Professional Documents
Culture Documents
JSSL Volume 14 Issue 14 Page 1713 1793
JSSL Volume 14 Issue 14 Page 1713 1793
تصدرها
كلية الشريعة والقانون بالقاهرة
جامعة األزهر
جميع اآلراء الواردة يف هذه املجلة تعرب عن وجهة نظر أصحابها ،وال
تعرب بالرضورة عن وجهة نظر املجلة وليست مسئولة عنها
رقم اإليـــداع
2023 / 18053
الرتقيم الدويل للنرش
ISSN:
املوقع اإللكرتوين
https://jssl.journals.ekb.eg
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1713 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
إعداد
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ،ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من رشور أنفسنا،
وسيئاي أعاملنا ،من يهده الله ف مضل له ،ومن يضلل لن تجد له ولياً مرشدا ً،
أما بعد:
قد ظهر ىف عامل املال ىف السنواي املاضية مفهوم جديد يطلق عليه
الهندسة املالية ،وقد نشأي الحاجة للهندسة املالية إما استجاب ًة لفرص استثامرية
و قاً لتطلعاي املستثمرين واملؤسساي معاً ،وإما للتعامل مع قيود املنا سة الدولية،
ودر ًء للمخاطر املحيطة باألنشطة االستثامرية ،وهي يف ذلك تعترب من أدواي
التحوط املايل.
وتهدف الهندسة املالية إىل قيام املؤسساي املالية (كالبنوك .رشكاي التامني.
صناديق االستثامراي .رشكاي ادارة مخاطر االئتامن .رشكاي ادارة محا ظ االوراق
املالية.....إلخ)
برسم سياساي مالية قوية ،وابتكار منتجاي وأدواي مالية جديدة،
واسرتاتيجياي مالية مرنة تتفاعل ،وتستفيد من التغرياي املستمرة يف أسواق املال
العاملية ،واإلقليمية واملحلية ،وهذا األمر يتطلب من املؤسساي ،واملنشآي املالية إنشاء
أقسام للبحوث والتطوير يف مجال املنتجاي واألدواي املالية.
ويعنى بالهندسة املالية عملياي التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من األدواي،
والعملياي املالية املبتكرة ،باإلضا ة إىل صياغة حلول إبداعية ملشاكل التمويل ،ومن
مفهوم الهندسة املالية يتضح إمكانية استخدامها يف إدارة املخاطر ،ولعل االستفادة
من الهندسة املالية يف املؤسساي املالية اإلسفمية والتقليدية أصبح رضورة ملحة،
وإذا كانت الهندسة املالية تستخدم إليجاد حلول ملشاكل التمويل أو تحقيق مزيد من
األرباح أو إلدارة ملخاطر ،إننا سرنكز عىل دور الهندسة املالية يف إدارة املخاطر
باملصارف ،من خفل بيان مفهوم الهندسة املالية ونشأتها وعفقتها بإدارة املخاطر،
ودورها يف معالجة التعرث املاىل يف املؤسساي امل ية الحديثة من خفل طرح
منتجاي مالية جديدة ومبتكرة ،تعالج املخاطر وتقلل منها ،وتفيد املؤسسة وتدر
عليها ربحاً ودخفً ،متاشياً مع التطوراي واألسواق املالية الحديثة وما تفرزه من
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1718
جديد كل يوم.
وقد حاولت أن أدىل بدلو يف هذا املوضوع و قنى الله تعاىل لكتابة بحث
عنه بعنوان:
الهندسة املالية ،ودورها ىف إدارة املخاطر ومعالجتها ،ىف املعامالت املرصفية.
دراسة فقهية مقارنة
عرضت يه ملفهوم الهندسة املالية ،ونشأتها ،ثم تحدثت عن مفهوم إدارة
املخاطر ،وعفقتها بالهندسة املالية وأنواعها ،وقد أ رزي الصناعة املالية الحديثة
مجموع ًة من املنتجاي واألدواي املالية املبتكرة ،حيث وقع اختيارى عىل بعضها
محف للدراسة الفقهية املقارنة ،كنامذج معربة عن تلك الصناعة املالية، لتكون ً
ومدى تحقيقها لدورها ،ونجاحها يه من عدمه ،تكلمت عن عقود االختيار،
واملشاركة املتناقصة ،والتوريق امل يف حيث مل تسمح صفحاي البحث بالتطبيق
ٍ
منتجاي مالية أكرث من هذه .مبيناً املاهية واألنواع والخطواي العملية لتنفيذ عىل
كل عقد من هذه العقود يف املؤسساي املالية ،ثم أبني الحكم الفقهى لهذه املعاملة
من خفل بيان أقوال الفقهاء ،وما يتبع ذلك من تحرير محل النزاع وسبب
الخفف ،واالستفاضة ببيان أدلة كل مذهب مع ما يرد عليها من مناقشاي وأجوبة،
ثم أختتم ذلك كله ببيان القول املختار وسببه ،وال يفوتنى يف إطار ذلك أن أوضح
دور الهندسة املالية من خفل دراسة هذا العقد ومدى إسهامها يف إدارة املخاطر.
مشكلة البحث:
تتمثل مشكلة البحث يف محاولة الكشف عن مدى نجاح الهندسة والصناعة
املالية الحديثة يف إدارة املخاطر ومعالجتها من خفل طرح منتجاي مالية جديدة
تسهم يف تطوير عمل املؤسساي املالية.
أسئلة البحث:
ميكن ذكر أهم أسئلة البحث يام يىل:
-1ما مفهوم الهندسة املالية؟ ومتى نشأي؟
-2ما مفهوم إدارة املخاطر ،وما أنوعها؟
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1719 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
املبحث األول
ماهية الهندسة املالية وإدارة املخاطر
املطلب األول
مفهوم الهندسة املالية.
يرى كثري من املحللني أن االبتكار املايل والهندسة املالية هام القوة الدا عة
للنظام املايل العاملي لر ع مستوى الكفاءة االقتصادية وذلك من خفل زيادة رص
اقتسام املخاطرة ،وتخفيض تكاليف العملياي ،تلك املؤسساي املالية وامل ية
والرشكاي والحكوماي بحاجة دامئة إىل ما تقدمه الهندسة املالية من ابتكاراي يف
صورة أدواي مالية جديدة تفي باحتياجاي املجتمعاي ،وتسيطر عىل املخاطر
املالية ،وكام قدمت حلوالً ملشاكل التمويل وإدارة املخاطر ،والتحوط ضد تقلباي
أسعار الفائدة وال ف ،هي اليوم قادرة عىل حلول إبداعية توائم ظروف الع
والتطوراي التي تشهدها املجتمعاي.
تعريف الهندسة املالية:
الهندسة املالية مصطلح ماىل معرب ،ويعد مفهوماً قدمياً قدم التعامفي
املالية ،لكنه قد يبدو حديثاً نسبياً من حيث املصطلح والتخصص.
يعر ها البعض أنها" :مجموعة األنشطة التي تتضمن عملياي التصميم
والتطوير والتنفيذ لكل من األدواي والعملياي املالية املبتكرة ،باإلضا ة إىل صياغة
( )1
حلول إبداعية ملشاكل التمويل".
كام عر ها بعض الباحثني أنها" :التطوير والتطبيق املبتكر للنظرية املالية،
()2
واألدواي املالية إليجاد حلول للمشاكل املالية املعقدة ،والستغفل الفرص املالية".
) ) 1الهندسة املالية اإلسفمية ،عبدالكريم قندوز بحث منشور مبجلة جامعة امللك عبدالعزيز:
االقتصاد اإلسفمي ،م20ع ،2عام ،2007صااا.19 ،6
) )2إدارة املخاطر ،املشتقاي املالية ،الهندسة املالية ،تأليف :أ.د /بن عىل بلعزوز ،أ.د /عبدالكريم
قندوز ،أ.د /عبدالرزاق حبار ،دار /الوراق للنرش والتوزيع ،صاا.406
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1724
وهذه التعريفاي تشري إىل أن الهندسة املالية تتض ّمن العنارص التالية:
أوالً :ابتكار أدواي مالية جديدة ،والتى من شأنها أن تخفف من حدة املشاكل
التمويلية التى تواجه الرشكاي ،ويكون لها دور عال يف تنشيط سوق
األوراق املالية.
ثانياً :ابتكار آلياي متويلية جديدة والتى من شأنها أن تسهم يف تخفيض تكاليف
الصفقاي املربمة يف سوق األوراق املالية.
ثالثاً :ابتكار حلول جديدة لإلدارة التمويلية ،مثل إدارة السيولة أو الديون ،أو إعداد
( )1
صيغ متويلية ملشاريع مع ّينة تفئم الظروف املحيطة باملرشوع.
ولعل املقصود باالبتكار هنا ليس مجرد تقديم االختفف عن ما هو سائد ،بل
التميز إىل درجة تحقيق ملستوى أ ضل من الكفاءة واملثالية ،مام يعني تقديم أدواي
ومنتجاي مبتكرة تختلف عن السائدة.
ومن خفل ما تقدم ميكننا أن نقول أن الهندسة املالية أو الصناعة املالية هى
ن إدارة املخاطر.
) )1صناعة الهندسة املالية نظراي ىف املنهج اإلسفمي.،د /سامي السويلم ،صاا ،5املشتقاي املالية
ودورها ىف إدارة املخاطر ،ودور الهندسة املالية ىف صناعة أدواتها ،دراسة مقارنة بني النظم
الوضعية وأحكام الرشيعة اإلسفمية ،أ.د /سمري عبدالحميد رضوان ،دار النرش للجامعاي،
األوىل2005 ،م ،صااا.91
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1725 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
املطلب الثاين
مفهوم إدارة املخاطر ،وأنواعها
تعريف املخاطر لغة" :ال َخطَر :ارتفاع املكانة واملنزلة واملال والرشف.
الس َبق الذي يرتاهن عليه ،يقال :وضعوا لهم خطرا ً أي ثوباً ونحوه ،ويقال: وال َخطَرَّ :
( )1
هذا َخطَر لهذا أي :مثل يف ال َق ْدر"
واإلرشاف
َْ ويقال " :فن لَ ْي َس لَه ِخ ِطري _ أَي :لَ ْي َس لَه نَظري َوالَ ِمثْل .ق ََال:
()2
عىل شَ فَا َهلَك ٍة :ه َو الْ َخطَر"
وبناء عىل ما ذكره علامء اللغة إن معنى املخاطر يدور حول معاىن ثفثة:
األول :ارتفاع املكانة والقدر .الثاىن :السبق والرهن .الثالث :اإلرشاف عىل
الهفك )3(.واملعنى األقرب لبحثنا من املعاىن اللغوية املذكورة هو املعنى الثالث.
مفهوم املخاطرة لدى الفقهاء:
لفظ املخاطرة ورد يف معجم لغة الفقهاء مبعنى "الت ف الذي قد يؤدي
()4
إىل الرضر"
وعرف الفقهاء املعارصون عقود املخاطرة أنها" :ما يرتدد بني الوجود
والعدم ،وحصول الربح أو عدمه عن طريق ظهور رقم معني مثفً ،كالرهان
()5
والقامر".
) )1العني ،الخليل بن أحمد بن عمرو بن متيم الفراهيدي الب ي (ي 170ها) ،تحقيق :د مهدي
املخزومي ،د إبراهيم السامرايئ ،النارش :دار ومكتبة الهفل ،مادة ( خطر ) .213/4
) )2تهذيب اللغة ،محمد بن أحمد بن األزهري الهروي ،أبو منصور (ي 370ها) ،املحقق :محمد
عوض مرعب ،النارش :دار إحياء الرتاث العريب -بريوي ،الطبعة :األوىل2001 ،م ،مادة (
خطر ) .102/7
) )3املعجم االقتصادى اإلسفمي ،د /أحمد الرشبايص ،ط /دار الجيل ،مادة خطر صاا.134
) )4معجم لغة الفقهاء ،محمد رواس قلعجي -حامد صادق قنيبي ،دار النفائس للطباعة والنرش
والتوزيع ،الطبعة :الثانية 1408 ،ها 1988 -م ،صااا.414
) )5املوسوعة الفقهية الكويتية ،صادر عن :وزارة األوقاف والشئون اإلسفمية -الكويت .208/19
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1726
وقد تعرض اإلمام ابن القيم -تعاىل -ملصطلح املخاطرة بعمومه قال:
" واملخاطرة مخاطرتان :مخاطرة التجارة .وهو أن يشرتي السلعة بقصد أن يبيعها
ويربح ويتوكل عىل الله يف ذلك .والخطر الثاين :امليرس الذي يتضمن أكل املال
( )1
بالباطل ،هذا الذي حرمه الله تعاىل ورسوله مثل بيع املفمسة واملنابذة".
وبناء عىل ما تقدم نجد أن هناك قواسم مشرتكة بني املدلول اللغوى لكلمة
املخاطرة وبني االستخدام الفقهى ،االحتامل والرتدد بني الوجود والعدم ميثل هذا
املشرتك.
والفقهاء بذلك أظهروا معنيني للمخاطرة :معنى مقبول رشعاً ،وهو :النوع
األول ىف تصنيف ابن القيم السابق ،ومعنى محرم وهو :النوع الثاىن وهو القامر
وامليرس وما ىف معناهام.
املعنى املباح يعنى تحمل نتائج االستثامر ربحاً وخسارة ،وغنامً ىف مقابل
()2
الغرم ،أو تحمل نتائج العملية التجارية.
تعريف إدارة املخاطرة كمصطلح مرصيف حديث:
تعرف املخاطرة يف االصطفح االقتصادى أنها" :الحالة التى تتضمن احتامل
االنحراف عن الطريق الذى يوصل إىل نتيجة متوقعة أومأمولة".
عر ت إدارة املخاطر أنها " :كا ة اإلجراءاي التى تقوم بها اإلدارة لتح َد من
اآلثار السلبية الناتجة عن املخاطر ،وإبقائها يف حدودها الدنيا"
أما إدارة املخاطر امل ية قد عر تها لجنة التنظيم امل ىف املنبثقة عن
هيئة قطاع املصارف يف الوالياي املتحدة األمريكية أنها :تلك العملية التى يتم من
خفلها رصد املخاطر ،وتحديدها ،وقياسها ،ومراقبتها ،والرقابة عليها ،وذلك بهدف
ضامن هم كامل لها واالطمئنان بأنها ضمن الحدود املقبولة ،واإلطار املوا ق
) )1زاد املعاد يف هدي خري العباد ،محمد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم
الجوزية (ي 751ها) ،مؤسسة الرسالة ،بريوي -مكتبة املنار اإلسفمية ،الكويت ،الطبعة:
السابعة والعرشون 1415 ،ها 1994/م .723/5
) ) 2نظرية املخاطرة ىف االقتصاد اإلسفمي ،عدنان عبدالله محمد عويضة ،رسالة دكتوراه ،كلية
االقتصاد والعلوم اإلدارية،جامعة الريموك ،صا.19
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1727 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
( )1
عليهام من قبل مجلس إدارة امل ف للمخاطر"
كام اختار أ.د /سمري رضوان( )2هذا التعريف إلدارة املخاطر ورجحه عىل
غريه قال" :عملية تحديد ،وتقويم املخاطر ،واختيار وإدارة تقنياي للتكيف مع
()3
املخاطر التى ميكن التعرض لها".
اشتملت التعاريف السابقة عىل مجموعة من العنارص املشرتكة وهى:
-1التأكيد عىل رضورة وجود إدارة مستقلة للمخاطر ىف كل م ف.
-2هناك مجموعة من الوظائف واملهام التى تضطلع بها هذه اإلدارة وهى:
-رصد الخطر وتحديده- .قياس املخاطر من أجل التحكم بها-.السيطرة عىل
الخطر-الرقابة واملراقبة عن طريق املتابعة والتأكد أن املخاطر ضمن الحد
املقبول.
-3هناك مجموعة من األهداف تسعى إداة املخاطر إىل تحقيقها هى:
-الفهم الكامل للمخاطر املحيطة بامل ف-.التوصل إىل أنسب وسيلة للسيطرة
()4
عيل الخطر-.ضامن كفاية املوارد ىف حالة وقوع الخطر وترتب خسارة عالية.
-4أساليب التعامل مع املخاطر وهى :تجنب املخاطرة باالمتناع عن منح القروض
()5
مرتفعة املخاطر ،تقليل املخاطرة ،نقل املخاطرة إىل الغري كرشكاي التأمني.
