You are on page 1of 15

‫الصور الوالدية عند المراهق المدمن على المخدّرات‬

‫دراسة عيادية‬
‫‪parental imagos in adolescent drug addicts‬‬
‫‪clinical study‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد عوادي‪ ،*،1‬محمود بن خليفة‬
‫‪1‬مخبر علم النفس المرضي واألنتربولوجيا التحليلية‪ ،‬جامعة الجزائر‪( 2‬الجزائر)‪ahmedaouadi10@gmail.com ،‬‬
‫جامعة الجزائر‪( "2‬الجزائر)‪benkhelifa60@outlook.com ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫تاريخ النشر‪2020-09-01 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪2020-07-28 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪2019-12-09:‬‬

‫تصورات ال شعورية تتشكل من العالقات الواقعية والهوامية األولى بين الطفل ووالديه‪،‬‬
‫الصور الوالدية ّ‬
‫تمثل ّ‬
‫ملخص‪ّ :‬‬
‫فيتم استدخالها لتصبح ضمن مواضيعه الداخلية‪ ،‬وعند بلوغ المراهقة فإن الفرد يسعى إلى تحقيق ذاتيته واستقالليته‬ ‫ّ‬
‫فإن ذلك يشعره باألمان ويساعده على تحقيق توازنه‬ ‫ِ‬
‫طمئَنة ّ‬‫وم ْ‬
‫الصور‪ ،‬فإن كانت مريحة ُ‬
‫عن والديه‪ ،‬فتبرز حينئذ تلك ّ‬
‫تجنبها ويسعى للتخلص من التبعية لها‬ ‫النفسي واإلجتماعي ّأما إن كانت محبطة ومقلقة فإن المراهق سيعمل على ّ‬
‫كالمخدرات التي يدمن عليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وهذا ما قد يدفعه إلى الوقوع في التبعية لمواضيع خارجية‬
‫المخدرات بغرض الكشف‬
‫ّ‬ ‫تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على الصور الوالدية لدى المراهق المدمن على‬
‫وللتحقق من فرضية الدراسة استخدمنا المنهج العيادي وأدوات بحث‬
‫عن طبيعتها من خالل عرض حالتين عياديتين‪ّ ،‬‬
‫متمثلة في مقابلة عيادية نصف موجهة واختبار الرورشاخ‪.‬‬
‫ّ‬
‫تميزها صور والدية مقلقة‬
‫المخدرات يمتلك حياة داخلية فقيرة ّ‬
‫ّ‬ ‫أظهرت نتائج هذه الدراسة أن المراهق المدمن على‬
‫بتجنب تلك الصور‪.‬‬
‫تمثل بدائل تعويضية تسمح له ّ‬‫المخدرات ّ‬
‫وأن ّ‬‫أو محبطة‪ّ ،‬‬
‫مخدرات‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬صور والدية؛ مراهقة؛ إدمان؛ ّ‬

‫‪Abstract: Parental images are unconscious representations that are formed from the first‬‬
‫‪real and fantasmatic relationships between the child and his parents. They are integrated‬‬
‫‪to be part of his internal objects. In adolescence, the individual seeks to become‬‬
‫‪independent from his parents, so these images emerge. If they are reassuring, he feels‬‬
‫‪safe and thus reaches his psycho-social balance ; so, if they are distressing, he will work‬‬
‫‪to avoid them and seek to get rid of them; which could cause him to become dependent‬‬
‫‪on external objects such as drugs.‬‬
‫‪This study aims to clarify the parental images of adolescent drug addicts in order to‬‬
‫‪reveal their nature through two clinical cases. To test the study hypothesis, we used the‬‬
‫‪clinical method, the semi- guided clinical interview and the Rorschach test.‬‬
‫‪The results show that the adolescent drug addict has distressing parental images, and that‬‬
‫‪the drug represents a substitute which enables him to avoid them‬‬
‫‪Key words: parental images; adolescence; drug addiction; drugs‬‬

