You are on page 1of 7

‫إسخيلوس ‪aeschylus‬‬

‫أهم كتاب المأساة اإلغريقية على اإلطالق‪ ،‬وهو مؤسسها بالمعنى الفني‪ ،‬وأقدم فرسانها‬
‫ّ‬ ‫يع ُّد أسخيلوس‬
‫َ‬
‫المعروفين ‪.‬‬
‫تقدر المسرحيات التي كتبها بنحو تسعين‪ ،‬ولم يصل من أعماله سوى سبع مسرحيات‬
‫ّ‬
‫من أشهر مسرحياته ‪:‬‬

‫• الفرس )‪ 472‬ق‪.‬م ‪ :(.‬تتناول معركة ساالميس‪.‬‬

‫• سبعة ضد طيبة )‪ 467‬ق‪.‬م ‪ :(.‬ترو ي قصة النساء الثائ ارت ضد الظلم‪.‬‬

‫أيضا “أغاممنو ن” ‪.‬‬


‫تضم ً‬
‫• الضارعات )‪ 463‬ق ‪.‬م‪ :(.‬جزء من ثالثية “أورستيا” التي ّ‬

‫وهناك مايشبه اإلجماع منذ القديم على أن أسخيلوس هو أبو فن المأساة‪ .‬فقد كان له فضل تثبيت أسس‬
‫المأساة من الناحية الفنية‪ ،‬إذ كان المسرح اليوناني قبله يعتمد على ممثل واحد يقوم باألدوار المختلفة والسيما‬
‫دور ْي اإلله والبطل وذلك بأن يصبغ وجهه بالمساحيق ويحدث بعض التغيي ارت في مالبسه‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫َ‬
‫أدرك أسخيلوس فداحة هذا القصور الفني فأقدم على إضافة ممثل ثان‪ :‬وأدخل تعديالً على دور الجوقة‪ ،‬مما‬
‫اهتم بمالءمة المالبس واألزياء‬
‫ساعد على إب ارز الص ارع الذي تقوم عليه فكرة المسرحية اليونانية‪ .‬وكذلك ّ‬
‫يتلبسها‬
‫لطبيعة القصة‪ .‬واعتنى بصقل األقنعة وإتقان صنعها لتعبر تعبي اًر متناسباً مع االنفعاالت التي ّ‬
‫البطل‪ ،‬وبوجه عام اعتنى باإلخ ارج والمشاهد وحث الممثلين على إجادة أدوارهم وبذل الجهد إلشعار المتفرجين‬
‫بأنهم يرون شيئاً حقيقياً وليس مجرد تمثيل‪.‬‬
‫وإلى جانب ذلك أضفى أسخيلوس على المأساة جالالً وصوفية‪ ،‬وأوغل في معالجة الموضوعات الدينية‬

