You are on page 1of 7

‫نظريات التنظيم ‪ -‬لطلبة السنة الثالثة اتصال – السداسي الخامس ‪ /‬أستاذ المادة ‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد عمراني‬ ‫السنة

السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫‪1‬‬

‫األسس اليت يقوم عليها التنظيم اإلداري للدولة ومؤسساتها ( الجزء الثاني)‬

‫األساس الفين للتنظيم اإلداري‬ ‫‪‬‬


‫* تناولنا في المحاضرة السابقة ‪ ،‬الجزء األول من األساس القانوني الذي يقوم عليه التنظيم اإلداري ‪ ،‬والمتمثل في‬
‫الشخص المعنوي ‪ ،‬وفي هذه المحاضرة سندرس – بإذن هللا‪ -‬الجزء الثاني من األساس الذي يقوم عليه التنظيم اإلداري وهو‬
‫األساس الفني الذي يقوم عليه التنظيم اإلداري للدولة ‪.‬‬
‫* يجدر الذكر بهذا الخصوص أن التنظيم اإلداري للدولة مكون من أجهزة وإدارات مركزية وأخرى غير مركزية‬
‫تتوزع بينهما النشاطات اإلدارية بدرجات متفاوتة وفقا ُ للمعطيات السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية لكل دولة‪.‬‬
‫* وكما هو معلوم فإن الدولة الحديثة‪-‬التي حلت محل النظام اإلقطاعي في بداية القرن التاسع عشـر(خاصة في فرنسا )‬
‫كان من المفروض عليها بسط سيادتها على كل أجزاء البلد بهدف استقرار السلطة المركزية في يدها‪ ،‬وقد كان نشاطها محدداً في‬
‫الوظائف التقليدية ( األمن الداخلي ‪ ،‬وحماية الحدود ‪ ،‬وإقامة العدل بين األفراد‪، )..‬غير أن تعدد وتزايد الواجبات على عاتق الدولة‬
‫وتنوع الخدمات الواجب تقديمها لألفراد في ما يعرف بالمرافق العمومية‪ ،Les services publics‬أصبح من الصعب على السلطة‬
‫المركزية االضطالع بهذه األعباء كلها؛ لهذه األسباب عمدت الدولة إلى إشراك المواطنين في أداء هذه الخدمات عن طريق إنشاء‬
‫هيئات إقليمية ومحلية للتكلف بما يهم سكانها ويلبي احتياجاتهم ‪ ،‬على أن تتفرغ السلطة المركزية لما هو أهم بالنسبة للدولة‪.‬‬
‫* وهكذا ‪،‬فإن الدول الحديثة‪ ،‬على اختالف أنظمتها ‪ ،‬تأخذ بالنظامين ‪ ،‬غير أن الخالف بينها يكمن في مدى ودرجة األخذ‬
‫بالمركزية أو الالمركزية وفقاً للواقع السياسي واالجتماعي واالقتصادي والثقافي لكل دولة‪.‬‬
‫فيما يلي سنتعرض إلى كل من النظامين ‪،‬يعرف األول بالمركزية اإلدارية والثاني بالالمركزية اإلدارية ‪.‬‬

‫‪La centralisation administrative‬‬ ‫‪ ‬أوالً ‪ :‬املركزي ـ ـة اإلدارية‬


‫‪ ‬سنتناول النقاط التالية‪ :‬تعريف المركزية اإلدارية ‪ ،‬أركانها‪ ،‬ثم أشكالها‬
‫‪:‬‬ ‫‪ ‬أوال‪:‬‬
‫يقصد بالمركزية اإلدارية " حصر مختلف مظاهر الوظيفة اإلدارية في أيدي سلطة مركزية في الدولة ‪ ،‬تتمثل‬
‫في رئيس الدولة والوزير األول والوزراء وهيئات أخرى "‪.‬‬
‫من هذا التعريف يمكن القول بأن المركزية اإلدارية هي توحيد لمظاهر النشاط اإلداري في الدولة وتجميعها في يد‬
‫السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫ويتضح أيضا ً من هذا التعريف بأنه يحدد مفهوم المركزية اإلدارية في صورتها المطلقة‪ ،‬غير أن اضطرار الدولة للتدخل‬
‫من أجل تلبية االحتياجات المتزايدة لمواطنيها فرض عليها تفويض ممثلين عنها في الواليات واألقاليم للقيام ببعض النشاطات‬
‫اإلدارية بدون استقالل عن السلطة المركزية وهو ما يعرف بعدم التركيز اإلداري الذي سنتناوله بالتفصيل الحقا ً ‪.‬‬
‫‪ :‬يقوم نظام المركزية اإلدارية على ركنين هما ‪:‬‬ ‫‪‬ثانيا ‪:‬‬
‫‪‬الركن األول ‪ :‬حصر وتركيز الوظيفة اإلدارية بيد اإلدارة المركزية ‪:‬‬
‫المركزية نسق إداري مؤسس على االنفراد المطلق في صياغة القرارات السياسية واإلدارية وتدبير الشؤون العامة‬
‫للبالد انطالقا من العاصمة‪ ،‬وهي تعني أيضا توحيد النشاط اإلداري في الدولة وتجميعها في يد السلطة التنفيذية‬
‫‪‬الركن الثاني ‪ :‬السلطة السلمية أو التدرج اإلداري )‪: Le pouvoir hiérarchique(1‬‬
‫يقصد بالسلطة السلمية أن موظفي الدولة يتوزعون حسب وظائفهم وضمن رتب تدرجهم في السلم اإلداري‪ ،‬يترتب عنها‬
‫ما يعرف بالتبعية اإلدارية بين الرؤساء والمرؤوسين داخل اإلدارة العامة بهدف القيام بالمهام المنوطة بهم‪.‬‬
‫‪ -‬وبمقتضى السلطة السلمية يتمتع الموظف األعلى" الرئيس ‪ " Le Supérieur‬بسلطات اتجاه الموظف األدنى منه‬
‫"المرؤوس ‪ "Le subordonné‬سواء بالنسبة لشخصه أو أعماله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- L’organisation de l’administration se fonde sur la hiérarchie ; les diverses autorités ou les divers personnes qui le composent se trouvent‬‬
‫‪les unes par rapport aux autres dans les liens de subordination sans lesquels le fonctionnement de l’organisme administratif ne pourrait être‬‬
‫‪harmonieux ( Jacques GANDOUIN, initiation à la rédaction administrative, CFA, S.D.,P 65).‬‬