‫*المؤلف المراسل‬
‫‪ -1‬مقدمة‪:‬‬
‫تمّثل األسرة المحضن الطبيعي الذي ينمو فيه الفرد وتتبلور فيه شخصيته‪ ،‬فمنذ الطفولة األولى‬
‫سارة أو محبطة ترتسم لدى الطفل صو ار‬
‫ومما يعايشه من خبرات ّ‬
‫ومن خالل عالقاته الواقعية والهوامية بوالديه ّ‬
‫ال شعورية عنهما‪ ،‬وهذه الصور تعتبر قاعدة بناء وتكوين للشخصية كما ّأنها ذات تأثير بالغ على سلوكه‬
‫الصور لتصبح‬
‫تكيفه النفسي اإلجتماعي مستقبال‪ ،‬فمنذ المراحل الطفولية األولى يقوم الفرد باستدخال تلك ّ‬
‫وعلى ّ‬
‫هاما من المواضيع التي تش ّكل عالمه الداخلي والهوامي‪.‬‬
‫جزءا ّ‬
‫عند البلوغ يتم إعادة تنشيط الصراع األوديبي وإحياء اإلشكاليات الطفولية العالقة كما يسعى الفرد أثناء‬
‫مما يجعله خاضعا لتجاذبات نرجسية‬
‫ذلك إلى تحقيق الفردنة واإلنفصال عن المواضيع الطفولية المستدخلة سابقا ّ‬
‫السجل‬
‫سجل اإلنفصال و ّ‬‫وموضوعية تجعل الصور الوالدية حسب (‪ )Chabert, 2002‬تبرز إلى الواجهة ضمن ّ‬
‫تصورات وعواطف مقلقة كانت مكبوتة خالل فترة الكمون لتعود بقوة في مرحلة بعدية‬
‫ّ‬ ‫األوديبي مع ما تحمله من‬
‫‪ l’après-coup‬المتمّثلة في المراهقة‪.‬‬
‫أن المراهقة ليست فترة زمنية يكون فيها الفرد طفال وراشدا في نفس الوقت بل هي فترة لم يعد فيها‬
‫ال شك ّ‬
‫أن هذه الفترة كثي ار ما تكون صاخبة يبحث فيها الفرد عن ّ‬
‫هويته وذاتيته‬ ‫الفرد طفال كما ّأنه لم يصبح راشدا‪ ،‬كما ّ‬
‫ويعيش بفعل ذلك صراعات وتوتّرات وعدم استقرار كما نجده يعاني تناقضات صارخة على المستوى النفسي‬
‫عدة رغبات متعارضة في آن واحد‪.‬‬‫والسلوكي ويبدو متأرجحا بين ّ‬
‫تصف )‪ (A, Freud, 1936, 149-150‬حالة التناقض الذي يعيشه المراهقون بقولها‪'' :‬المراهقون‬
‫ال يثبتون على حال إذ ينتقلون من النقيض إلى النقيض فتجدهم يتأرجحون بين الطاعة العمياء لمن يقودهم‬
‫ضد أي سلطة‪ ،‬كما يندمجون بحماسة كبيرة في حياة جماعية إالّ ّأنه أحيانا تتمّلكهم رغبة عارمة‬ ‫وبين التّمرد ّ‬
‫في العزلة‪ ،‬يعملون أحيانا بحماسة وحيوية وأحيانا أخرى ينتابهم اإلعياء والوهن كما نجدهم يجمعون بين األنانية‬
‫والمادية من جهة وبين الغيرية والمثالية من جهة أخرى''‪.‬‬
‫أخص‬
‫ّ‬ ‫يتميز المراهق بصعوبات عالئقية مع أفراد أسرته ومحيطه خصوصا الراشدين منهم وبصورة‬
‫كما ّ‬
‫الوالدين فالطفل لم يعد ذلك الوديع الهادئ كما ألفه والداه ولم يعد رفع الصوت من طرف األب أو األم كافيا‬
‫أما الطاعة وتنفيذ األوامر فتلك مسألة أخرى‪.‬‬‫إلسكاته ّ‬
‫وسواء اعتبرنا المراهقة سيرورة نمو انتقالية أو أزمة حقيقية واضطراب في النمو فإنه كثي ار ما تُ ِ‬
‫حدث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫توجه المراهق نحو العالم الخارجي المحيط به بحثا عن مواضيع‬
‫التقمصات وفي النظرة للذات بسبب ّ‬ ‫إرتجاجا في ّ‬
‫خارجية جديدة يستثمرها وتكون المراهقة عندئذ حسب (‪ )Lauru, 2003, 118-124‬أشبه بعملية قفز في الفراغ‬
‫تقمصات أبوية ناجحة‪ ،‬فيلجأ المراهق‬
‫ظل وجود صور والدية مرعبة أو مقلقة ال تسمح بحدوث ّ‬ ‫ويتحّقق هذا في ّ‬
‫لألبوة فيقع بين يدي أشخاص منحرفين ال يدرك‬
‫ّ‬ ‫سنا منه بحثا عن ممثّلين‬
‫عندها إلى مخالطة أشخاص أكبر ّ‬
‫نهايته معهم فيكون قد قفز في الفراغ‪.‬‬
‫فإذا كانت الطفولة األولى تفصل الطفل عن األم الحقيقية بفضل إستدخالها‪ ،‬فالمراهقة ‪(Bernateau,‬‬
‫)‪ 2008‬على العكس من ذلك تفصل الطفل المراهق عن مواضيعه المستدخلة (الصور الوالدية) وتقوده للقاء‬
‫واستثمار موضوع جديد وحقيقي خارج أسرته‪.‬‬
‫أولت الباحثة ‪ Kestemberg‬المراهقة أهمية بالغة لما يحدث أثناء المراهقة من خالل مقالها‪'' :‬الهوية‬
‫ظم نفسي‬
‫التقمصات عند المراهقين‪ :‬قضايا نظرية وتقنية'' الذي نشرته عام ‪ 1962‬فاعتبرت هذه المرحلة " من ّ‬
‫و ّ‬
‫" لما يحدث فيها من تعديالت على المستوى النفسي والتي يغطيها تنوع األعراض والسلوكات كما سّلطت الضوء‬
‫على الصعوبات العالئقية التي يجدها المراهق مع غيره – مع الراشدين عموما‪ -‬والتي تعود في نظرها أساسا‬
‫يعززه إكتساب الجسم‬ ‫إلى حاجة المراهق لرفض الصور الوالدية )‪ (Kestemberg, 1962, 61‬هذا الرفض ّ‬
‫التقمصات عندها صراعية مما يثير لديه‬
‫فيتم إحياء الصراعات األوديبية وتصبح ّ‬
‫للنضج الجنسي وللقدرة التناسلية ّ‬
‫اهتز بفعل التغيرات التي فرضها البلوغ فيصبح المراهق مطالبا بإدماج‬
‫قلقا بالغا‪ ،‬يدفعه إلى تعديل بنية األنا الذي ّ‬
‫هذا النضج الجسماني ضمن نظامه الليبديني والعالئقي‪ ،‬وإضافة إلى رفض الصور الوالدية يلجأ المراهق إلى طي‬
‫ّ‬
‫يتم بسهولة بل يرافقه شعور بالوحدة‬
‫أن العمل النفسي ال ّ‬
‫اللبيدو وسحبها من المواضيع فتصبح نرجسية غير ّ‬
‫وباإلنطواء على الذات وأيضا قلق هوياتي ‪ angoisse identitaire‬متعلق بتماسك شخصيته‪ ،‬يريد أن يكون غريبا‬
‫عن اآلخرين فإذا به يصبح غريبا عن نفسه‪.‬‬
‫الصور الوالدية المستدخلة أثناء الطفولة‪ ،‬فإن‬
‫يتم استدعاء ّ‬
‫بالموازاة مع إحياء اإلشكاليات الطفولية العالقة ّ‬
‫سن الرشد بأمان‪،‬‬ ‫كانت تلك الصور مريحة وم َ ِ‬
‫ط ْمئنة ساعد ذلك على تجاوز إشكاليات المراهقة واالنتقال إلى ّ‬ ‫ُ‬
‫أما إن كانت مرعبة ومقلقة‪ ،‬فإن المراهق قد يسعى لتجاوز القلق الذي تثيره تلك الصور باللجوء إلى مواضيع‬
‫يتم تعاطيها بشغف إلى أن يدمن عليها وتصبح مرك از الهتمامه ومحو ار تدور حولها‬
‫المخدرة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫خارجية كالمواد‬
‫ويتعزز أثناء تلك الفترة الحاسمة من حياة‬
‫ّ‬ ‫حياته لذا يرى )‪ّ (Brochu, 2006‬‬
‫أن السلوك اإلدماني عموما يبدأ‬
‫المخدرات وولوجهم‬
‫ّ‬ ‫أن تعاطيهم‬
‫عدة مقابالت عيادية منجزة مع مدمنين من مختلف األعمار ّ‬ ‫الفرد كما أ ّكدت ّ‬
‫عالم اإلدمان بدأ أثناء فترة المراهقة‪.‬‬
‫المخدرات ليس وليد الصدفة بل هو ظاهرة متشابكة تتقاطع فيها األبعاد البيولوجية‪ ،‬النفسية‬
‫ّ‬ ‫اإلدمان على‬
‫محصلة معادلة (‪ )Vincent, 2008‬ذات ثالث وسائط كون اإلدمان لقاء بين شخص‬
‫ّ‬ ‫واإلجتماعية للفرد فهو‬
‫معين كما ذهب إلى ذلك ‪.Olivenstein‬‬
‫ومادة في سياق إجتماعي ثقافي ّ‬
‫ّ‬
‫كما ّأنه آفة حقيقية تعاني منها العديد من المجتمعات وتكمن خطورتها فيما تخّلفه من آأثار تخريبية كبيرة‬
‫أن انتشار هذه الظاهرة في بالدنا‬ ‫على مستوى الوظائف الذهنية‪ ،‬النفسية واإلجتماعية للشخص المتعاطي‪ ،‬كما ّ‬
‫المخدرات واإلدمان التابع لو ازرة العدل‬
‫ّ‬ ‫صار يدعو للقلق بحسب التقارير الصادرة عن الديوان الوطني لمكافحة‬
‫يتم رصدها وتفكيكها‬‫المروجة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫الكميات الهائلة المحجوزة وللشبكات‬
‫ّ‬ ‫(‪ )ONLD, 2017‬وبالنظر إلى‬
‫تنوع المواد المستعملة‬
‫في كل مرة ولقضايا الترويج الموضوعة أمام المحاكم‪ ،‬وما يزيد في خطورة الوضع هو ّ‬
‫وتنوعت لتشمل‬
‫تعددت المواد المستعملة ّ‬
‫القنب أو الكيف هو المادة الوحيدة المستهلكة بل ّ‬
‫متعدد) فلم يعد ّ‬
‫(إدمان ّ‬
‫المنومات‪ ،‬مس ّكنات األلم وحتى بعض المذيبات العضوية والسوائل‬
‫كالمهدئات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫قائمة كاملة من العقاقير الطبية‬
‫المخدرات وشاعت لتشمل اإلقامات والمراكز الجامعية‬
‫ّ‬ ‫امتدت دائرة‬
‫الطيارة كالبنزين والبرنيق ومواد الغراء وقد ّ‬
‫ّ‬
‫المؤسسات التربوية وهذا ما جعل الشباب والمراهقين الشريحة األكثر عرضة كون المراهق في هذه المرحلة‬
‫و ّ‬
‫حب جديدة فتستدعى عندئذ‬
‫الحاسمة من حياته يسعى للتخّلي عن المواضيع الطفولية ويبحث عن مواضيع ّ‬
‫التمسك بمواضيع‬
‫ّ‬ ‫الصور الوالدية وتبرز إلى الواجهة ويكون ثقلها كبير على سيره النفسي ّ‬
‫مما يدفعه إلى‬
‫المخدرات‪ ،‬وهذا ما دفعنا إلى تسليط الضوء على هذه الصور‬
‫ّ‬ ‫معب ار عن ذلك بالّلجوء إلى‬
‫من الواقع الخارجي ّ‬
‫للكشف عن طبيعتها وقادنا إلى صياغة سؤال بحثنا كما يلي‪:‬‬
‫الصور الوالدية عند المراهق المدمن على المخدرات؟‬
‫‪ -‬ما هي طبيعة ّ‬
‫‪ -1.1‬فرضيات الدراسة‪:‬‬
‫لإلجابة على التساؤل إقترحنا الفرضية التالية‪:‬‬
‫المخدارت بكونها مقلقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نظريا‪ ،‬تتميز الصور الوالدية عند المراهق المدمن على‬
‫المخدرات ذلك من خالل عدم القدرة‬
‫ّ‬ ‫إجرائيا‪ ،‬تظهر الصور الوالدية المقلقة عند المراهق المدمن على‬
‫على إرصان االشكاليات التي تستدعيها لوحات الرورشاخ التي تستدعي الصور الوالدية‪.‬‬

‫‪ -2.1‬أهمية الدراسة‪:‬‬
‫يمكن تلخيص أهمية هذه الدراسة فيما يلي‪:‬‬
‫أن هذه الدراسة‬
‫‪ -‬كونها تستهدف مرحلة عمرية حاسمة من حياة الفرد تتسم بتغيرات جسمية ونفسية عديدة كما ّ‬
‫تؤرق بال العديد من المختصين والمربين لما لها من خطورة‬
‫المخدرات التّي صارت ّ‬
‫ّ‬ ‫ترتبط بظاهرة اإلدمان على‬
‫على الصحة الجسمية والنفسية للفرد‪.‬‬
‫‪ -‬تساهم هذه الدراسة في الوقوف على العوامل النفسية العميقة المؤدية لإلدمان عند المراهق‪.‬‬
‫المخدرات عموما‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬يمكنها أن تش ّكل إضافة علمية من شأنها إثراء المعارف المتعّلقة بموضوع اإلدمان على‬
‫وعند المراهقين بصورة خاصة‪.‬‬
‫المخدرات على مستوى المراكز والمصالح‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬يمكن استغالل نتائجها أثناء العالج والمرافقة النفسية للمدمنين على‬
‫المختصة في ذلك‪.‬‬
‫‪ -3.1‬أهداف الدراسة‪ :‬تهدف الدراسة إلى‪:‬‬
‫المخدرات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬معرفة طبيعة الصور الوالدية التي استدخلها المراهق المدمن على‬
‫المخدرات واإلدمان عليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬معرفة بعض األسباب النفسية الالشعورية التي تدفع بعض المراهقين إلى تعاطي‬
‫‪ -4.1‬الحدود الزمانية والمكانية للدراسة‪:‬‬
‫مدة الالزمة إلجراء المقابلة‬‫‪ -‬الحدود الزمانية للدراسة‪ :‬استغرق البحث من الناحية الزمنية ‪ 3‬أسابيع وهي ال ّ‬
‫المدة تمّثل الفترة التي يتطّلبها العالج‬
‫أن هذه ّ‬
‫العيادية نصف موجهة وتطبيق إختبار الرورشاخ‪ ،‬على الحالتين كما ّ‬
‫ويقضيها المراهق المدمن بمصلحة معالجة اإلدمان بالمستشفى‪.‬‬
‫تم إجراء هذه الدراسة على اثنين من المراهقين (سمير وعصام) يتواجدان للعالج‬ ‫‪ -‬الحدود المكانية للدراسة‪ّ :‬‬
‫تم الّلقاء بهما بالمصلحة المذكورة والواقعة بمستشفى فرانتز فانون‬
‫المخدرات الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫بمصلحة مكافحة اإلدمان على‬
‫للنساء‬
‫تم افتتاحها منذ ‪ 1998‬للتكّفل بالمدمنين ويوجد بها جناحان األول للرجال والثاني ّ‬‫بالبليدة‪ ،‬وهي مصلحة ّ‬
‫مختصون‪ ،‬أطباء عامون‬
‫ّ‬ ‫أطباء‬
‫يضم‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫يدير المصلحة طبيب مختص باألمراض العقلية في وجود فريق عمل‬
‫أعوان شبه طبيون‪ ،‬أخصائيات نفسانيات‪ ،‬مساعدات إجتماعيات‪.‬‬
‫‪ -2‬مصطلحات الدراسة والدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ -1.2‬مصطلحات الدراسة‪:‬‬
‫الصور الوالدية‪ :‬يعزى مصطلح الصور الوالدية ‪ Imagos parentales‬إلى ‪ C. G. Jung‬الذي وضعه‬
‫ويعرفه كل من ( ‪Laplanche & Pontalis,‬‬
‫عام ‪ 1911‬ليصف من خالله الصور األمومية‪ ،‬األبوية‪ ،‬واألخوية َّ‬
‫تصور الشعوري ونموذج أولي ‪ّ prototype‬‬
‫يوجه كيفية تعاطي الشخص مع الغير‬ ‫ّ‬ ‫‪ )2007, 196‬على ّأنه ''‬
‫ويبدأ تش ّكل تلك الصور انطالقا من العالقات المب ّكرة الواقعية والهوامية مع المحيط األسري للفرد '' ّ‬
‫يدل التعريف‬
‫أن الطفل يستدخل الصور الوالدية والعالقة التي تربطه بهما ومدى تفاعلهما معها منذ السنوات‬ ‫السابق على ّ‬
‫ثم يتمّثل تلك الصور ضمن معاشه النفسي‪.‬‬ ‫األولى ّ‬
‫يتم الكشف عن الصور الوالدية من خالل مدى قدرة المراهق على إرصان‬ ‫من الناحية اإلجرائية ّ‬
‫بالصور الوالدية وهي الّلوحات ‪ IV‬و ‪ VI‬التي‬
‫ّ‬ ‫المحتويات الكامنة التي تستدعيها لوحات الرورشاخ المتعّلقة‬
‫الصورة األمومية‪.‬‬
‫تستدعي الصورة األبوية والّلوحات ‪VII ،I‬و ‪ IX‬التي تستدعي ّ‬
‫المراهقة‪ :‬أثناء تعريف المراهقة وجب التركيز على ما يحث فيها من تغيرات على المستوى النفسي‬

