You are on page 1of 219

‫تاريخ العرب قبل اإلسالم‬

‫الجامعة المستنصرية – كلية التربية – قسم التاريخ ‪ /‬صباحي‬

‫‪2017‬‬ ‫بغداد‬ ‫‪1439‬ه‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪1‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫ﭽﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ‬
‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪2‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫صدق اهلل العظيم‬
‫سورة الحجرات ‪13 :‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪3‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪7-39‬‬ ‫الفصل األول ‪:‬مصادر التاريخ الجاهلي‬
‫‪8‬‬ ‫النقوش والكتابات‬
‫‪9‬‬ ‫التوراة والتلمود والتفاسير والشروح العبرانية‬
‫‪10‬‬ ‫الكتب اليونانية والالتينية والسريانية‬
‫‪11‬‬ ‫المصادر العربية االسالمية المدونة‬
‫‪16‬‬ ‫الساميون‬
‫‪20‬‬ ‫العرب‬
‫‪29‬‬ ‫جغرافية شبه الجزيرة العربية‬
‫‪33‬‬ ‫الحياة السياسية في الجزيرة العربية قبل االسالم‬
‫‪35‬‬ ‫اليمن‬
‫‪37‬‬ ‫الحياة السياسية في اليمن‬
‫‪41-92‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬ممالك جنوب الجزيرة العربية‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪4‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الدولة المعينية‬
‫‪42‬‬ ‫الدولة القتبانية‬
‫‪45‬‬ ‫دولة الحضارمة‬
‫‪46‬‬ ‫مملكة أوسان‬
‫‪54‬‬ ‫الدولة السبأية‬
‫‪59‬‬ ‫الدولة الحميرية‬
‫‪73‬‬ ‫مملكة كندة‬
‫‪81‬‬ ‫مملكة لحيان‬

‫‪93-112‬‬ ‫الفصل الثالث ‪:‬بالد الشام قبل االسالم‬


‫‪94‬‬ ‫دولة االنباط‬
‫‪100‬‬ ‫دولة تدمر‬
‫‪107‬‬ ‫دولة الغساسنة‬
‫‪114-154‬‬ ‫الفصل الرابع ‪ :‬ممالك العراق قبل االسالم‬
‫‪115‬‬ ‫نشؤ وتطور مملكة ميسان‬
‫‪134‬‬ ‫الحضر‬
‫‪138‬‬ ‫المناذرة‬
‫‪155-176‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬مدن الحجاز‬
‫‪156‬‬ ‫مدن الحجاز‬
‫‪156‬‬ ‫مكة‬
‫‪167‬‬ ‫يثرب‬
‫‪174‬‬ ‫الطائف‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪5‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪177-212‬‬ ‫الفصل السادس‪:‬الحياة االجتماعية في المجتمع الجاهلي‬

‫‪178‬‬ ‫الحياة االجتماعية في المجتمع الجاهلي‬


‫‪192‬‬ ‫المعتقدات الدينية عند العرب قبل االسالم‬
‫‪213-214‬‬ ‫المصادر والمراجع‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪6‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الفصل‪ Z‬األول‬
‫مصادر التاريخ الجاهلي‪Z‬‬
‫يعتبر تاريخ العرب في العصر الجاهلي اضعف قسم كتبه المؤرخون العرب‬
‫عن أحداث تلك الحقبة من الزمن ‪ ،‬واغلب ما وصلنا عن تاريخ العرب الجاهلية ال‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪7‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫يع دو ان يك ون أس اطير ورواي ات خرافي ة وقص ص ش عبية ‪ ،‬وأخب ار اخ ذت عن اه ل‬
‫الكت اب وال س يما اليه ود ‪ ،‬وأخ رى وض عها االخب اريون في العص ر االس المي ‪ .‬وق د‬
‫أستمر االعتماد على هذه الموارد على أنها تاريخ الجاهلية حتى القرن التاسع عشر ‪،‬‬
‫حيث ق ام المستش رقون ب البحث عن مص ادر أخ رى له ذا الت اريخ ‪ ،‬ووجه وا اهتم امهم‬
‫الى النق وش والكتاب ات العربي ة ال تي دونه ا الع رب قب ل االس الم ‪ ،‬ف ترجموا كث يرا من‬
‫ه ذه النص وص الى لغ اتهم ‪ ،‬وعمل وا على نش رها بالمس ند وب الحروف الالتيني ة او‬
‫العبراني ة او العربي ة في بعض االحي ان وعلى اس تخالص م ا ورد فيه ا من أم ور‬
‫متنوعة عن التاريخ العربي(‪.)1‬‬
‫وبفضل هذه الجهود التي بذلها المستشرقون أمكن الحصول على أخبار دول‬
‫وأقوام عربية لم يرد لها ذك ر في المص ادر االس المية الن اخبار تلك ال دول وأولئك‬
‫االقوام كانت قد انقطعت وطمست قبل االسالم ‪ ،‬فلم تبلغ أهل األخبار ‪ ،‬ومما ساعد‬
‫المستش رقون على ش رح الكتاب ات الجاهلي ة وتفس يرها ‪ .‬مع رفتهم بلغ ات عدي دة‬
‫كالعبرانية والسريانية والبابلية ‪ .‬وكان للسياح الذين جابوا مواضع متعددة من جزيرة‬
‫العرب وال سيما القسم الغربي والجنوبي منها فضل كبير في بعث الحياة في الكتابات‬
‫الجاهلي ة ‪ ،‬فقد أخ ذ اولئ ك الس ياح بعض الكتاب ات وصوروا البعض اآلخ ر ‪ ،‬وبفض ل‬
‫التع اون م ع علم اء اللغ ات الش رقية أمكن ح ل رموز تلك الكتاب ات ‪،‬واس تطاعوا بذلك‬
‫تدوين ما توصلوا اليه من التاريخ الجاهلي الذي بين أيدينا االن ‪ ،‬وقد تجمعت مادتة‬
‫من الموارد التالية(‪:)2‬‬
‫أ‪ -‬النقوش والكتابات ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التوراة والتلمود والكتب العبرانية االخرى ‪.‬‬
‫ت‪ -‬الكتب اليونانية والالتينية والسريانية ونحوها ‪.‬‬
‫ث‪ -‬المصادر العربية االسالمية ‪.‬‬

‫أ‪-‬النقوش والكتابات ‪:‬‬

‫() جواد علي ‪ ،‬المفصل في تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ ، 1‬ص‪. 123 _ 43_42‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المرجع نفسه ‪،‬ج‪ ، 1‬ص‪. 124-43‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪8‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫تعت بر النق وش والكتاب ات المس جلة على اآلث ار عم اد البحث في الت اريخ‬
‫الجاهلي ‪ ،‬النها الشاهد الناطق الحي الباقي من تلك األيام ‪ ،‬يستند عليها المؤرخ في‬
‫تاريخه للحوادث ‪ ،‬فهي تحل محل المصادر األرشيفية في سرد وقائع تاريخ العرب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫قبل االسالم‬
‫والنق وش والكتاب ات نوع ان ‪ ،‬نق وش وكتاب ات غ ير عربي ة تن اولت ذك ر‬
‫العرب ‪ .‬كالنصوص االَشورية او البابلية ‪ ،‬ونصوص وكتابات عربية كتبت بلهجات‬
‫مختلف ة ‪ ،‬ومعظمه ا ع ثر علي ة في بالد الع رب الجنوبي ة ‪ ،‬وي دخل ض منها تل ك ال تي‬
‫وج دت في مص ر أو في ج زر اليون ان أو في الحبش ة ‪ ،‬وهي من كتاب ات المعين يين‬
‫والسبئيين ‪ ،‬وكذلك النقوش التي عثر عليها العلماء في بالد العرب الشمالية _ وهي‬
‫قليل ة _ وفي بالد الش ام ومواض ع اخ رى ‪ ،‬واغلب ه ذه النق وش تتعل ق ب أمور‬
‫شخص ية ‪ ،‬ل ذا ف ان فائدتها تنحص ر في الدراس ات اللغوي ة ‪ .‬والقلي ل منه ا الذي تن اول‬
‫ذكر النواحي السياسية او الدينية او االجتماعية او العلمية ‪ ،‬حتى النصوص العربية‬
‫الجنوبي ة ال تي تم العث ور عليه ا ح تى االن ‪ ،‬تتح دث في أم ور شخص ية في الغ الب ‪،‬‬
‫كانشاء بيت ‪ ،‬أو بناء معبد ‪ ،‬أو بناء سور‪ ،‬أو شفاء من مرض ‪ ،‬ومع هذا فال يمكن‬
‫اغف ال أهميته ا الكب يرة في ت دوين ت اريخ الع رب الجنوبي ة ‪ ،‬فق د أم دتنا ه ذه النق وش‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫باسماء عدد من الملوك‬
‫أما الكتابات الثمودية واللحيانية والصفوية ‪ ،‬فانها عديدة اال انها قصيرة وفي‬
‫ام ور شخص ية ‪ ،‬وفائ دتها تنحص ر في اس تخراج أس ماء بعض االص نام وبعض‬
‫المواض يع الحص ول على اس ماء بعض القبائ ل وغ ير ذل ك من المعلوم ات ال تي تلقي‬
‫بعض الضوء على التاريخ الجاهلي(‪.)3‬‬
‫ويالح ظ ان جمي ع ه ذه الكتاب ات لم ي ؤرخ له ا ‪ ،‬ولم يتمكن العلم اء من تق ويم‬
‫ثابت كان يستعمله العرب قبل االسالم مدة طويلة فقد كانوا يستعملون عدة طرق في‬
‫تاريخهم للحوادث ‪ ،‬فأرخوا بحكم الملوك ‪ ،‬فيشيرون الى الحادث بانه حدث في ايام‬

‫() ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي للدولة العربية ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ - 15‬سالم ؛ دراسات ص‪. 16-15‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪. 44‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪. 36‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪9‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫المل ك فالن أو في الس نة ك ذا في حكم المل ك فالن ‪ ،‬وك ذلك ك انوا يؤرخ ون بأي ام‬
‫الرؤوس اء وس ادات القبائ ل وارب اب األس ر ‪ ،‬وق د ش اع ه ذا الن وع من الت اريخ عن د‬
‫المعي نين والس بئيين والقتب انيين وعن د غ يرهم ‪ ،‬في مختل ف انح اء جزي رة الع رب ‪،‬‬
‫ويظهر من النقوش والكتابات التي عثر عليها ان العرب الجنوبيين كانوا يستعملون‬
‫التق ويم الشمس ي في الزراع ة والتق ويم القم ري والنجمي اَي ال ذي يق وم على رص د‬
‫النجوم (‪.)1‬‬
‫ب_ التوراة والتلمود‪ Z‬والتفاسير والشروح العبرانية ‪:‬‬
‫يعت بر الت وراة_ وه و كت اب اليه ود المق دس _ أق دم المص ادر غ ير العربي ة‬
‫لتاريخ العرب قبل االسالم ‪ .‬فورد فيه ذكر العرب بعدد من االسفار عند الحديث عن‬
‫عالق ة العبران يين ب العرب في الف ترة م ا بين ‪ 750‬ق‪ .‬م والق رن الث اني قب ل الميالد ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫كذلك جاء ذكر العرب في التلمود الذي يكمل أحكام التوراة‬
‫أما الفترة بين الزمن الذي انتهى فيه من كتابه التوراة والزمن الذي بدأ فيه‬
‫بكتابة التلمود فيستعان في تدوينها باألخبار التي أوردها بعض الكتاب وفي مقدمتهم‬
‫المؤرخ اليهودي ( يوسف فالفيوس) الذي عاش بين ‪37‬م – ‪ 100‬م ‪ ،‬ومن المؤلفات‬
‫ال تي اش تملت على معلوم ات مهم ة عن ت اريخ الع رب ‪ :‬كت اب باليوناني ة في ت اريخ‬
‫ع ادات اليه ود ‪ ،‬تنتهي حوادث ة س نة ‪ 66‬م ‪ ،‬وكت اب في ت اريخ ح روب اليه ود من‬
‫استيالء انطيوخوس افيفانوس على القدس سنة ‪170‬ق‪.‬م الى االستيالء عليها ثانية في‬
‫عهد طيطس عام ‪70‬م ‪ ،‬وقد ورد في هذه المؤلفات اخبار مفصلة عن عرب االنباط‬
‫ال ذين ك انوا في أيام ه يقطن ون في منطق ة واس عة تمت د من نه ر الف رات متاخم ة لبالد‬
‫الشام وممتدة الى البحر االحمر ‪ ،‬وقد أهتم المؤرخ يوسف فالفيوس بعالقة العبرانيين‬
‫بهؤالء االنباط(‪.)3‬‬
‫ج _ الكتب اليونانية والالتينية والسريانية ‪:‬‬
‫ورد في كتب التاريخ اليونانية والالتينية والسريانية التي ألفت قبل االسالم ‪،‬‬
‫معلومات هامة وذات قيمة كبيرة عن تاريخ العرب في العصر الجاهلي ‪ ،‬وقد استقى‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪. 48‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 38‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ ،‬المفصل ج ‪ 1‬ص ‪. 55‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪10‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫مؤلفوها معلوماتهم عن طريق المحاربين اليونان والرومان والتجار واصحاب السفن‬
‫الذين احتكوا بالعرب ‪ .‬وكذلك السياح الذين اختلطوا بقبائل العرب أو أقاموا بينهم ‪،‬‬
‫والس يما في بالد االنب اط ‪ .‬وق د ك انت االس كندرية من اهم المراك ز ال تي تع ني بجم ع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أخبار العرب واحوالهم ومنتوجات بالدهم‬
‫واقدم من ذكر العرب من مؤرخي اليونان ‪ :‬أخيلس أو أيسكيلوس اليوناني (‬
‫‪ 456_525‬ق‪.‬م) ‪ ،‬وهيرودتس (‪ 425_480‬ق‪.‬م) الذي ذكر العرب عند حديثه عن‬
‫الح رب بين ف ارس ومص ر في عص ر قمب يز ‪ ،‬والم ؤرخ ثيوفراس توس (‪_371‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪287‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬وايراتوستينس (‪ 194_276‬ق‪.‬م ) وديودورس الصقلي(‪40‬ق‪.‬م)‬
‫وممن ذك ر الع رب من الجغراف يين اليون ان ووص فوا م دنهم وأح والهم‬
‫االجتماعي ة واالقتص ادية في الجزي رة الجغ رافي س ترابون (س ترابو)(‪64‬ق‪.‬م _‪ 19‬م)‬
‫وق د كتب ه ذا الرحال ة كتاب ا مهم ا باللغ ة اليوناني ة في س بعة عش ر ج زءا أس ماه‬
‫(جغرافي ا) ‪ ،‬وق د أف رد فص ال خاص ا من الكت اب الس ادس عش ر عن بالد الع رب ذك ر‬
‫فيه مدائنهم وقبائلهم في عهده ووصف احوالهم التجارية ‪ ،‬وتحدث عما شاهده بنفسه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫عندما أشترك في حملة (أوليوس غالوس)على اليمن سنة ‪ 24‬ق‪.‬م‬
‫ومنهم أيضا بطليموس الذي عاش في االسكندرية في القرن الثاني الميالدي ‪.‬‬
‫وأل ف كتاب ا في الجغرافي ة ع رف بجغرافي ة بطليم وس وق د قس م في ه االق اليم بحس ب‬
‫درجات الطول والعرض وتحدث عن مدن العرب وقبائلهم وأحوالهم ‪ .‬ومنهم بلنيوس‬
‫( ت‪79‬م) ‪ ،‬وهن اك مؤل ف يون اني مجه ول وض ع كتاب ا س ماه (الط واف ح ول البح ر‬
‫األرت يري) وص ف في ه تطواف ه في البح ر االحم ر وس واحل بالد الع رب الجنوبي ة ‪.‬‬
‫ويعتق د بعض العلم اء ان الكت اب الم ذكور أل ف في ح والي س نة ‪80‬م ‪ ،‬في حين ي رى‬
‫اَخرون أنه ربما ألف في حوالي سنة( ‪ 225‬أو ‪ 210‬م) ‪ .‬وممن تحدث عن العرب‬
‫أيضا نذكر ‪ :‬أريان (‪175_95‬م) ‪ ،‬وهيروديان (‪250_165‬م) وهو مؤرخ سيرياني‬

‫() المرجع نفسه‪ ،‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪ 56‬؛ سالم دراسات ص ‪.39‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 39‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد على ‪ :‬المفصل ج ص ‪. 58‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪11‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ألف في اليونانية كتابا في تاريخ قياصرة الروم من وفاة القيصر ماركوس أوريليوس‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الى سنة ‪ 238‬م‬
‫المص ادر النص رانية ‪ :‬تحت ل ه ذه المص ادر أهمي ة خاص ة في ت دوين ت اريخ‬
‫انتشار النصرانية في بالد العرب وتاريخ القبائل العربية وعالقة هذه القبائل باليونان‬
‫والف رس ‪ ،‬وتمت از ه ذه المؤلف ات ب دقتها من الناحي ة التاريخي ة ‪ ،‬وق د كتب أغلبه ا‬
‫باليوناني ة والس ريانية ‪ ،‬ومن أش هرها مؤلف ات (أويس بيوس) (‪340_263‬م)‪،‬‬
‫واثناسيوس (‪371_296‬م) وجيالسيوس (‪394_320‬م) أسقف قيصرية ‪ ،‬وروفينوس‬
‫تيراتيوس (ت‪419‬م ) ‪ ،‬والمؤرخ سقراط ‪ ،‬وكان من فقهاء الكنيسة ‪ ،‬وقد وردت في‬
‫مؤلفات ه اخب ار عن بالد الع رب ‪ ،‬ومنهم الم ؤرخ س وزومينوس( ‪443_400‬م )‪،‬‬
‫وتي ودوريث ‪ (،‬ت‪457‬م) ‪ ،‬وزوس يموس‪ ،‬وش معون االرش امي ص احب (رس ائل‬
‫الش هداء الحم يرين ) ال تي تبحث في تع ذيب ذي ن واس للنص ارى في نج ران ‪،‬‬
‫وبروكوبي وس من رج ال الق رن الس ادس المالدي ‪ ،‬ويوحن ا مالال ( ت ‪578‬م )‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫وغيرهم‬
‫وهناك طائفة من المؤرخين النصارى من روم وسريان عاشوا في أيام الدولة‬
‫االموي ة والعباس ية وألف وا في الت اريخ الع ام وفي ت واريخ النص رانية الى أي امهم ‪،‬‬
‫وتحدثوا عن العرب في الجاهلية وفي االسالم ‪ ،‬وأكثر هذه المؤلفات أما مخطوط ة أو‬
‫مطبوع ة ولكنه ا ن ادرة النه ا طبعت من ذ عش رات الس نين‪ ،‬كم ا أنه ا كتبت في لغاته ا‬
‫األصيلة كاليونانية او الالتينية أو السريانية‬
‫(‪)3‬‬

‫د – المصادر‪ Z‬العربية االسالمية المدونة ‪:‬‬


‫المص ادر العربي ة االس المية كث يرة ومتنوع ة ‪ ،‬منه ا مص نفات في الت اريخ ‪،‬‬
‫ومنه ا مص نفات في األدب ومنه ا كتب في البل دان وال رحالت والجغرافي ة ‪ ،‬وفي‬
‫موض وعات عدي دة أخ رى بعض ها ال يع د من ص ميم الت اريخ اال انه ا م ع ذل ك تعت بر‬
‫مصادر مهمة في تدوين تاريخ الجاهلية القريبة من االسالم ‪ ،‬نظرا لما تضمنته هذه‬

‫() جواد علي ‪ ،‬المفصل ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص‪. 61_ 60_ 56‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المرجع نفسه ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪. 61_60‬‬ ‫‪2‬‬

‫() المرجع نفسه ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪. 65‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪12‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫المص ادر من معلوم ات غزي رة عن تل ك الف ترة ‪ .‬والتفس ير وكتب الس ير والمغ ازي‬
‫والفتوح‪ ،‬والشعر الجاهلي وكتب التاريخ والجغرافية‪.‬‬
‫‪ )1‬الق ران الك ريم‪ :‬يعت بر الق راَن الك ريم أق دم المص ادر العربي ة االس المية المدون ة‬
‫وأصدقها على االطالق ‪ ،‬ألنه تنزيل من اهلل تعالى ال سبيل الى الشك في صحة‬
‫نص ه ‪ ،‬وق د تض منت اَي ات الق راَن الك ريم ذك ر لبعض مظ اهر حي اة الع رب‬
‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية ‪ ،‬قبل االسالم ‪ ،‬ووصف تفكيرهم وعقائدهم ‪،‬‬
‫وفيه ذكر لبعض أخبار الشعوب العربية القديمة التي بادت وانقرضت مثل عاد‬
‫وثمود ‪ ،‬واصحاب الفيل ‪ ،‬والسيل العرم (انهيا سد مأرب) ‪ ،‬واصحاب األخدود ‪،‬‬
‫أورده ا كع برة وموعظ ة للمعارض ين من الع رب لالس الم ‪ ،‬وت ذكيرا بم ا أص اب‬
‫ش عوب العرب البائ دة من الع ذاب لتك ذيبهم الرس ل واالنبي اء ‪ ،‬وق د اثبتت الحق ائق‬
‫التاريخي ة والكش وف األثري ة ص حة م ا ج اء ب ه الق راَن الك ريم من أخب ار الع رب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫البائدة ودقتها‬
‫‪ )2‬الح ديث ‪ :‬وه و المص در الث اني للش ريعة االس المية بم ا تض منه من أحك ام وق وانين‬
‫للمجتمع االسالمي ‪ ،‬ويعتبر أصدق المصادر التاريخية بعد القراَن الكريم لتدوين‬
‫أخبار الجاهلية القريبة من االسالم ‪ .‬وعلى الرغم من ان الحديث لم يدون بالفعل‬
‫اال في أواخ ر الق رن الث اني الهج ري _الث امن الميالدي _ اال أن ه يعت بر أص ح‬
‫المص ادر في ت اريخ الق رنين األولين في االس الم ‪ ،‬بس بب الدق ة ال ذي اتبعت في‬
‫نقله ‪ ،‬فقد كانت األحاديث تروى عن طريق سلسلة الحفاظ أو مايعرف بالسند أو‬
‫االس ناد ‪ ،‬ح تى تص ل الى الن بي ص لى اهلل علي ه وس لم أو الس لف األول من‬
‫الص حابة أو الت ابعين أو ت ابعي الت ابعين (‪( .)2‬وه و م ا يس مى بعلم (الج رح‬
‫والتعديل)‪ ،‬أو (علم الرجال) ‪ ،‬وهذا العلم دقيق جليل القدر عظيم الفائدة ‪ ،‬يهدف‬
‫الى خدم ة الس نة والكش ف عن اح وال رواته ا واح دا واح دا وتمي يز الص ادق من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الكاذب والضابط من الواهم ‪ ،‬والموثوق بروايته من المطعون فيها )‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ‪ ،‬ص‪. 21،22‬‬ ‫‪1‬‬

‫() عبد الكريم زيدان ‪ ،‬المدخل لدراسات الشريعة االسالمية ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬ ‫‪2‬‬

‫() عبد الكريم زيدان ‪ ،‬المدخل لدراسة الشريعة االسالمية ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪13‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ويمكن للب احث االعتم اد على المجموع ات الص حاح في الح ديث ‪،‬‬
‫كالج امع للبخ اري (ت‪275‬ه) ‪ ،‬وص حيح مس لم (ت ‪262‬ه) ‪ ،‬وس نن أبي داود‬
‫(ت ‪275‬ه) ‪ ،‬وس نن الترم ذي (ت‪279‬ه) ‪ ،‬وموط أ مال ك (ت‪179‬ه) ‪ ،‬وابن‬
‫ماج ة (ت ‪273‬ه) ‪ ،‬وهن اك ع دة ش روح للبخ اري ومس لم ‪ ،‬منه ا ‪ :‬الن ووي (ت‬
‫‪667‬ه) ‪ ،‬وكتاب ه ش رح ص حيح مس لم علي ه امش كت اب القس طالني ‪ :‬ارش اد‬
‫الس اري لش رح ص حيح البخ اري ‪ ،‬والعس قالني (ت‪852‬ه) ‪ :‬فتح الب اري بش رح‬
‫ص حيح البخ اري ‪ ،‬والعي ني (ت‪ : )855‬عم دة الق ارئ في ش رح ص حيح‬
‫البخاري(‪.)1‬‬
‫كتب التفسير ‪ :‬تتضمن هذه الكتب شروحا مفصلة لما ورد في القراَن الكريم من‬ ‫‪)3‬‬
‫أخب ار مختص رة عن بعض االح داث في الجاهلي ة وعص ر النب وة األول ‪ ،‬أو م ا‬
‫أغلق علينا فهمه من معاني القراَن الكريم وتعابيره ‪ ،‬وقد نشأ التفسير في عصر‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الن بي ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ ،‬ثم ت ولى الص حابة من بع ده ه ذه المهم ة‬
‫( باعتب ارهم ال واقفين على أس راره ‪ ،‬المهت دين به دى الن بي ص لى اهلل علي ه‬
‫وس لم ) ‪ ،‬ومن أش هر المفس رين من الص حابة ‪ :‬عب د اهلل بن عب اس ‪ ،‬وعن‬
‫الص حابة أخ ذ الت ابعون وعن الت ابعين أخ ذ ت ابعوا الت ابعين ‪ ،‬فجمع وا أق وال من‬
‫‪ .‬ومن أش هر كتب التفس ير ‪ ،‬التفس ير الت اريخي‬ ‫(‪)3‬‬
‫تق دمهم وص نفوا التفاس ير‬
‫المع روف بتفس ير لط بري (ت ‪ 310‬ه) ( ج امع البي ان في تفس ير اَي الق راَن ) ‪،‬‬
‫وتفسير ابن كثير الدمشقي (ت ‪774‬ه) ‪ ،‬وهذه عرفت بكتب التفسير بالمأثور ‪،‬‬
‫اما كتب التفسير بالرأي فأشهرها ‪ :‬تفسير الرازي (ت‪606‬هـ) ‪ ،‬المسمى مفاتيح‬
‫الغيب (‪ ،)4‬ومنها تفسير البيضاوي ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل) ‪،‬وتفسير ابي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫السعود ‪ ،‬وتفسير النسفي وتفسير الخازن‬

‫() ماجد ‪ ،‬التاريخ السياسي للدولة العربية ‪،‬ج‪ ، 1‬ص ‪. 20‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سالم ‪ ،‬دراسات ‪ ،‬ص ‪. 24‬‬ ‫‪2‬‬

‫() صبحي الصالح ‪ ،‬مباحث في علوم القراَن ‪ ،‬ص ‪ ، 333_331‬دمشق ‪. 1966‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ص بحي الص الح ‪ ،‬مب احث في عل وم الق راَن ‪ ،‬ص‪ 336‬؛ ماج د ‪ ،‬ت اريخ الحض ارة االس المية‬ ‫‪4‬‬

‫ص‪. 196-165‬‬
‫() سالم ‪ :‬دراسات ‪ ،‬ص ‪. 25_24‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪14‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ )4‬كتب السير والمغازي والفتوح ‪:‬تعرضت هذه الكتب أيضا ألخبار الجاهلية ‪ ،‬القريبة‬
‫من االس الم ‪ ،‬وفي مقدم ة ه ذه الكتب ‪ :‬كت اب ابن هش ام (ت ‪218‬ه) المعروف ة‬
‫بالسيرة ‪ ،‬وقد أرخ في هذا الكتاب لسيرة النبي صلى اهلل عليه وسلم وتحدث عن‬
‫ت اريخ الع رب قب ل االس الم معتم دا على الرواي ة الش فوية ‪ ،‬وعلى كتب ض اعت ‪،‬‬
‫وجمع اخبار السيرة من ابن أسحق (ت‪151‬ه) ‪ ،‬وأضاف اليها بعض الروايات‬
‫األخرى التي لم يذكرها ابن اسحق ‪ ،‬ويعتبر عروة بن الزبير (ت‪92‬ه) من أقدم‬
‫من كتب في المغ ازي ‪ ،‬وقد وصلتنا بعض رس ائله في كتب الواق دي والط بري ‪،‬‬
‫وت أتي بع د ع روة أب ان بن عثم ان بن عف ان (ت‪105‬ه) ‪ ،‬ومحم د بن س الم بن‬
‫ش هاب الزه ري (ت‪124‬ه) ‪ ،‬وش رحبيل بن س عد (ت‪123‬ه) ‪ ،‬والواق دي (ت‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪207‬ه) ‪ ،‬ومحمد بن سعد (ت‪230‬ه)‬
‫‪ )5‬الش عرلجاهلي ‪ :‬يعت بر الش عر الج اهلي ايض ا مص در من مص ادر الت اريخ الج اهلي ‪،‬‬
‫وق د قي ل في الش عر الج اهلي ان ه ( دي وان الع رب) ‪ ،‬وه و( دي وان علمهم ومنتهى‬
‫‪ ،‬وبه حفظت االنساب وعرفت المآثر‬ ‫(‪)2‬‬
‫حكمهم ‪ ،‬به يأخذون ‪ ،‬واليه يصيرون )‬
‫ومنه تعلمت العربية (‪.)3‬‬
‫وعلى الرغم من ان الشعر الجاهلي تعرض للضياع بتركه يتناقل على السنة‬
‫الرواة شفاها نحو قرنين من الزمان الى ان دون في تاريخ متأخر ‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫ان وص لنا من ه على قلت ه مش كوك في اص الته مخ ول علي ه ‪ ،‬ف إن على قلت ه يعت بر‬
‫مصدرا اساسياً في تصوير حياة العرب في الجاهلية ‪ .‬ومن اشهر شعراء الجاهلية ‪:‬‬
‫ام رئ القيس ‪ ،‬وعبي د بن األب رص ‪ ،‬وعلقم ة الفح ل ‪ ،‬واوس‪ ،‬وطرف ة بن العب د‪،‬‬
‫وعمرو بن كلثوم ‪ ،‬والحرث بن حلزة ‪ ،‬والنابغة الذبياني‪ ،‬وعنترة بن شداد‪ ،‬واعشى‬
‫قيس ‪ ،‬وطفيل الغنوي(‪.)4‬‬

‫() ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪ 14_23‬؛ سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 26_25‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الجمحي ‪ :‬طبقات الشعراء ‪ ،‬ص ‪ 10‬طبعة ليدن‬ ‫‪2‬‬

‫() السيوطي ‪ :‬المزهر في علوم اللغة ‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 470‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سالم‪ :‬دراسات ‪ ،‬ص ‪37-36‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪15‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وق د ت ولى جم ع الش عر الج اهلي في االس الم جماع ة من ال رواة الح اذقين‬
‫تخصصوا برواية الشعر ‪ ،‬وممن اشتهر بجمعه منهم ‪ :‬حماد الراوية‪ ،‬فروى الجمحي‬
‫انه ( كان اول من جمع اشعار العرب وساق احاديثها ‪ ....‬وكان غير موثوق به ‪،‬‬
‫‪ ،‬واب و عم رو بن العال (ت‬ ‫(‪)1‬‬
‫ك ان ينح ل ش عر الرج ل غ يره ‪ ،‬ويزي د في االش عار )‬
‫‪ 154‬ه) ‪ ،‬واب و عبي دة ‪ ،‬واألص معي ‪ ،‬والمفض ل بن محم د الك وفي ص احب‬
‫المفضليات ‪ ،‬وابو عمرو اسحاق بن مرار الشيباني (ت ‪ 206‬ه)‪ ،‬وابو عبداهلل محمد‬
‫بن زياد االعرابي (ت ‪231‬ه)‪،‬وابو محمد جناد بن واصل الكوفي‪ ،‬وخالد بن يزيد‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الباهلي‪ ،‬وغيرهم‬
‫‪ -6‬كتب التاريخ والجغرافية ‪ :‬هناك نوعان من مؤلفات العرب المسلمين الذين دونوا‬
‫ت اريخ الع رب الجاهلي ة ‪ ،‬يتن اول االول منهم ا اخب ار الع رب في الجاهلي ة المغرق ة في‬
‫القدم وهو عبارة عن قصص واساطير‪ ،‬اخذت من مصادر مختلفة او انها كانت من‬
‫ابتكار الرواة ‪ ،‬وفي طليعة المشتغلين ‪ ،‬برواية اخبار العرب في العصر الجاهلي ‪:‬‬
‫عبيد بن شرية ‪ ،‬وكعب األحبار ‪ ،‬ووهب بن منبه (ت ‪ 110‬ه) ‪ ،‬ومحمد بن السائب‬
‫الكلبي (ت ‪146‬ه) ‪ ،‬وابنه ابو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي (ت ‪204‬ه)‬
‫‪ ،‬وابو عبيدة معمر بن المثنى (ت ‪209‬ه) ‪ ،‬وعلي بن محمد المدائني (ت ‪225‬ه) ‪،‬‬
‫ويض اف الى ه ذه الجمه رة من الم ؤرخين ‪ ،‬الع الم الجغ رافي اب و محم د الحس ن بن‬
‫احمد الهمداني (ت ‪ 334‬ه) صاحب كتاب االكليل ‪ .‬الذي يبحث في ماضي اليمن ‪،‬‬
‫وكت اب ص فة جزي رة الع رب ال ذي يعت بر من المص ادر الهام ة في ت اريخ الع رب قب ل‬
‫االس الم خصوص ا بالد الع رب الجنوبي ة ‪ .‬وبعض ه ؤالء الم ؤرخين امث ال‪ :‬عبي د بن‬
‫شربة وكعب االحبار‪ ،‬ووهب بن منبه ‪ ،‬هم قصاص اساطير ورواة خرافات وسمر ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مستمد من أساطير اليهود‬
‫اما النوع الثاني من الكتابات التاريخية فيتناول اخبار في الجاهلية القريبة من‬
‫االس الم او المتص لة بحي اة الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ ،‬وكأي ام الع رب ‪ ،‬وهي‬

‫() الجمحي ‪ :‬طبقات الشعراء ‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪69-68‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ ،‬المفصل ‪ ،‬ج ‪1 ،‬ص‪ ، 83‬سالم ‪ :‬دراسات ‪ ،‬ص ‪35-8‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪16‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االخبار التي تروي ما كان يحدث بين القبائل من حروب ‪ ،‬وهذه االخبار اقرب الى‬
‫الحقيقة التاريخية النها كانت ما تزال تعيها الذاكرة وألنها قريبة العهد باالسالم (‪.)1‬‬
‫الساميون‬
‫الساميون مجموعة بشرية يتميزون بحضارة ذات عناصر مشتركة‬
‫تم يزهم عن غ يرهم من االمم وخاص ة اللغ ة ال تي هي اهم م ا يم يز‬
‫الس اميين ‪ ،‬وعلى ال رغم من ان الس اميين ك انوا يتكلم ون بلغ ات مختلف ة ‪،‬‬
‫لكنه ا ك انت تش ترك في خص ائص عدي دة تميزه ا عن غيره ا من اللغ ات ‪،‬‬
‫من تل ك الخص ائص ‪ :‬وج ود ع دد كب ير من الكلم ات المش تركة بينه ا ‪،‬‬
‫االس اس فيه ا الفع ل الماض ي ‪ ،‬كم ا ان تص ريف االفع ال متش ابهة فيه ا ‪،‬‬
‫وتعتم د على الس واكن ال الحرك ات ‪ ،‬واص ل الكلم ات مك ون من ثالث ة‬
‫احرف في الغالب ‪ ،‬والفعل هو اساس الجملة ويعتمد عليه االسم والضمير‬
‫‪ ،‬وان لالسماء فيها صيغتان‪ :‬المذكر والمؤنث ‪ ،‬وليس فيها صيغة ثالثة (‬
‫‪ ) Neuter gender‬الموج ودة في اللغ ات االوربي ة ‪ ،‬واللغ ة الس امية‬
‫بص ورة عام ة بس يطة مباش رة ال تس تعمل االفع ال المس اعدة وقلم ا تس تعمل‬
‫حروف الربط ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وفي ع ام ‪ 1869‬م قس م العلم اء اللغ ات الس امية الى مجموع تين ‪ :‬المجموع ة‬
‫الس امية الش مالية ‪ ،‬والمجموع ة الس امية الجنوبي ة ‪ ،‬وتت ألف المجموع ة الش مالية من‬
‫العبراني ة والفينيقي ة واآلرامي ة واألش ورية والبابلي ة والكنعاني ة‪ .‬ام ا المجموع ة‬
‫‪ .‬وق د الح ظ العلم اء ان الش عوب‬ ‫(‪)3‬‬
‫الجنوبي ة فتت ألف من العربي ة بلهجاته ا والحبش ية‬
‫ال تي ك انت تتخ اطب به ذه اللغ ات تتش ابه من حيث الخص ائص الجس مانية ومن حيث‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫النظم االجتماعية والمعتقدات‬

‫() سالم ‪ :‬التاريخ والمؤرخين العرب ‪ ،‬ص ‪ ،7‬طبع مكتبة االسكندرية‬ ‫‪1‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ‪ ،‬بغدد ‪ ، 1967 ،‬ص‪.9‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي‪ :‬المفصل ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪223‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سالم ‪ ،‬دراسات ‪ ،‬مصر ‪ ، 1968 ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪62‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪17‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫أما في التوراة فقد وردت لفظة سامي في سفر التكوين ‪ ،‬وجاء فيها انه كان‬
‫لنوح ثالثة اوالد انحدر منهم البشر بعد الطوفان ‪ ،‬هم ‪ :‬سام وحام ويافث ‪ .‬وقد سكن‬
‫الساميون وهم احفاد سام في منطقة الشرق االوسط (‪.)1‬‬
‫ويالحظ ان التوراة حشرت فيها شعوبا ال يمكن عدها من الشعوب السامية ‪،‬‬
‫مث ل العيالم يين والل وديين ‪ ،‬واقض ت منه ا جماع ة من ال واجب ع دها من الس اميين ‪،‬‬
‫مث ل الفي نيقين والكنع انيين ‪ ،‬وي رى ب روكلمن ان العبران يين ك انوا ق د تعم دوا اقص اء‬
‫الكنع انيين من ج دول انس اب س ام‪ ،‬الس باب سياس ية وديني ة ‪ ،‬ب الرغم مم ا ك ان بينهم‬
‫وبين الكنعانيين من صالت عنصرية ولغوية (‪.)2‬‬
‫وك ان المستش رق االلم اني ‪ :‬اوغس ت ل دوك ف ون ش لوتزر ‪ ،‬اول من اطل ق‬
‫لفظ ة س امي في العص ر الح ديث ‪ ،‬س نة ‪ ، 1781‬معتم دا في ذل ك على تق ارب لغ ات‬
‫ه ذه المجموع ة البش رية ‪ ،‬وش اركه في ذل ك ع الم الم اني اخ ر ي دعى ‪ :‬ي وهن ك وتر‬
‫آيش هورن ‪ ،‬واي دهم في ذل ك غ يرهم من العلم اء ‪ ،‬وهن اك بعض الدارس ين للغ ات‬
‫الس امية يعترض ون على هذه التسمية لوجود بعض الس اميين من ال يتكلم بلغ ة سامية‬
‫كالعيالميين واللوديين ‪ ،‬فهؤالء ساميون حسب ما اوردته التوراة اال ان لغاتهم غير‬
‫س امية ‪ ،‬وك ذلك هن اك لغ ات س امية ال ينتمي الن اطقون به ا الى الجنس الس امي‬
‫كاالحباش ‪،‬وعلى هذا االساس فأن فكرة ارجاع هذه الشعوب السامية الى جد واحد‬
‫اصبحت اليوم مسألة مشكوك فيها ال يقرها العلماء (‪.)3‬‬
‫ام ا عن الم وطن االص لي للس اميين ‪ ،‬فق د اختل ف العلم اء وتع ددت آرائهم في‬
‫تحديده وظهرت عدة نظريات ‪،‬اقدمها نظرية المستشرق االيطالي اغناص كويدي ‪،‬‬
‫التي تقول بأن العراق هو الموطن االصلي للساميين فقد قام بدراسة اللغات السامية‬
‫المتع ددة وق ارن بينه ا ‪ ،‬فوج د ان اغلب الكلم ات ال تي ت دل على الس هول والمي اه‬
‫والنباتات مشتركة بين هذه اللغات ‪ ،‬فاستنتج من ذلك ان هذه اللغات كان يتكلم بها في‬
‫االصل اقوام يسكنون في مناطق سهلية غزيرة المياه والنباتات ‪ ،‬وهذا ما ينطبق على‬

‫() التوراة ‪ ،‬سفر التكوين ‪12-10‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪244‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ‪ ،‬ص ‪.62،63‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪18‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بالد العراق باعتباره المنطقة القريبة التي تتوفر فيها تلك الظواهر وقد تأثر في ذلك‬
‫بما اوردته التوراة من ان سفينة نوح كانت قد رست بعد الطوفان على جبل الجودي‬
‫‪ .‬وبه ذه النظري ة يف ترض كوي دي انتق ال‬ ‫(‪)1‬‬
‫الواق ع في المنطق ة الش مالية من الع راق‬
‫الس اميين من منطق ة خص بة الى بالد ص حراوية وه ذا عكس م ا تق رره الق وانين‬
‫‪ ،‬ورأى فري ق اخ ر من العلم اء ان ارميني ة في منطق ة ح دودها م ع‬ ‫(‪)2‬‬
‫االجتماعية‬
‫كردس تان هي الم وطن االص لي للس اميين ‪ ،‬وق ال آخ رون ‪ ،‬ان افريقي ا الش رقية‬
‫والحبش ة بال ذات‪ ،‬هي م وطن الس اميين االص لي ‪ ،‬نظ را لق رب بالد الحبش ة من بالد‬
‫العرب اقليميا ولغة ‪ ،‬ويرى اصحاب هذه النظرية ومنهم ‪ :‬سالت رويتر‪،‬ان الساميين‬
‫عبروا الى جزيرة العرب عن طريق بوغاز باب المندب الى اليمن ‪ ،‬حيث انتقلوا بعد‬
‫ذل ك الى الحج از ونج د والبح رين ‪ ،‬ثم ن زحت طائف ة منهم الى فلس طين واخ رى الى‬
‫الع راق وطائف ة الى فينيقي ة وق د غلب ه ؤالء الس اميون على تل ك البالد ال تي انتش روا‬
‫فيه ا ‪ ،‬وانش أوا دول باب ل وفينيقي ة وفلس طين وغيره ا ‪ ،‬كم ا ي رى ه ؤالء العلم اء ان‬
‫الع دنانيين ك انوا ق د نزح وا من الحج از واالرام يين من نج د الن آرام معناه ا الجب ال‬
‫ونج د بالد جبلي ة ‪ ،‬ويستش هدون على ص حة رأيهم ه ذا بم ا ذك ره ه رودتس‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ Herodotus‬عن نزوح الفينيقين في االصل من خليج فارس اي (خليج العرب )‬
‫‪.‬‬
‫وهناك من العلماء من يرى ان المواطن االصلي للساميين هو منطقة شمال‬
‫افريقي ا ‪ ،‬ام ا النظري ة القائل ة ب أن ش به جزي رة الع رب هي الم وطن االص لي للجنس‬
‫الس امي فيؤي دها كال العلم اء ش برنكر ‪ ،‬كاتي اني فيل بي ‪ ،‬س ايس ‪ ،‬دي غوي ة أرنول د ‪،‬‬
‫‪ .‬وقد‬ ‫(‪)4‬‬
‫كارل بروكلمن ‪ ،‬مايزر ‪ ،‬ارنست رينان ‪ ،‬ديسو ‪ ،‬ايرهود شردار وغيرهم‬
‫دلت الدراسات التي قام بها المستشرق االيطالي كاتياني على وجود اثار مياه ونبات ات‬

‫() زيدان ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ص‪ ،41‬صالح العلي ‪ ،‬محاضرات في تاريخ العرب‪ ،‬ص ‪9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪10-‬‬
‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪،‬ج‪، 7‬ص ‪.12‬‬ ‫‪2‬‬

‫() زيدان‪،‬العرب قبل االسالم ص‪42 – 41‬؛ سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 73-72‬‬ ‫‪3‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪،‬ج‪ ، 7‬ص ‪12‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪19‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫في الجزي رة العربي ة كم ا وج د برت رام توم اس بقاي ا بح يرة في الرب ع الخ الي عن د‬
‫منخفض ابو بحر ‪ ،‬وآثار نباتات وحيوانات في جبل العترا (‪.)1‬‬
‫ويرجع هؤالء العلماء اسباب هجرة الساميين الى خارج الجزيرة العربية الى‬
‫ازدي اد الس كان في الجزي رة ‪ ،‬مم ا ادى الى عجزه ا عن ام دادهم بالغ ذاء الض روري‬
‫حيث ان معظمه ا بالد ص حراوية ومن اس باب ض يق جزي رة الع رب عن اس تيعاب‬
‫الع دد الكلي من الس كان تغ ير مس تمر ط رأ عليه ا ‪ ،‬أدى الى انحب اس االمط ار عنه ا‬
‫وشيوع الجفاف فيها مما أثر على قشرتها وعلى احيائها ‪ ،‬فهلك من هلك وهاجر من‬
‫ه اجر ‪ ،‬وق د اس تمر ه ذا التغ ير آالف ا من الس نين ح تى ح ول بالد الع رب الى ارض‬
‫ص حراوية يس ودها الجف اف ‪ .‬فك ان من الط بيعي ان يرح ل الف ائض من الس كان الى‬
‫وقد حدثت تلك الهجرات الجماعية على شكل موجات ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫المناطق الخصبة المجاورة‬
‫وفي فترات متباعدة من التاريخ واتجهت الى المناطق المجاورة ‪ .‬واهم تلك الهجرات‬
‫هي(‪:)3‬‬
‫‪ -1‬هج رة االك دين الى الع راق ‪ ،‬ح دود س نة (‪ 3500‬ق ‪.‬م) ‪ ،‬حيث أس س ه ؤالء‬
‫الدول ة األكدي ة ال ذي اس تطاع ملكه ا س رجون االول ان يوح د الع راق ويم د نف وذه الى‬
‫اعالي نهر دجلة ‪.‬‬
‫‪ -2‬هج رة العم وريين ( االم وريين ) الى الع راق في ح دود س نة (‪ 3500‬ق ‪ .‬م) ‪.‬‬
‫حيث كونوا دول ة باب ل ‪ ،‬والتي اش تهر من ملوكه ا حم ورابي ‪ ،‬الذي يع د أول مشرع‬
‫في التاريخ ‪ ،‬وقد صاحب العموريين في هذه الهجرة ‪ :‬الكنعانيون ‪ ،‬والفينيقيون الذين‬
‫اتجهوا الى بالد سورية ‪.‬‬
‫‪ -3‬هجرة األراميين الى سوريا وفلسطين وشمال العراق ‪ ،‬والعبرانيين في فلسطين ‪،‬‬
‫والكلدانيين في جنوب العراق حوالي سنة (‪ 1500‬ق‪.‬م) ‪.‬‬
‫‪ -4‬هجرة االنباط والتدمريين حوالي سنة (‪ 500‬ق‪ .‬م) ‪.‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات ‪ ،‬ص ‪11‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي‪ :‬المفصل ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪241- 240‬‬ ‫‪2‬‬

‫() محمد مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ‪ ،‬ص ‪ ،12‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ‬ ‫‪3‬‬

‫العرب ‪ ، 12‬سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ‪ ،‬ص ‪67‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪20‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ -5‬الموجات االسالمية في القرن السابع الميالدي ‪.‬‬

‫العرب ‪:‬‬
‫عرف سكان شبه الجزيرة العربية بأسم "العرب " ‪ ،‬وقد ظهر هذا االسم ألول‬
‫م رة في الت اريخ في الق رن التاس ع عشر قب ل الميالد فورد في احد الوثائق االش ورية‬
‫للملك شلما نصر الثالث ملك اشور (‪ 853‬ق ‪.‬م ) ‪ ،‬وقد أشار فيها الى احد الزعماء‬
‫الثوار الذين تغلب عليهم واسمه " جنديبو العربي " الذي ساعد ( بيرادري) الدمشقي‬
‫ض د ش لما نص ر الث الث في موقع ه " قرق ر " الواقع ة ش مال حم اة(‪ ،)1‬ثم اخ ذت لفظ ة‬
‫ع رب ت تردد من ذ ذل ك ال وقت في الوث ائق االش ورية والبابلي ة في ص يغ متع ددة منه ا‬
‫عربي ‪ ، Aribi‬وعربي ‪ ، Urbi‬وعربي ‪ . Arbi‬ثم ظهرت لفظة عرباية ‪Arbaya‬‬
‫للم رة االولى في النص وص الفارس ية المكتوب ة باألخميني ة ع ام ‪ 530‬ق‪.‬م ‪ ،‬وق د‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫جاءت بمعنى البادية الفاصلة بين العراق والشام بما فيها شبه جزيرة سيناء‬
‫وهناك الفاظا أخرى استعملت بمعنى عرب فاستعمل اليونان كلمة ‪Saracen‬‬
‫و ‪ ، Saracenes‬واس تعملها الالتين على ه ذه الص ورة ‪ Saracnus :‬واطلقوه ا‬
‫على قبائ ل عربي ة ك انت تقيم في بادي ة الش ام وفي ط ور س يناء ‪ ،‬وفي الص حراء‬
‫المتصلة " بأدوم " وقد توسع مدلولها بعد الميالد في القرن الرابع والخامس والسادس‬
‫فاطلقت على العرب عامة ‪ .‬وأقدم من ذكرها " ديوسقوريدس ‪ " Dioscurides‬الذي‬
‫ع اش في الق رن االول للميالد ‪ ،‬وش اع اس تعمالها في الق رون الوس طى حيث اطلقه ا‬
‫النصاري على جميع العرب ‪ ،‬وشملت في بعض االحيان جميع المسلمين (‪.)3‬‬
‫وقد اطلق بعض المؤرخين من امثال يو سبيوس ‪ Eusebius‬وهيرونيموس‬
‫‪ Hieronymus‬لفظ ة ‪ Saracenes‬على االش ماعيليين ال ذين ك انوا يعيش ون في‬
‫ال براري في "ف ادش " في بوي ة ( ف اران )‪ ،‬أو م دين حيث جب ل ح وريب‪ ،‬وق د ع رفت‬

‫() ج واد علي ‪ :‬المفص ل ‪ ،‬ج ‪ / 1‬ص‪ 575 – 574‬؛ ص الح العلي ‪ :‬محاض رات في ت أريخ‬ ‫‪1‬‬

‫العرب ص ‪. 15‬‬
‫() ج رجي زي دان ‪ :‬الع رب قب ل االس الم ص ‪ ، 43‬م بروك ن افع ‪ :‬عص ر م ا قب ل االس الم ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.13‬‬
‫() جواد علي‪ :‬المفصل ‪،‬ج‪ 1‬ص ‪. 27‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪21‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬أما بخصوص أصل هذه‬ ‫(‪)1‬‬
‫ايضا بالمهاجرين ثم دعيت فيما بعد بـ ‪Saracenes‬‬
‫التس مية ( ‪ ، ) Saraceni () Sarakenoi‬فق د أختل ف العلم اء في ذل ك ‪ ،‬ف يرى‬
‫بعضهم انه مركب من سارة زوج ابراهيم (ع) ‪ ،‬ولفظ آخر ربما هو ( قين) ‪ ،‬وعلى‬
‫هذا االساس يكون المعنى عبيد سارة ‪ ،‬وذهب آخرون أن اللفظ مشتق من ( سرق)‬
‫فيكون المقصود من كلمة ‪ Saraceni‬سراكين ( السراقين ) أو ( السارقين ) اشارة‬
‫الى غ زوهم وك ثرة س طوهم ‪ ،‬أو من ‪ Saraka‬بمع نى ‪ Sherk‬أي ( ش رق) ‪ ،‬اي‬
‫االرض ال تي تق ع الى ش رق النب ط ‪ ،‬وي رى ونكل ر ان ه ذه التس مية ج اءت من لفظ ة‬
‫(ش رقو) وتع ني س كان الص حراء أو أوالد الص حراء ‪ ،‬بينم ا ي رى فري ق اَخ ر من‬
‫العلم اء أن ه تص حيف (ش رقيين) أو ش ارق على نح و م ايفهم من كلم ة ق دموني‬
‫‪ Qaclmoni‬في الت وراة ‪ ،‬بمع نى ش رقي أو أبن اء الش رق (‪ ، )Benekedem‬وك انت‬
‫ه ذه التس مية تطل ق خاص ة على القبائ ل ال تي أرج ع النس ابون الع برانيون نس بها الى‬
‫قط ورة ‪ ،‬وق د أخ ذ به ذا ال رأي أك ثر العلم اء والب احثين ‪ ،‬ف أعتبروا ان سرس ين أو‬
‫س ركين أو ‪ Sarakenoc‬من ش رق وأن ‪ Benkedem‬و ‪ Qadmoni‬العبراني تين هم ا‬
‫ترجمتان للفظة ‪.)2( Saraceni‬‬
‫أم ا أص حاب ال رأي القائ ل أن س ارقين من أص ل س ارة زوج اب راهيم (ع) ‪،‬‬
‫ومن قين بمع نى عب د فهؤالء مت أثرون بم ا ج اء في الت ورة ‪ ،‬وليس لديهم أدل ة أخرى‬
‫غ ير ه ذا التش ابة اللفظي ال ذي نالحظ ة بين سرس ين وبين س ارقين ( وه و من قبي ل‬
‫‪ .‬وق د ذك ر المس عودي ان ال روم ك انوا‬ ‫(‪)3‬‬
‫المص ادفة والتالعب بااللف اظ وال ش ك )‬
‫يطلقون على العرب اسم " ساراقينوس" ‪ ،‬وقال ان ملك الروم نقفور انكر على الروم‬
‫‪ .‬ووردت لفظ ة‬ ‫(‪)4‬‬
‫تس ميتهم الع رب به ذا االس م ‪ ،‬وق ال ‪ :‬تس ميتهم عبي د س ادة ك ذب‬
‫عرب في األسفار القديمة من التوراة (سفر اشعيا ) بمعنى البدو ‪ ،‬وأعراب ‪ ،‬وذكرها‬
‫بعض الكتاب اليونان في أواخر القرن الخامس قبل الميالد ‪ ،‬فذكرها اسكيلوس سنة‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪. 27‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪28‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص‪. 29‬‬ ‫‪3‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬التنبية واالشراف ج‪ 1‬ص ‪ ، 143‬طبعة ليدن ‪. 1968‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪22‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪456‬ق‪.‬م عن د االش ارة الى قائ د ع ربي ك ان معروف ا في جيش (احش ويرش) ‪ ،‬ثم‬
‫ذكرها هيرودتس في منتصف القرن الخامس قبل الميالد فاطلق لفظة ‪ Arabae‬على‬
‫بالد الع رب‪ ،‬وقص د به ا س كان جزي رة الع رب كله ا بم ا في ذل ك ص حراء مص ر‬
‫‪ .‬أم ا في الجزي رة العربي ة نفس ها فلم ي رد ذك ر‬ ‫(‪)1‬‬
‫الش رقية بين الني ل والبح ر االحم ر‬
‫لكلمة عرب اال في النقوش السبئية المتأخرة التي يرجع تاريخها الى القرن األول قبل‬
‫الميالد‪ ،‬وق د وردت بمع نى األع راب ‪ ،‬ك ذلك وردت في نقش مكت وب بنبطي ة مش وبة‬
‫بالعربية على قبر أمرئ القيس بن عمرو بن عدي ‪ ،‬ملك الحيرة ( ‪ 328- 288‬م )‬
‫والنقش يش ير الى أن ( ام رئ القيس البن عمرو مل ك الع رب كلهم ال ذي تقل د الت اج ‪،‬‬
‫واخضع قبيلتي اسد ونزار وملوكهم وهزم مذحج الى اليوم )(‪. )2‬‬
‫واول مصدر وردت فيه لفظة العرب للداللة على معنى قومي يتعلق بالجنس‬
‫العربي هو القرآن الكريم ‪ " ،‬فليس من المنطقي ان يخاطب القرآن الكريم قوما بهذا‬
‫المعنى اال اذا كان لهم سابق علم به "(‪.)3‬‬
‫وقد وردت لفظة اعراب عشر مرات ‪ ،‬كما وردت لفظة عربي احدى عشر‬
‫مرة ‪ ،‬منها عشر مرات نعتا للغة التي نزل بها القرآن بانها لغة واضحة فقال تعالى ‪:‬‬
‫وفي قول ه تع الى ( وك ذلك وحين ا‬ ‫(‪)4‬‬
‫( أن ا جعلن اه قرآن ا عربي ا لعلكم تعقل ون‬
‫وقول ه تع الى ( كت اب فص لت ايات ه‬ ‫(‪)5‬‬
‫الي ك قرأن ا عربي ا لتن ذر أم الق رى ومن حوله ا )‬
‫قران ا عربي ا لق وم يعمل ون )(‪ )6‬ثم وردت في موض ع واح د لتنعت ش خص الرس ول‬
‫الك ريم (ص) في قول ه تع الى – ( ول و جعلن اه قرآن ا اعجمي ا لق الوا ل وال فص لت ايات ه‬
‫أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا ‪ ،‬هدى وشفاء والذين ال يؤمنون في آذانهم وقر‬
‫وهو عليهم عمي اولئك من مكان بعيد )(‪.)7‬‬

‫() لرنارد لويس ‪ :‬العرب في التاريخ ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1954‬ص ‪. 11‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جرحي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 277‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪79‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سورة الزخرفة ‪ 43‬اية ‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫() سورة الشورى ‪ 42 :‬اية ‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫() سورة فصلت ‪ 41 :‬اية ‪3‬‬ ‫‪6‬‬

‫() سورة فصلت ‪ 41 :‬اية ‪44‬‬ ‫‪7‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪23‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اما عن معنى لفظة ( عرب) ومصدر اشتقاقها ‪ ،‬فقد اختلف علماء اللغة في‬
‫ذلك بالرغم من كثرة التفسيرات اللغوية التي تناولت هذا الموضوع ويرى فريق من‬
‫العلماء ان كلمة عرب مشتقة من اصل سامي قديم بمعنى ( الغرب) وان العرب انما‬
‫سموا بذلك الرتحالهم من وطن الساميين االصلي وهو ما بين النهرين الى الغرب من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫بالدهم ‪ ،‬واللغة السامية العين فيها فعرب ترادف غرب‬
‫وي رد الب احثون على ه ذا ال رأي ب أن الع رب ك انوا يس تخدمون ه ذا االس م اذا‬
‫تح دثوا عن انفس هم وليس بالنس بة لموق ع بالدهم الى غ يرهم من الش عوب المج اورة‬
‫لهم(‪. )2‬‬
‫أم ا المؤرخ ون الع رب فق د ذك روا ان العربي ة منس وبة الى يع رب بن قحط ان‬
‫ومشتقة من اسمه ‪ ،‬وفي ذلك يقول حسان بن ثابت ‪:‬‬
‫تعلمتم من منطق الشيخ يعرب – ابينا فصرتم معربين ذوي نفر‬
‫(‪)3‬‬
‫كالم وكنتم كالبهائم في القفر ‪.‬‬ ‫وكنتم قديما مالكم غير عجمة –‬
‫وي رى بعض الب احثين ان لفظ ة ع رب مش تقة من الكلم ة العبري ة ( أراب ا ) ومعناه ا‬
‫االرض الداكن ة أو المغط اة ب الكأل ‪ ،‬وه ذا المع نى األخ ير يش ير الى حال ة ه ؤالء الق وم‬
‫االجتماعي ة القائم ة على التنق ل والس عي الى م وارد العش ب‪ .‬وذك ر البعض االخ ر ان اللفظ ة‬
‫مش تقة من الكلم ة العبري ة ‪ ،‬أرب ‪ ،‬وتع ني الحري ة وع دم الخض وع لنظ ام م ا‪ ،‬بينم ا ق ال‬
‫آخ رون ان ه ذه اللفظ ة ذات ص لة باللفظ ة العبري ة ‪ ،‬عاب ار ‪ ،‬بمع نى التنق ل والتح رك من‬
‫موضع الى اخر (‪.)4‬‬
‫طبقات العرب‬
‫(‪)5‬‬
‫يتفق المؤرخون العرب على تقسيم العرب الى ثالث طبقات ‪:‬‬
‫العرب البائدة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫() مبروك نافع – عصر ما قبل االسالم ‪13‬‬ ‫‪1‬‬

‫() برنارد لويس – العرب في التأريخ ص ‪9‬‬ ‫‪2‬‬

‫()االصمعي – تأريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬تحقيق محمد حسين ال ياسين ط بغداد ‪ 1959‬ص ‪8‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.‬‬
‫()سالم‪ :‬دراسات ص ‪. 76‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪ ،45‬جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج ‪ 1‬ص ‪220‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪24‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫العرب العارية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العرب المستعربة‬ ‫‪-3‬‬
‫اوال‪ :‬العرب البائدة ‪:‬‬
‫يقص د ب العرب البائ دة الش عوب العربي ة القديم ة ‪ .‬ال تي ك انت تس كن جزي رة‬
‫العرب ‪ ،‬ثم هلكت واندثرت اخبارها قبل االسالم بفعل عاملين ‪ :‬الرمل الزاحف الذي‬
‫طغى على العمران القديم في اواسط شبه الجزيرة وفي االحقاف ‪ ،‬ثم هياج البراكين‬
‫وما ترتب عليه تدمير المدن (‪.)1‬‬
‫وق د ذك ر المؤرخ ون اس ماء كث يرة من قبائ ل الع رب البائ دة مث ل ع اد وثم ود‬
‫والعمالقة وطسم وجديس واميم وجرهم وعبيل وجاسم(‪.)2‬‬
‫ويعت بر المؤرخ ون ان ع اد هي اق دم الع رب البائ دة ‪ ،‬ف ذكر المس عودي انه ا‬
‫بادت قبل سائر ممالك العرب كلها ‪ ،‬وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى ‪ (:‬وانه‬
‫أهلك عادوا األولى وثمود فما أبقى ) (‪ .)3‬وأن هناك عادا ثانية ‪ ،‬أخبر اهلل عن ملكهم‬
‫‪.‬وه ؤالء هم اص حاب ه ود ‪ .‬ال ذين عص وا واس تكبروا في‬ ‫(‪)4‬‬
‫ونط ق بق وة بطش هم‬
‫االرض ‪ ،‬فحلت عليهم نقم ة اهلل وان زل بهم العق اب الش ديد ف دمرهم ت دميرا ‪ ،‬ق ال‬
‫تعالى‪:‬‬
‫( فأرسلنا عليهم ريح ا صرص را في أي ام نحس ات لن ذيقهم ع ذاب الخ زي في‬
‫الحياة الدنيا ولعذاب اآلخرة أخزى وهم ال ينصرون )(‪.)5‬‬
‫وك انت من ازل ع اد في االحق اف من بالد اليمن ‪ ،‬بين اليمن وعم ان الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫حضرموت والشجر‬
‫أم ا ثم ود فهم ق وم ص الح (ع) ‪ ،‬وك انوا يعب دون األص نام ‪ ،‬ولهم معاب د ديني ة‬
‫ثابتة ‪ ،‬ومن أصنام ثمود ( ود) وهو من االلهة القديمة عند العرب والصنم ( ج – هد‬

‫() عمر فروخ ‪ :‬تأريخ الجاهلية ط بيروت ‪ 1964‬ص ‪. 45‬‬ ‫‪1‬‬

‫() زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪ – 49‬سالم‪ :‬دراسات في تأريخ العرب ص ‪88‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة النجم ‪.53‬‬ ‫‪3‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 40‬‬ ‫‪4‬‬

‫() سورة فصلت ‪ 41‬اية ‪. 16‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن خلدون ‪ :‬العبر ج‪ 2‬ص ‪ ، 19‬جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪305‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪25‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫) ‪ ،‬وله عندهم معابد وسدنة يخدمونه ‪ ،‬ومن اصنامهم ايضا ‪ :‬شمس ومناف وكاهل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وبعل ورضو او رضى ويثع وسمع ال سميع وهبل وغيرهم‬
‫وذكر المسعودي أن ثمود تنسب الى ثمود بن عاد بن ارم بن سام بن نوح ‪،‬‬
‫وأن من ازلهم ك انت بين الش ام والحج از الى س احل البح ر الحبش ي ‪ ،‬وبي وتهم منحوت ة‬
‫وق د ورد ذك رهم في الق رآن الك ريم ‪ ،‬ق ال تع الى ‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫في الص خر ب أبواب ص غار ‪،‬‬
‫ويؤك د ابن خل دون ان من ازل ثم ود ك انت‬ ‫(‪)3‬‬
‫( وثم ود ال ذين ج ابوا الص خر ب الواد )‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫بالحجر وواد القرى فيما بين الحجاز والشام‬
‫وق د تمكن المستش رقون من التع رف على الثم وديين من الكتاب ات والمؤلف ات‬
‫الكالسيكية ‪ ،‬فوجدوا اسم ثمود في احد النصوص االشورية التي تعود الى ( س رجون‬
‫الثاني)‪ ،‬وقد عرفوا بـ‪ Thamudi Gamudi‬كما وجد هؤالء المستشرقون اسم ثمود‬
‫ايض ا في النص وص والكتاب ات الثمودي ة ‪ ،‬وق د ع ثر عليه ا في مواض ع مختلف ة من‬
‫جزيرة العرب ‪ ،‬اما في النصوص الكالسيكية فقد عرفوا باسم ‪ Thamudeni)5(:‬و‬
‫‪ Thamudeno‬و ‪ Nhamydenoi‬و ‪ Thamyditai‬أم ا عن ت اريخ ثم ود فقي ل‬
‫انهم كانوا في جملة الشعوب التي حاربت االشوريين في عهد سرجون الثاني الذي‬
‫اجالهم من مواطنيهم الى ( السامرة ) ‪ ،‬ويرى بعض الباحثين ان اخر ذكر ورد في‬
‫الوث ائق لق وم ثم ود ك ان في الق رن الخ امس للميالد ‪ ،‬حيث ورد ان قوم ا منهم ك انوا‬
‫فرسانا في جيش الروم ‪ ،‬ويبدو ان قوم ثمود كانوا يشتغلون بالزراعة ورعي الماشية‬
‫‪ ،‬وانهم كانوا اقرب الى الحضر منهم الى اهل الوبر ‪ ،‬فاستقروا في مستوطنات ثانية‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪ ،‬وكان من بينهم من اشتغل بالتجارة‬
‫وقد عاث قوم ثمود في االرض فسادا ‪ ،‬فأرسل اهلل تعالى اليهم اخاهم صالحا‬
‫(ع) ف دعاهم الى عب ادة اهلل ‪ ،‬فك ذبوه ف انزل اهلل بهم الع ذاب فأص بحوا في دي ارهم‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج ‪ 1‬ص ‪. 331‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج ‪ 2‬ص ‪42‬‬ ‫‪2‬‬

‫() القرآن الكريم سورة الفجر ‪ 89‬اية ‪. 9‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن خلدون ‪ :‬العبر ‪ ،‬مجلد ‪ 2‬ص ‪. 41‬‬ ‫‪4‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج ‪ 1‬ص ‪. 324‬‬ ‫‪5‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪330 – 326‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪26‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫جاثمين ‪ ،‬قال تعالى ‪ ( :‬واخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫لم يغنوا فيها اال ان ثمودا كفروا ربهم اال بعد لثمود )‬
‫ام ا طلسم وج ديس فهم ا قبيلت ان عربيت ان من القبائ ل البائ دة ‪ ،‬وقي ل انهم ا من‬
‫ابن اء الوذ بن ح ارم ‪ ،‬وك انت مس اكنهم من اليمام ة والبحرين ‪ ،‬ونزل بعضهم الحرم‬
‫وبعضهم الشام ‪ ،‬ومنهم العماليق ‪ ،‬تفرقوا في البالد ‪ ،‬واخوهم أميم نزل ارض فارس‬
‫‪ .‬ون زل عبي ل بن ع وض ي ثرب واتخ ذوها م نزال لهم ‪ ،‬واق امو فيه ا الى ان اب ادهم‬
‫العماليق(‪.)2‬‬
‫أم ا قبيل ة ج رهم اليمني ة فك انت دي ارهم ب اليمن ‪ ،‬ثم ه اجروا فيم ا بع د الى‬
‫الحج از واق اموا في مك ة ح تى ق دم عليهم اس ماعيل (ع) ‪ ،‬فص اهرهم (‪ ،)3‬واص بحت‬
‫والية البيت بيد جرهم حتى انتزعتها منهم خزاعة وكنانة فنزلوا بين مكة ويثرب ‪،‬‬
‫وذكر البالذري ان جرهم هلكت بعد ذلك بسبب وباء تفش بينهم فأفناهم (‪.)4‬‬

‫ثانيا ً – العرب العاربة ‪:‬‬


‫وهم عرب الجنوب ‪ ،‬وينسبون الى قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفكش اد بن‬
‫‪ ،‬وك انت م وطنهم بالد اليمن ‪ ،‬وقحط ان بن ع ابر ه و تع ريب الس م‬ ‫(‪)5‬‬
‫س ام بن ن وح‬
‫يقطان الذي ورد في التوراة عند الكالم عن تفرق ذرية نوح بعد الطوفان (‪ ،)6‬وسموا‬
‫(‪)7‬‬
‫بالعاربة لرسوخهم في العربية ‪ ،‬ويعتبرهم المؤرخون اقدم سكان الجزيرة العربية‬
‫وق د ع ثر على اس م قبيل ة عربي ة ع رفت بقبيل ة ( قحطن ) ‪ ،‬اي قحط ان ‪ ،‬في‬
‫نص وص المس ند ‪ ،‬وال يس تبعد ال دكتور ج واد علي ان يك ون الس مها عالق ة بقحط ان‬

‫() سورة هود ‪ 11‬اية ‪. 68 – 67‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج ‪ 1‬ص ‪ ، 42‬ج‪ 2‬ص ‪148‬‬ ‫‪2‬‬

‫() المسعودي‪ :‬مروج الذهب ج‪ 1‬ص ‪42‬‬ ‫‪3‬‬

‫() البالذري ‪ :‬انساب االشراف ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1959‬ج‪ 1‬ص ‪8-7‬‬ ‫‪4‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج ‪ 1‬ص ‪71‬‬ ‫‪5‬‬

‫() التوراة – التكوين االصحاح العاشر اية ‪ 25‬فما بعدها‬ ‫‪6‬‬

‫() م بروك ن افع ‪ :‬عص ر م ا قب ل االس الم ص ‪ ، 41‬علي اب راهيم حس ن ‪ :‬الت أريخ االس المي‬ ‫‪7‬‬

‫العام ص ‪. 25‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪27‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الذي صيره اهل االخبار جدا لكل العرب الجنوبيين فقد ذكر بعد اسم (كدت ) الذي‬
‫ه و (كن دة) في النص ‪ ، Jamme635‬وك ان على قبيل ة قحط ان وكن دة مل ك واح د‬
‫اسمه (ربيعت ) أي ( ربيعة ) وهو من آل ثور ‪ ،‬وثور هو جد قبيلة كندة في عرف‬
‫النسابيين من ايام الملك شعر اوتر اما العبرانيون فليس لديهم من اخبار قحطان سوى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫انه احد اوالد (عابر) واخرهم ‪ ،‬وانه جد قبائل عديدة قديمة‬
‫وي روي االخب اريون الع رب ان يع رب ك ان اول من ت ولى المل ك بع د قحط ان‬
‫ب اليمن ‪،‬وغلب بقاي ا ع اد ‪ ،‬ووزع اخوت ه في االقط ار ‪ ،‬ف أقر اخ اه حض ر م وت على‬
‫االرض ين ال تي ع رفت بأس مه فقي ل له ا حض ر م وت ‪ ،‬وعين اخ اه عم ان على ارض‬
‫عمان‪ ،‬وولى جرهما على بالد الحجاز وقد ورد اسم يعرب هذا في شعر حسان بن‬
‫ثابت ‪:‬‬
‫فصرتم معربين ذوي نفر‬ ‫تعلمتم من منطق الشيخ يعرب أبينا‬
‫وفي شعر اخر ينسب الى مضاض بن عمرو الجرهمي من جرهم ‪ ،‬قيل انه‬
‫لما اخرجتهم االزد من مكة ‪ ،‬ويشك الدكتور جواد علي في نسبة هذين الشعرين الى‬
‫(‪)2‬‬
‫حسان ومضاض‬
‫ثالثا‪ -‬العرب المستعربة ‪:‬‬
‫وهم عرب الشمال ويقال لهم العدنانيون او النزاريون او المعديون وينتسبون‬
‫الى ع دنان بن ادد من ول د ث ابت بن الهمس يع بن تيمن بن نبت بن قي در بن اس ماعيل‬
‫‪ .‬وس موا بالمس تعربة ألن قي در اس ماعيل حين ن زل مك ة‬ ‫(‪)3‬‬
‫بن اب راهيم علي ه الس الم‬
‫مع ابيه ابراهيم وامه هاجر كان يتكلم العبرانية فلما صاهر قبيلة جرهم اليمنية تعلم‬
‫العربية وتكلم بها هو وابناؤه ‪ ،‬وتركوا العبرانية ‪ ،‬فسموا بالعرب المستعربة (‪.)4‬‬
‫وذكر االخباريون انه كان السماعيل اثني عشر ولدا من زوجته (زعلة) وهم‬
‫‪ :‬ث ابت ‪ ،‬وقي ذر ‪ ،‬واذب ل وميش ا ومس معا وماش ي ودم ا واذر وطيم ا ويط ور ونبش‬

‫()جواد علي ‪ :‬المفصل ج ‪ 1‬ص ‪358 – 357‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج ‪1‬ص ‪. 360 – 358‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص ‪ ، 44‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪84‬‬ ‫‪3‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج ‪ 2‬ص ‪71‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪28‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وقيذما ‪ ،‬وقد ورد اسما نابت وقيذر كثيرا في الرويات العربية ‪ .‬واخذ النسابون هذه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫االسماء من التوراة‬
‫أم ا عن ع دنان فلم ي رد اس مه في النص وص الجاهلي ة وال في المؤلف ات‬
‫(الكالس يكية ) ‪ ،‬وفي الش عر الج اهلي ورد اس م ع دنان في بيت ينس ب الى عب اس بن‬
‫م رداس ‪ ،‬مم ا ي دل على ان ع دنان لم يكن ج دا كب يرا في الجاهلي ة كم ا ص وره‬
‫االخب اريون اذ ( لو ك ان عدنان جدا كب يرا لوجب عقال تردد اس مه وورد شيء عن ه‬
‫والغريب اننا نجد اسم معد مذكورا عند بروكوبيوس وفي القديم من الشعر الجاهلي‬
‫مع انه ابن عدنان )(‪.)2‬‬
‫وقد وردت في الكتابات النبطية والثمودية اسماء قريبة من اسم عدنان مثل ‪:‬‬
‫" عبد عدنون " و " عدنون " ‪ ،‬اما الكتابات الجاهلية التي عثر عليها في اليمن ‪ ،‬فلم‬
‫يرد فيها هذا االسم ‪ ،‬او اسم اخر قريب منه (‪.)3‬‬
‫وتعتبر تهامة مواطن العدنانيين ‪ ،‬ولكن احواال قاهرة اضطرتهم الى التفرق‬
‫والهجرة فقد كانت القبائل العدنانية متشاحنة يحارب بعضها بعضا ‪ ،‬دفعهم الى ذلك‬
‫فقر البادية ‪ .‬والتقاتل على الكأل والماء ‪ .‬وكانت قضاعة اول من تشتت وتفرق بسبب‬
‫قت ال وق ع بينه ا وبين ن زار ‪ ،‬واعقب ذل ك هج رات اخ رى ‪ ،‬فانتش ر الع دنانيون في‬
‫مناطق واسعة من جزيرة العرب حتى وصلوا الى العراق والشام واختلطوا بالقبائل‬
‫االخرى وتفرقوا في كل مكان (‪.)4‬‬

‫جغرافية شبه الجزيرة العربية‬


‫تقع بالد العرب في القسم الجنوبي الغربي من قارة اسيا ‪ ،‬ويبلغ طولها من‬
‫رأس الخليج الع ربي الى العقب ة ح والي ال ف مي ل ‪ ،‬ومن البح ر الع ربي الى اط راف‬
‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪375‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪380- 379‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬المفصل ج‪ 1‬ص ‪380‬‬ ‫‪3‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬المفصل ج ‪ 1‬ص ‪381‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪29‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الهالل الخص يب ح والي ال ف وم ائتي مي ل ‪ ،‬وهي هض بة مرتفع ة في الغ رب تنح در‬
‫‪ .‬وق د‬ ‫(‪)1‬‬
‫ت دريجيا نح و الش رق – ح تى تص بح كالس هل عن د س واحل الخليج الع ربي‬
‫عرفت بالد العرب عند مؤرخي اليونان والروم ان باسم أرابي ا ‪ Arabia‬بينم ا يطلق‬
‫عليها مؤرخو العرب وجغرافييهم أسم " جزيرة العرب " ‪ ،‬وهي تسمية مجازية الن‬
‫‪ ،‬ولكن الع رب ك انوا يس مون ش به‬ ‫(‪)2‬‬
‫بالد الع رب ليس ت جزي رة وانم ا ش به جزي رة‬
‫الجزيرة جزيرة ‪ ،‬فهم يسمون شبه جزيرة ايبيريا جزيرة االندلس ‪ ،‬واطلقوا على ما‬
‫‪ .‬ام ا عن ح دود ش به الجزي رة العربي ة‬ ‫(‪)3‬‬
‫بين النه رين في الع راق اس م جزي رة اق ور‬
‫فيح دها من الش رق الخليج الع ربي وبح ر عم ان ومن الغ رب البح ر االحم ر ‪ ،‬ومن‬
‫الش مال بادي ة الش ام ‪ ،‬ومن الجن وب المحي ط الهن دي ‪ ،‬وتختل ف بالد الع رب من حيث‬
‫طبيعته ا ب اختالف اجزائه ا ‪ ،‬فبعض ها تغطي ه كثب ان الرم ل ‪ ،‬والبعض تكس وه‬
‫الص خور ‪ ،‬والبعض منخفض ‪ ،‬والبعض مرتف ع ‪ ،‬وتمت د على ط ول س احل البح ر‬
‫االحمر سلسلة جبال السراة " ويزداد ارتفاعها في الشمال حيث يبلغ معدل ارتفاعها‬
‫‪ 2000‬م ثم تنخفض في الوسط حتى تصبح كالتالل المتقطعة ‪ ،‬ثم تعود الى االرتفاع‬
‫في الجنوب حيث يصبح ارتفاعها حوالي ‪ 12‬قدم ‪ ،‬ويمتد من وسط الجزيرة سلسلتا‬
‫‪ .‬وفيه ا‬ ‫(‪)4‬‬
‫جب ال أج ا وس لمى او جبلي ش مر ‪ ،‬ويبل غ ارتفاعه ا ح والي ‪ 5500‬ق دم‬
‫ص حراوان كبيرت ان ‪ :‬ص حراء االحق اف في الجن وب ‪ ،‬وص حراء النف وذ في الش مال‬
‫وبين الص حراوين والسلس لتين ( أج ا وس لمى ) ‪ ،‬تنتش ر انج اد متس عة تك ثر فيه ا‬
‫الواح ات ‪ ،‬وتنم و فيه ا اش جار النخي ل ‪ ،‬ام ا الب وادي فأراض ي جاف ة تنش أ ع ادة من‬
‫اط راف البط اح الخص بة ‪ ،‬وتتالش ى في طالئ ع الرم ال الص حراوية ‪ ،‬وتتح ول في‬
‫موس م االمط ار الى م راع كث يرة الخص ب ‪ ،‬وتنتش ر الواح ات والح رات في الب وادي‬
‫على غير انتظام ‪ ،‬وتكثر في الواحات منابع المياه فتنبت فيها المزروعات ‪ ،‬ويتكاثر‬
‫فيها السكان ‪ ،‬اما الحرات فهي مناطق جافة وعرة تكثر فيها الحجارة السوداء ويقل‬

‫()صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص‪13‬‬ ‫‪1‬‬

‫() االلوسي – بلوغ االرب في معرفة احوال العرب ط مصر ‪ 1342‬هـ ج‪ 1‬ص ‪187‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم – دراسات في تاريخ العرب ص‪103‬‬ ‫‪3‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص‪13‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪30‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وقد قسم اليونان والرومان بالد العرب الى ثالثة اقسام طبيعية تتفق‬ ‫(‪)1‬‬
‫فيها العمران‬
‫مع حالة العرب السياسية في القرن االول الميالدي هي(‪:)2‬‬
‫بالد الع رب الص خرية ‪ Arabia Petraea‬او ‪ Arabia Petrix‬وتق ع في‬ ‫‪.1‬‬
‫الشمال من بالد العرب ‪ ،‬جنوب غربي بادية الشام وتضم شبه جزيرة سيناء ‪.‬‬
‫بالد العرب السعيدة ‪ ، Arabia felix :‬وهي اليمن والحجاز وعمان ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫بالد العرب الصحراوية ‪ ، Arabia Deserta‬وهي البادية الكبرى التي تمتد‬ ‫‪.3‬‬
‫من ح دود س ورية والع راق الى المحي ط الهن دي محاذي ة الخليج الع ربي وتش كل‬
‫بالد الع رب الص حراوية القس م االعظم من ه ذه االقس ام الثالث ة ‪ .‬ام ا جغرافي و‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫العرب فقد قسموا بالدهم الى خمسة اقسام كبرى وهي‬
‫تهام ة او الغ ور ‪ :‬وهي االراض ي الممت دة في مح اذاة الس احل الش رقي للبح ر‬ ‫‪)1‬‬
‫االحمر من اليمن جنوبا حتى العقبة شماال ‪ ،‬ويحجزها عن داخل شبة الجزيرة‬
‫سلس لة جب ال الس راه وق د س ميت تهام ة لش دة حره ا ‪ ،‬ورك ود ريحه ا ‪ ،‬وس ميت‬
‫غورا النخفاض أرضها ‪.‬‬
‫الحج از ‪ :‬ويق ع ش رقي تهام ة وش مالي بالد اليمن ‪ ،‬ويمت د الحج از ش ماال ح تى‬ ‫‪)2‬‬
‫فلس طين ‪ ،‬وق د س مي ك ذلك ألن ه يحج ز بين نج د وتهام ة ‪ ،‬ويض م من الم دن ‪:‬‬
‫يثرب والطائف وخبير وفدك وتيماء ‪.‬‬
‫نجد ‪ :‬وهي الهضبة الوسطى في شبه الجزيرة العربية ‪ ،‬وتقع بين اليمن جنوبا‬ ‫‪)3‬‬
‫وبادية السماوة شماال ‪ ،‬واطراف العراق شرقا ‪ ،‬وسميت نجدا الرتفاعها ‪.‬‬
‫اليمن ‪ :‬ويمت د من نج د ش ماال الى المحي ط الهن دي جنوب ا ‪ ،‬وش رقا الى حض ر‬ ‫‪)4‬‬
‫موت وعمان ‪ ،‬وفيه التهائم والنجد ‪ ،‬وسميت بهذا االسم ألنها بالد يمن وخير‬
‫وبركة ‪.‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪108-105‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ‪ ، 38-37‬مبروك نافع ‪ :‬ما قبل االسالم ص‪ ، 15‬س الم ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫دراسات ص ‪105-104‬‬
‫()االلوس ي ‪ :‬بل وغ االدب ج‪ 1‬ص‪ ، 187‬م بروك ن افع ‪ :‬عص ر م ا قب ل االس الم ص ‪، 22-18‬‬ ‫‪3‬‬

‫سالم ‪ :‬دراسات ص ‪114-109‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪31‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫العروض ‪ :‬وتشمل بالد اليمامة والبحرين ‪ ،‬وسميت عروضا العتراض جبالها‬ ‫‪)5‬‬
‫بين اليمن ونجد والعراق وكانت اليمامة تسمى قديما " جوا " فلما نزلتها طسم ‪.‬‬
‫أما مناخ شبه الجزيرة العربية فصحراوي ‪ ،‬حار جدا في الصيف ‪ ،‬وبارد جدا‬
‫في الشتاء ‪ ،‬ومن حيث االمطار فقليلة تسقط صيفا بفعل الرياح الموسمية االتية‬
‫من شرقي افريقيا ‪ ،‬وتتوفر المياه الباطنية في معظم انحاء الجزيرة ‪ ،‬وغالبا ما‬
‫تكون قريبة من سطح االرض ‪ .‬حيث تكون كمياتها كافية للزراعة واالستيطان‬
‫‪ ،‬وك ذلك تت وفر المي اه في بط ون االودي ة وفي بالد اليمن مم ا س اعد على‬
‫‪ .‬ام ا من ناحي ة الحاص الت‬ ‫(‪)1‬‬
‫الزراع ة واالس تقرار ونش وء الحض ارات‬
‫الزراعي ة والنبات ات ‪ ،‬فيأتي النخي ل في مق دمتها ‪ ،‬ويكثر وج ودة في الواح ات ‪،‬‬
‫وخصوصا في خيبر والمدينة وفي هجر من بالد البحرين وفي اليمامة ويزرع‬
‫من الحب وب القمح والش عير وال ذرة وال دخن وتش تهر ف دك ووادي الق رى وخي بر‬
‫والمدينة والبحرين بإنتاج الشعير اما القمح فيكثر في اليمامة ‪ ،‬والذرة في عسير‬
‫وتشتهر الطائف بإنتاج الكروم وانواع الفاكهة ‪ ،‬ويزرع البرتقال والسفرجل في‬
‫المناطق المرتفعة ‪ ،‬والموز في بعض الوديان الصالحة نحو الجنوب (‪.)2‬‬
‫العصر الجاهلي ‪:‬‬
‫ع رف عص ر م ا قب ل االس الم في الجزي رة العربي ة " بالعص ر الج اهلي ‪،‬‬
‫والجاهلية هنا ال تؤخذ بمعنى الجهل الذي هو نقيض العلم ‪ .‬بل تعني السفة والغضب‬
‫واالنفة ‪ ،‬وهي الحال التي كانت عليها العرب قبل االسالم لما كانوا عليه من مزيد‬
‫‪ .‬وي رى بعض الم ؤرخين ان الجاهلي ة في‬ ‫(‪)3‬‬
‫الجه ل في كث ير من االعم ال واالحك ام‬
‫المع نى الص حيح في ذل ك العص ر ال ذي لم يكن لبالد الع رب في ه ن اموس وازع ‪ ،‬وال‬
‫‪ .‬اي ان عرب الجاهلية كانوا على جهل بالشرائع الحقة‬ ‫(‪)4‬‬
‫نبي ملهم وال كتاب منزل‬
‫واالحك ام العادل ة والمث ل العلي ا ال تي ج اء به ا االس الم ‪ ،‬وعلى ه ذا االس اس يص ح‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪15‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص ‪ ، 28‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪15‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن منظ ور ‪:‬لس ان الع رب ‪ ،‬ط ب والق ‪ 1303‬هـ ‪ ،‬ج‪ 13‬ص‪ ، 136‬االلوس ي ‪ :‬بل وغ االرب‬ ‫‪3‬‬

