يف عقد النقل‬
‫البحري كان حمال ملنازعات عديدة خاصة يف الانوات العشر األخرية‪ ،‬فأغلب أطراف النزاع سواء كانوا‬
‫مرسل إليه أو ماتلم البضاعة أو حىت مؤمن املرسل إليه يطالبون بعدم التزامهم مبا جاء يف عقد النقل كشرط‬
‫التحكيم البحري ماتندين على أهنم مل يشاركوا يف إبرام العقد وال يف قبول الشروط اليت جاء هبا‪ ،‬فكيف‬
‫ميكن مواجهتهم هبته الشروط(‪)1‬؟‬
‫إن نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه أصبح مبدأ مالم به‪ ،‬وذلك خلصوصية عقد النقل‬
‫البحري للبضائع‪ ،‬حىت و إن كان خيالف أكرب مبادئ القانون املدين وهو مبدأ نابية العقود(‪.)2‬‬
‫بقي تااؤل واحد فقط يطرح اآلن وهو‪ :‬هل نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه ياتلزم قبوال‬
‫صرحيا أو جمرد قبول ضمين ؟‪.‬‬
‫يف اجلزائر احملكمة العليا يف قرارها‪ ،‬أكدت أنه‪":‬حيث أن اإلشارة لعقد إجيار الافينة يف وثيقة شحن جتعل‬
‫املرسل إليه املطعون ضدها يف قضية احلال طرفا يف هذا العقد وهلا احلق يف استعمال بند التحكيم‪ ...‬إن‬
‫أرادت التماك به‪.)3("...‬‬
‫إنه حاب القرار الاابق ذكره‪ ،‬فإن احملكمة العليا مل حتدد شكل قبول شرط التحكيم من قبل املرسل إليه‪،‬‬
‫حىت و إ ن كانت إحالة سند الشحن‪ ،‬تبني أنه قبول ضمين‪ ،‬ذلك أنه يكفي أن يكون املرسل إليه قد علم‬
‫بشرط التحكيم لكي يكون مرتبط به‪ ،‬كما أن لاند الشحن أيميته يف نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة‬
‫املرسل إليه‪.‬‬
‫أما فرناا فكان شكل قبول شرط التحكيم من قبل املرسل إليه حمل اختالف بني الغرفة التجارية جمللس‬
‫النقض الفرناي وبني الغرفة املدنية األوىل له‪ .‬فبالنابة للغرفة التجارية جمللس النقض الفرناي فإن اجتاهها‬
‫واضح يف هذا الصدد‪ ،‬ففي كل أحكامها توجب أنه حىت يكون شرط التحكيم نافذا يف مواجهة املرسل إليه‬
‫جيب أن يقبله صراحة ‪.‬وقد أكد هذا االجتاه يف قرار صادر هلا يف ‪ 28‬جوان ‪ ،)1(2332‬وقد كانت قد‬
‫أقرت يف قرار أخر هلا أنه‪":‬حىت يكون نافذا يف مواجهة املرسل إليه‪ ،‬شرط التحكيم املنصوص عليه يف سند‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1(Gilles Heligon, op cit, p01‬‬
‫‪)2(Haddoum Kamel, op cit, p11‬‬
‫(‪)3‬قرار رقم ‪ 132919‬لـ ‪.2331/31/32‬‬
‫‪)1(Navire Aptmariner – DMF 2003, 41, ob.p Delebecque, Gilles Héligon, op cit, p01.‬‬

‫‪319‬‬
‫الشحن‪ ،‬جيب أن يكون عاملا به ويكون مقبوال من طرفه‪ ،‬حبيث يف وقت التفريغ وباستالمه للبضاعة أصبح‬
‫طرفا يف عقد النقل"(‪.)1‬‬
‫وحاب هذا القرار‪ ،‬فان الغرفة التجارية جمللس النقض الفرناي‪ ،‬جتعل انضمام املرسل إليه إىل عقد النقل‬
‫البحري عن طريق استالمه للبضاعة وليس بقبوله لاند الشحن(‪ ،)2‬وهبذا املوقف الذي اختذته الغرفة فهي‬
‫تقلل نوعا ما من األيمية اليت يبلغها سند الشحن كأداة إثبات لعقد النقل البحري(‪.)3‬‬
‫إن تربير موقف الغرفة باستلزامها للقبول الصريح لشرط التحكيم من قبل املرسل إليه‪ ،‬يرتكز على منظور‬
‫تعاقدي حبت‪ ،‬حبيث أن شرط التحكيم ميكن أن يفرض على طرف ومنهم املرسل إليه‪ ،‬إال إذا قام بقبوله‬
‫صراحة‪ .‬وحاب الغرفة التجارية‪ ،‬املرسل إليه مل يقم مبناقشة الشروط املوجودة يف عقد النقل ومنها الشرط‬
‫اخلاص بالتحكيم‪ ،‬هذا أيضا ينطبق على املؤمن الذي ياتمد حقوقه من املؤمن له وهو املرسل إليه يف‬
‫الغالب(‪.)1‬‬
‫أما عن ا لغرفة املدنية األوىل جمللس النقض الفرناي فهي تقر بنفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه‪،‬‬
‫ألن هذا األخري يصبح على علم هبذا الشرط مبجرد تفريغ البضاعة(‪.)8‬‬
‫ومبجرد علم املرسل إليه أو من حيل حمله كاملؤمن لشرط التحكيم يصبح نافذا يف حقه‪ ،‬بدون وجوب القبول‬
‫الصريح(‪.)9‬‬
‫فخصوصية اجملال التجاري البحري تقتضي بأن القبول الضمين يكفي حىت يصبح شرط التحكيم نافذا يف‬
‫مواجهة املرسل إليه ‪،‬فهو من املفروض أن يكون على علم هبته األعراف البحرية واليت جتعل شرط التحكيم‬
‫البحري شرطا متداوال يف سندات الشحن أو يف مشارطات اإلجيار‪.‬‬
‫أما عن القضاء املصري فنجد أنه يف بعض أحكامه‪ ،‬مل يكن متشددا يف موضوع القبول الصريح وإمنا قضت‬
‫حمكمة النقض املصرية أن التزام املرسل إليه باند الشحن دون اعرتاض وقيامه بتنفيذ عقد النقل دون حتفظ‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1( Cass.com, 29 novembre 1994, navire Slop Osprey, DMF 1995? 218.‬‬
‫‪)2( Haddoum Kamel, op cit, p 12.‬‬
‫‪)3( Ibid ,p13.‬‬
‫‪(1) Gilles Héligon, op cit, p 01.‬‬
‫‪(8) Haddoum Kamel, op cit, p13.‬‬
‫‪(9) Cass. 1-ere ch cir, 22 novembre 2005, "navire Lindos", Marie Niviere, op cit, p66.‬‬

‫‪320‬‬
‫يعد قرينة على القبول الضمين للشروط اليت يتضمنها سند الشحن سواء كانت شروطا عادية أو استثنائية مبا‬
‫يف ذلك شرط التحكيم(‪.)1‬‬
‫وقد أكدت يف أحكام أخرى أن االتفاق على التحكيم ال يفرتض ولكن جيب تعبري االتفاق على التحكيم‬
‫على انصراف إرادة اخلصوم إىل إتباع هذا الطريق‪ ،‬وأن يتضمن حتديد املنازعة أو املنازعات اليت ينصرف‬
‫إليها(‪.)2‬‬
‫وهكذا جند أنه حىت يف موضوع القبول الصريح والضمين لشرط التحكيم من طرف املرسل إليه أو من ميثله‬
‫ومدى نفاذه يف حقه أصبح موضوعا حيمل وجهات نظر متضاربة وخمتلفة على الصعيد الدويل وحىت يف‬
‫قضاء الدولة الواحدة‪.‬‬
‫إن موضوع االحتجاج بشرط التحكيم يفتح لنا تااؤل أخر و هو ‪:‬من املختص يف مراقبة مدى نفاذ هذا‬
‫الشرط‪ ،‬هل هو القاضي الوطين أم هو احملكم باالستناد إىل مبدأ االختصاص باالختصاص؟‬
‫يف اجلزائر وحاب املادة ‪ 1311‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬ج تبني أن ‪ ":‬تفصل حمكمة التحكيم يف االختصاص‬
‫اخلاص هبا‪ ،‬وجيب إشارة الدفع بعدم االختصاص قبل أي دفاع يف املوضوع‪.‬‬
‫تفصل حمكمة التحكيم يف اختصاصها حبكم أويل إال إذا كان الدفع بعدم االختصاص مرتبط مبوضوع‬
‫النزاع" ‪ .‬وهبذا أعطى املشرع اجلزائري للمحكم للنظر يف مدى حجية شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه‬
‫ومدى اختصاصه لتطبيق احلكم كما أخذ هبذا املبدأ أيضا جملس النقض الفرناي(‪ ، )3‬والذي أعطى‬
‫للمحكم سلطة النظر يف اختصاصه ومعىن ذلك أن احملكم ياتمر يف إجراءات التحكيم وهو الذي يقرر‬
‫كونه خمتصا بالنظر يف املوضوع أم ال و إن كان جرى الطعن مبدى نفاذ شرط التحكيم(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬الطعن رقم ‪ 199‬سنة ‪ 12‬ق جلاة ‪.12/39/29‬‬
‫(‪)2‬أمحد حممد حاين‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪-‬الطعن ‪ 1892‬سنة ‪ 12‬ق جلاة ‪ 1212/2/13‬مل ينشر‪.‬‬
‫‪-‬الطعن ‪ 1118‬سنة ‪ 82‬ق جلاة ‪.1219/11/19‬‬

‫‪)3(Haddoum Kamel, op cit, p19.‬‬


‫(‪ )1‬املادة ‪ 112‬من قواعد التحكيم للغرفة التجارية الدولية تذكر هذا املبدأ و تعطي للمحكم سلطة اختاذ القرار حول اختصاصه‪.‬‬
‫املادة ‪ 1465‬من قانون اإلجراءات املدنية الفرناي تكرس مبدأ االختصاص باالختصاص‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬انتقال اتفاق التحكيم في عقد النقل البحري الى الغير و تأسيسه القانوني ‪.‬‬
‫لقد ثار جدل يف الفقه والقضاء حول مدى التزام املرسل إليه بشرط التحكيم الوارد يف سند الشحن‪،‬‬
‫حيث اعتربه البعض طرفا منضما استنادا إىل اإلرادة الضمنية لألطراف األصليني(‪ ،)1‬حيث يذكر أن املرسل‬
‫إليه يف سند الشحن وإن كان يلتزم بالشروط الواردة فيه فإنه ال يلتزم إال بالشروط املتعلقة بعقد النقل‬
‫البحري والناشئة عنه مثل التفريغ و ماؤولية الناقل‪ ،‬أما الشروط غري املتعلقة بعقد النقل البحري مثل‬
‫التحكيم فال تاري يف مواجهة املرسل إليه‪ ،‬ألن شرط التحكيم حيتاج ألهلية خاصة وشروط خاصة(‪.)2‬‬
‫وقد اعترب البعض األخر أن املرسل إليه طرفاً يف عقد النقل استنادا إىل نظرية العملية القانونية من ثالثة‬
‫أشخاص‪ ،‬ذلك أن عقد النقل هو عقد لثالثة أشخاص(‪ ،)3‬أما الرأي املعارض فقد اعترب املرسل إليه من‬
‫الغري ولتأسيس ذلك قانونا جاءت عدة نظريات يف هذا الصدد كما رأينا سابقا ‪ .‬إال أن تطور املعامالت‬
‫البحرية وتعقيدها تقضي بأن يرتبط بعقد النقل البحري و األثار املرتتبة عنه أشخاص أخرين ‪ ،‬ميكن أن‬
‫تكون هلم رابطة بأحد أطراف هذا العقد أو تربطهم عالقة قانونية باملرسل إليه كمؤمن املرسل إليه مثال أو‬
‫خلفه العام أو اخلاص عموما ‪.‬و بالتايل اإلشكال الذي يثور هنا والذي كان حمل جدل قضائي كبري هو هل‬
‫يلتزم الغري الذي حيل حمل املرسل إليه بشرط التحكيم البحري املدرج يف سند الشحن أو احمليل إليه سند‬
‫الشحن إىل مشارطة اإلجيار؟‪.‬‬
‫لإلجابة على هذه اإلشكالية جيب البحث عن مفهوم الغري وعالقته باملرسل إليه‪ ،‬مث نبحث يف مدى‬
‫حجية شرط التحكيم يف مواجة من حيل حمل املرسل اليه كاملؤمن مثال ؟‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدلول الغير و عالقته بالمرسل إليه في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫يعترب مركز "الغري" بالنابة للعقد من صلب مفهوم "الغري" فمىت وصف الشخص أنه "غري" أجنيب فإنه‬
‫حيتل مركزا معينا خيضع ألحكام هذا املفهوم(‪ ،)1‬وعليه يتبع الفقه عادة حتديد وصف "الغري" بدراسة مركزه‪،‬‬
‫ففي إطار مبدأ نابية أثر العقود فمدلول فئة "الغري" ال يثور فيه خالف فهو كقاعدة عامة كل من عدا‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬محد كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ يف النقل البحري‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬بدون نشر‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫(‪)2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪821.‬‬
‫‪)3(Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence international dans les connaissements‬‬
‫‪consensualisme. Mémoire de DEA, université "Panthéon" – ASSAS Paris II en septembre 1997, n°‬‬
‫‪46.‬‬

‫(‪)1‬الدكتور صربي محد خاطر‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬

‫‪322‬‬
‫األطراف يف التصرف‪ ،‬أو بتحديد أكثر هؤالء الذين يكون العقد يف مواجهتهم بال أثر مباشر(‪ .)1‬وقد صاغ‬
‫مبدأ نابية العقود املشرع الفرناي يف القانون املدين‪ ،‬فالعقد ال ينفع وال يضر الغري‪ ،‬وقد أخذ املشرع‬
‫الفرناي مضمون هذا املبدأ من القانون الروماين والذي كان ينص على مبدأ معروف وهو أن " األمر املتفق‬
‫عليه بني البعض ال ميكن أن يضر أو يفيد غريهم‪".‬‬
‫أما عن مفهوم الغري يف جمال النفاذ فيشري إىل أكثر من مدلول فهناك الغري األجنيب متاما عن أطراف العالقة‬
‫العقدية األصلية‪ ،‬وهناك الغري ذو الرابطة بأحد أطراف هذه العالقة كالدائنني العاديني واخللف اخلاص(‪.)2‬‬
‫ووفقا للفقه احلديث ينقام مفهوم الغري إىل الغري احلقيقي أو األجنيب والغري الويمي أو الغري القريب‪ ،‬ومفهوم‬
‫الغري احلقيقي ينصرف إىل كل األشخاص الذين ليات هلم رابطة مباشرة بأحد أطراف عالقة عقدية قائمة‬
‫أو مصلحة مباشرة بالعقد ويعتربون أجانب كلية عن العقد وعن املتعاقدين‪ ،‬حيث ال توجد أدىن رابطة‬
‫قانونية بينهم‪ ،‬وهذه الطائفة حيددها نفاذ العقد بإعتباره واقعة قانونية‪ .‬ويقع عليهم التزام باحرتام عقود‬
‫األخرين وعدم اإلخالل مبا تتضمنه من اشرتاطات عقدية من خالل تصرفات الحقة مبا قد يؤدي إىل‬
‫إخالل أحد املتعاقدين بالتزاماته جتاه املتعاقد األخر‪،‬وهذا الواجب باالحرتام هو أثر خارجي أو غري مباشر‬
‫باعتباره واقعة قانونية‪ ،‬و ال صلة لذلك مببدأ نابية أثر العقود(‪.)3‬‬
‫أما الغري غري احلقيقي أو الويمي وأيمهم الدائنون العاديون واخللف اخلاص‪ ،‬فهم الغري ذو الرابطة القانونية‬
‫بأحد أطراف عالقة عقدية قائمة‪ ،‬كما عربت على ذلك حمكمة النقض املصرية على هذه الطائفة من الغري‬
‫باألطراف ذو الشأن يف العقد ومن هؤالء املرسل إليه يف عقد الشحن‪ ،‬ومبعىن أمشل ميكن القول بأهنم "الغري‬
‫صاحب املصلحة"‪.‬‬
‫وهذه الطائفة من طوائف الغري يقتصر النفاذ بالنابة هلا على جمرد واجب سليب باالحرتام قوامه االلتزام‬
‫باالمتناع عن العمل‪ ،‬مبعىن احرتام عقود األخرين وعدم اإلتيان بتصرف الحق يؤثر يف االشرتاطات العقدية‬
‫اليت تتضمنها هذه العقود مبا قد يؤدي إىل إخالل أحد أطرافها بالتزامه اجتاه الطرف األخر‪ ،‬وقد يتغري وجه‬
‫النفاذ ليكون التزام اجيايب بالقيام بعمل إذا ما كنا بصدد جمموعة عقدية ينظمها وحدة احملل أو وحدة‬
‫الابب‪.‬حيث يرتتب على قوة النفاذ داخل هذه اجملموعات وتوافر حق خاص ترتبط به بصفة مباشرة‬
‫مصلحة الغري عضو يف هذه اجملموعة‪،‬قيام عالقات رجوع مباشرة بني األعضاء املكونني للمجموعة للمطالبة‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫(‪)2‬املرجع الاابق ذكره‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪)3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪. 812‬‬

‫‪323‬‬
‫حبقوق أو حتمل التزامات‪ ،‬وهذه احلقوق وااللتزامات اجلديدة ليس مصدرها العقد ولكن نفاذ العقد‪.‬‬
‫إن اإلشكال األول الذي يطرح هو أنه إذا اعتربنا املرسل إليه من الغري فكيف ميكن التعامل مع األشخاص‬
‫الذين تربطهم رابطة قانونية به كخلفه اخلاص مثال‪ ،‬إذا ما حلوا حمل املرسل إليه‪ ،‬فهل ميكن االحتجاج يف‬
‫مواجهتهم بشرط التحكيم املدرج يف عقد النقل البحري؟‪.‬‬
‫أما اإلشكال الثاين الذي يطرح فهو حول وجهات النظر املختلفة للقضاء من انتقال شرط التحكيم‬
‫البحري طبقا لقواعد القانون املدين أو للقواعد املادية لقانون التحكيم التجاري الدويل(‪ )1‬إىل الغري و هل‬
‫هنالك شروط لنفاذ هذا الشرط يف مواجهتهم ؟‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مدى سريان شرط التحكيم في عقد النقل البحري على الغير‪ -‬بالنظر الى طبيعته ‪.‬‬
‫قبل اخلوض يف ماألة مدى نفاذ شرط التحكيم يف عقد النقل البحري يف مواجهة الغري ‪ ،‬ونظرا‬
‫خلصوصية هذا العقد و الذي يتم بطرق عديدة( عن طريق مشارطة اجيار و إما بواسطة سند الشحن) ‪،‬‬
‫وجب على القاضي أن حيدد هل حنن أمام نقل مبشارطة اجيار أو أمام نقل باند شحن و ذلك إلختالف‬
‫األحكام املطبقة على كل منهما (‪.)2‬‬
‫فإ ذا كان شرط التحكيم مدرج يف مشارطة اجيار و لكن ال توجد أي احالة يف سند الشحن اىل هذه‬
‫املشارطة ‪ ،‬أو اذا كانت البنود املدرجة يف مشارطة االجيار غري منصوص عليها يف مشارطة سند الشحن ‪،‬‬
‫فوحدهم أطراف املشارطة أو من ينوب عليهم كوكالئهم يف عملية النقل ملزمون باتفاق التحكيم ‪ ،‬حىت‬
‫و إ ن كان سند الشحن يف يد حامله و الذي يعترب من الغري ( املرسل اليه و كل من ينوب عليه ‪ ،‬أو مثال‬
‫احلائز طبقا ملا نصت عليه اتفاقية روتردام ) ‪ ،‬و بالتايل هذا الغري ال يكون ملزما بشرط التحكيم املدرج يف‬
‫مشارطة االجيار اذا مل توجد أي احالة اليه يف سند الشحن (‪.)3‬‬
‫كما أن هذا االشكال ال يطرح بالنابة للقانون االجنليزي و الذي جعل من الغري حامل سند الشحن ألمر‬
‫(أو على بياض ) تنتقل اليه حقوق و التزامات الشاحن الناشئة عن عقد النقل البحري (‪. )1‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence international dans les connaissements‬‬
‫‪consensualisme, op cit, n° 46‬‬
‫‪(2) Michel Pourcelet , op cit , p 188‬‬
‫‪(3) Ibis,‬‬
‫‪(4) Anatasiya KOZUBOVSKAYA , la situation juridique du destinataire porteur du‬‬
‫‪connaissement , DEA de droit Maritime des Océanique 2003-2004.‬‬