‫والسلوكي وتجاوز التعريفات التي ترى فيها مجرد فترة زمنية تسمح باإلنتقال من الطفولة والرشد‪ ،‬لذا ّ‬
‫يعرفها‬
‫تميزها والمتعّلقة بالجسد والعالقة بالوالدين‬
‫التغيرات التي ّ‬
‫ّ‬ ‫هامة أساسها‬
‫)‪ )Jeammet,2001‬على ّأنها مرحلة ّ‬
‫يؤدي إلى هشاشة العالم الداخلي‪.‬‬
‫مما ّ‬ ‫كما تتّسم بإعادة تنظيم التوازن النرجسي الموضوعي ّ‬
‫يتم‬ ‫من جهتها ترى )‪ )Kerstemberg, 1999, 61‬في المراهقة ''منظم نفسي'‘ ّ‬
‫وتعرفها على ّأنها مرحلة ّ‬
‫تغيرات البلوغ ويصبح المراهق مطالبا باستدخال النمو الفيزيولوجي ضمن‬
‫فيها إعادة تنظيم األنا الذي أثّرت فيه ّ‬
‫نظامه الليبيدني والعالئقي‪.‬‬
‫السن فاعتبرنا المراهق المعني بدراستنا هو الفرد الذي‬
‫ّ‬ ‫فإنا اعتمدنا إجرائيا على عامل‬
‫في دراستنا هذه ّ‬
‫سنه ما بين ‪ 14‬و‪ 19‬سنة‪.‬‬
‫يتراوح ّ‬
‫يعرف اإلدمان حسب (سويف‪ّ )17 ،1996 ،‬أنه '' كل حالة نفسية وأحيانا عضوية تنتج‬ ‫اإلدمان‪ّ :‬‬
‫عن التعاطي المتكرر أو المستمر لمادة نفسية أو أكثر سواء أكانت طبيعية أو اصطناعية ويكون التعاطي بشكل‬
‫يورث اإلنشغال الشديد بالتعاطي وعجز أ و رفض لإلنقطاع أو حتى للتعديل فتصبح معه حياة الشخص تحت‬
‫سيطرة التعاطي بحيث يستبعد معها أي نشاط آخر''‪.‬‬
‫تعدد مواضيعه‬
‫يميز اإلدمان من رغبة جامحة ويشير إلى ّ‬
‫كما يرّكز فطاير (‪ )34 ،33 ،2004‬على ما ّ‬
‫فيعرفه على ّأنه‪'' :‬رغبة جامحة نحو الموضوع اإلدماني والذي قد يكون موضوعا ماديا‬
‫ويؤّكد على خطورته ّ‬
‫المخدرة والخمر والحبوب والسجائر وغيره وقد يكون حدثا كالقمار والجنس و ّ‬
‫الحب والعمل والكمبيوتر‬ ‫ّ‬ ‫كالمواد‬
‫أن اإلدمان أبطأ وأسوأ طريقة لإلنتحار و ّأنه أخطر رغبة جامحة عرفها اإلنسان حيث تأخذ‬
‫والهاتف واألنترنيت كما ّ‬
‫وتدمر كل من هو عزيز عليه ''‪.‬‬
‫حياة المدمن ّ‬
‫إن الشخص المدمن في دراستنا هو المتواجد بمصلحة مكافحة اإلدمان من أجل العالج‬
‫أما إجرائيا ف ّ‬
‫المخدرات بشكل يومي ولمدة تفوق السنة دون إنقطاع وتظهر عليه أعراض االنسحاب في غياب‬
‫ّ‬ ‫والذي يتعاطى‬
‫المادة المتعاطاة‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ّ -2.2‬‬
‫لقد تناولت العديد من الدراسات النفسية موضوع الصور الوالدية عند العديد من الفئات والسيما‬
‫عند المراهقين وربطتها بمتغيرات مختلفة نذكر من بينها‪:‬‬
‫دراسة أيت سيدهم (‪ )1984‬عنوانها‪'' :‬التعبير عن الصور الوالدية عند المراهقات الجانحات ''‬
‫وهي دراسة وصفية مقارنة بين فتيات جانحات وأخريات غير جانحات‪ ،‬استخدم فيها الباحث أدوات عيادية تمّثلت‬
‫أن الصور الوالدية‬
‫وتوصل الباحث إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫في المقابلة العيادية نصف موجهة وإختبار إسقاطي موضوعي ‪،TAT‬‬
‫الحب والحماية وحضور‬
‫ّ‬ ‫عند المراهقات الجانحات كانت تتميز بخصائص سلبية متمّثلة خصوصا في غياب‬
‫العدوانية والتناقض (‪.)Ait Sidhoum, 1984‬‬
‫دراسة بن أوسعد (‪ )2014‬بعنوان ''الصور الوالدية عند األطفال الذين يعانون من الفوبيا المدرسية‬
‫خالل فترة الكمون '' وهي دراسة عيادية لست حاالت تتراوح أعمارهم بين ‪ 6‬و‪ 12‬سنة وقد استخدمت الباحثة‬
‫توصلت في‬‫موجهة واختبار الدينامية الشخصية و الصور ‪ DPI‬وتحليل المحتوى‪ ،‬كما ّ‬ ‫المقابلة العيادية نصف ّ‬
‫بالسلبية وأن الصور المستدخلة غير قوية وغير ثابتة بما‬
‫تميزت ّ‬
‫أن الصور األبوية واألمومية ّ‬‫نهاية الدراسة إلى ّ‬
‫طلع إلى المدرسة (بن أوسعد‪.)2014 ،‬‬
‫يكفي لتجعل الطفل يت ّ‬
‫دراسة بيروق (‪ )2018‬بعنوان‪'' :‬صورة األب ودورها في ظهور السلوك الجانح لدى المراهق'' وهي دراسة‬
‫عيادية على مجموعة من األحداث الجانحين المتواجدين بأحد مراكز التربية وقد استخدمت الباحثتان المقابلة‬
‫أو‬ ‫أن لصورة األب المهمل‬‫وتوصلت إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫موجهة واختبار إسقاطي موضوعي ‪TAT‬‬ ‫العيادية نصف ّ‬
‫المتسلط عالقة بظهور السلوك العدواني فاإلهمال العاطفي يفقد المراهق ثقته بنفسه وهذا ما يدفعه إلى العدوان‬
‫كحل إلثبات ذاته وتأكيد قوته‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطب‬
‫ّ‬ ‫دراسة بورافة وقهار(‪ )2019‬عنوانها‪'' :‬الصور الوالدية‪ :‬دراسة حالة مراهقة متكّفل بها في مصلحة‬
‫العقلي‪ ،‬طبقت الباحثتان المنهج العيادي على حالة واحدة تمّثلت في مراهقة متكّفل بها في مصلحة الطب العقلي‬
‫أن‬
‫ّ‬ ‫وتوصلتا إلى نتيجة مفادها‬
‫ّ‬ ‫تفهم الموضوع ‪،TAT‬‬
‫موجهة واختبار ّ‬
‫واستخدمتا المقابلة العيادية نصف ّ‬
‫سبب لها أزمات واضطرابات نفسية دخلت‬ ‫مما ّ‬
‫الحالة المدروسة تحمل صورة سيئة وغير بنائية عن والديها ّ‬
‫بموجبها مصلحة األمراض العقلية‪.‬‬
‫دراسة صالحي وشقرونة (‪ )2019‬بعنوان‪'' :‬تحديد الصورة الوالدية من حيث الشكل والوظيفة عند الطفل‬
‫تم استخدام المنهج العيادي في هذه الدراسة وتمّثلت مجموعة البحث‬ ‫المريض بالربو وفعالية الذات لديه '' ّ‬
‫موجهة واإلستعانة بسّلم ساكس‬
‫أما أدوات البحث المستعملة فتمّثلت في مقابلة عيادية ّ‬
‫في ‪ 3‬أطفال مرضى بالربو ّ‬
‫الصور الوالدية وفعالية الذات‬
‫لفاعلية الذات إلدارة المرض المزمن‪ ،‬وقد خلصت الباحثتان إلى وجود عالقة بين ّ‬
‫فالطفل يكون أكثر ارتباطا بوالديه من خالل المعاش الذي يجمعهم وهو المرض‪.‬‬
‫فتميزت‬
‫ّ‬ ‫أما دراستنا‬‫أن هناك العديد من الدراسات ربطت الصورة الوالدية بمتغيرات أخرى ّ‬ ‫كما ّ‬
‫عن الدراسات السابقة باستخدام إختبار الرورشاخ الذي هو إختبار إسقاطي يستدعي اإلشكاليات البدائية على غرار‬
‫المخدرات‪.‬‬
‫متغير المراهق يعتبر عند الكثير من األفراد ّبوابة يلج منها إلى عالم اإلدمان و ّ‬
‫الصور الوالدية وأن ّ‬
‫‪ - 3‬الطريقة واألدوات‪:‬‬
‫فإن قيمة النتائج تتوّقف على قيمة‬
‫‪ -1.3‬منهج الدراسة‪ :‬حسب ‪ Festinger‬و‪( Katz‬ذكره أنجرس‪ّ )97 ،2010 ،‬‬
‫المناهج المستعملة وهذا مهما كان موضوع البحث (أنجرس‪ ،)2010 ،‬لذا وبغرض التحقق من الفرضية المقترحة‬
‫كإجابة عن سؤال إشكالية بحثنا كان علينا استخدام المنهج العيادي الذي يعتمد على دراسة الحالة وقد بدا لنا‬
‫المعمقة لحاالت فردية‬
‫ّ‬ ‫يهتم بالدراسة‬
‫ألنه كما يراه ‪( Anzieu‬ذكره ‪ّ )Doron, 2001, 17‬‬ ‫مناسبا لهذه الدراسة ّ‬
‫من أجل الكشف عن خصوصيات الفرد وكذا اإلضطرابات المتعلقة بتوظيفه النفسي‪.‬‬
‫من جهة أخرى يضم هذا المنهج مستويين متكاملين (‪ّ )Fernadez & Pedenielli, 2006‬‬
‫يتم في األول جمع‬
‫المعمقة والشاملة للحالة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تتم الدراسة‬
‫المعطيات باستعمال (ساللم‪ ،‬إختبارات‪ ،‬مقابالت ‪ )...‬وفي الثاني ّ‬
‫لخص ‪ Lagache‬المنهج العيادي معتب ار إياه (ذكره ‪ )Perron, 2006, 14‬الطريقة التي ينظر‬
‫من جهته ّ‬
‫من خاللها النفساني العيادي للسلوك البشري حيث ينظر إليه في بعده الخاص وفي شموليته وفردانيته‬
‫معينة‬
‫يتصرف بها في مواجهة وضعية ّ‬
‫ّ‬ ‫مع استخالص وبأكبر قدر من األمانة الطرق التي يكون عليها الفرد والتي‬
‫التعرف عليها‪.‬‬
‫مع محاولة إعطاء معنى لذلك وفهم البنية والنشأة (‪ )la génése‬و ّ‬

