You are on page 1of 21

‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬

‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫المقاصد الشرعية في قاعدة "الأصل في المعاملات الإباحة" ومستثنياتها‬

‫إعداد‪:‬‬

‫د‪ .‬زين الدين إسماعيل ود‪ .‬محمد فؤاد سواري‬

‫قسم القانون الإسلامي‪ ،‬وقسم الفقه وأصول الفقه‪ ،‬الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا‬

‫ملخص‪:‬‬

‫قاعدة الأصل في المعاملات الإباحة تقتضي أن كل معاملة مباحة وجائزة ما دام لم يوجد دليل على‬

‫منعها‪ .‬بناء على هذه القاعدة‪ ،‬فكل معاملة مستجدة في حياتنا المعاصرة مما لم يتطرق إليها الفقهاء من قبل يكون‬

‫مقبولا شرعا إذا لم يتصادم مع دليل شرعي‪ .‬فبقي هناك سؤال وهو هل هذه القاعدة على إطلاقها أو هناك‬

‫استثناءات؟ يحاول البحث الإجابة على هذا التساؤل‪ .‬وباستقراء الأدلة الشرعية‪ ،‬وجدنا أن هناك عدد من‬

‫الأسباب التي إذا تتضمن في معاملة ما‪ ،‬تجعلها باطلة محرمة‪ ،‬فتصلح أن تكون المستثنيات من هذه القاعدة‪.‬‬

‫فقد قمنا بذكر هذه الاستثناءات وخاصة‪ :‬تحريم عين المبيع‪ ،‬والظلم‪ ،‬والضرر‪ ،‬والربا‪ ،‬والغرر‪ ،‬والميسر‪ ،‬والغش‬

‫والكذب‪ ،‬والشروط المفسدة للعقد‪ ،‬وكون المعاملة ذريعة للوقوع في الحرام‪ ،‬مع التنويه لعدد من الأمثلة‬

‫التطبيقية‪.‬‬

‫المقدمة‬

‫يتضمن النظام الإسلام قواعد ومبادئ تجعل الشرعية الإسلامية مغايرا ً للتشريعات الدولية المخلفة‪ ،‬وأنه منهج‬

‫شامل متكامل لتنظيم حياة الناس في جميع جوانب هذه الحياة‪ .‬فقد جاء الإسلام مثلا بنظام المعاملات‬

‫وشؤون المال والاقتصاد المتكامل الصالح لكل زمان وبيئة‪ ،‬وأن هذا النظام هو نظام أخلاقي يتكافل فيه أفراد‬

‫المجتمع‪ ،‬وأنها قائمة على مبدأ العدالة بين الناس في أوامره ونواهيه‪ ،‬من أجل تحقيق الأمن والسلام في المجتمع‪.‬‬

‫يقول ابن تيمية‪" :‬إن عامة ما نهي عنه في الكتاب والسنة من المعاملات يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن‬

‫الظلم‪ :‬د َِق ّه وجِلَ ّه"‪.١‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‪ ،‬مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية‪ ،‬جمع وترتيب عبد الرحمن محمد قاسم‪) ،‬الرياض‪ :‬دار عالم‬

‫الكتب‪١٩٩١ ،‬م(‪ ،‬ج‪ ٢٨‬ص‪.٢٨٥‬‬

‫‪  - ٦٦٥ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ل الدليل على التحريم – تأصيلها ومعناها وتطبيقاتها‬
‫قاعدة الأصل في المعاملات الإباحة إلا ّ ما د ّ‬

‫تأصيل القاعدة‪ :‬هذه القاعدة رغم علو مكانتها وذاعت شهرتها حتى تكاد تكون مسلمة لدى الفقهاء‪ ،‬لم‬

‫يجد الباحث ‪-‬فيما يعلم ‪-‬في كتب القواعد الفقهية التراثية بهذه الصيغة بالذات‪ ،‬وإنما ذكروا هذه القاعدة غالبا‬

‫على اختلاف صيغها عندما تكلموا عن بعض المسائل تتعلق بالمعاملات في الكتب الفقهية كقولهم‪" :‬الأصل‬

‫في العقود" ‪ ،١‬و"الأصل في المعاملات"‪ ،٢‬و"الأصل في العقود والمعاملات"‪ ٣‬وغير ذلك‪.‬‬

‫وإذا نظرنا إلى هذه القاعدة وما ورد حولها عن أقوال الفقهاء‪ ،‬نجد أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالقاعدة‬

‫المطردة الأصولية‪" :‬الأصل في الأشياء الإباحة"‪ ،‬إذ أنها عامة تشتمل على العقود والمعاملات أيضا‪ .‬فلذلك‬

‫يمكن القول أن هذه القاعدة المتعلقة بالمعاملات منبثقة من تلك الأصل العام‪ .‬ومما يدل على ذلك ما أشار إليه‬

‫الإمام ابن عبد البر بقوله‪" :‬والأصل أن الأشياء على الإباحة حتى يثبت النهي وهذا في كل شيء"‪ .٤‬وهذا هو‬
‫‪٨‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪٥‬‬
‫مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ‪ ،‬بل قال ابن رجب الحنبلي أنه قد حكى‬

‫بعضهم الإجماع على ذلك‪ .٩‬وهذا القول موافق لقواعد الشريعة ومقاصدها وهي قاعدة التيسير ورفع الحرج عن‬

‫المكلفين‪ ،‬وقاعدة المصالح لأن الشريعة جاءت لتحصيل مصالح العباد وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها‪.‬‬

‫المعنى الإجمالي للقاعدة‪ :‬المقصود بهذه القاعدة أن القاعدة المطردة المستمرة أن العقود والمعاملات‬

‫التي تجري بين العاقدين حلال ومباحة وجائزة بجملتها ما لم يرد دليل ينقله من تلك الإباحة إلى غيرها من‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬انظر‪ :‬ابن رجب‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي‪ ،‬القواعد في الفقه الإسلامي‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد )القاهرة‪:‬‬

‫مكتبة الكليات الأزهرية‪١٩٧١ ،‬م(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٣٧٠‬؛‬

‫‪ ٢‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،٢٨‬ص‪.٣٨٦‬‬

‫‪ ٣‬ابن قيم‪ ،‬محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد اللّٰه‪ ،‬إعلام الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد )بيروت‪:‬‬

‫دار الجيل‪١٩٧٣ ،‬م(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٤٤‬‬

‫‪ ٤‬ابن عبد البر‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد‪ ،‬ج‪ ،١٧‬ص‪.١١٤‬‬

‫‪ ٥‬وهذا هو رأي أكثرهم‪ ،‬انظر‪ :‬البهاري‪ ،‬محب اللّٰه بن عبد الشكور‪ ،‬فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت‪ ،‬ضبطه وصححه‪ :‬عبد اللّٰه‬

‫محمود محمد عمر )بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪١٤٢٣ ،‬هـ‪٢٠٠٢/‬م(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٤٢-٤١‬‬

‫‪ ٦‬انظر‪ :‬ابن عبد البر‪ ،‬الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٤١٩‬‬

‫‪ ٧‬انظر‪ :‬الشافعي‪ ،‬الأم‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٣‬؛ والسيوطي‪ ،‬الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية‪ ،‬ص‪٦٠‬؛ والسبكي‪ ،‬الأشباه‬

‫والنظائر‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٢٧٣‬‬

‫‪ ٨‬انظر‪ :‬المرداوي‪ ،‬علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان الدمشقي الصالحي‪ ،‬الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب‬

‫الإمام أحمد بن حنبل )بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪١٤١٩ ،‬هـ(‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٢٥‬‬

‫‪ ٩‬ابن رجب الحنبلي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد‪ ،‬جامع العلوم والحكم )بيروت‪ :‬دار المعرفة‪١٤٠٨ ،‬هـ(‪ ،‬ص‪.٢٨٣‬‬

‫‪  - ٦٦٦ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫الأحكام التكليفية‪ ،‬ولا يصح القول بمنع معاملة ما إلا بدليل صحيح يصرفه إلى التحريم أو الكراهة‪ .‬وأما إذا لم‬

‫يرد هناك دليل صحيح سواء كان نصا صريحا من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو قياسا صحيحا على منع هذه‬

‫المعاملة‪ ،‬فهي باقية على الأصل الإباحة‪.‬‬

‫وهذا يعني أن كل معاملة لاحقة أو سابقة فالأصل فيها جواز الدخول فيه‪ ،‬ولا تثريب عليه ولا حرج‬

‫فيه‪ ،‬إلا إذا دل الدليل الصحيح الصريح على المنع منها فتكون خارجة عن الأصل بالدليل فتعطى حكما ً آخر غير‬

‫حكم الأصل‪ ،‬وهو مقتضى الدليل من حرمة أو كراهة‪ ،‬أما إذا لم يأت دليل المنع فإنها جارية جميعها على‬

‫الأصل المتقرر الذي هو الحل والإباحة‪ .‬فأي معاملة يعرفها أهل التجارة بشتى أنواعها أو تكتشفها البنوك أو‬

‫تدور بين الأفراد أو الجماعات فهي جارية على أصل الجواز إلا إذا دل الدليل على المنع منها فنقف حينئذٍ مع‬

‫الدليل‪.١‬‬

‫تطبيقات القاعدة‪ :‬هذه القاعدة تقتضي أن كل معاملة مباحة وجائزة ما دام لم يوجد دليل على منعها‪.‬‬

‫وعلى هذا‪ ،‬فكل معاملة مستجدة في حياتنا المعاصرة مما لم يتطرق إليها الفقهاء من قبل يكون مقبولا شرعا إذا لم‬

‫يتصادم مع دليل شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس‪ ،‬وكان مما اقتضته مصالح الناس العامة ولم‬
‫‪٢‬‬
‫يشتمل على مفسدة راجحة‪.‬‬

‫وقد مر الفقه الإسلامي بمراحل ونشأ فيها عقود مستحدثة بسبب تطور الزمان وتطور الناس في‬

‫أفكارهم وتشعب احتياجاتهم مع أن العقود لم يتناولها الفقهاء من قبل في كتبهم أو تطرقوا إليها بصورة مبدئية‬

‫ثم تطورت بعدها بصورة لم تكن موجودة في عصرهم‪ ،‬فأعطوها أسماءها وبينوا أحكامها‪ ،‬فما كان منها لم يتناقض‬

