You are on page 1of 9

‫المحاضرة األولى‪:‬‬

‫مفهوم اإلدارة المحلية ومقوماتها‬


‫أ‪.‬د‪ .‬بومدين طاشمة‬

‫حاولت الطرق واألساليب اإلدارية إيجاد صيغ إدارية وسياسية‬


‫قادرة على السيطرة على الوحدات اإلدارية في الدولة‪ ،‬فكانت‬
‫صيغة الحكم المركزي مقابل الحكم الالمركزي‪ ،‬واإلدارة المباشرة‬
‫مقابل تفويض الصالحيات والسلطات‪ ،‬ومن هنا تبلورت فكرة ما‬
‫بات يعرف في الفكر النظري "بالحكم المحلي" أو "اإلدارة المحلية"‬
‫كواقع إداري جديد‪ ،‬وأصبحت مصطلحات لها أركانها ومميزاتها‪،‬‬
‫وتتبناها العديد من دول العالم في سبيل إدارة هيئاتها المحلية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬نحاول من خالل هذا المبحث دراسة مفهوم اإلدارة‬
‫المحلية والحكم المحلي وذلك من خالل التعرض إلى مختلف‬
‫االجتهادات لتعريف المفهومين‪ ،‬كما نحاول عقد مقارنة بينهما‬
‫حتى نتفادى اللُبس المفاهيمي‪ ،‬والخلط في استخدام المصطلحين‪.‬‬
‫‪:‬أوال‪ :‬مفهوم اإلدارة المحلية‬

