Professional Documents
Culture Documents
אא،אאא
المقاصد الشرعية في قاعدة "الأصل في المعاملات الإباحة" ومستثنياتها
إعداد:
قسم القانون الإسلامي ،وقسم الفقه وأصول الفقه ،الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا
ملخص:
قاعدة الأصل في المعاملات الإباحة تقتضي أن كل معاملة مباحة وجائزة ما دام لم يوجد دليل على
منعها .بناء على هذه القاعدة ،فكل معاملة مستجدة في حياتنا المعاصرة مما لم يتطرق إليها الفقهاء من قبل يكون
مقبولا شرعا إذا لم يتصادم مع دليل شرعي .فبقي هناك سؤال وهو هل هذه القاعدة على إطلاقها أو هناك
استثناءات؟ يحاول البحث الإجابة على هذا التساؤل .وباستقراء الأدلة الشرعية ،وجدنا أن هناك عدد من
الأسباب التي إذا تتضمن في معاملة ما ،تجعلها باطلة محرمة ،فتصلح أن تكون المستثنيات من هذه القاعدة.
فقد قمنا بذكر هذه الاستثناءات وخاصة :تحريم عين المبيع ،والظلم ،والضرر ،والربا ،والغرر ،والميسر ،والغش
والكذب ،والشروط المفسدة للعقد ،وكون المعاملة ذريعة للوقوع في الحرام ،مع التنويه لعدد من الأمثلة
التطبيقية.
المقدمة
يتضمن النظام الإسلام قواعد ومبادئ تجعل الشرعية الإسلامية مغايرا ً للتشريعات الدولية المخلفة ،وأنه منهج
شامل متكامل لتنظيم حياة الناس في جميع جوانب هذه الحياة .فقد جاء الإسلام مثلا بنظام المعاملات
وشؤون المال والاقتصاد المتكامل الصالح لكل زمان وبيئة ،وأن هذا النظام هو نظام أخلاقي يتكافل فيه أفراد
المجتمع ،وأنها قائمة على مبدأ العدالة بين الناس في أوامره ونواهيه ،من أجل تحقيق الأمن والسلام في المجتمع.
يقول ابن تيمية" :إن عامة ما نهي عنه في الكتاب والسنة من المعاملات يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن
١أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ،مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ،جمع وترتيب عبد الرحمن محمد قاسم) ،الرياض :دار عالم
تأصيل القاعدة :هذه القاعدة رغم علو مكانتها وذاعت شهرتها حتى تكاد تكون مسلمة لدى الفقهاء ،لم
يجد الباحث -فيما يعلم -في كتب القواعد الفقهية التراثية بهذه الصيغة بالذات ،وإنما ذكروا هذه القاعدة غالبا
على اختلاف صيغها عندما تكلموا عن بعض المسائل تتعلق بالمعاملات في الكتب الفقهية كقولهم" :الأصل
وإذا نظرنا إلى هذه القاعدة وما ورد حولها عن أقوال الفقهاء ،نجد أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالقاعدة
المطردة الأصولية" :الأصل في الأشياء الإباحة" ،إذ أنها عامة تشتمل على العقود والمعاملات أيضا .فلذلك
يمكن القول أن هذه القاعدة المتعلقة بالمعاملات منبثقة من تلك الأصل العام .ومما يدل على ذلك ما أشار إليه
الإمام ابن عبد البر بقوله" :والأصل أن الأشياء على الإباحة حتى يثبت النهي وهذا في كل شيء" .٤وهذا هو
٨ ٧ ٦ ٥
مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ،بل قال ابن رجب الحنبلي أنه قد حكى
بعضهم الإجماع على ذلك .٩وهذا القول موافق لقواعد الشريعة ومقاصدها وهي قاعدة التيسير ورفع الحرج عن
المكلفين ،وقاعدة المصالح لأن الشريعة جاءت لتحصيل مصالح العباد وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها.
المعنى الإجمالي للقاعدة :المقصود بهذه القاعدة أن القاعدة المطردة المستمرة أن العقود والمعاملات
التي تجري بين العاقدين حلال ومباحة وجائزة بجملتها ما لم يرد دليل ينقله من تلك الإباحة إلى غيرها من
١انظر :ابن رجب ،أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي ،القواعد في الفقه الإسلامي ،تحقيق :طه عبد الرؤوف سعد )القاهرة:
٣ابن قيم ،محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد اللّٰه ،إعلام الموقعين عن رب العالمين ،تحقيق :طه عبد الرؤوف سعد )بيروت:
٤ابن عبد البر ،التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ،ج ،١٧ص.١١٤
٥وهذا هو رأي أكثرهم ،انظر :البهاري ،محب اللّٰه بن عبد الشكور ،فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت ،ضبطه وصححه :عبد اللّٰه
محمود محمد عمر )بيروت :دار الكتب العلمية١٤٢٣ ،هـ٢٠٠٢/م( ،ج ،١ص.٤٢-٤١
٦انظر :ابن عبد البر ،الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار ،ج ،٦ص.٤١٩
٧انظر :الشافعي ،الأم ،ج ،٣ص٣؛ والسيوطي ،الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية ،ص٦٠؛ والسبكي ،الأشباه
٨انظر :المرداوي ،علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان الدمشقي الصالحي ،الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب
الإمام أحمد بن حنبل )بيروت :دار إحياء التراث العربي١٤١٩ ،هـ( ،ج ،٦ص.٢٥
٩ابن رجب الحنبلي ،أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد ،جامع العلوم والحكم )بيروت :دار المعرفة١٤٠٨ ،هـ( ،ص.٢٨٣
يرد هناك دليل صحيح سواء كان نصا صريحا من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو قياسا صحيحا على منع هذه
وهذا يعني أن كل معاملة لاحقة أو سابقة فالأصل فيها جواز الدخول فيه ،ولا تثريب عليه ولا حرج
فيه ،إلا إذا دل الدليل الصحيح الصريح على المنع منها فتكون خارجة عن الأصل بالدليل فتعطى حكما ً آخر غير
حكم الأصل ،وهو مقتضى الدليل من حرمة أو كراهة ،أما إذا لم يأت دليل المنع فإنها جارية جميعها على
الأصل المتقرر الذي هو الحل والإباحة .فأي معاملة يعرفها أهل التجارة بشتى أنواعها أو تكتشفها البنوك أو
تدور بين الأفراد أو الجماعات فهي جارية على أصل الجواز إلا إذا دل الدليل على المنع منها فنقف حينئذٍ مع
الدليل.١
تطبيقات القاعدة :هذه القاعدة تقتضي أن كل معاملة مباحة وجائزة ما دام لم يوجد دليل على منعها.
