Professional Documents
Culture Documents
9 2024 01 16!02 21 20 PM
9 2024 01 16!02 21 20 PM
المرحلة األولى
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
1
بسم هللا الرحمن الرحيم
ُك ا َن ْل َع َج ى َثُأن ٍر َك َذ ن ِّم م ُك ا َن ْقَل َخ ا َّن ِإ َيا َأُّيَها الَّناُس
ْم َو َو
ُك ا ْتَق َأ ُش وبًا َق اِئَل ِلَت ا ُفوا ِإَّن َأْك ُك ِع نَد الَّلِه
ْم َر َم ْم َع َر ُع َو َب
َّل ِل
ِإَّن ال َه َع يٌم َخ ِبيٌر
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
2
صدق اهلل العظيم
سورة الحجرات 13 :
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
3
المحتويات
الصفحة الموضوع
8-38 الفصل األول :مصادر التاريخ الجاهلي
9 النقوش والكتابات
10 التوراة والتلمود والتفاسير والشروح العبرانية
10 الكتب اليونانية والالتينية والسريانية
12 المصادر العربية االسالمية المدونة
16 الساميون
20 العرب
28 جغرافية شبه الجزيرة العربية
32 الحياة السياسية في الجزيرة العربية قبل االسالم
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
4
34 اليمن
36 الحياة السياسية في اليمن
39-89 الفصل الثاني :ممالك جنوب الجزيرة العربية
39 الدولة المعينية
43 الدولة القتبانية
45 دولة الحضارمة
47 مملكة أوسان
54 الدولة السبأية
59 الدولة الحميرية
72 مملكة كندة
79 مملكة لحيان
90-109 الفصل الثالث :بالد الشام قبل االسالم
91 دولة االنباط
96 دولة تدمر
104 دولة الغساسنة
110-149 الفصل الرابع :ممالك العراق قبل االسالم
111-129 نشؤ وتطور مملكة ميسان
130 الحضر
134 المناذرة
150-171 الفصل الخامس :مدن الحجاز
151 مدن الحجاز
159 مكة
162 يثرب
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
5
169 الطائف
172-269 الفصل السادس:الحياة االجتماعية في المجتمع الجاهلي
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
6
الفصل األول
مصادر التاريخ الجاهلي
يعتبر تاريخ العرب في العصTTر الجاهلي اضTTعف قسTTم كتبTTه المؤرخون العرب
عن أحداث تلك الحقبة من الزمن ،واغلب ما وصلنا عن تاريخ العرب الجاهلية ال يعدو
ان يكون أساطير وروايات خرافية وقصص شعبية ،وأخبTار اخذت عن اهTل الكتاب وال
سTTيما اليهود ،وأخرى وضTTعها االخبTTاريون في العصTTر االسTTالمي .وقد أسTTتمر االعتماد
على ه TT Tذه الموارد على أنها تاريخ الجاهلية ح TT Tتى القرن التاس TT Tع عشر ،حيث قام
المستشرقون بTTالبحث عن مصTTادر أخرى لهذا التاريخ ،ووجهوا اهتمامهم الى النقوش
والكتابTTات العربية الTTتي دونها العرب قبTTل االسTTالم ،فترجموا كثيرا من هTTذه النصTTوص
الى لغاتهم ،وعملوا على نشرها بالمسند وبالحروف الالتينية او العبرانية او العربية في
بعض االحيان وعلى استخالص ما ورد فيها من أمور متنوعة عن التاريخ العربي(.)1
) جواد علي ،المفصل في تاريخ العرب قبل االسالم ج ، 1ص. 123 _ 43_42 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
7
وبفض TTل ه TTذه الجهود ال TTتي ب TTذلها المستشرقون أمكن الحص TTول على أخب TTار دول
وأقوام عربية لم يرد لها ذكر في المص TTادر االس TTالمية الن اخب TTار تلك ال TTدول وأولئك
االقوام كانت قد انقطعت وطمس TTت قب TTل االس TTالم ،فلم تبلغ أه TTل األخب TTار ،ومما س TTاعد
المستشرقون على شرح الكتابTات الجاهلية وتفسTيرها .معرفتهم بلغTات عديدة كالعبرانية
والسTTريانية والبابلية .وكان للسTTياح الTTذين جابوا مواضTTع متعددة من جزيرة العرب وال
سيما القسم الغربي والجنوبي منها فضل كبير في بعث الحياة في الكتابTات الجاهلية ،فقد
أخذ اولئك السTياح بعض الكتابTات وصTTوروا البعض اآلخر ،وبفضTTل التعاون مع علماء
اللغTات الشرقية أمكن حTل رموز تلك الكتابTات ،واسTتطاعوا بTذلك تدوين ما توصTلوا اليه
من التاريخ الجاهلي الذي بين أيدينا االن ،وقد تجمعت مادتة من الموارد التالية(:)1
أ -النقوش والكتابات .
ب -التوراة والتلمود والكتب العبرانية االخرى .
ت -الكتب اليونانية والالتينية والسريانية ونحوها .
ث -المصادر العربية االسالمية .
() ماجد :التاريخ السياسي للدولة العربية ،ج 1ص - 15سالم ؛ دراسات ص. 16-15 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
8
تنحصر في الدراسات اللغوية .والقليل منها الذي تناول ذكر النواحي السياسية او الدينية
او االجتماعية او العلمية ،حTTتى النصTTوص العربية الجنوبية الTTتي تم العثور عليها حTTتى
االن ،تتحTT Tدث في أمور شخصTT Tية في الغTT Tالب ،كانشاء بيت ،أو بناء معبTT Tد ،أو بناء
سTTور ،أو شفاء من مرض ،ومع هTTذا فال يمكن اغفTTال أهميتها الكبTTيرة في تدوين تاريخ
. ()1
العرب الجنوبية ،فقد أمدتنا هذه النقوش باسماء عدد من الملوك
أما الكتاب TTات الثمودية واللحيانية والص TTفوية ،فانها عديدة اال انها قص TTيرة وفي
امور شخصية ،وفائدتها تنحصTر في اسTتخراج أسTماء بعض االصTنام وبعض المواضTيع
الحصTTول على اسTTماء بعض القبائل وغTTير ذلTTك من المعلومات الTTتي تلقي بعض الضTTوء
على التاريخ الجاهلي(.)2
ويالحظ ان جميع هذه الكتابات لم يؤرخ لها ،ولم يتمكن العلماء من تقويم ثابت
كان يستعمله العرب قبل االسالم مدة طويلة فقد كانوا يسTتعملون عدة طTرق في تاريخهم
للحTTوادث ،فأرخوا بحكم الملوك ،فيشيرون الى الحTTادث بانه حTTدث في ايام الملك فالن
أو في السTTنة كذا في حكم الملك فالن ،وكذلك كانوا يؤرخون بأيام الرؤوسTTاء وسTTادات
القبائل واربTT Tاب األسTT Tر ،وقد شاع هTT Tذا النوع من التاريخ عند المعينين والسTT Tبئيين
والقتب TT Tانيين وعند غ TT Tيرهم ،في مختلف انح TT Tاء جزيرة العرب ،ويظهر من النقوش
والكتاب TTات ال TTتي عثر عليها ان العرب الجنوب TTيين كانوا يس TTتعملون التقويم الشمس TTي في
الزراعة والتقويم القمري والنجمي َاي الذي يقوم على رصد النجوم (.)3
ب_ التوراة والتلمود والتفاسير والشروح العبرانية :
يعتبر التوراة_ وهTو كتاب اليهود المقدس _ أقدم المصTTادر غTير العربية لتاريخ
العرب قبTTل االسTTالم .فورد فيه ذكر العرب بعدد من االسTTفار عند الحTTديث عن عالقة
العبرانيين بTTالعرب في الفTTترة ما بين 750ق .م والقرن الثاني قبTTل الميالد ،كذلك جاء
. ()4
ذكر العرب في التلمود الذي يكمل أحكام التوراة
أما الف TTترة بين ال TTزمن ال TTذي انتهى فيه من كتاب TTه التوراة وال TTزمن ال TTذي ب TTدأ فيه
بكتاب TTة التلمود فيس TTتعان في تدوينها باألخب TTار ال TTتي أورده TTا بعض الكتاب وفي مقدمتهم
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
9
المؤرخ اليهودي ( يوس TTف فالفيوس) ال TTذي عاش بين 37م – 100م ،ومن المؤلف TTات
التي اشتملت على معلومات مهمة عن تاريخ العرب :كتاب باليونانية في تاريخ عادات
اليهود ،تنتهي حوادثة س TT Tنة 66م ،وكتاب في تاريخ ح TT Tروب اليهود من اس TT Tتيالء
انطيوخوس افيفTT Tانوس على القدس سTT Tنة 170ق.م الى االسTT Tتيالء عليها ثانية في عهد
طيطس عام 70م ،وقد ورد في هTTذه المؤلفTTات اخبTTار مفصTTلة عن عرب االنبTTاط الTTذين
كانوا في أيامه يقطنون في منطقة واسعة تمتد من نهر الفرات متاخمة لبالد الشام وممتدة
الى البح TT Tر االحمر ،وقد أهتم المؤرخ يوس TT Tف فالفيوس بعالقة العبرانيين بهؤالء
االنباط(.)1
ج _ الكتب اليونانية والالتينية والسريانية :
ورد في كتب التاريخ اليونانية والالتينية والس TTريانية ال TTتي ألفت قب TTل االس TTالم ،
معلومات هامة وذات قيمة كبTTيرة عن تاريخ العرب في العصTTر الجاهلي ،وقد اسTTتقى
مؤلفوه TTا معلوماتهم عن طريق المح TTاربين اليونان والرومان والتجار واص TTحاب الس TTفن
ال TTذين احتكوا ب TTالعرب .وكذلك الس TTياح ال TTذين اختلط TTوا بقبائل العرب أو أقاموا بينهم ،
والسيما في بالد االنباط .وقد كانت االسكندرية من اهم المراكز التي تعني بجمع أخبTTار
. ()2
العرب واحوالهم ومنتوجات بالدهم
واقدم من ذكر العرب من مؤرخي اليونان :أخيلس أو أيس TTكيلوس اليوناني (
456_525ق.م) ،وه TTيرودتس ( 425_480ق.م) ال TTذي ذكر العرب عند حديثه عن
الحرب بين فارس ومصر في عصر قمبTTيز ،والمؤرخ ثيوفراسTTتوس (287_371ق.م )
. ()3
،وايراتوستينس ( 194_276ق.م ) وديودورس الصقلي(40ق.م)
وممن ذكر العرب من الجغرافيين اليونان ووصTTفوا مدنهم وأحTTوالهم االجتماعية
واالقتصTTادية في الجزيرة الجغTTرافي سTTترابون (سTTترابو)(64ق.م _ 19م) وقد كتب هTTذا
الرحالTTة كتابTTا مهما باللغTTة اليونانية في سTTبعة عشر جزءا أسTTماه (جغرافيا) ،وقد أفرد
فص TTال خاص TTا من الكتاب الس TTادس عشر عن بالد العرب ذكر فيه مدائنهم وقب TTائلهم في
() المرجع نفسه ،المفصل ج 1ص 56؛ سالم دراسات ص .39 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
10
عهده ووص TTف اح TTوالهم التجارية ،وتح TTدث عما شاهده بنفس TTه عندما أشترك في حملة
(أوليوس غالوس)على اليمن سنة 24ق.م(. )1
ومنهم أيضTTا بطليموس الTTذي عاش في االسTTكندرية في القرن الثاني الميالدي .
وألف كتابا في الجغرافية عرف بجغرافية بطليموس وقد قسم فيه االقاليم بحسTب درجات
الطTT Tول والعرض وتحTT Tدث عن مدن العرب وقبTT Tائلهم وأحTT Tوالهم .ومنهم بلنيوس ( ت
79م) ،وهناك مؤلف يوناني مجهول وضع كتابا سماه (الطTTواف حTTول البحTTر األرتيري)
وص TTف فيه تطوافه في البح TTر االحمر وس TTواحل بالد العرب الجنوبية .ويعتقد بعض
العلماء ان الكتاب المذكور ألTTف في حTTوالي سTTنة 80م ،في حين يرى َاخرون أنه ربما
ألف في حوالي سنة( 225أو 210م) .وممن تحدث عن العرب أيضا نذكر :أريان (
175_95م) ،وهيروديان (250_165م) وهTTو مؤرخ سTTيرياني ألTTف في اليونانية كتابTTا
في تاريخ قياصرة الروم من وفاة القيصر ماركوس أوريليوس الى سنة 238م(. )2
المصادر النصرانية :تحتل هذه المصادر أهمية خاصTTة في تدوين تاريخ انتشار
النصرانية في بالد العرب وتاريخ القبائل العربية وعالقة هTTذه القبائل باليونان والفTTرس ،
وتمتاز هTT T Tذه المؤلفTT T Tات بTT T Tدقتها من الناحية التاريخية ،وقد كتب أغلبها باليونانية
والسTT Tريانية ،ومن أشهرها مؤلفTT Tات (أويسTT Tبيوس) (340_263م) ،واثناسTT Tيوس (_296
371م) وجيالسيوس (394_320م) أسقف قيصرية ،وروفينوس تيراتيوس (ت419م )
،والمؤرخ سTTقراط ،وكان من فقهاء الكنيسTTة ،وقد وردت في مؤلفاته اخبTTار عن بالد
العرب ،ومنهم المؤرخ س TT T Tوزومينوس( 443_400م ) ،وتيودوريث (،ت457م) ،
وزوسTTيموس ،وشمعون االرشامي صTTاحب (رسTTائل الشهداء الحميرين ) الTTتي تبحث في
تعذيب ذي نواس للنصارى في نجران ،وبروكوبيوس من رجال القرن السادس المالدي
. ()3
،ويوحنا مالال ( ت 578م ) وغيرهم
وهناك طائفTTة من المؤرخين النصTTارى من روم وسTTريان عاشوا في أيام الدولTTة
االموية والعباسTية وألفTوا في التاريخ العام وفي تواريخ النصTTرانية الى أيامهم ،وتحTدثوا
عن العرب في الجاهلية وفي االسTTالم ،وأكثر هTTذه المؤلفTTات أما مخطوطTTة أو مطبوعة
() جواد علي ،المفصل ،ج ، 1ص. 61_ 60_ 56 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
11
ولكنها نادرة النها طبعت منذ عشرات السTT Tنين ،كما أنها كتبت في لغاتها األصTT Tيلة
كاليونانية او الالتينية أو السريانية
()1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
12
تابعي التابعين (( .)1وهو ما يسمى بعلم (الجرح والتعديل) ،أو (علم الرجال) ،وهTTذا
العلم دقيق جليل القدر عظيم الفائدة ،يهدف الى خدمة السTTنة والكشف عن احTTوال
رواتها واحTTدا واحTTدا وتمييز الصTTادق من الكاذب والضTTابط من الTTواهم ،والموثوق
. ()2
بروايته من المطعون فيها )
ويمكن للب TTاحث االعتماد على المجموعات الص TTحاح في الح TTديث ،كالجامع
للبخاري (ت275ه) ،وصحيح مسلم (ت 262ه) ،وسنن أبي داود (ت 275ه) ،
وسنن الترمذي (ت279ه) ،وموطTTأ مالTTك (ت179ه) ،وابن ماجة (ت 273ه) ،
وهناك عدة شروح للبخاري ومس TTلم ،منها :النووي (ت667ه) ،وكتاب TTه شرح
صTT T Tحيح مس TT Tلم علي ه TT Tامش كتاب القس TT Tطالني :ارشاد الس TT Tاري لشرح صTT T Tحيح
البخاري ،والعسTقالني (ت852ه) :فتح البTاري بشرح صTTحيح البخاري ،والعيني
(ت : )855عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري(.)3
كتب التفس ير :تتض TTمن ه TTذه الكتب شروحا مفص TTلة لما ورد في القرَان الكريم من )3
أخبار مختصرة عن بعض االحTTداث في الجاهلية وعصTTر النبTTوة األول ،أو ما أغلق
علينا فهمه من معاني القرَان الكريم وتعابيره ،وقد نشأ التفسTTير في عصTTر النبي
( ،باعتب TTارهم ()4
ص TTلى اهلل عليه وس TTلم ،ثم تولى الص TTحابة من بعده ه TTذه المهمة
الTTواقفين على أسTTراره ،المهتدين بهدى النبي صTTلى اهلل عليه وسTTلم ) ،ومن أشهر
المفسTTTرين من الصTTTحابة :عبTTTد اهلل بن عب TTاس ،وعن الص TTحابة أخذ التابعون وعن
.ومن ()5
التابعين أخذ تابعوا التابعين ،فجمعوا أقوال من تقدمهم وصTنفوا التفاسTير
أشهر كتب التفسTT Tير ،التفسTT Tير التاريخي المعروف بتفسTT Tير لطTT Tبري (ت 310ه)
( جامع البيان في تفس TTير َاي القرَان ) ،وتفس TTير ابن كثير الدمشقي (ت 774ه) ،
وه TTذه عرفت بكتب التفس TTير بالمأثور ،اما كتب التفس TTير ب TTالرأي فأشهرها :تفس TTير
() عبد الكريم زيدان ،المدخل لدراسات الشريعة االسالمية ،ص . 18 1
() عبد الكريم زيدان ،المدخل لدراسة الشريعة االسالمية ،ص . 18 2
() ماجد ،التاريخ السياسي للدولة العربية ،ج ، 1ص . 20 3
() صبحي الصالح ،مباحث في علوم القرَان ،ص ، 333_331دمشق . 1966 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
13
ال TTرازي (ت606هـ) ،المس TTمى مف TTاتيح الغيب ( ،)1ومنها تفس TTير البيضTTTاوي ( أنوار
. ()2
التنزيل وأسرار التأويل) ،وتفسير ابي السعود ،وتفسير النسفي وتفسير الخازن
)4كتب السير والمغازي والفتوح :تعرضت هذه الكتب أيضا ألخبTTار الجاهلية ،القريبTTة من
االسالم ،وفي مقدمة هذه الكتب :كتاب ابن هشام (ت 218ه) المعروفة بالسTTيرة ،
وقد أرخ في هذا الكتاب لسيرة النبي صلى اهلل عليه وسلم وتحTدث عن تاريخ العرب
قبTT Tل االسTT Tالم معتمدا على الرواية الشفوية ،وعلى كتب ضTT Tاعت ،وجمع اخبTT Tار
السTTيرة من ابن أسTTحق (ت151ه) ،وأضTTاف اليها بعض الروايات األخرى الTTتي لم
يذكرها ابن اسTT T Tحق ،ويعتبر عروة بن الزبTT T Tير (ت92ه) من أقدم من كتب في
المغازي ،وقد وصلتنا بعض رسائله في كتب الواقدي والطTبري ،وتأتي بعد عروة
أبTT Tان بن عثمان بن عفTT Tان (ت105ه) ،ومحمد بن سTT Tالم بن شهاب الزهTT Tري (ت
124ه) ،وشرحبيل بن سعد (ت123ه) ،والواقدي (ت207ه) ،ومحمد بن سTTعد
. ()3
(ت230ه)
)5الشعرلجاهلي :يعتبر الشعر الجاهلي ايضTTا مصTTدر من مصTTادر التاريخ الجاهلي ،وقد
قيل في الشعر الجاهلي انه ( ديوان العرب) ،وهTTو( ديوان علمهم ومنتهى حكمهم ،
به يأخذون ،واليه يصيرون )( ، )4وبه حفظت االنسTاب وعرفت المآثر ومنه تعلمت
العربية (.)5
وعلى ال TTرغم من ان الشعر الجاهلي تعرض للض TTياع بتركه يتناقل على الس TTنة
الرواة شفاها نحو قرنين من الزمان الى ان دون في تاريخ متأخر ،وعلى الTTرغم من ان
وص TTلنا منه على قلته مشكوك في اص TTالته مخول عليه ،فإن على قلته يعتبر مص TTدرا
اساسيًا في تصوير حياة العرب في الجاهلية .ومن اشهر شعراء الجاهلية :امرئ القيس
،وعبيد بن األبTTرص ،وعلقمة الفحTTل ،واوس ،وطرفة بن العبTTد ،وعمرو بن كلثوم ،
() صTTبحي الصTTالح ،مبTTاحث في علوم القرَان ،ص 336؛ ماجد ،تاريخ الحضTTارة االسTTالمية ص 1
. 196-165
() سالم :دراسات ،ص . 25_24 2
() ماجد :التاريخ السياسي ،ج ، 1ص 14_23؛ سالم :دراسات ص . 26_25 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
14
والحTT T Tرث بن حلزة ،والنابغTT T Tة الTT T Tذبياني ،وعنترة بن شداد ،واعشى قيس ،وطفيل
الغنوي(.)1
وقد تولى جمع الشعر الجاهلي في االسالم جماعة من الرواة الحاذقين تخصصوا
برواية الشعر ،وممن اشتهر بجمعه منهم :حماد الراوية ،فروى الجمحي انه ( كان
اول من جمع اشعار العرب وساق احاديثها ....وكان غير موثوق به ،كان ينحTTل شعر
الرجل غيره ،ويزيد في االشعار )( ، )2وابو عمرو بن العال (ت 154ه) ،وابو عبيدة
،واألصمعي ،والمفضل بن محمد الكوفي صاحب المفضليات ،وابTTو عمرو اسTTحاق بن
مرار الشيباني (ت 206ه) ،وابTTو عبداهلل محمد بن زياد االعرابي (ت 231ه)،وابTTو
. ()3
محمد جناد بن واصل الكوفي ،وخالد بن يزيد الباهلي ،وغيرهم
-6كتب الت اريخ والجغرافي ة :هناك نوعان من مؤلفTTات العرب المسTTلمين الTTذين دونوا
تاريخ العرب الجاهلية ،يتناول االول منهما اخبار العرب في الجاهلية المغرقة في القدم
وهTTو عبTTارة عن قصTTص واسTTاطير ،اخذت من مصTTادر مختلفTTة او انها كانت من ابتكار
الTTرواة ،وفي طليعة المشتغلين ،برواية اخبTTار العرب في العصTTر الجاهلي :عبيد بن
شرية ،وكعب األحبار ،ووهب بن منبه (ت 110ه) ،ومحمد بن السائب الكلبي (ت
146ه) ،وابنه ابTو المنذر هشام بن محمد بن السTائب الكلبي (ت204ه) ،وابTو عبيدة
معمر بن المثنى (ت 209ه) ،وعلي بن محمد المدائني (ت 225ه) ،ويضTTTاف الى
هTTذه الجمهرة من المؤرخين ،العالم الجغTTرافي ابTTو محمد الحسTTن بن احمد الهمداني (ت
334ه) صTTاحب كتاب االكليل .الTTذي يبحث في ماضTTي اليمن ،وكتاب صTTفة جزيرة
العرب ال TTذي يعتبر من المص TTادر الهامة في تاريخ العرب قب TTل االس TTالم خصوص TTا بالد
العرب الجنوبية .وبعض هTT Tؤالء المؤرخين امثال :عبيد بن شربة وكعب االحبTT Tار،
ووهب بن منب TT Tه ،هم قص TT Tاص اس TT Tاطير ورواة خرافات وس TT Tمر ،مس TT Tتمد من أس TT Tاطير
اليهود(. )4
() جواد علي ،المفصل ،ج 1 ،ص ، 83سالم :دراسات ،ص 35-8 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
15
اما النوع الثاني من الكتابTTات التاريخية فيتناول اخبTTار في الجاهلية القريبTTة من
االسالم او المتصلة بحياة الرسTول صTلى اهلل عليه وسTلم ،وكأيام العرب ،وهي االخبTار
ال TTتي تروي ما كان يح TTدث بين القبائل من ح TTروب ،وه TTذه االخب TTار اقرب الى الحقيقة
التاريخية النها كانت ما تزال تعيها الذاكرة وألنها قريبة العهد باالسالم (.)1
الساميون
الس TTاميون مجموعة بشرية يتميزون بحض TTارة ذات عناص TTر مشتركة
تميزهم عن غيرهم من االمم وخاصة اللغة التي هي اهم ما يميز السTTاميين ،
وعلى الTT Tرغم من ان السTT Tاميين كانوا يتكلمون بلغTT Tات مختلفTT Tة ،لكنها كانت
تشترك في خصTT T Tائص عديدة تميزهTT T Tا عن غيرهTT T Tا من اللغTT T Tات ،من تلك
الخصTTائص :وجود عدد كبTTير من الكلمات المشتركة بينها ،االسTTاس فيها
الفعل الماض TT Tي ،كما ان تص TT Tريف االفعال متشابهة فيها ،وتعتمد على
السTTواكن ال الحركات ،واصTTل الكلمات مكون من ثالثة احTTرف في الغTTالب ،
والفعل هTTو اسTTاس الجملة ويعتمد عليه االسTTم والضTTمير ،وان لالسTTماء فيها
صTTيغتان :المذكر والمؤنث ،وليس فيها صTTيغة ثالثة () Neuter gender
الموجودة في اللغTات االوربية ،واللغTة السTامية بصTورة عامة بسTيطة مباشرة
ال تستعمل االفعال المساعدة وقلما تستعمل حروف الربط .
()2
وفي عام 1869م قسTT Tم العلماء اللغTT Tات السTT Tامية الى مجموعتين :المجموعة
الس TT Tامية الشمالية ،والمجموعة الس TT Tامية الجنوبية ،وتتألف المجموعة الشمالية من
العبرانية والفينيقية واآلرامية واألشورية والبابلية والكنعانية .اما المجموعة الجنوبية
.وقد الح TTظ العلماء ان الشعوب ال TTتي كانت ()3
فتتألف من العربية بلهجاتها والحبشية
تتخاطب بهذه اللغ TT T T Tات تتشابه من حيث الخص TT T T Tائص الجس TT T T Tمانية ومن حيث النظم
. ()4
االجتماعية والمعتقدات
() سالم :التاريخ والمؤرخين العرب ،ص ،7طبع مكتبة االسكندرية 1
() صالح العلي :محاضرات في تاريخ العرب ،بغدد ، 1967 ،ص.9 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
16
أما في التوراة فقد وردت لفظTTة سTTامي في سTTفر التكوين ،وجاء فيها انه كان
لنوح ثالثة اوالد انحTTدر منهم البشر بعد الطوفان ،هم :سTTام وحTTام ويافث .وقد سTTكن
الساميون وهم احفاد سام في منطقة الشرق االوسط (.)1
ويالح TTظ ان التوراة حشرت فيها شعوبا ال يمكن عدها من الشعوب الس TTامية ،
مثل العيالميين واللوديين ،واقضTت منها جماعة من الTواجب عدها من السTاميين ،مثل
الفينيقين والكنعانيين ،ويرى بTTروكلمن ان العبرانيين كانوا قد تعمدوا اقصTTاء الكنعانيين
من جدول انسTTاب سTTام ،السTTباب سياسTTية ودينية ،بTTالرغم مما كان بينهم وبين الكنعانيين
من صالت عنصرية ولغوية (.)2
وكان المستشرق االلماني :اوغسTTت لTTدوك فون شلوتزر ،اول من اطلق لفظTTة
سTT Tامي في العصTT Tر الحTT Tديث ،سTT Tنة ، 1781معتمدا في ذلTT Tك على تقارب لغTT Tات هTT Tذه
المجموعة البشرية ،وشاركه في ذلك عالم الماني اخر يدعى :يوهن كوتر آيشهورن ،
وايدهم في ذلTTك غTTيرهم من العلماء ،وهناك بعض الدارسTTين للغTTات السTTامية يعترضTTون
على هذه التسمية لوجود بعض الساميين من ال يتكلم بلغة سTTامية كالعيالميين واللوديين ،
فهؤالء ساميون حسب ما اوردته التوراة اال ان لغTاتهم غTير سTامية ،وكذلك هناك لغTات
سامية ال ينتمي الناطقون بها الى الجنس السامي كاالحباش ،وعلى هذا االساس فأن فكرة
ارجاع هTTذه الشعوب السTTامية الى جد واحTTد اصTTبحت اليوم مسTTألة مشكوك فيها ال يقرهTTا
العلماء (.)3
اما عن الموطن االصTT Tلي للسTT Tاميين ،فقد اختلف العلماء وتعددت آرائهم في
تحديده وظهرت عدة نظريات ،اقدمها نظرية المستشرق االيطالي اغناص كويدي ،الTتي
تقول بأن العراق هTو الموطن االصTTلي للسTاميين فقد قام بدراسTة اللغTات السTامية المتعددة
وقارن بينها ،فوجد ان اغلب الكلمات الTتي تدل على السTهول والمياه والنباتات مشتركة
بين هTT Tذه اللغTT Tات ،فاسTT Tتنتج من ذلTT Tك ان هTT Tذه اللغTT Tات كان يتكلم بها في االصTT Tل اقوام
يسTTكنون في مناطق سTTهلية غزيرة المياه والنباتات ،وهTTذا ما ينطبTTق على بالد العراق
باعتبTTاره المنطقة القريبTTة الTTتي تتوفر فيها تلك الظTTواهر وقد تأثر في ذلTTك بما اوردته
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
17
التوراة من ان س TTفينة نوح كانت قد رس TTت بعد الطوفان على جب TTل الجودي الواقع في
المنطقة الشمالية من العراق( . )1وبهذه النظرية يف TTترض كويدي انتقال الس TTاميين من
منطقة خصTTبة الى بالد صTTحراوية وهTTذا عكس ما تقرره القوانين االجتماعية( ، )2ورأى
فريق اخر من العلماء ان ارمينية في منطقة حTدودها مع كردسTتان هي الموطن االصTلي
للس TTاميين ،وقال آخرون ،ان افريقيا الشرقية والحبشة بال TTذات ،هي موطن الس TTاميين
االصTTلي ،نظTرا لقرب بالد الحبشة من بالد العرب اقليميا ولغTة ،ويرى اصTTحاب هTذه
النظرية ومنهم :سالت رويتر،ان السTاميين عبروا الى جزيرة العرب عن طريق بوغTاز
بTTاب المندب الى اليمن ،حيث انتقلوا بعد ذلTTك الى الحجاز ونجد والبحTTرين ،ثم نزحت
طائف TT Tة منهم الى فلس TT Tطين واخرى الى العراق وطائف TT Tة الى فينيقية وقد غلب ه TT Tؤالء
السTT Tاميون على تلك البالد الTT Tتي انتشروا فيها ،وانشأوا دول بابTT Tل وفينيقية وفلسTT Tطين
وغيرها ،كما يرى هTؤالء العلماء ان العدنانيين كانوا قد نزحTوا من الحجاز واالراميين
من نجد الن آرام معناهTTا الجبTTال ونجد بالد جبلية ،ويستشهدون على صTTحة رأيهم هTTذا
بما ذكره هTTرودتس Herodotusعن نزوح الفينيقين في االص TTل من خليج فارس اي
. ()3
(خليج العرب )
وهناك من العلماء من يرى ان المواطن االص TTلي للس TTاميين ه TTو منطقة شمال
افريقيا ،اما النظرية القائلة بأن شبه جزيرة العرب هي الموطن االصTTلي للجنس السTامي
فيؤيدها كال العلماء شبرنكر ،كاتياني فيلبي ،س TT Tايس ،دي غوية أرنول TT Tد ،كارل
.وقد دلت ()4
ب TTروكلمن ،مايزر ،ارنس TTت رينان ،ديس TTو ،ايره TTود شردار وغ TTيرهم
الدراسTTات الTTتي قام بها المستشرق االيطTTالي كاتياني على وجود اثار مياه ونباتات في
الجزيرة العربية كما وجد برترام توماس بقايا بحيرة في الربTع الخالي عند منخفض ابTو
بحر ،وآثار نباتات وحيوانات في جبل العترا (.)5
() زيدان ،العرب قبTTل االسTTالم ،ص ،41صTTالح العلي ،محاضTTرات في تاريخ العرب ،ص - 9 1
10
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ،ج، 7ص .12 2
() زيدان،العرب قبل االسالم ص42 – 41؛ سالم :دراسات ص . 73-72 3
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ،ج ، 7ص 12 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
18
ويرجع هTTؤالء العلماء اسTTباب هجرة السTTاميين الى خارج الجزيرة العربية الى
ازدياد السكان في الجزيرة ،مما ادى الى عجزهTTا عن امدادهم بالغTTذاء الضTTروري حيث
ان معظمها بالد صTTحراوية ومن اسTTباب ضTTيق جزيرة العرب عن اسTTتيعاب العدد الكلي
من السTTكان تغTTير مسTTتمر طTTرأ عليها ،أدى الى انحبTTاس االمطTTار عنها وشيوع الجفTTاف
فيها مما أثر على قشرتها وعلى احيائها ،فهلك من هلك وهTTاجر من هTTاجر ،وقد اسTTتمر
هذا التغير آالفا من السنين حتى حول بالد العرب الى ارض صTTحراوية يسTTودها الجفTTاف
.فكان من الطبيعي ان يرحل الفائض من السTكان الى المناطق الخصTTبة المجاورة( )1وقد
ح TTدثت تلك الهجرات الجماعية على شكل موجات ،وفي فترات متباعدة من التاريخ
واتجهت الى المناطق المجاورة .واهم تلك الهجرات هي(:)2
-1هجرة االكدين الى العراق ،حTTدود سTTنة ( 3500ق .م) ،حيث أسTTس هTTؤالء الدولTTة
األكدية الTذي اسTتطاع ملكها سTرجون االول ان يوحTد العراق ويمد نفTوذه الى اعالي نهر
دجلة .
-2هجرة العموريين ( االموريين ) الى العراق في حTTدود سTTنة ( 3500ق .م) .حيث
كونوا دولة بابل ،والتي اشتهر من ملوكها حمورابي ،الذي يعد أول مشرع في التاريخ
،وقد صTTاحب العموريين في هTTذه الهجرة :الكنعانيون ،والفينيقيون الTTذين اتجهوا الى
بالد سورية .
-3هجرة األراميين الى س TTوريا وفلس TTطين وشمال العراق ،والعبرانيين في فلس TTطين ،
والكلدانيين في جنوب العراق حوالي سنة ( 1500ق.م) .
-4هجرة االنباط والتدمريين حوالي سنة ( 500ق .م) .
-5الموجات االسالمية في القرن السابع الميالدي .
العرب :
عرف سTTكان شبه الجزيرة العربية بأسTTم "العرب " ،وقد ظهر هTTذا االسTTم ألول
مرة في التاريخ في القرن التاسع عشر قبل الميالد فورد في احد الوثائق االشورية للملك
شلما نصTTر الثالث ملك اشور ( 853ق .م ) ،وقد أشار فيها الى احTTد الزعماء الثوار
() محمد مبروك نافع :عص TTر ما قب TTل االس TTالم ،ص ،12ص TTالح العلي :محاض TTرات في تاريخ 2
() جواد علي :المفصTل ،ج / 1ص 575 – 574؛ صTالح العلي :محاضTرات في تأريخ العرب 1
ص . 15
() جرجي زيدان :العرب قبل االسالم ص ، 43مبروك نافع :عصر ما قبل االسالم ص .13 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
20
شرق النبTTTط ،ويرى ونكلر ان هTTTذه التسTTTمية جاءت من لفظ TTة (شرقو) وتعني سTTTكان
الصحراء أو أوالد الصحراء ،بينما يرى فريق َاخر من العلماء أنه تصTTحيف (شرقيين)
أو شارق على نحو مايفهم من كلمة قدموني Qaclmoniفي التوراة ،بمعنى شرقي أو
أبناء الشرق ( ، )Benekedemوكانت ه TTذه التس TTمية تطلق خاص TTة على القبائل ال TTتي
أرجع النسTT Tابون العبرانيون نسTT Tبها الى قطTT Tورة ،وقد أخذ بهذا الTT Tرأي أكثر العلماء
والب TT T T T Tاحثين ،فأعتبروا ان سرس TT T T T Tين أو س TT T T T Tركين أو Sarakenocمن شرق وأن
Benkedemو Qadmoniالعبرانيتين هما ترجمتان للفظة .)1( Saraceni
أما أصTTحاب الTTرأي القائل أن سTTارقين من أصTTل سTTارة زوج ابTTراهيم (ع) ،ومن
قين بمعنى عبTد فهؤالء متأثرون بما جاء في التورة ،وليس لTديهم أدلTة أخرى غTير هTذا
التشابة اللفظي ال TT Tذي نالحظ TT Tة بين سرس TT Tين وبين س TT Tارقين ( وه TT Tو من قبيل المص TT Tادفة
.وقد ذكر المس TTعودي ان ال TTروم كانوا يطلقون على ()2
والتالعب بااللف TTاظ وال شك )
العرب اسم " ساراقينوس" ،وقال ان ملك الTروم نقفTور انكر على الTروم تسTميتهم العرب
.ووردت لفظ TTة عرب في األس TTفار ()3
بهذا االس TTم ،وقال :تس TTميتهم عبيد س TTادة كذب
القديمة من التوراة (سفر اشعيا ) بمعنى البدو ،وأعراب ،وذكرها بعض الكتاب اليونان
في أواخر القرن الخامس قبل الميالد ،فذكرها اسكيلوس سنة 456ق.م عند االشارة الى
قائد عربي كان معروفا في جيش (احشويرش) ،ثم ذكرها هيرودتس في منتصف القرن
الخامس قبTTل الميالد فاطلق لفظTTة Arabaeعلى بالد العرب ،وقصTTد بها سTTكان جزيرة
.أما في ()4
العرب كلها بما في ذلTTك صTTحراء مصTTر الشرقية بين النيل والبحTTر االحمر
الجزيرة العربية نفسTTها فلم يرد ذكر لكلمة عرب اال في النقوش السTTبئية المتأخرة الTTتي
يرجع تاريخها الى القرن األول قبTل الميالد ،وقد وردت بمعنى األعراب ،كذلك وردت
في نقش مكتوب بنبطية مشوبة بالعربية على قبر أمرئ القيس بن عمرو بن عدي ،ملك
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
21
الحيرة ( 328- 288م ) والنقش يشير الى أن ( امرئ القيس البن عمرو ملك العرب
كلهم الذي تقلد التاج ،واخضع قبيلتي اسد ونزار وملوكهم وهزم مذحج الى اليوم )(. )1
واول مصTTدر وردت فيه لفظTTة العرب للداللTTة على معنى قومي يتعلق بTTالجنس
العربي ه TTو القرآن الكريم " ،فليس من المنطقي ان يخاطب القرآن الكريم قوما بهذا
المعنى اال اذا كان لهم سابق علم به "(.)2
وقد وردت لفظة اعراب عشر مرات ،كما وردت لفظة عربي احدى عشر مرة
،منها عشر مرات نعتا للغة التي نزل بها القرآن بانها لغة واضحة فقال تعالى :
وفي قولTTه تعالى ( وكذلك وحينا اليك ()3
( أنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون
قرأنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها )( )4وقوله تعالى ( كتاب فصلت اياته قرانا عربيا
لقوم يعملون )( )5ثم وردت في موض TTع واح TTد لتنعت شخص الرس TTول الكريم (ص) في
قوله تعالى – ( ولو جعلناه قرآنا اعجميا لقالوا لوال فصلت اياته أأعجمي وعربي قل هTTو
للذين آمنوا ،هدى وشفاء والذين ال يؤمنون في آذانهم وقر وهTTو عليهم عمي اولئك من
مكان بعيد )(.)6
اما عن معنى لفظة ( عرب) ومصدر اشتقاقها ،فقد اختلف علماء اللغTTة في ذلTTك
بالرغم من كثرة التفسTيرات اللغوية الTتي تناولت هTذا الموضTوع ويرى فريق من العلماء
ان كلمة عرب مشتقة من اصل سامي قديم بمعنى ( الغرب) وان العرب انما سTموا بTذلك
الرتحTT Tالهم من وطن السTT Tاميين االصTT Tلي وهTT Tو ما بين النهرين الى الغTT Tرب من بالدهم ،
. ()7
واللغة السامية العين فيها فعرب ترادف غرب
ويرد الباحثون على هذا الرأي بأن العرب كانوا يستخدمون هذا االسم اذا تحدثوا
عن انفسهم وليس بالنسبة لموقع بالدهم الى غيرهم من الشعوب المجاورة لهم(. )8
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
22
أما المؤرخون العرب فقد ذكروا ان العربية منس TTوبة الى يعرب بن قحطTTTان
ومشتقة من اسمه ،وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :
تعلمتم من منطق الشيخ يعرب – ابينا فصرتم معربين ذوي نفر
()1
كالم وكنتم كالبهائم في القفر . وكنتم قديما مالكم غير عجمة –
ويرى بعض الب TTاحثين ان لفظ TTة عرب مشتقة من الكلمة العبرية ( أراب TTا ) ومعناه TTا
االرض الداكنة أو المغطاة بالكأل ،وهذا المعنى األخير يشير الى حالة هTTؤالء القوم االجتماعية
القائمة على التنقل والسعي الى موارد العشب .وذكر البعض االخر ان اللفظTTة مشتقة من الكلمة
العبرية ،أرب ،وتعني الحرية وعدم الخضوع لنظام ما ،بينما قال آخرون ان هTTذه اللفظTTة ذات
صلة باللفظة العبرية ،عابار ،بمعنى التنقل والتحرك من موضع الى اخر (.)2
طبقات العرب
()3
يتفق المؤرخون العرب على تقسيم العرب الى ثالث طبقات :
العرب البائدة . -1
العرب العارية . -2
العرب المستعربة -3
()االصمعي – تأريخ العرب قبل االسالم ،تحقيق محمد حسين ال ياسين ط بغداد 1959ص . 8 1
()جرجي زيدان :العرب قبل االسالم ص ،45جواد علي :العرب قبل االسالم ج 1ص . 220 3
() زيدان :العرب قبل االسالم ص – 49سالم :دراسات في تأريخ العرب ص 88 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
23
ويعتبر المؤرخون ان عاد هي اقدم العرب البائدة ،فذكر المسTعودي انها بTادت
قبTTل سTTائر ممالTTك العرب كلها ،وقد ورد في القرآن الكريم قولTTه تعالى (:وان ه أهل ك
عادوا األولى وثم ود فم ا أبقى ) ( .)1وأن هناك عادا ثانية ،أخبر اهلل عن ملكهم ونطTTق
.وهTT Tؤالء هم اصTT Tحاب هTT Tود .الTT Tذين عصTT Tوا واسTT Tتكبروا في االرض ، ()2
بقوة بطشهم
فحلت عليهم نقمة اهلل وانزل بهم العقاب الشديد فدمرهم تدميرا ،قال تعالى:
( فأرس لنا عليهم ريح ا صرص را في أي ام نحس ات لن ذيقهم ع ذاب الخ زي في
الحياة الدنيا ولعذاب اآلخرة أخزى وهم ال ينصرون )(.)3
وكانت منازل عاد في االحقاف من بالد اليمن ،بين اليمن وعمان الى
. ()4
حضرموت والشجر
أما ثمود فهم قوم صTT Tالح (ع) ،وكانوا يعبTT Tدون األصTT Tنام ،ولهم معابTT Tد دينية
ثابتة ،ومن أصTT Tنام ثمود ( ود) وهTT Tو من االلهة القديمة عند العرب والصTT Tنم ( ج –
هد ) ،وله عندهم معابد وسTTدنة يخدمونه ،ومن اصTTنامهم ايضTTا :شمس ومناف وكاهTTل
. ()5
وبعل ورضو او رضى ويثع وسمع ال سميع وهبل وغيرهم
وذكر المس TTعودي أن ثمود تنس TTب الى ثمود بن عاد بن ارم بن س TTام بن نوح ،
وأن منازلهم كانت بين الشام والحجاز الى سTTاحل البحTTر الحبشي ،وبيوتهم منحوتة في
وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم ،قال تعالى ( :وثمود ()6
الصTTخر بTTأبواب صTTغار ،
ويؤكد ابن خلدون ان منازل ثمود كانت بTTالحجر وواد ()7
الذين جابوا الص خر ب الواد )
. ()8
القرى فيما بين الحجاز والشام
وقد تمكن المستشرقون من التعرف على الثموديين من الكتاب TT Tات والمؤلف TT Tات
الكالسTTيكية ،فوجدوا اسTTم ثمود في احTTد النصTTوص االشورية الTTتي تعود الى ( سTTرجون
() ابن خلدون :العبر ج 2ص ، 19جواد علي :المفصل ج 1ص 305 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
24
الثاني) ،وقد عرفوا بـ Thamudi Gamudiكما وجد هTTؤالء المستشرقون اسTTم ثمود
ايضا في النصوص والكتابات الثمودية ،وقد عثر عليها في مواضTTع مختلفTة من جزيرة
العرب ،اما في النصTT T T Tوص الكالسTT T T Tيكية فقد عرفوا باسTT T T Tم Thamudeni)1(:و
Thamudenoو Nhamydenoiو Thamyditaiأما عن تاريخ ثمود فقيل انهم
كانوا في جملة الشعوب الTTتي حTTاربت االشوريين في عهد سTTرجون الثاني الTTذي اجالهم
من مواط TTنيهم الى ( الس TTامرة ) ،ويرى بعض الب TTاحثين ان اخر ذكر ورد في الوثائق
لقوم ثمود كان في القرن الخامس للميالد ،حيث ورد ان قوما منهم كانوا فرس TTانا في
جيش الروم ،ويبدو ان قوم ثمود كانوا يشتغلون بالزراعة ورعي الماشية ،وانهم كانوا
اقرب الى الحضر منهم الى اهل الوبر ،فاستقروا في مستوطنات ثانية ،وكان من بينهم
. ()2
من اشتغل بالتجارة
وقد عاث قوم ثمود في االرض فسTTادا ،فأرسTTل اهلل تعالى اليهم اخاهم صTTالحا
(ع) فدعاهم الى عبادة اهلل ،فكذبوه فانزل اهلل بهم العذاب فأصبحوا في ديارهم جاثمين ،
قال تعالى ( :واخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها
. اال ان ثمودا كفروا ربهم اال بعد لثمود )
()3
اما طلسم وجديس فهما قبيلتان عربيتان من القبائل البائدة ،وقيل انهما من ابناء
الوذ بن حارم ،وكانت مسTاكنهم من اليمامة والبحTرين ،ونزل بعضTTهم الحTرم وبعضTTهم
الشام ،ومنهم العماليق ،تفرقوا في البالد ،واخوهم أميم نزل ارض فارس .ونزل
عبيل بن عوض يثرب واتخذوها منزال لهم ،واقامو فيها الى ان ابادهم العماليق(.)4
أما قبيلة جرهم اليمنية فكانت ديارهم بTاليمن ،ثم هTاجروا فيما بعد الى الحجاز
واقاموا في مكة حTTتى قدم عليهم اسTTماعيل (ع) ،فصTTاهرهم ( ،)5واصTTبحت والية الTTبيت
بيد جرهم حTTتى انتزعتها منهم خزاعة وكنانة فنزلوا بين مكة ويثرب ،وذكر البالذري
ان جرهم هلكت بعد ذلك بسبب وباء تفش بينهم فأفناهم (.)6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
25
ثانيًا – العرب العاربة :
وهم عرب الجنوب ،وينس TTبون الى قحط TTان بن عابر بن شالخ بن أرفكشاد بن
،وكانت موطنهم بالد اليمن ،وقحطان بن عابر هو تعريب السم يقطان ()1
سام بن نوح
الTذي ورد في التوراة عند الكالم عن تفTرق ذرية نوح بعد الطوفان ( ،)2وسTموا بالعاربTة
()3
لرسوخهم في العربية ،ويعتبرهم المؤرخون اقدم سكان الجزيرة العربية
وقد عثر على اسTT Tم قبيلة عربية عرفت بقبيلة ( قحطن ) ،اي قحطTT Tان ،في
نصوص المسTند ،وال يسTتبعد الTدكتور جواد علي ان يكون السTمها عالقة بقحطTان الTذي
صيره اهل االخبار جدا لكل العرب الجنوبيين فقد ذكر بعد اسم (كدت ) الTTذي هTTو (كندة)
في النص ، Jamme635وكان على قبيلة قحطTTان وكندة ملك واحTTد اسTTمه (ربيعت )
أي ( ربيعة ) وهTTو من آل ثور ،وثور هTTو جد قبيلة كندة في عرف النسTTابيين من ايام
الملك شعر اوتر اما العبرانيون فليس ل TTديهم من اخب TTار قحط TTان س TTوى انه اح TTد اوالد
. ()4
(عابر) واخرهم ،وانه جد قبائل عديدة قديمة
ويروي االخبTTTاريون العرب ان يعرب كان اول من تولى الملك بعد قحطTTTان
بTT Tاليمن ،وغلب بقايا عاد ،ووزع اخوته في االقطTT Tار ،فأقر اخاه حضTT Tر موت على
االرض TTين ال TTتي عرفت بأس TTمه فقيل لها حض TTر موت ،وعين اخاه عمان على ارض
عمان ،وولى جرهما على بالد الحجاز وقد ورد اسم يعرب هذا في شعر حسان بن ثابت
:
فصرتم معربين ذوي نفر تعلمتم من منطق الشيخ يعرب أبينا
وفي شعر اخر ينسب الى مضاض بن عمرو الجرهمي من جرهم ،قيل انه لما
اخرجتهم االزد من مكة ،ويشك الدكتور جواد علي في نسTTبة هTTذين الشعرين الى حسTTان
()5
ومضاض
ثالثا -العرب المستعربة :
() مبروك نافع :عصTTر ما قبTTل االسTTالم ص ، 41علي ابTTراهيم حسTTن :التأريخ االسTTالمي العام 3
ص . 25
()جواد علي :المفصل ج 1ص 358 – 357 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
26
وهم عرب الشمال ويقال لهم العدنانيون او النزاريون او المعديون وينتسبون الى
عدنان بن ادد من ولTT T Tد ثابت بن الهمسTT T Tيع بن تيمن بن نبت بن قيدر بن اسTT T Tماعيل بن
.وسموا بالمسTTتعربة ألن قيدر اسTTماعيل حين نزل مكة مع ابيه ()1
ابراهيم عليه السالم
ابراهيم وامه هاجر كان يتكلم العبرانية فلما صاهر قبيلة جرهم اليمنية تعلم العربية وتكلم
بها هو وابناؤه ،وتركوا العبرانية ،فسموا بالعرب المستعربة (.)2
وذكر االخباريون انه كان السTماعيل اثني عشر ولTدا من زوجته (زعلة) وهم :
ثابت ،وقيذر ،واذبل وميشا ومسTمعا وماشي ودما واذر وطيما ويطTور ونبش وقيذما ،
وقد ورد اسما نابت وقيذر كثيرا في الرويات العربية .واخذ النسابون هذه االسTTماء من التوراة
. ()3
أما عن عدنان فلم يرد اسTT T T Tمه في النصTT T T Tوص الجاهلية وال في المؤلفTT T T Tات
(الكالس TT Tيكية) ،وفي الشعر الجاهلي ورد اس TT Tم عدنان في بيت ينس TT Tب الى عب TT Tاس بن
مرداس ،مما يدل على ان عدنان لم يكن جدا كبيرا في الجاهلية كما صTTوره االخبTTاريون
اذ ( لو كان عدنان جدا كبيرا لوجب عقال تردد اسمه وورد شيء عنه والغTريب اننا نجد
اسم معد مذكورا عند بروكوبيوس وفي القديم من الشعر الجاهلي مع انه ابن عدنان )(.)4
وقد وردت في الكتابات النبطية والثمودية اسTTماء قريبTTة من اسTTم عدنان مثل " :
عبTTد عدنون " و " عدنون " ،اما الكتابTTات الجاهلية الTTتي عثر عليها في اليمن ،فلم يرد
فيها هذا االسم ،او اسم اخر قريب منه (.)5
وتعتبر تهامة مواطن العدنانيين ،ولكن اح TTواال قاهرة اض TTطرتهم الى التف TTرق
والهجرة فقد كانت القبائل العدنانية متشاحنة يحTارب بعضTها بعضTا ،دفعهم الى ذلTك فقر
البادية .والتقاتل على الكأل والماء .وكانت قضTTاعة اول من تشتت وتفTTرق بسTTبب قتال
وقع بينها وبين نزار ،واعقب ذلTT Tك هجرات اخرى ،فانتشر العدنانيون في مناطق
() مبروك نافع :عصر ما قبل االسالم ص ، 44سالم :دراسات ص 84 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
27
واسعة من جزيرة العرب حTتى وصTلوا الى العراق والشام واختلطTوا بالقبائل االخرى وتفرقوا
في كل مكان (.)1
جغرافية شبه الجزيرة العربية
تقع بالد العرب في القسم الجنوبي الغربي من قارة اسيا ،ويبلغ طولها من رأس
الخليج العربي الى العقبTT Tة حTT Tوالي الTT Tف ميل ،ومن البحTT Tر العربي الى اطTT Tراف الهالل
الخصيب حوالي الف ومائتي ميل ،وهي هضبة مرتفعة في الغTTرب تنحTTدر تدريجيا نحTTو
.وقد عرفت بالد العرب ()2
الشرق – حTTتى تصTTبح كالسTTهل عند سTTواحل الخليج العربي
عند مؤرخي اليونان والرومان باسTTم أرابيا Arabiaبينما يطلق عليها مؤرخو العرب
وجغرافييهم أسم " جزيرة العرب " ،وهي تسTمية مجازية الن بالد العرب ليسTت جزيرة
،ولكن العرب كانوا يسTTمون شبه الجزيرة جزيرة ،فهم يسTTمون ()3
وانما شبه جزيرة
شبه جزيرة ايبيريا جزيرة االندلس ،واطلقوا على ما بين النهرين في العراق اس TTم
.اما عن حTTدود شبه الجزيرة العربية فيحTTدها من الشرق الخليج العربي ()4
جزيرة اقور
وبحTT Tر عمان ومن الغTT Tرب البحTT Tر االحمر ،ومن الشمال بادية الشام ،ومن الجنوب
المحيط الهندي ،وتختلف بالد العرب من حيث طبيعتها ب TTاختالف اجزائها ،فبعض TTها
تغطيه كثبان الرمل ،والبعض تكسTTوه الصTTخور ،والبعض منخفض ،والبعض مرتفTTع ،
وتمتد على طول ساحل البحر االحمر سلسلة جبTTال السTTراة " ويزداد ارتفاعها في الشمال
حيث يبلغ معدل ارتفاعها 2000م ثم تنخفض في الوس TT T Tط ح TT T Tتى تص TT T Tبح كالتالل
المتقطعة ،ثم تعود الى االرتف TTاع في الجنوب حيث يص TTبح ارتفاعها ح TTوالي 12قدم ،
ويمتد من وسط الجزيرة سلسلتا جبال أجا وسلمى او جبلي شمر ،ويبلغ ارتفاعها حTTوالي
.وفيها صTحراوان كبيرتان :صTTحراء االحقاف في الجنوب ،وصTTحراء ()5
5500قدم
النفTTوذ في الشمال وبين الصTTحراوين والسلسTTلتين ( أجا وسTTلمى ) ،تنتشر انجاد متسTTعة
تكثر فيها الواحTTات ،وتنمو فيها اشجار النخيل ،اما البTTوادي فأراضTTي جافة تنشأ عادة
من اط TTراف البط TTاح الخص TTبة ،وتتالشى في طالئع الرمال الص TTحراوية ،وتتح TTول في
() االلوسي – بلوغ االرب في معرفة احوال العرب ط مصر 1342هـ ج 1ص 187 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
28
موسTTم االمطTTار الى مراع كثيرة الخصTTب ،وتنتشر الواحTTات والحTTرات في البTTوادي على
غ TTير انتظ TTام ،وتكثر في الواح TTات منابع المياه فتنبت فيها المزروعات ،ويتكاثر فيها
السTTكان ،اما الحTTرات فهي مناطق جافة وعرة تكثر فيها الحجارة السTTوداء ويقل فيها
وقد قسم اليونان والرومان بالد العرب الى ثالثة اقسام طبيعية تتفق مع حالTTة ()1
العمران
العرب السياسية في القرن االول الميالدي هي(:)2
بالد العرب الصخرية Arabia Petraeaاو Arabia Petrixوتقع في الشمال .1
من بالد العرب ،جنوب غربي بادية الشام وتضم شبه جزيرة سيناء .
بالد العرب السعيدة ، Arabia felix :وهي اليمن والحجاز وعمان . .2
بالد العرب الصTحراوية ، Arabia Desertaوهي البادية الكبرى الTتي تمتد من .3
حTT Tدود سTT Tورية والعراق الى المحيط الهندي محاذية الخليج العربي وتشكل بالد
العرب الصحراوية القسم االعظم من هذه االقسام الثالثة .اما جغرافيو العرب فقد
: ()3
قسموا بالدهم الى خمسة اقسام كبرى وهي
تهامة او الغور :وهي االراضي الممتدة في محاذاة الساحل الشرقي للبحTTر االحمر )1
من اليمن جنوبا حتى العقبة شماال ،ويحجزها عن داخل شبة الجزيرة سلسلة جبال
السراه وقد سميت تهامة لشدة حرهTا ،وركود ريحها ،وسTTميت غTTورا النخفTTاض أرضTTها
.
الحجاز :ويقع شرقي تهامة وشمالي بالد اليمن ،ويمتد الحجاز شماال حTTTتى )2
فلسطين ،وقد سمي كذلك ألنه يحجز بين نجد وتهامة ،ويضTTم من المدن :يثرب
والطائف وخبير وفدك وتيماء .
نجد :وهي الهض TTبة الوس TTطى في شبه الجزيرة العربية ،وتقع بين اليمن جنوب TTا )3
وبادية السماوة شماال ،واطراف العراق شرقا ،وسميت نجدا الرتفاعها .
اليمن :ويمتد من نجد شماال الى المحيط الهندي جنوبTا ،وشرقا الى حضTر موت )4
وعمان ،وفيه التهائم والنجد ،وسميت بهذا االسم ألنها بالد يمن وخير وبركة .
()جرجي زيدان :العرب قبTTل االسTTالم ، 38-37مبروك نافع :ما قبTTل االسTTالم ص ، 15سTTالم : 2
دراسات ص 105-104
()االلوس TTي :بلوغ االدب ج 1ص ، 187مبروك نافع :عص TTر ما قبTT Tل االس TTالم ص ، 22-18 3
() مبروك نافع :عصر ما قبل االسالم ص ، 28صالح العلي :محاضرات ص 15 2
() ابن منظTTور :لسTTان العرب ،ط بTTوالق 1303هـ ،ج 13ص ، 136االلوسTTي :بلوغ االرب ج1 3
ص 17
() فيليب حتي :تاريخ العرب ج 1ص 117 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
30
العليا الTTتي جاء بها االسTTالم ،وعلى هTTذا االسTTاس يصTTح اطالق لفTTظ الجاهلية هTTذا على
.وقد ورد لف TT Tظ الجاهلية في القران الكريم ()1
العص TT Tر الس TT Tابق لعص TT Tر النبي (ص)
والحTTديث النبTTوي والشعر الجاهلي ،قال تعالى في سTTورة البقرة ( :قالوا أتخذنا هTTزوا
قال اعوذ باهلل ان أكون من الجاهلين ) ،وفي سTT Tورة االعراف ( :خذ العفTT Tو وأمر
بTT Tالمعروف واعرض على الجاهلين ) ،وفي سTT Tورة الفرقان ( :وعبTT Tاد الTT Tرحمن الTT Tذين
يمشون على االرض هونا ،واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سالمًا ) ،وقال تعالى ( :أفحكم
،وقوله عز وجل ( :يظنون باهلل غTير الحTق ظن الجاهلية)( ، )3و : ()2
الجاهلية يبغون )
.وقولTTه تعالى ( :وقرن ()4
( اذ جعل الTTذين كفTTروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية )
في بيوتكن وال تبرجن تبرج الجاهلية االولى ) .وقد اختلفت اراء المفسTTرين في المراد
بالجاهلية االولى ،فقيل انها ال TTزمن ال TTذي ول TTد فيه اب TTراهيم عليه الس TTالم ،حيث كانت
المرأة تلبس ال TTدرع من اللؤل TTؤ فتمشي في وس TTط الطريق تعرض نفس TTها على الرجال ،
وقيل انها الفترة ما بين ادم ونوح (ع) وهي ثمانمائة سTنة ،ورأى فريق اخر انها الفTترة
ما بين نوح وادريس ،ومنهم من جعلها ما بين نوح وابTTراهيم (ع) ،وانها تعني الفTTترة
ما بين موس TTى وعيس TTى (ع) ،في حين ذكر اخرون انها لف TTترة ما بين عيس TTى ومحمد
.وجاء في الحTTديث النبTTوي ان رسTTول اهلل صTTلى اهلل عليه وسTTلم قال ألبي ذكر ()5
(ص)
وقد تحير رجال بأمه ( :انك امرؤ فيك جاهلية ) ،اي فيك روح الجاهلية ،وقريب من
.ورد في قول عمرو بن كلثوم ()6
ه TTذا المعنى اس TTتعمالهم اس TTتجهله الشيء اي اس TTتخفه
التغلبي قوله :
فنجهل فوق جهل الجاهلينا أال ال يجهلن أحد علينا
ويظهر مما تقدم ان كلمة الجاهلية اسTT Tتخدمت منذ القدم للداللTT Tة على السTT Tفة
والطيش والحمق ،وقد اخذت تطلق على العص TTر القريب من االس TTالم او بعب TTارة ادق
() عبدالكريم زيدان :المدخل لدراسة الشريعة االسالمية – بغداد ، 1969حاشية ص 15 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
31
على العصر السابق له مباشرة وكل ما كان فيه من وثنية واخالق قوامها الحمية واالخذ
. ()1
بالثأر واقتراف ما حرمه الدين من الموبقات
الحياة السياسية في الجزيرة العربية قبل االسالم
كانت القبيلة هي الوحدة السياسية عند العرب في العصر الجاهلي ،فأفراد القبيلة
ينتمون او يعتقدون انهم ينتمون الى اصل واحد مشترك تجمعهم وحدة الجماعة وتربطهم
رابط TTة العص TTبية لأله TTل والعشيرة ،ورابط TTة العص TTبية هي شعور بالتماس TTك والتض TTامن
واالندماج بين من تربطهم رابطة الدم ،فهي بذلك مصدرا للقوة السياسية والدفاعية الTTتي
تربTTTط بين افراد القبيلة ،فتعمل بTTTذلك على بقاء المجتمع وحف TTظ كيانه ،وهي تعادل
الشعور بالقومية في العصTTر الحاضTTر ،ولكن رابطTTة الTTدم فيها اقوى واوضTTح ،والفTTرد
.والعص TTبية عند العرب ()2
يرتب TTط ارتباط TTا وثيقا بقبيلته وينص TTرها ظالمة او مظلومة
نوعان :عصTTبية الTدم وهي أسTاس القرابTة ومصTدر الترابTط الوثيق بين افراد القبيلة ،ثم
عصTTبية االنتماء الى اب بعيد او جد مشترك من نسTTله تكونت القبيلة او القبائل المنتمية
اليه ،وعلى هذا االسTاس لم تكن للعرب في الجاهلية نزعة او شعور بالقومية الشاملة ،
ذلTTك الن وعيها السياسTTي كان ضTTعيفا محTTدودا ال يتجاوز القبيلة او القبائل المنتمية الى
.وهكذا كان المجتمع العربي في الجاهلية مجتمعا مفككا سياسTTيا ينقسTTم ()3
الجد المشترك
الى وحTTدات متعددة قائمة بTTذاتها ،تمثلها القبائل المختلفTTة ،فالعصTTبية في ذلTTك المجتمع
قض TTت على فكرة التراب TTط السياس TTي ،ح TTتى في حال TTة االنتس TTاب الى اح TTدى المجموعتين
. ()4
الكب TTيرتين :العدنانية والقحطانية مما ادى الى قيام ص TTراع بين ه TTاتين العص TTبيتين
وتسTتوفي القبيلة كافة مقومات الدولTة سTوى االرض الثابتة الTتي تحTدد منطقة نفوذهTا فقد
كان ضTيق اسTباب الحياة في الصTTحراء حTافزا لتلك القبائل على التنقل والحركة والسTعي
وراء العيش اال انها في بعض االحيان تكون لها منطقة خاصة تتجول في نطاقها وتدعى
الدار او قد تنشئ لنفسها حمي اي منطقة ثابتة من االرض ال يجوز لغيرهTا ان يخترقها
.اما عن نظم الحكم السTTائدة في تلك المجتمعات القبلية ،فقد كان لكل ()5
او يسTTتعملها
() صالح العلي :محاضرات في تاريخ العرب ص ، 152سالم :دراسات ص . 569 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
32
قبيلة مجلس من شيوخها يرأسTTه رجل يتم اختياره من بين افراد القبيلة ،ويطلقون عليه
.ويشترط فيمن يتولى هذا المنصب ()1
عدة القاب منها :الرئيس والشيخ واالمير والسيد
ان تتوفر فيه عدة صTفات تؤهله لقيادة القبيلة ورئاسTتها منها الشجاعة والحكمة والصTبر
والكرم وان يكون ذا نف TTوذ عظيم وقوة في البيان ورأى ثاقب .وقد ذكر الجاح TTظ في
كتاب شرائع المروة ( ان العرب كانت تسTTود على اشياء اما مضTTر فتسTTود ذا رأيها ،
واما ربيعة فمن اطعم الطعام ،واما اليمن فعلى النسب ،وكان اهTل الجاهلية ال يسTودون
()2
اال من تكاملت فيه ست خصال :السخاء والنجدة والصبر والحلم والتواضع والبيان )
.وتتم رئاس TTة القبيلة باالنتخاب الح TTر بين االفراد ،اذ لم يكن مب TTدأ الوراثة مقب TTوال عند
العرب لما قد يؤدي اليه ذلك من تقييد للحريات .واذا حدث انتخاب االبن بعد ابيه فإنما
.وكان على سيد القبيلة واجبات اهمها قيادة الجيش ()3
يتم ذلك لتوفر شروط الرياسة فيه
اوقات الحروب ،وتولي امر المفاوضات مع القبائل االخرى ،وفض المنازعات والحكم
في الخالفات ،واعانة الض TTعفاء ،وايواء الغ TTريب واجازة المجير وال TTذود عن النس TTاء
والمحافظTTة على وحTTدة القبيلة( . )4ومن واجباته ايضTTا تقسTTيم الغنائم بين المقاتلين ،ولTTه
()5
فيها حقوق وامتيازات ،اجملها عبداهلل الظبي في البيت التالي :
وحكمك والنشيطة والفضول لك المرباع منها والصفايا
وكان مجلس القبيلة يعقد اجتماعاته بTT Tدار الندوة ،او المنتدي ،حيث تناقش
االمور والمس TT Tائل ال TT Tتي تخص القبيلة ،كإعالن الح TT Tرب ،او اقرار الس TT Tلم ،وتتخذ
. ()6
القرارات بعد التشاور والمناقشات باألغلبية
اليمن
()ماجد :التاريخ السياسي للدولة العربية ج 1ط مصر 1967ص 49 1
()صTTالح العلي :محاضTTرات في تاريخ العرب ص . 157سTTالم :دراسTTات في تاريخ العرب ص 3
573-572
()علي ابراهيم حسن :التاريخ االسالمي العام ص .482-481 4
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 1ص . 372 5
() صالح العلي :محاضرات في تاريخ العرب ص ، 155وعلى ابراهيم حسن :التاريخ االسTTالمي 6
اليمن انما س TTمي يمنا ألنه عن يمين الكعب TTة وه TTو ال TTتيمن ،وس TTمي الشام شاما ألنه عن
.وقيل ايضTTا ان ()2
شمال الكعبTة ،وسTمي الحجاز حجازا ألنه حجز بين اليمن والشام
اليمن سمي يمنا ليمنه والشام شاما لشؤمه في حين يرى البعض االخر ان اصTTل التسTTمية
جاءت حين تفرقت لغات الناس ،ببابل فتيمن بعضهم يمين الشمس وهو اليمن(. )3
اما في النصوص السبأية القديمة فقد ورد اسم اليمن في عدة صيغ منها -:
يمنات ويمنت ،أما عند مؤرخي اليونان والرومان فقد عرفت ببالد العرب
،وقد ذكر االلوس TTي بالد اليمن فقال ( ه TTذا ()4
الس TTعيدة Arabia Felixلكثرة خيراتها
اقليم عظيم متس TTع االرجاء متباعد االطTTTراف واالنح TTاء ،ولم تزل محمودة على الس TTنة
االصفياء لما اودع اهلل فيها من البركة في جميع االشياء ،وكانت تسمى الخضTTراء لكثرة
.وقد اشتهرت اليمن ()5
مزارعها او نخيلها واشجارها واثماره TTا ومراعيها وريعها )
بتجارة العطور والبخور والطيوب والمر والكافور وغيرهTا وكانت لهذه المنتجات اهمية
كبرى في العالم القديم ،فلقيت س TTوقا رائجة في مص TTر الفرعونية فقد كان المص TTريون
يسTT T Tتخدمون الطيب والبخور لتحنيط جثث الموتى ،وباإلضTT T Tافة الى قيام اهTT T Tل اليمن
بتصTTريف منتجاتهم الوطنية ،فقد كانوا يعملون وسTTطاء للتجارة بين الهند وبالد العراق
ومصر والشام ،فعن طريق اليمن كانت آللئ الخليج العربي والتوابTل والسTيوف الهندية
.والى ()6
والحرير الصيني والعاج والذهب االثيوبي ،تصل الى مصTTر والشام والعراق
جانب ما اشتهرت بTTه اليمن من انتاج انواع الطيوب والمر والكافور ،اشتهرت كذلك
() صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص – 17ماجد التاريخ السياسTTي للدولTTة العربية ج1 1
ص . 66
() المسعودي :مروج الذهب ج 2ص .69 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
34
ومن معادنها ()9
ومأرب ()8
وبتوافر ه TTذا المعدن في عشم وض TTنكان ()7
بوجود ال TTذهب
ايضTTا الفضTTة والرصTTاص والحديد ويتوافر هTTذا االخير في عدن واالراضTTي الممتدة بين
صعدة والحجاز وفي احد جبال نجران ،اما الفضTTة فتوجد في الرضTTراض ويوجد معدن
. ()10
الرصاص في المنطقة المحصورة ما بين فهم وخوالن
() فيليب حTTتي :تاريخ العرب ص ، 59ماجد :التاريخ السياسTTي ج 1ص ، 67سTTالم :دراسTTات 6
ص . 128
() فيليب حتي :تاريخ العرب ص . 57 7
()ابن رسته – االعالق النفسية ،ط لندن 1891 ،ص. 113 9
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
35
في يده السلطتين الدينية والسياسية ،ومن ثم كان اول لقب حمله الحكام في دولة سبأ هTTو
( مكرب ) اي المقرب من األله ،بمعنى الحاكم الديني او امير الكنهوت.
ان قيام المعبد بقيادة الحياة الدينية والسياسية في اليمن قد جعل من حقه ان تكون
ل TTه امالكه الخاص TTة ومص TTالحه المتميزة ،فض TTال عن حقه في فرض الض TTرائب وبعض
الواجبات على ابناء الشعب ،وهكذا نشأت في اليمن سTTلطة اقطاعية تهيمن على االرض
واسTTتغاللها بأسTTم اهلل والمعبTTد والملك ،فكان للمعبTTد امالكه واقطاعياته والTTتي تعني في
الواقع اقطاعيات الملك واعوانه من سادات القبائل واشراف المجتمع ،كما اصTTبح للملك
ولالشراف امالكهم واقطاعياتهم الخاص TTة بهم في مرحلة الحقة من تط TTور المجتمع في
اليمن ،ان التط TTورات اآلنف TTة ال TTذكر قد اوجدت المناخ المالئم لظهور ال TTدول في اليمن
وكانت القص TTور ()1
وتوس TTعها ،وقد امتاز اليمن بكثرة الحص TTون والمس TTالح والقص TTور
تعرف بالمحافد ،ومن تلك المحافد – غمدان وناعط ،وص TTرواح وس TTلحين وظف TTار ،
وهكر وضهر ،وشبام ،وبينون ،و ريام ،وبراقش ،ومعين وهند ،وهنيدة ،وعمران
،ويعرف صTT Tاحب المحفTT Tد والقصTT Tر بTT Tذي ،وجمعها اذواء ،فيقال ذو غمدان ،وذو
صرواح ،وذو معين ،واذا انضم عدد من هذه المحافد في مقاطعة كبTيرة سTمي مخالف
واشهر مخاليف اليمن مخالف ()2
ويتولى الحكم فيه امير يعرف بقيل ،جمعها اقيال
ص TTنعاء ،ومخالف شاكر ،ومخالف ض TTنكان ،ومخالف همدان ،ومخالف خوالن ،
وذكر اليعقوبي ان اليمن كان يشتمل على ( ) 84مخالفا (.)3
ومن اشهر قصTTور اليمن قصTTر غمدان ،وسTTحلين ،وبينون ،وقد ذكرهTTا احTTد
الشعراء في البيت التالي -:
()4
وبعد بينون يبني الناس بنيانا هل بعد غمدان او سلحين من أثر
اما عن مدن اليمن القديمة فأشهرها " مأرب " الTتي عرفت قديما باسTم سTبأ نسTبة
ويرى ()5
الى سTTبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطTTان اول ملوك الدولTTة السTTبأية في اليمن
()اقسTTام سياسTTية اشبه ما تكون باألماكن المحصTTنة او االقسTTام االدارية ( ماجد :تاريخ السياسTTي ج 1
() ابن الفقيه الهمذاني – مختصر كتاب البلدان ط ليدن 1885ص . 35 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
36
ياقوت الحموي ان اسم سبأ لم يكن يشمل سوى منطقة نفوذ السبئيين وان اسم مأرب كان
.وتقع مأرب الى الجنوب الشرقي من صTنعاء ،بينها وبين ()1
يطلق على احد قصورهم
صنعاء 60ميال وقد اشتهرت هذه المدينة كمركز تجاري هام لطريق القوافل بين حضTTر
موت جنوبا والحجاز شماال وازدهرت ازدهارا ال مثيل له في ظل السTTبائيين فشيدوا فيها
ومن مدن ()2
السدود والمعابد والقصور والحصون التي ما زالت أثارها باقية حTتى اليوم
اليمن القديمة ايضا ،صنعاء " ذمار" التي ذكر ياقوت انها كانت على مقربTة من صTنعاء
.ثم أتخذ االحب TTاش ص TTنعاء حاض TTرة لهم بعد ()3
وفي رأي اخر ان ذمار اس TTم لص TTنعاء
،ومنها مدينة ()4
غTT Tزوهم اليمن ،وأنشأ فيها ابرهTT Tة الكنسTT Tية المشهورة باسTT Tم القليس
نجران ،ال TTتي كانت مركزا للنص TTرانية في جنوب شبه الجزيرة العربية منذ ان تمكن
الTT Tراهب فيميون من نشر الTT Tدين المسTT Tيحي بها في سTT Tنة 500م وأسTT Tس كنيسTT Tة على
كذلك لعبت مدينة صTTرواح دور هاما في تاريخ اليمن القديم ، ()5
المذهب المونوفيزيتي
وكان موقعها بين صنعاء ومأرب ،وكان السبأيون قد اتخذوا هذه المدينة في بادئ االمر
ومن ()6
عاصمة لهم ،فأقاموا فيها المعابTTد ،وتعتبر صTTرواح من أهم أثار اليمن القديمة
مدن اليمن ايضTTا معين ،عاصTTمة المعينيين الTTتي كانت باسTTم" قرناو " ثم مدينة " ظفTTار "
عاصTTTمة الدولTTTة الحميرية وكان موقعها على الطريق الموص TTل من صTTTنعاء الى ذمار
وتريم من الجنوب .
