You are on page 1of 532

‫اسم الكتاب‪

:‬األس�س والمنطلقات ‪ ،‬في تحليل وتفصيل غوامض فقه التحوالت‪،‬‬


‫وما يرتبط به من س�نن المواقف والدالالت ‪ ،‬المس�تنبطة من أشراط‬
‫الساعة وأحاديثها البينات‬
‫اسم المؤلف‪ :‬أبوبكر العدني ابن علي بن أبي بكر المشهور‬
‫رقم الطبعة‪ :‬الطبعة التمهيدية ‪ 1431‬هـ ‪ 2010 -‬م‬
‫عدد الصفحات‪ 460 :‬صفحة‬
‫قياس القطع‪ 24 × 17 :‬سم‬

‫يمكن مراسلة المؤلف على العنوان التالي ‪info@goraba.net‬‬

‫مركز اإلبداع الثقافي للدراسات وخدمة التراث‬ ‫الناشر ‪ :‬‬


‫الجمهورية اليمنية ‪ -‬عدن ‪+9672 251089‬‬ ‫ ‬
‫ص‪.‬ب ‪ 70014 : .‬‬ ‫ ‬

‫جميع الحقوق محفوظة‪ ،‬ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادةالمعلومات‬
‫أو نقله بأي شكل من األشكال دون إذن خطي مسبق من المؤلف‬

‫‪All rights reserved. No part of this book may be reproduced, stored in a retrieval‬‬
‫‪system or transmitted in any form by any means without prior permission in writing‬‬
‫‪the Author‬‬
‫ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻷﻭﻝ‬

‫ﺑﻘﲅ �ﺎﺩﻡ ﺍﻟﺴﻠﻒ‬

‫ﻋﻔﺎ ﷲ ﻋﻨﻪ‬
‫المحتويات‬
‫الجزء األول‬
‫تعريف الساعة وما يتعلق بها‬
‫محور الموضوع حديث جبريل (أم السنة)‬
‫أركان الدين الثالثة وعالقتها بالركن الرابع‬
‫أركان العلم بعالمات الساعة‬
‫الفرق بين الساعة وعالماتها‬
‫الفرق بين الساعة والعلم بعالمات الساعة‬
‫مفهوم فقه التحوالت‬
‫تأصيل فقه التحوالت من الكتاب والسنة‬
‫أقسام فقه التحوالت‬
‫عالقة فقه التحوالت بالدعوة إلى الله‬
‫سنة المواقف وسنة الداللة وموقعها من فقه التحوالت‬
‫غياب العلـم بفقه التحوالت وما ترتب عليه‬
‫مفهوم الخلفاء في فقه التحوالت‬
‫من هم النمط األوسط ؟‬
‫مواقف النمط األوسط من طرفي اإلفراط والتفريط‬
‫علماء فقه التحوالت وعالمات الساعة‬
‫كركن من أركان الدين؟‬
‫ٍ‬ ‫لم سكت العلماء عن اإلفصاح الواضح لعالمات الساعة‬
‫موقع األمثلة والرموز والشعارات والشارات واأللوان في فقه التحوالت‬

‫الجزء الثاني‬
‫التفصيل الجامع ألركان العلم بعالمات الساعة‬
‫الركن األول العلم الالزم بالعالمات الوسطى‬
‫أقسام مرحلة الملك العضوض‬
‫قراءة مرحلة الغثاء والوهن من واقع فقه التحوالت‬
‫التقسيم الشرعي للمرحلة الغثائية‬
‫فتنة الدهيماء‪ ..‬مرحلة االستهتار‬
‫الفتنة الرابعة‪ ..‬العمياء البكماء الصماء‬
‫مرحلة االستثمار‪ ..‬األلفية الثالثة‬
‫مالحظة على هامش المرحلة الغثائية‬
‫الركن الثاني العلم المطلق بالعالمات الصغرى‬
‫نماذج من العالمات الصغرى في مرحلتي الدهيماء والفتنة الرابعة‬
‫قراءة نبوية لألحداث والوقائع ومواقف األمة‬
‫عرض عام لبقية العالمات الصغرى‬
‫التسلسل الزمني الشرعي الجامع لسير العالمات واألمارات إلى قيام الساعة‬
‫ما بعد الفتنة الرابعة‪ ..‬مرحلة االستنفار‬
‫موقف المسلم المستبصر من الفتن وأئمتها المضلين‬
‫الركن الثالث العلم الواجب بالعالمات الكبرى‬
‫المرحلة المهدية (المهدي المبشر به)‬
‫المرحلة الدجالية ‪ :‬ظهور المسيخ الدجال‬
‫نهاية الدجال ودولة اليهود‬
‫وسائل الحفظ من الدجال‬
‫المرحلة العيسوية ‪ /‬المرحلة اليأجوجية‬
‫رحلة عيسى من الشام إلى المناسك‬
‫ظواهر ما بين مرحلة اإلمام المنتظر حتى نهاية مرحلة عيسى عليه السالم‬
‫مرحلة االنهيار والعود إلى الجاهلية‬
‫الدابة ‪ /‬الريح القابضة للمؤمنين‬
‫هدم الكعبة ‪ /‬الدخان‬
‫الخسوفات الثالثة‬
‫طلوع الشمس من مغربها وانقطاع التوبة‬
‫النار الحاشرة‬
‫اندراس اإلسالم ثم اندراس كلمة التوحيد‬
‫العالمة األخيرة‪ ..‬النفخ في الصور‬

‫تنبيه‪ :‬أثناء القراءة ولالستزادة في فهم مصطلحات الكتاب يمكن الرجوع‬


‫الت) ص‪400‬‬‫قه التحو ِ‬
‫والتعريفات المستجدَّ ِة في فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األلفاظ‬ ‫ِ‬
‫(قاموس‬ ‫إلى‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫مقدمة النارش‬

‫ٌ‬
‫توطئة مفيد ٌة‬
‫اعت�اد المصنف�ون عل�ى ذكر عش�رة مبادئ ف�ي بداي�ة كل فن‪ ،‬ضمنوه�ا تعريف‬
‫العلم وفائدته وموضوعه ‪ ،‬ثم ذكر مصدر اس�تمداده وأس�مائه وحكم الش�ارع فيه‬
‫‪ ،‬ووضعوه�ا في الحواش�ي والش�روحات لتس�هيل تص�ور العلم عل�ى المبتدئين‬
‫وتشجيعهم على خوض غماره ‪ ،‬وهي بحق طريقة مفيدة تسمح للقارئ بأخذ فكرة‬
‫ع�ن العلم ووضع تص�ور إجمالي له في ذهنه قبل البدء فيه‪ ،‬والمرور على خالصة‬
‫سريعة عن أبعاده تشجعه على إكمال المسيرة االطالعية‪.‬‬

‫وقد اعتادوا على صياغتها وفق األس�س العلمي�ة ‪ ،‬فالتعريف مثال البد أن يكون‬
‫دقيق�ا ضابط�ا لكل تصورات الفن بحيث ال يختلط مع غيره‪ ،‬وبالتعبير المنطقي أن‬
‫يكون جامعا مانعا لكي يكتمل تعريفا نهائيا للفن‪.‬‬

‫ونظرا ألن هذا الفن مستجد ولم يتبلور بعد وربما يحتاج إلى العديد من الجهود‬
‫في المستقبل والخدمة من األجيال المعاصرة والقادمة فقد آثرنا أن نعرض المبادئ‬
‫ه�ذه بأس�لوب المتقدمين في بدايات عص�ور التدوين أمثال اإلم�ام البخاري‪ ،‬من‬
‫ب�اب التقلي�د والتبرك‪ ،‬حيث نترجم للب�اب بعنوان فيه المعنى المطلوب ثم نس�رد‬
‫النص�وص تحته س�رد ًا‪ ،‬تبرك ًا بالنص وجمع ًا وحش�د ًا ألكبر ق�در ممكن من مادته‬
‫الحديثية في عرض متسلسل(((‪.‬‬

‫وق�د انته�ج بع�ض العلم�اء نهج�ا قريب ًا من�ه بع�رض الم�ادة العلمي�ة خالية من‬
‫المصطلحات قدر اإلمكان((( ‪ ،‬وش�يخنا أبوبكر المشهور مؤلف هذا الكتاب يرى‬
‫أنه َل َّ‬
‫ـمـا كانت مرحل ُة الدعوة كانت سابق ًة لمرحلة التدوين للعلوم‪ ،‬فإن في إفرادها‬
‫(((‬
‫نهج محمو ٌد‬
‫بالقراءة بعيدا عن التأصيالت التي ظهرت فيما بعد تدوين المذاهب ٌ‬
‫ليس بديال عن المنهج العلمي بل رديف ومكمل ذو فائدة دعوية وفكرية فحسب‪،‬‬
‫ونص�وص النبي الكريم صلى الله عليه آله وس�لم هي جوام�ع الكلم ‪ ،‬واالنطالق‬
‫منها في وضع الفكرة لهذا الفن المس�تجد خي�ر بداية‪ ،‬و(لن يصلح آخر هذه األمة‬
‫إال بم�ا صلح به أولها) وينس�حب الحكم حتى على عرض الم�ادة العلمية تصور ًا‬
‫وتصديق ًا طلب ًا لفائدة مخصوصة‪.‬‬

