You are on page 1of 66

‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبي التنظيم اإلداري‬

‫في ضوء المادة ‪ 671‬من دستور مصر ‪4162‬‬


‫دراسة مقارنة‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبي التنظيم اإلداري‬


‫في ضوء المادة ‪ 671‬من دستور مصر ‪4162‬‬
‫دراسة مقارنة‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫المقدمة‬
‫تدلنا معظم الدراسات التي تناولت التنظيم اإلداري‪ ،‬أن دور اإلدارة المحلية يختلف‬
‫نماء‬
‫ً‬ ‫تبعا لألسلوب اإلدارى الذى تتبعه الدولة‪ ،‬فنجد دور اإلدارة المحلية يكون أكثر‬
‫وتقدماً للشعوب في بالد الالمركزية اإلدارية‪ ،‬على عكس الدول التي تطبق المركزية في‬
‫أسلوب تنظيمها اإلداري‪ .‬وتلعب المحليات في جميع الدول الديمقراطية‪ -‬التي تأخذ‬
‫بالنظام الالمركزي‪ -‬دو اًر بار اًز في تغيير الواقع‪ ،‬والتطوير والتحديث‪ ،‬واألهم من ذلك أنها‬
‫تسهم بشكل حقيقي في حل المشكالت التي تواجه القرى والمدن‪ .‬والذي يحدث فى هذه‬
‫البلدان أن أحدا من أبناء المحليات ال يلجأ إلى الجهات المركزية‪ ،‬وال يحتاج إلى ق اررات‬
‫و ازرية؛ فهناك مجالس بلدية ‪ -‬توازي المجالس المحلية لدينا ‪ -‬تقوم بكل االختصاصات‪،‬‬
‫ولها ق اررات ذات حجية والزام عكس حال البالد التي تطبق المركزية اإلدارية نجد إن‬
‫دور اإلدارة المحلية محدود ويتسم بالروتين ومركزية القرار‪ .‬ويستلزم األخذ بالمركزية‬
‫اإلدارية عند عدم تقسيم أو توزيع المظاهر المختلفة لممارسة الوظيفة اإلدارية‪ ،‬فيما بين‬
‫السلطات المركزية وفروعها اإلقليمية أو المرفقية‪ ،‬ومن ثم قصر حق إدارة الدولة بمرافقها‬
‫وخدماتها العامة على السلطة المركزية وحدها‪ .‬على حين يقضي اعتناق الالمركزية‬
‫توزيع هذه المسئولية فيما بين األشخاص اإلدارية المركزية‪ ،‬وفروعها اإلقليمية أو‬
‫المرفقية‪ ،‬المستقلة قانونا وعمالً عنها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬من الدراسات التي تناولت التنظيم اإلداري واإلدارة المحلية سابقاً ‪:‬‬
‫د‪ .‬رمضان محمد بطيخ‪ :‬الوسيط في القانون اإلداري ‪.1991‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪.‬أحمد حافظ نجم‪ :‬المجالس المحلية بين االستقالل والتبعية‪ ،‬دراسة مقارنة للعالقة بين‬ ‫‪-‬‬
‫الحكومة المركزية والمجالس المحلية في كل من المملكة المتحدة وفرنسا واالتحاد السوفيتى‬
‫ومصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1911 ،‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫واذا كانت المركزية والالمركزية هما أسلوبا ممارسة الوظيفة اإلدارية‪ ،‬إال أن األنظمة‬
‫اإلدارية المتبعة بالفعل في الدول المختلفة‪ ،‬تبنت شكال أو آخر من األشكال البيئية‬
‫وتبعا لدرجة وعي‬
‫المخففة لمضمونها؛ وفقاً لظروفها االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪ً ،‬‬
‫الشعوب‪ .‬حيث نجد الدول التي تبنت النظام المركزي اإلداري تعمل على تخفيف حدته‪،‬‬
‫من خالل إعمال مبدأ عدم التركيز اإلداري كصورة تطبيقية له فيها‪ .‬وأن الدول التي‬
‫اعتنقت الالمركزية اإلدارية تسعى بدورها إلى التخفيف‪ ،‬بإدخال نوع أو آخر من أنواع‬
‫الوصاية اإلدارية من السلطة المركزية عليه‪ .‬ومن ثم فال نكون بصدد مركزية مفرطة‪ ،‬أو‬
‫على العكس المركزية مطلقة بصدد ممارسة العمل اإلداري العام‪ 0‬ولهذا كان من‬
‫الطبيعي أن تلجأ الدولة الحديثة في بداية نشأتها بعد انهيار نظام اإلقطاع‪ ،‬الذي كان‬
‫سائدا في العصور الوسطى‪ ،‬إلى األخذ بالمركزية اإلدارية لتقوية السلطة المركزية‪،‬‬
‫كضمان لفرض سلطتها اإلدارية بجوار سلطتها السياسية على جميع أجزاء أقاليم‬
‫الدولة(‪.)2‬‬
‫إن الزيادة المطردة في وظائف الدولة‪ ،‬لها أثر مباشر على السلطات العامة فيما‬
‫يتعلق بوظائفها وكيفية أدائها‪ ،‬على نحو يستجيب للتطورات الحديثة التي طرأت على‬
‫الدولة(‪.)3‬‬
‫كما أن مهمة اإلدارة لم تعد مقصورة على التنفيذ‪ ،‬بل أصبحت هي التي ترسم‬
‫السياسة العامة؛ على ضوء ما لديها من وظائف فنية وما يتجمع لديها من معلومات‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد الغنى بسيونى‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة تطبيقية ألسس ومبادئ القانون اإلداري‬ ‫‪-‬‬
‫وتطبيقها في مصر‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪2002 ،‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سلوى شعراوى جمعه‪ :‬تضخم الدور البيروقراطى وسيطرة الجهاز التنفيذى أفقد المحليات دورها‪،‬‬
‫مقال منشور بجريدة األهرام‪ ،‬القاهرة‪ ،‬السنة ‪ 32‬العدد ‪ 12611‬فى ‪ ،2001/3/22‬ص‪.19‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬النسر الذهبي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪ ،.211‬والمرجع في القانون اإلداري ‪ ،2001‬ص ‪21‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Annuaire de administration Locale, edition, Cujas, Paris.1980.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Alex ,Caroll :Constitutional and Administrative Law, Fourth Edition‬‬
‫‪Pearson Education Limited, British Library,2007.‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫ويترتب على ذلك أن الدولة تحتاج – بعد أن ازدادت الخدمات التي تؤديها – في سبيل‬
‫تنفيذ خطط التنمية االقتصادية واالجتماعية إلى األخذ بنظام الالمركزية اإلدارية‪ .‬وهذا‬
‫ما حدا بجمهورية مصر العربية أن تهجر – ليس بصفة مطلقة – النظام المركزي‬
‫لإلدارة‪ ،‬الذي تستأثر فيه الحكومة المركزية في العاصمة بالوظيفة اإلدارية‪ ،‬حيث ال‬
‫يشاركها في ذلك أي سلطة أخرى‪ .‬ألنه قد غدا من المستحيل أن تمتد يد الوزير من قمة‬
‫و ازرته لكي يباشر االختصاصات المتشعبة في ربوع األقاليم المختلفة‪ .‬ولجأت باألخذ‬
‫باألسلوب الالمركزي‪ ،‬ال ذي يقوم على أساس توزيع هذه الوظيفة بين الحكومة المستقرة‬
‫في العاصمة وبين مجالس أخرى منتخبة محلية أو مصلحيه‪ .‬وعلى ذلك يكون الطابع‬
‫المميز حالياً في جمهورية مصر ‪ -‬بل وفي غالبية الدول األخرى ‪ -‬هو الميل إلى‬
‫التوسع في األخذ بالنظام الالمركزي لإلدارة‪ .‬وهذا النظام يهدف إلى توزيع السلطة‬
‫اإلدارية بين جهات متعددة في الدولة‪ .‬ويجيء التفويض باعتباره أحد الوسائل التي تتم‬
‫بمقتضاها توزيع الوظيفة اإلدارية‪ ،‬محتالً الزعامة في ذلك الخصوص‪ .‬ولالعتبارات‬
‫السابقة المحيطة بتنفيذ الوظيفة اإلدارية وأدائها‪ ،‬على نحو ُي َم ّكن الجمهور من االنتفاع‬
‫بخبراتها‪ ،‬يستلزم أن يتوسع الرؤساء اإلداريون في مستويات القيادة في تفويض‬
‫اختصاصاتهم إلى مرؤوسيهم على طول السلم الوظيفي‪ ،‬مع تحميلهم المسئولية عن‬
‫نتائج أعمالهم‪.‬‬
‫فاإلصالح اإلداري هو عبارة عن تغيير شامل في األشخاص والمفاهيم‪ .‬فهو ليس‬
‫مجرد تعديل بسيط‪ ،‬وانما هو تحول كامل وتغيير جذري في الفكر وأنماط السلوك‪،‬‬
‫وتنظيم العنصر البشرى‪ .‬لذلك يجب أن يشيد صرح اإلصالح اإلداري على خطط‬
‫مدروسة ومعالم واضحة‪ ،‬وينفذ على مراحل مخطط لها سلفا‪ ،‬حتى تجيء عملية‬
‫اإلصالح محققة لألهداف المنشودة واآلمال المرجوة‪ .‬وعملية اإلصالح اإلداري تعتبر‬
‫عملية متجددة ومتطورة‪ ،‬ألن تجارب اإلصالح‪ -‬التي سبق التخطيط لها وتنفيذها‪-‬‬
‫سرعان ما تلبث أن تكون بعد مدة عاجزة عن االستجابة للتطور الذي يلحق بالدولة‪ ،‬أو‬
‫المطالب الجديدة التقدمية‪ ،‬خاصة في الدول التي تقدم فيها الوعي السياسي واالجتماعي‪،‬‬
‫وتقدمت فيها أساليب ا لصناعة‪ ،‬وتعددت وتطورت فيها وظائف اإلدارة‪ ،‬وتشعبت لكي‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫تواجه االختصاصات المتشعبة‪ .‬ويترتب على ذلك أن القائد اإلداري يجب أن يكون من‬
‫العناصر التي تؤمن باألهداف واالتجاهات الجديدة‪ ،‬التي تؤمن بضرورة اإلصالح‪،‬‬
‫ويجب تأمين هؤالء القادة‪ ،‬ومنحهم الثقة الواجبة‪ ،‬واالستقرار المطلوب؛ لشحذ هممهم‬
‫على اإلنتاج‪ ،‬والعمل على ممارسة التجربة واالبتكار والطابع الذي يسجله فقهاء اإلدارة‬
‫العامة األمريكيون لنظام اإلدارة العامة في بالدهم‪ ،‬هو االتجاه نحو التوسع في تطبيق‬
‫الالمركزية اإلدارية‪ ،‬والى توزيع السلطة اإلدارية بين جهات إدارية متعددة‪ ،‬وهو االتجاه‬
‫السائد في معظم دول العالم(‪ ،)1‬وهو ذاته ما أنتهجه الدستور المصري في المادة ‪116‬‬
‫من دستور مصر ‪ 2011‬التي تنص على أن " تكفل الدولة دعم الالمركزية اإلدارية‬
‫والمالية واالقتصادية‪ ،‬وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات اإلدارية من توفير المرافق‬
‫المحلية والنهوض بها ‪ ،‬وحسن إدارتها ‪ ،‬ويحدد البرنامج الذمني لنقل السلطات‬
‫والموازنات إلى وحدات اإلدارة المحلية" إال أن المشرع يسير بخطى بطيئة في اصدار‬
‫قانون يعالج به سلبيات اإلدارة المحلي في مصر‪.‬‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫يعتبر الفساد الذي استشرى داخل المحليات في مصر هو نتيجة اتخاذ أسلوب‬
‫مركزى إداري عقيم " يساعد على الروتين والبطء في قضاء حوائج الناس‪ ،‬وانتشار الرشوة‬
‫والمحسوبية للدرجة التي قيل في وصفها عبارة "الفساد في المحليات للركب"‪ ،‬في الوقت‬
‫الذي وصلت فيه إدارة المحليات في عديد من الدول إلى اتخاذ نظام الحكومة‬
‫اإلليكترونية أوالحكومة الذكية‪ .‬ويرى الباحث أن أهمية هذا البحث تنبع من ضرورة‬
‫التأكيد على أن دور اإلدارة المحلية في ظل الالمركزية اإلدارية المدعم باالستقالل‬
‫اإلداري والمالي هو أنجح األساليب لتقديم الخدمات للمواطنين وقضاء حوائجهم‪ ،‬في‬
‫أسرع وقت وبأقل تكلفة‪ ،‬كما أن رئيس البلدية في هذا النظام بإعتباره منتخب من السكان‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪ :‬الطابع المحلي لنظام العمد‪ ،‬دار النهضة العربية‪،2006 ،‬‬
‫ص‪ .239‬وانظر أيضا‪:‬‬
‫‪Harles Eisenman: Centralisation Et Décentralisation, L.G.D.J, Paris, 1948,‬‬
‫‪pp.261.262.‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫المحليين‪ ،‬يكون أعلم بمشاكل مجتمعه وأجدر على حلها‪ ،‬باإلضافة إلى أن الدور الذي‬
‫تقوم به اإلدارة المحلية في إطار المجتمعات المحلية؛ هو أحد المتغيرات الرئيسية التي‬
‫تحدد طبيعة العالقة بين السكان في المجتمع وبين عناصر اإلدارة المحلية‪ ،‬فإذا كانت‬
‫(ضبطيا)؛ تستهدف من خالله السيطرة على المجتمع‪ ،‬فإن من شأن‬ ‫ً‬ ‫الدولة تلعب دو اًر‬
‫هذا الوضع أن يطور كثي اًر من االتجاهات السلبية نحو اإلدارة المحلية‪ .‬أما إذا تغير دور‬
‫اإلدارة المحلية فأصبح دو اًر تطويريا أو إنمائيا‪ ،‬فإن ذلك من شأنه أن يطور كثي اًر من‬
‫االتجاهات اإليجابية نحو السلطة‪ ،‬واإلدارة المحلية التي تحقق غالبية أهدافها(‪.)2‬‬
‫ويرى الباحث أيضاً التأكيد على أن لإلدارة المحلية دور مهم في إرساء المناخ‬
‫الديمقراطي الذي يحدد طبيعة العالقة بين عناصر اإلدارة المحلية وبين سكان المجتمع‬
‫المحلي؛ وذلك يعني إمكانية قيام الحوار المتبادل بين مختلف االتجاهات‪ ،‬أو بين طرفي‬
‫العالقة‪ ،‬األمر الذي يزيد مساحة التعاون بين الطرفين لصالح تطوير المجتمع المحلي‪،‬‬
‫وأن األخذ بنظام اإلدارة المحلية القائم على إنتخاب رؤسائها من بين السكان المحليين‪،‬‬
‫يعمل على تدريب المواطنين في المجتمع على أصول الديمقراطية‪ ،‬وهو ما يساعد على‬
‫اتساع مساحة المشاركة االجتماعية والسياسية‪ ،‬بما يساعد على تحقيق التطور‬
‫(‪)6‬‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫‪ -‬عرض موجز للتطور التشريعي لإلدارة المحلية في مصر‪.‬‬
‫‪ -‬عرض أسلوبي التنظيم اإلداري مع بيان سلبيات وايجابيات كال األسلوبين‪.‬‬
‫‪ -‬إلقاء الضوء على اإلدارة المحلية ورؤساء البلديات في دول المركزية اإلدارية‪.‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬أمانى عزت طوالن‪ :‬المتغيرات المؤثرة في فاعلية اإلدارة المحلية في الريف المصري‪ ،‬مركز‬
‫البحوث للدراسات السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪،‬أعمال المؤتمر‬
‫السنوى الثامن للبحوث السياسية القاهرة ‪ 2 – 3‬ديسمبر ‪ ،1991‬منشور في في مجموعة أبحاث‬
‫د‪ .‬السيد عبد المطلب غانم (محرر) السياسة والنظام المحلى في مصر‪ ،1992 ،‬بحث رقم ‪،11‬‬
‫ص‪ 229‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )6‬د‪ .‬مصطفى عفيفي‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪ ،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية القاهرة ‪ .2002‬ص‪.101‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫‪ -‬إلقاء الضوء على اإلدارة المحلية ورؤساء البلديات في دول الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬بيان أهمية اإلدارة المحلية في ظل الالمركزية اإلدارية القائمة على اإلستقالل المالي‬
‫واإلداري‪.‬‬
‫المنهج المستخدم‪:‬‬
‫لما كانت هذه الدراسة تهدف للتعرف على التطور التشريعي لإلدارة المحلية‬
‫وصورة اإلدارة المحلية ورؤساء البلديات بين أسلوبي التنظيم اإلداري فإن الباحث سوف‬
‫يعتمد على المنهج التحليلي المقارن‪ ،‬حيث سيتم عرض وتحليل الموضوع من كافة‬
‫جوانبه بأسلوب علمي دقيق باإلضافة إلى المقارنه بين أسلوبي التنظيم اإلداري وصورة‬
‫اإلدارة المحلية في إطارهما مع إبراز سلبيات وايجابيات كل أسلوب حتى نصل إلى‬
‫استخالص النتائج والتوصيات وسوف يستخدم الباحث المنهج المشار إليه كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تناول موضوع البحث بنظرة تحليلية لكل جزء فيه‪.‬‬
‫‪ -‬تقصي دور اإلدا رة المحلية في ظل أسلوبي التنظيم اإلداري وكذلك دور روساء‬
‫البلديات فيهما بدقة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد المنهج المقارن بجانب المنهج التحليلي‪ ،‬حيث يقوم الباحث بمقارنة الوضع‬
‫في مصر بنظيره في دول الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬توثيق المراجع واألبحاث بشكل علمي دقيق‪.‬‬
‫‪ -‬عرض أراء الفقهاء في الموضوع مع إبراز وجهة نظر الباحث‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫وسوف يقوم الباحث بتفصيل ما أجمله من خالل ثالثة مباحث وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التطور التشريعي لإلدارة المحلية في مصر‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسلوبي التنظيم اإلداري‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬دور رؤساء البلديات في ظل أسلوبي التنظيم اإلداري‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫التطور التشريعي لإلدارة المحلية في مصر‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫مرت اإلدارة المحلية في مصر بتطورات عديدة منذ نشأتها‪ ،‬وحتى اآلن تبعا لتغير‬
‫النظام الحاكم بها‪ ،‬وسوف يتم عرض لمحة عن التطور التشريعي‪ ،‬مع ذكر االعتبارات‬
‫الموجبة لتطبيقها وأخي ار ذكر أهم ركائز اإلدارة المحلية وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫أولا‪ -‬التطور التاريخي لنظام اإلدارة المحلية في مصر‪:‬‬
‫مر نظام اإلدارة المحلبة في مصر بتغيرات بسبب ما شهدته مصر من تغييرات‬
‫سياسية إبان العهدين الملكي والجمهوري وسوف نفصل ما أجملناه من خالل عرض‬
‫لتطور اإلدارة المحلية قبل ثورة يوليو ‪ 1922‬إبان العهد الملكي وبعد ثورة ‪ 1922‬إبان‬
‫العهد الجمهوري وذلك فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تطور نظام اإلدارة المحلية قبل ثورة يوليو ‪:1591‬‬


‫بدأ مع االحتالل الفرنسي لمصر شكل حديث للنظام المحلي‪ ،‬يجد أساسه في القرار‬
‫الذي أصدره نابليون في ‪ 21‬يوليو عام ‪ 1191‬بتقسيم البالد إلى‪ 16‬مديرية‪ ،‬على رأس‬
‫كل منها مدير فرنسي‪ ،‬يعاونه ديوان استشاري يضم ‪ 1‬أعضاء من أعيان المديرية‪ .‬ثم‬
‫أعاد كليبر تقسيم مصر إلى ‪ 1‬مديريات؛ وذلك بمقتضى أمر أصدره في ‪ 11‬سبتمبر‬
‫عام ‪.)1(1199‬‬
‫وتعتبر مصر من أوائل الدول التي تبنت نظام اإلدارة المحلية‪ .‬فقد صاحب بداية‬
‫تشكيل مالمح الدولة الحديثة ‪ -‬مع والية محمد على حكم البالد ‪ -‬ميالد حركة التنوير‪،‬‬
‫وما تبع ذلك من عودة البعثات المصرية‪ ،‬وما أفرزته من حركة فكرية وثقافية‪ ،‬أثرت‬
‫بشكل مباشر على الحركة السياسية و الشعبية‪ .‬وارتبط ميالد الحركة النيابية بالمرسوم‬
‫الذي أصدره الخديوي بالقانون النظامي في أول مايو ‪ 1113‬بإنشاء مجلس نيابي للبالد‪،‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عطية حسين أفندى‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر ومطالب تطويره‪ ،‬في مجموعة‬
‫أبحاث د‪ .‬السيد عبد المطلب غانم (محرر) السياسة والنظام المحلى في مصر‪ ،‬مركز البحوث‬
‫للدراسات السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪،‬أعمال المؤتمر السنوى الثامن‬
‫للبحوث السياسية القاهرة ‪ 2 - 3‬ديسمبر ‪ ،1992 ،1991‬ص‪.32‬‬

‫‪626‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫وانشاء مجالس للمديريات(‪ ،)1‬مما يعد بداية لنظام إدارة محلية ‪ -‬رغم ثانوية‬
‫االختصاصات‪ ،‬وعدم االعتراف بمجالس المديريات كشخصية معنوية أو اعتبارية‪ .‬وكان‬
‫ذلك ألول مرة في تاريخ اإلدارة المصرية؛ بغرض تعليم الشعب العناية بالشئون العامة‪،‬‬
‫وأساليب الحياة النيابية(‪.)9‬‬
‫وقد أنشىء أول مجلس بلدي باإلسكندرية عام ‪ .1190‬ثم في عام ‪ 1193‬تم إنشاء‬
‫مجالس بلدية في بعض مدن القطر‪ ،‬مش ّكلة من أعضاء وطنيين‪ .‬وتعتمد في مواردها‬
‫على إعانات الحكومة(‪ .)10‬ثم أنشئت بعد ذلك مجالس بلدية مختلطة في بعض المدن‬
‫الهامة؛ لتفادي اإلعانات‪ ،‬وااللتجاء إلى رسوم اختيارية‪ ،‬مع ترغيب األجانب في دفعها؛‬
‫بنفسها‪ .‬في عضوية هذه المجالس(‪.)11‬‬
‫وجاء عام ‪ 1909‬ليعتبر الميالد الحقيقي للبلديات (نظام اإلدارة المحلية)؛ وذلك‬
‫بصدور القانون رقم ‪ 22‬لسنة ‪1909‬؛ الذي اعترف بالشخصية المعنوية لمجالس‬
‫المديريات‪ ،‬وتصرفها في أمورها بنفسها‪ .‬وحدد اختصاصاتها‪ ،‬وحقها في فرض رسوم‬
‫مؤقتة‪ ،‬بل وحقها في إبداء الرأي في كل األمور التي تهم المديرية وسكانها ‪ 0‬وقد تأكدت‬
‫هذه المبادئ بالقانونين ‪ 20‬و ‪ 29‬لسنة ‪ ،)12(1913‬ومع صدور دستور ‪ 1923‬اتخذت‬
‫المجالس البلدية مك انها الدستوري‪ ،‬وما يسمى بالحماية الدستورية؛ حيث نظم دستور‬
‫‪ 1923‬اختصاصات هذه المجالس‪ .‬كما نص على المبادئ الواجب إتباعها في القوانين‬

