You are on page 1of 10

‫التسامح باعتباره قيمة فلسفية‬

‫قراءة في كتاب رسالة في التسامح "جون لوك"‬

‫‪:‬من تقديم‬
‫ادم مجاهد‬
‫اسماء ا)لواقفي‬
‫علي الطاهري‬
‫تحت تأطير‪:‬‬ ‫زروقي معاذ‬
‫االستاذ عبد الرحيم العوني‬ ‫نزار المكاوي‬
‫‪ :‬التصميم‬

‫‪ ‬من هو جون لوك؟‬


‫مفهوم التسامح اصطالحا و عالقته بالفلسفة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬بعض المعلومات حول كتاب رسالة في التسامح‪.‬‬


‫‪ ‬مناقشة الهم المواضيع واالفكار التي تطرق لها جون في كتابه‪.‬‬
‫من هو جون لوك؟‬
‫ولد جون لوك في عام ‪  1632‬طبيب و ُم فكر وفيلسوف بريطاني األصل‪ ،‬امتاز بفكره السياسي المنطلق واألصيل‪ ،‬والمبني على‬
‫صا‪ ،‬وقد كانت أفكاره الفلسفية‬
‫مفاهيم الحرية االجتماعية‪ ،‬كما حرص على الدعوة إلى أهمية التسامح‪ ،‬وفي المسائل الدينية خصو ً‬
‫والسياسية الحديثة بمثابة منارة عززت النهضة العلمية الحديثة بشتى مجاالتها الدستورية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والتربوية‪،‬‬
‫والثقافية‪ ،‬وغدت مصدر إلهام للشعب والحكام والمفكرين في أوروبا خالل عصر التنوير‪ ،‬خاصةً بعد الثورة المجيدة في إنجلترا‪،‬‬
‫ويُعد جون مؤسس المدرسة الفكرية التجريبية البريطانية‪ ،‬كما قدم مساهمات عدة‪ ،‬أبرزها كان مقااًل حول الفهم اإلنساني‪ ،‬ومجموعة‬
‫رسائل حول التسامح‪ ،‬وغيرها الكثير‪.‬‬
‫أبرز مؤلفات جون لوك‪:‬‬
‫كتاب في الحكم المدنيز‪.‬‬
‫مقالة عن الذكاء البشري‪.‬‬
‫كتاب بعض األفكار المتعلقة بالتربية‪.‬‬
‫كتاب رسالة في التسامح‪.‬‬
‫مفهوم التسامح اصطالحا ‪:‬‬
‫التسامح هو االحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات‬
‫عالمنا‪ ،‬وألشكال التعبير‪ ،‬وللصفات اإلنسانية لدينا‪ ،‬ويتعزز‬
‫هذا التسامح بالمعرفة واالنفتاح واالتصال‪ ،‬وحرية الفكر‬
‫والضمير والمعتقد‪ ،‬والوئام في سياق االختالف‪ ،‬وهو ليس‬
‫واجبا ً أخالقيا ً فحسب‪ ،‬وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضاً‪،‬‬
‫والتسامح هو الفضيلة التي تيسر قيام وقيم السالم‪ ،‬وتسهم في‬
‫إحالل ثقافة السالم محل ثقافة الحرب‪.‬‬
‫مفهوم التسامح فلسفيا ‪:‬‬

‫يرتبط التسامح بعدة مفاهيم فلسفية ولتطرق الكتاب للجهة السياسية للمفهوم بشكل ادق فمن الالزم تعريفه بمراعاة عالقته مع الفلسفة‬
‫السياسية ‪:‬‬
‫فهو فئة كالسيكية في النظرية السياسية الغربية ويمكن القول ّ‬
‫بأن الليبرالية قد تطورت كتعميم للمناقشات حول التسامح الديني من القرن‬
‫السابع عشر فصاع ًد ا‪ ،‬تم تأطير العديد من المناقشات في النظرية والسياسية حول المسائل ذات االهتمام الحالي بد ًءا من النقاشات حول‬
‫تشريعات حرية التعبير وخطاب الكراهية والمواقف من ممارسات مجموعات األقليات إلى المدى المشروع لتدخل الدولة في مجاالت‬
‫معينة من الحياة االجتماعية كمناقشات حول التسامح‪.‬‬
‫وفقً ا لما تقدم‪ ،‬وفي ظل المناقشات الفلسفية الراهنة حول التسامح في المجتمعات الحديثة متعددة الثقافات‪ ،‬غالبًا ما يُنظر إلى «مفهوم‬
‫االحترام» على أنه األكثر مالءمة من حيث إمكانية تطبيقه‪ .‬لكن في هذه المناقشات‪ ،‬يمكن تبرير التسامح بوصفه «احترا ًما» عبر العديد‬
‫من الطرائق المختلفة‪ .‬يحاج)ج التبرير األخالقي الليبرالي بأن االحترام ضرورة لألفراد بصفتهم كائنات مستقلة على المستويين الشخصي‬
‫واألخالقي مع ما يمتلكونه من قدرة على االختيار‪ ،‬مع قدرتهم على تحديد التصور الفردي للخير‪ .‬يجب احترام هذه القدرة وتعزيزها ألنها‬
‫الشرط الضروري (وإن لم يكن كافيًا) لتحقيق الحياة الطيبة‪ .‬ومن هنا تفترض الحجة مسبقًا أطروحة محددة حول الحياة الطيبة؛ أي أن‬
‫أسلوب الحياة المختار بشكل مستقل فقط هو الذي يمكن أن يؤدي إلى الحياة الطيبة‪.‬‬
‫بعض المعلومات حول كتاب رسالة في) التسامح‪:‬‬