‫‪324‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬مدى نفاذ شرط التحكيم في عقد النقل البحري عن طريق حوالة الحق‪.‬‬
‫إن املمارسات العملية يف جمال النقل البحري أظهرت بعض املعامالت كإنتقال أو تنازل املرسل إليه عن‬
‫حقوقه إىل أشخاص أخرين واملتمثلون إما يف خلفه العام أو خلفه اخلاص‪ ،‬وقد أثار ذلك تااؤالت حول‬
‫مدى التزام هؤالء األشخاص باملشارطات اخلاصة و الواردة يف سند الشحن ومنها شرط التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري‪.‬‬
‫إذا كان يف األصل أن العقد ال يتناول أثره إال يف مواجهة املتعاقدين فيجب أن يكون ذلك مقرونا بالتوسع‬
‫يف فهم كلمة" املتعاقدين " فليس املقصود هبذه الكلمة املتعاقدين فحاب‪ ،‬بل املقصود هو ومن ميثالنه يف‬
‫التعاقد‪ ،‬فاملتعاقدان إذا تعاقدا انصرف أثر العقد إليهما‪ ،‬وانصرف كذلك إىل اخللف العام‪ ،‬وقد ينصرف إىل‬
‫اخللف اخلاص(‪.)1‬‬
‫واخللف العام هو من خيلف الشخص يف ذمته املالية من حقوق والتزامات أو يف جزء منها باعتبارها جمموعا‬
‫من املال‪ ،‬كالوارث واملوصى له جبزء من الرتكة يف جمموعها‪.‬‬
‫أما اخللف اخلاص هو من خيلف الشخص يف عني معني بالذات أو يف حق عيين عليها‪ ،‬كاملشرتي خلف‬
‫البائع يف املبيع‪ ،‬واملوصى له واملنتفع خيلف املالك يف حق االنتفاع واخللف سواء كان عاما أو خاصا ال يعترب‬
‫من الغري يف العقد فينصرف إليه أثره (‪.)2‬‬
‫وبالتايل فإذا اعتربنا املرسل إليه طرفا يف عقد النقل فان خلفه ينصرف إليه كل أثار العقد‪ ،‬وإذا اعتربنا املرسل‬
‫إليه من الغري فإن خلفه عليهم احرتام عقود األخرين وعدم اإلتيان بتصرف يؤثر على االشرتاطات العقدية‬
‫اليت تتضمنها هذه العقود وذلك طبقا لنظرية قوة نفاذ العقود‪ ،‬ولكن كما جيب التأكيد على أن هذه النظرية‬
‫تاتند على عنصر أساسي وهو العلم فحىت نقول بنفاذ عقد ما يف مواجهة الغري يلزم توافر علم الغري هبذا‬
‫العقد أو االتفاق(‪.)3‬‬
‫وهذا ما جيعل دائما الفقه والقضاء يف اختالف حول مدى نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه أو‬
‫من حيل حمله ‪ ،‬إما مبحاولة اجياد أساس قانوين لالحتجاج طبقا للمفهوم التقليدي (األثر النايب للعقد ) ‪،‬أو‬
‫بإعتمادهم على نظرية النفاذ احلديثة الاابقة الذكر ‪ ،‬و إما باملزج بني الفكرين معا التقليدي و احلديث‬
‫حملاولة اجياد أساس لنفاذ شروط فض املنازعات ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد الرزاق الانهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب بريوت‪ ،‬ص ‪.811‬‬
‫(‪)2‬عبد الرزاق الانهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.811‬‬
‫(‪)3‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫حممد عبد الفتاح ترك‪،‬التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.913‬‬
‫‪325‬‬
‫أوال‪ :‬موقف القضاء من نفاذ شرط التحكيم البحري في مواجهة المحال إليه‪.‬‬
‫إن القرار الصادر يف ‪ 19‬مارس ‪ ، 2331‬من الغرفة املدنية األوىل جمللس النقض الفرناي أظهر ملرة‬
‫أخرى اختالف وجهات النظر يف قراراهتا مع الغرفة التجارية بالنابة لالحتجاج يف مواجهة املرسل إليه حامل‬
‫سند الشحن‪ ،‬بالشروط املتعلقة باالختصاص القضائي الدويل و كذا الشروط املتعلقة بالتحكيم البحري‬
‫الواردة يف سند الشحن أو احمليل إليه سند الشحن‪ .‬هذه املرة قد طرح إشكال مدى نفاذ شرط التحكيم يف‬
‫وجود حوالة حق املرسل إليه إىل ماتأجر الرحلة وهنا قامت كل من الغرفتني املدنية والتجارية بإجياد حلول‬
‫خمتلفة ومتعاكاة(‪.)1‬‬
‫‪-6‬وقائع القضية ‪:‬‬
‫يف هته القضية محولة دقيق تعرضت خلاائر عند نقلها يف سفينة مؤجرة لرحلة‪ ،‬وقبل تعويض املرسل إليه‬
‫من قبل املؤمن‪ ،‬قام املرسل إليه بتحويل حقوقه إىل ماتأجر الافينة‪ ،‬وبالتايل فماتأجر الافينة هو الذي‬
‫سوف يتلقى التعويضات عن اخلاائر الالحقة بالبضاعة‪.‬‬
‫قام املؤمنون والذين حيلون حمل احمليل إليه بالرجوع على املؤجر والذي له صفة الناقل برفع دعوى أمام‬
‫اجلهات القضائية الفرناية‪.‬‬
‫‪-2‬التعليق على القرار الصادر ‪:‬‬
‫إن اجلهة القضائية الىت رفعت أمامها مل تعطي االختصاص حملكمة التحكيم واليت ينص عليها شرط‬
‫التحكيم املدرج يف مشارطة اإلجيار فقد اعتربت احملكمة التجارية ببولوين(‪ )2‬نفاها خمتصة‪ ،‬ولكن جملس‬
‫االستئناف بدوي(‪ )3‬قام بقبول طلب الناقل والذي يقضي باختصاص حمكمة التحكيم البحري‪.‬‬
‫قام املؤمنون بنقض هذا القرار الصادر عن هته الغرفة ماتندين على أن القضاء البحري ياتلزم لنفاذ شرط‬
‫التحكيم البحري يف مواجهة املرسل إليه أن يقوم هذا األخري بقبوله‪ ،‬وأيضا أنه من أثار حوالة احلق يف‬
‫القانون املدين انتقال حقوق احمليل إىل احملال إليه‪.‬‬
‫ومبا أن املرسل إليه مل يعلم بشرط التحكيم ومل يقبله فهو غري نافذ يف حقه‪ ،‬ومبا أن احملال له تنتقل إليه‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Olivier Cachard, l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire du tiers porteur‬‬
‫‪du connaissement de charte partie, à propos de l'arrêt rendus par la première chambre civile‬‬
‫‪de la cour de cassation le 16 mars 2004; www.cass.com, 8 octobre 2003, lew arb 2004, p 77‬‬
‫‪, note . Cachard.‬‬
‫‪(2) Le tribunal de commerce de Boulogne.‬‬
‫‪(3) La cour d'appel de Douai.‬‬

‫‪326‬‬
‫حقوق احمليل فإن شرط التحكيم أيضا غري نافذ يف حقه(‪، )1‬وبالتايل فبمجرد وجود صفة احملال له تأخذ‬
‫بعني االعتبار سواء كان احملال له طرفا يف االستئجار أم مل يكن‪.‬‬
‫وقد أخذت هبذا االجتاه الغرفة التجارية يف القرار الصادر يف ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2333‬إال أن الغرفة املدنية مل‬
‫تتأثر به ومل تنقض القرار‪.‬‬
‫فبالنابة للغرفة املدنية األوىل‪ ،‬ماتأجر الرحلة ال ميكن اعتباره كحامل عادي لاند الشحن لعقد‬
‫االستئجار‪ ،‬فهو ليس من الغري حىت و إن كان ياتمد حقوقه من املرسل إليه ماتلم البضاعة‪ ،‬وهبذا ترفض‬
‫الغرفة قبول األثار املرتتبة عن حوالة احلق اليت بني املرسل إليه (احمليل) وماتأجر الرحلة (احملال له) و حاب‬
‫رأي كاشار قد قامت الغرفة بتأسيس قرارها على أسباب غري مقنعة(‪،)2‬إال أننا نرى العكس فهي تأخذ مبا ما‬
‫هو واقعي دون البحث عن أسس قانونية خمتلفة و متضاربة ‪.‬‬
‫فالاؤال الذي يطرح هل ميكن للمرسل إليه حامل سند الشحن أن حييل حقوقه إىل الغري؟‬
‫ال يوجد ما مينع من الناحية القانونية أن يقوم املرسل إليه حامل سند الشحن أن ينقل حقوقه املتعلقة باند‬
‫الشحن عن طريق حوالة احلق إذا ما احرتم الشروط القانونية املتعلقة هبا وقد أقرت له هذا احلق األحكام‬
‫القضائية يف املواد البحرية(‪.)3‬‬
‫ويف حوالة احلق‪ ،‬يتفق الدائن مع أجنيب على أن حيول له حقه الذي يف ذمة املدين‪ ،‬فيحل األجنيب حمل‬
‫الدائن يف هذا احلق نفاه جبميع مقوماته وخصائصه(‪.)1‬‬
‫فحوالة احلق عقد أو اتفاق خيضع يف تكوينه ويف األثار املرتتبة عليه للقواعد العامة اليت ختضع هلا سائر‬
‫العقود واالتفاقات‪ ،‬غري أن حق الشخص الذي هو حمل احلوالة تقتضي طبيعته اخلاصة أن تقوم عالقات‬
‫متنوعة تتناول احملال له واحمليل واحملال عليه والغري‪.‬‬
‫فهناك عالقة تقوم بني احملال له واحمليل‪ ،‬وأخرى تقوم بني احملال له واحملال عليه‪ ،‬وثالثه تقوم بني احمليل واحملال‬
‫عليه ورابعة تقوم بني احملال له والغري ممن استمد حقا من احمليل‪ ،‬وما يعنينا حنن هو األثار الناجتة عن العالقة‬
‫بني احمليل وهو املرسل إليه إىل احملال له والذي ينتقل له سند الشحن عن طريق حوالة احلق‪.‬‬
‫إن من أهم أثار حوالة احلق هو انتقال احلق احملال به من احمليل إىل احملال له بصفاته و دفوعه‪،‬مث تنتقل‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Olivier Cachards, l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire tiers porteurs‬‬
‫‪du connaissement de la charte partie, op cit, p01‬‬
‫‪(2) Ibid, p 02‬‬
‫‪(3) L'Aix en provence, 4 fevrier 1996, D.M.F., 1988, p 758, Diop papa Ousmane, op cit, p 56‬‬
‫(‪)1‬عبد الرزاق الانهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬األوصاف‪ ،‬احلوالة االنقضاء‪ ،‬اجلزء الثالث‪ ،‬دار االحياء الرتاث العريب‪ ،‬ص ‪.113‬‬

‫‪327‬‬
‫أيضا توابعه(‪ )1‬كذلك ينتقل احلق مبا عليه من دفوع‪ ،‬فيجوز للمدين أن يتماك قبل احملال له بنفس الدفوع‬
‫اليت كان يصح له أن يتماك هبا قبل احمليل(‪.)2‬‬
‫وبالتايل إذا كان احمليل مرتبط بشرط التحكيم يف عقد النقل البحري‪ ،‬فالقضاء البحري قضى بأن احملال له‬
‫أيضا يكون أيضا مرتبطا هبذا الشرط ويكون نافذا يف حقه(‪.)3‬‬
‫ذلك أن شرط التحكيم يف عقد النقل البحري والذي يرتبط باحمليل فهو من توابع حوالة احلق ولكن إذا‬
‫كان هذا الشرط يف عقد النقل البحري حمل رفض من طرف احمليل أي أنه مل يقبل نفاذه يف مواجهته‪،‬ففي‬
‫هته احلالة هل جيوز للمحال إليه أن يرفض هو أيضا شرط التحكيم الوارد يف مشارطة اإلجيار اليت حييل إليه‬
‫سند الشحن؟‪.‬‬
‫يف هذا الاياق الغرفة املدنية باجمللس القضائي الفرناي جاءت يف حكمها‪ " :‬أنه وحده الغري حامل سند‬
‫الشحن الذي ميكنه عدم قبول الشروط االستثنائية "(‪ ،)1‬و هنا الغرفة املدنية كانت تقصد بالشروط‬
‫االستثنائية هي شروط وسائل فض املنازعات اليت اشرتطها املؤجر يف عقد استئجار الافينة كشرط التحكيم‬
‫يف عقد النقل البحري‪ ،‬وبالتايل فالغرفة املدنية األوىل‪ ،‬اعرتفت بعدم نفاذ الشروط االستثنائية كشرط‬
‫التحكيم البحري احملال إليه سند الشحن إىل مشارطة اإلجيار يف مواجهة الغري حامل سند الشحن(‪ )8‬والذي‬
‫قد يكون هو احملال إليه‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬شروط تعطيل أثار حوالة الحق و االستثناء الوارد في القضية ‪.‬‬
‫أقرت الغرفة املدنية األوىل الفرناية بأن عدم نفاذ الشروط االستثنائية ومنهم شرط التحكيم البحري املدرج‬
‫يف سند الشحن أو احمليل إليه سند الشحن يف مشارطة اإلجيار‪ ،‬ال يكون نافذا فقط يف مواجهة الغري احلامل‬
‫سند الشحن األجنيب عن عقد النقل البحري‪ ،‬فاملاتأجر احملال إليه حق الغري حامل سند الشحن عن طريق‬
‫حوالة احلق ال ميكنه عدم قبول هته الشروط االستثنائية ومنها شرط التحكيم ىف عقد النقل البحري‪.‬‬
‫فاحملكمة تقرر أن املاتأجر " كان بإمكانه االحتجاج يف مواجهة الناقل (املؤجر) ولكن يف إطار عقد‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬تنص املادة ‪ 213‬من القانون املدين اجلزائري‪ ":‬تشمل حوالة احلق ضمانته كاحلوالة‪ ،‬واالمتياز والرهون‪ ،‬ورهن احليازة‪ ،‬كما تشمل ما حل من أقاام"‬
‫(‪)2‬عبد الرزاق الانهوري‪ ،‬اجلزء ‪ ،2‬ص ‪ 121‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 211‬من القانون املدين اجلزائري‪ ":‬يتماك املدين قبل احملال له بالدفوع اليت يعرتض‬
‫هبا قبل احمليل وقت نفاذ احلوالة يف حقه كما جيوز له أن يتماك بالدفوع املاتمدة من عقود احلوالة"‪.‬‬
‫‪)3(Cass.1-ère cit, 5 janvier 1999 et 19 octobre 1999, rev. Arbi. 2000, p 85, note D. Cohen.‬‬
‫‪Defrénois, 1999 p 572, note Delebecque, cass 2-eme cit, 20 décembre 2001, Rev. Arb-2002, p 373,‬‬
‫‪note D.Cohen, Diop papa ousmane, op cit, p 56.‬‬
‫‪)1(Diop papa Ousmane, op cit, p 56‬‬
‫(‪ )8‬يف هته القضية احملال له هو ماتأجر الافينة وبالتايل باعتباره طرف ا يف عقد النقل البحري وقد أحال إليه املرسل إليه حقه يف سند الشحن مل تقبل الغرفة‬
‫املدنية األوىل عدم سريان شرط التحكيم يف مواجهته واعتربته نافذا يف حقه باعتباره طرفا يف عقد النقل البحري وليس أجنبيا عن العقد‪.‬‬
‫‪328‬‬
‫إستئجار الافينة املربم أوال و الذي ال ميكنه إنكار ما جاء به أو عباراته "(‪. )1‬‬
‫ويف هذه احلالة ال ميكن اعتبار املاتأجر بأي حال من األحوال حمال له عادي حامل لاند الشحن ألنه‬
‫طرف يف مشارطة اإلجيار‪ ،‬فالغرفة املدنية األوىل ترفض قبول انتقال أثار حوالة احلق طبقا للقواعد العامة‬
‫للقانون املدين من احمليل إىل احملال له يف هته احلالة‪ ،‬أي إذا كان املاتأجر هو من تلقى حوالة احلق من‬
‫املرسل إليه وبالتايل طبقا هلذا ال ميكن للماتأجر أن يتحايل و يتملص من شرط التحكيم البحري‪.‬‬
‫ولكن الاؤال الذي ميكن طرحه يف هذا الصدد هو أنه ويف غياب نص قانوين خاص مينع املرسل إليه من‬
‫إجراء حوالة حق من هذا النوع كيف ميكن تعطيل أثار حوالة احلق وهل هلذا التعطيل تأصيل قانوين؟‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلستحالة القانونية لتبرير تعطيل أثار حوالة الحق‪.‬‬
‫بالرجوع إىل قرار الغرفة املدنية األوىل جند أن التابيب الذي جاء به كان فيه نوعا من الرتدد لتربير موقفه‬
‫والذي حيد من أثار حوالة احلق‪.‬‬
‫إن ما هو معروف أنه بابب حوالة احلق هته استحمل احملال له كل األضرار‪ ،‬إال أنه حرم من احلقوق اليت‬
‫ترتبها له هته احلوالة هذا التناقض األول‪ ،‬مث إذا طلب من احملال له أن ياتعمل حقوقه اخلاصة به‪ ،‬يف هته‬
‫احلالة ال ميكنه معرفة أي صفة ياتند إليها قانونا وهذا هو التناقض الثاين(‪.)2‬‬
‫إن الغرفة املدنية األوىل مل تذكر ولو ملرة واحدة صفة املاتأجر للمحال له ولكن بالعكس أقرت له صفة‬
‫الشاحن مرتني يف هذا القرار(‪ ، )3‬وبالتايل ميكن استخالص أن صفة املاتأجر مل تأثر حقيقة على الغرفة‬
‫املدنية األوىل حىت تعطل من أثار حوالة احلق بني املاتأجر واملرسل إليه ‪ ،‬و إمنا هدفها الوحيد كان هو‬
‫إحالة النزاع إىل التحكيم ‪.‬وهذا ما يؤكده القرار الذي صدر يف القضية مراكنديا "‪ "Mercandia‬واليت كانت‬
‫تتعلق بتعويض خاائر ناجتة عن عقد النقل البحري وكانت هناك حوالة حق بني املرسل إليه والشاحن‪ ،‬ومل‬
‫يكن هناك أي عقد استئجار لرحلة ولكن كان هناك عقد نقل حبري ‪ ،‬فقامت الغرفة املدنية األوىل أيضا‬
‫بتعطيل أثار حوالة احلق بني احمليل واحملال له(‪ ،)1‬باعتبار أن الشاحن هو طرف يف عقد النقل البحري وهكذا‬
‫ميكن القول أن جملس النقض حاول تعطيل حوالة احلق ولكن مرة أخرى بدون تابيب قانوين مقنع‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1( Diop Papa Ousmane, op cit, p 57‬‬
‫‪)2(Olivier Cachard, l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire tiers porteurs du‬‬
‫‪connaissement de la charte partie, op cit, p04‬‬
‫‪Diop Papa Ousmane, op cit, p 57‬‬
‫(‪)3‬قرار عن الغرفة املدنية األوىل مبجلس النقض الفرناي صادر يف ‪ 13‬مارس ‪. 2331‬‬
‫‪)1(Olivier Cachard, l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire tiers porteurs du‬‬
‫‪connaissement de la charte partie; op cit, p5‬‬

‫‪329‬‬
‫إن التابيب الوحيد الذي ارتكزت عليه الغرفة املدنية للحد من أثار حوالة احلق هو القوة امللزمة لعقد‬
‫استئجار الافينة وبأن الشاحن ملزم مبشارطة اإلجيار واليت ال ميكنه إنكار العبارات اليت جاءت فيها‪،‬‬
‫وبالتايل فصفة املاتأجر هي اليت أخذت بعني االعتبار يف هذا القرار‪ ،‬ولكن يف املقابل أيضا ال ميكن إنكار‬
‫أيضا هلذا املاتأجر صفته كمحال له حلقوق املرسل إليه(‪ ،)1‬ألنه يف التعامالت القانونية ميكن أن يكون‬
‫للشخص عدة مراكز قانونية وحقوق خمتلفة‪ ،‬وميدان النقل يعطينا عدة أمثلة عن ذلك مثال أن يكون‬
‫الشخص شاحن ومرسل إليه يف نفس الوقت‪.‬‬
‫لقد حاول بعض الفقهاء إجياد أساس قانوين ملا جاءت به الغرفة املدنية األوىل بتعطيل أثار حوالة احلق‬
‫بالنابة للمحال له‪ ،‬فقد حاول أحدهم االرتكاز على القوة امللزمة ملشارطة اإلجيار وعلى مبدأ حان النية‪.‬‬
‫ولكن إذا ما الحظنا هته التربيرات تبدوا بدون جدوى يف القضية احلالية ‪ ،‬ذلك أنه إذا أردنا التحدث عن‬
‫القوة امللزمة للعقد فان هذا املبدأ ميكن أيضا أن يطبق على حوالة احلق واليت ليات بقليلة األيمية عن‬
‫مشارطة اإلجيار(‪. )2‬أما فيما خيص حان النية فاملاتأجر قد قام بكل التزاماته وعكس ذلك فما حلق من‬
‫أضرار وخاارة للبضاعة كان بابب املؤجر‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نتحدث عن سوء النية يف حماولة عدم تطبيق مشارطة اإلجيار ميكن أن نلوم املرسل إليه والذي‬
‫ميكنه أن ياتخدم حوالة احلق للتحايل على القانون ‪ ،‬ففي حقيقة األمر ميكن أن تاتخدم حوالة احلق‬
‫حملاولة اهلروب من اختصاص قضائي دويل أو شروط حتكيم ‪،‬كما حدث يف قرار صدر يف ‪ 21‬نوفمرب‬
‫‪ 1219‬عن الغرفة املدنية األوىل جمللس النقض الفرناي(‪،)3‬ففي هته القضية قام حميل والذي قبل‬
‫االختصاص القضائي األمريكي‪ ،‬وبعد ما مل تصبح اإلجراءات لصاحله‪ ،‬قام عن طريق حوالة حق قانونية‬
‫بالتنازل حبقه ملؤساة فرناية حىت يصبح االختصاص القضائي يف القضية إىل اجلهات القضائية الفرناية‪.‬‬
‫جملس االستئناف وجملس النقض‪ ،‬أقروا بأن حوالة احلق كان هلا هدف واحد وهو اهلروب من االختصاص‬
‫القضائي األمريكي(‪ ،)1‬إال أن سوء النية اليت كانت يف هته القضية ال ميكن أن تفرتض يف القرار الذي حنن‬
‫بصدد حتليله(‪. )8‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Diop Papa Ousmane, op cit, p58‬‬
‫‪(2) Olivier Cachard, l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire tiers porteurs du‬‬
‫‪connaissement de la charte partie, op cit, p 5.‬‬
‫‪(3)Cass, 1-er cit, 24 nov. 1987, JCP 1989 II 21202? Note Blondel et Cadiel, B.Ancel, Y.Lequette,‬‬
‫‪grands arrêts de droit international privé, note sans cass. 1-ere civ, 21 mars 1966, n° 43? P 394 par‬‬
‫‪Olivier Cachard, l'opposabilité, op cit ,p5.‬‬
‫‪)1(Olivier Cachard, , op cit, p 5.‬‬
‫(‪)8‬القرار الصادر عن الغرفة املدنية األوىل يف ‪ 19‬مارس ‪.2331‬‬
‫‪330‬‬
‫ذلك أنه ال يظهر أن املاتأجر قام بقبول حوالة احلق للهروب من شرط التحكيم ‪،‬ذلك أن حوالة احلق‬
‫ليات الابب يف عدم اختصاص حمكمة التحكيم البحري ألنه حىت يف غياب هته احلوالة‪ ،‬كان بإمكان‬
‫الغري حامل سند الشحن أن حيتج بعدم نفاذ شرط التحكيم يف مواجهته‪ ،‬فحوالة احلق مل تقم إال بنقل عدم‬
‫االختصاص املوجود من الغري حامل سند الشحن إىل الغري احملال له‪.‬‬
‫إنه بعيدا عن االفرتاض كون املاتأجر له سوء النية لكي ال حيتج يف مواجهته بشرط التحكيم البحري‪ ،‬فإن‬
‫حوالة احلق من املرسل إليه إىل ماتأجر الرحلة هي من املعامالت التجارية اليت هي يف صاحل املرسل إليه‬
‫خاصة بعد حدوث أضرار للبضاعة املشحونة ‪ ،‬فإن املرسل إليه يفضل أن يعوض اخلاارة اليت حلقته عن‬
‫طريق تنازله للماتأجر عن سند الشحن حىت قبل تعويضه من قبل املؤمنني‪.‬‬
‫وبالتايل فإذا أخذ القرار بأن حوالة احلق ليس هلا أثر حبعل احملال له وهو املاتأجر أن يدفع بعدم نفاذ شرط‬
‫التحكيم يف مواجهته كحق انتقل له مع حوالة حلق‪ ،‬فإهنم هبذا حياولون حتطيم سياسة جتارية متداولة كثريا‬
‫بني املتعاملني البحريني و هي معامالت الثقة وهذا ليس عدال(‪.)1‬‬
‫رابعا‪ :‬تأكيد مبدأ االختصاص باالختصاص للمحكم البحري ‪.‬‬
‫إن جملس النقض بقراره هذا أعطى األسبقية للمحكم لنظر يف اختصاصه‪،‬و بذلك أكد مبدأ االختصاص‬
‫باالختصاص ‪ ،‬ويتمثل هذا املبدأ بأن يقر احملكم البحري اختصاصه يف القضية وهذا هو األثر االجيايب‬
‫لشرط التحكيم يف عقد النقل البحري وأنه ياحب من القاضي الوطين اختصاصه وهذا هو األثر الاليب‬
‫لشرط التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬و ما ميكنه سحب اإلختصاص من التحكيم فقط إذا كان شرط‬
‫التحكيم باطال النعدم ركن من أركانه مع التأكيد على مبدأ استقالله عن العقد األصلي‪.‬‬
‫والاؤال الذي يطرح هنا ما هو القرار الذي اختذه احملكم البحري حول نفاذ شرط التحكيم البحري يف‬
‫مواجهة املاتأجر احملال له؟‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬األسس القانونية المقترحة لتبرير انتقال شروط التحكيم ‪.‬‬
‫لقد تضاربت االجتاهات القضائية حول انتقال شروط فض املنازعات مبا فيها شروط االختصاص‬
‫القضائي و شروط التحكيم يف عقود النقل البحري عن طريق حوالة احلق أو احللول ‪ ،‬إما باالعتماد على‬
‫االجتاه التقليدي و هو مدى نفاذ هذه الشروط طبقا لألثر النايب للعقد و إما باعتماد الفكر احلديث و هو‬
‫العلم هبذه الشروط كأساس لنفاذها و إما باعتماد املعيارين معا بطريقة تناوبية جتعل لشروط التحكيم‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1) Olivier Cachard, l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire tiers porteurs du‬‬
‫‪connaissement de la charte partie; op cit, p 6.‬‬