‫‪(8) James B.Mayfield : Local Government In Egypt Structure, Process, and‬‬


‫‪The Challenges Of Reform, British Library, Jull 2003, American University‬‬
‫‪In Cairo Press, Part One, 2003, p.55.‬‬
‫(‪ )9‬د‪ .‬عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.12‬‬
‫‪(10) S.E.M.Sadek: The Balance point Between Local autonomy and National‬‬
‫‪Control, the Hague mouton, 1972, p.18.‬‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬عثمان خليل‪ :‬الالمركزية ونظام مجالس المديريات ‪ -‬دراسة مقارنة – موجز لرسالة دكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق جامعة القاهرة‪ ،‬مكتبة عبد اهلل وهبه‪ ،1912 ،‬ص‪.212‬‬
‫(‪ )12‬د‪ .‬عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬ج‪ ،1‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫التي تنظم عملها وانتخاب أعضائها‪ .‬وبذلك اعتبر هذا أول اعتراف دستوري بالنظام‬
‫المحلي‪ -‬خاصة المادتين ‪ -133 ،132‬وما نصت عليهما من تشكيل جميع مجالس‬
‫المديريات والبلديات باالنتخاب‪ ،‬ومنحها اختصاصات تتعلق بتنفيذ السياسة العامة محلياً‪،‬‬
‫والزامها بنشر ميزانياتها‪ ،‬وفتح جلساتها أمام المواطنين (‪ ،)13‬و كانت تلك الفترة من أهم‬
‫المراحل التي تتعلق بالنظام المحلي في مصر‪.‬‬

‫‪ – 1‬تطور نظام اإلدارة المحلية بعد ثورة ‪:1591‬‬


‫فور قيام ثورة يوليو ‪1922‬اتخذ قادتها خطوات تعبر عن االهتمام بتطوير النظام‬
‫المحلي‪ ،‬والعناية بالمجتمعات المحلية‪ 0‬وبعدها أفصح الدستور المؤقت سنة ‪1926‬عن‬
‫اهتمامه باألداء المحلي‪ .‬واكتملت الجهود بصدور القانون ‪ 121‬لسنة ‪1960‬؛ والذي‬
‫نص صراحة على مسمى اإلدارة المحلية كنظام عمل قانوني إلدارة المجتمعات المحلية‬
‫ويعد بذلك أول قانون مجمع لإلدارة المحلية‪ .‬وبمقتضى هذا القانون نقلت إدارة المديريات‬
‫من و ازرة الداخلية‪ ،‬وكذا اإلدارة العامة للبلديات من و ازرة الشئون االجتماعية؛ ليكونا نواة‬
‫الهيكل الوظيفي لو ازرة اإلدارة المحلية(‪ )11‬وهذا القانون كان بداية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحديد هيكل اإلدارة المحلية بثالثة مستويات‪ :‬المحافظة‪ ،‬المدينة‪ ،‬القرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬تشكيل مجلس مشترك من التنفيذيين والشعبيين‪ ،‬يرأسه رئيس معين ووكيل المجلس‬
‫من الشعبيين يحل محل الرئيس‪ ،‬ويمارس اختصاصاته أثناء غيابه‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تحديد اختصاصات ومهام محددة لتلك المجالس‪.‬‬
‫وبصدور دستور ‪ 1911‬وضع نظام اإلدارة المحلية ضمن السلطة التنفيذية‪ ،‬ووفقاً‬
‫للدستور تنقسم الجمهورية إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية االعتبارية منها‬
‫المحافظات والمدن والقرى ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى يكون لها الشخصية‬
‫االعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك‪.‬‬

‫(‪ )13‬د‪ .‬محمد عبد اهلل العربى‪ :‬اإلدارة المحلية من الوجهتين اإلدارية والمالية‪ ،‬مجلة القانون‬
‫واالقتصاد‪ ،‬العددان الرابع والخامس‪ ،‬السنة الثانية عشر‪ ،‬أبريل ومايو ‪.1912‬‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان ‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬ج‪ ،1‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫ثم صدر القانون رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 1911‬وكان بداية فصل التكوين التنفيذي عن‬
‫الشعبي‪ .‬حيث قضى بإنشاء مجالس شعبية محلية على مستوى المحافظات فقط برئاسة‬
‫أمين عام االتحاد االشتراكي‪ ،‬ولجنة تنفيذية برئاسة المحافظ‪.‬‬
‫وكان صدور القانون رقم ‪ 22‬لسنة ‪ 1912‬انفتاحا هائال على الديمقراطية وقد قضى‬
‫بإنشاء مجالس شعبية محلية منتخبة انتخابا مباش ار على كافة مستويات اإلدارة المحلية‬
‫في القرية والحي والمدينة والمركز والمحافظة تكون مدرسة حقيقية للديمقراطية لتنمية‬
‫الكوادر القادرة على تحمل مسئوليات التنمية وتحمل تبعاتها‪ ،‬فكان أول قانون يفصل بين‬
‫المجالس المحلية واللجان التنفيذية‪ ،‬ونظم انتخاب المجالس المحلية على كافة المستويات‬
‫وحدد اختصاصات المجالس المحلية واللجان التنفيذية بصورة أكثر وضوحاً عما كانت‬
‫عليه‪.‬‬
‫ثم صدر القانون رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 1919‬بإصدار قانون نظام اإلدارة المحلية‪ ،‬وما تاله‬
‫من تعديالت‪ .‬وقد تميز باآلتي(‪:)12‬‬
‫‪ -1‬استبدل مسمى المجالس الشعبية المحلية بالمجالس المحلية‪.‬‬
‫‪ -2‬استبدل اللجان التنفيذية لوحدات اإلدارة المحلية بالمجالس التنفيذية‪.‬‬
‫أعطى وحدات اإلدارة المحلية االختصاص األصيل في إنشاء وادارة جميع المرافق‬
‫العامة الواقعة في دائرتها‪ .‬وصدر القانون رقم ‪ 112‬لسنة ‪ ،1911‬وعمل على استبدال‬
‫عبارتي (اإلدارة المحلية) و(الوزير المختص باإلدارة المحلية)(‪ .)16‬بعبارتي (الحكم‬
‫المحلي) و(وزير الحكم المحلي)‪.‬‬

‫(‪ )12‬د‪ .‬عطية حسين أفندى‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر ومطالب تطويره‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Rishard H : Development and Social Change in Rural Egypt, op.cit.,‬‬
‫‪1981, p. 32‬‬
‫(‪ )16‬المادة األولى من القانون رقم ‪ 112‬لسنة ‪ ،1911‬منشور بالجريدة الرسمية العدد رقم ‪ 23‬تابع ‪1‬‬
‫في ‪ 9‬يونيو ‪.1911‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫ورغم المحاوالت الكثيرة للمشرع المصري‪ ،‬إال أنها لم تكن كفيلة ببناء واستقرار‬
‫وتنامي نظام محلي‪ ،‬يمكن السكان المحليين من إدارة شئونهم بأنفسهم‪.‬‬

‫‪ – 3‬تطور نظام اإلدارة المحلية في ظل دستور مصر ‪:1112‬‬


‫حرص المشرع الدستوري على تطوير نظام اإلدارة المحلية في مصر؛ حيث نص‬
‫دستور جمهورية مصر العربية الصادر ‪ 2011‬في المادة (‪ )116‬على أن "تكفل الدولة‬
‫دعم الالم ركزية اإلدارية والمالية واالقتصادية‪ ،‬وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات‬
‫اإلدارية من توفير المرافق المحلية والنهوض بها‪ ،‬وحسن إدارتها‪ ،‬ويحدد البرنامج الذمني‬
‫لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات اإلدارة المحلية" وبالرغم من نص المادة سالفة‬
‫الذكر إال أن المشرع العادي مازال في محراب التشريعات السابقة ولم يصدر قانون‬
‫يعالج به منظومة اإلدارة المحلية في مصر‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬العتبارات الموجبة لتطبيق نظام اإلدارة المحلية في مصر‪:‬‬


‫هناك عدة اعتبارات تدفع الدولة لتطبيق نظام اإلدارة المحلية‪ ،‬والتوسع في األخذ‬
‫بالنظام الالمركزي‪ .‬و من أهم هذه االعتبارات ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬التوسع الكمي في وظائف الدولة وواجباتها ومسئولياتها‪ ،‬وصعوبة اضطالع الدولة‬
‫بتأدية مختلف خدماتها‪ ،‬في جميع أرجاء البالد‪ ،‬عن طريق الو ازرات والمصالح‬
‫الحكومية الموجودة في العاصمة‪ .‬األمر الذي دعا إلى قيام هيئات محلية‪ ،‬تتولى مباشرة‬
‫(‪.)11‬‬
‫المهام ذات الطابع اإلقليمي‬
‫‪ -2‬اتساع وكبر المجتمعات العمرانية‪ ،‬وصعوبة تحقق اإلشراف الفعال‪ ،‬والرقابة على جميع‬
‫أقاليم الدولة‪ .‬بجانب اختالف وتنوع المشكالت‪ ،‬ورغبات واحتياجات المواطنين من إقليم‬
‫آلخر داخل الدولة‪ .‬والتطور الكيفي في إدراك المواطنين لحقوقهم ووعيهم السياسي‪،‬‬
‫يجعل من التوسع في الالمركزية اإلدارية ضرورة تقتضيها هذه الظروف‪.‬‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬على محمود المبيض وآخرون‪ :‬اإلدارة العامة‪ ،‬مطبعة الحريرى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬رقم اإليداع ‪،2112‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.221 ،220‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫‪ -3‬ضرورة تقتضيها الديمقراطية في الحكم‪ ،‬حيث يتم توزيع إمكانات الدولة وخدماتها توزيعًا‬
‫متوازناً على األقاليم المختلفة‪ ،‬وتحقيق مشاركة الشعب في الحكم من خالل المنظمات‬
‫اإلقليمية(‪.)11‬‬
‫‪ -1‬الرغبة في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية لمختلف أقاليم الدولة من خالل توفير‬
‫أكبر قدر من المرونة في تخطيط برامج التنمية وسبل تنفيذها في األقاليم المختلفة حيث‬
‫تكون هذه األقاليم أو المحليات على دراية تامة بظروفها البيئية ومشكالتها وامكاناتها‬
‫المالية من الحكومة المركزية(‪.)19‬‬
‫‪ -2‬تعتبر اإلدارة المحلية بمثابة مدرسة لصقل وتنمية الكفاءات والخبرات السياسية واإلدارية‬
‫الالزمة لتنفيذ السياسة العامة للدولة في مختلف المجاالت على المستوى المحلي و‬
‫المركزي(‪.)20‬‬

‫ثالثا‪ -‬ركائز اإلدارة المحلية‪:‬‬


‫إجماالً فإن اإلدارة المحلية كنظام سليم وناجح له ركائز أربعة هي‪:‬‬
‫‪ -1‬تقسيم الدولة إلى كيانات جغرافية وادارية(‪.)21‬‬
‫‪ -2‬قيام السكان المحليين باتخاذ ق ارراتهم ذات الطابع المحلى من خالل ممثليهم‬
‫(‪.)22‬‬
‫المنتخبين انتخابا ح ار مباش ار‬
‫‪ -3‬تمكين المواطنين المحليين من إدارة مواردهم‪.‬‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬إسماعيل صبرى مقلد‪ :‬دراسات في اإلدارة العامة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،1913 ،‬ص‪.322‬‬
‫(‪ )19‬د‪ .‬سمير محمد عبد الوهاب‪ :‬النظام المحلى المصرى بين المركزية والالمركزية – دراسة مقارنة‬
‫لقوانين اإلدارة المحلية من سنة ‪ 1960‬إلى ‪ ،1911‬سلسلة بحوث سياسية‪ ،‬القاهرة – مركز‬
‫البحوث والدراسات السياسية رقم ‪ ،12‬مارس ‪ ،1991‬ص‪.112‬‬
‫(‪ )20‬د‪ .‬على محمود المبيض وآخرون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫(‪ )21‬أستاذ‪ /‬محمد رضا رجب‪ :‬اإلدارة المحلية فى مصر‪ ،‬الواقع وأفاق المستقبل‪ ،‬بحث تطبيقى تم‬
‫اإلطالع عليه بتاريخ ‪ 2009/6/2‬ومتاح فى الشبكة الدولية للمعلومات على موقع‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪www.pidegypt.org/download/Local-election/dr%20reda%20ragab.doc.‬‬
‫(‪ )22‬د‪ .‬سمير محمد عبد الوهاب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫‪ -1‬يبقى دور الحكومة المركزية عند‪ :‬وضع السياسة العامة ثم الرقابة والمتابعة‬
‫والتوجيه لألداء المحلى(‪.)23‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫أسـلوبي التنظيـم اإلداري‬
‫تعتبر المركزية والالمركزية هما أسلوبا التنظيم اإلداري‪ .‬والمقصود هنا صورتهما‬
‫اإلدارية ال السياسية‪ ،‬أي بوضع الوظيفة اإلدارية بيد الحكومة‪ ،‬أو توزيعها بين هذه‬
‫الحكومة وبي ن هيئات محلية منتخبة أو خاصة‪ .‬وبذلك ال تمس سيادة الدولة‪ ،‬أي اليمتد‬
‫التوزيع مطلقاً إلى وظيفتي التشريع والقضاء‪ ،‬ألن ذلك هو موضوع المركزية والالمركزية‬
‫السياسيتين‪ ،‬اللتين تعتبران من موضوعات القانون الدستوري(‪ ،)21‬وعلى ذلك فالتنظيم‬
‫اإلداري قاصر على وظيفة تنفيذ القانون‪ ،‬ال َسنِّه أو القضاء به‪.‬‬
‫ويعتبر التنظيم اإلداري هو "تصنيف األجهزة اإلدارية المختلفة في الدول‪ ،‬وبيان‬
‫تشكيلها وتوزيع وممارسة االختصاصات اإلدارية؛ لتنفيذ السياسة العامة للدولة‪ .‬وهو‬
‫صلب نهوض السلطة اإلدارية بوظائفها؛ من أجل تحقيق أهدافها‪ ،‬ولهذا يحتل أهمية‬
‫كبيرة لدى فقهاء القانون اإلداري(‪.")22‬‬

‫(‪ )23‬أستاذ‪ /‬محمد رضا رجب‪ :‬اإلدارة المحلية فى مصر– الواقع وأفاق المستقبل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.9‬‬
‫(‪ )21‬د‪ .‬أشرف حسين عطوه‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬مكتبة الفالح للتوزيع والنشر‪ ،‬دبي‪ ،2013 ،‬ص ‪.21‬‬
‫يجب عدم الخلط بين الالمركزية اإلدارية ‪ Décentralisation administrative‬وبين نظام‬
‫االتحاد المركزي الذي يسمى كذلك باسم الالمركزية السياسية ‪Décentralisation politique‬‬
‫د‪ .‬عثمان خليل‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪ .12‬وكل من ‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Eisenmann: problèmes d,organisation de l,administration,cours de droit‬‬
‫‪administratif ,British Library, 1966-67 ,P153.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Dendlias la centralisation et la décentralisation administrative, 1930 ,‬‬
‫‪P.22.‬‬
‫(‪ )22‬د‪ .‬عبد الغنى بسيونى‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة تطبيقية ألسس ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقها‬
‫في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫وممارسة الوظيفة اإلدارية في الدولة‪ ،‬وتسيير المرافق العامة يقع على عاتق السلطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬بوصفها التعبير عن الشق اإلداري المكون‪ ،‬إلى جانب الشق السياسي لعملها‬
‫الدستوري المسند إليها‪ .‬والقيام بهذه الوظيفة اإلدارية ال يقوم على أسلوب واحد‪ ،‬وانما‬
‫يأخذ بأسلوبين أساسيين‪:‬‬
‫األول ‪ :‬مركزي تستند فيه هذه الروابط إلى الخضوع والتبعية اإلدارية‪ ،‬كما هو ملموس‬
‫بصدد العالقات السارية بين الو ازرات واإلدارات المركزية في العاصمة‪ ،‬وفروعها‬
‫من أشخاص إدارية إقليمية أو مرفقيه بالمحافظات‪ ،‬أو بالمدن وعواصم األقاليم‬
‫المختلفة(‪.)26‬‬
‫الثاني‪ :‬ال مركزي‪ ،‬توصف في ظله الروابط القائمة بين األشخاص اإلدارية بالتعاونية‬
‫المتبادلة‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للعالقات الدائرة بين الو ازرات المختلفة للدولة‪،‬‬
‫والمكلفة بمهام تنسيق العمل اإلداري العام فيما بينها‪ ،‬ولهذين النوعين عديد من‬
‫المشكالت الجديرة بالحسم‪ ،‬سواء بواسطة الرئيس اإلداري األعلى لطرفي‬
‫العالقة‪ ،‬أو من خالل تدخل القضاء للفصل فيها بصفة احتياطية‪ ،‬عند اإلخفاق‬
‫في حلها بالطريق اإلداري ذاته‪ ،‬وسوف نفصل ما أجملناه في هذا الفصل في‬
‫المطلبين التاليين‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نظام المركزية اإلدارية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظام الالمركزية اإلدارية‪.‬‬

‫(‪ )26‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،2002-2001 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫المطلب األول‬
‫نظام المركزية اإلدارية‬
‫أولا‪ -‬تعريف المركزية اإلدارية‪:‬‬
‫(‪)21‬‬
‫المركزية اإلدارية ‪La Centralisation Administrative‬‬ ‫يعرف الفقه اإلداري‬
‫بأنها حصر الوظيفة اإلدارية وتجميعها في يد سلطة واحدة رئيسية‪ ،‬تنفرد بالبت النهائي‬
‫في جميع االختصاصات الداخلة في هذه الوظيفة‪ ،‬عن طريق ممثليها في عاصمة‬
‫الدولة‪ ،‬أو في أقاليمها‪ ،‬وتسمى السلطة المركزية ‪ 0 Le pouvoir central‬ويحقق‬
‫النظام المركزي‪ -‬بهذا المعنى‪ -‬الوحدة‪ ،‬وعدم تجزئة السلطة اإلدارية‪ ،‬ألن سلطة التقرير‬
‫والبت النهائي تكون من اختصاص هيئات السلطة المركزية وادارتها الموجودة في‬
‫العاصمة‪ ،‬وفروعها في األقاليم‪ ،‬التي ترتبط بها برباط التبعية اإلدارية‪ ،‬وتخضع لسلطتها‬
‫الرئاسية (‪.)21‬‬
‫ثاني ا‪ -‬أركان المركزية اإلدارية‪:‬‬
‫وتتحقق المركزية اإلدارية إذا تجمعت الوظيفة اإلدارية‪ ،‬وانحصرت سلطة التقرير‬
‫النهائي في جميع االختصاصات المتعلقة بها في يد السلطة المركزية‪ ،‬بحيث تمارسها‬
‫بنفسها أو بواسطة الموظفين التابعين لها‪ ،‬الذين يشملهم التدرج الوظيفي‪ ،‬ويكونون‬
‫خاضعين لسلطتها الرئاسية سواء أكانوا في العاصمة أو في أقاليم الدولة(‪ ،)29‬وتتدرج‬

‫(‪ )21‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارن‪ ،‬القاهرة طبعة ‪ ،1911‬ص‪،12‬‬
‫د‪ .‬ثروت بدوى‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬القاهرة‪ ،1911 ،‬ص‪ ،.313‬ومرجعه‪ :‬توازن‬
‫السلطات ورقابتها‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬النسر الذهبى للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص‪.211- 213‬‬
‫(‪ )21‬د‪ .‬عبد الغنى بسيونى‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة تطبيقية ألسس ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقها‬
‫في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫(‪ )29‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،161‬د‪ .‬عبد الغنى بسيونى‪:‬‬
‫النظرية العامة في القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة ألسس ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقها في‬
‫مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 111‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Max Gounelle: Indroduction au droit public Française, Paris, British‬‬
‫‪Library, 1979, P.55.‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫تبعية الموظفين من القاعدة إلى القمة(‪ .)30‬وبذلك يمكن القول أن للمركزية اإلدارية ركنان‬
‫أساسيان‪ :‬األول‪ :‬حصر الوظيفة اإلدارية في يد السلطة المركزية‪ ،‬والثاني‪ :‬التبعية‬
‫اإلدارية المتدرجة وذلك كما يلي‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬حصر الوظيفة اإلدارية في يد السلطة المركزية‪:‬‬
‫يتمثل هذا العنصر في استئثار السلطة المركزية بمباشرة الوظيفة اإلدارية في الدولة‪.‬‬
‫بمعنى أن سلطة التقرير النهائي‪ ،‬أو البت فيه في جميع الشئون الداخلة في الوظيفة‬
‫اإلدارية‪ ،‬تكون في يد اإلدارة المركزية‪ ،‬وأن كل ذلك ال يحول دون ما تقوم به اإلدارة‬
‫المركزية من منح بعض االختصاصات لهيئات إدارية تابعة لها‪ ،‬للمعاونة في هذه‬
‫االختصاصات‪ ،‬مع احتفاظ اإلدارة المركزية بسلطة البت أو التقرير النهائي(‪ .)31‬وتمتد‬
‫سلطة الحكومة المركزية إلى جميع أنحاء أقاليم الدولة‪ ،‬ومن مظاهر حصر الوظيفة‬
‫اإلدارية ما يلي‪:‬‬
‫تحتكر السلطة المركزية اإلشراف على جميع المرافق والهيئات اإلدارية الموجودة‬ ‫أ‪-‬‬
‫في الدولة سواء أكانت مرافق عامة قومية‪ ،‬أومرافق محلية؛ ألنه ال توجد هيئات‬
‫ال مركزية مستقلة في النظام المركزي‪ .‬وفي هذا النظام نجد أن عمال الحكومة‬
‫المركزية ال يتركون أي خيار للهيئات المنتخبة المحلية أو المصلحية‪ ،‬وانما‬
‫يتصرفون بمحض إرادتهم وطبقًا لما يتراءى لهم‪ ،‬خاضعين في ذلك لهيمنة اإلدارة‬
‫المركزية(‪.)32‬‬
‫مركز لتوحيد اإلدارة‪ ،‬وجعلها متسقة متجانسة في الدولة‪ ،‬تعتمد على‬
‫ًا‬ ‫فهي تنشىء‬
‫مجموعة من الموظفين يخضع المرؤوس منهم لرئيسه‪ ،‬ويصدع ألمره‪ .‬وتسمى‬
‫هذه الخاصية باسم التبعية أو السلطة الرئاسية ‪،Pouvoir Hiérarchique‬‬

‫األساسيات‬
‫ً‬ ‫(‪ )30‬األستاذ‪ /‬عبد الوهاب شكرى‪ :‬العالقة بين السلطات المحلية‪ ،‬موسوعة الحكم المحلى‪،‬‬
‫النظرية للحكم المحلى‪ ،‬المنظمة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،1911،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )31‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬ص‪ ،16‬د‪ .‬عبد الغنى بسيونى‪ :‬النظرية‬
‫العامة في القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫(‪ )32‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.223‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫ويرجع إلى هذه المركزية اإلدارية الفضل في القضاء على سلطات اإلشراف‬
‫المشتتة في العهد اإلقطاعي‪ ،‬وفي وضع حد للسلطات البلدية المحلية المتناثرة–‬
‫إلى جانب أمراء اإلقطاع– التي قاسمت الملوك السلطة‪.‬‬