‫((( وم�ن يقرأ أطروحة الدكت�ور الحنيني في مجلدين تدوين علم العقيدة عد أهل الس�نة حتى‬
‫الق�رن الثال�ث الهج�ري ي�رى م�دى تجذر ه�ذا النهج في تل�ك الفت�رة المبكرة عل�ى كافة‬
‫المصنفات‪.‬‬
‫((( س�لك اإلمام الغزالي في كتبه هذا المس�لك ‪ ،‬ومن يقرأ المستصفى في أصول الفقه يعجب‬
‫لقدرت�ه عل�ى عرض الم�ادة العلمية م�ع التقليل م�ن المصطلحات قدر اإلم�كان‪ ..‬وجمع‬
‫رواي�ات الحديث الواحد من األمهات واألجزاء والنظر في ألفاظها باعتبار األصل اللغوي‬
‫محاول�ة لالقتراب من مش�كاة النب�وة‪ ..‬وكيف كان النب�ي صلى الله عليه وآله وس�لم ينظر‬
‫لألم�ور ويتناول المس�ائل ويوجه الش�عوب ‪ ،‬مع االس�تنارة بفهم الصحاب�ة وآل البيت من‬
‫السلف الصالح‪ ..‬هذا كله فائدته في إعطاء الداعية جانبا فكريا مفيدا‪.‬‬
‫((( وبذلك استطاع إضافة سنة المواقف كسنة رابعة للتقسيم األصولي‪ :‬السنة القولية والفعلية‬
‫والتقريري�ة‪ ،‬وكل م�ا فعل�ه ه�و العودة بالس�نة إلى األصل اللغ�وي واالبتعاد ع�ن التعريف‬
‫االصطالحي الذي ظهر فيما بعد تدوين المذاهب! وساقه لذلك تأمل دقيق وإعادة تأصيل‬
‫للنصوص النبوية ‪ ،‬راجع الفصل المخصص لها في هذا الكتاب‪.‬‬
‫ووضعنا فوق المبادئ العش�رة سبعة عش�ر أخرى لزيادة الفهم لهذا العلم‪ ،‬وهي‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫ •فصل في آيات في الفتن‬
‫ •فصل في ذكر بعض رؤوس الحصانة من الفتن‬
‫ •فصل في ذكر بعض رؤوس الفتنة‬
‫ •فصل في الرجال الذين يضربون خيشوم الفتنة‬
‫ •وخبراء عالمات الساعة‬
‫ •فصل في أن تنكّر القلوب هو مقياس للوقوع في الفتن‬
‫ •فصل في هل كان رواة عالمات الساعة يخشون من التحديث بها؟‬
‫ •فص�ل ف�ي الق�رون الخي�رة ‪ ،‬وه�ي ثالث�ة أجي�ال‪ :‬الصحاب�ة والتابع�ون‬
‫وتابعوالتابعين‪ ،‬وهي التي ظهرت فيها الفتن ثم استفحلت‬
‫ •فصل في منبع الفتنة‬
‫ •فصل في أن بدء الفتن كان بعد الفتوحات وإقبال الدنيا‬
‫ •فصل في أطوار الفتنة‪ :‬الوقفات والبعثات‬
‫ •فصل في ذكر ش�يء من جوامع الكلم في األدعية الخاصة بالفتن وعالمات‬
‫الساعة‬
‫ •فصل في ثواب الثابت على دينه في آخر الزمان‬
‫ •فصل في أن العلم بعالمات الساعة مرتبط بعلم اإلحسان‬
‫ •فصل في بعض أسماء الفتن‬
‫ •فصل في أدوات تجنب الفتن‬
‫نظم املبادئ العرشة‬
‫الثمـر ْة‬ ‫ثـم‬ ‫واملوضوع‬ ‫َ‬
‫احلدُّ‬ ‫ِ‬
‫مبادي كل فـن عشـر ْة‬ ‫إن‬
‫الشـارع‬
‫ْ‬ ‫حكم‬
‫ُ‬ ‫االستمداد‬
‫ُ‬ ‫واالسم‬
‫ُ‬ ‫والواضــع‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫ونسبــة‬ ‫وفضله‬
‫ومن درى اجلميع حاز الرشفا‬ ‫ٌ‬
‫مسائل والبعض بالبعض اكتفى‬

‫اسمه‪:‬‬
‫(((‬
‫ •فقه الساعة‬
‫(((‬
‫ •فقه أمارات‪/‬أعالم‪/‬أشراط الساعة‬
‫ُ‬
‫الساعة((( ‪.‬‬ ‫تقوم‬
‫كائن إىل أن َ‬ ‫العلم بام َ‬
‫كان وما هو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫حده (ترعيفه)‪:‬‬
‫التحوالت التارخيية يف النصوص الرشعية(((‪.‬‬ ‫موضوعه‪:‬‬

‫((( م�ن ق�ول ابن مس�عود لم�ا أراد أن يتلقى ه�ذا العلم عن النب�ي صلى الله عليه وآله وس�لم‬
‫�ت‪َ :‬أ َبا‬‫فيم�ا رواه الطبران�ي ف�ي الكبير (‪ ،)10404‬قال ابن مس�عود‪َ :‬س ْ�ل َيا َس� ْع ِد ُّي‪َ ،‬ف ُق ْل ُ‬
‫اس�ت ََوى َجالِ ًسا‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬يا‬ ‫ف بِ ِه الس�ا َع ُة وك َ ِ‬
‫َان ُمتَّك ًئا َف ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫لس�ا َع ِة ِم ْن ِع ْل ٍم ُت ْع َر ُ‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َم ِن‪َ ،‬ه ْل ل َّ‬
‫َع ْبدَ َّ‬
‫ِ‬
‫ول ال َّله‪َ ،‬ه ْل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ال َّله َص َّلى ال َّل ُه ذه َو َس� َّل َم‪ُ ،‬ق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫َس� ْع ِد ُّي‪َ ،‬س َ�أ ْلتَني َع َّما َس َأ ْل ُت َعنْ ُه َر ُس َ‬
‫ِ‬

‫لسا َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫لس�ا َعة َأ ْعال ًما‪َ ،‬وإِ َّن ل َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الس�ا َع ُة َف َق َال لي‪َ :‬يا ا ْب َن َم ْس� ُعود‪ ،‬إِ َّن ل َّ‬
‫لِلس�ا َع ِة ِمن ِع ْل ٍم ُتعر ُ ِ‬
‫ف بِه َّ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السا َعة ‪ ...‬الحديث‪.‬‬ ‫َأ ْش َرا ًطا‪ ،‬أال َوإ َّن م ْن أ ْعال ِم َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫((( م�ن ق�ول جبريل عليه السلام‪ :‬فأخبرني عن أماراتها‪ .‬ومن قول النب�ي صلى الله عليه وآله‬
‫لس�ا َع ِة َأ ْش َرا ًطا) الطبراني في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لسا َعة َأ ْعال ًما‪َ ،‬وإِ َّن ل َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وس�لم البن مس�عود ( َيا ا ْب َن َم ْس ُعود‪ ،‬إِ َّن ل َّ‬
‫الكبير (‪.)10404‬‬
‫َان وبِم�ا هو ك ِ‬
‫َائ ٌن ‪،‬‬ ‫((( م�ن ق�ول عمرو ب�ن أخطب في صحيح مس�لم (‪َ :)5149‬ف َأ ْخ َب َرنَا بِ َما ك َ َ َ ُ َ‬
‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس َّل َم بِ َما‬
‫ومن قول حذيفة في صحيح مسلم (‪َ :)5148‬أ ْخ َب َرنِي َر ُس ُ‬
‫ِ‬
‫ُه َو كَائ ٌن إِ َلى َأ ْن َت ُقو َم َّ‬
‫السا َع ُة‪.‬‬
‫((( وه�و المس�مى في ه�ذا الكت�اب بـ(التاريخ الش�رعي) ‪ ،‬والمعنى مأخوذ من مس�ند البزار‬
‫(‪ )2447‬عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال ‪ :‬كان فينا رس�ول الله صلى الله عليه‬
‫ثمرته وفائدته‪:‬‬
‫(((‬
‫ •امتثال األمر الشرعي((( ونيل السعادة في الدارين‬
‫ •معال�م تنير الطريق عند اش�تداد الفتن((( وترفع الوعي للمس�لم المس�تبصر‬
‫(((‬
‫حتى ال يقع فيها‬
‫ •زي�ادة اإليمان في آخ�ر الزمان((( والحفاظ على نس�بة من الصالح والتقوى‬
‫(((‬
‫في أزمنة الفتن (تسلسل الضنائن)‬

‫وس�لم ‪ ،‬فكلم�ا حضرت صالة نزل فصلى ‪ ،‬ثم عاد إل�ى مقامه فحدثنا بما هو كائن من لدن‬
‫مقام�ه إل�ى أن تقوم الس�اعة ما من أمير على مائ�ة فأعلى ضل وال اهتدى إال وقد س�ماه لنا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫((( لقوله تعالى‪( :‬واتقوا فتنة ال تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)‬
‫ول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(( ( من حديث المقداد بن األسود في سنن أبي داود ( ‪َ )3719‬ق َال‪ :‬ا ْي ُم ال َّله َل َقدْ َسم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ِّب ا ْل ِفت َِن إِ َّن‬ ‫�عيدَ َلمن جنِّب ا ْل ِف َتن إِ َّن ِ‬
‫السعيدَ َل َم ْن ُجن َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬
‫ول إِ َّن الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس� َّل َم َي ُق ُ‬
‫ِّب ا ْل ِف َت ُن َو َل َم ْن ا ْبت ُِل َي َف َص َب َر َف َو ًاها‬
‫السعيدَ َل َم ْن ُجن َ‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫�ول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫((( من حديث س�مرة بن جندب في مس�ند أحمد(‪َ )19318‬ذكَر في ُخ ْط َبته َحدي ًثا َع ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ورا َي َت َفا َق ُم َش ْ�أن َُها في‬ ‫ِ‬ ‫�ه ص َّلى ال َّله َع َلي ِه وس� َّلم َف َق َال‪ :‬و َلن يك َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُون َذل َك ك ََذل َك َحتَّى ت ََر ْوا ُأ ُم ً‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ‬ ‫ال َّل َ‬
‫َان نَبِ ُّيك ُْم َذك ََر َلك ُْم ِمن َْها ِذك ًْرا‬
‫ون َب ْينَك ُْم َه ْل ك َ‬ ‫َأ ْن ُف ِسك ُْم َوت ََسا َء ُل َ‬
‫((( مسند البزار (‪ )2447‬عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال ‪ :‬فأما أنا فإني قد تعلمت‬
‫الشر فحفظته فعلمت أني إذا حفظت الشر اجتنبته فلم أقع إال في الخير‪.‬‬
‫ف ت ََر ْو َن َق ْب َل‬ ‫ِ‬ ‫(( ( المعجم الكبير للطبراني (‪َ )6939‬ق َال رس ُ ِ‬
‫‪»:‬س ْو َ‬‫ول ال َّله َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْيه َو َس َّل َم َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ون‪َ :‬ه َل ْكنَا‪ُ ،‬حدِّ ْثنَا ب َه َذا‪َ ،‬ف�إ َذا َر َأ ْيت ُْم َذل َك‪،‬‬ ‫الس�ا َع ُة َأ ْش� َيا َء ت َْس� َتن ِْك ُرون ََها ِع َظا ًما‪َ ،‬ت ُقو ُل َ‬ ‫َأ ْن َت ُقو َم َّ‬
‫السا َع ِة «‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َفا ْذك ُُروا ال َّل َه َت َعا َلى‪َ ،‬وا ْع َل ُموا َأن ََّها َأ َوائ ُل َّ‬
‫�ن ُع َم َر في المعج�م الكبير للطبران�ي (‪َ )13244‬ع ِن النَّبِ َّي َص َّل�ى ال َّل ُه َع َل ْي ِه‬ ‫((( م�ن حدي�ث ا ْب ِ‬
‫�م إِ َلى َجنَّتِ ِه ُأو َل ِئ َك ا َّل ِذي َن‬‫اه ْ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َس� َّل َم ‪َ ,‬ق َال‪:‬إِ َّن ل َّل�ه َضنَائ َن م ْن َخ ْلقه ُي ْح ِي ِيه ْم في َعاف َية ‪َ ,‬وإِ َذا ت ََو َّف ُ‬
‫َي ُم ُّر َع َل ْي ِه ُم ا ْل ِف َت ُن ك َِق َط ِع ال َّل ْي ِل ا ْل ُم ْظ ِل ِم ‪َ ,‬و ُه ْم فِ َيها ِمنْ ُه فِي َعافِ َي ٍة‪.‬‬
‫وحدي�ث أم المؤمني�ن زينب بنت جحش في المعج�م الكبير للطبران�ي (‪َ )19637‬ق َال‬
‫(((‬
‫ •معرفة دالئل النبوة فيما أخبر بوقوعه صلى الله عليه وآله وسلم‬
‫ •من أساليب الوعظ والتزهيد في الدنيا والترهيب منها(((‪.‬‬