‫‪331‬‬
‫القضائي يف عقد النقل البحري شروط يف حمل قوة هلا األسبقية دائما ‪ ،‬و إما انتقال شروط التحكيم يف‬
‫عقود النقل الدولية اىل الغري مثل املرسل اليه أو املؤمنني بإعتبارها جزء من العقد و أمام هذه الوضعية اجلد‬
‫معقدة ‪ ،‬سوف حناول تبيان بعض احللول القضائية املتبعة ‪.‬‬
‫‪-1‬انتقال شرط التحكيم الى المرسل اليه بإعتباره كطرف ثالث في العالقة التعاقدية ‪.‬‬
‫انه طبقا لالجتاه القضائي التقليدي فإن شرط فض املنازعات الذي يكون نافذا يف مواجهة الشاحن‬
‫يكون بدون منازع نافذا يف مواجهة املرسل و الذي اعترب كطرف يف العقد (‪ ،)1‬و بالتايل ما ينطبق على‬
‫الشاحن ينطبق على املرسل اليه(‪ . )2‬و بالتايل اذا قبل الشاحن شرط التحكيم املدرج يف سند الشحن أو‬
‫احمليل اليه سند الشحن اىل مشارطة االجيار فانه سوف يرتبط به ‪ ،‬و ال حمال بأن يرتبط به أيضا املرسل اليه‬
‫و ذلك للرتابط القوي بني مصلحيت كل من الشاحن واملرسل اليه(‪ ، )3‬هذا الرتابط جيعل شروط التحكيم‬
‫نافذة يف مواجهة املرسل اليه حاب هذا الرأي ‪.‬‬
‫‪-2‬عدم انتقال شرط التحكيم باعتباره جزء من العقد أو عن طريق الحوالة بدون رضى خاص‪.‬‬
‫قد يطرح الاؤال ‪ :‬هل شروط فض املنازعات تنتقل مع العقد األصلي أو بطريق احلوالة ‪.‬‬
‫إن الرأي الغالب يف أحكام القانون العامة و األحكام القضائية و التحكيمية يف خمتلف الدول املقارنة تأخذ‬
‫بأن هذه الشروط تنتقل مع العقود أو عن طريق حوالة احلق ‪ ،‬و أهنا تنتقل كانتقاهلا يف سلالة العقود‬
‫لتحقيق ذات العملية و بالتايل فان شروط التحكيم تنتقل يف هذه احلاالت بطريقة أوتوماتيكية (‪.)1‬و هذا ما‬
‫أقرت به أيضا الغرفة املدنية جمللس النقض الفرناي يف هذا اجملال ‪.‬‬
‫إال أن احللول القضائية و التحكيمية يف املادة البحرية خاصة ما توصلت اليه الغرفة التجارية جمللس النقض‬
‫الفرناي و اليت تضع لنفاذ شروط التحكيم شروط اضافية غري موجودة يف النصوص القانونية ‪ ،‬و هي‬
‫شروط تتعلق بالرضى اخلاص للمرسل اليه أو حىت الشاحن هبذه الشروط ‪ ،‬و بالتايل فهي ال تنتقل يف هذه‬
‫احلالة بطريقة أوتوماتيكية كما هو احلال يف األحكام العامة ‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬كما ميكن للمرسل اليه عدم قبول االنض مام اىل هذه العالقة التعاقدية بني الشاحن و الناقل و بالتايل فشرط فض املنازعات ال يصبح نافذا يف مواجهته ‪.‬‬
‫وهذا ما كان يف ‪ ) V . Aix –en-provence, 28/04/1976, navire Talia , DMF ,1977 ;27 ( :‬حبيث أن املرسل اليه مل يقبل‬
‫االنضمام اىل عقد النقل و بالتايل فدعوى املاؤولية اليت قدمها ضد الناقل و الشاحن قد أساها اجمللس القضائي على أساس خطأ‪ -‬جنحة )‪.‬‬
‫‪(2)Aubin kpoahoun Amoussou , les clauses attributives de compétences dans lre transport maritime‬‬
‫‪de marchandise,presses universitaires D’AIX-MARSEILLE , 2002 ,p 293 .‬‬
‫‪(3)Ibid .‬‬
‫‪)1(Alexandre MALAN , op cit , p 03.‬‬

‫‪332‬‬
‫و يف القانون الفرناي فإن شروط االختصاص القضائي و شروط التحكيم ال تنتقل أتوماتيكيا مع سندات‬
‫الشحن ‪ ،‬فقد استلزم القضاء وجوب قبول هذه الشروط بصفة دقيقة من طرف حامل سند الشحن ‪.‬‬
‫هذه احللول تطبق على الشروط اليت ال تدخل يف نطاق تطبيق اتفاقية بروكال لانة ‪ 1291‬لالختصاص‬
‫القضائي(‪ ،)1‬مع أن املادة ‪ 19‬من هذه االتفاقية قد أخذت بنفس احلل و هو أن النفاذ يف مواجهة املرسل‬
‫اليه ال يكون إال بالقبول اخلاص هلذه الشروط (‪. )2‬‬
‫‪-3‬التأكيد على قاعدة الرضى بالنسبة لشروط فض المنازعات ‪.‬‬
‫(بالنظر الى القانون الواجب التطبيق على سند الشحن أو بالنظر الى رضى حامل سند الشحن )‪.‬‬
‫‪-‬تطبيق معيار مزدوج بطريقة تناوبية‪-‬‬
‫بالنابة ملدى نفاذ شروط االختصاص القضائي يف مواجهة املرسل اليه و من حيل حمله فمرة أخرى كان‬
‫جواب القضاء غري مقنع فبالنابة لقرار ‪ )3( Castelletti‬فلم يفصل يف هذا املوضوع املهم ‪ ،‬فقد توقف‬
‫اجمللس عند حد القول كما فعل يف قرار ‪ ، )4( Tilly Russ‬وطبقا ملا نصت عليه املادة ‪ 19‬من معاهدة‬
‫بروكال (ل‪ 1291/32/29‬و املتعلقة باالختصاص القضائي و تنفيذ القرارات يف املواد املدنية والتجارية )‬
‫و اليت أصبحت املادة ‪ 23‬من قواعد احملكمة األوروبية املؤرخ يف ‪22‬ديامرب ‪ ، )2333‬و يف الوقت الذي‬
‫أصبح الشرط نافذا يف مواجهة الشاحن و الناقل فإنه " طبقا للقانون الواجب التطبيق ‪ ،‬الغري احلامل لاند‬
‫الشحن ‪ ،‬قد حل حمل الشاحن يف حقوه والتزاماته " ‪.‬‬
‫و بالتايل طبقا هلذا الرأي فالقانون الواجب التطبيق على سند الشحن هو الذي يبني أن الغري احلامل للاند‬
‫حيل أو ال حيل مكان الشاحن يف حقوقه و التزاماته ‪ ،‬كما أنه يلزم البحث يف مدى قابلية انتقال سند‬
‫الشحن حبقوقة والتزماته طبقا هلذا القانون ‪ ،‬وليس حول مدى انتقال الشرط لوحده (شرط االختصاص‬
‫القضائي )كملحق للاند (‪.)5‬‬
‫غري أن القضاء مل يقف عند هذا الرأي فالقرار الصادر عن اجمللس الفرناي يف ‪ 23‬أكتوبر ‪، )9( 1221‬‬
‫زاد األمور تعقيد ‪ ،‬فاجمللس ذهب اىل أنه اذا الغري ال حيل حمل الشاحن يف حقوقه والتزاماته فيجب" البحث‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬شروط التحكيم ‪ ،‬ال تدخل يف نطاق اتفاقية بروكال و تعين هذه الشروط شروط اإلختصاص القضائي ‪.‬‬
‫‪)2(Alexandre MALAN , op cit , p 04.‬‬
‫‪(3)16 mars 1999 ,DMF 2000,n°spécial , n° 93 , obs .P .Bonassies .‬‬
‫‪(4)DMF ,1985 ,83, obs .P .Bonassies .‬‬
‫‪(5)23octobre 1998 , DMF 613 ,Mars 2001 ,n°613,obs PH.Delebeque ,p192 .‬‬
‫‪(6)23octobre 1998 , DMF 613 ,Mars 2001 ,n°613,obs PH.Delebeque , p190‬‬

‫‪333‬‬
‫يف رضاه هبذه الشروط املدرجة يف سند الشحن طبقا للمادة ‪ 19‬من اتفاقية بروكال " و بالتايل و طبقا‬
‫هلذا االجتاه أنه اذا كان القانون الواجب التطبيق ال يامح بانتقال حقوق و التزامات الشاحن للغري حامل‬
‫الاند فانه جيب التأكد من أن هذا الغري عرب عن رضاه هبا إما كتابة أو بالتعامل املابق كقرينة على علمه‬
‫هبا‪.‬و لكن يف نفس الوقت هذا القرار قد تناقض مع القرار ‪ Castelletti‬و الذي جعل" ضرورة الرضى‬
‫حول هذه الشروط فقط ما بني أطراف العقد" ‪،‬و" البحث يف مدى وجود تعامل سابق أيضا يكون‬
‫بينهم"؟ ‪.‬‬
‫إال أن القرار احلاىل و الذي جعل شروط فض املنازعات هذه نافذة مبجرد توفر قرينة الرضى هبا ‪ ،‬قد أكده‬
‫قرار أخر فيما خيص نفاذ شروط التحكيم يف عقود النقل و الذي أقر بأنه يكون نافذا يف مواجهة الغري –‬
‫و الذي ال ميكن أن حيتج حبان نيته و بعدم علمه بشرط التحكيم ‪ ":‬يف سلالة من العقود اخلاصة بنقل‬
‫بضائع ‪ ،‬شرط التحكيم الدويل ينتقل مع العالقة التعاقدية ‪ ،‬إال إذا كان هناك سبب وجيه يبني عدم العلم‬
‫هبذا الشرط " (‪. )1‬‬
‫إن احلل الذي جاء به هذا القرار يبني لنا مدى القوة و النفاذ اليت حياول القضاء حتقيقها لشروط فض‬
‫املنازعات املدرجة يف عقود النقل البحرية و خاصة منها اتفاقات التحكيم ‪،‬و اليت يف أغلب األحيان ال‬
‫ختضع لقانون وطين حمدد وال ملنهج تنازع القوانني وامنا ملنهج القواعد املادية و املتحرر من كل قيود ‪.‬‬
‫و ما ميكن قوله بالنابة لنفاذ شروط التحكيم يف مواجهة الغري الذي تنتقل له احلقوق وااللتزامات عن طريق‬
‫حوالة احلق ‪ ،‬يقال بالنابة للغري الذي انتقل له الاند بالتظهري ‪ ،‬أو عن طريق احللول القانوين كإنتقال هذه‬
‫الشروط للمؤمنني ‪.‬‬
‫‪-1‬موقف المجلس القضائي " إلكس " األكثر تقدما و فعالية لشروط التحكيم ‪.‬‬
‫لقد ذهب جملس إكس الفرناي بأن شروط التحكيم يف سندات الشحن و اليت حتيل اىل مشارطات‬
‫االجيار ‪ ،‬واليت تكون شاملة من حيث تعيني البلد و االجراءات و تعيني احملكمني و القانون الواجب‬
‫التطبيق ‪،‬و اليت كان للمرسل اليه امكانية العلم هبا ‪ ،‬تكون نافذة يف مواجهته و مواجهة املؤمنون الذين‬
‫حيلون حمله ذلك أن شروط التحكيم الدولية أصبحت شروط اعتيادية بالنابة لعقد النقل البحري الدويل ‪،‬‬
‫حىت ميكن اعتبارها جزء من العقد )‪.(2‬كما أقرت الغرفة املدنية األوىل جمللس النقض الفرناي نفس‬
‫االجتاه)‪. (3‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)Comp .cass.1ére civ . 6 février 2001 , Peavey Copany .‬‬
‫‪(2)Pierre BONASSIES ,JURSPRUDENCE FRACNAISE ,DMF666,p18‬‬
‫‪(3)Cour DE CASSATION (1ere Ch .civ.), 22 novembre 2005 ,Navire Lindos .‬‬
‫‪334‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬االحتجاج بشرط التحكيم في عقد النقل البحري عن طريق الحلول ‪.‬‬
‫ليس هناك ما مينع من ابرام اتفاق حتكيم يف عقد التأمني اخلاص بعقد النقل البحري بني شركة التأمني‬
‫و الناقل أو املؤمن على البضاعة ‪ ،‬على أساس أن عقد التأمني هو عقد جتاري ‪ ،‬و يكون االتفاق على‬
‫التحكيم سواء عن طريق ابرام مشارطة حتكيم بعد نشأة النزاع أو بشرط حتكيم مدرج يف عقد التأمني قبل‬
‫نشأة النزاع (‪.)1‬‬
‫لكن ما يهمنا يف هذا املوضوع هو اتفاق التحكيم املدرج يف عقد النقل و املربم بني طرفيه ‪ ،‬هل ياري‬
‫على مؤمين املرسل اليه و الذي يعترب طرف غري أصلي يف عقد النقل البحري ؟ و ما هو التأسيس القانوين‬
‫لذلك ؟‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬التكييف القانوني للحلول ‪.‬‬
‫يعرف احللول الشخصي على أنه‪ " :‬حلول شخص حمل شخص أخر يف إجراء قانوين معني مع إمكانية‬
‫استعمال كل أو بعض احلقوق املتعلقة بالشخص الذي حل حمله"(‪.)2‬‬
‫وحلول املويف حمل الدائن يكون إما حبكم القانون و يقال له احللول القانوين ‪ ،‬وإما يكون مبوجب االتفاق‬
‫و يقال له احللول االتفاقي (‪.)3‬‬
‫و يقوم يف سبيل التكييف القانوين للحلول صعوبة جوهرية ‪ :‬فحلول املويف حمل الدائن معناه انتقال حق‬
‫الدائن نفاه مبقوماته و خصائصه و توابعه و تأميناته ودفوعه من الدائن اىل املويف ‪ ،‬مث إن هذا احللول ال‬
‫يكون اال بوفاء املويف هلذا احلق ‪ ،‬والوفاء سبب من أسباب انقضاء احلق بل هو أهم أسبابه ‪ ،‬فاذا كان‬
‫املويف قد وىف للدائن حقه فقد انقضى هذا احلق ‪ ،‬فكيف ينقضي احلق بالوفاء و مع ذلك ينتقل اىل املويف‬
‫فيبقى بانتقاله؟ فكيف ينقضي احلق و يبقى يف وقت واحد ؟‬
‫لذلك ذهب الفقه الفرناي التقليدي اىل القول بأن بقاء احلق بعد انقضائه بالوفاء افرتاض قانوين‬
‫(‪ ) fiction légale‬ال أساس له من الواقع ‪ ،‬ففي حقيقة األمر أن احلق انقضى بالوفاء ‪ ،‬و لكن القانون‬
‫يفرتض بقاءه لألغراض العملية اليت توخاها من احالل املويف حمل الدائن فيه (‪ .)1‬و قد انقام هذا الفقه‬
‫فبدأ فريق بالقول أن الذي يبقى ليس احلق نفاه فقد انقضى بالوفاء ‪ ،‬وامنا تبقى تأميناته و هي اليت تنتقل‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪(1)Paul Chauveau , op cit , p 734 .‬‬
‫‪)2(Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence international dans les connaissement, op‬‬
‫‪cit, n° 64.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق الانهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين ‪ ،‬األوصاف –احلوالة‪ -‬االنقضاء ‪،‬اجمللد الثالث ‪،‬دار احياء الرتاث العريب ‪ ،‬ص ‪.992‬‬
‫(‪)1‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص ‪. 933‬‬

‫‪335‬‬
‫لتكفل حق املويف بالرجوع على املدين ‪ .‬و قد تغلبت يف الفقه التقليدي فكرة أن احلق يبقى افرتاضا و تنتقل‬
‫مع احلق تأميناته و توابعه و دفوعه و ما اىل ذلك ‪ .‬إال أن الفقه احلديث نبذ فكرة االفرتاض و أعاد مواجهة‬
‫املاألة من جديد ‪ ،‬فجعل الوفاء مع احللول وفاء للحق بالنابة اىل الدائن و انتقاال للحق بالنابة اىل املدين‬
‫فيشبه من جهة حوالة احلق ‪ ،‬و لكن يبقى الوفاء مع احللول متميزا عن حوالة احلق(‪. )1‬‬
‫و قد عربت الغرفة التجارية والبحرية للمحكمة العليا باجلزائر يف قرارا هلا بأن طبيعة احللول هو عقد بني‬
‫املؤمن واملؤمن له و هو الذي يعطيه احلق يف أن حيل حمله يف دعواه فقد أقرت بأنه ‪ ":‬حيث أنه ال ميكن‬
‫للشركة اجلزائرية لتأمينات النقل أن حتل حمل املؤمن املرسل اليه –شركة سيدار – و ترفع دعوى ضد الناقل‬
‫البحري مؤساة (س‪.‬د) ‪ ،‬الرامية اىل احلصول على تعويضات اخلاائر الالحقة بالبضاعة املنقولة ‪ ،‬اال بعد‬
‫تقدمي عقد حلول يثبت أن املؤمن قد دفع تعويضا للمؤمن له ‪.‬‬
‫حيث أن عقد احللول املشار اليه أعاله هو الاند القانوين الذي يعطي صفة التقاضي لشركة التأمني و فقا‬
‫ألحكلم املادتني ‪ 111‬من قانون التأمينات و‪ 182‬من ق‪.‬ا‪.‬م و يامح هلا أن حتل حمل املرسل اليه و ترفع‬
‫دعواها ضد الناقل البحري ‪.‬‬
‫و مبا أن الطاعنة مل تقدم العقد عند رفع دعواها فإن القرار املطعون فيه قضى و عن حق برفض الدعوى‬
‫شكال النعدام الصفة‪.)2( " ...‬‬
‫إنه و بالرجوع اىل القرار أعاله يتبني أن موقف القضاء اجلزائري ربط إمكانية حلول املؤمن حمل املرسل اليه‬
‫يف حقوقه و بالطبع حتمل االلتزامات الناجتة عن هذا احللول ‪ ،‬ال يكون إال إذا كان هناك عقد تأمني مربم‬
‫بني املرسل اليه و املؤمن هذا كشرط أول ‪ ،‬أما عن الشرط الثاين و هو أن يدفع املؤمن مبلغ التأمني للمرسل‬
‫اليه حىت و إن مت ذلك بعد رفع الدعوى (‪.)3‬‬
‫كما أقرت احملكمة العليا يف قرار أخر هلا ‪":‬أنه ال ميكن بأي حال من األحوال الاماح للمؤمن و املؤمن له‬
‫أن يباشرا نفس الدعوى معا" و هذا شرط أخر ميكن اضافته مع الشروط األخرى (‪.)1‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬عبد الرزاق الانهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين ‪ ،‬األوصاف –احلوالة‪ -‬االنقضاء ‪ ،‬املرجع الاابق ‪ ،‬ص ‪. 933‬‬
‫(‪)2‬قرار رقم ‪131299‬تاريخ القرار ‪ ، 1229/32/29‬املرجع ‪ :‬اجتهاد قضائي ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬ص ‪. 113‬‬
‫قرار رقم ‪131111‬تاريخ القرار ‪ ،1229/31/32‬املرجع ‪ :‬اجتهاد قضائي ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬ص ‪. 119‬‬
‫عن ‪:‬مجال سايس ‪ ،‬االجتهاد اجلزائري يف املادة التجارية و البحرية ‪،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬منشورات كليك ‪ ،‬ص ‪. 922‬‬
‫(‪ )3‬قرار رقم ‪12311‬تاريخ القرار ‪ ،1222/13/28‬املرجع ‪ :‬اجمللة القضائية ‪ ،‬عدد ‪ ، 33‬ص ‪. 193‬‬
‫عن ‪:‬مجال سايس ‪ ،‬االجتهاد اجلزائري يف املادة التجارية و البحرية ‪،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬منشورات كليك ‪ ،‬ص‪.818‬‬
‫(‪)1‬قرار رقم ‪ ،183122‬تاريخ القرار ‪ ،1229/32/23‬املرجع ‪ :‬اجتهاد قضائي ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬ص ‪. 112‬‬
‫عن مجال سايس ‪ ،‬املرجع الاابق ذكره ‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫‪336‬‬
‫ثانيا‪ :‬انتقال شرط التحكيم في عقد النقل البحري للمؤمن الذي يحل محل المضرور في حقوقه‪.‬‬
‫التأمني يف مفهومه البايط هو احلصول على األمان يف مواجهة خطر معني لتفادي نتائجه الضارة أو على‬
‫األقل حصرها يف أضيق نطاق ممكن ‪ .‬و قد تبني أن توزيع النتائج الضارة حلادثة معينة على عدد من األفراد‬
‫خيفف من عبئها ‪ ،‬بعكس ما لو حتمل هذه النتائج شخص واحد ‪ ،‬وهذا ما حيققه التأمني ‪.‬و فكرة التأمني‬
‫فكرة حديثة نابيا ظهرت احلاجة اليها نتيجة لتطور الظروف االجتماعية و االقتصادية و خاصة يف جمال‬
‫النقل و التجارة البحرية(‪. )1‬‬
‫و يقوم املؤمن يف التأمني البحري بتعويض املرسل إليه عن األضرار اليت حلقته وحيل حمله عن طريق رفع دعوى‬
‫ضد الناقل املاؤول عن الضرر احلاصل‪ ،‬ويعترب هذا حلوال بقوة القانون(‪ )2‬وقد نصت املادة ‪ 111‬من قانون‬
‫التأمني اجلزائري(‪ )3‬على أنه ‪ " :‬حيل املؤمن حمل املؤمن له يف حقوقه ودعاواه ضد الغري املاؤول يف حدود‬
‫التعويض الذي يدفعه للمؤمن له‪"...‬‬
‫أ ـ المؤمن مرتبط باتفاقات التحكيم ‪.‬‬
‫من املقرر قضاءا أن املؤمن مرتبط باتفاقات فض املنازعات كشروط االختصاص القضائي الدويل أو شروط‬
‫التحكيم واليت قد قبلها املؤمن له‪ ،‬حبيث أن املؤمن ياتمد حقوقه منه‪.‬‬
‫ففي قرار صدر يف ‪ 13‬ماي ‪ 1299‬مبجلس النقض الفرناي أقر‪" :‬بأن جمموعة املؤمنني والذي حيلون‬
‫حمل املؤمن له يف حقوقه ال ميكنهم الوقوف ضد الناقل إال يف الشروط اليت وردت يف عقد النقل‪ ،‬معىن ذلك‬
‫أنه عليهم احرتام شرط التحكيم املدرج يف سند الشحن‪ ".‬كما يذكر األستاذ مزغر "‪ )1("Mezger‬أن "‬
‫احللول ال يضم فقط حقوق حوالة احلق وإمنا يضم أيضا االلتزامات الناجتة عنها بالنابة للمؤمن"‪.‬‬
‫و هنا أيضا نالحظ أن هناك خلط ما بني املفهومني ‪ :‬حوالة احلق و مبدأ احللول بالرغم من أن هلما نفس‬
‫األثار و هي انتقال احلقوق و االلتزمات الناشئة عن العقد ‪.‬‬
‫وقد أعيد تأكيد هذا املبدأ عن طريق جملس قضاء االستئناف بباريس سنة ‪ ":1222‬عن طريق األثر الناقل‬
‫هلذا احللول‪ ،‬شرط التحكيم ينتقل إىل املؤمن بطريق احللول ‪ ،...‬وبالتايل حاب هذا القرار يلتزم املؤمن‬
‫بشرط التحكيم املدرج يف سند الشحن أو احمليل إليه سند الشحن إىل مشارطة اإلجيار‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪.‬ابراهيم أبو النجا ‪ ،‬التأمني يف القانون اجلزائري ‪،‬اجلزء األول ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ‪ ،‬سنة ‪ ، 1213‬ص ‪. 31‬‬
‫(‪ )2‬طبقا للقانون الفرناي الصادر يف ‪ 3‬جويلية ‪ 1299‬أصبح حلول املؤمن حمل املؤمن اليه حلوال قانونيا ‪.‬‬
‫(‪ )3‬املادة ‪ 111‬يف قانون التأمينات اجلزائري حاب آخر تعديل له قانون رقم ‪39‬ـ‪ 31‬مؤرخ يف ‪ 29‬فرباير ‪. 2339‬‬
‫‪(4)Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence international dans les connaissement, op‬‬
‫‪cit, n°65.‬‬