‫ج‪ 1‬ص ‪17‬‬


‫() فيليب حتي ‪ :‬تاريخ العرب ج‪ 1‬ص ‪117‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪32‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وقد ورد لفظ‬ ‫(‪)1‬‬
‫اطالق لفظ الجاهلية هذا على العصر السابق لعصر النبي (ص)‬
‫الجاهلية في القران الكريم والحديث النبوي والشعر الجاهلي ‪ ،‬قال تعالى في سورة‬
‫البق رة ‪ ( :‬ق الوا أتخ ذنا ه زوا ق ال اع وذ باهلل ان أك ون من الج اهلين ) ‪ ،‬وفي س ورة‬
‫االع راف ‪( :‬خ ذ العف و وأم ر ب المعروف واع رض على الج اهلين ) ‪ ،‬وفي س ورة‬
‫الفرقان ‪( :‬وعباد الرحمن الذين يمشون على االرض هونا ‪ ،‬واذا خاطبهم الجاهلون‬
‫‪ ،‬وقول ه ع ز وج ل ‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ق الوا س الماً ) ‪ ،‬وق ال تع الى ‪( :‬أفحكم الجاهلي ة يبغ ون )‬
‫‪ ،‬و ‪ ( :‬اذ جع ل ال ذين كف روا في قل وبهم‬ ‫(‪)3‬‬
‫(يظن ون باهلل غ ير الح ق ظن الجاهلي ة)‬
‫‪ .‬وقول ه تع الى ‪ ( :‬وق رن في بي وتكن وال ت برجن ت برج‬ ‫(‪)4‬‬
‫الحمي ة حمي ة الجاهلي ة )‬
‫الجاهلي ة االولى ) ‪ .‬وق د اختلفت اراء المفس رين في الم راد بالجاهلي ة االولى ‪ ،‬فقي ل‬
‫انه ا ال زمن ال ذي ول د في ه اب راهيم علي ه الس الم ‪ ،‬حيث ك انت الم رأة تلبس ال درع من‬
‫اللؤلؤ فتمشي في وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال ‪ ،‬وقيل انها الفترة ما بين‬
‫ادم ونوح (ع) وهي ثمانمائة سنة ‪ ،‬ورأى فريق اخر انها الفترة ما بين نوح وادريس‬
‫‪ ،‬ومنهم من جعله ا م ا بين ن وح واب راهيم (ع) ‪ ،‬وانه ا تع ني الف ترة م ا بين موس ى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫وعيس ى (ع) ‪ ،‬في حين ذك ر اخ رون انه ا لف ترة م ا بين عيس ى ومحم د (ص)‬
‫وجاء في الحديث النبوي ان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال ألبي ذكر وقد تحير‬
‫رجال بأم ه ‪ ( :‬ان ك ام رؤ في ك جاهلي ة ) ‪ ،‬اي في ك روح الجاهلي ة ‪ ،‬وق ريب من ه ذا‬
‫‪ .‬ورد في ق ول عم رو بن كلث وم‬ ‫(‪)6‬‬
‫المع نى اس تعمالهم اس تجهله الش يء اي اس تخفه‬
‫التغلبي قوله ‪:‬‬
‫فنجهل فوق جهل الجاهلينا‬ ‫أال ال يجهلن أحد علينا‬
‫ويظه ر مم ا تق دم ان كلم ة الجاهلي ة اس تخدمت من ذ الق دم للدالل ة على الس فة‬
‫والطيش والحمق ‪ ،‬وقد اخذت تطلق على العصر القريب من االسالم او بعبارة ادق‬

‫() عبدالكريم زيدان ‪ :‬المدخل لدراسة الشريعة االسالمية – بغداد ‪ ، 1969‬حاشية ص ‪15‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة المائدة ‪ :‬اية ‪50‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة ال عمران ‪ :‬اية ‪154‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سورة الفتح ‪ :‬اية ‪26‬‬ ‫‪4‬‬

‫() االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪17‬‬ ‫‪5‬‬

‫() احمد امين ‪ :‬فجر االسالم ص ‪70 – 69‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪33‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫على العص ر الس ابق ل ه مباش رة وك ل م ا ك ان في ه من وثني ة واخالق قوامه ا الحمي ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫واالخذ بالثأر واقتراف ما حرمه الدين من الموبقات‬

‫الحياة السياسية في الجزيرة العربية قبل االسالم‬


‫ك انت القبيل ة هي الوح دة السياس ية عن د الع رب في العص ر الج اهلي ‪ ،‬ف أفراد‬
‫القبيلة ينتمون او يعتقدون انهم ينتمون الى اصل واحد مشترك تجمعهم وحدة الجماعة‬
‫وت ربطهم رابط ة العص بية لأله ل والعش يرة ‪ ،‬ورابط ة العص بية هي ش عور بالتماس ك‬
‫والتضامن واالندماج بين من تربطهم رابطة الدم ‪ ،‬فهي بذلك مصدرا للقوة السياسية‬
‫والدفاعية التي تربط بين افراد القبيلة ‪ ،‬فتعمل بذلك على بقاء المجتمع وحفظ كيانه ‪،‬‬
‫وهي تع ادل الش عور بالقومي ة في العص ر الحاض ر ‪ ،‬ولكن رابط ة ال دم فيه ا اق وى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫واوض ح ‪ ،‬والف رد يرتب ط ارتباط ا وثيق ا بقبيلت ه وينص رها ظالم ة او مظلوم ة‬
‫والعص بية عن د الع رب نوع ان ‪ :‬عص بية ال دم وهي أس اس القراب ة ومص در التراب ط‬
‫الوثي ق بين اف راد القبيل ة ‪ ،‬ثم عص بية االنتم اء الى اب بعي د او ج د مش ترك من نس له‬
‫تكونت القبيلة او القبائل المنتمية اليه ‪ ،‬وعلى هذا االساس لم تكن للعرب في الجاهلية‬
‫نزع ة او ش عور بالقومي ة الش املة ‪ ،‬ذل ك الن وعيه ا السياس ي ك ان ض عيفا مح دودا ال‬
‫‪ .‬وهكذا كان المجتمع العربي‬ ‫(‪)3‬‬
‫يتجاوز القبيلة او القبائل المنتمية الى الجد المشترك‬
‫في الجاهلي ة مجتمع ا مفكك ا سياس يا ينقس م الى وح دات متع ددة قائم ة ب ذاتها ‪ ،‬تمثله ا‬
‫القبائ ل المختلف ة ‪ ،‬فالعص بية في ذل ك المجتم ع قض ت على فك رة التراب ط السياس ي ‪،‬‬
‫حتى في حالة االنتساب الى احدى المجموعتين الكبيرتين ‪ :‬العدنانية والقحطانية مما‬
‫‪ .‬وتستوفي القبيلة كافة مقومات الدولة‬ ‫(‪)4‬‬
‫ادى الى قيام صراع بين هاتين العصبيتين‬
‫س وى االرض الثابت ة ال تي تح دد منطق ة نفوذه ا فق د ك ان ض يق اس باب الحي اة في‬
‫الص حراء ح افزا لتل ك القبائ ل على التنق ل والحرك ة والس عي وراء العيش اال انه ا في‬

‫() شوقي ضيف ‪ :‬العصر الجاهلي ط الربعة ‪ 1960‬ص ‪39‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪ ، 152‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 569‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم دراسات ‪ :‬دراسات ص ‪570‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ص ‪570‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪34‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بعض االحي ان تكون له ا منطق ة خاص ة تتجول في نطاقها وت دعى ال دار او قد تنشئ‬
‫لنفس ها حمي اي منطق ة ثابت ة من االرض ال يج وز لغيره ا ان يخترقه ا او يس تعملها‬
‫‪ .‬ام ا عن نظم الحكم الس ائدة في تل ك المجتمع ات القبلي ة ‪ ،‬فق د ك ان لك ل قبيل ة‬ ‫(‪)1‬‬

‫مجلس من ش يوخها يرأس ه رج ل يتم اختي اره من بين اف راد القبيل ة ‪ ،‬ويطلق ون علي ه‬
‫‪ .‬ويش ترط فيمن يت ولى ه ذا‬ ‫(‪)2‬‬
‫ع دة الق اب منه ا ‪ :‬ال رئيس والش يخ واالم ير والس يد‬
‫المنص ب ان تت وفر في ه ع دة ص فات تؤهل ه لقي ادة القبيل ة ورئاس تها منه ا الش جاعة‬
‫والحكمة والصبر والكرم وان يكون ذا نفوذ عظيم وقوة في البيان ورأى ثاقب ‪ .‬وقد‬
‫ذكر الجاحظ في كتاب شرائع المروة ( ان العرب كانت تسود على اشياء اما مضر‬
‫فتسود ذا رأيها ‪ ،‬واما ربيعة فمن اطعم الطعام ‪ ،‬واما اليمن فعلى النسب ‪ ،‬وكان اهل‬
‫الجاهلي ة ال يس ودون اال من تك املت في ه س ت خص ال ‪ :‬الس خاء والنج دة والص بر‬
‫‪ .‬وتتم رئاس ة القبيل ة باالنتخ اب الح ر بين االفراد ‪ ،‬اذ‬ ‫(‪)3‬‬
‫والحلم والتواضع والبي ان )‬
‫لم يكن مب دأ الوراث ة مقب وال عن د الع رب لم ا ق د ي ؤدي الي ه ذل ك من تقيي د للحري ات ‪.‬‬
‫‪ .‬وكان‬ ‫(‪)4‬‬
‫واذا حدث انتخاب االبن بعد ابيه فإنما يتم ذلك لتوفر شروط الرياسة فيه‬
‫على سيد القبيلة واجبات اهمها قيادة الجيش اوقات الحروب ‪ ،‬وتولي امر المفاوضات‬
‫م ع القبائ ل االخ رى ‪ ،‬وفض المنازع ات والحكم في الخالف ات ‪ ،‬واعان ة الض عفاء ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫واي واء الغ ريب واج ازة المج ير وال ذود عن النس اء والمحافظ ة على وح دة القبيلة‬
‫ومن واجباته ايضا تقسيم الغنائم بين المقاتلين ‪ ،‬وله فيها حقوق وامتيازات ‪ ،‬اجملها‬
‫(‪)6‬‬
‫عبداهلل الظبي في البيت التالي ‪:‬‬
‫وحكمك والنشيطة والفضول‬ ‫لك المرباع منها والصفايا‬

‫()صالح العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪153 ، 150‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي للدولة العربية ج‪ 1‬ط مصر ‪ 1967‬ص ‪49‬‬ ‫‪2‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص ‪187‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ص الح العلي ‪ :‬محاض رات في ت اريخ الع رب ص ‪ . 157‬س الم ‪ :‬دراس ات في ت اريخ الع رب‬ ‫‪4‬‬

‫ص ‪573-572‬‬
‫()علي ابراهيم حسن ‪ :‬التاريخ االسالمي العام ص ‪.482-481‬‬ ‫‪5‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 1‬ص ‪. 372‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪35‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وك ان مجلس القبيل ة يعق د اجتماعات ه ب دار الن دوة ‪ ،‬او المنت دي ‪ ،‬حيث تن اقش‬
‫االم ور والمس ائل ال تي تخص القبيل ة ‪ ،‬ك إعالن الح رب ‪ ،‬او اق رار الس لم ‪ ،‬وتتخ ذ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫القرارات بعد التشاور والمناقشات باألغلبية‬

‫اليمن‬
‫تق ع بالد اليمن في القس م الجن وبي من ش به جزي رة الع رب ‪ ،‬وق د امت ازت‬
‫ب وفرة امطاره ا ال تي تس قط ص يفا بفع ل الري اح الموس مية االتي ة من ش رقي افريقي ة‬
‫وك ان ذل ك ع امال لنش وء النه يرات الص غيرة والس يول ال تي يس تفاد منه ا في الزراع ة‬
‫ال تي ادى ازدهاره ا في ه ذه البالد الى االس تقرار وظه ور بيئ ات حض رية في ش كل‬
‫‪ .‬وق د اختلفت االخب اريون في اص ل تس مية اليمن به ذا االس م ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ممال ك مزده رة‬
‫فذكر المسعودي ان اليمن انما سمي يمنا ألنه عن يمين الكعبة وهو التيمن ‪ ،‬وسمي‬
‫الش ام ش اما ألن ه عن ش مال الكعب ة ‪ ،‬وس مي الحج از حج ازا ألن ه حج ز بين اليمن‬
‫‪ .‬وقيل ايضا ان اليمن سمي يمنا ليمنه والشام شاما لشؤمه في حين يرى‬ ‫(‪)3‬‬
‫والشام‬
‫البعض االخر ان اصل التسمية جاءت حين تفرقت لغات الناس ‪ ،‬ببابل فتيمن بعضهم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫يمين الشمس وهو اليمن‬
‫اما في النصوص السبأية القديمة فقد ورد اسم اليمن في عدة صيغ منها ‪-:‬‬
‫يمنات ويمنت ‪ ،‬أما عند مؤرخي اليونان والرومان فقد عرفت ببالد العرب‬
‫‪ ،‬وقد ذكر االلوسي بالد اليمن فقال ( هذا‬ ‫(‪)5‬‬
‫السعيدة ‪ Arabia Felix‬لكثرة خيراتها‬
‫اقليم عظيم متسع االرجاء متباعد االطراف واالنحاء ‪ ،‬ولم تزل محمودة على السنة‬
‫االص فياء لم ا اودع اهلل فيه ا من البرك ة في جمي ع االش ياء ‪ ،‬وك انت تس مى الخض راء‬

‫() ص الح العلي ‪ :‬محاض رات في ت اريخ الع رب ص ‪ ، 155‬وعلى اب راهيم حس ن ‪ :‬الت اريخ‬ ‫‪1‬‬

‫االسالمي ‪.‬العام ص ‪. 478‬سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 575‬‬


‫() صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص‪ – 17‬ماجد التاريخ السياسي للدولة العربية‬ ‫‪2‬‬

‫ج‪ 1‬ص ‪. 66‬‬


‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪.69‬‬ ‫‪3‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ص ‪.69‬‬ ‫‪4‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 126‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪36‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وقد اشتهرت‬ ‫(‪)1‬‬
‫لكثرة مزارعها او نخيلها واشجارها واثمارها ومراعيها وريعها )‬
‫اليمن بتج ارة العط ور والبخ ور والطي وب والم ر والك افور وغيره ا وك انت له ذه‬
‫المنتجات اهمية كبرى في العالم القديم ‪ ،‬فلقيت سوقا رائجة في مصر الفرعونية فقد‬
‫ك ان المص ريون يس تخدمون الطيب والبخ ور لتحني ط جثث الم وتى ‪ ،‬وباإلض افة الى‬
‫قي ام اه ل اليمن بتص ريف منتجاتهم الوطني ة ‪ ،‬فق د ك انوا يعمل ون وس طاء للتج ارة بين‬
‫الهن د وبالد الع راق ومص ر والش ام ‪ ،‬فعن طري ق اليمن ك انت آللئ الخليج الع ربي‬
‫والتواب ل والس يوف الهندي ة والحري ر الص يني والع اج وال ذهب االثي وبي ‪ ،‬تص ل الى‬
‫‪ .‬والى جانب ما اشتهرت به اليمن من انتاج انواع الطي وب‬ ‫(‪)2‬‬
‫مصر والشام والعراق‬
‫وبت وافر ه ذا المع دن في عش م‬ ‫(‪)3‬‬
‫والم ر والك افور ‪ ،‬اش تهرت ك ذلك بوج ود ال ذهب‬
‫ومن معادنها ايضا الفضة والرص اص والحديد ويتوافر هذا‬ ‫(‪)5‬‬
‫ومأرب‬ ‫(‪)4‬‬
‫وضنكان‬
‫االخير في عدن واالراضي الممتدة بين صعدة والحجاز وفي احد جبال نجران ‪ ،‬اما‬
‫الفضة فتوجد في الرضراض ويوجد معدن الرصاص في المنطقة المحصورة ما بين‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫فهم وخوالن‬

‫الحياة السياسية في اليمن ‪:‬‬


‫يبدو ان القبيلة كانت هي الوحدة االجتماعية والسياسية التي اضطلعت بواجب‬
‫تنظيم المجتمع في اليمن في مراحله المبكرة شأنه في ذلك شأن بقية المجتمعات التي‬
‫اقامتها االقوام العربية القديمة ‪ ،‬غير ان حياة االستقرار التي نشأت عن الزراعة وما‬
‫تعل ق به ا من ح رف وخ دمات ونش اطات تجاري ة ق د ادت الى نش أة الق رى والم دن‬
‫والدول مما يعني ان السكان في المنطقة الواحدة لم يعودوا مقتصرين على ابناء قبيلة‬

‫() االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪. 3-2 – 202‬‬ ‫‪1‬‬

‫() فيليب حتي ‪ :‬تاريخ العرب ص‪ ، 59‬ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي ج‪ 1‬ص ‪ ، 67‬سالم ‪ :‬دراسات‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪. 128‬‬
‫() فيليب حتي ‪ :‬تاريخ العرب ص ‪. 57‬‬ ‫‪3‬‬

‫()االلوسي – بلوغ االرب ج‪ 2‬ص ‪. 204‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ابن رسته – االعالق النفسية ‪ ،‬ط لندن ‪ 1891 ،‬ص‪. 113‬‬ ‫‪5‬‬

‫()االلوسي – بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪. 204‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪37‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫واح دة ‪ ،‬وإ نم ا اخ ذوا يت ألفون من ابن اء ع دة قبائ ل يجمعهم ن وع من التح الف ال ذي‬
‫تفرضه المصالح المشتركة ‪ ،‬وقد ادى هذا التطور الى ظهور مصطلح ( شعب) وهو‬
‫مص طلح ي دل على ظه ور (( جماع ة)) تتج اوز في تكوينه ا ح دود القبيل ة لتت ألف من‬
‫مجموعة قبائل بينها عالقات الجوار والمصالح المشتركة ‪ ،‬ويتزعمها شيوخ القبائل‬
‫الذين يتكون منهم ذلك الشعب (( يرى هارتمان ان لفظ شعب كان في البداية تنظيما‬
‫دينيا ‪ ،‬اي جماعة إرتبط نشاطها بعبادة إله ما وبمعبد هذا االله )) ‪ ،‬وهكذا فقد اصبح‬
‫المعب د ه و المرك ز الموج ه للحي اة االقتص ادية واالجتماعي ة والسياس ية والثقافي ة‬
‫للشعب ‪ ،‬وكان القائم على شؤون المعبد هو الناطق بأسم اله الشعب ‪ ،‬وهو الموجه‬
‫لمجم ل الحي اة العام ة ‪ ،‬وب ذلك اجتمعت في ي ده الس لطتين الديني ة والسياس ية ‪ ،‬ومن ثم‬
‫ك ان اول لقب حمل ه الحك ام في دول ة س بأ ه و ( مك رب ) اي المق رب من األل ه ‪،‬‬
‫بمعنى الحاكم الديني او امير الكنهوت ‪.‬‬
‫ان قي ام المعب د بقي ادة الحي اة الديني ة والسياس ية في اليمن ق د جع ل من حق ه ان‬
‫تكون له امالكه الخاص ة ومص الحه المتم يزة ‪ ،‬فض ال عن حق ه في ف رض الضرائب‬
‫وبعض الواجب ات على ابن اء الش عب ‪ ،‬وهك ذا نش أت في اليمن س لطة اقطاعي ة تهيمن‬
‫على االرض واس تغاللها بأس م اهلل والمعب د والمل ك ‪ ،‬فك ان للمعب د امالك ه واقطاعيات ه‬
‫وال تي تع ني في الواق ع اقطاعي ات المل ك واعوان ه من س ادات القبائ ل واش راف‬
‫المجتمع ‪ ،‬كما اصبح للملك ولالشراف امالكهم واقطاعياتهم الخاصة بهم في مرحلة‬
‫الحق ة من تط ور المجتم ع في اليمن ‪ ،‬ان التط ورات اآلنف ة ال ذكر ق د اوج دت المن اخ‬
‫المالئم لظهور الدول في اليمن وتوسعها ‪ ،‬وقد امتاز اليمن بكثرة الحصون والمسالح‬
‫وكانت القصور تعرف بالمحافد ‪ ،‬ومن تلك المحافد – غمدان وناعط ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫والقصور‬
‫وصرواح وسلحين وظفار ‪ ،‬وهكر وضهر ‪ ،‬وشبام ‪ ،‬وبينون ‪ ،‬و ريام ‪ ،‬وبراقش ‪،‬‬
‫ومعين وهند ‪ ،‬وهنيدة ‪ ،‬وعمران ‪ ،‬ويعرف صاحب المحفد والقصر بذي ‪ ،‬وجمعها‬
‫اذواء ‪ ،‬فيق ال ذو غم دان ‪ ،‬وذو ص رواح ‪ ،‬وذو معين ‪ ،‬واذا انض م ع دد من ه ذه‬
‫المحافد في مقاطعة كبيرة سمي مخالف ويتولى الحكم فيه امير يعرف بقيل ‪ ،‬جمعها‬

‫() اقسام سياسية اشبه ما تكون باألماكن المحصنة او االقسام االدارية ( ماجد ‪ :‬تاريخ السياسي ج‬ ‫‪1‬‬

‫‪، 1‬ص ‪. ) 68‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪38‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫واشهر مخاليف اليمن مخالف صنعاء ‪ ،‬ومخالف شاكر ‪ ،‬ومخالف ضنكان‬ ‫(‪)1‬‬
‫اقيال‬
‫‪ ،‬ومخالف هم دان ‪ ،‬ومخالف خ والن ‪ ،‬وذكر اليعق وبي ان اليمن ك ان يش تمل على (‬
‫‪ ) 84‬مخالفا (‪.)2‬‬
‫ومن اشهر قصور اليمن قصر غمدان ‪ ،‬وسحلين ‪ ،‬وبينون ‪ ،‬وقد ذكرها احد‬
‫الشعراء في البيت التالي ‪-:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وبعد بينون يبني الناس بنيانا‬ ‫هل بعد غمدان او سلحين من أثر‬
‫ام ا عن م دن اليمن القديم ة فأش هرها " م أرب " ال تي ع رفت ق ديما باس م س بأ‬
‫(‪)4‬‬
‫نسبة الى سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان اول ملوك الدولة السبأية في اليمن‬
‫ويرى ياقوت الحموي ان اسم سبأ لم يكن يشمل سوى منطقة نفوذ السبئيين وان اسم‬
‫‪ .‬وتق ع م أرب الى الجن وب الش رقي من‬ ‫(‪)5‬‬
‫م أرب ك ان يطل ق على اح د قص ورهم‬
‫صنعاء ‪ ،‬بينها وبين صنعاء ‪ 60‬ميال وقد اشتهرت هذه المدينة كمركز تجاري هام‬
‫لطريق القوافل بين حضر موت جنوبا والحجاز شماال وازدهرت ازدهارا ال مثيل له‬
‫في ظ ل الس بائيين فش يدوا فيه ا الس دود والمعاب د والقص ور والحص ون ال تي م ا زالت‬
‫ومن مدن اليمن القديمة ايضا ‪ ،‬صنعاء " ذمار" التي ذكر‬ ‫(‪)6‬‬
‫أثارها باقية حتى اليوم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫ياقوت انها كانت على مقربة من صنعاء وفي رأي اخر ان ذمار اسم لصنعاء‬
‫ثم أتخذ االحباش صنعاء حاضرة لهم بعد غزوهم اليمن ‪ ،‬وأنشأ فيها ابرهة الكنسية‬
‫‪ ،‬ومنه ا مدين ة نج ران ‪ ،‬ال تي ك انت مرك زا للنص رانية في‬ ‫(‪)8‬‬
‫المش هورة باس م القليس‬
‫جن وب ش به الجزي رة العربي ة من ذ ان تمكن ال راهب فيمي ون من نش ر ال دين المس يحي‬

‫() ج واد علي – ت اريخ الع رب قب ل االس الم ج‪ 3‬ص ‪ ، 137‬س الم – دراس ات ص ‪، 133‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 134‬‬
‫() اليعقوبي – تاريخ اليعقوبي ج‪ 1‬ص ‪ 201‬ط بيروت ‪.1960‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن الفقيه الهمذاني – مختصر كتاب البلدان ط ليدن ‪ 1885‬ص ‪. 35‬‬ ‫‪3‬‬

‫() االلوسي – بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪. 207‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ياقوت ‪ :‬معجم البلدان ط بيروت ‪ 1955‬ص ‪ 34‬المجلد الخامس ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ‪. 138‬‬ ‫‪6‬‬

‫()ياقوت ‪ :‬معجم البلدان مجلد ‪ 3‬ص‪.7‬‬ ‫‪7‬‬

‫()ابن االثير – الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 442‬‬ ‫‪8‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪39‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫كذلك لعبت مدينة‬ ‫(‪)1‬‬
‫بها في سنة ‪ 500‬م وأسس كنيسة على المذهب المونوفيزيتي‬
‫صرواح دور هاما في تاريخ اليمن القديم ‪ ،‬وكان موقعها بين صنعاء ومأرب ‪ ،‬وك ان‬
‫السبأيون قد اتخذوا هذه المدينة في بادئ االمر عاصمة لهم ‪ ،‬فأقاموا فيها المعابد ‪،‬‬
‫ومن مدن اليمن ايضا معين ‪ ،‬عاصمة‬ ‫(‪)2‬‬
‫وتعتبر صرواح من أهم أثار اليمن القديمة‬
‫المعينيين التي كانت باسم" قرناو " ثم مدينة " ظفار " عاصمة الدولة الحميرية وكان‬
‫موقعها على الطريق الموصل من صنعاء الى ذمار وتريم من الجنوب ‪.‬‬
‫ومن أهم الممالك العربية التي قامت في اليمن قبل االسالم هي ‪:‬‬
‫الدولة المعينية‬ ‫‪.1‬‬
‫الدولة القتبانية‬ ‫‪.2‬‬
‫دولة الحضارمة‬ ‫‪.3‬‬
‫مملكة أوسان‬ ‫‪.4‬‬
‫الدولة السبأية‬ ‫‪.5‬‬
‫الدولة الحميرية‬ ‫‪.6‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص‪.139‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص‪ ، 21‬سالم – دراسات ص‪. 140‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪40‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الفصل الثاني‬
‫ممالك جنوب الجزيرة العربية‬
‫دولة اليمن قبل االسالم‬
‫‪ .1‬الدولة المعينية‬
‫‪ .2‬الدولة القتبانية‬
‫‪ .3‬دولة الحضارمة‬
‫‪ .4‬مملكة أوسان‬
‫‪ .5‬الدولة السبأية‬
‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪41‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .6‬الدولة الحميرية‬
‫‪ .7‬كندة‬
‫‪ .8‬لحيان‬

‫الدولة المعينية‬
‫تعت بر الدول ة المعيني ة من اق دم ال دويالت ال تي ق امت ببالد اليمن قب ل‬
‫االس الم ‪ ،‬وق د اورد اس م المعين يين في المص ادر اليوناني ة والروماني ة ‪ ،‬فس ماهم‬
‫اس ترابون ودي ودور الص قلي وبل نيوي ب ( ‪ ، ) Minaei‬وذك ر اس ترابون ان‬
‫عاصمتهم مدينة ( قرناو ) (‪، )1()Karna‬‬
‫ولم يكن العلماء يعرفون معين وال اكتشفوا انقاضها ‪ ،‬فذهب بعضهم الى‬
‫ان لفظة ‪ Minaei‬نسبة الى جبل منى قرب مكة ‪ ،‬حتى وفق المستشرق جوزيف‬
‫هالفي الى ارتياد بالد الجوف الجنوبي شرقي صنعاء ‪ ،‬واكتشف انقاض معين ‪،‬‬
‫وق رأ اس مها عليه ا بالمس ند وبجانبه ا ب راقش ‪ ،‬ف ذهب ه اليفي ووافق ه في ذل ك‬
‫جالزر ان معين هي البل د ال تي ينتس ب اليه ا المعي نيون ‪ ،‬وان ه ذه الم دن ال تي‬
‫اكتش فها ه اليفي في الجوف هي م دن معيني ة وال سيما ب راقش التي ك انت تعرف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫باسم ( يثيل )‬
‫وبفضل الدراسات العلمية التي قام بها (مولر) على النقوش التي اكتشفها‬
‫جالزر وجوس ن ‪ ،‬اس تطعنا معرف ة الكث ير عن ت اريخ ومل وك ه ذه الدول ة ‪ ،‬وق د‬
‫حصر مولر عدد الملوك الذين قرأ اسماءهم في هذه النقوش ‪ ،‬فذكر ( ‪ )26‬اسما‬
‫موزعين على خمس اسرات ‪ ،‬في حين ذكر )فلبي) اسماء (‪ )22‬ملكا نظمهم في‬
‫خمس اس رات ‪ ،‬وذهب الى الق ول ب أن اول عه د مملك ة معين به ذه االس رات ق د‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪42‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫رج ع الى ع ام ( ‪1120‬ق‪.‬م) حيث حكمت االس رة االولى ‪ ،‬وك ان ع دد ملوكه ا‬
‫(‪، )3‬‬
‫اربعة‬
‫ويظه ر من دراس ة النق وش المعيني ة ان نظ ام الحكم في دول ة معين ك ان‬
‫ملكي ا وراثي ا مقي دا ‪ ،‬وق د يش ارك االبن اب اه في الحكم ‪ ،‬وهن اك مجلس استش اري‬
‫(‪)4‬‬
‫يعاون الملك في الحكم ويحد من سلطانه‬

‫ومن المل وك المعين يين ( اليف ع وق ة ) ال ذي ع ثر على اس مه في الخرب ة‬


‫السوداء ‪ ،‬وهي مدينة (نشان) في الكتابات المعينية ‪ ،‬وذكر معه اسم ابنه ( وقة‬
‫ايل صدق ) الذي خلفه في حكم اليمن ‪ ،‬كما ورد اسم ( اليفع وقة ) مع اسم ابن‬
‫ل ه ي دعى ‪ ( ،‬اب و ك رب يث ع ) ‪ ،‬في نقش ع ثر علي ه في دي دن ( العال) ‪ ،‬ومن‬
‫مل وكهم ايض ا المل ك ( اب ي دع يث ع ) و( وق ة اي ل ري ام ) و( يث ع اي ل ص ديق )‬
‫و( يثع ايل ريم ) وابنه ( تبع كرب ) ‪ ،‬وفي عهد هذين االخرين ضعفت الدولة‬
‫‪ ،‬وكانت هناك مجالس تعرف باسم ( مسود )‬ ‫(‪)1‬‬
‫المعينية وخضعت لنفوذ السبأيين‬
‫تدير شؤون الحكم في المدن المعينية في السلم والحرب ‪ ،‬وتشابه دار الندوة في‬
‫مك ة في العص ر الج اهلي(‪ ، )2‬وتمت ع ه ذه الم دن باس تقالل ذاتي ‪ ،‬وي راس مجلس‬
‫ش يوخها رئيس ينتخب لم دة س نة واح دة قابل ة للتجدي د ‪ ،‬وك ان له ؤالء الرؤس اء‬
‫مكانة سامية ‪ ،‬فقد كانت اسماؤهم تدون في سجالت المدينة او المعابد ‪ ،‬وي ذكرهم‬
‫المؤرخون في وثائقهم ‪ ،‬حتى ان بعض الملوك كانوا يؤرخون توليتهم ويحددونها‬
‫(‪)3‬‬
‫بذكر الرئيس الذي كان قائما آنذاك‬
‫اما عن نظام الضرائب في مملكة معين ‪ ،‬فتدل النقوش انها كانت تنقسم‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الى ثالثة انواع‬
‫ضرائب تعود جبايتها الى خزانة الملك‬ ‫‪.1‬‬
‫ض رائب تعود جبايته ا الى المعاب د ‪ ،‬وه ذه نوع ان ‪ :‬نوع يع رف‬ ‫‪.2‬‬
‫باسم ( اكرب ) وهي الضرائب التي تقدمها القبائل تقربا لآللهة ‪،‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪43‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ونوع آخر اجباري كان يفرض على المواطنين يقال له ( العشر‬
‫)‬
‫ضرائب تعود جبايتها الى المشايخ والحكام ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫الحياة االقتصادية ‪:‬‬


‫م ارس المعي نيون التج ارة ‪ ،‬فس يطروا على الط رق التجاري ة بين الش مال‬
‫والجنوب وامتد نفوذهم السياسي الى الحجاز شماال ‪ ،‬فدخلت معان وديدن ‪ ،‬تحت‬
‫‪ ،‬وك ان الطري ق التج اري ال بري ال ذي يرب ط بين اليمن والش ام‬ ‫(‪)1‬‬
‫النف وذ المعي ني‬
‫ومص ر وال ذي يم ر بغ ربي تيم اء تحت س يطرة المعين يين ت ارة والس بأيين ت ارة‬
‫اخرى ‪ ،‬االمر الذي استلزم مرابطة طائفة من الحكام المعينيين او السبأيين الذين‬
‫ك انوا يعاه دونهم على الطري ق التج اري ال ذي تس لكه القواف ل التجاري ة ‪ ،‬وك انت‬
‫تراب ط معهم حامي ات عس كرية للحماي ة وجالي ات جنوبي ة من التج ار ‪ ،‬كم ا ك انت‬
‫تقيم معهم جالي ة من االفريق يين الكوش يين ال ذين ك انوا يمارس ون التج ارة م ع‬
‫‪ ،‬وكانت الظروف الدولية آنذاك قد ساعدت‬ ‫(‪)2‬‬
‫المعينيين او السبأيين بحكم الجوار‬
‫حكام معين على تثبيت ملكهم ومد نفوذهم التجاري في منطقة الشرق االوسط ‪،‬‬
‫ففي مص ر لم يتمكن مل وك االس رة الحادي ة والعش رين الض عفاء من الت دخل في‬
‫شؤون الجزيرة العربية ‪ ،‬وفي العراق كان يحكم بابل ملوك ضعفاء ‪ ،‬وفي آش ور‬
‫ك ان تجالت بالسر منش غال في حروب ه في ش مال الع راق وق د ادى ه ذا‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫التوسع الى احتكاك المعينيين بآشور والفينقيين‬
‫وقد ادى اشتغال المعينيين بالتجارة الى المامهم بالكتابة وتدوين‬
‫الحسابات التجارية فأقتبسوا االبجدية الفينقية ‪ ،‬لسهولة استعمالها وقرب‬
‫تناولها‬
‫الدولة القتبانية‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪44‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ك ان موض ع ه ذه الدول ة في الط رف الجن وبي الغ ربي من بالد اليمن ‪ ،‬الى‬
‫‪ ،‬وق د ذك ر ي اقوت في معجم‬ ‫(‪)1‬‬
‫الجن وب من بالد الس بأيين وعلى تخ وم حض ر م وت‬
‫‪ .‬اتخ ذ القتب انيون مدين ة ( تمن ع ) في‬ ‫(‪)2‬‬
‫البل دان ان قتب ان موض ع في ن واحي ع دن‬
‫وادي بيح ان عاص مة لهم ‪ ،‬وتعرف في الوقت الحاضر باس م " كحالن " وك انت هذه‬
‫المنطقة قد عرفت قديما بخصبها وبكثرة مياهها وبساتينها ‪ ،‬وال تزال أثار نظم الري‬
‫القديم ة تش اهد هن اك ح تى الي وم ‪ ،‬كم ا ان النق ود الذهبي ة ال تي ع ثر عليه ا في مدين ة‬
‫(تمن ع ) وفي ( ح ريب ) وفي ام اكن اخ رى والتماثي ل المص نوعة من المع دن وبعض‬
‫‪ .‬ويرج ع‬ ‫(‪)3‬‬
‫المص نوعات المعدني ة االخ رى تش ير الى تق دم القتب انيين وحض ارتهم‬
‫الفضل لما ورد من اخبار عن مملكة قتبان الى النقوش القتبانية التي جمعها " كالسر‬
‫" في رحلت ه الى اليمن س نة (‪ 1894-1892‬م) فك انت اول كتاب ات قتباني ة تص ل الى‬
‫أورب ا ‪ ،‬وق د القت ه ذه النق وش الض وء على م ا غمض من حض ارة ه ذه الدول ة ال تي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫عاص رت ك ل من حكوم ة معين وحكوم ة س بأ ‪ ،‬وش هدت س قوط الدول ة المعيني ة‬
‫ام ا عن ت اريخ قي ام ه ذه الدول ة ونهايته ا ‪ ،‬فق د اختل ف الب احثون في ه ذا الموض وع ‪،‬‬
‫فيرى " كالسر " انه ا قامت فيم ا بين عامي (‪ 24 – 200‬ق‪.‬م )‪ ،‬وربما قب ل ذلك ‪،‬‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫في حين يرى غيره ان هذه النهاية كانت بعد الميالد بحوالي مائتي عام تقريبا‬
‫اما فلبي فيذكر ان اقدم مكارب قتبان يرجع الى حدود سنة (‪ 568‬ق‪.‬م )‪ ،‬وان قتبان‬
‫‪ .‬في حين ان النق وش ال تي‬ ‫(‪)6‬‬
‫ان دمجت في دول ة س بأ نهائي ا في س نة (‪ 540‬ق‪.‬م)‬
‫حص لت عليه ا بعث ة ون دل فيلبس تؤك د ب أن الم دن القتباني ة ك انت آهل ة بالس كان في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫االل ف الث اني قب ل الميالد ‪ ،‬اي انه ا عاص رت الدول ة المعيني ة والدول ة الس بأية‬
‫ويعتق د بعض الب احثين ان الف ترة ال تي امت د فيه ا حكم المك ربين ( المق ربين ) تق ع بين‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ص ‪149‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ياقوت ‪ :‬معجم البلدان ج‪ 4‬ص‪310‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪43‬‬ ‫‪3‬‬

‫() نفس المرجع ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص‪ 12-11‬سالم ‪ :‬دراسات ص‪150‬‬ ‫‪4‬‬

‫() نفس المرجع ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص‪12‬‬ ‫‪5‬‬

‫()فؤاد حسنين ‪ :‬استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص ‪280‬‬ ‫‪6‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص‪151‬‬ ‫‪7‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪45‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الق رنين الس ابع والخ امس قب ل الميالد ‪ ،‬وفي ه ذه المرحل ة من ت اريخ قتب ان يق وم‬
‫المك رب " ي دعى اب ذبي ان " في الق رن الخ امس ق‪.‬م بمهاجم ة س بأ واالس تيالء على‬
‫اقليم مراد ‪ ،‬ويرجح انه شيد المدخل الجنوبي لمدينة تمنع ‪ ،‬وورد في بعض النقوش‬
‫ال تي تنس ب الى ه ذا المك رب ان ه خل ع على نفس ه ألقاب ا أخ رى ‪ ،‬فه و مك رب قتب ان‬
‫‪ .‬وأوس ان وكح د ودهس وتبن و ‪ .‬وفي نقش اخ ر يلقب ايض ا‬ ‫(‪)1‬‬
‫وجمي ع ابن اء "عم "‬
‫بمكرب يرفع وابناء الجنوب والشمال ‪ ،‬ويرى بعض الباحثين ان يدع اب ذبيان اول‬
‫من ت وج نفس ه ملك ا على قتب ان او من بين المل وك ال ذين جلس وا على عروش ها ‪،‬‬
‫وبوفاته تنتهي االسرة الملكية القتبانية االولى ‪ .‬وتلى هذا العصر عصر اخر يمتد من‬
‫‪ 350‬ق‪.‬م الى ‪ 250‬ق‪.‬م ‪ ،‬تولت فيه اسرة ثانية من بين ملوكها " شهر يجيل " الذي‬
‫اعتلى عرش قتبان في عام ‪ 300‬ق‪.‬م تقريبا ‪ ،‬وينسب اليه بناء معبد لإلله " عم " في‬
‫وادي لبخ وفي مدينة " ذو غيل " ‪ ،‬وقد ورد في احد النقوش المنسوبة اليه انه قوض‬
‫ع رش معين ‪ ،‬ثم خلف ه اخ وه ش هر هالل ب و هثعم (ي وهنعم ) ‪ ،‬ص احب مس لة تمن ع‬
‫وسيد المعينيين ‪ ،‬وبوفاته تنتهي االسرة الملكية القتبانية الثانية ‪ .‬ويلي هذا العصر ‪،‬‬
‫عصر ثالث تناوب فيه عرش البالد عدد من الملوك اخرهم يدع اب غيالن ‪ ،‬وينسب‬
‫اليه بناء بيت " يفش " وزخرفة باألسد البرونزي ‪ ،‬ثم اعقب ذلك اسرة ملكية اخرى‬
‫تس تمر من س نة (‪ 100‬ق‪.‬م – الى ‪ 25‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬واول مل وك ه ذه الف ترة ‪ :‬ه وف عم‬
‫يو هنعم ‪ ،‬وابنه شهر يجيل يوهرجب ‪ ،‬الذي أعاد بناء برج المدخل الجنوبي لبيت‬
‫يفش ‪ ،‬ثم ج اء بع ده ابن ه ورو ال غيالن ي وهنعم وي رجح ان ه اول من س ك نق ودا‬
‫ذهبي ة قتباني ة ‪ ،‬ثم ت ولى بع ده اخ وه " ف رع ك رب يوه ودع " وه و اخ ر مل ك في ه ذه‬
‫االسرة جلس على عرش قتبان ‪ .‬ويعتبر عصر قتبان الذهبي هو الممتد من ‪– 350‬‬
‫‪ 50‬ق‪.‬م ‪ ،‬فوصلت من هذا العصر اهم مجموعة من النقوش ‪ ،‬ومنها يتبين ان قتبان‬
‫كانت في ذلك العصر اهم مملكة في بالد العرب الجنوبية ‪ ،‬حيث أخضعت لسلطانها‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫معين وسبأ‬

‫()عم ‪ :‬االله الرسمي لقتبان‬ ‫‪1‬‬

‫() فؤاد حسنين ‪ :‬استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص‪289 – 286‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪46‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وقبيل الميالد ( اي في ‪ 50‬ق‪.‬م ) تعرضت مدينة تمنع لغزو من شعب غير‬
‫معروف فأحرقت ودمرت تدميرا تاما ‪ ،‬كما ظهرت مملكة اخرى الى عالم الوجود‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫هي مملك ة س بأ وذو ري دان ال تي ق امت على انق اض ك ل من قتب ان وس بأ ومعين‬
‫واس تنادا الى الكتاب ات القتباني ة القديم ة يت بين ان حك ام قتب ان ك انوا يتلقب ون بلقب‬
‫مك رب ‪ ،‬في ب ادئ ام رهم ‪ ،‬ثم تط وروا فأض افوا الى لقبهم ه ذا لقب ( مل ك ) ‪ ،‬ثم‬
‫نزعوا عنهم لقبهم القديم ( مكرب ) واكتفوا باللقب الجديد ‪ ،‬وقد كان هؤالء المكربون‬
‫يحكم ون في جم اعتهم وط وائفهم حكم ا يش به حكم قض اة ب ني اس رائيل ‪ ،‬فلم ا توس ع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫سلطانهم وتجاوزوا حدود المعبد والجماعة ‪ ،‬وتشبهوا بالملوك وتلقبوا بألقابهم‬
‫وكان نظام الحكم في قتبان يشبه ما كان سائدا في معين ‪ ،‬والحكم ينتقل من االباء الى‬
‫االبناء ‪ ،‬ويالحظ ايضا ان الملوكية تنتقل الى االخوة مع وجود االبناء ‪ ،‬وكان يدير‬
‫ش ؤون المملك ة حك ام نياب ة عن المل ك ومش ايخ يق ال للواح د منهم ( كب ير) ‪ ،‬وتت ألف‬
‫المملكة من حضر ‪ ،‬وهم سكان القرى والمدن وينسبوهم الى مدنهم ‪ ،‬ومن ( أش عب )‬
‫اي قبائل ‪ ،‬ويكون للمجتمع كالمدينة او القرية او القبيلة دار ندوة تجتمع فيها للتشاور‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫في تصريف االمور في السلم والحرب يقال لها " مشود "‬
‫ام ا من الناحي ة االقتص ادية ‪ ،‬فق د اس تفاد القتب انيون من م وقعهم الجغ رافي‬
‫ومج اورتهم لحض ر م وت ‪ ،‬ال تي اش تهرت بإنت اج اج ود ان واع البخ ور ‪ ،‬فاش تغلوا‬
‫بالتج ارة ‪ ،‬فجن وا ارباح ا كب يرة ‪ ،‬واص بحت لهم ق وة عظيم ة ‪ ،‬ك ان له ا أث ر في الح د‬
‫‪ .‬وقد أسفرت الحفريات االثرية التي اجريت في موضع كحالن‬ ‫(‪)4‬‬
‫من نفوذ المعينيين‬
‫( تمنع ) عن كشف كثير من التحف المصنوعة من المعادن والخزف والمتأثرة بالفن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫اليوناني ‪ ،‬كما عثر على عمالت هيلينية ورومانية‬

‫() فؤاد حسنين ‪ :‬استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص‪288‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪14-13‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪50 – 49‬‬ ‫‪3‬‬

‫()صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص‪19‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪44 – 43‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪47‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫دولة الحضارمة‬
‫تق ع بالد حض ر م وت الى الش رق من اليمن في أرض تك ثر فيه ا الجب ال‬
‫والودي ان ‪ ،‬وذك ر المقدس ي ان ( حض ر م وت هي قص بة االحق اف موض وعة في‬
‫الرم ال ع امرة نائي ة عن الس احل ‪ ،‬اهل ة لهم في العلم والخ ير رغب ة ‪ ،‬اال انهم ش راة‬
‫‪ .‬ام ا ي اقوت ف ذكر انه ا ( ناحي ة واس عة في ش رقي ع دن بق رب‬ ‫(‪)1‬‬
‫ش ديد س مرتهم )‬
‫‪ .‬وينسب االخباريون بالد حضر‬ ‫(‪)2‬‬
‫البحر ‪ ،‬وحولها رمال كثيرة تعرف االحقاف )‬
‫م وت الى حض ر م وت بن يقطن بن ع امر بن ش الخ ‪ ،‬معتم دين في ذل ك على رواي ة‬
‫الت وراة ‪ ،‬أم ا بطليم وس فس ماها ‪ ، Chathramitae‬وحض ر م وت تع ني في اللغ ة‬
‫‪ ،‬ويفسر ياقوت هذه التسمية بأن حضر موت هو عامر بن‬ ‫(‪)3‬‬
‫العبرية ‪ :‬دار الموت‬
‫قحط ان وان ه س مي به ذا االس م ألن ه ك ان اذا حض ر حرب ا اك ثر من القت ل فلقب ب ذلك‬
‫حضر موت(‪.)4‬‬
‫وق د ورد اس م حض ر م وت في الكتاب ات المعيني ة ‪ ،‬كم ا ع ثر على كتاب ات‬
‫‪ .‬وبفضل النقوش والكتابات‬ ‫(‪)5‬‬
‫حضرمية ورد فيها اسماء عدد من ملوك حضر موت‬
‫التي عثر عليها العلماء في الحريضة وشبوه أمكن معرفة تاريخ هذه الدولة ‪ ،‬فظهر‬
‫انه ا ك انت معاص رة لدول ة معين ‪ ،‬وس بأ ‪ ،‬وقتب ان ‪ ،‬وانه ا فق دت اس تقاللها وان دمجت‬
‫نهائيا في مملكة سبأ وذو ريدان في عهد شمر يهرعش الذي تلقب بلقب ملك سبأ وذو‬
‫‪ .‬اما عن ملوك حضرموت فيذكر الباحثون ان اولهم‬ ‫(‪)6‬‬
‫ريدان وحضرموت ويمنات‬
‫هو ‪ :‬صدق ال ( صديق ايل) الذي كان ملكا على حضرموت ومعين في ان واحد ‪،‬‬
‫وان ه حكم فيم ا يق رب من س نة (‪ 1020‬ق‪.‬م) ثم خلف ه ‪ :‬علن بن ص دق ال وت ولي‬

‫()المقدسي ‪ :‬احسن التقاسيم في معرفة االقاليم ص‪87‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ياقوت ‪ :‬معجم البلدان ج‪ 2‬ص‪270‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ج واد علي ‪ :‬ت اريخ الع رب قب ل االس الم ج‪ 2‬ص‪. 65-64‬س الم ‪ :‬دراس ات ص ‪– 153‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 154‬‬
‫() ياقوت ‪ :‬معجم البلدان ج‪ 2‬ص ‪. 270‬‬ ‫‪4‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪. 82 – 81‬‬ ‫‪5‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص‪ ، 91‬فؤاد حسنين ‪ :‬استكمال لكتاب التاريخ‬ ‫‪6‬‬

‫العرب ص ‪. 276‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪48‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الحكم في حوالي سنة (‪ 1000‬ق‪.‬م) ‪ ،‬ويرى فلبي ان حضر موت الحقت بعد موت‬
‫معد يكرب بمملكة معين وظلت تابعة لها الى حوالي سنة( ‪ 650‬ق‪.‬م )‪ ،‬ويذكر ايضا‬
‫ان حضر موت اصبحت جزء من قتبان او سبأ منذ سنة( ‪ 590‬ق‪.‬م )وحتى سنة (‬
‫‪ .‬ك ان نظ ام الحكم في مملك ة حض ر م وت يش به م ا ك ان س ائدا في‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ 180‬ق‪.‬م)‬
‫الممالك العربية الجنوبية فالملك يستمد قوته من حقه المقدس ‪ ،‬في نفس الوقت الذي‬
‫ك ان في ه مجلس ع ام ‪ ،‬مم ا جع ل حكم المل ك حكم ا دس توريا ‪ ،‬ام ا في الم دن فتوج د‬
‫حكوم ات محلي ة يعين افراده ا بطريق ة االنتخ اب ‪ ،‬ويع اونهم مجلس من ش يوخ‬
‫المدنية(‪. )2‬‬
‫وك انت مدين ة ميفع ة عاص مة للقتب انيين في مب ادئ االم ر ‪ ،‬ثم انتقلت الى‬
‫شبوة ‪ ،‬وقد كشفت التنقيبات التي اجريت في شبوه ‪ ،‬على اثار كثيرة تتضمن عددا‬
‫من المعاب د والقص ور القديم ة وبقاي ا الس دود ال تي ك انت ق د اقيمت على وادي ش بوه‬
‫لحصر مياه االمطار واالستفادة منها لري المناطق المجاورة(‪.)3‬‬

‫مملكة اوسان‬
‫وع رف من الكتاب ات القتباني ة ‪ ،‬ش عب يق ال ل ه ( أوس ن ) أو (أوس ان)(‪،)4‬‬
‫وكانت أرضه تكون جزءاً من مملكة قتبان‪ ،‬مثل دهس و (دتنت ) (دتنه) و ( تبنى )‬
‫ومن اطق أخ رى ك انت تابع ة لقتب ان ‪ ،‬وق د ع رف من الكتاب ات ان األوس انيين كون وا‬
‫حكومة ‪ ،‬حكمها ملوك ‪ ،‬وصلت أسماء بعضهم الينا ولكنها حكومة صغيرة لم تبلغ‬
‫مبلغ حكومة قتبان ‪ ،‬أو حضرموت أو معين ‪ ،‬أو سبأ ‪.‬‬
‫ولعل األوسانيين الذين أدركوا االسالم ‪ ،‬هم من بقايا( أوسان)‪ ،‬وقد كان من‬
‫جمل ة من اعتم د عليهم الهم داني في أخب ار اليمن القديم ة ‪ ،‬رج ل ينس ب الى أوس ان ‪،‬‬

‫() جواد علي‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص‪ 91‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫()فؤاد حسنين ‪ :‬استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص ‪279‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪84 – 83‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ‪R EPIG .454, Hartmann, Arabische Frage, S. 185 , Lidzbarski ,‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪. Ephemeris , II,S.385 , Beitrage, S.57 .II‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪49‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ه و ( محم د بن احم د األوس اني) ‪ ،‬زعم ان ه ك ان يحس ن ق راءة الكتاب ات العربي ة‬
‫(‪)1‬‬
‫الجاهلية المدونة بالمسند‬
‫وق د وهبت لن ا ه ذه المملك ة الص غيرة بض عة تماثي ل منحوت ة من الرخ ام ‪،‬‬
‫يج وز ان نع دها من انفس م ا ع ثر علي ه من تماثي ل من جزي رة الع رب ح تى اآلن ‪،‬‬
‫وهي تماثيل بعض ملوك أوسان ‪ ،‬وتعد اول تماثيل العرب ‪ ،‬وقد كتب على قاعدة كل‬
‫تمثال اسم الملك الذي يمثله ‪ ،‬فهذا تمثال كتب عليه ‪ (:‬يصدق إل فرعم ملك أوسان‬
‫بن مع د آل ) ‪ ،‬وه ذا تمث ال ث ان نقش على قاعدت ه اس م المل ك ال ذي يمثل ه ‪ ( :‬زي دم‬
‫س يلن بن مع دال)‪ ،‬وتمث ال ث الث كتب تحت ق دم ص احبه اس مه ( مع د ال س لحن بن‬
‫يصدق آل ملك أوسان ) ‪،‬ورابع كتب على وجه قاعدته من امام ‪ ( :‬يصدق آل فرعم‬
‫ش رح عت مل ك أوس ن بن آل س لحن مل ك أوس ن ) ‪.‬وي رى ( ف ون وزمن ) أن المل ك‬
‫( يص دق أي ل ف رعم ش رح عت بن مع د أي س لحن ) ‪ ،‬ه و المل ك (يص دق أي ل ف رعم‬
‫مل ك أوس ان بن مع د أي ل ) نفس ه ‪ ،‬فاالس مان اذن في نظ ره ‪ ،‬لمس مى واح د ‪ ،‬ويك ون‬
‫والده الملك ( معد أيل سلحن بن يصدق أيل أوسان ) ‪ ،‬ووالد ( معد أيل سلحن ‪ ،‬اذن‬
‫هو ( يصدق أيل ) الذي ال يعرف اسم ابيه(‪.)2‬‬
‫وع ثر على اس م مل ك اخ ر من مل وك أوس ان ‪ ،‬ه و ( يص دق آل ف رعم ش رح‬
‫عت ( عثت) بن ودم ) ( يص دق أي ل ف رع ( الف ارع) ش رح عثت بن ود ) ‪ ،‬ورد‬
‫لمناسبة تقديمه نذراً ‪ ،‬وهو ( معمر ) أي مذبح ) أو ( مبخرة ) الى أحد األلهة ‪ ،‬ولم‬
‫‪ ،‬وقد استدل بعض الباحثين من جملة ( بنودم) أي (ابن‬ ‫(‪)3‬‬
‫يذكر الملك اسم ذلك االله‬
‫ود) على وج ود فك رة تألي ه المل وك عن د األوس انيين ‪ ،‬وان الجمل ة تع ني أن المل ك‬

‫() االكليل (‪ ( ) 78 ،77 ،8/65‬طبعة نبيه) ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Biragc , S . 70‬‬
‫‪3‬‬
‫وق د اختل ف الب احثون في الم راد من ( مص ر) ‪ ،‬كم ا اختلف وا في تفس ير النص ‪ ،‬ألن ه من )(‬
‫‪ Margoliouth , Two South Arabian Inscription , p.6,‬النص وص الغامضة‬
‫‪Margoliouth , In proceedings . Briti . Academy , Vol ., XI ., p.6,‬‬
‫‪Rhodlkanakis , Altesabaische Texten , I,s. 96, Orientalia , Vol ., I , p. 269‬‬
‫‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪50‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ،‬وعن دي ان لفظ ة ( ود ) هن ا هي‬ ‫(‪)1‬‬
‫الم ذكور ك ان ي رى ان ه من نس ل االل ه ( ود)‬
‫مج رد اس م لش خص م ا ‪ ،‬وفي كتب االنس اب والخب ار اس ماء ع دد من الرج ال ‪ ،‬هي‬
‫في ال وقت نفس ه أس ماء اله ة ‪ ،‬ولم يق ل أح د أن اص حاب تل ك االس ماء ك انوا ي رون‬
‫انفسهم آلهة ‪ ،‬أو من أبناء الهة ‪،‬وبينهم أناس كانوا من سواد الناس ‪.‬‬
‫وال نعرف من أمر هؤالء الملوك شيئاً يذكر ‪ ،‬والظاهر أن تمثال ( معد آل‬
‫(سلحن) ( معد أيل سلحان ) يمثل والد ( يصدق أيل فرعم شرح) كما جاء ذلك م دوناً‬
‫في قاعدة التمثال الرابع ‪ ،‬ويظهر أن ( يصدق أيل فرعم) هو غير( يصدق أيل فرعم‬
‫شرح عثت) كما يتبين ذلك من اختالف صورتي التمثالين ‪ ،‬وتفيدنا هذه التماثيل فائدة‬
‫كب يرة في التع رف على نم اذج مالبس االوس انيين وعلى زينتهم وكيفي ة تنظيم ش عور‬
‫رؤوسهم ‪ ،‬وعلى غير ذلك مما له عالقة بمظهر االنسان ‪ ،‬وبالفن من حيث الجودة‬
‫والخلق والتعبير عن النفس واالتقان ‪.‬‬
‫وج اء اس م المل ك ( يص دق آل ف رعم ش رح عت ) في كتاب ة اوس انية أم رت‬
‫بكتابته ا ام راة اس مها (رث دت) ( رث دة ) ‪ ،‬وق د ج اء فيه ا انه ا ق دمت الى س يدها‬
‫المذكور ملك أوسان ‪ ،‬تمثاالً من الذهب ‪ ،‬ليحفظ في معبد ( نعمن ) نعم ان)(‪ ، )2‬وهي‬
‫كتاب ات الن ذور ‪ ،‬ويظهر انه ا ق دمت ه ذا النذر لح ادث وق ع للملك فتوس لت ل دى اله ة‬
‫أوسان بأن تمن على الملك وتبارك فيه ‪ ،‬وهي في مقابل ذلك تقدم لها نذراً تمثاالً من‬
‫ذهب ‪ ،‬وال بد ان تكون هذه المراة من االسر الرفيعة التي لها شأن ومكانة ‪ ،‬ولعلها‬
‫كانت من أسرته ‪.‬‬
‫وجاء في كتابه أوسانية أخرى تحطم صاحبها وزالت معالمه ‪ :‬أنه قدم تمثاالً‬
‫( ص لمت) من ذهب الى س يده ( م راس ( م رأس) ( يص دق أي ل ف رعم ش رح عتت )‬
‫وال ب د ان يك ون ه ذا التق ديم لمناس بة ح دث للمل ك ‪ ،‬ف أراد ه ذا الوجي ه‬ ‫(‪)3‬‬
‫مل ك أوس ان‬
‫‪ ،‬وتش به‬ ‫(‪)4‬‬
‫التعب ير عن تق ديره لس يدة المل ك بتق ديم ه ذا التمث ال المص نوع من ال ذهب‬

‫‪1‬‬
‫‪()Beitrage , S. 58 , Conti Rossini ., 94 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()REP. EPIG ., Tome I, 6,350 , 461 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Orientalia ,Vol ., p. 127 .‬‬
‫()( صلمت ذهبن) ( تمثال ذهب) ‪ ( ،‬صلم من ذهب )‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪51‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ه ذه الكتاب ة الكتاب ة المرقم ة بـ ‪ Jaussen Nr. 159 bis‬وهي ألخت ه ذا المل ك ‪،‬‬
‫وق د اس مها من الكتاب ة بتهش م ح دث في الحج ر ‪ ،‬وبقيت من ه بقي ة هي ‪ ( :‬ذت بغيثت‬
‫اخت ‪ ،)1() ...‬وج اء فيه ا انه ا ق دمت الى س يدها ( س قنت م راس) ص نماً من ذهب‬
‫‪ ،‬ولم ت ذكر المناس بة ال تي دعته ا لتقديم ه ‪ ،‬وك ان ل ه ش قيق ه و‬ ‫(‪)2‬‬
‫( ص لم ذ ذهبم )‬
‫( زيد سيلن ) ( زيد سيالن)(‪.)3‬‬
‫ويرى بعض الباحثين ان زمان حكم الملك ( يصدق ال فرعون شرح عت )‬
‫(يصدق ايل فارع شرح عت ) كان في النصف االول من القرن الخامس قبل الميالد‬
‫‪ ،‬وقد استدلوا على ذلك من طراز التمثال‬ ‫(‪)4‬‬
‫حتى حوالي السنة ( ‪ ) 450‬قبل الميالد‬
‫ال ذي نحت ليمث ل ذل ك المل ك ‪ ،‬ف أن ش كل اللب اس ال ذي نحت ه النح ات ليك ون لب اس‬
‫المل ك ‪ ،‬ه و على النس ق اليون اني في التماثي ل اليوناني ة المنحوت ة قب ل منتص ف الق رن‬
‫الخ امس قب ل الميالد ‪ ،‬وي رى الب احثون احتم ال ش راء ه ذه التماثي ل من ( غ زة ) في‬
‫فلسطين ‪،‬اذ كانت سوقاً مهمة يفد عليها العرب لإلتجار ‪ ،‬وفيها معروضات يونانية‬
‫وغيره ا ‪ ،‬ينقله ا التج ار الى جزي رة الع رب ‪ ،‬وفي جملته ا االص نام ال تي أث رت في‬
‫الفن انين الع رب ‪ ،‬فص اروا ينحت ون تم اثيلهم على ش اكلتها ‪ ،‬وفي جملته ا تمث ال المل ك‬
‫المذكور الذي يجب ان يكون قد نحت فيما بين النصف االول من القرن الخامس قبل‬
‫وع رفت اس ماء المل وك اخ رين من مل وك‬ ‫(‪)5‬‬
‫الميالد الى ح والي الس نة (‪ 450‬ق‪.‬م )‬
‫أوسان ‪ ،‬ال نعلم من امر اصحابها شيئاً يذكر ‪ ،‬منها ( معد أيل سلحان بن ذي يدم )‬

‫‪1‬‬
‫‪()Mordtmann und Eugen Mittwoch , Altusbarabische Inschriften , Roma ,‬‬
‫‪1933, S. 18 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Orientalia , Vol ., I , p . 124 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Background , p . 85 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Wissmann-Hofner, Beitrage,S .8,58,69,142, Pirenne , Royaume de‬‬
‫‪Qataban , P .138 , 199 , conti Rossini , Chrest , 93,94, Le Museon ,‬‬
‫‪1964 , 3-4 P.442‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Beotrage , S . 8 , 58 , 70‬‬
‫()( معد ال سلحن بن ذيدم ) ‪ ،‬ذويدوم‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪52‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ،‬ولقب ( سلحن ) ( سلحان ) من االلقاب التي تكرر ورودها مدونة على تماثيل‬ ‫(‪)1‬‬

‫مل وك أوس ان ‪ ،‬وعلى بعض الكتاب ات ال تي ع ثر عليه ا في (ابن ة ) وفي المعاه دة‬
‫المعقودة بين ( سلحن ) و ( زررن ) ( زراران ) ‪ ،‬اي بين ملك ( نجاشي ) الحبشة‬
‫ومل ك ( س بأ ) ‪ ،‬وي رى ( ميت وخ ) ان ( س لحن ) (س لحان ) اح د المتعاق دين في‬
‫المعاه دة الم ذكورة م ا ك ان ملك اً حبش ياً ‪ ،‬ولكن ملك اً من مل وك أوس ان ‪ ،‬وأم ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫( زررن ) ‪ ،‬فانه ملك من ملوك قتبان‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ووج د اس م مل ك اخ ر من مل وك أوس ان ‪ ،‬ه و ( عم يث ع غلين لحى )‬
‫‪ ،‬وقد نعثر في المستقبل على‬ ‫(‪)4‬‬
‫محفوراً على تمثال من المرمر مكتوب اً كتابة حسنة‬
‫تماثي ل أخ رى لمل وك الع رب الجنوب يين من أو س انيين غ يرهم ‪ ،‬اذ ال يعق ل انف راد‬
‫أوسان من بين سائر الشعوب العربية الجنوبية بصنع التماثيل ‪ .‬وذكر ( فلبي ) ملك اً‬
‫من ملوك أوسان يقال له ( يصدق أيل فرعم زغمهن الشرح ) ‪ ،‬وال نعرف من أمره‬
‫ش يئاً ‪ ،‬ووردت في الكت ابتين الموس ومتين ب ‪ Janssen 72,73‬وب ‪75,83‬‬
‫‪ Janssen‬اس ماء مل وك أوس انيين منه ا ‪ ( :‬زيحمن بن الش رح مل ك أوس ان ) ‪ ،‬و‬
‫( عم يث ع مل ك أوس ان ) و ( يص دق أي ل ف رعم عم يث ع ) ‪ ،‬و ( الش رح بن يص دق‬
‫اي ل ) ‪ ،‬وهي أس ماء لقب بعض ها بلقب مل ك ‪ ،‬وح رم بعض ها ه ذا اللقب ‪ ،‬وال نع رف‬
‫‪ .‬وقد كانت ( أوسان ) قبل استيالء قتبان عليها وادماجها‬ ‫(‪)5‬‬
‫عن اصحابها شيئاً يذكر‬
‫في حكوم ة قتب ان ‪ ،‬مملك ة ذات تج ارة م ع الخ ارج ‪ ،‬تت اجر م ع افريقي ة ‪ ،‬وتحكم‬
‫أرض ين أخ رى ليس ت في االص ل من ( أوس ان ) ‪ ،‬مث ل ‪ ( :‬دهس ) ‪ ،‬و ( تين و ) و‬
‫( كح د ) ‪ ،‬اس تدل بعض الب احثين من اطالق مؤل ف كت اب ( الط واف ح ول البح ر‬
‫األري تري ) على الس احل االف ريقي الواق ع ش مال ( بمب ا ) ‪ Pemba‬و ( زنزب ار )‬
‫( زنجبار ) اسم ( الساحل األوساني ) عليه ‪ ،‬على ان األوسانيين كانوا قد حكموه ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪()Mordtmann und Eugen Mittwoch , Alisudarabische Inschriften , Roma ,‬‬
‫‪1933 , S .13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Orientalia , I , P 119 , Janssen 1,2,17,57 .‬‬
‫()( عميثع غيالن لحي ) ( عم يثع غيالن لحي )‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫)‪()Orientalia , Vol , P , 30 , 119 , (932‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Beitrage , S . 70 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪53‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ونزح بعضهم اليه فسكنه ‪ ،‬وصار تابعاً ألوسان ‪ ،‬وال يمكن حدوث ذلك بالطبع لو لم‬
‫يكن األوس انيون اقوي اء ولهم ارض واس عة في العربي ة الجنوبي ة ذات ع دد كب ير من‬
‫الس كان بحيث يس مح لهم باالس تيالء على الس احل االف ريقي ‪ ،‬وي رجح العلم اء زم ان‬
‫‪ .‬وتق ع‬ ‫(‪)1‬‬
‫حكم األوس انيين ل ذلك الس احل االف ريقي الى م ا قب ل الس نة ( ‪ 400‬ق‪.‬م )‬
‫مملكة أوسان في جنوب ( قتبان ) ‪ ،‬وهي من الحكومات العربية الجنوبية الصغيرة ‪،‬‬
‫اال انها كانت ذات اهمية ‪ ،‬اذ كانت تملك الساحل االفريقي الذي اشرت اليه ‪ ،‬وتتاجر‬
‫‪ .‬ومن‬ ‫(‪)2‬‬
‫مع سكانه ‪ ،‬وقد كان ميناء ( عدن ) من جملة االماكن التابعة لهذه المملكة‬
‫ملوك أوسان ‪ ،‬ملك ذكر اسمه في النص الموسوم ب ‪ Glaser 1600‬الذي تحدث‬
‫عن حمل ة ق ام به ا المل ك ( ك رب أي ل وت ر ) على جمل ة قبائ ل وام ارات وحكوم ات‬
‫بين الج وف‬ ‫(‪)3‬‬
‫ملكي ة ص غيرة ‪ ،‬فبع د ان اس تولى ه ذا المل ك على مدين ة ( ش رجب )‬
‫ونجران ‪ ،‬ساق جيوشه الى ( أوسان ) ‪ ،‬فقتل ستة عشر الف رجل ‪ ،‬واسر اربعين ‪،‬‬
‫واحتل أماكن اخرى كانت تابعة ألوسان ‪ ،‬وهي ‪ ( :‬حمن ) ( حمان ) ‪ ،‬و ( انفم ) (‬
‫ان ف ) و (حبن ) ( ح ان ) و ( ديب ) ( دي اب ) و ( رش ا ) ( رش اى ) ‪ ،‬و‬
‫( ج ردن ) ( ج ردان ) ‪ ،‬و ( دتنت ) ( دتن ه ) ‪ ،‬و ( تف ذ ) الى س احل البح ر ‪ ،‬وذك ر‬
‫‪ .‬ام ا‬ ‫(‪)4‬‬
‫النص بع د ذل ك معب د ( مرت وم ) ( م رتم ) ( مرت و ) ال ذي اس مه ( مس ور)‬
‫‪ .‬وقد كانت قتبان حليفة لسبأ في‬ ‫(‪)5‬‬
‫ملك ( أوسان ) فكان اسمه ( مرتوم ) ( مرتو )‬
‫هذه الحرب ‪ ،‬وقد يكون تعبيرنا أدق وأصح لو قلنا انها كانت تابعة لها في هذا العهد‬
‫‪ ،‬ول ذلك اش تركت م ع الس بئيين ض د األوس انيين ‪ ،‬ام ا (أوس ان ) ‪ ،‬فك ان الى جانبه ا‬
‫( دتنت ) و ( دهس ) و ( تب نى ) وبعض قبائ ل ( كح د ) ‪ ،‬وق د رأيت ان جمي ع ه ذه‬
‫القبائل ومعها ( أرسان ) كانت تابعة لمملكة قتبان ‪ ،‬ويظهر انها ثارت على قتبان ‪،‬‬
‫وانفصلت عنها ‪ ،‬فتكونت مملكة أوسان ‪ ،‬ودخلت القبائل االخرى في هذه المملكة ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪()Beirage , s . 74 , Periplus Maris Erythrael , 22, A .Arabien , s. 25 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Disciveries , P . 39 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Glaser , Skizze , 2 , S.89‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Glaser , Skizze , 2 , S.89 , Hartmann , Arabische Frage , S. 185‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Beitrage S . 8 , Background P. 144‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪54‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اي مملكة أوسان ‪ ،‬او انها تحالفت معها ‪ ،‬واستقلت كل في منطقتها فكونت امارة او‬
‫مملكة صغيرة ‪ ،‬فلما انتهى ( كرب أيل وتر ) من مملكة أوسان ‪ ،‬تعقب هذه القبائل‬
‫واخض عها لحكم ه ‪ ،‬ويظه ر ان مل ك ( دهس ) ال ذي ك ان في حل ف م ع أوس ان ‪ ،‬او‬
‫خاض عاً له ا ‪ ،‬انته ز فرص ة انتص ار ( ك رب أي ل وت ر ) على أوس ان ف أعلن انفص اله‬
‫عنهم وانض مامه الى الس بئيين ‪ ،‬فكاف أه ( ك رب أي ل وت ر ) بإعطائ ه ج زءاً من ارض‬
‫‪ .‬وق د احت ل الس بئيون ارض أوس ان وارض‬ ‫(‪)1‬‬
‫أوس ان ه و ارض ( ادوم ) ( أود )‬
‫تب نى ‪ ،‬ووهبوا ارض ( كح د ذ حض نم ) ألل ه س بأ ( المق ه ) ‪ ،‬اي ان المل ك ( كرب‬
‫ال ) ( كربئي ل ) ( ك رب أي ل ) وهبه ا لحكوم ة ولش عب س بأ ‪ ،‬وانعم على قتب ان‬
‫وحضر موت ببعض االرضين التي غنمها من االوسانيين ‪ ،‬ويظهر انها كانت قتباني ة‬
‫وحضرمية في االصل ‪ ،‬غير ان االوسانيين اغتصبوها منهم ‪ ،‬فأعادها ( كرب أيل )‬
‫الى قتب ان وحض ر م وت لمس اعدتهما ل ه ‪ ،‬وق د ك ان مل ك قتب ان المل ك ( ورواي ل ) اذ‬
‫ذاك ‪ .‬ويظهر من عبارة (وقني كرب أيل كل قسط كحد ‪ ...‬جوم ال لمقه ولسبا ) ‪،‬‬
‫ومن جمل ة (ك ل قس ط كح د حره و وعب دهو ) ‪ ،‬ان ارض ( كح د ) ذ حض نم ) ال تي‬
‫وهبت ألله مقه ولشعب سبأ ‪ ،‬اصبحت ملكاً خاصاً بالملك ( كرب أيل ) ‪ ،‬وان جميع‬
‫اه ل ( كح د ) اح راراً وعبي داً ص اروا اتباع اً ل ه ‪ ،‬يس تغلون االرض وي دفعون الي ه‬
‫‪ .‬وقد جعل ( فلبي ) الملك ( مرتو ) في رأس قائمته التي وضعها لملوك‬ ‫(‪)2‬‬
‫الغالت‬
‫( أوس ان ) ‪ ،‬وجع ل زم ان حكم ه فيم ا بين الس نة (‪ )620‬والس نة (‪600‬ق‪.‬م) وذل ك‬
‫‪ ،‬وهو رأي‬ ‫(‪)3‬‬
‫ليجعله معاصراً ل( كرب أيل وتر ) الذي جعل حكمه في هذا الزمن‬
‫يعارض ه اك ثر الب احثين في العربي ات الجنوبي ة ‪ ،‬اذ جعل وا حكم ه في ح والي الس نة (‬
‫‪ ) 450‬قبل الميالد ‪ ،‬او بعد ذلك بقليل(‪ . )4‬ووضع ( فلبي ) اسم الملك ( ذ بدم ) ( ذ‬
‫بد ) ( زيد ) ‪ ،‬بعد اسم الملك (مرتو ) ‪ ،‬وجعل زمان حكمه في حوالي الس نة ( ‪230‬‬
‫ق‪.‬م ) ‪ ،‬فترك بذلك فجوة كبيرة ال يدري من حكم فيها ‪ ،‬ولم يعرب اسم والد الملك (‬

‫‪1‬‬
‫‪()Glaser , 1000 A7 , Rhodokanakis , KTB , I , S.28‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Rhodokanais , KTB , I , S.30‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Background , P.144‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Beitrage , S.8‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪55‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬ثم ذكر ( فلبي ) ‪ ( ،‬معد أيل‬ ‫(‪)1‬‬
‫ذ يدم ) ‪ ،‬وقد ذكر انه كان من عشيرة (بغيثت )‬
‫سلحن ) بعد ( ذ بد ) ‪ ،‬وجعله ابناً له ‪ ،‬وجعل حكمه في حوالي السنة ( ‪ 210‬ق‪.‬م )‬
‫وذلك جرياً على طريقته في وضع مدة ( ‪ 20‬سنة ) لكل ملك يقضيها في الحكم ‪ ،‬ثم‬
‫جعل ( يصدق أيل فرعم شرح عت ) من بعد ( معد ايل ) وجعله ابن اً له ‪ ،‬وصير‬
‫زمن حكمه في حوالي السنة (‪ 190‬ق‪.‬م ) وجعل ( زيد سلحن ) شقيقا له ‪ ،‬كما جعل‬
‫له اختاً ثم وضع الملك ( معد أيل سلحن ) بعد (يصدق أيل فرعم ) ‪ ،‬وجعله ابن اً له ‪،‬‬
‫وجعل زمان حكمه في حوالي السنة (‪ 170‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬ثم صير ( يصدق أيل فرعم عم‬
‫يثع ) ملكاً من بعده ‪ ،‬وهو ابن ( معد أيل سلحن ) ‪ ،‬وجعل حكمه في حوالي السنة (‬
‫‪ 150‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬ثم جع ل ( ف رعم زهمهن الشرح ) ملك اً من بع ده ‪ ،‬وه و ابن ( يصدق‬
‫أي ل ف رعم عم يث ع ) ‪ ،‬وجع ل حكم ه في ح والي الس نة ( ‪ 135‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬ثم ذك ر ( عم‬
‫يثع غيلن لحى ) من بعده ‪ ،‬وهو ابن (يصدق أيل فرعم عم يثع ) ‪ ،‬وقد جعل حكمه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫حوالي السنة ( ‪ 120‬ق‪.‬م )‬
‫ولم يذكر ( فلبي ) ملكاً اخر بعد هذا الملك ‪ ،‬وانما ذكر انه في حوالي السنة‬
‫(‪ 115‬ق‪.‬م ) ض م ( الش رح يحض ب ) ( مل ك س بأ وذي ري دان ) مملك ة أوس ان الى‬
‫‪ .‬ويع ارض ت رتيب ( فل بي ) ألس ماء مل وك ( أوس ان ) رأي كث ير‬ ‫(‪)3‬‬
‫أرض الس بئيين‬
‫من علم اء العربي ات الجنوبي ة ‪ ،‬فق د ذهب اك ثرهم الى تق ديم المل وك ال ذين ذك رهم‬
‫( فلبي ) بعد الملك ( مرتو ) عليه ‪ ،‬وجعلوا زمانهم أقدم من زمانه ‪ ،‬فقدروا زمان‬
‫المل ك ( يص دق أي ل ف رعم ش رح اي ل ) في النص ف االول من الق رن الخ امس قب ل‬
‫الميالد مثالً ‪ ،‬اي قب ل الس نة ( ‪ 450‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬وه ذا يع ني ان ه اق دم عه داً من‬
‫‪ .‬وقد ذهبت ( بيرين )‬ ‫(‪)4‬‬
‫( مرتو ) ‪ ،‬اي ان رأيهم هو عكس ما ذهب (فلبي ) اليه‬
‫‪ .PirenneJ‬الى ان أوسان كانت مملكة في اواخر القرن االول قبل الميالد ‪ ،‬او بعد‬

‫‪1‬‬
‫‪()Background , P .144‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Background , P.144‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Background , P.144‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Beitrage , S.8‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪56‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الميالد بقليل ‪ ،‬وان حكم الملك ( يصدق أيل فرعم شرحعت بن ودم ) كان في حوالي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫السنة (‪ 24‬ق‪.‬م )‬

‫الدولة السبأية‬
‫ورد اس م س بأ في رواي ات كث يرة ومختلف ة ‪ ،‬ففي الت وراة ورد االس م في ع دة‬
‫مناسبات ‪ ،‬منها ان سبأ من كوش بن حارم ‪ ،‬وفي رواية اخرى انها من ولد يقطان‬
‫‪ .‬اما في الروايات العربية ‪ ،‬فقد ورد ان سبأ من ولد يشجب بن يعرب بن قحطان‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ ،‬وذكر اليعقوبي ان سبأ اول من ملك من ملوك‬ ‫(‪)3‬‬


‫‪ ،‬وان اسمه الحقيقي عبد شمس‬
‫‪ .‬وق د ج اء ذك ر الس بئيين في حولي ات‬ ‫(‪)4‬‬
‫الع رب ‪ ،‬وس ار في االرض ‪ ،‬وس بي الس بايا‬
‫الملك تجالت بالسر الثالث (‪ 745‬ق‪.‬م – ‪ 727‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬وفي نقوش سرجون الثاني‬
‫(‪ 705-772‬ق‪.‬م ) ونقش يرجع الى عهد سنحاريب حوالي ‪ 685‬ق‪.‬م ‪ ،‬وتشير هذه‬
‫‪ .‬اما عن أصل‬ ‫(‪)5‬‬
‫النقوش الى هدايا كان يقدمها الحكام السبئيين الى هؤالء الملوك‬
‫الس بئيين ‪ ،‬ف يرى " هوم ل " انهم ك انوا في االص ل يس كنون الج وف في بالد الع رب‬
‫الش مالية ‪ ،‬ثم انح دروا نح و الجن وب في الق رن الث امن قب ل الميالد ‪ ،‬حيث اتخ ذوا "‬
‫‪ .‬ويرى بعض‬ ‫(‪)6‬‬
‫صرواح " أول االمر عاصمة لهم ‪ ،‬ثم انتقلوا فيما بعد الى مأرب‬
‫الباحثين ان نزوح السبئيين الى جنوب الجزيرة كانت نتيجة ضغط االشوريين عليهم‬
‫من الش مال ‪ ،‬فاس تقروا في بالد اليمن ‪ ،‬مس تفيدين من ض عف المعين يين من جه ة ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪()Le Museon , 1964 , 3-4 , P 442, Beitrage , S.58 , J.Pireene ,‬‬
‫‪Royaume de Qataban , P.138,199, Rathiens , Kulturelle Einfiuse in sw-‬‬
‫‪Arabien besondere berucksichtigunu‬‬ ‫‪des JeHellenismus, Jahrb .‬‬
‫‪f.Kleinasiat . Forschung , I , 1950 , S.27‬‬
‫() سالم ‪ :‬دراسات ص‪157‬‬ ‫‪2‬‬

‫() االصمعي ‪ :‬تاريخ العرب قب االسالم ‪ ،‬بغداد ‪ 1959‬ص ‪13‬‬ ‫‪3‬‬

‫() اليعقوبي ‪ :‬تاريخ اليعقوبي ج‪ 1‬ص ‪195‬‬ ‫‪4‬‬

‫() فيليب حتي ‪ :‬تاريخ العرب ج‪ 1‬ص‪ ، 44‬مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص‪56‬‬ ‫‪5‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪106‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪57‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬واس تغل‬ ‫(‪)1‬‬
‫وتع اظم ق وتهم العس كرية من جه ة اخ رى ‪ ،‬فامت د نف وذهم الى الج وف‬
‫الس بأيون موق ع بالدهم المط ل على طري ق الهن د والبح ر االحم ر ‪ ،‬فس يطروا على‬
‫الطريق التجاري الرئيسي الذي يربط جنوب الجزيرة العربي ة بالش ام ومصر ‪ ،‬مما‬
‫ساعد على عظم ثرواتهم ‪ ،‬وقد اشار القران الكريم الى هذا الثراء ‪ ،‬فقال تعالى (("‬
‫لق د ك ان لس بأ في مس كنهم اي ة ‪ .‬جنت ان عن يمين ويس ار‪ ،‬كل وا من رزق ربكم‬
‫‪.‬وتفي د المعلوم ات المس تمدة من الكتاب ات‬ ‫(‪)2‬‬
‫واشكروا ل ه ‪ .‬بل دة طيب ة ورب غف ور))‬
‫والنقوش السبأية ان اول مكرب سبأي يرجع اليه الفضل في تأسيس دولة سبأية في‬
‫صرواح هو المكرب ( سمه علي ) ‪ ،‬وذلك في حدود سنة ‪ 800‬ق‪.‬م ‪ ،‬وقيل ان هذا‬
‫المك رب ق دم بجحاف ل الس بئيين من الش مال واجت اح بالد المعي نين ومن ج اورهم من‬
‫الحضارمة والقتبانيين ‪ ،‬وذكرت النقوش ايض اً ان (سمه علي) قدم هدية من البخور‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫والمر لإلله (المقه) الذي أرشد القبيلة بعد تجوالها الى ارض فيها اللبن والعسل‬
‫وقد اصطلح العلماء على تقسيم الدولة السبأية الى عصرين ‪:‬‬
‫العص ر االول ‪ :‬عه د المك ربين ( ‪ 800‬ق‪.‬م – ‪ 650‬ق‪.‬م ) وه و اق دم عه د‬
‫من عه ود ت اريخ س بأ ‪ ،‬وق د تلقب حك ام س بأ في ه ذا العه د بلقب ( مك رب ) اي ‪:‬‬
‫‪ ،‬وك ان ه ؤالء الحك ام في‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬او انه ا تع ني المق دس‬ ‫(‪)4‬‬
‫المق رب بين االله ة والن اس‬
‫الواق ع كهان ا ‪ ،‬مق امهم مق ام الم زواد عن د المعي نين ‪ ،‬وك انت العاص مة ص رواح ثم‬
‫انتقلت الى مأرب ‪.‬‬
‫العصر الثاني ‪ :‬عهد ملوك سبأ ( ‪ 650‬ق‪.‬م – ‪ 115‬ق‪.‬م ) وهو العهد الذي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫تلقبت فيه حكام سبأ بلقب ( ملك سبأ ) ‪ ،‬وكانت مأرب عاصمة السبئيين‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪21‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة سبأ ‪ :‬اية ‪. 15‬‬ ‫‪2‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪ ( 1‬ورد اسم سمح علي بدال من سمه علي )‬ ‫‪3‬‬

‫فؤاد حسنين ‪ :‬استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص ‪289‬‬


‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪،‬ج‪ 2‬ص ‪ ، 108-107‬سالم ‪ :‬دراسات ص‪161‬‬ ‫‪4‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪21‬‬ ‫‪5‬‬