) )1نقف عن :إدارة املخاطر ىف املصارف اإلسفمية .حالة األردن ،د /رانية زيدان شحادة العفونة،
رسالة ماجستري ،كلية الرشيعة والدراساي اإلسفمية ،جامعة الريموك ،األردن ،صااا.31
) )2املشتقاي املالية ودورها ىف إدارة املخاطر ،ودور الهندسة املالية ىف صناعة أدواتها ،دراسة
مقارنة بني النظم الوضعية وأحكام الرشيعة اإلسفمية ،صاا.309
) )3يراجع ىف تعريف إدارة املخاطر كتاب :إدارة املخاطر ،املشتقاي املالية ،الهندسة املالية ،تأليف:
أ.د /بن عىل بلعزوز ،أ.د /عبدالكريم قندوز ،أ.د /عبدالرزاق حبار ،دار /الوراق للنرش والتوزيع
صا.45
) ) 4إدارة املخاطر ىف املصارف اإلسفمية .حالة األردن ،د /رانية زيدان شحادة العفونة ،رسالة
ماجستري ،كلية الرشيعة والدراساي اإلسفمية ،جامعة الريموك ،األردن ،صااا.32
) )5املشتقاي املالية ودورها ىف إدارة املخاطر ،ودور الهندسة املالية ىف صناعة أدواتها ،دراسة
مقارنة بني النظم الوضعية وأحكام الرشيعة اإلسفمية ،صاا.315
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1728
) )1الهندسة املالية واضطراب النظام املاىل العاملى ،د عبدالكريم أحمد قندوز ،محارض بقسم
املالية ،كلية إدارة األعامل جامعة امللك يصل ،بحث مقدم ملؤمتر كلية العلوم اإلدارية الدوىل
الرابع 2010م بجامعة الكويت صاا.3
) )2إدارة املخاطر يف املصارف االسفمية ،إعداد :أ.د /غالب عوض الر اعي ،وأ .يصل صادق،
ورقة مقدمة للمؤمتر العلمي الدويل السنوي السابع بعنوان :إدارة املخاطر واقتصاد املعر ة،
جامعة الزيتونة األردنية ،كلية االقتصاد والعلوم االدارية 18 - 16نيسان (ابريل) ،2007صاا.14
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1729 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
استخدامااً ،واملخاطر التي تتعرض لها هذه الصيغة التمويلية تتمثل يف إلزامية
الوعد من عدمه ،و قاً لقرار مجمع الفقه اإلسفمي( )1إن الوعد يف عقد
املرابحة ملزم للطر ني ،بينام يرجح البعض إلزاميته لطرف واحد ...وهذا يعني
أن بإمكان الزبون الرتاجع عن إمتام عقد الرشاء حتى بعد أن يصدر عنه
الوعد و بعد أن يقوم بد ع العربون.
-3مخاطر التمويل بالسلم :يشتمل عقد السلم عىل نوعني من املخاطر بالنسبة
للمصارف تتمثل يف :عدم تسليم املسلَم يه يف حينه أو عدم تسليمه متاماً ،أو
تسليم نوعية مختلفة عام اتفق عليه يف عقد السلم .كام أنه ال يتم تداول عقود
السلم يف األسواق املنظمة أو خارجها ،هي اتفاق بني طر ني ينتهي بتسليم
سلع عينية وتحويل ملكيتها.
وهذه السلع تحتاج إىل تخزين وبذلك تكون هناك تكلفة إضا ية ومخاطر
()2
أسعار تقع عىل امل ف الذي ميلك هذه السلعة مبوجب عقد السلم.
-4مخاطر التمويل بعقد االستصناع :تتمثل املخاطر التي يشتمل عليها عقد
االستصناع يف:
أ -مخاطر اختفف املواصفاي :من أهم عنارص العقد أن يقوم امل ف
ٍ
ومبواصفاي محددة بدقة دقيقة جدا ً؛ ألن املستصنَع يصبح باستصناع املستصنَع
عديم الفائدة إذا مل يكن بنفس املواصفاي الواردة ،حيث إن من حق عميل
امل ف -حسب أحكام العقد أن ير ض املستصنَع إذا مل يكن بنفس املواصفاي.
ب-مخاطر عدم تسليم املستصنع يف الوقت املحدد :إذا مل يتم تسليم املستصنع يف
املبحث الثاىن
دور الهندسة املالية يف إدارة املخاطر ومعالجتها من خالل العقود
املستحدثة.
يعنى بالعقود املستحدثة تلك العقود الجديدة التى يعرب عنها الفقهاء بالعقود
غري املسامة يف الفقه اإلسفمي ،والتى دعت حاجة الناس ورضورة الع إىل
إنشائها ومن بينها بعض العقود التى سنذكرها كنامذج للبحث كقعود الخياراي،
واملشاركة املتناقصة ،والتوريق امل يف.
وقبل الحديث عن هذه العقود وأحكامها الفقهية يحسن بنا أن نبني وجهة
نظر الفقهاء حول مدى جواز إنشاء عقود جديدة غري التى عر ها الفقهاء قدمياً.
املطلب األول
مدى حرية اإلرادة ىف إنشاء العقود:
اختلف الفقهاء ىف حكم إنشاء عقود جديدة غري املسامة واملعرو ة ىف الفقه
اإلسفمي ،وكان خف هم عىل قولني:
القول األول :األصل ىف العقود الصحة واإلباحة حتى يقوم الدليل عىل
()2
التحريم والحظر ،وهو قول جمهور الفقهاء من األحناف )1(،واملالكية،
()4
والشا عية )3(،والحنابلة.
القول الثاين :األصل ىف العقود الحظر ،واملنع حتى يقوم الدليل عىل اإلباحة
()5
ف يجوز إصدار عقد إال بدليل ،وهو مذهب الظاهرية.
═
املخاطر ىف املصارف اإلسفمية ،د /مفتاح صالح ،صا ،5البعد املقاصدى لدور املخاطرة ىف
االقتصاد اإلسفمي ،صا ،110إدارة املخاطر تحليل قضايا ىف الصناعة املالية اإلسفمية صا.69
) )1تبيني الحقائق ،87/4أحكام القرآن للجصاص .286/2
) )2املوا قاي للشاطبي .440/1
) )3تحفة املحتاج حيث قال الهيتمى " :483/4ألن الظاهر يف العقود الصحة".
) )4رشح منتهى اإلراداي ،56/2إعفم املوقعني البن القيم ،259/1مجموع الفتاوى .126/29
) )5اإلحكام يف أصول األحكام البن حزم .2/5
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1732
()2
-2قوله تعاىل﴿ :ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ﴾
-3قوله تعاىل﴿ :ﭾﭿﮀﮁﮂ ﴾
()3
( )1
أن تو وا به ما استحللتم به الفروج ).
وجه الداللة :يه األمر بالو اء بالرشوط مطلقا دل عىل صحة كل رشط
وعقد ما مل يخالف الرشع.
-2عن عمرو بن عوف املزين ،عن رسول الله ،قال( :املسلمون عىل
رشوطهم إال رشطا حرم حفال ،وأحل حراما ،والصلح جائز بني الناس إال
()2
صلحا أحل حراما أو حرم حفال).
وجه الداللة :بني الحديث أن االلتزام بالرشوط ومثلها العقود مقيد بقيدين:
()3
األول :أال تحل حراما ،الثاىن أال تحرم حفال ،وما سوى ذلك عىل أصل اإلباحة.
-3عن عبد الله بن عمرو أن النبي قال ( :أربع من كن يه كان
منا قا خالصا ومن كانت يه خصلة منهن كانت يه خصلة من النفاق حتى
()4
يدعها إذا اؤمتن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم جر).
وجه الداللة :ىف الحديث ما يدل عىل ذم الغدر ،وكل من رشط رشطًا ،ثم
نقضه قد غدر.
-4عن عبد الله بن عمر :أن رسول الله قال ( من باع نخف
()5
قد أبري ثمرتها للبائع إال أن يشرتط املبتاع ).
وجه الداللة :إن هذا الرشط خفف مقتىض العقد ،ومع ذلك جوزه الرشع
()6
حيث ال يرتتب عليه مانع رشعى من ارتكاب املحرم.
) )1البخارى 970/2ح ،2572ك /الرشوط ،ب /الرشوط يف املهر عند عقدة النكاح.
) )2السنن الصغرى للبيهقى ،246/6الطرباىن ىف الكبري ،409/11وأبوداود عن أىب هريرة مبعناه
332/3ح ،3596ك /األقضية ب/الصلح .قال الحا ظ ابن حجر ىف بلوغ املرام :179 / 1
صححه الرتمذى و أنكروا عليه ألن راوية كثري بن عبد الله بن عمرو بن عوف ضعيف و كأنه
اعتربه بكرثة طرقه .وقد صححه ابن حبان من حديث أىب هريرة رىض الله تعاىل عنه.
) )3الخياراي ىف الفقه اإلسفمي ،أ.د /السيد حا ظ خليل السخاوى صاا ،116ط /الرابعة.
) )4البخارى 21/1ح ،34ك/اإلميان ،ب/عفمة النفاق.
) )5البخارى768/2ح ،2090ك /البيوع ،ب/من باع نخف قد أبري أو أرضا مزروعة أو بإجارة.
) )6خطاباي الضامن امل ية بني الرشيعة والقانون ،أ.د /السيد حا ظ خليل السخاوى
صااا.246
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1734
املناقشات الواردة عىل أدلة املذهب األول أجمل ابن القيم ىف إعفم املوقعني
املناقشاي الواردة عىل أدلة املذهب األول قال " :وأصحاب القول اآلخر يجيبون
عن هذه الحجج :تارة بنسخها وتارة بتخصيصها ببعض العهود والرشوط ،وتارة
بالقدح يف سند ما ميكنهم القدح يه".
جواب الجمهور عن هذه املناقشة :قال الجمهور :أما دعواكم النسخ إنها
دعوى باطلة تتضمن أن هذه النصوص ليست من دين الله وال يحل العمل بها
وتجب مخالفتها وليس معكم برهان قاطع بذلك ف تسمع دعواه وأين التجاؤكم
إىل االستصحاب والتسبب به ما أمكنكم؟ وأما تخصيصها ف وجه له وهو يتضمن
إبطال ما دلت عليه من العموم وذلك غري جائز إال بربهان من الله ورسوله.
وأما ضعف بعضها من جهة السند ف يقدح يف سائرها وال مينع من
( )1
االستشهاد بالضعيف وإن مل يكن عمدة.
ثالثا :دليلهم من املعقول :قال ابن القيم" :األصل يف العباداي البطفن حتى
يقوم دليل عىل األمر واألصل يف العقود واملعامفي الصحة حتى يقوم دليل
عىل البطفن والتحريم .والفرق بينهام أن الله سبحانه ال يعبد إال مبا رشعه
عىل ألسنة رسله ،وأما العقود والرشوط واملعامفي هي عفو حتى
()2
يحرمها.
أدلة املذهب الثاين :وقد استدل الظاهرية عىل ما ذهبوا إليه بجملة من
األدلة من القرآن ،والسنة ،أوالً :أدلتهم من القرآن
-1قوله تعاىل﴿ :ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆﮇﮈﮉﮊ ﴾
()3
) )1إعفم املوقعني ،262/1وما بعدها .هذا وقد ذكر ابن القيم أدلة كثرية للجمهور غري ما ذكرنا
وإمنا اقت نا عىل بعض األدلة التى ذكرها والتى تغنى عن بقية األدلة أو هى ىف معناها.
) )2إعفم املوقعني ،259/1بت ف.
) )3سورة األنعام من اآلية (.)38
) )4سورة املائدة من اآلية (.)3
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1735 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
-3قوله ( :كل رشط ليس يف كتاب الله ) املقصود بالرشط هنا :هو
املرشوط ،ومعناه :من اشرتط شي ًئا مل يبحه الله ،أو من اشرتط ما ينايف كتاب
( )1
الله.
-4قوله يف الحديث ( :ليس يف كتاب الله ) يشمل ما ليس يف كتاب الله ال بعمومه
وال بخصوصه ،إذا قيل :هذا يف كتاب الله ،إنه يشمل ما هو يه بالعموم
والخصوص ،بدليل أن الرشط الذي ثبت جوازه بالسنة ،أو باإلجامع أو بالعموم
()2
من األدلة صحيح.
-5قوله" :ما كان من رشط ليس يف كتاب الله" معلوم أنه ليس املراد به القرآن
قطعا إن أكرث الرشوط الصحيحة ليست يف القرآن بل علمت من السنة علم
أن املراد بكتاب الله حكمه كقوله" :كتاب الله عليكم" وقول النبي :
"كتاب الله القصاص يف كرس السن" كتابه سبحانه يطلق عىل كفمه وحكمه
()3
الذي حكم به عىل لسان رسوله.
ثالثا :أدلتهم من املعقول :هذا العاقد ،أو املشرتط شي ًئا ليس يف كتاب الله النص
أصف :إما أن يكون
عىل إباحته ال ينفك من أحد أربعة أوجه ال خامس لها ً
التزم يه إباحة ما حرمه الله تعاىل ،أو التزم يه تحريم ما أباحه الله
تعاىل ،أو التزم إسقاط ما أوجبه الله تعاىل ،أو أوجب عىل نفسه ما مل
يوجبه الله تعاىل ،وكل هذه الوجوه األربعة تعد لحدود الله ،وخروج عن
()4
الدين.
املناقشة :املشرتط ليس له أن يبيح ما حرمه الله ،وال يحرم ما أباحه الله ،إن
إبطاال لحكم الله ،وكذلك ليس له أن يسقط ما أوجبه الله ،وإمنا
ً رشطه يكون حينئذ
املشرتط له أن يوجب بالرشط ما مل يكن واج ًبا بدونه ،مقصود الرشوط :وجوب ما
مل يكن واجبًا ،وال حرا ًما ،وعدم اإليجاب ليس نفيًا لإليجاب حتى يكون املشرتط
مناقضً ا للرشع ،وكل رشط صحيح فبد أن يفيد وجوب ما مل يكن واج ًبا ،أو يبيح
( )1
لكل منهام أو ألحدهام ما مل يكن مبا ًحا.
القول املختار:
وبعد هذا العرض ألقوال الفقهاء بأدلتها يتبني أن القول املختار هو قول
جمهور الفقهاء القائل بحرية اإلرادة ىف إنشاء العقود وأن األصل يها اإلباحة حتى
يرد دليل املنع؛ ملا ىف ذلك من ر ع الحرج واملشقة عن الناس ىف معامفتهم،
ولحاجة املجمتع الشديدة ال سيام ىف العصور املتأخرة التى كرثي يها أنواع من
العقود دعت إىل إنشائها حاجة الناس ورضورة حياتهم ،الرشيعة جاءي للتوسيع
عىل الناس ىف معامفتهم ووضعت لذلك القواعد والضوابط العامة التى إذا
توا ري ىف أى عقد إنه يكون عقدا صحيحا جائزا ،وهذا الذى يتوا ق مع روح
الرشيعة وقواعدها الكلية ،واملصالح التى جاءي لتحقيقها .والله أعلم.
وتأسيسا عىل ما سبق إن لإلنسان أن يستحدث ما يشاء من معامفي وعقود
تدعو حاجته وع ه إليها ،ملا يه من ر ع الحرج عن املكلفني ،وعليه أن يراعى
حينئذ أال تنطوى هذه العقود عىل مخالفة أو معارضة مع مقاصد الرشيعة وأهدا ها ٍ
الكلية.
ومن خفل هذا نستنتج أن األعامل امل ية بعقودها الجديدة ال تشكل
()2
بالنسبة للفقه اإلسفمي عائقاً من حيث نظرته إليها كمعامفي مستجدة.
املطلب الثاىن
مناذج من العقود املستحدثة ودورها يف إدارة املخاطر
عملية التعامل مع املخاطر تشمل أربع خطواي مهمة عىل النحو التاىل:
الخطوة األوىل :تحديد املخاطر :يشمل تحديد املخاطر معر ة مدى التعرض
لها ويتم الحصول عىل املعلوماي من خفل:
أ -إعادة النظر يف املنتجاي والخدماي والعملياي والعقود.
ب -إعادة النظر يف النشاطاي السابقة والخسائر.
جا -التعرف عىل سيناريوهاي املخاطر املحتملة.
الخطوة الثانية :تحليل املخاطر :يشمل التحليل تقييم للمخاطر املحددة
هناك عدة طرق لتحليل املخاطر ،كل لها مدخفتها ومخرجاتها.
الخطوة الثالثة :التحكم يف املخاطر :عندما تكون الثقة عالية يف نتائج
تقييم املخاطر إن مشغيل القطاع سريغبون يف اتخاذ اإلجراءاي التصحيحية أو
الوقائية للمخاطر ذاي الشدة العالية .وتختلف درجة التحكم حسب الشدة.
الخطوة الرابعة :معالجة املخاطر :يجب معالجة املخاطر املرصودة والتى تم
ومشتقاي مالي ٍة تتناسب مع السوق
ٍ تحديدها من خفل استحداث عقو ٍد جديد ٍة
( )1
والتطور املستمر ،وتتوا ق مع الرشيعة اإلسفمية.
وعند النظر نجد أن الهندسة املالية اإلسفمية كان لها دور كبري يف معالجة
املخاطر يف املؤسساي املالية من خفل العقود املستحدثة التى تشتمل عىل أساليب
إلدارة املخاطر إذا تم استخدامها بطريقة تتواءم والتطوراي التي تعر ها املعامفي
املالية ،ستساعد هذه العقود يف الحد من تلك املخاطر ،وإننا يف هذا املبحث
نحاول جاهدين دراسة مناذج من أهم وأبرز العقود التى ميكن طرحها ملعالجة
) )1دور املراجعة الداخلية ىف إدارة املخاطر ،دراسة ميدانية ىف املصارف السورية ،رسالة مقدمة
لنيل درجة املاجستري ىف املحاسبة ،إعداد /شادى صالح البجريمي ،كلية االقتصاد -جامعة
دمشق 2011م ،صاا.36 ،35
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1739 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
املخاطر التى تتعرض لها املؤسساي املالية ،وبيان حكمها من خفل الدراسة الفقهية
املقارنة .وذلك من خفل املطالب التالية:
الفرع األول :عقود الخيارات ودورها يف إدارة املخاطر
مل تكن األدواي املالية التقليدية التى يرجى التعامل معها يف أسواق األوراق
املالية نهاية املطاف يف عامل التمويل واالستثامر ،هناك أدواي مالية جديدة قدمها
الفكر الرأساميل املعارص مل تكن مجرد طفرة يف أداء األسواق املالية ،وإمنا كانت
ثورة يف صيغ وأساليب التعامل يف تلك األسواق ،ومتثل من وجهة نظر مراكز
البحث واالبتكار حلوالً إبداعية ملشاكل التمويل ،والتحوط يف بيئة تزداد يها
املخاطر وعدم اليقني .وكان من أكرث هذه األدواي إثارة هى عقود الخيار.