‫الوجودية‪ ،‬مثل عالقة اآللهة بالناس‪ ،‬وتسلط القوى العليا على اإلنسان‪ ،‬ومشكلة وجود الشر في عالم ّ‬
‫تسيره‬
‫اآللهة‪ ،‬ومسألة الص ارع الحاد بين اإل اردة الحرة وجبروت القدر‪ ،‬فإلى جانب إ اردة اآللهة وعناء البشر‬
‫هناك دائماً قوة القضاء التي تحتم على الناس وآلهتهم في النهاية أن يستسلموا ويقبلوا مصيرهم صاغرين‪،‬‬
‫مجرد آالت ال بد لها من تنفيذ ما رسم القضاء على الرغم‬
‫حتى بدا الناس واآللهة في كثير من مسرحياته ّ‬
‫من كل محاوالتها لالحتجاج والمعاندة‪ .‬ولجالل هذه الموضوعات تتصف مسرحيات أسخيلوس بالص ارحة‬
‫وال ارزنة وتسودها مسحة غنائية متشحة بالشؤم‪ .‬وغالب اً ما يتكشف هذا الشؤم بالتدريج من خالل تطور الص‬
‫ارع بين البشر واآللهة‪ .‬ذلك أن عظمة البشر تثير حسد اآللهة‪ ،‬والغطرسة يتبعها الضالل‪ ،‬واألرباب يقفون‬
‫للمتكبر بالمرصاد ويصيبونه بالجنون والعمى‪ .‬وتوقيع العقاب هو الحدث الرئيسي في المسرحية‪ ،‬وهو شديد‬
‫مخيف يتخذ صورة طقوس دينية محفوفة بأس ارر ذات طابع غيبي‪ .‬ويبدو أن جالل الموضوع الديني ـ‬
‫الوجودي عند أسخيلوس جعله أميل إلى تثبيت جوانبه من خالل «الثالثية» ‪ Trilogy‬وهي مسرحية مكونة‬
‫من ثالث مآس متسلسلة الموضوع وإن كانت كل منها قائمة بذاتها‪ ،‬وال ثالثية الوحيدة التي وصلت كاملة‬
‫من نتاج المسرح اإلغريقي القديم كله هي «ثالثية األوريستيا » ‪ Oresteia‬التي تشمل ‪) :‬أغاممنون‬
‫وحامالت الق اربين وربات الغضب أو الصافحات(‪ .‬وربما كانت ثالثية «بروميثيوس» من أهم مسرحيات‬
‫أسخيلوس أو على األقل أقربها إلى المفهومات الحديثة‪ .‬وقد وصل منها «بروميثيوس مصفداً» وهي الثانية‪،‬‬
‫أما األولى «بروميثيوس حامل النار» والثالثة «بروم يثيوس طليقاً» فهما مفقودتان‪ .‬وتدور «بروميثيوس‬
‫مصفداً» حول العقاب الذي يلقاه اإلله الثائر بروميثيوس على يد اإلله األكبر زيوس ‪ Zeus‬نتيجة لما أقدم‬
‫عليه األول من إفساد خطة الثاني الهادفة إلى محو الحياة البشرية من األرض‪ .‬فقد كان بروميثيوس نصي‬
‫سر النار التي كانت وقفاً على آلهة األولمب‪،‬‬
‫اًر لإلنسان )أمه األرض كما تقول األسطورة(‪ ،‬وأعطى البشر ّ‬
‫ثم علمهم التجارة والزارعة والطب والمالحة‪ ،‬وفتح لهم الطريق إلى المدينة وعمل على انتشالهم من هاوية‬
‫يحل عليه غضب زيوس وعقابه القاسي‪ .‬وقد أمر به زيوس أن ُيشد إلى صخرة عاتية‬ ‫البؤس والشقاء‪ .‬وهكذا ُّ‬
‫مبدل نقمته‪ .‬وأخي اًر تشتد نقمة اإلله األكبر‬
‫ويعذب‪ ،‬ولكنه يصمد أمام العذاب وهو متأكد أن زيوس ال بد ٌ‬
‫فيرسل له نس اًر جارحاً ينهش لحمه‪ ،‬ثم تنشق األرض وتهوي الصخرة في باطنها‪ .‬وتكتمل فكرة الثالثية‬
‫أخي اًر بأن ُيذهل زيوس لصمود بروميثيوس ويضطر إلى اإلذعان‪ ،‬فبعد أن كان طاغية جبا اًر تعلم الحكمة‬
‫وأشفق على عدوه وعطف عليه‪ ،‬ثم بلغ الكمال تدريج ياً وأصبح صديقاً للناس‪.‬‬
‫وقد ُعد بروميثيوس رم اًز لصمود اإلنسان وعناده في وجه اآللهة‪ ،‬بل ربما رمز قدرته على تغيير إ اردتها‬
‫وتطوير موقفها من البشر‪ ،‬ألن زيوس في النهاية اضطر إلى تبديل موقفه وحسم الخالف‪ .‬واستوحى هذه‬
‫القصة فيما بعد عدد من الكتاب األوربيين وغير األوربيين وأعطوها معنى إنسانياً أكثر أصالة وعمقاً‪ ،‬ومنهم‬
‫الشاعر اإلنكليزي شلي ]ر[ ‪ Shelley‬في قصيدته المسرحية «برميثيوس طليقاً» ‪Prometheus‬‬