‫‪1‬‬
‫نظريات التنظيم ‪ -‬لطلبة السنة الثالثة اتصال – السداسي الخامس ‪ /‬أستاذ المادة ‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد عمراني‬ ‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫‪ ‬بالنسبة لشخصه ‪ :‬تتمثل سلطات الرئيس ا تجاه شخص المرؤوس في المساس بمركزه الشخصي ‪ ،‬طيلة مساره‬
‫المهني‪ ،‬بدءاً من سلطـة التعيين والترقية والتأديب (كالتنبيه‪ ،‬والتوبيخ وحتـى التسريح إذا كانت الخطأ المرتكب مـن الدرجـة‬
‫الرابعة (‪ .)1‬تجدر اإلشارة إلى أن ممارسة الرئيس لهذه السلطات اتجاه المرؤوس ليست مطلقة وإنما تتم وفقا ً لنصوص‬
‫وضوابط حددتها النصوص التشريعية والتنظيمية ‪ ،‬ومن ذلك فإن سلطات التعيين والتأديب محددة في القانون األساسي‬
‫للوظيفة العمومية المذكور ‪.‬‬
‫‪‬أما سلطاته اتجاه أعمال مرؤوسيه فتتمثل في التوجيه و التعقيب‪.‬‬
‫‪‬سلطة التوجيه ‪:‬‬
‫تتمثــــل سلطـــــة التوجيـــــه التي يمارسهــــا الرئيس اتجـــــاه مرؤوسيـه‪( ،‬الرقابـــة القبليـة‬
‫‪ ،(Contrôle à priori‬في سلطة إصدار األوامــر ‪ Ordres‬والتعليمات ‪ Instructions‬والمنشـورات ‪Circulaires‬‬
‫لمرؤوسيه من أجـل حسن سير المرفق العام الذي يشرف عليه بما يحقق الصالح العام ‪ ،‬وعلى المرؤوس الخضـوع‬
‫لتعليمات الرئيس سـواء ألداء عمل معين أو لالمتناع عن أداء عمل معين ‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن عالقة التبعية في أمر الرئيس هي عالقة قانونية عامة‪ ،‬وهي تختلف عن العالقات القانونية الخاصة في‬
‫إطار القانون الخاص التي تربط رب العمل بالعامل؛ ذلك أن طرفي العالقة األولى هما ممثالن للدولة‪ ،‬وكل منهما ينوب عنها‬
‫في مباشرة وظائفها‪ ،‬وأن عالقاتهما تحكمها قواعد القانون العام وتحدد مضمونها وكيفية ممارستها وطبيعتها القانونية (‪.)2‬‬
‫ويعرف أمر الرئيس بأن ‪ " :‬كل تعبير يتضمن أداء عمل ‪ ،‬أو االمتناع عن عمل ‪ ،‬أو تحذيراً للتحوط من وقوع حدث‬
‫‪ ،‬يصدر من رئيس يختص بإصداره إلى مرؤوس يختص بتنفيذه تربطهما عالقة وظيفة عامة "(‪)3‬‬
‫بعد أن بيّنا أن المرؤوس ملزم بتنفيذ أوامر الرئيس ‪ ،‬فإلى أي مدى يجب على المرؤوس طاعة الرئيس وتنفيذ أوامره ‪ ،‬ال سيما‬
‫إذا كانت هذه األوامر غير مشروعة أو مخالفة للقوانين ؟‬
‫‪ ‬من الناحية القانونية ‪ ،‬نشير إلى أن نص المادة ‪ 129‬من القانون المدني نصت على ما يلي ‪ " :‬ال يكون الموظفون‬
‫والعمال العاملون مسؤولين شخصيا عن أعمالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذاً ألوامر صدرت إليهم من رئيس متى‬
‫كانت إطاعة هذه األوامر واجبة عليهم " ‪ .‬ما يالحظ على هذه المادة أمرين(‪: )4‬‬
‫‪ )-1‬أنها نصت على مبدأ الخطأ المرفقي أو المصلحي ‪ ، Faute de service‬وبالتالي فإن الموظف في هذه الحالة غير‬
‫مرتكب لخطأ شخصي متى كان منفذا ألمر رئيسه‪.‬‬
‫‪ )-2‬أنها لم تبين ال حكم عندما تكون تعليمات الرئيس مخالفة للقانون كما فعلت بعض التشريعات ومنها التشريع المصري ‪،‬‬
‫الذي جاءت المادة ‪ 176‬منه على القاعدة المذكورة في المادة ‪ 192‬المذكورة أعاله ‪ ،‬غير أنه أضاف فيها أنه " وأثبت أنه كان‬
‫يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وكان اعتقاده مبنيا ً على أسباب معقولة ‪ ،‬وأنه راعى في عمله جانب الحيطة " (‪)5‬‬