‫مع دليل شرعي وفيها مصلحة للناس‪ ،‬أبقوها على أصلها الجواز‪ .‬وفيما يلي بعض أنواع هذه المعاملات‪:‬‬

‫‪ -١‬عقد الصيانة‪ :‬هو عقد بين مؤسسة اقتصادية أو فرد من جانب‪ ،‬وبين مؤسسة أو فرد من جانب‬

‫آخر‪ ،‬يتعهد فيه الطرف الثاني بمراقبة الأجهزة والآلات موضوع العقد في فترات دورية محدودة لتقوم بوظائفها‬

‫دون تعطل أو نقص‪ ،‬كما يتعهد بإصلاح ما تعطب من القطع أو استبدال الجديد بالتالف الذي يدفع ثمنه‬
‫‪٣‬‬
‫صاحب المؤسسة‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬السعيدان‪ ،‬وليد بن راشد‪ ،‬قواعد البيوع وفرائد الفروع )د‪.‬ن‪ ،(.‬ص‪.٣‬‬

‫‪ ٢‬انظر‪ :‬الندوي‪ ،‬جمهرة القواعد الفقهية في المعاملات المالية‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٢٩٥‬‬

‫‪ ٣‬السلامي‪ ،‬الشيخ محمد مختار‪" ،‬عقود الصيانة وتكييفها الشرعي"‪ ،‬مجلة مجمع الفقه الاسلامي‪ ،‬التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي بجدة‪،‬‬

‫العدد ‪ ،١١‬المجلد الثاني‪ ،‬ص‪.١٠‬‬

‫‪  - ٦٦٧ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -٢‬المشاركة المتناقصة‪ :‬هي اتفاق طرفين على إحداث )إنشاء( شركة ملك بينهما في مشروع أو عقار‬

‫أو منشأة صناعية أو غير ذلك‪ ،‬على أن تنتهي بانتقال حصة أحد الشريكين )الممول( إلى الآخر تدريجيا بعقود‬
‫‪١‬‬
‫بيع مستقلة متعاقبة‪.‬‬

‫‪ -٣‬بيع الاستجرار‪ :‬هو أن يأخذ الناس بسعر ما يحتاجون إليه كل يوم ممن يتعاملون معه من بقالة أو‬

‫لحام أو فاكهي‪ ،‬ولا يجري الاتفاق على ثمن وقت الأخذ‪ ،‬ثم يحاسبهم عند أول الأسبوع أو الشهر فيوفونه‬
‫‪٢‬‬
‫حسب سعر السوق في كل يوم‪.‬‬

‫‪ -٤‬بيع الحقوق الاعتبارية والأدبية‪ :‬والمقصود بالحقوق الاعتبارية هي تلك الحقوق تختص بإنسان ما‪،‬‬

‫أو جهة معينة‪ ،‬مما لم تعرف لها قيمة مالية قبل هذا العصر‪ ،‬وغدت اليوم ذات قيمة مالية كالاسم التجاري‬

‫مثلا‪ .‬والمقصود بالحقوق الأدبية هي التي تتعلق بالإنتاج الفكري والفني والعلمي للإنسان‪ ،‬وهذه الحقوق كفلت‬
‫‪٣‬‬
‫دساتير العالم المعاصر حمايتها في إطار حماية حقوق الإنسان الشخصية‪.‬‬

‫‪ -٥‬البيع بالوصف على الوصف المتضمن في )الكاتالوك(‪ :‬وهو أن يأتي البائع بكراس يتضمن صورة أو‬

‫صورا للمبيع‪ ،‬وأوصاف المبيع مفصلة ودقيقة بصورة لا تمكن للرؤية المباشرة أن تحققها‪ ،‬مع بيان كيفية‬
‫‪٤‬‬
‫الاستخدام والصيانة‪ ،‬وبيان الطاقة وقوة التحمل بالأرقام والمعايير‪.‬‬

‫ل الدليل على التحريم‬


‫مستثنيات قاعدة الأصل في المعاملات الإباحة إلا ّ ما د ّ‬

‫ورد الاستثناء في القاعدة "الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما دل الدليل على التحريم"‪ ،‬كما هو‬

‫واضح في صياغتها‪ .‬وباستقراء الأدلة الشرعية‪ ،‬وجد الباحث أن هناك بعض الأسباب التي إذا تتضمن في‬

‫معاملة ما‪ ،‬تجعلها باطلة محرمة‪ ،‬فتصلح أن تكون المستثنيات المقصودة في القاعدة‪ .‬والخلاصة أن هذا الاستثناء‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬حماد‪ ،‬الدكتور نزيه كمال‪" ،‬المشاركة المتناقصة وأحكامها في ضوء ضوابط العقود المستجدة"‪ ،‬مجلة مجمع الفقه الاسلامي‪ ،‬التابع لمنظمة‬

‫المؤتمر الاسلامي بجدة‪ ،‬العدد ‪ ،١٣‬المجلد الثاني‪ ،‬ص‪.٥٠٣‬‬

‫‪ ٢‬الضرير‪ ،‬الغرر وأثره في العقود‪ ،‬ص‪.٢٥٧-٢٥٦‬‬

‫‪ ٣‬البوطي‪ ،‬محمد توفيق رمضان البوطي‪ ،‬البيوع الشائعة وأثر ضوابط المبيع على شرعيتها )دمشق‪ :‬دار الفكر‪١٤١٩ ،‬هـ‪١٩٩٨/‬م(‪،‬‬

‫ص‪.٢٠٨‬‬

‫‪ ٤‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.١٩٥‬‬

‫‪  - ٦٦٨ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪١‬‬
‫هو إذا كانت المعاملة تتضمن سببا أو أكثر من الأسباب ‪ ،‬وهي‪ :‬تحريم عين المبيع‪ ،‬والظلم‪ ،‬والضرر‪ ،‬والربا‪،‬‬

‫والغرر‪ ،‬والميسر‪ ،‬والغش والكذب‪ ،‬والشروط المفسدة للعقد‪ ،‬وكون المعاملة ذريعة للوقوع في الحرام‪.‬‬

‫أولا ‪ -‬تحريم عين المعقود عليه‪:‬‬

‫معنى تحريم عين المعقود عليه‪ :‬أن المقصود به هو كون المعقود عليه وهو المبيع أو الثمن محرما في ذاته‬

‫إما لكونه نجسا أو غير منتفع به شرعا‪ .‬والنجس لغة القذر وهو خلاف الطهر‪ ،‬وفي عرف الشرع هو قذر‬

‫مخصوص وهو ما يمنع جـنسه الصلاة‪ ،٢‬وأما الذي لا ينتفع به شرعا فمعناه أن الشرع نهي عن الانتفاع به ولو‬

‫كان يمكن أن ينتفع به بذاته‪.‬‬

‫عين المعقود عليه المحرم في المعاملات‪ :‬من أمثلة كون المبيع نجسا بيع الخمر والميتة والخنزير والدم‬

‫والكلب‪ ٣،‬وقيس عليها العذرات وكل النجاسات‪ .‬ومن أمثلة كون المبيع غير منتفع به شرعا كبيع الصنم‪،‬‬

‫وقيس عليهما كل ما لا نفع فيه كالحشرات والسباع وغير ذلك‪ .‬يلتحق بذلك السحر والبدع والضلال ونحوها‪.‬‬

‫والقاعدة العامة في هذا الباب أن كل شيء حرمه الل ّٰه تعالى حرم ثمنه كما ورد في الحديث الشريف‪:‬‬
‫‪٤‬‬
‫"لعن الل ّٰه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الل ّٰه عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه"‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬الظلم‪:‬‬

‫تعريف الظلم‪ :‬الظلم لغة وضع الشيء في غير موضعه تعديا‪ ٥،‬وأما الظلم في الشرع فلا يخرج عن معناه‬

‫اللغوي حيث عرف بأنه وضع الشيء في غير موضعه‪ ،‬والتصرف في حقّ الغير‪ ،‬ومجاوزة ح ّد الشارع‪١‬سواء‬

‫كانت بزيادة أو نقصان‪.٢‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬وقد أرجع ابن رشد هذه الأسباب إلى أربعة وهي‪ :‬تحريم عين المبيع والربا والغرر والشروط التي تؤول إلى الربا أو الغرر أو كلاهما‪.‬‬

‫انظر‪ :‬ابن رشد )الحفيد(‪ ،‬أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد )القاهرة‪ :‬مطبعة‬

‫مصطفى البابي الحلبي وأولاده‪١٣٩٥ ،‬هـ‪١٩٧٥/‬م(‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ .١٢٥‬وأما ابن تيمية‪ ،‬فقد قال أنها كلها راجعة إلى الظلم‪ .‬انظر‪ :‬مجموع‬

‫الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،١٨‬ص‪.١٥٧‬‬

‫‪ ٢‬انظر‪ :‬الفيومي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬مادة )نجس( ‪.٢٢٧‬‬

‫‪ ٣‬فأما الدم والميتة فقد اتفق على نجاستهما‪ ،‬وأما الخمر والخنزير والكلب فقد اختلف فيها‪ ،‬فالجمهور على نجاستها‪.‬‬

‫‪ ٤‬أحمد‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،٤١٦‬رقم )‪.(٢٦٧٨‬‬

‫‪ ٥‬انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة )ظلم( ‪٣٧٣ :١٢‬؛ وابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬مادة )ظلم(‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٤٦٨‬؛‬

‫والرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬مادة )ظلم(‪ ،‬ص‪٤٠٧‬؛ والفيومي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬مادة )ظلم(‪ ،‬ص‪.١٤٦‬‬

‫‪  - ٦٦٩ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫الظلم في المعاملات‪ :‬من يتبع مبادئ الشريعة الإسلامية وقواعدها سيجد أنها حرمت الظلم في كافة‬

‫صوره‪ .‬وأمر الإسلام أتباعه أن يكونوا عادلين مع الناس جميعا ولا يظلمونهم حتى مع من يناصبونهم العداء‪،‬‬

‫لا ّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا ه ُو َ أَ ق ْر َبُ ل ِ َلت ّقْو َى﴾‪ ،٣‬كما أمرهم بتحقيق العدل‬
‫يجْرِم ََن ّك ُ ْم شَنآَنُ قَو ْ ٍم عَلَى أَ َ‬
‫قال الل ّٰه تعالى‪﴿ :‬و َلا َ َ‬