‫فعلى أنقاض هذه السلطات غير المتجانسة أقامت المركزية إدارة حكومية موحدة‪،‬‬
‫جمعت في يدها القوة العامة من الجيش والبوليس‪ .‬وتمثل هذه الحكومة اليوم‬
‫الو ازرات المتعددة القائمة في عاصمة الدولة‪ ،‬مع من يتبعون لها من موظفين‬
‫حكوميين منبثين في مختلف ربوع البالد (‪.)33‬‬
‫ب‪ -‬تركيز سلطة اإلكراه‪ ،‬واستخدام القوة الجبرية القانونية أو المادية بين يدي السلطات‬
‫أيضا‪ ،‬وهو ما يعني بعبارة أخرى وضع كافة مصادر اإلكراه القانوني‬
‫المركزيةـ ً‬
‫المتمثل في تبعية مرفق القضاء والعدالة‪ ،‬واإلجبار المادي المتمثل في الشرطة‬
‫والق وات المسلحة‪ ،‬وهو ما يطلق عليه "تركيز القوة العامة بين يدي السلطات‬
‫المركزية بالعاصمة"‪ ،‬بحيث تستخدمها في فرض أوامرها‪ ،‬وتنفيذ ق ارراتها‪ ،‬وجلب‬
‫االحترام والطاعة المعلنة من خاللهما على امتداد أقاليم الدولة‪ ،‬وفي مختلف‬
‫المجاالت المرفقية للمنفعة العامة(‪ .)31‬وبالرغم من أن العديد من الدول تأخذ‬
‫بنظام الالمركزية اإلدارية‪ ،‬فإنها ال تسمح لهيئات أو جماعات أن تكون تشكيالت‬
‫عسكرية أو شبه عسكرية ال تتفرع عن الجيش‪ ،‬ويتم حصر هذه القوة العامة في‬
‫يد رئيس الدولة‪ .‬كذلك سلطة إصدار الق اررات تكون بيد الوزير المختص‪ .‬واذا‬
‫كان الوزير يعهد بإعداد القرار إلى بعض الفنيين التابعين له‪ ،‬كما يعهد بتنفيذه‬
‫إلى البعض اآلخر‪ ،‬وينفرد هو باتخاذ القرار‪ ،‬فإن النظام مع ذلك يعتبر نظاما‬
‫مركزيا (‪.)32‬‬

‫(‪ )33‬د‪ .‬عثمان خليل‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬


‫(‪ )31‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪ ،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية القاهرة‪ 2002-2001 ،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )32‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪.16‬‬

‫‪626‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫ج ‪ -‬منح السلطات المركزية الحرية الكاملة في اختيار معاونيها من الموظفين والعاملين‬


‫بها في الوظائف العامة؛ باعتباره من أهم مظاهر تركيز السلطة‪ ،‬واخضاعهم‬
‫جميعا للتبعية اإلدارية الرئاسية المفرطة لها‪ .‬فهم اليملكون سلطة البت النهائي‬
‫في المهام اإلدارية المسندة إليهم كممثلين أو كمفوضين من قبل السلطة المركزية‬
‫‪ -‬اللهم إال في أضيق الحدود‪ ،‬وفي إطار ما تصدره إليهم من أوامر وتعليمات ‪-‬‬
‫يخضع التزامهم بها لرقابتها الرئاسية الممعنة في التشدد‪ ،‬ومؤدى هذا المظهر أن‬
‫أمر اختيار الموظفين المحليين ال يترك للهيئات الالمركزية‪ ،‬أو إلى سكان هذه‬
‫المناطق ينتخبونهم‪ ،‬وانما يتم التعيين عن طريق اإلدارة المركزية باعتبارها‬
‫المهيمنة وصاحبة سلطة التقرير النهائي في جميع المسائل (‪.)36‬‬

‫الركن الثاني‪ :‬التبعية اإلدارية المتدرجة‪La Hiérarchie Administrative :‬‬


‫ومقتضى هذه التبعية خضوع جميع موظفي المرافق العامة على طول السلم‬
‫الوظيفي للحكومة المركزية في العاصمة وعمالها في األقاليم‪ ،‬و يعني ذلك االعتراف‬
‫بقيام سلطة إدارية عليا‪ ،‬تمارس رقابة صارمة على كافة الجهات واألشخاص التابعين لها‬
‫والخاضعين إلشرافها‪ ،‬فضالً عن اختصاصها بتلقي ما يقدمونه من تظلمات وطعون‬
‫رئاسية أمامها‪ ،‬بشأن ممارسة مهامهم اإلدارية(‪ ،)31‬وتشمل التبعية اإلدارية المتدرجة‬
‫شقان األول‪:‬السلطة الرئاسية والثاني‪ :‬التدرج الوظيفي وذلك كما يلي‪:‬‬
‫السلطة الرئاسية‪:‬‬
‫تجسد السلطة الرئاسية ‪ Le Pouvoir Hiérarchique‬الركيزة األساسية لوجود‬
‫النظام المركزي(‪ ،)31‬و هي الشخص أو الهيئة المتمتعة باالختصاص الكامل والعام‪ ،‬في‬
‫نطاق القانون اإلداري الذي يمارسه الرئيس اإلداري في مواجهة مرؤوسيه‪ ،‬بالنسبة لما‬

‫(‪ )36‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫(‪ )31‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ :‬أصول اإلدارة العامة‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪،2001 ،‬‬
‫ص‪.233‬‬
‫(‪ )31‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬توازن السلطات ورقابتها‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،211‬‬
‫د‪ .‬عبد الغنى بسيونى‪ :‬النظرية العامة في القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫تأديبيا على ما يرتكبونه من أخطاء مسلكية تأديبية‪،‬‬


‫ً‬ ‫يصدر عنهم من ق اررات‪ ،‬ومجازاتهم‬
‫بصورة مطلقة ال تخضع ألي قيود (‪.)39‬‬
‫التدرج الوظيفي‪:‬‬
‫يعني أن موظفي كل مصلحة موزعون فيما يتعلق بمباشرة وظيفتهم على درجات‬
‫متصاعدة تخضع كل منهما لألخرى‪ ،‬وهو ما يسمى بالسلم اإلداري‪ ،‬أي يتخذ الجهاز‬
‫اإلداري في الدولة صورة الهرم المتدرج الدرجات‪ .‬ويقوم بين تلك الدرجات قدر من‬
‫التبعية‪ ،‬يتمثل في الدرجات الدنيا في واجب الطاعة‪ ،‬ويتمثل في الدرجات العليا يما‬
‫يعرف باسم السلطة الرئاسية‪ .‬فيوجد على قمة كل هرم رئيس أعلى‪ ،‬ويوجد في الدرجات‬
‫األولى رؤساء اإلدارات والمصالح‪ ،‬وفي الدرجات األدنى األعضاء المكلفون بالتنفيذ(‪.)10‬‬
‫وبذلك نجد الوزير على قمة السلم اإلداري لوظيفته‪ ،‬ثم يليه نواب الوزير‪ ،‬فوكالء‬
‫الو ازرة‪ ،‬فمديرو المصالح العمومية‪ ،‬فوكالء هذه المصالح‪ ،‬ثم رؤساء األقسام‪ ،‬ورؤساء‬
‫الفروع واإلدارات المختلفة‪ .‬ويقتضي ذلك خضوع كل موظف لما يعلوه في الدرجة‬
‫الوظيفية مباشرة‪ .‬ويق ابل هذه التبعية اإلدارية من جانب المرؤوس السلطة الرئاسية من‬
‫ناحية الرئيس‪ .‬ويالحظ أن السلطة الرئاسية‪ -‬وأن كان الرؤساء اإلداريون يتمتعون‬
‫بسلـطات تقديرية‪ -‬إال أنها ليست حكمية ‪ Arbitraire‬بل يرد عليها قيد هام وهو تحقيق‬
‫مشوبا‬
‫ً‬ ‫الصالح العام‪ .‬فإذا انحرفت السلطة الرئاسية عن هذا الهدف‪ ،‬فإن قرارها يصبح‬
‫بعيب إساءة استعمال السلطة وحق للقضاء اإلداري إلغاؤه ‪.‬وتتضمن السلطة الرئاسية‬
‫عنصرين‪ ،‬أحدهما سابق ويطلق عليه سلطة التوجيه‪ ،‬واآلخر الحق ويطلق عليه سلطة‬
‫مراقبة أعمال المرؤوسين‪.‬‬

‫ثالث ا ‪ -‬صور النظام المركزي‪:‬‬


‫تنقسم المركزية إلى صورتين‪:‬‬

‫(‪ )39‬د‪ .‬عبد الغنى بسيونى‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة تطبيقية ألسس ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقها‬
‫في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ )10‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2001 ،‬ص‪.112‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫أ‪ :‬المركزية المتطرفة (التركيز اإلداري) ‪:Concentration‬‬


‫سادت الدول اآلخذة بالمركزية اإلدارية– في بادئ األمر‪ -‬صورة تطبيقية تقليدية‬
‫وأطلق عليها تسمية " المركزية المباشرة"(‪ .)11‬وبذلك تصبح سلطة البت في األمور‪،‬‬
‫وتنفيذها كليا وجزئيا ينعقد االختصاص بها للحكومة المركزية المستقرة في العاصمة‪،‬‬
‫أيضا‪ -‬من المركزية ال نجد أية سلطات خاصة لعمال الحكومة‬
‫وفي هذه الصورة‪ً -‬‬
‫اإلقليميين‪ ،‬كرؤساء مجالس المدن وعمد القرى ومشايخها‪ ،‬وغيرهم من موظفي الحكومة‬
‫اإلقليميين‪ ،‬وتكون سلطة البت في كل هذه األمور بيد السلطات المركزية؛ أي الو ازرات‬
‫الكائنة بعاصمة البالد‪ .‬لذلك تسمى هذه الصورة المركزية باسم الو ازرية(‪.)12‬‬
‫ب‪ :‬المركزية المعتدلة (عدم التركيز اإلداري) ‪administrative: Déconcentration‬‬
‫نظر لزيادة خدمات الدولة‪ ،‬فقد أصبح من المستحيل في الوقت الحالي أن تمتد يد‬
‫ًا‬
‫الوزير إلى ربوع البالد؛ ل كي يتابع شئون و ازرته على النحو السابق من صور المركزية‪،‬‬
‫نظر للزيادة المطردة واالتساع‪ ،‬على أثر التطور الشامل في المجتمع‪ ،‬والسياسة التداخلية‬
‫ًا‬
‫للدول في حياة األفراد؛ األمر الذي ألجأ دول النظام المركزي إلى اعتناق صورة مخففة‬
‫من المركزية‪ ،‬عرفت تحت اسم "عدم التركيز اإلداري"(‪ ،)13‬التي يتم بموجبها توزيع مهام‬
‫ومسئولية العمل اإلداري العام– لتصحيح العيوب الناتجة عن التطبيق الحرفي للمركزية‬
‫اإلدارية– بين سلطات المركزية ومعاونيها في مختلف اإلدارات والمرافق اإلقليمية‪،‬‬
‫بتخويل هؤالء بعض اختصاصات السلطة المركزية لممارستها باسمها‪ ،‬ويملكون سلطة‬
‫إصدار الق اررات النهائية فيها‪ .‬ولكن دون أن يؤدي ذلك النفصالهم االستقاللي عنها‪ ،‬إذ‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪:‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫(‪ )12‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬دار النهضة العربية‪،2006 ،‬‬
‫ص‪.260‬‬
‫(‪ )13‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.261‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Homont : La Déconcentration des Services Publics, paris ,1984,p20.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Dellon : réforme Administrative, déconcentration Et Unité d'actation ,‬‬
‫‪A.J.D.A. 1963. p.4.‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫هم ال يزالون يمارسون هذه االختصاصات‪ ،‬ويصدرون تلك الق اررات؛ بوصفهم ممثلين‬
‫مفوضين في ذلك من السلطة المركزية‪ ،‬وخاضعين لرقابتها واشرافها الرئاسي(‪ .)11‬وبذلك‬
‫تعني هذه الصورة "تمتع العاملين اإلقليميين في الفروع اإلدارية والمرفقية المختلفة‬
‫للسلطات المركزية باالستقالل الذاتي وبحرية التصرف‪ ،‬واصدار الق اررات النهائية في‬
‫بعض المسائل الخاصة بإداراتهم ومرافقهم المحلية‪ ،‬دون الرجوع في ذلك إلى السلطة‬
‫المركزية‪ ،‬بعد أن كانوا أدوات تنفيذية آلية لوضع ق اررات هذه السلطة موضع التنفيذ"(‪.)12‬‬
‫ويوجد اختالف بين معنى الالمركزية وعدم التركيز اإلداري‪ ،‬وان كانا يتشابهان من حيث‬
‫المعنى اللغوي؛ حيث إنهما يعبران عن مدلول واحد‪ ،‬وهو االبتعاد عن المركز‪ ،‬لكنهما‬
‫يختلفان من ناحية المدلول القانوني‪ .‬ألن نظام عدم التركيز يؤسس على منح بعض‬
‫األجهزة اإلدارية سلطة البت النهائي في بعض األمور‪ ،‬دون الرجوع إلى السلطة‬
‫المركزية‪ ،‬أي الو ازرات‪ .‬إال أن القائمين على تلك األجهزة اإلدارية يظلون خاضعين‬
‫للسلطات الرئاسية‪ ،‬ويتخذون ق ارراتهم باسم الدولة ال باسم هيئات إقليمية مستقلة‪ ،‬بخالف‬
‫الق اررات التي تتخذها األجهزة الالمركزية‪ ،‬فإنها تنسب إلى الشخص اإلداري الالمركزي‬
‫دون الدولة‪ ،‬كما أن عمال تلك الهيئات الالمركزية ال يرتبطون بالدولة برابطة تبعية‬
‫مباشرة‪ ،‬ومن ثم ال تستطيع هذه األخيرة أن تمارس عليهم سلطة رئاسية(‪.)16‬‬

‫رابع ا ‪ -‬مبررات النظام المركزي‪:‬‬


‫‪ -1‬تثبيت أركان الحكومة المركزية وتقوية سلطاتها وتدعيم نفوذها؛ لذلك فإن‬
‫الدول في بداية نشأتها تأخذ بهذا النظام؛ حيث إنه يمثل ضرورة حيوية‬
‫بالنسبة لها(‪ ،)11‬وتؤكد الحقائق التاريخية أن الدول المركزة تركي اًز كامالً لم‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪:‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪ ،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪(45) Mallet: La Déconcentration Administrative, Règles et Réalité, Rev, Adm,‬‬
‫‪1962, P.5.‬‬
‫(‪ )16‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.261‬‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫توجد إال في بعض المدن السياسية اإلغريقية القديمة‪ ،‬التي ساعدت ضآلة‬
‫حجمها‪ ،‬وبساطة الحياة اإلدارية فيها على تطبيق النظام المركزي (‪.)11‬‬
‫‪ -2‬أداء الخدمات العامة على نحو أفضل؛ فالمركزية هي الوسيلة الهامة لتقديم‬
‫الخدمات العامة لجمهور المواطنين‪ ،‬تلك الخدمات التي ال يقتصر نفعها على‬
‫الشخص بعينه أو إقليم محدود‪ ،‬وانما تشمل الدولة وأقاليمها المختلفة (‪.)19‬‬
‫‪ -3‬إدخال النظام على الجهاز اإلداري؛ حيث تبعية الموظفين في النظام المركزي‬
‫كل لرئيسه‪ .‬ومن ثم يسير بانتظام واستمرار في سبيل أداء الخدمات العامة‪.‬‬
‫لذلك قيل عن المركزية أنها تخلع على اإلدارة طابعا من العدالة وعدم المحاباة‬
‫ونبذ المحسوبية (‪.)20‬‬
‫‪ -4‬النظام المركزي بما يؤدي إليه من توحيد اإلدارة في الدولة‪ ،‬وتجانس األساليب‬
‫اإلدارية‪ ،‬واتساق الروح‪ ،‬يؤدي إلى استقرار اإلجراءات‪ ،‬واكسابها دقة‬
‫ووضوحا‪ ،‬األمر الذي يسهل على الموظفين تطبيقها‪ ،‬كما يسهل في الوقت‬ ‫ً‬
‫نفسه على الجمهور فهمها‪ .‬وهذا يؤدي في النهاية إلى سالمة الحياة اإلدارية‪،‬‬
‫وبعدها عن التقصير‪ ،‬وتحقيق السرعة المطلوبة‪ ،‬وانجاز الخدمات‪ ،‬والسير‬
‫المنظم المستمر للمرافق العامة (‪.)21‬‬
‫‪ -5‬المقدرة المالية للموازنة العامة في النظام المركزي تفوق بكثير المقدرة المالية‬
‫للموازنات المحلية في النظام الالمركزي؛ مما يجعل النوع األول أقدر على‬
‫ال عما يمتاز به عمال الحكومة المركزية من‬
‫سير المرافق العامة باطراد‪ .‬فض ً‬
‫القصد في النفقات العامة‪ ،‬والمهارة والمران‪ ،‬مما ال يتوفر لدى الهيئات‬
‫الالمركزية (‪.)22‬‬

‫‪(48) Garner J.F., Administrative Law, London, Butterworth’s, 1963, P. 13.‬‬


‫(‪ )19‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪ :‬توازن السلطات ورقابتها‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫(‪ )20‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ )21‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪:‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫(‪ )22‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.261‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫‪ -6‬يالءم المرافق العامة التي تهدف إلى تقديم خدمات إلى جمهور المواطنين‬
‫دون االقتصار على إقليم معين‪ ،‬وما دامت هذه المرافق تهم الدولة وتصبو‬
‫إلى تقديم خدماتها العامة للشعب‪ .‬فال يعقل إلقاء عبء هذه المرافق على‬
‫الهيئات الالمركزية محدودة الدخل‪ .‬أي أنه من األفضل ترك االختصاص‬
‫بشأن تسيير هذا النوع من المرافق العامة عن طريق اإلدارة المركزية‪ ،‬حيث‬
‫يتساوى أفراد الشعب جميعا في تحمل تكاليفها ومن ثم يتساوون في اإلفادة‬
‫منها (‪.)23‬‬
‫‪ -7‬ضروري للتخطيط الشامل في البرامج الخاصة بالبحوث واإلحصاءات وتحديد‬
‫األهداف‪ ،‬كما أنه يكفل استمرار السياسة العامة تجاه شتى قطاعات المجتمع‬
‫مثل‪ :‬األمن والتعليم والعدل‪ ،‬وهو الذي يمنح الفرصة الستعمال اقتصادي‬
‫كفء للموارد القومية‪ ،‬وعائدات الضرائب التي تحصل وتنفق طبقاً ألسس‬
‫علمية مدروسة (‪.)21‬‬
‫خامس ا ‪ -‬مثالب النظام المركزي‪:‬‬
‫للنظام المركزي العديد من العيوب منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن االلتزام بالتطبيق الحرفي المتشدد للنظام المركزي اإلداري‪ ،‬يؤدي إلى بطء‬
‫سير العمل اإلداري‪ ،‬وطول اإلجراءات وارهاق المتعاملين مع اإلدارة؛ نتيجة‬
‫التعقيدات المكتبية‪ ،‬والروتين اإلداري‪ ،‬الذي يتطلب العديد من التأشيرات‬
‫والموافقات‪ ،‬مع ضرورة انتقال سكان األقاليم إلى العاصمة لقضاء‬
‫مصالحهم(‪.)22‬‬
‫‪ -2‬أنه من الثابت عمالً استحالة التطبيق الحرفي للنظام المركزي اإلداري؛ بسبب‬
‫التشعب والزيادة المتناهية في مهام ومسئوليات العمل اإلداري العام‪ ،‬والتي‬
‫ألزمت اإلدارة بمجابهتها في ظل نظام الدولة الحديثة؛ حيث ال يقتصر ذلك‬

‫(‪ )23‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫(‪ )21‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬توازن السلطات ورقابتها‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫(‪ )22‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫على عاصمة الدولة فحسب‪ ،‬بل يمتد ليشمل كافة أجزاء أقاليمها دون تفرقة‬
‫فيما بينها‪ .‬وبذلك فإن الق اررات المركزية – في ظل هذا النظام– سوف تصبح‬
‫تماما‪ ،‬وغير معبرة على اإلطالق عن الظروف المحلية واإلقليمية‬ ‫منفصلة ً‬
‫المتنوعة‪ ،‬أو علي األقل غير متطابقة أو مالئمة لها (‪.)26‬‬
‫‪ -3‬أن أعمال النظام المركزي اإلداري يتنافي صراحة مع االلتزام السياسي بتطبيق‬
‫المبدأ الديمقراطي في مجال اإلدارة الحديثة؛ إذ هو يحجب أصحاب المصلحة‬
‫الحقيقية عن المشاركة في تسيير وأداء الخدمات العامة واألعمال اإلدارية‬
‫الخاصة بهم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫نظام الالمركزية اإلدارية‬
‫تتبع الدولة الحديثة األسلوب اإلداري الذي يتفق مع ظروفها وأوضاعها الخاصة بها؛‬
‫حيث أن االت جاه الحديث في نظم الحكم بصفة عامة يميل نحو األخذ بالنظام‬
‫نظر لوجود العديد من االعتبارات ذات الطابع السياسي والقانوني‬ ‫ًا‬ ‫الالمركزي؛‬
‫واالجتماعي‪ ،‬ونظ اًر لزيادة الخدمات المطلوبة من السلطة المركزية فقد أدت تلك‬
‫االعتبارات إلى رسوخ مبادئ إنشاء هيئات إقليمية إدارية‪ ،‬أو مرفقيه منتخبة‪ ،‬غير‬
‫خاضعة اللتزام الطاعة الرئاسية‪ ،‬تكون أكثر التصاقا بجماهير الخدمة العامة حيث‬
‫تتولى سلطة إصدار الق اررات اإلدارية النهائية المسيرة للمصالح اإلقليمية الخاصة بها‬
‫لذلك برزت فكرة الالمركزية في الدولة الحديثة (‪ .)21‬وعلى ضوء ما سبق سوف نقوم‬
‫بعرض موجز لنظام الالمركزية اإلدارية من خالل العناصر التالية‪:‬‬

‫أولا‪ -‬تعريف الالمركزية اإلدارية‪:‬‬

‫(‪ )26‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪ ،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫(‪ )21‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية‬
‫والمحلية‪،‬مرجع سابق ص‪.19‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫تنشأ الالمركزية اإلدارية على أساس توزيع الوظيفة اإلدارية بين الحكومة المركزية‬
‫الكائنة في العاصمة‪ ،‬وهيئات إقليمية أو مصلحية‪ .‬وتباشر هذه الهيئات سلطاتها في‬
‫النطاق المرسوم لها قانونا تحت إشراف الحكومة ورقابتها‪ ،‬دون أن تكون خاضعة لها‬
‫خضوعا رئاسياً(‪ .)21‬وتأخذ الالمركزية اإلدارية شكلين أساسيين‪ ،‬هما‪ :‬الالمركزية‬
‫ً‬
‫اإلقليمية والالمركزية المصلحية‪ .‬والالمركزية اإلقليمية هي التي عرف بها النظام‬
‫الالمركزي في بادئ األمر‪ .‬وتقتضى أ ن ينشأ جهاز إداري في كل إقليم من أقاليم الدولة‬
‫يتخصص في إدارة مصالح األقاليم المختلفة (‪ ،)29‬وكان نتيجة تطبيق مذهب التدخل في‬
‫النشاط االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬ازدياد األعباء الملقاة على عاتق الدولة‪ .‬لذلك فقد‬
‫ظهرت ضرورة توزيع النشاط االقتصادي بين الحكومة المركزية وبين هيئات عامة‪،‬‬
‫تتخصص في مزاولة نشاط معين ويكون لها نظام خاص ومستقل عن الحكومة‬
‫المركزية‪ ،‬وهو ما يعرف بـ " الالمركزية المصلحية " أو " المرفقية "‪ ،‬بحيث تختص‬
‫بالمشروعات العامة التي اليالئمها النشاط الحكومي إلدارة هذه المشروعات‪ ،‬وانما‬
‫تتطلب بحكم طبيعتها الخاص ة إشرافا من قبل أجهزة إدارية مستقلة في تصرفاتها‪ ،‬معتمدة‬
‫على الفنيين والخبراء المتخصصين (‪.)60‬‬
‫لذلك تعتبر الالمركزية طريقا من طرق اإلدارة‪ ،‬وليست أسلوبا من أساليب الحكم‪،‬‬
‫وتتضمن توزيع االختصاصات اإلدارية بين الحكومة المركزية ‪ -‬من ناحية‪ ،‬وهيئات‬
‫أخرى مستقلة ومنتخبة ومتخصصة على أساس إقليمي أو مصلحي ‪ -‬من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ويالحظ أن االنتخابات التي تعتبر الركن األساسي في النظام الالمركزي تطبق‬
‫صو ار مختلفة‪ .‬فقد تكون وسيلة النتخاب مجالس القرى والمدن والمحافظات‪ ،‬وتسمى‬

