Professional Documents
Culture Documents
مطبوعة 2020-1
مطبوعة 2020-1
التنظيم االداري
تمهيد و تقييم:
و يقوم تقسيم االجهزة االدارية و تصنيفها على عدة مبادئ أساسية أهمها :وحدة الرئاسة و األمر
في الدولة ،مبدأ نطاق التمكن و الرقابة و التسلسل في القيادة و األمر ،التدرج في السلطة و
المسؤولية ،تالزم و تناسب السلطة و المسؤولية ،بساطة التنظيم و مرونته.
-أولى ه^^ذه المب^^ادئ مب^^دا وح^^دة الرئاس^^ة و األم^^ر و ال^^ذي بموجب^^ه تتح^^دد س^^لطة اص^^دار االوام^^ر و
الق^ ^ ^^رارات في مص^ ^ ^^در^ واح^ ^ ^^د ،فال يخض^ ^ ^^ع الم^ ^ ^^رؤوس إالّ ل^ ^ ^^رئيس اداري واح^ ^ ^^د يتلقى من^ ^ ^^ه األوام^ ^ ^^ر و
^ل مجموع^ة
التعليمات .و حيث ال يتضمن هذا المبدأ تركيز السلطات في يد فرد واحد ،و إنم^^ا يك^ون لك ّ
من العاملين رئيس اداري مباشر يقوم بتوجيههم و اصدار األوامر الالزمة بحسن سير العمل االداري.
و يرجع اساس هذا المبدأ الى مبدأ آخر و هو نطاق التمكن أو الرقابة ، spam of control
و الذي يقضي بتحديد األفراد المرؤوسين الذي يخضعون لرقابة و إشراف رئيس واحد بعدد معين ،ألنه
ال يستطيع أن يباشر ذلك االشراف بفاعلية و كفاءة إالّ في هذا النطاق.
و يتطلب احترام مبدأ وحدة القيادة و األمر تطبيق مبدأ تسلسل القيادة chain of
commandبمعنى أن يصدر الرئيس اإلداري أوامره و نواهيه الى مرؤوسيه^ المباشرين دون غيرهم
فال توجه هذه األوامر الى أبعد من ذلك ،ألن الخروج من هذا التسلسل يؤدي الى اضطراب العمل
اإلداري و انهيار مبدأ وحدة الرئاسة و األمر في نهاية المطاف.
و بناء على المبادئ السابقة ،تتدرج السلطات و المسؤوليات وفق شكل هرمي من أعلى الى اسفل
تطبيقا لمبدأ التدرج في السلطات و المسؤوليات ،حيث ينتظم جميع الموظفين في المنظمات اإلدارية
في هرم وظيفي نجد في قمته الرئيس األعلى للمنظمة ،يتسع بعدها ليضم نواب الرئيس ،و من ثم رؤساء
اإلدارات العامة و يأخذ في االتساع ليشمل مديري المصالح المختلفة و في القاعدة توجد الفروع
المختلفة لإلدارات.
و ترتيب^^ا على ذل^^ك .يوج^^د ارتب^^اط ض^^مني ش^^رطي بين الس^^لطات و المس^^ؤوليات ،حيث منح الس^^لطة
من أجل تحقيق هدف معيّن يستبع اسناد المسؤولية عن^د انج^از ه^ذا اله^^دف ،حيث ال س^^لطة بال مس^ؤولية
و ال مسؤولية ب^دون س^لطة ،و ه^ذا م^ا يس^مى بمب^دأ تالزم الس^لطة و المس^ؤولية ،و ال^ذي يتفاع^ل م^ع مب^دأ
آخر هو مبدأ تناسب السلطة و المسؤولية ،حيث كلما زادت الس^لطات الممنوح^ة لموظ^ف م^ا في الس^لم
االداري زادت معه^^ا المس^^ؤوليات المقدم^^ة ل^^ه و كلم^^ا انكمش حجم ه^^ذه الس^^لطات تض^^اءل معه^^ا مق^^دار
المسؤوليات الممنوحة له.
و ب ^ ^^الرغم من أن الس ^ ^^لطة االداري ^ ^^ة تم ^ ^^ارس نش ^ ^^اطها في ال ^ ^^دول المختلف ^ ^^ة من خالل مجموع ^ ^^ة من
األش^ ^ ^^خاص الطبيع^ ^ ^^يين ،إالّ أن ه^ ^ ^^ؤالء األش^ ^ ^^خاص ال يباش^ ^ ^^رون النش^ ^ ^^اط االداري باس^ ^ ^^مهم أو بص^ ^ ^^فتهم
الشخصية ،و إنما بإسم ما يطلق عليهم األشخاص المعنوية أو االعتبارية ،اي ان الوزير يم^^ارس اختصاص^^ه
باس^^^م الش^^^خص المعن^^^وي –الدول^^^ة -و ال^^^والي باس^^^م الش^^^خص المعن ^^وي الوالي ^^ة و رئيس البلدي ^^ة باس ^^م
الشخص المعنوي البلدية .
ويع ^^رف الش ^^خص الق ^^انوني بان ^^ه" الق ^^درة على اكتس ^^اب الحق ^^وق أو تحم ^^ل االلتزام ^^ات" ،أو بمع ^^نى
أخص "مجموع^^ة من األش^^خاص أو األم^^وال ترص^^د لتحقي^^ق غ^^رض معين و يع^^ترف له^^ا الق^^انون بالشخص^^ية
القانونية" ،و تقسم أساسا الى أشخاص معنوية عامة و أشخاص معنوية خاصة.
و تقسم االسخاص المعنوية العامة الى اشخاص معنوية افليمية تق^^وم على اس^^اس اقليمي و هي الدول^^ة
و الوالي^^ة و البلدي^^ة و الى اش^^خاص معنوي^^ة مرفقي^^ة او مص^^لحية و ال^^تي تق^^وم على اس^^اس ن^^وعي و ف^^ني و
هي المؤسسات العمومية
و لق ^^د اع^^ترف المش^^رع الجزائ^^ري بفك ^^رة الشخص^^ية المعنوي^^ة و اسس^^ها على اس ^^اس نظري^^ة المج^^از
القانوني طبقا للمادة 49من القانون المدني و بين اثاره^^ا الق^انوني من خالل الم^^ادة 50وهي االهلي^^ة و
الذمة المالية و الموطن و حق التقاضي و نائب يعبر عن ارادتها .
و ي^^ترتب على تع^^دد و وح^^دة األش^^خاص االعتباري^^ة في الدول^^ة االختالف في النظ^^ام االداري المتب^^ع ,
حيث إذا وجدت شخصية معنوية عامة واحدة في الدولة ،يسمى النظام االداري بالنظ^^ام المرك^^زي ,بينم^^ا
اذا تع^^ددت األش^^خاص المعنوي^^ة العام^^ة بج^^وار شخص^^ية الدول^^ة ،س^^واء أك^^انت أش^^خاص معنوي^^ة اقليمي^^ة أو
مرفقي ^ة^ ( مص ^^لحية) يوج ^^د م ^^ا يس ^ ّ^مى بالنظ ^^ام الالمرك ^^زي ,و يك ^^ون اتب ^^اع أح ^^د النظ ^^امين االدريين داخ ^^ل
الدول^^^ة ولي^^^د الظ^ ^^روف السياس^ ^^ية و االقتص^ ^^ادية و االجتماعي^^^ة من جه^ ^^ة ،و م^ ^^دى عم ^^ق الديمقراطي^ ^^ة في
المجال السياسي و االداري من جهة أخرى.
بينما يتم توزيع االختصاصات داخل هذه السلطات االدارية سواء أك^انت مركزي^ة أو المركزي^ة بأح^د
األس ^^لوبين االداريينّ ،أم^^ا الترك ^^يز االداري أو ع ^^دم الترك ^^يز االداري ،حيث يطب ^^ق ه ^^ذا األخ ^^ير س ^^واء عن
طريق القانون أو عن طريق التفويض االداري.
و على ه^^ذا األس^^اس ،س^^ندرس المب^^ادئ العام^^ة ال^^تي تحكم ك^^ل من المركزي^^ة و االداري^^ة من جه^^ة ،و
الالمركزية االدارية من جهة أخرى ،و أخيرا التركيز و عدم التركيز االداري و كذا التفويض االداري في
مبحث أول ،ثم نقوم بتطبيق المركزية االدارية في الجزائر في مبحث ثاني ،ثم تط^بيق الالمركزي^ة االداري^^ة
في الجزائر في مبحث ثالث.
المبحث األول
تنحص^^ر أنظم^^ة التنظيم االداري في الدول^^ة في المركزي^^ة االداري^^ة من جه^^ة والالمركزي^^ة االداري^^ة من
جهة أخرى ،حيث كان النظ^^ام المرك^^زي ه^و النظ^^ام االداري الس^^ائد في العص^^ور الوس^طى ،و ذل^ك لتقري^^ر
الس ^^لطة المركزي ^^ة كض ^^مان لف ^^رض س ^^لطتها االداري ^^ة بج ^^وار س ^^لطتها السياس ^^ية على جمي ^^ع أج ^^زاء اقليم
الدولة.
