Professional Documents
Culture Documents
ملخص دورة المدخل إلى علم الفقه الدكتور عامر بهجت
ملخص دورة المدخل إلى علم الفقه الدكتور عامر بهجت
يعرف الطالبُ معنى التمذهب وحكم َه ،و يفرِ ّق بين الممنوع منه والجائز.
َ السادس :أن
-2-
مفرداتُ الدورة ِ:
الـــأولى :التعر ُ
يف العامّ بعلم الفقه؛ ويتضمن معناه لغة ً وشرعًا واصطلاح ًا ،وموضوعه وفضله وحكم
تعل ّمه.
مر بها علم الفقه. الثانــيــة :المراح ُ
ل التي َّ ّ
خصائص مرحلة التشر يع ،وأهم معالمها؛ وهي أوّلُ مراحل الفقه.
ُ الثالثـــة:
الخامسة :المد ُ
ارس الفقهية في زمن التابعين.
مذهب من المذهب الأربعة؛ يتضمن ذلك :اسم َ إمام المذهب ونسب َه وتار يخ َه
ٍ ل السادسة :التعر ُ
يف بك ّ ِ
مر بها المذهب وأبرز َ فقهاء المذهب في كل مرحلة ٍ.
ل التي َّ ّ
وعبادت َه وعلم َه ،والمراح َ
والموقف منه.
ُ الثامنة :التمذهبُ
المدارس الفقهية؛ (أهل الحديث وأهل الرأي وأهل الظاهر والمدرسة العقلية).
ُ العاشرة:
والموقف من ذلك.
ُ اختلاف العلماء،
ِ الحادية عشر :أسبابُ
-3-
يف العامّ بعلم ِ الفقه ِ
المفردة الأولى :التعر ُ
-4-
ب وفَقِه َهم؛ هم :كتاب (الس ُ َّل ّم المنورق في المنطق) وكتاب (الر ِقاق
-2إذا حضر َ الطالبُ شروح ًا لثلاثة كُتـُ ٍ
من صحيح البخاري) وكتاب (زاد المستقن ِع -من كتب الفقه)-؛ فأيّ فقهه لشروح الـكتب الثلاثة يدخل
في المعنى الل ّغوي أو الشرعي أو الاصطلاحي للفقه؟
ل في المعنى الل ّغوي للفقه :فقه ُ الطالب لشروح الـكُتب الثلاثة.
=يدخ ُ
ل في المعنى الشرعي للفقه :فقه ُ الطالب لشرحي كتابي (الر ِقاق من صحيح البخاري) و(زاد المستقن ِع).
=يدخ ُ
ل في المعنى الاصطلاحي للفقه :فقه ُ الطالب لشرح كتاب (زاد المستقنع).
=يدخ ُ
فاـئدة:
ن صفة ً لل َّجن ّة َّ
والن ّار ،وأسبابَ النجاة -من الخلل الشائع :أن يتصو ّر طالبُ العلم أنه إذا حضر َ موعظة ً تتضم ُ
من عذاب القبر =أن هذا ليس من طلب العلم أو من التف ّقه في الدين ،ولذا؛ إذا رأى طالبُ العلم إعلان ًا
ل ما يتبادر لذهنه على أنه من لمحاضرة ٍ عن (صفة ال َّجن ّة َّ
والن ّار) ومحاضرة ٍ عن (شرح زاد المستقنع)؛ فإن أوّ َ
التف ّقه وطلب العلم هو محاضرة (شرح زاد المستقنع) فقط ،وهذا من الخطأ؛ لأن الفقه بالمعنى الشرعي
يشمل هذا وهذا؛ بل إن التف ّقه في بعض المسائل التي لا َّ
تتعل ّق بالعمل؛ كمعرفة صفات الل ّه وأمور الآخرة
من ال َّجن ّة َّ
والن ّار أعظم ُ وأولى دخول ًا في وصف العلم الشرعي من التف ّقه في بعض مسائل الفقه الفرعية.
-5-
ختص به وميزة ٌ يتميز بها)؛
لي ُ ن (ك َّ ّ
ل علمٍ من العلوم الشرعية له فض ٌ خاص بعلم الفقه؛ لأ َّ ّ
ٌ ل
-2هناك فض ٌ
ل على فضيلة الشيء النظر ُ إلى ثمرته ،وم َن تأ َّمّل ثمرة َ الفقه يقول الإمام بن الجوزي -رحمه الل ّه( :-أعظم ُ دلي ٍ
ن احتياجات الناس إلى علم الفقه ومسائله أكثر من ل ثمرة الفقه في أ َّ ّ ع َلِم َ َّأن ّه أفضلُ العلوم)؛ فتتمث ُ
احتياجاتهم إلى بقية العلوم الأخرى؛ ذلك لأن عبادات وتعاملات الناس َّ
تتعل ّق بعلم الفقه ،ومع هذه
الأهمية العظيمة لعلم الفقه؛ تجد كثير ًا من طلبة العلم قد قصروا في إتمام تعل ّم أبواب الفقه ومتونه ،إذا لا ب ُ َّ ّد
من العناية بهذا العلم الجليل.
تنبيـه :قلنا أكثر احتياجات الناس لعلم الفقه ولم نقل أعظم احتياجات الناس؛ لأن أعظم ما يحتاجه
ح عقائدهم وإخلاص توحيدهم لل ّه -سبحانه وتعالى.-
الناس هو تصحي ُ
-6-
مساـئـل:
السؤال الأوّل :هل تدخ ُ
ل معرفة ُ إعراب قول امرئ القيس في مطلع معلقته( :ق َف َا َ نبكِ م ِن ذكرى
ل) في معنى الفقه؟
حبيب ومنز ِ
ٍ
=نعم؛ تدخل في الفقه بالمعنى الل ّغوي.
ل النب ِيّ ﷺ" :م َن يُرِدِ الل ّه ُ به خير ًا يُف ّق ِهه في الدين" في الفضل العام للعلم السؤال الرابع :هل يدخ ُ
ل قو ُ
الشرعي أم في الفضل الخاص بعلم الفقه؟
خصوص علم الفقه.
ل في الفضل العام للعلم الشرعي؛ لأن الفقه في الحديث لا ي ُراد به ُ
=يدخ ُ
ن م َشغَلَة ٌ
ل الع ُلو ِم سِوى الق ُرآ ِ
(ك ُ ّ
ن
ِإلّا الحَديثَ وَع ِلم َ الف ِقه ِ في الدي ِ
ل ح َ َّ ّدََنا
الع ِـــلم ُ ما كانَ فيه ِ قاـ َ
-7-
مر بها علم ُ الفقه ِ
ل التي َّ ّ
المفردة الثانية :المراح ُ
مق ّدِمة:
ل إلى
-كتب المصن ِّفون تصانيف كثيرة في مراحل علم الفقه ،كلها تدور في فلكٍ واحد؛ إما بعنوان (مدخ ٌ
ل إلى الشر يعة) ،أو بعنوان (تاريخ ُ الفقه) ،أو بعنوان (تاريخ ُ التشر يع)؛ والأدق
الفقه) ،أو بعنوان (مدخ ٌ
ختص زمن النبوة.
ل جميع مراحل الفقه ،إنما ي ُ أ َّ ّ
ن التشر ي َع ليس إطلاقًا يشم ُ
-واختلفت طر يقة تقسيم المصن ِّفون لمراحل تاريخ الفقه؛ من هذه التقسيمات ما يلي:
ل الفقه فيه إلى ( :الفقه في زمن النبوة ،ثم في زمن الصحابة ،ثم في ومن
ِمت مراح ُ
س ْ
-1تقسيم ٌ ق ُ ّ
التابعين ،ثم في زمن العباسيين ،ثم زمن المذاهب وهكذا).
-8-
(إلى 11هـ تحديد ًا) المفردة الثالثة :مرحلة ُ التشر ِ
يع؛ خصائصها وأهم معالمها
ق وأنزل عليهم ق الخل َ
-تبدأ هذه المرحلة ببعثة النبي ﷺ ونزول الوحي عليه ،فإن من حكمة الل ّه أن خل َ
ل الل ّه ُ على بشرٍ من شيء ٍ" ،فإن م َن يقول أ َّ ّ
ن الشرائع؛ قال تعالى" :وم َا قدَر ُوا الل ّه َ َّ
حقّ ق ْدرِه إ ْذ قالوا م َا أنز َ
الل ّه لم يُنزِّل شيئًا من التشر يع =فإنه ممن لم يقدروا الل ّه َّ
حقّ قدره ،فإن هذا من العبث الذي يُنزه الل ّه عنه.
مرت مرحلة التشر يع بمرحلتين أساسيتين؛ الأولى :العهد المكي ،والثانية :العهد المدنيَّ ،
ثم ّ انتهت بوفاة النبي ّ َّ -
ﷺ؛ لانقطاع التشر يع.
مرحلة ُ العهدِ المك ِيّ :تركز التشر يع فيها على أصول الدين ،لم نقل (اقتصر)؛ لأن التشر يع لم يقتصر على
يعات َّ
تتعل ّق بالعمل؛ فإن من أهل العلم م َن يرى نزول بعض ٌ أصول الدين فقط في مكة ،بل كان هناك تشر
ل من
ل ما لم يُذكر اسم ُ الل ّه عليه ،وقلي ٌ
التشر يعات بمكة؛ كفرض الصلاة في أوائل البعثة ،وتحريم ُ أك ِ
التشر يعات التفصيلية.
مرحلة ُ العهدِ المدن ِيّ :استمرت عناية التشر يع الإلهي بأصول الدين لحاجة الناس إليها في ك ّ ِ
ل عهدٍ ،ولـكن
كث ُرت تشر يعات الأحكام التفصيلية بعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة؛ مثل :تشر يع الأذان والصيام والجهاد.
فاـئدة :م َن أراد أن يقف على التسلسل والتفصيل التار يخي للتشر يعات التفصيلية =فليرجع إلى كتاب
كتاب جيدٌ من ناحية الرصد والجمع،
ٌ (الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي ) لمحمد الحجوي الثعالبي؛ فهو
وإن كان فيه بعض المآخذ من ناحية تحليل بعض الأحداث والحكم عليها.
مصادر ُ التشر ِ
يع في هذه ِ المرحلة ِ:
اقتصرت مصادر ُ التشر يع في هذه المرحلة على القرآن والس َُّن ّة؛ إما بنزول التشر يع ابتداءً ،أو نزوله للجواب
ْ -
عن سؤال ،أو لبيان الحكم في حادثة.
-أما الإجماع؛ إذا تَص َّو ّر وقوعه في زمن النبي ﷺ =فإنه يكتسب حُ جيته من إقرار النبي ﷺ له ،وهو بذلك
يندرج تحت الس َُّن ّة ،ولذا؛ يعرِّف الأصوليون الإجماع بأنه (اتفاقُ علماء ِ العصر بعد النبي ﷺ على حكمٍ
شرعي).
ٍ
بتوقيف ووحي ،وعلى كلا
ٍ -أما القياس؛ فقد اختلف الأصوليون في حكم النبي ﷺ؛ هل يكون بالاجتهاد أم
القولين؛ فإن اجتهاد أو قياس النبي ﷺ راج ٌع أيضًا إلى دليل الس َُّن ّة.
-9-
معالم ُ مهمة ٌ متعلقة ٌ بمرحلة ِ التشر ِ
يع:
اختصاص التشر ِ
يع بهذه ِ المرحلة ِ: ُ المعلَم الأوّل:
-انقطع التشر يع -الذي هو إنشاء ُ الأحكام الشرعية -بوفاة النبي ﷺ ،ثم ما جاء بعد ذلك من اجتهادات
الصحابة والتابعين لا يُس َّمّى تشر يع ًا بل اجتهاد ًا؛ فليس معنى القاعدة الأصولية( :قو ُ
ل الصحابي حجة ٌ) أن
الن ّاس للكتاب والس َُّن ّة.
الصحابي يمكنه التشر يع من تلقاء نفسه ،إنما كان قول الصحابة حجة ٌ لأنهم أفهم ُ َّ
قس ّم التلمساني -رحمه الل ّه -الأدلة إلى نوعين :أدلة ٌ بذاتها منشئة ٌ للإحكام؛ وهي الكتاب والس َُّن ّة،
-ولذا؛ ( َّ
وأدلة ٌ متضمنة ٌ للدليل؛ كقول الصحابي والإجماع)؛ فإن الإجماع لا يُنشئ ُ حكمًا شرعي ّا ،إنما يُظهر الحكم
الشرعي استناد ًا إلى الدليل من الكتاب والس َُّن ّة ،فإذا أجمع العلماء على حكمٍ شرع ٍيّ =عرفنا أن هذا الإجماع
دل ّنا على عصمتهم من الاجتماع على الخطأ؛ ومن ذلك: ل القرآن والس َُّن ّة َّ
هو الشرع الذي أنزله الل ّه؛ لأن دلي َ
ل المؤمنين نُوَل ِّه ما تولَّ ّى" ،وقوله ل من بعد ما تبيَّ ّن له اله ُدى َّ
ويت ّبع غير َ سبي ِ قوله تعالى" :وم َن يُشاقق الرسو َ
ن الل ّه َ لا يجم ُع أ َّمّتي على ضلالة ٍ ،ويد ُ الل ّه ِ مع الجماعة ِ ،وم َن ش َّ ّذ ش َّ ّذ في َّ
الن ّار". ﷺ" :إ َّ ّ
ل الاختلاف في هذه المرحلة؛ لأن الصحاـبة -رضوان الل ّه عليهم -كانوا إذا اختلفوا في مسألة ٍ -وقد ق َّ ّ
ل مجا ُ
رجعوا إلى النبي ﷺ -إن أمكنهم الرجوع= -فينتهي الخلاف ،أما م َن لم يُمكنه الرجوع إلى النبي ﷺ =اجتهد
برأيه إذا لم يجد الحكم في كتاب الل ّه ولا في س َُّن ّة نبيه ﷺ؛ كما حال الصحابة الذين بعثهم النبي ﷺ إلى
الأمصار؛ ومنهم :معاذ بن جبل إلى اليمن قاضيًا.
- 00 -
(إلى 111هـ تقريبًا) المذاهب
ِ ل
المفردة الرابعة :مرحلة ُ الفقه ِ قب َ
ن الصحابة ِ ،وأبرز فقهائهم
أوّل ًا :الفقه ُ في زم ِ
المذاهب في؛ الفقه في عصر الصحابة ،ثم الفقه في عصر التابعين ،وقد استمرت إلى
ِ ل
-تتمثل مرحلة ُ الفقه ِ قب َ
(111هـ) تقريبًا.
تنبيـه :التواريخ في هذه المرحلة وبقية المراحل التالية تقريبية ٌ؛ لأنه لا نستطيع أن نُجزم َ بالتاريخ المح َّ ّدد الذي
ظهرت ونشأت وتش َّكّلت واستقرت فيه المذاهب الفقهية.
- 02 -
ن أفقه َ الصحابة وأعلمهم على الإطلاق هو أبو بكر ثم يليه عمر بن الخطاب -رضي الل ّه -أجم َع أهلُ العلم أ َّ ّ
عنهما ،-لـكن لم يُنقل عن أبي بكر كثير ٌ من الفتوى والفقه والقضاء ل ِقصر م َّ ّدة خلافته -سنتين وثلاثة أشهر-
ل عن عمر كثير ٌ من الفتاوى والأقضية
سنوات وستة أشهر ،لذا؛ نُق ِ َ
ٍ بخلاف خلافة عمر التي امتدت عشر َ
في عددٍ من المسائل.
ل عن علي -رضي الل ّه عنه -فقه ٌكثير ٌ؛ لأنه آخر ُ الخلفاء موت ًا ،وكذلك ابن مسعود -رضي الل ّه
-وكذلك ن ُق ِ َ
مذهب فقه ٍ ّي في (العراق والـكوفة) حين بعثه عمر -رضي الل ّه عنه -وقال
ٍ عنه -وهو صاحبُ مدرسة ٍ و
ل على أن نشأة َ المذاهب الفقهية نشأة ً لأهل الـكوفةَّ ( :
تعل ّموا منه فوالله لقد آثرتكم به على نفسي) وهذا يد ّ
مبكرة ً؛ فقد ذكر َ ابن المديني -رحمه الل ّه( :-أ َّ ّ
ن الصحابة َ الذين كانت لهم مذاهبَ مقلدة ٌ ،ولها أتباعٌ يتبعون
مذاهبهم ،ويدونون علمهم وفتاوهم وفقههم ،هم ثلاثة ٌ :ابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس).
