You are on page 1of 9

‫المحاضرة السابعة‬

‫المبحث الثاني األساس الفني للتنظيم اإلداري –المركزية والالمركزية‬

‫إن تأدية الحكومة لوظيفتها اإلدارية يكون وفق أحد األسلوبين إما باالعتماد على ما يعرف‬
‫بالمركزية اإلدارية أو باالعتماد على نظام الالمركزية اإلدارية ‪ ،‬وإن كان الواقع أثبت أن الدولة‬
‫حتى وإن أخذت بأحد األسلوبين أساسا إال أنها ال تستغني عن األسلوب األخر على اعتبار أن‬
‫كليهما يهدف إلى إشباع الحاجات العامة ‪ ،‬وسنحاول التطرق إلى المركزية اإلدارية في المطلب‬
‫األول وفي المطلب الثاني إلى الالمركزية اإلدارية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المركزية اإلدارية‪.‬‬

‫تعتبر المركزية اإلدارية أقدم األساليب التي تم بها ممارسة الوظيفة اإلدارية‪ ،‬هذا األسلوب‬
‫سنحاول تعريفه و التطرق إلى أركانه وصوره‪ ،‬ثم لمزاياه وعيوبه‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف المركزية اإلدارية وأركانها ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف المركزية اإلدارية‪.‬‬

‫المركزية لغة تعني التوحيد والتجميع والتركيز‪ ،‬أما اصطالحا فتعني تركيز الوظيفة اإلدارية في‬
‫يد الوزراء على مستوى العاصمة دون مشاركة هيئات أخرى مع خضوع الموظفين فيها لنظام‬
‫السلم اإلداري أو هي قصر الوظيفة اإلدارية وتركيزها في يد الحكومة سواء إن باشرت هذه‬
‫االختصاصات بنفسها أو عن طريق موظفيها الذين يمثلونها ويعملون لحسابها ويخضعون‬
‫لسلطاتها الرئاسية‪ ،‬مع عدم تمتع األجهزة التابعة لها بالشخصية المعنوية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أركانها‪.‬‬

‫تقوم المركزية اإلدارية على األركان اآلتية ‪:‬‬

‫‪-1‬تركيز الوظيفة اإلدارية في يد اإلدارة المركزية‪.‬‬

‫نعني بهذا الركن استئثار الحكومة المركزية بكل السلطات التي تخولها لها الوظيفة اإلدارية ‪ ،‬إذ‬
‫يشرف الوزراء على جميع المرافق العامة سواء كانت محلية أو مرفقية ‪ ،‬وحصر الوظيفة‬
‫اإلدارية قد يكون مطلقا وهو ما يعرف بالمركزية المطلقة أو قد يكون مرنا عن طريق إعطاء‬
‫بعض الصالحيات لممثلي الوزراء على مستوى األقاليم وهو ما يعرف بعدم التركيز‪.‬‬

‫‪-2‬خضوع موظفي الحكومة لنظام السلمي اإلداري‪.‬‬

‫نعني بالتدرج الهرمي أو السلمي خضوع جميع موظفي الحكومة المركزة بشكل متدرج‬
‫ومتصاعد تكون الدرجات الدنيا تابعة لألعلى منها إلى غاية الوزير ‪،‬أو بمعنى أخر يخضع‬
‫الموظفون لسلم إداري متدرج يبدأ من أبسط موظف صعودا إلى أعلى مسؤول في الجهاز‬
‫اإلداري المركزي‪ ،‬وهكذا يكون الجهاز اإلداري في الدولة المركزية على شكل هرم متدرج‬
‫ويخضع فيه كل موظف فيها للسلطة الرئاسية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-3‬السلطة الرئاسية‪.‬‬

‫تعد السلطة الرئاسية أهم األركان التي تقوم عليها المركزية اإلدارية وتعرف بأنها مجموعة‬
‫االختصاصات التي يمارسها الرئيس على شخص المرؤوس وعلى أعماله في إطار رابطة‬
‫التبعية والخضوع أو هي سلطة الرئيس في إست عمال أسلوب األمر والنهي في مواجهة التابعين‬
‫له الذين ما عليه إال الخضوع والتبعية له وسنحاول التطرق لمظاهرها ‪.‬‬