مفهوم عقود الخيار" :هو عقد بني مشرتٍ وبائع يعطى للمشرتى حقاً يف أن
يبيع أو يشرتى أصفً معيناً بسع ٍر محد ٍد سلفاً خفل رتة زمنية معينة محددة سلفاً،
ويلتزم البائع مبقتىض هذا العقد بتنفيذه إذا ما طلب إليه ذلك ،وذلك برشاء أو بيع
األصل محل التعاقد بالسعر املتفق عليه ،بينام ميارس الشارى حقه يف تنفيذ العقد،
أو سخه دون أى التزام من جانبه تجاه الطرف اآلخر"
وقيل هو " عقد بني طر ني أحدهام بائع ،واآلخر مشرتٍ ،يعطى الشارى حقاً-
-وليس التزاما عليه -أن يشرتى أو أن يبيع شيئا ما يف تاريخ الحق بسعر متفق عليه
( )1
عند تحرير العقد"
بينام عر ه أ.د /محمد عىل القرى أنه" :عقد ميثل حقًا يتمتع به املشرتي
والتزا ًما يقدمه البائع ،يد ع األول مثنًا مقابل متتعه بذلك الحق ،ويقبض اآلخر
هذا الثمن مقابل تعهده والتزامه .وينتج عنه إرادة قابلة للبيع وللتداول"
ومثن االختيار ليس جز ًءا من مثن األسهم أو السلع التي يقع عليها االختيار
هو ال ميثل د عة مقدمة عىل مثن األسهم أو السلع.
ويهدف املستثمرون من التعامل باالختياراي أمورا ً متعددة أهمها حامية
) )1املشتقاي املالية ودورها ىف إدارة املخاطر ،ودور الهندسة املالية ىف صناعة أدواتها ،دراسة
مقارنة بني النظم الوضعية وأحكام الرشيعة اإلسفمية ،د /سمري رضوان ،صااا.153
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1740
) )1األسهم ،االختياراي -املستقبلياي ،أنواعها واملعامفي التي تجري يها ،إعداد الدكتور محمد
عيل القري بن عيد ،منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .159/7
) )2األسهم ،االختياراي -املستقبلياي ،أنواعها واملعامفي التي تجري يها ،مرجع سابق .159/7
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1741 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
وال يعد هذا من الخيار املعروف يف الفقه اإلسفمي ،ذلك أن الخيار يف
الفقه اإلسفمي هو نتيجة إبرام عقد مرشوط يه الخيار أثناء العقد ،والفرتة املنوه
عنها يف (االختياراي) سابقة عىل إيجاب العقد وإبرامه ،من ثم ال يكون لها تأثري
)1 (.
عىل العقد صح ًة ،أو سادا ً
لكن قرر بعض الفقهاء وجود شب ٍه بينه ،وبني خيار الرشط يف الفقه
اإلسفمي الذي يعطيه أحد الطر ني لآلخر ويجعل له الحق يف إمضاء البيع ،أو
سخه يف هذه الجزئية قط ،ولكنه يختلف عنه اختف اً أساسياً يف أن خيار الرشط
يكون ضمن عقد قائم ،وعقد االختيار الجديد عقد مستقل بذاته .كام أن خيار
()2
عوض ،بينام عقود االختيار قامئة عىل العوض. الرشط ال يكون ىف مقابلة ٍ
حكم عقود االختيار فقهاً:
هذه العقود التي يكون موضوعها الخيار ،هي عقود حادثة متاماً وال عهد
للفقهاء بها عىل النمط الذي سبق بيانه ،وملا كانت عقودا ً حادثة؛ إن الواجب
يقتيض إجراءها عىل قواعد التعامل لتقوم عىل أساسها حتى يتبني حكمها يف
الرشيعة للفرق الواضح يف مبادئ األحكام ،بني حكم التعامل يف الدول غري
اإلسفمية ،وبني حكم التعامل يف النظام اإلسفمي.
في األنظمة العلامنية التي تفصل بني الدين والدولة ،تعترب العقود عقودا ً
نا ذة ،ومقبولة ما دام كل واحد من الطر ني أمىض العقد باختياره ،وبدون إكرا ٍه
أو خدا ٍع ،أما يف التعامل اإلسفمي اإلرادة الحرة ،وعدم التغرير ال يكفيان لسفمة
العقود ،بل ال بد ليكون العقد مقبوالً رشعاً أن يرد ما يدل عىل اإلذن يه ،أو أن
()3
يكون غري منهي عنه وقواعد التعامل ال تنا يه.
وقد اختلف الفقهاء املعارصون حول مرشوعية عقود االختياراي وكان
) )1االختياراي ،دراسة قهية تحليلية مقارنة ،إعداد ،عبد الوهاب ابراهيم أبو سليامن منشور
مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .207/7
) )2االختياراي ،إعداد /ضيلة الدكتور الصديق محمد األمني الرضير ،أستاذ الرشيعة اإلسفمية،
كلية القانون -جامعة الخرطوم ،منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .199/7
) )3االختياراي ،إعداد ،ضيلة الشيخ محمد املختار السفمي ،مرجع سابق صا.173
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1742
خف هم عىل أقوال ثفثة :القول األول :عدم مرشوعية عقود االختياراي بكل
أنواعها ،وهو ما ذهب إليه كل من :محمد املختار السفمي ،وهبة الزحيىل ،الصديق
محمد األمني الرضير ،عبدالستار أبوغدة ،ومجمع الفقه اإلسفمي الدويل
( )1
وآخرون.
القول الثاىن :مرشوعية عقود االختياراي ،وهو ما ذهب إليه ،محمد
()4
عبدالغفار الرشيف( ،)2ومحمد عىل القري( ،)3وأحمد يوسف سليامن ،وآخرون.
القول الثالث :جواز عقود االختياراي البسيطة( )5بضوابط محددة ،دون عقود
( )7
االختياراي املركبة( ،)6وهو ما ذهب إليه يوسف بن عبدالله الشبيىل.
) )1يراجع :بحوث السادة العلامء املذكورين ىف مجلة مجمع الفقه اإلسفمي ،196 ،184 ،180/7
،581 ،264 ،205 ،199والفقه اإلسفمي وأدلته ،أ.د /وهبة الزحيىل .5195/7
) )2أحكام السوق املالية ،ضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الرشيف ،أستاذ بكلية الرشيعة جامعة
الكويت ،بحث منشور مبجلة كلية الرشيعة والدراساي اإلسفمية ،جامعة الكويت مج8ع18
العام 1992م صاا.238
) ) 3نحو سوق مالية إسفمية ،أ.د /محمد عىل القري ،بحث منشور مبجلة املعهد اإلسفمي للبحوث
والتدريب مج1ع1993 ،1م ،صاا.25 ،23
) ) 4رأي الترشيع االسفمي يف مسائل البورصة ،أ.د /أحمد يوسف سليامن ،النارش :االتحاد الدويل
للبنوك االسفمية ،ع 53العام 1987م صاا.38
) ) 5عقود االختياراي البسيطة هى ما تقدم الحديث عنها عند ذكر أنواع عقود االختياراي وتتنوع
إىل :خيار البيع وهو عقد لبيع عدد من األسهم أو األوراق املالية بسعر محدد مسبقاً وذلك
خفل رتة من الزمن .وخيار الرشاء وهو :عقد عىل د ع مبلغ معني مقابل الحصول عىل حق
رشاء ورقة مالية معينة خفل رتة محددة وبالسعر املسمى ىف العقد ويسمى سعر التنفيذ.
يراجع :الخدماي امل ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي،
د /يوسف بن عبدالله الشبيىل .209/2
) )6عقود االختياراي املركبة هو عقد يجمع بني خيار البيع وخيار الرشاء ،ومبقتضاه يصبح ملالكه
الحق ىف أن يكون بائعاً أو يكون شارياً لألوراق املالية محل التعاقد ،بحسب ما تقتضيه
مصلحته .الخدماي امل ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي،
د /يوسف بن عبدالله الشبيىل .202/2
) )7الخدماي امل ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي ،د /يوسف بن
عبدالله الشبيىل .240/2
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1743 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
وجه الداللة :اشتامل عقود الخياراي عىل أكل أموال الناس بالباطل؛ ألنه مل
يد ع لتحقيق أو توثيق الرشاء بل هو مثن لفختيار ،ولذا مل يعترب جز ًءا من مثن
املبيع كاألسهم وغريها .ف يستحق هذا الثمن؛ ألن اإليجاب عبارة عن إرادة
ومشيئة ،ومع ذلك ليس من الحقوق املالية التي يعتاض عنها كيف باإلرادة التي
()3
هي من قبيل املواعدة يف االتفاق عىل متلك اختيار.
ثانياً :أدلتهم من السنة
-1عن عبد الله بن عمرو ،قال" :نهى رسول الله --عن سلف وبيع،
()4
وعن رشطني يف بيع ،وعن بيع ما ليس عندك ،وعن ربح ما مل يضمن".
-2عن حكيم بن حزام ،قال :قلت :يا رسول الله ،يأتيني الرجل يسألني البيع،
()5
ليس عندي ما أبيعه ،ثم أبيعه من السوق فقال " :ال تبع ما ليس عندك"
) )1االختياراي يف األسواق املالية ،يف ضوء مقرراي الرشيعة اإلسفمية ،إعداد ،الدكتور عبد
الستار أبو غدة منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .256/7
) )2سورة النساء من اآلية (.)29
) )3االختياراي يف األسواق املالية ،يف ضوء مقرراي الرشيعة اإلسفمية ،مرجع سابق .264/7
) )4أخرجه النساىئ ،67/6ح ،6182ك /البيوع ،ب /بيع ما ليس عند البائع ،وأبوداود 303/3ح
،3506ك /اإلجارة ،ب /ىف الرجل يبيع ما ليس عنده ،والرتمذى ،535/3ح 1234ك /البيوع،
ب /ما جاء يف كراهية بيع ما ليس عندك ،وقال :هذا حديث حسن صحيح.
) )5أخرجه أبوداود 302/3ح ،3503ك /اإلجارة ،ب /يف الرجل يبيع ما ليس عنده ،والرتمذى
،514/2ك /أبواب البيوع عن رسول الله ،ب /ما جاء يف كراهية بيع ما ليس
عندك ،وابن ماجه 737/2ح ،2187ك /التجاراي ،ب /النهي عن بيع ما ليس عندك ،وعن ربح
═
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1744
وجه الداللة من الحديثني :ىف الحديثني نهى عن بيع اإلنسان ما ليس عنده،
وعقود االختياراي تدخل ىف هذا النهى؛ ألنها نوع من البيوع ملا ال ميلكه اإلنسان
وليست مستو اة لرشوط بيع السلم ،التي منها تعجيل د ع الثمن كله يف مجلس
العقد ،إنه يف االختياراي ال يد ع منه يشء البتة؛ ألن ما يد ع لقاء الحصول عىل
( )1
االختيار هو مثن االختيار وليس جز ًءا من مثن ما سيباع أو يشرتي يام بعد.
املناقشة :إن هذا القول ليس عىل إطفقه قد يكون محرر العقد مالكاً
للسلعة ،وهذا كثري وليس بناد ٍر ،بل إن محرر الخيار قد يكون هو نفس الرشكة
()2
املصدرة لألسهم محل العقد.
-3عن ابن عباس أن رسول الله --قال" :من ابتاع طعاما ،فال يبعه
حتى يستوفيه" زاد مسلم ىف لفظه :قال ابن عباس :وأحسب كل يشء
( )3
مثله".
وجه الداللة :ىف الحديث نهى عن بيع اإلنسان شيئاً حتى يقبضه وىف عقود
االختياراي ال يراعى هذا القيد .إنه لو مل تكن االختياراي نفسها ممنوعة رشعاً
()4
لشملها املنع باستخدامها وسيلة إىل ما هو ممنوع من هذه البيوعاي.
-3اشتامل هذا العقد عىل الغرر املنهى عنه ىف حديث أىب هريرة قال ( :نهى
()5
رسول الله --عن بيع الغرر).
وجه الداللة :يظهر كون هذا العقد غررا ً من أن خسارة بائع الخيار ال حدود
═
ما مل يضمن ،وأحمد ىف املسند ،26/24قال الرتمذى :حديث حسن.
) )1االختياراي يف األسواق املالية ،يف ضوء مقرراي الرشيعة اإلسفمية ،الدكتور عبد الستار أبو
غدة منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .262/7
) )2الخدماي امل ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي ،د /يوسف بن
عبدالله الشبيىل .209/2
) )3صحيح البخارى 748/2ح ،2019ك /البيوع ،ب /الكيل عىل البائع واملعطي ،ومسلم 7/5ح ،1525
ك /البيوع ،ب /بطفن بيع املبيع قبل القبض.
) )4االختياراي يف األسواق املالية ،يف ضوء مقرراي الرشيعة اإلسفمية ،مرجع سابق .263/7
) )5صحيح مسلم 3/5ح ،3881ك /البيوع ،ب /بطفن بيع الحصاة والبيع الذى يه غرر.
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1745 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
لها ،إذ قد ترتفع األسعار يف خيار الرشاء إىل أكرث مام يتوقع ،وقد تنخفض يف
خيا ر البيع بأقل بكثري من سعر التنفيذ ،العقد دائر بني الغنم والغرم ،والسفمة
( )1
يه نادرة إن مل تكن معدومة خسارة أحدهام تستلزم ربح اآلخر والعكس.
املناقشة :الغرر يف الخياراي البسيطة كخيار البيع املفرد والرشاء املفرد ،غرر
يسري ومغتفر ،إن الغرر محصور يف مقدار ما د عه قيمة للخيار ،وهو يسري
()2
مقارنة مبا يرتتب عىل هذه العقود من املصالح.
ثالثا :أدلتهم من املعقول
()3
-1اشتامل عقود االختياراي عىل الغرر ،والقامر وامليرس ،وهو محرم باإلجامع،
كل مشرتٍ لخيار بيعٍ أو رشا ٍء يربط حظه بتقلباي األسواق إما لفائدته أو ضده،
ويف بعض أحواله إضا ة إىل أن القامر -رصف مؤجل وانشغال ذمتني )4(.كام
أن السلعة املتعاقد عليها تباع وهي يف ذمة البائع األول ،وقبل أن يحوزها
املشرتي األول عدة بيوعاي .وليس الغرض من ذلك إال قبض أو د ع روق
األسعار بني البائعني واملشرتين غري الفعليني ،هى مخاطرة عىل الكسب
والربح ،كاملقامرة سوا ًء بسوا ٍء.
ويناقش :بأن الغرر غري موجود يف عقد الخيار البسيط؛ ألن العاقدين
يجريان العقد بسعر محدد وثابت ومعلوم ،والسلعة مقدور عىل تسليمها ،وكون
السعر قد يرتفع أو ينخفض يف وقت التنفيذ منه عن وقت العقد إنه ال يحوله إىل
غرر ،كالسلم إن األسعار قد تنخفض يف وقت األداء ،وقد ترتفع عن وقت العقد،
ومع هذا مل يقل أحد إن عقد السلم مشتمل عىل غرر ،بل إنهام لو عقداه بسعر
ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي ،د يوسف بن عبدالله ) )1الخدماي امل
الشبيىل .206/2
) )2الهندسة املالية مع الرتكيز عىل الخياراي نحو سوق ماىل ،هاشم وزى دباس العبادى ،بحث
منشور مبجلة الغرى للعلوم االقتصادية واإلدارية-جامعة الكو ة-كلية اإلدارة واالقتصاد ع5
العام ،2006صاا.201
) )3موسوعة اإلجامع يف الفقه اإلسفمي النارش :دار الفضيلة للنرش والتوزيع ،الرياض -اململكة
العربية السعودية ،الطبعة :األوىل 1433 ،ها 2012 -م.142/4 ،
) )4االختياراي ،ضيلة الشيخ محمد املختار السفمي ،مرجع سابق .184/7
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1746
السوق من غري تحديد لكان القول بالغرر له وجه ،أما ما دام أن العاقدين قد
( )1
دخف عىل العقد بسعر معلوم وثابت ومحدد إنه أبعد ما يكون عن الغرر.
-2املعقود عليه يف عقد البيع ال بد أن يكون ماالً أو ح ًقا مالياً أي متعلقاً بعني هي
مال ،وهذا غري متحقق يف عقود االختياراي ،حيث إن العقد يقع عىل مجرد
إرادة أو مشيئة أو منحة أو أسبقية ليشء أو تخصيص بشخص ،وهذا ال يصلح
()2
محفً للعقد بحسب قواعد العقود العامة يف الفقه اإلسفمي.
املناقشة :نوقش هذا الدليل بأن الفقهاء أجازوا التنازل عن حقوق االبتكار أو
حقوق امللكية األدبية والفنية والذهنية كحق التأليف وحق الرسام ،والفنان،
واملخرتع ،وحق العفماي التجارية الفارقة ،وكلها حقوق معنوية ليست ملموسة.