‫َالإحْ س َان﴾‪ ،٤‬فلا يحل لأحد أن يظلم أحدا‪ ،‬مسلما كان‬


‫لو ِ‬‫الل ّه َ يأْ َ مُر ُ بِال ْع َ ْد ِ‬
‫ن َ‬ ‫المطلق في مجتمعاتهم‪ ،‬فقال لهم‪ِ ﴿ :‬إ َ ّ‬

‫أو غير مسلم في كل مكان وفي كل حال‪ .‬ولما كان الظلم يحدث كثيرا بين الناس في حياتهم اليومية وخاصة في‬

‫معاملاتهم المتعلقة بالأموال‪ ،‬فإقامة العدل يعتبر أهم قواعد الشريعة في باب المعاملات‪ .‬والأدلة على تحريم الظلم‬

‫كثيرة يصعب حصرها‪ ،‬سواء كان من الكتاب أو السنة منها‪:‬‬

‫ض‬ ‫‪ -١‬قوله تعالى‪﴿ :‬يَا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ‬


‫ن آم َنُوا لا َ تأْ َ كُلُوا أَ مْوَالَك ُ ْم بَي ْنَك ُ ْم بِالْباَطِ ِ‬
‫ل ِإلا َ أَ ْن تَك ُونَ تِ جاَرَة ً ع َنْ ت َر َا ٍ‬

‫مِنْك ُ ْم﴾‪.٥‬‬

‫ض بَعْد َ‬
‫سد ُوا فِي الأَ ْر ِ‬
‫اس أَ شْ يَاءَه ُ ْم و َلا َ ت ُ ْف ِ‬ ‫ل و َالْميِز َانَ و َلا َ تَبْخَس ُوا َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫‪ -٢‬قوله تعالى‪﴿ :‬فأَ َوْفُوا الْكَي ْ َ‬

‫حه َا﴾‪.٦‬‬
‫ِإصْ لا َ ِ‬

‫‪ -٣‬قوله ‪ ‬في حجة الوداع‪" :‬إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في‬

‫بلدكم هذا"‪.٧‬‬

‫فتبين من النصوص السابقة أن تحريم الظلم هو أعظم الأصول في المعاملات المتعلقة بالعقود‬

‫والقبوض‪ ،‬فإن العدل فيها هو قوام العالمين لا تصلح الدنيا والآخرة إلا به‪ .‬ولا غرب في ذلك لأننا شاهدنا‬

‫بأعيننا أن من أعظم الظلم الذي يقع بين الناس اليوم هو الظلم في المعاملات المالية التي هي عصب الحياة‪ .‬فإن‬

‫الظلم المالي يلحق فسادا عظيما وفيه إذلال للعباد وخراب للبلاد‪ .‬فلذلك يمكن القول بأن عامة ما نهى عنه‬
‫‪٨‬‬
‫الكتاب والسنة من المعاملات يعود في الحقيقة إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم دقه وجله‪.‬‬

‫‪                                                                                                                                                                          ‬‬
‫‪ ١‬الكفوي‪ ،‬كتاب الكليات‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٩٣٤‬‬

‫‪ ٢‬الراغب الأصفهاني‪ ،‬الحسين بن محمد بن المفضل‪ ،‬مفردات ألفاظ القرآن )دمشق‪ :‬دار القلم‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ج‪ ،٢‬ص‪.٥١‬‬

‫‪ ٣‬سورة المائدة‪.٨ :‬‬

‫‪ ٤‬سورة النحل‪.١٦ :‬‬

‫‪ ٥‬سورة النساء‪.٢٩ :‬‬

‫‪ ٦‬سورة الأعراف‪.٨٥ :‬‬

‫‪ ٧‬رواه مسلم‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٢٨٦‬رقم )‪(١٢١٨‬؛ والنسائي‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،١٥٥‬رقم )‪.(٣٩٨٧‬‬

‫‪ ٨‬انظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،٢٨‬ص‪.٣٨٥‬‬

‫‪  - ٦٧٠ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومن أمثلة الظلم في المعاملات عدم حصول أحد المتعاقدين على حقه مع الوفاء بالتزاماته أو حصوله‬

‫على أقل مما تعاقد عليه صفة أو كمية‪ .‬وكذلك أكل أموال الناس بالباطل كأخذها على وجه المعاوضة بمعاوضة‬

‫محرمة كالربا والقمار والغش في البيع والشراء والإجارة‪ ،‬ونحوها‪ ،‬وعدم دفع الأجرة المستحقة للأجراء‪ ،‬وكذلك‬

‫أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه‪ .‬وكذلك بعض أنواع البيوع مثل بيع المسلم على بيع أخيه وشرائه على‬

‫شراء أخيه وسومه على سوم أخيه‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬الضرر‪  :‬‬

‫تعريف الضرر‪ :‬الضرر لغة‪ :‬اسم من الضر‪ ،‬وهو النقصان يدخل في الشيء‪ ،١‬وهو ضد النفع‪ .٢‬يقول‬

‫الأزهري‪" :‬كل ما كان سوء حال وفقرا وشدة في بدن فهو ض ُر بالضم‪ ،‬وما كان ضد النفع فهو ض َر‬

‫بفتحها"‪.٣‬‬

‫والضرر في الشرع‪ :‬إلحاق مفسدة بالغير‪ ،٤‬أو الإخلال بمصلحة مشروعة للنفس أو الغير تعديا وتعسفا‬

‫أو إهمالا‪.٥‬‬

‫الضرر في المعاملات‪ :‬والمعاملات بين الناس قائمة على المصلحة‪ .‬وقد فسرت المصلحة بأنها جلب‬

‫المنفعة أو دفع المضرة‪ ،‬فهو مطلوب للشارع مقصود‪ ٦.‬والمصلحة هي المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده‬

‫من حفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم طبق ترتيب معين فيما بينها‪ .٧‬فبناء على ذلك‪ ،‬كل معاملة‬

‫فيها ضرر ممنوع ومحرم‪ ،‬سواء كان الضرر الخاص الذي يحصل على أحد المتعاملين مثل الضرر الناتج عن‬

‫المعاملات الربوية أو الضرر العام الذي يقع على المجتمع مثل المعاملات التي تنطوي على إضرار بالعقيدة أو قيم‬

‫المجتمع‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.٤٨٢‬‬

‫‪ ٢‬المرتضى الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،١٢‬ص‪.٣٨٤‬‬

‫‪ ٣‬الفيومي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬ص‪.١٣٩‬‬

‫‪ ٤‬المناوي‪ ،‬محمد عبد الرؤوف‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع الصغير )بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪١٤١٥ ،‬هـ‪١٩٩٤/‬م(‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪٥٥٩‬؛‬

‫والزرقاني‪ ،‬محمد بن عبد الباقي بن يوسف‪ ،‬شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك )بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪١٤١١ ،‬هـ(‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.٤٠‬‬

‫‪ ٥‬موافي‪ ،‬أحمد على أحمد‪ ،‬نظرية الضرر في الفقه الإسلامي )السعودية‪ :‬دار ابن عفان‪١٩٩٧ ،‬م(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٩٧‬‬

‫‪ ٦‬انظر‪ :‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٥٨‬؛ والغزالي‪ ،‬المستصفى في علم الأصول‪ ،‬ص‪.١٧٤‬‬

‫‪ ٧‬البوطي‪ ،‬محمد سعيد رمضان‪ ،‬ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية )بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪١٩٨٣ ،‬م(‪ ،‬ص‪.٢٣‬‬

‫‪  - ٦٧١ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫والأصل أن سائر أنواع الضرر حرام إلا ما قام الدليل على إباحته‪ ،‬وتزداد حرمته كلما زادت شدته‪،‬‬

‫كقوله ‪" :‬لا ضرر ولا ضرار"‪.١‬‬

‫فهذا الحديث يشمل كل أنواع الضرر سواء كان ضررا عاما أو ضررا خاصا‪ ،‬لأن النكرة في سياق النفي‬

‫تفيد العموم‪ ،‬ومعناه أنه لا يجوز شرعا إلحاق ضرر بالنفس أو بالغير إلا بموجب خاص‪ ،‬واجتناب كل ما فيه‬

‫ضرر من المعاملات سواء كان ضررا ً عاما ً أو خاصاً‪.‬‬

‫ومن أمثلة الضرر في المعاملات‪:‬‬

‫‪ -١‬الاحتكار وهو شراء ُ الشيء وحبسه‪ ،‬ليق َ ّ‬


‫ل بين الناس فيغلو سعره‪ ،‬ويصيبهم بسبب ذلك الضرر‪،‬‬

‫لقول النبي ‪" :‬لا يحتكر إلا خاطئ"‪.٢‬‬

‫‪ -٢‬النجش وهو مدح السلعة بما ليس فيها والزيادة في ثمنها وهو لا يريد شراءها بل ليغر غيره‪،٣‬‬
‫‪٤‬‬
‫ويكون ذلك في بيع المزاد‪ ،‬لنهيه ‪ ‬في حديث عمر ‪ ‬قال‪" :‬نهى النبي ‪ ‬عن النجش" ‪.‬‬

‫‪ -٣‬بيع المسلم على بيع أخيه لقول النبي ‪" :‬لا يبع أحدكم على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر"‪.٥‬‬

‫وغير ذلك من البيوع لما في ذلك من الضرر على المتعاملين‪ ،‬وبالتالي على المجتمع عموما‪ ،‬وفي هذا تحقيق‬

‫للعدل التام‪.‬‬

‫رابعا – الربا‪:‬‬

‫تعريف الربا‪ :‬الربا لغة‪ :‬الفضل والزيادة‪ ،‬يقال‪ :‬ربا الشيء إذا زاد‪ ،٦‬ومن ذلك قول الل ّٰه تبارك وتعالى‪:‬‬

‫ات﴾‪.٧‬‬ ‫الل ّه ُ الر ِّبَا و َيُرْبِي َ‬


‫الصّ د َق َ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫﴿يَمْح َ ُ‬

‫وأما الربا في الاصطلاح فهو‪" :‬فضل شرعي خال عن عوض ش ُرط لأحد العاقدين"‪.١‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬حديث حسن بطرقه وشواهده‪ .‬رواه مالك من طريق عمرو بن يحيى المازني عن أبيه‪ ،‬انظر‪ :‬الإمام مالك بن أنس‪ ،‬الموطأ‪ ،‬تحقيق‪:‬‬