‫حاولت الطرق واألساليب اإلدارية إيجاد صيغ إدارية وسياسية قادرة على السيطرة‬
‫على الوحدات اإلدارية في الدولة‪ ،‬فكانت صيغة الحكم المركزي مقابل الحكم‬
‫الالمركزي‪ ،‬واإلدارة المباشرة مقابل تفويض الصالحيات والسلطات‪ ،‬ومن هنا‬
‫تبلورت فكرة ما بات يعرف في الفكر النظري "بالحكم المحلي" أو "اإلدارة المحلية"‬
‫كواقع إداري جديد‪ ،‬وأصبحت مصطلحات لها أركانها ومميزاتها‪ ،‬وتتبناها العديد من‬
‫دول العالم في سبيل إدارة هيئاتها المحلية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬نحاول من خالل هذا المبحث دراسة مفهوم اإلدارة المحلية والحكم المحلي‬
‫وذلك من خالل التعرض إلى مختلف االجتهادات لتعريف المفهومين‪ ،‬كما نحاول‬
‫عقد مقارنة بينهما حتى نتفادى اللُبس المفاهيمي‪ ،‬والخلط في استخدام‬
‫المصطلحين‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم اإلدارة المحلية‪:‬‬
‫تبعا لوجهات‬
‫تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم اإلدارة المحلية‪ً ،‬‬
‫نظر الفقهاء والمفكرين ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن آل مفكر آان‬
‫ينظر إلى اإلدارة المحلية من زاوية معينة مبنية على الفلسفة الفكرية‬
‫السياسية والقانونية للدولة التي ينتمي إليها المفكر أو الكاتب ولكن بالنهاية‬
‫نجد أن أولئك المفكرين قد اتفقوا على المبادئ األساسية التي تتعلق بنظام‬
‫اإلدارة المحلية‪ ،‬وال شك‪ E‬أن اختالف الجوانب التي يهتمون بها‪ ،‬واألهداف‬
‫التي يرمون إلى تحقيقها‪ ،‬تدعونا إلى التعرف على بعض هذه التعريفات‬
‫ذات العالقة بمفهوم نظام اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫تعتبر اإلدارة المحلية أسلوب في الالمركزية اإلدارية تقوم بموجبه الحكومة‬
‫المركزية بتفويض جزء من صالحياتها إلى السلطات المحلية في المناطق‬
‫واألقاليم المختلف‪.‬‬
‫أما موسوعة الحكم المحلي الصادرة عن المنظمة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬فتعتبرها‪:‬‬
‫أسلوب إداري‪ ،‬بمقتضاه يقسم إقليم الدولة إلى وحدات ذات مفهوم محلي‪ ،‬يشرف على‬
‫إدارة كل وحدة منها هيئة تمثل اإلدارة العامة ألهلها‪ ،‬على أن تستقل هذه الهيئات‬
‫بموارد مالية ذاتية‪ ،‬وترتبط بالحكومة المركزية بعالقات يحددها القانون‪.‬‬
‫في حين أن هناك من يعتبر أن اإلدارة المحلية هي‪ :‬أسلوب من أساليب التنظيم‬
‫اإلداري‪ ،‬يراد به توزيع الوظيفة اإلدارية بين السلطة المركزية في الدولة وبين الهيئات‬
‫اإلدارية المتخصصة‪ ،‬على أساس إقليمي لقياس ما يعهد به إليها تحت رقابة السلطة‪.‬‬
‫وعرفها األستاذ "عبد الرزاق الشيخلي" بأنها "أسلوب من أساليب التنظيم اإلداري‬
‫للدولة‪ ،‬تقوم على فكرة توزيع النشاطات والواجبات بين األجهزة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫وذلك لغرض أن تتفرغ األولى لرسم السياسة العامة للدولة‪ ،‬إضافة إلى إدارة المرافق‬
‫القومية في البالد‪ ،‬وأن تتمكن األجهزة المحلية من تسيير مرافقها بكفاءة‪ ،‬وتحقيق‬
‫أغراضها المشروعة"‪ ،‬ومما يميز هذا التعريف أنه يبين أهمية ودور اإلدارة المحلية في‬
‫إدارة المرافق العامة المحلية داخل مجتمعها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقومات اإلدارة المحلية‬
‫ترتكز اإلدارة المحلية على مجموعة من األسس والمقومات تتمثل بما يلي‪:‬‬
‫‪ 1-‬تتمتع اإلدارة المحلية بالشخصية المعنوية‪:‬‬
‫ما يميز اإلدارة المحلية عن اإلدارة المركزية هو تمتعها بالشخصية المعنوية ألن‬
‫الشخصية المعنوية هي النتيجة الطبيعية لقيام الالمركزية‪ ،‬فإذا ما أغفلت الشخصية‬
‫المعنوية فإن ذلك يعني أنها ما زالت مرتبطة باإلدارة المركزية لذا فإن هذا الطابع هو‬
‫الذي يميزها ويمنحها الصفة القانونية‪ ،‬وما االعتراف بالشخصية المعنوية لإلدارة‬
‫المحلية إال نتيجة منطقية لالعتراف باستقاللها وبوجود مصالح محلية خاصة بها‪.‬‬
‫وهذه الوحدات "تعتبر مستقلة عن أشخاص منشئيها وممثليها‪ ،‬إو برازها بهذا الشكل‬