وعلى هذا ،فكل معاملة مستجدة في حياتنا المعاصرة مما لم يتطرق إليها الفقهاء من قبل يكون مقبولا شرعا إذا لم
يتصادم مع دليل شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس ،وكان مما اقتضته مصالح الناس العامة ولم
٢
يشتمل على مفسدة راجحة.
وقد مر الفقه الإسلامي بمراحل ونشأ فيها عقود مستحدثة بسبب تطور الزمان وتطور الناس في
أفكارهم وتشعب احتياجاتهم مع أن العقود لم يتناولها الفقهاء من قبل في كتبهم أو تطرقوا إليها بصورة مبدئية
ثم تطورت بعدها بصورة لم تكن موجودة في عصرهم ،فأعطوها أسماءها وبينوا أحكامها ،فما كان منها لم يتناقض
مع دليل شرعي وفيها مصلحة للناس ،أبقوها على أصلها الجواز .وفيما يلي بعض أنواع هذه المعاملات:
-١عقد الصيانة :هو عقد بين مؤسسة اقتصادية أو فرد من جانب ،وبين مؤسسة أو فرد من جانب
آخر ،يتعهد فيه الطرف الثاني بمراقبة الأجهزة والآلات موضوع العقد في فترات دورية محدودة لتقوم بوظائفها
دون تعطل أو نقص ،كما يتعهد بإصلاح ما تعطب من القطع أو استبدال الجديد بالتالف الذي يدفع ثمنه
٣
صاحب المؤسسة.
١السعيدان ،وليد بن راشد ،قواعد البيوع وفرائد الفروع )د.ن ،(.ص.٣
٣السلامي ،الشيخ محمد مختار" ،عقود الصيانة وتكييفها الشرعي" ،مجلة مجمع الفقه الاسلامي ،التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي بجدة،
أو منشأة صناعية أو غير ذلك ،على أن تنتهي بانتقال حصة أحد الشريكين )الممول( إلى الآخر تدريجيا بعقود
١
بيع مستقلة متعاقبة.
-٣بيع الاستجرار :هو أن يأخذ الناس بسعر ما يحتاجون إليه كل يوم ممن يتعاملون معه من بقالة أو
لحام أو فاكهي ،ولا يجري الاتفاق على ثمن وقت الأخذ ،ثم يحاسبهم عند أول الأسبوع أو الشهر فيوفونه
٢
حسب سعر السوق في كل يوم.
-٤بيع الحقوق الاعتبارية والأدبية :والمقصود بالحقوق الاعتبارية هي تلك الحقوق تختص بإنسان ما،
أو جهة معينة ،مما لم تعرف لها قيمة مالية قبل هذا العصر ،وغدت اليوم ذات قيمة مالية كالاسم التجاري
مثلا .والمقصود بالحقوق الأدبية هي التي تتعلق بالإنتاج الفكري والفني والعلمي للإنسان ،وهذه الحقوق كفلت
٣
دساتير العالم المعاصر حمايتها في إطار حماية حقوق الإنسان الشخصية.
-٥البيع بالوصف على الوصف المتضمن في )الكاتالوك( :وهو أن يأتي البائع بكراس يتضمن صورة أو
صورا للمبيع ،وأوصاف المبيع مفصلة ودقيقة بصورة لا تمكن للرؤية المباشرة أن تحققها ،مع بيان كيفية
٤
الاستخدام والصيانة ،وبيان الطاقة وقوة التحمل بالأرقام والمعايير.
ورد الاستثناء في القاعدة "الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما دل الدليل على التحريم" ،كما هو
واضح في صياغتها .وباستقراء الأدلة الشرعية ،وجد الباحث أن هناك بعض الأسباب التي إذا تتضمن في
معاملة ما ،تجعلها باطلة محرمة ،فتصلح أن تكون المستثنيات المقصودة في القاعدة .والخلاصة أن هذا الاستثناء
١حماد ،الدكتور نزيه كمال" ،المشاركة المتناقصة وأحكامها في ضوء ضوابط العقود المستجدة" ،مجلة مجمع الفقه الاسلامي ،التابع لمنظمة
٣البوطي ،محمد توفيق رمضان البوطي ،البيوع الشائعة وأثر ضوابط المبيع على شرعيتها )دمشق :دار الفكر١٤١٩ ،هـ١٩٩٨/م(،
ص.٢٠٨
والغرر ،والميسر ،والغش والكذب ،والشروط المفسدة للعقد ،وكون المعاملة ذريعة للوقوع في الحرام.
معنى تحريم عين المعقود عليه :أن المقصود به هو كون المعقود عليه وهو المبيع أو الثمن محرما في ذاته
إما لكونه نجسا أو غير منتفع به شرعا .والنجس لغة القذر وهو خلاف الطهر ،وفي عرف الشرع هو قذر
مخصوص وهو ما يمنع جـنسه الصلاة ،٢وأما الذي لا ينتفع به شرعا فمعناه أن الشرع نهي عن الانتفاع به ولو
عين المعقود عليه المحرم في المعاملات :من أمثلة كون المبيع نجسا بيع الخمر والميتة والخنزير والدم
والكلب ٣،وقيس عليها العذرات وكل النجاسات .ومن أمثلة كون المبيع غير منتفع به شرعا كبيع الصنم،
وقيس عليهما كل ما لا نفع فيه كالحشرات والسباع وغير ذلك .يلتحق بذلك السحر والبدع والضلال ونحوها.
والقاعدة العامة في هذا الباب أن كل شيء حرمه الل ّٰه تعالى حرم ثمنه كما ورد في الحديث الشريف:
٤
"لعن الل ّٰه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الل ّٰه عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه".
ثانيا -الظلم:
تعريف الظلم :الظلم لغة وضع الشيء في غير موضعه تعديا ٥،وأما الظلم في الشرع فلا يخرج عن معناه
اللغوي حيث عرف بأنه وضع الشيء في غير موضعه ،والتصرف في حقّ الغير ،ومجاوزة ح ّد الشارع١سواء
١وقد أرجع ابن رشد هذه الأسباب إلى أربعة وهي :تحريم عين المبيع والربا والغرر والشروط التي تؤول إلى الربا أو الغرر أو كلاهما.
انظر :ابن رشد )الحفيد( ،أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي ،بداية المجتهد ونهاية المقتصد )القاهرة :مطبعة
مصطفى البابي الحلبي وأولاده١٣٩٥ ،هـ١٩٧٥/م( ،ج ،٢ص .١٢٥وأما ابن تيمية ،فقد قال أنها كلها راجعة إلى الظلم .انظر :مجموع
٣فأما الدم والميتة فقد اتفق على نجاستهما ،وأما الخمر والخنزير والكلب فقد اختلف فيها ،فالجمهور على نجاستها.