إالّ أنه بعد تطور وظائف الدولة و تزايد مهامها ،و مع التق^دم العلمي و التكنول^وجي ،ظه^رت الحاج^ة
الى أس ^^لوب ح ^^ديث للتنظيم االداري يتالءم م ^^ع التط ^^ورات المس ^^تجدة و يق ^^وم على أس ^^س فني ^^ة و علمي ^^ة
سليمة ،مم^ا ادى الى تط^ور النظ^ام االداري المرك^زي من أس^لوب الترك^يز االداري الى مرحل^ة جدي^دة هي
عدم الترك^يز االداري كم^ا يطل^ق علي^ه في فرنس^ا ،أو االدارة الميداني^ة في انجل^ترا ،اي توزي^ع س^لطة البت
في بعض االمور لممثلي الملك في االقاليم دون الرجوع الى السلطة المركزية استجابة للحاجات اليومية
للمواطنين ،و تحقيقا لقدر أكبر من الفعالية اإلدارية.
تطور المصالح اإلدارية لألقاليم المختلفة و تميّزه^^ا و تنوعه^^ا في ك^^ل إقليم عن اآلخ^^ر ،ظه^^رت
و مع ّ
الحاج ^^ة الى مش ^^اركة المواط ^^نين تس ^^يير ش ^^ؤونهم العمومي ^^ة ،مم ^^ا ادى الى تخوي ^^ل األق ^^اليم ق ^^در اك ^^بر من
مما أسفر عنه ظهور نظام الالمركزية االدارية.
االستقالل في اتخاذ القرارات المتعلقة^ بهاّ ،
لكن م^^ا يج^^در اإلش^^ارة الي^^ه ،أن توزي^^ع الوظيف^^ة بين الس^^لطة المركزي^^ة و الس^^لطات اإلقليمي^^ة ال يمس
وح^^دة الدول^^ة ،و ال^^تي تباش^^ر نوع^^ا من الرقاب^^ة على تص^^رفات الهيئ^^ات الالمركزي^^ة عموم^^ا و ه^^و م^^ا يطل^^ق
عليه :الوصاية اإلدارية أو الرقابة الوصائية .La tutelle administrative
ك^^ل ه^^ذه المب^^ادئ و المف^^اهيم ،من المركزي^^ة اإلداري^^ة الى الالمركزي^^ة اإلداري^^ة ; الترك^^يز اإلداري و
ع^^دم الترك^^يز اإلداري ،التف^^ويض اإلداري ،الرقاب^^ة اإلداري^^ة س^^واء ك^^انت رقاب^^ة رئاس^^ية أو رقاب^^ة وص^^ائية،
س ^^نتناولها بالتفص ^^يل في ه^^ذا المبحث من خالل دراس ^^ة ك^^ل من المركزي ^^ة و الالمركزي^^ة في مطلب أول،
التركيز و عدم التركيز في مطلب ثان ،التفويض اإلداري في مطلب ثالث.
المطلب األول:
سنتناول في هذا المطلب ،دراسة كل من نظامي المركزية اإلدارية و الالمركزية اإلدارية بتبيان
تعريفهما ،و األركان الالزم توافرها لكل من النظامين و تحديد مزاياهما و عيوبهما في اطار تنظيم
السلطة اإلدارية في الدولة.
الفرع األول
المركزية اإلدارية
تعني المركزية اإلدارية حصر الوظيفة اإلدارية و تجميعها في يد سلطة واحدة رئيسية تنفرد بالبيت
النهائي في جميع االختصاصات الداخلة في الوظيفة اإلدارية ،عن طريق ممثليها في عاصمة الدولة أو في
اقاليمها.
أو بمعنى آخر هي انفراد سلطة إدارية واحدة ،مقرها العاصمة ،لممارسة الوظيفة اإلدارية بالدولة،
عن طريق اقسامها و عمالها التابعين لسلطتها الرئاسية ،سواء في داخل العاصمة أو خارجها.
و تختلف المركزية اإلدارية بهذا التحديد عن المركزية السياسية و التي تعكس الدولة الموحدة من
الناحية السياسية ،إذ تتميز الدولة الموحدة بوحدة التنظيم السياسي للسلطة فيها ،و تخضع لدستور واحد
و تباشر سيادتها الواحدة على كافة أنحاء الدولةّ ،أما المركزية اإلدارية و التي تعكس السلطة اإلدارية
الموحدة أي أن سلطة البت النهائي في االختصاصات يعود لسلطة إدارية واحدة.
ّ
و ترتيبا على ذلك ،يوجد شخص معنوي عام واحد هو شخص الدولة أي أنه ال توجد هناك
أشخاص معنوية عامة أخرى تشاركها في مباشرة هذه االختصاصات سواء أكانت مصلحية أو إقليمية.
و بناء على ما سبق يتضح أن هناك عناصر مح ّددة تقوم عليها المركزية اإلدارية ،كما أن هناك مزايا
و عيوب للنظام المركزي ،و هذا ما سنبحثه في ما يلي:
تقوم المركزية اإلدارية على عناصر أساسية ،حصر الوظيفة اإلدارية في يد الحكومة المركزية،
التبعية اإلدارية المتدرجة أو التدرج اإلداري.
يتمثل هذا العنصر في حصر سلطة التقرير و البت النهائي في جميع االختصاصات في يد السلطة
المركزية بحيث تمارسها بنفسها أو بواسطة الموظفين التابعين لها الذين ينظمهم سلم وظيفي متدرج ،و
سواء كانوا في العاصمة أو في االقاليم.
حيث تمتد سلطة الحكومة أو المركزية الى جميع أنحاء الدولة بحيث تحتكر االشراف على جميع
المرافق و الهيئات اإلدارية الموجودة في الدولة سواء كانت مرافق عامة وطنية أو مرافق محلية ،ألنه ال
توجد هيئات ال مركزية مستقلة^ في النظام المركزي.
.
ثانيا :التدرج اإلداري :أو التبعية اإلدارية المتدرجة:
خالفا للركن األول الذي يتصل بالعنصر الموضوعي في السلطة اإلدارية ,يتصل هذا الركن
بالعنصر العضوي في السلطة اإلدارية.
و يقصد به أن كافة المصالح و الهيئات اإلدارية في السلطة اإلدارية يجمعها بناء واحد هو الجهاز
اإلداري الذي يتم ترتيبه في صورة سلم متدرج أو هرمي قمته رئيس الهيئة اإلدارية و هو الوزير و يليه
نواب الوزير ثم رؤساء المديريات في الوزارة ثم يليهم رؤساء المصالح و بعدها رؤساء األقسام ...الخ.
و يؤدي هذا التدرج الهرمي الى ربط الوحدات ببعضها^ البعض بمجموعة من القواعد و المبادئ،
أهمها مبدأ تدرج التصرفات^ القانونية الصادرة من هذه الهيئات من ناحية القوة اإللزامية ،حيث يعتبر
القرار الصادر من الوزير أعلى من القرار الصادر من نائبه ،و القرار الصادر من النائب اقوى من القرار
الصادر من المدير و هكذا.
و ترتيب ^ ^^ا على ذل ^ ^^ك ،يجب أن تح ^ ^^ترم ال ^ ^^درجات األدنى في الس ^ ^^لم اإلداري ق ^ ^^رارات و توجيه ^ ^^ات
الق^^رارات األعلى منه^^ا و ه^^ذا م^^ا يس^^مى :ب^^واجب الطاع^^ة و الخض^^وع ،أو التبعي^^ة اإلداري^^ة تقابله^^ا الس^^لطة
الرئاسية التي تمارسها الدرجات اإلدارية األعلى تجاه ما تتلوها من درجات دنيا.
– 1و معناها أن يلتزم كل مرؤوس في السلم اإلداري بتنفيذ األوامر الصادرة اليه من رئيسه ،ح^^تى
تتحقق وحدة الجهاز اإلداري.
و يث ^^ير واجب الطاع ^^ة لق ^^رارات و أوام ^^ر الرؤس ^^اء ،مش ^^كلة م ^^دى ال ^^تزام المرؤوس ^^ين بتنفي ^^ذ أوام ^^ر
الرؤساء ،حتى و لو كانت مخالفة للقانون فهل هو ملزم^ باحترامها أم ملزم باحترام تنفيذ األوام^^ر القانوني^^ة
فقط ؟
لإلجابة على هذا السؤال يقتضي التمييز بين األوامر المشروعة و األوامر الغير مشروعة^ للرئيس.
أ – األوام^ ^^ر المش^ ^^روعة :إذا ك^ ^^انت األوام^ ^^ر الص^ ^^ادرة من ال ^^رئيس اإلداري تتماش ^^ى م^ ^^ع مقتض^ ^^يات
الق^^انون فال ش^^ك أن طاع^^ة الم^^رؤوس واجب^^ة ،غ^^ير أن ذل^^ك ال يمن^^ع الم^^رؤوس^ من مناقش^^ة رئيس^^ه اإلداري
في ح^^دود اخالقي^^ات الوظيف^^ة ,و افض^^ل مرحل^^ة إلب^^داء ال^^رأي حس^^ب رأي الفقه^^اء هي المرحل^^ة الس^^ابقة
الص^^دار الق^^رار أي مرحل^^ة التمهي^^دّ ،أم^^ا إذا ص^^در الق^^رار ،ف^^إن تنفي^^ذه واجب من الم^^رؤوس وليس ل^^ه ان
يعرقله أو أن يقف ضد تنفيذه.