ق
-وكذلك من المكثرين :أمّ المؤمنين عائشة -رضوان الل ّه عليها-؛ فقد كانت معلمة ً فقيهة ً مفتية ً وانتفع بها خل ٌ
كثير ُ ،وتف َّ ّقه َ عليها عدد ٌ من فقهاء التابعين ،وكان الصحابة يرجعون إليها في الفتوى في بعض المسائل.
-وكذلك من المكثرين :زيد بن ثابت -رضي الل ّه عنه-؛ فكانت مدرسته الفقهية هي المدرسة الفقهية السائدة
في المدينة ،وكان لها أتباعٌ يصدرون عنها ،ولما توفي زيد ٌ صارت المدينة على مذهب عبد الل ّه بن عمر ،وقد
ل المجتهدِ ،ولـكن أخذ َ ل العلم( :أ َّ ّ
ن ابن عمر كان يأخذ بمذهب زيد بن ثابت؛ ليس أخذ َ المقلد ِ لقو ِ ل أه ُ
نق َ
المجتهد بقول مجتهد آخر ،فكلاهما من أئمة الاجتهاد رضي الل ّه عنهما).
- 03 -
-ذُك ِر َ معاذ ٌ في هذه المرتبة من جهة أنه لم ي ُنقل عنه فتاوى كثير ًا كالطبقة الأولى ،أما من جهة العلم :فقد
كان معاذ ٌ فقيه ًا عالم ًا في اليمن و بلاد الشام وكان له تلاميذ بها ،وكان من أعلم الأ َّمّة بالحلال والحرام.
المدرســة الثانية :مدرسة مـــكة :وهي مدرسة ُ ابن عباس -رضي الل ّه عنهما.-
المدرســة الثالثة :مدرسة العراق :وهي مدرسة ُ ابن مسعود -رضي الل ّه عنه ،-وتتركز في الـكوفة.
- 04 -
(إلى 111هـ تقريبًا) المذاهب
ِ ل
المفردة الخامسة :مرحلة ُ الفقه ِ قب َ
ن التابعين ِ؛ وأهم مدارسهم
ثانيًا :الفقه ُ في زم ِ
-استمر الفقه الإسلامي على يد فقهاء وأئمة التابعين من طلاب الصحابة -رضوان الل ّه عليهم-؛ وأبرز المدارس
الفقهية في زمن التابعين هي:
وأكثر فقهائها من طلاب ابن عباس؛ وهم( :عطاء ،وطاوس بن كيسان ،ومجاهد -2مدرسة ُ مكة َ:
بن جبر ،وعكرمة -رحمهم الل ّه.)-
مدرسة ُ البصرة ِ :ومن فقهائها( :الحسن بن يسار البصري ،ومحمد بن سرين ،وأبو قلابة ،وقتادة بن -3
دعامة السدوسي).
- 05 -
(إلى 1311هـ تقريبًا) هب الفقهية ِ
المفردة السادسة :مرحلة ُ المذا ِ
ق والـكوفة ِ:
-3مدرسة ُ العرا ِ
ن مسعود والإمام علي -رضي الل ّه عنهما ،-وأخذَ عن ابن مسعود علقمة ٌ ،وأخذ َ عن علقمة إبراهيم ُ -إمامُها اب ُ
النخعي ،وأخذَ عن إبراهيم َّ
حم ّاد بن زيد الذي أخذ َ عنه الإمام أبو حنيفة.
-يقول العلماء عن مذهب أبي حنيفة :أن تأسيسه كان على فقه ٍ جماعيّ؛ لا يقتصر ُ على فقه أبي حنيفة فقط،
بل هو مجموعٌ من فقه أبي حنيفة مع فقه محمد بن حسن الشيباني مع فقه القاضي أبي يوسف وغيرهم؛ لأن
طر يقة الإمام أبو حنيفة في تقرير مذهبه الفقهي كانت عبارة عن حلقة ٍ يحضرها أساطين الفقهاء والقضاء
ل إن المسألة قد تُناقش في
وأكابر المحدثين وأكابر أهل الل ّغة؛ فت ُطرح المسألة ٌ ثم يتناقشون فيها ،حتى قي َ
مجلس أبي حنيفة لمدة شهرَّ ،
ثم ّ إذا استقر َ القول في المسألة =يقررها الإمام أبو حنيفة في مذهبه.
- 06 -
-صاحبا الإمام أبي حنيفة هما :محمد بن حسن الشيباني والقاضي أبو يوسف ،أخذ َ عن القاضي أبو يوسف
ق كثيرة ،وكذلك أخذ
الإمام ُ أحمد؛ فاتصل نسبه بالمدرسة الحنفية تحديد ًا وبفقه أهل الـكوفة من طر ٍ
الإمام ُ الشافعي عن أبي حنيفة من طر يق محمد بن حسن الشيباني؛ حتى قال الإمام الشافعي( :كتبتُ عن
ل له فقه الحنفية ومدرسة أهل العراق.
محمد بن الحسن وقر َ بعيرٍ من الـكتب)؛ فأخذ عنه واستفاد منه فحص َ
-أخذَ الإمام ُ أحمد عن الشافعي ،وكذلك أخذَ فقه أهل مكة عن طر يق سفيان بن عيينة وغيره ،وكذلك
والترابط بين المدارس الفقهية( ،وكان الإمام أحمد
ُ ل
أخذَ عن القاضي أبي يوسف ،وهنا يظهر ُ التداخ ُ
أوسعهم ما َّدّة من جهة اتصاله بجميع المدارس الفقهية للصحابة ،و ِ
سعة روايته عن الصحابة).
-تم َّي ّز أئمة المذاهب بميزات مختلفة؛ فتم َّي ّز الإمام أبو حنيفة بقدرته على المناظرة والتقرير والاستدلال ،حتى
ل)؛ وهذا من قوة حجة
ذهب لفع َ
ٍ قال الإمام مالك( :لقيتُ رجل ًا لو أراد أن ي ُقنعك أن هذه السار ية من
أبي حنيفة ،أما الإمام أحمد فقد تم َّي ّز بسعة ِ روايته للحديث ،وقد فاق جميع الأئمة في هذه الميزة خاصة ً فيما
َّ
يتعل ّق بأثار الصحابة؛ حتى قال فيه الناظم:
(فهْو م ِـــن الأئمـة ِ الـكباـرِ *** وأعـــــلم ُ الجمـــــ ِ
يع بالآثاـرِ
حاز َ في الفقـه ِ وفي العبادةْ *** والح ِفظِ والزهدِ ذُر َى السيادةْ
ق القرآن-
-يقصد محنة َ خل ِ ق فلم ْ يفــت َحْ فما
ل عن الحـــ ّ ِ
وقام بالإسلا ِم حينَ أحجما *** ك ُ ّ
خ الإســـلا ِم بغيرِ م ِْريَة ِ).
وشي َ ل قـُ ْدوَة ِ ***
فكاـنَ ق ُــ ْدوَة ً لك ِ
ل؛ يأخذ ُ التلاميذ فيه عن شيوخهم ،ومنه :امتداد ُ السلسلة الفقهية
ي متص ٌ
نسب علم ّ
ٌ فاـئدة :إ َّ ّ
ن الفقه
ق يوصله إلى الإمام
لمشايخ الدكتور عامر بهجت إلى أئمة المذاهب؛ مثل( :الشيخ عبد الل ّه بن عقيل) له طر ي ٌ
أحمد من طر يق (الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ) و(الشيخ عبد الرحمن السعدي) -رحمهم الل ّه-
- 07 -
-لذا؛ فإن من التصو ّر الخاطئ :أن تجد َ م َن يُحارب المذاهب الفقهية لتصو ّره أنها سبب ًا لتفرق الأ َّمّة ،بل
سبب لاجتماع الناس .وكذلك؛ قد يتصو ّر البعض أن المذاهب الأربعة تتمثل في شخص أربعة أئمة
ٌ كانت
مجتهدين فقط دون مئات المجتهدين من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ،وهذا خطأٌ؛ فقد اجتمعت
المدارس الفقهية ُ للأ َّمّة في هذه المذاهب الأربعة (وقد عرفنا ذلك من امتداد المدارس الفقهية ونسب
ُ
المذاهب لها).
مذهب من المذهب الأربعة؛ يتضمن ذلك :اسم َ إمام المذهب ونسب َه
ٍ ل تنبيـه :يبدأ الشيخ بالتعر ِ
يف بك ّ ِ
مر بها المذهب وأبرز َ فقهاء المذهب في كل مرحلة ٍ.
ل التي َّ ّ
وتار يخ َه وعبادت َه وعلم َه ،والمراح َ
العبادة والتقوى:
وصف لأئمة السلف ،وقد ذكر َ الذهبي في
ٌ -جمع الإماـم أبو حنيفة بين الإمامة في العلم والعبادة ،وكان هـذا
(سِير أعلام النبــلاء) قال( :رويَ من وجهين أ َّ ّ
ن أبا حنيفة قرأ القرآنَ كله في ركعة ٍ) ،وهذا ثبتَ عن غير
واحد من السلف ،وهذا متصوّر ٌ وممكن وفيه دلالة ٌ على عبادته وزهده -رحمه الل ّه.-
-يقول أبو عاصم النبيل( :كان أبو حنيفة ي ُس َّمّى الوتد لـكثرة صلاته) ،ومما يدل على تقواه َّأن ّه لما قال له
انتفض واصْ فر َ وأطرق وقال( :جزاك َ الل ّه خير ًا؛ ما
َ الن ّاس( :اتق الل ّه) ،فما كان منه إلا َّأن ّه
ل من عامة َّ رج ٌ
وقت إلى م َن يقول لهم مثل هذا) ،وهذا ما يحتاجه العالم :مقو ّم الجانب العلمي ومقو ّم ٍ ل الن ّاس ك َّ ّ
ج َّأحو َ
الجانب الإيماني؛ ولا يكتفي بأحدهما عن الآخر.
العلم والذكاء:
-قيل للإمام مالك( :هل رأيت أبا حنيـفة؟) ،قال( :نعم؛ رأيت رجل ًا لو كلمك في هذه السار ية أن يجعلها
- 08 -
ذهب ًا لقام بحجته) دلالة ً على قوة الحجة ،وقد كانت حلقة ُ الإمام أبي حنيفة حلقة َ مناظرة ٍ مكتظة ٍ بأئمة
الدين ،وكانت الحلقة الرئيسية في الـكوفة؛ يحضرها القضاء والعلماء وأهل الل ّغة وأهل الحديث ،وكان يفتح
المجال للنقاش فإذا أخطأ =ردوا عليه ،ولهذا ي ُروى أن وكيع ًا بن الجراح قيل له( :أخطأ أبو حنيفة) ،فقال:
يخطأ أبو حنيفة وعنده مثل محمد بن الحسن وأبو يوسف في فقههم ،وعنده مثل فلان بن فلان
(كيف ُ
وذكر رجل ًا من أئمة الل ّغة ،وعنده حفص بن غِياـث في الحديث ،وعنده الفضيل بن عياض في الزهد ،إذا
أخطأ ردوا عليه) ،ولهذه؛ فإن مذهب أبي حنيفة نشأ نشأة ً جماعية ً.
ل على أبي
الناس في الفقه عيا ٌ
-قال الإمام ابن المبارك( :أبو حنيفة أفقه ُ الناس) ،وقال الإمام الشافعيُ ( :
حنيفة)؛ فشهد مالك والشافعي من أئمة المذاهب للإمام أبي حنيفة بالفقه.
ضا :الإمام محمد بن الحسن الشيباني؛ وإن كان للقاضي أبو يوسف دور ٌ في نشر
-من أركان المذهب الحنفي أي ً
المذهب من الناحية العملية القضائية ،فإن للإمام محمد دور ٌ كبير ٌ في نشر المذهب من ناحية التدوين
كت ُب الإمام محمد
كت ُب القاضي أبي شيء ٌ كثير ٌ؛ ككتاب (الخراج) ،بينما كانت ُ
ق من ُ
والتصنيف ،فلم يب َ
ب تُعر َف بـ(كُت ُب ظاـهر الرواية) وهي:
بن حسن الشيباـني هي الع ُمــدة في المذهب الحنفي؛ وله ستة ُكُت ُ ٍ
سير الصغير)، (المبسوط وي ُس َّمّى الأصل ،والجامع الصغير ،والجامع الـكبير ،والز يادات ،وال ِ
سير الـكبير ،وال ِ
وقد ت ُوفي الإمام محمد سنة مائة وتسعة وثمانين للهجرة (189هـ).
-وعليه؛ قد يكون اعتماد ُ الفتوى عند الحنفية على قول الصاحبين وليست على قول الإمام أبي حنيفة؛
خاصة ً أنهما لم يقتصرا في أخذهم وتلقيهم على أبي حنيفة ،بل التقيا بالإمام مالك وأخذا عنه ورو يا عنه
ل الإمام محمد بن الحسن إلى مالك =رج َع وعنده شيء ٌ من المزج بين مدرسة (الموطأ) ،وعليه؛ لما رح َ
العراق ومدرسة المدينة ،مما أ َّث ّر على المدرسة الحنفية.
-3الإمام الكاساني :كتب كتاب (بدائع الصنائع)؛ شرح فيه كتاب (تحفة الفقهاء) وهو لأحد علماء
الحنفية وهو أبو الليث السمرقندي ،ولهذا يقولون( :شرح تحفت َه ُ وتز َّوّ َ
ج ابنت َه ُ).
-6الشيخ المرغناني :له كتاـبُ (بداية المبتدي)؛ اشتغل به الحنفية اشتغاـل ًا كبير ًا ،ف َّ
صن ّفوا عليه الشروح؛
ومنه :شرح مؤلفه (الهداية شرح البداية)؛ اعتنى علماء الحنفية بهذا الشرح؛ ف َّخر ّجوا أحاديثه وشرحوه
ٍ
بشروح كثيرة منها الكتاب المعروف بـ(شرح فتح القدير) ،وكذلك كتاب (البناية شرح الهداية) وغيرهما.
ح بع َّ ّدة
-7الإمام الن َسفي :له كتاب (كنز الدقائق)؛ وهو أحد ُ المتون المعتمدة في مذهب الحنيفة؛ وقد ش ُرِ َ
شروح كثيرة؛ منها :كتاب (البحر الرائق في شرح كنز الدقائق) ،وكتاب (تبين الحقائق شرح كنز الدقائق) ٍ
للز يلعي.
- 21 -
المرحلة الثالثة :د ْور الاستقرار (بعد 711هـ):
-استقر مذهب الإمام أبي حنيفة بعد سبعمائة وعشرة للهجرة؛ فاستقرت المتون المعتمدة واشتغل العلماء
بالتصنيف في شرحها وبيان معانيها؛ ومن هؤلاء العلماء ما يلي:
-1الإمام ابن نُجيم الحنفي :كتب كتاب (البحر الرائق شرح كنز الدقائق).
-2الإمام ابن عابدين :كتب حاشيته (ردّ المحتار) على (شرح الدر المختار) للحصكفي على كتاب (تنوير
الأبصار) للتمرتاشي ،وهو ختام ُ التصنيف في مذهب الحنفي.
العبادة والتقوى:
-كان شأنُ الإمام مالك شأنَ أئمة السلف؛ حيث كانوا على قدرٍ عظيٍم في العبادة والتقوى والخشية من
لأخت الإمام مالك( :ما كان شغله في بيته؟)،
ِ الل ّه ،وهذا رأس العلم وهو (مخافة الل ّه) ،ولهذا؛ َّلم ّا قي َ
ل
قالت( :كان شغل ُه ُ المصحف والتلاوة).
-يقول الإمام ابن وهب( :لو شئتَ أن أملأ ألواحي من قول مالك لا أدري لفعلت -يقصد المسائل التي
ٍ
بضع ل من العراق إلى الإمام مالك؛ فسأله عن
أجاب فيها الإمام مالك بلا أدري( ،)-وقد جاء َ رج ٌ
ست وثلاثين مسألة ٍ منها لا أدري).
وأربعين مسألة ً ،فقال في ٍ
- 20 -
فــوائد:
-من أعظم ما يجب أن يتربى عليه طالب العلم :أن يحفظ كلمة (لا أدري) و يجعل له فيها ورْد ٌ ،لا أن
يُطلق الكلام في دين الل ّه حتى لا يق َع في الافتراء على الل ّه بغير علمٍ؛ فينسبَ لدينه ما لا ليس منه ،فإن هذه
الفواحش ما ظهر َ منها وما بطن والإثم والبغي َ بغير الحق
َ من كبائر الذنوب؛ قال تعالى" :ق ُلْ إنما ح َّرّم َ ربي
وأن تشركوا بالل ّه ما لم ي ُنزِّل به سلطان ًا وأن تقولوا على الل ّه ما لا تعلمون" ،وكان هذا دأبُ الأئمة.