ومن أهم الممالك العربية التي قامت في اليمن قبل االسالم هي :
الدولة المعينية .1
الدولة القتبانية .2
دولة الحضارمة .3
مملكة أوسان .4
الدولة السبأية .5
() ياقوت :معجم البلدان ط بيروت 1955ص 34المجلد الخامس . 1
()صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص ، 21سالم – دراسات ص. 140 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
37
الدولة الحميرية .6
الفصل الثاني
ممالك جنوب الجزيرة العربية
دولة اليمن قبل االسالم
.1الدولة المعينية
.2الدولة القتبانية
.3دولة الحضارمة
.4مملكة أوسان
.5الدولة السبأية
.6الدولة الحميرية
.7كندة
.8لحيان
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
38
الدولة المعينية
تعتبر الدولة المعينية من اقدم الدويالت التي قامت ببالد اليمن قبTTل االسTTالم ،
وقد اورد اسTT Tم المعينيين في المص TT Tادر اليونانية والرومانية ،فسTT Tماهم اسTT Tترابون
وديودور الص TTقلي وبلنيوي ب ( ، ) Minaeiوذكر اسTTترابون ان عاص TTمتهم مدينة
، ()1
( قرناو ) ()Karna
ولم يكن العلماء يعرفون معين وال اكتشفوا انقاضTTها ،فذهب بعضTTهم الى ان
لفظة Minaeiنسبة الى جبل منى قرب مكة ،حتى وفق المستشرق جوزيف هالفي
الى ارتياد بالد الجوف الجنوبي شرقي صTT Tنعاء ،واكتشف انقاض معين ،وقرأ
اس TTمها عليها بالمس TTند وبجانبها ب TTراقش ،فذهب ه TTاليفي ووافقه في ذل TTك جالزر ان
معين هي البلد التي ينتسب اليها المعينيون ،وان هذه المدن الTTتي اكتشفها هTTاليفي في
. ()2
الجوف هي مدن معينية وال سيما براقش التي كانت تعرف باسم ( يثيل )
وبفضTTل الدراسTTات العلمية الTTتي قام بها (مولر) على النقوش الTTتي اكتشفها
جالزر وجوسن ،استطعنا معرفة الكثير عن تاريخ وملوك هTTذه الدولTTة ،وقد حصTTر
مولر عدد الملوك الTTذين قرأ اسTTماءهم في هTTذه النقوش ،فذكر ( )26اسTTما موزعين
على خمس اس TT T Tرات ،في حين ذكر )فلبي) اس TT T Tماء ( )22ملكا نظمهم في خمس
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
39
اسTTرات ،وذهب الى القول بTTأن اول عهد مملكة معين بهذه االسTTرات قد رجع الى
(، )1
عام ( 1120ق.م) حيث حكمت االسرة االولى ،وكان عدد ملوكها اربعة
ويظهر من دراسة النقوش المعينية ان نظTTام الحكم في دولTTة معين كان ملكيا
وراثيا مقيدا ،وقد يشارك االبن اب TTاه في الحكم ،وهناك مجلس استشاري يعاون
الملك في الحكم ويحد من سلطانه(. )2
ومن الملوك المعينيين ( اليف TT Tع وقة ) ال TT Tذي عثر على اس TT Tمه في الخرب TT Tة
السوداء ،وهي مدينة (نشان) في الكتابات المعينية ،وذكر معه اسTم ابنه ( وقة ايل
ص TTدق ) ال TTذي خلف TTه في حكم اليمن ،كما ورد اس TTم ( اليف TTع وقة ) مع اس TTم ابن ل TTه
يدعى ( ،اب TTو كرب يثع ) ،في نقش عثر عليه في ديدن ( العال) ،ومن ملوكهم
ايضا الملك ( اب يدع يثع ) و( وقة ايل ريام ) و( يثع ايل صTTديق ) و( يثع ايل ريم
) وابنه ( تبTTع كرب ) ،وفي عهد هTTذين االخرين ضTTعفت الدولTTة المعينية وخضTTعت
لنفوذ السبأيين( ، )3وكانت هناك مجالس تعرف باسم ( مسود ) تدير شؤون الحكم في
()4
المدن المعينية في السلم والحرب ،وتشابه دار الندوة في مكة في العصTTر الجاهلي
،وتمتع هTذه المدن باسTتقالل ذاتي ،ويراس مجلس شيوخها رئيس ينتخب لمدة سTنة
واحدة قابلة للتجديد ،وكان لهؤالء الرؤساء مكانة سTTامية ،فقد كانت اسTTماؤهم تدون
في س TTجالت المدينة او المعاب TTد ،ويذكرهم المؤرخون في وثائقهم ،ح TTتى ان بعض
()5
الملوك كانوا يؤرخون توليتهم ويحددونها بذكر الرئيس الذي كان قائما آنذاك
اما عن نظام الضرائب في مملكة معين ،فتدل النقوش انها كانت تنقسTTم الى
ثالثة انواع(: )6
ضرائب تعود جبايتها الى خزانة الملك .1
جرجي زيدان :العرب قبTTل االسTTالم ،فؤاد حسTTنين :أسTTتكمال كتاب التاريخ العربي القديم ،ص . 270سTTالم : () 1
دراسات ،ص.143
() زيدان :العرب قبل االسالم ،ص ، 131صالح العلي ،محاضرات في تاريخ العرب ،ص.20 2
جواد علي :تاريخ العرب قبTل االسTالم ،ج ، 1ص ، 293-387فؤاد حسTنين :اسTتكمال التاريخ العربي القديم ، () 3
ص.273-272
() نفس المرجع :تاريخ العرب قبل االسالم ،ج ، 1ص.405 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
40
ض TT Tرائب تعود جبايتها الى المعاب TT Tد ،وه TT Tذه نوعان :نوع يعرف باس TT Tم .2
( اكرب ) وهي الض TTرائب ال TTتي تقدمها القبائل تقرب TTا لآللهة ،ونوع آخر
اجباري كان يفرض على المواطنين يقال له ( العشر )
ضرائب تعود جبايتها الى المشايخ والحكام . .3
الحياة االقتصادية :
مارس المعينيون التجارة ،فسTT Tيطروا على الطTT Tرق التجارية بين الشمال
والجنوب وامتد نفTTوذهم السياسTTي الى الحجاز شماال ،فدخلت معان وديدن ،تحت
النفTT Tوذ المعيني( ، )1وكان الطريق التجاري الTT Tبري الTT Tذي يربTT Tط بين اليمن والشام
ومصر والذي يمر بغربي تيماء تحت سيطرة المعينيين تارة والسبأيين تارة اخرى ،
االمر الTT Tذي اسTT Tتلزم مرابطTT Tة طائفTTTة من الحكام المعينيين او السTT Tبأيين الTT Tذين كانوا
يعاهدونهم على الطريق التجاري الذي تسلكه القوافل التجارية ،وكانت ترابTTط معهم
حاميات عسTTكرية للحماية وجاليات جنوبية من التجار ،كما كانت تقيم معهم جالية
من االفريقيين الكوشيين الذين كانوا يمارسون التجارة مع المعينيين او السبأيين بحكم
الجوار( ،)2وكانت الظTTروف الدولية آنذاك قد سTTاعدت حكام معين على تثبيت ملكهم
ومد نفوذهم التجاري في منطقة الشرق االوسTTط ،ففي مصTTر لم يتمكن ملوك االسTTرة
الحادية والعشرين الض TTعفاء من التدخل في شؤون الجزيرة العربية ،وفي العراق
كان يحكم بابل ملوك ضعفاء ،وفي آشور كان تجالت بالسTTر منشغال في حروبTTه
في شمال العراق وقد ادى هTT Tذا التوسTT Tع الى احتكاك المعينيين بآشور
والفينقيين(. )3
وقد ادى اشتغال المعينيين بالتجارة الى المامهم بالكتاب TT Tة وتدوين
الحسTT Tابات التجارية فأقتبسTT Tوا االبجدية الفينقية ،لسTT Tهولة اسTT Tتعمالها وقرب
تناولها .الى الجرف المس TTماري فدونوا بها لغتهم ،وتنوعت تلك االبجدية
() موسل :شمال الحجاز ،ترجمة :الدكتور عبد المحسن الحسني ،طبعة االسكندرية ، 1952 ،ص. 88 – 87 2
() صالح العلي ،محاضرات في تاريخ العرب ،ص ، 519مبروك – مصر ما قبل االسالم ،ص. 54 – 53 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
41
،وعثر على ()1
على مر االجيال حTTتى صTTارت الى الحTTرف المسTTند المشهور
كتابTTات معينية في منطقة الجيزة في مصTTر ،وفي جزيرة ديلوس من جزر
اليونان يرجع عهدها الى القرن الثاني قب TTل الميالد ،مما يدل على انتشار
.وراء تجارتهم ح TTتى بعد س TTقوط دولتهم ،ومن ()2
المعينيين في بالد واس TTعة
طويل محتفظين بنشاطهم االقتصادي كما عثر على كتابTTات معينية في منطقة
أور والوركاء في العراق(.)3
الدولة القتبانية
كان موض TT Tع ه TT Tذه الدول TT Tة في الط TT Tرف الجنوبي الغ TT Tربي من بالد اليمن ،الى
،وقد ذكر ياقوت في معجم ()4
الجنوب من بالد السTT Tبأيين وعلى تخوم حضTT Tر موت
.اتخذ القتبTTانيون مدينة ( تمنع ) في وادي ()5
البلدان ان قتبTTان موضTTع في نواحي عدن
بيحان عاصمة لهم ،وتعرف في الوقت الحاضر باسم " كحالن " وكانت هTTذه المنطقة قد
عرفت قديما بخصبها وبكثرة مياهها وبساتينها ،وال تزال أثار نظم الTTري القديمة تشاهد
هناك حتى اليوم ،كما ان النقود الذهبية التي عثر عليها في مدينة (تمنع ) وفي ( حTTريب
) وفي اماكن اخرى والتماثيل المص TT Tنوعة من المعدن وبعض المص TT Tنوعات المعدنية
.ويرجع الفضل لما ورد من اخبTTار عن ()6
االخرى تشير الى تقدم القتبانيين وحضارتهم
مملكة قتب TTان الى النقوش القتبانية ال TTتي جمعها " كالس TTر " في رحلته الى اليمن س TTنة (
1894-1892م) فكانت اول كتابTTات قتبانية تصTTل الى أوربTTا ،وقد القت هTTذه النقوش
الض TTوء على ما غمض من حض TTارة ه TTذه الدول TTة ال TTتي عاص TTرت كل من حكومة معين
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص 43 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
42
.اما عن تاريخ قيام هTT Tذه الدولTT Tة ()1
وحكومة سTT Tبأ ،وشهدت سTT Tقوط الدولTT Tة المعينية
ونهايتها ،فقد اختلف الباحثون في هذا الموضوع ،فيرى " كالسTر " انها قامت فيما بين
عامي ( 24 – 200ق.م ) ،وربما قبTل ذلTك ،في حين يرى غTيره ان هTذه النهاية كانت
،اما فلبي فيذكر ان اقدم مكارب قتبTTان يرجع ()2
بعد الميالد بحTTوالي مائتي عام تقريبTTا
الى ح TTدود س TTنة ( 568ق.م ) ،وان قتب TTان اندمجت في دول TTة س TTبأ نهائيا في س TTنة (540
.في حين ان النقوش ال TTتي حص TTلت عليها بعثة وندل فيلبس تؤكد ب TTأن المدن ()3
ق.م)
القتبانية كانت آهلة بالس TTكان في االل TTف الثاني قب TTل الميالد ،اي انها عاص TTرت الدول TTة
.ويعتقد بعض الب TT Tاحثين ان الف TT Tترة ال TT Tتي امتد فيها حكم ()4
المعينية والدول TT Tة الس TT Tبأية
المكربين ( المقربين ) تقع بين القرنين السTابع والخامس قبTل الميالد ،وفي هTذه المرحلة
من تاريخ قتبTان يقوم المكرب " يدعى اب ذبيان " في القرن الخامس ق.م بمهاجمة سTبأ
واالسTTتيالء على اقليم مراد ،ويرجح انه شيد المدخل الجنوبي لمدينة تمنع ،وورد في
بعض النقوش التي تنسب الى هذا المكرب انه خلع على نفسه ألقابTا أخرى ،فهو مكرب
.وأوسTTان وكحTTد ودهس وتبنو .وفي نقش اخر يلقب ايضTTا ()5
قتبTTان وجميع ابناء "عم "
بمكرب يرفع وابناء الجنوب والشمال ،ويرى بعض البTاحثين ان يدع اب ذبيان اول من
توج نفسه ملكا على قتبان او من بين الملوك الذين جلسوا على عروشها ،وبوفاته تنتهي
االسTTرة الملكية القتبانية االولى .وتلى هTTذا العصTTر عصTTر اخر يمتد من 350ق.م الى
250ق.م ،تولت فيه اس TTرة ثانية من بين ملوكها " شهر يجيل " ال TTذي اعتلى عرش
قتبTان في عام 300ق.م تقريبTا ،وينسTب اليه بناء معبTد لإللTه " عم " في وادي لبخ وفي
مدينة " ذو غيل " ،وقد ورد في احد النقوش المنسوبة اليه انه قوض عرش معين ،ثم
خلفه اخوه شهر هالل بو هثعم (يوهنعم ) ،صاحب مسلة تمنع وسيد المعينيين ،وبوفاته
تنتهي االسرة الملكية القتبانية الثانية .ويلي هذا العصر ،عصTTر ثالث تناوب فيه عرش
البالد عدد من الملوك اخرهم يدع اب غيالن ،وينسTTب اليه بناء بيت " يفش " وزخرفة
() نفس المرجع :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص 12-11سالم :دراسات ص150 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
43
باألسTTد الTTبرونزي ،ثم اعقب ذلTTك اسTTرة ملكية اخرى تسTTتمر من سTTنة ( 100ق.م – الى
25ق.م ) ،واول ملوك هذه الفترة :هوف عم يو هنعم ،وابنه شهر يجيل يوهرجب ،
ال TTذي أعاد بناء ب TTرج المدخل الجنوبي ل TTبيت يفش ،ثم جاء بعده ابنه ورو ال غيالن
يوهنعم ويرجح انه اول من سك نقودا ذهبية قتبانية ،ثم تولى بعده اخوه " فرع كرب
يوهودع " وهو اخر ملك في هTTذه االسTTرة جلس على عرش قتبTTان .ويعتبر عصTTر قتبTTان
ال TTذهبي ه TTو الممتد من 50 – 350ق.م ،فوص TTلت من ه TTذا العص TTر اهم مجموعة من
النقوش ،ومنها يتبين ان قتبان كانت في ذلك العصر اهم مملكة في بالد العرب الجنوبية
. ()1
،حيث أخضعت لسلطانها معين وسبأ
وقبيل الميالد ( اي في 50ق.م ) تعرض TTت مدينة تمنع لغ TTزو من شعب غ TTير
معروف فأحرقت ودمرت تدميرا تاما ،كما ظهرت مملكة اخرى الى عالم الوجود هي
.واسTTتنادا ()2
مملكة سTTبأ وذو ريدان الTTتي قامت على انقاض كل من قتبTTان وسTTبأ ومعين
الى الكتابات القتبانية القديمة يتبين ان حكام قتبTان كانوا يتلقبTون بلقب مكرب ،في بTادئ
امرهم ،ثم تطوروا فأضافوا الى لقبهم هذا لقب ( ملك ) ،ثم نزعوا عنهم لقبهم القديم (
مكرب ) واكتفTT Tوا بTT Tاللقب الجديد ،وقد كان هTT Tؤالء المكربTT Tون يحكمون في جماعتهم
وطTTوائفهم حكما يشبه حكم قضTTاة بTTني اسTTرائيل ،فلما توسTTع سTTلطانهم وتجاوزوا حTTدود
.وكان نظTTام الحكم في قتبTTان ()3
المعبTTد والجماعة ،وتشبهوا بTTالملوك وتلقبTTوا بألقابهم
يشبه ما كان سTTائدا في معين ،والحكم ينتقل من االبTTاء الى االبناء ،ويالحTTظ ايضTTا ان
الملوكية تنتقل الى االخوة مع وجود االبناء ،وكان يدير شؤون المملكة حكام نيابTة عن
الملك ومشايخ يقال للواحد منهم ( كبير) ،وتتألف المملكة من حضر ،وهم سكان القرى
والمدن وينسTTبوهم الى مدنهم ،ومن ( أشعب ) اي قبائل ،ويكون للمجتمع كالمدينة او
القرية او القبيلة دار ندوة تجتمع فيها للتشاور في تصTTريف االمور في السTTلم والحTTرب
. ()4
يقال لها " مشود "
() فؤاد حسنين :استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص289 – 286 1
() فؤاد حسنين :استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص288 2
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص 14-13 3
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص 50 – 49 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
44
اما من الناحية االقتصTT T Tادية ،فقد اسTT T Tتفاد القتبTT T Tانيون من موقعهم الجغTT T Tرافي
ومجاورتهم لحضر موت ،التي اشتهرت بإنتاج اجود انواع البخور ،فاشتغلوا بالتجارة
،فجنوا ارباح TTا كب TTيرة ،واص TTبحت لهم قوة عظيمة ،كان لها أثر في الح TTد من نف TTوذ
.وقد أسTTفرت الحفريات االثرية الTTتي اجريت في موضTTع كحالن ( تمنع ) ()1
المعينيين
عن كشف كثير من التحTTف المصTTنوعة من المعادن والخزف والمتأثرة بTTالفن اليوناني ،
. ()2
كما عثر على عمالت هيلينية ورومانية
دولة الحضارمة
تقع بالد حضر موت الى الشرق من اليمن في أرض تكثر فيها الجبTال والوديان
،وذكر المقدس TTي ان ( حض TTر موت هي قص TTبة االحقاف موض TTوعة في الرمال عامرة
نائية عن الس TTاحل ،اهلة لهم في العلم والخير رغب TTة ،اال انهم شراة شديد س TTمرتهم )
.اما ياقوت فذكر انها ( ناحية واسTعة في شرقي عدن بقرب البحTر ،وحولها رمال ()3
.وينسTTب االخبTTاريون بالد حضTTر موت الى حضTTر موت بن ()4
كثيرة تعرف االحقاف )
يقطن بن عامر بن شالخ ،معتمدين في ذلTك على رواية التوراة ،أما بطليموس فسTماها
،ويفسTT Tر ()5
، ChathramitaeوحضTT Tر موت تعني في اللغTT Tة العبرية :دار الموت
ياقوت هذه التسمية بأن حضر موت هو عامر بن قحطان وانه سمي بهذا االسم ألنه كان
اذا حضر حربا اكثر من القتل فلقب بذلك حضر موت(.)6
وقد ورد اس TT Tم حض TT Tر موت في الكتاب TT Tات المعينية ،كما عثر على كتاب TT Tات
.وبفضTTل النقوش والكتابTTات ()7
حضTTرمية ورد فيها اسTTماء عدد من ملوك حضTTر موت
التي عثر عليها العلماء في الحريضة وشبوه أمكن معرفة تاريخ هTTذه الدولTTة ،فظهر انها
كانت معاصرة لدولة معين ،وسTTبأ ،وقتبTTان ،وانها فقدت اسTTتقاللها واندمجت نهائيا في
مملكة س TTبأ وذو ريدان في عهد شمر يهرعش ال TTذي تلقب بلقب ملك س TTبأ وذو ريدان
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص 44 – 43 2
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص. 65-64سالم :دراسات ص . 154 – 153 5
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص . 82 – 81 7
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
45
.اما عن ملوك حض TTرموت فيذكر الب TTاحثون ان اولهم ه TTو : ()1
وحضTTTرموت ويمنات
صدق ال ( صديق ايل) الذي كان ملكا على حضرموت ومعين في ان واحTTد ،وانه حكم
فيما يقرب من سTTنة ( 1020ق.م) ثم خلفTTه :علن بن صTTدق ال وتولي الحكم في حTTوالي
سTTنة ( 1000ق.م) ،ويرى فلبي ان حضTTر موت الحقت بعد موت معد يكرب بمملكة
معين وظلت تابعة لها الى حTT Tوالي سTT Tنة( 650ق.م ) ،ويذكر ايضTT Tا ان حضTT Tر موت
.كان ()2
اصبحت جزء من قتبان او سTTبأ منذ سTTنة( 590ق.م )وحTTتى سTTنة ( 180ق.م)
نظ TTام الحكم في مملكة حض TTر موت يشبه ما كان س TTائدا في الممال TTك العربية الجنوبية
فالملك يسTTتمد قوته من حقه المقدس ،في نفس الTTوقت الTTذي كان فيه مجلس عام ،مما
جعل حكم الملك حكما دس TTتوريا ،اما في المدن فتوجد حكومات محلية يعين افراده TTا
بطريقة االنتخاب ،ويعاونهم مجلس من شيوخ المدنية(. )3
وكانت مدينة ميفعة عاصTTمة للقتبTTانيين في مبTTادئ االمر ،ثم انتقلت الى شبوة ،
وقد كشفت التنقيبTTات الTTتي اجريت في شبوه ،على اثار كثيرة تتضTTمن عددا من المعابTTد
والقصTT Tور القديمة وبقايا السTT Tدود الTT Tتي كانت قد اقيمت على وادي شبوه لحصTT Tر مياه
االمطار واالستفادة منها لري المناطق المجاورة(.)4
مملكة اوسان
وعرف من الكتابTTات القتبانية ،شعب يقال لTTه ( أوسTTن ) أو (أوسTTان) ،وكانت
()5
أرضTTه تكون جزءًا من مملكة قتبTTان ،مثل دهس و (دتنت ) (دتنه) و ( تبTTنى ) ومناطق
أخرى كانت تابعة لقتبان ،وقد عرف من الكتابات ان األوسانيين كونوا حكومة ،حكمها
ملوك ،وصTلت أسTماء بعضTهم الينا ولكنها حكومة صTغيرة لم تبلغ مبلغ حكومة قتبTان ،
أو حضرموت أو معين ،أو سبأ .
() جواد علي :تاريخ العرب قب TTل االس TTالم ج 2ص ، 91فؤاد حس TTنين :اس TTتكمال لكتاب التاريخ 1
العرب ص . 276
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص 91وما بعدها . 2
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص 84 – 83 4
() R EPIG .454, Hartmann, Arabische Frage, S. 185 , Lidzbarski , Ephemeris 5
2
()Biragc , S . 70
3
وقد اختلف الباحثون في المراد من ( مصر) ،كما اختلفوا في تفسير النص ،ألنه من النصTTوص )(
Margoliouth , Two South Arabian Inscription , p.6, Margoliouth , InالغامضTTة
proceedings . Briti . Academy , Vol ., XI ., p.6, Rhodlkanakis , Altesabaische
Texten , I,s. 96, Orientalia , Vol ., I , p. 269 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
47
،وعندي ان لفظة ( ود ) هنا هي مجرد اسTTم لشخص ما ،وفي ()1
من نسل االله ( ود)
كتب االنسTTاب والخبTTار اسTTماء عدد من الرجال ،هي في الTTوقت نفسTTه أسTTماء الهة ،ولم
يقل أحTTد أن اصTTحاب تلك االسTTماء كانوا يرون انفسTTهم آلهة ،أو من أبناء الهة ،وبينهم
أناس كانوا من سواد الناس .
وال نعرف من أمر ه TTؤالء الملوك شيئًا يذكر ،والظ TTاهر أن تمثال ( معد آل
(سTTلحن) ( معد أيل سTTلحان ) يمثل والTTد ( يصTTدق أيل فرعم شرح) كما جاء ذلTTك مدونًا
في قاعدة التمثال الرابTTع ،ويظهر أن ( يصTTدق أيل فرعم) هTTو غTTير( يصTTدق أيل فرعم
شرح عثت) كما يتبين ذلTTك من اختالف صTTورتي التمثالين ،وتفيدنا هTTذه التماثيل فائدة
كب TT Tيرة في التعرف على نماذج مالبس االوس TT Tانيين وعلى زينتهم وكيفية تنظيم شعور
رؤوس TTهم ،وعلى غ TTير ذل TTك مما ل TTه عالقة بمظهر االنس TTان ،وب TTالفن من حيث الجودة
والخلق والتعبير عن النفس واالتقان .
وجاء اسTT Tم الملك ( يصTT Tدق آل فرعم شرح عت ) في كتابTT Tة اوسTT Tانية أمرت
بكتابتها امراة اسTTمها (رثدت) ( رثدة ) ،وقد جاء فيها انها قدمت الى سTTيدها المذكور
،وهي كتاب TTات ()2
ملك أوس TTان ،تمثاًال من ال TTذهب ،ليحف TTظ في معب TTد ( نعمن ) نعمان)
النذور ،ويظهر انها قدمت هTTذا النذر لحTTادث وقع للملك فتوسTTلت لTTدى الهة أوسTTان بTTأن
تمن على الملك وتبارك فيه ،وهي في مقابل ذلك تقدم لها نذرًا تمثاًال من ذهب ،وال بTTد
ان تكون هذه المراة من االسر الرفيعة التي لها شأن ومكانة ،ولعلها كانت من أسرته .
وجاء في كتابTTه أوسTTانية أخرى تحطم ص TTاحبها وزالت معالمه :أنه قدم تمثاًال
( صلمت) من ذهب الى سيده ( مراس ( مرأس) ( يصTTدق أيل فرعم شرح عتت ) ملك
أوسان( )3وال بد ان يكون هذا التقديم لمناسبة حدث للملك ،فأراد هTTذا الوجيه التعبTTير عن
،وتشبه هذه الكتابة الكتابTTة ()4
تقديره لسيدة الملك بتقديم هذا التمثال المصنوع من الذهب
المرقمة بـ Jaussen Nr. 159 bisوهي ألخت هTTذا الملك ،وقد اسTTمها من الكتابTTة
1
()Beitrage , S. 58 , Conti Rossini ., 94 .
2
()REP. EPIG ., Tome I, 6,350 , 461 .
3
()Orientalia ,Vol ., p. 127 .
()( صلمت ذهبن) ( تمثال ذهب) ( ،صلم من ذهب ) 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
48
بتهشم حTTدث في الحجر ،وبقيت منه بقية هي ( :ذت بغيثت اخت ،)1() ...وجاء فيها
،ولم تذكر ()2
انها قدمت الى سTTيدها ( سTTقنت مراس) صTTنمًا من ذهب ( صTTلم ذ ذهبم )
المناسبة التي دعتها لتقديمه ،وكان له شقيق هو ( زيد سيلن ) ( زيد سيالن)(.)3
ويرى بعض الب TTاحثين ان زمان حكم الملك ( يص TTدق ال فرعون شرح عت )
(يص TTدق ايل فارع شرح عت ) كان في النص TTف االول من القرن الخامس قبTTل الميالد
،وقد اسTTتدلوا على ذلTTك من طTTراز التمثال ()4
حTTتى حTTوالي السTTنة ( ) 450قبTTل الميالد
الذي نحت ليمثل ذلTك الملك ،فأن شكل اللبTاس الTذي نحته النحTات ليكون لبTاس الملك ،
هو على النسTق اليوناني في التماثيل اليونانية المنحوتة قبTل منتصTف القرن الخامس قبTل
الميالد ،ويرى البTTاحثون احتمال شراء هTTذه التماثيل من ( غTزة ) في فلسTTطين ،اذ كانت
سوقًا مهمة يفد عليها العرب لإلتجار ،وفيها معروضات يونانية وغيرهTTا ،ينقلها التجار
الى جزيرة العرب ،وفي جملتها االص TTنام ال TTتي أثرت في الفنانين العرب ،فص TTاروا
ينحتون تماثيلهم على شاكلتها ،وفي جملتها تمثال الملك المذكور الذي يجب ان يكون قد
نحت فيما بين النصTTTف االول من القرن الخامس قب TTل الميالد الى ح TTوالي السTTTنة (450
وعرفت اس TTماء الملوك اخرين من ملوك أوس TTان ،ال نعلم من امر اص TTحابها ()5
ق.م )
وقد رأى ( جوسTTن ) Janssen ()6
شيئًا يذكر ،منها ( معد أيل سTTلحان بن ذي يدم )
،ولقب ( سTTلحن ) ( سTTلحان ) من ()7
ان االسTTم االخير هTTو ( زيدم ) بTTدًال من (ذ يدم )
االلقاب ال TTتي تكرر وروده TTا مدونة على تماثيل ملوك أوس TTان ،وعلى بعض الكتاب TTات
1
()Mordtmann und Eugen Mittwoch , Altusbarabische Inschriften , Roma ,
1933, S. 18 .
2
()Orientalia , Vol ., I , p . 124 .
3
()Background , p . 85 .
4
()Wissmann-Hofner, Beitrage,S .8,58,69,142, Pirenne , Royaume de
Qataban , P .138 , 199 , conti Rossini , Chrest , 93,94, Le Museon , 1964 ,
3-4 P.442
5
()Beotrage , S . 8 , 58 , 70
()( معد ال سلحن بن ذيدم ) ،ذويدوم 6
7
()Mordtmann und Eugen Mittwoch , Alisudarabische Inschriften , Roma ,
1933 , S .13
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
49
ال TT T Tتي عثر عليها في (ابنة ) وفي المعاه TT T Tدة المعقودة بين ( س TT T Tلحن ) و ( زررن )
( زراران ) ،اي بين ملك ( نجاشي ) الحبشة وملك ( س TTبأ ) ،ويرى ( ميتوخ ) ان
( سTTلحن ) (سTTلحان ) احTTد المتعاقدين في المعاهTTدة المذكورة ما كان ملكًا حبشيًا ،ولكن
. ()1
ملكًا من ملوك أوسان ،وأما ( زررن ) ،فانه ملك من ملوك قتبان
،محفTTورًا ووجد اسم ملك اخر من ملوك أوسان ،هTTو ( عم يثع غلين لحى )
()2
1
()Orientalia , I , P 119 , Janssen 1,2,17,57 .
()( عميثع غيالن لحي ) ( عم يثع غيالن لحي ) 2
3
)()Orientalia , Vol , P , 30 , 119 , (932
4
()Beitrage , S . 70 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
50
.وتقع مملكة أوس TT Tان في جنوب ( قتب TT Tان ) ،وهي من الحكومات العربية ()1
ق.م )
الجنوبية الصTTغيرة ،اال انها كانت ذات اهمية ،اذ كانت تملك السTTاحل االفريقي الTTذي
اشرت اليه ،وتتاجر مع سكانه ،وقد كان ميناء ( عدن ) من جملة االماكن التابعة لهذه
.ومن ملوك أوسان ،ملك ذكر اسمه في النص الموسوم ب Glaser 1600 ()2
المملكة
ال TTذي تح TTدث عن حملة قام بها الملك ( كرب أيل وتر ) على جملة قبائل وامارات
بين ()3
وحكومات ملكية ص TTغيرة ،فبعد ان اس TTتولى ه TTذا الملك على مدينة ( شرجب )
الجوف ونجران ،س TTاق جيوشه الى ( أوس TTان ) ،فقتل س TTتة عشر ال TTف رجل ،واس TTر
اربعين ،واحتل أماكن اخرى كانت تابعة ألوس TTان ،وهي ( :حمن ) ( حمان ) ،و
( انفم ) ( انف ) و (حبن ) ( حTT Tان ) و ( ديب ) ( دياب ) و ( رشا ) ( رشاى ) ،و
( جردن ) ( جردان ) ،و ( دتنت ) ( دتنه ) ،و ( تفTT Tذ ) الى سTT Tاحل البحTT Tر ،وذكر
.اما ملك ( ()4
النص بعد ذلك معبد ( مرتوم ) ( مرتم ) ( مرتو ) الذي اسمه ( مسTTور)
.وقد كانت قتب TTان حليف TTة لس TTبأ في ه TTذه ()5
أوس TTان ) فكان اس TTمه ( مرتوم ) ( مرتو )
الح TTرب ،وقد يكون تعبيرنا أدق وأص TTح ل TTو قلنا انها كانت تابعة لها في ه TTذا العهد ،
ولذلك اشتركت مع السبئيين ضد األوسانيين ،اما (أوسان ) ،فكان الى جانبها ( دتنت )
و ( دهس ) و ( تبTنى ) وبعض قبائل ( كحTد ) ،وقد رأيت ان جميع هTذه القبائل ومعها
( أرسان ) كانت تابعة لمملكة قتبTان ،ويظهر انها ثارت على قتبTان ،وانفصTلت عنها ،
فتكونت مملكة أوسان ،ودخلت القبائل االخرى في هذه المملكة ،اي مملكة أوسTان ،او
انها تح TTالفت معها ،واس TTتقلت كل في منطقتها فكونت امارة او مملكة ص TTغيرة ،فلما
انتهى ( كرب أيل وتر ) من مملكة أوسTT Tان ،تعقب هTT Tذه القبائل واخضTT Tعها لحكمه ،
ويظهر ان ملك ( دهس ) الذي كان في حلف مع أوسان ،او خاضعًا لها ،انتهز فرصTTة
انتصTTار ( كرب أيل وتر ) على أوسTTان فأعلن انفصTTاله عنهم وانضTTمامه الى السTTبئيين ،
()6
فكافأه ( كرب أيل وتر ) بإعطائه جزءًا من ارض أوسان هو ارض ( ادوم ) ( أود )
1
()Beirage , s . 74 , Periplus Maris Erythrael , 22, A .Arabien , s. 25 .
2
()Disciveries , P . 39 .
3
()Glaser , Skizze , 2 , S.89
4
()Glaser , Skizze , 2 , S.89 , Hartmann , Arabische Frage , S. 185
5
()Beitrage S . 8 , Background P. 144
6
()Glaser , 1000 A7 , Rhodokanakis , KTB , I , S.28
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
51
.وقد احتل السبئيون ارض أوسان وارض تبنى ،ووهبTوا ارض ( كحTد ذ حضTنم ) أللTه
س TTبأ ( المقه ) ،اي ان الملك ( كرب ال ) ( كربئيل ) ( كرب أيل ) وهبها لحكومة
ولشعب سTT T Tبأ ،وانعم على قتبTT T Tان وحضTT T Tر موت ببعض االرضTT T Tين الTT T Tتي غنمها من
االوس TTانيين ،ويظهر انها كانت قتبانية وحض TTرمية في االص TTل ،غ TTير ان االوس TTانيين
اغتصTTبوها منهم ،فأعادهTTا ( كرب أيل ) الى قتبTTان وحضTTر موت لمسTTاعدتهما لTTه ،وقد
كان ملك قتبان الملك ( وروايل ) اذ ذاك .ويظهر من عبارة (وقني كرب أيل كل قسTTط
كحد ...جوم ال لمقه ولسبا ) ،ومن جملة (كل قسط كحTTد حرهTTو وعبTTدهو ) ،ان ارض
( كحTTد ) ذ حضTTنم ) الTTتي وهبت أللTTه مقه ولشعب سTTبأ ،اصTTبحت ملكًا خاص ًTا بالملك
( كرب أيل ) ،وان جميع اهTTل ( كحTTد ) احTTرارًا وعبيدًا صTTاروا اتباعًا لTTه ،يسTTتغلون
.وقد جعل ( فلبي ) الملك ( مرتو ) في رأس قائمته ()1
االرض ويدفعون اليه الغالت
الTTتي وضTTعها لملوك ( أوسTTان ) ،وجعل زمان حكمه فيما بين السTTنة ( )620والسTTنة (
()2
600ق.م) وذلك ليجعله معاصرًا ل( كرب أيل وتر ) الذي جعل حكمه في هذا الزمن
،وهTTو رأي يعارضTTه اكثر البTTاحثين في العربيات الجنوبية ،اذ جعلوا حكمه في حTTوالي
.ووضع ( فلبي ) اسم الملك ( ذ بدم ) ()3
السنة ( ) 450قبل الميالد ،او بعد ذلك بقليل
( ذ ب TTد ) ( زيد ) ،بعد اس TTم الملك (مرتو ) ،وجعل زمان حكمه في ح TTوالي الس TTنة (
230ق.م ) ،فترك ب TTذلك فجوة كب TTيرة ال يدري من حكم فيها ،ولم يعرب اس TTم وال TTد
.ثم ذكر ( فلبي ) ( ،معد ()4
الملك ( ذ يدم ) ،وقد ذكر انه كان من عشيرة (بغيثت )
أيل س TTلحن ) بعد ( ذ ب TTد ) ،وجعله ابنًا ل TTه ،وجعل حكمه في ح TTوالي الس TTنة ( 210
ق.م ) وذلك جريًا على طريقته في وضع مدة ( 20سنة ) لكل ملك يقضيها في الحكم ،
ثم جعل ( يصTTدق أيل فرعم شرح عت ) من بعد ( معد ايل ) وجعله ابنًا لTTه ،وصTTير
زمن حكمه في حوالي السنة ( 190ق.م ) وجعل ( زيد سلحن ) شقيقا له ،كما جعل لTTه
اختًا ثم وض TTع الملك ( معد أيل س TTلحن ) بعد (يص TTدق أيل فرعم ) ،وجعله ابنًا ل TTه ،
وجعل زمان حكمه في حوالي السنة ( 170ق.م ) ،ثم صير ( يصدق أيل فرعم عم يثع
1
()Rhodokanais , KTB , I , S.30
2
()Background , P.144
3
()Beitrage , S.8
4
()Background , P .144
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
52
) ملكًا من بعده ،وهTTو ابن ( معد أيل سTTلحن ) ،وجعل حكمه في حTTوالي السTTنة ( 150
ق.م ) ،ثم جعل ( فرعم زهمهن الشرح ) ملكًا من بعده ،وهTTو ابن ( يصTTدق أيل فرعم
عم يثع ) ،وجعل حكمه في ح TT Tوالي الس TT Tنة ( 135ق.م ) ،ثم ذكر ( عم يثع غيلن
لحى ) من بعده ،وهو ابن (يصدق أيل فرعم عم يثع ) ،وقد جعل حكمه حTTوالي السTTنة
( 120ق.م )(. )1
ولم يذكر ( فلبي ) ملكًا اخر بعد هTذا الملك ،وانما ذكر انه في حTوالي السTنة (
115ق.م ) ضم ( الشرح يحضTب ) ( ملك سTبأ وذي ريدان ) مملكة أوسTان الى أرض
.ويعارض ترتيب ( فلبي ) ألسTTماء ملوك ( أوسTTان ) رأي كثير من علماء ()2
السTTبئيين
العربيات الجنوبية ،فقد ذهب اكثرهم الى تقديم الملوك الTTذين ذكرهم ( فلبي ) بعد الملك
( مرتو ) عليه ،وجعلوا زمانهم أقدم من زمانه ،فقدروا زمان الملك ( يص TTدق أيل
فرعم شرح ايل ) في النصف االول من القرن الخامس قبTTل الميالد مثًال ،اي قبTTل السTTنة
( 450ق.م ) ،وه TTذا يعني انه اقدم عهدًا من ( مرتو ) ،اي ان رأيهم ه TTو عكس ما
.وقد ذهبت ( بTTيرين ) .PirenneJالى ان أوسTTان كانت مملكة ()3
ذهب (فلبي ) اليه
في اواخر القرن االول قبل الميالد ،او بعد الميالد بقليل ،وان حكم الملك ( يصTTدق أيل
فرعم شرحعت بن ودم ) كان في حوالي السنة ( 24ق.م )(. )4
الدولة السبأية
ورد اسTT Tم سTT Tبأ في روايات كثيرة ومختلفTT Tة ،ففي التوراة ورد االسTT Tم في عدة
. ()5
مناسبات ،منها ان سبأ من كوش بن حارم ،وفي رواية اخرى انها من ولTTد يقطTTان
اما في الروايات العربية ،فقد ورد ان سTبأ من ولTد يشجب بن يعرب بن قحطTان ،وان
1
()Background , P.144
2
()Background , P.144
3
()Beitrage , S.8
4
()Le Museon , 1964 , 3-4 , P 442, Beitrage , S.58 , J.Pireene , Royaume
de Qataban , P.138,199, Rathiens , Kulturelle Einfiuse in sw-Arabien
besondere berucksichtigunu des JeHellenismus, Jahrb . f.Kleinasiat .
Forschung , I , 1950 , S.27
() سالم :دراسات ص157 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
53
،وذكر اليعقوبي ان سTTبأ اول من ملك من ملوك العرب ، ()1
اسTTمه الحقيقي عبTTد شمس
وسار في االرض ،وسTTبي السTTبايا( . )2وقد جاء ذكر السTTبئيين في حوليات الملك تجالت
بالسTT Tر الثالث ( 745ق.م – 727ق.م ) ،وفي نقوش سTT Tرجون الثاني (705-772
ق.م ) ونقش يرجع الى عهد سTT Tنحاريب حTT Tوالي 685ق.م ،وتشير هTT Tذه النقوش الى
.اما عن أصTTل السTTبئيين ،فيرى ()3
هدايا كان يقدمها الحكام السبئيين الى هؤالء الملوك
" هومل " انهم كانوا في االصTTل يسTTكنون الجوف في بالد العرب الشمالية ،ثم انحTTدروا
نحو الجنوب في القرن الثامن قبل الميالد ،حيث اتخذوا " صرواح " أول االمر عاصTTمة
.ويرى بعض الب TTاحثين ان نزوح الس TTبئيين الى ()4
لهم ،ثم انتقلوا فيما بعد الى مأرب
جنوب الجزيرة كانت نتيجة ض TTغط االشوريين عليهم من الشمال ،فاس TTتقروا في بالد
اليمن ،مسTTTتفيدين من ضTTTعف المعينيين من جهة ،وتعاظم قوتهم العسTTTكرية من جهة
.واستغل السبأيون موقع بالدهم المطTTل على طريق ()5
اخرى ،فامتد نفوذهم الى الجوف
الهند والبح TTر االحمر ،فس TTيطروا على الطريق التجاري الرئيس TTي ال TTذي يرب TTط جنوب
الجزيرة العربية بالشام ومصر ،مما ساعد على عظم ثرواتهم ،وقد اشار القران الكريم
الى هTT Tذا الTT Tثراء ،فقال تعالى ((" لق د ك ان لس بأ في مس كنهم اي ة .جنت ان عن يمين
.وتفيد ()6
ويس ار ،كل وا من رزق ربكم واش كروا ل ه .بل دة طيب ة ورب غف ور))
المعلومات المسTT Tتمدة من الكتابTT Tات والنقوش السTT Tبأية ان اول مكرب سTT Tبأي يرجع اليه
الفضل في تأسيس دولة سبأية في صرواح هTTو المكرب ( سTTمه علي ) ،وذلTTك في حTTدود
سTTنة 800ق.م ،وقيل ان هTTذا المكرب قدم بجحافل السTTبئيين من الشمال واجتاح بالد
المعينين ومن جاورهم من الحضTT Tارمة والقتبTT Tانيين ،وذكرت النقوش ايض ًT Tا ان (سTT Tمه
علي) قدم هدية من البخور والمر لإلله (المقه) الTذي أرشد القبيلة بعد تجوالها الى ارض
.وقد اصطلح العلماء على تقسيم الدولة السبأية الى عصرين : ()7
فيها اللبن والعسل
() فيليب حتي :تاريخ العرب ج 1ص ، 44مبروك نافع :عصر ما قبل االسالم ص56 3
() صالح العلي :محاضرات في تاريخ العرب ص ( 1ورد اسم سمح علي بدال من سمه علي ) 7
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
54
العص TTر االول :عهد المكربين ( 800ق.م – 650ق.م ) وهTTو اقدم عهد من
عهود تاريخ سبأ ،وقد تلقب حكام سTTبأ في هTTذا العهد بلقب ( مكرب ) اي :المقرب بين
،وكان هTTؤالء الحكام في الواقع كهانا ، ()2
،او انها تعني المقدس ()1
االلهة والناس
مقامهم مقام المزواد عند المعينين ،وكانت العاصمة صرواح ثم انتقلت الى مأرب .
العص TTر الثاني :عهد ملوك س TTبأ ( 650ق.م – 115ق.م ) وه TTو العهد ال TTذي
. ()3
تلقبت فيه حكام سبأ بلقب ( ملك سبأ ) ،وكانت مأرب عاصمة السبئيين
عهد المكربين
اول مكارب سTTبأ هTTو ( سTTمه علي ) الTTذي يعتبر مؤسTTس دولTTة سTTبأ وقد خلفTTه في
الحكم ابنه يدع ايل ذريح في حدود سنة 780ق.م وينسTب الى هTذا المكرب بناء المعابTد
في صTرواح ومأرب لإللTه المقة ،وقدم القرابين الى االلTه عشر ( .)4وجاء بعد يدع ايل
ذريح ولTTده يثع أمر ،الTTذي ينسTTب اليه بناء معبTTد لإللTTه المقة في قرية دابTTر في منتصTTف
الطريق بين مأرب ومعين في الجوف مما يؤيد اص TT Tطدام الس TT Tبأيين في ذل TT Tك الحين
بالمعينيين ،وتولي الحكم بعد هذا المكرب ابنه (يدع ال بين) ،الTذي قام بتحصTين ابTراج
.ثم تولى الحكم في سTبأ سTمه على ()5
مدينة نشق في الجوف عند حTدود الدولTة المعينية
ينف بن ذمر ،ال TTذي تم في عهده انشاء اعظم مشروع للري عرفته بالد العرب في
العصTTر القديم وهTTو ( سTTد مأرب ) الTTذي عرف بسTTد رحب او رحيم في سTTنة 650ق.م
وقد اقيم هTT Tذا السTT Tد على مدخل وادي ذنة بمأرب حيث تنسTT Tاب المياه من فوق التالل
ويبلغ ()6
والجبال ،فنظم بذلك وسائل الري وجعل االرض صTTالحة للزراعة طTوال العام
ط TTول ه TTذا الس TTد من الشرق الى الغ TTرب نح TTو 800ذراع ،وعلوه بض TTعة عشر ذراعا
وعرضة 150ذراعا .والسد مبني بTTالتراب والحجارة ينتهي اعاله بسTTطحين مائلين على
زاوية منفرجة تكسTTوهما طبقة من الحصTTى كالرصTTيف يمنع انجراف الTTتراب عند تدفق
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص ، 112-111صالح العلي :محاضرات ص21 4
5
()Philp ,P.37
() فؤاد حسنين :استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص . 290 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
55
المياه ويستند هذا السد من طرفيه على جبلين ( هما جبل بلق االيمن ،وجبل بلق االيسTTر
) وعند كل منهما تتفرع ،القنوات الTTتي كانت تعرف بالميازيب مفردهTTا ميزاب ،وعلى
فتحة كل قناة سد اخر ذو فتحة مبنى بالحجارة وبذلك تنحصر مياه السTTيول بين الجبلين ،
ويرتف TTع مس TTتوى الماء ح TTتى يقارب مس TTتوى الجبلين ،وتتم عملية االرواء بفتح فوه TTات
القنوات فتدخل منها المياه وتتدفق على سTTطح الجبلين ،وتغلق هTTذه القنوات بعد عملية
.غير ان هذا السد لم يف بكل حاجات االراضTTي ()1
االرواء بأبواب من الخشب والحديد
المزروعة من المياه ،فتولى يثع امر بين وهTو ابن سTمه على ينف ،اسTتكمال بناء السTد
الذي اقامه والده فزاد فيه طوال وعرضا وارتفاعا ،وانشأ سدا جديدا عرف بسد حبTTابض
،فزادت بTT Tذلك مسTT Tاحة االراضTT Tي المزروعة زيادة كبTT Tيرة ،وعظمت ثروات البالد ،
وجني السبأيون ارباحا طائلة وبفضTTل هTTذا السTTد ازدادت اهمية مأرب واصTTبحت عاصTTمة
للسTT Tبأيين بTT Tدال من صTT Tرواح ،وقام يثع امر بين بعدة حمالت عسTT Tكرية ضTT Tد القبائل
.بناهTا ()2
والدويالت المجاورة ،كما دلت على ذلTك النقوش الTتي عثر عليها في مأرب
بجبل بلق ،واقامة بابين لها .وبناء عدد من السدود ،منها سد وينسTب الى يثع امر بين
.ويعتبر (كرب ال وتر) اخر ()3
ايضTTا تحصTTين مدينة مأرب بTالبروج ومنهيت ومقران
مكارب اليمن وهTTو اول من اتخذ لقب الملك وقد اتبTTع هTTذا الملك سياسTTة عسTTكرية تقوم
على التوسTTع ،فحTTالف الملك " يدع ايل " حضTTر موت " ودار وايل " ملك قتبTTان وهTTاجم
مملكة أوسTTان الTTتي كانت قد ظهرت في الجنوب الغTTربي من اليمن وتحكمت في حضTTر
موت وسيطرت على الطرق التجارية االتية منها ،مسTتغلة في ذلTك ضTعف القتبTانيين .
فتمكن كرب ال وتر من القضTTاء على هTTذه المملكة واخضTTاع عدد من القبائل المتحالفTTة
معها ،وتمت له السيطرة على طرق تجارة البخور االتية من الجنوب(. )4
ملوك سبأ :
() جرجي زيدان :العرب قبTTل االسTTالم ص ، 176 – 175صTTالح العلي :محاضTTرات ص -22 1
. 23
() صTTالح العلي :محاضTTرات ص ، 23فؤاد حسTTنين :اسTTتكمال التاريخ العربي القديم ص-290 2
. 291
() جواد علي – تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص. 130 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
56
كان (كرب ال وتر) اول ملوك سTTبأ ويرجع اليه الفضTTل في توطيد كيان الدولTTة
الس TTبأية وتأمين س TTالمتها ،بما حققه من االنتص TTارات على الدول TTة المعينية واالمارات
المجاورة لها .وقد تتابع على حكم سTTبأ عدد من الملوك منه ( سTTمه علي ذرح ) وابنه
( الشرح ) الTTذي ينسTTب اليه بناء جدار لمعبTTد االلTTه المقة في محTTرم بلقيس بمأرب ورم
.ثم توالى على حكم ه TTذه الدول TTة عدد من الملوك ()1
اب TTراج ه TTذا المعب TTد وحف TTر الخنادق
الذين دخلوا في صراع مع الدولة القتبانية انتهى بالقضاء على استقالل قتبان ،ومنذ سTTنة
500ق.م بدأت تظهر اسTرات قوية على مسTرح االحTداث في اليمن ،وقد تمكنت بعض
هTT Tذه االسTT Tرات وهي االسTT Tرة الهمدانية من اغتصTT Tاب العرش من ملوك سTT Tبأ في بعض
الفTTترات ،ولمعت اسTTماء الهة جديدة لم تكن لها شأن خطTTير قبTTل هTTذا العهد وهي الهة
ب TTرزت بفض TTل ه TTذه االس TTر ال TTتي كانت تتعب TTد لها مثل :تألب ريام ،وذو س TTماوى ( ذو
السTTماء ) او رب السTTماء وظهرت نعوت جديدة لم تكن مسTTتعملة في ايام المكربين وال
عند هTTؤالء الملوك الTTذين خلفTTوهم ،وهي نعوت قريبTTة من النعوت الTTتي كان يسTTتعملها
القتبTTانيون ،مثل يهأمن ويهنعم ويهرجب ،ويدل ظهور هTTذه االسTTماء في الكتابTTات على
ح TTدوث تط TTور خط TTير في حكومة س TTبأ ،وعلى تغ TTير مهم في االتجاه العام في السياس TTية
.وفي س TTنة 350ق .م تولى عرش س TTبأ ( ال كرب يهنعم ) ()2
وفي ال TTدين واالجتماع
وأسس اسرة ملكية ثالثة اصلها من حدقان شمالي صTنعاء .ودخل ملوك هTذه االسTرة في
حTTروب طويلة مع االمارات والقبائل المجاورة اضTTعفت الدولTTة السTTبئية وأتاحت للدولTTة
االجنبية التدخل في شؤونها ،وفقدت سTبأ سTيطرتها على البحTر االحمر وسTواحل افريقيا
.ثم تمكن ( نصTTر ()3
بعد ان انتقلت التجارية البحرية من ايديهم الى اليونان والرومان
يهنعم ) من تأسTTيس االسTTرة السTTبأية الرابعة في سTTنة 200ق.م ودخل ملوك هTTذه االسTTرة
في صTT Tراع عنيف مع الريداينين من حمير ،انتهى بانتصTT Tار اهTT Tل ريدان وانتزاعهم
العرش من الس TTبئيين ،حيث أسس TTوا في س TTنة 115ق.م اس TTرة جديدة تلقب ملوكها بلقب
. ()4
( ملوك سTTبأ وذي ريدان ) وهم الحميريون الTTذي نقلوا العاصTTمة السTTبأية الى ظفTTار
() جواد علي – تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص . 157سالم :دراسات ص. 1965 1
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 1ص 168- 161 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
57
اما عن نظام الحكم في سبأ فقد كان الملك يقوم بTالحكم ويتولى قيادة الجيش في الحTروب
وكان يساعده مجلس شعبي ،كما كان هناك موظفون يرثون مناصTTبهم يسTTمى كل منهم (
الكبTTير) ،وقد كون هTTؤالء بمرور الTTزمن طبقة وراثية حلت محTTل المجلس الشعبي ،ثم
.وكانت االدارة تعتمد ()1
اصبحوا فيما بعد طبقة اقطاعية ادت الى اضعاف سلطة الملك
على ملكية االرض ،وتف TT Tرض الض TT Tرائب على االرض والتجارة كما كانت تف TT Tرض
.وقد جنى الس TTبأيون ()2
ض TTرائب اس TTتثنائية الغ TTرض منها س TTد نفقات الحمالت الحربية
ارباحTTا طائلة من التجارة ،بحكم موقعهم الجغTTرافي ،فقد كانت القوافل االتية من الهند
وبالد الحبشة والمحملة بمختلف انواع الطيوب والبخور والتوابTT Tل تنقل من شواطئ
الجزيرة العربية الى مصTTر والشام والعراق وكانت صTTعوبة المالحTTة في البحTTر االحمر
تجعل طريق ال TTبر مفض TTال في نقل البض TTائع بين بالد الشام ،وكان خط س TTير القوافل
التجارية يبدأ من شبوة في حضر موت ويتجه شماال الى يثرب ومنها مكة ،ثم البTTتراء ،
.وكان من نتيجة هTTذا الرخاء االقتصTTادي واتسTTاع ()3
فغTTزة على سTTاحل البحTTر المتوسTTط
ثروات البالد ،ان امتد نفTT Tوذ السTT Tبأيين الى اطTT Tراف الجزيرة العربية شماال وشرقا
واحتفروا الترع وبنوا السدود وحولوا الرمال الى تربة خصTبة وشيدوا القصTور والمحافد
. ()4
والهياكل وتفننوا في تزيينها وزخرفتها واقاموا حولها االسوار واغترسوا الحدائق
الدولة الحميرية
كان بداية ظهور الدولTTة الحميرية في سTTنة 115ق.م ،حيث تمكن الحميريون
من انتزاع العرش السبأي وتأسيس اسرة جديدة عرف ملوكها " بملوك سبأ وذي ريدان "
.اما عن اصTT T T Tل الحميرين ، ()5
واتخذوا مدينة ظفTT T T Tار SappharعاصTT T T Tمة لهم
"، ()6
فاالخبTاريون العرب ينسTبونهم الى حمير بن سTبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطTان
وقد عرف ملوكهم بالتبابعة وورد ذكرهم في القران الكريم :اهم خير قوم تبع والذين
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 2ص ، 213سالم :دراسات ص 167 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
58
.وقد اتفTTق المؤرخون على تقس TTيم الدول TTة ()1
من قبلهم أهلكن اهم انهم ك انوا مج رمين "
الحميرية الى عصرين :
الدول TTة الحميرية االولى 115( :ق.م – 300م) وقد تلقب ملوك ه TTذا العص TTر
بلقب " :ملوك سبأ وذي ريدان " .
الدول TTة الحميرية الثانية 300 ( :م – 525م ) وعرف ملوكها " بملوك س TTبأ
.وفي حوالي سنة 400م اضTTاف أسTTعد ابTTو كرب ()2
وذي ريدان وحضر موت ويمنات
لقب ( واالعراب في الطود وتهامة الى اللقب السابق )
اوال :الدول TT Tة الحميرية االولى ( 115ق.م – 300م ) :يرجع االخب TT Tاريون
. ()3
تأسيس هذه الدولة الى ال شرح يحضب الذي ينسب اليه بناء قصر غمدان
ومن اهم االحTT Tداث البTT Tارزة في عصTT Tر الدولTT Tة الحميرية االولى محاولTT Tة غTT Tزوا
الرومان لبالد اليمن سTنة( 24ق.م) في عهد االمبراطور " أغسTطس " AugustusالTذي
أوعز الى حTTاكم مصTTر الروماني " اليوس جالوس " " ، Alius GallusبغTTزو اليمن ،
فخرج في جيش قوامه عشرة االف مقاتل ،وكان ه TT Tدف الرومان في ه TT Tذه الحملة
الس TTيطرة على ط TTرق التجارة ال TTتي كان يحتكره TTا " ملوك س TTبأ وذي ريدان " واس TTتغالل
ثروات اليمن(، )4وقد سTTلكت هTTذه الحملة الطريق الTTبري ،واسTTتعان الرومان باألنبTTاط ،
فأمدهم عبTTادة الثالث ( 9 – 30ق.م ) بTTوزيره " صTTالح " " سTTايليوس " ليكون دليال لهم
في هذه الحملة فسار بالجيش عبر بالد الحجاز الى وادي " حربTد " حيث تتوفر المياه ،
ثم واصل اليوس جالوس زحفه جنوبا فوصل نجران واسTتولى عليها ثم اسTتولى بعد ذلTك
،ثم ()5
على مدينة اس TT Tكا ( ( ) Ascaنشق ) وتمس TT Tى البيض TT Tاء في ال TT Tوقت الحاض TT Tر
تقدمت الحملة الى داخل البالد فبلغت مدينة مارس TTيابا ( ) Marseiabaويرى بعض
الب TT Tاحثين ومنهم جالس TT Tر ان (مارس TT Tيابا) ال يقص TT Tد بها مدينة مأرب كما اعتقد بعض
العلماء ،وانما هي اسم موضTTع في الجوف ،ويسTTتبعد وصTTول حملة اليوس جالوس الى
()مبروك نافع :عصر ما قبل االسالم ص ، 63 ،62سالم :دراسات ص 175 – 169 2
()الهمداني :االكليل ج 8ص . 19فيليب حTTتي :تاريخ العرب ص . 56فؤاد حسTTنين :اسTTتكمال 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
59
ولم تحقق هTTTذه الحملة الهدف ال TTذي خرجت من اجله ،فقد تعرض الجند ()1
مأرب
ألمراض واوبئة باإلضTTافة الى وعورة الطريق ومقاومة اليمانيين الشديدة ،فعاد اليوس
جالوس الى مصر عن طريق نجران ،حيث أبحر من أحTTد موانئ البحTTر االحمر بعد ان
.وقد كان فشل الرومان في السTTيطرة على بالد اليمن ()2
خسTTر عددا كبTTيرا من رجالTTه
عسTTكريا دافعا لهم على تغيير سياسTTتهم التوسTTعية هTTذه ،فعمدوا الى تحسTTين عالقتهم مع
اليمن وذكر بعض المؤرخين ان بعض ملوك حمير كانوا على صTTالت حسTTنة بالرومان
.ثم ب TTدأ الض TTعف يدب في كيان الدول TTة الحميرية االولى ( ملوك س TTبأ وذو ريدان ) ()3
نتيجة لمزاحمة الرومان لها في الطريق البح TTري من جهة ،وتناقض اهمية الطريق
البحTTري عبر الحجاز من جهة اخرى ،وقد ادى ذلTTك الى االضTTرار باقتصTTاديات اليمن
.واخر ملوك هذه الدولة في عصTTرها االول هTTو الملك " ياسTTر يهنعم " ()4
اضرارا بالغا
الذي عرف باسم " ناشر النعم " ونسTبه المسTعودي الى عمرو بن يعفTر وجعل مدة حكمه
.اما االخباريون فذكروا ان ناشر النعم هTذا هTو مالTك بن يعفTر بن ()5
خمسا وثالثين سنة
عمرو بن حمير بن السياب بن عمرو بن زيد بن سكسك بن حمير بن سبأ ،وانه سمي "
وينسTTب ()6
ناشر النعم " ألنه احيا ملك حمير بعد أربعين عاما ايام سTTليمان بن داود (ع)
المؤرخون الى ناشر النعم والغTT Tزوات والفتوحTT Tات العظمى ،فذكروا انه جمع حمير
وقبائل قحطTTان وخرج بTTالجيوش الى المغTTرب حTTتى بلغ البحTTر المحيط ،فأمر ابنه شمر
يهرعش ان يركب البحر المحيط فركب في عشرة االف مركب وسTTار يريد وادي الرمل
،وقال لTTه ال ترجع حTTتى تعبره وترجع لي بما رأيت ونزل ناشر النعم على صTTنم ذي
القرنين .فاخرج عسTTاكره الى االفرنج ،وعبرت عسTTاكره الى ارض الصTTقالبة فغنموا
االموال وسبوا الذراري ورجعوا اليه بسبي من كل امة في جزائر الحبشة وارض الTTترك
. ()7
وطبرستان وجبال الصعد وانه مات بدينور فدفنه ولده شمر وتولى الملك من بعده
2
()Philby , op . cit . P.101
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص. 138 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
60
ويؤكد العلماء ان هTTذه الفتوحTTات والغTTزوات الTTتي ينسTTبها االخبTTاريون العرب الى
ناشر النعم ال نصTTيب لها من الصTTحة فان ناشر النعم كان يسTمى " ياسTر يهنعم " وانه لم
. ()1
يدرك ايام سليمان بن داود اسمه في نقش مؤرخ سنة 270م
الدولة الحميرية الثانية ( 300م – 525م ) :
عرف ملوك هTTذه الدولTTة بملوك سTTبأ وذو ريدان وحضTTرموت ويمنات واول من
تلقب بهذا اللقب من ملوك حمير هو " شمر يهرعش " ،الTذي عرف ب " شمر يهرعش
" ،وهو ابن ناشر النعم ()2وهو عند االخباريين تبعا االكبر " ألنه لم يقم للعرب قائم قط
أحفظ لهم منه ،وكان أعقل من رأوه من الملوك وأعالهم همة وأشدهم مكرا لمن حTTارب
وذكروا ان شمر يهرعش زحTف بجيوشه الى أرمينية ،وهTزم الTترك وهTدم المدائن ()3
"
بTTدينو وسTTنجار بين نهاوند ودينوا " فجميع االرض الTTتي خربها شمر يرعش سTTماها بنو
فارس شمر كند اي شمر خرب باللسTTان الفارسTTي ،فأعربته العرب بلسTTانها ،فقالوا "
وقيل ايضا انه بسTط نفTوذه على الهند وعين احTد ابناء ()4
سمرقند " وهو اسمها الى اليوم
ملوك الهند ملكا على الصTين ،ثم عاد فسTار الى مصTر ومنها الى بالد الحبشة فاسTتولى
عليها ،وهTTرب االحبTTاش الى البحTTر المحيط فتبعهم شمر حTTتى بلغ المحيط ثم عاد الى
.وال شك ان ما نسبه المؤرخون من غزوات وفتوحات الى (شمر يهرعش) ()5
المشرق
ه TTذا ال يعدو قصص TTا خرافية ،فالثابت انه انتص TTر على مناطق كثيرة من بالد العرب
الجنوبية وس TTير حملة عس TTكرية الى قبائل تهامة ال TTتي كانت تس TTكن على س TTاحل البح TTر
كما سTT Tيطر على شرق ()6
االحمر ،فانتصTT Tر عليها وتعقب تلك القبائل حTT Tتى البحTT Tر
. ()7
الجزيرة ووصلت جيوشه جنوب العراق
الغزو الحبشي االول لبالد اليمن :
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص ، 141سالم – دراسات ص175 1
() جواد علي :العرب قبل االسالم ج 3ص 141 – 139 2
() جواد علي :العرب قبل االسالم ج 3ص 143 – 142 5
6
سالم :دراسات ص ()Philby , Background , P.111 . 177
() العسلي :حملة شمر يهرعش على شرق الجزيرة ( مجلة العرب ،السTنة الخامسTة ) ايار ،ص 7
() اليعقوبي _ تاريخ اليعقوبي ج 1ص ( 160ط النجف 1358ه) . 3
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص. 153_152 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
62
اليهود ،ويرى الTدكتور جواد علي " ان عبTادة االلTه ذو سTموى " ال تعني توحيد على ما
يفهم من فكرة التوحيد في االديان المعروفة خاصTTة في االسTTالم " وانما هي خطTTوة " نحTTو
تصفية الحساب مع العقيدة الوثنية القديمة الTتي تعترف بإلهة عديدة مع االلهة المحلية ،
.ثم تعاقب على حكم اليمن بعد ()1
واالعتقاد بوجود اله واحد اعلى قاهر هو رب السماء
( ملك كرب يهأمن ) اوالده من بعده ( ابTT T Tو كرب أسTT T Tعد ) و ( ورا أمر ايمن) و
( شرحبيل يعفر ) الذي تم في عهده ترميم سTد مأرب سTنة 449م لكن السTد سTرعان ما
انهار بعد عام واحTTTد اي في سTTTنة 450م فهربت جماعات كب TTيرة من اهTTTل اليمن الى
الجبTTال فقام شرحبيل ببناء السTTد من جديد في عام 451م ،ثم تتابع على عرش حمير
عدد من الملوك اخرهم ذي نواس ( ) 525 – 510ال TTذي تم في عهده س TTقوط الدول TTة
. ()2
الحميرية بيد االحباش في سنة 525م
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص . 153 1
() اسرائيل ولفنسون :تاريخ اليهود في بالد العرب ط مصر . 1927 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
63
.ويرى بعض المؤرخين ()1
بن تبان أسعد " وذكروا انه اعتنق اليهودية وتسTTمى يوسTTف
ان ذا نواس كان وثنيا ولم يكن يهوديا كما ذكر االخب TT Tاريون ،وكان اض TT Tطهاده –
للنص TT Tارى دون اليهود ألنه رب TT Tط بين انتشار المس TT Tيحية في اليمن وبين ازدياد النف TT Tوذ
الب TT T Tيزنطي والحبشي في بالده وعرف ذو نواس في النص TT T Tوص النص TT T Tرانية باس TT T Tم "
" Dimnusو ( ) Damianو ( ) Dimianosو ( ) Damnusو ( مس TT T T T T T T Tروق ) .
وهناك تشابها كب TTيرا بين ( ) Dimnusو ( ) Damianو ( ) Damnusوكلمة ذو
نواس العربية .ويرى الTT Tدكتور جواد علي انها تحريف نشأ عن االصTT Tل ،اما في
النصوص الحبشية فقد عرف باسم ( فنحاس ) ( ) phin hasوهو اسم من اسTTماء يهود
.وقد ورد في الروايات الحبشية ان نصTT Tارى نجران كانوا يرسTT Tلون بهداياهم الى ()2
نجاشي الحبشة ويدفعون اليه الضTTرائب ،فكان من الطTTبيعي اال يسTTكت ملك حمير على
.وفي س TTنة 523ه TTاجم ذو نواس مدينة نجران ال TTتي ()3
ه TTذا التدخل الحبشي في بالده
كانت أكبر مركز للمس TTيحية في اليمن ،فخير اهلها بين االرتداد عن دينهم او الموت
حرقا فاثر البعض القتل ،فحف TTر لهم اخاديد اح TTرقهم فيها واح TTرق انجيلهم ،وقيل انه
.وقد ورد ذكر هTTذه الحادثة في ()4
احرق بالنار وقتل بالسيف ما يقرب من عشرين الفTا
القران الكريم فقال تعالى " قتل اصحاب االخدود النار ذات الوق ود اذ هم عليه ا قع ود .
وهم على م ا يفعل ون ب المؤمنين ش هود وم ا نقم وا منهم اال ان يؤمن وا باهلل العزي ز
.وقد اسTTتغل االحبTTاش هTTذه الحادثة ،واتخذوها ذريعة لغTTزو اليمن ال سTTيما ()5
الحميد "
وان الحبشة كانت تسTعى لتأديب الحميريين الTذين كانوا يتعرضTTون لقوافلهم التجارية في
البح TTر االحمر .ويرى بعض العلماء ان اس TTباب غ TTزو الحبش لليمن يرجع الى عوامل
سياس TT Tية واقتص TT Tادية ،فقد كانت بيزنط TT Tة تس TT Tعى الى الس TT Tيطرة على الط TT Tرق التجارية
الموص TTلة للمحيط الهندي ،وبالتالي بس TTط نفوذه TTا السياس TTي على العرب لمناؤة اعدائها
الفرس .وال يخفى ان للعامل الديني اثره في هTTذا الموضTTوع .فاتخذت بيزنطTTة والحبشة
()جواد علي :تاريخ العرب قب TTل االس TTالم ،ج 3ص ، 176س TTالم :دراس TTات ص ، 185ماجد : 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
64
من اضطهاد الحميريين لنصTTارى اليمن ذريعة للتدخل باعتبTار ان االمبراطور البTيزنطي
.وقد افلت من هTذه المذبحTة رجل يقال ()1
(جستنيان ) يعد نفسTه حاميا للكنيسTة الشرقية
له " دوس ذو ثعلبان" فسار الى ملك الحبشة واخبره بما فعل ذو نواس بأهTTل دينه ،واتاه
باإلنجيل وقد احرقت النار بعضه ،فقال له " :الرجال عندي كثير ،وليست عندي سTTفن
وانا كاتب الى قيصTT Tر ان يبعث الي بسTT Tفن احمل فيها الرجال ،فكتب الى قيصTT Tر في
.وأورد ()2
ذل TT Tك ،وبعث اليه باإلنجيل المح TT Tرق .فبعث اليه قيص TT Tر بس TT Tفن كثيرة
الطTTبري ايضTTا رواية اخرى ذكر فيها ان ذو ثعلبTTان هTTذا قدم الى قيصTTر الTTروم يستنصTTر
على ذي نواس وجنوده ،فقال له قيصر " :بعدت بالدك من بالدنا ،ونأت عنا فال نقدر
ان تناولها بTTالجنود ،ولكني سTTأكتب لTTك الى ملك الحبشة ،فانه على هTTذا الTTدين ،وهTTو
أقرب الى بالدك منا ،فينصTTرك ويمنعك ويطلب لTTك بثأرك ممن ظلمك ،واسTTتحل منك
ومن اهTTل دينك ما اسTTتحل " .فكتب معه قيصTTر الى ملك الحبشة يذكر لTTه حقه وما بلغ
منه ومن اهTTل دينه ،ويأمره بنصTTره وطلب ثأره ممن بغي عليه وعلى اهTTل دينه .فلما
قدم دوس ذو ثعلبان بكتاب قيصر على النجاشي ،بعث معه سبعين الفا من الحبشة بقيادة
رجل يقال لTTه ارياط ومعه ابرهTTة ،وعهد اليه :ان ظهرت عليهم فأقتل ثلث رجالهم ،
.ونزلت القوات الحبشية على " ()3
واخرب ثلث بالدهم ،وأسTTبي ثلث نسTTائهم وابنائهم
سTTاحل زبيد من ارض اليمن " ،فخرج اليهم ذو نواس بمن معه من حمير وقبائل اليمن
ودار القتال بين الفريقين ،فانهزم ذو نواس هزيمة نكراء وقتل عدد من رجالTه " ،فلما
رأى ذو نواس ما رأى مما نزل به وبقومه وجه فرسTه الى البحTر ،ثم ضTربه فدخل فيه
فخاض به ضحضاح البحر ،حتى افضي بTTه الى غمرة ،فاقحمه فيه ،فكان اخر العهد
.ودخل أرياط " دمار " الTTتي سTTميت بصTTنعاء ،وانتهى بTTذلك ملك الحميرين في ()4
بTTه "
.وقد انتقم االحب TT Tاش من الحميرين انتقاما شديدا ،فقتلوا ثلث رجالهم ()5
بالد اليمن
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
65
وخربTTوا ثلث بالدهم وبعثوا بثلث السTTبي الى ملك الحبشة ،وهTTدموا القصTTور وفي ذلTTك
. ()1
يقول الشاعر علقمة ذو جدن الحميري
ال تهلكي أسفا في ذكر من ماتا هونك ليس يرد الدمع ما فاتا
وبعد سلحين يبني الناس بنيانا ابعد بينون ال عين وال أثر
وهكذا تم لألحبTاش فتح اليمن ،وتولى ارياط حكم البالد باسTم النجاشي ،وتذكر
المصTT Tادر العربية ان نزاعا نشب بين ارياط وابرهTT Tة حTT Tول السTT Tلطة ،فانقسTT Tم معسTT Tكر
االحبTTاش الى فريقين :فريق يؤيد ارياط واالخر يؤيد ابرهTTة ،فارسTTل هTTذا األخير الى
أرياط يطلب مبارزتة ،فوافقه على ذلك ،وبرز كل منها الى صاحبه "،فلما دنا احTTدهما
من صاحبة رفع أرياط الحربة فضرب بها على رأس ابرهTة فوقعت الحربTة على جبهة
ابرهة ،فشرمت حاجبTه وعينه وانفTه وشفته ،فبTذلك سTمي ابرهTة االشرم ،وحمل غالم
ابره TTة على أرياط فقتله ،وانص TTرف جند ارياط الى ابره TTة ،فاجتمعت عليه الحبشة
وبلغ النجاشي أمر ذلTTك الTTنزاع وتغلب ابرهTTة على أرياط وانفTTراده في حكم ()2
بTTاليمن "
اليمن ،فغضTT Tب غضTT Tبا شديدا ،ثم ما لبث أن أقر ابرهTT Tة في الحكم وكتب اليه " :أن
. ()3
أثبت على عملك بارض اليمن"
وتختلف الروايات العربيه مع ما ذكره المؤرخ بروكوبيوس من أن النجاشي كان
قد نصTTب على اليمن بعد مقتل ذي نواس رجال من نصTTاري حمير هTTو السTTميفع اشوع
(ايسTT Tيميفاوس )Esimiphaeusوان االحبTT Tاش في اليمن اعلنوا الثورة على السTT Tميفع ،
واقاموا مكانه عب TTدا" نص TTرانيا" يدعى أبراه TTام (ابره TTة) فغض TTب النجاشي ،وارس TTل قوة
مؤلفTTة من ثالثة االف رجل لتأديب ابرهTTة ومن انضTTم اليه ،فلما وصTTلت القوة المذكورة
انحTاز جنودهTا الى ابرهTة بعد أن وثبTوا على قائدهم _ وهTو من ذوي القرابTة للنجاشي _
فأرس TTل قوة جديدة الى اليمن لكنها انهزمت امام ابره TTة ،ولم يفكر النجاشي بعد ه TTذه
الهزيمة في أرس TTال قوة جديدة ،وح TTدث ان توفى النجاشي ،فص TTالح ابره TTة النجاشي
() الطبري :تاريخ الطبري ج 2ص 130المسعودي المروج ج 2ص. 78 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
66
الجديد على ان يدفع جزية سTTنوية وان يكون نائبTTا عنه في حكم اليمن ،فاقره النجاشي
. ()1
على ذلك
وانفTT Tرد ابرهTT Tة في حكم اليمن ،ولقب نفسTT Tه بTT Tاللقب الرسTT Tمي لملوك حمير في
دولتهم الثانية مع أضافة عبارة تشير الى انه نائب ملك الحبشة في اليمن(. )2
حملة ابرهة على مكة (عام الفيل 570م) :
دأب االحب TTاش منذ اس TTتيالئهم على اليمن الى نشر الديانة المس TTيحية ،وكان من
أهم اعمال ابرهTTة في اليمن بناؤه كنيسTTة في " صTTنعاء" سTTماها " القليس" ( وهTTو تحريف
للكلمة اليوناينة اكلبزا Ekklessiaأي الكنيس TTة) ،وقد ب TTالغ ابره TTة في االعتناء بهذه
الكنيسة وتزيينها واتقانها ،فنقشها بالذهب والفضة والزجاج والفسيفسTTاء والTTوان االصTTباغ
.وقد ذكر ياقوت ان أبرهة " استذل أهل اليمن في بناء هذه الكنيسة ()3
وصنوف الجواهر
،وجشمهم فيها أنواعا من الس TTخر ،وكان ينقل اليها اَالت البناء كالرخام والحجارة
المنقوشة بالTذهب من قصTTر بلقيس صTTاحبة سTTليمان (ع) ،وكان من موضTTع هTTذه الكنيسTTة
على فراسخ ،وكان فيه بقايا من َاثار ملكهم ،فاسTTتعان بTTذلك على ما أراده من بناء هTTذه
الكنيس TTة وبهجتها وبهائها ونص TTب فيها ص TTلبانا من ال TTذهب والفض TTة ،ومنابر من العاج
. ()4
واالبنوس"
ولما فرغ أبرهة من بناء هذه الكنيسة أرسل الى نجاشي الحبشة يقول " قد بTTنيت
لك ايها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ،ولسTت بمنته حTتى َاصTرف اليها حTاج
العرب " ( .)5فلما تحدث العب بذلك ،كبر عليها ،فاقدم رجل من النسأة من بTTني فقيم بن
عدي بن عامر بن ثعلب TTة على تدنيس القليس ببعض القاذورات ،فلما بلغ ذل TTك ابره TTة
غضب غضبا شديدا وقال :من صTTنع هTذا ؟ فقيل صTTنعه رجل من أهTل هTذا الTبيت الTذي
تحج العرب اليه بمكة ،لما سمع من قولك :اصرف اليه حTاج العرب " ،فاقسTم ابرهTة
. ()6
ليسيرن الى البيت فيهدمه
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص . 192_191 1
() الطبري :تاريخ الطبري ج 2ص ، 130ابن االثير ،الكامل ج 1ص . 332 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
67
وس TTار ابره TTة الى مكة على رأس جيش كب TTير من االحب TTاش يتقدم فيل يقال ل TTه
.وذكر المؤرخ ()1
محمود (وهو تحريف للفظTTة ماموث MammouthومعناهTTا الفيل )
فخرج على ابرهTTة رجل من اشراف ()2
ابن االثير انه كان مع الجيش ثالثه عشر فيال
اليمن يدعى ذو نفر فدعا قومة من العرب لقتال ابرهTة ومن معه فقاتلهم ،فهزمه ابرهTة
وأخذه أس TTيرا ،ثم تابع االحب TTاش المس TTير نح TTو مكة ح TTتى اذا كانوا ب TTأرض خثعم خرج
عليهم نفيل بن ح TTبيب الخثعمي فيمن تبعه من قبائل العرب ،فقاتلهم ثم ه TTزم ووقع في
األسTTر ،ولما وصTTل ابرهTTة الطTTائف بعث أهلها رجل يدلTTه على الطريق يقال لTTه " ابTTو
رغال" فنزلوا في "المغمس" حيث هلك ابو رغTال في ذلTك الموضTTع فرجمت العرب قبره
. ()3
بعد ذلك
ولما اقترب ابرهة من مكة بعث طائفة من الجند بقيادة رجل يقال لTه االسTود بن
مقصود فساق اليه اموال أهل مكة ،واصTTاب مائتي بعير لعبTTد المطلب بن هاشم بن عبTTد
،أتاه عبTTد ()4
مناف سيد قريس فلما كان ابرهة في الموضع المعروف " بحب المحصب"
المطلب بن هاشم ،فعظمه ابرهTTة وهابTTه وأجله وقال لTTه :سTTلني يا عبTTد المطلب .فأني
ان يسTTأله اال ابال لTTه فأمر بردهTTا عليه ،وقال :اال تسTTألني الرجوع فقال :انا رب هTTذه
األبل وللبيت رب سيمنعه منك "(. )5
ثم عاد عب TTد المطلب الى مكة ،وامر قريشا ان تحلق ببط TTون االودية ورؤس
الجبال من معرة الجيش واخذ بحلقة باب الكعبة وقال :
يارب فامنع منهم حماكا يارب ال أرجو لهم سواكا
()6
امنعهم ان يخربو فناكا ان عدو البيت من عاراكا
ولما تهيأ ابرهTTة للهجوم على مكة بTTرك الفيل في المغمس ،ولم يحTTرك سTTاكنا ،
وذكر البالذري ان الفيل نخس بالرماح فلم ينهض ،ثم بعث اهلل الى الجيش طTTيرا ،مع
() مبروك نافع :عصري ما قبل االسالم ص ، 71سالم داسات ص . 200 1
()حب المحصب :موضع ما بين مكة ومنى وهو الى منى اقرب ،ياقوت ،المجلد 5ص . 62 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
68
" وقد ذكر اهلل تعالى هTTذه ()1
كل طTTير ثالثة أحجار ،فالقتها عليهم ،فلم ينج منهم شفر
الحادثة في القرَان الكريم فقال عز وجل " " :الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفي ل .الم
يجع ل كي دهم في تض ليل .وأرس ل عليهم ط يرا ابابي ل ت رميهم بحج ارة من س جيل .