ب -األوام^^ر الغ^^ير مش^^روعة :لق^^د أث^^ارت إش^^كالية م^^دى ال^^تزام الم^^رؤوس^ ب^^األوامر الغ^^ير مش^^روعة اش^^كاال
قانونيا كبيرا في الفقه ،حيث انقسم الى ثالث اتجاهات نوجزها فيما يلي:
إذا أصدر الرئيس أوامر مخالفة للقانون لمرؤوسيه^ فال يل^زم الم^رؤوس بتنفي^ذها ,ألن^ه إذا خ^الف األول أي
ال ^^رئيس الق ^^انون فال يل ^^زم الم ^^رؤوس بإتباع ^^ه ,إالّ الجن ^^ود فلهم تنفي ^^ذ أوام ^^ر رؤس ^^اؤهم^ دون ان يح ^^ق لهم
مناقشتها .ألن الجندي هو آلة لإلكراه ,محرومة 2من التفكير.
و ال خالف ان ه^ذا ال^رأي ينجم عن^ه المحافظ^ة على مب^دأ المش^روعية ،غ^ير أن^ه يع^اب علي^ه تعطي^ل الجه^از
خول للمرؤوس^ تقدير أوام^^ر رئيس^^ه اإلداري و االمتن^^اع عن تنفي^^ذها اذا اقتن^^ع
اإلداري و عرقلة سيره ,إذا ّ
بعدم مشروعيتها.وفي حالة تنفيذ االمر الغير المشروع تقوم المسؤولية الشخصية للمرؤوس.
يق^^وم ه^^ذا ال^^رأي على اح^^ترام واجب الطاع^^ة دون االل^^تزام بمب^^دأ المش^^روعية وس^^يادة الق^^انون ,حيث أن
الم^^رؤوس مل^^زم بتنفي^^ذ األوام^^ر الص^^ادرة الي^^ه من رئيس^^ه اإلداري و ل^^و ك^^انت غ^^ير مش^^روعة ،ألن إعط^^اء
الم^^رؤوس^ س^^لطة فحص األوام^^ر و مناقش^^تها ينج^^ر عن^^ه انتش^^ار ظ^^اهرة الفوض^^ى في المراف^^ق و المؤسس^^ات
العمومي ^^ة و االخالل بمب ^^دأ س ^^ير المراف ^^ق العام ^^ة بانتظ ^^ام و اض ^^طراد .وفي ه ^^ذه الحال ^^ة تك ^^ون المس ^^ؤولية
مرفقية.
االتجاه الثالث :األوامر الغير مشروعة ملزمة^ للمرؤوس و فقا لشروط معينة:
و ي ^^ترأس ه ^^ذا االتج ^^اه الفقي ^^ه األلم ^^اني البان ^^د ،كم ^^ا تبن ^^اه القض ^^اء الفرنس ^^ي و المص ^^ري ،و ك ^^ذا الق ^^انون
المصري في المادة 63من قانون العقوبات ،و المادة 164من الق^^انون الم^^دني المص^^ري ،و الم^^ادة 76
من القانون رقم 47لسنة 1987الخاص بقانون العاملين المدنيين في مصر.
و ترتيب^^ا على ذل^^ك ،يعفى الم^^رؤوس^ من المس^^ؤولية الجنائي^^ة أو المدني^^ة أو التأديبي^^ة عن أعمال^^ه المخالف^^ة
للقوانين و اللوائح بتوفر الشروط التالية:
/1أن يثبت أن ارتكابه كان تنفيذا ألمر أو قرار مكتوب صادر اليه من رئيسه المختص،
/2و أن يكون قد نبه رئيسه كتابة بوجه المخالفة في األمر الصادر عنه،
/3أن يصر الرئيس على أمره رغم تنبيه عليه بوجود هذه المخالفة.
و تبعا لهذا ال^رأي ,ف^إن المس^ؤولية ال^تي تنجم عن تط^بيق ه^ذا األم^ر المخ^الف للق^انون بتحمله^ا المرف^ق ال
الموظف ،أي المسؤولية تكون مرفقية ليست شخصية للموظف المرؤوس.
لق^^د نص^^ت الم^^ادة 129من 05الق^^انون 10-الم^^ؤرخ في 20ج^^وان 2005المتعل^^ق بالق^^انون الم^^دني
الجزائ ^^ري المع^^^دل و المتمم على " ال يك^^^ون الموظف ^^ون و األع ^^وان العمومي ^^ون مس ^^ؤولين شخص ^^يا عن
أفع^^الهم ال^^تي أض^^رت ب^^الغير إذا ق^^اموا به^^ا تنفي^^ذا ألوام^^ر ص^^درت الي^^ه من رئيس م^^تى ك^^انت اطاع^^ة ه^^ذه
األوامر واجبة عليهم".
و بتحليلن ^^ا لنص الم ^^ادة 129من الق ^^انون الم ^^دني الجزائ ^^ري ،ن ^^رى أن المش ^^رع الجزائ ^^ري ق ^^د اعت ^^بر أن
تنفيذ األوامر الصادرة من الرؤساء وفقا^ يقرره القانون ي^^رتب المس^^ؤولية المرفقي^^ة ال الشخص^^ية للموظ^^ف،
و بمفه^^وم المخالف^^ة نعتق^^د أن المش^^رع الجزائ^^ري ،يمي^^ل الى اح^^ترام مب^^دأ الطاع^^ة و الخض^^وع ألوام^^ر و
تعليم^^ات الرؤس^^اء اإلداريين ،و ه^^ذا م^^ا أكدت^^ه الم^^واد 40و 41و 47من األم^^ر رقم 03-06الم^^ؤرخ
في 15جويلية 2006المتضمن القانون األساسي العام للوظيف^ة العمومي^^ة ،حيث تق^^ر ب^واجب الطاع^^ة من
خالل نص الم^^ادة " 2-42كم^^ا يجب علي^^ه أن يتم بك^^ل األح^^وال س^^لوك الئ^^ق مح^^ترم" و الم^^ادة " 40
يجب على الموظ^^^ف في اط^^^ار تأدي^^^ة مهام^^^ه ،اح^^^ترام س^^^لطة الدول ^^ة و ف ^^رض احترامه ^^ا وفق^^^ا للق ^^وانين و
التنظيمات المعم^ول به^ا" ،و الم^ادة " 47ك^ل موظ^ف مهم^ا ك^انت رتبت^ه في الس^لم اإلداري مس^ؤول عن
تنفي^ ^^ذ المه^ ^^ام الموكل^ ^^ة الي^ ^^ه ال يعفى الموظ^ ^^ف من المس^ ^^ؤولية المنوط^ ^^ة ب^ ^^ه بس^ ^^بب المس^ ^^ؤولية الخاص^ ^^ة
بمسؤوله".
– 2السلطة الرئاسية:
يقصد بالسلطة الرئاسية مجموعة االختصاصات التي يتمتع بها الرئيس في مواجهة مرؤوس^^يه من ش^^أنها أن
تجع^^ل ه^^ؤالء يرتبط^^ون ب^^ه برابط^^ة التبعي^^ة و الخض^^وع ،و ه^^ذا الس^^لطة هي اختص^^اص يمنح^^ه الق^^انون رعاي^^ة
للمصلحة العامة و حسن سير المرافق العامة.
و تعت^^بر الس^^لطة الرئاس^^ية الرك^^يزة األساس^^ية لوج^^ود النظ^^ام المرك^^زي ،حيث تتق^^رر لل^^رئيس على مرؤوس^^يه^
بشكل طبيعي دون نص ،و تقابلها مسؤولية الرئيس عن أعمال مرؤوسيه أمام رئيسه األعلى.
و تعت^^بر الس^^لطة الرئاس^^ية س^^لطة ش^^املة ،ألنه^^ا تش^^مل أش^^خاص المرؤوس^^ين و أعم^^الهم ،م^^ع ح^^ق الم^^رؤوس
في التظلم من األوامر الصادرة اليه،إذا رأى أنها مشوبة بعيب من العيوب.
تشمل سلطة الرئيس على أشخاص المرؤوسين سلطة تعيينهم و توزيعهم على اإلدارات المختلفة و توزيع
األعم^^ال الوظيفي^^ة عليهم ،كم^^ا تتض^^من س^^لطة نقلهم من إدارة الى أخ^^رى ،و ك^^ذلك ترقي^^ة الم^^وظفين الى
درجات وظيفية أعلى ،إلى توقيع الجزاءات التأديبية عليهم عند ارتكابهم األخطاء أو مخالفات إدارية بم^^ا
فيها الفصل من الوظيفة العامة طبقا لما يقرره القانون.
تتفرع هذا السلطة الى فرعين :سلطة سابقة على قيام المرؤوسين بمباشرة اختصاصاتهم ،تتمثل في س^^لطة
التوجيه ،و سلطة الحقة على صدور تصرفات و أعمال المرؤوسين ،هي سلطة التعقيب.
– 1سلطة التوجيه:
تتضمن هذه السلطات بإصدار األوامر و التعليمات و المنشورات وتفس^ير الق^^وانين و الل^وائح ال^تي يت^^ولّى
المرؤوسين تنفيذها ,و التوجيهات و االرشادات الالزمة لحسن سير العمل اإلداري.