-يقول الدكتور عاـمر بهجت( :حدَنا بعض المشاـيخ وهو الشيخ محمـد بن عبد الل ّه الحسين -رحمه الل ّه -من
طلاب الشيخ محمد بن إبراهيم يقول :كنا نسأل الشيخ محمد بن إبراهيم -مفتي الديار السعودية -عن بعض
المسائل الواضحة ،فيقول لنا لا أدري ،فعرفنا بعد ذلك أن الشيخ يريد أن يربينا على هذه الكلمة).
-قال الإمام ابن مهدي -رحمه الل ّه( :-ما رأيتُ أحدًا أهيبُ ولا أتم ّ عقل ًا من مالك ولا أش ّد تقو ًى منه)؛
ن
يلبس أحس َ
ل ويتطيبَ و َ وكان الإمام مالك معظم ًا للس ُ َّن ّة؛ (فلا يأتي مجلس الحديث إلا بعد أن يغتس َ
َيابه ،حتى يروىَ أنه ل ُد ِغَ في مجلس الدرس فما ت َّحر ّك تعظيم ًا لس ُ َّن ّة النبي ﷺ).
العلم والذكاء:
اس أكباد َ الإبل في طلب العلم؛ ن َّ
الن ّ ُ -من أعظم ما نال الإمام مالك من شرف العلم :قول النبي ﷺ" :ليضرب َ
فلا يجدون أعلم َ من عالم المدينة"؛ قال سفيان بن عيينة( :هو مالكٌ ؛ ما ترك على ظهرِ الأرض مثل َه ُ).
-من علمه وذكائهَّ :أن ّه تأ َّه ّل للف ُتيا وجلس للإفادة وعمره واحد وعشرين ( )21سنة ،قال الإمام مالك:
(ما أفتيتُ إلا بعد أن شهد لي سبعون م َّحن ّك ًا أني أه ٌ
ل لذلك) ،وقال الشافعي( :إذا ذ ُك ِر َ العلماء ُ فمالكٌ
النجم ُ).
ْس تجديد َ نيتك؛ وســؤال الل ّه إصلاحهاـ"
"لا تن َ
- 22 -
تاريخ المذهب المالـكي وأشهر رجاله:
مر المذهب بثلاثة مراحل؛ وهم: ّ َّ -
المرحلة الأولى :د ْور النشوء والتكوين (إلى 282هـ):
-تتمثل بداية هذا الد ْور بتدريس الإمام مالك وتصنيفه في الفقه والحديث ،فكتب (الموطأ) في الحديث
والفقه؛ حيث يذكر الأحاديث و يُعل ّق عليها ،ويبوِ ّب عليها أبواب ًا فقهية ،ويذكر مذهبه في مسائله ،قال
اب أصح من الموطأ).
الشافعي -قبل تصنيف الصحيحين( :-ما تحتَ أدي ِم السماء كت ٌ
-من أكبر طلاب الإمام مالك وأكثرهم نشر ًا لمذهبــه :عبد الرحمن بـن القاسم المصري ،وقد تُوفي سنة مائة
وواحد وتسعين للهجرة (191هـ).
-أخذ عن الإمام مالك أيضًا :أسد بن الفرات وسحنون ،وهؤلاء الثلاثة هم الذين َّ
صن ّفوا (المدونة) الذي
َّ
صن ّفها سحنون أخذًا عن أسد بن الفرات عن مسائل عبد الرحمن بن القاسم ،و(المدونة) هي الكتاب الأم في
مذهب الإمام مالك ،وت ُس َّمّى أيضًا بـ(مسائل سحنون).
ل للإمام سحنون بمسألة ٍ ،فقال له :إن مسألتك هذه معضلة ٌ ،فقال له :أنت لها يا إماـم،
-قيلَ( :جاء رج ٌ
فقال الإماـم سحنـــون :ليس بقولك هذا أعرض جسدي على النار).
-ومن طلاب الإمام مالك أيضًا :الإمام أشهب المصري المتوفى سنة مائتين وأربعة للهجرة (214هـ)،
وهذه سنة وفاة الإمام الشافعي والإمام الحسن بن ز ياد اللؤلؤي.
ٍ
تاريخ واحدٍ. فاـئدة :من الأشياء التي تساعد طالب العلم في حفظ التواريخ :أن يربط عدد ًا من العلماء في
- 23 -
َّ
وصن ّف كتابه (التلقين) ،وهو من فقهاء وقضاة -2القاضي عبدالوهاب بن نصر :كان في العراق في بغداد،
أبيات من الشعر في الغزل؛ ذكرها الشيخ على الطنطاوي في كتابه (غزل الفقهاء) ،ولما خرج
ٌ المالـكية ،وله
من بغداد بسبب الفقر؛ أنشدَ قائل ًا:
ق
س دار ُ الضنكِ والضي ِ
ل طــيبة ٌ *** وللمفالي ِ
ل الما ِ
(بغداد ُ دار ٌ لأه ِ
بيت زنديق).
مصحف في ِ
ٌ ظللتُ حيرانَ أمشي في أزقتها *** كأنني
كتب أخرى؛
ٌ -3الإمام ابن عبدالبر :كان في الأندلس ،وله كتاب (الكافي) في فقه أهل المدينة وله
ككتاب (الاستذكار) وكتب (التمهيد) وكلاهما من شروح الموطأ ،ولـكن (التمهيد) يعنى أصالة ً بالجانب
الحديثي و(الاستذكار) يعنى أصالة ً بالجانب الفقهي ،وهو من الأئمة المحققين.
فاـئدة :من أعظم ما يبني و يكو ّن طاـلب العلم في الفقه :مجاـلس المناظرة؛ وليس المقصــود بها الظهور
على الخصم ،وإنما يقصد بها التف ّقه والتعل ّم؛ حينما يحضر طالب العلم مناظرة ً بين العلماء ،يتناظرون بالأدب
والحجة والدليل والاستدلال ،يردان على بعضهما بالطر يقة المنهجية العلمية =تتكو ّن في شخصية طالب العلم
ملـَكة ٌ عظيمة ٌ لا تحصل إلا بالمناظرة ،ولذا؛ كانوا يذكرون في تراجم العلماء يقولون :فلان درس على فلان
وتف َّ ّقه عليه وأخذ عنه المناظرة.
-2الإمام القرافي :صاحب كتاب (الذخيرة) وهو كتابٌ م ُوس ٌع في الفقه المالـكي والفقه المقارن
ضا وغيره من الـكتب.
والاستدلال ،والقرافي من علماء المالـكية المحققين له كتاب (الفروق) أي ً
-3العلامة خليل :له كتاب (المختصر)؛ يمثل الاعتماد النهائي في القول المعتمد عند المالـكية ،ولهذا؛ صارت
ل الـكتب بعد (مختصر خليل) تدور في فلـكه بالشروحات والحواشي؛ ومن شروحه :كتاب (مواهب
ج ّ
الجليل في شرح مختصر خليل) للحطاب ،و(الشرح الـكبير على مختصر خليل) للدردير ،ثم جاء الدسوقي
ووضع حاشية ً على شرح الدردير.
يعكف الطالب على حفظها جملة ً
َ تنبيـه :ليس المقصود ُ من سرد كتب مراحل تاريخ المذهب هو أن
صل لديه
ي هو ما يح ُ
واحدة ً ،وإن كان سيضبطها في مرحلة ٍ ما من مراحل الدراسة ،لـكن المقصود ُ الأساس ّ
عند المرور على هذه الـكتب من المعنى والمعرفة الإجمالية حتى لو نسيهم الطالب.
-ول ِد َ الإمام الشافعي في المشهور من الأقوال في غزة سنة مائة وخمسين للهجرة وتُوفي بمصر سنة مائتين
وأربعة للهجرة (214-151هـ).
-كانت نشأته العلمية الأولى أن رحل إلى مكة وأخذ عن علمائها الفقه؛ فأخذ َ عن سفيان بن عيينة وغيره،
ثم رحل إلى المدينة وقرأ (الموطأ) على الإمام مالك وحفظه ،ثم رحل إلى بغداد والتقى بمحمد بن الحسن
الشيباني؛ قال الشافعي( :كتبتُ عن محمد بن الحسن وقر َ بعيرٍ من الـكتب).
- 25 -
-جمع الإمام الشافعي بين مدرسة الحجاز (مكة والمدينة) ومدرسة العراق؛ وكان هناك شيء من المنافسة بين
ل الحجاز) يقولون :كان فينا النبي ﷺ وأكثر الصحابة ،و(أهل العراق) يقولون :كانت فينا
المدرستين؛ فـ(أه ُ
خلافة علي -رضي الل ّه عنه -وأخذنا الفقه عن ابن مسعود ،جاء الإمام الشافعي َّ
فقر ّب بين فقه هاتين
المدرستين.
العبادة والتقوى:
-كان الإمام الشافعي مع علمه وفقه واجتهاده من َّ
العب ّاد؛ قال الربيع بن سليمان( :كان الشافعي ّ يختم القرآن
في شهر رمضان ستين ختمة) ،وقال حسين الـكرابيسي( :ب ِتُ مع الشافعي ليلة ً؛ فكان يصلي نحو ثلث الليل
فما رأيته يزيد على خمسين آية فإذا أكثر فمائة آية)؛ أي :يكررها و يرددها ،وقال الربيع بن سليمان -تلميذ
الشافعي( :-كان الشافعي قد ج َّزّأ الليل ثلاثة َ أجزاء؛ فثلثه الأوّل يكتب ،والثاني يصلي ،والثالث ينام).
العلم والذكاء:
-كان الإمام ُ الشافعي ّ ذكياً فطن ًا؛ حفظ القرآن في السابعة وحفظ (الموطأ) في العاشرة ،وأجازه شيخه في
مكة مسلم بن خالد الزنجي بالإفتاء وهو في الخامس عشرة ،وقال شيخه سفيان بن عيينة( :الشافعي ّ أفضلُ
أهل زمانه) ،وقال الإمام أحمد( :ما أحدٌ َّ ّ
مس محبرة ً ولا قلم ًا إلا للشافعي في عنقه منة ٌ) ،بل يروى عن
خلف أو عِوضٍ ).
ٍ س للدنيا وكالعافية ِ َّ
للن ّا ،فانظر هل لهذين من الإمام أحمد أنه قال( :الشافعيّ كالشم ِ
-وقد َّ ّ
حث الإمام أحمد إسحاق بن راهو يه فقيه خراساـن -وهو من المح ّدِثين الأفذاذ ومن شــيوخ البخاري-
فقال له( :ائت لتسم َع هذا الشيخ) ،فنظر إليه فوجده شاب ًا يافع ًا ،فقال( :أأترك ُ ابن عيينة وأذهب إلى هذا
الحدث؟!)؛ فقال له الإمام أحمد ناصً حا ( :إن فاتك الحديث من ابن عيينة بعلوٍ خذه بنزولٍ ،وإن فاتك العلم
من الشافعي لا تجده عند غيره).
-3الإسفراييني :ووجدت في هذه المرحلة طر يقتان في المذهب الشافعي؛ الطر يقة الأولى :طر يقة
الخ ُرسانيين ،والطر يقة الثانية :طر يقة العراقيين.
-5أبو المعالي الجويني :صاحب كتاب (نهاية المطلب) ،وهناك الجويني (أبو محمد الجويني) والد ُ الإمام
الجويني.
كتب في الأصول؛ منها( :الل ّمع) و(شرح الل ّمع) ،وله في الفقه (الم ُهذب)
ٌ -6أبو إسحاق الشيرازي :له
وشرحه الإمام النووي في كتابه (المجموع)؛ وهذا الكتاب تعاقب عليه ثلاثة ُ أئمة :ألفه النووي ولم ي ُكمله،
وأكمل فيه السبكي بعده ،ثم من المعاصرين أكمله محمد نجيب المطيعي ،وهناك من علماء الحنفية :محمد بخيت
- 27 -
المطيعي المصري؛ وهذا ي ُس َّمّى عند المح ّدِثين (المؤتلف والمختلف) لأن (نجيب و بخيت) كتابتها واحدة لـكن
نطقها مختلف.
كتب في أصول الفقه؛ من أشهرها( :المستصفى) ،وله في الفقه (الوجيز) و(الوسيط)
ٌ -7الغزالي :له
و(البسيط)؛ وأطولهم (البسيط).
كتب ًا كثير ًا في الفقه الشافعي؛ منها( :روضة الطالبين) و(المجموع) و(منهاج الطالبين)؛ -2النوويَّ :
صن ّف ُ
ح
كت ِب َت عليه شرو ٌ
يُعرف عند الشافعية بـ(المنهاج) ،وهو المتن الذي اعتمده الشافعية وداروا في فلـكه و ُ
متعددة ُ؛ منها( :تحفة المحتاج) و(مغني المحتاج) و(نهاية المحتاج) و(عمدة المحتاج).
-2ابن حجر الهيتمي :وهو ابن حجر الهيتمي المكي وليس ابن حجر العسقلانيَّ ،
صن ّف شرح ًا على (المنهاج)
َّ
سم ّاه (تحفة المحتاج).
ل البلدان في طلب الحديث حتى قال ابن الجوزي -رحمه الل ّه:- -وقد رحل الإمام أحمد -رحمه الل ّه -إلى ك ّ ِ
طاف أحمد الدنيا مرتين في جمع المسند) ،ولهذا؛ فهو أكثر الأئمة من جهة الرواية وما َّدّة الآثار التي ( َ
رجب -رحمه الل ّه( :-ولا ي ُعلم أثر ٌ عن الصحابة أو التابعين إلا وقد أحاط
ٍ ن
اجت ُمِع َت له ،حتى قال الإمام اب ُ
به الإمام أحمد علم ًا).
- 28 -
العبادة والتقوى:
ل يو ٍم
-كان الإمام أحمد من أكابر الزهاد والعباد ،قال عبد الل ّه بن الإمام أحمد( :كان أبي ي ُصلي في ك ّ ِ
ل يو ٍم وليلة ٍ مائة وخمسينمرض من تلك الأسواط =أضعفته ،فكان ي ُصلي ك َّ ّ َ وليلة ٍ ثلاثمائة ركعة ً ،فلما
ركعة ً).
ن النب َّيّ ﷺ احتجم ،وأعطى أبا طيبة ٍ
مر بي أ َّ ّ
-وقال الإمام أحمد( :ما كتبتُ حديث ًا إلا وقد عم ِلتُ به حتى َّ ّ
دينار ًا ،فأعطيت الحَّج ّام دينار ًا حين احتجمت) وفي هذا دلالة ٌ على قصده بالعلم العمل وليس كثرة الرواية
والتكاثر أمام الناس بالمروي والمحفوظ.
ل؛ إمام ٌ في الحديث ،إمام ٌ في الفقه،
ن خصا ٍ
-قال الربيع بن سليمان( :قال لنا الشافعي :أحمد ُ إمام ٌ في ثما ِ
إمام ٌ في الل ّغة ،إمام ٌ في القرآن ،إمام ٌ في الفقر ،إمام ٌ في الزهد ،إمام ٌ في الورع ،إمام ٌ في الس ُ َّن ّة)؛ فجمع الإمام
ل مجالاتها ،فلم يكن مقتص ِر ًا على الحديث ،بل كان من أكابر الفقهاء والمجتهدين.
أحمد الإمامة في ك ّ ِ
العلم والذكاء:
-قال عبد الل ّه بن أحمد( :قال لي أبو زرعة :أبوك يحفظ ألف ألف حديث ،فقيل له :وما يدر يك؟ ،قال:
ل إحصاء لما في هذه
ذاكرته؛ فأخذت عليه الأبواب)؛ يقصد :سألته في أبواب الحديث كلها ،ثم عم ِ َ
الأبواب من أحاديث =فوجدها ألف ألف حديث ًا.
-قال عبد الرزاق الصنعاني( :ما رأيتُ أحدًا أفقه َ ولا أورع َ من أحمد بن حنبل).
ل ولا أعلم َ ولا أفقه َ ولا أتقى من أحمد بن -وقال الشافعي( :خرجتُ من بغداد ،فما َّ
خل ّفتُ بها رجل ًا أفض َ
حنبل).
-وقال الشافعي للإمام أحمد( :يا أبا عبد الل ّه ،إذا َّ
صح ّ عندكم الحديث فأخبرونا حتى نرج َع إليه ،أنتم أعلم ُ
الصحاح َّ
من ّا). بالأخبار ِّ
-2جمع المذهب :ثم جاء الإمام أبو بكر ال َّخل ّال فجمع مذهب الإمام أحمد من خلال جمعه لـكتب المسائل
في كتابه (الجامع) ،وهذا الكتاب مفقود وصلت منه أجزاء يسيرة؛ كالترج ّل والوقوف ،ثم جاء غلام الخلال
-تلميذه -وهو أبو بكر عبدالعزيز فكتب كتابه (زاد المسافر).