‫‪ -2.3‬أدوات الدراسة‪:‬‬
‫استعملنا في هذه الدراسة أداتين عياديتين يناسبان موضوع الدراسة ويتوافقان مع المنهج العيادي المتّبع‬
‫موجهة وإختبار الرورشاخ‪.‬‬
‫هما‪ :‬المقابلة العيادية نصف ّ‬
‫موجهة‪:‬‬
‫‪-1.2.3‬المقابلة العيادية نصف ّ‬
‫تعتبر المقابلة العيادية حسب (‪ )Bénony & Chahraoui, 1999, 62‬من أكثر الوسائل المستعملة‬
‫سواء في العيادة أو في البحث فهي تسمح بجمع قد ار كافيا من المعلومات حول الحالة التي نرغب في دراستها‬
‫يعده الباحث ويناسب‬
‫محددة ّ‬
‫ظمة في محاور ّ‬ ‫يضم مجموعة أسئلة من ّ‬
‫ّ‬ ‫وعادة ما ترتبط مقابلة البحث بدليل مقابلة‬
‫طلب فيها يكون من الباحث‬
‫أن ال ّ‬
‫بأنها ال تهدف للتشخيص أو العالج كما ّ‬
‫تتميز هذه المقابلة ّ‬
‫فرضيات بحثه كما ّ‬
‫وليس من المبحوث‪.‬‬
‫تم تصميم مقابلة دراستنا بشكل يسمح باختبار فرضيات البحث والكشف عن الصور الوالدية‬ ‫لقد ّ‬
‫موضحة كما يلي‪:‬‬
‫تضمنت المقابلة ‪ 4‬محاور ّ‬
‫ّ‬ ‫التي نرغب في معرفة طبيعتها‪ ،‬لذا‬
‫المخدرات نمط تعاطيها‬
‫ّ‬ ‫السن‪ ،‬المستوى الدراسي‪ ،‬نوع‬
‫المحور األول‪ :‬البيانات الشخصية للمفحوص وتخص ّ‬
‫ومدة التعاطي‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتضم نمط المعاملة الوالدية‪ ،‬نظرته لهذه المعاملة‪ ،‬العالقة العاطفية مع الوالدين‬
‫ّ‬ ‫المحور الثاني‪ :‬العالقات األسرية‬
‫والتفاعل العاطفي بين أفراد األسرة جميعا‪.‬‬
‫المخدر ضمن تنظيمه النفسي والفكري‬
‫ّ‬ ‫المخدرة يشتمل هذا المحور على مكانة‬
‫ّ‬ ‫المحور الثالث‪ :‬العالقة بالمادة‬
‫المخدر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والعالئقي للمفحوص‪ ،‬وصف اإلنفعاالت الحاصلة في حالة غياب‬
‫المحور الرابع‪ :‬اآلفاق المستقبلية للمفحوص للكشف عن وجود أو غياب مشروع مستقبلي‪ ،‬استثمار في الدراسة‬
‫أو العمل‪.‬‬
‫‪-2.2.3‬إختبار الرورشاخ‪:‬‬
‫أهم اإلختبارات اإلسقاطية التي يعتبرها بعض الباحثين ( ‪Anzieu & Chabert,‬‬
‫يعتبر الرورشاخ أحد ّ‬
‫وتتم‬
‫وتصور نواتها الخفية التي تظهرها عملية التمرير ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ )1987,‬بمثابة األشعة السينية التي تنفذ داخل الشخصية‬
‫بعدها قراءتها من خالل تحليل وتفسير البروتوكول الناتج‪ ،‬فيظهر ما كان خفيا‪ ،‬أو كامنا و يصبح مكشوفا ما كان‬
‫المحصل عليها بفهم نوعية العالقة مع الواقع وفي الوقت‬
‫ّ‬ ‫معّقدا ومستت ّار ومن جهة أخرى تسمح ّ‬
‫المادة االسقاطية‬
‫نفسه تم ّكن من الوقوف على إمكانية الفرد إلدماج نظامه الفكري ضمن واقعه النفسي إذ يجد هذا األخير نفسه‬
‫تبين لنا كيف يواجه عالمه الداخلي ومحيطه الخارجي‪.‬‬
‫أمام ضغوطات داخلية وخارجية ّ‬
‫وفي سياق تطبيق الرورشاخ يذكر(سي موسي وبن خليفة‪ّ )158 ،2008 ،‬أنه يمكن تطبيق الرورشاخ‬
‫على األطفال‪ ،‬المراهقين والراشدين‪ ،‬على األسوياء وعلى المرضى وألغراض التكّفل العيادي أو البحث العلمي‬
‫غير أن تطبيق هذا اإلختبار يتطلب تحضير المفحوص من خالل طمأنته وكسب ثقته‪ ،‬فقبل مباشرة اإلجراء‬
‫يخصص بعض الوقت لإلستماع الستفساراته عن عملية الفحص وأهدافها‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪-3.2.3‬الصور الوالدية في اختبار الرورشاخ‪:‬‬


‫عرضت (‪ )Chabert, 1983, 50-88‬وناقشت في كتابها ‪ Le Rorschach en clinique adulte‬أعمال عدة‬
‫وتوصلت إلى خالصة مفادها أن لوحات االختبار وفق‬ ‫ّ‬ ‫باحثين حول رمزية لوحات االختبار ومحتواها الكامن‬
‫بتصور الذات الذي يشمل صورة‬
‫ّ‬ ‫محتواها الكامن تستدعي محورين متكاملين ال يمكن الفصل بينهما‪ :‬األول يتعلق‬
‫الجسم واستثمار هذه الصورة في بناء الهوية وكذا استدخال الفرق بين الجنسين من خالل التقمصات الثانوية‬
‫الصور الوالدية‪.‬‬
‫أما المحور الثاني فيتعلق بتصور العالقات والتي من أهمها ّ‬
‫أما الصورة األبوية فتبدو من خالل اللوحات ‪.6 -4‬‬
‫تبدو الصورة األمومية من خالل اللوحات‪ VII ،I :‬و‪ّ IX‬‬
‫المفحوص ْين وبعد التنقيط استخرجنا‬
‫َ‬ ‫قمنا أثناء هذه الدراسة العيادية بتمرير لوحات الرورشاخ العشرة على‬
‫أن تنقيط األشكال اعتمدنا فيه على دليل تنقيط األشكال في الرورشاخ الذي‬ ‫المخطط النفسي لكل منهما علما ّ‬
‫وضعته بيزمان )‪ (Beizmann, 1966‬ومع حصولنا على المخطط النفسي وتحليلنا لبروتوكولي المفحوصين‬
‫إالّ ّأننا اقتصرنا في هذه الدراسة على عرض النتائج المتعّلقة بالصور الوالدية أي الّلوحات التي يبعث محتواها‬
‫الكامن إلى الصور الوالدية األبوية واألمومية والتي ذكرت سابقا‪.‬‬

‫‪ -4‬النتائج ومناقشتها‪:‬‬
‫‪-1.4‬عرض النتائج‪:‬‬
‫‪-1.1.4‬حالة سمير‪:‬‬
‫‪-1‬تقديم الحالة‪ :‬يبلغ سمير من العمر ‪ 18‬سنة غادر المدرسة من قسم السنة الثانية ثانوي (‪ ،)2AS‬هو األول‬
‫المخدرات والكحول فبدأ بتعاطيها وعمره‬
‫ّ‬ ‫أما‬
‫في األسرة وله أخوان‪ ،‬بدأ سمير التدخين عندما كان عمره ‪ 9‬سنوات ّ‬
‫المخدرات فيستعمل الكيف‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أما‬
‫‪ 11‬سنة‪ ،‬دخل حكيم عالم االدمان باستنشاق البنزين ثم تعاطي الكحول ّ‬
‫والمهلوسات مثل ‪ ،parkedyl‬عندما التقينا سمير بمصلحة مكافحة اإلدمان لم يكن يعاني من أي اضطراب نفسي‬
‫مخدرة‬ ‫أو عضوي سواء أكان ّ‬
‫حاداّ أو مزمنا يمنعه من المشاركة في البحث‪ ،‬كما ّأنه لم يكن تحت تأثير أي مادة ّ‬
‫أو مهلوسة وقت إجراء المقابلة العيادية أو عند تطبيق إختبار الرورشاخ‪.‬‬
‫‪-2‬نتائج المقابلة العيادية‪:‬‬
‫التحسر عند الحديث عن والديه‬ ‫موجهة ّ‬
‫أن حديث سمير يطبعه اإلنزعاج و ّ‬ ‫أظهرت المقابلة العيادية نصف ّ‬
‫جو أسري يسوده التوتّر وغياب التفاهم بين الوالدين ّ‬
‫مما ّأدى بهما إلى اإلنفصال في نهاية المطاف‬ ‫حيث نشأ في ّ‬
‫ولعل النقطة البارزة التي أثّرت في معاشه‬
‫ّ‬ ‫يما وما كانش يصرف علينا)‬ ‫حيث يقول (بابا ما كانش يتفاهم مع ّ‬
‫أمه حسب قوله كانت تخون والده وتعاشر شخصا غريبا في غياب الوالد الذي يشتغل‬ ‫أن ّ‬
‫النفسي ّأيما تأثير هي ّ‬
‫بعيدا عن األسرة وال يحضر إالّ من حين آلخر‪ ،‬لقد تكّلم عن هذه النقطة بعدما التفت يمينا وشماال للتأ ّكد من عدم‬