‫ول ال َّل ِه‪،‬‬


‫ت ا ْل ِف َت ُن ا ْل ِع َظا ُم َقا َل ْت‪َ :‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ان ن ََز َل ِ‬
‫وس�لم‪:‬ه َذا َوال َّل ِه َأ َو ٌ‬
‫َ‬ ‫صلى الله عليه وآله‬
‫ِ‬ ‫الصالِ ُح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون َق َال‪َ :‬ن َع ْم‪ُ ،‬ث َّم ُين ََّجى ا َّلذي َن ا َّت ُقوا‪.‬‬ ‫َأن َْهل ُك َوفينَا َّ‬
‫((( وفي هذا أفرد علماء اإلسالم الكثير من المصنفات التي سردوا فيها عالمات الساعة تحت‬
‫اعتبار إعجاز السنة النبوية كان من أبرزها دالئل النبوة لإلمام البيهقي‪.‬‬
‫((( وفي هذا أفرد علماء اإلسلام الكثير من المصنفات التي س�ردوا فيها عالمات الساعة على‬
‫أنه�ا م�ن جزء من اإليمان باليوم اآلخ�ر ‪ ،‬كان من أبرزها التذكرة ف�ي أحوال الموتى وأمور‬
‫اآلخ�رة لإلم�ام القرطبي ولوام�ع األنوار البهية لإلمام الس�فاريني ‪ ،‬وه�ذا المعنى المذكور‬
‫�ول ال َّل ِه‬
‫َان َر ُس ُ‬ ‫�ن َع ْب ِد ال َّل ِه َق َال‪ :‬ك َ‬ ‫(الترهي�ب بها) مس�تفاد م�ن أحاديث عدة كحديث َجابِ ِر ْب ِ‬
‫ول َم ْن َي ْه ِد ِه‬‫ول فِي ُخ ْط َبتِ ِه َي ْح َمدُ ال َّل َه َو ُي ْثنِي َع َل ْي ِه بِ َما ُه َو َأ ْه ُل ُه ُث َّم َي ُق ُ‬ ‫َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس� َّل َم َي ُق ُ‬
‫َاب ال َّل ِه َو َأ ْح َس� َن ا ْل َهدْ ِي‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َّل� ُه فَلاَ ُمض َّل َل� ُه َو َم ْن ُي ْضل ْل ُه فَلاَ َهاد َي َل� ُه إِ َّن َأ ْصدَ َق ا ْل َحديث كت ُ‬
‫ِ‬
‫�ة َضلاَ َل ٌة َوك ُُّل َضلاَ َل ٍة فِي‬ ‫ور محدَ َثاتُه�ا وك ُُّل محدَ َث ٍة بِدْ َع ٌة وك ُُّل بِدْ َع ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ٍ‬
‫َه�دْ ُي ُم َح َّمد َو َش ُّ�ر الأْ ُ ُم ِ ُ ْ‬
‫الن َِّار ُثم ي ُق ُ ِ‬
‫اح َم َّر ْت َو ْجنَتَا ُه َو َعلاَ َص ْو ُت ُه‬ ‫الس�ا َع َة ْ‬ ‫َان إِ َذا َذك ََر َّ‬
‫الس�ا َع ُة ك ََها َت ْي ِن َوك َ‬ ‫ول ُبع ْث ُت َأنَا َو َّ‬ ‫َّ َ‬
‫ول َص َّب َحك ُْم َم َّس�اك ُْم ُث َّم َق َال َم ْن ت ََر َك َمالاً َفلأِ َ ْه ِل ِه َو َم ْن ت ََر َك‬ ‫ش َي ُق ُ‬‫َو ْاش�تَدَّ َغ َض ُب ُه ك ََأ َّن ُه ن َِذ ُير َج ْي ٍ‬
‫َد ْينًا َأ ْو َض َيا ًعا َفإِ َل َّي َأ ْو َع َل َّي َو َأنَا َأ ْو َلى بِا ْل ُم ْؤ ِمنِي َن‪ .‬سنن النسائي (‪.)1560‬‬
‫وانظر التزهيد في الدنيا مع قراءة المس�تقبل في قوله رس�ول الله صلى الله عليه وس�لم ‪:‬‬
‫« يأتي على الناس زمان ال يس�لم لذي دين دينه إال من هرب بدينه من ش�اهق إلى ش�اهق ‪،‬‬
‫ومن جحر إلى جحر ‪ ،‬فإذا كان ذلك الزمان لم تنل المعيشة إال بسخط الله ‪ ،‬فإذا كان ذلك‬
‫كذلك كان هالك الرجل على يدي زوجته وولده ‪ ،‬فإن لم يكن له زوجة وال ولد كان هالكه‬
‫على يدي أبويه ‪ ،‬فإن لم يكن له أبوان كان هالكه على يدي قرابته أو الجيران » قالوا ‪ :‬كيف‬
‫ذلك يا رسول الله قال ‪ « :‬يعيرونه بضيق المعيشة فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي تهلك‬
‫فيها نفسه » من حديث أبي هريرة في الزهد الكبير للبيهقي (‪.)446‬‬
‫أثر عن أب�ي العالية قال ‪ « :‬يأتي على الناس زمان‬
‫وم�ن الزه�د ألحمد بن حنبل (‪ٌ )1760‬‬
‫تخ�رب صدورهم من القرآن وال يجدون له حلاوة وال لذاذة إن قصروا عما أمروا به قالوا‬
‫‪ :‬إن الل�ه غف�ور رحيم ‪ ،‬وإن عملوا بما نهوا عنه قالوا ‪ :‬س�يغفر لنا إنا لم نش�رك بالله ش�يئا ‪،‬‬
‫أمره�م كله طمع ليس معه صدق يلبس�ون جلود الض�أن (‪ )1‬على قلوب الذئاب ‪ ،‬أفضلهم‬
‫استمداده‪ :‬من اآليات القرآنية والسنن واآلثار(((‪.‬‬

‫في دينه المداهن »‪.‬‬


‫ولو جمع الباحث أطراف حديث (يأتي على الناس زمان) لوقف على عشرات أحاديث‬
‫عالمات الساعة المفيدة في الخطاب الوعظي‪.‬‬
‫(( ( ه�ذا الركن متغير في معانيه وليس ثابت ًا كاإلسلام واإليم�ان‪ ،‬لذا فال يمكن اعتبار نصوصه‬
‫مصدرا لالحتجاج الشرعي أو التعبد والديانة‪ ،‬إنما هي معالم في الطريق يستنير بها المسلم‬
‫المس�تبصر لدين�ه ويأخذ العب�رة والعظة ‪ ،‬فهي في منزل�ة أحاديث الترغي�ب والترهيب من‬
‫�ي ُء َقدْ‬ ‫ُون ِمنْ ُه َّ‬
‫الش ْ‬ ‫حي�ث الس�عة ف�ي روايتها ‪ ،‬بل وأكث�ر من ذلك‪ ،‬يقول حذيف�ة ‪َ :‬وإِنَّ� ُه َل َيك ُ‬
‫�م إِ َذا َرآ ُه َع َر َف ُه‪ .‬صحيح‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ِل إِ َذا َغ َ‬
‫�اب َعنْ ُه ُث َّ‬ ‫الر ُج ُ�ل َو ْج َه َّ‬ ‫نَس�ي ُت ُه َف َ�أ َرا ُه َف َأ ْذك ُ‬
‫ُ�ر ُه ك ََما َي ْذك ُُر َّ‬
‫ُ�ون َذلِ َك ك ََذلِ َك‬‫مس�لم (‪ ،)5147‬وف�ي حديث آخر عن حديث س�مرة بن جندب‪َ :‬و َل ْن َيك َ‬
‫ِ‬ ‫�أن َُها فِي َأ ْن ُف ِس�ك ُْم َوت ََس�ا َء ُل َ‬
‫َان نَبِ ُّيك ْ‬
‫ُ�م َذك ََر َلك ُْم من َْها‬ ‫ون َب ْينَك ُْم َه ْل ك َ‬ ‫ورا َي َت َفا َق ُم َش ْ‬
‫َحتَّ�ى ت ََر ْوا ُأ ُم ً‬
‫ِذك ًْرا مسند أحمد(‪ .)19318‬فنصوص الركن الرابع قد تم الحكم عليها من البداية (ذاكرة‬
‫الصحاب�ي والراوي) باختالط الرواية وضعف الس�ند وعدم الضبط‪ ،‬إذ إن ذلك من ش�أنها‬
‫وم�ن طبيعتها الذاتية‪ ،‬وهي بذلك تمتاز عن أحاديث األحكام المحتج بصحيحها في ركني‬
‫اإلسالم واإليمان والمتعبد بها ديانة‪.‬‬
‫وإنم�ا قلنا‪ :‬متغير المعاني ألن بعضهم فهم خط�أ أو تعمدا أن كونه ركنا ومتغيرا تناقض!‬
‫والحقيقة أنه ركن في ذاته متغير في معطياته‪ ،‬ولو افترضنا الخطأ في التسمية فال مشاحة في‬
‫االصطالح ولكن على المعترض نقد الفكرة ال البحث عن عيوب األسماء‪.‬‬
‫لذا فإن المهم في هذا العلم هو ثبوت الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سواء‬
‫كان ضعيف الس�ند أو حس�نه ‪ ،‬فربما يأتي من الواقع ما يجبر ضعف الس�ند بالحكم بصحة‬
‫المعن�ى ف�ي المت�ن‪ ،‬وعدم الثب�وت هو ك�ون الحديث موضوع� ًا أو من كالم أه�ل الكتاب‬
‫واإلس�رائيليات كرواي�ات كع�ب ووهب ونح�و ذلك ‪ ،‬ثم ينبغ�ي تمييز اآلثار عن الس�نن ‪،‬‬
‫واآلث�ار ما ورد عن الس�لف من الصحاب�ة وآل البيت رضي الله عنه�م (النصوص األبوية)‬
‫والس�نن هي األحاديث الش�ريفة (النصوص النبوية)‪ ،‬وتعامل آثار الس�لف معاملة الشروح‬
‫المساعدة لفهم النص النبوي وسائر المعاني الشرعية‪.‬‬
‫وم�ن المتأخري�ن الذين ي�رون هذا الرأي ويتس�عون ف�ي االستش�هاد بأحاديث عالمات‬
‫نسبته (مرتبته من العلوم األخرى)‪ :‬الركن الرابع من أركان الدين المذكورة في‬
‫حديث جبريل (أم السنة)‪.‬‬
‫واضعه (أي‪ :‬أول من فصل مسائله) ‪ :‬الشيخ أبوبكر املشهور(((‪.‬‬
‫فضهل‪ :‬به يعرف النقض الذي حيصل لعرى اإلسالم واإليامن واإلحسان(((‪.‬‬
‫حكم الشارع فيه ‪ :‬فرض كفاية يف آخر الزمان(((‪.‬‬
‫مس��ائهل‪ :‬كثيرة ‪ ،‬مثل تش�خيص الوقائع واألحداث ووضع المخارج المناسبة‬
‫لها بهدف إيقاف التحريش بين المصلين وسنتا المواقف والداللة وغيرها‪.‬‬

