Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الأولى
المحاضرة الأولى
حاولت الطرق واألساليب اإلدارية إيجاد صيغ إدارية وسياسية قادرة على السيطرة
على الوحدات اإلدارية في الدولة ،فكانت صيغة الحكم المركزي مقابل الحكم
الالمركزي ،واإلدارة المباشرة مقابل تفويض الصالحيات والسلطات ،ومن هنا
تبلورت فكرة ما بات يعرف في الفكر النظري "بالحكم المحلي" أو "اإلدارة المحلية"
كواقع إداري جديد ،وأصبحت مصطلحات لها أركانها ومميزاتها ،وتتبناها العديد من
دول العالم في سبيل إدارة هيئاتها المحلية.
وعليه ،نحاول من خالل هذا المبحث دراسة مفهوم اإلدارة المحلية والحكم المحلي
وذلك من خالل التعرض إلى مختلف االجتهادات لتعريف المفهومين ،كما نحاول
عقد مقارنة بينهما حتى نتفادى اللُبس المفاهيمي ،والخلط في استخدام
المصطلحين.
أوال :مفهوم اإلدارة المحلية:
تبعا لوجهات
تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم اإلدارة المحليةً ،
نظر الفقهاء والمفكرين ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن آل مفكر آان
ينظر إلى اإلدارة المحلية من زاوية معينة مبنية على الفلسفة الفكرية
السياسية والقانونية للدولة التي ينتمي إليها المفكر أو الكاتب ولكن بالنهاية
نجد أن أولئك المفكرين قد اتفقوا على المبادئ األساسية التي تتعلق بنظام
اإلدارة المحلية ،وال شك Eأن اختالف الجوانب التي يهتمون بها ،واألهداف
التي يرمون إلى تحقيقها ،تدعونا إلى التعرف على بعض هذه التعريفات
ذات العالقة بمفهوم نظام اإلدارة المحلية.
تعتبر اإلدارة المحلية أسلوب في الالمركزية اإلدارية تقوم بموجبه الحكومة
المركزية بتفويض جزء من صالحياتها إلى السلطات المحلية في المناطق
واألقاليم المختلف.
أما موسوعة الحكم المحلي الصادرة عن المنظمة العربية للعلوم اإلدارية ،فتعتبرها:
أسلوب إداري ،بمقتضاه يقسم إقليم الدولة إلى وحدات ذات مفهوم محلي ،يشرف على
إدارة كل وحدة منها هيئة تمثل اإلدارة العامة ألهلها ،على أن تستقل هذه الهيئات
بموارد مالية ذاتية ،وترتبط بالحكومة المركزية بعالقات يحددها القانون.
في حين أن هناك من يعتبر أن اإلدارة المحلية هي :أسلوب من أساليب التنظيم
اإلداري ،يراد به توزيع الوظيفة اإلدارية بين السلطة المركزية في الدولة وبين الهيئات
اإلدارية المتخصصة ،على أساس إقليمي لقياس ما يعهد به إليها تحت رقابة السلطة.
وعرفها األستاذ "عبد الرزاق الشيخلي" بأنها "أسلوب من أساليب التنظيم اإلداري
للدولة ،تقوم على فكرة توزيع النشاطات والواجبات بين األجهزة المركزية والمحلية،
وذلك لغرض أن تتفرغ األولى لرسم السياسة العامة للدولة ،إضافة إلى إدارة المرافق
القومية في البالد ،وأن تتمكن األجهزة المحلية من تسيير مرافقها بكفاءة ،وتحقيق
أغراضها المشروعة" ،ومما يميز هذا التعريف أنه يبين أهمية ودور اإلدارة المحلية في
إدارة المرافق العامة المحلية داخل مجتمعها.
ثانيا :مقومات اإلدارة المحلية
ترتكز اإلدارة المحلية على مجموعة من األسس والمقومات تتمثل بما يلي:
1-تتمتع اإلدارة المحلية بالشخصية المعنوية:
ما يميز اإلدارة المحلية عن اإلدارة المركزية هو تمتعها بالشخصية المعنوية ألن
الشخصية المعنوية هي النتيجة الطبيعية لقيام الالمركزية ،فإذا ما أغفلت الشخصية
المعنوية فإن ذلك يعني أنها ما زالت مرتبطة باإلدارة المركزية لذا فإن هذا الطابع هو
الذي يميزها ويمنحها الصفة القانونية ،وما االعتراف بالشخصية المعنوية لإلدارة
المحلية إال نتيجة منطقية لالعتراف باستقاللها وبوجود مصالح محلية خاصة بها.