وأجيب بـ :بأن كل ذلك محله متعلق بيشء مادي عيني ،متمثل بكتاب أو
مرسوم أو مادة مخرتعة ،أو شعار ني ذي مواصفاي معينة ،وهذا ال ينطبق عيل
()3
عقد االختيار.
-3الثمن رشعاً يكون عوضاً يف مقابل معقود عليه يجوز تبادله( ،)4وهذا ال ينطبق
عىل (مثن االختيار) يف عقود االختياراي ،إنه يتحدد عىل أسس غري رشعية
أحياناً ،يراعى يه سعر السلعة املذكور يف العقد ،وطول الفرتة الزمنية املحددة
للعقد ،وتوقعاي تقلباي أسعار السلعة املبيعة أو املشرتاة ،والسعر املتوقع للسلعة
املبيعة أو املشرتاة ،وسعر الفائدة .وهذه العوامل أو األسس يف تحديد (مثن
االختيار) ال يصح مراعاتها أو النظر إليها رشعا ،ألنها إما ربا أو احتاملية ذاي
()5
غرر.
-4إن عقود الخياراي عقود صورية ليس يها تسلم وال تسليم ،وعادة ما تنتهي
باملحاسبة عىل روق األسعار بني البائعني واملشرتين ،وبعضهم يؤثرون الرتبح
) )1املعامفي املالية أصالة ومعارصة ،دبيان بن محمد الدبيان ،الطبعة :الثانية1432 ،ها .557/13
) )2أ.د /عبدالستار أبوغدة مرجع سابق .260/7
) )3عقود االختياراي ،أ.د /وهبة الزحيىل منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .195 ،193/7
) )4موسوعة الفقه اإلسفمي ،أ.د /وهبة الزحييل .3370/5
) )5عقود االختياراي ،أ.د /وهبة الزحيىل منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .195 ،193/7
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1747 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي ،د يوسف بن عبدالله ) )1الخدماي امل
الشبيىل .216/2
) )2مراتب اإلجامع ،أبو محمد عيل بن أحمد بن سعيد بن حزم األندليس القرطبي الظاهري
(املتوىف456 :ها) ،النارش :دار الكتب العلمية -بريوي ،صاا.84
) )3املعامفي املالية أصالة ومعارصة ،دبيان بن محمد الدبيان1432 ،ها .552/13
) )4اإلجامع ،محمد بن إبراهيم بن املنذر النيسابوري ،تحقيق ودراسة :د .ؤاد عبد املنعم أحمد،
النارش :دار املسلم للنرش والتوزيع ،الطبعة :األوىل لدار املسلم 1425 ،ها2004 /م ،صا.96
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1748
العوضني وإن مل يتم تسليمهام هام غري مؤجلني ،كام يف عقود الخياراي
األمريكية ،ف محظور يف ذلك ،وليس هذا من الكالئ بالكالئ ،بل إن من طبيعة
( )1
بيع العربون عدم تسليم الثمن واملثمن يف الحال.
-7عقود الخياراي عقود محرمة قياساً عىل عقود التأمني التجارى( )2بجامع
الرغبة يف د ع املخاطرة يف كلٍ ،والرغبة يف تفادى الخسارة ،ومقابل ذلك يتنازل
املستثمر عن مبلغ محدد ميثل مثن الخيار املذكور ،الخيار نوع من التأمني.
املناقشة :القياس مع الفارق حيث إن عقد التأمني التجارى يشتمل عىل غر ٍر
احش ،وذلك بخفف عقود الخياراي إن الغرر يها يسري ،والغرر اليسري ٍ
()3
مغتفر.
أدلة القول الثاىن:
استدل أصحاب القول الثاىن عىل ما ذهبوا إليه بأدلة من القرآن ،والسنة،
واملعقول
أوالً :دليلهم من القرآن
-1قوله تعاىل﴿ :ﮊﮋﮌﮍﮎ﴾
()4
وجه الداللة :يف اآلية الكرمية أمر من الله تعاىل بالو اء بالعقود ،والرشط
الذى تم االتفاق عليه يف عقود االختيار وهو رشط عدم إمتام الصفقة إذا اتضح
أن السعر سيكون أقل مام توقعه املشرتى ،أو العكس رشط صحيح ،واملال الذى
أخذه البائع من املشرتى حق له ال يجب عليه رده اعتبارا بأنه توا ق إرادتني حرتني
()5
عىل إنشاء هذا العقد.
) )1املعامفي املالية أصالة ومعارصة ،دبيان بن محمد الدبيان.553/13 ،
) ) 2قرار مجمع الفقه اإلسفمي الدول ى يف دورة انعقاد مؤمتره الثاين بجدة من 16 - 10ربيع
الثاين 1406ها 28 - 22/ديسمرب 1985م.
) )3حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري ،محمد بن أحمد بن عر ة الدسوقي املاليك (ي 1230ها)،
ط /دار الفكر.60/3 ،
) )4سورة املائدة من اآلية (.)1
) )5رأي الترشيع االسفمي يف مسائل البورصة ،أ.د /أحمد يوسف سليامن صاا.38
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1749 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
املناقشة :نوقش االستدالل بهذه اآلية الكرمية بأنها عامة وال تتحمل إثباي
( )1
خصوص ما ذهبتم إليه.
ثانياً :أدلتهم من السنة:
-2عن عمرو بن عوف املزين ،عن رسول الله ،- -قال ":املسلمون عىل
رشوطهم إال رشطاً حرم حالالً ،أو أحل حراماً ،والصلح جائز بني الناس إال
()2
صلحاً أحل حراماً أو حرم حالالً".
وجه الداللة :بني الحديث أن االلتزام بالرشوط ومثلها العقود مقيد بقيدين:
()3
األول :أال تحل حراماً ،الثاىن :أال تحرم حفالً ،وما سوى ذلك عىل أصل اإلباحة.
وملا كان للطرف اآلخر نفس الحق ىف الخيار ،إنه يجوز له أن يبيع حقه هذا ،وال
ريب ىف أن مدة الخيار معلومة ،وهى الفرتة ما بني وقت العقد إىل وقت أقرب
تصفية له ،كام يجوز أن يكون أحد الطر ني قد تربع باملال لآلخر نظري عدم
()4
استعامل حقه هو اآلخر ىف الخيار.
ثالثاً :أدلتهم من املعقول
-1قياس عقد الخيار عىل خيار الرشط بجامع أن كفً منهام يجعل لصاحب الخيار
الحق يف إمضاء البيع أو سخه.
ويناقش هذا القياس :بأن هناك رقاً بني خيار الرشط ،وبني الخيار يف
العقود اآلجلة من أوجه:
) ) 1الهندسة املالية مع الرتكيز عىل الخياراي نحو سوق ماىل ،هاشم وزى دباس العبادى،
صاا.200
))2السنن الصغرى للبيهقى ،246/6الطرباىن ىف الكبري ،409/11وأبوداود عن أىب هريرة مبعناه
332/3ح ،3596ك /األقضية ب/الصلح .قال الحا ظ ابن حجر ىف بلوغ املرام :179 / 1
صححه الرتمذى وأنكروا عليه؛ ألن راويه كثري بن عبد الله بن عمرو بن عوف ضعيف وكأنه
اعتربه بكرثة طرقه .وقد صححه ابن حبان من حديث أىب هريرة رىض الله تعاىل عنه
415/5ح.4660
))3الخياراي ىف الفقه اإلسفمي ،أ.د /السيد حا ظ خليل السخاوى صاا ،116ط /الرابعة.
) )4رأي الترشيع االسفمي يف مسائل البورصة ،أ.د /أحمد يوسف سليامن صاا.38
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1750
الوجه األول :إن خيار الرشط يكون ضمن عقد قائم ،هو تابع لعقد البيع،
واالختيار عقد مستقل بذاته.
الوجه الثاين :مل يثبت عن أحد من أهل العلم أنه قال بجواز أخذ العوض
مقابل خيار الرشط ،كان مقتىض القياس منع أخذ العوض مقابل الخيار يف
العقود اآلجلة .قال د /الصديق محمد األمني" :ال أعلم قيهاً جوز أخذ العوض نظري
()2
خيار الرشط" )1(.يكون أخذ العوض نظري عقد االختيار أوىل باملنع.
الوجه الثالث :إن خيار الرشط ىف الفقه اإلسفمي ثبت عىل خفف األصل
لحاجة املتعاقدين ،وما ثبت عىل خفف األصل ال يجوز التوسع يه )3(.قال ابن رشد
الجد " :والخيار يف بيع يف أصله غرر ،وإمنا جوزته السنة لحاجة الناس إىل
()4
ذلك".
وأجيب :بأن الناس أيضاً ىف حاجة مع تقدم الزمان واختفف العصور لهذا
النوع من العقود يرشع لنفس الحاجة.
-2تخريج عقد الخيار عىل بيع العربون( ،)5خاصة إذا كان الخيار للمشرتي؛ ألن
خيار الرشاء يعطي مشرتيه الحق يف رشاء عدد من األسهم خفل رتة محددة،
وقيمة الخيار التي د عها مقدما ً كالعربون للبائع ،وبيع العربون مختلف يه
()6
وقد أجاز مجمع الفقه اإلسفمي الدويل بيع العربون وجاء يف قراره ما نصه:
(يجوز بيع العربون إذا قيدي رتة االنتظار بزمن محدود ،ويحتسب العربون
جز ًءا من الثمن إذا تم الرشاء ويكون من حق البائع إذا عدل املشرتي عن
( )1
الرشاء)
املناقشة :القياس مع الفارق وذلك؛ ألن بيع العربون يختلف عن عقود
االختياراي اختف اً جوهرياً من خفل ما يىل:
أوالً :إن بيع العربون عند إنجازه يعترب العربون املقدم جز ًءا من الثمن يطرح من
املقدار الواجب د عه للبائع ،بينام حق االختيار هو متلك لحق الرشاء أو
البيع وال يحسم من الثمن عند اإلنجاز.
وأجيب :بأن مشرتى الخيار إذا مارس حقه ىف الرشاء صار سعر السهم
املشرتى مركباً من قيمة الخيار وسعر التنفيذ ،السعران وإن كانا منفصلني إنهام
يجتمعان عند التنفيذ.
ثانياً :إن مثن االختيار قد يد عه املشرتي وقد يد عه البائع.
وأجيب :بأن جواز بيع العربون يستفاد منه صحة املعاوضة عن حق الخيار،
وكون املعتاض بائعاً أو مشرتياً ال اثر له ىف الحكم.
ثالثاً :إن مثن االختيار عقد منفصل عن عقد التنفيذ إذ إن مشرتي خيار الرشاء أو
خيار البيع ميكنه الت ف يه بالبيع أو الهبة.
رابعاً :إن الدا ع للتعامل بالخياراي ليس الغرض منه تحصيل العقد و وز كل طرف
بالثمن أواملثمن ،وإمنا القصد منه تحصيل الربح ،الذي يجري يف األسواق
أنه ينتهي باملقاصة بحساب ما تحقق من ربح ألحدهام.
خامساً :إن ما ينبني عليه مثن الخيار هو توقعاي مستندة إىل سعر الفائدة،
ومرتبطة باألمد الذي إليه الخيار ،وبتوقعاي تذبذب األسعار.
سادساً :إن موضوع الخياراي ليس السلع ،وإمنا هي تجري حتى املؤرشاي التي ال
( )1
تعدو أن تكون رضباً من القامر.
أدلة القول الثالث القائل مبنع عقود االختيار املركبة ،وجواز البسيطة منها
مع وجود الضوابط التالية:
أ -أن يكون األصل محل العقد جائز التداول رشعاً.
ب-أن تكون عقود الخياراي من العقود البسيطة ،وذلك؛ ألن العقود املركبة يها
غرر احش؛ ألن املتعاقد ال يدري حني العقد أهو بائع أم مشرتٍ.
جا -أن تكون األسهم أو األصول محل العقد مملوكة للملتزم بالبيع ،وهو محرر
الخيار يف خيار الرشاء ،ومشرتي الخيار يف خيار البيع من حني الرشاء إىل
حني التنفيذ ،حتى ال يقع يف بيع ما ليس عنده.
د -أن يكون حق الخيار حاالً ،مبعنى أن تكون مدة الخيار تالية لرشائه مبارشة،
ولو امتدي لفرتة طويلة كالصيغة املعمول بها يف األسواق األمريكية.
ها -أن تكون السلعة ليست نقودا ً حتى ال يؤدي إىل اشرتاط الخيار يف ال ف.
و -أال يجري الخيار عىل املؤرش حتى ال تكون رضباً من القامر.
إذا أمكن مراعاة كل ذلك أمكن للمعاملة أن تكون صحيحة بنا ًء عىل أن
األصل يف العقود الصحة والحل( ،)2وهذه العقود هي عقود مستحدثة ال يظهر يها
ما يتعارض مع أحكام الرشيعة اإلسفمية مع ما تتضمنه من منا ع لكف العاقدين،
املشرتي يأمن تقلباي األسعار ،والبائع يستفيد من قيمة الخيار.
وميكن أن يستأنس لصحة هذه العقود بالقياس عىل جواز خيار الرشط،
()3
وجواز بيع العربون كام تقدم ىف أدلة املذهب الثاين.
) )1االختياراي ،محمد مختار السفمى ،مرجع سابق ،177/7واالختياراي ملحمد صديق الرضير،
مرجع سابق ،200/7الخدماي امل ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي،
د /يوسف بن عبدالله الشبيىل 238/2وما بعدها.
) )2القواعد النورانية الفقهية ،صاا ،261إعفم املوقعني ،البن القيم .259/1
) )3الخدماي امل ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي ،د /يوسف بن
عبدالله الشبيىل .240/2املعامفي املالية أصالة ومعارصة .559/13
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1753 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
القول املختار
بعد عرض األقوال بأدلتها ،ومناقشة ما ورد عليه مناقشاي من تلك األدلة،
إن القول املختار هو القول الثالث القائل بالجواز عىل التفصيل ،مع توا ر
الضوابط والرشوط املشار إليها ،وذلك؛ ألن األصل ىف العقود الصحة واإلباحة ،كام
أن الناس بحاجة إىل هذه العقود املستحدثة ،متى أمكن تصحيحها هو أوىل من
ر ضها كلياً ،وإذا كان خيار الرشط أجيز عىل خفف األصل لحاجة الناس إليه،
عقود االختيار الحديثة تتوا ر يها نفس الحاجة مع تقدم العصور ،وتجدد
املعامفي وتنوعها يكون أدعى للقول بالجواز ما أمكن تفادى املحظوراي التى
يشتمل عليها العقد .والله أعلم
أثر مرشوعية عقود االختيار ىف اإلسهام ىف إدارة املخاطر ومعالجتها
الغالب يف التعامل بعقود االختيار أن تتم بأحد طريقني:
-1طريق هيئاي مخصوصة هي (األسواق املالية) بواسطة سامرسة محصورين
يجمعون رغباي الرشاء والبيع بني أطراف غري معروف بعضها لبعض ،ويجرون
االرتباط بني املتوا ق من االختياراي.
-2أو بواسطة متعاملني بها خارج األسواق املالية التي تؤدي خدمة الضامن
( )1
لحقوق األطراف امللتزمة بالتنفيذ يف حينه.
والطريقة األوىل هى األكرث شيوعاً ىف التعامفي املالية املعارصة ومن
خفلها تسطيع املؤسساي امل ية التغلب عىل املخاطر التى ميكن أن تهدد كيانها
يفهم ذلك من خفل املثال التايل:
يتصور للتقريب بأن يشرتي ( بنك م ) وثيقة خيار لرشاء خمسني وحدة
من القمح املوصوف وصفاً دقيقاً بثمن قدره 1000دوالر للوحدة ،ألجل ثفثة أشهر
يتسلمها بشيكاغو ومثن االختيار 500دوالرا ( .بنك م ) هذا إذا كان اختياره يف
أمريكا إنه من يوم رشائه للوثيقة إىل نهاية الشهر الثالث له أن يطلب من الطرف
) )1عقود االختياراي ،إعداد ،أ.د /وهبة مصطفى الزحييل ،منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي
الدوىل .170/7
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1754
املقابل أن ميكنه مام اشرتاه ،هو إذا وجد أن سعر الوحدة من القمح قد بلغ عند
انتهاء األجل 1100دوالر إنه يستعمل حق الخيار ،ويكون قد ربح يف الصفقة 4500
دوالرا ،إذ هو يشرتي القمح حسب وثيقة الخيار بخمسني ألف دوالر ،50000
ويضيف إىل ذلك ما د عه مثنا لوثيقة الخيار 50.500 = 50.000 + 500ويربح إذن
( 4.500 = 50.500 - )50 × 1100وإذا وجد أن الثمن مل يتعد 1010دوالرا ً للوحدة
إنه ال يستعمل حق الخيار إذ ال يستفيد منه ،وخسارته ال تتجاوز مثن رشاء خيار
الرشاء ،والقضية بالعكس ،هو إذا اشرتى خيار بيع إن وجد أن األمثان نزلت عن
مجموع الثمن املتفق عليه مضا اً إليه مثن الخيار قام بحقه يف البيع ،وإن وجد
األمثان مل تنخفض أو زادي ألغي حقه يف الخيار وتكون خسارته محدودة بالثمن
( )1
الذي د عه يف وثيقة الخيار.
