You are on page 1of 26

‫الفصل األول‪ :‬التنظيم االداري‬

‫تمهيد وتقييم‬

‫يقصد بالتنظيم االداري " ‪ "l’organisation Administrative‬تصنيف االجهزة االدارية‬


‫وتقسيمها وتحديد عالقاتها فيما بينها أو بمعنى آخر‪ ،‬التنظيم االداري هو التعرف على السلطة االدارية‬
‫بمعناها العضوي‪ ،‬أي وصف االجهزة االدارية القائمة فعال من حيث أنواعها وتشكيلها واختصاصاتها‬
‫وعالقاتها فيما بينها‪ ،‬ومع غيرها من السلطات األخرى‪.‬‬

‫و يقوم تقسيم االجهزة االدارية و تصنيفها على عدة مبادئ أساسية أهمها‪ :‬وحدة الرئاسة و األمر في‬
‫الدولة‪ ،‬مبدأ نطاق التمكن و الرقابة و التسلسل في القيادة و األمر‪ ،‬التدرج في السلطة و المسؤولية‪،‬‬
‫تالزم و تناسب السلطة و المسؤولية‪ ،‬بساطة التنظيم و مرونته‪.‬‬

‫‪ -‬أولى هذه المبادئ مبدا وحدة الرئاسة و األمر و الذي بموجبه تتحدد سلطة اصدار االوامر و‬
‫القرارات في مصدر واحد‪ ،‬فال يخضع المرؤوس إالّ لرئيس اداري واحد يتلقى منه األوامر و‬
‫لكل مجموعة‬
‫التعليمات ‪.‬و حيث ال يتضمن هذا المبدأ تركيز السلطات في يد فرد واحد‪ ،‬و إنما يكون ّ‬
‫من العاملين رئيس اداري مباشر يقوم بتوجيههم و اصدار األوامر الالزمة بحسن سير العمل االداري‪.‬‬

‫و يرجع اساس هذا المبدأ الى مبدأ آخر و هو نطاق التمكن أو الرقابة ‪ ، spam of control‬و‬
‫الذي يقضي بتحديد األفراد المرؤوسين الذي يخضعون لرقابة و إشراف رئيس واحد بعدد معين‪ ،‬ألنه ال‬
‫يستطيع أن يباشر ذلك االشراف بفاعلية و كفاءة إالّ في هذا النطاق‪.‬‬

‫و يتطلب احترام مبدأ وحدة القيادة و األمر تطبيق مبدأ تسلسل القيادة ‪chain of command‬‬
‫بمعنى أن يصدر الرئيس اإلداري أوامره و نواهيه الى مرؤوسيه المباشرين دون غيرهم فال توجه هذه‬
‫األوامر الى أبعد من ذلك‪ ،‬ألن الخروج من هذا التسلسل يؤدي الى اضطراب العمل اإلداري و انهيار‬
‫مبدأ وحدة الرئاسة و األمر في نهاية المطاف‪.‬‬

‫و بناء على المبادئ السابقة‪ ،‬تتدرج السلطات و المسؤوليات وفق شكل هرمي من أعلى الى اسفل‬
‫تطبيقا لمبدأ التدرج في السلطات و المسؤوليات‪ ،‬حيث ينتظم جميع الموظفين في المنظمات اإلدارية‬
‫في هرم وظيفي نجد في قمته الرئيس األعلى للمنظمة‪ ،‬يتسع بعدها ليضم نواب الرئيس‪ ،‬و من ثم رؤساء‬
‫اإلدارات العامة و يأخذ في االتساع ليشمل مديري المصالح المختلفة و في القاعدة توجد الفروع‬
‫المختلفة لإلدارات‪.‬‬

‫و ترتيبا على ذلك ‪.‬يوجد ارتباط ضمني شرطي بين السلطات و المسؤوليات‪ ،‬حيث منح السلطة من‬
‫أجل تحقيق هدف معيّن يستبع اسناد المسؤولية عند انجاز هذا الهدف‪ ،‬حيث ال سلطة بال مسؤولية و ال‬
‫مسؤولية بدون سلطة‪ ،‬و هذا ما يسمى بمبدأ تالزم السلطة و المسؤولية‪ ،‬و الذي يتفاعل مع مبدأ آخر‬
‫هو مبدأ تناسب السلطة و المسؤولية‪ ،‬حيث كلما زادت السلطات الممنوحة لموظف ما في السلم‬
‫االداري زادت معها المسؤوليات المقدمة له و كلما انكمش حجم هذه السلطات تضاءل معها مقدار‬
‫المسؤوليات الممنوحة له‪.‬‬

‫فعال في بساطة التنظيم االداري و السلم االداري و مرونته‪،‬‬


‫كل هذه المبادئ السابقة‪ ،‬ساهمت بشكل ّ‬
‫فتصنف االجهزة االدارية لتتناسب مع القرارات و االوامر و التعليمات االدارية داخل السلم االداري‬
‫ومن ثم يطبقها المرؤوس االداري بسهولة و يسر‪ ،‬رغم تع ّدد و تنوع األجهزة االدارية‪.‬‬

‫و بالرغم من أن السلطة االدارية تمارس نشاطها في الدول المختلفة من خالل مجموعة من األشخاص‬
‫الطبيعيين‪ ،‬إالّ أن هؤالء األشخاص ال يباشرون النشاط االداري باسمهم أو بصفتهم الشخصية‪ ،‬و إنما‬
‫بإسم ما يطلق عليهم األشخاص المعنوية أو االعتبارية‪ ،‬اي ان الوزير يمارس اختصاصه باسم الشخص‬
‫المعنوي –الدولة‪ -‬و الوالي باسم الشخص المعنوي الوالية و رئيس البلدية باسم الشخص المعنوي‬
‫البلدية ‪.‬‬

‫تعريف الشخص المعنوي ‪:‬‬

‫ويعرف الشخص القانوني بانه" القدرة على اكتساب الحقوق أو تحمل االلتزامات"‪ ،‬أو بمعنى أخص‬
‫"مجموعة من األشخاص أو األموال ترصد لتحقيق غرض معين و يعترف لها القانون بالشخصية‬
‫القانونية"‪ ،‬و تقسم أساسا الى أشخاص معنوية عامة و أشخاص معنوية خاصة‪.‬‬

‫و تقسم االسخاص المعنوية العامة الى اشخاص معنوية افليمية تقوم على اساس اقليمي و هي الدولة و‬
‫الوالية و البلدية و الى اشخاص معنوية مرفقية او مصلحية و التي تقوم على اساس نوعي و فني و هي‬
‫المؤسسات العمومية‬
‫و لقد اعترف المشرع الجزائري بفكرة الشخصية المعنوية و اسسها على اساس نظرية المجاز القانوني‬
‫طبقا للمادة ‪ 49‬من القانون المدني و بين اثارها القانونية من خالل المادة ‪ 50‬وهي االهلية و الذمة‬
‫المالية و الموطن و حق التقاضي و نائب يعبر عن ارادتها ‪.‬‬

‫و يترتب على تعدد و وحدة األشخاص االعتبارية في الدولة االختالف في النظام االداري المتبع ‪ ,‬حيث‬
‫إذا وجدت شخصية معنوية عامة واحدة في الدولة‪ ،‬يسمى النظام االداري بالنظام المركزي ‪ ,‬بينما اذا‬
‫تعددت األشخاص المعنوية العامة بجوار شخصية الدولة‪ ،‬سواء أكانت أشخاص معنوية اقليمية أو مرفقية‬
‫يسمى بالنظام الالمركزي ‪,‬و يكون اتباع أحد النظامين االدريين داخل الدولة وليد‬
‫( مصلحية) يوجد ما ّ‬
‫الظروف السياسية و االقتصادية و االجتماعية من جهة‪ ،‬و مدى عمق الديمقراطية في المجال السياسي و‬
‫االداري من جهة أخرى‪.‬‬

‫بينما يتم توزيع االختصاصات داخل هذه السلطات االدارية سواء أكانت مركزية أو المركزية بأحد‬
‫األسلوبين االداريين‪ّ ،‬أما التركيز االداري أو عدم التركيز االداري‪ ،‬حيث يطبق هذا األخير سواء عن‬
‫طريق القانون أو عن طريق التفويض االداري‪.‬‬

‫و على هذا األساس‪ ،‬سندرس المبادئ العامة التي تحكم كل من المركزية و االدارية من جهة‪ ،‬و‬
‫الالمركزية االدارية من جهة أخرى‪ ،‬و أخيرا التركيز و عدم التركيز االداري و كذا التفويض االداري في‬
‫مبحث أول‪ ،‬ثم نقوم بتطبيق المركزية االدارية في الجزائر في مبحث ثاني‪ ،‬ثم تطبيق الالمركزية االدارية‬
‫في الجزائر في مبحث ثالث‪.‬‬

‫و عليه‪ ،‬سنقوم بتقسيم هذا الفصل الى المباحث التالية‪:‬‬

‫‪-‬المبحث األول‪ :‬مفاهيم أساسية في التنظيم االداري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬السلطات االدارية المركزية في الجزائر‬

‫المبحث الثالث‪ :‬السلطات االدارية الالمركزية في الجزائر‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫مفاهيم أساسية في التنظيم االداري‬