و ب ^^الرغم من أن ه ^^ذه المنش ^^ورات و التعليم ^^ات ال تح ^^دث آث ^^ار قانوني ^^ة مح ^ ّددة ألنه ^^ا ال تعت ^^بر ق ^^رارات
إداري^^ة ,فال يقب^^ل الطعن به^^ا أم^^ام القض^^اء اإلداري إالّ أنه^^ا ملزم^ة^ للمرؤوس^^ين ال يج^^وز لهم مخالفته^^ا و إالّ
ع ّدو مرتكبين لمخالفات إدارية تستوجب جزاءات تأديبية عليهم.
ت^^تيح ه^^ذه الس^^لطة لل^^رئيس اإلداري س^^لطة إج^^ازة عم^^ل الم^^رؤوس أو الغ^^اءه أو س^^حبه أو الحل^^ول محل^^ه أو
تعديله.
و قرار الرئيس في إجازة أو إقرار أعمال المرؤوسين قد يكون صريحا او قد يكون اإلقرار أو المص^^ادقة^
ض^^منية يس^^تفاد من ظ^^روف الح^^ال ,أو بمع^^نى م^^دة زمني^^ة معين^^ة على ص^^دور الق^^رار من الم^^رؤوس^ بغ^^ير أن
يعترض عليه الرئيس اإلداري.
كما يمل^ك ال^^رئيس اإلداري س^^لطة تع^ديل االعم^^ال المش^^روعة و غ^^ير المش^^روعة لمرؤوس^^يه به^^دف جعله^^ا
أكثر مالئمة للقانون و حسب ما تستوجبه ظروف و طبيعة العمل اإلداري.
كما تنصرف س^لطة ال^^رئيس اإلداري الى الغ^اء الق^^رارات الغ^^ير مش^^روعة للم^رؤوس أو اع^دامها ب^أثر ف^^وري
بالنس ^^بة للمس ^^تقبل م ^^ع ت ^^رك آثاره ^^ا الماض ^^ية قائم ^^ة لمخالفته ^^ا لمب ^^دأ المش ^^روعية ،عكس إلغ ^^اء األعم ^^ال
المشروعة^ العتبارات تمس ظروف و مقتضيات^ العمل اإلداري.
و يختل ^^ف الغ ^^اء الق ^^رارات اإلداري ^^ة من ط ^^رف ال ^^رئيس اإلداري (اإللغ ^^اء اإلداري) عن الس ^^حب اإلداري،
ك ^^ون الس^^حب يش ^^مل فق^^ط الق ^^رارات غ^^ير المش ^^روعة ،و تك^^ون خالل م^^دة زمني^^ة معين^^ة هي م ^^دة الطعن
القضائي ،و يكون لها أثر رجعي بالقضاء على آثارها في الماضي و المستقبل.
و أخ ^^يرا يك ^^ون لل ^^رئيس اإلداري س ^^لطة الحل ^^ول مح ^^ل الم ^^رؤوس^ بحكم س ^^لطته الرئاس ^^ية ،أو إذا امتن ^^ع
المرؤوس أو تراخي عن اتخاذ الق^رار أو الق^رار ال^ذي ينبغي علي^ه اص^داره ،لحس^ن س^^ير العم^^ل اإلداري أو
تطبيقا لسير المرافق العامة بانتظام و اضطراد.
بعد دراستنا لعناصر المركزية اإلدارية نعرض المزايا ال^^تي يحققه^^ا ه^^ذا النظ^^ام و ال^تي دعت الى األخ^^ذ ب^^ه
و تطبيقه الكثير من الدول و كذلك العيوب التي أظهرها التطبيق و دعت الى انتقاده.
إن كل دولة حديثة تحتاج إلى األخذ بالمركزية اإلدارية لتقوية سلطتها و دعم نفوذه^^ا على جمي^^ع أج^^زاء
اقليمها ،حتى تضمن تحقيق الوحدة الوطنية بين جميع أفراد الشعب ،كما تكفل المركزية اإلداري^^ة إدارة
المراف^^ق العام^^ة الوطني^^ة في ك^^ل انح^^اء الدول^^ة على أفض^^ل وج^^ه ،نظ^^را لم^^ا تتمت^^ع ب^^ه من إمكاني^^ات مالي^^ة و
مما يؤدي الى تحقيق مبدأ المساواة باالنتفاع بالمرافق العامة.
إدارية و فنية ّ
كم ^^ا ت ^^ؤدي الى وح ^^دة النظ ^^ام اإلداري في الدول ^^ة و تحقي ^^ق االنس ^^جام و التنس ^^يق بين جمي ^^ع اإلدارات و
الهيئات و المرافق العامة.
و أخ ^^يرا تمت ^^از المركزي ^^ة اإلداري ^^ة باالقتص ^^اد في النفق ^^ات^ العام ^^ة مقارن ^^ة م ^^ع حجم م ^^ا تتطلب ^^ه الهيئ ^^ات
الالمركزية من نفقات.
– 2عيوب المركزية:
أدى انتش^^ار النظم الديمقراطي^^ة في كث^^ير من دول الع^^الم و اتس^^اع وظ^^ائف الدول^^ة المعاص^^رة ،الى تح^ ّ^ول
ّ
^حة
غالبية دول العالم من النظ^^ام المرك^^زي في بعض االختصاص^^ات ك^^التعليم و التج^^ارة و الص^^ناعة و الص^ ّ
و غيرها الى النظام الالمركزي للتخلص من عيوب المركزية اإلدارية.
حيث يع^^اب على النظ^^ام المرك^^زي حرم^^ان الجم^^اهير أو الس^^لطة الش^^عبية من المش^^اركة في ص^^نع الق^^رار و
تسيير الشؤون المحلية ،كما ينجر عن^ه جمل^ة من المش^^اكل اإلداري^ة و ال^تي من بينه^ا البيروقراطي^ة و ع^^دم
تق ^^ريب اإلدارة من الم ^^واطن و له ^^ذا اتجهت غالبي ^^ة دول الع ^^الم الى االخ ^^ذ بالنظ ^^ام الالمرك ^^زي في بعض
االختصاصات فما المقصود بهذا النظام.
الفرع الثاني:
الالمركزية اإلدارية
تقوم الالمركزية اإلدارية على أساس توزيع الوظيفة اإلدارية بين السلطة المركزية و بين هيئات إدارية
مستقلة^ نخضع للرقابة الوصائية في مباشرتها الختصاصاتها.
و المعيار الذي يميز بين المركزية اإلدارية و الالمركزية اإلدارية هو وحدة السلطة اإلدارية أو تعددها،
فإن كانت هناك سلطة إدارية واحدة فنحن أمام نظام مركزيّ ،أما إذا تع ّددت السلطات اإلدارية بحيث
توجد سلطات المركزية تتمتع بالشخصية المعنوية و باالستقالل في ممارستها الختصاصاتها تحت
اشراف السلطة المركزية ،نكون بصدد المركزية إدارية.
و من جهة أخرى تتميز الالمركزية اإلدارية ،عن عدم التركيز اإلداري كأسلوب اداري نطاقه عالقة بين
رئيس اداري و مرؤوس اداري ،حيث يطبق عدم التركيز اإلداري داخل شخص معنوي واحد ،بينما
تمارس الالمركزية اإلدارية بين شخصين معنويين سواء بين الدولة و البلدية ،أو الدولة و الوالية ،أو
الدولة و المؤسسة العمومية.
كما أن أجهزة عدم التركيز اإلداري تخضع لنظام الرقابة الرئاسية التي يمارسها الرئيس اإلداري على
مرؤوسهّ ،أما األجهزة الالمركزية فتخضع للرقابة الوصائية من طرف السلطة الوصية في الدولة.
-كما تختلف الالمركزية اإلدارية عن الالمركزية السياسية ،هذه األخيرة التي تقوم على أساس توزيع
االختصاصات السياسية بين الدولة االتحادية و الواليات و التي ينظمه الدستور االتحادي ،بينما توزيع
الصالحيات بين السلطات المركزية و الهيئات المحلية الالمركزية يتم بموجب قانون اإلدارة المحلية
(قانون البلدية أو الوالية مثال في الجزائر) ويوجد هذا النظام اإلداري في الدول المركبة ،كما يوجد في
الدول البسيطة.
و ذل^^ك ألن النظ^^ام الالمرك^^زي يش^^كل ص^^ورة من ص^^ورة النظ^^ام اإلداري يهتم بدراس^^تها الق^^انون اإلداري،
بينم^^ا الالمركزي^^ة السياس^^ية هي نظ^^ام سياس^^ي تتعل^^ق بش^^كل الدول^^ة ،و يهتم ب^^ه الق^^انون الدس^^توري أساس^^ا،
يوجد فقط في الدول المركبة .
كما أن النظام الفيدرالي ،أو الالمركزية السياسية كشكل من أشكال نظام الحكم ،يعبر عن م^^دى اش^^تراك
ك ^^ل دول ^^ة عض ^^و في تك ^^وين اإلرادة العام ^^ة أو السياس ^^ة العام ^^ة في الدول ^^ة من خالل المش ^^اركة في الهيئ ^^ة
التشريعية مثل ما هو مطبق في الواليات المتحدة األمريكية ،و سويسرا ،بينم^^ا في الالمركزي^^ة اإلداري^^ة ،ال
تشترك الهيئات المحلية الالمركزية في بناء السياسة العامة^ في الدولة.