ما الفائدة من عملية التعاقد السابقة؟ تفسري ذلك أن الشاري ( بنك م )
كان يتوقع ارتفاع السعر وق 1000دوالرا ً للوحدة قبل انتهاء رتة التعاقد ،وهو
بذلك يحقق ربحاً لو صدق توقعه ،وعىل النقيض من ذلك ،إن البائع كان يتوقع أال
يصل السعر قبل انتهاء مدة التعاقد إىل 1000دوالر للوحدة ،وهو بنا ًء عىل ذلك
سيحقق ربحاً لو صح توقعه .واالحتامل اآلخر أن كفً من البائع واملشرتى قد
()2
استخدما عقد الخيار كأداة للتحوط ضد املخاطر.
الفرع الثاين :املشاركة املتناقصة ودورها يف إدارة املخاطر
املشاركة املتناقصة من املعامفي املالية املعارصة والتى تعد إحدى طرق
التمويل امل ية الحديثة واملهمة ،والتى تعتمد عليها كثري من البنوك واملصارف
يف تعامفتها حيث حققت مصلحة كل من املؤسسة املالية واأل راد ،وكانت أداة
ناجحة من أدواي االستثامر املعارصة ،والتى أ رزتها الصناعة املالية الحديثة.
كام أنه ال ينبغي أن يغيب عن بالنا أن املشاركة املتناقصة هي عقد متوييل
يقصد منه تقديم بديل للتمويل القائم عىل أساس القرض الربوي ،وهو ظاهرة
) )1االختياراي ،ضيلة الشيخ محمد املختار السفمي ،مفتي الجمهورية التونسية منشور مبجلة
مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل .170/7
) )2املشتقاي املالية ،سمري ضوان ،مرجع سابق صاا.158
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1755 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
أثارتها عىل املستوى الرشعي البنوك اإلسفمية يف سعيها لتنويع البدائل عن الربا
من عقود يسرتبح يها باملال مبا يتوا ق مع أحكام الرشيعة الغراء.
مفهوم املشاركة املتناقصة :عر ت املشاركة املتناقصة بعدة تعريفاي من بينها:
-تعريف د /نزيه حامد أنها " :هي اتفاق طر ني عىل إحداث (إنشاء) رشكة ملك
بينهام يف مرشوع أو عقار أو منشأة صناعية أو غري ذلك ،عىل أن تنتهي بانتقال
( )1
حصة أحد الرشيكني (املمول) إىل اآلخر تدريجياً بعقود بيع مستقلة متعاقبة".
-وقد عر ها بعض الفقهاء املعارصين أنها" :رشكة يعطي امل ف يها الحق
للرشيك يف الحلول محله يف امللكية ،د عة واحدة ،أو عىل د عاي حسبام تقتضيه
()2
الرشوط املتفق عليها".
-وعر ها املجمع الفقهى الدوىل أنها" :معاملة جديدة تتضمن رشكة بني طر ني
يف مرشوع ذي دخل يتعهد يها أحدهام برشاء حصة الطرف اآلخر تدريجا ً
()3
سواء كان الرشاء من حصة الطرف املشرتي يف الدخل أم من موارد أخرى".
الحكم الفقهى للمشاركة املتناقصة
اختلف الفقهاء حول مرشوعية املشاركة املتناقصة وكان خف هم عىل قولني:
القول األول :مرشوعية املشاركة املتناقصة مع مراعاة الضوابط الرشعية ملثل
هذا النوع من املشاركاي )4(،وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء املعارصين منهم:
) )1املشاركة املتناقصة وأحكامها ،يف ضوء ضوابط العقود املستجدة ،الدكتور نزيه كامل حامد،
بحث منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمى ع.928 /13
) )2املعامفي املالية املعارصة ،د /محمد عثامن شبري ،ط /دار النفائس ،صا.339
) )3موقع مجمع الفقهى الدوىل عىل االنرتنت الدورة الخامسة عرشة:
http://www.iifa-aifi.org/2146.html
) )4وهذه الضوابط نص عليها قرار مجمع الفقه الدوىل حيث جاء يه ما نصه:
"املشاركة املتناقصة مرشوعة إذا التزم يها باألحكام العامة للرشكاي ،وروعيت يها الضوابط
اآلتية:
أ -عدم التعهد برشاء أحد الطر ني حصة الطرف اآلخر مبثل قيمة الحصة عند إنشاء الرشكة ،ملا
يف ذلك من ضامن الرشيك حصة رشيكه ،بل ينبغي أن يتم تحديد مثن بيع الحصة بالقيمة
═
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1756
()4
د/وهبة الزحيىل )1(،د/نزيه حامد )2(،د /حسن عىل الشاذىل )3(،عبدالسفم العبادى،
( )7
د /عجيل جاسم النشمى )5(،د /عبدالستار أبوغدة )6(،ود /محمد عثامن شبري،
═
السوقية يوم البيع ،أو مبا يتم االتفاق عليه عند البيع.
ب -عدم اشرتاط تح ّمل أحد الطر ني م و اي التأمني أو الصيانة وسائر امل و اي ،بل
تح ّمل عىل وعاء املشاركة بقدر الحصص.
ج -تحديد أرباح أطراف املشاركة بنسب شائعة ،وال يجوز اشرتاط مبلغ مقطوع من األرباح أو
نسبة من مبلغ اإلسهام.
د -الفصل بني العقود وااللتزاماي املتعلقة باملشاركة.
ها -منع النص عىل حق أحد الطر ني يف اسرتداد ما قدمه من إسهام ( متويل ) .والله أعلم
يراجع :بحث نزيه حامد منشور مبجلة املجمع ،993/13الرشكة املنتهية بالتمليك وتطبيقاتها ىف
املصارف اإلسفمية ،صفح سعيد عبدالله املرزوقى،صااا ،85الرشكة املتناقصة ،عبدالله بن
يصل بن أحمد الفيصل بحث منشور مبجلة العدل ع 60السنة ،15شوال 1434هاا ،صااا.196
وقد اشرتط مؤمتر امل ف اإلسفمي بديب ثفثة رشوط لهذه املشاركة وهي:
-1أال تكون املشاركة املتناقصة مجرد عملية متويل بقرض ،ف بد من إيجاد اإلرادة الفعلية
للمشاركة ،وتقاسم الربح بحسب االتفاق ،وأن يتحمل جميع األطراف الخسارة.
-2أن ميتلك امل ف (البنك) حصته يف املشاركة ملكاً تاماً ،وأن يتمتع بحقه الكامل يف اإلدارة
والت ف ،ويف حالة توكيل الرشيك بالعمل؛ يحق للبنك مراقبة األداء ومتابعته.
-3أال يتضمن عقد املشاركة املتناقصة رشطا يقيض بأن يرد الرشيك إىل البنك كامل حصته يف
رأس املال ،باإلضا ة إىل ما يخصه من أرباح ،ملا يف ذلك من شبهة الربا.
املعامفي املالية املعارصة ،وهبة الوحيىل صاا ،436مناقشاي املجمع ع،1018 ،1013/13
املعامفي املالية املعارصة ،محمد عثامن شبري صااا.342
) )1املعامفي املالية املعارصة ،وهبة الزحيىل صاا.436
) )2نزيه كامد حامد مرجع سابق بحث منشور مبجلة املجمع الفقهى الدوىل .934 /13
) )3املشاركة املتناقصة وصورها يف ضوء ضوابط العقود املستجدة ،األستاذ الدكتور حسن عيل
الشاذيل ،بحث منشور مبجلة املجمع الفقهى الدوىل .875 /13
) )4عبدالسفم العبادى مرجع سابق .947 /13
) )5عجيل جاسم النشمي بحث منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمى ع.991 /13
) )6مناقشاي أعضاء مجمع الفقه الدوىل منشورة مبجلة املجمع ع.1032 /13
) )7املعامفي املالية املعارصة ،د /محمد عثامن شبري ،صاا.341
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1757 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
( )1
وآخرون ،وهو ما ذهب إليه مجمع الفقه اإلسفمى الدوىل.
القول الثاىن :حرمة املشاركة املتناقصة ،وعدم جواز التعاقد والتعامل بها،
وهو ما ذهب إليه د /عىل السالوس ،الشيخ /حسني كامل ،الشيخ عبداللطيف آل
()2
محمود.
سبب الخالف :يرجع سبب الخفف بني الفقهاء املعارصين يف حكم هذه
املعاملة إىل االختفف ىف الوقوف عىل حقيقة هذا العقد ،وجدية البنك يف املشاركة
ومقصده ،وهل هو مجرد عملية متويل بقرض ربوى؟ أم تتحقق يه عملية اإلرادة
الفعلية للمشاركة من الحصول عىل األرباح وتحمل الخسائر.
من رأى أن املشاركة املتناقصة مجرد ستار تختفى وراءها عملية متويل
بقرض ربوى ،وأن امل ف ليس لديه نية حقيقة للدخول يف التعاقد ،وال البقاء يف
املرشوع بقرينة بيع حصته إىل الرشيك اآلخر من بداية التعاقد قال بعدم جوازها،
ومن رأى أن العقد قد اكتملت أركانه ،ورشوطه ،وخف من املحاذير الرشعية،
()3
وروعيت يه الضوابط املذكورة قال بصحته وجوازه.
أدلة القول األول :استدل القائلون بالجواز عىل ماذهبوا إليه مبا يىل:
-1األدلة العامة عىل جواز الرشكة ومنها قوله تعاىل ﴿ :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾
()4
) )1موقع مجمع الفقهى الدوىل عىل االنرتنت الدورة الخامسة عرشة ،قرار رقم :)15/2( 136
http://www.iifa-aifi.org/2146.html
) )2تراجع أقوالهم ىف مناقشاي وتعقيباي مجمع الفقهى الدوىل بشأن املشاركة املتناقصة مجلة
املجمع ع ،1036 ،1035 ،1026 /13ويراجع أيضا :املعامفي املالية املعارصة أصالة ومعارصة /15
.135
) )3مام يدل عىل هذا ويؤكده أن كثريا من الباحثني اشرتطوا من بني الضوابط التى يجوز بها
هذا العقد :أال تكون مجرد عملية متويل بقرض .وأال يكون هذا العقد مجرد حيلة للتوصل إىل
محرم .يراجع :املشاركة املنتهية بالتمليك كام يجريها بيت التمويل األمريىك ( ال ربا ) دراسة
نقدية ىف ظل املعايري الرشعية ،د /أحمد الصويعى شلبيك صا.349
) )4سورة النساء من اآلية ( .) 12
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1758
ﯟ﴾( )1وقوله ( :يقول الله -عز وجل :-أنا ثالث الرشيكني ما مل
()2
يخن أحدهام صاحبه ،إذا خان خرجت من بينهام).
وجه الداللة :دلت هذه األدلة عىل مرشوعية الرشكة ،واملشاركة املتناقصة نوع
من الرشكة يف الجملة كانت مرشوعة.
-2هذه الرشكة تعترب من رشكة العنان( ،)3اقرتن بها رشط صحيح بالوعد بالبيع أو
مناف للرشع ،ومل يرد يف شأنه ٍ ٍ
مناف ملقتىض العقد ،وال اإلجارة وهذا غري
نص خاص مينعه ،أو يصادم قاعدة عامة قطعية؛ ألن الرشيك حر الت ف يف
نصيبه ،وال يوجد يف الرشع ما مينع من متليك الرشيك حصته يف املستقبل
لرشيكه سواء كان ذلك د عة واحدة أم عىل د عاي؛ ألن الرشكة عقد غري الزم،
له يف أي وقت الخروج من الرشكة.
املناقشة :نوقش هذا الدليل بااااأن :هناك رقًا واض ًحا بني أن تكون النية
مبيت ًة من البداية للتخارج ،ومرتب لها ،ومنصوص عليها كرشط أسايس داخل العقد
نفسه ،وبني أن يع َّن ألحد الرشكاء التخارج بعد بداية النشاط لوقوع أحداث جديدة
مل يكن يتوقعها من قبل ،ف شك أن كف الرشيكني يف عقد الرشكة يحق لهام
إبداء الرغبة يف التخارج يف أي وقت شاءا بعد بداية التعاقد ،أما أن ينص عىل
هذا التخارج ،وعىل بيع حصة أحد الرشيكني للرشيك اآلخر بنفس القيمة االسمية
كرشط مسبق داخل العقد نفسه ،أو يف إقرار أو يف وعد ملزم مصاحب للعقد من
البداية هذا ضامن واضح من الرشيك املشرتي للرشيك املتخارج ،وهو ما يأباه
عقد الرشكة باتفاق العلامء يف كل ع وم .
-3األصل يف املعامفي الصحة واإلباحة( ،)1وكون الرشكة تجمع بني عقود مختلفة
كالرشكة والبيع ،واإلجارة ف يوجد ما مينع من اجتامع هذه العقود يف عقد
واحد سواء أكانت هذه العقود متفقة األحكام أم مختلفة األحكام ،طاملا استوىف
كل عقد منها أركانه ورشائطه الرشعية ،وسواء أكانت هذه العقود من العقود
الجائزة أم من العقود الفزمة أم منهام م ًعا ،وإمنا املمنوع من اجتامع هذه
العقود إذا كان الرشع قد نهى عن هذا االجتامع ،أو كان يف اجتامعها توصل
إىل ما هو محرم رش ًعا ،وهذا ال يوجد يف عقد الرشكة املتناقصة ،لم مينع
()2
الرشع من اجتامع البيع والرشكة واإلجارة.
-4أهميتها ،وحاجة املستثمرين إليها سواء عىل مستوى امل ف أم الفرد ،حيث
تعد أحد أدواي االستثامر الهامة يف الع الحارض ،يتجنب بها املستثمر الربا،
وتحقق له كثري من الغاياي والفوائد التى قد ال تتحقق يف الرشكاي املعهودة،
أضف إىل ذلك ضامنها تو ري رؤوس األموال ،وتحمل املخاطرةا وتوزيع
()3
الخسائر .ومن املعلوم أن من أسس الرشيعة اإلسفمية ر ع الحرج.
أدلة القول الثاىن :استدل القائلون بعدم مرشوعية املشاركة املتناقصة بجملة
أدلة منها ما يىل:
-1قياس املشاركة املتناقصة عىل بيع الو اء( ،)4بجامع البيع باشرتاط عودة امللك
لصاحبه كام أن بيع الو اء محرم ،املشاركة املتناقصة مثله.
يقول د /عىل السالوس" :هذا أسوأ من بيع الو اء .يعني إن مل يكن هو صورة
من بيع الو اء هو أسوأ من بيع الو اء ،ألن اآلخر ملتزم مببلغ يد عه ،إمنا يف بيع
()5
الو اء إن مل يرد العني ف يد ع شيئا".
) )1مجموعة الفوائد البهية عىل منظومة القواعد الفقهية للقحطاين ،صاا.75
) )2املعامفي املالية أصالة ومعارصة للشيخ ذبيان بن محمد ،161/ 15املعامفي املالية املعارصة،
وهبة الزحيىل صا ،436املعامفي املالية املعارصة ،محمد عثامن شبري صااا.341
) )3املشاركة املتناقصة وتطبيقاتها املعارصة ،مرجع سابق صاا.73
) )4بيع الو اء معناه :أن يبيع السلعة للمشرتي بالذي له عليه من الدين عىل أنه متى قضاه الدين
عادي إليه السلعة .معجم لغة الفقهاء صاا ،115القاموس الفقهى صاا.384
) )5مجلة مجمع الفقه اإلسفمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسفمي بجدة .1036 /13
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1760
يف عرض املشاركة املتناقصة املطروح للمناقشة إال كونه مثاالً ألحد مناذج بيوع
( )1
العينة التي نهى الفقهاء عنها".
املناقشة :نوقش هذا الدليل بأن العينة يها بيعان أحدهام حال ،واآلخر
مؤجل ،وهذه املشاركة املتناقصة ليس يها عقد بيع ،وإمنا يها عقد مشاركة ،ثم
يحصل البيع بعدئذ ،وهو يحصل أيضً ا بالقيمة السوقية ،أما بيع العينة إن هناك
زيادة يف البيع املؤجل عن البيع الحال ،وهي التي يوجد بها عن الفائدة ،وكون
أحد الطر ني يريد الحصول عىل الربح أي مانع يف الرشع من ذلك؟ إذا كان
يريد الحصول عىل الربح ،واآلخر يريد الحصول عىل امللكية الكاملة بالتدريج،
ليس هناك ما مينع هذه الرغباي إذا كانت و ق أحكام الرشيعة وعقودها
()2
وضوابطها.
قائف :ليس هناك عفقة ويستبعد ضيلة الشيخ عيل محيى الدين شبه العينةً ،
بني موضوع الرشكة املتناقصة وبيع العينة ،بيع العينة بني طر ني ،وهذا بني عدة
أطراف ،وبيع العينة يف نفس الوقت ،وهذا بعد وقت طويل ،وبيع العينة ال بد أن
يكون السعر مل يتغري ،وهنا يف الغالب تتغري األسعار ،لذلك ال تتوا ر يف عقد
( )3
الرشكة املتناقصة صور بيع العينة ،ينبغي أن تستبعد هذه الشبهة.