٥انظر :ابن منظور ،لسان العرب ،مادة )ظلم( ٣٧٣ :١٢؛ وابن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،مادة )ظلم( ،ج ،٣ص٤٦٨؛
والرازي ،مختار الصحاح ،مادة )ظلم( ،ص٤٠٧؛ والفيومي ،المصباح المنير ،مادة )ظلم( ،ص.١٤٦
صوره .وأمر الإسلام أتباعه أن يكونوا عادلين مع الناس جميعا ولا يظلمونهم حتى مع من يناصبونهم العداء،
لا ّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا ه ُو َ أَ ق ْر َبُ ل ِ َلت ّقْو َى﴾ ،٣كما أمرهم بتحقيق العدل
يجْرِم ََن ّك ُ ْم شَنآَنُ قَو ْ ٍم عَلَى أَ َ
قال الل ّٰه تعالى﴿ :و َلا َ َ
أو غير مسلم في كل مكان وفي كل حال .ولما كان الظلم يحدث كثيرا بين الناس في حياتهم اليومية وخاصة في
معاملاتهم المتعلقة بالأموال ،فإقامة العدل يعتبر أهم قواعد الشريعة في باب المعاملات .والأدلة على تحريم الظلم
مِنْك ُ ْم﴾.٥
ض بَعْد َ
سد ُوا فِي الأَ ْر ِ
اس أَ شْ يَاءَه ُ ْم و َلا َ ت ُ ْف ِ ل و َالْميِز َانَ و َلا َ تَبْخَس ُوا َ
الن ّ َ -٢قوله تعالى﴿ :فأَ َوْفُوا الْكَي ْ َ
حه َا﴾.٦
ِإصْ لا َ ِ
-٣قوله في حجة الوداع" :إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
بلدكم هذا".٧
فتبين من النصوص السابقة أن تحريم الظلم هو أعظم الأصول في المعاملات المتعلقة بالعقود
والقبوض ،فإن العدل فيها هو قوام العالمين لا تصلح الدنيا والآخرة إلا به .ولا غرب في ذلك لأننا شاهدنا
بأعيننا أن من أعظم الظلم الذي يقع بين الناس اليوم هو الظلم في المعاملات المالية التي هي عصب الحياة .فإن
الظلم المالي يلحق فسادا عظيما وفيه إذلال للعباد وخراب للبلاد .فلذلك يمكن القول بأن عامة ما نهى عنه
٨
الكتاب والسنة من المعاملات يعود في الحقيقة إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم دقه وجله.
١الكفوي ،كتاب الكليات ،ج ،٢ص.٩٣٤
٢الراغب الأصفهاني ،الحسين بن محمد بن المفضل ،مفردات ألفاظ القرآن )دمشق :دار القلم ،د.ت ،(.ج ،٢ص.٥١
٧رواه مسلم ،ج ،٢ص ،٢٨٦رقم )(١٢١٨؛ والنسائي ،ج ،٤ص ،١٥٥رقم ).(٣٩٨٧
على أقل مما تعاقد عليه صفة أو كمية .وكذلك أكل أموال الناس بالباطل كأخذها على وجه المعاوضة بمعاوضة
محرمة كالربا والقمار والغش في البيع والشراء والإجارة ،ونحوها ،وعدم دفع الأجرة المستحقة للأجراء ،وكذلك
أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه .وكذلك بعض أنواع البيوع مثل بيع المسلم على بيع أخيه وشرائه على
تعريف الضرر :الضرر لغة :اسم من الضر ،وهو النقصان يدخل في الشيء ،١وهو ضد النفع .٢يقول
الأزهري" :كل ما كان سوء حال وفقرا وشدة في بدن فهو ض ُر بالضم ،وما كان ضد النفع فهو ض َر
بفتحها".٣
والضرر في الشرع :إلحاق مفسدة بالغير ،٤أو الإخلال بمصلحة مشروعة للنفس أو الغير تعديا وتعسفا
أو إهمالا.٥
الضرر في المعاملات :والمعاملات بين الناس قائمة على المصلحة .وقد فسرت المصلحة بأنها جلب
المنفعة أو دفع المضرة ،فهو مطلوب للشارع مقصود ٦.والمصلحة هي المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده
من حفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم طبق ترتيب معين فيما بينها .٧فبناء على ذلك ،كل معاملة
فيها ضرر ممنوع ومحرم ،سواء كان الضرر الخاص الذي يحصل على أحد المتعاملين مثل الضرر الناتج عن
المعاملات الربوية أو الضرر العام الذي يقع على المجتمع مثل المعاملات التي تنطوي على إضرار بالعقيدة أو قيم
المجتمع.
١ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،٤ص.٤٨٢
٤المناوي ،محمد عبد الرؤوف ،فيض القدير شرح الجامع الصغير )بيروت :دار الكتب العلمية١٤١٥ ،هـ١٩٩٤/م( ،ج ،٦ص٥٥٩؛
والزرقاني ،محمد بن عبد الباقي بن يوسف ،شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك )بيروت :دار الكتب العلمية١٤١١ ،هـ( ،ج ،٤ص.٤٠
٥موافي ،أحمد على أحمد ،نظرية الضرر في الفقه الإسلامي )السعودية :دار ابن عفان١٩٩٧ ،م( ،ج ،١ص.٩٧
٦انظر :الشاطبي ،الموافقات ،ج ،٣ص٥٨؛ والغزالي ،المستصفى في علم الأصول ،ص.١٧٤
٧البوطي ،محمد سعيد رمضان ،ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية )بيروت :مؤسسة الرسالة١٩٨٣ ،م( ،ص.٢٣
فهذا الحديث يشمل كل أنواع الضرر سواء كان ضررا عاما أو ضررا خاصا ،لأن النكرة في سياق النفي
تفيد العموم ،ومعناه أنه لا يجوز شرعا إلحاق ضرر بالنفس أو بالغير إلا بموجب خاص ،واجتناب كل ما فيه
-٢النجش وهو مدح السلعة بما ليس فيها والزيادة في ثمنها وهو لا يريد شراءها بل ليغر غيره،٣
٤
ويكون ذلك في بيع المزاد ،لنهيه في حديث عمر قال" :نهى النبي عن النجش" .
-٣بيع المسلم على بيع أخيه لقول النبي " :لا يبع أحدكم على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر".٥
وغير ذلك من البيوع لما في ذلك من الضرر على المتعاملين ،وبالتالي على المجتمع عموما ،وفي هذا تحقيق
للعدل التام.