فجعلهم كعصف مأكول " (.)2
وتذكر المصTTادر العربية أن هناك عالقة بين ما أصTTاب جيش ابرهTة بسTبب هTذه
الطيور االبابيل وبين وبTTاء الحصTTبة والجدري الTTذي عرف الول مرة في أرض العرب
. ()3
في عام الفيل
وهكذا انتهت حملة ابره TTة بالفشل ال TTذريع ،فعاد الى اليمن منهزما وهلك بعد
عودتة بقليل ،فخلفه في الحكم ابنه يكسTTوم " فاسTTاء السTTيرة واتبTTع سياسTTة تقوم على اذالل
اهTTل اليمن ودام حكم يكسTTوم هTTذا عشرون عاما ،وتولى الحكم من بعد اخوه "مسTTروق"
()4
فكان أكثر تعسفا منه " وعم َاذاه سائر الناس ،وزاد على ابيه واخيه في األذى"
وأدت هذه السياسة الى نفTTور اهTTل اليمن من حكم االحبTTاش وتطلعهم الى التخلص
من نفوذهم وتحرير البالد منهم ،فتزعم هذه الحركة رجال من حمير هTو " سTيف بن ذي
فس TTار الى القس TTطنطينية ملتمس TTا العون من االمبراطور ()5
يزن " المعروف ب TTأبي مرة
الب TT Tيزنطي (جس TT Tتين الثاني ) ،وقد قوب TT Tل طلب س TT Tيف بن ذي يزن ه TT Tذا ب TT Tالرفض من
االمبراطور لما كان يربTط الTروم باألحبTاش من عالقات دينية وسياسTية واقتصTTادية وقال
()6
له " :انتم يهود والحبشة نصارى وليس في الديانة ان ننصر المخالف على الموافق "
.ولم يجد سيف بن ذي يزن ازاء هذا الموقف بدأ من التحول الى كسرى أنو شروان (
578 – 531م ) ،فاسTTتنجد بالنعمان بن المنذر ملك الحTTيرة الTTذي كان يرتبTTط برابطTTة
الTTوالء والتبعية مع كسTTرى فارس ليقدمه بنفسTTه الى امام كسTTرى ،فوافق النعمان على
.ونجح ابن ذي يزن في مقابلة كس TT Tرى ،فطلب منه ()7
ذل TT Tك ووعده بتنفيذ رغبته
() ابن هشام :السيرة ج 1ص ، 56الطبري ،تاريخ الطبري ،ج 2ص. 138 3
() مبروك نافع :عصر ما قبل االسالم ص ، 73سالم :دراسات ص .207 7
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
69
مسTT Tاعدته في اخراج االحبTT Tاش وتحرير اليمن ،وقال لTT Tه ":جئتك لتنصTT Tرني عليهم ،
وتخرجهم عني ،ويكون ملك بالدي لTTك ،فانت أحب الينا منهم " " فقال لTTه كسTTرى " :
بعدت أرضك من ارضنا ،وهي أرض قليلة الخير وانما بها الشاه والبعير وذلTك مما ال
حاجة لنا بTTه " ،ثم أمر لTTه بعشرة االف درهم وكسTTاه كسTTوة حسTTنة " ،فغضTTب سTTيف بن
ذي يزن من ذلTTك ونثر دراهم كسTTرى على الصTTبيان والعبيد ،فلما بلغ ذلTTك كسTTرى أمر
بإحضاره وقال له " :عمدت الى حبTاء الملك الTذي حبTاك بTه تنثره للناس " فقال " :وما
. ()1
اص TTنع بال TTذي اعط TTاني الملك ما جب TTال أرض TTي ال TTتي جئت منها اال ذهب TTا وفض TTة "
واثارت أجابTTه سTTيف بن ذي يزن هTTذه طمع كسTTرى في بالد اليمن ،فقرر مسTTاعدته في
طرد االحباش ،وارسل معه من كان في سجونه من الفرس ،وكانوا ثمانمائة رجل ولي
عليهم " وهرز بن الكامجار " ،فانجزت الحملة في ثمان سTفن ،وصTلت سTت سTفن منها
.ويستبعد بعض المؤرخين ان يكون ()2
فقط الى ساحل عدن ،وغرقت اثنتان في البحر
الجيش الذي ارسله كسرى لطرد االحباش جيشا من السجناء فقد كان كسرى يحرص كل
الحTTرص على نجاح هTTذه الحملة ،ليقضTTي بTTذلك على نفTTوذ الTTروم السياسTTي واالقتصTTادي
.ولما بلغ نزول الفرس ساحل اليمن خرج اليهم بمن معه من االحباش ()3
في بالد اليمن
فالتقي الفريقان ورمي وه TTرز مس TTروقا بس TTهم فقتله فانهزم االحب TTاش ،وقتل منهم عددا
كبيرا ،ودخل وهرز صنعاء ،وكتب الى كسرى يخبره بالفتح فارسل اليه كسTTرى يأمره
بقتل كل اسود باليمن وتولية سيف بن ذي يزن على البالد نظير جزية وخراج معلوم في
،وفي ()5
.وذكر بعض المؤرخين ان كس TTرى اس TTتدعي وه TTرز الى فارس ()4
كل عام
حين ذكر اخرون ان وهTTTرز بقي في اليمن بصTT Tحبة س TTيف بن ذي يزن ولم يطلب اليه
.وكان سTTيف بن ذي يزن قد اسTTتبقى بعض االحبTTاش في ()6
كسTTرى العودة الى فارس
() الط TT Tبري :تاريخ الط TT Tبري ص ( 141ذكر المس TT Tعودي ان كس TT Tرى وعد س TT Tيف بن ذي يزن 2
بالمساعدة لكنه شغل بحرب الTروم ،فمات بن ذي يزن في تلك االثناء بعد ان مكث في فارس سTبع
سنين ،فأتى ولده معد بكرب وهو الذي امده كسرى بحملة وهرز .المروج ،ج 2ص. ) 80
()سالم :دراسات ص . 209 3
()الدنيوري – االخبار الطوال ص ، 64الطبري ،تاريخ الطبري ،ج 2ص . 142 4
()الطبري ،تاريخ الطبري ،ج 2ص ، 450ابن االثير ،الكامل ج 1ص . 142 5
()حمزة االصفهاني :تاريخ سني ملوك االرض واالنبياء ط برلين 1340ه ص . 90 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
70
اليمن واتخذ بعضهم عبيدا لTTه يمشون بين يديه بTTالحراب اذا ركب ،فوثبTTوا عليه في احTTد
االيام وقتلوه بحTT Tرابهم وهربTT Tوا الى رؤوس الجبTT Tال ،فلما بلغ ذلTT Tك كسTT Tرى بعث اليهم
. ()1
وه TTرز في اربعة االف من الف TTرس ،استأص TTل بهم من بقي في اليمن من االحب TTاش
ويرجع بعض العلماء س TTبب مص TTرع س TTيف بن ذي يزن الى طمع الف TTرس ببالد اليمن ،
فسعوا الى أبعاد سيف بن ذي يزن الذي أراد التخلص منهم ،فدبروا مؤامرة لقتله ليخلو
.وتولى وهTرز حكم اليمن من قبTل كسTرى وخلفTة في ()2
لهم الجو ويستأثروا ببالد اليمن
الحكم ول TT T Tده " المرزب TT T Tان بن وه TT T Tرز " فلما هلك امر كس TT T Tرى بعده ( البينجان بن
المرزب TTان ) ،ثم " خرخس TTرو بن البينجان " ال TTذي غص TTب عليه كس TTرى بس TTبب ميله الى
العرب ونظمه الشعر العربي فأمر بعزله وولي مكانه " بTTاذان " وهTTو اخر من ولي اليمن
.وقد عاصTTر بTTاذان هTTذا ظهور االسTTالم واسTTتجاب لTTدعوة النبي صTTلى اهلل ()3
من الفTTرس
عليه وسTTلم فأسTTلم ودخلت اليمن في االسTTالم ،سTTنة 628م وقضTTى االسTTالم رسTTميا على
الوثنية واليهودية والنصTTرانية وعلى الحكم االجنبي في البالد ،فلم يبTTق حكم حبشي وال
. ()4
فارسي ،ووحد االسالم بين ابناء الجزيرة العربية ،وجعلهم بنعمة اهلل اخوانا
مملكة كندة
تقع بالد كندة شرقي بالد اليمن مما يلي حضر موت ،وكندة قبيلة عربية تنسTTب
الى ثو بن عفTTير بن عدي بن الحTTارث بن مرة ،وقيل ان كندة لقب ثور بن عفTTير(. )5
ويرى بعض االخبارين ان كندة من قبائل قحطان ,في حين يرى البعض االخر انها من
العدنانيين ,وه TTذا االختالف ناتج عن اختالطهم بالقحط TTانيين والعدنانيين معا ( ,)6وذكر
الهمداني ان كندة سTكنت حضTTرموت بعد نزوحها عن البحTرين والمشقر وغمر ذي كندة
() االص TTفهاني :تاريخ س TTني ملوك االرض واالنبياء ص 90الط TTبري ،تاريخ الط TTبري ،ج 2ص 1
()الهمداني ،صفة جزيرة العرب ،ص ، 85ابن خلدون ،تاريخ ج 2ص . 76 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
71
أما ياقوت فذكر أن كندة مخالف ()1
في الجاهلية ,فنزل منهم ثالثون الفا في حضرموت
ثم نزحت كندة ثانية من حضر موت نحTTو الشمال فنزلت أرض ()2
باليمن وهم أسم قبيلة
معد بنجد ,وذكر اليعقوبي أن نزوح كندة من حضTTرموت كان بسTTبب الحTTرب الطويلة
الTTتي اندلعت نيرانها بين كندة وحضTTر موت وقتل فيها عدد كبTTير من الطTTرفين ,فقال:
((وكان بين كندة وحضTT Tرموت حTT Tروب افنت عامتهم ,وكانت كندة قد اجمعت على
رجلين اح TT Tدهما س TT Tعيد بن عمرو بن النعمان بن وهب ,وكان على ب TT Tني الح TT Tارث بن
معاوية عمرو بن زيد ,وشرحبيل بن حTTارث على السTTكون ,واجتمعت حضTTرموت على
عدة رؤساء منهم :مسعر بن مستعر ,واسامة بن حجر ,وشرحبيل بن مرة ,وعدة بعد
ه TT T Tؤالء ,فزال ه TT T Tؤالء كلهم وط TT T Tالت الح TT T Tرب بينهم ,وفتنت رجالهم ,ودامت ح TT T Tتى
ضرستهم ,وكثر القتل في كندة .وملكت حضرموت علقمة بن ثعلب ,وهTو يؤمئذ غالم
,فالنت كندة بعض اللين وكرهت محاربTTTة حضTT Tر موت ,ودخل اه TTل اليمن التشتيت
والتفريق فلما افترق أهل اليمن وانتشروا في بالد ملك كل قوم عظيمهم ,وصTTارت كندة
الى أرض معد ,فجاورتهم ,ثم ملكوا رجال منهم وكان اول ملوكهم يقال لTTه مرتع بن
وأورد المؤرخون العرب ايضTTا اسTباب اخرى ()3
معاوية بن ثور ,فملك عشرين سTنة))
. ()4
لنزوح كندة من حضر موت
()انظTTر حمزة االصTTفهاني ،تاريخ سTTني ملوك االرض ،ص , 92وابن خلدون ،تاريخ ،ج 2ص 4
. 576_569
()اليعقوبي :تاريخ اليعقوبي ج 1ص .216 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
72
المعروف بحجر أكل المرار أول ملوك كندة في نجد بعد نزوحهم من حضTT Tرموت
وقيل أن حسTان بن تبTع واله على معد بن عدنان فيما يقرب من ()1
ونزولهم ببطن عاقل
. ()2
سنة 480م
وقد عمل حجر بن عمرو على توس TT Tيع س TT Tلطانة في بالد العرب عن طريق
المصTTاهرة مع بعض القبائل العربية ,فكانت لTTه ثالث زوجات ,وهن :هند بنت ظTTالم
بن وهب ,وام ناس بنت عوف بن محلم الشيباني ,أما زوجتة الثالثة فكانت من حمير
( .)3اتخذ حجر َاكل المرار مقره في غمر كندة ,وقام بتوجيه الحمالت ض TTد القبائل
الساكنة في الحجاز وشمال الجزيرة العربية والبحTرين وذكر ابن االثير ((أن حجرا اغTا
ببكر فاتنزع عامة ماكان بأيدي اللخميين من أرض بكر وبقي كذلك الى أن مات فدفن
وتاريخ وفاة حجر اكل المرار غ TTير معروف على وجه التحديد , ()4
ببطن عاقل ))
ويرجع بعض المؤرخون أنه مات في الس TT Tنين العشرة االخير من القرن الخامس
الميالدي(. )5
واعقب حجر أكل المرار ولTTده عمرو بن حجر ,الTTذي عرف بالقصTTور ,النه
قصر على ملك ابيه ,وكان ملكه قاصTTرا على مناطق ربيعة ومعد في نجد ,وتخلى عن
وكانت عالقة عمرو المقصTTTور ()6
اليمامة ألخيه معاوية المعروف باس TTم ((الجون))
بالمناذرة في الحيرة عالقة مودة وحسن جوار ,وتوثقت هTTذه العالقة بعد الTTزواج االسTTود
| ,أما عالقتة بالغساسTTنة في الشام فقد ()7
بن المنذر ملك الحيرة من ابنة عمرو المقصور
كانت سTTيئة ,فاشتبك معهم في عدة حTTروب انتهت بمقتله على يد الحTTارث بن ابي شمر
()9
.وخلف عمرو المقصور في الحكم ولده الحارث بن عمرو()528-495 ()8
الغساني
,وكان الحTTارث اقوى ملوك كندة وأكثرهم طموحTTا ,ووصTTفه المؤرخ ابن االثير بانه
()جرجي زيدان ,العرب قبل االسالم ص , 243فيليب حتى ،تاريخ العرب ص 115ح.1 2
() ابن االثير – الكامل ج 1ص , 512صالح العلي ,محاضرات ص. 85 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
73
((كان شديد الملك بعبد الصوت )) ()1وقد تولى الحارث االمارة على معد بعد ان مزقتها
حرب البسوس التي دامت اربعين عاما ,فتوسط بين بكر وتغلب وعقد بينهما صلحا ,ثم
.ثم اس TTتغل الح TTارث تدهور العالقات بين ()2
تمكن بعد ذل TTك أن يبس TTط نف TTوذه على بكر
المناذرة والساسانيين ,فاصبح ملكا على الحTيرة بتأييد من قبTاذ الTذي ابعد المنذر بن ماء
. ()3
السماء عن الحكم في حيرة بسبب رفضه اعتناق المزدكية
وكان للحTTارث أربعة اوالد عينهم ملوكا على قبائل العرب الخاضTTعين لحكمه ،
فولى حجرا اكبر ابنائه على اسد وكنانة وغطفان ،وكانت منازلهم عند وادي الرمة بين
جب TTل شمر وخيبر ،في الشمال الغ TTربي من نجد .وعين شرحبيل على بكر والرب TTاب
وحنظلة وتميم ،وكانوا شرقي نجد بين الفTرات والبحTTرين ،وولي ابنه معد يكرب على
قيس عيالن ،في تهامة واطTT Tراف الحجاز ،وعين سTT Tلمة على تغلب والنمر بن قاسTT Tط
.وبقي الح TTارث ()4
وب TTني س TTعد بن زيد مناة من تميم .وكانت منازلهم في بادية الشام
ملكا على الحيرة حتى وفاة قبTاذ ،فلما تولى كسTرى انو شيروان عرش فارس ،حTارب
المزدكية وقضى على نفوذهم ،واعاد المنذرين ماء السTTماء الى الحكم في الحTTيرة ،وفر
الحارث بماله واوالده ،فتبعه المنذر بالخيل من تغلب واياد وبهراء ،فلحTTق بTTارض كلب
،ونجا وانتهب بنو تغلب مال TTه وهجائنه ،واخذوا ثمانية واربعين اس TTيرا من ب TTني اكل
المرار ،وكان من بينهم ولدان للحTTارث هما :عمرو ومالTTك ،فقدموا بهم على المنذر ،
فقتلهم في ديار بني مرينا ،وفيهم امرؤ القيس(. )5
يساقون العشية يقتلونا ملوك من بني حجر بن عمرو
ولكن في ديار بني مرينا فلو في يوم معركة اصيبوا
ولكن في الدماء مرملينا ولم تغسل جماجمهم بغسل
()سالم _ دراسات ص( . 411قيل ايضا ان مدة حكمة كانت بين عامي ,534_ 595 , 525انظر 9
()اليعقوبي :تاريخ اليعقوبي ،ج 1ص ، 217ابن االثير الكامل ج 1ص ، 514 ، 513ص TTالح 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
74
وتنتزع الحواجب ولعيون تظل الطير عاكفة عليهم
واختلفت روايات في مصTTير الحTTارث بن عمرو بعد هربTTه من الحTTيرة ،فذكروا
اما علماء كندة فيزعمون " ان ()2
وقيل بTTل قتله ملوك الحTTيرة ()1
انه قتل في ديار كلب
الحارث خرج يتصيد فتبع تيسا من الظبTاء فأعجزه فاقسTم ان ال يأكل شيئا اال من كبTده ،
فطلبته الخيل فأتي بTTه بعد ثالثة ،وقد كاد يهلك جوعا ،فشوي لTTه بطنه فأكل فلذة من
.كان الحارث قد ولى ابناءه االربعة على القبائل الخاضTTعة لحكمه ()3
كبده حارة فمات "
قبTTل وفاته ،وقد كان حجر اكبر ابنائه واكثرهم ذكرا عند االخبTTاريين ،وكانت منطقة
نفوذة على اسد وكنانة وغطفان ،وتختلف الروايات في كيفية مقتله ،فاليعقوبي يذكر ان
.وأورد المؤرخ ابن االثير ()4
بنو اس TTد اجتمعت على قتله ،فقتلوه لس TTوء س TTيرته فيهم
رواية اخرى عن مقتل حجر بن الحTTارث ،فذكر انه بعث الى بTTني اسTTد جباته لتحصTTيل
االتاوة السTTنوية ،فامتنع بنو اسTTد وطTTردوا لرسTTل وضTTربوهم ،فلما بلغ ذلTTك حجرا سTTار
اليهم بجند من ربيعة ومن قيس وكنانة فهاجم بTني اسTد " واخذ سTرواتهم وخيارهم وجعل
يقتلهم بالعصا واباح االموال وسTTيرهم الى تهامة وحبس منهم جماعة من اشرافهم ،فيهم
عبيد بن االبTرص الشاعر فقال شعرا بسTتعطفه لهم ،فرق لهم وارسTل من يردهم ،فلما
ص TTاروا على يوم منه تكهن كاهنهم ،وه TTو عوف بن ربيعة بن عامر االس TTدي ،فقال
لهم :من الملك الصTT Tلهب ،الغالب غTT Tير المغلب ،في االبTT Tل كانها الربTT Tوب هTT Tذا دمه
يتشعب ،وهو غدا اول من يسTTتلب ؟ قالوا :من هTTو ؟ قال :لTTو ال تجيش نفس خاشية ،
ال خبرتكم انه حجر ضTTاحية ،فركبTTوا كل صTTعب وذلTTول حTTتى بلغTTوا الى عسTTكر حجر
.وقيل ايضTا ان حجرا اخذ اسTيرا في المعركة وجعل ()5
فهجموا عليه في قتبته فقتلوه "
في قبة ،فوثب عليه ابن اخت علباء فضTTر بTه بحديدة كانت معه الن حجرا كان قد قتل
.اما شرحبيل وسلمه ابني الحارث فقد سعى بينهما المنذر ملك الحTTيرة ،وفرق ()6
اباه "
بينهما ،فيقال انه وجه الهدايا الى سلمه ،ثم ارسل الى شرحبيل من يقول لTTه :ان سTTلمه
()ابن االثير ،الكامل ،ص ، 513ابو الفدا ،المختصر ،ج 1ص . 93 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
75
اكبر منك ،وهذه الهدايا تأتية من المنذر ،وما زال يحTرض كل منهما على االخر حTتى
ثم ان سTTلمة بن الحTTارث اخرجته تغلب عنها ، ()1
نشبت الحTTرب بينهما ،فقتل شرحبيل
فاضطر للجوء الى بكر بن وائل ،فاذ عنت له وحشدت عليه وقالوا ( :ال يملكنا غTTيرك
،فارس TTل اليهم المنذر ملك الح TTيرة يدعوهم للدخول في طاعته فرفض TTوا ذل TTك ،فاقس TTم
المنذر ليس TT Tيرن اليهم فان ظف TT Tر بهم فليذبحنهم على قلة جب TT Tل أوراه ح TT Tتى يبلغ ال TT Tدم
الحض TTيض ) ثم زح TTف نح TTوهم ودارت معركة هائلة بين الط TTرفين انهزمت فيها بكر ،
ووقع يزيد بن شرحبيل في االسTTر ،فأمر المنذر بقتله .وعرف هTTذا اليوم بيوم أوراه
. ()2
االول
اما االبن الرابTع للحTارث وهTو معد يكرب واله ابTوه على قيس عيالن فقد قضTTى
بقية حياته حزينا بعد مقتل اخوية شرحبيل وحجر وموت اخيه س TTلمة ،وزاد حزنه
.ثم حTاول امرؤ القيس بن حجر ان يثأر ألبيه من ()3
( حتى اعتراه وسTواس هلك بTه )
فارتحTل الى ()4
بني اسد وكان مقيما بTدمون من ارض حضTTرموت عندما بلغTه مقتل ابيه
بكر وتغلب وسTTألهم ان ينصTTروه على بTTني اسTTد فأجابوه ،فارسTTل امرؤ القيس من يأتيه
بأخبارهم وكان بنو اسد قد لجئوا الى بني كنانة فلما علموا ان عيون امرؤ القيس تتعقبهم
رحلوا عنهم ليال دون علمهم ،ثم اقب TTل امرؤ القيس بمن معه من بكر وتغلب وغ TTيرهم
حTTتى انتهى الى بTTني كنانة ،وهTTو يظنهم بTTني اسTTد ،فهاجمهم وهTTو يص TTيح " يا لثارات
الملك ! يا لثارات الهمام ! فقيل لTه :ابيت اللعن ! لسTنا لTك بثأر ،نحن بنو كنانة فدونك
ومضى امرؤ القيس يتعقب بني اسTTد ويقول ()5
ثأرك فاطلبهم فان القوم قد ساروا باألمس
:
هم كانوا الشفاء فلم يصابوا اال يا لهف نفسي بعد قوم
وباألشقين ما كان العقاب وقاهم جدهم ببني ابيهم
()ابن قتيبة :الشعر والشعراء ،تحقيق احمد محمد شاكر ،ج 1ص ، 54االصTTفهاني ،االغTTاني ج8 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
76
()1
ولو ادركته صفر الرطاب وافلتهن علباء جريضا
ثم ادركهم امرؤ القيس ظهر اليوم التالي وقد انهك الس TTير خيله ونال رجال TTه
العطش وبنوا أسد نازلون على الماء ،فقاتلهم حTتى كثرت القتلى بينهم ،وتمكن بنو اسTد
من الف TTرار ،واراد امرؤ القيس ان يتعقبهم ،فامتنعت بكر وتغلب ،بحجة انه اص TTاب
ثأره من بTTني اسTTد ،فانصTTرفوا عنه ،فلما يئس من نصTTرتهم لTTه ،سTTار الى اليمن ونزل
بTTأزد شنؤه طالبTTا معونتهم على بTTني اسTTد ،فأبوا ان ينصTTروه ،فارتحTTل حTTتى نزل عند
مرثد الخير بن ذي جدن الحميري اح TT Tد اقيال اليمن ،وكان بينهما قراب TT Tة ،فأمده
بخمسTمائة رجل من حمير ،اال ان مرثد مات قبTل ان يرحTل امرؤ القيس ،فخلفTه رجل
من حمير يقال له قرمل فسير ذلك الجيش ،وتبعه شذاذ من العرب واسTTتأجر غTTيرهم من
.واضطر بنو اسTTد لاللتجاء الى ()2
قبائل اليمن فسار بهم الى بني اسد فقاتلهم وظفر بهم
المنذر بن ماء السTTماء واالحتماء بTTه وكان المنذر قد بسTTط نفTTوذه على الجزيرة فارسTTل
الجيوش ليتعقب امرؤ القيس ومن معه فأراد امرؤ القيس العودة الى اليمن فخاف حضTTر
موت وطلبته بنو اسTTد وقبائل معد وتفTTرق عنه من كان معه من حمير وغTTيرهم ،وبقي
في جماعة من اهله ،واخذ يطوف القبائل طالبا النصرة والعون دون جدوى ثم سTTار في
صحبة رجل من فزارة الى السمو الى بن عاديا بتيماء فنزل عنده ثم طلب منه ان يكتب
له الى الحارث بن ابي شمر الغساني ليوصله الى قيصر الروم ( جسTTتينان ) فأجابTTه الى
ذل TTك ورح TTل امرؤ القيس الى الح TTارث واودع اهله وادراعه عند الس TTمؤال فلما وص TTل
القسTTطنطينية رجل من بTTني اسTTد يقال لTTه الطماح فدخل على قيصTTر فوشى بTTأمرؤ القيس
وقال له :ان امرؤ القيس غوي عاهر وانه كان يراسل ابنتك ويقول فيها اشعارا اشهرها
بها في العرب ،فغض TTب قيص TTر ،وبعث اليه بحلة وشي منس TTوجة بال TTذهب مس TTمومة ،
وامره ان يلبسها ،فلما لبس امرؤ القيس الحلة دب فيه السTم ،وسTقط جلده ،فلما وصTل
. ()3
الى موضع من بالده الروم يقال له انقرة مات فدفن هناك
حضارة كندة :
()اليعقوبي :تاريخ ،ج 1ص ، 218ابن االثير ،الكامل ،ج 1ص . 516 1
()اليعقوبي :تاريخ ،ج 1ص ، 220 ، 218ابن االثير ،الكامل ج 1ص . 519 – 518 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
77
احتفTT Tظ الكنديون بTT Tالنظم البدوية السTT Tائدة في الجزيرة العربية ،ولم يحTT Tالوا ان
يغيروا النظم السياسية القبلية ،فتركوا كل قبيلة تحتفظ بتنظيماتها وتقاليدها بTTل ورؤسTTائها
مكتفين ب TT T Tاالعتراف برئاس TT T Tتهم العليا ،وب TT T Tذلك كون الكنديون نوعا من االتح TT T Tاد (
.ولم تكن للكنديين ()1
) Confederationكان لكندة حTT Tق رئاسTT Tة وتنظيمه وتوجيهه
حضارة على مستوى حضارة الغساسTTنة او المناذرة ،فلم يكونوا قد ادخلوا الى الجزيرة
دينا او ثقافة جديدة ولم تكن لهم حواض TT Tر ثابته ،وانما كانوا يتنقلون بين الجنوب
.اال ان الحركة االدبية في كندة موئل الشعراء العرب في الجاهلية ونبTTغ ()2
والشمال
فيهم عدد من الشعراء ،وفي مقدمتهم الشاعر امرؤ القيس الذي كان لTه فضTTل كبTير على
.اما ()3
الشعر العربي ،فقد ادخل فيه فنونا وابوابTا جديدة سTار عليها الشعراء من بعده
عن الناحية الدينية ،فقد كانت عبTTTادة االص TTنام هي الس TTائدة في كندة ،ومن اصTT Tنامهم
كذلك انتشرت اليهودية في ()4
المشهورة ذو الخصلة ،وكانوا يستقسمون عنده باألزالم
كنانة وكندة بس TTبب مجاورة اليهود لب TTني كنانة في يثرب وخيبر ،ومن اتص TTال كندة
بالتبايعة في العهد االخير وتبعيتهم لهم ،اما المسيحية فكانت اكثر حظTTا في االنتشار من
اليهودية في بالد نجد فكان بنو تغلب وجماعة من بTTني اسTTد وقد اعتقنوا المسTTيحية وقد
انحدرت المسيحية الى العرب عن طريق الغساسنة في الشام والعبTTاد من نصTTارى الحTTيرة
في العراق كذلك كان لTدخول االحبTاش في بالد اليمن اثر كبTير في انتشار المسTيحية بين
العرب ويذكر المؤرخون ان اول من تنصTTر من ملوك كندة هTTو " معد يكرب " الملقب
. ()5
بذي التاج االوضح
مملكة لحيان
واما ( لحيان ) فمعارفنا عنهم مع ضTTالتها وقلتها خير من معارفنا عن ديدان ،
ويعود الفضTTل في ذلTTك الى ما ورد عنهم في مؤلفTات بعض الكتبTTة اليونان والالتين والى
الكتابTTات اللحيانية الTTتي عثر عليها الرحTTالون ،فأنها اكثر عددًا من الكتابTTات الديدانية ،
() سالم :دراسات ص ( 432ورد ذكر دمون في شعر امرؤ القيس 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
78
واكثر منها كالمًا ،فإننا حين نجد الكتاب TTات الديدانية قد الذت بالص TTمت فلم تذكر من
ملوكها اال ملكًا واحدًا ،نجد الكتابات اللحيانية قد نطقت باسTTم اكثر من ملك واحTTد ،وان
لم تأت بشيء من هTT Tذه المادة كثير .وقد وصTT Tلت الينا اسTT Tماء ملوك حكموا مملكة
(لحيان ) ،وهي مملكة ص TTغيرة تقع ارض TTها جنوب ارض حكومة النب TTط ،ومن اشهر
مدنها ( :ددان ) ،وهي خرائب ( العال ) ( الخريبTT T T T Tة ) في الTT T T T Tزمن الحاضTT T T T Tر ،و
(الحجر) ،وقد عرفت ب ( ) Hegraو ( ) Egraعند اليونان والالتين ،ومن
الكتابات اللحيانية واالثار التي عثر عليها في مواطنهم ،اسTتطعنا اسTتخراج معارفنا عن
.وقد كان شعب لحيان من شعوب العربية الجنوبية في االصTTل في ()1
المملكة لحيان
رأي بعض البTT Tاحثين ،وقد ذكرهم ( بلينيوس ) في جملة شعوب العربية الجنوبية ،
وقد ذهب بعض البTTاحثين الى ()2
وسTTماهم Lexianesاو = Laccanitac Lechicini
ان الحميريين اسTتولوا على مواطن اللحيانيين في حTوالي سTنة ( 115ق.م ) ،فخضTTعوا
.ومما يؤيد وجهة نظTTر من يرى ان اللحيانيين هم من اصTTل ()3
بTTذلك لحكم الحميريين
عربي جنوبي ،ورد اسTTم ( لحيان ) في نص عربي جنوبي قصTTير ،هTTذا نصTTه ( :اب
،وفي هذا النص داللTة على ان اللحيانيين كانوا ()4
يدع ذلحين ) اي ( أبيدع ذو لحيان )
في العربية الجنوبية ن ويظهر ان ( أبيدع ) المذكور كان احTد أقيال ( لحيان ) في ذلTك
الزمن .
ويرى ( كاس TT Tل ) ان اللحيانيين كانوا يقيمون على الس TT Tاحل على مقرب TT Tة من
( ددن ) ( الديدان ) ،وكانت لهم صTTالت وثيقة بمصTTر ،وتأثروا بالثقافة اليونانية الTTتي
كانت شائعة في مصر اذ ذاك ،حتى انهم سموا ملوكهم بأسTماء يونانية ،مثل ( تخمي )
، Tachmiو ( بتحمي ) ، Ptahmyو( تلمي ) Tulmiوقد اخذت من
.اما الكتابات اللحيانية او الكتابTات االخرى مثل النبطية ()5
(بطليموس ) Ptolemaios
1
()Arabien , S. 48, Die Araber , I ; S. 94 .
2
()Die Araber , I, S.94 , Pliny , 6 , 155 . Arabian, S.23 .
3
()W.Caskel , Das Allarabische Komigreich Lijan (1951) ,S; 10, J.Ryckmans ,
in Bibliotheca Orientalis , 18 . 10, ( 1961 ) , 219 , W.F.Albright , Von Ugarit
nach Qumran , ( 1961 ) , S; G .
4
()REP.EPIG 3902 , 10 , Die Araber , I , S; 93 .
5
()Lihyanisch , S; 39 , Die Araber , I , S; 102 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
79
او العمودية او المعينية وغيره TTا ،فأنها لم تتح TTدث ب TTأي ح TTديث عن اص TTل اللحيانيين .
ويعود الفض TTل في حص TTولنا على ما س TTندونه عن تاريخ لحيان الى الكتاب TTات اللحيانية ،
وهي وان كانت قليلة واكثرها في امور شخصTTية ،فقد افادتنا فائدة قيمة في الكشف عن
بعض تاريخ اللحيانيين ،وس TTتزيد معرفنا ب TTالطبع في المس TTتقبل كلما زاد عثور العلماء
على كتابTTات لحيانية جديدة ،وال يسTTتبعد ان يكون عدد منها ما يزال مطمورا في بطن
االرض .وقد عالج بعض المستشرقين موض TTوع ( لحيان ) ،ومنهم (كاس TTكل ) فكتب
،ذهب فيهما الى ان اللحيانيين كانوا كأكثر الشعوب ()1
فيهم كتابين باللغTT Tة االلمانية
تجارًا وكانت تجارتهم مع ( مصTر ) بالدرجة االولى ،وقد انتزعوا الحكم من الجاليات
المعينية الTT Tتي كانت تقيم في هTT Tذه االرضTT Tين الTT Tتي كانت في االصTT Tل جزءًا من مملكة
معين ،فلما ض TTعف امر حكومة معين في اليمن ولم يب TTق في اس TTتطاعتها الس TTيطرة على
امالكها البعيدة عنها ،طمع الطامعون ومنهم اللحيانيون في المعينيين الشماليين السTTاكنين
في هذه االرضين ،فانتزعوا الحكم منهم وسيطروا عليهم ،واندمج المعينيون فيهم حTTتى
صTT Tاروا جزءًا منهم ،وكان ذلTT Tك – على رأيه – في القرن الثاني قبTT Tل الميالد ،وفي
.ويرى ( كاسTTكل ) ان المعينيين كانوا قد بقوا ()2
حTTوالي ( ) 160قبTTل الميالد تقريب ًTا
يحكمون ( ديدان ) مكونين حكومة ( مدينة ) الى حTTوالي السTTنة ( 150ق.م ) وعندئذ
اغ TTار عليهم اللحيانيون وانتزعوا الحكم منهم ،ويرى ان من المحتمل ان الملك االول
الTTذي حكم اللحيانيين كان من اهTTل الشمال ،وربما كان من النبTTط غTTير ان الTTذين جاؤوا
.وقد كان المعينيون يس TTيطرون على اعالي الحجاز في ()3
بعده كانوا من اللحيانيين
القرن الخامس قبTTل الميالد ،مكونين مسTTتوطنات معينة غايتها حماية الطTTرق التجارية
الTتي تمر من بالد الشام الى العربية الجنوبية ،وقد عرفت تلك المسTتعمرة الTتي تحTدثت
عنها س TTالفًا باس TTم ( معين مص TTران ) ،وعاص TTمتها مدينة ( علت ) ،وهي ( العال ) في
ال TTزمن الحاض TTر ،ومن مدنها االخرى ديدان و ( الحجر ) وغيرهما ( .)4وقد اختلف
1
()Das Altarabische Konigreich Lihjian , 1951 , Lihyan und Lihyanisch ,
1954 .
2
() Die Araber , I, S; 94 .
3
() Das Altarabische Konigreich , S; 9 .
4
() Arabien , S; 26 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
80
البTTTاحثون فيمن سTTTكن هTTTذه االرضTT Tين اوال ومن حكم قبًال :الديدانيون ،ام المعينيون ام
اللحيانيون ؟ فذهب بعض TTهم الى ان اللحيانيين انما جاؤوا بعد المعينيين ،وهم ال TTذين
قض TT Tوا عليهم وانتزعوا منهم الحكم والف TT Tوا مملكة لحيانية ،وذهب بعض اخر الى ان
اللحيانيين كانوا قد سبقوا المعينيين في الحكم ،وان حكمهم هذا دام حTTتى جاء المعينيون
فانتزعوا منهم في زمن اختلفTT Tوا في تعيينه ،وذهب اخرون الى تقديم الديدانيين على
المعينيين واللحيانيين وقد اختلف TT Tوا كذلك في زمان نهاية حكم كل حكومة من ه TT Tذه
.ويرى بعض الباحثين ان مملكة لحيان ظهرت ايام (بطليموس الثاني ) ، ()1
الحكومات
بتشجيع من البطالمة وبتأييدهم ليتمكنوا من الض TT Tغط على النب TT Tط ح TT Tتى يكونوا ط TT Tوع
ايديهم ،وقد جعل بعضTTهم ذلTTك االسTTتقالل فيما بين السTTنة ( 280ق.م ) ،وسTTنة ( 200
،ويرى غيرهم ان ذلك كان قبل هذا العهد . ()2
ق.م )
وقد كان اللحيانيون يكرهTTون النبTTط ،ألنهم كانوا يطعمون في بالدهم ويعرقلون
تجارتهم الTTتي كان ال بTTد لها من المرور بTTأرض النبTTط ،ولهذا لجئوا الى ( البطالمة )
يحتمون بهم ،ويتوددون اليهم ليحموهم من تحكم النب TTط في شؤونهم ،بقوا على ذلTTTك
. ()3
طوال ايام ( البطالمة ) ،فلما حل الرومان محلهم ،توددوا اليهم كذلك للسTTبب نفسTTه
ويرى بعض البTT Tاحثين ان النبTT Tط هم الTT Tذين قضTT Tوا على مملكة لحيان ،باسTT Tتيالئهم على
( الحجر ) سTTنة ( 65ق.م ) وعلى ديدان سTTنة ( 9ق.م ) ،على حين يرى اخرون ان
،وذهب ( كاس TTكل ) الى ان النب TTط قض TTوا ()4
نهايتها كانت في القرن الثاني بعد الميالد
على مملكة ( لحيان ) ،وذلك بعد السنة ( 24ب .م ) ،اال ان حكم النبTTط لم يدم طTTويًال
،الن الرومان كانوا قد اسTTتولوا على مملكة النبTTط سTTنة ( 106م ) ،وكونوا منها ومن
ارضين عربية اخرى مجاورة اسم ( المقاطعة العربية ) (الكورة العربية ) وبTذلك انتهى
.وال نعرف ماذا كان عليه موقف اللحيانيين من احتالل ()5
حكم النبTT Tط على لحيان
1
()J.H Mordtmann , Beitrage , zur Mainischen Epignaphik , Weimar , 1897 ,
S; XI , BOASOOR , NUM; 73 , 1939 , NUM; 129 , 1953 , P.23 , Le Museon
, 51 , ( 1938 ) , P. 307 , Arabien , S; 46 .
2
()Ency ; Vol; III, P. 26 , Die Araber , I , S; 104 .
3
()Die Araber , I , S; 104 .
4
()Lihyanisch , S; 35 , Die Araber , I, S;95 , CIH, 2, I 332 .
5
()Arabien , S; 48 , Lihyanisch, S;42, Die Araber , I, S;97 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
81
الرومان ألرض النب TTط ومن تكوين الرومان لما يس TTمى ب ( الكورة العربية ) ،ال TTتي
جاورت ارض اللحيانيين ،ويرى (كاسكل ) ان موقف اللحيانين من الرومان كان موقفًTا
وديًا ،النهم انقذوهم من سيطرة النبط عليهم ،ويرى احتمال تكوين اتصال سياسي بينهم
.وقد اسTTتدل ( كاسTTكل ) من شاهد قبر يعود زمنه الى حTTوالي السTTنة ()1
وبين الرومان
التاسTT T Tعة قبTT T Tل الميالد ،عثر علية في ( العال ) أرخ بحكم الملك ( الحTT T Tارث الرابTT T Tع)
،على ان اللحيانيين كانوا يومئذ تحت حكم ملوك النبTTط ،واسTTتدل على ()2
Aretas IV
رأيه هذا بعدم اشارة ( سترابون ) الى مملكة لحيانية في اثناء حديثة عن حملة ( اوليوس
كالوس ) ( اوليوس غالوس ) على اليمن التي وقعت في حTTوالي سTTنة ( 25م ) ،وكالمه
على ملوك النبط ،وكأن ملكهم قد شمل أرض لحيان ،حتى بلغ مكانًا ال يبعد كثيرًا عن
( المدينة ) ( يثرب ) ورأى في ذلTT Tك عالمة على ان ملوك النبTT Tط كانوا قد اسTT Tتذلوا
.ويظن ان النص اللحياني ()3
اللحيانيين وقضTTوا على اسTTتقاللهم زمانًا لم يحTTدد بالضTTبط
الموسوم ب ، JS 349من نهاية القرن الثاني قبTTل الميالد على رأي بعضTTهم ،هTTو من
اقدم النصTTوص اللحيانية ،دونه رجل اسTTمه ( نرن بن حضTTرو ) (ناران بن حاضTTرو )
( نوران بن حاضTTر ) ،وذلTTك بأيام ( جشم بن شهر ) و ( عبTTد ) الTTذي كان واليًا على
.وقد ذكر في النص اسTTم الملك الTTذي كتب النص في عهده ،اال ان ()4
( ددان ) يومئذ
الزمان عبث به ،اذ اصيب بكسر فسقط تمام االسم منه .وقد تجسست بعض النصTTوص
اللحيانية على ملوك لحيان ،فقدمت للبTT T Tاحثين بعض اسTT T Tمائهم ،واعلمتنا بTT T Tذلك ان
اللحيانيين كانوا قد كونوا لهم مملكة حكمت امدًا ،ثم زالت من الوجود كما زال غيرهTا
من ممالTTك ،واذ لم يقم العلماء في ( العال ) وفي االرضTTين اللحيانية االخرى بحفريات
متنظمة ،فليس بمستبعد ان يعثر فيه يومًا ما على نصوص لحيانية اخرى تكشف النقاب
.ومن الملوك الTT Tذين عرفنا اسTT Tماءهم من ()5
عن اسTT Tماء عدد اخر من ملوك لحيان
النصTTوص المذكورة ،ملك اسTTمه ( :هنوس بن شهر ) (هTTانوس بن شهر ) ( هTTانواس
1
()Lihyanisch , S; 42 .
2
()CIH , II , I , 332 , Die Araber , I , S ; II .
3
()Die Araber , I S;95 , Konigreich Lihjan , S; II .
4
()Lihyanisch , S; 39 , 101 .
5
()Arabien , 1963 , S;76 , Die Araber , I , S;100, 103, Lihyanisch ,S;41 , W.
Tarn , in Journal of Egypt .Archeol ; 15 , 1929 , 19 Ency ; III , P.26 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
82
بن شهر ) ،وقد ذكر معه في النص اسم ملك اخر شاركه في الحكم ،اال انه سTTقط منه
بعبث حدث له ،فأضاع علينا اسمه ،وقد اصيب النص بتلف في مواضTTع منه ،فأضTTاع
علينا المعنى ،والظ TT Tاهر انه دون لمناس TT Tبة انشاء الملكين طريقًا يمر بجب TT Tل ،فشقا
.وعرفنا من تلك ()1
االرض ،ورصTT Tفا وجهها وكسTT Tوها بمادة تملسTT Tها السTT Tير عليها
النصTTوص ملكَا اخر عرفه ب (ذ اسTTفعن تخمي بن لTTذن) (ذو أسTTفعينتخمي بن لTTوذان) ،
والى ()2
وقد قدر (كاسTTكل) زمان حكمة في النصTTف االول من القرن االول قبTTل الميالد
أيامه تعود الكتابة الموسوية بـ js 85 :وقد دونت لماسبة انشاء (بيت) لإللTTه ( ذو غTTابت)
.وورد اسTT Tم الملك ()3
( ذو غابTT Tه) الTT Tه لحيان ،وذلTT Tك للسTT Tنة االولى لحكم هTT Tذا الملك
( شمت جشم بن لذن) (شامت جشم بن لوذان) في الكتابة الموسومة بـ ، JS ( 85وقد
دونت بمناسبة تقديم شخص نذرَا الى االله (ذو غابة ) ،وذلك في السنة التاسعة من حكم
هTTذا الملك ،وقد قدر ( كاسTTكل ) زمان حكمه في ما بين السTTنة ( 9ق.م) والسTTنة (56
وذكر في كتاب TT Tه الموس TT Tوعة بـ JS 83ملك يس TT Tمى ( جلتقس) (جلت قوس) ()4
ق.م)
(ملتقس) ،وقد ارخت بأيامه ،اذ دونت في السنة التاسعة والعشرين من حكمة ،ودونت
لمناسبة تقديم شخص نذرَا ( ذنذر ) (نذر) الى اإللTه (عجلبن) ( عجل بTون) (عجل بن )
وهو ( صلم) اي صنم ،قدمة الى معبد ذلك اإلله (.)5
ورد اسTTم الملك ( منعى لTTذن بن هناس ) ( منهى لTTوذان بن هTTانؤاس) في الكتابTTة
الموسومة بـ ، JS 82وقد دونت السTنة الخامسTة والثالثين من حكم هTذا الملك ،لمناسTبة
تقديم نذر ،ه TTوه (ص TTلم) اي (ص TTنم) الى اإللTTه (عجلبن) ص TTنعه ( هص TTنع ) رجل اس TTمة
، ()6
( سلمى ) ،وخط الكتابة ( هسفر ) كاتب اسمة ( خرج )
وقد كان حكمه – على حTT Tد قولي ( كاسTT Tكل ) -فيما بين السTT Tنة ( 35ق.م )
.وفي عهد هTTذا الملك أصTTيبت ( ديدان ) بهزة أتت على المعبTTد ()7
والسTTنة ( 30ق.م )
1
()Lihyanisch , S; 40 , 41 .
2
()Lihyanisch, S; 41,88-89 .
3
()Lihyanisch , s ; 88-89
4
()Lihyanisch, s; 41,90 .
5
()Lihyanisch, S; 41,91,Die Araber , I , S ; 103 , Arabien , S; 289 .
6
()Lihyanisch, S; 41,93 .
7
() Lihyanisch,S; 41 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
83
ومن كان فيه ،اذ سTTقط سTTقفه على اعضTTاء مجلس المدينة (هجبTTل) (هTTا -جبTTل) ،فقتل
ويظهر من بعض ()1
اكثرهم ثم اعيد بنائهم بين السTT Tنة ( 127ب.م ) و( 134ب.م )
،وهTTذا ()2
النصTTوص اللحيانية المتأخرة ان اعادة بناء المعبTTد قد اسTTتغرقت زمنَا طTTويَال
مما يدل على ان الحال TTة االقتص TTادية لم تكن حس TTنة في ذل TTك العهد ،وأن االمور لم تكن
جارية على وفق المرام ،وان الحكومة كانت ضعيفة فلم تتمكن من اعادة بنائه بالسTTرعة
المطلوبTT Tة .ويرى ( كاسTT Tكل ) ان النبTT Tط هيمنوا على اللحيانيين في القرن االول قبTT Tل
الميالد ،واخذوا يضTT Tايقونهم ،ثم حكموهم ،وقد امتد حكمهم للحيانيين الى ما بعد
الميالد ،فقبTT Tل سTT Tنة ( 65ق.م ) اسTT Tتولى النبTT Tط على ( الحجر ) ،ثم سTT Tاروا منها الى
( تيماء ) ،ثم قطعوا كل اتصTTال للحيان بTTالبحر ،واسTTتولوا على ميناء ( لويكة كومة )
وكان تابعًا للحيان ،وتقدموا منه الى مواضTTع اخرى ،حTTتى احTTاطوا بلحيان من جميع
.ويظن (كاسTTكل ) ان حكم النبTTط للحيان قد وقع بين السTTنة ( 25 ()3
الجهات وحكموهم
– 24ق.م ) والس TTنة ( 9ق.م ) ويظن ( كاس TTكل ) ان حكم النب TTط للحيان دام منذ ذل TTك
ال TTزمن ح TTتى ح TTوالي الس TTنة ( 80ق.م ) ،ففي ه TTذا العهد كان حكم النب TTط نفس TTه يتدهور
بتزايد سTTلطان الرومان في بالد الشام وبTTدخول حكومة ( المكابين ) اليهودية في حماية
االمبراطورية الرومانية ،والنبTTط هم في جوار المكابين في الجنوب ،ولما قهر جيش
( تراجان ) النب TTط ،وقض TTى على اس TTتقاللهم ،تخلص اللحيانيون من حكم النب TTط وعادوا
فاسTTتقلوا في ادارة شؤونهم فحكمتهم اسTTرة منهم ،يظهر انها من االسTTرة الملكية القديمة
()4
التي كانت تحكمهم قبل استيالء النبط عليهم
وكان جالء حكم النبTTط عن لحيان في عهد الملك ( رب ال ) ( رب ايل ) اخر
ملوك النبTط الTذي انتزع الرومان االقسTام الشمالية من مملكته في سTنة 105للميالد ،ثم
اخذوا االقسTام الجنوبية من مملكته بعد سTنة تقريبًTا ،اي سTنة 106للميالد ،وبTذلك زال
. ()5
حكم النبTTط عن اللحيانيين ،فاسTTتعادوا اسTTتقاللهم برئاسTTة الملك ( هناس بن تلمي )
1
()Arabien , S; 66 .
2
() Lihyanisch , S;42 .
3
(), S; 40, 42. Lihyanisch
4
()Lihyanisch, S; 42 .
5
()Lihyanisch, S; 42 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
84
وقد عثر البTTاحثون على كتابتين ،ورد في احTTداهما ( :مسTTعودو :ملك لحيان ) وورد
في االخرى ( :ملك لحيان ) ،وقد سقط منها اسم الملك لتلف أصTاب الكتابTة ،وقد ذهب
(كاسكل ) الى ان الكتابتين من عهد استيالء النبط على لحيان وذهب ايضTTا الى ان الملك
( مسTTعودو ) اي ( مسTTعود ) لم يكن ملكًا بTTالمعنى الحقيقي ،وانما كان ملكًا اسTTمًا ،وان
الملك االخر الذي أزال العطب اسمه من الكتابة الثانية ،هو الملك (مسعود ) نفسه ،ولم
يذكر كيف جوز ص TTاحب الكتاب TTة لنفس TTه نعت مس TTعود ،بنعت (ملك لحيان ) على حين
.ويرى ( كاس TTكل ) ان في جملة من حكم ()1
كانت مملكة لحيان تابعة لمملكة النب TTط
اللحيانيين في ه TTذا العهد ،عهد تدهور حكم النب TTط وزوال س TTلطانهم عن لحيان ،ملكًا
اسمه (هناس بن تملي ) ( هانؤاس بن تملي ) ،وقد ورد اسمه في كتابة دونت في السTTنة
الخامسTTة من حكمه ،دونها ( عقرب بن مر ) ،صTTانع تماثيل ( هصTTنع ) لمناسTTبة نحته
طرفي صخرة قبره ،وصيرهما يمثالن اإلله ( اب ايالف ) (أبا لTف ) ،وذلTك في السTنة
.وقد جعل (كاسTTكل ) حكم الملك المتقدم ( هناس بن ()2
المذكورة من حكم هTTذا الملك
تملي ) مبTTدأ لحكم اسTTرة جديدة ،او حكومة جديدة ،تولت الحكم بعد زوال هيمنة النبTTط
عن اللحيانيين ،وكان الملك (لوذن بن هنواس ) ( لTوذان بن هنواس ) اخر من حكم من
الحكومة القديمة في لحيان ،اي اخر من حكم قبTTل اسTTتيالء النبTTط على لحيان كما يرى
. ()4
،وكان حكمه في حوالي السنة ( 30ق.م ) على تقدير (كروهمن ) ()3
(كاسكل)
وورد اسم الملك ( تملي بن هناس ) (تملي بن هنؤاس ) في كتابTTة أرخت بالسTTنة
الثانية من سTTني حكمه ،لمناسTTبة شراء رجل اسTTمه ( عبTTد خرج ) ارض ًTا ،بTTني عليها
. ()5
ضريحًا ( هكفر ) ليكون مقبرة ( همثبرن ) ( ها مثبرن ) ،يدفن هو وأهله
وأورد ( كاسTT Tكل ) اسTT Tم الملك ( سTT Tموي بن تلمي بن هناس ) بعد اسTT Tم الملك
،وهو ملك ورد اسTمه في كتابTة سTجلها ( وهب اله ) ( وهب اهلل ) وكان قيمًا المتقدم
()6
1
()Lihyanisch, S;42, Die Araber , I, S; 100, Jausen-Savignac, 334, 335 , 337
.
2
() Lihyanisch, S; 41 , 100, JS 75, M.25 .
3
()Lihyanisch, s;4.
4
()Arabien, S; 65,289 .
5
()Lihyanisch, s; 41,III , JS , 45 , M. 9 .
6
()Lihyanisch, s;41 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
85
( قيمه ) على ( نعم ) أنعام اإللTه ( ذغبت ) ( ذو غابTTة ) لمناسTTبة قيامة بإتمام بناء معبTTد
.وورد اسم ملك اخر من ملوك لحيان ،في ()1
( ديدان ) الذي كان الزلزال قد عبث به
،دونها ( ابو ايالف بن حيو ) ،وكان ()2
كتابة دونت في السنة الخامسة من سني حكمه
( كبير هشعت ) ( ها – شعت ) اي كبTير الجماعة ،وهTو نعت يدل على انه كان وجيه
القوم ووجههم ،وقد اشار فيها الى مجلس القوم ( هيجل ) ،وكان ذلTT Tك في السTT Tنة
الخامسTT Tة من سTT Tني حكم ( راى ) ( رأى ) الملك ( عبTT Tدن هناس ) ( عبTT Tدان بن هTT Tا –
. ()4
،ويرى ( كاس TTكل ) ان حكمه كان في ح TTوالي الس TTنة ( 110ب .م ) ()3
نؤاس )
ووض TTع ( كاس TTكل ) ملكًا اس TTمه ( س TTلح ) ( س TTليح ) ( س TTالح ) بعد اس TTم الملك ( عب TTدان
، ()5
هانؤاس ) ،وقد حكم – على رأيه – في حوالي السنة ( ) 125بعد الميالد
وقد ورد اسTTمه في كتابTTة دونت قبTTل ثالثة ايام ( تلت أيم :قبTTل راي سTTلح ) من
تولى ( سTTليح ) الحكم ،وأرخ ذلTTك بسTTنة عشرين من ظهور عتمة ،اي حTTدوث ( سTTنت
،والظاهر ان كسTوفًا وقع فأظلمت الTدنيا وعتمت ،وذلTك قبTل عشرين ()6
عشرين عتم )
سنة من تولي هذا الملك الحكم ،فأرخ الناس عندئذ بحTدوثها ،وفي جملتهم صTاحب هTذه
الكتابTTة ( .)7وحكم في حTTوالي السTTنة ( 127ب .م ) ملك اسTTمه ( تلمي هناس) (تلمي هTTا
،وقد جاء اسTT Tمه في كتابTT Tة دونت لمناسTT Tبة دفع دية ()8
نؤاس ) على رأي (كاكسTT Tل )
.ووضTT Tع ()9
( وديو ) عن قتيل قتل في السTT Tنة الثانية والعشرين من حكم هTT Tذا الملك
( كاسكل) الملك ( فضTTج ) ،بعد الملك ( تلمي بن هTانؤاس ) ،وجعل حكمه في حTوالي
،ويظهر من كتاب TTة ورد فيها اس TTمه انه حكم اكثر من تس TTع ()10
الس TTنة ( 134ب .م )
1
()Lihyanisch, s;41,42,112, JS 54 , M 4 .
2
()Lihyanisch, s;41 .
3
()Lihyanisch, s;41 .
4
()Lihyanisch, s;113, JS, 72 , M 23 .
5
()Lihyanisch, s;41 .
6
()Lihyanisch, s;41 .
7
()Lihyanisch, s;115 , JS , 68 M 55.
8
()Lihyanisch, s;41.
9
()Lihyanisch, s;116, JS,77, M 27 .
10
()Lihyanisch, s;41 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
86
وعشرين س TTنة ( .)1ويرى ( كاس TTكل ) ان الملوك اللحيانيين المتأخرين لم يكونوا على
شاكلة الملوك اللحيانيين االول من حيث المكانة والشخص TTية ،ويرى ان الح TTل والعقد
صارا في يد ( الجبل ) ( هجبل ) ،اي :مجلس الشعب ،أو مجلس االمة بتعبTير قريب
من تعبير هذا الزمان في الغالب ،وان الناس لم يعودوا يحلفون بكتابة لقب ( ملك لحيان
) بعد اسTTم الملك ،وفي هTTذا االهمال تعبTTير عن نظTTرة التسTTاهل وعن عدم االهتمام بTTأمر
.ويتبين من النصTTوص اللحيانية المتأخرة ان هTTذا الTTدور الثاني ،اي الTTدور ()2
الملوك
المتأخر من حكم حكومة لحيان ،لم يكن حكمًا مس TTتقرا وطيد االركان ،ل TTذلك تفشت
السرقات ،وكثرت حوادث القتل فيه ،ويرى ( كاكسل) من ورود أسماء في بعض هذه
الكتابTT Tات اللحيانية المتأخرة يشعر منها ان اصTT Tحابها من أفريقية ومن جنس حTT Tامي ،
احتمال مهاجمة الحبش لسTTاحل البحTTر االحمر الواقع فيما بين ( لوبكة كومة ) وحTTدود
.ويرى (كاسTTكل ) ان الكتابTTات المشار ()3
مملكة سTTبأ ونزول الحبش في هTTذه االرضTTين
اليها ،هي من زمن يجب ان يكون محصTورًا بين السTنة ( ) 150والسTنة ( ) 300بعد
()4
الميالد ،وفي هذه المدة يجب ان يكون وقوع غزو الحبش للسواحل العربية المذكورة
،ويرى باحثون اخرون ان ملك الحبشة الذي يمكن ان يكون قد غزا هذه السواحل ،هTTو
الملك ، SembruthesوهTو من ملوك (أكسTوم ) ،وقد عثر البTاحثون على طائفTة من
الكتابTTات ،مدونة باليونانية تعود الى ايامه ،ويجب ان يكون غTTزوه لتلك السTTواحل قد
. ()5
وقع بين نهاية القرن الرابTTع لميالد وبين النصTTف االول من القرن الخامس للميالد
ويرى ( كاسكل ) ان الرومان الذين استولوا على مملكة النبط لم يبلغواأرض لحيان ،بل
وقفTوا عند حTدود النبTط ،او عند أرض تبعد مسTافة عشرة كيلو مترات عن ( ديدان ) ،
ب TTدليل انقط TTاع الكتاب TTات ال TTتي كان يكتبها الجنود الرومان ويتركونها في االماكن ال TTتي
()6
ينزلون بها عند الحد المذكور ،فلم يعثر السياح على كتابة يونانية بعد البعد المذكور
.ويظهر من كتابTT T Tة لحيانية وسTT T Tميت ب M 28ان رجًال من لحيان كان قد زار
1
()Lihyanisch, s;119, JS 70, M52 .
2
()Lihyanisch, s;43 .
3
()Lihyanisch, s;43 .
4
()Die Araber, I, S; 100 .
5
()Die Araber , I , S; 100 .
6
()Das Altarabische, S;18 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
87
،والكتابTT Tة ()1
المواضTT Tع ( :صTT Tار ) ( صTT Tوأر ) ،و ( نشور ) و ( ربTT Tغ ) ( رابTT Tغ )
غامضTة وزاد في غموضTها وعسTر فهمها سTقوط كلمات منها ،لTذلك ال يدرى ما المواد
من ذكر هذه المواضع ،هل ايد به استيالؤه عليها وضTTمها الى النبTط ؟ او اريد بTه توليه
الجباية فيها ؟ او هTTو زاره وتاجر معها ؟ وقد يسTTتنتج منها ان هTTذه المواضTTع كانت من
.و ( صTTار ) ( صTTأور ) ،موضTTع على الطريق بين ()2
مدن اللحيانيين في ذلTTك العهد
الحجر ويثرب ،وهو الموضTع الTذي ذكر في جغرافية ( بطليموس ) باسTم = Assara
،وهو موضع ال يبعد كثيرا عن ( الحجر ) ،ويقع عند موضTTع ( البTTدائع ) ()3
Asvara
ال TTذي يبعد زه TTاء واح TTد وعشرين كيلو مترًا جنوبي شرقي ( العال ) ،اما ( نشأر )
( نشير ) فهو موض TTع ذكره ( ياقوت الحموي ) في معجم البلدان ،ولم يعين مكانه ،
واما ( رابTTغ ) ،فموضTTع ال نسTTتطيع ان نؤكد انه ( رابTTغ ) الحالية ،وان كانت التسTTمية
.ولسTTنا نعلم بعد كيف كانت نهاية حكومة لحيان ،ومن قضTTى عليها ،والى ()4
واحTTدة
اين ذهب اللحيانيون بعد س TTقوط مملكتهم ال TTذي كان بعد الميالد كما رأينا .ويظهر ان
قومًا منهم هاجروا الى الجنوب ،وان قومًا منهم هاجروا الى العراق فاستقروا بTTالحيرة ،
اذ نزل TTوا في موض TTع عرف باس TTمهم ،وقد كانوا يتاجرون معها في ايام اس TTتقاللهم ،
ويظن ان موضTT Tع ( السTTTلمان ) المعروف في البادية منس TTوب الى اإلل TTه ( سTTTلمان ) الTTTه
لحيان ورب القوافل عندهم ،وقد كان اللحيانيون ينزلون بTه في طTريقهم الى العراق ( .)5وال
يس TTتبعد ان يكون القس TTم االعظم منهم قد عاد الى البادية ،واندمج في القبائل ،مفضًT Tال حياة
البTTداوة على حياة العبودية والفوضTTى ،فأندمج في القبائل االخرى على نحTTو ما حTTدث لغTTيرهم
من الناس( . )6وقد عثر مزهرية في ( تل أبTTو الصTTالبيخ ) في جنوب العراق ،وجدت عليها
كلمة ( ب TTرك َال ) ( ب TTرك أيل ) (ب TTارك أيل ) ،مدونة بقلم ذهب بعض الب TTاحثيين الى أنه قلم
1
()Lihyanisch, s;40,94 .
2
()Lihyanisch, s;40,94 .
3
()Ptolemaus, V, BK; 7 , & 30 .
4
()Lihyanisch, s;40,94 .
5
()Lihyanisch, s;44 , Das Altarabische, S; 19 Rothstien, Lachmiden, S; 52 ,
64.
6
()Lihyanisch, s;44 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
88
()1
لحياني ،وذهب بعض َاخر الى أنة من قلم ( المسند ) ،وأن أصحابها من العرب الجنوبTTيين
.
وقد نسب أهTل األخبTار ( أوس بن قالم بن بطينا بن جميهر ) ألى (لحيان ) وهTو من مشاهير
أهTTل الحTيرة ،حكم الحTيرة أمدا ()2وقد يكون للحيان الTذين ينسTب( أوس ) اليهم عالقة باللحيانيين الTذين
أتحدث عنهم .
وقد يكون (بنو لحيان) الTذين يذكرهم أهTل األخبTار ،من بقية ذلTك الشعب السTTاكن في
(الديدان) ،أما اللحيانيون ،فهم من ( بTTني لحيان بن هTTذيل بن مدركة بن ٍا لياس بن مضTTر ) ،
()3
،والظاهر أنهم لم يكونوا من القبائل فهم عدنانيون ،وقد كانوا ينزلون في شمال شرقي مكة
القوية عند ظهور االسTTالم ،ولTTذلك ال نجد لهم ذكرَا في أخبTTار ظهور االسTTالم وفي أيام صTTدر
االسالم(.)4
وكانت منازل (لحيان) عند ظهور االس TTالم في أرض جبلية ،وقد غ TTزاهم الرس TTول
(ص) بغزوة عرفت بـ( غزوة بني لحيان ) ،فاعتصموا برؤوس الجبال ،وهجم الرسول (ص)
على طائفTT Tة منهم على ماء لهم ،يقال لTT Tه :الكدر ،فهزموا ،وغنم المسTT Tلمون أموالهم (،)5
وأرسل الرسول (ص) عليهم سرية بقيادة ( مرثد بن كنان الغنوي ) الى ( الرجيع) ،فلقي بTني
()6
. لحيان ،وقد قتل مرثد في المعركة ،وذلك في السنة الرابعة من الهجرة
وقد هجاهم (حسان بن ثابت ) فرماهم بالغدر ،وذكر موضعهم وهو (الرجيع) ،وذكر
أنهم تواصوا بأكل الجار ،فهم من أغدر الناس ،و(دار لحيان ) هي دار الغدر(.)7
الفصل الثالث
1
()Arabien , S; 273 .
()المحبر (ص Lihjan , S; 44 ، )358 2
()ابن قتيبة ،المعارف(ص ، )31الزبيدي ،تاج العروس ( ، )10/324ابن دريد ،االشتقاق (. )1/109 3
4
()Ency; III, P.26
()ابن حبيب ،المحبر (. )144 5
6
Ency ; III, PP. 26,27 , .المحبر (())118
فأت الرجيع ،وسل عن دار لحيان ()أن سرك الغدر صرفا الخراج له 7
دولة االنباط
كانت بالد الشام وجنوب فلسTTطين مركزًا لهجرات متتابعة من جنوب الجزيرة
العربية أوائل التاريخ المسTTيحي مثل قبيلة تنوح وقبيلة بTTني سTTليح وال جفنة ،حTTتى ان
قرية (بوريكة ) الواقعة باللجة كانت تعرف في العصTT Tر الروماني باسTT Tم ( بوريكة
الس TTبئيين )( .)1اال ان اس TTتقرار القبائل العربية في بادية الشام يرجع الى عص TTور س TTابقة
للعصTTر الروماني ،ومن تلك الشعوب العربية الTTتي اسTTتقرت في جنوبي فلسTTطين شعب
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
90
.وقد نشأت ه TTذه ()1
األنب TTاط ،ال TTذي عرف عند اليونان باس TTم Nabataeaاو النب TTط
الدولة في المنطقة الشمالية الغربية من جزيرة العرب .في الموضTTع الTTذي عرف باسTTم :
بالد العرب الحجرية او الصTT T T Tخرية ( . ) Arabiapetraeaوقد اجمع العلماء
والبTT Tاحثون على ان النبTT Tط هم شعب من العرب .وان اسTT Tتعملوا اآلرامية في كتابTT Tاتهم
فأغلب اسTTماءهم هي اسTTماء عربية خالصTTة مثل حارثة ومغTTيرة وجذيمة وقصTTي وكليب
وشارك النبTT T Tط العرب في ديانتهم فعبTT T Tدوا بعض االصTT T Tنام ()2
وعدي وعمر وكعيب
المعروفة عند عرب الحجاز .مثل " ذي الشرى " المعروف عندهم باسم ( :ذو شرى )
والالت " الت " ومناة " :منوتن " وهبل " هبلوا " .ومن ناحية اخرى نجد ان المؤرخين
المختصين بشؤون االنباط وتاريخهم ومنهم المؤرخ اليهودي " :يوسTفوس " قد اطلقوا
كلمة ( العرب ) على النب TTط .ثم انهم اطلقوا اس TTم ( ) Arabia Petreaوال TTتي تعني
.ويرى بعض البTTاحثين ان االنبTTاط ليسTTوا عربTTا ()3
العربية الصTTخرية على بالد االنبTTاط
وانما هم من االراميين .بحجة انهم كانوا يستعملون اآلرامية في كتابتهم ،ويرى هTTؤالء
العلماء ان تشابه االس TTماء واشتراكها بين االنب TTاط والعرب من ناحية وامتزاج االلف TTاظ
العربية في اللغة اآلرامية من ناحية اخرى ،هTTو نتيجة االختالط واالتصTTال بين الشعبين
.اال ان بعض الباحثين العرب ردوا على مزاعم هTؤالء العلماء ()4
بحكم رابطة الجوار
بخصوص اصTل النبTط .فذكروا ان هناك اقوام من غTير النبTط ومن غTير بTني ارم كتبTوا
بلغTTة االراميين وبقلمهم اال ان احTTد من العلماء لم يقل ان جميع من كتب بلغTTة االراميين
هم من االراميين .فاآلرامية كانت قد تغلبت على اكثر لغTTات الشرق االدنى .واصTTبحت
.اما ما جاء عن النبTT Tط في كتب ()5
لغTT Tة الكتاب والتدوين قبTT Tل الميالد وبعده بقرون
االخباريين العرب فال يعدو كونهم جيل من العجم كانوا ينزلون البطTائح بين العراقيين ،
. ()6
وانهم سموا بهذا االسم لكثرة النبط عندهم وهو الماء
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص . 9سالم :دراسات . 222 3
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ،ج 3ص 10-9 5
() الزبيدي ،تاج العروس ج 5ص . 229لسان العرب ج 9ص . 228 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
91
ويرى ولفنسTTون ان النبTTط الTTذين قصTTدهم االخبTTاريون العرب .هم بقايا الشعوب
القديمة ال TTذين كانوا ينزلون البط TTائح ،ومنهم مترس TTبات االراميين في العراق والشام ،
قبيل االسالم وفي العصر االسالمي ،وكان هؤالء يتكلمون بلهجات عربية ولكن برطانة
. ()1
اعجمية ظاهرة
اما عن الموطن االصلي الذي انحدر منه النبط فالراجح انهم كانوا يسكنون بادية
الشام وجنوب سورية في القرن السادس قبل الميالد تقريبًا .ثم رحلوا في هجرة جماعية
نحTTو الغTTرب ( اي نحTTو ارض االدوميين ) واغتصTTبوا ارضTTهم المطلة على سTTاحل البحTTر
االحمر ،فاضTTTطر االدميون الى الرحيل نح TTو الشمال ،واس TTتقروا المناطق الخصTTTيبة
.وتتميز ()2
المشرفة على البحTTر المتوسTTط وكان ذلTTك في حTTدود سTTنة 587ق.م تقريب ًTا
بالد االنباط بانها أرض جبلية قليلة المياه تكثر فيها المرتفعات الصخرية الوعرة .واتخذ
االنباط (البتراء) عاصمة لهم وقد وصTTفها سTترابون فقال :انها مدينة صTTخرية قائمة في
مس TTتوى من االرض وتحيط ب TTه الص TTخور كالس TTور المنيع ،وليس وراءه TTا غ TTير الرمال
. ()3
المحرقة
وقال عنها االص TTطخري ( :انها مدينة بقرب البلقاء ،وهي ص TTغيرة منحوتة
.وتعرف البTTتراء في المصTTادر ()4
بيوتها كلها وجدرانها من صTTخر كأنها حجر واحTTد )
. ()5
العربية باسم الرقيم ،وقيل انها المدينة التي أقام فيها أهل الكهف
()ولفنسون :ص ، 135جواد علي ،العرب قبل االسالم ج 3ص. 11-10 1
()زيدان :العرب قبل االسالم ص . 82جواد علي :العرب قب االسالم ج 3ص . 15 2
()االصطخري :المسالك والممالك ص 47ط مصر 1961تحقيق محمد جابر عبد العال . 4
()فيليب حتي :تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ،ج ، 1بيروت 1958ص . 419 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
92
حثمناي ضد السلوقيين ،فنجح يهوذا المكابي في احتالل بيت المقدس في سنة 168ق.م
.ومن ملوك االنبTTاط ايض ًTا الحTTارث الثاني ( 110ق.م – 96ق.م ) ،الTTذي عرف ()1
باسTT Tم ابروتيموس( . )2وقد كانت العالقات مع المكابين في عهده حسTT Tنة ،وان دولTT Tة
االنبTTTاط كانت على درجة كبTTTيرة من القوة ( .)3اما أشهر ملوك االنب TTاط على االطالق
فهو :الحTT Tارث الثالث ( 62 – 87ق.م ) .ويقترن اسTT Tم الحTT Tارث بفتوحTT Tات كبرى
وانتصارات هيأت لألنبTاط ان يوسTعوا مناطق نفTوذهم على حسTاب السTلوقيين واليهود في
ان واحد .لذلك فأن المؤرخين يعتبرون الحارث الثالث المؤسس الحقيقي لدولة االنبTاط .
.وقد تمكن الحTTارث الثالث من هزيمة ()4
ويعرف عن المؤرخين ب " رب ايل االول "
الس TTلوقيين بقيادة انطيوخوس هزيمة نكراء في س TTنة 86ق.م في معركة عنيف TTة ح TTدثت
قريب يافا سTTقط فيها ملك السTTلوقيين صTTريعا .وبTTذلك احTTاطت حكومة الحTTارث الثالث
واسTTتغل الحTTارث انتصTTاره هTTذا فواصTTل زحفTTه ()5
بمملكة المكابين من الشرق والجنوب
الى دمشق بناء على رغبTة اهلها فدخلها دون مقاومة سTنة 85ق.م .وقد رحب بTه أهTل
ثم اشتبك مع اليهود في معركة ()6
دمشق وس TTموه :محب الهلينيين () Philhllenic
ح TTدثت قرب " اللد " فمزق جيشهم وارغمهم على توقيع معاه TTدة للص TTلح وفقا لشروطه
.ولما جاء القائد الروماني بومبي الى الشرق .حTاول احتالل بالد ()7
التي امالها عليهم
االنبTTاط .فارسTTل حملة ض TTدهم اال ان الحTTارث اسTTتطاع ان يقف بوجه تلك الحملة وان
.وفي عام ( 66ق.م ) ()8
يحتفTTظ باسTTتقالل بالده رغم انه خسTTر نفTTوذه في بالد سTTوريا
قام الح TTارث بمهاجمة مملكة يهوذا فجرد جيشا قوامه خمس TTون ال TTف جندي ،واجبر
2
()G.A Cooke , Ency . of Religion and Ethic ???? , Article Nabataei , Vol .
P.121 ( 1630 ) .
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص . 26 3
()زيدان :تاريخ العرب قبTTل االسTTالم ص ، 86وجواد علي :تاريخ العرب قبTTل االسTTالم ،ج 3ص 4
255
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص . 26 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
93
،فأرسل الحTTارث وراءه فرقة من الجيش ()1
ارسطو بولس على الفرار الى بيت المقدس
حاصرت عاصمة اليهود وكادت تفتحها لوال ان تدخل الرومان في ذلك الوقت ،فاضطر
.وخلف الح TTارث في حكم االنب TTاط ()2
الح TTارث الى رفع الحص TTار واالنس TTحاب الى بالده
ابنه عبTTادة الثاني ( 47 – 62ق.م ) .وعثر على عمالت من الفضTTة من فئة الTTدراخا
ضTT Tربت باسTT Tمه وقد امتد نفTT Tوذ الرومان في عهده الى الشرق ،فاسTT Tتولوا على اسTT Tيا
الصغرى وسورية ومصر ،وانتزع الرومان ما كان قد استولى عليه الحTارث الثالث في
.وبعد عب TTادة الثاني جاء الى الحكم مال TTك االول ( 30 – 47ق.م ) ()3
الشام من قب TTل
وفي عهده اخذ االنبTTاط يسTTعون للتقرب من االمبراطورية الرومانية الTTتي اسTTتولت على
اسTTيا الصTTغرى ثم ضTTمت مصTTر وسTTوريا فاشتركوا بفرقة من الفرسTTان لمسTTاعدة يوليوس
.وفي عهد مالTTك االول تمكن الرومان من اسTTقاط ()4
قيصTTر في حملته على االسTTكندرية
االسرة المكابية اليهودية في بيت المقدس ووضعوا مكانها االسTTرة الهيرودية الموالية لهم
.ثم خلف مالTT Tك االول في الحكم ابنه عبTT Tادة الثالث ( 9 – 30ق.م ) فسTT Tار على ()5
سياسTT Tة ابية في التقرب الى الرومان .فسTT Tاعد اليوس جاليوس في حملته ضTT Tد اليمن
وامدهم باألدالء .وبالرغم من ان هذه الحملة لم تحقق اهTTدافها ألسTTباب ارجعها الرومان
الى تغ TT Tير س TT Tوء نية ادالء االنب TT Tاط وتغريرهم ب TT Tالجيش الروماني .فان العالقات بين
االمبراطورية الرومانية واالنبTTاط ظلت حسTTنة واسTTتمر النفTTوذ النبطي في جنوب فلسTTطين
.وبلغت دولTة االنبTاط ذروة ()6
وشرقي االردن وجنوبي شرقي سTوريا وشمال الجزيرة
عظمتها وازدهارها في عهد الحارث الرابع ( 9ق.م – 40م ) .وكان عهده عهد رخاء
وسTTالم .وخلف الحTTارث ابنة مالTTك الثاني ( 30م – 71م ) .الTTذي سTTاعد االمبراطور
الروماني طيطس في حملته ضد بيت المقدس في سنة 67م .فاشترك بجيش عدته الTTف
.واخر ملوك االنب TTاط مال TTك الثالث (– 101 ()7
من الفرس TTان وخمس TTة االف من المشاة
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ص، 30سالم :تاريخ الدولة العربية ص . 109 3
() فيليب حتي :تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ج 1ص . 423 7
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
94
106م ) ،وفي عهده قضTTي االمبراطور الروماني تراجان على دولTة االنبTاط ،فارسTل
في س TTنة 106م حملة عس TTكرية بقيادة (كورنليوس بالما) نائب TTه في دمشق الى الب TTتراء
فتمكن من االس TTتيالء عليها وض TTمها الى مقاطعات الدول TTة الرومانية ( الكورة العربية )
الTتي أقامها الرومان لتحمي سTوريا من هجمات البTدو وجعلوا عاصTTمتها (بصTTرى ) الTتي
. ()1
ورثت البتراء اقتصاديا وسياسيا
حضارة االنباط واثارهم
كانت حضارة االنباط مركبة ،فهي عربية في لغتها آرامية في كتابتها ،سامية
في ديانتها ويونانية رومانية في فنها وهندس TTتها المعمارية ولكنها حض TTارة عربية في
.وكان االنبTTاط وثنيون يعبTTدون االصTTنام ،فشاركوا في هTTذه العبTTادة عرب ()2
جوهرهTTا
الحجار ويعد "دو شرى " االل TTه الرئيس TTي عند النب TTط ،وقد شاعت عب TTادة ه TTذا االل TTه في
الب TTتراء خاص TTة ثم انتشرت الى ب TTاقي مناطق البالد ،واقام النب TTط لإللهة العزى معب TTدا
خاص TTا على مكان مرتف TTع من الب TTتراء .وكانوا يحجون الى الب TTتراء تقرب TTا من االل TTه (ذو
.وحض TTارة االنب TTاط تقوم أس TTاس على التجارة ، ()3
شرى ) وزيارة معب TTده في المدينة
فالبتراء كانت مركزا تجاريا هاما بين الشرق والغTTرب والجنوب والشمال ،وكانت لها
السيطرة على الطرق التجارية ما بين غTزة وبصTرى ،وما بين دمشق وآيلة .وقد امتد
نشاطهم التجاري الى س TTلوقية واالس TTكندرية ورودوس وموانئ س TTورية واهم الس TTلع ال TTتي
كان االنبTTاط يتاجرون فيها :االفاوية من ( اليمن ) ،والحرير من الصTTين والحناء من
عس TTقالن ،والزجاج وص TTبغ االرجوان من ص TTيدا وص TTور ،اللؤل TTؤ من الخليج العربي ،
والخزف من روما ،باإلضTTافة الى منتجات بالد النبTTط من ذهب وفضTTة وزيت السمسTTم
.اما في مجال الزراعة فقد قام النبTTط بحفTTر االبTTار وشق القنوات واقامة المشاريع ()4
()5
الزراعية في البالد .فحولوا بعض المناطق الصحراوية الى أراضTTي زراعية خصTTبة
()صالح العلي :تاريخ العرب ص . 42سالم :دراسات في تاريخ العرب ص . 238 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
95
وفي الصناعة اشتهر النبTط بTاألواني الفخارية الTتي كانت ال تقل في الجودة واالتقان عن
. ()1
الخزف الصيني آنذاك
واهم أثار النبTTط :خزنة فرعون :وهTTو بناء محفTور بالصTTخر ،والمسTTرح الTTذي
يفضي الى سهل فسTيح تتناثر فيه الكهوف الطبيعية او المحفTورة في الصTTخر ويتسTع هTذا
.ومن اثار النبTTط ايض ًTا البناء المعروف بالTTدير وهTTو بناء ()2
المسTTرح ل 4000متفTTرج
فخم عرضTT T Tه 50مترًا وارتفاعه 45م ويرجع بناء هTT T Tذا الTT T Tدير الى القرن الثالث
. ()3
الميالدي
دولة تدمر
كان موقع تدمر في الشمال الشرقي من دمشق على نحTو 150ميال وقد انشأت
حTTول نبTTع ماء يقع في منتص TTف المسTTافة بين الفTTرات من جهة وبين دمشق وحمص من
. ()4
جهة اخرى .فهي بذلك تعتبر مركزا هاما للقوافل التجارية بين العراق وبالد الشام
وقد ورد اسTTم تدمر ألول مرة في التاريخ في نقش يرجع الى ايام الملك تجالت بالسTTر
االول ( فيما يقرب من 1100ق.م ) وذكر االسم على هذه الصورة ( :تدمر أمورو ) .
وعرفت عند مؤرخي اليونان والرومان باسTم بلميرا ( ) Palmyraويرى بعض العلماء
انه ربما تكون هناك صTلة بين المقطTع االخير من كلمة ( تدمر ) وهTو ( ) Morوبين )
) Myraوه TTو المقط TTع االخير من كلمة ( ) Palmyraوان اليونانية والالتينية ح TTرفت
.ويعتقد بعض الب TTاحثين ان كلمة ()5
اس TTم المدينة االص TTلي وص TTيرته على ه TTذا الشكل
( بلميرا ) مشتقة من كلمة ( بالما )( ) Palmaالالتينية ومعناهTTا (النخل ) وانها سTTميت
،في حين يرى ()6
بلميرا منذ ان تغلب عليها االس TTكندر .لكثرة غاب TTات النخيل حولها
البعض اآلخر ان كلمة بلميرا ترجمة للكلمة ثامارا العبرانية ال TTتي تعني النخلة ،وان
ثامارا العبرانية هي اسم موضع الى الجنوب الشرقي من يهوذا وفقا لما ورد في التوراة
حيث ذكرت انها من جملة المدن الTتي اسسTها سTليمان ،ولكنها ذكرت تحت اسTم تدمر ،
()جرجي زيدان :العرب قبل االسالم ص . 98صالح العلي :.محاضرات ص . 46 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
96
وان ورود اسم تدمر على هTذه الصTورة كان نتيجة خطTأ ارتكبTه كتبTة اسTفار اخبTار االيام
فخلطTTوا بين ثامارا الواقعة جنوبي البحTTر الميت وبين تدمر المدينة المشهورة ،ثم كتب
،ونتيجة لهذا التحريف والخلط ()1
في سفر الملوك االول تحت اسم تدمر بدال من ثامارا
اصTTبح بناء ( تدمر ) منسTTوبا الى سTTليمان ،فورد في الروايات العربية الTTتي اخذت عن
التوراة ان تدمر مما بناه الجن لسليمان ،وينسب االخباريون العرب بناء تدمر الى تدمر
بنت حسTT Tان بن اذينة بن السTT Tميدع بن مزيد بن عمليق بن الوذ بن سTT Tام بن نوح(، )4
والواقع ان تدمر لم تكن من بناء سليمان ،الن ملكه لم يمتد الى هTTذه البالد واغلب الظن
ان تدمر نشأت حTول نبTع ماء في البادية فقصTدها البTدو واسTتقروا في واحاتها ،فقد ورد
اسTTم تدمر في نقوش تجالت بالسTTر االول المتعلقة بحمالته ضTTد العموريين سTTنة(1115
ق.م) وس TTاعد اهلها نبوخذ في هجومه على القدس وامدوه ب( )8000من رماه النب TTال
وب TTدأت تدمر تظهر منذ ذل TTك الحين كمركز تجاري ه TTام وطريق للقوافل بين العراق
والشام .
واس TTتمرت تدمر محتفظ TTة بموقعها الممتاز ومكانتها الطيب TTة في عهد الس TTلوقيين
الTTذين وحTTدوا سTTوريا والعراق وشجعوا الطريق التجاري المار بTTالعراق وتدمر لينافسTTوا
البطالمة ال TTذين كانوا يعملون على تغيير خط س TTير التجارة الهندية الى البح TTر االحمر
ومص TT Tر ،وقد ادى س TT Tقوط الس TT Tلوقيين وقيام الدول TT Tة البارثية في العراق وايران الى
االض TTرار بمص TTالح تدمر فقد فص TTل العراق عن س TTوريا ،اال ان ه TTذا الوض TTع لم يس TTتمر
طويال فسTرعان ما فرض الرومان سTيطرتهم على سTورية وفلسTطين ومصTTر واتبعوا في
عهد اغسطوس سياسة سلمية فهادنوا البارثيين ،وعادت التجارة الشرقية تمر بتدمر ،ثم
تطلع الرومان لالستيالء على تدمر ،فحTTاول ماركوس انطونيوس االسTTتيالء عليها سTTنة(
41ق.م) فاض TTطر اهلها الى الجالء عنها ح TTاملين معهم اموالهم وامتعتهم ،وال يعرف
على وجه التحديد ما اس TTفرت عنه حملة انطونيوس ه TTذه ،ويرجح ان تدمر اعترفت
بسيادة روما مع احتفاظها باستقاللها ،ويرى بعض المؤرخون انها دخلت في فلك الدولTTة
الرومانية ،في أواخر القرن االول الميالدي ،فقد كانت من بين المدن الTT Tتي أدخلها
. ()2
االمبراطور تراجان في الكورة العربية 106م
()اخبار االيام الثاني ،االصحاح 4-8سفر الملوك االول ،اصحاح .17 -9 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
97
،وفي س TT Tنة 130م زاره TT Tا االمبراطور هادريان ومنحها لقب Hardrianan
وقد عثر ()1
( Palmyraهادريانا بلميرا ) و ( Hadriana Polisهادريانا ب TTوليس )
في آثار تدمر على نقش يرجع تاريخه الى سTTنة 137م .مدون فيه باآلرامية واليونانية
معلومات تخص االح TT Tوال التجارية في ه TT Tذه المدينة اص TT Tدرها مجلس شيوخها لتنظيم
.وكان مجلس شيوخ المدينة ()2
التجارة في تدمر ،وتثبيت الضرائب ،وكيفية جبايتها
يتمتع بسلطة سن القوانين والتشريع وله رئيس وكاتب وعدد من االعضTTاء ويشرف على
السلطة االجرائية شيخان ( ) Archontesوديوان يتألف من عشرة حكام .اما السTلطة
القض TTائية فينظ TTر فيها بعض ال TTوكالء " " Syndiosوغ TTيرهم من العمال ()3وقد منحت
تدمر درجة مستعمرة رومانية عليا فاصبح لها حق االمتالك التام ،وحTTق اعفTاء تجارتهم
من الض TTرائب ،والحرية الكاملة في ادارة سياس TTة المدينة .وكان اكتس TTاب تدمر لهذه
االمتيازات في عهد هادريان ،وقيل في عهد س TTبتي موس س TTفروس ( 211 – 193
م ) ،والثابت انها كانت تتمتع بهذه االمتيازات في عهد كركال ( 217 – 211م ) ،
ويرى بعض البTTاحثين ان منح تدمر درجة ( مسTTتعمرة ) ال يعني انها اصTTبحت مقاطعة
رومانية مئة بالمئة بTTل كانت في الواقع حكومة مسTTتقلة ذات سTTلطة واسTTتقالل في ادارة
. ()4
شؤونها وخاضعة خضوعا شكليا لحكم الرومان
ثم اسTTتغل التدميريون فرص TTة انشغال الرومان في مشاكلهم الداخلية وفي ص TTد
الغTT Tزوات الجرمانية الTT Tتي كانت تهدد دولتهم في أوربTT Tا الغربية فوسTT Tعوا رقعة بالدهم
. ()5
واخضعوا القبائل المجاورة لهم
وفي سنة( 226م) قامت الدولة الساسانية على يد اردشير بن بابTTك الTTذي حTTارب
الرومان واس TTتولى على ح TTران ونص TTيبين ،وقد اس TTتغلت اح TTدى اس TTرات تدمر العريقة
ال TTنزاع بين الساس TTانيين والرومان احس TTن اس TTتغالل ،واس TTتطاع زعيم ه TTذه االس TTرة وه TTو
سبتيموسTTاودوناتوس ) odaenathus ( ،المعروف بالمصTTادر العربية باسTTم " أذنيه بن
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
98
السTTميدع " ان يسTTتقل بتدمر ويلقب بلقب ملك في سTTنة 250م ،واصTTبح لTTه مكانة كبTTيرة
. ()1
في المجتمع التدمري .وأذنيه هذا هو ابن حيران بن وهب الالت
وقد ادرك الرومان نوايا أذنيه التوسTT Tعية ومدى خطورتها على مصTT Tالحهم .
،بعد وفاة ()2
فأوعز االمبراطور الى " سTTبتيموس حTTيران " رياسTTة مجلس شيوخ تدمر
سبتيموس هذا تولى الحكم اخوه أذنيه الثاني " " Odenatusوقد اتصTTف أذنيه بالشجاعة
والجرأة ،وكان يحمل درجة قنص TTل في عهد االمبراطور فالريانوس ان أذنيه ط TTالب
االمبراطور باالنتقام من روفينوس قاتل ابيه ،لكن االمبراطور لم يسTTتجب لTTه ،االمر
ال TTذي اغض TTب أذنيه وحملة على التفكير باالتص TTال ب TTالفرس اعداء الرومان ،فبلغ TTه نب TTأ
انتص TTار الف TTرس الساس TTانيون بقيادة ملكهم شابور االول بن اردشير ( 272 – 241م )
على الجيش الروماني ووقوع االمبراطور فالريانوس في االسTTر في سTTنة 260م فاغتنم
أذنيه هذه الفرصة وارسل الى شابور وفدا حمل هدايا كثيرة وكتابا يتودد فيه اليه ويظهر
رغبته في مصالحته ومحالفته ،لكن شابور استهان بTامر أذنيه واسTاء اسTتقبال رسTله اليه
. ()3
وأمر بالقاء هداياه في النهر ،وتوعد أذنيه بالعقاب جزاء تجاسره في مخاطبته
وكان تصTTرف ملك الفTTرس هTTذا قد أثار ثائرة أذنيه فقرر مهاجمة شابور فجمع
فرسان تدمر وانظم اليه جنود فالريانوس ،فزحف بهم على طيسفون ( المدائن ) ودارت
على ضفاف الفرات معركة هائلة انتهت بهزيمة شابور هزيمة نكراء ،وكتب أذنيه الى
جالينوس بن فالريانوس يخبره بانتصاره على الفرس واخالصTTه لإلمبراطورية الرومانية
،فانعم عليه في س TT T Tنة 262م بلقب قائد عام على جميع جيوش الشرق " Dux
.ففتح نصTTيبين وحTTران فكافئه االمبراطور على اخالصTTه مرة ثانية ()4
" Orientes
في سنة 264م بان منحة لقب " " Imperator TotiusOrientisأمبراطور على جميع
بالد المشرق " اي على الشام والجزيرة واسTTيا الصTTغرى عدا منطقة ( بيتينية ) وبعض
()جواد علي :تاريخ العرب قبTTل االسTTالم ج 31ص 89-88ذكر بعض المؤرخين ان سTTبتموس 2
حيران قتل مع والده أذنيه ،انظر حاشية ص 89ج 3جواد علي .
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ص ، 9سالم :دراسات ص . 251 – 250 3
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص ، 91 – 90سالم ،ص . 252 – 251 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
99
المناطق الشمالية ،وض TTربت النقود باس TTمه ونقش عليها ص TTورته ووراءه بعض اس TTرى
. ()1
الفرس ،وجعل تحت قيادته جميع القوات الرومانية المعسكرة في الشرق"
ثم لقب أذنيه نفسه بلقب اخر هو " ملك الملوك " ومنح لقبا اخر هTTو " اغسTTطس "
. ()2
الذي كان يلقب به قياصرة الروم
ولم يكتف أذنيه بما احرزه من انتصارات على الفرس ،فقرر مواصTTلة الحTTرب
ضدهم ،وخرج مع ولTده " سTبتميوس هTيرودس " وحاصTTر طيسTفون " المدائن " مدة ،ثم
اض TTطر الى رفع الحص TTار والعودة الى بالد الشام ،بعد ان بلغ TTه نزول القوط بميناء "
هرقلية " وزحفهم نحTو " قبادونية " وما ان علم القوط بعودة أذنيه حTتى بTادروا بركوب
. ()3
سفنهم والعودة الى بالدهم
وفي سنة 267-266م قتل أذنيه مع ولTده هTيرودس في حمص بيد " معنيوس "
ابن أخيه ال TTذي انتهز نزول أذنيه في حمص الراح TTة الجند فانقض عليه مع نف TTر من
.وخلف أذنيه في حكم تدمر ولTTده " وهب ()4
مؤيديه وقتلوه غدرا " مع ولTTده هTTيرودس "
الالت " وكان ص TTغير فتولت الوص TTاية عليه والدته زنوبيا او " الزب TTاء " ال TTتي تعد من
الشخص TTيات الهامة في تاريخ الشرق االدنى القديم وكانت تتقن اآلرامية واالغريقية
. ()5
والالتينية ،وترعى العلوم واآلداب فعاش في بالطها الفيلسوف لونجينوس
وكانت زنوبيا تطمع في توسيع حدود بالدهTTا فاختارت وقتا مناسTTبا للقيام بأعمال
الحربية عندما دب الضعف في كيان اإلمبراطورية الرومانية بعد ان اسTتنفذت قواهTا في
حروبها مع الساس TTانيين وقد شعر الرومان بأطماع زنوبيا واه TTدافها التوس TTعية ،فرأى
االمبراطور جالينوس مهاجمتها في عقر دارهTTا قبTTل ان يسTTتفحل امرهTTا ،فارسTTل جيشا
الى الشرق متظ TTاهرا انه يريد ب TTه مهاجمة الف TTرس فلما بلغ ذل TTك الزب TTاء اس TTتعدت للقاء
() جواد علي :تاريخ العرب قب TTل االس TTالم ص ، 93مبروك نافع :عص TTر ما قب TTل االس TTالم ص 1
. 92
()جرجي زيدان :العرب قبل االسالم ص ، 100جواد علي :تاريخ العرب قبTل االسTالم ج 3ص 93 2
.
()سالم :دراسات ص . 252 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
100
وتصTTدت للقوات الرومانية ،ودارت بين الطTTرفين معركة عنيفTTة انتهت بانتصTTار جيوش
. ()1
تدمر وهزيمة الرومان من أرض المعركة تاركين قائدهم هرقليانوس قتيال
ثم اسTT Tتغلت الزبTT Tاء مص TT Tرع االمبراطور الروماني جالينوس في سTT Tنة 268م
وانتقال العرش الى أوريليوس كلوديوس وما أصTTاب روما من ارتبTTاك بسTTبب غTTزوات
االلمان والقوط للحTTدود الغربية من االمبراطورية الرومانية ،فجردت حملة كبTTيرة من
سبعين الف مقاتل الى مصر بقيادة ( زبدا ) فاصطدم مع الرومان الذين قاتلوا قتاال عنيفTTا
وانتهت المعركة بانتصار قوات تدمر ،فقرر " زبTدا " العودة الى تدمر بعد ان ترك في
مص TTر حامية من خمس TTة االف رجل بقيادة " تيما جينيس " ال TTذي عين نائب TTا عن الملكة
زنوبيا في مصر ،فلما بلغ ذلTك بروبTوس حTاكم مصTر الروماني الTذي كان قد خرج في
االس TT Tطول لمط TT Tاردة القراص TT Tنة ،اس TT Tرع في العودة الى مص TT Tر وتعقب افراد الحامية
التدمرية وعمل فيهم السيف ،فأمرت الزباء قائدها ( زبTTدا ) بTTالعودة الى مصTTر ،فجرت
معارك بين الطرفين انتهت بانتصTTار زبTTدا على الرومان عند " بTTابليون " ( اي الفسTTطاط)
. ()2
ويعتقد بعض المؤرخين ان زنوبيا عقدت اتفاقا مع روما يقضTTي ببقاء الجيوش
التدمرية في مصر نظTير اعتراف تدمر بسTيادة الرومان على مصTTر فقد عثر على عملة
تدمرية ض TTربت في االس TTكندرية في س TTنة 270م نقشت عليها ص TTورة وهب الالت الى
جانب صTTورة وجه االمبراطور اوريليانوس مما يدل ان وهب الالت اصTTبح حاكما على
.ثم وصTTلت زنوبيا سياسTTتها التوسTTعية فجردت ()3
مصTTر من قبTTل االمبراطور الروماني
حملة عسTT T Tكرية الى اسTT T Tيا الصTT T Tغرى فتوغلت فيها وبسTT T Tطت نفوذهTT T Tا هناك ،فقرر
االمبراطور محاربتها ،فالحق الجيش الروماني الهزيمة بالقوات التدمرية في مصر سTTنة
271م .في نفس الTTوقت الTTذي كانت فيه القوات الرومانية تجتاح اسTTيا الصTTغرى وتدخل
سورية فحاولت جيوش تدمر بقيادة زبTدا الوقوف امام زحTف الرومان لكنه اخفTق وهTزم
في انطاكية وتراجع الى حمص حيث الحTTق بTTه الرومان هزيمة ثانية ،واصTTبح الطريق
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 3ص 105ن سالم ،دراسات ص . 256 1
3
()Cooke , Enc. Brit. P.193.
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
101
.ثم ضTTرب الرومان الحصTTار حTTول تدمر ،وايقنت الزبTTاء عجزهTTا ()1
مفتوحTTا الى تدمر
عن ال TTدفاع فح TTاولت االس TTتنجاد ب TTالفرس .فدبرت خط TTة للخروج من تدمر ونجحت في
الوص TTول الى ض TTفاف الف TTرات .حيث قبض عليها فرس TTان الرومان ووقعت في االس TTر
ففت ذلTT T Tك في عضTT T Tد المدافعين عن تدمر وفتحTT T Tوا ابTT T Tواب مدينتهم للرومان فدخلها
اورليانوس في مطلع سTTنة 273م وعفTTا عن سTTكان تدمر باسTTتثناء بعض القادة الTTذين امر
بقتلهم ،وابقي على الزبTTاء وابنها وهب الالت ليعود بهما الى روما ومضTTى الى حمص
في طريقة الى روما فلما وصل " تراقيه " بلغه ان اهTل تدمر اعلنوا الثورة على الحامية
الرومانية ونصTT Tبوا انطيوخوس ملكا عليهم ،فقرر العودة الى تدمر ،فدخلها بTT Tدون
مقاومة فدمرها وهدم اسوارها وقالعها وقتل معظم سكانها ثم أمر بعد ذلك جنوده بTالكف
عن المذابح ،وامر ب TTترميم معب TTد الشمس واالس TTوار ثم عاد ومعه زنوبيا وابنها وهب
.حيث قضTTت بقية حياتها مع اوالدهTTا في بيت خصTTص لها ()2
الالت اسTTيرين الى روما
في " تيبور " .
حضارة ت دمر :كانت الحضTTارة التدمرية مزيجا من عناصTTر مختلفTTة يونانية
()3
وس TTورية وفارس TTية ،على ال TTرغم من ان س TTكان تدمر كانوا عرب TTا من بقايا العماليق
وكانت لغTT Tة التخاطب والكتابTT Tة عندهم لهجة من اللهجات اآلرامية الغربية تنتمي الى
االصTTل الTTذي اسTTتمدت منه النبطية ،وتظم كثيرا من المصTTطلحات اليونانية والالتينية ،
. ()4
وكان الخط الذي يكتبون فيه هو تطور للخط اآلرامي القديم
ويتكون سTTTكان تدمر من المواطTTTنين والعبيد واالجانب ال TTذين كانوا اغلبهم من
االغريق والعبيد المحTTررين ،ولم تكن لهؤالء مكانة كبTTيرة في المجتمع .اما االحTTرار
فكانوا يتألفون من عدد من العشائر الTTتي ينتسTTب افراد كل منها الى جد واحTTد ،واغلب
افراد العشائر كانوا يتسTTمون بأسTTماء سTTامية ،ماعدا قليال منهم تسTTمى بأسTTماء اغريقية ،
1
()Ioid . P 163.