‫محمد مصطفى الأعظمي )أبو ظبي‪ :‬مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان‪١٤٢٥ ،‬هـ‪٢٠٠٤/‬م(‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٠٧٨‬‬

‫‪ ٢‬مسلم‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٢٧٧‬رقم )‪(١٦٠٥‬؛ والترمذي‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،٥٦٧‬رقم )‪(١٢٦٧‬؛ وأبو داود‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،٢٨٥‬رقم )‪.(٣٤٤٩‬‬

‫‪ ٣‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري )بيروت‪ :‬دار المعرفة‪١٣٧٩ ،‬هـ(‪،‬‬

‫ج‪ ،١‬ص‪.١٩٣‬‬

‫‪ ٤‬البخاري‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪ ،٢٤‬رقم )‪(٦٩٦٣‬؛ ومسلم‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١١٥٦‬رقم )‪.(١٥١٦‬‬

‫‪ ٥‬النسائي‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪ ،٢٥٨‬رقم )‪.(٤٥٠٤‬‬

‫‪ ٦‬الفيومي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬ص‪.٨٣‬‬

‫‪ ٧‬سورة البقرة‪.٢٧٦ :‬‬

‫‪  - ٦٧٢ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ويقصد بقوله "فضل شرعي" أي فضل الحلول على الأجل والعين على الدين كما في ربا النساء‪ ،‬وفضل‬

‫أحد المتجانسين على الآخر من الأجناس المنصوص عليها أو ما يقاس عليها كما في ربا الفضل‪ ،‬وقوله "خال عن‬

‫عوض" أي زيادة ليس لها مقابل‪ ،‬وقوله "شرط لأحد العاقدين" أي اتفق العاقدان على أن تكون الزيادة‬

‫لأحدهما‪.‬‬

‫وينقسم الربا إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ -١‬ربا القرض‪ ،‬وهو ناشئ عن كل قرض مشروط فيه جر نفع‪ .‬ويعرف بربا الجاهلية وهو الزيادة في‬

‫الدين نظير التأجيل‪.‬‬


‫‪٢‬‬
‫‪ -٢‬ربا البيوع وهو نوعان‪:‬‬

‫أ‪ -‬ربا النسيئة‪ ،‬وهو الناشئ بسبب الزيادة في أحد العوضين الربويين‪ ٣‬زيادة مادية فعلية‪ ،‬أو بسبب‬

‫وجود الزيادة مقابل مرور الزمن‪ ،‬وإن لم تكن هناك زيادة ظاهرية‪ ،‬وإنما اتحد المقدار أو الكمية‪.‬‬
‫‪٤‬‬
‫ب‪ -‬ربا الفضل وهو بيع النقد بالنقد أو الطعام بالطعام مع زيادة أحد البدلين على الآخر‪.‬‬

‫الربا في المعاملات‪ :‬إن المعاملات الربوية حرام في الإسلام وفي جميع الشرائع السماوية السابقة‪ ٥‬لما فيه‬

‫من الظلم والفساد وأكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬وهو من أكبر الكبائر وأكثرها إثما‪ .‬وقد ثبتت حرمته بالكتاب‬

‫‪                                                                                                                                                                          ‬‬
‫‪ ١‬وهو الجمع بين تعريف الجرجاني )فضل خال من عوض ش ُرط لأحد العاقدين( في التعريفات‪ ،‬وتعريف التهانوي )فضل شرعي خال‬

‫من عوض ش ُرط لأحد العاقدين في عقد معاوضة(‪ .‬التهانوي‪ ،‬محمد علي‪ ،‬موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم )بيروت‪:‬‬

‫مكتبة لبنان‪١٩٩٦ ،‬م(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،٤٨١‬حيث وجد أن أغلب تعاريف فقهاء المذاهب غير جامع لتناولها ربا البيوع فقط وعدم دخول‬

‫ربا القرض في تلك التعاريف‪ .‬انظر‪ :‬الربيعة‪ ،‬سعود محمد‪ ،‬تحول المصرف الربوي إلى مصرف إسلامي ومقتضياته )الكويت‪ :‬جمعية‬

‫إحياء التراث العلمي‪١٤١٢ ،‬هـ‪١٩٩٢/‬م(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٤‬‬

‫‪ ٢‬وزاد الشافعية نوعا ثالثا وهو ربا اليد وهو البيع مع تأخير قبض العوضين أو أحدهما‪ .‬انظر‪ :‬الشربيني‪ ،‬محمد الخطيب‪ ،‬مغني المحتاج إلى‬

‫معرفة معاني ألفاظ المنهاج )بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ج‪ ،٢‬ص‪ .٢١‬ويبدو عند الشافعية أن كلا من ربا اليد وربا النسيئة لا يكون‬

‫إلا في بدلين مختلفي الجنس‪ ،‬والفرق بينهما أن ربا النسيئة يكون في حالة تأخير القبض في البيع الذي يصاحبه أجل‪ ،‬وأما ربا اليد فهو‬

‫في حالة تأخير القض في البيع الحال المنجز‪ .‬والمالكية أيضا زادوا نوعا ثالثا وهو ربا المزابنة وهو بيع معلوم بمجهول أو مجهول بمجهول من‬

‫جنسه‪ .‬انظر‪ :‬المصري‪ ،‬علي بن محمد بن خلف‪ ،‬كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ محمد البقاعي‬

‫)بيروت‪ :‬دار الفكر‪١٤١٢ ،‬هـ(‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٨٢-١٨١‬‬

‫‪ ٣‬الأموال الربوية هي النقد مثل الذهب والفضة والنقود الورقية‪ ،‬والطعام مثل البر والشعير والتمر والملح وما يقاس عليها‪.‬‬

‫‪ ٤‬الزحيلي‪ ،‬المعاملات المالية‪ ،‬ص‪ ،٣‬ج‪.٦١‬‬

‫‪ ٥‬انظر‪ :‬النووي‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬المجموع شرح المهذب )بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ج‪ ،٩‬ص‪.٣٩١‬‬

‫‪  - ٦٧٣ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪١‬‬
‫الل ّه ُ الْبَي ْ َع وَح َرّم َ الر ِّبَا﴾ ‪ ،‬وما رواه جابر ‪" :‬لعن رسول الل ّٰه‬
‫ل َ‬ ‫والسنة والإجماع‪ .‬ومن ذلك قوله تعالى‪﴿ :‬و َأَ ح َ َ ّ‬

‫‪ ‬آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء"‪ .٢‬وقد اجتمعت الأمة على أصل تحريم الربا في المعاملات‬

‫إجماعا قطعيا‪ ،٣‬غير أن الفقهاء اختلفوا في تفاصيل أحكامه ووسائله وشرائطه‪.‬‬

‫ومن أمثلة المعاملات الربوية فوائد البنوك سواء كانت الفوائد التي تأخذها البنوك من تقديم القروض‬

‫إلى زبائنهم أو الفوائد التي تدفعها لهم بإيداعهم أموالهم فيها بنسبة معينة‪ .‬فهذه الفوائد من ربا الجاهلية المحرم‪.‬‬

‫وكذلك في بيع الذهب بالذهب إذا كان أحد العوضين أكثر من الآخر كبيع عشرين غراما من الذهب بخمسة‬

‫وعشرين غراما لأنه من ربا الفضل‪ .‬وأما إذا كان مساويا في العوضين أو كان العوضان من جنسين مختلفين‬

‫ولكنهما متفقان في العلة كمبادلة الدولارات بالريالات ولا يتم التقابض في مجلس واحد فهو من ربا النسيئة‪.‬‬

‫خامسا – الغرر‪:‬‬

‫تعريف الغرر‪ :‬الغرر لغة‪ :‬اسم مصدر ل )غ َر ّر(‪ ،‬وهو الخطر‪ ،‬والخدعة‪ ،‬والجهل‪ ،‬والنقصان‪ ،‬وتعريض‬

‫المرء نفسه أو ماله للهلكة‪.٤‬‬

‫وأما الغرر في الاصطلاح فعلى الرغم من تعدد تعريفات العلماء له‪ ،‬إلا أنها متقاربة في المعنى‪ ،‬وقد جاء‬

‫ابن قيم بتعريف أجمع بقوله‪" :‬ما لا يعلم حصولُه أو لا يقدر على تسليمه‪ ،‬أو لا ي ُعرف حقيقته ومقداره"‪ .٥‬وفي‬

‫معناه ما قاله ابن رشد‪" :‬والغرر ينتفي عن الشيء بأن يكون معلوم الوجود معلوم الصفة معلوم القدر مقدورا‬
‫‪٦‬‬
‫على تسليمه وذلك في الطرفين الثمن والمثمون معلوم الأجل أيضا إن كان بيعا مؤجلا"‪.‬‬

‫فلذلك يمكن القول أن الغرر هو عقد يشتمل على الخطر إما بسبب الجهل بحصول المعقود عليه‪ ،‬أو‬

‫بصفته‪ ،‬أو بمقداره‪ ،‬أو عدم القدرة على تسليمه‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬سورة البقرة‪.٢٧٥ :‬‬

‫‪ ٢‬مسلم‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٢١٩‬رقم )‪(١٥٩٨‬؛ وأحمد‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٦٧‬رقم )‪.(٦٣٥‬‬

‫‪ ٣‬انظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،٢٩‬ص‪٤١٩‬؛ والنووي‪ ،‬المجموع‪ :‬ج‪ ،٩‬ص‪٣٩١‬؛ والماوردي‪ ،‬الحاوي في الفقه الشافعي‪ ،‬ج‪،٥‬‬

‫ص‪.٧٤‬‬

‫‪ ٤‬الفيومي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬ج‪١٦٩‬؛ وابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪١١‬؛ وابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ :‬ج‪ ،٤‬ص‪٣٨١‬؛‬

‫والزيات‪ ،‬أحمد حسن ومصطفى‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬وعبد القادر‪ ،‬حامد‪ ،‬والنجار محمد علي‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٦٤٨‬؛ والمرتضى‬

