You are on page 1of 29

‫الفصل األول‬

‫التنظيم االداري‬

‫تمهيد و تقييم‪:‬‬

‫يقصد بالتنظيم االداري " ‪ "l’organisation Administrative‬تصنيف االجهزة االدارية‬


‫و تقسيمها و تحديد عالقاتها فيما بينها أو بمعنى آخر‪ ،‬التنظيم االداري هو التعرف على السلطة االدارية‬
‫بمعناها العضوي‪ ،‬أي وصف االجهزة االدارية القائمة فعال من حيث أنواعها و تشكيلها و اختصاصاتها و‬
‫عالقاتها فيما بينها‪ ،‬و مع غيرها من السلطات األخرى‪.‬‬

‫و يقوم تقسيم االجهزة االدارية و تصنيفها على عدة مبادئ أساسية أهمها‪ :‬وحدة الرئاسة و األمر‬
‫في الدولة‪ ،‬مبدأ نطاق التمكن و الرقابة و التسلسل في القيادة و األمر‪ ،‬التدرج في السلطة و‬
‫المسؤولية‪ ،‬تالزم و تناسب السلطة و المسؤولية‪ ،‬بساطة التنظيم و مرونته‪.‬‬

‫‪ -‬أولى ه^^ذه المب^^ادئ مب^^دا وح^^دة الرئاس^^ة و األم^^ر و ال^^ذي بموجب^^ه تتح^^دد س^^لطة اص^^دار االوام^^ر و‬
‫الق^ ^ ^^رارات في مص^ ^ ^^در^ واح^ ^ ^^د‪ ،‬فال يخض^ ^ ^^ع الم^ ^ ^^رؤوس إالّ ل^ ^ ^^رئيس اداري واح^ ^ ^^د يتلقى من^ ^ ^^ه األوام^ ^ ^^ر و‬
‫^ل مجموع^ة‬
‫التعليمات ‪.‬و حيث ال يتضمن هذا المبدأ تركيز السلطات في يد فرد واحد‪ ،‬و إنم^^ا يك^ون لك ّ‬
‫من العاملين رئيس اداري مباشر يقوم بتوجيههم و اصدار األوامر الالزمة بحسن سير العمل االداري‪.‬‬

‫و يرجع اساس هذا المبدأ الى مبدأ آخر و هو نطاق التمكن أو الرقابة ‪، spam of control‬‬
‫و الذي يقضي بتحديد األفراد المرؤوسين الذي يخضعون لرقابة و إشراف رئيس واحد بعدد معين‪ ،‬ألنه‬
‫ال يستطيع أن يباشر ذلك االشراف بفاعلية و كفاءة إالّ في هذا النطاق‪.‬‬

‫و يتطلب احترام مبدأ وحدة القيادة و األمر تطبيق مبدأ تسلسل القيادة ‪chain of‬‬
‫‪ command‬بمعنى أن يصدر الرئيس اإلداري أوامره و نواهيه الى مرؤوسيه^ المباشرين دون غيرهم‬
‫فال توجه هذه األوامر الى أبعد من ذلك‪ ،‬ألن الخروج من هذا التسلسل يؤدي الى اضطراب العمل‬
‫اإلداري و انهيار مبدأ وحدة الرئاسة و األمر في نهاية المطاف‪.‬‬
‫و بناء على المبادئ السابقة‪ ،‬تتدرج السلطات و المسؤوليات وفق شكل هرمي من أعلى الى اسفل‬
‫تطبيقا لمبدأ التدرج في السلطات و المسؤوليات‪ ،‬حيث ينتظم جميع الموظفين في المنظمات اإلدارية‬
‫في هرم وظيفي نجد في قمته الرئيس األعلى للمنظمة‪ ،‬يتسع بعدها ليضم نواب الرئيس‪ ،‬و من ثم رؤساء‬
‫اإلدارات العامة و يأخذ في االتساع ليشمل مديري المصالح المختلفة و في القاعدة توجد الفروع‬
‫المختلفة لإلدارات‪.‬‬

‫و ترتيب^^ا على ذل^^ك ‪.‬يوج^^د ارتب^^اط ض^^مني ش^^رطي بين الس^^لطات و المس^^ؤوليات‪ ،‬حيث منح الس^^لطة‬
‫من أجل تحقيق هدف معيّن يستبع اسناد المسؤولية عن^د انج^از ه^ذا اله^^دف‪ ،‬حيث ال س^^لطة بال مس^ؤولية‬
‫و ال مسؤولية ب^دون س^لطة‪ ،‬و ه^ذا م^ا يس^مى بمب^دأ تالزم الس^لطة و المس^ؤولية‪ ،‬و ال^ذي يتفاع^ل م^ع مب^دأ‬
‫آخر هو مبدأ تناسب السلطة و المسؤولية‪ ،‬حيث كلما زادت الس^لطات الممنوح^ة لموظ^ف م^ا في الس^لم‬
‫االداري زادت معه^^ا المس^^ؤوليات المقدم^^ة ل^^ه و كلم^^ا انكمش حجم ه^^ذه الس^^لطات تض^^اءل معه^^ا مق^^دار‬
‫المسؤوليات الممنوحة له‪.‬‬

‫فع ^^ال في بس ^^اطة التنظيم االداري و الس ^^لم االداري و‬


‫ك ^^ل ه ^^ذه المب ^^ادئ الس ^^ابقة‪ ،‬س ^^اهمت بش ^^كل ّ‬
‫مرونت^^ه‪ ،‬فتص^^نف االجه^^زة االداري^^ة لتتناس^^ب م^^ع الق^^رارات و االوام^^ر و التعليم^^ات االداري^^ة داخ^^ل الس^^لم‬
‫االداري ومن ثم يطبقها المرؤوس االداري بسهولة و يسر‪ ،‬رغم تع ّدد و تنوع األجهزة االدارية‪.‬‬

‫و ب ^ ^^الرغم من أن الس ^ ^^لطة االداري ^ ^^ة تم ^ ^^ارس نش ^ ^^اطها في ال ^ ^^دول المختلف ^ ^^ة من خالل مجموع ^ ^^ة من‬
‫األش^ ^ ^^خاص الطبيع^ ^ ^^يين‪ ،‬إالّ أن ه^ ^ ^^ؤالء األش^ ^ ^^خاص ال يباش^ ^ ^^رون النش^ ^ ^^اط االداري باس^ ^ ^^مهم أو بص^ ^ ^^فتهم‬
‫الشخصية‪ ،‬و إنما بإسم ما يطلق عليهم األشخاص المعنوية أو االعتبارية‪ ،‬اي ان الوزير يم^^ارس اختصاص^^ه‬
‫باس^^^م الش^^^خص المعن^^^وي –الدول^^^ة‪ -‬و ال^^^والي باس^^^م الش^^^خص المعن ^^وي الوالي ^^ة و رئيس البلدي ^^ة باس ^^م‬
‫الشخص المعنوي البلدية ‪.‬‬

‫تعريف الشخص المعنوي ‪:‬‬

‫ويع ^^رف الش ^^خص الق ^^انوني بان ^^ه" الق ^^درة على اكتس ^^اب الحق ^^وق أو تحم ^^ل االلتزام ^^ات"‪ ،‬أو بمع ^^نى‬
‫أخص "مجموع^^ة من األش^^خاص أو األم^^وال ترص^^د لتحقي^^ق غ^^رض معين و يع^^ترف له^^ا الق^^انون بالشخص^^ية‬
‫القانونية"‪ ،‬و تقسم أساسا الى أشخاص معنوية عامة و أشخاص معنوية خاصة‪.‬‬
‫و تقسم االسخاص المعنوية العامة الى اشخاص معنوية افليمية تق^^وم على اس^^اس اقليمي و هي الدول^^ة‬
‫و الوالي^^ة و البلدي^^ة و الى اش^^خاص معنوي^^ة مرفقي^^ة او مص^^لحية و ال^^تي تق^^وم على اس^^اس ن^^وعي و ف^^ني و‬
‫هي المؤسسات العمومية‬

‫و لق ^^د اع^^ترف المش^^رع الجزائ^^ري بفك ^^رة الشخص^^ية المعنوي^^ة و اسس^^ها على اس ^^اس نظري^^ة المج^^از‬
‫القانوني طبقا للمادة ‪ 49‬من القانون المدني و بين اثاره^^ا الق^انوني من خالل الم^^ادة ‪ 50‬وهي االهلي^^ة و‬
‫الذمة المالية و الموطن و حق التقاضي و نائب يعبر عن ارادتها ‪.‬‬

‫و ي^^ترتب على تع^^دد و وح^^دة األش^^خاص االعتباري^^ة في الدول^^ة االختالف في النظ^^ام االداري المتب^^ع ‪,‬‬
‫حيث إذا وجدت شخصية معنوية عامة واحدة في الدولة‪ ،‬يسمى النظام االداري بالنظ^^ام المرك^^زي ‪ ,‬بينم^^ا‬
‫اذا تع^^ددت األش^^خاص المعنوي^^ة العام^^ة بج^^وار شخص^^ية الدول^^ة‪ ،‬س^^واء أك^^انت أش^^خاص معنوي^^ة اقليمي^^ة أو‬
‫مرفقي ^ة^ ( مص ^^لحية) يوج ^^د م ^^ا يس ^ ّ^مى بالنظ ^^ام الالمرك ^^زي ‪,‬و يك ^^ون اتب ^^اع أح ^^د النظ ^^امين االدريين داخ ^^ل‬
‫الدول^^^ة ولي^^^د الظ^ ^^روف السياس^ ^^ية و االقتص^ ^^ادية و االجتماعي^^^ة من جه^ ^^ة‪ ،‬و م^ ^^دى عم ^^ق الديمقراطي^ ^^ة في‬
‫المجال السياسي و االداري من جهة أخرى‪.‬‬

‫بينما يتم توزيع االختصاصات داخل هذه السلطات االدارية سواء أك^انت مركزي^ة أو المركزي^ة بأح^د‬
‫األس ^^لوبين االداريين‪ّ ،‬أم^^ا الترك ^^يز االداري أو ع ^^دم الترك ^^يز االداري‪ ،‬حيث يطب ^^ق ه ^^ذا األخ ^^ير س ^^واء عن‬
‫طريق القانون أو عن طريق التفويض االداري‪.‬‬

‫و على ه^^ذا األس^^اس‪ ،‬س^^ندرس المب^^ادئ العام^^ة ال^^تي تحكم ك^^ل من المركزي^^ة و االداري^^ة من جه^^ة‪ ،‬و‬
‫الالمركزية االدارية من جهة أخرى‪ ،‬و أخيرا التركيز و عدم التركيز االداري و كذا التفويض االداري في‬
‫مبحث أول‪ ،‬ثم نقوم بتطبيق المركزية االدارية في الجزائر في مبحث ثاني‪ ،‬ثم تط^بيق الالمركزي^ة االداري^^ة‬
‫في الجزائر في مبحث ثالث‪.‬‬

‫و عليه‪ ،‬سنقوم بتقسيم هذا الفصل الى المباحث التالية‪:‬‬

‫‪-‬المبحث األول‪ :‬مفاهيم^ أساسية في التنظيم االداري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬السلطات االدارية المركزية في الجزائر‬


‫المبحث الثالث‪ :‬السلطات االدارية الالمركزية في الجزائر‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫مفاهيم أساسية في التنظيم االداري‬