فاـئدة :قام الباحث الأستاذ أحمد الر َّب ّاط و بعض الباحثين المعاصرين بجمع جميع ما روي عن الإمام
أحمد من المسائل في الفقه والحديث والعقيدة والرجال وغيرهم في كتاب (الجامع لعلوم الإمام أحمد) نحو
طالب علمٍ يتفقه على مذهب الإمام أحمد.
ِ ل
عشرين مجلد ًا؛ وهو كتابٌ مفيدٌ لك ّ ِ
فاـئدة :للوقوف على تراجم أصحاب وتلاميذ الإمام أحمد =فليرجع إلى كتاب (طبقات الحنابلة) لابن أبي
يعلى -رحمه الل ّه.-
- 31 -
المرحلة الثانية :دوْر التحرير والتنقيح للمذهب (إلى 885هـ):
-بدأت بالقاضي أبي يعلى -رحمه الل ّه-؛ وقد كتب كتب ًا كثيرة ً في الفقه؛ منها :كتاب (الروايتين والوجهين)،
وكتاب (التعليقة الـكبيرة) ،وفي علم الأصول؛ كتب كتاب (الع ُ َّ ّدة) ،ثم جاء أبو الخطاب الكلوذاني وهو
كتب؛ منها :كتاب (الانتصار) ،وكتاب (التمهيد) في أصول الفقه ،وغيرهما.
ٌ تلميذ القاضي أبي يعلى ،وله
فاـئدة :إذا قرأت في كتب الحنابلة قول (قال القاضي)؛ فإن المراد به هو (القاضي أبو يعلى).
-ثم جاء الإمام ابن ق ُدامة المقدسي المتوفى سنة (621هـ)؛ ف َّ
صن ّف في أصول الفقه كتاب (روضة الناظر
َّ
وصن ّف كتب ًا كثيرة ً في المذهب الحنبلي؛ منها: وجُنة المناظر)،
ل واحدٍ ولا يذكر فيها ل ومختصر ٌ َّ
صن ّف َه ُ على قو ٍ كتاب مفيدٌ وسه ٌ
ٌ َّ -1
صن ّف للمبتدئين كتاب (عُمدة الفقه) وهو
خلاف ،وهذا التدرّج من فقهه في التعليم؛ أن يذكر للطالب المبتدي قول ًا واحدًا يعتمده و يحفظه ويسير
ٍ أي
َّ
ويتعب ّد به. عليه
ٍ
شروح؛ منها: ح ع َّ ّدة َ -2ثم َّ
صن ّف للمتوسطين كتاب (المُقنع) يذكر ُ فيه روايتين غالب ًا في المذهب ،وقد ش ُرِ َ
(المبدع) ،و(الشرح الـكبير) لابن أبي عمر ،و(الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف) للمَر ْداوي؛ يشرح
فيه كل مسألة ٍ في (المُقنع) ويبيِّن روايات الإمام أحمد في كل مسألة.
َّ
وتوسّ ع في ذكر الروايات ،وبعده في المرحلة الأخيرة: -3ثم َّ
صن ّف للمنتهين كتاب (الكافي) ذكر َ فيه الأدلة
ف كتاب (المغني) ذكر َ فيه جميع الأقوال حتى الأقوال المخالفة من المذاهب الأخرى. َّ
صن ّ َ
فاـئدة :كان شغل الحنابلة الأكبر في مرحلة المتق ّدِمين على كتاب (المختصر) للِخرقي؛ فكان المعتمد في
التدريس والشرح والخدمة ،فلما َّأل ّف ابن قدامة كتابه (المُقنع) =صار عليه شغل الحنابلة في الشرح
والتدريس والحفظ.
-بعد ذلك جاء الإمام مجد الدين ابن تيمية َّ
وأل ّف كتاب (المحرر) في الفقه ،وهو صاحب كتاب (م ُنتقى
الأخبار) في الحديث الذي شرحه الشوكاني في كتابه (نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار) ،وهو ج ّد
شيخ الإسلام ابن تيمية ،وابنه هو عبد الحليم والد شيخ الإسلام ،ويُسميه الحنابلة ُ بـ(المجد).
فاـئدة :يعتبر (آل قُدامة وآل تيمية وآل م ُفلح) من بيوت الحنابلة التي خرج منها عدد ٌ من العلماء ،حتى
َّ
صن ّف عدد ٌ من أهل العلم في (آل قدامة المقدسي)؛ منهم :ابن قدامة المقدسي صاحب (المقنع) ،وابن
أخيه عبد الرحمن بن قــدامة صاـحب (الشــرح الـكبير) على (المقنع) ،وعبد الغني المقــدسي صاـحب
(عمــدة الأحكام) ،و بهاء الدين المقدسي صاحب (الع ُ َّ ّدة) شرح (الع ُمدة) ،وكان للحنابلة وجود ٌ كبير ٌ في
فلسطين و بلاد الشام.
- 30 -
-من علماء المذهب في مرحلة التحرير والتنقيح :ابن م ُفلح الجد صاحب كتاب (الفروع) وكتاب (الآداب
الشرعية) ،وهناك ابن مفلح الحفيد صاحب كتاب (المبدع) شرح (المقنع).
-ثم خُتِم َت مرحلة التنقيح للمذهب بالعالم الم ُصحح والم ُرجح والم ُنقح القاضي علاء الدين المرداوي؛ ف َّأل ّف
كتابه العظيم (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف) أخذ ك َّ ّ
ل كتب الحنابلة قبله واستقرأها؛ فيذكر جميع
أقوال وروايات وأوجه الحنابلة -ذلك لأنه قد يكون داخل المذهب أكثر من قول ورواية -فاعتمد الناس
عليه في تصحيح المذهب.
كتاب كبير ٌ في أصول الفقه اسمه (التحرير) ولديه شرح اسمه (التحبير) ،وله كتبٌ أخرى في
ٌ -للمرداوي
الفقه؛ منها( :التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع) وكتاب (تصحيح الفروع).
-2العالم ابن النجار الفتوحي المصريَّ :أل ّف كتابه (منتهى الإرادات)؛ ثم إذا اتفـق (الإقناع) و(المنتهى)
ل =صاـر هو المعتمــد في المذهب عند الحناـبلة ،لذا؛ يقــول الشيخ ابن عـقيل -رحمه الل ّه-
على قو ٍ
ق الإقناعا *** فذلك المذهبُ لا نزاعا).
(والمنتهى إ ْن واف َ
-و َّأل ّف ابن النجار في أصول الفقه كتابه (مختصر التحرير) وشرحه في كتابه (شرح الـكوكب المنير) وهو من
أنفس كتب الحنابلة في أصول الفقه ،وهو كتابٌ مركز ٌ ومختصر ٌ ومرتبٌ وجام ٌع.
- 32 -
-3الشيخ مرعي الـكرمي الشاميَّ :أل ّف كتبًا كثيرة ً؛ من أبرزها كتابان:
-الكتاب الأوّل :كتاب (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى) وهو مرج ٌع في معرفة المذهب؛ جمع
كتابي (الإقناع) مع (المنتهى) ،شرحه الرحيباني في كتابه (مطالب أولي النهى).
ح بع َّ ّدة
ي ومتنٌ مختصر ٌ ،وقد ش ُرِ َ
-الكتاب الثاني :كتاب (دليل الطالب لنيل المطالب) وهو كتابٌ دراس ّ
شروح؛ منها( :منار السبيل) للشيخ إبراهيم الضو يان ،و(نيل المآرب شرح دليل الطالب) للتغلبي ،و(شرح ٍ
-صارت الـكتب المعتمدة فيه في تدريس المذهب الحنبلي؛ إما (زاد المستقنع) أو (دليل الطالب) ،وهناك
ح اسمه (هداية الراغب) للشيخ عثمان
متون أخرى مثل( :عمدة الطالب) للشيخ منصور البهوتي وله شر ٌ
النجدي.
-ومن الـكتب المعتمدة في التدريس أيضًا عند المتأخرين( :أخصر المختصرات) لابن بلبان؛ وله أكثر من
شرح؛ منهم( :كشف المخ َّ ّدرات) للبعلي ،و(الفوائد المنتخبات) للشيخ عثمان النجدي ،وهناك م َن يعتني
بـ(مختصر الشيخ أبي بكر خوقير) وكذلك (عمدة الفقه) لابن قدامة.
- 33 -
المفردة السابعة :المذاهبُ المندرسة ُ وأئمتها
حقبة من حقب التاريخ ،وكان لها أتباعٌ يدينون بها
-المذاهب المندرسة :هي المذاهب الفقهية التي قامت في ِ
و يقلدونها ،ثم اندرست وانتهت.
-وليس معنى انقراض هذه المذاهب أن أقوال أصحاـبها لم تعد موجــودة ً في الـكتب ،بل هي موجودة ٌ
ل صاـحب (المُغني)
لـكنها متفرقة ً في بطـون الـكتب وينقلها أهل العـــلم عنهم في كتبهم؛ ومن ذلك :نق ُ
لأقــوال الإمام الحسن البصري.
-3الإمام الأوزاعي:
-كان له مذهبٌ في الشام؛ يقول الإمام النووي( :انعقد الإجماع على إمامته وجلالته) ،وقد قيل أنه أفتى
في سبعين ألف مسألة ً ،وت ُوفي سنة مائة وسبعة وخمسين للهجرة (157هـ) ،وكان قد سكن دمشق ثم انتقل
إلى بيروت ومات فيها مرابطًا.
- 34 -
-5الإمام سفيان بن عيينة:
-يقول الإمام الشافعي( :إ َّ ّ
ن العلم َ يدور على ثلاثة ٍ :مالكٌ والليثُ وابن عيينة) ،وقال الإمام ابن وهب( :ما
رأيتُ أعلم بكتاب الل ّه من ابن عيينة) ،والإمام ابن عيينة كوفيّ الأصل ومكي ّ الدار ،ت ُوفي الإمام ابن عيينة
سنة مائة وثمانية وتسعين للهجرة (198هـ).
- 35 -
المفردة الثامنة :التمذْه ُب؛ والموقف منه
-هذه مسألة ٌ مهمة ٌ ومطروحة ٌ في كتب العلماء من قديم الزمان ،وتثار ُ ما بين فترة ٍ وأخرى ،هذه المسألة فيها
مواضع اتفق عليها العلماء بجميع مذاهبهم واتجاهاتهم ،ومواضع اختلف العلماء فيها.
التمذهب:
ِ ق العلماء ِ في مسألة ِ
ل اتفا ِ
أ ّول ًا :مح ُ
الأوّل :ذمّ التعصّ ب:
-والمقصود بالتعصّ ب المذموم هو أن يتخذ الإنسان المذهب معيار ًا للولاء والبراء؛ فيوالي م َن على مذهبه
و يعادي م َن على غير مذهبه.
-في السابق :قد تجد التعصبَ من عامة الناس؛ كأن ي ُقال( :هل يزوج الحنفي ابنته للشافعي؟ ،وهل تصح
صلاة الحنفي خلف الشافعي؟) =هذه المسائل ت ُطرح من قبيل التعصب من عامة الناس وليست معتمدة في
المذاهب ،أما في زماننا :فقد ق َّ ّ
ل التعصب للمذاهب ونشأ عند الناس تعصب ًا ضد المذاهب ،فيجعلون
أمرا من الضلال و يستنكرون على م َن يتبعها ،و يجعلون المذاهب لا تمثل فقه
الانتساب لهذه المذاهب ً
ل.
الدليل ،وإنما هي آراء ُ رجا ٍ
مذهب م ُ ٍ
جمع على جواز تقليده ،ثم يسلك مسلك ًا أدنى ٍ ل -اليوم -أن بعض الناس يذم تقليدَ
-وصار الإشكا ُ
منه في التقليد وهو تقليد الأفراد.
ل ذلك :يقولون لك( :لا تدرس كتب المتون المذهبية ،بل ادرس متون غير المذهبية مثل :الدرر
مثاـ ُ
متمذهب بمذهب الشوكاني؛ فيكون ترك َ
ٌ البهية للشوكاني) =في الحقيقة :الذي سيدرس الدرر البهية هو
التمذهب بمذاهب الأئمة ،وذهب إلى التمذهب بمذاهب م َن دونهم ،وعليه؛ فالتعصبُ مذموم ٌ؛ سواء ُ كان
للمذاهب أو كان ضد المذاهب.
-لا إشكال في مسألة الانتساب اللفظي إلى المذهب الذي لا يتر َّت ّب عليه تعصبٌ ؛ كأن يقول الإنسان حين
يُسأل عن مذهبه أنه حنبلي أو شافعي أو مالـكي أو حنفي.
بعض الناس يقول أنا على الكتاب والس ُ َّن ّة تصور ًا منه أن الانتساب إلى مذهب من المذاهب يعني ترك
َ -تجد
الكتاب والس ُ َّن ّة ،وهذا التصور ُ خاطئ ٌ؛ ومن آثار هذا التصور :أن تجد الطالب يقول( :أيهما أفضل أن
ضه ُ خطأ ٌ لأنه مبنيّ على مق ّدِمة ٍ خاطئة ٍ وهي (أ َّ ّ
ن أدرس فقه الدليل أم فقه المذاهب) وهذا السؤال فر ُ
- 36 -
المذاهب ليست من فقه الدليل) وهذا خطأ ٌ عظيم ٌ ج ّدا ،بل ك ّ
ل المذاهب من فقه الدليل والتف ّقه عليها
بمعرفة مسائلها وأدلتها من التف ّقه في الدين.
المذاهب:
ِ ل العلم :قبوله ُم لوجودِ هذه ِ
ق بين أه ِ
ل الاتفا ِ
الثاني من مح ِ
َّ
أمر ق ّدره الل ّه كون ًا ،ولا يرون أن وجودها أمرٌ
-يُدرك ُ أئمة الدين أن وجود َ المذاهب نتيجة ٌ طبيعية ٌ و ٌ
مرفوض شرع ًا ،ولم يدع أحدٌ منهم إلى إلغائها أو ترك وحرق كتبها ،وما كان من هذا في بعض الح ِقب ٌ
تصرفات لا ت ُمثل أئمة الدين ،بل هو من التعصب المذموم الذي يأتي تحتَ مظلة ِ محاربة ِ التعصب،
ٌ =فإنما هو
ومدارس علمية ٍ معتبرة.
َ مذاهب
ٍ تعصب لآراءٍ شخصية ٍ وليس إلى
ٌ وهو في حقيقته
كتاب باسم (التعصّ ب المذهبي)؛ جمع فيه بعضًا من حوادث التعصب
ٌ فاـئدة :للدكتور خالد كبير َّ
عل ّال
جدَ هذا التعصب على سبيل الن ُدرة لا على سبيل الشيوع.
في بعض أتباع المذاهب الفقهية ،وقد و ُ ِ
مذهب
َ وخالف
َ ل العلم ِ :أ َّ ّ
ن المتم ْذه ِب إذا بل َغ رتبة َ الاجتهاد ق بين أه ِ
ل الاتفا ِ
الثالث من مح ِ
ن ولا ي ُنكر ذلك عليه :ومن شواهد ذلك:
ن غيره فقد أحس َ
إمامه لر ُجحا ِ
أ -أنه لم يُنكر أحدٌ على القاضي أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني َّلم ّا خالفا شيخهما أبا حنيفة في بعض
خالف اجتهاد َ شيخهما ،وقد قيلَ( :إن القاضي أبا يوسف ومحمد بن المسائل التي َّ
توصّ لا فيها إلى اجتهادٍ ي ُ
الحسن قد خالفا أبا حنيفة في ثلثي المذهب) وهذا لا ي ُراد به التقدير الحقيقي وإنما المراد كثرة المسائل التي
خالفا فيها شيخهما أبا حنيفة.
بعض المالـكية الإمام َ مالك في بعض المسائل التي ثبتت عنه؛ ومنهم :ابن عبدالبر فإنه قد
ُ خالف
َ ب-
ل بخلاف قوله.
خالف الإمام مالك في مسألة (خيار المجلس) واستد َ
بعض الشافعية الإمام َ الشافعي؛ ومنه :المزني فإنه خالف الإمام الشافعية في مسائل مع أنه كتب
خالف ُ
َ جـ-
مختصر ًا في مذهب الشافعية.
خالف مذهب الإمام أحمد.