‫الس�اعة ودالئ�ل النبوة الش�يخ التويجري ف�ي كتابه (إتح�اف الجماعة في صحيح أش�راط‬
‫الس�اعة) حيث ذكر في مقدمته إيراده للكثير من األحاديث ضعيفة الس�ند إذا أتى من الواقع‬
‫ما يصحح معناها‪ ،‬ومثله الش�يخ مقبل الوادعي في الصحيح المس�ند لدالئل النبوة للبيهقي‬
‫حيث بين في المقدمة أنه ترك فصل الدالئل النبوية فيما أخبر عنه صلى الله عليه وآله وسلم‬
‫مما سيقع دون تخريج ولم يحمله رواياته على فالن أو فالن من الضعفاء ألنه قد يتحقق في‬
‫الواقع ويبين صحة متن الحديث ومعناه‪.‬‬
‫((( وذل�ك ف�ي كتبه (الركن الرابع من أركان الدين‪ :‬الثوابت والمتغير) وبعده (التليد والطارف‬
‫شرح منظومة فقه التحوالت وسنة المواقف) وبعده هذا الكتاب (األسس والمنطلقات في‬
‫شرح فقه التحوالت) واآلن (دوائر اإلعادة) تحت الطبع‪.‬‬
‫((( جاء بفضله جبريل بنفس�ه‪ ،‬وأخذ يس�أل النبي عليه الصالة والسلام ثم يصدقه ‪ ،‬وخصص‬
‫لهذا الركن س�ؤالين اثنين وضرب له مثلين اثنين‪ ،‬بينما اكتفى بس�ؤال واحد وجملة واحدة‬
‫لألركان التي قبله دون ضرب أمثلة‪.‬‬
‫((( ع�ن جابر ‪ ،‬أن النبي صلى الله عليه وس�لم ق�ال ‪ « :‬إذا لعن آخر هذه األمة أولها ‪ ،‬فمن كان‬
‫عن�ده عل�م ‪ ،‬فليظهره ‪ ،‬فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم » اإلبانة الكبرى البن بطة (‪.)47‬‬
‫القرْآن‬ ‫ع‬‫ٱلْمَطل َ‬
‫ْ ُ ُ‬

‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬
‫ﭘﭙﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫[األنعام‪]١٥٨ :‬‬ ‫ﭷﮊ‬

‫‪15‬‬
‫َ‬
‫ٱلْم َْطل ُ َّ ُّ‬
‫ي‬ ‫و‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ن‬ ‫ٱل‬ ‫ع‬
‫الع�اص ء قال‪ :‬نادى‬ ‫ِ‬ ‫بن‬ ‫بن ِ‬
‫عمرو ِ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫الله ى «الصلا َة ِ‬
‫جامع� ًة»؛ فاجتمعنا إلى‬ ‫رس�ول ِ‬
‫ِ‬ ‫ُمنادي‬
‫ّ‬
‫رسول ِ‬
‫الله ى فقال ‪:‬‬ ‫ِ‬

‫ي�د َّل ُأ َّمته على‬


‫نبي قبلي إال ح ّق� ًا عليه أن ُ‬ ‫« إ ّن�ه لم يكُ�ن ٌّ‬
‫وإن ُأ َّم َتكم‬
‫يعلمه لهم ‪ّ ..‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يعلمه لهم و ُينذ َرهم َش َّر ما ُ‬ ‫خير ما ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخرها بال ٌء و ُأ ٌ‬
‫مور‬ ‫هذه ُجع َل عافي ُتها في َّأولها وس� ُيص ُ‬
‫يب َ‬
‫بعضها بعض� ًا ‪ ،‬وتجي ُء‬ ‫�ق ُ‬ ‫نكرونه�ا وتج�يء ِ‬
‫الفتن� ُة ف ُي َر ِّق ُ‬ ‫ُت ِ‬
‫ُ‬
‫حزح‬ ‫أح�ب أن ُي َز َ‬ ‫فمن‬ ‫ُ‬ ‫الفتن� ُة‬‫ِ‬
‫َّ‬ ‫فيقول المؤم� ُن‪ :‬هذه هذه ‪َ ،‬‬
‫يؤمن ِ‬
‫بالله واليو ِم‬ ‫ويدخ َل الجنَّ َة فلتأتِ ِه منِي ُته وهو ِ‬
‫ُ‬ ‫عن الن ِّار‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ِ‬
‫اآلخ ِر »‪.‬‬

‫رواه مسلم (‪)4882‬‬

‫‪16‬‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ٱلْمَطلَع ٱلأَ‬
‫ُّ‬ ‫ْ ُ‬
‫ٍ‬
‫مش�هور‬ ‫ٍ‬
‫ظاهر‬ ‫قائ ٍم ل ّل ِه بِ ُح َّج ٍة إما‬
‫األرض ِم�ن ِ‬ ‫ُ‬ ‫«ال تخل�و‬
‫مغمور لِئلاّ تب ُط َل حجج ِ‬
‫الله وب ِّينا ُته‪ ،‬وكم وأين‬ ‫ٍ‬ ‫خائ ٍ‬
‫�ف‬ ‫أو ِ‬
‫ُ َ ُ‬
‫ون عدد ًا األع َظمون عن�د ِ‬
‫الله َقدر ًا‪،‬‬ ‫أولئك؟ أولئ�ك األق ُّل َ‬
‫�ه ح َّت�ى ي َؤدوها إل�ى ُن َظ ِ‬
‫ِ‬
‫رائ ِه ْم‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫�ع ال ّل ُه ع�ن ُح َج ِج َ‬ ‫بِ ِه ْ‬
‫�م َي ْد َف ُ‬
‫وب َأ ْشب ِ‬
‫اه ِه ْم»‬ ‫وها في ُق ُل ِ َ‬‫و َي ْز َر ُع َ‬
‫طالب ؤ‬‫ٍ‬ ‫علي ب ُن أبي‬
‫اإلما ُم ُّ‬
‫أخرجه أبونعيم في الحلية (‪ )76-1:75‬في وصيته ؤ للكميل بن زياد‬
‫(‪ )243‬وأخرجه الحافظ المزي في تهذيب الكمال (‪ )417 :15‬في ترجمة‬
‫الكميل ‪ ،‬وللحافظ ابن القيم رحمه الله شرح مفيد على هذه الوصية في كتابه‬
‫مفتاح دار السعادة (‪)163-123 :1‬‬

‫‪17‬‬
‫َش ِاه ُد ٱلحال‬
‫«والله ما أدري َأ َن ِس َي‬‫ِ‬ ‫اليمان ؤ قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫عن ُحذي َف َة ِ‬
‫بن‬
‫قائ ِد‬
‫الله ‪ m‬من ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫والله ما َ‬
‫ترك‬ ‫ِ‬ ‫تناس�وا‪،‬‬
‫أصحابي أم َ‬
‫ِ‬
‫فصاعد ًا‬ ‫ثالث ِم َئ ٍة‬
‫َ‬ ‫الدني�ا يب ُل ُغ َمن معه‬ ‫تن�ة إلى أن ِ‬
‫تنقض َي ُّ‬ ‫فِ ٍ‬
‫أبيه واس ِم قبي َلتِ ِه‪»...‬‬
‫باسم ِه واس ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫سما ُه‬
‫إال قد َّ‬
‫رواه أبو داود (‪ )4245‬بإسناد حسن‪ ،‬د‪ .‬همام العمري‬
‫موسوعة أحاديث الفتن وأشراط الساعة ص‪343‬‬

‫‪18‬‬
‫ملَا َ‬
‫ح َظة ٌ‬ ‫ُ‬
‫طالبـ ِعل ٍم ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أوص َف بِفَقيه ٍ أو ُمتَفَقِّهٍ‪ ،‬أان‬
‫العلـم َ والاجتِهَـا َد ‪ ،‬ولا حتّى أ ْن َ‬
‫لا أدَّعي ِ‬
‫َ‬ ‫وخلال َ َطلَبي ِ‬
‫جمعت ما تهيّأ يـل صوابُهُ ُمست َ ِدلّا ً ح َسبَ فَهمي‬‫ُ‬
‫المتواصلةِ‬
‫ِ‬ ‫ود َراستي‬
‫ت في بحثي هذا‪.‬‬ ‫بما هو ُمثب َ ٌ‬
‫فوس ـ أو ِ‬
‫بعضه���ا ـ ولكنّها في‬ ‫البحث مثي���ر للن ُّ ِ‬
‫ِ ُ ٌ‬ ‫ِ‬
‫مواضي���ع‬ ‫كثيرا ِمن‬
‫ش�ـ�ك أنّ ً‬‫َّ‬ ‫ول���ا‬
‫العقو ِل‬ ‫حي َرةِ ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫مس���اع ٌد لآخري َن كيـ يخرجوا م���ن ال َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الضارب���ة على ُ‬ ‫ُ‬ ‫نف���س الوقت عامل ٌ‬
‫والأذها ِن‪.‬‬

‫وبحثت شأنَهُ‪،‬‬ ‫ٱلل ـ موَف َّ ًقا فيما أش���رت إليهِ‬


‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ٱللَ‬
‫وأستغفر هّٰ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فعس���ى أن أكـون ـ بإذ ِن هّٰ ُ‬
‫ثبات الذين خدموا الشريعة َ ونشروها‬ ‫فس���ي أو أن أخال ِ َف منهَ َج العل َ ِ‬
‫ماء الأ ِ‬ ‫من َس���و َرةِ ن َ ِ‬
‫ُ‬
‫ش ِ‬
‫عوب ‪.‬‬ ‫بين ال ُّ‬
‫ِ‬
‫القصد‪..‬‬ ‫وٱلل ِمن ِ‬
‫وراء‬ ‫هّٰ ُ‬

‫‪19‬‬
‫ِٱل ْإه ْ َد ُاء‬
‫باله�دى مزموم� ْة‬ ‫ٍ‬
‫لق�ات‬‫ُمن َط‬ ‫ُأه�دي إل�ى ُأ َّمتِن�ا المرحوم� ْة‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫واضح�ة مفهوم� ْة‬ ‫ِم�ن ُس�ن ٍَّة‬ ‫ِ‬
‫ق�ول ر ِّب�ي وك�ذا‬ ‫ِم َّم�ا أت�ى ف�ي‬
‫بِم�ا ج�رى ف�ي ُأم ٍ‬ ‫ق�ول َأ َم ً‬
‫�ة مظلوم� ْة‬ ‫َّ‬ ‫لا‬ ‫ب�وع وال ُع َ‬
‫الر َ‬‫تُحيِ�ي ُّ‬
‫الوصف َة المعدوم ْة‬ ‫ِ‬ ‫وح ِّق�ق ما تـ�را ُه وٱص َطبِر‬
‫في البحث تلقى َ‬ ‫ُخذها َ‬
‫ِ‬
‫أركان ُيب�دي ش�ام ًة مكتوم� ْة‬ ‫درس� ُه كرابِ� ِع ال�ـ‬
‫جدي�ر ُ‬
‫ٌ‬ ‫ك�ن‬
‫ُر ٌ‬
‫ُنبي�ك ع�ن س�لب َّي ٍة مش�ؤوم ْة‬
‫ت َ‬ ‫ووس َطى ُث َّم ُص َ‬
‫غرى شأنُها‬ ‫ك َُبرى ُ‬
‫�ح المنظوم� ْة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وع�ن بِ‬
‫خي�ر ًا تلي�د ًا ُيصل ُ‬ ‫لل�ورى‬
‫َ‬ ‫ش�ارات تُعي�دُ‬
‫الرؤى المس�موم ْة‬ ‫َّم�ان ُك ِّل ِ‬ ‫إش�كال الز ِ‬ ‫َ‬ ‫ُي ُ‬
‫فينا وفي أهل ُّ‬ ‫�ه‬ ‫زي�ل‬