‫تنحصر أنظمة التنظيم االداري في الدولة في المركزية االدارية من جهة والالمركزية االدارية من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬حيث كان النظام المركزي هو النظام االداري السائد في العصور الوسطى‪ ،‬و ذلك لتقرير‬
‫السلطة المركزية كضمان لفرض سلطتها االدارية بجوار سلطتها السياسية على جميع أجزاء اقليم‬
‫الدولة‪.‬‬

‫إالّ أنه بعد تطور وظائف الدولة و تزايد مهامها‪ ،‬و مع التقدم العلمي و التكنولوجي‪ ،‬ظهرت الحاجة الى‬
‫أسلوب حديث للتنظيم االداري يتالءم مع التطورات المستجدة و يقوم على أسس فنية و علمية سليمة‪،‬‬
‫مما ادى الى تطور النظام االداري المركزي من أسلوب التركيز االداري الى مرحلة جديدة هي عدم‬
‫التركيز االداري كما يطلق عليه في فرنسا‪ ،‬أو االدارة الميدانية في انجلترا‪ ،‬اي توزيع سلطة البت في‬
‫بعض االمور لممثلي الملك في االقاليم دون الرجوع الى السلطة المركزية استجابة للحاجات اليومية‬
‫للمواطنين‪ ،‬و تحقيقا لقدر أكبر من الفعالية اإلدارية‪.‬‬

‫تطور المصالح اإلدارية لألقاليم المختلفة و تميّزها و تنوعها في كل إقليم عن اآلخر‪ ،‬ظهرت‬
‫و مع ّ‬
‫الحاجة الى مشاركة المواطنين تسيير شؤونهم العمومية‪ ،‬مما ادى الى تخويل األقاليم قدر اكبر من‬
‫مما أسفر عنه ظهور نظام الالمركزية االدارية‪.‬‬
‫االستقالل في اتخاذ القرارات المتعلقة بها‪ّ ،‬‬
‫لكن ما يجدر اإلشارة اليه‪ ،‬أن توزيع الوظيفة بين السلطة المركزية و السلطات اإلقليمية ال يمس وحدة‬
‫الدولة‪ ،‬و التي تباشر نوعا من الرقابة على تصرفات الهيئات الالمركزية عموما و هو ما يطلق عليه‪:‬‬
‫الوصاية اإلدارية أو الرقابة الوصائية ‪.La tutelle administrative‬‬

‫كل هذه المبادئ و المفاهيم‪ ،‬من المركزية اإلدارية الى الالمركزية اإلدارية‪ ; ‬التركيز اإلداري و عدم‬
‫التركيز اإلداري‪ ،‬التفويض اإلداري‪ ،‬الرقابة اإلدارية سواء كانت رقابة رئاسية أو رقابة وصائية‪ ،‬سنتناولها‬
‫بالتفصيل في هذا المبحث من خالل دراسة كل من المركزية و الالمركزية في مطلب أول‪ ،‬التركيز و‬
‫عدم التركيز في مطلب ثان‪ ،‬التفويض اإلداري في مطلب ثالث‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫المركزية و الالمركزية اإلدارية‬


‫سنتناول في هذا المطلب‪ ،‬دراسة كل من نظامي المركزية اإلدارية و الالمركزية اإلدارية بتبيان تعريفهما‪،‬‬
‫و األركان الالزم توافرها لكل من النظامين و تحديد مزاياهما و عيوبهما في اطار تنظيم السلطة اإلدارية‬
‫في الدولة‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫المركزية اإلدارية‬

‫تعني المركزية اإلدارية حصر الوظيفة اإلدارية و تجميعها في يد سلطة واحدة رئيسية تنفرد بالبيت‬
‫النهائي في جميع االختصاصات الداخلة في الوظيفة اإلدارية‪ ،‬عن طريق ممثليها في عاصمة الدولة أو في‬
‫اقاليمها‪.‬‬

‫أو بمعنى آخر هي انفراد سلطة إدارية واحدة‪ ،‬مقرها العاصمة‪ ،‬لممارسة الوظيفة اإلدارية بالدولة‪ ،‬عن‬
‫طريق اقسامها و عمالها التابعين لسلطتها الرئاسية‪ ،‬سواء في داخل العاصمة أو خارجها‪.‬‬

‫و تختلف المركزية اإلدارية بهذا التحديد عن المركزية السياسية و التي تعكس الدولة الموحدة من‬
‫الناحية السياسية‪ ،‬إذ تتميز الدولة الموحدة بوحدة التنظيم السياسي للسلطة فيها‪ ،‬و تخضع لدستور واحد‬
‫و تباشر سيادتها الواحدة على كافة أنحاء الدولة‪ّ ،‬أما المركزية اإلدارية و التي تعكس السلطة اإلدارية‬
‫الموحدة أي أن سلطة البت النهائي في االختصاصات يعود لسلطة إدارية واحدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫و ترتيبا على ذلك‪ ،‬يوجد شخص معنوي عام واحد هو شخص الدولة أي أنه ال توجد هناك أشخاص‬
‫معنوية عامة أخرى تشاركها في مباشرة هذه االختصاصات سواء أكانت مصلحية أو إقليمية‪.‬‬

‫و بناء على ما سبق يتضح أن هناك عناصر مح ّددة تقوم عليها المركزية اإلدارية‪ ،‬كما أن هناك مزايا و‬
‫عيوب للنظام المركزي‪ ،‬و هذا ما سنبحثه في ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عناصر المركزية اإلدارية‪:‬‬


‫تقوم المركزية اإلدارية على عناصر أساسية‪ ،‬حصر الوظيفة اإلدارية في يد الحكومة المركزية‪ ،‬التبعية‬
‫اإلدارية المتدرجة أو التدرج اإلداري‪.‬‬

‫‪ – 1‬حصر الوظيفة اإلدارية في يد السلطة أو الحكومة المركزية في العاصمة‪:‬‬

‫يتمثل هذا العنصر في حصر سلطة التقرير و البت النهائي في جميع االختصاصات في يد السلطة‬
‫المركزية بحيث تمارسها بنفسها أو بواسطة الموظفين التابعين لها الذين ينظمهم سلم وظيفي متدرج‪ ،‬و‬
‫سواء كانوا في العاصمة أو في االقاليم‪.‬‬

‫حيث تمتد سلطة الحكومة أو المركزية الى جميع أنحاء الدولة بحيث تحتكر االشراف على جميع‬
‫المرافق و الهيئات اإلدارية الموجودة في الدولة سواء كانت مرافق عامة وطنية أو مرافق محلية‪ ،‬ألنه ال‬
‫توجد هيئات ال مركزية مستقلة في النظام المركزي‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التدرج اإلداري‪ :‬أو التبعية اإلدارية المتدرجة‪:‬‬

‫خالفا للركن األول الذي يتصل بالعنصر الموضوعي في السلطة اإلدارية ‪ ,‬يتصل هذا الركن بالعنصر‬
‫العضوي في السلطة اإلدارية‪.‬‬

‫و يقصد به أن كافة المصالح و الهيئات اإلدارية في السلطة اإلدارية يجمعها بناء واحد هو الجهاز‬
‫اإلداري الذي يتم ترتيبه في صورة سلم متدرج أو هرمي قمته رئيس الهيئة اإلدارية و هو الوزير و يليه‬
‫نواب الوزير ثم رؤساء المديريات في الوزارة ثم يليهم رؤساء المصالح و بعدها رؤساء األقسام ‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫و يؤدي هذا التدرج الهرمي الى ربط الوحدات ببعضها البعض بمجموعة من القواعد و المبادئ‪ ،‬أهمها‬
‫مبدأ تدرج التصرفات القانونية الصادرة من هذه الهيئات من ناحية القوة اإللزامية‪ ،‬حيث يعتبر القرار‬
‫الصادر من الوزير أعلى من القرار الصادر من نائبه‪ ،‬و القرار الصادر من النائب اقوى من القرار الصادر‬
‫من المدير و هكذا‪.‬‬
‫و ترتيبا على ذلك‪ ،‬يجب أن تحترم الدرجات األدنى في السلم اإلداري قرارات و توجيهات القرارات‬
‫األعلى منها و هذا ما يسمى‪ :‬بواجب الطاعة و الخضوع ‪ ،‬أو التبعية اإلدارية تقابلها السلطة الرئاسية‬
‫التي تمارسها الدرجات اإلدارية األعلى تجاه ما تتلوها من درجات دنيا‪.‬‬

‫‪ – 1‬واجب الطاعة ألوامر و قرارات الرؤساء‪:‬‬

‫‪ – 1‬و معناها أن يلتزم كل مرؤوس في السلم اإلداري بتنفيذ األوامر الصادرة اليه من رئيسه‪ ،‬حتى‬
‫تتحقق وحدة الجهاز اإلداري‪.‬‬

‫و يثير واجب الطاعة لقرارات و أوامر الرؤساء‪ ،‬مشكلة مدى التزام المرؤوسين بتنفيذ أوامر الرؤساء‪،‬‬
‫حتى و لو كانت مخالفة للقانون فهل هو ملزم باحترامها أم ملزم باحترام تنفيذ األوامر القانونية فقط ؟‬

‫لإلجابة على هذا السؤال يقتضي التمييز بين األوامر المشروعة و األوامر الغير مشروعة للرئيس‪.‬‬