وهذه الوحدات "تعتبر مستقلة عن أشخاص منشئيها وممثليها ،إو برازها بهذا الشكل
القانوني الموحد ،هو حل لإلشكاالت الناجمة لقيامها بنشاطاتها فاعتبرت تلك
النشاطات وآأنها صادرة عن هذا الشخص الذي اعتبر أهالً لإللزام واإللتزام ،وأصبح
قادر على مباشرة التصرفات القانونية بما تمنحه من حقوق وما تفرضه من التزامات ًا
وهذا األمر يتبعه ذمة مالية مستقلة لعدد األشخاص المعنوية بما يسمح لها القيام
باختصاصاتها.
- 2قيام مجالس محلية منتخبة إلدارة المصالح المحلية:
جوهر اإلدارة المحلية هو أن يعهد إلى أبناء الوحدة اإلدارية بأن يشبعوا حاجاتهم
المحلية بأنفسهم من خالل هيئة يتم انتخابها .الشك أن الفقهاء قد انقسموا في آرائهم
إلى فريقين :الفريق األول يدعم فكرة قيام المجالس المحلية على أساس االنتخاب،
وحجتهم بذلك هو تكريس معنى استقالل المجالس المحلية ،واألمر اآلخر هو تالءم
نظام االنتخاب مع مبدأ الديمقراطية الذي يؤيد األخذ بنظام االنتخاب.
وهناك فريق آخر يرى أن مسألة االنتخاب في حالة تطبيق نظام الالمركزية المحلية ال
الزما ويمكن أن يتم ذلك من خالل التعيين .ونحن نرى أن هذا الرأي بكل طا ً يعتبر شر ً
مبرراته قد يمثل خرقًا للهدف السياسي لإلدارة المحلية بشكل عام ،حيث يسلب الجانب
االستقاللي وحرية اختيار المجتمعات المحلية ويبقيها في دائرة القاصر غير القادر على
إفراز قيادات محلية تمثله وتنوب عنه كحالة أساسية من حاالت الديمقراطية الواجب
تعزيزها في نهج اإلدارة المحلية.
3-تمتع المجالس المحلية باالستقالل في ممارسة اختصاصاتها مع
خضوعها لرقابة السلطة المركزية:
صحيح أن السلطة المركزية تخلت عن سلطتها ذات الطابع
المحلي لصالح الوحدات اإلدارية المحلية ،ولكنها احتفظت بحق الرقابة
واإلشراف عليها حتى تضمن أنها تسير بالشكل الذي يتناسب مع
السياسة العامة والمصلحة العامة للدولة ،ومن المعروف أنه عادة ما
يوجد نص قانوني يبين به اختصاصات وصالحيات اإلدارة المحلية ومن
خالل ذلك النص يتم تحديد النوعية والكيفية التي يتم فيها رقابة السلطة
المركزية ،ويرى األستاذ "حسن عواضة "أنه ال يمكن لإلدارة المركزية أن
تصل في رقابتها على اإلدارة المحلية إلى حد إصدار األوامر آما هو
الحال في الرقابة الرئاسية ذلك أن ممارسة سلطة إصدار األوامر تصطدم
باستقالل اإلدارة المحلية وتمس جوهر الالمركزية نفسه" .
فالرقابة إذا تكون ضمن الفلسفة األساسية التي ينص عليه مبدأ
الالمركزية اإلدارية وأن ال يخرج عن ذلك المفهوم حتى تبقى اإلدارة
المحلية متمتعة باستقالليتها.
ركنا من أركان وجود نظام لإلدارة المحليةإو ذا كانت الرقابة واإلشراف والتعاون ً
ومقوماتها حسبما اتفق عليه الباحثين ،فإن هناك مجموعة من األهداف تتوخاها
الحكومة المركزية لمنفعة وخدمة المواطنين من أهمها:
تأكيد الوحدة السياسية واإلدارية للدولة باعتبار أن اإلدارة المحلية ما هي إال نظام
فرعي من النظام العام للدولة وأجهزتها.
التأكيد على أن اإلدارة المحلية تعمل وفق القوانين واألنظمة التي تصدرها الحكومة
المركزية ،إضافة إلى أن ق اررات المجالس المحلية تكون موافقة ومطابقة لهذه
القوانين واألنظمة ،وذلك حماية للجميع ،الحكومة المركزية واإلدارة المحلية
والمواطنين .
التأكيد على أن اإلدارة المحلية تقوم بواجباتها ووظائفها في
نطاق الحد األدنى المطلوب وبدرجة من الكفاءة والفاعلية،
وذلك من خالل اطالع الحكومة المركزية على موازنة اإلدارةE
أساسيا من مؤشرات أدائها العام .
ً مؤشر
ًا المحلية التي تعتبر
ضمان حسن سير الخدمات المحلية وقيام اإلدارة المحلية
بتأديتها بكفاءة وفاعلية ،ووضع معيار لنوع ومستوى الخدمات
المطلوب تقديمها للسكان وبتعاون وثيق بين اإلدارة المركزية
واإلدارة المحلية ،بما يكفل لهما اكتشاف نقاط الضعف
وتعديلها لألحسن.