‫الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،١٣‬ص‪.٢١٨‬‬

‫‪ ٥‬ابن قيم‪ ،‬زاد المعاد )بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪١٤١٥ ،٧‬هـ‪١٩٩٤/‬م(‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪.٨١٨‬‬

‫‪ ٦‬ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٧٢‬‬

‫‪  - ٦٧٤ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫الغرر في المعاملات‪ :‬النهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع‪ ،‬يدل فيه مسائل كثيرة‬

‫غير منحصرة‪ .١‬والأصل في بيع الغرر هو التحريم‪ .‬يدل على ذلك حديث أبي هريرة ‪ :‬أن النبي ‪ ‬نهى عن‬

‫بيع الحصاة‪ ،‬وعن بيع الغرر‪.٢‬‬

‫والنهي عن بيع الغرر لا يمكن حمله على إطلاقه‪ ،‬فليس كل غرر منهيا عنه ويجعل العقد باطلا‪ ،‬إذ لا‬

‫تكاد تخلو معاملة من شيء من الغرر‪ .‬فلذلك قسم الفقهاء الغرر من حيث تأثيره على العقد إلى غرر مؤثر وغرر‬

‫غير مؤثر‪ ،٣‬فالغرر المؤثر فقط يجعل العقد غير صحيح‪ .‬وذكر الشيخ الدكتور صديق الضرير ضابط الغرر المؤثر أنه‪:‬‬

‫)هو الغرر الكثير في عقود المعاوضات المالية إذا كان في المعقود عليه أصالة‪ ،‬ولم تدع للعقد حاجة(‪ .٤‬وواضح‬

‫من هذا الضابط أن الغرر المؤثر لا بد أن تتوافر فيه الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -١‬أن يكون الغرر كثير ًا غالبا على العقد‪ ،‬وأما الغرر اليسير‪ ،‬فلا يمكن الاحتراز منه‪ ،‬فهو معفو عنه‪.‬‬

‫‪ -٢‬أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة‪ ،‬وأما إذا كان الغرر فيما يكون تابعا للمقصود بالعقد فإنه مما‬

‫يعفى عنه ولا يؤثر في صحة العقد‪.‬‬

‫‪ -٣‬ألا تدعو للعقد حاجة‪ ،‬وأما إذا كانت هناك حاجة إلى العقد‪ ،‬فلا تأثير لذلك الغرر ويكون العقد‬

‫صحيحا‪.‬‬

‫‪ -٤‬أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية أو ما بمعناها‪ ،‬وأما في أما عقود التبرعات‬

‫والإحسان فلا يؤثر فيها الغرر في الرأي الراجح‪.‬‬

‫ينقسم الغرر من حيث مقداره إلى ثلاثة أقسام‪:‬‬

‫أ‪ -‬الغرر الكثير وهو ممتنع إجماعا ً كبيع الحمل دون أمه‪ ،‬وبيع الثمر قبل ظهوره‪.‬‬

‫ب‪ -‬الغرر اليسير وهو جائز إجماعا ً كبيع الدار وإن لم ير أساسها‪ ،‬والإجارة على دخول الحمام مع‬

‫اختلاف الناس في الاستعمال في الماء والمكث في الحمام‪.‬‬

‫ج‪ -‬الغرر المتوسط وهو مختلف فيه في إلحاقه بالأول أو بالثاني‪.‬‬

‫ومن أمثلة الغرر المؤثر على صحة المعاملات‪:‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬النووي‪ ،‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬ج‪ ،١٠‬ص‪.١٥٦‬‬

‫‪ ٢‬مسلم‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١١٥٣‬رقم )‪(١٥١٣‬؛ والنسائي‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪ ،٢٦٢‬رقم )‪.(٤٥١٨‬‬

‫‪ ٣‬ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٥٥‬‬

‫‪ ٤‬الضرير‪ ،‬الغرر في العقود في الفقه الإسلامي‪ ،‬ص ‪.٥٨٤‬‬

‫‪  - ٦٧٥ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -١‬بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة‪ ،‬والمضامين هو ما في أصلاب الفحول‪ ،‬والملاقيح فهي‬

‫الأجنة في بطون الإناث‪ ،‬وحبل الحبلة هو ولد الجنين الذي في بطن الناقة‪.‬‬

‫‪ -٢‬بيع المرء ما ليس عنده‪ .‬وذلك لنهيه ‪ ‬في حديث حكيم بن حزام قال‪ :‬قلت يا رسول الل ّٰه‪،‬‬

‫الرجل يسألني البيع وليس عندي أفأبيعه؟ قال ‪ :‬لا تبع ما ليس عندك"‪.١‬‬

‫‪ -٣‬السلم فيما لا يغلب وجوده عند حلول الأجل لما فيه من الغرر الكثير‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫سادسا – الميسر‪:‬‬

‫تعريف الميسر‪ :‬الميسر لغة‪ :‬مصدر ميمي من يَسَر َ‪ ،‬قمار العرب بالأزلام أو اللعب بالأقداح‪ ٢‬أو هو‬

‫النرد‪ ،‬أو كل قمار‪ .٣‬والميسر أطلق على المقامرة بالأقداح لاقتسام الجزور بطريقة خاصة أصلا‪ ،‬ثم أطلق أهل‬

‫العلم على سائر أنواع القمار‪.‬‬

‫ولا يخرج الميسر الاصطلاحي عن معناه اللغوي‪ ،‬فهو قمار أيضا‪ ،٤‬كما قال ابن عباس وابن عمر والحسن‬

‫وسعيد بن جبير والسدي وقتادة وعطاء بن ميسرة ومكحول‪ ٥‬ومجاهد‪" :٦‬الميسر القمار"‪ .‬وقال النووي‪" :‬هو‬

‫الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانما إن أخذ أو غارما إن أعطى"‪.٧‬‬

‫فبناء على ذلك يمكن القول أن الميسر هو كل معاملة تقوم على المراهنة والمغالبة والمخاطرة لا يعلم‬

‫المتعامل فيها هل يغنم أو يغرم‪ .‬فهو عام يشمل كل أنواع المخاطرة والمغالبة سواء كان معاملة أو معاوضة أو رهانا‬

‫أو مسابقة وسواء كان مقابلة مال أو لا‪.‬‬

‫الميسر في المعاملات‪ :‬حرم الل ّٰه الميسر لما يشتمل عليه في نفسه من المفسدة‪ ،‬فتحريمه من جنس تحريم‬

‫الخمر فإنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الل ّٰه وعن الصلاة‪ ،‬وأكل المال فيه عون وذريعة إلى الإقبال‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬أبو داود‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،٣٠٢‬رقم )‪(٣٥٠٥‬؛ والترمذي‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،٥٣٤‬رقم )‪(١٢٣٢‬؛ والنسائي‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪ ،٢٨٩‬رقم )‪.(٤٦١٣‬‬

‫‪ ٢‬الزيات‪ ،‬أحمد حسن ومصطفى‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬وعبد القادر‪ ،‬حامد‪ ،‬والنجار محمد علي‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٠٤٦‬‬

‫‪ ٣‬الفيروزآبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬ص‪.٦٨٣‬‬

‫‪ ٤‬أبو حيان الأندلسي‪ ،‬تفسير البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪١٦٣‬؛ والفخر الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٣٩‬‬

‫‪ ٥‬الطبري‪ ،‬أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي‪ ،‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‬

‫)بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ١٤٢٠ ،‬هـ‪٢٠٠٠/‬م(‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.٣٢٥-٣٢٣‬‬

‫‪ ٦‬أبو الليث السمرقندي‪ ،‬نصر بن محمد بن إبراهيم‪ ،‬بحر العلوم‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمود مطرجي )بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ج‪،١‬‬

‫ص‪.١٧١‬‬

‫‪ ٧‬النووي‪ ،‬المجموع‪ ،‬ج‪ ،١٥‬ص‪ ،١٥٢‬وعبر بذلك أيضا الماوردي‪ ،‬انظر‪ :‬الحاوي‪ ،‬ج‪ ،١٥‬ص‪.٤٢٥‬‬

‫‪  - ٦٧٦ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫عليه واشتغال النفوس به‪ ،‬فإن الداعي حينئذ يقوى من وجهين من جهة المغالبة ومن جهة أكل المال فيكون‬
‫‪١‬‬
‫حراما من الوجهين‪.‬‬

‫وقد دلت على تحريمه الكتاب والسنة والإجماع‪.‬‬

‫ل‬
‫س م ِنْ ع َم َ ِ‬ ‫فمن الكتاب‪ ،‬قوله تعالى‪ :‬يَا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آَم َنُوا ِإ َن ّماَ ا ْلخم َ ْر ُ و َالْمَيْس ِر ُ و َالأَ نْصَابُ و َالأَ زْلام ُ رِجْ ٌ‬

‫ص َ ّدك ُ ْم‬ ‫ن فَاجْ تَن ِبُوه ُ لَع َلّك ُ ْم تُفْلِحُونَ‪ِ .‬إ َن ّماَ يُر ِيد ُ ال َ ّ‬
‫شي ْطَانُ أَ ْن ي ُوق ِ َع بَي ْنَكُم ُ ال ْعَد َاوَة َ و َال ْبَغْضَاء َ فِي ا ْلخم َْرِ و َالْمَيْسِر ِ و َي َ ُ‬ ‫ال َ ّ‬
‫شيْطَا ِ‬

‫الصّ لاة ِ فَه َلْ أَ ن ْتُم ْ مُنْتَه ُونَ‪.٢‬‬


‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ وَع َ ِ‬
‫ع َنْ ذِكْر ِ َ‬
‫وجه الدلالة‪ :‬وصف الل ّٰه تعالى الميسر بأنه رجس ومن عمل الشيطان وأمر المسلمين باجتنابه لأنه يكون‬

‫سببا لوقوع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الل ّٰه وعن الصلاة‪ ،‬ثم أكد النهي بقوله ‪‬فَه َلْ أَ ن ْتُم ْ مُنْتَه ُونَ‪ .‬فدلت‬

‫ذلك على تحريم الميسر دلالة واضحة‪.‬‬

‫ل ُأقَامرك فليتصدق" ‪.‬‬


‫‪٣‬‬
‫ومن السنة قوله ‪" :‬من قال لصاحبه تَعَا َ‬

‫وجه الدلالة‪ :‬أن النبي ‪ ‬جعل الدعوة إلى القمار سببا لوجوب التكفير بالصدقة‪ ،‬وذلك لا يكون إلا‬
‫‪٤‬‬
‫إذا ارتكب معصية‪ ،‬فدل ذلك على أنه محرم‪.‬‬