‫‪ )1820( Unbound‬وكان ألسخيلوس تأثير كبير في مستقبل المسرح المأساوي‪ ،‬ليس فقط على مستوى‬
‫امتد تأثيره عميقاً في التاريخ الحديث للمسرح‪ .‬وعلى الرغم مما ط أر على )الد ارما(‬
‫التجربة اليونانية‪ ،‬بل ّ‬
‫ظل‬
‫من تغيي ارت فإن تأثير أسخيلوس‪ ،‬سواء من ناحية الموضوع الجليل أو من ناحية مبدأ اإلتقان الفني ّ‬
‫متصالً‪ .‬وقد ُكتب الكثير عن تجربة أسخيلوس وفضله‪ ،‬باللغة العربية‪ ،‬كما صدرت ترجمات لبعض نصوصه‬
‫قام بمعظمها لويس عوض وم ارجعه األجنبية كثيرة‪ ،‬ويمكن أن ي ارجع بالعربية في الكتب العامة عن األدب‬
‫اليوناني وال مسرحية‪ .‬ويشار هنا إلى أن بعض مسرحياته ترجمتها «سلسلة المسرح العالمي» بدولة الكويت ‪.‬‬
‫الفرس‬
‫مسرحية ُ‬
‫هذه هي المسرحية اإلغريقية الوحيدة‪ ،‬عالوة على الكوميديات‪ ،‬التي لم ت ُؤخَذ مادة ُ موضوعها من‬
‫أخُُ ذت من التاريخ الحديث‪ُ .‬و ِ‬
‫ضعت في سنة ‪٤٧2‬ق‪.‬م‪ .‬بعد موقعة ساالميس بثماني‬ ‫األساطير‪ ،‬وإنما ِ‬
‫أخبار هزيمة‬
‫َ‬ ‫سنوات‪ .‬ومنظرها بالط م ِلك فارس‪ .‬وف ِعلها الدرامي ليس سوى وصول رسول يحمل‬
‫كسير القلب مج َّل ال بالعار‪ .‬وهدف هذه المسرحية تمجي ُد ‪ُ Xerxes‬‬
‫الفرس‪ ،‬وتقديم الم ِلك‬ ‫َ‬
‫إكسيركسيس ِع َّزة األثينيين الطبيعية‪ ،‬والثنا ُء على أعمالهم‪ ،‬وتقدي ُم النصر في ساالميس على أنه اللحظة ُ‬
‫النصر ذ و أهمية عظمى‪ ،‬وأنه‬
‫َ‬ ‫الحاسمة في اندحار فارس وإقامة الحرية اإلغريقية‪ .‬ال َّ‬
‫شك في أن ذلك‬
‫جعل ك َّل شيء آَخَر ممك نا‪ .‬وقد أبان الشاعر أن النصر لم يتحقَّق إال بفضل اتحاد الشعب األثيني‬
‫وصدق على يد إسبرطة‪ .‬ويبد و أن ‪ Plataea‬عزيمته‪ .‬وقد تمت هزيمة الفرس في السنة‬
‫وشجاعته ِ‬
‫التالي ة في موقعة بالتاياالقوة األثينية لم تقَ ُم في ذلك النصر إال بدو ر ضئي ل جدًّا‪ .‬ومن المحت َمل جدًّا‬
‫أن يكون هذا راجع إلى دافع الغيرة‪ .‬وهكذا‪ ،‬ليس من المناسب أن تذُكر بالتايا في منظر الرسول الذي‬
‫آخر مغامرة للحملة الفارسية‪ .‬وإن هذا النصر ‪Darius‬‬
‫يتض َّمن نبوءة جميلة ولو أنها ‪ ،‬توحي بأنها ِ‬
‫قصيدة‪ ،‬بواسطة شبح داريوسأي اإلسبرطيين‪ .‬وال يليق بأيسخولوس أن يقول إنه يق ِل ل من ‪Dorians‬‬
‫انتصار أثينا‪ .‬وكان َّ‬
‫نظارته‬ ‫ُ‬ ‫لَيُن َ‬
‫سب بحق إلى الدوريانيينأهمية بالتايا‪ .‬وفكرتهُ في هذه المسرحية هي‬
‫عبارة عن زمالئه المواطنين‪.‬‬
‫وقد كتب مسرحيتهَ داخل أثينا؛ إذ اجتاحته‪ ،‬ه و نفسه‪ ،‬حمى الطموح االبتكاري‪ ،‬التي كانت تسوق‬
‫عرضها دينية ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫األثينيين قدُُُ ما إلى الحرية‪ ،‬وإلى السيادة‪ ،‬وإلى توسيع رقعة بالدهم‪ ،‬وكانت فرصة ُ‬
‫فأقام األثينيون‬