‫الس�نَّ َة المرقوم� ْة‬ ‫ِمم�ن ي ُظ�ن أنَّ�ه م ِ‬


‫ف�ي اهللِ ُيحي�ي ُّ‬ ‫جاه�دٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َّ‬
‫�ب أن تلوم� ْه‬ ‫لم ِ‬ ‫بِ ِع ِ‬ ‫ُمس�تغ َف ٌل‬ ‫لكِنَّ� ُه‬
‫ُم َس� َّي ٌس َيص ُع ُ‬ ‫�ه‬
‫ش�تغ ٌل ب ُف ٍ‬‫م ِ‬ ‫ِ‬
‫رق�ة محموم� ْة‬ ‫ُ‬ ‫جام�دٌ‬ ‫مذهب�ي َع َصبِ ٌّ‬
‫�ي‬ ‫ٌّ‬ ‫أو‬

‫ف�ي ش�أنِها كأنَّه�ا مهزوم� ْة‬ ‫تفر َق�ت‬ ‫ٍ‬


‫غي�ر ُه م�ن ُأ َّم�ة َّ‬ ‫ُ‬ ‫أو‬

‫أج َجت� ُه فِرق� ٌة مدعوم� ْة‬‫ق�د َّ‬ ‫ك‬ ‫اختالفهاتِ ٍ‬


‫ٍ‬ ‫تاهتوضاعتفي‬

‫الحض�ار ِة المزعوم� ْة‬


‫َ‬
‫ف�ي ُلج ِ‬
‫�ة‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫س�تغرق ًا‬ ‫ي�ا قارئ�ي مهم�ا تكُ�ن ُم‬

‫�ة معصوم� ْة‬ ‫نقلتُ�ه ع�ن حج ٍ‬ ‫َفلتس�ت َِفق وان ُظ�ر فه�ذا َخ َب ٌ�ر‬
‫ُ َّ‬
‫األركان ِم�ن معلوم� ْة‬
‫ِ‬ ‫ف�ي راب� ِع‬ ‫الجمي�ع ع�ود ًة لم�ا أت�ى‬
‫َ‬ ‫تدع�و‬

‫‪20‬‬
‫ِ‬
‫�عوب أو ُذ َرى الحكوم ْة‬ ‫بين ُّ‬
‫الش‬ ‫أصو ُله�ا تفصي ُله�ا َنت ُ‬
‫َاجه�ا‬

‫األس�اس بالدّ يموم� ْة‬


‫َ‬ ‫فليق�رأ‬ ‫لا ُمح َّقق� ًا‬
‫دخ ً‬
‫َم�ن رام فيه�ا َم َ‬
‫علوم� ْه‬
‫َ‬ ‫ُمح ِّق ٍ‬
‫�ق‬ ‫وعال� ٍم‬ ‫هد َّي� ٌة ِمنّ�ي لِ�ك ُِّل حاك� ٍم‬
‫ِ‬
‫الحال�ة المأزوم� ْة‬ ‫ٍ‬
‫حائ�ر ف�ي‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬
‫ودارس‬ ‫ٍ‬
‫وباح�ث‬ ‫ٍ‬
‫وطال�ب‬
‫ٍ‬
‫نزع�ة موس�وم ْة‬ ‫ق�د يدَّ ِع�ي ذو‬ ‫ال أ َّدع�ي فيه�ا اجتِه�اد ًا مث َلم�ا‬
‫بي ٍ‬ ‫بحج ٍ‬ ‫ِ‬
‫محس�وم ْة‬ ‫ن�ة‬ ‫َ ِّ‬ ‫�ة‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ�ص ٰط� َه ُ‬
‫المصط َفى‬ ‫وإنَّم�ا م�ن ن ِّ‬
‫�ب األَ ُروم� ْة‬
‫كم�ا أت�ى ع�ن َط ِّي ِ‬ ‫ؤص ً‬
‫لا‬ ‫تكام ً‬
‫لا ُم َّ‬ ‫ُ‬ ‫أرج�و به�ا‬
‫الفتن ِ‬
‫َ�ة المضروم� ْة‬ ‫تن َفعن�ا ف�ي ِ‬ ‫تك�ون ُح َّج� ًة‬
‫َ‬ ‫س�ألت ر ِّب�ي أن‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫أخب�ار ُه مكتوم� ْة‬
‫ُ‬ ‫ف�ي عال� ٍم‬ ‫نلق�ى ر َّبن�ا‬
‫ٰ‬ ‫ٍ‬
‫ع�ون ي�وم‬ ‫س�ن‬
‫وح َ‬‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫فس ٍ‬
‫جه�ل م ِ‬
‫لحال�ة مذموم� ْة‬ ‫أودى بن�ا‬ ‫�د‬ ‫ٍ ُ‬ ‫زي�ل ك َُّل‬
‫وأن ُي َ‬
‫عل�ى اله�دى والم َّل ِ‬
‫�ة المزموم� ْة‬ ‫ِ‬
‫أتباع�ه‬ ‫ويجم�ع اإلسلا َم ف�ي‬
‫َ‬
‫بش ٍ‬‫م�ن جاءن�ا ِ‬ ‫ِ‬
‫�رعة مخدوم� ْة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صطفى‬
‫ٰ‬ ‫بالمختار ٰطه ُ‬
‫الم‬ ‫والخت�م‬
‫ُ‬
‫ري�ق ِ‬
‫عل�ى ال ّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مفهوم� ْه‬
‫َ‬ ‫واضح� ًا‬ ‫واألصح�اب ُث ّ‬
‫�م تاب� ٍع‬ ‫واآلل‬

‫المؤ ِّلف‬
‫ُ‬ ‫ ‬

‫‪21‬‬
‫ٱل ْ ُمق َ ِّد ِمةُ‬
‫ِ‬
‫ساالت‬ ‫الر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخ األُ َم ِم ُّ‬ ‫ِ‬
‫المراح ِل وبِ ِ‬ ‫اعتنى اإلسلام بِ ِف ِ‬
‫ش�أن ِّ‬ ‫�عوب ش�أ ُن ُه‬ ‫والش‬ ‫قه‬ ‫ُ‬ ‫اعتناء اإلسالم‬
‫العظيم الذي ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫السابقة ‪ ..‬بل صار ال ُق ُ‬
‫رآن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫ُ‬ ‫�ماو َّية ّ‬ ‫َّ‬ ‫بفقه المراحل‬

‫رض‬‫َّكليفات التَّع ُّب ِد َّي ِة وثيق ًة شرع ّي ًة لِ َع ِ‬


‫ِ‬ ‫�رع َّي ِة والت‬
‫الش ِ‬ ‫ف َّ‬ ‫الوظائ ِ‬
‫ِ‬ ‫مع ما َل ُه ِمن‬
‫ﮛﮜ ﮊ َ‬
‫الش ِّ�ر ‪ ،‬وهذا ما نحن بِ َصدَ ِد‬ ‫الخ ِير أو َّ‬
‫�عوب من َ‬ ‫ُ‬ ‫فظ ما س�ارت عليه األُ َم ُم ُّ‬
‫والش‬ ‫وح ِ‬‫ِ‬

‫ت في‬ ‫رعي المثب ِ‬‫لم ِه َّ ِ‬ ‫مكنونات ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫االهتِما ِم به وإعا َد ِة ِدراس�تِه والنَّ َظ ِر الواعي في‬
‫الش ِّ ُ َ‬
‫يانة والت ِ‬
‫ّاريخ)‬ ‫لمي بين (الدِّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الرب�ط الع ِّ‬ ‫وس�نَّة نب ِّيه ‪ . m‬وذلك من خالل َّ‬ ‫كت�اب الله ُ‬
‫ِ‬
‫الالح ِق وهو ما‬ ‫اإلسالمي‬ ‫ِ‬
‫التاريخ‬ ‫ِ‬
‫الس�ابق أو‬ ‫اإلنس�اني‬ ‫ِ‬
‫بالتاريخ‬ ‫س�وا ًء فيما يتع َّل ُق‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬
‫وألن هذا‬ ‫(بعالمات الس ِ‬
‫اعة)‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫الت) ِ‬
‫والعل ِم‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫(بف ِ‬
‫راس�ة ِ‬‫ِ‬ ‫هذه الدِّ‬ ‫س�مي في ِ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫مواضيع ِه‬
‫ِ‬ ‫الم َّط ِلعي�ن على‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تناول�ه بهذه القاعدة فإننَّ�ا نرجو من ُ‬ ‫س�مى جديدٌ في ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫ُ‬
‫نخر َج مع ًا بما‬ ‫ِ ِ‬ ‫وكمال التَّأنِّي و ُع َ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫وأقسام ِه ُحس َن النَّ َظ ِر‬
‫ِ‬
‫مق القرا َءة الواع َية ‪ .‬عسى أن ُ‬
‫والمسل ِمين ِمن ِ‬
‫داخ ِل‬ ‫ِ‬ ‫المفاهي ِم بما ِ‬
‫يخد ُم اإلسلا َم‬ ‫ِ‬ ‫يب‬‫ِ‬
‫يجدِّ ُد لنا المعاني و ُيعيدُ ترت َ‬
‫بارك َِة‪.‬‬
‫الم َ‬
‫ِ‬ ‫ِديانَتِهم َّ‬
‫الشرع َّية ُ‬
‫عهد ال َف ِ‬
‫�ة إلى ِ‬ ‫عهد البع َث ِ‬‫ص�وص بدَ اء ًة من ِ‬ ‫للحياة اإلسلام َّي ِة ُ‬ ‫ِ‬
‫ناء‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫بالخ‬ ‫إن دراس�تَنا‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫تحملت مس�ؤولِ َّي َة‬ ‫وضروري لن�ا ُ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�الة‬ ‫كأ َّمة َخات َمة َّ‬ ‫ِ ٌّ‬ ‫أم�ر ُم ِه ٌّم‬
‫بالس�ا َعة ٌ‬
‫الموع�ود ّ‬
‫ظمى ﮋ ﭒ‬ ‫ِ‬ ‫والمحا َف َظ ُة عليها حتى يو ِم َّ‬ ‫ِ‬ ‫خاتِ َم ٍة ُع ِهدَ إليها َح ُ‬
‫الش�ها َدة ال ُع َ‬ ‫مل األمانَة ُ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﮊ [المائدة‪.]109 :‬‬
‫الجذري ِ‬ ‫�ة الدِّ راس ِ‬
‫وال ب�أس هن�ا م�ن اإلش�ار ِة إلى أهمي ِ‬
‫�ة ‪ ،‬وهي إع�ا َد ُة ال ُعلو ِم‬ ‫ِ َّ‬ ‫�ة‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أهمية الدراسة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّصورات النّات َجة عنها إلى ُأ ُصولها األساس� َّية س�ا َع َة ُو ُقوعها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و َث َم�رات الق�را َءة والت ُّ‬ ‫الجذرية‬