‫‪ -‬مظاهر السلطة الرئاسية‪.‬‬

‫تتجلى مظاهر السلطة الرئاسية فيما يمارسه الرئيس على شخص المرؤوس وعلى أعماله ‪.‬‬

‫أ‪-‬سلطة الرئيس على شخص المرؤوس‪.‬‬

‫تتمثل مظاهر سلطة الرئيس على شخص المرؤوس في أن يخصص الرئيس للمرؤوس عمال‬
‫معينا وأن يقوم بنقله أو ترقيته أو عزله في حدود ما ينص عليه القانون ‪.‬‬

‫ب‪-‬سلطة الرئيس على أعمال المرؤوس ‪.‬‬

‫إن الرئيس اإلداري األعلى له سلطة على أعمال مرؤوسيه سواء قبل قيامهم بالعمل المكلفين به‬
‫أو بعد قيامهم به وتتجلى سلطة الرئيس هنا في نوعين من الرقابة رقابة سابقة ورقابة الحقة‪.‬‬

‫ب‪ 1-‬الرقابة السابقة‪.‬‬

‫تعرف الرقابة السابقة أيضا برقابة التوجيه واألوامر‪ ،‬أي ما يوجهه الرئيس لمرؤوسيه من أوامر‬
‫وتعليمات سواء كانت مكتوبة أو شفاهية ‪ ،‬ال تثار أية إشكالية عند ما تكون األوامر الصادرة من‬
‫الرئيس للمرؤوس مشروعة ‪ ،‬لكن اإلشكالية تثار عندما تكون األوامر غير المشروعة‪.‬‬

‫وعلى إثر ذلك ظهرت ثالث اتجاهات فقهية في مسألة مدى طاعة المرؤوس ألوامر الرئيس غير‬
‫المشروعة وهو ما س نحاول إبرازه ثم نتطرق إلى موقف المشرع الجزائري من هذه المسألة‪.‬‬

‫ب‪-1 -‬أ االتجاه األول ‪ :‬األوامر غير المشروعة ليست ملزمة للمرؤوس ‪.‬‬

‫تزعم هذا االتجاه الفقيه "ديجي" الذي يرى أن المرؤوس ال يجب عليه طاعة أوامر الرئيس غير‬
‫المشروعة ولكن إذا نفذها يعد مرتكبا لخطأ شخصي‪ ،‬باستثناء الجنود الذين رأى أن من واجبهم‬
‫طاعة أوامر الرئيس دون أن يكون لهم حق مناقشتها ‪ ،‬وحسب " ديجي" فالموظف عليه احترام‬
‫أولوية تطبيق القانون على طاعة أوامر الرئيس حفاظا على مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫ب‪ -1-‬ب االتجاه الثاني ‪ :‬األوامر غير المشروعة ملزمة للمرؤوس‪.‬‬

‫تبنى هذا االتجاه الفقيه " موريس هوريو" فحسبه على المرؤوس طاعة أوامر الرئيس ولو كانت‬
‫غير مشروعة فليس له أن يقوم بمناقشتها او عدم تنفيذها ‪ ،‬إذ أن " موريس هوريو" أعطى‬
‫األولوية لواجب الطاعة على حساب مبدأ المشروعية ألنه يرى أن مناقشة أوامر الرئيس من شأنه‬
‫عرقلة العمل اإلداري ويعد الخطأ هنا خطأ مرفقيا وليس خطأ شخصيا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ب‪-1-‬ج االتجاه الثالث‪ :‬األوامر غير المشروعة ملزمة في حدود معينة ‪.‬‬

‫تزعم هذا االتجاه الفقيه " البند" الذي حاول التوفيق بين الرأيين السابقين ‪ ،‬فهو يرى أن‬
‫المرؤوس عليه إطاعة أوامر الرئيس غير المشروعة بشرط أن يتأكد من توافر الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪-‬التأكد من أن األمر الصادر إليه يكون من سلطة مختصة بإصداره‪.‬‬