‫وجود شخص ثالث وقال بنبرة يطبعها الحزن والحسرة‪( :‬رايح نقولك حاجة ما قلتها حتى لواحد من قبل‪ّ ،‬‬
‫يما كانت‬
‫تخون بابا وتمشي مع واحد أنا كنت صغير وبابا ما يجيش ديمة)‪ ،‬وهذه نقطة أساسية في المعاش النفسي للطفل‬
‫أن األم بسلوكها هذا (الخيانة الزوجية) لم تساعد الطفل على تحقيق مكانة لألب في فضائه النفسي‬ ‫حيث ّ‬
‫وهذا ما أثّر سلبيا في سيرورته النفسية وفي تعامله مع المرحلة األوديبية وفي كيفية معايشتها وتجاوزها وهذا بدوره‬
‫وتصرف األم في حالة غياب األب ترك فراغا‬
‫ّ‬ ‫منع الطفل من استدخال القوانين والحدود المتعّلقة باألنا األعلى ‪،‬‬
‫أن الطفل‬
‫مما جعل الطفل غير قادر على التصرف مع أبيه كأب‪ ،‬كما ّ‬ ‫نفسيا في مكان الفضاء الخاص باألب ّ‬
‫سنا‬
‫في هذه الحالة يبحث دائما في الخارج عن أشخاص ممّثلين لألبوة وهذا ما جعله يخالط أشخاصا يفوقونه ّ‬
‫(كنت صغير كنت نخالط ناس كبار عليا نتاع شراب وكيوفات نقعد معهم ومن بعد تعّلمت منهم)‪.‬‬
‫حد تعبيره بل بلغ الصراع‬
‫كعدو على ّ‬ ‫ّ‬ ‫من جهة أخرى نجده يشكو من سوء معاملة والده له‪ ،‬إذ يعامله‬
‫الشتم واستعمال حتى األلفاظ النابية والعبارات المخّلة بالحياء‬ ‫السب و ّ‬
‫ّ‬ ‫بينهما حد التشابك باأليدي ناهيك عن‬
‫وهذا ما خّلف فراغا عاطفيا وهشاشة نرجسية جعلته يشعر بالدونية مقارنة بأقرانه (نحقر روحي كي نشوف‬
‫عدو)‪.‬‬
‫أصحابي مع باباهم تقول صاحبهم وأن بابا ّ‬
‫المخدرة ( الكيف ) فهي شغله الشاغل فحياته صارت تتمحور حولها‪ ،‬فكان‬ ‫ّ‬ ‫أما عن عالقته بالمادة‬
‫ّ‬
‫تجنبه الشجار والخصومة مع أفراد‬
‫يتعاطاها يوميا بكميات معتبرة وبشغف فكانت تمّثل مصد ار للراحة والمتعة كما ّ‬
‫أسرته‪ ،‬كما ّأنه لم أصبح يشعر ّأنه لم يعد يستطيع االستغناء عنها أو التخفيض من الكمية التي يتعاطاها يوميا‪.‬‬
‫‪ -3‬إختبار الرورشاخ‪:‬‬
‫مدة اإلختبار‬
‫تميز بروتوكول الرورشاخ لسمير بفقر في اإلنتاجية إذ لم يتجاوز عدد اإلجابات ‪ R= 9‬أما ّ‬
‫فكانت هي األخرى قصيرة لم تصل إلى ّ‬
‫المدة المعيارية‪ ،‬كما قام المفحوص بتقليب معظم الّلوحات مرات عديدة‬
‫وفي كل االتجاهات مع الّلجوء إلى طلب اإلسناد من خالل سؤال الفاحص أمام الّلوحات (‪،)IX ،VI ،I‬‬
‫تميز البروتوكول بطغيان التناول الجزئي ‪ D‬للوحات على حساب‬ ‫أما اإلجابات فكانت في مجموعها مختصرة كما ّ‬
‫ّ‬
‫أما المحتوى فيفتقر للتنوع إذ اقتصر على اإلجابات الحيوانية‬
‫الشكلية ‪ّ F‬‬
‫المحددات ّ‬
‫ّ‬ ‫التناول الشامل ‪ G‬وبسيادة‬
‫الصور والحركات‬
‫الكاملة ‪ A‬والجزئية ‪ Ad‬وبعض اإلجابات اإلنسانية الجزئية ‪ Hd‬كما انعدمت في البروتوكول ّ‬
‫اإلنسانية الكاملة ‪ H‬و‪ K‬وذلك حتى في اللوحات التي يوحي محتواها الظاهري بذلك كاللوحة ‪ III ،I‬و‪.VII‬‬
‫أن سمير في اللوحة ‪ I‬لجأ إلى التحفظ في اإلجابة‬
‫كما أظهر تناول اللوحات المتعّلقة بالصور الوالدية ّ‬
‫واإلستناد على الفاحص (هذا واش هو؟ هذا نسر يا خيت نسر؟ ماش راهو طاير؟ هو) ومع ذلك لم يدرك‬
‫المحتوى اإلنساني المتمّث ل في شكل المرأة على المحور الوسطي للوحة بل اكتفى فقط بحركة حيوانية لتفادي القلق‬
‫الذي قد تثيره صورة األم باعتبارها موضوع الحب األول‪.‬‬
‫في اللوحة ‪ VII‬كانت اإلجابة ذات محتوى إنساني ّ‬
‫لكنه جزئي ‪( ،Hd‬زوج وجوه كيف كيف متقابلين‬
‫يشوفو في بعضهم) أما عند اللوحة ‪ IX‬فكانت اإلجابة ذات محتوى شيئي بدائي (عين نتاع الماء انفجرت‬
‫وبمحدات‬
‫ّ‬ ‫يتم استثمارها و‪pays ،‬‬
‫مستقرة كما ّأنه لم ّ‬
‫ّ‬ ‫من تحت األرض) تبدو الصور األمومية غير واضحة وغير‬
‫شكلية أو حركية جزئية تميل إلى السكون ‪ kstatique‬وهذا دليل على عجز المفحوص وعدم قدرته على إرصان‬
‫المحتويات الكامنة التي توحي بها اللوحات والتي من بينها الصور األمومية‪.‬‬
‫القوة وإلى الرمزية الجنسية لم يتمكن‬‫عند اللوحتين ‪ IV‬و ‪ VI‬اللتين ترمزان إلى السلطة األبوية وإلى ّ‬
‫موحدتان ومنغلقتان فكان تناوله لّلوحة ‪ IV‬تناوال جزئيا‬
‫المراهق من بناء إجابة شاملة ولو بسيطة ‪ G‬رغم الّلوحتان ّ‬
‫تعبر عن الجنسية‬
‫أما اللوحة ‪ VI‬التي ّ‬
‫مما يوحي باالستكانة والسلبية‪ّ ،‬‬
‫وأعطى إجابة شكلية تظليلية (طريق طويلة) ّ‬
‫لكنه تخريفيا ‪ G confabulé‬وبمحتوى شيئي (هذا شغل تريكو) ّ‬
‫يعبر عن التغطية وإخفاء‬ ‫فقد تناولها تناوال شامال ّ‬
‫العالم الداخلي‪ ،‬هذه اإلجابات تعكس عجز المفحوص عن إدراك صورة أبوية تقمصية ألنها صو ار الشعورية تبعث‬
‫وتكرست من خالل سلوكات الوالدين ومعاملتهما لولدهما قبل‬
‫على القلق واإلنزعاج وقد تش ّكلت منذ الطفولة األولى ّ‬
‫وبعد انفصالهما ولم يتم ّكن المراهق من تسيير وتفريغ القلق أو تجاوزه إالّ من خالل المرور إلى الفعل عبر السلوك‬
‫اإلدماني‪ ،‬فصورة األم في نظره مصدر إحباط ‪ -‬رغم ما توّفره له من إحتياجات ولوازم مادية ‪ -‬نظ ار لما كانت تمارسه‬
‫في غياب األب (الخيانة الزوجية)‪.‬‬
‫‪-2.1.4‬حالة عصام‪:‬‬
‫‪ -1‬تقديم الحالة‪:‬‬
‫السنة‬
‫الدراسة عند ّ‬
‫عصام عمره ‪ 16‬سنة‪ ،‬وهو الولد الوحيد ألبويه‪ ،‬يعيش في بيت خالته‪ ،‬انقطع عن ّ‬
‫كالقنب (الكيف)‪ ،‬الحمرة (‪l’Artane ،)Rivotryl‬‬ ‫ّ‬ ‫الثالثة متوسط (‪ ،)3emeAM‬يستهلك العديد من المواد‬
‫والصاروخ (‪ )Prégabaline‬وهذا منذ ما يقارب ‪ 3‬سنوات دون انقطاع‪ ،‬للتذكير فقد التقينا عصام بمصلحة مكافحة‬
‫حاد أو مزمن يمنعه من المشاركة في البحث‪ ،‬كما ّأنه‬ ‫اإلدمان ولم يكن يعاني من أي اضطراب نفسي أو عضوي ّ‬
‫مخدرة أو مهلوسة وقت إجراء المقابلة العيادية أو عند تطبيق إختبار الرورشاخ‪.‬‬
‫مادة ّ‬
‫لم يكن تحت تأثير أي ّ‬
‫إلتقينا سمير وعصام بمصلحة مكافحة اإلدمان بمستشفى فرانز فانون بالبليدة حيث كان يقيمان من أجل‬
‫المخدرات كما أظه ار تعاونا مع الباحث وهذا بعد طمأنتهما‬
‫ّ‬ ‫العالج‪ ،‬أبدى المفحوصان الرغبة في اإلقالع عن‬
‫تامة وال تستخدم إالّ في أغراض البحث العلمي‬ ‫أن المعلومات الخاصة التي يدليان بها ستحظى بسرية ّ‬ ‫إلى ّ‬
‫و ّأنه بإمكانهما اإلنسحاب من المشاركة إن رغبا في ذلك دون أن يؤثر ذلك على السيرورة العالجية لكل منهما‪.‬‬
‫‪-2‬نتائج المقابلة العيادية‪:‬‬
‫نشأ عصام في أحد األحياء الشعبية والغريب ّأنه ناد ار ما يلتقي والديه كونه نشأ في بيت خالته وليس‬
‫تقبل والديه له وهذا ما يدفعنا أيضا للتساؤل‬
‫مما يجعلنا نتساءل عن مدى ّ‬
‫في بيت والده مع ّأنه الولد الوحيد لألسرة ّ‬
‫عن طبيعة تصوراته لوالديه وعالقته بهما‪ ،‬فمنذ طفولته كان يقضي أغلب وقته خارج البيت وال يدخل إالّ في وقت‬
‫يما خالتني عند خالتي من نهار كنت صغير وشغل خالتي‬ ‫متأخر من الّليل في ظل إهمال خالته له حسب قوله ( ّ‬
‫ما على بالهاش بيا نسهر برا‪ ،‬ما تقولي والو) هذه الوضعية خّلفت لديه فراغا نفسيا وعاطفيا كما ّأنه يشعر بالقلق‬