‫‪‬سلطة التعقيب ‪ :‬أما بخصوص سلطة التعقيب ( الرقابة البعدية ‪ ،)Contrôle à posteriori‬فإن من مقتضياتها‬
‫أنه بعد قيام المرؤوس بأعماله تنفيذا للمهام الموكلة إليه ‪ ،‬فإن للرئيس حق ممارسة الرقابة على هذه األعمال ‪ ،‬سواء من تلقاء‬
‫نفسه أو بناء على الشكاوى التي قد يتلقاها من المواطن الذي يكون قد تضرر من تلك التصرفات واألعمال‬
‫ويمكن لرئيس أن يمارس سلطته هذه في عدة أشكال منها ‪ :‬التصديق ‪ ،‬التعديل ‪ ،‬اإللغاء ‪ ،‬والحلول ‪.‬‬
‫‪ )-1‬لتصديق ‪ :Approbation‬بمعني أن أعمال المرؤوس تبقى غير منتجة آلثارها إال بعد مصادقة الرئيس عليها‬
‫صراحة أو ضمنا ‪.‬‬
‫‪ )-2‬التعديل ‪ : Modification‬وهي أن يكون للرئيس حق تعديل األعمال التي قام بها المرؤوس‪ ،‬زيادة أو نقصاناً‪ .‬فله‬
‫أن يدخل التعديالت التي يراها ضرورية تحقيقا ً لقدر أكبر من المصلحة العامة‪ ،‬ومقتضيات مبدأ المشروعية ‪.‬‬
‫‪ )-3‬اإللغاء ‪ : Annulation‬يمكن للرئيس إلغاء أعمال المرؤوس ووضع حد ألثاره ونتائجه‪.‬‬
‫‪ )-4‬الحلول ‪ : Substitution‬عندما يتقاعس المرؤوس عن أداء مهامه يمكن لرئيسه أن يحل محله في أدائها ‪.‬‬

‫‪2006‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪03 06‬‬ ‫‪163‬‬ ‫‪-1‬‬


‫‪2006 46‬‬ ‫)‬
‫‪. 103 102 1983‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪50‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪.790‬‬ ‫‪1952‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪2‬‬
‫نظريات التنظيم ‪ -‬لطلبة السنة الثالثة اتصال – السداسي الخامس ‪ /‬أستاذ المادة ‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد عمراني‬ ‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أهم تطبيقات المركزية اإلدارية يتمثل في شكلين هما ‪ :‬التركيز اإلداري ‪ ،‬و عدم التركيز اإلداري‬
‫‪ )-1‬التركيز اإلداري ‪la concentration administrative‬‬
‫يعتبر التركيز اإلداري هو الصورة القديمة للمركزية‪ ،‬ويتمثل في تركيز جميع الوظائف اإلدارية في يد السلطة‬
‫المركزية ( الحكومة) ‪ ،‬أي أن يكون لها وحدها حق إصدار القرارات الالزمة‪ ،‬كسلطة التعيين في الوظائف العامة‪ ،‬كما‬
‫تشرف السلطة المركزية على جميع المرافق العامة في الدولة‪ ،‬سواء أكانت مرافق وطنية تهم الدولة بأسرها أو مرافق محلية‬
‫تهم إقلي ًما محليًا معينًا ‪.‬‬
‫وبهذا فإن التركيز اإلداري يتمثل في حصر جميع السلطات بيد السلطة المركزية الموجودة في العاصمة ‪ ،‬أما‬
‫ممثلي الدولة في مختلف األقاليم أو الواليات فيعتبرون مجرد منفذين لألوامر والتعليمات الصادرة عن السلطة المركزية‬
‫(الوزير األول والوزراء) ‪ ،‬بحيث يجب عليهم الرجوع إليهم في كل صغيرة وكبيرة قبل القيام بأي عمل ‪.‬‬

‫‪ )-2‬عدم التركيز اإلداري ‪La déconcentration administrative‬‬


‫أمام اتساع نشاط اإلدارة للدولة‪ ،‬وتعدد وتنوع واجبات السلطة المركزية من رئيس ووزير أول ووزراء‪ ،‬اضطرت‬
‫السلطة المركزية بتعيين ممثلين لها علي المستوى المحلي ( مثل الوالي ‪ ،‬والمديرين الممثلين للوزارة المختلفة كوزارة‬
‫التربية ‪ ،‬والصحة ‪ ،‬والمالية وغيرها‪ ،)...‬ومنحتهم سلطة البت النهائي في بعض األمور دون الرجوع إلى السلطة المركزية‬
‫ما هو األساس الدستوري والقانوني لهذا النظام ؟‬
‫‪ ‬الدستور ‪ - :‬المادة ‪ 17‬على أن " الجماعات المحلية للدولة هي البلدية والوالية"‬
‫‪ -‬أما المادة ‪ 18‬فقد نصت على أن العالقات بين الدولة( يقصد اإلدارة المركزية) والجماعات‬
‫المحلية ( يقصد الوالية والبلدية ) تقوم على مبادئ الالمركزية وعدم التركيز ‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ " 19‬يمثل أن المجلس المنتخب قاعدة الالمركزية‪ ،‬ومكان مشاركة المواطنين في تسيير‬
‫الشؤون العمومية"‬
‫‪ ‬النصوص القانونية‪ :‬قانون الوالية لسنة ‪ 2012‬على ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ 110‬على أن ‪ ":‬الوالي ممثل الدولة على مستوى الوالية ‪ .‬وهو مفوض لحكومة "‬
‫‪ -‬أما عن ممثلي الوزارات المختلفة ( كوزارات التربية‪ ،‬والصحة‪ ،‬والمالية وغيرهم ‪ .‬فقد نصت المادة ‪127‬‬
‫من قانون الوالية على أنه " تتوفر الوالية على إدارة توضع تحت سلطة الوالي ‪ .‬وتكون مختلف المصالح غير‬
‫الممركزة للدولة جزءاً منها "‬