‫‪337‬‬
‫ولكن اإلشكال الذي يطرح حول هذا املبدأ هو إذا كان أحد أطراف املنازعة أجنبيا وأثار قواعد‬
‫االختصاص القضائي الدويل للمحكمة املختصة فما هو احلل ؟‪.‬‬
‫ب‪.‬عدم سريان قواعد اإلختصاص القضائي في مواجهة المؤمن ‪.‬‬
‫إذا أخذنا فرناا كمثال فان املادتني ‪ 11‬و ‪ 18‬من القانون املدين الفرناي تقرر أن اختصاص احملاكم‬
‫الفرناية إذا كان املدعي أو املدعى عليه فرنايا(‪ ،)1‬فكيف يتم التعامل مع مؤمن فرناي حل حمل أجنيب يف‬
‫حقوقه‪ ،‬وقد قام هذا األخري بقبول شرط خاص باالختصاص القضائي الدويل يف حمكمة أجنبية أو قام بإبرام‬
‫إتفاق حتكيم ؟‪.‬‬
‫اجلواب األول‪ ،‬الذي قدم من طرف الغرفة املدنية األوىل مبجلس النقض الفرناي أعطى احلق للمؤمن حبري‬
‫فرناي والذي كان حيل حمل مؤمن له بريطاين باالستناد على املادة ‪ 11‬من القانون املدين الفرناي لتأسيس‬
‫اختصاص احملاكم الفرناية(‪.)2‬‬
‫و هذا القرار كان جمحفا فهو مل يأخذ إرادة األطراف بعني االعتبار فبمجرد طلب املؤمن والذي كان من‬
‫جناية فرناية اختصاص احملاكم الفرناية قبلت الغرفة املدنية األوىل طلبه وبذلك أصبح شرط التحكيم‬
‫املدرج يف سند الشحن بدون أي أثر‪ ،‬وهلذا يف ‪ 28‬نوفمرب ‪ 1219‬يف قرار سياكي‪ ،‬الغرفة املدنية األوىل‬
‫أقرت بأن "إدراج شرط متعلق بإختصاص‪ ،‬يف عقد دويل يكون من بني بنود االتفاق‪ ،‬ويكون ذا أسبقية‬
‫على كل اختصاص قضائي‪ ،‬وهذا الشرط يكون نافذا يف مواجهة صاحب احلق كما أنه يكون نافذا يف‬
‫مواجهة املؤمن الفرناي‪ ،‬وهذا الشرط يرتب كل آثاره"‪ .‬وبالتايل حاب هذا القرار أصبح مؤمن املرسل إليه‬
‫الفرناي ليس له احلق يف املطالبة باختصاص احملاكم الفرناية عند ما يرفع دعواه ضد الناقل‪ ،‬ذلك أن‬
‫الشرط الذي كان يف سند الشحن كان يعطي االختصاص للقضاء يف بيونوزار "‪ "Buenes Aires‬إن احلل‬
‫الذي جاء به هذا القرار والذي كان خيص شروط االختصاص القضائي ميتد أثره حىت إىل اتفاقات‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫وبالتايل عقد النقل البحري الذي يتضمن شروط االختصاص القضائي الدويل أو شروط للتحكيم واليت‬
‫تكون مدرجة يف سند الشحن ترتب كل أثارها يف مواجهة املرسل إليه الذي قبلها وترتب أثارها أيضا يف‬
‫مواجهة مؤمن املرسل إليه‪ ،‬مع عدم األخذ مببادئ االختصاص القضائي الدويل للمحاكم ألهنا ليات من‬
‫النظام العام‪ ،‬وهذا ما تأخذ به أغلب الدول اليت وضعت قانون خاص بالتحكيم التجاري الدويل يف‬
‫ـــــــــــ‬
‫(‪)1‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪،‬اتفاق التحكيم و املشكالت العملية و القانونية يف العالقات اخلاصة الدولية‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪(2) Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence international dans les connaissements,‬‬
‫‪op cit, n° 66.‬‬
‫‪338‬‬
‫تشريعها وهذا مراعاة ملصاحل التجارة الدولية واحرتامها إلرادة األشخاص‪.‬‬
‫أما عن القضاء اجلزائري فقد عربت احملكمة العليا يف العديد من أحكامها بأن املؤمن حيل حمل املؤمن يف‬
‫حقوقه و دعواه ضد الغري مبجرد و جود عقد احللول(‪ ، )1‬و الذي يعطيها الصفة حمل املرسل اليه ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم وأثره على انتقال شرط التحكيم عن طريق الحلول‪.‬‬
‫إذا حاولنا إجياد حتليل قانوين حول نفاذ شروط التحكيم أو شروط االختصاص القضائي املدرجة يف‬
‫سندات الشحن يف مواجهة املؤمن‪ ،‬ميكن االستناد على بعض القواعد املادية اخلاصة بالتحكيم التجاري‬
‫الدويل ومنها مبدأ استقالل شرط التحكيم‪ ،‬فالاؤال الذي يطرح هنا هل هلته االستقاللية أثر على شرط‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري حىت تكون له فعاليته اخلاصة به ‪ ،‬وبالتايل ميكن أن ميتد أثره حىت على‬
‫أشخاص مل يقوموا بالتوقيع على العقد األصلي‪ ،‬وهنا نكون بصدد األثر الناقل أو املمتد لشرط التحكيم يف‬
‫عقد النقل البحري(‪.)2‬‬
‫أ ـ امتداد شرط التحكيم في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫وحدهم األطراف الذين أبرموا اتفاق التحكيم يكونون ملزمني به يف اختيار التحكيم البحري كوسيلة‬
‫لفض النزاع ذو الطبيعة البحرية فهو جيد مصدره من إرادة األطراف‪ ،‬مع احرتام بعض الشروط الشكلية مثل‬
‫التوقيع ‪ ،‬وبالتايل إذا قام طرف بالتوقيع على اتفاق التحكيم البحري ال يصبح هناك شك يف انضمامه هلذا‬
‫العقد)‪ ،(3‬ولكن اإلشكال الذي يطرح هل تصبح الشكلية هنا عائق مينع من مد أثر التحكيم ألشخاص مل‬
‫يقوموا بالتوقيع على اتفاق التحكيم‪ ،‬بالرغم من وجود إرادة ضمنية من قبل هؤالء بقبوله‪.‬‬
‫إن أحكام التحكيم وأحكام القضاء اعرتفت باإلرادة الضمنية استنادا إىل تصرفات هؤالء األشخاص‬
‫والذين لياوا بأطراف يف العقد‪ ،‬وقد أكد ذلك القرار جاقوار"‪ "Jaguar‬الصادر من جملس باريس على‬
‫أنه‪" :‬يف قانون التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬أثار شرط التحكيم ميتد إىل األطراف الذين يقومون بتنفيذ العقد‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قرار رقم ‪131111‬تاريخ القرار ‪ ،1229/31/32‬املرجع ‪ :‬اجتهاد قضائي ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬ص ‪. 119‬‬
‫عن ‪:‬مجال سايس ‪ ،‬االجتهاد اجلزائري يف املادة التجارية و البحرية ‪،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬منشورات كليك ‪ ،‬ص ‪. 922‬‬
‫‪)2(Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence international dans les connaissements,‬‬
‫‪op cit, n°67‬‬
‫‪)3(Selon la cour de cassation : « les clauses inséré au connaissement n’ont de valeur contractuelle‬‬
‫‪que s’ il est etabli que le chargeur en a eu connaissance et les a acceptées au plus tard le jour‬‬
‫‪ou le contrat de transport est conclu , cette preuve pouvant instamment résulter de la signature‬‬
‫‪du connaissement » . C.Com.,12 octobre 1993,n°91-11,718 ,Lamyline‬‬

‫‪339‬‬
‫مبجرد أن يتم علمهم هبذا الشرط‪ ، )1("...‬وهكذا أقر هذا القرار بنفاذ شرط التحكيم على أطراف مل يقوموا‬
‫بالتوقيع على العقد األصلي‪.‬‬
‫وقد استعمل هذا القرار يف جمال جمموعة الشركات هنا األحكام القضائية وحىت التحكيمية كانت دائما‬
‫تواجه سؤاال هو‪ ":‬هل اتفاق التحكيم والذي يكون موقعا من قبل شركة تكون تنتمي إىل جمموعة من‬
‫الشركات ميكن أن ميتد إىل شركة من نفس اجملموعة واليت مل تقم بالتوقيع عليه"‪.‬‬
‫واألحكام التحكيمية تقر بامتداد شرط التحكيم ألطراف مل يوقعوا على العقد وإمنا سايموا يف تنفيذ العقد‪.‬‬
‫ب ـ وجوب القبول الخاص المتداد شرط التحكيم‪.‬‬
‫حىت يكون شرط التحكيم نافذا يف مواجهة املرسل جيب أن يقوم بقبوله قبوال صرحيا‪ ،‬هذا ما أقرته الغرفة‬
‫التجارية مبجلس النقض الفرناي يف قضية الافينة ستولت أسربي "‪،)2("Stolt Osprey‬وقد جاء يف‬
‫القرار أنه‪" :‬مىت يكون نافذا يف مواجهة املرسل إليه‪ ،‬شرط التحكيم املنصوص عليه يف سند الشحن جيب أن‬
‫يكون عاملا به ويكون مقبوال من طرفه‪ ،‬حبيث يف وقت التفريغ وباستالمه للبضاعة أصبح طرفا يف عقد‬
‫النقل‪ ".‬وهبذا املوقف الذي تبنته الغرفة التجارية ال ميكن أن ميتد شرط التحكيم لطرف أخر غري املرسل إليه‬
‫حىت و إن كان املؤمن‪.‬‬
‫أما عن الغرفة املدنية األوىل فقد قضت بإمكانية االحتجاج بشرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه حبيث‬
‫ميكن أن يعلم به مبجرد تفريغ البضاعة أو عن طريق اخلربة أو كونه طرفا يف عقد حبري دويل فهي نافذة يف‬
‫حقه بدون قبول صريح(‪ ،)3‬و هنا تظهر امكانية االحتجاج به يف مواجهة املؤمن ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬موقف القضاء من نفاذ شرط التحكيم في عقد النقل البحري في مواجهة المؤمن‪.‬‬
‫مل يكن موقف القضاء حمددا حول مدى على حجية شرط التحكيم يف مواجهة املؤمن وقد كان حاب‬
‫ظروف كل قضية‪.‬‬
‫أ‪ -‬حجية شرط التحكيم في مواجهة المؤمن‪.‬‬
‫يف قرار صدر عن الغرفة التجارية مبجلس النقض الفرناي يف ‪ 11‬جانفي ‪ 2331‬كان شرط التحكيم نافذا‬
‫يف مواجهة املؤمنني وتتلخص وقائع هته القضية كاأليت‪ :‬بيعت محولة أرز عن طريق البيع سيف والذي يعد‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1) Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence international dans les connaissements,‬‬
‫‪op cit, n° 68.‬‬
‫"‪(2)Cass.com, 29 novembre 1994, "Navire Stolt Osprey‬‬
‫‪(3)Cass.1-ere, civ, 22 novembre 2005, "Navire Lindos", Marie Niviere, op cit, p66‬‬

‫‪340‬‬
‫من بيوع االنطالق(‪ )1‬ويقوم فيه البائع بتنظيم النقل وتأمني البضاعة يف حق املشرتي‪ ،‬ولكي ال يكون البائع‬
‫كطرف يف عقد النقل‪ ،‬قام باستئجار سفينة لرحلة ليشحن البضاعة املبيعة‪ ،‬وعند وصول البضاعة مل‬
‫يقبل املشرتون البضاعة ومل يقوموا بتاديد مثنها‪ .‬ومبا أهنم مل ياددوا الثمن املشرتون مل يظهروا سندات‬
‫الشحن‪ ،‬واليت كان بعضها مظهرا من طرف بنوك حلااب البائع وأخرى كانت على بياض(‪.)2‬‬
‫املؤمنون قاموا بتعويض املؤمن له‪ ،‬وكما ذكرنا أنه يف البيع سيف‪ ،‬املشرتي هو املؤمن له‪ ،‬وهكذا جند أن‬
‫املشرتي مل يقم بقبول البضاعة وال بتاديد مثنها وحصل على تعويض من املؤمن ولكن عن طريق حوالة‬
‫احلق من املشرتي (حمال) إىل البائع (احملال له) ‪ ،‬هذا األخري هو الذي تلقى التعويض عن اخلاارة اليت‬
‫حلقت البضاعة‪.‬‬
‫املؤمنون بعد تعويض "املؤمن له" رفعوا دعوى ضد ربان الافينة ومؤجرها أمام احملكمة التجارية بباريس‪ ،‬قام‬
‫املدعى عليهم بالطعن بعدم اختصاص احملكمة التجارية وذلك بابب وجود شرط التحكيم يف مشارطة‬
‫اإلجيار موقع من طرف البائع ماتأجر الافينة‪.‬‬
‫هذا الطعن قدم أيضا أمام جملس االستئناف بباريس‪ ،‬وملعرفة مدى حجية شرط التحكيم يف مواجهة‬
‫املؤمنني كان جيب حتديد من أين ياتمد املؤمنون حقوقهم‪ ،‬فإذا هم ياتمدون حقوقهم من املشرتون ميكن‬
‫للمؤمنني رفض شرط التحكيم حبجية أن املشرتون مل يعلموا ومل يقبلوا بشرط التحكيم(‪.)3‬‬
‫ولكن جملس استئناف بباريس مل يقبل هذا الطعن يف قراره الصادر يف ‪ 23‬جانفي ‪ 2332‬وذلك بابب‬
‫عدم قبول املشرتون للبضاعة قضاة املوضوع استنتجوا أن هؤالء مل حيصل هلم أي ضرر شخصي ياتحق‬
‫التعويض‪ ،‬وبالتايل هناك خطأ يف حق التعويض‪.‬‬
‫وهبذا ال ميكن وجود حوالة حق‪ ،‬إذن البائع ليس مبحال له من املشرتي سيف‪ .‬ولنقض القرار حاول‬
‫املؤمنون تربير موقف املشرتون الذي مل يدفعوا مثن البضاعة‪ ،‬مث حاولوا تأسيس حوالة احلق وهكذا ميكنهم‬
‫طلب عدم نفاذ شرط التحكيم يف مواجهتهم‪ ،‬خاصة وأن الغرفة التجارية مبجلس النقض الفرناي تاتلزم‬
‫لنفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه أن يكون عاملا به وقد قبله صراحة(‪ )1‬وبالتايل شرط القبول‬
‫ــــــــــــ‬
‫(‪)1‬مسري مجيل الفتالوي‪ ،‬املرجع الاابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪(2) Cour de cassation (ch. Commercial/ 14 janvier 2004, société Axa Corp. Et autres c/capitaine du‬‬
‫‪M/V Cay et autre/ navire Mvcay, pourvoi n°02 -12.818.‬‬
‫‪(3)Cass.com 8 oct 2003 REV ARB 2004? P 355- 358 note olivier‬‬
‫‪(1)Cass.com, 29 nov. 1994, n°92-14-920 navire Stolt Osprey‬‬

‫‪341‬‬
‫اخلاص بشرط التحكيم قد يكون يف صاحل املشرتي سيف والذي مل يكن طرفا يف عقد استئجار الافينة‬
‫الذي انعقد بني البائع واملؤجر‪.‬‬
‫قام جملس النقض برفض الطعن باالستناد على احليثيات اليت جاءت يف قرار جملس االستئناف وعلى أنه ال‬
‫ياتمد حقوقه من املؤمن له‪ ،‬وبالتايل املؤساة أنبكو واملاتأجر وحدهم قاموا بتكليف املؤمنني والذين‬
‫شرط التحكيم يكون نافذا يف حقهم‪ ،‬ذلك أن املؤساة أنبكو قامت بالتوقيع على مشارطة اإلجيار واليت‬
‫كان مدرج فيها شرط التحكيم وهكذا املؤمنني ال ميكنهم عدم قبول هذا الشرط(‪.)1‬‬
‫وبالتايل فإن الغرفة التجارية حاب هذا القرار أقرت بنفاذ شرط التحكيم البحري يف مواجهة املؤمن‪.‬‬
‫ب‪ -‬عدم نفاذ شرط التحكيم في عقد النقل البحري في مواجهة المؤمن‪.‬‬
‫مل يأخذ القضاء مبوقف حمدد حول مدى نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املؤمن‪ ،‬فقد جند أن يف قرار‬
‫صدر عن جملس النقض الفرناي يف ‪ 2333/38/23‬قرر فيها أن "شرط التحكيم املدرج يف مشارطة‬
‫اإلجيار ليس نافذا يف مواجهة املؤمنون والذين حيلون حمل املرسل إليه يف حقوقه‪ ،‬والذين يعدون من الغري‬
‫بالنابة لعقد اإلجيار واحلاملني لاند الشحن"(‪.)2‬‬
‫كما أنه يف قرار أخر صدر عن الغرفة التجارية مبجلس النقض الفرناي يف ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2333‬يبني أنه‬
‫عندما يكون شرط التحكيم غري نافذ يف مواجهة احملال له هو أيضا غري نافذ يف مواجهة املؤمنني الذين‬
‫حيلون حمل احملال له يف حقوقه(‪.)3‬‬
‫وبالتايل ياتنتج أن نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املؤمن مرتبط كليا بنفاذه يف مواجهة املرسل إليه فإذا‬
‫ارتئ اجمللس بأن شرط التحكيم نافذ يف مواجهة املرسل إليه جعله نافذا يف مواجهة املؤمن والعكس صحيح‪.‬‬
‫كما أنه ما يعاب على هذه األحكام القضائية أهنا تؤسس عالقة املؤمن باملؤمن إليه تارة بنظرية احللول‬
‫و تارة أخرى عن طريق حوالة احلق‪ ،‬وذلك طبقا للقانون الفرناي و الذي ياتلزم تربير هذه العالقة إما عن‬
‫طريق عقد احلوالة أو عقد احللول(‪ ، )1‬و هذا ما جيعل نوعا من اللبس‪ ،‬عكس االجتهاد القضائي اجلزائري‬
‫الذي كان واضحا يف هذا اجملال حبيث أنه أقر بأن العالقة بني املؤمن له( املرسل اليه) و املؤمن تؤسس‬
‫قانونا بعقد احللول‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪)1(Cass.com, 8 oct. 2003, Rev. Arb. 2004, p 355-358, note olivier.‬‬
‫‪)2(Haddoum Kamel, op cit, p 13.‬‬
‫‪)3(Cass.com, 8 oct 2003, Rev Arb, 2004, p 77-85, note olivier cachard.‬‬
‫‪)1( BOUABDELLAH Med , la subrogation de l’assureur dans le contrat de transport maritime‬‬
‫‪,colloque international ;le contentieux maritime , 2 et 3 mai , université Oran,2009.‬‬