رابعا – الربا:
تعريف الربا :الربا لغة :الفضل والزيادة ،يقال :ربا الشيء إذا زاد ،٦ومن ذلك قول الل ّٰه تبارك وتعالى:
وأما الربا في الاصطلاح فهو" :فضل شرعي خال عن عوض ش ُرط لأحد العاقدين".١
١حديث حسن بطرقه وشواهده .رواه مالك من طريق عمرو بن يحيى المازني عن أبيه ،انظر :الإمام مالك بن أنس ،الموطأ ،تحقيق:
محمد مصطفى الأعظمي )أبو ظبي :مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان١٤٢٥ ،هـ٢٠٠٤/م( ،ج ،٤ص.١٠٧٨
٢مسلم ،ج ،٣ص ،١٢٧٧رقم )(١٦٠٥؛ والترمذي ،ج ،٣ص ،٥٦٧رقم )(١٢٦٧؛ وأبو داود ،ج ،٣ص ،٢٨٥رقم ).(٣٤٤٩
٣ابن حجر ،أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي ،فتح الباري شرح صحيح البخاري )بيروت :دار المعرفة١٣٧٩ ،هـ(،
ج ،١ص.١٩٣
٤البخاري ،ج ،٩ص ،٢٤رقم )(٦٩٦٣؛ ومسلم ،ج ،٣ص ،١١٥٦رقم ).(١٥١٦
أحد المتجانسين على الآخر من الأجناس المنصوص عليها أو ما يقاس عليها كما في ربا الفضل ،وقوله "خال عن
عوض" أي زيادة ليس لها مقابل ،وقوله "شرط لأحد العاقدين" أي اتفق العاقدان على أن تكون الزيادة
لأحدهما.
-١ربا القرض ،وهو ناشئ عن كل قرض مشروط فيه جر نفع .ويعرف بربا الجاهلية وهو الزيادة في
أ -ربا النسيئة ،وهو الناشئ بسبب الزيادة في أحد العوضين الربويين ٣زيادة مادية فعلية ،أو بسبب
وجود الزيادة مقابل مرور الزمن ،وإن لم تكن هناك زيادة ظاهرية ،وإنما اتحد المقدار أو الكمية.
٤
ب -ربا الفضل وهو بيع النقد بالنقد أو الطعام بالطعام مع زيادة أحد البدلين على الآخر.
الربا في المعاملات :إن المعاملات الربوية حرام في الإسلام وفي جميع الشرائع السماوية السابقة ٥لما فيه
من الظلم والفساد وأكل أموال الناس بالباطل ،وهو من أكبر الكبائر وأكثرها إثما .وقد ثبتت حرمته بالكتاب
١وهو الجمع بين تعريف الجرجاني )فضل خال من عوض ش ُرط لأحد العاقدين( في التعريفات ،وتعريف التهانوي )فضل شرعي خال
من عوض ش ُرط لأحد العاقدين في عقد معاوضة( .التهانوي ،محمد علي ،موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم )بيروت:
مكتبة لبنان١٩٩٦ ،م( ،ج ،١ص ،٤٨١حيث وجد أن أغلب تعاريف فقهاء المذاهب غير جامع لتناولها ربا البيوع فقط وعدم دخول
ربا القرض في تلك التعاريف .انظر :الربيعة ،سعود محمد ،تحول المصرف الربوي إلى مصرف إسلامي ومقتضياته )الكويت :جمعية
٢وزاد الشافعية نوعا ثالثا وهو ربا اليد وهو البيع مع تأخير قبض العوضين أو أحدهما .انظر :الشربيني ،محمد الخطيب ،مغني المحتاج إلى
معرفة معاني ألفاظ المنهاج )بيروت :دار الفكر ،د.ت ،(.ج ،٢ص .٢١ويبدو عند الشافعية أن كلا من ربا اليد وربا النسيئة لا يكون
إلا في بدلين مختلفي الجنس ،والفرق بينهما أن ربا النسيئة يكون في حالة تأخير القبض في البيع الذي يصاحبه أجل ،وأما ربا اليد فهو
في حالة تأخير القض في البيع الحال المنجز .والمالكية أيضا زادوا نوعا ثالثا وهو ربا المزابنة وهو بيع معلوم بمجهول أو مجهول بمجهول من
جنسه .انظر :المصري ،علي بن محمد بن خلف ،كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني ،تحقيق :يوسف الشيخ محمد البقاعي
٣الأموال الربوية هي النقد مثل الذهب والفضة والنقود الورقية ،والطعام مثل البر والشعير والتمر والملح وما يقاس عليها.
٥انظر :النووي ،أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف ،المجموع شرح المهذب )بيروت :دار الفكر ،د.ت ،(.ج ،٩ص.٣٩١
آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء" .٢وقد اجتمعت الأمة على أصل تحريم الربا في المعاملات
ومن أمثلة المعاملات الربوية فوائد البنوك سواء كانت الفوائد التي تأخذها البنوك من تقديم القروض
إلى زبائنهم أو الفوائد التي تدفعها لهم بإيداعهم أموالهم فيها بنسبة معينة .فهذه الفوائد من ربا الجاهلية المحرم.
وكذلك في بيع الذهب بالذهب إذا كان أحد العوضين أكثر من الآخر كبيع عشرين غراما من الذهب بخمسة
وعشرين غراما لأنه من ربا الفضل .وأما إذا كان مساويا في العوضين أو كان العوضان من جنسين مختلفين
ولكنهما متفقان في العلة كمبادلة الدولارات بالريالات ولا يتم التقابض في مجلس واحد فهو من ربا النسيئة.
خامسا – الغرر:
تعريف الغرر :الغرر لغة :اسم مصدر ل )غ َر ّر( ،وهو الخطر ،والخدعة ،والجهل ،والنقصان ،وتعريض
وأما الغرر في الاصطلاح فعلى الرغم من تعدد تعريفات العلماء له ،إلا أنها متقاربة في المعنى ،وقد جاء
ابن قيم بتعريف أجمع بقوله" :ما لا يعلم حصولُه أو لا يقدر على تسليمه ،أو لا ي ُعرف حقيقته ومقداره" .٥وفي
معناه ما قاله ابن رشد" :والغرر ينتفي عن الشيء بأن يكون معلوم الوجود معلوم الصفة معلوم القدر مقدورا
٦
على تسليمه وذلك في الطرفين الثمن والمثمون معلوم الأجل أيضا إن كان بيعا مؤجلا".