‫‪-‬التأكد من أن األمر الصادر إليه يدخل في اختصاصه أم ال‪.‬‬

‫‪-‬التأكد من مدى استيفاء األمر الصادر إليه قد احترمت فيه الشكلية التي يتطلبها القانون ‪.‬‬

‫ب‪-1-‬د موقف المشرع الجزائري ‪.‬‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 129‬من القانون المدني التي تنص على" ال يكون الموظفون واألعوان‬
‫العموميين مسئولين شخصيا عن أفعالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا ألوامر صدرت‬
‫إليهم من رئيس متى كانت إطاعة هذه األوامر واجبة عليهم " فمن خالل هذه المادة التي لم تفصل‬
‫نهائيا في موقف المشرع الجزائري إال أن الدكتور "عمار عوابدي "يرى من خالل تحليله لهذه‬
‫المادة أن الموظف ملزم بإطاعة األوامر المشروعة أما األوامر غير المشروعة ليست ملزمة له‬
‫وليس من واجبه تنفيذها‪.‬‬

‫ب‪ 2-‬الرقابة الالحقة‪.‬‬

‫وهي مجموعة الصالحيات التي يمارسها الرئيس على المرؤوس بعد قياه هذا األخير بالعمل‬
‫المكلف به وتتخذ الصور التالية‪:‬‬

‫ب‪-2-‬أ المصادقة‪.‬‬

‫المصادقة وتتمثل في قيام الرئيس بإجازة أعمال مرؤوسيه سواء بصفة صريحة أو بصفة‬

‫ضمنية‪.‬‬

‫ب‪-2-‬ب التعديل‪.‬‬

‫يحق للرئيس تعديل األعمال التي قام بها المرؤوس سواء باإلضافة أو الحذف حفاظا على مبدأ‬
‫المشروعية‪.‬‬

‫ب‪-2-‬ج اإللغاء‪.‬‬

‫وهو إلغاء عمل المرؤوس من طرف الرئيس العتبارات تتعلق بظروف ومعطيات العمل‬
‫اإلداري ويكون لهذا اإللغاء أثر فوري‪.‬‬

‫ب‪-2-‬د السحب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وهي إزالة ما قام به الرئيس من عمل بأثر رجعي ‪ ،‬أي هو إعدام القرارات المتخذة من طرف‬
‫المرؤوس بأثر رجعي بالنسبة للماضي والمستقبل وتقع على القرارات غير المشروعة وخالل‬
‫مدة معينة‪.‬‬

‫ب‪-2-‬ه الحلول‪.‬‬

‫قد يحل الرئيس محل المرؤوس عند تقاعس هذا األخير عن أداء العمل الموكل إليه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬صور المركزية اإلدارية‪.‬‬

‫تأخذ المركزية اإلدارية في العمل صورتين هما‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التركيز اإلداري‪.‬‬

‫يعد التركيز اإلداري أو ما يطلق عليه بالمركزية المتوحشة أو المطلقة أقدم صورة للمركزية‬
‫اإلدارية وفيه ترتكز الوظيفة اإلدارية في عمومياتها وجزئياتها في يد الوزراء بالعاصمة حيث أن‬
‫ممثليهم في األقاليم ليس لهم أية صالحية للبت في األمور اإلدارية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عدم التركيز اإلداري‪.‬‬

‫يعرف أيضا بالمركزية المخففة أو المعتدلة وفيه يتم توزيع أو إعطاء بعض االختصاصات‬
‫والصالحيات لبع ض موظفي أو ممثلي الوزراء دون الرجوع إلى الوزراء‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني‬
‫استقالل هؤالء الموظفين عن الوزراء التابعين لهم بل يبقون خاضعين لهم في إطار السلطة‬
‫الرئاسية ويكون توزيع نقل هذه االختصاصات من الرئيس إلى المرؤوس إما بنص قانوني أو‬
‫بموجب التفويض الذي يعتبر أهم صور عدم التركيز اإلداري ‪،‬وسنحاول إبراز هذه اآللية من‬
‫خالل تعريفها وتحديد شروطها‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف التفويض ‪.‬‬