‫يتحدث عن والديه الذي يرى فيهما مجرد أبوين بيولوجيين ال غير ( بابا ّ‬
‫ويما ‪ ...‬واش نقول لك‬ ‫واإلنزعاج عندما ّ‬
‫شغل جابوني برك‪ ،‬ما عنديش معهم عالقة نتالقاو منين ذاك) فلم ينعم بالدفء في أحضانهما كما لم ير فيهما‬
‫المدة‬
‫قرب منه أكثر في ّ‬
‫أن والدته صارت تت ّ‬
‫المثل والقدوة (واش يمثلوا لي؟ ما يمثلوا والو بالنسبة لي ضرك) رغم ّ‬
‫األخيرة وهي التي جاءت به إلى المصلحة للعالج‪.‬‬
‫المخدرات وما دفعه إلى ذلك‬
‫ّ‬ ‫يدخنون ويتعاطون‬
‫سنا ّ‬
‫منذ سن العاشرة أصبح عصام يخالط أناسا أكبر منه ّ‬
‫يتجنبونه وينعتونه بـ (المسوفج) حسب تعبيره وصار العديد من األولياء‬
‫أن أقرانه ورفاقه في الحي صاروا ّ‬
‫أكثر هو ّ‬
‫في الحي يح ّذرون أبناءهم منه ومن جهة أخرى كان من خالل سلوكه يبحث عن صور والدية في ظل الغياب‬
‫قدي قالوا لهم‬
‫منا نركب معهم في الطوموبيالت ومن بعد األوالد اللي ّ‬
‫العاطفي والفعلي لألب (وليت نخالط ناس ّ‬
‫تم استغالله‬
‫السن وال تظهر عليه مالمح التعاطي أو اإلدمان فقد ّ‬
‫ّ‬ ‫باباتهم ما تزيدوش تخالطوه) ولكونه صغير‬
‫المخدرات والحبوب المهلوسة إلى صار يتعاطاها بشكل يومي (العباد التي كنت معهم كانوا كانوا هوما‬
‫ّ‬ ‫في ترويج‬
‫اللي يعطولي بال ما نشري يبعثوني نشري لهم نبيع لهم خطرش أنا صغير ما يديروهاش فيا)‪.‬‬
‫وبالقوة إذ يرى نفسه أفضل من أقرانه (تعطي لي ‪،plaisir‬‬
‫ّ‬ ‫المخدرة فيرى ّأنها تمنحه الشعور بالمتعة‬
‫ّ‬ ‫أما المادة‬
‫ّ‬
‫المحدر إال ّأنها قيمة‬
‫ّ‬ ‫نحس روحي ‪ fort‬شغل ‪ les hommes‬واحد ما ينجم لي) وهي قيمة يبحث عنها من خالل‬
‫تحمله م ّما يجعله يحتقر ذاته و ّأنه ال يساوي شيئا بدون استهالك‬
‫مزّيفة‪ ،‬وفي غيابها يشعر بفراغ رهيب ال يستطيع ّ‬
‫نحس روحي فاشل عندي ‪ vide‬شغل ما نصلح لوالو ‪ vraiment‬نحقر روحي‬ ‫المخدر (كي ما نكونسوميش ّ‬ ‫ّ‬
‫نتاع الصح)‪.‬‬
‫‪-3‬نتائج الرورشاخ‪:‬‬
‫تميزت إجاباته باإلختصار واإلقتضاب فلم‬
‫بروتوكول عصام ال يختلف كثي ار عن بروتوكول سمير‪ ،‬فقد ّ‬
‫وتم رفض اللوحة ‪ VI‬وهي لوحة ذات رمزية جنسية ويشير محتواها‬ ‫ق‬
‫يتجاوز الزمن الكّلي المستغر ‪ 8‬دقائق‪ّ ،‬‬
‫المحدد‬
‫ّ‬ ‫الكامن إلى الصورة األبوية‪ ،‬من جهة أخرى ّ‬
‫نسجل طغيان التناول الجزئي ‪ D‬على البروتوكول وسيادة‬
‫الرقابة وتشويه الواقع اإلدراكي‬
‫يدل على فشل ّ‬
‫مما ّ‬
‫الشكلي ‪ F‬الذي كان في أغلب اللوحات من النمط الردئ ‪ّ F‬‬
‫‪-‬‬