‫() مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص‪56‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪58‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫عهد المكربين‬
‫اول مكارب سبأ هو ( سمه علي ) الذي يعتبر مؤسس دولة سبأ وقد خلفه في‬
‫الحكم ابن ه ي دع اي ل ذريح في ح دود س نة ‪ 780‬ق‪.‬م وينس ب الى ه ذا المك رب بن اء‬
‫المعابد في صرواح ومأرب لإلله المقة ‪ ،‬وقدم القرابين الى االله عشر (‪ .)1‬وجاء بعد‬
‫يدع ايل ذريح ولده يثع أمر ‪ ،‬الذي ينسب اليه بناء معبد لإلله المقة في قرية دابر في‬
‫منتص ف الطري ق بين م أرب ومعين في الج وف مم ا يؤي د اص طدام الس بأيين في ذل ك‬
‫الحين ب المعينيين ‪ ،‬وت ولي الحكم بع د ه ذا المك رب ابن ه (ي دع ال بين) ‪ ،‬ال ذي ق ام‬
‫‪ .‬ثم تولى الحكم‬ ‫(‪)2‬‬
‫بتحصين ابراج مدينة نشق في الجوف عند حدود الدولة المعينية‬
‫في سبأ سمه على ينف بن ذمر ‪ ،‬الذي تم في عهده انشاء اعظم مشروع للري عرفت ه‬
‫بالد العرب في العصر القديم وهو ( سد مأرب ) الذي عرف بسد رحب او رحيم في‬
‫س نة ‪ 650‬ق‪.‬م وق د اقيم ه ذا الس د على م دخل وادي ذن ة بم أرب حيث تنس اب المي اه‬
‫من ف وق التالل والجب ال ‪ ،‬فنظم ب ذلك وس ائل ال ري وجع ل االرض ص الحة للزراع ة‬
‫ويبلغ طول هذا السد من الشرق الى الغرب نحو ‪ 800‬ذراع ‪ ،‬وعلوه‬ ‫(‪)3‬‬
‫طوال العام‬
‫بض عة عش ر ذراع ا وعرض ة ‪ 150‬ذراع ا‪ .‬والس د مب ني ب التراب والحج ارة ينتهي‬
‫اعاله بس طحين م ائلين على زاوي ة منفرج ة تكس وهما طبق ة من الحص ى كالرص يف‬
‫يمنع انجراف التراب عند تدفق المياه ويستند هذا السد من طرفيه على جبلين ( هما‬
‫جبل بلق االيمن ‪ ،‬وجبل بلق االيسر ) وعند كل منهما تتفرع ‪ ،‬القنوات التي كانت‬
‫تع رف بالمي ازيب مفرده ا م يزاب ‪ ،‬وعلى فتح ة ك ل قن اة س د اخ ر ذو فتح ة مب نى‬
‫بالحجارة وبذلك تنحصر مياه السيول بين الجبلين ‪ ،‬ويرتفع مستوى الماء حتى يق ارب‬
‫مستوى الجبلين ‪ ،‬وتتم عملية االرواء بفتح فوهات القنوات فتدخل منها المياه وتتدفق‬
‫على س طح الجبلين ‪ ،‬وتغل ق ه ذه القن وات بع د عملي ة االرواء ب أبواب من الخش ب‬
‫‪ .‬غير ان هذا السد لم يف بكل حاجات االراضي المزروعة من المياه ‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫والحديد‬
‫فت ولى يث ع ام ر بين وه و ابن س مه على ين ف ‪ ،‬اس تكمال بن اء الس د ال ذي اقام ه وال ده‬
‫() ج واد علي ‪ :‬ت اريخ الع رب قب ل االس الم ج‪ 2‬ص ‪ ، 112-111‬ص الح العلي ‪ :‬محاض رات‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Philp ,P.37‬‬
‫() فؤاد حسنين ‪ :‬استكمال لكتاب التاريخ العربي القديم ص ‪. 290‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪59‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ف زاد في ه ط وال وعرض ا وارتفاع ا ‪ ،‬وانش أ س دا جدي دا ع رف بس د حب ابض ‪ ،‬ف زادت‬
‫ب ذلك مس احة االراض ي المزروع ة زي ادة كب يرة ‪ ،‬وعظمت ث روات البالد ‪ ،‬وج ني‬
‫الس بأيون ارباح ا طائل ة وبفض ل ه ذا الس د ازدادت اهمي ة م أرب واص بحت عاص مة‬
‫للس بأيين ب دال من ص رواح ‪ ،‬وق ام يث ع ام ر بين بع دة حمالت عس كرية ض د القبائ ل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وال دويالت المج اورة ‪ ،‬كم ا دلت على ذل ك النق وش ال تي ع ثر عليه ا في م أرب‬
‫بناها بجبل بلق ‪ ،‬واقامة بابين لها ‪ .‬وبناء عدد من السدود ‪ ،‬منها سد وينسب الى يثع‬
‫‪ .‬ويعتبر (كرب ال‬ ‫(‪)2‬‬
‫امر بين ايضا تحصين مدينة مأرب بالبروج ومنهيت ومقران‬
‫وت ر) اخ ر مك ارب اليمن وه و اول من اتخ ذ لقب المل ك وق د اتب ع ه ذا المل ك سياس ة‬
‫عس كرية تق وم على التوس ع ‪ ،‬فح الف المل ك " ي دع اي ل " حض ر م وت " ودار واي ل "‬
‫ملك قتبان وهاجم مملكة أوسان التي كانت قد ظهرت في الجنوب الغربي من اليمن‬
‫وتحكمت في حض ر م وت وس يطرت على الطرق التجاري ة االتي ة منه ا ‪ ،‬مس تغلة في‬
‫ذلك ضعف القتبانيين ‪ .‬فتمكن كرب ال وتر من القضاء على هذه المملكة واخضاع‬
‫عدد من القبائل المتحالفة معها ‪ ،‬وتمت له السيطرة على طرق تجارة البخور االتية‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫من الجنوب‬
‫ملوك سبأ ‪:‬‬
‫ك ان (ك رب ال وت ر) اول مل وك س بأ ويرج ع الي ه الفض ل في توطي د كي ان‬
‫الدول ة الس بأية وت أمين س المتها ‪ ،‬بم ا حقق ه من االنتص ارات على الدول ة المعيني ة‬
‫واالمارات المجاورة لها ‪ .‬وقد تتابع على حكم سبأ عدد من الملوك منه ( سمه علي‬
‫ذرح ) وابنه ( الشرح ) الذي ينسب اليه بناء جدار لمعبد االله المقة في محرم بلقيس‬
‫‪ .‬ثم توالى على حكم هذه الدولة عدد‬ ‫(‪)4‬‬
‫بمأرب ورم ابراج هذا المعبد وحفر الخنادق‬

‫() ج رجي زي دان ‪ :‬الع رب قب ل االس الم ص ‪ ، 176 – 175‬ص الح العلي ‪ :‬محاض رات ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪. 23 -22‬‬
‫() ص الح العلي ‪ :‬محاض رات ص ‪ ، 23‬ف ؤاد حس نين ‪ :‬اس تكمال الت اريخ الع ربي الق ديم ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 291-290‬‬
‫() جواد علي – تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص‪. 130‬‬ ‫‪2‬‬

‫() صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص‪. 24-23‬‬ ‫‪3‬‬

‫() جواد علي – تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص‪ . 157‬سالم ‪ :‬دراسات ص‪. 1965‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪60‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫من المل وك ال ذين دخل وا في ص راع م ع الدول ة القتباني ة انتهى بالقض اء على اس تقالل‬
‫قتبان ‪ ،‬ومنذ سنة ‪ 500‬ق‪.‬م بدأت تظهر اسرات قوية على مسرح االحداث في اليمن‬
‫‪ ،‬وق د تمكنت بعض ه ذه االس رات وهي االس رة الهمداني ة من اغتص اب الع رش من‬
‫ملوك سبأ في بعض الفترات ‪ ،‬ولمعت اسماء الهة جديدة لم تكن لها شأن خطير قبل‬
‫هذا العهد وهي الهة برزت بفضل هذه االسر التي كانت تتعبد لها مثل ‪ :‬تألب ريام ‪،‬‬
‫وذو س ماوى ( ذو الس ماء ) او رب الس ماء وظه رت نع وت جدي دة لم تكن مس تعملة‬
‫في اي ام المك ربين وال عن د ه ؤالء المل وك ال ذين خلف وهم ‪ ،‬وهي نع وت قريب ة من‬
‫النعوت التي كان يس تعملها القتب انيون ‪ ،‬مث ل يهأمن ويهنعم ويهرجب ‪ ،‬وي دل ظهور‬
‫هذه االسماء في الكتابات على حدوث تطور خطير في حكومة سبأ ‪ ،‬وعلى تغير مهم‬
‫‪ .‬وفي سنة ‪ 350‬ق‪ .‬م تولى‬ ‫(‪)1‬‬
‫في االتجاه العام في السياسية وفي الدين واالجتماع‬
‫ع رش س بأ ( ال ك رب يهنعم ) وأس س اس رة ملكي ة ثالث ة اص لها من ح دقان ش مالي‬
‫صنعاء ‪ .‬ودخل ملوك هذه االسرة في حروب طويلة مع االمارات والقبائل المجاورة‬
‫اض عفت الدول ة الس بئية وأت احت للدول ة االجنبي ة الت دخل في ش ؤونها ‪ ،‬وفق دت س بأ‬
‫س يطرتها على البح ر االحم ر وس واحل افريقي ا بع د ان انتقلت التجاري ة البحري ة من‬
‫‪ .‬ثم تمكن ( نصر يهنعم ) من تأسيس االسرة السبأية‬ ‫(‪)2‬‬
‫ايديهم الى اليونان والرومان‬
‫الرابعة في سنة ‪ 200‬ق‪.‬م ودخل ملوك هذه االسرة في صراع عنيف مع الريداينين‬
‫من حمير ‪ ،‬انتهى بانتصار اهل ريدان وانتزاعهم العرش من السبئيين ‪ ،‬حيث أسسوا‬
‫في س نة ‪ 115‬ق‪.‬م اس رة جدي دة تلقب ملوكه ا بلقب ( مل وك س بأ وذي ري دان ) وهم‬
‫‪ .‬اما عن نظام الحكم في سبأ فقد‬ ‫(‪)3‬‬
‫الحميريون الذي نقلوا العاصمة السبأية الى ظفار‬
‫ك ان المل ك يق وم ب الحكم ويت ولى قي ادة الجيش في الح روب وك ان يس اعده مجلس‬
‫ش عبي ‪ ،‬كم ا ك ان هن اك موظف ون يرث ون مناص بهم يس مى ك ل منهم ( الكب ير) ‪ ،‬وق د‬
‫كون هؤالء بمرور الزمن طبقة وراثية حلت محل المجلس الشعبي ‪ ،‬ثم اصبحوا فيما‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 1‬ص ‪168- 161‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ص ‪166‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص‪213‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪61‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وك انت االدارة تعتم د على‬ ‫(‪)1‬‬
‫بع د طبق ة اقطاعي ة ادت الى اض عاف س لطة المل ك‬
‫ملكية االرض ‪ ،‬وتفرض الضرائب على االرض والتجارة كما كانت تفرض ضرائب‬
‫‪ .‬وق د ج نى الس بأيون ارباح ا‬ ‫(‪)2‬‬
‫اس تثنائية الغ رض منه ا س د نفق ات الحمالت الحربي ة‬
‫طائلة من التجارة ‪ ،‬بحكم موقعهم الجغرافي ‪ ،‬فقد كانت القوافل االتية من الهند وبالد‬
‫الحبشة والمحملة بمختلف انواع الطيوب والبخور والتوابل تنقل من شواطئ الجزيرة‬
‫العربية الى مصر والشام والعراق وكانت صعوبة المالحة في البحر االحمر تجعل‬
‫طريق البر مفضال في نقل البضائع بين بالد الشام ‪ ،‬وكان خط سير القوافل التجارية‬
‫يبدأ من شبوة في حضر موت ويتجه شماال الى يثرب ومنها مكة ‪ ،‬ثم البتراء ‪ ،‬فغزة‬
‫‪ .‬وك ان من نتيج ة ه ذا الرخ اء االقتص ادي واتس اع‬ ‫(‪)3‬‬
‫على س احل البح ر المتوس ط‬
‫ث روات البالد ‪ ،‬ان امت د نف وذ الس بأيين الى اط راف الجزي رة العربي ة ش ماال وش رقا‬
‫واحتف روا ال ترع وبن وا الس دود وحول وا الرم ال الى ترب ة خص بة وش يدوا القص ور‬
‫والمحاف د والهياك ل وتفنن وا في تزيينه ا وزخرفته ا واق اموا حوله ا االس وار واغترس وا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الحدائق‬

‫الدولة الحميرية‬
‫ك ان بداي ة ظه ور الدول ة الحميري ة في س نة ‪ 115‬ق‪.‬م ‪ ،‬حيث تمكن‬
‫الحم يريون من ان تزاع الع رش الس بأي وتأس يس اس رة جدي دة ع رف ملوكه ا " بمل وك‬
‫‪ .‬ام ا عن اص ل‬ ‫(‪)5‬‬
‫س بأ وذي ري دان " واتخذوا مدين ة ظف ار ‪ Sapphar‬عاص مة لهم‬
‫الحميرين ‪ ،‬فاالخباريون العرب ينسبونهم الى حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن‬
‫‪ " ،‬وقد عرف ملوكهم بالتبابعة وورد ذكرهم في القران الكريم ‪ :‬اهم خير‬ ‫(‪)6‬‬
‫قحطان‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪24‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪24‬‬ ‫‪2‬‬

‫() محمد مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص ‪59‬‬ ‫‪3‬‬

‫() جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪140‬‬ ‫‪4‬‬

‫() جواد علي‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 2‬ص ‪ ، 213‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪167‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن حزم ‪ :‬جمهرة انساب العرب ‪ ،‬ص‪406‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪62‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وق د اتف ق المؤرخ ون‬ ‫(‪)1‬‬
‫قوم تبع والذين من قبلهم أهلكن اهم انهم ك انوا مج رمين "‬
‫على تقسيم الدولة الحميرية الى عصرين ‪:‬‬
‫الدولة الحميرية االولى ‪ 115( :‬ق‪.‬م – ‪ 300‬م) وقد تلقب ملوك هذا العصر‬
‫بلقب ‪ " :‬ملوك سبأ وذي ريدان " ‪.‬‬
‫الدولة الحميرية الثانية ‪ 300 ( :‬م – ‪ 525‬م ) وعرف ملوكها " بملوك سبأ‬
‫‪ .‬وفي ح والي س نة ‪ 400‬م اض اف أس عد اب و‬ ‫(‪)2‬‬
‫وذي ري دان وحض ر م وت ويمن ات‬
‫كرب لقب ( واالعراب في الطود وتهامة الى اللقب السابق )‬
‫اوال ‪ :‬الدول ة الحميري ة االولى ( ‪ 115‬ق‪.‬م – ‪ 300‬م ) ‪ :‬يرج ع االخب اريون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫تأسيس هذه الدولة الى ال شرح يحضب الذي ينسب اليه بناء قصر غمدان‬
‫ومن اهم االح داث الب ارزة في عص ر الدول ة الحميري ة االولى محاول ة غ زوا‬
‫الروم ان لبالد اليمن س نة(‪ 24‬ق‪.‬م) في عه د االم براطور " أغس طس " ‪Augustus‬‬
‫الذي أوعز الى حاكم مصر الروماني " اليوس جالوس " ‪ " ، Alius Gallus‬بغزو‬
‫اليمن ‪ ،‬فخ رج في جيش قوام ه عش رة االف مقات ل ‪ ،‬وك ان ه دف الروم ان في ه ذه‬
‫الحمل ة الس يطرة على ط رق التج ارة ال تي ك ان يحتكره ا " مل وك س بأ وذي ري دان "‬
‫‪،‬وقد سلكت هذه الحملة الطريق البري ‪ ،‬واستعان الرومان‬ ‫(‪)4‬‬
‫واستغالل ثروات اليمن‬
‫باألنب اط ‪ ،‬فأم دهم عب ادة الث الث ( ‪ 9 – 30‬ق‪.‬م ) ب وزيره " ص الح " " س ايليوس "‬
‫ليك ون دليال لهم في ه ذه الحمل ة فس ار ب الجيش ع بر بالد الحج از الى وادي " حرب د "‬
‫حيث تت وفر المي اه ‪ ،‬ثم واص ل الي وس ج الوس زحف ه جنوب ا فوص ل نج ران واس تولى‬
‫عليها ثم استولى بعد ذلك على مدينة اسكا (‪ ( ) Asca‬نشق ) وتمسى البيضاء في‬
‫‪ ،‬ثم تقدمت الحملة الى داخل البالد فبلغت مدينة مارس يابا ( ‪Mar‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫الوقت الحاضر‬
‫‪ ) seiaba‬وي رى بعض الب احثين ومنهم جالس ر ان (مارس يابا) ال يقص د به ا مدين ة‬

‫()سورة الدخان ‪ ، 44‬اية ‪37‬‬ ‫‪1‬‬

‫()مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص ‪ ، 63 ،62‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪175 – 169‬‬ ‫‪2‬‬

‫()الهم داني ‪ :‬االكلي ل ج ‪ 8‬ص‪ . 19‬فيليب ح تي ‪ :‬ت اريخ الع رب ص ‪ . 56‬ف ؤاد حس نين ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫استكمال الكتاب التاريخ العربي القديم ص‪300‬‬


‫()‪Philby , op . cit. P .100‬‬ ‫‪4‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات ‪ ،‬تاريخ العرب ص ‪25‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪63‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫مأرب كما اعتقد بعض العلماء ‪ ،‬وانما هي اسم موضع في الجوف ‪ ،‬ويستبعد وصول‬
‫ولم تحق ق ه ذه الحمل ة اله دف ال ذي خ رجت من‬ ‫(‪)1‬‬
‫حمل ة الي وس ج الوس الى م أرب‬
‫اجل ه ‪ ،‬فق د تع رض الجن د ألم راض واوبئ ة باإلض افة الى وع ورة الطري ق ومقاوم ة‬
‫اليمانيين الشديدة ‪ ،‬فعاد اليوس جالوس الى مصر عن طريق نجران ‪ ،‬حيث أبحر من‬
‫‪ .‬وق د ك ان فش ل‬ ‫(‪)2‬‬
‫أح د م وانئ البح ر االحم ر بع د ان خس ر ع ددا كب يرا من رجال ه‬
‫الرومان في السيطرة على بالد اليمن عسكريا دافعا لهم على تغيير سياستهم التوسعية‬
‫ه ذه ‪ ،‬فعم دوا الى تحس ين عالقتهم م ع اليمن وذك ر بعض الم ؤرخين ان بعض مل وك‬
‫‪ .‬ثم ب دأ الض عف ي دب في كي ان الدول ة‬ ‫(‪)3‬‬
‫حم ير ك انوا على ص الت حس نة بالروم ان‬
‫الحميري ة االولى ( ملوك س بأ وذو ري دان ) نتيج ة لمزاحم ة الروم ان له ا في الطريق‬
‫البح ري من جه ة ‪ ،‬وتن اقض اهمي ة الطري ق البح ري ع بر الحج از من جه ة اخ رى ‪،‬‬
‫‪ .‬واخر ملوك هذه‬ ‫(‪)4‬‬
‫وقد ادى ذلك الى االضرار باقتصاديات اليمن اضرارا بالغا‬
‫الدولة في عص رها االول هو المل ك " ياس ر يهنعم " الذي عرف باس م " ناشر النعم "‬
‫‪ .‬اما‬ ‫(‪)5‬‬
‫ونسبه المسعودي الى عمرو بن يعفر وجعل مدة حكمه خمسا وثالثين سنة‬
‫االخب اريون ف ذكروا ان ناش ر النعم ه ذا ه و مال ك بن يعف ر بن عم رو بن حم ير بن‬
‫الس ياب بن عم رو بن زي د بن سكس ك بن حم ير بن س بأ ‪ ،‬وان ه س مي " ناش ر النعم "‬
‫ألنه احيا ملك حمير بعد أربعين عاما ايام سليمان بن داود (ع)(‪ )6‬وينسب المؤرخون‬
‫الى ناش ر النعم والغ زوات والفتوح ات العظمى ‪ ،‬ف ذكروا ان ه جم ع حم ير وقبائ ل‬
‫قحط ان وخ رج ب الجيوش الى المغ رب ح تى بل غ البح ر المحي ط ‪ ،‬ف أمر ابن ه ش مر‬
‫يه رعش ان ي ركب البح ر المحي ط ف ركب في عش رة االف م ركب وس ار يري د وادي‬
‫الرم ل ‪ ،‬وق ال ل ه ال ترج ع ح تى تع بره وترج ع لي بم ا رأيت ون زل ناش ر النعم على‬
‫ص نم ذي الق رنين ‪ .‬ف اخرج عس اكره الى االف رنج ‪ ،‬وع برت عس اكره الى ارض‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪172‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Philby , op . cit . P.101‬‬
‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص‪. 138‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص ‪. 65 – 64‬‬ ‫‪4‬‬

‫() مروج الذهب ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 196‬‬ ‫‪5‬‬

‫()وهب بن منبه ‪ :‬التيجان ص‪. 220‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪64‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الصقالبة فغنموا االموال وسبوا الذراري ورجعوا اليه بسبي من كل امة في جزائر‬
‫الحبش ة وارض ال ترك وطبرس تان وجب ال الص عد وان ه م ات ب دينور فدفن ه ول ده ش مر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وتولى الملك من بعده‬
‫ويؤك د العلم اء ان ه ذه الفتوح ات والغ زوات ال تي ينس بها االخب اريون الع رب‬
‫الى ناشر النعم ال نص يب لها من الص حة فان ناش ر النعم كان يس مى " ياسر يهنعم "‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫وانه لم يدرك ايام سليمان بن داود اسمه في نقش مؤرخ سنة ‪ 270‬م‬

‫الدولة الحميرية الثانية ( ‪ 300‬م – ‪ 525‬م ) ‪:‬‬


‫ع رف مل وك ه ذه الدول ة بمل وك س بأ وذو ري دان وحض رموت ويمن ات واول‬
‫من تلقب به ذا اللقب من ملوك حمير هو " ش مر يه رعش " ‪ ،‬ال ذي ع رف ب " شمر‬
‫يه رعش " ‪ ،‬وه و ابن ناش ر النعم (‪)3‬وه و عن د االخب اريين تبع ا االك بر " ألن ه لم يقم‬
‫للع رب ق ائم ق ط أحف ظ لهم من ه ‪ ،‬وك ان أعق ل من رأوه من المل وك وأعالهم هم ة‬
‫وذك روا ان ش مر يه رعش زح ف بجيوش ه الى‬ ‫(‪)4‬‬
‫وأش دهم مك را لمن ح ارب "‬
‫أرميني ة ‪ ،‬وه زم ال ترك وه دم الم دائن ب دينو وس نجار بين نهاون د ودين وا " فجمي ع‬
‫االرض التي خربها شمر يرعش سماها بنو فارس شمر كند اي شمر خرب باللسان‬
‫وقيل‬ ‫(‪)5‬‬
‫الفارسي ‪ ،‬فأعربته العرب بلسانها ‪ ،‬فقالوا " سمرقند " وهو اسمها الى اليوم‬
‫ايض ا ان ه بس ط نف وذه على الهن د وعين اح د ابن اء مل وك الهن د ملك ا على الص ين ‪ ،‬ثم‬
‫ع اد فس ار الى مص ر ومنه ا الى بالد الحبش ة فاس تولى عليه ا ‪ ،‬وه رب االحب اش الى‬
‫‪ .‬وال شك ان ما‬ ‫(‪)6‬‬
‫البحر المحيط فتبعهم شمر حتى بلغ المحيط ثم عاد الى المشرق‬
‫نس به المؤرخ ون من غ زوات وفتوح ات الى (ش مر يه رعش) ه ذا ال يع دو قصص ا‬
‫خرافية ‪ ،‬فالثابت انه انتصر على مناطق كثيرة من بالد العرب الجنوبية وسير حملة‬

‫()وهب بن منبه ‪ :‬التيجان ص ‪221-220‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص‪ ، 141‬سالم – دراسات ص‪175‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪141 – 139‬‬ ‫‪3‬‬

‫() وهب بن منبه ‪ :‬التيجان ص ‪ ، 222‬االكليل ص ‪210‬‬ ‫‪4‬‬

‫() وهب بن منبه ‪ :‬التيجان ص‪227‬‬ ‫‪5‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪143 – 142‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪65‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫عسكرية الى قبائل تهامة التي كانت تسكن على ساحل البحر االحمر ‪ ،‬فانتصر عليها‬
‫كم ا س يطر على ش رق الجزي رة ووص لت جيوش ه‬ ‫(‪)1‬‬
‫وتعقب تل ك القبائ ل ح تى البح ر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫جنوب العراق‬

‫الغزو الحبشي االول لبالد اليمن ‪:‬‬


‫ك ان غ زو االحب اش لليمن فيم ا يق رب من س نة (‪ 340‬م ) ‪ .‬في عه د ي ريم‬
‫يرحب بن شمر يهرعش ويؤكد بعض الباحثين ان غزو االحباش لبالد اليمن كان رد‬
‫فعل للغزو الذي قام به ملوك حمير للسواحل الشرقية للحبشة ولم يكن للعامل الديني‬
‫دخ ل في ه ذا الغ زو ‪ ،‬فق د ك ان " االعمي د " وه و النج اش ال ذي فتح اليمن وثني ا على‬
‫دين ابائه ولم يرد في االخبار انه اعتنق النصرانية ‪ ،‬وعلى هذا االساس فان للعامل‬
‫‪ .‬وقد تلقب ملك‬ ‫(‪)3‬‬
‫االقتصادي دوره في هذا الغزو الذي قام به االحباش لبالد اليمن‬
‫بلقب ملك اكسوم وحمير وذي رايدان وحبشت وسبأ وتهامة ‪ ،‬واضطر‬ ‫(‪)4‬‬
‫" اكسوم "‬
‫ي ريم ي رحب بن ش مر يه رعش للف رار ه و وابن اؤه الى ي ثرب حيث ت أثروا باليهودي ة‬
‫‪ .‬ام ا االحب اش فق د ش جعوا على نش ر المس يحية واتخ ذوا من نص اري اليمن‬ ‫(‪)5‬‬
‫هن اك‬
‫س ندا قوي ا لهم ‪ ،‬وك انت المس يحية ق د ب دأت في االنتش ار في عه د الدول ة الحميري ة‬
‫بفض ل الجه ود ال تي ع ام به ا المبش رون اليعاقب ة ال ذين ج اؤا من الحبش ة ‪ ،‬واسس وا‬
‫الكنائس في عدن وظفار ونجران‪ ،‬كما ساهم المبشرون النساطرة القادمون من الحيرة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫ومن الشام في نشر الديانة المسيحية من اليمن فاعتنقها عدد من السكان‬
‫ولم ي دم احتالل األحب اش لليمن ط ويال ‪ ،‬فق د انته ز اليم انيون فرص ة انش غل‬
‫ملك الحبش ة (ع يزان) في اخم اد الش عوب االفريقي ة ال تي ك انت خاض عة لحكم اكسوم‬

‫‪1‬‬
‫سالم ‪ :‬دراسات ص ‪()Philby , Background , P.111 . 177‬‬
‫() العسلي ‪ :‬حملة شمر يهرعش على شرق الجزيرة ( مجلة العرب ‪ ،‬السنة الخامسة ) ايار ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪. 835 – 820‬‬
‫() جواد علي – العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 149‬‬ ‫‪3‬‬

‫() اكسوم‪ :‬عاصمة المملكة الحبشية ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫() اليعقوبي _ تاريخ اليعقوبي ج‪ 1‬ص‪ ( 160‬ط النجف ‪1358‬ه) ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() صالح العلي _ محاضرات تاريخ العرب ص ‪. 28‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪66‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫والس اكنة في جن وب الحبش ة ‪ ،‬فتمكن وا من اس ترداد البالد وط رد االحب اش منه ا فيه ا‬
‫بين ‪ 378-370‬م ‪ .‬وت ولى حكم حم ير " مل ك الك رب يه امن" ‪ ،‬وق د ورد اس م ه ذا‬
‫المل ك م ع ابني ه "أب و ك رب أس عد" و" ورا أم ر أيمن" في نقش يع ود تاريخ ه الى ع ام‬
‫‪378‬م‪ ،‬ج اء في ه ان ه ؤالء جميع ا "اق اموا معب دا لإلل ه "ذو س موى" أي ال ه الس ماء أو‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫رب السماء‬
‫واس تناد الى م ا ورد في النقش الم ذكور يظه ر أن هن اك تط ورا خط يرا في‬
‫الناحية الدينية طرأ على اليمن بعبادتهم لإلله " ذو سموي" مما يدل على اتساع أفق‬
‫الع رب الجنوب يين ال ديني بع د احتك اكهم بالمبش رين المس يحين وباألحب اش المتنص رين‬
‫وباألحب ار اليه ود ‪ ،‬وي رى ال دكتور ج واد علي " ان عب ادة االل ه ذو س موى " ال تع ني‬
‫توحيد على ما يفهم من فكرة التوحيد في االديان المعروفة خاصة في االسالم " وانما‬
‫هي خطوة " نحو تصفية الحساب مع العقيدة الوثنية القديمة التي تعترف بإلهة عديدة‬
‫‪ .‬ثم‬ ‫(‪)2‬‬
‫م ع االله ة المحلي ة ‪ ،‬واالعتق اد بوج ود ال ه واح د اعلى ق اهر ه و رب الس ماء‬
‫تعاقب على حكم اليمن بعد ( ملك كرب يهأمن ) اوالده من بعده ( ابو كرب أسعد )‬
‫و ( ورا أم ر ايمن) و ( ش رحبيل يعف ر ) ال ذي تم في عه ده ت رميم س د م أرب س نة‬
‫‪ 449‬م لكن الس د س رعان م ا انه ار بع د ع ام واح د اي في س نة ‪ 450‬م فه ربت‬
‫جماعات كبيرة من اهل اليمن الى الجبال فقام شرحبيل ببناء السد من جديد في عام‬
‫‪ 451‬م ‪ ،‬ثم تت ابع على ع رش حم ير ع دد من المل وك اخ رهم ذي ن واس ( ‪– 510‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ ) 525‬الذي تم في عهده سقوط الدولة الحميرية بيد االحباش في سنة ‪525‬م‬

‫االحتالل الحبشي الثاني لليمن وسقوط الدولة الحميرية‪: F‬‬


‫تمكن الروم من ادخال المسيحية الى اليمن بفضل الجهود التي بذلها الرهبان‬
‫اليعاقبة الذين جاءوا من الحبشة ‪ ،‬باإلضافة الى وفود المبشرين النساطرة من الحيرة‬
‫وس وريا ‪ ،‬وق د ق ام ه ؤالء الرهب ان والمبش رون ببن اء الكن ائس في ع دد من الم دن‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص‪. 153_152‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 153‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 181‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪67‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اليمانية ‪ ،‬ونجح الراهب فيميون في تأسيس كنيسة في نجران التي كانت تضم اكبر‬
‫ع دد من النص ارى وك ان ه دف الروم ان من وراء نش ر المس يحية ه و تمهي د االفك ار‬
‫‪ .‬وقد ادرك ملوك حمير‬ ‫(‪)1‬‬
‫والنفوس لقبول التسلط السياسي الروماني في بالد اليمن‬
‫م ا يه دد كي انهم السياس ي من الخط ر الش ديد ففك روا في امض ى االس لحة لمقاوم ة‬
‫(‪)2‬‬
‫المسيحية في بالدهم ‪ ،‬فاعتنقوا اليهودية ليقاوموا دينا توحيديا بدين توحيدي أخر‬
‫وفي س نة ‪ 510‬م ت ولي ع رش حم ير المل ك " ذو ن واس " ال ذي ع رف عن د م ؤرخي‬
‫الع رب باس م زرع ة ذي ن واس بن تب ان أس عد " وذك روا ان ه اعتن ق اليهودي ة وتس مى‬
‫‪ .‬ويرى بعض المؤرخين ان ذا نواس كان وثنيا ولم يكن يهوديا كما ذكر‬ ‫(‪)3‬‬
‫يوسف‬
‫االخباريون ‪ ،‬وكان اضطهاده – للنصارى دون اليهود ألنه ربط بين انتشار المسيحية‬
‫في اليمن وبين ازدي اد النف وذ الب يزنطي والحبش ي في بالده وع رف ذو ن واس في‬
‫النص وص النص رانية باس م " ‪ " Dimnus‬و ( ‪ ) Damian‬و ( ‪ ) Dimianos‬و (‬
‫‪ ) Damnus‬و ( مس روق ) ‪ .‬وهن اك تش ابها كب يرا بين ( ‪ ) Dimnus‬و (‬
‫‪ ) Damian‬و ( ‪ ) Damnus‬وكلمة ذو نواس العربية ‪ .‬ويرى الدكتور جواد علي‬
‫انها تحريف نشأ عن االصل ‪ ،‬اما في النصوص الحبشية فقد عرف باسم ( فنحاس )‬
‫‪ .‬وق د ورد في الرواي ات الحبش ية ان‬ ‫(‪)4‬‬
‫( ‪ ) phin has‬وه و اس م من اس ماء يه ود‬
‫نصارى نجران كانوا يرسلون بهداياهم الى نجاشي الحبشة ويدفعون اليه الضرائب ‪،‬‬
‫‪ .‬وفي‬ ‫(‪)5‬‬
‫فكان من الطبيعي اال يسكت ملك حمير على هذا التدخل الحبشي في بالده‬
‫سنة‪ 523‬هاجم ذو نواس مدينة نجران التي كانت أكبر مركز للمسيحية في اليمن ‪،‬‬
‫فخ ير اهله ا بين االرت داد عن دينهم او الم وت حرق ا ف اثر البعض القت ل ‪ ،‬فحف ر لهم‬
‫اخاديد احرقهم فيها واحرق انجيلهم ‪ ،‬وقيل انه احرق بالنار وقتل بالسيف ما يقرب‬

‫() اسرائيل ولفنسون ‪ :‬تاريخ اليهود في بالد العرب ط مصر ‪. 1927‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المرجع السابق ‪ :‬تاريخ اليهود في بالد العرب ص ‪. 36‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري – تاريخ الرسل والملوك ج‪ 2‬ص ‪. 119‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 190‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ ، 176‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪ ، 185‬ماجد ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫التاريخ السياسي ج‪ 1‬ص ‪. 75‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪68‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وقد ورد ذكر هذه الحادث ة في القران الكريم فقال تعالى " قتل‬ ‫(‪)1‬‬
‫من عشرين الفا‬
‫اص حاب االخ دود الن ار ذات الوق ود اذ هم عليه ا قع ود ‪ .‬وهم على م ا يفعل ون‬
‫‪ .‬وق د‬ ‫(‪)2‬‬
‫ب المؤمنين ش هود وم ا نقم وا منهم اال ان يؤمن وا باهلل العزي ز الحميد "‬
‫استغل االحباش هذه الحادثة ‪ ،‬واتخذوها ذريعة لغزو اليمن ال سيما وان الحبشة كانت‬
‫تسعى لتأديب الحميريين الذين كانوا يتعرضون لقوافلهم التجارية في البحر االحمر ‪.‬‬
‫وي رى بعض العلم اء ان اس باب غ زو الحبش لليمن يرج ع الى عوام ل سياس ية‬
‫واقتص ادية ‪ ،‬فق د ك انت بيزنط ة تس عى الى الس يطرة على الط رق التجاري ة الموص لة‬
‫للمحيط الهندي ‪ ،‬وبالتالي بسط نفوذها السياسي على العرب لمناؤة اعدائها الفرس ‪.‬‬
‫وال يخفى ان للعام ل ال ديني اث ره في ه ذا الموض وع ‪ .‬فاتخ ذت بيزنط ة والحبش ة من‬
‫اضطهاد الحميريين لنصارى اليمن ذريعة للتدخل باعتبار ان االمبراطور البيزنطي‬
‫‪ .‬وق د افلت من ه ذه المذبح ة رج ل‬ ‫(‪)3‬‬
‫(جس تنيان ) يع د نفس ه حامي ا للكنيس ة الش رقية‬
‫يقال له " دوس ذو ثعلبان" فسار الى ملك الحبشة واخبره بما فعل ذو نواس بأهل دينه‬
‫‪ ،‬واتاه باإلنجيل وقد احرقت النار بعضه ‪ ،‬فقال له ‪ " :‬الرجال عندي كثير ‪ ،‬وليست‬
‫عندي سفن وانا كاتب الى قيصر ان يبعث الي بسفن احمل فيها الرجال ‪ ،‬فكتب الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫قيصر في ذلك ‪ ،‬وبعث اليه باإلنجيل المحرق ‪ .‬فبعث اليه قيصر بسفن كثيرة‬
‫وأورد الطبري ايضا رواية اخرى ذكر فيها ان ذو ثعلبان هذا قدم الى قيصر الروم‬
‫يستنصر على ذي نواس وجنوده ‪ ،‬فقال له قيصر ‪ " :‬بعدت بالدك من بالدنا ‪ ،‬ونأت‬
‫عنا فال نقدر ان تناولها بالجنود ‪ ،‬ولكني سأكتب لك الى ملك الحبشة ‪ ،‬فانه على هذا‬
‫ال دين ‪ ،‬وه و أق رب الى بالدك من ا ‪ ،‬فينص رك ويمنع ك ويطلب ل ك بث أرك ممن‬
‫ظلم ك ‪ ،‬واس تحل من ك ومن اه ل دين ك م ا اس تحل " ‪ .‬فكتب مع ه قيص ر الى مل ك‬
‫الحبشة يذكر له حقه وما بلغ منه ومن اهل دينه ‪ ،‬ويأمره بنصره وطلب ثأره ممن‬
‫بغي عليه وعلى اهل دينه ‪ .‬فلما قدم دوس ذو ثعلبان بكتاب قيصر على النجاشي ‪،‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪ . 122‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 429‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سورة البروج اية ‪. 85‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 189‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪. 124-123‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪69‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بعث مع ه س بعين الف ا من الحبش ة بقي ادة رج ل يق ال ل ه اري اط ومع ه ابره ة ‪ ،‬وعه د‬
‫الي ه ‪ :‬ان ظه رت عليهم فأقت ل ثلث رج الهم ‪ ،‬واخ رب ثلث بالدهم ‪ ،‬وأس بي ثلث‬
‫‪ .‬ون زلت القوات الحبش ية على " س احل زبي د من ارض اليمن " ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫نس ائهم وابن ائهم‬
‫فخ رج اليهم ذو ن واس بمن مع ه من حم ير وقبائ ل اليمن ودار القت ال بين الف ريقين ‪،‬‬
‫فانهزم ذو نواس هزيمة نكراء وقتل عدد من رجاله ‪ " ،‬فلما رأى ذو نواس ما رأى‬
‫مما نزل به وبقومه وجه فرسه الى البحر ‪ ،‬ثم ضربه فدخل فيه فخاض به ضحضاح‬
‫‪ .‬ودخل‬ ‫(‪)2‬‬
‫البحر ‪ ،‬حتى افضي به الى غمرة ‪ ،‬فاقحمه فيه ‪ ،‬فكان اخر العهد به "‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫أرياط " دمار " التي سميت بصنعاء ‪ ،‬وانتهى بذلك ملك الحميرين في بالد اليمن‬
‫وق د انتقم االحب اش من الحم يرين انتقام ا ش ديدا ‪ ،‬فقتل وا ثلث رج الهم وخرب وا ثلث‬
‫بالدهم وبعث وا بثلث الس بي الى مل ك الحبش ة ‪ ،‬وه دموا القص ور وفي ذل ك يق ول‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الشاعر علقمة ذو جدن الحميري‬
‫ال تهلكي أسفا في ذكر من ماتا‬ ‫هونك ليس يرد الدمع ما فاتا‬
‫وبعد سلحين يبني الناس بنيانا‬ ‫ابعد بينون ال عين وال أثر‬
‫وهك ذا تم لألحب اش فتح اليمن ‪ ،‬وت ولى اري اط حكم البالد باس م النجاش ي ‪،‬‬
‫وت ذكر المص ادر العربي ة ان نزاع ا نش ب بين اري اط وابره ة ح ول الس لطة‪ ،‬فانقس م‬
‫معس كر االحب اش الى ف ريقين ‪ :‬فري ق يؤي د اري اط واالخ ر يؤي د ابره ة ‪ ،‬فارس ل ه ذا‬
‫األخير الى أرياط يطلب مبارزتة ‪ ،‬فوافقه على ذلك ‪ ،‬وبرز كل منها الى صاحبه ‪"،‬‬
‫فلما دنا احدهما من صاحبة رفع أرياط الحربة فضرب بها على رأس ابرهة فوقعت‬
‫الحربة على جبهة ابرهة ‪ ،‬فشرمت حاجبه وعينه وانفه وشفته ‪ ،‬فبذلك سمي ابرهة‬
‫االش رم ‪ ،‬وحم ل غالم ابره ة على أري اط فقتل ه ‪ ،‬وانص رف جن د اري اط الى ابره ة ‪،‬‬
‫وبلغ النجاشي أمر ذلك النزاع وتغلب ابرهة على‬ ‫(‪)5‬‬
‫فاجتمعت عليه الحبشة باليمن "‬

‫() الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪. 125-124‬‬ ‫‪1‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج ‪ 2‬ص ‪. 125‬‬ ‫‪2‬‬

‫()الدينوري ‪ :‬االخبار الطوال ‪ ،‬ط ‪ 1960‬ص ‪. 162‬‬ ‫‪3‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪. 125‬‬ ‫‪4‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ ، 2‬ص ‪. 129‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪70‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫أرياط وانفراده في حكم اليمن ‪ ،‬فغضب غضبا شديدا ‪ ،‬ثم ما لبث أن أقر ابرهة في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الحكم وكتب اليه ‪ " :‬أن أثبت على عملك بارض اليمن"‬
‫وتختلف الروايات العربيه مع ما ذكره المؤرخ بروكوبيوس من أن النجاشي‬
‫كان قد نصب على اليمن بعد مقتل ذي نواس رجال من نصاري حمير هو السميفع‬
‫اش وع (ايس يميفاوس ‪ )Esimiphaeus‬وان االحب اش في اليمن اعلن وا الث ورة على‬
‫الس ميفع ‪ ،‬واق اموا مكان ه عب دا" نص رانيا" ي دعى أبراه ام (ابره ة) فغض ب النجاش ي ‪،‬‬
‫وارسل قوة مؤلفة من ثالثة االف رجل لتأديب ابرهة ومن انضم اليه‪ ،‬فلما وصلت‬
‫القوة المذكورة انحاز جنودها الى ابرهة بعد أن وثبوا على قائدهم _ وهو من ذوي‬
‫القرابة للنجاشي _ فأرسل قوة جديدة الى اليمن لكنها انهزمت امام ابرهة ‪ ،‬ولم يفكر‬
‫النجاشي بعد هذه الهزيمة في أرسال قوة جديدة ‪ ،‬وحدث ان توفى النجاشي ‪ ،‬فصالح‬
‫ابره ة النجاش ي الجدي د على ان ي دفع جزي ة س نوية وان يك ون نائب ا عن ه في حكم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫اليمن ‪ ،‬فاقره النجاشي على ذلك‬
‫وانف رد ابره ة في حكم اليمن ‪ ،‬ولقب نفس ه ب اللقب الرس مي لمل وك حم ير في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫دولتهم الثانية مع أضافة عبارة تشير الى انه نائب ملك الحبشة في اليمن‬

‫حملة ابرهة على مكة (عام الفيل ‪570‬م) ‪:‬‬


‫دأب االحباش منذ استيالئهم على اليمن الى نشر الديانة المسيحية ‪ ،‬وكان من‬
‫أهم اعمال ابرهة في اليمن بناؤه كنيسة في " صنعاء" سماها " القليس" ( وهو تحريف‬
‫للكلم ة اليوناين ة اكل بزا ‪ Ekklessia‬أي الكنيس ة) ‪ ،‬وق د ب الغ ابره ة في االعتن اء به ذه‬
‫الكنيس ة وتزيينه ا واتقانه ا ‪ ،‬فنقش ها بال ذهب والفض ة والزج اج والفسيفس اء وال وان‬
‫‪.‬وق د ذك ر ي اقوت ان أبره ة " اس تذل أه ل اليمن في‬ ‫(‪)4‬‬
‫االص باغ وص نوف الج واهر‬
‫بن اء ه ذه الكنيس ة ‪ ،‬وجش مهم فيه ا أنواع ا من الس خر ‪ ،‬وك ان ينق ل اليه ا االَت البن اء‬
‫كالرخام والحجارة المنقوشة بالذهب من قصر بلقيس صاحبة سليمان (ع) ‪ ،‬وك ان من‬
‫() الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص‪ 130‬المسعودي المروج ج‪ 2‬ص‪. 78‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 192_191‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم دراسات ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص‪. 197‬‬ ‫‪3‬‬

‫() جرحى زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪.151‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪71‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫موض ع ه ذه الكنيس ة على فراس خ ‪ ،‬وك ان في ه بقاي ا من اَث ار ملكهم ‪ ،‬فاس تعان ب ذلك‬
‫على م ا أراده من بن اء هذه الكنيسة وبهجته ا وبهائها ونص ب فيها صلبانا من ال ذهب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫والفضة ‪ ،‬ومنابر من العاج واالبنوس"‬
‫ولم ا فرغ أبره ة من بن اء ه ذه الكنيس ة أرس ل الى نجاش ي الحبش ة يق ول " ق د‬
‫بنيت لك ايها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ‪ ،‬ولست بمنته حتى اَصرف‬
‫اليها حاج العرب " (‪ .)2‬فلما تحدث العب بذلك ‪ ،‬كبر عليها ‪ ،‬فاقدم رجل من النسأة‬
‫من بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة على تدنيس القليس ببعض القاذورات ‪ ،‬فلما‬
‫بل غ ذل ك ابره ة غض ب غض با ش ديدا وق ال ‪ :‬من ص نع ه ذا ؟ فقي ل ص نعه رج ل من‬
‫أهل هذا البيت الذي تحج العرب اليه بمكة ‪ ،‬لما سمع من قولك ‪ :‬اصرف اليه حاج‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫العرب " ‪ ،‬فاقسم ابرهة ليسيرن الى البيت فيهدمه‬
‫وسار ابرهة الى مك ة على رأس جيش كبير من االحباش يتقدم فيل يقال له‬
‫‪ .‬وذك ر‬ ‫(‪)4‬‬
‫محم ود (وه و تحري ف للفظ ة م اموث ‪ Mammouth‬ومعناه ا الفي ل )‬
‫فخ رج على ابره ة رج ل‬ ‫(‪)5‬‬
‫الم ؤرخ ابن االث ير ان ه ك ان م ع الجيش ثالث ه عش ر فيال‬
‫من اشراف اليمن يدعى ذو نفر فدعا قومة من العرب لقتال ابرهة ومن معه فقاتلهم ‪،‬‬
‫فهزمه ابرهة وأخذه أسيرا ‪ ،‬ثم تابع االحباش المسير نحو مكة حتى اذا كانوا بأرض‬
‫خثعم خ رج عليهم نفي ل بن ح بيب الخثعمي فيمن تبع ه من قبائ ل الع رب ‪ ،‬فق اتلهم ثم‬
‫هزم ووقع في األسر ‪ ،‬ولما وصل ابرهة الطائف بعث أهلها رجل يدله على الطريق‬
‫يق ال ل ه " اب و رغ ال" ف نزلوا في "المغمس" حيث هل ك اب و رغ ال في ذل ك الموض ع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫فرجمت العرب قبره بعد ذلك‬
‫ولما اقترب ابرهة من مكة بعث طائفة من الجند بقيادة رجل يقال له االسود‬
‫بن مقصود فساق اليه اموال أهل مكة ‪ ،‬واصاب مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم‬

‫() ياقوت ‪ :‬معجم البلدان المجلد الرابع ص ‪. 395‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪ ، 130‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 332‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نفس المصدر ‪ :‬الطبري ص‪. 131 ،130‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مبروك نافع ‪ :‬عصري ما قبل االسالم ص ‪، 71‬سالم داسات ص ‪. 200‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 442‬‬ ‫‪5‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص‪ ،132‬المسعودي ‪ ،‬المروج ج‪ 2‬ص‪. 78‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪72‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بن عبد مناف سيد قريس فلم ا ك ان ابرهة في الموض ع المع روف " بحب المحص ب"‬
‫‪ ،‬أتاه عبد المطلب بن هاشم ‪ ،‬فعظمه ابرهة وهابه وأجله وقال له ‪ :‬سلني يا عبد‬ ‫(‪)1‬‬

‫المطلب ‪ .‬ف أني ان يس أله اال ابال ل ه ف أمر برده ا علي ه‪ ،‬وق ال ‪ :‬اال تس ألني الرج وع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫فقال ‪ :‬انا رب هذه األبل وللبيت رب سيمنعه منك "‬
‫ثم عاد عبد المطلب الى مكة ‪ ،‬وامر قريشا ان تحلق ببطون االودية ورؤس‬
‫الجبال من معرة الجيش واخذ بحلقة باب الكعبة وقال ‪:‬‬
‫يارب فامنع منهم حماكا‬ ‫يارب ال أرجو لهم سواكا‬
‫(‪)3‬‬
‫امنعهم ان يخربو فناكا‬ ‫ان عدو البيت من عاراكا‬
‫ولم ا تهي أ ابره ة للهج وم على مك ة ب رك الفي ل في المغمس ‪ ،‬ولم يح رك‬
‫س اكنا ‪ ،‬وذك ر البالذري ان الفي ل نخس بالرم اح فلم ينهض ‪ ،‬ثم بعث اهلل الى الجيش‬
‫" وقد ذكر‬ ‫(‪)4‬‬
‫طيرا ‪ ،‬مع كل طير ثالثة أحجار ‪ ،‬فالقتها عليهم ‪ ،‬فلم ينج منهم شفر‬
‫اهلل تع الى ه ذه الحادث ة في الق راَن الك ريم فق ال ع ز وج ل " ‪ " :‬الم تر كي ف فع ل رب ك‬
‫باص حاب الفي ل ‪ .‬الم يجع ل كي دهم في تض ليل ‪ .‬وأرس ل عليهم ط يرا ابابي ل ت رميهم‬
‫بحجارة من سجيل ‪ .‬فجعلهم كعصف مأكول " (‪.)5‬‬
‫وت ذكر المص ادر العربي ة أن هن اك عالق ة بين م ا أص اب جيش ابره ة بس بب‬
‫ه ذه الطي ور االبابي ل وبين وب اء الحص بة والج دري ال ذي ع رف الول م رة في أرض‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫العرب في عام الفيل‬
‫وهكذا انتهت حملة ابرهة بالفشل الذريع ‪ ،‬فعاد الى اليمن منهزما وهلك بعد‬
‫عودت ة بقلي ل ‪ ،‬فخلف ه في الحكم ابن ه يكس وم " فاس اء الس يرة واتب ع سياس ة تق وم على‬
‫اذالل اه ل اليمن ودام حكم يكس وم ه ذا عش رون عام ا ‪ ،‬وت ولى الحكم من بع د اخ وه‬

‫()حب المحص ب ‪ :‬موض ع م ا بين مك ة وم نى وه و الى م نى اق رب ‪ ،‬ي اقوت ‪ ،‬المجل د ‪ 5‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 62‬‬
‫()المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص‪. 201_200‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص‪.444‬‬ ‫‪3‬‬

‫()البالذري ‪ :‬انساب االشراف ص ‪. 67‬‬ ‫‪4‬‬

‫()القراَن الكريم ‪ :‬سورة الفيل ‪. 105‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص‪ ، 56‬الطبري ‪ ،‬تاريخ الطبري ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪. 138‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪73‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫"مس روق" فك ان أك ثر تعس فا من ه " وعم اَذاه س ائر الن اس ‪ ،‬وزاد على ابي ه واخي ه في‬
‫(‪)1‬‬
‫األذى"‬
‫وأدت ه ذه السياس ة الى نف ور اه ل اليمن من حكم االحب اش وتطلعهم الى‬
‫التخلص من نفوذهم وتحرير البالد منهم ‪ ،‬فتزعم هذه الحركة رجال من حمير هو "‬
‫فسار الى القسطنطينية ملتمسا العون من‬ ‫(‪)2‬‬
‫سيف بن ذي يزن " المعروف بأبي مرة‬
‫االم براطور الب يزنطي (جس تين الث اني ) ‪ ،‬وق د قوب ل طلب س يف بن ذي ي زن ه ذا‬
‫بالرفض من االمبراطور لما كان يربط الروم باألحباش من عالقات دينية وسياسية‬
‫واقتص ادية وق ال ل ه ‪ " :‬انتم يه ود والحبش ة نص ارى وليس في الديان ة ان ننص ر‬
‫‪ .‬ولم يج د س يف بن ذي ي زن ازاء ه ذا الموق ف ب دأ من‬ ‫(‪)3‬‬
‫المخ الف على المواف ق "‬
‫التح ول الى كس رى أن و ش روان ( ‪ 578 – 531‬م ) ‪ ،‬فاس تنجد بالنعم ان بن المن ذر‬
‫ملك الحيرة الذي كان يرتبط برابطة الوالء والتبعية مع كسرى فارس ليقدمه بنفسه‬
‫‪ .‬ونجح ابن ذي‬ ‫(‪)4‬‬
‫الى ام ام كس رى ‪ ،‬فواف ق النعم ان على ذل ك ووع ده بتنفي ذ رغبت ه‬
‫ي زن في مقابل ة كس رى ‪ ،‬فطلب من ه مس اعدته في اخ راج االحب اش وتحري ر اليمن ‪،‬‬
‫وقال له ‪ ":‬جئتك لتنصرني عليهم ‪ ،‬وتخرجهم عني ‪ ،‬ويكون ملك بالدي لك ‪ ،‬فانت‬
‫أحب الين ا منهم " " فق ال ل ه كسرى ‪ " :‬بع دت أرض ك من ارض نا ‪ ،‬وهي أرض قليل ة‬
‫الخير وانما بها الشاه والبعير وذلك مما ال حاجة لنا به " ‪ ،‬ثم أمر له بعشرة االف‬
‫درهم وكساه كسوة حسنة ‪ " ،‬فغضب سيف بن ذي يزن من ذلك ونثر دراهم كسرى‬
‫على الصبيان والعبيد ‪ ،‬فلما بلغ ذلك كسرى أمر بإحضاره وقال له ‪ " :‬عمدت الى‬
‫حباء الملك الذي حباك به تنثره للناس " فقال ‪ " :‬وما اصنع بالذي اعطاني الملك ما‬
‫‪ .‬واثارت أجابه سيف بن ذي يزن‬ ‫(‪)5‬‬
‫جبال أرضي التي جئت منها اال ذهبا وفضة "‬
‫ه ذه طم ع كس رى في بالد اليمن ‪ ،‬فق رر مس اعدته في ط رد االحب اش ‪ ،‬وارس ل مع ه‬

‫()المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص‪.447‬‬ ‫‪1‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.139‬‬ ‫‪2‬‬

‫() المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 80‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص‪ ، 73‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪.207‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري – تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص‪. 140‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪74‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫من ك ان في س جونه من الف رس ‪ ،‬وك انوا ثمانمائ ة رج ل ولي عليهم " وه رز بن‬
‫الكامجار " ‪ ،‬فانجزت الحملة في ثمان سفن ‪ ،‬وصلت ست سفن منها فقط الى ساحل‬
‫‪ .‬ويستبعد بعض المؤرخين ان يكون الجيش الذي‬ ‫(‪)1‬‬
‫عدن ‪ ،‬وغرقت اثنتان في البحر‬
‫ارسله كسرى لطرد االحباش جيشا من السجناء فقد كان كسرى يحرص كل الحرص‬
‫على نجاح هذه الحملة ‪ ،‬ليقضي بذلك على نفوذ الروم السياسي واالقتصادي في بالد‬
‫‪ .‬ولم ا بل غ ن زول الف رس س احل اليمن خ رج اليهم بمن مع ه من االحب اش‬ ‫(‪)2‬‬
‫اليمن‬
‫فالتقي الفريقان ورمي وهرز مسروقا بسهم فقتله فانهزم االحباش ‪ ،‬وقتل منهم عددا‬
‫كب يرا ‪ ،‬ودخ ل وه رز ص نعاء ‪ ،‬وكتب الى كس رى يخ بره ب الفتح فارس ل الي ه كس رى‬
‫يأمره بقتل كل اسود باليمن وتولية سيف بن ذي يزن على البالد نظير جزية وخراج‬
‫‪ .‬وذكر بعض المؤرخين ان كسرى استدعي وهرز الى فارس‬ ‫(‪)3‬‬
‫معلوم في كل عام‬
‫‪ ،‬وفي حين ذك ر اخ رون ان وه رز بقي في اليمن بص حبة س يف بن ذي ي زن ولم‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪ .‬وك ان س يف بن ذي يزن قد اس تبقى بعض‬ ‫(‪)5‬‬


‫يطلب اليه كسرى الع ودة الى ف ارس‬
‫االحب اش في اليمن واتخ ذ بعض هم عبي دا ل ه يمش ون بين يدي ه ب الحراب اذا ركب ‪،‬‬
‫فوثبوا عليه في احد االيام وقتلوه بحرابهم وهربوا الى رؤوس الجبال ‪ ،‬فلما بلغ ذلك‬
‫كس رى بعث اليهم وه رز في اربع ة االف من الف رس ‪ ،‬استأص ل بهم من بقي في‬
‫‪ .‬ويرج ع بعض العلم اء س بب مص رع س يف بن ذي ي زن الى‬ ‫(‪)6‬‬
‫اليمن من االحب اش‬
‫طم ع الف رس ببالد اليمن ‪ ،‬فس عوا الى أبع اد س يف بن ذي ي زن ال ذي أراد التخلص‬

‫() الط بري ‪ :‬ت اريخ الط بري ص‪ ( 141‬ذك ر المس عودي ان كس رى وع د س يف بن ذي ي زن‬ ‫‪1‬‬

‫بالمساعدة لكنه شغل بحرب الروم ‪ ،‬فمات بن ذي يزن في تلك االثناء بعد ان مكث في فارس‬
‫س بع س نين‪ ،‬ف أتى ول ده مع د بك رب وه و ال ذي ام ده كس رى بحمل ة وه رز‪ .‬الم روج ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‬
‫‪. ) 80‬‬
‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 209‬‬ ‫‪2‬‬

‫()الدنيوري – االخبار الطوال ص‪ ، 64‬الطبري ‪ ،‬تاريخ الطبري ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 142‬‬ ‫‪3‬‬

‫()الطبري ‪ ،‬تاريخ الطبري ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪ ، 450‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. 142‬‬ ‫‪4‬‬

‫()حمزة االصفهاني ‪ :‬تاريخ سني ملوك االرض واالنبياء ط برلين ‪ 1340‬ه ص ‪. 90‬‬ ‫‪5‬‬

‫() االصفهاني ‪ :‬تاريخ سني ملوك االرض واالنبياء ص ‪ 90‬الطبري ‪ ،‬تاريخ الطبري ‪،‬ج‪ 2‬ص‬ ‫‪6‬‬

‫‪ ، 148‬المسعودي‪ ،‬المروج ج‪ 2‬ص ‪. 85‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪75‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وتولى وهرز‬ ‫(‪)1‬‬
‫منهم ‪ ،‬فدبروا مؤامرة لقتله ليخلو لهم الجو ويستأثروا ببالد اليمن‬
‫حكم اليمن من قب ل كس رى وخلف ة في الحكم ول ده " المرزب ان بن وه رز " فلم ا هل ك‬
‫ام ر كس رى بع ده ( البينج ان بن المرزب ان ) ‪ ،‬ثم " خرخس رو بن البينج ان " ال ذي‬
‫غصب عليه كسرى بسبب ميله الى العرب ونظمه الشعر العربي فأمر بعزله وولي‬
‫‪ .‬وق د عاص ر ب اذان ه ذا‬ ‫(‪)2‬‬
‫مكان ه " ب اذان " وه و اخ ر من ولي اليمن من الف رس‬
‫ظه ور االس الم واس تجاب ل دعوة الن بي ص لى اهلل علي ه وس لم فأس لم ودخلت اليمن في‬
‫االس الم ‪ ،‬س نة ‪ 628‬م وقض ى االس الم رس ميا على الوثني ة واليهودي ة والنص رانية‬
‫وعلى الحكم االجنبي في البالد ‪ ،‬فلم يبق حكم حبشي وال فارسي ‪ ،‬ووحد االسالم بين‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ابناء الجزيرة العربية ‪ ،‬وجعلهم بنعمة اهلل اخوانا‬

‫مملكة كندة‬
‫تق ع بالد كن دة ش رقي بالد اليمن مم ا يلي حض ر م وت ‪ ،‬وكن دة قبيل ة عربي ة‬
‫تنس ب الى ث و بن عف ير بن ع دي بن الح ارث بن م رة ‪ ،‬وقي ل ان كن دة لقب ث ور بن‬
‫‪ .‬وي رى بعض االخب ارين ان كن دة من قبائ ل قحط ان ‪ ,‬في حين ي رى البعض‬ ‫(‪)4‬‬
‫عف ير‬
‫االخ ر انه ا من الع دنانيين ‪ ,‬وه ذا االختالف ن اتج عن اختالطهم بالقحط انيين‬
‫والع دنانيين مع ا (‪ ,)5‬وذك ر الهم داني ان كن دة س كنت حض رموت بع د نزوحه ا عن‬
‫البح رين والمش قر وغم ر ذي كن دة في الجاهلي ة ‪ ,‬ف نزل منهم ثالث ون الف ا في‬
‫ثم ن زحت‬ ‫(‪)7‬‬
‫أم ا ي اقوت ف ذكر أن كن دة مخالف ب اليمن وهم أس م قبيل ة‬ ‫(‪)6‬‬
‫حض رموت‬
‫كندة ثانية من حضر موت نحو الشمال فنزلت أرض معد بنجد ‪ ,‬وذكر اليعقوبي أن‬
‫نزوح كندة من حضرموت كان بسبب الحرب الطويلة التي اندلعت نيرانها بين كندة‬

‫()ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي ج‪ 1‬ص ‪ ، 77-76‬سالم ‪ :‬الدراسات ص ‪.213‬‬ ‫‪1‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪ ، 148‬ابن االثير ‪ :‬الكامل ص ‪. 451‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 214‬‬ ‫‪3‬‬

‫()الهمداني ‪ ،‬صفة جزيرة العرب ‪ ،‬ص‪ ، 85‬ابن خلدون ‪ ،‬تاريخ ج‪ 2‬ص ‪. 76‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪. 402‬‬ ‫‪5‬‬

‫()الهمداني ‪ ,‬صفة جزيرة العرب ص ‪. 88‬‬ ‫‪6‬‬

‫()ياقوت ‪ :‬معجم البلدان ج‪ 4‬ص ‪.482‬‬ ‫‪7‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪76‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وحض ر م وت وقت ل فيه ا ع دد كب ير من الط رفين ‪ ,‬فق ال‪(( :‬وك ان بين كن دة‬
‫وحضرموت حروب افنت عامتهم ‪ ,‬وكانت كندة قد اجمعت على رجلين احدهما سعيد‬
‫بن عمرو بن النعمان بن وهب ‪ ,‬وكان على بني الحارث بن معاوية عمرو بن زيد ‪,‬‬
‫وش رحبيل بن ح ارث على الس كون ‪ ,‬واجتمعت حض رموت على ع دة رؤس اء منهم ‪:‬‬
‫مسعر بن مستعر ‪ ,‬واسامة بن حجر ‪ ,‬وشرحبيل بن مرة ‪ ,‬وعدة بعد هؤالء ‪ ,‬فزال‬
‫ه ؤالء كلهم وط الت الح رب بينهم ‪ ,‬وفتنت رج الهم ‪ ,‬ودامت ح تى ضرس تهم ‪ ,‬وك ثر‬
‫القتل في كندة ‪ .‬وملكت حضرموت علقمة بن ثعلب ‪ ,‬وهو يؤمئذ غالم ‪ ,‬فالنت كندة‬
‫بعض اللين وكرهت محاربة حضر موت ‪ ,‬ودخل اهل اليمن التشتيت والتفريق فلما‬
‫افترق أهل اليمن وانتشروا في بالد ملك كل قوم عظيمهم ‪ ,‬وصارت كندة الى أرض‬
‫مع د ‪ ,‬فج اورتهم ‪ ,‬ثم ملك وا رجال منهم وك ان اول مل وكهم يق ال ل ه مرت ع بن معاوي ة‬
‫وأورد المؤرخ ون الع رب ايض ا اس باب اخ رى‬ ‫(‪)1‬‬
‫بن ث ور ‪ ,‬فمل ك عش رين س نة))‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫لنزوح كندة من حضر موت‬

‫ملوك كندة ‪:‬‬


‫ان المعلوم ات التاريخي ة ح ول مل وك كن دة االول قليل ة ج داً ‪ ,‬فليس ل دينا من‬
‫أخب ارهم س وى اس ماء وس ني حي اتهم كم ا أورده ا الم ؤرخ اليعق وبي ‪ ,‬ال ذي ذك ر أن‬
‫مرتع بن معاوية بن ثور كان أول ملوك كندة وخليفة ثور بن مرتع ومعاوية بن ثور‬
‫والحارث بن معاوية ووهب بن الحارث وحجر بن عمرو اَل مرار وعمرو بن حجر‬
‫‪ .‬وق د اجم ع مؤرخ و الع رب على أن حج ر بن عم رو بن‬ ‫(‪)3‬‬
‫والح ارث بن عم رو‬
‫معاوية بن ثور المعروف بحجر أكل المرار أول ملوك كندة في نجد بعد نزوحهم من‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ اليعقوبي ج‪ 1‬ص‪. 216‬‬ ‫‪1‬‬

‫()انظ ر حم زة االص فهاني ‪ ،‬ت اريخ س ني مل وك االرض ‪ ،‬ص‪ , 92‬وابن خل دون ‪ ،‬ت اريخ ‪ ،‬ج‪2‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪. 576_569‬‬
‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ اليعقوبي ج‪ 1‬ص ‪.216‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪77‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وقيل أن حسان بن تبع واله على معد بن عدنان‬ ‫(‪)1‬‬
‫حضرموت ونزولهم ببطن عاقل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫فيما يقرب من سنة ‪480‬م‬
‫وق د عم ل حج ر بن عم رو على توس يع س لطانة في بالد الع رب عن طري ق‬
‫المصاهرة مع بعض القبائل العربية ‪ ,‬فكانت له ثالث زوجات ‪ ,‬وهن ‪ :‬هند بنت ظالم‬
‫بن وهب ‪ ,‬وام ن اس بنت ع وف بن محلم الش يباني ‪ ,‬أم ا زوجت ة الثالث ة فك انت من‬
‫حم ير (‪ .)3‬اتخ ذ حج ر اَك ل الم رار مق ره في غم ر كن دة ‪ ,‬وق ام بتوجي ه الحمالت ض د‬
‫القبائل الساكنة في الحجاز وشمال الجزيرة العربية والبحرين وذكر ابن االثير ((أن‬
‫حج را اغا ببكر ف اتنزع عام ة ماك ان بأيدي اللخم يين من أرض بك ر وبقي ك ذلك الى‬
‫وت اريخ وف اة حج ر اك ل الم رار غ ير مع روف على‬ ‫(‪)4‬‬
‫أن م ات ف دفن ببطن عاق ل ))‬
‫وجه التحديد ‪ ,‬ويرجع بعض المؤرخون أنه مات في السنين العشرة االخير من القرن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫الخامس الميالدي‬
‫واعقب حج ر أك ل الم رار ول ده عم رو بن حج ر ‪ ,‬ال ذي ع رف بالقص ور ‪,‬‬
‫الن ه قص ر على مل ك ابي ه ‪ ,‬وك ان ملك ه قاص را على من اطق ربيع ة ومع د في نج د‬
‫وكانت عالقة عمرو‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪,‬وتخلى عن اليمامة ألخيه معاوية المعروف باسم ((الجون))‬
‫المقصور بالمناذرة في الحيرة عالقة مودة وحسن جوار ‪ ,‬وتوثقت هذه العالقة بعد‬
‫‪| ,‬أم ا عالقت ة‬ ‫(‪)7‬‬
‫ال زواج االس ود بن المن ذر مل ك الح يرة من ابن ة عم رو المقص ور‬
‫بالغساسنة في الشام فقد كانت سيئة ‪ ,‬فاشتبك معهم في عدة حروب انتهت بمقتله على‬
‫‪ .‬وخل ف عم رو المقص ور في الحكم ول ده‬ ‫(‪)8‬‬
‫ي د الح ارث بن ابي ش مر الغس اني‬

‫()ابن االثير ‪ ,‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 512‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ ,‬العرب قبل االسالم ص ‪ , 243‬فيليب حتى‪ ،‬تاريخ العرب ص ‪ 115‬ح‪.1‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سالم ‪ ،‬الدراسات ص ‪. 409‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن االثير – الكامل ج‪ 1‬ص‪ , 512‬صالح العلي ‪ ,‬محاضرات ص‪. 85‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سالم الدراسات ص ‪.409‬‬ ‫‪5‬‬

‫()ابن االثير _ الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 512‬‬ ‫‪6‬‬

‫()حمرة االصفهاني ‪ :‬تاريخ سني ملوك االرض ‪ ،‬ص‪. 69‬‬ ‫‪7‬‬

‫()اليعقوبي _ تاريخ اليعقوبي ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪. 216‬‬ ‫‪8‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪78‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ,‬وك ان الح ارث اق وى مل وك كن دة وأك ثرهم‬ ‫(‪)1‬‬
‫الح ارث بن عم رو(‪)528-495‬‬
‫طموحا ‪ ,‬ووصفه المؤرخ ابن االثير بانه ((كان شديد الملك بعبد الصوت )) (‪)2‬وقد‬
‫ت ولى الح ارث االم ارة على مع د بع د ان مزقته ا ح رب البس وس ال تي دامت اربعين‬
‫عاما ‪ ,‬فتوسط بين بكر وتغلب وعقد بينهما صلحا ‪ ,‬ثم تمكن بعد ذلك أن يبسط نفوذه‬
‫‪ .‬ثم استغل الحارث تدهور العالقات بين المناذرة والساسانيين ‪ ,‬فاصبح‬ ‫(‪)3‬‬
‫على بكر‬
‫ملكا على الحيرة بتأييد من قباذ الذي ابعد المنذر بن ماء السماء عن الحكم في حيرة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫بسبب رفضه اعتناق المزدكية‬
‫وك ان للح ارث أربع ة اوالد عينهم ملوك ا على قبائ ل الع رب الخاض عين‬
‫لحكم ه ‪ ،‬ف ولى حج را اك بر ابنائ ه على اس د وكنان ة وغطف ان ‪ ،‬وك انت من ازلهم عن د‬
‫وادي الرم ة بين جب ل ش مر وخي بر ‪ ،‬في الش مال الغ ربي من نج د ‪ .‬وعين ش رحبيل‬
‫على بكر والرباب وحنظلة وتميم ‪ ،‬وكانوا شرقي نجد بين الفرات والبحرين ‪ ،‬وولي‬
‫ابن ه مع د يك رب على قيس عيالن ‪ ،‬في تهام ة واط راف الحج از ‪ ،‬وعين س لمة على‬
‫تغلب والنم ر بن قاس ط وب ني س عد بن زي د من اة من تميم ‪ .‬وك انت من ازلهم في بادي ة‬
‫‪ .‬وبقي الح ارث ملك ا على الح يرة ح تى وف اة قب اذ ‪ ،‬فلم ا ت ولى كس رى ان و‬ ‫(‪)5‬‬
‫الش ام‬
‫شيروان عرش فارس ‪ ،‬حارب المزدكية وقضى على نفوذهم ‪ ،‬واعاد المنذرين ماء‬
‫السماء الى الحكم في الحيرة ‪ ،‬وفر الحارث بماله واوالده ‪ ،‬فتبعه المنذر بالخيل من‬
‫تغلب واي اد وبه راء ‪ ،‬فلح ق ب ارض كلب ‪ ،‬ونج ا وانتهب بن و تغلب مال ه وهجائن ه ‪،‬‬
‫واخ ذوا ثماني ة واربعين اس يرا من ب ني اك ل الم رار ‪ ،‬وك ان من بينهم ول دان للح ارث‬

‫()سالم _ دراسات ص‪( . 411‬قيل ايضا ان مدة حكمة كانت بين عامي ‪,534_ 595 , 525‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر جرجي زيدان حاشية ص‪ 244‬وسالم ‪ ,‬دراسات ‪ ,‬حاشية ص‪. )411‬‬


‫()ابن االثير‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 512‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي‪ :‬محاضرات ص ‪. 86‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. 512‬‬ ‫‪4‬‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ اليعقوبي ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ ، 217‬ابن االثير الكامل ج‪ 1‬ص ‪ ، 514 ، 513‬صالح‬ ‫‪5‬‬

‫العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪. 87‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪79‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫هم ا ‪ :‬عم رو ومال ك ‪ ،‬فق دموا بهم على المن ذر ‪ ،‬فقتلهم في دي ار ب ني مرين ا‪ ،‬وفيهم‬
‫امرؤ القيس(‪. )1‬‬
‫يساقون العشية يقتلونا‬ ‫ملوك من بني حجر بن عمرو‬
‫ولكن في ديار بني مرينا‬ ‫فلو في يوم معركة اصيبوا‬
‫ولكن في الدماء مرملينا‬ ‫ولم تغسل جماجمهم بغسل‬
‫وتنتزع الحواجب ولعيون‬ ‫تظل الطير عاكفة عليهم‬
‫واختلفت رواي ات في مص ير الح ارث بن عم رو بع د هرب ه من الح يرة ‪،‬‬
‫ام ا علم اء كن دة‬ ‫(‪)3‬‬
‫وقي ل ب ل قتل ه مل وك الح يرة‬ ‫(‪)2‬‬
‫ف ذكروا ان ه قت ل في دي ار كلب‬
‫فيزعمون " ان الحارث خرج يتصيد فتبع تيسا من الظباء فأعجزه فاقسم ان ال يأكل‬
‫شيئا اال من كبده ‪ ،‬فطلبته الخيل فأتي به بعد ثالثة ‪ ،‬وقد كاد يهلك جوعا ‪ ،‬فشوي له‬
‫‪ .‬كان الحارث قد ولى ابناءه االربعة على‬ ‫(‪)4‬‬
‫بطنه فأكل فلذة من كبده حارة فمات "‬
‫القبائ ل الخاض عة لحكم ه قب ل وفات ه ‪ ،‬وق د ك ان حج ر اك بر ابنائ ه واك ثرهم ذك را عن د‬
‫االخباريين ‪ ،‬وكانت منطقة نفوذة على اسد وكنانة وغطفان ‪ ،‬وتختلف الروايات في‬
‫كيفي ة مقتل ه ‪ ،‬ف اليعقوبي ي ذكر ان بن و اس د اجتمعت على قتل ه ‪ ،‬فقتل وه لس وء س يرته‬
‫‪ .‬وأورد المؤرخ ابن االثير رواية اخرى عن مقتل حجر بن الحارث ‪ ،‬فذكر‬ ‫(‪)5‬‬
‫فيهم‬
‫انه بعث الى بني اسد جباته لتحصيل االتاوة السنوية ‪ ،‬فامتنع بنو اسد وطردوا لرسل‬
‫وضربوهم ‪ ،‬فلما بلغ ذلك حجرا سار اليهم بجند من ربيعة ومن قيس وكنانة فهاجم‬
‫بني اسد " واخذ سرواتهم وخيارهم وجعل يقتلهم بالعصا واباح االموال وسيرهم الى‬
‫تهام ة وحبس منهم جماعة من اشرافهم ‪ ،‬فيهم عبي د بن االب رص الش اعر فق ال شعرا‬
‫بستعطفه لهم ‪ ،‬فرق لهم وارسل من يردهم ‪ ،‬فلما صاروا على يوم منه تكهن كاهنهم‬
‫‪ ،‬وهو عوف بن ربيعة بن عامر االسدي ‪ ،‬فقال لهم ‪ :‬من الملك الصلهب ‪ ،‬الغالب‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 513 ، 512‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ابن االثير ‪ ،‬الكامل ‪ ،‬ص ‪ ، 513‬ابو الفدا ‪ ،‬المختصر ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 93‬‬ ‫‪2‬‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ اليعقوبي ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 217‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 513‬‬ ‫‪4‬‬

‫()اليعقوبي‪ :‬تاريخ اليعقوبي ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪. 217‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪80‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫غير المغلب ‪ ،‬في االبل كانها الربوب هذا دمه يتشعب ‪ ،‬وهو غدا اول من يستلب ؟‬
‫ق الوا ‪ :‬من ه و ؟ ق ال ‪ :‬ل و ال تجيش نفس خاش ية ‪ ،‬ال خ برتكم ان ه حج ر ض احية ‪،‬‬
‫فركبوا كل صعب وذلول حتى بلغوا الى عسكر حجر فهجموا عليه في قتبته فقتلوه "‬
‫‪ .‬وقي ل ايض ا ان حج را اخ ذ اس يرا في المعرك ة وجع ل في قب ة ‪ ،‬ف وثب علي ه ابن‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ .‬اما شرحبيل‬ ‫(‪)2‬‬


‫اخت علباء فضر به بحديدة كانت معه الن حجرا كان قد قتل اباه "‬
‫وسلمه ابني الحارث فقد سعى بينهما المنذر ملك الحيرة ‪ ،‬وفرق بينهما ‪ ،‬فيقال انه‬
‫وج ه اله دايا الى س لمه ‪ ،‬ثم ارس ل الى ش رحبيل من يق ول ل ه ‪ :‬ان س لمه اك بر من ك ‪،‬‬
‫وه ذه الهدايا تأتي ة من المن ذر ‪ ،‬وم ا زال يح رض ك ل منهم ا على االخر حتى نش بت‬
‫ثم ان س لمة بن الح ارث اخرجت ه تغلب عنه ا ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الح رب بينهم ا ‪ ،‬فقت ل ش رحبيل‬
‫فاض طر للج وء الى بك ر بن وائ ل ‪ ،‬ف اذ عنت ل ه وحش دت علي ه وق الوا ‪ ( :‬ال يملكن ا‬
‫غيرك ‪ ،‬فارسل اليهم المنذر ملك الحيرة يدعوهم للدخول في طاعته فرفضوا ذلك ‪،‬‬
‫فاقسم المنذر ليسيرن اليهم فان ظفر بهم فليذبحنهم على قلة جبل أوراه حتى يبلغ الدم‬
‫الحضيض ) ثم زحف نحوهم ودارت معركة هائلة بين الطرفين انهزمت فيها بكر ‪،‬‬
‫ووقع يزيد بن شرحبيل في االسر ‪ ،‬فأمر المنذر بقتله ‪ .‬وعرف هذا اليوم بيوم أوراه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫االول‬
‫ام ا االبن الراب ع للح ارث وه و مع د يك رب واله اب وه على قيس عيالن فق د‬
‫قضى بقية حياته حزينا بعد مقتل اخوية شرحبيل وحجر وموت اخيه سلمة ‪ ،‬وزاد‬
‫‪ .‬ثم حاول امرؤ القيس بن حجر ان يثأر‬ ‫(‪)5‬‬
‫حزنه ( حتى اعتراه وسواس هلك به )‬
‫(‪)6‬‬
‫ألبيه من بني اسد وكان مقيما بدمون من ارض حضرموت عندما بلغه مقتل ابيه‬
‫فارتح ل الى بك ر وتغلب وس ألهم ان ينص روه على ب ني اس د فأج ابوه ‪ ،‬فارس ل ام رؤ‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. 514‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن االثير ‪ ،‬الكامل ‪ ،‬ص ‪. 515‬‬ ‫‪2‬‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ اليعقوبي ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 217‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 552‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ابن خلدون ‪ :‬تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 472‬‬ ‫‪5‬‬

‫()ابن قتيبة ‪ :‬الشعر والشعراء ‪ ،‬تحقيق احمد محمد شاكر ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ ، 54‬االصفهاني ‪،‬االغاني‬ ‫‪6‬‬

‫ج‪ 8‬ص‪ . 133‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 516‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪81‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫القيس من يأتيه بأخبارهم وكان بنو اسد قد لجئوا الى بني كنانة فلما علموا ان عيون‬
‫امرؤ القيس تتعقبهم رحلوا عنهم ليال دون علمهم ‪ ،‬ثم اقبل امرؤ القيس بمن معه من‬
‫بك ر وتغلب وغ يرهم ح تى انتهى الى ب ني كنان ة ‪ ،‬وه و يظنهم ب ني اس د ‪ ،‬فه اجمهم‬
‫وهو يصيح " يا لثارات الملك ! يا لثارات الهمام ! فقيل له ‪ :‬ابيت اللعن ! لسنا لك‬
‫ومضى‬ ‫(‪)1‬‬
‫بث أر ‪ ،‬نحن بنو كنان ة فدونك ث أرك ف اطلبهم ف ان القوم قد س اروا ب األمس‬
‫امرؤ القيس يتعقب بني اسد ويقول ‪:‬‬
‫هم كانوا الشفاء فلم يصابوا‬ ‫اال يا لهف نفسي بعد قوم‬
‫وباألشقين ما كان العقاب‬ ‫وقاهم جدهم ببني ابيهم‬
‫(‪)2‬‬
‫ولو ادركته صفر الرطاب‬ ‫وافلتهن علباء جريضا‬
‫ثم ادركهم امرؤ القيس ظه ر اليوم الت الي وق د انه ك السير خيل ه ون ال رجال ه‬
‫العطش وبنوا أسد نازلون على الماء ‪ ،‬فقاتلهم حتى كثرت القتلى بينهم ‪ ،‬وتمكن بنو‬
‫اس د من الف رار ‪ ،‬واراد ام رؤ القيس ان يتعقبهم ‪ ،‬ف امتنعت بك ر وتغلب ‪ ،‬بحج ة ان ه‬
‫اص اب ث أره من ب ني اس د ‪ ،‬فانص رفوا عن ه ‪ ،‬فلم ا يئس من نص رتهم ل ه ‪ ،‬س ار الى‬
‫اليمن ون زل ب أزد ش نؤه طالب ا مع ونتهم على ب ني اس د ‪ ،‬ف أبوا ان ينص روه ‪ ،‬فارتح ل‬
‫ح تى ن زل عن د مرث د الخ ير بن ذي ج دن الحم يري اح د اقي ال اليمن ‪ ،‬وك ان بينهم ا‬
‫قراب ة ‪ ،‬فأم ده بخمس مائة رج ل من حم ير ‪ ،‬اال ان مرث د م ات قب ل ان يرح ل ام رؤ‬
‫القيس ‪ ،‬فخلف ه رج ل من حم ير يق ال ل ه قرم ل فس ير ذل ك الجيش ‪ ،‬وتبع ه ش ذاذ من‬
‫الع رب واس تأجر غ يرهم من قبائ ل اليمن فس ار بهم الى ب ني اس د فق اتلهم وظف ر بهم‬
‫‪ .‬واضطر بنو اسد لاللتجاء الى المنذر بن ماء السماء واالحتماء به وكان المنذر‬ ‫(‪)3‬‬

‫ق د بس ط نف وذه على الجزي رة فارس ل الجي وش ليتعقب ام رؤ القيس ومن مع ه ف أراد‬


‫امرؤ القيس العودة الى اليمن فخاف حضر موت وطلبته بنو اسد وقبائل معد وتفرق‬
‫عن ه من ك ان مع ه من حم ير وغ يرهم ‪ ،‬وبقي في جماع ة من اهل ه ‪ ،‬واخ ذ يط وف‬
‫القبائ ل طالب ا النص رة والع ون دون ج دوى ثم س ار في ص حبة رج ل من ف زارة الى‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪516‬‬ ‫‪1‬‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ ، 218‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 516‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ابن االثير ‪ :‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 517 ، 516‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪82‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫السمو الى بن عاديا بتيماء فنزل عنده ثم طلب منه ان يكتب له الى الحارث بن ابي‬
‫شمر الغساني ليوصله الى قيصر الروم ( جستينان ) فأجابه الى ذلك ورحل امرؤ‬
‫القيس الى الحارث واودع اهله وادراعه عند السمؤال فلما وصل القسطنطينية رجل‬
‫من ب ني اس د يق ال ل ه الطم اح ف دخل على قيص ر فوش ى ب أمرؤ القيس وق ال ل ه ‪ :‬ان‬
‫امرؤ القيس غوي عاهر وانه كان يراسل ابنتك ويقول فيها اشعارا اشهرها بها في‬
‫العرب ‪ ،‬فغضب قيصر ‪ ،‬وبعث اليه بحلة وشي منسوجة بالذهب مسمومة ‪ ،‬وامره‬
‫ان يلبسها ‪ ،‬فلما لبس امرؤ القيس الحلة دب فيه السم ‪ ،‬وسقط جلده ‪ ،‬فلما وصل الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫موضع من بالده الروم يقال له انقرة مات فدفن هناك‬

‫حضارة كندة ‪:‬‬


‫احتف ظ الكن ديون ب النظم البدوي ة الس ائدة في الجزي رة العربي ة ‪ ،‬ولم يح الوا ان‬
‫يغ يروا النظم السياس ية القبلي ة ‪ ،‬ف تركوا ك ل قبيل ة تحتف ظ بتنظيماته ا وتقالي دها ب ل‬
‫ورؤسائها مكتفين باالعتراف برئاستهم العليا ‪ ،‬وبذلك كون الكنديون نوعا من االتحاد‬
‫‪ .‬ولم تكن للكنديين‬ ‫(‪)2‬‬
‫( ‪ ) Confederation‬كان لكندة حق رئاسة وتنظيمه وتوجيهه‬
‫حض ارة على مس توى حض ارة الغساس نة او المن اذرة ‪ ،‬فلم يكون وا ق د ادخل وا الى‬
‫الجزي رة دين ا او ثقاف ة جدي دة ولم تكن لهم حواض ر ثابت ه ‪ ،‬وانم ا ك انوا يتنقل ون بين‬
‫‪ .‬اال ان الحرك ة االدبي ة في كن دة موئ ل الش عراء الع رب في‬ ‫(‪)3‬‬
‫الجن وب والش مال‬
‫الجاهلية ونبغ فيهم عدد من الشعراء ‪ ،‬وفي مقدمتهم الشاعر امرؤ القيس الذي كان ل ه‬
‫فض ل كب ير على الش عر الع ربي ‪ ،‬فق د ادخ ل في ه فنون ا وابواب ا جدي دة س ار عليه ا‬
‫‪ .‬اما عن الناحية الدينية ‪ ،‬فقد كانت عبادة االصنام هي السائدة‬ ‫(‪)4‬‬
‫الشعراء من بعده‬
‫في كن دة ‪ ،‬ومن اص نامهم المش هورة ذو الخص لة ‪ ،‬وك انوا يستقس مون عن ده ب األزالم‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ ، 220 ، 218‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 519 – 518‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪ ، 93‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 432‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سالم ‪ :‬دراسات ص ‪ ( 432‬ورد ذكر دمون في شعر امرؤ القيس‬ ‫‪3‬‬