‫يقصد بهذا النوع من التفويض أن يعهد صاحب االختصاص بممارسة جانب من اختصاصاته‬
‫سواء في مسألة معينة أو مسائل معينة إلى فرد أخر أو سلطة أخرى‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع التفويض‪.‬‬

‫ينقسم التفويض إلى تفويض اختصاص وتفويض توقيع ‪ ،‬فتفويض االختصاص هو نقل جزء من‬
‫صالحيات الرئيس إلى أحد مرؤوسيه بشرط أن يسمح القانون بذلك ‪ ،‬وأن تكون ممارسة هذه‬
‫االختصاصات تحت رقابة الرئيس ‪ ،‬ولهذا لنوع مجموعة من الشروط هي‪:‬‬

‫أ‪-‬أن يكون التفويض جزئيا‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن يكون بنص قانوني‪.‬‬

‫ج‪-‬أن يكون مؤقتا‪.‬‬

‫د‪ -‬ال يجوز تفويض االختصاصات المفوضة‪.‬‬


‫‪4‬‬
‫ه‪ -‬بقاء الرئيس مسؤوالء ألنه تفويض سلطة ال تفويض مسؤولية‪.‬‬

‫أما تفويض التوقيع فهو يقوم على االعتبار الشخصي إذ ينطوي على ثقة الرئيس بأحد مرؤوسيه‬
‫فهو عمل مادي يتمثل في توقيع المفوض إليه على بعض القرارات التي تدخل في اختصاصات‬
‫الرئيس ومن ثمة ينتهي بتغير أحدهما ‪ ،‬كما يقصد به أن يعهد الرئيس إلى أحد مرؤوسيه بالتوقيع‬
‫على بعض القرارات نتيجة االعتبار الشخصي القائم بينهما‪.‬‬

‫وتجد اإلشارة إلى أن تفويض االختصاص يختلف عن تفويض التوقيع في كون تفويض التوقيع ال‬
‫يمنع الرئيس من ممارسة االختصاصات المفوضة كما أنه يقوم على االعتبار الشخصي كما أنه‬
‫ينتهي بتغير أحدهما‪ ،‬أما تفويض االختصاص ففيه يمتنع الرئيس عن ممارسة ما تم تفويضه‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مزايا وعيوب المركزية اإلدارية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المزايا‪.‬‬