‫أ – األوامر المشروعة‪ :‬إذا كانت األوامر الصادرة من الرئيس اإلداري تتماشى مع مقتضيات القانون فال‬
‫شك أن طاعة المرؤوس واجبة‪ ،‬غير أن ذلك ال يمنع المرؤوس من مناقشة رئيسه اإلداري في حدود‬
‫اخالقيات الوظيفة‪ ,‬و افضل مرحلة إلبداء الرأي حسب رأي الفقهاء هي المرحلة السابقة الصدار القرار‬
‫أي مرحلة التمهيد‪ّ ،‬أما إذا صدر القرار‪ ،‬فإن تنفيذه واجب من المرؤوس وليس له ان يعرقله أو أن يقف‬
‫ضد تنفيذه‪.‬‬

‫ب ‪-‬األوامر الغير مشروعة‪ :‬لقد أثارت إشكالية مدى التزام المرؤوس باألوامر الغير مشروعة اشكاال‬
‫قانونيا كبيرا في الفقه‪ ،‬حيث انقسم الى ثالث اتجاهات نوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االتجاه األول‪ :‬األوامر الغير مشروعة غير ملزمة للمرؤوس‪:‬اتجاه دوجي‪:‬‬

‫إذا أصدر الرئيس أوامر مخالفة للقانون لمرؤوسيه فال يلزم المرؤوس بتنفيذها‪ ,‬ألنه إذا خالف األول أي‬
‫الرئيس القانون فال يلزم المرؤوس بإتباعه ‪,‬إالّ الجنود فلهم تنفيذ أوامر رؤساؤهم دون ان يحق لهم‬
‫مناقشتها ‪.‬ألن الجندي هو آلة لإلكراه‪ ,‬محرومة من التفكير‪.‬‬

‫و ال خالف ان هذا الرأي ينجم عنه المحافظة على مبدأ المشروعية‪ ،‬غير أنه يعاب عليه تعطيل الجهاز‬
‫خول للمرؤوس تقدير أوامر رئيسه اإلداري و االمتناع عن تنفيذها اذا اقتنع‬
‫اإلداري و عرقلة سيره‪ ,‬إذا ّ‬
‫بعدم مشروعيتها‪.‬وفي حالة تنفيذ االمر الغير المشروع تقوم المسؤولية الشخصية للمرؤوس‪.‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬األوامر الغير مشروعة ملزمة للمرؤوس‪ :‬اتجاه هوريو‪:‬‬

‫يقوم هذا الرأي على احترام واجب الطاعة دون االلتزام بمبدأ المشروعية وسيادة القانون ‪ ,‬حيث أن‬
‫المرؤوس ملزم بتنفيذ األوامر الصادرة اليه من رئيسه اإلداري و لو كانت غير مشروعة‪ ،‬ألن إعطاء‬
‫المرؤوس سلطة فحص األوامر و مناقشتها ينجر عنه انتشار ظاهرة الفوضى في المرافق و المؤسسات‬
‫العمومية و االخالل بمبدأ سير المرافق العامة بانتظام و اضطراد ‪.‬وفي هذه الحالة تكون المسؤولية‬
‫مرفقية‪.‬‬

‫االتجاه الثالث‪ :‬األوامر الغير مشروعة ملزمة للمرؤوس و فقا لشروط معينة‪:‬‬

‫و يترأس هذا االتجاه الفقيه األلماني الباند‪ ،‬كما تبناه القضاء الفرنسي و المصري‪ ،‬و كذا القانون‬
‫المصري في المادة ‪ 63‬من قانون العقوبات‪ ،‬و المادة ‪ 164‬من القانون المدني المصري‪ ،‬و المادة ‪76‬‬
‫من القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1987‬الخاص بقانون العاملين المدنيين في مصر‪.‬‬

‫و ترتيبا على ذلك‪ ،‬يعفى المرؤوس من المسؤولية الجنائية أو المدنية أو التأديبية عن أعماله المخالفة‬
‫للقوانين و اللوائح بتوفر الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ /1‬أن يثبت أن ارتكابه كان تنفيذا ألمر أو قرار مكتوب صادر اليه من رئيسه المختص‪،‬‬

‫‪ /2‬و أن يكون قد نبه رئيسه كتابة بوجه المخالفة في األمر الصادر عنه‪،‬‬

‫‪ /3‬أن يصر الرئيس على أمره رغم تنبيه عليه بوجود هذه المخالفة‪.‬‬

‫و تبعا لهذا الرأي‪ ,‬فإن المسؤولية التي تنجم عن تطبيق هذا األمر المخالف للقانون بتحملها المرفق ال‬
‫الموظف‪ ،‬أي المسؤولية تكون مرفقية ليست شخصية للموظف المرؤوس‪.‬‬

‫‪ -‬موقف المشرع الجزائري من اآلراء الفقهية السابقة‪:‬‬

‫لقد نصت المادة ‪ 129‬من ‪ 05‬القانون‪ 10-‬المؤرخ في ‪ 20‬جوان ‪ 2005‬المتعلق بالقانون المدني‬
‫الجزائري المعدل و المتمم على " ال يكون الموظفون و األعوان العموميون مسؤولين شخصيا عن‬
‫أفعالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا ألوامر صدرت اليه من رئيس متى كانت اطاعة هذه‬
‫األوامر واجبة عليهم"‪.‬‬
‫و بتحليلنا لنص المادة ‪ 129‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬نرى أن المشرع الجزائري قد اعتبر أن‬
‫تنفيذ األوامر الصادرة من الرؤساء وفقا يقرره القانون يرتب المسؤولية المرفقية ال الشخصية للموظف‪،‬‬
‫و بمفهوم المخالفة نعتقد أن المشرع الجزائري‪ ،‬يميل الى احترام مبدأ الطاعة و الخضوع ألوامر و‬
‫تعليمات الرؤساء اإلداريين‪ ،‬و هذا ما أكدته المواد ‪ 40‬و ‪ 41‬و ‪ 47‬من األمر رقم ‪ 03-06‬المؤرخ‬
‫في ‪ 15‬جويلية ‪ 2006‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬حيث تقر بواجب الطاعة من‬
‫خالل نص المادة ‪ " 2-42‬كما يجب عليه أن يتم بكل األحوال سلوك الئق محترم" و المادة ‪" 40‬‬
‫يجب على الموظف في اطار تأدية مهامه‪ ،‬احترام سلطة الدولة و فرض احترامها وفقا للقوانين و‬
‫التنظيمات المعمول بها"‪ ،‬و المادة ‪ " 47‬كل موظف مهما كانت رتبته في السلم اإلداري مسؤول عن‬
‫تنفيذ المهام الموكلة اليه ال يعفى الموظف من المسؤولية المنوطة به بسبب المسؤولية الخاصة‬
‫بمسؤوله"‪.‬‬

‫‪ – 2‬السلطة الرئاسية‪:‬‬

‫يقصد بالسلطة الرئاسية مجموعة االختصاصات التي يتمتع بها الرئيس في مواجهة مرؤوسيه من شأنها أن‬
‫تجعل هؤالء يرتبطون به برابطة التبعية و الخضوع‪ ،‬و هذا السلطة هي اختصاص يمنحه القانون رعاية‬
‫للمصلحة العامة و حسن سير المرافق العامة‪.‬‬

‫و تعتبر السلطة الرئاسية الركيزة األساسية لوجود النظام المركزي‪ ،‬حيث تتقرر للرئيس على مرؤوسيه‬
‫بشكل طبيعي دون نص‪ ،‬و تقابلها مسؤولية الرئيس عن أعمال مرؤوسيه أمام رئيسه األعلى‪.‬‬

‫و تعتبر السلطة الرئاسية سلطة شاملة‪ ،‬ألنها تشمل أشخاص المرؤوسين و أعمالهم‪ ،‬مع حق المرؤوس‬
‫في التظلم من األوامر الصادرة اليه‪،‬إذا رأى أنها مشوبة بعيب من العيوب‪.‬‬

‫أ – سلطة الرئيس على أشخاص المرؤوسين‪:‬‬

‫تشمل سلطة الرئيس على أشخاص المرؤوسين سلطة تعيينهم و توزيعهم على اإلدارات المختلفة و توزيع‬
‫األعمال الوظيفية عليهم‪ ،‬كما تتضمن سلطة نقلهم من إدارة الى أخرى‪ ،‬و كذلك ترقية الموظفين الى‬
‫درجات وظيفية أعلى‪ ،‬إلى توقيع الجزاءات التأديبية عليهم عند ارتكابهم األخطاء أو مخالفات إدارية بما‬
‫فيها الفصل من الوظيفة العامة طبقا لما يقرره القانون‪.‬‬

‫ب – سلطة الرئيس على أعمال المرؤوسين‪:‬‬

‫تتفرع هذا السلطة الى فرعين‪ :‬سلطة سابقة على قيام المرؤوسين بمباشرة اختصاصاتهم‪ ،‬تتمثل في سلطة‬
‫التوجيه‪ ،‬و سلطة الحقة على صدور تصرفات و أعمال المرؤوسين‪ ،‬هي سلطة التعقيب‪.‬‬

‫‪ – 1‬سلطة التوجيه‪:‬‬

‫تتضمن هذه السلطات بإصدار األوامر و التعليمات و المنشورات وتفسير القوانين و اللوائح التي يتولّى‬
‫المرؤوسين تنفيذها‪ ,‬و التوجيهات و االرشادات الالزمة لحسن سير العمل اإلداري‪.‬‬

‫و بالرغم من أن هذه المنشورات و التعليمات ال تحدث آثار قانونية مح ّددة ألنها ال تعتبر قرارات‬
‫إدارية ‪,‬فال يقبل الطعن بها أمام القضاء اإلداري إالّ أنها ملزمة للمرؤوسين ال يجوز لهم مخالفتها و إالّ‬
‫ع ّدو مرتكبين لمخالفات إدارية تستوجب جزاءات تأديبية عليهم‪.‬‬