‫وقد أجمع العلماء على تحريم الميسر أو القمار إجماعا قطعيا‪ ٥‬لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬وهو‬

‫سبب لوقوع العداوة والبغضاء بين الناس‪ ،‬وسبب للصد عن ذكر الل ّٰه وطاعته وعن الصلاة‪ .‬قال القرطبي في‬

‫تفسيره‪" :‬القمار يورث العداوة والبغضاء؛ لأنه أكل مال الغير بالباطل"‪ ،‬فلذلك يعتبر الإسلام تحريم الميسر‬

‫أصلا مهما من أصول الشريعة في باب المعاملات‪ ،‬فمنع كل معاملة يدخلها الميسر واعتبرها معاملة باطلة‪ ،‬وذلك‬

‫لأجل تحقيق العدل بين الناس‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬ابن قيم‪ ،‬الفروسية‪ ،‬تحقيق‪ :‬مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان )السعودية‪ :‬دار الأندلس‪١٤١٤ ،‬هـ‪١٩٩٣/‬م(‪ ،‬ص‪.٣٠٧‬‬

‫‪ ٢‬سورة المائدة‪.٩١-٩٠ :‬‬

‫‪ ٣‬رواه البخاري‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪ ،١٤١‬رقم )‪(٤٨٦٠‬؛ ومسلم‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٢٦٧‬رقم )‪.(١٦٤٧‬‬

‫‪ ٤‬انظر‪ :‬السيوطي‪ ،‬الديباج على صحيح مسلم بن حجاج‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو اسحق الجويني الاثري )السعودية‪ :‬دار بن عفان‪١٤١٦ ،‬هـ‪١٩٩٦/‬م(‪،‬‬

‫ج‪ ،٤‬ص‪.٢٤٣‬‬

‫‪ ٥‬القرطبي‪ ،‬الجامع لأحكام القرآن للقرطبي‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٥٢‬‬

‫‪  - ٦٧٧ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪٢‬‬ ‫‪١‬‬
‫واليانصيب والمراهنة التي تجري بين طرفين في‬ ‫ومن أمثلة الميسر لعب الورق والنرد على شرط‬

‫المباريات الرياضية وسباق السيارات وغيرها بحيث يدفع أحدهما للآخر مبلغا ً من المال أو أي شيء آخر إن فاز‬

‫فريق معين على فريق آخر‪ .‬وكذلك في المعاملات التي يعتبر من جنس ميسر كبيع الحصاة‪.٣‬‬

‫سابعا ‪ -‬الغش والكذب‪:‬‬

‫الن ّصْ ح‪ .٤،‬وقال الفيومي‪" :‬لم ينصحه‬


‫"غش" نقيض ُ‬
‫َّ‬ ‫تعريف الغش والكذب‪ :‬الغش لغة‪ :‬مصدر‬

‫وزين له غير المصلحة"‪ .٥‬والغش عند الفقهاء‪" :‬أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشتر فيها شيئا لو اطلع عليه‬

‫مريد أخذها ما أخذها بذلك المقابل"‪ .٦‬أو بعبارة أخرى أن يكتم البائع عن المشتري عيبا في المبيع لو اطلع عليه‬

‫لما اشتراه بذلك الثمن‪.‬‬

‫أما الكذب في اللغة‪ :‬فهو مصدر "كذَب" ضد الصدق وهو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو مع‬

‫العلم به وقصد الحقيقة "‪ .٧‬ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه اللغوي‪.‬‬

‫الغش والكذب في المعاملات‪ :‬أوجب الل ّٰه سبحانه وتعالى على المسلمين النصح والصدق في جميع‬

‫المعاملات وحرّم عليهم والغش الكذب لما في الصدق والنصح من صلاح أمر المجتمع والسلامة من ظلم‬

‫بعضهم لبعض وعدوان بعضهم على بعض ولما في الغش والكذب من فساد أمر المجتمع وظلم بعضه لبعض‬

‫وأخذ الأموال بغير حقها وإيجاد الشحناء والتباغض بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫وقد دلت على تحريم الغش والكذب نصوص من الكتاب والسنة والإجماع‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬ويقصد بالشرط اشتراط اللاعبين أن يدفع الخاسر للفائز مبلغا ً من المال ك ُلفة اللعب وما يتصل به من نفقات وثمن ما يطلب من‬

‫طلبات ومن طعام وشراب‪.‬‬

‫‪ ٢‬وهي أوراق متسلسلة من الأرقام تباع بأسعار زهيدة بحيث يحق لكل ورقة أن تشارك في عملية السحب لاختيار الأوراق الفائزة‪.‬‬

‫‪ ٣‬قال ابن رشد‪" :‬وأما بيع الحصاة فكانت صورته عندهم أن يقول المشتري أي ثوب وقعت عليه الحصاة التي أرمي بها فهو لي وقيل‬

‫أيضا إنهم كانوا يقولون إذا وقعت الحصاة من يدي فقد وجب البيع‪ ،‬وهذا قمار"‪ .‬انظر‪ :‬القرطبي‪ ،‬بداية المجتهد‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٤٨‬‬

‫‪ ٤‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة )غشش(‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٣٢٣‬‬

‫‪ ٥‬الفيومي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬مادة )غشش(‪ ،‬ص‪.١٧٠‬‬

‫‪ ٦‬انظر‪ :‬الجمل‪ ،‬العلامة الشيخ سليمان‪ ،‬حاشية الجمل على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري )بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ج‪،٥‬‬

‫ص‪.٦١٠-٦١٩‬‬

‫‪ ٧‬أبو البقاء الكفوي‪ ،‬كتاب الكليات‪ ،‬ص‪.٧٦٨‬‬

‫‪  - ٦٧٨ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ل إلا ّ أَ ْن تَك ُونَ تِ جاَرَة ً ع َنْ‬ ‫فمن الكتاب قوله تعالى‪﴿ :‬يَا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا لا تأْ َ كُلُوا أَ مْوَالَك ُ ْم بَي ْنَك ُ ْم بِالْباَطِ ِ‬

‫ض مِنْك ُ ْم﴾‪.١‬‬
‫ت َر َا ٍ‬

‫وجه الدلالة‪ :‬أن الل ّٰه ‪ -‬تبارك وتعالى ‪ -‬حرّم على المؤمنين أكل أموالهم بينهم بالباطل‪ ،‬واستثنى أكله‬
‫‪٢‬‬
‫ض به‪،‬‬
‫بالتجارة التي تكون فيها الرضا من العاقدين‪ ،‬ولا شك أن من اشترى المغشوش وهو لا يعلم‪ ،‬غير را ٍ‬

‫إذن البيوع التي فيها غش من أكل المال بالباطل‪.‬‬

‫يخْس ِر ُونَ﴾‪.٣‬‬
‫س يَسْتَو ْفُونَ و َِإذ َا كَالُوه ُ ْم أَ ْو وَز َن ُوه ُ ْم ُ‬ ‫ن ِإذ َا اكْتَالُوا عَلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل لِل ْمُط َ ّف ِف ِينَ ال َ ّذ ِي َ‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬وَي ْ ٌ‬

‫وجه الدلالة‪ :‬مجموعة هذه الآيات تأمر بإيفاء المكاييل ووجوب الوزن بالعدل وتنهى عن الغش‬

‫والتدليس‪ ،‬وأوعد الل ّٰه بالويل والعذاب لمن فعل شيئا من ذلك‪ ،‬فدل ذلك على تحريم الغش‪.‬‬

‫ومن السنة‪:‬‬
‫‪٤‬‬
‫‪ -١‬حديث أبي هريرة ‪" :‬أن رسول الل ّٰه ‪ ‬مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه‬

‫بللا‪ ،‬فقال‪" :‬ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال‪ :‬أصابته السماء يا رسول الل ّٰه‪ ،‬قال‪" :‬أفلا جعلته فوق الطعام كي‬

‫يراه الناس‪ ،‬من غش فليس مني"‪.٥‬‬

‫وجه الدلالة‪ :‬أن النبي ‪ ‬وصف الرجل بائع الطعام بأنه غش الناس لأنه جعل ظاهر المبيع خيرا ً من‬

‫ل ذلك على تحريم أن يظهر البائع المبيع على‬


‫باطنه‪ ،‬وجعل فاعله ليس ممن اهتدى بهديه وحسن طريقته‪ .‬فد ّ‬

‫صفة ليس هو عليها لأنه غش‪.‬‬

‫وقد أجمع أهل العلم على تحريم الغش والكذب في المعاملات لأن النظام الذي أقامه الإسلام في‬

‫جانب المعاملات وشؤون المال والاقتصاد هو نظام أخلاقي يتكافل فيه أفراد المجتمع‪ ،‬فلذلك نهى عن الغش‬

‫والكذب في المبايعات والمعاملات لأن ذلك كله لا تتفق مع الأخلاق التي يدعو إليها‬

‫ومن أمثلة الغش والكذب في المعاملات تقليد البضاعة الأصلية من حيث الاسم المشابه‪ ،‬وبيعها‬

‫باعتبارها أصلية‪ ،‬وتدليس السلعة الرديئة بحيث يتصورها المشتري سلعة جيدة فيرغب في شرائها‪ ،‬وإخفاء‬

‫العيوب الموجودة في السلعة بحيث تظهر سليمة‪ ،‬وبكلمة التلاعب في الأوصاف الواقعية للسلعة‪ .‬والكذب على‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬سورة النساء‪.٢٩ :‬‬

‫‪ ٢‬انظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،١٥‬ص‪.١٢٧‬‬

‫‪ ٣‬سورة المطففين‪.٤-١ :‬‬

‫‪ ٤‬الصبرة بضم الصاد المهملة وسكون الموحدة الكومة المجموعة من الطعام‪.‬‬

‫‪ ٥‬مسلم‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،٦٩‬رقم )‪.(٢٩٥‬‬

‫‪  - ٦٧٩ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫المشتري بالنسبة إلى بلد الصنع‪ ،‬كأن تكتب على البضاعة الأمريكية أو البريطانية مع أنها من صنع بلد آخر من‬