‫ولم أشهد الغارات يوما بعندل‬ ‫كأني لم الهوا بدمون مرة‬


‫() صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪ ، 92‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 433‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪83‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ك ذلك انتش رت اليهودي ة في كنان ة وكن دة بس بب مج اورة اليه ود لب ني كنان ة في‬ ‫(‪)1‬‬

‫ي ثرب وخي بر ‪ ،‬ومن اتص ال كن دة بالتبايع ة في العه د االخ ير وتبعيتهم لهم ‪ ،‬ام ا‬
‫المس يحية فك انت اك ثر حظ ا في االنتش ار من اليهودي ة في بالد نج د فك ان بن و تغلب‬
‫وجماع ة من ب ني اس د وق د اعتقن وا المس يحية وق د انح درت المس يحية الى الع رب عن‬
‫طريق الغساسنة في الشام والعباد من نصارى الحيرة في العراق كذلك كان لدخول‬
‫االحباش في بالد اليمن اثر كبير في انتشار المسيحية بين العرب ويذكر المؤرخون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ان اول من تنصر من ملوك كندة هو " معد يكرب " الملقب بذي التاج االوضح‬

‫مملكة لحيان‬
‫وام ا ( لحي ان ) فمعارفن ا عنهم م ع ض التها وقلته ا خ ير من معارفن ا عن‬
‫دي دان ‪ ،‬ويع ود الفض ل في ذل ك الى م ا ورد عنهم في مؤلف ات بعض الكتب ة اليون ان‬
‫والالتين والى الكتاب ات اللحياني ة ال تي ع ثر عليه ا الرح الون ‪ ،‬فأنه ا اك ثر ع دداً من‬
‫الكتاب ات الديداني ة ‪ ،‬واك ثر منه ا كالم اً ‪ ،‬فإنن ا حين نج د الكتاب ات الديداني ة ق د الذت‬
‫بالصمت فلم تذكر من ملوكها اال ملك اً واحداً ‪ ،‬نجد الكتابات اللحيانية قد نطقت باسم‬
‫اك ثر من مل ك واح د ‪ ،‬وان لم ت أت بش يء من ه ذه الم ادة كث ير ‪ .‬وق د وص لت الين ا‬
‫اسماء ملوك حكموا مملكة (لحيان ) ‪ ،‬وهي مملكة صغيرة تقع ارضها جنوب ارض‬
‫حكومة النبط ‪ ،‬ومن اشهر مدنها ‪( :‬ددان ) ‪ ،‬وهي خرائب ( العال ) ( الخريبة ) في‬
‫ال زمن الحاض ر ‪ ،‬و (الحج ر) ‪ ،‬وق د ع رفت ب ( ‪ ) Hegra‬و ( ‪ ) Egra‬عن د‬
‫اليون ان والالتين ‪ ،‬ومن الكتاب ات اللحياني ة واالث ار ال تي ع ثر عليه ا في م واطنهم ‪،‬‬
‫‪ .‬وقد كان شعب لحيان من شعوب‬ ‫(‪)3‬‬
‫استطعنا استخراج معارفنا عن المملكة لحيان‬
‫العربي ة الجنوبي ة في االص ل في رأي بعض الب احثين ‪ ،‬وق د ذك رهم ( بلي نيوس ) في‬
‫جمل ة ش عوب العربي ة الجنوبي ة ‪ ،‬وس ماهم ‪ Lexianes‬او = ‪Laccanitac‬‬

‫() ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪. 37 ، 34‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 435 ، 434‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪()Arabien , S. 48, Die Araber , I ; S. 94 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪84‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وق د ذهب بعض الب احثين الى ان الحم يريين اس تولوا على م واطن‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪Lechicini‬‬
‫‪ .‬ومما‬ ‫(‪)2‬‬
‫اللحيانيين في حوالي سنة ( ‪ 115‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬فخضعوا بذلك لحكم الحميريين‬
‫يؤي د وجه ة نظ ر من ي رى ان اللحي انيين هم من اص ل ع ربي جن وبي ‪ ،‬ورد اس م‬
‫( لحيان ) في نص عربي جنوبي قصير ‪ ،‬هذا نصه ‪ ( :‬اب يدع ذلحين ) اي ( أبيدع‬
‫‪ ،‬وفي ه ذا النص داللة على ان اللحي انيين ك انوا في العربي ة الجنوبي ة‬ ‫(‪)3‬‬
‫ذو لحي ان )‬
‫ن ويظهر ان ( أبيدع ) المذكور كان احد أقيال ( لحيان ) في ذلك الزمن ‪.‬‬
‫وي رى ( كاس ل ) ان اللحي انيين ك انوا يقيم ون على الس احل على مقرب ة من‬
‫( ددن ) ( الدي دان ) ‪ ،‬وك انت لهم ص الت وثيق ة بمص ر ‪ ،‬وت أثروا بالثقاف ة اليوناني ة‬
‫التي ك انت ش ائعة في مصر اذ ذاك ‪ ،‬حتى انهم س موا ملوكهم بأسماء يوناني ة ‪ ،‬مثل‬
‫( تخمي ) ‪ ، Tachmi‬و ( بتحمي ) ‪ ، Ptahmy‬و( تلمي ) ‪ Tulmi‬وق د اخ ذت‬
‫‪ .‬اما الكتابات اللحيانية او الكتابات االخرى مثل‬ ‫(‪)4‬‬
‫من (بطليموس ) ‪Ptolemaios‬‬
‫النبطي ة او العمودي ة او المعيني ة وغيره ا ‪ ،‬فأنه ا لم تتح دث ب أي ح ديث عن اص ل‬
‫اللحيانيين ‪ .‬ويعود الفضل في حصولنا على ما سندونه عن تاريخ لحيان الى الكتابات‬
‫اللحياني ة ‪ ،‬وهي وان ك انت قليل ة واكثره ا في امور شخص ية ‪ ،‬فقد افادتنا فائ دة قيم ة‬
‫في الكش ف عن بعض ت اريخ اللحي انيين ‪ ،‬وس تزيد معرفن ا ب الطبع في المس تقبل كلم ا‬
‫زاد عث ور العلم اء على كتاب ات لحياني ة جدي دة ‪ ،‬وال يس تبعد ان يك ون ع دد منه ا م ا‬
‫يزال مطمورا في بطن االرض ‪ .‬وقد عالج بعض المستشرقين موضوع ( لحيان ) ‪،‬‬
‫‪ ،‬ذهب فيهما الى ان اللحيانيين‬ ‫(‪)5‬‬
‫ومنهم (كاسكل ) فكتب فيهم كتابين باللغة االلمانية‬
‫ك انوا ك أكثر الش عوب تج اراً وك انت تج ارتهم م ع ( مص ر ) بالدرج ة االولى ‪ ،‬وق د‬

‫‪1‬‬
‫‪()Die Araber , I, S.94 , Pliny , 6 , 155 . Arabian, S.23 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()W.Caskel , Das Allarabische Komigreich Lijan (1951) ,S; 10,‬‬
‫‪J.Ryckmans , in Bibliotheca Orientalis , 18 . 10, ( 1961 ) , 219 ,‬‬
‫‪W.F.Albright , Von Ugarit nach Qumran , ( 1961 ) , S; G .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()REP.EPIG 3902 , 10 , Die Araber , I , S; 93 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Lihyanisch , S; 39 , Die Araber , I , S; 102 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Das Altarabische Konigreich Lihjian , 1951 , Lihyan und Lihyanisch ,‬‬
‫‪1954 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪85‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫انتزعوا الحكم من الجاليات المعينية التي كانت تقيم في هذه االرضين التي كانت في‬
‫االصل جزءاً من مملكة معين ‪ ،‬فلما ضعف امر حكومة معين في اليمن ولم يبق في‬
‫استطاعتها السيطرة على امالكها البعيدة عنها ‪ ،‬طمع الطامعون ومنهم اللحيانيون في‬
‫المعين يين الش ماليين الس اكنين في ه ذه االرض ين ‪ ،‬ف انتزعوا الحكم منهم وس يطروا‬
‫عليهم ‪ ،‬واندمج المعينيون فيهم حتى صاروا جزءاً منهم ‪ ،‬وكان ذلك – على رأيه –‬
‫‪ .‬وي رى‬ ‫(‪)1‬‬
‫في الق رن الث اني قب ل الميالد ‪ ،‬وفي ح والي ( ‪ ) 160‬قب ل الميالد تقريب اً‬
‫( كاسكل ) ان المعينيين كانوا قد بقوا يحكمون ( ديدان ) مكونين حكومة ( مدينة )‬
‫الى ح والي الس نة ( ‪ 150‬ق‪.‬م ) وعندئ ذ اغ ار عليهم اللحي انيون وان تزعوا الحكم‬
‫منهم ‪ ،‬وي رى ان من المحتم ل ان المل ك االول ال ذي حكم اللحي انيين ك ان من اه ل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الش مال ‪ ،‬وربم ا ك ان من النب ط غ ير ان ال ذين ج اؤوا بع ده ك انوا من اللحي انيين‬
‫وق د ك ان المعي نيون يس يطرون على اع الي الحج از في الق رن الخ امس قب ل الميالد ‪،‬‬
‫مكونين مستوطنات معينة غايتها حماية الطرق التجارية التي تمر من بالد الشام الى‬
‫العربية الجنوبية ‪ ،‬وقد عرفت تلك المستعمرة التي تحدثت عنها سالفاً باسم ( معين‬
‫مص ران ) ‪ ،‬وعاص متها مدين ة ( علت ) ‪ ،‬وهي ( العال ) في ال زمن الحاض ر ‪ ،‬ومن‬
‫مدنها االخرى ديدان و ( الحجر ) وغيرهما (‪ .)3‬وقد اختلف الباحثون فيمن سكن هذه‬
‫االرض ين اوال ومن حكم قبالً ‪ :‬الدي دانيون ‪ ،‬ام المعي نيون ام اللحي انيون ؟ ف ذهب‬
‫بعض هم الى ان اللحي انيين انم ا ج اؤوا بع د المعين يين ‪ ،‬وهم ال ذين قض وا عليهم‬
‫وان تزعوا منهم الحكم والف وا مملك ة لحياني ة ‪ ،‬وذهب بعض اخ ر الى ان اللحي انيين‬
‫ك انوا ق د س بقوا المعين يين في الحكم ‪ ،‬وان حكمهم ه ذا دام ح تى ج اء المعي نيون‬
‫ف انتزعوا منهم في زمن اختلف وا في تعيين ه ‪ ،‬وذهب اخ رون الى تق ديم الدي دانيين على‬
‫المعين يين واللحي انيين وق د اختلف وا ك ذلك في زم ان نهاي ة حكم ك ل حكوم ة من ه ذه‬
‫‪ .‬ويرى بعض الباحثين ان مملكة لحيان ظهرت ايام (بطليموس الثاني ) ‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الحكومات‬
‫بتش جيع من البطالم ة وبتأيي دهم ليتمكن وا من الض غط على النب ط ح تى يكون وا ط وع‬

‫‪1‬‬
‫‪() Die Araber , I, S; 94 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪() Das Altarabische Konigreich , S; 9 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪() Arabien , S; 26 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪86‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اي ديهم ‪ ،‬وق د جع ل بعض هم ذل ك االس تقالل فيم ا بين الس نة ( ‪ 280‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬وس نة (‬
‫‪ ،‬ويرى غيرهم ان ذلك كان قبل هذا العهد ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ 200‬ق‪.‬م )‬
‫وق د ك ان اللحي انيون يكره ون النب ط ‪ ،‬ألنهم ك انوا يطعم ون في بالدهم‬
‫ويعرقل ون تج ارتهم ال تي ك ان ال ب د له ا من الم رور ب أرض النب ط ‪ ،‬وله ذا لجئ وا الى‬
‫( البطالم ة ) يحتم ون بهم ‪ ،‬ويت وددون اليهم ليحم وهم من تحكم النب ط في ش ؤونهم ‪،‬‬
‫بقوا على ذلك طوال ايام ( البطالمة ) ‪ ،‬فلما حل الرومان محلهم ‪ ،‬توددوا اليهم كذلك‬
‫‪ .‬وي رى بعض الب احثين ان النب ط هم ال ذين قض وا على مملك ة‬ ‫(‪)2‬‬
‫للس بب نفس ه‬
‫لحيان ‪ ،‬باستيالئهم على ( الحجر ) سنة ( ‪ 65‬ق‪.‬م ) وعلى ديدان سنة ( ‪ 9‬ق‪.‬م ) ‪،‬‬
‫‪ ،‬وذهب‬ ‫(‪)3‬‬
‫على حين ي رى اخ رون ان نهايته ا ك انت في الق رن الث اني بع د الميالد‬
‫( كاس كل ) الى ان النب ط قض وا على مملك ة ( لحي ان ) ‪ ،‬وذل ك بع د الس نة ( ‪ 24‬ب‬
‫‪.‬م ) ‪ ،‬اال ان حكم النب ط لم ي دم ط ويالً ‪ ،‬الن الروم ان ك انوا ق د اس تولوا على مملك ة‬
‫النب ط س نة ( ‪ 106‬م ) ‪ ،‬وكون وا منه ا ومن ارض ين عربي ة اخ رى مج اورة اس م‬
‫‪ .‬وال‬ ‫(‪)4‬‬
‫( المقاطعة العربية ) (الكورة العربية ) وبذلك انتهى حكم النبط على لحيان‬
‫نعرف ماذا كان عليه موقف اللحيانيين من احتالل الرومان ألرض النبط ومن تكوين‬
‫الروم ان لم ا يس مى ب ( الكورة العربي ة ) ‪ ،‬التي ج اورت ارض اللحي انيين ‪ ،‬ويرى‬
‫(كاس كل ) ان موق ف اللحي انين من الروم ان ك ان موقف اً ودي اً ‪ ،‬النهم انق ذوهم من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫سيطرة النبط عليهم ‪ ،‬ويرى احتمال تكوين اتصال سياسي بينهم وبين الرومان‬
‫وقد استدل ( كاسكل ) من شاهد قبر يعود زمنه الى حوالي السنة التاسعة قبل الميالد‬

‫‪4‬‬
‫‪()J.H Mordtmann , Beitrage , zur Mainischen Epignaphik , Weimar ,‬‬
‫‪1897 , S; XI , BOASOOR , NUM; 73 , 1939 , NUM; 129 , 1953 , P.23 ,‬‬
‫‪Le Museon , 51 , ( 1938 ) , P. 307 , Arabien , S; 46 .‬‬
‫‪1‬‬
‫‪()Ency ; Vol; III, P. 26 , Die Araber , I , S; 104 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Die Araber , I , S; 104 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Lihyanisch , S; 35 , Die Araber , I, S;95 , CIH, 2, I 332 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Arabien , S; 48 , Lihyanisch, S;42, Die Araber , I, S;97 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Lihyanisch , S; 42 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪87‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ،‬على‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬عثر علية في ( العال ) أرخ بحكم الملك ( الحارث الرابع) ‪Aretas IV‬‬
‫ان اللحيانيين كانوا يومئذ تحت حكم ملوك النبط ‪ ،‬واستدل على رأيه هذا بعدم اشارة‬
‫( س ترابون ) الى مملك ة لحياني ة في اثن اء حديث ة عن حمل ة ( اولي وس ك الوس )‬
‫( اولي وس غ الوس ) على اليمن ال تي وقعت في ح والي س نة (‪ 25‬م ) ‪ ،‬وكالم ه على‬
‫ملوك النبط ‪ ،‬وكأن ملكهم قد شمل أرض لحيان ‪ ،‬حتى بلغ مكان اً ال يبعد كثيراً عن (‬
‫المدين ة ) ( ي ثرب ) ورأى في ذل ك عالم ة على ان مل وك النب ط ك انوا ق د اس تذلوا‬
‫‪ .‬ويظن ان النص‬ ‫(‪)2‬‬
‫اللحي انيين وقض وا على اس تقاللهم زمان اً لم يح دد بالض بط‬
‫اللحي اني الموس وم ب ‪ ، JS 349‬من نهاي ة الق رن الث اني قب ل الميالد على رأي‬
‫بعض هم ‪ ،‬ه و من اق دم النص وص اللحياني ة ‪ ،‬دون ه رج ل اس مه ( ن رن بن حض رو )‬
‫(ن اران بن حاض رو ) ( ن وران بن حاض ر ) ‪ ،‬وذل ك بأي ام ( جش م بن ش هر ) و‬
‫‪ .‬وقد ذكر في النص اسم الملك ال ذي‬ ‫(‪)3‬‬
‫( عبد ) الذي كان والياً على ( ددان ) يومئذ‬
‫كتب النص في عه ده ‪ ،‬اال ان الزم ان عبث ب ه ‪ ،‬اذ اص يب بكس ر فس قط تم ام االس م‬
‫من ه ‪ .‬وق د تجسس ت بعض النص وص اللحياني ة على مل وك لحي ان ‪ ،‬فق دمت للب احثين‬
‫بعض اسمائهم ‪ ،‬واعلمتنا بذلك ان اللحيانيين كانوا قد كونوا لهم مملكة حكمت امداً ‪،‬‬
‫ثم زالت من الوج ود كم ا زال غيره ا من ممال ك ‪ ،‬واذ لم يقم العلم اء في ( العال )‬
‫وفي االرضين اللحيانية االخرى بحفريات متنظمة ‪ ،‬فليس بمستبعد ان يعثر فيه يوم اً‬
‫ما على نصوص لحيانية اخرى تكشف النقاب عن اسماء عدد اخر من ملوك لحيان‬
‫‪ .‬ومن المل وك ال ذين عرفن ا اس ماءهم من النص وص الم ذكورة ‪ ،‬مل ك اس مه ‪:‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫( هن وس بن ش هر ) (ه انوس بن ش هر ) ( ه انواس بن ش هر ) ‪ ،‬وق د ذك ر مع ه في‬


‫النص اس م مل ك اخر ش اركه في الحكم ‪ ،‬اال ان ه س قط من ه بعبث ح دث ل ه ‪ ،‬فأضاع‬
‫علين ا اس مه ‪ ،‬وق د اص يب النص بتل ف في مواض ع من ه ‪ ،‬فأض اع علين ا المع نى ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪()CIH , II , I , 332 , Die Araber , I , S ; II .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Die Araber , I S;95 , Konigreich Lihjan , S; II .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Lihyanisch , S; 39 , 101 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Arabien , 1963 , S;76 , Die Araber , I , S;100, 103, Lihyanisch ,S;41 ,‬‬
‫‪W. Tarn , in Journal of Egypt .Archeol ; 15 , 1929 , 19 Ency ; III , P.26 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪88‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫والظاهر انه دون لمناسبة انشاء الملكين طريق اً يمر بجب ل ‪ ،‬فشقا االرض ‪ ،‬ورص فا‬
‫‪ .‬وعرفنا من تلك النصوص ملك اَ اخر‬ ‫(‪)1‬‬
‫وجهها وكسوها بمادة تملسها السير عليها‬
‫عرف ه ب (ذ اسفعن تخمي بن لذن) (ذو أسفعينتخمي بن لوذان) ‪ ،‬وقد قدر (كاسكل)‬
‫والى أيام ه تع ود‬ ‫(‪)2‬‬
‫زم ان حكم ة في النص ف االول من الق رن االول قب ل الميالد‬
‫الكتاب ة الموس وية بـ‪ js 85 :‬وق د دونت لماس بة انش اء (بيت) لإلل ه ( ذو غ ابت) ( ذو‬
‫‪ .‬وورد اسم الملك ( شمت‬ ‫(‪)3‬‬
‫غابه) اله لحيان ‪ ،‬وذلك للسنة االولى لحكم هذا الملك‬
‫جش م بن ل ذن) (ش امت جش م بن ل وذان) في الكتاب ة الموس ومة بـ ‪ ، JS ( 85‬وق د‬
‫دونت بمناسبة تقديم شخص نذراَ الى االله (ذو غابة ) ‪ ،‬وذلك في السنة التاسعة من‬
‫حكم هذا الملك ‪ ،‬وقد قدر ( كاسكل ) زمان حكمه في ما بين السنة ( ‪ 9‬ق‪.‬م) والسنة‬
‫وذك ر في كتاب ه الموس وعة بـ ‪ JS 83‬مل ك يس مى ( جلتقس) (جلت‬ ‫(‪)4‬‬
‫(‪ 56‬ق‪.‬م)‬
‫قوس) (ملتقس) ‪ ،‬وقد ارخت بأيامه ‪ ،‬اذ دونت في السنة التاسعة والعشرين من حكمة‬
‫‪ ،‬ودونت لمناسبة تقديم شخص نذراَ ( ذنذر ) (نذر) الى اإلله (عجلبن) ( عجل بون)‬
‫(عجل بن ) وهو ( صلم) اي صنم ‪ ،‬قدمة الى معبد ذلك اإلله (‪.)5‬‬
‫ورد اس م المل ك ( منعى ل ذن بن هن اس ) ( منهى ل وذان بن ه انؤاس) في‬
‫الكتاب ة الموس ومة بـ ‪ ، JS 82‬وق د دونت الس نة الخامس ة والثالثين من حكم ه ذا‬
‫المل ك ‪ ،‬لمناس بة تق ديم ن ذر ‪ ،‬ه وه (ص لم) اي (ص نم) الى اإلل ه (عجلبن) ص نعه‬
‫( هص نع ) رج ل اس مة ( س لمى ) ‪ ،‬وخ ط الكتاب ة ( هس فر ) ك اتب اس مة ( خ رج )‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫وق د ك ان حكم ه – على ح د ق ولي ( كاس كل )‪ -‬فيم ا بين الس نة ( ‪ 35‬ق‪.‬م )‬


‫‪ .‬وفي عهد هذا الملك أصيبت ( ديدان ) بهزة أتت على المعبد‬ ‫(‪)7‬‬
‫والسنة (‪ 30‬ق‪.‬م )‬

‫‪1‬‬
‫‪()Lihyanisch , S; 40 , 41 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Lihyanisch, S; 41,88-89 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Lihyanisch , s ; 88-89‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Lihyanisch, s; 41,90 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Lihyanisch, S; 41,91,Die Araber , I , S ; 103 , Arabien , S; 289 .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()Lihyanisch, S; 41,93 .‬‬
‫‪7‬‬
‫‪() Lihyanisch,S; 41 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪89‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ومن كان فيه ‪ ،‬اذ سقط سقفه على اعضاء مجلس المدينة (هجبل) (ها‪ -‬جبل) ‪ ،‬فقتل‬
‫ويظهر من بعض‬ ‫(‪)1‬‬
‫اكثرهم ثم اعيد بنائهم بين السنة ( ‪ 127‬ب‪.‬م ) و(‪ 134‬ب‪.‬م )‬
‫‪ ،‬وهذا‬ ‫(‪)2‬‬
‫النصوص اللحيانية المتأخرة ان اعادة بناء المعبد قد استغرقت زمناَ طويالَ‬
‫مما يدل على ان الحالة االقتصادية لم تكن حسنة في ذلك العهد ‪ ،‬وأن االمور لم تكن‬
‫جاري ة على وف ق الم رام ‪ ،‬وان الحكوم ة ك انت ض عيفة فلم تتمكن من اع ادة بنائ ه‬
‫بالس رعة المطلوب ة ‪ .‬وي رى ( كاس كل ) ان النب ط هيمن وا على اللحي انيين في الق رن‬
‫االول قبل الميالد ‪ ،‬واخذوا يضايقونهم ‪ ،‬ثم حكموهم ‪ ،‬وقد امتد حكمهم للحيانيين الى‬
‫م ا بع د الميالد ‪ ،‬فقب ل س نة ( ‪ 65‬ق‪.‬م ) اس تولى النب ط على ( الحج ر ) ‪ ،‬ثم س اروا‬
‫منه ا الى ( تيم اء ) ‪ ،‬ثم قطع وا ك ل اتص ال للحي ان ب البحر ‪ ،‬واس تولوا على مين اء‬
‫( لويكة كومة ) وكان تابعاً للحيان ‪ ،‬وتقدموا منه الى مواضع اخرى ‪ ،‬حتى احاطوا‬
‫‪ .‬ويظن (كاس كل ) ان حكم النب ط للحي ان ق د‬ ‫(‪)3‬‬
‫بلحي ان من جمي ع الجه ات وحكم وهم‬
‫وق ع بين الس نة ( ‪ 24 – 25‬ق‪.‬م ) والس نة ( ‪ 9‬ق‪.‬م ) ويظن ( كاس كل ) ان حكم‬
‫النبط للحيان دام منذ ذلك الزمن حتى حوالي السنة ( ‪ 80‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬ففي هذا العهد كان‬
‫حكم النب ط نفس ه يت دهور بتزاي د س لطان الروم ان في بالد الش ام وب دخول حكوم ة‬
‫( المك ابين ) اليهودي ة في حماي ة االمبراطوري ة الروماني ة ‪ ،‬والنب ط هم في ج وار‬
‫المكابين في الجن وب ‪ ،‬ولم ا قهر جيش ( تراجان ) النبط ‪ ،‬وقض ى على استقاللهم ‪،‬‬
‫تخلص اللحي انيون من حكم النب ط وع ادوا فاس تقلوا في ادارة ش ؤونهم فحكمتهم اس رة‬
‫منهم ‪ ،‬يظه ر انه ا من االس رة الملكي ة القديم ة ال تي ك انت تحكمهم قب ل اس تيالء النب ط‬
‫(‪)4‬‬
‫عليهم‬
‫وك ان جالء حكم النب ط عن لحي ان في عه د المل ك ( رب ال ) ( رب اي ل )‬
‫اخ ر مل وك النب ط ال ذي ان تزع الروم ان االقس ام الش مالية من مملكت ه في س نة ‪105‬‬
‫للميالد ‪ ،‬ثم اخذوا االقسام الجنوبية من مملكته بعد سنة تقريباً ‪ ،‬اي س نة ‪ 106‬للميالد‬

‫‪1‬‬
‫‪()Arabien , S; 66 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪() Lihyanisch , S;42 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(), S; 40, 42. Lihyanisch‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Lihyanisch, S; 42 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪90‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ،‬وب ذلك زال حكم النب ط عن اللحي انيين ‪ ،‬فاس تعادوا استقاللهم برئاس ة الملك ( هن اس‬
‫‪ .‬وق د ع ثر الب احثون على كت ابتين ‪ ،‬ورد في اح داهما ‪ ( :‬مس عودو ‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫بن تلمي )‬
‫مل ك لحي ان ) وورد في االخ رى ‪( :‬مل ك لحي ان ) ‪ ،‬وق د س قط منه ا اس م المل ك لتل ف‬
‫أص اب الكتاب ة ‪ ،‬وق د ذهب (كاس كل ) الى ان الكت ابتين من عه د اس تيالء النب ط على‬
‫لحي ان وذهب ايض ا الى ان المل ك ( مس عودو ) اي ( مس عود ) لم يكن ملك اً ب المعنى‬
‫الحقيقي ‪ ،‬وانم ا ك ان ملك اً اس ماً ‪ ،‬وان المل ك االخ ر ال ذي أزال العطب اس مه من‬
‫الكتاب ة الثاني ة ‪ ،‬ه و المل ك (مس عود ) نفس ه ‪ ،‬ولم ي ذكر كي ف ج وز ص احب الكتاب ة‬
‫لنفسه نعت مسعود ‪ ،‬بنعت (ملك لحيان ) على حين كانت مملكة لحيان تابعة لمملكة‬
‫‪ .‬وي رى ( كاس كل ) ان في جمل ة من حكم اللحي انيين في ه ذا العه د ‪ ،‬عه د‬ ‫(‪)2‬‬
‫النب ط‬
‫ت دهور حكم النب ط وزوال س لطانهم عن لحي ان ‪ ،‬ملك اً اس مه (هن اس بن تملي )‬
‫( هانؤاس بن تملي ) ‪ ،‬وقد ورد اسمه في كتابة دونت في السنة الخامسة من حكمه ‪،‬‬
‫دونها ( عقرب بن مر ) ‪ ،‬صانع تماثيل ( هصنع ) لمناسبة نحته طرفي صخرة قبره‬
‫‪ ،‬وص يرهما يمثالن اإلل ه ( اب ايالف ) (أب ا ل ف ) ‪ ،‬وذل ك في الس نة الم ذكورة من‬
‫‪ .‬وقد جعل (كاسكل ) حكم الملك المتقدم ( هناس بن تملي ) مبدأ‬ ‫(‪)3‬‬
‫حكم هذا الملك‬
‫لحكم اس رة جدي دة ‪ ،‬او حكوم ة جدي دة ‪ ،‬ت ولت الحكم بع د زوال هيمن ة النب ط عن‬
‫اللحيانيين ‪ ،‬وكان الملك (لوذن بن هنواس ) ( لوذان بن هنواس ) اخر من حكم من‬
‫الحكومة القديمة في لحيان ‪ ،‬اي اخر من حكم قبل استيالء النبط على لحيان كما يرى‬
‫‪ ،‬وك ان حكم ه في ح والي الس نة ( ‪ 30‬ق‪.‬م ) على تق دير (ك روهمن )‬ ‫(‪)4‬‬
‫(كاس كل)‬
‫وورد اس م المل ك ( تملي بن هن اس ) (تملي بن هن ؤاس ) في كتاب ة أرخت‬
‫بالسنة الثانية من سني حكمه ‪ ،‬لمناسبة شراء رجل اسمه ( عبد خرج ) ارض اً ‪ ،‬بني‬

‫‪1‬‬
‫‪()Lihyanisch, S; 42 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Lihyanisch, S;42, Die Araber , I, S; 100, Jausen-Savignac, 334, 335 ,‬‬
‫‪337 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪() Lihyanisch, S; 41 , 100, JS 75, M.25 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;4.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Arabien, S; 65,289 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪91‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫(‪)1‬‬
‫عليها ضريحاً ( هكفر ) ليكون مقبرة ( همثبرن ) ( ها مثبرن ) ‪ ،‬يدفن هو وأهله‬
‫‪.‬‬
‫وأورد ( كاس كل ) اس م المل ك ( س موي بن تلمي بن هن اس ) بع د اس م المل ك‬
‫‪ ،‬وه و مل ك ورد اس مه في كتاب ة س جلها ( وهب اله ) ( وهب اهلل ) وك ان‬ ‫(‪)2‬‬
‫المتق دم‬
‫قيم اً ( قيم ه ) على ( نعم ) أنع ام اإلل ه ( ذغبت ) ( ذو غاب ة ) لمناس بة قيام ة بإتم ام‬
‫‪.‬وورد اس م مل ك اخ ر من‬ ‫(‪)3‬‬
‫بن اء معب د ( دي دان ) ال ذي ك ان الزل زال ق د عبث ب ه‬
‫‪ ،‬دونه ا ( اب و‬ ‫(‪)4‬‬
‫مل وك لحي ان ‪ ،‬في كتاب ة دونت في الس نة الخامس ة من س ني حكم ه‬
‫ايالف بن حيو ) ‪ ،‬وكان ( كبير هشعت ) ( ها – شعت ) اي كبير الجماعة ‪ ،‬وهو‬
‫نعت ي دل على ان ه ك ان وجي ه الق وم ووجههم ‪ ،‬وق د اش ار فيه ا الى مجلس الق وم‬
‫( هيج ل ) ‪ ،‬وك ان ذل ك في الس نة الخامس ة من س ني حكم ( راى ) ( رأى ) المل ك‬
‫‪ ،‬ويرى ( كاسكل ) ان حكمه كان في‬ ‫(‪)5‬‬
‫( عبدن هناس ) ( عبدان بن ها – نؤاس )‬
‫‪ .‬ووضع ( كاسكل ) ملك اً اسمه ( سلح ) ( سليح )‬ ‫(‪)6‬‬
‫حوالي السنة ( ‪ 110‬ب ‪.‬م )‬
‫( س الح ) بع د اس م المل ك ( عب دان ه انؤاس ) ‪ ،‬وق د حكم – على رأي ه – في ح والي‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫السنة (‪ ) 125‬بعد الميالد‬
‫وق د ورد اس مه في كتاب ة دونت قب ل ثالث ة اي ام ( تلت أيم ‪ :‬قب ل راي س لح )‬
‫من ت ولى ( س ليح ) الحكم ‪ ،‬وأرخ ذل ك بس نة عش رين من ظه ور عتم ة ‪ ،‬اي ح دوث‬
‫‪ ،‬والظ اهر ان كس وفاً وق ع ف أظلمت ال دنيا وعتمت ‪ ،‬وذل ك‬ ‫(‪)8‬‬
‫( س نت عش رين عتم )‬
‫قب ل عش رين س نة من ت ولي ه ذا المل ك الحكم ‪ ،‬ف أرخ الن اس عندئ ذ بح دوثها ‪ ،‬وفي‬

‫‪1‬‬
‫‪()Lihyanisch, s; 41,III , JS , 45 , M. 9 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41,42,112, JS 54 , M 4 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41 .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;113, JS, 72 , M 23 .‬‬
‫‪7‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41 .‬‬
‫‪8‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪92‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫جملتهم ص احب ه ذه الكتاب ة (‪ .)1‬وحكم في ح والي الس نة ( ‪ 127‬ب ‪.‬م ) مل ك اس مه‬
‫‪ ،‬وقد جاء اسمه في كتابة‬ ‫(‪)2‬‬
‫( تلمي هناس) (تلمي ها نؤاس ) على رأي (كاكسل )‬
‫دونت لمناس بة دف ع دي ة ( ودي و ) عن قتي ل قت ل في الس نة الثاني ة والعش رين من حكم‬
‫‪ .‬ووض ع ( كاس كل) المل ك ( فض ج ) ‪ ،‬بع د المل ك ( تلمي بن‬ ‫(‪)3‬‬
‫ه ذا المل ك‬
‫‪ ،‬ويظه ر من كتاب ة‬ ‫(‪)4‬‬
‫ه انؤاس ) ‪ ،‬وجع ل حكم ه في ح والي الس نة ( ‪ 134‬ب ‪.‬م )‬
‫ورد فيها اسمه انه حكم اكثر من تسع وعشرين سنة (‪ .)5‬ويرى ( كاسكل ) ان الملوك‬
‫اللحيانيين المتأخرين لم يكونوا على شاكلة الملوك اللحيانيين االول من حيث المكانة‬
‫والشخصية ‪ ،‬ويرى ان الحل والعقد صارا في يد ( الجبل ) ( هجبل ) ‪ ،‬اي ‪ :‬مجلس‬
‫الشعب ‪ ،‬أو مجلس االمة بتعبير قريب من تعبير هذا الزمان في الغالب ‪ ،‬وان الناس‬
‫لم يعودوا يحلفون بكتابة لقب ( ملك لحيان ) بعد اسم الملك ‪ ،‬وفي هذا االهمال تعبير‬
‫‪ .‬ويت بين من النص وص‬ ‫(‪)6‬‬
‫عن نظ رة التس اهل وعن ع دم االهتم ام ب أمر المل وك‬
‫اللحيانية المتأخرة ان هذا الدور الثاني ‪ ،‬اي الدور المتأخر من حكم حكومة لحيان ‪،‬‬
‫لم يكن حكماً مستقرا وطيد االركان ‪ ،‬لذلك تفشت السرقات ‪ ،‬وكثرت حوادث القتل‬
‫في ه ‪ ،‬وي رى ( كاكس ل) من ورود أس ماء في بعض ه ذه الكتاب ات اللحياني ة المت أخرة‬
‫يش عر منه ا ان اص حابها من أفريقي ة ومن جنس ح امي ‪ ،‬احتم ال مهاجم ة الحبش‬
‫لس احل البح ر االحم ر الواق ع فيم ا بين ( لوبك ة كوم ة ) وح دود مملك ة س بأ ون زول‬
‫‪ .‬وي رى (كاس كل ) ان الكتاب ات المش ار اليه ا ‪ ،‬هي من‬ ‫(‪)7‬‬
‫الحبش في ه ذه االرض ين‬
‫زمن يجب ان يك ون محص وراً بين الس نة ( ‪ ) 150‬والس نة ( ‪ ) 300‬بع د الميالد ‪،‬‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫وفي ه ذه الم دة يجب ان يك ون وق وع غ زو الحبش للس واحل العربي ة الم ذكورة‬

‫‪1‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;115 , JS , 68 M 55.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;116, JS,77, M 27 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;41 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;119, JS 70, M52 .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;43 .‬‬
‫‪7‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;43 .‬‬
‫‪8‬‬
‫‪()Die Araber, I, S; 100 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪93‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ويرى باحثون اخرون ان ملك الحبشة الذي يمكن ان يكون قد غزا هذه السواحل ‪،‬‬
‫ه و المل ك ‪ ، Sembruthes‬وه و من مل وك (أكس وم ) ‪ ،‬وق د ع ثر الب احثون على‬
‫طائف ة من الكتاب ات ‪ ،‬مدون ة باليوناني ة تع ود الى ايام ه ‪ ،‬ويجب ان يك ون غ زوه لتل ك‬
‫السواحل قد وقع بين نهاية القرن الرابع لميالد وبين النصف االول من القرن الخامس‬
‫‪ .‬وي رى ( كاس كل ) ان الروم ان ال ذين اس تولوا على مملك ة النب ط لم‬ ‫(‪)1‬‬
‫للميالد‬
‫يبلغ واأرض لحي ان ‪ ،‬ب ل وقف وا عن د ح دود النب ط ‪ ،‬او عن د أرض تبع د مس افة عش رة‬
‫كيلو مترات عن ( ديدان ) ‪ ،‬بدليل انقطاع الكتابات التي كان يكتبها الجنود الرومان‬
‫ويتركونه ا في االم اكن ال تي ي نزلون به ا عن د الح د الم ذكور ‪ ،‬فلم يع ثر الس ياح على‬
‫‪ .‬ويظهر من كتابة لحيانية وسميت ب ‪ M 28‬ان‬ ‫(‪)2‬‬
‫كتابة يونانية بعد البعد المذكور‬
‫رجالً من لحي ان ك ان ق د زار المواض ع ‪ ( :‬ص ار ) ( ص وأر ) ‪ ،‬و ( نش ور ) و‬
‫‪ ،‬والكتاب ة غامض ة وزاد في غموض ها وعس ر فهمه ا س قوط‬ ‫(‪)3‬‬
‫( رب غ ) ( راب غ )‬
‫كلمات منها ‪ ،‬لذلك ال يدرى ما المواد من ذكر هذه المواضع ‪ ،‬هل ايد به استيالؤه‬
‫عليها وضمها الى النبط ؟ او اريد به توليه الجباية فيها ؟ او هو زاره وتاجر معها ؟‬
‫‪.‬و‬ ‫(‪)4‬‬
‫وق د يس تنتج منه ا ان ه ذه المواض ع ك انت من م دن اللحي انيين في ذل ك العه د‬
‫( صار ) ( صأور ) ‪ ،‬موضع على الطريق بين الحجر ويثرب ‪ ،‬وهو الموضع الذي‬
‫‪ ،‬وه و موض ع ال‬ ‫(‪)5‬‬
‫ذك ر في جغرافي ة ( بطليم وس ) باس م ‪Assara = Asvara‬‬
‫يبع د كث يرا عن ( الحج ر ) ‪ ،‬ويق ع عن د موض ع ( الب دائع ) ال ذي يبع د زه اء واح د‬
‫وعش رين كيل و م تراً جن وبي ش رقي ( العال ) ‪ ،‬ام ا ( نش أر ) ( نش ير ) فه و موض ع‬
‫ذك ره ( ي اقوت الحم وي ) في معجم البل دان ‪ ،‬ولم يعين مكان ه ‪ ،‬وام ا ( راب غ ) ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫فموض ع ال نس تطيع ان نؤك د ان ه ( راب غ ) الحالي ة ‪ ،‬وان ك انت التس مية واح دة‬
‫ولسنا نعلم بعد كيف كانت نهاية حكومة لحيان ‪ ،‬ومن قضى عليها ‪ ،‬والى اين ذهب‬
‫‪1‬‬
‫‪()Die Araber , I , S; 100 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Das Altarabische, S;18 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;40,94 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;40,94 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Ptolemaus, V, BK; 7 , & 30 .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;40,94 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪94‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اللحيانيون بعد سقوط مملكتهم الذي كان بعد الميالد كما رأينا ‪ .‬ويظهر ان قوم اً منهم‬
‫ه اجروا الى الجن وب ‪ ،‬وان قوم اً منهم ه اجروا الى الع راق فاس تقروا ب الحيرة ‪ ،‬اذ‬
‫نزل وا في موض ع ع رف باس مهم ‪ ،‬وق د ك انوا يت اجرون معه ا في اي ام اس تقاللهم ‪،‬‬
‫ويظن ان موض ع ( الس لمان ) المعروف في البادي ة منس وب الى اإلل ه ( س لمان ) ال ه‬
‫لحيان ورب القوافل عندهم ‪ ،‬وقد كان اللحيانيون ينزلون به في طريقهم الى العراق‬
‫(‪ .)1‬وال يستبعد ان يكون القسم االعظم منهم قد عاد الى البادية ‪ ،‬واندمج في القبائل ‪،‬‬
‫مفض الً حياة البداوة على حياة العبودية والفوضى ‪ ،‬فأندمج في القبائل االخرى على‬
‫‪ .‬وقد عثر مزهرية في ( تل أبو الصالبيخ ) في‬ ‫(‪)2‬‬
‫نحو ما حدث لغيرهم من الناس‬
‫جنوب العراق ‪ ،‬وجدت عليها كلمة ( برك اَل ) ( برك أيل ) (بارك أيل ) ‪ ،‬مدونة‬
‫بقلم ذهب بعض الب احثيين الى أن ه قلم لحي اني ‪ ،‬وذهب بعض اَخ ر الى أن ة من قلم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫( المسند ) ‪ ،‬وأن أصحابها من العرب الجنوبيين‬
‫وق د نس ب أه ل األخب ار ( أوس بن قالم بن بطين ا بن جميه ر ) ألى (لحي ان ) وه و‬
‫من مشاهير أهل الح يرة ‪ ،‬حكم الحيرة أمدا (‪)4‬وق د يكون للحي ان ال ذين ينس ب( أوس ) اليهم‬
‫عالقة باللحيانيين الذين أتحدث عنهم ‪.‬‬
‫وقد يكون (بنو لحيان) الذين يذكرهم أهل األخبار ‪ ،‬من بقية ذلك الشعب الساكن‬
‫في (الدي دان) ‪ ،‬أم ا اللحي انيون ‪ ،‬فهم من ( ب ني لحي ان بن ه ذيل بن مدرك ة بن ٍالي اس بن‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬والظ اهر أنهم لم‬ ‫مض ر ) ‪ ،‬فهم ع دنانيون ‪ ،‬وق د ك انوا ي نزلون في ش مال ش رقي مك ة‬
‫يكون وا من القبائ ل القوي ة عن د ظه ور االس الم ‪ ،‬ول ذلك ال نج د لهم ذك راَ في أخب ار ظه ور‬
‫االسالم وفي أيام صدر االسالم(‪.)6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;44 , Das Altarabische, S; 19 Rothstien, Lachmiden, S; 52 ,‬‬
‫‪64 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Lihyanisch, s;44 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Arabien , S; 273 .‬‬
‫()المحبر (ص ‪Lihjan , S; 44 ، )358‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ابن قتيبة ‪ ،‬المعارف(ص‪ ، )31‬الزبيدي ‪ ،‬تاج العروس (‪ ، )10/324‬ابن دريد ‪ ،‬االشتقاق (‬ ‫‪5‬‬

‫‪. )1/109‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()Ency; III, P.26 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪95‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وكانت منازل (لحيان) عند ظهور االسالم في أرض جبلية ‪ ،‬وقد غزاهم الرسول‬
‫(ص) بغزوة ع رفت بـ( غ زوة ب ني لحي ان ) ‪ ،‬فاعتص موا ب رؤوس الجب ال ‪ ،‬وهجم الرسول‬
‫(ص) على طائفة منهم على ماء لهم ‪ ،‬يقال له ‪ :‬الكدر ‪ ،‬فهزموا ‪ ،‬وغنم المسلمون أموالهم‬
‫(‪ ،)1‬وأرس ل الرس ول (ص) عليهم س رية بقي ادة ( مرث د بن كن ان الغن وي ) الى ( الرجي ع) ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫فلقي بني لحيان ‪ ،‬وقد قتل مرثد في المعركة ‪ ،‬وذلك في السنة الرابعة من الهجرة‬
‫وقد هجاهم (حسان بن ثابت ) فرماهم بالغدر ‪ ،‬وذكر موض عهم وه و (الرجيع) ‪،‬‬
‫وذكر أنهم تواصوا بأكل الجار ‪ ،‬فهم من أغدر الناس ‪ ،‬و(دار لحيان ) هي دار الغدر(‪.)3‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫بالد الشام قبل االسالم‬
‫دولة االنباط ‪.‬‬
‫دولة تدمر ‪.‬‬
‫دولة الغساسنة ‪.‬‬
‫()ابن حبيب ‪ ،‬المحبر (‪. )144‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ Ency ; III, PP. 26,27 , .‬المحبر (‪())118‬‬
‫فأت الرجيع ‪ ،‬وسل عن دار لحيان‬ ‫() أن سرك الغدر صرفا الخراج له‬ ‫‪3‬‬

‫ديوان حسان بن ثابت (ص‪( ، )37‬طبعة هرشفلد)‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪96‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫دولة االنباط‬
‫كانت بالد الشام وجنوب فلسطين مركزاً لهجرات متتابعة من جنوب الجزيرة‬
‫العربية أوائل التاريخ المسيحي مثل قبيلة تنوح وقبيلة بني سليح وال جفنة ‪ ،‬حتى ان‬
‫قري ة (بوريك ة ) الواقع ة باللج ة ك انت تع رف في العص ر الروم اني باس م ( بوريك ة‬
‫السبئيين )(‪ .)1‬اال ان استقرار القبائل العربية في بادية الشام يرجع الى عصور سابقة‬

‫()رينيه ديسو ‪ :‬العرب في سوريا قبل االسالم ‪ ،‬ص‪. 10‬‬ ‫‪1‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪97‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫للعصر الروماني ‪ ،‬ومن تلك الشعوب العربية التي استقرت في جنوبي فلسطين شعب‬
‫‪ .‬وقد نش أت هذه‬ ‫(‪)1‬‬
‫األنب اط ‪ ،‬ال ذي عرف عند اليون ان باس م ‪ Nabataea‬او النبط‬
‫الدول ة في المنطق ة الش مالية الغربي ة من جزي رة الع رب ‪ .‬في الموض ع ال ذي ع رف‬
‫باسم ‪ :‬بالد العرب الحجرية او الصخرية ( ‪ . ) Arabiapetraea‬وقد اجمع العلماء‬
‫والب احثون على ان النب ط هم ش عب من الع رب ‪ .‬وان اس تعملوا اآلرامي ة في كتاب اتهم‬
‫فأغلب اسماءهم هي اسماء عربية خالصة مثل حارثة ومغيرة وجذيمة وقصي وكليب‬
‫وش ارك النب ط الع رب في دي انتهم فعب دوا بعض االص نام‬ ‫(‪)2‬‬
‫وع دي وعم ر وكعيب‬
‫المعروف ة عن د ع رب الحج از ‪ .‬مث ل " ذي الش رى " المع روف عن دهم باس م ‪ ( :‬ذو‬
‫ش رى ) والالت " الت " ومن اة ‪ " :‬من وتن " وهب ل " هبل وا " ‪ .‬ومن ناحي ة اخ رى نج د‬
‫ان الم ؤرخين المختص ين بش ؤون االنب اط وت اريخهم ومنهم الم ؤرخ اليه ودي ‪" :‬‬
‫يوس فوس " ق د اطلق وا كلم ة ( الع رب ) على النب ط ‪ .‬ثم انهم اطلق وا اس م ( ‪Arabia‬‬
‫‪ .‬وي رى بعض‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ ) Petrea‬وال تي تع ني العربي ة الص خرية على بالد االنب اط‬
‫الباحثين ان االنباط ليسوا عربا وانما هم من االراميين ‪ .‬بحجة انهم كانوا يستعملون‬
‫اآلرامية في كتابتهم ‪ ،‬ويرى هؤالء العلماء ان تشابه االسماء واشتراكها بين االنباط‬
‫والعرب من ناحية وامتزاج االلفاظ العربية في اللغة اآلرامية من ناحية اخرى ‪ ،‬هو‬
‫‪ .‬اال ان بعض‬ ‫(‪)4‬‬
‫نتيج ة االختالط واالتص ال بين الش عبين بحكم رابط ة الج وار‬
‫الباحثين العرب ردوا على مزاعم هؤالء العلماء بخصوص اصل النبط ‪ .‬فذكروا ان‬
‫هناك اقوام من غير النبط ومن غير بني ارم كتبوا بلغة االراميين وبقلمهم اال ان احد‬
‫من العلم اء لم يق ل ان جمي ع من كتب بلغ ة االرام يين هم من االرام يين ‪ .‬فاآلرامي ة‬
‫كانت قد تغلبت على اكثر لغات الشرق االدنى ‪ .‬واصبحت لغة الكتاب والتدوين قبل‬
‫‪ .‬اما ما جاء عن النبط في كتب االخباريين العرب فال يعدو‬ ‫(‪)5‬‬
‫الميالد وبعده بقرون‬

‫()سالم ‪ :‬تاريخ الدولة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1971‬ص ‪101‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي – محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 43‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج ‪ 3‬ص ‪ . 9‬سالم ‪ :‬دراسات ‪. 222‬‬ ‫‪3‬‬

‫() اليعقوبي ‪ ،‬تاريخ ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪. 135‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪10-9‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪98‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫كونهم جي ل من العجم ك انوا ي نزلون البط ائح بين العراق يين ‪ ،‬وانهم س موا به ذا االسم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫لكثرة النبط عندهم وهو الماء‬
‫وي رى ولفنس ون ان النب ط ال ذين قص دهم االخب اريون الع رب ‪ .‬هم بقاي ا‬
‫الشعوب القديمة الذين كانوا ينزلون البطائح ‪ ،‬ومنهم مترسبات االراميين في العراق‬
‫والشام ‪ ،‬قبيل االسالم وفي العصر االسالمي ‪ ،‬وكان هؤالء يتكلمون بلهجات عربية‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ولكن برطانة اعجمية ظاهرة‬
‫اما عن الموطن االصلي الذي انحدر منه النبط فالراجح انهم كانوا يسكنون‬
‫بادي ة الش ام وجن وب س ورية في الق رن الس ادس قب ل الميالد تقريب اً ‪ .‬ثم رحل وا في‬
‫هجرة جماعية نحو الغرب ( اي نحو ارض االدوميين ) واغتصبوا ارضهم المطلة‬
‫على س احل البحر االحم ر ‪ ،‬فاض طر االدمي ون الى الرحي ل نح و الش مال ‪ ،‬واستقروا‬
‫المناطق الخصيبة المشرفة على البحر المتوسط وكان ذلك في حدود سنة ‪ 587‬ق‪.‬م‬
‫‪ .‬وتتم يز بالد االنب اط بانه ا أرض جبلي ة قليل ة المي اه تك ثر فيه ا المرتفع ات‬ ‫(‪)3‬‬
‫تقريب اً‬
‫الصخرية الوعرة ‪ .‬واتخذ االنباط (البتراء) عاصمة لهم وقد وصفها سترابون فقال ‪:‬‬
‫انه ا مدين ة ص خرية قائم ة في مس توى من االرض وتحي ط ب ه الص خور كالس ور‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫المنيع ‪ ،‬وليس وراءها غير الرمال المحرقة‬
‫وقال عنها االصطخري ‪ ( :‬انها مدينة بقرب البلقاء ‪ ،‬وهي صغيرة منحوتة‬
‫‪ .‬وتع رف الب تراء في‬ ‫(‪)5‬‬
‫بيوته ا كله ا وج درانها من ص خر كأنه ا حج ر واح د )‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫المصادر العربية باسم الرقيم ‪ ،‬وقيل انها المدينة التي أقام فيها أهل الكهف‬

‫ملوك النبط ‪:‬‬

‫() الزبيدي ‪ ،‬تاج العروس ج‪ 5‬ص ‪ . 229‬لسان العرب ج‪ 9‬ص ‪. 228‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ولفنسون ‪ :‬ص ‪ ، 135‬جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص‪. 11-10‬‬ ‫‪2‬‬

‫()زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪ . 82‬جواد علي ‪ :‬العرب قب االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 15‬‬ ‫‪3‬‬

‫()زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 83‬‬ ‫‪4‬‬

‫()االصطخري ‪ :‬المسالك والممالك ص ‪ 47‬ط مصر ‪ 1961‬تحقيق محمد جابر عبد العال ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫()ياقوت الحموي ‪ ،‬معجم البلدان مجلد ص ‪. 603‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪99‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫يعت بر الح ارث االول أريت اس االول ‪ 169 ( Aretas‬ق‪.‬م – ‪ 46‬ق‪.‬م ) اول مل وك‬
‫النبط الذين ورد ذكرهم في كتب التاريخ وفي الفصل الخامس من أسفار المكابيين ‪.‬‬
‫وكان الحارث االول معاصراً النطيوخوس الرابع السلوقي ملك سوريا ‪ ،‬وبطليموس‬
‫‪ .‬وقد دخل الحارث االول في حلف مع جيرانه المكابين بني‬ ‫(‪)1‬‬
‫فليو ماتر ملك مصر‬
‫حثمناي ضد السلوقيين ‪ ،‬فنجح يهوذا المكابي في احتالل بيت المقدس في سنة ‪168‬‬
‫‪ .‬ومن ملوك االنباط ايض اً الحارث الثاني ( ‪ 110‬ق‪.‬م – ‪ 96‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬الذي‬ ‫(‪)2‬‬
‫ق‪.‬م‬
‫‪ .‬وقد كانت العالقات مع المكابين في عهده حسنة ‪ ،‬وان‬ ‫(‪)3‬‬
‫عرف باسم ابروتيموس‬
‫دول ة االنب اط ك انت على درج ة كب يرة من الق وة (‪ .)4‬ام ا أش هر مل وك االنب اط على‬
‫االطالق فهو ‪ :‬الحارث الثالث ( ‪ 62 – 87‬ق‪.‬م ) ‪ .‬ويقترن اسم الحارث بفتوحات‬
‫ك برى وانتص ارات هي أت لألنب اط ان يوس عوا من اطق نف وذهم على حس اب الس لوقيين‬
‫واليهود في ان واحد ‪ .‬لذلك فأن المؤرخين يعتبرون الحارث الثالث المؤسس الحقيقي‬
‫‪ .‬وقد تمكن الحارث‬ ‫(‪)5‬‬
‫لدولة االنباط ‪ .‬ويعرف عن المؤرخين ب " رب ايل االول "‬
‫الث الث من هزيم ة الس لوقيين بقي ادة انطيوخ وس هزيم ة نك راء في س نة ‪ 86‬ق‪.‬م في‬
‫معرك ة عنيف ة ح دثت ق ريب ياف ا س قط فيه ا مل ك الس لوقيين ص ريعا ‪ .‬وب ذلك اح اطت‬
‫واس تغل الح ارث‬ ‫(‪)6‬‬
‫حكوم ة الح ارث الث الث بمملك ة المك ابين من الش رق والجن وب‬
‫انتصاره هذا فواصل زحفه الى دمشق بناء على رغبة اهلها فدخلها دون مقاومة سنة‬
‫ثم‬ ‫(‪)7‬‬
‫‪ 85‬ق‪.‬م ‪ .‬وقد رحب به أهل دمشق وسموه ‪ :‬محب الهلينيين ( ‪) Philhllenic‬‬
‫اشتبك مع اليهود في معركة حدثت قرب " اللد " فمزق جيشهم وارغمهم على توقيع‬

‫()فيليب حتي ‪ :‬تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ‪ ،‬ج‪ ، 1‬بيروت ‪ 1958‬ص ‪. 419‬‬ ‫‪1‬‬

‫()تاريخ يوسيفوس ‪ ،‬طبعة صادر بيروت ‪ ،‬ص ‪. 70‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪()G.A Cooke , Ency . of Religion and Ethic ???? , Article Nabataei , Vol .‬‬
‫‪P.121 ( 1630 ) .‬‬
‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 26‬‬ ‫‪4‬‬

‫()زيدان ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ص ‪، 86‬وجواد علي‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪،‬ج‪ 3‬ص‬ ‫‪5‬‬

‫‪255‬‬
‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 26‬‬ ‫‪6‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 40‬‬ ‫‪7‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪100‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬ولما جاء القائد الروماني بومبي‬ ‫(‪)1‬‬
‫معاهدة للصلح وفقا لشروطه التي امالها عليهم‬
‫الى الش رق ‪ .‬ح اول احتالل بالد االنب اط ‪ .‬فارس ل حمل ة ض دهم اال ان الح ارث‬
‫استطاع ان يقف بوجه تلك الحملة وان يحتفظ باستقالل بالده رغم انه خسر نف وذه في‬
‫‪ .‬وفي ع ام ( ‪ 66‬ق‪.‬م ) ق ام الح ارث بمهاجم ة مملك ة يه وذا فج رد‬ ‫(‪)2‬‬
‫بالد س وريا‬
‫جيشا قوامه خمسون الف جندي ‪ ،‬واجبر ارسطو بولس على الفرار الى بيت المقدس‬
‫‪ ،‬فأرسل الحارث وراءه فرقة من الجيش حاصرت عاصمة اليهود وكادت تفتحها‬ ‫(‪)3‬‬

‫ل وال ان ت دخل الروم ان في ذل ك ال وقت ‪ ،‬فاض طر الح ارث الى رف ع الحص ار‬
‫‪ .‬وخلف الحارث في حكم االنباط ابنه عبادة الثاني ( ‪– 62‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫واالنسحاب الى بالده‬
‫‪ 47‬ق‪.‬م ) ‪ .‬وعثر على عمالت من الفضة من فئة الدراخا ضربت باسمه وقد امتد‬
‫نفوذ الرومان في عهده الى الشرق ‪ ،‬فاستولوا على اسيا الصغرى وسورية ومصر ‪،‬‬
‫‪ .‬وبعد‬ ‫(‪)5‬‬
‫وانتزع الرومان ما كان قد استولى عليه الحارث الثالث في الشام من قبل‬
‫عب ادة الث اني ج اء الى الحكم مال ك االول ( ‪ 30 – 47‬ق‪.‬م ) وفي عهده اخذ االنباط‬
‫يس عون للتق رب من االمبراطوري ة الروماني ة ال تي اس تولت على اس يا الص غرى ثم‬
‫ضمت مصر وسوريا فاشتركوا بفرقة من الفرسان لمساعدة يوليوس قيصر في حملته‬
‫‪ .‬وفي عهد مالك االول تمكن الرومان من اسقاط االسرة المكابية‬ ‫(‪)6‬‬
‫على االسكندرية‬
‫‪ .‬ثم‬ ‫(‪)7‬‬
‫اليهودي ة في بيت المق دس ووض عوا مكانه ا االس رة الهيرودي ة الموالي ة لهم‬
‫خل ف مال ك االول في الحكم ابن ه عب ادة الث الث ( ‪ 9 – 30‬ق‪.‬م ) فس ار على سياس ة‬
‫ابي ة في التق رب الى الروم ان ‪ .‬فس اعد الي وس ج اليوس في حملت ه ض د اليمن وامدهم‬
‫باألدالء ‪ .‬وبالرغم من ان هذه الحملة لم تحقق اهدافها ألسباب ارجعها الرومان الى‬
‫تغ ير س وء ني ة ادالء االنب اط وتغري رهم ب الجيش الروم اني ‪ .‬ف ان العالق ات بين‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 232‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 41‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 27‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 233‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ص‪، 30‬سالم ‪ :‬تاريخ الدولة العربية ص ‪. 109‬‬ ‫‪5‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬تاريخ العرب ص ‪. 41‬‬ ‫‪6‬‬

‫()سالم ‪ :‬تاريخ الدولة العربية ص ‪. 110‬‬ ‫‪7‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪101‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االمبراطوري ة الروماني ة واالنب اط ظلت حس نة واس تمر النف وذ النبطي في جن وب‬
‫‪ .‬وبلغت دول ة‬ ‫(‪)1‬‬
‫فلس طين وش رقي االردن وجن وبي ش رقي س وريا وش مال الجزي رة‬
‫االنباط ذروة عظمتها وازدهارها في عهد الحارث الرابع ( ‪ 9‬ق‪.‬م –‪ 40‬م ) ‪ .‬وكان‬
‫عهده عهد رخاء وسالم ‪ .‬وخلف الحارث ابنة مالك الثاني ( ‪ 30‬م – ‪ 71‬م ) ‪ .‬الذي‬
‫س اعد االم براطور الروم اني طيطس في حملت ه ض د بيت المق دس في س نة ‪ 67‬م ‪.‬‬
‫‪ .‬واخ ر مل وك‬ ‫(‪)2‬‬
‫فاش ترك بجيش عدت ه ال ف من الفرس ان وخمس ة االف من المش اة‬
‫االنب اط مال ك الث الث (‪ 106 – 101‬م ) ‪ ،‬وفي عه ده قض ي االم براطور الروم اني‬
‫تراجان على دولة االنباط ‪ ،‬فارسل في سنة ‪ 106‬م حملة عسكرية بقيادة (كورنليوس‬
‫بالم ا) نائب ه في دمش ق الى الب تراء فتمكن من االس تيالء عليه ا وض مها الى مقاطع ات‬
‫الدول ة الروماني ة ( الك ورة العربي ة ) التي أقامه ا الروم ان لتحمي س وريا من هجم ات‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫البدو وجعلوا عاصمتها (بصرى ) التي ورثت البتراء اقتصاديا وسياسيا‬
‫حضارة االنباط واثارهم‬
‫ك انت حض ارة االنب اط مركب ة ‪ ،‬فهي عربي ة في لغته ا آرامي ة في كتابته ا ‪،‬‬
‫س امية في ديانته ا ويوناني ة روماني ة في فنه ا وهندس تها المعماري ة ولكنه ا حض ارة‬
‫‪ .‬وكان االنباط وثنيون يعبدون االصنام ‪ ،‬فشاركوا في هذه‬ ‫(‪)4‬‬
‫عربية في جوهرها‬
‫العبادة عرب الحجار ويعد "دو شرى " االله الرئيسي عند النبط ‪ ،‬وقد شاعت عبادة‬
‫ه ذا االل ه في الب تراء خاص ة ثم انتش رت الى ب اقي من اطق البالد ‪ ،‬واق ام النب ط لإلله ة‬
‫العزى معبدا خاصا على مكان مرتفع من البتراء ‪ .‬وكانوا يحجون الى البتراء تقربا‬
‫‪ .‬وحض ارة االنب اط تق وم أس اس‬ ‫(‪)5‬‬
‫من االل ه (ذو ش رى ) وزي ارة معب ده في المدين ة‬
‫على التج ارة ‪ ،‬ف البتراء ك انت مرك زا تجاري ا هام ا بين الش رق والغ رب والجن وب‬
‫والشمال ‪ ،‬وكانت لها السيطرة على الطرق التجارية ما بين غزة وبصرى ‪ ،‬وما بين‬
‫دمشق وآيلة ‪ .‬وقد امتد نشاطهم التجاري الى سلوقية واالسكندرية ورودوس وموانئ‬

‫()فيليب حتي ‪ :‬تاريخ العرب ‪ ،‬ص ‪. 56‬‬ ‫‪1‬‬

‫() فيليب حتي‪ :‬تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ج‪ 1‬ص ‪. 423‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬تاريخ العرب ص ‪ . 42‬سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 238‬‬ ‫‪3‬‬

‫()فيليب حتي ‪ :‬تاريخ سورية ج‪ 1‬ص ‪. 426‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج ‪ 3‬ص ‪. 49‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪102‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫س ورية واهم الس لع ال تي ك ان االنب اط يت اجرون فيه ا ‪ :‬االفاوي ة من ( اليمن ) ‪،‬‬
‫والحري ر من الص ين والحن اء من عس قالن ‪ ،‬والزج اج وص بغ االرج وان من ص يدا‬
‫وصور ‪ ،‬اللؤلؤ من الخليج العربي ‪ ،‬والخزف من روما ‪ ،‬باإلضافة الى منتجات بالد‬
‫‪ .‬اما في مجال الزراعة فقد قام النبط بحفر‬ ‫(‪)1‬‬
‫النبط من ذهب وفضة وزيت السمسم‬
‫االب ار وش ق القن وات واقام ة المش اريع الزراعي ة في البالد ‪ .‬فحول وا بعض المن اطق‬
‫وفي الص ناعة اش تهر النب ط ب األواني‬ ‫(‪)2‬‬
‫الص حراوية الى أراض ي زراعي ة خص بة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الفخارية التي كانت ال تقل في الجودة واالتقان عن الخزف الصيني آنذاك‬
‫واهم أث ار النب ط ‪ :‬خزن ة فرع ون ‪ :‬وه و بن اء محف ور بالص خر ‪ ،‬والمس رح‬
‫ال ذي يفض ي الى س هل فس يح تتن اثر في ه الكه وف الطبيعي ة او المحف ورة في الص خر‬
‫‪ .‬ومن اث ار النب ط ايض اً البن اء المع روف‬ ‫(‪)4‬‬
‫ويتس ع ه ذا المس رح ل ‪ 4000‬متف رج‬
‫بال دير وه و بن اء فخم عرض ه ‪ 50‬م تراً وارتفاع ه ‪ 45‬م ويرج ع بن اء ه ذا ال دير الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫القرن الثالث الميالدي‬

‫دولة تدمر‬
‫ك ان موق ع ت دمر في الش مال الش رقي من دمش ق على نح و ‪ 150‬ميال وق د‬
‫انش أت ح ول نب ع م اء يق ع في منتص ف المس افة بين الف رات من جه ة وبين دمش ق‬
‫وحمص من جهة اخرى ‪ .‬فهي بذلك تعتبر مركزا هاما للقوافل التجارية بين العراق‬
‫‪ .‬وق د ورد اس م ت دمر ألول م رة في الت اريخ في نقش يرج ع الى اي ام‬ ‫(‪)6‬‬
‫وبالد الش ام‬
‫المل ك تجالت بالس ر االول ( فيم ا يق رب من ‪ 1100‬ق‪.‬م ) وذك ر االس م على ه ذه‬
‫الص ورة ‪( :‬تدمر أمورو ) ‪ .‬وع رفت عن د مؤرخي اليون ان والروم ان باسم بلم يرا (‬

‫()صالح العلي ‪ :‬تاريخ العرب ص ‪. 43‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 42‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 242‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ص ‪. 51‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 244‬‬ ‫‪5‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪ . 98‬صالح العلي ‪ :.‬محاضرات ص ‪. 46‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪103‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ) Palmyra‬ويرى بعض العلماء انه ربما تكون هناك صلة بين المقطع االخير من‬
‫كلم ة ( ت دمر ) وه و ( ‪ ) Mor‬وبين )‪ ) Myra‬وه و المقط ع االخ ير من كلم ة (‬
‫‪ ) Palmyra‬وان اليونانية والالتينية حرفت اسم المدينة االصلي وصيرته على هذا‬
‫‪ .‬ويعتقد بعض الباحثين ان كلمة ( بلميرا ) مشتقة من كلمة ( بالما )(‪Pal‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الشكل‬
‫‪ ) ma‬الالتينية ومعناها ( النخل ) وانها سميت بلميرا منذ ان تغلب عليها االسكندر ‪.‬‬
‫‪ ،‬في حين يرى البعض اآلخر ان كلمة بلميرا ترجمة‬ ‫(‪)2‬‬
‫لكثرة غابات النخيل حولها‬
‫للكلمة ثامارا العبرانية التي تعني النخلة ‪ ،‬وان ثامارا العبرانية هي اسم موضع الى‬
‫الجنوب الشرقي من يهوذا وفقا لما ورد في التوراة حيث ذكرت انها من جملة المدن‬
‫التي اسسها سليمان ‪ ،‬ولكنها ذكرت تحت اسم تدمر ‪ ،‬وان ورود اسم تدمر على هذه‬
‫الصورة كان نتيجة خطأ ارتكبه كتبة اسفار اخبار االيام فخلطوا بين ثامارا الواقعة‬
‫جن وبي البح ر الميت وبين ت دمر المدين ة المش هورة ‪ ،‬ثم كتب في س فر المل وك االول‬
‫تحت اس م ت دمر ب دال من ثام ارا (‪ ، )3‬ونتيج ة له ذا التحري ف والخل ط اص بح بن اء‬
‫( تدمر ) منسوبا الى سليمان ‪ ،‬فورد في الروايات العربية التي اخذت عن التوراة ان‬
‫ت دمر مم ا بن اه الجن لس ليمان ‪ ،‬وينس ب االخب اريون الع رب بن اء ت دمر الى ت دمر بنت‬
‫حس ان بن اذين ة بن الس ميدع بن مزي د بن عملي ق بن الوذ بن س ام بن ن وح( ‪، )4‬‬
‫والواق ع ان ت دمر لم تكن من بن اء س ليمان ‪ ،‬الن ملك ه لم يمت د الى ه ذه البالد واغلب‬
‫الظن ان تدمر نشأت حول نبع ماء في البادية فقصدها البدو واستقروا في واحاتها ‪،‬‬
‫فق د ورد اس م ت دمر في نق وش تجالت بالس ر االول المتعلق ة بحمالت ه ض د العم وريين‬
‫سنة(‪ 1115‬ق‪.‬م) وساعد اهلها نبوخذ في هجومه على القدس وام دوه ب(‪ )8000‬من‬
‫رم اه النب ال وب دأت ت دمر تظهر من ذ ذل ك الحين كمركز تجاري هام وطريق للقواف ل‬
‫بين العراق والشام ‪،‬‬

‫واستمرت تدمر محتفظة بموقعها الممتاز ومكانتها الطيبة في عهد السلوقيين‬


‫الذين وحدوا سوريا والعراق وشجعوا الطريق التجاري المار بالعراق وتدمر لينافسوا‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج ‪ 3‬ص ‪. 71‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 244 – 243‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪104‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫البطالمة الذين كانوا يعملون على تغيير خط سير التجارة الهندية الى البحر االحمر‬
‫ومص ر ‪ ،‬وق د ادى س قوط الس لوقيين وقي ام الدول ة البارثي ة في الع راق واي ران الى‬
‫االضرار بمصالح تدمر فقد فصل العراق عن سوريا ‪ ،‬اال ان هذا الوضع لم يستمر‬
‫طويال فسرعان ما فرض الرومان سيطرتهم على سورية وفلسطين ومصر واتبعوا‬
‫في عه د اغس طوس سياس ة س لمية فه ادنوا الب ارثيين ‪ ،‬وع ادت التج ارة الش رقية تم ر‬
‫بت دمر ‪ ،‬ثم تطل ع الروم ان لالس تيالء على ت دمر ‪ ،‬فح اول م اركوس انطوني وس‬
‫االستيالء عليها سنة(‪ 41‬ق‪.‬م) فاضطر اهلها الى الجالء عنها حاملين معهم اموالهم‬
‫وامتعتهم ‪ ،‬وال يع رف على وج ه التحدي د م ا اس فرت عن ه حمل ة انطوني وس ه ذه ‪،‬‬
‫وي رجح ان ت دمر اع ترفت بس يادة روم ا م ع احتفاظه ا باس تقاللها ‪ ،‬وي رى بعض‬
‫المؤرخون انها دخلت في فلك الدولة الروماني ة ‪ ،‬في أواخر القرن االول الميالدي ‪،‬‬
‫فقد كانت من بين المدن التي أدخلها االمبراطور تراجان في الكورة العربية ‪ 106‬م‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ،‬وفي سنة ‪ 130‬م زارها االمبراطور هادري ان ومنحها لقب ‪Hardrianan‬‬


‫وقد عثر‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪ ( Palmyra‬هادريانا بلميرا ) و ( ‪ Hadriana Polis‬هادريانا بوليس )‬
‫في آث ار ت دمر على نقش يرج ع تاريخ ه الى س نة ‪ 137‬م ‪ .‬م دون في ه باآلرامي ة‬
‫واليونانية معلومات تخص االحوال التجارية في هذه المدينة اصدرها مجلس شيوخها‬
‫‪ .‬وك ان مجلس‬ ‫(‪)3‬‬
‫لتنظيم التج ارة في ت دمر ‪ ،‬وتث بيت الض رائب ‪ ،‬وكيفي ة جبايته ا‬
‫ش يوخ المدين ة يتمت ع بس لطة س ن الق وانين والتش ريع ول ه رئيس وك اتب وع دد من‬
‫االعضاء ويشرف على السلطة االجرائية شيخان ( ‪ ) Archontes‬وديوان يتألف من‬
‫عشرة حكام ‪ .‬اما السلطة القضائية فينظر فيها بعض الوكالء " ‪ " Syndios‬وغيرهم‬
‫من العمال (‪)4‬وقد منحت تدمر درجة مستعمرة رومانية عليا فاصبح لها حق االمتالك‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 248‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 85‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 99‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج ‪ 3‬ص ‪. 85‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cooke , Enc. Brit. Vol. 71 P.192 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪105‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الت ام ‪ ،‬وح ق اعف اء تج ارتهم من الض رائب ‪ ،‬والحري ة الكامل ة في ادارة سياس ة‬
‫المدين ة ‪ .‬وك ان اكتس اب ت دمر له ذه االمتي ازات في عه د هادري ان ‪ ،‬وقي ل في عه د‬
‫سبتي موس سفروس ( ‪ 211 – 193‬م ) ‪ ،‬والثابت انها كانت تتمتع بهذه االمتيازات‬
‫في عه د ك ركال (‪ 217 – 211‬م ) ‪ ،‬وي رى بعض الب احثين ان منح ت دمر درج ة‬
‫( مستعمرة ) ال يعني انها اصبحت مقاطعة رومانية مئة بالمئة بل كانت في الواقع‬
‫حكومة مستقلة ذات سلطة واستقالل في ادارة شؤونها وخاضعة خضوعا شكليا لحكم‬
‫ثم استغل التدميريون فرصة انشغال الرومان في مشاكلهم الداخلية وفي صد‬
‫الغ زوات الجرماني ة ال تي ك انت ته دد دولتهم في أورب ا الغربي ة فوس عوا رقع ة بالدهم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫واخضعوا القبائل المجاورة لهم‬
‫وفي س نة( ‪ 226‬م) ق امت الدول ة الساس انية على ي د اردش ير بن باب ك ال ذي‬
‫ح ارب الروم ان واس تولى على ح ران ونص يبين ‪ ،‬وق د اس تغلت اح دى اس رات ت دمر‬
‫العريق ة ال نزاع بين الساس انيين والروم ان احس ن اس تغالل ‪ ،‬واس تطاع زعيم ه ذه‬
‫االس رة وه و سبتيموس اودوناتوس ‪ ) odaenathus ( ،‬المع روف بالمص ادر العربي ة‬
‫باس م " أذني ه بن الس ميدع " ان يس تقل بت دمر ويلقب بلقب مل ك في س نة ‪ 250‬م ‪،‬‬
‫واصبح له مكانة كبيرة في المجتمع الت دمري ‪ .‬وأذني ه هذا هو ابن حيران بن وهب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الالت‬
‫وق د ادرك الروم ان نواي ا أذني ه التوس عية وم دى خطورته ا على مص الحهم ‪.‬‬
‫‪ ،‬بعد وفاة‬ ‫(‪)4‬‬
‫فأوعز االمبراطور الى " سبتيموس حيران " رياسة مجلس شيوخ تدمر‬
‫س بتيموس ه ذا ت ولى الحكم اخ وه أذني ه الث اني " ‪ " Odenatus‬وق د اتص ف أذني ه‬
‫بالش جاعة والج رأة ‪ ،‬وك ان يحم ل درج ة قنص ل في عه د االم براطور فالري انوس ان‬
‫أذني ه ط الب االم براطور باالنتق ام من روفين وس قات ل ابي ه ‪ ،‬لكن االم براطور لم‬

‫() جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 86‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 48-47‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 250 – 249‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ج واد علي ‪ :‬ت اريخ الع رب قب ل االس الم ج ‪ 31‬ص ‪ 89-88‬ذك ر بعض الم ؤرخين ان‬ ‫‪4‬‬

‫سبتموس حيران قتل مع والده أذنيه ‪ ،‬انظر حاشية ص ‪ 89‬ج ‪ 3‬جواد علي ‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪106‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫يستجب له ‪ ،‬االمر الذي اغضب أذنيه وحملة على التفكير باالتصال بالفرس اعداء‬
‫الرومان ‪ ،‬فبلغه نبأ انتصار الفرس الساسانيون بقيادة ملكهم شابور االول بن اردشير‬
‫(‪ 272 – 241‬م ) على الجيش الروماني ووقوع االم براطور فالريانوس في االسر‬
‫في سنة ‪ 260‬م فاغتنم أذنيه هذه الفرصة وارسل الى شابور وفدا حمل هدايا كثيرة‬
‫وكتابا يتودد فيه اليه ويظهر رغبته في مصالحته ومحالفته ‪ ،‬لكن شابور استهان بامر‬
‫أذني ه واس اء اس تقبال رس له الي ه وأم ر بالق اء ه داياه في النه ر ‪ ،‬وتوع د أذني ه بالعق اب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫جزاء تجاسره في مخاطبته‬
‫وكان تصرف ملك الفرس هذا قد أثار ثائرة أذنيه فقرر مهاجمة شابور فجمع‬
‫فرس ان ت دمر وانظم الي ه جن ود فالري انوس ‪ ،‬فزح ف بهم على طيس فون ( الم دائن )‬
‫ودارت على ض فاف الف رات معرك ة هائل ة انتهت بهزيم ة ش ابور هزيم ة نك راء ‪،‬‬
‫وكتب أذني ه الى ج الينوس بن فالري انوس يخ بره بانتص اره على الف رس واخالص ه‬
‫لإلمبراطوري ة الروماني ة ‪ ،‬ف انعم علي ه في س نة ‪ 262‬م بلقب قائ د ع ام على جمي ع‬
‫‪ .‬ففتح نصيبين وحران فكافئه االمبراطور‬ ‫(‪)2‬‬
‫جيوش الشرق " ‪" Dux Orientes‬‬
‫على اخالص ه م رة ثاني ة في س نة ‪ 264‬م ب ان منح ة لقب " ‪Imperator‬‬
‫‪ " TotiusOrientis‬أم براطور على جمي ع بالد المش رق " اي على الش ام والجزي رة‬
‫واس يا الص غرى ع دا منطق ة ( بيتيني ة ) وبعض المن اطق الش مالية ‪ ،‬وض ربت النق ود‬
‫باسمه ونقش عليها صورته ووراءه بعض اسرى الفرس ‪ ،‬وجعل تحت قيادته جميع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫القوات الرومانية المعسكرة في الشرق"‬
‫ثم لقب أذني ه نفس ه بلقب اخ ر ه و " مل ك المل وك " ومنح لقب ا اخ ر ه و "‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اغسطس " الذي كان يلقب به قياصرة الروم‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ص ‪ ، 9‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 251 – 250‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪ ، 91 – 90‬سالم ‪ ،‬ص ‪. 252 – 251‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ص ‪ ، 93‬مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 92‬‬
‫()جرجي زيدان ‪:‬العرب قبل االسالم ص‪ ، 100‬جواد علي‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪. 93‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪107‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ولم يكت ف أذني ه بم ا اح رزه من انتص ارات على الف رس ‪ ،‬فق رر مواص لة‬
‫الحرب ضدهم ‪ ،‬وخرج مع ولده " سبتميوس هيرودس " وحاصر طيسفون " المدائن‬
‫" م دة ‪ ،‬ثم اض طر الى رف ع الحص ار والع ودة الى بالد الش ام ‪ ،‬بع د ان بلغ ه ن زول‬
‫الق وط بمين اء " هرقلي ة " وزحفهم نح و " قبادوني ة " وم ا ان علم الق وط بع ودة أذني ه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫حتى بادروا بركوب سفنهم والعودة الى بالدهم‬
‫وفي س نة ‪ 267-266‬م قت ل أذني ه م ع ول ده ه يرودس في حمص بي د "‬
‫معنيوس " ابن أخيه الذي انتهز نزول أذنيه في حمص الراحة الجند فانقض عليه مع‬
‫‪ .‬وخلف أذني ه في حكم تدمر‬ ‫(‪)2‬‬
‫نفر من مؤيدي ه وقتلوه غ درا " مع ول ده ه يرودس "‬
‫ول ده " وهب الالت " وك ان ص غير فت ولت الوص اية علي ه والدت ه زنوبي ا او " الزب اء "‬
‫التي تعد من الشخصيات الهامة في تاريخ الشرق االدنى القديم وكانت تتقن اآلرامية‬
‫واالغريقي ة والالتيني ة ‪ ،‬وت رعى العل وم واآلداب فع اش في بالطه ا الفيلس وف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫لونجينوس‬
‫وك انت زنوبي ا تطم ع في توس يع ح دود بالده ا فاخت ارت وقت ا مناس با للقي ام‬
‫بأعمال الحربية عندما دب الضعف في كيان اإلمبراطورية الرومانية بعد ان استنفذت‬
‫قواها في حروبها مع الساسانيين وقد شعر الرومان بأطماع زنوبيا واهدافها التوسعية‬
‫‪ ،‬ف رأى االم براطور ج الينوس مهاجمته ا في عق ر داره ا قب ل ان يس تفحل امره ا ‪،‬‬
‫فارس ل جيش ا الى الش رق متظ اهرا ان ه يري د ب ه مهاجم ة الف رس فلم ا بل غ ذل ك الزب اء‬
‫استعدت للقاء وتصدت للقوات الرومانية ‪ ،‬ودارت بين الطرفين معركة عنيفة انتهت‬
‫بانتصار جيوش تدمر وهزيمة الرومان من أرض المعركة تاركين قائدهم هرقلي انوس‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫قتيال‬
‫ثم اس تغلت الزب اء مص رع االم براطور الروم اني ج الينوس في س نة ‪ 268‬م‬
‫وانتقال العرش الى أوريليوس كلوديوس وما أصاب روما من ارتباك بسبب غزوات‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 252‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 95‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪. 48‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪ 105‬ن سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 256‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪108‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االلمان والقوط للحدود الغربية من االمبراطورية الرومانية ‪ ،‬فجردت حملة كب يرة من‬
‫سبعين الف مقاتل الى مصر بقيادة ( زبدا ) فاصطدم مع الرومان الذين قاتلوا قتاال‬
‫عنيفا وانتهت المعركة بانتصار قوات تدمر ‪ ،‬فقرر " زبدا " العودة الى تدمر بعد ان‬
‫ت رك في مص ر حامي ة من خمس ة االف رج ل بقي ادة " تيم ا جي نيس " ال ذي عين نائب ا‬
‫عن الملكة زنوبيا في مصر ‪ ،‬فلما بلغ ذلك بروبوس حاكم مصر الروماني الذي كان‬
‫قد خرج في االسطول لمطاردة القراصنة ‪ ،‬اسرع في العودة الى مصر وتعقب افراد‬
‫الحامي ة التدمري ة وعم ل فيهم الس يف ‪ ،‬ف أمرت الزب اء قائ دها ( زب دا ) ب العودة الى‬
‫مصر ‪ ،‬فجرت معارك بين الطرفين انتهت بانتصار زبدا على الرومان عند " بابليون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫" ( اي الفسطاط)‬
‫ويعتق د بعض الم ؤرخين ان زنوبي ا عق دت اتفاق ا م ع روم ا يقض ي ببق اء‬
‫الجيوش التدمرية في مصر نظير اعتراف تدمر بسيادة الرومان على مصر فقد عثر‬
‫على عملة تدمرية ضربت في االسكندرية في سنة ‪ 270‬م نقشت عليها صورة وهب‬
‫الالت الى ج انب ص ورة وج ه االم براطور اوريلي انوس مم ا ي دل ان وهب الالت‬
‫‪ .‬ثم وص لت زنوبي ا‬ ‫(‪)2‬‬
‫اص بح حاكم ا على مص ر من قب ل االم براطور الروم اني‬
‫سياس تها التوس عية فج ردت حمل ة عس كرية الى اس يا الص غرى فت وغلت فيه ا وبس طت‬
‫نفوذها هناك ‪ ،‬فقرر االمبراطور محاربتها ‪ ،‬فالحق الجيش الروماني الهزيمة بالقوات‬
‫التدمري ة في مص ر س نة ‪271‬م ‪ .‬في نفس ال وقت ال ذي ك انت في ه الق وات الروماني ة‬
‫تجتاح اسيا الصغرى وتدخل سورية فحاولت جيوش تدمر بقيادة زبدا الوقوف امام‬
‫زح ف الروم ان لكن ه اخف ق وه زم في انطاكي ة وتراج ع الى حمص حيث الح ق ب ه‬
‫‪ .‬ثم ض رب الروم ان‬ ‫(‪)3‬‬
‫الروم ان هزيم ة ثاني ة ‪ ،‬واص بح الطري ق مفتوح ا الى ت دمر‬
‫الحصار حول تدمر ‪ ،‬وايقنت الزباء عجزها عن الدفاع فحاولت االستنجاد بالفرس ‪.‬‬
‫ف دبرت خط ة للخ روج من ت دمر ونجحت في الوص ول الى ض فاف الف رات ‪ .‬حيث‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج ‪ 3‬ص ‪. 107‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Cooke , Enc. Brit. P.193.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Ioid . P 163.‬‬
‫‪ ،‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪ ، 49‬سالم ‪ :‬تاريخ الدولة العربية ص ‪128‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪109‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫قبض عليه ا فرس ان الروم ان ووقعت في االس ر ففت ذل ك في عض د الم دافعين عن‬
‫تدمر وفتحوا ابواب مدينتهم للرومان فدخلها اورليانوس في مطلع سنة ‪273‬م وعفا‬
‫عن س كان ت دمر باس تثناء بعض الق ادة ال ذين ام ر بقتلهم ‪ ،‬وابقي على الزب اء وابنه ا‬
‫وهب الالت ليعود بهما الى روما ومضى الى حمص في طريقة الى روما فلما وصل‬
‫" تراقي ه " بلغ ه ان اه ل ت دمر اعلن وا الث ورة على الحامي ة الروماني ة ونص بوا‬
‫انطيوخوس ملكا عليهم ‪ ،‬فقرر العودة الى تدمر ‪ ،‬فدخلها بدون مقاومة فدمرها وهدم‬
‫اس وارها وقالعه ا وقت ل معظم س كانها ثم أم ر بع د ذل ك جن وده ب الكف عن الم ذابح ‪،‬‬
‫وامر بترميم معبد الشمس واالسوار ثم عاد ومعه زنوبيا وابنها وهب الالت اسيرين‬
‫‪ .‬حيث قضت بقية حياتها مع اوالدها في بيت خصص لها في " تيب ور "‬ ‫(‪)1‬‬
‫الى روما‬
‫‪.‬‬
‫حضارة تدمر ‪ :‬كانت الحضارة التدمرية مزيجا من عناصر مختلفة يونانية‬
‫(‪)2‬‬
‫وسورية وفارسية ‪ ،‬على الرغم من ان سكان تدمر كانوا عربا من بقايا العماليق‬
‫وك انت لغ ة التخ اطب والكتاب ة عن دهم لهج ة من اللهج ات اآلرامي ة الغربي ة تنتمي الى‬
‫االصل الذي استمدت منه النبطية ‪ ،‬وتظم كثيرا من المصطلحات اليونانية والالتينية ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وكان الخط الذي يكتبون فيه هو تطور للخط اآلرامي القديم‬
‫ويتكون سكان تدمر من المواط نين والعبيد واالج انب الذين كانوا اغلبهم من‬
‫االغريق والعبيد المحررين ‪ ،‬ولم تكن لهؤالء مكانة كبيرة في المجتمع ‪ .‬اما االحرار‬
‫فكانوا يتألفون من عدد من العشائر التي ينتسب افراد كل منها الى جد واحد ‪ ،‬واغلب‬
‫اف راد العش ائر ك انوا يتس مون بأس ماء س امية ‪ ،‬ماع دا قليال منهم تس مى بأس ماء‬
‫اغريقية ‪ ،‬وكان في تدمر ايضا عدد من الفرس من الطبقة االرستقراطية ‪ ،‬ويعاملون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫كمواطنين كما ان هناك بعض الرومانيين من الموظفين‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 105‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪. 124‬‬ ‫‪2‬‬