‫ب – سلطة التعقيب و الرقابة‪:‬‬

‫تتيح هذه السلطة للرئيس اإلداري سلطة إجازة عمل المرؤوس أو الغاءه أو سحبه أو الحلول محله أو‬
‫تعديله‪.‬‬

‫و قرار الرئيس في إجازة أو إقرار أعمال المرؤوسين قد يكون صريحا او قد يكون اإلقرار أو المصادقة‬
‫ضمنية يستفاد من ظروف الحال ‪,‬أو بمعنى مدة زمنية معينة على صدور القرار من المرؤوس بغير أن‬
‫يعترض عليه الرئيس اإلداري‪.‬‬

‫كما يملك الرئيس اإلداري سلطة تعديل االعمال المشروعة و غير المشروعة لمرؤوسيه بهدف جعلها‬
‫أكثر مالئمة للقانون و حسب ما تستوجبه ظروف و طبيعة العمل اإلداري‪.‬‬

‫كما تنصرف سلطة الرئيس اإلداري الى الغاء القرارات الغير مشروعة للمرؤوس أو اعدامها بأثر فوري‬
‫بالنسبة للمستقبل مع ترك آثارها الماضية قائمة لمخالفتها لمبدأ المشروعية‪ ،‬عكس إلغاء األعمال‬
‫المشروعة العتبارات تمس ظروف و مقتضيات العمل اإلداري‪.‬‬
‫و يختلف الغاء القرارات اإلدارية من طرف الرئيس اإلداري (اإللغاء اإلداري) عن السحب اإلداري‪،‬‬
‫كون السحب يشمل فقط القرارات غير المشروعة‪ ،‬و تكون خالل مدة زمنية معينة هي مدة الطعن‬
‫القضائي‪ ،‬و يكون لها أثر رجعي بالقضاء على آثارها في الماضي و المستقبل‪.‬‬

‫و أخيرا يكون للرئيس اإلداري سلطة الحلول محل المرؤوس بحكم سلطته الرئاسية‪ ،‬أو إذا امتنع‬
‫المرؤوس أو تراخي عن اتخاذ القرار أو القرار الذي ينبغي عليه اصداره‪ ،‬لحسن سير العمل اإلداري أو‬
‫تطبيقا لسير المرافق العامة بانتظام و اضطراد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقدير المركزية اإلدارية‪:‬‬

‫بعد دراستنا لعناصر المركزية اإلدارية نعرض المزايا التي يحققها هذا النظام و التي دعت الى األخذ به‬
‫و تطبيقه الكثير من الدول و كذلك العيوب التي أظهرها التطبيق و دعت الى انتقاده‪.‬‬

‫‪ – 1‬مزايا المركزية اإلدارية‪:‬‬

‫إن كل دولة حديثة تحتاج إلى األخذ بالمركزية اإلدارية لتقوية سلطتها و دعم نفوذها على جميع أجزاء‬
‫اقليمها‪ ،‬حتى تضمن تحقيق الوحدة الوطنية بين جميع أفراد الشعب‪ ،‬كما تكفل المركزية اإلدارية إدارة‬
‫المرافق العامة الوطنية في كل انحاء الدولة على أفضل وجه‪ ،‬نظرا لما تتمتع به من إمكانيات مالية و‬
‫مما يؤدي الى تحقيق مبدأ المساواة باالنتفاع بالمرافق العامة‪.‬‬
‫إدارية و فنية ّ‬
‫كما تؤدي الى وحدة النظام اإلداري في الدولة و تحقيق االنسجام و التنسيق بين جميع اإلدارات و‬
‫الهيئات و المرافق العامة‪.‬‬

‫و أخيرا تمتاز المركزية اإلدارية باالقتصاد في النفقات العامة مقارنة مع حجم ما تتطلبه الهيئات‬
‫الالمركزية من نفقات‪.‬‬

‫‪ – 2‬عيوب المركزية‪:‬‬

‫تحول‬
‫أ ّد ى انتشار النظم الديمقراطية في كثير من دول العالم و اتساع وظائف الدولة المعاصرة‪ ،‬الى ّ‬
‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫غالبية دول العالم من النظام المركزي في بعض االختصاصات كالتعليم و التجارة و الصناعة و‬
‫و غيرها الى النظام الالمركزي للتخلص من عيوب المركزية اإلدارية‪.‬‬
‫حيث يعاب على النظام المركزي حرمان الجماهير أو السلطة الشعبية من المشاركة في صنع القرار و‬
‫تسيير الشؤون المحلية‪ ،‬كما ينجر عنه جملة من المشاكل اإلدارية و التي من بينها البيروقراطية و عدم‬
‫تقريب اإلدارة من المواطن و لهذا اتجهت غالبية دول العالم الى االخذ بالنظام الالمركزي في بعض‬
‫االختصاصات فما المقصود بهذا النظام‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬

‫الالمركزية اإلدارية‬

‫‪La décentralisation administrative‬‬

‫تقوم الالمركزية اإلدارية على أساس توزيع الوظيفة اإلدارية بين السلطة المركزية و بين هيئات إدارية‬
‫مستقلة نخضع للرقابة الوصائية في مباشرتها الختصاصاتها‪.‬‬

‫و المعيار الذي يميز بين المركزية اإلدارية و الالمركزية اإلدارية هو وحدة السلطة اإلدارية أو تعددها‪،‬‬
‫فإن كانت هناك سلطة إدارية واحدة فنحن أمام نظام مركزي‪ّ ،‬أما إذا تع ّددت السلطات اإلدارية بحيث‬
‫توجد سلطات المركزية تتمتع بالشخصية المعنوية و باالستقالل في ممارستها الختصاصاتها تحت‬
‫اشراف السلطة المركزية‪ ،‬نكون بصدد المركزية إدارية‪.‬‬

‫و من جهة أخرى تتميز الالمركزية اإلدارية‪ ،‬عن عدم التركيز اإلداري كأسلوب اداري نطاقه عالقة بين‬
‫رئيس اداري و مرؤوس اداري‪ ،‬حيث يطبق عدم التركيز اإلداري داخل شخص معنوي واحد‪ ،‬بينما‬
‫تمارس الالمركزية اإلدارية بين شخصين معنويين سواء بين الدولة و البلدية‪ ،‬أو الدولة و الوالية‪ ،‬أو‬
‫الدولة و المؤسسة العمومية‪.‬‬

‫كما أن أجهزة عدم التركيز اإلداري تخضع لنظام الرقابة الرئاسية التي يمارسها الرئيس اإلداري على‬
‫مرؤوسه‪ّ ،‬أما األجهزة الالمركزية فتخضع للرقابة الوصائية من طرف السلطة الوصية في الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬كما تختلف الالمركزية اإلدارية عن الالمركزية السياسية‪ ،‬هذه األخيرة التي تقوم على أساس توزيع‬
‫االختصاصات السياسية بين الدولة االتحادية و الواليات و التي ينظمه الدستور االتحادي‪ ،‬بينما توزيع‬
‫الصالحيات بين السلطات المركزية و الهيئات المحلية الالمركزية يتم بموجب قانون اإلدارة المحلية‬
‫(قانون البلدية أو الوالية مثال في الجزائر) ويوجد هذا النظام اإلداري في الدول المركبة‪ ،‬كما يوجد في‬
‫الدول البسيطة‪.‬‬

‫و ذلك ألن النظام الالمركزي يشكل صورة من صورة النظام اإلداري يهتم بدراستها القانون اإلداري‪،‬‬
‫بينما الالمركزية السياسية هي نظام سياسي تتعلق بشكل الدولة‪ ،‬و يهتم به القانون الدستوري أساسا‪،‬‬
‫يوجد فقط في الدول المركبة ‪.‬‬

‫كما أن النظام الفيدرالي‪ ،‬أو الالمركزية السياسية كشكل من أشكال نظام الحكم‪ ،‬يعبر عن مدى اشتراك‬
‫كل دولة عضو في تكوين اإلرادة العامة أو السياسة العامة في الدولة من خالل المشاركة في الهيئة‬
‫التشريعية مثل ما هو مطبق في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬و سويسرا‪ ،‬بينما في الالمركزية اإلدارية‪ ،‬ال‬
‫تشترك الهيئات المحلية الالمركزية في بناء السياسة العامة في الدولة‪.‬‬

‫و للتعريف أكثر بنظام الالمركزية اإلدارية‪ ،‬سنقوم بدراسة دعائم و أركان هذا النظام‪ ،‬و بيان صوره‪ ،‬ثم‬
‫نقوم بتقديره من خالل دراسة مزايا و عيوب النظام الالمركزي و ذلك ما سنبحثه فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أركان النظام الالمركزي‪:‬‬

‫تنهض الالمركزية اإلدارية على ثالث ركائز أساسية هي وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح‬
‫الوطنية‪ ،‬تكوين هيئات مستقلة إلدارة هذه المصالح أخيرا‪ ،‬خضوع الهيئات الالمركزية للرقابة الوصائية‬
‫من طرف السلطة الوصية في الدولة‪.‬‬

