Professional Documents
Culture Documents
دراسة عيادية
parental imagos in adolescent drug addicts
clinical study
2
أحمد عوادي ،*،1محمود بن خليفة
1مخبر علم النفس المرضي واألنتربولوجيا التحليلية ،جامعة الجزائر( 2الجزائر)ahmedaouadi10@gmail.com ،
جامعة الجزائر( "2الجزائر)benkhelifa60@outlook.com ، 2
تصورات ال شعورية تتشكل من العالقات الواقعية والهوامية األولى بين الطفل ووالديه،
الصور الوالدية ّ
تمثل ّ
ملخصّ :
فيتم استدخالها لتصبح ضمن مواضيعه الداخلية ،وعند بلوغ المراهقة فإن الفرد يسعى إلى تحقيق ذاتيته واستقالليته ّ
فإن ذلك يشعره باألمان ويساعده على تحقيق توازنه ِ
طمئَنة ّوم ْ
الصور ،فإن كانت مريحة ُ
عن والديه ،فتبرز حينئذ تلك ّ
تجنبها ويسعى للتخلص من التبعية لها النفسي واإلجتماعي ّأما إن كانت محبطة ومقلقة فإن المراهق سيعمل على ّ
كالمخدرات التي يدمن عليها.
ّ وهذا ما قد يدفعه إلى الوقوع في التبعية لمواضيع خارجية
المخدرات بغرض الكشف
ّ تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على الصور الوالدية لدى المراهق المدمن على
وللتحقق من فرضية الدراسة استخدمنا المنهج العيادي وأدوات بحث
عن طبيعتها من خالل عرض حالتين عياديتينّ ،
متمثلة في مقابلة عيادية نصف موجهة واختبار الرورشاخ.
ّ
تميزها صور والدية مقلقة
المخدرات يمتلك حياة داخلية فقيرة ّ
ّ أظهرت نتائج هذه الدراسة أن المراهق المدمن على
بتجنب تلك الصور.
تمثل بدائل تعويضية تسمح له ّالمخدرات ّ
وأن ّأو محبطةّ ،
مخدرات.
الكلمات المفتاحية :صور والدية؛ مراهقة؛ إدمان؛ ّ
Abstract: Parental images are unconscious representations that are formed from the first
real and fantasmatic relationships between the child and his parents. They are integrated
to be part of his internal objects. In adolescence, the individual seeks to become
independent from his parents, so these images emerge. If they are reassuring, he feels
safe and thus reaches his psycho-social balance ; so, if they are distressing, he will work
to avoid them and seek to get rid of them; which could cause him to become dependent
on external objects such as drugs.
This study aims to clarify the parental images of adolescent drug addicts in order to
reveal their nature through two clinical cases. To test the study hypothesis, we used the
clinical method, the semi- guided clinical interview and the Rorschach test.
The results show that the adolescent drug addict has distressing parental images, and that
the drug represents a substitute which enables him to avoid them
Key words: parental images; adolescence; drug addiction; drugs
*المؤلف المراسل
-1مقدمة:
تمّثل األسرة المحضن الطبيعي الذي ينمو فيه الفرد وتتبلور فيه شخصيته ،فمنذ الطفولة األولى
سارة أو محبطة ترتسم لدى الطفل صو ار
ومما يعايشه من خبرات ّ
ومن خالل عالقاته الواقعية والهوامية بوالديه ّ
ال شعورية عنهما ،وهذه الصور تعتبر قاعدة بناء وتكوين للشخصية كما ّأنها ذات تأثير بالغ على سلوكه
الصور لتصبح
تكيفه النفسي اإلجتماعي مستقبال ،فمنذ المراحل الطفولية األولى يقوم الفرد باستدخال تلك ّ
وعلى ّ
هاما من المواضيع التي تش ّكل عالمه الداخلي والهوامي.
جزءا ّ
عند البلوغ يتم إعادة تنشيط الصراع األوديبي وإحياء اإلشكاليات الطفولية العالقة كما يسعى الفرد أثناء
مما يجعله خاضعا لتجاذبات نرجسية
ذلك إلى تحقيق الفردنة واإلنفصال عن المواضيع الطفولية المستدخلة سابقا ّ
السجل
سجل اإلنفصال و ّوموضوعية تجعل الصور الوالدية حسب ( )Chabert, 2002تبرز إلى الواجهة ضمن ّ
تصورات وعواطف مقلقة كانت مكبوتة خالل فترة الكمون لتعود بقوة في مرحلة بعدية
ّ األوديبي مع ما تحمله من
l’après-coupالمتمّثلة في المراهقة.
أن المراهقة ليست فترة زمنية يكون فيها الفرد طفال وراشدا في نفس الوقت بل هي فترة لم يعد فيها
ال شك ّ
أن هذه الفترة كثي ار ما تكون صاخبة يبحث فيها الفرد عن ّ
هويته وذاتيته الفرد طفال كما ّأنه لم يصبح راشدا ،كما ّ
ويعيش بفعل ذلك صراعات وتوتّرات وعدم استقرار كما نجده يعاني تناقضات صارخة على المستوى النفسي
عدة رغبات متعارضة في آن واحد.والسلوكي ويبدو متأرجحا بين ّ
تصف ) (A, Freud, 1936, 149-150حالة التناقض الذي يعيشه المراهقون بقولها'' :المراهقون
ال يثبتون على حال إذ ينتقلون من النقيض إلى النقيض فتجدهم يتأرجحون بين الطاعة العمياء لمن يقودهم
ضد أي سلطة ،كما يندمجون بحماسة كبيرة في حياة جماعية إالّ ّأنه أحيانا تتمّلكهم رغبة عارمة وبين التّمرد ّ
في العزلة ،يعملون أحيانا بحماسة وحيوية وأحيانا أخرى ينتابهم اإلعياء والوهن كما نجدهم يجمعون بين األنانية
والمادية من جهة وبين الغيرية والمثالية من جهة أخرى''.
أخص
ّ يتميز المراهق بصعوبات عالئقية مع أفراد أسرته ومحيطه خصوصا الراشدين منهم وبصورة
كما ّ
الوالدين فالطفل لم يعد ذلك الوديع الهادئ كما ألفه والداه ولم يعد رفع الصوت من طرف األب أو األم كافيا
أما الطاعة وتنفيذ األوامر فتلك مسألة أخرى.إلسكاته ّ
وسواء اعتبرنا المراهقة سيرورة نمو انتقالية أو أزمة حقيقية واضطراب في النمو فإنه كثي ار ما تُ ِ
حدث ّ ّ
توجه المراهق نحو العالم الخارجي المحيط به بحثا عن مواضيع
التقمصات وفي النظرة للذات بسبب ّ إرتجاجا في ّ
خارجية جديدة يستثمرها وتكون المراهقة عندئذ حسب ( )Lauru, 2003, 118-124أشبه بعملية قفز في الفراغ
تقمصات أبوية ناجحة ،فيلجأ المراهق
ظل وجود صور والدية مرعبة أو مقلقة ال تسمح بحدوث ّ ويتحّقق هذا في ّ
لألبوة فيقع بين يدي أشخاص منحرفين ال يدرك
ّ سنا منه بحثا عن ممثّلين
عندها إلى مخالطة أشخاص أكبر ّ
نهايته معهم فيكون قد قفز في الفراغ.