‫تتجلى مزايا المركزية اإلدارية فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬سياسيا‪ :‬المركزية اإلدارية تقوي نفوذ الدولة وسلطاتها على كامل أجزاء إقليمها‬
‫خاصة في الدول حديثة النشأة‪.‬‬
‫‪-2‬إداريا‪ :‬تطبيق المركزية اإلدارية يؤدي إلى توحيد أسلوب العمل اإلداري داخل الدولة‬
‫وهو ما يؤدي إلى ثبات واستقرار اإلجراءات اإلدارية ووضوحها ودقتها‪ ،‬كما تؤدي إلى‬
‫تحقيق المساواة أمام الخدمات وذلك ألشراف الحكومة على كافة األقاليم‪ ،‬كما أنها أفضل‬
‫األساليب إلدارة بعض المرافق العامة كمرفق األمن والدفاع والقضاء‪.‬‬
‫‪-3‬ماليا‪ :‬المركزية اإلدارية تساهم في التقليل من النفقات العامة ألنه ثبت أن االستقالل‬
‫المالي للوحدات اإلقليمية أو المرفقية يؤدي إلى عدم التحكم والتبذير عند اإلنفاق العام ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عيوبها ‪.‬‬
‫تتمثل عيوب المركزية اإلدارية فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬سياسيا‪ :‬تبني نظام المركزية اإلدارية يجعل من الوزراء يهتمون بعدة مسائل وبالتالي‬
‫يهملون المسائل الجوهرية أو ذات األهمية الكبيرة كالتخطيط واالستشراف ورسم‬
‫السياسة العامة‪ ،‬كما أن حصر الوظيفة اإلدارية في يد الوزراء أضحى مناقضا لمفهوم‬
‫الديمقراطية الحديثة القائمة على مشاركة الشعب في اختيار ممثليه ‪.‬‬
‫‪-2‬إداريا‪ :‬المركزية اإلدارية تؤدي إلى قتل روح المبادرة لدى الموظفين ألنه يعتبرون‬
‫مجرد منفذين لألوامر الصادرة من السلطة المركزية‪.‬‬
‫‪ -3‬اجتماعيا واقتصاديا‪ :‬أدت المركزية اإلدارية إلى فوراق اجتماعية واقتصادية بين‬
‫أقاليم الدولة الواحدة نتيجة استئثار المدن الكبرى بالمرافق العامة وهو ما جعل المناطق‬
‫النائية تعاني اجتماعيا واقتصاديا‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫تعتبر الالمركزية اإلدارية أحد أساليب التنظيم اإلداري خاصة في الدول الحديثة‬
‫وسنحاول التطرق إلى مفهومها وإلى أركانها ثم نتناول مزاياها وعيوبها‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الالمركزية اإلدارية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إلى جانب نظام المركزية قامت الدول بتبني أسلوب إلى أخر للتنظيم اإلداري يقوم على‬
‫توزيع االختصاصات بين الحكومة وهيئات إقليمية ومرفقية مع تمتعها بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬يطلق على هذا األسلوب بنظام الالمركزية اإلدارية وسنحاول تعريفها ثم‬
‫التطرق لصورها‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫تعرف الالمركزية اإلدارية على أنها توزيع الوظائف اإلدارية بين الحكومة المركزية في‬
‫العاصمة وبين هيئات محلية أو مصلحية مستقلة بحيث تكون هذه الهيئات في ممارستها‬
‫لوظيفتها اإلدارية تحت رقابة الحكومة المركزية‪.‬‬
‫وأسلوب الالمركزية لها جانب سياسي يتمثل في إعطاء األجهزة المحلية تسير شأنها‬
‫المحلي مما يحقق الديمقراطية اإلدارية ‪ ،‬وجانب قانوني يتجلى في توزيع االختصاصات‬
‫بين الحكومة وهيئات محلية أو مصلحية تتمتع بالشخصية المعنوية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫تنقسم الالمركزية إلى صورتين هما‪:‬‬

‫‪ -1‬الالمركزية اإلقليمية‪.‬‬

‫تعرف أيضا باإلدارة المحلية حيث يتم منح جزء من اإلقليم الشخصية المعنوية‬
‫واإلشراف على المرافق المحلية قصد تسييرها أوهي توزيع االختصاصات بين الدولة‬
‫والوالية والبلدية إلدارة هذه األخيرة للمرافق المحلية مع تمتعها بالشخصية المعنوية مع‬
‫لرقابة الحكومة المركزية تقوم غالبا عل نظام االنتخاب‪.‬‬

‫‪ -2‬الالمركزية المرفقية‪.‬‬

‫نعني بها منح مرفق عام الشخصية المعنوية مما يجعله مستقال عن اإلدارة المركزية‬
‫األمر الذي يمكنه من أداء وظيفته ( الجامعة‪ ،‬المستشفى)‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أركان الالمركزية اإلدارية‪.‬‬

‫تقوم الالمركزية اإلدارية على ثالثة أركان‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية‪.‬‬

‫ا ألجهزة المركزية تتولى إدارة بعض الشؤون المتعلقة بالدولة كلها (األمن ‪ ،‬الدفاع‬
‫القضاء‪ ،‬الخارجية) في المقابل تعترف لألجهزة المحلية بممارسة بعض الوظائف التي‬
‫تهم سكان اإلقليم ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك أسلوبين لتحديد اختصاصات الهيئات المحلية والوطنية‬
‫فاألسلوب الفرنسي يقوم على تحديد اختصاصات الهيئات الالمركزية بموجب قواعد‬
‫عامة بحيث تقوم الهيئات الالمركزية باألعمال التي تتسم بالطابع المحلي كلها‬