‫‪ – 1‬وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية‪:‬‬

‫يمثل هذا العنصر نقطة البداية في تكوين الهيئات الالمركزية اإلدارية سواء إقليمية أو مصلحية‪ ،‬إذ يلزم‬
‫وجود مصالح محلية ذاتية متميزة عن المصالح الوطنية العتبارات سياسية أو اقتصادية أو زراعية او‬
‫سياحية ‪ ،‬قد تكون األقاليم صناعية تحتاج الى تطوير و ترقية لتحقيق حاجات المنطقة‪ ،‬و أخرى قد‬
‫تكون زراعية أو سياسية أو عمرانية‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫كل هذه الحاجات المتميزة و التي تختلف من مكان الى مكان آخر ال تصلح أن تدار باألسلوب‬
‫المركزي‪ ،‬بل يجب ادارتها باألسلوب الالمركزي الذي يستطيع أن يستجيب للحاجات المحلية‪.‬‬

‫و الغالب أن يتبع المشرع في تحديد اختصاصات السلطات المحلية أحد األسلوبين‪ :‬األسلوب‬
‫االنجليزي و األسلوب الفرنسي‪:‬‬
‫‪ – 2‬وجود هيئات محلية مستقلة إلدارة المصالح المحلية المتميزة‪:‬‬

‫ان االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة لألقاليم المختلفة ال معنى له بدون أن يتم إنشاء هيئات محلية‬
‫مستقلة يعهد لها بإدارة المصالح المحلية‪.‬‬

‫و تتميز هذه الهيئات المحلية باالستقاللية المالية و اإلدارية عن طريق منحها الشخصية المعنوية‪ ،‬و ما‬
‫يترتب عن ذلك من االعتراف لها بذمة مالية مستقلة‪ ،‬فتكون لها أهلية قانونية‪ ،‬و نائب يعبّر عن ارادتها و‬
‫ذمة مالية خاصة بها مصدرها الضرائب و القروض و رسوم انتفاع المواطنين بالخدمات التي تؤديها‪،‬‬
‫عالوة على المنح و اإلعانات التي تقدم اليها من الحكومة المركزية أو المؤسسات العامة و الخاصة‪.‬‬

‫و لقد انقسم الفقه حول كيفية تحقيق استقالل الهيئات المحلية الى اتجاهين رئيسين‪:‬‬

‫االتجاه األول ‪ :‬اتجاه فالين‪:‬‬

‫يرى هذا االتجاه اته يكفي لتحقيق استقالل الهيئات المحلية أن ينص القانون على ضمانات معينة لذلك‬
‫مثل ضمانة عدم القابلية للعزل من طرف السلطات المركزية‪ ،‬أو عدم جواز اخضاعهم للمساءلة التأديبية‬
‫مثل سحب قراراتهم أو الغاءها أو الحلول محلهم في اتخاذ هذه القرارات و كذا تحويل هذه الهيئات‬
‫سلطة اتخاذ القرارات اإلدارية النهائية‪.‬‬

‫و عليه ال يجب الربط بين نظام الالمركزية اإلدارية و االنتخاب لتحقيق استقاللها‪ ،‬و هذا ما أكده الفقيه‬
‫ڤالين بقوله‪ ":‬أن االنتخاب ليس له قيمة مطلقة في منح الطابع الالمركزي للهيئات الالمركزية‪ ،‬فضال عن‬
‫استقاللها في مواجهة الحكومة المركزية‪ ،‬و إنما هي الوسيلة األكثر اعتيادا لضمان هذا االستقالل"‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪:‬اتجاه هوريو‪:‬‬

‫وانصاره هم الغالبية في فرنسا و مصر و الجزائر‪ ,‬حيث يرون أن االنتخاب شرط أساسي الستقالل‬
‫مجالس الوحدات أو الهيئات المحلية‪ ،‬و ال مجال للمقارنة بين هذه الهيئات و القضاة الختالف وظيفة‬
‫كل منهما‪ ،‬لذا فالعبرة في شكل الهيئة المديرة على المستوى المحلي‪ ،‬و أن تتكون من منتخبين حتى‬
‫نضمن عدم تبعيتهم للسلطة المركزية‪ ،‬لذلك قال موريس هوريو ‪ ":‬إن الالمركزية اإلدارية تميل إلى‬
‫إحداث مراكز إدارية عامة مستقلة يعين أشخاصها بطريق االنتخاب ليس بهدف اختيار أفضل السبل‬
‫إلدارة الوحدات اإلدارية المحلية‪ ،‬و إنما من أجل مشاركة أكثر ديمقراطية للمواطنين"‪.‬‬
‫لذا فالالمركزية حسب أنصار االتجاه الثاني ليست إالّ نوعا من التطور الديمقراطي و ليست إالّ مدرسة‬
‫له في الوقت ذاته‪ ،‬فاالنتخاب هو الضمانة األساسية و الوسيلة المثلى لتحقيق الديمقراطية و تكوين قادة‬
‫سياسيين و إداريين على المستوى المحلي‪ ،‬أي هو وسيلة لتمكين الشعب من تسيير شؤونه العمومية‪،‬‬
‫كما أقرت المادة ‪ 16‬من دستور ‪ 1996‬الجزائري بقولها " المجلس المنتخب قاعدة الالمركزية‪ ،‬و‬
‫مكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية"‪.‬‬

‫و نحن نرى أن االتجاه األول هو األكثر صوابا و منطقية‪ ،‬حيث أنه ال يجوز الخلط بين استقالل الهيئات‬
‫المحلية و وسيلة تحقيقه‪ ،‬فاالنتخاب بالفعل وسيلة لتحقيق هذا االستقالل لكن بشرط وجود ضمانات‬
‫مم ا يؤدي إلى التعبير الحقيقي عن إرادة الناخبين وتكوين رأي عام حقيقي و‬
‫لنزاهة العملية االنتخابية‪ّ ،‬‬
‫وعي سياسي لتحقيق نزاهة العملية االنتخابية‪.‬‬

‫و الخالصة أن العبرة باستقالل الهيئات الالمركزية اإلدارية بتوفير ضمانات قانونية و واقعية لتحقيق هذا‬
‫االستقالل و كفالته و هي ضمانات تختلف من دولة الى أخرى و من نظام سياسي و إداري إلى آخر‪.‬‬

‫‪ – 3‬الرقابة الوصائية‪La tutelle :‬‬

‫سبق و أن أشرنا إلى أنه مهما كانت درجة االستقالل الذي تتمتع به الهيئات اإلدارية المحلية‪ ،‬إالّ أنها‬
‫تسمى‪ :‬الوصائية اإلدارية أو الرقابة الوصائية‪.‬‬
‫تخضع لرقابة إدارية من طرف السلطة الوصية ّ‬
‫و يقصد بها مجموعة االختصاصات المخولة قانونا للسلطة المركزية للرقابة على الهيئات الالمركزية‬
‫ضمانا لتحقيق مبدأ المشروعية‪ ،‬و استهداف المصلحة العامة‪.‬‬

‫و عليه فالوصاية اإلدارية تتميّز بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪ – 1‬أنها مجموعة اختصاصات رقابية ينص عليها القانون‪ ،‬حيث ال وصاية بدون نص " لذا فإنها رقابة‬
‫استثنائية ال تمارس إالّ في الحدود التي يقررها القانون‪.‬‬

‫‪ – 2‬إن الرقابة الوصائية تستهدف أساسا ضمان تحقيق المصلحة العامة و التزام الهيئات الالمركزية‬
‫الحدود التي يفرضها القانون على نشاطها و أعمالها أي أنها رقابة مشروعية أي تستهدف كفالة مبدأ‬
‫المشروعية‪.‬‬

‫‪ – 3‬يأخذ المشرع في مباشرة الرقابة الوصائية بأحد األسلوبين‪:‬‬


‫أ – االسلوب االنجليزي ‪:‬و الذي يقوم على إعطاء الهيئات المحلية اختصاصات مح ّددة على سبيل‬
‫الحصر‪ ،‬مع اخضاعها لرقابة وصائية مح ّددة وضيقة تتمثل أهم مظاهرها في‪ :‬حق الحكومة المركزية في‬
‫مقاضاة الهيئات المحلية إذا رأت في أعمالها انحرافا عن القانون‪ ،‬و حقها في التفتيش على اعمالها‬
‫خاصة ما تعلق منها بالجانب المالي‪ ،‬و يتم التفتيش بأحد الصورتين ّإما بوجود مفتش مقيم في الهيئة‬
‫المحلية مع تبعية للحكومة المركزية أو ارسال مفتشين مركزين الى األقاليم‪.‬‬

‫ب – األسلوب الفرنسي‪ :‬يقوم األسلوب الفرنسي على خاصيتين أساسيتين هما اختصاصات واسعة‬
‫للسلطات الالمركزية مع خضوعها لرقابة واسعة من طرف السلطات المركزية‪.‬‬

‫و تتمثل مظاهر الرقابة الوصائية على السلطات الالمركزية تطبيقا لهذا األسلوب‪ ،‬و الذي أخذ به‬
‫المشرع الجزائري‪ ،‬في الرقابة على الهيئات المحلية ذاتها‪ ،‬و التي تتمثل أساسا في حق حل المجالس‬
‫المحلية وفقا لإلجراءات المنصوص عليها قانونا‪ ،‬و يؤدي ذلك الى إعادة انتخاب أعضاء المجلس‬
‫خالل المدة المحددة‪ ،‬و ال يترتب على هذا الحل زوال الشخصية المعنوية المستقلة للهيئة اإلقليمية‪ ،‬و‬
‫الرقابة على أعمال الهيئات المحلية‪ ،‬سواء كانت أعمالها إيجابية أو سلبية‪ ،‬و تتمثل مظاهرها في اإلذن‬
‫السابق‪،‬او المصادقة الصريحة و الضمنية ‪,‬اإللغاء‪ ،‬و الحلول الذي يعتبر أخطر مظاهر الرقابة الوصائية‬
‫على األعمال‪.‬‬