-4اشرتاط أحد الرشيكني عىل الرشيك اآلخر يف العقد نفسه من البداية رشاء
حصته منه يعني اشرتاط ضامن هذه الحصة يف رأس املال بقيمتها االسمية ولو
مل يتعد أو يفرط ،ويف هذا يقول الدكتور حسني كامل همي" :إذا أراد أحد
الرشكاء التخارج من الرشكة هو يبيع حصته الشائعة التي امتلكها إما للغري،
وإما إىل باقي الرشكاء املستثمرين يف الرشكة ،وهذا كله جائز يف حالة ما إذا
تم التخارج وبيع الحصة دون رشط مسبق ،عىل سبيل املثال يقول ابن قدامة
()4
" :وإن اشرتى أحد الرشيكني حصة رشيكه منه جاز".
أما إذا اشرتط أحد الرشيكني عىل الرشيك اآلخر يف العقد نفسه من البداية
رشاء حصته منه كأنه اشرتط ضامن هذه الحصة يف رأس املال بقيمتها االسمية
دون تعد ،يفسد العقد عند من يقول :إن الرشط الفاسد يفسد الرشكة ،ويفسد
( )1
الرشط عند من يقول بأن الرشط الفاسد ال يفسد العقد"
املناقشة :نوقش هذا الدليل بأن الضوابط التى وضعها الفقهاء املجيزون قد
صانت العقد من مثل هذه الرشوط الفاسدة إذا طبقت تلك الضوابط كان العقد
صحيحا.
جاء يف قرار املجمع الفقهى الدوىل ما نصه " :املشاركة املتناقصة مرشوعة
إذا التزم يها باألحكام العامة للرشكاي ،وروعيت يها الضوابط اآلتية:
أ -عدم التعهد برشاء أحد الطر ني حصة الطرف اآلخر مبثل قيمة الحصة عند
إنشاء الرشكة ،ملا يف ذلك من ضامن الرشيك حصة رشيكه ،بل ينبغي أن يتم
تحديد مثن بيع الحصة بالقيمة السوقية يوم البيع ،أو مبا يتم االتفاق عليه عند
()2
البيع".
()3
-5املشاركة املتناقصة يها إضا ة البيع إىل املستقبل ،وقد ذهب جمهور الفقهاء
إىل عدم جواز إضا ة عقد البيع إىل زمن مستقبل؛ ألنها متليك ،وقد أمكن
تنجيزها للحال ،ف حاجة إىل اإلضا ة ،بخفف اإلجارة وما شاكلها؛ ألنه ال
ميكن متليكها للحال؛ ألن املنفعة تتجدد ،ساعة ساعة ،عىل حسب وجود املنفعة
()4
وحدوثها.
وبناء عليه إن املشاركة املتناقصة ال تجوز ،أصلها عدم جواز البيع املضاف
) )1املعامفي املالية أصالة ومعارصة للشيخ ذبيان بن محمد .154/ 15
) )2موقع مجمع الفقهى الدوىل عىل االنرتنت الدورة الخامسة عرشة ،قرار رقم :)15/2( 136
http://www.iifa-aifi.org/2146.html
) )3مرشد الحريان إىل معر ة أحوال اإلنسان محمد قدري باشا صاا ،42رشح ال ُّزرقاين عىل
مخت خليل ،8/5 ،كفاية النبيه يف رشح التنبيه البن الر عة ،72/9الكايف يف قه اإلمام
أحمد.12/2 ،
) )4تبيني الحقائق للزيلعى .148/5
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1763 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
إىل املستقبل.
املناقشة :ميكن مناقشة هذا الدليل بأن الحنابلة يف الرواية الثانية( )1لهم وهو
قول عند الحنفية( )2صححوا البيع املعلق عىل رشط ،ومعلوم لنا أنه إذا كان العقد
املعلق عىل رشط صحيحا ،بناء عىل هذا ،والتعليق إمنا يكون عىل أمر محتمل
الوقوع ،إنه إذا أضيف العقد إىل أمر محقق الوقوع ،وهو الزمن املستقبل ،إنه
( )3
يكون صحيحا من باب أوىل.
القول املختار:
وبعد عرض املذهبني بأدلتهام ومناقشة ما أمكن مناقشته من األدلة إىن
أختار ما ذهب إليه جمهور الفقهاء املعارصين أصحاب املذهب األول والذين ذهبوا
إىل جواز املشاركة املنتهية بالتمليك ( املشاركة املتناقصة ) مع رضورة االلتزام
بالضوابط التى اشرتطوها للجواز لتفادى املحظوراي الرشعية ،وذلك لألسباب
التالية:
-1إن ىف هذا االختيار تنشيطًا ألداة من أدواي التمويل التى تقوم عليها
املؤسساي املالية مام يفيد االستثامر ،وينعكس عىل اإلنتاج ،ومن خفله تدور
عجلة التنمية.
-2كام أنه يفيد األ راد والدول واملؤسساي التى تعجز عن رشاء حاجاتها عن
طريق البيع.
-3يه ر ع للحرج عن األمة ىف معامفتها املالية ،ور ع الحرج أساس من أسس
الرشيعة الغراء.
) )1يراجع :الفروع ال بن مفلح ،47/4كتاب العقود البن تيمية صاا ،227بحث أ.د /حسن عىل
الشاذىل مبجلة مجمع الفقه الدوىل .894/13
) )2يراجع :الفتاوى الهندية .142/3
) )3املشاركة املتناقصة وصورها يف ضوء ضوابط العقود املستجدة ،األستاذ الدكتور /حسن عيل
الشاذيل ،مجلة مجمع .894/13
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1764
) )1املشاركة املتناقصة ،طبيعتها وضوابطها الخاصة ،الدكتور عبد السفم العبادي بحث منشور
مبجلة املجمع الفقهى ع.945 /13
) )2عجيل جاسم النشمي مرجع سابق ،بحث منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمى ع.971 /13
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1765 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
للحر يني ،وأصحاب الصناعاي البسيطة ،إن هذا يعمل عىل زيادة الدخل،
ويؤدى إىل اعتامد املجتمعاي املحلية عىل القدراي الذاتية ،وير ع العبء عن
( )1
الحكوماي.
الفرع الثالث :التوريق املرصىف ودوره يف إدارة املخاطر
مام أ رزته الهندسة املالية املعارصة ملعالجة املخاطر والحد منها ما يسمى
بالتوريق امل ىف ،ومن املعلوم أن الدائن يصري بالتوريق ذا نقود سائلة (ورق) بعد
أن كان مجرد صاحب دين مؤجل يف ذمة الغري ،وكذا سائر من انتقلت إليه ملكية
ذلك الصك.
هذا وقد اكتسبت وثائق تداول الديون أهمية كربى يف أسواق املال العاملية
ىف السنواي األخرية ،حيث تحت الباب عىل م اعيه لتداول الديون واستثامر
()2
األموال يف هذا السبيل امليرس املنظم.
وبذلك ميكن أن تجرى عليه عملياي التبادل والتداول املختلفة ،وينقلب إىل
نقود سائلة حارضة بعد أن كان مجرد التزام يف ذمة املدين.
وقد توسعت هذه العملياي حتى صار أغلب الديون قابلة للتنضيض بهذه
الطريقة ،مبا يف ذلك الديون عىل الدول (دول العامل الثالث) للبنوك الدولية ،وال
يلزم أن يكون لها وثائق مثل األسهم والسنداي ،بل كثريا ً ما تبقى عىل صفة قيود
محاسبية يف د اتر املؤسساي املعنية ،وتتداول بينهم بواسطة الكمبيوتر.
مفهوم التوريق املرصىف:
يعنى مصطلح التوريق امل ىف ىف أبسط صوره" :الحصول عل األموال
باالستناد إىل الديون امل ية القامئة ،وذلك عن طريق خلق أصول مالية جديدة"
وبعبارة أخرى إن مصطلح التوريق يعنى "تحويل املوجوداي املالية من املقرض
()3
األصىل إىل األخرين ،والذى يتم غالباً من خفل الرشكاي املالية".
) )1املشاركة املتناقصة وتطبيقاتها املعارصة ،البنك اإلسفمى األردىن منوذجا ،صااا.35
) )2بيع الدين أحكامه -تطبيقاته املعارصة ،أ .د /نزيه كامل حامد منشور مبجلة مجمع الفقه
اإلسفمي الدوىل.92/11
) ) 3التوريق كأداة مالية حديثة ،د عدنان الهندى وآخرون ،نرش /األكادميية العربية للعلوم املالية
═
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1766
وعر ه نزيه حامد أنه" :جعل الدين املؤجل يف ذمة الغري -يف الفرتة ما بني
( )1
ثبوته يف الذمة وحلول أجله -صكوكاً قابلة للتداول يف سوق ثانوية".
كام عرف التوريق أنه" :أداة مالية مستحدثة تفيد قيام مؤسسة مالية بحشد
مجموعة من الديون املتجانسة واملضمونة كأصول ،ووضعها ىف صورة دينٍ واح ٍد
معز ٍز ائتامنياً ،ثم عرضه عىل الجمهور من خفل منشأة متخصصة لفكتتاب ىف
شكل أوراق مالية قابلة للتداول تقليفً للمخاطر ،وضامناً للتد ق املاىل املستمر
()2
للسيولة النقدية للبنك".
وجميع التعريفاي املذكورة للتوريق وإن اختلفت صياغتها إال أن مدلولها
واحد ،حيث تتناول األصول محل التوريق وعملية نقلها لرشكة التوريق التى تصدر
بها سنداي ،وطرحها عىل املستثمرين لفكتتاب يها بالرشاء .كام يتبني من خفل
التعاريف السابقة أن من أهداف و وائد التوريق امل يف الحد من املخاطر التى
تواجه املؤسسة املالية بتو ري السيولة املادية .كام تفيد تلك التعريفاي أن التوريق
هو عملية بيع للديون بشكل منظم ىف صورة صكوك أو سنداي ،وأن هذه السنداي
قابلة للتداول.
إجراءات التوريق املرصىف وخطواته:
تتم عملية التوريق امل ىف طبقاً للخطواي التالية:
أ -متَ لُّك املؤسسة البادئة لألصل محل التوريق ،إن التوريق يتم بتحويل أحد
األصول التى متلكها املؤسسة إىل رشكة التوريق لتصدر عنها أوارق مالية
تطرحها لفكتتاب العام ،ولذلك إنه البد من وجود أصل تتو ر يه بعض
الرشوط من كونه له موعد استحقاق متوسط أو طويل األجل وتتو ر له
ضامناي حتى ميكن توريقه.
ب -عملية رز وتجميع (حشد) مكوناي هذا األصل ىف حزم ٍة واحد ٍة تتشابه يها
═
وامل ية ،صا.39
) )1بيع الدين أحكامه -تطبيقاته املعارصة ،أ .د /نزيه كامل .92/11
)) 2التوريق ىف الرشيعة اإلسفمية وتطبيقاته عىل بعض الدول العربية ،محمد أحمد غانم ،نرش/
املكتب الجامعى الحديث2009 ،م ،صاا.8
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1767 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
) )1التوريق ىف الرشيعة اإلسفمية وتطبيقاته عىل بعض الدول العربية ،محمد أحمد غانم ،صا.23
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1768
( )1
يجوز إل ضائه إىل الربا ،وهو ما ذهب إليه املالكية.
القول الثالث :يجوز بيع الدين لغري املدين بثمن حال مطلقاً ،برشط خلوه
من الربا ،وانتفاء عدم القدرة عىل التسليم ،وهو ما ذهب إليه الحنابلة( )2ىف رواية،
()4
والشا عية ىف املعتمد( ،)3واختاره شيخ اإلسفم ابن تيمية ،وتلميذه ابن القيم.
واختاره من املعارصين ،محمد سعيد رمضان البوطى( ،)5والصديق الرضير( ،)6ونزيه
حامد( ،)7وابن عثيمني( ،)8ودبيان بن محمد الدبيان )9(.وآخرون.
تحرير محل النزاع :أجمع الفقهاء عىل عدم جواز بيع الدين بالدين وهو
═
يباع بغري جنسه ،وأن ال يقصد ببيعه رضراً بأال يكون بني املدين واملشرتى عداوة لئف يتسلط
رضا مق ًرا بالدين الذي
عليه ،وأن يكون الثمن نقداً ،وأن يكون الغريم الذي بيع الدين عليه حا ً
عليه ،لئف يقع الغرر والتخاطر يف العقد بالجهل مبا يجري عىل الغريم يف ذمته ،وجواز
جحوده ملا عليه ،وأال يكون الدين من النقدين حتى ال يقع الربا ىف ال ف لعدم التقابض.
رشح التلقني للقاىض عبدالوهاب ،239/2مواهب الجليل يف رشح مخت خليل .368/4
واخت الدكتور وهبة الزحيىل هذه الرشوط ىف رشطني هام :أال يؤدى البيع إىل محظور
رشعى كالربا والغرر .الثاىن :أن يغلب عىل الظن الحصول عىل الدين .يراجع :بيع الدين ىف
الرشيعة اإلسفمية ،أ.د /وهبة الزحييل ،مركز النرش العلمى ،جامعة امللك عبدالعزيز صااا.28
) )1املدونة ،7/3القوانني الفقهية البن جزى الكلبى ،صاا ،191 ،169التاج واإلكليل للمواق ،523/6
رشح رزوق البن أىب زيد.762/2
) )2املغنى .360/4
) )3نهاية املطلب ،102 ،26/7الوسيط للغزاىل ،461/3مغنى املحتاج .466/2
) )4مجموع الفتاوى ،506/29إعفم املوقعني .264/263،3/1
) ) 5ضوابط وتحقيقاي :بيع العربون ،السلم ،تداول الديون ،أ.د /محمد سعيد رمضان البوطي،
صا.17
) )6بيع الدين ،أ.د /الصديق محمد األمني الرضير ،منشور ضمن عدد من البحوث املقدمة
للمجمع الفقهى صاا ،82وصاا.121
) )7قضايا قهية معارصة ىف املال واالقتصاد ،أ.د /نزيه حامد ،ط /دار القلم -دمشق ،األوىل،
صا.208
) )8املنتقى من رائد الفوائد ،محمد بن صالح بن محمد العثيمني (ي 1421ها) ،النارش :دار
الوطن للنرش ،الرياض ،صاا.164
) )9املعامفي املالية أصالة ومعارصة ،دبيان بن محمد الدبيان مرجع سابق .115/3
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1770
النسيئة بالنسيئة ،أو الدين املؤخر بالدين املؤخر ،ومعناه أن يكون الدينان مؤجلني،
ألن يه انشغاالً للذمتني هو التزام بف ائدة ،ويعربون عنه بالكاىلء بالكاىلء،
والكالئ :هو املؤخر الذي مل يقبض ،كام لو أسلم شيئاً يف يشء يف الذمة ،وكفهام
( )1
مؤخر ،هذا ال يجوز ،باالتفاق ال سيام إذا كان الدينان من األموال الربوية.
قال ابن املنذر" :وأجمعوا عىل أن بيع الدين بالدين ال يجوز"( ،)2وقال ابن
القطان " :وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم عىل أن بيع الدين بالدين ال
()3
يجوز".
سبب الخالف ويعود سبب الخفف بني الفقهاء ىف هذه املسألة إىل ما ييل:
أوالً :مدى تحقق الربا ىف بيع الدين لغري املدين من عدمه ،من رأى أنه باب من
أبواب الربا ،منعه ،ومن رأى أنه ليس ربا ،وال يفىض إليه أجازه.
ثانيا :اختف هم ىف حقيقة الدين هل ميكن اعتباره ماالً أم ال؟ من اعتربه ماال
أجاز بيعه ،ومن اعتربه حقاً منع بيعه .قال الزركىش" :هل يجوز بيع الدين
من غري من عليه الدين إن قلنا " إنه " مال جاز ،أو حق ،ف؛ ألن الحقوق
()4
ال تقبل النقل إىل الغري".
أدلة املذهب األول القائل باملنع مطلقاً:
أوالً :أدلتهم من القرآن:
-1قوله تعاىل﴿ :ﭩﭪﭫ ﭬﭭﭮﭯﭰ﴾
()5
) )1موسوعة اإلجامع يف الفقه اإلسفمي ،631/2وإعفم املوقعني ،264/3بيع الدين ىف الرشيعة
اإلسفمية ،أ.د /وهبة الزحييل ،صااا.34
) )2اإلجامع ،محمد بن إبراهيم بن املنذر النيسابوري ،تحقيق ودراسة :د .ؤاد عبد املنعم أحمد،
النارش :دار املسلم للنرش والتوزيع ،الطبعة :األوىل لدار املسلم 1425 ،ها2004 /م صاا.96
) )3اإلقناع يف مسائل اإلجامع ،عيل بن محمد بن عبد امللك الكتامي الحمريي الفايس ،أبو
الحسن ابن القطان (ي 628ها) ،املحقق :حسن وزي الصعيدي ،النارش :الفاروق الحديثة
للطباعة والنرش ،الطبعة :األوىل 1424 ،ها 2004 -م.234/2 ،
) )4املنثور يف القواعد الفقهية للزركىش .161/2
) )5سورة النساء من اآلية (.)29
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1771 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
وجه الداللة :حيث نهى الشارع الحكيم ىف اآلية عن أكل أموال الناس
بالباطل ،وهذا النوع من البيع يه أكل ألموال الناس بالباطل ،ملا يه من عدم
القدرة عىل التسليم الذى يفىض إىل ضياع الحقوق .قال ابن حزم عن بيع الدين" :
( )1
وهذا هو أكل ما ٍل بالباطل"
املناقشة :ونوقش االستدالل بهذه اآلية بأنها عامة ،وال تدل عىل ما ذكر حيث
()2
إن الدين ثابت ىف ذمة املدين ،وهو مقر به ،وذمته مشغولة به عىل كل حال.