،صالح العلي :محاضرات ص ، 49سالم :تاريخ الدولة العربية ص 128
()جرجي زيدان :العرب قبل االسالم ص . 105 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
102
وكان في تدمر ايضTTا عدد من الفTTرس من الطبقة االرسTTتقراطية ،ويعاملون كمواطTTنين
. ()1
كما ان هناك بعض الرومانيين من الموظفين
وقد اس TT Tتفادت تدمر كثيرا من موقعها الجغ TT Tرافي الواقع في مف TT Tترق الط TT Tرق
الصTTحراوية الTTتي تربطها بTTالبتراء ،ومنها الى عدن من جهة وبموانئ السTTاحل السTTوري
من جهة اخرى ،فأصTTبحت تدمر متحكمة في الشبكة الهامة من الطTTرق التجارية الTTتي
تربط السواحل السورية بآسيا والهند فكانت تصTTل الى هTTذه المدينة المنسTTوجات الحريرية
والجواهر والآللئ والطيوب والبخور والعاج واالبنوس من الهند والصTTين وبالد العرب
الجنوبية فربح التدمريون من هذه التجارة مكاسب هائلة من الضرائب التي كانت تفTرض
على تلك البضائع التي كانت القوافل التدمرية تقوم بنقلها الى بلدة دورا أوروبس الواقعة
. ()2
على الحدود الخارجية لمملكة تدمر
ولم يكن دور التدمريين مقتصTT Tرا على القيام بنقل البضTT Tائع او تزويد القوافل
المارة بهم ،ب TTل كانوا يمارس TTون التجارة بأنفس TTهم فامتد نشاطهم التجاري الى مناطق
عديدة من العالم في ميسTT Tان وسTT Tلوقية والشام والمدن الفينيقية ومصTT Tر وروما والغTT Tال
. ()3
( فرنسا ) واسبانيا كما عقدوا معاهدات مع القبائل المقيمة على ضفاف الفرات
اما عن الديانة في تدمر فهي ال تختلف كثيرا عن االديان الس TTائدة في س TTورية
الشمالية وعند القبائل العربية في البادية وقد وردت اس TT Tماء اص TT Tنامهم في الكتاب TT Tات
التدمرية بعضTها كان معروفا عند العرب وبعضTها االخر ارامي ،واشهر االلهة شمس
وااللهة بعل ( ب TTل ) " ويرح ب TTول " :وعجل ب TTول " ز (الت) الالت ،ورحم أي رحيم
. ()4
واشتر ( عشتار ) وعزيزو ( عزيز ) وبعل شمين (بعل السماء )
أثار تدمر :ابTTرز االثار الباقية معبTTد بعل ( بTTل ) ،وهTTو أروع ما تخلف من
أثار تدمر ،والمعب TTد مقام على مرتف TTع من االرض أمامه قوس هائل وطريق عريض
طوله 1240ياردة وعلى جوانبه 270عمودا طول كل منها 55قدما ،وال يزال قائما
منها 150عمودا ،منحTT T Tوت معظمها من المرمر االبيض وبعضTT T Tها من الجرانيت
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ص 130 ، 129نافع ،ص ، 94سالم . 266 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
103
واالعمدة مرتبطTTTة ببعضTTTها من االعلى ويعرف ه TTذا الطريق بطريق االعمدة ويعتبر
الشارع الرئيس TT Tي في تدمر ومنه تتف TT Tرع ال TT Tدروب الفرعية وعلى جانبيه الح TT Tوانيت
والمخازن(. )1
والى جانب هذا المعبد هناك معابد اخرى كانت مبنية بالحجارة ومزينة بTTالنقوش
والصTTور وبعض التماثيل ،كذلك تبقت في تدمر أثار حمامات ،ودور خاصTTة مبلطTTة
بالفسيفس TT Tاء والرخام ،واعمدة تذكارية ،واثار قص TT Tر الزب TT Tاء يعتبر معجزة في فن
النحت( . )2ومن اثار تدمر ايضا المدافن التي كانت كأبراج مسTتطيلة ،يزيد عددها على
مائة مدفن متناثرة حول المدينة ويتألف من اربع طبقات ارتفاعها ثمانون قدما وعرضTTها
. ()3
ثالثون قدما وله باب خاص يدخلون منه الى الطبقات
دولة الغساسنة
كانت قبائل االزد اليمنية قد هTاجرت الى بالد الشام على أثر انكسTار سTد مأرب
وتدهور نظم الزراعة واعمال الTTري في جنوب الجزيرة العربية ،وقد نزل االزد في
اما المسTعودي ()4
البلقاء واستقروا حول نبع ماء يعرف باسم " غسان " فعرفوا بالغساسنة
فيذكر ان نبع غسان كان في بالد اليمن فيقول " انما غسان ماء فشربوا منه فسTTموا بTTذلك
وهTT Tو ما بين زبيد ورمع ،وادى االشعريين بTT Tارض اليمن " وأورد المسTT Tعودي شعرا
لحسان بن ثابت :
()5
االزد نسبتنا والماء غسان أما سألت فانا معشر نجب
وعرف الغساسTنة ايضTا بTال جفنة نسTبة الى اول ملوكهم جفنة بن عمرو مزيقاء
.كما ()6
بن عامر بن ماء السماء بن حارثة بن أمرئ القيس بن ثعلبTTة بن مازن بن االزد
.وكان يسTTكن بادية ()7
عرفوا بTTال ثعلبTTة نسTTبة الى جد لهذه االسTTرة هTTو ثعلبTTة بن مازن
()جرجي زيدان :العرب قبTTل االسTTالم ص ، 207علي ابTTراهيم :التاريخ االسTTالمي العام ص 80 4
() نولدكة :امراء غسان ط بيروت 1933ترجمة بندلي جوزي وقسطنطين زريق ص . 4 7
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
104
الشام قب TTل قدوم الغساس TTنة قوم عرفوا بالض TTجاعمة من قض TTاعة ،فلما نزل الغساس TTنة
بجوارهم فرض هؤالء عليهم االتاوة ،وظل الغسانيون يؤدونها لهم حتى اندلعت الحTTرب
. ()1
بين الطرفين وانتهت بتغلب وانفرادهم بالسلطة دون غيرهم
واول امراء غسان في بالد الشام هTو جفنة بن عمرو مزيقياء ،وقد ذكر حمزة
االصTTفهاني ان جفنة هTذا لما ملك قتل ملوك قضTTاعة من سTليح الTذين يدعون الضTTجاعمة
في حين يذكر المس TTعودي ان اول من ملك ()2
ودانت ل TTه قض TTاعة ومن بالشام من ال TTروم
. ()3
من الغساسنة هو الحارث بن عمرو بن عامر بن حارثة
ويعتبر الح TTارث بن جبلة ( 569 – 529م ) اعظم ملوك غس TTان وأشهرهم ،
وكان الحTTارث هTTذا معاصTTرا لإلمبراطور جسTTتنيان ( 565 – 527م ) ،وكسTTرى انو
شروان ( 579 – 531م ) ،وقد ذكر المؤرخ بروكوبيوس ان جسTTTتنيان أنعم على
الح TTارث بلقب " ملك " Basileusوبس TTط نف TTوذه على كثير من القبائل العربية بالشام ،
وكان االمبراطور يقصد بذلك ان يجعل الحارث خصTما قويا في وجه المنذر بن النعمان
.ويعتقد بعض العلماء ومنهم ( نولدكه ) ان ()4
المعروف بTTابن ماء السTTماء ملك الحTTيرة
االمبراطور لم يمنح الحTTارث لقب " ملك " فقد كان هTTذا اللقب قاص TTرا على القياص TTرة ،
فال يمنح لغ TTيرهم وان ما لقب بTTه الحTTارث وغ TTيره من ال جفنة هTTو لقب " البطريق " او لقب
. ()5
شيخ القبيلة ( فيالركوس )
وقد قام الحارث بن جبلة بضبط امور سورية اثناء انشغال االمبراطور جسTTتنيان
بحروب TTة في اس TTبانيا وشمال افريقيا ،واس TTتطاع ان يقيم جبهة قوية امام المنذر بن ماء
.وقد قامت الحرب بين الحTTارث ()6
السماء ملك الحيرة ،وحارب الفرس اعداء الرومان
بن جبلة والمنذر بن ماء السTTماء في سTTنة 538م .بسTTبب االراض TTي الTTتي اطلق عليها
الرومان اسTTم Strataوهي االراضTTي الممتدة على جانبي الطريق الحربية من دمشق
الى ما بعد تدمر حتى مدينة سروج ،فقد ادعى المنذر ان القبائل العربية النازلTTة في تلك
()نولدكه :امراء غسان ص 14 ، 12جواد علي :العرب قبل االسالم ج 4ص . 129 – 128 5
()نافع :العرب قبل االسالم ص 113 ، 112ماجد ،التاريخ السياسي ج 1ص. 89 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
105
االراضTTي خاضTTعة لسTTلطانة وانها تدفع لTTه الجزية ،فنازعه الحTTارث على هTTذه السTTلطة
وقامت الحTTرب بينهما فانتصTTر كسTTرى للمنذر واوعز اليه بالتوغTTل في سTTورية فوصTTلت
هجماته الى انطاكية( . )1وفي سTTنة 541م اشترك الحTTارث في القتال الى جانب الTTروم
فعبر بجيوشه نهر دجلة لكنه سTTرعان ما عاد الى مواقعة السTTابقة عن طريق آخر غTTير
الطريق الTTتي سTTلكها معظم الجيش ،وقد أثار تصTTرفه هTTذا شكوك الTTروم في اخالصTTه .
ولم يمض على هTT Tذا الحTT Tادث سTT Tوى فترة قصTT Tيرة حTT Tتى تجددت الحTT Tرب بين الحTT Tارث
والمنذر في سTTنة 544م .فهزم الغساسTTنة ووقع احTTد ابناء الحTTارث اسTTيرا في يد المنذر
. ()2
فقدمة ضحية لإللهة العزى
واسTTتمر العداء سTTائدا بين الغساسTTنة والمناذرة ،حTTتى تمكن الحTTارث من احTTراز
النصTTر على المنذر ملك الحTTيرة في سTTنة 554م في المعركة الTTتي حTTدثت بTTالقرب من "
قنسرين " وقتل فيها المنذر نفسه ،وخسر الحارث احد ابنائه ويدعى " جبلة " فدفنه ابTوه
في قلعة عين عوداجه بالقرب من قنسرين(.)3
وبعد وفاة الحارث بن جبلة سنة 569م خلفة في الحكم المنذر بن الحTارث الTذي
عرف في المصTTادر اليونانية والالتينية باسTTم Alamundarosكما لقب بالمنذر االكبر
.وقد اس TTتهل المنذر عهده بمحارب TTة المناذرة ()4
تمييزا ل TTه عن أخيه المنذر االص TTغر
فانتصر على ملكهم قابوس بن المنذر في موقعة " عين ابTاغ " الTتي حTدثت في سTنة 570
.وكانت العالقات بين الغساسTTنة والTTروم قد أخذت تسTTوء بسTTبب ()5
بTTالقرب من الحTTيرة
موقف المنذر المؤيد للمذهب المونوفيزيتي ( اليعقوبي ) ،فأوعز االمبراطور جسTTتين
الثاني ( 578 – 565م ) الى البطريق مرقيانوس بتدبير مؤامرة لقتل المنذر ،فلما
احس المنذر ب TTذلك ه TTرب الى البادية وشق عص TTا الطاعة على االمبراطور مدة ثالث
س TTنوات ،فاغتنم المناذرة الفرص TTة وه TTاجموا س TTوريا وعاشوا بها ،فاض TTطر ال TTروم الى
مفاوضة المنذر واسترضائه فعقد الصلح بينهما في أواخر ايام االمبراطور جستين الثاني
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
106
.وقد قام المنذر بزيارة القس TTطنطينية في 8مارس س TTنة 580م فاس TTتقبل اس TTتقباال ()1
حافال ،وانعم عليه االمبراطور الجديد طيبTاريوس ( 582 – 578م ) بالتاج بTدال من
.ولم تلبث العالقات بين المنذر ()2
االكليل الTTذي ينعم بTTه الTTروم على عمالهم من العرب
والTTروم ان تدهورت على أثر أشتراك المنذر في الحملة الTTتي قام بها موريق ( قومس
الشرق ) ضد الفرس ،فقد عزى الرومان فشل هذه الحملة الى تواطئ المنذر مع الفTTرس
،فقد وجد موريق الجسTTر الكبTTير على نهر الفTTرات مهدما فظن ان في االمر خيانة من
جانب الملك الغس TTاني فزاد ه TTذا الح TTارث من أيغ TTار ص TTدور ال TTروم ض TTد المنذر فأرس TTل
االمبراطور طيب TTاريوس الى " ماجنوس " .الح TTاكم الروماني في س TTوريا يأمره ب TTالقبض
على المنذر ،ولم يسTTع ماجنوس اال ان ينفTTذ أمر اإلمبراطور رغم الصTTداقة الTTتي كانت
تربطTTه بالمنذر ،فأرسTTل الى المنذر يدعوه الى حضTTور حفTTل افتتاح أحTTدى الكنائس في
بلدة الحواريين ( بين تدمر ودمشق ) ،فلما حضTTر المنذر القي القبض عليه وأرسTل الى
.ثم توفي االمبراطور طيب TTاريوس وتولى ()3
القس TTطنطينية مع أب TTنين ل TTه واح TTدى نس TTائه
الحكم بعده موريق ( ) 602 – 582عدو المنذر اللدود ،فأمر بنفي المنذر الى جزيرة
ص TTقلية ،ولم يكتفي ب TTذلك ب TTل عمد الى قط TTع المعونة الس TTنوية ال TTتي كانت تقدمها الدول TTة
البيزنطية الى أسTرة المنذر من ال جفنة فأثار هTذا التصTTرف ابناء المنذر االربعة وشقوا
عصا الطاعة على الTTروم ،فأوغلوا في الصTTحراء تحت قيادة اخيهم االكبر – النعمان –
واخذوا يشنون الغ TTازات على أراض TTي الدول TTة البيزنطية فقاموا بهجمات عنيف TTة ض TTد "
بصTTTرى " الTTTتي كانت أكبر قاعدة بيزنطية في جنوب س TTوريا ،فاض TTطر االمبراطور
موريق الى تجهيز حملة بقيادة ماجنوس لمحاربTTة أوالد المنذر فاسTTتطاع ان يلقي القبض
. ()4
على النعمان بن المنذر بالخديعة والدهاء ،وأرسله الى القسطنطينية في سنة 583م
وقد اعقب أس TTر النعمان بن المنذر تص TTدعا في دول TTة الغساس TTنة ،فتفككت وح TTدة
العرب في سTTوريا وانقسTTموا الى ( ) 15فرقة لكل منها أمير ،وبTTدأت القبائل تطTTاحن
فيما بينها ،كما أخذ بعضTT Tهم يشن الغTT Tارات على المناطق المتحضTT Tرة في سTT Tوريا ،
()نولدكه :ص 26-25علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص . 83 1
()جواد علي :العرب قبل االسالم ج 4ص ، 138صالح العلي ،محاضرات ص . 59 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
107
فاضTTطر الرومان الى اقامة أمير جديد للغساسTTنة بTTدال من المنذر ،وحرصTTوا ان يكون
االمير الجديد من ال جفنة لما كان يتمتع به هؤالء من مكانة وهيبة في نفوس العرب في
. ()1
سوريا
واختلف االخبTT Tاريون العرب في ذكر اسTT Tماء امراء الغساسTT Tنة بعد المنذر بن
الحTTارث ،كما انقطTTع المؤرخون السTTوريون والبTTيزنطيون عن ذكر اخبTTار ال جفنة بعد
المنذر ،وكانت مدة حكمهم قصTTيرة وقد أورد حمزة االصTTفهاني قائمة بأسTTمائهم تختلف
عن االس TTماء ال TTتي أورده TTا المس TTعودي وابن قتيب TTة ثم تف TTرق ال جفنة في الص TTحراء وفر
بعضهم الى بالد الروم على أثر اسTتيالء الفTرس على بالد الشام في سTنة 613م ،وبعد
نجاح االمبراطور هرقل في استرداد الشام من الفرس في سTنة 629م أسTند حكم سTورية
الى احTTد االمراء الغساسTTنة وهTTو ( جبلة بن االيهم ) ،الTTذي اشترك مع الTTروم في قتال
المسلمين بقيادة خالد بن الوليد في " دومة الجندل " سTنة 634م ،كما اشترك مع الTروم
في موقعة اليرموك سنة 636م ،واسلم بعد هذه الموقعة ،غير انه ما لبث ان أرتد عن
االسالم وهرب الى القسطنطينية (.)2
حضارة الغساسنة
كانت ديار الغساسنة تمتد ما بين الجوالن واليرموك ،وكانوا يقيمون بالقرب من
دمشق في موضع على نهر بردى يعرف " بجلق " وكانت الجوالن قاعدة لملك الغساسTTنة
ومعسTTكر لهم واتخذوا مدينة الجابية مركزا إلماراتهم ،وكان موقعها بTTالقرب من مرج
الصفر في شمال حTوران ،وليس هناك ما يشير الى ان الغساسTنة كانوا يمتلكون أيا من
االماكن المحصTTنة او من المدن الTTتي كانت مسTTاكن للجيش كدمشق وبصTTرى او كتدمر
التي حصنها جستنيان(. )3
وقد مارس الغساس TTنة الزراعة واهتموا بشؤونها ،فاس TTتغلوا مياه ح TTوران ال TTتي
تندفق من أعالي الجب TT Tال في الزراعة ،فعمرت القرى والض TT Tياع ،وبنوا القناطر
واصلحوا الصهاريج ،والى جانب اهتمام الغساسنة بالزراعة ،اهتموا بالعمارة والبنيان
،فشيدوا كثيرا من القص TT T Tور واالديرة ،ومن القص TT T Tور ال TT T Tتي تنس TT T Tب الى االمراء
()البالذري :تاريخ ،ج 1ص ، 160ابن قتيبة :كتاب المعارف ،ص . 217 2
()صالح العلي :محاضرات في تاريخ العرب ص ، 63سالم ،دراسات ص . 296 ، 295 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
108
الغسانيون ،قصر المشتي وهو بناء متأثر الى حد كبير بفن العمارة الساسTTانية الTTذي كان
.وقص TTر الص TTفا وقص TTر المنارة وقص TTر الس TTويداء ()1
س TTائدا في الح TTيرة وقص TTر الطوب TTة
والقصر االبيض وقصTTر بركة وقصTTر حTTارب وغيرهTTا .ومن االديرة :دير حTTالي ودير
كما شيد الغساسTT Tنة عددا من ()2
الكهف ودير هند ودير البنوة ،وقلعة القسTT Tطل .
.وكانت الديانة السTTائدة عند ()3
الحمامات العامة والمسTTارح والكنائس واقواس النصTTر
الغساسTTنة هي النصTTرانية ،بحكم والئهم للروم ،وكانوا على المذهب المنوفسTTتي ،الTTذي
عرف فيما بعد باس TTم المذهب اليعقوبي نس TTبة الى يعقوب ال TTبرادعي الره TTوي ،واتخذ
الغساسنة اللغة العربية لغتهم ،كما استعملوا اللغة اآلرامية لغة ثانية(.)4
()اختلف العلماء في نسTTبة هTTذين القصTTرين ،فبعضTTهم ينسTTبها الى االمويين والبعض االخر ينسTTبهما 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
109
الفصل الرابع
ممالك العراق قبل االسالم
ميسان . .1
الحضر . .2
المناذرة . .3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
110
ورد في اح TTدث كتابين ب TTاللغتين اآلرامية واالفريقية اس TTم مملكة ميس TTان ال TTتي
لعبت دورًا بTT Tارزًا في االحTT Tداث السياسTT Tية واالقتصTT Tادية في العراق خالل الفTT Tترة من
منتصف القرن الثاني ق.م الى الربع االول من القرن الثالث للميالد ،حيث عثر على
كتابتين منقوشتين على فخذي تمثال برونزي لإللTTه هرقل ( ص TTورة ) 2 ، 1عثر
،ولقد اثبتت دراسTT Tة التمثال الفنية ()1
عليه عن طريق الصTT Tدفة في عام 1984
وقراءة وتحليل الكتابتين على انهما على جانب كب TTير من االهمية النهما تس TTلطان
ض TTوًء جديدًا على جوانب مختلف TTة ومتعددة من العالقات التاريخية بين الفرثيين من
جهة ومملكة ميسان من جهة اخرى .اضTTافة الى ما تقدمة من اهمية دينية تكمن في
تطTابق الهة عراقية او شرقية .واسTم ميسTان دل ،في الفTترة المتأخرة ،على جنوب
وتتف TTق معظم المص TTادر على ان س TTكانها كانوا من القبائل العربية ()2
العراق بأكمله
الذين اعتمدوا اللغTTة االغريقية في كتابTTة نقوش نقودهم في بTTادئ االمر ثم تحولTTوا الى
. ()3
اللغة اآلرامية وتركوا اثارهم اللغوية الى حد ما في الكتابات الندائية الحالية
ان مكانة ميسان بين مقاطعات وممالك الدولة الفرثية واعتدادها بنفسTTها جعلها
تتسTم باالسTتقالل احيانًا في امورهTا عن سTلطان البالط الفTرثي .ولكنها لم تدرس لحTد
االن دراسة تاريخية أثرية مستفيضة بسبب عدم شمولها بأعمال التنقيبات االثارية
والذي سنستعرضه في مقالنا هذا من تأسيس المملكة وتاريخها يعتمد بالدرجة
االساسTTية على اللقى االثارية المختلفTTة الTTتي اكتشفت في مواقع عديدة تمتد من تدمر
وكبيس TT Tة وس TT Tلوقيه على دجلة وح TT Tتى مواقع من الخليج العربي وبعض الملتقط TT Tات
السTTطحية من بعض التالل ،واهم تلك اللقى هي نقودهTTا الرسTTمية الTTتي شكلت اسTTاس
كتابTTة تاريخها ألنها تحمل تاريخا حسTTبت سTTنواته على اسTTاس التقويم السTTلوقي الTTذي
()د .واثق الصTTالحي " ،دراسTTة تحليلية لتمثال برونزي لهرقل " سTTومر ) 1984 ( 43قدمت 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
111
ابتدأ في عام 212/311ق.م وهي الس TTنة ال TTتي نعت فيها س TTلوقس االول ملكًا على
. ()1
امبراطورية عرفت بعدئذ في التاريخ باسم االمبراطورية السلوقية
وتشير بعض المصTTادر الى ان المدينة قد تعرضTت للفيضTTانات مرات عديدة
وانها لم ترق الى حلم االسTTكندر وان ()2
وخاصTTة في عهد الملوك السTTلوقيين االوائل
تكون ميناء مهمًا وقد يعزى سTبب ذلTك الى عدم اهتمام السTلوقيين بها ولTبروز مدينة
الجره TT Tاء العربية ،الميناء التجاري المهم الواقع في الجزء الجنوبي من الخليج
العربي ،والTTتي سTTيطرت على تجارة الجزيرة العربية والهند منذ القرن الرابTTع ق.م
لتزويد االس TT Tواق الغربية بمنتجاتها والتقت القوافل البرية القادمة من تيماء ومن
الجزيرة العربية فيها وامتدت عالقاتها التجارية لتشمل الحكام السTTلوقيين والبطالسTTة
. ()3
من خالل التجار االنباط
ولكن الظTT Tروف السياسTT Tية الTT Tتي مرت بها المنطقة زادت من اهمية مدينة
االسTTكندرية فقد تولى الحكم فيها رجل يدعى تيخون ( ) Tychonبعد ثورة مولTTون
على حكم انطيوخوس الثالث في حTدود عام 221ق.م وكان قبTل ذلTك رئيسًTا ألركان
الجيش الس TT Tلوقي ()4ويب TT Tدو ان تعيين ح TT Tاكم ذي منزل TT Tة عالية يدل على ب TT Tدء اهتمام
السTلوقيين بها لما لها من اهمية سTوقية اقتصTادية واورد هTذا الحTاكم ان يعيد سTيطرته
على طرق التجارة العالمية وازداد كذلك نشاط االسTطول السTلوقي في الخليج العربي
بهدف حرية المالح TTة في الخليج والمحافظ TTة على طرقها البحرية المؤدية الى الهند
.وبTTTاعتالء انطيوخوس الرابTTTع عرش الس TTلوقيين وكان طموحًT Tا فقد صTT Tمم على ()5
تحسTين حالTة اقتصTاد مملكته المتردية وألجل ذلTك وضTع خطTة لتحويل مركز النشاط
التجاري نحو منطقته فاصTTدر أوامره بأعاده بناء مدينة االسTكندرية لتحTل محTل مدينة
1
()Hansaman, Op. Cit. pP.21-58 .
2
()Ibid.
3
()M.Rostovtzeff, The Social and Econo- mic History of the Helllenistic
World, Oxford, 1941, P.457. Nodelman, Op. cit, P.85 .
4
()Polybius, V, 46,54.
5
()Nodelman, Op. cit, P.85 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
112
. ()1
الجره TT Tاء كحلقة وص TT Tل بين الس TT Tلوقيين والشرق واطلق عليها اس TT Tم انطاكية
واكتسبت المدينة حلة جديدة في حدود عام 165-166ق.م وعين عليها حاكم عربي
اسTT T T Tمه هيسباوسTT T T Tينس ( ) HyspaosinesسTT T T Tاكدودوناكس ( ) Sagdodonacus
ويذكر بلني انه لقب ملكًا ولم يكن ممثًال للحاكم السTTلوقي وكان في حينه بين 40-30
.وانتعشت المدينة بهذا االهتمام المتزايد من قبل الملوك السلوقيين ()2
عاما من عمره
الTذي لم يدم سTوى فترة قصTTيرة من الTزمن اذ انتهى بوفاة انطيوخوس الرابTع في عام
163ق.م حيث دب الض TT Tعف في جس TT Tم الدول TT Tة الس TT Tلوقية نتيجة الص TT Tراع في داخل
البالط بين المتنافسين على السلطة مما ادى بالتالي الى انفصTTال اجزاء واقاليم شرقية
ولكن اهم ()3
مهمة عن السيطرة السلوقية واعالن استقاللها مثل عيالم وفارس وميديا
حركات االنفصTTال كانت تلك الTTتي قام بها الفرثيون بقيادة زعيمهم مثراداتس االول
الذي استقل في اقليم بارثيا الواقع في المنطقة الجنوبية الشرقية من بحTTر الخزر وكان
.اسTTتطاع ()4
يهدف احتالل معظم االراضTTي الTTتي يسTTيطر عليها السTTلوقيون في اسTTيا
هيسباوس TT Tينس ان يحافظ على دولته بعيدًا عن تلك الص TT Tراعات والمنازعات وان
يستشر النشاط التجاري المزدهTر في انعاش اقتصTTاده الTذي كان يمر من خالل مدينته
،وكان باسTTتطاعته ان ()5
الTTتي اصTTبحت االن فعًال حلقة اتصTTال بين الشرق والغTTرب
يعلن استقالله عن الدولة السلوقية ،بيد ان تسارع االحداث جعلته يقف موقف المدافع
وكأنه الTTوريث الشرعي للسTTلوقيين .فقد تقدم مثراداتس االول صTTوب بابTTل وانتصTTر
على ديمتريوس الثاني ملك السلوقيين ودخل مدينة سلوقية على دجلة في 8تموز من
عام 141ق.م ولكن ديمتريوس استطاع في محاولة ناجحة من استعادة سيطرته على
وأثرت هTTذه االحTTداث ()6
بالد بابTTل بعد ان دحTTر قوات الفرسTTيين في معارك متعددة
السياس TTية على موقف هيسباس TTينس حيث اعلن اس TTتقالله خالل االعوام من 141ق.م
1
()Pliny, VI, 139.
2
()Ibid .
3
()M. College, Parthian Art, London, 1977, P.10 .
4
()N. Debevoise, A political History of Parthia , Chicago, 1938, P.21.
5
()Ibid, P.23.
6
()Ibid, P.24.
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
113
الى 139ق.م عن الدولTTة السTTلوقية الTTتي وصTTلت الى نهايتها عندما سTTيطر متراداتس
.وفي ()1
االول على سلوقية بعد ان هزم ديتمريوس الثاني مرة اخرى واقتاده اسTTيرًا
اثناء هTذه المعارك المصTTيرية الطاحنة بTدا هيسباوسTينس في سTك نقوده الرسTمية وهي
تشبه نقود ديمتريوس السTTلوقي في نقش قفاهTTا بصTTورة االلهه اثينا بTTاالس ويبTTدو انه
كان على عالقة جيدة مع الملك السTلوقي وقد مد لTه يد المسTاعدة والعون عن طريق
القيام بهجمات على معسTكرات الفرثيين عندها وافق على تنصTTيب هيسباوسTينس ملكًا
رسميًا على دولة ميسان المستقلة ،واتسم موقفه في هذه االحداث باالنحياز التام
تذكر المصTTادر الكالسTTيكية ()2وان ملكًا باسTTم ابTTو داكس ( ) Apodakosقد
خلفه على حكم ميسان ويتأكد ذلك من خالل مسكوكاته التي تحمل تاريخ عام / 109
.والتي يظهر فيها شبيهًا لهيسباوسينس ،وهي اشارة الى انه ابنه وان ()3
108ق.م
اخر مسكوكاته مؤرخة في عام 104 / 105ق.م ( صورة . ) 4
وفي عهد هTTذا الحTTاكم احتلت ميسTTان مركزًا اساسTTيا ،خاصTTة بعد ان اسTTتتب
الحكم للفرثيين ،في التجارة الدولية مع الهند والشرق االقصTTى حTTتى بلغ االمر الى
نقش مقدمة سTT Tفينة على النقود وهي داللTT Tة واضTT Tحة ورمز اهتمام الملك بTT Tالنواحي
التجارية بيد ان مقدمة السفينة المنقوشة لم تكن سفينة تجارية ألنها تحمل منجنيقًا مما
يدل على انها سفينة حربية استخدمت ضTTمن االسTTطول الحTTربي لحماية حربTTة المالحTTة
.وشهد عصTTر تيرايوس تطTTورات اقتصTTادية ()4
في الخليج العربي وسTTفنها التجارية
مهمة ،فالطريق التجاري الذي يمتد من موانئ الخليج العربي المحTTاذي لنهري دجلة
والفTTرات كان طريقًا سTTهًال ومريح ًTا للقوافل وكذلك الطريق النهري .لكن االحTTداث
ال TTتي شهدتها س TTورية في بداية القرن االول ق.م ونزاعات طبقة النبالء على عرش
البالط الفرثي وما صاحبها من تنصيب وعزل المتنافسTTين عليه ،كل هTTذه جعلت هTTذه
1
()Nodelman, Op. cit, P.87 .
2
()Lucian, Makrobioi, XVL .
3
()G. F. HII, BM , Arabis, CXCVII, pl. XLIII .
ويطلق د .سامي سعيد االحمد اسم عبود على ابو داكس – الخليج العربي ص . 360
4
()Le Rider, Op. Cit, P. 233 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
114
الطرق طرقًا غير امنة وتكلف التجار مزيدًا من المال لTدفعهم ضTريبة مرور القوافل
لTTذلك اسTTتبدلوها بطريق يجتاز الصTTحراء تحTTف بTTه المخاطر وهTTو ()1
عبر االراضTTي
الطريق الTTTذي يربTTTط البTTTتراء بمدينة الكرخة والجره TTاء .وكان ه TTذا الطريق تحت
سTTيطرة التجار االنبTTاط ،وقد اسTTتفاد تيرايوس االول من عالقته بهم بعد ان اصTTبحوا
المعتمدين في وصTTول البضTTائع العربية والهندية الى االسTTواق الغربية مثل االحجار
الكريمة والتوابTTTل والعطTTTور والبخور ،وقد ب TTذلوا جهودًا في تذليل صTTTعوبات هTTTذا
الطريق الصحراوي عن طريق حفر االبار وانشاء الخانات ومراكز الحماية ،ويؤيد
ذلTT Tك العثور على بعض من نقوشهم المكتوبTT Tة في واحTT Tة دمائه وعلى الطريق بيت
. ()2
الكرخة وفرات ،والميناء المهم االخر في دولة ميسان
تشير بعض الTTدالئل الفنية المسTTتقاة من نقود خليفته تيرايوس الثاني ،الTTذي
اعتلى العرش بعد وفاة ابيه في حTTدود 77 / 78ق.م واسTTتمر الحكم حTTتى عام / 48
47ق.م ،الى ان المملكة قد تميزت بازدهار اقتصادها واستقرارها السياسي ،ويبدو
ان تيرايوس االول قد اسTTتفاد من عالقته بالتجار االنبTTاط ومن المنازعات الداخلية في
البالط الف TTرثي ،واس TTتمر تيرايوس الثاني في ب TTذل جهوده من اجل اس TTتمرار مورده
االقتص TTادي الوحيد وه TTو التجارة مع الغ TTرب بالتعاون مع االنب TTاط ولكنه لم يفلح في
مس TTعاه وانعكس ذل TTك في االنحط TTاط الواض TTح في ص TTناعة النقود وظهرت ألول مرة
اح TTرف آرامية عليها ولكن اس TTلوبها كان س TTمجًا ربما يعزى الى تعثر تجارته مع
الغ TTرب بس TTبب التغ TTيرات الجديدة والمنازعات ال TTتي ط TTرأت على البالط الف TTرثي حيث
اغتيل افرهاط الثالث في عام 57 / 58ق.م من قبل اوالده مثراداتس الثالث وورود
الثاني الTTذي انشغل بحTTرب اهلية طاحنة حTTتى انتصTTاره في حTTدود 55ق.م وقد احتل
مثراداتس الثالث مدن بابل وسلوقية لفترة من الزمن خالل تلك السنة(. )3
وقد شكلت ه TTذه االح TTداث خط TTرًا على الط TTرق التجارية البرية والنهرية بين
الخليج العربي وس TTورية ،ويب TTدو ان لملك ميس TTان دورًا فاعًال في تلك االح TTداث مما
1
()Strabo, XVI, I, 27 .
2
()Nodelman, P. 93 .
3
()Debevoise, Op. Cit, P. 75-78 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
115
جعله ينقش صTTورة الهة النصTTر على نقوده ،الTTتي تطTTرأ عليها تحسTTن في االسTTلوب
والصTTناعة ( صTTورة ) 5مما يدل على الفوائد الTTتي حصTTل عليها من خالل مسTTاندته
للملك ورود الثاني في تلك الحTرب الفرثية الطاحنة ،وتذكر المصTTادر انه توفي عن
عمر ناهز الثانية والتسTTعين وجاء بعده اتامبيلوس االول الTTذي يدل اسTTمه على تعظيم
االله بل ،بعل " وهي اشارة واضTحة الى كونه عربيًا على الTرغم من اسTتمرار نقش
ص TTورة هرقل الجائس على قف TTا نقوده ،وفي عهده توترت العالقات بين الفرثيين
والرومان وقامت ح TT T Tروب متواص TT T Tلة بين االعوام 33-54ق.م واعقبتها فترة
اض TT T Tطرابات في البالد الف TT T Tرثي تعزى الى تدخل الرومان في الشؤون الداخلية
ومناصTTرتهم لتيراداتس الثاني للجلوس على العرش وايده في ذلTTك اتامبيلوس االول
الTT Tذي ضTT Tرب نقودًا برونزية عليها نقش إللهة النصTT Tر واطلق على نفسTT Tه Phil-
،ولكن االحTTداث لم تجر لصTTالحه حيث اسTTتطاع ()1
( Romaiاي محب الرومان )
افرهTTTاط الرابTTTع ان ينتصTT Tر على ختمه وعلى اتامبيلوس ويس TTتدل على ذلTTTك انه قام
بضTTرب نقش نقوده ،فوق نقوش اتاملبيوس في حTTدود عام 26-28ق.م وتوجد في
.وتشير ال TTدالئل المس TTتقاة من ()2
المتح TTف العراقي نماذج من نقود اتاملبيوس االول
المس TT Tكوكات ال TT Tتي تميزت بص TT Tناعة وبنقوش رديئة ،ان الف TT Tترة الالحقة اتص TT Tفت
بالمنازعات حTول العرش الفTرثي انعكسTت بشكل مباشر على سياسTة واقتصTTاد ميسTان
الTTتي اصTTبحت تحت هيمنة السTTلطات الفرثية .فقد تولى الحكم فيها خالل هTTذه الفTTترة
ثيونيسيوس ( TheonesiosصTTورة ) 6واتامبيلوس الثاني الTTذي سTTك نقودًا برونزية
تعود بتاريخها الى الفترة بين 16 / 17ق.م الى 9 / 8ميالدي ( صTورة ) 7وهي
تحمل احرافًا آرامية( . )3ولم تض TT Tرب في ميس TT Tان منذ ه TT Tذا التاريخ غ TT Tير النقود
البرونزية والظTTاهر ان ملوك ميسTTان لم يرغبTTوا في منافسTTة نقود المدن االخرى مثل
انطاكية وسTTلوقية ولكنها سTTمحت ،بوصTTفها مركزًا تجاريًا دوليًا بحرية تداول نقود
1
()Wroth, BMO, Parthia, 135 .
()وداد القزاز " -نقود تكشف دولTTة مجهولTTة في تاريخ العراق القديم " المسTTكوكات ( 9-8 ، 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
116
ال TTدول االخرى وتذكر بعض المص TTادر بعض ح TTاالت اعادة دفع ال TTديون المقترض TTة
بموجب عقود تدفع بنقود معينة لم يعد لها وجود والTTدفع يجب ان يكون بنقود متداولTTة
معاصرة ،فعلى المدين في مثل هذه الحاالت ،ان يذهب الى مملكة ميسان الستبدالها
" الن فيها تتداول جميع العمالت ومنذ حكم اتامبيلوس الثاني اص TTبحت المعامالت
وفي عهد ه TTذا الملك ح TTدث اول ()1
التجارية تعتمد على اس TTتعمال النقود االجنبية "
اتص TTال مباشر بين ملك ميس TTان وبين الرومان وفي ح TTدود عام 1ق.م و 4ميالدي
عندما اختير كايوس قيصر ،حفيد اوغسطس وابنه بالتبني لرئاسة بعثة خاصة لتنظيم
عالقات روما مع الشرق ،وقد اتص TT Tل بجغTT Tرافي يدعى دايونيسTT Tوس من مدينة
الكرخة ،ويذكر بلني ان هTT Tذا الجغTT Tرافي كان قد انتهى من كتابTT Tة وصTT Tف للكرة
،ل TT Tذلك قام بأعداد كراس لمس TT Tاعدة البعوث الروماني احتوى على ()2
االرض TT Tية
معلومات جغرافية وتاريخية عن المنطقة ويب TTدو ان جوب TTا Jubaقد اس TTتفاد من ه TTذا
.وذكر بلني ايض ًTا بTTان الرومان قد حTTافظوا ()3
الكراس في كتابته عن بعثة كايوس
على عالقات سياسTTية واقتص TTادية جيدة مع دولTTة ميسTTان ألنها كانت المسTTيطرة على
طرق التجارة التي تزود االسواق الغربية بالبضائع الهندية والعربية .
وبعد اتاملبيوس الثاني جاء الى حكم ميسTان ملك اسTمه عبTد نركال االول في
حدود 9 / 8ميالدي ،وقد اختلف البTاحثون في لفTظ اسTمه تبعًا الختالف نقش االسTTم
على مسTTكوكاته الTTتي بTTدا بضTTربها سTTنة 11 / 10ميالدي وهي تحمل صTTورته على
الوجه وحول رأسه اكليل وكتابته اغريقية تصفه بالمنقذ ( ) Soterوعلى القفTا يظهر
االلTه هرقل جالسًTا( صTورة . )8لقد جاءت بعض مسTكوكاته المتميزة بعدم الوضTوح
وعليها اسTT Tم ابينر كال AbinergalonووصTT Tلتنا اخريات تحمل اسTT Tم ادينر كال
،)4(Adinnergalonوجاءتنا نقود تحمل صيغة ثالثة مختلفة لهذه االسTTماء وهTTو االسTTم
ابينر كوس الذي يعود بتاريخه الى حدود عام 30ميالدي .ومن خالل دراسTTتنا لهذه
1
()Ibid .
2
()Pliny, VI, 141 .
3
()Ibid .
4
()Le Rider,238 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
117
االسماء ومقارنتها مع دالئل اثارية وكتابية من مواقع مختلفTة يتضTTح لنا بTTأن اسTTم هTTذا
الملك هTTو عبTTد نركال Abdinergelوان الصTTيغ االخرى الTTتي جاءت على النقود هي
شكل من اشكاله .بهذه الص TTيغة ذكر في كتابTTات دورايوروبس(الص TTالحية الحالية )
وعثر في كتاب TT Tات الحض TT Tر على اس TT Tم ( عب TT Tد ()1
شخص اس TT Tمه ( عب TT Tد نركالوس)
وفي بعض من كتابتها وكتابات مدينة تدمر يتم دمج الحTTرفين ( ب .د ) ()2
نرجول )
بTT Tالحرف (ب) واشهر االمثلة على ذلTT Tك هTT Tو اسTT Tم ( عبTT Tد سTT Tميا) ولي العهد والملك
.ونركال او نرجول ،انه العالم ()3
سTT Tنطروق االول حيث ورد بشكل ( عبسTT Tميا)
االسفل في وادي الرافدين منذ العصTر السTومري ،قد تطTابق في هTذه الفTترة مع االلTه
وتدمر ()4
هرقل في معظم المدن ال TT Tتي ورثت معتقدات وادي الرافدين كالحض TT Tر
()5ويبTTدو ان هرقل البطTTل وااللTTه في معتقدات االغريق قد عبدته في ميسTTان الجالية
االغريقية باسTTمه المعروف اما السTTكان العرب فقد عرفوه بااللهنركال او نرجول ،
ونقشوا صوره على نقودهم واقاموا لTTه التماثيل في دور عبTTادتهم ،وتمثالنا الTTبرونزي
خير شاهد على ذل TTك حيث وص TTف في الكتاب TTة بأنه ال TTه ميس TTان وس TTنأتي على وص TTفه
الحقًا .وكما ذكرنا في فقرات س TTابقة ان عرش ملك ميس TTان كان متأثرًا بالص TTراع
الTTداخلي للبالط الفTTرثي نقد ازيح عبTTد نركال عن الحكم قبTTل عام 19م بقليل من ميل
اورابس( )6وح TTدث في اثناء ذل TTك ان قام جرمانكس االبن المتب TTنى لتايبريوس بمهمة
رسمية في الشرق تشابه تلك التي قام بها كايوس قيصر قبله ،واتصل بمدينة الكرخة
عن طريق وس TTاطة رجل تدمري اس TTمه االس TTكندر ال TTذي زار ميس TTان واتص TTل بملكها
1
()Nodelman, P. 98.
() فؤاد سفر ومحمد علي مصطفى – الحضر مدينة الشمس بغداد 1974ص . 405 2
() المصدر السابق ،ص 213وكذلك د .واثق الصالحي – " كتابات الحضر " ،سومر ( 34 ، 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
118
اورابسس ،كما تذكر كتابة وجدت في انقاض معبد بل في تدمر( . )1ويبدو ان اهتمام
التدمريين بالتجارة عن طريق الكرخة بTTدا ينافس نشاط االنبTTاط في هTTذا المضTTمار .
ونستخلص من هTذه االشارات الى ان دولTة ميسTان قد تمتعت باسTتقالل ذاتي بعيد عن
الهيمنة التامة للدولة الفرثية ،وتذكر بعض المصTادر عالقاتها مع الممالTك االخرى ،
فعلى سبيل المثال ،عالقة الصTTداقة الTTتي كانت تربTTط مونوبTTازوس االول ملك حTTدياب
وربما تعزى هTTذه ()2
بعبTTد نركال االول ،الTTذي اعيد الى الحكم في حTTدود 22/23م
العالقات الودية الى المركز السياس TTي المهم ال TTذي تمتعت ب TTه ه TTذه الدول TTة والمتأتي ،
بدون شك ،من اقتصادها المتنامي الذي اعتمد على النشاط التجاري .
واسTTتمر عبTTد نركال االول في الحكم حTTتى حTTدود عام 36للميالد حيث اعقبTTه
ثيونيسTTيوس الثاني الTTذي سTTك نقودًا تحمل التواريخ 45 / 46و 53 / 52للميالد
( صTTورة ) 9وحTTدث في عهده تصTTاعد حTTدة الTTنزاع بين اعضTTاء طبقة النبالء الفرثية
على العرش ولكنها لم تؤثر على تزايد انتعاش نشاطها التجاري وخاص TTة في نقل
البضائع الهندية من ميناء بارباركون اذ تذكر بعض المصادر رحلة عودة تاجر اسTTمه
ابTT Tو لونيوس من الهند في عام 47م حيث اسTT Tتأجر سTT Tفينة ابحTT Tرت بTT Tه الى الخليج
وربما تعداها الى ()3
العربي ثم الى موانئ ميسTTان ومنها عبر نهر الفTTرات الى بابTTل
الموانئ العليا لنهر الفTTرات ومنها الى تدمر ،وقد عثر في تدمر على كتابTTة مؤرخة
الى 51 / 50م او 70/71م تذكر فيها ان الجالية التدمرية التجارية في مدينة
.ونتيجة لتزايد النشاط التجاري ()4
الكرخة اقامت تمثاًال لشخص اسTTمه زبTTدي بTTول
للتدمريين حدث انتعاش وازدهار لالقتصاد في المملكة انعكس على تحسن واضTTح في
وعاشت ()5
صTT Tناعة النقود وخاصTT Tة في نقش صTT Tورة الملك وفي الكتابTT Tة االغريقية
المملكة فترة اخرى من االنتعاش في عهد ملكها اتامبيلوس الثالث الTذي ضTرب نقودًا
1
()Le Rider, Op. Cit, .252 .Nodelman, Op. Cit, P. 99.
2
(1) Josephus, Antiquities, XX, 2, 17-37, 54 .
3
()Philastratus, Life of Apollonius, 50-58 .
4
()Nodelman, P. 101 .
5
()Ibid, P. 101 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
119
وعاصTTر ()1
مهمة خالل السTTنوات 74 / 72 – 55 / 54ميالدي ( صTTورة ) 10
نيرون ح TTاكم روما ال TTذي تهافت على اس TTتعمال العط TTور والبخور الشرقية مما ادى
بالتالي الى اهتمامه بشؤون الرومان في الشرق ،ونتيجة لTT Tذلك لقد قام التجار
الميس TTانيون بمنافس TTة االنب TTاط والتدمريين وتذكر الكتاب TTات التدمرية ان قوافل االنب TTاط
كانت تحمل بالبض TTائع من مدينة فرات ثم تتب TTع الطريق الص TTحراوي ال TTذي يربطنا
اما التدمريون فقد س TTلكوا طريقًا اقص TTر فقد عبروا الص TTحراء الى دورا ()2
ب TTالبتراء
وتشير كتابTTة عثر عليها ()3
يورويس ثم اتبعوا وادي نهر الفTTرات الى الخليج العربي
في تدمر مؤرخة في حTTدود 70ميالدي الى رجل قاد قافلة من مدينة الكرخة اسTTمتها
. ()4
الكتابة " كرخة سباسينو "
ومن مدن المملكة االخرى مدينة االبال Apologusالواقعة مقاب TTل فرات
عبر شط العرب وقد تمتعت كسTT Tائر الموانئ االخرى بمركز دولي مهم لتسTT Tويق
البضائع المختلفة حيث استوردت من بريجازاو برباريكون في الهند التوابTل والعطTور
والTT Tدهون واالحجار الكريمة والنحTT Tاس وخشب الصTT Tندل وخشب الصTT Tاج االبنوس
وصدرت اللؤلؤ والمالبس واالرجوان والخمر والتمر والذهب الى بريجازا( . )5ويبTدو
ان الخمر كان يسTتورد من الغTرب ويصTدر الى الهند حيث فضTل السTكان هناك النوع
المسمى يافانا ، Yavanaوكان االرجوان يستورد من فينيقيا .
وتزايدت طلب TTات الس TTوق الرومانية الى الحرير الي ربما كان يس TTتورد عن
طريق الحرير الشمالي وقد عثر على بقايا حرير صTTيني في قبر تدمري يؤرخ في
او عن طريق بحTT T Tري حيث كان ينقل الحرير الى موانئ ()6
حTT T Tدود 83ميالدي
التصTTدير الهندية ومنها الى مصTTر او الكرخة لتصTTديره بواسTTطة القوافل الى مراكز
التجارة في سTورية .وخالل حكم اتامبيلوس جرت اتصTاالت سياسTية مع روما حيث
1
()Le Rider, Op. Cit, P. 239f .
2
()Pilny, VI, 145 .
3
()Nodelman, P. 102.
4
()J. Cantineau, Inventaire de, inserip-tions de palmyre, X, P.13 f .
5
()W. Tarn The Greeks in Bactria and India, 148 .
6
()M, Colledgem The Art of Palmyrsm Lon-don , 1976, P. 224 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
120
الى هيئات دبلوماسية عربية البTد وانها كانت من ميسTان ألنه في مكان ()1
يشير بلني
وبما ان كتابTTه في التاريخ الطTTبيعي الفTTه في ()2
اخر يذكر بTTان الميسTTانين كانوا عربTTا
حTTدود 77م فان الهيئات الدبلوماسTTية الTTتي ذكرهTTا وجد روما حليفTTة لTTه ضTTد سTTلطان
الملك الفرثي .
وتضيف المصادر الTTتي اشارت الى اسTTتقالل دولTTة ميسTTان الى قيام اتامبيلوس
الثالث في التوسTTيع على حسTTاب الفرثيين وضTTم اراضTTي جديدة واسTTعة ،ولكن اعتالء
ولجش االول عرش البالط الفTTرثي الTTذي حكم لفTTترة طويلة من حTTوالي – 53 / 51
،فبعد ان قام ببعض االعمال العسكرية ()3
80 / 79م وضع حدًا لتوسع ملك ميسان
ال TTتي من شأنها توطيد حكمه ،التفت الى اهمية التجارة اللدولية لتعزيز اقتص TTاده ،
لذلك امر بتأسيس ولجاشيه على نهر الفرات بالقرب من بابTTل في حTTدود عام 70-60
م لتكون ميناءًا ومحط TTة للقوافل تنافس س TTلوقية ال TTتي كانت تمر بها ط TTرق التجارة
.وتشير الTTدالئل التاريخية واالثارية الى انه قد اخضTTع ()4
المرتبطTTة بموانئ ميسTTان
مملكة ميسان السلطانة مباشرة بعد ان عزل ملكها اتامبيلوس الثالث في حTدود / 73
74م حيث توقف عن سTTك نقوده ونصTTب اورابس ملكا وكان شيخا طاعنا في السTTن
يقدر عمره بحوالي 86سنة .
وبالرغم من سTيطرة الفرثيين وتبTدل الحكام فقد اسTتمر النشاط التجاري حيث
تذكر كتابة تدمرية مؤرخة في شهر اب من عام 81ميالدي ان شخصًTا اسTTمه زبTTدي
.وتوقف ضرب النقود اسTتمر حTتى عام 101 ()5
بول قاد قافلة من الكرخة الى تدمر
102 /م وهي السنة التي اعتلى فيها الملك القوي اتامبيلوس الرابTع عرش الكرخة .
وفي نهاية القرن االول للميالد زارها " كان بنكك " ( ) kanyingمبعوثًا من الTTزعيم
الصTT Tيني " بTT Tان جاو " ( ) Pan Tchaoمن سTT Tاللة هTT Tان لالتصTT Tال باإلمبراطورية
1
()Pliny, VI, 140 .
2
()Pliny, VI, 139 .
3
()Nodelman, Op. Cit , P. 105 .
4
()Pliny, VI, 22 .
5
()Debevoise, Op. Cit, P.204 .J. Cantineau, " Inscription Palmy-
renniennes " Revue d Assyriologie, XXVII, (1930), 33 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
121
الرومانية مباشرة .وتذكر المصادر انه اتبTع طريق القوافل من حTيرات ( ) Herat
ووصTTل الى " تياوجه " ( ) Tiao-tcheاي ميسTTان في حTTدود 17م ووصTTف " كان
ينكك " " عاصمة تياوجه " حيث قال بانها عالية مبنية على مرتفع ومحاطة بالماء من
كل جوانبها تقريبًا عدا الزاوية الشمالية الغربية منها ويبلغ محيطها حTوالي 13ميالد
.وذكر المبعوث الصTيني بTان ارضTها ()2
ويتطابق هذا الوصف مع ما ذكره بلني ()1
ح TT Tارة واطئة وبها من الحيوانات االس TT Tود والجاموس والكركدن او وحيد القرن
والطاووس الذي كان يستورد من الجزيرة العربية .وكانت تزدحم بالسTTكان واضTTاف
بان الفرثيين يسTTيطرون عليها وتدار من قبلهم مباشرة بعد ان كانت في السTTابق تحكم
من قبTTل ملوك حيث اشار الى ان بقور الثاني كان يدير شؤون ميسTTان مباشرة ،ولم
يعين ملكًا على ميسان بعد وفاة اورابسس .وكان " كان ينكك " وهو المبعوث الوحيد
الذي استطاع التغلغل حتى ميسTTان يريد ان يصTTل الى روما ويجري مباحثاته مباشرة
مع حكامها وكان على علم ب TTالطريق البح TTري من الكرخة الى مص TTر ولم يكن يعلم
بطريق القوافل الى س TT Tورية ومع ذل TT Tك فانه رغب في ركوب س TT Tفينة توص TT Tله الى
االمبراطورية الرومانية ولكن البحارة اقنعوه بعدم االقدام على هTذه الرحلة لما تتخلله
من اخط TTار من بينها اذا كانت الرياح غ TTير مواتيه فان الرحلة قد تس TTتغرق عامين
واخبروه ببعض القصص عن موت بعض الرجال من حنينهم الى الوطن بسبب طTTول
ويبTTدو ان التجار الميسTTانيين ارادوا من ذلTTك ان يكونوا وسTTطاء بين روما ()3
الرحلة
والصين .
وخالل هTTذه الفTTترة عاش اشهر مواطن تنجبTTه مدينة الكرخة هTTو الجغTTرافي "
ازادورالكرخي " وقد وص TTلنا اح TTد كتب TTه " المنازل الفرثية " ال TTذي يص TTف فيه ط TTرق
القوافل التجارية في ذلك الزمن وكتب وصفًا عامًا للعالم اسTTتعمله بلني واقتبس بعضًTا
1
(2) Nodelman, Op. Cit, P.106 .
2
()Pliny, VI, 138 .
3
()Nodelman, Op. Cit, P.107.
د.سامي االحمد – الخليج العربي ،ص 260
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
122
.وورد ()1
من مقاطعة وخاصTTة تلك الTTتي يذكر فيها صTTيد اللؤلTTؤ في الخليج العربي
في لوقيانوس " " Lucianبعض اقتباسات لكتاب تاريخي كان هTTو مسTTؤوًال عن تأليفTTه
وقد كتب باللغ TTة ()2
يتعلق بتسلس TTل حكام ملوك ميس TTان منذ تأسيس TTها وح TTنى عص TTره
االغريقية اال انه كان يعرف اآلرامية ( لغة ميسان ) .
شهدت السTT Tنوات االخيرة من القرن االول الميالدي فوضTT Tى ونزاع داخلي
على العرش الفرثي حيث يعتقد بان بقور الثاني قد عزل من منصبه كما يستدل على
، ()3
ذلك من عدم ضرب النقود خالل السTTنوات بين 93-88م وبين 97الى 105م
اما في ميسان فتشير الTTدالئل الى اعتالء الملك اتامبيلوس الرابTTع العرش وباشر بسTTك
.النقوش عليها صTTورة هرقل الجالس ،رمز عائلة ()4
النقود في سTTنة 101/102م
هيسباوسينس ،واضاف الى اسمه لقب المحسن والمنقذ واستمر حتى عام 105/106
.وقد اكتشفت في موقع الTTدور في االمارات العربية المتحTTدة مسTTكوكة برونزية ()5
م
تعود بتاريخها الى عصTTر اتامبيلوس الرابTTع مما يدل على اسTTتمرار النشاط التجاري
.وانحسTTرت سTTيطرة الملك " الفTTرثي على ميسTTان في عهد الملك ()6
البحTTري للمملكة
ثيونيسيوس الثالث الذي استطاع ان يحرز بعض االنتصارات وان يعيد ميسان الى ما
،وقد خلد انتصTTاراته بنقش بعض الرموز على ()7
كانت عليه ايام اتامبيلوس الثالث
مسكوكاته وهي نجمة سداسية الشكل وسعفة .وتتصاعد االحداث في المنطقة باعتالء
االمبراطور تراجان عرش روما الذي ابدى اهتمامًا خاصًا في شؤون المنطقة المحلية
وما يتعلق بتسTTهيل مهمة التجارة البحرية لمملكة ميسTTان ،فقد اعاد فتح القناة الTTتي
()فؤاد سفر " ،المنازل الفرثية السادور الكرخي " ،سومر ( ، ) 1946ص. 178-165 1
2
()Lucian, Makrobioim XV, XVI .
3
()Debevoise, Op. Citm P.216 .
4
()Hill, Op. Cit, ccll, 299 .
()ربيع القيسي –"تحريات وتنقيبTات اثريه في دولTة االمارات العربية المتحTدة – الخليج العربي " 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
123
تربط بين النيل وخليج السويس وضTTم مملكة االنبTTاط في حTTدود عام 106ميالدي الى
إمبراطوريه وانض TTمت تدمر اليه ض TTمن اتح TTاد سياس TTي وقامت ب TTدور نشط كوس TTيط
تجاري .وفي عام 114م اعلن تراجان حربًTا شاملة ضTTد الفTTريين وقاد بنفسTTه حملة
عسTT Tكرية الى المشرق بTT Tدوافع منها انه اراد ان يحقق حلما كان يراوده وبتشبه
باإلسكندر المقدوني في سTيطرته على العالم القديم ومنها بالد وادي الرافدين وللتقليل
عن اهمية السTTيادة الفرثية وكذلك ألسTTباب اقتصTTادية تتلخص في السTTيطرة التامة على
التجارة الدولية ،ول TTذلك تذكر المص TTادر كثرة التعامل ب TTالنقود الفض TTية والذهبية في
االسواق الرومانية لشراء البضائع العربية والهندية.
اسTTتطاع تراجان في صTTيف عام 116م ان يحقق المع انتصTTار لTTه ويسTTيطر
على العاص TTمة طيس TTفون وتص TTبح البالد بأجمعها تحت س TTيطرة الجيوش الرومانية .
وتابع تراجان ورحلته الى الجنوب عن طريق دجلة متجهًا نح TTو ميس TTان ال TTتي كان
اتاملبيوس الخامس يحكمها ،وتص TTف المص TTادر الكالس TTيكية رحلة تراجان النهرية
واسTTتقباله اسTTتقباًال حTTافًال في ميسTTان من قبTTل ملكها الTTذي كان على رأس مسTTتقبليه في
افاميا الواقعة على الح TTدود الشمالية للمملكة .يدل ه TTذا الح TTادث على تمتع المملكة
وبعد وفاته ()1
باسTTتقالل تام بعيدًا عن السTTيطرة الفرثية وبحرية في اختيار اصTTدقائها
في عام 117م تخلى الرومان عن اطماعهم في الشرق وانهى هادريان جميع
النزاعات مع الفرثيين ،ولكن اهتمام الرومان في التجارة اس TT Tتمر وتشير كتب
الرومان الى زيارته لمدينة تدمر في االعوام بين 129و 138م حيث اعطى
سTT Tكانها بعض االمتيازات واصTT Tلح نظTT Tام الضTT Tرائب فيها ،ومع ذلTT Tك فقد اسTT Tتمرت
القوافل بين تدمر وموانئ الخليج دون تدخل من الفرثيين ،الTذين ابتلوا بTنزاع داخلي
جديد حيث تنافس على العرش ثالثة ادعياء بقور الثاني ( اختفى بعد 115/116م )
وخس TTرو ( 128/129 – 109/110م) وولجش الثالث (147 – 106 /105م )
وتقاسTT Tموا المملكة فيما بينهم خالل السTT Tنوات المؤشرة ازاء اسTT Tمائهم .وقد ناصTT Tب
1
()Debevoise , Op. Cit, P. 234.
وقد اعلنت الحفر عصيانها على تراجان الذي حاول ان يسيطر عليها بعد ان تضرب حصTارًا حولها
ولكنه فشل في مسعاء .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
124
خسTTرو العداء لميسTTان ولملكها اتامبيلوس الخامس بسTTبب اسTTتقبالهم الغTTازي الروماني
االجنبي ولسنوات طويلة امتدت حتى بعد تنصTيب ميراداتس ( مثراداتس ) ملكًا على
ميسTTان حيث تشير الTTدالئل االثارية الى انهه كان يدير دفة الحكم في عام 131م ،
فقد ورد اسمه في كتابة آرامية وضTTعت في سTوق مدينة تدمر تذكر اسTمه مييريداتس
.ويعتقد بعض البTاحثين واسTتنادًا الى دالئل ()1
MeeredatesوتصTفه بملك الكرخة
عديدة بازده TTار التجارة وانتظ TTام القوافل التدمرية النازل TTة نح TTو الكرخة في طريق
مألوف يتميز بعالمات بارزة وعليه عدد من االبTار والخانات وتحميه عدد من القالع
المزودة بمجاميع من النبالTT Tة وتشير بعض المصTT Tادر ان في دور ايوروبس وعانه
.وقد ساهم التجار التدمريون في تأسيس مسTTتعمرة لجالية ()2
وهيت حاميات عسكرية
تدمرية في مدينة الكرخة وقاموا بأعمال تدل على مسTT Tاهمتهم الفاعلة في تنشيط
االقتصTT Tاد من خالل ازدهTT Tار حركة التجارة فتذكر كتابTT Tة على تمثال اقامه مجلس
الشيوخ في تدمر لتخليد ذكرى تاجر اسمه يارحيبوال بن ليشمش ولما قدمه من اعمال
وتذكر كتابTTة اخرى مؤرخة بشهر ايلول 140م ()3
تسTTهل مهمة التجار في ميسTTان
حTT Tاكم مدينة فرات لما قدمه من عون الى قافلة تدمرية قادمة من الكرخة ومن
ولجاشية( . )4وعثر في موقع ام العماد القريب من تدمر على كتاب TTة منقوشة على
عمود بجانب طريق القوافل تخلد ذكرى شخص اس TTمه س TTويد قام بمس TTاعدة التجار
والقوافل وبعض من مواطنية في ولجاشية وكافأه المجلس التدمري على اعمالTه واقام
لTTه اربعة تماثيل وضTTعت في تدمر وي ولجاشية وفي الكرخة( )5وقد تسTTنم بعض من
افراد تلك الجالية مناص TTب ادارية مهمة في بالط ميس TTان وكان ح TTاكم مدينة فرات
تدمريًا ،كما تشير بTذلك كتابTة تؤرخ في 140م .تذكر كتابتنا المنقوشة على تمثال
1
()Cantineau, Inventairem 25f .
2
()Nodelman, Op. Cit, P.111 .
3
()Cantineau, Op. Cit, P.32 .
4
()Ibid, P. 67f .
5
()Nodelman, P. 113 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
125
االل TTه هرقل وال TTتي تلقي ض TTوًء جديدًا على العالقات الفرثيةالميس TTانية( ، )1ب TTأن ولجش
الراب TTع ال TTذي اعتلى عرش طيس TTفون في ح TTدود 147م واس TTتمر في الحكم ح TTتى عام
192م وهTTو ابن مثراداتس الرابTTع المتحTTدي والمنافس لعرش الفرثيين قد قام بحملة
عسTT T Tكرية في عام 150/151م ضTT T Tد ميسTT T Tان ( ميشن ) وضTT T Tد ملكها ميراداتس
( مثراداتس ) بن بقور (الثاني ) ملك الفرثيين وبعد ان طTTرده وسTTيطر عليها امر
بنقل تمثال الهها ( هرقل –فيراثراكنا ) الى ممتلكات معبTد ابولTو ( نابو ) في سTلوقية
ووضعه امام البوابة البرونزية .لهذه الكتابة اهمية تاريخية استثنائية اوًال ألنها اطول
نص وصTT Tلنا لحTT Tد االن من هTT Tذه الفTT Tترة وثانيًا ألنها تتعلق بفTT Tترة غامضTT Tة تسTT Tتدعي
التساؤل وتحتاج الى دراسTTة وتحميص دقيقين .فما هي االسTTباب والTTدوافع الTTتي دعت
الى قيام ولجش الرابع حملة عسكرية على ميسTTان واخضTTاعها ؟ يبTTدو ان هناك العديد
من الظTT Tواهر المسTT Tتقاة من االدلTT Tة االثارية الTT Tتي قام بها ميراداتس ملك ميسTT Tان قد
استدعى تدخل الملك الفرثي بارتدائه لباسًTا مزركشا واضTTحًا فوق رأسTTه قلنسTTوة عالية
بTTدًال عن االكليل البسTTيط الTTذي كان يرتديه معظم ملوك ميسTTان والTTتي قد تدل على "
تأكيد استقالله السياسي " ألن ارتداء القلنسوة العالية يعتبر رمزًا ألشغال وظيفTTة عالية
ونقش على قفTTا نقوده صTTورة ()2
ومهمة جدًا في البالط الفرثياهم من ارتداء االكليل
الهة حامية المدينة بTTدًال عن نقش صTTورة هرقل الجالس ( صTTورة ) 13الTTه ميسTTان
ورمزها ،وهو بذلك أظهر العداء لساللة هيسباسينس كما وانه نقل دور الضTTرب من
ومع ذلTك فان المتأمل ()3
الكرخة الى فرات بTدليل نوعية المعدن والصTناعة المختلفTة
في االوضTTاع السياسTTية للمنطقة يالحTTظ ان اعتالء الملك القوي ولجش الرابTTع عرش
الفرثيين يمثل تغييرًا في توازن القوى ،فقد بTTدا ،وكما تشير المصTTادر التاريخية الى
ترصين جبهته الداخلية واسTتقرارها قبTل مواجهة تحTديات الرومان الTذين غTزوا البالد
وسTT Tيطروا على العاصTT Tمة طيسTT Tفون تحت قيادة تراجان .في حين كانت تصTT Tرفات
() د .واثق الصTTالحي – " دراسTTة تحليلية لتمثال برونزي لهرقل " سTTومر )1984 ( 43قدمت 1
للنشر .
2
()Nodelman, Op. Cit, P. 112 .
3
()Ibid, P. 114 .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
126
وافعال ميراداتس المتأرجحTTة بين مناصTTبته العداء للملك الفTTرثي من جهة والى سTTكان
الكرخة من جهة اخرى تثير بوادر تدخل الملك الفTرثي الTذي عزلTه عن منصTبه وعين
بدًال عنه اورابسس الثاني .
وتشير الكتابTT Tات التدمرية الى اسTT Tتمرار التجار التدمريين في قيادة حركة
القوافل ونقل البضTT Tائع الهندية الى موانئ ميسTT Tان تمهيدًا لتصTT Tديرها الى االسTT Tواق
الغربية وتوجد منحوتة تدمرية تظهر عليها س TTفينة تجارية ويقف ربانها امام دفة
وتشير المصادر الى استخدام جزيرة خرج في الخليج العربي محطTة للسTفن ()1
القيادة
.وفي عهد اورابسTT Tس الثاني ()2
الذاهبTT Tة والقادمة من الكرخة الى الهند وبTT Tالعكس
اسTتمرت دور الضTرب في فرات في سTك النقود الTتي امتازت نوعية وصTناعة رديئة
وصورته مرتديًا االكليل البسيط حول رأسه وعليها نقش بصورة هرقل الجالس ولكن
بشكل بسTTيط متميز بخطTTوط مختصTTرة (شكل . )14وازدهTTرت حركة التجارة ونقل
البضائع وانشغل التدمريون والميسانيون على حد سTTواء في ذلTTك النشاط االقتصTTادي .
وعلى ال TTرغم من انتف TTاعهم المادي ،اال ان التجار الميس TTانيين قد عانوا من احتكار
التدمريين ،بعد انتهاء دول TTة االنب TTاط ،في االس TTواق الغربية وفي منافس TTتهم في نقل
البضائع من الهند .
لقد انتهى حكم اورابسس بحدوث ثورة تمخضTTت عن تعين عبTTد نركال الثاني
ملكًا على ميس TTان وقد اتس TTم حكمه بتغيير في سياس TTة المملكة حيث رجع الى نقش
صTT Tورة هرقل الجالس على مسTT Tكوكاته وظهر الملك واضTT Tعًا االكليل حTT Tول شعره
المجعد وامتاز بلحية مدببة .
واعاد عبTد نركال الثاني دور الضTTرب ثانية الى الكرخة وهTو بهذا قد احTرز
رض TTا شعبه وخاص TTة في مناص TTبهم العداء للملوك الفرثيين حيث اس TTتغل الميس TTانيون
فرصة هزيمة الفرثيين على يد الرومان بقيادة افيديوسكاسيوس في عام 165م والTTتي
1
()H. Ingholt , Gandharan Art in Pakis-tan, N.Y. 1957,28 .
2
()R. Boucharlat and J.F. salles, " The History and Archaeology of the Gulf
" . Proceedings of the Seminar for Arabian Studies, Vol. II, 1981,
P.70.71.
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
127
رافقها سTTقوط طيسTTفون وسTTلوقية ايض ًTا( )3واهتم عبTTد نركال الثاني بTTالنقوش اآلرامية
على المسTT Tكوكات وهي داللTT Tة واضTT Tحة على تأكيد هوية الشخصTT Tية القومية للسTT Tاللة
الحاكمة .وعلى الرغم من قلة المعلومات الTTتي وصTTلتنا عن السTTنوات السTTتين االخيرة
من عهد المملكة ورداءة ص TTناعة المس TTكوكات وشحتها في ان واح TTد اال انها واظبت
على تسTTيير القوافل البرية مما يدل على اسTTتمرار النشاط التجاري فقد وصTTلتنا كتابTTة
من بلدة كبيسة الواقعة على بعد 21كم الى الغرب من هيت على الضTTفة اليمنى لنهر
الفرات .والكتابة منقوشة على شاهد قبر من حجر بالخط التدمري البسTيط ( صTورة
) 16تشير فيه الى قبر شخص اسمه عجا بن شمش جرم بن ( عجا ) وقد وضعه له
.وه TTذه الس TTنة تقع ض TTمن حكم الملك ()4
رجال قافلة ميس TTان س TTنة 183 ( 494م )
اتاملبيوس السادس الذي حكم في الفترة بين 195—180م ( صورة ) 17وجاء من
بعده ابنه ماغ TTا ال TTذي امتد حكمه من 195الى 120م ( ص TTورة . ) 18ووص TTلتنا
دالئل تشير الى اسTتمرار النشاط التجاري في عهده من خالل الكتابTات التدمرية الTتي
.وربما تعود الى ه TTذه الف TTترة ايض TTا بعض ()5
تذكر اس TTماء بعض التجار التدمريين
ابيات وردت في كتاب " مزمار الروح " المنسوب الى بارديسTTنس Bardesnesتشير
. ()6
الى النشاط التجاري الذي اضطلعت به ميسان
ملتقى تجار الشرق ،وكرة اخرى عبرت حدود ميســــــــــــــــان
بلغت ميسان العظمـــــــــــــــــــــــــــــــى تركت بابل على شمالـــــــي
وراكبه سيف البحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار مثوى التجـــــــــــــــــــــــــــــــــــار
وشهد العالم القديم في هTذه الفTترة تغTيرات ومنعطفTات مهمة تركت أثرًا بالغًTا
في موازين القوى في ه TT Tذه المنطقة ،حيث دب الض TT Tعف في جس TT Tم االمبراطورية
الفرثية وتوض TTح ذل TTك خالل حملة سبتميوسس TTفيروس الى الشرق بين 200-197م
3
()Debevoise, Op. Cit, P.251 .
() فؤاد سفر " ،كتابة من كبيسة " ،سومر ) 1968 ( 24ص . 36-33 4
5
()Carrtineau, Op. Cit, P. 18 f .
()فؤاد جميل " الخليج العربي – في مدونات المؤرخين البلدانيين االقدمين " سومر 1966 ( 22 6
) ،ص. 54
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
128
التي احتل فيها بالد وادي الرافدين وسTقطت العاصTمة طيسTفون بيد الجنود الرومان .
اما في ميسان ،فيذكر الطبري اخر ملك حكم فيها باسم باندو ،ويبدو انه محرف من
بيناكا ،ال TTذي ه TTو في الواقع ابينركايوس الثالث ( اي عب TTد نركال الثالث ) ال TTذي لم
يترك لنا أثرًا عنه .وكانت في فرات اسTقفية مسTيحية وتذكر بعض المصTادر الى ان
ولما كان لموقع ميسTTان السTTوقي ()1
ماني كان يترعرع في ميسTTان خالل هTTذه الفTTترة
اهمية بالغ TTة في السياس TTة واالقتص TTاد ،فقد اص TTبحت الس TTيطرة عليها مطمع كل غTTاز
يطمع في ثرواتها وخيراتها ،فقد كان اخر ملوكها ينظTTر بعين قلقة الى تزايد قوة
اردشير ،والي الفرثيين على اقليم فارس الTTذي تمرد عليهم في حTTدود 222-221م
وبTTدا بالتوسTTع على حسTTاب االقاليم االخرى ،ويتهيأ للمعركة الفاضTTلة مع الفرثيين ،
ويأمر من أرطب TTان الخامس ،الملك الف TTرثي ،تح TTرك ملك عيالم لمواجهة الخط TTر
ولكنه فشل في حربTTه مع اردشير الTTذي اسTTتطاع السTTيطرة على اقليم عيالم ثم تحTTرك
ص TTوب ميس TTان واس TTتولى على الكرخة وفرات وانهى حكم س TTاللة هيسباوس TTينس بقتل
عبد نركال الثالث في عام 222م الTTذي لم يسTTتطع الصTTمود امام زحTTف أردشير على
الرغم من استعداداته العسكرية وقيامه بتقوية التحصينات الدفاعية في الكرخة .
اطلق الساسانيون المحتلون اسم استر اباد أردشير على مدينة الكرخة وبهمان
واضمحلت تدريجيًا اهمية المدينتين بسبب سTيطرة الساسTانيين ()2
أردشير على الفرات
على خط TTوط التجارة االمر ال TTذي ح TTد من نشاط التجار التدمريين وبالتالي توقفت
التجارة مع اليمن(.)3غTTرب الهند على حTTد سTTواء .واسTTتمرت المدينتان حTTتى الفTTترات
االسالمية االولى .
1
()Nodelman, P. 119.
2
()Hansman, Op. Cit, P.73 .
()المورد – العدد الثالث ،مج . 1986 ، 15 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
129
(( دولة الحضر ))
الموقع :تقع في منطقة الجزيرة وتبعد عن مدينة الموصTTل بحTTوالي 110كم
الى الجنوب الغربي منها ،وال يتوافر فيها الماء الجاري لبعدها عن دجلة والفTرات
اذ تعتمد مياه االب TTار واالمط TTار في س TTقي المزروعات ومياه الشرب تحيط بالمدينة
أراض مرتفعة فتظهر الحضر وكأنها منخفض تصب فيه سيول االمطار .
(( نشأة دولة الحضر ))
لم يتوصTT Tل البTT Tاحثون على وجه الدقة عن تاريخ اسTT Tتيطان البشر في هTT Tذه
المنطقة اال ان المسTTتوطنات الTTتي انتشرت بTTالقرب منها او حولها تعود الى العصTTور
الحجرية مثل ( الدباغية وتلول ودبيشي وام تليل) مما يلقي الضTTوء على ان المنطقة
شهدت تجمعات س TTكانية منذ ان اهتدى االنس TTان للزراعة ،ويب TTدو ان ابناء القبائل
العربية الTTذين اسTTتوطنوا في منطقة الحضTTر بسTTبب توافر الماء والمراعي قد اخذوا
يوس TTعون ه TTذه القرية فأنشأوا بيتا لألص TTنام يقدمون فيه نذورهم ويحجون اليه في
اعيادهم .
وتوسTTعت قرية الحضTTر بعد اسTTتيالء االسTTكندر المقدوني ( 321-331ق.م)
على بالد الشرق ،وما اعقب ذل TT Tك من تاس TT Tيس مدن وظهور شبكة من الط TT Tرق
والمسTالك من بابTل الى جميع الجهات وقد سTاعد هTذا على انتعاش الحضTTر ،ال سTيما
في العهد السTTTلوقي حيث اصTTTبحت واقعة على اح TTد ط TTريقين يربط TTان بين عاصTTTمتي
السلوقيين ( سلوقية قرب المدائن في العراق وانطاكية في سTTهل االسTTكندرية في اعلى
سTTوريا) ،ولم تصTTل لنا معلومات على الظTTروف السياسTTية واالقتصTTادية الTTتي احTTاطت
بالحضTTر في القرون الثالثة االولى قبTTل الميالد ،والTTتي ادت الى تطTTور الحضTTر من
قرية الى مدينة متط TTورة ب TTرزت بص TTورة واض TTحة منذ القرن االول الميالدي وح TTتى
منتصف القرن الثالث الميالدي ،وقد تظافرت عدة عوامل رئيسTTية لهذا التطTTور وهي
:
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
130
عامل الموقع والمناخ :
حيث اس TT Tتفادت الحض TT Tر من موقعها على اس TT Tتقرار القبائل العربية على
طريق التجارة الدولية بين الشرق والغTTرب فأصTTبحت مدينة من مدن القوافل شانها
شان ( بطTTرا وتدمر ) كان سTTكانها يحمون القوافل ويوفرون ما تحتاجه القوافل من
خدمات ومن المحتمل انهم كانوا يدخلون في صTTفقات تجارية مربحTTة من خالل تبTTادل
السلع والبضائع والخدمات توفرت لهم من خالل ذلك عوامل الثروة والغنى .
عامل السياسة والحرب :
اس TTتفادت الحض TTر من ظ TTروف الص TTراع السياس TTي ال TTتي كانت قائمة بين
دول المنطقة فأخذت تتمتع بنوع من االس TTتقاللية وتقوم ب TTدور الدول TTة الح TTاجزة بين
االطراف المتصارعة بحكم عالقاتها الواسTعة مع القبائل العربية في العراق والشام ،
لTT Tذلك فأن اهميتها العسTT Tكرية قد بTT Tرزت في الTT Tدفاع عن االمبراطورية الفرثية منذ
الحروب التي دارت في آسيا الصTTغرى مع الرومان زمن الملك الفTرثي افراط الثالث
(57-69ق.م) وابنه ورود الثاني(36-57ق.م) ،ومنذ ذل TT Tك الحين اس TT Tتمر خط TT Tر
الرومان طيلة العصر الفرثي ونتيجة لذلك برزت اهمية القبائل العربية الTTتي اصTTبحت
الحضر اكبر مركزها كقوة عسكرية اساسية يحسب لها الحساب في الدفاع والهجوم .
(( اطوار تطور مدينة الحضر ))
دور التك وين :ب TTرزت الحضTTTر على مس TTرح التاريخ بس TTبب الظ TTروف ال TTتي
قدمنا ذكرها منذ منتصTTف القرن االول للميالد ،كانت السTلطة في هTذا الTدور موزعة
بين شيوخ القبائل الذي يطلق على احدهم وصف ( ربا ) اي الزعيم او الشيخ ،وبين
سTTنة المعبTTد الTTذي كان يطلق عليهم ( رب – بيتا ) اي صTTاحب الTTبيت يشاركهم قادة
الجيش وارباب القوافل .
ان االمور العامة كانت تناقش في اجتماعات عامة يحضTTرها ذوي الحسTTب
والنسب والنفوذ في المدينة واحيانا جميع اهل المدينة .
دور الس ادة :امتد ه TTذا ال TTدور لمدة قرن تقريب TTا من منتص TTف القرن االول
للميالد حكم الحضر فيها ستة رجال بالتعاقب من اسرة واحدة وهم :
( شهريب االول ،ورورد ،نصTT Tرو ،شهريب الثاني ،معنو ،ولجش )
وحمل هTTؤالء الحكم صTTفة ( مريا ) اي السTTيد كما اطلق على ولجش السTTيد بعد توليه
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
131
الحكم بثالث سTT Tنوات لقب الملك واسTT Tتمر الحكم في هTT Tذه االسTT Tرة بعد ان تحTT Tول الى
الملكية في ال TTدور – الالح TTق ومارس الس TTادة – الملوك ،جميع الس TTلطات السياس TTية
واالدارية والدينية من ابTرز سTمات هTذه الفTترة زيادة حTدة الصTTراع بين االمبراطورية
الرومانية والTTTتي بسTTTطت نفوذهTTTا على سTTTوريا ومص TTر ،واالمبراطور الفرثية الTTTتي
سيطرت على بالد وادي الرافدين.
دور الملوك
يتداخل هذا الدور مع الدور الذي سTTبقه الن ولجش الTTذي تلقب خالل السTTنوات
الثالث االولى من حكمه بلقب ( السيد ) ثم اتخذ لنفسه لقب ( ملك ) بعد ذلTك وقد بTدا
دور الملوك في منتصTTف القرن الثاني الميالدي واسTTتمر حTTتى سTTنة ( 241م ) حينما
تمكن الملك الساس TTاني ( شاهبور ) من احتالل مدينة الحض TTر حكم خالل ه TTذه الف TTترة
التي تقل عن مائة عام اربعة ملوك على التوالي:
ولجش ،سنطروق االول ( 190-165م ) وهو اخو الملك ولجش ،والملك
عبTTد سTTيما ( 200-190م ) وهTTو ابن سTTنطروق االول ،وسTTنطروق الثاني ( -200
241م ) وهو ابن عبد سيما .
(( الحياة االقتصادية ))
لم تكن الموارد الزراعية او الTTثروة الحيوانية هي العامل االسTTاس في الحياة
االقتص TT Tادية وذل TT Tك الن الحض TT Tر تقع في ب TT Tوادي تقل فيها المياه ومن ثم لم تس TT Tاعد
الTTواردات الزراعية في رفد الحياة االقتصTTادية اال في مرحلة متاخرة حينما فرضTTت
سTT Tيطرتها على شمال الجزيرة يشمل مناطق زراعية مثل ( سTT Tنجار وتلعفTT Tر ) .
وتس TTتدل من كثرة المعاب TTد ان المدينة كانت مركزا دينيا مقدسًT Tا للعب TTادة عند عرب
الجزيرة مما اتاح موردا بسTTبب ما ينفعه زوار المدينة من اموال على شكل نذور
وهدايا للمعابد .
اما العامل االساسTTي الTTذي قام عليه اقتصTTاد الحضTTر هTTو وقوعها على طريق
التجارة الدولية بين الشرق والغTTرب اشتغال اهلها في تجارة القوافل سTTواء كان ذلTTك
عن طريق تقديم الخدمات او توفير االداء والحماية لها او المس TTاهمة فيها وتب TTادل
السلع والبضائع مع اصحابها .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
132
وقد كان التجار في الحض TTر يتمتعون بمنزل TTه رفيعة في المجتمع الحض TTري
وعثر على تماثيل لتجار واصTTحاب قوافل في معابTTد الحضTTر وكان التاجر يظهر في
التمثال وبيده اليسTTرى كيس الTTدراهم ويده اليمنى مرفوعة للتحية اما اصTTحاب القافلة
فكان يظهر بمالبس الفرس TTان وبيده اليس TTرى كيس دراهم ملفTTوف وعلى جنب TTه االيمن
خنجر .
قامت في الحض TTر عدة ح TTرف كالهندس TTة والبناء والنحت والح TTدادة والنجارة
والصيدلة والطب وكان ألصحاب هذه المهن اهمية ومكانة في المدينة.
(( الحياة االجتماعية ))
كانت الحياة االجتماعية متأثرة ب TTالظروف االقتص TTادية والسياس TTية والثقافية
فالتركيب االجتماعي يقوم على القبيلة والعشيرة والعائلة .
اعتنى اهل الحضر بأنسابهم فكان الشخص يذكر اسمه واسم ابيه وجده ووالTد
جده احيانا وربما سTTتة اجداد وهTTذا دليل على عروبتهم فالمعروف عن العرب انهم
يعتنون بالنسب اكثر من عناية غيرهم به .
وعلى الرغم من ان غالب سكان الحضر من العرب حيث ان الملوك وضعوا
امام اسTTمائهم صTTفة ملك العرب او ملك العرب المظفTTر اال ان هTTذا ال يعني ان جميع
سكان الحضر من العرب فقد وجد االراميين وجاليات يونانية ورومانية وفارسTTية الن
الحضTTر كانت مدينة تجارية فكان من الطTبيعي ان تعيش فيها جاليات اجنبية .وكان
الناس منقسTTTمون الى احTTTرار ورقيق وان االح TTرار ينقس TTمون الى نبالء من اصTT Tحاب
ال TT T Tثروة او الس TT T Tلطان السياس TT T Tي او ال TT T Tديني وعامة من اص TT T Tحاب الح TT T Tرف والجنود
واالعراب.