‫()مبروك نافع ‪ :‬تاريخ عصر ما قبل االسالم ص ‪. 94 ، 93‬‬ ‫‪3‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪. 51 – 50‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪110‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وق د اس تفادت ت دمر كث يرا من موقعه ا الجغ رافي الواق ع في مف ترق الط رق‬
‫الص حراوية ال تي تربطه ا ب البتراء ‪ ،‬ومنه ا الى ع دن من جه ة وبم وانئ الس احل‬
‫الس وري من جه ة اخ رى ‪ ،‬فأص بحت ت دمر متحكم ة في الش بكة الهام ة من الط رق‬
‫التجاري ة ال تي ترب ط الس واحل الس ورية بآس يا والهن د فك انت تص ل الى ه ذه المدين ة‬
‫المنس وجات الحريري ة والج واهر والآللئ والطي وب والبخ ور والع اج واالبن وس من‬
‫الهند والصين وبالد العرب الجنوبية فربح التدمريون من هذه التجارة مكاسب هائلة‬
‫من الضرائب التي كانت تفرض على تلك البضائع التي كانت القوافل التدمرية تقوم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫بنقلها الى بلدة دورا أوروبس الواقعة على الحدود الخارجية لمملكة تدمر‬
‫ولم يكن دور الت دمريين مقتص را على القي ام بنق ل البض ائع او تزوي د القواف ل‬
‫المارة بهم ‪ ،‬بل كانوا يمارسون التجارة بأنفسهم فامتد نشاطهم التجاري الى مناطق‬
‫عدي دة من الع الم في ميس ان وس لوقية والش ام والم دن الفينيقي ة ومص ر وروم ا والغ ال‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫( فرنسا ) واسبانيا كما عقدوا معاهدات مع القبائل المقيمة على ضفاف الفرات‬
‫اما عن الديانة في تدمر فهي ال تختلف كثيرا عن االديان السائدة في سورية‬
‫الش مالية وعن د القبائ ل العربي ة في البادي ة وق د وردت اس ماء اص نامهم في الكتاب ات‬
‫التدمري ة بعض ها ك ان معروف ا عن د الع رب وبعض ها االخ ر ارامي ‪ ،‬واش هر االله ة‬
‫شمس وااللهة بعل ( بل ) " ويرح بول " ‪ :‬وعجل بول " ز (الت) الالت ‪ ،‬ورحم أي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫رحيم واشتر ( عشتار ) وعزيزو ( عزيز ) وبعل شمين (بعل السماء )‬
‫أثار تدمر ‪ :‬ابرز االثار الباقية معبد بعل ( بل ) ‪ ،‬وهو أروع ما تخلف من‬
‫أثار تدمر ‪ ،‬والمعبد مقام على مرتفع من االرض أمامه قوس هائل وطريق عريض‬
‫طول ه ‪ 1240‬ي اردة وعلى جوانب ه ‪ 270‬عم ودا ط ول ك ل منه ا ‪ 55‬ق دما ‪ ،‬وال ي زال‬
‫قائما منها ‪ 150‬عمودا ‪ ،‬منحوت معظمها من المرمر االبيض وبعضها من الجرانيت‬
‫واالعم دة مرتبط ة ببعض ها من االعلى ويع رف ه ذا الطري ق بطري ق االعم دة ويعت بر‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 264‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪. 54 – 50‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ص ‪ 130 ، 129‬نافع ‪ ،‬ص ‪ ، 94‬سالم ‪. 266‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪111‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الش ارع الرئيس ي في ت دمر ومن ه تتف رع ال دروب الفرعي ة وعلى جانبي ه الح وانيت‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫والمخازن‬
‫والى ج انب ه ذا المعب د هن اك معاب د اخ رى ك انت مبني ة بالحج ارة ومزين ة‬
‫ب النقوش والص ور وبعض التماثي ل ‪ ،‬ك ذلك تبقت في ت دمر أث ار حمام ات ‪ ،‬ودور‬
‫خاص ة مبلط ة بالفسيفس اء والرخ ام ‪ ،‬واعم دة تذكاري ة ‪ ،‬واث ار قص ر الزب اء يعت بر‬
‫‪ .‬ومن اثار تدمر ايضا المدافن التي كانت كأبراج مستطيلة ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫معجزة في فن النحت‬
‫يزيد عددها على مائة مدفن متناثرة حول المدينة ويتألف من اربع طبقات ارتفاعها‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ثمانون قدما وعرضها ثالثون قدما وله باب خاص يدخلون منه الى الطبقات‬

‫دولة الغساسنة‬
‫ك انت قبائ ل االزد اليمني ة ق د ه اجرت الى بالد الش ام على أث ر انكس ار س د‬
‫م أرب وت دهور نظم الزراع ة واعم ال ال ري في جن وب الجزي رة العربي ة ‪ ،‬وق د ن زل‬
‫(‪)4‬‬
‫االزد في البلقاء واستقروا حول نبع ماء يعرف باسم " غسان " فعرفوا بالغساسنة‬
‫ام ا المس عودي في ذكر ان نب ع غس ان ك ان في بالد اليمن فيق ول " انم ا غس ان م اء‬
‫فشربوا منه فسموا بذلك وهو ما بين زبيد ورمع ‪ ،‬وادى االشعريين بارض اليمن "‬
‫وأورد المسعودي شعرا لحسان بن ثابت ‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫االزد نسبتنا والماء غسان‬ ‫أما سألت فانا معشر نجب‬
‫وع رف الغساس نة ايض ا ب ال جفن ة نس بة الى اول مل وكهم جفن ة بن عم رو‬
‫مزيق اء بن ع امر بن م اء الس ماء بن حارث ة بن أم رئ القيس بن ثعلب ة بن م ازن بن‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪ ، 54 ، 53‬سالم ‪ ،‬ص ‪. 267 – 266‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 268‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ‪. 106‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ج رجي زي دان ‪ :‬الع رب قب ل االس الم ص ‪ ، 207‬علي اب راهيم ‪ :‬الت اريخ االس المي الع ام ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 80‬ماجد ‪ ،‬التاريخ السياسي ج‪ 1‬ص ‪. 88‬‬


‫()المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 107 – 106‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪112‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪ .‬كم ا عرف وا ب ال ثعلب ة نس بة الى ج د له ذه االس رة ه و ثعلب ة بن م ازن‬ ‫(‪)1‬‬
‫االزد‬
‫وكان يسكن بادية الشام قبل قدوم الغساسنة قوم عرفوا بالضجاعمة من قضاعة ‪ ،‬فلما‬
‫ن زل الغساس نة بج وارهم ف رض ه ؤالء عليهم االت اوة ‪ ،‬وظ ل الغس انيون يؤدونه ا لهم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫حتى اندلعت الحرب بين الطرفين وانتهت بتغلب وانفرادهم بالسلطة دون غيرهم‬
‫واول ام راء غس ان في بالد الش ام ه و جفن ة بن عم رو مزيقي اء ‪ ،‬وق د ذك ر‬
‫حم زة االص فهاني ان جفن ة ه ذا لم ا مل ك قت ل مل وك قض اعة من س ليح ال ذين ي دعون‬
‫في حين يذكر المسعودي ان‬ ‫(‪)4‬‬
‫الضجاعمة ودانت له قضاعة ومن بالشام من الروم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫اول من ملك من الغساسنة هو الحارث بن عمرو بن عامر بن حارثة‬
‫ويعتبر الحارث بن جبلة ( ‪ 569 – 529‬م ) اعظم ملوك غسان وأشهرهم ‪،‬‬
‫وكان الحارث هذا معاصرا لإلمبراطور جستنيان ( ‪ 565 – 527‬م ) ‪ ،‬وكسرى انو‬
‫شروان ( ‪ 579 – 531‬م ) ‪ ،‬وقد ذكر المؤرخ بروكوبيوس ان جستنيان أنعم على‬
‫الحارث بلقب " ملك " ‪ Basileus‬وبسط نفوذه على كثير من القبائل العربية بالشام ‪،‬‬
‫وك ان االم براطور يقص د ب ذلك ان يجع ل الح ارث خص ما قوي ا في وج ه المن ذر بن‬
‫‪ .‬ويعتق د بعض العلم اء ومنهم‬ ‫(‪)6‬‬
‫النعم ان المع روف ب ابن م اء الس ماء مل ك الح يرة‬
‫( نولدك ه ) ان االم براطور لم يمنح الح ارث لقب " مل ك " فق د ك ان ه ذا اللقب قاص را‬
‫على القياص رة ‪ ،‬فال يمنح لغ يرهم وان م ا لقب ب ه الح ارث وغ يره من ال جفن ة ه و‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫لقب " البطريق " او لقب شيخ القبيلة ( فيالركوس )‬
‫وق د ق ام الح ارث بن جبل ة بض بط ام ور س ورية اثن اء انش غال االم براطور‬
‫جستنيان بحروبة في اسبانيا وشمال افريقيا ‪ ،‬واستطاع ان يقيم جبهة قوية امام المنذر‬

‫()المصدر السابق ‪ :‬التنبيه واالشراف طبعة بيروت ص ‪. 186‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نولدكة ‪ :‬امراء غسان ط بيروت ‪ 1933‬ترجمة بندلي جوزي وقسطنطين زريق ص ‪. 4‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ابن خلدون ‪ :‬العبر ج‪ 2‬ص ‪. 583‬‬ ‫‪3‬‬

‫()حمزة االصفهاني ‪ :‬تاريخ سني ملوك االرض واالنبياء ص ‪. 77‬‬ ‫‪4‬‬

‫()المسعودي – مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 157‬‬ ‫‪5‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 4‬ص ‪. 129-128‬‬ ‫‪6‬‬

‫()نولدكه ‪ :‬امراء غسان ص ‪ 14 ، 12‬جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 4‬ص ‪129 – 128‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪113‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وقد قامت الحرب‬ ‫(‪)1‬‬
‫بن ماء السماء ملك الحيرة ‪ ،‬وحارب الفرس اعداء الرومان‬
‫بين الحارث بن جبلة والمنذر بن ماء السماء في سنة ‪ 538‬م ‪ .‬بسبب االراضي التي‬
‫اطل ق عليه ا الروم ان اس م ‪ Strata‬وهي االراض ي الممت دة على ج انبي الطري ق‬
‫الحربية من دمشق الى ما بعد تدمر حتى مدينة سروج ‪ ،‬فقد ادعى المنذر ان القبائل‬
‫العربي ة النازل ة في تل ك االراض ي خاض عة لس لطانة وانه ا ت دفع ل ه الجزي ة ‪ ،‬فنازع ه‬
‫الحارث على هذه السلطة وقامت الحرب بينهما فانتصر كسرى للمنذر واوعز اليه‬
‫‪ .‬وفي س نة ‪ 541‬م اش ترك‬ ‫(‪)2‬‬
‫بالتوغ ل في س ورية فوص لت هجمات ه الى انطاكي ة‬
‫الحارث في القتال الى جانب الروم فعبر بجيوشه نهر دجلة لكنه سرعان ما عاد الى‬
‫مواقع ة الس ابقة عن طري ق آخ ر غ ير الطري ق ال تي س لكها معظم الجيش ‪ ،‬وق د أث ار‬
‫تص رفه ه ذا ش كوك ال روم في اخالص ه ‪ .‬ولم يمض على ه ذا الح ادث س وى ف ترة‬
‫قص يرة ح تى تج ددت الح رب بين الح ارث والمن ذر في س نة ‪544‬م ‪ .‬فه زم الغساس نة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ووقع احد ابناء الحارث اسيرا في يد المنذر فقدمة ضحية لإللهة العزى‬
‫واستمر العداء سائدا بين الغساسنة والمناذرة ‪ ،‬حتى تمكن الحارث من احراز‬
‫النصر على المنذر ملك الحيرة في سنة ‪ 554‬م في المعركة التي حدثت بالقرب من "‬
‫قنسرين " وقتل فيها المنذر نفسه ‪ ،‬وخسر الحارث احد ابنائه ويدعى " جبلة " فدفنه‬
‫ابوه في قلعة عين عوداجه بالقرب من قنسرين(‪.)4‬‬
‫وبع د وف اة الح ارث بن جبل ة س نة ‪ 569‬م خلف ة في الحكم المن ذر بن الح ارث‬
‫الذي عرف في المصادر اليونانية والالتينية باسم ‪ Alamundaros‬كما لقب بالمنذر‬
‫‪ .‬وق د اس تهل المن ذر عه ده بمحارب ة‬ ‫(‪)5‬‬
‫االك بر تمي يزا ل ه عن أخي ه المن ذر االص غر‬
‫المن اذرة فانتص ر على ملكهم قابوس بن المن ذر في موقع ة " عين اب اغ " التي حدثت‬
‫‪ .‬وك انت العالق ات بين الغساس نة وال روم ق د‬ ‫(‪)6‬‬
‫في س نة ‪ 570‬ب القرب من الح يرة‬

‫()نافع ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪ 113 ، 112‬ماجد ‪ ،‬التاريخ السياسي ج‪ 1‬ص‪. 89‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪ ، 57‬علي ابراهيم ‪ ،‬التاريخ االسالمي ص ‪. 81‬‬ ‫‪2‬‬

‫()نولدكه ‪ :‬امراء غسان ص ‪ ، 18‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 281‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ ، 4‬ص ‪. 61‬‬ ‫‪4‬‬

‫()حمزة االصفهاني ‪ :‬ص ‪. 78‬‬ ‫‪5‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 217‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪114‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫أخذت تسوء بسبب موقف المنذر المؤيد للمذهب المونوفيزيتي ( اليعقوبي ) ‪ ،‬فأوعز‬
‫االم براطور جس تين الث اني ( ‪ 578 – 565‬م ) الى البطري ق مرقي انوس بت دبير‬
‫م ؤامرة لقت ل المن ذر ‪ ،‬فلم ا احس المن ذر ب ذلك ه رب الى البادي ة وش ق عص ا الطاع ة‬
‫على االم براطور م دة ثالث س نوات ‪ ،‬ف اغتنم المن اذرة الفرص ة وه اجموا س وريا‬
‫وعاشوا بها ‪ ،‬فاضطر الروم الى مفاوضة المنذر واسترضائه فعقد الصلح بينهما في‬
‫‪ .‬وقد قام المنذر بزيارة القسطنطينية في ‪8‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أواخر ايام االمبراطور جستين الثاني‬
‫م ارس س نة ‪ 580‬م فاس تقبل اس تقباال ح افال ‪ ،‬وانعم علي ه االم براطور الجدي د‬
‫طيب اريوس ( ‪ 582 – 578‬م ) بالت اج ب دال من االكلي ل ال ذي ينعم ب ه ال روم على‬
‫‪ .‬ولم تلبث العالقات بين المنذر والروم ان تدهورت على أثر‬ ‫(‪)2‬‬
‫عمالهم من العرب‬
‫أشتراك المنذر في الحملة التي قام بها موريق ( قومس الشرق ) ضد الفرس ‪ ،‬فقد‬
‫ع زى الروم ان فش ل ه ذه الحمل ة الى ت واطئ المن ذر م ع الف رس ‪ ،‬فق د وج د موري ق‬
‫الجس ر الكب ير على نه ر الف رات مه دما فظن ان في االم ر خيان ة من ج انب المل ك‬
‫الغس اني ف زاد ه ذا الح ارث من أيغ ار ص دور ال روم ض د المن ذر فأرس ل االم براطور‬
‫طيباريوس الى " ماجنوس " ‪ .‬الحاكم الروماني في سوريا يأمره بالقبض على المنذر‬
‫‪ ،‬ولم يس ع م اجنوس اال ان ينف ذ أم ر اإلم براطور رغم الص داقة ال تي ك انت تربط ه‬
‫بالمنذر ‪ ،‬فأرس ل الى المن ذر ي دعوه الى حضور حف ل افتت اح أحدى الكن ائس في بل دة‬
‫الح واريين ( بين ت دمر ودمش ق ) ‪ ،‬فلم ا حض ر المن ذر القي القبض علي ه وأرس ل الى‬
‫‪ .‬ثم توفي االمبراطور طيباريوس وتولى‬ ‫(‪)3‬‬
‫القسطنطينية مع أبنين له واحدى نسائه‬
‫الحكم بع ده موري ق (‪ ) 602 – 582‬ع دو المن ذر الل دود ‪ ،‬ف أمر بنفي المن ذر الى‬
‫جزيرة صقلية ‪ ،‬ولم يكتفي بذلك بل عمد الى قطع المعونة السنوية التي كانت تقدمها‬
‫الدول ة البيزنطي ة الى أس رة المن ذر من ال جفن ة فأث ار ه ذا التص رف ابن اء المن ذر‬
‫االربع ة وش قوا عص ا الطاع ة على ال روم ‪ ،‬ف أوغلوا في الص حراء تحت قي ادة اخيهم‬
‫االك بر – النعم ان – واخ ذوا يش نون الغ ازات على أراض ي الدول ة البيزنطي ة فق اموا‬

‫()نولدكه ‪ :‬ص ‪ 26-25‬علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص ‪. 83‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص‪ ، 217‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 287‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج ‪ 4‬ص ‪ ، 138‬صالح العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪. 59‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪115‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بهجمات عنيفة ضد " بصرى " التي كانت أكبر قاعدة بيزنطية في جنوب سوريا ‪،‬‬
‫فاضطر االمبراطور موريق الى تجهيز حمل ة بقيادة ماجنوس لمحاربة أوالد المنذر‬
‫فاس تطاع ان يلقي القبض على النعم ان بن المن ذر بالخديع ة وال دهاء ‪ ،‬وأرس له الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫القسطنطينية في سنة ‪ 583‬م‬
‫وقد اعقب أسر النعمان بن المنذر تصدعا في دولة الغساسنة ‪ ،‬فتفككت وحدة‬
‫العرب في سوريا وانقسموا الى ( ‪ ) 15‬فرقة لكل منها أمير ‪ ،‬وبدأت القبائل تطاحن‬
‫فيم ا بينه ا ‪ ،‬كم ا أخ ذ بعض هم يش ن الغ ارات على المن اطق المتحض رة في س وريا ‪،‬‬
‫فاضطر الرومان الى اقامة أمير جديد للغساسنة بدال من المنذر ‪ ،‬وحرصوا ان يكون‬
‫االمير الجديد من ال جفنة لما كان يتمتع به هؤالء من مكانة وهيبة في نفوس العرب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫في سوريا‬
‫واختل ف االخب اريون الع رب في ذك ر اس ماء ام راء الغساس نة بع د المن ذر بن‬
‫الحارث ‪ ،‬كما انقطع المؤرخون السوريون والبيزنطيون عن ذكر اخبار ال جفنة بعد‬
‫المن ذر ‪ ،‬وك انت م دة حكمهم قص يرة وق د أورد حم زة االص فهاني قائم ة بأس مائهم‬
‫تختل ف عن االس ماء ال تي أورده ا المس عودي وابن قتيب ة ثم تف رق ال جفن ة في‬
‫الص حراء وف ر بعض هم الى بالد ال روم على أث ر اس تيالء الف رس على بالد الش ام في‬
‫س نة ‪ 613‬م ‪ ،‬وبع د نج اح االم براطور هرق ل في اس ترداد الش ام من الف رس في س نة‬
‫‪ 629‬م أسند حكم سورية الى احد االمراء الغساسنة وهو ( جبلة بن االيهم ) ‪ ،‬الذي‬
‫اش ترك م ع ال روم في قت ال المس لمين بقي ادة خال د بن الولي د في " دوم ة الجن دل " س نة‬
‫‪ 634‬م ‪ ،‬كم ا اش ترك م ع ال روم في موقع ة ال يرموك س نة ‪ 636‬م ‪ ،‬واس لم بع د ه ذه‬
‫الموقعة ‪ ،‬غير انه ما لبث ان أرتد عن االسالم وهرب الى القسطنطينية (‪.)3‬‬

‫حضارة الغساسنة‬

‫()نولدكه ‪ :‬ص ‪ 32‬مبروك نافع ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 113‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪ ، 60‬سالم ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫()البالذري ‪ :‬تاريخ ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ ، 160‬ابن قتيبة ‪ :‬كتاب المعارف ‪ ،‬ص ‪. 217‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪116‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫كانت ديار الغساسنة تمتد ما بين الجوالن واليرموك ‪ ،‬وكانوا يقيمون بالقرب‬
‫من دمشق في موضع على نهر بردى يعرف " بجلق " وكانت الجوالن قاعدة لملك‬
‫الغساس نة ومعس كر لهم واتخ ذوا مدين ة الجابي ة مرك زا إلم اراتهم ‪ ،‬وك ان موقعه ا‬
‫ب القرب من م رج الص فر في ش مال ح وران ‪ ،‬وليس هن اك م ا يش ير الى ان الغساسنة‬
‫ك انوا يمتلك ون أي ا من االم اكن المحص نة او من الم دن ال تي ك انت مس اكن للجيش‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫كدمشق وبصرى او كتدمر التي حصنها جستنيان‬
‫وقد مارس الغساسنة الزراعة واهتموا بشؤونها ‪ ،‬فاستغلوا مياه حوران التي‬
‫تن دفق من أع الي الجب ال في الزراع ة ‪ ،‬فعم رت الق رى والض ياع ‪ ،‬وبن وا القن اطر‬
‫واص لحوا الص هاريج ‪ ،‬والى ج انب اهتم ام الغساس نة بالزراع ة ‪ ،‬اهتم وا بالعم ارة‬
‫والبنيان ‪ ،‬فشيدوا كثيرا من القصور واالديرة ‪ ،‬ومن القصور التي تنسب الى االمراء‬
‫الغسانيون ‪ ،‬قصر المشتي وهو بناء متأثر الى حد كبير بفن العمارة الساسانية الذي‬
‫‪ .‬وقص ر الص فا وقص ر المن ارة وقص ر‬ ‫(‪)2‬‬
‫ك ان س ائدا في الح يرة وقص ر الطوب ة‬
‫السويداء والقصر االبيض وقصر بركة وقصر حارب وغيرها ‪ .‬ومن االديرة ‪ :‬دير‬
‫كم ا ش يد الغساس نة‬ ‫(‪)3‬‬
‫ح الي ودي ر الكه ف ودي ر هن د ودي ر البن وة ‪ ،‬وقلع ة القس طل ‪.‬‬
‫‪ .‬وك انت الديان ة‬ ‫(‪)4‬‬
‫ع ددا من الحمام ات العام ة والمس ارح والكن ائس واق واس النص ر‬
‫الس ائدة عن د الغساس نة هي النص رانية ‪ ،‬بحكم والئهم لل روم ‪ ،‬وك انوا على الم ذهب‬
‫المنوفستي ‪ ،‬الذي عرف فيما بعد باسم المذهب اليعقوبي نسبة الى يعقوب البرادعي‬
‫الره وي ‪ ،‬واتخ ذ الغساس نة اللغ ة العربي ة لغتهم ‪ ،‬كم ا اس تعملوا اللغ ة اآلرامي ة لغ ة‬
‫ثانية(‪.)5‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪ ، 63‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 296 ، 295‬‬ ‫‪1‬‬

‫()اختل ف العلم اء في نس بة ه ذين القص رين ‪ ،‬فبعض هم ينس بها الى االم ويين والبعض االخ ر‬ ‫‪2‬‬

‫ينسبهما الى الغساسنة ‪ .‬انظر‬


‫‪.Creswell, Early Muslim architecture, Vol.1 P.390-405‬‬
‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪ ، 220 ،219‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 298 ، 297‬‬ ‫‪3‬‬

‫()مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص ‪. 115‬‬ ‫‪4‬‬

‫() مبروك نافع ‪ :‬عصر ما قبل االسالم ص ‪. 115‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫‪117‬‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الفصل‪ F‬الرابع‬
‫ممالك العراق قبل االسالم‬
‫ميسان ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الحضر ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المناذرة ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫نشوء وتطور مملكة ميسان‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ورد في اح دث كت ابين ب اللغتين اآلرامي ة واالفريقي ة اس م مملك ة ميس ان ال تي‬
‫لعبت دوراً ب ارزاً في االح داث السياس ية واالقتص ادية في الع راق خالل الف ترة من‬
‫منتصف القرن الثاني ق‪.‬م الى الربع االول من القرن الثالث للميالد ‪ ،‬حيث عثر على‬
‫كت ابتين منقوش تين على فخ ذي تمث ال برون زي لإلل ه هرق ل ( ص ورة ‪ ) 2 ، 1‬ع ثر‬
‫‪ ،‬ولق د اثبتت دراس ة التمث ال الفني ة‬ ‫(‪)1‬‬
‫علي ه عن طري ق الص دفة في ع ام ‪1984‬‬
‫وق راءة وتحلي ل الكت ابتين على انهم ا على ج انب كب ير من االهمي ة النهم ا تس لطان‬
‫وء جدي داً على ج وانب مختلف ة ومتع ددة من العالق ات التاريخي ة بين الفرث يين من‬
‫ض ً‬
‫جهة ومملكة ميسان من جهة اخرى ‪ .‬اضافة الى ما تقدمة من اهمية دينية تكمن في‬
‫تطابق الهة عراقية او شرقية ‪ .‬واسم ميسان دل ‪ ،‬في الفترة المتأخرة ‪ ،‬على جنوب‬
‫وتتف ق معظم المص ادر على ان س كانها ك انوا من القبائ ل العربي ة‬ ‫(‪)2‬‬
‫الع راق بأكمل ه‬
‫الذين اعتمدوا اللغة االغريقية في كتابة نقوش نقودهم في بادئ االمر ثم تحولوا الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اللغة اآلرامية وتركوا اثارهم اللغوية الى حد ما في الكتابات الندائية الحالية‬
‫ان مكانة ميسان بين مقاطعات وممالك الدولة الفرثية واعتدادها بنفسها جعلها‬
‫تتسم باالستقالل احيان اً في امورها عن سلطان البالط الفرثي ‪ .‬ولكنها لم تدرس لحد‬
‫االن دراسة تاريخية أثرية مستفيضة بسبب عدم شمولها بأعمال التنقيبات االثارية‬
‫والذي سنستعرضه في مقالنا هذا من تأسيس المملكة وتاريخها يعتمد بالدرج ة‬
‫االساس ية على اللقى االثاري ة المختلف ة ال تي اكتش فت في مواق ع عدي دة تمت د من ت دمر‬
‫وكبيس ة وس لوقيه على دجل ة وح تى مواق ع من الخليج الع ربي وبعض الملتقط ات‬
‫الس طحية من بعض التالل ‪ ،‬واهم تل ك اللقى هي نقوده ا الرس مية ال تي ش كلت اس اس‬
‫كتاب ة تاريخه ا ألنه ا تحم ل تاريخ ا حس بت س نواته على اس اس التق ويم الس لوقي ال ذي‬

‫()د‪ .‬واث ق الص الحي ‪ " ،‬دراس ة تحليلي ة لتمث ال برون زي لهرق ل " س ومر ‪ ) 1984 ( 43‬ق دمت‬ ‫‪1‬‬

‫المقالة للنشر ولم تصادر المجلة لحد هذا التاريخ ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪()M. Streck, Encyclopaedia of Islam " Maisen" P.146.‬‬
‫وناحية ميسان كانت تطلق على مرقد الغدير ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Nodelman, Op. Cit, P.84.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ابت دأ في ع ام ‪ 212/311‬ق‪.‬م وهي الس نة ال تي نعت فيه ا س لوقس االول ملك اً على‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫امبراطورية عرفت بعدئذ في التاريخ باسم االمبراطورية السلوقية‬
‫وتشير بعض المصادر الى ان المدينة قد تعرضت للفيضانات مرات عديدة‬
‫وانه ا لم ت رق الى حلم االس كندر وان‬ ‫(‪)2‬‬
‫وخاص ة في عه د المل وك الس لوقيين االوائ ل‬
‫تكون ميناء مهم اً وقد يعزى سبب ذلك الى عدم اهتمام السلوقيين بها ولبروز مدينة‬
‫الجره اء العربي ة ‪ ،‬المين اء التج اري المهم الواق ع في الج زء الجن وبي من الخليج‬
‫العربي ‪ ،‬والتي سيطرت على تج ارة الجزيرة العربي ة والهند من ذ القرن الرابع ق‪.‬م‬
‫لتزوي د االس واق الغربي ة بمنتجاته ا والتقت القواف ل البري ة القادم ة من تيم اء ومن‬
‫الجزي رة العربي ة فيه ا وامت دت عالقاته ا التجاري ة لتش مل الحك ام الس لوقيين والبطالس ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫من خالل التجار االنباط‬
‫ولكن الظ روف السياس ية ال تي م رت به ا المنطق ة زادت من اهمي ة مدين ة‬
‫االسكندرية فقد تولى الحكم فيها رجل يدعى تيخون ( ‪ ) Tychon‬بعد ثورة مولون‬
‫على حكم انطيوخوس الثالث في حدود عام ‪ 221‬ق‪.‬م وكان قبل ذلك رئيس اً ألركان‬
‫الجيش الس لوقي (‪)4‬ويب دو ان تع يين ح اكم ذي منزل ة عالي ة ي دل على ب دء اهتم ام‬
‫السلوقيين بها لما لها من اهمية سوقية اقتصادية واورد هذا الحاكم ان يعيد سيطرته‬
‫على طرق التجارة العالمية وازداد كذلك نشاط االسطول السلوقي في الخليج العربي‬
‫به دف حري ة المالح ة في الخليج والمحافظ ة على طرقه ا البحري ة المؤدي ة الى الهن د‬
‫‪ .‬وب اعتالء انطيوخ وس الراب ع ع رش الس لوقيين وك ان طموح اً فق د ص مم على‬ ‫(‪)5‬‬

‫تحسين حالة اقتصاد مملكته المتردية وألجل ذلك وضع خطة لتحويل مركز النشاط‬
‫التجاري نحو منطقته فاصدر أوامره بأعاده بناء مدينة االسكندرية لتحل محل مدينة‬

‫‪1‬‬
‫‪()Hansaman, Op. Cit. pP.21-58 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Ibid.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()M.Rostovtzeff, The Social and Econo- mic History of the Helllenistic‬‬
‫‪World, Oxford, 1941, P.457. Nodelman, Op. cit, P.85 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Polybius, V, 46,54.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Nodelman, Op. cit, P.85 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الجره اء كحلق ة وص ل بين الس لوقيين والش رق واطل ق عليه ا اس م انطاكي ة‬
‫واكتسبت المدينة حلة جديدة في حدود عام ‪ 165-166‬ق‪.‬م وعين عليها حاكم ع ربي‬
‫اس مه هيسباوس ينس (‪ ) Hyspaosines‬س اكدودوناكس ( ‪) Sagdodonacus‬‬
‫ويذكر بلني انه لقب ملكاً ولم يكن ممثالً للحاكم السلوقي وكان في حينه بين ‪40-30‬‬
‫‪ .‬وانتعشت المدينة بهذا االهتمام المتزايد من قبل الملوك السلوقيين‬ ‫(‪)2‬‬
‫عاما من عمره‬
‫الذي لم يدم سوى فترة قصيرة من الزمن اذ انتهى بوفاة انطيوخوس الرابع في عام‬
‫‪ 163‬ق‪.‬م حيث دب الض عف في جس م الدول ة الس لوقية نتيج ة الص راع في داخ ل‬
‫البالط بين المتنافسين على السلطة مما ادى بالتالي الى انفصال اجزاء واقاليم شرقية‬
‫ولكن اهم‬ ‫(‪)3‬‬
‫مهمة عن السيطرة السلوقية واعالن استقاللها مثل عيالم وفارس ومي ديا‬
‫حرك ات االنفص ال ك انت تل ك ال تي ق ام به ا الفرثي ون بقي ادة زعيمهم م ثراداتس االول‬
‫الذي استقل في اقليم بارثيا الواقع في المنطقة الجنوبية الشرقية من بحر الخزر وكان‬
‫‪ .‬اس تطاع‬ ‫(‪)4‬‬
‫يه دف احتالل معظم االراض ي ال تي يس يطر عليه ا الس لوقيون في اس يا‬
‫هيسباوس ينس ان يحاف ظ على دولت ه بعي داً عن تل ك الص راعات والمنازع ات وان‬
‫يستشر النشاط التجاري المزدهر في انعاش اقتصاده الذي كان يمر من خالل مدينته‬
‫‪ ،‬وك ان باس تطاعته ان‬ ‫(‪)5‬‬
‫ال تي اص بحت االن فعالً حلق ة اتص ال بين الش رق والغ رب‬
‫يعلن استقالله عن الدولة السلوقية ‪ ،‬بيد ان تسارع االحداث جعلته يقف موقف المدافع‬
‫وكأن ه ال وريث الش رعي للس لوقيين ‪ .‬فق د تق دم م ثراداتس االول ص وب باب ل وانتص ر‬
‫على ديمتريوس الثاني ملك السلوقيين ودخل مدينة سلوقية على دجلة في ‪ 8‬تموز من‬
‫عام ‪ 141‬ق‪.‬م ولكن ديمتريوس استطاع في محاولة ناجحة من استعادة سيطرته على‬
‫وأث رت ه ذه االح داث‬ ‫(‪)6‬‬
‫بالد باب ل بع د ان دح ر ق وات الفرس يين في مع ارك متع ددة‬
‫السياس ية على موق ف هيسباس ينس حيث اعلن اس تقالله خالل االع وام من ‪ 141‬ق‪.‬م‬
‫‪1‬‬
‫‪()Pliny, VI, 139.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Ibid .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()M. College, Parthian Art, London, 1977, P.10 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()N. Debevoise, A political History of Parthia , Chicago, 1938, P.21.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Ibid, P.23.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()Ibid, P.24.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الى ‪ 139‬ق‪.‬م عن الدول ة الس لوقية ال تي وص لت الى نهايته ا عن دما س يطر م تراداتس‬
‫‪ .‬وفي‬ ‫(‪)1‬‬
‫االول على سلوقية بعد ان هزم ديتمريوس الثاني مرة اخرى واقتاده اسيراً‬
‫اثناء هذه المعارك المصيرية الطاحنة بدا هيسباوسينس في سك نقوده الرسمية وهي‬
‫تش به نق ود ديم تريوس الس لوقي في نقش قفاه ا بص ورة االله ه اثين ا ب االس ويب دو ان ه‬
‫كان على عالقة جيدة مع الملك السلوقي وقد مد له يد المساعدة والعون عن طريق‬
‫القيام بهجمات على معسكرات الفرثيين عندها وافق على تنصيب هيسباوسينس ملك اً‬
‫رسمياً على دولة ميسان المستقلة ‪ ،‬واتسم موقفه في هذه االحداث باالنحياز التام‬
‫ت ذكر المص ادر الكالس يكية (‪)2‬وان ملك اً باس م اب و داكس ( ‪ ) Apodakos‬ق د‬
‫خلفه على حكم ميسان ويتأكد ذلك من خالل مسكوكاته التي تحمل تاريخ عام ‪/ 109‬‬
‫‪ .‬والتي يظهر فيها شبيهاً لهيسباوسينس ‪ ،‬وهي اشارة الى انه ابنه وان‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ 108‬ق‪.‬م‬
‫اخر مسكوكاته مؤرخة في عام ‪ 104 / 105‬ق‪.‬م ( صورة ‪. ) 4‬‬
‫وفي عه د ه ذا الح اكم احتلت ميس ان مرك زاً اساس يا ‪ ،‬خاص ة بع د ان اس تتب‬
‫الحكم للفرث يين ‪ ،‬في التج ارة الدولي ة م ع الهن د والش رق االقص ى ح تى بل غ االم ر الى‬
‫نقش مقدم ة س فينة على النق ود وهي دالل ة واض حة ورم ز اهتم ام المل ك ب النواحي‬
‫التجارية بيد ان مقدمة السفينة المنقوشة لم تكن سفينة تجارية ألنها تحمل منجنيق اً مما‬
‫يدل على انها سفينة حربية استخدمت ضمن االسطول الحربي لحماية حربة المالحة‬
‫‪ .‬وش هد عص ر ت يرايوس تط ورات اقتص ادية‬ ‫(‪)4‬‬
‫في الخليج الع ربي وس فنها التجاري ة‬
‫مهمة ‪ ،‬فالطريق التجاري الذي يمتد من موانئ الخليج العربي المحاذي لنهري دجلة‬
‫والف رات ك ان طريق اً س هالً ومريح اً للقواف ل وك ذلك الطري ق النه ري ‪ .‬لكن االح داث‬
‫ال تي ش هدتها س ورية في بداي ة الق رن االول ق‪.‬م ونزاع ات طبق ة النبالء على ع رش‬
‫البالط الفرثي وما صاحبها من تنصيب وعزل المتنافسين عليه ‪ ،‬كل هذه جعلت هذه‬

‫‪1‬‬
‫‪()Nodelman, Op. cit, P.87 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Lucian, Makrobioi, XVL .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()G. F. HII, BM , Arabis, CXCVII, pl. XLIII .‬‬
‫ويطلق د‪ .‬سامي سعيد االحمد اسم عبود على ابو داكس – الخليج العربي ص ‪. 360‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Le Rider, Op. Cit, P. 233 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الطرق طرقاً غير امنة وتكلف التجار مزيداً من المال لدفعهم ضريبة مرور القوافل‬
‫ل ذلك اس تبدلوها بطري ق يجت از الص حراء تح ف ب ه المخ اطر وه و‬ ‫(‪)1‬‬
‫ع بر االراض ي‬
‫الطري ق ال ذي يرب ط الب تراء بمدين ة الكرخ ة والجره اء ‪ .‬وك ان ه ذا الطري ق تحت‬
‫سيطرة التجار االنب اط ‪ ،‬وق د استفاد ت يرايوس االول من عالقت ه بهم بعد ان اصبحوا‬
‫المعتم دين في وص ول البض ائع العربي ة والهندي ة الى االس واق الغربي ة مث ل االحج ار‬
‫الكريم ة والتواب ل والعط ور والبخ ور ‪ ،‬وق د ب ذلوا جه وداً في ت ذليل ص عوبات ه ذا‬
‫الطريق الصحراوي عن طريق حفر االبار وانشاء الخانات ومراكز الحماية ‪ ،‬ويؤيد‬
‫ذل ك العث ور على بعض من نقوش هم المكتوب ة في واح ة دمائ ه وعلى الطري ق بيت‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الكرخة وفرات ‪ ،‬والميناء المهم االخر في دولة ميسان‬
‫تش ير بعض ال دالئل الفني ة المس تقاة من نق ود خليفت ه ت يرايوس الث اني ‪ ،‬ال ذي‬
‫اعتلى العرش بعد وفاة ابيه في حدود ‪ 77 / 78‬ق‪.‬م واستمر الحكم حتى عام ‪/ 48‬‬
‫‪ 47‬ق‪.‬م ‪ ،‬الى ان المملكة قد تميزت بازدهار اقتصادها واستقرارها السياسي ‪ ،‬ويبدو‬
‫ان تيرايوس االول قد استفاد من عالقته بالتجار االنباط ومن المنازعات الداخلية في‬
‫البالط الف رثي ‪ ،‬واس تمر ت يرايوس الث اني في ب ذل جه وده من اج ل اس تمرار م ورده‬
‫االقتص ادي الوحي د وه و التج ارة م ع الغ رب بالتع اون م ع االنب اط ولكن ه لم يفلح في‬
‫مس عاه وانعكس ذل ك في االنحط اط الواض ح في ص ناعة النق ود وظه رت ألول م رة‬
‫اح رف آرامي ة عليه ا ولكن اس لوبها ك ان س مجاً ربم ا يع زى الى تع ثر تجارت ه م ع‬
‫الغ رب بس بب التغ يرات الجدي دة والمنازع ات ال تي ط رأت على البالط الف رثي حيث‬
‫اغتيل افرهاط الثالث في عام ‪ 57 / 58‬ق‪.‬م من قبل اوالده مثراداتس الثالث وورود‬
‫الثاني الذي انشغل بحرب اهلية طاحنة حتى انتصاره في حدود ‪ 55‬ق‪.‬م وقد احتل‬
‫مثراداتس الثالث مدن بابل وسلوقية لفترة من الزمن خالل تلك السنة(‪. )3‬‬
‫وق د ش كلت ه ذه االح داث خط راً على الط رق التجاري ة البري ة والنهري ة بين‬
‫الخليج الع ربي وس ورية ‪ ،‬ويب دو ان لمل ك ميس ان دوراً ف اعالً في تل ك االح داث مم ا‬

‫‪1‬‬
‫‪()Strabo, XVI, I, 27 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Nodelman, P. 93 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Debevoise, Op. Cit, P. 75-78 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫جعل ه ينقش ص ورة اله ة النص ر على نق وده ‪ ،‬ال تي تط رأ عليه ا تحس ن في االس لوب‬
‫والص ناعة ( ص ورة ‪ ) 5‬مم ا ي دل على الفوائ د ال تي حص ل عليه ا من خالل مس اندته‬
‫للملك ورود الثاني في تلك الحرب الفرثية الطاحنة ‪ ،‬وتذكر المصادر انه توفي عن‬
‫عمر ناهز الثانية والتسعين وجاء بعده اتامبيلوس االول الذي يدل اسمه على تعظيم‬
‫االله بل ‪ ،‬بعل " وهي اشارة واضحة الى كونه عربي اً على الرغم من استمرار نقش‬
‫ص ورة هرق ل الج ائس على قف ا نق وده ‪ ،‬وفي عه ده ت وترت العالق ات بين الفرث يين‬
‫والروم ان وق امت ح روب متواص لة بين االع وام ‪ 33-54‬ق‪.‬م واعقبته ا ف ترة‬
‫اض طرابات في البالد الف رثي تع زى الى ت دخل الروم ان في الش ؤون الداخلي ة‬
‫ومناص رتهم لت يراداتس الث اني للجل وس على الع رش واي ده في ذل ك ات امبيلوس االول‬
‫ال ذي ض رب نق وداً برونزي ة عليه ا نقش إلله ة النص ر واطل ق على نفس ه ‪Phil-‬‬
‫‪ ،‬ولكن االح داث لم تج ر لص الحه حيث اس تطاع‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ ( Romai‬اي محب الروم ان )‬
‫افره اط الراب ع ان ينتص ر على ختم ه وعلى ات امبيلوس ويس تدل على ذل ك ان ه ق ام‬
‫بضرب نقش نقوده ‪ ،‬فوق نقوش اتاملبيوس في حدود عام ‪ 26-28‬ق‪.‬م وتوجد في‬
‫‪ .‬وتش ير ال دالئل المس تقاة من‬ ‫(‪)2‬‬
‫المتح ف الع راقي نم اذج من نق ود ات املبيوس االول‬
‫المس كوكات ال تي تم يزت بص ناعة وبنق وش رديئ ة ‪ ،‬ان الف ترة الالحق ة اتص فت‬
‫بالمنازعات حول العرش الفرثي انعكست بشكل مباشر على سياسة واقتصاد ميسان‬
‫التي اص بحت تحت هيمن ة الس لطات الفرثي ة ‪ .‬فق د ت ولى الحكم فيه ا خالل ه ذه الف ترة‬
‫ثيونيسيوس‪ ( Theonesios‬صورة ‪ ) 6‬واتامبيلوس الثاني الذي سك نقوداً برونزية‬
‫تعود بتاريخها الى الفترة بين ‪ 16 / 17‬ق‪.‬م الى ‪ 9 / 8‬ميالدي ( صورة ‪ ) 7‬وهي‬
‫تحم ل احراف اً آرامية(‪ . )3‬ولم تض رب في ميس ان من ذ ه ذا الت اريخ غ ير النق ود‬
‫البرونزي ة والظ اهر ان ملوك ميس ان لم يرغبوا في منافس ة نقود الم دن االخرى مث ل‬
‫انطاكي ة وس لوقية ولكنه ا س محت ‪ ،‬بوص فها مرك زاً تجاري اً دولي اً بحري ة ت داول نق ود‬

‫‪1‬‬
‫‪()Wroth, BMO, Parthia, 135 .‬‬
‫()وداد الق زاز ‪ " -‬نق ود تكش ف دول ة مجهول ة في ت اريخ الع راق الق ديم " المس كوكات ‪( 9-8 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ) 1978 -77‬ص ‪. 60‬‬


‫‪3‬‬
‫‪()Nodelman, Op. Cit, P. 96.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ال دول االخ رى وت ذكر بعض المص ادر بعض ح االت اع ادة دف ع ال ديون المقترض ة‬
‫بموجب عقود تدفع بنقود معينة لم يعد لها وجود والدفع يجب ان يكون بنقود متداولة‬
‫معاصرة ‪ ،‬فعلى المدين في مثل هذه الحاالت ‪ ،‬ان يذهب الى مملكة ميسان الستبدالها‬
‫" الن فيه ا تت داول جمي ع العمالت ومن ذ حكم ات امبيلوس الث اني اص بحت المع امالت‬
‫وفي عه د ه ذا المل ك ح دث اول‬ ‫(‪)1‬‬
‫التجاري ة تعتم د على اس تعمال النق ود االجنبي ة "‬
‫اتص ال مباش ر بين مل ك ميس ان وبين الروم ان وفي ح دود ع ام ‪ 1‬ق‪.‬م و ‪ 4‬ميالدي‬
‫عندما اختير كايوس قيصر ‪ ،‬حفيد اوغسطس وابنه بالتبني لرئاسة بعثة خاصة لتنظيم‬
‫عالق ات روم ا م ع الش رق ‪ ،‬وق د اتص ل بجغ رافي ي دعى دايونيس وس من مدين ة‬
‫الكرخ ة ‪ ،‬وي ذكر بل ني ان ه ذا الجغ رافي ك ان ق د انتهى من كتاب ة وص ف للك رة‬
‫‪ ،‬ل ذلك ق ام بأع داد ك راس لمس اعدة البع وث الروم اني احت وى على‬ ‫(‪)2‬‬
‫االرض ية‬
‫معلوم ات جغرافي ة وتاريخي ة عن المنطق ة ويب دو ان جوب ا ‪ Juba‬ق د اس تفاد من ه ذا‬
‫‪ .‬وذك ر بل ني ايض اً ب ان الروم ان ق د ح افظوا‬ ‫(‪)3‬‬
‫الك راس في كتابت ه عن بعث ة ك ايوس‬
‫على عالق ات سياس ية واقتص ادية جي دة م ع دول ة ميس ان ألنه ا ك انت المس يطرة على‬
‫طرق التجارة التي تزود االسواق الغربية بالبضائع الهندية والعربية ‪.‬‬
‫وبعد اتاملبيوس الثاني جاء الى حكم ميسان ملك اسمه عبد نركال االول في‬
‫حدود ‪ 9 / 8‬ميالدي ‪ ،‬وقد اختلف الباحثون في لفظ اسمه تبع اً الختالف نقش االسم‬
‫على مس كوكاته ال تي ب دا بض ربها س نة ‪ 11 / 10‬ميالدي وهي تحم ل ص ورته على‬
‫الوجه وحول رأسه اكليل وكتابته اغريقية تصفه بالمنقذ ( ‪ ) Soter‬وعلى القفا يظهر‬
‫االله هرقل جالس اً( صورة ‪ . )8‬لقد جاءت بعض مسكوكاته المتميزة بعدم الوضوح‬
‫وعليه ا اس م ابي نر ك ال ‪ Abinergalon‬ووص لتنا اخري ات تحم ل اس م ادي نر ك ال‬
‫‪ ،)4(Adinnergalon‬وجاءتنا نقود تحمل صيغة ثالثة مختلفة لهذه االسماء وهو االسم‬
‫ابينر كوس الذي يعود بتاريخه الى حدود عام ‪ 30‬ميالدي ‪ .‬ومن خالل دراستنا لهذه‬

‫‪1‬‬
‫‪()Ibid .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Pliny, VI, 141 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Ibid .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Le Rider,238 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االسماء ومقارنتها مع دالئل اثارية وكتابية من مواقع مختلفة يتضح لنا بأن اسم هذا‬
‫الملك هو عبد نركال‪ Abdinergel‬وان الصيغ االخرى التي جاءت على النقود هي‬
‫ش كل من اش كاله ‪ .‬به ذه الص يغة ذك ر في كتاب ات دوراي وروبس(الص الحية الحالي ة )‬
‫وع ثر في كتاب ات الحض ر على اس م ( عب د‬ ‫(‪)1‬‬
‫ش خص اس مه ( عب د نرك الوس)‬
‫وفي بعض من كتابتها وكتابات مدينة تدمر يتم دمج الح رفين ( ب ‪ .‬د )‬ ‫(‪)2‬‬
‫نرجول )‬
‫ب الحرف (ب) واش هر االمثل ة على ذل ك ه و اس م ( عب د س ميا) ولي العه د والمل ك‬
‫‪ .‬ونرك ال او نرج ول ‪ ،‬ان ه الع الم‬ ‫(‪)3‬‬
‫س نطروق االول حيث ورد بش كل ( عبس ميا)‬
‫االسفل في وادي الرافدين منذ العصر السومري ‪ ،‬قد تطابق في هذه الفترة مع االله‬
‫وت دمر‬ ‫(‪)4‬‬
‫هرق ل في معظم الم دن ال تي ورثت معتق دات وادي الراف دين كالحض ر‬
‫(‪)5‬ويب دو ان هرق ل البط ل واالل ه في معتق دات االغري ق ق د عبدت ه في ميس ان الجالي ة‬
‫االغريقي ة باس مه المع روف ام ا الس كان الع رب فق د عرف وه بااللهنرك ال او نرج ول ‪،‬‬
‫ونقشوا صوره على نقودهم واقاموا له التماثيل في دور عبادتهم ‪ ،‬وتمثالنا البرونزي‬
‫خ ير ش اهد على ذل ك حيث وص ف في الكتاب ة بأن ه ال ه ميس ان وس نأتي على وص فه‬
‫الحق اً ‪ .‬وكم ا ذكرن ا في فق رات س ابقة ان ع رش مل ك ميس ان ك ان مت أثراً بالص راع‬
‫الداخلي للبالط الفرثي نقد ازيح عبد نركال عن الحكم قبل عام ‪ 19‬م بقليل من ميل‬
‫وح دث في اثن اء ذل ك ان ق ام جرم انكس االبن المتب نى لت ايبريوس بمهم ة‬ ‫(‪)6‬‬
‫اورابس‬
‫رسمية في الشرق تشابه تلك التي قام بها كايوس قيصر قبله ‪ ،‬واتصل بمدينة الكرخة‬
‫عن طري ق وس اطة رج ل ت دمري اس مه االس كندر ال ذي زار ميس ان واتص ل بملكه ا‬

‫‪1‬‬
‫‪()Nodelman, P. 98.‬‬
‫() فؤاد سفر ومحمد علي مصطفى – الحضر مدينة الشمس بغداد ‪ 1974‬ص ‪. 405‬‬ ‫‪2‬‬

‫() المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪ 213‬وكذلك د‪ .‬واثق الصالحي – " كتابات الحضر " ‪ ،‬سومر ‪( 34 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ) 1978‬ص ‪. 241 – 240‬‬


‫‪4‬‬
‫)‪()Wathiq Al-Salihi , "Hercules-Nergal at Hatra " , Iraq , XXXV , (1973‬‬
‫‪PP.65-68.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()H . Seyrig , " Heracles – Nergal " Syria – XXXIV , (1944 l 5) P. 70 ,‬‬
‫‪No . 4 .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()Nodelman, Op. Cit, P. 99 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬ويبدو ان اهتم ام‬ ‫(‪)1‬‬
‫اورابسس ‪ ،‬كما تذكر كتابة وجدت في انقاض معبد بل في تدمر‬
‫الت دمريين بالتج ارة عن طري ق الكرخ ة ب دا ين افس نش اط االنب اط في ه ذا المض مار ‪.‬‬
‫ونستخلص من هذه االشارات الى ان دولة ميسان قد تمتعت باستقالل ذاتي بعيد عن‬
‫الهيمنة التامة للدولة الفرثية ‪ ،‬وتذكر بعض المصادر عالقاتها مع الممالك االخرى ‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال ‪ ،‬عالقة الصداقة التي كانت تربط مونوبازوس االول ملك حدياب‬
‫وربم ا تع زى ه ذه‬ ‫(‪)2‬‬
‫بعب د نرك ال االول ‪ ،‬ال ذي اعي د الى الحكم في ح دود ‪ 22/23‬م‬
‫العالق ات الودي ة الى المرك ز السياس ي المهم ال ذي تمتعت ب ه ه ذه الدول ة والمت أتي ‪،‬‬
‫بدون شك ‪ ،‬من اقتصادها المتنامي الذي اعتمد على النشاط التجاري ‪.‬‬
‫واستمر عبد نركال االول في الحكم حتى حدود عام ‪ 36‬للميالد حيث اعقبه‬
‫ثيونيس يوس الث اني ال ذي س ك نق وداً تحم ل الت واريخ ‪ 45 / 46‬و ‪ 53 / 52‬للميالد‬
‫( صورة ‪ ) 9‬وحدث في عهده تصاعد حدة النزاع بين اعضاء طبقة النبالء الفرثية‬
‫على الع رش ولكنه ا لم ت ؤثر على تزاي د انتع اش نش اطها التج اري وخاص ة في نق ل‬
‫البضائع الهندية من ميناء بارباركون اذ تذكر بعض المصادر رحلة عودة تاجر اس مه‬
‫اب و لوني وس من الهن د في ع ام ‪ 47‬م حيث اس تأجر س فينة ابح رت ب ه الى الخليج‬
‫وربما تع داها الى‬ ‫(‪)3‬‬
‫الع ربي ثم الى م وانئ ميس ان ومنها عبر نه ر الف رات الى باب ل‬
‫الموانئ العليا لنهر الفرات ومنها الى تدمر ‪ ،‬وقد عثر في تدمر على كتابة مؤرخة‬
‫الى ‪ 51 / 50‬م او ‪ 70/71‬م ت ذكر فيه ا ان الجالي ة التدمري ة التجاري ة في مدين ة‬
‫‪ .‬ونتيج ة لتزاي د النش اط التجاري‬ ‫(‪)4‬‬
‫الكرخ ة اق امت تمثاالً لش خص اس مه زب دي ب ول‬
‫للتدمريين حدث انتعاش وازدهار لالقتصاد في المملكة انعكس على تحسن واضح في‬
‫وعاش ت‬ ‫(‪)5‬‬
‫ص ناعة النق ود وخاص ة في نقش ص ورة المل ك وفي الكتاب ة االغريقي ة‬
‫المملكة فترة اخرى من االنتعاش في عهد ملكها اتامبيلوس الثالث الذي ضرب نقوداً‬

‫‪1‬‬
‫‪()Le Rider, Op. Cit, .252 .Nodelman, Op. Cit, P. 99.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(1) Josephus, Antiquities, XX, 2, 17-37, 54 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Philastratus, Life of Apollonius, 50-58 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Nodelman, P. 101 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Ibid, P. 101 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وعاص ر‬ ‫(‪)1‬‬
‫مهم ة خالل الس نوات ‪ 74 / 72 – 55 / 54‬ميالدي ( ص ورة ‪) 10‬‬
‫ن يرون ح اكم روم ا ال ذي ته افت على اس تعمال العط ور والبخ ور الش رقية مم ا ادى‬
‫بالت الي الى اهتمام ه بش ؤون الروم ان في الش رق ‪ ،‬ونتيج ة ل ذلك لق د ق ام التج ار‬
‫الميس انيون بمنافس ة االنب اط والت دمريين وت ذكر الكتاب ات التدمري ة ان قواف ل االنب اط‬
‫ك انت تحم ل بالبض ائع من مدين ة ف رات ثم تتب ع الطري ق الص حراوي ال ذي يربطن ا‬
‫ام ا الت دمريون فق د س لكوا طريق اً اقص ر فق د ع بروا الص حراء الى دورا‬ ‫(‪)2‬‬
‫ب البتراء‬
‫وتشير كتابة عثر عليها‬ ‫(‪)3‬‬
‫يورويس ثم اتبعوا وادي نهر الفرات الى الخليج العربي‬
‫في تدمر مؤرخة في حدود ‪ 70‬ميالدي الى رجل قاد قافلة من مدينة الكرخة اسمتها‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الكتابة " كرخة سباسينو "‬
‫ومن م دن المملك ة االخ رى مدين ة االبال ‪ Apologus‬الواقع ة مقاب ل ف رات‬
‫ع بر ش ط الع رب وق د تمتعت كس ائر الم وانئ االخ رى بمرك ز دولي مهم لتس ويق‬
‫البضائع المختلفة حيث استوردت من بريجازاو برباريكون في الهند التوابل والعطور‬
‫وال دهون واالحج ار الكريم ة والنح اس وخش ب الص ندل وخش ب الص اج االبن وس‬
‫‪ .‬ويبدو‬ ‫(‪)5‬‬
‫وصدرت اللؤلؤ والمالبس واالرجوان والخمر والتمر والذهب الى بريجازا‬
‫ان الخمر كان يستورد من الغرب ويصدر الى الهند حيث فضل السكان هناك النوع‬
‫المسمى يافانا‪ ، Yavana‬وكان االرجوان يستورد من فينيقيا ‪.‬‬
‫وتزاي دت طلب ات الس وق الروماني ة الى الحري ر الي ربم ا ك ان يس تورد عن‬
‫طريق الحرير الش مالي وق د ع ثر على بقاي ا حري ر ص يني في قبر ت دمري يؤرخ في‬
‫او عن طري ق بح ري حيث ك ان ينق ل الحري ر الى م وانئ‬ ‫(‪)6‬‬
‫ح دود ‪ 83‬ميالدي‬
‫التص دير الهندي ة ومنه ا الى مص ر او الكرخ ة لتص ديره بواس طة القواف ل الى مراك ز‬
‫التجارة في سورية ‪ .‬وخالل حكم اتامبيلوس جرت اتصاالت سياسية مع روما حيث‬
‫‪1‬‬
‫‪()Le Rider, Op. Cit, P. 239f .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Pilny, VI, 145 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Nodelman, P. 102.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()J. Cantineau, Inventaire de, inserip-tions de palmyre, X, P.13 f .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()W. Tarn The Greeks in Bactria and India, 148 .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪()M, Colledgem The Art of Palmyrsm Lon-don , 1976, P. 224 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الى هيئات دبلوماسية عربية البد وانها كانت من ميسان ألنه في مكان‬ ‫(‪)1‬‬
‫يشير بلني‬
‫وبم ا ان كتاب ه في الت اريخ الط بيعي الف ه في‬ ‫(‪)2‬‬
‫اخ ر ي ذكر ب ان الميس انين ك انوا عرب ا‬
‫ح دود ‪ 77‬م ف ان الهيئ ات الدبلوماس ية ال تي ذكره ا وج د روم ا حليف ة ل ه ض د س لطان‬
‫الملك الفرثي ‪.‬‬
‫وتضيف المصادر التي اشارت الى استقالل دولة ميسان الى قيام اتامبيلوس‬
‫الثالث في التوسيع على حساب الفرثيين وضم اراضي جديدة واسعة ‪ ،‬ولكن اعتالء‬
‫ولجش االول ع رش البالط الف رثي ال ذي حكم لف ترة طويل ة من ح والي ‪– 53 / 51‬‬
‫‪ ،‬فبعد ان قام ببعض االعمال العسكرية‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ 80 / 79‬م وضع حداً لتوسع ملك ميسان‬
‫ال تي من ش أنها توطي د حكم ه ‪ ،‬التفت الى اهمي ة التج ارة اللدولي ة لتعزي ز اقتص اده ‪،‬‬
‫لذلك امر بتأسيس ولجاشيه على نهر الفرات بالقرب من بابل في حدود عام ‪70-60‬‬
‫م لتك ون مين اءاً ومحط ة للقواف ل تن افس س لوقية ال تي ك انت تم ر به ا ط رق التج ارة‬
‫‪ .‬وتش ير ال دالئل التاريخي ة واالثاري ة الى ان ه ق د اخض ع‬ ‫(‪)4‬‬
‫المرتبط ة بم وانئ ميس ان‬
‫مملكة ميسان السلطانة مباشرة بعد ان عزل ملكها اتامبيلوس الثالث في حدود ‪/ 73‬‬
‫‪ 74‬م حيث توقف عن سك نقوده ونصب اورابس ملكا وكان شيخا طاعنا في السن‬
‫يقدر عمره بحوالي ‪ 86‬سنة ‪.‬‬
‫وبالرغم من سيطرة الفرثيين وتبدل الحكام فقد استمر النشاط التجاري حيث‬
‫تذكر كتابة تدمرية مؤرخة في شهر اب من عام ‪ 81‬ميالدي ان شخص اً اسمه زبدي‬
‫‪ .‬وتوقف ضرب النقود استمر حتى عام ‪101‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫بول قاد قافلة من الكرخة الى تدمر‬
‫‪ 102 /‬م وهي السنة التي اعتلى فيها الملك القوي اتامبيلوس الرابع عرش الكرخة ‪.‬‬
‫وفي نهاية القرن االول للميالد زارها " كان بنكك " ( ‪ ) kanying‬مبعوث اً من الزعيم‬
‫الص يني " ب ان ج او " ( ‪ ) Pan Tchao‬من س اللة ه ان لالتص ال باإلمبراطوري ة‬
‫‪1‬‬
‫‪()Pliny, VI, 140 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Pliny, VI, 139 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Nodelman, Op. Cit , P. 105 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Pliny, VI, 22 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Debevoise, Op. Cit, P.204 .J. Cantineau, " Inscription Palmy-‬‬
‫‪renniennes " Revue d Assyriologie, XXVII, (1930), 33 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الرومانية مباشرة ‪ .‬وتذكر المصادر انه اتبع طريق القوافل من حيرات ( ‪) Herat‬‬
‫ووصل الى " تياوجه " ( ‪ ) Tiao-tche‬اي ميسان في حدود ‪ 17‬م ووصف " كان‬
‫ينكك " " عاصمة تياوجه " حيث قال بانها عالية مبنية على مرتفع ومحاطة بالماء من‬
‫كل جوانبها تقريباً عدا الزاوية الشمالية الغربية منها ويبلغ محيطها حوالي ‪ 13‬ميالد‬
‫‪ .‬وذكر المبعوث الصيني بان ارضها‬ ‫(‪)2‬‬
‫ويتطابق هذا الوصف مع ما ذكره بلني‬ ‫(‪)1‬‬

‫ح ارة واطئ ة وبه ا من الحيوان ات االس ود والج اموس والكرك دن او وحي د الق رن‬
‫والطاووس الذي كان يستورد من الجزيرة العربية ‪ .‬وكانت تزدحم بالسكان واضاف‬
‫بان الفرثيين يسيطرون عليها وتدار من قبلهم مباشرة بعد ان كانت في السابق تحكم‬
‫من قبل ملوك حيث اشار الى ان بقور الثاني كان يدير شؤون ميسان مباشرة ‪ ،‬ولم‬
‫يعين ملكاً على ميسان بعد وفاة اورابسس ‪ .‬وكان " كان ينكك " وهو المبعوث الوحي د‬
‫الذي استطاع التغلغل حتى ميسان يريد ان يصل الى روما ويجري مباحثاته مباشرة‬
‫م ع حكامه ا وك ان على علم ب الطريق البح ري من الكرخ ة الى مص ر ولم يكن يعلم‬
‫بطري ق القواف ل الى س ورية وم ع ذل ك فان ه رغب في رك وب س فينة توص له الى‬
‫االمبراطورية الرومانية ولكن البحارة اقنعوه بعدم االقدام على هذه الرحلة لما تتخلله‬
‫من اخط ار من بينه ا اذا ك انت الري اح غ ير مواتي ه ف ان الرحل ة ق د تس تغرق ع امين‬
‫واخبروه ببعض القصص عن موت بعض الرجال من حنينهم الى الوطن بسبب طول‬
‫ويب دو ان التج ار الميس انيين ارادوا من ذل ك ان يكون وا وس طاء بين روم ا‬ ‫(‪)3‬‬
‫الرحل ة‬
‫والصين ‪.‬‬
‫وخالل ه ذه الف ترة ع اش اش هر مواطن تنجب ه مدين ة الكرخ ة هو الجغ رافي "‬
‫ازادورالك رخي " وق د وص لنا اح د كتب ه " المن ازل الفرثي ة " ال ذي يص ف في ه ط رق‬
‫القوافل التجارية في ذلك الزمن وكتب وصفاً عام اً للعالم استعمله بلني واقتبس بعض اً‬

‫‪1‬‬
‫‪(2) Nodelman, Op. Cit, P.106 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Pliny, VI, 138 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Nodelman, Op. Cit, P.107.‬‬
‫د‪.‬سامي االحمد – الخليج العربي ‪ ،‬ص ‪260‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وورد‬ ‫(‪)1‬‬
‫من مقاطع ة وخاص ة تل ك ال تي ي ذكر فيه ا ص يد اللؤل ؤ في الخليج الع ربي‬
‫في لوقيانوس " ‪ " Lucian‬بعض اقتباسات لكتاب تاريخي كان هو مسؤوالً عن تأليفه‬
‫وق د كتب باللغ ة‬ ‫(‪)2‬‬
‫يتعل ق بتسلس ل حك ام مل وك ميس ان من ذ تأسيس ها وح نى عص ره‬
‫االغريقية اال انه كان يعرف اآلرامية ( لغة ميسان ) ‪.‬‬
‫ش هدت الس نوات االخ يرة من الق رن االول الميالدي فوض ى ون زاع داخلي‬
‫على العرش الفرثي حيث يعتقد بان بقور الثاني قد عزل من منصبه كما يستدل على‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ذلك من عدم ضرب النقود خالل السنوات بين ‪ 93-88‬م وبين ‪ 97‬الى ‪ 105‬م‬
‫اما في ميسان فتشير الدالئل الى اعتالء الملك اتامبيلوس الرابع العرش وباشر بسك‬
‫‪ .‬النقوش عليها صورة هرقل الجالس ‪ ،‬رمز عائلة‬ ‫(‪)4‬‬
‫النقود في سنة ‪ 101/102‬م‬
‫هيسباوسينس ‪ ،‬واضاف الى اسمه لقب المحسن والمنقذ واستمر حتى عام ‪105/106‬‬
‫‪ .‬وقد اكتشفت في موقع الدور في االمارات العربية المتحدة مسكوكة برونزية‬ ‫(‪)5‬‬
‫م‬
‫تعود بتاريخها الى عصر ات امبيلوس الراب ع مم ا ي دل على اس تمرار النش اط التجاري‬
‫‪ .‬وانحس رت س يطرة المل ك " الف رثي على ميس ان في عه د المل ك‬ ‫(‪)6‬‬
‫البح ري للمملك ة‬
‫ثيونيسيوس الثالث الذي استطاع ان يحرز بعض االنتصارات وان يعيد ميسان الى ما‬
‫‪ ،‬وقد خلد انتصاراته بنقش بعض الرموز على‬ ‫(‪)7‬‬
‫كانت عليه ايام اتامبيلوس الثالث‬
‫مسكوكاته وهي نجمة سداسية الشكل وسعفة ‪ .‬وتتصاعد االحداث في المنطقة باعتالء‬
‫االمبراطور تراجان عرش روما الذي ابدى اهتماماً خاصاً في شؤون المنطقة المحلية‬
‫وم ا يتعل ق بتس هيل مهم ة التج ارة البحري ة لمملك ة ميس ان ‪ ،‬فق د اع اد فتح القن اة ال تي‬

‫() فؤاد سفر ‪ " ،‬المنازل الفرثية السادور الكرخي " ‪ ،‬سومر ( ‪ ، ) 1946‬ص‪. 178-165‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪()Lucian, Makrobioim XV, XVI .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Debevoise, Op. Citm P.216 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Hill, Op. Cit, ccll, 299 .‬‬
‫()ربيع القيسي –"تحريات وتنقيبات اثريه في دولة االمارات العربية المتحدة – الخليج العربي "‬ ‫‪5‬‬

‫سومر ‪ ( 1975 ( 31‬ص ‪ 127-125 ، 106‬صورة رقم ‪. 28‬‬


‫()ربيع القيسي –"تحريات وتنقيبات اثريه في دولة االمارات العربية المتحدة – الخليج العربي "‬ ‫‪6‬‬

‫سومر ‪ ( 1975 ( 31‬ص ‪ 127-125 ، 106‬صورة رقم ‪. 28‬‬


‫‪7‬‬
‫‪()Dio Cassius, LXVIII, 28 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫تربط بين النيل وخليج السويس وضم مملكة االنباط في حدود عام ‪ 106‬ميالدي الى‬
‫إمبراطوري ه وانض مت ت دمر الي ه ض من اتح اد سياس ي وق امت ب دور نش ط كوس يط‬
‫تجاري ‪ .‬وفي عام ‪ 114‬م اعلن تراجان حرب اً شاملة ضد الفريين وقاد بنفسه حملة‬
‫عس كرية الى المش رق ب دوافع منه ا ان ه اراد ان يحق ق حلم ا ك ان ي راوده وبتش به‬
‫باإلسكندر المقدوني في سيطرته على العالم القديم ومنها بالد وادي الرافدين وللتقليل‬
‫عن اهمية السيادة الفرثية وكذلك ألسباب اقتصادية تتلخص في السيطرة التامة على‬
‫التج ارة الدولي ة ‪ ،‬ول ذلك ت ذكر المص ادر ك ثرة التعام ل ب النقود الفض ية والذهبي ة في‬
‫االسواق الرومانية لشراء البضائع العربية والهندية‪.‬‬
‫اس تطاع تراج ان في ص يف ع ام ‪ 116‬م ان يحق ق الم ع انتص ار ل ه ويس يطر‬
‫على العاص مة طيس فون وتص بح البالد بأجمعه ا تحت س يطرة الجي وش الروماني ة ‪.‬‬
‫وت ابع تراج ان ورحلت ه الى الجن وب عن طري ق دجل ة متجه اً نح و ميس ان ال تي ك ان‬
‫ات املبيوس الخ امس يحكمه ا ‪ ،‬وتص ف المص ادر الكالس يكية رحل ة تراج ان النهري ة‬
‫واس تقباله استقباالً حافالً في ميس ان من قب ل ملكه ا الذي ك ان على رأس مس تقبليه في‬
‫افامي ا الواقع ة على الح دود الش مالية للمملك ة ‪ .‬ي دل ه ذا الح ادث على تمت ع المملك ة‬
‫وبعد وفاته‬ ‫(‪)1‬‬
‫باستقالل تام بعيداً عن السيطرة الفرثية وبحرية في اختيار اصدقائها‬
‫في ع ام ‪117‬م تخلى الروم ان عن اطم اعهم في الش رق وانهى هادري ان جمي ع‬
‫النزاع ات م ع الفرث يين ‪ ،‬ولكن اهتم ام الروم ان في التج ارة اس تمر وتش ير كتب‬
‫الروم ان الى زيارت ه لمدين ة ت دمر في االع وام بين ‪ 129‬و ‪ 138‬م حيث اعطى‬
‫س كانها بعض االمتي ازات واص لح نظ ام الض رائب فيه ا ‪ ،‬وم ع ذل ك فق د اس تمرت‬
‫القوافل بين تدمر وموانئ الخليج دون تدخل من الفرثيين ‪ ،‬الذين ابتلوا بنزاع داخلي‬
‫جديد حيث تنافس على العرش ثالثة ادعياء بقور الثاني ( اختفى بعد ‪ 115/116‬م )‬
‫وخس رو ( ‪ 128/129 – 109/110‬م) وولجش الث الث (‪147 – 106 /105‬م )‬
‫وتقاس موا المملك ة فيم ا بينهم خالل الس نوات المؤش رة ازاء اس مائهم ‪ .‬وق د ناص ب‬

‫‪1‬‬
‫‪()Debevoise , Op. Cit, P. 234.‬‬
‫وقد اعلنت الحفر عصيانها على تراجان الذي حاول ان يسيطر عليها بعد ان تضرب حصاراً حولها‬
‫ولكنه فشل في مسعاء ‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫خسرو العداء لميس ان ولملكها اتامبيلوس الخامس بس بب استقبالهم الغازي الروماني‬
‫االجنبي ولسنوات طويلة امتدت حتى بعد تنصيب ميراداتس ( مثراداتس ) ملك اً على‬
‫ميس ان حيث تش ير ال دالئل االثاري ة الى انه ه ك ان ي دير دف ة الحكم في ع ام ‪ 131‬م ‪،‬‬
‫فقد ورد اسمه في كتابة آرامية وضعت في سوق مدينة تدمر تذكر اسمه مييريداتس‬
‫‪ .‬ويعتقد بعض الباحثين واستناداً الى دالئل‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ Meeredates‬وتصفه بملك الكرخة‬
‫عدي دة بازده ار التج ارة وانتظ ام القواف ل التدمري ة النازل ة نح و الكرخ ة في طري ق‬
‫مألوف يتميز بعالمات بارزة وعليه عدد من االبار والخانات وتحميه عدد من القالع‬
‫الم زودة بمج اميع من النبال ة وتش ير بعض المص ادر ان في دور اي وروبس وعان ه‬
‫‪ .‬وقد ساهم التجار التدمريون في تأسيس مستعمرة لجالية‬ ‫(‪)2‬‬
‫وهيت حاميات عسكرية‬
‫تدمري ة في مدين ة الكرخ ة وق اموا بأعم ال ت دل على مس اهمتهم الفاعل ة في تنش يط‬
‫االقتص اد من خالل ازده ار حرك ة التج ارة فت ذكر كتاب ة على تمث ال اقام ه مجلس‬
‫الشيوخ في تدمر لتخليد ذكرى تاجر اسمه يارحيبوال بن ليشمش ولما قدمه من اعم ال‬
‫وت ذكر كتاب ة اخ رى مؤرخ ة بش هر ايل ول ‪ 140‬م‬ ‫(‪)3‬‬
‫تس هل مهم ة التج ار في ميس ان‬
‫ح اكم مدين ة ف رات لم ا قدم ه من ع ون الى قافل ة تدمري ة قادم ة من الكرخ ة ومن‬
‫‪ .‬وع ثر في موق ع ام العم اد الق ريب من ت دمر على كتاب ة منقوش ة على‬ ‫(‪)4‬‬
‫ولجاش ية‬
‫عم ود بج انب طري ق القواف ل تخل د ذك رى ش خص اس مه س ويد ق ام بمس اعدة التج ار‬
‫والقوافل وبعض من مواطنية في ولجاشية وكافأه المجلس التدمري على اعماله واقام‬
‫وق د تس نم بعض من‬ ‫(‪)5‬‬
‫ل ه اربع ة تماثي ل وض عت في ت دمر وي ولجاش ية وفي الكرخة‬
‫اف راد تل ك الجالي ة مناص ب اداري ة مهم ة في بالط ميس ان وك ان ح اكم مدين ة ف رات‬
‫تدمرياً ‪ ،‬كما تشير بذلك كتابة تؤرخ في ‪ 140‬م ‪ .‬تذكر كتابتنا المنقوشة على تمثال‬

‫‪1‬‬
‫‪()Cantineau, Inventairem 25f .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Nodelman, Op. Cit, P.111 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Cantineau, Op. Cit, P.32 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪()Ibid, P. 67f .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪()Nodelman, P. 113 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ،‬ب أن ولجش‬‫وء جدي داً على العالق ات الفرثيةالميس انية‬
‫(‪)1‬‬
‫االل ه هرق ل وال تي تلقي ض ً‬
‫الراب ع ال ذي اعتلى ع رش طيس فون في ح دود ‪ 147‬م واس تمر في الحكم ح تى ع ام‬
‫‪ 192‬م وه و ابن م ثراداتس الراب ع المتح دي والمن افس لع رش الفرث يين ق د ق ام بحمل ة‬
‫عس كرية في ع ام ‪ 150/151‬م ض د ميس ان ( ميش ن ) وض د ملكه ا م يراداتس‬
‫( م ثراداتس ) بن بق ور (الث اني ) مل ك الفرث يين وبع د ان ط رده وس يطر عليه ا ام ر‬
‫بنقل تمثال الهها ( هرقل –فيراثراكنا ) الى ممتلكات معبد ابولو ( نابو ) في سلوقية‬
‫ووضعه امام البوابة البرونزية ‪ .‬لهذه الكتابة اهمية تاريخية استثنائية اوالً ألنها اطول‬
‫نص وص لنا لح د االن من ه ذه الف ترة وثاني اً ألنه ا تتعل ق بف ترة غامض ة تس تدعي‬
‫التساؤل وتحتاج الى دراسة وتحميص دقيقين ‪ .‬فما هي االسباب والدوافع التي دعت‬
‫الى قيام ولجش الرابع حملة عسكرية على ميسان واخضاعها ؟ يبدو ان هناك العديد‬
‫من الظ واهر المس تقاة من االدل ة االثاري ة ال تي ق ام به ا م يراداتس مل ك ميس ان ق د‬
‫استدعى تدخل الملك الفرثي بارتدائه لباس اً مزركشا واضحاً فوق رأسه قلنسوة عالية‬
‫ب دالً عن االكلي ل البس يط ال ذي ك ان يرتدي ه معظم مل وك ميس ان وال تي ق د ت دل على "‬
‫تأكيد استقالله السياسي " ألن ارتداء القلنسوة العالية يعتبر رمزاً ألشغال وظيفة عالية‬
‫ونقش على قف ا نق وده ص ورة‬ ‫(‪)2‬‬
‫ومهم ة ج داً في البالط الفرثي اهم من ارت داء االكلي ل‬
‫اله ة حامي ة المدين ة ب دالً عن نقش ص ورة هرق ل الج الس ( ص ورة ‪ ) 13‬ال ه ميس ان‬
‫ورمزها ‪ ،‬وهو بذلك أظهر العداء لساللة هيسباسينس كما وانه نقل دور الضرب من‬
‫ومع ذلك فان المتأمل‬ ‫(‪)3‬‬
‫الكرخة الى فرات بدليل نوعية المعدن والصناعة المختلفة‬
‫في االوض اع السياس ية للمنطق ة يالح ظ ان اعتالء المل ك الق وي ولجش الراب ع ع رش‬
‫الفرثيين يمثل تغييراً في توازن القوى ‪ ،‬فقد بدا ‪ ،‬وكما تشير المصادر التاريخية الى‬
‫ترصين جبهته الداخلية واستقرارها قبل مواجهة تحديات الرومان الذين غزوا البالد‬
‫وس يطروا على العاص مة طيس فون تحت قي ادة تراج ان ‪ .‬في حين ك انت تص رفات‬

‫() د‪ .‬واثق الص الحي – " دراسة تحليلية لتمثال برون زي لهرق ل " سومر ‪ )1984 ( 43‬قدمت‬ ‫‪1‬‬

‫للنشر ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Nodelman, Op. Cit, P. 112 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Ibid, P. 114 .‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وافعال ميراداتس المتأرجحة بين مناصبته العداء للملك الفرثي من جهة والى سكان‬
‫الكرخة من جهة اخرى تثير بوادر تدخل الملك الفرثي الذي عزله عن منصبه وعين‬
‫بدالً عنه اورابسس الثاني ‪.‬‬
‫وتش ير الكتاب ات التدمري ة الى اس تمرار التج ار الت دمريين في قي ادة حرك ة‬
‫القواف ل ونق ل البض ائع الهندي ة الى م وانئ ميس ان تمهي داً لتص ديرها الى االس واق‬
‫الغربي ة وتوج د منحوت ة تدمري ة تظه ر عليه ا س فينة تجاري ة ويق ف ربانه ا ام ام دف ة‬
‫وتشير المصادر الى استخدام جزيرة خرج في الخليج العربي محطة للسفن‬ ‫(‪)1‬‬
‫القيادة‬
‫‪ .‬وفي عه د اورابس س الث اني‬ ‫(‪)2‬‬
‫الذاهب ة والقادم ة من الكرخ ة الى الهن د وب العكس‬
‫استمرت دور الضرب في فرات في سك النقود التي امتازت نوعية وصناعة رديئة‬
‫وصورته مرتدياً االكليل البسيط حول رأسه وعليها نقش بصورة هرقل الجالس ولكن‬
‫بش كل بس يط متم يز بخط وط مختص رة (ش كل ‪ . )14‬وازده رت حرك ة التج ارة ونق ل‬
‫البضائع وانشغل التدمريون والميسانيون على حد سواء في ذلك النشاط االقتصادي ‪.‬‬
‫وعلى ال رغم من انتف اعهم الم ادي ‪ ،‬اال ان التج ار الميس انيين ق د ع انوا من احتك ار‬
‫الت دمريين ‪ ،‬بع د انته اء دول ة االنب اط ‪ ،‬في االس واق الغربي ة وفي منافس تهم في نق ل‬
‫البضائع من الهند ‪.‬‬
‫لقد انتهى حكم اورابسس بحدوث ثورة تمخضت عن تعين عبد نركال الثاني‬
‫ملك اً على ميس ان وق د اتس م حكم ه بتغي ير في سياس ة المملك ة حيث رج ع الى نقش‬
‫ص ورة هرق ل الج الس على مس كوكاته وظه ر المل ك واض عاً االكلي ل ح ول ش عره‬
‫المجعد وامتاز بلحية مدببة ‪.‬‬
‫واعاد عبد نركال الثاني دور الضرب ثانية الى الكرخة وهو بهذا قد احرز‬
‫رض ا ش عبه وخاص ة في مناص بهم الع داء للمل وك الفرث يين حيث اس تغل الميس انيون‬
‫فرصة هزيمة الفرثيين على يد الرومان بقيادة افيديوسكاسيوس في عام ‪ 165‬م وال تي‬

‫‪1‬‬
‫‪()H. Ingholt , Gandharan Art in Pakis-tan, N.Y. 1957,28 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()R. Boucharlat and J.F. salles, " The History and Archaeology of the Gulf‬‬
‫‪" . Proceedings of the Seminar for Arabian Studies, Vol. II, 1981,‬‬
‫‪P.70.71.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫رافقه ا س قوط طيس فون وس لوقية ايض اً(‪ )1‬واهتم عب د نرك ال الث اني ب النقوش اآلرامي ة‬
‫على المس كوكات وهي دالل ة واض حة على تأكي د هوي ة الشخص ية القومي ة للس اللة‬
‫الحاكمة ‪ .‬وعلى الرغم من قلة المعلومات التي وصلتنا عن السنوات الستين االخيرة‬
‫من عه د المملك ة ورداءة ص ناعة المس كوكات وش حتها في ان واح د اال انه ا واظبت‬
‫على تسيير القوافل البرية مما يدل على استمرار النشاط التجاري فقد وصلتنا كتابة‬
‫من بلدة كبيسة الواقعة على بعد ‪ 21‬كم الى الغرب من هيت على الضفة اليمنى لنهر‬
‫الفرات ‪ .‬والكتابة منقوشة على شاهد قبر من حجر بالخط التدمري البسيط ( صورة‬
‫‪ ) 16‬تشير فيه الى قبر شخص اسمه عجا بن شمش جرم بن ( عجا ) وقد وضعه له‬
‫‪ .‬وه ذه الس نة تق ع ض من حكم المل ك‬ ‫(‪)2‬‬
‫رج ال قافل ة ميس ان س نة ‪183 ( 494‬م )‬
‫اتاملبيوس السادس الذي حكم في الفترة بين ‪ 195—180‬م ( صورة ‪ ) 17‬وجاء من‬
‫بع ده ابن ه ماغ ا ال ذي امت د حكم ه من ‪ 195‬الى ‪ 120‬م ( ص ورة ‪ . ) 18‬ووص لتنا‬
‫دالئل تشير الى استمرار النشاط التجاري في عهده من خالل الكتابات التدمرية التي‬
‫‪ .‬وربم ا تع ود الى ه ذه الف ترة ايض ا بعض‬ ‫(‪)3‬‬
‫ت ذكر اس ماء بعض التج ار الت دمريين‬
‫ابيات وردت في كتاب " مزمار الروح " المنسوب الى بارديسنس‪ Bardesnes‬تشير‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الى النشاط التجاري الذي اضطلعت به ميسان‬
‫ملتقى تجار الشرق ‪ ،‬وكرة اخرى‬ ‫عبرت حدود ميســــــــــــــــان‬
‫بلغت ميسان العظمـــــــــــــــــــــــــــــــى‬ ‫تركت بابل على شمالـــــــي‬
‫وراكبه سيف البحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار‬ ‫مثوى التجـــــــــــــــــــــــــــــــــــار‬
‫وشهد العالم القديم في هذه الفترة تغيرات ومنعطفات مهمة تركت أثراً بالغ اً‬
‫في م وازين الق وى في ه ذه المنطق ة ‪ ،‬حيث دب الض عف في جس م االمبراطوري ة‬
‫الفرثي ة وتوض ح ذل ك خالل حمل ة سبتميوسس فيروس الى الش رق بين ‪ 200-197‬م‬