‫َّص‬ ‫ِ‬
‫خالل (الن ِّ‬ ‫م�رات ِمن‬
‫ِ‬ ‫�ي‪ ،‬والن ِ‬
‫َّظر إلى هذه ال َّث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ي‪ ،‬أو س�ا َع َة تدوينها المرحل ِّ‬
‫َّ ِ‬
‫الز َمن ِّ‬

‫‪22‬‬
‫زئي ِ‬
‫ات التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعت ََم ِد) ُ‬
‫حيث َّ‬ ‫َ ِ (((‬ ‫ِِ‬
‫والج ّ‬
‫َّفرع�ات ُ‬
‫إن الت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ�ص األ َبو ِّي‬
‫�وي ذاته) أو (الن ِّ‬
‫النَّ َب ِّ‬

‫ضياع الحق بين‬


‫ب‬ ‫مور َخلط ًا يص ُع ُ‬ ‫خلط األُ َ‬ ‫وكثر ُة الت ِ‬
‫َّعليل قد َ‬ ‫ِ‬
‫َّحليل َ‬ ‫انحدرت إليها األقال ُم وغرا َب ُة الت‬
‫ركام األقالم‬ ‫ات الباطِ ِل‬ ‫الزم ِن من ضبابي ِ‬
‫ّ‬ ‫الح ُّق ال َب َل ُج بم�ا اكتنَ َف ُه َ‬
‫عبر َّ َ‬ ‫وضاع َ‬ ‫َ‬ ‫َّمييز الواعي‪،‬‬
‫مع�ه الت ُ‬
‫الفكر َّي ِة‪.‬‬
‫فق انتِماءاتِهم وتوجهاتِهم ِ‬
‫ُّ‬ ‫وإضافات َح َم َل ِة األقال ِم َو َ‬
‫ِ‬ ‫ذف‬‫وأهل ِه‪ ،‬وح ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫المش�ار‬ ‫عوامل مع َّينَ� ًة ت َُؤ ِّدي إلى هذا التَّجنِّي‬ ‫َ‬ ‫أن هناك‬ ‫ويب�دو ل�ي ـ والله أعل�م ـ َّ‬
‫عوامل التجني‬
‫على التاريخ‪:‬‬ ‫ومن ذلك ع�د ُم النَّ َظ ِر‬ ‫إلي�ه ‪ ،‬ويج�ب أن يفتَ�ح الحوار بش�أنِ ِه ليت َِّض�ح األمر ج ِلي� ًا‪ِ ،‬‬
‫ُ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫الخلط المتعمد‬
‫واألحكام العمومية‬ ‫كإص�دار األح�كا ِم ال ُعموم َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُّ�ور فيها ‪،‬‬‫ونق�اط الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة المعنِي ِ‬
‫�ة‬ ‫َّ‬
‫�ات المرح َل ِ‬ ‫زئي ِ‬ ‫ِ‬
‫ف�ي ُج ّ‬
‫ِ‬
‫إضفاء‬ ‫الم َت َع َّم ِد في‬ ‫�ة ‪ِ ،‬مما يؤدي إلى َ ِ‬ ‫الف َئ ِ‬
‫�ة أو المجمو َع ِة أو ِ‬ ‫عل�ى المرح َل ِ‬
‫الخل�ط ُ‬ ‫ّ ُ ِّ‬
‫ِ‬ ‫َّفريط و َطر ِ‬
‫اإلفراط والت ِ‬‫ِ‬
‫االعتدال‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َّمييز بين َط َر َف ِي‬‫ب الت ُ‬ ‫نوح على الك ُِّل ويص ُع ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫ُ‬
‫تعريف‬ ‫َ‬ ‫الواح�دَ ِة والمرح َل ِة المحدَّ د ِة ‪ ،‬فهناك م�ن ي ِ‬
‫طل ُق‬ ‫ِ‬ ‫والسلا َم ِة ف�ي المجمو َع ِة‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن ك َُّل‬ ‫المرحلة وما فيها و َمن فيها‪ ،‬فيعتَبِ ُر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خرجات‬ ‫ال على كا َّف ِة ُم‬ ‫ِ‬
‫مرحلة بني ُأ َم َّي َة مث ً‬
‫�ة بني ُأ َم َّي َة‪..‬‬ ‫ب�رز في هذه الفتر ِة إنَّما هو ِخدم ٌة لسياس ِ‬ ‫مذهبي َ‬ ‫لم�ي واجتِ ٍ‬
‫هاد‬ ‫ن ٍ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َت�اج ع ٍّ‬
‫ِ‬
‫ومجموعات‬ ‫المثال َش ِ‬
‫�م َلت إفراط ًا وتفريط ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�بيل‬ ‫أن ِ‬
‫هذه المرح َل َة على‬ ‫مع العل ِم َّ‬

‫((( لف�ظ (األبوة في الدين) واضح ومعلوم ‪ ،‬وهو من ممزيات هذه األمة ‪ ،‬فليس�ت كالنصارى‬
‫جعلوا أبوتهم في الكنيسة وأعطوا البابا من الصالحيات األلوهية الوضعية الكثير‪ ،‬بل تظهر‬
‫العلم من ك ُِّل َخ َل ٍ‬
‫ف ُعدو ُل ُه»‬ ‫«يحم ُل هذا ِ‬
‫ِ‬ ‫األبوة بمعناها الشرعي في تسلسل العلم باألسانيد‬
‫َ‬
‫حتى تتجنب (الخطر الداهم) ممن س�ماهم النب�ي ‪( :m‬األئمة المضلين) وهم أهل الفتن‬
‫المعروفون بعلماء الفتنة في كل عصر وزمان‪.‬‬
‫ويؤكد هذه األبوة وكونها مرتبطة بالتسلس�ل الش�رعي لإلس�ناد في مقابل�ة أئمة الضالل‬
‫الحدي�ث الس�ابع ف�ي مقدم�ة صحيح مس�لم‪« :‬يك�ون في آخ�ر الزم�ان دجال�ون كذابون‪،‬‬
‫يأتونك�م م�ن األحاديث بما لم تس�معوا أنتم وال آباؤكم‪ ،‬فإياكم وإياه�م‪ ،‬ال يضلونكم وال‬
‫يفتنونكم»‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫باعتبار س ِ‬ ‫دائر ِة الم ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ٍ‬
‫�لطة‬ ‫ِ ُ‬ ‫خاص‬ ‫ضوض ٌّ‬ ‫لك ال َع ُ‬ ‫فالم ُ‬
‫ض�وض‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫لك ال َع‬ ‫داخ�ل َ ُ‬ ‫اعت�دال‬
‫الق�رار كقولِ�ه ‪َ « :m‬أ َّو ُل ِدينِك ُْم ُن ُب َّو ٌة َو َر ْح َم ٌة ‪ُ ،‬ث َّم ُم ْل ٌك َو َر ْح َم ٌة ‪ُ ،‬ث َّم ُم ْل ٌك َأ ْع َف ُر ‪ُ ،‬ث َّم‬
‫ِ‬
‫جال النَّم ِ‬ ‫فغير ذلك‪ ،‬وفيهم َح َم َل ُة األمان َِة ِ‬
‫ط‬ ‫ور ُ َ‬ ‫الرعايا ُ‬ ‫حال َّ‬ ‫وت»(((‪ ،‬أ ّما ُ‬ ‫ُم ْل ٌك َو َج َب ُر ٌ‬
‫األوس ِ‬
‫ط‪.‬‬ ‫َ‬

‫َّكليف�ات ‪ .‬ولكنَّها مجت َِمع ٌة‬


‫ِ‬ ‫ات والت‬‫وهذه األمان ُة المش�ار إليها متنو َع ُة المس�ؤولي ِ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬
‫أن في العا َل ِم‬
‫حيث نج�دُ َّ‬
‫َّاري�خ )((( ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫�رع ِّي بي� َن ( الدِّ يان َِة والت‬
‫الش ِ‬ ‫قاع�دَ ِة الر ِ‬
‫بط َّ‬ ‫َّ‬
‫ف�ي ِ‬

‫قرا َءت ِ‬
‫َين‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّحوالت‬ ‫جر َد ٌة ‪ ..‬وهي ما ن َُس ِّميها في فقه الت ُّ‬ ‫األولى ‪ :‬قرا َء ٌة تاريخ َّي ٌة ما ِّد َّي ٌة َعقالن َّي ٌة ُم َّ‬ ‫القراءة المادية‬
‫قائ َّي ِة‬
‫ِّفاقي ِة واالنتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفر َع عنها من المفاهي ِم الن َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫«بالقرا َءة األَن َِو َّية اإلبليس َّية الوضع َّية» ‪ ،‬وما َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫العقالنية‬

‫بحديث «إذا‬ ‫ِ‬ ‫المعنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫لحدَ ِة‬


‫رافات الكافِر ِة والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة لمص َل َح ِة‬ ‫المسيس ِ‬
‫الموسدَ ة ‪َ ،‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫االنح‬ ‫ُ َ َّ َ‬
‫الله قال‪« :‬إذا ُو ِّسد‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫وكيف إضاعتُها يا‬ ‫الساع َة» قال ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُأ ِضي َعت األما َن ُة‬
‫َ‬ ‫فانتظر َّ‬
‫أهل ِه»(((‪.‬‬
‫غير ِ‬
‫األمر إلى ِ‬
‫ُ‬

‫َّحوالت «بالقرا َء ِة‬ ‫ِ‬


‫القراءة الشرعية ال َّثاني ُة ‪ :‬قرا َء ٌة ش�رع َّي ٌة غيب َّي ٌة ُم َّ‬
‫وجه ٌة ‪ .‬وهي ما ن َُس ِّميها في فقه الت ُّ‬
‫�رعي ِة المس�نَدَ ِة» ومفتاحه�ا قو ُله تعالى في أو ِل ٍ‬ ‫َّبوي ِة َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫آي�ة ُأ ِنزلت على‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش َّ ُ‬ ‫األَ َب ِو َّي�ة الن ِ َّ‬ ‫الموجهة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫تأصيل‬ ‫تفر َع عنه�ا من‬‫رس�ول الل�ه ‪( :m‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ) [العل�ق‪ ]1:‬وم�ا َّ‬
‫ِ‬
‫«يحم ُل‬ ‫يدخ ُل تحت معنى قولِ ِه ‪:m‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫مما ُ‬ ‫ش�رعي مدعو ٍم بأد َّلته ودالالته َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫وتفصيل‬

‫((( وتمامه ‪« :‬يستحل فيها الخمر والحرير»‪ ،‬إسناده جيد‪« ،‬تخريج أحاديث المصابيح» للمناوي‬
‫(‪ ، )443 :4‬وانظر إتحاف التويجري (‪.)210 :1‬‬
‫((( وهذا ما نحن بصدد إظهاره وإبرازه في كافة المراحل‪.‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )59‬‬