‫المكونين للهيئات المحلية‪ ،‬فتتمثل الرقابة الوصائية في اإلقالة‪ ،‬التوقيف‪ ،‬العزل أو‬
‫ّ‬ ‫ّأما على األعضاء‬
‫االقصاء‪.‬‬

‫‪ – 4‬تختلف الوصاية اإلدارية أو الرقابة الوصائية عن السلطة الرئاسية من ع ّدة جوانب أهمها‪:‬‬

‫أ – إن الرقابة الوصائية ال تمارس و ال يكون لها وجود إالّ إذا نص عليها القانون صراحة تطبيقا‪ " :‬ال‬
‫وصاية بدون نص"‪ ،‬على خالف الرقابة الرئاسية التي تمارس بصفة تلقائية فهي مفترضة تطبيقا لمبدأ‬
‫وحدة األمر و الرئاسة‪ ،‬و الوجه الثاني لعالقة التبعية و الخضوع بين الرئيس اإلداري و مرؤوسه‪.‬‬

‫ب – الرقابة الوصائية تمارس بين شخصين معنويين أحدهما الدولة و اآلخر هيئة محلية مستقلة سواء‬
‫أكانت البلدية أو الوالية أو المؤسسة العامة‪.‬‬

‫و تطبيقا لذلك‪ ،‬ال يملك المرؤوس حق الطعن في قرار رئيسه اإلداري إالّ ما استثناه القانون و القضاء‪،‬‬
‫على خالف ذلك يجوز للهيئة المحلية أن تطعن في قرار السلطة المركزية‪ ،‬إضافة الى ذلك يسأل‬
‫الرئيس اإلداري عن أعمال مرؤوسه‪ ،‬بينما ال تتحمل سلطة الوصاية أي مسؤولية بشأن األعمال الصادرة‬
‫تتحمل المسؤولية القضائية أو السياسية‪.‬‬
‫عن الجهاز المستقل‪ ،‬و يمكن أن ّ‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬صور النظام الالمركزي‪:‬‬

‫تتمثل الالمركزية االدارية في صورتين رئيسيتين‪ :‬الالمركزية االدارية المحلية أو االقليمية‪ ،‬و الالمركزية‬
‫االدارية المصلحية أو المرفقية التي تتولّى ادارة بعض الهيئات العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية‪.‬‬

‫‪ – 1‬الالمركزية االدارية االقليمية‪:‬‬

‫تتجسد هذه الصورة عندما يمنح المشرع الشخصية القانونية المعنوية ألجزاء مح ّددة من الدولة مثل‬
‫الواليات و البلديات في الجزائر‪ ،‬و مما يترتب على ذلك من ممارسة الحقوق المعترف بها للشخص‬
‫المعنوي من اهلية وحق التقاضي و ذمة مالية مستقلة و استقالل اداري‪.‬‬

‫و ترتيبا على ذلك‪ ،‬تقوم هذه األشخاص الالمركزية بإدارة المرافق و المصالح المحلية عن طريق مجالس‬
‫محلية منتخبة غالبا‪ ،‬و هذه المرافق العامة تشمل جميع الخدمات التي تقدم لسكان المنطقة من صحة و‬
‫تعليم و كهرباء و مياه و نظافة‪...‬‬

‫و تعتبر بريطانيا أقدم الدول في األخذ باالدارة المحلية في العالم‪ ،‬و يعد نظامها أكثر النظم االدارية دقة‬
‫و انضباطا‪.‬‬

‫الالمركزية المرفقية أو المصلحية‪:‬‬

‫ظهر هذا النوع من الالمركزية االدارية حديثا‪ ،‬عندما تدخلت الدولة المعاصرة في النشاط االقتصادي و‬
‫مما أ ّدى الى منح هذه المرافق الشخصية‬
‫االجتماعي‪ ،‬فكثرت المشاريع و المرافق و المصالح العامة‪ّ ،‬‬
‫االعتبارية لكي تتولّى ادارتها استقالال عن الدولة عن طريق ما يسمى بالمؤسسات العامة‪.‬‬

‫و قد نشأ هذا النوع من الالمركزية االدارية العتبارات موضوعية ترجع الى طبيعة النشاط‪ ،‬و نوع‬
‫المرافق و المشاريع التي يتعلق بها هذا النشاط‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقدير الالمركزية االدارية‪:‬‬


‫يتفق الفقه على أن النظام الالمركزي يعد استجابة طبيعية للتطورات المعاصرة التي فرضت ضرورة اتباع‬
‫هذا النظام لما حققه من مزايا كثيرة مقارنة بما ينسب لها من عيوب‪.‬‬

‫‪ – 1‬مزايا الالمركزية االدارية‪ :‬من أهم مزاياها‪:‬‬

‫‪ -‬تدعيم النظام الديمقراطي باإلصالح االداري و تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين و ضمان العدالة‬
‫االجتماعية و افساح الفرصة لتكوين قادة اداريين و سياسيين على المستوى المحلي‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ تقريب االدارة من المواطن‪:‬و سهولة القيام باالصالح االداري و تخفيف العبء عن كاهل‬
‫السلطة المركزية ‪,‬فقد تنهار الحكومة المركزية في العاصمة أو تنقطع وسائل اتصالها بممثلها في‬
‫مما يؤدي الى كارثة شاملة‪ ،‬على حين أنه في أسلوب الالمركزية تستطيع الجهات المحلية‬
‫االقاليم ّ‬
‫مواجهة الموقف دون االعتماد الكامل على الحكومة المركزية‪.‬‬

‫‪ -‬عيوب الالمركزية االدارية‪:‬‬

‫يمكن حصر أهم انتقادات النظام الالمركزي في‪:‬‬

‫جراء توزيع الوظائف و االعتراف‬


‫‪ -‬قد يؤدي النظام الالمركزي الى المساس بوحدة الدولة من ّ‬
‫باستقاللية بعض أجزاء االقليم عن الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬كما يؤدي كذلك الى ظاهرة عدم التجانس في القيام بالعمل االداري من خالل تفضيل الشؤون‬
‫المحلية على المركزية‬

‫يوجه للنظام الالمركزي أن تطبيقه يؤدي الى ظاهرة تبديد النفقات العامة‪ ،‬ألن االعتراف‬
‫و لعل أهم نقد ّ‬
‫باالستقالل المالي لألجهزة المحلية و المؤسسات العامة يؤدي الى ظاهرة تبديد النفقات العامة‪ ،‬ألن‬
‫تحمل الخزينة العامة لمبالغ‬
‫االعتراف باالستقالل المالي لألجهزة المحلية و المؤسسات العامة يؤدي الى ّ‬
‫ضخمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫التركيز االداري و عدم التركيز االداري‬

‫‪La déconcentration et la concentration‬‬


‫درج العديد من فقهاء القانون االداري على دراسة التركيز و عدم التركيز االداري باعتبارهما تطبيقات‬
‫للمركزية االدارية أو صور لها‪ ،‬و لكن الحقيقة أن التركيز و عدم التركيز أسلوبان من أساليب التنظيم‬
‫االداري يمكن تطبيقها في النظام المركزي كما يمكن األخذ بهما في الالمركزية االدارية‪.‬‬

‫و إن كانت قاعدة عدم التركيز قد ظهرت في النظام المركزي بقصد التخفيف من تركيز السلطة‪ ،‬فهذا‬
‫أمر طبيعي ألن الالمركزية االدارية‪ ،‬و خاصة المصلحية منها‪ ،‬لم تظهر إالّ حديثا ثم انتشرت في معظم‬
‫دول العالم‪ ،‬و اعتمدت كذلك على أسلوبي التركيز و عدم التركيز االداري‪.‬‬

‫و يع ّد كل من أسلوبي التركيز و عدم التركيز االداري عالقة بين الرئيس االداري و مرؤوسيه و وسيلة‬
‫لتوزيع االختصاصات داخل الهيئة االدارية سنقوم بدراستها في الفرعين التاليين‪:‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫التركيز االداري‬

‫‪La concentration administrative‬‬

‫يقصد بالتركيز االداري حصر سلطة البت و التقرير النهائي بيد الرئيس االداري أي استئثاره بسلطة‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬و اصدار األعمال و التصرفات في كافة شؤون إدارته دون مشاركة أحد من نوابه أو‬
‫مرؤوسيه‪.‬‬

‫و يحدث التركيز االداري بهذا المعنى من جانب أي رئيس اداري يحتل قمة التسلسل الوظيفي في‬
‫ادارته‪ ،‬سواء في النظام المركزي أو في النظام الالمركزي فقد يكون هذا الرئيس‪ :‬رئيس الجمهورية أو‬
‫رئيس الوزراء أو أحد الوزراء أو رئيس أحدى السلطات الالمركزية المحلية أو المرفقية ‪,‬و بذلك‬
‫ينحصر دور الموظفين و المرؤوسين بالقيام باألعمال التحضيرية و جمع البيانات و تجهيزها قبل اتخاذ‬
‫القرارات من جانب الرئيس ثم يقومون بتنفيذ ها‪.‬‬