‫مما‬
‫نسجل قّلة تنوع المحتويات فقد اقتصرت في غالبيتها على المحتويات الحيوانية الكاملة ‪ A‬والجزئية ‪ّ Ad‬‬
‫كما ّ‬
‫التصورات لدى عصام‪ ،‬كما اكتفى المفحوص بحركة إنسانية واحدة مكبوتة متّجهة نحو‬
‫ّ‬ ‫يدل على فقر كبير في‬
‫ّ‬
‫السكون ‪ Kst‬في اللوحة ‪.III‬‬
‫أن هذا المفحوص قّلب‬
‫أمام اللوحات ‪ IX ،VII ،I‬التي يتعلق محتواها الكامن بالصورة األمومية نجد ّ‬
‫ميزها التحّفظ وجاءت خالية من التعليقات الشخصية ففي اللوحة ‪I‬‬ ‫أن إجاباته ّ‬
‫الّلوحات في كل اإلتجاهات كما ّ‬
‫(بانت لي كي شغل فراشة) فلم يدرك الصورة اإلنسانية المتمّثلة في المرأة التي ترفع يديها في المحور الوسطي‬
‫محدد شكلي ردئ ‪ F-‬ومحتوى بدائي من عالم النباتات ‪( Bot‬حشيش‬ ‫للوحة‪ ،‬وعند اللوحة ‪ VII‬كانت اإلجابة ذات ّ‬
‫هذا واال ‪ ...‬شجرة) ويكون بذلك قد ابتعد ّ‬
‫عما ترمز إليه اللوحة‪.‬‬
‫محدد لوني ‪ C‬هو الوحيد‬ ‫ّ‬ ‫نسجل ظهور‬‫ّ‬ ‫أمام اللوحة ‪ IX‬التي تناولها المفحوص تناوال جزئيا‬
‫أن اإلجابة‬
‫المحددات الشكلية على البروتوكول كما ّ‬
‫ّ‬ ‫ويعبر عن انفالت النزوة وبروزها رغم سيطرة‬
‫في البروتوكول ّ‬
‫ذات محتوى نباتي ال عالقة له بالصورة األمومية‪.‬‬
‫أن المفحوص‬ ‫موحدتان ومتماسكتان تستدعيان الصورة األبوية نجد ّ‬
‫أمام اللوحتين ‪ ،IV‬و‪ VI‬وهما لوحتان ّ‬
‫تناول اللوحة ‪ IV‬بشكل شامل ‪ G‬وكان محتوى اإلجابة حيوان خرافي )‪ (A‬يبعث على ّ‬
‫الرعب (هذا وحش واالّ ّتنين‬
‫يقدم أي إجابة مكتفيا بقوله (هذي ما فهمت فيها والو)‪.‬‬
‫يخوف) أما الّلوحة ‪ VI‬فقد رفضها كلية ولم ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -2.4‬تحليل النتائج‪:‬‬
‫كشفت معطيات إختبار الرورشاخ الصعوبات التي واجهها المفحوصان سمير وعصام أمام الوضعية‬
‫اإلسقاطية التي تثيرها اللوحات خصوصا تلك التي تكشف عن طبيعة الصور الوالدية‪ ،‬فقّلة اإلجابات وإختصارها‬
‫يعبر عن عدم استثمار لوحات اإلختبار والعجز عن إدراك المحتوى‬‫وعدم استغراق الوقت الكافي عند تناولها ّ‬
‫يدل على التعّلق بالواقع الخارجي‬
‫المحددات الشكلية الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫الكامن الذي تستدعيه كما نجد عند الحالتين طغيان‬
‫ومحاولة خنق الحياة العاطفية والهوامية (‪ )Anzieu & Chabert, 1987, 74‬مع محاولة اإلستناد عليه‬
‫يتم استثمارها ضف إلى ذلك اإلنزالق اإلدراكي الذي وقع‬
‫للتعويض عن الفقر في الحياة الداخلية الهوامية والتي لم ّ‬
‫المسجل في محتوى اإلجابات والتي‬
‫ّ‬ ‫أما عن الفقر‬
‫المحدد الشكلي الردئ ‪ّ F‬‬
‫‪-‬‬
‫ّ‬ ‫تم التعبير عنه بارتفاع‬
‫عصام والذي ّ‬
‫التصورات واللجوء إلى الفعل واستثمار مضاد للحياة الداخلية فحسب‬
‫فيدل على فقر وشلل في ّ‬‫كانت غير متنوعة ّ‬
‫النرجسي والموضوعي فإذ الم تكن القواعد‬
‫فإن المراهق يشهد صراعا عنيفا بين المحورين ّ‬
‫)‪ّ (Jeammet, 2005‬‬
‫التصورات الذهنية وحتى شلال في الفكر‬
‫ّ‬ ‫النرجسية صلبة يمكن للصراع أن يؤدي إلى نزع االستثمار من‬
‫وشبه توقف للحياة الهوامية والعاطفية لصالح الرقابة واللجوء إلى الفعل أو للحياة الخارجية كاستثمار مضاد‬
‫للحياة الداخلية‪.‬‬
‫مخدرة‬
‫المحددات الشكلية يتوافق مع استعمال مادة ّ‬
‫ّ‬ ‫أن اإلستناد على المواضيع الخارجية وسيادة‬
‫كما ّ‬
‫كموضوع خارجي تكون وظيفته مأل الثغرات وتضميد الجروح النرجسية التي تعرض لها كل من سمير وعصام‬
‫بفعل اإلحباطات الناتجة عن الصورة المؤلمة لألب الغائب عاطفيا عن مجالهما هذا الغياب يتكرس بفعل المعاملة‬
‫القاسية والمحبطة لألب في حالة سمير وفي التخّلي واإلهمال الوالدي في حالة عصام‪ ،‬ففي هذه الحالة يرى‬
‫ويعوضه – أي الموضوع ‪ -‬بمادة اإلدمان التي يجعلها‬ ‫ِ‬
‫تش ّكل الحاجة إلى الموضوع تهديدا نرجسيا فيستجيب األنا ّ‬
‫تميز إنتاج المفحوص بغياب الصور اإلنسانية الكاملة حتى في اللوحات التي تقتضي ذلك‬
‫تحت سيطرته كما ّ‬
‫المفحوصين بإجابة حيوانية‬
‫ْ‬ ‫فعدم إدراك الصورة اإلنسانية الممّثلة في المحور الوسطي للوحة ‪ I‬واكتفاء كل من‬
‫إضافة إلى التساؤل الذي رافق اإلجابة يمثل محاولة للتخفيف من القلق الذي تثيره الصورة األمومية الالشعورية‬
‫عندهما وفي نفس سياق لم يتم ّكنا من إدراك صورة أمومية مريحة ومحتوية في اللوحة ‪ VII‬حيث أدرك سمير‬
‫يدل على صورة أمومية‬
‫ميز إجابته ّ‬ ‫محتوى إنساني جزئي غير مكتمل ّ‬
‫أما عصام فاإلنزالق اإلدراكي الذي ّ‬
‫الشعورية محبطة‪ ،‬مزعجة وغير حاوية‪.‬‬
‫وكرسها سلوك األم في الواقع فسمير‬
‫رسخها ّ‬
‫المفحوصين ّ‬
‫ْ‬ ‫السابقة عند كل من‬
‫أن الصورة األمومية ّ‬‫ال شك ّ‬
‫أمه في رسم الحدود النفسية واإلجتماعية من خالل ما كانت تمارسه في غياب األب‪ ،‬والصورة مشابهة‬
‫لم تساعده ّ‬
‫مما ش ّكل لديه حرمانا عاطفيا وفراغا نفسيا‬
‫أمس الحاجة إليها ّ‬
‫عند عصام إذ أن األم تخّلت عنه في وقت هو في ّ‬
‫المخدرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حاول كل من المفحوصين مأله باللجوء للمادة‬
‫أن سمير أخفق في بناء‬
‫المفحوص ْين ذلك ّ‬
‫َ‬ ‫الصورة األبوية لم تكن أحسن حاال من الصورة األمومية عند‬
‫أن ابتعد كثي ار عن المحتوى الكامن للوحتين فلم يدرك صورة األب‬
‫إجابة شاملة عند اللوحتين ‪ IV‬و‪ VI‬كما ّ‬
‫في شكل سلطة ممّثلة في اللوحة وال الرمزية الجنسية في اللوحة ‪ VI‬حيث توحي إجاباته باإلستكانة والسعي‬
‫إلى تغطية النقائص الداخلية واإلبتعاد عن الصورة األبوية المقلقة‪ ،‬ونفس الصورة األبوية تش ّكلت لدى عصام الذي‬
‫المعبرة عن الجنسية هذا الرفض هو بمثابة‬
‫ّ‬ ‫أبدى إنزعاجه من اللوحة ‪ IV‬المخيفة حسب تعبيره‪ ،‬ورفضه للوحة ‪VI‬‬
‫ظل أب مح ٍبط متخلي عن ابنه الوحيد الذي لم يجد في محيطه‬
‫مؤشر لصدمة مواجهته لصورة أبوية نشأت في ّ‬
‫المخدرات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لألبوة غير أناس منحرفين قادوه وهو الشاب الصغير إلى عالم اإلدمان على‬
‫من هو ممثال ّ‬
‫‪-3.4‬مناقشة النتائج‪:‬‬
‫المخدرات‬
‫ّ‬ ‫تمّثلت دراستنا في محاولة تسليط الضوء على الصور الوالدية لدى المراهق المدمن على‬
‫بغرض الكشف عن طبيعتها من خالل دراسة حالتين عياديتين استخدمنا فيها كال من المقابلة العيادية نصف‬
‫المخدرات يحمل صورة سلبية‬‫ّ‬ ‫أن المراهق المدمن على‬ ‫موجهة وإختبار إسقاطي هو الرورشاخ‪ ،‬وكانت النتيجة ّ‬
‫وغير واضحة عن والديه تتميز بكونها مقلقة ومحبطة وهذا ما يثبت الفرضية المقترحة في بداية الدراسة‪.‬‬
‫التوصل إليه في بعض الدراسات السابقة كدراسة آيت سيدهم (‪)1984‬‬
‫ّ‬ ‫تم‬
‫مما ّ‬
‫اقتربت هذه النتائج كثي ار ّ‬
‫توصل إلى أن الصور الوالدية عند هذه الفئة‬
‫حول التعبير عن الصور الوالدية عند المراهقات الجانحات‪ ،‬والذي ّ‬
‫الحب والحماية وأيضا دراسة بيروق (‪ )2018‬حول ''صورة األب ودورها‬
‫ّ‬ ‫تتميز بالسلبية أيضا وتتسم بغياب‬
‫أن لصورة األب المتسّلط أو المهمل دو ار في ظهور‬
‫توصلت إلى ّ‬
‫في ظهور السلوك الجانح لدى المراهق'' التي ّ‬
‫السلوك الجانح لدى المراهق‪.‬‬
‫المخدرات واإلدمان عليها جاء بفعل مخالطة‬
‫ّ‬ ‫كما أظهرت نتائج الدراسة من جهة أخرى أن بداية تعاطي‬
‫لألبوة المفتقدة عند الوالدين الذي كانا غائبين‬
‫سنا ألنهما كانا يريان فيهم ممّثلين ّ‬
‫اهقين ألشخاص يكبرونهما ّ‬ ‫المر ْ‬
‫أن إخفاق األب (‪ )Corneau, 2009, 26‬في وظيفة األبوة‬ ‫عاطفيا ووجدانيا قبل أن يغيبا جسميا وماديا ومعلوم ّ‬
‫ينتج عنه إخفاقا وفشال لدى اإلبن‪ ،‬كما أظهر تحليل بروتوكول الرورشاخ وخاصة اللوحات المتعّلقة بالصور‬
‫تميزها صور والدية غير مريحة بل مقلقة ومحبطة‬ ‫أن المفحوصين يملكان حياة نفسية داخلية فقيرة ّ‬ ‫الوالدية ّ‬
‫وهذا ما جعلهما يلجأن إلى الوسط الخارجي للبحث عن مواد تجنبهما القلق الذي يعيشانه بفعل تلك الصور وتسمح‬
‫لهما بالتحكم بتوجيه المشاعر المؤلمة والتح ّكم فيها وهذا ما ذهب إليه )‪ )Pommereau, 1997, 26‬حول‬
‫المرور إلى الفعل وعدم تقدير عواقب ذلك‪ ،‬إذ يرى أن‪ '' :‬كل مرور إلى الفعل – ومنه اإلدمان ‪ -‬يمّثل وسيلة‬
‫لإلنسحاب من ماضي مؤلم أو من تبعية والدية كبيرة مفرطة أو تصورات غير مقبولة ثم يعطي نفسه الشعور‬
‫بتوجيه والتحكم في الفائض من المشاعر والعواطف''‪.‬‬
‫المتعددة سواء نتجت عن ممارسة األم للرذيلة (الخيانة‬
‫ّ‬ ‫بالمخدر يش ّكل ضمادة لإلحباطات‬
‫ّ‬ ‫أن تعّلقهما‬
‫كما ّ‬
‫وعمقتها معاملة األب القاسية والعنيفة أو نتجت عن التّخّلي الوالدي عن طفل وحيد وما نتج‬ ‫ّ‬ ‫الزوجية)‬
‫المخدر موضوعا خارجيا يقيم‬
‫ّ‬ ‫عنه في الحالتين من عدم رسم للحدود النفسية واإلجتماعية للمراهق الذي وجد في‬
‫أن اإلدمان (‪ )Jeammet & Corcos, 2001, 56‬يمّثل‬ ‫معه عالقة يرى ّأنه يستطيع التحكم فيها‪ ،‬وهذا يؤّكد ّ‬
‫ومتجددا إراديا أي ّأنه غير قابل‬
‫ّ‬ ‫محاولة إلستبدال عالقة بين شخصية بموضوع مادي متح ّكم فيه‬
‫للتالشي والزوال‪.‬‬
‫يتم ضمن الماضي الطفولي للفرد‬
‫أن البحث عن تلك اإلستعدادات النفسية لإلدمان ينبغي أن ّ‬
‫كما ّ‬
‫أن السلوكات اإلدمانية تعزى إلى نقص‬
‫وفي عالقاته األمومية األولى حيث ترى (‪ّ )Mc Dougal, 2004‬‬
‫كأنه غائبا‬
‫السند األمومي الذي ال يسمح للفرد بإرصان سيرورة اإلنفصال فيعاش الموضوع األمومي الداخلي ّ‬
‫في َّ‬
‫أو غير قادر على مواساة وطمأنة الطفل المضطرب‪.‬‬