‫‪24‬‬
‫العلم من ك ُِّل َخ َل ٍ‬
‫ف ُعدو ُل ُه»(((‪.‬‬ ‫هذا ِ‬
‫َ‬

‫طل َق عليه‬ ‫تكون إال باس� ِم الرب ‪ ،‬وهي م�ا ُأ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسلامي ال‬ ‫ِ‬
‫تاريخن�ا‬ ‫فالق�را َء ُة ف�ي‬
‫القراءة ال تكون‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫فصل إال باسم الرب‬ ‫َين وال َ‬ ‫�ؤون الحيات ِ‬ ‫ِ‬ ‫بط بي�ن الدِّ يان َِة والت ِ‬
‫َّاريخ) وبها ُت َف َّس ُ�ر كا َّف ُة ُش‬ ‫مفه�وم ( الر ِ‬
‫ُ َّ‬
‫الحياة اإلنسانِ َّي ِة واإلسلام َّي ِة ِدراس ًة ن َِّص َّي ًة ‪ ..‬ومعنى‬ ‫ِ‬ ‫راس ُة‬ ‫ِ ِ‬
‫بين َُهما ‪ .‬ومن ش�روطها د َ‬
‫الحياة من كا َّف ِة‬
‫ِ‬ ‫كأصل في ق�را َء ِة‬ ‫ٍ‬ ‫المث َب ِتة‬ ‫ِ‬
‫ُّص�وص ُ‬ ‫�ة ) اعتِ ُ‬
‫ناؤها بالن‬ ‫�ة النَّصي ِ‬
‫ِّ َّ‬
‫( الدِّ راس ِ‬
‫َ‬
‫حيث عال َقتُها‬
‫الت عليه�ا ‪ .‬وتصني ُفها من ُ‬ ‫األحداث والتَّحو ِ‬
‫ِ‬ ‫ع�رض‬
‫ُ‬ ‫أوج ِهه�ا ‪ُ ..‬ث َّم‬
‫َ ُّ‬ ‫ُ‬
‫َّاريخ لدى ٍ‬
‫كثير‬ ‫ِ‬
‫الحي�اة والت ِ‬ ‫ِ‬
‫تفس�ير‬ ‫قائ ٌم في‬‫اآلن ِ‬
‫العكس كما هو َ‬ ‫ِ‬
‫ُّص�وص وليس‬ ‫بالن‬
‫أهمية القراءة‬ ‫َ‬
‫ُقس ُم الحياة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النصية‬ ‫من المس�لمين وغير ِالمس�لمين ‪ ،‬وبهذه الدِّ راسة والقرا َءة الشرع َّية ت َّ‬
‫(((‬

‫مومها إلى ِ‬
‫مراح َل‪:‬‬ ‫بِع ِ‬
‫ُ‬

‫((( إسناده صحيح ‪« ،‬شرف أصحاب الحديث» ص‪ 51‬لإلمام أحمد‪.‬‬


‫((( المقصود بهذا أن كثير من المس�لمين يصفون اإلسلام والعالقات والمحبة والبغض على‬
‫سير األحداث وما جرى في المراحل من التحوالت ‪.‬‬
‫واألص�ل أن ما جرى من االختالف في المراحل واألحداث المترتبة على ذلك ال يكون‬
‫أس�اس الوالء والبراء وإنما يكون الوالء والبراء بالنص�وص القرآنية والنبوية ويضاف إليها‬
‫بع�د ذلك مجري�ات األحداث بش�روط‪ .‬وأن المختصي�ن بالنص وإن ج�رت عليهم الفتنة‬
‫كأصحاب الجمل من كبار الصحابة ئ فإن حصانتهم تلزم المسلم عدم القدح فيهم‬
‫‪ .‬وأم�ا غيره�م فالقدح أيضا يكون بالنص فيهم كما هو في قتلة عمار بن ياس�ر في قوله ‪m‬‬
‫‪( :‬عم�ار تقتل�ه الفئ�ة الباغية)‪ ،‬وقول النبي ‪( : m‬بش�ر قاتل ابن صفية بالن�ار) وابن صفية‬
‫ه�و الزبي�ر بن العوام وقد قتله أحد تابعي اإلمام علي ؤ وجاء يخبر اإلمام بقتله‪ ،‬فقال‬
‫ل�ه اإلمام عل�ي بقول النبي ‪ m‬فغضب وق�ال‪ :‬إن قاتلناكم في الن�ار وإن قاتلنا من يقاتلكم‬
‫فف�ي النار ‪ ،‬فأمر اإلمام علي بقتله قصاصا ب�دم الزبير بن العوام ألن اإلمام أخذ بالنص وإن‬
‫كان الرجل من أتباعه‪ ،‬ونقل البرزنجي في اإلش�اعة ص‪ 54‬عن علي ؤ قوله عن قتلى‬
‫صفي�ن‪ ( :‬قتالن�ا وقتالهم في الجنة)‪ ،‬وقال‪ ( :‬م�ن كان يريد وجه الله منا ومنهم نجا) ‪.‬اهـ‪.‬‬
‫وهذا يحفظ شرف كثير من القتلى فيمن سماهم في النص اآلخر (الفئة الباغية)‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫خلال حياتِ ِه ‪ m‬ما‬‫َ‬ ‫المبارك َِة‬
‫َ‬ ‫الم َح َّم ِد َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫المرح َل� ُة األُول�ى ‪ :‬هي َ‬
‫مرح َل ُة ِّ‬
‫الرس�الة ُ‬ ‫مرحلة الرسالة‬
‫صم ُة)‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اله ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حي و الع َ‬ ‫الو ُ‬ ‫الش�رع ِّي ( َ‬‫دي َّ‬ ‫المحمدية بين َم َّك َة والمدينَة ‪ ،‬وقوا ُم هذه المرحلة في َ‬
‫ِ‬
‫باعتبارها‬ ‫زات‪ ،‬وكان ال َبد ُء بها‬ ‫ِ‬
‫والمعج ُ‬ ‫ُ‬
‫األخالق‬ ‫األساس ‪ ،‬ويليها النُّ ُب َّو ُة ‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫األزم ِنة‬
‫ِ‬ ‫عبر‬ ‫ِ‬
‫والتاريخ ) َ‬
‫الش�رعي ِة للر ِ‬
‫بط بين ( الدِّ يانة‬ ‫َّ َّ‬
‫ِ‬
‫راسة َّ‬ ‫المشت َ‬
‫َرك في الدِّ‬ ‫�م ُ‬
‫ِ‬
‫القاس َ‬
‫الالح َق ِة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألزمنة‬ ‫الس ِ‬
‫ابقة‬ ‫َّ‬
‫الله ‪ m‬إل�ى ِقيا ِم الس ِ‬
‫�اعة‪ ،‬وتُعدُّ هذه‬ ‫رس�ول ِ‬
‫ِ‬ ‫الوفاة لِ‬
‫ِ‬ ‫المرحل� ُة ال ّثاني� ُة‪ِ :‬م�ن ِ‬
‫عهد‬
‫َّ‬ ‫مرحلة ما بعد‬
‫ب ِ‬
‫مراح ِل التَّحو ِل اإليجابي والسلبي‪ .‬و ُك ُّلها مجموع ٌة في أركانِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرسالة إلى قيام المرحل ُة من أص َع‬
‫َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة‬
‫غرى ‪.‬‬ ‫والوس َطى ُّ‬
‫والص َ‬ ‫ُبرى ُ‬ ‫العل ِم بِعالمات َّ‬
‫الساعة الك َ‬

‫عهد آد َم ش‬ ‫المرحل ُة ال َّثالِ َث ُة ‪ :‬وهي الدِّ راس ُة النَّصي ُة ِمن بع َث ِة النَّبِي ‪ m‬نَص ًا إلى ِ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫مرحلة ما قبل‬
‫ِ‬
‫وخلق َح َّوا َء‬ ‫الجنَّ َة‬ ‫َّب على تعلي ِم آ َد َم األس�ما َء ُ‬
‫وس�كنا ُه َ‬ ‫َ‬
‫وهابيل وما ترت َ‬ ‫وابنِ ِه َ‬
‫قابيل‬ ‫البعث‬

‫َالح َق ِة ‪.‬‬
‫صور المت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الشيطان للغوا َية ‪ ،‬وما تال ُه من الت ََّح ُّوالت في ال ُع ِ ُ‬
‫ِ‬
‫وتسليط َّ‬

‫الكيف َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫الم َر ِ‬
‫احل تأتي على‬ ‫أن حصا َن َة َ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت َّ‬ ‫ُّ‬
‫يث فِ ِ‬
‫أحاد ِ‬
‫ويستفاد من ِدراس ِة ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الت ِ‬
‫َّالية‪:‬‬
‫ُ‬
‫األخالق‬ ‫زات‪،‬‬
‫عج ُ‬ ‫‪ -1‬مرحل ُة الرسا َل ِة‪ ..‬الوحي ‪ِ ،‬‬
‫العصم ُة ‪ ،‬الم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫الخ َل ِ‬
‫فاء‪.‬‬ ‫ف ُ‬ ‫اشدَ ِة‪ ،‬االجتهاد ‪ ،‬نُصوص النُّبو ِة ‪ِ ،‬‬
‫مواق ُ‬ ‫الخالفة الر ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ -2‬مرحل ُة‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫فظ ب ِ‬
‫يضة اإلسلا ِم ‪ ،‬إقام ُة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الملك ال َعضوض وحتّى مرحلة ال ُغثاء‪ ،‬ح ُ َ‬ ‫‪ -3‬مرحل� ُة ُ‬
‫سبيل ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد في‬ ‫ِ‬
‫فرض‬
‫والعل ِم‪ ،‬وإنَّما يبقى ِ‬‫نقض الحك ِم ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فظ‬‫الح ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫موزها بعد‬ ‫وال حصا َن َة لمرح َلة ال ُغثاء ُ‬
‫الم َط ِر‪ :‬ال ُيدْ َرى َأ َّو ُل ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الع�ام ل ُ ِ‬
‫أل َّمة على ص َفة ال ُعمو ِم من قوله ‪َ « :m‬م َث ُ�ل ُأ َّمتي َم َث ُل َ‬ ‫ُّ‬

‫‪26‬‬
‫ويص ِة‬
‫«فعليك بِ ُخ َ‬
‫َ‬ ‫�ة في قولِ ِه ‪:m‬‬
‫الخويص ِة والخاص ِ‬
‫َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َخ ْي ٌ�ر َأ ْم آخ ُر ُه»((( وعلى ص َفة ُ َ‬
‫نفس َك»(((‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ب بين‬ ‫َّقار ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬‫إن الدِّ راس� َة النَّصي� َة هي أس�اس ِ‬‫ّ‬
‫الدراسة النصية‬ ‫وأس�اس الت ُ‬
‫ُ‬ ‫الحضارات‬ ‫وار بي�ن‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َ‬
‫نبي‬ ‫ِ‬ ‫الج َس ِد‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أساس حوار‬ ‫اإلسالمي منذ وفاة ِّ‬
‫ِّ‬ ‫وأس�اس ُمعالجة االنهيارات المتالحقة في َ‬ ‫ُ‬ ‫األديان‬
‫الحضارات‬ ‫المعاصر ِة المقيدَ ِة نَص ًا بِمسمى ( ِ‬
‫وتقارب األديان‬ ‫عهد‬ ‫َّ ُ َ ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫مرح َلتِنا‬ ‫ِ‬
‫الساعة‪ ،‬مرور ًا بِ َ‬
‫ِ‬
‫األُ َّمة ‪ m‬حتَّى قيا ِم َّ‬
‫الغثائ َّي ِة ) ‪.‬‬
‫ِ‬