فإذا كانت الطفولة األولى تفصل الطفل عن األم الحقيقية بفضل إستدخالها ،فالمراهقة (Bernateau,
) 2008على العكس من ذلك تفصل الطفل المراهق عن مواضيعه المستدخلة (الصور الوالدية) وتقوده للقاء
واستثمار موضوع جديد وحقيقي خارج أسرته.
أولت الباحثة Kestembergالمراهقة أهمية بالغة لما يحدث أثناء المراهقة من خالل مقالها'' :الهوية
ظم نفسي
التقمصات عند المراهقين :قضايا نظرية وتقنية'' الذي نشرته عام 1962فاعتبرت هذه المرحلة " من ّ
و ّ
" لما يحدث فيها من تعديالت على المستوى النفسي والتي يغطيها تنوع األعراض والسلوكات كما سّلطت الضوء
على الصعوبات العالئقية التي يجدها المراهق مع غيره – مع الراشدين عموما -والتي تعود في نظرها أساسا
يعززه إكتساب الجسم إلى حاجة المراهق لرفض الصور الوالدية ) (Kestemberg, 1962, 61هذا الرفض ّ
التقمصات عندها صراعية مما يثير لديه
فيتم إحياء الصراعات األوديبية وتصبح ّ
للنضج الجنسي وللقدرة التناسلية ّ
اهتز بفعل التغيرات التي فرضها البلوغ فيصبح المراهق مطالبا بإدماج
قلقا بالغا ،يدفعه إلى تعديل بنية األنا الذي ّ
هذا النضج الجسماني ضمن نظامه الليبديني والعالئقي ،وإضافة إلى رفض الصور الوالدية يلجأ المراهق إلى طي
ّ
يتم بسهولة بل يرافقه شعور بالوحدة
أن العمل النفسي ال ّ
اللبيدو وسحبها من المواضيع فتصبح نرجسية غير ّ
وباإلنطواء على الذات وأيضا قلق هوياتي angoisse identitaireمتعلق بتماسك شخصيته ،يريد أن يكون غريبا
عن اآلخرين فإذا به يصبح غريبا عن نفسه.
الصور الوالدية المستدخلة أثناء الطفولة ،فإن
يتم استدعاء ّ
بالموازاة مع إحياء اإلشكاليات الطفولية العالقة ّ
سن الرشد بأمان، كانت تلك الصور مريحة وم َ ِ
ط ْمئنة ساعد ذلك على تجاوز إشكاليات المراهقة واالنتقال إلى ّ ُ
أما إن كانت مرعبة ومقلقة ،فإن المراهق قد يسعى لتجاوز القلق الذي تثيره تلك الصور باللجوء إلى مواضيع
يتم تعاطيها بشغف إلى أن يدمن عليها وتصبح مرك از الهتمامه ومحو ار تدور حولها
المخدرة التي ّ
ّ خارجية كالمواد
ويتعزز أثناء تلك الفترة الحاسمة من حياة
ّ حياته لذا يرى )ّ (Brochu, 2006
أن السلوك اإلدماني عموما يبدأ
المخدرات وولوجهم
ّ أن تعاطيهم
عدة مقابالت عيادية منجزة مع مدمنين من مختلف األعمار ّ الفرد كما أ ّكدت ّ
عالم اإلدمان بدأ أثناء فترة المراهقة.
المخدرات ليس وليد الصدفة بل هو ظاهرة متشابكة تتقاطع فيها األبعاد البيولوجية ،النفسية
ّ اإلدمان على
محصلة معادلة ( )Vincent, 2008ذات ثالث وسائط كون اإلدمان لقاء بين شخص
ّ واإلجتماعية للفرد فهو
معين كما ذهب إلى ذلك .Olivenstein
ومادة في سياق إجتماعي ثقافي ّ
ّ
كما ّأنه آفة حقيقية تعاني منها العديد من المجتمعات وتكمن خطورتها فيما تخّلفه من آأثار تخريبية كبيرة
أن انتشار هذه الظاهرة في بالدنا على مستوى الوظائف الذهنية ،النفسية واإلجتماعية للشخص المتعاطي ،كما ّ
المخدرات واإلدمان التابع لو ازرة العدل
ّ صار يدعو للقلق بحسب التقارير الصادرة عن الديوان الوطني لمكافحة
يتم رصدها وتفكيكهاالمروجة التي ّ
ّ الكميات الهائلة المحجوزة وللشبكات
ّ ( )ONLD, 2017وبالنظر إلى
تنوع المواد المستعملة
في كل مرة ولقضايا الترويج الموضوعة أمام المحاكم ،وما يزيد في خطورة الوضع هو ّ
وتنوعت لتشمل
تعددت المواد المستعملة ّ
القنب أو الكيف هو المادة الوحيدة المستهلكة بل ّ
متعدد) فلم يعد ّ
(إدمان ّ
المنومات ،مس ّكنات األلم وحتى بعض المذيبات العضوية والسوائل
كالمهدئاتّ ،
ّ قائمة كاملة من العقاقير الطبية
المخدرات وشاعت لتشمل اإلقامات والمراكز الجامعية
ّ امتدت دائرة
الطيارة كالبنزين والبرنيق ومواد الغراء وقد ّ
ّ
المؤسسات التربوية وهذا ما جعل الشباب والمراهقين الشريحة األكثر عرضة كون المراهق في هذه المرحلة
و ّ
حب جديدة فتستدعى عندئذ
الحاسمة من حياته يسعى للتخّلي عن المواضيع الطفولية ويبحث عن مواضيع ّ
التمسك بمواضيع
ّ الصور الوالدية وتبرز إلى الواجهة ويكون ثقلها كبير على سيره النفسي ّ
مما يدفعه إلى
المخدرات ،وهذا ما دفعنا إلى تسليط الضوء على هذه الصور
ّ معب ار عن ذلك بالّلجوء إلى
من الواقع الخارجي ّ
للكشف عن طبيعتها وقادنا إلى صياغة سؤال بحثنا كما يلي:
الصور الوالدية عند المراهق المدمن على المخدرات؟
-ما هي طبيعة ّ
-1.1فرضيات الدراسة:
لإلجابة على التساؤل إقترحنا الفرضية التالية:
المخدارت بكونها مقلقة.
ّ نظريا ،تتميز الصور الوالدية عند المراهق المدمن على
المخدرات ذلك من خالل عدم القدرة
ّ إجرائيا ،تظهر الصور الوالدية المقلقة عند المراهق المدمن على
على إرصان االشكاليات التي تستدعيها لوحات الرورشاخ التي تستدعي الصور الوالدية.
-2.1أهمية الدراسة:
يمكن تلخيص أهمية هذه الدراسة فيما يلي:
أن هذه الدراسة
-كونها تستهدف مرحلة عمرية حاسمة من حياة الفرد تتسم بتغيرات جسمية ونفسية عديدة كما ّ
تؤرق بال العديد من المختصين والمربين لما لها من خطورة
المخدرات التّي صارت ّ
ّ ترتبط بظاهرة اإلدمان على
على الصحة الجسمية والنفسية للفرد.
-تساهم هذه الدراسة في الوقوف على العوامل النفسية العميقة المؤدية لإلدمان عند المراهق.
المخدرات عموما
ّ -يمكنها أن تش ّكل إضافة علمية من شأنها إثراء المعارف المتعّلقة بموضوع اإلدمان على
وعند المراهقين بصورة خاصة.
المخدرات على مستوى المراكز والمصالح
ّ -يمكن استغالل نتائجها أثناء العالج والمرافقة النفسية للمدمنين على
المختصة في ذلك.