‫شأنه أن يزيد في رغبة المشتري على شراء تلك البضاعة‪.‬‬

‫ثامنا ‪ -‬الشرط المفسد للعقد‪:‬‬

‫تعريف الشرط المفسد‪ :‬الشرط في اللغة‪ :‬إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه‪ ،‬ويجمع على شروط‪.١‬‬

‫وأما عند الفقهاء‪ ،‬فيمكن أن نعرفه بأنه إلزام أحد المتعاقدين العاقد الآخر بسبب العقد ما له فيه‬

‫منفعة‪ ،‬ويعتبر لترتيب الحكم عليه اقترانه للعقد‪ ،٢‬فالعاقد هو الذي يلزم نفسه أو غيره أمرا زائدا على أصل العقد‬

‫بحيث أن العقد إذا كان خاليا من ذلك الالتزام لصح وترتب عليه أثره وحكمه الشرعي‪.‬‬

‫وهذا الشرط هو الذي ينشئه المكلف بإرادته في بعض عقوده والتزاماته‪ .٣‬وهو ما يسمى بالشرط‬
‫‪٤‬‬
‫الجعلي لأن المكلف هو الذي جعله شرطا ‪ .‬وهذا الشرط يجعله المكلف في عقوده سواء كانت تعليقا أو تقييدا‪،‬‬

‫فالتعليق هو أن يعلق انعقاد العقد فيجعله مرتبطا بأمر آخر‪ ٥‬كأن يقول‪" :‬بعتك هذه السيارة إن رضي علي"‪،‬‬

‫فتوقف وجود العقد على وجود الشرط‪ ،‬فلا يوجد أثر للعقد إلا إذا وجد الشرط‪ .‬وأما التقييد فهو أن يقرن‬

‫بالعقد التزامات يشترطها‪ ،٦‬كأن يقول‪" :‬بعتك هذه السيارة على أن أستخدمها شهرا"‪ ،‬فهو لا يتوقف على شيء‬

‫إلا أن العاقد التزم بأمر زائد على العقد‪.٧‬‬

‫والشروط الجعلية مقيدة بحدود شرعية معينة‪ ،‬فليس للشخص أن يشترط أي شرط يريده‪ ،‬بل لابد‬

‫أن يكون الشرط غير مناف لحكم العقد ‪-‬وهو أثره والمقصود منه‪ ،-‬وإلا كان شرطا لاغيا مبطلا للعقد‪ ،‬لأن‬

‫الشرط مكمل للسبب فإذا نافى حكمه أبطل سببيته‪.٨‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪٣٢٩‬؛ والقاموس المحيط‪ ،‬ص‪.٨٦٩‬‬

‫‪ ٢‬انظر‪ :‬البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس‪ ،‬كشاف القناع عن متن الإقناع‪ ،‬تحقيق‪ :‬هلال مصيلحي مصطفى هلال )بيروت‪:‬‬

‫دار الفكر‪١٤٠٢ ،‬هـ(‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.١٨٩-١٨٨‬‬

‫‪ ٣‬الزرقا‪ ،‬المدخل الفقهي العام‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٠٦‬‬

‫‪ ٤‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٠٧‬‬

‫‪ ٥‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٥٧٢‬‬

‫‪ ٦‬الزحيلي‪ ،‬الدكتور وهبة بن مصطفى‪ ،‬أصول الفقه الإسلامي )دمشق‪ :‬دار الفكر‪٤٠٦ ،‬هـ‪١٩٨٦/‬م(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١٠١‬‬

‫‪ ٧‬مدكور‪ ،‬محمد سلام‪ ،‬المدخل للفقه الإسلامي )الكويت‪ :‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ص‪.٦٤٨‬‬

‫‪ ٨‬الزحيلي‪ ،‬أصول الفقه الإسلامي‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،١٠١‬خلاف‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬علم أصول الفقه )القاهرة‪ :‬مكتبة الدعوة الإسلامية شباب‬

‫الأزهر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ص‪.١٢٠‬‬

‫‪  - ٦٨٠ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫الشرط المفسد في المعاملات‪ :‬قد تقترن في العقود شروط سواء كانت تلزم على العاقدين أو أحدهما‬

‫وخاصة في معاملات العصر الحاضر حيث تكثر فيها الشروط‪ .‬فإن معاملات البنوك والمصارف مع عملائها لا‬

‫تخلو من شروط قلت أو كثرت‪ .‬والحقيقة ليست كل هذه الشروط صحيحة‪ ،‬بل بعضها شروط فاسدة قد‬

‫تؤدي إلى بطلان المعاملة‪ .‬وقد تكلم الفقهاء كثيرا عن هذه الشروط‪ ،‬وبينوا ما هو صحيح وما هو فاسد منها‪.‬‬

‫وبعد تتبع ما كتبوا في كتبهم‪ ،‬يمكن أن نستخرج ضوابط الشروط التي تفسد العقود أو تبطلها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -١‬اشتراط أمر يؤدي إلى أمر محظور شرعا‪ ،‬كما لو ما إذا اشترى جارية على أنها مغنية على سبيل‬

‫الرغبة فيها لأن جهة الغناء جهة التلهي فاشتراطها في البيع يوجب الفساد‪ ١‬لكونه شرط ما هو محظور محرم‪.٢‬‬

‫‪ -٢‬اشتراط أمر يؤدي إلى الغرر الفاحش‪ ،‬ومثلوا ذلك ببيع الشاة على أنها حامل أو تحلب كذا‬

‫رطلا‪ .‬وجاء في البدائع‪" :‬ومنها الخلو عن الشروط الفاسدة وهي أنواع منها شرط في وجوده غرر‪ ،‬نحو ما إذا‬

‫اشترى ناقة على أنها حامل لأن المشروط لا يحتمل الوجود والعدم ‪.٣"...‬‬

‫‪ -٣‬اشتراط أمر يخالف أو يناقض مقتضى العقد أو ينافي المقصود منه ومثاله ما لو باع شيئا وشرط‬

‫على المشتري ألا يبيعه‪ ،‬قال الشافعي رحمه الل ّٰه تعالى‪" :‬إذا اشترى جارية على ألا يبيعها أو على أن لا خسارة‬

‫عليه من ثمنها فالبيع فاسد"‪.٤‬‬

‫‪ -٤‬اشتراط أمر لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وفيه منفعة لأحد العاقدين‪ ،‬ولم يرد الشرع بجوازه‪،‬‬

‫وليس مما جرى به التعامل بين الناس‪ ،‬وذلك نحو ما إذا باع سيارة على أن يستخدمها البائع أسبوعا أو دارا على‬

‫أن يسكنها شهرا ثم يسلمها إليه أو أرضا على أن يزرعها سنة‪ ،‬فالبيع في هذا كله فاسد كما صرح الحنفية لأن‬

‫زيادة منفعة مشروطة في البيع تكون ربا لأنها زيادة لا يقابلها عوض في عقد البيع وهو تفسير الربا‪ ،‬والبيع الذي‬

‫فيه الربا أو شبهة الربا فاسد وإنها مفسدة للبيع كحقيقة الربا‪.٥‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬الكاساني‪ ،‬علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع )بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪١٩٨٢ ،‬م(‪ ،‬ج‪،٥‬‬

‫ص‪.١٧٢‬‬

‫‪ ٢‬ابن نجيم‪ ،‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق )بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ج‪ ،٦‬ص‪.٢٧‬‬

‫‪ ٣‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪.١٦٨‬‬

‫‪ ٤‬الماوردي‪ ،‬الحاوي‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪.٣١٢‬‬

‫‪ ٥‬الكاساني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪٥‬ص‪،١٦٩‬‬

‫‪  - ٦٨١ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪١‬‬
‫‪ -٤‬اشتراط أحد المتعاقدين على صاحبه عقدا آخر‪ ،‬وذلك للنهي عن بيعتين في بيعة ‪ ،‬كأن يبيع شيئا‬

‫ويشترط على صاحبه عقدا آخر كسلف أو قرض أو بيع أو إجارة أو صرف للثمن أو غير ذلك‪ ،‬فهذا يبطل‬

‫البيع‪.٢‬‬

‫‪ -٥‬اشتراط البائع شرطا يعلق عليه البيع‪ ،‬وذلك كأن قال‪" :‬بعتك إن جئتني بكذا أو إن رضي‬

‫فلان"‪ ،‬فلا يصح البيع لأن مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع‪ ،‬والشرط هنا يمنعه‪.٣‬‬

‫تاسعا ‪ -‬كون المعاملة ذريعة للوقوع في الحرام‪:‬‬

‫تعريف الذريعة‪ :‬الذريعة في اللغة‪ :‬الوسيلة والسبب إلى الشيء‪ ،٤‬والجمع ذرائع‪.‬‬

‫وأما الذريعة في الاصطلاح‪ ،‬فقد عرفها العلماء بعبارات متقاربة‪ ،‬ومفهومها أنها كل قول أو عمل يكون‬

‫مباح ًا في نفسه‪ ،‬ولكنه يفضي إلى معصية ومحظور شرعي‪ .‬وهذا المفهوم مأخوذ من عبارات الأصوليين‬

‫والفقهاء‪ ،‬كقول الشاطبي‪" :‬التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة"‪ .٥‬وقد تكلم الأصوليون كثيرا عن الذريعة في‬

‫مباحث سد الذرائع‪ ،‬وخلاصتها أن الشارع حينما ينهي عن شيء‪ ،‬ينهي أيضا عن كل ما يوصل إليه‪ .‬فلذلك‬

‫مفهوم سد الذرائع عندهم بأنها منع الوسائل المؤدية إلى الأشياء المنهي عنها بإغلاق منافذها‪.‬‬

‫أقسام الذرائع‪ :‬قسم العلماء الأفعال المباحة والمشروعة في ذاتها ولكنها تؤدي إلى المفسدة إلى أربعة‬

‫أنواع وهي‪:‬‬

‫‪-١‬ما يفضي إلى المفسدة قطعًا‪ ،‬كحفر البئر في طريق عام حيث يؤدي حتما إلى وقوع من يمر فيه في‬

‫الظلام أو شبه ذلك‪ .٦‬وهذا النوع من الذرائع قد أجمع الفقهاء على منعه‪ ١‬لما يترتب عليه من ضرر بيقين وليس‬