‫‪1‬‬
‫‪()Debevoise, Op. Cit, P.251 .‬‬
‫() فؤاد سفر ‪ " ،‬كتابة من كبيسة " ‪ ،‬سومر ‪ ) 1968 ( 24‬ص ‪. 36-33‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪()Carrtineau, Op. Cit, P. 18 f .‬‬
‫() فؤاد جميل " الخليج العربي – في مدونات المؤرخين البلدانيين االقدمين " سومر ‪1966 ( 22‬‬ ‫‪4‬‬

‫) ‪ ،‬ص‪. 54‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫التي احتل فيها بالد وادي الرافدين وسقطت العاصمة طيسفون بيد الجنود الرومان ‪.‬‬
‫اما في ميسان ‪ ،‬فيذكر الطبري اخر ملك حكم فيها باسم باندو ‪ ،‬ويبدو انه محرف من‬
‫بيناك ا ‪ ،‬ال ذي ه و في الواق ع ابينرك ايوس الث الث ( اي عب د نرك ال الث الث ) ال ذي لم‬
‫يترك لنا أثراً عنه ‪ .‬وكانت في فرات اسقفية مسيحية وتذكر بعض المصادر الى ان‬
‫ولم ا ك ان لموق ع ميس ان الس وقي‬ ‫(‪)1‬‬
‫م اني ك ان ي ترعرع في ميس ان خالل ه ذه الف ترة‬
‫اهمي ة بالغ ة في السياس ة واالقتص اد ‪ ،‬فق د اص بحت الس يطرة عليه ا مطم ع ك ل غ از‬
‫يطم ع في ثرواته ا وخيراته ا ‪ ،‬فق د ك ان اخ ر ملوكه ا ينظ ر بعين قلق ة الى تزاي د ق وة‬
‫اردش ير ‪ ،‬والي الفرث يين على اقليم ف ارس ال ذي تم رد عليهم في ح دود ‪ 222-221‬م‬
‫وب دا بالتوس ع على حس اب االق اليم االخ رى ‪ ،‬ويتهي أ للمعرك ة الفاض لة م ع الفرث يين ‪،‬‬
‫وي أمر من أرطب ان الخ امس ‪ ،‬المل ك الف رثي ‪ ،‬تح رك مل ك عيالم لمواجه ة الخط ر‬
‫ولكن ه فش ل في حرب ه م ع اردش ير ال ذي اس تطاع الس يطرة على اقليم عيالم ثم تح رك‬
‫ص وب ميس ان واس تولى على الكرخ ة وف رات وانهى حكم س اللة هيسباوس ينس بقت ل‬
‫عبد نركال الثالث في عام ‪ 222‬م الذي لم يستطع الصمود امام زحف أردشير على‬
‫الرغم من استعداداته العسكرية وقيامه بتقوية التحصينات الدفاعية في الكرخة ‪.‬‬
‫اطلق الساسانيون المحتلون اسم استر اباد أردشير على مدينة الكرخة وبهمان‬
‫واضمحلت تدريجياً اهمية المدينتين بسبب سيطرة الساسانيين‬ ‫(‪)2‬‬
‫أردشير على الفرات‬
‫على خط وط التج ارة االم ر ال ذي ح د من نش اط التج ار الت دمريين وبالت الي ت وقفت‬
‫التجارة مع اليمن(‪.)3‬‬

‫غ رب الهن د على ح د س واء ‪ .‬واس تمرت الم دينتان ح تى الف ترات االس المية‬
‫االولى ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪()Nodelman, P. 119.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪()Hansman, Op. Cit, P.73 .‬‬
‫()المورد – العدد الثالث ‪ ،‬مج ‪. 1986 ، 15‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫(( دولة الحضر ))‬
‫الموقع ‪:‬تقع في منطقة الجزيرة وتبعد عن مدينة الموصل بحوالي ‪ 110‬كم‬
‫الى الجنوب الغربي منها ‪ ،‬وال يتوافر فيها الماء الجاري لبعدها عن دجلة والفرات‬
‫اذ تعتم د مي اه االب ار واالمط ار في س قي المزروع ات ومي اه الش رب تحي ط بالمدين ة‬
‫أراض مرتفعة فتظهر الحضر وكأنها منخفض تصب فيه سيول االمطار ‪.‬‬
‫(( نشأة دولة الحضر ))‬
‫لم يتوص ل الب احثون على وج ه الدق ة عن ت اريخ اس تيطان البش ر في ه ذه‬
‫المنطقة اال ان المستوطنات التي انتش رت ب القرب منه ا او حولها تعود الى العصور‬
‫الحجرية مثل ( الدباغية وتلول ودبيشي وام تليل) مما يلقي الضوء على ان المنطقة‬
‫ش هدت تجمع ات س كانية من ذ ان اهت دى االنس ان للزراع ة ‪ ،‬ويب دو ان ابن اء القبائ ل‬
‫العربي ة ال ذين اس توطنوا في منطق ة الحض ر بس بب ت وافر الم اء والم راعي ق د اخ ذوا‬
‫يوس عون ه ذه القري ة فأنش أوا بيت ا لألص نام يق دمون في ه ن ذورهم ويحج ون الي ه في‬
‫اعيادهم ‪.‬‬
‫وتوس عت قري ة الحض ر بع د اس تيالء االس كندر المق دوني (‪ 321-331‬ق‪.‬م)‬
‫على بالد الش رق ‪ ،‬وم ا اعقب ذل ك من تاس يس م دن وظه ور ش بكة من الط رق‬
‫والمسالك من بابل الى جميع الجهات وقد ساعد هذا على انتعاش الحضر ‪ ،‬ال سيما‬
‫في العه د الس لوقي حيث اص بحت واقع ة على اح د ط ريقين يربط ان بين عاص متي‬
‫السلوقيين ( سلوقية قرب المدائن في العراق وانطاكية في سهل االسكندرية في اعلى‬
‫سوريا) ‪ ،‬ولم تصل لنا معلومات على الظروف السياسية واالقتصادية التي احاطت‬
‫بالحض ر في الق رون الثالث ة االولى قب ل الميالد ‪ ،‬وال تي ادت الى تط ور الحض ر من‬
‫قري ة الى مدين ة متط ورة ب رزت بص ورة واض حة من ذ الق رن االول الميالدي وح تى‬
‫منتصف القرن الثالث الميالدي ‪ ،‬وقد تظافرت عدة عوامل رئيسية لهذا التطور وهي‬
‫‪:‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫عامل الموقع والمناخ ‪:‬‬
‫حيث اس تفادت الحض ر من موقعه ا على اس تقرار القبائ ل العربي ة على‬
‫طري ق التج ارة الدولي ة بين الش رق والغ رب فأص بحت مدين ة من م دن القواف ل ش انها‬
‫ش ان ( بط را وت دمر ) ك ان س كانها يحم ون القواف ل وي وفرون م ا تحتاج ه القواف ل من‬
‫خدمات ومن المحتمل انهم كانوا يدخلون في صفقات تجارية مربحة من خالل تبادل‬
‫السلع والبضائع والخدمات توفرت لهم من خالل ذلك عوامل الثروة والغنى ‪.‬‬
‫عامل السياسة والحرب ‪:‬‬
‫اس تفادت الحض ر من ظ روف الص راع السياس ي ال تي ك انت قائم ة بين‬
‫دول المنطق ة فأخ ذت تتمت ع بن وع من االس تقاللية وتق وم ب دور الدول ة الح اجزة بين‬
‫االطراف المتصارعة بحكم عالقاتها الواسعة مع القبائل العربية في العراق والشام ‪،‬‬
‫ل ذلك ف أن اهميته ا العس كرية ق د ب رزت في ال دفاع عن االمبراطوري ة الفرثي ة من ذ‬
‫الحروب التي دارت في آسيا الصغرى مع الرومان زمن الملك الفرثي افراط الثالث‬
‫(‪57-69‬ق‪.‬م) وابن ه ورود الث اني(‪36-57‬ق‪.‬م) ‪ ،‬ومن ذ ذل ك الحين اس تمر خط ر‬
‫الرومان طيلة العصر الفرثي ونتيجة لذلك برزت اهمية القبائل العربية التي اصبحت‬
‫الحضر اكبر مركزها كقوة عسكرية اساسية يحسب لها الحساب في الدفاع والهجوم ‪.‬‬

‫(( اطوار تطور مدينة‪ F‬الحضر ))‬


‫دور التك وين ‪ :‬ب رزت الحض ر على مس رح الت اريخ بس بب الظ روف ال تي‬
‫قدمنا ذكرها منذ منتصف القرن االول للميالد ‪ ،‬كانت السلطة في هذا الدور موزعة‬
‫بين شيوخ القبائل الذي يطلق على احدهم وصف ( ربا ) اي الزعيم او الشيخ ‪ ،‬وبين‬
‫س نة المعب د ال ذي ك ان يطل ق عليهم ( رب – بيت ا ) اي ص احب ال بيت يش اركهم ق ادة‬
‫الجيش وارباب القوافل ‪.‬‬
‫ان االم ور العام ة ك انت تن اقش في اجتماع ات عام ة يحض رها ذوي الحس ب‬
‫والنسب والنفوذ في المدينة واحيانا جميع اهل المدينة ‪.‬‬
‫دور الس ادة ‪ :‬امت د ه ذا ال دور لم دة ق رن تقريب ا من منتص ف الق رن االول‬
‫للميالد حكم الحضر فيها ستة رجال بالتعاقب من اسرة واحدة وهم ‪:‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫( ش هريب االول ‪ ،‬ورورد ‪ ،‬نص رو ‪ ،‬ش هريب الث اني ‪ ،‬معن و ‪ ،‬ولجش )‬
‫وحمل هؤالء الحكم صفة ( مريا ) اي السيد كما اطلق على ولجش السيد بعد توليه‬
‫الحكم بثالث س نوات لقب المل ك واس تمر الحكم في ه ذه االس رة بع د ان تح ول الى‬
‫الملكي ة في ال دور – الالح ق وم ارس الس ادة – المل وك ‪ ،‬جمي ع الس لطات السياس ية‬
‫واالدارية والدينية من ابرز سمات هذه الفترة زيادة حدة الصراع بين االمبراطورية‬
‫الروماني ة وال تي بس طت نفوذه ا على س وريا ومص ر ‪ ،‬واالم براطور الفرثي ة ال تي‬
‫سيطرت على بالد وادي الرافدين‪.‬‬

‫دور الملوك‬
‫يتداخل هذا الدور مع الدور الذي سبقه الن ولجش الذي تلقب خالل السنوات‬
‫الثالث االولى من حكمه بلقب ( السيد ) ثم اتخذ لنفسه لقب ( ملك ) بعد ذلك وقد بدا‬
‫دور المل وك في منتص ف الق رن الث اني الميالدي واس تمر ح تى س نة ( ‪241‬م ) حينم ا‬
‫تمكن المل ك الساس اني ( ش اهبور ) من احتالل مدين ة الحض ر حكم خالل ه ذه الف ترة‬
‫التي تقل عن مائة عام اربعة ملوك على التوالي‪:‬‬
‫ولجش ‪ ،‬سنطروق االول ( ‪ 190-165‬م ) وهو اخو الملك ولجش ‪ ،‬والملك‬
‫عبد سيما ( ‪ 200-190‬م ) وهو ابن سنطروق االول ‪ ،‬وسنطروق الثاني ( ‪-200‬‬
‫‪ 241‬م ) وهو ابن عبد سيما ‪.‬‬

‫(( الحياة االقتصادية ))‬


‫لم تكن الم وارد الزراعي ة او ال ثروة الحيواني ة هي العام ل االس اس في الحي اة‬
‫االقتص ادية وذل ك الن الحض ر تق ع في ب وادي تق ل فيه ا المي اه ومن ثم لم تس اعد‬
‫ال واردات الزراعي ة في رف د الحي اة االقتص ادية اال في مرحل ة مت اخرة حينم ا فرض ت‬
‫س يطرتها على ش مال الجزي رة يش مل من اطق زراعي ة مث ل ( س نجار وتلعف ر ) ‪.‬‬
‫وتس تدل من ك ثرة المعاب د ان المدين ة ك انت مرك زا ديني ا مقدس اً للعب ادة عن د ع رب‬
‫الجزي رة مم ا ات اح م وردا بس بب م ا ينفع ه زوار المدين ة من ام وال على ش كل ن ذور‬
‫وهدايا للمعابد ‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اما العامل االساسي الذي قام عليه اقتصاد الحضر هو وقوعها على طريق‬
‫التجارة الدولية بين الشرق والغرب اشتغال اهلها في تجارة القوافل سواء كان ذلك‬
‫عن طري ق تق ديم الخ دمات او توف ير االداء والحماي ة له ا او المس اهمة فيه ا وتب ادل‬
‫السلع والبضائع مع اصحابها ‪.‬‬
‫وق د ك ان التج ار في الحض ر يتمتع ون بمنزل ه رفيع ة في المجتم ع الحض ري‬
‫وعثر على تماثيل لتجار واصحاب قوافل في معابد الحضر وكان التاجر يظهر في‬
‫التمثال وبي ده اليسرى كيس الدراهم ويده اليمنى مرفوعة للتحي ة اما اص حاب القافلة‬
‫فك ان يظه ر بمالبس الفرس ان وبي ده اليس رى كيس دراهم ملف وف وعلى جنب ه االيمن‬
‫خنجر ‪.‬‬
‫ق امت في الحض ر ع دة ح رف كالهندس ة والبن اء والنحت والح دادة والنج ارة‬
‫والصيدلة والطب وكان ألصحاب هذه المهن اهمية ومكانة في المدينة‪.‬‬
‫(( الحياة االجتماعية ))‬
‫ك انت الحي اة االجتماعي ة مت أثرة ب الظروف االقتص ادية والسياس ية والثقافي ة‬
‫فالتركيب االجتماعي يقوم على القبيلة والعشيرة والعائلة ‪.‬‬
‫اعتنى اهل الحضر بأنسابهم فكان الشخص يذكر اسمه واسم ابيه وجده ووالد‬
‫ج ده احيان ا وربم ا س تة اج داد وه ذا دلي ل على ع روبتهم ف المعروف عن الع رب انهم‬
‫يعتنون بالنسب اكثر من عناية غيرهم به ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ان غالب سكان الحضر من العرب حيث ان الملوك وضعوا‬
‫امام اسمائهم صفة ملك العرب او ملك العرب المظفر اال ان هذا ال يعني ان جميع‬
‫سكان الحضر من العرب فقد وجد االراميين وجاليات يونانية ورومانية وفارسية الن‬
‫الحضر كانت مدينة تجارية فكان من الطبيعي ان تعيش فيها جاليات اجنبية ‪ .‬وكان‬
‫الن اس منقس مون الى اح رار ورقي ق وان االح رار ينقس مون الى نبالء من اص حاب‬
‫ال ثروة او الس لطان السياس ي او ال ديني وعام ة من اص حاب الح رف والجن ود‬
‫واالعراب‪.‬‬

‫(( الحياة الثقافية ))‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫تدل االثار المكتشفة في الحضر على ان الحياة الثقافية كانت على قدر كبير‬
‫من التط ور وبخاص ة في مج ال العم ارة والفن ون وال دين ولكن لم تص ل الين ا نق وش‬
‫تساعدنا على التعرف على الحياة الفكرية واالدبية في الحضر ‪.‬‬
‫ك ان الخ ط االرامي ه و الخ ط ال ذي يكتب ب ه اه ل الحض ر لكونه ا اي اللغ ة‬
‫اآلرامي ة هي اللغ ة الس ائدة آن ذاك في مج ال الت دوين والمراس لة لس هولة حروفه ا‬
‫الهجائي ة ل ذلك ف ان االنت اج الفك ري واالدبي أله ل الحض ر ك ان ق د كتب باآلرامي ة‬
‫واصبح جزءا من تراثها مما يتطلب البحث عن اصوله ضمن التراث االرامي ‪.‬‬
‫(( الحياة الدينية‪)) F‬‬
‫كانت الديانة تمثل الموقع االساسي في ثقافة اهل الحضر وحياتهم وكان اكبر‬
‫االله ة وس يدها ( ال ه الش مس ) فش يدوا ل ه اك بر المعاب د وع دوا م دينتهم ملك اً ل ه ل ذلك‬
‫ضربوا على نقودهم عبارة ( الحضر مدينة الشمس ) فالشمس من اشهر المعبودات‬
‫عند االقوام العربية القديمة ‪ ،‬واصبح معبد الشمس في الحضر مركز النشاط الديني‬
‫واالجتم اعي ليس للحض ر وح دهم ب ل لجمي ع س كان الجزي رة يحج الي ه الن اس من‬
‫مسافات بعيدة ويقدمون نذورهم ‪.‬‬
‫وألل ه الش مس زوج ة طلق وا عليه ا ( م رتن ) اي س يدتنا وان له ذين ال زوجين‬
‫ولد اطلقوا عليه اسم ( برمرين ) اي ابن سيدنا على هيئة شاب قوي ‪.‬‬
‫ل ذلك ف ان عقي دة اه ل الحض ر ق امت على عقي دة التثليث فعب دوا االب واالم‬
‫واالبن وهذه الصورة من العبادة ‪ .‬عرفت عند العراقيين القدماء وعلى اشكال مختلفة‬
‫نحو عبادتهم للشمس والقمر ( سن ) والزهرة ( عشتار ) والتثليث غير الثالوث ألنه‬
‫االخير هو عبادة ثالثة الهة مندمجة في اله واحد ‪.‬‬
‫كم ا اه ل الحضر غير هذه االل ه مث ل ( الالت ) ومجموع ة مكون ة من سبعة‬
‫الهه تمثل الكواكب الخمسة المعروفة لديهم والشمس والقمر ‪.‬‬

‫دولة المناذرة‬
‫كان المناذرة او اللخميون من القبائل العربية الجنوبية التي ه اجرت من اليمن‬
‫على أث ر تص دع سد م أرب وقب ل او بع د الس يل الع رم ‪ ،‬وك ان ن زول ه ذه القبائ ل في‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اول االمر في منطقة البحرين حيث استقرت هناك " تنوخت " وتحالفت فيما بينها ‪،‬‬
‫وق د ك انت ه ذه القبائ ل تتطل ع الى االس تقرار في مش ارف الع راق ‪ ،‬ف انتهزت فرص ة‬
‫اندالع الحرب االهلية في بالد فارس في اواخر عصر الدولة البارثية ‪ ،‬فهاجرت الى‬
‫منطقة الحيرة واالنبار وعلى هذا النحو أصبحت المنطقة المجاورة للفرات الجنوبي‬
‫هدفا لهجرة عربية في عصر الطوائف ‪ ،‬وهي فترة االنتقال بين سقوط الدولة البارثية‬
‫وقيام الدولة الساسانية(‪. )1‬‬
‫اتخ ذ المن اذرة مدين ة " الح يرة " عاص مة لهم ‪ ،‬وك ان موقعه ا جن وبي الكوف ة‬
‫على بعد ثالثة اميال منها ويجري بالقرب منها نهر الفرات الذي يتفرع في اطرافها‬
‫الى ع دة ف روع ‪ ،‬وتأخ ذ من ه ج داول وت رع ت روي تل ك المنطق ة ويص ل اليه ا بعض‬
‫االنه ار كنه ر ك افر ونه ر الح يرة ونه ر يوس ف ‪ .‬وق د ذك ر المس عودي ان أغلب مي اه‬
‫الف رات تنتهي الى بالد الح يرة ( ونه ر بين الى ه ذا ال وقت وه و يع رف ب العتيق ‪،‬‬
‫وعلي ه ك انت وقع ة المس لمين م ع رس تم ‪ ،‬وهي وقع ة القادس ية ‪ ،‬فيص ب في البح ر‬
‫الحبشي ‪ ،‬وكان البحر حينئذ في الموضع المعروف بالنجف في هذا الوقت ‪ ،‬وكانت‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫تقدم هناك سفن الصين والهند ترد الى ملوك الحيرة )‬
‫وقد اشتهرت الحيرة برقة هواءها وصفاء جوها وعذوبة مائها ‪ ،‬حتى قيل "‬
‫‪ ،‬وقد تعددت أراء المؤرخين حول اصل‬ ‫(‪)3‬‬
‫يوم وليلة بالحيرة خير من دواء سنة "‬
‫تسمية هذه المدينة فمنهم من يرى انها مشتقة من الكلمة اآلرامية (حرتا ) التي تعني‬
‫المخيم او المعس كر ‪ ،‬وان حيرت ا ‪ Herta‬وح يرة ‪ Hira‬في الت واريخ الس ريانية ال تي‬
‫تعرضت لذك الغساسنة تقابل كلمة عسكر عند العرب(‪. )4‬‬
‫اما االخباريون العرب فيذكرون ان االسم مشتق من الحيرة اي " الضالل "‬
‫وانه ا س ميت به ذا االس م الن تبع ا االك بر لم ا قص د خراس ان ت رك بعض الجن د ب ذلك‬
‫الموضع وقال لهم ‪ " :‬حيروا به ‪ ،‬اي اقيموا به ‪ ،‬وفي رواية اخرى قيل ان تبعا لما‬

‫()سالم – دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 303‬‬ ‫‪1‬‬

‫()المسعودي – مروج الذهب ج‪ 1‬ص ‪ ، 103‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪. 73‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ابن الفقيه – مختصر كتاب البلدان ط ليدن ‪ 1885‬م ص ‪. 181‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 4‬ص‪ ، 6 ، 5‬صالح العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪. 73‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ،‬وقي ل ايض اً ان‬ ‫(‪)1‬‬
‫أقب ل بجيوش ه فبل غ موض ع الح يرة ض ل دليل ة وتح ير ‪ ،‬فس ميت‬
‫واقدم نص يتضمن اسم الحيرة (‬ ‫(‪)2‬‬
‫الحيرة من الحوار ‪ ،‬اي البياض ‪ ،‬لبياض ابنيتها‬
‫حيرت ا ) نص يرج ع الى ش هر ايل ول من س نة ‪ 443‬من الت اريخ الس لوقي المواف ق‬
‫لش هر اب من س نة ‪ 132‬م ‪ ،‬وعلى ه ذا االس اس ف ان الح يرة اقيمت في عص ر س ابق‬
‫ام ا االخب اريون الع رب ف يرجعون انش اءها الى نبوخ ذ نص ر‬ ‫(‪)3‬‬
‫للعص ر الساس اني‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫مؤسس االنبار ‪ ،‬في حين يذكر ياقوت الحموي انها من بناء تبع االكبر‬

‫ملوك الحيرة التنوخيون ‪:‬‬


‫اتفقت الروايات العربية على ان اول من حكم الحيرة من تنوخ هو " مالك بن‬
‫وقد دام حكمه عشرون عاما ‪ ،‬ثم مات‬ ‫(‪)5‬‬
‫فهم األزدي " وكان منزله مما يلي االنبار‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫على أثر سهم رماه به سليمه بن مالك‬
‫واعقب مال ك بن فهم أخ وه عم رو بن فهم ثم جذيم ة بن مال ك بن فهم‬
‫المعروف بجذيمة االبرش ‪ ،‬والوضاح اي االبرص يبرص كان به ‪ " ،‬وكان جذيمة‬
‫من أفضل ملوك العرب رأيا ‪ ،‬وابعدهم مغارا ‪ ،‬واشدهم نكاية واول من استجمع له‬
‫المل ك ب أرض الع راق ‪ ،‬وض م الي ه الع رب وغ زا ب الجيوش وك ان ب ه ب رص فكنت ه‬
‫وقد استغل جذيمة االبرش‬ ‫(‪)7‬‬
‫العرب عنه ‪ ،‬فقيل ‪ :‬الوضاح ‪ ،‬واالبرش اعظاما له "‬
‫ف ترة الض عف واالض محالل ال تي م رت به ا الدول ة البارثي ة فعم ل على توس يع نف وذه‬
‫على الض فة الغربي ة للف رات ‪ ،‬فقي ل ان ه بس ط س يطرته على مع د وأرض اليمن وعلى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫البحرين‬

‫()البكري ‪ :‬معجم ما استعجم ‪ ،‬ص ‪ ، 478‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪. 329‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪. 223‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 3‬ص ‪ ، 87‬ج‪ 4‬ص ‪. 6‬‬ ‫‪3‬‬

‫()حمزة االصفهاني – االغاني ‪ ،‬ص‪ 6‬ق‪ ، 6‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪ ،‬ج‪ ، 3‬ص ‪. 329‬‬ ‫‪4‬‬

‫()المسعودي – مروج الذهب ج‪ 2‬ص‪ ، 90‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 341‬‬ ‫‪5‬‬

‫()مبروك نافع – العرب قبل االسالم ص ‪. 97‬‬ ‫‪6‬‬

‫()ابن االثير – الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 342‬‬ ‫‪7‬‬

‫()علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص‪ ، 57‬صالح العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪. 65‬‬ ‫‪8‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ثم ب دأ الساس انيون ي دركون أهمي ة ال دور ال ذي يمكن ان يق وم ب ه المن اذرة في‬
‫العراق فاعترفوا بحكم جذيمة االبرش وتحالفوا معه ‪ ،‬ليضمنوا بهذه المحالفة وقوفه‬
‫ام ام هجم ات الب دو في الع راق وت أمين ح دودهم الغربي ة من جه ة ومس اعدتهم في‬
‫‪ .‬وقد ذكر المؤرخون ان جذيمة االبرش اراد‬ ‫(‪)1‬‬
‫حروبهم مع الروم من جهة اخرى‬
‫يضفي على حكمه صفة دينية فتكهن واتخذ له صنمان صنعهما لما تكهن ‪ ،‬وسماهما‬
‫الض يزيين وك ان موض عهما في الح يرة معروف ا وك ان يستس قي بهم ا ويستنص ر بهم ا‬
‫على االعداء ‪ ،‬وانتهى حكم جذيمة بمقتله على يد الزباء ملكة تدمر انتقاما منه ألبيها‬
‫عمرو بن ظرب بن حسان بن اذينة بن السميدع الذي قتله جذيمة في احدى المعارك‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ملوك الحيرة اللخميون‬


‫انتقل الحكم بعد مقتل جذيمة االبرش الى ابن اخته عمرو بن عدي بن نصر‬
‫‪ ،‬ال ذي ت ولى االم ارة على ع رب الح يرة واالنب ار فيم ا بين س نة ( ‪288-268‬م )‬
‫وعم رو بن ع دي " أول من اتخ ذ الح يرة م نزال من مل وك الع رب ‪ ،‬وأول من مج ده‬
‫أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق ‪ ،‬واليه ينسبون وهم ملوك ال نصر "‬
‫‪ .‬وقد انضم عمرو بن عدي الى جانب الفرس الساسانيين ‪ ،‬منتهجا في ذلك سياسة‬ ‫(‪)3‬‬

‫س لفة جذيم ة االب رش ‪ ،‬فعظم نف وذه على الع رب في الع راق ‪ ،‬ويرج ع الفض ل الى‬
‫(‪)4‬‬
‫عمرو بن عدي في تمصير الحيرة التي اصبحت منذ ذلك الوقت عاصمة المناذرة‬
‫‪ .‬ثم حكم بعد عمرو بن عدي ولده امرؤ القيس ( ‪328-288‬م ) الذي عرف بأمرؤ‬
‫القيس الب دء اي االول وه و اول من تنص ر من مل وك ال نص ر بن ربيع ة وعم ال‬
‫ملوك الفرس ‪ ،‬وقد ذكر الطبري ان امرئ القيس هذا حكم ‪ 114‬سنة ‪ ،‬وانه عاصر‬

‫()صالح العلي – محاضرات ص ‪. 65‬‬ ‫‪1‬‬

‫()اليعقوبي – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ ، 165‬المسعودي ‪ ،‬المروج ج‪ 2‬ص ‪ ، 90‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل‬ ‫‪2‬‬

‫ج‪ 1‬ص ‪. 350-342‬‬


‫()حم زة االص فهاني – االغ اني ‪ ،‬ج ‪ ، 4‬ص ‪ ، 65‬ابن االث ير ‪ ،‬الكام ل ج‪ 1‬ص ‪، 351-350‬‬ ‫‪3‬‬

‫جرجي زيدان ‪،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ص ‪. 226‬‬


‫()صالح العلي – محاضرات ص ‪ ، 66‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 318‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫س ابور بن ارد يش ر وهرم ز بن س ابور وبه رام بن هرم ز بن به رام بن هرم ز‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫اما اليعقوبي فقد جعل مدة حكمه خمس وثالثون سنة‬
‫وقد عثر العلماء في خرائب المنارة بحوران على اسم امرئ القيس منقوشا‬
‫على حجر مربع الشكل من البازلت ‪ ،‬من بقايا قبر قديم مساحته ‪ 30,3 × 54,4‬م ‪،‬‬
‫يتض من خمس ة اس طر منقوش ة ب الحرف النبطي واللس ان الع ربي الش مالي كتب في ه "‬
‫هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي تقلد التاج واخضع قبيلتي اسد‬
‫ونزار وملوكهم وهزم مذحج الى اليوم وقاد على الظفر الى أسوار نجران مدينة شمر‬
‫واخضع معدا واستعمل بنيه على القبائل وانابهم عنه لدى الفرس والروم ‪ ،‬فلم يبلغ‬
‫ملك مبلغه الى اليوم ‪ ،‬توفي سنة ‪ 223‬في يوم ‪ 7‬مكسول وفق بنو السعادة " ويوافق‬
‫وق د اس تغل ام رئ القيس ض عف الدول ة الساس انية‬ ‫(‪)3‬‬
‫وفات ه ب التقويم الميالدي ‪ 328‬م‬
‫ونج اح ال روم في االس تيالء على بعض المقاطع ات التابع ة له ا ‪ ،‬فعم ل على تقوي ة‬
‫نفوذه وتوسيع سلطانة ‪ ،‬فاخضع القبائل العربية في بادية الشام والجزيرة وهي أسد‬
‫‪ .‬ثم تع اقب على الحكم بع د ام رئ القيس االول ع دد من‬ ‫(‪)4‬‬
‫ون زار وم ذجح ومع د‬
‫الملوك الذين لم تكن لهم اعمال بارزة حتى جاء النعمان االول بن امرئ القيس الثاني‬
‫( ‪ 418-390‬م ) الذي عرف بالنعمان االعور والنعمان السائح ‪ ،‬ألنه زهد في الدنيا‬
‫في اخ ر عه ده فتخلى عن الحكم ولبس المس وح وس اح في االرض بع د حكم دام ‪29‬‬
‫س نة واربع ة اش هر ‪ ،‬وذك ر المؤرخ ون ان النعم ان ق ام بغ زو الش ام م رارا ‪ ،‬واك ثر‬
‫المصائب في اهلها ‪ ،‬وسبي وغنم ‪ ،‬وانه كان من أشد الملوك نكاية في عدوه وابعدهم‬
‫‪ .‬وكان ملك الفرس قد جعل مع النعمان كتيبتان ‪ ،‬يقال الحداهما ‪:‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫مغارا فيهم "‬
‫دوس ر وهي لتن وخ ‪ ،‬ولألخ رى الش هباء وهي لف ارس ‪ ،‬وهم ا اللت ان يق ال لهم ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫القبيلتان ‪ ،‬فكان يغزو بهما بالد الشام ومن لم يدن له من العرب‬

‫()الطبري‪ -‬تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 53‬‬ ‫‪1‬‬

‫()اليعقوبي – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 170‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جرجي زيدان – العرب قبل االسالم ص ‪. 228 – 227‬‬ ‫‪3‬‬

‫()صالح العلي – محاضرات ‪ ، 68-66‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 401-400‬‬ ‫‪4‬‬

‫()الطبري – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪ ، 68-67‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 401-400‬‬ ‫‪5‬‬

‫()الطبري ‪،‬المصدر السابق – ج‪ 2‬ص ‪ ، 67‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 400‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وقد كانت دوسر التنوخية من القوة بحيث ضرب العرب بها المثل في البطش‬
‫‪ ،‬وباإلض افة الى كتيب تي دوس ر والش هباء ك ان جيش‬ ‫(‪)1‬‬
‫فق الوا – أبطش من دوس ر‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫النعمان يتألف من ثالثة كتائب اخرى هي‬
‫الره ائن – وك انوا خمس مائة رج ل ره ائن لقبائ ل الع رب يقيم ون على ب اب‬ ‫‪.1‬‬
‫الملك سنة ‪ ،‬ثم يجيء بدلهم خمسمائة اخرى وينصرف اولئك الى احيائهم ‪،‬‬
‫فكان الملك يغزو بهم ويوجههم في أموره ‪.‬‬
‫الصنائع – وهم بنو قيس وبنو تيم الالت ابني ثعلبة وكانوا خواص الملك ال‬ ‫‪.2‬‬
‫يبرحون بابه ‪.‬‬
‫الوض ائع – ك انوا ال ف رج ل من الف رس ‪ ،‬يض عهم مل ك الف رس في الح يرة‬ ‫‪.3‬‬
‫نج دة لمل وك الع رب ‪ ،‬وك انوا يقيم ون س نة ‪ ،‬ثم ينص رفون وي أتي ب دلهم ال ف‬
‫رجل اخرين ‪.‬‬
‫وينسب الى النعمان بناؤه قصري الخورنق والسدير ‪ ،‬وقيل ان بناء النعمان‬
‫للخورنق كان تلبية لرغبة يزد جرد ابن بهرام الذي كان ال يعيش له ولد فسأل عن‬
‫منزل بريء صحيح من االدواء واالسقام ‪ ،‬فدل على ظهر الحيرة فدفع ابنه جور الى‬
‫النعمان هذا وأمره ببناء الخورنق مسكنا له وانزله اياه ‪ .‬وامره بإخراجه الى بوادي‬
‫‪ .‬وق د تمت ع النص ارى في‬ ‫(‪)3‬‬
‫الع رب وك ان ال ذي ب ني الخورن ق رجال يق ال ل ه س نمار‬
‫عهد النعمان السائح بحرية كاملة ‪ ،‬فأباح لهم ممارسة شعائرهم الدينية كما سمح لهم‬
‫ببناء الكنائس ويؤكد بعض الباحثين ان النعمان لم يعتنق المسيحية ومن المحتمل انه‬
‫وذكر بعض المؤرخين ان النعمان " جلس‬ ‫(‪)4‬‬
‫كان يتأهب لتقبلها او انه كان يميل اليها‬
‫يوم ا في مجلس ه من الخورن ق ‪ ،‬فاش رف على النج ف وم ا يلي ه من البس اتين والنخ ل‬
‫والجن ان واالنه ار مم ا يلي المغ رب ‪ ،‬وعلى الف رات مم ا يلي المشرق وهو على متن‬
‫النجف في يوم من ايام الربيع ‪ ،‬فاعجبه ما رأى من الخضرة واالنهار ‪ ،‬فقال لوزيره‬

‫()الميداني – مجمع االمثال ج‪ 1‬ط القاهرة ‪ 1352‬هـ ص ‪. 124‬‬ ‫‪1‬‬

‫()االلوسي‪ -‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص ‪. 176‬‬ ‫‪2‬‬

‫()الطبري – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪ – 65‬ابن االثير الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 400‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سالم – دراسات ص ‪. 335‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وصاحبه هل رأيت مثل هذا المنظر قط ! فقال – ال ‪ ،‬لو كان يدوم ! قال – فما ال ذي‬
‫ي دوم ! ق ال ‪ :‬م ا عن د اهلل في االخ رة ‪ ،‬ق ال – فيم ين ال ذل ك ؟ ق ال – بترك ك ال دنيا‬
‫وعبادة اهلل والتماس ما عنده ‪ .‬فترك ملكه من ليلته ولبس المسوح ‪ ،‬وخرج مستخفيا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫هاربا ال يعلم به "‬
‫وجاء بعد النعمان عدد من الملوك ساعدوا الفرس في حروبهم مع البيزنط يين‬
‫وحاولوا بسط نفوذهم على قبائل الجزيرة العربية ‪ ،‬فاشتبكوا مع بعض تلك القبائل في‬
‫عدة معارك ‪ ،‬ومن اشهر هؤالء الملوك المنذر بن امرئ القيس المعروف بالمنذر بن‬
‫م اء الس ماء " وم اء الس ماء " لقب ام ه ماري ة بنت ع وف بن جش م بن هالل بن‬
‫‪ ،‬كما عرف المنذر بذي القرنين‬ ‫(‪)2‬‬
‫ربيعة ‪ ،‬وقد سميت بماء السماء لحسنها وجمالها‬
‫‪ ،‬وقد عاصر المنذر حكم قباذ بن فيروز الفارسي ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫لضفيرتين كانتا له من شعره‬
‫وس اعده في حروب ه االولى م ع البيزنط يين ‪ ،‬ثم م ا لبثت العالق ات ان س اءت بينهم ا‬
‫بسبب اعتناق قباذ المزدكية ‪ ،‬وعمل على فرضها على المناذرة ‪ ،‬فرفض المنذر بن‬
‫ماء السماء االعتراف بها ‪ ،‬االمر الذي اغضب قباذ فنحاه عن الحكم ووضع مكانه‬
‫الحارث بن عمرو الكندي الذي كان قد قبل الزندقة فاضطر المنذر اللجوء الى القبائ ل‬
‫العربية في الصحراء ‪ ،‬وبقي هناك حتى مات قباذ وتولى مكانه كسرى انو شروان‬
‫ال ذي أخ ذ على عاتق ه محارب ة الزندق ة ‪ ،‬ف انزل بهم الهزيم ة ورد المن ذر الى ع رش‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الحيرة‬
‫وقد اتصف المنذر بالشجاعة والبسالة فقضي حياته في الحروب المعارك ففي‬
‫س نة ‪ 519‬م ه اجم بالد ال روم ونجح في اح دى المع ارك من أس ر القائ دين هم ا‬
‫ستراثوس ويوحنا ‪ ،‬فارسل اليه االمبراطور جستين في سنة ‪ 524‬م وفدا لمفاوضته‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫في اطالق سراح القائدين المذكورين‬

‫()الطبري – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 66‬‬ ‫‪1‬‬

‫()المسعودي – مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 98‬‬ ‫‪2‬‬

‫()الطبري – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 104‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن االثير – الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 435 ، 434‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي – العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 59‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫كم ا ش ارك المن ذر في الح روب ال تي ق امت بين الساس انيين وال روم ‪ ،‬فه اجم‬
‫بالد ال روم س نة ‪528‬م مؤي دا الف رس فتوغ ل في بالد ال روم وغنم غن ائم كث يرة ‪ ،‬ثم‬
‫عاود الهجوم على المنطقة نفسها في العام التالي فوصل الى حدود انطاكية ‪ ،‬واشتبك‬
‫مع الحارث بن جبلة الغساني في عدة معارك انتهت بمصرع المنذر بن ماء السماء‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫في موقعة حليمة او موقعة خيار في سنة ‪ 554‬م‬
‫ثم ت ولى الحكم بع د المن ذر ول ده عم رو بن المن ذر بن ام رئ القيس (‪-554‬‬
‫‪ 574‬م ) ‪ .‬الذي عرف بعمرو بن هند نسبة الى امه هند ابنه الحارث بن عمرو بن‬
‫حج ر اك ل الم رار الكن دي ‪ ،‬وق د عاص ر عم رو بن هن د ه ذا كس رى ان و ش روان‬
‫(‪)2‬واس تغل ض عف دول ة كن دة واض محاللها ‪ ،‬فعم ل على توس يع نف وذه وس لطانه في‬
‫الجزي رة ‪ ،‬فقي ل ان ه غ زا تميم ا في داره ا فقت ل من ب ني دارم ‪ 150‬شخص ا في ي وم‬
‫أواره الث اني ‪ ،‬والقي ب القتلى في الن ار ‪ ،‬فع رف ل ذلك " بمح رق " وفي س نة ‪563‬م‬
‫اغ ار عم رو بن هن د على بالد الش ام ‪ ،‬وح ارب الح ارث بن جبل ة الغس اني ‪ ،‬ثم قت ل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫على يدي عمرو بن كلثوم التغلبي‬
‫وتع اقب على ام ارة الح يرة بع د عم رو بن هن د اخوت ه – ق ابوس بن المن ذر (‬
‫‪ 578-574‬م ) ‪ ،‬والمن ذر بن المن ذر ( ‪ 583-579‬م ) ثم ت ولى النعم ان بن المن ذر‬
‫امارة الحيرة في سنة ‪ 583‬م وقد دام حكمه الى سنة ‪ 605‬م والنعمان هو اخر مل وك‬
‫اللخم يين في الح يرة ‪ ،‬وع رف ب ابي ق ابوس ‪ ،‬وعاص ر من مل وك الف رس كس رى‬
‫ابروي ز ‪ ،‬وع اش في كفن ه ع دد من الش عراء في مق دمتهم النابغ ة ال ذبياني والمنخ ل‬
‫اليشكري والمثقب العبدي وحاتم الطائي واالسود بن يعفر وقد عرف النعمان بانه "‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ص احب النابغ ة " فق د ك انت ص لته ب ه وثيق ة ج دا ومدح ه بع دة قص ائد مش هورة‬
‫وذكر بعض المؤرخين ان النعمان بن المنذر اعتنق المسيحية وترك عبادة االوثان ‪،‬‬

‫()ابن قتيبة ‪ :‬المعارف ‪ ،‬ص ‪ 216‬مبروك نافع – العرب قبل االسالم ص ‪. 105 ، 104‬‬ ‫‪1‬‬

‫()الطبري – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 104‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ابن االث ير – الكام ل ج‪ 1‬ص ‪ ، 548‬ج رجي زي دان ص ‪ ، 235‬ص الح العلي ‪ ،‬ص ‪، 69‬‬ ‫‪3‬‬

‫سالم دراسات ‪. 347‬‬


‫()صالح العلي – محاضرات ص ‪ ، 70 ، 69‬سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 360‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وزعم وا ان الفض ل في تح ول النعم ان الى المس يحية يع ود الى ع دي بن زي د ال ذي‬
‫‪ .‬وقد ساءت العالقات بين النعمان وملك الفرس‬ ‫(‪)1‬‬
‫تولى تنشئته واشرف على تربيته‬
‫كسرى ابرويز ‪ ،‬بسبب اقدام النعمان على قتل عدي بن زيد بسجنه في الحيرة ‪ ،‬وقد‬
‫كان لعدي غالم يدعى زيدا خلف اباه في العمل ببالط كسرى فعزم زيد على االنتقام‬
‫من قات ل ابي ه ‪ ،‬ف ذكر لكس رى نس اء ال المن ذر ووص فهن ل ه ‪ ،‬ف رغب كس رى في‬
‫مصاهرة النعمان وارسل كتابا مع زيد يأمر فيه النعمان ان يبعث اليه بأخته ‪ ،‬فلما‬
‫قرأ النعمان كتابه قال لزيد بن عدي ‪ :‬يا زيد ‪ ،‬اما لكسرى في مها السواء كفاية ح تى‬
‫يتخطى الى العربي ات ؟ فق ال زي د – انم ا أراد المل ك أكرام ك– ابيت اللعن –‬
‫بصهرك ‪ ،‬ولو علم ان ذلك يشق عليك لما فعله ‪ ،‬وسأحسن ذلك عنده ‪ ،‬واعذرك بما‬
‫يقبل ه فق ال ل ه النعم ان ‪ :‬فافع ل ‪ ،‬فق د تع رف م ا على الع رب في ت زويج العجم من‬
‫الغضاضة والشناعة )(‪. )2‬‬
‫فلم ا ق دم زي د بن ع دي على كس رى اخ بره امتن اع النعم ان عن تلبي ة طلب ه ‪،‬‬
‫وبالغ في ذلك ‪ ،‬وادى اليه قول النعمان في " مها السواد " على أقبح الوجوه ‪ ،‬أوجده‬
‫عليه ‪ ،‬فسأل كسرى " ما المها ؟ فقال – البقر فأخذ عليه وقال – رب عبد قد صار‬
‫ولما بل غ قول كس رى هذا النعمان ‪ ،‬خافه وتوق ع‬ ‫(‪)3‬‬
‫في الطغي ان الى اك ثر من هذا "‬
‫منه الشر ‪ ،‬فاتاه كتاب كسرى يأمره فيه بالحضور الى المدائن ‪ ،‬فادرك النعمان سوء‬
‫المصير ‪ ،‬فحمل سالحه وماله ‪ ،‬ثم مضى الى بني طي لصهر كان له فيهم ‪ ،‬وطلب‬
‫منهم ان يمنع وه ف أبوا علي ه خوف ا من كس رى ‪ .‬فط اف النعم ان بقبائ ل الع رب طالب ا‬
‫المنع ة ‪ ،‬ف نزل ب ذي ق ار في ب ني ش يبان س را ‪ ،‬فلقي ه انئ بن مس عود بن ع امر بن‬
‫عمرو بن ابي ربيعة بن ذهل من شيبان وكان سيدا منيعا ‪ ،‬فاستودعه سالحه وأوالده‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫()حمزة االصفهاني – ص ‪. 74‬‬ ‫‪1‬‬

‫()المسعودي – مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 101 – 100‬‬ ‫‪2‬‬

‫()المرجع السابق – مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 101‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن االثير – الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. 487‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ثم توج ه النعم ان الى الم دائن ‪ ،‬فص ف ل ه كس رى ثماني ة االف جاري ة عليهن‬
‫المص بغات ص فين فلم ا ص ار النعم ان بينهن قلن ل ه – ام فين ا للمل ك غ نى عن بق ر‬
‫السواد ؟ فعلم النعمان انه غير ناج منه ‪ ،‬ولقيه زيد بن عدي ‪ ،‬فقال له النعمان –انت‬
‫فعلت هذا بي ‪ ،‬لئن تخلصت ألسقينك بكأس ابيك ‪ ،‬فقال له زيد – امضي نعيم ‪ ،‬فقد‬
‫اخيت ل ك اخي ه ال يقطعه ا المه ر األران ثم ام ر كس رى بالنعم ان ‪ ،‬فس جن بس اباط‬
‫المدائن ‪ ،‬وقيل بخانفين ثم امر به فرمي تحت أرجل الفيلة ‪ ،‬وقيل بل مات في سجنه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫بساباط المدائن ‪ ،‬وفي موته يقول هانئ بن مسعود‬
‫ان ذا التاج ال أبا لك اضحى في الورى رأسه تخوت الفيول ان كسرى عدا‬
‫على المل ك النعم ان ح تى س قاه م ر البلي ل وانتهى بمقت ل النعم ان حكم المن اذرة في‬
‫الح يرة ‪ ،‬فاس تعمل كس رى أي اس بن قبيص ة بن ابي عف راء بن النعم ان بن حي ة‬
‫الط ائي ‪ ،‬وق د س اعد أي اس بن قبيص ة الف رس في ح روبهم م ع ال روم فوجه ه كس رى‬
‫‪ .‬ومن أهم االح داث‬ ‫(‪)2‬‬
‫ابروي ز لقت ال ال روم ف انزل بهم الهزيم ة ب القرب من ارزن‬
‫الب ارزة ال تي وقعت في عه د اي اس بن قص يبة " يوم ذي ق ار " وذو ق ار م اء لبكر بن‬
‫وائل يقع قريبا من الكوفة ‪ ،‬بينهما وبين واسط ‪ ،‬وبالقرب من هذا الموضع " حنو ذي‬
‫قار " على بعد ليلة من ذي قار(‪.)3‬‬
‫موقعة ذي قار ‪:‬‬
‫لما قتل النعمان ارسل كسرى الى عامله على الحيرة أياس بن قصيبة الطائي‬
‫يطالب ه بترك ه النعم ان ‪ ،‬ف اخبره قصيبة بانه ا وديع ة عند بك ر بن وائ ل ف أمره كسرى‬
‫بإعادتها اليه ‪ ،‬فارسل اياس الى هانئ بن مسعود الشيباني يأمره برد ودائع النعمان‬
‫من أم وال ودروع وغيره ا ‪ ،‬وع دتها ثمانمائ ة ‪ ،‬وقي ل اربعمائ ة درع ‪ ،‬ف امتنع ه انئ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ورفض ان يسلمه ودائع النعمان‬
‫ولم ا بل غ كسرى ذل ك غض ب غضبا ش ديدا وه دد باستئص ال بكر بن وائ ل ‪،‬‬
‫فنصحه النعمان بن زرعة التغلبي ‪ ،‬وكان يكره بكر بن وائل ويسعى لهالكهم ‪ ،‬بان‬
‫()المسعودي – مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 102 – 101‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم – دراسات ص ‪. 364‬‬ ‫‪2‬‬

‫()الطبري – تاريخ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪ ، 207‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪ ،‬ج‪ ، 8‬ص ‪. 293‬‬ ‫‪3‬‬

‫()الطبري ‪ ،‬المصدر السابق – ج‪ 2‬ص ‪ ، 207‬ابن االثير ‪ ،‬الكامل ج‪ 1‬ص ‪. 488‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫يمه ل بك را ح تى الص يف وق ال ل ه ‪ " :‬امهلهم ح تى تقي ظ ‪ ،‬ف انهم ل و ق اظوا تس اقطوا‬
‫على ماء لهم يقال له ذو قار ‪ ،‬تساقط الفراش في النار ‪ ،‬فأخذتهم كيف شئت ‪ ،‬وانا‬
‫فلما حل الصيف خرجت بكر بن وائل ونزلت الحنو وهو " حنو ذو قار "‬ ‫(‪)1‬‬
‫اكفيهم‬
‫فارس ل اليهم كس رى النعم ان بن زرع ة يخ برهم اح دى خص ال ثالث – االستس الم‬
‫لكس رى يفع ل بهم م ا يش اء ‪ ،‬او الرحي ل او الح رب فأش ار حنظل ة بن ثعلب ة بن س يار‬
‫العجلي على قوم ه بك ر بالقت ال ‪ ،‬فأرس ل اليهم كس رى جيش ا من الف رس على رأس ه‬
‫اله امرز التس تري المرزب ان االعظم لكس رى ‪ ،‬وك ان يق ود ال ف ف ارس من المعجم ‪،‬‬
‫وال ف ف ارس اخ رين بقي ادة جال ب زين ‪ ،‬وخ رج معهم أي اس بن قبيص ة في كتيب تين‬
‫شهباوين وفي كتيبة دوسر ومعه خالد بن يزيد البهراني في بهراء واياد ‪ ،‬والنعمان‬
‫بن زرعة التغلبي في تغلب والنمر بن قاسط وقيس بن مسعود بن ذي الجدين ‪ ،‬عامل‬
‫كس رى على ط ف س فوان ‪ ،‬وجع ل كس رى قي ادة ه ذه الجي وش ال ي أس بن قبيص ة‬
‫الط ائي ‪ ،‬فلم ا اقبلت جي وش الف رس ‪ ،‬تس لل قيس بن مس عود بن ذي الج دين الى‬
‫معسكر هانئ بن مسعود الشيباني واشار عليه بان يوزع أسلحة النعمان على أفراد‬
‫قبيلته يتسلحون بها ثم يردونها اليه فوافق هانئ على ذلك وقسم الدروع والسالح في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ذوي القوى والجلد من قومه‬
‫واش تبك الع رب والف رس في قت ال ع نيف ‪ ،‬وك ان النص ر حلي ف الف رس في‬
‫وفي اليوم الث اني من المعرك ة تراجعت جي وش الفرس الى‬ ‫(‪)3‬‬
‫الي وم االول من القت ال‬
‫الجباي ات ‪ ،‬فتبعتهم بك ر وعج ل ‪ ،‬وابلت عج ل يومئ ذ بالء حس نا ‪ ،‬وك انت اح دى‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫نسائهم تحثهم على القتال وتقول‬
‫ايها فداء لكم بنو عجل‬ ‫ان يظفروا يحرزوا فينا الغزل‬
‫واش تد العطش بعس اكر الف رس ‪ ،‬فم الوا الى بطح اء ذي ق ار ‪ ،‬وانض مت اي اد‬
‫الى ع رب بك ر واتفق وا م ع بك ر على ان ينهزم وا عن د اللق اء ‪ ،‬وفي الي وم الث الث من‬

‫()المرجع السابق – ج‪ 2‬ص ‪. 207‬‬ ‫‪1‬‬

‫()الطبري – ج‪ 2‬ص ‪. 208 – 207‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ياقوت – مادة قار ص ‪. 294‬‬ ‫‪3‬‬

‫()الطبري ج‪ 2‬ص ‪. 206-208‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫المعرك ة نص ب يزي د بن حم ار الس كوني وك ان حليف ا لب ني ش يبان كمين ا للف رس في‬
‫مكان من ذي قار يسمى " الجب " واشتد القتال بين العرب والفرس ‪ ،‬وبادر حنظلة‬
‫العجلي الى ه ودج ابنت ه ماري ة فقط ع وض نيه ‪ ،‬ف وقعت على االرض ‪ ،‬وأخ ذ يقط ع‬
‫وض ني النس اء ‪ ،‬وص رخت ابن ة الق رين الش يبانية تحت رج ال قومه ا على االستبس ال‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫في القتال ‪:‬‬
‫ويها بني شيبان صفا بعد صف ان تهزموا يصبغوا فينا القلف‬
‫فعم د س بعمائة نف ر من ب ني ش يبان الى قط ع أي دي اق بيتهم من قب ل من اكبهم‬
‫ليسهل عليهم الطعن والضرب وتخف ايديهم لضرب السيوف ‪ ،‬فبرز الهامرز للقتال‬
‫ب رد بن حارث ة اليش كري والتحم الفريق ان في معرك ة هائل ة ‪ ،‬ونف ذت أي اد وع دها في‬
‫خذالن الفرس فولت منهزمة من المعركة ‪ ،‬فاحدث ذلك اضطرابا شديدا في صفوف‬
‫الف رس ف انهزموا هزيم ة نك راء وقت ل منهم ع دد كب يرا وتمكن حنظل ة العجلي من قت ل‬
‫جالبزين(‪ ، )2‬وانتصر العرب انتصارا باهرا في أول معركة مع جيوش فارس ‪ ،‬مما‬
‫اعط اهم الثق ة بأنفس هم فج رأت القبائ ل االخ رى على الهج وم المباش ر على بالد‬
‫الفرس ‪ ،‬وكانت هذه المعركة بمثابة حركة استطالعية ومقدمة للفتوح االسالمية التي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اكتسحت امبراطورية الساسانيين‬
‫وفي انتصار العرب على الفرس قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " هذا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اول يوم انتصفت فيه العرب من المعجم ونصرت عليهم بي "‬
‫وقد اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ هذه الموقعة ‪ ،‬فقيل انها حدثت بعد‬
‫هجرة الرسول صلى اهلل عليه وسلم الى يثرب ‪ ،‬وقيل انها حدثت لتمام اربعين سنة‬
‫ويعتقد بعض الباحثين ان‬ ‫(‪)5‬‬
‫من مولده ‪ ،‬وفي رواية اخرى انها كانت بعد بدر بأشهر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫الموقعة حدثت في حدود سنة ‪ 610‬م‬

‫()المرجع السابق – ج == ص ‪. 211-210‬‬ ‫‪1‬‬

‫()المرجع السابق – ص ‪. 211‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪. 71‬‬ ‫‪3‬‬

‫()المسعودي – مروج الذهب ج‪ 1‬ص ‪. 278‬‬ ‫‪4‬‬

‫()الطبري – ج‪ ، 2‬ص ‪ ، 208‬المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 1‬ص ‪. 278‬‬ ‫‪5‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 371‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اق ام كس رى على الح يرة بع د موقع ة ذي ق ار حاكم ا فارس يا يحكمه ا بص ورة‬
‫مباشرة هو ازاد به بن ماهبان بن مهرا بغداد وكانت مدة حكمه على الحيرة ‪ 17‬عاما‬
‫ثم اس تغل ع رب الح يرة فرص ة ان دالع الفتن في الدول ة‬ ‫(‪)1‬‬
‫( ‪ 631 – 614‬م )‬
‫الساسانية ‪ ،‬فاعلنوا الثورة وتمكنوا من اقصاء ازاد به عن الحكم ‪ ،‬واقاموا مكانه احد‬
‫ابن اء النعم ان بن المن ذر وه و المن ذر بن النعم ان المع روف ب المغرور ‪ ،‬وق د ذك ر‬
‫البالذري ان المن ذر المغ رور تص دى لجي وش المس لمين بقي ادة خال د بن الولي د ‪ ،‬وان ه‬
‫‪ .‬وق د تم فتح‬ ‫(‪)2‬‬
‫ح ارب العالء بن الحض ري في البح رين ‪ ،‬ثم قت ل في ي وم جواثا‬
‫الح يرة ص لحا على ي د خال د بن الولي د ‪ ،‬وتعه د اهله ا ب دفع مائ ة ال ف درهم على ان‬
‫يكونوا عيونا للمسلمين على اهل فارس ‪ ،‬وان ال يهدم المسلمين لهم قصرا وال بيعة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫حض ارة المن اذرة ‪ :‬ك ان اغلب س كان الح يرة هم من الع رب الب دو ال ذين‬
‫كانوا يؤمنوها البتياع بعض الحاجيات ثم ال يلبثوا ان يقيموا فيها ‪ ،‬ولذلك كان سكان‬
‫الح يرة خلي ط من امم ش تى اغلبهم من الع رب وق د قس م المؤرخ ون س كان الح يرة الى‬
‫ثالث طوائف(‪.)4‬‬
‫ع رب الض احية ‪ :‬وهم التنوخي ون االوائ ل ال ذين ه اجروا من اليمن ‪ ،‬وك انوا‬ ‫‪.1‬‬
‫يسكنون المضال والبيوت من الشعر ا الوبر في غربي الفرات ما بين الحيرة‬
‫واالنبار ‪.‬‬
‫العب اد ‪ :‬وهم من نص ارى الع رب ال ذين ينتم ون الى قبائ ل ش تى ‪ ،‬وك انوا ق د‬ ‫‪.2‬‬
‫سكنوا الحيرة وابتنوا فيها المنازل ‪ ،‬وسموا بالعباد النهم اعتنقوا النصرانية ‪،‬‬
‫وقد شاع في تسميتهم اسم " عبد " ‪.‬‬

‫‪Nicholson, a literary history of the Arabs, P.70 .‬‬


‫()حمزة االصفهاني – ص ‪. 74‬‬ ‫‪1‬‬

‫()البالذري – فتوح البلدان ج‪ 1‬ص ‪. 103-102‬‬ ‫‪2‬‬

‫()المرجع السابق – فتوح البلدان ج‪ 2‬ص ‪. 297‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جرجي زيدان – العرب قبل االسالم ص ‪ ، 224‬مبروك نافع ‪ ،‬صالح العلي ‪ ،‬ص ‪ 74‬سالم ‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫دراسات ص ‪. 321‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االحالف ‪ :‬كانوا من القبائل العربية الذين لحقوا بأهل الحيرة ونزلوا فيهم ‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ولم يكون وا من تن وخ ال ذين س كنوا بي وت الش عر او من العب اد ‪ ،‬وق د ح الف‬
‫هؤالء المناذرة واعترفوا بسيادتهم عليهم ‪.‬‬
‫والى ج انب ه ذه الطوائ ف الثالث س كن الح يرة ايض اً ق وم من النب ط وهم‬
‫وك انوا يش تغلون‬ ‫(‪)1‬‬
‫س كان الع راق االص ليون من الكل دانيين والب ابليين واالرام يين‬
‫بالزراع ة ‪ ،‬وس كن الح يرة ك ذلك جماع ة من اليه ود ال ذين اس تقروا به ذه المنطق ة بع د‬
‫الس بي الب ابلي ‪ ،‬وانش أوا لهم الم دارس ‪ ،‬وك ان لج اليتهم رئيس خ اص يع رف باس م‬
‫( رأس جالوت ا ) وفي ه ذه المنطق ة كتب التلم ود الب ابلي ال ذي يعت بر من أعظم كتب‬
‫‪ .‬وك ان‬ ‫(‪)2‬‬
‫الفق ه اليهودي ة والى ج انب النب ط واليه ود س كن الح يرة ق وم من الف رس‬
‫لوقوع الحيرة في أرض السواد الوفيرة المياه أثر كبير في ازدهار الحياة االقتصادية‬
‫وتق دمها ‪ ،‬فك انت بس اتين النخي ل والجن ان والم زارع تنتش ر في نواحيه ا ممت دة من‬
‫النج ف ح تى الف رات ‪ ،‬وق د ات اح للمن اذرة ‪ ،‬ق رب الح يرة من الف رات رك وبهم الس فن‬
‫ح تى االبل ه ‪ ،‬حيث يبح رون من هن اك الى بالد الهن د والص ين ش رقا والى البح رين‬
‫وع دن غرب ا ‪ ،‬فمارس وا التج ارة وجن وا منه ا ارباح اً طائل ة ‪ ،‬فك انت القواف ل تحم ل‬
‫‪ .‬وازدهرت‬ ‫(‪)3‬‬
‫تجارة الهند والصين وعمان والبحرين من الحيرة الى تدمر وحوران‬
‫الصناعات في الحيرة ورقيت رقيا كبيرا فاشتهرت صناعة النسيج وخصوصا الحرير‬
‫والكت ان والصوف ف ذكر ع دد من الش عراء في اشعارهم نس اجي الح يرة فق ال عمرو‬
‫(‪)4‬‬
‫بن كلثوم ‪:‬‬
‫من بالخورنق من قين ونساج‬ ‫واذ ال ترجى سليمى ان يكون لها‬
‫واعتاد ملوك الحيرة ان يخلعوا على الشعراء والمقربين ممن ينالوا الرضى‬
‫اثواب ا تع رف ( ب أثواب الرض ا ) ‪ ،‬وهي عب ارة عن جب اب ك انت اطواقه ا من ال ذهب‬

‫()يوسف رزق غنيمة – الحيرة المدنية والمملكة العربية ‪ ،‬ط بغداد ‪ ، 1936‬ص ‪. 18‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي – محاضرات ص ‪. 75‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سالم ‪ ،‬دراسات ص ‪. 384‬‬ ‫‪3‬‬

‫()يوسف رزق غنيمة – الحيرة ص ‪. 82‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫كم ا اش تهرت الح يرة ح تى العه د االس المي بالوش ي بالقص ب‬ ‫(‪)1‬‬
‫في قض يب الزم رد‬
‫والتطري ز بخي وط ال ذهب ‪ ،‬ونس يج االنم اط والط وع الحاري ة ال تي ورد ذكره ا على‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫لسان عدد من الشعراء ‪ ،‬فقال النابغة‬
‫مشدودة برحال الحيرة الجدد‬ ‫واالدم قد خيست فتال مرافقها‬
‫وقال امرؤ القيس ‪:‬‬
‫الى كل حاري جديد مشطب‬ ‫فلما دخلناه اضفنا ظهورنا‬
‫واش تهرت الح يرة ك ذلك بص ناعة االس لحة من س يوف ونص ال ورم اح ‪ ،‬وق د‬
‫اكتسبت السيوف الحجرية سمعة واسعة بين العرب وابدع الحيريون بصناعة ادوات‬
‫الزين ة من ذهب وفض ة ‪ ،‬فك انوا يرص عونها ب الجواهر والي واقيت ‪ ،‬وذاعت ش هرة‬
‫الخ زف الح يرى وأواني الفخ ار والنق وش ‪ ،‬كم ا عرف وا ص ناعة الجل ود والدباغ ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫والتحف المصنوعة من العاج‬
‫وتق دم فن البن اء والعم ارة تق دما ملموس ا فاش تهرت الح يرة بقص ورها ال تي‬
‫ضربت االمثال في عظمتها من تلك القصور قصري الخورنق والسدير –والخورنق‬
‫من بن اء المل ك النعم ان االول بن ام رؤ القيس وك ان موض عه بظ اهر الح يرة على‬
‫مس افة مي ل نح و الش رق ‪ ،‬ام ا قص ر الس دير فه و يلي الخورن ق في الش هرة وه و من‬
‫بناء النعمان أيضا ‪ ،‬ويقع بالقرب من الخورنق في وسط البرية التي تتجه الى الشام‬
‫‪ .‬وباإلضافة الى هذين القصرين هناك قصور كثيرة انشأت في الحيرة منها قصر‬ ‫(‪)4‬‬

‫الفرس ‪ ،‬وقصر الزوراء ‪ ،‬والقصر االبيض وقصر سنداد الذي كان يقع بين الحيرة‬
‫واالبلة ‪ ،‬وقصري العذيب والصنبر اللذين بناهما امرؤ القيس بن النعمان بالقرب من‬
‫الف رات ‪ ،‬وقص ر مقات ل ودار المقط ع ‪ ،‬ومن قص ور الح يرة المش هورة ايض ا قص ر‬
‫العدسيين الذي ينسب الى بني عمار بن عبد المسيح بن قيس بن حرملة بن علقمة بن‬

‫()المرجع السابق – الحيرة ص ‪. 83‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي – محاضرات ص ‪. 77‬‬ ‫‪2‬‬

‫()غنيمة الحيرة ص ‪ 84‬صالح العلي – محاضرات – ص ‪ – 77‬سالم – دراسات ص ‪. 386‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن االث ير ‪ /‬الكام ل ج‪ 1‬ص ‪ ، 342‬ص الح العلي ‪ ،‬محاض رات ص ‪ 79 ، 78‬س الم ‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫دراسات ص ‪. 399‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫عش ير الكل بي وس مي بقص ر العدس يين نس بة الى ج دتهم عدس ة بنت مال ك بن ع وف‬
‫الكلبي ‪ ،‬وكان موقعه في طرف الحيرة ‪ ،‬وهم أول قصور الحيرة التي استولى عليها‬
‫‪ .‬ولم يقتص ر فن البن اء على القص ور فق ط ‪ ،‬فق د ازدحمت الح يرة بع دد‬ ‫(‪)1‬‬
‫المس لمون‬
‫كب ير من الكن ائس واالدي رة ‪ ،‬بع د ان اص بحت الح يرة اس قفية تابع ة لكرس ي ج اثليق‬
‫‪ .‬ام ا عن الحي اة الديني ة في الح يرة ‪ ،‬فق د ك ان هن اك ع دة طوائ ف ‪ :‬منهم‬ ‫(‪)2‬‬
‫الم دائن‬
‫الوثنيون الذين يعبدون االصنام ‪ ،‬والصابئة والمجوس والنصارى واليهود ‪ ،‬وقد عبد‬
‫س كان الح يرة االص نام في اول االم ر ‪ ،‬ف ذكر المؤرخ ون ان جذيم ة االب رش ك ان ق د‬
‫اتخذ له صنمان يعرفان بالضيزيين كان جذيمة يستسقي ويستنصر بهما على العدو ‪،‬‬
‫وقد ظ ل ه ذان الصنمان ح تى اي ام المن ذر بن م اء الس ماء حيث نقلهم ا واقامهم ا على‬
‫‪ ،‬ومن اصنامهم ايض اً ‪ ،‬صنم يقال‬ ‫(‪)3‬‬
‫باب الحيرة ينحني لهما الداخلون الى المدينة‬
‫ل ه " س بد " ك انوا يحلف ون ب ه ويقول ون " ح ق س بد " كم ا عب د اه ل الح يرة " الع زى "‬
‫وقيل ان المنذر بن ماء السماء ضحى لها بأربعمائة من االسرى وكان هناك طائفة‬
‫من الزندقة والمزدقية التي حاول نشرها الملك الفارسي " قباذ " فوقف المنذر بوجه‬
‫ه ذه المحاول ة فنح اه قب اذ عن الحكم ‪ ،‬ويعتق د بعض الب احثين ان ال زراد ش تيته ك انت‬
‫‪ .‬اما المسيحية‬ ‫(‪)4‬‬
‫موجودة بين الجاليات الفارسية وربما دان ايضا بعض سكان الحيرة‬
‫فق د زاد انتش ارها في الح يرة وذك ر الط بري ان ام رئ القيس االول ك ان اول من‬
‫‪ ،‬وذكر بعض المؤرخين كذلك ان النعم ان بن‬ ‫(‪)5‬‬
‫تنصر من ملوك ال نصر بن ربيعة‬
‫المن ذر ‪ ،‬اعتن ق المس يحية وت رك عب ادة بعض االص نام ‪ ،‬واب اح للنص ارى وممارس ة‬
‫شعائرهم الدينية بحرية كاملة ‪ ،‬فبينت الكنائس واالديرة واصبحت الحيرة تضم طائفة‬
‫‪ .‬وك ان معظم نص ارى الح يرة هم من‬ ‫(‪)6‬‬
‫كب يرة من النص ارى ال ذين عرف وا بالعب اد‬
‫القساطرة فأسسوا اسقفية في الحيرة واشتركوا في المجامع الكنسية التي كانت تعتقد‬

‫()يوسف غنيمة ‪ /‬الحيرة ص ‪. 30‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ /‬محاضرات ص ‪ ، 79‬سالم دراسات ص ‪. 400‬‬ ‫‪2‬‬

‫()حمزة االصفهاني ‪ :‬ص ‪. 74‬‬ ‫‪3‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 80 – 79‬‬ ‫‪4‬‬

‫()الطبري ‪ :‬ج‪ 3‬ص ‪. 53‬‬ ‫‪5‬‬

‫()حمزة االصفهاني – ص ‪. 74‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫في الم دائن مرك ز البطريركي ة ‪ ،‬ام ا اليعاقب ة فق د انش أوا لهم مرك زا ديني ا في ع اقول‬
‫‪ .‬ام ا عن الحي اة العلمي ة ‪ ،‬فق د ك انت الح يرة مرك زا‬ ‫(‪)1‬‬
‫( الكوف ة ) في ط رف الح يرة‬
‫علميا هاما وملتقى االدباء العرب في الجاهلية ‪ ،‬وعاش في كنف النعمان بن المنذر‬
‫عدد من الشعراء ‪ .‬وكان لمعرفة االهل الحيرة للغة الفارسية اثر كبير في نقل كثير‬
‫من آداب الفرس الى العربية ‪ ،‬ولعبت االديرة دورا هاما في الحياة العلمية وساعدت‬
‫على رقي نظ ام التعليم عن دهم ‪ ،‬وذك ر ي اقوت الحم وي ان الص بيان في الح يرة ك انوا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫يتعلمون القراءة والكتابة في كنيسة قرية من قراها اسمها النقيرة‬
‫وعندما قام العرب بحركة الترجمة الى العربية في العصر العباسي االول ‪،‬‬
‫لعب س ريان الح يرة دورا ب ارزا في تلك الحرك ة ف ترجموا عددا كب يرا من الكتب الى‬
‫العربي ة ‪ ،‬ولم يكن دورهم مقص ورا على الترجم ة فحس ب ب ل وعلى الش رح والت أليف‬
‫والدرس سواء في الفلسفة او الطب او العلوم ‪ ،‬فكان لهذه المدينة االثر االول في نقل‬
‫ت راث الفك ر اليون اني الى الع رب وفي ت رويض اللغ ة العربي ة وجعله ا اداة ممت ازة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫للتعبير عن الفلسفة والعلوم‬

‫()صالح العلي – محاضرات ص ‪. 80-79‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ياقوت – معجم البلدان ج‪ 5‬ص ‪ ، 301‬صالح العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪. 80‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي – محاضرات ص ‪. 81 – 80‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الفصل الخامس‬
‫مدن الحجاز‬
‫‪ .1‬مكة ‪.‬‬
‫‪ .2‬يثرب ‪.‬‬
‫‪ .3‬الطائف ‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫مدن الحجاز‬
‫اهمية بالد الحجاز ‪:‬‬
‫تعت بر بالد الحج از من أهم اقس ام الجزي رة العربي ة من الن احيتين الديني ة‬
‫واالقتصادية ‪ ,‬فمن الناحية الدينية كانت بالد الحجاز ملتقى االديان فانتشرت فيها الى‬
‫والحجاز هو الموطن االول‬ ‫(‪)1‬‬
‫جانب الوثنية ‪ ,‬الديانات السماوية كاليهودية والمسيحية‬
‫للدعوة االسالمية ‪ ,‬فيه ولد الرسول صلى اهلل عليه وسلم وعلى أرضه خطا ‪ ,‬وهو‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫منزل الوحي ومشرق النور ‪ ,‬ومنه انطلقت صيحة االصالح ودعوة االسالم‬
‫أما من الناحية االقتصادية ‪ ,‬فقد كان الحجاز جسراً يربط بالد الشام وحوض‬
‫البحر المتوسط باليمن والحبشة والصومال والسواحل المطلة على المحيط الهندي ‪,‬‬
‫فك ان ل ذلك أعظم االث ر في قي ام الم دن التجاري ة وازدهاره ا بالحج از ‪ ,‬وال تي ك انت‬
‫بمثابة محطات تجارية على هذا الطريق التجاري فازدهرت مكة والطائف ويثرب ‪,‬‬
‫وق د س اعد على ازدهاره ا ه ذه الم دن ايض ا عام ل آخ ر ه و قربه ا من االس واق‬
‫التجاري ة المش هورة ال تي ك انت تعق د في االش هر الح رم ‪ ,‬مث ل س وق عك اظ ‪ ,‬وس وق‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مجنة ‪ ,‬وسوق حباشة ‪ ,‬وسوق ذي المجاز‬

‫مـكــة‬
‫‪ - 1‬الموقع والمناخ ‪:‬‬
‫تق ع مك ة في بطن وادي يع رف ببطن مك ة وتش رف عليه ا الجب ال من جمي ع‬
‫الن واحي وص فها اليعق وبي فق ال ‪ ( :‬ومك ة بين جب ال عظ ام وهي اودي ة ذات ش عاب‬
‫فجباله ا المحيط ة به ا ‪ :‬اب و ق بيس الجب ل االعظم من ه تش رق الش مس على المس جد‬
‫()ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي للدولة العربية ج ‪ 1‬ص ‪. 78 , 77‬‬ ‫‪1‬‬

‫()احمد شلبي ‪ :‬التاريخ االسالمي والحضارة االسالمية ج ‪ 1‬ط مصر ‪ 1964‬ص ‪. 60 ، 59‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سالم _ دراسات ص ‪. 490 _ 485‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الحرام ‪ ,‬وقيقعان وفاضح ‪ ,‬والمحصب وثور عند الصفا ‪ ,‬وثبير ‪ ,‬وتفاحة والمطابخ‬
‫والفلق والحجون ‪ ,‬وسقر ‪ .‬ولها من الشعاب ‪ :‬شعب الحجون ‪ ,‬وشعب دار مال اهلل ‪,‬‬
‫وش عب البط اطين ‪ ,‬وش عب فل ق ابن الزب ير ‪ ,‬وش عب ابن ع امر ‪ ,‬وش عب الج وف ‪,‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وشعب الخوز ‪)) ...‬‬
‫وكانت المياه بمكة شحيحة ‪ ,‬فكان سكانها يشربون من آبار خارجة من الحرم‬
‫‪ ,‬فيحمل ون الم اء في الم زاد والق رب ‪ ,‬ويس كبونها في حي اض من أدم بفن اء الكعب ة‬
‫ليشرب حجاج البيت ‪ ,‬وذكر ابن هشام ان قريشا قبل دخولها مكة كانت تشرب من‬
‫حي اض ومص انع على رؤوس الجب ال ومن ب ئر حفره ا ل ؤي بن غ الب خ ارج الح رم‬
‫عرفت باسم اليسيرة ‪ ,‬كانت بظ اهر مك ة ‪ ,‬وينس ب المؤرخ ون الى قصي وهاشم بن‬
‫عبد مناف وامية بن عبد شمس ‪ ,‬وعدة بطون من قريش حفر آبار كثيرة حول مكة‬
‫‪ .‬وك ان لوق وع مك ة في واد غ ير ذي زرع س ببا في اعتم اد اهله ا على االق وات‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬‬
‫والمحاصيل التي تحمل اليها من المناطق المجاورة وخصوصا من الطائف والسراة‬
‫‪.‬‬
‫أم ا من اخ مك ة ‪ ,‬فه و ق اري ح ار ج دا في الص يف ‪ ,‬وك انت الس يول الجارف ة‬
‫تهدد المدينة في فصل الخريف ‪ ,‬واقدم سيل ورد ذكره هو السيل الذي حدث في عهد‬
‫الجرهميين ودخل الكعبة وهدمها ‪ ,‬فأعادت جرهم بناءها ‪ ,‬وحدث سيل أخر في عهد‬
‫‪ ,‬وقد تنبه الخلفاء‬ ‫(‪)4‬‬
‫خزاعة واحاطت المياه بالكعبة ‪ ,‬وعرف ذلك السيل سيل قارة‬
‫الراشدون لهذا الخطر فأقاموا السدود في االحياء المرتفعة ‪ ,‬كما حدث في عهد عمر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫بن الخطاب (رض) وفي عهد الخلفاء االموي عبد الملك بن مروان‬

‫()اليعقوبي _ البلدان جامعة النجف ‪ . 1957‬ص ‪. 74‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ابن هش ام ‪ :‬الس يرة ج ‪ 1‬ص ‪ 158 , 157 , 156‬االزرقي ‪ :‬اخب ار مك ة ج ‪ 2‬ص ‪_ 174‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪. 176‬‬
‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 498‬‬ ‫‪3‬‬

‫()االزرقي ‪ :‬اخبار مكة ج ‪ 1‬ص ‪ , 43‬ج ‪. 134 2‬‬ ‫‪4‬‬

‫()البالذي ‪ :‬فتوح البلدان ج ‪ 1‬ص ‪ , 62‬االزرقي ‪ ,‬اخبار مكة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 136‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ب ‪ -‬اشتقاق اسم مكة وتفسيره ‪:‬‬
‫وردت آراء وتفسيرات كثيرة حول اشتقاق اسم مكة ‪ ,‬فقيل انما سميت كذلك‬
‫((الزدحام الناس بها من قولهم ‪ :‬قد امتك الفصيل ضرع امه اذا مصه مصا شديداً ))‬
‫‪ ,‬وقي ل ايض ا ‪ (( :‬انم ا س ميت مكة الن الع رب في الجاهلي ة ك انت تق ول ال يتم حجنا‬
‫ح تى ن أتي مك ان الكعب ة فنم ك في ه أي نص فر ص فير المك اء ح ول الكعب ة ‪ ,‬وك انوا‬
‫يصفرون ويصفقون بأيديهم اذا كانوا بها ‪ ,‬والمكاء بتشديد الكاف طائر يأوي الري اض‬
‫‪ ,‬وق ال أخ رون ‪ :‬س ميت مك ة ألنه ا بين جبلين م رتفعين ‪ ,‬وهي في هبط ة بمنزل ة‬
‫وورد‬ ‫(‪)1‬‬
‫المكوك ‪ ,‬وقيل ‪ (( :‬سميت مكة ألنها تملك الجبارين أي تذهب تخوتهم ))‬
‫اس م مك ة في جغرافي ة بطليم وس بص يغة ماكوراب ا( ‪ )Macoraba‬وه و مش تق من‬
‫ال تي تع ني المق دس ‪ ,‬وه و لقب ك ان‬ ‫(‪)2‬‬
‫الكلم ة الس بأية ((مك رب)) أو (( مكوراب ا ))‬
‫يحمل ه الكهن ة في س بأ قب ل أن يتحول وا الى ملوك ومن المرجح انه ا تع ني (( المقرب‬
‫‪ ,‬وي ذهب بروكلم ان ان مك ة مش تقة من لفظ مكرب‬ ‫(‪)3‬‬
‫الى اهلل )) النه ا مدين ة مقدس ة‬
‫او مق رب ال تي ش اع اس تعمالها في جن وب جزي رة الع رب ومعناه ا الهيكل(‪ . )4‬وي رى‬
‫بعض العلماء ان اسم مكة مشتق من الكلمة البابلية (( مكا)) والتي تعني البيت وهو‬
‫‪ .‬وعرفت مكة بأسماء أخرى منها الذي ورد في القرآن‬ ‫(‪)5‬‬
‫اسم الكعبة عند العرب‬
‫الك ريم في قول ه تع الى ‪ (( :‬أن أول بيت وض ع للن اس لل ذي ببك ة مبارك ا وه دى‬
‫‪ ,‬وقيل ان المقصود ببكة موضع البيت اي الكعبة ومكة تعني القرية‬ ‫(‪)6‬‬
‫للعالمين ))‬

‫()ياقوت ‪ :‬معجم البلدان مادة مكة ج ‪ 5‬ص ‪. 182_ 181‬‬ ‫‪1‬‬

‫()فيليب حتي ‪ :‬تاريخ العرب ج‪ 1‬ص ‪. 144‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪492‬‬ ‫‪3‬‬

‫()كارل بروكلمان ‪ :‬تاريخ الشعوب االسالمية ج ‪ 1‬ص‪. 33‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جرجي زيدان ‪ :‬العرب قبل االسالم ص ‪275‬‬ ‫‪5‬‬

‫()سورة آل عمران ‪ 3‬اية ‪96‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ .‬وقي ل ان بك ة الكعب ة والمسجد ‪ ,‬ومك ة ذو ط وى وه و بطن الوادي وذكر‬ ‫(‪)1‬‬
‫نفسها‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ياقوت ايضا ان بكة هو موضع البيت ومكة الحرم كله‬
‫وكذلك سميت مكة بأم القرى في قوله تعالى ‪ (( :‬لتنذر أم القرى ومن حولها‬
‫‪ ,‬وعرفت باسم معاد والحاطمة النها تحطم من استخف بها ‪ ,‬والحرم ‪ ,‬وصالح‬ ‫(‪)3‬‬
‫))‬
‫‪ .‬والبل د االمين في قول ه‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪ ,‬والع رش ‪ ,‬والق ادس النه ا تق دس أي تطه ر من ال ذنوب‬
‫‪ .‬والبيت العتيق في‬ ‫(‪)5‬‬
‫تعالى ‪ ( :‬والتين والزيتون وطور سنين ‪ ,‬وهذا البلد االمين )‬
‫‪ ,‬وال بيت المح رم في قول ه تع الى ‪:‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫قول ه ع ز وج ل ( ليطوف وا ب البيت الع تيق )‬
‫‪ .‬ويستنتج‬ ‫(‪)7‬‬
‫(( ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ))‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫من هذه التسميات ان مكة كانت في أول عهدها مقاما دينيا ومركزا للعبادة‬

‫ج ‪ -‬الحياة االقتصادية ‪:‬‬


‫ك ان لموق ع مك ة على طري ق القواف ل التجاري ة م ا بين اليمن وبالد الش ام في‬
‫ت دفق المنتج ات الش رقية عن طري ق الخليج الع ربي واليمن ‪ ,‬ومنتج ات مص ر والش ام‬
‫عن طريق الشام ‪ ,‬فكانت مكة تقوم بدور الوسيط بين عالمين ‪ ,‬شأنها في ذلك شأن‬
‫تدمر بالنسبة للفرس والرومان ‪ ,‬وقد سعى المكيون الى التفاوض مع الدول المجاورة‬
‫لبالد الع رب للحص ول على ض مانات لت أمين تج ارتهم ‪ ,‬فنجح القريش يون في عق د‬
‫المعاه دات التجاري ة م ع الروم ان والف رس ‪ ,‬كم ا عق دوا معاه دات مماثل ة م ع أم راء‬
‫وذك ر‬ ‫(‪)9‬‬
‫الع رب في الجزي رة ومل وك الغساس نة في الش ام والمن اذرة في الع راق‬

‫()النويري ‪ :‬نهاية االرب ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪. 313‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ياقوت ‪ :‬معجم البلدان ج ‪ 5‬ص ‪. 182‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سورة االنعام ‪ 6‬أية ‪. 92‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪. 494‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سورة التين ‪. 95‬‬ ‫‪5‬‬