‫‪-5‬الخالصة‪:‬‬
‫موجهة وبتطبيق إختبار الرورشاخ‬
‫أظهرت الدراسة العيادية لهاتين الحالتين باستخدام مقابلة عيادية نصف ّ‬
‫المحك وتكشف عن النقائص التي عايشها‬
‫ّ‬ ‫أن المراهقة تجعل المواضيع التي تعّلق بها الفرد أثناء طفولته على‬
‫ّ‬
‫وعن اإلشكاليات العالقة فعند بعض المراهقين على غرار سمير وعصام تكون الصور الوالدية غير واضحة ومقلقة‬
‫وهذا ما يمنع حدوث تق ّمصات ناجحة ويجعلهما يفقدان المعالم وال يضبطان حدودهما في وجود والدين حقيقين‬
‫تجمعهما عالقة صراعية وّلدت الفراق بينهما أو في وجود فراغ عاطفي ناتج عن تخّلي الوالدين عن طفلهما الوحيد‬
‫تجنبهما القلق الناتج عن تلك الصور الهوامية المقلقة‬
‫مخدرة من الوسط ّ‬
‫اهقين يلجئان حينئذ إلى مواد ّ‬
‫مما جعل المر ْ‬
‫ّ‬
‫والمحبطة في غياب أي سند داخلي أو خارجي‪ ،‬وفي محاولة منهما للتّحرر من التبعية لتلك الصور – خصوصا‬
‫المخدرة يستهلكانها بشغف وبمتعة وتصبح محو ار تدور حولها حياتهما‬
‫ّ‬ ‫فإنهما يلجئان إلى المادة‬
‫األبوية منها‪ّ -‬‬
‫التحرر منها أو حتى التح ّكم فيها ويؤكد )‪ )Brusset, 2004‬على ذلك إذ يرى ّ‬
‫أن المراهق وأثناء‬ ‫ّ‬ ‫وال يستطيعان‬
‫يتعزز من خالل‬
‫فإنه يقع في شكل آخر من التبعية والذي ّ‬
‫محاولته لتجاوز التبعية العاطفية للمواضيع األوديبية ّ‬
‫سيرورة دائرية ‪ processus circulaire‬كما يشير إلى الطابع النرجسي لهذه العملية وإلى بعدها التخريبي الذاتي‬

‫أن للسلوك اإلدماني داللة أخرى (‪ )Richard, 1998, 51‬إذ من خالله ّ‬


‫يعبر المراهق‬ ‫‪ ،autodestructive‬كما ّ‬
‫عن رفضه لماضيه الطفولي كما ّأنه يستعمله في معارضة ومواجهة الوسط العائلي واإلجتماعي وكذلك قطع‬
‫الروابط مع ذلك الماضي‪.‬‬
‫إقتراحات‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتوصلنا‬
‫ّ‬ ‫المخدرات‬
‫ّ‬ ‫سلطنا الضوء في هذه الدراسة على الصور الوالدية عند المراهق المدمن على‬
‫فتبين ّأنها مقلقة‪ ،‬محبطة أو مخيفة تدفع بالمراهق إلى السلوك اإلدماني‪ ،‬هذه الدراسة‬
‫إلى الكشف عن طبيعتها ّ‬
‫سمحت لنا بتقديم بعض اإلقتراحات التي نرى ّأنها تفتح آفاقا جديدة سواء في البحث العلمي أو في التكّفل النفسي‬
‫بهذه الفئة‪:‬‬
‫‪ -1‬إنجاز المزيد من البحوث والدراسات الميدانية حول الوظيفة الوالدية (األمومية واألبوية) وإبراز تأثيرها‬
‫تصور الوظيفة الوالدية‬
‫ّ‬ ‫على السير النفسي للمراهق‪ ،‬نمط التعّلق والعالقة بالموضوع عند المراهق المدمن‪،‬‬
‫المخدرات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عند والدي المراهق المدمن‪ ،‬وعند الوالد المدمن على‬
‫‪ -2‬إبراز الصور الوالدية والعمل على تحسينها والتخفيف من ثقلها من خالل المقابالت والجلسات العالجية‬
‫وكذا إشراك الوالدين في السيرورة العالجية أثناء التكفل بالمراهق ضمن عالج أسري نسقي‪.‬‬
‫الرفع من مستوى تكوينه وتدعيم دوره في التكفل النفسي بالمدمنين‬ ‫تدخل األخصائي النفسي و ّ‬ ‫‪ -3‬تعزيز ّ‬
‫المخدرات وتعزيز المقاربات والممارسات النفسية أمام المقاربات والممارسات الطبية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫على‬
‫‪ -‬االحاالت والمراجع‪:‬‬
‫أنجرس‪ ،‬موريس (‪ .)2010‬منهجية البحث العلمي في العلوم اإلنسانية‪ -‬ترجمة‪ :‬بوزيد صحراوي‪ ،‬كمال بوشرف‪،‬‬
‫وسعيد سبعون‪ .‬الجزائر‪ :‬منشورات القصبة‪.‬‬
‫بن أوسعد‪ ،‬نبيلة (‪ .)2014‬الصور الوالدية عند األطفال الذين يعانون من الفوبيا المدرسية خالل فترة الكمون‪.‬‬
‫دراسات نفسية وتربوية‪ .‬العدد ‪.190 -165 .12‬‬
‫الطب العقلي‬
‫ّ‬ ‫بورافة‪ ،‬هجيرة وقهار‪ ،‬صبرينة (‪ .)2018‬الصور الوالدية‪ :‬دراسة حالة مراهقة متكّفل بها في مصلحة‬
‫د راسات في العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪.294 -282 .)2( 32 .‬‬
‫بيروق‪ ،‬نور الهدى هناء (‪ .)2018‬صورة األب ودورها في ظهور السلوك الجانح لدى المراهق‪ .‬مجلة التغير‬
‫االجتماعي‪.232 -213 .)2( 3 .‬‬
‫المخدرات واإلدمان‪ ،‬و ازرة العدل‪ . )2017( -‬الحصيلة السنوية‪ :‬نشاطات مكافحة‬ ‫ّ‬ ‫الديوان الوطني لمكافحة‬
‫المخدرات واإلدمان‪ .‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪.‬‬
‫ّ‬
‫المخدرات والمجتمع‪ :‬نظرة تكاملية‪ .‬الكويت‪ ،‬الكويت‪ :‬عالم المعرفة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سويف‪ ،‬مصطفى (‪.)1996‬‬
‫سي موسي‪ ،‬عبد الرحمان وبن خليفة‪ ،‬محمود (‪ .)2008‬علم النفس التحليلي واالسقاطي‪ .‬الجزائر‪ :‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.‬‬
‫شقرونة‪ ،‬فطيمة الزهرة وصالحي‪ ،‬حنيفة )‪ (2019‬تحديد الصورة الوالدية من حيث الشكل والوظيفة عند الطفل‬
‫المريض بالربو وفعالية الذات لديه‪ .‬مجلة العلوم اإلنسانية جامعة أم البواقي‪.141 -128 .(1) 6 .‬‬
‫فطاير‪ ،‬جواد (‪ .)2001‬اإلدمان‪ :‬مراحله‪ ،‬أنواعه‪ ،‬عالجه‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪.‬‬
Ait Sidhoum, A. (1984). Expression des images parentales chez les jeunes filles
algeriennes délinquantes. Thése de Doctorat en psychologie clinique. Université Paris
V.
Anzieu, D., & Chabert, C. (1987). Les méthodes projectives. Paris: Quadriage Puf.
Beizmann, C. (1966). Livret de cotation des formes dans le Rorschach. Paris: centre
de psychologie appliquée.
Bernateau, I. (2008). La séparation, un concept pour penser les relations précoces et
leurs réaménagement. Psychiatrie de L’enfant . 51. 425-455.
Brochu, S. (2006). Drogue et criminalité. Montreal, Canada: presse universitaire.
Brusset, B. (2004). Dépendance addictive et dépendance affective. Revue Française de
Psychanalyse .2 (68). 405 - 420.
Chabert. (1983). Le Rorschach en clinique adulte, interpretation psychanalytique. Paris:
Dunod.
Chabert, C. (2002). Les parents interieurs. La psychiatrie de L'enfant .2 (45). 379- 391.
Corneau, G. (2009). pére manquant fils manqué. Paris: J'ai lu.
Doron, J. (2001). La méthode du cas en psychologie clinique et en psychopathologie. Paris:
Dunod.
Fernandez, L., & Pedinielli, J. L. (2006). La recherche en psychologie clinique. Recherche en
Soin Infirmiére. 84 (1). 41-51
Freud, A. (1936). Le moi et les mécanismes de defense. Paris: Presses universitaires de
France.
Jeammet, P. & Corcos, M. (2001). Evolution des problématiques a l'adolescence. Doin
edition.
Laplanche, J., & Pontalis, J. B. (2007). Vocabulaire de la Psychanalyse (éd. 5eme). Puf.
Lauru, D. (2003). Figure de l'autorité à l'adolescence. Enfance & Psy. 22 (2). 118-124.
Mc Dougal, J. (2004). L'économie psychique et l'addiction. Revue Française de
Psychanalyse. 511- 527.
Miel, C. (1999). La toxicomanie ou la quête impossible de l'objet. Psychotrope . 1 (8). 7- 21.
Perron, R. (2006). La pratique de la psychologie clinique. Paris: Dunod.
Perron, R. (2006). La pratique de la psychologie clinique. Paris: Dunod.
Richard, F. (1998). Les troubles psychiques à l'adolescence. Paris: Dunod.
Vincent, O. (2008). Claude Oliveistein : L'homme qui a changé l'approche de la toxicomanie.
L’expresse. https://www.lexpress.fr/actualite/societe/sante/claude-olievenstein-l-
homme-qui-a- changé-l-approche-de-la-toxicomanie_726425.html . site visité le
01/10/2019.

: APA ‫كيفية االستشهاد بهذا المقال حسب أسلوب‬


‫ مجلة‬.‫ الصور الوالدية عند المراهق المدمن على المخدّرات دراسة عيادية‬.)2020( ‫ محمود‬،‫ أحمد وبن خليفة‬،‫عوادي‬
.202-188 .‫ الجزائر‬،‫ جامعة الوادي‬:‫ الجزائر‬،)3(6 .‫العلوم النفسية والتربوية‬

You might also like