‫(‪ )21‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬توازن السلطات ورقابتها‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫(‪ )29‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬المرجع في القانون اإلداري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص‪ ،212‬د‪ .‬محمد‬
‫أنس جعفر‪ :‬التنظيم المحلى والديمقراطية‪ ،1912 ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪ 9‬وما بعدها‪ ،‬وللمؤلف الوسيط‬
‫فى القانون العام‪ ،‬بدون ذكر الناشر‪ ،‬القاهرة‪ ،1912-1911 ،‬ص‪.211‬‬
‫(‪ )60‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬تنظيم السلطة اإلدارية واإلدارة المحلية‪ ،‬التنظيم‬
‫القانوني للوظيفة العامة‪ ،‬نظرية العمل اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.166‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫الالمركزية ‪ -‬حينئذ ‪ -‬الالمركزية اإلقليمية‪ .‬وقد تكون وسيلة اختيار أعضاء هيئة ال‬
‫مركزية يتحدد اختصاصها تحديدا مصلحيا ال إقليميا – أي تختص هذه الهيئة بمرفق‬
‫واحد أو بعدة مرافق محددة كالمؤسسات‪ ،‬و في هذه الحالة تسمى بـ " الالمركزية‬
‫المصلحية " أو " المرفقية " (‪.)61‬‬
‫رأي الفقه في النتخاب كشرط للنظام الالمركزي‪:‬‬
‫أساسيا للنظام الالمركزي‪ .‬وهناك‬
‫ً‬ ‫طا‬
‫اختلف الفقهاء حول اعتبار االنتخاب شر ً‬
‫مذهبان‪:‬‬
‫المذهب األول‪ :‬يرى تأييده لفكرة اختيار أعضاء المجالس الالمركزية عن طريق‬
‫طا أساسياً في نظام اإلدارة‬
‫االنتخاب وليس التعيين؛ باعتبار أن األسلوب األول يعتبر شر ً‬
‫الالمركزية‪ ،‬ويستند إلى دعامتين‪ ،‬األولى‪ :‬أن االنتخاب ضرورة حتمية لضمان استقالل‬
‫الهيئات الالمركزية في مواجهة السلطة المركزية‪ ،‬في حين أن التعيين يجعل هؤالء‬
‫األعضاء يرتبطون بهذه السلطة برابطة التبعية والخضوع‪ ،‬مما يؤدي إلى سهولة التأثير‬
‫عليهم‪ .‬والدعامة الثانية‪ :‬أن الحكم المحلي في حقيقته ليس مجرد نوع من الالمركزية‬
‫فحسب‪ ،‬وانما يعد مزيجاً من الالمركزية والديمقراطية في وقت واحد‪ ،‬واذا كان تحقيق‬
‫استقالل الهيئات الالمركزية ممكناً أو متصو اًر دون عملية االنتخاب‪ ،‬فإن ديمقراطية‬
‫اإلدارة تستلزم أن يتولى تسيير المصالح الالمركزية مجلس يمثل الشعب‪ ،‬وهو ما ال‬
‫يمكن تحقيقه إال بانتخاب أعضاء هذه المجالس (‪.)62‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬يرى أنه ال ضرورة الختيار أعضاء المجالس الالمركزية عن طريق‬
‫االنتخاب لتحقيق الالمركزية اإلقليمية؛ باعتبار أنه يكفي لتحقيق هذه الالمركزية ضمان‬
‫استقالل الهيئات الالمركزية‪ .‬وهو أمر يمكن تحقيقه عن طريق االعتراف للوحدات‬
‫اإلدارية بالشخصية المعنوية‪ .‬وطالما تحقق هذا االستقالل بطريقة أو بأخرى ـ كعدم‬
‫إخضاع األعضاء للسلطة الرئاسية في أي صورة‪ ،‬فإن االنتخاب بهذه الصورة ليس‬

‫(‪ )61‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫(‪ )62‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫مرجع سابق ص‪.99‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫طا الزما لتحقيق هذا النظام‪ .‬ويضرب أنصار هذا المذهب مثال لتأييد ما ذهبوا إليه‪،‬‬
‫شر ً‬
‫وهو استقالل القضاء الذي ال ينفيه كون القاضي معيناً من قبل السلطة التنفيذية (‪.)63‬‬
‫ويؤيد أستاذنا الدكتور‪ /‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪ :‬المذهب األول الذي يرى أن‬
‫النظام الالمركزي يجب أن يبنى على قاعدة االنتخاب؛ ألن التطورات الحديثة في الفكر‬
‫الديمقراطي تقتضي أن يكون أداء الوظيفة اإلدارية في األقاليم بمعرفة سكان هذه‬
‫األقاليم‪ .‬وهو ما يستلزم ضرورة انتخاب أعضاء المجالس المحلية من بين األشخاص‬
‫الذين يرتبطون ارتباطًا مباش اًر بالمصالح المحلية‪ ،‬وهم صادقو اإلحساس بهذه المصالح‪،‬‬
‫يتهافتون على حمايتها‪ ،‬ساهرون على حفظها وأدائها بصفة دائمة ومنتظمة؛ حتى يجد‬
‫الجمهور هذه الخدمات متوافرة في الزمان والمكان المتعارف عليهما ألدائها(‪ .)61‬وأؤيد‬
‫سيادته في ذلك قوال واحدا‪.‬‬
‫ثانيا – أركان نظام الالمركزية اإلدارية‪:‬‬
‫‪ -1‬العتراف بالشخصية المعنوية و بوجود مصالح إقليمية متميزة عن المصالح القومية‪:‬‬
‫يجب أن تعترف الدولة بوجود مصالح محلية‪ ،‬تنشأ إلى جانب الحاجات أو المصالح‬
‫القومية العامة التي تتعلق بالدولة ككل‪ ،‬و حاجات أخرى محلية توجد رابطة بين مصالح‬
‫(‪)62‬‬
‫طا يكفي‬
‫األفراد المقيمين في إقليم معين من الدولة ‪ .‬بحيث ترتبط ببعضها ارتبا ً‬
‫إلمكان تركيزها لمستفيد واحد‪ ،‬بشرط أن تكون هذه المصالح مشروعة؛ ألنه في الوقت‬
‫تبعا التساع الدولة؛ نزوالً على ضرورات‬
‫الحاضر قد اتسع نطاق األسلوب الالمركزي‪ً ،‬‬
‫خطير لألفراد‪ ،‬األمر الذي أدى إلى كثرة‬
‫ًا‬ ‫مذهب التدخل‪ ،‬وبذلك أصبحت الدولة منافساً‬
‫المرافق العامة التي تديرها الدولة تحقيقًا للتنمية االقتصادية‪ ،‬ودفع عجلة التقدم إلى‬
‫األمام في شتى الميادين‪ .‬واذا كانت بعض هذه المرافق تقتضي أن تكون إدارتها‬

‫(‪ )63‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬تنظيم السلطة اإلدارية واإلدارة المحلية‪ ،‬التنظيم‬
‫القانوني للوظيفة العامة‪ ،‬نظرية العمل اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫(‪ )61‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد مرجع سابق‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫(‪ )62‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫مرجع سابق ص‪.91‬‬

‫‪626‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫نظر التصالها الوثيق بالمصلحة القومية‪ ،‬فإن الغالبية العامة من‬ ‫باألسلوب المركزي؛ ًا‬
‫هذه المرافق تتصل اتصاال مباش اًر بالمصالح المحلية لألفراد القاطنين أقاليم معينة من‬
‫بين أقاليم الدولة(‪ .)66‬لذلك من األوفق أن يعقد االختصاص بشأن إدارة هذه المرافق إلى‬
‫هيئات محلية منتخبة‪ ،‬قريبة من حاجات األفراد؛ تحس بإحساسهم‪ ،‬وتتلمس أنسب‬
‫الحلول إلشباع حاجاتهم؛ ألنها أكثر علما بمقتضيات هذه الحاجات وأقدر معرفة على‬
‫تفهم متطلباتها‪.‬‬
‫وتحديد الحاجات المحلية وتقدير ما يالئمها من األساليب اإلدارية ال يتم بواسطة‬
‫السلطات اإلدارية سواء أكانت مركزية أم المركزية‪ ،‬إنما يتصدى لها القانون‪ .‬بل أن‬
‫الدستور نفسه ّبين للمشرع توجيهات عامة يتعين عليه احترامها في هذا المجال‪ .‬كما فعل‬
‫المشرع الدستوري في المادة ‪ 112‬من دستور ‪ ،2011‬حيث نصت على أن‪ ( :‬تقسم‬
‫الدولة إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية االعتبارية‪ ،‬منها المحافظات والمدن والقرى‪،‬‬
‫ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية االعتبارية؛ إذا اقتضت المصلحة‬
‫(‪)61‬‬
‫ويعني ذلك‪ :‬أن االعتراف بالمصالح المحلية الجديرة بالحماية القانونية‬ ‫العامة ذلك)‬
‫ال يكفي لقيام النظام الالمركزي‪ ،‬بل البد من وجود هيئات إدارية مستقلة تكون اإلدارة‬
‫المعبرة لهذه المصالح‪.‬‬
‫‪ -1‬وجود هيئات محلية مستقلة‪:‬‬
‫يعتبر وجود هيئات منتخبة لتحقيق المصالح المحلية هو المقياس الحقيقي لوجود‬
‫النظام الالمركزي اإلداري من عدمه‪ ،‬بل ودليل على تطبيق المبدأ الديمقراطي القائم على‬
‫االنتخاب في المجال اإلداري‪ ،‬والذي يقضي بتوزيع ممارسة مظاهر السلطة على‬
‫األغلبية الساحقة من أبناء الشعب‪ .‬والبد أن يصاحب وجود األشخاص اإلدارية القومية‬
‫نظام قانوني‪ ،‬يبيح إنشاء هيئات أو مجالس تستطيع التعبير عن إرادة هذه األشخاص‪،‬‬

‫(‪ )66‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬تنظيم السلطة اإلدارية واإلدارة المحلية‪ ،‬التنظيم‬
‫القانوني للوظيفة العامة‪ ،‬نظرية العمل اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫(‪ )61‬المادة ‪ 112‬من الدستور المصري الحالى‪ ،‬الصادر سنة ‪.2011‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫واتيان ما يعد ضمن مصالحها من تصرفات‪ .‬وقد أجمع الفقه وجرت التشريعات على‬
‫(‪.)61‬‬
‫ذلك‬
‫‪ -3‬الوصاية اإلدارية‪:‬‬
‫إن األخذ بديمقراطية اإلدارة يستلزم االعتراف للهيئات الالمركزية بنوع من االستقالل‬
‫عن الهيئات المركزية‪ ،‬سواء أكان مصدر هذا االستقالل القانون أم الدستور‪ -‬في بعض‬
‫األحيان‪ -‬لكن هذا االستقالل ال يكون كامالً أو مطلقًا وانما هو استقالل نسبى؛ بمعنى‬
‫أن الهيئات الالمركزية تمارس اختصاصاتها المقررة لها بنص القانون‪ ،‬تحت رقابة‬
‫الحكومة المركزية‪ .‬وقد تظهر هذه الرقابة في شكل أوامر تنظيمية‪ ،‬وقد تكون في شكل‬
‫أوامر فردية‪ ،‬تواجه حاالت معينة بالذات(‪ .)69‬فبالنسبة الختصاص رقابة الحكومة في‬
‫صورة أوامر الئحية أو تنظيمية‪ ،‬نجد أن الحكومة قد تتولى تنظيم الهيئات الالمركزية‪،‬‬
‫وذلك في الحاالت التي يتعرض فيها المشرع نفسه لتنظيم هذه الهيئات المختلفة؛ لذلك‬
‫تسمى هذه الصورة بشقيها باسم الرقابة اإلدارية الالئحية(‪.)10‬‬

‫(‪ )61‬صرحت النصوص الدستورية والقانونية بااللتزام بالمبدأ الديمقراطي القائم على االنتخاب بالنسبة‬
‫للسلطات المحلية وذلك منذ صدور دستور ‪ 1923‬وحتى صدور الدستور الحالى ‪ 1911‬ومنذ‬
‫صدور أول قانون لإلدارة المحلية في مصر رقم ‪ 121‬لسنة ‪ 1960‬وباستثناء قانون الحكم‬
‫المحلى رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 1911‬وحتى القانون الحالى رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 1919‬وهى على سبيل‬
‫التحديد المواد ‪ 132‬من دستور عام ‪ 1923‬و‪ 121‬من دستور عام ‪ 1926‬و ‪ 162‬من دستور‬
‫عام ‪ 1911‬والمادة ‪ 10‬من قانون اإلدارة المحلية عام ‪ 1960‬و‪ 2‬من قانون عام ‪ 1912‬والمادة‬
‫‪ 3‬من قانون ‪ ،1919‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول‬
‫األجنبية‪ ،‬بين المركزية والالمركزية اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Luchaire: Les Fondement constitutionnels de la décentralisation,‬‬
‫‪R.D.P., 1982, P.1543‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Favoreu: Décentralisation of constitution, R.D.P., 1982, P.1259.‬‬
‫(‪ )69‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،191‬د‪ .‬صالح الدين محمد صادق‪ :‬خدمات‬
‫السلطات المركزية للهيئات المحلية والرقابة عليها‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬العدد‬
‫الثانى‪ ،‬السنة الخامسة عشر‪ ،‬أغسطس‪ ،1913 ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )10‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد مرجع سابق‪ ،‬ص‪.269‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫وفيما يختص برقابة الحكومة المركزية في شكل ق اررات فردية‪ ،‬وهي تسمى بالرقابة‬
‫اإلدارية الفردية‪ ،‬نجد أن هذه الرقابة متعددة الصور‪ ،‬وتختلف من دولة إلى أخرى؛‬
‫حسب أهمية الموضوع‪ ،‬ومدى رغبة الدولة في بسط رقابتها على الهيئات المحلية‪.‬‬
‫وفيما يلي عرض موجز عن الرقابة المعمول بها في جمهورية مصر العربية‪:‬‬
‫أ‪ .‬الرقابة الوصائية على أشخاص الهيئات المحلية‪:‬‬
‫يتمثل هذا النوع من الرقابة في "حق التعيين‪ ،‬واإليقاف‪ ،‬والعزل‪ ،‬وحل المجالس‬
‫المنتخبة"(‪ .)11‬وفيما يلي عرض موجز لذلك‪:‬‬
‫سلطة التعيين‪ :‬تملك الحكومة المركزية سلطة تعيين بعض أعضاء المجالس المحلية‬
‫المختارين‪ -‬رغم استقاللها‪ -‬دون أن يترتب على هذا الحق إهدار الصفة الالمركزية؛‬
‫طالما كانت األغلبية لألعضاء المنتخبين‪ .‬وقد يمتد هذا الحق إلى أعضاء المجالس‬
‫أنفسهم‪ ،‬فيكون للحكومة الحق في تعيين بعض هؤالء األعضاء‪ .‬بل وأكثر من ذلك قد‬
‫تحتفظ الحكومة ألحد أعضائها المعينين بسلطة رئاسة المجلس المحلي الممثل للشخص‬
‫الالمركزي(‪.)12‬‬
‫حق اإليقاف والعزل‪ :‬يعتبر هذا حق طبيعي بالنسبة لألشخاص المعينين؛ ألن هؤالء‬
‫األعضاء يظلون تابعين للحكومة المركزية تبعية رئاسية‪ .‬لكن قد تمتد إلى األعضاء‬
‫المنتخبين؛ بشرط أن تباشر الحكومة حقها في اإليقاف والعزل في الحدود‪ ،‬وطبقًا‬
‫للشروط التي يقررها القانون(‪.)13‬‬
‫الحق في حل المجالس المنتخبة‪ :‬وفي هذه الصورة تتجلى رقابة الحكومة المركزية على‬
‫الهيئات المحلية المنتخبة‪ ،‬حيث يمكنها توجيه العقاب ضد المجلس برمته‪ ،‬دون أن‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬محمد إبراهيم رمضان‪ :‬الوصاية على الهيئات المحلية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬حقوق عين شمس‪،‬‬
‫‪ ،1916‬ص‪ 69‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )12‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫مرجع سابق ص‪.102‬‬
‫(‪ )13‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪ ،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫يقتصر على أح د أعضائها‪ .‬وحل المجالس المنتخبة ال يتطلب إلغاء الوحدة اإلدارية‬
‫المستقلة نفسها‪ .‬فاإللغاء ال يكون إال إذا سحبت الشخصية القانونية لهذه الوحدة‪،‬‬
‫وطبيعي أن سحب هذه الشخصية ال يكون إال بمعرفة المشرع (‪.)11‬‬
‫أ‪ -‬الرقابة الوصائية على األعمال والق اررات‪:‬‬
‫تملك الحكومة المركزية حق الرقابة على أعمال الهيئات الالمركزية‪ ،‬وتشمل الرقابة‬
‫على األعمال اإليجابية‪ ،‬والرقابة على األعمال السلبية‪ ،‬والرقابة على إجراءات التنفيذ‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫ب‪ -‬الرقابة على األعمال اإليجابية‪:‬‬
‫ويأخذ هذا النوع من الرقابة حق اإلذن باألعمال‪ ،‬أو التصديق عليها بعد إجرائها‪ ،‬أو‬
‫مستفادا من مجرد‬
‫ً‬ ‫ضمنيا‬
‫ً‬ ‫يحا‪ ،‬وقد يكون‬
‫إلغائها أو سحبها‪ .‬والتصديق قد يكون صر ً‬
‫مضي فترة محددة من الزمن‪ ،‬عقب صدور قرار المجلس المحلي‪ ،‬دون قرار من‬
‫الحكومة المركزية بإلغائه(‪ .)12‬وكذلك تملك الحكومة المركزية حق إلغاء أو إيقاف‬
‫التصرفات التي قامت باتخاذها الهيئات المحلية‪ .‬واإليقاف يعني وقف سريانها فترة من‬
‫الزمن‪ ،‬ثم تستمر بعد ذلك في إنتاج آثارها القانونية‪ .‬أما اإللغاء فيعتبر انعدام‬
‫التصرفات‪ ،‬أي كان لم تكن (‪.)16‬‬
‫(‪)77‬‬
‫تتمتع الهيئات المحلية بنوع من الحرية في أداء‬ ‫الرقابة على األعمال السلبية‪:‬‬
‫أعمالها‪ .‬لذلك يكون لها الحق في االمتناع عن بعض التصرفات‪ ،‬التي ال ترى داعي‬
‫ألدائها‪ .‬ولكن قد يترتب على ذلك تعريض المرافق العامة للخطر‪ ،‬أو التوقف نتيجة‬
‫لتقصير الهيئات الالمركزية‪ .‬فللحكومة بعض الوسائل التي تمكنها من سير هذه المرافق‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬محمد إبراهيم رمضان‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫(‪ )12‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تنظيم اإلدارة المركزية والمحلية‪،‬‬
‫مرجع سابق ص‪.102‬‬
‫(‪ )16‬د‪ .‬محمد إبراهيم رمضان‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫غما عن الهيئات المحلية‪ .‬ومن هذه الوسائل‪ :‬حل المجلس المنتخب‪ ،‬أو‬‫باطراد‪ ،‬ولو ر ً‬
‫الحلول محل المجلس المنتخب في إنجاز المهام التي تراخي األخير عن إنجازها‪.‬‬
‫دائما فيما‬
‫وفكرة الحلول ليست نظرية عامة‪ ،‬واال لجاز للحكومة المركزية التدخل ً‬
‫خوله القانون من اختصاصات للهيئات الالمركزية‪ ،‬األمر الذي يمكن أن يهدم فكرة‬
‫قيودا على حق الحلول؛ منها دعوة المجلس‬
‫الالمركزية من أساسها‪ .‬لذلك وضع المشرع ً‬
‫الالمركزي‪ -‬أوالً‪ -‬إلى القيام بالعمل بنفسه بداية‪.‬‬
‫ت‪ -‬الرقابة على إجراءات التنفيذ‪:‬‬
‫ويتضمن هذا الحق رقابة شديدة على الهيئات الالمركزية‪ ،‬وهي التي تخرج ق اررات‬
‫هذه الهيئات إلى حيز الوجود؛ وذلك ألن ق اررات الجهات الالمركزية قبل تنفيذها ليست‬
‫ق اررات مكتوبة فقط‪ .‬لذلك نجد أن الدولة تعتمد على هذا النوع من الرقابة وتمارسه بكل‬
‫دقة‪ .‬فجميع الق اررات التي يصدرها المجلس ال يمكن أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ إال‬
‫بتدخل جديد من الدولة‪ ،‬ولمعرفة مدى خطورة هذا النوع من الرقابة‪ ،‬نتصور أن كثي ار من‬
‫ق اررات الهيئات الالمركزية يحتاج عند تنفيذه إلى نزع ملكية عقارات للمنفعة العامة‪ ،‬وهذا‬
‫ما ال تستطيع الهيئات المحلية القيام به‪ ،‬وانما ينعقد االختصاص بشأن ذلك إلى الدولة‬
‫(السلطة المركزية)‪ ،‬كان يكون نزع الملكية بواسطة قانون أو قرار جمهوري أو قرار‬
‫وزاري‪ .‬ومن هنا تترك الحكومة المركزية المجالس المحلية المنتخبة حرة في التشكيل‪،‬‬
‫وفي اتخاذ ق ارراتها‪ ،‬وتنسيق العمل داخلها‪ .‬ولكنها تتعرض لهذه الق اررات في مرحلتها‬
‫األخيرة‪ ،‬وهي مرحلة التنفيذ (‪.)11‬‬

‫ثالث ا‪ :‬صور الالمركزية‪:‬‬


‫يوجد بالنظام الالمركزي صورتان‪ ،‬ويتمثل الفرق بينهما في وجود عناصر معينة من‬
‫قبل الحكومة المركزية في الهيئات المحلية‪ .‬وهي‪ :‬النظام الالمركزي المطلق‪ ،‬والنظام‬
‫الالمركزي النسبي‪ .‬وفيما يلي عرض موجز لهاتين الصورتين‪:‬‬

‫الصورة األولى‪ -‬النظام الالمركزي المطلق‪:‬‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.261‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫ويكون فيها تشكيل المجالس المحلية مكوناً من عناصر منتخبة بواسطة الجمهور‬
‫القاطن في النطاق اإلقليمي‪ ،‬الذي يمثله هذا المجلس المحلي‪ .‬وفي هذه الصورة ال نجد‬
‫عناصر معينة من قبل الحكومة المركزية‪ .‬األمر الذي يترتب عليه انعدام سلطة هذه‬
‫األخيرة في المجال اإلقليمي‪ .‬وانما تكون سلطة البت في األمور جميعاً من اختصاص‬
‫األعضاء المنتخبين الممثلين لهذه المجالس‪ .‬ولكن ليس معنى ذلك انعدام سلطة الدولة‬
‫بصفة مطلقة‪ ،‬وانما تستطيع أن تمارس بعض مظاهر السلطة؛ بما لها من وصايا إدارية‬
‫على أعمال هذه الهيئات المحلية (‪.)19‬‬

‫الصورة الثانية‪ -‬النظام الالمركزي النسبي‪:‬‬


‫في تلك الصورة يتم تشكيل المجالس المحلية من أعضاء منتخبين‪ ،‬وأعضاء معينين‬
‫من قبل الحكومة المركزية في الوقت نفسه‪ .‬ولكن ال يترتب على هذا التشكيل هدم النظام‬
‫الالمركزي‪ .‬فالعضو المعين ال يترتب عليه تقويض الصفة الالمركزية لهذه المجالس؛‬
‫طالما بقيت لألعضاء المنتخبين األغلبية في تشكيلها‪ .‬والهدف من إدخال العناصر‬
‫المعينة قد يكون للمحافظة على وحدة النمط اإلداري داخل أقاليم الدولة؛ وذلك بما‬
‫تمارسه الحكومة المركزية من سلطات داخل هذه األقاليم على األعضاء المعينين من‬
‫قبلها‪ ،‬والتابعين أصال لها والخاضعين لسلطتها الرئاسية‪ .‬أو قد يكون الهدف من نظام‬
‫إشراك أعضاء معينين استكمال النقص من األكفاء الفنيين‪ ،‬الذين يمتازون بالتجربة‬
‫والمهارة والمران (‪.)10‬‬