-3.1أهداف الدراسة :تهدف الدراسة إلى:
المخدرات.
ّ -معرفة طبيعة الصور الوالدية التي استدخلها المراهق المدمن على
المخدرات واإلدمان عليها.
ّ -معرفة بعض األسباب النفسية الالشعورية التي تدفع بعض المراهقين إلى تعاطي
-4.1الحدود الزمانية والمكانية للدراسة:
مدة الالزمة إلجراء المقابلة -الحدود الزمانية للدراسة :استغرق البحث من الناحية الزمنية 3أسابيع وهي ال ّ
المدة تمّثل الفترة التي يتطّلبها العالج
أن هذه ّ
العيادية نصف موجهة وتطبيق إختبار الرورشاخ ،على الحالتين كما ّ
ويقضيها المراهق المدمن بمصلحة معالجة اإلدمان بالمستشفى.
تم إجراء هذه الدراسة على اثنين من المراهقين (سمير وعصام) يتواجدان للعالج -الحدود المكانية للدراسةّ :
تم الّلقاء بهما بالمصلحة المذكورة والواقعة بمستشفى فرانتز فانون
المخدرات الذي ّ
ّ بمصلحة مكافحة اإلدمان على
للنساء
تم افتتاحها منذ 1998للتكّفل بالمدمنين ويوجد بها جناحان األول للرجال والثاني ّبالبليدة ،وهي مصلحة ّ
مختصون ،أطباء عامون
ّ أطباء
يضمّ :
ّ يدير المصلحة طبيب مختص باألمراض العقلية في وجود فريق عمل
أعوان شبه طبيون ،أخصائيات نفسانيات ،مساعدات إجتماعيات.
-2مصطلحات الدراسة والدراسات السابقة:
-1.2مصطلحات الدراسة:
الصور الوالدية :يعزى مصطلح الصور الوالدية Imagos parentalesإلى C. G. Jungالذي وضعه
ويعرفه كل من ( Laplanche & Pontalis,
عام 1911ليصف من خالله الصور األمومية ،األبوية ،واألخوية َّ
تصور الشعوري ونموذج أولي ّ prototype
يوجه كيفية تعاطي الشخص مع الغير ّ )2007, 196على ّأنه ''
ويبدأ تش ّكل تلك الصور انطالقا من العالقات المب ّكرة الواقعية والهوامية مع المحيط األسري للفرد '' ّ
يدل التعريف
أن الطفل يستدخل الصور الوالدية والعالقة التي تربطه بهما ومدى تفاعلهما معها منذ السنوات السابق على ّ
ثم يتمّثل تلك الصور ضمن معاشه النفسي. األولى ّ
يتم الكشف عن الصور الوالدية من خالل مدى قدرة المراهق على إرصان من الناحية اإلجرائية ّ
بالصور الوالدية وهي الّلوحات IVو VIالتي
ّ المحتويات الكامنة التي تستدعيها لوحات الرورشاخ المتعّلقة
الصورة األمومية.
تستدعي الصورة األبوية والّلوحات VII ،Iو IXالتي تستدعي ّ
المراهقة :أثناء تعريف المراهقة وجب التركيز على ما يحث فيها من تغيرات على المستوى النفسي
والسلوكي وتجاوز التعريفات التي ترى فيها مجرد فترة زمنية تسمح باإلنتقال من الطفولة والرشد ،لذا ّ
يعرفها
تميزها والمتعّلقة بالجسد والعالقة بالوالدين
التغيرات التي ّ
ّ هامة أساسها
) )Jeammet,2001على ّأنها مرحلة ّ
يؤدي إلى هشاشة العالم الداخلي.
مما ّ كما تتّسم بإعادة تنظيم التوازن النرجسي الموضوعي ّ
يتم من جهتها ترى ) )Kerstemberg, 1999, 61في المراهقة ''منظم نفسي'‘ ّ
وتعرفها على ّأنها مرحلة ّ
تغيرات البلوغ ويصبح المراهق مطالبا باستدخال النمو الفيزيولوجي ضمن
فيها إعادة تنظيم األنا الذي أثّرت فيه ّ
نظامه الليبيدني والعالئقي.
السن فاعتبرنا المراهق المعني بدراستنا هو الفرد الذي
ّ فإنا اعتمدنا إجرائيا على عامل
في دراستنا هذه ّ
سنه ما بين 14و 19سنة.
يتراوح ّ
يعرف اإلدمان حسب (سويفّ )17 ،1996 ،أنه '' كل حالة نفسية وأحيانا عضوية تنتج اإلدمانّ :
عن التعاطي المتكرر أو المستمر لمادة نفسية أو أكثر سواء أكانت طبيعية أو اصطناعية ويكون التعاطي بشكل
يورث اإلنشغال الشديد بالتعاطي وعجز أ و رفض لإلنقطاع أو حتى للتعديل فتصبح معه حياة الشخص تحت
سيطرة التعاطي بحيث يستبعد معها أي نشاط آخر''.
تعدد مواضيعه
يميز اإلدمان من رغبة جامحة ويشير إلى ّ
كما يرّكز فطاير ( )34 ،33 ،2004على ما ّ
فيعرفه على ّأنه'' :رغبة جامحة نحو الموضوع اإلدماني والذي قد يكون موضوعا ماديا
ويؤّكد على خطورته ّ
المخدرة والخمر والحبوب والسجائر وغيره وقد يكون حدثا كالقمار والجنس و ّ
الحب والعمل والكمبيوتر ّ كالمواد
أن اإلدمان أبطأ وأسوأ طريقة لإلنتحار و ّأنه أخطر رغبة جامحة عرفها اإلنسان حيث تأخذ
والهاتف واألنترنيت كما ّ
وتدمر كل من هو عزيز عليه ''.
حياة المدمن ّ
إن الشخص المدمن في دراستنا هو المتواجد بمصلحة مكافحة اإلدمان من أجل العالج
أما إجرائيا ف ّ
المخدرات بشكل يومي ولمدة تفوق السنة دون إنقطاع وتظهر عليه أعراض االنسحاب في غياب
ّ والذي يتعاطى
المادة المتعاطاة.
الدراسات السابقة:
ّ -2.2
لقد تناولت العديد من الدراسات النفسية موضوع الصور الوالدية عند العديد من الفئات والسيما
عند المراهقين وربطتها بمتغيرات مختلفة نذكر من بينها:
دراسة أيت سيدهم ( )1984عنوانها'' :التعبير عن الصور الوالدية عند المراهقات الجانحات ''
وهي دراسة وصفية مقارنة بين فتيات جانحات وأخريات غير جانحات ،استخدم فيها الباحث أدوات عيادية تمّثلت
أن الصور الوالدية
وتوصل الباحث إلى ّ
ّ في المقابلة العيادية نصف موجهة وإختبار إسقاطي موضوعي ،TAT
الحب والحماية وحضور
ّ عند المراهقات الجانحات كانت تتميز بخصائص سلبية متمّثلة خصوصا في غياب
العدوانية والتناقض (.)Ait Sidhoum, 1984
دراسة بن أوسعد ( )2014بعنوان ''الصور الوالدية عند األطفال الذين يعانون من الفوبيا المدرسية
خالل فترة الكمون '' وهي دراسة عيادية لست حاالت تتراوح أعمارهم بين 6و 12سنة وقد استخدمت الباحثة
توصلت فيموجهة واختبار الدينامية الشخصية و الصور DPIوتحليل المحتوى ،كما ّ المقابلة العيادية نصف ّ
بالسلبية وأن الصور المستدخلة غير قوية وغير ثابتة بما
تميزت ّ
أن الصور األبوية واألمومية ّنهاية الدراسة إلى ّ
طلع إلى المدرسة (بن أوسعد.)2014 ،
يكفي لتجعل الطفل يت ّ
دراسة بيروق ( )2018بعنوان'' :صورة األب ودورها في ظهور السلوك الجانح لدى المراهق'' وهي دراسة
عيادية على مجموعة من األحداث الجانحين المتواجدين بأحد مراكز التربية وقد استخدمت الباحثتان المقابلة
أو أن لصورة األب المهملوتوصلت إلى ّ
ّ موجهة واختبار إسقاطي موضوعي TAT العيادية نصف ّ
المتسلط عالقة بظهور السلوك العدواني فاإلهمال العاطفي يفقد المراهق ثقته بنفسه وهذا ما يدفعه إلى العدوان
كحل إلثبات ذاته وتأكيد قوته.