(( الحياة الثقافية ))
تدل االثار المكتشفة في الحضTTر على ان الحياة الثقافية كانت على قدر كبTTير
من التط TTور وبخاص TTة في مجال العمارة والفنون وال TTدين ولكن لم تص TTل الينا نقوش
تساعدنا على التعرف على الحياة الفكرية واالدبية في الحضر .
كان الخط االرامي ه TTو الخط ال TTذي يكتب ب TTه اه TTل الحض TTر لكونها اي اللغ TTة
اآلرامية هي اللغ TT Tة الس TT Tائدة آنذاك في مجال التدوين والمراس TT Tلة لس TT Tهولة حروفها
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
133
الهجائية لTTTذلك فان االنتاج الفكري واالدبي أله TTل الحض TTر كان قد كتب باآلرامية
واصبح جزءا من تراثها مما يتطلب البحث عن اصوله ضمن التراث االرامي .
(( الحياة الدينية ))
كانت الديانة تمثل الموقع االساسي في ثقافة اهل الحضر وحياتهم وكان اكبر
االلهة وسTTيدها ( الTTه الشمس ) فشيدوا لTTه اكبر المعابTTد وعدوا مدينتهم ملكًا لTTه لTTذلك
ضTTربوا على نقودهم عبTTارة ( الحضTTر مدينة الشمس ) فالشمس من اشهر المعبTTودات
عند االقوام العربية القديمة ،واصTبح معبTد الشمس في الحضTر مركز النشاط الTديني
واالجتماعي ليس للحضTT Tر وحTT Tدهم بTT Tل لجميع سTT Tكان الجزيرة يحج اليه الناس من
مسافات بعيدة ويقدمون نذورهم .
وأللTTه الشمس زوجة طلقوا عليها ( مرتن ) اي سTTيدتنا وان لهذين الTTزوجين
ولد اطلقوا عليه اسم ( برمرين ) اي ابن سيدنا على هيئة شاب قوي .
ل TTذلك فان عقيدة اه TTل الحض TTر قامت على عقيدة التثليث فعب TTدوا االب واالم
واالبن وهذه الصورة من العبادة .عرفت عند العراقيين القدماء وعلى اشكال مختلفTة
نحو عبادتهم للشمس والقمر ( سTن ) والزهTرة ( عشتار ) والتثليث غTير الثالوث ألنه
االخير هو عبادة ثالثة الهة مندمجة في اله واحد .
كما اهTTل الحضTTر غTTير هTTذه االلTTه مثل ( الالت ) ومجموعة مكونة من سTTبعة
الهه تمثل الكواكب الخمسة المعروفة لديهم والشمس والقمر .
دولة المناذرة
كان المناذرة او اللخميون من القبائل العربية الجنوبية التي هTTاجرت من اليمن
على أثر تصTTدع سTTد مأرب وقبTTل او بعد السTTيل العرم ،وكان نزول هTTذه القبائل في
اول االمر في منطقة البحTTرين حيث اسTTتقرت هناك " تنوخت " وتحTTالفت فيما بينها ،
وقد كانت هTTذه القبائل تتطلع الى االسTTتقرار في مشارف العراق ،فانتهزت فرصTTة
اندالع الحرب االهلية في بالد فارس في اواخر عصر الدولة البارثية ،فهاجرت الى
منطقة الحTTيرة واالنبTTار وعلى هTTذا النحTTو أصTTبحت المنطقة المجاورة للفTTرات الجنوبي
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
134
هدفا لهجرة عربية في عصر الطوائف ،وهي فترة االنتقال بين سقوط الدولة البارثية
وقيام الدولة الساسانية(. )1
اتخذ المناذرة مدينة " الحTTيرة " عاصTTمة لهم ،وكان موقعها جنوبي الكوفة
على بعد ثالثة اميال منها ويجري بTTالقرب منها نهر الفTرات الTTذي يتفTرع في اطرافها
الى عدة فروع ،وتأخذ منه جداول وترع تروي تلك المنطقة ويص TTل اليها بعض
االنهار كنهر كافر ونهر الحTTيرة ونهر يوسTTف .وقد ذكر المسTTعودي ان أغلب مياه
الف TTرات تنتهي الى بالد الح TTيرة ( ونهر بين الى ه TTذا ال TTوقت وه TTو يعرف ب TTالعتيق ،
وعليه كانت وقعة المس TTلمين مع رس TTتم ،وهي وقعة القادس TTية ،فيص TTب في البح TTر
الحبشي ،وكان البحر حينئذ في الموضTTع المعروف بTTالنجف في هTTذا الTTوقت ،وكانت
. ()2
تقدم هناك سفن الصين والهند ترد الى ملوك الحيرة )
وقد اشتهرت الحيرة برقة هواءهTTا وصTTفاء جوهTTا وعذوبTTة مائها ،حTTتى قيل "
،وقد تعددت أراء المؤرخين حTTول اصTTل ()3
يوم وليلة بTTالحيرة خير من دواء سTTنة "
تسمية هذه المدينة فمنهم من يرى انها مشتقة من الكلمة اآلرامية (حرتا ) الTتي تعني
المخيم او المعس TTكر ،وان حيرتا Hertaوح TTيرة Hiraفي التواريخ الس TTريانية ال TTتي
تعرضت لذك الغساسنة تقابل كلمة عسكر عند العرب(. )4
اما االخبTTاريون العرب فيذكرون ان االسTTم مشتق من الحTTيرة اي " الضTTالل "
وانها سTTميت بهذا االسTTم الن تبعا االكبر لما قصTTد خراسTTان ترك بعض الجند بTTذلك
الموضع وقال لهم " :حيروا بTه ،اي اقيموا بTه ،وفي رواية اخرى قيل ان تبعا لما
،وقيل ايض ًTا ان ()5
أقبTTل بجيوشه فبلغ موض TTع الحTTيرة ض TTل دليلة وتحTTير ،فسTTميت
واقدم نص يتضTTمن اسTTم الحTTيرة ( ()6
الحيرة من الحوار ،اي البياض ،لبياض ابنيتها
حيرتا ) نص يرجع الى شهر ايلول من س TTنة 443من التاريخ الس TTلوقي الموافق
()جواد علي :العرب قبل االسالم ج 4ص ، 6 ، 5صالح العلي ،محاضرات ص . 73 4
()البكري :معجم ما استعجم ،ص ، 478ياقوت ،معجم البلدان ،ج ،3ص . 329 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
135
لشهر اب من سTTنة 132م ،وعلى هTTذا االسTTاس فان الحTTيرة اقيمت في عصTTر سTTابق
اما االخبTT Tاريون العرب فيرجعون انشاءها الى نبوخذ نصTT Tر ()1
للعصTT Tر الساسTT Tاني
. ()2
مؤسس االنبار ،في حين يذكر ياقوت الحموي انها من بناء تبع االكبر
ملوك الحيرة التنوخيون :
اتفقت الروايات العربية على ان اول من حكم الحيرة من تنوخ هو " مالTTك بن
وقد دام حكمه عشرون عاما ،ثم مات ()3
فهم األزدي " وكان منزله مما يلي االنبTTار
. ()4
على أثر سهم رماه به سليمه بن مالك
واعقب مال TT T T Tك بن فهم أخوه عمرو بن فهم ثم جذيمة بن مال TT T T Tك بن فهم
المعروف بجذيمة االبTرش ،والوضTاح اي االبTرص يبرص كان بTه " ،وكان جذيمة
من أفضTل ملوك العرب رأيا ،وابعدهم مغTارا ،واشدهم نكاية واول من اسTتجمع لTه
الملك ب TTأرض العراق ،وض TTم اليه العرب وغ TTزا ب TTالجيوش وكان ب TTه ب TTرص فكنته
وقد اسTتغل جذيمة االبTرش ()5
العرب عنه ،فقيل :الوضTاح ،واالبTرش اعظاما لTه "
فترة الضTTعف واالضTTمحالل الTTتي مرت بها الدولTTة البارثية فعمل على توسTTيع نفTTوذه
على الضTTفة الغربية للفTTرات ،فقيل انه بسTTط سTTيطرته على معد وأرض اليمن وعلى
. ()6
البحرين
ثم بTTدأ الساسTTانيون يدركون أهمية الTTدور الTTذي يمكن ان يقوم بTTه المناذرة في
العراق فاعترفوا بحكم جذيمة االبTرش وتحTالفوا معه ،ليضTمنوا بهذه المحالفTة وقوفه
امام هجمات البTT Tدو في العراق وتأمين حTT Tدودهم الغربية من جهة ومسTT Tاعدتهم في
.وقد ذكر المؤرخون ان جذيمة االبTTرش اراد ()7
حروبهم مع الTTروم من جهة اخرى
يضفي على حكمه صفة دينية فتكهن واتخذ لTه صTنمان صTنعهما لما تكهن ،وسTماهما
()جواد علي :العرب قبل االسالم ج 3ص ، 87ج 4ص . 6 1
()حمزة االصفهاني – االغاني ،ص 6ق ، 6ياقوت ،معجم البلدان ،ج ، 3ص . 329 2
()المسعودي – مروج الذهب ج 2ص ، 90ابن االثير ،الكامل ج 1ص . 341 3
()علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص ، 57صالح العلي ،محاضرات ص . 65 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
136
الضTTيزيين وكان موضTTعهما في الحTTيرة معروفا وكان يستسTTقي بهما ويستنصTTر بهما
على االعداء ،وانتهى حكم جذيمة بمقتله على يد الزباء ملكة تدمر انتقاما منه ألبيها
عمرو بن ظرب بن حسان بن اذينة بن السTميدع الTذي قتله جذيمة في احTدى المعارك
. ()1
سTTTلفة جذيمة االبTTTرش ،فعظم نفTTTوذه على العرب في العراق ،ويرجع الفضTT Tل الى
()3
عمرو بن عدي في تمصير الحيرة التي اصبحت منذ ذلTك الTوقت عاصTمة المناذرة
.ثم حكم بعد عمرو بن عدي ولTTده امرؤ القيس ( 328-288م ) الTTذي عرف بTTأمرؤ
القيس البTT Tدء اي االول وهTT Tو اول من تنصTT Tر من ملوك ال نصTT Tر بن ربيعة وعمال
ملوك الفرس ،وقد ذكر الطTبري ان امرئ القيس هTذا حكم 114سTنة ،وانه عاصTTر
، ()4
سTTابور بن ارد يشر وهرمز بن سTTابور وبهرام بن هرمز بن بهرام بن هرمز
. ()5
اما اليعقوبي فقد جعل مدة حكمه خمس وثالثون سنة
وقد عثر العلماء في خرائب المنارة بحTTوران على اسTTم امرئ القيس منقوشا
على حجر مربع الشكل من البازلت ،من بقايا قبر قديم مسTاحته 30,3 × 54,4م ،
يتضTTمن خمسTTة اسTTطر منقوشة بTTالحرف النبطي واللسTTان العربي الشمالي كتب فيه "
()اليعقوبي – تاريخ ،ج 1ص ، 165المسTعودي ،المروج ج 2ص ، 90ابن االثير ،الكامل 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
137
هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الTذي تقلد التاج واخضTع قبيلتي اسTد
ونزار وملوكهم وهزم مذحج الى اليوم وقاد على الظفر الى أسوار نجران مدينة شمر
واخضTTع معدا واسTTتعمل بنيه على القبائل وانابهم عنه لTTدى الفTTرس والTTروم ،فلم يبلغ
ملك مبلغه الى اليوم ،توفي سنة 223في يوم 7مكسTول وفق بنو السTعادة " ويوافق
وقد اسTTتغل امرئ القيس ضTTعف الدولTTة الساسTTانية ()1
وفاته بTTالتقويم الميالدي 328م
ونجاح الTT Tروم في االسTT Tتيالء على بعض المقاطعات التابعة لها ،فعمل على تقوية
نفTTوذه وتوسTTيع سTTلطانة ،فاخضTTع القبائل العربية في بادية الشام والجزيرة وهي أسTTد
.ثم تعاقب على الحكم بعد امرئ القيس االول عدد من ()2
ونزار ومذجح ومعد
الملوك الذين لم تكن لهم اعمال بارزة حتى جاء النعمان االول بن امرئ القيس الثاني
( 418-390م ) الذي عرف بالنعمان االعور والنعمان السائح ،ألنه زهد في الTTدنيا
في اخر عهده فتخلى عن الحكم ولبس المس TTوح وس TTاح في االرض بعد حكم دام 29
س TTنة واربعة اشهر ،وذكر المؤرخون ان النعمان قام بغ TTزو الشام مرارا ،واكثر
المصائب في اهلها ،وسبي وغنم ،وانه كان من أشد الملوك نكاية في عدوه وابعدهم
.وكان ملك الفTTرس قد جعل مع النعمان كتيبتان ،يقال الحTTداهما : ()3
مغTTارا فيهم "
دوس TT Tر وهي لتنوخ ،ولألخرى الشهباء وهي لف TT Tارس ،وهما اللتان يقال لهما
. ()4
القبيلتان ،فكان يغزو بهما بالد الشام ومن لم يدن له من العرب
وقد كانت دوسر التنوخية من القوة بحيث ضرب العرب بها المثل في البطش
،وباإلضTT Tافة الى كتيبTT Tتي دوسTT Tر والشهباء كان جيش ()5
فقالوا – أبطش من دوسTT Tر
: ()6
النعمان يتألف من ثالثة كتائب اخرى هي
()الطبري – تاريخ ،ج 2ص ، 68-67ابن االثير ،الكامل ج 1ص . 401-400 3
()الطبري ،المصدر السابق – ج 2ص ، 67ابن االثير ،الكامل ج 1ص . 400 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
138
الره TTائن – وكانوا خمس TTمائة رجل ره TTائن لقبائل العرب يقيمون على ب TTاب .1
الملك سTنة ،ثم يجيء بTدلهم خمسTمائة اخرى وينصTرف اولئك الى احيائهم ،
فكان الملك يغزو بهم ويوجههم في أموره .
الصTTنائع – وهم بنو قيس وبنو تيم الالت ابTني ثعلبTة وكانوا خواص الملك ال .2
يبرحون بابه .
الوض TTائع – كانوا ال TTف رجل من الف TTرس ،يض TTعهم ملك الف TTرس في الح TTيرة .3
نجدة لملوك العرب ،وكانوا يقيمون سTTنة ،ثم ينصTTرفون ويأتي بTTدلهم الTTف
رجل اخرين .
وينسTب الى النعمان بناؤه قصTري الخورنق والسTدير ،وقيل ان بناء النعمان
للخورنق كان تلبية لرغبTTة يزد جرد ابن بهرام الTTذي كان ال يعيش لTTه ولTTد فسTTأل عن
منزل بريء صحيح من االدواء واالسقام ،فدل على ظهر الحيرة فدفع ابنه جور الى
النعمان هذا وأمره ببناء الخورنق مسTكنا لTه وانزلTه اياه .وامره بإخراجه الى بTوادي
.وقد تمتع النصTTارى في ()1
العرب وكان الTTذي بTTني الخورنق رجال يقال لTTه سTTنمار
عهد النعمان السائح بحرية كاملة ،فأبTTاح لهم ممارسTTة شعائرهم الدينية كما سTTمح لهم
ببناء الكنائس ويؤكد بعض البTاحثين ان النعمان لم يعتنق المسTيحية ومن المحتمل انه
وذكر بعض المؤرخين ان النعمان " جلس ()2
كان يتأهب لتقبلها او انه كان يميل اليها
يوما في مجلسTTه من الخورنق ،فاشرف على النجف وما يليه من البسTTاتين والنخل
والجنان واالنهار مما يلي المغTTرب ،وعلى الفTTرات مما يلي المشرق وهTTو على متن
النجف في يوم من ايام الربيع ،فاعجبه ما رأى من الخضرة واالنهار ،فقال لTTوزيره
وصاحبه هل رأيت مثل هذا المنظر قط ! فقال – ال ،لو كان يدوم ! قال – فما الTTذي
يدوم ! قال :ما عند اهلل في االخرة ،قال – فيم ينال ذل TTك ؟ قال – بتركك ال TTدنيا
وعبادة اهلل والتماس ما عنده .فترك ملكه من ليلته ولبس المسTTوح ،وخرج مسTTتخفيا
. ()3
هاربا ال يعلم به "
()الطبري – تاريخ ،ج 2ص – 65ابن االثير الكامل ج 1ص . 400 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
139
وجاء بعد النعمان عدد من الملوك ساعدوا الفرس في حروبهم مع البيزنطTTيين
وحاولوا بسط نفوذهم على قبائل الجزيرة العربية ،فاشتبكوا مع بعض تلك القبائل في
عدة معارك ،ومن اشهر هؤالء الملوك المنذر بن امرئ القيس المعروف بالمنذر بن
ماء الس TT Tماء " وماء الس TT Tماء " لقب امه مارية بنت عوف بن جشم بن هالل بن
ربيعة ،وقد سميت بماء السTTماء لحسTTنها وجمالها( ، )1كما عرف المنذر بTTذي القرنين
،وقد عاصTTر المنذر حكم قبTTاذ بن فيروز الفارسTTي ، ()2
لضفيرتين كانتا له من شعره
وس TTاعده في حروب TTه االولى مع البيزنط TTيين ،ثم ما لبثت العالقات ان س TTاءت بينهما
بسبب اعتناق قبTاذ المزدكية ،وعمل على فرضTها على المناذرة ،فرفض المنذر بن
ماء السTTماء االعتراف بها ،االمر الTTذي اغضTTب قبTTاذ فنحTTاه عن الحكم ووضTTع مكانه
الحارث بن عمرو الكندي الذي كان قد قبل الزندقة فاضطر المنذر اللجوء الى القبائل
العربية في الصTTحراء ،وبقي هناك حTTتى مات قبTTاذ وتولى مكانه كسTTرى انو شروان
ال TTذي أخذ على عاتقه محارب TTة الزندقة ،فانزل بهم الهزيمة ورد المنذر الى عرش
. ()3
الحيرة
وقد اتصف المنذر بالشجاعة والبسالة فقضي حياته في الحروب المعارك ففي
س TT Tنة 519م ه TT Tاجم بالد ال TT Tروم ونجح في اح TT Tدى المعارك من أس TT Tر القائدين هما
سTتراثوس ويوحنا ،فارسTل اليه االمبراطور جسTتين في سTنة 524م وفدا لمفاوضTته
. ()4
في اطالق سراح القائدين المذكورين
كما شارك المنذر في الحTTروب الTTتي قامت بين الساسTTانيين والTTروم ،فهاجم
بالد ال TTروم س TTنة 528م مؤيدا الف TTرس فتوغ TTل في بالد ال TTروم وغنم غنائم كثيرة ،ثم
عاود الهجوم على المنطقة نفسها في العام التالي فوصل الى حTTدود انطاكية ،واشتبك
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
140
مع الحTارث بن جبلة الغسTاني في عدة معارك انتهت بمصTTرع المنذر بن ماء السTماء
. ()1
في موقعة حليمة او موقعة خيار في سنة 554م
ثم تولى الحكم بعد المنذر ول TTده عمرو بن المنذر بن امرئ القيس (-554
574م ) .الذي عرف بعمرو بن هند نسTبة الى امه هند ابنه الحTارث بن عمرو بن
حجر اكل المرار الكندي ،وقد عاصTT Tر عمرو بن هند ه TTذا كس TTرى انو شروان
()2واس TTتغل ض TTعف دول TTة كندة واض TTمحاللها ،فعمل على توس TTيع نف TTوذه وس TTلطانه في
الجزيرة ،فقيل انه غ TTزا تميما في داره TTا فقتل من ب TTني دارم 150شخص TTا في يوم
أواره الثاني ،والقي بTT Tالقتلى في النار ،فعرف لTT Tذلك " بمحTT Tرق " وفي سTT Tنة 563م
اغTTار عمرو بن هند على بالد الشام ،وحTTارب الحTTارث بن جبلة الغسTTاني ،ثم قتل
. ()3
على يدي عمرو بن كلثوم التغلبي
وتعاقب على امارة الحTTيرة بعد عمرو بن هند اخوته – قابوس بن المنذر (
578-574م ) ،والمنذر بن المنذر ( 583-579م ) ثم تولى النعمان بن المنذر
امارة الحيرة في سنة 583م وقد دام حكمه الى سنة 605م والنعمان هو اخر ملوك
اللخميين في الحTT Tيرة ،وعرف بTT Tابي قابوس ،وعاصTT Tر من ملوك الفTT Tرس كسTT Tرى
ابرويز ،وعاش في كفنه عدد من الشعراء في مقدمتهم النابغ TTة ال TTذبياني والمنخل
اليشكري والمثقب العبTTدي وحTTاتم الطTTائي واالسTTود بن يعفTTر وقد عرف النعمان بانه "
. ()4
صTTاحب النابغTTة " فقد كانت صTTلته بTTه وثيقة جدا ومدحTTه بعدة قصTTائد مشهورة
وذكر بعض المؤرخين ان النعمان بن المنذر اعتنق المسTTيحية وترك عبTTادة االوثان ،
وزعموا ان الفض TTل في تح TTول النعمان الى المس TTيحية يعود الى عدي بن زيد ال TTذي
.وقد ساءت العالقات بين النعمان وملك الفTTرس ()5
تولى تنشئته واشرف على تربيته
كسرى ابرويز ،بسبب اقدام النعمان على قتل عدي بن زيد بسTTجنه في الحTTيرة ،وقد
()ابن قتيبة :المعارف ،ص 216مبروك نافع – العرب قبل االسالم ص . 105 ، 104 1
()ابن االثير – الكامل ج 1ص ، 548جرجي زيدان ص ، 235صTT Tالح العلي ،ص ، 69 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
141
كان لعدي غالم يدعى زيدا خلف اباه في العمل ببالط كسTTرى فعزم زيد على االنتقام
من قاتل ابيه ،فذكر لكسTTTرى نسTTTاء ال المنذر ووصTT Tفهن ل TTه ،فرغب كسTTTرى في
مصTTاهرة النعمان وارسTTل كتابTTا مع زيد يأمر فيه النعمان ان يبعث اليه بأخته ،فلما
قرأ النعمان كتابه قال لزيد بن عدي :يا زيد ،اما لكسرى في مها السواء كفاية حTTتى
يتخطى الى العربيات ؟ فقال زيد – انما أراد الملك أكرامك– ابيت اللعن –
بصهرك ،ولو علم ان ذلك يشق عليك لما فعله ،وسأحسن ذلTك عنده ،واعذرك بما
يقبله فقال ل TTه النعمان :فافعل ،فقد تعرف ما على العرب في تزويج العجم من
الغضاضة والشناعة )(. )1
فلما قدم زيد بن عدي على كسTTرى اخبره امتناع النعمان عن تلبية طلبTTه ،
وبالغ في ذلك ،وادى اليه قول النعمان في " مها السTواد " على أقبح الوجوه ،أوجده
عليه ،فسأل كسTرى " ما المها ؟ فقال – البقر فأخذ عليه وقال – رب عبTد قد صTار
ولما بلغ قول كسTTرى هTTذا النعمان ،خافه وتوقع ()2
في الطغيان الى اكثر من هTTذا "
منه الشر ،فاتاه كتاب كسرى يأمره فيه بالحضور الى المدائن ،فادرك النعمان سTTوء
المصير ،فحمل سالحه وماله ،ثم مضTTى الى بTTني طي لصTTهر كان لTTه فيهم ،وطلب
منهم ان يمنعوه فأبوا عليه خوفا من كس TTرى .فط TTاف النعمان بقبائل العرب طالب TTا
المنعة ،فنزل ب TTذي قار في ب TTني شيبان س TTرا ،فلقي ه TTانئ بن مس TTعود بن عامر بن
عمرو بن ابي ربيعة بن ذهل من شيبان وكان سيدا منيعا ،فاسTTتودعه سTTالحه وأوالده
. ()3
ثم توجه النعمان الى المدائن ،فصTTف لTTه كسTTرى ثمانية االف جارية عليهن
المص TTبغات ص TTفين فلما ص TTار النعمان بينهن قلن ل TTه – ام فينا للملك غ TTنى عن بقر
السواد ؟ فعلم النعمان انه غير ناج منه ،ولقيه زيد بن عدي ،فقال لTه النعمان –انت
فعلت هذا بي ،لئن تخلصت ألسقينك بكأس ابيك ،فقال لTTه زيد – امضTTي نعيم ،فقد
اخيت لTTTك اخيه ال يقطعها المهر األران ثم امر كس TTرى بالنعمان ،فسTTTجن بسTTTاباط
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
142
المدائن ،وقيل بخانفين ثم امر به فرمي تحت أرجل الفيلة ،وقيل بل مات في سجنه
. ()1
بساباط المدائن ،وفي موته يقول هانئ بن مسعود
ان ذا التاج ال أبTا لTك اضTحى في الTورى رأسTه تخوت الفيول ان كسTرى عدا
على الملك النعمان حTT Tتى سTT Tقاه مر البليل وانتهى بمقتل النعمان حكم المناذرة في
الح TT Tيرة ،فاس TT Tتعمل كس TT Tرى أياس بن قبيص TT Tة بن ابي عف TT Tراء بن النعمان بن حية
الطTTائي ،وقد سTTاعد أياس بن قبيصTTة الفTTرس في حTTروبهم مع الTTروم فوجهه كسTTرى
.ومن أهم االحTT Tداث ()2
ابرويز لقتال الTT Tروم فانزل بهم الهزيمة بTT Tالقرب من ارزن
البTTارزة الTTتي وقعت في عهد اياس بن قصTTيبة " يوم ذي قار " وذو قار ماء لبكر بن
وائل يقع قريبا من الكوفة ،بينهما وبين واسط ،وبالقرب من هذا الموضع " حنو ذي
قار " على بعد ليلة من ذي قار(.)3
موقعة ذي قار :
لما قتل النعمان ارسل كسرى الى عامله على الحيرة أياس بن قصTTيبة الطTTائي
يطالبTTه بتركه النعمان ،فاخبره قصTTيبة بانها وديعة عند بكر بن وائل فأمره كسTTرى
بإعادتها اليه ،فارسTل اياس الى هTانئ بن مسTعود الشيباني يأمره بTرد ودائع النعمان
من أموال ودروع وغيرهTTا ،وعدتها ثمانمائة ،وقيل اربعمائة درع ،فامتنع هTTانئ
. ()4
ورفض ان يسلمه ودائع النعمان
ولما بلغ كسTTرى ذلTTك غضTTب غضTTبا شديدا وهTTدد باستئصTTال بكر بن وائل ،
فنصحه النعمان بن زرعة التغلبي ،وكان يكره بكر بن وائل ويسTعى لهالكهم ،بTان
يمهل بكرا حTTتى الصTTيف وقال لTTه " :امهلهم حTTتى تقيظ ،فانهم لTTو قاظوا تسTTاقطوا
على ماء لهم يقال لTه ذو قار ،تسTاقط الفTراش في النار ،فأخذتهم كيف شئت ،وانا
فلما حTل الصTيف خرجت بكر بن وائل ونزلت الحنو وهTو " حنو ذو قار " ()5
اكفيهم
فارس TTل اليهم كس TTرى النعمان بن زرعة يخبرهم اح TTدى خص TTال ثالث – االستس TTالم
()الطبري – تاريخ ،ج 2ص ، 207ياقوت ،معجم البلدان ،ج ، 8ص . 293 3
()الطبري ،المصدر السابق – ج 2ص ، 207ابن االثير ،الكامل ج 1ص . 488 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
143
لكسTTرى يفعل بهم ما يشاء ،او الرحيل او الحTTرب فأشار حنظلة بن ثعلبTTة بن سTTيار
العجلي على قومه بكر بالقتال ،فأرس TTل اليهم كس TTرى جيشا من الف TTرس على رأس TTه
الهامرز التسTTتري المرزبTTان االعظم لكسTTرى ،وكان يقود الTTف فارس من المعجم ،
وال TTف فارس اخرين بقيادة جال ب TTزين ،وخرج معهم أياس بن قبيص TTة في كتيب TTتين
شهباوين وفي كتيبTTة دوسTTر ومعه خالTTد بن يزيد البهراني في بهراء واياد ،والنعمان
بن زرعة التغلبي في تغلب والنمر بن قاسط وقيس بن مسعود بن ذي الجدين ،عامل
كس TTرى على ط TTف س TTفوان ،وجعل كس TTرى قيادة ه TTذه الجيوش ال يأس بن قبيصTTTة
الط TT Tائي ،فلما اقبلت جيوش الف TT Tرس ،تس TT Tلل قيس بن مس TT Tعود بن ذي الجدين الى
معسTTكر هTTانئ بن مسTTعود الشيباني واشار عليه بTTان يوزع أسTTلحة النعمان على أفراد
قبيلته يتسلحون بها ثم يردونها اليه فوافق هTانئ على ذلTك وقسTم الTدروع والسTالح في
. ()1
ذوي القوى والجلد من قومه
واشتبك العرب والف TTرس في قتال عنيف ،وكان النص TTر حليف الف TTرس في
وفي اليوم الثاني من المعركة تراجعت جيوش الفTTرس الى ()2
اليوم االول من القتال
الجبايات ،فتبعتهم بكر وعجل ،وابلت عجل يومئذ بالء حسTT Tنا ،وكانت احTT Tدى
: ()3
نسائهم تحثهم على القتال وتقول
ايها فداء لكم بنو عجل ان يظفروا يحرزوا فينا الغزل
واشتد العطش بعسTTاكر الفTTرس ،فمالوا الى بطحTTاء ذي قار ،وانضTTمت اياد
الى عرب بكر واتفقوا مع بكر على ان ينهزموا عند اللقاء ،وفي اليوم الثالث من
المعركة نص TTب يزيد بن حمار الس TTكوني وكان حليف TTا لب TTني شيبان كمينا للف TTرس في
مكان من ذي قار يسTTمى " الجب " واشتد القتال بين العرب والفTTرس ،وبTTادر حنظلة
العجلي الى ه TTودج ابنته مارية فقط TTع وض TTنيه ،فوقعت على االرض ،وأخذ يقط TTع
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
144
وضTTني النسTTاء ،وصTTرخت ابنة القرين الشيبانية تحت رجال قومها على االستبسTTال
. ()1
في القتال :
ويها بني شيبان صفا بعد صف ان تهزموا يصبغوا فينا القلف
فعمد س TTبعمائة نف TTر من ب TTني شيبان الى قط TTع أيدي اقبيتهم من قب TTل مناكبهم
ليسهل عليهم الطعن والضرب وتخف ايديهم لضTTرب السTيوف ،فبرز الهامرز للقتال
بTTرد بن حارثة اليشكري والتحم الفريقان في معركة هائلة ،ونفTTذت أياد وعدها في
خذالن الفرس فولت منهزمة من المعركة ،فاحTدث ذلTك اضTطرابا شديدا في صTفوف
الفTTرس فانهزموا هزيمة نكراء وقتل منهم عدد كبTTيرا وتمكن حنظلة العجلي من قتل
جالبزين( ، )2وانتصر العرب انتصارا باهرا في أول معركة مع جيوش فارس ،مما
اعطTT T Tاهم الثقة بأنفسTT T Tهم فجرأت القبائل االخرى على الهجوم المباشر على بالد
الفرس ،وكانت هذه المعركة بمثابة حركة استطالعية ومقدمة للفتوح االسTالمية الTتي
. ()3
اكتسحت امبراطورية الساسانيين
وفي انتصTTار العرب على الفTTرس قال رسTTول اهلل صTTلى اهلل عليه وسTTلم " هTTذا
. ()4
اول يوم انتصفت فيه العرب من المعجم ونصرت عليهم بي "
وقد اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ هTTذه الموقعة ،فقيل انها حTTدثت بعد
هجرة الرسTول صTلى اهلل عليه وسTلم الى يثرب ،وقيل انها حTدثت لتمام اربعين سTنة
ويعتقد بعض البTTاحثين ان ()5
من مولده ،وفي رواية اخرى انها كانت بعد بدر بأشهر
. ()6
الموقعة حدثت في حدود سنة 610م
اقام كسTTرى على الحTTيرة بعد موقعة ذي قار حاكما فارسTTيا يحكمها بصTTورة
مباشرة هو ازاد به بن ماهبان بن مهرا بغداد وكانت مدة حكمه على الحيرة 17عاما
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
145
ثم اس TT Tتغل عرب الح TT Tيرة فرص TT Tة اندالع الفتن في الدول TT Tة ()1
( 631 – 614م )
الساسانية ،فاعلنوا الثورة وتمكنوا من اقصاء ازاد به عن الحكم ،واقاموا مكانه احTTد
ابناء النعمان بن المنذر وه TTو المنذر بن النعمان المعروف ب TTالمغرور ،وقد ذكر
البالذري ان المنذر المغTTرور تصTTدى لجيوش المسTTلمين بقيادة خالTTد بن الوليد ،وانه
ح TT Tارب العالء بن الحض TT Tري في البح TT Tرين ،ثم قتل في يوم جواثا( . )2وقد تم فتح
الح TTيرة ص TTلحا على يد خال TTد بن الوليد ،وتعهد اهلها ب TTدفع مائة ال TTف درهم على ان
يكونوا عيونا للمسTلمين على اهTل فارس ،وان ال يهدم المسTلمين لهم قصTTرا وال بيعة
. ()3
حض ارة المن اذرة :كان اغلب س TTكان الح TTيرة هم من العرب الب TTدو ال TTذين
كانوا يؤمنوها البتياع بعض الحاجيات ثم ال يلبثوا ان يقيموا فيها ،ولذلك كان سكان
الحTTيرة خليط من امم شتى اغلبهم من العرب وقد قسTTم المؤرخون سTTكان الحTTيرة الى
ثالث طوائف(.)4
عرب الضTTاحية :وهم التنوخيون االوائل الTTذين هTTاجروا من اليمن ،وكانوا .1
يسكنون المضال والبيوت من الشعر ا الوبر في غربي الفرات ما بين الحTTيرة
واالنبار .
العبTTاد :وهم من نصTTارى العرب الTTذين ينتمون الى قبائل شتى ،وكانوا قد .2
سكنوا الحيرة وابتنوا فيها المنازل ،وسموا بالعبTTاد النهم اعتنقوا النصTTرانية ،
وقد شاع في تسميتهم اسم " عبد " .
االحالف :كانوا من القبائل العربية الTTذين لحقوا بأهTTل الحTTيرة ونزلTTوا فيهم ، .3
ولم يكونوا من تنوخ ال TTذين س TTكنوا بيوت الشعر او من العب TTاد ،وقد ح TTالف
هؤالء المناذرة واعترفوا بسيادتهم عليهم .
()جرجي زيدان – العرب قبل االسالم ص ، 224مبروك نافع ،صالح العلي ،ص 74سالم ، 4
دراسات ص . 321
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
146
والى جانب هTT Tذه الطوائف الثالث سTT Tكن الحTT Tيرة ايض ًT Tا قوم من النبTT Tط وهم
وكانوا يشتغلون ()1
سTT Tكان العراق االصTT Tليون من الكلدانيين والبTT Tابليين واالراميين
بالزراعة ،وسTTكن الحTTيرة كذلك جماعة من اليهود الTTذين اسTTتقروا بهذه المنطقة بعد
الس TTبي الب TTابلي ،وانشأوا لهم المدارس ،وكان لجاليتهم رئيس خاص يعرف باس TTم
( رأس جالوتا ) وفي ه TTذه المنطقة كتب التلمود الب TTابلي ال TTذي يعتبر من أعظم كتب
.وكان ()2
الفقه اليهودية والى جانب النب TTط واليهود س TTكن الح TTيرة قوم من الف TTرس
لوقوع الحيرة في أرض السواد الوفيرة المياه أثر كبTير في ازدهTار الحياة االقتصTادية
وتقدمها ،فكانت بسTTTاتين النخيل والجنان والمزارع تنتشر في نواحيها ممتدة من
النجف حTTتى الفTTرات ،وقد اتاح للمناذرة ،قرب الحTTيرة من الفTTرات ركوبهم السTTفن
ح TTتى االبله ،حيث يبح TTرون من هناك الى بالد الهند والص TTين شرقا والى البح TTرين
وعدن غرب TTا ،فمارس TTوا التجارة وجنوا منها ارباح ًTا طائلة ،فكانت القوافل تحمل
.وازدهTرت ()3
تجارة الهند والصين وعمان والبحرين من الحيرة الى تدمر وحTوران
الصناعات في الحيرة ورقيت رقيا كبيرا فاشتهرت صناعة النسيج وخصوصا الحرير
والكتان والصTTوف فذكر عدد من الشعراء في اشعارهم نسTTاجي الحTTيرة فقال عمرو
()4
بن كلثوم :
من بالخورنق من قين ونساج واذ ال ترجى سليمى ان يكون لها
واعتاد ملوك الحTTيرة ان يخلعوا على الشعراء والمقربين ممن ينالوا الرضTTى
اثوابTTا تعرف ( بTTأثواب الرضTTا ) ،وهي عبTTارة عن جبTTاب كانت اطواقها من الTTذهب
كما اشتهرت الحTTيرة حTTتى العهد االسTTالمي بالوشي بالقصTTب ()5
في قضTTيب الزمرد
والتطريز بخيوط ال TTذهب ،ونس TTيج االنماط والط TTوع الحارية ال TTتي ورد ذكره TTا على
: ()6
لسان عدد من الشعراء ،فقال النابغة
()يوسف رزق غنيمة – الحيرة المدنية والمملكة العربية ،ط بغداد ، 1936ص . 18 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
147
مشدودة برحال الحيرة الجدد واالدم قد خيست فتال مرافقها
وقال امرؤ القيس :
الى كل حاري جديد مشطب فلما دخلناه اضفنا ظهورنا
واشتهرت الحTTيرة كذلك بصTTناعة االسTTلحة من سTTيوف ونصTTال ورماح ،وقد
اكتسبت السيوف الحجرية سTTمعة واسTTعة بين العرب وابTTدع الحTTيريون بصTTناعة ادوات
الزينة من ذهب وفضTT Tة ،فكانوا يرصTT Tعونها بTT Tالجواهر واليواقيت ،وذاعت شهرة
الخزف الحTT Tيرى وأواني الفخار والنقوش ،كما عرفوا صTT Tناعة الجلود والدباغTT Tة
. ()1
والتحف المصنوعة من العاج
وتقدم فن البناء والعمارة تقدما ملموس TTا فاشتهرت الح TTيرة بقصTT Tورها الTTTتي
ضربت االمثال في عظمتها من تلك القصTTور قصTTري الخورنق والسTTدير –والخورنق
من بناء الملك النعمان االول بن امرؤ القيس وكان موضTT Tعه بظTT Tاهر الحTT Tيرة على
مسTTافة ميل نحTTو الشرق ،اما قصTTر السTTدير فهو يلي الخورنق في الشهرة وهTTو من
بناء النعمان أيضا ،ويقع بTTالقرب من الخورنق في وسTTط البرية الTTتي تتجه الى الشام
.وباإلضافة الى هذين القصرين هناك قصور كثيرة انشأت في الحTTيرة منها قصTTر ()2
الفرس ،وقصر الزوراء ،والقصTTر االبيض وقصTTر سTTنداد الTTذي كان يقع بين الحTTيرة
واالبلة ،وقصري العذيب والصنبر اللذين بناهما امرؤ القيس بن النعمان بTTالقرب من
الف TTرات ،وقص TTر مقاتل ودار المقط TTع ،ومن قص TTور الح TTيرة المشهورة ايض TTا قص TTر
العدسيين الذي ينسب الى بني عمار بن عبد المسTTيح بن قيس بن حرملة بن علقمة بن
عشير الكلبي وس TTمي بقص TTر العدس TTيين نس TTبة الى جدتهم عدس TTة بنت مال TTك بن عوف
الكلبي ،وكان موقعه في طرف الحيرة ،وهم أول قصور الحيرة الTTتي اسTTتولى عليها
.ولم يقتصTTر فن البناء على القصTTور فقط ،فقد ازدحمت الحTTيرة بعدد ()3
المسTTلمون
كب TTير من الكنائس واالديرة ،بعد ان اص TTبحت الح TTيرة اس TTقفية تابعة لكرس TTي جاثليق
()ابن االثير /الكامل ج 1ص ، 342ص TT Tالح العلي ،محاض TT Tرات ص 79 ، 78س TT Tالم ، 2
دراسات ص . 399
()يوسف غنيمة /الحيرة ص . 30 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
148
.اما عن الحياة الدينية في الحTTيرة ،فقد كان هناك عدة طوائف :منهم ()1
المدائن
الوثنيون الذين يعبدون االصنام ،والصTTابئة والمجوس والنصTTارى واليهود ،وقد عبTد
سTTكان الحTTيرة االصTTنام في اول االمر ،فذكر المؤرخون ان جذيمة االبTTرش كان قد
اتخذ له صنمان يعرفان بالضيزيين كان جذيمة يستسTTقي ويستنصTTر بهما على العدو ،
وقد ظTTل هTTذان الصTTنمان حTTتى ايام المنذر بن ماء السTTماء حيث نقلهما واقامهما على
،ومن اصTTنامهم ايضًTا ،صTTنم يقال ()2
بTTاب الحTTيرة ينحTTني لهما الTTداخلون الى المدينة
لTTه " سTTبد " كانوا يحلفTTون بTTه ويقولTTون " حTTق سTTبد " كما عبTTد اهTTل الحTTيرة " العزى "
وقيل ان المنذر بن ماء السTTماء ضTTحى لها بأربعمائة من االسTTرى وكان هناك طائفTTة
من الزندقة والمزدقية الTتي حTاول نشرها الملك الفارسTي " قبTاذ " فوقف المنذر بوجه
هTTذه المحاولTTة فنحTTاه قبTTاذ عن الحكم ،ويعتقد بعض البTTاحثين ان الTTزراد شتيته كانت
.اما المسيحية ()3
موجودة بين الجاليات الفارسية وربما دان ايضا بعض سكان الحيرة
فقد زاد انتشارها في الح TT Tيرة وذكر الط TT Tبري ان امرئ القيس االول كان اول من
،وذكر بعض المؤرخين كذلك ان النعمان بن ()4
تنصر من ملوك ال نصر بن ربيعة
المنذر ،اعتنق المسTTيحية وترك عبTTادة بعض االصTTنام ،وابTTاح للنصTTارى وممارسTTة
شعائرهم الدينية بحرية كاملة ،فبينت الكنائس واالديرة واصبحت الحTTيرة تضTTم طائفTTة
.وكان معظم نص TTارى الح TTيرة هم من ()5
كب TTيرة من النص TTارى ال TTذين عرفوا بالعب TTاد
القسTTاطرة فأسسTTوا اسTTقفية في الحTTيرة واشتركوا في المجامع الكنسTTية الTTتي كانت تعتقد
في المدائن مركز البطريركية ،اما اليعاقبTTة فقد انشأوا لهم مركزا دينيا في عاقول
.اما عن الحياة العلمية ،فقد كانت الحTTيرة مركزا ()6
( الكوفة ) في طTTرف الحTTيرة
علميا هاما وملتقى االدبTTاء العرب في الجاهلية ،وعاش في كنف النعمان بن المنذر
عدد من الشعراء .وكان لمعرفة االهTل الحTيرة للغTة الفارسTية اثر كبTير في نقل كثير
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
149
من آداب الفرس الى العربية ،ولعبت االديرة دورا هاما في الحياة العلمية وسTTاعدت
على رقي نظTTام التعليم عندهم ،وذكر ياقوت الحموي ان الصTTبيان في الحTTيرة كانوا
يتعلمون القراءة والكتابة في كنيسة قرية من قراها اسمها النقيرة(. )1
وعندما قام العرب بحركة الترجمة الى العربية في العصTTر العباسTي االول ،
لعب سTTريان الحTTيرة دورا بTTارزا في تلك الحركة فترجموا عددا كبTTيرا من الكتب الى
العربية ،ولم يكن دورهم مقصTTورا على الترجمة فحسTTب بTTل وعلى الشرح والتأليف
والدرس سواء في الفلسفة او الطب او العلوم ،فكان لهذه المدينة االثر االول في نقل
تراث الفكر اليوناني الى العرب وفي ترويض اللغ TTة العربية وجعلها اداة ممتازة
. ()2
للتعبير عن الفلسفة والعلوم
الفصل الخامس
مدن الحجاز
.1مكة .
.2يثرب .
.3الطائف .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
150
مدن الحجاز
اهمية بالد الحجاز :
تعتبر بالد الحجاز من أهم اقس TT Tام الجزيرة العربية من الناحيتين الدينية
واالقتصادية ,فمن الناحية الدينية كانت بالد الحجاز ملتقى االديان فانتشرت فيها الى
والحجاز هو الموطن االول ()1
جانب الوثنية ,الديانات السماوية كاليهودية والمسيحية
للدعوة االسTTالمية ,فيه ولTTد الرسTTول صTTلى اهلل عليه وسTTلم وعلى أرضTTه خطTTا ,وهTTو
. ()2
منزل الوحي ومشرق النور ,ومنه انطلقت صيحة االصالح ودعوة االسالم
أما من الناحية االقتصادية ,فقد كان الحجاز جسTرًا يربTط بالد الشام وحTوض
البحTTر المتوسTTط بTTاليمن والحبشة والصTTومال والسTTواحل المطلة على المحيط الهندي ,
فكان ل TTذلك أعظم االثر في قيام المدن التجارية وازدهاره TTا بالحجاز ,وال TTتي كانت
بمثابة محطات تجارية على هTذا الطريق التجاري فازدهرت مكة والطTائف ويثرب ,
وقد سTT Tاعد على ازدهارهTT Tا هTT Tذه المدن ايضTT Tا عامل آخر هTT Tو قربها من االسTT Tواق
التجارية المشهورة الTTتي كانت تعقد في االشهر الحTTرم ,مثل سTTوق عكاظ ,وسTTوق
. ()3
مجنة ,وسوق حباشة ,وسوق ذي المجاز
()احمد شلبي :التاريخ االسالمي والحضارة االسالمية ج 1ط مصر 1964ص . 60 ، 59 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
151
مـكــة
- 1الموقع والمناخ :
تقع مكة في بطن وادي يعرف ببطن مكة وتشرف عليها الجبTTال من جميع
النواحي وص TTفها اليعقوبي فقال ( :ومكة بين جب TTال عظ TTام وهي اودية ذات شعاب
فجبالها المحيط TTة بها :اب TTو قبيس الجب TTل االعظم منه تشرق الشمس على المس TTجد
الحرام ,وقيقعان وفاضTTح ,والمحصTTب وثور عند الصTTفا ,وثبTTير ,وتفاحTTة والمطTTابخ
والفلق والحجون ,وسقر .ولها من الشعاب :شعب الحجون ,وشعب دار مال اهلل ,
وشعب البط TTاطين ,وشعب فلق ابن الزب TTير ,وشعب ابن عامر ,وشعب الجوف ,
. ()1
وشعب الخوز )) ...
وكانت المياه بمكة شحيحة ,فكان سكانها يشربون من آبار خارجة من الحرم
,فيحملون الماء في المزاد والقرب ,ويسTT Tكبونها في حياض من أدم بفناء الكعبTT Tة
ليشرب حجاج الTTبيت ,وذكر ابن هشام ان قريشا قبTTل دخولها مكة كانت تشرب من
حياض ومصTTانع على رؤوس الجبTTال ومن بTTئر حفرهTTا لTTؤي بن غTTالب خارج الحTTرم
عرفت باسTTم اليسTTيرة ,كانت بظTTاهر مكة ,وينسTTب المؤرخون الى قصTTي وهاشم بن
عبد مناف وامية بن عبTد شمس ,وعدة بطTون من قريش حفTر آبTار كثيرة حTول مكة
.وكان لوقوع مكة في واد غ TTير ذي زرع س TTببا في اعتماد اهلها على االقوات ()2
.
أما مناخ مكة ,فهو قاري حTTار جدا في الصTTيف ,وكانت السTTيول الجارفة
تهدد المدينة في فصل الخريف ,واقدم سيل ورد ذكره هو السيل الذي حTTدث في عهد
الجرهميين ودخل الكعبة وهدمها ,فأعادت جرهم بناءهTTا ,وحTTدث سTTيل أخر في عهد
()ابن هشام :السTTيرة ج 1ص 158 , 157 , 156االزرقي :اخبTTار مكة ج 2ص _ 174 2
. 176
()سالم :دراسات ص . 498 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
152
,وقد تنبTه الخلفTاء ()1
خزاعة واحTاطت المياه بالكعبTة ,وعرف ذلTك السTيل سTيل قارة
الراشدون لهذا الخطر فأقاموا السدود في االحياء المرتفعة ,كما حTدث في عهد عمر
.
بن الخطاب (رض) وفي عهد الخلفاء االموي عبد الملك بن مروان
()2
()البالذي :فتوح البلدان ج 1ص , 62االزرقي ,اخبار مكة ،ج 2ص . 136 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
153
,وقيل ان المقصTTود ببكة موضTTع الTTبيت اي الكعبTTة ومكة تعني القرية ()1
للعالمين ))
.وقيل ان بكة الكعبTTة والمسTTجد ,ومكة ذو طTTوى وهTTو بطن الTTوادي وذكر ()2
نفسTTها
ياقوت ايضا ان بكة هو موضع البيت ومكة الحرم كله(. )3
وكذلك سميت مكة بأم القرى في قوله تعالى (( :لتنذر أم القرى ومن حولها
))( , )4وعرفت باسم معاد والحاطمة النها تحطم من اسTتخف بها ,والحTرم ,وصTالح
.والبلد االمين في قولTTه ()5
,والعرش ,والقادس النها تقدس أي تطهر من الTTذنوب
.والTTبيت العتيق في ()6
تعالى ( :والتين والزيتون وطور سنين ,وهTTذا البلد االمين )
,وال TTبيت المح TTرم في قول TTه تعالى : ()7
قول TTه عز وجل ( ليطوفوا ب TTالبيت العتيق )
.ويسTTتنتج ()8
(( ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحTTرم ))
. من هذه التسميات ان مكة كانت في أول عهدها مقاما دينيا ومركزا للعبادة
()9
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
154
وذكر ()1
العرب في الجزيرة وملوك الغساس TT Tنة في الشام والمناذرة في العراق
المسTT Tعودي ان زعماء قريش كانوا يفرضTT Tون ضTT Tريبة من يدخل مكة من التجار
,وقد نزل عدد من التجار ال TTروم في مكة ()2
الغربTTTاء عن قريش عرفت بالعشر
واتخذها دارا مقام لهم وتوافد عليها تجار من الفTTرس وتحTTالفوا مع اثريائها ,ومنهم
من اقام في مكة نظTير دفع جزيه لحمايته وحفTظ أموالTه وتجارته ,وكان تجار الشام
يجلب TTون الى مكة منتجات بالدهم من القمح والزيوت والخمور والمص TTنوعات ,كما
حمل اليها تجار الجنوب من بالد الهند ال TTذهب واالحجار الكريمة والعاج وخشب
الصTTندل والتوابTTل والمنسTTوجات الحريرية والقطنية والكتانية واالرجوان والزعفTTران
واالنية الفض TTية والنحاس TTية ,كما كانوا يحملون منتجات افريقيا الشرقية واليمن من
العطTTور واالطياب وخشب االبنوس وريش النعام واللبTTان والمر واالحجار الكريمة
. ()3
والجلود ,ومن البحرين الآللي والياقوت
وقد سTTاعد على احتكار قريش لتجارة الهند والحبشة واليمن اشتباك بيزنطTTة
والفTTرس في حTTروب متواصTTلة ,مما عرقل التجارة العالمية المارة بTTالعراق ,وحمل
البيزنطيين على االهتمام بطريق البحر االحمر الذي كان خارجا عن نفTوذ الساسTانيين
الTT Tذين احتلوا اليمن في عهد كسTT Tرى انوشروان اال ان ذلTT Tك لم يقضTT Tي على تجارة
البيزنط TTيين لبعد اليمن عن بالد فارس ،فبقيت التجارة نشطة بين اليمن والشام عن
طريق مكة ولم يكتف المكيون بTTان تكون مدينتهم ممرا للقوافل بTTل سTTاهموا بأنفسTTهم
في النشاط التجاري فمدوا تجارتهم الى االقطTTار االخرى في سTTوريا واليمن والحبشة
.ويرجع الفضل الى هاشم بن عبTTد مناف في سTTن رحلتي قريش :رحلة ()4
والعراق
وقيل ,رحلة الشتاء الى اليمن ()5
الشتاء الى الشام ورحلة الص TT Tيف الى الحبشة
وذكر اليعقوبي ان تجارة قريش ()6
والحبشة والعراق ,ورحلة الص TTيف الى لشام
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
155
كانت التعدوا مكة فكان القريشيون يعانون ضTيقا بسTبب ذلTك الى أن رحTل هاشم الى
بالد الشام ,وشاع عنه الكرم ,وكان من احسTT Tن الناس واجملهم فذكر لقيصTT Tر ,
فارسل اليه فلما رآه وسTمع كالمه واعجبTه وجعل يرسTل اليه فقال هاشم :ايها الملك
ان لي قوما ,وهم تجار العرب فتكتب لهم كتابا يؤمنهم ويؤمن تجارتهم حتى يأتو بما
يس TTتطرف من آدم الحجاز وثياب TTه ففعل قيص TTر ذل TTك وانص TTرف هاشم ,فجعل كلما
مربحي من العرب اخذ من اشرافهم االيالف ان يأمنوا عندهم وفي ارضTTهم فأخذوا
,رحلتي قريش هذه يقول مطرود بن كعب الخزاعي ()1
االيالف من مكة والشام وفي
. ()2
هال نزلت بآل عبد مناف يا أيها الرجل المحول رحلة
والراحلون لرحلة االيالف اآلخذون العهد من آفاقها
ونتج عن اشتغال المكيين بالتجارة معرفتهم بالكتاب TTة والحس TTاب وبالمكاييل
والموازين والمقاييس وقد ورد في القران الكريم كثير من التعابير المالية والتجارية
كالحسTTاب والميزان والقسTTطاس والTTذرة والمثقال والقرض ,وعرف تجار مكة نظTTام
االمانات والودائع ونظ TTام الص TTكوك وغ TTير ذل TTك مما يتطلب TTه العمل بالتجارة وكانت
العمالت السائدة في مكة هي الدرهم والدينار(.)3
وباالض TT Tافة الى حرفة التجارة .وكان الحج من مص TT Tادر الثورة في مكة
_فالحج الى جانب كونه مظهرا دينيا للعرب الجاهلية ,ووسTTيلة لالجتماع وااللتقاء
والتعارف ,كان وس TTيلة من وس TTائل التكس TTب بالتجارة ,فكانت تقام في مواس TTم الحج
اس TTواق تجارية وادبية مثل س TTوق عكاظ وس TTوق مجنة وس TTوق ذي المجاز وفي ه TTذه
االسواق كان العرب من سائر انحاء شبه الجزيرة بقدمون بسTTلعهم المختلفTة فيتيحون
.وقامت في مكة صناعات بسTTيطة ()4
بذلك للمكيين سوقا تجاريا للمبادلة واالستهالل
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
156
كصناعة االسTTلحة من رماح وسTTكاكين وسTTيوف ودروع ونبTTال ,كذلك عرفوا صTTناعة
. الفخار من قدور وجفان وصحاف واباريق ,وصناعة االسرة واالرائك
()1
()المس TTعودي /مروج ال TTذهب ج 2ص , 49_ 47زيدان /العرب قب TTل االس TTالم ص , 275 2
()ابن الكلبي :االصTT Tنام ,ص 28المسTT Tعودي ,مروج الTT Tذهب ،ج 2ص , 56على ابTT Tراهيم 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
157
قريش البط TTاح وقريش الظ TTواهر (( واخراجهم عن نط TTاق الفوض TTى واالض TTطراب ,
.وقريش البطاح هي البطTTون الTTتي كانت ()1
وادخلهم قلب مكة فاقامهم فيها اسيادا ))
تس TT Tكن مكة نفس TT Tها ,وكان بيد رجالها االدارة والوظ TT Tائف الكبرى ومنهم التجار
واالثرياء ,وهي قبائل عبد مناف وبني عبد الدار وبني عبد العزى ابن قصي وزهTرة
,ومخزوم ويتم بن مرة ,وجمح ,وس TTهم ,وعدى ,وبنو عتيك بن عامر بن ل TTؤي
. ()2
أما قريش الظواهر فهي البطون التي سكنت اطراف مكة ومنهم بنو محTTارب
,والحTT Tارث بن فهر ,وبنو االردم بن غTT Tالب بن فهر وبنو هصTT Tيص بن عامر بن
ل TTؤي ,ولم يكن لهذه البط TTون دورا مهما عند ظهور ال TTدعوة االس TTالمية او بعدها اال
.وبجانب هTTذه القبائل الTTتي ()3
انهم كانوا في الجاهلية يسTTاهمون في الTTدفاع عن مكة
سTTكنت مكة كان هناك قبائل بدوية لم تكن تتمثل في النظTTام القائم في مكة ولم تنظم
الى قبائلها ,وهTTؤالء هم ((االحالف)) واغلبهم من كنانة وكانوا يشاركون اهTTل مكة
في معظم حTروبهم ويسTمون ((باالحTابيش)) ,واسTتوطن بمكة ايضTا عدد من االجانب
المنتمين الى عشائر أو أمم شتى ,وكثير ما سكن هؤالء في الشعاب المحيطTTة بمكة ,
. ()4
وقد ابيح لبعضهم حق دخول دار الندوة
أما بخصوص تسTمية قريش فقد تعددت آراء اللغTويين حTول هTذا الموضTوع ,
كما اختلف االخبTاريون فيمن تسTمى بهذا االسTم ألول مرة من بTني مضTر ,وقد أورد
اليعقوبي بعض تلك اآلراء فذكر ( ان النضTT Tر بن كنانة اول من سTT Tمي القريشي ,
لتقريشه وارتفاع همته ,وقيل لتجارته ويساره ,ويقال لدابة في البحر تسمى القرش ,
س TT Tمته امه قريشا تص TT Tغير قريش ,فمن لم يكن من ول TT Tد النض TT Tر بن كنانه ,فليس
بقريشي )(. )5
()المسTTعودي :مروج الTTذهب ج 2ص , 58علي ابTTراهيم حسTTن ,تاريخ االسTTالمي العام ,ص 1
()صالح العلي ,محاضرات ص , 108ماجد :التاريخ السياسي للدول العربية ج 1ص. 79 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
158
أما الطTT Tبري فاجمل تلك اآلراء والتفسTT Tيرات بقولTT Tه :سTT Tميت قريش قريشا
بقريش بن بدر بن يخلد بن الحارث بن يخلد بن النضTTر بن كنانة ,وبTTه سTTميت قريش
قريشا ,الن عير بTTني النضTTر كانت اذا قدمت قالت العرب :قد جاءت عبر قريش
قالوا :وكان ه TTذا دليل ب TTني النض TTر في أس TTفارهم ,وص TTاحب ميرتهم ..وقال ابن
الكلبي :انما قريش جماع نسب ,ليس بأب وال أم وال حاضنة .وقال آخرون :انما
سمي بنو النضر بن كنانة قريشا ,ألن النضر بن كنانة خرج يوما على نادي قومه ,
فقال بعضهم لبعض :انظروا الى النضر ,كأنه جمل قريش ...وقيل ان النضTTر بن
كنانه كان يقرش عن حاجة الناس فيسدها بما له ,والتقريش _ فيما زعموا _ التفتيش
.وكان بنوه يقرشون اه TTل الموس TTم عن الحاجة فيس TTدونها بما يبلغهم ...وقيل :ان
النضTTر بن كنانه كان اسTمه قريشا ..وقيل :انما قيل قريش ,من أجل انها تقرشت
عن الغ TTارات (( ,وذكر الط TTبري ايض TTا عن محمد بن س TTعد فقال :ان عب TTد الملك بن
مروان سTTأل محمد بن جبTTير :متى سTTميت قريش قريشا ؟ قال :حين اجتمعت الى
الحTTرم من تفرقها ,فذلك التجمع التقريش ,فقال عبTTد الملك :ما سTTمعت هTTذا ,ولكن
. ()1
سمعت أن قضيا كان يقال له القريش ,ولم تسم قريش قبله ))
أما االزرقي فينسTTب قريش الى قصTTي بن كالب ,فقال (( :لما جمع قصTTي
قريشا بمكة سمي مجمعا ...ويقال انه من أجل تجمع قريش الى قصي سTTميت قريش
قريشا ))( . )2ونخرج من هذه اآلراء جميعا ان قريشا ربما تكون اسTما الحTد اعقاب
النض TTر بن كنانة ,أو أنها اس TTم داب TTه في البح TTر ,أو انها من التقرش وه TTو االشتغال
بالتجارة واالكتساب أي غني ويسر الشخص المنعوت بهذا االسTTم الشتغاله بالتجارة .
وقد عرفت قريش بعدة اسTماء في الجاهلية منها -:العالمية ,وقيل انها سTميت بهذا
االسم لفضلهم وعلمهم ,كما بآل اهلل وجيران اهلل وسTكان اهلل ,ومن أشهر اسTمائها في
الجاهلية :السخينة ,وقد ظل هذا االسم مالزما لها حتى ظهور االسالم(. )3
هــ -نظام الحكم في مكة :
()الطبري :تاريخ الطبري ج 2ص ( 265_ 263الجمل القرشي :الشديد ) . 1
()علي ابTTراهيم :التاريخ االسTTالمي العام ص , 91والسTTخينة نوع من الطعام يتخذ من الTTدقيق 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
159
كان اجتماع الناس واستقرارهم في مكة عامال ألضعاف مظاهر التكتل القبلي
,وتكيف الناس الى المجتمع الجديد ,وقد كان تقديس العرب للكعبTة سTببا في اهتمام
قريش بتنظيم الحج اليها ,فترتب على ذل TTك ظهور انظمة سياس TTية ووظ TTائف دينية
اختص بها اشرافهم ,وهي (:)1
المـــأل :
وهTT Tو أشبه بمجلس الشيوخ ,وكان يتكون من اشخاص تؤهلهم مواهبهم
وقابلياتهم لقيادة الناس في الشدائد ,وقد ذكر المؤرخون بعض هTT Tؤالء الرؤسTT Tاء
كقصTTي بن كالب ,وعبTTد مناف ,وعبTTد المطلب وهشام بن المغTTيرة ,وقيس بن عدي
,وظهور هTذه الجماعة من الرؤسTاء ()2
بن سهم ,وعبد اهلل بن جدعان ,وابTو سTفيان
في مكة ممن اشتهر بالحرب والسياسTTة والتجارة ,سTTاعد على تأليف ما يشبه حكومة
النقابات في العصور الوسطى ,وحكومة الجمهورية التي يسيطر عليها افراد قالئل ,
.
او مجلس من االعيان ذو الثورة والجاه
()3
()عبد اللطيف الطيباوي :محاضرات في تاريخ العرب واالسTالم ط بTيروت , 1963ص 120 3
.
()اليعقوبي _ تاريخ ج 1ص . 240زيدان _ العرب قبTل االسTالم ص , 277سTالم ,دراسTات 4
ص . 515
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
160
ولم تكن للمأل سTTلطات تنفيذية ,فكان البTTد لقراراته ان تأخذ صTTفة االجتماع
لتكون ملزمة للجميع ,وكان بامكان االكثرية اذا اقرت قرارا أن تقاطع معارضTTيها أو
. ()1
تستخدم الضغط االجتماعي ضدهم
وكان ال يدخل دار الندوة من قريش او غ TTيرهم ,اال من بلغ االربعين س TTنة
من عمره ,عدا أوالد قصTTي فكانوا يدخلونها جميعا مع حلفTTاؤهم وتعتبر دار الندوة
ملكا خاصا لبني عبد الدار يتوارثونها ,ولم تكن من االبنية العامة(. )2
أما عن الوظTTائف والمهام الدينية المتصTTلة بالكعبTTة فيذكر الطTTبري ان قصTTي
( أقر للعرب في شأن حجهم ما كانوا عليه ,وذلTك آلنه كان يراه دينا في نفسTه ,ال
.وقد احتف TTظ قص TTي لنفس TTه باالض TTافة الى رئاس TTة دار الندوة ()3
ينبغي ل TTه تغييره ))
بالحجابTT Tة والرفاد والسTT Tقاية واللواء ,أما الحجابTT Tة والرفاد والسTT Tقاية واللواء ,أما
الحجابTTة فكان القائم بها يمتلك مفTTاتيح الكعبTTة ,ويأذن للناس في دخولها ,ثم السTTقاية
وهي التكفTTل بسTTقاية الحجاج عن طريق احTTواض من االدم توضTTع بفناء الكعبTTة ومنى
وعرفات ,والرفادة وهي (( خرجا تخرجة قريش في كل موسTT Tم من أموالها الى
قص TTي بن كالب ,فيص TTنع ب TTه طعاما للح TTاج يأكله من لم تكن ل TTه س TTعة وال زاد ممن
. ()4
يحضر الموسم ))
واللواء هTTو العلم الTTذي يحمل في الحTTرب ,وتدور حولTTه المعارك وباإلضTTافة
الى هTTذه الوظTTائف كانت هناك مهام أخرى تتعلق بشؤون الحTTرب ,كالقيادة واالعنة
والحكومة ,اما القيادة فهي قيادة الجيش في المعرك وهي اللواء ,وكانت بيد ب TTني
()5
أمية
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
161
أما االعنة فيكون صTTاحبها المقدم على خيول قريش في الحTTرب ,والحكومة
هي االموال الTTTتي يسTTTمونها أللهتهم ,وكانت عند ظهور االس TTالم للح TTارث بن قيس
السهمي(.)1
أما عن القض TTاء في مكة ,فلم يكن هناك وظيفTTة لقاض أو حTTاكم يفص TTل بين
الناس ,فكان رئيس القبيلة هو الحكم في المنازعات الTتي تنشأ بين افراد قبيلته ,واذا
حTT Tدث خالف بين افراد قبائل مختلفTT Tة فكان يلجأ هTT Tؤالء الى الكهنة او يستقسTT Tموا
باألنصTTTاب وااليس TTار وقد عهد الى ( ابي بكر) في الجاهلية االشراف على ال TTديات
والمغTTارم وهTTو ما عرف باالشناق ,اال أن الفصTTل في الخالفات كان يترك لتراضTTي
الناس وموافقتهم ,اذ لم تكن هناك س TTلطة تنف TTذ قرارات الحكام فادى ه TTذا الى غبن
الضTTعفاء وكثرة المظلومين ,االمر الTذي دفع قبائل قريش الى تكوين حلف الفضTTول
فتعاهTTدوا فيه على أن ال يظلم بمكة غTTريب وال قريب ,وال حTTر وال عبTTد ,اال كانوا
. ()2
معه حتى يأخذوا له حقه من أنفسهم ومن غيرهم
يثرب
آ_ الموقع والمناخ _ تقع مدينة يثرب على بعد 300ميال شمال مكة في حTرة سTبخة
االرض كثيرة المياه والشجار والدوحات ,فوق هضبة بالد العرب الوسطى ,واقرب
. ()3
الجبال اليها هو جبل احد ويقع في شمالها
وذكر اليعقوبي ان ليثرب (( أربعة أودية يأتي مأوهTT Tا في وقت االمطTT Tار
والسTTيول في جبTTال بموضTTوع يقال لTTه حTTرة بTTني سTTليم على مقدار عشرة فراسTTخ من
المدينة وهي _ وادي بطحTTان والعتيق الكبTTير والعتيق الصTTغير ووادي قناة ,وتجتمع
مياه ه TTذه االودية كلها بموض TTوع يقال ل TTه الغاب TTة ويخرج الى وادي يقال ل TTه وادي
اضم )) (.)4
()احمد امين :فجر االسTT Tالم ط بTT Tيروت , 1969ص , 227صTT Tالح العلي _ محاضTT Tرات ص 2
. 120
()المقدسي _ احسن التقاسيم ص , 80سالم ,دراسات ص . 539_ 538 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
162
وامتازت يثرب بكثرة االب TTار والعيون واشهر تلك االب TTار ب TTئر رومة وب TTئر
عروة ويعتمد عليها سTكان يثرب طTوال السTنة باالضTافة الى آبTار اخرى ,اما العيون
فمنها _ عين الصورين وعين ثنية مروان وعين الخانقين وعين ابي زياد وعين بTTرد
. ()1
أزواج النبي
اما حTTرات يثرب فهي ثالث _ حTTرة واقم في الشرق ,وعرفت أيضTTا بحTTرة
قريظة النهم كانوا ينزلون بطرفها القبلي ,كما عرفت أيضTTا بحTرة زهTرة لمجاورتها
لها .وزهTT Tرة من اعظم قرى يثرب بين حTT Tرة واقم والسTT Tافلة ,ثم حTT Tرة الTT Tوابرة في
الغرب من يثرب وعرفت بحرة بني بياضTTة ,وكانت على بعد ثالثة اميال من يثرب
مشرفة على وادي العتيق الذي يليها غربا ,ثم حرة قباء وتقع الى الجنوب من يثرب
. ()2
هي _ حرة شوران وحرة ليلي ,وحرة النار بالقرب من حرة ليلى
والمناخ في يثرب شبيه بمناخ مكة فهو شديد الحTTرارة صTTيفا وبTTارد شتاء .
وتسقط امطارها في أوقات قصيرة ولكنها بعنف محدثة سTTيوال في كثير من االحيان ,
وتتخلف عن هTTذه االمطTTار غTدران ومسTTتنقعات وبTTرك ,ومن أشهر الغTTدران في وادي
العقيق _ غTTدير السTTدر وغTTدير خم وغTTدير سTTالفة وغTTدير الTTبيوت ,وغTTدير حصTTير ,
وغTTدير المجاز ,وغTTدير المرسTTي ,وينشأ عن ركود المياه في هTTذه المناطق انتشار
االوبئة واالمراض(.)3
ب_ اس ماء ي ثرب _ :يثرب مدينة قديمة ورد ذكره TTا في الكتاب TTات المعينية ,وقد
اقامت فيها بعض الجاليات المعينية ,ثم آل امر المدينة الى السTT Tبئيين بعد سTT Tقوط
الدولTT T T Tة المعينية وقد ورد ذكر يثرب في جغرافية بطليموس باسTT T T Tم يثرب
Iathrippaوفي نقوش س TT Tبأ :ي ث ر ب ,وذكره TT Tا اص TT Tطيفانوس الب TT Tيزنطي باس TT Tم
.)4(Iathrippa polis
()جواد علي ,العرب قبTTل االسTالم ج 4ص , 181فيليب حTتي تاريخ العرب مطTول ج 1ص 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
163
أما عند االخباريين العرب فقد عرفت باسم اثرب ويثرب ,وذكر المسTTعودي
أن يثرب س TTميت كذلك نس TTبة الى يثرب بن قانية بن مهليل بن أرم بن عبيل نزلها
فسميت باسم(.)1
ويرى بعض المؤرخون ان يثرب مأخوذة من ال TT Tثرب بمعنى الفس TT Tاد أو
التثريب أي المؤخوذة بالذنب ,وقيل ان الرسول صلى اهلل عليه وسلم نهى عن تسTTمية
وقد ورد ذكر يثرب في ()2
يثرب بهذا االسTم ,وسTماها طيبTة وطابTة كراهية للتثريب
القرآن الكريم فقال (( واذ قالت طائفTT Tة منهم يا أهTT Tل يثرب ال مقام لكم فارجعوا
ويسTTتئذن فريق منهم النبي يقولTTون انن بيوتنا عورة ,وما هي بعورة ان يريدون اال
. ()3
فرارا ))
وبعد هجرة الرسTTول الكريم من مكة الى يثب اصTTبح اسTTمها (( المدينة)) أي
مدينة الرسTT Tول وقد عرفت باسTT Tماء أخرى كثيرة منها _ طيبTT Tة وطابTT Tة والمسTT Tكينة
والعذراء والجبTTارة والمحبTTة والمحببTTة والمحبTTورة والناجية وغTTير ذلTTك وذكر بعض
. ()4
المؤرخين ان لها 94اسما
ج_ الحي اة االقتص ادية في ي ثرب _ تعتبر يثرب واحTT Tة حقيقة ذات تربTT Tة صTT Tالحة
للزراعة ,فارضها بركانية خصبة وتتوافر فيها مياه االودية والعيون واآلبTTار ,ويأتي
النخيل في مقدمة الحاصTTالت الزراعية في يثرب (( فأكثر اموال اهلها النخل ومنه
.وباالضTTافة الى ()5
معاشهم واقواتهم ,واخراجها من أعشار النخيل والصTTدقات ))
شهرة يثرب بانتاج افضTTل انواع التمور ,قامت فيها زراعة الحبTوب المختلفTة ويأتي
الشعير في المرتبTT Tة الثانية بعد التمور ,ثم القمح وانواع الفواكه كالعنب والموز
والرمان والليمون والبطيخ(.)6
()اليعقوبي _ البلدان ص , 73ابن خردذاب TTة ,المال TTك والممال TTك ص , 128المقدس TTي ,احس TTن 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
164
وكان لموقع يثرب على طريق القوافل التجارية بين اليمن والشام أثره في
نشاط الحركة التجارية فيها ذكر اليعقوبي ذلTT Tك فقال (( أن البحTT Tر االعظم البحTT Tر
االحمر )) يبعد منها على ثالثة أيام ,وسTاحلها موضTTع يقال لTه (الجار) ,اليه ترسTي
فكانت تصTTل الى بTTثرب ()1
مراكب البحار والمراكب التي تحمل الطعام من مصTTر ))
منتجات الشام واليمن سTTالكة الطريق الTTبري والطريق البحTTري عبر البحTTر االحمر ,
واقيمت االسواق التجارية ومن أشهر تلك االسTTواق في الجاهلية :سTTوق بTTني قينقاع ,
. ()2
وسوق زبالة ,وسوق الجسر ,وسوق الصفاصف ,وسوق البطحاء
أما من الناحية الصTT Tناعية فقد قامت في يثرب بعض الصTT Tناعات البسTT Tيطة
كصTT Tناعة الخمور المسTT Tتخرجة من التمور ,ثم صTT Tناعة المكاتل والقفTT Tف من سTT Tعف
النخيل ,كما برع يهود بني قنيقاع بصناعة التحف المعدنية كالحلي وأدوات الزينة ثم
. ()3
صناعة االسلحة والدروع
د _ سكان يثرب _ كان أول من نزل من يثرب هم العماليق ,فأقام فيها قبائل منهم _
بنو هف وسعد بن هفان وبنو مطرويل _ ثم سكنها بعدهم اليهود ,وبعد السTTيل العرم
وانهيار س TTد مأرب قدمت الى يثرب قبائل االوس والخزرج فانتشرت في جنوبها
. ()4
وشمالها حتى أحد
( )1اليهود _ ذكر االخباريون العرب ان اول سكن لليهود بالحجاز ويثرب كان على أيام
موس TTى بن عمران عليه الس TTالم فزعموا انه أرس TTل جندا من ب TTني اس TTرائيل الى
الحجاز وأمرهم ب TTان ال يس TTتقبوا من العماليق اح TTدا بلغ الحلم (فقدموا فأظهرهم
اهلل ,فقتلوهم ,واص TTابوا ابن ملكهم االرقم وكان احس TTن الناس وجها فلم يقتلوه
واخذوه معهم الى موسى عليه السالم والذي كان قد توفي قبTل عودتهم فلم يسTمح
()زيدان _ العرب قبل االسالم ص , 281 , 280علي ابراهيم حسTن ,التاريخ االسTالمي العام 4
ص . 111 _ 110
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
165
لهم اليهود باالقامة بالشام النهم خالفوا أمر نبيهم ,فرجعوا الى الحجاز واقاموا
. ()1
به ونزل جمهورهم يثرب )
أما الروايات اليهودية فتبTTTدوا اقرب الى الحقيقة من الرواية السTTTابقة ,
فذكر بنو قريظة ان الروم ظهروا على الشام فقتلوا من بني اسرائيل خلقا كثيرا ,
فخرج بنو قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون الحجاز الTذي فيه بنو
اسرائيل ليسكنوا معهم فلما فصلوا من الشام وجه ملك الTTروم في طلبهم ن يردهم
فاعجزوا رسله وفاتوهم ))(. )2
وهكذا كان ظهور الTTTروم في بالد الشام ومهاجمتهم فلس TTطين قد أدى الى
تقويض اركان الدولTTة اليهودية فبسTTط الTTروم نفTTوذهم على البالد اال أن اليهود اليهود
قاموا بعدة ثورات ,فعمد الرومان الى اسTT Tتعمال الشدة في اخماد تلك الثورات
فاضطر اليهود الى النزوح الى الجزيرة لعربيه (( الTTتي كانت احب اليهم من غيرهTTا
نظ TTرا ألنظمتها البدوية الح TTرة ونظ TTرا لوجوده TTا في أقاليم رملية بعيدة تعوق س TTير
. ()3
القوات الرومانية المنظمة وتمنع توغلها ))
وفي سTTنة 70م قام الرومان في عهد االمبراطور طيطس بمهاجمة اليهود
فدمروا معب TT Tدهم (( هيكل بيت القدس )) مما أدى الى ه TT Tروب من بقي منهم الى
جزيرة العرب فاس TTتوطنوا أخصTTTب بقاع الحجاز في يثرب وفدك وخيبر وتيماء
ووادي القري(.)4
وكانت يثرب تضTTم من اليهود قبTTل أن يسTTكنها االوس والخزرج قبائل _ بنو
عكرمة وبنو ثعلبة وبنو محمر وبنو زعةرا وبنو قينقاع وبنو زيد وبنو النضTTير وبنو
قريظTTTة وبنو بهدل وبنو عوف وبنو القصTT Tيص .وفي يثرب اقام هTTTؤالء اليهود
الحصون ( االطام) على قمم الجمال ليتحصTنوا بمها في اوقات الحTروب ويلجأ اليها
()اس TTرائيل ولفنس TTون _ تاريخ اليهود في بالد العرب في الجاهلية وص TTدر االس TTالم ط مص TTر 3
1927ص . 9
()سالم _ دراسات ص . 547 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
166
النس TTاء والشيوخ واالطف TTال فكثروا ما كان اليهود يتعرض TTون لغ TTزو الط TTامعين في
اموالهم وحصTT Tاالتهم الزراعية من االعراب او البطTT Tون اليهودية االخرى ،ومن
اشهر تلك الحصTT Tون حصTT Tن االبلق للسTT Tمؤل وحصTT Tن القمومي لبTT Tني ابي الحقيق
.وكان اكبر تلك القبائل اليهودية ()1
وحصون الساللم والوطيح وناعم وسعد بن معاذ
في يثرب ثالث – بنو قريظTTة وبنو النضTTير وبنو قينقاع واقامت بجوارهم بطTTون
يهودية صTTغيرة فكان بنو قريظTTة ينزلون على وادي مهزور مع اخوانهم بنو هTTذل
وعمرو ،اما بنو النض TTير فقد نزل TTوا على مذينيب ،ونزل بنو قينقاع عند منتهى
.وقد تأثر هTؤالء بجيرانهم العرب ،فانقسTموا الى ()2
جسTر بطحTان مما يلي العالية
قبائل وبطTTون ،واتخذوا اسTTماء عربية ( ،وكانت لغتهم العربية لكنها غTTير خالصTTة
مشوبة بالرطانة العبرية النهم لم يتركوا اسTتعمال اللغTة العبرية تركا تماما بTل كانوا
يستعملونها في صلواتهم ودراستهم فكان من الضروري ان يدخل في عربيتهم بعض
. ()3
كلماتها )
.2العرب :كان يسTT Tكن يثرب مع اليهود عدة بطTT Tون عربية قبTT Tل هجرة االوس
والخزرج من تلك البطTTون – بنو الحرمان وهم حي من اليمن ،وبنو مرثد حي من
بلي ،وبنو نيف حي من بلي ايض ًTا ،وبنو معاوية وهم حي من ب TTني س TTليم ،ثم بنو
الحTارث بن بهته وبنو الشظية حي من غسTان ،وقد بقيت هTذه البطTون العربية اديان
ابائها القديمة ولم تعتنق اليهودية فعدت من موالي ( .)4ثم نزحت قبائل االوس
والخزرج من اليمن على أثر انكسار سد مأرب ( السيل العرم ) فنزلوا يثرب واقاموا
فيها مع اليهود فسTTكن االوس جنوب وشرق يثرب اما الخزرج فسTTكنوا في شمالها
الغTT Tربي وجاوروا يهود بTT Tني قينقاع ووجد االوس والخزرج ان السTT Tيادة في يثرب
لليهود واالموال واآلطام بأيديهم والعدة والقوة معهم فرغبTTوا في مسTTلمتهم وسTTألوهم ان
()ولفنسون – تاريخ اليهود ص ، 16جواد علي :العرب قبل االسالم ج 6ص .11 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
167
يعقدوا معهم حلفTTا وجوارا يأمن بTTه بعضTTهم من بعض فأجابهم اليهود الى ذلTTك رغبTTة
منهم في ضTTمان سTTيادتهم على يثرب من جهة وليسTTتخدموا حلفTTاءهم في الTTدفاع عنها
من جهة اخرى باإلض TT Tافة الى االس TT Tتفادة من خبرات ه TT Tؤالء العرب في المجال
. ()1
الزراعي والتجاري
وقد افاد عرب االوس والخزرج من ه TTذا الحلف وص TTار لهم مال وعدة ،
االمر ال TTذي أثار مخاوف اليهود فس TTعوا الى نقض الحلف ال TTذي بينهما " ،فأقامت
االوس والخزرج في منازلهم وهم خائفون ان تحتلهم يهود " فظهر بين االوس
والخزرج رجل انف ان يظTTل قومه تحت رحمة اليهود ،فعزم على وضTTع حTTد لTTذلك
الرجل ه TTو مال TTك بن العجالن ،وتذكر الروايات العربية ان مال TTك وثب على زعيم
يهودي يقال له الفطيون وقتله ،ثم خرج الى بالد الشام ملتمسا النصرة من ابي جبيلة
على يهود يثرب ،فلم يتردد الملك الغسTTاني في نصTTرته وسTTار الى بالد ()2
الغسTTاني
متظ TTاهرا بقص TTد بالد اليمن فلما اص TTبح على مشارف يثرب اتص TTل بزعماء االوس
والخزرج الذين نصTحوه بTدعوة رؤوسTاء اليهود ووجوههم واستئصTالهم ،فصTنع ملك
غس TTان طعاما دعي اليه رؤوس TTاء اليهود فلما حض TTروا عنده وثب عليهم وقتلهم عن
اخرهم ،فاصبح للعرب الغلبة على يهود يثرب .واتخذوا الTTديار واالموال " وتفTرقت
االوس والخزرج في عالية المدينة وسTافلتها ونزل يعضTTهم في مناطق كانت مهجورة
فعمروها ومنهم من لجأ الى قرية من قرى يثرب واتخذوا االموال وااللهام ،وابتنوا
. ()3
مائة وسبعة وعشرين أطما
اال ان الخالف سTTرعان ما وقع بين االوس والخزرج فاندلعت الحTTروب بين
الطTTرفين واسTTتمرت حTTتى قبيل الهجرة النبوية الى يثرب ،وكان اول تلك الحTTروب
الحTTرب المعروفة بحTTرب سTTعير ،ثم يوم السTTرارة ويوم الTTديك ويوم فارع ،ثم يوم
()لعل المقصTود بTابي جبيلة الغسTاني هTو الحTارث بن جبيلة الغسTاني احTد ملوك الغساسTنة ( سTالم 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
168
الفجار االول والثاني وكان اخرها يوم بعاث الذي حدث قبل الهجرة بخمس سنين وقد
لعب يهود يثرب دورا بTTارزا في اشعال نيران الفتنة بين االوس والخزرج طعما في
وكان من نتائج الح TTروب ()1
تف TTتيت وح TTدتهم وامال في اس TTترجاع س TTيادتهم في يثرب
بيت عرب االوس والخزرج اض TTطراب الحياة االقتص TTادية في يثرب وفقد الفريقان
خسائر كبيرة في االرواح واالموال واالمالك ،االمر الذي دفعهم الى التفكير بTTإحالل
السالم بينهما ،لقطTع الطريق امام يهود يثرب الTذين كانوا يسTعون الى ابقاء الخالف
بين االوس والخزرج فاتفق رأيهما على تولية واحTTد منهم اميرا وسTTيدا عليهم ،فكان
عبTT Tد اهلل بن علي بن سTT Tلول العوفي سTT Tيدا على الخزرج وابي عامر عبTT Tد عمر بن
ص TTيفي بن النعمان س TTيدا على االوس وبينما كانت الخزرج تنوي تتويج عبداهلل ابن
ابي ملكا وتنظم لTTه الخرز – شار الملك عندهم – فاجأهم الرسTTول االعظم صTTلى اهلل
عليه وس TTلم ب TTالهجرة المباركة الى يثرب ،تلك الهجرة ال TTتي كانت نقط TTة تح TTول في
تاريخ االسالم ،فلما رأى عبداهلل بن ابي انصTTراف قومه عنه ودخولهم في االسTTالم "
. ()2
دخل فيه كارها مصرا على نفاق وضعن "
اما ابTTو عامر سTTيد االوس فانه غTTادر يثرب في بضTTعة عشر رجال الى مكة
مفارقا لإلسTTالم ،فلما فتح اهلل تعالى على رسTTوله مكة تركها الى الطTTائف فلما فتحها
الرسول صلى اهلل عليه وسلم ودخل اهلها في االسTالم سTار الى بالد الشام حيث مات
هناك(.)3
الطائف
أ .الموقع والمناخ :تقع الطTائف في الجنوب الشرقي من مكة على بعد خمسTة وسTبعين
ميال نهت ،ترتف TTع عن س TTطح البح TTر نح TTو خمس TTة االف واربعمائة قدم على ظهر
ويحيط بالطTTائف ()4
جبTTل غTTزوان من جبTTال السTTراة الTTتي تمتد بحTTذاء البحTTر االحمر
نط TTاق من المزارع والبس TTاتين تمتد نح TTو ثالثة او اربعة كيلومترات من المركز
()ابن هشام – السيرة ج 2ص ، 235 ، 234علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص 2
()المقدسي – احسن التقاسيم ص ، 79علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص . 116 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
169
العمراني بالمدينة ،ويطTوق جبTل غTزوان جابنا من هTذه المزارع بينما ينفتح سTهل
الطTائف تجاه مكة .والى الشرق من الطTائف يقع وادي لية ،وبTالقرب منها ايضًTا
.اما مناخ الطائف فمعتدل نظرا الرتفاعها وكثرة ()1
يقع وادي ركبة ووداي مطار
المزارع والبسTT Tاتين حولها ،وقد وصTT Tفها المقدسTT Tي ( بانها شامية الهواء بTT Tاردة
الماء ) فكانت مصTTيفا ألهTل مكة يلجئون اليها عند اشتداد الحTرارة صTTيفا ،اما في
. ()2
الشتاء فيكون فيها الطقس بارد الى حد تتجمد معه المياه
وكانت الط TTائف تعرف قديما باس TTم ( وج ) نس TTبة الى وادي وج ال TTذي ينس TTب
،ويرجع بعض المؤرخين تس TTميتها بالط TTائف ()3
الى وج بن عب TTد الحي من العماليق
الى ان رجال من الصTT Tدف يقال لTT Tه الTT Tدمون بن عبTT Tد الملك كان قد قتل ابن عم لTT Tه
حض TTرموت فخرج هارب TTا ح TTتى نزل بموض TTع الط TTائف ،فح TTالف اح TTر اشارفها وه TTو
مس TTعود بن معتب الثقفي ،وتزوج من ثقيف فأقام لهم في مقاب TTل طوقا مثل الحائط
. ()4
حتى ال يصل اليهم احد من العرب فسمي الموضع بالطائف
ب .سTكان الطTائف :كان غالبية سTكان الطTائف من ثقيف وقد كان لهم فيها بيتا يسTترونه
بالثياب ويهدون له الهدى ويطوفون حوله ويسمونه الربة يضم بداخلة صخرة
،باإلضTTافة ()5
مربعة تعرف بالالت فكانوا يعظمونه كتعظيم اهTTل مكة للكعبTTة
الى ثقيف سTT Tكن الطTT Tائف جماعة من حمير وهم من أزد السTT Tراة وقوم من
قريش من كنانة وعذرة كما سTT Tكنها جماعة من هTT Tوزان واالوس ومزينة
وجهينة وطائف TTة من اليهود الTTTذين اقاموا فيها للتجارة كما س TTكنها قوم من
الروم(.)6
الحياة االقتصTT Tادية في الطTT Tائف :تأتي الطTT Tائف بعد مكة من حيث االهمية ت.