‫تقدير النظام الالمركزي‬

‫(‪ )19‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪:‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية مرجع سابق‪،‬ص‪.119‬‬
‫‪(80) Anthony, H. Birch:The British System of Government, Tenth Edition,‬‬
‫‪Routledge, 1998.Bradley, A.W: Constitutional and Administrative Law,‬‬
‫‪Fourteenth Edition, Pearson Education Limited, 2007.Chandler, J. A. :‬‬
‫‪Local Government Today, Third Edition, Manchester Press, 2002.‬‬

‫‪622‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫أولا – مزايا النظام الالمركزي‪:‬‬


‫نظر لوجود حركة فكرية‬
‫‪ " -1‬إن الالمركزية قد أصبحت من مقتضيات الدولة الحديثة؛ ًا‬
‫تواقة اآلن إلى االشتراك في إدارة شئونها المحلية‬
‫قوية ترمي إلى األخذ بها‪ .‬فالشعوب ّ‬
‫والخاصة‪ ،‬بعد أن أسهمت في تصريف شئونها العامة‪ ،‬في ظل الحكومات الديمقراطية‪.‬‬
‫فالناس يريدون أن يكون تعيين أولي األمر فيهم عن طريق االنتخاب ال التعيين "‪ .‬كما‬
‫أن التوسع في األخذ بمذهب التدخل‪ ،‬ونتيجة ضغط العمل وكثرة الوظائف‪ ،‬فقد وجدت‬
‫الدولة نفسها مضطرة إلى أن تبيح ألقاليمها أو مجالسها المحلية حق إدارة شئونها‪،‬‬
‫وتسيير المرافق العامة بها‪ .‬وال شك أن النظام الالمركزي في اإلدارة ‪ -‬بصفة عامة ‪-‬‬
‫يفوق بكثير النظام المركزي‪ ،‬وهو يعتبر النظام الديمقراطي‪ .‬حتى لقد قيل إن الديمقراطية‬
‫السياسية نظام أجوف إن لم تصاحبها الالمركزية اإلدارية (‪.)11‬‬
‫‪ -2‬ضروري إلدارة المرافق العامة؛ حيث استحالة إدارتها في الوقت الحاضر عن طريق‬
‫إصدار التعليمات أو النشرات أو اللوائح من أجهزة مركزية‪ ،‬مهما بلغت هذه اللوائح من‬
‫الدقة والتفصيل‪ ،‬وانما يجب إسناد إدارة هذه المرافق المحلية إلى أشخاص عارفين‬
‫بحاجات إقليمهم أكثر من الموظف الحكومي الغريب عنها (‪.)12‬‬
‫‪ -3‬نظام ديمقراطي يشبه إلى حد ما نظام الحكومة الديمقراطية؛ ألن كال النظامين‬
‫يهدف إلى إسهام الشعب في تصريف شئونه‪ .‬وبذلك نجد أن النظام الالمركزي يجعل‬
‫رقابة الشعب قريبة ومباشرة في المسائل المحلية‪ ،‬فتكون هذه الرقابة أقوى مفعوالً وأكثر‬
‫أنتاجاً من النظام المركزي‪.‬‬
‫حاسما على مستوى‬
‫ً‬ ‫وحال‬
‫يعا ً‬
‫عالجا سر ً‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬إنهاء المشاكل اليومية التي تستلزم‬
‫المسئولية‪ ،‬بمنع التردد أو اإلرجاء‪ ،‬واال تفاقم خطرها أن لم يحسم أمرها بسرعة‪ ،‬مما قد‬
‫يؤدي إلى حدوث تعقيدات‪ ،‬كان من الممكن تداركها في الوقت المالئم(‪.)13‬‬

‫‪(81) Costa –Jegouzo: L, Administration Française Face Aux Défies de La‬‬


‫‪Décentralisation, Ed.S.T.H, 1988, P 192.‬‬
‫(‪ )12‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫(‪ )13‬د‪ .‬محمد إبراهيم رمضان‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪622‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫‪ -2‬تعميم النص في اللوائح أو التعليمات‪ ،‬أو عدم مطابقتها الحرفية لبعض الظروف‬
‫واألوضاع المحلية‪ ،‬يترتب عليه تعقيدات في الجهاز اإلداري‪ ،‬وصعوبة التفسير‪ ،‬أو‬
‫تكرار الرجوع إلى القيادات العليا‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إلى تعطيل سير المرافق العامة‪.‬‬
‫‪ -6‬يرتفع بممثلي المجالس المحلية بموقع المسئولية‪ ،‬الذي يتيح لهم إبداء رأيهم دون ما‬
‫خوف أو تردد من أن هذا ال يرضي رؤساءهم‪ .‬فشعور ممثلي المجالس المحلية‬
‫باالطمئنان يجعلهم دائما إيجابيين أثناء المناقشة‪ ،‬دون االلتزام بالنصوص الجامدة‬
‫للتعليمات‪ ،‬كما هو الشأن في النظام المركزي (‪.)11‬‬
‫‪ -1‬يفتح المجال أمام اإلدارة لتجارب أفضل فتقوم اإلدارة ‪ -‬مثالً ‪ -‬بإجراء تجارب على‬
‫مستوى القرية المحدودة أو المدينة‪ .‬فإذا فشلت هذه التجربة‪ ،‬فإن اإلدارة ال تضار من‬
‫ومحدودا بنطاق‬
‫ً‬ ‫جراء ذلك ألن الضرر المترتب على هذا الفشل سوف يكون بسيطًا‬
‫نجاحا أمكن لإلدارة تطبيقها‪ ،‬ليس في‬
‫ً‬ ‫إقليمي ال يتعداه‪ .‬واذا ما صادفت التجربة‬
‫المستوى اإلقليمي الذي نشأت هذه التجربة من أجله وألجله‪ ،‬وانما على مستوى جميع‬
‫أقاليم الدولة (‪.)12‬‬
‫‪ -1‬الالمركزية أقدر على مواجهة األزمات األمنية والكوارث من المركزية‪ ،‬فإذا ما حدث‬
‫وباء وأنتشر في دولة تأخذ بأسلوب المركزية‪ ،‬فقد تنهار الحكومة المركزية في العاصمة‪،‬‬
‫أو تنقطع وسائل اتصالها بممثليها في األقاليم‪ ،‬مما يؤدي إلى كارثة شاملة‪ .‬على أنه في‬
‫النظم التي تتبع أسلوب الالمركزية تستطيع الجهات المحلية مواجهة الموقف‪ ،‬دون‬
‫االعتماد الكامل على الحكومة المركزية (‪.)16‬‬
‫مثالب النظام الالمركزي‪:‬‬
‫أعضاء الهيئات الالمركزية قليلو الخبرة والمهارة؛ وذلك ألن عدد أعضائها قليل‬ ‫‪-1‬‬
‫ال يسمح بإقامة معهد لتدريبهم وتأهيلهم‪ .‬ولكن يمكن تالفي هذا العيب عن طريق تعيين‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬مصطفي عفيفي‪ :‬النظام القانوني لإلدارة المحلية في مصر والدول األجنبية‪ ،‬بين المركزية‬
‫والالمركزية اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )12‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق‪.216،‬‬
‫(‪ )16‬د‪ .‬سامى جمال الدين‪ :‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.202‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫حاليا في تكوين مجالس المحافظات والمدن‬


‫األعضاء الفنيين األكفاء‪ ،‬كما هو متبع ً‬
‫والقرى (‪.)11‬‬
‫تطبيق الالمركزية يترتب عليه تفتيت اإلدارة والنيل من القدر الضروري للوحدة‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلدارية في الدولة‪ ،‬أي أن هذا النظام بما يقوم عليه من خلق مجموعة من الوحدات‬
‫اإلدارية المستقلة داخل الدولة يهدد وحدة الدولة السياسية والقانونية‪ ،‬مما قد يكون سبباً‬
‫في تمزيق وحدة سلطتها العامة (‪ .)11‬ولكن يمكن الرد على ذلك العيب بأنه غير حقيقي‬
‫فلم يحدث أي تهديد حقيقي لوحدة الدولة السياسية أو القانونية كما تخوف البعض‪.‬‬
‫ويوجد فارق جوهري بين الالمركزية اإلدارية والالمركزية السياسية؛ حيث أن األولى‬
‫تتصل بتوزيع الوظيفة اإلدارية دون الوظائف األخرى التشريعية والقضائية‪ ،‬التي تظل ‪-‬‬
‫رغم اعتناق النظام الالمركزي ‪ -‬موحدة ومتجانسة‪ ،‬وينعقد االختصاص بها للسلطات‬
‫المركزية المستقرة بالعاصمة‪ .‬كذلك ال يعقل أن يكون توزيع الوظيفة اإلدارية داخل حدود‬
‫تهديدا لوحدة الدولة وتجانسها‪ .‬فالنظام‬
‫ً‬ ‫الدولة طبقاً للنظام الالمركزي‪ ،‬مما يعني‬
‫الالمركزي ال يمنع من األخذ بالنظام األصيل‪ ،‬وهوالنظام المركزي في مجاالت متعددة‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك أن الهيئات المحلية تكون خاضعة في مباشرة اختصاصاتها لرقابة‬
‫الهيئات المركزية (‪.)19‬‬
‫يؤدي النظام الالمركزي إلى تقديم األفراد مصالحهم الشخصية على الصالح‬ ‫‪-3‬‬
‫العرف والعادات المرعية‪،‬‬
‫وغالبا ما تسير الهيئات المحلية وفق ما تصالح عليه ُ‬
‫ً‬ ‫العام‪.‬‬
‫وتنفيذ إرادة الشعب‪ ،‬ولو خالفت في ذلك القانون والنظام العام‪ .‬ولكن يمكن عالج ذلك‬

‫‪(87) Trrazzoni: La Décentralisation A L, Epreuve des Faits, L.G.D..J, 1987,‬‬


‫‪P.120.‬‬
‫‪(88) Costa-Jegouzo: L, Administration Française Face Aux Défies de La‬‬
‫‪Décentralisation, op.cit., P 192.‬‬
‫(‪ )19‬أ‪ /‬كمال نور اهلل‪ :‬الالمركزية من اجل التنمية القومية والمحلية‪ ،‬موسوعة الحكم المحلى‪ ،‬جامعة‬
‫الدول العربية‪ ،‬المنظمة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬القاهرة‪ ،1911 ،‬ص‪.111‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫عن طريق الرقابة (الوصاية اإلدارية)‪ ،‬التي يجب أن تباشرها السلطات المركزية على‬
‫الهيئات المحلية‪ .‬وبذلك يوضع حد لإلسراف وتحد من خطر الالمركزية (‪.)90‬‬
‫ومما سبق عرضه عن المركزية والالمركزية‪ ،‬أرى ضرورة التوسع في األخذ بنظام‬
‫الالمركزية اإلدارية الذي ُيبنى على االنتخاب في جمهورية مصر العربية‪ .‬حتى يتسنى‬
‫للمحكومين رقابة حكامهم ومحاسبتهم‪ ،‬والحد من الفساد اإلداري في المحليات (‪ ،)91‬الذي‬
‫قد بلغ ذروته في مصر‪ .‬مما دعا إلى القول بأن " الفساد في المحليات للركب "‪ " .‬فقد‬
‫بلغ حجم الفساد في المحليات طبقاً لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عام ‪– 2001‬‬
‫حيث بلغ ‪ 390‬مليون جنيهاً"(‪.)92‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫دور رؤساء البلديات في ظل أسلوبي التنظيم اإلداري‬
‫يختلف دور رئيس البلدية من دولة إلى أخرى حسب أسلــوب تنظيمها اإلداري‪،‬‬
‫وبذلك يختلف دوره ومدى مشاركته في تنمية المجتمع تبعاً لذلك؛ فنجد أن دوره أكثر نفعاً‬
‫في الدول التي تأخذ بالنظام الالمركزى على حين يكون دوره أقل نفعاً في الدول التي‬
‫تأخذ بالنظام المركزي(‪.)93‬‬

‫(‪ )90‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Bernard Gournay: Introduction A La Science Administrative, 2 Edition, Paris,‬‬
‫‪1970, P.127 Et Suive.‬‬
‫(‪ )91‬أ‪ /‬نفيسة على عبد العال‪ :‬الفساد اإلداري في مصر وطرق إصالحه حتى نهاية عصر الدولة‬
‫الحديثة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،2002 ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )92‬األستاذ‪ /‬أشرف عبد الفتاح‪ :‬مافيا الفساد تطيح بخطط التنمية‪،‬مقال منشور بجريدة األهرام‪ ،‬العدد‬
‫‪ 1112‬السنة ‪ ،131‬السبت ‪ 21‬أكتوبر ‪ ،2009‬ص‪.22‬‬
‫‪(93) - Andre de L’aubader: Traite de droit administratif, Septième Edition,‬‬
‫‪Tome 1, Paris. 1976, P. 90 Et Suive.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Charles Eisenmann: Centralisation et Décentralisation, Thèse, Pares,‬‬
‫‪édition L.G.D.J, 1948.P.50 Et Suive‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Franceis – Paul Benoit: Le Droit Administratif. Français, Ed. Dalloz,‬‬
‫‪Paris, 1968, P129 Et Suive.‬‬

‫‪226‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫ويعتبر العمل الديمقراطي المحلى الذي عرفته بلدان العالم مستمر في جهوده نحو‬
‫الحرية‪ ،‬واسعاد الشعوب المحلية رغم صعوبة الهدف وضخامة كم وكيف المصاعب‬
‫(‪)91‬‬
‫وسوف نفصل ما أجملناه في هذا المبحث في المطلبين التاليين‪:‬‬ ‫التي يواجهها‬
‫المطلب األول‪ :‬دور رئيس البلدية في دول الالمركزية اإلدارية(المملكة المتحدة– فرنسا)‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور رئيس البلدية في دول المركزية اإلدارية (جمهورية مصر العربية)‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪Louis Trotabas, Paul Isoart: Manuel de Droit Public et Administratif, 20‬‬
‫‪e édition, L.G.D.J, Paris, 1982, P97 Et Suive.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Maurice, Hauriou: Précis de Droit Administratif. et Droit Public, Onzième‬‬
‫‪Edition, Paris, 1927, P.44 Rt Suive.‬‬
‫وبصفة خاصة كل من‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد حافظ نجم‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،1911 ،‬‬
‫ص‪ 121‬وما بعدها‪ ،‬دد‪ .‬توفيق شحاته‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫دار النشر للجامعات المصرية القاهرة‪ ،1923 – 1922 ،‬ص‪ ،11‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬سليمان‬
‫الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬طبعة ‪ ،1911‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 11‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬طعيمة‬
‫الجرف‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1911‬ص‪ 262‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬عثمان‬
‫خليل‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪ 102‬وما بعدها‪ .‬ومؤلفه في الكتاب األول اإلدارة العامة وتنظيمها‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1920‬ص‪ 102‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ :‬دروس‬
‫في نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفي البابى الحلبى وأوالًده‪ ،‬القاهرة ‪- 1929‬‬
‫‪ 1960‬ص‪ ،36‬وما بعدها‪ ،‬ومقاله عن نظرية الالمركزية اإلقليمية‪ ،‬والمنشور بمجلة العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬يناير ‪ ،1966‬ص‪ 39‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬محمد الشافعى أبو رأس‪ :‬القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مكتبة النصر بالزقازيق‪ ،1911 ،‬ص‪ 260‬وما بعدها‪،‬‬
‫(‪ )91‬د‪ .‬محمد زهير جرانة‪ :‬القانون اإلداري المصري‪ ،‬مكتبة عبد اهلل سيد وهبه‪ ،‬القاهرة‪،1911 ،‬‬
‫ص‪ ،13‬د‪ .‬محمد فؤاد مهنا‪ :‬القانون اإلداري العربى في ظل النظام االشتراكى الديمقراطى‬
‫التعاونى‪ ،‬الطبعة الثأنية‪ ،‬دار المعارف‪ 1962 ،‬ص‪ 119 ،‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬محمود عاطف البنا‪:‬‬
‫نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ 1961 ،‬ص‪ 13‬وما بعدها‪.‬‬
‫ومؤلفه الوسيط في القانون اإلداري دار الفكر العربى‪ ،‬القاهرة ‪ ،1911‬ص‪ 113‬وما بعدها‪،‬‬
‫د‪ .‬وحيد فكرى رأفت‪ :‬مذكرات في القانون اإلداري‪ ،‬مطبعة العلوم‪ 1931 – 1913 ،‬ص‪226‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫المطلب األول‬
‫دور رئيس البلدية في دول الالمركزية اإلدارية‬
‫( المملكة المتحدة وفرنسا)‬
‫تعتبر كل من المملكة المتحدة وفرنسا هما المثال التقليدي لتطبيق نظام الالمركزية‬
‫اإلدارية القائمة على اإلنتخاب في إدارة البلديات‪ ،‬ويعتبر رئيس البلدية‪ -‬في ظل النظام‬
‫الالمركزي‪ -‬سلطة محلية لذلك يتمتع بقدر من االستقالل في مباشرة أعمال وظيفته(‪.)92‬‬
‫ومعظم دول العالم المعاصر تدمغ نظام رؤساء البلديات بالطابع الالمركزي؛ وذلك‬
‫(‪)96‬‬
‫لقناعة تلك الدول بأن األخذ بهذا األسلوب من مقتضيات الديمقراطية السليمة ‪ .‬فضالً‬
‫عن أن وجود وحدات إدارية‪ .‬واالعتراف بمصالح محلية تهم أهل اإلقليم أو الوحدة‬
‫المحلية‪ ،‬يتطل ب قيام سلطات محلية تتولى أمر رعاية هذه المصالح‪ ،‬وتكون أقدر على‬
‫القيام بالمهام المحلية على نحو أفضل‪ ،‬لذلك نجد أن دول الالمركزية اإلدارية‪-‬‬
‫وخصوصا الغربية منها‪ -‬أصدرت للعمدة التشريعات التي تساعده على القيام بمسئولياته‪،‬‬
‫وأعطته سلطات أوسع‪ .‬وكان من نصيبه في كل من فرنسا وانجلت ار رئاسته للمجلس‬
‫البلدي‪ ،‬كما أعطته حرية العمل والتطوير بعيدا عن السلطة المركزية(‪ .)91‬إن أهمية دور‬
‫رئيس البلدية في بالد الالمركزية اإلدارية لم تأت من فراغ؛ ذلك ألن النظام الالمركزي‬
‫اإلداري يعمل على خلق عدد من األشخاص اإلدارية العامة بجانب الدولة‪ ،‬تتخصص‬
‫في إدارتها مجالس تتشكل في مجموعها‪ -‬أو أغلبها‪ -‬من أعضاء منتخبين‪ ،‬في‬
‫المستويات المحلية المختلفة‪ .‬وهو ما يعني كفالة إشراك المواطنين في إدارة مرافقهم‬
‫المحلية‪ .‬فضالً عن أن النظام الالمركزي له شقان‪ :‬أحدهما‪ :‬قانوني‪ ،‬يتمثل في ظاهرة‬
‫تفتيت التركيز اإلداري في الدول المعاصرة‪ .‬واآلخر‪ :‬سياسي يتمثل فيما تقوم عليه‬
‫الالمركزية من توسيع لمفهوم الديمقراطية‪ .‬حيث تنتقل سلطة التقرير النهائي في الشئون‬

‫(‪ )92‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪ 122 ،‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫(‪ )96‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )91‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،1991 ،‬ص‪ 10‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫العامة إلى هيئات محلية منتخبة تكون تطبيقًا عملياً لمعنى ما أسهمه الشعب في تحمل‬
‫مسئولياته(‪ .)91‬فاالهتمام باالنتخابات المحلية يبلغ ذروته؛ بالنظر إلى اعتبار الحكم‬
‫المحلي مدرسة سياسية توصل إلى المستويات األعلى‪ ،‬وحتى المستوى القومي (‪ .)99‬وفى‬
‫هذا النظام يشمل منصب العمدة الصفتين التمثيلية والتنفيذية‪ ،‬فهو يمثل البلدية بصفته‬
‫رئيس المجلس البلدي المنتخب‪ ،‬وفى ذات الوقت يمثل الدولة في بعض الجوانب‬
‫الخاصة أهمها الحفاظ على مصالح األمن القومي وتنفيذ القوانين واللوائح وهو المسئول‬
‫عن النظام العام بمضمونه الشامل في نطاق البلدية باإلضافة أن أعمال وظيفته تتمتع‬
‫باالستقاللية‪ ،‬وفى هذا النظام يوجد منصب العمدة في كل من القرية والمدينة على حد‬
‫السواء‪.‬وسوف يتم تفصيل ما أجملناه في الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شمول منصب رئيس البلدية على الصفتين التنفيذية والتمثيلية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬استقالل رئيس البلدية في أعماله الوظيفية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬وجود منصب رئيس البلدية في كل من القرية والمدينة على حد سواء‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫شمول منصب رئيس البلدية على الصفتين التنفيذية والتمثيلية‬
‫في دول الالمركزية اإلدارية تشمل مهام العمدة على الصفتين التنفيذية والتمثيلية‬
‫وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أولا‪ :‬الصفة التنفيذية لرئيس البلدية‪:‬‬
‫رئيس البلدية في بالد الالمركزية هو الشخص الرئيسي في هيكل نظام الحكم‬
‫المحلي الذي تلتقي عنده عدة عمليات؛ هي‪ :‬اإلعداد‪ ،‬والتقرير‪ ،‬والتنفيذ‪ ،‬والمتابعة؛‬
‫باعتباره عضو المجلس المحلي ورئيسه في الوقت ذاته (‪ ،)100‬مع مراعاة أن عمد إنجلت ار‬

‫(‪ )91‬د‪ .‬طعيمة الجرف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬طبعة ‪ ،1911‬ص‪263 - 262‬‬


‫(‪ )99‬د‪ .‬صالح صادق‪ :‬الحكم المحلى في فرنسا‪ ،‬موسوعة الحكم المحلى‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المنظمة‬
‫العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬القاهرة ‪ 1911‬ص‪.113‬‬
‫‪(100) Rivero Jean: Le Maire Exécuteur des Délibérations Du Conseil‬‬
‫‪Municipal, Revue Critique de Législation Et de Jurisprudence, Tome VII,‬‬
‫‪Paris, P 535 Et Suive.‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫دورهم اجتماعي شرفي إلى حد ما‪ ،‬باستثناء عمدة لندن فدوره تنفيذي؛ حيث إنه يجمع‬
‫تلك المراحل ويتابع ت نفيذها‪ .‬وفي ضوء ذلك فإن على رئيس البلدية العمل في شراكة مع‬
‫المجلس المحلي سواء في وضع السياسة العامة‪ ،‬أو في توجيه وادارة العاملين تحت‬
‫رئاسته لتنفيذ هذه السياسة(‪.)101‬‬
‫وال يكون رئيس البلدية مسئوالً عن تنفيذ ق اررات المجلس البلدي فقط‪ ،‬بل عليه تنفيذ‬
‫األنشطة والمهام التي تعهد إليه بها الحكومة المركزية؛ باعتباره ممثالً لها في نطاق‬
‫المجلس البلدي‪ ،‬أي جمعه بين السلطتين المركزية والالمركزية‪.‬‬
‫وهذه العالقة تثير تساوالً عما إذا كان رئيس البلدية يعد مسئوالً أمام المجلس المحلي‬
‫أم أمام الحكومة المركزية‪ ،‬واإلجابة على هذا التساؤل تتوقف إلى حد بعيد على مدى‬
‫وضع الحكم المحلي وديمقراطيته في دول الالمركزية اإلدارية‪ ،‬وكذلك على طبيعة دور‬
‫العمدة‪.‬‬
‫ومن أهم وظائف رئيس البلدية ‪ -‬باعتباره ممثالً للحكومة المركزية ‪ -‬هي وظيفة‬
‫حفظ األمن‪ ،‬والعمل على منع الجريمة في نطاق دائرته‪ .‬فهو في أوقات كثيرة يقوم‬
‫بإصدار تعليمات تتعلق بالحفاظ على النظام العام بمدلوله الشامل (األمن عام ‪ -‬الصحة‬
‫العامة – السكينة عامة)‪ .‬والعمدة في هذه الحالة مسئول أمام رؤسائه في الحكومة‬
‫المركزية‪ ،‬ويعمل تحت إشرافهم‪ ،‬وليس للمجلس المحلي الحق في التدخل في هذه‬
‫األنشطة التي يقوم بها لحساب الحكومة المركزية (‪.)102‬‬