ت ُ د -كان لبعض الحنابلة لم اختياراتٌ واجتهاداتٌ ُ
-وهذه الاختيارات والاجتهادات التي يخالفون بها الأئمة لا تكون إلا بعد التأه ّل؛ ومن أمثلة ذلك من
المتأخرين :شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الل ّه-؛ فإنه لما بل َغ رتبة َ الأهلية في النظر في الأدلة الشرعية كان له
اجتهادات واختياراتٌ في تصحيح أحد
ٌ اجتهادات خارجة ٌ عن عموم مذهب الإمام أحمد ،وكذلك
ٌ
الروايات عن الإمام أحمد.
"صلوا على صاحب الس ُن َّّة ﷺ"
- 37 -
-ينبغي أن نتنبه إلى القيد المذكور في هذا المحل :وهو (المتمذهب إذا تأ َّه ّ َ
ل)؛ فإنه إذا اجتهدَ واختار َ قول ًا
من الأقوال فقد أحسن ،وأما غير المتأهل فليس له حقّ أن يختار َ ،وإذا نظرت في طبقات الفقهاء على مر
اختيارات استقلالية ٌ فقهية ٌ كانوا قلة ً ولا تجد إلا الواحد بعد الواحد
ٌ التاريخ؛ فإنك تجد أن العلماء الذين لهم
ل مائة سنة.
في ك ّ ِ
-ينحصر اجتهاد المجتهد في الترجيح بين أقوال الفقهاء في المسائل التي تك َّل ّموا فيها قبله ،وليس بأن يأتي المجتهد
ج عن إجماعهم ،وإذا
ل =لا يجوز له أن يخر َ
ل لم يقلْ به أحدٌ ،بل إذا أجم َع العلماء قبل المجتهد على قو ٍ
بقو ٍ
ل إجماعهم ،وهذا الاجتهاد لا
ج عن مح ِ
يحدِثَ قول ًا ثالث ًا يخر ُ
اختلف العلماء قبله على قولين =لا يجوز له أن ُ
َ
ح أن يصدر َ إلا عن مجتهدٍ تحققت فيه شروط الاجتهاد.
يص ُ
ل النفس إلى أحد الأقوال فليس اجتهاد ًا ولا مرجح ًا شرعي ّا أو اختيار ًا بالمعنى العلمي ،لـكن يُمكن
-أما مي ُ
أن يُطلب من الباحث أن يكتبَ شيئ ًا من هذا القبيل لا على وجه الاجتهاد والاختيار الحقيقة وإنما من
باب التعل ّم حتى تظهر َ شخصية ُ الباحث لأجل أن تق َّو ّم من الناحية العلمية ،ولهذا يقول الوزير ابن هبيرة
ج الإعادة والدرس) أي :يُقصد ُ بالمناظرة التربية
ج مخر َ
الحنبلي( :إن المناظرة َ بين أرباب المذاهب تخر ُ
ج الإعادة
ج مخر َ
والتعليم والتدريب للطالب على ذلك ،وكذلك الترجيح في كتابة البحوث العلمية فإن هذا يخر ُ
والدرس؛ يستفيد طالبُ العلم مما فيها من المادة العلمية المجموعة من مصادر متنوعة ،ولا يكون هذا من
الاجتهاد والاختيار.
-طر يقة حكم الإمام أحمد على مسألة ٍ من المسائل :أنه يحفظ الآيات التي وردت فيها وما قيل في تفسيرها
حديث منهم يحفظهم من عشرين إلى
ٍ ل
بالإسناد ،ثم يحفظ خمسة َ عشر حديث ًا -مثل ًا -فيها بأسانيدها ،ك ّ
خمسة وثلاثين طر يق بأسانيدها أيضًا ،وكان بعض المح ّدِثين يقول( :الحديث الذي لا أحفظه من عشرين
ل إسنادٍ يحتوي على ثلاثة إلى خمسة من الرجال؛ يحفظ الإمام أحمد كل واحدٍ
طر يقًا =أنا فيه يتيم ٌ) ،ك ّ
ل واحدٍ منهم استقلال ًا واجتهاد ًا من خلال حفظه
من رجال هذه الأسانيد ،و يعرف الحكم على ك ّ ِ
- 38 -
لمرو ياتهم ،ثم هو يحفظ في هذه المسألة من آثار الصحابة والتابعين وأتباعهم خمسين أثر ًا منها ،وله في كل
ل نظرٍ ثم بعد ذلك كله من العلم والتحقيق يحكم ُ في المسألة( :فلا يقول حلال أو
ذلك ملـَكة ٌ فقهية ٌ وإعما ُ
حرام لـكن يقول :يعجبني كذا أو أكره كذا) يقول ذلك وراع ًا وديانة ً.
ل علم السلف على علم الخلف؛ وفي هذا أوصيكم بكتابين مهمين :الكتاب الأوّل :كتاب (بيان
-وهنا يبرز فض ُ
فضل علم السلف على علم الخلف) ،وكتاب (الرد على م َن ا َّت ّبع غير المذاهب الأربعة) للإمام ابن رجب
الحنبلي -رحمه الل ّه.-
المصحف بغير طهارة):
ِ ل ذلك :بحث مسألة ( ّ
مس مثا ُ
سه إلا المطهرون" أن المراد بذلك الملائكة تقليدًا لبعض
-تجد ُ كثير ًا من الباحثين يقول في قوله تعالى" :لا يم ّ
المفسرين وليس اجتهاد ًا؛ لأنه لم يقف على جميع الآثار الواردة عن المفسرين في تفسير الآية فضل ًا عن
دراسة أسانيدها (هذه مرتبة ٌ أعلى) ،وحتى لو درس أسانيدها =سيدرسها عن طر يق كتاب (تقريب
مر بثلاث أو
التهذيب) وهنا صار مقلد ًا للأئمة في توَيق الرجال وتضعيفهم في مراتب متعددة ،فتجد أنه َّ ّ
ج بعد ذلك ترجيح ًا يتصو ّر أنه اجتهاد ًا.
أربع مراحل من التقليد ،ثم ينت ُ
-يأتي الباحث المعاصر الذي يفتقر إلى الاجتهاد؛ فينظر إلى توَيق الأئمة للراوي ،ولا يفهم كيف ض َّع ّفوا
حديثه ،فيقول بصحة الحديث و يعترض على تضعيف الأئمة ،مع أنه ما أخذ توَيق الراوي إلا تقليدًا لهم!!،
ديث وارد في مسألة ٍ واحدة ،فكم يحتاج هذا
لح ٍل واحدٍ من رجال إسنادٍ واحدٍ من أو َ ِ
وهذه دراسة لرج ٍ
الباحث لدراسة ٍ را ٍو واحدٍ عن طر يق الاستقلال والاجتهاد (سنة على الأقل مع الجد!!) ،أما الأئمة؛
فكانوا يحفظون الأحاديث حفظًا متقنًا ،وكلما حفظوا حديثًا قاموا بعملية المقارنة تلقائيًا بينه وبين ما حفظوا
سابقًا.
ل واحد
ل واحدٍ من رجال الإسناد في سنة ٍ كاملة ،وهذا فقط في دلي ٍ
-إذا انتهى الباحث من دراسة رج ٍ
من الأدلة الواردة في المسألة من القرآن ،فكيف ببقية الأدلة من القرآن ،وكيف بأدلتها من الس َُّن ّة ،وكيف
بأدلتها من آثار الصحابة (وهذه الآثار يغفل عنها كثير ٌ من الباحثين المعاصر ين) ،هذا إذا أراد أن يسلك
الباحث طر يق الاجتهاد الذي يعرِّفه الأصوليون بأنه( :استفراغ ُ الفقيه ِ وسع َه ُ في درك حكم شرعي) حتى
يقف على مزيدٍ في المسألة) ،هكذا كان نظر الأئمة المتق ّدِمين في
َ ن أ َّن ّه لا يمكن أن
قال بعضهم( :حتى يظ ُ
المسائل ،وهو مما لا يكاد أن يطبقه طلبة العلم اليوم.
- 41 -
ت َّخر ّج في الأزهر َّأن ّه أزهريّ ،وم َن ت َّخر ّج من كلية دار العلوم أن ّه درعم ّي ،وعليه؛ فإن الانتساب إذا لم
بأس به.
تعصب =فلا َ
ٌ يصاحبه
ل إمام ِه ِ
المتمذهب بقو ِ
ِ التمذهب :جواز ُ أخذِ
ِ ل العلم ِ في مسألة ِ
ق بين أه ِ
ل الاتفا ِ
الخامس من مح ِ
ل:
ناسب ًا له إلى إمام ِه ِ مع قناعت ِه ِ برجحان ِه ِ بعد َ نظرِه ِ في أدلة ِ الأقوا ِ
ل إماـمه الذي تمـذهب -إذا وصـل المتمذهب إلى مرتبة التــأه ّل والترجيح؛ فنظر َ في مسألة ٍ َّ
فترجّ ح عنده قو ُ
بمذهبه =فلا إشكال أن يأخذ َ به ،ولا إشكال في أن ينسب هذا القول إلى إمامه ،أو أن يميل نفسه إليه.
-فإذا ج َّو ّز المجتهد للناس أن يقلدوه فيما يأخذون عنه من فتاواه في المسائل ،فلا يجوز له أن يمنع الناس أن
يقلدوا أحدَ الأئمة الأربعة.
-وإذا أفتى عالم ٌ مجتهدٌ بقول مجتهدٍ آخر في المسألة؛ كأن يقول الإمام أحمد في مسألة ٍ( :قال الشافعي ّ فيها
ل من حالتين:
كذا)؛ فإن ذلك لا يخ ُ
الحالة الأولى :أن يعتقدَ صحة َ قول هذا المجتهد؛ فلا إشكال في ذلك.
ل الراجح غير ما ذكره هذا المجتهد ،ولـكن المسألة ُ اجتهادية ً ليس فيها قاط ٌع؛ الحالة الثانيـة :أن يعتقد َ أ َّ ّ
ن القو َ
ومذهب
ِ يخير َ المستفتي بين مذهب ِه ِ
فلا إشكال في أن يذكر َ مذهبَ غيره؛ يقول صاحبُ الإقناع( :وللمفتي أن ُ
غيره)؛ لأنه لا يلزم ُ الناس أن يقلدوه ،فإذا جاز َ للمفتي أن يذكر للناس قوله =جاز َ أن يذكر له قول الأئمة
ل يسأله؛ فقال له :اذهب إلى حلقة المدنيين فاسألهم)؛ الأربعة ،ولهذا؛ (روي أ َّ ّ
ن الإمام َ أحمد جاءه رج ٌ
أي أنه أحاله إلى غيره مع أ َّن ّه يرى خلاف رأي المدنيين.
- 40 -
-قاـل الشيخ الأمــين الشنقيطي -رحمه الل ّه( :-متأخرو الأصـــوليين من جميع المذاهب مطبــقون كلهم على
وجوبه)؛ و يستدلون بأن هذا أضبط للإنسان ،وأ َّن ّه يمنع من اتباع الرخص.
التمذهب:
ِ الاتجاه الثاني :اتجاه ُ إباحة ِ
-ذهب أكثر العلماء إلى جواز التمذهب؛ فلا يرون وجوب أو امتناع التمذهب؛ بأن يجب على المقلد أن
ل الذكر إن كنتم لا تعلمون" ،و يجوز له في ذلك:
يصدر َ عن قول أهل العلم؛ لقوله تعالى" :فاسألوا أه َ
-1أن يلزم مذهب ًا؛ فيسأل عالم ًا محدد ًا من العلماء لثقته بدينه وأمانته.
-2أن يسأل من العلماء م َن يثق في دينه وأمانته دون الالتزام بعال ٍم معيَّ ّنٍ محدد ،دون أن يقصد في ذلك
تتبع رخص العلماء ،وإنما يقصد البحث عن الحكم الشرعي.
س مذاهبهم).
-قال القاضي عياض -رحمه الل ّه( :-وق َع إجماع ُ المسلمين على اتباعِهم ود ْر ِ
-قال الوزير ابن هبيرة الحنبلي -رحمه الل ّه -واصفًا المذاهب الأربعة( :التي اجتمعت الأ َّمّة على أ َّ ّ
ن كل ًا منها
يجوز ُ العمل به).
-قال ابن فرحون -رحمه الل ّه( :-وق َع إجماع ُ َّ
الن ّاس على تقليدِهم ،واتفاقُ العلماء على اتباعهم والاقتداء
س كتبهم والتف ّقه على مآخذهم).
بمذاهبهم ود ْر ِ
التمذهب:
ِ الاتجاه الثالث :اتجاه ُ ِ
منع
مذهب بعينه.
ٍ ل ملازمة ِ
-بأن ي ُقل ِّد الإنسان؛ ولـكن ليس على سبي ِ
-وقد ش َّ ّدد الإمام أبو محمد بن حز ٍم الأندلسي -رحمه الل ّه -في مسألة التقليد حتى جعل في كتابه (الإحكام في
ِ
بجميع ل أبي حنيفة أو ِ
بجميع قو ِ أصول الأحكام) باب ًا اسمه (باب إ بطال التقليد) وقال فيه( :فليعلم م َن أخذَ
خالف إجماعَ الأ َّمّة)؛
َ ن من النظر؛ َّأن ّه قد
ل أحمدِ ممن يتمك ُ
ل الشافع ِي ّ أو بجميع قو ِ
قو ِ ِ
بجميع ك أو
ل مال ِ
قو ِ
الإجماعَ على َّأن ّه لا يجوز ُ الآخذ ُ بجميع قول أحد الأئمة ،لـكنه ذكر شرطًا وهو قوله (ممن ن حز ٍم
وهنا يحكي اب ُ
سل ّم ٌ به؛ (بأ َّ ّ
ن الذي بل َغ رتبة َ الاجتهاد لا يجوز له يتمكن من النظر) والمقصود به :أهلية الاجتهاد ،وهذا م ُ َّ
أن يقل ِّد َ فضل ًا عن أن يلزم َ مذهب ًا بعينه) ،والحقيقة َّأن ّه لا يمكن أن يستقيم للناس تعب ّدٌ إلا بالتقليد.
-التقليد والاجتهاد ليسا على مرتبة ٍ واحدة ٍ؛ فإن العلماء يذكرون أن المجتهد على درجات؛ منها :مجتهد مذهب
ومجتهد مطلق ،فإذا كان النظر في الاجتهاد يكون على رتبة المجتهد في العلم؛ فإن مراتب الاجتهاد تتع َّ ّدد ُ
بتع ّددِ المجتهدين؛ فإن المجتهد الذي يحفظ ألف حديث ًا غير المجتهد الذي يحفظ عشرة آلاف حديثًا غير المجتهد
ل وهو الذي يحفظ ألف ألف حديث ًا ،وقد رويَ عن الإمام أحمد -رحمه الل ّه -أ َّن ّه قي َ
ل له( :أي ُفتي الرج ُ
يحفظ مائة ألف حديث ًا ،قال :لا ،قيل :أي ُفتي الرجلُ وهو يحفظ مائتي ألف حديث ًا ،قال :لا ،قيل :أي ُفتي
- 42 -
ل وهو يحفظ أربعمائة ألف حديث ًا ،قال:
ل وهو يحفظ ثلاثمائة ألف حديث ًا ،قال :لا ،قيل :أي ُفتي الرج ُ
الرج ُ
أرجو).
ن الأصوليين المتأخرين ش َّ ّددوا في شروط الاجتهاد ،وهذا من العجب؛ لأنك لو
الن ّاس أ َّ ّ
بعض َّ
ُ ل
-يقو َ
قارنتها بمثل النقل السابق عن الإمام أحمد؛ لوجدتَ أن الأصوليين المتأخرين س َّهّلوا في الاجتهاد ،لـكن
بعض أهل العلم إلى غلق
ُ بعض الناس العاجزين يريدون أن يفتحوا باب الاجتهاد على مسرعيه ،ولهذا؛ دعا
باـب الاجتهاد ،وقالوا بانقطاـع الاجتهاد من القرن الرابع سـدًا للذر يعة؛ لأنهم رأوا َّأن ّه قد يدخل في باب
الاجتهاد م َن ليس منه ،وليس هذا تقرير ًا لصحة قولهم بغلق باب الاجتهاد.