‫()سورة الحج ‪. 22‬‬ ‫‪6‬‬

‫()سورة ابراهيم ‪. 13‬‬ ‫‪7‬‬

‫()فيليب حتي ‪ :‬تاريخ العرب ج ‪ 1‬ص ‪. 144‬‬ ‫‪8‬‬

‫()سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪. 505 _ 504‬‬ ‫‪9‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫المس عودي ان زعم اء ق ريش ك انوا يفرض ون ض ريبة من ي دخل مك ة من التج ار‬
‫‪ ,‬وق د ن زل ع دد من التج ار ال روم في مك ة‬ ‫(‪)1‬‬
‫الغرب اء عن ق ريش ع رفت بالعش ر‬
‫واتخ ذها دارا مق ام لهم وتواف د عليه ا تج ار من الف رس وتح الفوا م ع اثريائه ا ‪ ,‬ومنهم‬
‫من اقام في مكة نظير دفع جزيه لحمايته وحفظ أمواله وتجارته ‪ ,‬وكان تجار الشام‬
‫يجلب ون الى مك ة منتج ات بالدهم من القمح والزي وت والخم ور والمص نوعات ‪ ,‬كم ا‬
‫حم ل اليه ا تج ار الجن وب من بالد الهن د ال ذهب واالحج ار الكريم ة والع اج وخش ب‬
‫الص ندل والتواب ل والمنس وجات الحريري ة والقطني ة والكتاني ة واالرج وان والزعف ران‬
‫واالني ة الفض ية والنحاس ية ‪ ,‬كم ا ك انوا يحمل ون منتج ات افريقي ا الش رقية واليمن من‬
‫العط ور واالطي اب وخش ب االبن وس وريش النع ام واللب ان والم ر واالحج ار الكريم ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫والجلود ‪ ,‬ومن البحرين الآللي والياقوت‬
‫وقد س اعد على احتك ار ق ريش لتج ارة الهند والحبش ة واليمن اشتباك بيزنط ة‬
‫والفرس في حروب متواص لة ‪ ,‬مما عرق ل التج ارة العالمية المارة بالعراق ‪ ,‬وحمل‬
‫البيزنطيين على االهتمام بطريق البحر االحمر الذي كان خارجا عن نفوذ الساسانيين‬
‫ال ذين احتل وا اليمن في عه د كس رى انوش روان اال ان ذل ك لم يقض ي على تج ارة‬
‫البيزنط يين لبع د اليمن عن بالد ف ارس ‪ ،‬فبقيت التج ارة نش طة بين اليمن والش ام عن‬
‫طريق مكة ولم يكتف المكيون ب ان تكون مدينتهم مم را للقواف ل ب ل س اهموا بأنفسهم‬
‫في النشاط التجاري فمدوا تجارتهم الى االقطار االخرى في سوريا واليمن والحبشة‬
‫‪ .‬ويرجع الفضل الى هاشم بن عبد مناف في سن رحلتي قريش ‪ :‬رحلة‬ ‫(‪)3‬‬
‫والعراق‬
‫وقي ل ‪ ,‬رحل ة الش تاء الى اليمن‬ ‫(‪)4‬‬
‫الش تاء الى الش ام ورحل ة الص يف الى الحبش ة‬
‫وذك ر اليعق وبي ان تج ارة ق ريش‬ ‫(‪)5‬‬
‫والحبش ة والع راق ‪ ,‬ورحل ة الص يف الى لش ام‬
‫كانت التعدوا مكة فكان القريشيون يعانون ضيقا بسبب ذلك الى أن رحل هاشم الى‬

‫()المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج ‪ 2‬ص ‪. 58‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 508 _ 507‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪. 96_ 95‬‬ ‫‪3‬‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ ج ‪ 1‬ص ‪. 242‬‬ ‫‪4‬‬

‫()البالذري ‪ :‬انساب االشراف ص ‪. 59‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بالد الش ام ‪ ,‬وش اع عن ه الك رم ‪ ,‬وك ان من احس ن الن اس واجملهم ف ذكر لقيص ر ‪,‬‬
‫فارسل اليه فلما رآه وسمع كالمه واعجبه وجعل يرسل اليه فقال هاشم ‪ :‬ايها الملك‬
‫ان لي قوما ‪ ,‬وهم تجار العرب فتكتب لهم كتابا يؤمنهم ويؤمن تجارتهم حتى يأتو بما‬
‫يس تطرف من آدم الحج از وثياب ه ففع ل قيص ر ذل ك وانص رف هاش م ‪ ,‬فجع ل كلم ا‬
‫م ربحي من الع رب اخ ذ من اش رافهم االيالف ان ي أمنوا عن دهم وفي ارض هم فأخ ذوا‬
‫‪ ,‬رحلتي قريش هذه يقول مطرود بن كعب الخزاعي‬ ‫(‪)1‬‬
‫االيالف من مكة والشام وفي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫هال نزلت بآل عبد مناف‬ ‫يا أيها الرجل المحول رحلة‬
‫والراحلون لرحلة االيالف‬ ‫اآلخذون العهد من آفاقها‬
‫ونتج عن اش تغال المك يين بالتج ارة مع رفتهم بالكتاب ة والحس اب وبالمكايي ل‬
‫والموازين والمقاييس وقد ورد في القران الكريم كثير من التعابير المالية والتجارية‬
‫كالحس اب والم يزان والقس طاس وال ذرة والمثق ال والق رض ‪ ,‬وع رف تج ار مك ة نظ ام‬
‫االمان ات والودائ ع ونظ ام الص كوك وغ ير ذل ك مم ا يتطلب ه العم ل بالتج ارة وك انت‬
‫العمالت السائدة في مكة هي الدرهم والدينار(‪.)3‬‬
‫وباالض افة الى حرف ة التج ارة ‪ .‬وك ان الحج من مص ادر الث ورة في مك ة‬
‫_ف الحج الى ج انب كون ه مظه را ديني ا للع رب الجاهلي ة ‪ ,‬ووس يلة لالجتم اع وااللتق اء‬
‫والتع ارف ‪ ,‬ك ان وس يلة من وس ائل التكس ب بالتج ارة ‪ ,‬فك انت تق ام في مواس م الحج‬
‫اس واق تجاري ة وادبي ة مث ل س وق عك اظ وس وق مجن ة وس وق ذي المج از وفي ه ذه‬
‫االسواق كان العرب من سائر انحاء شبه الجزيرة بقدمون بسلعهم المختلفة فيتيحون‬
‫‪ .‬وقامت في مكة صناعات بسيطة‬ ‫(‪)4‬‬
‫بذلك للمكيين سوقا تجاريا للمبادلة واالستهالل‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ ج ‪ 1‬ص ‪ ( 243 , 242‬االيالف ‪ :‬العهد ) ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫()البالذري ‪ :‬انساب االشراف ص ‪. 6‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي ‪ /‬محاضرات ص ‪ , 96‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 513 , 512‬‬ ‫‪3‬‬

‫()المرجع السابق = نفس المرجع السابق ص ‪. 513‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫كصناعة االسلحة من رماح وسكاكين وسيوف ودروع ونبال ‪ ,‬كذلك عرفوا صناعة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الفخار من قدور وجفان وصحاف واباريق ‪ ,‬وصناعة االسرة واالرائك‬

‫د‪-‬سكان مكة ‪:‬‬


‫تذكر المصادر العربية أن أقدم من حكم مكة والحجاز هم العمالقة ثم خلفتهم‬
‫قبيلة جرهم القحطانية ‪ ,‬وكان ابراهيم عليه السالم قد اسكن ولده اسماعيل مكة مع‬
‫ام ه ه اجر ‪ ,‬ف تزوج اس ماعيل ام رأة من ج رهم ‪ ,‬ثم زار اب راهيم علي ه الس الم مك ة‬
‫مرتين وفي المرة الثانية امره اهلل تعالى ببناء البيت وساعده في بنائه ولده اسماعيل‬
‫وقد أشار اهلل تعالى الى ذلك‬ ‫(‪)2‬‬
‫الذي يأتي بالحجر من عدة جبال الى موضع البيت‬
‫في الق رآن الك ريم ‪ ( :‬واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واس ماعيل ربن ا تقب ل من ا‬
‫‪ .‬ثم ام ر تع الى اب راهيم ان ي ؤذن في الن اس ب الحج فق ال‬ ‫(‪)3‬‬
‫انك انت الس ميع العليم )‬
‫تع الى ‪ ( :‬واذن في الن اس ب الحج ي أتوك رج اال وعلى ك ل ض امر ي أتين من ك ل فج‬
‫‪ .‬ووفدت خزاعة الى مكة بعد السيل العرم فنزلوا بظاهرها فأبت جرهم‬ ‫(‪)4‬‬
‫عميق )‬
‫السماح لهم باإلقامة في مكة فنشبت الحرب بينهما ثالثة أيام انتهت بهزيمة جرهم ‪,‬‬
‫وتولت خزاعة أمر البيت ‪ ,‬وكان أول من ولي البيت منهم هو عمر بن لحي ‪ ,‬الذي‬
‫غ ير دين اب راهيم وادخ ل عب ادة االوث ان فقي ل ان ه استحض ر مع ه من الش ام اص ناما‬
‫نص بها ح ول الكعب ة ‪ .‬وظلت خزاع ة تلي ام ر ال بيت ‪ ,‬أم ا مض ر فق د احتفظت بح ق‬
‫‪ .‬ثم تشعبت بطون‬ ‫(‪)5‬‬
‫االجازة بالناس من عرفة واالفاضة بهم غداة النحر الى منى‬
‫كنانه ومضر كلها وصاروا احياء وبيوتات متفرقة وكانوا آنذاك يقيمون بظاهر مك ة ‪,‬‬

‫()سالم ‪ /‬دراسات ص ‪. 513 , 512‬‬ ‫‪1‬‬

‫()المس عودي ‪ /‬م روج ال ذهب ج ‪ 2‬ص ‪ , 49_ 47‬زي دان ‪ /‬الع رب قب ل االس الم ص ‪, 275‬‬ ‫‪2‬‬

‫على ابراهيم حسن التاريخ االسالمي العام ص ‪. 78‬‬


‫()سورة البقرة ‪. 127‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة الحج ‪. 27‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ابن الكل بي ‪ :‬االص نام ‪ ,‬ص ‪ 28‬المس عودي ‪ ,‬م روج ال ذهب ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ , 56‬على اب راهيم‬ ‫‪5‬‬

‫حسن ‪ :‬التاريخ االسالمي العام ‪ ,‬ص ‪ 88‬سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪. 514‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الى ان تمكن قص ي بن كالب بن م رة من ان تزاع الس يادة واالدارة المكي ة من‬
‫خزاعة ‪ .‬ويرجع الفضل الى قصي في جمع قريش وتقسيمها الى بطون ‪ ,‬فميز بين‬
‫ق ريش البط اح وق ريش الظ واهر (( واخ راجهم عن نط اق الفوض ى واالض طراب ‪,‬‬
‫‪ .‬وقريش البطاح هي البط ون ال تي ك انت‬ ‫(‪)1‬‬
‫وادخلهم قلب مكة فاقامهم فيها اسيادا ))‬
‫تس كن مك ة نفس ها ‪ ,‬وك ان بي د رجاله ا االدارة والوظ ائف الك برى ومنهم التج ار‬
‫واالثرياء ‪ ,‬وهي قبائل عبد مناف وبني عبد الدار وبني عبد العزى ابن قصي وزهرة‬
‫‪ ,‬ومخ زوم ويتم بن م رة ‪ ,‬وجمح ‪ ,‬وس هم ‪ ,‬وع دى ‪ ,‬وبن و عتي ك بن ع امر بن ل ؤي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫أما قريش الظواهر فهي البطون التي سكنت اطراف مكة ومنهم بنو محارب‬
‫‪ ,‬والح ارث بن فه ر ‪ ,‬وبن و االردم بن غ الب بن فه ر وبن و هص يص بن ع امر بن‬
‫ل ؤي ‪ ,‬ولم يكن له ذه البط ون دورا مهم ا عن د ظه ور ال دعوة االس المية او بع دها اال‬
‫‪ .‬وبج انب ه ذه القبائ ل ال تي‬ ‫(‪)3‬‬
‫انهم ك انوا في الجاهلي ة يس اهمون في ال دفاع عن مك ة‬
‫س كنت مك ة ك ان هن اك قبائ ل بدوي ة لم تكن تتمث ل في النظ ام الق ائم في مك ة ولم تنظم‬
‫الى قبائله ا ‪ ,‬وه ؤالء هم ((االحالف)) واغلبهم من كنان ة وك انوا يش اركون اه ل مك ة‬
‫في معظم حروبهم ويسمون ((باالحابيش)) ‪ ,‬واستوطن بمكة ايضا عدد من االجانب‬
‫المنتمين الى عشائر أو أمم شتى ‪ ,‬وكثير ما سكن هؤالء في الشعاب المحيطة بمكة ‪,‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫وقد ابيح لبعضهم حق دخول دار الندوة‬
‫أما بخصوص تسمية قريش فقد تعددت آراء اللغويين حول هذا الموضوع ‪,‬‬
‫كما اختلف االخباريون فيمن تسمى بهذا االسم ألول مرة من بني مضر ‪ ,‬وقد أورد‬
‫اليعق وبي بعض تل ك اآلراء ف ذكر ( ان النض ر بن كنان ة اول من س مي القريش ي ‪,‬‬
‫لتقريشه وارتفاع همته ‪ ,‬وقيل لتجارته ويساره ‪ ,‬ويقال لدابة في البحر تسمى القرش ‪,‬‬

‫()المسعودي ‪ :‬م روج الذهب ج ‪ 2‬ص ‪ , 58‬علي ابراهيم حسن ‪ ,‬ت اريخ االس المي الع ام ‪ ,‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪ . 90‬صالح العالي ‪ ,‬ص ‪. 105‬‬


‫() المسعودي ‪ ،‬نفس المصدر ‪ ,‬ج‪ 2‬ص‪. 59‬‬ ‫‪2‬‬

‫()نفس المصدر ‪ ،‬ص ‪ , 095‬صالح العلي محاضرات ص ‪. 108‬‬ ‫‪3‬‬

‫()صالح العلي ‪ ,‬محاضرات ص ‪ , 108‬ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي للدول العربية ج ‪ 1‬ص‪. 79‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫س مته ام ه قريش ا تص غير ق ريش ‪ ,‬فمن لم يكن من ول د النض ر بن كنان ه ‪ ,‬فليس‬
‫بقريشي )(‪. )1‬‬
‫أم ا الط بري فاجم ل تل ك اآلراء والتفس يرات بقول ه ‪ :‬س ميت ق ريش قريش ا‬
‫بقريش بن بدر بن يخلد بن الحارث بن يخلد بن النضر بن كنانة ‪ ,‬وبه سميت قريش‬
‫قريشا ‪ ,‬الن عير بني النضر كانت اذا ق دمت ق الت العرب ‪ :‬قد جاءت ع بر قريش‬
‫ق الوا ‪ :‬وك ان ه ذا دلي ل ب ني النض ر في أس فارهم ‪ ,‬وص احب م يرتهم ‪ ..‬وق ال ابن‬
‫الكلبي ‪ :‬انما قريش جماع نسب ‪ ,‬ليس بأب وال أم وال حاضنة ‪ .‬وقال آخرون ‪ :‬انما‬
‫سمي بنو النضر بن كنانة قريشا ‪ ,‬ألن النضر بن كنانة خرج يوما على نادي قومه ‪,‬‬
‫فقال بعضهم لبعض ‪ :‬انظروا الى النضر ‪ ,‬كأنه جمل قريش ‪ ...‬وقيل ان النضر بن‬
‫كنانه كان يقرش عن حاجة الناس فيسدها بما له ‪ ,‬والتقريش _ فيما زعموا _ التفتيش‬
‫‪ .‬وك ان بن وه يقرش ون اه ل الموس م عن الحاج ة فيس دونها بم ا يبلغهم ‪ ...‬وقي ل ‪ :‬ان‬
‫النضر بن كنانه كان اسمه قريشا ‪ ..‬وقيل ‪ :‬انما قيل قريش ‪ ,‬من أجل انها تقرشت‬
‫عن الغ ارات ‪(( ,‬وذك ر الط بري ايض ا عن محم د بن س عد فق ال ‪ :‬ان عب د المل ك بن‬
‫م روان س أل محم د بن جب ير ‪ :‬م تى س ميت ق ريش قريش ا ؟ ق ال ‪ :‬حين اجتمعت الى‬
‫الحرم من تفرقها ‪ ,‬فذلك التجمع التقريش ‪ ,‬فقال عبد الملك ‪ :‬ما سمعت هذا ‪ ,‬ولكن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫سمعت أن قضيا كان يقال له القريش ‪ ,‬ولم تسم قريش قبله ))‬
‫أم ا االزرقي فينس ب ق ريش الى قص ي بن كالب ‪ ,‬فق ال ‪ (( :‬لم ا جم ع قص ي‬
‫قريشا بمكة سمي مجمعا ‪ ...‬ويقال انه من أجل تجمع قريش الى قصي سميت قريش‬
‫‪ .‬ونخرج من هذه اآلراء جميعا ان قريشا ربما تكون اسما الحد اعقاب‬ ‫(‪)3‬‬
‫قريشا ))‬
‫النض ر بن كنان ة ‪ ,‬أو أنه ا اس م داب ه في البح ر ‪ ,‬أو انه ا من التق رش وه و االش تغال‬
‫بالتجارة واالكتساب أي غني ويسر الشخص المنعوت بهذا االسم الشتغاله بالتجارة ‪.‬‬
‫وقد عرفت قريش بعدة اسماء في الجاهلية منها ‪ -:‬العالمية ‪ ,‬وقيل انها سميت بهذا‬

‫()اليعقوبي ‪ :‬تاريخ ج ‪ 1‬ص ‪. 233 , 232‬‬ ‫‪1‬‬

‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪( 265_ 263‬الجمل القرشي ‪ :‬الشديد ) ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫()االزرقي ‪ :‬اخبار مكة ‪. 61_60 ,‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االسم لفضلهم وعلمهم ‪ ,‬كما بآل اهلل وجيران اهلل وسكان اهلل ‪ ,‬ومن أشهر اسمائها في‬
‫‪.‬‬ ‫الجاهلية ‪ :‬السخينة ‪ ,‬وقد ظل هذا االسم مالزما لها حتى ظهور االسالم‬
‫(‪)1‬‬

‫هــ‪ -‬نظام الحكم في مكة ‪:‬‬


‫كان اجتماع الناس واستقرارهم في مكة عامال ألضعاف مظاهر التكتل القبلي‬
‫‪ ,‬وتكيف الناس الى المجتمع الجديد ‪ ,‬وقد كان تقديس العرب للكعبة سببا في اهتمام‬
‫ق ريش بتنظيم الحج اليه ا ‪ ,‬ف ترتب على ذل ك ظه ور انظم ة سياس ية ووظ ائف ديني ة‬
‫اختص بها اشرافهم ‪ ,‬وهي (‪:)2‬‬
‫المـــأل ‪:‬‬
‫وه و أش به بمجلس الش يوخ ‪ ,‬وك ان يتك ون من اش خاص ت ؤهلهم م واهبهم‬
‫وقابلي اتهم لقي ادة الن اس في الش دائد ‪ ,‬وق د ذك ر المؤرخ ون بعض ه ؤالء الرؤس اء‬
‫كقصي بن كالب ‪ ,‬وعبد مناف ‪ ,‬وعبد المطلب وهشام بن المغيرة ‪ ,‬وقيس بن عدي‬
‫‪ ,‬وظهور هذه الجماعة من الرؤساء‬ ‫(‪)3‬‬
‫بن سهم ‪ ,‬وعبد اهلل بن جدعان ‪ ,‬وابو سفيان‬
‫في مكة ممن اشتهر بالحرب والسياسة والتجارة ‪ ,‬ساعد على تأليف ما يشبه حكومة‬
‫النقابات في العصور الوسطى ‪ ,‬وحكومة الجمهورية التي يسيطر عليها افراد قالئل ‪,‬‬
‫‪.‬‬
‫او مجلس من االعيان ذو الثورة والجاه‬
‫(‪)4‬‬

‫دار الندوة ‪:‬‬


‫كان قصي بن كالب اول من اصاب الملك بمكة من ولد كعب بن لؤي ‪ ,‬فلما‬
‫اس تقامت ل ه االم ور ‪ ,‬واطاع ة الن اس ‪ ,‬ب ني دار الن دوة ‪ ,‬ق رب الكعب ة من الجه ة‬
‫الش مالية ‪ ,‬فأص بحت مجتم ع المالء من ق ريش وك انت اش به بمجلس ش ورى او دار‬
‫حكوم ة ي ديرها المالء من ق ريش وهي تش به االكليس يا في اثين ا والس ناتو في روم ا ‪,‬‬
‫وتن اقش فيه ا ام ور الح رب والس لم ومختل ف الش ؤون العام ة ال تي تهم المجتم ع المكي‬

‫()علي اب راهيم ‪ :‬الت اريخ االس المي الع ام ص ‪ , 91‬والس خينة ن وع من الطع ام يتخ ذ من ال دقيق‬ ‫‪1‬‬

‫ويؤكل ايام القحط والشدة ) ‪.‬‬


‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص ‪ . 110‬ماجد ‪ :‬التاريخ السياسي ج‪ 1‬ص ‪. 81‬‬ ‫‪2‬‬

‫()صالح العلي ‪ ،‬ص ‪109_ 108‬‬ ‫‪3‬‬

‫()عبد اللطيف الطيباوي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب واالسالم ط بيروت ‪ , 1963‬ص ‪120‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫سياس يا واقتص اديا واجتماعي ا ‪ ( ,‬فال ينكح رج ل من ق ريش ‪ ,‬وال يتش اورون في أم ر‬
‫وال يعقدون لواء بالحرب ‪ ,‬وال يعذرون غالما ‪ ,‬اال في دار الندوة ) (‪.)1‬‬
‫ولم تكن للمأل س لطات تنفيذي ة ‪ ,‬فك ان الب د لقرارات ه ان تأخ ذ ص فة االجتم اع‬
‫لتكون ملزمة للجميع ‪ ,‬وكان بامكان االكثرية اذا اقرت قرارا أن تقاطع معارض يها أو‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫تستخدم الضغط االجتماعي ضدهم‬
‫وك ان ال ي دخل دار الن دوة من ق ريش او غ يرهم ‪ ,‬اال من بل غ االربعين س نة‬
‫من عم ره ‪ ,‬ع دا أوالد قص ي فك انوا ي دخلونها جميع ا م ع حلف اؤهم وتعت بر دار الن دوة‬
‫ملكا خاصا لبني عبد الدار يتوارثونها ‪ ,‬ولم تكن من االبنية العامة(‪. )3‬‬
‫أم ا عن الوظ ائف والمه ام الديني ة المتص لة بالكعب ة في ذكر الط بري ان قص ي‬
‫( أقر للعرب في شأن حجهم ما كانوا عليه ‪ ,‬وذلك آلنه كان يراه دينا في نفسه ‪ ,‬ال‬
‫‪ .‬وق د احتف ظ قص ي لنفس ه باالض افة الى رئاس ة دار الن دوة‬ ‫(‪)4‬‬
‫ينبغي ل ه تغي يره ))‬
‫بالحجاب ة والرف اد والس قاية والل واء ‪ ,‬أم ا الحجاب ة والرف اد والس قاية والل واء ‪ ,‬أم ا‬
‫الحجاب ة فك ان الق ائم به ا يمتل ك مف اتيح الكعب ة ‪ ,‬وي أذن للن اس في دخولها ‪ ,‬ثم الس قاية‬
‫وهي التكفل بسقاية الحجاج عن طريق احواض من االدم توضع بفناء الكعبة ومنى‬
‫وعرف ات ‪ ,‬والرف ادة وهي (( خرج ا تخرج ة ق ريش في ك ل موس م من أمواله ا الى‬
‫قص ي بن كالب ‪ ,‬فيص نع ب ه طعام ا للح اج يأكل ه من لم تكن ل ه س عة وال زاد ممن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫يحضر الموسم ))‬
‫واللواء هو العلم الذي يحمل في الحرب ‪ ,‬وتدور حوله المعارك وباإلض افة‬
‫الى هذه الوظ ائف كانت هناك مه ام أخرى تتعلق بشؤون الحرب ‪ ,‬كالقيادة واالعنة‬

‫()اليعقوبي _ تاريخ ج ‪ 1‬ص ‪ . 240‬زيدان _ العرب قبل االسالم ص ‪ , 277‬سالم ‪ ,‬دراسات‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪. 515‬‬
‫()صالح العلي _ محاضرات ص ‪. 111‬‬ ‫‪2‬‬

‫()نفس المصدر _ ص ‪. 110‬‬ ‫‪3‬‬

‫()الطبري _ تاريخ الطبري ج ‪ 2‬ص ‪. 259‬‬ ‫‪4‬‬

‫()نفس المصدر _ج‪ 2‬ص ‪. 260‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫والحكوم ة ‪ ,‬ام ا القي ادة فهي قي ادة الجيش في المع رك وهي الل واء ‪ ,‬وك انت بي د ب ني‬
‫(‪)1‬‬
‫أمية‬
‫أما االعنة فيكون صاحبها المقدم على خيول قريش في الحرب ‪ ,‬والحكومة‬
‫هي االم وال ال تي يس مونها أللهتهم ‪ ,‬وك انت عن د ظه ور االس الم للح ارث بن قيس‬
‫السهمي(‪.)2‬‬
‫أم ا عن القض اء في مك ة ‪ ,‬فلم يكن هن اك وظيف ة لق اض أو ح اكم يفص ل بين‬
‫الناس ‪ ,‬فكان رئيس القبيلة هو الحكم في المنازعات التي تنشأ بين افراد قبيلته ‪ ,‬واذا‬
‫ح دث خالف بين اف راد قبائ ل مختلف ة فك ان يلج أ ه ؤالء الى الكهن ة او يستقس موا‬
‫باألنص اب وااليس ار وق د عه د الى ( ابي بك ر) في الجاهلي ة االش راف على ال ديات‬
‫والمغارم وهو ما عرف باالشناق ‪ ,‬اال أن الفصل في الخالفات كان يترك لتراضي‬
‫الن اس وم وافقتهم ‪ ,‬اذ لم تكن هن اك س لطة تنف ذ ق رارات الحك ام ف ادى ه ذا الى غبن‬
‫الضعفاء وكثرة المظلومين ‪ ,‬االمر الذي دفع قبائل قريش الى تكوين حلف الفضول‬
‫فتعاه دوا في ه على أن ال يظلم بمك ة غ ريب وال ق ريب ‪ ,‬وال ح ر وال عب د ‪ ,‬اال ك انوا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫معه حتى يأخذوا له حقه من أنفسهم ومن غيرهم‬
‫يثرب‬
‫آ_ الموقع والمناخ _ تقع مدينة يثرب على بعد ‪ 300‬ميال شمال مكة في حرة سبخة‬
‫االرض كثيرة المياه والشجار والدوحات ‪ ,‬فوق هضبة بالد العرب الوسطى ‪ ,‬واقرب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الجبال اليها هو جبل احد ويقع في شمالها‬
‫وذك ر اليعق وبي ان لي ثرب (( أربع ة أودي ة ي أتي مأوه ا في وقت االمط ار‬
‫والس يول في جب ال بموض وع يق ال ل ه ح رة ب ني س ليم على مق دار عش رة فراس خ من‬
‫المدين ة وهي _ وادي بطح ان والعتيق الكب ير والع تيق الصغير ووادي قن اة ‪ ,‬وتجتم ع‬

‫()صالح العلي _ محاضرات ص ‪. 119‬‬ ‫‪1‬‬

‫()نفس المرجع _=ص‪. 119‬‬ ‫‪2‬‬

‫()احم د امين ‪ :‬فج ر االس الم ط ب يروت ‪ , 1969‬ص‪ , 227‬ص الح العلي _ محاض رات ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 120‬‬
‫()المقدسي _ احسن التقاسيم ص ‪ , 80‬سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪. 539_ 538‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫مي اه ه ذه االودي ة كله ا بموض وع يق ال ل ه الغاب ة ويخ رج الى وادي يق ال ل ه وادي‬
‫اضم )) (‪.)1‬‬
‫وامت ازت ي ثرب بك ثرة االب ار والعي ون واش هر تل ك االب ار ب ئر روم ة وب ئر‬
‫عروة ويعتمد عليها سكان يثرب طوال السنة باالضافة الى آبار اخرى ‪ ,‬اما العيون‬
‫فمنها _ عين الصورين وعين ثنية مروان وعين الخانقين وعين ابي زياد وعين برد‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أزواج النبي‬
‫ام ا ح رات ي ثرب فهي ثالث _ ح رة واقم في الش رق ‪ ,‬وع رفت أيض ا بح رة‬
‫قريظة النهم كانوا ينزلون بطرفها القبلي ‪ ,‬كما عرفت أيضا بحرة زهرة لمجاورتها‬
‫له ا ‪ .‬وزه رة من اعظم ق رى ي ثرب بين ح رة واقم والس افلة ‪ ,‬ثم ح رة ال وابرة في‬
‫الغرب من يثرب وعرفت بحرة بني بياضة ‪ ,‬وكانت على بعد ثالثة اميال من يثرب‬
‫مشرفة على وادي العتيق الذي يليها غربا ‪ ,‬ثم حرة قباء وتقع الى الجنوب من يثرب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫هي _ حرة شوران وحرة ليلي ‪ ,‬وحرة النار بالقرب من حرة ليلى‬
‫والمن اخ في ي ثرب ش بيه بمن اخ مك ة فه و ش ديد الح رارة ص يفا وب ارد ش تاء ‪.‬‬
‫وتسقط امطارها في أوقات قصيرة ولكنها بعنف محدثة سيوال في كثير من االحيان ‪,‬‬
‫وتتخلف عن هذه االمطار غدران ومستنقعات وبرك ‪ ,‬ومن أشهر الغدران في وادي‬
‫العقي ق _ غ دير الس در وغ دير خم وغ دير س الفة وغ دير ال بيوت ‪ ,‬وغ دير حص ير ‪,‬‬
‫وغ دير المج از ‪ ,‬وغ دير المرس ي ‪ ,‬وينش أ عن رك ود المي اه في ه ذه المن اطق انتش ار‬
‫االوبئة واالمراض(‪.)4‬‬
‫ب_ اس ماء ي ثرب _ ‪ :‬ي ثرب مدين ة قديم ة ورد ذكره ا في الكتاب ات المعيني ة ‪ ,‬وق د‬
‫اق امت فيه ا بعض الجالي ات المعيني ة ‪ ,‬ثم آل ام ر المدين ة الى الس بئيين بع د س قوط‬
‫الدول ة المعيني ة وق د ورد ذك ر ي ثرب في جغرافي ة بطليم وس باس م ي ثرب‬

‫()اليعقوبي _ البلدان ص ‪. 72‬‬ ‫‪1‬‬

‫()المصدر السابق _ البلدان ص ‪. 72‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ياقوت _ معجم البلدان ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪.67‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪. 544_ 543‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪Iathrippa‬وفي نق وش س بأ ‪ :‬ي ث ر ب ‪ ,‬وذكره ا اص طيفانوس الب يزنطي باس م‬
‫‪.)1(Iathrippa polis‬‬
‫أما عند االخباريين العرب فقد عرفت باسم اثرب ويثرب ‪ ,‬وذكر المس عودي‬
‫أن ي ثرب س ميت ك ذلك نس بة الى ي ثرب بن قاني ة بن مهلي ل بن أرم بن عبي ل نزله ا‬
‫فسميت باسم(‪.)2‬‬
‫وي رى بعض المؤرخ ون ان ي ثرب م أخوذة من ال ثرب بمع نى الفس اد أو‬
‫التثريب أي المؤخوذة بالذنب ‪ ,‬وقيل ان الرسول صلى اهلل عليه وسلم نهى عن تسمية‬
‫وقد ورد ذكر يثرب في‬ ‫(‪)3‬‬
‫يثرب بهذا االسم ‪ ,‬وسماها طيبة وطابة كراهية للتثريب‬
‫الق رآن الك ريم فق ال (( واذ ق الت طائف ة منهم ي ا أه ل ي ثرب ال مق ام لكم ف ارجعوا‬
‫ويستئذن فريق منهم النبي يقولون انن بيوتنا عورة ‪ ,‬وم ا هي بعورة ان يري دون اال‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫فرارا ))‬
‫وبع د هج رة الرس ول الك ريم من مك ة الى يثب اص بح اس مها (( المدين ة)) أي‬
‫مدين ة الرس ول وق د ع رفت باس ماء أخ رى كث يرة منه ا _ طيب ة وطاب ة والمس كينة‬
‫والع ذراء والجب ارة والمحب ة والمحبب ة والمحب ورة والناجي ة وغ ير ذل ك وذك ر بعض‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫المؤرخين ان لها ‪ 94‬اسما‬
‫ج_ الحي اة االقتص ادية في ي ثرب _ تعت بر ي ثرب واح ة حقيق ة ذات ترب ة ص الحة‬
‫للزراعة ‪ ,‬فارضها بركانية خصبة وتتوافر فيها مياه االودية والعيون واآلبار ‪ ,‬ويأتي‬
‫النخي ل في مقدم ة الحاص الت الزراعي ة في ي ثرب (( ف أكثر ام وال اهله ا النخ ل ومن ه‬
‫‪ .‬وباالض افة الى‬ ‫(‪)6‬‬
‫معاش هم واق واتهم ‪ ,‬واخراجه ا من أعش ار النخي ل والص دقات ))‬

‫()جواد علي ‪ ,‬العرب قبل االسالم ج ‪ 4‬ص ‪ , 181‬فيليب حتي تاريخ العرب مطول ج ‪ 1‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪ , 146‬سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪. 535‬‬


‫()المسعودي ‪ ,‬مروج الذهب ج ‪ , 18 2‬ابن خردذابة ‪ ,‬المسالك والممالك ص ‪. 128‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سالم ‪ ,‬دراسات ص ‪536‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة االحزاب _ ‪ 33‬آية ‪. 13‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ياقوت معجم البلدان ‪ ،‬ج‪ ، 8‬ص‪. 165‬‬ ‫‪5‬‬

‫()اليعق وبي _ البل دان ص ‪ , 73‬ابن خردذاب ة ‪ ,‬المال ك والممال ك ص ‪ , 128‬المقدس ي ‪ ,‬احس ن‬ ‫‪6‬‬

‫التقاسيم ‪ ,‬ص ‪. 80‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫شهرة يثرب بانتاج افضل انواع التمور ‪ ,‬قامت فيها زراعة الحبوب المختلفة ويأتي‬
‫الش عير في المرتب ة الثاني ة بع د التم ور ‪ ,‬ثم القمح وان واع الفواك ه ك العنب والم وز‬
‫والرمان والليمون والبطيخ(‪.)1‬‬
‫وك ان لموق ع ي ثرب على طري ق القواف ل التجاري ة بين اليمن والش ام أث ره في‬
‫نش اط الحرك ة التجاري ة فيه ا ذك ر اليعق وبي ذل ك فق ال (( أن البح ر االعظم البح ر‬
‫االحمر )) يبعد منها على ثالثة أيام ‪ ,‬وساحلها موضع يقال له (الجار) ‪ ,‬اليه ترسي‬
‫فكانت تصل الى بثرب‬ ‫(‪)2‬‬
‫مراكب البحار والمراكب التي تحمل الطعام من مصر ))‬
‫منتج ات الش ام واليمن س الكة الطري ق ال بري والطري ق البح ري ع بر البح ر االحم ر ‪,‬‬
‫واقيمت االسواق التجارية ومن أشهر تلك االسواق في الجاهلية ‪ :‬سوق بني قينقاع ‪,‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وسوق زبالة ‪ ,‬وسوق الجسر ‪ ,‬وسوق الصفاصف ‪ ,‬وسوق البطحاء‬
‫أم ا من الناحي ة الص ناعية فق د ق امت في ي ثرب بعض الص ناعات البس يطة‬
‫كص ناعة الخم ور المس تخرجة من التم ور ‪ ,‬ثم ص ناعة المكات ل والقف ف من س عف‬
‫النخيل ‪ ,‬كما برع يهود بني قنيقاع بصناعة التحف المعدنية كالحلي وأدوات الزينة ثم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫صناعة االسلحة والدروع‬
‫د _ سكان يثرب _ كان أول من نزل من يثرب هم العماليق ‪ ,‬فأقام فيها قبائ ل منهم _‬
‫بنو هف وسعد بن هفان وبنو مطرويل _ ثم سكنها بعدهم اليهود ‪ ,‬وبعد السيل العرم‬
‫وانهي ار س د م أرب ق دمت الى ي ثرب قبائ ل االوس والخ زرج فانتش رت في جنوبه ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫وشمالها حتى أحد‬
‫(‪ )1‬اليهود _ ذكر االخباريون العرب ان اول سكن لليهود بالحجاز ويثرب كان على أيام‬
‫موس ى بن عم ران علي ه الس الم فزعم وا ان ه أرس ل جن دا من ب ني اس رائيل الى‬
‫الحج از وأم رهم ب ان ال يس تقبوا من العم اليق اح دا بل غ الحلم (فق دموا ف أظهرهم‬

‫()احمد الشريف ‪ :‬مكة والمدينة ‪. 357_ 356‬‬ ‫‪1‬‬

‫()اليعقوبي _ البلدان ص ‪. 73‬‬ ‫‪2‬‬

‫()حتي _ تاريخ العرب ج ‪ 1‬ص ‪ , 146‬سالم _ دراسات ص ‪. 562‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ولفنسن تاريخ اليهود _ ص‪. 19‬‬ ‫‪4‬‬

‫()زيدان _ العرب قبل االسالم ص ‪ , 281 , 280‬علي ابراهيم حسن ‪ ,‬التاريخ االسالمي العام‬ ‫‪5‬‬

‫ص ‪. 111 _ 110‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اهلل ‪ ,‬فقتل وهم ‪ ,‬واص ابوا ابن ملكهم االرقم وك ان احس ن الن اس وجه ا فلم يقتل وه‬
‫واخذوه معهم الى موسى عليه السالم والذي كان قد توفي قبل عودتهم فلم يسمح‬
‫لهم اليهود باالقام ة بالشام النهم خ الفوا أمر ن بيهم ‪ ,‬فرجعوا الى الحج از واق اموا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫به ونزل جمهورهم يثرب )‬
‫أم ا الرواي ات اليهودي ة فتب دوا اق رب الى الحقيق ة من الرواي ة الس ابقة ‪,‬‬
‫فذكر بنو قريظة ان الروم ظهروا على الشام فقتلوا من بني اسرائيل خلقا كثيرا ‪,‬‬
‫فخرج بنو قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون الحجاز الذي فيه بنو‬
‫اسرائيل ليسكنوا معهم فلما فصلوا من الشام وجه ملك الروم في طلبهم ن يردهم‬
‫فاعجزوا رسله وفاتوهم ))(‪. )2‬‬
‫وهك ذا ك ان ظه ور ال روم في بالد الش ام ومه اجمتهم فلس طين ق د أدى الى‬
‫تقويض ارك ان الدول ة اليهودي ة فبسط ال روم نفوذهم على البالد اال أن اليهود اليهود‬
‫ق اموا بع دة ث ورات ‪ ,‬فعم د الروم ان الى اس تعمال الش دة في اخم اد تل ك الث ورات‬
‫فاضطر اليهود الى النزوح الى الجزيرة لعربيه (( التي كانت احب اليهم من غيرها‬
‫نظ را ألنظمته ا البدوي ة الح رة ونظ را لوجوده ا في أق اليم رملي ة بعي دة تع وق س ير‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫القوات الرومانية المنظمة وتمنع توغلها ))‬
‫وفي سنة ‪ 70‬م قام الرومان في عهد االمبراطور طيطس بمهاجمة اليهود‬
‫ف دمروا معب دهم (( هيك ل بيت الق دس )) مم ا أدى الى ه روب من بقي منهم الى‬
‫جزي رة الع رب فاس توطنوا أخص ب بق اع الحج از في ي ثرب وف دك وخي بر وتيم اء‬
‫ووادي القري(‪.)4‬‬
‫وكانت يثرب تضم من اليهود قبل أن يسكنها االوس والخزرج قبائل _ بنو‬
‫عكرمة وبنو ثعلبة وبنو محمر وبنو زعةرا وبنو قينقاع وبنو زيد وبنو النضير وبنو‬

‫()المسعودي ‪ :‬وفاء الوفاء ص ‪. 109‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ياقوت _ معجم البلدان ‪،‬ج‪ ، 8‬ص‪. 165‬‬ ‫‪2‬‬

‫()اس رائيل ولفنس ون _ ت اريخ اليه ود في بالد الع رب في الجاهلي ة وص در االس الم ط مص ر‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 1927‬ص ‪. 9‬‬
‫()سالم _ دراسات ص ‪. 547‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫قريظ ة وبن و به دل وبن و ع وف وبن و القص يص ‪ .‬وفي ي ثرب اق ام ه ؤالء اليه ود‬
‫الحصون ( االطام) على قمم الجمال ليتحصنوا بمها في اوقات الحروب ويلجأ اليها‬
‫النس اء والش يوخ واالطف ال فك ثروا م ا ك ان اليه ود يتعرض ون لغ زو الط امعين في‬
‫ام والهم وحص االتهم الزراعي ة من االع راب او البط ون اليهودي ة االخ رى ‪ ،‬ومن‬
‫اش هر تل ك الحص ون حص ن االبل ق للس مؤل وحص ن القم ومي لب ني ابي الحقي ق‬
‫‪ .‬وكان اكبر تلك القبائل اليهودية‬ ‫(‪)1‬‬
‫وحصون الساللم والوطيح وناعم وسعد بن معاذ‬
‫في ي ثرب ثالث – بن و قريظ ة وبن و النض ير وبن و قينق اع واق امت بج وارهم بط ون‬
‫يهودي ة ص غيرة فك ان بن و قريظ ة ي نزلون على وادي مه زور م ع اخ وانهم بن و ه ذل‬
‫وعم رو ‪ ،‬ام ا بن و النض ير فق د نزل وا على م ذينيب ‪ ،‬ون زل بن و قينق اع عن د منتهى‬
‫‪ .‬وقد تأثر هؤالء بجيرانهم العرب ‪ ،‬فانقسموا الى‬ ‫(‪)2‬‬
‫جسر بطحان مما يلي العالية‬
‫قبائل وبطون ‪ ،‬واتخذوا اسماء عربية ‪ ( ،‬وكانت لغتهم العربية لكنها غير خالصة‬
‫مشوبة بالرطانة العبرية النهم لم يتركوا استعمال اللغة العبرية تركا تماما بل كانوا‬
‫يستعملونها في صلواتهم ودراستهم فكان من الضروري ان يدخل في عربيتهم بعض‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫كلماتها )‬
‫‪ .2‬الع رب ‪ :‬ك ان يس كن ي ثرب م ع اليه ود ع دة بط ون عربي ة قب ل هج رة االوس‬
‫والخ زرج من تل ك البط ون – بن و الحرم ان وهم حي من اليمن ‪ ،‬وبن و مرث د حي من‬
‫بلي ‪ ،‬وبن و ني ف حي من بلي ايض اً ‪ ،‬وبن و معاوي ة وهم حي من ب ني س ليم ‪ ،‬ثم بن و‬
‫الحارث بن بهته وبنو الشظية حي من غسان ‪ ،‬وقد بقيت هذه البطون العربية اديان‬
‫ابائه ا القديم ة ولم تعتن ق اليهودي ة فع دت من م والي (‪ .)4‬ثم ن زحت قبائ ل االوس‬
‫والخزرج من اليمن على أثر انكسار سد مأرب ( السيل العرم ) فنزلوا يثرب واقاموا‬
‫فيه ا م ع اليه ود فس كن االوس جن وب وش رق ي ثرب ام ا الخ زرج فس كنوا في ش مالها‬

‫()ولفنسون – تاريخ اليهود ص ‪ ، 16‬جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 549-548‬‬


‫()سالم – دراسات ‪ ،‬ص ‪. 549‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ولفنسون – تاريخ اليهود ص ‪. 20‬‬ ‫‪3‬‬

‫()االصفهاني – االغاني ج ‪19‬ص ‪ ، 95‬ولفنسون ‪ ،‬تاريخ اليهود‪ ،‬ص‪. 14‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الغ ربي وج اوروا يه ود ب ني قينق اع ووج د االوس والخ زرج ان الس يادة في ي ثرب‬
‫لليهود واالموال واآلطام بأيديهم والعدة والقوة معهم فرغبوا في مسلمتهم وسألوهم ان‬
‫يعقدوا معهم حلفا وجوارا يأمن به بعضهم من بعض فأجابهم اليهود الى ذلك رغبة‬
‫منهم في ض مان س يادتهم على ي ثرب من جه ة وليس تخدموا حلف اءهم في ال دفاع عنه ا‬
‫من جه ة اخ رى باإلض افة الى االس تفادة من خ برات ه ؤالء الع رب في المج ال‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الزراعي والتجاري‬
‫وق د اف اد ع رب االوس والخ زرج من ه ذا الحل ف وص ار لهم م ال وع دة ‪،‬‬
‫االم ر ال ذي أث ار مخ اوف اليه ود فس عوا الى نقض الحل ف ال ذي بينهم ا ‪ " ،‬فأق امت‬
‫االوس والخ زرج في من ازلهم وهم خ ائفون ان تحتلهم يه ود " فظه ر بين االوس‬
‫والخزرج رجل انف ان يظل قومه تحت رحمة اليهود ‪ ،‬فعزم على وضع حد لذلك‬
‫الرج ل ه و مال ك بن العجالن ‪ ،‬وت ذكر الرواي ات العربي ة ان مال ك وثب على زعيم‬
‫يهودي يقال له الفطيون وقتله ‪ ،‬ثم خرج الى بالد الشام ملتمسا النصرة من ابي جبيلة‬
‫على يه ود ي ثرب ‪ ،‬فلم ي تردد المل ك الغس اني في نص رته وس ار الى بالد‬ ‫(‪)2‬‬
‫الغس اني‬
‫متظ اهرا بقص د بالد اليمن فلم ا اص بح على مش ارف ي ثرب اتص ل بزعم اء االوس‬
‫والخزرج الذين نصحوه بدعوة رؤوساء اليهود ووجوههم واستئصالهم ‪ ،‬فصنع ملك‬
‫غس ان طعام ا دعي الي ه رؤوس اء اليه ود فلم ا حض روا عن ده وثب عليهم وقتلهم عن‬
‫اخرهم ‪ ،‬فاصبح للعرب الغلبة على يهود يثرب ‪ .‬واتخذوا الديار واالموال " وتفرقت‬
‫االوس والخزرج في عالية المدينة وسافلتها ونزل يعضهم في مناطق كانت مهجورة‬
‫فعمروها ومنهم من لجأ الى قرية من قرى يثرب واتخذوا االموال وااللهام ‪ ،‬وابتنوا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مائة وسبعة وعشرين أطما‬

‫()علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص ‪. 114‬‬ ‫‪1‬‬

‫()لعل المقصود بابي جبيلة الغساني هو الحارث بن جبيلة الغساني احد ملوك الغساسنة ( سالم‬ ‫‪2‬‬

‫دراسات ‪ ،‬ص ‪. ) 546‬‬


‫()محم د بن محم ود بن النج ار – ال درة الثمين ة في ت اريخ المدين ة ط مص ر ‪ 1956‬ص ‪327‬‬ ‫‪3‬‬

‫السمهودي وفاء الوفا ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 134‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫اال ان الخالف س رعان م ا وق ع بين االوس والخ زرج فان دلعت الح روب بين‬
‫الط رفين واس تمرت ح تى قبي ل الهج رة النبوي ة الى ي ثرب ‪ ،‬وك ان اول تل ك الح روب‬
‫الح رب المعروف ة بح رب س عير ‪ ،‬ثم ي وم الس رارة وي وم ال ديك وي وم ف ارع ‪ ،‬ثم ي وم‬
‫الفجار االول والثاني وكان اخرها يوم بعاث الذي حدث قبل الهجرة بخمس سنين وقد‬
‫لعب يهود يثرب دورا بارزا في اشعال نيران الفتنة بين االوس والخزرج طعما في‬
‫وك ان من نت ائج الح روب‬ ‫(‪)1‬‬
‫تف تيت وح دتهم وامال في اس ترجاع س يادتهم في ي ثرب‬
‫بيت ع رب االوس والخ زرج اض طراب الحي اة االقتص ادية في ي ثرب وفق د الفريق ان‬
‫خسائر كبيرة في االرواح واالموال واالمالك ‪ ،‬االمر الذي دفعهم الى التفكير بإحالل‬
‫السالم بينهما ‪ ،‬لقطع الطريق امام يهود يثرب الذين كانوا يسعون الى ابقاء الخالف‬
‫بين االوس والخزرج فاتفق رأيهما على تولية واحد منهم اميرا وسيدا عليهم ‪ ،‬فكان‬
‫عب د اهلل بن علي بن س لول الع وفي س يدا على الخ زرج وابي ع امر عب د عم ر بن‬
‫ص يفي بن النعم ان س يدا على االوس وبينم ا ك انت الخ زرج تن وي تت ويج عبداهلل ابن‬
‫ابي ملكا وتنظم له الخرز – شار الملك عندهم – فاجأهم الرسول االعظم صلى اهلل‬
‫علي ه وس لم ب الهجرة المبارك ة الى ي ثرب ‪ ،‬تل ك الهج رة ال تي ك انت نقط ة تح ول في‬
‫تاريخ االسالم ‪ ،‬فلما رأى عبداهلل بن ابي انصراف قومه عنه ودخولهم في االسالم "‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫دخل فيه كارها مصرا على نفاق وضعن "‬
‫ام ا اب و ع امر س يد االوس فان ه غ ادر ي ثرب في بض عة عش ر رجال الى مك ة‬
‫مفارقا لإلسالم ‪ ،‬فلما فتح اهلل تعالى على رسوله مكة تركها الى الطائف فلما فتحها‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم ودخل اهلها في االسالم سار الى بالد الشام حيث مات‬
‫هناك(‪.)3‬‬

‫الطائف‬

‫()السمهودي – وفاء الوفا ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 155‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ابن هشام – السيرة ج‪ 2‬ص ‪ ، 235 ، 234‬علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ، 115‬سالم دراسات في تاريخ العرب ‪ ،‬ص ‪. 560‬‬


‫()نفس المصدر = السيرة ج‪ 2‬ص ‪. 235‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫أ‪ .‬الموقع والمناخ ‪ :‬تقع الطائف في الجنوب الشرقي من مكة على بعد خمسة وسبعين‬
‫ميال نهت ‪ ،‬ترتف ع عن س طح البح ر نح و خمس ة االف واربعمائ ة ق دم على ظه ر‬
‫ويحيط بالطائف‬ ‫(‪)1‬‬
‫جبل غزوان من جبال السراة التي تمتد بحذاء البحر االحمر‬
‫نط اق من الم زارع والبس اتين تمت د نح و ثالث ة او اربع ة كيلوم ترات من المرك ز‬
‫العمراني بالمدينة ‪ ،‬ويطوق جبل غزوان جابنا من هذه المزارع بينما ينفتح سهل‬
‫الطائف تجاه مكة ‪ .‬والى الشرق من الطائف يقع وادي لية ‪ ،‬وبالقرب منها ايض اً‬
‫‪ .‬اما مناخ الطائف فمعتدل نظرا الرتفاعها وكثرة‬ ‫(‪)2‬‬
‫يقع وادي ركبة ووداي مطار‬
‫الم زارع والبس اتين حوله ا ‪ ،‬وق د وص فها المقدس ي ( بانه ا ش امية اله واء ب اردة‬
‫الماء ) فكانت مصيفا ألهل مكة يلجئون اليها عند اشتداد الحرارة صيفا ‪ ،‬اما في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الشتاء فيكون فيها الطقس بارد الى حد تتجمد معه المياه‬
‫وك انت الط ائف تع رف ق ديما باس م ( وج ) نس بة الى وادي وج ال ذي ينس ب‬
‫‪ ،‬ويرج ع بعض الم ؤرخين تس ميتها بالط ائف‬ ‫(‪)4‬‬
‫الى وج بن عب د الحي من العم اليق‬
‫الى ان رجال من الص دف يق ال ل ه ال دمون بن عب د المل ك ك ان ق د قت ل ابن عم ل ه‬
‫حض رموت فخ رج هارب ا ح تى ن زل بموض ع الط ائف ‪ ،‬فح الف اح ر اش ارفها وه و‬
‫مس عود بن معتب الثقفي ‪ ،‬وت زوج من ثقي ف فأق ام لهم في مقاب ل طوق ا مث ل الحائ ط‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫حتى ال يصل اليهم احد من العرب فسمي الموضع بالطائف‬
‫ب‪ .‬سكان الطائف ‪ :‬كان غالبية سكان الطائف من ثقيف وقد كان لهم فيها بيتا يسترونه‬
‫بالثياب ويهدون له الهدى ويطوفون حوله ويسمونه الربة يضم بداخلة صخرة‬
‫‪ ،‬باإلضافة‬ ‫(‪)6‬‬
‫مربعة تعرف بالالت فكانوا يعظمونه كتعظيم اهل مكة للكعبة‬
‫الى ثقي ف س كن الط ائف جماع ة من حم ير وهم من أزد الس راة وق وم من‬
‫ق ريش من كنان ة وع ذرة كم ا س كنها جماع ة من ه وزان واالوس ومزين ة‬

‫()المقدسي – احسن التقاسيم ص ‪، 79‬علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص ‪. 116‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم – دراسات في تاريخ العرب ص ‪. 522‬‬ ‫‪2‬‬

‫()المقدسي – احسن التقاسيم ص ‪. 79‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سالم – دراسات ص ‪. 521‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ياقوت – معجم البلدان ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪. 198‬‬ ‫‪5‬‬

‫()ابن هشام – السيرة ج‪ 1‬ص ‪ ، 49‬علي ابراهيم حسن التاريخ االسالمي ص ‪. 118-117‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وجهين ة وطائف ة من اليه ود ال ذين اق اموا فيه ا للتج ارة كم ا س كنها ق وم من‬
‫الروم(‪.)1‬‬
‫الحي اة االقتص ادية في الط ائف ‪ :‬ت أتي الط ائف بع د مك ة من حيث االهمي ة‬ ‫ت‪.‬‬
‫االقتصادية فاسمها يقترن عادة بمكة فيقال مكة من الطائف والطائف من مكة‬
‫وكانت ا تس ميان ب القريتين من قول ه تع الى " وق الوا ل وال ن زل ه ذا الق ران على‬
‫وتعت بر الزراع ة عم اد ال ثروة االقتص ادية في‬ ‫(‪)2‬‬
‫رج ل من القري تين عظيم "‬
‫الطائف وقد ساعد على قيامها جودة التربة وتوافر المياه ومالئمة المناخ مما‬
‫ادى الى قي ام نش اط زراعي على نط اق واس ع ‪ ،‬فانتش رت حوله ا الم زارع‬
‫والبساتين التي تنتج انواع الفاكهة والخضروات ‪ ،‬وكانت مكة تعتمد على ما‬
‫وفي مقدم ة حاص الت الط ائف الرم ان والم وز‬ ‫(‪)3‬‬
‫تنتج ه الط ائف من الفواك ه‬
‫وال تين والعنب والزيت ون والخ وخ والس فرجل والبطيخ والقمح وك ان لتم ور‬
‫وك روم الط ائف ش هرة واس عة في بالد الع رب وق د ذك ر ي اقوت ذل ك فق ال‬
‫( فيها العنب العذب ما ال يوجد مثله في بلد من البلدان واما زبيبها فيضرب‬
‫‪ .‬والى جانب من حرفة الزراعة مارس اهل الطائف تربية‬ ‫(‪)4‬‬
‫بحسنة المثل )‬
‫النحل فقد كان العمل احد مصادر الثروة االقتصادية عندهم واكتسب عسل‬
‫الط ائف ش هرة واس عة في س ائر بالد الع رب في الجاهلي ة واالس الم ‪ ،‬ك ذلك‬
‫اس تفاد س كان الط ائف من اش جار الغاب ات المج اورة لهم على س فوح جب ل‬
‫غ زوان فاتخ ذوا الحطب للوق ود وص ناعة الفحم واس تخرجوا القط ران ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫باإلضافة الى استغالل تلك الغابات لصيد مختلف الحيوانات والفهود‬
‫ام ا من ناحي ة التج ارة فك ان لموق ع الط ائف على ط رق القواف ل االتي ة من‬
‫الجنوب اث ره في انتع اش التج ارة فيه ا وك انت القواف ل تخ رج الى مك ة حامل ة الزبيب‬

‫()سالم ‪ -‬دراسات ص ‪. 532-531‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سورة الزخرف ‪ 43‬اية ‪ 31‬سالم ‪ ،‬دراسات ‪. 524‬‬ ‫‪2‬‬

‫()المقدسي – احسن التقاسيم ص ‪. 79‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ياقوت – معجم البلدان ج‪ ،6‬ص‪.178‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سالم – دراسات ‪. 528-527‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫والقمح والعسل واالديم كل يوم باإلضافة الى العطر الذي كان يمد الى اهل مكة بما‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫يحتاجونه من طيب‬

‫الفصل السادس‬
‫الحضارة العربية قبل االسالم‬
‫طبقات المجتمع ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫صفات العرب ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫األسرة في المجتمع الجاهلي ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫مكانة المراَة في العصر الجاهلي ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫الوأد ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫المعتقدات الدينية عند العرب قبل األسالم‬
‫االصنام ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫االوثان‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫()علي ابراهيم حسن – التاريخ االسالمي العام ص ‪. 117‬‬ ‫‪1‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االنصاب ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الحج ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫األديان الخارجية‬
‫اليهودية‬ ‫‪.1‬‬
‫النصرانية‬ ‫‪.2‬‬
‫أديان اخرى‬ ‫‪.3‬‬
‫الصالت الحضارية ؟؟‬ ‫‪.4‬‬

‫الحياة االجتماعية في المجتمع الجاهلي‬


‫أوال طبقات المجتمع ‪ :‬ينقسم المجتمع الجاهلي الى ثالث طبقات اجتماعية ‪:‬‬
‫العرب الصليبة ‪ :‬وهم جمهور ابناء القبيلة الصرحاء وعمادها وقوامها الذين‬ ‫‪)1‬‬
‫يرتبط ون فيم ا بينهم برابط ة ال دم ‪ ،‬وينح درون من أص ل واح د مش ترك ه و‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الجد األعلى للقبيلة ‪ ،‬وكان لهؤالء حق االحتفاظ بحريتهم وحق االجارة‬
‫الحلف اء ‪ :‬واف راد ه ذه الطبق ة من المجتم ع الج اهلي لم تكن ت ربطهم بابن اء‬ ‫‪)2‬‬
‫القبيل ة رابط ة ال دم ‪ ،‬انم ا لج أوا الى القبيل ة على اس اس الم واالة ب الجوار ‪،‬‬
‫ومعظم ه ؤالء من الخلع اء ال ذين ارتكب وا من الج رائم م ا دعي قب ائلهم الى‬
‫الت برأ منهم وخلعهم ‪ ،‬وك ان الخل ع يتم في االس واق والمحاف ل على م رأى‬
‫ومس مع من الن اس ‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة يض طر الخلي ع الى اللج وء الى اح دى‬
‫القبائ ل ويض ع نفس ه في خ دمتها ‪ ،‬في مقاب ل الحص ول على حمايته ا والعيش‬
‫ويص بح من واجب ه الوف اء بجمي ع حقوقه ا ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫في كنفه ا بأم ان وين ال ش رفها‬

‫()كمال اليازجي ‪ :‬معالم الفكر العربي في العصر الوسيط ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1960‬ص ‪ . 18‬صالح‬ ‫‪1‬‬

‫العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪. 134‬‬


‫()صالح العلي ‪ :‬محاظرات في تاريخ العرب ص‪ ،134‬سالم دراسات ص ‪. 60‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫مثله مثل ابنائها ‪ ،‬ومن هؤالء الخلعاء طائفية الصعاليك المشهورة ‪ ،‬وكانوا‬
‫يمضون على وجوههم في الصحراء فيتخذون النهب وقطع الطريق سيرتهم‬
‫ودأبهم ‪ .‬مث ل ‪ :‬تأب ط ش را ‪ ،‬والس ليك بن الس لكة ‪ ،‬والش نفري ‪ ،‬ومنهم من‬
‫يظل في قبيلة لفضل فيه مثل عروة بن الورد ‪ ،‬فقد كان كريما ‪ ،‬فأثر عن انه‬
‫ك ان يجم ع الى خيمت ه فق راء قبيلت ه عبس ومعوزيه ا ومرض اها ‪ ،‬متخ ذا لهم‬
‫حض ائر ي أوون فيه ا ‪ ،‬قاس ما بين ه وبينهم مغانمة(‪. )1‬وق د ش اع نظ ام االحالف‬
‫وانتش ر انتش ارا واس عا قبي ل االس الم ‪ ،‬واالحالف ام ا فردي ة أو جماعي ة أي‬
‫تح الف قبيل ة م ع قبيل ة أخ رى ‪ ،‬والحل ف في ه ذه الحال ة األخ يرة أق رب الى‬
‫المعاه دات ‪ ،‬ومن امث ال ه ذا الن وع من االحالف ‪ :‬حل ف المطي بين وحل ف‬
‫الفضول ‪ ،‬وحلف الرباب ‪ ،‬وحلف الحمس ‪ ،‬وحلف قريش واألحابيش ‪ ،‬ويتم‬
‫الحلف عادة بالقسم ليكتسب صبغة دينية ‪ ،‬فكان العرب يعتقدون الحلف على‬
‫دم ال ذبائح ‪ ،‬أو بغمس األي دي في جف ان ممل وءة بال دماء فيعل ق ال دم ليع وض‬
‫ال دم الملع وق عن ال دم الم وروث ‪ ،‬أو بغمس األي دي في الطيب ( كحل ف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫المطيبين) ‪ ،‬أو في الرب ‪ ،‬وهو عصارة الثمار (كحلف الرباب )‬
‫العبيد ‪ :‬وهم أدنى طبقات المجتمع ‪ ،‬واغلب أفراد هذه الطبقة هم من أسرى‬ ‫‪)3‬‬
‫الح روب ‪ ،‬وك ان بعض هم نتيج ة الش راء من افريقي ة او ال والدة أو ال دين أو‬
‫القم ر ‪ ،‬ويعت برون ملك ا يب اع ويش ترى بي ع األم وال المنقول ة ‪ ،‬ويعه د اليهم‬
‫باالعمال اليدوية التي يأنف العرب القيام بها ‪ ،‬كالرعي والحدادة والحجامة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫والنجارة‬
‫وطبق ة العبي د ه ذه طبق ة محروم ة ال تمل ك ش يئا من الحري ة االجتماعية(‪ ، )4‬مثقل ة‬
‫بالواجب ات نح و س اداتها ‪ ،‬وك ان يح دث في بعض االحي ان أن يس تعيد بعض‬

‫() شوقي ضيف ‪ :‬العصر الجاهلي ص ‪. 67‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ص الح العلي محاض رات في ت اريخ الع رب ‪ . 136 ،134‬ماج د ‪ :‬الت اريخ السياس ي للدول ة‬ ‫‪2‬‬

‫العربية ج‪ 1‬ص ‪. 52‬‬


‫() سالم ‪ :‬دراسات ص‪. 601_600‬‬ ‫‪3‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 8‬ص ‪.42‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫هؤالء العبيد حريتهم مقابل خدماتهم ألسيادهم تبرر عتقهم وتحرير رقابهم(‪.)1‬‬
‫وق د ع رف ابن اء االم اء ال بيض من اَب اء ع رب بالهجن اء ‪ ،‬أم ا ابن اء االم ام‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫السود فيطلق عليهم اسم أغربة العرب‬

‫ثانيا ‪ :‬صفات العرب ‪:‬‬


‫أ‪ -‬الك رم ‪ :‬أش تهر الع رب من ذ الق دم بك رمهم وت رحيبهم بالض يف واالحتف اء ب ه ‪ ،‬فلم‬
‫‪ .‬وق د اعت بر‬ ‫(‪)3‬‬
‫تكن عن دهم خص لة تف وق خص لة الك رم واغاث ة الب ائس الفق ير‬
‫الع ربي الك رم اح دى مظ اهر الس يادة عن دهم ‪ ،‬فك انوا يتب اهون بك ثرة األض ياف ‪،‬‬
‫وكان من عاداتهم المشهورة في ذلك ‪ ،‬انهم كانوا يوقدون النا في الليالي الباردة‬
‫لتمكن الغرباء من االهتداء بها والنزول ضيوفا على اصحابها ‪ ،‬وكانوا يوقدون‬
‫النيران في االم اكن المرتفع ة لتكون أشهر ‪ ،‬وربما أوقدوها (بالمندلي الرطب )‬
‫ليهتدي بها العميان ‪ ،‬وهذه النار عندهم أجل سائر نيرانهم ‪ ،‬وفي ذلك‬ ‫(‪)4‬‬

‫يقول الشاعر ‪:‬‬


‫اذا النيران ألبست القناعا‬ ‫(‪)5‬‬
‫له نار تشب على يفاع‬
‫(‪)6‬‬
‫ولكن كان أربحهم ذراعا‬ ‫ولم ِ‬
‫يك اكثر الفتيان ماال‬
‫كم ا ك انوا يجت ذبون الض يف بنب اح الكالب ‪ .‬واذا ح دث ان ض ل أح د‬
‫الغرب اء الطري ق ولم ي ر ن ارا نبح كم ا تنبح الكالب ‪ .‬فتنبح الكالب على نباح ه ‪،‬‬
‫فيتمكن ب ذلك من االهت داء الى مك ان الحي ‪ ،‬وكنت الكالب تك افئ على ذل ك‬
‫بنصب من لحوم الماشية التي تنحر للضيوف ‪ .‬وفي ذلك يقول نابغة بن جعدة ‪:‬‬

‫()اليازجي ‪ :‬معالم الفكر العربي ص ‪. 18‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 601‬‬ ‫‪2‬‬

‫()احمد امين ‪ :‬فجر االسالم ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1969‬ص‪ . 10‬شلبي ‪ :‬التاريخ االسالمي ج‪ 1‬ص ‪83‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.‬‬
‫() المندلي الرطب ‪ :‬عطر ينسب الى مندل _ بلدة من بالد الهند _ مما يتبخ به ( االلوسي ‪ :‬بلوغ‬ ‫‪4‬‬

‫االرب ج‪ 1‬ص ‪. ) 69‬‬


‫()اليفاع ‪ :‬المكان المرتفع ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫()الذراع ‪ :‬يراد به النفس ‪ .‬االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص‪. 70 _69‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫لينبح كلب او ليف زع ن وم‬ ‫ع وى في س واد اللي ل بع د اعتس افه‬
‫له عند اتيان الملمين مطعم‬ ‫فجاوبة متسمع الصـ ـ ــوت للقرى‬
‫(‪)1‬‬
‫يكلمة من حبه وهو أعجم‬ ‫يكاد اذا ما ابصر الضيف مقبال‬
‫وق د أش تهر ع دد من رج االت الع رب ممن عرف وا بك رمهم ‪ ،‬وض ربوا‬
‫المثل في السخاء منهم حاتم الطائي ‪ ،‬أحد شعاء الجاهلية وهو القائل ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وما في اال تلك من شيمة العبد‬ ‫واني لعبد الضيف ما دام ثاويا‬
‫ومنهم كعب بن ما مه األيادي الذي قيل فيه ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والجود بالنفس اقصى غاية الجود‬ ‫يجود بالنفس اذا ضن البخيل بها‬
‫ومن ض رب بك رمهم المث ل أيض ا أوس بن حارث ة بن الم الط ائي ال ذي‬
‫اشتهر "بابن سعدى" وفيه يقول أحد الشعراء ‪:‬‬
‫ليقضي حاجتي فيمن قضاها‬ ‫الى أوس بن حارثة بن الم‬
‫(‪)4‬‬
‫وال لبس النعال وال احتذاها‬ ‫فما وطئ الثرى مثل ابن سعدى‬
‫وهماك كثيرون من العرب ممن اشتهر بجوده وكرمه ‪ ،‬مثل عبداهلل بن‬
‫حبيب العنبري ‪ ،‬وعبداهلل بن جدعان وقيس بن سعد وغيرهم ‪.‬‬
‫الشجاعة‪ :‬كان للشجاعة والفروسية عند العرب منزلة ال تعلوها منزلة ‪،‬‬
‫فعرف وا بش جاعتهم وع دم مب االتهم ب الموت ‪ ،‬فك انوا يس تهينون بأنفس هم في س بيل‬
‫الدفاع عن الشرف وصيانة العرض ‪ ،‬وفي سبيل هذه الحياة وروح الكفاح التي‬
‫التهبت به ا نفس الع ربي ازدارى الم وت واس تهجن البك اء واَن ف ان يم وت حت ف‬
‫انفه ‪ ،‬الن الميتة الكريمة هي التي يموت فيها في ساحة الحرب قطعا بأطراف‬
‫الرماح وموتا تحت ظالل السيوف ‪ ،‬وفي ذلك يقول السمؤل بن عادياه ‪:‬‬
‫وال طل منا حيث كان قتيل‬ ‫وما مات منا سيد حتف أنفة‬

‫()االلوس ي ‪ :‬بل وغ االرب ج‪ 1‬ص‪ ( ، 51‬االعتس اف ‪ :‬االَخ ذ في الطري ق على غ ير هداي ة ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الملمين ‪ :‬االضياف ) ‪.‬‬


‫()نفس المصدر ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪. 75‬‬ ‫‪2‬‬

‫()نفس المصدر ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪. 82‬‬ ‫‪3‬‬

‫()نفس المصدر ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪. 84‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫(‪)5‬‬
‫وليست على غير الظباة تسيل‬ ‫تسيل على حد الظباة نفوسنا‬

‫وقال عمرو بن كلثوم ‪:‬‬


‫( ‪)2‬‬ ‫على هالك أو ان نضج من القتل‬ ‫معاذ االله ان تنوح نساؤنا‬
‫بأرض براح ذي أراك ودي اثل‬ ‫قراع السيوف بالسيوف أحلنا‬
‫وي رى بن خل دون أن ع رب البادي ة ك انوا أك ثر ش جاعة من أه ل الم دن‬
‫النغم اس ه ؤالء في النعيم وال ترف ‪ .‬واعتم ادهم على ال والي والح اكم في ال دفاع‬
‫‪ .‬وق د أورد االخب اريون الع رب اس ماء ع دد كب ير من‬ ‫(‪)3‬‬
‫عن ام والهم وانفس هم‬
‫اش تهر بالش جاعة واالق دام ‪ ،‬منهم خال د بن جعف ر بن كالب الع امري ومجم ع بن‬
‫هالل بن خال د بن مال ك وعتيب ة بن الح ارث وعن ترة بن ش داد وزي د الخي ل‬
‫ومالعب االس نة وع امر بن الطفي ل وعم رو بن مع د بن ك رب وعم رو بن كلث وم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫وغيرهم‬
‫الوفاء ‪ :‬الوفاء صفة مالزمة للعرب فكانوا ال يقدرون شيئا كما يقدرون الوفاء ‪،‬‬
‫فعرف وا بوف ائهم للعه ود وك راهيتهم للغ در واس تهجانهم الك ذب وتقبيح ه ‪ .‬فالوف اء‬
‫بالعه د عن دهم دين ا يتمس كون ب ه ويس تهينون في س بيل الوف اء ب ه قت ل أوالدهم‬
‫وتخ ريب دي ارهم ‪ ،‬وك ان الع رب يغل ون في الوف اء للج ار والحلي ف ح تى يك ون‬
‫وقد وردت في كتب االخبار أمثله كثيرة‬ ‫(‪)5‬‬
‫عندهم مقدما على االبناء واالخوان‬
‫عن الوف اء ‪ ،‬كقص ة الس مؤال ال ذي أبي أن يس لم الح ارث بن أبي ش مر الغس اني‬
‫دروع ام رئ القيس ال تي اودعه ا عن ده ‪ ،‬وقص ه وف اء ه انئ بن مس عود الش يباني‬
‫لودائ ع النعم ان وال تي تس بب في قي ام الحب بين الع رب والف رس في ذي ق ار ‪.‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪ ( 104_103‬الظباة ‪ :‬جمع ظبة وهي حد السيف ) ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫()نفس المصد ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪ ( 113‬البراح ‪ :‬االرض الخالية من العمران ‪ ،‬واالرائك‬ ‫‪2‬‬

‫واالثل ‪ :‬نوعان من الشجر تنبتان في االرض السهلة ) ‪.‬‬


‫()ابن خلدون ‪ :‬المقدمة ج‪ 1‬ص ‪. 419 _418‬‬ ‫‪3‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 1‬ص ‪.121 – 120‬‬ ‫‪4‬‬

‫()الخضري ‪ :‬محاضرات في تاريخ االمم االسالمية ج‪ 1‬ص ‪ ، 42_41‬شوقي ضيف‪ :‬العصر‬ ‫‪5‬‬

‫الجاهلي ص ‪. 69‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وقصة وفاء ابن زهير المازني الذي قتل اخاه لغدره بجار له ووفاء حنظلة بن‬
‫عف راء ‪ ،‬وغ يرهم ‪ ،‬وقص ص الوف اء ه ذه تكس ب اص حابها واَلهم ش رفا عظيم ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ينتقل الى االعقاب‬
‫العفة ‪ :‬اتصف العرب بالعفة وغض النظر عن النساء ‪ ،‬واعتبروا العفة من شروط‬
‫السيادة عندهم كالشجاعة والكرم ‪ ،‬فكانوا يفتخرون بها ‪ .‬وفي ذلك يقول عنترة‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫بن شداد‬
‫واغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها‬
‫وكقول الخنساء في اخيها صخرا (‪)3‬لم تره جار يمشي بساحتها لريبة حتى يخلى بيته‬
‫الجار‬
‫‪ _3‬االسرة في المجتمع الجاهلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الزواج ‪ :‬كان اهتمام العرب واضحا في اختيار زوجاتهم فحرصوا على أن تكون‬
‫الزوج ة من المنجب ات المت وفرة فيهن النجاب ة وال ذكاء والجم ال ‪ ،‬فعليه ا يتوق ف‬
‫مس تقبل العش يرة ومكان ة الجي ل الجدي د ‪ ،‬وانه ا ق د تق وم ب دو سياس ي واجتم اعي‬
‫ه ام ‪ ،‬ف الزواج ق د ي ؤدي الى تراب ط األس ر البعي دة ‪ ،‬وينتج عن المص اهرة بين‬
‫االث نين ألف ة بين القبيل تين وم واالة بين العش يرتين ‪ ،‬ف ان رابط ة الف رد م ع عش يرة‬
‫أخوال ه ق د ال تق ل ق وة عن رابطت ه م ع اعمام ه وفي ه ذا أث ر كب ير على تق ارب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الناس وتعاونهم‬
‫وك ان لع رب الجاهلي ة في ال زواج جمل ة عق ود تختل ف ب اختالف االم اكن‬
‫وباختالف اوضاعها االجتماعية واتصالها بالخارج ‪ ،‬ولم تكن انواع الزواج هذه ب دعا‬
‫خاص ا بالج اهليين ‪ ،‬ب ل ك انت معروف ة عن د الس اميين وهي مراح ل م رت على جمي ع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫البشر ‪ ،‬وال يزال الكثير منها قائما في انحاء عديدة من العالم‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص ‪ ، 342‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 610‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 609‬‬ ‫‪2‬‬

‫() محمد احمد الحوفي ‪ :‬الحياة العبية في الشعر الجاهلي ص ‪. 283‬‬ ‫‪3‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص‪ ، 6‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص‪. 142‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 253‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫انواع الزواج ‪:‬‬
‫الزواج البعولة ‪ :‬كان هذا النوع من الزواج شائعا عند العرب وفي كل انحاء‬ ‫‪.1‬‬
‫الجزيرة العربية بين أهل الحضر واهل الوبر ‪ ،‬ويتم بان يخطب الى الرجل‬
‫ابنته فيصدقها أي يعين صداقها ويسمى مقداره ثم يعقد عليها بالتراضي مع‬
‫أه ل الزوج ة ‪ .‬ولم يكن الع رب في ج اهليتهم يح ددون ع دد الزوج ات فك ان‬
‫مباح ا للرج ل ان ي تزوج من النس اء م ا أحب ‪ ،‬وق د نهى االس الم الجم ع بين‬
‫فقال تعالى‬ ‫(‪)1‬‬
‫أكثر من اربع زوجات ‪ ،‬واشترط وجوب العدل بين الزوجات‬
‫‪" :‬وان خفتم اال تقس طوا في اليت امى ف انكحوا م ا ط اب لكم من النس اء مث نى‬
‫(‪)2‬‬
‫وثالث ورباع ‪ ،‬فان خفتم أال تعدلوا فواحدة أو ملكت ايمانكم "‬
‫زواج المتع ة ‪ :‬وه و ال زواج الى أج ل مس مى ف اذا انقض ى وقعت الفرق ة ‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وتختلف مدة العقد حسب اتفاق الطرفين ‪ .‬وينسب األوالد في هذه الحال الى‬
‫امهاتهم ‪ .‬وكان الدافع الى حدوث هذا النوع من الزواج هو التنقل واالسفار‬
‫والح روب حيث يض طر الم رء الى الق تران ب أمرأة ألج ل مح دد على ص داق‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫معين فاذا انتهى انفسخ العقد‬
‫وذك ر لم ؤخرون أن الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم ك ان ق د أب اح المتع ة في غ زوة‬
‫ب ني المص طلق وفي فتح مك ة لم دة ثالث ة أي ام ثم ح رمت بع د ذل ك ‪ ،‬وقي ل ان‬
‫الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) شدد في تحريم هذا النوع من الزواج‬
‫مستندا على شهادة شهود في تحريم الرسول صلى اهلل عليه وسلم لها (‪.)4‬‬
‫‪ .3‬زواج الشغار ‪ :‬ويتم هذا النوع من الزواج دون مهر ‪ ،‬فكان الرجل يزوج ابنته‬
‫أو اخت ه على ان يزوج ه االَخ ر بابنت ه أو اخت ه ‪ ،‬فك ان يق ال في الجاهلي ة ‪":‬‬
‫ش اغرني أي زوجي أخت ك أو ابنت ك أو من تلي امه ا ح تى ازوج ك اخ تي أو‬

‫()االلوسي ‪:‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص‪ ، 3‬جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪،‬ج‪ 5‬ص‪. 256‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سورة النساء ‪. 30‬‬ ‫‪2‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص‪ ، 5‬جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪. 254،255‬‬ ‫‪3‬‬

‫صالح العلي محاضرات ص ‪. 146‬‬


‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات ص‪. 147_146‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫يكون بينهما مهر " ‪ ،‬وقد نهى االسالم عن هذا‬ ‫(‪)1‬‬
‫بنتي او من الي امرها وال‬
‫‪ ،‬وجاء في الحديث أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫(‪)2‬‬
‫النوع من الزواج‬
‫قال ‪ ( :‬الشغار في االسالم ) (‪.)3‬‬
‫‪ . 4‬زواج المقت ‪ :‬تعام ل الم رأة فيه ذه الحال ة معامل ة الترك ة ‪ ،‬في تزوج الرج ل‬
‫زوجة ابيه كجزء من ميراثة(‪ ،)4‬وقد ابطل االسالم هذا النوع من الزواج فقال‬
‫تع الى في الق رأن الك ريم ‪ :‬وال تنكح وا م ا نكح اب اؤكم من النس اء اال م ا ق د‬
‫وقول ه ع ز وج ل ‪ ( :‬ي ا ايه ا‬ ‫(‪)5‬‬
‫س لف ‪ ،‬ان ه ك ان فاحش ة ومقت ا وس اء س بيال‬
‫الذين امنوا ال يحل لكم ان ترثوا النساء كرها وال تعضلوهن لتذهبوا ببعض‬
‫(‪)6‬‬
‫ما اتيتموهم)‬
‫‪ .5‬زواج االس ر ‪ :‬ك ان اس ر النس اء من الع ادات المألوف ة في الجاهلي ة وق د اطل ق‬
‫على المرأة االسيرة اسم النزيعة اي التي انتزعت من اهلها كرها ‪ ،‬وتعتبر‬
‫ملك ا خاص ا لس يدها ان ش اء تزوجه ا او زوجه ا لغ يرة او باعه ا بي ع العبي د ‪،‬‬
‫والزواج في هذه الحالة يتم بدون مهر ايضا(‪)7‬وباالضافة الى ما تقدم عرف‬
‫الع رب انواع ا اخ رى من ال زواج لكنه ا لم تكن ش ائعة عن د الجمي ع ب ل‬
‫اقتص رت في احي اء معين ة من بالد الع رب‪ ،‬ك زواج االستبض اع والمخادن ة‬
‫والبدل والرهط(‪.)8‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص ‪ ، 5‬جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪ ، 255‬علي‬ ‫‪1‬‬

‫ابراهيم حسن ‪ :‬التاريخ االسالمي العام ص ‪. 499‬‬


‫()عبد الكريم زيدان ‪ :‬المدخل لدراسة الشريعة االسالمية ص ‪26‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 257‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪.257‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سورة النساء االية ‪.32‬‬ ‫‪5‬‬

‫()سورة النساء ‪. 19‬‬ ‫‪6‬‬

‫()علي ابراهيم حسن ‪ :‬التاريخ االسالمي العام ص ‪ ،449‬جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‬ ‫‪7‬‬

‫‪ 5‬ص ‪. 268‬‬
‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪2‬ص‪ ، 50‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات ‪ ،‬ص ‪.148-147‬‬ ‫‪8‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ب‪ -‬الطالق ‪ :‬ك ان الطالق مباح ا عن د الع رب ‪ ،‬وه و من المص طلحات الجاهلي ة‬
‫القديمة ‪ ،‬ويعني عندهم تنازل الرجل عن كل حقوقه التي كانت له على زوجته‬
‫ومفارقته لها ‪ .‬وكان الطالق بيد الرجل ‪ .‬اما النساء فلهن العدة ‪ ،‬اال انه وجد من‬
‫النس اء من اش ترطن ان يك ون ام رهن بأي ديهن ‪ ،‬ان ش ئن اقمن ‪ ،‬وان ش ئن ت ركن‬
‫معاش رتهم واوقعن الطالق ‪ ،‬من ه ؤالء النس وة ‪ :‬س لمى بنت(‪)1‬عم رو بن زي د بن‬
‫لبي د الخزجي ه وفاطم ة بنت الخرش باالنمارية ‪ ،‬وعاتك ة بنت م رة ‪ ".‬وك ان الع رب‬
‫في الجاهلي ة يطلق ون ثالث ا على التفرق ة ‪ .‬واول من س ن ذل ك لهم اس ماعيل بن‬
‫ابراهيم عليها السالم ثم فعلت العرب ذلك ‪ ،‬فكان احدهم يطلق زوجته واحدة وهو‬
‫اي ان ه بع د‬ ‫(‪)2‬‬
‫اح ق الن اس به ا ح تى اذا اس توفى الثالث انقط ع الس بيل عنه ا "‬
‫الطالق الث الث ال يمكن لرج وع الى الزوج ة ‪ ،‬فتص بح طالق ة طالق ا بائن ا وتك ون‬
‫عندئذ بائنة عليه(‪ )3‬وقد اقر االسالم ذلك ‪ ،‬وحرم جواز الرجوع الى الزوجة بعد‬
‫التطليقات الثالث حتى تنكح زوجا غيره ‪ ،‬فقال تعالى ‪ ( :‬الطالق مرتان فأمساك‬
‫بمع روف او تس ريح باحس ان وال يح ل لكم ان تأخ ذوا مم ا اتيتم وهن ش يئا اال ان‬
‫يخافا اال يقيما حدود اهلل خفتم اال يقيما حدود اهلل فال جناح عليهما فيما افتدت به‬
‫تلك حدود اهلل فال تعتدوها ومن يتعد حدود اهلل فأولئك هم الظالمون )(‪. )4‬‬
‫وع رف عن د الع رب الجاهلي ة ايض ا انواع ا اخ رى من الطالق ‪ ،‬ومنه ا ‪ :‬طالق‬
‫(الظهار ) وهو تشبيه الرجل زوجته او زوجته او ما يعبربه عنها او جزء شائع‬
‫بمحرم عليه تأبيدا ‪ ،‬كأن يقول ‪ :‬انت علي كظهر امي ‪ ،‬او كبطنها ‪ ،‬او كفخذها‬
‫‪ ،‬وقد اشار القران الكريم الى ذلك فقال تعالى ‪( :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬او كظهر اختي ‪ ،‬او عمتي‬
‫وال ذين يظ اهرون من نس ائهم ثم يع ودون لم ا ق الوا فتحري ر –رقب ة من قب ل ان‬
‫يتماس ا ذلكم توعظ ون ب ه ‪ ،‬واهلل بم ا تعمل ون خب ير ‪ .‬فمن لم يج د فص يام ش هرين‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪. 272-270‬‬ ‫‪1‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص‪. 49‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 270‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة البقرة ‪. 230-229‬‬ ‫‪4‬‬

‫() االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص‪ ، 50‬جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪،‬ج‪ 5‬ص ‪270‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ام ا طالق‬ ‫(‪)1‬‬
‫متت ابعين من قب ل ان يتماس ا فمن لم يس تطع فاطع ام س تين مس كينا )‬
‫( االيالء ) ‪ ،‬فيعني تحديد فراق الرجل لزوجته بأجل ال يقترب في خالله منها ‪،‬‬
‫وكان ايالء العرب في الجاهلية السنة والسنتين ‪ ،‬فجعل في االسالم اربعة اشهر‬
‫فمن ك ان ايالؤه اق ل من اربع ة اش هر فليس ب ايالء(‪ )2‬فق ال ع ز وج ل ‪ " :‬لل ذين‬
‫يؤل ون من ش أنهم ت ربص اربع ة اش هر ‪ ،‬ف ان اف أوا ف ان اهلل غف ور رحيم ‪ .‬وان‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫عزموا الطالق فان اهلل سميع عليم"‬
‫وفي بعض الح االت تبقى الزوج ة في عصمة زوجه ا ولكن ه اليراجعه ا وال يطلقه ا ‪.‬‬
‫ويظل مفارقا لها ‪ ،‬بقصد ارغامها على دفع مقدار من المال ‪ ،‬ليسمح لها بالطالق‬
‫وال زواج من غ يره ‪ ،‬وع رف ه ذا الن وع من الطالق "طالق العض ل" ‪ ،‬وق د نهى‬
‫االسالم ذلك وحرمه (‪ ،)4‬فقال تعالى في القراَن الكريم ‪:‬‬
‫(واذا طلقتم النس اء فبلغن اجلهن فامس كوهن بمعروف ه أو س رحوهن بمع روف ‪ ،‬وال‬
‫(‪)5‬‬
‫تمسكوهن ضرارا لتعيدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)‬
‫وكان من العرب يطلق زوجته ويفارقها ‪ ،‬اال انه لم يكن يسمح لها بالزواج من غيره‬
‫فيهددها ويهدد أهلها اذا حاولت الزواج أو يعمد الى ارضاء أهلها بالمال لمنعها‬
‫(‪)6‬‬
‫من الزواج‬
‫وق د ح رم االس الم ذل ك في قول ه ع ز وج ل‪ ( :‬واذا طلقتم النس اء فبلغن اجلهن فال‬
‫تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به ‪ ،‬من‬
‫ك ان منكم ي ؤمن باهلل والي وم االخ ر ذلكم أزكى لكم واطه ر واهلل يعلم وانتم ال‬
‫تعلمون)(‪. )7‬‬
‫رابعا ‪ :‬مكانه المرأة في العصر الجاهلي ‪:‬‬