‫* ومن أجل ضمان فعالية عدم التركيز اإلداري‪ ،‬فإنها تقوم أساسا ً على فكرة التفويض ‪ ،‬أي أن السلطة‬
‫المركزية تفوض ممثليها على مستوى المحلي للبث في الشؤون التي تخص قطاعهم ‪ ،‬د ون منحهم االستقالل عن األجهزة‬
‫المركزية المانحة للتفويض ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد ال بد من التمييز بين نوعين من التفويض وهما ‪ :‬تفويض اإلمضاء ‪ ،‬وتفويض السلطات ‪.‬‬
‫‪ ‬تفويض اإلمضاء ‪ :Délégation de signature‬هو إجراء قانوني بموجبه تمنح سلطة التوقيع على بعض‬
‫فوض )‪.(le délégataire‬‬ ‫الوثائق والعقود ‪ ،‬من ال ُمفـَوض (‪ ،-)le déléguant‬لموظف يسمى ال ُم َ‬
‫فتفويض اإلمضاء إذاً ما هو إال تنظيم داخلي بموجبه يتنازل الرئيس ( أي الرئيس السلمي ‪Le chef‬‬
‫‪ - )hiérarchique‬لواحد أو أكثر من مساعديه‪ -‬عن صالحيته األصلية في التوقيع على بعض الوثائق نيابة عنه‪.‬‬
‫‪‬اآلثار القانونية لتفويض اإلمضاء ‪:‬‬
‫‪ -01‬ال يؤدي التفويض في التوقيع إلى نقل في االختصاص إلى المفوض إليه ‪ ،‬فالمفوض إليه يباشر االختصاصات‬
‫المفوضة باسم ولحساب المفوض‪ ،‬ومعنى ذلك أن المفوض يستطيع مباشرة االختصاصات في المهام المفوضة‪.‬‬
‫‪ -02‬تفويض التوقيع يقوم على االعتبار الشخصي وليس الموضوعي ذلك أن كل تغيير في شخص المفوض إليه أو‬
‫المفوض يؤدي حتما إلى إيقاف العمل بهذا التفويض‪.‬‬
‫‪ -03‬إن العمل الصادر من المرؤوس المفوض إليه يعتبر صادرا من الرئيس نفسه‪.‬‬
‫‪ ‬تفويض السلطات ‪ :Délégation de pouvoirs‬ويتحقق هذا النوع من التفويض حينما يتم نقل جزء من‬
‫السلطة أو االختصاص من المفوض إلى المفوض إليه ‪ ،‬وهكذا يتجرد صاحب االختصاص األصيل بناء على رغبته وسلطته‬
‫التقديرية من بعض صالحيـاته ليمـارسها الشخص الذي تم اختيـاره في الحدود التي رسمها القانون ليمارس االختصـاصات‬
‫أو الصالحيات المفوضة له ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫نظريات التنظيم ‪ -‬لطلبة السنة الثالثة اتصال – السداسي الخامس ‪ /‬أستاذ المادة ‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد عمراني‬ ‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫‪‬اآلثار القانونية لتفويض السلطات ‪:‬‬


‫‪ -1‬يترتب عليه نقل االختصاص من المفوض إلى ال ُمفوض إليه ‪ ،‬بحيث يمنع على صاحب االختصاص األصيل ممارسة‬
‫فوض إليه ‪ ،‬فال يمكنه مطلقا مباشرة هذا االختصاص إال بعد إلغاء قرار التفويض ‪.‬‬ ‫االختصاصات التي تم تفويضها لل ُم َ‬
‫‪ -2‬ال تكون القرارات الصادرة بموجب التفويض في االختصاص في ذات مرتبة القرارات الصادرة من المفوض إليه ‪،‬‬
‫ومعنى ذلك أن القرارات الصادرة بموجب التفويض في االختصاص تأخذ مرتبة القرارات الصادرة عن المفوض إليه وليس‬
‫المفوض؛ فالقرار الذي يتخذه المدير التنفيذي على مستوى الوالية بناء على تفويض من الوزير المختص يكون قرار المدير‬
‫التنفيذي وليس قرار الوزير ‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يقوم التفويض في االختصاص على أساس العالقة الشخصية ذلك أنه يتسم بصفة الموضوعية وعلى هذا األساس‬
‫فإن هذا النوع من التفويض يظل مستمراً وقائما ً وال يتغير بتغيير األشخاص مادام هذا التفويض ساري المفعول‪ .‬لذا فإنه ال يشار‬
‫في قرار التفويض إلى اسم ولقب طرفي التفويض‪.‬‬
‫نشير في األخير إلى التفويض بنوعيه تحكمه جملة من القواعد والضوابط المشتركة بينهما نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -)1‬يجب أن يكون التفويض بنوعيه ( تفويض التوقيع وتفويض السلطات أو الصالحيات) مستنداً إلى نص تشريعي أو‬
‫تنظيمي يجيزه ويسمح به صراحة(‪ . )1‬ومعنى ذلك أنه ال تفويض إال بنص ألن األصل العام أن االختصاص شخصي يباشر من قبل‬
‫صاحبه بنفسه وال يمكن التصرف بقواعد االختصاص إال إذا أجاز القانون أو التنظيم ذلك‪.‬‬
‫‪ -)2‬أن التفويض تحكمه قاعدة " ال تفويض في التفويض"‬
‫‪ -)3‬أن التفويض يكون جزئيا ً وليس كليا ً ‪ ،‬ذلك أن المفوض ال يمكن أن يفوض جميع صالحيات للمرؤوس‪.‬‬
‫‪ -)4‬يجب أن يتضمن قرار التفويض المهام المفوضة أي تحديد مجال التفويض بأكبر ما يمكن من الدقة وذلك لتحديد‬
‫المسؤوليات والحترام قواعد االختصاص‪.‬‬
‫نذكر على سبيل المثال إلى نص المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 216-03‬المؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪ ، 2003‬المتضمن‬
‫الترخيص ألعضاء الحكومة تفويض إمضائهم لمساعديهم على مستوى وزاراتهم ؛ حيث نصت المادة األولى منه على أنه " يجوز‬
‫ألعضاء الحكومة (الوزراء ) أن يفوضوا ‪ ،‬بموجب قرار ‪ ،‬إلى موظفي إدارتهم المركزية الذين لهم رتبة مدير على األقل ‪ ،‬توقيع‬
‫القرارات الفردية والتنظيمية "‪.‬‬
‫أما المادة الثانية فقد نصت على انه " يجوز ألعضاء الحكومة أن يفوضوا ‪ ،‬على الشكل نفسه ‪ ،‬إلى موظفي إدارتهم‬
‫المركزية الذين لهم رتبة نائب مدير على األقل ‪ ،‬توقيع األوامر الخاصة بالدفع والتحويل وتفويض االعتمادات ومذكرات الموافقة‬
‫على أوامر الصرف ووثائق اإلثبات الخاصة بالمصاريف وبيانات اإليرادات وكذا توقيع المقررات الداخلية في الصالحيات‬
‫التنظيمية للمديريات الفرعية والمعهودة لها بصفة قانونية باستثناء ما يتخذ في شكل قرار "‪.‬‬
‫ونصت المادة الثالثة على أنه" يجب أن يتضمن قرار التفويض اسم المفوض إليه ‪،‬وتعداد المواضيع التي يشملها التفويض‬
‫والتي ال يمكن أن تتجاوز الصالحيات الموكولة إليه "(‪.)2‬‬
‫وأخيراً نصت المادة الرابعة من المرسوم التنفيذي على أنه "ينتهي التفويض تلقائيا ً بانتهاء سلطات المفوض أو مهام‬
‫المفوض إليه ‪.‬‬
‫‪La décentralisation administrative‬‬ ‫‪ ‬ثانياً ‪ :‬الالمركزية اإلدارية‬