‫تنحص^^ر أنظم^^ة التنظيم االداري في الدول^^ة في المركزي^^ة االداري^^ة من جه^^ة والالمركزي^^ة االداري^^ة من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬حيث كان النظ^^ام المرك^^زي ه^و النظ^^ام االداري الس^^ائد في العص^^ور الوس^طى‪ ،‬و ذل^ك لتقري^^ر‬
‫الس ^^لطة المركزي ^^ة كض ^^مان لف ^^رض س ^^لطتها االداري ^^ة بج ^^وار س ^^لطتها السياس ^^ية على جمي ^^ع أج ^^زاء اقليم‬
‫الدولة‪.‬‬

‫إالّ أنه بعد تطور وظائف الدولة و تزايد مهامها‪ ،‬و مع التق^دم العلمي و التكنول^وجي‪ ،‬ظه^رت الحاج^ة‬
‫الى أس ^^لوب ح ^^ديث للتنظيم االداري يتالءم م ^^ع التط ^^ورات المس ^^تجدة و يق ^^وم على أس ^^س فني ^^ة و علمي ^^ة‬
‫سليمة‪ ،‬مم^ا ادى الى تط^ور النظ^ام االداري المرك^زي من أس^لوب الترك^يز االداري الى مرحل^ة جدي^دة هي‬
‫عدم الترك^يز االداري كم^ا يطل^ق علي^ه في فرنس^ا‪ ،‬أو االدارة الميداني^ة في انجل^ترا‪ ،‬اي توزي^ع س^لطة البت‬
‫في بعض االمور لممثلي الملك في االقاليم دون الرجوع الى السلطة المركزية استجابة للحاجات اليومية‬
‫للمواطنين‪ ،‬و تحقيقا لقدر أكبر من الفعالية اإلدارية‪.‬‬

‫تطور المصالح اإلدارية لألقاليم المختلفة و تميّزه^^ا و تنوعه^^ا في ك^^ل إقليم عن اآلخ^^ر‪ ،‬ظه^^رت‬
‫و مع ّ‬
‫الحاج ^^ة الى مش ^^اركة المواط ^^نين تس ^^يير ش ^^ؤونهم العمومي ^^ة‪ ،‬مم ^^ا ادى الى تخوي ^^ل األق ^^اليم ق ^^در اك ^^بر من‬
‫مما أسفر عنه ظهور نظام الالمركزية االدارية‪.‬‬
‫االستقالل في اتخاذ القرارات المتعلقة^ بها‪ّ ،‬‬

‫لكن م^^ا يج^^در اإلش^^ارة الي^^ه‪ ،‬أن توزي^^ع الوظيف^^ة بين الس^^لطة المركزي^^ة و الس^^لطات اإلقليمي^^ة ال يمس‬
‫وح^^دة الدول^^ة‪ ،‬و ال^^تي تباش^^ر نوع^^ا من الرقاب^^ة على تص^^رفات الهيئ^^ات الالمركزي^^ة عموم^^ا و ه^^و م^^ا يطل^^ق‬
‫عليه‪ :‬الوصاية اإلدارية أو الرقابة الوصائية ‪.La tutelle administrative‬‬
‫ك^^ل ه^^ذه المب^^ادئ و المف^^اهيم‪ ،‬من المركزي^^ة اإلداري^^ة الى الالمركزي^^ة اإلداري^^ة‪ ; ‬الترك^^يز اإلداري و‬
‫ع^^دم الترك^^يز اإلداري‪ ،‬التف^^ويض اإلداري‪ ،‬الرقاب^^ة اإلداري^^ة س^^واء ك^^انت رقاب^^ة رئاس^^ية أو رقاب^^ة وص^^ائية‪،‬‬
‫س ^^نتناولها بالتفص ^^يل في ه^^ذا المبحث من خالل دراس ^^ة ك^^ل من المركزي ^^ة و الالمركزي^^ة في مطلب أول‪،‬‬
‫التركيز و عدم التركيز في مطلب ثان‪ ،‬التفويض اإلداري في مطلب ثالث‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫المركزية و الالمركزية اإلدارية‬

‫سنتناول في هذا المطلب‪ ،‬دراسة كل من نظامي المركزية اإلدارية و الالمركزية اإلدارية بتبيان‬
‫تعريفهما‪ ،‬و األركان الالزم توافرها لكل من النظامين و تحديد مزاياهما و عيوبهما في اطار تنظيم‬
‫السلطة اإلدارية في الدولة‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫المركزية اإلدارية‬

‫تعني المركزية اإلدارية حصر الوظيفة اإلدارية و تجميعها في يد سلطة واحدة رئيسية تنفرد بالبيت‬
‫النهائي في جميع االختصاصات الداخلة في الوظيفة اإلدارية‪ ،‬عن طريق ممثليها في عاصمة الدولة أو في‬
‫اقاليمها‪.‬‬

‫أو بمعنى آخر هي انفراد سلطة إدارية واحدة‪ ،‬مقرها العاصمة‪ ،‬لممارسة الوظيفة اإلدارية بالدولة‪،‬‬
‫عن طريق اقسامها و عمالها التابعين لسلطتها الرئاسية‪ ،‬سواء في داخل العاصمة أو خارجها‪.‬‬

‫و تختلف المركزية اإلدارية بهذا التحديد عن المركزية السياسية و التي تعكس الدولة الموحدة من‬
‫الناحية السياسية‪ ،‬إذ تتميز الدولة الموحدة بوحدة التنظيم السياسي للسلطة فيها‪ ،‬و تخضع لدستور واحد‬
‫و تباشر سيادتها الواحدة على كافة أنحاء الدولة‪ّ ،‬أما المركزية اإلدارية و التي تعكس السلطة اإلدارية‬
‫الموحدة أي أن سلطة البت النهائي في االختصاصات يعود لسلطة إدارية واحدة‪.‬‬
‫ّ‬

‫و ترتيبا على ذلك‪ ،‬يوجد شخص معنوي عام واحد هو شخص الدولة أي أنه ال توجد هناك‬
‫أشخاص معنوية عامة أخرى تشاركها في مباشرة هذه االختصاصات سواء أكانت مصلحية أو إقليمية‪.‬‬

‫و بناء على ما سبق يتضح أن هناك عناصر مح ّددة تقوم عليها المركزية اإلدارية‪ ،‬كما أن هناك مزايا‬
‫و عيوب للنظام المركزي‪ ،‬و هذا ما سنبحثه في ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عناصر المركزية اإلدارية‪:‬‬

‫تقوم المركزية اإلدارية على عناصر أساسية‪ ،‬حصر الوظيفة اإلدارية في يد الحكومة المركزية‪،‬‬
‫التبعية اإلدارية المتدرجة أو التدرج اإلداري‪.‬‬

‫‪ – 1‬حصر الوظيفة اإلدارية في يد السلطة أو الحكومة المركزية في العاصمة‪:‬‬

‫يتمثل هذا العنصر في حصر سلطة التقرير و البت النهائي في جميع االختصاصات في يد السلطة‬
‫المركزية بحيث تمارسها بنفسها أو بواسطة الموظفين التابعين لها الذين ينظمهم سلم وظيفي متدرج‪ ،‬و‬
‫سواء كانوا في العاصمة أو في االقاليم‪.‬‬

‫حيث تمتد سلطة الحكومة أو المركزية الى جميع أنحاء الدولة بحيث تحتكر االشراف على جميع‬
‫المرافق و الهيئات اإلدارية الموجودة في الدولة سواء كانت مرافق عامة وطنية أو مرافق محلية‪ ،‬ألنه ال‬
‫توجد هيئات ال مركزية مستقلة^ في النظام المركزي‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التدرج اإلداري‪ :‬أو التبعية اإلدارية المتدرجة‪:‬‬

‫خالفا للركن األول الذي يتصل بالعنصر الموضوعي في السلطة اإلدارية ‪ ,‬يتصل هذا الركن‬
‫بالعنصر العضوي في السلطة اإلدارية‪.‬‬

‫و يقصد به أن كافة المصالح و الهيئات اإلدارية في السلطة اإلدارية يجمعها بناء واحد هو الجهاز‬
‫اإلداري الذي يتم ترتيبه في صورة سلم متدرج أو هرمي قمته رئيس الهيئة اإلدارية و هو الوزير و يليه‬
‫نواب الوزير ثم رؤساء المديريات في الوزارة ثم يليهم رؤساء المصالح و بعدها رؤساء األقسام ‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫و يؤدي هذا التدرج الهرمي الى ربط الوحدات ببعضها^ البعض بمجموعة من القواعد و المبادئ‪،‬‬
‫أهمها مبدأ تدرج التصرفات^ القانونية الصادرة من هذه الهيئات من ناحية القوة اإللزامية‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫القرار الصادر من الوزير أعلى من القرار الصادر من نائبه‪ ،‬و القرار الصادر من النائب اقوى من القرار‬
‫الصادر من المدير و هكذا‪.‬‬

‫و ترتيب ^ ^^ا على ذل ^ ^^ك‪ ،‬يجب أن تح ^ ^^ترم ال ^ ^^درجات األدنى في الس ^ ^^لم اإلداري ق ^ ^^رارات و توجيه ^ ^^ات‬
‫الق^^رارات األعلى منه^^ا و ه^^ذا م^^ا يس^^مى‪ :‬ب^^واجب الطاع^^ة و الخض^^وع ‪ ،‬أو التبعي^^ة اإلداري^^ة تقابله^^ا الس^^لطة‬
‫الرئاسية التي تمارسها الدرجات اإلدارية األعلى تجاه ما تتلوها من درجات دنيا‪.‬‬

‫‪ – 1‬واجب الطاعة ألوامر و قرارات الرؤساء‪:‬‬

‫‪ – 1‬و معناها أن يلتزم كل مرؤوس في السلم اإلداري بتنفيذ األوامر الصادرة اليه من رئيسه‪ ،‬ح^^تى‬
‫تتحقق وحدة الجهاز اإلداري‪.‬‬

‫و يث ^^ير واجب الطاع ^^ة لق ^^رارات و أوام ^^ر الرؤس ^^اء‪ ،‬مش ^^كلة م ^^دى ال ^^تزام المرؤوس ^^ين بتنفي ^^ذ أوام ^^ر‬
‫الرؤساء‪ ،‬حتى و لو كانت مخالفة للقانون فهل هو ملزم^ باحترامها أم ملزم باحترام تنفيذ األوام^^ر القانوني^^ة‬
‫فقط ؟‬

‫لإلجابة على هذا السؤال يقتضي التمييز بين األوامر المشروعة و األوامر الغير مشروعة^ للرئيس‪.‬‬
‫أ – األوام^ ^^ر المش^ ^^روعة‪ :‬إذا ك^ ^^انت األوام^ ^^ر الص^ ^^ادرة من ال ^^رئيس اإلداري تتماش ^^ى م^ ^^ع مقتض^ ^^يات‬
‫الق^^انون فال ش^^ك أن طاع^^ة الم^^رؤوس واجب^^ة‪ ،‬غ^^ير أن ذل^^ك ال يمن^^ع الم^^رؤوس^ من مناقش^^ة رئيس^^ه اإلداري‬
‫في ح^^دود اخالقي^^ات الوظيف^^ة‪ ,‬و افض^^ل مرحل^^ة إلب^^داء ال^^رأي حس^^ب رأي الفقه^^اء هي المرحل^^ة الس^^ابقة‬
‫الص^^دار الق^^رار أي مرحل^^ة التمهي^^د‪ّ ،‬أم^^ا إذا ص^^در الق^^رار‪ ،‬ف^^إن تنفي^^ذه واجب من الم^^رؤوس وليس ل^^ه ان‬
‫يعرقله أو أن يقف ضد تنفيذه‪.‬‬