‫‪ ‬كتب لوك الرسالة خالل شتاء ‪1686-1685‬و نُشرعام ‪ 1689‬ألول مرة‪ ‬باللغة الالتينية‪ ،‬على الرغم من أنه تمت ترجمتها على الفور إلى‬
‫لغات أخرى‪ .‬ظهر عمل لوك وسط مخاوف من أن‪ ‬الكاثوليكية‪ ‬قد تستولي على‪ ‬إنجلترا‪ ،‬وتستجيب لمشكلة الدين والحكومة من خالل‬
‫اقتراح التسامح الديني كإجابة‪.‬‬
‫في أعقاب اكتشاف مؤامرة ‪ ،‬فر لوك من إنجلترا إلى أمستردام بهولندا في سبتمبر ‪ .1683‬طوال حياته‪ ،‬كان لوك مهت ًما بالنقاش حول التسامح الديني‬
‫المحاور األساسية في كتاب رسالة في التسامح‪:‬‬
‫بناء منظومة موحدة وواضحة تؤسس مفهوم التسامح باالعتماد على فصل المهام بين الدين والدولة‪.‬‬
‫المساواة في الحقوق بين مختلف الطوائف الدينية‪.‬ضرورة تخلص رجال الدين من األوهام ال ُمضللة التي تُحيدهم عن طريق الصواب‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الخروج من بنية التفكير األحادي المطلق والتعصب الديني‪.‬‬
‫الغاية من التسامح تتمثل بإيجاد ح ّل عقالني للتخلص من األزمات والصراعات التي شهدتها المجتمعات األوروبية‪.‬‬
‫اهم المواضيع واالفكار التي تطرق لها جون في‬
‫كتابه‪:‬‬
‫أنواع التسامح‬
‫للتسامح عند لوك أنواع‪ ،‬ديني‪ ،‬وسياسي‪ ،‬واجتماعي‪ ،‬وأخالقي‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وتعرف رسالة لوك التسامح الديني والكنيسة‪  ‬‬
‫الكاثوليكية عموماً؛ بأنه "السماح السلبي بالشر"؛ فما يُتسامح فيه ليس خيراً وال فضيلة؛ ولهذا فهو ال ينطوي على استحسان‪،‬‬
‫كما أنه ليس شراً مطلقا‪ ،‬ولهذا ال ينطوي على استنكار مطلق‪ .‬ولما كان السماح سلبياً‪ ،‬فإنه ينطوي مع ذلك على إقرار‬
‫باالستهجان‪ ،‬وإن كان في الباطن ال في الظاهر‪ .‬ولهذا كان التسامح في الكنيسة الكاثوليكية أمراً تمليه الظروف‪ ،‬وليس عقيدة‪.‬‬
‫فإن اقتضت الظروف‪ -‬السياسية غالبا‪ -‬أن يُتسامح مع المذاهب واألديان األخرى‪ ،‬فذلك؛ ألن عدم التسامح؛ سيؤدي إلى شرور‬
‫أكبر‪ ،‬فإن من المندوب‪ -‬وال يقال من الواجب‪ -‬التسامح‪ .‬أما البروتستانتية فقد بدأت تشق طريقها إلى إنجلترا إبان حياة‬
‫مؤسسها مارتن لوثر‪ .‬وساعد على انتشارها ألول مرة‪ ،‬الملك هنري الثامن في النصف األول من القرن السادس عشر؛ إذ‬
‫وقع في نزاع خطير مع البابا‪( ،‬حول طالقه من زوجته كاترينا دراغون)‪ ،‬فلم تحكم الكنيسة لصالحه‪ ،‬فأعلن استقالل انجلترا‬
‫‪.‬دينيا ً عن بابا روما‪ ،‬وأعلن أنه هو "الرئيس األعلى للكنيسة" في إنجلترا‪ .‬مرغما ً األساقفة على اإلقرار بذلك عام ‪1531‬‬
‫موقف متباين‪:‬‬
‫‪      ‬لقد اتخذ لوك موقفا متراوحا بين رفض تام وتسامح مطلق مع أولئك المخال)فين‪ .‬فهو في رسالتيه عن التسامح رأى أن‬
‫كل األفعال متساوية‪ ،‬ومهما كان نوعها؛ فإنها تقع تحت سلطة من ُوكل إليه التصرف‪  ،‬ووكلت إليه حياة كل فرد من أفراد‬
‫الرعية‪ ،‬أي الحاكم المدني‪ .‬وتبعا لهذا أنكر لوك مطالب األفراد حول الضمير والحرية‪ .‬معبراً "إن الضمير ليس شيئا غير‬