‫‪342‬‬
‫ج)إعتماد القضاء لقاعدة مادية فيما يخص انتقال شرط التحكيم في عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫لقد أقرت الغرفة املدنية األوىل جمللس النقض الفرناي )‪ (1‬بأن شروط التحكيم يف سندات الشحن و اليت‬
‫حتيل اىل مشارطات االجيار ‪ ،‬و اليت تكون كاملة من حيث تعيني البلد و االجراءات و تعيني احملكمني‬
‫و القانون الواجب التطبيق ‪ ،‬و اليت يكون املرسل اليهم على علم هبا استنادا على قرائن وهي إمكانية‬
‫علمهم هبا عند تفريغ البضاعة أو عند إجراء اخلربات املضادة ‪ ،‬تكون نافذة يف مواجهتهم و مواجهة‬
‫املؤمنون الذين حيلون حملهم ذلك أن شروط التحكيم الدولية أصبحت شروط اعتيادية بالنابة لعقد النقل‬
‫البحري الدويل ‪ ،‬حىت ميكن اعتبارها جزء من العقد )‪.(2‬‬
‫إن ما ياتنتج من هذا القرار أن ‪:‬‬
‫‪-‬القضاء الفرناي اعتمد على قاعدة مادية و هي أن شروط التحكيم يف عقود النقل البحرية أو حىت‬
‫شروط التحكيم باإلحالة و اليت حتيل اليها سندات الشحن اىل مشارطات االجيار هي شروط معروفة حىت‬
‫أهنا أصبح التعامل هبا هو الغالب يف معامالت التجارة الدولية و بالتايل هي نافذة يف مواجهة املرسل اليهم‬
‫و حىت املؤمنني ‪.‬‬
‫‪-‬أن هذا القرار و ضع حدا للخلط الذي كان موجودا حول التأسيس القانوين النتقال شرط التحكيم‬
‫للمؤمن و الذي كان يربر عادة يف األحكام و القرارات القضائية إما بانتقاله عن طريق حوالة احلق و تارة‬
‫أخرى عن طريق احللول ‪.‬‬
‫إن هذا القرار أكد بانتقال شرط التحكيم اىل املؤمن عن طريق احللول القانوين و الذي جيعل املؤمن حيل‬
‫املرسل اليه يف مجيع حقوقه و إلتزاماته مبا فيها نفاذ شرط التحكيم يف مواجهته ‪.‬‬
‫خالصة الفصل مع التعقيب‪.‬‬
‫رأينا بأن نطاق اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من حيث املوضوع ال ياري إال على املاائل‬
‫اليت حددها هذا اتفاق وهذا ما يامى بأثر اتفاق التحكيم من حيث املوضوع أو بالنطاق املوضوعي‬
‫التفاق لتحكيم يف عقد النقل البحري و هذا ال يثري أي إشكال يف تفاريه ‪.‬‬
‫أما عن النطاق الشخصي التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري فيتحدد مبدى نفاذ هذا االتفاق يف‬
‫مواجهة أطرافه و الغري ‪ ،‬و يعد املرسل اليه من األطراف املهمة يف عقد النقل البحري‪ ،‬واليت تطرح إشكال‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)Cour DE CASSATION (1ere Ch .civ.), 22 novembre 2005 ,Navire Lindos .‬‬
‫‪(2)Pierre BONASSIES ,op cit ,DMF666,p16‬‬

‫‪343‬‬
‫قانوين يف هذه العالقة‪ .‬وقد تلقى حتديد املركز القانوين للمرسل إليه صعوبات يف حتديده و قد اختلف‬
‫القضاء املقارن يف األساس القانوين الذي يرتكز اليه لالحتجاج بشرط التحكيم يف مواجهة املرسل اليه‬
‫و كل من حيل حمل ‪ .‬فقد اعتمد الفقه التقليدي على عدد من النظريات التقليدية لتربيري األساس القانوين‬
‫ملركز املرسل اليه ‪ ،‬وقد كانت أهم نظرية إعتبار عقد النقل البحري عقد ثالثي العالقة و بأن املرسل اليه‬
‫يعترب طرفا ذا شأن يف عقد النقل البحري منذ تالمه للبضاعة ‪ ،‬و بالتايل فإن شروط التحكيم تكون نافذة‬
‫يف مواجهته باإلستناد اىل مبدأ نابية العقود ‪ .‬و قد اعتمد هذا االجتاه كل من القضاء الفرناي و املصري‬
‫و اجلزائري ‪ ،‬و قد إنتقد هذا الرأي فاملرسل اليه ال يعترب طرفا أصيال يف عقد النقل البحري و إمنا هو من‬
‫الغري و عليه احرتام عقود األخرين و هذه هي نظرية النفاذ اليت جاء هبا الفقه احلديث و اليت ارتكزت على‬
‫عنصر العلم لإلحتجاج بشرط التحكيم يف مواجهة حامل سند الشحن ‪.‬‬
‫أما فيما خيص انتقال شرط التحكيم يف عقود النقل البحرية فقد رأينا بأنه إذا اعترب قانون البلد أن االنتقال‬
‫يكون بقوة القانون إما باعتباره جزء من العقد‪ ،‬أو بانتقاهلا عن طريق حوالة احلق ففي هذه احلالة ال يوجد‬
‫أي إشكال يف نفاذ هذه الشروط اجتاه الغري‪ ،‬إال أن القضاء قد اختلف يف التأسيس القانوين هلذا االنتقال‬
‫إذا مل ينص القانون الوطين عليه كما يف القانون الفرناي ‪ .‬و قد رأينا كيف اختلفت الغرفة املدنية األوىل‬
‫جمللس النقض الفرناي و الذي جعلت شروط التحكيم نافذة يف مواجهة حامل سند الشحن و املؤمنون‬
‫الذين حيلون حمله يف حقوقه و التزاماته ‪ ،‬عكس الغرفة التجارية جمللس النقض الفرناي فقد جعلت شروط‬
‫التحكيم نافذة بشرط واحد فقط و هو القبول اخلاص هلذه الشروط من قبل حامل سند الشحن و حيبذ‬
‫الفقه احلديث هذه النتيجة ألهنم يرون أهنا أكثر عدال بالنابة ألطراف عقد اللنقل البحري و الذين خيتلفون‬
‫عن أطراف مشارطة االجيار الذين أبرموا اتفاق التحكيم ‪ .‬فريى األستاذ بوناسيس أنه من غري املنصف أن‬
‫حيتج باتفاقات حتكيم نصت عليها مشارطات اجيار و فرضت على أشخاص مل يشاركوا حىت يف ابرامها ‪،‬‬
‫وعلى القضاء الفرناي أن يتبع ماار الغرفة التجارية الوجيه ‪،‬و إذا ما عرض التنازع على الغرفة املختلطة يف‬
‫جملس النقض عليها أن تتبع نفس احلكم(‪ )1‬و هو عدم نفاذ شروط التحكيم على الغري إال برضى خاص‬
‫حىت و إن كان العقد البحري دوليا ‪ .‬و يضيف األستاذ فليب دلباك بأن" شروط االختصاص القضائي ال‬
‫تاتحق أن يدافع عليها " (‪ ، )2‬و ذلك ملا قد حتمله من نية سيئة للتهروب من أحكام و ماؤوليات‬
‫قانونية‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫‪(1)Pierre BONASSIES ,op cit ,DMF666,p26 .‬‬
‫‪(2)Alexendre MALAN, op cit , p 07.‬‬

‫‪344‬‬
‫الخاتمة ‪.‬‬

‫من الصعب الوصول إىل خامتة يف موضوع يكشف كل يوم عن إشكاليات جديدة ‪ ،‬تبحث هلا عن‬
‫إجابات ‪ ،‬خاصة و أن ظاهرة االنفتاح على التحكيم يف عقود النقل البحرية للبضائع و اتااع أفاقه‬
‫أضحت من أهم الظواهر القانونية املعاصرة سواء على املاتوى االقليمي أو املاتوى املوضوعي ‪.‬‬
‫فعلى املاتوى االقليمي مشل االعرتاف بالتحكيم كنظام بديل لفض املنازعات كافة أفراد اجلماعة الدولية‬
‫على اختالف أنظمتها القانونية و أوضاعها االقتصادية ‪ .‬بل جند أن كافة دول العامل و بالرغم من اختالف‬
‫أنظمتها الاياسية و االجتماعية و االقتصادية قد رأت يف التحكيم النظام الذي حيقق العدالة ‪.‬‬
‫أما على املاتوى املوضوعي فنجد أنه بعد تغيري دور الدولة واليت أصبحت الدولة الشاحنة أو الناقلة أو‬
‫اجملهزة‪ ،‬فقد ازداد تدخل الدولة و أشخاصها املعنوية يف جمال التجارة البحرية والنقل الدويل البحري للبضائع‬
‫األمر الذي أدى اىل نشأة الكثري و العديد من املنازعات يف جمال النقل البحري ‪ .‬و حرصا من كل دولة‬
‫على عدم مثوهلا أمام القضاء األجنيب نظرا العتبارات سياسية و سيادية ‪ ،‬فقد كان التحكيم البحري هو‬
‫القضاء البديل حلل مثل هذه املنازعات ‪.‬‬
‫كما جند أن التحكيم قد اقرتن بنمو العالقات االقتصادية بني الدول وبني األفراد ‪ ،‬حىت ميكننا القول أن‬
‫التحكيم االقتصادي الدويل قد أصبح القضاء الطبيعي للمنازعات االقتصادية الدولية ذات املعامالت املالية‬
‫الضخمة و املعقدة ‪.‬‬
‫و بالرغم من أن ارادة الدولة موجودة يف التحكيم االقتصادي الدويل اال أن الواقع يؤكد سيطرة ارادة‬
‫األطراف على حااب ارادة الدولة يف هذا اجملال ‪ ،‬األمر الذي انعكس على حرية األطراف يف حتديد‬
‫القواعد القانونية الواجبة التطبيق سواء من الناحية االجرائية أو املوضوعية ‪.‬‬
‫و نظرا الزدهار التجارة الدولية و تطور النظام القانوين للنقل البحري للبضائع ‪ ،‬ونظرا للعمليات املتشابكة‬
‫و املعقدة اليت تتم فيه و بني أطرافه أو الغري ‪ ،‬فإننا جند أنه أصبح للتحكيم البحري مكانة كبرية كوسيلة‬
‫حلل املنازعات البحرية الدولية وقد جتلى ذلك أكثر يف إنشاء مراكز للتحكيم متخصصة يف هذا اجملال عرب‬
‫كل أقطار العامل ‪ ،‬إال أن هذا مل مينع التباين الكبري بني األحكام القانونية املقارنة للدول حمل البحث و كذا‬
‫األحكام و القرارات القضائية هلا يف تبين مواقف خمتلفة يف هذا املوضوع و من هنا تكمن صعوبة تأطري‬

‫‪345‬‬
‫قانوين كامل و هنائي لعناصر هذا املوضوع ‪ ،‬بيد أن هذا لن يقعدنا عن الوقوف على بعض اإلستنتاجات‬
‫علها تااعدنا يف إقرتاح بعض احللول القانونية يف هذ اجملال ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬إنه ونظرا للتطور احلاصل يف جمال النقل البحري و تعدد وثائق النقل فمن البديهي أن حندد ماهية‬
‫عقد النقل البحري و نوعه و ذلك من أجل حتديد القواعد الواجبة التطبيق عليه ‪ ،‬فيكون عقد النقل‬
‫البحري للبضائع إما عقدا داخليا وطنيا اذا كانت مجيع عناصره وطنية ‪ ،‬كالعقد الذي يتم بني جزائريني على‬
‫بضائع يف اجلزائر يطلب نقلها من مرفأ اجلزائر العاصمة اىل مرفأ وهران ‪ ،‬و األصل أن خيضع هذا النقل‬
‫الداخلي ألحكام قانون الدولة اليت يتم فيها النقل ‪ .‬و إذا ابرم اتفاق حتكيم بشأن حل منازعات هذا العقد‬
‫إما بادراج شرط حتكيم يف سند الشحن أو يف مشارطة االجيار أو باحالة مدرجة يف سند الشحن اىل‬
‫مشارطة اجيار الافينة ‪ ،‬أو اذا ابرم عقد حتكيم بعد نشأة نزاع بني أطرافه ففي هذه احلالة نكون بشأن‬
‫حتكيم داخلي ‪ ،‬و بالتايل تطبق أحكامه املنصوص عليه يف قانون االجراءات املدنية واالدارية اجلزائري‬
‫اجلديد و املتعلقة بالتحكيم الداخلي ‪.‬‬
‫و قد يكون عقد النقل البحري للبضائع عقدا دوليا و هذا هو الغالب ‪ ،‬وقد تأيت الصفة الدولية لعقد النقل‬
‫البحري يف غالب األحيان من وقوع منائي الشحن و التفريغ يف دولتني خمتلفتني ‪ ،‬و عندها تطرح ماألة‬
‫القانون الواجب التطبيق على هذا العقد ‪ ،‬و اليت جيب بشأهنا الرجوع اىل قواعد االسناد يف دولة القاضي ‪.‬‬
‫و هلذا جند أن أغلب عقود النقل البحرية الدولية حتمل اتفاقات للتحكيم و ذلك جتنبا لتنازع القوانني و ألن‬
‫ارادة األطراف هي اليت تطبق يف هذه الوسيلة لفض املنازعات ‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬إن االتفاقيات الدولية اليت عنيت بالنقل البحري للبضائع قد حددت سلفا نطاق تطبيقها من‬
‫حيث دولية العقود ‪ .‬فاتفاقية بروكال و هامبورغ و روتردام ال تطبقا اال على النقل الدويل ‪ ،‬و بالتحديد‬
‫عندما يكون ميناء التفريغ و الشحن واقعتني يف دولتني خمتلفتني بغض النظر عن جناية أطراف العقد أو‬
‫جناية الافينة ‪ ،‬وبذلك تكون قواعد موحدة للتطبيق على عقود النقل البحرية الدولية للبضائع ‪.‬‬
‫و نظرا لصعوبات حل منازعات النقل البحري الدويل للبضائع و الذي حيكمه منهج تنازع القوانني ‪ ،‬يفضل‬
‫أغلب املتعاملني يف هذا اجملال ادراج اتفاق حتكيم لفض املنازعات الناشئة عن هذا العقد على التحكيم‬
‫بطريقة فعالة وسريعة على يد اشخاص هلم كفاءة و خربة كبرية سواء عن طريق حتكيم حر أو مؤساي ‪.‬‬
‫و قد يتفق أطراف عقد النقل البحري على التحكيم قبل حدوث أي خالف بينهم ‪ ،‬ومن مث يرد اتفاقهم‬

‫‪346‬‬
‫يف شكل شرط أ بند من بنود العقد الذي ينظم عالقتهم األصلية ( إما يف مشارطة اجيار الافينة أو يف سند‬
‫الشحن أو عن طريق إحالة سند الشحن اىل بنود مشارطة اجيار الافينة (شرط التحكيم باالحالة أو‬
‫باالشارة ) ‪ ،‬أو قد حيررون اتفاق ماتقال ‪ ،‬يضمنونه على احالة ما قد يثور بينهم مبناسبة عقد النقل‬
‫البحري على التحكيم ‪.‬كما ميكنهم ابرام عقد حتكيم أو مشارطة حتكيم بعد نشأة النزاع مبناسبة عقد النقل‬
‫البحري و هذا هو اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري بكل صوره املمكنة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬من خالل ما سبق إتضحت لنا ماهية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري أنه ‪ " :‬اإلتفاق‬
‫الذي يتعهد مبقتضاه أطراف العالقة البحرية على عرض املنازعات اليت نشأت أو ستنشأ ماتقبال مبناسبة‬
‫عقد النقل البحري على التحكيم "‬
‫و يرتتب على هذا التعريف عدة نتائج أوهلا أن اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري سواء كان شرطا أم‬
‫مشارطة هو ماتقل عن العقد األصلي (عقد النقل البحري ) حبيث ال يتأثر ببطالنه‪ ،‬وكذا استقالله عن‬
‫كل قانون وطين ‪ ،‬مما يشكل مصدر ذاتيته و فعاليته‪.‬‬
‫أما النقطة الثانية فكون اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري هو اتفاق ذو طبيعة اجرائية و يعترب عقد‬
‫كباقي العقود حبيث يلزم أن تتوفر لصحته شروط موضوعية وكذا شروط شكلية‪ ،‬هته األخرية ختتلف حاب‬
‫النطام القانوين الذي تأخذ به كل دولة‪.‬‬
‫أما عن شروطه املوضوعية فتتحدد أساسا بركن الرضى ومدى تأثريه على وجود اتفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري وكيف تعاملت النظم القانونية املقارنة وكذا أشهر األحكام القضائية مع هذا املوضوع ‪ ،‬اذ أن‬
‫خصوصية املعامالت البحرية جتعل من إثبات هذا الركن من الصعوبة مبا كان خاصة اذا كان شرط التحكيم‬
‫وارد يف سند الشحن أو مبشارطة إجيار الافينة ومل يكن املرسل إليه عاملا هبذا الشرط ‪،‬ففي هته احلالة‬
‫تنوعت األراء القضائية حبيث اكتفت البعض منها بالقبول الضمين لشرط التحكيم البحري وألزمت أخرى‬
‫القبول الصريح والعلم اليقيين هبذا الشرط‪.‬‬
‫أما عن حمل هذا االتفاق فالقوانني املقارنة تفرض مبدأين يف هذا الشأن ‪ :‬األول و هو أن يكون موضوع‬
‫اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري حمددا مبا فيه الكفاية و الثاين هو قابلية حمل اتفاق التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري للتحكيم أي عدم خمالفة موضوعه للنظام العام ‪.‬‬
‫وجيب أيضا أن يكون التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري سببا مشروعا بذلك يكون قد اكتملت فيه‬
‫كل الشروط املوضوعية اليت يتطلبها القانون‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫رابعا ‪ :‬إن املعامالت البحرية الدولية أظهرت نوعا جديدا من اتفاقات التحكيم يف عقود النقل البحرية‬
‫وهو شرط التحكيم باإلحالة والذي يعد فيه موضوع الرضى أساس صحته ‪ ،‬ألن أغلب النظم القانونية‬
‫تشددت يف هته النقطة حبيث جعلت صحة هذا الشرط مرتبط مبدى العلم اليقيين والرضى هبته اإلحالة‪.‬‬
‫أما عن تعامل القضاء املقارن مع موضوع اإلحالة فقد اختلف من دولة اىل أخرى فالقضاء الفرناي‬
‫كان أكثر تشددا عن طريق فرضه بوجوب العلم اليقيين واإلحالة اخلاصة ال العامة حىت يتم قبوهلا من طرفه‬
‫وقد كان نظريه املصري أقل تشددا منه حبيث اكتفى يف بعض أحكامه بقبوله لإلحالة العامة‪.‬‬
‫أما قضاء الدول األجنلوساكاونية فقد أخذت مبعايري جديدة فالقضاء اإلجنليزي جاء بتقنية الفحص‬
‫الثنائي لكل من شرط التحكيم واإلحالة اليت تشري اليه‪ ،‬أما نظريه األمريكي فقد قام بتقايم شرط التحكيم‬
‫باإلحالة حبيث فرق بني شرط التحكيم الشامل وشرط التحكيم احملدود‪.‬‬
‫كما قام املشرع اجلزائري وألول مرة باالعرتاف بشرط التحكيم باإلحالة واعرتف به يف نظامه القانوين وهته‬
‫خطوة فعالة يف اطار رغبة اجلزائر لإلنفتاح على التجارة الدولية‪.‬‬
‫خاماا ‪ :‬إنه و لتاهيل ظروف التجارة الدولية و حتررها من القيود ‪ ،‬مل حتدد القوانني املقارنة شكال كتابيا‬
‫معينا هلذا اإلتفاق ‪ ،‬حيث اكتفت بوروده يف صورة مراسالت أو برقيات متبادلة بني الطرفني ‪ ،‬وميتد ذلك‬
‫اىل كل وسائل االتصال املكتوبة ‪ ،‬و لكن جيب حتقق االجياب و القبول بشأن التحكيم ‪ .‬إال أنه جيب على‬
‫هته النظم القانونية ضرورة ماايرة التطور التكنولوجي احلاصل يف جمال تبادل البيانات و املبادالت التجارية‬
‫يف الوقت الراهن بقبوهلا التفاقات التحكيم االلكرتونية و اليت أصبحت كثرية االستخدام حاليا يف جمال‬
‫النقل البحري و هذا ما ذهب اىل تأكيده قانون اليونارتال النموذجي لانة ‪ 1229‬بشأن التجارة‬
‫اإللكرتونية ‪،‬و كذا إتفاقية روتردام للنقل البحري لانة‪ 2332‬على ضرورة استخدام احملررات االلكرتونية يف‬
‫جمال النقل البحري وقبوهلا من طرف كافة التشريعات الوطنية ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬بالرغم من أن األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪ ،‬جيعل القضاء غري خمتص‬
‫يف املنازعات حمل االتفاق على التحكيم ‪ ،‬إال أن هذه القاعدة ترد عليها بعض القيود واالستثناءات أين‬
‫يتدخل القضاء إما بارادة األطراف أو يف حالة النطق باالجراءات التحفظية والوقتية و كذا يف حالة بطالن‬
‫اتفاق التحكيم أو اذا مل يتم تنفيذه ‪ .‬هذا و يعرتف التشريع اجلزائري و النظم القانونية املقارنة باستثناءات‬
‫أخرى منها تدخل القضاء الوطين لتشكيل حمكمة التحكيم يف حالة تعذر تشكلها ‪ ،‬و كذا تدخل القضاء‬
‫يف حالة تقدمي األدلة ‪ ،‬ورد احملكمني ‪ ،‬والتنفيذ و االعرتاف باحلكم التحكيمي و طرق الطعن و غريها‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫و بعدما يالب األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري االختصاص من قضاء الدولة يتم نقل‬
‫االختصاص من قضاء الدولة اىل قضاء التحكيم ‪ ،‬حبيث تصبح هيئة التحكيم هي صاحبة الوالية يف تاوية‬
‫املنزاعات املربم بشأهنا اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و هو ما يطلق عليه اسم األثر االجيايب التفاق‬
‫التحكيم يف عقد النقل البحري و الذي بواسطته تنعقد اخلصومة التحكيمية و يتم الفصل يف املنازعة‬
‫واصدار احلكم التحكيمي و حىت تنفيذه ‪.‬‬
‫سابعا ‪:‬إن نطاق اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من حيث املوضوع جيعله ال ياري إال على‬
‫املاائل اليت حددها هذا اتفاق‪ .‬أما عن حتديد النطاق الشخصي التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‬
‫يتعلق مبدى نفاذ هذا االتفاق يف مواجهة أطرافه و الغري ‪ ،‬و يعد املرسل اليه من األطراف املهمة يف عملية‬
‫النقل البحري و لإلحتجاج بإتفاق التحكيم يف مواجهته تكمن الصعوبة يف اإلختالف الكبري لتحديد‬
‫املركز القانوين له يف عقد النقل البحري ‪ ،‬فجانب من الفقه اعترب أن املرسل إليه ياتمد حقوقه من عقد‬
‫النقل البحري‪ ،‬فهو ال يعترب من الغري بالنابة لعقد النقل املربم بني املرسل إليه والناقل‪ ،‬وبالتايل فإذا ما‬
‫اعتربنا أن املرسل إليه حامل سند الشحن ليس من الغري‪ ،‬فنظريا ال يوجد أي عائق يف نفاذ شرط التحكيم‬
‫البحري يف مواجهته إذا ما تبني أنه علم به ومل يعرب عن رفضه له ‪ ،‬و ذلك إستنادا اىل األثر النايب للعقد أو‬
‫عن طريق القوة امللزمة للعقد ‪.‬‬
‫كما اعترب البعض من هؤالء الفقهاء أن املرسل إليه هو طرف يف عقد النقل البحري منذ بداية عملية النقل‬
‫وليس طرفا انضم للعملية يف وقت الحق أي بعد استالمه للبضاعة‪.‬‬
‫و لتربير نفاذ شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه و أنه طرف ياتمد حقوقه و التزاماته من عقد النقل‬
‫البحري ‪ ،‬ارتكز الفقه التقليدي على عدد من النظريات منهم نظرية االشرتاط ملصلحة الغري ونظرية اخللف‬
‫اخلاص ونظرية احليازة الرمزية للبضاعة‪.‬ولكن الطرح الذي اعترب النقل البحري عقد ثالثي األطراف هو الذي‬
‫تبناه القضاء بكثرة‪.‬‬
‫أما عن الرأي املعارض أو ما نعتربه بالفقه احلديث فقد اعترب أن املرسل إليه طرف أجنيب عن عقد النقل‬
‫البحري‪ ،‬وهذا ما جاءت به نظرية النفاذ وبالتايل فاالحتجاج بشرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه يكون‬
‫باحرتامه للمصلحة املوجودة داخل اجملموعة العقدية وبالتايل فبمجرد مشاركته يف تنفيذ عقد النقل كاستالمه‬
‫للبضاعة أو دفعه لاند تاديد مثن البضاعة للبنك‪ ،‬أو باعتماده للخربة يف تفريغ البضائع كل هته قرائن‬
‫على إمكانية علمه بشرط التحكيم وبالتايل تصبح نافذة يف حقه ‪ .‬و هذا رأي سديد كون أن املرسل اليه‬
‫بالرغم أنه طرف فعال يف عملية النقل و هو ياتفيد من هذه العملية إال أنه طرف غري مباشر و ال ميكن‬