ّ
الطب
ّ دراسة بورافة وقهار( )2019عنوانها'' :الصور الوالدية :دراسة حالة مراهقة متكّفل بها في مصلحة
العقلي ،طبقت الباحثتان المنهج العيادي على حالة واحدة تمّثلت في مراهقة متكّفل بها في مصلحة الطب العقلي
أن
ّ وتوصلتا إلى نتيجة مفادها
ّ تفهم الموضوع ،TAT
موجهة واختبار ّ
واستخدمتا المقابلة العيادية نصف ّ
سبب لها أزمات واضطرابات نفسية دخلت مما ّ
الحالة المدروسة تحمل صورة سيئة وغير بنائية عن والديها ّ
بموجبها مصلحة األمراض العقلية.
دراسة صالحي وشقرونة ( )2019بعنوان'' :تحديد الصورة الوالدية من حيث الشكل والوظيفة عند الطفل
تم استخدام المنهج العيادي في هذه الدراسة وتمّثلت مجموعة البحث المريض بالربو وفعالية الذات لديه '' ّ
موجهة واإلستعانة بسّلم ساكس
أما أدوات البحث المستعملة فتمّثلت في مقابلة عيادية ّ
في 3أطفال مرضى بالربو ّ
الصور الوالدية وفعالية الذات
لفاعلية الذات إلدارة المرض المزمن ،وقد خلصت الباحثتان إلى وجود عالقة بين ّ
فالطفل يكون أكثر ارتباطا بوالديه من خالل المعاش الذي يجمعهم وهو المرض.
فتميزت
ّ أما دراستناأن هناك العديد من الدراسات ربطت الصورة الوالدية بمتغيرات أخرى ّ كما ّ
عن الدراسات السابقة باستخدام إختبار الرورشاخ الذي هو إختبار إسقاطي يستدعي اإلشكاليات البدائية على غرار
المخدرات.
متغير المراهق يعتبر عند الكثير من األفراد ّبوابة يلج منها إلى عالم اإلدمان و ّ
الصور الوالدية وأن ّ
- 3الطريقة واألدوات:
فإن قيمة النتائج تتوّقف على قيمة
-1.3منهج الدراسة :حسب Festingerو( Katzذكره أنجرسّ )97 ،2010 ،
المناهج المستعملة وهذا مهما كان موضوع البحث (أنجرس ،)2010 ،لذا وبغرض التحقق من الفرضية المقترحة
كإجابة عن سؤال إشكالية بحثنا كان علينا استخدام المنهج العيادي الذي يعتمد على دراسة الحالة وقد بدا لنا
المعمقة لحاالت فردية
ّ يهتم بالدراسة
ألنه كما يراه ( Anzieuذكره ّ )Doron, 2001, 17 مناسبا لهذه الدراسة ّ
من أجل الكشف عن خصوصيات الفرد وكذا اإلضطرابات المتعلقة بتوظيفه النفسي.
من جهة أخرى يضم هذا المنهج مستويين متكاملين (ّ )Fernadez & Pedenielli, 2006
يتم في األول جمع
المعمقة والشاملة للحالة.
ّ تتم الدراسة
المعطيات باستعمال (ساللم ،إختبارات ،مقابالت )...وفي الثاني ّ
لخص Lagacheالمنهج العيادي معتب ار إياه (ذكره )Perron, 2006, 14الطريقة التي ينظر
من جهته ّ
من خاللها النفساني العيادي للسلوك البشري حيث ينظر إليه في بعده الخاص وفي شموليته وفردانيته
معينة
يتصرف بها في مواجهة وضعية ّ
ّ مع استخالص وبأكبر قدر من األمانة الطرق التي يكون عليها الفرد والتي
التعرف عليها.
مع محاولة إعطاء معنى لذلك وفهم البنية والنشأة ( )la généseو ّ
-2.3أدوات الدراسة:
استعملنا في هذه الدراسة أداتين عياديتين يناسبان موضوع الدراسة ويتوافقان مع المنهج العيادي المتّبع
موجهة وإختبار الرورشاخ.
هما :المقابلة العيادية نصف ّ
موجهة:
-1.2.3المقابلة العيادية نصف ّ
تعتبر المقابلة العيادية حسب ( )Bénony & Chahraoui, 1999, 62من أكثر الوسائل المستعملة
سواء في العيادة أو في البحث فهي تسمح بجمع قد ار كافيا من المعلومات حول الحالة التي نرغب في دراستها
يعده الباحث ويناسب
محددة ّ
ظمة في محاور ّ يضم مجموعة أسئلة من ّ
ّ وعادة ما ترتبط مقابلة البحث بدليل مقابلة
طلب فيها يكون من الباحث
أن ال ّ
بأنها ال تهدف للتشخيص أو العالج كما ّ
تتميز هذه المقابلة ّ
فرضيات بحثه كما ّ
وليس من المبحوث.
تم تصميم مقابلة دراستنا بشكل يسمح باختبار فرضيات البحث والكشف عن الصور الوالدية لقد ّ
موضحة كما يلي:
تضمنت المقابلة 4محاور ّ
ّ التي نرغب في معرفة طبيعتها ،لذا
المخدرات نمط تعاطيها
ّ السن ،المستوى الدراسي ،نوع
المحور األول :البيانات الشخصية للمفحوص وتخص ّ
ومدة التعاطي.
ّ
وتضم نمط المعاملة الوالدية ،نظرته لهذه المعاملة ،العالقة العاطفية مع الوالدين
ّ المحور الثاني :العالقات األسرية
والتفاعل العاطفي بين أفراد األسرة جميعا.
المخدر ضمن تنظيمه النفسي والفكري
ّ المخدرة يشتمل هذا المحور على مكانة
ّ المحور الثالث :العالقة بالمادة
المخدر.
ّ والعالئقي للمفحوص ،وصف اإلنفعاالت الحاصلة في حالة غياب
المحور الرابع :اآلفاق المستقبلية للمفحوص للكشف عن وجود أو غياب مشروع مستقبلي ،استثمار في الدراسة
أو العمل.