‫ب ‪-‬األوام^^ر الغ^^ير مش^^روعة‪ :‬لق^^د أث^^ارت إش^^كالية م^^دى ال^^تزام الم^^رؤوس^ ب^^األوامر الغ^^ير مش^^روعة اش^^كاال‬
‫قانونيا كبيرا في الفقه‪ ،‬حيث انقسم الى ثالث اتجاهات نوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االتجاه األول‪ :‬األوامر الغير مشروعة غير ملزمة^ للمرؤوس‪:‬اتجاه دوجي‪:‬‬

‫إذا أصدر الرئيس أوامر مخالفة للقانون لمرؤوسيه^ فال يل^زم الم^رؤوس بتنفي^ذها‪ ,‬ألن^ه إذا خ^الف األول أي‬
‫ال ^^رئيس الق ^^انون فال يل ^^زم الم ^^رؤوس بإتباع ^^ه ‪,‬إالّ الجن ^^ود فلهم تنفي ^^ذ أوام ^^ر رؤس ^^اؤهم^ دون ان يح ^^ق لهم‬
‫مناقشتها ‪.‬ألن الجندي هو آلة لإلكراه‪ ,‬محرومة ‪2‬من التفكير‪.‬‬

‫و ال خالف ان ه^ذا ال^رأي ينجم عن^ه المحافظ^ة على مب^دأ المش^روعية‪ ،‬غ^ير أن^ه يع^اب علي^ه تعطي^ل الجه^از‬
‫خول للمرؤوس^ تقدير أوام^^ر رئيس^^ه اإلداري و االمتن^^اع عن تنفي^^ذها اذا اقتن^^ع‬
‫اإلداري و عرقلة سيره‪ ,‬إذا ّ‬
‫بعدم مشروعيتها‪.‬وفي حالة تنفيذ االمر الغير المشروع تقوم المسؤولية الشخصية للمرؤوس‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬األوامر الغير مشروعة^ ملزمة^ للمرؤوس‪ :‬اتجاه هوريو‪:‬‬

‫يق^^وم ه^^ذا ال^^رأي على اح^^ترام واجب الطاع^^ة دون االل^^تزام بمب^^دأ المش^^روعية وس^^يادة الق^^انون ‪ ,‬حيث أن‬
‫الم^^رؤوس مل^^زم بتنفي^^ذ األوام^^ر الص^^ادرة الي^^ه من رئيس^^ه اإلداري و ل^^و ك^^انت غ^^ير مش^^روعة‪ ،‬ألن إعط^^اء‬
‫الم^^رؤوس^ س^^لطة فحص األوام^^ر و مناقش^^تها ينج^^ر عن^^ه انتش^^ار ظ^^اهرة الفوض^^ى في المراف^^ق و المؤسس^^ات‬
‫العمومي ^^ة و االخالل بمب ^^دأ س ^^ير المراف ^^ق العام ^^ة بانتظ ^^ام و اض ^^طراد ‪.‬وفي ه ^^ذه الحال ^^ة تك ^^ون المس ^^ؤولية‬
‫مرفقية‪.‬‬

‫االتجاه الثالث‪ :‬األوامر الغير مشروعة ملزمة^ للمرؤوس و فقا لشروط معينة‪:‬‬
‫و ي ^^ترأس ه ^^ذا االتج ^^اه الفقي ^^ه األلم ^^اني البان ^^د‪ ،‬كم ^^ا تبن ^^اه القض ^^اء الفرنس ^^ي و المص ^^ري‪ ،‬و ك ^^ذا الق ^^انون‬
‫المصري في المادة ‪ 63‬من قانون العقوبات‪ ،‬و المادة ‪ 164‬من الق^^انون الم^^دني المص^^ري‪ ،‬و الم^^ادة ‪76‬‬
‫من القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1987‬الخاص بقانون العاملين المدنيين في مصر‪.‬‬

‫و ترتيب^^ا على ذل^^ك‪ ،‬يعفى الم^^رؤوس^ من المس^^ؤولية الجنائي^^ة أو المدني^^ة أو التأديبي^^ة عن أعمال^^ه المخالف^^ة‬
‫للقوانين و اللوائح بتوفر الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ /1‬أن يثبت أن ارتكابه كان تنفيذا ألمر أو قرار مكتوب صادر اليه من رئيسه المختص‪،‬‬

‫‪ /2‬و أن يكون قد نبه رئيسه كتابة بوجه المخالفة في األمر الصادر عنه‪،‬‬

‫‪ /3‬أن يصر الرئيس على أمره رغم تنبيه عليه بوجود هذه المخالفة‪.‬‬

‫و تبعا لهذا ال^رأي‪ ,‬ف^إن المس^ؤولية ال^تي تنجم عن تط^بيق ه^ذا األم^ر المخ^الف للق^انون بتحمله^ا المرف^ق ال‬
‫الموظف‪ ،‬أي المسؤولية تكون مرفقية ليست شخصية للموظف المرؤوس‪.‬‬

‫‪ -‬موقف المشرع الجزائري من اآلراء الفقهية السابقة‪:‬‬

‫لق^^د نص^^ت الم^^ادة ‪ 129‬من ‪ 05‬الق^^انون‪ 10-‬الم^^ؤرخ في ‪ 20‬ج^^وان ‪ 2005‬المتعل^^ق بالق^^انون الم^^دني‬
‫الجزائ ^^ري المع^^^دل و المتمم على " ال يك^^^ون الموظف ^^ون و األع ^^وان العمومي ^^ون مس ^^ؤولين شخص ^^يا عن‬
‫أفع^^الهم ال^^تي أض^^رت ب^^الغير إذا ق^^اموا به^^ا تنفي^^ذا ألوام^^ر ص^^درت الي^^ه من رئيس م^^تى ك^^انت اطاع^^ة ه^^ذه‬
‫األوامر واجبة عليهم"‪.‬‬

‫و بتحليلن ^^ا لنص الم ^^ادة ‪ 129‬من الق ^^انون الم ^^دني الجزائ ^^ري‪ ،‬ن ^^رى أن المش ^^رع الجزائ ^^ري ق ^^د اعت ^^بر أن‬
‫تنفيذ األوامر الصادرة من الرؤساء وفقا^ يقرره القانون ي^^رتب المس^^ؤولية المرفقي^^ة ال الشخص^^ية للموظ^^ف‪،‬‬
‫و بمفه^^وم المخالف^^ة نعتق^^د أن المش^^رع الجزائ^^ري‪ ،‬يمي^^ل الى اح^^ترام مب^^دأ الطاع^^ة و الخض^^وع ألوام^^ر و‬
‫تعليم^^ات الرؤس^^اء اإلداريين‪ ،‬و ه^^ذا م^^ا أكدت^^ه الم^^واد ‪ 40‬و ‪ 41‬و ‪ 47‬من األم^^ر رقم ‪ 03-06‬الم^^ؤرخ‬
‫في ‪ 15‬جويلية ‪ 2006‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيف^ة العمومي^^ة‪ ،‬حيث تق^^ر ب^واجب الطاع^^ة من‬
‫خالل نص الم^^ادة ‪ " 2-42‬كم^^ا يجب علي^^ه أن يتم بك^^ل األح^^وال س^^لوك الئ^^ق مح^^ترم" و الم^^ادة ‪" 40‬‬
‫يجب على الموظ^^^ف في اط^^^ار تأدي^^^ة مهام^^^ه‪ ،‬اح^^^ترام س^^^لطة الدول ^^ة و ف ^^رض احترامه ^^ا وفق^^^ا للق ^^وانين و‬
‫التنظيمات المعم^ول به^ا"‪ ،‬و الم^ادة ‪ " 47‬ك^ل موظ^ف مهم^ا ك^انت رتبت^ه في الس^لم اإلداري مس^ؤول عن‬
‫تنفي^ ^^ذ المه^ ^^ام الموكل^ ^^ة الي^ ^^ه ال يعفى الموظ^ ^^ف من المس^ ^^ؤولية المنوط^ ^^ة ب^ ^^ه بس^ ^^بب المس^ ^^ؤولية الخاص^ ^^ة‬
‫بمسؤوله"‪.‬‬

‫‪ – 2‬السلطة الرئاسية‪:‬‬

‫يقصد بالسلطة الرئاسية مجموعة االختصاصات التي يتمتع بها الرئيس في مواجهة مرؤوس^^يه من ش^^أنها أن‬
‫تجع^^ل ه^^ؤالء يرتبط^^ون ب^^ه برابط^^ة التبعي^^ة و الخض^^وع‪ ،‬و ه^^ذا الس^^لطة هي اختص^^اص يمنح^^ه الق^^انون رعاي^^ة‬
‫للمصلحة العامة و حسن سير المرافق العامة‪.‬‬

‫و تعت^^بر الس^^لطة الرئاس^^ية الرك^^يزة األساس^^ية لوج^^ود النظ^^ام المرك^^زي‪ ،‬حيث تتق^^رر لل^^رئيس على مرؤوس^^يه^‬
‫بشكل طبيعي دون نص‪ ،‬و تقابلها مسؤولية الرئيس عن أعمال مرؤوسيه أمام رئيسه األعلى‪.‬‬

‫و تعت^^بر الس^^لطة الرئاس^^ية س^^لطة ش^^املة‪ ،‬ألنه^^ا تش^^مل أش^^خاص المرؤوس^^ين و أعم^^الهم‪ ،‬م^^ع ح^^ق الم^^رؤوس‬
‫في التظلم من األوامر الصادرة اليه‪،‬إذا رأى أنها مشوبة بعيب من العيوب‪.‬‬

‫أ – سلطة الرئيس على أشخاص المرؤوسين‪:‬‬

‫تشمل سلطة الرئيس على أشخاص المرؤوسين سلطة تعيينهم و توزيعهم على اإلدارات المختلفة و توزيع‬
‫األعم^^ال الوظيفي^^ة عليهم‪ ،‬كم^^ا تتض^^من س^^لطة نقلهم من إدارة الى أخ^^رى‪ ،‬و ك^^ذلك ترقي^^ة الم^^وظفين الى‬
‫درجات وظيفية أعلى‪ ،‬إلى توقيع الجزاءات التأديبية عليهم عند ارتكابهم األخطاء أو مخالفات إدارية بم^^ا‬
‫فيها الفصل من الوظيفة العامة طبقا لما يقرره القانون‪.‬‬

‫ب – سلطة الرئيس على أعمال المرؤوسين‪:‬‬

‫تتفرع هذا السلطة الى فرعين‪ :‬سلطة سابقة على قيام المرؤوسين بمباشرة اختصاصاتهم‪ ،‬تتمثل في س^^لطة‬
‫التوجيه‪ ،‬و سلطة الحقة على صدور تصرفات و أعمال المرؤوسين‪ ،‬هي سلطة التعقيب‪.‬‬
‫‪ – 1‬سلطة التوجيه‪:‬‬

‫تتضمن هذه السلطات بإصدار األوامر و التعليمات و المنشورات وتفس^ير الق^^وانين و الل^وائح ال^تي يت^^ولّى‬
‫المرؤوسين تنفيذها‪ ,‬و التوجيهات و االرشادات الالزمة لحسن سير العمل اإلداري‪.‬‬