‫ثانيا‪ :‬الصفة التمثيلية لرئيس البلدية‪:‬‬


‫يتولى رئيس البلدية منصبه عن طريق االنتخاب؛ لذلك فهو ينوب عن مواطني‬
‫دائرته في تحقيق طلباتهم لدى المجلس المحلي‪ ،‬والجهات الرسمية في الدولة‪ .‬كما أنه‬
‫"يمثل وحدته المحلية أمام القضاء والغير‪ ،‬وبصفة خاصة في إبرام التعاقدات‪ ،‬والدفاع‬
‫عنها في الدعاوى التي ترفع عليها والمطالبة بحقوقها لدى الغير‪ ،‬وما إلى ذلك من‬

‫(‪ )101‬د‪ .‬مصطفي أبوزيد فهمى‪ :‬نظام اإلدارة المحلية في القانون المقارن‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية السنة‬
‫الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو ‪ 1961‬ص‪.123 ،119‬‬
‫(‪ )102‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة ص‪ 13‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫موضوعات"(‪ .)103‬وتجدر المالحظة أنه إذا كان العمدة يتقلد منصبه– كعضو ورئيس‬
‫للمجلس المحلي عن طريق االنتخاب– سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة‪ ،‬بواسطة ناخبي‬
‫الوحدة المحلية‪ ،‬كما هو الحال في معظم الواليات األمريكية واليابان والفلبين وكندا‪،‬‬
‫وبعض مقاطعات ألمانيا االتحادية‪ .‬أو بطريق غير مباشر بواسطة أعضاء المجلس‬
‫البلدي أنفسهم‪ ،‬كما هو الحال في فرنسا وانجلت ار وايطاليا والجزائر وبلجيكا‪ ،‬فال يوجد‬
‫تعارض بين عضوية المجلس المحلي ورئاسته‪ ،‬وعضوية المجالس النيابية األخرى(‪.)101‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫استقالل ئيس البلدية في مباشرة أعماله ومظاهر الرقابة عليه‬
‫يعتبر استقالل الهيئات الالمركزية ركنا من أركان النظام الالمركزي‪ .‬وباعتبار‬
‫العمدة‪ -‬في ظل النظام الالمركزي‪ -‬سلطة محلية لذلك يتمتع بقدر من االستقالل في‬
‫مباشرة أعمال وظيفته‪ .‬إال أنه يخضع لسلطة الوصاية اإلدارية التي تمارسها السلطة‬
‫المركزية على شخص العمدة وأعماله‪ .‬وسوف يتم توضيح ذلك فيما يلى‪:‬‬
‫أولا – مضمون استقالل رئيس البلدية‪:‬‬
‫‪ - 1‬استقالل الهيئات المحلية عن السلطة المركزية‪:‬‬
‫تستقل الهيئات المحلية في ممارسة نشاطها في النطاق المحدد لها (‪ ،)102‬وشرط‬
‫استقالل هذه الهيئات يقتضي أال ترتبط بالسلطة المركزية برابطة التبعية اإلدارية‪،‬‬

‫(‪ )103‬األستاذ صبحى محرم و د‪ .‬فتح اهلل الخطيب‪ :‬اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلى‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1910 ،‬ص‪.112 – 111‬‬
‫(‪ )101‬د‪ .‬مصطفي أبوزيد فهمى‪ :‬نظام اإلدارة المحلية في القانون المقارن‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية السنة‬
‫الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو ‪ 1961‬ص‪ 123 ،119‬وبحث أ‪ /‬ربيع السعداوى‪ :‬الحكم المحلى في‬
‫اليابان‪ ،‬موسوعة الحكم المحلى‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬المنظمة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬القاهرة‪ ،1911 ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )102‬د‪ .‬عادل محمود حمدى‪ :‬االتجاهات المعاصرة في نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬حقوق‬
‫عين شمس‪ ،1913 ،‬دار الفكر العربى‪ ،‬ص‪ ،109‬د‪ .‬محمد نور الدين عبد الرازق‪ :‬استقالل‬
‫اإلدارة المحلية في مصر والقانون المقارن‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬حقوق اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،1911‬ص‪.31‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫والخضوع للسلطة الرئاسية‪ ،‬واال تحولت إلى مجرد فروع للحكومة المركزية(‪ ،)106‬ولما‬
‫كان رئيس البلدية في ظل النظام الالمركزي سلطة محلية ال مركزية‪ ،‬فإنه يجب أن‬
‫يمارس وظائفه واختصاصاته بشىء من االستقالل عن الحكومة المركزية‪ .‬وهذا معناه‬
‫عدم الخضوع لنظام السلم اإلداري والسلطة الرئاسية‪ ،‬ومن ثم عدم ارتباطه بها برابطة‬
‫التبعية والخضوع‪ ،‬فال يأتمر بأوامرها وال يعد عامال من عمالها(‪.)101‬‬

‫‪ -1‬عالقة رئيس البلدية بالسلطة المركزية‪:‬‬


‫يعتبر رئيس البلدية سلطة محلية غير مركزية‪ .‬وبناء على ذلك ال يحق للسلطة‬
‫المركزية أن تصدر للعمدة أوامر أو تعليمات إال في حدود القوانين واللوائح بصفته عامل‬
‫التنفيذ في الدائرة البلدية ومسئول عن حفظ النظام العام بمضمونه الشامل‪ ،‬غير ذلك‬
‫ليس لها سلطة على األعمال التي يقوم بها؛ أي ليس لها الحق في إجازتها أو تعديلها أو‬
‫إبطالها‪ ،‬أو الحلول محل رئيس البلدية للقيام بهذه األعمال‪ ،‬إال بالقدر الذي تقتضيه‬
‫سلطة الوصاية؛ ذلك ألن منطق الوصاية يقف عند حد الرقابة القانونية‪ ،‬ويقتصر على‬
‫الموافقة على األمر المعروض كله‪ ،‬أو رفضه كله دون تعديل فيه‪ .‬كما أن الرقابة تطبق‬
‫فقط على الق اررات التي حددها المشرع على سبيل الحصر‪ ،‬فضالً عن أن الرقابة تأتي‬
‫الحقة لألعمال (‪.)101‬‬

‫‪ -3‬حدود استقالل رئيس البلدية وارتباطه بالسلطة المركزية‪:‬‬

‫(‪ )106‬د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ :‬نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫المحلى‪،‬‬ ‫(‪ )101‬األستاذ صبحى محرم ود‪ .‬فتح اهلل الخطيب‪ :‬اتجاهات معاصرة في نظام الحكم‬
‫المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫(‪ )101‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬القاهرة‪ ،1916 ،‬ص‪ 99‬ودروس في نظم اإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .26‬ومقاله عن الالمركزية اإلقليمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،63‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ :‬نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .12‬والوسيط في القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 112‬وما بعدها‪ ،‬أ‪ /‬صبحى محرم و د‪ .‬محمد فتح اهلل الخطيب‪:‬‬
‫اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1910 ،‬ص‪،121‬‬
‫د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬النظام القانوني للعمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫بالرغم من أن استقالل رئيس البلدية يقتضي عدم خضوعه للسلطة المركزية خضوع‬
‫المرؤوس لرئيسه‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني االستقالل التام والمطلق‪ ،‬وانما يلزم على العكس‬
‫خضوع رئيس البلدية لنوع من الرقابة واإلشراف من جانب السلطة المركزية؛ حرص ًا على‬
‫حماية المصلحة العامة القومية‪ ،‬التي تمثلها هذه السلطة المركزية‪ .‬ذلك أن المقصود هو‬
‫االستقالل وليس االنفصال‪ ،‬فالسلطة اإلدارية المحلية الالمركزية ليست إال قطاعا من‬
‫الجهاز اإلداري العام للدولة‪ ،‬تقوم بجزء من الوظيفة اإلدارية؛ لتخفيف العبء الذي يثقل‬
‫كاهل السلطة المركزية في الدولة الحديثة‪ .‬لذلك فإن السلطة المحلية تخضع لرقابة‬
‫السلطة المركزية رقابة إدارية‪ ،‬وتعتبر هذه الرقابة أو الوصاية قيدا يرد على االستقالل‪،‬‬
‫استثناء يرد على األصل (‪.)109‬‬
‫ً‬ ‫أي‬
‫ثانيا‪ -‬مظاهر الرقابة على رئيس البلدية‪:‬‬
‫ا‬
‫تملك السلطة المركزية عن طريق ممثليها سلطات تمارسها على شخص العمدة‬
‫وعلى أعماله؛ تتمثل في الرقابة أو الوصاية اإلدارية كما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬الرقابة أو الوصاية على شخص رئيس البلدية‪:‬‬
‫ومن صور هذه الرقابة ما تقوم بإجرائه بعض الحكومات المركزية من حق تعيين‬
‫أعضاء المجالس المحلية‪ -‬رغم استقاللها‪ -‬دون أن يترتب على هذا الحق إهدار للصفة‬
‫الالمركزية؛ طالما كانت األغلبية لألعضاء المنتخبين(‪ .)110‬كذلك حق عزل رئيس البلدية‬
‫أو وقفه عن العمل لفترة محددة‪ ،‬وذلك في حاالت؛ مثل‪ :‬فقد الثقة واالعتبار اللذين‬
‫انتخب رئيس البلدية على أساسهما‪ ،‬أو التغيب عن حضور عدد معين من الجلسات‬
‫دون عذر مقبول‪ ،‬أو التعاقد بالذات أو بالوساطة دون موافقة السلطة المركزية المختصة‪.‬‬
‫وتقوم السلطة المركزية بهذا النوع من الرقابة؛ طبقاً للشروط واألسباب التي يقررها‬

‫(‪ )109‬د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ :‬نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬المرجع السابق ص‪ .31 ،‬والوسيط في القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬المرجع السابق ص‪ ،132‬د‪ .‬محمد الشافعى أبو رأس‪ :‬الوصايا اإلدارية على الهيئات‬
‫الالمركزية‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة ‪ ،1916‬ص‪ ،11‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬الوجيز في القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫(‪ )110‬د‪ .‬عادل محمود حمدى‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.169‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫القانون(‪ .)111‬ويكون قرار العزل نوعا من العقوبة على تصرفات رئيس البلدية وفي كثير‬
‫من األحيان يصدر المجلس البلدي نفسه قرار العزل‪ ،‬وتصدق عليه الحكومة المركزية‪.‬‬
‫وفي النظام الفرنسي ال يعزل رئيس البلدية إال بمرسوم صادر من مجلس الوزراء(‪.)112‬‬
‫وجدير بالذكر أن مجازاة الحكومة المركزية لرئيس البلدية ليس مرده السلطة‬
‫الرئاسية‪ ،‬وانما مرده سلطة الرقابة‪ ،‬أو الوصاية اإلدارية على رئيس البلدية(‪.)113‬‬
‫‪ - 1‬الرقابة أو الوصاية على أعمال رئيس البلدية‪:‬‬
‫يمنح القانون سلطة الوصاية اإلدارية اختصاصات تقوم بممارستها في مواجهة‬
‫أعمال المجالس البلدية‪ .‬ورئيس البلدية بصفته عضو المجلس البلدي ورئيسه يشارك في‬
‫أعمال تلك المجالس ويقوم بتنفيذها؛ لذلك يخضع لسلطة الوصاية فيما يتعلق باألنشطة‬
‫التي يقوم بتنفيذها‪ ،‬وذلك بهدف التأكد من مشروعية تلك األعمال‪ .‬وتتخذ سلطة الوصاية‬
‫عددا من الصور يمكن عرضها فيما يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬سلطة التصديق ‪:L, approbation‬‬
‫ويقتضي ذلك أن تقوم سلطة الوصاية بالتصديق على ق اررات رئيس البلدية ؛ للتأكد‬
‫من مطابقتها للقوانين واللوائح‪ ،‬وعدم مخالفتها المصلحة القومية(‪ .)111‬ويجب النص‬
‫صراحة في قوانين اإلدارة المحلية على الحاالت التي يجب فيها خضوع ق اررات رئيس‬
‫البلدية للتصديق؛ وذلك باعتباره وسيلة استثنائية‪ ،‬ال تتقرر إال بنص قانوني‪ ،‬كما أن‬
‫التصديق ال يكون جزئياً‪ ،‬أي ال يجوز أن توافق على جزء من القرار‪ ،‬وترفض الموافقة‬
‫على الجزء الباقى؛ ألن ذلك يعد تعديالً لقرار رئيس البلدية‪ .‬وال يجوز لسلطة الوصاية أن‬
‫تضيف شيئا إلى القرار‪ .‬كما أنه ينبغي تحديد مدة زمنية معينة يجب على سلطة‬
‫الوصاية التصديق فيها على القرار‪ ،‬واال اعتبرت موافقتها عليه ضمنية‪ ،‬أو أن ترده إلى‬

‫(‪ )111‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق ص‪ ،210‬أ‪ /‬صبحى‬
‫محرم‪ ،‬ود‪ .‬محمد فتح اهلل الخطيب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫(‪ )112‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )113‬د‪ .‬طعيمة الجرف‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬طبعة ‪ ،1911‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫(‪ )111‬د‪ .‬محمد الشافعى أبو راس‪ :‬الوصاية اإلدارية على الهيئات الالمركزية‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.101‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫رئيس البلدية إلعادة النظر فيه‪ ،‬وفقاً للقواعد المحددة في القوانين؛ ذلك ألن القاعدة‬
‫األصلية في الرقابة على السلطات المحلية أن ق ارراتها تعد نافذة‪ ،‬إال في الحدود التي‬
‫(‪.)112‬‬
‫ومن أمثلة‬ ‫يخضعها القانون لرقابة التصديق‪ ،‬وهي استثناء من هذه القاعدة‬
‫الق اررات التي تخضع للتصديق من سلطة ال وصاية (المحافظ)‪ ،‬ق اررات العمدة البوليسية‬
‫في النظام الفرنسي(‪.)116‬‬
‫ب – سلطة اإللغاء ‪:Lannulation‬‬
‫يعتبر اإللغاء وسيلة ليست مطلقة‪ ،‬بل مقيدة بالغرض الذي تهدف إليه‪ ،‬وهو حماية‬
‫مشروعا غير متعارض مع‬
‫ً‬ ‫المشروعية والصالح العام‪ .‬فليس لسلطة الرقابة أن تلغي ق ار اًر‬
‫الصالح العام‪ ،‬وال أن تمتنع عن إلغاء قرار غير مشروع متعارض مع الصالح العام(‪.)111‬‬
‫متضمنا إلغاء جزء من القرار الخاضع‬
‫ً‬ ‫كذلك ال يجوز أن يكون قرار اإللغاء جزئياً‪ ،‬أي‬
‫لإللغاء‪ .‬فاإللغاء الجزئي يعني تعديل القرار الصادر من السلطة المحلية‪ ،‬والسلطة‬
‫المركزية صاحبة الحق في اإللغا ء‪ ،‬إال إذا كان القرار متضمنا عدة ق اررات‪ ،‬فيجوز إلغاء‬
‫البعض الذي يعد جزءا من القرار ذاته(‪.)111‬‬
‫ويتضح مما سبق أن قرار رئيس البلدية إذا كان متعارضاً مع القوانين واللوائح‬
‫والصالح العام‪ ،‬فيجب على سلطة الوصاية إلغاءه‪ .‬أما إذا كان ق ارره غير متعارض مع‬
‫القوانين والل وائح والصالح العام‪ ،‬فال يجوز للسلطة المركزية إلغاؤه‪ .‬وفي حالة اإللغاء‬
‫يزول بأثر رجعي ويصبح كأن لم يكن‪.‬‬

‫ج – سلطة إيقاف القرار ‪:Suspension‬‬

‫(‪ )112‬د‪.‬عادل محمود حمدى‪:‬رسالته السابقة‪،‬ص‪ ،111‬د‪.‬عبد المجيد سليمان‪:‬الوجيز في القانون‬


‫اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪.122،‬‬
‫‪(116) Rivero Jean: Droit Administratif, Dixième Edition, Dalloz, Paris, 1983 P.‬‬
‫‪423.‬‬
‫(‪ )111‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )111‬األستاذ‪ /‬صبحى محرم ود‪ .‬محمد فتح اهلل الخطيب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.162‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫إيقاف القرار صورة من صور الرقابة الوصائية على أعمال رئيس البلدية في النظام‬
‫متعارضا مع‬
‫ً‬ ‫الالمركزي؛ حيث يجوز لها إذا تبين أنه في ظاهره اعتداء على القانون‪ ،‬أو‬
‫اءا تمهيدي ًا لإللغاء‪ ،‬وال تمارس هذه السلطة إال في الق اررات‬
‫الصالح العام‪ ،‬وهو يعتبر إجر ً‬
‫التي تكون محال لإللغاء(‪ .)119‬ويحدد المشرع مدد اإليقاف التي يتم في خاللها إلغاء‬
‫القرار أو عدم إلغائه(‪ .)120‬وبذلك يجوز للسلطة الرقابية إيقاف تنفيذ قرار رئيس البلدية؛‬
‫إذا كان في ظاهرة اعتداء على القانون أو معارضة الصالح العام(‪.)121‬‬

‫د– الحلول ‪:Substitution‬‬


‫تتجلى مظاهر سلطة الوصاية اإلدارية في هذه الصورة من صور الرقابة على‬
‫أعمال رئيس البلدية‪ .‬ومؤدى ذلك أن تحل السلطة المركزية محل الهيئة المحلية في أداء‬
‫األعمال التي قصرت أو رفضت أداءها‪" )122(.‬وهذه الصورة استثنائية؛ حيث أنها مستمدة‬
‫من نص القانون‪ ،‬ال من طبيعة الرقابة أو الوصاية اإلدارية‪ .‬وينبنى على ذلك أنه ال‬
‫يجوز للسلطة المركزية مباشرة هذا االختصاص‪ ،‬إال بتوافر شرطين‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود نص صريح يوجب على رئيس البلدية القيام بعمل معين‪.‬‬
‫‪ -2‬دعوة السلطة المركزية رئيس البلدية إلى أداء هذا العمل‪ ،‬وامتنع عن أدائه"(‪.)123‬‬
‫وهنا يكون العقاب ضد المجلس المحلي برمته‪ ،‬دون أن يقتصر على أحد‬
‫أعضائه(‪ ،)121‬ومثال ذلك حلول المحافظ محل رئيس البلدية في النظام الفرنسي؛ إذا‬
‫أهمل أو امتنع عن تنفيذ العمل المكلف به قانونا(‪.)122‬‬

‫(‪ )119‬د‪ .‬عادل محمود حمدى‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.110‬‬


‫(‪ )120‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫(‪ )121‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ )122‬د‪ .‬عبدالمجيد سليمان‪:‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪،122‬‬
‫د‪.‬حسن حسين عبدالهادى شرف‪ :‬التفويض فى القانون اإلدارى‪ ،‬دراسة تطبيقية فى قطاع‬
‫الشرطة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الدراسات العليا أكاديمية الشرطة‪،1996 ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )123‬د‪ .‬محمود شريف‪ :‬الالمركزية ومستقبل اإلدارية المحلية فى مصر‪ ،‬مجلة مركز دراسات‬
‫واستشارات اإلدارة العامة‪ ،‬كلية السياسة واالقتصاد‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يناير ‪،2001‬‬
‫ص‪.21‬‬

‫‪226‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫الفرع الثالث‬
‫رئاسة البلدية فى كل من القرية والمدينة‬
‫في دول النظام الالمركزي؛ يتولى رئيس البلدية مجلس القرية والمدينة‪ ،‬حيث أن هذه‬
‫الدول غالباً ال تفرق بين الوحدتين‪ ،‬إذ يوجدان في مجموعة واحدة‪ ،‬مما أدى إلى التداخل‬
‫بينهما‪ ،‬على الرغم من الفارق في األهمية وعدد السكان‪ .‬األمر الذي يؤدي إلى صعوبة‬
‫وضع معيار محدد للتمييز بينهما‪ .‬خصوصا وأن القرى في الدول المتقدمة ال يقل‬
‫مستوى مرافقها وخدماتها عن مستوى المدينة‪ .‬ومن أمثلة هذه الدول إنجلت ار وفرنسا وذلك‬
‫كما يلى‪:‬‬

‫المملكة المتحدة ‪:United Kingdum‬‬ ‫‪-‬‬


‫ي وجد في إنجلت ار تداخل بين القرى والمدن‪ .‬يتمثل في أن المدن البلديـة‬
‫‪ Boroughs‬يمكنها أن تغير صفتها القانونية؛ عندما ترغب في االنضمام إلى إحدى‬
‫المراكز الريفية؛ نتيجة لصغر حجمها‪ ،‬أو لضعف مواردها المالية‪ .‬وتسمى عندئذ‬
‫بالمدينة الريفية‪ .‬وفي هذه الحالة تحتفظ هذه المدينة ‪ -‬في ثوبها الجديد ‪ -‬بشخصيتها‬
‫المعنوية‪ ،‬وبميثاقها الملكي‪ ،‬وبعمدتها ‪ Mayor‬وبأعضاء مجلسها‪ .‬كما أن القرى‬
‫الصغيرة ‪ Parishes‬لم تعد مقصورة على الجهات الريفية‪ ،‬بل صار تشكيل مجالسها‬
‫مشابهاً لمجالس المراكز‪ ،‬أو مجالس المدن‪ .‬وفي تلك الحالة يكون رئيس المجلس البلدي‬
‫هو عمدة المدينة(‪.)126‬‬

‫(‪ )121‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫(‪ )122‬د‪ .‬عادل محمود حمدى‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫‪(126) - Mark Garnett & Philip Lynch: As Uk Government &Politics, Eric‬‬
‫‪Magee, 2 nd Edition 2005.Chapter 2 P.20, 27, 29, 78,‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Stwart, John David: The Nature Of British Local Government, John‬‬
‫‪Stewart, Basingstoke. Macmillan, 2000, Shelfmark, Yc. 2003. A.‬‬
‫‪8277.British Library, P.21.‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫فرنسا ‪:France‬‬ ‫‪-‬‬


‫يطلق النظام الفرنسي على المدينة والقرية كلمة ‪ ،Commune‬ويجعل لها قانونا‬
‫واحداً هو قانون البلديات‪ ،‬ويخصها بمجلس بلدي من نمط واحد‪ ،‬ويكون العمدة ‪Le‬‬
‫‪ maire‬رئيساً له‪ .‬ومن هنا ال يفرق النظام الفرنسي بين المدينة والقرية‪ ،‬ويسودهما‬
‫وحدة التنظيم من الناحية العضوية والموضوعية‪ ،‬على الرغم من التفاوت الشديد بينهما‬
‫في عدد السكان والموارد المالية واإلمكانيات(‪.)121‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫دور رئيس البلدية في دول المركزية اإلدارية‬
‫(جمهورية مصر العربية)‬
‫توجد دول عديدة مازالت تدمغ المحليات وروساء البلديات بالطابع المركزي‪ ،‬ومن‬
‫هذه الدول التي تصنف بمركزية اإلدارة المحلية‪ ،‬جمهورية مصر العربية سواء في (القرية‬
‫أو الحي أو المركز أو المدينة أو المحافظة) ويعمل النظام المركزي على تركيز الوظيفة‬
‫اإلدارية في يد السلطة المركزية القابعة في عاصمة البالد؛ لتتولى كافة المرافق العامة‪،‬‬
‫سواء أكانت قومية أم محلية ‪ -‬بالرغم من نص الدستور المصري الحالي ‪ 2011‬في‬
‫المواد من (‪ 112‬حتى ‪ )113‬على تنظيم اإلدارة المحلية‪ ،‬حيث نصت المادة (‪)116‬‬
‫منه على أن (تكفل الدولة دعم الالمركزية اإلدارية والمالية واالقتصادية‪ ،‬وينظم القانون‬
‫وسائل تمكين الوحدات اإلدارية من توفير المرافق المحلية والنهوض بها‪ ،‬وحسن إدارتها‪،‬‬