-2.2.3إختبار الرورشاخ:
أهم اإلختبارات اإلسقاطية التي يعتبرها بعض الباحثين ( Anzieu & Chabert,
يعتبر الرورشاخ أحد ّ
وتتم
وتصور نواتها الخفية التي تظهرها عملية التمرير ّ
ّ )1987,بمثابة األشعة السينية التي تنفذ داخل الشخصية
بعدها قراءتها من خالل تحليل وتفسير البروتوكول الناتج ،فيظهر ما كان خفيا ،أو كامنا و يصبح مكشوفا ما كان
المحصل عليها بفهم نوعية العالقة مع الواقع وفي الوقت
ّ معّقدا ومستت ّار ومن جهة أخرى تسمح ّ
المادة االسقاطية
نفسه تم ّكن من الوقوف على إمكانية الفرد إلدماج نظامه الفكري ضمن واقعه النفسي إذ يجد هذا األخير نفسه
تبين لنا كيف يواجه عالمه الداخلي ومحيطه الخارجي.
أمام ضغوطات داخلية وخارجية ّ
وفي سياق تطبيق الرورشاخ يذكر(سي موسي وبن خليفةّ )158 ،2008 ،أنه يمكن تطبيق الرورشاخ
على األطفال ،المراهقين والراشدين ،على األسوياء وعلى المرضى وألغراض التكّفل العيادي أو البحث العلمي
غير أن تطبيق هذا اإلختبار يتطلب تحضير المفحوص من خالل طمأنته وكسب ثقته ،فقبل مباشرة اإلجراء
يخصص بعض الوقت لإلستماع الستفساراته عن عملية الفحص وأهدافها.
ّ
-4النتائج ومناقشتها:
-1.4عرض النتائج:
-1.1.4حالة سمير:
-1تقديم الحالة :يبلغ سمير من العمر 18سنة غادر المدرسة من قسم السنة الثانية ثانوي ( ،)2ASهو األول
المخدرات والكحول فبدأ بتعاطيها وعمره
ّ أما
في األسرة وله أخوان ،بدأ سمير التدخين عندما كان عمره 9سنوات ّ
المخدرات فيستعمل الكيف،
ّ أما
11سنة ،دخل حكيم عالم االدمان باستنشاق البنزين ثم تعاطي الكحول ّ
والمهلوسات مثل ،parkedylعندما التقينا سمير بمصلحة مكافحة اإلدمان لم يكن يعاني من أي اضطراب نفسي
مخدرة أو عضوي سواء أكان ّ
حاداّ أو مزمنا يمنعه من المشاركة في البحث ،كما ّأنه لم يكن تحت تأثير أي مادة ّ
أو مهلوسة وقت إجراء المقابلة العيادية أو عند تطبيق إختبار الرورشاخ.
-2نتائج المقابلة العيادية:
التحسر عند الحديث عن والديه موجهة ّ
أن حديث سمير يطبعه اإلنزعاج و ّ أظهرت المقابلة العيادية نصف ّ
جو أسري يسوده التوتّر وغياب التفاهم بين الوالدين ّ
مما ّأدى بهما إلى اإلنفصال في نهاية المطاف حيث نشأ في ّ
ولعل النقطة البارزة التي أثّرت في معاشه
ّ يما وما كانش يصرف علينا) حيث يقول (بابا ما كانش يتفاهم مع ّ
أمه حسب قوله كانت تخون والده وتعاشر شخصا غريبا في غياب الوالد الذي يشتغل أن ّ
النفسي ّأيما تأثير هي ّ
بعيدا عن األسرة وال يحضر إالّ من حين آلخر ،لقد تكّلم عن هذه النقطة بعدما التفت يمينا وشماال للتأ ّكد من عدم
وجود شخص ثالث وقال بنبرة يطبعها الحزن والحسرة( :رايح نقولك حاجة ما قلتها حتى لواحد من قبلّ ،
يما كانت
تخون بابا وتمشي مع واحد أنا كنت صغير وبابا ما يجيش ديمة) ،وهذه نقطة أساسية في المعاش النفسي للطفل
أن األم بسلوكها هذا (الخيانة الزوجية) لم تساعد الطفل على تحقيق مكانة لألب في فضائه النفسي حيث ّ
وهذا ما أثّر سلبيا في سيرورته النفسية وفي تعامله مع المرحلة األوديبية وفي كيفية معايشتها وتجاوزها وهذا بدوره
وتصرف األم في حالة غياب األب ترك فراغا
ّ منع الطفل من استدخال القوانين والحدود المتعّلقة باألنا األعلى ،
أن الطفل
مما جعل الطفل غير قادر على التصرف مع أبيه كأب ،كما ّ نفسيا في مكان الفضاء الخاص باألب ّ
سنا
في هذه الحالة يبحث دائما في الخارج عن أشخاص ممّثلين لألبوة وهذا ما جعله يخالط أشخاصا يفوقونه ّ
(كنت صغير كنت نخالط ناس كبار عليا نتاع شراب وكيوفات نقعد معهم ومن بعد تعّلمت منهم).
حد تعبيره بل بلغ الصراع
كعدو على ّ ّ من جهة أخرى نجده يشكو من سوء معاملة والده له ،إذ يعامله
الشتم واستعمال حتى األلفاظ النابية والعبارات المخّلة بالحياء السب و ّ
ّ بينهما حد التشابك باأليدي ناهيك عن
وهذا ما خّلف فراغا عاطفيا وهشاشة نرجسية جعلته يشعر بالدونية مقارنة بأقرانه (نحقر روحي كي نشوف
عدو).
أصحابي مع باباهم تقول صاحبهم وأن بابا ّ
المخدرة ( الكيف ) فهي شغله الشاغل فحياته صارت تتمحور حولها ،فكان ّ أما عن عالقته بالمادة
ّ
تجنبه الشجار والخصومة مع أفراد
يتعاطاها يوميا بكميات معتبرة وبشغف فكانت تمّثل مصد ار للراحة والمتعة كما ّ
أسرته ،كما ّأنه لم أصبح يشعر ّأنه لم يعد يستطيع االستغناء عنها أو التخفيض من الكمية التي يتعاطاها يوميا.
-3إختبار الرورشاخ:
مدة اإلختبار
تميز بروتوكول الرورشاخ لسمير بفقر في اإلنتاجية إذ لم يتجاوز عدد اإلجابات R= 9أما ّ
فكانت هي األخرى قصيرة لم تصل إلى ّ
المدة المعيارية ،كما قام المفحوص بتقليب معظم الّلوحات مرات عديدة
وفي كل االتجاهات مع الّلجوء إلى طلب اإلسناد من خالل سؤال الفاحص أمام الّلوحات (،)IX ،VI ،I
تميز البروتوكول بطغيان التناول الجزئي Dللوحات على حساب أما اإلجابات فكانت في مجموعها مختصرة كما ّ
ّ
أما المحتوى فيفتقر للتنوع إذ اقتصر على اإلجابات الحيوانية
الشكلية ّ F
المحددات ّ
ّ التناول الشامل Gوبسيادة
الصور والحركات
الكاملة Aوالجزئية Adوبعض اإلجابات اإلنسانية الجزئية Hdكما انعدمت في البروتوكول ّ
اإلنسانية الكاملة Hو Kوذلك حتى في اللوحات التي يوحي محتواها الظاهري بذلك كاللوحة III ،Iو.VII
أن سمير في اللوحة Iلجأ إلى التحفظ في اإلجابة
كما أظهر تناول اللوحات المتعّلقة بالصور الوالدية ّ
واإلستناد على الفاحص (هذا واش هو؟ هذا نسر يا خيت نسر؟ ماش راهو طاير؟ هو) ومع ذلك لم يدرك
المحتوى اإلنساني المتمّث ل في شكل المرأة على المحور الوسطي للوحة بل اكتفى فقط بحركة حيوانية لتفادي القلق
الذي قد تثيره صورة األم باعتبارها موضوع الحب األول.