فلذلك يمكن القول أن الغرر هو عقد يشتمل على الخطر إما بسبب الجهل بحصول المعقود عليه ،أو
١سورة البقرة.٢٧٥ :
٢مسلم ،ج ،٣ص ،١٢١٩رقم )(١٥٩٨؛ وأحمد ،ج ،٢ص ،٦٧رقم ).(٦٣٥
٣انظر :ابن تيمية ،مجموع الفتاوى ،ج ،٢٩ص٤١٩؛ والنووي ،المجموع :ج ،٩ص٣٩١؛ والماوردي ،الحاوي في الفقه الشافعي ،ج،٥
ص.٧٤
٤الفيومي ،المصباح المنير ،ج١٦٩؛ وابن منظور ،لسان العرب ،ج ،٥ص١١؛ وابن فارس ،معجم مقاييس اللغة :ج ،٤ص٣٨١؛
والزيات ،أحمد حسن ومصطفى ،إبراهيم ،وعبد القادر ،حامد ،والنجار محمد علي ،المعجم الوسيط ،ج ،٢ص٦٤٨؛ والمرتضى
٥ابن قيم ،زاد المعاد )بيروت :مؤسسة الرسالة ،ط١٤١٥ ،٧هـ١٩٩٤/م( ،ج ،٥ص.٨١٨
الغرر في المعاملات :النهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع ،يدل فيه مسائل كثيرة
غير منحصرة .١والأصل في بيع الغرر هو التحريم .يدل على ذلك حديث أبي هريرة :أن النبي نهى عن
والنهي عن بيع الغرر لا يمكن حمله على إطلاقه ،فليس كل غرر منهيا عنه ويجعل العقد باطلا ،إذ لا
تكاد تخلو معاملة من شيء من الغرر .فلذلك قسم الفقهاء الغرر من حيث تأثيره على العقد إلى غرر مؤثر وغرر
غير مؤثر ،٣فالغرر المؤثر فقط يجعل العقد غير صحيح .وذكر الشيخ الدكتور صديق الضرير ضابط الغرر المؤثر أنه:
)هو الغرر الكثير في عقود المعاوضات المالية إذا كان في المعقود عليه أصالة ،ولم تدع للعقد حاجة( .٤وواضح
-١أن يكون الغرر كثير ًا غالبا على العقد ،وأما الغرر اليسير ،فلا يمكن الاحتراز منه ،فهو معفو عنه.
-٢أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة ،وأما إذا كان الغرر فيما يكون تابعا للمقصود بالعقد فإنه مما
-٣ألا تدعو للعقد حاجة ،وأما إذا كانت هناك حاجة إلى العقد ،فلا تأثير لذلك الغرر ويكون العقد
صحيحا.
-٤أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية أو ما بمعناها ،وأما في أما عقود التبرعات
أ -الغرر الكثير وهو ممتنع إجماعا ً كبيع الحمل دون أمه ،وبيع الثمر قبل ظهوره.
ب -الغرر اليسير وهو جائز إجماعا ً كبيع الدار وإن لم ير أساسها ،والإجارة على دخول الحمام مع
١النووي ،المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ،ج ،١٠ص.١٥٦
٢مسلم ،ج ،٣ص ،١١٥٣رقم )(١٥١٣؛ والنسائي ،ج ،٧ص ،٢٦٢رقم ).(٤٥١٨
الأجنة في بطون الإناث ،وحبل الحبلة هو ولد الجنين الذي في بطن الناقة.
-٢بيع المرء ما ليس عنده .وذلك لنهيه في حديث حكيم بن حزام قال :قلت يا رسول الل ّٰه،
الرجل يسألني البيع وليس عندي أفأبيعه؟ قال :لا تبع ما ليس عندك".١
-٣السلم فيما لا يغلب وجوده عند حلول الأجل لما فيه من الغرر الكثير ،وغير ذلك.
سادسا – الميسر:
تعريف الميسر :الميسر لغة :مصدر ميمي من يَسَر َ ،قمار العرب بالأزلام أو اللعب بالأقداح ٢أو هو
النرد ،أو كل قمار .٣والميسر أطلق على المقامرة بالأقداح لاقتسام الجزور بطريقة خاصة أصلا ،ثم أطلق أهل
ولا يخرج الميسر الاصطلاحي عن معناه اللغوي ،فهو قمار أيضا ،٤كما قال ابن عباس وابن عمر والحسن
وسعيد بن جبير والسدي وقتادة وعطاء بن ميسرة ومكحول ٥ومجاهد" :٦الميسر القمار" .وقال النووي" :هو
فبناء على ذلك يمكن القول أن الميسر هو كل معاملة تقوم على المراهنة والمغالبة والمخاطرة لا يعلم
المتعامل فيها هل يغنم أو يغرم .فهو عام يشمل كل أنواع المخاطرة والمغالبة سواء كان معاملة أو معاوضة أو رهانا
الميسر في المعاملات :حرم الل ّٰه الميسر لما يشتمل عليه في نفسه من المفسدة ،فتحريمه من جنس تحريم
الخمر فإنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الل ّٰه وعن الصلاة ،وأكل المال فيه عون وذريعة إلى الإقبال
١أبو داود ،ج ،٣ص ،٣٠٢رقم )(٣٥٠٥؛ والترمذي ،ج ،٣ص ،٥٣٤رقم )(١٢٣٢؛ والنسائي ،ج ،٧ص ،٢٨٩رقم ).(٤٦١٣
٢الزيات ،أحمد حسن ومصطفى ،إبراهيم ،وعبد القادر ،حامد ،والنجار محمد علي ،المعجم الوسيط ،ج ،٢ص.١٠٤٦
٤أبو حيان الأندلسي ،تفسير البحر المحيط ،ج ،٢ص١٦٣؛ والفخر الرازي ،مفاتيح الغيب ،ج ،٦ص.٣٩
٥الطبري ،أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي ،جامع البيان في تأويل القرآن ،تحقيق :أحمد محمد شاكر
٦أبو الليث السمرقندي ،نصر بن محمد بن إبراهيم ،بحر العلوم ،تحقيق :د .محمود مطرجي )بيروت :دار الفكر ،د.ت ،(.ج،١
ص.١٧١
٧النووي ،المجموع ،ج ،١٥ص ،١٥٢وعبر بذلك أيضا الماوردي ،انظر :الحاوي ،ج ،١٥ص.٤٢٥
ل
س م ِنْ ع َم َ ِ فمن الكتاب ،قوله تعالى :يَا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ
ن آَم َنُوا ِإ َن ّماَ ا ْلخم َ ْر ُ و َالْمَيْس ِر ُ و َالأَ نْصَابُ و َالأَ زْلام ُ رِجْ ٌ
ص َ ّدك ُ ْم ن فَاجْ تَن ِبُوه ُ لَع َلّك ُ ْم تُفْلِحُونَِ .إ َن ّماَ يُر ِيد ُ ال َ ّ
شي ْطَانُ أَ ْن ي ُوق ِ َع بَي ْنَكُم ُ ال ْعَد َاوَة َ و َال ْبَغْضَاء َ فِي ا ْلخم َْرِ و َالْمَيْسِر ِ و َي َ ُ ال َ ّ
شيْطَا ِ
سببا لوقوع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الل ّٰه وعن الصلاة ،ثم أكد النهي بقوله فَه َلْ أَ ن ْتُم ْ مُنْتَه ُونَ .فدلت
وجه الدلالة :أن النبي جعل الدعوة إلى القمار سببا لوجوب التكفير بالصدقة ،وذلك لا يكون إلا
٤
إذا ارتكب معصية ،فدل ذلك على أنه محرم.