‫()سورة المجادلة ‪. 4،3،2‬‬ ‫‪1‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص‪ ، 50‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات ‪148 ، 147‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 271‬‬ ‫‪3‬‬

‫()نفس المرجع ‪ :‬ج‪ 5‬ص ‪ ، 270‬صالح العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪. 148‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سورة البقرة ‪. 230‬‬ ‫‪5‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 271‬‬ ‫‪6‬‬

‫()سورة البقرة ‪. 232‬‬ ‫‪7‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫كان للمرأة العربية مكانة كبيرة في المجتمع الجاهلي فظهرت أشد ما تكون‬
‫قوة واكثر ما تكون حرية ‪ ،‬وكان هناك نوعان من النساء ‪ ،‬اماء وحرات ‪ ،‬واالماء‬
‫كث يرات ‪ ،‬منهن القي ان والج واري ‪ ،‬وق د ي رعين االب ل واالغن ام ‪ ،‬وكن في منزل ة‬
‫دانية ‪ ،‬وكان العرب اذا استولدوهن لم ينسبوا الى انفسهم أوالدهن ‪ ،‬اال اذا اظهروا‬
‫بطول ة تش رفهم على نح و م ا ه و مع روف عن عن ترة بن ش داد ‪ ،‬ف ان أب اه لم يلحق ه‬
‫بنس به اال بع د ان اثبت ش جاعة فائق ة ردت الي ه اعتب اره ‪ .‬ام ا الح رة فك انت تق وم‬
‫بطهي الطعام ونسج الثياب واصالح الخباء ‪ ،‬اال اذا كانت من الشريفات المخدومات‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬فانه كان يقوم لها على هذه االعمال بعض الجواري‬
‫وك ان اح ترام الرج ال للنس اء واض حا ‪ ،‬انعكس ت ص ورة في االغ اني‬
‫والقصص والتاريخ ‪ ،‬فكانوا يخاطبونها وهي ذات زوج يلقبونها بخير االلقاب‪ ،‬كقول‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الشاعر‬
‫ضمي اليك رحال القوم والقربا‬ ‫يا ربة البيت قومي غير صاغرة‬
‫وك انوا يع دونها ج زء ال يتج رأ من عرض هم ‪ ،‬ولم يكن ش يء يث يرهم كس بي‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫نس ائهم فك انوا يركب ون ك ل وع ر ح تى يلحق وا بهن وينق ذوهن من ع ار الس بي‬
‫وش اركت الم رأة الرج ل في ك ل أم وره ‪ ،‬فكن ي رافقن ازواجهن الى الح رب ‪ ،‬يش دون‬
‫من ع زائم الرج ال بم ا ينش دن من اناش يد حماس ية ‪ ،‬ح تى اذا م ات ف ارس ندبن ه ن دبا‬
‫حارا حاضات على األخذ بثأره واالنتقام من قتلته ‪ .‬وكن يستشطن غضبا اذا رضيت‬
‫العشيرة بأخذ الدية ‪ ،‬ومالت الى الصلح حقنا للدماء (‪.)4‬‬
‫وك ان من ح ق الم رأة االحتف اظ بأمالكه ا الخاص ة ح تى بع د زواجه ا ‪ ،‬اذا ان‬
‫عقد الزواج كان يبيح للزواج حق الحياة مع الزوجة وحق انجاب األوالد له ال حق‬
‫تملكها ‪ ،‬وغالبا ما كان يؤخذ رأيها في الزواج ‪ ،‬فكن يخترن ازواجهن ويتركنهم اذا‬

‫()شوقي ضيف ‪ :‬العصر الجاهلي ص ‪. 72‬‬ ‫‪1‬‬

‫()الخضري ‪ :‬تاريخ االمم االسالمية ج‪ 1‬ص ‪. 18‬‬ ‫‪2‬‬

‫()شوقي ضيف ‪ :‬العصر الجاهلي ص ‪. 73‬‬ ‫‪3‬‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬العصر الجاهلي ص ‪. 73‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫لم يحس نوا مع املتهن (‪ .)1‬وك انت الم رأة تظ ل ح تى بع د زواجه ا مرتبط ة بقبيل ة أهله ا‬
‫‪ .‬وكان الرجل يستشير زوجته في كل اموره ويقف عند‬ ‫(‪)2‬‬
‫التي تحميها وتدافع عنها‬
‫رأيها ‪ ،‬فلم يكن يزوج بناته اال بعد ان يستشيرها ويأخذ موافقتها ‪.‬‬
‫وكان بعض العرب يفتخرون بنسبهم الى امهاتهم ‪ ،‬كما يفتخرون بنسبهم الى‬
‫اَبائهم ‪ ،‬ووجد من الملوك من نسب الى أمه ‪ .‬كالمنذر بن ماء السماء ملك الحيرة (‬
‫‪ 554_512‬م) ‪ ،‬وم اء الس ماء لقب ام ه ماري ة بنت ع وف ‪ ،‬وعم رو بن المن ذر‬
‫المع روف بعم رو بن هن د ‪ ،‬وه و من مل وك الح يرة أيض ا (‪574 _554‬م) ‪ ،‬ومن‬
‫مظ اهر اع تزاز الع رب ب األم م ا ورد على لس ان ع دد من ش عرائهم ‪ ،‬كق ول القت ال‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الكالبي في أمة عمرة بنت حرقة‬
‫من الالء لم يحضرن في القيظ دندنا‬ ‫لقد ولدتني حرة ربعــيــة‬
‫(‪)4‬‬
‫وقول الشنفري الشاعر الصعلوك الذي يظهر اعتزازه بأمه الحرة فيقول‬
‫وأمي ابنه األحرار لو تعرفينها‬ ‫انا ابن خيار الحجر بيتا ومنصبا‬
‫وب الرغم مم ا ع رف عن الع رب من حبهم للب نين وايث ارهم على البن ات ‪،‬‬
‫فقد وجد من كان يعطف على بناته ويرى انهن اكثر وفاء لآلباء من الصبيان ‪،‬‬
‫كقول معن بن اوس ‪:‬‬
‫وفيهن ال تكذب نساء صوالح‬ ‫رأيت رجاال يكرهون بناتهم‬
‫عوائد ال يمللنه ونوائــــــــــــــح‬ ‫وفيهن واأليام يعثن بالفتى‬
‫وهناك من العرب من تسمى بأسماء بناته ‪ ،‬كربيعة بن رياح والد زهير‬
‫الشاعر ‪ ،‬الذي كان يكني بابي سلمى ‪ ،‬والنابغة الذبياني الذي عرف بابي امامه‬

‫()االص فهاني ‪ ،‬االغ اني ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ 13‬وم ا بع دها ‪ .‬طبع ة دار الكتب المص رية ‪ .‬علي‬ ‫‪1‬‬

‫الهاشمي ‪ :‬المرأة في الشعر الجاهلي ص ‪. 60‬‬


‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 272‬‬ ‫‪2‬‬

‫()االغاني ‪ :‬ج‪ 20‬ص ‪. 381‬‬ ‫‪3‬‬

‫()المصد السابق ‪ :‬ج‪ 21‬ص ‪. 205‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وغيرهم ‪.‬وبلغ من منزلة المرأة العربية انها كانت تحمي من يستجير بها وترد‬
‫حريته اذا استشفع بها (‪.)1‬‬
‫وظه رت في الجاهلي ة طبق ة من النس اء لعبن دورا ب ارزا في المجتم ع‬
‫الجاهلي في الميادين واالقتصاد والدين واالدب كزنوبيا ملك تدمر ‪ ،‬وبلقيس ملك ة‬
‫س بأ ‪ ،‬وس جاح التميمي ة ‪ ،‬والخنس اء بنت عم رو ‪ ،‬وهن د بنت عتب ة زوج ة أبي‬
‫س فيان بن ح رب ‪ ،‬والس يدة خديج ة بنت خويل د زوج ة رس ول اهلل ص لي اهلل علي ه‬
‫وسلم فقد كانت تستأجر الرجال في اموالها ‪ ،‬وفي مكة نفسها كان مفتاح الكعبة‬
‫(‪)2‬‬
‫بيد امرأة هي حبى بنت حليل الخزاعي زوجة قصي بن كالب‬
‫وفي الحي اة العام ة ك انت الم رأة تعين الرج ل وتم ده بص ائب آرائه ا ‪،‬‬
‫وتنظم سلوكه ‪ ،‬ولها شأن كبير في حياة األسرة والقبيلة األمر الذي يفسر لنا بالغ‬
‫العناي ة به ا في معظم القص ائد ال تي وص لتنا من العص ر الج اهلي ‪ ،‬ومن أهم‬
‫ال دالئل على س مو منزلته ا في البيئ ة الجاهلي ة من ع رفت بأص الة ال رأي وحس ن‬
‫النظ ر ‪ ،‬ف روى عن عم رة ابن ة ع امر بن الظ رب أنه ا ك انت تس اعد أباه ا في‬
‫(الفتيا) عندما تقدم به السن وتستشار في األمور ‪ ،‬وقيل انها كانت ترفع العصا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اذا رأته سها في حكمة‬
‫أم ا الم رأة وهي فت اة فك انت تعيش في بين وال دها وتلقي من ه ك ل عط ف‬
‫ومن حقها ان تنعم بحياة وفيرة ‪ ،‬وقد عاشت بنات األشراف _ خاصة _ عيشة‬
‫رغي دة ناعم ه ‪ ،‬ف ورد في الش عر الج اهلي أنهن كن يلبس ن الخ ز والحري ر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫والديباج ‪ ،‬وتقوم االماء الكثيرات على خدمتهن والسهر على راحتهن‬
‫ولم يكن الع رب ل يرهقوا نس اءهم باألعم ال والواجب ات كم ا فع ل غ يرهم‬
‫من الش عوب ك الفرس واليون ان ‪ ،‬فك انت نس اء األس ر الراقي ة ن ادرا م ا يقمن‬
‫باألعم ال المنزلي ة ‪ ،‬اذ تكفيهن االم اء والخادم ات مؤون ة الطبخ وض رب الخي ام‬

‫()شوقي ضيف ‪ :‬العصر الجاهلي ص ‪ ، 72‬سالم ‪ :‬دراسات ص‪. 613‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪ ، 480‬علي الهاشمي ‪ :‬المرأة في الشعر الجاهلي ص ‪. 57_56‬‬ ‫‪2‬‬

‫()علي الهاشمي ‪ :‬المرأة في الشعر الجاهلي ص ‪. 57_55‬‬ ‫‪3‬‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬المرأة في الشعر الجاهلي ص ‪. 59‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وجلب الماء والى غير ذلك من االعمال المنزلية ‪ ،‬يجعل الخيار ‪ ،‬وكانت فيهن‬
‫بنت لقيس بن عاص م ‪ ،‬فاخت ارت س ابيها على زوجه ا ‪ ،‬فن ذر قيس بن عاص م ان‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫يدس كل بنت تولد له في التاب فوأد بضع عشرة بنتا‬
‫ويعتق د بعض الب احثين ان ه ذه الرواي ة ال نص يب له ا من الص حة ‪ ،‬وان‬
‫قيس بن عاص م لم يكن اول من وأد بنات ه في الجاهلي ة ‪ ،‬فق د ادرك قيس االس الم‬
‫واعلن اسالمه ‪ ،‬وليس من المعقول ان يكون الوأد قد ظهر قبيل االسالم بسنوات‬
‫بل على العكس من ذلك كان الوأد على وشك االنقراض (‪.)2‬‬
‫وهناك رواية أخرى تقول ان الوأد كان في ربيعة ‪ ،‬وسبب ذلك انه أغار‬
‫عليهم بعض اع دائهم فس بيت بنت ام ير لهم ‪ ،‬فلم ا عق د الص لح بين الط رفين‬
‫اخت ارت ابنت ه البق اء عن د اَس رها واَثرت ه على أبيه ا ‪ ،‬فغض ب وس ن لقوم ه ال وأد‬
‫ففعلوه غيرة منهم ومخافة ان يقع لهم بعد مثل ما وقع فشاع ذلك بين العرب (‪.)3‬‬
‫أما في القراَن الكريم فقد ورد فيه مايفيد أن الدوافع للوأد هو الخوف من‬
‫الفق ر واالمالق ‪ ،‬فق ال تع الى ‪ ( :‬وال تقتل وا أوالدكم خش ية امالق ‪ ،‬نحن ن رزقهم‬
‫‪ ،‬وقول ه ع ز وج ل ‪ ( :‬وال تقتل وا‬ ‫(‪)4‬‬
‫واي اكم ‪ .‬ان قتلهم ك ان خطئت كب يرا )‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫أوالدكم من االمالق نحن نرزقكم واياهم )‬
‫ولم يكن الوأد في الجاهلي ة مقتص را على البن ات بل وجد من العرب من‬
‫كان يقدم على قتل االوالد الذكور ‪ .‬ويرى بعض الباحثين أن هذه العادة هي من‬
‫بقايا الشعائر الدينية والقديمة ‪ ،‬فتقديم الضحايا البشرية الى االلهة لخير المجتمع‬
‫وس المته وارض اء االله ة من الش عائر الديني ة المعروف ة عن د ق دماء المص ريين‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 3‬ص‪ ، 43_42‬جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 5‬ص ‪. 303_299‬‬
‫() احم د محم د الح وفي ‪ :‬الم رأة في الش عر الج اهلي ص ‪ ، 235‬على اب راهيم حس ن ‪ ،‬الت اريخ‬ ‫‪2‬‬

‫االسالمي ص ‪. 503‬‬
‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 3‬ص ‪. 43‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة االسراء ‪ 17‬اية ‪. 31‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سورة االنعام ‪ 6‬اية ‪. 151‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وق د أش ار الق راَن الك ريم الى ذل ك في قول ه ع ز وج ل ‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫واليون انيين والروم ان‬
‫(وك ذلك زين للش ركين قت ل أوالدهم ش ركاؤهم ل يردوهم وليلبس وا عليهم دينهم ‪.‬‬
‫وقول ه تع الى ايض ا ( ق د خس‬ ‫(‪)2‬‬
‫ول و ش اء اهلل م ا فعل وه ‪ ،‬ف ذرهم وم ا يف ترون )‬
‫ال ذين قتل وا اوالدهم س فها بغ ير علم وحرم وا م ا رزقهم اهلل اف تراءا على اهلل ‪ .‬ق د‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ضلوا وما كانوا مهتدين )‬
‫اال ان قتل األوالد الذكور في الجاهلية كان أقل انتشارا من وأد البنات ‪،‬‬
‫باعتبار ان الولد عنصر مهم في السلم والحرب وأقدر على الكسب من االنثى ‪،‬‬
‫ثم أن وقوع ه في األس ر ال يجلب الع ار الى أهل ه أو عش يرته ‪ .‬وبرج ع بعض‬
‫الب احثين وأد ال ذكور الى عوام ل تتعل ق بص حة المول ود ك أن يك ون ض عيفا او‬
‫مشوها فيقضي عليه الوالدان برجع بعض الباحثين وأد الذكور الى عوامل تتعلق‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫بصحة المولود كأن يكون ضعيفا او مشوها فيقضي عليه الوالدان‬
‫وق د وج د من الع رب من ع ارض ه ذه الع ادة الذميم ة ودع ا الى من ع‬
‫ال وأد ‪ ،‬ف ذكر االخب اريون ان زي د بن عم رو بن نفي ل وصعص عة بن ناجي ة ج د‬
‫الفرزدق بن عمرو بن نفيل كان يقول للرجل اذا أراد ان يقتل ابنته ‪ ( :‬ال تقتلها‬
‫أنا اكفيك مؤنتها ‪ ،‬فيأخذها ‪ ،‬فاذا ترعرت قال ألبيها ان شئت دفعتها اليك وان‬
‫(‪)5‬‬
‫شئت كفيتك مؤتنها )‬

‫ثانيا ‪ :‬المعتقدات الدينية عند العرب قبل االسالم ‪:‬‬


‫ك ثرت ال ديانات الوثني ة في بالد الع رب قب ل دخ ول ال ديانات الس ماوية‬
‫ك اليهود والنص رانية واالس الم ‪ .‬ونش أت ه ذه ال ديانات الوثني ة من فك رة عب ادة‬
‫الع رب لمظ اهر الطبيعي ة ال تي تق ع تحت ابص ارهم ك األرض والس ماء والنج وم‬
‫والكواكب ‪ .‬والوثنية هي الطور الذي تمر به كل أمة في بداوتها قبل ان تنقل الى‬

‫()جواد علي ‪ ،‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 32‬‬ ‫‪1‬‬

‫()االنعام ‪. 136‬‬ ‫‪2‬‬

‫()االنعام ‪. 140‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ ،‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 303_ 302‬‬ ‫‪4‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 3‬ص ‪. 45‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫التوحي د وق د ق اوم الع رب في ج اهليتهم فك رة التوحي د ولم يت أثروا ب اليهود او‬
‫المس يحية ‪ ،‬ويبدو أن الس بب في ذلك يرج ع الى ان الوثني ة ك انت تتف ق م ع نظام‬
‫العرب القبلي القائم على االستقالل ‪ ،‬فكانت لكل قبيلة مقوماتها ومعتقداتها فالفرد‬
‫يف ني في القبيل ة والقبيل ة مثل ه األعلى ‪ .‬وق د اعتق د الع رب بوج ود ق وى روحي ة‬
‫كامنة مؤثرة في العالم واالنسان في بعض الحيوانات والطيور والنبات والجماد ‪،‬‬
‫وفي بعض مظ اه الطبيعي ة المحيط ة ب ه ك الكواكب ‪ .‬فرب ط بين ه ذه الكائن ات‬
‫والموجودات والظواهر الطبيعية وبيت القوى الخفية وقدسها ‪ ،‬ثم تطورت وثنية‬
‫العربي الى عبادة قطع الصخور ‪ ،‬ومعظمها كانت بيضاء اللون لها عالقة بالغنم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫والجمل ولبنهما‬
‫كذلك نسج العربي حول اآلبار والجبال واالشجار ‪ ،‬قصصا وأساطير ‪،‬‬
‫ورسم صورا خيالية حول بعض االحجار فمثال جعل من الصفا والمروة ‪ ،‬وهما‬
‫صخرتان ‪ ،‬رجال وامرأة مسخهما اهلل حجرين ‪ ،‬وكذلك بالنسبة ألساف ونائلة ‪،‬‬
‫فقد قيل انهما رجال وامرأة مسخا حجرين على موضع زمزم ‪ ،‬فكانوا ينحرون‬
‫عندهما(‪. )2‬‬
‫ويعتق د بعض الب احثين ان عب ادة الع ربي وتقديس ه للمظ اهر الطبيعي ة لم‬
‫تكن على أساس انها تمثل أربابا ‪ ،‬وان االصنام التي عبدها لم تكن هي االلهة ب ل‬
‫كانت سكنا لهم وألرواحهم فهي تمثل استقرار القوى الروحية في االشياء المادية‬
‫‪ .‬وليس من الضروري ان تكون بصورة اَلهة ‪ ،‬ولكنها عندما ينحط التفكير تحاط‬
‫‪.‬‬‫ذاتها بالتعظيم كأنها االلهة‬
‫(‪)3‬‬

‫أ‪ -‬االصنام‪: Z‬‬


‫انتش رت عب ادة االص نام انتش ارا واس عا في بالد الع رب ‪ ،‬فك ان لك ل قبيل ة‬
‫صنما خاصا بها ‪ ،‬ويرى بعض العلماء أن عبادة االصنام هذه لم تكن عبادة خاصة‬
‫ب العرب ب ل ع رفت عن دهم غيهم من الش عوب الس امية وغ ير الس اميين ‪ .‬وان لفظ ة‬

‫()محم د عب د المعي د خ ان ‪ :‬االس اطير العربي ة قب ل االس الم ‪ ،‬الق اهرة ‪ ، 1937‬ص‪ . 98‬ج واد‬ ‫‪1‬‬

‫علي ج‪ 5‬ص ‪. 22‬‬


‫()ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص ‪. 84‬‬ ‫‪2‬‬

‫()عبد المعيد خان ‪ :‬االساطير العربية ص ‪ ، 107‬صالح العلي ‪ ،‬محاضرات ص ‪. 194_193‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ص نم وص لمن من الكلم ات ال واردة في اللهج ات العربي ة القديم ة قب ل االس الم في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫نصوص المسند ‪ ،‬وتعني تمثال‬
‫اما االوثان فهي أيضا من الكلمات التي وردت في النصوص المسند ‪ ،‬ويبدو‬
‫ان هناك فرقا بين االصنام واالوثان ‪ ،‬فذكر ابن الكلبي ان التمثال اذا كان معموال من‬
‫خش ب أو ذهب أو فض ة على ص ورة انس ان فه و ص نم ‪ ،‬واذا ك ان من حج ارة فه و‬
‫وثن(‪. )2‬‬
‫وك انت أص نام الجاهلي ة على اش كال ‪ ،‬فمنه ا م ا ك ان على هي أة بش ر أو على‬
‫هيأة حيوان أو احجار أو اشكال اخرى ‪ ،‬وكان لتلك االصنام عند عابديها مدلوالت‬
‫وأساطير ‪ ،‬وهي تصنع من مواد مختلفة كالشخب والحجارة أو من المعادن أو اشياء‬
‫اخرى تخضع لتفكير عبدتها وتأثيرهم بالظواهر الطبيعية التي تحيط بهم ‪ ،‬وقد يكون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الصنم من حجارة البراكين أو من النيازك التي اعتقدوا بوجود قوة خارقة فيها‬
‫وقد ورد ذكر االصنام في القراَن الكريم فقال تعالى ‪ ( :‬رب اجعل هذا البلد‬
‫وقوله عز وجل ‪ ( :‬قالوا نعبد اصناما فنظل‬ ‫(‪)4‬‬
‫اَمنا واجبني وبني أن نعيد االصنام )‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪ ،‬وقوله تعالى ‪ ( :‬تا هلل ألكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين‬ ‫(‪)5‬‬
‫لها عاكفين )‬
‫ويظه ر ان الوثن يين ك انوا يعتقدون بعب ادتهم االصنام عب ادة اهلل تع الى والتقب‬
‫فق ال تع الى في الق راَن‬ ‫(‪)7‬‬
‫الي ه ‪ ،‬ولتك ون واس طة بينهم وبين اهلل وش فعاء لهم عن ده‬
‫الكريم ‪ :‬ويعبدون من دون اهلل ماال يضرهم وال ينفعهم ويقولون هؤالء شفعاؤنا عند‬
‫اهلل ق ل أتنب ون بم ا ال يعلم في الس موات وال في االرض س بحانه وتع الى عم ا‬
‫‪ ،‬وقول ه ع ز وج ل ‪ ( :‬أال هلل ال دين الخ الص وال ذين اتخ ذوا من دون ه‬ ‫(‪)8‬‬
‫يش ركون )‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 78_77‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪. 53‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص‪. 81‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة ابراهيم ‪. 35‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سورة الشعراء ‪. 217‬‬ ‫‪5‬‬

‫()سورة االنبياء ‪. 57‬‬ ‫‪6‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪2‬ص ‪ ، 197‬صالح محاضرات ص ‪. 174‬‬ ‫‪7‬‬

‫()سورة يونس ‪. 88‬‬ ‫‪8‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫أولياء ما نعبدهم اال ليقربونا الى اهلل زلفى ان اهلل يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أن اهلل يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ‪ .‬أن اهلل ال يهدي من هو كاذب كفار )‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫و ( وجعلوا هلل اندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فان مصيركم الى النار )‬
‫ويفهم من اآليات السابقة ان المشركين كانوا يعترفون بوجود اهلل سبحانه وانه‬
‫خالق العالم ومدبر أمرهم ‪ ،‬وقد اشار اهلل تعالى في القراَن الكريم الى ذلك في قوله‬
‫عز وجل ‪ ( :‬ولئن سألتهم من خلق السموات واألرض ليقولن اهلل ‪ .‬قل الحمد هلل بل‬
‫‪ .‬وقوله تعالى ‪ ( :‬قل لمن االرض ومن فيها ان كنتم تعلمون‬ ‫(‪)3‬‬
‫اكثرهم ال يعلمون )‬
‫‪ .‬س يقولون اهلل ق ل أفال ت ذكرون ‪ .‬ق ل من رب الس موات الس بع ورب العريش العظيم‬
‫سيقولون اهلل قل أفال تتقون ‪ .‬قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير وال يجار عليه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ان كنتم تعلمون ‪ .‬سيقولون اهلل قل فأني تسحرون )‬
‫ب_ االوث ان ‪ :‬ام ا االوث ان فق د ورد ذكره ا في الق راَن الك ريم أيض ا ‪ ،‬فق ال‬
‫تع الى ‪ ( :‬واب راهيم اذ ق ال لقوم ة اعب دوا اهلل واتق وا ذلكم خ ير لكم ان كنتم تعلم ون ‪.‬‬
‫انما تعبدون من دون اهلل اوثانا وتخلفون افكا ان الذين تعبدون من دون اهلل ال يملكون‬
‫وقوله عز‬ ‫(‪)5‬‬
‫لكم رزقا فابتغوا عند اهلل الرزق واعبدوه واشكروا له واليه ترجعون )‬
‫وج ل ‪( :‬وأحلت لكم االنع ام اال م ا يتلى عليكم ف اجتنبوا ال رجس من االوث ان واجتنب وا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫قول الزور)‬

‫ج _ االنصاب ‪:‬‬
‫وباإلض افة الى االص نام واالوث ان ‪ ،‬ك ان هن اك اص طالح دي ني اَخ ر وه و م ا‬
‫عرف بالنص ب واالنصاب ‪ ،‬وق د اختلفت اَراء العلم اء في تحديد معنى هذه الكلمة ‪،‬‬
‫فمنهم من ق ال ‪ :‬ان النص ب ك ل م ا عب د من دون اهلل تع الى ‪ .‬وي رى فري ق اَخ ر أن‬

‫()سورة الزمر ‪. 3‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سورة ابراهيم ‪. 30‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سورة لقمان ‪. 25‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة المؤمنون ‪. 89_ 84‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سورة العنكبوت ‪. 16‬‬ ‫‪5‬‬

‫()سورة الحج ‪. 30‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫النص ب ص نم أو حج ر في الجاهلي ة ‪ ،‬ي ذبح عن ده ‪ ،‬فيحم ر لل دم ‪ ،‬وق ال اَخ رون ان‬
‫(‪)1‬‬
‫االنص اب حج ارة ك انت ح ول الكعب ة تنص ب فيه ا عليه ا ‪ ،‬وي ذبح لغ ير اهلل تع الى‬
‫وقد يكون النصب حجرا للعبادة او منحرا حول الى صنم يعبدونه ويقدسونه بمرور‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫األيام يطوفون به ويعترون عنده‬
‫وق د ورد ذك ر االنص اب في الق راَن الك ريم في قول ه تع الى ‪ :‬ح رمت عليكن‬
‫الميت ة وال دم ولحم الخ نزير وم ا أه ل لغ ير اهلل ب ه والمنخنق ة والموق وذة والمتردي ة‬
‫‪ ،‬وقوله عز وجل ‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫والنطيحة وما أكل السبع اال ما ذكيتم وما ذبح على النصب‬
‫( ي ا ايه ا ال ذين اَمن وا انم ا الخم ر والميس ر واالنص اب واالزالم رجس من عم ل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )‬
‫وقد ذكر بعض االخباريين العرب ان عبادة الحجارة كانت في بني اسماعيل‬
‫بن ابراهيم ‪ ،‬فقيل ( انه كان ال يظعن من مكة ظاعن منهم اال احتمل معه من حج ارة‬
‫الح رم تعظيم ا للح رم وص بابة بمك ة وبالكعب ة ‪ ،‬فحيثم ا حل وا وض عوه فط افوا ب ه‬
‫ك الطواف بالكعب ة ‪ ،‬ح تى س لخ ذل ك بهم الى ان ك انوا يعب دون م ا استحس نوا من‬
‫الحج ارة واعجبهم من حج ارة الح رم خاص ة ‪ ،‬ح تى خلقت الخل وف ونس وا م ا ك انوا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫عليه واستبدلوا بدين ابراهيم واسماعيل غيره فعبدوا االوثان )‬
‫أما عن أصل ظهور عبادة االصنام في بالد العرب فيرجعها االخباريون الى‬
‫عم رو بن لحي الخ زاعي ف ذكروا ان ه ك ان اول من غ ير دين اس ماعيل الى عب ادة‬
‫االوث ان ‪ ،‬وذل ك عن دما خ رج الى الش ام في بعض أم وره ‪ ،‬فلم ا ق دم م اَب من أرض‬
‫البلقاء ‪ ،‬وبها يومئذ العماليق ‪ ..‬رآهم يعب دون االص نام فق ال ‪ :‬ما هذه االصنام التي‬
‫أراكم تعب دون ؟ ق الوا ل ه ‪ :‬ه ذه اص نام نعب دها ‪ ،‬فنس تمطرها فتمطرن ا ‪ ،‬ونستنص رها‬
‫فتنص نا ‪ ،‬فق ال لهم ‪ :‬أال تعط وني منه ا ص نما ‪ ،‬فأس ي ب ه الى أرض الع رب ‪،‬‬

‫()جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 79_ 78‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪ ، 4‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 632‬‬ ‫‪2‬‬

‫()سورة المائدة االية ‪. 3‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة المائدة اآلية ‪. 90‬‬ ‫‪4‬‬

‫()االزرقي ‪ :‬اخبار مكة ج‪ 2‬ص ‪ ، 62‬ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪. 6‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫فيعب دوه ؟ ف ا عط وه ص نما ق ال ل ه هب ل‪،‬فق دم ب ه مك ة فنص به ‪ ،‬وأم الن اس بعبادت ه‬
‫وتعظيم ) (‪.)1‬‬
‫وي روى أن من اتخ ذ االص نام من ب ني اس ماعيل بن اب راهيم وس موا بأس مائهم‬
‫حين فارقوا دين اسماعيل ‪ :‬هذيل بن مدركة بن الياس أرض ينبع ‪ ،‬وقد عبدته ايضا‬
‫بن و كنان ة ومزين ة وعم و بن قيس بن عيالن ‪ ،‬وك ان س دتنه من ب ني لحي ان ‪ ،‬وارج ع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ابن الكلبي انتشار عبادة سواع الى عمرو بن لحي‬
‫وهن اك رواي ات اخ رى ت ذكر ان س واع ك ان موض عه بنخل ة على مقرب ة من‬
‫مك ة وان عبدت ه هم اَل ذي الكالع ‪ ،‬وي رى بعض الب احثين ان س واعا لم يكن من‬
‫االصنام الكبرى عند ظهور االسالم ‪ ،‬لعدم ورود اسمه في االعالم المركبة مما يدل‬
‫على عدم انتشار عبادته بين القبائل العربية ! (‪)3‬أما الصنم ود فكان على صورة رجل‬
‫‪ ،‬وعبدنه كلب بن وبرة من قضاعة ‪ ،‬وكان موضعه ( بدومة الجندل ) ‪ ،‬وعبد أهل‬
‫جرش من مذحج وانعم من طيء يغوث بجرش وكان على صورة أسد ‪ .‬أما الصنم‬
‫يعوق فكان بارض همدان من بالد اليمن وعبدته حيوان وهم بطن من همدان ‪ .‬وكان‬
‫يع وق على هيئ ة الف رس ‪ ،‬واتخ ذ ذو الكالع من حم ير الص نم (نس ر) وك ان ب ارض‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫حمير وانتشرت عبادته الى اعالي الحجاز )‬
‫وقد أشار اهلل تعالى في القراَن الكريم الى هذه االصنام في قوله عز وجل ‪( :‬‬
‫قال نوح رب انهم عصوني واتبعوا من لهم يزده ماله وولده اال خسارا ومكروا مكا‬
‫(‪)5‬‬
‫كبار ‪ .‬وقالوا ال تذرن الهتكم وال تذرن ودا وال سواعا وال يغوث ويعوق ونسرا )‬
‫‪.‬‬
‫ومن أصنام العرب القديمة ايضا مناة والالت والعزى ‪ ،‬وكانت ( مناة) على‬
‫هي أت ص خرة ‪ .‬وموض عها على س احل البح ر وناحي ة المش لل بقدي د بين المدين ة‬

‫()ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص ‪. 79‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪، 10_9‬ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص‪. 81_ 80‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 84‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن هشام ‪ :‬السيرة ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 82_81‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سورة نوح ‪ 71‬اية ‪. 23 _21‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫ومكة ‪ ،‬وكان عبدتها من االوس والخزرج ( ومن ينزل المدينة ومكة وما قارب من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫المواضيع يعظمونه ويذبحون له ‪ ،‬ويهدون له )‬
‫وكانت مناة اَلهة الموت والقد عند البابليين وتعرف باسم (ما مناتو ) وورد‬
‫‪ ،‬وقد انتشرت عبادتها انتشارا واس عا‬ ‫(‪)2‬‬
‫اسم (مناة) ايضا في النقوش النبطية القديمة‬
‫بين كثير من قبائل العرب في الجاهلية وتسموا باسمها مثل زيد مناة ‪ ،‬وعبد مناة ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وعوف مناة ‪ ،‬وسعد مناة‬
‫وك انت الالت االله ة الرئيس ية عن د الع رب في عه د الم ؤرخ ه يرودوتس ‪،‬‬
‫وانتش رت عبادته ا عن د الع رب الش ماليين ‪ ،‬وهي (الالت)في نص وص (الحج ر)‬
‫(وص لخد) ‪ ( ،‬وت دمر) أي في النص وص النبطي ة ال تي ع ثر عليه ا في ه ذه الجه ات ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫وبه تسمى (وهب الالت) ابن الزباء ملكة تدمر‬
‫وتمثل الالت فصل الصيف عند البابليين (الالتو) ‪ ،‬أما النبط فكانوا يعتبرونها‬
‫وك ان له ذا االله ة معاب د‬ ‫(‪)5‬‬
‫ال ه الش مس ‪ ،‬في حين نس ب الع رب اليه ا فص ل الص يف‬
‫كث يرة منتش رة في بالد العب أهم تل ك المعاب د المعب د الش هير في الط ائف مرك ز قبيل ة‬
‫ثقي ف ‪ ،‬وك ان عب ارة عن ص خرة مربع ة بيض اء ‪ ،‬اق امت ثقي ف عليه ا بيت ا يس ترونه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫بالثياب ووادي يحرمونه ‪ .‬وكانت قريش وجميع العرب تعظمها‬
‫أما االلهة العزى فهي صنم أنثى وتعتبر أحدث عهدا من الالت ومناة ‪ ،‬وكان‬
‫موضعها بواد من نخلة الشامية ـ يقال له حراض على بعد حوالي ‪ 75‬ميال من مكة‬
‫في الطريق الى العراق ‪ .‬وذكروا ان العزى كانت من بين االلهة التي جاء بها عمرو‬
‫بن لحي ‪ ،‬وعبدتها قريش وبنو كنانة (‪)7‬وقد اشار اهلل تعالى في القراَن الكريم الى ه ذه‬

‫()ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪. 13‬‬ ‫‪1‬‬

‫()عبد المعيد خان ‪ :‬االساطير العربية ‪ ،‬ص ‪. 128‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ‪:‬ج‪ 5‬ص ‪. 91‬‬ ‫‪3‬‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬ج‪ 5‬ص‪. 92_91‬‬ ‫‪4‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 640‬‬ ‫‪5‬‬

‫()جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪ ، 94_93‬علي ابراهيم حسن ‪ ،‬التاريخ االسالمي‬ ‫‪6‬‬

‫العام ص ‪ ، 135‬صالح العلي محاضرات ص‪. 184‬‬


‫()ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص‪ ، 17‬ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص ‪. 86‬‬ ‫‪7‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االصنام في قوله عز وجل ‪ :‬أفرأيتم الالت والعزي ومناة الثالثة االخرى ‪ ،‬ألكم الذكر‬
‫ول ه االن ثى تل ك اذا قس مة ض يزى ‪ .‬ان هي اال اس ماء س ميتموها انتم واَب اؤكم ‪ ،‬وم ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫انزل اهلل بها من سلطان )‬
‫وباإلضافة الى هذه االصنام هناك اصناما عديدة أخرى وضعتها قريش في‬
‫جوف الكعبة ‪ ،‬وكان اعظمها(هبل) ‪ ،‬وكان يستفتى في المشكالت الشخصية كالزواج‬
‫والوالدة والرحل ة والعم ل ‪ .‬فكانوا يستقس مون عن ده باالزالم ‪ ،‬وه و من عقيق أحمر‬
‫على صورة انسان مكسور اليد اليمنى ‪ ،‬فجعلت قريش له يدا من ذهب ‪ ،‬وكانت له‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫خزانة للقربان ‪ ،‬وقيل ان مقدار قربانه مئة بعير ‪ ،‬وله حاجب يقوم على خدمته‬
‫وق د ورد اس م (هب ل ) في الكتاب ات النبطي ة ال تي ع ثر عليه ا في الحج ر م ع اس م‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الصنمين ذي الشرى ( دوشرا) ومناة (منوتن)‬
‫أما اساف ونائلة فهما ايضا من اصنام قريش ‪ ،‬ويذكر اإلخباريون ان هذين‬
‫الصنمين كانا انسانان عمال عمال قبيحا في الكعبة ‪ ،‬فمسخنا حجرين ‪ ،‬ووضعها في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫موضعهما فعبدتهما خزاعة وقريش ‪ ،‬وكانوا يبحرون عندهما‬
‫ومن اص نام الع رب في الجاهلي ة أيض ا (رض ي) وه و من االص نام المعروف ة‬
‫عن د الثم وديين ‪ ،‬وانتش رت عبادت ه بين ع رب الش مال ‪ ،‬ومنه ا (من اف) وذو الخلص ة‬
‫وسعد ‪ ،‬وذو الكفين وذو الشرى واال قيصر ونهم وعائم ومحرق ‪ ،‬وعوض ‪ ،‬وعوف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬ومحب ‪ ،‬ورئام ‪ ..‬وغيرها‬
‫الحج ‪:‬‬
‫ك ان الحج من الش عائر الديني ة القديم ة عن د الس اميين ‪ ،‬ويع ني التوج ه الى‬
‫االماكن المقدسة في أوقات معينة من السنة للتبرك بها وللتقرب اليها ‪ ،‬وكلمة (حج)‬

‫()سورة النجم ‪ 53‬اية ‪. 23_19‬‬ ‫‪1‬‬

‫()االزرقي ‪ :‬اخبار مكة ج‪ 1‬ص ‪. 69_68‬‬ ‫‪2‬‬

‫()جواد علي ج‪ 5‬ص ‪.103‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪. 29‬‬ ‫‪4‬‬

‫()جواد علي ج‪ 5‬ص‪. 119_ 104‬‬ ‫‪5‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫من الكلمات السامية القديمة من أصل (ح ك ‪ )hg.‬و (ح ج) وهي ( ح ك ‪ )Hagh‬في‬
‫العبرانية ‪ ،‬ووردت الكلمة في كتابات مختلف الشعوب المنسوبة الى السامين(‪. )1‬‬
‫ولم يكن مقص ورا على بيت واح د يحج الي ه الع رب جميع ا ‪ ،‬فالنص وص‬
‫الكالسيكية من يونانية والتينية وسريانية ‪ ،‬أشارت الى وجود الحج عند العرب والى‬
‫ذه اب القبائ ل العربي ة القاطن ة في الك ورة العربي ة أو من ن زل منهم في الب وادي‬
‫المالص قة إلقليم الش ام وفلس طين الى الحج ل بيوت ك انت تقدس ها ‪ ،‬مث ل معب د (ذي‬
‫الشرى) عند نبط بطرا (‪ .)2‬ووفق ا للروايات السابقة يظهر ان هناك عددا من االله ة‬
‫كان العرب يشدون الرحال اليها للحج والتبرك بها ‪ ،‬فذكر ابن الكلبي ان االزد كانوا‬
‫يحجون في مك ة ‪ ،‬وان قريش تزور العزى وتهدي اليها ‪ ،‬في حين كانت قبائل لخم‬
‫وقض اعة وج ذام واه ل الش ام يحج ون الى اال قيص ر ‪ ،‬أم ا م ذحج فك انت تحج الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الصنم (يغوث)‬
‫وأورد االخباريون اسماء عدد من البيوت المقدسة ‪ ،‬كبيت العزى على مقربة‬
‫من عرف ات ‪ ،‬وبيت الالت في الط ائف ‪ ،‬وكعب ة س نداد ‪ ،‬وبيت رئ ام ‪ ،‬والس عيدة ‪،‬‬
‫وذي الكعب ات ال ذي ك انت تحج ه ربيع ة في الجاهلي ة ‪ ،‬وبس اء وه و بيت بنت ه غطف ان‬
‫وسمته مضاهاة للكعبة ‪ ،‬وبيت مناة ‪ ،‬وبيت ذي الخلصة وبيت نجران (‪.)4‬‬
‫وك انت مواس م الحج اعي ادا يجتم ع الن اس فيه ا ب ابهى م ا عن دهم من حل ل‬
‫معتق دين انهم ب ذلك ي دخلون الس رور على انفس هم وعلى انفس هم وعلى انفس اَلهتهم ‪،‬‬
‫ويرافق هذه االحتفاالت ذبح الحيوانات ‪ ،‬وكل يذبح على قدر طاقته ومكانته ‪ ،‬فيأكل‬
‫منها الفقراء (‪.)5‬‬
‫الحج الى مك ة ‪ :‬ولم ي رد في كتب الم ؤرخين من أخب ار مدون ة عن مناس ك‬
‫الحج وش عائره في الجاهلي ة ‪ ،‬ع دا الحج الى مك ة بيت اهلل الح رام ‪ ،‬نظ را لص لته‬

‫()جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 214‬‬ ‫‪1‬‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 217‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ابن الكلبي ‪ :‬االصنام ص ‪. 14،18،27،48،57‬‬ ‫‪3‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات تاريخ العرب ص ‪. 202‬‬ ‫‪4‬‬

‫()ج واد علي ‪ :‬ت اريخ الع رب قب ل االس الم ج‪ 5‬ص ‪ ، 218_217‬ص الح العلي محاض رات ص‬ ‫‪5‬‬

‫‪. 210_202‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫الوثيق ة باإلس الم ‪ ،‬ول ورود بعض مناس كة في الق راَن الك ريم في مع رض االق رار أو‬
‫التع ديل أو االبط ال ‪ ،‬وق د ج اء ذك ر الكعب ة في بعض آي ات ال ذكر الحكيم ‪ ،‬فق ال‬
‫تعالى ‪( :‬جعل اهلل الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقالئد ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ذلك لتعلموا ان اهلل يعلم ما في السموات وما في االرض وان اهلل بكل شيء عليم )‬
‫‪ .‬وقوله عز وجل ‪ ( :‬يا أيها الذين اَمنوا ال تقتلوا الصيد وانتم حرم ‪ ،‬ومن قتله منكم‬
‫متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذو عدل منكم هديا بلغ الكعبة ) (‪.)2‬‬
‫والكعب ة بن اء مكعب غ ير منتظم األض الع ‪ ،‬وك ان األس اس ال ذي وض عه‬
‫ابراهيم عليه السالم له ( جعل طوله في السماء تسعة اذرع ‪ ،‬وعرضه في االرض‬
‫اثنين وثالثين ذراعا من الركن االسود الى الركن الشامي الذي عند الحجر من وجهه‬
‫‪ ،‬وجع ل ع رض م ا بين ال ركن الش امي الى ال ركن الغ ربي ال ذي في ه الحج ر اث نين‬
‫وعشرون ذراعا ‪ ،‬وجعل عرض شقها اليماني من الركن االسود الى الركن اليماني‬
‫وأول تس قيفه للكعب ة ك ان في التعم ير ال ذي أوجدت ه ق ريش في‬ ‫(‪)3‬‬
‫عش رين ذراع ا )‬
‫النص ف الث اني من الق رن الس ادس الميالدي ‪ ،‬وق د أقيم الس قف على س تة اعم دة من‬
‫الخشب ‪.‬‬
‫وزعت في صفين ‪ ،‬وكل صف ثالثة دعايم ‪ ،‬وجعلوا ارتفاعها من خارجها‬
‫من االرض الى اعاله ا ثماني ة عش ر ذراع ا ‪ ،‬وك انت قب ل ذل ك تس عة اذرع ‪ ،‬ف زادت‬
‫قريش في أرتفاعها في السماء تسعة اذرع أخر وبنوها من اعالها الى أسفلها بمدماك‬
‫من حج ارة وم دماك من خش ب ‪ ،‬وك ان الخش ب خمس ة عش رة م دماكا والحج ارة س تة‬
‫عشر مدماكا ‪ .‬وجعلوا في دعائمها صور االنبياء وصور الشجر وصور المالئكة ‪،‬‬
‫وقد ازيلت جميع هذه الصور يوم دخل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مكة فاتحا في‬
‫العام الثامن للهجرة(‪.)4‬‬

‫()سورة المائدة اية ‪. 97‬‬ ‫‪1‬‬

‫()سورة المائدة اية ‪. 95‬‬ ‫‪2‬‬

‫()االزرقي ‪ :‬اخبار مكة ج‪ 2‬ص ‪. 30‬‬ ‫‪3‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‪. 206_205‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وذك ر ابن هش ام ان الكعب ة ك انت تكس ى القبط اني وهي ثي اب بيض ك انت‬
‫تصنع بمصر ‪ ،‬ثم كسيت البرود وهو نوع من ثياب اليمن ‪ ،‬وأول من كساها الديباج‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الحجاج بن يوسف ‪ ،‬وكان الزبير قد كساها قبل الحجاج‬
‫وعندما انتهت قريش من بناء الكعبة وضعت فيه الحجر األسود ‪ ،‬وهو حجر‬
‫ن اري متوس ط الحجم ‪ ،‬ك ان موض عه في االص ل على جب ل أبي ق بيس ‪ ،‬وذك روا ان‬
‫هذا الحجر كان يضيء ألهل مكة في ليالي الظلم كما يضيء القمر ‪ ،‬فأنزلته قريش‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫قبيل ظهور االسالم من أبي قبيس ووضعته في الجانب الشمالي من الكعبة‬
‫وكان للحجر األسود أهمية خاصة في الجاهلية ‪ ،‬فكان أقدس شيء عندهم ‪،‬‬
‫بدليل تنازعهم وتخاصمهم فيما بينهم على شرف وضعه في محله ‪ ،‬وكانوا يلمسونه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫للتبرك به ‪ ،‬ويتحالفون ويحلفون عنده‬
‫وكان الحج الى مكة يتم في أشهر معينة من السنة ‪ ،‬وقد أشار اهلل تعالى الى‬
‫ذل ك في الق راَن الك ريم فق ال ع ز وج ل ‪ ( :‬الحج أش هر معلوم ات فمن ف رض فيهن‬
‫‪ ،‬واالشهر المعلوم ات هي شوال‬ ‫(‪)4‬‬
‫ت احج فال رفث وال فس وق وال ج دال في الحج )‬
‫وموعد الحج كان في األيام العشرة األولى من ذي‬ ‫(‪)5‬‬
‫وذي القعدة وعشر ذي الحجة‬
‫الحجة ‪ ،‬أما األشهر االخرى الباقية فال يعرف بالضبط ما اذا كانت تتم فيها العمرة‬
‫فق ط أم تج ري فيه ا عب ادات أخ رى ‪ ،‬وي رى بعض الب احثين ان الحج ك ان ثابت ا معني ا‬
‫في احد مواس م السنة ‪ .‬أي ان ه يتبع السنة الشمس ية ‪ ،‬ولما كانت العرب تتب ع النظام‬
‫القمري فقد وجد النسئ للتوفيق بين السنة الشمسية والقمرية وذلك بإضافة شهر كل‬
‫ثالث س نوات لكي تتط ابق الس نة الشمس ية م ع القمري ة ‪ ،‬وه ذا ي ؤدي الى تغي ير في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫االشهر الحرم ‪ ،‬وكان المختص بالنسيء هو الذي يعين الشهر المضاف‬

‫()ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص ‪. 211‬‬ ‫‪1‬‬

‫()صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 207_206‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬تاريخ العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 219_ 218‬‬ ‫‪3‬‬

‫()سورة البقرة ‪. 197‬‬ ‫‪4‬‬

‫()تفسير الطبري ج‪ 2‬ص ‪ ، 153_150‬المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 205‬‬ ‫‪5‬‬

‫()صالح العلي ‪ ،‬محاضرات في تاريخ العرب ص ‪. 211_114_113‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫مراسيم الحج الى مكة‬
‫ع رف تجم ع الحج اج بـ عرف ة بي وم عرف ة ‪ ،‬وموق ف عرف ه ‪ ،‬وعرف ة على‬
‫اميال شرق مكة ومنها تكون االجازة لإلفاضة الى المزدلفة ومن المزدلفة الى منى ‪،‬‬
‫وكان العرب في جاهليتهم يفيضون في عرفه عند غروب الشمس ‪ ،‬أما في المزدلفة‬
‫فعن د غروبه ا (‪)1‬وك ان ط وافهم ب البيت س بعة أش واط ‪ ،‬وهم ص نفان ‪ :‬ص نف يط وف‬
‫بالبيت عريانا وهم ( الحلة) ‪ ،‬وصنف يطوف بثيابه ويعرف هؤالء بـ (الحمس) سموا‬
‫ب ذلك لتش ددهم في دينهم ‪ ،‬أم ا من ك ان من غ ير الحمس ‪ ،‬فيمكن ه الط واف بثي اب‬
‫يأخ ذها من الحمس على س بيل االع ارة أو الك راء ‪ ،‬أو الط واف بثياب ه وعلي ه في هذه‬
‫الحالة االخيرة طرح ثيابه بعد اكمال الطواف حول البيت ‪ ،‬فال يجوز له استعمالها‬
‫مرة ثانية ‪ ،‬فاذا القيت ال يمسها أحد ‪ ،‬وال يحركها حتى تبلى من وطئ االقدام ومن‬
‫تأثير الشمس والرياح ‪ ،‬ويطلق على هذه الثياب التي تطرح بعد الطواف اسم(اللقى)‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وك ات هن اك طائف ة أخ رى من الع رب عرف وا بـ( الطلس) وه ؤالء ك انوا في‬


‫ط وافهم بين الحل ة والحمس (يص نعون في اح رمهم م ا يص نع الحل ة ‪ .‬ويص نعون في‬
‫ثي ابهم ودخ ولهم ال بيت م ا تص نع الحمس ‪ ،‬وك انوا ال يتع رون ح ول الكعب ة وال‬
‫يس تعيرون ثياب ا وي دخلون ال بيوت من ابوابه ا ‪ ،‬وك إنو ال يئ دون بن اتهم و ك إنو يقف ون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مع الحلة ويصنعون ما يصنعون )‬
‫وك انوا يطوف ون بالص فا والم روة ‪ ،‬وعليهم ا ص نمان يمس حونهما ‪ ،‬وك ان‬
‫(‪)4‬‬
‫طوافهم بهما سبعة اشواط ‪ ،‬كما انهم يقدمون األضاحي ويقصون شعورهم هناك‬
‫ومن العادات المتصلة بالحج في الجاهلية أيضا عادة (االرتجام) ‪ ،‬أي رمي الحصى‬
‫أو االحجار (رمي الجمرات ) أو (الرجم) ‪ ،‬واالرتجام كان معروفا في الجاهلية كما‬

‫()ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص‪ ، 126‬جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 211‬‬ ‫‪1‬‬

‫()االزرقي ‪ :‬اخب ار مك ة ج‪ 1‬ص‪ ، 114_ 112‬ابن هش ام الس يرة ‪ ،‬الس يرة ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪_214‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ، 215‬جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 224‬‬


‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص‪ 229‬نقال عن المحبر ص ‪. 18‬‬ ‫‪3‬‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص‪. 230‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ ،‬وهو معروف ايضا عند‬ ‫(‪)1‬‬
‫كان معروف ا عند العبرانيين كما ورد ذلك في التوراة‬
‫بني ارم ‪ ،‬وكلمة ( ر ج م ) من الكلمات السامية القديمة وتعني ايضا االحجار التي‬
‫تنص ب على الق بر ‪ .‬ولل رجم في االس الم مع نى يختل ف ك ل االختالف عن معن اه في‬
‫الجاهلي ة ‪ ،‬فه و في االس الم لل ذين يقوم ون بعم ل من اف للش ريعة االس المية ‪ ،‬أم ا في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الجاهلية فهو للتقدير والتعظيم‬
‫ويتصل بالحج تقديم العتائر (الضحية في االسالم) وكانت تذبح عند االنصاب‬
‫‪ ،‬فت وزع على الحاض رين ليأكلوه ا جماع ة أو تعطى لألف راد ‪ ،‬وق د ت ترك للطي ور‬
‫والوحوش فال (يصد عنها انسان وال سبع ) (‪ ،)3‬وكانت تميز الحيوانات التي يهيئها‬
‫اص حابها أو مش تروها لل ذبح في الحج بعالم ات ‪ ،‬فيوض ع عليه ا قالئ د تجعله ا‬
‫معروفة ‪ ،‬أو ان يحدث لها جرح ليسيل منه الدم ليكون ذلك عالمة انها هدي ‪ ،‬ويقال‬
‫لذلك أشعار ‪ ،‬ومنه أشعار البدن ‪ ،‬وذلك بان يشق احد جنبي سنام البدنة حتى يسيل‬
‫‪.‬‬
‫منه الدم ليكون ذلك عالمة الهدي‬
‫(‪)4‬‬

‫األديان الخارجية ‪:‬‬


‫لم تكن ديانة العرب قاصرة على الوثنية ‪ ،‬بل أن الجزيرة العربية تعرضت‬
‫الى كثير من المؤثرات الخارجية ‪ ،‬ف دخلت الديانات السماوية كاليهودي ة والنصرانية‬
‫في انح اء متع ددة من بالد الع رب ‪ ،‬اال ان انتشارهما ك ان على نط اق ض يق ‪ ،‬فبقيت‬
‫عب ادة االص نام واالوث ان ديان ة الغالبي ة العظمى من س كان ش به الجزي رة العبي ة ح تى‬
‫ظهور االسالم ‪.‬‬
‫‪ -1‬اليهودية ‪:‬‬
‫دخ ل اليه ود بالد الع رب على ش كل جماع ات متعاقب ة اس تقرت في الواح ات‬
‫الخص بة من الحج از ك وادي الق رى وتيم اء وخي بر وف دك وي ثرب ‪ ،‬كم ا انتش رت‬

‫()سفر التكوين االصحاح الحادي والثالثون ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪. 231‬‬ ‫‪2‬‬

‫()ابن هشام ‪ :‬السيرة ج‪ 1‬ص ‪.100‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪. 232‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫جماعات منهم في بالد اليمن واليمامة والبحرين ‪ .‬وال يعرف على وجه التحديد زمن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫دخول هؤالء اليهود بالد العرب أو كيفية مجيئهم واستقرارهم فيها‬
‫وكانت يثرب المركز االكبر لليهودية عند ظهور االسالم ‪ ،‬وأما في اليمن فقد‬
‫تعرض يهودها الى ضغط االحباش الذي فتحوا اليمن في جاليات يهودية أخرى كانت‬
‫منتشرة في االجزاء الشرقية من جزيرة العرب ‪ ،‬وقد دفع هؤالء الجزية فيمن دفعها‬
‫من أهل الذمة ‪ ،‬ولك يرد في االخبار ما يشير الى وجود جاليات يهودية في هضبة‬
‫نجد ( وهذا ال يعني نفي ذهاب أسر اليها لإلتجار في تلك االنحاء ) (‪.)2‬‬
‫وق د ت أثر ه ؤالء اليه ود بج يرانهم الع رب ولم يح افظوا على دينهم وعلى‬
‫خصائص هم التي يمت ازون به ا محافظ ة ش ديدة كم ا ه و ش أنهم في االقط ار االخرى ‪،‬‬
‫فانقس موا الى قبائ ل وبط ون ‪ ،‬واتخ ذوا اس ماء عربي ة ‪ .‬وك ان الش عر المنس وب الى‬
‫شعراءهم يحمل الطابع العربي والفكر العربي ‪ ،‬وفي حياتهم االجتماعية عاش اليهود‬
‫في الجزي رة العربي ة معيش ة أهله ا ‪ ،‬فلبس وا لباس هم وتظ اهروا معهم ‪ ،‬وتمت ع ه ؤالء‬
‫اليهود بمحبة واسعة ‪ ،‬لم يحصلوا عليها في أي بلد اَخر من البالد التي كانوا بها في‬
‫ذل ك العه د ‪ ،‬وك انت لهم بي وت للعب ادة وم دارس يتدارس ون فيه ا في أم ور دينهم ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وكانت لهم كتب دينية ومنهم من كان يعرف العبرانية ويكتب بها‬
‫وعلى ال رغم من اختالط اليه ود ب العرب وتعايش هم معهم اال انهم لم ينجح وا‬
‫في نشر عقيدتهم بين العرب ‪ ،‬ألسباب عديدة منها ‪ :‬عدم اهتمامهم بالتبشير بديانتهم ‪،‬‬
‫ألنها في نظرهم ديانة خاصة بشعبهم المختار من بين الشعوب ‪ ،‬فلم يكونوا يرحبون‬
‫ب دخول الغرب اء فيه ا ‪ ،‬الن س واهم من الش عوب غ ير ج ديرة ب ذلك‪ ،‬وك انت جه ودهم‬
‫منص بة نح و جم ع ال ثروات والس يطرة به ا على من ج اورهم من الن اس ‪ ،‬فعرف وا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫بتهافتهم على جمع المال ونقضهم للعهود والمواثيق‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص‪ ، 9‬صالح العلي ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 171‬‬
‫()المرجع السابق ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص ‪. 9_8‬‬ ‫‪2‬‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص ‪. 21_20‬‬ ‫‪3‬‬

‫()ج واد علي ‪ :‬الع رب قب ل االس الم ج‪ 6‬ص ‪ ، 346‬علي حس ني الخرب وطلي ‪ ،‬الع رب واليه ود‬ ‫‪4‬‬

‫في العصر االسالمي ص ‪.25_24‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫‪ _2‬النصرانية ‪:‬‬
‫ك انت النص رانية اك ثر حظ ا في االنتش ار من اليهودي ة بين الع رب قب ل‬
‫االسالم ‪ ،‬وقد ورد في الشعر الجاهلي اشارات كثيرة الى انتشارها بين عدد من قبائل‬
‫العرب ‪ ،‬اال أن النصرانية لم تستطيع مع ذلك التغلغل في قلب شبه الجزيرة العربية‬
‫نفسها(‪. )1‬‬
‫وقد كان دخول النصرانية بالد العرب عن طريق بعض النساك والرهبان ‪،‬‬
‫وبالتج ارة ب القيق من الجنس ين ‪ ،‬ك ذلك ك ان لألدي رة ت أثير كب ير في معرف ة التج ار‬
‫الع رب واالع راب بالنص رانية ‪ ،‬فوج د ه ؤالء في أك ثر تل ك االدي رة ام اكن للراح ة‬
‫واللهو والشرب ‪ ،‬والتزود بالماء ‪ ،‬فاطلع العرب على شيء من الديانة النصرانية من‬
‫خالل الش عائر ال تي ك ان يؤدونه ا ه ؤالء الرهب ان ‪ ،‬ولم يقتص ر دور األدي رة على‬
‫العبادة ‪ ،‬وانما كانت مراكز للتبشير بالنصرانية ‪ .‬وقد نجح الرهبان في اقامة عدد من‬
‫األدي رة في ام اكن نائي ة من بالد الع رب ‪ ،‬فوج د ع دد منه ا في نج د والحج از وفي‬
‫جن وب جزي رة الع رب وش رقيها ‪ ،‬وك انت ه ذه االدي رة تعتم د على المس اعدات من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الكنائس النصرانية في العراق والشام ومن الروم‬
‫ويرجع سبب انتشار النصرانية في اطراف جزيرة العربية ( غرب وجنوب‬
‫وشرقي الجزيرة ) ‪ ،‬اتصالها بطرق التجارة مع البالد النصرانية ‪ ،‬ومجيء التجار‬
‫النص اري والمبش رين م ع القواف ل الى ه ذه المن اطق ‪ .‬ويالح ظ أن النص رانية لم يكن‬
‫له ا في المواض ع من بالد الع رب م ا ك ان لليه ود من المس توطنات ‪ ( ،‬جن وبي دوم ة‬
‫الجندل وفدك وأيلة حتى اليمن وفي يثرب ) ‪ ،‬كذلك يالحظ أن معظم سكان المنطقة‬
‫الممتدة من يثرب حتى نجران وصنعاء كانوا وثنيين شديدي التمسك بعبادة االصنام‬
‫واألرواح(‪.)3‬‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص‪. 653‬‬ ‫‪1‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص ‪. 60‬‬ ‫‪2‬‬

‫()المرجع السابق ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص‪. 61‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫وتعتبر(الحيرة) من المراكز النصرانية التي كان لها أثر كبير في انتقال هذه‬
‫الديان ة الى بالد الع رب ‪ ،‬فق د أص بحت ه ذه المدين ة مرك زا اس قفيا س نه ‪ 410‬م ‪،‬‬
‫وتحول كثير من عربها الى النصرانية وعرفوا بالعباد ‪ ،‬وكان يأتيها عدد من تجار‬
‫مكة ومن الطائف وبقية انحاء الحجاز ‪ ،‬فانتقلت النصرانية عن طريق اتصال هؤالء‬
‫التجار بنصاري الحيرة (‪.)1‬‬
‫ك ذلك ك انت بالد الحبش ة من المراك ز ال تي انبعثت منه ا النص رانية الى بالد‬
‫اليمن والحج از ‪ ،‬بفض ل بعض المبش رين الس وريين منهم( فيمي ون الره اب) ‪ ،‬وك ان‬
‫من الزه اد ‪ ،‬وقي ل ان ه اتص ل ب ه رج ل من أه ل الش ام ي دعى ( ص الح) ‪ ،‬فت وغال في‬
‫بالد العرب فاختطفتهما سيارة من العرب وباعوهما بنجان ‪ ،‬فنجح فيميون في حمل‬
‫أهله ا على اعتن اق النص رانية وتمكن من تأس يس كنيس ة يعقوبي ة ‪ ،‬وفي س نة ‪ 356‬م‬
‫أرس ل االم براطور الب يزنطي قيس طنطوس بعث ة الى بالد الع رب الجنوبي ة برئاس ة‬
‫(ثي وفيلس ان د االريوس ي ) _ ك ان على م ذهب اَري وس ال ذي انك ر له وت المس يح _‬
‫‪ .‬وفي اعق اب‬ ‫(‪)2‬‬
‫وافلح ثي وفليس في انش اء بيع ة في ع دن وبيع تين في أرض حم ير‬
‫الفتح الحبش ي لبالد اليمن س نة ‪525‬م ‪ ،‬انتش رت النص رانية انتش ارا واس عا ‪ ,‬وأتخ ذ‬
‫أبرهة من نجران مركزا رئيسيا للتبشير بالنصرانية بين عرب اليمن ‪ ،‬وبني القليس ‪،‬‬
‫وبالغ في االعتناء بها وتزيينها ولما فرغ ابرهة من بناءها كتب الى النجاشي يقول ‪:‬‬
‫( ق د ب نيت ل ك ايه ا المل ك كنيس ة لم يبن مثله ا لمل ك ك ان قبل ك ‪ ،‬ولس ت بمنت ه ح تى‬
‫أصرف اليها حاج العرب)(‪. )3‬‬
‫أما في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة العربية فكان للنصرانية مراكز في‬
‫الرها ونصيبين واربل وجنديسابور وسلوقيه وطيسفون ‪ ،‬فالرها كانت من أهم معاقل‬
‫االدب الس رياني للنس اطرة الس يما في عص ر االس قف ايب اس (‪457_436‬م) اال انهم‬
‫اضطروا للرحيل عنها في عهد االسقف نونوس الذي خلف االسقف ايباس ‪ ،‬فقد كان‬

‫()سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 655‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ح تى ‪ :‬ت اريخ الع رب مط ول ج‪ 1‬ص ‪ 81_ 80‬طبع ة ب يروت ‪ ،1965‬ج ود علي ‪ ،‬ت اريخ‬ ‫‪2‬‬

‫العرب قبل االسالم ‪ ،‬ج‪ 6‬ص ‪. 64‬‬


‫()الطبري ‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ 2‬ص ‪ ، 132‬المسعودي ‪ :‬مروج الذهب ج‪ 2‬ص ‪. 78‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫االس قف الجدي د كاره ا للنس طورية ف دخلوا في حماي ة الف رس وس مح لهم بالتبش ير‬
‫بمذهبهم واتخذوا سلوقيه على نه دجله مقابل العاصمة طيسفون مركزا لهم واصبحت‬
‫من أهم معاق ل النس طورية والتبش ير في الع راق وفي س ائر االمبراطوري ة الفارس ية‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫والى جانب اليهودية والنصرانية عرفت بالد العرب أديان خارجية أخرى ‪،‬‬
‫اغلبها جاءت الى العرب عن طريق الفرس ‪ ،‬كالمجوسية ومنها المزدكية والمانوية‬
‫والزردش تية وهم الق ائلون ب النور والظلم ة وعرف وا بالثنوي ة ‪ ،‬ومنه ا الدهري ة وه ؤالء‬
‫القائلون بالدهر ‪ ،‬وقد انكروا الخالق والبعث وقالوا الطبع المحي والدهر المفني(‪، )2‬‬
‫وق د أش ار الق راَن الك ريم الى ه ؤالء في قول ه ع ز وج ل ‪ ( :‬وق الوا م اهي اال حياتن ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الدينا نموت ونحيا وما يهلكنا اال الدهر )‬
‫والمجوسية من الكلمات المعربة ‪ ،‬عربت عن لفظ مجوس اليونانية المأخوذة‬
‫من أصل فاسي قديم هو مكوش ‪ ،‬وقد دخلت العربية اما عن اليونانية أو عن طريق‬
‫ب ني ام ‪ ،‬وك ان معظم مج وس جزي رة الع رب من الف رس المقيمين في البح رين وفي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اليمن وعمان‬
‫ووجد من العرب فريق عبد النجوم والكواكب كالشمس والقمر والزهرة وهم‬
‫ال ذين عرف وا بالص ائبة ‪ ،‬وقي ل أن األص ل في تس مية ه ذه الطائف ة بالص ائبة النهم‬
‫خرج وا على دينهم ‪ ،‬وأخ ذوا م ا راق لهم من ديان ات الع الم وم ذاهبهم ‪ ،‬فس موا‬
‫بالصائبة أي الخارجين ‪ .‬فقد خرجوا عن تقييدهم بجملة كل دين وتفصيله اال ما رأوه‬
‫من ه الح ق ‪ ،‬والص ائبة فريق ان ‪ ،‬ص ائبة حنف اء وص ائبة مش ركون ‪ ،‬والمش ركون هم‬
‫ال ذين ك انوا يعظم ون الك واكب الس بعة وال بروج االث ني عش ر ويص ورونها في‬
‫هياكلهم ‪ ،‬وكانت للكواكب عندهم هياكل مخصوصة وهي المتعبدات الكبار كالكنائس‬

‫()جواد علي ‪ ،‬العرب قبل االسالم‪ ،‬ج‪ 6‬ص ‪. 75_84‬‬ ‫‪1‬‬

‫()االلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص‪ . 220‬جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪364_363‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 651_650‬‬


‫()سورة الجاثية اية ‪. 24‬‬ ‫‪3‬‬

‫()جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 6‬ص ‪. 285‬‬ ‫‪4‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫عند النصاري والبيع بالنسبة لليهود (‪ .)1‬وكانت بعض قبائل لخم وخزاعة وقريش قد‬
‫عبدت الشعري العبور وهي الشعري اليمانية ‪ ،‬في حين عبدت طيء الثريا والمرزم‬
‫وسهيل وذكر بعض االخباريين ان طائفة من تميم عبدت الدبران والعبوق وان كنانة‬
‫عبدت القمر(‪.)2‬‬
‫وك ان بين الع رب جماع ة س مت نفوس هم عن عب ادة االوث ان ولم يجنح وا الى‬
‫اليهودية أو النصرانية وهم الذين عرفوا باالحناف ‪ ،‬جمع حنيف وهي صفة ابراهيم‬
‫(علي ه الس الم ) وهي كلم ة التع ني جماع ة معين ة ودين ا خاص ا كم ا ه و الح ال في‬
‫اليهودي ة والنص رانية واالس الم ‪،‬انم ا هي ص فة اطلقت على من ع رف بنب ذه الش ك‬
‫وق د أش ار الق ران الك ريم الى ه ؤالء في قول ه ع ز وج ل ‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وميل ه الى التوحي د‬
‫( وق الوا كون وا ه ودا أو نص اري تهت دوا ‪ ،‬ق ل ب ل مل ة اب راهيم حنيف ا وم ا ك ان من‬
‫المش ركين)(‪ )4‬وفي قول ه تع الى ‪ ( :‬م ا ك ان اب راهيم يهودي ا وال نص رانيا ولكن حنيف ا‬
‫وقوله عز وجل ‪( :‬فلما جن عليه الليل رأى كوكبا‬ ‫(‪)5‬‬
‫مسلما وما كان من المشركين )‬
‫ق ال ه ذا ربي ‪ ،‬فلم ا أف ل ق ال ال أحب االَفلين ‪ .‬فلم ا رأى القم ر بازغ ا ق ال ه ذا بي ‪،‬‬
‫فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي ألكونن من القوم الضالين ‪ .‬فلما رأى الشمس بازغة‬
‫ق ال ه ذا ربي ه ذا أك بر فلم ا أف ل ق ال ي ا ق وم اني ب رئ مم ا تش ركون ‪ .‬اني وجهت‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيفا وما كنت من المشركين‬
‫ما قبل االسالم فهو في االسالم للذين يقومون بعمل مناف للشريعة االسالمية‬
‫‪ ،‬اما قبل االسالم فهو للتقدير والتعظيم ‪.‬‬
‫ويتصل بالحج تقديم العتائر(الذبيحة) (الضحية في االسالم ) وكانت تذبح عند‬
‫االنصاب ‪ ،‬فتوزع على الحاضرين ليأكلوها جماعة او تعطى لألفراد‪.‬‬

‫()االَلوسي ‪ :‬بلوغ االرب ج‪ 2‬ص ‪. 225_223‬‬ ‫‪1‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪ ، 368_367‬سالم دراسات ص ‪. 650_ 649‬‬ ‫‪2‬‬

‫() جواد علي ‪ :‬العرب قبل االسالم ج‪ 5‬ص ‪ ، 370‬سالم ‪ :‬دراسات ص ‪. 659‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سورة البقرة ‪. 135‬‬ ‫‪4‬‬

‫() سورة اَل عمران ‪. 67‬‬ ‫‪5‬‬

‫() سورة االنعام ‪. 79_76‬‬ ‫‪6‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫(( صالت العرب الحضارية مع االمم االخرى‪)) Z‬‬
‫‪ .1‬الصالت مع دول وشعوب اسيا ‪.‬‬
‫وتع ود الص الت بين الع رب ودول اس يا الى عص ور قديم ة ‪ ،‬وق د ام دتنا‬
‫المصادر التاريخية بمعلومات حول نشاط العرب الحضارمة والعمانيون التجاري مع‬
‫دول اس يا حيث اص بح ه ؤالء ال وكالء الرئيس يين للتج ارة بين مص ر والهن د ‪ ،‬وانهم‬
‫اتخ ذوا من مين اء اكيال الواق ع على مقرب ة من رأس الخيم ة ( مس ندم) في الخليج‬
‫الع ربي منطلق ا لهم ‪ ،‬وتت ابعت هج رات ع رب جن وب ش به الجزي رة العربي ة نح و‬
‫س واحل الهن د الغربي ة فك انت هج رة الحض ارمة في الق رن الراب ع الميالدي من اوس ع‬
‫الهج رات العربي ة الى تل ك الس واحل حيث ك ون الع رب المه اجرون في مدين ة‬
‫(ك وجرات) او (ذزرات) جالي ة كب يرة لطل ق عليه ا الهن ود اس م (عربتو ‪)Arabita‬‬
‫واصل العرب بعدها انتشارهم حتى بلغوا جزائر الهند الشرقية وبالد الصين ‪.‬‬
‫والواقع ان الصالت بين العرب ودول اسيا قد شهدت تحوالت جذرية لصالح‬
‫التجاة العالمية بين الطرفين ففي منتصف لقرن الثالث الميالدي تحولت هذه التجارة‬
‫ت دريجيا من البح ر المتوس ط الى الخليج لع ربي والمحي ط الهن دي ‪ ،‬ولم ا ح ل الق رن‬
‫الس ابع الميالدي ال ذي ش هد ظه ور االس الم وقي ام الدول ة العربي ة االس المية اص بحت‬
‫بغ داد مرك زا للتج ارة العالمي ة والنش اط االقتص ادي م ع دول وشعوب اس يا واصبحت‬
‫البصرة و(االبلة) منطلقا للتجارة عبر الخليج العربي والمحيط الهندي فكانت الرحلة‬
‫تبدأ بالبصرة الى االبلة عبر شط العرب الى عبدان عند مصبه حيث انشئت منارة في‬
‫البحر ترتشد بها السفن مما يجنبها ضحالة الماء وقرصان البحر ‪ ،‬وقد قدرت المسافة‬
‫بين البصرة وسيراف بحوالي (‪ )360‬ميال وعند سيراف هناك طريقان يوصالن الى‬
‫الشرق يبدءان بالبصرة ويلتقيان في (كولم ملي ) كويلون الحالية في الهند ‪ ،‬احدهما‬
‫يسير بمحاذاة ساحل ايران والسند والهند حتى مالبار ‪ ،‬وهو طريق طويل يستغرق‬
‫ما يزيد على الشهر ‪ ،‬اما الطريق االخر فانه يختصر المسافة الى النصف ويبدا من‬
‫سيراف الى مسقط بعمان ومنها مباشرة الى كولم بساحل المالبار بالهند ‪.‬‬
‫‪ . 2‬الصالت مع دول الشعوب افريقيا ‪:‬‬
‫والواقع ان لمضيق ب اب المن دب وشبه جزيرة سيناء دور ملحوظ في تيسير‬
‫س بل االتص ال البش ري بين الج انبين حيث ك انت س واحل المحي ط الهن دي االفريقي ة‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫والعربية تمثل نقاط تواصل مهمة بين المنطقة من خالل الرحالت التي كانت تقوم‬
‫به ا الس فن العربي ة مس تغلة الري اح الموس مية لتس هيل رحالته ا في حين ادت القواف ل‬
‫البرية دورها المشهود عبر شبه جزيرة سيناء ‪.‬‬
‫وك انت بالد اليمن وم ا يليه ا الى الش مال والجن وب مص درا لهج رات عدي دة‬
‫اثرت ت أثيرا بالغ ا في هضبة الحبش ة واع الي النيل االزق وس واحل افريقية الشرقية‪،‬‬
‫على ان تلك الهجرات لم تكن مقتصرة على بالد اليمن فحسب فكان الحجاز بدورهم‬
‫كانوا يعرفون الحبشة تمام المعرفة منذ عهود سبقت االسالم بقرون عديدة ‪.‬‬
‫ومم ا يؤك د الص لة بين س كان المنطق تين ذل ك التش ابه الع رقي واللغ وي بينهم ا‬
‫االم ر ال ذي دف ع بعض الب احثين الى ت رجيح ال راي القائ ل ب ان ه اتين المجموع تين‬
‫البش ريتين ق د عاش تا في موض ع واح د وربم ا تنتمي ان في اص ولهما البعي دة الى ش عب‬
‫واحد‪.‬‬
‫وال ش ك ان ه ذه العالق ات والص الت العرقي ة واللغوي ة بين س كان الجزي رة‬
‫العربي ة وس واحل افريقي ة الش رقية مهم ا ك انت درجته ا تؤك د ان تب ادل الت أثير الثق افي‬
‫بين المجموع تين ذو ج ذور عميق ة في الت اريخ ففي العص ور الس ابقة لظه ور االس الم‬
‫كانت هناك مجموعات افريقية استقرت في بالد العرب وانصهرت في بوقتة القبائل‬
‫العربي ة فلم يكن من العس ير اجتي از البح ر االحم ر بالس فن الص غيرة اذ لم يكن هن اك‬
‫مايحول دون االتصال بين شاطئية العربي واالفريقي وهكذا وجدنا الكثير من عرب‬
‫اليمن يه اجرون الى الس واحل االفريقي ة قب ل فج ر االس الم بق رون عدي دة حيث انش اوا‬
‫عالقات تجارية وثقافية مع كل من ساحل الحبشة وساحل الصومال وسواحل الشرق‬
‫افريقية وقد استوطن بعض هؤالء اليمنيين مدن هذه السواحل وتزاوجوا مع اهاليها‬
‫وكون وا ع ددا من المس توطنات هن اك ‪ ،‬وي رى بعض الب احثين ان نقط ة االنطالق في‬
‫تاريخ الحبشة تتصل اتصاال وثيقا بجنوب الجزيرة العربية تدفق سكانها باتجاه جبالها‬
‫وسهولها الواسعة وطوروا بمرور الزمن حضارة اضافوا اليها من حضارتهم سمات‬
‫كثيرة ‪.‬‬
‫واستناد الى المصادر التاريخية العربية القديمة فان اصل الحبش من المنطقة‬
‫الواقع ة غ رب بالد اليمن حيث جب ل ( ح بيش) ال ذي يمكن ان يك ون الس مه ص لة‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫بالحبيش الذي هاجروا الى افريقية فيما بعد واطلقوا اسمهم على االرض التي عرفت‬
‫باس مهم (حبش ت) او الحبش ة ‪ .‬ويس تفاد من النق وش المكتش فة الى ان قبائ ل عربي ة‬
‫جنوب هاجرت من اليمن عبر البحر االحمر عن طريق مضيق باب المندب وجزر‬
‫دهل ك ‪ ،‬وك انت وجهته ا مرتفع ات ارتيري ا والحبش ة وعلى راس تل ك القبائ ل النازح ة‬
‫واق دمها قبيل ة ‪ :‬االج اعز او جع يزان ال تي ق امت بتأس يس مملك ة على ارض الحبش ة‬
‫واليهم نسب لغة االحباش المعروفة بالجعزية أي لغة الجعز ‪.‬‬
‫ومن الهج رات المهم ة والكب يرة ال تي ق امت به ا الجماع ات اليمني ة الهج رة‬
‫السبأية التي حدثت خالل القرن الخامس او السادس قبل الميالد والتي رافقتها جماعة‬
‫من الحبش الذين يسكنون المناطق الواقعة غرب اليمن ‪ ،‬وقد احدثت هجرة السبأيين‬
‫الى افريقي ة تط ورا كب يرا في جمي ع مي ادين الحي اة في افريقي ة باعتب ارهم اص حاب‬
‫حض ارة عريق ة ‪ ،‬فق د حم ل الس بأيون لغتهم ونظمهم كم ا نقل وا المه ارات وانش اء‬
‫المدرجات والمسطحات على سفوح اجبال وزراعتها بالمحاصيل واالشجار ‪.‬‬
‫وتج دد االش ارة الي ه ان الس بايين اق اموا اعظم س د عرفت ه بالد الع رب في‬
‫تاريخها القديم به سد مارب الذي استند على قمتي جبل ولق االيمن وااليسر وحول‬
‫االراضي القاحلة الى جنات تمد اهل اليمن بمختلف الثمرات وقد اشار اهلل تعالى في‬
‫القران الكريم الى هذا السد في قوله عز وجل " لقد كان لسبا في مسكنهم ايه جنتان‬
‫عن يمين وش مال كل وا من رزق ربكم واش كروا ل ه بل دة طيب ة ورب غف ورا "‬
‫وباالضافة الى موروثهم الزراعي هذا حمل السبايون فنونهم المعمارية التي اشتملت‬
‫على نحت الحج ر وبن اء القص ور والمعاب د الفخم ة ال تي اش تهروا به ا خالل عه ودهم‬
‫السابقة وادخل السبايون الى افريقية الجمل والحص ان وبعض االدوات واآلالت التي‬
‫تس تخدم في الزراع ة وفي مق دمتها المح راث ال ذي لم يس بق اله ل افريقي ة ان عرف وه‬
‫من قبل ‪.‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪-‬القرآن الكريم‬
‫االصفهاني ‪ ،‬حكمزة بن الحسن ‪ ،‬تاريخ سني ملوك االرض واالنبياء‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫االصطخري ‪ ،‬ابو اسحق ابراهيم ‪ ،‬المسالك والممالك‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫االصعمي ‪ ،‬عبد الملك ‪ ،‬تاريخ العرب قبل االسالم‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫االزرقي ‪ ،‬اب و الولي د محم د بن عب د اهلل ‪ ،‬اخب ار مك ة وم ا ج اء فيه ا من‬ ‫‪.4‬‬
‫االثار‪.‬‬
‫البالذري ‪ ،‬احمد بن يحيى ‪ ،‬فتوح البلدان‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫البالذري ‪ ،‬احمد بن يحيى ‪ ،‬انساب االشراف ‪ ،‬ج‪ ، 1‬طبعة القاهرة ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫الجمعي ‪ ،‬الفضل بن الحباب ‪ ،‬طبقات شعراء الجاهلية ‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫المسعودي ‪ ،‬ابو الحسن ‪ ،‬مروج الذهب ‪ ،‬أربعة اجزءا‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫المسعودي ‪ ،‬ابو الحسن ‪ ،‬التنبيه واالشراف ‪ ،‬طبعة بيروت ‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫المقدسي ‪ ،‬شمس الدين ابو عبد اهلل ‪ ،‬احست التقاسيم في معرفة االقاليم‪.‬‬ ‫‪.10‬‬
‫الطبري ‪ ،‬محمد بن جرير ‪ ،‬تاريخ الرسل والملوك ‪ ،‬ج‪.2‬‬ ‫‪.11‬‬
‫العلي ‪ ،‬د‪ .‬ص الح احم د ‪ ،‬محاض رات في ت اريخ الع رب ‪ ،‬محاض رات في‬ ‫‪.12‬‬
‫التاريخ االسالمي‪.‬‬
‫ابن شبه ‪ ،‬أبو زيد البصري ‪ ،‬تاريخ المنورة ‪ ،‬اجزاء‪.‬‬ ‫‪.13‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫علي ‪ ،‬د‪ .‬ج واد ‪ ،‬المفص ل في ت اريخ الع رب قب ل االس الم ‪ ،‬ج‪ 1‬؛ ت اريخ‬ ‫‪.14‬‬
‫العرب قبل االسالم ‪ 8 ،‬اجزاء‪.‬‬
‫الكبيسي ‪ ،‬د‪ .‬حمدان ‪ ،‬اسواق العرب التجارية‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫س الم ‪ ،‬د‪ .‬عب د العزي ز ‪ ،‬دراس ات في ت اريخ الع رب ‪ ،‬ج‪ .1‬؛ ت اريخ الدول ة‬ ‫‪.16‬‬
‫العربية ‪ ،‬طبعة بيروت‪.‬‬
‫الهمداني ‪ ،‬أبو محمد الحسن ‪ ،‬كتاب االكليل ‪ 21 ،‬صفحة جزيرة العرب‪.‬‬ ‫‪.17‬‬
‫الهاشمي ‪ ،‬د‪ .‬علي ‪ ،‬المرأة في الشعر الجاهلي‪.‬‬ ‫‪.18‬‬
‫اليعقوبي ‪ ،‬احمد يغقوب ‪ ،‬كتاب البلدان ‪ ،‬طبعة النجف ؛ تاريخ اليعقوبي ‪،‬‬ ‫‪.19‬‬
‫جزءان‪.‬‬
‫ابن الكلبي ‪ ،‬ابو المنذر هشام ‪ 25 ،‬كتاب االصنام ‪ ،‬طبعة القاهرة‪.‬‬ ‫‪.20‬‬
‫ابن هشام ‪ ،‬ابو محمد عبد الملك ‪ ،‬السيرة النبوية ‪ ،‬اربعة اجزاء ‪.‬‬ ‫‪.21‬‬
‫ي اقوت الحم وي ‪ ،‬ش هاب الدين عب د اهلل ‪ ،‬معجم البل دان ‪ ،‬اج زاء ‪، 28‬معجم‬ ‫‪.22‬‬
‫االدباء اجزاء‪.‬‬
‫جواد علي ‪ ،‬المفصل في تاريخ العرب قبل االسالم‪.‬‬ ‫‪.23‬‬
‫د‪ .‬منذر البكر ‪ ،‬دراسات في تاريخ العرب قبل االسالم‪.‬‬ ‫‪.24‬‬
‫فؤاد حمزة ‪ ،‬قلب جزيرة العرب‪.‬‬ ‫‪.25‬‬
‫د‪ .‬صالح العلي ‪،‬محاضرات في تاريخ الرعب‪.‬‬ ‫‪.26‬‬
‫احمد أبو الفضل عوض اهلل ‪ ،‬مكة في عصر ما قبل السالم‪.‬‬ ‫‪.27‬‬
‫توفيق بروا ‪ ،‬تاريخ العرب القديم وعصر الرسول‬ ‫‪.28‬‬
‫فيليب حتي ‪ ،‬تاريخ العرب ( مطول)‪.‬‬ ‫‪.29‬‬
‫مصطفى مراد الدباغ ‪ ،‬جغرافية شبه جزيرة العرب‪.‬‬ ‫‪.30‬‬
‫احمد الشامي ‪ ،‬في تاريخ العرب قبل االسالم‪.‬‬ ‫‪.31‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬
‫رقم االيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد ( ‪ )3921‬لسنة ‪2017‬‬

‫نشر وتوزيع مكتبة الصفوة‬

‫مكتبة الصفوة – بغداد – العراق ‪2017 -‬‬

‫‪07712291449‬‬

‫قرب الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية‬ ‫مكتبة الصفوة – بغداد‪ -‬شارع فلسطين –‬

You might also like