‫‪.‬صال ةةَ شكر قومية في أثينا‬

‫أقد ُم رواي ة وصلتنا عن موقعة ساالميس هي خطبة الرسول‪ .‬ولما كان من المؤ َّكد أن أيسخولوس إما‬
‫أن يكون قد راقَ َ‬
‫ب تلك المعركة‪ ،‬أ و اشترك فيها هو نفسه‪ ،‬وجب النظر إلى روايته بعين الجد على أنها‬
‫مستند تاريخي‪ .‬ومع ذلك فيبد و فيها كثير من االختالفات عن روايات القرن الخامس األخرى المذكورة‬
‫عوا المحتمالت في ‪ Herodotus.‬الجزء الخامس من مؤلَّف‬
‫قارن القرا ء الروايت َين‪ ،‬ورا َ‬
‫في وإذا َ‬
‫هيرودوتكلت َيهما‪ ،‬استنتجوا أن النقاط الهامة متساوية تقري با‪ .‬ال شك في أن أيسخولوس كان يعرف‬
‫أمام آال ف يستطيعون مناقَضته إن كان كاذ با‪ .‬ومن جه ة أخرى‪ ،‬فإن‬
‫الحقائق‪ ،‬وأنه عرض مسرحيته َ‬
‫ما اهت َّم به ه و وما اهت َّم به َّ‬
‫نظارته‪ ،‬ه و الشعر والطقوس واالحتفاالت‪ ،‬أكثر من اهتمامهم بالتاريخ‪ .‬أما‬
‫هيرودوت فاهت َّم بالفكرة التاريخية وبسرد قصة ممتعة‪ ،‬فض ال عن أنه كانت تربطه بأثينا رواب ُ‬
‫ط‬
‫ب يا‪ .‬وعلى أية حال‪ ،‬فإنه يعتمد على السجالت‬
‫قوية‪ ،‬ويتضح من روايته لموقعة بالتايا أنه كان ُمحا ِ‬
‫العر َُضية والذكريات المتضائلة‬
‫َ‬
‫‪.‬أ و الميَّالة إلى االختراع‬
‫أثر هذه المسرحية بتشكيلة فاخرة‬
‫تفخيم ِ‬
‫َ‬ ‫ع ِرف عن أيسخولوس َول َعه بالمظاهر‪ ،‬ومن المعقول أن نفرض‬ ‫ُ‬
‫من الثياب الشرقية‪ ،‬وبمحاولة تصوير أخالق العد و المهزوم وتمثيل كالمه أي ضا‪ ،‬تسلية للظافرين‬
‫كما فعل شكسبير في مسرحيته « هنري الخامس »‪ .‬وهناك أدلة على هذا في النص نفسه‪ .‬نجد هذا في‬
‫القوائم الطويلة لألسماء الغريبة الط َّنانة‪ ،‬وعد د من األلفاظ الفارسية‪ ،‬وبع ِ‬
‫ض إيقاعات الكوروس التي‬
‫تتفق وإيقاع الموسيقى الشرقية ) وقد ال يعُتبر رفع شبح داريوس مجر َد أبهة شرقية؛ حيث إن شبح‬
‫كلوتايمنسترا قد ظهر أي ضا في مسرحية «يومينيديس» رغم أن استحضار األرواح ليس من طرق‬
‫التنب ؤ اإلغريقية‬
‫العادية(‪ .‬ب ْي َد أنه ال توجد بهذه المسرحية خط ة حقيقية‪ .‬وفض ال عن المناظر التاريخية والشعر‪ ،‬ال بد‬
‫أن تقع المتعة الرئيسية في فخامة سرد الرسول الحماسي‬

‫أشخاص المسرحية‬

‫• كوروس من شيوخ الفرس‪.‬‬


‫• أتوسا ‪ :Atossa‬والدة إكسيركسيس‪.‬‬

‫• رسول‪.‬‬
‫• شبح داريوس ‪ :Darius‬والد إكسيركسيس‪.‬‬
‫• إكسيركسيس ‪ :Xerxes‬م ِلك فارس‪.‬‬