و للتعريف أكثر بنظام الالمركزية اإلدارية ،سنقوم بدراسة دع^ائم و أرك^ان ه^^ذا النظ^ام ،و بي^^ان ص^وره ،ثم
نقوم بتقديره من خالل دراسة مزايا و عيوب النظام الالمركزي و ذلك ما سنبحثه فيما يلي:
تنهض الالمركزي^ ^^ة اإلداري^ ^^ة على ثالث رك^ ^^ائز أساس^ ^^ية هي وج^ ^^ود مص^ ^^الح محلي^ ^^ة متم^ ^^يزة عن المص^ ^^الح
الوطنية ،تكوين هيئات مستقلة إلدارة هذه المصالح أخيرا ،خض^^وع الهيئ^^ات الالمركزي^^ة للرقاب^^ة الوص^^ائية
من طرف السلطة الوصية في الدولة.
يمثل هذا العنصر نقطة البداية في تك^وين الهيئ^ات الالمركزي^^ة اإلداري^ة س^واء إقليمي^ة أو مص^لحية ،إذ يل^^زم
وج ^^ود مص ^^الح محلي ^^ة ذاتي ^^ة متم ^^يزة عن المص ^^الح الوطني ^^ة العتب ^^ارات سياس ^^ية أو اقتص ^^ادية أو زراعي ^^ة او
س^^ياحية ،ق^^د تك^^ون األق^^اليم ص^^ناعية تحت^^اج الى تط^^وير و ترقي^^ة لتحقي^^ق حاج^^ات المنطق^^ة ،و أخ^^رى ق^^د
تكون زراعية أو سياسية أو عمرانية ...الخ.
ك ^^ل ه ^^ذه الحاج ^^ات المتم ^^يزة و ال ^^تي تختل ^^ف من مك ^^ان الى مك ^^ان آخ ^^ر ال تص ^^لح أن ت ^^دار باألس ^^لوب
المركزي ،بل يجب ادارتها باألسلوب الالمركزي الذي يستطيع أن يستجيب للحاجات المحلية.
و الغ^ ^^الب أن يتب^ ^^ع المش^ ^^رع في تحدي^ ^^د اختصاص^ ^^ات الس^ ^^لطات المحلي^ ^^ة أح^ ^^د األس^ ^^لوبين :األس^ ^^لوب
االنجليزي و األسلوب الفرنسي:
ان االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة لألقاليم المختلفة ال معنى له بدون أن يتم إنش^^اء هيئ^^ات محلي^^ة
مستقلة^ يعهد لها بإدارة المصالح المحلية.
و تتم^^يز ه^^ذه الهيئ^^ات المحلي^^ة باالس^^تقاللية المالي^^ة و اإلداري^^ة عن طري^^ق منحه^^ا الشخص^^ية المعنوي^^ة ،و م^^ا
يترتب عن ذلك من االعتراف لها بذمة مالية مستقلة ،فتكون لها أهلية قانونية ،و نائب يعبّر عن ارادته^^ا و
ذم^^ة مالي^^ة خاص^^ة به^^ا مص^^درها^ الض^^رائب و الق^^روض و رس^^وم انتف^^اع المواط^^نين بالخ^^دمات ال^^تي تؤديه^^ا،
عالوة على المنح و اإلعانات التي تقدم اليها من الحكومة المركزية أو المؤسسات العامة و الخاصة.
و لقد انقسم الفقه حول كيفية تحقيق استقالل الهيئات المحلية الى اتجاهين رئيسين:
يرى هذا االتجاه اته يكفي لتحقيق استقالل الهيئات المحلية أن ينص الق^انون على ض^مانات معين^^ة ل^ذلك
مثل ضمانة عدم القابلية للعزل من طرف السلطات المركزية ،أو عدم جواز اخض^^اعهم للمس^^اءلة التأديبي^^ة
مثل سحب ق^^راراتهم أو الغاءه^^ا أو الحل^^ول محلهم في اتخ^^اذ ه^^ذه الق^^رارات و ك^^ذا تحوي^^ل ه^^ذه الهيئ^^ات
سلطة اتخاذ القرارات اإلدارية النهائية.
و عليه ال يجب الربط بين نظام الالمركزية اإلدارية و االنتخاب لتحقيق استقاللها ،و ه^^ذا م^^ا أك^^ده الفقي^^ه
ڤالين بقوله ":أن االنتخاب ليس له قيمة مطلقة في منح الطابع الالمركزي للهيئات الالمركزية ،فض^^ال عن
استقاللها في مواجهة الحكومة المركزية ،و إنما هي الوسيلة األكثر اعتيادا لضمان هذا االستقالل".
وانص^^اره هم الغالبي^^ة في فرنس^^ا و مص^^ر و الجزائ^^ر ,حيث ي^^رون أن االنتخ^^اب ش^^رط أساس^^ي الس^^تقالل
مجالس الوحدات أو الهيئ^^ات المحلي^^ة ،و ال مج^^ال للمقارن^^ة بين ه^^ذه الهيئ^^ات و القض^^اة الختالف وظيف^^ة
ك^^ل منهم^^ا ،ل^^ذا ف^^العبرة في ش^^كل الهيئ^^ة الم^^ديرة على المس^^توى المحلي ،و أن تتك^^ون من منتخ^^بين ح^^تى
نض^^من ع^^دم تبعيتهم للس^^لطة المركزي^^ة ،ل^^ذلك ق^^ال م^^وريس هوري^^و ":إن الالمركزي^^ة اإلداري^^ة تمي^^ل إلى
إح^^داث مراك^^ز إداري^^ة عام^^ة مس^^تقلة يعين أشخاص^^ها بطري^^ق االنتخ^^اب ليس به^^دف اختي^^ار أفض^^ل الس^^بل
إلدارة الوحدات اإلدارية المحلية ،و إنما من أجل مشاركة أكثر ديمقراطية للمواطنين".
لذا فالالمركزية حسب أنصار االتج^اه الث^^اني ليس^ت إالّ نوع^ا من التط^ور ال^^ديمقراطي و ليس^^ت إالّ مدرس^ة^
له في الوقت ذاته ،فاالنتخاب هو الضمانة األساسية و الوسيلة المثلى لتحقيق الديمقراطي^^ة و تك^^وين ق^^ادة
سياس^^يين و إداريين على المس^^توى المحلي ،أي ه^^و وس^^يلة لتمكين الش^^عب من تس^^يير ش^^ؤونه العمومي^^ة،
كم^^ا أق^^رت الم^^ادة 16من دس^^تور 1996الجزائ^^ري بقوله^^ا " المجلس المنتخب قاع^^دة الالمركزي^^ة ،و
مكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية".
و نحن نرى أن االتجاه األول هو األكثر صوابا و منطقية ،حيث أنه ال يجوز الخلط بين استقالل الهيئ^ات
المحلية و وس^^يلة تحقيق^^ه ،فاالنتخ^اب بالفع^^ل وس^يلة لتحقي^^ق ه^ذا االس^تقالل لكن بش^رط وج^^ود ض^مانات
مم^^ا ي^^ؤدي إلى التعب^^ير الحقيقي عن إرادة الن^^اخبين وتك^^وين رأي ع^^ام حقيقي و
لنزاه^^ة العملي^^ة االنتخابي^^ةّ ،
وعي سياسي لتحقيق نزاهة العملية االنتخابية.
و الخالصة أن العبرة باستقالل الهيئات الالمركزية اإلدارية بتوفير ضمانات قانوني^^ة و واقعي^^ة لتحقي^^ق ه^^ذا
االستقالل و كفالته و هي ضمانات تختلف من دولة الى أخرى و من نظام سياسي و إداري إلى آخر.
و يقص^^د به^^ا مجموع^^ة االختصاص^^ات المخول^^ة قانون^^ا للس^^لطة المركزي^^ة للرقاب^^ة على الهيئ^^ات الالمركزي^^ة
ضمانا لتحقيق مبدأ المشروعية ،و استهداف المصلحة العامة.
– 1أنه^^ا مجموع^^ة اختصاص^^ات رقابي^^ة ينص عليه^^ا الق^^انون ،حيث ال وص^^اية ب^^دون نص " ل^^ذا فإنه^^ا رقاب^^ة
استثنائية ال تمارس إالّ في الحدود التي يقررها القانون.
– 2إن الرقاب^^ة الوص^^ائية تس^^تهدف أساس^^ا ض^^مان تحقي^^ق المص^^لحة العام^^ة و ال^^تزام الهيئ^^ات الالمركزي^^ة
الح^^دود ال^^تي يفرض^^ها الق^^انون على نش^^اطها و أعماله^^ا أي أنه^^ا رقاب^^ة مش^^روعية^ أي تس^^تهدف كفال^^ة مب^^دأ
المشروعية.