‫ال يخفى على أحد ازدياد االهتمام بمفهوم الالمركزية منذ أواخر القرن العشرين ويرجع ذلك إلى التطورات التي‬
‫عرفتها المجتمعات في الميادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها‪.‬‬
‫فالالمركزية ال تعد هدفا في حد ذاتها وإنما هي فلسفة وأداة تنموية ‪ ،‬تمكن األفراد من المشاركة في صنع واتخاذ‬
‫القرارات المتعلقة بتنمية مجتمعاتهم بما يعود عليهم بالفائدة‪.‬‬
‫فالالمركزية هي باألساس نقل السلطات والصالحيات من المستويات المركزية األعلى إلى المستويات المحلية األدنى‪.‬‬
‫‪ ‬سنتناول النقاط التالية ‪ :‬تعريف الالمركزية اإلدارية ‪ ،‬أركانها ‪ ،‬وفي األخير نتعرض إلى تقييم كل من اإلدارة‬
‫المركزية – التي تعرضنا لها في المحاضرة السابقة‪ -‬والالمركزية اإلدارية‪ ،‬وهذا بإظهار مزايا وعيوب كل منهما‪.‬‬

‫‪ -1‬ومن ذلك على سبيل المثال ما نصت عليه المادة ‪ 27‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 279-03‬المؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪ ، 2003‬المحدد لمهام الجامعة والقواعد الخاصة‬
‫بتنظيم ها وتسييرها " لرئيس الجامعة ‪...‬أن يفوض اإلمضاء إلى عمداء الكليات ومديري المعاهد ‪ ،‬والملحقات عند االقتضاء‪"...‬‬
‫‪ -2‬أي في حدود الصالحيات المحددة للوزير ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫نظريات التنظيم ‪ -‬لطلبة السنة الثالثة اتصال – السداسي الخامس ‪ /‬أستاذ المادة ‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد عمراني‬ ‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫‪‬أوالً ‪ :‬تعريف الالمركزية اإلدارية (‪)1‬‬