‫• المنظر‪ :‬قصر إكسيركسيس الملكي في صوصة ‪ ،Susa‬قبر داريوس‪.‬‬

‫الزمن‪ :‬عام ‪٤80‬ق‪.‬م‪ .‬أ و أوائل عام ‪ .٤٧٩‬بعد معركة ساالميس ببضعة شهور )سبتمبر سنة‬
‫‪٤80‬ق‪.‬م‪.(.‬‬
‫السبعة ضد طيبة‬
‫تتعلق قصة أوديبوس‪ 1‬وأسرته‪ ،‬المعروفة جي دا من بين القصص الطيبية لسوفوكليس‪ ،‬بالجيل السابق‬
‫أثر لعن ة حلَّت بأسرة‪ ،‬و َج َّد َدت نفسها بنَ َزَ ق‬
‫لجيل حصار طروادة‪ .‬وهي كقصة أجاممنون‪ ،‬تتتبَّع َ‬
‫األجيال‬
‫المتعاقِبة وعدم تقَ ُْواها‪ .‬وهي على نقيض األوريستيا ال تحمل رسالة َ أم ل في «التط ُّهر الداخلي»‪،‬‬
‫وال تبيد اللعنة ُ نفسها إال بشهرة تلك األسرة‪.‬‬
‫وتعارك ولداه إتيوكليس ‪ Eteocles‬وبولونيكيس‬ ‫َ‬ ‫عندما بدأت المسرحية كان أوديبوس قد مات منذ مدة‪،‬‬
‫‪ . Polyneices‬ويمكننا أن نستنتج أنه كان بينهما اتفاق على اقتسام الحكم فيما بينهما بالتساوي والسلطة‬
‫يستأثر بالسلطة وحده ‪ ،‬ولذلك ذهب‬ ‫ِ‬ ‫حاول أن‬
‫َ‬ ‫الملكية التي ورثاها عن أبيهما‪ .‬غير أن إتيوكليس‬
‫بولونيكيس يطلب مساعد ةةَ أدراستيس ‪ 2،Adrastes‬ملك أرجوس وستة ملو ك آَخَرين؛ وبذا جلب قوا‬
‫ت ضخمة مختلطة ليهاجم بها المدينة التي ُو ِلد فيها‪.‬‬
‫َّ‬
‫يتعلق‬ ‫وسبب هذا النزاع غير واضح‪ ،‬ولكنه‬ ‫ُ‬ ‫األخويْن كانا قد تناَزَ عا أي ضا مع أوديب قبل موته‪.‬‬‫َ‬ ‫غير أن‬
‫سه بسببها‪ .‬وإذ‬
‫المحرم التي أعمى نف َ‬
‫َّ‬ ‫ظهرت حقيق ة ُ زواجه‬‫ْ‬ ‫بالطريقة التي عا َمال بها وا ِل َدهما بعد أن‬
‫غضب أوديب من سلوكهما معه لعنهما‪ ،‬وض َّمنَ لعنتهَ النبوء ةةَ القائلة بأن غري با يأتي من البحر‪،‬‬
‫ومولو دا من النار‪ ،‬يقس و عليهما عند تقسيم الميراث بينهما‪ .‬ويُ َح ُّل هذا اللغز في سياق المسرحية‪.‬‬
‫استورد حديث ا من بونطوس ‪) Pontus‬بونطوس لفظ إغريقي‬ ‫ُ‬ ‫فالغريب ه و الحديد‪ ،‬ذلك المعدن الذي‬
‫سى في النار والمشحوذ‪.‬‬ ‫بمعنى « بحر»(‪ .‬لقد اقتسم إتيوكليس وبولونيكيس ميراث َهما بالحديد المق َّ‬
‫حذره أبول و من أن أحد‬
‫ترجع تلك اللعنة إلى زم ن سابق‪ ،‬فقد صبَّها اليوس ‪ Laius٣‬وا ِل ُد أوديب؛ إذ َّ‬
‫ب أطفال‪ .‬فلما عصى هذا األمر‪ ،‬جلب عليه عصيانهُ‬ ‫أبنائه سيقتله‪ ،‬وأمره بأن يعيش ويموت بغير إنجا ِ‬
‫بالتخلص من طفله؛ فكانت النتيجة المعروفة هي المادة التي‬
‫ُّ‬ ‫حاول إصال َح خطئه‬
‫عداو ةة َ أبول و‪ .‬وقد َ‬
‫كون منها سوفوكليس مسرحية َ «الملك أوديبوس»‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وفي مسرحية «السبعة ضد طيبة»‪ ،‬يكون إتيوكليس عال ما بتلك اللعنة التي نزلت بأسرته‪َّ ،‬‬
‫حق العلم‪،‬‬
‫وال سيما لعنة أوديب التي كانت تطارده في أحالمه‪ .‬وإذ شغله االستعداد للقتال والتفكير فيه‪ ،‬نسي‬
‫ت عد ِوه‪ ،‬فأرسل أبطالَه‬‫تواض عا واعتراف ا باآللهة في سلوكه إزاء تهديدا ِ‬
‫ُ‬ ‫مصيره الحالك‪ ،‬وأبدى‬
‫َ‬
‫هجوم الملوك عند ستة أبواب من أبواب طيبة‬ ‫َ‬ ‫ُواجهوا‬
‫المحاربين الذائعي الصيت‪ ،‬واح دا واح دا‪ ،‬لي ِ‬
‫السبعة‪.‬‬