أ – االس^^لوب االنجل^^يزي :و ال^^ذي يق^^وم على إعط^^اء الهيئ^^ات المحلي^^ة اختصاص^^ات مح ^ ّددة على س^^بيل
الحصر ،مع اخضاعها لرقابة وصائية مح ّددة وض^^يقة تتمث^ل أهم مظاهره^^ا في :ح^ق الحكوم^^ة المركزي^ة في
مقاض ^^اة الهيئ ^^ات المحلي ^^ة إذا رأت في أعماله ^^ا انحراف ^^ا عن الق ^^انون ،و حقه ^^ا في التف ^^تيش على اعماله ^^ا
خاص^^ة م^^ا تعل^^ق منه^^ا بالج^^انب الم^^الي ،و يتم التف^^تيش بأح^^د الص^^ورتين ّإم^^ا بوج^^ود مفتش مقيم في الهيئ^^ة
المحلية مع تبعية للحكومة المركزية أو ارسال مفتشين مركزين الى األقاليم.
ب – األس ^^لوب الفرنس ^^ي :يق ^^وم األس ^^لوب الفرنس ^^ي على خاص ^^يتين أساس ^^يتين هم ^^ا اختصاص ^^ات واس ^^عة
للسلطات الالمركزية مع خضوعها لرقابة واسعة من طرف السلطات المركزية.
و تتمث ^^ل مظ ^^اهر الرقاب ^^ة الوص ^^ائية على الس ^^لطات الالمركزي ^^ة تطبيق ^^ا له ^^ذا األس ^^لوب ،و ال ^^ذي أخ ^^ذ ب ^^ه
المش^^رع الجزائ^^ري ،في الرقاب^^ة على الهيئ^^ات المحلي^^ة ذاته^^ا ،و ال^تي تتمث^^ل أساس^^ا في ح^^ق ح^^ل المج^^الس
المحلي ^^ة وفق ^^ا لإلج ^^راءات المنص ^^وص عليه ^^ا قانون ^^ا ،و ي ^^ؤدي ذل ^^ك الى إع ^^ادة انتخ ^^اب أعض ^^اء المجلس
خالل المدة المحددة ،و ال يترتب على هذا الحل زوال الشخصية المعنوي^^ة المس^^تقلة للهيئ^^ة اإلقليمي^^ة ،و
الرقابة على أعم^ال الهيئ^ات المحلي^ة ،س^واء ك^انت أعماله^ا إيجابي^ة أو س^لبية ،و تتمث^ل مظاهره^ا في اإلذن
الس^^ابق،او المص^^ادقة^ الص^^ريحة و الض^^منية ,اإللغ^^اء ،و الحل^^ول ال^^ذي يعت^^بر أخط^^ر مظ^^اهر الرقاب^^ة الوص^^ائية
على األعمال.
ّأم^^ا على األعض^^اء المك^ ّ^ونين للهيئ^^ات المحلي^^ة ،فتتمث^^ل الرقاب^^ة الوص^^ائية في اإلقال^^ة ،التوقي^^ف ،الع^^زل أو
االقصاء.
– 4تختلف الوصاية اإلدارية أو الرقابة الوصائية عن السلطة الرئاسية من ع ّدة جوانب أهمها:
أ – إن الرقاب^^ة الوص^^ائية ال تم^^ارس و ال يك^^ون له^^ا وج^^ود إالّ إذا نص عليه^^ا الق^^انون ص^^راحة تطبيق^^ا " :ال
وص ^^اية ب ^^دون نص" ،على خالف الرقاب ^^ة الرئاس ^^ية ال ^^تي تم ^^ارس بص ^^فة تلقائي ^^ة فهي مفترض ^^ة تطبيق ^^ا لمب ^^دأ
وحدة األمر و الرئاسة ،و الوجه الثاني لعالقة التبعية و الخضوع بين الرئيس اإلداري و مرؤوسه.
ب – الرقاب^^ة الوص^^ائية تم^^ارس بين شخص^^ين معن^^ويين أح^^دهما الدول^^ة و اآلخ^^ر هيئ^^ة محلي^^ة مس^^تقلة س^^واء
أكانت البلدية أو الوالية أو المؤسسة العامة.
و تطبيقا لذلك ،ال يملك الم^^رؤوس ح^^ق الطعن في ق^رار رئيس^ه اإلداري إالّ م^^ا اس^تثناه الق^^انون و القض^اء،
على خالف ذل ^^ك يج ^^وز للهيئ ^^ة المحلي ^^ة أن تطعن في ق ^^رار الس ^^لطة المركزي ^^ة ،إض ^^افة الى ذل ^^ك يس ^^أل
الرئيس اإلداري عن أعمال مرؤوسه ،بينما ال تتحمل سلطة الوصاية أي مس^ؤولية بش^أن األعم^ال الص^ادرة
تتحمل المسؤولية القضائية أو السياسية.
عن الجهاز المستقل ،و يمكن أن ّ
تتمثل الالمركزية االدارية في صورتين رئيسيتين :الالمركزي^ة االداري^ة المحلي^ة أو االقليمي^ة ،و الالمركزي^ة
االدارية المصلحية أو المرفقية التي تتولّى ادارة بعض الهيئات العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية.
و ترتيبا على ذلك ،تقوم هذه األشخاص الالمركزية بإدارة المرافق و المصالح المحلية عن طريق مجالس
محلية منتخبة غالبا ،و هذه المرافق العامة تشمل جميع الخدمات ال^^تي تق^^دم لس^^كان المنطق^^ة من ص^^حة و
تعليم و كهرباء و مياه و نظافة...
و تعتبر بريطانيا أقدم الدول في األخذ باالدارة المحلية في الع^^الم ،و يع^د نظامه^ا أك^ثر النظم االداري^ة دق^ة^
و انضباطا.
ظهر هذا النوع من الالمركزية االدارية حديثا ،عندما ت^دخلت الدول^ة المعاص^رة في النش^اط االقتص^ادي و
أدى الى منح ه^^ذه المراف^^ق الشخص^^ية
مم^^ا ّ
االجتم^^اعي ،فك^^ثرت المش^^اريع و المراف^^ق و المص^^الح العام^^ةّ ،
االعتبارية لكي تتولّى ادارتها استقالال عن الدولة عن طريق ما يسمى بالمؤسسات العامة.
و ق ^^د نش ^^أ ه ^^ذا الن ^^وع من الالمركزي ^^ة االداري ^^ة العتب ^^ارات موض ^^وعية ترج ^^ع الى طبيع ^^ة النش ^^اط ،و ن ^^وع
المرافق و المشاريع التي يتعلق بها هذا النشاط.
يتفق الفقه على أن النظام الالمركزي يعد استجابة طبيعية للتطورات المعاصرة التي فرض^^ت ض^^رورة اتب^^اع
هذا النظام لما حققه^ من مزايا كثيرة مقارنة بما ينسب لها من عيوب.
-تدعيم النظام الديمقراطي باإلصالح االداري و تنمية الوعي السياس^^ي ل^^دى المواط^^نين و ض^مان العدال^^ة
االجتماعية و افساح الفرصة لتكوين قادة اداريين و سياسيين على المستوى المحلي.
-مب^ ^^دأ تق^ ^^ريب االدارة من الم^ ^^واطن:و س^ ^^هولة القي^ ^^ام باالص^ ^^الح االداري و تخفي^ ^^ف العبء عن كاه^ ^^ل
الس ^^لطة المركزي ^^ة ,فق ^^د تنه ^^ار الحكوم ^^ة المركزي ^^ة في العاص ^^مة أو تنقط ^^ع وس ^^ائل اتص ^^الها بممثله ^^ا في
مم^^ا ي ^^ؤدي الى كارث ^^ة ش ^^املة ،على حين أن ^^ه في أس ^^لوب الالمركزي ^^ة تس ^^تطيع الجه ^^ات المحلي ^^ة
االق ^^اليم ّ
مواجهة الموقف دون االعتماد الكامل على الحكومة المركزية.
-ق^ ^^د ي^ ^^ؤدي النظ^ ^^ام الالمرك^ ^^زي الى المس^ ^^اس بوح^ ^^دة الدول^ ^^ة من ج^ ^ ّ^راء توزي^ ^^ع الوظ^ ^^ائف و االع^ ^^تراف
باستقاللية بعض أجزاء االقليم عن الدولة.
-كم ^^ا ي ^^ؤدي ك ^^ذلك الى ظ ^^اهرة ع ^^دم التج ^^انس في القي ^^ام بالعم ^^ل االداري من خالل تفض ^^يل الش ^^ؤون
المحلية على المركزية
يوجه للنظام الالمركزي أن تطبيق^^ه ي^ؤدي الى ظ^اهرة تبدي^د النفق^^ات العام^ة ،ألن االع^^تراف
و لعل أهم نقد ّ
باالس^^تقالل الم^^الي لألجه^^زة المحلي^^ة و المؤسس^^ات العام^^ة ي^^ؤدي الى ظ^^اهرة تبدي^^د النفق^^ات العام^^ة ،ألن
تحمل الخزينة العامة^ لمب^^الغ
االعتراف باالستقالل المالي لألجهزة المحلية و المؤسسات العامة يؤدي الى ّ
ضخمة.
المطلب الثاني:
التركيز االداري و عدم التركيز االداري
درج العديد من فقهاء القانون االداري على دراسة التركيز و عدم التركيز االداري باعتبارهما تطبيقات
للمركزية االدارية أو صور لها ،و لكن الحقيقة أن التركيز و عدم التركيز أسلوبان من أساليب التنظيم
االداري يمكن تطبيقها في النظام المركزي كما يمكن األخذ بهما في الالمركزية االدارية.