"كان إمام الحرم عبد الملك النيسابوري ح َّّفاظًا لوقته؛ فكان ينام و يأكل إضطرار ًا لا عادة ً ،فقال:
أنا لا أنام ولا آكل عادة ً ،وإنما أنام إذا غلبني النوم ،وآكل إ ّذا اشتهيت"
- 43 -
(من 1311هـ تقريبًا) المفردة التاسعة :مرحلة ُ الفقه ِ في العصر ِ الحاضر ِ
مق ّدِمة:
جد َ م َن يسمون المراحل قبل (1311هـ)
-ظهرت دعواتٌ -في هذا العصر -تدعو إلى ترك المذاهب ،بل و ُ ِ
ل ،ما قبل بداية الاستعمار للعالم الإسلامي بـ(عصر الجمود
وتراث فقه ٍ ّي مكتم ٍ
ٍ بما فيها من جهودٍ فقهية ٍ
والتقليد).
-إذا نظرت للفروق في حياة الناس قبل مائتي سنة ً وبين زمن التابعين =لوجدتَ أن الفروق ليست كثيرة،
بينما لو نظرت للفروق في حياة الناس قبل خمسين سنة ً وبين اليوم =لوجدتَ أن الفروق التي حصلت في
بأضعاف مضاعفة ٍ من الفروق التي حصلت قبل ذلك بخمسمائة
ٍ حياة الناس بسبب الثورة الصناعية أكثر
سنة؛ فإذا كان التراث الفقهي ي ُلبي احتياجات الناس =فما هي الحاجة إلى تصنيف كتب ًا جديدة ً! ،وهل
إعادة البناء مطلبٌ في ح ّدِ ذاته ،أو يع ّد من باب التجديد!
نصف قرون ًا متطاولة ً من الجهد الفقهي بأنها زمن الجمود ،بدعوى أنهم اقتصروا على الشرح
ُ -لذا؛ عندما
والتخريج على الـكتب والمدونات الفقهية =فإن هذا من العبث ،لأن هذا الجهد الفقهي كان يلبي
ح أن
احتياجات الناس ،ولما تأتت بعض النوازل القليلة =خدموها بالكتابة والتصنيف ،وعليه؛ لا يص ُ
بوصف الجمود والتقليد على جهة الإطلاق.
ِ توصف هذه الأزمان
َ
يوصف العصر الحاضر في تاريخ الفقه بـ(عصر النهضة الحديثة)؛ هل المطلوب منا أن ننقض
ُ -ثم بعد ذلك؛
هذا البناء الشامخ من التراث الفقهي ونعيده من جديدٍ حتى يكون ما نحياه هو نهضة ٌ فقهية ٌ حديثة ٌ؟!
ل وكتابات مستقلة ،أما المدارس
=بالطبع لا .بل غاية الأمر :هو وجود نوازل جديدة تحتاج إلى نظرٍ مستق ٍ
الفقهية =فلا حاجة إلى أن ي ُعاد النظر فيها أو كما يدعي البعض بتنقية أو تصفية التراث الفقهي وغير ذلك
من الدعوات التي لا تصدر إلا عن شخص لم يدرس المذاهب الفقهية ولم يعرف عنها شيئًا.
- 44 -
النوع الأوّل :طباعة الـكتب التي صنفها العلماء قديمًا:
-وذلك بإعاـدة نشرها وتحقيقها وتحو يلها من النسخ الخطية قليلة التــداول ،تلك التي تحتاـج إلى أشهرٍ من
الجهد للنسخة الواحدة ،إلى النسخ المطبوعة سر يعة التداول التي لا تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين ،بل
ٍ
أنواع؛ منها: يمكن طباعة ألف نسخة في أيا ٍم معدودة؛ وهذه الـكتب الفقهية على
كتب طُب ِع َت في مسائل الإجماع فقط:
ٌ -1
ن أنها من
-فإن معرفة مسائل الإجماع من الأمور المهمة لطالب العــلم؛ فربما تأتي مسألة ٌ إجماعية ٌ يظ ُ
مفردات المذهب إن لم يكن على علمٍ بها؛ من هذه الـكتب:
أ -كتاب (الإجماع) لابن المنذر؛ وهو مطبوعٌ بتحــقيق صغير شاغف الباكستاني.
ب -كتاب (مراتب الإجماع) لابن حز ٍم وقد نقده شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (نقد مراتب الإجماع)
وهذا من المناقشات والم ناظرات والردود بين أهل العلم التي تُحيي الحركة العلمية حتى قال الخطيب
ن الأ َّمّة َ م ُجمعة ٌ على الجدال والمناظرة في مسائل الفقه) ولـكن هذا الجدال والمناظرات تكون
البغدادي( :أ َّ ّ
ق في مسائل الفقه؛ مثل :مناقشة الإمام
بأدب العلم ،ولهذا؛ شن َع العلماء على بعض م َن يتكلم بكلا ٍم غير لائ ٍ
ابن حزم للمسائل الفقهية في كتابه (الم ُحلى)؛ فيه علم ٌ كثير ٌ ،لـكن لا يصلح أن يقرأ طالب العلم المبتدئ فيه
حصل العلم ،وكذلك؛ لا ينبغي أن ينظر الطالب في مساوئ أهل العلم أو أن
إلا بعد أن يتربى ويتأدب و ي ِّ
يتكلم عن شيءٍ من مثالبهم.
جـ -كتاب (الإقناع في مسائل الإجماع) لابن القطان الفاسي؛ وهذا الكتاب جام ٌع لعدد من إجماعات أهل
العلم ،وهو مطبوع بتحقيق الدكتور فاروق حمادة.
كتاب مفيدٌ ناف ٌع.
ٌ د -من الـكتب المعاصرة :كتاب (إجماعات العبادات) طبعة مؤسسة الدرر السنية ،وهو
جـ -في مذهب الشافعية :كتاب (الأم) بتحقيق الشيخ رفعة فوزي عبد المطلب ،وكتاب (تحفة المحتاج) لابن
حجر الهيتمي ،وكتاب (روضة الطالبين) للنووي ،وكتاب (الحاوي) للموردي.
فاـئدة :من المهم أن يعرف طالب العلم كيفية التعامل مع المكتبة الفقهية؛ وذلك بمعرفة الهدف من
ل بحثه؛ فإذا أراد أدلة المسائل =عرف ما هو الكتاب المناسب
تأليف الـكتب حتى يحقق هذا الهدف حا َ
لذلك ،وإذا أراد معرفة الخلاف في المسألة =عرف ما هو الكتاب المناسب ،إذا أراد أن يعرف هل المسألة
من مسائل الإجماع أو المفردات =عرف ما هو الكتاب المناسب ،وغير ذلك.
- 46 -
فاـئدة :كتب الموسوعات مفيدة ٌ مساعدة ٌ لطالب العلم في البحث ،لـكن لا يعتمد عليها اعتماد ًا تامّا في
مذهب من المذاهب تكون
ٍ تحرير المذهب ،ولا حتى على كتب المتق ّدِمين ،فإن المنهجية العلمية في توَيق
بالـكتب المعتمدة في ذلك المذهب.
أمثلة ُ هذه الموسوعات:
ل الموسوعات الفقهية التي كتبت في العصر
ل عظيم ٌ ج ّدا من أج ّ
أ( -الموسوعة الفقهية الـكويتية) :فهي عم ٌ
الحاضر ،وليس معنى ذلك أنها لا تخلو من ملحوظات أو أوهام فـ(لا ي ُمكن أن يخلو كتابٌ من هذا)،
وهذا الموسوعة تجمع لك القول المعتمد في المسألة عند المذاهب الأربعة بغير توسّ ٍع في الاستدلال فلا
تستوعب ذكر الأدلة.
ب -هناك موسوعات َّ
تتعل ّق بأبواب محددة من الفقه ،وليس بجميع الأبواب؛ ويُمكن لطالب العلم أن
يستغني بها في الباب الذي أل ِّفت فيه؛ منها:
-موسوعة (أحكام الطهارة) للشيخ د ُب َيان الد ُب َيان؛ وهي أوسع من كتب في الطهارة ،وترتيبها ليس على
الحروف إنما على الأبواب.
نفيس في أبواب
ٌ -موسوعة (المعاملات المالية أصالة ومعاصرة) للشيخ دبيان الدبيان؛ وهي كتاب
المعاملات ،لم يكمل الشيخ فيها جميع المعاملات؛ فقد بدأ في التبرعات ولم يكملها وانتهى من المعاوضات
وتوقف عند (أبواب العار ية).
َّ
تتعل ّق بأبواب التبرعات؛ هي موسوعة (الجامع في الوصايا -وهناك موسوعة ٌ أكملت هذا الجانب وهي
والأوقاف والهبات) للشيخ خالد المشيقح.
-موسوعة (القضايا الفقهية المعاصرة) عن مركز التمي ّز البحثي؛ وهي شاملة ٌ لجميع أبواب الفقه ،لـكنها تقتصر
فقط على مسائل النوازل المعاصرة؛ مثل :مسائل المعاملات المصرفية ،والقضايا الطبية المعاصرة.
بأبواب محددة ٍ؛ مثل:
ٍ -هناك عدد ٌ من الـكتب التي َّ
تتعل ّق
-1كتاب (النوازل في الزكاة) للدكتور عبد الل ّه الغفيلي؛ وهو كتابٌ يخدم جزء ًا من باب الزكاة فقط وهو
(النوازل).
-2في باب الصيام :كتاب (مشكلات المفطرات) للدكتور فؤاد الهاشمي ،وكتاب (النوازل المتعلقة بالتداوي
في الصيام) للشيخ أسامة خلاوي.
-3في أبواب الحج :كتاب (منسك ابن جماعة الكناني) يتميز بذكر المذاهب الأربعة في المسائل ،و(منسك بن
كت ِب َت فيها (رسالة
جاسر) يركز على المذهب الحنبلي؛ وهما من أوسع كتب المناسك ،وأما نوازل الحج :فقد ُ
دكتوراه للشلعاني).
- 47 -
المعلَم الثاني من معال ِم الفقه ِ في العصر ِ الحاضر ِ :نشأة ُ الم ِ
جامع الفقهية ِ:
بأبواب فقهية ٍ متعددة ٍ ،والتي قد يكون فيها من التعقيد
ٍ -وذلك نظر ًا لـكثرة المستجدات والنوازل التي َّ
تتعل ّق
ما لا يكفي أن تصدر َ فيه فتوى فردية ُ من عال ٍم واحدٍ؛ منها :بعض نوازل أبواب المعاملات التي تحتاج
الرجوع فيها إلى المتخصصين في المصرفية والاقتصاد ،والنوازل الطبية التي تحتاج فيها إلى سماع الرأي الطبي
ل متخصصٍ .
بشك ٍ
هيئات علمية ٌ ل ٍ
جمع من أهل العلم ،يجتمعون للنظر في المسائل ،ثم يصدر ُ فيها فتوى أو ٌ -المجامع الفقهية هي
قرار ًا بالأغلبية ،ولا يلزم أن تصدر َ بالإجماع من جميع الأعضاء.
-تتنوع المجامع الفقهية؛ ولـكن أشهر المجامع التي فيها تمثيل من جميع بلدان العالم الإسلامي إَنان؛ هما:
الأوّل :المجمع الفقهي الدولي التابع لمنظمة التعاون التي كانت ت ُس َّمّى (منظمة المؤتمر الإسلامي) ،ومقرها
الرئيسي في (جدة) ،صدرت له قراراتٌ وهي مطبوعة في مجلد ٍ ،وله موق ٌع على الإنترنت ،وله مجلة ٌكبيرة ٌ
ج ّدا؛ فيها جميع المناقشات والأبحاث التي تتم في جلساته ،والقراءة في تلك المناقشات تُنمي ملـَكة النقاش عند
الطالب ،ولذلك؛ قد يصدر ُ العدد الواحد من المجلة في ثلاث مجلدات.
الثانـي :المجمع الفقهي التابع لـ(رابطة العالم الإسلامي) ،ومقرها الرئيسي في (مكة) ،وللمجمع مجلة ٌ
مطبوعة ٌ ،وإن كان انتشارها ليس كبير ًا ،وينبغي على طالب العلم أن يحرص على مطالعة مثل ذلك.
-وهناك مجام ُع فقهية ٌ إقليمية ٌ أو خاصة ٌ ببعض البلدان؛ منها :المجمع لفقهي لعلماء الهند ،مجمع البحوث
الإسلامية في القاهرة ،المجمع الفقهي في السودان ،وغير ذلك.
-إذا أراد طالب العلم أن يرجع إلى قرارات المجامع العلمية =فإنه يرجع إلى كتاب (فقه النوازل) في أربع
مجلدات للشيخ محمد حسين الجزاني؛ ر َّت ّب فيه الأبواب الفقهية ،و يأتي في كل مسألة ٍ بالقرارات التي
صدرت من المجمعين المذكورين وغيرهما.
- 48 -
جلات الفقهية ِ:
المعلَم الرابع من معال ِم الفقه ِ في العصر ِ الحاضر ِ :ظهور ُ الم ِ
-المجلات الفقهية :هي مجلاتُ ت ُعنى بالأبحاث الفقهية المح َّكّمة؛ ومن أبرزها( :مجلة المجمع الفقهي الدولي
التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي) و(مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة تعاليم الإسلامي) و(مجلة الجمعية
ل عددٍ يكون في نحو ثلاثمائة
الفقهية السعودية)؛ وهي مجلة ٌ نفيسة ٌ وصلت إلى نحو عشرين عدد ًا إلى الآن؛ ك ّ
إلى أربعمائة صفحة ،و(مجلة البحوث الفقهية المعاصرة).
المعلَم الخامس من معال ِم الفقه ِ في العصر ِ الحاضر ِ :إنشاء ُ المواقع الفقهية ِ:
-وقد س َّهّلت هذه المواقع التواصــ َ
ل بين أهل العلم؛ وقد ساهم ذلك في تيسير (مسألة الإجماـع)؛ حيث ذكر
العلماء أن الإجماع يعس ُر الوقوف عليه لتفر ّق العلماء في الأقطار وصعوبة الوصول إلى أقوالهم ،ولذلك؛ كان
ل وجهدٍ ورحلة ٍ وتن ّقل ،ومن هذه المواقع( :الشبكة الفقهية) و(الملتقى الفقهي)
الإجماع يحتاج إلى بذ ٍ
وغيرها.
ل الفقهية:
المعلَم السادس من معال ِم الفقه ِ في العصر ِ الحاضر ِ :كثرة ُ النواز ِ
-وذلك بسبب الثورة الصناعية وظهور التقنية واستخدام التكنولوجيا والمخترعات الجديدة؛ فظهرت نوازل
ل الأبواب الفقهية؛ ومن هذه النوازل( :حكم استعمال مياة الصرف الصحي المعالج)،
كثيرة ٌ ج ّدا في ك ّ ِ
(حكم الصلاة في الطائرة)( ،حكم مس المصحف بغير طهارة إذا كان في الجوال).
َّ
المتعل ّق بأفعال المكلفين ،وتلك الأفعال تتنوع وتتطور -وسبب كثرة النوازل الفقهية :أن علم الفقه هو العلم
جيب ،وكل هذه المستجدات من الأفعال النوازل فيها
لع ٍوتتسارع وتتغير من ناحية أنواعها وأجناسها بشك ٍ
عز حكم ٌ شرعي ٌ؛ ولذا؛ يقول الإمام الشافعيَّّ ( :
فإن ّه لا تنزل بأحدٍ من الناس نازلة ٌ إلا وفي كتاب الل ّه ّ َّ -
وج َّ ّ
ل -بيانُ اله ُدى فيها).
قرارات فقهية ً ،ونشأ مركز يختص بدراسة
ٍ -كتب العلماء والباحثون في هذه النوازل ،وصدرت المجام ٌع فيها
هذه القضايا و بخدمتها وهو مركز (التمي ّز البحثي في فقه القضايا المعاصرة) في (جامعة الإمام)؛ وقد صدرت
عنه عدد ٌ من الندوات والمؤتمرات والدراسات والأبحاث وكذلك صدرت عنه (الموسوعة القضايا الفقهية
المعاصرة).