‫الهجوم بنفسه على الباب السابع‪.‬‬


‫َ‬ ‫وعندما لم َيبْقَ غيره‪ ،‬أخبره الرسول بأن شقيقه بولونيكيس يقود‬
‫وينصح ك ل من الرسول والكوروس إتيوكليس بأن يتحاشى س ْفكَ دماء أخيه بأن يرسل في طل ِ‬
‫ب‬
‫حار ب آَخَر‪ ،‬أ و بأن يغ ِ‬
‫ير الخط ة َ التي ص َّمم عليها من قب لُ‪ .‬وليس رفضه أن يفعل هذا راج عا‬ ‫ُم ِ‬
‫الظهور‬
‫َ‬ ‫فقط إلى خشيته‬
‫بالخوف من أخيه‪ ،‬وال إلى خجله من موا َجهة شقيقه وتنفيذ ما اعتزم عليه ‪ ،‬وإنما يرجع أي ضا إلى‬
‫مفر من القضاء المحتوم‪ .‬فعندما سمع‬ ‫اإلحساس اإلغريقي بالمأساة‪ ،‬الذي شعر به‪ ،‬وإلى اعتقاده بأنه ال َّ‬
‫أدركَ من فوره أن اللعنة قد أحك َمت قبضت َها عليه‪ ،‬فقال في نفسه إنه‬
‫أن أخاه قد وصل إلى الباب السابع‪َ ،‬‬
‫يستطيع أن يتحاشاها بتغيير خطته في هذه الفرصة‪ ،‬ب ْي َد أنها سوف ت ُم ِسك به مرة أخرى في مظه ر‬
‫ربما كان أشد هو ال وأعظم إيال ما‪ .‬إذن‪ ،‬فهي نازل ة به ال َمحالةَ‪ ،‬وال سبي َل إلى اإلفالت منها‪.‬‬