‫أو بعضها‪ ،‬أما األسلوب اإلنجليزي فيتمثل في تحديد اختصاصات الهيئات الالمركزية‬
‫على سبيل الحصر فال يحق لها أن تمارسا نشاطا جديدا إال بتشريع مستقل ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ثانيا‪ :‬استقالل الهيئات الالمركزية عن السلطة المركزية ‪.‬‬

‫يسمى هذا الركن أيضا باالعتراف بوجود هيئات محلية أو مرفقية مستقلة ‪،‬ويقصد به أن‬
‫الهيئات المحلية أو المرفقية تكون مستقلة عن السلطة المركزية وهو ما يجعلها تتخذ‬
‫القرارات اإلدارية لتسيير شؤونها عن طريق االعتراف لها بالشخصية المعنوية ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الخضوع للوصاية اإلدارية‪.‬‬

‫تخضع األجهزة المحلية والمرفقية لوصاية السلطة المركزية وتعني مجموعة السلطات‬
‫التي يقررها القانون لسلطة عليا على أشخاص الهيئات الالمركزية وأعمالهم بقصد‬
‫حماية المصلحة العامة ‪،‬فهي أداة قانونية تضمن وحدة بإقامة عالقة قانونية دائمة مستمرة‬
‫بين األجهزة المحلية والسلطة المركزية‬

‫وتتجلى مظاهر الوصاية اإلدارية في الرقابة على الهيئات ذاتها وكذا الرقابة على‬
‫األشخاص والرقابة على األعمال‪.‬‬

‫‪ -1‬الرقابة على الهيئة ذاتها‪.‬‬

‫القانون هو من ينشأ الوحدات اإلدارية الالمركزية وهو ما يعطي للسلطة المركزية حق‬
‫إيقاف وحل هذه األجهزة طبقا لإلجراءات والشروط المحددة في القانون فمثال قانون‬
‫البلدية لسنة ‪ 1967‬كان ينص على إمكانية توقيف أو تعطيل سير المجلس ‪ ،‬كما أن قانون‬
‫البلدية رقم ‪ 10-11‬وقانون الوالية ‪ 07-12‬نص على حل المجلس الشعبي البلدي‬
‫والوالئي كما يحق للجهات الوصية دعوة هذه الهيئات لالنعقاد في دورات استثنائية ‪.‬‬

‫‪ -2‬الرقابة على األشخاص‪.‬‬

‫للسلطة الوصية حق الرقابة على أشخاص الوحدات الالمركزية سواء كانوا معينين أو‬
‫منتخبين وتتجلى مظاهر هذه الرقابة في التعيين‪ ،‬الترقية ‪ ،‬النقل ‪ ،‬العزل ‪ ،‬اإلقالة‪،‬‬
‫التوقيف ‪ ،‬اإلقصاء ‪.‬‬

‫‪ -3‬الرقابة على األعمال‪.‬‬

‫القاعدة العامة أن الهيئات الالمركزية لما تتمتع به من استقاللية عند قيامها بوظائفها فإنها‬
‫ال تخضع للرقابة السابقة أو ما يعرف برقابة التوجيه واألوامر ألن ذلك فيه مساس‬
‫باستقالليتها‪ ،‬إال أنها تخضع لرقابة التعقيب أو ما يطلق عليه بالرقابة الالحقة التي تتخذ‬
‫المظاهر اآلتية‪:‬‬

‫ا‪-‬التصديق‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫القاعدة العامة أن قرارات الهيئات المحلية أو المرفقية تكون نافذة بمجرد صدورها إال أن‬
‫مختلف النصوص المتعلقة باإلدارة الالمركزية أعطت للجهات الوصية حق التصديق‬
‫على بعض القرارات سواء كانت المصادقة صريحة أو ضمنية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬البطالن‪.‬‬