ثانياً :أدلتهم من السنة:
()3
-1عن ابن عمر " :--أن النبي - -نهى عن بيع الكالئ
()4
بالكالئ".
وجه الداللة :ىف الحديث النهى عن بيع النسيئة بالنسيئة وهو الدين بالدين،
مثل أن يبيع الرجل دينه عىل آخر بدين للمشرتي عىل ذلك املديون أو غريه،
()5
واملقتيض للنهي ما يه من الغرر ،دل عىل املنع.
املناقشة :نوقش الحديث بأنه ضعيف ضعفه الحا ظ ابن حجر العسقفىن
وغريه )6(.وقال النووى" :رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد ضعيف مداره عىل
( )1
موىس بن عبيدة الزيدى وهو ضعيف".
وعىل رض صحة الحديث املعنى املتفق عليه ىف النهى هو أن يكون
الدينان مؤجلني؛ ألن يه انشغاالً للذمتني بدون ائدة ،كام لو أسلم شيئاً يف يشء
يف الذمة ،وكفهام مؤخر ،هذا ال يجوز ،باالتفاق )2(.أما ىف هذه الحالة إن
الدين يباع بثمن حا ٍل يكون مباحاً.
-2عن أيب سعيد الخدري أن رسول الله - -قال " :ال تبيعوا الذهب
بالذهب إال مثفً مبثلٍ ،وال تشفوا بعضها عىل بعض ،وال تبيعوا الورِقَ بالورِقِ إال
()3
مثفً مبثلٍ ،وال تشفوا بعضها عىل بعض ،وال تبيعوا منها غائبًا بناجزٍ".
وجه الداللة :املراد بالناجز الحارض وبالغائب املؤجل ،والحديث يفيد تحريم
بيع الذهب بالذهب أو بالفضة مؤجفً ،وكذلك الحنطة بالحنطة أو بالشعري وكذلك
كل شيئني اشرتكا يف علة الربا )4(.وبيع الدين لغري املدين يه بيع الغائب بالناجز
يكون ممنوعاً.
املناقشة :قال النووى" :أما إذا باع دينارا ً بدينا ٍر كفهام يف الذمة ثم أخرج
كل واحد الدينار أو بعث من أحرض له دينارا ً من بيته ،وتقابضا يف املجلس
يجوز"( )5وهذا ما يحدث ىف بيع الدين لغري املدين بثمن حا ٍل أحد البدلني
مقبوض ىف مجلس العقد كان جائزا ً.
كام أن الحديث خاص باألصناف الربوية ،وأما بيع الدين كام يكون ىف
هذه األصناف يكون ىف غريها ،وما ىف الذمة يقوم مقام العني الحارضة كان
()6
رض.
رض بحا ٍ
هذا بيع حا ٍ
( )1
-3عن أيب هريرة قال" :نهى رسول الله --عن بيع الغرر".
وجه الداللة :الغرر هو ما طوي عنك علمه وخفى عليك باطنه ورسه ،وكل بيع
كان املقصود منه مجهوالً غري معلوم ،ومعجوزا ً عنه غري مقدور عليه هو غرر،
وإمنا نهى - -عن هذه البيوع تحصيناً لألموال أن تضيع ،وقطعاً
للخصومة ،والنزاع أن يقعا بني الناس يها )2(.وهذا ما قد يقع عند بيع الدين لغري
املدين.
املناقشة :نوقش االستدالل بهذا الحديث بأن الغرر يتحقق إذا كان الدين
مجهول القدر والصفة ،أما إذا كان معلوماً ف غرر.
ثالثاً :دليلهم من املعقول:
-1إن الدائن ال يقدر عىل تسليم املبيع للمشرتى؛ ألن الدين ىشء متعلق بذمة
املدين وهو غري مقدور للدائن ،وقد يجحد املدين الدين أو مياطل ،أو يكون
معرسا ً يتعذر تخليص الدين منه ،وبهذا يكون الدين غري مقدور عىل تسليمه،
هو كبيع الطري ىف الهواء ،والعبد اآلبق ،والجمل الشارد مام ال يقع تحت
ت ف البائع وقدرته ،وما ال يقدر عىل تسلميه ف يجوز بيعه ملا يه من
()3
املخاطرة.
املناقشة :يجاب عن ذلك من وجهني:
سلم؛ ألن عدم القدرة عىل تحصيل الدين -عىل رض الوجه األول :أنه غري م ٍ
وجوده -نادر ،والنادر ال حكم له.
الوجه الثاين :أنه إذا تعذر الحصول عليه كان عي ًبا يثبت به الفسخ كسائر
()4
العيوب.
) )1أخرجه مسلم 3/5ح ،1513ك /البيوع ،ب /باب بطفن بيع الحصاة والبيع الذي يه غرر.
) )2معامل السنن للخطايب .88/3
) )3مغنى املحتاج للرشبينى ،466/2تح العزيز برشح الوجيز ،3/10 ،439/8والربا واملعامفي
املالية املعارصة يف نظر الرشيعة اإلسفمية للدكتور /عمر بن عبدالعزيز املرتك ،ط /دار
العاصمة للنرش والتوزيع ،صا.300
) )4املطلع عىل دقائق زاد املستقنع "املعامفي املالية" ،عبد الكريم بن محمد الفحم ،النارش :دار
═
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1774
-2إن املدين قد يجحد الدين أو مياطل أو يكون معرسا ً ،يتعذر تخليص الدين
( )1
منه.
املناقشة :ونوقش هذا االستدالل :بأن الخوف من الجحود واملامطلة قد يوجد
يف أي معاملة مالية ،وال يحكم ببطفنها خو اً من وقوعهام ،ثم إن هناك رشوطاً
()2
منها :اإلقرار بالدين.
وأجيب :بأنه وإن أقر اليوم يمكن أن ينكر غدا ً ،ريجع األمر إىل البينة
()3
بإقراره ،يحصل عىل رشاء خصومة وال رق.
-3إن الدين يف ذمة املدين مجهول ،إذ الواجب عىل املدين أن يؤدى عند حلول
األجل أى ىشء ينطبق عليه صفة الدين ،وقد يكون ما سيؤديه مل يخلق بعد
()4
كان مجهول العني وعىل هذا يكون يه غرر وجهالة ف يصح بيعه.
ونوقش هذا االستدالل :بأنه غري صحيح؛ ألن الدين محدد معلوم .إن كان
()5
غري معلوم كان عدم الصحة للجهل باملبيع ال لكونه دينًا.
أدلة املذهب الثاين القائل بالتفريق بني دين السلم وغريه:
وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة من السنة واألثر ،واملعقول نستعرضها
يام يىل:
═
كنوز إشبيليا للنرش والتوزيع ،الرياض -اململكة العربية السعودية ،الطبعة :األوىل 1429 ،ها -
2008م .125/2
) )1الدين وأحكامه يف الرشيعة االسفمية للدكتور /محمد حسان يوسف صا 330رسالة دكتوراة
مقدمة لجامعة أم القري كلية الرشيعة والدراساي 1406ها 1986م الربا واملعامفي املالية
املعارصة صا ،300نقف عن بيع الدين وتطبيقاته املعارصة ،د محمد سعد إبراهيم النادى
صا.37
) ) 2بيع الدين أحكامه وتطبيقاته املعارصة للباحث /خالد محمد تريان صا ،37بيع الدين
وتطبيقاته املعارصة ،د محمد سعد إبراهيم النادى صاا.37
) )3املحىل .487/7
) )4الربا واملعامفي املالية املعارصة ،د عمر املرتك ،صاا.300
) )5املطلع عىل دقائق زاد املستقنع .125/2
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1775 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
املناقشة :ونوقش هذا االستدالل بأن هناك رقاً بني بيع الدين للمدين وبني
بيعه لغريه ،حيث إن ذمة املدين كالحارض ،وال يخىش منه الجحود والنكران،
( )1
بخفف بيعه لغري املدين.
لشخص ميلك حق الت ف بها ،واالستعاضة ٍ -3كل عني تعلقت بها امللكية املستقرة
عنها ،وميلك أن يطرح قيمتها يف أسواق التداول ،كام يصح بيعها ممن عليه
()2
الدين أو من غريه.
-4عدم وجود دليل صحيح رصيح ىف النهى عن بيع الدين ،وإمنا الوارد هو النهى
عن بيع الكاىلء بالكاىلء واملراد به ما ذكرناه من بيع دين مؤجل بدين مؤجل؛
ألنه يتضمن شغل ذمتني بف ائدة.
قال ابن القيم " :ليس عن الشارع نص عام يف املنع من بيع الدين
بالدين ،وغاية ما ورد يه حديث و يه ما يه« :أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ»
والكالئ :هو املؤخر ،وهذا كام إذا كان رأس مال السلم ديناً يف ذمة املسلِ ِم ،هذا
هو املمنوع منه باالتفاق؛ ألنه يتضمن شغل الذمتني بغري مصلحة لهام ،وأما إذا
كان الدين يف ذمة املسل َِم إليه اشرتى به شيئا يف ذمته قد سقط الدين من
()3
ذمته وخلفه دين آخر واجب هذا من باب بيع الساقط بالواجب ،يجوز".
القول املختار :بعد عرض األقوال وأدلتها ،ومناقشة ما ورد عليه مناقشاي من
األدلة إنه يتبني ىل -والله أعلم -رجحان القول الثالث القائل بالجواز مطلقاً إذا
خف العقد من الربا ،وعدم القدرة عىل التسليم ،وال مانع من مراعاة ما ذكره
املالكية من رشوط وضوابط لهذا التعامل للبعد عن أى غرر ورضر أو وقوع ىف
محرم ،وإمنا اخرتي هذا القول لألسباب التالية:
أوالً :األصل ىف البيع الحل حتى يرد دليل املنع ،وأدلة املانعني تتصف بالعموم ،وقد
تحقق قبض أحد البدلني ،واإلغراق ىف الشكلية ال معنى له.
) )1بيع الدين أحكامه وتطبيقاته املعارصة ،خالد محمد تربان ،صاا.37
) )2ضوابط وتحقيقاي :بيع العربون ،السلم ،تداول الديون ،صااا.17
) )3إعفم املوقعني ،264/3ويراجع :بيع الدين بالدين ،دراسة مقارنة ،د هيام السحاموى ،بحث
منشور مبجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية و االقتصادية ،ع 1العام 2017م ،صاا.499
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1778
ثانياً :الدين مال مملوك مستقر ىف ذمة املدين قابل للتداول كسائر األموال،
ومادام املدين حارضا ً مقرا ً به ،هو مقدرو التسليم يجوز بيعه.
ثالثاً :املنفعة املتحققة للدائن (املؤسسة املالية) بتحصيل الدين ،وتو ري السيولة
الفزمة ،وتدويرها واالستفادة منها ،والرشيعة جاءي لتحقيق املصالح،
وتقليل املفاسد.
رابعاً :هذا القول يتفق مع أصول وقواعد الرشيعة التى ترمى إىل التيسري ،ور ع
الحرج ،ورعاية املصالح برشط خلو العقد عن الربا.
خامساً :طرح عني مالية يف سوق التداول ،عقد من العقود املالية التي ترتتب عىل
اإليجاب والقبول برشوطهام املعرو ة ،وإن طرح صاحب املال ماله يف سوق
التداول إيجاب من صاحب املال ،واالكتتاب الذي يتم مبوجبه هذا الطرح
قبول من املكتتب ،أو هام مبثابة اإليجاب والقبول هو عقد صحيح مكتمل
األركان .والله أعلم
أثر مرشوعية التوريق املرصيف ىف اإلسهام ىف إدارة املخاطر ومعالجتها
يتبني أثر مرشوعية التوريق امل يف ىف اإلسهام ىف إدارة املخاطر من
خفل ما ييل:
حاجة امل ف إىل عملية التوريق ال تعدو واحدة من األمور التالية:
األمر األول :تباطؤ السيولة ،وضعفها يف سوق اإلنتاج ،األمر الذي يدعو إىل
استخراج النقود املخبوءة يف الذمم ،وضخها يف أسواق املعامفي املالية .وإمنا
سبيل ذلك طرح ما يف الذمم من ديون حال العجز عن و ائها يف أسواق التداول.
وهو يف الحقيقة نوع من التوريق سائغ ال إشكال يه.
األمر الثاين :اللجوء إىل االستدانة يكون يف الغالب سب ًيف لتنشيط عملياي
ريا ما تتحول إىل عامل تجميد وإرباك .والنا ذة التي يتم التحرز اإلنتاج ،ولكنها كث ً
بها عن هذا العامل هو طرح هذا الدين يف سوق التداول.
األمر الثالث :مجرد قصد التجارة عند بعضهم مصحوبًا برغبة الدائن يف
رسعة الحصول عىل دينه .ويتخذ لذلك السبيل التايل :يبيع الدين بعد أن يجعله يف
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1779 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
كثري من األحيان صكوكًا ،بأقل من قيمته الحقيقية ،يستفيد البائع صاحب الدين
ما قصد إليه من رسعة الحصول عىل حقه ،ويستفيد املشرتي للدين رق ما بني
القيمة الحقيقية لألسهم ،والقيمة التي اشرتى األسهم بها .وهذا دخول يف عملية
ربوية محرمة.
تلك هي حاجة صاحب الدين (امل ف) التى تد عه إىل طرح دينه يف سوق
التداول.
ولكن ام هي حاجة املشرتي ( م ف آخر أو رد ) يف أن يقبل عىل هذا
الدين املطروح جملًة أو صكوكًا ،ليشرتيه؟
ال تبدو للمشرتي أي حاجة يف أن يتجاوب مع حاجة امل ف أو املؤسسة
املالية صاحبة الدين لتحقيق رغبته املتمثلة يف األمر األول واألمر الثاين اللذين تم
بيانهام .أما ائدة املشرتي لدى استجابته لألمر الثالث ،واضحة وموجودة ،ولكن
اإلقدام عىل نيلها محرم باالتفاق إذ هو من الربا املحرم .وال شك أن كفً من البائع
واملشرتي يشرتكان يف تحمل هذا اإلثم .إذن أين وكيف تظهر ائدة املشرتي يف
اإلقدام عىل رشاء صكوك الديون يف سوق التداول دون أن يتورط من جراء ذلك
يف ارتكاب محرم؟ والجواب يتجىل ويتحقق يف الحاالي الكثرية التالية:
يعجز املدين عن الو اء بدينه الكبري الذي استدانة من مؤسسة مالية للقيام
مبرشوع تجاري أو استثامري .يخري الجهة الدائنة بني اإلنظار إىل امليرسة ،وبني
أن يدخله معه رشيكًا باملبلغ الذي أقرضه إياه .يتفق معه الدائن عىل هذا الحل
الثاين.
إذا طرح امل ف دينه الذي أدخله رشيكًا مع املدين يف مرشوعه يف سوق
التداول ،إن حق الدخول يف هذه الرشكة يرسي آليًا إىل كل من يؤول إليهم هذا
الحق املايل عن طريق رشائه جملة أو عن طريق رشاء صكوك منه ،وعندئذ ينالون
ما حققته صكوكهم من األرباح ويتحملون ما قد تتعرض له من خرسان.
وهذا ما يجعل صكوكهم مبثابة السلعة القابلة لكل من الصعود والهبوط يف
السعر ،عىل أن يكون العامل يف ذلك ارتباط الصكوك بالعملية التجارية أو
االستثامرية ،والحاالي التي تتقلب يها .وليس يف هذا شائبة ربا ما دامت
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1780
موجوداي الرشكة وأرباحها ليست من األجناس الربوية كام أنه ليس يه شائبة بيع
دين بدين ،ما دامت قيمة الصكوك مد وعة عند الرشاء .ومدار األمر عىل وجود
( )1
ضامنة رشعية كا ية لنيل قيمة الصكوك ور الرغبة يف نيلها.
وبهذا تسهم عملية التوريق امل ىف يف إدارة املخاطر من خفل تحويل
الدين إىل أموال نقدية ميكن استثامرها لتدر ربحا ً وتعالج مشكلة السيولة لدى
املؤسساي املالية.
) )1ضوابط وتحقيقاي :بيع العربون ،السلم ،تداول الديون ،ضوابط وتحقيقاي ،صااا.19 :18
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1781 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
الخــاتــمة
وتشتمل عىل أهم النتائج والتوصيات
أوالً :النتائج :بعد دراسة هذا املوضوع تبني ىل عدة نتائج من أهمها ما
يىل:
-1ظهري الهندسة املالية للوجود كمصطلح حديث يف منتصف الثامنيناي ،بهدف
إعانة رشكاي األعامل يف مواجهة املخاطر ،أما من حيث الواقع ،الصنااعة
املاالية وجِدي منذ أن جاءي الشاريعة اإلسافمية بأحكامها املط ّهرة.
-2ظهري الحاجة يف الع الحديث إلدارة املخاطر من أجل الخسائر التى ميكن
أن تتعرض لها املؤسساي املالية ،مع حاجتها لتحقيق أرباح زائدة عن طريق
ابتكار منتجاي جديدة.
-3هناك مجموعة من الوظائف واملهام التى تضطلع بها إدارة املخاطر منها-:رصد
الخطر وتحديده- .قياس املخاطر من أجل التحكم بها-.السيطرة عىل الخطر-
الرقابة واملراقبة عن طريق املتابعة والتأكد أن املخاطر ضمن الحد املقبول.