‫و ب ^^الرغم من أن ه ^^ذه المنش ^^ورات و التعليم ^^ات ال تح ^^دث آث ^^ار قانوني ^^ة مح ^ ّددة ألنه ^^ا ال تعت ^^بر ق ^^رارات‬
‫إداري^^ة ‪,‬فال يقب^^ل الطعن به^^ا أم^^ام القض^^اء اإلداري إالّ أنه^^ا ملزم^ة^ للمرؤوس^^ين ال يج^^وز لهم مخالفته^^ا و إالّ‬
‫ع ّدو مرتكبين لمخالفات إدارية تستوجب جزاءات تأديبية عليهم‪.‬‬

‫ب – سلطة التعقيب و الرقابة‪:‬‬

‫ت^^تيح ه^^ذه الس^^لطة لل^^رئيس اإلداري س^^لطة إج^^ازة عم^^ل الم^^رؤوس أو الغ^^اءه أو س^^حبه أو الحل^^ول محل^^ه أو‬
‫تعديله‪.‬‬

‫و قرار الرئيس في إجازة أو إقرار أعمال المرؤوسين قد يكون صريحا او قد يكون اإلقرار أو المص^^ادقة^‬
‫ض^^منية يس^^تفاد من ظ^^روف الح^^ال ‪,‬أو بمع^^نى م^^دة زمني^^ة معين^^ة على ص^^دور الق^^رار من الم^^رؤوس^ بغ^^ير أن‬
‫يعترض عليه الرئيس اإلداري‪.‬‬

‫كما يمل^ك ال^^رئيس اإلداري س^^لطة تع^ديل االعم^^ال المش^^روعة و غ^^ير المش^^روعة لمرؤوس^^يه به^^دف جعله^^ا‬
‫أكثر مالئمة للقانون و حسب ما تستوجبه ظروف و طبيعة العمل اإلداري‪.‬‬

‫كما تنصرف س^لطة ال^^رئيس اإلداري الى الغ^اء الق^^رارات الغ^^ير مش^^روعة للم^رؤوس أو اع^دامها ب^أثر ف^^وري‬
‫بالنس ^^بة للمس ^^تقبل م ^^ع ت ^^رك آثاره ^^ا الماض ^^ية قائم ^^ة لمخالفته ^^ا لمب ^^دأ المش ^^روعية‪ ،‬عكس إلغ ^^اء األعم ^^ال‬
‫المشروعة^ العتبارات تمس ظروف و مقتضيات^ العمل اإلداري‪.‬‬

‫و يختل ^^ف الغ ^^اء الق ^^رارات اإلداري ^^ة من ط ^^رف ال ^^رئيس اإلداري (اإللغ ^^اء اإلداري) عن الس ^^حب اإلداري‪،‬‬
‫ك ^^ون الس^^حب يش ^^مل فق^^ط الق ^^رارات غ^^ير المش ^^روعة‪ ،‬و تك^^ون خالل م^^دة زمني^^ة معين^^ة هي م ^^دة الطعن‬
‫القضائي‪ ،‬و يكون لها أثر رجعي بالقضاء على آثارها في الماضي و المستقبل‪.‬‬
‫و أخ ^^يرا يك ^^ون لل ^^رئيس اإلداري س ^^لطة الحل ^^ول مح ^^ل الم ^^رؤوس^ بحكم س ^^لطته الرئاس ^^ية‪ ،‬أو إذا امتن ^^ع‬
‫المرؤوس أو تراخي عن اتخاذ الق^رار أو الق^رار ال^ذي ينبغي علي^ه اص^داره‪ ،‬لحس^ن س^^ير العم^^ل اإلداري أو‬
‫تطبيقا لسير المرافق العامة بانتظام و اضطراد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقدير المركزية اإلدارية‪:‬‬

‫بعد دراستنا لعناصر المركزية اإلدارية نعرض المزايا ال^^تي يحققه^^ا ه^^ذا النظ^^ام و ال^تي دعت الى األخ^^ذ ب^^ه‬
‫و تطبيقه الكثير من الدول و كذلك العيوب التي أظهرها التطبيق و دعت الى انتقاده‪.‬‬

‫‪ – 1‬مزايا المركزية اإلدارية‪:‬‬

‫إن كل دولة حديثة تحتاج إلى األخذ بالمركزية اإلدارية لتقوية سلطتها و دعم نفوذه^^ا على جمي^^ع أج^^زاء‬
‫اقليمها‪ ،‬حتى تضمن تحقيق الوحدة الوطنية بين جميع أفراد الشعب‪ ،‬كما تكفل المركزية اإلداري^^ة إدارة‬
‫المراف^^ق العام^^ة الوطني^^ة في ك^^ل انح^^اء الدول^^ة على أفض^^ل وج^^ه‪ ،‬نظ^^را لم^^ا تتمت^^ع ب^^ه من إمكاني^^ات مالي^^ة و‬
‫مما يؤدي الى تحقيق مبدأ المساواة باالنتفاع بالمرافق العامة‪.‬‬
‫إدارية و فنية ّ‬

‫كم ^^ا ت ^^ؤدي الى وح ^^دة النظ ^^ام اإلداري في الدول ^^ة و تحقي ^^ق االنس ^^جام و التنس ^^يق بين جمي ^^ع اإلدارات و‬
‫الهيئات و المرافق العامة‪.‬‬

‫و أخ ^^يرا تمت ^^از المركزي ^^ة اإلداري ^^ة باالقتص ^^اد في النفق ^^ات^ العام ^^ة مقارن ^^ة م ^^ع حجم م ^^ا تتطلب ^^ه الهيئ ^^ات‬
‫الالمركزية من نفقات‪.‬‬

‫‪ – 2‬عيوب المركزية‪:‬‬

‫أدى انتش^^ار النظم الديمقراطي^^ة في كث^^ير من دول الع^^الم و اتس^^اع وظ^^ائف الدول^^ة المعاص^^رة‪ ،‬الى تح^ ّ^ول‬
‫ّ‬
‫^حة‬
‫غالبية دول العالم من النظ^^ام المرك^^زي في بعض االختصاص^^ات ك^^التعليم و التج^^ارة و الص^^ناعة و الص^ ّ‬
‫و غيرها الى النظام الالمركزي للتخلص من عيوب المركزية اإلدارية‪.‬‬
‫حيث يع^^اب على النظ^^ام المرك^^زي حرم^^ان الجم^^اهير أو الس^^لطة الش^^عبية من المش^^اركة في ص^^نع الق^^رار و‬
‫تسيير الشؤون المحلية‪ ،‬كما ينجر عن^ه جمل^ة من المش^^اكل اإلداري^ة و ال^تي من بينه^ا البيروقراطي^ة و ع^^دم‬
‫تق ^^ريب اإلدارة من الم ^^واطن و له ^^ذا اتجهت غالبي ^^ة دول الع ^^الم الى االخ ^^ذ بالنظ ^^ام الالمرك ^^زي في بعض‬
‫االختصاصات فما المقصود بهذا النظام‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬

‫الالمركزية اإلدارية‬

‫‪La décentralisation administrative‬‬

‫تقوم الالمركزية اإلدارية على أساس توزيع الوظيفة اإلدارية بين السلطة المركزية و بين هيئات إدارية‬
‫مستقلة^ نخضع للرقابة الوصائية في مباشرتها الختصاصاتها‪.‬‬

‫و المعيار الذي يميز بين المركزية اإلدارية و الالمركزية اإلدارية هو وحدة السلطة اإلدارية أو تعددها‪،‬‬
‫فإن كانت هناك سلطة إدارية واحدة فنحن أمام نظام مركزي‪ّ ،‬أما إذا تع ّددت السلطات اإلدارية بحيث‬
‫توجد سلطات المركزية تتمتع بالشخصية المعنوية و باالستقالل في ممارستها الختصاصاتها تحت‬
‫اشراف السلطة المركزية‪ ،‬نكون بصدد المركزية إدارية‪.‬‬

‫و من جهة أخرى تتميز الالمركزية اإلدارية‪ ،‬عن عدم التركيز اإلداري كأسلوب اداري نطاقه عالقة بين‬
‫رئيس اداري و مرؤوس اداري‪ ،‬حيث يطبق عدم التركيز اإلداري داخل شخص معنوي واحد‪ ،‬بينما‬
‫تمارس الالمركزية اإلدارية بين شخصين معنويين سواء بين الدولة و البلدية‪ ،‬أو الدولة و الوالية‪ ،‬أو‬
‫الدولة و المؤسسة العمومية‪.‬‬

‫كما أن أجهزة عدم التركيز اإلداري تخضع لنظام الرقابة الرئاسية التي يمارسها الرئيس اإلداري على‬
‫مرؤوسه‪ّ ،‬أما األجهزة الالمركزية فتخضع للرقابة الوصائية من طرف السلطة الوصية في الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬كما تختلف الالمركزية اإلدارية عن الالمركزية السياسية‪ ،‬هذه األخيرة التي تقوم على أساس توزيع‬
‫االختصاصات السياسية بين الدولة االتحادية و الواليات و التي ينظمه الدستور االتحادي‪ ،‬بينما توزيع‬
‫الصالحيات بين السلطات المركزية و الهيئات المحلية الالمركزية يتم بموجب قانون اإلدارة المحلية‬
‫(قانون البلدية أو الوالية مثال في الجزائر) ويوجد هذا النظام اإلداري في الدول المركبة‪ ،‬كما يوجد في‬
‫الدول البسيطة‪.‬‬

‫و ذل^^ك ألن النظ^^ام الالمرك^^زي يش^^كل ص^^ورة من ص^^ورة النظ^^ام اإلداري يهتم بدراس^^تها الق^^انون اإلداري‪،‬‬
‫بينم^^ا الالمركزي^^ة السياس^^ية هي نظ^^ام سياس^^ي تتعل^^ق بش^^كل الدول^^ة‪ ،‬و يهتم ب^^ه الق^^انون الدس^^توري أساس^^ا‪،‬‬
‫يوجد فقط في الدول المركبة ‪.‬‬

‫كما أن النظام الفيدرالي‪ ،‬أو الالمركزية السياسية كشكل من أشكال نظام الحكم‪ ،‬يعبر عن م^^دى اش^^تراك‬
‫ك ^^ل دول ^^ة عض ^^و في تك ^^وين اإلرادة العام ^^ة أو السياس ^^ة العام ^^ة في الدول ^^ة من خالل المش ^^اركة في الهيئ ^^ة‬
‫التشريعية مثل ما هو مطبق في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬و سويسرا‪ ،‬بينم^^ا في الالمركزي^^ة اإلداري^^ة‪ ،‬ال‬
‫تشترك الهيئات المحلية الالمركزية في بناء السياسة العامة^ في الدولة‪.‬‬

‫و للتعريف أكثر بنظام الالمركزية اإلدارية‪ ،‬سنقوم بدراسة دع^ائم و أرك^ان ه^^ذا النظ^ام‪ ،‬و بي^^ان ص^وره‪ ،‬ثم‬
‫نقوم بتقديره من خالل دراسة مزايا و عيوب النظام الالمركزي و ذلك ما سنبحثه فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أركان النظام الالمركزي‪:‬‬

‫تنهض الالمركزي^ ^^ة اإلداري^ ^^ة على ثالث رك^ ^^ائز أساس^ ^^ية هي وج^ ^^ود مص^ ^^الح محلي^ ^^ة متم^ ^^يزة عن المص^ ^^الح‬
‫الوطنية‪ ،‬تكوين هيئات مستقلة إلدارة هذه المصالح أخيرا‪ ،‬خض^^وع الهيئ^^ات الالمركزي^^ة للرقاب^^ة الوص^^ائية‬
‫من طرف السلطة الوصية في الدولة‪.‬‬