وقد أجمع العلماء على تحريم الميسر أو القمار إجماعا قطعيا ٥لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل ،وهو
سبب لوقوع العداوة والبغضاء بين الناس ،وسبب للصد عن ذكر الل ّٰه وطاعته وعن الصلاة .قال القرطبي في
تفسيره" :القمار يورث العداوة والبغضاء؛ لأنه أكل مال الغير بالباطل" ،فلذلك يعتبر الإسلام تحريم الميسر
أصلا مهما من أصول الشريعة في باب المعاملات ،فمنع كل معاملة يدخلها الميسر واعتبرها معاملة باطلة ،وذلك
١ابن قيم ،الفروسية ،تحقيق :مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان )السعودية :دار الأندلس١٤١٤ ،هـ١٩٩٣/م( ،ص.٣٠٧
٣رواه البخاري ،ج ،٦ص ،١٤١رقم )(٤٨٦٠؛ ومسلم ،ج ،٣ص ،١٢٦٧رقم ).(١٦٤٧
٤انظر :السيوطي ،الديباج على صحيح مسلم بن حجاج ،تحقيق :أبو اسحق الجويني الاثري )السعودية :دار بن عفان١٤١٦ ،هـ١٩٩٦/م(،
ج ،٤ص.٢٤٣
المباريات الرياضية وسباق السيارات وغيرها بحيث يدفع أحدهما للآخر مبلغا ً من المال أو أي شيء آخر إن فاز
فريق معين على فريق آخر .وكذلك في المعاملات التي يعتبر من جنس ميسر كبيع الحصاة.٣
وزين له غير المصلحة" .٥والغش عند الفقهاء" :أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشتر فيها شيئا لو اطلع عليه
مريد أخذها ما أخذها بذلك المقابل" .٦أو بعبارة أخرى أن يكتم البائع عن المشتري عيبا في المبيع لو اطلع عليه
أما الكذب في اللغة :فهو مصدر "كذَب" ضد الصدق وهو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو مع
العلم به وقصد الحقيقة " .٧ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه اللغوي.
الغش والكذب في المعاملات :أوجب الل ّٰه سبحانه وتعالى على المسلمين النصح والصدق في جميع
المعاملات وحرّم عليهم والغش الكذب لما في الصدق والنصح من صلاح أمر المجتمع والسلامة من ظلم
بعضهم لبعض وعدوان بعضهم على بعض ولما في الغش والكذب من فساد أمر المجتمع وظلم بعضه لبعض
وأخذ الأموال بغير حقها وإيجاد الشحناء والتباغض بين أفراد المجتمع.
وقد دلت على تحريم الغش والكذب نصوص من الكتاب والسنة والإجماع.
١ويقصد بالشرط اشتراط اللاعبين أن يدفع الخاسر للفائز مبلغا ً من المال ك ُلفة اللعب وما يتصل به من نفقات وثمن ما يطلب من
٢وهي أوراق متسلسلة من الأرقام تباع بأسعار زهيدة بحيث يحق لكل ورقة أن تشارك في عملية السحب لاختيار الأوراق الفائزة.
٣قال ابن رشد" :وأما بيع الحصاة فكانت صورته عندهم أن يقول المشتري أي ثوب وقعت عليه الحصاة التي أرمي بها فهو لي وقيل
أيضا إنهم كانوا يقولون إذا وقعت الحصاة من يدي فقد وجب البيع ،وهذا قمار" .انظر :القرطبي ،بداية المجتهد ،ج ،٢ص.١٤٨
٦انظر :الجمل ،العلامة الشيخ سليمان ،حاشية الجمل على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري )بيروت :دار الفكر ،د.ت ،(.ج،٥
ص.٦١٠-٦١٩
ض مِنْك ُ ْم﴾.١
ت َر َا ٍ
وجه الدلالة :أن الل ّٰه -تبارك وتعالى -حرّم على المؤمنين أكل أموالهم بينهم بالباطل ،واستثنى أكله
٢
ض به،
بالتجارة التي تكون فيها الرضا من العاقدين ،ولا شك أن من اشترى المغشوش وهو لا يعلم ،غير را ٍ
يخْس ِر ُونَ﴾.٣
س يَسْتَو ْفُونَ و َِإذ َا كَالُوه ُ ْم أَ ْو وَز َن ُوه ُ ْم ُ ن ِإذ َا اكْتَالُوا عَلَى َ
الن ّا ِ ل لِل ْمُط َ ّف ِف ِينَ ال َ ّذ ِي َ
وقوله تعالى﴿ :وَي ْ ٌ
وجه الدلالة :مجموعة هذه الآيات تأمر بإيفاء المكاييل ووجوب الوزن بالعدل وتنهى عن الغش
والتدليس ،وأوعد الل ّٰه بالويل والعذاب لمن فعل شيئا من ذلك ،فدل ذلك على تحريم الغش.
ومن السنة:
٤
-١حديث أبي هريرة " :أن رسول الل ّٰه مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه
بللا ،فقال" :ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال :أصابته السماء يا رسول الل ّٰه ،قال" :أفلا جعلته فوق الطعام كي
وجه الدلالة :أن النبي وصف الرجل بائع الطعام بأنه غش الناس لأنه جعل ظاهر المبيع خيرا ً من
وقد أجمع أهل العلم على تحريم الغش والكذب في المعاملات لأن النظام الذي أقامه الإسلام في
جانب المعاملات وشؤون المال والاقتصاد هو نظام أخلاقي يتكافل فيه أفراد المجتمع ،فلذلك نهى عن الغش
والكذب في المبايعات والمعاملات لأن ذلك كله لا تتفق مع الأخلاق التي يدعو إليها
ومن أمثلة الغش والكذب في المعاملات تقليد البضاعة الأصلية من حيث الاسم المشابه ،وبيعها
باعتبارها أصلية ،وتدليس السلعة الرديئة بحيث يتصورها المشتري سلعة جيدة فيرغب في شرائها ،وإخفاء
العيوب الموجودة في السلعة بحيث تظهر سليمة ،وبكلمة التلاعب في الأوصاف الواقعية للسلعة .والكذب على
١سورة النساء.٢٩ :
تعريف الشرط المفسد :الشرط في اللغة :إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه ،ويجمع على شروط.١
وأما عند الفقهاء ،فيمكن أن نعرفه بأنه إلزام أحد المتعاقدين العاقد الآخر بسبب العقد ما له فيه
منفعة ،ويعتبر لترتيب الحكم عليه اقترانه للعقد ،٢فالعاقد هو الذي يلزم نفسه أو غيره أمرا زائدا على أصل العقد
بحيث أن العقد إذا كان خاليا من ذلك الالتزام لصح وترتب عليه أثره وحكمه الشرعي.