‫القانوني الموحد‪ ،‬هو حل لإلشكاالت الناجمة لقيامها بنشاطاتها فاعتبرت تلك‬
‫النشاطات وآأنها صادرة عن هذا الشخص الذي اعتبر أهالً لإللزام واإللتزام‪ ،‬وأصبح‬
‫قادر على مباشرة التصرفات القانونية بما تمنحه من حقوق وما تفرضه من التزامات‬ ‫ًا‬
‫وهذا األمر يتبعه ذمة مالية مستقلة لعدد األشخاص المعنوية بما يسمح لها القيام‬
‫باختصاصاتها‪.‬‬
‫‪ - 2‬قيام مجالس محلية منتخبة إلدارة المصالح المحلية‪:‬‬
‫جوهر اإلدارة المحلية هو أن يعهد إلى أبناء الوحدة اإلدارية بأن يشبعوا حاجاتهم‬
‫المحلية بأنفسهم من خالل هيئة يتم انتخابها‪ .‬الشك أن الفقهاء قد انقسموا في آرائهم‬
‫إلى فريقين‪ :‬الفريق األول يدعم فكرة قيام المجالس المحلية على أساس االنتخاب‪،‬‬
‫وحجتهم بذلك هو تكريس معنى استقالل المجالس المحلية‪ ،‬واألمر اآلخر هو تالءم‬
‫نظام االنتخاب مع مبدأ الديمقراطية الذي يؤيد األخذ بنظام االنتخاب‪.‬‬
‫وهناك فريق آخر يرى أن مسألة االنتخاب في حالة تطبيق نظام الالمركزية المحلية ال‬
‫الزما ويمكن أن يتم ذلك من خالل التعيين‪ .‬ونحن نرى أن هذا الرأي بكل‬ ‫طا ً‬ ‫يعتبر شر ً‬
‫مبرراته قد يمثل خرقًا للهدف السياسي لإلدارة المحلية بشكل عام ‪ ،‬حيث يسلب الجانب‬
‫االستقاللي وحرية اختيار المجتمعات المحلية ويبقيها في دائرة القاصر غير القادر على‬
‫إفراز قيادات محلية تمثله وتنوب عنه كحالة أساسية من حاالت الديمقراطية الواجب‬
‫تعزيزها في نهج اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ 3-‬تمتع المجالس المحلية باالستقالل في ممارسة اختصاصاتها مع‬
‫خضوعها لرقابة السلطة المركزية‪:‬‬
‫صحيح أن السلطة المركزية تخلت عن سلطتها ذات الطابع‬
‫المحلي لصالح الوحدات اإلدارية المحلية‪ ،‬ولكنها احتفظت بحق الرقابة‬
‫واإلشراف عليها حتى تضمن أنها تسير بالشكل الذي يتناسب مع‬
‫السياسة العامة والمصلحة العامة للدولة‪ ،‬ومن المعروف أنه عادة ما‬
‫يوجد نص قانوني يبين به اختصاصات وصالحيات اإلدارة المحلية ومن‬
‫خالل ذلك النص يتم تحديد النوعية والكيفية التي يتم فيها رقابة السلطة‬
‫المركزية‪ ،‬ويرى األستاذ "حسن عواضة "أنه ال يمكن لإلدارة المركزية أن‬
‫تصل في رقابتها على اإلدارة المحلية إلى حد إصدار األوامر آما هو‬
‫الحال في الرقابة الرئاسية ذلك أن ممارسة سلطة إصدار األوامر تصطدم‬
‫باستقالل اإلدارة المحلية وتمس جوهر الالمركزية نفسه" ‪.‬‬
‫فالرقابة إذا تكون ضمن الفلسفة األساسية التي ينص عليه مبدأ‬
‫الالمركزية اإلدارية وأن ال يخرج عن ذلك المفهوم حتى تبقى اإلدارة‬
‫المحلية متمتعة باستقالليتها‪.‬‬
‫ركنا من أركان وجود نظام لإلدارة المحلية‬‫إو ذا كانت الرقابة واإلشراف والتعاون ً‬
‫ومقوماتها حسبما اتفق عليه الباحثين‪ ،‬فإن هناك مجموعة من األهداف تتوخاها‬
‫الحكومة المركزية لمنفعة وخدمة المواطنين من أهمها‪:‬‬
‫تأكيد الوحدة السياسية واإلدارية للدولة باعتبار أن اإلدارة المحلية ما هي إال نظام‬
‫فرعي من النظام العام للدولة وأجهزتها‪.‬‬
‫التأكيد على أن اإلدارة المحلية تعمل وفق القوانين واألنظمة التي تصدرها الحكومة‬
‫المركزية‪ ،‬إضافة إلى أن ق اررات المجالس المحلية تكون موافقة ومطابقة لهذه‬
‫القوانين واألنظمة‪ ،‬وذلك حماية للجميع‪ ،‬الحكومة المركزية واإلدارة المحلية‬
‫والمواطنين‪ .‬‬
‫التأكيد على أن اإلدارة المحلية تقوم بواجباتها ووظائفها في‬
‫نطاق الحد األدنى المطلوب وبدرجة من الكفاءة والفاعلية‪،‬‬
‫وذلك من خالل اطالع الحكومة المركزية على موازنة اإلدارة‪E‬‬
‫أساسيا من مؤشرات أدائها العام ‪.‬‬
‫ً‬ ‫مؤشر‬
‫ًا‬ ‫المحلية التي تعتبر‬
‫ضمان حسن سير الخدمات المحلية وقيام اإلدارة المحلية‬
‫بتأديتها بكفاءة وفاعلية‪ ،‬ووضع معيار لنوع ومستوى الخدمات‬
‫المطلوب تقديمها للسكان وبتعاون وثيق بين اإلدارة المركزية‬
‫واإلدارة المحلية‪ ،‬بما يكفل لهما اكتشاف نقاط الضعف‬
‫وتعديلها لألحسن‪.‬‬

You might also like