و إن كانت قاعدة عدم التركيز قد ظهرت في النظام المرك^^زي بقص^^د التخفي^^ف من ترك^^يز الس^^لطة ،فه^^ذا
أمر طبيعي ألن الالمركزية االدارية ،و خاص^ة المص^لحية منه^^ا ،لم تظه^^ر إالّ ح^ديثا ثم انتش^^رت في معظم
دول العالم ،و اعتمدت كذلك على أسلوبي التركيز و عدم التركيز االداري.
و يع^ ّد ك^^ل من أس^^لوبي الترك^^يز و ع^^دم الترك^^يز االداري عالق^^ة بين ال^^رئيس االداري و مرؤوس^^يه^ و وس^^يلة
لتوزيع االختصاصات داخل الهيئة االدارية سنقوم بدراستها في الفرعين التاليين:
األول
الفرع ّ
التركيز االداري
يقص ^^د ب ^^التركيز االداري حص ^^ر س ^^لطة البت و التقري ^^ر النه ^^ائي بي ^^د ال ^^رئيس االداري أي اس ^^تئثاره بس ^^لطة
اتخ^^اذ الق^رارات ،و اص^دار األعم^^ال و التص^رفات^ في كاف^^ة ش^ؤون إدارت^ه دون مش^اركة أح^د من نواب^ه أو
مرؤوسيه.
و يح ^^دث الترك ^^يز االداري به ^^ذا المع ^^نى من ج ^^انب أي رئيس اداري يحت ^^ل قم ^^ة التسلس ^^ل ال ^^وظيفي في
ادارته ،سواء في النظام المركزي أو في النظ^ام الالمرك^زي فق^د يك^ون ه^ذا ال^رئيس :رئيس الجمهوري^ة أو
رئيس ال^^^وزراء أو أح^^^د ال^^^وزراء أو رئيس أح^^^دى الس^^^لطات الالمركزي ^^ة المحلي ^^ة أو المرفقي^ ^ة^ ,و ب ^^ذلك
ينحصر دور الموظفين و المرؤوسين بالقي^ام باألعم^ال التحض^^يرية و جم^ع البيان^ات و تجهيزه^^ا قب^^ل اتخ^اذ
القرارات من جانب الرئيس ثم يقومون بتنفيذ ها.
مم^^ا
و ينتج عن األخذ بأسلوب التركيز االداري عج^^ز ال^رئيس االداري عن القي^ام بمهام^^ه بكف^^اءة و س^^رعة ّ
ي ^^ؤدي الى االبط ^^اء في اص ^^دار الق ^^رارات و ع ^^دم تفرع ^^ه للمه ^^ام األساس ^^ية ،و بالت ^^الي عرقل ^^ة س ^^ير العم ^^ل
االداري.
و لهذا هجر أسلوب التركيز االداري ،و لم يعد مطبقا في الحياة العملية في الوقت الحاضر.
الفرع الثاني
يقتضي عدم التركيز االداري قيام الرئيس االداري بنقل سلطة البت و التقرير النهائي في بعض سلطاته
(اختصاصاته) الى نوابه و مرؤوسيه^ دون الرجوع اليه.
فقد يتخلى الوزير عن بعض اختصاصاته لنائبه أو مدير الديوان في الوزارة ،و هذا ما يس^ ّ^مى بع^دم الترك^يز
الداخلي أو للم^ديرين الموج^ودين على مس^^توى األق^^اليم كم^ديري التربي^ة و التعليم أو الص^حة أو األش^^غال
العمومي^ ^^ة أو ال^ ^^والة فيطل^ ^^ق علي^ ^^ه ع^ ^^دم الترك^ ^^يز الخ^ ^^ارجي ،كم^ ^^ا يس^ ^^تطيع أن يتن^ ^^ازل ال^ ^^والي على بعض
اختصاصاته لرئيس الدائرة ,كما يجوز لرئيس البلدي^^ة أن ينق^^ل س^^لطة البت و التقري^^ر لبعض مرؤوس^^يه^ مث^^ل
رئيس مصلحة^ الحالة المدنية و هذا هو عدم التركيز الداخلي.
و ترتيب^ا على ذل^ك ،تنتق^^ل ه^^ذه االختصاص^ات داخ^ل نفس الش^خص المعن^^وي من ال^رئيس االداري األعلى
في السلم االداري الى م^ا يلي^ه ،و به^ذا المع^نى يختل^ف ع^دم الترك^يز االداري عن الالمركزي^ة االداري^ة ،إذ
تتع ^^دد األش^^^خاص المعنوي^^^ة العام^^^ة في الالمركزي^^^ة االداري^^^ة ،ال ^^تي تعت ^^بر أش ^^مل و أعم من ع ^^دم الترك ^^يز
االداري كونه أسلوب إداري يطبق داخل هيئة مركزية االدارية أو المركزية على حد سواء.
و يحقق األخذ بأس^^لوب ع^^دم الترك^^يز االداري ع^^دة فوائ^د اداري^ة ،حيث يتم التخلص من الترك^يز الش^ديد
في السلطة ،و توفير الوقت و الجهد و المال كما تؤدي الى وضع سلطة اتخاذ القرار في يد المرؤوسين
األك^^ثر قرب^^ا و اتص^^اال بالمش^^اكل و الص^^عوبات ال^^تي تواج^^ه س^^ير العم^^ل االداري ،كم^^ا يكف^^ل التوص^^ل الى
حلها و التغلب عليها.
و يتحق^^ق ع^^دم الترك^^يز االداري بط^^ريقين ّإم^^ا عن طري^^ق توزي^^ع االختصاص^^ات إبت^^داء بالق^^انون بين أعض^^اء
الس^ ^^لطة االداري^ ^^ة ،بحيث يس^ ^^تطيعون اتخ^ ^^اذ الق^ ^^رارات دون الرج^ ^^وع الى ال^ ^^رئيس االداري األعلى مث^ ^^ل
اختصاصات الوالي في النظام القانوني الجزائري مح ّددة في قانون الوالية و المراسيم المطبق^^ة ل^^ه ،إض^^افة
الى ق ^ ^ ^ ^^وانين أخ ^ ^ ^ ^^رى ،أو بواس ^ ^ ^ ^^طة اللج ^ ^ ^ ^^وء الى اس ^ ^ ^ ^^لوب التف ^ ^ ^ ^^ويض االداري la délégation
،administrativeحيث يق^^وم ال^^رئيس االداري بنق^^ل ج^^انب من س^^لطاته الى مرؤوس^^يه ،و ه^^ذا م^^ا
سنبحثه في مطلب مستقل ألهميته في التنظيم اإلداري.
المطلب الثالث
التفويض االداري
يحتل موضوع التفويض في السلطة االدارية مكانة هامة بين موضوعات القانون االداري باعتباره
األسلوب األمثل لتحقيق عدم التركيز االداري داخل التنظيم االداري ،و ذلك نظرا لما يحققه من فوائد
للعمل االداري.
و علي^ه و نظ^را له^^ذه األهمي^ة ،س^نقوم بدراس^ة ه^ذا الموض^^وع ،بتبي^^ان الش^^روط العام^ة للتف^ويض في الف^^رع
األول ,و كذا مقارنته باألنظمة القانونية األخرى المشابهة له ،في الفرع الثاني.
الفرع األول
يقص^^د بتف^^ويض الس^^لطة أن يعه^^د ال^^رئيس االداري بممارس^^ة بعض س^^لطاته ال^^تي تس^^تمدها من الق^^انون الى
أح^^د مرؤوس^^يه ،أو بمع^^نى آخ^^ر نق^^ل ال^^رئيس االداري لج^^انب من س^^لطاته الى بعض مرؤوس^^يه ليمارس^^وها
دون الرجوع اليه ،مع بقاء مسؤوليته عن هذه االختصاصات أمام الرئاسات العليا.
و ه^^ذا يع^^ني أن التف^^ويض ينص^^ب على ج^^انب من الس^^لطة في االختصاص^^ات دون ج^^انب المس^^ؤولية ألن
عم^^ا ق^^ام بتفويض^^ه من اختصاص^^ات تظ^^ل باقي^^ة أم^^ام رؤس^^اء ل^^ذا يس^ ّ^مى التف^^ويض
مس^^ؤولية ال^^رئيس االداري ّ
بتفويض السلطة ال تفويض االختصاص .
و غالب^^ا م^^ا يق^^وم ال^^رئيس االداري بتف^^ويض س^^لطاته األق^^ل أهمي^^ة ،لكي يتف^^رغ لمباش^^رة اختصاص^^اته الهام^^ة
التي تؤثر تأثيرا مباشرا على سير العمل االداري.
حيث أوجد الفقه بعض األمور ال^تي ال يس^^تطيع ال^^رئيس االداري التخلي عنه^^ا ،بتفويض^^ها الى مرؤوس^^يه و
التصرف في الميزانية ،التعيينات و التنقالت في المناص^^ب و المراك^^ز الرئيس^^ية،
ّ مثالها المسائل المالية ،و
القرارات الكبرى المتعلقة بالتنظيم ،التغيير و التعديل في السياسة العامة^ للهيئة االدارية.