‫‪349‬‬
‫اعتباره طرف مباشر ألنه مل يكن طرفا عند ابرام عقد النقل البحري ‪ ،‬وهلذا فإن تطبيق نظرية النفاذ عليه‬
‫تكون أكثر واقعية قانونية ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬لقد تضاربت األراء حول مدى نفاذ إتفاق التحكيم يف مواجهة أشخاص آخرين كمؤمين املرسل‬
‫إليه مثال ‪ ،‬و الذين ينتقل اليهم اتفاق التحكيم البحري من حامل سند الشحن إما عن طريق حوالة احلق‬
‫أو احللول أو التظهري و مدى التزامهم هبذا الشرط ‪ ،‬فقد اعترب بعض القضاء أن شرط التحكيم يكون نافذ‬
‫يف مواجهتم ‪ ،‬أما البعض األخر فقد جعله غري نافذ يف مواجهتهم ألهنم لياوا أطراف يف العقد و ال‬
‫يلتزمون بشروطه ‪ .‬أما االجتاه الثالث فقد اعترب أن علمهم بشرط التحكيم يف عقد النقل البحري جيعله‬
‫نافذا يف مواجهتهم تطبيقا لنظرية النفاذ احلديثة ‪.‬‬
‫إن سالف النتائج ستدفعنا إىل إقرتاح بعض التوصيات و ذلك ملا حيمله هذا املوضوع من أراء فقهية‬
‫و قضائية خمتلفة و متضاربة‪ ،‬فيجب على األقل تقريب و جهات النظر يف هذا اجملال القانوين و ذلك يف‬
‫ظل عوملة قانونية و إجرائية لفض منازعات التجارة الدولية عن طريق التحكيم الدويل ‪ ،‬كما على املشرع‬
‫اجلزائري تدارك بعض النقائص يف هذا اجملال ‪ ،‬خاصة و أنه قطع شوطا ال ياتهان به من خالل ما أقره من‬
‫أحكام جديدة لنظام التحكيم ‪:‬‬
‫‪ -1‬على الصعيد الوطين من الضروري إنشاء غرفة للتحكيم البحري يف اجلزائر مع تدريب حمكمني خمتصني‬
‫يف هذا اجملال و ذلك حلل منازعات النقل البحري سواء على املاتوى الداخلي و ملا ال الدويل ‪.‬‬
‫‪ -2‬قد فرق املشرع اجلزائري بني شرط التحكيم و اتفاق التحكيم مبعىن مشارطة التحكيم يف القانون‬
‫الداخلي و أطلق اسم اتفاقية التحكيم على كل من شرط التحكيم و مشارطة التحكيم يف التحكيم‬
‫التجاري الدويل ‪ ،‬هذا ما قد خيلق بعض اللبس بالنابة للباحثني و دارسي القانون ‪ ،‬و هلذا فإننا نعتقد أنه‬
‫على املشرع اجلزائري إعادة النظر يف مصطلحات التحكيم و ذلك باعتماد نفس التامية التفاق التحكيم‬
‫على كل من شرط التحكيم و مشارطة التحكيم سواء بالنابة للتحكيم الداخلي أو الدويل ‪ ،‬وتبقى التفرقة‬
‫بينهما على أساس املعيار االقتصادي املعتمد ‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة تنظيم أحكام شرط التحكيم باإلشارة أو باإلحالة خاصة يف جمال النقل البحري ملا له من أيمية‬
‫اقتصادية ‪ ،‬على غرار بعض القوانني املقارنة كالقانون املصري ‪.‬‬
‫‪ -4‬على الصعيد الدويل جيب أن توحد اجلهود بالنابة لالجتهادات القضائية و أحكام التحكيم الدولية‬
‫فيما خيص أحكام اتفاق التحكيم يف عقد النقل الدويل و ذلك يف عدة ماائل و هي كالتايل‪:‬‬

‫‪350‬‬
‫‪-‬بالنابة لركن الرضا جند أنه حىت يف موضوع القبول الصريح والضمين لشرط التحكيم من طرف املرسل‬
‫إليه أو من ميثله ‪ ،‬ومدى نفاذه يف حقه أصبح موضوعا حيمل وجهات نظر متضاربة وخمتلفة على الصعيد‬
‫الدويل وحىت يف قضاء الدولة الواحدة و بالتايل جيب األخذ باحلابان ماألتني ‪:‬‬
‫األوىل طبيعة النقل البحري هل هو نقل دويل أو وطين ‪ ،‬و الثانية هل حامل سند الشحن له علم وتعامالت‬
‫سابقة على أساس األعراف البحرية ‪ .‬فإذا كان نقل دويل للبضائع و املرسل إليه أو حامل سند الشحن له‬
‫تعامل سابق يف هذا اجملال فيمكن االعتداد بالرضا الضمين باتفاق التحكيم ألنه يعترب من الشروط املعتادة‬
‫لفض املنازعات يف هذه العقود ‪ ،‬أما إذا كان النقل وطين فيجب التأكد من القبول الصريح باتفاق‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫كما ياتحان بالنابة لنفاذ شرط التحكيم الدويل يف مواجهة املرسل إليه األخذ بعنصر العلم املفرتض ‪،‬‬
‫و ذلك تطبيقا ألعراف التجارة البحرية الدولية ‪ ،‬و اليت تقوم على إدراج شروط لفض املنازعات يف جل‬
‫عقود النقل الدولية النموذجية ‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار سبب إدراج هذه الشروط هل هو سبب مشروع‬
‫أو قد أبرم اتفاق التحكيم للتهرب من املاؤوليات القانونية ‪ ،‬ويف هذه احلالة ميكن إبطال هذا العقد بابب‬
‫اختالل ركن من أركانه ‪.‬‬
‫‪-‬بالنابة لتوافر ركن الرضا يف شرط التحكيم باإلحالة جيب أن تكون اإلحالة واضحة وصرحية‬
‫و حمددة حىت ميكن القول بأن شرط التحكيم إندمج يف سند الشحن ‪ ،‬ألنه ليس من العدل االحتجاج‬
‫بشروط مشارطة اإلجيار على شخص مل يكن طرفا يف هذا العقد ‪.‬‬
‫‪-‬جيب على الفقه و القضاة و احملكمني حماولة توحيد التأسيس القانوين إلنتقال شرط التحكيم اىل الغري من‬
‫خالل التفرقة بني انتقاله إما عن طريق حوالة احلق إذا كان هناك تنازل صريح عن احلقوق و االلتزامات بني‬
‫احمليل و احملال اليه بواسطة عقد موثق حلوالة احلق ‪ ،‬أما بالنابة للمؤمن فمن املنطق الواقعي و القانوين أن‬
‫انتقال شرط التحكيم اليه يكون عن طريق احللول القانوين (عقد احللول) و هذا ما تبناه القضاء اجلزائري‬
‫بوضوح ‪.‬‬
‫‪ -5‬ضرورة إدراج أحكام قانونية خاصة باملعامالت التجارية االلكرتونية يف القانون اجلزائري و القوانني‬
‫املقارنة و ذلك ملواكبة التطور احلاصل يف اجملال القانوين الدويل ‪ ،‬و كذا االعرتاف القانوين الصريح باتفاق‬
‫التحكيم االلكرتوين ‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫‪-6‬حماولة توحيد اجلهود الدولية أكثر مما قدمته اتفاقية روتردام لانة ‪ ، 2441‬عن طريق تنظيم أحكام‬
‫اتفاق التحكيم اخلاص بالنقل الدويل للبضائع حبرا ملا له من أيمية بالغة إذ أصبح التحكيم أول وسيلة لفض‬
‫منازعات النقل البحري الدويل للبضائع يف الوقت الراهن ‪.‬‬
‫‪-7‬ملا كانت من أوائل الرسائل املعاجلة هلذا املوضوع يف اجلزائر فإننا بكل واقعية و تواضع نقر أن أفكار‬
‫عديدة بقت عالقة فليس يف وسع هذه الرسالة التفصيل يف كل شيء ‪ ،‬إمنا أمسى ما كنا نصبوا اليه هو فتح‬
‫هذا املوضوع يف نقاش و مرافقة التأطري الفقهي و القانوين هلذه الفكرة يف اجلزائر‪ ،‬و ملا ال تكون أول لبنة‬
‫تلحقها أخرى إلمتام ورشة اإلنضمام للماار العاملي إلنفتاح االقتصاد و حترير املبادرة الوطنية ‪.‬‬

‫وبعد ‪...‬هذا ما أدركته و هو قليل من كثري ‪ ،‬ال زال عالقا و لكنه بدا مطلوبا االنتهاء عند هذا احلد‬
‫لتتكفل قادم البحوث عندنا مبا مل يتاع يل إدراكه و حتليله ‪ .‬و اهلل أسأل خالص اجلزاء عن هذا العمل فإن‬
‫أصبت فمنه ‪ ،‬و إن أخطأت فذاك سنة البشر و ناموسهم ‪.‬‬

‫و اهلل ويل التوفيق ‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫قائمة المراجع‪.‬‬
‫قائمة المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫االتفاقيات الدولية ‪:‬‬

‫‪ -‬اتفاقية بروكال بشأن توحيد األحكام املتعلقة باندات الشحن املوقعة بتاريخ ‪ ،1221‬و املعدلة‬
‫بربتوكول ‪ 1291‬الذي عرفت قواعده بقواعد ويايب ‪Visby rules‬و املعدلة من جديد بربوتوكول‬
‫‪. 1292‬‬

‫‪ -‬معاهدة هامبورغ و هي اتفاقية األمم املتحدة لنقل البضائع بطريق البحر أبرمت بتاريخ‬
‫‪. 1291/33/31‬‬

‫‪ -‬اتفاقية روتردام وهي اتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر كليا أو‬
‫جزئيا " أبرمت بتاريخ ‪ 2331/12/11‬وفتحت باب التوقيع على هذه االتفاقية بتاريخ ‪/23‬أي‪2332/‬‬
‫يف روتردام ‪.‬‬

‫‪ -‬اتفاقية نيويورك لانة ‪ 1281‬اخلاصة بأحكام احملكمني األجنبية و تنفيذها ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون النموذجي للجنة األمم املتحدة حول التحكيم التجاري الدويل لانة ‪.1185‬‬

‫‪ -‬قواعد التحكيم للجنة األمم املتحدة اليونارتال ‪. 1299‬‬

‫‪ -‬قانون اليونارتال النموذجي لانة ‪ 1229‬املتعلق بالتجارة اإللكرتونية ‪.‬‬

‫‪-‬إتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بإستخدام اخلطابات اإللكرتونية يف العقود الدولية لانة ‪. 2338‬‬

‫‪ -‬إتفاقية جنيف األوروبية حول التحكيم التجاري الدويل املؤرخة يف ‪.1161/44/21‬‬

‫‪-‬التشريع األورويب رقم ‪ 44‬لانة ‪. 2441‬‬

‫‪353‬‬
‫النصوص التشريعية‪.‬‬

‫‪-‬قانون رقم ‪41/88‬بتاريخ ‪ 1188/41/12‬املتضمن القانون التوجيهي للمؤساات العمومية‬


‫االقتصادية‪،‬اجلريدة اللرمسية للجمهورية اجلزائرية العدد ‪ 42‬الانة اخلاماة والعشرون بتاريخ‬
‫‪. 1188/41/13‬‬

‫‪-‬املرسوم الرئاسي رقم ‪ 233/88‬املؤرخ يف ‪ 1188/11/45‬املتضمن انظمام اجلزائر بتحفض لالتفاقية‬


‫االعرتاف بالقرارات التحكيمية األجنبية املتحدة من مؤمتر األمم املتحدة بنويورك املؤرخ يف ‪1158/46/14‬‬

‫‪-‬املرسوم تشريعي رقم ‪ 32-23‬مؤرخ يف ‪ 33‬ذي القعدة عام ‪ ،1223‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪99‬ـ‪181‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 1‬يونيو واملتضمن قانون اإلجراءات املدنية‪ ،‬اجلريدة الرمسية عدد ‪ ،29‬املوافق ‪ 29‬أفريل ‪.1223‬‬

‫‪-‬قانون عضوي رقم ‪ 43-18‬مؤرخ يف ‪3‬يونيو ‪ ، 1118‬يتعلق باختصاصات حمكمة التنازع‬

‫و تنظيمها وعملها ‪ ،‬جريدة رمسية رقم ‪ 31‬لانة ‪1118‬‬

‫‪-‬مرسوم رقم ‪ 11‬ـ ‪ 833‬املوافق لـ ‪ 12‬ماي ‪ 1211‬يتعلق بالتحكيم الدويل‪ ،‬اجلريدة الرمسية الفرناية ‪11‬‬
‫ماي ‪.1211‬‬

‫‪-‬مرسوم رقم‪ 2311-11‬املؤرخ يف ‪13‬جانفي‪ 2311‬املتعلق بقانون االجراءات املدنية الفرناي ‪.‬‬

‫‪-‬االتفاق املربم بني سونطراك و الشركات الفرناية املربم يف ‪ 1171/46/34‬املتعلق بكيفية تاوية‬
‫املنازعات املتعلقة بالشركات البرتولية الفرناية املؤممة‪.‬‬

‫القوانين‪.‬‬

‫‪-‬قانون االجراءات املدنية اجلزائري ‪.‬‬

‫‪-‬قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائري ‪.‬‬

‫‪-‬القانون التجاري اجلزائري‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫‪-‬القانون البحري اجلزائري‪.‬‬

‫‪-‬قانون التحكيم املصري رقم ‪ 29‬لانة ‪. 1221‬‬

‫‪-‬القانون املدين املصري ‪.‬‬

‫‪-‬قانون اإلجراءات املدنية الفرناي ‪.‬‬

‫‪-‬القانون املدين الفرناي ‪.‬‬

‫‪ -‬قانون التحكيم اإلجنليزي لانة ‪.1229‬‬

‫نصوص أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري الدويل ‪.‬‬

‫‪-‬الئحة اجراءات التحكيم أمام مركز التحكيم التجاري لدول اخلليج العربية لعام ‪.1221‬‬

‫‪-‬الئحة التحكيم لغرفة التحكيم البحري بباريس‪.‬‬

‫‪-‬الئحة حتكيم املنظمة الدولية للتحكيم البحري‪.‬‬

‫‪ -‬الئحة مجعية لندن للمحكمني البحريني لانة ‪ 1291‬املعدلة سنة ‪.1221‬‬

‫‪-‬الئحة مجعية احملكمني البحريني بنيويورك سنة ‪.1221‬‬

‫قائمة المراجع العامة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪.‬ابراهيم أبو النجا ‪ ،‬التأمني يف القانون اجلزائري ‪،‬اجلزء األول ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ‪ ،‬سنة‬
‫‪1213‬‬

‫‪ -‬أبو زيد رضوان‪ ،‬األسس العامة يف التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬سنة ‪.1181‬‬

‫‪-‬امحد ابراهيم عبد التواب ‪ ،‬اتفاق التحكيم والدفوع املتعلقة به ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪ ،‬سنة ‪2332‬‬
‫‪355‬‬
‫‪-‬أمحد أبو الوفا‪ ،‬التحكيم االختياري واالجباري منشأة املعارف اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة اخلاماة ‪.2333‬‬

‫‪ -‬أمحد عبدالكرمي سالمة‪ ،‬قانون التحكيم التجاري الدويل والداخلي ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪.‬‬

‫‪-‬أمحد حممد حاين‪ ،‬قضاء النقض البحري‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية بدون طبعة ‪.1229‬‬

‫‪ -‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬بدون طبعة‬
‫سنة ‪.2339‬‬

‫‪ -‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬اتفاق التحكيم واملشكالت العملية والقانونية يف العالقات اخلاصة الدولية‬
‫دار الفكر اجلامعي‪.‬‬

‫‪ -‬أكمون عبد احلليم‪ ،‬الوجيز يف شرح القانون التجاري اجلزائري‪ ،‬قصر الكتاب بدون طبعة‪.‬‬

‫‪-‬مجال سايس ‪ ،‬االجتهاد اجلزائري يف املادة التجارية و البحرية ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬منشورات كليك ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪ ،‬سنة ‪. 2313‬‬

‫‪-‬مجال سايس ‪ ،‬االجتهاد اجلزائري يف املادة التجارية و البحرية ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬منشورات كليك ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪ ،‬سنة ‪. 2313‬‬

‫‪-‬مجال سايس ‪ ،‬االجتهاد اجلزائري يف املادة التجارية و البحرية ‪ ،‬اجلزء الثالث ‪ ،‬منشورات كليك ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪ ،‬سنة ‪. 2313‬‬

‫‪ -‬محدي الغنيمي‪ ،‬حماضرات يف القانون البحري اجلزائري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة‬
‫‪.1213‬‬

‫‪ -‬مسري مجيل الفتالوي‪ ،‬العقود التجارية اجلزائرية‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬

‫‪ -‬صربي محد اخلاطر‪ ،‬الغري عن العقد ‪،‬سنة ‪.2331‬‬

‫‪356‬‬
‫‪ -‬صالح الدين عبد اللطيف الناهي‪ ،‬الوجيز يف مبادئ القانون البحري‪ ،‬مكتبة دار الثقافة عمان‪ ،‬بدون‬
‫طبعة‪ ،‬سنة ‪.1229‬‬

‫‪ -‬كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ يف النقل البحري‪ ،‬منشأة اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬

‫‪ -‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املركز القانوين املرسل اليه يف عقد النقل البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬بدون‬
‫طبعة‪ ،‬سنة ‪.2331‬‬

‫‪ -‬عباس حلمي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪.1211‬‬

‫‪ -‬عبد الباسط حممد عبد الواسع الضراسي ‪ ،‬النظام القانوين التفاق التحكيم ‪ ،‬الطبعة االوىل ‪،‬سنة‬
‫‪،2338‬املكتب اجلامعي احلديث ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪.‬عبد احلميد األحدب موسوعة التحكيم الدويل‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق الانهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬دار احياء الرتاث‬
‫العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق الانهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬األوصاف احلوالة‪ ،‬االنقضاء‪ ،‬اجلزء الثالث‪ ،‬دار‬
‫احياء الرتاث العريب‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق الانهوري‪،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬اجلزء التاسع‪ ،‬دار احياء الرتاث العريب‪.‬‬

‫‪-‬عيد الاالم ذيب ‪ ،‬قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلديد ‪ ،‬موفم للنشر ‪،‬طبعة ثالثة منقحة ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد املنعم حممد داود‪ ،‬القانون الدويل للبحار‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪.‬عديل أمري خالد ‪ ،‬عقد النقل البحري‪،‬املكتبة القانونية لدار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬سنة‪1116‬‬

‫‪-‬د‪.‬عراب بلقاسم ‪ ،‬القانون الدويل اخلاص اجلزائري‪-‬تنازع االختصاص القضائي الدويل ‪-‬اجلناية ‪،‬اجلزء‬
‫الثاين ‪ ،‬دار هومة‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫‪ -‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪.2338‬‬

‫‪ -‬عمر الفقي‪ ،‬اجلديد يف التحكيم يف الدول العربية‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الانة‬
‫‪.2333‬‬

‫‪ -‬عمرو عياى الفقي‪ ،‬اجلديد يف التحكيم الدول العربية‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬بدون طبعة سنة‬
‫‪2333‬‬

‫‪-‬عمر سعد اهلل ‪ ،‬القانون الدويل لألعمال ‪،‬دار هومة ‪.‬‬

‫‪-‬فرحة زراوي صاحل‪،‬الكامل يف القانون التجاري اجلزائري‪،‬النشر الثاين‪ ،‬نشر وتوزيع ابن خلدون ‪،‬سنة‬
‫‪. 2333‬‬

‫‪-‬كمال محدي‪ ،‬عقد العمل البحري‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬

‫‪-‬حمفوظ لشعب ‪ ،‬املنظمة العاملية للتجارة ‪،‬للة القانون االقتصادي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية ‪.‬‬

‫‪-‬حممد الايد عمر التحيوي‪ ،‬مفهوم التحكيم االختياري والتحكيم االجباري‪ ،‬منشأة املعارف‬
‫باإلسكندرية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪.2332‬‬