االقتصادية فاسمها يقترن عادة بمكة فيقال مكة من الطائف والطTائف من مكة
()ابن هشام – السيرة ج 1ص ، 49علي ابراهيم حسن التاريخ االسالمي ص . 118-117 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
170
وكانتا تسTTميان بTTالقريتين من قولTTه تعالى " وقالوا لTTوال نزل هTTذا القران على
وتعتبر الزراعة عماد الTTثروة االقتصTTادية في ()1
رجل من القريتين عظيم "
الطائف وقد ساعد على قيامها جودة التربة وتوافر المياه ومالئمة المناخ مما
ادى الى قيام نشاط زراعي على نط TTاق واس TTع ،فانتشرت حولها المزارع
والبساتين التي تنتج انواع الفاكهة والخضTTروات ،وكانت مكة تعتمد على ما
وفي مقدمة حاصTTالت الطTTائف الرمان والموز ()2
تنتجه الطTTائف من الفواكه
والTT Tتين والعنب والزيتون والخوخ والسTT Tفرجل والبطيخ والقمح وكان لتمور
وكروم الط TTائف شهرة واس TTعة في بالد العرب وقد ذكر ياقوت ذل TTك فقال
( فيها العنب العذب ما ال يوجد مثله في بلد من البلدان واما زبيبها فيضTTرب
.والى جانب من حرفة الزراعة مارس اهل الطائف تربية ()3
بحسنة المثل )
النحTTل فقد كان العمل احTTد مصTTادر الTTثروة االقتصTTادية عندهم واكتسTTب عسTTل
الط TTائف شهرة واس TTعة في س TTائر بالد العرب في الجاهلية واالس TTالم ،كذلك
اسTT Tتفاد سTT Tكان الطTT Tائف من اشجار الغابTT Tات المجاورة لهم على سTT Tفوح جبTT Tل
غTT T Tزوان فاتخذوا الحطب للوقود وصTT T Tناعة الفحم واسTT T Tتخرجوا القطTT T Tران ،
. ()4
باإلضافة الى استغالل تلك الغابات لصيد مختلف الحيوانات والفهود
اما من ناحية التجارة فكان لموقع الط TTائف على ط TTرق القوافل االتية من
الجنوب اثره في انتعاش التجارة فيها وكانت القوافل تخرج الى مكة حاملة الTTزبيب
والقمح والعسل واالديم كل يوم باإلضTTافة الى العطTTر الTTذي كان يمد الى اهTTل مكة بما
. ()5
يحتاجونه من طيب
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
171
الفصل السادس
التاريخ الحضاري عند العرب قبل
االسالم
طبقات المجتمع . .1
صفات العرب . .2
األسرة في المجتمع الجاهلي . .3
مكانة المرَاة في العصر الجاهلي . .4
الوأد . .5
المعتقدات الدينية عند العرب قبل األسالم
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
172
االصنام . .1
االوثان. .2
االنصاب . .3
الحج . .4
األديان الخارجية
اليهودية .1
النصرانية .2
أديان اخرى .3
التاريخ الحضاري .4
الحياة االجتماعية في المجتمع الجاهلي
أوال طبقات المجتمع :ينقسم المجتمع الجاهلي الى ثالث طبقات اجتماعية :
العرب الصليبة :وهم جمهور ابناء القبيلة الصTرحاء وعمادهTا وقوامها الTذين )1
يرتبط TTون فيما بينهم برابط TTة ال TTدم ،وينح TTدرون من أص TTل واح TTد مشترك ه TTو
. ()1
الجد األعلى للقبيلة ،وكان لهؤالء حق االحتفاظ بحريتهم وحق االجارة
الحلفTT Tاء :وافراد هTT Tذه الطبقة من المجتمع الجاهلي لم تكن تربطهم بابناء )2
القبيلة رابط TTة ال TTدم ،انما لجأوا الى القبيلة على اس TTاس المواالة ب TTالجوار ،
ومعظم هTT Tؤالء من الخلعاء الTT Tذين ارتكبTT Tوا من الجرائم ما دعي قبTT Tائلهم الى
التبرأ منهم وخلعهم ،وكان الخلع يتم في االس TT Tواق والمحافل على مرأى
ومس TTمع من الناس ،وفي ه TTذه الحال TTة يض TTطر الخليع الى اللجوء الى اح TTدى
القبائل ويضTTع نفسTTه في خدمتها ،في مقابTTل الحصTTول على حمايتها والعيش
ويصTTبح من واجبTTه الوفاء بجميع حقوقها ، ()2
في كنفها بأمان وينال شرفها
()كمال اليازجي :معالم الفكر العربي في العصTر الوسTيط ،بTTيروت ، 1960ص . 18صTالح 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
173
مثله مثل ابنائها ،ومن هTTؤالء الخلعاء طائفية الصTTعاليك المشهورة ،وكانوا
يمضTTون على وجوههم في الصTTحراء فيتخذون النهب وقطTTع الطريق سTTيرتهم
ودأبهم .مثل :تأبTT Tط شرا ،والسTT Tليك بن السTT Tلكة ،والشنفري ،ومنهم من
يظل في قبيلة لفضل فيه مثل عروة بن الورد ،فقد كان كريما ،فأثر عن انه
كان يجمع الى خيمته فقراء قبيلته عبس ومعوزيها ومرض TTاها ،متخذا لهم
حضTTائر يأوون فيها ،قاسTTما بينه وبينهم مغانمة(. )1وقد شاع نظTTام االحالف
وانتشر انتشارا واس TTعا قبيل االس TTالم ،واالحالف اما فردية أو جماعية أي
تح TTالف قبيلة مع قبيلة أخرى ،والحلف في ه TTذه الحال TTة األخيرة أقرب الى
المعاهTT Tدات ،ومن امثال هTT Tذا النوع من االحالف :حلف المطيبين وحلف
الفضول ،وحلف الرباب ،وحلف الحمس ،وحلف قريش واألحTابيش ،ويتم
الحلف عادة بالقسم ليكتسب صTTبغة دينية ،فكان العرب يعتقدون الحلف على
دم الTTذبائح ،أو بغمس األيدي في جفTTان مملوءة بالTTدماء فيعلق الTTدم ليعوض
ال TT Tدم الملعوق عن ال TT Tدم الموروث ،أو بغمس األيدي في الطيب ( كحلف
. ()2
المطيبين) ،أو في الرب ،وهو عصارة الثمار (كحلف الرباب )
العبيد :وهم أدنى طبقات المجتمع ،واغلب أفراد هTTذه الطبقة هم من أسTTرى )3
الح TTروب ،وكان بعض TTهم نتيجة الشراء من افريقية او ال TTوالدة أو ال TTدين أو
القمر ،ويعتبرون ملكا يب TTاع ويشترى بيع األموال المنقول TTة ،ويعهد اليهم
باالعمال اليدوية الTTتي يأنف العرب القيام بها ،كالرعي والحTTدادة والحجامة
. ()3
والنجارة
،مثقلة ()4
وطبقة العبيد ه TTذه طبقة محرومة ال تملك شيئا من الحرية االجتماعية
بالواجب TTات نح TTو س TTاداتها ،وكان يح TTدث في بعض االحيان أن يس TTتعيد بعض
() ص TTالح العلي محاض TTرات في تاريخ العرب . 136 ،134ماجد :التاريخ السياس TTي للدول TTة 2
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 8ص .42 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
174
هؤالء العبيد حريتهم مقابل خدماتهم ألسيادهم تبرر عتقهم وتحرير رقابهم(.)1
وقد عرف ابناء االماء ال TTبيض من َاب TTاء عرب بالهجناء ،أما ابناء االمام
. السود فيطلق عليهم اسم أغربة العرب
()2
()احمد امين :فجر االسالم ،بيروت ، 1969ص . 10شلبي :التاريخ االسالمي ج 1ص 83 3
.
()المندلي الرطب :عطر ينسب الى مندل _ بلدة من بالد الهند _ مما يتبخ به ( االلوسي :بلوغ 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
175
لينبح كلب او ليفTT T Tزع نوم عوى في سTT T Tواد الليل بعد اعتسTT T Tافه
له عند اتيان الملمين مطعم فجاوبة متسمع الصـ ـ ــوت للقرى
()1
يكلمة من حبه وهو أعجم يكاد اذا ما ابصر الضيف مقبال
وقد أشتهر عدد من رجاالت العرب ممن عرفوا بكرمهم ،وض TTربوا
المثل في السخاء منهم حاتم الطائي ،أحد شعاء الجاهلية وهو القائل :
()2
وما في اال تلك من شيمة العبد واني لعبد الضيف ما دام ثاويا
ومنهم كعب بن ما مه األيادي الذي قيل فيه :
()3
والجود بالنفس اقصى غاية الجود يجود بالنفس اذا ضن البخيل بها
ومن ض TTرب بكرمهم المثل أيض TTا أوس بن حارثة بن الم الط TTائي ال TTذي
اشتهر "بابن سعدى" وفيه يقول أحد الشعراء :
ليقضي حاجتي فيمن قضاها الى أوس بن حارثة بن الم
()4
وال لبس النعال وال احتذاها فما وطئ الثرى مثل ابن سعدى
وهماك كثيرون من العرب ممن اشتهر بجوده وكرمه ،مثل عبداهلل بن
حبيب العنبري ،وعبداهلل بن جدعان وقيس بن سعد وغيرهم .
الشجاعة :كان للشجاعة والفروسTية عند العرب منزلTة ال تعلوهTا منزلTة ،
فعرفوا بشجاعتهم وعدم مبTTاالتهم بTTالموت ،فكانوا يسTTتهينون بأنفسTTهم في سTTبيل
الTTدفاع عن الشرف وصTTيانة العرض ،وفي سTTبيل هTTذه الحياة وروح الكفTTاح الTTتي
التهبت بها نفس العربي ازدارى الموت واسTTتهجن البكاء وَانف ان يموت حتف
انفTTه ،الن الميتة الكريمة هي الTTتي يموت فيها في سTTاحة الحTTرب قطعا بTTأطراف
الرماح وموتا تحت ظالل السيوف ،وفي ذلك يقول السمؤل بن عادياه :
وال طل منا حيث كان قتيل وما مات منا سيد حتف أنفة
()االلوسTT Tي :بلوغ االرب ج 1ص ( ، 51االعتسTT Tاف :اَالخذ في الطريق على غTT Tير هداية ، 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
176
()5
وليست على غير الظباة تسيل تسيل على حد الظباة نفوسنا
وقال عمرو بن كلثوم :
( )2 على هالك أو ان نضج من القتل معاذ االله ان تنوح نساؤنا
بأرض براح ذي أراك ودي اثل قراع السيوف بالسيوف أحلنا
ويرى بن خلدون أن عرب البادية كانوا أكثر شجاعة من أه TTل المدن
النغماس هTTؤالء في النعيم والTTترف .واعتمادهم على الTTوالي والحTTاكم في الTTدفاع
.وقد أورد االخب TTاريون العرب اس TTماء عدد كب TTير من ()3
عن اموالهم وانفس TTهم
اشتهر بالشجاعة واالقدام ،منهم خال TTد بن جعف TTر بن كالب العامري ومجمع بن
هالل بن خالTT T Tد بن مالTT T Tك وعتيبTT T Tة بن الحTT T Tارث وعنترة بن شداد وزيد الخيل
ومالعب االسTTنة وعامر بن الطفيل وعمرو بن معد بن كرب وعمرو بن كلثوم
. ()4
وغيرهم
الوفاء :الوفاء صTTفة مالزمة للعرب فكانوا ال يقدرون شيئا كما يقدرون الوفاء ،
فعرفوا بوفائهم للعهود وكراهيتهم للغ TTدر واس TTتهجانهم الكذب وتقبيح TTه .فالوفاء
بالعهد عندهم دينا يتمسTT Tكون بTT Tه ويسTT Tتهينون في سTT Tبيل الوفاء بTT Tه قتل أوالدهم
وتخريب ديارهم ،وكان العرب يغلون في الوفاء للجار والحليف ح TTتى يكون
وقد وردت في كتب االخبTTار أمثله كثيرة ()5
عندهم مقدما على االبناء واالخوان
عن الوفاء ،كقص TTة الس TTمؤال ال TTذي أبي أن يس TTلم الح TTارث بن أبي شمر الغس TTاني
دروع امرئ القيس الTTتي اودعها عنده ،وقصTTه وفاء هTTانئ بن مسTTعود الشيباني
لودائع النعمان وال TTتي تس TTبب في قيام الحب بين العرب والف TTرس في ذي قار .
وقصTTة وفاء ابن زهTTير المازني الTTذي قتل اخاه لغTTدره بجار لTTه ووفاء حنظلة بن
()االلوسي :بلوغ االرب ج 1ص ( 104_103الظباة :جمع ظبة وهي حد السيف ) . 5
()نفس المصTد :بلوغ االرب ج 1ص ( 113الTبراح :االرض الخالية من العمران ،واالرائك 2
()الخضTري :محاضTرات في تاريخ االمم االسTالمية ج 1ص ، 42_41شوقي ضTيف :العصTر 5
الجاهلي ص . 69
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
177
عف TTراء ،وغ TTيرهم ،وقص TTص الوفاء ه TTذه تكس TTب اص TTحابها وَالهم شرفا عظيما
. ()1
ينتقل الى االعقاب
العفة :اتصTTف العرب بالعفTة وغض النظTTر عن النسTTاء ،واعتبروا العفTة من شروط
السTTيادة عندهم كالشجاعة والكرم ،فكانوا يفتخرون بها .وفي ذلTTك يقول عنترة
: ()2
بن شداد
واغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
وكقول الخنساء في اخيها صخرا ()3لم تره جار يمشي بساحتها لريبة حتى يخلى بيته
الجار
_3االسرة في المجتمع الجاهلي :
أ -الزواج :كان اهتمام العرب واضTحا في اختيار زوجاتهم فحرصTوا على أن تكون
الزوجة من المنجب TTات المتوفرة فيهن النجاب TTة وال TTذكاء والجمال ،فعليها يتوقف
مس TTتقبل العشيرة ومكانة الجيل الجديد ،وانها قد تقوم ب TTدو سياس TTي واجتماعي
ه TTام ،فالزواج قد يؤدي الى تراب TTط األس TTر البعيدة ،وينتج عن المص TTاهرة بين
االثنين ألفTTة بين القبيلتين ومواالة بين العشيرتين ،فان رابطTTة الفTTرد مع عشيرة
أخوال TTه قد ال تقل قوة عن رابطته مع اعمامه وفي ه TTذا أثر كب TTير على تقارب
الناس وتعاونهم(. )4
وكان لعرب الجاهلية في الTT Tزواج جملة عقود تختلف بTT Tاختالف االماكن
وباختالف اوضاعها االجتماعية واتصالها بالخارج ،ولم تكن انواع الزواج هذه بTTدعا
خاصTTا بالجاهليين ،بTTل كانت معروفة عند السTTاميين وهي مراحTTل مرت على جميع
. ()5
البشر ،وال يزال الكثير منها قائما في انحاء عديدة من العالم
انواع الزواج :
()جواد علي :العرب قبل االسالم ج 6ص ، 342سالم :دراسات ص . 610 1
()االلوسي :بلوغ االرب ج 2ص ، 6صالح العلي :محاضرات ص. 142 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
178
الزواج البعولة :كان هذا النوع من الزواج شائعا عند العرب وفي كل انحTTاء .1
الجزيرة العربية بين أهTل الحضTر واهTل الTوبر ،ويتم بTان يخطب الى الرجل
ابنته فيصTTدقها أي يعين صTTداقها ويسTTمى مقداره ثم يعقد عليها بالتراضTTي مع
أه TTل الزوجة .ولم يكن العرب في جاهليتهم يح TTددون عدد الزوجات فكان
مباح TTا للرجل ان يتزوج من النس TTاء ما أحب ،وقد نهى االس TTالم الجمع بين
فقال تعالى ()1
أكثر من اربع زوجات ،واشترط وجوب العدل بين الزوجات
" :وان خفتم اال تقس TTطوا في اليتامى فانكحوا ما ط TTاب لكم من النس TTاء مثنى
()2
وثالث ورباع ،فان خفتم أال تعدلوا فواحدة أو ملكت ايمانكم "
زواج المتعة :وهTTTو الTTTزواج الى أجل مس TTمى فاذا انقضTT Tى وقعت الفرقة ، .2
وتختلف مدة العقد حسTب اتفTاق الطTرفين .وينسTب األوالد في هTذه الحTال الى
امهاتهم .وكان الTدافع الى حTدوث هTذا النوع من الTزواج هTو التنقل واالسTفار
والحTTروب حيث يضTTطر المرء الى القتران بTTأمرأة ألجل محTTدد على صTTداق
. ()3
معين فاذا انتهى انفسخ العقد
وذكر لمؤخرون أن الرسTTول صTTلى اهلل عليه وسTTلم كان قد أبTTاح المتعة في غTTزوة
بTTني المصTTطلق وفي فتح مكة لمدة ثالثة أيام ثم حTTرمت بعد ذلTTك ،وقيل ان
الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) شدد في تحريم هذا النوع من الTTزواج
مستندا على شهادة شهود في تحريم الرسول صلى اهلل عليه وسلم لها (.)4
.3زواج الشغار :ويتم هذا النوع من الزواج دون مهر ،فكان الرجل يزوج ابنته
أو اخته على ان يزوجه اَالخر بابنته أو اخته ،فكان يقال في الجاهلية ":
شاغرني أي زوجي أختك أو ابنتك أو من تلي امها ح TTتى ازوجك اختي أو
()االلوسي :بلوغ االرب ج 2ص ، 3جواد علي ،العرب قبل االسالم ،ج 5ص. 256 1
()االلوسTي :بلوغ االرب ج 2ص ، 5جواد علي ،العرب قبTTل االسTالم ،ج 5ص. 254،255 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
179
بنتي او من الي امرها وال( )1يكون بينهما مهر " ،وقد نهى االسTTالم عن هTTذا
،وجاء في الحTديث أن رسTول اهلل صTلى اهلل عليه وسTلم ()2
النوع من الTزواج
قال ( :الشغار في االسالم ) (.)3
. 4زواج المقت :تعامل المرأة فيهذه الحالTT Tة معاملة التركة ،فيتزوج الرجل
زوجة ابيه كجزء من ميراثة( ،)4وقد ابطل االسالم هذا النوع من الزواج فقال
تعالى في القرأن الكريم :وال تنكح TTوا ما نكح اب TTاؤكم من النس TTاء اال ما قد
وقولTTه عز وجل ( :يا ايها ()5
سTTلف ،انه كان فاحشة ومقتا وسTTاء سTTبيال
الTTذين امنوا ال يحTTل لكم ان ترثوا النسTTاء كرهTTا وال تعضTTلوهن لتذهبوا ببعض
ما اتيتموهم)
()6
.5زواج االس TTر :كان اس TTر النس TTاء من العادات المألوفة في الجاهلية وقد اطلق
على المرأة االسTTيرة اسTTم النزيعة اي الTTتي انتزعت من اهلها كرهTTا ،وتعتبر
ملكا خاصTTا لسTTيدها ان شاء تزوجها او زوجها لغTTيرة او باعها بيع العبيد ،
والTTزواج في هTTذه الحالTTة يتم بTTدون مهر ايضTTا()7وباالضTTافة الى ما تقدم عرف
العرب انواعا اخرى من ال TT Tزواج لكنها لم تكن شائعة عند الجميع ب TT Tل
اقتصTTTرت في احياء معينة من بالد العرب ،كزواج االستبض TTاع والمخادنة
والبدل والرهط(.)8
()االلوسي :بلوغ االرب ج 2ص ، 5جواد علي ،العرب قبTTل االسTTالم ،ج 5ص ، 255علي 1
()علي ابراهيم حسن :التاريخ االسTالمي العام ص ،449جواد علي ،العرب قبTل االسTالم ،ج 7
5ص . 268
()االلوسي :بلوغ االرب ج2ص ، 50صالح العلي :محاضرات ،ص .148-147 8
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
180
ب -الطالق :كان الطالق مباحTT Tا عند العرب ،وهTT Tو من المصTT Tطلحات الجاهلية
القديمة ،ويعني عندهم تنازل الرجل عن كل حقوقه الTTتي كانت لTTه على زوجته
ومفارقته لها .وكان الطالق بيد الرجل .اما النساء فلهن العدة ،اال انه وجد من
النسTTاء من اشترطن ان يكون امرهن بأيديهن ،ان شئن اقمن ،وان شئن تركن
معاشرتهم واوقعن الطالق ،من ه TTؤالء النس TTوة :س TTلمى بنت()1عمرو بن زيد بن
لبيد الخزجيه وفاطمة بنت الخرشباالنمارية ،وعاتكة بنت مرة ".وكان العرب
في الجاهلية يطلقون ثالثا على التفرقة .واول من سTT Tن ذلTT Tك لهم اسTT Tماعيل بن
ابراهيم عليها السالم ثم فعلت العرب ذلك ،فكان احدهم يطلق زوجته واحدة وهو
اي انه بعد ()2
اح TTق الناس بها ح TTتى اذا اس TTتوفى الثالث انقط TTع الس TTبيل عنها "
الطالق الثالث ال يمكن لرجوع الى الزوجة ،فتصTTبح طالقة طالقا بائنا وتكون
عندئذ بائنة عليه( )3وقد اقر االسTالم ذلTك ،وحTرم جواز الرجوع الى الزوجة بعد
التطليقات الثالث حتى تنكح زوجا غيره ،فقال تعالى ( :الطالق مرتان فأمسTTاك
بمعروف او تسTTريح باحسTTان وال يحTTل لكم ان تأخذوا مما اتيتموهن شيئا اال ان
يخافا اال يقيما حTدود اهلل خفتم اال يقيما حTدود اهلل فال جناح عليهما فيما افتدت بTه
تلك حدود اهلل فال تعتدوها ومن يتعد حدود اهلل فأولئك هم الظالمون )(. )4
وعرف عند العرب الجاهلية ايض TT Tا انواعا اخرى من الطالق ،ومنها :طالق
(الظهار ) وهو تشبيه الرجل زوجته او زوجته او ما يعبربTTه عنها او جزء شائع
بمحرم عليه تأبيدا ،كأن يقول :انت علي كظهر امي ،او كبطنها ،او كفخذها
،وقد اشار القران الكريم الى ذلك فقال تعالى ( : ()5
،او كظهر اختي ،او عمتي
وال TTذين يظ TTاهرون من نس TTائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير –رقب TTة من قب TTل ان
يتماسTTا ذلكم توعظTTون بTTه ،واهلل بما تعملون خبTTير .فمن لم يجد فصTTيام شهرين
() االلوسي :بلوغ االرب ج 2ص ، 50جواد علي ،العرب قبل االسالم ،ج 5ص 270 5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
181
اما طالق ()1
متتابعين من قبTTل ان يتماسTTا فمن لم يسTTتطع فاطعام سTTتين مسTTكينا )
( االيالء ) ،فيعني تحديد فراق الرجل لزوجته بأجل ال يقترب في خاللTه منها ،
وكان ايالء العرب في الجاهلية السTTنة والسTTنتين ،فجعل في االسTTالم اربعة اشهر
فمن كان ايالؤه اقل من اربعة اشهر فليس ب TTايالء( )2فقال عز وجل " :للذين
يؤل TTون من شأنهم تربص اربعة اشهر ،فان افأوا فان اهلل غف TTور رحيم .وان
عزموا الطالق فان اهلل سميع عليم"(. )3
وفي بعض الحTTاالت تبقى الزوجة في عصTTمة زوجها ولكنه اليراجعها وال يطلقها .
ويظل مفارقا لها ،بقصد ارغامها على دفع مقدار من المال ،ليسمح لها بTTالطالق
وال TTزواج من غ TTيره ،وعرف ه TTذا النوع من الطالق "طالق العض TTل" ،وقد نهى
االسالم ذلك وحرمه ( ،)4فقال تعالى في القرَان الكريم :
(واذا طلقتم النسTTTاء فبلغن اجلهن فامسTTTكوهن بمعروفه أو س TTرحوهن بمعروف ،وال
()5
تمسكوهن ضرارا لتعيدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)
وكان من العرب يطلق زوجته ويفارقها ،اال انه لم يكن يسمح لها بالزواج من غيره
فيهددها ويهدد أهلها اذا حTTاولت الTTزواج أو يعمد الى ارضTTاء أهلها بالمال لمنعها
()6
من الزواج
وقد حTT Tرم االسTT Tالم ذلTT Tك في قولTT Tه عز وجل ( :واذا طلقتم النسTT Tاء فبلغن اجلهن فال
تعضTTلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضTTوا بينهم بTTالمعروف ذلTTك يوعظ بTTه ،من
كان منكم يؤمن باهلل واليوم االخر ذلكم أزكى لكم واطهر واهلل يعلم وانتم ال
تعلمون)(. )7
رابعا :مكانه المرأة في العصر الجاهلي :
()االلوسي :بلوغ االرب ج 2ص ، 50صالح العلي :محاضرات 148 ، 147 2
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ،ج 5ص . 271 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
182
كان للمرأة العربية مكانة كبTيرة في المجتمع الجاهلي فظهرت أشد ما تكون
قوة واكثر ما تكون حرية ،وكان هناك نوعان من النسTاء ،اماء وحTرات ،واالماء
كثيرات ،منهن القيان والجواري ،وقد يرعين االب TTل واالغنام ،وكن في منزل TTة
دانية ،وكان العرب اذا اسTTتولدوهن لم ينسTTبوا الى انفسTTهم أوالدهن ،اال اذا اظهروا
بطولTTة تشرفهم على نحTTو ما هTTو معروف عن عنترة بن شداد ،فان أبTTاه لم يلحقه
بنس TTبه اال بعد ان اثبت شجاعة فائقة ردت اليه اعتب TTاره .اما الح TTرة فكانت تقوم
بطهي الطعام ونسج الثياب واصالح الخباء ،اال اذا كانت من الشريفات المخدومات
. ()1
،فانه كان يقوم لها على هذه االعمال بعض الجواري
وكان احTT T Tترام الرجال للنسTT T Tاء واضTT T Tحا ،انعكسTT T Tت صTT T Tورة في االغTT T Tاني
والقصص والتاريخ ،فكانوا يخاطبونها وهي ذات زوج يلقبونها بخير االلقاب ،كقول
الشاعر(: )2
ضمي اليك رحال القوم والقربا يا ربة البيت قومي غير صاغرة
وكانوا يعدونها جزء ال يتجرأ من عرض TTهم ،ولم يكن شيء يثيرهم كس TTبي
، ()3
نس TTائهم فكانوا يركب TTون كل وعر ح TTتى يلحقوا بهن وينقذوهن من عار الس TTبي
وشاركت المرأة الرجل في كل أموره ،فكن يرافقن ازواجهن الى الحTTرب ،يشدون
من عزائم الرجال بما ينشدن من اناشيد حماس TTية ،ح TTتى اذا مات فارس ندبنه ندبا
حارا حاضات على األخذ بثأره واالنتقام من قتلته .وكن يستشطن غضTTبا اذا رضTTيت
العشيرة بأخذ الدية ،ومالت الى الصلح حقنا للدماء (.)4
وكان من حTTق المرأة االحتفTTاظ بأمالكها الخاصTTة حTTتى بعد زواجها ،اذا ان
عقد الTTزواج كان يبيح للزواج حTTق الحياة مع الزوجة وحTTق انجاب األوالد لTTه ال حTTق
تملكها ،وغالبTTا ما كان يؤخذ رأيها في الTTزواج ،فكن يخترن ازواجهن ويتركنهم اذا
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
183
لم يحسTTنوا معاملتهن ( .)1وكانت المرأة تظTTل حTTتى بعد زواجها مرتبطTTة بقبيلة أهلها
.وكان الرجل يستشير زوجته في كل اموره ويقف عند ()2
التي تحميها وتدافع عنها
رأيها ،فلم يكن يزوج بناته اال بعد ان يستشيرها ويأخذ موافقتها .
وكان بعض العرب يفتخرون بنسTTبهم الى امهاتهم ،كما يفتخرون بنسTTبهم الى
َابTTائهم ،ووجد من الملوك من نسTTب الى أمه .كالمنذر بن ماء السTTماء ملك الحTTيرة (
554_512م) ،وماء السTT T Tماء لقب امه مارية بنت عوف ،وعمرو بن المنذر
المعروف بعمرو بن هند ،وهTT Tو من ملوك الحTT Tيرة أيضTT Tا (574 _554م) ،ومن
مظ TTاهر اعتزاز العرب ب TTاألم ما ورد على لس TTان عدد من شعرائهم ،كقول القتال
: ()3
الكالبي في أمة عمرة بنت حرقة
من الالء لم يحضرن في القيظ دندنا لقد ولدتني حرة ربعــيــة
()4
وقول الشنفري الشاعر الصعلوك الذي يظهر اعتزازه بأمه الحرة فيقول
وأمي ابنه األحرار لو تعرفينها انا ابن خيار الحجر بيتا ومنصبا
وبTTالرغم مما عرف عن العرب من حبهم للبTTنين وايثارهم على البنات ،
فقد وجد من كان يعطTف على بناته ويرى انهن اكثر وفاء لآلبTاء من الصTTبيان ،
كقول معن بن اوس :
وفيهن ال تكذب نساء صوالح رأيت رجاال يكرهون بناتهم
عوائد ال يمللنه ونوائــــــــــــــح وفيهن واأليام يعثن بالفتى
وهناك من العرب من تسمى بأسTTماء بناته ،كربيعة بن رياح والTTد زهTTير
الشاعر ،الذي كان يكني بTابي سTلمى ،والنابغTة الTذبياني الTذي عرف بTابي امامه
()االصTT T T Tفهاني ،االغTT T T Tاني ،ج 1ص 13وما بعدها .طبعة دار الكتب المصTT T T Tرية .علي 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
184
وغTTيرهم .وبلغ من منزلTTة المرأة العربية انها كانت تحمي من يسTTتجير بها وترد
حريته اذا استشفع بها (.)1
وظهرت في الجاهلية طبقة من النس TT Tاء لعبن دورا ب TT Tارزا في المجتمع
الجاهلي في الميادين واالقتصاد والدين واالدب كزنوبيا ملك تدمر ،وبلقيس ملكة
سTT Tبأ ،وسTT Tجاح التميمية ،والخنسTT Tاء بنت عمرو ،وهند بنت عتبTT Tة زوجة أبي
سTTفيان بن حTTرب ،والسTTيدة خديجة بنت خويلد زوجة رسTTول اهلل صTTلي اهلل عليه
وسTTلم فقد كانت تسTTتأجر الرجال في اموالها ،وفي مكة نفسTTها كان مفتاح الكعبTTة
()2
بيد امرأة هي حبى بنت حليل الخزاعي زوجة قصي بن كالب
وفي الحياة العامة كانت المرأة تعين الرجل وتمده بصTT Tائب آرائها ،
وتنظم سلوكه ،ولها شأن كبير في حياة األسرة والقبيلة األمر الذي يفسTر لنا بTالغ
العناية بها في معظم القص TT Tائد ال TT Tتي وص TT Tلتنا من العص TT Tر الجاهلي ،ومن أهم
ال TTدالئل على س TTمو منزلتها في البيئة الجاهلية من عرفت بأص TTالة ال TTرأي وحس TTن
النظTTTر ،فروى عن عمرة ابنة عامر بن الظ TTرب أنها كانت تس TTاعد أباهTTTا في
(الفتيا) عندما تقدم بTه السTن وتستشار في األمور ،وقيل انها كانت ترفع العصTا
. ()3
اذا رأته سها في حكمة
أما المرأة وهي فتاة فكانت تعيش في بين والTTدها وتلقي منه كل عطTTف
ومن حقها ان تنعم بحياة وفيرة ،وقد عاشت بنات األشراف _ خاصTTة _ عيشة
رغيدة ناعمه ،فورد في الشعر الجاهلي أنهن كن يلبسTT T Tن الخز والحرير
. ()4
والديباج ،وتقوم االماء الكثيرات على خدمتهن والسهر على راحتهن
ولم يكن العرب ل TTيرهقوا نس TTاءهم باألعمال والواجب TTات كما فعل غTTيرهم
من الشعوب كالفرس واليونان ،فكانت نس TT Tاء األس TT Tر الراقية نادرا ما يقمن
باألعمال المنزلية ،اذ تكفيهن االماء والخادمات مؤونة الطبخ وض TTرب الخيام
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
185
وجلب الماء والى غTTير ذلTTك من االعمال المنزلية ،يجعل الخيار ،وكانت فيهن
بنت لقيس بن عاصTTم ،فاختارت سTTابيها على زوجها ،فنذر قيس بن عاصTTم ان
. ()1
يدس كل بنت تولد له في التاب فوأد بضع عشرة بنتا
ويعتقد بعض البTTاحثين ان هTTذه الرواية ال نصTTيب لها من الصTTحة ،وان
قيس بن عاص TTم لم يكن اول من وأد بناته في الجاهلية ،فقد ادرك قيس االس TTالم
واعلن اسالمه ،وليس من المعقول ان يكون الوأد قد ظهر قبيل االسTالم بسTنوات
بل على العكس من ذلك كان الوأد على وشك االنقراض (.)2
وهناك رواية أخرى تقول ان الوأد كان في ربيعة ،وسبب ذلك انه أغTTار
عليهم بعض اعدائهم فس TT Tبيت بنت امير لهم ،فلما عقد الص TT Tلح بين الط TT Tرفين
اختارت ابنته البقاء عند َاسTTرها وَاثرته على أبيها ،فغضTTب وسTTن لقومه الTTوأد
ففعلوه غيرة منهم ومخافة ان يقع لهم بعد مثل ما وقع فشاع ذلك بين العرب (.)3
أما في القرَان الكريم فقد ورد فيه مايفيد أن الTTدوافع للوأد هTTو الخوف من
الفقر واالمالق ،فقال تعالى ( :وال تقتلوا أوالدكم خشية امالق ،نحن نرزقهم
،وقول TT Tه عز وجل ( :وال تقتلوا ()4
واياكم .ان قتلهم كان خطئت كب TT Tيرا )
. ()5
أوالدكم من االمالق نحن نرزقكم واياهم )
ولم يكن الTTوأد في الجاهلية مقتصTTرا على البنات بTTل وجد من العرب من
كان يقدم على قتل االوالد الTذكور .ويرى بعض البTاحثين أن هTذه العادة هي من
بقايا الشعائر الدينية والقديمة ،فتقديم الضTحايا البشرية الى االلهة لخير المجتمع
وس TTالمته وارض TTاء االلهة من الشعائر الدينية المعروفة عند قدماء المص TTريين
()المرجع السابق :بلوغ االرب ج 3ص ، 43_42جواد علي :تاريخ العرب قبTTل االسTالم ،ج 1
5ص . 303_299
() احمد محمد الحTTوفي :المرأة في الشعر الجاهلي ص ، 235على ابTTراهيم حسTTن ،التاريخ 2
االسالمي ص . 503
()االلوسي :بلوغ االرب ج 3ص . 43 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
186
وقد أشار القرَان الكريم الى ذلTTك في قولTTه عز وجل : ()1
واليونانيين والرومان
(وكذلك زين للشركين قتل أوالدهم شركاؤهم ل TTيردوهم وليلبس TTوا عليهم دينهم .
وقولTTه تعالى ايضTTا ( قد خس ()2
ولTTو شاء اهلل ما فعلوه ،فذرهم وما يفTTترون )
الTTذين قتلوا اوالدهم سTTفها بغTTير علم وحرموا ما رزقهم اهلل افتراءا على اهلل .قد
. ()3
ضلوا وما كانوا مهتدين )
اال ان قتل األوالد الTذكور في الجاهلية كان أقل انتشارا من وأد البنات ،
باعتبTTار ان الولTTد عنصTTر مهم في السTTلم والحTTرب وأقدر على الكسTTب من االنثى ،
ثم أن وقوعه في األسTT Tر ال يجلب العار الى أهله أو عشيرته .وبرجع بعض
البTT Tاحثين وأد الTT Tذكور الى عوامل تتعلق بصTT Tحة المولTT Tود كأن يكون ضTT Tعيفا او
مشوها فيقضي عليه الوالدان برجع بعض البTTاحثين وأد الTTذكور الى عوامل تتعلق
. ()4
بصحة المولود كأن يكون ضعيفا او مشوها فيقضي عليه الوالدان
وقد وجد من العرب من عارض هTT Tذه العادة الذميمة ودعا الى منع
ال TTوأد ،فذكر االخب TTاريون ان زيد بن عمرو بن نفيل وصعص TTعة بن ناجية جد
الفرزدق بن عمرو بن نفيل كان يقول للرجل اذا أراد ان يقتل ابنته ( :ال تقتلها
أنا اكفيك مؤنتها ،فيأخذها ،فاذا ترعرت قال ألبيها ان شئت دفعتها اليك وان
شئت كفيتك مؤتنها )
()5
()جواد علي ،تاريخ العرب قبل االسالم ،ج 5ص . 32 1
()جواد علي ،تاريخ العرب قبل االسالم ،ج 5ص . 303_ 302 4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
187
المسTTيحية ،ويبTTدو أن السTTبب في ذلTTك يرجع الى ان الوثنية كانت تتفTTق مع نظTTام
العرب القبلي القائم على االستقالل ،فكانت لكل قبيلة مقوماتها ومعتقداتها فالفرد
يف TTني في القبيلة والقبيلة مثله األعلى .وقد اعتقد العرب بوجود قوى روحية
كامنة مؤثرة في العالم واالنسان في بعض الحيوانات والطيور والنبTات والجماد ،
وفي بعض مظTT Tاه الطبيعية المحيطTT Tة بTT Tه كالكواكب .فربTT Tط بين هTT Tذه الكائنات
والموجودات والظTواهر الطبيعية وبيت القوى الخفية وقدسTها ،ثم تطTورت وثنية
العربي الى عبادة قطع الصخور ،ومعظمها كانت بيضاء اللون لها عالقة بTالغنم
. ()1
والجمل ولبنهما
كذلك نسTج العربي حTول اآلبTار والجبTال واالشجار ،قصصTا وأسTاطير ،
ورسم صورا خيالية حول بعض االحجار فمثال جعل من الصTTفا والمروة ،وهما
صTTخرتان ،رجال وامرأة مسTTخهما اهلل حجرين ،وكذلك بالنسTTبة ألسTTاف ونائلة ،
فقد قيل انهما رجال وامرأة مسTT Tخا حجرين على موضTT Tع زمزم ،فكانوا ينحTT Tرون
عندهما(. )2
ويعتقد بعض الب TTاحثين ان عب TTادة العربي وتقديس TTه للمظ TTاهر الطبيعية لم
تكن على أساس انها تمثل أربابا ،وان االصنام التي عبدها لم تكن هي االلهة بTTل
كانت سكنا لهم وألرواحهم فهي تمثل استقرار القوى الروحية في االشياء المادية
.وليس من الضروري ان تكون بصورة َالهة ،ولكنها عندما ينحط التفكير تحاط
.
ذاتها بالتعظيم كأنها االلهة
()3
()محمد عب TTد المعيد خان :االس TTاطير العربية قب TTل االس TTالم ،القاهرة ، 1937ص . 98جواد 1
()عبد المعيد خان :االساطير العربية ص ، 107صالح العلي ،محاضرات ص . 194_193 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
188
صTT Tنم وصTT Tلمن من الكلمات الTT Tواردة في اللهجات العربية القديمة قبTT Tل االسTT Tالم في
. ()1
نصوص المسند ،وتعني تمثال
اما االوثان فهي أيضا من الكلمات التي وردت في النصTTوص المسTTند ،ويبTTدو
ان هناك فرقا بين االصنام واالوثان ،فذكر ابن الكلبي ان التمثال اذا كان معموال من
خشب أو ذهب أو فضة على صورة انسان فهو صنم ،واذا كان من حجارة فهو وثن(. )2
وكانت أصTTنام الجاهلية على اشكال ،فمنها ما كان على هيأة بشر أو على
هيأة حيوان أو احجار أو اشكال اخرى ،وكان لتلك االصTTنام عند عابTTديها مدلوالت
وأساطير ،وهي تصنع من مواد مختلفTة كالشخب والحجارة أو من المعادن أو اشياء
اخرى تخضع لتفكير عبدتها وتأثيرهم بالظواهر الطبيعية الTتي تحيط بهم ،وقد يكون
. ()3
الصنم من حجارة البراكين أو من النيازك التي اعتقدوا بوجود قوة خارقة فيها
وقد ورد ذكر االصنام في القرَان الكريم فقال تعالى ( :رب اجعل هTذا البلد
وقوله عز وجل ( :قالوا نعبTد اصTTناما فنظTل ()4
َامنا واجبني وبني أن نعيد االصنام )
. ()6
،وقوله تعالى ( :تا هلل ألكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين ()5
لها عاكفين )
ويظهر ان الوثنيين كانوا يعتقدون بعبTTادتهم االصTTنام عبTTادة اهلل تعالى والتقب
فقال تعالى في القرَان ()7
اليه ،ولتكون واسTT Tطة بينهم وبين اهلل وشفعاء لهم عنده
الكريم :ويعبTTدون من دون اهلل ماال يضTTرهم وال ينفعهم ويقولTTون هTTؤالء شفعاؤنا عند
اهلل قل أتنب TT T Tون بما ال يعلم في الس TT T Tموات وال في االرض س TT T Tبحانه وتعالى عما
،وقولTTه عز وجل ( :أال هلل الTTدين الخالص والTTذين اتخذوا من دونه ()8
يشركون )
أولياء ما نعبدهم اال ليقربونا الى اهلل زلفى ان اهلل يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
189
. ()1
أن اهلل يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون .أن اهلل ال يهدي من هو كاذب كفار )
. ()2
و ( وجعلوا هلل اندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فان مصيركم الى النار )
ويفهم من اآليات السابقة ان المشركين كانوا يعترفون بوجود اهلل سبحانه وانه
خالق العالم ومدبر أمرهم ،وقد اشار اهلل تعالى في القرَان الكريم الى ذلTك في قولTه
عز وجل ( :ولئن سTTألتهم من خلق السTTموات واألرض ليقولن اهلل .قل الحمد هلل بTTل
.وقوله تعالى ( :قل لمن االرض ومن فيها ان كنتم تعلمون ()3
اكثرهم ال يعلمون )
.سTTيقولون اهلل قل أفال تذكرون .قل من رب السTTموات السTTبع ورب العريش العظيم
سيقولون اهلل قل أفال تتقون .قل من بيده ملكوت كل شيء وهTو يجير وال يجار عليه
. ()4
ان كنتم تعلمون .سيقولون اهلل قل فأني تسحرون )
ب_ االوثان :اما االوثان فقد ورد ذكره TTا في القرَان الكريم أيض TTا ،فقال
تعالى ( :وابTTراهيم اذ قال لقومة اعبTTدوا اهلل واتقوا ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون .
انما تعبدون من دون اهلل اوثانا وتخلفون افكا ان الذين تعبTدون من دون اهلل ال يملكون
وقولTTه عز ()5
لكم رزقا فابتغوا عند اهلل الرزق واعبدوه واشكروا لTTه واليه ترجعون )
وجل ( :وأحلت لكم االنعام اال ما يتلى عليكم فاجتنبوا الTTرجس من االوثان واجتنبTTوا
قول الزور)(. )6
ج _ االنصاب :
وباإلضTTافة الى االصTTنام واالوثان ،كان هناك اصTTطالح ديني َاخر وهTTو ما
عرف بالنصTTب واالنصTTاب ،وقد اختلفت َاراء العلماء في تحديد معنى هTTذه الكلمة ،
فمنهم من قال :ان النص TTب كل ما عب TTد من دون اهلل تعالى .ويرى فريق َاخر أن
النص TTب ص TTنم أو حجر في الجاهلية ،يذبح عنده ،فيحمر للدم ،وقال َاخرون ان
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
190
()1
االنصTTاب حجارة كانت حTTول الكعبTTة تنصTTب فيها عليها ،ويذبح لغTTير اهلل تعالى
وقد يكون النصTTب حجرا للعبTادة او منحTرا حTول الى صTTنم يعبدونه ويقدسTونه بمرور
. ()2
األيام يطوفون به ويعترون عنده
وقد ورد ذكر االنص TTاب في القرَان الكريم في قول TTه تعالى :ح TTرمت عليكن
الميتة والTT Tدم ولحم الخنزير وما أهTT Tل لغTT Tير اهلل بTT Tه والمنخنقة والموقوذة والمتردية
،وقولTTه عز وجل : ()3
والنطيحة وما أكل السTTبع اال ما ذكيتم وما ذبح على النصTTب
( يا ايها ال TT Tذين َامنوا انما الخمر والميس TT Tر واالنص TT Tاب واالزالم رجس من عمل
. ()4
الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )
وقد ذكر بعض االخباريين العرب ان عبTTادة الحجارة كانت في بTTني اسTTماعيل
بن ابراهيم ،فقيل ( انه كان ال يظعن من مكة ظاعن منهم اال احتمل معه من حجارة
الحTT Tرم تعظيما للحTT Tرم وصTT Tبابة بمكة وبالكعبTT Tة ،فحيثما حلوا وضTT Tعوه فطTT Tافوا بTT Tه
كالطواف بالكعب TT Tة ،ح TT Tتى س TT Tلخ ذل TT Tك بهم الى ان كانوا يعب TT Tدون ما استحس TT Tنوا من
الحجارة واعجبهم من حجارة الحTTرم خاصTTة ،حTTتى خلقت الخلوف ونسTTوا ما كانوا
. ()5
عليه واستبدلوا بدين ابراهيم واسماعيل غيره فعبدوا االوثان )
أما عن أصل ظهور عبادة االصنام في بالد العرب فيرجعها االخبTTاريون الى
عمرو بن لحي الخزاعي فذكروا انه كان اول من غTT Tير دين اسTT Tماعيل الى عبTT Tادة
االوثان ،وذلTTك عندما خرج الى الشام في بعض أموره ،فلما قدم مَاب من أرض
البلقاء ،وبها يومئذ العماليق ..رآهم يعبTTدون االصTTنام فقال :ما هTTذه االصTTنام الTTتي
أراكم تعبTTدون ؟ قالوا لTTه :هTTذه اصTTنام نعبTTدها ،فنسTTتمطرها فتمطرنا ،ونستنصTTرها
فتنصTT T Tنا ،فقال لهم :أال تعطTT T Tوني منها صTT T Tنما ،فأسTT T Tي بTT T Tه الى أرض العرب ،
()جواد علي ،العرب قبل االسالم ،ج 5ص . 79_ 78 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
191
فيعب TTدوه ؟ فا عط TTوه ص TTنما قال ل TTه هب TTل،فقدم ب TTه مكة فنص TTبه ،وأم الناس بعبادته
وتعظيم ) (.)1
ويروى أن من اتخذ االصTTنام من بTTني اسTTماعيل بن ابTTراهيم وسTTموا بأسTTمائهم
حين فارقوا دين اسماعيل :هذيل بن مدركة بن الياس أرض ينبTTع ،وقد عبدته ايضTTا
بنو كنانة ومزينة وعمو بن قيس بن عيالن ،وكان سTTدتنه من بTTني لحيان ،وارجع
. ()2
ابن الكلبي انتشار عبادة سواع الى عمرو بن لحي
وهناك روايات اخرى تذكر ان س TTواع كان موض TTعه بنخلة على مقرب TTة من
مكة وان عبدته هم َال ذي الكالع ،ويرى بعض الب TT Tاحثين ان س TT Tواعا لم يكن من
االصنام الكبرى عند ظهور االسTالم ،لعدم ورود اسTمه في االعالم المركبTة مما يدل
على عدم انتشار عبادته بين القبائل العربية ! ()3أما الصنم ود فكان على صورة رجل
،وعبدنه كلب بن وبTرة من قضTاعة ،وكان موضTعه ( بدومة الجندل ) ،وعبTد أهTل
جرش من مذحج وانعم من طيء يغوث بجرش وكان على صTTورة أسTTد .أما الصTTنم
يعوق فكان بارض همدان من بالد اليمن وعبدته حيوان وهم بطن من همدان .وكان
يعوق على هيئة الف TTرس ،واتخذ ذو الكالع من حمير الص TTنم (نس TTر) وكان ب TTارض
. ()4
حمير وانتشرت عبادته الى اعالي الحجاز )
وقد أشار اهلل تعالى في القرَان الكريم الى هذه االصنام في قوله عز وجل ( :
قال نوح رب انهم عصTوني واتبعوا من لهم يزده مالTه وولTده اال خسTارا ومكروا مكا
()5
كبار .وقالوا ال تذرن الهتكم وال تذرن ودا وال سواعا وال يغوث ويعوق ونسTTرا )
.
ومن أصنام العرب القديمة ايضTا مناة والالت والعزى ،وكانت ( مناة) على
هيأت صTT Tخرة .وموضTT Tعها على سTT Tاحل البحTT Tر وناحية المشلل بقديد بين المدينة
()ابن الكلبي :االصنام ص ، 10_9ابن هشام :السيرة ج 1ص. 81_ 80 2
()جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ،ج 5ص . 84 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
192
ومكة ،وكان عبTدتها من االوس والخزرج ( ومن ينزل المدينة ومكة وما قارب من
. ()1
المواضيع يعظمونه ويذبحون له ،ويهدون له )
وكانت مناة َالهة الموت والقد عند البTTابليين وتعرف باسTTم (ما مناتو ) وورد
،وقد انتشرت عبادتها انتشارا واسTTعا ()2
اسم (مناة) ايضا في النقوش النبطية القديمة
بين كثير من قبائل العرب في الجاهلية وتسTTموا باسTTمها مثل زيد مناة ،وعبTTد مناة ،
. ()3
وعوف مناة ،وسعد مناة
وكانت الالت االلهة الرئيس TTية عند العرب في عهد المؤرخ ه TTيرودوتس ،
وانتشرت عبادتها عند العرب الشماليين ،وهي (الالت)في نصTT T Tوص (الحجر)
(وصTTلخد) ( ،وتدمر) أي في النصTTوص النبطية الTTتي عثر عليها في هTTذه الجهات ،
. ()4
وبه تسمى (وهب الالت) ابن الزباء ملكة تدمر
وتمثل الالت فصل الصيف عند البابليين (الالتو) ،أما النبط فكانوا يعتبرونها
وكان لهذا االلهة معابTTد ()5
الTTه الشمس ،في حين نسTTب العرب اليها فصTTل الصTTيف
كثيرة منتشرة في بالد العب أهم تلك المعابTTد المعبTTد الشهير في الطTTائف مركز قبيلة
ثقيف ،وكان عبTTارة عن صTTخرة مربعة بيضTTاء ،اقامت ثقيف عليها بيتا يسTTترونه
. ()6
بالثياب ووادي يحرمونه .وكانت قريش وجميع العرب تعظمها
أما االلهة العزى فهي صنم أنثى وتعتبر أحدث عهدا من الالت ومناة ،وكان
موضTعها بTواد من نخلة الشامية ـ يقال لTه حTراض على بعد حTوالي 75ميال من مكة
في الطريق الى العراق .وذكروا ان العزى كانت من بين االلهة التي جاء بها عمرو
بن لحي ،وعبدتها قريش وبنو كنانة ()7وقد اشار اهلل تعالى في القرَان الكريم الى هTTذه
()جواد علي ،العرب قبTل االسTالم ،ج 5ص ، 94_93علي ابTراهيم حسTن ،التاريخ االسTالمي 6
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
193
االصنام في قوله عز وجل :أفرأيتم الالت والعزي ومناة الثالثة االخرى ،ألكم الذكر
ولTTه االنثى تلك اذا قسTTمة ضTTيزى .ان هي اال اسTTماء سTTميتموها انتم وَابTTاؤكم ،وما
. ()1
انزل اهلل بها من سلطان )
وباإلضافة الى هذه االصTTنام هناك اصTTناما عديدة أخرى وضTTعتها قريش في
جوف الكعبة ،وكان اعظمها(هبل) ،وكان يستفتى في المشكالت الشخصTTية كالزواج
والTTوالدة والرحلة والعمل .فكانوا يستقسTTمون عنده بTTاالزالم ،وهTTو من عقيق أحمر
على صTورة انسTان مكسTور اليد اليمنى ،فجعلت قريش لTه يدا من ذهب ،وكانت لTه
. ()2
خزانة للقربان ،وقيل ان مقدار قربانه مئة بعير ،ولTTه حTTاجب يقوم على خدمته
وقد ورد اسTT Tم (هبTT Tل ) في الكتابTT Tات النبطية الTT Tتي عثر عليها في الحجر مع اسTT Tم
. ()3
الصنمين ذي الشرى ( دوشرا) ومناة (منوتن)
أما اسTاف ونائلة فهما ايضTا من اصTنام قريش ،ويذكر اإلخبTاريون ان هTذين
الصTTنمين كانا انسTTانان عمال عمال قبيحTTا في الكعبTTة ،فمسTTخنا حجرين ،ووضTTعها في
. ()4
موضعهما فعبدتهما خزاعة وقريش ،وكانوا يبحرون عندهما
ومن اصTTنام العرب في الجاهلية أيضTTا (رضTTي) وهTTو من االصTTنام المعروفة
عند الثموديين ،وانتشرت عبادته بين عرب الشمال ،ومنها (مناف) وذو الخلصTTة
وسعد ،وذو الكفين وذو الشرى واال قيصر ونهم وعائم ومحرق ،وعوض ،وعوف
. ()5
،ومحب ،ورئام ..وغيرها
الحج :
كان الحج من الشعائر الدينية القديمة عند السTT Tاميين ،ويعني التوجه الى
االماكن المقدسة في أوقات معينة من السTTنة للتبرك بها وللتقرب اليها ،وكلمة (حج)
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
194
من الكلمات السامية القديمة من أصل (ح ك )hg.و (ح ج) وهي ( حTTك )Haghفي
العبرانية ،ووردت الكلمة في كتابات مختلف الشعوب المنسوبة الى السامين(. )1
ولم يكن مقص TT Tورا على بيت واح TT Tد يحج اليه العرب جميعا ،فالنص TT Tوص
الكالسيكية من يونانية والتينية وسTريانية ،أشارت الى وجود الحج عند العرب والى
ذه TT Tاب القبائل العربية القاطنة في الكورة العربية أو من نزل منهم في الب TT Tوادي
المالصTT Tقة إلقليم الشام وفلسTT Tطين الى الحج لTT Tبيوت كانت تقدسTT Tها ،مثل معبTT Tد (ذي
الشرى) عند نبTTط بطTTرا ( .)2ووفقا للروايات السTTابقة يظهر ان هناك عددا من االلهة
كان العرب يشدون الرحال اليها للحج والتبرك بها ،فذكر ابن الكلبي ان االزد كانوا
يحجون في مكة ،وان قريش تزور العزى وتهدي اليها ،في حين كانت قبائل لخم
وقضTTTاعة وجذام واهTTTل الشام يحجون الى اال قيص TTر ،أما مذحج فكانت تحج الى
. ()3
الصنم (يغوث)
وأورد االخباريون اسماء عدد من البيوت المقدسة ،كبيت العزى على مقربTTة
من عرفات ،وبيت الالت في الطTT Tائف ،وكعبTT Tة سTT Tنداد ،وبيت رئام ،والسTT Tعيدة ،
وذي الكعبTTات الTTذي كانت تحجه ربيعة في الجاهلية ،وبسTTاء وهTTو بيت بنته غطفTTان
وسمته مضاهاة للكعبة ،وبيت مناة ،وبيت ذي الخلصة وبيت نجران (.)4
وكانت مواسTT Tم الحج اعيادا يجتمع الناس فيها بTT Tابهى ما عندهم من حلل
معتقدين انهم بTTذلك يدخلون السTTرور على انفسTTهم وعلى انفسTTهم وعلى انفس َالهتهم ،
ويرافق هذه االحتفاالت ذبح الحيوانات ،وكل يذبح على قدر طاقته ومكانته ،فيأكل
منها الفقراء (.)5
الحج الى مكة :ولم يرد في كتب المؤرخين من أخب TTار مدونة عن مناسTTTك
الحج وشعائره في الجاهلية ،عدا الحج الى مكة بيت اهلل الح TT Tرام ،نظ TT Tرا لص TT Tلته
()جواد علي :تاريخ العرب قبTTل االسTTالم ج 5ص ، 218_217صTTالح العلي محاضTTرات ص 5
. 210_202
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
195
الوثيقة باإلسTTالم ،ولTTورود بعض مناسTTكة في القرَان الكريم في معرض االقرار أو
التعديل أو االبطTT Tال ،وقد جاء ذكر الكعبTT Tة في بعض آيات الTT Tذكر الحكيم ،فقال
تعالى ( :جعل اهلل الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحTTرام والهدي والقالئد ،
()1
ذلك لتعلموا ان اهلل يعلم ما في السموات وما في االرض وان اهلل بكل شيء عليم )
.وقوله عز وجل ( :يا أيها الذين َامنوا ال تقتلوا الصTيد وانتم حTرم ،ومن قتله منكم
متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذو عدل منكم هديا بلغ الكعبة ) (.)2
والكعبTT Tة بناء مكعب غTT Tير منتظم األضTT Tالع ،وكان األسTT Tاس الTT Tذي وضTT Tعه
ابTTراهيم عليه السTTالم لTTه ( جعل طولTTه في السTTماء تسTTعة اذرع ،وعرضTTه في االرض
اثنين وثالثين ذراعا من الركن االسود الى الركن الشامي الذي عند الحجر من وجهه
،وجعل عرض ما بين ال TTركن الشامي الى ال TTركن الغ TTربي ال TTذي فيه الحجر اثنين
وعشرون ذراعا ،وجعل عرض شقها اليماني من الTTركن االسTTود الى الTTركن اليماني
وأول تس TTقيفه للكعب TTة كان في التعمير ال TTذي أوجدته قريش في ()3
عشرين ذراعا )
النص TTف الثاني من القرن الس TTادس الميالدي ،وقد أقيم الس TTقف على س TTتة اعمدة من
الخشب .
وزعت في صفين ،وكل صف ثالثة دعايم ،وجعلوا ارتفاعها من خارجها
من االرض الى اعالهTTا ثمانية عشر ذراعا ،وكانت قبTTل ذلTTك تسTTعة اذرع ،فزادت
قريش في أرتفاعها في السماء تسعة اذرع أخر وبنوها من اعالها الى أسTTفلها بمدماك
من حجارة ومدماك من خشب ،وكان الخشب خمسTTة عشرة مدماكا والحجارة سTTتة
عشر مدماكا .وجعلوا في دعائمها صTور االنبياء وصTور الشجر وصTور المالئكة ،
وقد ازيلت جميع هذه الصور يوم دخل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مكة فاتحTTا في
العام الثامن للهجرة(.)4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
196
وذكر ابن هشام ان الكعب TTة كانت تكس TTى القبط TTاني وهي ثياب بيض كانت
تصنع بمصر ،ثم كسيت البرود وهTو نوع من ثياب اليمن ،وأول من كسTاها الTديباج
. ()1
الحجاج بن يوسف ،وكان الزبير قد كساها قبل الحجاج
وعندما انتهت قريش من بناء الكعبة وضعت فيه الحجر األسTود ،وهTو حجر
ناري متوس TTط الحجم ،كان موض TTعه في االص TTل على جب TTل أبي قبيس ،وذكروا ان
هذا الحجر كان يضTTيء ألهTل مكة في ليالي الظلم كما يضTTيء القمر ،فأنزلته قريش
قبيل ظهور االسالم من أبي قبيس ووضعته في الجانب الشمالي من الكعبة(. )2
وكان للحجر األسTTود أهمية خاصTTة في الجاهلية ،فكان أقدس شيء عندهم ،
بTدليل تنازعهم وتخاصTTمهم فيما بينهم على شرف وضTTعه في محله ،وكانوا يلمسTونه
. ()3
للتبرك به ،ويتحالفون ويحلفون عنده
وكان الحج الى مكة يتم في أشهر معينة من السTنة ،وقد أشار اهلل تعالى الى
ذل TTك في القرَان الكريم فقال عز وجل ( :الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن
،واالشهر المعلومات هي شوال ()4
تاحج فال رفث وال فسTTوق وال جدال في الحج )
وموعد الحج كان في األيام العشرة األولى من ذي ()5
وذي القعدة وعشر ذي الحجة
الحجة ،أما األشهر االخرى الباقية فال يعرف بالضTTبط ما اذا كانت تتم فيها العمرة
فقط أم تجري فيها عبTTادات أخرى ،ويرى بعض البTTاحثين ان الحج كان ثابتا معنيا
في احTTد مواسTTم السTTنة .أي انه يتبTTع السTTنة الشمسTTية ،ولما كانت العرب تتبTTع النظTTام
القمري فقد وجد النسTئ للتوفيق بين السTنة الشمسTية والقمرية وذلTك بإضTTافة شهر كل
ثالث س TTنوات لكي تتط TTابق الس TTنة الشمس TTية مع القمرية ،وه TTذا يؤدي الى تغيير في
. ()6
االشهر الحرم ،وكان المختص بالنسيء هو الذي يعين الشهر المضاف
مراسيم الحج الى مكة
() جواد علي :تاريخ العرب قبل االسالم ج 5ص . 219_ 218 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
197
عرف تجمع الحجاج بـ عرفة بيوم عرفة ،وموقف عرفه ،وعرفة على
اميال شرق مكة ومنها تكون االجازة لإلفاضTة الى المزدلفTة ومن المزدلفTة الى منى ،
وكان العرب في جاهليتهم يفيضTTون في عرفه عند غTروب الشمس ،أما في المزدلفTة
فعند غروبها ()1وكان ط TTوافهم ب TTالبيت س TTبعة أشواط ،وهم ص TTنفان :ص TTنف يط TTوف
بالبيت عريانا وهم ( الحلة) ،وصنف يطوف بثيابه ويعرف هTTؤالء بـ (الحمس) سTTموا
بTT Tذلك لتشددهم في دينهم ،أما من كان من غTT Tير الحمس ،فيمكنه الطTT Tواف بثياب
يأخذها من الحمس على سTTبيل االعارة أو الكراء ،أو الطTTواف بثيابTTه وعليه في هTTذه
الحالTTة االخيرة طTTرح ثيابTTه بعد اكمال الطTTواف حTTول الTTبيت ،فال يجوز لTTه اسTTتعمالها
مرة ثانية ،فاذا القيت ال يمسTTها أحTTد ،وال يحركها حTTتى تبلى من وطئ االقدام ومن
تأثير الشمس والرياح ،ويطلق على هTذه الثياب الTتي تطTرح بعد الطTواف اسTم(اللقى)
. ()2
وكات هناك طائف TTة أخرى من العرب عرفوا بـ( الطلس) وه TTؤالء كانوا في
طTTوافهم بين الحلة والحمس (يصTTنعون في احTTرمهم ما يصTTنع الحلة .ويصTTنعون في
ثيابهم ودخولهم ال TT Tبيت ما تص TT Tنع الحمس ،وكانوا ال يتعرون ح TT Tول الكعب TT Tة وال
يسTTتعيرون ثيابTTا ويدخلون الTTبيوت من ابوابها ،وكإنو ال يئدون بناتهم و كإنو يقفTTون
. ()3
مع الحلة ويصنعون ما يصنعون )
وكانوا يطوفون بالصTT Tفا والمروة ،وعليهما صTT Tنمان يمسTT Tحونهما ،وكان
()4
طوافهم بهما سTبعة اشواط ،كما انهم يقدمون األضTاحي ويقصTTون شعورهم هناك
ومن العادات المتصTTلة بTالحج في الجاهلية أيضTTا عادة (االرتجام) ،أي رمي الحصTTى
أو االحجار (رمي الجمرات ) أو (الTرجم) ،واالرتجام كان معروفا في الجاهلية كما
،وهTTو معروف ايضTTا عند ()5
كان معروفا عند العبرانيين كما ورد ذلTTك في التوراة
()ابن هشام :السيرة ج 1ص ، 126جواد علي :العرب قبل االسالم ج 5ص . 211 1
()االزرقي :اخب TTار مكة ج 1ص ، 114_ 112ابن هشام الس TTيرة ،الس TTيرة ،ج 1ص _214 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
198
بTني ارم ،وكلمة ( ر ج م ) من الكلمات السTامية القديمة وتعني ايضTTا االحجار الTتي
تنص TTب على القبر .وللرجم في االس TTالم معنى يختلف كل االختالف عن معناه في
الجاهلية ،فهو في االسTTالم للذين يقومون بعمل مناف للشريعة االسTTالمية ،أما في
. ()1
الجاهلية فهو للتقدير والتعظيم
ويتصل بالحج تقديم العتائر (الضحية في االسالم) وكانت تذبح عند االنصTTاب
،فتوزع على الحاضTT Tرين ليأكلوهTT Tا جماعة أو تعطى لألفراد ،وقد تترك للطيور
والوحTTوش فال (يصTTد عنها انسTTان وال سTTبع ) ( ،)2وكانت تميز الحيوانات الTTتي يهيئها
اصTT T Tحابها أو مشتروها للذبح في الحج بعالمات ،فيوضTT T Tع عليها قالئد تجعلها
معروفة ،أو ان يحدث لها جرح ليسيل منه الدم ليكون ذلك عالمة انها هTTدي ،ويقال
لذلك أشعار ،ومنه أشعار البTدن ،وذلTك بTان يشق احTد جنبي سTنام البدنة حTتى يسTيل
.
منه الدم ليكون ذلك عالمة الهدي
()3
()جواد علي :العرب قبل االسالم ج 6ص ، 9صالح العلي :محاضTTرات في تاريخ العرب ص 4
. 171
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
199
وكانت يثرب المركز االكبر لليهودية عند ظهور االسالم ،وأما في اليمن فقد
تعرض يهودها الى ضغط االحباش الذي فتحوا اليمن في جاليات يهودية أخرى كانت
منتشرة في االجزاء الشرقية من جزيرة العرب ،وقد دفع هTؤالء الجزية فيمن دفعها
من أهTل الذمة ،ولTك يرد في االخبTار ما يشير الى وجود جاليات يهودية في هضTبة
نجد ( وهذا ال يعني نفي ذهاب أسر اليها لإلتجار في تلك االنحاء ) (.)1
وقد تأثر ه TT Tؤالء اليهود بجيرانهم العرب ولم يح TT Tافظوا على دينهم وعلى
خصائصTTهم الTTتي يمتازون بها محافظTTة شديدة كما هTTو شأنهم في االقطTTار االخرى ،
فانقس TTموا الى قبائل وبط TTون ،واتخذوا اس TTماء عربية .وكان الشعر المنس TTوب الى
شعراءهم يحمل الطابع العربي والفكر العربي ،وفي حياتهم االجتماعية عاش اليهود
في الجزيرة العربية معيشة أهلها ،فلبس TTوا لباس TTهم وتظ TTاهروا معهم ،وتمتع ه TTؤالء
اليهود بمحبة واسعة ،لم يحصلوا عليها في أي بلد َاخر من البالد الTتي كانوا بها في
ذلTTTك العهد ،وكانت لهم بيوت للعبTTTادة ومدارس يتدارس TTون فيها في أمور دينهم ،
. ()2
وكانت لهم كتب دينية ومنهم من كان يعرف العبرانية ويكتب بها
وعلى ال TTرغم من اختالط اليهود ب TTالعرب وتعايشهم معهم اال انهم لم ينجح TTوا
في نشر عقيدتهم بين العرب ،ألسباب عديدة منها :عدم اهتمامهم بالتبشير بديانتهم ،
ألنها في نظرهم ديانة خاصة بشعبهم المختار من بين الشعوب ،فلم يكونوا يرحبTTون
بTTدخول الغربTTاء فيها ،الن سTTواهم من الشعوب غTTير جديرة بTTذلك ،وكانت جهودهم
منصTT Tبة نحTT Tو جمع الTT Tثروات والسTT Tيطرة بها على من جاورهم من الناس ،فعرفوا
.بتهافتهم على جمع المال ونقضهم للعهود والمواثيق
()3
_2النصرانية :
كانت النصTT T Tرانية اكثر حظTT T Tا في االنتشار من اليهودية بين العرب قبTT T Tل
االسالم ،وقد ورد في الشعر الجاهلي اشارات كثيرة الى انتشارها بين عدد من قبائل
()جواد علي :العرب قبTTل االسTTالم ج 6ص ، 346علي حسTTني الخربTTوطلي ،العرب واليهود 3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
200
العرب ،اال أن النصTTرانية لم تسTتطيع مع ذلTك التغلغTل في قلب شبه الجزيرة العربية
نفسها(. )1
وقد كان دخول النصTTرانية بالد العرب عن طريق بعض النسTاك والرهبTان ،
وبالتجارة ب TTالقيق من الجنس TTين ،كذلك كان لألديرة تأثير كب TTير في معرفة التجار
العرب واالعراب بالنص TTرانية ،فوجد ه TTؤالء في أكثر تلك االديرة اماكن للراح TTة
واللهو والشرب ،والتزود بالماء ،فاطلع العرب على شيء من الديانة النصTTرانية من
خالل الشعائر الTT Tتي كان يؤدونها هTT Tؤالء الرهبTT Tان ،ولم يقتصTT Tر دور األديرة على
العبادة ،وانما كانت مراكز للتبشير بالنصرانية .وقد نجح الرهبان في اقامة عدد من
األديرة في اماكن نائية من بالد العرب ،فوجد عدد منها في نجد والحجاز وفي
جنوب جزيرة العرب وشرقيها ،وكانت ه TTذه االديرة تعتمد على المس TTاعدات من
. ()2
الكنائس النصرانية في العراق والشام ومن الروم
ويرجع سTبب انتشار النصTTرانية في اطTراف جزيرة العربية ( غTرب وجنوب
وشرقي الجزيرة ) ،اتصTTالها بطTTرق التجارة مع البالد النصTTرانية ،ومجيء التجار
النصTTاري والمبشرين مع القوافل الى هTTذه المناطق .ويالحTTظ أن النصTTرانية لم يكن
لها في المواضTTع من بالد العرب ما كان لليهود من المسTTتوطنات ( ،جنوبي دومة
الجندل وفدك وأيلة حTتى اليمن وفي يثرب ) ،كذلك يالحTظ أن معظم سTكان المنطقة
الممتدة من يثرب حتى نجران وصنعاء كانوا وثنيين شديدي التمسTTك بعبTTادة االصTTنام
واألرواح(.)3
وتعتبر(الحيرة) من المراكز النصرانية التي كان لها أثر كبTTير في انتقال هTTذه
الديانة الى بالد العرب ،فقد أصTT Tبحت هTT Tذه المدينة مركزا اسTT Tقفيا سTT Tنه 410م ،
وتحTTول كثير من عربها الى النصTTرانية وعرفوا بالعبTTاد ،وكان يأتيها عدد من تجار
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
201
مكة ومن الطائف وبقية انحاء الحجاز ،فانتقلت النصTTرانية عن طريق اتصTTال هTTؤالء
التجار بنصاري الحيرة (.)1
كذلك كانت بالد الحبشة من المراكز ال TTتي انبعثت منها النص TTرانية الى بالد
اليمن والحجاز ،بفض TTل بعض المبشرين الس TTوريين منهم( فيميون الره TTاب) ،وكان
من الزهTTاد ،وقيل انه اتصTTل بTTه رجل من أهTTل الشام يدعى ( صTTالح) ،فتوغال في
بالد العرب فاختطفتهما سTTيارة من العرب وباعوهما بنجان ،فنجح فيميون في حمل
أهلها على اعتناق النص TTرانية وتمكن من تأس TTيس كنيس TTة يعقوبية ،وفي س TTنة 356م
أرسTT Tل االمبراطور البTT Tيزنطي قيسTT Tطنطوس بعثة الى بالد العرب الجنوبية برئاسTT Tة
(ثيوفيلس اند االريوس TTي ) _ كان على مذهب َاريوس ال TTذي انكر لهوت المس TTيح _
.وفي اعقاب ()2
وافلح ثيوفليس في انشاء بيعة في عدن وبيعتين في أرض حمير
الفتح الحبشي لبالد اليمن س TTنة 525م ،انتشرت النص TTرانية انتشارا واس TTعا ,وأتخذ
أبرهة من نجران مركزا رئيسيا للتبشير بالنصرانية بين عرب اليمن ،وبني القليس ،
وبالغ في االعتناء بها وتزيينها ولما فرغ ابرهTTة من بناءهTTا كتب الى النجاشي يقول :
( قد ب TTنيت ل TTك ايها الملك كنيس TTة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ،ولس TTت بمنته ح TTتى
أصرف اليها حاج العرب)(. )3
أما في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة العربية فكان للنصTTرانية مراكز في
الرها ونصيبين واربل وجنديسابور وسلوقيه وطيسTفون ،فالرهTا كانت من أهم معاقل
االدب الس TTرياني للنس TTاطرة الس TTيما في عص TTر االس TTقف ايب TTاس (457_436م) اال انهم
اضطروا للرحيل عنها في عهد االسقف نونوس الذي خلف االسTقف ايبTاس ،فقد كان
االسTT Tقف الجديد كارهTT Tا للنسTT Tطورية فدخلوا في حماية الف TTرس وسTT Tمح لهم بالتبشير
بمذهبهم واتخذوا سلوقيه على نه دجله مقابل العاصمة طيسTTفون مركزا لهم واصTTبحت
()ح TTتى :تاريخ العرب مط TTول ج 1ص 81_ 80طبعة ب TTيروت ،1965جود علي ،تاريخ 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
202
من أهم معاقل النس TTطورية والتبشير في العراق وفي س TTائر االمبراطورية الفارس TTية
. ()1
والى جانب اليهودية والنصTرانية عرفت بالد العرب أديان خارجية أخرى ،
اغلبها جاءت الى العرب عن طريق الفTTرس ،كالمجوسTTية ومنها المزدكية والمانوية
والزردشتية وهم القائلون بTTالنور والظلمة وعرفوا بالثنوية ،ومنها الدهرية وهTTؤالء
، ()2
القائلون بالTTدهر ،وقد انكروا الخالق والبعث وقالوا الطبTTع المحي والTTدهر المفTTني
وقد أشار القرَان الكريم الى ه TTؤالء في قول TTه عز وجل ( :وقالوا ماهي اال حياتنا
. ()3
الدينا نموت ونحيا وما يهلكنا اال الدهر )
والمجوسية من الكلمات المعربTة ،عربت عن لفTظ مجوس اليونانية المأخوذة
من أصل فاسي قديم هTTو مكوش ،وقد دخلت العربية اما عن اليونانية أو عن طريق
بTTني ام ،وكان معظم مجوس جزيرة العرب من الفTTرس المقيمين في البحTTرين وفي
. ()4
اليمن وعمان
ووجد من العرب فريق عبد النجوم والكواكب كالشمس والقمر والزهTTرة وهم
الTT Tذين عرفوا بالصTT Tائبة ،وقيل أن األصTT Tل في تسTT Tمية هTT Tذه الطائفTT Tة بالصTT Tائبة النهم
خرجوا على دينهم ،وأخذوا ما راق لهم من ديانات العالم ومذاهبهم ،فسTT T Tموا
بالصائبة أي الخارجين .فقد خرجوا عن تقييدهم بجملة كل دين وتفصTTيله اال ما رأوه
منه الح TTق ،والص TTائبة فريقان ،ص TTائبة حنف TTاء وص TTائبة مشركون ،والمشركون هم
ال TT Tذين كانوا يعظمون الكواكب الس TT Tبعة وال TT Tبروج االثني عشر ويص TT Tورونها في
هياكلهم ،وكانت للكواكب عندهم هياكل مخصوصTTة وهي المتعبTدات الكبTار كالكنائس
عند النصاري والبيع بالنسTبة لليهود ( .)5وكانت بعض قبائل لخم وخزاعة وقريش قد
عبدت الشعري العبور وهي الشعري اليمانية ،في حين عبدت طيء الثريا والمرزم
()االلوسي :بلوغ االرب ج 2ص . 220جواد علي :العرب قبTل االسTالم ج 5ص 364_363 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
203
وسهيل وذكر بعض االخباريين ان طائفTTة من تميم عبTTدت الTTدبران والعبTTوق وان كنانة
عبدت القمر(.)1
وكان بين العرب جماعة سTTمت نفوسTTهم عن عبTTادة االوثان ولم يجنحTTوا الى
اليهودية أو النصTرانية وهم الTذين عرفوا باالحناف ،جمع حTنيف وهي صTفة ابTراهيم
(عليه الس TTالم ) وهي كلمة التعني جماعة معينة ودينا خاص TTا كما ه TTو الح TTال في
اليهودية والنص TTرانية واالس TTالم ،انما هي ص TTفة اطلقت على من عرف بنب TTذه الشك
وقد أشار القران الكريم الى هTT Tؤالء في قولTT Tه عز وجل : ()2
وميله الى التوحيد
( وقالوا كونوا ه TTودا أو نص TTاري تهتدوا ،قل ب TTل ملة اب TTراهيم حنيف TTا وما كان من
المشركين)( )3وفي قول TTه تعالى ( :ما كان اب TTراهيم يهوديا وال نص TTرانيا ولكن حنيفTTا
وقوله عز وجل ( :فلما جن عليه الليل رأى كوكبا ()4
مسلما وما كان من المشركين )
قال هTTذا ربي ،فلما أفل قال ال أحب اَالفلين .فلما رأى القمر بازغTTا قال هTTذا بي ،
فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي ألكونن من القوم الضTTالين .فلما رأى الشمس بازغTة
قال ه TTذا ربي ه TTذا أكبر فلما أفل قال يا قوم اني ب TTرئ مما تشركون .اني وجهت
. ()5
وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيفا وما كنت من المشركين
ما قبل االسالم فهو في االسالم للذين يقومون بعمل مناف للشريعة االسTTالمية
،اما قبل االسالم فهو للتقدير والتعظيم .
ويتصل بالحج تقديم العتائر(الذبيحة) (الضحية في االسالم ) وكانت تذبح عند
االنصاب ،فتوزع على الحاضرين ليأكلوها جماعة او تعطى لألفراد.
() جواد علي :العرب قبل االسالم ج 5ص ، 368_367سالم دراسات ص . 650_ 649 1
() جواد علي :العرب قبل االسالم ج 5ص ، 370سالم :دراسات ص . 659 2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
204
وتعود الص TT Tالت بين العرب ودول اس TT Tيا الى عص TT Tور قديمة ،وقد امدتنا
المصادر التاريخية بمعلومات حول نشاط العرب الحضTTارمة والعمانيون التجاري مع
دول اس TTيا حيث اص TTبح ه TTؤالء ال TTوكالء الرئيس TTيين للتجارة بين مص TTر والهند ،وانهم
اتخذوا من ميناء اكيال الواقع على مقربTT T Tة من رأس الخيمة ( مسTT T Tندم) في الخليج
العربي منطلقا لهم ،وتتابعت هجرات عرب جنوب شبه الجزيرة العربية نحTT Tو
سTTواحل الهند الغربية فكانت هجرة الحضTTارمة في القرن الرابTTع الميالدي من اوسTTع
الهجرات العربية الى تلك السTT T Tواحل حيث كون العرب المهاجرون في مدينة
(كوجرات) او (ذزرات) جالية كبTT Tيرة لطلق عليها الهنود اسTT Tم (عربتو)Arabita
واصل العرب بعدها انتشارهم حتى بلغوا جزائر الهند الشرقية وبالد الصين .
والواقع ان الصالت بين العرب ودول اسيا قد شهدت تحوالت جذرية لصTTالح
التجاة العالمية بين الطTTرفين ففي منتصTTف لقرن الثالث الميالدي تحTTولت هTTذه التجارة
تدريجيا من البح TTر المتوس TTط الى الخليج لعربي والمحيط الهندي ،ولما ح TTل القرن
السTTابع الميالدي الTTذي شهد ظهور االسTTالم وقيام الدولTTة العربية االسTTالمية اصTTبحت
بغTTداد مركزا للتجارة العالمية والنشاط االقتصTTادي مع دول وشعوب اسTTيا واصTTبحت
البصTرة و(االبلة) منطلقا للتجارة عبر الخليج العربي والمحيط الهندي فكانت الرحلة
تبدأ بالبصرة الى االبلة عبر شط العرب الى عبدان عند مصبه حيث انشئت منارة في
البحر ترتشد بها السفن مما يجنبها ضحالة الماء وقرصان البحر ،وقد قدرت المسTTافة
بين البصرة وسيراف بحوالي ( )360ميال وعند سيراف هناك طريقان يوصTTالن الى
الشرق يبTدءان بالبصTTرة ويلتقيان في (كولم ملي ) كويلون الحالية في الهند ،احTدهما
يسير بمحTاذاة سTاحل ايران والسTند والهند حTتى مالبTار ،وهTو طريق طويل يسTتغرق
ما يزيد على الشهر ،اما الطريق االخر فانه يختصTTر المسTافة الى النصTTف ويبTدا من
سيراف الى مسقط بعمان ومنها مباشرة الى كولم بساحل المالبار بالهند .
. 2الصالت مع دول الشعوب افريقيا :
والواقع ان لمضTTيق بTTاب المندب وشبه جزيرة سTTيناء دور ملحTTوظ في تيسTTير
س TTبل االتص TTال البشري بين الجانبين حيث كانت س TTواحل المحيط الهندي االفريقية
والعربية تمثل نقاط تواصTTل مهمة بين المنطقة من خالل الTTرحالت الTTتي كانت تقوم
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
205
بها الس TTفن العربية مس TTتغلة الرياح الموس TTمية لتس TTهيل رحالتها في حين ادت القوافل
البرية دورها المشهود عبر شبه جزيرة سيناء .
وكانت بالد اليمن وما يليها الى الشمال والجنوب مص TTدرا لهجرات عديدة
اثرت تأثيرا بالغTTا في هضTTبة الحبشة واعالي النيل االزق وسTTواحل افريقية الشرقية،
على ان تلك الهجرات لم تكن مقتصTTرة على بالد اليمن فحسTTب فكان الحجاز بTTدورهم
كانوا يعرفون الحبشة تمام المعرفة منذ عهود سبقت االسالم بقرون عديدة .
ومما يؤكد الصTTلة بين سTTكان المنطقتين ذلTTك التشابه العرقي واللغTTوي بينهما
االمر ال TTذي دفع بعض الب TTاحثين الى ترجيح ال TTراي القائل ب TTان ه TTاتين المجموعتين
البشريتين قد عاشتا في موضTTع واحTTد وربما تنتميان في اصTTولهما البعيدة الى شعب
واحد.