‫هكذا نظر إتيوكليس إلى الموقف‪ .‬أ َّما الكوروس فنظر إليه من جان ب آَخَر‪ .‬فل و ركن إتيوكليس إلى‬
‫محارب آَخَر من األبطال الستة‪ ،‬لَسار كل شي ء‬
‫ِ‬ ‫األبواب مع‬
‫َ‬ ‫ضع والتقوى‪ ،‬اللذين أبداهما‪ ،‬وتبا َدل‬
‫التوا ُ‬
‫حارا‪ .‬فإن س ْفكَ دم األقارب عندئ ذ‬
‫غضب اآللهة الذي كان يغلي وقتذاك ًّ‬ ‫ُ‬ ‫على ما يرام‪ ،‬والَنصرف عنه‬
‫معناه اليأس من الهروب من اللعنة‪ ،‬وتحقيق المصير الذي ترسله السما ء على المدينة‪ .‬وبمع نى آَخَر‪،‬‬
‫ت أوديب يقع في تلك اللحظة فيما‬ ‫مصير بي ِ‬
‫َ‬ ‫يشعر الكوروس أنه بالرغم من أن اللعنة حقيقة واقعة‪ ،‬فإن‬
‫يختاره إتي وكليس‪ .‬ولما كان ه و رج ال بتلك الصفة وابن أوديب‪ ،‬فإنه سينصرف من تلقاء نفسه ويختار‬
‫ضى اآللهة‪ .‬غير‬‫أر َُ َ‬
‫الطريقة َ الخاطئة‪ .‬ب ْي َد أنه ال تزال هناك فرصة إلمكان االختيار الصواب‪ ،‬وبذا ْ‬
‫النص كما هي في ن‬ ‫َّ‬ ‫أن أيسخولوس ال َي ْعرض هذه في نتيجة اآلراء ال ُحرة‪ ،‬ولكنه َي ْعرضها في‬
‫ص مسرحية أجاممنون‬ ‫ِ‬
‫‪.Agamemnon‬‬
‫ويتكون حوالي ثلُ ِثه من المنظر الذي يصف فيه الرسول‬‫َّ‬ ‫الفعل الدرامي قليل جدًّا في هذه المسرحية‪،‬‬
‫ك َّل بطل في الجيش الغازي ‪ ،‬ويصف أسلحتهَ وأخالقه؛ فيص ِور الخمسة َ األوائل منهم شديدِي‬
‫الكبرياء والغطرسة؛ وهذا يجعل إتيوكليس يتأكد من عدم وقوف اآللهة إلى جانبه‪ .‬أ َّما أمفياراوس‬
‫ضع والتقوى‪ ،‬وكان متر ِد دا في القيام بأي دو ر في‬ ‫‪ ،Amphiaraus‬البطل السادس‪ ،‬ففي غاية التوا ُ‬
‫تلك الحرب‪ .‬فكان من الممكن استغالل هذه ال ِطيبة‪ ،‬ب ْي َد أن إتيوكليس اختار السثينيس ‪Lasthenes‬‬
‫اجه أخاه‪ ،‬وتر‬
‫يو ِ‬ ‫لكي ُ‬