‫‪ -‬حممد هبجت عبد اهلل ‪ ،‬ماؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورج‪ ،‬طبعة ‪.1222‬‬

‫‪ -‬حممد حانني ‪ ،‬الوجيز يف نظرية اإللتزام ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية اجلزائر‪ -‬طبعة ‪.1181‬‬

‫‪-‬حممد عبد الفتاح ترك ‪ ،‬عقود البيوع البحرية الدولية ‪،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪ ،‬سنة ‪. 2339‬‬

‫‪ -‬حممد فريد العريين‪ ،‬هين حممد دويدار‪ ،‬مبادئ القانون التجاري والبحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪،‬‬
‫بدون طبعة سنة ‪.2333‬‬

‫‪358‬‬
‫‪ -‬حممد كامل أمني ملش‪ ،‬مبادئ التشريع العريب‪ ،‬معهد الدراسات العربية العالية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة‬
‫‪-1289‬ـ‪.1281‬‬

‫‪-‬حممد كوال ‪ ،‬تطور التحكيم التجاري الدويل يف القانون اجلزائري ‪.‬‬

‫‪-‬حممود خمتار بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪2331 ،‬‬

‫‪-‬حممود الايد عمر التحيوي‪ ،‬مفهوم التحكيم الختياري والتحكيم اإلجباري‪ ،‬منشأة املعارف‬
‫باإلسكندرية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪2332‬‬

‫‪-‬حممود الايد عمر التحيوي‪ ،‬الطبيعة القانونية لنظام التحكيم‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية‪.2333 ،‬‬

‫‪ -‬حممود الايد عمر التحيوي ‪ ،‬مفهوم األثر الاليب لالتفاق على التحكيم ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية ‪،‬‬
‫سنة ‪. 2443‬‬

‫‪-‬حممود شحماط ‪ ،‬املختصر يف القانون البحري اجلزائري ‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪.‬‬

‫‪-‬حممود ماعود‪ ،‬أساليب وتقنيات إبرام العقود الدولية‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة‬
‫‪.2339‬‬

‫‪-‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬د‪.‬علي البارودي ‪ ،‬د‪ .‬مراد منري فهيم ‪ ،‬أساسيات القانون التجاري والقانون البحري‬
‫‪ ،‬منشأة املعارف االسكندرية ‪ ،‬بدون طبعة‬

‫‪-‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬القانون البحري اجلديد ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪1115 ،‬‬

‫‪-‬مصطفى كمال طه‪،‬أساسيات القانون البحري‪،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬

‫‪-‬مصطفى معوان ‪ ،‬اإلثبات يف املعامالت اإللكرتونية يف التشريعات الدولية ‪ ،‬دار الكتب احلديث ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪ ،‬سنة ‪. 2448‬‬

‫‪ -‬معوض عبد التواب ‪ ،‬املاتحدث يف التحكيم التجاري الدويل ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‬

‫‪-‬معيد أمحد شعلة‪ ،‬قضاء النقض التجاري يف عقد النقل‪ ،‬دار الفكر املعني‪ ،‬سنة ‪.1223‬‬
‫‪359‬‬
‫‪-‬مناين فراح‪،‬التحكيم طريق بديل حلل املنازعات‪،‬دار اهلدى‪،‬بدون طبعة ‪.‬‬

‫‪-‬نادر حممد ابراهيم ‪ ،‬االستعداد القانوين لبدء الشحن البحري للبضائع اخلطرة‪،‬دار الفكر اجلامعي ‪ ،‬سنة‬
‫‪2443‬‬

‫‪-‬نبيل صقر‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪ ،‬دار اهلدى‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬

‫‪ -‬نبيل صقر ‪ ،‬القانون البحري و النصوص التنظيمية اخلاصة باملالحة البحرية ‪ ،‬اجتهاد احملكمة العليا ‪ ،‬دار‬
‫اهلدى ‪ ،‬عني مليلة –اجلزائر ‪.‬‬

‫‪-‬د‪.‬هاين دويدار‪،‬الوجيز يف القانون البحري‪،‬دار اجلامعة اجلديدة‪،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪. 2444‬‬

‫‪-‬هشام خالد ‪،‬اوليات التحكيم التجاري الدويل‪،‬دار الفكر اجلامعي ‪.‬‬

‫قائمة المراجع المتخصصة‪.‬‬

‫‪ -‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬اتفاقية التحكيم‪ ،‬دار الفكر اجلامعية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪.2333‬‬

‫‪ -‬حفيظة الايد احلداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التحكيم‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬

‫‪-‬عاطف حممد الفقي ‪،‬قانون التجارة البحرية ‪،‬دار الفكر اجلامعي ‪،‬بدون طبعة ‪،‬سنة ‪. 2447‬‬

‫‪-‬د‪ .‬عبد املنعم حممد داود‪ ،‬القانون الدويل للبحار‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬

‫‪-‬علي طاهر البيايت ‪ ،‬التحكيم التجاري البحري‪ ،‬دراسة قانونية مقارنة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬االردن ‪،‬بدون طبعة‪،‬‬
‫سنة‪2446‬‬

‫‪-‬د‪.‬حممد ابراهيم موسى ‪،‬سندات الشحن االلكرتونية بني الواقع واألمول‪،‬دار اجلامعة اجلديدي للنشر ‪،‬سنة‬
‫‪2445‬‬

‫‪-‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬سنة ‪.2338‬‬

‫‪-‬حممود الايد عمر التحيوي‪ ،‬أركان اتفاق التحكيم‪،‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬بدون طبعة‪،‬سنة‪.2331‬‬
‫‪360‬‬
‫‪-‬وجدي حاطوم ‪ ،‬النقل البحري ‪،‬بدون طبعة ‪ ،‬املؤساة احلديثة للكتاب –لبنان‪.‬‬

‫المقاالت ‪:‬‬

‫‪ -‬الصحايب حان عبد احلليم ‪ ،‬التعليق على قرار قضائي (الاودان)‪،‬جملة التحكيم‪،‬العدد الثامن‬
‫‪،‬أكتوبر‪.2414‬‬

‫‪ -‬أ‪.‬مبوسى عبد الوهاب‪،‬التحكيم التجاري الدويل‪ :‬قضاء تعاقدي؟‪،‬جملة دراسات قانونية‪،‬جامعة أبوبكر‬
‫بلقايد‪،‬تلماان‪،‬العدد‪2447-44‬‬

‫‪ -‬أ‪.‬بن سهلة ثاين بن علي‪،‬الطبيعة القانونية التفاق التحكيم وأثره على تاوية املنازعات االتجارية‬
‫الدولية‪،‬دراسات قانونية‪،‬جامعة أبوبكربلقايد‪،‬تلماان‪،‬العدد‪. 2447-44‬‬

‫‪-‬أتراري ثاين مصطفى ‪،‬استقاللية اتفاق التحكيم كمبدأ من مبادئ التحكيم التجاري الدويل املعاصر ‪،‬جملة‬
‫الدراسات قانونية ‪،‬دار القبة للنشر و التوزيع ‪.‬‬

‫‪-‬أ‪ .‬حفيظة الايد حداد‪ ،‬دور القضاء يف التحكيم اطاللة على األوامر الصادرة عن حماكم الدولة يف شأن‬
‫التحكيم ‪ ، Anti-suit Injuctions‬جملة التحكيم ‪ ،‬العدد الثامن ‪ ،‬الانة الثانية ‪ ،‬أكتوبر ‪2414‬‬

‫‪-‬خليل مشنتف ‪ ،‬اجتهادات قضائية دولية حول التحكيم ‪ ، ،‬جملة التحكيم ‪ ،‬العدد الثامن ‪ ،‬الانة الثانية‬
‫‪ ،‬أكتوبر ‪2414‬‬

‫‪-‬فتحي وايل ‪ ،‬الرقابة القضائية على صحة اتفاق التحكيم أثناء اجراءات التحكيم ‪ ،‬جملة التحكيم ‪ ،‬العدد‬
‫الثامن ‪ ،‬الانة الثانية ‪ ،‬أكتوبر ‪2414‬‬

‫‪-‬عامر بورورو ‪،‬الطرق البديلة حلل النزاعات يف القانون التوناي ‪ ،‬جملة احملكمة العليا‪،‬عدد خاص ‪،‬الطرق‬
‫البديلة حلل انزاعات ‪:‬الصلح و الوساطة والتحكيم ‪11-18‬جوان‪.2331‬‬

‫‪-‬عبد احلميد األحدب ‪ ،‬قانون التحكيم اجلزائري اجلديد ‪ ،‬جملة احملمة العليا ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬اجلزء ‪. 1‬‬

‫‪ -‬حممد وليد منصور‪،‬الدور االسرتاتيجي و اخلالف للقضاء يف حتقيق فعالية التحكيم يف التشريع‬
‫الاوري‪،‬جملة التحكيم‪،‬العدد الثامن ‪،‬أكتوبر‪.2414‬‬
‫‪361‬‬
‫‪-‬مراد الفضيل ‪،‬تعليق على قرار اجمللس األعلى للملكة املغربية ‪ ،‬جملة التحكيم‪،‬العدد الثامن ‪،‬أكتوبر‪2414‬‬

‫‪-‬أ‪.‬نور الدين بكلي‪،‬دور وأيمية اتفاق التحكيم يف العقود التجارية الدولية (يف القانون اجلزائري والقوانني‬
‫العربية)‪،‬جملة احملكمة العليا‪،‬عدد خاص ‪،‬اجلزء األول‪ ،‬الطرق البديلة حلل النزاعات‪:‬الوساطة و الصلح‬
‫والتحكيم‪،‬سنة ‪. 2332‬‬

‫المذكرات ‪:‬‬
‫‪-‬بودايل خدجية ‪،‬اتفاق التحكيم البحري(دراسة مقارنة) ‪ ،‬جامعة معاكر ‪،‬ماجاتري ‪ ،‬الانة اجلامعية‬
‫‪2414-2441‬‬

‫‪ -‬دهانة حممد ‪ ،‬دفع املاؤولية املدنية للناقل ‪ ،‬دكتوراه يف القانون اخلاص ‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم‬
‫الاياسية ‪ ،‬جامعة أيب بكر بلقايد تلماان ‪ ،‬الانة اجلامعية ‪. 2411-2414‬‬

‫‪-‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬جمموعة رسائل الدكتوراه كلية احلقوق جامعة‬
‫املنقوية‪ ،‬سنة ‪.1228‬‬

‫‪ -‬معاشو عمار ‪،‬الضمانات يف العقود االقتصادية الدولية يف التجربة اجلزائرية ‪ ،‬دكتوراه دولة ‪ ،‬جامعة‬
‫اجلزائر ‪ ،‬سنة ‪.1118،‬‬

‫محاضرات‪.‬‬

‫‪-‬عمر مشهور حدبثة اجلازي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬حماضرة ألقيت يف مقر نقابة وكالء‬
‫املالحة البحرية باألردن‪ ،2332/13/31 ،‬منشورة ‪.‬‬

‫ملتقيات ‪:‬‬

‫‪-‬مصطفى تراري ثاين‪ ،‬ذاتية التحكيم البحري‪ ،‬امللتقى الدويل حول املنازعات البحرية‪ ،‬كلية احلقوق‪،‬‬
‫جامعة وهران‪.‬‬

‫‪-‬بودايل خدجية ‪ ،‬خصوصية التحكيم البحري ‪ ،‬امللتقى الوطين حول التحكيم البحري ‪ ،‬كلية احلقوق‬
‫جامعة حايبة بن بوعلى ‪ ،‬جامعة شلف ‪.‬‬
‫‪362‬‬
" Ouvrages en Français ".

Ouvrages généraux.

– Christian Gavalda, Claude Lucas de Leyssac, l'arbitrage, Dalloz, 1993.

– Fouchard PH., E. Gaillard, B. Goldman, traité de l'arbitrage commercial


international, litec 1996.

_ Guy KEUTGEN ,Georges-Albert DAL ,L’ARBITRAGE EN DROIT


BELGE ET INTERNATIONAL ,TOME 1 ,2eme édition ,BRUYLANT
2006

– Jean robert, l'arbitrage droit interne droit international privé, 6 éme


édition Dalloz litec, 1993.

– Mostefa Trari Tani, droit algérien de l'arbitrage commercial international,


Bertie édition, 1-ère édition, 2007.

– Mostefa Trari Tani, William pissort, Patric Sarens, droit commercial


international, édition Bertie, 2007.

_Natalie Najjar ; L’arbitrage dans les pays Arabe Face AUX Exigence du
commerce International, DELTA

- René Rodiere ,Emmanuel du pontavice , précis DALLOZ ,11e édition

Ouvrages spéciaux

-Michel POURCELET , LE TRANSPORT MARITIME SOUS


CONNAISEMENT DROIT Canadien,américan e anglais , les
presses de l’université de montréal ,1972

363
- PAUL CHAUVEAU ,TRAITE DE DROIT
MARITIME ,LIBRAIRIES TECHNIQUES,1958
- Pierre Bonassies,Christian Scaple , Droit maritime , L .G .D. J
DELTA

-IETM,L’affretement maritime,Editeur du transport et de la logistique

Thèse.

-Anatasiya KOZUBOVSKAYA , la situation juridique du destinataire


porteur du connaissement , DEA de droit Maritime des Océanique 2003-
2004.

- Aubin kpoahoun Amoussou , les clauses attributives de compétences dans


lre transport maritime de marchandise,presses universitaires D’AIX-
MARSEILLE , 2002 ,p 293 .

- Binde Binde, la procédure de l'arbitrage maritime en droit français, Faculté


de droit Marseille, Année universitaire 2002-2003.

- Diop papa Ousmane, les clauses d'arbitrage dans le connaissement et le


contentieux maritime, université de droit d'Aix Merseille, promotion 2005-
2006.

- Florence Willocp, l'arbitrage multipartite, université de droit d'Aix


Marseille, année universitaire 1998.

-Maries Nivières, le principe "compétence-compétence", dans le


contentieux maritime, université Paul Cézanne, Aix Marseille, promotion
2007.

- Nathalie Soison , la liberté contractuelle dans les clauses de connaissement


, these de doctorat d’état , 1992, Université de Pantheon Assas(paris 2)

364
-Olivier Cachard, les clauses relatives à la compétence internationale dans les
connaissements consensualisme, Mémoire de DEA, université "Panthéon" –
ASSAS Paris II en septembre 1997.

- Van Den Berg , Etude Comparative du droit de l’arbitrage commercial


dans les pays de commen law ,these ,Aix , 1977

- Wei HOU , LA LIBERTE CONTRACTUELLE EN DROIT DES


TRANSPORTS MARITIMES DES MARCHANDISE,presses
Universitaires AIX –Marseille , 2011

Revues :

- Revues d'Arbitrages Maritime:

- Ali Mzghani,Le droit Musulment de l’arbitrage,Revue de l’arbitrage


2008,N°2

-Emmanuel GAILLARD, IL EST INTERDIT D’INTERDIRE :


REFLECTIONS SUR L’UTILISATION DES UNTI-SUIT
INJUCTION DANS L’ARBITRAGE COMMERCIAL
INTERNATIONAL ,Revue de l’arbitrage 2004 –N°1.

- Jérome Barbet , Cour d’appel de Paris (Pole 1-Ch . 1 ) , 17 mars 2011 ,


Revu D’arbitrge 2011 –N° 2

-Laure BERNHEIM –VAN DE CATEELE , Cour d’appel de paris (pole


1-Ch .1) ,17janvier 2012 ,Revue de l’arbitrage2012-N°3

- Laurent JAEGER ,Cour de cassation (1ére ch.civ.) 13mars 2007,Revue


de l’arbitrage,N°3

- Mohand Issad, La nouvelle loi Algérienne Relative à l’arbitrage


International, revue de l’arbitrage 2008-n°3
365
- ph. Delebecque : la transmission de la clause compromissoire ; Rev .arb.
1991

Revue de droit maritime Français :

- Antoine VIALARD , la Limitation de résponsabilité , clé de doute pour le


droit maritime du 21e siècle , DMF 699 , janvier 2009

-PH.Delebeque , DMF 613 ,Mars 2001

-ph . Delebecque Navire Aptmariner – DMF 2003.

- ph. Delebecque : L’évolution du Transport Maritime : Brèves


remarque ,janvier 2009, DMF 699

- Pierre BONASSIES ,JURSPRUDENCE


FRACNAISE ,DMF666

-stéphane MIRIBEL , EDITORIAL ,DMF 681(mai 2007)

-CA Rouen, 14 octobre 1994, Navire Istanbul " DMF 1998

Articles – Chroniques – Doctrine.

-BOUABDELLAH Med , la subrogation de l’assureur dans le contrat de


transport maritime ,colloque international ;le contentieux maritime , 2 et 3
mai , université Oran,2009

- Bruce Hannis, l'avenir de l'arbitrage maritime, arbitre maritime


(LMAA e CAMP), Gazette de la chambre maritime de paris n°17,
automne 2008

_ Cécile De Cet Bertin, La localiation du contentieux du tanport


maritime,Colloque international ;le contentieux maritime , 2 et 3 mai ,Labo
droit de tranports et de activites portuaires université Oran,2009.
366
– Delebecque Philippe, la convention sur les contrats internationaux de
transport de marchandises effectué entièrement ou partiellement par mer, a
Civil Law perspective, colloque international sur le contentieux maritime,
faculté de droit d'oran, 2 mai 2009.

– Delebecque Phillipe, l'opposabilité de la clause compromissoire et ou des


clauses de juridiction dans le contentieux maritime, colloque international, 2
et 3 mars 2009.

- Emmnuel JOLIVET ,la clause compromisssoire pathologique,les cahiers


de l’arbitrage,2010-1

– Fraçois Arradon, l'Arbitrage Maritime en France, la revue maritime n°


470, octobre 2004.

- Francois Arradon.; l’arbitrage maritime en France: le point de vue du


pratitien; communication lors de l assemblée de l’association francaise du
droit maritime; jeudi 22 mars 2007

- F. Arraden, Vues sur Mer, charte partie et connaissement, Gazette de la


.chambre arbitrale maritime de paris, 2003, n° 2

– F. Arradon "Vue sur Mer, clause compromissoire et lettre de garantie",


Gazette de la chambre arbitrale maritime de paris, 2004, n° 4.

_ M.MEZLI Abderhmane,la limitation de la résponabilité dan les contras de


tranport de marchandises par mer selon la conventions de bruxelles et du
code maritime Algerien , Colloque international ;le contentieux maritime ,
2 et 3 mai ,Labo droit de tranports et de activites portuaires université
Oran,2009

-Mostefa Trari Tani, Klwer international ; 27ASA Bultin , 1/2009 mars .

367
– Olivier Cachard "Honni soit qui mal y pense", l'opposabilité de la clause
compromissoire au cessionnaire du tiers porteurs du connaissement de charte
partie", scapel, 2004, n° 4.

– Olivier Cachard, les Mesures Conservatoires dans l'arbitrage Maritime.

– Olivier Cachard, l'opposabilité de la clause compromissoire au cessionnaire


du tiers porteur du connaissement de la charte partie, à propos de l'arrêt
rendus par la première chambre civile de la cour de cassation le 16 mars
2004; www.cass.com, 8 octobre 2003, lew arb 2004 , note . Cachard.

- Othman Ben Fadhel , LES avariers communes à l’épreuve du temps , le


contentieux maritime,Colloque international,02et 03 mai 2009 ,Faculté de
droit , univ Oran

– Gilles Heligon, opposabilité aux destinataires des clauses de compétences


des contrats de transport, question de droit, Gazette de la chambre maritime
de paris, hiver 2003-2004.

– Haddoum Kamel, la problématique de l'opposabilité de la clause


compromissoire dans le contentieux maritime, le cas du destinataire, revue
de la cour suprême, tome 2.

- Pierre BONASSIES ,LE DRIOT MAROCAIN ET LE RIGIME


JURIDIQUE DES AFFRETEMENT ET TANSPORTS DE
MARCHANDISE ,Travaux des journée internationales du droit maritime
Marocain ,Rabat10-15 septembre1979

- Z.Mehdaoui, Arbitrage commercial la nécessité de s'adapter à la


"Mondialisation", le quotidien d'oran, publié le 07/05/2007.

368
- ZEBOUDJI ,Quelque cause d’exonération de la responsabilité du
transporteur maritime,colloque international ;le contentieux maritime , 2 et
3 mai , université Oran,2009

Règlement, Sentences, Arrêts.

- Le règlement CCI – CMI du comité international d'arbitrage


maritime.
- Sentences de la chambre Arbitrale Maritime de France.
- Arrêt de la chambre Arbitrale Maritime de Paris.

Revues Périodiques.

Gazette de la chambre Arbitrale Maritime de Paris.

-Formule incograin n° 15- foB.fluvial,collection des juris


international, date de publication 01-09-1996, arret de la Chambre
arbitrale Maritime de paris.

Colloque et séminaires :

- Colloque intrenational sur le contentieux maritime,faculté de droit ,


université d oran , 2et3 mai2009.

- Communication lord de l assemblée de l association francaise du droit


maritime , jeudi 22mars 2007.

-Travaux des journée internationales du droit maritime Marocain


,Rabat10-15 septembre1979

Jurisprudence :

- paris ,7juin 1984 Rev .Arbitrage,1984 ,note E.Mezger

-cass.com. 4 juin 1985 DMF 1986. P 106. Note R.Achard


369
-Trib.gr inst .paris .13 décembre 1988.Rev.arb.1990

- CA.AIX-en Provence, 15 mai 1991, navire Julia, Inédit

-Arrêt rendu en 1993 de la cour d'Aix – en – Provence -

- C.Com.,12 octobre 1993,n°91-11,718 ,Lamyline

-cass.com,29 novembre 1994,"Navire Slop Osperey"DMF1995

-Cour d’appel de Rouen(1er et 2° ch .civ.reunies) 14 octobre1997 ,Navire «


Istanbul Z »

-paris ,27oct 1994,Rev.arb.1995;263 ;note p .level.sur l’ensemble de la


question , v infra,n° 1595

-cass com , 24 janvier 1995 , BTL 1995-89

-cass. com, 08 juin 1995. n° 93-11446, Bull IV n° 170

-23octobre 1998 , DMF 613 ,Mars 2001 ,n°613,obs PH.Delebeque

-Cass.1-ère cit, 5 janvier 1999 et 19 octobre 1999, rev. Arbi. 2000, , note
D. Cohen. Defrénois, 1999, note Delebecque, cass 2-eme cit, 20 décembre
2001, Rev. Arb-2002, note D.Cohen,

-cass .1ère .civ .05janvier1999 , »zanzi » ,Rev.arb .1999.26

-16 mars 1999 ,DMF 2000,n°spécial , n° 93 , obs .P .Bonassies .

DMF ,1985 ,83, obs .P .Bonassies .