‫هي نظام يقوم على توزيع السلطات والوظائف اإلدارية بين اإلدارة المركزية ‪ ،‬وهيئات إدارية محلية‬
‫مستقلة قانونيا عن اإلدارة المركزية وتتمتع بالشخصية المعنوية ‪ ،‬مع بقائها خاضعة لرقابة اإلدارة المركزية ولو بقدر‬
‫معين ‪.‬‬
‫‪‬ثانياً‪ :‬أركان الالمركزية اإلدارية‬
‫تتمثل أركان الالمركزية اإلدارية في ‪ :‬وجود مصالح محلية متميزة ‪ ،‬وجود مجالس منتخبة تقوم بإدارة الهيئات‬
‫اإلدارية المستقلة‪.‬‬
‫‪‬الركن األول ‪ :‬وجود مصالح محلية متميزة‬
‫من مبررات قيام النظم الالمركزية وجود مصالح محلية‪ ،‬تختلف عن االحتياجات والمصالح الوطنية‪ .‬فجوهر‬
‫وظيفة السلطة المركزية يتمثل في االضطالع بعبء الخدمات واالحتياجات المشتركة بين جميع المواطنين ‪،‬أما جوهر‬
‫عمل السلطات الالمركزية يتمثل في إدارة الخدمات العامة ذات الخصوصية المحلية‪ .‬وفي هذا المعنى نصت المادة ‪16‬‬
‫فقرة ‪ 2‬من الدستور بأن " المجلس المنتخب هو اإلطار الذي يعبر فيه الشعب عن إرادته ‪ ،‬ويراقب عمل السلطات‬
‫العمومية"‪ .‬أما المادة ‪ 19‬من الدستور نصت على أنه " يمثل المجلس المنتخب قاعدة الالمركزية ‪ ،‬ومكان مشاركة‬
‫المواطنين في تسيير الشؤون العمومية"‬
‫إذا كان نظام الالمركزية يقوم على أساس وجود مصالح محلية ‪ ،‬فإن السؤال الذي يطرح بهذا الصدد ما هي‬
‫الجهة التي تقوم بتحديد هذه الصالحيات‪ ،‬وما هو األسلوب الذي تعتمده في ذلك ؟‬
‫‪ ‬من يحدد صالحيات السلطات الالمركزية ؟ االتجاه السائد هو أن تحديد صالحيات اإلدارة الالمركزية هو من‬
‫صالحيات السلطة التشريعية‪ .‬ففي الجزائر يتولى البرلمان تحديد صالحيات الهيئات اإلقليمية للدولة التي حددتها المادة ‪17‬‬
‫من الدستور الجزائري على أن" الجماعات المحلية للدولة هي ‪ :‬البلدية والوالية ‪ .‬واعتبرت الفقرة الثانية من المادة أن ‪:‬‬
‫البلدية هي الجماعة القاعدية‪.‬‬
‫فالقوانين األساسية المنظمة للجماعات اإلقليمية للدولة ( البلدية والوالية) أصدرتها السلطة التشريعية وهي ‪:‬قانون‬
‫البلدية صدر بموجب القانون رقم ‪ 10-11‬مؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ ، 2011‬أما قانـون الوالية صدر بموجب القانـون رقم ‪07-12‬‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬فبراير ‪ . 2012‬يج در التنبيه إلى أن إسناد الدستور مهمة تحديد صالحيات الهيئات الالمركزية إلى السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬من شأنه الحيلولة دون تدخل السلطات المركزية في صالحياتها أو التقليص منها ‪.‬‬

‫‪‬الركن الثاني‪ :‬وجود مجالس منتخبة تقوم بإدارة الهيئات اإلدارية المحلية ‪.‬‬
‫سبق أن أشرنا في الركن األول‪ ،‬إلى نص المادة ‪ 19‬من الدستور على أن المجلس المنتخب يعتبر قاعدة الالمركزية‪،‬‬
‫ومكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية (‪ .)2‬وعليه فإن مقتضى نظام الالمركزية أن يعهد بإدارة المصالح‬
‫المحلية إلى هيئات مستقلة عن اإلدارة المركزية‪ ،‬تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬ومنتخبة من سكان اإلقليم أو البلدية‪ ،‬وتخضع‬
‫للرقابة اإلدارية أو الوصاية‪ .‬وعليه فإن نظام الالمركزية يقوم على عناصر ثالث وهي ‪:‬‬

‫‪‬العنصر األول ‪:‬ضرورة تمتع الهيئات الالمركزية بالشخصية المعنوية ‪:‬‬


‫كما ذكرنا فإن الشخص المعنوي هو ‪ " :‬مجموعة من األشخاص أو األموال تتكون لتحقيق غرض معين ‪ ،‬حيث‬
‫يعترف لها القانون بشخصية قانونية متميزة ومستقلة عن شخصية األشخاص المكونين لها‪ ،‬ويكون بالتالي لها اسم‬
‫وموطن وذمة مالية وأهلية مستقلة "‪ .‬فالشخص المعنوي هو األساس القانوني الذي تستند عليه اإلدارة في تنظيمها ‪ ،‬ومن‬
‫خالله تصبح المؤسسات والهيئات تتمتع باالستقالل القانوني الذي يؤهلها للقيام بنشاطها وما يترتب عن ذلك من حقوق‬
‫والتزامات‪ .‬وبهذا جاء نص المادة األولى من قانون البلدية لسنة ‪، 2011‬على أن " البلدية هي الجماعية اإلقليمية القاعدية‬
‫للدولة ‪،‬و تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة‪ .‬وتحدث بموجب قانون "‪.‬‬
‫يجدر التنبيه إلى أنه إذا كان عدم التركيز اإلداري – التي تعرضنا له ‪ -‬يستند على فكرة التفويض في االختصاص نظراً‬
‫الرتباط المفـوض ( الوزير مثالً) بالمفوض إليـه ( ممثله على مستوى الوالية) بعالقة الرئاسـة السلميـة ‪ ،‬ممـا ينفي عنه أي‬

‫‪-1‬‬

‫‪ - 2‬وأكدت على هذا المعني المادة ‪ 84‬من قانون البلدية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫نظريات التنظيم ‪ -‬لطلبة السنة الثالثة اتصال – السداسي الخامس ‪ /‬أستاذ المادة ‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد عمراني‬ ‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫مظهـر الستقالله‪ ،‬فإن الالمركزية اإلدارية تختلف من حيث الجوهر لكون أن الهيئة الالمركزية ( البلدية مثالً) تستمد‬
‫صالحياتها بموجب نص قانوني وليس بموجب تفويض(‪.)1‬‬