‫أشخاص المسرحية‬
‫إتيوكليس ‪ :Eteocles‬ملك طيبة‪.‬‬ ‫•‬
‫جندي‪.‬‬ ‫•‬
‫كوروس من النساء الطيبيات‪.‬‬ ‫•‬
‫أنتيجوني ‪ ،Antigone‬إسميني ‪ :Ismene‬شقيقتا إتيوكليس‪.‬‬ ‫•‬
‫رسول‪.‬‬ ‫•‬
‫ستة أبطا ل ِطيب ِيين مسلَّحين‪ ،‬وجنود آَخَرون‪ ،‬و ُم ِ‬
‫واطنون و َخ َدم‪.‬‬ ‫•‬
‫المنظر‪ :‬ميدان فسيح في مدينة طيبة‪ .‬بعض التماثيل البدائية لآللهة‪ ،‬قائمة فوق قواعدها‪ .‬يمتد المنظر‬
‫قبُُ يْل‬
‫َ‬ ‫المحاصر‪ .‬الوقتُ‬
‫ِ‬ ‫في الخلفية فوق سور المدينة إلى الوادي ال ِطيبي‪ ،‬حيث يعسكر الجيش‬
‫الفجر‪.‬‬
‫الضارعات‬
‫ِ‬
‫قلب هيرا بسبب حب‬ ‫كانت إي و هي ابنة إناخوس‪ ،‬م ِلك أرجوس ‪ ،‬كاهنة هيرا‪ ،‬وإذ أكلت الغيرة ُ َ‬
‫شوهت هيرا عق َل ضحيتها وجس َدها بأن أصابتها بلوثة جنون ‪ ،‬ثم مسختها عِجْ لة‪،‬‬ ‫زوجها للكاهنة‪ ،‬فقد َّ‬
‫أرض نهر النيل‪ ،‬حيث استعادت إي و‬ ‫َ‬ ‫وجعلتها ت ُج َُوب األرض والبحر م عا إلى أن وصلت أخي را‬
‫شكلها البشري باللمسة الخفية التي لعشيقها زوس‪ ،‬ثم حملَت منه إيبافوس الذي أنجب ليبيا‪ ،‬والتي منها‬
‫ولكن شجا را دبَّ بين أيجوبتوس وداناوس‪ ،‬ولَ َدي بيلوس‪ ،‬فقد أراد‬ ‫َّ‬ ‫ُو ِلد ك ل من بيلوس وأجينور‪،‬‬
‫أوال ُد أيجوبتوس الخمسون تحت رباط الزواج الملزم االستحواذَ على بنات داناوس الخمسين‪ ،‬ولكن إذ‬
‫آثر َُنَ الهرب مع أبيهن إلى أرجوس‪ ،‬وطن‬ ‫كرهت العذارى ذلك اإلكراه الذي لجأ إليه األزواج‪ ،‬فقد ْ‬
‫أمهن األول‪ .‬وهناك لجأنَ ُْ إلى بيالسجوس‪ ،‬م ِلك تلك البالد‪ ،‬وطالَ ْبنَه بحق الحماية واللجوء‪.‬‬
‫كان تردُّد الم ِلك في تأييد المستجيرات في حق اللجوء‪ ،‬ثم انتصار ذلك الحق بعد أخذ أصوات شعب‬
‫أرجوس‪ ،‬ثم وصول المغازلين في أعقابهن بعد أن سبقهم رسولهم ُمطا ِل با بتسليم العذارى‪ ،‬ثم فشله في‬
‫تحقيق مرامه رغم تهديده بالحرب؛ كل هذه األمور تش ِكل المضمونَ الدرامي للمسرحية‪.‬‬
‫وتنتهي أحداث المسرحية على أيدي المصريين والدانائيات‪ .‬وإذ وجد داناوس نفسه ُمجب َرا على‬
‫اإلذعان لمطالب أبناء أخيه‪ ،‬فإنه اشترط على بناته ضرور ةة َ قتل أزواجهن في ليلة الزواج‪ ،‬فأ َ‬
‫ط ْعنَه‬
‫جمي عا باستثناء هوبيرمنسترا نكثتَ بعهدها الرائع‪ ،‬ولم تقتل لونكيوس بنا ء على حبها له‪ .‬وعندما ق‬
‫دُُِ مت هوبيرمنسترا للمحا َكمة راحت الربَّة أفروديت تدافع عنها على أساس أن حبَّ الرجل والمرأة يق‬
‫دِسه حبُّ السماء لألرض‪.‬‬
‫وتاريخ هذه المسرحية ال يمكن تحديده بدقة‪ ،‬ولما كانت أحداثها تدور كلها قبل ظهور الفرس‪ ،‬فإنها‬
‫أقدم دراما مسرحية وصلَتنا من األدب األوروبي‪.‬‬
‫َ‬ ‫تعُتبر إذن وبال جدا ل‬

‫أشخاص المسرحية‬

‫• كوروس من بنات داناوس الخمسين‪.‬‬


‫• داناوس ‪ :Danaus‬أحد نسل زوس وإي و‪.‬‬
‫• بيالسجوس ‪ :Pelasgus‬ملك أرجوس‪.‬‬
‫• رسول المصريين‪.‬‬
‫• كوروس ثا ن من الخادمات القائمات على خدمة بنات داناوس‪.‬‬
‫• جنود و َخ َدم آخرون‪.‬‬
‫قرُُ ب شاطئ البيلوبونيز ‪ ،Peloponnese‬مرعى به كومة ُم ْعش َْوشبة يقوم عليها عدد من‬ ‫المنظر‪ْ :‬‬
‫وترى في الخلفية البعيدة‬
‫المذابح وتماثيل اآللهة‪ ،‬ومنهم زوس‪ 2،‬وأبولو ‪ ٣،‬وبوسايديون‪ ٤،‬وهرميس‪ُ ٥.‬‬
‫قرُُ ب التماثيل‪.‬‬
‫أسوار وقِالع أرجوس ‪ .Argos‬تتج َّمع بنات داناوس ‪ْ Danaus٦‬‬
‫الزمن‪ :‬قبل التاريخ‪.‬‬

You might also like