-CA Rouen, 17 janvier 2002, n° juris – DATA 2002 – 184317

-Cass.com, 8 oct 2003, Rev Arb, 2004, , note olivier cachard.

370
-cass, 1-ère, cir, 22 novembre 2005, "Navire Lindos" .

-cass.com, 21 février 2006 "Navire Pella" DMF 2006.

-Cour de cassation (1ére ch.civ.) 13mars 2007,Revue de


l’arbitrage2007,N°3

- Cour d’appel de Paris (Pole 1-Ch . 1 ) , 17 mars 2011 , Revue D’arbitrge


2011 –N° 2

- Cour d’appel de paris (pole 1-Ch .1) ,17janvier 2012 ,Revue de


l’arbitrage2012-N°3

Sites Internet.

- www.lescinter.net
- www.lesmaritima.net
- www.legalis.net
- www.legifrance.gouv.fr
- www.arbitrage-maritime.org

371
‫الفهرس ‪:‬‬
‫مقدمة‪41.....................................................................................‬‬
‫الباب التمهيدي‪:‬التحكيم البحري من نظام استثنائي إىل مؤساة عاملية و معممة‪14...................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية التحكيم البحري‪12..........................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم التحكيم البحري ‪13........................................................‬‬
‫املطلب األول‪:‬تعريف التحكيم البحري وأنواعه‪13...................................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف التحكيم البحري‪13..........................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬التعريف الفقهي للتحكيم ‪14...............................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التعريف االصطالحي للتحكيم ‪14.........................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬أنواع التحكيم البحري‪19..............................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬التمييز بني التحكيم البحري الداخلي و التحكيم البحري الدويل ‪19............................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التحكيم البحري املؤساي و احلر ‪12.......................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التحكيم البحري االختياري و التحكيم البحري االجباري‪23..................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬طبيعة التحكيم البحري و متيزه عن باقي الطرق البديلة حلل املنازعات‪24.................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬طبيعة التحكيم البحري‪21...........................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬النظرية التعاقدية للتحكيم ‪21...............................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النظرية القضائية لنظام التحكيم ‪21.........................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬لطبيعة املختلطة لنظام التحكيم ‪21.........................................................‬‬
‫رابعا ‪ :‬الطبيعة املاتقلة لنظام التحكيم ‪22.........................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬خصائص التحكيم البحري ‪22........................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬التحكيم البحري نظام قضائي ذايت ‪22......................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التحكيم البحري نظام قضائي مؤقت ‪22....................................................‬‬
‫ثالثا ‪:‬التحكيم البحري ليس قضاء استثنائي ‪22....................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬التفرقة بني التحكيم البحري و الطرق البديلة األخرى حلل املنازعات ‪23.................‬‬
‫أوال ‪ :‬متييز التحكيم عن التوفيق ‪ ،‬املصاحلة و الوساطة ‪23..........................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التحكيم و اخلربة‪25......................................................................‬‬

‫‪372‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬مناهضة نظام التحكيم‪25.........................................................‬‬
‫املطلب األول ‪:‬أسباب رفض التحكيم اخلاصة بكل الدول ‪25........................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬موقف اجلزائر من التحكيم ‪27.....................................................‬‬
‫الفصل الثاين ‪:‬ظهور التحكيم على الصعيد الدويل ‪34...............................................‬‬
‫املبحث األول ‪:‬نشأة التحكيم البحري و تطوره ‪31..................................................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬التحكيم البحري يف النظام األجنلوساكاوين ‪32......................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬التحكيم البحري يف النظام الالتينوجرماين ‪34........................................‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬التحكيم البحري يف اتفاقية روتردام ‪35.............................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مكان إجراءات التحكيم يف النقل املالحي املنتظم ‪35..................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬التحكيم يف النقل املالحي غري املنتظم ‪36..............................................‬‬
‫املبحث الثاين ‪:‬املنازعات اليت ختضع للتحكيم البحري ‪37............................................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬املنازعات الناشئة عن العقود البحرية ‪44.............................................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬عقود مشارطات إجيار الافن ملدة معينة‪44.............................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬عقود مشارطات إجيار الافن لرحلة معينة‪44...........................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬عقود النقل ‪44....................................................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬سندات الشحن ‪41.................................................................‬‬
‫الفرع اخلامس‪ :‬بيوع الافن املاتعملة‪41...........................................................‬‬
‫الفرع الاادس ‪:‬عقود بناء الافن و إصالحها ‪41...................................................‬‬
‫الفرع الاابع ‪ :‬عقود التأمني و إعادة التأمني ‪41....................................................‬‬
‫الفرع الثامن ‪ :‬البيوع البحرية ‪42..................................................................‬‬
‫الفرع التاسع ‪ :‬منازعات مالحية أخرى‪42..........................................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬املنازعات الناشئة عن احلوادث البحرية ‪42...........................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬التصادم البحري ‪42................................................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬املااعدة البحرية و اإلنقاذ‪43........................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬املنازعات اخلاصة بتاوية اخلاارات البحرية املشرتكة ‪43.................................‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬النقل الدويل املتعدد الوسائط ‪43..................................................‬‬

‫‪373‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم النقل الدويل املتعدد الوسائط ‪43...............................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬إحتماالت العملية التحكيمية يف النقل الدويل املتعدد الوسائط ‪44........................‬‬
‫خالصة الباب التمهيدي‪46......................................................................‬‬
‫الباب األول ‪:‬ماهية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و شروط انعقاده‪48.........................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و مصدر فعاليته‪54.......................‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬حتديد ماهية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪54................................‬‬
‫املطلب األول ‪:‬مفهوم اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪51.......................................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬تعريف اتفاق التحكيم عموما ‪51.....................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬التعريف الفقهي التفاق التحكيم ‪51........................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التعريف التشريعي التفاق التحكيم ‪52......................................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬ماهية عقد النقل البحري ‪54..........................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬النقل مبشارطة االجيار‪54...................................................................‬‬
‫ثانيا ‪:‬النقل باند الشحن ‪57....................................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التعارض بني سند االجيار و سند الشحن ‪61................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬وثائق نقل أخرى ‪62......................................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬تعريف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪64.......................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪:‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري والتقايمات الكربى للعقود‪65......................‬‬
‫أوال ‪ :‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و تقايم العقود من حيث املوضوع ‪65....................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و تقايم العقود من حيث التكوين ‪65....................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬يف عقد النقل البحري و تقايم العقود من حيث األثر ‪66.....................................‬‬
‫الفرع اخلامس‪:‬مضمون االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ‪67...............................‬‬
‫أوال ‪:‬مبدأ االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ‪67..........................................‬‬
‫ثانيا‪:‬وقت و مكان االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري ‪68..................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الصياغة و أثرها على املفهوم ‪61...........................................................‬‬
‫رابعا ‪ :‬االتفاق على نطاق سريان اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪74............................‬‬
‫خاماا ‪ :‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري واالجراءات املتبعة من طرف هيئة التحكيم ‪74..........‬‬

‫‪374‬‬
‫سادسا ‪ :‬حتديد اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ‪75....‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬طبيعة اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري وصوره‪84................................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬الطبيعة التعاقدية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪84...............................‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬صور اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪81.........................................‬‬
‫أوال ‪ :‬شرط التحكيم ‪81........................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عقد التحكيم (مشارطة التحكيم )‪83.......................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التفرقة بني شرط التحكيم و عقد التحكيم ‪84...............................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬الصيغ اخلاصة باتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪87...............................‬‬
‫أوال ‪ :‬أمناط صيغ التحكيم يف سندات الشحن ‪87.................................................‬‬
‫ثانيا ‪:‬صيغ التحكيم يف مشارطات االجيار ‪88.....................................................‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬استقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري مصدر فعاليته ‪14....................‬‬
‫املطلب األول ‪:‬استقالل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪11...................................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬استقالل اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري ‪11....................................‬‬
‫أوال ‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف فرناا‪11....................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف اجنلرتا ‪12...................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف الواليات املتحدة األمريكية ‪15.................‬‬
‫رابعا ‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف مصر ‪15...................................‬‬
‫خاماا‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف اجلزائر‪15..................................‬‬
‫سادسا‪ :‬استقالل اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري يف لوائح و أحكام التحكيم البحري ‪16........‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬استقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عن كل قانون وطين ‪17...................‬‬
‫أوال ‪:‬حتديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم من خالل منهج تنازع القوانني‪18............‬‬
‫ثانيا‪ :‬حتديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم من خالل اعمال منهج القواعد املادية ‪11....‬‬
‫ثالثا‪ :‬املنهج املختلط من أجل تقرير صحة اتفاق التحكيم ‪142......................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪:‬اآلثار الغري مباشرة الستقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪143................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري مصدر استقاللية هيئة التحكيم ‪143...............‬‬
‫أوال ‪ :‬اختصاص احملكم بالفصل يف اختصاصه –مبدأ االختصاص باالختصاص‪143..................-‬‬

‫‪375‬‬
‫ثانيا ‪:‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري مصدر استقاللية احملكم يف اختاذ كل اإلجراءات ‪144.......‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬استقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف اختيار نوع التحكيم‪145...............‬‬
‫أوال ‪ :‬مراكز التحكيم احلري املؤساي ‪146........................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مراكز التحكيم البحري احلر ‪141...........................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬من مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري إىل مبدأ صحته ‪112...........‬‬
‫الفرع الرابع ‪:‬عدم قابلية اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري لإلبطال ‪113...........................‬‬
‫الفرع اخلامس‪ :‬استقاللية اتفاق التحكيم عن عقد النقل البحري مصدر فعالية احملكمة التحكيمية و احلكم‬
‫التحكيمي‪114.................................................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬تعيني اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري للمحكمة التحكيمية و اختصاصاهتا ‪114...........‬‬
‫ثانيا ‪:‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري أساس االعرتاف و التنفيذ و الطعن يف احلكم التحكيم‪115..‬‬
‫خالصة الفصل األول ‪116......................................................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬إبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪117........................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الشروط املوضوعية التفاق التحكيم البحري ‪124.....................................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬الرتاضي يف االتفاق على التحكيم يف عقد النقل البحري‪122..........................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬أهلية إبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري لدى األطراف ‪123.....................‬‬
‫أوال ‪ :‬أهلية الدولة و األشخاص املعنوية العامة إلبرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪124........‬‬
‫ثانيا ‪ :‬سلطة الوكيل يف ابرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪127...............................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬الرتاضي املباشر يف اتفاق التحكيم البحري ‪121........................................‬‬
‫أوال ‪ :‬موقف القضاء الالتينوجرماين من شكل الرتاضي يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪132....‬‬
‫ثانيا ‪ :‬موقف القضاء األجنلوساكاوين من شكل الرتاضي يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪134..‬‬
‫ثالثا ‪ :‬موقف غرفة التحكيم بباريس ‪135.........................................................‬‬
‫رابعا ‪ :‬صحة الرتاضي يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري املعتل ‪135...........................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬الرتاضي يف اتفاق التحكيم البحري باإلحالة ‪136.....................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬شروط عملية دمج شرط التحكيم يف سند الشحن ‪141................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬سبب و حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪141..............................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬حتديد موضوع اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪141..............................‬‬

‫‪376‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬قابلية حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري للتحكيم ‪153..........................‬‬
‫أوال ‪ :‬مدى اختصاص القضاء املاتعجل بالوجه املاتعجل من نزاع موضوع االتفاق على التحكيم يف عقد‬
‫النقل البحري شرطا كان أو مشارطة ‪155.........................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عدم قابلية التحكيم يف املنازعات املتعلقة باجراءات التنفيذ اجلربي ‪157.........................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬القابلية للتحكيم و املاائل اليت تدخل يف االختصاص الدويل اآلمر للمحاكم الوطنية ‪157........‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬الشروط الشكلية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪164.........................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬الكتابة كشرط إلبرام أو إلثبات اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪165.............‬‬
‫الفرع األول ‪:‬الشكل املطلوب النعقاد اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري و األنظمة املقارنة ‪166.....‬‬
‫أوال ‪ :‬القوانني املقارنة اليت تتطلب الشكل النعقاد اتفاق التحكيم ‪166...............................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اتفاقية روتردام و الشكل املطلوب البرام اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪171...............‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أنظمة تتطلب الشكل إلثبات اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪173................‬‬
‫أوال ‪ :‬موقف النظام األجنلوساكاوناي‪173........................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬موقف املعاهدات الدولية ‪175...............................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬أنظمة ال تتطلب الشكلية كلية ‪176.................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدويل لانة ‪176.................................1161‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القانون الفرناي للتحكيم التجاري الدويل ‪176..............................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬إحالل البيانات االلكرتونية حمل املاتندات الورقية يف جمال النقل البحري ‪171.............‬‬
‫أوال ‪ :‬املقصود بنظام تبادل البيانات الكرتونيا ‪171..................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مميزات نظام تبادل البيانات الكرتونيا يف عقود النقل البحري ‪171..............................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬حماولة إجياد لغة واحدة لتبادل البيانات االلكرتونية يف جمال النقل البحري ‪184...................‬‬
‫رابعا ‪ :‬اتفاق التحكيم االلكرتوين‪181.............................................................‬‬
‫خاماا ‪ :‬الفرضيات القانونية لتبادل البيانات االلكرتونية لالتفاق ‪183................................‬‬
‫سادسا ‪ :‬سند الشحن االلكرتوين و شرط التحكيم ‪186............................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬شكل اتفاق التحكيم باإلحالة يف عقد النقل البحري ‪181............................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬موقف القوانني املقارنة من شكل اتفاق التحكيم باإلحالة ‪181.........................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬القضاء املقارن و شكل اتفاق التحكيم باإلحالة ‪114..................................‬‬

‫‪377‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬موقف القضاء املقارن من الشكل الواجب لعملية الدمج ‪111..........................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬الشكل الواجب التفاق التحكيم باإلحالة يف املعاهدات الدولية ‪116.....................‬‬
‫الفرع اخلامس ‪ :‬شرط التحكيم باإلحالة يف املمارسات التحكيمية البحرية ‪118........................‬‬
‫خالصة الفصل مع التعقيب‪118.................................................................‬‬
‫الباب الثاين ‪ :‬اآلثار املرتتبة على اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪241...........................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬اآلثار اإلجرائية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪242...........................‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪243.............................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬نقل االختصاص من القضاء الوطين إىل التحكيم بالنظر يف منازعات النقل البحري‪244..‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مضمون وطبيعة األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪244................‬‬
‫أوال ‪ :‬مضمون املبدأ‪244.........................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حتديد الطبيعة القانونية للدفع بالتحكيم ‪212................................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬النطاق املوضوعي لألثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪216..............‬‬
‫أوال ‪ :‬الدفع بشمول اتفاق اللتحكيم ملوضوع النزاع ‪217............................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التنازع يف االختصاص بني حماكم الدولة و هيئة التحكيم ‪217.................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬االستثناءات الواردة على مبدأ األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪224...‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬جواز نزول أطراف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري عن هذا االتفاق ‪224...........‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬حاالت انعقاد االختصاص للمحاكم الوطنية ‪222.....................................‬‬
‫أوال ‪ :‬تعطيل األثر الاليب التفاق التحكيم يف حالة االجراءات الوقتية و التحفظية ‪222................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعطيل األثر الاليب التفاق التحكيم بالنابة لإلجراءات التحفظية يف املعاهدات الدولية‪225 .....‬‬
‫ثالثا ‪ :‬تعطيل األثر الاليب التفاق التحكيم بالنابة لإلجراءات التحفظية يف قوانني الدول ‪226..........‬‬
‫رابعا‪ :‬تعطيل األثر الاليب التفاق التحكيم بالنابة لإلجراءات التحفظية يف لوائح التحكيم ‪234.........‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬موانع األثر الاليب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪231.........................‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬األثر االجيايب التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪234............................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬التزام األطراف على العهدة للمحكمني مبنازعات النقل البحري و املتفق على حلها بواسطة‬
‫التحكيم ‪235..................................................................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مضمون مبدأ التزام األطراف باللجوء إىل التحكيم ‪235................................‬‬

‫‪378‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬التنفيذ العيين لاللتزام الواقع على األطراف يف اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪237...‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬احرتام اتفاق التحكيم من خالل مقاومة األساليب التاويفية اليت يلجأ هلا األطراف ملنع‬
‫التحكيم ‪244..................................................................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬أوامر الزجر كآلية لضمان فعالية اتفاق التحكيم ‪243...................................‬‬
‫الفرع اخلامس ‪ :‬أوامر الزجر كوسيلة للنيل من اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪247...............‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬اختصاص حمكمة التحكيم بالفصل يف املنازعات حمل اتفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري‪248....................................................................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬اختصاص حمكمة التحكيم بالفصل يف اختصاصها ‪248................................‬‬
‫أوال‪:‬حتديد املعىن االصطالحي لفكرة اختصاص احملكم بالفصل يف اختصاصه ‪241.....................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مصادر مبدأ االختصاص باالختصاص ‪241.................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أساس مبدأ اختصاص احملكم بالفصل يف ماألة اختصاصه ‪253...............................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬انعقاد االختصاص للتحكيم بالفصل يف منازعات عقد النقل البحري املتفق عليها‪255.....‬‬
‫أوال ‪ :‬تقرير اختصاص حمكمة التحكيم للفصل يف منازعات موضوع االتفاق على التحكيم ‪255........‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نطاق اختصاص حمكمة التحكيم ‪255......................................................‬‬
‫خالصة الفصل ‪256............................................................................‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬اآلثار املوضوعية التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪258............................‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬مبدأ نابية أثار اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪261............................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬ماهية القوة امللزمة التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪263........................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬خلفية تارخيية ملبدأ القوة امللزمة للعقود‪ -‬و تطوره ‪263..................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬نفاذ العقد و االحتجاج به بصفته واقعة اجتاه الغري‪265..................................‬‬
‫أوال ‪ :‬نفاذ العقد كواقعة اجتماعية ‪265...........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬نفاذ العقد كواقعة قانونية ‪266..............................................................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬نطاق القوة امللزمة التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري‪267........................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬نطاق اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من حيث املوضوع ‪267.....................‬‬
‫أوال ‪ :‬اخلصوصية يف تطبيق و تفاري شروط عقد النقل البحري ‪267.................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الشروط املطبوعة يف سند الشحن و قيمتها القانونية ‪271......................................‬‬

‫‪379‬‬
‫ثالثا ‪ :‬االمتداد املوضوعي التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪271................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬موقف القضاء املقارن من النطاق املوضوعي لشرط التحكيم باإلحالة ‪277................‬‬
‫أوال ‪ :‬االحالة يف القضاء الالتينوجرماين ‪277.......................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االحالة يف جمموعة الدول األجنلوساكاونية ‪286.............................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬نطاق اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري من حيث األشخاص‪287..................‬‬
‫أوال ‪ :‬أطراف عقد النقل البحري للبضائع ‪287....................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬انتقال اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري ‪214...........................................‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬مدى سريان اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري يف مواجهة حامل سند الشحن‪212...‬‬
‫املطلب األول ‪:‬املركز القانوين للمرسل إليه يف عقد النقل البحري و مدى نفاذ اتفاق التحكيم يف‬
‫مواجهته‪213...................................................................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬النظريات التقليدية لتحديد املركز القانوين للمرسل إليه ‪213.............................‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية االشرتاط ملصلحة الغري ‪213...........................................................‬‬
‫ثانيا ‪:‬نظرية اخللف اخلاص‪216...................................................................‬‬
‫ثالثا‪:‬نظرية النيابة الناقصة ‪218....................................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬نظرية احليازة الرمزية للبضاعة‪211............................................................‬‬
‫خاماا‪:‬املرسل إليه ياتمد حقه من سند الشحن ذاته ‪344..........................................‬‬
‫سادسا‪ :‬موقف القضاء املقارن التقليدي من مركز املرسل إليه ‪344....................................‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬نظرية النفاذ كأساس قانوين ملركز املرسل إليه ‪341.......................................‬‬
‫أوال ‪ :‬نظرية اجملموعات العقدية و شرط التحكيم ‪341..............................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النفاذ كأساس قانوين ملركز املرسل اليه ‪344..................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬موقف الفقه احلديث و القضاء من املركز القانوين للمرسل إليه ‪348.....................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬موقف القضاء من حجية اتفاق التحكيم يف مواجهة املرسل إليه ‪341....................‬‬
‫أوال ‪ :‬حجية شرط التحكيم يف مواجهة املرسل إليه باالستناد اىل مركزه القانوين‪314....................‬‬
‫ثانيا‪:‬االحتجاجباتفاق التحكيم يف مواجهة املرسل إليه باالستناد اىل مدى قبوله له‪313.................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬انتقال اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري إىل الغري و تأسياه القانوين ‪316..........‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مدلول الغري و عالقته باملرسل إليه يف عقد النقل البحري‪316...........................‬‬

‫‪380‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬مدى سريان شرط التحكيم يف عقد النقل البحري على الغري‪-‬بالنظر إىل طبيعته‪318.......‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مدى نفاذ شرط التحكيم يف عقد النقل البحري عن طريق حوالة احلق ‪311..............‬‬
‫أوال ‪ :‬موقف القضاء من نفاذ شرط التحكيم البحري يف مواجهة احملال إليه‪324........................‬‬
‫ثانيا‪:‬شروط تعطيل أثار حوالة احلق و االستثناءات الوارد يف القضية ‪322..............................‬‬
‫ثالثا‪:‬اإلستحالة القانونية لتربير تعطيل أثار حوالة احلق‪323...........................................‬‬
‫رابعا‪ :‬تأكيد مبدأ اإلختصاص باإلختصاص للمحكم البحري ‪325...................................‬‬
‫خاماا‪:‬األسس القانونية املقرتحة لتربير شروط التحكيم ‪325.........................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬االحتجاج بشرط التحكيم يف عقد النقل البحري عن طريق احللول ‪321..................‬‬
‫أوال ‪ :‬التكييف القانوين للحلول‪321..............................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬انتقال شرط التحكيم يف عقد النقل البحري للمؤمن الذي حيل حمل املضرور يف حقوقه‪331.........‬‬
‫ثالثا‪:‬استقالل اتفاق التحكيم و أثره على انتقال شرط التحكيم عن طريق احللول ‪333..................‬‬
‫رابعا‪:‬موقف القضاء من نفاذ شرط التحكيم يف عقد النقل البحري يف مواجهة املؤمن ‪334..............‬‬
‫خالصة الفصل مع التعقيب ‪337.................................................................‬‬
‫اخلامتة ‪338....................................................................................‬‬
‫قائمة املختصرات باللغة العربية ‪347..............................................................‬‬
‫قائمة املختصرات باللغة األجنبية‪348.............................................................‬‬
‫قائمة املراجع‪341...............................................................................‬‬
‫الفهرس‪368....................................................................................‬‬

‫‪381‬‬
382

You might also like