‫‪‬العنصر الثاني ‪ :‬هيئة منتخبة من سكان اإلقليم أو البلدية‬


‫يقتضى نظام الالمركزية ‪ ،‬وبشكل أساسي ‪ ،‬وجود هيئة منتخبة ‪ ،‬ذلك أن الالمركزية اإلدارية أساساً تقوم على فكرة‬
‫الديمقراطية والسيادة الشعبية‪ ،‬وضرورة مشاركة المواطنين في اإلدارة العامة‪ ،‬ويت ّم ذلك عن طــريق انتخاب ممثلين عن‬
‫المواطنين القاطنين في البلدية ‪ .‬وفي هذا السياق نصت المادة ‪ 16‬من الدستور الجزائري على أن " المجلس المنتخب هو اإلطار‬
‫الذي يعبر فيه الشعب عن إرادته ‪ ،‬ويراقب عمل السلطات العمومية"‪.‬‬
‫يجمع فقهاء القانون اإلداري على أنه ال يشترط أن يكون جميع أعضاء هذه المجالس منتخبين‪ ،‬إنما يمكن للسلطة المركزية‬
‫أن تعين بعضهم مباشرة من قبلها‪ ،‬إال أنه ال يجوز أن يكون جميع أعضاء هذه المجالس من المعينين‪ ،‬كما ال يجوز أن تطغى‬
‫ال عناصر المعينة على العناصر المنتخبة بأي حال؛ وقد تقتضي ظروف استثنائية تعيين كل أعضاء الهيئة المحلية ‪ ،‬ومن ذلك ما وقع‬
‫الجزائر سنة ‪ 1989‬حيث أقر المجلس الشعبي الوطني في ‪ 5‬ديسمبر ‪ 1989‬قانونا ُ بمقتضاه تم تأجيل تجديد المجالس الشعبية البلدية‬
‫(‪.)2‬‬
‫‪‬العنصر الثالث‪ :‬الخضوع للرقابة اإلدارية أو الوصاية ‪.‬‬
‫إن قيام هيئات محلية المركزية‪ ،‬محلية ومنتخبة ومستقلة في تسيير شؤون الهيئات المحلية ال يعني االستقالل الكلي عن‬
‫السلطات المركزية ‪ ،‬بل تخضع لمراقبتها ولو بشكل نسبي‪ ،‬وهذا من أجل المحافظة على الوحدة السياسية واإلدارية للدولة‬
‫(‪ ،) 3‬وتغليب المصالح العليا للوطن على المصالح المحلية عند تعارضهما‪ .‬ومن أجل هذا تخضع الهيئات المحلية للرقابة‬
‫اإلدارية أو الوصاية (‪ ، )4‬وتختلف في جوهرها ومضمونها عن الرقابة في النظام المركزي ‪،‬السابق اإلشارة إليها في‬
‫المحاضرة الرابعة‪.‬‬

‫‪ ‬وتتمثل رقابة السلطات المركزية على اإلدارة المحلية ( أي البلدية) في أمور ثالث‪:‬‬
‫‪ -) 1‬الرقابة على الهيئات ‪ :‬كما جاء في نص المادة األولى من القانون البلدي لسنـة ‪ ، 2011‬فإن إنشاء البلدية كهيئة‬
‫المركزية يتم بنص قانوني ‪ ،‬وبالتالي فإن حلها من قبل السلطات المركزية يتم – عمالُ بمبدأ توازي األشكال‪ -‬بموجب قانون‬
‫‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 9‬في قانون البلدية على صالحية السلطة المركزية في تعديل الحدود اإلقليمية للبلديات بقصد ضم جزء من‬
‫إقليمها إلى بلدية أخرى‪ ،‬ويتم ذلك بموجب مرسوم رئاسي ‪.‬‬

‫‪ -)2‬الرقابة على األشخاص‪ :‬وتتمثل هذه الر قابة على األشخاص القائمين علي هذه الهيئات المحلية الالمركزية‪،‬‬
‫كتوقيف‪ ،‬وعزل وفصل العضو المنتحب عن ممارسة مهامه في حاالت حددها قانون البلدية (‪.)5‬‬

‫‪ -)3‬الرقابة على األعمال ‪ :‬بداية البد من التنب يه إلى أن هذا النوع من الرقابة على األعمال يختلف عن الرقابة التي‬
‫تعرضنا لها بخصوص سلطـة التوجيـه التي يمارسها الرئيس اتجـاه مرؤوسيـه في نظام المركزية اإلدارية ‪ ،‬ذلك ألن األصل أن هذه‬
‫الهيئات تتمتع باستقاللية‪ ،‬وهي تعمل فقط وفقا ً للقوانين التي تحكمها‪ ،‬كما أن تمتعها بالشخصية المعنوية يترتب عنها تحملها‬
‫المسؤولية كاملة عن أعمالها وتصرفاتها‪.‬‬
‫ُ‬
‫* فبخصوص سلطة التعديل ‪ ،‬فإنه وفقا للمبادئ التي ذكرنها آنفا ‪ ،‬فاإلدارة المركزية ال تملك سلطة تعديل أعمال‬
‫اإلدارة المحلية ‪ ،‬فهي إما تصادق على أعمالها أو ترفضها دون أن تدخل عليها تعديالت ‪.‬‬
‫*أما بخصوص التصديق على األعمال ‪ ،‬فتتمثل في وجوب إطالع السلطة الوصية (الوالي) على قرارات ومداوالت‬
‫البلدية قبل تنفيذها وذلك بهدف مراقبة مدى مشروعيتها وصحتها ‪ ،‬وبالتالي فإنها إما توافق عليها أو ترفضها ‪ ،‬وفي هذا الخصوص‬
‫نصت المادة ‪ 56‬من قانون البلدية على أن مداوالت المجلس الشعبي البلدي قابلة للتنفيذ بقوة القانون بعد واحد وعشرين (‪ )21‬يوما من‬
‫تاريخ إيداعها بالوالية‪ .‬والوالي يدلي برأيه في مدي شرعية أو عدم شرعية هذه المداوالت فقط ‪.‬‬