في اللوحة VIIكانت اإلجابة ذات محتوى إنساني ّ
لكنه جزئي ( ،Hdزوج وجوه كيف كيف متقابلين
يشوفو في بعضهم) أما عند اللوحة IXفكانت اإلجابة ذات محتوى شيئي بدائي (عين نتاع الماء انفجرت
وبمحدات
ّ يتم استثمارها وpays ،
مستقرة كما ّأنه لم ّ
ّ من تحت األرض) تبدو الصور األمومية غير واضحة وغير
شكلية أو حركية جزئية تميل إلى السكون kstatiqueوهذا دليل على عجز المفحوص وعدم قدرته على إرصان
المحتويات الكامنة التي توحي بها اللوحات والتي من بينها الصور األمومية.
القوة وإلى الرمزية الجنسية لم يتمكنعند اللوحتين IVو VIاللتين ترمزان إلى السلطة األبوية وإلى ّ
موحدتان ومنغلقتان فكان تناوله لّلوحة IVتناوال جزئيا
المراهق من بناء إجابة شاملة ولو بسيطة Gرغم الّلوحتان ّ
تعبر عن الجنسية
أما اللوحة VIالتي ّ
مما يوحي باالستكانة والسلبيةّ ،
وأعطى إجابة شكلية تظليلية (طريق طويلة) ّ
لكنه تخريفيا G confabuléوبمحتوى شيئي (هذا شغل تريكو) ّ
يعبر عن التغطية وإخفاء فقد تناولها تناوال شامال ّ
العالم الداخلي ،هذه اإلجابات تعكس عجز المفحوص عن إدراك صورة أبوية تقمصية ألنها صو ار الشعورية تبعث
وتكرست من خالل سلوكات الوالدين ومعاملتهما لولدهما قبل
على القلق واإلنزعاج وقد تش ّكلت منذ الطفولة األولى ّ
وبعد انفصالهما ولم يتم ّكن المراهق من تسيير وتفريغ القلق أو تجاوزه إالّ من خالل المرور إلى الفعل عبر السلوك
اإلدماني ،فصورة األم في نظره مصدر إحباط -رغم ما توّفره له من إحتياجات ولوازم مادية -نظ ار لما كانت تمارسه
في غياب األب (الخيانة الزوجية).
-2.1.4حالة عصام:
-1تقديم الحالة:
السنة
الدراسة عند ّ
عصام عمره 16سنة ،وهو الولد الوحيد ألبويه ،يعيش في بيت خالته ،انقطع عن ّ
كالقنب (الكيف) ،الحمرة (l’Artane ،)Rivotryl ّ الثالثة متوسط ( ،)3emeAMيستهلك العديد من المواد
والصاروخ ( )Prégabalineوهذا منذ ما يقارب 3سنوات دون انقطاع ،للتذكير فقد التقينا عصام بمصلحة مكافحة
حاد أو مزمن يمنعه من المشاركة في البحث ،كما ّأنه اإلدمان ولم يكن يعاني من أي اضطراب نفسي أو عضوي ّ
مخدرة أو مهلوسة وقت إجراء المقابلة العيادية أو عند تطبيق إختبار الرورشاخ.
مادة ّ
لم يكن تحت تأثير أي ّ
إلتقينا سمير وعصام بمصلحة مكافحة اإلدمان بمستشفى فرانز فانون بالبليدة حيث كان يقيمان من أجل
المخدرات كما أظه ار تعاونا مع الباحث وهذا بعد طمأنتهما
ّ العالج ،أبدى المفحوصان الرغبة في اإلقالع عن
تامة وال تستخدم إالّ في أغراض البحث العلمي أن المعلومات الخاصة التي يدليان بها ستحظى بسرية ّ إلى ّ
و ّأنه بإمكانهما اإلنسحاب من المشاركة إن رغبا في ذلك دون أن يؤثر ذلك على السيرورة العالجية لكل منهما.
-2نتائج المقابلة العيادية:
نشأ عصام في أحد األحياء الشعبية والغريب ّأنه ناد ار ما يلتقي والديه كونه نشأ في بيت خالته وليس
تقبل والديه له وهذا ما يدفعنا أيضا للتساؤل
مما يجعلنا نتساءل عن مدى ّ
في بيت والده مع ّأنه الولد الوحيد لألسرة ّ
عن طبيعة تصوراته لوالديه وعالقته بهما ،فمنذ طفولته كان يقضي أغلب وقته خارج البيت وال يدخل إالّ في وقت
يما خالتني عند خالتي من نهار كنت صغير وشغل خالتي متأخر من الّليل في ظل إهمال خالته له حسب قوله ( ّ
ما على بالهاش بيا نسهر برا ،ما تقولي والو) هذه الوضعية خّلفت لديه فراغا نفسيا وعاطفيا كما ّأنه يشعر بالقلق
يتحدث عن والديه الذي يرى فيهما مجرد أبوين بيولوجيين ال غير ( بابا ّ
ويما ...واش نقول لك واإلنزعاج عندما ّ
شغل جابوني برك ،ما عنديش معهم عالقة نتالقاو منين ذاك) فلم ينعم بالدفء في أحضانهما كما لم ير فيهما
المدة
قرب منه أكثر في ّ
أن والدته صارت تت ّ
المثل والقدوة (واش يمثلوا لي؟ ما يمثلوا والو بالنسبة لي ضرك) رغم ّ
األخيرة وهي التي جاءت به إلى المصلحة للعالج.
المخدرات وما دفعه إلى ذلك
ّ يدخنون ويتعاطون
سنا ّ
منذ سن العاشرة أصبح عصام يخالط أناسا أكبر منه ّ
يتجنبونه وينعتونه بـ (المسوفج) حسب تعبيره وصار العديد من األولياء
أن أقرانه ورفاقه في الحي صاروا ّ
أكثر هو ّ
في الحي يح ّذرون أبناءهم منه ومن جهة أخرى كان من خالل سلوكه يبحث عن صور والدية في ظل الغياب
قدي قالوا لهم
منا نركب معهم في الطوموبيالت ومن بعد األوالد اللي ّ
العاطفي والفعلي لألب (وليت نخالط ناس ّ
تم استغالله
السن وال تظهر عليه مالمح التعاطي أو اإلدمان فقد ّ
ّ باباتهم ما تزيدوش تخالطوه) ولكونه صغير
المخدرات والحبوب المهلوسة إلى صار يتعاطاها بشكل يومي (العباد التي كنت معهم كانوا كانوا هوما
ّ في ترويج
اللي يعطولي بال ما نشري يبعثوني نشري لهم نبيع لهم خطرش أنا صغير ما يديروهاش فيا).
وبالقوة إذ يرى نفسه أفضل من أقرانه (تعطي لي ،plaisir
ّ المخدرة فيرى ّأنها تمنحه الشعور بالمتعة
ّ أما المادة
ّ
المحدر إال ّأنها قيمة
ّ نحس روحي fortشغل les hommesواحد ما ينجم لي) وهي قيمة يبحث عنها من خالل
تحمله م ّما يجعله يحتقر ذاته و ّأنه ال يساوي شيئا بدون استهالك
مزّيفة ،وفي غيابها يشعر بفراغ رهيب ال يستطيع ّ
نحس روحي فاشل عندي videشغل ما نصلح لوالو vraimentنحقر روحي المخدر (كي ما نكونسوميش ّ ّ
نتاع الصح).