‫‪ – 1‬وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية‪:‬‬

‫يمثل هذا العنصر نقطة البداية في تك^وين الهيئ^ات الالمركزي^^ة اإلداري^ة س^واء إقليمي^ة أو مص^لحية‪ ،‬إذ يل^^زم‬
‫وج ^^ود مص ^^الح محلي ^^ة ذاتي ^^ة متم ^^يزة عن المص ^^الح الوطني ^^ة العتب ^^ارات سياس ^^ية أو اقتص ^^ادية أو زراعي ^^ة او‬
‫س^^ياحية ‪ ،‬ق^^د تك^^ون األق^^اليم ص^^ناعية تحت^^اج الى تط^^وير و ترقي^^ة لتحقي^^ق حاج^^ات المنطق^^ة‪ ،‬و أخ^^رى ق^^د‬
‫تكون زراعية أو سياسية أو عمرانية‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫ك ^^ل ه ^^ذه الحاج ^^ات المتم ^^يزة و ال ^^تي تختل ^^ف من مك ^^ان الى مك ^^ان آخ ^^ر ال تص ^^لح أن ت ^^دار باألس ^^لوب‬
‫المركزي‪ ،‬بل يجب ادارتها باألسلوب الالمركزي الذي يستطيع أن يستجيب للحاجات المحلية‪.‬‬

‫و الغ^ ^^الب أن يتب^ ^^ع المش^ ^^رع في تحدي^ ^^د اختصاص^ ^^ات الس^ ^^لطات المحلي^ ^^ة أح^ ^^د األس^ ^^لوبين‪ :‬األس^ ^^لوب‬
‫االنجليزي و األسلوب الفرنسي‪:‬‬

‫‪ – 2‬وجود هيئات محلية مستقلة إلدارة المصالح المحلية المتميزة‪:‬‬

‫ان االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة لألقاليم المختلفة ال معنى له بدون أن يتم إنش^^اء هيئ^^ات محلي^^ة‬
‫مستقلة^ يعهد لها بإدارة المصالح المحلية‪.‬‬

‫و تتم^^يز ه^^ذه الهيئ^^ات المحلي^^ة باالس^^تقاللية المالي^^ة و اإلداري^^ة عن طري^^ق منحه^^ا الشخص^^ية المعنوي^^ة‪ ،‬و م^^ا‬
‫يترتب عن ذلك من االعتراف لها بذمة مالية مستقلة‪ ،‬فتكون لها أهلية قانونية‪ ،‬و نائب يعبّر عن ارادته^^ا و‬
‫ذم^^ة مالي^^ة خاص^^ة به^^ا مص^^درها^ الض^^رائب و الق^^روض و رس^^وم انتف^^اع المواط^^نين بالخ^^دمات ال^^تي تؤديه^^ا‪،‬‬
‫عالوة على المنح و اإلعانات التي تقدم اليها من الحكومة المركزية أو المؤسسات العامة و الخاصة‪.‬‬

‫و لقد انقسم الفقه حول كيفية تحقيق استقالل الهيئات المحلية الى اتجاهين رئيسين‪:‬‬

‫االتجاه األول ‪ :‬اتجاه فالين‪:‬‬

‫يرى هذا االتجاه اته يكفي لتحقيق استقالل الهيئات المحلية أن ينص الق^انون على ض^مانات معين^^ة ل^ذلك‬
‫مثل ضمانة عدم القابلية للعزل من طرف السلطات المركزية‪ ،‬أو عدم جواز اخض^^اعهم للمس^^اءلة التأديبي^^ة‬
‫مثل سحب ق^^راراتهم أو الغاءه^^ا أو الحل^^ول محلهم في اتخ^^اذ ه^^ذه الق^^رارات و ك^^ذا تحوي^^ل ه^^ذه الهيئ^^ات‬
‫سلطة اتخاذ القرارات اإلدارية النهائية‪.‬‬
‫و عليه ال يجب الربط بين نظام الالمركزية اإلدارية و االنتخاب لتحقيق استقاللها‪ ،‬و ه^^ذا م^^ا أك^^ده الفقي^^ه‬
‫ڤالين بقوله‪ ":‬أن االنتخاب ليس له قيمة مطلقة في منح الطابع الالمركزي للهيئات الالمركزية‪ ،‬فض^^ال عن‬
‫استقاللها في مواجهة الحكومة المركزية‪ ،‬و إنما هي الوسيلة األكثر اعتيادا لضمان هذا االستقالل"‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪:‬اتجاه هوريو‪:‬‬

‫وانص^^اره هم الغالبي^^ة في فرنس^^ا و مص^^ر و الجزائ^^ر‪ ,‬حيث ي^^رون أن االنتخ^^اب ش^^رط أساس^^ي الس^^تقالل‬
‫مجالس الوحدات أو الهيئ^^ات المحلي^^ة‪ ،‬و ال مج^^ال للمقارن^^ة بين ه^^ذه الهيئ^^ات و القض^^اة الختالف وظيف^^ة‬
‫ك^^ل منهم^^ا‪ ،‬ل^^ذا ف^^العبرة في ش^^كل الهيئ^^ة الم^^ديرة على المس^^توى المحلي‪ ،‬و أن تتك^^ون من منتخ^^بين ح^^تى‬
‫نض^^من ع^^دم تبعيتهم للس^^لطة المركزي^^ة‪ ،‬ل^^ذلك ق^^ال م^^وريس هوري^^و ‪ ":‬إن الالمركزي^^ة اإلداري^^ة تمي^^ل إلى‬
‫إح^^داث مراك^^ز إداري^^ة عام^^ة مس^^تقلة يعين أشخاص^^ها بطري^^ق االنتخ^^اب ليس به^^دف اختي^^ار أفض^^ل الس^^بل‬
‫إلدارة الوحدات اإلدارية المحلية‪ ،‬و إنما من أجل مشاركة أكثر ديمقراطية للمواطنين"‪.‬‬

‫لذا فالالمركزية حسب أنصار االتج^اه الث^^اني ليس^ت إالّ نوع^ا من التط^ور ال^^ديمقراطي و ليس^^ت إالّ مدرس^ة^‬
‫له في الوقت ذاته‪ ،‬فاالنتخاب هو الضمانة األساسية و الوسيلة المثلى لتحقيق الديمقراطي^^ة و تك^^وين ق^^ادة‬
‫سياس^^يين و إداريين على المس^^توى المحلي‪ ،‬أي ه^^و وس^^يلة لتمكين الش^^عب من تس^^يير ش^^ؤونه العمومي^^ة‪،‬‬
‫كم^^ا أق^^رت الم^^ادة ‪ 16‬من دس^^تور ‪ 1996‬الجزائ^^ري بقوله^^ا " المجلس المنتخب قاع^^دة الالمركزي^^ة‪ ،‬و‬
‫مكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية"‪.‬‬

‫و نحن نرى أن االتجاه األول هو األكثر صوابا و منطقية‪ ،‬حيث أنه ال يجوز الخلط بين استقالل الهيئ^ات‬
‫المحلية و وس^^يلة تحقيق^^ه‪ ،‬فاالنتخ^اب بالفع^^ل وس^يلة لتحقي^^ق ه^ذا االس^تقالل لكن بش^رط وج^^ود ض^مانات‬
‫مم^^ا ي^^ؤدي إلى التعب^^ير الحقيقي عن إرادة الن^^اخبين وتك^^وين رأي ع^^ام حقيقي و‬
‫لنزاه^^ة العملي^^ة االنتخابي^^ة‪ّ ،‬‬
‫وعي سياسي لتحقيق نزاهة العملية االنتخابية‪.‬‬

‫و الخالصة أن العبرة باستقالل الهيئات الالمركزية اإلدارية بتوفير ضمانات قانوني^^ة و واقعي^^ة لتحقي^^ق ه^^ذا‬
‫االستقالل و كفالته و هي ضمانات تختلف من دولة الى أخرى و من نظام سياسي و إداري إلى آخر‪.‬‬

‫‪ – 3‬الرقابة الوصائية‪La tutelle :‬‬


‫س^بق و أن أش^رنا إلى أن^ه مهم^ا ك^انت درج^ة االس^تقالل ال^ذي تتمت^ع ب^ه الهيئ^ات اإلداري^ة المحلي^ة‪ ،‬إالّ أنه^ا‬
‫تسمى‪ :‬الوصائية اإلدارية أو الرقابة الوصائية‪.‬‬
‫تخضع لرقابة إدارية من طرف السلطة الوصية ّ‬

‫و يقص^^د به^^ا مجموع^^ة االختصاص^^ات المخول^^ة قانون^^ا للس^^لطة المركزي^^ة للرقاب^^ة على الهيئ^^ات الالمركزي^^ة‬
‫ضمانا لتحقيق مبدأ المشروعية‪ ،‬و استهداف المصلحة العامة‪.‬‬

‫و عليه فالوصاية اإلدارية تتميّز بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪ – 1‬أنه^^ا مجموع^^ة اختصاص^^ات رقابي^^ة ينص عليه^^ا الق^^انون‪ ،‬حيث ال وص^^اية ب^^دون نص " ل^^ذا فإنه^^ا رقاب^^ة‬
‫استثنائية ال تمارس إالّ في الحدود التي يقررها القانون‪.‬‬

‫‪ – 2‬إن الرقاب^^ة الوص^^ائية تس^^تهدف أساس^^ا ض^^مان تحقي^^ق المص^^لحة العام^^ة و ال^^تزام الهيئ^^ات الالمركزي^^ة‬
‫الح^^دود ال^^تي يفرض^^ها الق^^انون على نش^^اطها و أعماله^^ا أي أنه^^ا رقاب^^ة مش^^روعية^ أي تس^^تهدف كفال^^ة مب^^دأ‬
‫المشروعية‪.‬‬

‫‪ – 3‬يأخذ المشرع في مباشرة الرقابة الوصائية بأحد األسلوبين‪:‬‬

‫أ – االس^^لوب االنجل^^يزي ‪:‬و ال^^ذي يق^^وم على إعط^^اء الهيئ^^ات المحلي^^ة اختصاص^^ات مح ^ ّددة على س^^بيل‬
‫الحصر‪ ،‬مع اخضاعها لرقابة وصائية مح ّددة وض^^يقة تتمث^ل أهم مظاهره^^ا في‪ :‬ح^ق الحكوم^^ة المركزي^ة في‬
‫مقاض ^^اة الهيئ ^^ات المحلي ^^ة إذا رأت في أعماله ^^ا انحراف ^^ا عن الق ^^انون‪ ،‬و حقه ^^ا في التف ^^تيش على اعماله ^^ا‬
‫خاص^^ة م^^ا تعل^^ق منه^^ا بالج^^انب الم^^الي‪ ،‬و يتم التف^^تيش بأح^^د الص^^ورتين ّإم^^ا بوج^^ود مفتش مقيم في الهيئ^^ة‬
‫المحلية مع تبعية للحكومة المركزية أو ارسال مفتشين مركزين الى األقاليم‪.‬‬

‫ب – األس ^^لوب الفرنس ^^ي‪ :‬يق ^^وم األس ^^لوب الفرنس ^^ي على خاص ^^يتين أساس ^^يتين هم ^^ا اختصاص ^^ات واس ^^عة‬
‫للسلطات الالمركزية مع خضوعها لرقابة واسعة من طرف السلطات المركزية‪.‬‬