‫‪69 68‬‬ ‫‪-1‬‬


‫‪09‬‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪1989‬‬
‫‪ - 3‬واألمر هنا تختلف عن الالمركزية السياسية حيث يكون استقالل السلطات المحلية عن السلطة المركزية مطلقا ‪ً.‬‬
‫‪ - 4‬وإن كان البعض ال يفضل تسميتها بالوصاية ‪ ،‬آلن الوصاية ال تكون إال على ناقص األهلية المعروفة في القانون الخاص ( قانون األسرة ) ‪ .‬في‬
‫ذلك أنظر سليمان محمد الطماوى ‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري ‪ .‬دراسة مقارنة ‪ ،1989 ،‬ص ‪. 89‬‬
‫‪ - 5‬انظر في ذلك نص المواد ‪ 43‬وما بعدها من القانون البلدي‬

‫‪6‬‬
‫نظريات التنظيم ‪ -‬لطلبة السنة الثالثة اتصال – السداسي الخامس ‪ /‬أستاذ المادة ‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد عمراني‬ ‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫‪ ‬أهم الفروق التي تحكم الرقابة في النظامين المركزي والالمركزي وهي ‪:‬‬
‫‪ -)1‬في النظام المركزي الرقابة عند ممارسة السلطة الرئاسية هي مفترضة ‪ ،‬أما في النظام الالمركزي فال تكون‬
‫إال بنص قانوني‪.‬‬
‫‪ -)2‬في النظام المركزي ال يحق للمرؤوس أن يعترض على أعمال رئيسه ‪ ،‬أما في النظام الالمركزي فإن للهيئات‬
‫الالمركزية ( المجلس الشعبي البلدي ممثالً في رئيسه ) حق تقديم تظلم إداري أو رفع دعوى قضائية ضد قرار‬
‫الوالي الرافض المصادقة على المداولة المرفوعة إليه ( أنظر المادة ‪ 61‬من قانون البلدية)‪.‬‬
‫‪ -)3‬في النظام المركزي الرئيس مسؤول إلى جانب المرؤوس ‪ ،‬أما في النظام الالمركزي فالهيئة المحلية تتحمل وحدها‬
‫المسؤولية عن أعمالها‪.‬‬
‫‪‬ثـالثاً ‪ :‬تقدير كل من املركزية اإلدارية و الالمركزية اإلدارية ‪:‬‬
‫نتعرض بإيجاز إلى كل من مزايا وعيوب النظامين ‪:‬‬
‫‪‬أ) – المركزية اإلدارية ‪:‬‬
‫‪ -1‬مزايا المركزية اإلدارية‪:‬‬
‫‪ ‬يحقق هذا النظام الوحدة الوطنية للدولة من الناحيتين السياسية واالجتماعية ‪،‬‬
‫‪ ‬كما يحقق نوعا من التجانس في االلتزام باألنظمة واللوائح والسياسات واإلجراءات ‪ ،‬الذي يوفر وضوح المعامالت‬
‫واإلجراءات وعدم تناقضها من منطقة إلى أخرى ‪،‬‬
‫‪ ‬كما يحقق هذا النظام نوعا ً من العدالة االجتماعية بين جميع المواطنين ‪ ،‬بموجب إشراف السلطة المركزية على مختلف‬
‫المرافق العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬عيوب المركزية‪:‬‬
‫‪ ‬تنشغل اإلدارة المركزية بسبب تركز السلطة في يدها بصغائر األمور على حساب القضايا األساسية ذات الصلة بالمصالح‬
‫األساسية للدولة ‪،‬‬
‫‪ ‬المركزية ه ي الحقل الخصب لنمو ظاهرة البيروقراطية ‪ ،‬بالنظر إلى تضخم الجهاز اإلداري وازدياد تدخل الدولة في كل‬
‫الميادين ‪ ،‬مما يؤدي بها – من الناحية العملية‪ -‬إلى العجز عن تلبية احتياجات المواطنين‪.‬‬

‫‪  ‬ب) – الالمركزية اإلدارية ‪:‬‬


‫‪ -  1‬مزايا الالمركزية اإلدارية‪:‬‬
‫‪ -‬يشكل هذا النظام المجال الحقيقي لممارسة الحريات العامة‪ ،‬ذلك أنه ال معني للديمقراطية السياسية إذا لم تصاحبه المركزية إدارية‪،‬‬
‫‪ -‬يساهم نظام الال مركزية في تخفيف األعباء على السلطة المركزية‪،‬‬
‫‪ -‬يساهم هذا النظ ام في تحقيق مبدأ تقريب اإلدارة من المواطن ‪ ،‬حيث يتولى المواطنون تسيير شؤونهم عن طريق منتخبيهم ‪،‬‬
‫‪ -‬الالمركزية اإلدارية وسيلة هامة لتحقيق مساهمة السكان المحليين في تدبير شؤونهم المحلية‪.‬‬
‫‪ -2‬عيوب الالمركزية اإلدارية ‪:‬‬
‫‪ -‬يرى البعض بأن الالمركزية اإلدارية يمكن أن يؤدي إلى المساس بوحدة الدولة وقوّة وسلطـة اإلدارة المركزية عندما تعطى‬
‫األولوية للمصالح المحلية على حساب مصلحة الدولة‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى زرع النزعة الجهوية وخلق الفرقة في البلد الواحد‪،‬‬
‫‪ -‬تتكون الهيئات المحلية من مجالس منتخبة ‪ ،‬منها ما ينجح بفعل تأثير الدعاية الحزبية ‪ ،‬دون وجود برنامج تسيير ناجح‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى ضعف مردودية الجهاز اإلداري بسبب عدم الدراية بأساليب العمل اإلداري وقواعده‪.‬‬
‫‪ ‬لكن بالرغم من هذه العيوب فهي قليلة األهمية بالنسبة للمزايا التي يثني عليها حتى المنتقدين لها‪.‬‬

‫أستاذ املادة‪ /‬أ‪.‬د‪ .‬أمحد عمراني‬

‫‪7‬‬

You might also like