-3نتائج الرورشاخ:
تميزت إجاباته باإلختصار واإلقتضاب فلم
بروتوكول عصام ال يختلف كثي ار عن بروتوكول سمير ،فقد ّ
وتم رفض اللوحة VIوهي لوحة ذات رمزية جنسية ويشير محتواها ق
يتجاوز الزمن الكّلي المستغر 8دقائقّ ،
المحدد
ّ الكامن إلى الصورة األبوية ،من جهة أخرى ّ
نسجل طغيان التناول الجزئي Dعلى البروتوكول وسيادة
الرقابة وتشويه الواقع اإلدراكي
يدل على فشل ّ
مما ّ
الشكلي Fالذي كان في أغلب اللوحات من النمط الردئ ّ F
-
مما
نسجل قّلة تنوع المحتويات فقد اقتصرت في غالبيتها على المحتويات الحيوانية الكاملة Aوالجزئية ّ Ad
كما ّ
التصورات لدى عصام ،كما اكتفى المفحوص بحركة إنسانية واحدة مكبوتة متّجهة نحو
ّ يدل على فقر كبير في
ّ
السكون Kstفي اللوحة .III
أن هذا المفحوص قّلب
أمام اللوحات IX ،VII ،Iالتي يتعلق محتواها الكامن بالصورة األمومية نجد ّ
ميزها التحّفظ وجاءت خالية من التعليقات الشخصية ففي اللوحة I أن إجاباته ّ
الّلوحات في كل اإلتجاهات كما ّ
(بانت لي كي شغل فراشة) فلم يدرك الصورة اإلنسانية المتمّثلة في المرأة التي ترفع يديها في المحور الوسطي
محدد شكلي ردئ F-ومحتوى بدائي من عالم النباتات ( Botحشيش للوحة ،وعند اللوحة VIIكانت اإلجابة ذات ّ
هذا واال ...شجرة) ويكون بذلك قد ابتعد ّ
عما ترمز إليه اللوحة.
محدد لوني Cهو الوحيد ّ نسجل ظهورّ أمام اللوحة IXالتي تناولها المفحوص تناوال جزئيا
أن اإلجابة
المحددات الشكلية على البروتوكول كما ّ
ّ ويعبر عن انفالت النزوة وبروزها رغم سيطرة
في البروتوكول ّ
ذات محتوى نباتي ال عالقة له بالصورة األمومية.
أن المفحوص موحدتان ومتماسكتان تستدعيان الصورة األبوية نجد ّ
أمام اللوحتين ،IVو VIوهما لوحتان ّ
تناول اللوحة IVبشكل شامل Gوكان محتوى اإلجابة حيوان خرافي ) (Aيبعث على ّ
الرعب (هذا وحش واالّ ّتنين
يقدم أي إجابة مكتفيا بقوله (هذي ما فهمت فيها والو).
يخوف) أما الّلوحة VIفقد رفضها كلية ولم ّ
ّ
-2.4تحليل النتائج:
كشفت معطيات إختبار الرورشاخ الصعوبات التي واجهها المفحوصان سمير وعصام أمام الوضعية
اإلسقاطية التي تثيرها اللوحات خصوصا تلك التي تكشف عن طبيعة الصور الوالدية ،فقّلة اإلجابات وإختصارها
يعبر عن عدم استثمار لوحات اإلختبار والعجز عن إدراك المحتوىوعدم استغراق الوقت الكافي عند تناولها ّ
يدل على التعّلق بالواقع الخارجي
المحددات الشكلية الذي ّ
ّ الكامن الذي تستدعيه كما نجد عند الحالتين طغيان
ومحاولة خنق الحياة العاطفية والهوامية ( )Anzieu & Chabert, 1987, 74مع محاولة اإلستناد عليه
يتم استثمارها ضف إلى ذلك اإلنزالق اإلدراكي الذي وقع
للتعويض عن الفقر في الحياة الداخلية الهوامية والتي لم ّ
المسجل في محتوى اإلجابات والتي
ّ أما عن الفقر
المحدد الشكلي الردئ ّ F
-
ّ تم التعبير عنه بارتفاع
عصام والذي ّ
التصورات واللجوء إلى الفعل واستثمار مضاد للحياة الداخلية فحسب
فيدل على فقر وشلل في ّكانت غير متنوعة ّ
النرجسي والموضوعي فإذ الم تكن القواعد
فإن المراهق يشهد صراعا عنيفا بين المحورين ّ
)ّ (Jeammet, 2005
التصورات الذهنية وحتى شلال في الفكر
ّ النرجسية صلبة يمكن للصراع أن يؤدي إلى نزع االستثمار من
وشبه توقف للحياة الهوامية والعاطفية لصالح الرقابة واللجوء إلى الفعل أو للحياة الخارجية كاستثمار مضاد
للحياة الداخلية.
مخدرة
المحددات الشكلية يتوافق مع استعمال مادة ّ
ّ أن اإلستناد على المواضيع الخارجية وسيادة
كما ّ
كموضوع خارجي تكون وظيفته مأل الثغرات وتضميد الجروح النرجسية التي تعرض لها كل من سمير وعصام
بفعل اإلحباطات الناتجة عن الصورة المؤلمة لألب الغائب عاطفيا عن مجالهما هذا الغياب يتكرس بفعل المعاملة
القاسية والمحبطة لألب في حالة سمير وفي التخّلي واإلهمال الوالدي في حالة عصام ،ففي هذه الحالة يرى
ويعوضه – أي الموضوع -بمادة اإلدمان التي يجعلها ِ
تش ّكل الحاجة إلى الموضوع تهديدا نرجسيا فيستجيب األنا ّ
تميز إنتاج المفحوص بغياب الصور اإلنسانية الكاملة حتى في اللوحات التي تقتضي ذلك
تحت سيطرته كما ّ
المفحوصين بإجابة حيوانية
ْ فعدم إدراك الصورة اإلنسانية الممّثلة في المحور الوسطي للوحة Iواكتفاء كل من
إضافة إلى التساؤل الذي رافق اإلجابة يمثل محاولة للتخفيف من القلق الذي تثيره الصورة األمومية الالشعورية
عندهما وفي نفس سياق لم يتم ّكنا من إدراك صورة أمومية مريحة ومحتوية في اللوحة VIIحيث أدرك سمير
يدل على صورة أمومية
ميز إجابته ّ محتوى إنساني جزئي غير مكتمل ّ
أما عصام فاإلنزالق اإلدراكي الذي ّ
الشعورية محبطة ،مزعجة وغير حاوية.
وكرسها سلوك األم في الواقع فسمير
رسخها ّ
المفحوصين ّ
ْ السابقة عند كل من
أن الصورة األمومية ّال شك ّ
أمه في رسم الحدود النفسية واإلجتماعية من خالل ما كانت تمارسه في غياب األب ،والصورة مشابهة
لم تساعده ّ
مما ش ّكل لديه حرمانا عاطفيا وفراغا نفسيا
أمس الحاجة إليها ّ
عند عصام إذ أن األم تخّلت عنه في وقت هو في ّ
المخدرة.