‫رأي في الحقيقة"‪ .‬ومبادئ الدين تحتاج إلى الموافقة الباطنية‪ .‬ومهمة الديانة المسيحية الكبرى تقوم في القلب‪ ،‬ال في السلوك‬
‫الظاهر‪ .‬ولهذا ال محل لإلهابة بالضمير الفردي ضد أوامر الحكم‪ .‬وما يطالب به البعض من حرية ضمير ما هو في الواقع‪،‬‬
‫إال مطالبة بحرية الفعل‪ .‬وهذا يؤدي إلى مخالفة الحاكم وإشاعة االضطراب‪ .‬ولهذا طالب لوك باستعمال العقوبات ضد‬
‫المخالفين؛ ألن القهر يرغم المخالف على الخضوع واإلذعان‪.‬‬
‫إقرار بالحرية‬
‫‪    ‬هكذا أقر لوك بالحرية الفردية في الشؤون الدينية؛ ألن رعاية نجاة روح كل إنسان‪ ،‬هي أمر موكول إليه وحده‪ ،‬وال يمكن‬
‫أن يُعهد بها إلى أي سلطة مدنية أو دينية‪ .‬لكن البعض يرى أن التسامح الذي يدعو إليه لوك‪ ،‬إنما هو تسامح قاصر؛ ألنه‬
‫يستثني من التسامح طائفتين‪ :‬هم الكاثوليك والملحدين‪ ،‬رغم أنه يبرر موقفه؛ بالنسبة إلى الكاثوليك؛ بأنهم كانوا متآمرين؛ ألن‬
‫لديهم والء ألمير آخر‪ ،‬يقصد به‪ ،‬لويس الرابع عشر ملك فرنسا‪ .‬أما موقفه من الملحدين فيبرره؛ بأن من ال يؤمن باهلل‪ ،‬ال عهد‬
‫له‪ ،‬وال يوثق به‪ .‬وربط البعض تسامح لوك؛ بالظروف التي كانت سائدة في إنجلترا آنذاك‪ .‬معتبرين أن "رسالة في التسامح"‪،‬‬
‫كانت وليدة ظروف سياسية ودينية في عهده‪ .‬ولكننا إذا تناولنا هذا الرأي في ضوء ما نعرفه عن جون لوك؛ كمؤسس للمذهب‬
‫التجريبي في فلسفة العصر الحديث‪ ،‬ذلك المذهب الذي جاء في مقابل عقالنية ديكارت؛ لن نندهش من موقفه المتردد في‬
‫مسألة التسامح؛ إذ لطالما رفض لوك فكرة المبادىء النظرية الفطرية‪ ،‬أو المبادىء العملية أو األخالقية الفطرية‪.‬‬
‫دعوة إلى التسامح‬
‫‪   ‬يتبين من العرض‪ ،‬أن تطور الفكر الديني في انجلترا من عهد هنري الثامن إلى عهد جيمس الثاني‪ ،‬أي من سنة ‪1530‬‬
‫تقريبا حتى سنة ‪ ، 1688‬أدى إلى‪ :‬استقالل كنيسة إنجلترا عن بابا روما‪ .‬وتزايد نفوذ األفكار البروتستانتية‪ ،‬إلى درجة‬
‫سيطرتها على توجيه الفكر الديني في إنجلترا‪ .‬وأدت هذه السيطرة إلى اعتبار الكنيسة األنجليكانية هي المؤسسة األساسيىة‬
‫بين التيارات والمذاهب الدينية‪ .‬لكن قام في مواجهتها تيارات ومذاهب معادية‪ ،‬أهمها‪ :‬الكاثوليكية‪ ،‬والبيوريتانية‪ ،‬والكويكرز‪.‬‬
‫وقد أطلق على هذه المذاهب اسم عام وهو "المخالفون"‪ .‬وقاد لواء الحملة ضد التسامح مع "المخالفين" العديد من األساقفة‬
‫والدعاة‪ ،‬الذين دعوا إلى استئصال "المخالفين"‪ ،‬وإلى معاقبة كل من يأخذ بأرائهم‪ .‬وكانت التهمة الرئيسية الموجهة إليهم‪ ،‬هي‬
‫أنهم يعارضون سلطة الملك المطلقة‪ ،‬في أمور الدين والدولة‪ ،‬وهذه تهمة ال محل للتسامح فيها‪ .‬طالما أن الملكية تقوم على‬
‫قرار من هللا (حسب الوعي السائد آنذاك)‪ .‬وطالما أن القائمين بأمر الكنيسة والدولة أقدر على الحكم‪ .‬لكن إزاء التعصب‬
‫الشديد مع المخالفين‪ ،‬ظهرت بعض الكتابات للدفاع عنهم والدعوة إلى التسامح معهم‪.‬‬

You might also like