‫مما‬
‫و ينتج عن األخذ بأسلوب التركيز االداري عجز الرئيس االداري عن القيام بمهامه بكفاءة و سرعة ّ‬
‫يؤدي الى االبطاء في اصدار القرارات و عدم تفرعه للمهام األساسية‪ ،‬و بالتالي عرقلة سير العمل‬
‫االداري‪.‬‬
‫و لهذا هجر أسلوب التركيز االداري‪ ،‬و لم يعد مطبقا في الحياة العملية في الوقت الحاضر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫عدم التركيز االداري‬

‫‪La déconcentration administrative‬‬

‫يقتضي عدم التركيز االداري قيام الرئيس االداري بنقل سلطة البت و التقرير النهائي في بعض سلطاته‬
‫(اختصاصاته) الى نوابه و مرؤوسيه دون الرجوع اليه‪.‬‬

‫يسمى بعدم التركيز‬


‫فقد يتخلى الوزير عن بعض اختصاصاته لنائبه أو مدير الديوان في الوزارة‪ ،‬و هذا ما ّ‬
‫الداخلي أو للمديرين الموجودين على مستوى األقاليم كمديري التربية و التعليم أو الصحة أو األشغال‬
‫العمومية أو الوالة فيطلق عليه عدم التركيز الخارجي‪ ،‬كما يستطيع أن يتنازل الوالي على بعض‬
‫اختصاصاته لرئيس الدائرة ‪,‬كما يجوز لرئيس البلدية أن ينقل سلطة البت و التقرير لبعض مرؤوسيه مثل‬
‫رئيس مصلحة الحالة المدنية و هذا هو عدم التركيز الداخلي‪.‬‬

‫و ترتيبا على ذلك‪ ،‬تنتقل هذه االختصاصات داخل نفس الشخص المعنوي من الرئيس االداري األعلى‬
‫في السلم االداري الى ما يليه‪ ،‬و بهذا المعنى يختلف عدم التركيز االداري عن الالمركزية االدارية‪ ،‬إذ‬
‫تتعدد األشخاص المعنوية العامة في الالمركزية االدارية‪ ،‬التي تعتبر أشمل و أعم من عدم التركيز‬
‫االداري كونه أسلوب إداري يطبق داخل هيئة مركزية االدارية أو المركزية على حد سواء‪.‬‬

‫و يحقق األخذ بأسلوب عدم التركيز االداري عدة فوائد ادارية‪ ،‬حيث يتم التخلص من التركيز الشديد‬
‫في السلطة‪ ،‬و توفير الوقت و الجهد و المال كما تؤدي الى وضع سلطة اتخاذ القرار في يد المرؤوسين‬
‫األكثر قربا و اتصاال بالمشاكل و الصعوبات التي تواجه سير العمل االداري‪ ،‬كما يكفل التوصل الى‬
‫حلها و التغلب عليها‪.‬‬

‫و يتحقق عدم التركيز االداري بطريقين ّإما عن طريق توزيع االختصاصات إبتداء بالقانون بين أعضاء‬
‫السلطة االدارية‪ ،‬بحيث يستطيعون اتخاذ القرارات دون الرجوع الى الرئيس االداري األعلى مثل‬
‫اختصاصات الوالي في النظام القانوني الجزائري مح ّددة في قانون الوالية و المراسيم المطبقة له‪ ،‬إضافة‬
‫الى قوانين أخرى‪ ،‬أو بواسطة اللجوء الى اسلوب التفويض االداري ‪la délégation‬‬
‫‪ ،administrative‬حيث يقوم الرئيس االداري بنقل جانب من سلطاته الى مرؤوسيه‪ ،‬و هذا ما‬
‫سنبحثه في مطلب مستقل ألهميته في التنظيم اإلداري‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫التفويض االداري‬

‫‪La Délégation Administrative‬‬

‫يحتل موضوع التفويض في السلطة االدارية مكانة هامة بين موضوعات القانون االداري باعتباره‬
‫األسلوب األمثل لتحقيق عدم التركيز االداري داخل التنظيم االداري‪ ،‬و ذلك نظرا لما يحققه من فوائد‬
‫للعمل االداري‪.‬‬

‫و عليه و نظرا لهذه األهمية‪ ،‬سنقوم بدراسة هذا الموضوع‪ ،‬بتبيان الشروط العامة للتفويض في الفرع‬
‫األول ‪,‬و كذا مقارنته باألنظمة القانونية األخرى المشابهة له‪ ،‬في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫األسس العامة في التفويض‬

‫سندرس في هذا الفرع ماهية التفويض من ناحية‪ ،‬و كذا بيان الشروط التي تحكمه‪ ،‬و أخيرا إبراز المزايا‬
‫التي يحققها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ماهية التفويض‪:‬‬


‫يقصد بتفويض السلطة أن يعهد الرئيس االداري بممارسة بعض سلطاته التي تستمدها من القانون الى‬
‫أحد مرؤوسيه‪ ،‬أو بمعنى آخر نقل الرئيس االداري لجانب من سلطاته الى بعض مرؤوسيه ليمارسوها‬
‫دون الرجوع اليه‪ ،‬مع بقاء مسؤوليته عن هذه االختصاصات أمام الرئاسات العليا‪.‬‬

‫و هذا يعني أن التفويض ينصب على جانب من السلطة في االختصاصات دون جانب المسؤولية ألن‬
‫يسمى التفويض‬
‫عما قام بتفويضه من اختصاصات تظل باقية أمام رؤساء لذا ّ‬
‫مسؤولية الرئيس االداري ّ‬
‫بتفويض السلطة ال تفويض االختصاص ‪.‬‬

‫و غالبا ما يقوم الرئيس االداري بتفويض سلطاته األقل أهمية‪ ،‬لكي يتفرغ لمباشرة اختصاصاته الهامة‬
‫التي تؤثر تأثيرا مباشرا على سير العمل االداري‪.‬‬

‫حيث أوجد الفقه بعض األمور التي ال يستطيع الرئيس االداري التخلي عنها‪ ،‬بتفويضها الى مرؤوسيه و‬
‫التصرف في الميزانية‪ ،‬التعيينات و التنقالت في المناصب و المراكز الرئيسية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مثالها المسائل المالية‪ ،‬و‬
‫القرارات الكبرى المتعلقة بالتنظيم‪ ،‬التغيير و التعديل في السياسة العامة للهيئة االدارية‪.‬‬

‫و تفويض السلطة أو االختصاص ال يجوز إالّ بنص القانون‪ ،‬و ذلك حسب النظام الفرنسي و الذي‬
‫أخذت به أغلبية دول العالم منها الجزائر و مصر‪ ،‬فصاحب االختصاص ملزم بأن يمارس اختصاصه‪ ،‬إالّ‬
‫في الحاالت التي يصرح فيها المشرع بجواز التفويض و في حدود ما يصرح به‪ ،‬ذلك أن االختصاص‬
‫ليس حق لصاحبه يتصرف فيه كما شاء ‪.‬‬

‫و يتم التفويض في الشكل الكتابي الرسمي‪ ،‬لتحديد الموضوعات التي تم التفويض فيها‪ ،‬أو قد يكون‬
‫شفويا‪ ،‬و ذلك غالبا ما يكون في المسائل البسيطة أو العاجلة التي ال تتطلب كتابة قرار التفويض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط العامة للتفويض‪:‬‬

‫تتمثل الشروط العامة للتفويض في السلطة االدارية في‪:‬‬

‫‪ – 1‬التفويض ال يكون إالّ جزئيا‪:‬‬

‫يجب أالّ يشمل التفويض كل سلطات المفوض‪ ،‬إذ أنه ال يكون صحيحا إالّ إذا انصب على جانب من‬
‫هذه السلطات فقط‪.‬‬
‫ذلك أن قيام الرئيس االداري بتفويض كل سلطاته‪ ،‬يعتبر تنازال من جانبه على كل السلطات التي اسندها‬
‫اليه القانون‪ ،‬و هذا ال يجوز‪ ،‬ألنه ال يملك هذا الحق‪.‬‬

‫‪ – 2‬ال يجوز التفويض في المسؤولية‪:‬‬

‫يشتمل اصطالح االختصاص ‪ la compétence‬في القانون االداري على شقين‪:‬‬

‫الشق األول هو السلطة‪ le pouvoir :‬و الشق الثاني المسؤولية ‪.la responsabilité‬‬

‫و تطبيقا لذلك‪ ،‬ينصب التفويض على السلطة فقط دون المسؤولية‪ ،‬أي أن الرئيس االداري يقوم‬
‫بتفويض جزء من سلطاته بصفة مؤقتة مع بقاء مسؤوليته الكاملة عن هذه السلطات‪ ،‬ذلك أن التفويض‬
‫هو وسيلة لتوزيع السلطة‪ ،‬و القضاء على تركيزها من أجل تحقيق مصلحة العمل االداري‪ ،‬كما أن‬
‫المفوضة اليه أمام رئيسه المباشر فقط ‪ ,‬و ال‬
‫المرؤوس المفوض اليه يسأل عن تصرفاته بشأن السلطات ّ‬
‫يسال امام اي رئيس أعلى منه‪ ،‬وفقا لمبدأ وحدة الرئاسة و األمر‪ .‬لذا فان المسؤولية الناتجة عن‬
‫التفويض مسؤولية مزدوجة مسؤولية الرئيس و مسؤولية المرؤوس‪.‬‬