ّ حاول كل من المفحوصين مأله باللجوء للمادة
أن سمير أخفق في بناء
المفحوص ْين ذلك ّ
َ الصورة األبوية لم تكن أحسن حاال من الصورة األمومية عند
أن ابتعد كثي ار عن المحتوى الكامن للوحتين فلم يدرك صورة األب
إجابة شاملة عند اللوحتين IVو VIكما ّ
في شكل سلطة ممّثلة في اللوحة وال الرمزية الجنسية في اللوحة VIحيث توحي إجاباته باإلستكانة والسعي
إلى تغطية النقائص الداخلية واإلبتعاد عن الصورة األبوية المقلقة ،ونفس الصورة األبوية تش ّكلت لدى عصام الذي
المعبرة عن الجنسية هذا الرفض هو بمثابة
ّ أبدى إنزعاجه من اللوحة IVالمخيفة حسب تعبيره ،ورفضه للوحة VI
ظل أب مح ٍبط متخلي عن ابنه الوحيد الذي لم يجد في محيطه
مؤشر لصدمة مواجهته لصورة أبوية نشأت في ّ
المخدرات.
ّ لألبوة غير أناس منحرفين قادوه وهو الشاب الصغير إلى عالم اإلدمان على
من هو ممثال ّ
-3.4مناقشة النتائج:
المخدرات
ّ تمّثلت دراستنا في محاولة تسليط الضوء على الصور الوالدية لدى المراهق المدمن على
بغرض الكشف عن طبيعتها من خالل دراسة حالتين عياديتين استخدمنا فيها كال من المقابلة العيادية نصف
المخدرات يحمل صورة سلبيةّ أن المراهق المدمن على موجهة وإختبار إسقاطي هو الرورشاخ ،وكانت النتيجة ّ
وغير واضحة عن والديه تتميز بكونها مقلقة ومحبطة وهذا ما يثبت الفرضية المقترحة في بداية الدراسة.
التوصل إليه في بعض الدراسات السابقة كدراسة آيت سيدهم ()1984
ّ تم
مما ّ
اقتربت هذه النتائج كثي ار ّ
توصل إلى أن الصور الوالدية عند هذه الفئة
حول التعبير عن الصور الوالدية عند المراهقات الجانحات ،والذي ّ
الحب والحماية وأيضا دراسة بيروق ( )2018حول ''صورة األب ودورها
ّ تتميز بالسلبية أيضا وتتسم بغياب
أن لصورة األب المتسّلط أو المهمل دو ار في ظهور
توصلت إلى ّ
في ظهور السلوك الجانح لدى المراهق'' التي ّ
السلوك الجانح لدى المراهق.
المخدرات واإلدمان عليها جاء بفعل مخالطة
ّ كما أظهرت نتائج الدراسة من جهة أخرى أن بداية تعاطي
لألبوة المفتقدة عند الوالدين الذي كانا غائبين
سنا ألنهما كانا يريان فيهم ممّثلين ّ
اهقين ألشخاص يكبرونهما ّ المر ْ
أن إخفاق األب ( )Corneau, 2009, 26في وظيفة األبوة عاطفيا ووجدانيا قبل أن يغيبا جسميا وماديا ومعلوم ّ
ينتج عنه إخفاقا وفشال لدى اإلبن ،كما أظهر تحليل بروتوكول الرورشاخ وخاصة اللوحات المتعّلقة بالصور
تميزها صور والدية غير مريحة بل مقلقة ومحبطة أن المفحوصين يملكان حياة نفسية داخلية فقيرة ّ الوالدية ّ
وهذا ما جعلهما يلجأن إلى الوسط الخارجي للبحث عن مواد تجنبهما القلق الذي يعيشانه بفعل تلك الصور وتسمح
لهما بالتحكم بتوجيه المشاعر المؤلمة والتح ّكم فيها وهذا ما ذهب إليه ) )Pommereau, 1997, 26حول
المرور إلى الفعل وعدم تقدير عواقب ذلك ،إذ يرى أن '' :كل مرور إلى الفعل – ومنه اإلدمان -يمّثل وسيلة
لإلنسحاب من ماضي مؤلم أو من تبعية والدية كبيرة مفرطة أو تصورات غير مقبولة ثم يعطي نفسه الشعور
بتوجيه والتحكم في الفائض من المشاعر والعواطف''.
المتعددة سواء نتجت عن ممارسة األم للرذيلة (الخيانة
ّ بالمخدر يش ّكل ضمادة لإلحباطات
ّ أن تعّلقهما
كما ّ
وعمقتها معاملة األب القاسية والعنيفة أو نتجت عن التّخّلي الوالدي عن طفل وحيد وما نتج ّ الزوجية)
المخدر موضوعا خارجيا يقيم
ّ عنه في الحالتين من عدم رسم للحدود النفسية واإلجتماعية للمراهق الذي وجد في
أن اإلدمان ( )Jeammet & Corcos, 2001, 56يمّثل معه عالقة يرى ّأنه يستطيع التحكم فيها ،وهذا يؤّكد ّ
ومتجددا إراديا أي ّأنه غير قابل
ّ محاولة إلستبدال عالقة بين شخصية بموضوع مادي متح ّكم فيه
للتالشي والزوال.
يتم ضمن الماضي الطفولي للفرد
أن البحث عن تلك اإلستعدادات النفسية لإلدمان ينبغي أن ّ
كما ّ
أن السلوكات اإلدمانية تعزى إلى نقص
وفي عالقاته األمومية األولى حيث ترى (ّ )Mc Dougal, 2004
كأنه غائبا
السند األمومي الذي ال يسمح للفرد بإرصان سيرورة اإلنفصال فيعاش الموضوع األمومي الداخلي ّ
في َّ
أو غير قادر على مواساة وطمأنة الطفل المضطرب.
-5الخالصة:
موجهة وبتطبيق إختبار الرورشاخ
أظهرت الدراسة العيادية لهاتين الحالتين باستخدام مقابلة عيادية نصف ّ
المحك وتكشف عن النقائص التي عايشها
ّ أن المراهقة تجعل المواضيع التي تعّلق بها الفرد أثناء طفولته على
ّ
وعن اإلشكاليات العالقة فعند بعض المراهقين على غرار سمير وعصام تكون الصور الوالدية غير واضحة ومقلقة
وهذا ما يمنع حدوث تق ّمصات ناجحة ويجعلهما يفقدان المعالم وال يضبطان حدودهما في وجود والدين حقيقين
تجمعهما عالقة صراعية وّلدت الفراق بينهما أو في وجود فراغ عاطفي ناتج عن تخّلي الوالدين عن طفلهما الوحيد
تجنبهما القلق الناتج عن تلك الصور الهوامية المقلقة
مخدرة من الوسط ّ
اهقين يلجئان حينئذ إلى مواد ّ
مما جعل المر ْ
ّ
والمحبطة في غياب أي سند داخلي أو خارجي ،وفي محاولة منهما للتّحرر من التبعية لتلك الصور – خصوصا
المخدرة يستهلكانها بشغف وبمتعة وتصبح محو ار تدور حولها حياتهما
ّ فإنهما يلجئان إلى المادة
األبوية منهاّ -
التحرر منها أو حتى التح ّكم فيها ويؤكد ) )Brusset, 2004على ذلك إذ يرى ّ
أن المراهق وأثناء ّ وال يستطيعان
يتعزز من خالل
فإنه يقع في شكل آخر من التبعية والذي ّ
محاولته لتجاوز التبعية العاطفية للمواضيع األوديبية ّ
سيرورة دائرية processus circulaireكما يشير إلى الطابع النرجسي لهذه العملية وإلى بعدها التخريبي الذاتي