‫لها ظاهر غيرها‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬للحديث رواه أبو هريرة ‪ ‬قال‪" :‬نهى رسول اللّٰه ‪ ‬عن بيعتين في بيعة"‪ .‬أخرجه الترمذي‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،٥٣٣‬رقم )‪.(١٢٣١‬‬

‫‪ ٢‬ابن قدامة‪ ،‬شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد المقدسي‪ ،‬الشرح الكبير على متن المقنع )بيروت‪ :‬دار الكتاب‬

‫العربي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،(.‬ج‪ ،٤‬ص‪.٥٣‬‬

‫‪ ٣‬ابن مفلح‪ ،‬إبراهيم بن محمد بن عبد اللّٰه بن محمد‪ ،‬المبدع شرح المقنع )الرياض‪ :‬دار عالم الكتب‪١٤٢٣ ،‬هـ‪٢٠٠٣/‬م(‪ ،‬ج‪،٣‬‬

‫ص‪.٣٩٧‬‬

‫‪ ٤‬الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬مادة )ذرع(‪ ،‬ص‪٢٢٦‬؛ وابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة )ذرع(‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪.٩٣‬‬

‫‪ ٥‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪.١٨٣‬‬

‫‪ ٦‬انظر‪ :‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٥٤‬‬

‫‪  - ٦٨٢ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪٢‬‬
‫‪-٢‬ما يؤدي إلى المفسدة نادر ًا‪ ،‬كبيع الأغذية التي من شأنها ألا تضر أحدا غالبا وما أشبه ذلك ‪.‬‬

‫وهذا النوع من الذرائع مجمع على عدم منعه‪ ٣‬لأن المعتبر عند الشارع غلبة المصلحة لا ندور المفسدة‪ ،‬إذ لا‬

‫توجد في العادة مصلحة عارية عن المفسدة جملة‪.‬‬

‫‪-٣‬ما تؤدي إلى المفسدة غالبًا‪ ،‬بحيث يغلب الظن إفضاؤه إلى الفساد كبيع الأسلحة في أيام الحرب‬

‫مع الأعداء‪ ،‬لأن الظن الغالب أنها ستستعمل ضد المسلمين‪ ،‬أو كبيع العنب لمن يتخذه خمرًا لأن الغالب أنه‬

‫يصنع منه الخمر‪ ،٤‬ونحو ذلك مما يغلب الظن إفضاؤه إلى المفسدة لا على سبيل القطع‪ .‬وهذا النوع من الذرائع‬

‫لا ينبغي أن يكون هناك خلاف بين العلماء في منعه وحظره‪ ،‬لأن الشرع يقيم الظن الغالب في مقام العلم‬

‫واليقين في عامة الأحوال‪ ،‬وكذلك إذا أجيز ذلك فهو نوع من التعاون على الإثم والعدوان‪ ،‬وذلك لا يجوز‪.‬‬

‫‪-٤‬ما يؤدي إلى المفسدة كثيرا لا غالبا‪ ٥،‬أي أن كثرته لم تبلغ مبلغ الظن الغالب للمفسدة ولا العلم‬

‫القطعي‪ .‬وذلك كبعض أنواع البيوع التي قد تفضي إلى الربا كعقد سليم يقصد به عاقده ربا قد استتر في بيع‪.‬‬

‫وهذا النوع من الذرائع قد اختلف فيه العلماء من المنع والجواز‪ ،‬وقال الشاطبي فيه‪" :‬هو موضع نظر‬

‫والتباس"‪.٦‬‬

‫الذريعة في المعاملات‪ :‬قاعدة سد الذرائع تعتبر من القواعد المهمة في الشريعة يأخذ بها جميع الفقهاء‬

‫وإن كان بعضهم لم يصرحوا بها كالشافعية والحنفية‪ ،‬إلا أنهم اختلفوا في مقدار الأخذ به أو في تطبيق بعض‬

‫الجزئيات‪ ٧،‬وأما أصل سد الذرائع‪ ،‬فإنهم جميعا متفقون على العمل به حتى نقل القرافي الإجماع على ذلك‪.٨‬‬

‫وبما أن سد الذرائع تعتبر قاعدة وقائية من الوقوع في المنهي عنه في الشريعة‪ ،‬فإنها معتبرة في جميع‬

‫أبواب الفقه‪ ،‬منها المعاملات‪ ،‬فكل معاملة ولو كانت مباحة في ذاتها‪ ،‬لكنها اتخذت وسيلة للمفسدة وتؤدي إلى‬

‫الحرام‪ ،‬فينبغي أن يكون محرما‪.‬‬

‫‪                                                                                                                                                                          ‬‬
‫‪ ١‬القرافي‪ ،‬الفروق‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٥٩‬‬

‫‪ ٢‬انظر‪ :‬الشاطبي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٥٤‬‬

‫‪ ٣‬القرافي‪ ،‬الفروق‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٦٠‬‬

‫‪ ٤‬انظر‪ :‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٥٥-٥٤‬‬

‫‪ ٥‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٥٥‬‬

‫‪ ٦‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٧٧‬‬

‫‪ ٧‬انظر‪ :‬الإمام محمد أبو زهرة‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬ص‪.٢٧٥-٢٧٤‬‬

‫‪ ٨‬القرافي‪ ،‬الفروق‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٦٢‬‬

‫‪  - ٦٨٣ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫وينبغي أن يلاحظ أنه لا يجوز التوسع بالعمل بقاعدة سد الذرائع والمبالغة فيه لأ َ ّ‬
‫ن ذلك يؤدي إلى‬

‫إيقاع الأمّة في الحرج والمشقة‪ ،‬وهذا إخلال بأصل شرعي آخر مهم هو "رفع الحرج"‪ .‬وعليه فالعمل به ليس‬

‫على إطلاقه‪ ،‬بل هناك شروط وقيود مهمة وضعها العلماء للعمل بها‪ .‬ومن هذه الشروط هي ما يلي‪:‬‬

‫‪-١‬أن يكون الفعل المأذون فيه يفضي إلى المفسدة قطعا أو غالبا‪ ١‬بحيـث يغلب على الظن إفضاؤه إليها‪،‬‬

‫فإن كان نادرا‪ ،‬فإنه لا يمنع لذلك لأن النادر لا حكم له‪.‬‬

‫‪-٢‬أن تكون المفسدة المترتبة على فعل المأذون فيه محظورة منصوص عليها‪ ،‬فإن المحرم الاجتهادي لا‬

‫تسد ذريعته‪.‬‬

‫‪-٣‬أن تكون تلك المفسدة المترتبة على فعل المأذون فيه راجحة على المصلحة‪ .٢‬فالشرع لا يمنع الفعل‬

‫الذي يتضمن تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة إذا كانت المصلحة التي يجلبها الفعل راجحة على المفسدة التي تنشأ‬

‫عنه‪ ،‬أو كانت المفسدة التي تندفـع به‪ ،‬راجحة على المصلحة التي تفوت به‪ ،‬تقديما للمصلحة الراجحة وعملا بها‪،‬‬

‫وإن كان ذلك الفعل ذريعة إلى تفويت مصلحة أو تحصيل مفسدة‪.‬‬
‫‪٣‬‬
‫‪-٤‬أن ما حرم للذريعة فإنه يباح للحاجة أو المصلحة الراجحة‪.‬‬

‫وقد ذكر الفقهاء أمثلة كثيرة للذريعة في المعاملات‪ ،‬منها البيع وقت صلاة الجمعة‪ ،‬وبيع السلاح زمن‬

‫الفتنة‪ ،‬وبيع الخمر لمن يتخذه خمرا وبيع الدار لمن يتخذها كنيسة وإجارة الحانوت لمن يبيع الخمر وغير ذلك‪.‬‬

‫ويدخل في ذلك أيضا حيلة على الربا مثل بيع العينة‪.٤‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫‪-١‬أن القاعدة الذهبية في المعاملات "الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما دل الدليل على التحريم"‬

‫منبثقة من القاعدة المطردة الأصولية‪" :‬الأصل في الأشياء الإباحة"‪ ،‬لأنها عامة تشمل العقود والمعاملات‪.‬‬

‫‪                                                             ‬‬
‫‪ ١‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.١٣٧‬‬

‫‪ ٢‬الشاطبي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.١٣٧‬‬

‫‪ ٣‬وقال ابن قيم في ذلك‪" :‬ما حُرّ ِم لسد الذرائع‪ ،‬فإنه يُباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة‪ ،‬كما حَرُم َ النظر سدا ً لذريعة الفعل‪ ،‬و ُأبيح‬

‫ل بالصلاة في أوقات النهي سدا ً لذريعة المشابهة الصورية ِ بع ُب َّاد الشمس‪،‬‬


‫منه ما تدعو إليه الحاجة ُ والمصلحة ُ الراجحة‪ ،‬وكما حَرُم َ التنف ُ‬

‫ل سدا ً لذريعة ِ رِبا الن َّسيئة‪ ،‬و ُأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة من الع َرَايا"‪ .‬انظر‪ :‬ابن قيم‪ ،‬زاد‬
‫وأبيحت للمصلحة الراجحة‪ ،‬وكما حَرُم َ رِبا الفض ِ‬

‫المعاد‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.٧٨‬‬

‫‪ ٤‬وهي أن يبيع شيئا من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبضه للثمن بأقل من ذلك نقدا‪ .‬انظر‪ :‬النووي‪ ،‬روضة‬

‫الطالبين وعمدة المفتين )بيروت‪ :‬المكتب الإسلامي‪١٤٠٥ ،‬هـ(‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٤١٦‬‬

‫‪  - ٦٨٤ -‬‬


‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ٢٠١٤‬‬
‫‪‬א‪‬א‪،‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪-٢‬هناك بعض الأسباب التي إذا تضمنت في معاملة ما تفسدها وتجعلها باطلة محرمة‪ .‬وهذه‬

‫الأسباب تعتبر مستثنيات من هذه القاعدة الذهبية وهي‪ :‬تحريم عين المبيع‪ ،‬والظلم‪ ،‬والضرر‪ ،‬والربا‪ ،‬والغرر‪،‬‬

‫والميسر‪ ،‬والغش والكذب‪ ،‬والشرط المفسد للعقد‪ ،‬وكون المعاملة ذريعة للوقوع في الحرام‪  .‬‬

‫‪  - ٦٨٥ -‬‬

You might also like