-4توجد مجموعة من األهداف تعىس إدارة املخاطر إىل تحقيقها منها-:الفهم
الكامل للمخاطر املحيطة بامل ف-.التوصل إىل أنسب وسيلة للسيطرة عيل
الخطر-.ضامن كفاية املوارد ىف حالة وقوع الخطر وترتب خسارة عالية.
-5هناك أدواي مالية جديدة قدمها الفكر الرأساميل املعارص مل تكن مجرد طفرة
يف أداء األسواق املالية ،وإمنا كانت ثورة يف صيغ وأساليب وأساليب التعامل
يف تلك األسواق منها :عقود الخياراي.
-6عقود الخياراي الحديثة تعترب عقودا حادثة متاما ً وال عهد للعامل ،وال للفقهاء
بها ،وال تشبه عقد الخيار التقليدى يف الفقه اإلسفمي.
-7تعترب املشاركة املتناقصة من إ رازاي الهندسة املالية والتى تعد بديفً عن
القرض الربوى ،كام أنها تدر ربحاً وعائدا ً عىل املؤسسة املالية التى تتعامل بها،
وقد اخرتي القول القائل بجواز التعامل بها برشوطه وضوابطه.
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1782
-8يعد التوريق امل ىف من بيع الديون وهو بيع الدين لغري من هو عليه بثمن
حال ،وقد رجحنا القول القائل بجواز بيعه وتداوله برشط خلوه من الربا وعدم
القدرة عىل التسليم.
ثانياً :التوصيات:
أوىص الباحثني بالعناية بدراسة مشاكل املؤسساي واملصارف املالية واقرتاح
حلول وبدائل مرشوعة تسهم يف نجاح تلك املؤسساي وتعمل عىل إزالة العقباي
التى تواجهها نظرا ً ملا تقوم به املصارف واملؤسساي املالية من دور عال يف
املجتمع.
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1783 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
املصادر واملراجع
مرتبة حسب حروف املعجم
-1اإلجامع ،محمد بن إبراهيم بن املنذر النيسابوري ،تحقيق ودراسة :د .ؤاد عبد املنعم
أحمد ،النارش :دار املسلم للنرش والتوزيع ،الطبعة :األوىل لدار املسلم 1425 ،ها2004 /م.
-2أحكام السوق املالية ،ضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الرشيف ،أستاذ بكلية الرشيعة
جامعة الكويت ،بحث منشور مبجلة كلية الرشيعة والدراساي اإلسفمية ،جامعة الكويت
مج8ع 18العام 1992م.
-3االختياراي ،إعداد /ضيلة الدكتور الصديق محمد األمني الرضير ،أستاذ الرشيعة
اإلسفمية ،كلية القانون -جامعة الخرطوم ،منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل.
-4االختياراي ،دراسة قهية تحليلية مقارنة ،إعداد ،عبد الوهاب ابراهيم أبو سليامن منشور
مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل.
-5االختياراي ،ضيلة الشيخ محمد املختار السفمي ،مفتي الجمهورية التونسية منشور مبجلة
مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل.
-6االختياراي يف األسواق املالية ،يف ضوء مقرراي الرشيعة اإلسفمية ،إعداد ،الدكتور عبد
الستار أبو غدة منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل.
-7إدارة املخاطر ،تحليل قضايا ىف الصناعة املالية اإلسفمية ،طارق الله خان ،حبيب أحمد،
صادر عن املعهد اإلسفمي للبحوث والتدريب التابع للبنك اإلسفمي للتنمية -جدة اململكة
العربية السعودية.
-8إدارة املخاطر ،املشتقاي املالية ،الهندسة املالية ،تأليف :أ.د /بن عىل بلعزوز ،أ.د/
عبدالكريم قندوز ،أ.د /عبدالرزاق حبار ،دار /الوراق للنرش والتوزيع.
-9إدارة املخاطر يف املصارف االسفمية ،إعداد :أ.د /غالب عوض الر اعي ،وأ .يصل صادق،
ورقة مقدمة للمؤمتر العلمي الدويل السنوي السابع بعنوان :إدارة املخاطر واقتصاد
املعر ة ،جامعة الزيتونة األردنية ،كلية االقتصاد والعلوم االدارية 18 - 16نيسان (ابريل)
2007م.
-10إدارة املخاطر ىف املصارف اإلسفمية .حالة األردن ،د /رانية زيدان شحادة العفونة،
رسالة ماجستري ،كلية الرشيعة والدراساي اإلسفمية ،جامعة الريموك ،األردن.
-11استخدام الهندسة املالية اإلسفمية يف إدارة املخاطر باملصارف اإلسفمية ،د /بن عيل
بلعزوز ،ود /عبدالكريم قندوز ،ورقة مقدمة للمؤمتر العلمي الدويل السنوي السابع
بعنوان :إدارة املخاطر واقتصاد املعر ة ،جامعة الزيتونة األردنية ،كلية االقتصاد والعلوم
االدارية 18 - 16نيسان (ابريل) 2007م.
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1784
-12أسنى املطالب رشح روض الطالب للعفمة زكريا بن محمد بن زكريا األنصاري ط /دار
الكتاب اإلسفمى.
-13األسهم ،االختياراي -املستقبلياي ،أنواعها واملعامفي التي تجري يها ،إعداد الدكتور
محمد عيل القري بن عيد ،منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل.
-14إعفم املوقعني عن رب العاملني ،محمد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن
قيم الجوزية (املتوىف751 :ها) ،تحقيق :محمد عبد السفم إبراهيم ،النارش :دار الكتب
العلمية -يريوي ،األوىل.
-15اإلقناع يف مسائل اإلجامع ،عيل بن محمد بن عبد امللك الكتامي الحمريي الفايس ،أبو
الحسن ابن القطان (ي 628ها) ،املحقق :حسن وزي الصعيدي ،النارش :الفاروق
الحديثة للطباعة والنرش ،الطبعة :األوىل 1424 ،ها 2004 -م.
-16آلياي تنشيط سوق لسطني لألوراق املالية ىف ضوء منتجاي الهندسة املالية ،خالد محمد
نصار ،رسالة ماجستري مقدمة ىف كلية التجارة جامعة غزة2006 ،م.
-17اإلنصاف لإلمام عىل بن سليامن بن أحمد املرداوى ي 885ها ط /دار إحياء الرتاث
العريب.
-18البحر الرائق رشح كنز الدقائق لزين الدين إبراهيم بن نجيم ي 970ها .ط /دار الكتاب
اإلسفمي.
-19بدائع الصنائع يف ترتيب الرشائع ،لعفء الدين ،أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساين
الحنفي ،ط /دار الكتب العلمية ،الطبعة :الثانية.
-20بداية املجتهد أليب الوليد أحمد بن محمد بن رشد الحفيد ي 595ها دار إحيار الرتاث
العريب.
-21البعد املقاصدى لدور املخاطرة ىف االقتصاد اإلسفمي ،رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه
ىف العلوم اإلسفمية ،تخصص قه وأصول ،إعداد /جميلة قارش ،كلية العلوم االجتامعية
والعلوم اإلسفمية ،جامعة الحاج لخرض ،باتنة -الجزائر.
-22البيان والتحصيل أليب الوليد أحمد بن محمد بن رشد الجد ي 520ها ط /دار الغرب
اإلسفمى الطبعة األويل تحقيق /أحمد الرشقاوى.
-23بيع الدين أحكامه -تطبيقاته املعارصة ،أ .د /نزيه كامل حامد منشور مبجلة مجمع الفقه
اإلسفمي الدوىل.
-24بيع الدين وسنداي القرض ،وبدائلها الرشعية ،يف مجال القطاع العام والخاص ،د /محمد
عيل القري بن عيد منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمي الدوىل.
-25تحفة املحتاج يف رشح املنهاج لإلمام أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي ط /دار إحياء
الرتاث العريب.
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1785 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
-26تقييم املخاطر ىف البنوك التجارية ،دراسة حالة بنك الففحة والتنمية الريفية ،مذكرة
مقدمة بكلية العلوم االقتصادية بجامعة الدكتور يحي ارس بالجزائر إعداد :خالدى
زينب ،و بوسوف ايزة.
-27تهذيب اللغة ،محمد بن أحمد بن األزهري الهروي ،أبو منصور (ي 370ها) ،املحقق:
محمد عوض مرعب ،النارش :دار إحياء الرتاث العريب -بريوي ،الطبعة :األوىل2001 ،م.
-28الثمر الداىن رشح رسالة القريواين لإلمام صالح عبد السميع األيب األزهرى .ط /املكتبة
الثقا ية.
-29حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري ،محمد بن أحمد بن عر ة الدسوقي املاليك (ي
1230ها) ،ط /دار الفكر.
-30الخدماي امل ية الستمثار أموال العمفء وأحكامها ىف الفقه اإلسفمي ،د /يوسف بن
عبدالله الشبيىل العام 2002م.
-31الخياراي ىف الفقه اإلسفمي ،أ.د /السيد حا ظ خليل السخاوى صاا ،116ط /الرابعة.
-32دور املراجعة الداخلية ىف إدارة املخاطر ،دراسة ميدانية ىف املصارف السورية ،رسالة
مقدمة لنيل درجة املاجستري ىف املحاسبة ،إعداد /شادى صالح البجريمي ،كلية االقتصاد-
جامعة دمشق 2011م.
-33الربا واملعامفي املالية املعارصة يف نظر الرشيعة اإلسفمية للدكتور /عمر بن عبدالعزيز
املرتك ،ط /دار العاصمة للنرش والتوزيع.
-34روضة الطالبني وعمدة املفتني ،أبو زكريا محيي الدين يحيى بن رشف النووي تحقيق:
زهري الشاويش ،ط /املكتب اإلسفمي ،بريوي -دمشق -عامن ،الطبعة :الثالثة.
-35زاد املعاد يف هدي خري العباد ،محمد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن
قيم الجوزية (ي 751ها) ،مؤسسة الرسالة ،بريوي -مكتبة املنار اإلسفمية ،الكويت،
الطبعة :السابعة والعرشون 1415 ،ها 1994/م.
-36سنن أىب داود لسليامن بن األشعث السجستاىن ي 275ها ط /دار الفكر تحقيق محمد
محى الدين عبد الحميد.
-37سنن الرتمذى ألىب عيىس محمد بن عيىس الرتمذى ي 279ها ط /دارإحياء الرتاث
العرىب ،بريوي ،تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون.
-38صحيح البخارى ألىب عبد الله محمد بن إبراهيم بن إسامعيل البخارى ي 256ها ط /دار
ابن كثري الياممة ،بريوي ،الطبعة الثالثة ،تحقيق د /مصطفى ديب البغا.
-39صحيح مسلم ألىب الحسني مسلم بن الحجاج النيسابورى ي 261ها ط /دار إحياء الرتاث
العرىب ،بريوي ،تحقيق محمد ؤاد عبد الباقى.
-40صناعة الهندسة املالية نظراي ىف املنهج اإلسفمي.،د /سامي السويلم.
العدد الرابع عرش -فرباير 2023 مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1786
-41ضوابط وتحقيقاي :بيع العربون ،السلم ،تداول الديون ،أ.د /محمد سعيد رمضان البوطي.
-42عقود االختياراي ،إعداد ،ضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحييل ،منشور مبجلة مجمع
الفقه اإلسفمي الدوىل.
-43العني ،أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن متيم الفراهيدي الب ي (ي
170ها) ،تحقيق :د مهدي املخزومي ،د إبراهيم السامرايئ ،النارش :دار ومكتبة الهفل.
-44قضايا قهية معارصة ،أ.د /محمد سعيد رمضان البوطي ،ط /مكتبة الفارايب ،األوىل.
-45قضايا قهية معارصة ىف املال واالقتصاد ،أ.د /نزيه حامد ،ط /دار القلم -دمشق ،األوىل.
-46مجلة مجمع الفقه اإلسفمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسفمي بجدة.
-47املجموع رشح املهذب ،أبو زكريا محيي الدين يحيى بن رشف النووي (ي 676ها)
النارش :دار الفكر.
-48مجموع الفتاوى ،تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراين (ي
728ها) املحقق :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ،النارش :مجمع امللك هد لطباعة
املصحف الرشيف ،املدينة النبوية ،اململكة العربية السعودية ،عام النرش1416 :ها1995/م.
-49املحىل باآلثار ،أبو محمد عيل بن أحمد بن سعيد بن حزم األندليس الظاهري ،املحقق:
عبدالغفار سليامن البنداري ،دار الفكر -بريوي.
-50مرشد الحريان إىل معر ة أحوال اإلنسان محمد قدري باشا (املتوىف1306 :ها) ط/
املطبعة الكربى األمريية ببوالق ،الثانية.
-51املستصفى ،أبو حامد محمد بن محمد الغزايل الطويس (ي 505ها) ،تحقيق :محمد عبد
السفم عبد الشايف ،ط /دار الكتب العلمية ،األوىل1413 ،ها 1993 -م.
-52مسند أحمد لإلمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباىن ي 241ها ط /مؤسسة قرطبة.
-53املشاركة املتناقصة ،طبيعتها وضوابطها الخاصة ،الدكتور عبد السفم العبادي ،بحث
منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمى.
-54املشاركة املتناقصة وأحكامها ،يف ضوء ضوابط العقود املستجدة ،الدكتور نزيه كامل
حامد ،بحث منشور مبجلة مجمع الفقه اإلسفمى.
-55املشاركة املتناقصة وتطبيقاتها املعارصة ،البنك اإلسفمى األردىن منوذجا ،إعداد الباحث/
نور الدين عبدالكريم الكواملة وما بعدها ،الجامعة اإلسفمية العاملية ماليزيا.
-56املشتقاي املالية ودورها ىف إدارة املخاطر ،ودور الهندسة املالية ىف صناعة أدواتها،
دراسة مقارنة بني النظم الوضعية وأحكام الرشيعة اإلسفمية ،أ.د /سمري عبدالحميد
رضوان ،دار النرش للجامعاي ،األوىل2005 ،م.
املعامفي املالِية أصالة ومعارصة ،أبو عمر دبْ َيانِ بن محمد ال ُّدبْ َيانِ ،ط /مكتبة امللك هد
َ -57
الوطنية ،الرياض -اململكة العربية السعودية ،الثانية.
الهندسة املالية ودورها يف إدارة املخاطر
1787 الفقه املقــارن ومعالجتهاااا يف املعاااامفي امل يااااة
40- The financial engineering industry takes a look at the Islamic curriculum, Dr. Sami
Al-Suwailam.
41- Controls and investigations: sale of Al-Arbon, Al-Salam, debt trading,
A.D./Mohammed Said Ramadan Al-Buti.
42- Contracts of Choices, by His Excellency Dr. Wahba Mustafa Al-Zahaili, published in
the Journal of the International Islamic Fiqh Academy.
43- Al-Ain, Abu Abdul Rahman Al-Khalil Bin Ahmed Bin Amr Bin Tamim Al-Farahedi
Al-Basri (T170 H), Investigation: Dr. Mahdi Al-Makhzumi, Dr. Ibrahim Al-
Samarrai, Publisher: Al-Hilal House and Library.
44- Contemporary jurisprudence issues, A. D. Mohamed Said Ramadan Al-Buti, T. Al-
Farabi Library, I.
45- Contemporary Jurisprudence in Finance and the Economy, A. D. Nazih Hammad, T.
Dar Al-Qalam, Damascus, I.
46- The OIC Islamic Fiqh Academy Journal in Jeddah.
47- Total The polite Abu Zakariya Mohieddin Yahya bin Sharaf Al-Nawawi (676h)
Publisher: Dar Al-Fikr.
48- Total Fatwas: Taqi Al-Din Abu Al-Abbas Ahmad Bin Abd Al-Halim Bin Taymiyyah
Al-Harani (C728H) Investigator: Abd Al-Rahman Bin Muhammad Bin Qasim,
Publisher: King Fahd Complex for the Printing of the Holy Quran, Prophetic City,
Saudi Arabia, Year of Publication: 1416 H/1995.
49- Local antiquities official: Abu Muhammad Ali bin Ahmed bin Said bin Hazm al-
Andalusi al-Zahiri, Investigator: Abdel Ghaffar Suleiman al-Bandari, Dar al-Fikr,
Beirut.
50- Murshid Al-Hiran to learn about the human condition of Muhammad Qadri Pasha
(Deceased: 1306H) I. Princess Printing House in Bulaq, II.
51- Al-Mustapha, Abu Hamid Muhammad bin Muhammad al-Ghazali al-Tusi (505
A.H.), Investigation: Muhammad Abd al-Salam Abd al-Shafi, T. Dar al-Kutub al-
Alami, 1413 A.H.-1993.
52- Musnad Ahmad al-Imam Ahmad bin Muhammad bin Hanbal al-Shibani
(241H)/Cordoba Foundation.
53- Diminished participation, of its own nature and regulations, Dr. Abdessalam Al-
Abadi, Research published in the Journal of the Islamic Fiqh Academy.
54- Diminishing participation and its provisions, in light of the new contract regulations,
Dr. Nazih Kamal Hammad, published research in the Journal of the Islamic Fiqh
Academy.
55- Declining participation and its contemporary application, Islamic Bank of Jordan
2023 فرباير- العدد الرابع عرش مجلة قطاع الرشيعة والقانون 1792