- 49 -
-من الأشياء التي ح َّرّكت البحث العلمي في هذه الكليات :افتتا ُ
ح الدراسات العليا؛ فإذا أراد الطالب أن
يت َّخر ّج في الماجستير أو في الدكتوراه؛ لا ب ُ َّدّ أن يكتبَ بحث ًا أو رسالة ً علمية ،وقد يكون فيهما ما هو على
مستوى الجودة والإفادة و يعتبر مرجع ًا في بابه ،وفيها ما هو دون ذلك( ،وليس تحصيل الشهادات في ح ّدِ
ذاته دليل ًا على العلم) ،كما قال الشيخ حافظ الحكمي -رحمه الل ّه:-
ل من نثرٍ ومنتظ ِم
بزخرف القو ِ
ِ شهادات مزخرفة ٍ ***
ٍ ل
(ما العلم ُ حم ُ
ن *** فاعلم هي العلم ُ ك َّ ّ
ل العلم ِ فالتز ِم). بل خشية ُ الل ّه في سرٍ وفي عل ٍ
ل الفقه:
المعلَم الثامن من معال ِم الفقه ِ في العصر ِ الحاضر ِ :ظهور ُ دعوة ِ التجديدِ في أصو ِ
-كما ظهرت الدعوات في هذا العصر إلى إعادة بناء الفقه الإسلامي؛ بإعادة النظر في الفروع الفقهية ،فقد
ظهرت أيضًا دعوات إلى إعادة بناء أصول الفقه من باب التجديد؛ وليس المقصود بالتجديد معنى الإبداع
في التأليف؛ كأن نكتب شروح ًا وتشجيرات على كتب المتق ّدِمين من أجل تقريبها لطلبة العلم ،هذا تجديد ٌ
ل
ق أو تفصي ِ في طر يقة العرض والتصنيف ولا إشكال فيه؛ فقد دأب أهل العلم على ذلك إما ب ِ
جمع م ُتفر ٍ
مسألة ٍ ،وكان في تصنيف الأصوليين :طر يقة الشافعي ،وطر يقة الحنفية ،وجاء م َن جمع بين الطر يقتين في
كتاب واحدٍ .لـكن مقصود التجديد الذي تنادي به تلك الدعوات هو التجديد في مضامين هذا العلم ،وأن
ٍ
القواعد التي سار عليها السلف في فهم الشر يعة لا ب ُ َّدّ من إعادة النظر فيها.
بعض
صن ّف في أصول الفقه في كتابه (الرسالة) ،وقد ذكر َ ُل م َن َّ
-كان الإمام ُ الشافعي ّ -رحمه الل ّه -أوّ َ
يخفوا كتاب (الرسالة) وأن يتتبعوا مخطوطاته للقضاء عليه ،ولا أدرين المستشرقين حاولوا أن ُ الباحثين أ َّ ّ
عن صحة ذلك ،لـكن المقصود أنهم لا يريدون لهذا العلم أن يقوم؛ لأ َّ ّ
ن علم َ أصول الفقه -الذي هو طر يقة
ن الكتابَ والس ُ َّن ّة حص ٌ
ن؛ سور ُه ُ فهم السلف للأدلة الشرعية -هو سور ُ الشر يعة ،ولهذا؛ قال بعضهم( :إ َّ ّ
الإجماع وبوابت ُه ُ أصول الفقه)؛ لأنه لا ي ُمكن أن ت ُفهمَ الشر يعة إلا على الوجه الذي فهمه بها الصحابة الذين
شهدوا التنز يل وسمعوا من النبي ﷺ مباشرة ً ومشافهة ً.
فلم ّا َّ
صن ّف الإمام ُ الشافعيّ في أصول الفقه ،إنما أراد بذلك أن يدوِّن القواعد التي سار عليها الصحابة َّ -
والتابعون في فهم الشر يعة ،وهذه القواعد غير ُ قابلة ٍ للتجديد.
أمثـلة ُ ذلك:
ل مرفوع ًا ،فلا يُمكن أن نقول( :لـكن المناسب للعصر الحاضر أن
-1كان العربُ الأوائل يجعلون الفاع َ
ل التجديد أبد ًا ،وكذلك قواعد فهم الشر يعة.
أمر لا يقب ُ
ل مجرور ًا أو منصوب ًا) =هذا ٌ
ل الفاع َ
نجع َ
- 51 -
-2كان السلف يفهمون أن الأمر للوجوب ،فلا يمكن أن نقول( :لـكن اليوم ضعف ُت همم ُ الناس
وتكاسلوا؛ فنحتاج أن ن ُعيد النظر في قضية الأمر للوجوب ،ونجعل الأمر للاستحباب أو الإباحة ،وعلى أثر
ن َّ
أيّ تأثيرٍ ذلك؛ تكون الصلوات الخمس بدل ًا من كونها مفروضة ً تكون مستحبة ً أو مباحة) ،وهذا؛ لأ َّ ّ
ل الأثر ُ مباشرة ً بالتبعية إلى الفروع الفقهية.
يمس أصول الفقه سينتق ُ
ّ
ل
-4من القواعد الأصولية أن الإجماع حجة ٌ؛ فيقولون( :الإجماع ليس بحجة ٍ؛ وعلينا أن ن ُعيدَ النظر َ في ك ّ ِ
مسائل الشر يعة المُجمع عليها) =ولا شك في خطورة هذه الدعوة من صور التجديد.
-هذه أمثلة ٌ على صورة الدعوة إلى التجديد في أصول الفقه ،وهذه دعوة ٌ مرفوضة ُ تمام ًا؛ لأنها بلا شك هدم ٌ
للشر يعة ،لأنهم بدل ًا من أن يتتبعوا نقض الفروع الفقهية فرعًا فرعًا =يتتبعوا نقض القواعد الأصولية -التي
ل ٍ
فرع من تلك الفروع -وبالتالي تنتقض الفروع تبع ًا لها؛ فبدل ًا من أن يقول لك مثل ًا( :الزنا تتعلق بك ّ ِ
مكروه) =هذا فرعٌ واحد ،يقول لك مثل ًا( :الأمر للاستحباب وليس للوجوب) =فتنتقض فروعٌ فقهية ٌ
كثيرة ٌ بانتقاض هذا الأصل ،ولا شك أن هذه من الدعوات الهدامة.
َّ
تتعل ّق بالتجديد في أصول الفقه؛ منهم :م َن سموا أنفسهم -هناك أيضًا ع َّ ّدة ُ أنماطٍ من الدعوات التي
بالعقلانيين ،أو التنوير يين ،أو الليبراليين ،وغير ذلك من الأسماء.
-ولـكن يقع الإشكالُ :حينماـ ي ُفرد هذا العلم استقلال ًا ،ثم ي ُد َّرّس لغــير المتخصصين وي ُدعى أنه هو الأداة
ل بعضهم في ذلك بكلام للإمام الشاطبي؛ وقد اشترط الإمام الشاطبي في كتابه
التي ت ُؤهل للاجتهاد ،و يستد ُ
(الموافقات) فقال( :يشترط في المجتهد شرطان؛ الشرط الأوّل :هو العلم بالل ّغة العربية ،والشرط الثاني :العلم
بمقاصد الشر يعة؛ كمعرفة العموم والخصوص والأمر والنهي)؛ فلم يقصد (العلم بمقاصد الشر يعة) بما ي ُس َّمّى
اليوم بعلم مقاصد الشر يعة ،بل قصد َ معرفة الحقائق الل ّغو ية من لسان العرب مع معرفة مقاصد الشرع
واصطلاحاته ،فلا تكفي المعرفة بالل ّغة العربية في معرفة أن من مقاصد الشرع :إرادة الوجوب من صيغة
الأمر أو إرادة الاستغراق للأفراد من صيغة العموم أو إرادة التحريم من صيغة النهي ،وعليه؛ فإن مراد
الإمام الشاطبي بـ(مقاصد الشر يعة) هي (علم أصول الفقه بجميع أبوابه).
-وعليه؛ زعم البعض -اليوم -أن الشاطبي يقول( :يكفي لتحصيل الاجتهاد معرفة مقاصد الشر يعة)
ويسمونه اجتهاد مقاصدي يجعلونه فوق الاجتهاد في فهم نصوص الشر يعة ،فلا تنظر في حروف النص
الشرعي وإنما تنظر في روح ومقاصد الشر يعة ،ولا شك َّأن ّه لا ي ُمكن تحصيل هذا المعنى إلا بالنظر في
النصوص الشرعية.
-ليس من شرط الاجتهاد :معرفة ُ المصالح بالمعنى الدنيوي؛ فإن هذه المعرفة بهذا المعنى ليست مختصة بعلماء
الشر يعة فقط ولا حتى عموم المسلمين ،بل إن الـكفار يدركون مصالحهم الدنيو ية ،فبهذا المعنى :يصير أكثر
الـكفار مجتهدين؛ لأن آلة الاجتهاد هي معرفة المصالح ور ُتبها.
- 52 -
-كما أن الإمام الشاطبي في (الموافقات) :ر َّك ّز َ على أمرين:
الأوّل :ر َّك ّز َ على المقاصد الأخرو ية للشر يعة التي لا تتمثل في المصالح الدنيو ية ،ولهذا؛ ذكر المقصد الشرعي
المكل ّف عن داعية ِ هواه ليكونَ عبدًا لل ّه اختيار ًا كما َّأن ّه عبدٌ لل ّه
َّ من وض ِع الشر يعة؛ فقال( :إخرا ُ
ج
اضطرار ًا).
الثانـي :ر َّك ّز َ على تعظيم فهم السلف واتباعهم؛ وأنه لا يجوز الاجتهاد خارج فهم السلف؛ فقال( :فك ّ
ل ما
ل بعينه ) ،وهذا لا يُمكن أن يقول به أصحاب مدرسة المصالح
جاء مخالفًا لما عليه السلف الصالح فهو الضلا ُ
والمقاصد الدنيو ية؛ فهم يدعون إلى التجديد في أصول الفقه لـكي ينقضوا طر يقة فهم السلف و يأتون بطر يقة ِ
فهمٍ عصر ية ٍ؛ و يعب ِّرون عن ذلك بقولهم( :ق ُدسية النص وحر ية الفهم).
مذاهب
ِ ل
مذهب الإمام مالك في الفتوى؛ فقال( :وأما نق ُ
ِ ج عن
-وكان الإمام الشاطبي مالكيًا؛ لا يخر ُ
أطراف في
ٌ مذهب مالك والفتوى بها بالنسبة إلينا فهو أشد؛ لأنها مذاهبَ ي ُذكر ُ لنا منها
ِ الأمصار سوى
عرف أصولها
َ درس غير مذهب مالك -ولا رأينا م َن تفقه فيها ولا
َ مسائل الخلاف لم نتفقه فيها -يقصد ما
- 53 -
ل للعام ِيّ الذي ل على معانيها ولا َّ
حصّ ل قواعدها التي ت ُبنى عليها =فنحن والعوام سواء؛ فكما أنه لا يح ّ ولا د َّ ّ
ل منها على علمه ،كذلك م َن
لم يقرأ كتاب ًا ولا سم ِ َع فقه ًا أن يأخذَ كتبَ الفقه فيقريها لنفسه و ي ُفتي بما حص َ
مذهب مالك.
ِ مذهب مالكٍ وإن كان إمام ًا في
ِ مذهب غير ِ
ٍ لم يتفقه في
ل -إن شاء الل ّه -في دين الل ّه وأمانته أ ْن أجدَ قولين في المذهب فأفتي بأحدهما على التخيير مع
-وأنا لا أستح ّ
ل عن الإمام المازري
أني مقل ِّد ٌ ،بل أتحرى ما هو المشهور والمعمول به فهو الذي أذكره للمستفتي ،وقد ن ُق ِ َ
مح ِل ُه من العلم ما قد ع ُلِم .وإنما يبقى النظر في المسألة:
مذهب مالك ،و َ
ِ على إمامته أنه لا ي ُفتي بغير المشهور من
أن م َن يترخص في ذلك يبني على بعض التأو يلات التي هي خلاف المعتمد من مذهب مالك ،والعمل
إنما يكون في المسائل الخلافية على ما هو المشهور).
-وعليه؛ فإن كان هذا كلام الإمام الشاطبي؛ فكيف ينتسبُ له دعاة ُ المقاصـدية الذين يدعون إلى فتح باب
الاجتهاد عن طر يق النظر في المقاصد والمصالح المحضة ،وبينهما هذا البون الشاسع في الطر يقة ،ومن أجل
المذهب ظ َّ ّ
ل ِ ذلك؛ كتب أحدهم يقول( :لقد بدا لنا من خلال هذه الفتوى المطولة :كيف أ َّ ّ
ن التزام َ
مقيدًا للشاطبي في طبيعة تنز يل ِه ِ واجتهادِه ِ المقاصدي ،وهو ما يؤكد أنه لم يخرج في مجال الاجتهاد الفقهي
المذهب ،فالشاطبي على جلالته مقاصدي ّا لم يتمكن من ذلك ،وتفعيله المقاصدي على
ِ التنز يلي عن حدودِ
مستوى الاختيار الفقهي لم يكن يتناسب مع حجم تنظيره) يقصد :أن المقاصد التي يريدونها ليست هي
بالنمط الذي َّ
طب ّقه الشاطبي.
-هناك تجديد ٌ محمود ٌ لا إشكال فيه؛ وهو التجديد في طر يقة العرض والتصنيف والكتابة ،وقد ج َّ ّدد َ عدد ٌ من
كتاب واحدٍ.
ٍ أهل العلم؛ فكان هناك طر يقة الشافعي ،وطر يقة الحنفية ،وجاء م َن جمع بين الطر يقتين في
تنبيـهَّ :
توسّ ع الشيخ في هذه المسألة واستطرد فيها كثير ًا لمدى أهميتها وغلو الناس -اليوم -فيها؛ حتى وصل
ل واحدٍ ولم يدرس أصول الفقه ،ثم يبدأ يدرس
بعض طلبة العلم لم يدرس متن ًا فقهي ًا على قو ٍ
الحال بأن تجد َ
ك من الخطأ المنهجي في طلب العلم.
المقاصد وربما يكتب أبحاث فيها ،وهذا لا ش َ
- 54 -
المدارس والاتجاهاتُ الفقهية ُ
ُ المفردة العاشرة:
مق ّدِمة:
َّ
النبويّ مصدر ًا أساسي ًا من مصادر التشر يع والفقه، خلاف فيه؛ أ َّ ّ
ن جمي َع الفقهاء يجعلون الحديثَ َ -مما لا
ولـكن نصيبُ العلماء وحفظهم للس ُ َّن ّة متفاوت ًا؛ فقد يكون بعض ُهم أكثر َ حفظًا من البعض الآخر.
-في زمن التابعين :كان هناك مدرستان أساسيتان؛ مدرسة مدرسة أهل الحجاز في (مكة أو المدينة)،
ومدرسة أهل العراق في (الـكوفة) وكان من أهم وأميز الفروق بينهما ما يلي:
-1كثرة عدد الصحابة في مدرسة أهل الحجاز ،لأن الصحابة الذين كانوا في المدينة أكثر ُ بكثيرٍ من الصحابة
الذين انتقلوا إلى الـكوفة.
-2امتلاك مدرسة أهل الحجاز لأصح وأدق الأسانيد؛ حتى قيل( :أصح ّ الأسانيدِ :أسانيد ُ أهل المدينة).
-ولهذا؛ لم يكونوا يحتاجون كثير ًا إلى اللجوء إلى القياس ،لوفرة الصحابة بينهم ،ووفرة الأحاديث بأصح
الأسانيد ،بخلاف ما كانت عليه مدرسة الـكوفة؛ فقد كانت الأحاديث فيها أقل حيث كانت وسيلة نقل
الأحاديث هي التلقي والسماع؛ فإذا وصلهم الحديثُ ضعيفًا أو من سيء الحفظ =لم يقبلوه ،واحتاجوا
ل أكبر مما عليه أهل المدينة؛ مما أدى إلى ظهور الـكثير من الرأي في المدرسة
حينئذ إلى إعمال القياس بشك ٍ
الـكوفية أكثر من ظهوره في المدرسة الحجاز ية ،ولا يعني ذلك أن علماء مدرسة الحديث لا يقولون بالرأي.
بعض العلماء( :ولا ب ُ َّدّ على التحقيق الذي لا شك فيهَّ :أن ّه ما من إما ٍم إلا وقد قال بالرأي وما من
ُ -قال
إما ٍم منهم إلا وقد تبع الحديث ،إلا أ َّ ّ
ن الخلاف وإن كان ظاهر ُه ُ في المبدأ لـكنه في التحقيق إنما هو في
بعض الجزئيات يثبت فيها الأثر ُ عند الحجاز يين دون العراقيين؛ فيأخذ ُ به الأولون و يتركه الآخرون لعدم
قادح عندهم).ٍ اطلاعهم عليه أو وجودِ
-وعلى أثر ذلك :صار أهل الـكوفة يقولون في المسائل بخلاف ما عند أهل المدينة من الحديث النبوي؛
ضعيف =فلم يقولوا بمقتضاه ،وبسبب ذلك؛ بدأ ظهور معالم التمايز والمنافسة
ٍ لأنهم ربما بلغهم الحديث بإسنادٍ
بين المدرستين ،حتى أن أهل الحجاز كانوا يعدون أنفسهم هم المدرسة الأساسية للفقه وأن فقهم هو الفقه
الأقرب إلى الحديث النبوي لـكثرة ما عندهم الحديث.