‫‪ – 3‬ال تفويض في التفويض‪ :‬عدم جواز تفويض السلطات المفوضة‪:‬‬

‫المفوض اليه أن يقوم بإعادة تفويض السلطات التي انتقلت اليه من رئيسه‬
‫و معناه أنه ال يجوز للمرؤوس ّ‬
‫الى من هم أدنى منه في السلم اإلداري‪ ،‬لتحديد المسؤوليات في الهرم اإلداري‪ ،‬و لكن هذا ال يمنع‬
‫المفوض اليه من تفويض جزء من سلطاته األصلية الى من يليه في السلم اإلداري‪.‬‬
‫المرؤوس ّ‬
‫‪ – 4‬وضوح حدود التفويض‪:‬‬

‫يجب أن يكون التفويض سليما من الناحية القانونية‪ ،‬و وفقا لإلجراءات و الشروط الشكلية الموضوعية‬
‫التي ح ّددها القانون‪ ،‬سواء صدر التفويض كتابيا أو شفويا‪.‬‬

‫المفوضة أو استردادها‪:‬‬
‫‪ – 5‬حق الرئيس في تعديل السلطات ّ‬
‫بعد نقل السلطات المفوضة الى المرؤوس ال يجوز للرئيس أن يمارس السلطات المفوضة طوال م ّدة‬
‫التفويض‪ ،‬ألنها لو صدرت منه تعتبر باطلة لصدورها من غير المختص بإصدارها‪.‬‬
‫لكن يجوز للرئيس المفوض أن يع ّدل و يسترد و يلغي و يسحب السلطات المفوضة تطبيقا للرقابة‬
‫الرئاسية التي يمارسها الرئيس على مرؤوسيه‪ ،‬مستهدفا حسن سير العمل اإلداري‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫تمييز التفويض عن المصطلحات القانونية المشابهة له‬

‫سنقوم في هذا الفرع بإجراء دراسة مقارنة بين التفويض في السلطة اإلدارية و بعض األنظمة القانونية‬
‫المشابهة له‪ ،‬فنقوم بالتفرقة بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع‪ ،‬ثم التفرقة بين التفويض اإلداري و‬
‫التفويض التشريعي و بين التفويض االداري و الحلول االداري ‪ ،‬و أخيرا بين التفويض االداري و اإلنابة‬
‫االدارية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التمييز بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع‪:‬‬

‫يميز الفقه بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع‪ ،‬و يترتب على ذلك النتائج التالية‪:‬‬

‫المفوض من ممارسة هذه السلطات في تفويض التوقيع‪ ،‬بينما ال‬


‫‪ – 1‬تفويض السلطة يؤدي الى حرمان ّ‬
‫يحرم المفوض من ممارسة سلطاته رغم عملية التفويض‪.‬‬

‫‪ – 2‬تفويض السلطة يوجه الى الموظف بصفته ال بشخصه‪ ،‬في حين أن تفويض التوقيع يدخل فيه‬
‫االعتبار الشخصي بحيث ينتهي بتغيير أحد طرفيه‪.‬‬

‫‪ – 3‬في تفويض السلطة ترتبط قوة القرارات الصادرة بناء على التفويض بدرجة المفوض اليه‪ ،‬بينما في‬
‫تفويض التوقيع تكون لهذه القرارات قوة القرارات الصادرة عن صاحب االختصاص األصيل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التمييز بين التفويض اإلداري و التفويض التشريعي‪:‬‬

‫التفويض التشريعي هو عبارة عن اصدار السلطة التنفيذية لقرارات لها قوة القانون بناء على تفويض من‬
‫السلطة التشريعية تحت ضغط األزمات االقتصادية أو الظروف السياسية‪ ،‬و يطلق على هذه اللوائح في‬
‫الفقه الفرنسي المراسيم بقوانين ‪ Les décrets-loi‬أو األوامر ‪. les .ordonnances‬كما‬
‫تصدر هذه اللوائح في موضوعات معينة و في م ّدة زمنية يح ّددها قانون التفويض‪.‬‬
‫و يلتقي كل من التفويض االداري و التفويض التشريعي في أنهما يتمان وفقا لنص قانوني خالل م ّدة‬
‫زمنية معينة‪ ،‬و في موضوعات مح ّددة‪ ،‬و أنه ال يجوز أو تفويض السلطات المفوضة‪.‬‬

‫بينما يفترق التفويض التشريعي عن التفويض اإلداري فيما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬يتم تفويض السلطة بين أعضاء السلطة اإلدارية أي بين رئيس و مرؤوسيه‪ ،‬بينما التفويض التشريعي‬
‫يتم بين سلطتين سياسيتين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪ – 2‬التفويض التشريعي ينظمه الدستور أساسا‪ ،‬بينما التفويض اإلداري ينظمه القانون‪.‬‬

‫‪ – 3‬يتم التفويض التشريعي في الظروف االستثنائية‪ ،‬بينما يتم تفويض السلطة في الظروف العادية أو‬
‫االستثنائية على ح ّد سواء‪.‬‬

‫‪ – 4‬يستمر التفويض التشريعي خالل مدة كاملة‪ ،‬بينما يجوز تعديل أو سحب أو إلغاء السلطات‬
‫المفوضة في التفويض اإلداري من طرف الرئيس المفوض إذا ما رأى ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫ثالثا‪ :‬التمييز بين التفويض اإلداري و الحلول اإلداري‪:‬‬

‫الحلول اإلداري هو قيام من يح ّدده القانون بممارسة اختصاصاته األصيلة في حالة غيابه عن العمل‬
‫لمرض أو غيره‪.‬‬

‫و يفترق الحلول عن التفويض فيما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬يحدث التفويض في وجود المفوض و بإرادته ‪,‬بينما الحلول يقع عند غياب األصيل ألسباب قاهرة‬
‫ال دخل له فيها (مرض مثال)‪.‬‬

‫المفوض اليه‪ ،‬بينما الحلول يتم بناء على نص قانوني‪.‬‬


‫المفوض الى ّ‬
‫‪ – 2‬يتم التفويض بقرار من ّ‬
‫‪ – 3‬التفويض ينصب على بعض اختصاصات المفوض‪ّ ,‬أما الحلول في االختصاص فيقع عليها جميعا‪.‬‬

‫‪ – 4‬ال يجوز للمفوض اليه أن يفوض سلطاته المفوضة‪ ،‬على عكس الحال يجوز له أن يفوض جزء من‬
‫سلطات األصيل‪.‬‬

‫المفوض اليه ذات القيمة التي تأخذها قراراته في اختصاصاته األصلية‪،‬‬


‫‪ – 5‬تأخذ القرارات الصادرة من ّ‬
‫بينما تأخذ قرارات الحال نفس القيمة القانونية لقرارات األصيل‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التمييز بين التفويض في السلطة و اإلنابة اإلدارية‪:‬‬

‫اإلنابة اإلدارية‪:‬‬

‫و هي أن يعهد الرئيس اإلداري الى أحد مرؤوسيه سلطات أو اختصاصات مرؤوس آخر غائب ال يوجد‬
‫من يحل محله قانونا‪.‬‬

‫و تفترق االنابة اإلدارية عن التفويض اإلداري فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬اإلنابة اإلدارية تتم بنقل اختصاصات أحد المرؤوسين الى مرؤوس آخر‪ ،‬بينما التفويض اإلداري يتم‬
‫بين رئيس و مرؤوسه‪.‬‬

‫‪ – 2‬اإلنابة اإلدارية تستغرق جميع السلطات ‪ ,‬بينما التفويض اإلداري يتم فيها نقل جزء من السلطات‬
‫فقط‪.‬‬

‫‪ – 3‬ال تفويض في المسؤولية ‪,‬بينما في اإلنابة اإلدارية يتم فيها تفويض السلطة و تفويض المسؤولية‪.‬‬

‫‪ -‬خالصة القول‪ ،‬أن التنظيم اإلداري الحالي يقوم على أساس الجمع بين مبادئ النظام المركزي و‬
‫مبادئ النظام الالمركزي ‪,‬أي يوجد هناك تفاعل بين األنظمة اإلدارية من أجل حسن سير العمل اإلداري‬
‫و توفير حاجات الجمهور‪ ،‬حيث تطبق المركزية اإلدارية ألداء الخدمات أو المرافق ذات الطابع الوطني‬
‫مثل األمن‪ ،‬القضاء‪ ،‬الدفاع‪ ،‬المالية‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬الضرائب‪ ،‬األمالك الوطنية‪ ،‬بينما تدار الحاجات أو‬
‫المصالح األخرى باألسلوب الالمركزي مثل التعليم‪ ،‬النقل‪ ،‬الصحة‪ ،‬المياه‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬و الغاز و غيرها‪،‬‬
‫إضافة الى وجود أسلوب عدم التركيز اإلداري لتوحيد النمط اإلداري‪ ،‬و تخفيف العبء عن السلطة‬
‫المركزية خاصة عن طريق التفويض اإلداري كوسيلة واقعية أكثر منها قانونية لتوزيع االختصاصات‬
‫داخل الهيئات اإلدارية‪ ،‬و خلق قادة اداريين قادرين على مواجهة األزمات في األقاليم‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬فإن من األحسن الجمع بين النظام المركزي و النظام الالمركزي لتحقيق أفضل الخدمات‬
‫للمواطنين بأقل تكلفة و بأسرع وقت‪.‬‬

You might also like