‫و تتمث ^^ل مظ ^^اهر الرقاب ^^ة الوص ^^ائية على الس ^^لطات الالمركزي ^^ة تطبيق ^^ا له ^^ذا األس ^^لوب‪ ،‬و ال ^^ذي أخ ^^ذ ب ^^ه‬
‫المش^^رع الجزائ^^ري‪ ،‬في الرقاب^^ة على الهيئ^^ات المحلي^^ة ذاته^^ا‪ ،‬و ال^تي تتمث^^ل أساس^^ا في ح^^ق ح^^ل المج^^الس‬
‫المحلي ^^ة وفق ^^ا لإلج ^^راءات المنص ^^وص عليه ^^ا قانون ^^ا‪ ،‬و ي ^^ؤدي ذل ^^ك الى إع ^^ادة انتخ ^^اب أعض ^^اء المجلس‬
‫خالل المدة المحددة‪ ،‬و ال يترتب على هذا الحل زوال الشخصية المعنوي^^ة المس^^تقلة للهيئ^^ة اإلقليمي^^ة‪ ،‬و‬
‫الرقابة على أعم^ال الهيئ^ات المحلي^ة‪ ،‬س^واء ك^انت أعماله^ا إيجابي^ة أو س^لبية‪ ،‬و تتمث^ل مظاهره^ا في اإلذن‬
‫الس^^ابق‪،‬او المص^^ادقة^ الص^^ريحة و الض^^منية ‪,‬اإللغ^^اء‪ ،‬و الحل^^ول ال^^ذي يعت^^بر أخط^^ر مظ^^اهر الرقاب^^ة الوص^^ائية‬
‫على األعمال‪.‬‬

‫ّأم^^ا على األعض^^اء المك^ ّ^ونين للهيئ^^ات المحلي^^ة‪ ،‬فتتمث^^ل الرقاب^^ة الوص^^ائية في اإلقال^^ة‪ ،‬التوقي^^ف‪ ،‬الع^^زل أو‬
‫االقصاء‪.‬‬

‫‪ – 4‬تختلف الوصاية اإلدارية أو الرقابة الوصائية عن السلطة الرئاسية من ع ّدة جوانب أهمها‪:‬‬

‫أ – إن الرقاب^^ة الوص^^ائية ال تم^^ارس و ال يك^^ون له^^ا وج^^ود إالّ إذا نص عليه^^ا الق^^انون ص^^راحة تطبيق^^ا‪ " :‬ال‬
‫وص ^^اية ب ^^دون نص"‪ ،‬على خالف الرقاب ^^ة الرئاس ^^ية ال ^^تي تم ^^ارس بص ^^فة تلقائي ^^ة فهي مفترض ^^ة تطبيق ^^ا لمب ^^دأ‬
‫وحدة األمر و الرئاسة‪ ،‬و الوجه الثاني لعالقة التبعية و الخضوع بين الرئيس اإلداري و مرؤوسه‪.‬‬

‫ب – الرقاب^^ة الوص^^ائية تم^^ارس بين شخص^^ين معن^^ويين أح^^دهما الدول^^ة و اآلخ^^ر هيئ^^ة محلي^^ة مس^^تقلة س^^واء‬
‫أكانت البلدية أو الوالية أو المؤسسة العامة‪.‬‬

‫و تطبيقا لذلك‪ ،‬ال يملك الم^^رؤوس ح^^ق الطعن في ق^رار رئيس^ه اإلداري إالّ م^^ا اس^تثناه الق^^انون و القض^اء‪،‬‬
‫على خالف ذل ^^ك يج ^^وز للهيئ ^^ة المحلي ^^ة أن تطعن في ق ^^رار الس ^^لطة المركزي ^^ة‪ ،‬إض ^^افة الى ذل ^^ك يس ^^أل‬
‫الرئيس اإلداري عن أعمال مرؤوسه‪ ،‬بينما ال تتحمل سلطة الوصاية أي مس^ؤولية بش^أن األعم^ال الص^ادرة‬
‫تتحمل المسؤولية القضائية أو السياسية‪.‬‬
‫عن الجهاز المستقل‪ ،‬و يمكن أن ّ‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬صور النظام الالمركزي‪:‬‬

‫تتمثل الالمركزية االدارية في صورتين رئيسيتين‪ :‬الالمركزي^ة االداري^ة المحلي^ة أو االقليمي^ة‪ ،‬و الالمركزي^ة‬
‫االدارية المصلحية أو المرفقية التي تتولّى ادارة بعض الهيئات العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية‪.‬‬

‫‪ – 1‬الالمركزية االدارية االقليمية‪:‬‬


‫تتجس^^د ه^^ذه الص^^ورة عن^^دما يمنح المش^^رع الشخص^^ية القانوني^^ة المعنوي^^ة ألج^^زاء مح ^ ّددة من الدول^^ة مث^^ل‬
‫الوالي^^ات و البل^^ديات في الجزائ^^ر‪ ،‬و مم^^ا ي^^ترتب على ذل^^ك من ممارس^^ة الحق^^وق المع^^ترف به^^ا للش^^خص‬
‫المعنوي من اهلية وحق التقاضي و ذمة مالية مستقلة و استقالل اداري‪.‬‬

‫و ترتيبا على ذلك‪ ،‬تقوم هذه األشخاص الالمركزية بإدارة المرافق و المصالح المحلية عن طريق مجالس‬
‫محلية منتخبة غالبا‪ ،‬و هذه المرافق العامة تشمل جميع الخدمات ال^^تي تق^^دم لس^^كان المنطق^^ة من ص^^حة و‬
‫تعليم و كهرباء و مياه و نظافة‪...‬‬

‫و تعتبر بريطانيا أقدم الدول في األخذ باالدارة المحلية في الع^^الم‪ ،‬و يع^د نظامه^ا أك^ثر النظم االداري^ة دق^ة^‬
‫و انضباطا‪.‬‬

‫الالمركزية المرفقية^ أو المصلحية‪:‬‬

‫ظهر هذا النوع من الالمركزية االدارية حديثا‪ ،‬عندما ت^دخلت الدول^ة المعاص^رة في النش^اط االقتص^ادي و‬
‫أدى الى منح ه^^ذه المراف^^ق الشخص^^ية‬
‫مم^^ا ّ‬
‫االجتم^^اعي‪ ،‬فك^^ثرت المش^^اريع و المراف^^ق و المص^^الح العام^^ة‪ّ ،‬‬
‫االعتبارية لكي تتولّى ادارتها استقالال عن الدولة عن طريق ما يسمى بالمؤسسات العامة‪.‬‬

‫و ق ^^د نش ^^أ ه ^^ذا الن ^^وع من الالمركزي ^^ة االداري ^^ة العتب ^^ارات موض ^^وعية ترج ^^ع الى طبيع ^^ة النش ^^اط‪ ،‬و ن ^^وع‬
‫المرافق و المشاريع التي يتعلق بها هذا النشاط‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقدير الالمركزية االدارية‪:‬‬

‫يتفق الفقه على أن النظام الالمركزي يعد استجابة طبيعية للتطورات المعاصرة التي فرض^^ت ض^^رورة اتب^^اع‬
‫هذا النظام لما حققه^ من مزايا كثيرة مقارنة بما ينسب لها من عيوب‪.‬‬

‫‪ – 1‬مزايا الالمركزية االدارية‪ :‬من أهم مزاياها‪:‬‬

‫‪ -‬تدعيم النظام الديمقراطي باإلصالح االداري و تنمية الوعي السياس^^ي ل^^دى المواط^^نين و ض^مان العدال^^ة‬
‫االجتماعية و افساح الفرصة لتكوين قادة اداريين و سياسيين على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬مب^ ^^دأ تق^ ^^ريب االدارة من الم^ ^^واطن‪:‬و س^ ^^هولة القي^ ^^ام باالص^ ^^الح االداري و تخفي^ ^^ف العبء عن كاه^ ^^ل‬
‫الس ^^لطة المركزي ^^ة ‪,‬فق ^^د تنه ^^ار الحكوم ^^ة المركزي ^^ة في العاص ^^مة أو تنقط ^^ع وس ^^ائل اتص ^^الها بممثله ^^ا في‬
‫مم^^ا ي ^^ؤدي الى كارث ^^ة ش ^^املة‪ ،‬على حين أن ^^ه في أس ^^لوب الالمركزي ^^ة تس ^^تطيع الجه ^^ات المحلي ^^ة‬
‫االق ^^اليم ّ‬
‫مواجهة الموقف دون االعتماد الكامل على الحكومة المركزية‪.‬‬

‫‪ -‬عيوب الالمركزية االدارية‪:‬‬

‫يمكن حصر أهم انتقادات النظام الالمركزي في‪:‬‬

‫‪ -‬ق^ ^^د ي^ ^^ؤدي النظ^ ^^ام الالمرك^ ^^زي الى المس^ ^^اس بوح^ ^^دة الدول^ ^^ة من ج^ ^ ّ^راء توزي^ ^^ع الوظ^ ^^ائف و االع^ ^^تراف‬
‫باستقاللية بعض أجزاء االقليم عن الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬كم ^^ا ي ^^ؤدي ك ^^ذلك الى ظ ^^اهرة ع ^^دم التج ^^انس في القي ^^ام بالعم ^^ل االداري من خالل تفض ^^يل الش ^^ؤون‬
‫المحلية على المركزية‬

‫يوجه للنظام الالمركزي أن تطبيق^^ه ي^ؤدي الى ظ^اهرة تبدي^د النفق^^ات العام^ة‪ ،‬ألن االع^^تراف‬
‫و لعل أهم نقد ّ‬
‫باالس^^تقالل الم^^الي لألجه^^زة المحلي^^ة و المؤسس^^ات العام^^ة ي^^ؤدي الى ظ^^اهرة تبدي^^د النفق^^ات العام^^ة‪ ،‬ألن‬
‫تحمل الخزينة العامة^ لمب^^الغ‬
‫االعتراف باالستقالل المالي لألجهزة المحلية و المؤسسات العامة يؤدي الى ّ‬
‫ضخمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫التركيز االداري و عدم التركيز االداري‬

‫‪La déconcentration et la concentration‬‬

‫درج العديد من فقهاء القانون االداري على دراسة التركيز و عدم التركيز االداري باعتبارهما تطبيقات‬
‫للمركزية االدارية أو صور لها‪ ،‬و لكن الحقيقة أن التركيز و عدم التركيز أسلوبان من أساليب التنظيم‬
‫االداري يمكن تطبيقها في النظام المركزي كما يمكن األخذ بهما في الالمركزية االدارية‪.‬‬

‫و إن كانت قاعدة عدم التركيز قد ظهرت في النظام المرك^^زي بقص^^د التخفي^^ف من ترك^^يز الس^^لطة‪ ،‬فه^^ذا‬
‫أمر طبيعي ألن الالمركزية االدارية‪ ،‬و خاص^ة المص^لحية منه^^ا‪ ،‬لم تظه^^ر إالّ ح^ديثا ثم انتش^^رت في معظم‬
‫دول العالم‪ ،‬و اعتمدت كذلك على أسلوبي التركيز و عدم التركيز االداري‪.‬‬

‫و يع^ ّد ك^^ل من أس^^لوبي الترك^^يز و ع^^دم الترك^^يز االداري عالق^^ة بين ال^^رئيس االداري و مرؤوس^^يه^ و وس^^يلة‬
‫لتوزيع االختصاصات داخل الهيئة االدارية سنقوم بدراستها في الفرعين التاليين‪:‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬

‫التركيز االداري‬

‫‪La concentration administrative‬‬

‫يقص ^^د ب ^^التركيز االداري حص ^^ر س ^^لطة البت و التقري ^^ر النه ^^ائي بي ^^د ال ^^رئيس االداري أي اس ^^تئثاره بس ^^لطة‬
‫اتخ^^اذ الق^رارات‪ ،‬و اص^دار األعم^^ال و التص^رفات^ في كاف^^ة ش^ؤون إدارت^ه دون مش^اركة أح^د من نواب^ه أو‬
‫مرؤوسيه‪.‬‬

‫و يح ^^دث الترك ^^يز االداري به ^^ذا المع ^^نى من ج ^^انب أي رئيس اداري يحت ^^ل قم ^^ة التسلس ^^ل ال ^^وظيفي في‬
‫ادارته‪ ،‬سواء في النظام المركزي أو في النظ^ام الالمرك^زي فق^د يك^ون ه^ذا ال^رئيس‪ :‬رئيس الجمهوري^ة أو‬
‫رئيس ال^^^وزراء أو أح^^^د ال^^^وزراء أو رئيس أح^^^دى الس^^^لطات الالمركزي ^^ة المحلي ^^ة أو المرفقي^ ^ة^ ‪,‬و ب ^^ذلك‬
‫ينحصر دور الموظفين و المرؤوسين بالقي^ام باألعم^ال التحض^^يرية و جم^ع البيان^ات و تجهيزه^^ا قب^^ل اتخ^اذ‬
‫القرارات من جانب الرئيس ثم يقومون بتنفيذ ها‪.‬‬
‫مم^^ا‬
‫و ينتج عن األخذ بأسلوب التركيز االداري عج^^ز ال^رئيس االداري عن القي^ام بمهام^^ه بكف^^اءة و س^^رعة ّ‬
‫ي ^^ؤدي الى االبط ^^اء في اص ^^دار الق ^^رارات و ع ^^دم تفرع ^^ه للمه ^^ام األساس ^^ية‪ ،‬و بالت ^^الي عرقل ^^ة س ^^ير العم ^^ل‬
‫االداري‪.‬‬

‫و لهذا هجر أسلوب التركيز االداري‪ ،‬و لم يعد مطبقا في الحياة العملية في الوقت الحاضر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫عدم التركيز االداري‬

‫‪La déconcentration administrative‬‬

‫يقتضي عدم التركيز االداري قيام الرئيس االداري بنقل سلطة البت و التقرير النهائي في بعض سلطاته‬
‫(اختصاصاته) الى نوابه و مرؤوسيه^ دون الرجوع اليه‪.‬‬

‫فقد يتخلى الوزير عن بعض اختصاصاته لنائبه أو مدير الديوان في الوزارة‪ ،‬و هذا ما يس^ ّ^مى بع^دم الترك^يز‬
‫الداخلي أو للم^ديرين الموج^ودين على مس^^توى األق^^اليم كم^ديري التربي^ة و التعليم أو الص^حة أو األش^^غال‬
‫العمومي^ ^^ة أو ال^ ^^والة فيطل^ ^^ق علي^ ^^ه ع^ ^^دم الترك^ ^^يز الخ^ ^^ارجي‪ ،‬كم^ ^^ا يس^ ^^تطيع أن يتن^ ^^ازل ال^ ^^والي على بعض‬
‫اختصاصاته لرئيس الدائرة ‪,‬كما يجوز لرئيس البلدي^^ة أن ينق^^ل س^^لطة البت و التقري^^ر لبعض مرؤوس^^يه^ مث^^ل‬
‫رئيس مصلحة^ الحالة المدنية و هذا هو عدم التركيز الداخلي‪.‬‬

‫و ترتيب^ا على ذل^ك‪ ،‬تنتق^^ل ه^^ذه االختصاص^ات داخ^ل نفس الش^خص المعن^^وي من ال^رئيس االداري األعلى‬
‫في السلم االداري الى م^ا يلي^ه‪ ،‬و به^ذا المع^نى يختل^ف ع^دم الترك^يز االداري عن الالمركزي^ة االداري^ة‪ ،‬إذ‬
‫تتع ^^دد األش^^^خاص المعنوي^^^ة العام^^^ة في الالمركزي^^^ة االداري^^^ة‪ ،‬ال ^^تي تعت ^^بر أش ^^مل و أعم من ع ^^دم الترك ^^يز‬
‫االداري كونه أسلوب إداري يطبق داخل هيئة مركزية االدارية أو المركزية على حد سواء‪.‬‬

‫و يحقق األخذ بأس^^لوب ع^^دم الترك^^يز االداري ع^^دة فوائ^د اداري^ة‪ ،‬حيث يتم التخلص من الترك^يز الش^ديد‬
‫في السلطة‪ ،‬و توفير الوقت و الجهد و المال كما تؤدي الى وضع سلطة اتخاذ القرار في يد المرؤوسين‬
‫األك^^ثر قرب^^ا و اتص^^اال بالمش^^اكل و الص^^عوبات ال^^تي تواج^^ه س^^ير العم^^ل االداري‪ ،‬كم^^ا يكف^^ل التوص^^ل الى‬
‫حلها و التغلب عليها‪.‬‬

‫و يتحق^^ق ع^^دم الترك^^يز االداري بط^^ريقين ّإم^^ا عن طري^^ق توزي^^ع االختصاص^^ات إبت^^داء بالق^^انون بين أعض^^اء‬
‫الس^ ^^لطة االداري^ ^^ة‪ ،‬بحيث يس^ ^^تطيعون اتخ^ ^^اذ الق^ ^^رارات دون الرج^ ^^وع الى ال^ ^^رئيس االداري األعلى مث^ ^^ل‬
‫اختصاصات الوالي في النظام القانوني الجزائري مح ّددة في قانون الوالية و المراسيم المطبق^^ة ل^^ه‪ ،‬إض^^افة‬
‫الى ق ^ ^ ^ ^^وانين أخ ^ ^ ^ ^^رى‪ ،‬أو بواس ^ ^ ^ ^^طة اللج ^ ^ ^ ^^وء الى اس ^ ^ ^ ^^لوب التف ^ ^ ^ ^^ويض االداري ‪la délégation‬‬
‫‪ ،administrative‬حيث يق^^وم ال^^رئيس االداري بنق^^ل ج^^انب من س^^لطاته الى مرؤوس^^يه‪ ،‬و ه^^ذا م^^ا‬
‫سنبحثه في مطلب مستقل ألهميته في التنظيم اإلداري‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫التفويض االداري‬

‫‪La Délégation Administrative‬‬

‫يحتل موضوع التفويض في السلطة االدارية مكانة هامة بين موضوعات القانون االداري باعتباره‬
‫األسلوب األمثل لتحقيق عدم التركيز االداري داخل التنظيم االداري‪ ،‬و ذلك نظرا لما يحققه من فوائد‬
‫للعمل االداري‪.‬‬

‫و علي^ه و نظ^را له^^ذه األهمي^ة‪ ،‬س^نقوم بدراس^ة ه^ذا الموض^^وع‪ ،‬بتبي^^ان الش^^روط العام^ة للتف^ويض في الف^^رع‬
‫األول ‪,‬و كذا مقارنته باألنظمة القانونية األخرى المشابهة له‪ ،‬في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫األسس العامة في التفويض‬


‫سندرس في هذا الفرع ماهية التفويض من ناحية‪ ،‬و كذا بيان الشروط التي تحكمه‪ ،‬و أخيرا إب^راز المزاي^ا‬
‫التي يحققها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ماهية التفويض‪:‬‬

‫يقص^^د بتف^^ويض الس^^لطة أن يعه^^د ال^^رئيس االداري بممارس^^ة بعض س^^لطاته ال^^تي تس^^تمدها من الق^^انون الى‬
‫أح^^د مرؤوس^^يه‪ ،‬أو بمع^^نى آخ^^ر نق^^ل ال^^رئيس االداري لج^^انب من س^^لطاته الى بعض مرؤوس^^يه ليمارس^^وها‬
‫دون الرجوع اليه‪ ،‬مع بقاء مسؤوليته عن هذه االختصاصات أمام الرئاسات العليا‪.‬‬

‫و ه^^ذا يع^^ني أن التف^^ويض ينص^^ب على ج^^انب من الس^^لطة في االختصاص^^ات دون ج^^انب المس^^ؤولية ألن‬
‫عم^^ا ق^^ام بتفويض^^ه من اختصاص^^ات تظ^^ل باقي^^ة أم^^ام رؤس^^اء ل^^ذا يس^ ّ^مى التف^^ويض‬
‫مس^^ؤولية ال^^رئيس االداري ّ‬
‫بتفويض السلطة ال تفويض االختصاص ‪.‬‬

‫و غالب^^ا م^^ا يق^^وم ال^^رئيس االداري بتف^^ويض س^^لطاته األق^^ل أهمي^^ة‪ ،‬لكي يتف^^رغ لمباش^^رة اختصاص^^اته الهام^^ة‬
‫التي تؤثر تأثيرا مباشرا على سير العمل االداري‪.‬‬

‫حيث أوجد الفقه بعض األمور ال^تي ال يس^^تطيع ال^^رئيس االداري التخلي عنه^^ا‪ ،‬بتفويض^^ها الى مرؤوس^^يه و‬
‫التصرف في الميزانية‪ ،‬التعيينات و التنقالت في المناص^^ب و المراك^^ز الرئيس^^ية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مثالها المسائل المالية‪ ،‬و‬
‫القرارات الكبرى المتعلقة بالتنظيم‪ ،‬التغيير و التعديل في السياسة العامة^ للهيئة االدارية‪.‬‬

‫و تف ^^ويض الس ^^لطة أو االختص ^^اص ال يج ^^وز إالّ بنص الق ^^انون‪ ،‬و ذل ^^ك حس ^^ب النظ ^^ام الفرنس ^^ي و ال ^^ذي‬
‫أخذت به أغلبية دول العالم منها الجزائر و مص^ر‪ ،‬فص^احب^ االختص^اص مل^^زم ب^أن يم^ارس اختصاص^^ه‪ ،‬إالّ‬
‫في الحاالت ال^تي يص^رح فيه^^ا المش^رع بج^واز التف^^ويض و في ح^دود م^ا يص^^رح ب^ه‪ ،‬ذل^ك أن االختص^^اص‬
‫ليس حق لصاحبه يتصرف فيه كما شاء ‪.‬‬

‫و يتم التف^^ويض في الش^^كل الكت^^ابي الرس^^مي‪ ،‬لتحدي^^د الموض^^وعات ال^^تي تم التف^^ويض فيه^^ا‪ ،‬أو ق^^د يك^^ون‬
‫شفويا‪ ،‬و ذلك غالبا ما يكون في المسائل البسيطة أو العاجلة التي ال تتطلب كتابة قرار التفويض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط العامة للتفويض‪:‬‬


‫تتمثل الشروط العامة للتفويض في السلطة االدارية في‪:‬‬

‫‪ – 1‬التفويض ال يكون إالّ جزئيا‪:‬‬

‫يجب أالّ يش^^مل التف^^ويض ك^^ل س^^لطات المف^^وض‪ ،‬إذ أن^^ه ال يك^^ون ص^^حيحا إالّ إذا انص^^ب على ج^^انب من‬
‫هذه السلطات فقط‪.‬‬

‫ذلك أن قيام الرئيس االداري بتفويض كل سلطاته‪ ،‬يعتبر تنازال من جانبه على كل السلطات ال^^تي اس^^ندها‬
‫اليه القانون‪ ،‬و هذا ال يجوز‪ ،‬ألنه ال يملك هذا الحق‪.‬‬