-نتيجة ً لذلك؛ نشأت الإشكالات والردود بين المدرستين إلى حصل الالتقاء بينهم؛ كما حصل بين الإمام
محمد بن الحسن الشيباني من فقهاـء الـكوفة والإماـم مالك من فقهاـء المدينة ،وأخـذ الإمام الشافعي عن
- 55 -
الإمام ماـلك من فقهاء المدينة ،وعن م ُسلم بن خالد الزنجي من فقهاء مكة ،وعن محمد بن الحسن الشيباني،
بسبب هذه الالتقاء بدأ زوال الإشكالات الموجودة بين المدرستين.
حديث:
ل ال ِ
أ ّول ًا :مدرسة ُ أه ِ
-تميزوا بقوة عنايتهم بالحديث والآثار ،وتأتي عنايتهم بالقياس في الدرجة الثانية.
ضا ،وسواء كانت المسألة مما
-تميزوا بتقديم الحديث على القياس مطلقًا؛ سواء كان الحديث آحاد ًا أم مستفي ً
م به البلوى أم لا.
تع ّ
ي:
ل الرأ ِ
ثانيًا :مدرسة ُ أه ِ
-تميزوا بالعناية بالحديث أقل من أهل الحديث ،وعنايتهم بالقياس قو ية.
م به البلوى.
-تميزوا بتقديم القياس على خبر الواحد في بعض الأحوال؛ مثل ما تع ّ
فاـئدة :جميع المدارس الفقهية المعتبرة يقبلون خبر الآحاد؛ إلا أنهم يختلفون في شروط القبول ،وكان
أكثر علماء الإسلام من مدرسة أهل الحديث.
الاختلاف:
ِ أ ّول ًا :بداية ُ
-ظهر بداية الخلاف الفقهي في زمن النبي ﷺ؛ وذلك في القصة المعروفة :حيث قال النبي ﷺ للصحابة -
رضي الل ّه عنهم" :-لا يصلين أحدكم العصر َ إلا في بني قر يظة"؛ ومع أن الحديث بلغهم جميع الصحابة ،وأنهم
جميع ًا يدينون بالطاعة والامتثال لأمر النبي ﷺ ،إلا أنهم اختلفوا في فهم الحديث حين أدركهم العصر؛
فقالت طائفة ٌ( :نصلي العصر في بني قر يظة ولو تأخرنا) ،وقالت طائفة أخرى( :نصلي ونستعجل في السير)،
فلما رجعوا إلى النبي ﷺ لم ينكر عليهم اختلافهم ،ولم يعنف أيّ من الطائفتين؛ لأن المخطئ معذور ٌ
باجتهاده.
- 58 -
ل من الأدلة؛ لأنه لا يوجـد عالم ٌ أحاط بجميع الأدلة ،ولـكن يتنبه طاـلب
-وعليه؛ فإنه قد لا يبلغ العالم دلي ٌ
ن بالخيار في الموطأ ولم تعملوا به)،
العلم إلى تمييز المسائل؛ فمثل ًا :قيل للإمام مالك( :لم َ رو يتم حديث البيعا ِ
ل مثلك؛ أني على علمٍ تركته)؛ أي :أنه تركه على علمٍ وفهم؛ فقد رواه الإمام
فقال الإمام مالك( :ليعلم َ الجاه ُ
مالك بأصح إسنادٍ -عن نافع عن ابن عمر ،-لـكنه تأ َّوّله وحمله على التفر ّق بالأقوال واستدل على ذلك بأن
ل المدينة على عدم إَبات خيار المجلس.
ل أه ِ
ع َم َ َ
- 59 -
ل عند َ العال ِم:
-3عدم ُ حُ جية ِ الدلي ِ
ل ذلك:
مثاـ ُ
أ -مسألة( :وجوب التتابع في صيام كفارة اليمين):
-لقوله تعالى" :فكفار َت ُه ُ إطعام ُ عشرة ِ مساكينَ من أوسطِ ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير ُ رقبة ٍ فم َن
لم يجد فصيام ُ ثلاثة ِ أيا ٍم" ،وفي قراءة ابن مسعود( :فصيام ُ ثلاثة ِ أيا ٍم متتابعات).
-رأى الإمام أحمد وجوب التتابع ،بينما يرى الإمام مالك عدم وجوب التتابع؛ وسبب الخلاف :هو
الخلاف في جنس الدليل؛ وهو أن (القراءة غير المتواترة حجة ٌ في مذهب أحمد ،بينما ليست بح ُجة ٍ في
مذهب مالك).
ب -القاعدة الأصولية( :الاحتجاج بعمل أهل المدينة):
ل أهل المدينة حُ جة ،وغيره لا يرى ذلك ،وعلى أثر ذلك :اختلفوا في بعض الفروع
-حيث يرى الإمام أن عم َ
الفقهية؛ منها :مسألة (القراءة خلف الإمام) ،فبينما يرى الإمام مالك أ َّن ّه لا تجب القراءة خلف الإمام في
الصلاة الجهر ية؛ ودليله على ذلك :عمل أهل المدينة في هذه المسألة ،يرى غيره من العلماء أنها تجب؛ لأنهم
لا يروا حُ جية عمل أهل المدينة.
ل وفهمِه ِ:
لاف في دلالة ِ الدلي ِ
السبب الثاني :الخ ُ
-حيث يكون الحديث صحيح ًا عند الجميع ؛ لـكن يكون الاختلاف في دلالة الدليل وفهمه ،كما حدث في
ٍ
أنواع منها: حديث" :لا ي ُصلين أحدكم العصر إلا في بني قر يظة"؛ وهو على ثلاثة
ض الأدلة ِ:
ل من عوار ِ
ض للدلي ِ
-1ما يعرِ ُ
-فمثل ًا :من جهة التعميم والتخصيص :فقد يرى بعض العلماء العموم َ في بعض الالفاظ ،وبعضهم لا يرى
عموم تلك الالفاظ.
ل ذلك:
مثاـ ُ
أ( -اختلاف العلماء في عموم المفهوم؛ هل تع ّم جميع صوره أم لا تعم):
-فبينما ذهب الحنابلة وغيرهم في حديث" :إذا بل َغ الماء ُ قلتين لم يحملْ الخبث"؛ فقالوا :أن مفهوم المخالفة
ل ماءٍ لم يبلغ القلتين فإنه يتنجس بمجرد وقوع النجاسة فيه ،فجعلوا مفهوم المخالفة عام ًا في جميع
ن ك َّ ّ
يقتضي أ َّ ّ
الصور.
م جمي َع الصور المسكوت عنها؛ فيكون مفهوم المخالفة في الحديث -رأى بعض العلماء أ َّ ّ
ن مفهوم المخالفة لا يع ّ
يعني( :إذا لم يبلغ فقد يحمل الخبث في بعض الصور) ،كما َّ
قر ّره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الل ّه.-
- 61 -
ب -القاعدة الأصولية( :عدم حُ جية المفهوم في تخصيص العموم):
يخص عمومه بالمفهوم ،أم أن المنطوق مق َّ ّدم ٌ على -كما في حديث" :إ َّ ّ
ن الماء َ طهور ٌ لا ينجسه شيء ٌ" هل ُ
المفهوم؟ ،هذان القولان في القاعدة الأصولية أديا إلى قولين مختلفين في الفروع الفقهية.
ق المناطِ :
خلاف في تحقي ِ
-3ال ُ
-فقد يبلغ جميع العلماء الحديث ،ويتفقون على صحته وطر يقة فهمه ،ثم يأتي الخلاف في انطباق الحديث على
صورة المسألة وعدم انطباقه عليها.
ل ذلك:
مثاـ ُ
ل ربويّ ) يجري فيه الربا، أ -اتفق العلماء على تأصيل حرمة الربا ،ثم اتفق أغلبهم على أ َّ ّ
ن (الورق النقدي ما ٌ
ثم اختلف العلماء المعاصرون في تطبيق وتنز يل حكم الربا على مسألة (سحب الإنسان من ص َّرّاف بنكٍ غير
البنك الذي فيه حسابه )؛ أكثر ُ العلماء على جواز ذلك؛ لأن الإنسان يسحب من حسابه فليس ثمة دين،
بينما قال بعضهم بعدم الجواز؛ لأن هذا يفضي إلى الربا؛ فالمال الذي يسحبه من هذا البنك ،سوف يكون
دينًا على بنكه ،يسدده بز يادة وهي رسوم خدمة السحب.
ب -اتفق العلماء على أن (السعي يكون بين الصفا والمروة) ،بينما اختلفوا في تنز يل ذلك على أرض الواقع؛
فاختلفوا في حدود الصفا والمروة.
اختلاف العلماءِ:
ِ الموقف م ِن
ُ ثالثًا:
ِ
للتنازع والنفرة ِ: اختلاف العلماء ِ سببًا
ِ ل
الأوّل :عدم ُ جع ِ
-فيعتدي الإنسان على أخيه و ي ُفسقه أو ي ُكفره أو ي ُشنع عليه بسبب هذا الخلاف ،وقد رويَ َّأن ّه لما قي َ
ل
ل) ولا شك أن
لبعضهم أن الإمام مالك لا يقول بخيار المجلس؛ قال( :ي ُستتاب مالك؛ فإن تاب وإلا ق ُت ِ َ
هذا كلام في غاية البطلان والخطأ.
- 60 -
ل الاجتهادِ:
خالف في مسائ ِ
الثاني :ع ُذر ُ الم ُ ِ
-فإ َّن ّه إذا اجتهد المجتهد في مسألة ٍ؛ فإن أصاب =فله أجران ،وإن أخطأ =فله أجر ٌ واحدٌ ،فهو بين الأجرين.
نص قاط ٌع للنزاع؛ فإذا اجتهد العالم في مسألة
-يُفرِّقُ العلماء بين مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف التي فيها ٌ
َّ
لأن ّه لم يبلغه النص ،ثم بلغه النص بعد ذلك =يجب عليه أن يأخذ بالنص ،ويرجع عن اجتهاده.
الثالث :عدم ُ جوازِ تتب ّ ِع الر ّخ ِ
ص:
مذهب =يجتمع فيه الشر ّ كله.
ٍ ل
-فإذا أخذ َ الإنسان بالر ّخص من ك ّ ِ
ل ذلك:
مثاـ ُ
ل له( :أين الشهود على مذهب أبي حنيفة -إذا أخذ َ ش ٌ
خص بمذهب أبي حنيفة في الزواج بدون ولي ،ثم قي َ
ل له( :أين الإعلان على
الذي أخذت به) ،قال( :سأخذ بمذهب مالك في عدم اشتراط الشهود) ،فإذا قي َ
مذهب مالك الذي أخذت به) ،قال( :سأخذ بمذهب أحمد في عدم إشتراط الإعلان واستحبابه) ،فإذا
قيل له (ولـكن أحمد الذي يرى استحباب الإعلان يرى اشتراط الإشهاد) ،قال( :الإشهاد أخذتُ فيه
بقول مالك!)!!
-نلاحظ هنا أ َّ ّ
ن تتب ّع الرخص قد يُفضي إلى صو ٍر من المسائل التي لا يمكن أن تجتمع عند عال ٍم ،فلا يجيز
عالم ٌ مثل هذه الصورة بـ(أن تقول إمرأة ٌ لرجلٌ :زوجتك نفسي) ،ولهذا؛ قال السلف( :م َن َّ
تتب ّع الر ّخص
بعض العلماء التمذهب مع ضعف الدين حتى لا ي ُفضي به إلى تتب ّع الر ّخص. تزندق) ،ولهذا َّ
فضّ ل ُ
ِص له فيها ،فأخذَ
خ َليعرف الحكم الشرعي فر ُ ّ
َ -يرجع تتب ّ ُع الر ّخص إلى قصد الإنسان ؛ فإذا سأل في مسألة
خِص له ،ثم ذهب إلى غيره حتى يجد م َن
بالرخصة =لا يكون آثمًا ،أما إذا استفتى عالمًا فأفتاه بالعزيمة ولم ي ُر ّ
يفتيه بالرخصة =فإن هذا تتب ّع ًا للر ّخص و يكون آثمًا.
الاختلاف واحدٌ:
ِ الرابع :المصيبُ في
يخطئ ،لحديث" :إذا اجتهدَ الحاكم ُ
مصيب؛ بل المجتهد مأجور ٌ ،لـكنه قد ي ُصيب وقد ُ
ٌ ل مجتهدٍ
-فليس ك ّ
فأصاب فله أجران ،وإذا اجتهد َ فأخطأ فله أجر ٌ واحدٌ" ،والخطأ هنا لا َّ
يتعل ّق به ذمّ ولا إثم ٌ ،ولـكن الحق
ق نسبيّ أو متعدد. في المسألة ِ واحدٌ؛ فلا نقول أ َّ ّ
ن الح َ
خلاف حُ جة ً:
الخامس :لا يجوز ُ أن يكونَ ال ُ
أي
ل على الجـــواز ،وهذا خطأ ،ولا يستقيم على ّ ِ
-قد يظن بعض الناس أن اختلاف العلماـء في مسألة ٍ دلي ٌ
ل من أصول الاستدلال ،إنما الدليل يكون في إجماع العلماء وليس في اختلافهم ،ومن خطورة
أص ٍ
الاحتجاج بالخلاف َّأن ّه يفضي إلى أن يتحلل الإنسان من التكاليف الشرعية.
- 62 -
المفردة الثانية عشر :خطة ٌ منهجية ٌ في دراسة ِ الفقه ِ
مق ّدِمة:
-في دراسة علم مصطلح الحديث :يمكن للطالب المبتدئ أن يحفظ متن (نخبة الفكر) و يضبطه و يتقنه
حصّ ل حصيلة ً جيدة ً في علم مصطلح الحديث. ٍ
أسبوع واحد ،و يكون قد َّ و يراجعه في
فاـئدة :تُبنى الخطة المنهجية لدراسة الفقه على معرفة أفضل الط ُر ُ ِ
ق لدراسة الـكتب ،وليس على معرفة
كتاب له أفضلية من وجه ٍ ما ،وهذه الأفضلية يُبي ِّنُها الشيخ للطالب
ٍ أفضل الـكتب التي ت ُدر َس؛ لأن ك َّ ّ
ل
بحسب مستواه في العلم ،فمثل ًا :إذا كان الشيخ يُدرِّس كتاب واحد مثل كتاب (الروض المُر ْب ِع شرح زاد
المستقنع) =فإن أفضل كتاب يحفظه الطالب هو متن (زاد المستقنع) ،أما إذا كان أمام الطالب كتابين على
نفس الرتبة العلمية؛ مثل :كتاب (دليل الطالب) وكتاب (زاد المستقنع) هنا تحتاج إلى المفاضلة بينهما.
ي:
حفظ متنٍ فقه ٍ ّ
ُ الثانـي:
أمرا تكميلي ًا تحسنيًا؛ فمثل ًا في
حفظ المتن أمرٌ أساسيٌ ضروريّ ،لـكن تحديد المتن الذي سيحفظه الطالب ً
ُ -و
المذهب الحنبلي:
-1فإن أردتَ متن ًا صغير ًا فعليك بـ(النظم الجلي) للفضفري.
-2وإن أردتَ متن ًا متوسطًا فعليك بـ(أخصر مختصرات) لابن بلبان.
-3وإن أردتَ فوقَ المتوسط فعليك بـ(زاد المستقنع) للحجاوي ،أو (دليل الطالب) للـكرمي.
- 63 -
ن:
الثالث :المذاكرة ُ م َع الأقرا ِ
ل من زملائه الجادين، -إذ لا ب ُ َّدّ أن يجع َ
ل الطالبُ الفقه َ حاضر ًا في يومك؛ فيجعل له مجلسًا مع زمي ٍ
س محددٍ زمنيًا للمذاكرة.
ويشترط في ذلك المجلس :المواظبة في الاستمرار على مجل ٍ
طر يقة المذاكرة:
-لا ب ُ َّدّ أن يحضِّر َ الطالبان لمجلس المذاكرة؛ بضبط ودراسة وحفظ وإتقان الما َّدّة مح َ
ل المذاكرة ،ثم يجتمعان،
و ي ُعدان ورقة ً بأسئلة ٍ شاملة ٍ للدرس المُحدد؛ فيسأل الأوّل الآخر ،ثم يسأل الآخر الأول ،فإذا أخطأ أحدهما
ل عليهما شيء ٌ =رجعا إلى الكتاب لتحصيل المسألة المشكلة بالمراجعة والضبط.
صحح له الآخر ،فإن أشك َ
https://t.me/swaadelaalwaai
- 64 -