وال شك ان ه TTذه العالقات والص TTالت العرقية واللغوية بين س TTكان الجزيرة
العربية وسTTواحل افريقية الشرقية مهما كانت درجتها تؤكد ان تبTTادل التأثير الثقافي
بين المجموعتين ذو جذور عميقة في التاريخ ففي العصTTور السTTابقة لظهور االسTTالم
كانت هناك مجموعات افريقية اسTتقرت في بالد العرب وانصTهرت في بوقتة القبائل
العربية فلم يكن من العس TTير اجتياز البح TTر االحمر بالس TTفن الص TTغيرة اذ لم يكن هناك
مايحول دون االتصTTال بين شاطئية العربي واالفريقي وهكذا وجدنا الكثير من عرب
اليمن يهاجرون الى السTTواحل االفريقية قبTTل فجر االسTTالم بقرون عديدة حيث انشاوا
عالقات تجارية وثقافية مع كل من ساحل الحبشة وساحل الصومال وسTواحل الشرق
افريقية وقد اسTTتوطن بعض هTTؤالء اليمنيين مدن هTTذه السTTواحل وتزاوجوا مع اهاليها
وكونوا عددا من المسTTتوطنات هناك ،ويرى بعض البTTاحثين ان نقطTTة االنطالق في
تاريخ الحبشة تتصل اتصاال وثيقا بجنوب الجزيرة العربية تدفق سTTكانها باتجاه جبالها
وسهولها الواسعة وطوروا بمرور الزمن حضTTارة اضTTافوا اليها من حضTTارتهم سTTمات
كثيرة .
واستناد الى المصادر التاريخية العربية القديمة فان اصTTل الحبش من المنطقة
الواقعة غTT Tرب بالد اليمن حيث جبTT Tل ( حTT Tبيش) الTT Tذي يمكن ان يكون السTT Tمه صTT Tلة
بالحبيش الذي هاجروا الى افريقية فيما بعد واطلقوا اسTمهم على االرض الTتي عرفت
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
206
باسTT Tمهم (حبشت) او الحبشة .ويسTT Tتفاد من النقوش المكتشفة الى ان قبائل عربية
جنوب هTاجرت من اليمن عبر البحTر االحمر عن طريق مضTTيق بTاب المندب وجزر
دهلك ،وكانت وجهتها مرتفعات ارتيريا والحبشة وعلى راس تلك القبائل النازحTTة
واقدمها قبيلة :االجاعز او جعيزان الTTتي قامت بتأسTTيس مملكة على ارض الحبشة
واليهم نسب لغة االحباش المعروفة بالجعزية أي لغة الجعز .
ومن الهجرات المهمة والكب TTيرة ال TTتي قامت بها الجماعات اليمنية الهجرة
السبأية التي حدثت خالل القرن الخامس او السادس قبل الميالد والTTتي رافقتها جماعة
من الحبش الTذين يسTكنون المناطق الواقعة غTرب اليمن ،وقد احTدثت هجرة السTبأيين
الى افريقية تطTTTورا كبTTTيرا في جميع ميادين الحياة في افريقية باعتب TTارهم اصTTTحاب
حضTT Tارة عريقة ،فقد حمل السTT Tبأيون لغتهم ونظمهم كما نقلوا المهارات وانشاء
المدرجات والمسطحات على سفوح اجبال وزراعتها بالمحاصيل واالشجار .
وتجدد االشارة اليه ان السTT Tبايين اقاموا اعظم سTT Tد عرفته بالد العرب في
تاريخها القديم بTه سTد مارب الTذي اسTتند على قمتي جبTل ولTق االيمن وااليسTر وحTول
االراضي القاحلة الى جنات تمد اهTTل اليمن بمختلف الثمرات وقد اشار اهلل تعالى في
القران الكريم الى هTذا السTد في قولTه عز وجل " لقد كان لسTبا في مسTكنهم ايه جنتان
عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا ل TT T Tه بلدة طيب TT T Tة ورب غف TT T Tورا "
وباالضافة الى موروثهم الزراعي هTذا حمل السTبايون فنونهم المعمارية الTتي اشتملت
على نحت الحجر وبناء القصTTور والمعابTTد الفخمة الTTتي اشتهروا بها خالل عهودهم
السTTابقة وادخل السTTبايون الى افريقية الجمل والحصTTان وبعض االدوات واآلالت الTTتي
تسTTتخدم في الزراعة وفي مقدمتها المحTTراث الTTذي لم يسTTبق الهTTل افريقية ان عرفوه
من قبل .
حضارة اليمن
أن المعطيات الحضارية التي وصلت ألينا عن اليمن عبر تاريخه الطويل في عصTر
ماقبTT Tل االسTT Tالم هي جزء من المعطيات الحضTT Tارية العامة الTT Tتي أبTT Tدعها ابناء شبه
الجزيرة العربية في شمالها وجنوبها ,فهي فرع من دوحTTة عظيمة إسTTمها الحضTTارة
العربية او الثقافة العربية .وقد تنبTTه بعض البTTاحثين في تاريخ العرب القديم الى هTTذه
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
207
المسألة منذ فترة قصيرة فذكر نيلسين أنه (( منذ مائة عام خلت كان االهتمام متجها
الى قسTT Tم صTT Tغير فقط في بالد العرب الجنوبية ,اما اآلن فقد إتسTT Tع امامنا االفق
واصبحنا نقف امام ثقافة عربية مجدة يمتد أثرهTا من أقصTى جنوب بالد العرب الى
دمشق ,ومن البحTTر االحمر حTTتى قلب الجزيرة )) ثم أضTTاف (( والواقع ان النقوش
المختلفة التي وصلتنا بالرغم من وجود بعض الفوارق الزمنية والمكانية تتبTع جميعها
دائرة ثقافية واحدة ,وتجمع بينها لغTة واحTدة ,وخط واحTد .وعناصTTر ثقافية واحTدة ,
سواء من ناحية الفن أو المعمار أو الدين ()
()1
نيلس ون ،ت اريخ العلم ونظ رة ح ول الم ادة في كت اب الت اريخ الع ربي الق ديم ,ص -51 1
.52
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
208
حديثنا في هذا المبحث على الجوانب الثقافية من حضارة اليمن وهي تدور حول اللغة
والكتابة والدين والفنون .
كتابات اهل اليمن ولغتهم
ان اللغة العربية كما جاء بها القرآن الكريم كانت حصTTيلة تطTور طويل وتفاعل
واس TTع بين لهجات القبائل واالقوام العربية القديمة .ويغلب على ه TTذه اللغ TTة ط TTابع
االقوام العربية الشمالية .ح TTتى لقد ذهب بعض الب TTاحثين الى ان ه TTذه اللغ TTة هي لغ TTة
قبيلة قريش ,وهي اللغة العربية الفصحى التي نزل بها القرآن الكريم(( ))1ويبTدو ان
هذه اللغة كانت قد بسطت سلطانها على معظم انحاء شبه الجزيرة العربة قبل االسالم
واص TTبحت لغ TTة الثقافة واألدب ال TTتي تح TTدث بها الخطب TTاء وكتب بها الشعراء .اما
اللهجات الخاص TTة بالقبائل العرب TTة فقد ح TTافظت على وجوده TTا بص TTفتها لهجات محلية
خاصTTة .وقد اطلق على لهجة أهTTل اليمن((اللغTTة الحميرية)) وهي في حقيقتها ليسTTت
لغة مستقلة عن العربية وانما هي لهجة .كما ان اهل اليمن لم يكونوا يتحدثون بلهجة
واحدة ,وإ نما بلهجات عدة .وقد بقيت هذه اللهجات قائمة حتى العصر العباسTTي ,وقد
تح TTدث عنها الهمداني في معرض كالمه عن لهجات اه TTل اليمن في عص TTره ,فقال
على سTTبيل المثال عن مدينة صTTنعاء إن (( في أهلها بقايا من العربية المحضTTة ونبTTذ
من كالم حمير )) .وقال عن بلد االشعر وبلد عك (( :البTأس بلغتهم اال من سTكن
منهم القرى ))(. )2
ويبدو من دراسة نقوش المسTTند الTTتي عثر عليها اآلثاريون في اليمن ,وهي نقوش
يرجع اقدمها الى القرن التاسTTع قبTTل الميالد واحTTدثها الى القرن السTTادس الميالدي انه
كان لTT Tدى اهTT Tل اليمن لهجة عربية متميزة ,وهي قريبTT Tة جدا من اللهجة العربية
الشمالية الTTتي نزل بها القرآن .غTTير ان بعد عهد لهجة هTTذه النقوش عن عهد اللغTTة
العربية الفصTTحى الTTتي نزل بها القرآن وهTTو يصTTل في حTTده االقصTTى الى حTTوالي الTTف
وسTTتمائة عام قد جعل الفTوارق كبTTيرة بين اللهجتين حTTتى انه ليس باالمكان فهم لهجة
المسند إال من قبل المتخصصين فيها .إال أن هذا اليعني ان اهTTل اليمن كانوا يجدون
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
209
صعوبة في التفTاهم مع ابناء القبائل العربية في الشمال ,إذ ان االختالف في اللهجات
كان معروفا لTديهم ,كما ان اللغTة العربية الموحTدة كانت قد اخذت تسTود بين العرب
كلغTTة أدب وثقافة قبيل االسTTالم .ومن ثم فلم يجد اهTTل اليمن الصTTعوبة في التفTTاهم مع
اخوانهم عرب الشمال حينما توح TTدوا في إط TTار الرس TTالة االس TTالمية ال TTتي قامت على
اساس لغة القرآن( . )1وقد قدمت لنا كتب االدب قوائم باسTTماء كثير من شعراء اليمن
ال TTذين نظموا القص TTائد الشعرية الجميلة باللغ TTة الفص TTحى وان لم تخل من بعض آثار
أما لغTTة المسTTند فانه لم يصTTل الينا من خاللها شيء من الشعر أو ()2
اللهجة اليمنية
االدب ,وان جميع النصTT Tوص الTT Tتي وصTT Tلت إلينا منها (( ذات طTT Tابع عملي بشكل
صTT Tارم ,وذلTT Tك النها التخرج عن كونها تشريعات قانونية او نصTT Tب جنائزية او
سTTجالت معمارية او تقدمات متعلقة بوفاء النذور .والنوع االخير كثيرا ما احتوى
على وصف للحمالت العسكرية ))( .)3غير أن ماتقدم اليعني خلو لغة المسTند من اية
آثار فكرية او ادبية .فقد أشارت المص TTادر االس TTالمية الى ان لعمارة اليمني كتاب TTا
بعنوان ( :اشعار اهل اليمن ) ،كما ذكر اآلمدي (كتاب نهد وكتاب جرم وكتاب بTني
حTTارث وكتاب شعراء كندة وكتاب اشعار حمير) ،وذكر البن الكلبي كتاب بعنوان
( امثال حمير) ،ومن المعروف ان الجزء التاسTTع ( المفقود) من االكليل لمحمد بن
الحسن الهمداني قد جعله مؤلفه ( في امثال حمير وحكمها واللسان الحميري وحروف
المسند)( ،)4غير ان مما يؤسف له ان هذه الكتب واآلثار لم تصTTل الى أيدينا ,ومن ثم
فانه ليس باالمكان بيان الرأي في قيمتها العلمية او االدبية .
الحياة الدينية في اليمن
لم تزودنا النقوش االثرية في اليمن بمعلومات كافية لدراسة الحياة الدينية في اليمن
بصTTورة متكاملة .وجل ما وصTTل الينا عنها اسTTماء عدد كبTTير من االلهة الTTتي كانوا
يتقربTTTون اليها بالعبTTTادة ,وقد وصTT Tل عددها الى ح TTوالي المائة ,اال اننا في الواقع
د هاشم الطعان ,األدب الجاهلي بين لهجات القبائل واللغة الموحدة ,ص.218 -209 2
3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
210
(( نجهل معرفة خمس TTين منها معرفة تفص TTيلية )( .)1وقد أشير الى انه من الخط TTأ
االعتقاد بTTان كل اسTTم من هTTذه االسTTماء يدل على الTTه خاص مسTTتقل ,وذلTTك الن اهTTل
اليمن كانوا قد اطلقوا على االلTه الواحTد عدة اسTماء ,ومعظم تلك االسTماء هي بمثابTة
()2
صفات لها
ويالحظ ان الديانة اليمنية القديمة كانت ديانة فلكية ,اي انها تقوم على عبTادة الهة
تجسدها اجرام سTماوية ,تماما كبقية االقوام العربية الشمالية ((ومهما اختلفت اسTماء
االلهة عند قبائل اليمن وممالكها اال انه يمكن ادراجها تحت احTTد اجزاء ثالوث يتكون
من الزهرة والشمس والقمر ))(.)3
ويب TTدو ان ال TTه القمر كان ه TTو االل TTه ال TTرئيس في اليمن .وه TTو يتميز بكثرة االس TTماء
وااللقاب الTTتي اطلقت عليه حTTتى لقد ذهب احTTد البTTاحثين الى وصTTف ديانة اهTTل اليمن
بالديانة القمرية .وفي ه TTذا يختلف عرب الجنوب عن عرب الشمال ال TTذين كانوا
يعدون الشمس هي االلTT Tه الTT Tرئيس .وقد عللت هTT Tذه الظTT Tاهرة بTT Tاختالف الظTT Tروف
الجغرافية بين شمال الجزيرة وجنوبها (( ,فالشمس مفيدة رحيمة في الشمال ,اما
في الجنوب ,فالشمس محرقة متعبة .بينما القمر هو دليل الحTTادي ورسTTول القافلة ))
( .)4وقد أطلق اليمنيون على الTT Tه القمر اسTT Tماء وصTT Tفات عدة ,فهو (( أب )) و
(( عم )) و ((كهل )) النهم نظ TTروا اليه بص TTفته الجد االكبر لهم وه TTو لنفس الس TTبب
(( الحكيم )) و (( العادل )) و ((القدوس)) .وكذلك ه TT T Tو ((ود )) اي الحب ,و
(( المعين )) و(( الحامي)) و(( المبارك )) ويظهر من النقوش اليمنية القديمة ان كل
شعب من شعوب اليمن الكبTTير قد انتسTTب اللTTه القمر بصTTفته ابنه ,فالمعينيون اطلقوا
على انفس TTهم (اوال ود ) ,والشعب القتب TTاني تس TTموا بـ ( اوالد ود ) اما الس TTبئيون فهم
(( اوالد المقة )) ,والمقة ه TTو اس TTم ال TTه القمر عند الس TTبئيين .وقد أشير الى ان من
جملة اسTماء القمر عند اهTل اليمن ((آل)) او ((إلTه)) والTتي تطTورت بعد ذلTك لتصTTبح
نيلسون ,الديانة العربية القديمة .في التاريخ العربي القديم ,ص.84 1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
211
(( اهلل)) ()1غ TT Tير ان هناك من ينكر ه TT Tذه الص TT Tلة بين ((آل )) والقمر ,ويرى ان
((آل )) هو إله مستقل يعلو على القمر والشمس وغيرهTا من االلهة وانه أصTTل عقيدة
()2
التوحيد عند العرب القدماء
وقد تقرب اهل اليمن الى الهة ( الشمس) بالعبادة ,واطلقوا عليها تسميات عدة فهي
عند المعينين (نكرح) وهTTو اسTTم غTTريب غTTامض ,وعند السTTبئيين ( ذات حميم) اي
ذات الحTرارة القوية ,وهي عند القتبTانيين ( أثرت) اي ذات أثر بمعنى السTيدة شديدة
اللمعان .وقد أطلق عليها ايضTTا اسTTم (( الالت)) اي االلهة النهم تصTTوروا الشمس
انثى ,وذهبTTوا في تصTTوارتهم االسTTطورية الى ان الهة الشمس( الالت) قد تزوجت
من إل TTه القمر ( آل) وقد أنجبت من ه TTذا ال TTزواج االل TTه (عثتر) وه TTو نجم الزه TTرة اي
نجمة الصباح ,وقد تقرب اليه اهل اليمن بالعبادة باعتباره االلTه االبن ,واطلقوا عليه
وصTTTف (ذو الخلصTTTا )اي الطTTTاهر النقي و(الملك) الس TTماوي ( . )3وإ ن االمر الجدير
بالمالحظTTة ان اهTTل اليمن لم يصTTنعوا اللهتهم اصTTناما او تمثيل يتقربTTون اليها بالعبTTادة
كما فعل عرب الشمال ,وإ نما رس TTموا رموزا بس TTيطة على النص TTب التذكارية في
معابدهم للداللة عللى آلهتهم ,فرسموا افقسن على هيئة الهالل لTTترمز الى إلTTه القمر .
وجعلوا الدائرة رمزا اللهة الشمس اما الهة الزهرة فقد رمزوا لها بصورة النجمة(.)4
ولم تقدم لنا المص TT Tادر ص TT Tورة واض TT Tحة عن طقوس العب TT Tادة ال TT Tتي كان يمارس TT Tها
اليمنييون وهنالTك اشارة يسTيرة اوردهTا الهمداني عن احTد هTذه الطقوس الندري مدى
دقتها يتحTTدث فيها عن بيت رئام يقول فيه (( :وقدام بTTاب القصTTر حائط فيه بالطTTة
فيها صورة الشمس والهالل ,فاذا خرج الملك لم يقع بصTTره اال على اول منها ,فاذا
ولم ()5
رأهTTا كفTTر بTTان يضTTع راحته تحت ذقنه عن وجه يسTTتره ثم يخر بذقنه عليها))
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
212
تصTTل الى ايدينا صTTيغ كتبيه عن االدعية والصTTلوات الTTتي كان يتقرب بها الناس الى
الهتهم.
ولم تصل الى ايدينا صTيغ كتابية عن االدعية والصTTلوات الTتي كان يتقرب بها الناس
الى الهتهم .وهناك ل TT Tوح نحاس TT Tي محفTT Tوظ في المتح TT Tف البريط TT Tاني عثر عليها في
(شبوة) مدون فيه ان مقدمه قد وهب االلTTه (سTTين) اي إلTTه القمر (( ذهبTTا وبخورا ,
.ان ()1
ووضع في رعاية االلهة روحTه وحواسTه ,وابناءه ومقتنياته وذاكرة قلبTه ))
ماتقدم يدل على قوة الشعور الديني عند اهTل اليمن ,كما يشير الى وجود معابTد تقدم
فيها النذور الى االلTه (( .وعلى قلة ما نعرفه عن نظTام تخطيط المعابTد ,فإن مابين
أيدينا يكفي للحكم بانها كانت تتكون من اجزاء عديدة تدل على ممارس TTة طقوس
دينية مختلف TTة يؤديها المتعب TTدون فيها ,ومنها نظ TTام االغتس TTال ال TTديني .وفي (ه TTرم )
بالجوف يبدو ان الناس كانوا يمارسون نوعا من االعتراف العلني بالذنوب ))(. )2
وقد ارتبTTط بنظTTام المعابTTد واداء طقوس العبTTادة فيها وجود طبقة من الكهنة الTTذين
يتولTT T Tون ادارة المعابTT T Tد وتوجيه الناس في العبTT T Tادة وكان يطلق على الكاهن اسTT T Tم
(( رشو)) .ويبدو من دراسة تاريخ دول اليمن انه كان لهوالء الكهنة دور واسTTع في
الحياة الدينية والسياسTTية واالقتصTTادية في المجتمع ,حTTتى ان حكام اليمن االوائل قد
خرجوا من ص TTفوفهم وكانوا يحملون ص TTفة ((المكارب)) اي الحكام الكهنة .كما
يظهر ان المعابTTد في اليمن قد (( عرفت نظTTام العرافة ,وان الناس كانوا يأتون الى
العراف الستشارته في شؤون حياتهم المقبلة ,فالنقوش تحTTدثنا عن تقديم النذور الى
االلهة وفاء النجازهTTا لما وعدت بTTه مما يوحي بTTان الوعد قد تم على يد الكاهن او
العراف))(. )3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
213
ويبTTدو ان اهTTل اليمن كانوا يعتقدون بوجود حياة اخرى بعد الموت بTTدليل انهم
كانوا يض TTعون الى جانب موتاهم في المدافن وبخاص TTة الكهفية منها اواني ومواد
()1
حياتية اخرى الستخدامها في حياتهم االخرى
ويالحظ انه في النصف الثاني من القرن الرابTTع الميالدي بTTدأت تظهر عالمات تحTTول
في الديانة العربية القديمة في اليمن ,فبعد ان كان ملوك سبأ يتقربون الى إلTTه القمر ((
المقة )) بTدوا يتقربTون الى االلTه (( ذي سTماوي )) اي رب السTموات مما يدل على
.ولكن ماطبيعة ذلTك التوحيد ,وهTل كانت ()2
انهم بدأوا يتجهون نحTو عقيدة التوحيد
له صلة بيد انتشار اليهودية والنصTTرانية في اليمن ؟ ..ان هTTذه المسTTألة مازالت مجاال
لكثير من الخالف بسبب عدم توافر النصوص التاريخية لدراستها .
غ TTير ان من الثابت ان اليهودية والنص TTرانية قد اخذت منذ اواخر القرن الراب TTع
الميالدي نجد لها اتباعا في اليمن ,ويبTTدو ان بعض هTTؤالء االتبTTاع كانوا على اتصTTال
بأشراف القبائل وذوي النفTTوذ في البالد .وقد ترتب على ذلTTك نشوب صTTراع عنيف
بين الديانة اليمنية القديمة وبين اليهودية والنص TTرانية .وكان مما زاد في ح TTدة ه TTذا
الصTTراع ارتبTTاط هTTذه الTTديانات بالمصTTالح السياسTTية واالقتصTTادية المحلية والدولية كما
اوضحنا ذلك انفا.
وكان من اثار هTTذا الصTTراع محاولTTة حكام اليمن فرض عقيدتهم على الناس بTTالقوة
فحينما تولى ذونؤاس الملك عمل على اضTTطهاد النصTTارى في اليمن ونشر اليهودية
فيها .وعندما افلح االحباش في احتالل اليمن وإ زاحة ذي نؤاس عن الملك اضTTطهدوا
اليهود واصحاب الديانة اليمنية القديمة وحTاولوا صTTبغ بالد اليمن بالصTTبغة المسTيحية .
لذا فإنه اصTبح من الصTTعب التعرف الى مدى انتشار كل ديانة من هTذه الTديانات في
اليمن بسTT Tبب غياب حرية العقيدة .وقد ذهب احTT Tد البTT Tاحثين الى ان النصTT Tارى في
الجنوب العربي كانوا (( في بداية القرن السTTادس اكثر عددا من اليهود ,وان كانوا
اقل عددا من اتبTاع الTديانات المتعددة االلهة من عبTدة النجوم والطقوس الزراعية او
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
214
حتى الديانات الوحدانية المبهمة ))( .)1غTير انه في نهاية القرن السTادس اي بعد اقل
من قرن من س TTيطرة االحب TTاش ذوي العقيدة المس TTيحية على اليمن اص TTبح المس TTيحيون
يمثلون غالب سكان اليمن حسب تقدير الباحث نفسه( . )2واليقدم لنا هذا الباحث االدلTTة
الTT Tتي بTT Tنى عليها احكامه العامة هTT Tذه ..ويبTT Tدو انها تقديرات مبنية على الحTT Tدس
والتخمين ...وان للبTTاحث ان يفTTترض اسTTتنادا الى المعطيات نفسTTها ان هTTذه النسTTبة قد
اخذت تميل ضد صTTالح النصTTارى بعد زوال حكم االحبTاش وحTتى جاء االسTالم فدخل
غالب اهل اليمن تحت رايته التي وحدت ابناء االمة العربية كافة .
العمارة والفنون
إن االزدهTTار االقتصTTادي والسياسTTي الTTذي عرفته اليمن في تاريخها الطويل قد كان
من اثاره الواضTTحة قيام نهضTTة عمرانية وفنية كبTTيرة في المدن الكبTTيرة مثل مأرب
ومعين وبTTTراقش وظفTTTار وشبوة وناعط وبينون وصTT Tنعاء وغيره TTا .كما تمثلت في
تشييد القالع العظيمة ( المحافد) الTT Tتي تضTT Tم في داخلها قصTT Tورا فخمة يعيش فيها
االذواء واالقيال وهم سادة االقطاع في اليمن .
ويبTTدو ان المدينة في اليمن كانت تض TTم في داخلها محافد كثيرة وهي إشبه بTTالقالع
ويتف TTق ه TTذا ()3
الهياكل ,وكان في داخل كل منها مجموعة من ال TTبيوت والقص TTور .
النظTTام السTTكني مع طبيعة النظTTام االقطTTاعي الTTذي كان سTTائدا في اليمن ,وقد وصTTلتنا
نصTTTوص قديمة تشير الى س TTعة بعض مدن اليمن وجمال قص TTورها ومبانيها ,فقد
وصلتنا نصوص قديمة تشير الى سعة بعض مدن اليمن وجمال قصTTورها ومبانيها ,
فقد ((اطTT Tرى اسTT Tترابون زخرف تلك القصTT Tور وقال انها تشبه بشكلها القصTT Tور
المصرية .وذكر بليونس ان في مدينتي ناجية وتمناء بTTاليمن 65هيكال ,وفي شبوة
قصبة حضرموت 60هيكال ))(.)4
وكان الهمداني وهTTو من اهTTل اليمن ,قد زار بقايا مدن وآثار وسTTدود اليمن والTTف
عنها الجزء الثامن من كتاب TTه االكليل في القرن الراب TTع الهجري ,وقد شهد بعض
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
215
العلماء المعاصTTرون بTTأن كثيرا من المعلومات الTTتي حواهTTا هTTذا الكتاب هي معلومات
هامة (( اليمكن االستغناء عنها ,وذلTك الن كثيرا من المبTاني الTتي تعرض لها كانت
ما زالت قائمة ح TTتى وقت تأليف كتاب TTه .فمعاب TTد وقص TTور الس TTبئيين والمينيين كانت
قائمة في ذلك العصر شاهدة على عظمة الماضي وقوة سTTلطان وجبروت بالد العرب
السعيدة .هذه االثار للشعراء والعلماء آية العظمة ورمز الحضTTارة البائدة الTTتي كانوا
يفخرون باالشادة بها ))(.)1
وقد سTTTاعدت ارض اليمن الغنية باالحجار وبخاص TTة الكرانيت والجبس واالحجار
الجيرية والبازلت فضال عن االخشاب الTTتي جادت بها غابTTات اليمن ,المعمار اليمني
على التفنن في العمارة واقامة القصTTور والمعابTTد ذات االعمدة الضTTخمة ,واالبTTراج
الشاهقة (.)2
وقد لوح TTظ ان المعمار اليمني قد اس TTتعان بمعدن الرص TTاص في رب TTط الص TTخور
واالعمدة ببعضها حتى تبدو وكأنها قطعة واحدة .وقد اوضح هذا الجانب من فن
العمارة في اليمن جرومان بقولTT Tه (( :اما المبTT Tاني العربية الجنوبية فقد اسTT Tتكملت
تطورهTTا المعماري .فالصTTخور الرخامية الكبTTيرة كانت تنحت نحتا منتظما ,ويبTTنى
بها بطريقة النكاد نتبين منها تعدد االحجار وإ رسTTائها الى جانب بعضTTها ,وكانت
تتماسTTك عن طريق بعض االوتاد الرصاصTTية الTTتي كانت تربTTط المداميك عن طريق
ثقوب .كما الحظ ذلك ( جالزر) في سد مأرب وكما يرجح وجود هTذه الطريقة في
بTTرج غمدان .وكانت االعمدة تربTTط بقواعدها واالجزاء البTTارزة منها ,أعني هTTذه
االجزاء الTTتي تشبه االفاريز عن طريق أوتاد مربعة بقدر الحاجة ,كما كان يصTTب
()3
الرصاص إمعانا في تدعم البناء وتثبيته )).
في ضوء ما تقدم نستطيع تصور ماذكره الهمداني في وصTTف قصTTر غمدان الTذي
بناء اليشرح يحض TTب في ص TTنعاء في ح TTوالي القرن االول للميالد ,وظ TTل باقيا الى
ادولف جرومان ,الناحية االثرية لبالد العرب الجنوبية في كتاب :التاريخ العربي القديم ,ص )(1
.150
المرجع نفسه ,ص.152-151 )(2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
216
خالفة عثمان بن عفTان (رض) ,فيكون قد عاش نحTو 620سTنة ,وشاهد الهمداني
بقاياه قصرا عظيما كالجبل ( .)1وقال في وصف انه يتالف من عشرين سقفا اي طابقا
,وارتفاع كل سقف عشر اذرع ,فيكون مجموع ارتفTTاع القصTTر مائتي ذراع .ويبTTدو
ان الهمداني قد شعر ان هTTذا االرتفTTاع يكاد يكون اشبه بالمسTTتحيل في مقاييس ذلTTك
الزمان ,لTTذا فقد عقب على ذلTTك بقولTTه (( :ولن يتعذر لقدرتهم على كل معجز من
البناء ))(.)2
وان مما يزيد االنسTان عجبTا من امر هTذا البناء وما اسTتخدم فيه من الفنون ماذكره
الهمداني من ان صاحب غمدان لما (( بلغ غرفته العليا اطبTق رخامة واحTدة (شفافة)
وكان يستلقي على فراشه في الغرفة فيمر بها الطTائر ,فيعرف بTه الغTراب من الحTدأة
من تحت الرخامة .وكان على حروفها – اي اطرافها – اربعة تماثيل اسTT Tود من
نحاس مجوفة فإذا هبت الTريح فدخلت اجوافها سTمع لها زئير كزئير االسTد ))( )3وقد
ذكر الهمداني ان هذا القصر كان مربع الشكل ,وكان وجه من وجوه القصTTر قد بTTني
بحجارة يختلف لونها عن ل TTون الوجه االخر (( وجه مب TTني بحجارة بيض ,ووجه
بحجارة سود ,ووجه بحجارة خضر ,ووجه بحجارة حمر ))(. )4
والحقيقة ان ماذكره الهمداني عن قصTTر غمدان قد اليخلو من مبالغTة وتهويل ,الن
الرجل لم يشاهد س TTوى انقاض القص TTر وخرائب TTه لكن الص TTورة ال TTتي قدمها عن ه TTذا
القصTTر وعن كثير من القصTTور والمعابTTد الTTتي شاهد بقاياهTTا في اليمن لتدل بمااليقبTTل
.ولTوال ()5
الشك على مدى التقدم العمراني الTذي تحقق فيها خالل العصTور القديمة
خشية االطالة لقدمنا الكثير من التفاصيل عن عناصر العمارة في اليمن وخصائصTTها
المميزة والTTتي يعتقد انه كان لها تأثير واضTTح على فن العمارة االسTTالمية .ذلTTك ان
المصدر نفسه ,ج ,8ص .114-3ويقارن بـ ( دراسة ميدانية لمسوحات مواقع اثرية في )(5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
217
اهTTل اليمن قد حملوا رسTTالة االسTTالم وانتشروا في دياره الواسTTعة ,ووظفTTوا خبراتهم
()1
العمرانية في البلدان التي عاشوا فيها
تشيي ـ ــد السدود
ولم تقتصTT Tر جهود اهTT Tل اليمن على اقامة المدن وتشييد القالع والقصTT Tور ,بTT Tل
امتدت باتجاه شق الطTTرق وإ قامة السTTدود لحجز المياه من اجل االسTTتفادة منها في
اعمال الري والتوسع في الزراعة .
وقد اورد الهمداني اسTTماء عشرات من السTTدود الTTتي كانت قائمة في اليمن ,غTTير
ان اكبر هذه السدود واشهرها هو سد مأرب الذي كان يسمى (( سد العرم ))(. )2
وقد أنشأ هTTذا السTTد ملوك سTTبأ في حTTوالي القرن الثامن قبTTل الميالد واسTTتمر قائما
حTTتى القرن السTTادس الميالدي ,وبTTذلك تكون حياة هTTذا السTTد قد وصTTلت الى حTTوالي
1300عام .وقد أجريت على هTTذا السTTد خالل هTTذه الفTTترة عدة إصTTالحات بمناسTTبة
تعرض جسم السد للتصدع والتآكل نتيجة عوامل الطبيعة وضغط سيول المياه .
وتعتمد معلوماتنا على هذا السد في الTTوقت الحاضTTر على ماذكره القرن الكريم
عنه ,وما أورده الهمداني من أوصTT Tاف لبقاياه الTT Tتي شاهدها بنفسTT Tه ,فضTT Tال عن
المعلومات التي قدمها االثاريون المعاصرون الTTذين زاروا موقع السTTد وقدموا اوصTTافا
()3
علمية دقيقة لطبيعة االرض وبقايا السد على الطبيعة .
ويسTTتنتج من مجمل االوصTTاف الTTتي وصTTلت الينا عن سTTد مأرب ( العرم ) ان هTTذا
السد قد انشا في ( وادي ذنة ) الTذي تصTب فيه روافد مياه االمطTار الTتي تاتي من
المناطق المجاورة .وبذلك تشكل المياه المتجمعة امام جدار السد في وادي ذنة خزانا
مائيا كبTTيرا اشبه بTTالبحيرة .ويقع وادي ذنة في فرجة بين سTTطحي جبTTل بلق ,وهTTو
جبTTل بركاني إرتفاعه 400م ,وتبلغ سTTعة هTTذه الفرجة في أولها الTTتي تشكل خزان
السTTد 200م ثم تتسTTع كلما ابتعدنا عن مدخل الخزان حTTتى يبلغ عرضTTا في منتصTTفه
للتفصيل يراجع ,جرمان :الناحية االثرية لبالد العرب الجنوبية ,ص , 171-151د .سعد )(1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
218
الى نحو 500م ,ثم تاخذ في الضيق الى ان تبلغ نحو 175م في مخرج الخزان ,
وقد أنشا جسTTم السTTد عن هTTذا الموضTTع .ويبلغ طTTول خزان المياه في وادي ذنة من
اولTTه الى آخره حTTوالي اربعة كيلو مترات .أما السTTد نفسTTه (( فهو عبTTارة عن حائط
ض TTخم مب TTني على عرض ال TTوادي على زواية منفرجة يمتد من الجنوب الى الشمال
مس TT T Tافة 650م .وفي الس TT T Tد ثالثة مخارج للمياه ,مخرجان الرواء االراض TT T Tي
الزراعية )) على الجهة الشمالية والجنوبية من السد ,اما المخرج الثالث فهو صTTمام
امان لتصريف المياه الفائضة في أوقات الطواريء .
ويرتبTTط بمخارج المياه هTTذه المجموعة من الجداول الTTتي توزع مياه السTTد على
االراضي الزراعية الTتي ينخفض مسTتواها عن مسTتوى خزان السTد وبTذلك يتم إرواء
()1
أكبر مسافات ممكنة من االراضي الصالحة للزراعة في منطقة مأرب.
وقد أشير الى ان بناء هTT Tذا السTT Tد كان يعبر عن مهارة عالية في فن العمارة ,
ويتطلب قدرة كبTT Tيرة على اسTT Tتخدام مواد البناء بحيث تصTT Tمد أمام عوامل التعرية
والتآكل التي تصيب السدود لTذا فقد ذكر ان حائط السTد قد شيد بصTTورة متقنة بحيث
(( اليمكن للمرء ان يدخل بين الحجر والحجر إبTTرة ,ويظهر أنهم كانوا يسTTتعملون
في البناء مادة شبيهة باألس TTمنت بين الحجارة ,ويرى في أرض العب TTارة أو الفتح TTة
ثقوب كبيرة يظهر انها مكان عمدان حديدية كانت تسTتعمل كبTاب متحTرك يفتح ويغلق
()2
بحسب الحاجة )).
على الTTرغم من ان السTTد بحجمه وامكاناته يعد من السTTدود الصTTغيرة في العالم
في الTTوقت الحاضTTر ,االانه كان يعد في الماضTTي اسTTتنادا الى مقاييس وإ مكانات ذلTTك
الزمان (( اشهر آثار اليمن واعظم عمل هندسي في الجزيرة العربية كلها ))(. )3
ومن أجل تصور مقدار الجهود التي كانت تتطلبها عملية صيانة السد والمحافظTTة
عليه نذكر ما جاء في النقش الTTذي تركه ابرهTTة الحبشي بمناسTTبة اصTTالحه للسTTد في
س TTنة 542م حيث يقول أنه لما بلغ TTه خبر تص TTدع الس TTد (( إهتم لألمر وارس TTل من
المرجع نفسه 230 -226 ,وللمزيد من االيضاح تراجع الفاظ الخرائط في ص.314-312 )(1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
219
يدعو القبائل للعمل في إصTTالحه ,وان العمل اسTTتمر احTTد عشر شهرا ,وان مقدار
المؤن التي صTTرفت في اثناء العمل كانت ( )50806اكياس من الTTدقيق و ()26000
جمل من البلح ,وانه نحر ( )3000جمل وثورا و ( )207000رأس من الغنم ليأكل
الرجال لحمها ))(. )1
ويالحTTظ ان ترميم ابرهTTة لسTTد مأرب آخر ترميم لTTه ,ولم يمض وقت طويل
حتى تهدم مرة اخرى ,ولم تعد لTه قائمة بعد ذلTك .وقد تحTير المؤرخون العرب في
مسTT T Tألة تهدم السTT T Tد وخرابTT T Tه وأرجع ذلTT T Tك الى عوامل غيبية .يقول المسTT T Tعودي
(( والخالف بين ذوي الدراية منهم ان العرم هTT Tو المسTT Tناة الTT Tتي قد احكموا عملها
لتكون ح TT Tاجزا بين ض TT Tياعهم وبين الس TT Tيل ,ففجرته فأرة ليكون ذل TT Tك أظهر في
االعجوبTTة ,كما أفار اهلل تعالى ماء الطوفان من جوف تنور ليكون اثبت في العبر
واوكد في الحجة )) )2(.غير ان المسعودي يعود لينفرد بتقديم تعليل النهدام السTTد يتفTTق
ومعطيات العلم الحTTديث يقول ... (( :وعمل الماء في اصTTول ذلTTك المخراق – اي
السTTد واضTTعفه ممر السTTنين عليه وتدافع الماء حولTTه ,وقد قيل في المثل :إذا اثر
تواتر الماء( .)3على الحجر الص TT Tلد ,فما ظنك بس TT Tيل يتدافع على حديد وحجر
مصنوع ؟)) فنحن هنا ,أمام ظTاهرة التعرية والتآكل الTتي اضTعفت السTد ,مع اهمال
الصيانة الدائمة بسبب ضعف دول اليمن ووقوع البالد تحت التسلط االجنبي.
ويالحTTظ أن سTTد مأرب قد تعرض منذ قيامه لمشكالت كثيرة كان ابرزهTTا
(( تجمع الطمي في الحTTوض القائم خلفTTه ,تماما كما حTTدث ويحTTدث اليوم في السTTدود
الصTT Tغيرة ,والبTT Tد ان ذلTT Tك قد ادى الى ارتفTT Tاع مسTT Tتمر لقاع الحTT Tوض ,ثم تناقض
مستمر ايضا في كمية المياه المتجمعة فيه وفيضTان كميات اكثر من فوق جدار السTد
ويؤكد ح TTدوث ذل TTك عمليات التعلية الظ TTاهرة ,فقد بلغ ارتف TTاع الس TTد في المراح TTل
القيسي والشكري ,.دراسة ميدانية لمسوحات مواقع أثرية في شطري القطر اليماني ,ص-55 )(1
.56
المسعودي ,مروج الذهب ,ج,2ص.196 )(2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
220
االخيرة الى 14م فوق س TTطح ال TTوادي ))( .)1وفض TTال عما تقدم تعرض الس TTد الى
سيول عدة ,نتيجة سقوط االمطار بكميات غزيرة في بعض االوقات تفوق طاقة السTTد
على خزن المياه مما ترتب عليه حصTTول تهدم وانكسTTار في جسTTم السTTد وقد اضTTعفت
الترميمات المتوالية جدار الس TTد .وادى تراكم الطمي والغ TTرين في قاع ال TTوادي الى
اضعاف طاقته على خزن المياه )2(.فانهار السTTد بصTTورة كاملة واصTTبح اثرا من اثار
الماضي التليد ....
دولة كندة ودورها الحضاري
على ال TT T Tرغم من ان المص TT T Tادر التاريخية قد وجهت معظم اهتمامها الى الجانب
السياس TT Tي والعس TT Tكري من تاريخ ملوك كندة فإن باإلمكان ان نعثر على ال TT Tدور
الحضTT T Tاري الTT T Tذي قامت بTT T Tه هTT T Tذه الدولTT T Tة على المسTT T Tتوى االقتصTT T Tادي واالجتماعي
والسياسي والثقافي في إطاره العام .
وهو يتلخص بالنقاط االتية - :
مثلت دولة كندة (( حلفTا لقبائل ربطت بينها مجموعات اسTرية ,وكانت هTذه -1
القبائل تنتمي الى كندة ومعد ,وتشكل نظاما شوريا عسTكريا جهد في الربTط
بين جماعات عربية كب TTيرة من الحض TTر واالخر من الب TTدو وفريق ثالث هم
اشباه البTT Tدو الTT Tذين ينتشرون على مسTT Tاحات شاسTT Tعة .غTT Tير ان اتحTT Tاد دولTT Tة
الكنديين الفتية هذا لم يكتب له االستقرار ,ولكنه كان يعمل في إطار مناطق
وأرضين كانت اول ما دخل – من بعد – في تكوين الدولTTة االسTTالمية .وهTTذا
وحTTده يجعل من كندة اشبه مايكون بالمحاولTTة االولى الTTتي سTTبقت قيام دولTTة
المسTTلمين فيما بعد .وكان تكوينها االجتماعي مرتكزا على دولTTة فتية ذات
قدرة على القتال ,ولكن روابطها الداخلية لم تكن متماس TTكة بالقدر الكافي ,
وعلى عكس هذا حظيت دولة االسالم بكثير من الصالبة كان مردهTTا بدرجة
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
221
كبTTيرة الى العقيدة الجديدة الTTتي ربطت بين القبائل بعروة وثقى وسTTاعدت في
دعم التماسك بينها وعلى ايقاف التناحر القبلي ))(. )1
-2ان نجاح قبيلة كندة في إقامة دولTT Tة في وسTT Tط شبه الجزيرة العربية
تسTيطر على طTرق تجارة القوافل بين جنوب شبه الجزيرة العربية وشماليها
قد اعطى لدولTTة كندة دورا اقتصTTاديا مهما من اجل تأمين هTTذه الطTTرق ومنع
هجمات القبائل البدوية عليها .وربما شكل ذل TTك اح TTد ال TTدوافع المهمة ال TTتي
حملت ملوك حمير على دعم دول TT Tة كندة ومس TT Tاعدتها .وقد اشير الى ان
اإلمبراطورية البيزنطية كانت تشجع ملوك حمير على التحالف مع دولة كندة
إلعتبارات اقتصادية وسياسية حيث ان قبائل معد الخاضعة لملوك كندة كانوا
– شأنهم شأن قبيلة قريش – يقومون ب TTدور الوس TTيط التجاري بين بيزنط TTة
وحمير .كما ان وقوف دولTTة كندة الى جانب دولTTة حمير وبيزنطTTة سيسTTاعد
البيزنطيين كثيرا في صراعهم ضد االمبراطورية الساسانية وحلفائها المناذرة
()2
لقد كانت الوحدة االجتماعية عند العرب هي القبيلة ,وقد سTاعدت دولTة كندة -3
من خالل تحالفاتها الواس TT Tعة بين قبائل من جنوب شبه الجزيرة العربية
ووسTTطها وشمالها على إيجاد رابطTTة اوسTTع .من الرابطTTة القبلية الضTTيقة هي
رابطة التحالف بين عدة قبائل .
وعلى ال TTرغم من ان ه TTذه الرابط TTة التحالفية كانت هشة ,وهي اض TTعف من
الرابطة القبلية التي كانت ذات جذور راسخة ,فان بإمكاننا ان نعد التحالفTTات
التي انجزها الكنديون خطTوة اتحادية على طريق الوحTدة العربية الTتي حقهها
()3
االسالم بعد ذلك.
أما على المس TT Tتوى الثقافي ,فان من المعلوم ان الكنديين هم من اص TT Tول -4
يمنية ,اي انهم قد حملوا معهم من اليمن لهجتهم الحميرية الخاصة وخطهم (
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
222
المسTTند) الTTذي يختلف عن خط العرب الشمال .والبTTد انهم في خالل اقامتهم
بنجد الTTتي امتدت على مدى اكثر من قرن قد سTTاعدوا على حصTTول تفاعل
واس TTع بين عرب جنوب شبه الجزيرة العربية ووس TTطها وشمالها فتقاربت
اللهجات والخطTTوط الكتابية ,وظهرت في هTTذه الفTترة اللغTTة العربية الفصTTحى
والشعر ( الجاهلي ) .وكان ابرز من حمل لTTواء هTTذا الشعر هTTو امرؤ القيس
بن حجر اشهر ابناء ملوك كندة .وقد قدم هذا الشاعر للشعر العربي خدمة
كبيرة من خالل االغراض الجديدة التي اتى بها ونسTTج على منوالها كثير من
الشعراء في عصور مختلفة .
()1
حضارة االنباط -:لقد قامت حضارة االنباط على االسس االتية -:
الحياة االقتصادية والتجارية -1
كانت التجارة حجر الزاوية الTTتي قامت عليها حضTTارة االنبTTاط ,وذلTTك الن بالدهم
تقع على طريق التجارة الدولية ال TTتي ترب TTط الشرق ب TTالغرب ,فكانت تجارة الهند
المتجهة الى البحTTر االبيض المتوسTTط تمر ببالدهم وبخاصTTة اذا سTTلكت الطريق الTTذي
يمر ب TTاليمن – الحجاز بط TTرا ..ومنها الى غ TTزة او غ TTيره من مؤاني البح TTراالبيض
المتوسط .
وقد نشأت مدينة بطرا في االساس (( كمحطة للطرق التجارية ,فالعجب ان تكون
التجارة ,وخدمة القوافل ,العمل الرئيس TT Tي لالنب TT Tاط واالس TT Tاس ال TT Tذي قامت عليه
مدينتهم .وقد مد االنبTT Tاط نفTT Tوذهم الى مايجاورهم من البالد والمدن ,فحصTT Tنوها
واقاموا فيها حاميات للقوافل واماكن الستغالل المناجم .واصTبحت مدينتهم في القرن
االول قبTTل الميالد المدينة الرئيسTTية للقوافل ,وسTTوقا عظيما ,فسTTيطرت على طTTرق
غTTزة وبصTTرى ودمشق وايلة .وقد حفTTروا اآلبTTار ,واقاموا مشاريع المياه ,وحولTTوا
()2
بعض المناطق الصحراوية الى اراضي زراعية ))
وكانت خدمة القوافل تتطلب كثيرا من الخدمات الصحاب القوافل من طعام ولبTTاس
وسTTكن وغTTير ذلTTك ,فنشأت بعض الحTTرف في بطTTرا وغيرهTTا من مدن االنبTTاط لتلبية
ابن قتيبة ,الشعر والشعراء ,ص ,68 ,63 ,52 ,شوقي ضيف العصر الجاهلي ,ص -118 )(1
.121
العلي ,المرجع السابق ,ص.41 )(2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
223
هTT Tذه الخدمات كالحTT Tدادة والتجارة والتعامل بالمنسTT Tوجات .كما تطلب التعامل مع
اصحاب القوافل نشاط المعامالت التجارية من بيع وشراء واقراض وصيرفة وغيرها
.
()1
وقد اشير الى ان النشاط التجاري لالنباط كان ((سببا في بTTروز مظTTاهر كثيرة في
الحياة النبطية في مقدمتها العناية بتربية الجمال والح TTرص على القط TTران ل TTدوائها ,
وتوفر المؤونة لها ,وال TT Tتزود بكل االدوات ال TT Tتي تعين على (توض TT Tيب) البض TT Tائع
واالحتفاظ بها وترتبيها وتصTTنيفها ,وبناء السTفن والتدريب على شؤون البحTر ,وكل
ما تتطلبه الموانيء من معدات مثل مينائي الحوراء وأيلة ,وتخصيص اماكن للتفريغ
والتخزين ,ومن امثلة ذلTTك تلك الكهوف الكبTTيرة في البTTارد بمدينة بTTترا فان حجومها
تدل على انها كانت مخازن إيداع ولم تكن مسTاكن ,اي ان البTارد كانت نقطTة تفريغ
وتعبئة واقعة خارج المدينة ,كما دفع هذا النشاط التجاري في طريقه حيوية صTTناعية
. وزراعية ورعوية وتعدينية ))
()2
ولم يكتف االنب TT Tاط بتقديم الخدمات للقوافل التجارية ,ب TT Tل كانوا هم انفس TT Tهم
يمارسTTون التجارة على نطTTاق واسTTع بالبضTTائع المحلية والبضTTائع المسTTتوردة .وكانت
اهم البضائع التي يتاجرون فيها البخور والعطريات من اليمن (( والحرير من الصTTين
,والحناء من عسTTقالن ,والزجاج وصTTبغ االرجوان من صTTيدا وصTTور ,واللؤلTTؤ من
الخليج العربي ,والخزف من روما ,هTTذا بجانب ما كانت تنتجه بالدهم من الTTذهب
()3
والفضة والقار وزيت السمسم )).
فضTTال عن البلسTTم الTTذي كان ينتج من اشجار في اريحTTا .ويبTTدو ان المقصTTود بإنتاج
الTTذهب والفضTTة هTTو صTTياغة الحلي وادوات الزينة .اما انتاج القار فقد ذكر ديودور
الصقلي ان االنباط كانوا ياخذونه من البحر الميت بكميات كبيرة تتراوح مابين عشرة
االف الى ثالثين الTTف قدم مكعب في السTTنة .وكان القار يسTTتفاد منه في تقوية المواد
واالدوات لكي تص TTبح قادرة على ان تمس TTك الماء فال يقط TTر او ان يتخذ عنص TTرا في
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
224
التغرية .كذلك كان المصTTريون يسTتعملونه في صTTنع المجوهرات الزائفTة وفي تلوين
. ()1
المعادن وغير ذلك
ويالح TTظ ان ب TTترا كانت ملركزا ص TTناعيا فض TTال عن انها كانت مركزا تجاريا .
وكانت من ابTTرز الصTTناعات لTTدى االنبTTاط صTTناعة الخزف الTTذي كان يتم صTTنعه على
نط TTاق واس TTع وبمس TTتوى فني رفيع .كما اب TTدي االنب TTاط مهارة في ص TTناعة القناديل
بصTTورة تتجلى فيها القدرة الفنية على التنويع والتسTTاوي في الحجم وحسTTن الزخرفة
واالشكال )2(.وقد اشير الى ان االنب TTاط (( مارس TTوا بعض المص TTنوعات المعدنية ,
فكانت نقودهم تسTTك من الTTبرونز واالقل منها كان من الفضTTة ,ولكنهم فيما يبTTدو لم
يسTT Tتعملوا العملة الذهبية .ومن الTT Tبرونز ايضTT Tا صTT Tنعوا بعض التماثيل الصTT Tغيرة .
وص TT T T T Tاغوا نماذج من الحلي الص TT T T T Tغيرة ,واس TT T T T Tتعملوا الحديد احيانا في بعض
مصنوعاتهم .ومع اننا النجد في اثارهم اسلحة ،فان توافرهTا في رسTومهم يدل على
انها كانت كثيرة االسTTتعمال سTواء اكانت مسTتوردة او مصTTنوعة محليا .ويدل قطعهم
للصTTخور وجوبهم لها على اسTTتعمال االالت المعدنية الالزمة لTTذلك .كما ان نشاطهم
الTTزراعي يشير الى اسTTتخدامهم االدوات الصTTالحة للزراعة .وهكذا يقال في االواني
المعدنية الصTTالحة للطبخ او تلك الTTتي اليسTTتغنى عنها في سياسTTة الTTدواب كاللجم وما
اشبه .وقياسTTا على المجتمعات االخرى البTTد ان نفTTترض انهم طTTوروا انواعا اخرى
من الصناعات مثل الحياكة والنسTيج وصTTناعة االحذية واالدوات الموسTيقية واالقواس
والسهام وبعض االسلحة الصغيرة )).
()3
وقد اعتنى االنب TTاط بالزراعة وبخاص TTة حينما اخذت تجارتهم تتعرض للمنافس TTة
الشديدة من قبTTل الرومان وغTTيرهم ,فأقاموا السTTدود واالحTTواض والصTTهاريج لحفTTظ
الماء ,كما حفTT T Tروا القنوات والمجاري من اجل ري االراضTT T Tي واستصTT T Tالحها
لألغراض الزراعة ,وان االثار الTTتي وجدت في بالد االنبTTاط تدل على انهم كانوا قد
حققوا تقدما كبيرا في مجال الهندسة المائية .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
225
فهل كان ذلك من ابتكاراتهم ام انهم قد اقتبسوا تلك المهارات عن اهTل وادي الرافدين
او اليمن او سTTكان البالد القدماء او غTTيرهم ..تلك مسTTالة لم تحسTTم بعد ...ولكن ايا
كان ال TTرأي النهائي فإن تقدم االنب TTاط في ه TTذا المجال يدل على قدرة عالية على
.
التكيف والتعلم وهي إحدى سمات المجتمعات المتحضرة
()1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
226
بينهم كان قليال ,لذا فإنهم كانوا يخدمون انفسهم بانفسهم في معظم االحيان ,او يخدم
()1
احدهم اآلخر ,وهذه العادة تشمل الملوك انفسهم .
غ TTير ان ماتقدم ,اليعني اختف TTاء الف TTوارق االجتماعية واالقتص TTادية بين الناس ,فقد
وجد في مجتمع االنبTTاط احTTرار وعبيد ,اغنياء وفقراء ,وحكام ومحكمون ....كما
نقلت لنا صTTور عن مظTTاهر الغTTنى والبTTذخ الTTتي كان يعيش في ظلها االغنياء ..فقد
وصTTف لنا سTTترابو جانبTTا من ذلTTك فقال :بTTأنهم كانوا يعدون مآداب عامة في فئات ،
تضTTم كل فئة منها ثالثة عشر شخصTTا ,ويقيم الملوك حفالت شرب على نسTق رفيع
ولكن اليتجاوز احTTد في شربه احTTدى عشرة كأسTTا ,مسTTتعمال في كل مرة كأسTTا دهية
جديدة )...اما عن عاداتهم في الملبس فيقول سTترابو (( وهم يمشون دون ان يلبسTوا
السترات الرومانية الطويلة Tunicsوقد تمنطقوا بالمناطق حTTول االحشاء ,وانتعلوا
االخفاف في ارجلهم ,وذلTك يصTTدق حTتى في حTال الملوك ,اال ان اللون الTذي يؤثره
هؤالء هو االرجوان )).
()2
اما عن الحياة األسTرية عند االنبTاط فقد كانت األسTرة هي الوحTدة االسTاس الTتي يقوم
عليها المجتمع .ويبTTدو ان الروابTTط بين افرادهTTا كانت شديدة التماسTTك ,فكان الناس
يحرصون على النسب ,ويفضلون التزاوج بينهم ,وان كانت قد وصTTلت الينا اخبTTار
عن حاالت زواج بين االنباط وبين بعض الغرباء كاليهود ,ولكن ذلك كان محصTTورا
في الطبقة العليا ,وكانت دوافع ذلك الزواج سياسة في الغالب.
وقد اشارت المصTادر الى ان مركز المرأة في االسTرة والمجتمع كان جيدا ,فكانت
المرأة تعامل ب TT Tاحترام ,وكانت حقوقها مص TT Tونة ,إذ كان لها الح TT Tق في التملك
والتصرف بأموالها فضال عن حقها في الوراثة .وكان من مظاهر قوة مركز المرأة
في دولTTة االنبTTاط ظهور صTTور الملكات الى جانب صTTور الملوك على العملة ومعها
لقبها.
()3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
227
إذا كان الطTTابع العام لحياة االنبTTاط قد اتسTTم في بداياته بسTTمة البTTداوة فإن اسTTتقرارهم
لقرون عدة ,واح TTترافهم التجارة والص TTناعة والزراعة ,واحتكاكهم ب TTأقوام متقدمة
حضTTاريا بحكم موقع بالدهم كسTTكان وادي الرافدين ووادي النيل وبالد الشام ,فضTTال
عن اتصTTTالهم باليونان والرومان والف TTرس ,قد اتاح فرص TTة التط TTور والتحضTTTر في
مجاالت الحياة كافة .وكان من الط TT Tبيعي ان يعبر االنب TT Tاط عن مظ TT Tاهر تقدمهم
الحضاري في المجال العمراني والفTني فيقيموا المعابTد والقصTTور والمسTارح والمدافن
الضخمة ,ويزينوا هذه المنشآت بالتماثيل والتحف الفنية التي تعبر عن ما وصTل اليه
ذوقهم من تقدم ورفعة .
وقد اشير الى ان (( الفن المعماري النبطي فريد في انتقائيته وقدرته على
االستمداد من فنون امم اخرى ,فأنت قد ترى فيه مالمح مصرية او بارثية او يونانية
او غير ذلك ,ولكنك تجده في صورته العامة ( نبطيا ) في طابعه )).
()2
وقد تجلى الفن المعماري النبطي في اجلى ص TTورة في المعاب TTد والقب TTور المجوب TTة في
الص TTخر اي المحف TTورة في ص TTخور الجب TTال(( فكان الص TTانع يب TTدأ بنحتها في لح TTف(اي
سTT Tفح) هضTT Tبة او مرتفTT Tع ,فيجعل سTT Tطحها املس ثم ينحت الواجهة الTT Tتي مدها من
االعلى الى االسTTفل ,يسTTاعده في ذلTTك الصTTخر الطTTبيعي بما فيه من طواعيه نسTTبيه ,
وهTT Tو بهذا العمل يتحاشى التعقيدات المعمارية الن لحTT Tف الجبTT Tل -اي سTT Tفحه , -
اليحتاج الى دعم وال الى ارسTT Tاء اسTT Tس ....ثم يتم العمل حسTT Tب خطTT Tة مرسTT Tومة ,
فتفتح اماكن النوافذ في الطبقات العليا ويتم الحفر الثاني على عمق ضحل في الصTTخر
وتنحت االعمدة في الغ TTالب عارية من الزخرفة في تيجاتها يس TTتثنى من ذل TTك اعمدة
الخزانة .واحيانا تزود تيجان االعمدة بTT Tرؤوس بشرية ,ولكن بقاءهTT Tا دون اية
زخرفة هو الطTابع العام ,كذلك فان الرموز المصTTاحبه لهذه االحزمة تكاد ال تتغTير
فهي الصTTقر والجرة والقناع اآلدمي )) ....ويختلف الفن المعماري في المعابTTد عنه
في القبTTور من حيث ان المعابTTد التنحت احيانا في الصTTخر ,بTTل تبTTنى في الحجارة ,
ويهتم النحات بالزخرفة وتجميل المعبد بالمنحوت البارزة
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
228
فإذا انتقلنا من الفن المعماري ال TTديني الى الفن المدني وجدنا اب TTرز معالم ه TTذا الفن
المس TTرح ال TTرئيس في ب TTترا ,وقد تمثلت فيه قدرة المعمار النبطي على اتقان النحت
وقدرته على البناء بالحجر ...
ويالح TTظ ان اب TTرز مايميز الفن المعماري عند االنب TTاط ه TTو عنايته بالمنحوتات
الناتئه ,اي البTTارزة ,فضTTال عن اهتمامهم بTTتزيين ابTTنيتهم بالتماثيل الصTTغيرة ,ومنها
تماثيل حيوانات كالخيل والجمال وبقر الوحTTوش والقرود ,كما وجدت لTTديهم بعض
التماثيل اآلدمية .
ولم يهمل الفنان النبطي الرسTT Tم على الجدران ,فقد عثر على رسTT Tوم على احTT Tد
السقوف الداخلية ,الحد المعابد في منطقة البارد قرب بطرا فيه رسوم تشبه المناظر
التي ترسم على السجاد وهي حافلة بالكرمة واالزدهار والطيور واالشكال الخرافية .
غTTير ان اهم ماتميز بTTه الفن النبطي خارج اطTTار النحت وفن العمارة هTTو صTTناعة
الخزف والرس TTم على الخزف .ويتمييز الخزف النبطي (( برهافته الشديدة ورقته
ح TTتى ليشبه في الرقة بقشرة البيض TTة ...واللون الغ TTالب في ه TTذا النوع ه TTو االحمر
القرميدي او المائل الى السTT Tمرة ,وينتظم الطاسTT Tات والكؤوس واالكواب والجرار
واالبTT Tاريق الصTT Tغيرة .والزخرفة على الطاسTT Tات تغطي الصTT Tفحة الداخلية ,وكذلك
الحTT T Tال في بعض االكواب ,اما االصTT T Tناف االخرى فالزخرفة فيها على الوجه
الخارجي ))...
ولم يقف الفن النبطي عنده هذه الحدود بل تعداها الى االهتمام بالصTTناعات المعدنية
وعلى االخص صTT Tناعة الحلي كالخالخيل واالط TTواق واالس TTاور والعقود واالقراط .
غTTير ان تميز االنبTTاط في هTTذا المجال لم يكن كبTTيرا .كما اعتنى االنبTTاط بسTTك العملة
والتفنن في وضع الرسوم والنقوش عليها .وعلى الTرغم من تاثر الفنان النبطي بTالفن
الهلنس TTتي في ه TTذا المجال فإن الط TTابع العام ال TTذي طب TTع االشكال والرس TTوم على ه TTذه
العملة كان طابعا مشرقيا .
()1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
229
ان ما وصTTل عن االنبTTاط يشير الى انهم كانون يعبTTدون االصTTنام ويقدسTTونها شانهم
في ذلك شأن غالب عرب الشمال .وكانت االصنام التي عبدها االنباط بصTTورة عامة
هي االصنام نفسها التي كان يعبدها اهل مكة وغيرهم من مشركي العرب عند ظهور
االسTTالم ,كذي شرى والالت ومناة والعزى ...فهل اخذ عرب الحجاز عبTTادة هTTذه
االصTTنام عن االنبTTاط كما يذكر ابن الكلبي ام انها كانت اصTTنام قديمة عند العرب .
وان االنبTTاط قد عبTTدوها جريا على تقاليدهم القديمة بصTTفتهم من اقوام شبه الجزيرة
العربية ؟ ...تلك مسTTألة لم تحسTTم بعد لعدم توافر االدلTTة الكافية بشأنها ..)1(.ولكن
المهم مالحظTTة عناصTTر التشابه في العبTTادة بين عرب الحجاز واالنبTTاط مما يشير الى
وحدة الثقافة الناشئة عن وحدة االصل وتبادل التأثر والتأثير بينهما .
إن اشهر اآللهة ال TTتي كان االنب TTاط يعب TTدونها (( ذوي شرى )) بص TTفته كب TTير اآللهة
وربما عده االنباط إله السTTماء ,فكان في هTTذه الصTTفة شبيها ببعل ,وبعل شمين (رب
الس TTموات ) عند بقية الس TTاميين .وقد اس TTماه االنب TTاط بهذا االس TTم نس TTبة الى منطقة
الشراة الواقعة قرب بطرا فقالوا ذو شرى اي صاحب منطقة الشراة وحاميها )2(.وقد
اشير الى ان ه TTذا االل TTه اكتس TTب بعض ص TTفات اآللهة اليونانية في نظ TTر االنب TTاط بعد
تأثرهم بهم ((فاكتسب صفات ديونيسوس وباخوس إلهي الخمر ))(. )3
وقد اشار المؤلفTون اليونان الى ان االنبTاط اتخذوا في عاصTمتهم بطTرا رمزا لعبTادة
دي الشرى يتمثل في حجر اسود ذو اربTع زوايا يبلغ ارتفاعها اربعة اقدام وعرضTها
قدمين تصب عليه او امامه دماء القرابين (.)4
وقد عبد االنباط ايضا ((الالت )) بصفتها الهة الشمس وام اإلله ذو شرى وقد تحدث
ابيفانيوس ( في القرن الرابع للميالد) عن عيد سنوي يقيمه االنبTTاط في بTTترا ألم الTTرب
المرجع نفسه ,ص ,128جواد علي ,اديان العرب قبل االسالم في دراسات تاريخ الجزيرة )(1
ص.97
فيليب حتي ,تاريخ العرب ( مطول) ,ص.96 )(3
Noldek. The Arabs Aneient Eney , of Relijon and Ethies , Vol. I . )(4
.p. 663
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
230
.وقد تمثلت عند النبط TT Tيين بشكل ص TT Tخرة بيض TT Tاء ()1
النبطي االكبر ذي الشرى
()2
مربعة .
وكان االنب TTاط يعب TTدون ((العزى )) بص TTفتها نجمة الص TTباح او فينوس ,كما عب TTدوا
((مناة ))بصفتها إلهة القدر والموت ,إال ان مكانة هTذين المعبTودين كانت دون مكانة
. ()3
ذو الشرى والالت عندهم بكثير
وقد اتصTT Tلت بعبTT Tادة االصTT Tنام عند االنبTT Tاط بعض الطقوس الدينية كتقديم النذور
والقرابين لها ,وكانت القرابين تتكون بشكل اسTTاس من الحيوانات الTTتي يضTTحى بها
امام االنصاب ,إال انه كان يقدم لها ايضا بعض الثمار والحبوب وغيرها .
وقد كان االنباط يقيمون والئم مقدسة ألكل لحTTوم االضTTاحي حيث يشارك في اكلها
موظفوا المعبد والعباد في غرف خاصة .وكانت الوجبة التعبدية تعني المشاركة بين
اإلله وعابديه في المؤاكلة .
وقد تطلب تنظيم العبادة في المعابد ,وتقديم النذور ,وجود فئة تخصصTTة من الكهنة
لهذا الغTTرض .وقد اشارت النقوش النبطية الى وجود شخص يدعى (االفكل) وهTTو
()4
الساده الحكيم.
ويالح TTظ ان اوس TTع واوثق ما وص TTل الينا عن حياة االنب TTاط الثقافية ه TTو مايتص TTل
ب TTالفنون وال TTدين والخط او الكتاب TTة ويرجع الفض TTل في ذل TTك الى الكشوفات ال TTتي تمت
حTT Tديثا من خالل الحفريات والتنقيب عن االثار القديمة .اما ماعدا ذلTT Tك من شعر
وقصص وحكايات واخبار تاريخية فإنه لم يصل الينا عنها شيء من مصTTادر نبطية .
اما المص TTادر غ TTير النبطية كالمص TTادر اليونانية والرومانية واليهودية ,فقد ذكرت
بعض أخبار االنباط في إطار حديثها عن عالقات هؤالء االقوام معهم .وقد دفع هTذا
الواقع بعض الباحثين الى محاولة افتراض وجود عناصر ثقافية عديدة لدى االنبTTاط لم
تصل الينا ,إذ (( ليس من السهل ان نتصور امة لم تخلف لنفسها تاريخيا مدونا على
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
231
نحTT Tو اخبTT Tاري او سTT Tردي او تحليلي ,او ان اليكون لها رواة او قصTT Tاص يتناقلون
تأريخها في شكله الTTTواقعي او االسTTTطوري ,ويتزيدون فيه او ينقص TTون منه كيفما
شاءوا ,وحين تكون هTTذه االمة ذات حضTTارة متميزة فإن االمر يصTTبح أغTرب :امة
كان لديها رسامون ونحاتون ومغنون ومغنيات :ترى بماذا كانوا يتغنون وبأية لغTTة ؟
وأين ذهب الشعر الTTذي كانوا يغنونه ,وهب المؤرخ لم يوجد السTTباب تتعلق بمدى
شيوع الكتابTTة في الشؤون الحضTTارية فإين الشاعر الTTذي يمجد بطTTوالت أمته وينظم
المالحم والقصائد في أربابها وملوكها )).
()1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
232
اقتصاديا جيدا بسبب ما ينفقه زوار المدينة فيها من اموال وما يقدمونه للمعابTد من
نذور وهTT Tدايا .كما ان ادارة هTT Tذه المعابTT Tد وتنظيم طقوس العبTT Tادة فيها قد اوجد
()1
وظائف وفرص عمل متنوعة الهل الحضر في هذا المجال .
ان العامل االس TT Tاس ال TT Tذي قام عليه اقتص TT Tاد مدينة الحض TT Tر وأدى الى تقدمها
وازدهارها هو وقوعها على طريق التجارة الدولية بين الشرق والغTرب ,وانشغال
اهلها في تجارة القوافل سTTواء اكان ذلTTك عن طريق تقديم الخدمات للقوافل المارة
في المدينة ,او توفير االدالء والحماية لها او المس TT Tاهمة فيها وتب TT Tادل الس TT Tلع
()2
والبضائع مع اصحابها.
وعلى الTTرغم من انه لم تصTTل الينا معلومات مفصTTلة عن حياة التجار في الحضTTر
فانه ثمة اشارات عدة تدل على انهم كانوا يتمتعون بمنزل TTة رفيعة في المجتمع
الحضري .اذ عثر على تماثيل لتجار واصTTحاب قوافل في معابTد الحضTTر ,وكان
التاجر يظهر في التمثال وبيده اليس TT Tرى كيس ال TT Tدراهم ويده اليمنى مرفوعة
للتحية )3(.اما ص TTاحب القافلة فكان يظهر بمالبس الفرس TTان وبيده اليس TTرى كيس
()4
دراهم ملفوف .وعلى جنبه االيمن خنجر .
ومن اجل تلبية حاجات الناس المتنوعة ,فقد نشأت في الحض TTر ح TTرف كثيرة
ويسTT Tتدل من التماثيل الTT Tتي عثر عليها وجود حTT Tرف الهندسTT Tة والبناء والنحت .
والحTTدادة والتجارة والصTTيدلة والطب وغيرهTTا .وانه كان الصTTحاب هTTذه الحTTروف
اهمية ومكانة في المدينة بTT Tدليل اشارة النقوش الموجودة في المعابTT Tد الي بعض
اصحاب هذه الحرف باسمائهم .
()5
وقد نشأت في المدينة بعض الوظTTTائف واالعمال ذات الص TTلة المباشرة بالدولTTTة
وادارتها .وهي تتفاوت في اهميتها وسموها من وظيفة الملك والسTTيد والTTزعيم الى
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
233
رئيس الكهنة والكهنة والكتاب وقادة الجيش والفرسTT Tان ورؤسTT Tائهم وحامل العلم
والمحTTاربين وغTTيرهم .وقد وصTTل الينا كثير من تماثيل هTTؤالء وهي منصTTوبة في
()1
المعابد مما يؤكد اهميتها واهمية اصحابها في ادارة دولة الحضر .
وكان منصب السيد او الملك في الحضر ذات طبيعة وراثية ,كانت سTلطاته في
الحكم واسTTعة إال انها لم تكن سTTلطات مطلقة ,الن السTTلطة في الحضTTر في مراحTTل
تكوينها االولى كانت موزعة بين الزعيم او السيد وبين سدنه المعبTTد ( رجال الTTدين
) وفي المرحلة الالحقة اصTTبحت السTTلطة مشتركة بين الملك وبين اصTTحاب النفTTوذ
في المدينة من قادة الجيش وارب TTاب القوافل التجارية وغ TTيرهم وكانت القرارات
المهمة تتخذ في مجلس للتشاور يعقد في مدرج داخل المعب TTد الكب TTير .ولم يكن
(( التنسTT Tيب لمنصTT Tب او العمل مقبTT Tوال اال باغلبية آراء اعضTT Tاء المجلس واحيانا
ب TTآراء اه TTل المدينة جميعهم كما تدل على ذل TTك إح TTدى الكتاب TTات الخاص TTة بانتخاب
شمثبرك سTT Tادنا ,حيث اشترك في ذلTT Tك كافة سTT Tكان المدينة شيبا وشبانا سTT Tواء
المقيمين دائميا فيها او المارين بها وكذلك االعراب المتجولون حولها )).
()2
ولم تصل الينا نصوص كافيه لتساعدنا على التعرف الى النظام القانوني الTTذي كان
سTTTائدا في الحضTTTر ,اإل ان ما وصTTTل الينا من نص TTوص قليلة يشير الى ان هTTTذه
القوانين كانت تتخذ باغلبية اراء اهTل المدينة ,وانها كانت قوانين تسTتهدف حماية
الملكية ومعاقبة السراق بصراحة شديدة تصل الى حد القتل او الرجم والجلد.
()3
-2الحياة االجتماعية
اما الحياة االجتماعية في الحضTTر فكانت متاثرة الى حTد كبTير بطبيعة تكوين المجتمع
الحضري والظروف االقتصادية والسياسية والثقافية التي كان يعيش في ظلها إذ من
المعروف ان الحضر قد نشأت في بادية الجزيرة ,وهي منطقة تسكنها قبائل عربية
,لذا فإن التركيب االجتماعي فيها يقوم على القبيلة والعشيرة والعائلة ,وقد وردت
في الكتاب TTات المكتشفة في الحض TTر إشارة الى قبائل عربية مثل ب TTني تيماء وب TTني
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
234
عصTTيليا وبTTني رفشمش وبTTني اقلة .كما اشير الى بعض البيوتات مثل بيت عقوبTTا
()1
وبيت رفشا .
ويظهر من دراسة االسماء المنقوشة على تماثيل الحضر مدى عناية اهل الحضTTر
بانسابهم ,فكان الشخص اليكتفي بذكر اسمه ابيه (( وإ نما يذكر فيها اسTTم جده ايضTTا
,واسTTم والTTد جده احيانا ,وقد عثر على كتابTTه ورد فيها اسTTم سTTته اجداد))( . )2وقد
الحظ بعض البTاحثين ان عناية الحضTريين بحفTظ انسTابهم دليل على عروبتهم ,الن
()3
من المعروف عن العرب انهم يعتنون بالنسب اكثر من عناية غيرهم به.
وعلى الTT Tرغم من ان غTT Tالب سTT Tكان الحضTT Tر كانوا من العرب حTT Tتى ان ملوكهم
وضعوا امام اسTمائهم في النقوش الTتي عثر عليها في الحضTر صTفة ملك العرب او
فإن ذل TTك اليعني ان جميع س TTكان ()4
ملك العرب المظف TTر .او ملك البالد العربية.
الحضTTر كانوا عربTTا ,فقد وجد في الحضTTر الى الجانب العرب اقوام من اآلراميين
وهم من ابناء شبه الجزيرة العربية ايضTTا ,فضTTال عن بعض الجاليات من اليونان
والرومان والف TT Tرس ,وذل TT Tك الن الحض TT Tر كانت مدينة تجارية تقع على تخوم
االمبراطورية الرومانية واالمبراطورية الفرثية ,فكان من الطTTبيعي ان تعيش فيها
جاليات اجنبية متعددة (( ,غير ان هذه الجاليات كانت محTدودة العدد ,والكثير منها
()5
لم تكن تقيم فيها دائما ,كما انها خضعت للنفوذ الثقافي السائد في الحضر )).
ولم تزودنا النقوش االثرية بمعلومات محTTددة عن طبيعة العالقات االجتماعية في
الحضTT Tر ,لTT Tذا فان للبTT Tاحث ان يفTT Tترض اسTT Tتنادا الى روح العصTT Tر وطبيعة مجتمع
الحضر ان الناس كانوا منقسTمين الى احTرار ورقيق ,وان االحTرار كانوا ينقسTمون
الى نبالء من اص TTحاب ال TTثروة او الس TTلطان السياس TTي او ال TTديني وعامة من اص TTحاب
الحTTرف والجنود واالعراب وغTTيرهم .كما كانت الكلمة العليا في الحضTTر للرجال
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
235
دون النساء لذا كانت المناصب العليا محصورة بأيدي الرجال ,غير ان ذلك اليعني
تدني مركز المرأة في المجتمع ,اذ يس TTتنتج من مشاهدة تماثيل النس TTاء ال TTتي عثر
عليها في الحضTTر ان المرأة كانت تحظى بمكانة جيدة بTTدليل اقامة تماثيل لكثيرمن
النساء وهن يرتدن أفخر الثياب ويتزين بحلي ثمينة ومتنوعة .
()1
-3الحياة الثقافية
اما الحياة الثقافية في الحضTTر فإن اآلثار المكتشفة فيها تدل على انها كانت على
قدر كبTير من التطTور وبخاصTة في مجال العمارة والفنون والTدين .ومن المؤسTف
انه لم تصTTل الينا نقوش وكتابTTات تسTTاعدنا على التعرف الى الحياة الفكرية واالدبية
في الحضر ,اذ انه على الرغم من معرفتنا باالصول العربية ألهTTل الحضTTر اال اننا
النعلم حTتى اآلن اي اللهجات العربية كانوا يتكلمون بها ,وهTل كان لTديهم شعر او
نثر ادبي او غير ذلك من االمور .
ان النقوش التي عثر عليها في الحضTر تدل على ان الخط الTذي كان يكتب بTه اهTل
الحضTTر هTTو الخط اآلرامي ,وان اللغTTة الTTتي كتبTTوا بها نقوشهم هي اللغTTة اآلرامية ,
وذلك النه في تلك االزمنة كانت هذه اللغة هي اللغة السائدة في المنطقة في التدوين
والمراس TTلة لس TTهولة حروفها الهجائية ،والن االداب اآلرامية كانت قد س TTمت بين
لTTذا فإن من المفTTترض ان النتاج الفكري واالدبي الهTTل ()2
اآلداب المعاصTTرة لها .
الحض TTر كان قد كتب باآلرامية واص TTبح جزءا من تراثها مما يتطلب البحث عن
اصوله ضمن الTتراث اآلرامي .ومن يدري فربما تكشف الحفريات في الحضTر او
في مناطق اخرى جانبا من التراث الفكري واالدبي الهل الحضر .
ويالح TTظ انه في ال TTوقت ال TTذي ض TTنت علينا المكتشفات االثرية في الحض TTر بما
يسTTاعدنا على دراسTTة الحياة الفكرية واالدبية فيها ,فإنها كانت كريمة فيما يتصTTل
باآلثار التي تساعد على دراسة الحياة الدينية والعمرانية فيها .
-4الحياة الدينية
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
236
ان مشاهدة اثار الحضTTر ,وما فيها من معابTTد فخمة واسTTعة وتماثيل كثيرة تجسTTد
افكارهم عن االلهة التي توجهوا نحوها بالعبادة ,لتؤكد ان الديانة كانت تحتل الموقع
االساس في ثقافة اهل الحضر وحياتهم .
وقد اشير الى ان عبادة اهل الحضTTر قد جاءت نتاجا للموروث الحضTTاري العربي
القديم ,وال TT Tتراث االشوري الب TT Tابلي في مجال ال TT Tدين فض TT Tال عن بعض المؤثرات
االغريقية الرومانية الTT Tتي جاءت الى المنطقة مع فتوحTT Tات االسTT Tكندر المقدوني ,
والمؤثرات الفارسية القديمة .غير ان ذلك لم يفقد ديانة اهTل الحضTTر تميزهTا عن كل
من الTT Tديانات السTT Tابقة وذلTT Tك النها نتاج تأريخي لسلسTT Tة غTT Tير منظTT Tورة من عمليات
(( انتقاء وتنس TTيق وتمثيل .وقد اشترك بتلك العمليات كل من االراميين واالنب TTاط
()1
والعرب ,بعقلية واحدة منشؤها الجزيرة العربية )).
وقد خص الحضTTريون بعبTTادتهم الهة عدة ,كان اكبرهTTا وسTTيدها إلTTه الشمس ,وقد
شيدوا لTTه اكبر معابTTدهم ,وعدوا مدينتهم ملكا لTTه ,لTTذا ضTTربوا على نقودهم عبTTارة
(( الحضTTر مدينة الشمس )) .ويالحTTظ ان الشمس كانت من اشهر المعبTTودات عند
االقوام العربية القديمة .وقد جاء في احد تراتيل البTTابليين ما يعبر عن مكانة الشمس
في معتقداتهم حيث كانوا يخاطبون الTTه الشمس بقولهم (( :ياشمس انت ملك السTTماء
واالرض .وسTT Tيد الكائنات العليا والسTT Tفلى ,يا شمس رهن يديك بعث الحياة في
الموتى ,واطالق سTTراح االسTTرى ,انت القاضTTي المسTTتقيم الTTذي يدير شؤون البشرية
الس TTليل االمجد االبن االعظم واالنب TTل ه TTو االرض ,ص TTانع كل مافي الس TTماء ومافي
()2
االرض )).
ويبTدو ان عقيدة اهTل الحضTر في الTه الشمس كانت شبيهة بعقيدة البTابليين .لTذا فقد
اصTTبح معبTTد شمس مركزا للنشاط الTTديني واالجتماعي ليس للحضTTريين وحTTدهم ,بTTل
لجميع س TTكان الجزيرة الفراتية ,يحج اليه الناس من مس TTافات بعيدة ويقدمون فيه
ندورهم ,ويدفنون بجواره موتاهم .وفي صTTحنه الواسTTع كانت تعقد االجتماعات ,
وتقام الTT T Tوالئم واالحتفTT T Tاالت واالعياد .وتوجد في المعبTT T Tد اماكن معينة لجمع
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
237
التبرعات ,وتوزيع الصدقات واماكن اخرى الطعام الزوار واروائهم وتوفير سTTكناهم
.
وقد تصTور الحضTريون الTه الشمس بهيئة رجل كهل مقطب الجبين حTول راسTه هالTة
مشعة وفوق جبينه طTTوق وقرنان ,ويخرج جسTTمه من وراء الجبTTال والغيوم ,وقد
اطلقوا عليه وصف (( مرن )) اي سيدنا .
كما اعتقد الحضTريون انه كان إللTه الشمس سTيدة اي زوجة اطلقوا عليها وصTف
(( مرتن)) اي سTيدتنا .وقد تصTTورها الحضTTريون بهيئىTة امرأة فوق رأسTها هالل
او جسمها خارج من هالل ,مما يحمل على الظن ان مرتن قد تكون القمر.
وقد ذهب الحضTTريون الى االعتقاد بانه كان لهذين الTTزوجين ( إلTTه الشمس وإ لهة
القمر) ولTTد اطلقوا عليه اسTTم ( برمرين) اي ابن سTTيدينا .وقد صTTوروه على هيئة
شاب قوي
حول رأسه هالة ووراءه هالل ويخرج جسمه من هالل ثان ,وقد تعني هTTذه االشعة
لهالالن ان برمرين هTTو ابن الشمس والقمر وانه يجمع بين صTTفاتيهما ,إذ هTTو إلTTه
حاضر في النهار والليل.
وهكذا نالحظ ان عقيدة الحضريين قد قامت على عقيدة التثليث فعبTTدوا االب واالم
واالبن ,وهذه الصورة من العبادة قد عرفت عند العراقيين القدماء ,باشكال مختلفTة
نحTTو عبTTادتهم للشمس (شمس) والقمر (سTTن) وكوكب الزهTTرة (عشتار) .وقد اشير
الى ان التثليث هTو غTير الثالوث وذلTك الن التثليث يقوم على عبTادة ثالثة الهة بينما
. ()1
الثالوث يقوم على عبادة ثالثة الهة مندمجين في إله واحد
وقد عد الحضTT T Tريون فضTT T Tال عن االلهة الثالثة المتقدمة الهة اخرى مثل
(بعلتسTTTمين ) اي سTTTيد السTTTماوات و( اترعتا) ال TTتي يعتقد انها قرينة بعلثسTTTمين ,
و( نرجول) الذي اقتبسوا عبادته من االشوريين ( ترجال) ,وقد صوره الحضريون
في منحوتاهم (( بالشكل الTذي كان يصTور فيه هرقل عند اليونان اي عاري الجسTم
بيده هTT Tراوة وعلى سTT Tاعده جلد االسTT Tد الTT Tذي تمكن هرقل من قتله )) .وقد عبTT Tد
المرجع نفسه ,ص ,41ويراجع ايضا الشمس ,الحضر العاصمة العربية ,ص.100-96 )(1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
238
الحضTT Tريون نرجول العتقادهم بأنه كان يقوم بحماية اسTT Tوار مدينتهم وحراسTT Tة
مدافنها.
وهنالك الهة اخرى عدها الحضريون كان من ابرزها (( الالت )) وقد وجدت لها
تماثيل في الحضTTر على هيئة االلهة ( اثينا) عند اليونان بTTبزة عسTTكرية .كما كان
من معبTTودات اهTTل الحضTTر مجموعة مكونة من سTTبعة الهة تمثل الكواكب الخمسTTة
المعروفة لTTديهم مضTTافا اليها الشمس والقمر وقد كان لكل من الهة هTTذه المجموعة
يوم من ايام االسبوع الخاص به .
وشيد اه TTل الحض TTر معاب TTدهم على شكل مكعب TTات ,الن (( التكعيب ه TTو االس TTلوب
الشائع عند العرب كافة ,فقد كانت بيوت االصنام عندهم مكعبة وكذلك المعابTTد الTTتي
شيدوها للشمس في سTTورية ....وفي كعبTTة الحضTTر مجال للطTTواف حTTول ثالثة من
جوانبها من الخارج حيث وضعت لهذا الغرض انصاب كثيرة ونحتت على جدرانها
عيون واذان ,واقيمت وراءها سTقيفة وضTعت فيها اصTنام وتماثيل لسTنطروق االول
()1
وولديه .))...