وهذا الشرط هو الذي ينشئه المكلف بإرادته في بعض عقوده والتزاماته .٣وهو ما يسمى بالشرط
٤
الجعلي لأن المكلف هو الذي جعله شرطا .وهذا الشرط يجعله المكلف في عقوده سواء كانت تعليقا أو تقييدا،
فالتعليق هو أن يعلق انعقاد العقد فيجعله مرتبطا بأمر آخر ٥كأن يقول" :بعتك هذه السيارة إن رضي علي"،
فتوقف وجود العقد على وجود الشرط ،فلا يوجد أثر للعقد إلا إذا وجد الشرط .وأما التقييد فهو أن يقرن
بالعقد التزامات يشترطها ،٦كأن يقول" :بعتك هذه السيارة على أن أستخدمها شهرا" ،فهو لا يتوقف على شيء
والشروط الجعلية مقيدة بحدود شرعية معينة ،فليس للشخص أن يشترط أي شرط يريده ،بل لابد
أن يكون الشرط غير مناف لحكم العقد -وهو أثره والمقصود منه ،-وإلا كان شرطا لاغيا مبطلا للعقد ،لأن
١ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،٧ص٣٢٩؛ والقاموس المحيط ،ص.٨٦٩
٢انظر :البهوتي ،منصور بن يونس بن إدريس ،كشاف القناع عن متن الإقناع ،تحقيق :هلال مصيلحي مصطفى هلال )بيروت:
٦الزحيلي ،الدكتور وهبة بن مصطفى ،أصول الفقه الإسلامي )دمشق :دار الفكر٤٠٦ ،هـ١٩٨٦/م( ،ج ،١ص.١٠١
٧مدكور ،محمد سلام ،المدخل للفقه الإسلامي )الكويت :دار الكتاب الحديث ،د.ت ،(.ص.٦٤٨
٨الزحيلي ،أصول الفقه الإسلامي ،ج ،١ص ،١٠١خلاف ،عبد الوهاب ،علم أصول الفقه )القاهرة :مكتبة الدعوة الإسلامية شباب
الشرط المفسد في المعاملات :قد تقترن في العقود شروط سواء كانت تلزم على العاقدين أو أحدهما
وخاصة في معاملات العصر الحاضر حيث تكثر فيها الشروط .فإن معاملات البنوك والمصارف مع عملائها لا
تخلو من شروط قلت أو كثرت .والحقيقة ليست كل هذه الشروط صحيحة ،بل بعضها شروط فاسدة قد
تؤدي إلى بطلان المعاملة .وقد تكلم الفقهاء كثيرا عن هذه الشروط ،وبينوا ما هو صحيح وما هو فاسد منها.
وبعد تتبع ما كتبوا في كتبهم ،يمكن أن نستخرج ضوابط الشروط التي تفسد العقود أو تبطلها فيما يلي:
-١اشتراط أمر يؤدي إلى أمر محظور شرعا ،كما لو ما إذا اشترى جارية على أنها مغنية على سبيل
الرغبة فيها لأن جهة الغناء جهة التلهي فاشتراطها في البيع يوجب الفساد ١لكونه شرط ما هو محظور محرم.٢
-٢اشتراط أمر يؤدي إلى الغرر الفاحش ،ومثلوا ذلك ببيع الشاة على أنها حامل أو تحلب كذا
رطلا .وجاء في البدائع" :ومنها الخلو عن الشروط الفاسدة وهي أنواع منها شرط في وجوده غرر ،نحو ما إذا
اشترى ناقة على أنها حامل لأن المشروط لا يحتمل الوجود والعدم .٣"...
-٣اشتراط أمر يخالف أو يناقض مقتضى العقد أو ينافي المقصود منه ومثاله ما لو باع شيئا وشرط
على المشتري ألا يبيعه ،قال الشافعي رحمه الل ّٰه تعالى" :إذا اشترى جارية على ألا يبيعها أو على أن لا خسارة
-٤اشتراط أمر لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وفيه منفعة لأحد العاقدين ،ولم يرد الشرع بجوازه،
وليس مما جرى به التعامل بين الناس ،وذلك نحو ما إذا باع سيارة على أن يستخدمها البائع أسبوعا أو دارا على
أن يسكنها شهرا ثم يسلمها إليه أو أرضا على أن يزرعها سنة ،فالبيع في هذا كله فاسد كما صرح الحنفية لأن
زيادة منفعة مشروطة في البيع تكون ربا لأنها زيادة لا يقابلها عوض في عقد البيع وهو تفسير الربا ،والبيع الذي
فيه الربا أو شبهة الربا فاسد وإنها مفسدة للبيع كحقيقة الربا.٥
١الكاساني ،علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد ،بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع )بيروت :دار الكتاب العربي١٩٨٢ ،م( ،ج،٥
ص.١٧٢
٢ابن نجيم ،البحر الرائق شرح كنز الدقائق )بيروت :دار المعرفة ،د.ت ،(.ج ،٦ص.٢٧
ويشترط على صاحبه عقدا آخر كسلف أو قرض أو بيع أو إجارة أو صرف للثمن أو غير ذلك ،فهذا يبطل
البيع.٢
-٥اشتراط البائع شرطا يعلق عليه البيع ،وذلك كأن قال" :بعتك إن جئتني بكذا أو إن رضي
فلان" ،فلا يصح البيع لأن مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع ،والشرط هنا يمنعه.٣
تعريف الذريعة :الذريعة في اللغة :الوسيلة والسبب إلى الشيء ،٤والجمع ذرائع.
وأما الذريعة في الاصطلاح ،فقد عرفها العلماء بعبارات متقاربة ،ومفهومها أنها كل قول أو عمل يكون
مباح ًا في نفسه ،ولكنه يفضي إلى معصية ومحظور شرعي .وهذا المفهوم مأخوذ من عبارات الأصوليين
والفقهاء ،كقول الشاطبي" :التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة" .٥وقد تكلم الأصوليون كثيرا عن الذريعة في
مباحث سد الذرائع ،وخلاصتها أن الشارع حينما ينهي عن شيء ،ينهي أيضا عن كل ما يوصل إليه .فلذلك
مفهوم سد الذرائع عندهم بأنها منع الوسائل المؤدية إلى الأشياء المنهي عنها بإغلاق منافذها.