‫د‪ .‬ظريف بطرس‪ :‬الحكم المحلى في إنجلترا‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬تجارة القاهرة‪ ،1966 ،‬ص‪،192‬‬
‫د‪ .‬صالح صادق‪ :‬الحكم المحلى في إنجلترا‪ ،‬موسوعة الحكم المحلى‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المنظمة‬
‫العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،1911 ،‬ص‪ ،221‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‬
‫ص‪ ،20‬د‪ .‬عبد المجيد سليمان‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬ج‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪(127) Charles Schmi: Le Maire de La Commune Rurle, Troisième Edition,‬‬
‫‪Paris, 1972, P.33. Et Suive.‬‬
‫د‪ .‬محمد عبد اهلل العربى ‪ :‬نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة التاسعة‬
‫والعشرون‪ ،‬يونيو ‪ ،1929‬ص‪ ،310‬د‪ .‬مصطفي أبوزيد فهمى‪ :‬نظام اإلدارة المحلية في القانون‬
‫المقارن‪،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،1961 ،‬ص ص ‪ .111 – 112‬و د‪ .‬عبد الرءوف‬
‫هاشم‪ :‬رسالته السابقة ص‪.20‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫ويحدد البرنامج الذمني لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات اإلدارة المحلية)(‪-)128‬‬
‫وتمارس هذه الوظيفة بواسطة موظفيها‪ ،‬الذين تعينهم في الو ازرات والمصالح واإلدارات‬
‫المتمركزة في عاصمة البالد‪ .‬وقد تستعين بموظفين‪ ،‬تعينهم في أفرع لها باألقاليم‪،‬‬
‫يخضعون لها خضوعاً رئاسياً(‪.)129‬‬
‫ورئيس البلدية (القرية) في النظام المركزي يسمى (عمدة القرية( وهو عامل من‬
‫عمال النظام المركزي؛ حيث يعتبر الرئيس اإلداري في القرية وهو قاعدة السلم اإلداري‪.‬‬
‫" وجدير بالذكر أن رئيس القرية (العمدة) فى مصر ال يعتبر سلطة ضبط إداري رغم‬
‫اعتباره سلطة ضبط قضائي‪ ،‬وذلك على عكس الحال في فرنسا حيث يعتبر سلطة‬
‫ضبط ادارى وسلطة ضبط قضائي في نفس الوقت"(‪ .)130‬ويسمى رئيس البلدية في الحي‬
‫(رئيس الحي) وفي المدينة (رئيس مجلس المدينة) وفي المحافظة (المحافظ) ومن أهم‬
‫سمات رئيس البلدية في النظام المركزي هو وحدة أسلوب العمل وخضوعه للتدرج‬
‫الرئاسي‪ .‬وسوف نتناول كال منهما في فرع مستقل فيما يلي‪.‬‬
‫الفرع األول‬

‫‪ -‬المادة ‪ 116‬من دستور مصر ‪.2011‬‬ ‫‪121‬‬

‫‪(129) - Andre de Laubadere: Traite de Droit Administratif Tome 1, Huitième‬‬


‫‪Edition 1980, P 89.Et Suive.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Charles Wiseman: Centralisation Et Décentralisation, Thèse, Paris,‬‬
‫‪Edition L.G.D.J, 1948.P.9 Et Suive.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Francis – Paul Benoit: Le Droit Administratif. éd. Dalloz, Paris, 1968,‬‬
‫‪P.129 Et Suive.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Louis Trotabas, Paul Isoart: Manuel de Droit Public Et Administratif, 20e‬‬
‫‪Edition L.G.D.J, Précis, 1982, P.97 et Suive.‬‬
‫د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق ص‪ ،210‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪:‬‬
‫رسالته السابقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫(‪ )130‬د‪ .‬عبد العليم عبد المجيد مشرف‪ :‬دور سلطات الضبط اإلداري في تحقيق النظام العام وأثره‬
‫على الحريات العامة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬فرع بنى‬
‫سويف‪ ،1991 ،‬ص‪.21‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫وحـــدة األسلــوب‬
‫يمكن عرض وحدة أسلوب العمل من خالل تعريف المقصود بها ثم نتبعها بطبيعة‬
‫عالقة رئيس البلدية بالسلطة المركزية والمراد من مركزية رئيس البلدية‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬المقصود بوحدة األسلوب‪:‬‬
‫يقصد بذلك أن جميع رؤساء البلديات (عمد البالد) في ظل النظام المركزي هم‬
‫ذات طبيعة عملية واحدة في كل القرى دون اختالف قرية عن أخرى‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬
‫رؤساء البلديات في ظل هذا النظام هم عمد للقرى حيث ال يوجد عمد للمدن على‬
‫خالف النظام الالمركزي‪ ،‬حيث توجد وظيفة العمدة في القرية والمدينة على حد‬
‫السواء(‪ .)131‬كذلك طريقة اختيارهم‪ ،‬وتعيينهم‪ ،‬وحدود سلطاتهم وتأديبهم‪ ،‬و طبيعة‬
‫عالقتهم مع السلطة المركزية‪ .‬وفي كل هذه المسائل وغيرها ال يجوز للعمدة في ظل هذا‬
‫النظام الخروج على مقتضى ما رسمته القواعد المنظمة‪ ،‬ومن ثم ضرورة الخضوع لها‪،‬‬
‫تأديبيا(‪.)132‬‬
‫ً‬ ‫وااللتزام بأوامر رئاسته اإلدارية‪ ،‬واال عوقب‬
‫‪ - 1‬طبيعة عالقة رئيس البلدية بالسلطة المركزية‪:‬‬
‫عاما‪ ،‬ومن ثم فإن طبيعة العالقة بينه‬
‫يعتبر رئيس البلدية (عمدة القرية) موظف ًا ً‬
‫وبين الدولة عالقة تنظيمية‪ ،‬كسائر الموظفين العموميين‪ .‬ويقصد بذلك أن رئيس البلدية‬
‫يستمد حقوقه وواجباته مباشرة من النصوص القانونية المنظمة للوظيفة‪ .‬فمثال‪ :‬قرار‬
‫تعيين رئيس البلدية ال ينشىء له مرك اًز ذاتياً خاصاً‪ ،‬وانما يسند إليه مرك از قانونيا عاما‪،‬‬
‫موجودا وسابقًا على قرار التعيين‪ .‬وهذا المركز يجوز تغييره في‬
‫ً‬ ‫حيث يكون هذا المركز‬
‫أي وقت؛ وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة‪ ،‬وحسن سير المرافق العامة(‪ .)133‬ويترتب‬
‫على ذلك أن كل قرار تتخذه اإلدارة بالمخالفة ألحكام وظيفة رئيس البلدية ال يعتبر‬
‫خروجا على عقد قائم‪ ،‬وال يثير منازعة عقدية‪ ،‬بل يعتبر ق ار اًر إدارياً معيباً‪ ،‬يجوز‬

‫(‪ )131‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.216‬‬


‫(‪ )132‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬دار الفكر العربى‪ ،‬القاهرة ‪،1919‬‬
‫ص‪.212‬‬
‫(‪ )133‬د‪ .‬محمد أنس جعفر‪ :‬مبادئ الوظيفة العامة وتطبيقها على التشريع الجزائرى‪ ،1912 ،‬ص‪.22‬‬
‫د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.216‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫المطالبة بإلغائه والتعويض عنه (‪ .)131‬وتنطبق هذه األحكام على جميع رؤساء البلديات‬
‫بال تمييز؛ باعتبارهم ذوي مراكز متماثلة (‪ .)132‬وكان االتجاه السائد فيما مضى أن‬
‫رابطة الموظف باإلدارة تعتبر رابطة تعاقدية‪ .‬فالموظف يستمد حقوقه وواجباته من‬
‫نصوص العقد مباشرة‪ .‬ولكن عدل حديثا عن هذا االتجاه وأصبح في عالقته باإلدارة في‬
‫(‪.)136‬‬
‫مركز تنظيمي أو قانوني‪ ،‬مرده إلى القوانين واللوائح‬
‫و تهدف الدول التي تأخذ بالنظام المركزي من وراء مركزية منصب رئيس البلدية‬
‫إحكام سيطرتها على كل أقاليم الدولة‪ ،‬حتى أصغر الوحدات اإلدارية بها‪ .‬وهذا يسهل‬
‫لها ضمان وسالمة النظام في الدولة‪ ،‬وعدم التفريط فيه‪ ،‬وبصفة خاصة المجال‬
‫األمني(‪.)131‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫تبعية رئيس البلدية للتدرج اإلداري‬
‫أولا‪ :‬موقع رئيس البلدية الوظيفي‪:‬‬
‫إن وظيفة رئيس البلدية (العمدة) في النظام المركزي وهي أول درجات السلم‬
‫الوظيفي؛ حيث يخضع الموظف األقل درجة للموظف األعلى درجة‪ ،‬حتى نصل إلى‬
‫قمة السلم اإلداري‪ ،‬أو ما يسمى بالهرم الوظيفي‪ ،‬الذي يكون في قمته الوزير في النظام‬
‫البرلمانى‪ ،‬ورئيس الجمهورية في النظام الرئاسي(‪ .)131‬واذا أخذنا بنظام التبعية في‬
‫العالقة بين رئيس القرية ورئاسته‪ ،‬فيجب خضوعه ألوامر رؤسائه‪ .‬وبذلك يتضح أن‬

‫(‪ )131‬د‪ .‬عبد الفتاح حسن‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬مكتبة الجالء الجديدة المنصورة‪،1919 ،‬‬
‫ص‪ .336‬ود‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.216‬‬
‫(‪ )132‬د‪ .‬عبد الفتاح حسن‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.216‬‬
‫(‪ )136‬د‪ .‬محمد عبد الحميد أبوزيد‪ :‬الطابع المحلى لنظام العمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )131‬د‪ .‬طعيمة الجرف‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،1912 ،‬ص‪.113‬‬
‫(‪ )131‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ :‬القانون اإلداري‪ ،1911 ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،93‬د‪ .‬محمود عاطف‬
‫البنا‪ :‬نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،21‬ومؤلفه الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪ ،123‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ :‬دروس في نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬المرجع السابق ص‪،33‬‬
‫د‪ .‬محمد أحمد الطيب هيكل‪ :‬السلطة الرئاسية بين الفاعلية والضمان‪ ،‬دراسة مقارنة بين القانون‬
‫اإلداري وعلم اإلدارة العامة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬حقوق عين شمس‪ ،1913 ،‬ص‪.12-11‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫عالقة التبعية والسلطة الرئاسية ليستا إال وجهين لعملة واحدة‪ .‬وعلى ذلك فإنه يوجد على‬
‫رأس الجهاز اإلداري في الدولة رئيس الجمهورية أو الوزير؛ حسب األحوال‪ ،‬ثم مديرو‬
‫المصالح والهيئات‪ .‬وفي الوحدات المحلية نجد المحافظين‪ ،‬ومديري األمن والمأمورين‪،‬‬
‫والعمد والمشايخ‪ ،‬وموظفي المصالح الحكومية (‪.)139‬‬
‫ثأني ا‪ -‬حدود السلطة الرئاسية على رئيس البلدية‪:‬‬
‫يتمتع الرئيس اإلداري في مواجهة مرؤوسيه بكثير من االختصاصات‪ ،‬من شأنها‬
‫جعل رئيس البلدية يرتبط برابطة الخضوع والتبعية في السلم اإلداري؛ الذي يخضع فيه‬
‫كل موظف للموظف الذي يعلوه في الدرجة‪ " .‬واألصل في السلطة الرئاسية اإلطالق؛‬
‫حيث تتناول شخص المرؤوس وأعماله‪ .‬إال أنه توجد قيود ترد على هذه السلطة؛ حيث‬
‫أن القانون هو الذي يحدد ويرسم الضمانات الستخدامها‪ ،‬كما أنها ليست من قبل‬
‫الحقوق الشخصية للرؤساء"(‪ .)110‬ويخضع رئيس البلدية لسلطة الحكومة الرئاسية ويأتمر‬
‫بأوامرها‪ ،‬ويتبع السلم اإلداري‪ ،‬وهذا هو الذي يدمغ منصبه بالطابع المركزي‪ .‬وعلى ذلك‬
‫فإن السلطة الرئاسية لرئيس البلدية تباشر عدة اختصاصات‪ ،‬منها ما يتعلق بسلطة‬
‫الرقابة على رئيس البلدية‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالرقابة على أعمال رئيس البلدية‪ .‬وفيما يلى‬
‫عرض موجز لذلك‪:‬‬
‫سلطة الرئيس على شخص رئيس البلدية‪:‬‬
‫تتمثل سلطة الرئيس على شخص رئيس البلدية فى حق تعيينه وتوقيع الجزاءات‬
‫التأديبية؛ في حالة إخالله بمقتضيات الواجب الوظيفي (‪.)111‬‬
‫سلطة الرئيس على أعمال رئيس البلدية‪:‬‬
‫تتمثل سلطة الرئيس على أعمال رئيس البلدية في سلطة التوجيه والتعقيب والرقابة‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬سلطة التوجيه‪:‬‬

‫(‪ )139‬د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ :‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ )110‬د‪ .‬عبد الوهاب شكرى‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )111‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫تصدر السلطة الرئاسية لرئيس البلدية األوامر والتعليمات الشفوية أو الكتابية‪ ،‬التي‬
‫يجب عليه تنفيذها‪ ،‬وااللتزام باالحترام والطاعة لرئيسه‪ .‬وعلى هذا األساس فإن العمدة ال‬
‫أيضا ألوامر الرؤساء وطاعتهم‪ .‬وتتمثل تلك‬
‫ً‬ ‫يخضع للقانون فحسب‪ ،‬بل يخضع‪-‬‬
‫األوامر في الكتب الدورية والمنشورات‪ ،‬واألوامر المصلحية؛ والتي تهدف إلى حسن سير‬
‫العمل‪ ،‬ودوام سير المرافق العامة بانتظام واضطراد‪ .‬ويالحظ أن القواعد المستقرة في فقه‬
‫ال قانون اإلداري تقضي بأن هذه األوامر والتعليمات من قبيل اإلجراءات اإلدارية في‬
‫المنظمات؛ فهي ليست من طبيعة الق اررات اإلدارية‪ ،‬التي تصلح موضوعا للطعن‬
‫باإللغاء أمام مجلس الدولة(‪ .)112‬ولكن في مواجهة الرئيس اإلداري‪ ،‬فإنه يملك فقط حق‬
‫التظلم منها إدارياً أمام مصدر القرار أو رئيسه األعلى‪ ،‬واال فعليه طاعتها‪ ،‬واذا امتنع‬
‫عن واجب الطاعة فإنه يتعرض للعقاب التأديبي(‪.)113‬‬

‫‪ -1‬سلطة التعقيب والرقابة‪:‬‬


‫تشمل السلطة الرئاسية مراقبة أعمال رئيس البلدية والتعقيب عليها‪ .‬فللرئيس‬
‫التصديق على أعمال رئيس البلدية‪ ،‬وله أن يجيز تلك األعمال أو يلغيها‪ ،‬أو يسحب‬
‫ق ارراته‪ ،‬أو يعدلها‪ ،‬أو الحلول محله في القيام بها‪ .‬وفي هذه الحالة ليس للرئيس اإلداري‬
‫أن يعترض على رأي رئيسه(‪ .)111‬وقد يكون إقرار العمل من جانب الرئيس اإلداري‬
‫ضمنيا‪ .‬فإذا اشترط القانون صراحة اإلقرار‪ ،‬وجب إقرار الرئيس لعمل‬ ‫ً‬ ‫يحا أو‬
‫صر ً‬
‫المرؤوس لكي يأخذ هذا العمل الصبغة التنفيذية‪ .‬فإذا سكت الرئيس عن إق ارره‪ ،‬ال يصبح‬
‫ضمنيا‪ ،‬كما إذا نص القانون على‬
‫ً‬ ‫نهائيا مهما طال الزمن‪ ،‬أما إذا كان اإلقرار‬
‫ً‬ ‫العمل‬

‫‪(142) André de Laubadère, Traité de droit administratif, huitième édition,‬‬


‫‪Paris, 1980.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪André Chandernagor: Les Maires en France XIX-XX Siècle, Fayard,‬‬
‫‪1993.‬‬
‫(‪ )113‬د‪ .‬سليمان الطماوى‪ :‬القضاء اإلداري ورقابته ألعمال اإلدارة‪ ،‬الطبعة األولى‪،1926 ،‬‬
‫ص‪.169‬‬
‫(‪ )111‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.109‬‬

‫‪222‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫نهائيا‪ ،‬إذا مضت فترة معينة دون إق ارره‪ .‬ففي هذه الحالة يتحول حق‬
‫ً‬ ‫اعتبار العمل‬
‫الرئيس في اإلقرار إلى مجرد حق في االعتراض على تصرفات رئيس البلدية(‪ .)112‬كما‬
‫يجوز للرئيس إلغاء قرار رئيس البلدية‪ ،‬إال إذا ترتب عليها حق للغير‪ .‬ففي هذه الحالة ال‬
‫اما‬
‫يجوز للرئيس إبطال هذا العمل أو تعديله إال في حدود المواعيد المقررة قانونا احتر ً‬
‫للحقوق المكتسبة (‪.)116‬‬
‫كما يجوز للرئيس حق الحلول محل رئيس البلدية في تأدية عمله؛ إذا أهمل في‬
‫القيام بواجب من واجباته الوظيفية‪ .‬واألصل أن يسري هذا الحق على كافة أعمال رئيس‬
‫البلدية إال ما استثني بنص خاص في القوانين واللوائح(‪ .)111‬والرئيس حين يمارس هذه‬
‫السلطات ال يراقب ق اررات رئيس البلدية من ناحية المشروعية وحدها‪ ،‬ولكنه كرئيس‬
‫إداري يملك تقدير مالءمات سير العمل الذي يشرف عليه‪ .‬ومن ثم فإنه يستطيع أن‬
‫يعدل أعمالرئيس البلدية أو أن يسحبها أو يلغيها‪ ،‬حتى ولو كانت مشروعة؛ متى قدر أن‬
‫مالءمات سير العمل اإلداري تبرر ذلك(‪ .)111‬ويالحظ في هذا الصدد‬
‫أن على الرئيس أن ينتظر حتى يستعمل رئيس البلدية اختصاصاته‪ ،‬ثم يكون له أن‬
‫تخولها إياه سلطته الرئاسية(‪.)119‬‬
‫يباشر اختصاصاته التي ّ‬
‫تلقائيا‪ ،‬واما من خالل‬
‫ً‬ ‫ويمارس الرئيس اإلداري سلطة الرقابة على أعمال العمدة إما‬
‫تظلم رئاسي‪ ،‬يتقدم به ذوو الشأن ممن حدث لهم ضرر من تصرفات رئيس البلدية‪ .‬كما‬
‫يال حظ أن رئيس البلدية ليس له أن يطعن أمام القضاء في أعمال رئيسه المتعلقة‬
‫بسلطات الرقابة‪ ،‬ولكن له أن يتظلم إدارياً لدى رئيسه أو الرئيس األعلى‪ .‬ومن المسلم به‬

‫(‪ )112‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،109‬د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ :‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪ ،132‬د‪ .‬محمد الشافعى أبو راس‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ...193‬د‪ .‬عبد‬
‫الرءوف هاشم‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫(‪ )116‬د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ :‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،132‬د‪ .‬طعيمة‬
‫الجرف‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫(‪ )111‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫(‪ )111‬د‪ .‬طعيمة الجرف‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪.112 ،‬‬
‫(‪ )119‬د‪ .‬ثروت بدوى‪ :‬تدرج الق اررات اإلدارية ومبدأ المشروعية‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪.103‬‬

‫‪262‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫أن طرق الطعن هذه جائزة دون حاجة إلى نص صريح بشأنها‪ .‬هذا فضالً عن أنها ال‬
‫تخضع إلجراءات أو مواعيد معينة‪ ،‬كما هو الحال في الطعن القضائي(‪.)120‬‬
‫تماما عن‬
‫ومما سبق يتبين أن وضع رئيس البلدية في ظل النظام المركزي‪ ،‬يختلف ً‬
‫تاما‬
‫خضوعا َ‬
‫َ‬ ‫مثيله في النظام الالمركزي‪ .‬فرئيس البلدية في بالد المركزية يخضع‬
‫للسلطة المركزية؛ حيث يعتبر ممثالً لها في قريته‪ ،‬وعامالً من عمالها‪ ،‬منفذاً لتعليماتها‬
‫وأوامرها‪ .‬وليست له صفة نيابية عن القرية‪ ،‬وال يرأس مجلسها‪ ،‬وال يكون عضوًا فيه‪ ،‬وال‬
‫يحضر جلساته‪ ،‬وال ينفذ ق ارراته‪ .‬ويترتب على ذلك أنه ال يمثل قريته أمام القضاء أو‬
‫الغير؛ حيث أنه ال يعمل لحسابها‪ ،‬وانما يعمل لحساب السلطة المركزية‪ .‬ومن ثم فإن‬
‫الدولة هي التي تسأل عن أعماله (‪.)121‬‬
‫ومما سبق عرضه يرى الباحث أن رئيس البلدية في ظل النظام المركزي‪ ،‬وخضوعه‬
‫التام للسلطة المركزية‪ ،‬ال يتمشى مع األسلوب الديمقراطي‪ ،‬الذي يعتمد على تعويد‬
‫الشعوب إشباع حاجاتهم المحلية بأنفسهم‪ ،‬وحقهم في اختيار من يمثلهم‪ .‬وكذلك يؤدي‬
‫األخذ بنظام رئيس البلدية في ظل المركزية إلى عقم النظام‪ ،‬وعدم جدواه‪ .‬ولذلك فإن‬
‫معظم الدول المتقدمة تدمغ رئيس البلدية بالطابع الالمركزي‪ .‬لذلك يلعب رئيس البلدية‬
‫في هذه الدول دو اًر مهما وبار از في حياة هذه الدول‪ ،‬وهذا هو سر نجاح نظامها اإلداري‪.‬‬
‫ألن منصب رئيس البلدية عندها هو قاعدة االنطالق من المستوى المحلي إلى المستوى‬
‫القومي‪ ،‬ويخلق قيادات قادرة على خوض معترك الحياة السياسية‪ .‬إذ المعروف أن هيكل‬
‫الممارسة السياسية يتميز بخاصية االعتماد على الجذور‪ ،‬الذي يمتد إلى المستوى‬
‫المحلي‪ .‬فاالهتمام باالنتخابات المحلية يبلغ ذروته بالنظر إلى اعتبار الحكم المحلي‬
‫مدرسة سياسية‪ ،‬توصل إلى المستويات األعلى(‪ .)122‬فعلى سبيل المثال تولى جاك‬

‫(‪ )120‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،1916 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.109.‬‬
‫د‪ .‬محمد أحمد الطيب هيكل‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫(‪)121‬‬
‫د‪ .‬محمد أحمد الطيب هيكل‪ :‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪ ،120‬د‪ .‬سعيد الالوندى‪ :‬المحليات معمل‬ ‫(‪)122‬‬
‫لتفريخ السياسيين‪ ،‬جريدة األهرام‪ ،‬السنة ‪ ،131‬العدد ‪ ،12032‬ص‪.....1‬‬