و تف ^^ويض الس ^^لطة أو االختص ^^اص ال يج ^^وز إالّ بنص الق ^^انون ،و ذل ^^ك حس ^^ب النظ ^^ام الفرنس ^^ي و ال ^^ذي
أخذت به أغلبية دول العالم منها الجزائر و مص^ر ،فص^احب^ االختص^اص مل^^زم ب^أن يم^ارس اختصاص^^ه ،إالّ
في الحاالت ال^تي يص^رح فيه^^ا المش^رع بج^واز التف^^ويض و في ح^دود م^ا يص^^رح ب^ه ،ذل^ك أن االختص^^اص
ليس حق لصاحبه يتصرف فيه كما شاء .
و يتم التف^^ويض في الش^^كل الكت^^ابي الرس^^مي ،لتحدي^^د الموض^^وعات ال^^تي تم التف^^ويض فيه^^ا ،أو ق^^د يك^^ون
شفويا ،و ذلك غالبا ما يكون في المسائل البسيطة أو العاجلة التي ال تتطلب كتابة قرار التفويض.
يجب أالّ يش^^مل التف^^ويض ك^^ل س^^لطات المف^^وض ،إذ أن^^ه ال يك^^ون ص^^حيحا إالّ إذا انص^^ب على ج^^انب من
هذه السلطات فقط.
ذلك أن قيام الرئيس االداري بتفويض كل سلطاته ،يعتبر تنازال من جانبه على كل السلطات ال^^تي اس^^ندها
اليه القانون ،و هذا ال يجوز ،ألنه ال يملك هذا الحق.
الشق األول هو السلطة le pouvoir :و الشق الثاني المسؤولية .la responsabilité
و تطبيق^ ^^ا ل^^^ذلك ،ينص^ ^^ب التف^ ^^ويض على الس^ ^^لطة فق^ ^^ط دون المس^ ^^ؤولية ،أي أن ال^ ^^رئيس االداري يق^ ^^وم
بتف^^ويض ج^^زء من س^^لطاته بص^^فة مؤقت^^ة م^^ع بق^^اء مس^^ؤوليته الكامل^^ة عن ه^^ذه الس^^لطات ،ذل^^ك أن التف^^ويض
ه ^^و وس ^^يلة لتوزي ^^ع الس ^^لطة ،و القض ^^اء على تركيزه ^^ا من أج ^^ل تحقي ^^ق مص ^^لحة العم ^^ل االداري ،كم ^^ا أن
المفوضة الي^ه أم^ام رئيس^ه المباش^ر فق^ط ,و ال
المرؤوس المفوض اليه يسأل عن تصرفاته بشأن السلطات ّ
يس ^^ال ام ^^ام اي رئيس أعلى من ^^ه ،وفق ^^ا لمب ^^دأ وح ^^دة الرئاس ^^ة و األم ^^ر .ل ^^ذا ف ^^ان المس ^^ؤولية الناتج ^^ة عن
التفويض مسؤولية مزدوجة^ مسؤولية الرئيس و مسؤولية المرؤوس.
المفوض اليه أن يقوم بإعادة تفويض السلطات ال^^تي انتقلت الي^^ه من رئيس^^ه
و معناه أنه ال يجوز للمرؤوس^ ّ
الى من هم أدنى من ^^ه في الس ^^لم اإلداري ،لتحدي ^^د المس ^^ؤوليات في اله ^^رم اإلداري ،و لكن ه ^^ذا ال يمن ^^ع
المفوض اليه من تفويض جزء من سلطاته األصلية الى من يليه في السلم اإلداري.
المرؤوس ّ
– 4وضوح حدود التفويض:
يجب أن يكون التفويض سليما من الناحية القانونية ،و وفق^ا^ لإلج^^راءات و الش^^روط الش^^كلية الموض^^وعية
التي ح ّددها القانون ،سواء صدر التفويض كتابيا أو شفويا.
المفوضة أو استردادها:
– 5حق الرئيس في تعديل السلطات ّ
بع^^د نق^^ل الس^^لطات المفوض^^ة الى الم^^رؤوس^ ال يج^^وز لل^^رئيس أن يم^^ارس الس^^لطات المفوض^^ة ط^^وال م^ ّدة
التفويض ،ألنها لو صدرت منه تعتبر باطلة لصدورها من غير المختص بإصدارها.
لكن يج ^^وز لل ^^رئيس المف ^^وض أن يع^ ^ ّدل و يس ^^ترد و يلغي و يس ^^حب الس ^^لطات المفوض ^^ة تطبيق ^^ا للرقاب ^^ة
الرئاسية التي يمارسها الرئيس على مرؤوسيه ،مستهدفا حسن سير العمل اإلداري.
الفرع الثاني
سنقوم في هذا الفرع بإجراء دراسة مقارنة بين التفويض في السلطة اإلدارية و بعض األنظمة القانونية
المشابهة له ،فنقوم بالتفرقة بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع ،ثم التفرقة بين التفويض اإلداري و
التفويض التشريعي و بين التفويض االداري و الحلول االداري ،و أخيرا بين التفويض االداري و اإلنابة
االدارية.
يميز الفقه بين تفويض السلطة و تفويض التوقيع ،و يترتب على ذلك النتائج التالية:
– 3في تفويض السلطة ترتبط قوة القرارات الصادرة بناء على التفويض بدرجة المفوض اليه ،بينما في
تفويض التوقيع تكون لهذه القرارات قوة القرارات الصادرة عن صاحب االختصاص األصيل.
التفويض التشريعي هو عبارة عن اصدار السلطة التنفيذية لقرارات لها قوة القانون بناء على تفويض من
السلطة التشريعية تحت ضغط األزمات االقتصادية^ أو الظروف السياسية ،و يطلق على هذه اللوائح في
الفقه الفرنسي المراسيم بقوانين Les décrets-loiأو األوامر . les .ordonnancesكما
تصدر هذه اللوائح في موضوعات معينة و في م ّدة زمنية يح ّددها قانون التفويض.
و يلتقي كل من التفويض االداري و التفويض التشريعي في أنهما يتمان وفقا لنص قانوني خالل م ّدة
زمنية معينة ،و في موضوعات مح ّددة ،و أنه ال يجوز أو تفويض السلطات المفوضة.
– 1يتم تفويض السلطة بين أعضاء السلطة اإلدارية أي بين رئيس و مرؤوسيه ،بينما التفويض التشريعي
يتم بين سلطتين سياسيتين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية.
– 2التفويض التشريعي ينظمه الدستور أساسا ،بينما التفويض اإلداري ينظمه القانون.
– 3يتم التفويض التشريعي في الظروف االستثنائية ،بينما يتم تفويض السلطة في الظروف العادية أو
االستثنائية على ح ّد سواء.
– 4يستمر التفويض التشريعي خالل مدة كاملة ،بينما يجوز تعديل أو سحب أو إلغاء السلطات
المفوضة في التفويض اإلداري من طرف الرئيس المفوض إذا ما رأى ذلك.
ّ
– 1يحدث التفويض في وجود المفوض و بإرادته ,بينما الحلول يقع عند غياب األصيل ألسباب قاهرة
ال دخل له فيها (مرض مثال).
– 3التفويض ينصب على بعض اختصاصات المفوضّ ,أما الحلول في االختصاص فيقع عليها جميعا.
– 4ال يجوز للمفوض اليه أن يفوض سلطاته المفوضة ،على عكس الحال يجوز له أن يفوض جزء من
سلطات األصيل.
اإلنابة اإلدارية:
و هي أن يعهد الرئيس اإلداري الى أحد مرؤوسيه سلطات أو اختصاصات مرؤوس آخر غائب ال يوجد
من يحل محله قانونا.
– 1اإلنابة اإلدارية تتم بنقل اختصاصات أحد المرؤوسين الى مرؤوس^ آخر ،بينما التفويض اإلداري يتم
بين رئيس و مرؤوسه.
– 2اإلنابة اإلدارية تستغرق جميع السلطات ,بينما التفويض اإلداري يتم فيها نقل جزء من السلطات
فقط.
– 3ال تفويض في المسؤولية ,بينما في اإلنابة اإلدارية يتم فيها تفويض السلطة و تفويض المسؤولية.
-خالصة القول ،أن التنظيم اإلداري الحالي يقوم على أساس الجمع بين مبادئ النظام المركزي و
مبادئ النظام الالمركزي ,أي يوجد هناك تفاعل بين األنظمة اإلدارية من أجل حسن سير العمل اإلداري
و توفير حاجات الجمهور ،حيث تطبق المركزية اإلدارية ألداء الخدمات^ أو المرافق ذات الطابع الوطني
مثل األمن ،القضاء ،الدفاع ،المالية ،االتصاالت ،الضرائب ،األمالك الوطنية ،بينما تدار الحاجات أو
المصالح األخرى باألسلوب الالمركزي مثل التعليم ،النقل ،الصحة ،المياه ،الكهرباء ،و الغاز و غيرها،
إضافة الى وجود أسلوب عدم التركيز اإلداري لتوحيد النمط اإلداري ،و تخفيف العبء عن السلطة
المركزية خاصة عن طريق التفويض اإلداري كوسيلة واقعية أكثر منها قانونية لتوزيع االختصاصات
داخل الهيئات اإلدارية ،و خلق قادة اداريين قادرين على مواجهة األزمات في األقاليم.
لذا ،فإن من األحسن الجمع بين النظام المركزي و النظام الالمركزي لتحقيق أفضل الخدمات
للمواطنين بأقل تكلفة و بأسرع وقت.