أقسام الذرائع :قسم العلماء الأفعال المباحة والمشروعة في ذاتها ولكنها تؤدي إلى المفسدة إلى أربعة
أنواع وهي:
-١ما يفضي إلى المفسدة قطعًا ،كحفر البئر في طريق عام حيث يؤدي حتما إلى وقوع من يمر فيه في
الظلام أو شبه ذلك .٦وهذا النوع من الذرائع قد أجمع الفقهاء على منعه ١لما يترتب عليه من ضرر بيقين وليس
١للحديث رواه أبو هريرة قال" :نهى رسول اللّٰه عن بيعتين في بيعة" .أخرجه الترمذي ،ج ،٣ص ،٥٣٣رقم ).(١٢٣١
٢ابن قدامة ،شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد المقدسي ،الشرح الكبير على متن المقنع )بيروت :دار الكتاب
٣ابن مفلح ،إبراهيم بن محمد بن عبد اللّٰه بن محمد ،المبدع شرح المقنع )الرياض :دار عالم الكتب١٤٢٣ ،هـ٢٠٠٣/م( ،ج،٣
ص.٣٩٧
٤الرازي ،مختار الصحاح ،مادة )ذرع( ،ص٢٢٦؛ وابن منظور ،لسان العرب ،مادة )ذرع( ،ج ،٨ص.٩٣
وهذا النوع من الذرائع مجمع على عدم منعه ٣لأن المعتبر عند الشارع غلبة المصلحة لا ندور المفسدة ،إذ لا
-٣ما تؤدي إلى المفسدة غالبًا ،بحيث يغلب الظن إفضاؤه إلى الفساد كبيع الأسلحة في أيام الحرب
مع الأعداء ،لأن الظن الغالب أنها ستستعمل ضد المسلمين ،أو كبيع العنب لمن يتخذه خمرًا لأن الغالب أنه
يصنع منه الخمر ،٤ونحو ذلك مما يغلب الظن إفضاؤه إلى المفسدة لا على سبيل القطع .وهذا النوع من الذرائع
لا ينبغي أن يكون هناك خلاف بين العلماء في منعه وحظره ،لأن الشرع يقيم الظن الغالب في مقام العلم
واليقين في عامة الأحوال ،وكذلك إذا أجيز ذلك فهو نوع من التعاون على الإثم والعدوان ،وذلك لا يجوز.
-٤ما يؤدي إلى المفسدة كثيرا لا غالبا ٥،أي أن كثرته لم تبلغ مبلغ الظن الغالب للمفسدة ولا العلم
القطعي .وذلك كبعض أنواع البيوع التي قد تفضي إلى الربا كعقد سليم يقصد به عاقده ربا قد استتر في بيع.
وهذا النوع من الذرائع قد اختلف فيه العلماء من المنع والجواز ،وقال الشاطبي فيه" :هو موضع نظر
والتباس".٦
الذريعة في المعاملات :قاعدة سد الذرائع تعتبر من القواعد المهمة في الشريعة يأخذ بها جميع الفقهاء
وإن كان بعضهم لم يصرحوا بها كالشافعية والحنفية ،إلا أنهم اختلفوا في مقدار الأخذ به أو في تطبيق بعض
الجزئيات ٧،وأما أصل سد الذرائع ،فإنهم جميعا متفقون على العمل به حتى نقل القرافي الإجماع على ذلك.٨
وبما أن سد الذرائع تعتبر قاعدة وقائية من الوقوع في المنهي عنه في الشريعة ،فإنها معتبرة في جميع
أبواب الفقه ،منها المعاملات ،فكل معاملة ولو كانت مباحة في ذاتها ،لكنها اتخذت وسيلة للمفسدة وتؤدي إلى
١القرافي ،الفروق ،ج ،٢ص.٥٩
إيقاع الأمّة في الحرج والمشقة ،وهذا إخلال بأصل شرعي آخر مهم هو "رفع الحرج" .وعليه فالعمل به ليس
على إطلاقه ،بل هناك شروط وقيود مهمة وضعها العلماء للعمل بها .ومن هذه الشروط هي ما يلي:
-١أن يكون الفعل المأذون فيه يفضي إلى المفسدة قطعا أو غالبا ١بحيـث يغلب على الظن إفضاؤه إليها،
فإن كان نادرا ،فإنه لا يمنع لذلك لأن النادر لا حكم له.
-٢أن تكون المفسدة المترتبة على فعل المأذون فيه محظورة منصوص عليها ،فإن المحرم الاجتهادي لا
تسد ذريعته.
-٣أن تكون تلك المفسدة المترتبة على فعل المأذون فيه راجحة على المصلحة .٢فالشرع لا يمنع الفعل
الذي يتضمن تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة إذا كانت المصلحة التي يجلبها الفعل راجحة على المفسدة التي تنشأ
عنه ،أو كانت المفسدة التي تندفـع به ،راجحة على المصلحة التي تفوت به ،تقديما للمصلحة الراجحة وعملا بها،
وإن كان ذلك الفعل ذريعة إلى تفويت مصلحة أو تحصيل مفسدة.
٣
-٤أن ما حرم للذريعة فإنه يباح للحاجة أو المصلحة الراجحة.
وقد ذكر الفقهاء أمثلة كثيرة للذريعة في المعاملات ،منها البيع وقت صلاة الجمعة ،وبيع السلاح زمن
الفتنة ،وبيع الخمر لمن يتخذه خمرا وبيع الدار لمن يتخذها كنيسة وإجارة الحانوت لمن يبيع الخمر وغير ذلك.
الخاتمة:
-١أن القاعدة الذهبية في المعاملات "الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما دل الدليل على التحريم"
منبثقة من القاعدة المطردة الأصولية" :الأصل في الأشياء الإباحة" ،لأنها عامة تشمل العقود والمعاملات.
١الشاطبي ،الموافقات ،ج ،٣ص.١٣٧
٣وقال ابن قيم في ذلك" :ما حُرّ ِم لسد الذرائع ،فإنه يُباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة ،كما حَرُم َ النظر سدا ً لذريعة الفعل ،و ُأبيح
ل سدا ً لذريعة ِ رِبا الن َّسيئة ،و ُأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة من الع َرَايا" .انظر :ابن قيم ،زاد
وأبيحت للمصلحة الراجحة ،وكما حَرُم َ رِبا الفض ِ
٤وهي أن يبيع شيئا من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبضه للثمن بأقل من ذلك نقدا .انظر :النووي ،روضة
الأسباب تعتبر مستثنيات من هذه القاعدة الذهبية وهي :تحريم عين المبيع ،والظلم ،والضرر ،والربا ،والغرر،
والميسر ،والغش والكذب ،والشرط المفسد للعقد ،وكون المعاملة ذريعة للوقوع في الحرام .