‫يمكن للجهات الوصية إلغاء بعض قرارات الهيئات الالمركزية مثلما أوردته المادة ‪59‬‬
‫من قانون ‪ 10-11‬فمثال تعد مداوالت المجلس الشعبي البلدي باطلة بقوة القانون‬
‫المداوالت غير المحررة باللغة العربية ‪ ،‬وتكون قابلة لإلبطال المداوالت التي يحضر‬
‫فيها رئيس المجلس الشعبي البلدي أو أي عضو من أعضاء المجلس رغم أن موضوعها‬
‫يعارض مصالحه‪ ،‬إال انه يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يرفع تظلما إداريا‬

‫أو دعوى قضائية أمام الجهات المختصة ضد قرار الوالي الذي يثبت بطالن أو رفض‬
‫المداولة ‪.‬‬

‫ج‪-‬الحلول‪.‬‬

‫قد تتدخل الهيئات المركزية وتحل محل الهيئات الالمركزية نتيجة إهمال أو عدم تنفيذ‬
‫هذه األخيرة اللتزاماتها ‪ ،‬فتقوم السلطات بتنفيذها مثل قيام الوالي بالحلول محل رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي في حال امتناع هذا األخير عن اتخاذ القرارات الموكلة له‬
‫بمقتضى القوانين والتنظيمات وذلك بعد اعذراه وهذا طبقا لنص المادة ‪ 101‬من قانون‬
‫البلدية لسنة ‪2011‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مزايا وعيوب الالمركزية اإلدارية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المزايا‪.‬‬

‫تتمثل مزايا الالمركزية فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬سياسيا‪ :‬النظام الالمركزي يقوم على الديمقراطية إذ أن الشعب له الحق في تسيير شؤونه‬
‫بنفسه عن طريق اختيار ممثليه‪ ،‬كما أنها تعتبر من أقوى األنظمة حيث أن موظفي هذه الهيئات‬
‫هم أدرى بمعرفة مدى حاجات أقاليمهم وهو ما يؤدي إلى حسن سيرها أكثر من السلطة‬
‫المركزية التي تكون بعيدة جدا عن األقاليم‪.‬‬

‫‪ -2‬إداريا‪ :‬الالمركزية ا إلدارية تؤدي إلى تقليل األعباء على الهيئات المركزية وهو ما يمكن هذه‬
‫الهيئات من االهتمام بالمسائل ذات البعد الوطني ‪ ،‬إضافة إلى أنها تؤدي إلى سرعة اتخاذ‬
‫القرارات دون انتظار صدور قرارات من السلطة المركزية‪.‬‬

‫‪-3‬اجتماعيا‪ :‬الالمركزية اإلدارية تحقق قدرا من العدالة في توزيع الضرائب العامة ألن كل إقليم‬
‫سيظفر بما يحتاجه لمواجهة المصالح المحلية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العيوب‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫تتمثل مزايا الالمركزية فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬سياسيا‪ :‬الالمركزية اإلدارية تؤدي إلى المساس بوحدة الدولة السياسية وقوتها من جراء‬
‫تفضيل المصالح المحلية على المصلحة الوطنية‪ ،‬كما أنه قد يحدث التصادم بين اختصاصات‬
‫الهيئات المركزية وهيئات الالمركزية لتمتعهما بالشخصية المعنوية ‪.‬‬

‫‪-2‬إداريا‪:‬في الغالب الهيئات الالمركزية تكون أقل خبرة من الهيئات المركزية خاصة الهيئات‬
‫المحلية ألن إدارتها قائم على مبدأ االنتخاب الذي نجم عنه وجود مسيرين تنقصهم الكفاءة والخبرة‬
‫وهو ما انعكس سلبا على أداء هذه الهيئات‪ ،‬كما أنهم مسيري هذه الهيئات قد يفضلون مصالحهم‬
‫المحلية على المصالح الوطنية‪.‬‬

‫‪-3‬ماليا‪ :‬الالمركزية اإلدارية تؤدي إلى اإلسراف والتبذير في اإلنفاق العام‪ ،‬ذلك أن منح هيئات‬
‫الالمركزية االستقالل المالي جعل خزينة الدولة تتحمل نفقات إضافية‪.‬‬

‫‪9‬‬

You might also like