وقد كان يشرف على تنظيم الحياة الدينية في الحضTT Tر وتنظيم طقوس العبTT Tادة
وادارة شؤون المعابTT Tد رجال الTT Tدين ,وهم يتالفون من طبقات (( اعالهTT Tا االفكل
والنعرف الى االن سوى شخص واحد كان يشغل هذا المنصTTب الرفيع وهTTو نصTTرو
والTT Tد الملك سTT Tنطروق االول .ويليه من رتب الTT Tدين ( كمرا وكمرتا) اي الكاهن
والكاهنة ,ثم (قشيشا) اي القسTTبس ,ودون هTTؤالء رتب صTTغيرة يسTTاعد الشاغلون
لها على تأدية الطقوس خدمة المعبTTد .ومن الTTرتب الدينية ( السTTقرا) اي الكاتب وهTTو
المسTT Tؤول على المحافظTT Tة على كتب الTT Tدين وعن صTT Tحة استنسTT Tاخها والتمسTT Tك بعدم
التحريف فيها ...وكان لكل إلTTه في الحضTTر كاتبTTه المتخصTTص بالنصTTوص الدينية
الخاصة به)).
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
239
وقد كان لكل معبTد في الحضTر شخص مسTؤول عن ادارة المعبTد يدعى ( رب
– بيتنا ) اي رب المعبد او سيده يتولى (( مالحظة نظافته واالشراف على ممتلكاته
()2
والعمل على توسيع وارداته اضافة الى تولية الطواف واالحتفاالت )).
لقد كان هTدف اهTل الحضTTر من تشييد المعابTد كما يفهم من النص الTذي عثر عليه
في معبد االلTه نرجول هTو ان يطيل هTذا االلTه حياتهم في هTذه الTدنيا ويخلص ارواح
ابTT Tائهم في الTT Tدنيا الثانية .وهTT Tذا يدل على ان اهTT Tل الحضTT Tر كانوا يؤمنون بخلود
االرواح بعد الموت ,وانهم كانوا يرجون السTTالمة والرحمة لهذه االرواح من خالل
الصلوات والنذور والقرابيين التي يقدمونها لاللهة .
()2
وقد امن اهTT Tل الحضTT Tر بTT Tاالحالم واثرهم في مصTT Tير االنسTT Tان كما اعتقدوا بTT Tان
االحالم هي الوسيط الذي تحقق فيه االلهة ارادتها وتنقل الى االنسان اوامرهTا .وقد
كان لهذا االعتقاد اثره الواضTTح في تشييد الحضTTريين للمعابTTد .فقد ورد في احTTد
النصوص ان االله (برمرين) طلب في الحلم من شخص اسمه (جدي ابن ابيجد) ان
يشيد المعبد الكبير الله الشمس ( مرن) والد (برمرين ) ,فقدم اهTTل الحضTTر بتشييد
()3
ذلك المعبد .
لقد شكل العامل ال TTديني كما قدمنا ح TTافزا كب TTيرا اله TTل الحض TTر في تشييد اض TTخم
المعابد عن عوامل اخرى ,وقد ادى ذلTك الى قيام نهضTة عمرانية وفنية كبTيرة في
مدينة الحضTTر .لTذا فإن من الضTTروري ان نقدم نبTذة موجزة عن هTذا الجانب المهم
من الحياة لثقافية والفنية لدى اهل الحضر .
-5العمارة والفنون
ان اجزاء كبيرة من سور مدينة الحضر وكذلك مبانيها قد قاومت عوادي الTTزمن
ووص TTلت الينا سTTليمة على شكلها تقريبTTا ,وذلTTك النها قد شيدت من مادة الحجر
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
240
والجص فضTT Tال عن الرخام والحالن الموصTT Tليان على خالف غTT Tالب مدن العراق
القديم التي شيدت ساسا من مادة اللبن والطين .
لقد احيطت مدينة الحضر ألغراض دفاعية بسور شبه دائري قطره كيلو مترين ,
ويتميز بابراجه الكب TTيرة والص TTغيرة ,ووجود اربعة بواب TTات ل TTه .كما احيط ه TTذا
السور بخندق لغرض تعزيز الدفاع عن المدينة .
وفي وسط المدينة يقوم (( المعبد الكبTTير)) ببنائه المهيب يحيط بTTه شارع عرضTTه
نحTT Tو خمسTT Tين مترا .وتنتشر بين المعبTT Tد الكبTT Tير وسTT Tور المدينة معابTT Tد صTT Tغيرة
مستعرضTTTة فضTTTال عن بيوت المدينة ومقابره TTا البرجية وبقية المرافق االخرى
ممايدل على قدم المدينة وانها قد نمت نموا تدريجيا ,فكانت اقدام المب TTاني في
()1
الوسط ثم توسعت بموجب االضافات التالية .
ان دراس TT T Tة آثار الب TT T Tاحثين على ان المعمار الحض TT T Tري قد نجح في تط TT T Tوير
(( عناصTT Tر مختلفTT Tة متناقضTT Tة في بعض البTT Tاحثين ,للعمارة المعاصTT Tرة والعمارة
العراقية القديمة واس TTاليب العمارة الهلنس TTتية ,وبعض عناص TTر العمارة الشرقية-
الرومانية ,ووضعها في ما يشبه بودقة انصهار وحصل على اسلوب جديد متميز
,فهو مثال صTT Tمم وبTT Tنى االعمدة الحضTT Tرية بنوعيها الحTT Tر والملتصTT Tق من الحجم
المهندم بالطريقة االغريقية التقليدية حيث اقامها بواس TTطة س TTاطين الوح TTدة فرق
ألخرى وجعل قياسات ثلثها العلوي تتناقض بحسب مباديء العمارة .
حضارة تدمر
إس TTتفاد س TTكان تدمر من موقع مدينتهم على طريق التجارة الدولية ,واتص TTالهم
بالTT T Tدول والحضTT T Tارات المجاورة فاسTT T Tتطاعوا ان ينهضTT T Tوا بمسTT T Tتوى حياتهم الى
مسTTتويات حضTTارية متقدمة وأثبتوا ان باسTTتطاعة العرب من بTTني البادية ان يبلغTTوا
()2
ذرى التقدم الثقافي والحضاري إذا تهيأت لهم الظروف المساعدة على ذلك .
ويمكن دراسة حضارة تدمر من خالل المجاالت اآلتية - :
الحياة االقتصادية -1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
241
إن موقع مدينة تدمر على طريق التجارة الدولية بين الشرق والغTرب ,وشحة
الموارد الطبيعية فيها جعلها تعتمد في حياتها بص TTورة اسTTاس على التجارة ,وعلى
الخصTTوص تجارة النقل وتبTTادل السTTلع ,لTTذا فقد وصTTفت مدينة تدمر بانها (( مدينة
وقد توزعت اعمال سكان المدينة على تنظيم القوافل ()1
قوافل –. ))Caravan City
وخدمتها والنشاطات الTTتي تتفTTرع عنها .فكان هنالTTك المولTTون الكبTTار الTTذين يمتلكون
جمال القافلة وآخرون يستثمرون اموالهم في البضTTائع الTتي تنقلها هTذه القوافل ,وكان
للقافلة شيخ يقوده TTا ( رب شير) وح TTراس يتول TTون حمايتها ,وخدم وعبيد يقومون
بتحميل البضTTTائع والقيام على شؤون جمال القافلة ,فض TTال عن اص TTحاب ال TTدكاكين
والخانات والسماسرة وغيرهم الذين يتعاملون مع التجار والمسافرين وغير ذلك .
وبTTالنظر الى ان التجارة كانت هي عماد الحياة في المدينة ,فقد كان التجار هم
س TTادة المدينة الحقيقيون ,منهم امراؤهم وحكامها واعض TTاء مجالس الشيوخ فيها ,
والمتولTTون للوظTTائف والقيادات العامة .وكان التكريم في المدينة من نصTTب الرجال
()2
الذين يقدمون فضل الخدمات للقوافل التجارية وحمايتها .
فكانت تنصTTب التماثيل لتخليد ذكراهم في الشوارع والسTTاحات العامة .ومن ابTTرز
رجال القوافل الTTذين عرفتهم تدمر رجل شجاع يدعي عجيل (( الTTذي انقذ القوافل
مرارا من خط TTر جس TTيم محقق فنص TTبت ل TTه عدة تماثيل في االغ TTورا ) باس TTم مجلس
()3
الشيوخ والشعب وفي غيرها باسم القبائل التدمرية االربع)) .
ويالحظ ان التجار التدمريون لم يقتصTروا في تجارتهم على نقل البضTائع او تزويد
القوافل المارة بمدينتهم بالخدمات ,بTTل اخذوا يقومون بالتجارة بانفسTTهم ,فظهر منهم
وكالء وجاليات في بابTT Tل وفولوكاسTT Tيا ( وهي مدينة بTT Tالقرب من الكوفة ) ,وكرخ
ميس TT Tان ,وفي الشام والمدن الفينيقية ومص TT Tر وروما ,وامتد نشاطهم الى داس TT Tيا
()4
( رومانيا الحالية ) ,وبالد الغال ( فرنسا ) ,واسبانيا .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
242
وقد ترتب على هذا النشاط التجاري الواسع ان حقق بعض التجار في تدمر ارباحTTا
طائلة ,وتكدسTت في خزائنهم ثروات كبTيرة ,وقد بTرز تاثير هTذه الTثروات والغTنى
في طريقة حياتهم ومظهرهم ومب TTانيهم العامة والمس TTتوى الحض TTاري العام للمجتمع
التدمري وقد شجعت االمبراطورية الرومانية ,وحكومة تدمر النشاط التجاري في
تدمر ,النه كان يدر عليها إيرادات كبTTيرة من خالل الرسTTوم والضTTرائب الكمركية
الTTتي كانت تفرضTTها على البضTTائع عند دخولها الى تدمر او خروجها منها .وكانت
نس TTبة الض TTريبة المفروض TTة على البض TTائع عالية جدا ,فقد ذكر ان جب TTاة الض TTرائب
المتركزون على الح TTدود ,كانوا يجلب TTون رس TTوما على البض TTائع تعادل رب TTع قيمتها ,
()1
وثمة كتابات في االغورا بتدمر تنوه بذكر جباة الربع )).
ويبTT Tدو ان ضTT Tريبة الربTT Tع هTT Tذه كانت تجبي عند الحTT Tدود لحسTT Tاب االمبراطورية
الرومانية .أما حكومة تدمر فكانت تجبي ضTTريبة أخرى على هTTذه البضTTائع عند
دخولها تدمر او عند إعادة تصديرها مباشرة او تصنيعها وإ عادة تصديرها .
وقد حدد هذه الضريبة قانون مالي تدمري وصTTلت الينا وهTو يعد اهم واطTول نص
قانوني يتعلق باالقتص TTاد في العالم الروماني النه باالض TTافة الى اهميته من الناحية
اللغوية (( ,يدخلنا في الناحية الخاص TT Tة للمدينة التجارية ,ويوقفنا على الحركة
الكبرى للناس والحيوانات والبض TTائع ....والمناقشة بين السماس TTرة والجب TTاة وباعة
الرخص TTة ,واص TTحاب المشكالت والموظفين ,ذل TTك الجمهور الص TTاخب ال TTذي يتدافع
تحت االروقة .... ,كما يقفنا على الجهاز االداري :مجلس الشيوخ ورئيسTTه وأمين
س TT T Tره ,والشيخين المكلفين بالس TT T Tلطة االجرائية ومجلس العشرة ووكالء الس TT T Tلطة
()2
القضائية )).
في ضTTوء ماتقدم يبTTدو تشجيع الدولTTة في تدمر للتجارة ولرؤسTTاء القوافل التجارية
امرا طبيعيا النه الطريق الTTرئيس لتحقيق الرفاهية والغTTنى للدولTTة والمجتمع .وقد
البني ,المرجع السابق ,ص ,115لمزيد من التفاصيل يراجع متحق القانوني التدمري في )(1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
243
عثر على نقش اثري يعبر عن تكريم الدولTTة وتشجيعها للذين يقدمون خدمات مميزة
للتجارة والقوافل التجارية جاء فيه (( :هTذا التمثال على شرف سTواد بن بوليدع بن
سواد ,الرجل التقي ,الوفي لوطنه ,الذي ساعد في مناسبات عديدة هامة ,بنبل كرم
,التجار والقوافل والمواطTTنين المقيمين في فولوجزياد – فولوكاسTTيا , -والTTذي يجود
بنفسه وماله لمواطنيه ,فكرم من اجل ذلTك بقرارات ومراسTيم وتماثيل باسTم الدولTة ,
وكذلك بكتب رسمية فضال عن براءة من بوبليكوس مارسللوس القنصل الرفيع الشأن
,أقيم بمناسTبة إنقاذه قافلة كانت قادمة منذ وقت قريب من فولوجزياد من خط جسTيم
كان يهددها .والقافلة المذكورة قد اقامت له اربعة تماثيل عرفانا بقدره ونبله وتقواه ,
في هيكل زوس (المقص TTود بعل شمين ) واآلخر في الغاب TTة المقدس TTة (؟) وواح TTد في
هيكل آريس ,والراب TT Tع في هيكل انركاتيس ,على يد شيخي القوافل حجاج بن
()1
يرحبوال وتيم آرصو ,عام 443بشهر بربسيوس ( ,اي شباط 632م )).
وقد اشير الى ان تجار تدمر لم يقتصTTر نشاطهم على التجارة البرية وحTTدها ,بTTل
تعداه الى التجارة البحرية (( فثمة نص يذكر تجارا عادوا من بالد السTTTكيث على
مركب تاجر تدمري إسTمه بعلي ,ونص يذكر آخرين اسTتعاروا للقيام بالرحلة نفسTها
()2
– مركب التدمري حنين ابن حدودان )).
ان النشاط التجاري الكب TTير ال TTذي عرفته تدمر قد نشأت عنه وواكبته ص TTناعات
وحرف وخدمات متنوعة من اجل اشباع حاجات المجتمع التدمري ,فظهر اصTTحاب
ال TT Tدكاكين ال TT Tذين يتاجرون بالجملة والمف TT Tرق في شتى البض TT Tائع والس TT Tلع كاالغذية
واالواني الفخارية والزجاجية وغيره TTا .وظهر اص TTحاب ص TTنائع وح TTرف كثيرون
ذكرت النص TTوص اس TTماء بعض TTهم كاألطب TTاء والعط TTارين والنح TTاتين وص TTانعي الجلود
وصانعي القرب ,والحدادين ,وشغيلة الذهب والفضة .
وقد كان ألصTT Tحاب هTT Tذه الحTT Tرف نقابTT Tات خاصTT Tة بهم ,وكانت لهم تنظيمات تحمي
()3
حقوقهم وتدافع عن مصالحهم .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
244
وعلى الرغم من ان التجارة كانت هي عماد الحياة االقتصTTادية في تدمر ,فقد ابTTدي
التدمريون بعض االهتمام بالزراعة من اجل تلبية احتياجاتهم الى المواد الغذائية ....
إال ان قلة المواد المائية في البيئة المحيط TTة بمدينتهم جعل توس TTعهم في ه TTذا المجال
امرا متعذرا .وقد وصTTلت الينا بعض النصTTوص الTTتي تشير الى اسTTتثمار التدمريين
لينابيع المياه الموجودة في مدينتهم عن طريق انشاء بعض البسTاتين الTتي تزرع فيها
اشجار النخيل والزيتون والتين والرمان والتفاح واالجاص ,كما اشار القانون المالي
التدمري الى الحنطTT Tة والTT Tتين المتبقي بعد الحصTT Tاد ممايدل على زراعتها في بعض
()1
المناطق في موسم سقوط االمطار .
ولوقوع تدمر في وسط البادية ذات المراعي الغنية فقد اهتم بعض التدمريين بتربية
الجمال والمواشي كاالغنام والماعز ...ووردت اشارات في القانون المالي التدمري
()2
الى هذه الحيوانات ,وفرض بعض الرسوم الخفيفة على سمنها وجلودها ....
وهكذا نجد ان التجارة والصناعة والزراعة تعاونت بنسب مختلفة في توفير القاعدة
المادية الضرورية لتطور المجتمع التدمري ونهوضه الحضاري .
الحياة االجتماعية والسياسية
كان غTTالب افراد المجتمع التدمري ينتمون الى قبائل عربية اسTTتقرت في تدمير في
اوقات متفاوتة ,ومن ثم فقد كان انباء تدمر االحرار (( مكونين من عدد من العشائر
,ينتسTTب افراد كل منها الى جد واحTTد ,ولTTدينا من اسTTماء هTTذه القبائل :بنو انويات
بلتي ,بلعا ,برسTTعة ,جد بعل ,جنجن ,زيد بعل ,حتار ,هTTاال ,حنفي ,حشاش ,
()3
يديب ,قمر ,مجدات ...الخ )).
وكانت ه TTذه العشائر متفاوته في مركزه TTا االجتماعي ,ربما بس TTبب عوامل ال TTثروة
والنفوذ السياسي .وكان لكل عشيرة زعماؤها ومجالسها الخالص الTTذي يدبر شؤونها
وكانت تحصTTل بين العشائر القوية منافسTTات وخصTTومات بسTTبب التطلع الى المراكز
العليا في ادارة شؤون المدينة .وقد وصلت الينا اخبTار عن منازعات حTدثت بين بTني
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
245
قمر وبTTني متابول ,وكثيرا ما كانت هTTذه المنازعات تؤدي الى عقد محالفTTات بين القبائل
()1
المتنازعة .
ولم يسTTتطع المجتمع التدمري ان يتجاوز القيم القبلية على الTTرغم من اشتغال معظم
ابنائه بالتجارة واالعمال الحض TTرية وذل TTك الن تدمر كانت تقع في وس TTط البادية ,
وكانت تجارة القوافل تتطلب إقامة شبكة من العالقات الوثيقة مع ابناء القبائل البدوية
من اجل تأمين الحماية الالزمة لحركة القوافل على طرقات التجارة الصTTحراوية .
وهكذا بقى المجتمع التدمري نصف حضري لقوة ارتباطه بمجتمع البادية .
()2
وفي ضوء ما تقدم نجد ان الرجل في المجتمع التدمري ,هو رب االسرة (( ,وهو
حجر الزاوية في ال TTبيت يزيد قدره بزيادة س TTنه واتس TTاع عدد افراد اس TTرته وحرمه
وعلى ال TTرغم مما ()3
وعبيده ,وه TTو الس TTيد المطلق على اس TTرته وال راد لمشيئته )).
تقدم ,فيبTTدوا ان الحياة الحضTTرية قد حTTددت من سTTلطات رب االسTTرة قليال إذ يسTTتنتج
من بعض المنحوتات والصTTكوك الTTتي عثر عليها انه كان للمرأة حTTق التملك ,وانها
. ()4
كانت ترث وتورث ,وكان تعدد الزوجات في المجتمع التدمري حال TTة نادرة
ويسTTتنتج من دراسTTة الTTدور الTTذي اضTTطلعت بTTه الزبTTاء في حياة تدمر السياسTTة انه كان
في امكان المرأة ان تصTT Tل الى قيادة الدولTT Tة وتصTT Tبح ملكة على شعبها إذا امتلكت
المؤهالت الضرورية للقيادة وساعدتها الظروف على تحقيق طموحاتها.
ويالحTTظ ان غTTالب ابناء المجتمع التدمري كانوا يشتغلون في التجارة ,وقد تألفت
ارسTTتقراطية تدمر من هTTؤالء التجار الTTذين اسTTتطاعوا بسTTبب ثروتهم وقوة عصTTبيتهم
القبلية ان يتولTT T Tوا حكم المدينة ويخلدوا ذكراهم من خالل المنجزات واالعمال
العمرانية ال TT Tتي أقاموه TT Tا في المدينة كالمعاب TT Tد والمس TT Tارح والقاعات والحمامات ,
واالسواق العامة والمدافن الفخمة والتماثيل وغير ذلك من مظاهر الحياة الدينية .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
246
وقد شهد المجتمع التدمري الى جانب هذه الفئة االرستقراطية فئة متوسTTطة ,كانت
تضTT Tم غTT Tالب االفراد فضTT Tال عن نسTT Tبة عالية من االجانب ,وكان هTT Tؤالء يشتغلون
بالتجارة وخدمة القوافل .وممارسTTTة الحTTTرف والمهن ال TTتي تشبع احتياجات الناس
()1
المتنوعة .
ولم يخل مجتمع تدمر من الرقيق ويبدوا ان معظم هؤالء االرقاء كانوا يشتغلون في
الزراعة ,وممارسTT Tة الحTT Tرف ,وخدمة القوافل .وقد كان النظTT Tام السTT Tائد اليعطي
للرقيق اية حقوق فكانوا ملكا الس TTيادهم يتص TTرفون بهم وفقا لمص TTالحهم واه TTوائهم .
والحقيقة انه لم تصTTل الينا معلومات واضTTحة ودقيقة عن احTTوال الرقيق في المجتمع
التدمري .
()2
ويسTTتنتج من دراسTTة اآلثار المكتشفة عن مدينة تدمر ان الفن التدمري كان فنا
واقعيا منطقيا ينب TTع من اعمق التقاليد الشرقية .وقد تاثر ه TTذا الفن عند نشأته
ب TTالفن الف TTرثي المعاص TTر ال TTذي كان منتشرا في العراق وال TTذي (( نض TTح من معين
التقاليد البابلية واآلشورية والس TTورية عموما كما اس TTتقت من الفن اليوناني ال TTذي
()4
استشرق )).
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
247
وقد تاثر اهTل تدمر بالتقاليد اليونانية – الرومانية في تخطيط المدن وتنظيم سTاحاتها
وشوارعها وحماماتها ومسTرحها والهياكل المركزية في معابTدها ,اال ان هTذا التأثير
كان ظاهريا ولم يؤثر كثيرا في اذهان التدمريين ((,فاذا كان المخطط العمراني العام
للمدينة يونانيا -رومانيا ,وكذلك التيجان واالعمدة وبعض التفاصTTيل االخرى ,فان
االثار الفنية بTTالمعنى االصTTلي للكلمة ,كالكثرة السTTاحقة من الزخارف البالغTTة الفن ,
ظلت ذات اس TT Tلوب شرقي اص TT Tيل ,واكثر التماثيل والمنحوتات الدينية والمدنية
والص TTور الجدارية بقيت الى ح TTد كب TTير خاض TTعة لقاعدة التوجه الى االمام واالعتماد
على الخطTTوط الواضTTحة والتأكيد على الوجود الTTروحي لكل شخص بمفTTرده في كل
()2
تركيب فني دون االهتمام بالتأليف الدراماتيكي لكل موضوع من المواضيع )).
والحقيقة ان الكتابTTة عن تفاصTTيل العمارة والفن في تدمر يتطلب مؤلفTTا كبTTيرا لوحTTده
في االقل ,لTT Tذا فان هTT Tذه الدراسTT Tة التطمح الى اكثر من تقديم صTT Tورة موجزة عن
()3
الخطوط العريضة لهذا الجانب من حضارة تدمر .
لم تتب TTع تدمر في اول عهدها مخطط TTا عمرانيا مح TTدودا ,وكان غ TTالب بيوتها مبنيا
ب TTاللبن او اآلجر وبعض الحجر ,وكانت مبانيها تتركز ح TTول معب TTد ب TTل ( بعل ) او
حول الساحة المعروفة حاليا بالساحة البيضوية .
ومع االزدهار االقتصادي والسياسي الذي شهدته تدمر منذ القرن االول بعد الميالد
,اخذت المدينة تتس TTع وتنتظم بشكل رائع ,وقد ظهر ذل TTك جليا منذ أواخر ذل TTك
القرن .وكان يشق تدمر طريق فسTTيح يبلغ طولTTه حTTوالي 1070م ويعرف بطريق
االعمدة ,إذ كان يحف به من الجانبين صفان من االعمدة الضخمة التي يصTل عددها
الى 275عمودا ,لم يتب TTق منها في ال TTوقت الحاض TTر س TTوى 150عمودا بتيجانها ,
وكانت االعمدة ترتبTTط من اعالهTTا بوسTTاطة افريز متصTTل فتشكل بTTذلك اروقة تظلل
المحالت التجارية والمشاة .وينتهي هذا الشارع قرب معبد بعل بقوس النصر .
لمزيد من االطالع يمكن الرجوع الى Mfalcolm A. R. Colledge The Art of : )(3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
248
ويعد قوس النصTTر من ابTTرز معالم مدينة تدمر ,وقد أنشيء بعد منتصTTف القرن
الثاني للميالد .ول TT Tه ثالثة مداخل فوقها اقواس حافلة ب TT Tأروع النقوش الهندس TT Tية
والنباتية .وقد شيد قوس النص TTر بطريقة تنح TTرف بالشارع ال TTرئيس ال TTذي يمر ب TTه
. ()1
ويحوله بلطف نحو معبد بعل
اما معبTTد بعل فان آثاره تعد من اروع مابقى من مدينة تدمر .وقد شيد هTTذا المعبTTد
على أنقاض معبد سابق يحمل االسم نفسه يعود تاريخ إنشائه الى ماقبTTل الميالد .وقد
كان الشروع في بناء هTذا المعبTTد في طليعة القرن االول للميالد ,حيث اكمل الهيكل
المركزي للمعبTT Tد في عام 32م ,وظTT Tل المعماريون والفنانون التدمريون يزينون
()2
ويوسعون ويجددون فيه جيال بعد جيل حتى آخر ايام تدمر .
لقد أقيم هذا المعبد (( على نسق المعابد الشرقية فهو يشتمل على هيكل رئيس شامخ
يتوسط فناء مربع الشكل ,مع طول كل ضTلع منه مائتي متر ,ويحيط بافناء المربTع
سور تحف به اروقه رائعة تطل عليه بواسطة صف من االعمدة ذات تيجان .ويقوم
في الفناء مذبح وحوض وقنوات وممر للضTTحايا .ويمثل هTذا المعبTد من حيث النظTام
المعماري نظام البناء التدمري .اما العناصر المعمارية كاالعمدة والتيجان فقد اتبعت
االسTTلوب الروماني الشائع )) )3(.وقد عد احTTد البTTاحثين معبTTد بعل ,الTTذي هTTو مركز
عبادة كبير آلهة تدمر ومعه ثالثة آلهة اخرى هي يرحبTول وعقلبTول وملكبTول ,ليس
()4
اكبر اثر ديني في تدمر فحسب بل هو اكبر االثار الدينية في الشرق القديم .
وهنالTTك عدد كبTTير من االثار التدمرية الجديرة بالوصTTف والتنويه اليتسTTع المجال
لذكرها مثل المسرح ,و(( االغورا)) اي الميدان الTTذي تعقد فيه االجتماعات العامة ,
وقص TTر اس TTرة الزب TTاء ,والمدافن ال TTتي تف TTنى التدمريون في بنائها على شكل اب TTراج
()5
مربعة ,او بيوت مزينة بTTالنقوش والزخرفة اطلقوا عليها (( الTTبيوت االبدية )) .
البني ,المرجع نفسه ,ص, .153-151عبدالعزيز سالم ,تاريخ العرب .ص231 )(1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
249
ويالحTTظ ان آثار تدمر لم تقتصTTر على المعابTTد العمرانية للمدينة ,بTTل ضTTمت اعدادا
كبTTيرة من التماثيل الدينية والمدنية وبعض المنحوتات االخرى .ويسTTتنتج من دراسTTة
تلك االثار ان النحت كان ابTTرز آثار الفن التدمري ,وكان مما يسTTر مهمة النحTTاتين
التدمريين ان جبال تدمر القريبة كانت غنية بTانواع كثيرة من الحجر الكلسTي الصTالح
لنحت التماثيل ومختلف االشكال الفنية .وقد نجح الفنان التدمري في النحت وبخاصTTة
في نحت المعبودات الدينية ,إذ بذل هذا الفنان (( جهده في تمييز معبوداته واخراجها
باكثر مايستطيع من جمال وقوة وجعلها احيانا تسTوق لعربTات الحربية وتلبس الTدروع
وتمتطي صTTهوات الجياد وظهور االبTTل وتشرع الرماح وتتمنطTTق بالسTTيوف وترمي
بالس TTهام وتس TTير المواكب وتقف ص TTفوفا .وفي ه TTذه الناحية مجال كب TTير لالب TTداع في
حTTدود امكانية العصTTر ورغبTTة المتعبTTدين .واليسTTتطيع احTTد ان يتهم التدمريون بTTانهم
كانوا يشترون ه TTذه المنحوتات الدينية جاهزة من الس TTوق ,وخاص TTة وان فيها قدرا
ملحوظا من التنوع والطرافة )).
()1
ولم يقتصر الفن التدمري على النحت وحTTده ,بTTل تجاوزه الى فن الرسTTم ,وان كان
ما اكتشف من نماذج في ه TTذا المجال يعد قليال بالنس TTبة لما اكتشف من منحوتات ,
وسبب ذلك ان الرسوم اليمكن لها ان تصمد امام عوادي الTTزمن طTTويال .وعلى الTTرغم
من كل ذلTك فإن ما وصTل إلينا من صTور ورسTوم تدل على اصTالة الفنان التدمري ,
وان الصTT Tور التدمرية المكتشفة ذات شأن كبTT Tير في دراسTT Tة تاريخ الفن (( إذ انها
توضTT Tح بجالء التأثيرات الشرقية في التصTT Tوير اليوناني – الروماني ,وهي بمثابTT Tة
مصدر للفن البيزنطي المقبTل ,والعالقة بينها وبين الفسيسTاء والفريسTكات وااليقونات
المسيحية في ذلك العهد اليمكن نكرانها )).
()2
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
250
...كما انحTTدر بعض أخر من العراق كبعل ونبTTو وعشتار ونرغTال وغيرهTTا ،وقد
تأثر التدمرين ببعض معتقدات اليونان والرومان نتيجة اختالطهم بهم فحملت بعض
اصنامهم صفات اصنامهم وامتزجت بها كزوس وأبولو واثينا وهرقل .
غير ان الطابع العام الذي يطبع االلهة عند التدمريين هTو ان هTذه اآللهة تمثل قوى
سماوية كالشمس والقمر والنجوم .فضال عن اعتقادهم ان هذه االلهة تتصTTف بالطيبTTة
والرحمة .
ويعد ال TTرب ب TTل او بعل ه TTو رأس االرب TTاب التدمريين وه TTو يماثل مردوخ عند
البابلين و ( زوس – جوبيتر) لدى اليونان والرومان .
ويعد ال TTرب الى جانب بعل ,عجلب TTول ( رب القمر ) ويرحب TTول ( رب الشمس)
فيكون ثالثتهم الثالوث التدمري الشهير الTTذي اتخذ لTTه التدمريون اكبر معابTTدهم الTTذي
هو معبد بعل .
وقد تصTTور التدمريون لهذه االربTTاب اوالدا .فذكروا ان (( بنو)) هTTو االبن البكر
للرب بعل ,وقد اعتقدوا ان بنو يقوم بوظيفTة كاتب االربTاب الTذي يسTجل المقادير في
اللوح المحفوظ فهو سيد القلم .
أما ( بعلشمين) فهو في نظ TTرهم س TTيد الس TTماوات ,ومهماته وص TTفاته قد تختلط
بمهمات ( بعل) النه يعد ايضTTا سTTيد الخلود وسTTيد العالم ,وقد وصTTفه التدمريون بـ
(( الطيب ,والكبTTير والمثيب والTTرحمن )) .وقد علت شعبية بعلشمين عند التدمريين
منذ منتصTTف القرن الثاني الميالدي حTTتى سTTقوط تدمر في اواخر القرن الثالث بحيث
طغت على مكانة بقية االرباب فوصف بانه (( الرب االحد )) .وقد رأى البعض في
.وربما جاء ذلTTك نتيجة لتأثر ()1
هTTذه الظTTاهرة اتجاهTTا من التدميريين نحTTو التوحيد
التدمريين باصحاب الديانات التوحيدية كاليهودية والنصTTرانية الTTذين كان يعيش عددا
كبيرا منهم في مدينة تدمر كما سنوضح ذلك في الصفحات االتية .
وقد نشأ عن عبادة هذه االصنام ,واتخاذ التدمريين بيوتا لها بصفتها معابد ,ضTTرورة
وجود فئة من الكهنة تتولى ادارة هTTذه المعابTTد وتنظم الطقوس واالعياد الدينية في
أوقات معينة من السTT Tنة .وقد يكون كهنة تدمر فئة قوية وذات نفTT Tوذ كبTT Tير في
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
251
المجتمع .فكان افرده TT Tا يشرفون على تنظيم االحتف TT Tاالت الدينية وتقديم النذور
والقراب TTيين في المعاب TTد ,فضTTTال عن تنظيم ال TTوالئم المقدس TTة ال TTتي تقدم فيها االطعمة
للكهنة الكبار وعلية القوم .وكان اهم عيد في تدمر هو العيد الذي يقوم سTTنويا في( 6
نيسTان) ,بمناسTبة تكريس معبTد بعل ,وقد وصTTف يوم العيد هTذا ب ـ ((اليوم الطيب)).
()1
وكان من ابرز الطقوس التي يمارسها التدمريون في هTTذا العيد الطTTواف (( الTTذي يثير
حماس الجمهور ,وهو يتضمن انزال صTTنم الTTرب – بعل – من محرابTTة يمين الهيكل
المركزي وحمله على سTTرير مذهب ,والTTنزول بTTه على منحTTدر الهيكل الى الباحTTة ,
والمرجع انه كان يحمل بعد ذلTTك على جمل كريم ويطTTاف بTTه حTTول الهيكل ووراءه
نساء محجبات وسدنه ,ولقد عثر على مشهد لهذا الطواف منقوش على جسر حجري
كبTTير كان في سTTقف رواق المعبTTد ,وهTTذا المشهد يمثل جمال عليه قبTTة حمراء يقوده
سTTادن وامامه وخلفTTه رجال رافعوا االيدي .ان هTTذا المشهد مطTTابق لما نعرفه عن
()2
الطقوس العربية قبل االسالم ,وطابعه العربي الشك فيه )).
واذا كان غالب التدمريين يدينون بعبادة االصنام التي قدمنا الحديث عنها ,فان هنالTTك
من االخبار مايدل على وجود جاليات من اليهود والنصارى ،فقد عاشت في تدمر ((
جالية كبTTيرة من اليهود تمتعت بممارسTTة شعائرها الدينية بكل حرية ,ونالت حقوق
المواطنة الTTتي كان يتمتع بها التدمريون )) )3(.ويبTTدو ان غTTالب افراد هTTذه الجالية قد
هاجروا الى تدمر بعد خراب القدس على يد القصTير تيتوس في سTنة 70م ,فاشتغلوا
()4
بالتجارة وحققوا ارباحا طائلة مماجعل لهم شأنا يذكر في مدينة تدمر.
وقد أشير الى انه كان للنصTTرانية اتبTTاع في مدينة تدمر هTTؤالء قد مارسTTوا حTTريتهم
الدينية من غTTير اضTTطهاد .بTTل ان بTTولس الشميشاطي اسTTقف انطاكية كان قد تمتع
بحماية الزب TTاء ملكة تدمر ورعايتها على ال TTرغم من معاقب TTة مجمع انطاكية الكنس TTي
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
252
الذي انعقد في 264م له بطTرده من منصTTبه وحرمانه بسTبب ارائه الدينية ويالحTظ ان
الزباء لم تتدخل (( في القرارات التي اتخذها رجال الكنيسTTة تجاه بTTولس ,كما انها لم
تنفذ قراراتهم بحقه ,بل ابقته في مركزه وتركته ماكان عليه))(. )1
والحقيقة ان موقف الزبTTاء المتسTTامح مع اتبTTاع الديانة اليهودية والنصTTرانية في تدمر
وحمايتها لحرية العقيدة فيها يدل على مدى سTTعة افق ملكة تدمر الفكري ,ويثبت
بعض مالمح الحياة الثقافية في هTT Tذه المدينة التجارية الTT Tتي لم تكن مركز تواصTT Tل
تجاري فقط وانما كانت حلقة اتصال فكري وحضاري بين الشرق والغرب.
لقد عاش في تدمر فض TTال عن س TTكانها العرب جاليات من اليونايين والرومانيين
والفرس واليهود وغيرهم وتفTاعلت في إطTTار هTTذه المدينة ثقافات بالد وادي الرافدين
ومصر واليمن وبالد فارس واليونان والرومان وغيرهTا .فال عجب ان يتصTف ابناء
تدمر بصفات الطيبة والتسامح واالنفتاح على االفكار والفلسفات المختلفة .
االوضاع الحضارية في دولة الحيرة
نشأت دول TT Tة الح TT Tيرة في منطقة ذات تاريخ حض TT Tاري عريق ,وكانت عاص TT Tمتها
(( الح TTيرة)) تقع على اح TTد ط TTرق تجارة القوافل ال TTذي يرب TTط بين الشرق ب TTالغرب .
وفضTTال عن ذلTTك نشأت الحTTيرة في منطقة ذات مياه وفيرة وتربTTة خصTTبة مما سTTاعد
على ازدهTT Tار الزراعة فيها .وقد قامت دولTT Tة الحTT Tيرة بTT Tدور الدولTT Tة الحTT Tاجزة بين
امبراطوريتين كبيرتين هما االمبراطورية الساسانية واالمبراطورية البيزنطية ,فكان
من الطبيعي ان تكون الحTيرة احTد مراكز التفاعل الحضTاري بين معطيات الحضTارة
العربية والمعطيات الحضارية لدول الجوار في مجاالت الحياة المختلفTة .ومن اجل
تقديم صTTورة واضTTحة عن االوضTTاع الحضTTارية في دولTTة الحTTيرة ,فإننا سTTندرس هTTذه
االوضاع من الناحية السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية .
-1االوضاع السياسية في دولة الحيرة
لم يقتصر سلطان دولة الحيرة على مدينة الحيرة التي كانت عاصTTمة الدولTTة وإ نما لها
نفوذها ليشمل معظم سواد العراق والبحرين ونجد وبادية الشام .ولم يتسم نفTوذ هTذه
الدول TTة على ه TTذه المناطق بالثب TTات واالس TTتمرار ط TTوال حياتها ,ب TTل انه كان يض TTيق
ويتسع حسب قوة ملوكها والظروف السياسية المحيطة بهم .
المرجع نفسه ,ج ,3ص.109 )(1
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
253
وقد استند ملوك الحيرة في حكمهم على عدة قبائل عربية تحTTالف بعضTTها مع بعض
على (( التنوخ)) اي االقامة في مكان معين ,وتعاقدوا على التآزر والتناصTT Tر ,
()1
فصاروا كأنهم يد واحدة على الناس .
وفي ضوء ماتقدم ,فقد كان ملوك الحTيرة في حقيقتهم زعماء تحTالف قبلي .وكان
الملك هTTو القائد العسTTكري لهذه القبائل الTTذي يقع على عاتقه تحقيق التناسTTق ووحTTدة
الكلمة بين هذه القبائل وخاصة في اوقات الحروب.
وعلى الTTرغم من كل المظTTاهر الملكية الTTتي احTTاط بها المناذرة انفسTTهم .فقد ظلت
الروح القبلية حية في داخل هذا النظام (( كما ظلت حية ايضا التقاليد الديمقراطية (
()2
الشورى ) وروح الجماعة ,واحترام ,رأي الشيوخ وصلة الرحم )).
ولحاجة االمبراطورية الساسTانية لدولTة الحTيرة في حماية حTدودها من هجمات القبائل
البدوية ,فضال عن حاجتها اليها كدولة حاجزة في وجه االمبراطورية البيزنطية الTTتي
كانت في حالTT Tة حTT Tرب معها في معظم االوقات ..فقد سTT Tمحت الى اقامة عالقات
تحTTالف وتعاون معها .وقد وجد المناذرة ان من مصTTلحتهم اقامة مثل هTTذه العالقات
والمحافظTT T Tة عليها ,النه لم يكن بوسTT T Tعهم الوقوف في وجه هTT T Tذه االمبراطورية
لوحدهم .
وهكذا فقد اسTTتفاد ملوك المناذرة من قوة الساسTTانيين في دعم قواعد ملكهم على
المناطق الخاض TTعة لهم والعمل على توس TTيع نف TTوذهم وس TTلطانهم بين القبائل العربية .
وكان من جملة ماقدمه الساسTT T Tانيون من دعم لملوك المناذرة بعض االراضTT T Tي
الزراعية على حTTدود الفTTرس قرب الحTTيرة السTTتثمارها لصTTالحهم واالنفTTاق منها على
()3
القبائل العربية المتحققة معهم .
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
254
كما وض TTع الساس TTانيون قوة عس TTكرية تدعى (الوض TTائع) مؤلف TTة من ال TTف رجل في
خدمة المناذرة الس TT Tتخدامها الى جانب مال TT Tديهم من قوة عس TT Tكرية في دعم نفTT Tوذهم
()4
وسلطانهم في الحيرة وبقية المناطق التابعة لهم .
ومن اجل والء شيوخ القبائل العربية لدولTTة الحTTيرة ,فقد كان عليهم ان يقدموا لهم
بعض االمتيازات السياسTT Tية والمالية .لTT Tذا فقد اوجدوا نظTT Tام (الردافة) و (اآلكال)
لتحقيق هTTذا الغTTرض .اما نظTTام الردافة فهو شبيه بنظTTام الTTوزارة ,فكان الرديف ,
يجلس على يمين الملك في بالطه .ويركب معه اذا ركب .ولTه ربTع غنية الملك من
كل غزوة يغزوها .ويتسلم بعض الهات من رعايا الملك اما نظام ذوي اآلكال ,فهو
يقوم على اقطTTاع اشراف القبائل بعض االراضTTي السTTتثمارها لصTTالحهم .مكأفاة لهم
()2
على خدماتهم للدولة وضمانا الستمرار والئهم لها وتعاونهم معها .
لقد كان ابناء القبائل العربية ينقسمون في نظرملوك الحيرة الى ثالث فئات ,القبائل
المستقلة ( للقاح ) الTتي تغTير على ممتلكات ملوك الحTيرة .وكانت تغTزى من قبلهم .
والقبائل التي عقدت احالفا معهم وفقا لشروط خاصTTة .والقبائل الخاضTTعة لهم .وهي
()3
غالبا من القبائل المقيمة في الحيرة او التي تعيش في جوارها.
وقد تألفت ايرادات ملوك الح TTيرة من غلة االقطاعات ال TTتي كانت لهم في اراض TTي
العراق .وما كانوا يحققونه من اربTTاح القوافل التجارية ,اللطTTائم .وما يجبونه من
ضرائب وأتاوات ,وما يحصلون عليه من غنائم في اوقات الحروب (.)4
وقد كان ملوك الحTيرة يفرضTTون نفTوذهم وقراراتهم على الناس إما من خالل رؤسTاء
القبائل المتعاونين معهم لقاء امتيازات معينة كما اوضحنا ذلك أنفا ,اومن خالل القوة
العسكرية التي يمتلكونها .وقد اشير الى انه لدى المناذرة عدة كتائب عسTTكرية ,كان
اشهرها واشدها باس TTا هي كتيب TTة الدوس TTر ,وكان فرس TTانها يجمعون من ابناء القبائل
العربية المختلفTة وبخاصTTة قبيلة بكر ,وكتيبTTة الشهباء .وكانت في عهد النعمان أبي
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
255
قابوس مؤلفة من اخوته وبني عمه واتباعهم واعوانهم ,وقد شبهت بالحرس الملكي .
والى جانب هاتين الكتيبتين كانت هنالك كتيبة مؤلفة من خمسمائة رجل ياخذهم الملك
ره TTائن من قبائل العرب ليقيموا عنده سTTTنة ويس TTتعملهم في حروب TTه وغزواته .وهم
يتبTTدلون كل سTTنة .وفضTTالعن ذلTTك فقد كان لTTدى الملك كتيبTTة فارسTTية من الTTف رجل
()1
تدعى (الوضائع) يستخدمها الملك في تدعيم مركزه عن الحاجة .
وقد اتخذ ملوك الح TTيرة بعض المراس TTيم الملكية لتقوية مركزهم وهيبتهم في نظ TTر
الناس فلبس TTوا التيجان ,واقاموا حجاب TTا ينظمون مقابلة الناس لهم ,وفرض TTوا على
الناس ان يحيوهم بعب TT Tارة خاص TT Tة بهم وهي (( أبيت اللعن )) ,وكان لملك الح TT Tيرة
رديف خاص به ,اشبه بالمرافق او الوزير .
()2
ويالح TTظ ان النظ TTام السياس TTي في دول TTة الح TTيرة اليمكن إدراك ابعاده الكاملة اال من
خالل االطTTار االجتماعي واالقتصTTادي والثقافي الTTذي كان يعمل من خاللTTه ,وهTTو ما
سنوضحه في الصفحات اآلتية :
االوضاع االجتماعية في دولة الحيرة -2
كان غالب دولة الحيرة من العرب ,ومن ثم فقد غلبت عليهم القيم االجتماعية العربية
كاالنتسTTTاب الى القبيلة والتعصTTTب لها واالعتزاز بالعائلة وص TTلة ال TTرحم ,والتمسTTTك
بالفضائل العربية في مجاالت الحياة كافة .
ويبTTدوا من دراسTTة ما وصTTل الينا من نصTTوص عن سTTكان دولTTة الحTTيرة أنهم كانوا
يتألفون من ثالث فئات رئيسة ,هي :
العبادة -1
(( وهم ال TTذين س TTكنوا الح TTيرة وابتنوا بها )) ,وقد اض TTاف الط TTبري في وص TTف العب TTاد
.وهذا يدل على ان العبادة كانوا قوما متحضTTرين ()3
بأنهم (( الذين دانوا ألردشير))
يعيشون حياة التمدن واالسTT Tتقرار منذ زمن بعيد ,وانهم كانوا قد خضTT Tعوا لحكم
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
256
اردشير ملك الفرس .وربما كان هذا سبب تسميتهم بـ (( العبادة)) الن ملوك الفTرس
()1
ونبالءهم كانوا عامة الناس عبيدا.
ويالحTTظ ان هTTذه الفئة من سTTكان الحTTيرة قد ضTTمت العرب الTTذين جاءوا الى العراق
في شبه الجزيرة العربية في مرحلة مبكرة نسبيا عند تأسيس الحيرة ,وكذلك (( النبط
)) وهم من بقايا العراقيين القدماء كالبابليين والكلدانيين واالراميين ,وكانوا يتكلمون
ولط TTول مخالطتهم مع عرب الح TTيرة ,أخذوا يتكلمون العربية ()2
اللغ TTة االرامية .
لTTذا فقد ()3
برطانة ظTTاهرة ,فتأثر عرب الحTTيرة بهذة الرطانة ,فبTTدت على ألسTTنتهم .
ذكر ان خالد بن الوليد حين دخل الحيرة عند تحريرها سأل عبد المسيح بن بقيلة (( :
()4
أعرب انتم ام نبط قال :نبط استعربنا ,وعرب استنبطنا )).
وقد كان سكان الحيرة على الديانة الوثنية شأنهم عرب الجزيرة العربية .فلما أخذت
الديانة المسTTيحية تنتشر في العراق اخذ بعض العبTTاد في اعتناق هTTذه العقيدة ,حTTتى
كثر اتباعها وأصبح لها أسTقف إسTمه (هوشع) إشترك في المجمع الكنسTي الTذي أنعقد
في عام 410م .لTT Tذا فقد ذهب بعض االخبTT Tاريين الى انهم سTT Tموا باسTT Tم العبTT Tاد النهم
وبذلك اصبح كانوا يعبدون اهلل او لكثرة من تسمى منهم باسم عبد ,كعبد المسيح .
()5
اس TT Tم ( العب TT Tاد) ص TT Tفة تطلق على نص TT Tارى الح TT Tيرة لتميزهم عن غ TT Tيرهم من س TT Tكان
الحيرة .
وقد اشير الى ان العب TT Tاديين كانوا (( اكثر اه TT Tل الح TT Tيرة ثقافة ,ح TT Tذق بعض TT Tهم
الصTTناعات ,ودرس بعضTTهم العلوم ,وفاق بعض آخر في اللغTTات ,فحTTذق العربية ,
وتعلم الفارسTTية .وكانوا يتقنون في الغTTالب لغTTة بTTني إرم ( االرامية ) بحكم تنصTTرهم
واعتب TTار النص TTارى لها لغ TTة مقدس TTة ألنها لغ TTة ال TTدين ,ل TTذلك كان لهم وجه ومقام في
()6
الحيرة )).
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
257
ب -تنوخ
وهم العرب الTTذين سTTكنوا (( المظTTال وبيوت الشعر والعرب في غTTربي الفTTرات ,
وقد اطلق على ه TTؤالء اس TTم تنوخ ألنهم ()1
فيما بين الح TTيرة واالنب TTار وما فوقها )).
تحTTTالفوا على التنوخ اي االقامة في هTTTذه المنطقة لالشتغال في الزراعة او الTTTرعي
()2
االبل والمواشي فيها.
ويالحTTTظ ان هTTTؤالء التنوخيين الTTTذين سTTTكنوا في ب TTاديء االمر في ضTT Tواحي مدن
الحيرة واالنبار وغيرها قد نجحوا في اقامة كيان سياسTTي لهم في زمن مالTTك بن فهم ,
وما زال ملكهم يتوسTTTع حTTTتى أصTTTبحوا ملوك الح TTيرة في عهد االس TTرة اللخمية كما
اوضTTحنا ذلTTك في بداية هTTذا الفصTTل .وقد ضTTم التنوخيون ابناء قبائل عربية متعددة
()3
كاللخميين وكانت منهم االسTT Tرة المالكة ومذحج وطيء وكلب وتميم ,وغTT Tيرهم
ويبدو ان دولة الحيرة قد استندت على القوة العسTTكرية البناء هTTذه القبائل ومن تحTTالف
معهم في الدفاع عن كيانها وتوسيع نفوذها وسلطانها بين العرب.
جـ .االحالف
(( وهم ال TT Tذين لحقوا بأه TT Tل الح TT Tيرة ,ونزل TT Tوا فيهم ممن لم يكن من تنوخ ال TT Tوبر ,
والمن
العباد الذين دانوا ألردشير ))( .)4ويالحTTظ ان عدد هTTؤالء االحالف لم يكن ثابتا .الن
ذلك يتوقف على المدى الذي يصل اليه نفوذ دولة الحيرة بين العرب ,وعلى القبائل
التي تعترف بسيادتهم وسلطانهم عليها (( :والراجح انه في اواخر ايام المناذرة كان
اهم االحالف تغلب التي هاجرت بعد حرب البسوس في ايام عمرو بن هند واسTTتقرت
()5
على ضفاف الفرات شمال الحيرة ,وكذلك بكر وخاصة بني وشيبان )).
-3االوضاع االقتصادية في دولة الحيرة
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
258
ان موقع الح TTيرة ومناخها وخص TTوبة تربتها وتوفر المياه فيها .قد أوجد الظ TTروف
المالئمة لالزدهار االقتصTTادي في مجاالت الزراعة والتجارة والصTTناعة والخدمات .
ومن أجل اعطاء صورة واضحة عن ذلك سنعرض لكل مجال من هTTذه المجاالت في
النقاط اآلتية بايجاز -:
أ .الزراعة والثروة الحيوانية
لقد قادت لنا بعض المص TTادر اوص TTافا ذات ط TTابع ادبي تس TTاعدنا على أدراك مدى
على منطقة الحيرة من الناحية الزراعية وما يرتبTط بها من ثرواة حيوانية .فقد اورد
حمزة االصTTفهاني وصTTفا لهذا الجانب في سTTياق حديثه عن النعمان بن امريء القيس
فقال ان
النعمان أشرف ذات يوم من قصTT Tر الخورنق على (( النجف وما يليه من النخل
والبس TT Tاتين والجنان واالنهار ممايلي المغ TT Tرب ,وعلى الف TT Tرات ممايلي المشرق .
فأعجب TTه في ال TTبر من الخض TTرة والنور واالنهار الجارية ولقاط الكمأة وكثرة االب TTل
وصيد الضباء واألرانب وفي الفرات من المالحين والغواصين .ففكر وقال في نفسTTه
()1
:أي درك في هذا الذي قد ملكته اليوم ويملكه غدا غيري ؟)).
وقد أشير الى ان هTTذه الTTثروات قد وفرت ألهTTل الحTTيرة مسTTتوى رفيعا من المعيشة
كما وفرت غالت ()2
وأمنت لهم نوعا من االكتف TTاء ال TTذاتي من جميع الوجوه تقريب TTا.
االراض TTي الزراعية دخال جيدا ألص TTحابها فض TTال عما يقدمونه للدول TTة من خراج .
وعلى سTT Tبيل المثال ,فقد ذكر أبTT Tو البقاء انه كان يجبى للنعمان بن المنذر من
االقطاعات الممنوح TTة ل TTه (( ,في كل س TTنة مائة ال TTف درهم ,ه TTذا ماذكر على عظم
ارتفاعه ألهله وكثرة مس TTتغله لمالكه ,وذكر انه اليعرف في االرض برية أكثر
ريعا وال أخف خراجا وال اقل مؤونة منها ,وانها كانت تغTTل ألهلها في كل سTTنة
ثالثين الف كر حنطة بالمعدل سTTوى غيرهTTا من الغالت والثمرات وسTTائر االشياء ))
(.)3
ابو البقاء ,المناقب المزيدية ,مخطوطة الورقة 145ب ( نقال عن كستر ,الحيرة ومكة , )(3
ص.18
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
259
ب .التجارة
لقد كان لموقع العراق الوسTط بين الشرق والغTرب وإ طاللته على الخليج العربي .
فضTTال عن وجود دجلة والفTTرات الصTTالحين للمالحTTة في االقسTTام الجنوبية منهما أثر
كب TTير في انتعاش التجارة في العراق ,وبخاص TTة في الف TTترات ال TTتي يس TTود فيها األمن
واالستقرار بين دول المنطقة .
وكان من ابTTرز النشاطات التجارية الTTتي مارسTTها سTTكان دولTTة الحTTيرة تجارة النقل
اي ( الترانسTTيت) ,فكانوا يعملون على نقل البضTTائع الTTتي تأتي من أقصTTى المشرق
كالص TTين والهند عبر الخليج العربي الى س TTوريا وبالد ال TTروم واليونان .كما كانوا
ينقلون منتجات العراق وما يرد اليه من س TTوريا وبالد ال TTروم من بض TTائع كالحديد
. ()1
والنحاس والقصدير الى سواحل الخليج العربي وأفريقيا
ويبTدو ان ممارسTة النشاط التجاري لم تكن مقصTTورة على تجار الحTيرة وغTيرهم من
سكان الدولة ,بل شاركهم في هذا النشاط ملوك دولة الحيرة أنفسهم فقد ذكر انه كان
للنعمان ابن المنذر عالقة تجارية ببالد الشام ,كما كان النعمان نفسTTه يبعث في كل
سنة بقافلة تجارية (لطيمة) الى سوق عكاظ في الحجاز فتباع ويشتري له بثمنها األدم
. ()2
والحرير والبرود من القصب والوشي وغيره
وألهمية تجارة النقل التي تمر عبر العراق فقد شملت معاهدة الصلح التي ابTTرمت بين
االمبراطوريتين الساس TT Tانية والبيزنطية في عام 562 -561م احكام ذات ص TT Tلة
مباشرة بTالعرب المتحTالفين مع كل منهما .وقد تبين من دراسTة االحكام الTتي نصTTت
عليها المعاهدة (( ان العرب اخذوا طرفا في تجارة المرور ( الTTترانزيت) وكانت لهم
الريادة في ه TTذا الميدان .وانه كان باس TTتطاعتهم نقل الس TTلع ليس ب TTالطرق المعروفة
فحسب ,بل بطرق أخرى يستطيعون بها تفادي نقاط المكوس))(.)3
ويب TTدو ان دول TTة الح TTيرة كانت تثقل التجارة بكثرة ما تفرض TTه عليهم من ضTTTرائب
ومكوس .لذا فقد تشكى احد الشعراء من ذلك .وهو جابر التغلبي (564م) فقال :
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
260
وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم وفي كل أسواق العراق اتاوة
وقد س TT Tاعد النشاط التجاري في العراق بعض اه TT Tل الح TT Tيرة على اح TT Tتراف مهنة
الصTTيرفة والتعامل بTTالعمالت المختلفTTة كالTTدينار البTTيزنطي والTTدرهم الساسTTاني وغيرهTTا
من
.كما حمل هTTذا النشاط الكثير من ابناء الحTTيرة على السTTفر والعيش بعيد ()1
العمالت
عن بلدهم ,لذا فقد ذكر انك الترى بلدا في االرض ليس فيه حيري .
()2
جـ .الصناعة
لم تزودنا المصTTادر التاريخية بمعلومات مباشرة عن الصTTناعة ومدى تقدمها عند
اه TTل الح TTيرة ,اال أن ماورد من إشارات غ TTير مباشرة في الشعر خاص TTة عن بعض
السلع والحاجيات التي كان يستخدمها الناس في حياتهم اليومية يوصTTلنا الى ان بعض
الص TTناعات كانت قد وص TTلت درجة عالية من الجودة واالتقان عند اه TTل الح TTيرة .
وربما كانت صTTناعة النسTيج من اكثر الصTTناعات شيوعا وتقدما عندهم .فقد ذكر أن
النسTTاجين في الحTTيرة كانوا ينسTTجون القز والكتان والصTTوف .وكانوا يوشون القماش
احيانا بالقصب او بخيوط الذهب (.)3
وقد أشير الى ان مهنة الحTTدادة كانت متقدمة عند اهTTل الحTTيرة (( فكانوا يصTTنعون
لTTوازم العمارة من الحديد كالبTTاب الحديدي الTTذي كان موضTTوعا على دير األسTTكون ,
ويصنعون شكات السالح والسيوف النارية الشهيرة والسهام ونصال الرماح وغيرهTTا
مما كان يتخذ اس TTلحة لكتائب الجيش ))( .)4وقد ذهب بعض الب TTاحثين الى ان اه TTل
الحTTيرة (( كانوا قد بلغTTوا بصTTناعة االسTTلحة وآالت القتال درجة رفيعة من التقدم ,
وان هذا التقدم في التقنية العسكرية هو الذي اثار اهتمام الفرس بصTTورة خاصTTة )).
()5
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
261
وفضال عما تقدم فقد عرف الحTTيريون كثيرا من الصTTناعات الTTتي تمس الحاجة اليها
في حياتهم اليومية كصناعة االواني والخزف وصنع مختلف االطعمة واالشربة ,مما
()1
يدل على رقي الحياة المدنية عندهم .
وقد جاء في بعض المصTTادر ان احTTد الحTTيريين استضTTاف شخصTTا عنده فأكرمه ثم
تحداه ان يدله على شي مما قدمه لTه ليس من صTنع اهTل الحTيرة فعجز عن الTرد على
التحTTدي .وكان مما جاء في الحTTوار بينهما (( هTTل رأيتني اسTTتعنت على شيء مما
رأيت ,وأكلت ,وشربت ,وآفترشت ,وشممت بغ TT Tير مافي الح TT Tيرة ؟ قال :ال
واهلل . )2()) ...
.4االوضاع الثقافية في دولة الحيرة
اتسمت الحياة الثقافية في دولTة الحTيرة بTالغنى والتنوع في مجاالتها كافة ,الدينية ,
واالدبية والفنية والعمرانية .ومن اجل اعطTTاء صTTورة واضTTحة ,متكاملة عن ابعاد
هذه الحياة سنقوم بالحديث عنها على شكل نقاط وكما هو مدون ادناه .
الحياة الدينية - :شغل الTTدين موقعا مركزيا في حياة الناس منذ العصTTور أ.
القديمة ,وقد انحTTدر كثير من المعتقدات القديمة الTTتي كانت سTTائدة في العراق القديم
الى اهTTل الحTTيرة وذلTTك لوحTTدة االنتماء والحضTTارة .وكانت العقيدة السTTائدة بين غTTالب
السكان دولTة الحTيرة هي الوثنية او عبTادة آلهة متعددة .ومن ابTرز اآللهة الTتي توجه
اليها اهل الحيرة في العبادة هي العزى والتي كانت تمثل نجمة الصTTباح ( الزهTTرة) او
عشتروت عند العراقيين القدماء .وقد اشير الى ان ملوك الحTTيرة كانوا يقدمون لها
النذور والقرابين كما ذكر ان اه TTل الح TTيرة عرفوا عب TTادة إل TTه القمر )3(.وقد اوردت
المصادر ان جذيمة االبرش حينما تكهن اتخذ له صنمين يقال لهما الضيزنان (( فكان
يستسTTقي بهما ويستنصTTر بهما على العدو))( .)4ممايدل على ان هTTذين الصTTنمين ربما
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
262
مثال في نظر جذيمة إله السماء او إله المطر .وثمة إشارة الى وجود صنم في الحTTيرة
()1
إسمه (سبه) ,فكان اهل الحيرة يحلفون به ويقولون (( وحق سد)) .
والحقيقة انه لم تصTTل الينا معلومات حTTول المعابTTد او طقوس العبTTادة الوثنية ب.
في الحيرة على الرغم من ان هذه العقيدة ظلت قائمة فيها حتى ظهور االسالم .
وفضTTال عن الوثنية فقد وجد في دولTTة الحTTيرة من يدين باليهودية إذ ذكر ان كثيرا
منهم كانوا يعيشون في مدينة تدعى ( فومبيديثة ) وقد عدت هTTذه المدينة الTTتي تقع
بجوار مدينة االنبTار (( من اهم المراكز العلمية الTتي اخرجت طائفTة من كبTار احبTار
اليهود .اسهموا في تدوين التلمود وفي جمع التراث اليهودي القديم)).
()2
وثمة اشارات الى وجود اتبTTاع للديانتين الزرادشتية والمزدكية في الحTTيرة وبخاصTTة
بين الفرس الذين كانوا مقيمين فيها.
()3
اال ان اهم الTTديانات الTTتي نافسTTت الوثنية في دولTTة الحTTيرة واسTTتطاعت ان تكسTTب لها
انظارا بصورة مطردة المسيحية ,اذ اخذ المبشرون بهذه العقيدة يعملون على نشرها
في العراق منذ القرن االول للميالدي .ويظهر مما اوردته بعض المص TT Tادر ان
المسيحية قد وجدت لها اتباعا اقوياء في دواة الحيرة في القرن الخامس للميالد بحيث
تخوف النعمان ملك الحيرة من نفوذهم على ملكه وفكر في اضطهادهم .
()4
وقد استطاعت المسيحية ان تكسب الى صفها بعض ملوك الحTيرة كالنعمان السTائح (
481-390م ) والنعمان بن المنذر المعروف بTTأبي قابوس (ت 602م) ,واياس بن
قبيصTT Tة الطTT Tائي (611-602م ) .وقد سTT Tاعد ذلTT Tك على انتشار االديرة والكنائس
والمدارس الدينية في دول TTة الح TTيرة ,وكان من اشهر االديرة في الح TTيرة دير هند
الكبرى الذي بنته هند بنت الحارث زوجة المنذرين ماء السTTماء وأم عمرو بن المنذر
()5
وكانت قد اعتنقت النصرانية.
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
263
وقد لوحظ ان هTذا التنوع في العقائد الدينية في دولTة الحTيرة كانت لTه اثار واضTTحة
في توس TT Tيع مدارك الناس العقلية ,وتعميق البحث الفكري والفلس TT Tفي بين المهتمين
بالدراسات الدينية .
ب -الحياة االدبية -:كانت اللغة العربية هي اللغTة السTائدة لTدى سTكان دولTة الحTيرة .
سTTواء اكانوا من ابناء القبائل العربية .ام من العراقيين القدماء الTTذين عرفوا بالنبTTط
وذلك نتيجة الختالطهم المستمر بابنأء القبائل العربية .غTير ان هTTذا اليعني ان اللغTTة
العربية كانت هي اللغTTة الوحيدة لTTدى اهTTل الحTTيرة .فقد ذكر (( ان الحTTيريين كانوا
يتعلمون اكثر من لغ TTة واح TTدة فكانوا يتقنون العربية النها لغتهم ,وكانوا يعرفون
اآلرامية اي السTTTريانية .وهي لغTTTة بيعتهم وص TTلواتهم ,كما انها لغ TTة االنبTTTاط منهم ,
يتكلمونها في بيوتهم .ان مدارس الحTTيرة الدينية علمت على هTTذه اللغTTة ,ونحTTدس ان
الحيريين الفوا كثيرا فيها)).
()1
وفضال عما تقدم فقد كان بين اهTTل الحTTيرة من يعرف العبرية واليونانية والفارسTTية ,
بل ان من عرب الحTTيرة من عملوا في بالط كسTTرى بوظيفTة مترجمين من امثال زيد
بن عدي وغيره .
()2
وقد تطلبت الحياة الدينية والثقافية في دولة الحيرة انشاء المدارس .فكان لدى اليهود
والنصارى ,وربما غيرهم ايضا ,مدارسهم التي تعلم القراءة والكتابTTة واصTTول الTTدين
والفلسفة .وقد اشير الى بعض كبار الدين الTذين تخرجوا من هTذه المدارس مثل ايليا
الحيري مؤسس دير مار ايليا في الموصل .
()3
وربما كان لهذه المدارس وغيرهTTا الفضTTل في تطTTور الخط العربي وانتشاره كما
.كما كان لها الفض TTل في تدوين كثير من اخب TTار ملوك الح TTيرة ()4
يذكر البالذري
والمحافظTة عليها .فقد ذكر الطTبري انه حTدث عن هشام بن محمد الكلبي انه قال :
(( إني كنت اسTTتخرج اخبTTار العرب وانسTTاب آل نصTTر بن ربيعة ,ومبTTالغ اعمار من
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
264
عمل منهم آلل كسرى وتاريخ سنيهم من بيع الحيرة ,وفيها ملكهم وامورهم كلها )).
()1
ويالحTT Tظ ان الشعر العربي قد ازدهTT Tر في خالل النصTT Tف الثاني من حكم ملوك
المناذرة ,وكان ابTT Tرز شعراء العربية يقصTT Tدون بالط الحTT Tيرة لينشدوا اشعارهم ,
ويتلقوا ض TTروب التشجيع والتكريم من لTTدن ملوك المناذرة .وقد حفلت كتب االدب
باخبTTارهم هTTؤالء الشعراء وقصصTTهم مع اولئك الملوك وكان من ابTTرزهم المرقش
االكبر والمنخل البشكري والنابغTة الTذبياني وحTاتم الطTائي وعمرو بن كلثوم ولبيدبن
ربيعة وحس TTان بن ثابت وغ TTيرهم .وقد أنجبت الح TTيرة عددا من الشعراء كان من
اشهرهم عدي بن زيد العبTادي وولديه زيد وعمرو وكان كالهما شاعرا ,وعدي بن
مرينا وأياسبن قبيصة .
()2
وقد اشارت بعض المص TTادر الى ان االجواء االدبية والشعرية الراقية الس TTائدة في
الح TTيرة قد تركت اثرا عميقا في نفس وعقل بهرام جور قب TTل توليه الملك في بالد
فارس ,وكان من نتائج هذا التأثير كما يقول محمد عوفي في كتاب (لبTاب االلبTاب)
وهTT Tو أول كتاب في تاريخ االدب الفارسTT Tي (( أن بهرام جور اول من أنشأ شعرا
بالفارسية ,وانه تعلم الشعر من العرب ,إذ نشأ بينهم وعرف دقائق لغتهم ,وكان لTه
()3
شعر عربي بليغ))
جـ .العمارة والفنون -:يعد االهتمام بالعمارة والفنون احTTد مظTTاهر التقدم الحضTTاري
في مجتمع ,وقد حفلت المص TTادر بالح TTديث عن القص TTور والمب TTاني الجميلة والفنون
المتنوعة التي وجدت في الحيرة عاصمة المناذرة .
ويسTTتنتج مما وصTTل الينا اخبTTار انه لم يكن يحيط بمدينة الحTTيرة سTTور يحTTدد شكلها
وحجمها ويساعد على الدفاع عنها في اوقات الحTروب .لTذا فقد جعل زعماء الحTيرة
قصTTورهم على هيئة حصTTون حربية كي يلجأ الناس اليها في اوقات الحTTروب .وقد
اشار البالذري الى ان خالد بن الوليد حينما وصل الحيرة لتحريرهTا من تسTلط الفTرس
احمد محمد الحوفي ,تيارات ثقافية بين العرب والفرس ,القاهرة ,1968,ص.87 )(3
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
265
وحينما ()1
(( تحصTTن اهلها في القصTTر االبيض وقصTTر ابن بقلية قصTTر العدسTTيين )).
سأل خالدبن الوليد عبدالمسTيح ابن بقلية إن كان اهTل الحTيرة يريدون الحTرب ام السTلم
قال (( :بل السلم .قال:بنينا للسفيه يجيء الحليم ,ثم تذاكرا الصلح فاصطلحا)) ...
()2
وقد اشتهرت الحيرة بكثرة قصورها واهمها قصرا الخورنق والسTTدير الTTذين بناهما
النعمان السالح ( , .)3وقصر االبيض ,وقصر الزوراء ,وقصر العدسيين (.)4
وقد ذكرت المصTTادر ان مبTTاني الحTTيرة كانت ذات طTTراز متميز من حيث التخطيط
وفن الريازة .وقد عرف هTTذا الطTTراز في البناء بـ ((الحTTيري)) .وقد ذكر المسTTعودي
ان الخليف TTة المتوكل قد شيد ل TTه قص TTرا على الط TTراز الح TTيري فتابعه الناس في ذل TTك
فشاعواشتهر .ويتألف المبنى على الطراز الحيري من ايوان في صدره غرفة ,وفي
جانبيه غرفتين .وقد ظTTل هTTذا الطTTراز مسTTتخدما في بناء الTTبيوت العراقية حTTتى وقت
قريب(. )5
وقد اسTTتخدم الحTTيريون في تشييد مبTTانيهم اللبن واآلجر والمرمر والجص والقرمد .
كما تفننوا بنقشها وزخرفتها بالرسTوم وبطالء سTقوفها بالفسيفسTاء والTذهب .وقد لفت
نظTTر االثريين خلو هTTذه الرسTTوم من تمثيل االنسTTان في الحTTيرة واالقتصTTار على تمثيل
الزهTTور والفواكه والبقول في وقت سTTبق ظهور االسTTالم )6(.وهTTذا يدل في حالTTة ثبوته
على ان ثمة صلة بين توجهات الفن الحيري في الرسم والزخرفة وبين توجهات الفن
االسالمي
ولم يقتص TTر عمل الفنان الح TTيري على فن البناء والعمارة ,ب TTل امتد ليشمل بعض
االعمال اليدوية كصTT Tناعة الفTT Tرش الظريفTT Tة ,واواني الفخار المطلية بTT Tألوان بهية
وصTTناعة االطبTTاق الجميلة الTTتي تقدم فيها فاكهة ,فضTTال عن صTTناعة ادوات الTTترف
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
266
والزينة كعمل المصTوغات الذهبية والفضTية وترصTيعها بTالجواهر ,او اسTتخدام العاج
في صنع االسورة وغير ذلك (.)1
وتشير المصTTادر الى ان اهTTل الحTTيرة قد اهتموا بالموسTTيقى والغناء كثيرا ,فعرفوا
آالت الموسيقى المختلفة واجادوا أستخدامها وكان من ابرزهTا العود والTدف والمزمار
.اما الغناء فقد (( طTTارت شهرة الغناء الحTTيري في آالفاق ,وكانت القيان اللواتي
يغTنين غناء الحTيرة يبعثن الى الملوك واالمراء ,فبعث أياس بن قصTTيبة الى جبلة بن
االيهم خمس قيان يغ TTنين غناء اه TTل الح TTيرة ,وذكر المس TTعودي انه لم تمكن قريش
تعرف من الغناء إالالبض حTTتى قدم النضTTربن كلدة بن علقمة من العراق وافدا على
كسرى بالحيرة فتعلم ضرب العود والغناء عليه ,فقدم مكة فعلم أهلها )).
()2
وهكذا نالح TT Tظ ان اه TT Tل الح TT Tيرة قد اهتموا بجميع ص TT Tور التعب TT Tير الف TT Tني واالدبي
والثقافي .وكان ذلTTك نتيجة طبيعية لما حققته دولTTة الحTTيرة من تقدم وازدهTTار عبر
حياتها التي امتدت حوالي اربعة قرون.
االوضاع الحضارية لدولة الغساسنة
لم تقدم لنا المصادر معلومات واسعة عن االوضاع الحضارية لدولة الغساسTTنة ,لTTذا
فاننا سنعرض لهذه االوضاع من الناحية االقتصTTادية واالجتماعية والسياسTTية والثقافية
بصورة موجزة وبقدر ماتمسح به المعلومات المتيسرة ,وحسب النقاط اآلتية :
لقد ترجح ل TTدينا في ه TTذا الفص TTل ان الغساس TTنة هم تح TTالف قبلي نشأ عند ماء .1
غسTTانثم انتقلوا بعد ذلTTك الى بادية الشام حيث نجحTTوا في بسTTط سTTيادتهم على القبائل
العربية الموجودة في تلك الربTTوع واسسTTوا دولتهم فيها .ويبTTدو من دراسTTة اوض TTاع
الغساسTTنة في الشام انهم كانوا يعتمدون في معيشتهم اساسTTا على حياة الTTرعي شأنهم
في ذلك شأن القبائل البدوية والقبائل نصف الحضرية .وقد افلح الغساسTTنة في اضTTافة
مورد مالي آخر يسTT T Tاعدهم في تأمين معاشهم حين اقاموا عالقات وثيقة مع
االمبراطورية البيزنطية ,إذ اخذوا على عاتقهم حماية الحTTدود الشرقية لبالد الشام
والمساهمة في حروب الروم ضد الفرس الساسانيين مقابTTل حصTTولهم على منح سTTنوية
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
267
ومكافآت نقدية وعينية من االمبراطورية البيزنطية فض TTال عما يحص TTلون عليه من
()1
غنائم في اثناء الحروب التي كانوا يشاركون فيها .
وقد كان من الطبيعي ان يحصTTل زعماء الغساسTTنة على نصTTيب من المكافآت والغنائم
أكبر مما يحص TTل عليه عامة الناس ,مما افس TTح المجال لظهور فئة االعيان بين
الغساسنة .وبذلك تألف المجتمع القبلي للغساسنة من اسرة حاكمة تتألف من الشيخ او
الملك واخوانه وابنائه ,ثم تأتي بعدهم في المنزلTة فئة االعيان ,وهم رؤسTاء البطTون
()2
واالسر في االتحاد القبلي واخيرا تاتي فئة عامة افراد القبيلة االحرار.
وللطابع العسكري الذي طبع حياة دولة الغساسنة في الشام ,واشتراك جميع .2
القادرين على القتال من الغساس TTنة في الح TTروب اص TTبح مفهوم (العس TTكر) او الجيش
مرادفا لمفهوم الشعب او االتحTTاد القبلي (( لTTذا فإن الفكرة عن الشعب قد تم التعبTTير
عنها بلفظ ( العسكر) و ( المعسكر) . )3()) ...
وكان الذي يترأس االتحاد القبلي للغساسنة ( العسكر) هTو الملك ,إذ يسTتند في سTلطانه
على الوراثة ال TTتي انحص TTرت في اس TTرة حاكمة تنتمي الى العشيرة ال TTتي خرج منها
الملك .وكان الملك ينتقل من االب الى ابنه االكبر عن الغساسTT Tنة وليس من االخ
الكبTT Tير الى اخيه االصTT Tغر منه حسTT Tما تقضTT Tي بTT Tه التقاليد القبلية مما يدل على ان
الغساسنة كانوا قد تأثروا بالنظم الملكية في الدول المجاورة .
ولم يكن الملك يمارس مسؤليات القيادة والحكم بصورة مطلقة ,بTل كان يراعي في
عمله قاعدة الشورى ,إذ كان الملك يستشير أعيان قومه في المسTTائل ذات االهمية
قبل اتخاذ اي قرار ,الن هTTؤالء االعيان كانوا يمثلون ابناء قبTTائلهم وعشائرهم الTTذين
يضطلعون بمعظم المهمات الواجب تنفيذها سواء في اوقات الحرب او اوقات السTTلم .
()4
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
268
وتشير المصTTادر الى ان عاصTTمة الغساسTTنة كانت عبTTارة عن معسTTكر (( حيرثا .3
الح TTارث الغس TTاني)) اي معس TTكره ( .)1ومن المرجح ان ه TTذا ( المعس TTكر -العاص TTمة)
كان يقع في (الجابية ) بمنطقة الجوالن .ووردت اشارات لTT Tدى الشعراء الى ان
مراكز إقامة ملوك الغساسنة (( جلق )) وهي موضع يقع على نهر بردي بTTالقرب من
()2
دمشق .
ويبTTدو مما تقدم ان ملوك الغساسTTنة لم يكونوا يرغبTTون في العيش في مدينة محصTTنة
ذات ابنية وقصور على عادة ملوك الحضر ,وانما كانوا يفضTTلون التنقل والعيش في
مخيمات (عسكرية ) على طريقة اهل البادية الن ذلTTك يعطيهم حرية الحركة وينسTTجم
مع الطTTابع العسTTكرية لTTدولتهم .لTTذا فان نولدكه يشكل في صTTحة مانسTTبه اليهم حمزة
االصTTفهاني من قصTTور وعمائر ,ويقول (( :إننا النرى قط إشارة الى ان الغساسTTنة
كانوا يمتلكون ايا من االماكن المحص TTنة او من المدن ال TTتي كانت مراكز للجيش
.ومن ثم فإنه المجال للحTT Tديث عن الناحية ()3
كدمشق وبصTT Tرى او كتدمر)) ...
الفنية والعمرانية لTTدى الغساسTTنة النهم لم يكونوا يقيمون في المدن ولم يثبت أنه كان
لTTديهم ولTTع بتشييد القصTTور والمبTTاني العظيمة كما كان يفعل الملوك المسTTتقرون في
الحواضر والمدن .
اما الناحية الثقافية فقد كان الغساس TTنة عرب TTا ,ومن ثم كان من الط TTبيعي ان .4
تكون لغتهم هي لغTT Tة العرب نفسTT Tها وكذلك االمر بالنسTT Tبة لحكمهم وامثالهم وادبهم
وطريقة حياتهم ,ل TTذا فقد حفلت كتب االدب بالح TTديث عن ص TTالت ملوك الغساس TTنة
بالشعراء العرب من امثال النابغTTTة الTTTذبياني وحس TTان بن ثابت واالعشى والمرقش
االكبر وعلقمة الفح TTل .وقد وص TTل الينا كثير من القص TTائد الشعرية ال TTتي تشير الى
الغساس TTنة وتمدح ملوكهم .وكان اب TTرز الشعراء ال TTذين مدحوا الغساس TTنة حس TTان بن
ثابت حيث يقول :
يوما بحلق في الزمان االول هلل در عصابة نادمتهم
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
269
كما قال النابغة في رثاء النعمان ابن الحارث :
وحوران منه موحش متضائل (.)1 بكى حارث الجوالن من فقد ربه
وقد كان ملوك الغساسTTنة يدينون بالعقيدة المسTTيحية على المذهب اليعقوبي .5
كما اوضTTحنا ذلTTك آنفTTا ,وهم لم يكتفTTوا بمجرد التمسTTك بهذا االعتقاد على المسTTتوى
الشخصTTي بTTل إنهم دافعوا بحماسTTة عن اتبTTاع هTTذا المذهب ,وحTTاولوا اسTTتخدام نفTTوذهم
لTTدى قياصTTرة الTTروم من اجل تأمين الحماية ألصTTحاب هTTذا المذهب وضTTمان الحرية
الدينية ألتباعه وقد كفTTل لهم هTTذا الموقف محبTTة أتبTTاع هTTذا المذهب وحماسTTتهم لهم في
كل مكان مما رفع من منزلتهم وتأثيرهم في مختلف ارجاء االمبراطورية البيزنطية
وبخاص TTة في الواليات الشرقية ال TTتي انتشر فيها ه TTذا المذهب على نط TTاق واس TTع بين
الناس .وقد اثار حماسة الغساسنة للمذهب اليعقوبي ودفاعهم عنه التخوف في نفTوس
قياص TTرة ال TTروم والطبقة العليا في االمبراطورية البيزنطية ,الن ه TTذا المذهب كان
مخالفTTا للمذهب الرسTTمي لالمبراطورية .ومن ثم فقد عدت مناصTTرة ملوك الغساسTTنة
لTTه ودفاعهم عن اتباعه نوعا من المعارضTTة لسياسTTة االمبراطورية ومحاولTTة التدخل
في شؤونها والتأثير في توجهاتها العامة .ومن المرجح ان هTذا العامل كان من ابTرز
العوامل الTTتي دفعت قياصTTرة الTTروم على التامر على ملوك الغساسTTنة والقض TTاء على
دولتهم.
وإ ذا كان قياصTT Tرة الTT Tروم قد اعتقدوا ان القضTT Tاء على دولTT Tة الغساسTT Tنة كان في مصTT Tلحة
امبراطوريتهم ,فإن الدراسTTات الحديثة قد اثبتت انهم كانوا مخطTTئين كثيرا في هTTذا المجال
وذل TTك النه (( منذ اللحظ TTة ال TTتي فقدت بيزنط TTة مؤازرة الغساس TTنة ,فإن وض TTعها السياس TTي
الخارجي سTTاء بصTTورة ملحوظTTة ,فالTTدفاع ضTTد الفTTرس اضTTحى اكثر صTTعوبة ,ويقف دليال
على هذا ماتاله هؤالء من انتصارات في نهاية القرن السادس .واكثر خطTورة من هTذا كان
وضع االمبراطورية عند هجوم المسلمين .ذلك ان الدور المخفTف الTذي كان من الممكن ان
تقوم به دولTة العرب العازلTة لم يتحقق ,وبهذا وجدت بيزنطTة نفسTها وجها لوجه اما قوات
العرب المسTTلمين ,تلك القوات الفتية الموحTTدة الكلمة ,والTTتي افعم قلوب افرادهTTا االيمان
احمد امين ,فجر االسالم ,ص , .21-20عبد العزيز سالم ,تاريخ العرب قبل االسالم ,ص )(1
.137-136
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
270
بالعقيدة الجديدة وهي االسالم .فلم تستطع بيزنطة ان تفيق من الضربة الشديدة الTTتي وجهت
()2
اليها ,ولم تقدر على حماية عاصمتها نفسها إال بمشقة وعناء شديدين))
المصادر والمراجع
-القرآن الكريم
االصفهاني ،حكمزة بن الحسن ،تاريخ سني ملوك االرض واالنبياء. .1
االصطخري ،ابو اسحق ابراهيم ،المسالك والممالك. .2
االصعمي ،عبد الملك ،تاريخ العرب قبل االسالم. .3
االزرقي ،ابTT Tو الوليد محمد بن عبTT Tد اهلل ،اخبTT Tار مكة وما جاء فيها من .4
االثار.
البالذري ،احمد بن يحيى ،فتوح البلدان. .5
البالذري ،احمد بن يحيى ،انساب االشراف ،ج ، 1طبعة القاهرة . .6
الجمعي ،الفضل بن الحباب ،طبقات شعراء الجاهلية . .7
المسعودي ،ابو الحسن ،مروج الذهب ،أربعة اجزءا. .8
المسعودي ،ابو الحسن ،التنبيه واالشراف ،طبعة بيروت . .9
المقدسي ،شمس الدين ابو عبد اهلل ،احست التقاسيم في معرفة االقاليم. .10
الطبري ،محمد بن جرير ،تاريخ الرسل والملوك ،ج.2 .11
العلي ،د .صTTTالح احمد ،محاضTTTرات في تاريخ العرب ،محاضTTTرات في .12
التاريخ االسالمي.
ابن شبه ،أبو زيد البصري ،تاريخ المنورة ،اجزاء. .13
علي ،د .جواد ،المفصTT Tل في تاريخ العرب قبTT Tل االسTT Tالم ،ج 1؛ تاريخ .14
العرب قبل االسالم 8 ،اجزاء.
الكبيسي ،د .حمدان ،اسواق العرب التجارية. .15
سTTالم ،د .عبTTد العزيز ،دراسTTات في تاريخ العرب ،ج .1؛ تاريخ الدولTTة .16
العربية ،طبعة بيروت.
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
271
الهمداني ،أبو محمد الحسن ،كتاب االكليل 21 ،صفحة جزيرة العرب. .17
الهاشمي ،د .علي ،المرأة في الشعر الجاهلي. .18
اليعقوبي ،احمد يغقوب ،كتاب البلدان ،طبعة النجف ؛ تاريخ اليعقوبي ، .19
جزءان.
ابن الكلبي ،ابو المنذر هشام 25 ،كتاب االصنام ،طبعة القاهرة. .20
ابن هشام ،ابو محمد عبد الملك ،السيرة النبوية ،اربعة اجزاء . .21
ياقوت الحموي ،شهاب الTTدين عبTTد اهلل ،معجم البلدان ،اجزاء ، 28معجم .22
االدباء اجزاء.
جواد علي ،المفصل في تاريخ العرب قبل االسالم. .23
د .منذر البكر ،دراسات في تاريخ العرب قبل االسالم. .24
فؤاد حمزة ،قلب جزيرة العرب. .25
د .صالح العلي ،محاضرات في تاريخ الرعب. .26
احمد أبو الفضل عوض اهلل ،مكة في عصر ما قبل السالم. .27
توفيق بروا ،تاريخ العرب القديم وعصر الرسول .28
فيليب حتي ،تاريخ العرب ( مطول). .29
مصطفى مراد الدباغ ،جغرافية شبه جزيرة العرب. .30
احمد الشامي ،في تاريخ العرب قبل االسالم. .31
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
272
07712291449
قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية مكتبة الصفوة – بغداد -شارع فلسطين –
273