‫‪262‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫شيراك عمدة باريس رئاسة دولة فرنسا األسبق‪ ،‬وكذلك تولى جونسون بورس عمدة لندن‬
‫وزير خارجية بريطانيا‪.‬‬
‫الخاتمـــــــة‬
‫من المؤكد أن وظائف الدولة لم تعد قاصرة على تلك الوظائف التقليدية التى كانت‬
‫تتمثل على األخص فى توطيد األمن ومنع الجرائم فى الداخل واقامة العدالة بين الناس‬
‫والذود عن البالد ضد االعتداءات الخارجية بل تنوعت هذه الوظائف وتشعبت بها‬
‫واتسعت اختصاصات الدولة وامتد أثرها إلى شتى مناحى الحياة‪ ،‬وذلك نتيجة لاللتزامات‬
‫المتزايدة التى يلقيها عليها واجبها إزاء مواطنيها‪.‬‬
‫وهذا يتطلب جهد الدولة وجهازها اإلدارى فى سبيل إعداد هذه الخدمات و تلك‬
‫المطالب وكذلك جهد الدولة وجهازها اإلدارى فى سبيل حمايتها والذود عنها آناء الليل‬
‫وأطراف النهار‪ ،‬وذلك بعد أن تحول كثير من أوضاع الترف فى الماضى إلى ضرورات‬
‫للعيش الكريم فى العهد الحاضر‪ ،‬وبذلك أصبحت مشكلة الجهاز اإلدارى فى الدولة‬
‫الحديثة ليست مشكلة تخطيط مشروع مقترح أو مشكلة تعيين موظف‪ ،‬إنها شيء أبعد‬
‫من ذلك‪ ،‬إنها مشكلة األساس الفكرى الذى على أساسه يتم تشييد الجهاز اإلدارى تشييدا‬
‫سليما يصبو إلى تحقيق األهداف التى أنشىء من أجلها إنها باستمرار كما قيل مشكلة‬
‫صناعة البشر أكثر من كونها صناعة التقدم المادى‪ ،‬فالجهاز اإلدارى الناجح هو الذى‬
‫يجعل الفرد يشعر بأهميته وأهمية الدور الذى يؤديه‪ ،‬وأنه هو الذى يساهم فى صنع‬
‫مصيره ومستقبله دون أن يفاجأ به‪.‬‬
‫وال ريب أن هذه الزيادات المطردة فى الموظفين والوظائف أظهرت لنا إتجاهات‬
‫عامة معاصرة نلمحها فى كل تنظيم إدارى حديث وأولى هذه االتجاهات اتخاذ أوضاع‬

‫‪-‬‬ ‫‪Chandler, J.A : Explaining Local Government Since 1800,‬‬


‫‪Manchester Press British Library,2008.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Colin Turin and Adam Tompkins : British Government and the‬‬
‫‪Constitution, Sixth Edition, Cambridge ,2007.‬‬

‫‪266‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫المركزية والالمركزية فى مناصب أو وظائف معينة مع االندفاع نحو النظام الالمركزى‬


‫باعتباره ضرورة عملية يقتضيها النظام اإلدارى الحديث‪.‬‬
‫واليغرب عن البال أن الريف المصرى لم يحرز تقدما منذ سنين طوال وكان من أهم‬
‫األسباب التى عملت على تدنى حالته نظام اإلدارة المحلية فى القرية المصرية الذي‬
‫أصابها بالركون إلى التخلف وعدم الوقوف عند كل مستحدث أو تبنى كل جديد ‪ ،‬لذلك‬
‫فقد انعقد ا إلجماع على تطور نظام اإلدارة المحلية‪ ،‬بما يجارى تطورات العصر ومطالبه‬
‫الخالقة‪ ،‬وبدأت الحكومات المتعاقبة تتبارى في وضع التشريعات الالزمة إلصالحه‬
‫وتنقيته من الشوائب‪ ،‬ورغم ذلك فقد بقيت القرية المصرية على حالتها السيئة التى كانت‬
‫عليها‪ ،‬وظل الفالح المصرى يئن من ويالت البؤس والتخلف وسوء المنقلب‪ ،‬األمر الذى‬
‫يتطلب ضرورة تشييد نظام اإلدارة المحلية على مبادئ ديمقراطية سليمة كان أبناء القرية‬
‫المصرية– قاعدة الهرم اإلدارى– تواقين إلى رؤياها ويحلمون بتحقيقها وخاصة مع تبني‬
‫دستور مصر الحالي الصادر في ‪ 2011‬؛ حل مشكلة اإلدارة المحلية حيث خصص‬
‫لها فرع الثالث من الفصل الثاني في المواد من (‪ .)113 -112‬وتتمثل أهم‬
‫اإلصالحات التي تعتبر نتائج وتوصيات استخلصها الباحث والتى ينبغى أن يتضمنها‬
‫نظام اإلدارة المحلية ما يلى‪:‬‬
‫‪ -1‬أن النظام الالمركزى فى اإلدارة المحلية يفوق بكثير النظام المركزى‪ ،‬حيث يكون‬
‫الفرق شاسعا بين نظام قائم على التعيين وتركيز السلطة ونظام يقوم على‬
‫االنتخابات وتوزيع السلطات فهذا األخير يعتبر نظاما ديمقراطيا حتى لقد قيل ان‬
‫الديمقراطية تعتبر نظاما أجوف‪ ،‬إذا لم تصاحبها الالمركزية اإلدارية‪ .‬وهذا يتطلب‬
‫إختيار رؤساء المحليات في مصر باالنتخاب على مرحلتين االولى‪ :‬انتخابه كعضو‬
‫أو المدينة أو المركز أو‬ ‫بالمجلس المحلى بمعرفة مواطنى (القرية أو الحي‬
‫المحافظة) والثانية‪ :‬انتخابه من بين أعضاء المجلس المحلى المنتخب وبمعرفتهم‬
‫على أن يصبح رئيس المجلس المحلى المنتخب ورئيس المجلس التنفيذي فى ذات‬
‫الوقت مع جعل فترة رئاسة المجلس التنفيذي مرتبطة بفترة المجلس المحلي المنتخب‬

‫‪262‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫وهى أربع سنوات ويجوز إعادة انتخابه لدورات اخرى أسوة بما هو متبع فى اختيار‬
‫رؤساء البلديات فى الدول المتقدمه في نظم اإلدارة المحلية مثل فرنسا وانجلت ار‪.‬‬
‫‪ -2‬نظام اإلدارة المحلية القائم على اإلنتخاب يفتح الباب أمام اإلدارة لتجارب أفضل‪ ،‬حيث‬
‫يقوم المجلس المحلي بإجراء التجارب على مستواه المحدودة‪ ،‬فإذا فشلت هذه التجربة‬
‫فان اإلدارة ال تضار‪ ،‬ألن الضرر المترتب على هذا الفشل سوف يكون محدودا بنطاق‬
‫محلى ال يتعداه‪ ،‬واذا ما صادفت نجاحًا– وعادة ما تكون كذلك– أمكن لإلدارة تعميمها‬
‫على مستوى كافة المجالس المحلية في الدولة‪ .‬وبذلك نجد أن هذا النظام المأمول‬
‫تطبيقه يمدنا بالتجارب اإلدارية الناجحة واألفكار الجديدة الصائبة فى مجال إدارة‬
‫المجالس المحلية‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يملك رؤساء المحليات في ظل النظام المركزي من الوسائل ما يسمح لهم باألخذ‬
‫بأسباب تنظيم المحليات وتقدمها ورفع مستواها فى الحياة العامة فى شتى نواحيها‪ ،‬مما‬
‫يوجب دمغ منصب رؤساء المحليات (القرية– الحي– المركز– المدينة‪ -‬المحافظة)‬
‫بطابع محلى أو ال مركزى وهذا يتطلب تعميم المجالس المحلية فى أنحاء مصر على‬
‫أن يكون رئيس البلدية عضواً بالمجلس ورئيسا له؛ من خالل تفعيل المادة (‪)116‬‬
‫من الدستور المصري الحالي ‪ 2011‬التي نصت على أن "تكفل الدولة دعم الالمركزية‬
‫اإلدارية والمالية واالقتصادية‪ ،‬وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات اإلدارية من توفير‬
‫المرافق المحلية والنهوض بها‪ ،‬وحسن إدارتها‪ ،‬ويحدد البرنامج الذمني لنقل السلطات‬
‫والموازنات إلى وحدات اإلدارة المحلية)‪.‬‬
‫‪ -1‬على المستويين التنفيذى والشعبى فإن المستويات المحلية ال تدير مواردها وال تحصل‬
‫عليها‪ ،‬حيث إن الحكومة المركزية هى التى تجمع كل الموارد فى يدها‪ ،‬ثم تعيد توزيعها‬
‫ويقتصر دور اإلدارة المحلية على إنفاقها وفق القواعد التى تحددها و ازرة المالية وال‬
‫يستطيع أى من القيادات المحلية فى أى مستوى نقل أى مبالغ من بند إلى بند إال‬
‫بموافقة أجهزة و ازرة المالية‪.‬و رغم أن قانون اإلدارة المحلية الحالى يحدد موارد القرية‬
‫والمدينة والمحافظة إال أن هذا يبقى عند حد نص فى مادة فى قانون لم ينقل من هذا‬
‫كله إلى أرض الواقع أو تفعيل لنص القانون‪ ،‬وهنا يتبين أن ركيزة من ركائز اإلدارة‬
‫المحلية غير معمول بها فى النظام المصرى؛ لذلك يجب منح السلطات المحلية حرية‬

‫‪262‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫الحركة بما يمكنها من إتخاذ ما تراه من ق اررات واجراءات فى قطاعات الخدمات‬


‫واإلنتاج وذلك من خالل تخصيص إعتمادات مالية كافية وموازنات مستقلة للوحدات‬
‫والمجالس المحلية القروية تأخذ فى حسبانها عدد السكان واألنشطة اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية والصناعية فى القرية للصرف منها على األولويات المحلية خاصة فى‬
‫قطاعى الصحة والتعليم‪ ،‬حتى يستطيع المجلس تنفيذ المشروعات المطلوبة للقرية بعيدا‬
‫عن السلطة المركزية والتعقيدات اإلدارية بطريقة تجعل المسئولين عن اإلدارة المحلية‬
‫بمثابة قيادات طبيعية للمجالس الشعبية المحلية‪.‬‬
‫وصفوة القول فإننى أتمنى واألمل يحدونى والرجاء يحفزنى أن يتخذ المشرع المصري‬
‫خطوات نحو إصالح نظام اإلدارة المحلية في جمهورية مصر العربية‪ ،‬وتفعيل نص‬
‫المادة (‪ )116‬من الدستور المصري الحالي ‪ 2011‬ومسايرة الدول المتقدمة في هذا‬
‫الشأن والتي وصلت إلى تطبق نظام الحكومة األليكترونية و الذكية‪ ،‬لذلك فقد أضحى‬
‫ضروريا استصدار قانون جديد لإلداره المحلية يعمل على إعطاء اإلستقالل المالي‬
‫واإلداري للمحليات فى اتخاذ الق اررات من أجل الحسم السريع للمشاكل التى تواجهها‬
‫والعمل على توصيل الخدمات للمواطنين بأقل تكلفة وعلى الوجه األكمل من خالل خطة‬
‫متكاملة تقررها الموازنات الحكومية والجهود الشعبية التطوعية‪.‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫المراجـع العربيـــة‪:‬‬
‫أولا‪ :‬مؤلفات عامة‪:‬‬
‫القـ ــانون اإلدارى والم ـ ـوارد البش ـ ـرية‪ ،‬الطبعـ ــة األولـ ــى‪ ،‬مكتبـ ــة‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬أشرف حسين عطوه‬
‫الفالح للتوزيع والنشر‪ ،‬دبي‪.2013 ،‬‬
‫أصــول القــانون اإلدارى‪،‬الجــزء األول‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬أنس جعفر‬
‫القاهرة‪.2002 ،‬‬
‫‪ :‬وجيــز القــانون اإلدارى‪ ،‬مكتبــة جامعــة عــين شــمس‪ ،‬الق ــاهرة‪،‬‬ ‫د‪ /‬أنور أحمد رسالن‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ :‬الوسيط في القانون اإلداري‪.1991 ،‬‬ ‫د‪ /‬رمضان محمد بطيخ‬
‫الوجيز فى القانون االدارى‪.1992 ،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬سليمان الطماوي‬

‫‪262‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫القانون اإلدارى والمبادئ العامـة فـى تنظـيم ونشـاط السـلطات‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬طعيمة الجرف‬
‫اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‪.1911 ،‬‬
‫‪ :‬تأديـ ــب الموظـ ــف العـ ــام فـ ــى مصـ ــر‪ ،‬الجـ ــزء الثـ ــانى‪ ،‬الطبعـ ــة‬ ‫د‪ /‬عبد العظيم عبد السالم‬
‫األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2000 ،‬‬
‫الرقاب ــة عل ــى س ــلطة رئ ــيس الدول ــة التشـ ـريعية ف ــى الظ ــروف‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬عالء عبد المتعال‬
‫االستثنائية‪ ،‬دار الثقافة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2002 ،‬‬
‫الوجيز فى القانون اإلدارى‪ ،‬الجزء الثانى – النشاط اإلدارى‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬عبد العليم مشرف‬
‫دار الثقافة العربية‪.2009 – 2001 ،‬‬
‫‪ :‬الف ــالح والس ــلطة والق ــانون – مص ــر ف ــى النص ــف الث ــانى م ــن‬ ‫د‪ /‬عماد هالل‬
‫الق ــرن التاس ــع عش ــر‪ ،‬مطبع ــة دار الكت ــب والوث ــائق الرس ــمية‪،‬‬
‫القاهرة‪.2001 ،‬‬
‫الق ـ ـ ـ ــانون اإلدارى‪ ،،‬دار الجامع ـ ـ ـ ــة الجدي ـ ـ ـ ــدة‪ ،‬اإلس ـ ـ ـ ــكندرية‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬ماجد راغب الحلو‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ :‬التنظيم المحلى والديمقراطية‪ ،‬القاهرة‪.1912 ،‬‬ ‫د‪ /‬محمد انس جعفر‬

‫‪ :‬مبــادئ القــانون اإلدارى المصــرى‪ ،‬مكتبــة عبــد اهلل ســيد وهبــه‪،‬‬ ‫د‪ /‬محمد زهير جرانة‬
‫القاهرة‪.1911 ،‬‬
‫‪ :‬أســاليب الشــرطة لتحقيــق االنضــباط ووقايــة النظــام العــام‪ ،‬دار‬ ‫د‪ /‬محمد شريف إسماعيل‬
‫لوتس‪ ،‬القاهرة‪1990 ،‬‬
‫مبـ ــادئ القـ ــانون اإلدارى‪ ،‬د ارسـ ــة مقارنـ ــة‪ ،‬النسـ ــر الـ ــذهبي‪،‬‬ ‫د‪ /‬محمد عبد الحميد أبوزيد ‪:‬‬
‫القاهرة‪.2006 ،‬‬
‫‪ : ---------------‬مب ـ ــادئ اإلدارة العامـ ـ ــة‪ ،‬النسـ ـ ــر ال ـ ــذهبى للطباعـ ـ ــة‪ ،‬القـ ـ ــاهرة‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ : ---------------‬ت ـ ـوازن السـ ــلطات ورقابتهـ ــا – د ارسـ ــة مقارنـ ــة‪ ،‬النسـ ــر الـ ــذهبى‬
‫للطباعة‪ ،‬القاهرة‪.2003 ،‬‬
‫الوســيط ف ــى القــانون اإلدارى‪ ،‬الج ــزء الث ــاني‪ ،‬دارالمطبوع ــات‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬مصطفى أبوزيد فهمى‬
‫الجامعية ‪1992 ،‬األسكندرية ‪.2000‬‬
‫النظــام القــانونى لــإلدارة المحليــة فــى مصــر والــدول االجنبيــة‬ ‫‪:‬‬ ‫د‪ /‬مصطفى عفيفى‬

‫‪262‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫د‪ .‬أشرف حسين عطوه‬

‫بين المركزية والالمركزية اإلدارية‪.2002/2001 ،‬‬

‫ثاني ا‪ - :‬الرسائل العلمية‪:‬‬


‫‪ :‬البيروقراطيــة فــى اإلدارة المحليــة‪ ،‬رســالة دكتــوراه فــى الحقــوق‪،‬‬ ‫د‪ /‬محمد محمد عبد الوهاب‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية عام ‪.2003‬‬
‫‪ :‬الفســاد اإلدارى فــى مصــر وطــرق إصــالحه حتــى نهايــة عصــر‬ ‫أ‪ /‬نفيسة على عبد العال‬
‫الدولــة الحديثــة‪ ،‬رســالة ماجســتير‪ ،‬كليــة اآلداب – جامعــة عــين‬
‫شمس‪.2002 ،‬‬
‫ثالثا‪ - :‬األبحاث العلمية‪:‬‬
‫‪ :‬المتغيرات المؤثرة فى فاعلية اإلدارة المحلية فـى الريـف المصـرى‪،‬‬ ‫د ‪ /‬أمانى عزت طوالن‬
‫مركـ ـ ــز البحـ ـ ــوث والد ارسـ ـ ــات السياسـ ـ ــية‪ ،‬جامعـ ـ ــة القـ ـ ــاهرة‪ ،‬كليـ ـ ــة‬
‫االقتص ـ ــاد والعل ـ ــوم السياس ـ ــية‪ ،‬أعم ـ ــال الم ـ ــؤتمر الس ـ ــنوى الث ـ ــامن‬
‫للبحوث السياسية ‪ 2-3‬ديسمبر ‪ ،1992‬بحث رقم ‪.11‬‬
‫‪ :‬المجــالس المحليــة بــين االســتقالل والتبعيــة‪ ،‬د ارســة مقارنــة للعالقــة‬ ‫د ‪ /‬أحمد حافظ نجم‬
‫بــين الحكومــة المركزيــة والمجــالس المحليــة فــى كــل مــن المملكــة‬
‫المتحدة وفرنسـا واالتحـاد السـوفيتى ومصـر ‪ -‬بحـث‪ ،‬القـاهرة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.1911 ،‬‬
‫‪ :‬النظام القـانونى للعمـدة فـى ظـل قـانون تعيـين العمـد‪ ،‬دار النهضـة‬ ‫د ‪ /‬جابر جاد نصار‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬رقم اإليداع ‪ 91/9931‬سنة ‪.1991‬‬
‫‪ :‬إدارة الحكــم المحلــى فــى بــاريس‪ ،‬جامعــة الــدول العربيــة‪ ،‬المنظمــة‬ ‫د ‪ /‬صالح الدين محمد‬
‫العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬مركز البحوث اإلدارية‪ ،‬يوليو ‪.1913‬‬
‫‪ :‬الحك ــم المحل ــى ف ــى إنجلتـ ـ ار وفرنس ــا ‪ ،‬موس ــوعة الحك ــم المحل ــى‪،‬‬ ‫د ‪ /‬صالح صادق‬
‫جامع ــة ال ــدول العربي ــة‪ ،‬المنظم ــة العربي ــة للعل ــوم اإلداري ــة‪ ،‬الج ــزء‬
‫الثانى‪ ،‬القاهرة‪.1911 ،‬‬
‫‪ :‬الطـابع المحلــى لنظـام العمــد‪ ،‬بحــث مقـارن‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬ ‫د ‪ /‬محمد أبو زيد‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ :‬الالمركزي ــة ومس ــتقبل اإلداري ــة المحلي ــة ف ــى مص ــر‪ ،‬مجل ــة مرك ــز‬ ‫د محمود شريف‬

‫‪262‬‬
‫مجلة علمية محكمة‬ ‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)‬
‫(‪)ISSN : 2537 - 0758‬‬

‫د ارسـ ــات واستشـ ــارات اإلدارة العامـ ــة‪ ،‬كليـ ــة السياسـ ــة واالقتصـ ــاد‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪،‬العدد األول‪ ،‬يناير ‪.2001‬‬
‫‪ :‬النظام القانونى لـإلدارة المحليـة فـى مصـر والـدول األجنبيـة‪ ،‬بـين‬ ‫د ‪ /‬مصطفى عفيفى‬
‫المركزية والالمركزية اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪.2002-2001 ،‬‬
‫رابعا‪ - :‬المقالت‪:‬‬
‫اإلدارة المحلية – مفهومها وأيدلوجيتها‪ ،‬موسوعة الحكم‬ ‫‪:‬‬ ‫د ‪ /‬ظريف بطرس‬
‫المحلى‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬المنظمة العربية للعلوم‬
‫اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬القاهرة‪.1911 ،‬‬
‫‪ :‬نظم اإلدارة المحلية‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬العدد‬ ‫د ‪ /‬محمد عبد اهلل العربى‬
‫الثانى‪ ،‬السنة التاسعة والعشرين‪ ،‬يونيو ‪.1929‬‬
‫‪ :‬اإلدارة المحلية فى مصر‪ ،‬نظام العمد‪ ،‬المنشور بمجلة‬ ‫د ‪ /‬محمد فؤاد مهنا‬
‫الحقوق للبحوث القانونية واالقتصاد‪ ،‬السنة األولى‪،‬‬
‫العدد األول يناير – مارس ‪.1913‬‬
‫اإلدارة المحلية فى فرنسا‪ ،‬جامعة الدول العربية‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫د ‪ /‬مصطفى أحمد فهمى‬
‫المنظمة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬مركز البحوث‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫مراجع اللغة الفرنسية‪:‬‬


‫‪I- Les Ouvrages Généraux:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪André de Laubadère, Traité de droit administratif, huitième édition,‬‬
‫‪Paris, 1980 , traité de droit administratif , tom I septième édition, Paris,‬‬
‫‪1976 neuvième édition, 1984 tom 1, Parjean claude venezia et Yves‬‬
‫‪Gaudemet. André de Laubadère, Jean claudee venezia et Yves‬‬
‫‪Goudemet 1984: Traite de droit administratif , tome I, 14ième édition ,‬‬
‫‪L.G.D.J, édition 1996.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪André Chandernagor: Les Maires en France XIX-XX Siècle, Fayard,‬‬
‫‪1993.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Annuaire de l'administration Locale, édition , Cujas, Paris.1980.‬‬

‫‪262‬‬
‫نظام اإلدارة المحلية بين أسلوبى التنظيم اإلدارى‬
‫ أشرف حسين عطوه‬.‫د‬

- Charles Eisenman, Centralisation et décentralisation, 1948, L.G.D.J,


Paris.
- Charles Schmitt, Le maire de La Commune rurale, Paris, 1972.
- Costa-Jegouzo:L’administration Française face aux défies de la
décentralisation,. édition. S ,T.H ,1988.
- Dellon: reforme administrative, Déconcentration et unité d'action ,
A.J.D.A. 1963.
- Dendlias Roben: la Centralisation et la décentralisation administrative
1930.
- Eisenmann: Problèmes d'Organisation de l'administration, Cours de droit
administratif, 1966-67.
- Francis Paul Benoît: Le droit administratif Français, dalloz, 1968.
- Mallet: La Déconcentration, administratif, règles et réalité, Revue,Adm,
1962.
- Maurice Hauriou: Précis de droit administratif et de droit Public,
Onzieme édition, 1927.
- Max Gounelle: Introduction au droit Public Française, Paris, 1979.
- Jean Rivero et Jean Waline: droit administratif (19) édition, Paris,
Dalloz, 24 Oct. 2002.

References in English:
Frist Books:
- Alex ,Caroll:Constitutional and Administrative Law, Fourth Edition
,Pearson Education Limited, British Library,2007.
- Anthony, H. Birch:The British System of Government, Tenth Edition,
Routledge, 1998.
- Chandler, J.A: Explaining Local Government Since 1800, Manchester
Press British Library,2008.
- Colin Turin and Adam Tompkins: British Government and the
Constitution, Sixth Edition, Cambridge ,2007.

262
‫مجلة علمية محكمة‬ )‫المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية‬
)ISSN : 2537 - 0758(

- Garner,J.F: " Administrative Law, London,Butterworths ,1963.


- Mark Granett&Philip Lynch: ".U.K. Government& Politics, Second
Edition ",ERIC , 2005.
- Steward John: Local Government –The Conditionof Local Choice
,University Of Birmngham ,London, 1983.
- Steward John, David: The nature of British Local Government,University
Of Birmngham ,London, 2000.

222

You might also like