‫‪ – 2‬ال يجوز التفويض في المسؤولية‪:‬‬

‫يشتمل اصطالح االختصاص ‪ la compétence‬في القانون االداري على شقين‪:‬‬

‫الشق األول هو السلطة‪ le pouvoir :‬و الشق الثاني المسؤولية ‪.la responsabilité‬‬

‫و تطبيق^ ^^ا ل^^^ذلك‪ ،‬ينص^ ^^ب التف^ ^^ويض على الس^ ^^لطة فق^ ^^ط دون المس^ ^^ؤولية‪ ،‬أي أن ال^ ^^رئيس االداري يق^ ^^وم‬
‫بتف^^ويض ج^^زء من س^^لطاته بص^^فة مؤقت^^ة م^^ع بق^^اء مس^^ؤوليته الكامل^^ة عن ه^^ذه الس^^لطات‪ ،‬ذل^^ك أن التف^^ويض‬
‫ه ^^و وس ^^يلة لتوزي ^^ع الس ^^لطة‪ ،‬و القض ^^اء على تركيزه ^^ا من أج ^^ل تحقي ^^ق مص ^^لحة العم ^^ل االداري‪ ،‬كم ^^ا أن‬
‫المفوضة الي^ه أم^ام رئيس^ه المباش^ر فق^ط ‪ ,‬و ال‬
‫المرؤوس المفوض اليه يسأل عن تصرفاته بشأن السلطات ّ‬
‫يس ^^ال ام ^^ام اي رئيس أعلى من ^^ه‪ ،‬وفق ^^ا لمب ^^دأ وح ^^دة الرئاس ^^ة و األم ^^ر‪ .‬ل ^^ذا ف ^^ان المس ^^ؤولية الناتج ^^ة عن‬
‫التفويض مسؤولية مزدوجة^ مسؤولية الرئيس و مسؤولية المرؤوس‪.‬‬

‫‪ – 3‬ال تفويض في التفويض‪ :‬عدم جواز تفويض السلطات المفوضة‪:‬‬

‫المفوض اليه أن يقوم بإعادة تفويض السلطات ال^^تي انتقلت الي^^ه من رئيس^^ه‬
‫و معناه أنه ال يجوز للمرؤوس^ ّ‬
‫الى من هم أدنى من ^^ه في الس ^^لم اإلداري‪ ،‬لتحدي ^^د المس ^^ؤوليات في اله ^^رم اإلداري‪ ،‬و لكن ه ^^ذا ال يمن ^^ع‬
‫المفوض اليه من تفويض جزء من سلطاته األصلية الى من يليه في السلم اإلداري‪.‬‬
‫المرؤوس ّ‬
‫‪ – 4‬وضوح حدود التفويض‪:‬‬

‫يجب أن يكون التفويض سليما من الناحية القانونية‪ ،‬و وفق^ا^ لإلج^^راءات و الش^^روط الش^^كلية الموض^^وعية‬
‫التي ح ّددها القانون‪ ،‬سواء صدر التفويض كتابيا أو شفويا‪.‬‬

‫المفوضة أو استردادها‪:‬‬
‫‪ – 5‬حق الرئيس في تعديل السلطات ّ‬

‫بع^^د نق^^ل الس^^لطات المفوض^^ة الى الم^^رؤوس^ ال يج^^وز لل^^رئيس أن يم^^ارس الس^^لطات المفوض^^ة ط^^وال م^ ّدة‬
‫التفويض‪ ،‬ألنها لو صدرت منه تعتبر باطلة لصدورها من غير المختص بإصدارها‪.‬‬

‫لكن يج ^^وز لل ^^رئيس المف ^^وض أن يع^ ^ ّدل و يس ^^ترد و يلغي و يس ^^حب الس ^^لطات المفوض ^^ة تطبيق ^^ا للرقاب ^^ة‬
‫الرئاسية التي يمارسها الرئيس على مرؤوسيه‪ ،‬مستهدفا حسن سير العمل اإلداري‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫تمييز التفويض عن المصطلحات القانونية المشابهة له‬

‫سنقوم في هذا الفرع بإجراء دراسة مقارنة بين التفويض في السلطة اإلدارية و بعض األنظمة القانونية‬
‫المشابهة له‪ ،‬فنقوم بالتفرقة بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع‪ ،‬ثم التفرقة بين التفويض اإلداري و‬
‫التفويض التشريعي و بين التفويض االداري و الحلول االداري ‪ ،‬و أخيرا بين التفويض االداري و اإلنابة‬
‫االدارية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التمييز بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع‪:‬‬

‫يميز الفقه بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع‪ ،‬و يترتب على ذلك النتائج التالية‪:‬‬

‫المفوض من ممارسة هذه السلطات في تفويض التوقيع‪ ،‬بينما ال‬


‫‪ – 1‬تفويض السلطة يؤدي الى حرمان ّ‬
‫يحرم المفوض من ممارسة سلطاته رغم عملية التفويض‪.‬‬
‫‪ – 2‬تفويض السلطة يوجه الى الموظف بصفته ال بشخصه‪ ،‬في حين أن تفويض التوقيع يدخل فيه‬
‫االعتبار الشخصي بحيث ينتهي بتغيير أحد طرفيه‪.‬‬

‫‪ – 3‬في تفويض السلطة ترتبط قوة القرارات الصادرة بناء على التفويض بدرجة المفوض اليه‪ ،‬بينما في‬
‫تفويض التوقيع تكون لهذه القرارات قوة القرارات الصادرة عن صاحب االختصاص األصيل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التمييز بين التفويض اإلداري و التفويض التشريعي‪:‬‬

‫التفويض التشريعي هو عبارة عن اصدار السلطة التنفيذية لقرارات لها قوة القانون بناء على تفويض من‬
‫السلطة التشريعية تحت ضغط األزمات االقتصادية^ أو الظروف السياسية‪ ،‬و يطلق على هذه اللوائح في‬
‫الفقه الفرنسي المراسيم بقوانين ‪ Les décrets-loi‬أو األوامر ‪. les .ordonnances‬كما‬
‫تصدر هذه اللوائح في موضوعات معينة و في م ّدة زمنية يح ّددها قانون التفويض‪.‬‬

‫و يلتقي كل من التفويض االداري و التفويض التشريعي في أنهما يتمان وفقا لنص قانوني خالل م ّدة‬
‫زمنية معينة‪ ،‬و في موضوعات مح ّددة‪ ،‬و أنه ال يجوز أو تفويض السلطات المفوضة‪.‬‬

‫بينما يفترق التفويض التشريعي عن التفويض اإلداري فيما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬يتم تفويض السلطة بين أعضاء السلطة اإلدارية أي بين رئيس و مرؤوسيه‪ ،‬بينما التفويض التشريعي‬
‫يتم بين سلطتين سياسيتين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪ – 2‬التفويض التشريعي ينظمه الدستور أساسا‪ ،‬بينما التفويض اإلداري ينظمه القانون‪.‬‬

‫‪ – 3‬يتم التفويض التشريعي في الظروف االستثنائية‪ ،‬بينما يتم تفويض السلطة في الظروف العادية أو‬
‫االستثنائية على ح ّد سواء‪.‬‬

‫‪ – 4‬يستمر التفويض التشريعي خالل مدة كاملة‪ ،‬بينما يجوز تعديل أو سحب أو إلغاء السلطات‬
‫المفوضة في التفويض اإلداري من طرف الرئيس المفوض إذا ما رأى ذلك‪.‬‬
‫ّ‬

‫ثالثا‪ :‬التمييز بين التفويض اإلداري و الحلول اإلداري‪:‬‬


‫الحلول اإلداري هو قيام من يح ّدده القانون بممارسة اختصاصاته األصيلة في حالة غيابه عن العمل‬
‫لمرض أو غيره‪.‬‬

‫و يفترق الحلول عن التفويض فيما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬يحدث التفويض في وجود المفوض و بإرادته ‪,‬بينما الحلول يقع عند غياب األصيل ألسباب قاهرة‬
‫ال دخل له فيها (مرض مثال)‪.‬‬

‫المفوض اليه‪ ،‬بينما الحلول يتم بناء على نص قانوني‪.‬‬


‫المفوض الى ّ‬
‫‪ – 2‬يتم التفويض بقرار من ّ‬

‫‪ – 3‬التفويض ينصب على بعض اختصاصات المفوض‪ّ ,‬أما الحلول في االختصاص فيقع عليها جميعا‪.‬‬

‫‪ – 4‬ال يجوز للمفوض اليه أن يفوض سلطاته المفوضة‪ ،‬على عكس الحال يجوز له أن يفوض جزء من‬
‫سلطات األصيل‪.‬‬

‫المفوض اليه ذات القيمة التي تأخذها قراراته في اختصاصاته األصلية‪،‬‬


‫‪ – 5‬تأخذ القرارات الصادرة من ّ‬
‫بينما تأخذ قرارات الحال نفس القيمة القانونية لقرارات األصيل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬التمييز بين التفويض في السلطة و اإلنابة اإلدارية‪:‬‬

‫اإلنابة اإلدارية‪:‬‬

‫و هي أن يعهد الرئيس اإلداري الى أحد مرؤوسيه سلطات أو اختصاصات مرؤوس آخر غائب ال يوجد‬
‫من يحل محله قانونا‪.‬‬

‫و تفترق االنابة اإلدارية عن التفويض اإلداري فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬اإلنابة اإلدارية تتم بنقل اختصاصات أحد المرؤوسين الى مرؤوس^ آخر‪ ،‬بينما التفويض اإلداري يتم‬
‫بين رئيس و مرؤوسه‪.‬‬

‫‪ – 2‬اإلنابة اإلدارية تستغرق جميع السلطات ‪ ,‬بينما التفويض اإلداري يتم فيها نقل جزء من السلطات‬
‫فقط‪.‬‬
‫‪ – 3‬ال تفويض في المسؤولية ‪,‬بينما في اإلنابة اإلدارية يتم فيها تفويض السلطة و تفويض المسؤولية‪.‬‬

‫‪ -‬خالصة القول‪ ،‬أن التنظيم اإلداري الحالي يقوم على أساس الجمع بين مبادئ النظام المركزي و‬
‫مبادئ النظام الالمركزي ‪,‬أي يوجد هناك تفاعل بين األنظمة اإلدارية من أجل حسن سير العمل اإلداري‬
‫و توفير حاجات الجمهور‪ ،‬حيث تطبق المركزية اإلدارية ألداء الخدمات^ أو المرافق ذات الطابع الوطني‬
‫مثل األمن‪ ،‬القضاء‪ ،‬الدفاع‪ ،‬المالية‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬الضرائب‪ ،‬األمالك الوطنية‪ ،‬بينما تدار الحاجات أو‬
‫المصالح األخرى باألسلوب الالمركزي مثل التعليم‪ ،‬النقل‪ ،‬الصحة‪ ،‬المياه‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬و الغاز و غيرها‪،‬‬
‫إضافة الى وجود أسلوب عدم التركيز اإلداري لتوحيد النمط اإلداري‪ ،‬و تخفيف العبء عن السلطة‬
‫المركزية خاصة عن طريق التفويض اإلداري كوسيلة واقعية أكثر منها قانونية لتوزيع االختصاصات‬
‫داخل الهيئات اإلدارية‪ ،‬و خلق قادة اداريين قادرين على مواجهة األزمات في األقاليم‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬فإن من األحسن الجمع بين النظام المركزي و النظام الالمركزي لتحقيق أفضل الخدمات‬
‫للمواطنين بأقل تكلفة و بأسرع وقت‪.‬‬

You might also like