‫ق�ه التَّحو ِ‬
‫الت )‬ ‫الجديدة المس�م ِاة بـ ( فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫دراس�تِنا‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫وفصلنا ُه في َ‬
‫وه�ذا م�ا جمعنا ُه َّ‬
‫ين والحاوي على ِ‬
‫العل ِم‬ ‫ِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬ ‫الرابِ ِع من‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كن َّ‬ ‫لم القائ ُم على دراسة ( ُّ‬
‫وهو الع ُ‬
‫عالمات الس ِ‬
‫اعة ) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫َّ‬

‫اإلسالمي‬ ‫ِ‬
‫للواق ِع‬ ‫القرا َء ِة‬
‫مق ِ‬
‫راس َة ُمستقا ٌة من ُع ِ‬ ‫الدِّ‬ ‫أن هذه‬‫وأعت َِقدُ ‪-‬والل ُه أع َل ُم – ّ‬
‫الدراسة الجديدة‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫رسول الله ‪ m‬أن تك َّل َم عنه واستعرضه للركن الرابع‬ ‫ِ‬ ‫وعرض هذه القراء ِة على ما سبق لِ‬‫ِ‬ ‫تمز ِق ‪،‬‬
‫الم ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأهميتها‬ ‫ش�ار إليها ( بِ ِف ِ‬ ‫ِ‬
‫قه‬ ‫الم ِ‬‫الفكرة ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫نجاح‬ ‫أج�ز ُم بِتما ِم‬ ‫والح ِقها ‪ .‬وال ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحوادث‬ ‫ِ‬
‫س�ابق‬ ‫ِم�ن‬
‫الخاص ِة‬
‫َّ‬ ‫زاو َيتِي‬‫ومعالجتِها ولو ِمن ِ‬
‫َ‬
‫أجزم بنجاحها ج ِ‬
‫زئ ّي ًا‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫َّح�والت ) ُك ِّلي ًا ‪ ،‬وإنَّما ِ ُ‬
‫الت ُّ‬
‫األحداث والتَّحو ِ‬
‫الت ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بهمات‬ ‫ٍ‬
‫لكثير من ُم‬
‫ُّ‬

‫وق َّي ِة‬‫الذ ِ‬


‫�و ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫كنت وليدَ ثقا َفة األُ ُب َّ‬
‫حيث ُ‬‫�ة ُ‬ ‫األمر معاناتي الخاص ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫وكان�ت بداي� ُة هذا‬
‫مع المؤلف في‬
‫مسيرة المعاناة‬ ‫ِ‬
‫المهاج ِر‬ ‫التقليدي ِة وأحدَ المنتَمين إلى آل الب ِ‬
‫يت النَّ َب ِو ِّي من ذراري اإلما ِم‬ ‫ِ‬ ‫والمذهبِ َّي ِة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫علي ‪ n‬أجمعين ‪.‬‬ ‫بن ٍّ‬ ‫ين ِ‬ ‫الح َس ِ‬
‫بن عيسى المنتمي إلى اإلما ِم ُ‬ ‫أحمدَ ِ‬

‫((( إسناده صحيح ‪ ،‬تفسير القرآن البن كثير (‪.)493 :7‬‬


‫((( إس�ناده صحيح لغيره ‪« ،‬موس�وعة أحاديث الفتن وأش�راط الس�اعة» للدكتورين همام وابنه‬
‫(‪.)1644‬‬

‫‪27‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫دركاتي‬ ‫وش َّو َش ُم َ‬ ‫سيرتي ال َع َم ِل َّية والعلم َّية ما أق َل َقني َ‬
‫وأذه َل َعقلي ‪َ ،‬‬ ‫ورأيت في َم َ‬
‫ُ‬
‫يم َّي ِة‬
‫األكاد ِ‬
‫ِ‬ ‫راس ِة‬ ‫ِ‬ ‫راس�ي ِة َّ ِ ِ‬
‫دء وخاص ًة في مرح َلتِي الدِّ ِ‬ ‫ادئ ذي ب ٍ‬
‫الشرع َّية وربطها بالدِّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َب ِ َ‬
‫وج َّيت ِ‬‫َين وأيدُ ُل ِ‬
‫ين وثقافت ِ‬‫�طر ِ‬ ‫ِ‬
‫َين ‪ ..‬وأما‬ ‫الحديث�ة ‪ ..‬وكانت ال َي َم ُن حينَها ُم َج َّزأ ًة إلى َش َ‬
‫�رع َّي ِة وبإحكا ٍم‬ ‫الش ِ‬ ‫َّبو َّي ِة َّ‬
‫مدر َس�تِي األبو َّي ِة الن ِ‬ ‫ذات�ي و َعقلي وثقا َفت�ي َف ُمت ِ‬
‫َمحو َر ٌة في َ‬
‫االرتباط بِ َع َج َل ِة‬
‫ِ‬ ‫صار ٍم ‪ ،‬وكان ال ُبدَّ ل�ي في تِلكُم المرح َل ِة من‬ ‫والت�زا ٍم َأ َب ِو ٍّي تَر َب ِو ٍّي ِ‬
‫ِ‬ ‫الحياة ويح ُلمون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫باالستقرار‪..‬‬ ‫يطمحون في‬ ‫الحياة العلم َّية الحدي َثة م َثل غيري م َّمن َ‬
‫جت من ال ُك ِّل َّي ِة‬‫تخر ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫بالمدر َس�ة األكاديم َّية حت�ى َّ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ف�كان لي َح ُّظ االلتحاق ُ‬
‫المتَدَ ِّر ِج‬
‫فاالمتياز‬
‫ُ‬ ‫الم َو ِّقعين على شها َد ِة ال ُك ِّل َّي ِة ‪..‬‬ ‫غير َفه ِم ُ‬ ‫ِ‬
‫االمتياز ُ‬ ‫همي لِدَ َر َج ِة‬
‫ولعل َف ِ‬
‫بامتياز َّ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫راس�ات‬ ‫�رعي ِة على س�لبي ِ‬
‫ات الدِّ‬ ‫�ة األَب ِوي ِة َّ ِ‬ ‫ال�ذي أن�ا بِصدَ ِد ِه هو انتِصار الدِّ راس ِ‬
‫ّ‬ ‫الش َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بع َّي ِة‬
‫والعالقات ال َّط ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والع�ادات‬ ‫ِ‬
‫قافات‬ ‫الوضع َّي ِة وأيض ًا عل�ى مجمو َع ِة ال َّث‬
‫ِ‬ ‫اإلنس�انِ َّي ِة‬
‫َّداخ ِل‬ ‫للضدِّ ‪ ..‬وإنما هي معرك ُة الت ُ‬
‫َّ�زاو ِج والت ُ‬ ‫الض�دِّ ِّ‬ ‫معر َك َة ِّ‬
‫االنتصار َ‬
‫ُ‬ ‫‪ ..‬ول�م يك�ن‬
‫َ‬
‫المكان‬ ‫الز َ‬
‫مان و‬ ‫ب َّ‬ ‫ِ‬ ‫قل وال َق ِ‬ ‫ِ‬
‫دوائر ال َع ِ‬ ‫المدر َس�ت ِ‬ ‫وإغناء إيجابِي ِ‬
‫لب بما ُيناس ُ‬ ‫َين في‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الرح َل َة‬ ‫َ‬ ‫والمواهب وال ُقدُ ِ‬
‫ِ‬
‫الح ُّق س�بحا َن ُه وتعالى أن ُي َه ِّي َئ لي ِّ‬
‫واإلمكان‪ ،‬وش�اء َ‬ ‫رات‬ ‫َ‬
‫هور الت ََّص ُّو ِر‬ ‫الف ِ‬‫حيث كان بها منب ُت ِ‬ ‫الش�ري َف ِ‬ ‫الح َر َم ِ‬ ‫ِ‬
‫كرة و ُظ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ين ُ‬ ‫ين َّ‬ ‫أرض َ‬ ‫الم َقدَّ َر َة إلى‬
‫ُ‬
‫ضات والتَّنا ُق ِ‬
‫المتناق ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضات‬ ‫حصى من‬ ‫ورأيت في تلك البِي َئة ما ال ُي َحدُّ وال ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫اإليجابِ ِّي‬
‫عاص َر ِة ‪.‬‬
‫اإلعالمي ِة الم ِ‬
‫َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫للمدرسة اإلسالم َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواع َي َة‬ ‫والتزمت ِ‬
‫القرا َء َة‬ ‫ُ‬

‫وقفت في�ه َخطيب ًا‬‫ُ‬ ‫ِ‬


‫والمنب�ر ال�ذي‬ ‫كن�ت في�ه إمام ًا‬‫ُ‬ ‫المس�ج ِد الذي‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رح�اب‬ ‫وف�ي‬
‫االعتراضات‬
‫الخواص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومجالسة ومنا َق َشة‬ ‫الخاص والعا ِّم‬ ‫ِ‬
‫للمحيط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫روس العلم َّية َّ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫الش�رع َّية ُ‬ ‫واالحتجاجات والدُّ‬
‫ِ‬ ‫بين األمة‪..‬‬
‫ب‬ ‫وحدَ ٍ‬
‫أجناس المس�لمين القادمين من ك ُِّل َف ٍّج َ‬ ‫ِ‬ ‫الخواص والعوا ِّم وكا َّف ِة‬ ‫ِّ‬ ‫وخواص‬
‫ِّ‬ ‫لماذا ؟‪..‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حم ٍد عليه‬ ‫ِ‬ ‫بيت ِ‬ ‫إلى ِ‬
‫واالعتراضات‬ ‫والسال ِم‬
‫الصالة ّ‬ ‫أفضل ّ‬ ‫ُ‬ ‫وزيارة النَّبِ ِّي ُم َّ‬
‫َ‬ ‫الله الحرا ِم‬
‫والمعت َِرضين‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َت َع ِّلمي َن ُ‬
‫واالحتجاجات اليوم َّية وش�به اليوم َّية فيما بيننا و َع َش�رات ُ‬

‫‪28‬‬
‫ِ‬
‫اإلحساس‪..‬‬ ‫الذ ِ‬
‫ات و َأ َل ٌم في‬ ‫والمخالِ ِفين ِمن ُأ َّم ِة اإلسال ِم َتك ََّو َن َه ٌّم في ّ‬ ‫ِِ‬
‫والموافقين ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫تكون‬ ‫تكون الدِّ يا َن ُة‪..‬؟ أهكذا‬
‫ُ‬ ‫سائ ُلني‪ :‬أهكذا الدِّ ي ُن ‪..‬؟ أهكذا اإلسال ُم ‪..‬؟ أهكذا‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫ات ِ‬‫وشرع أم تولِي َف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مراح ٍل‬ ‫ٌ‬ ‫مذهبِ َّيتُنا ع ٌ‬
‫لم‬ ‫األمان ُة ‪..‬؟ هل صوف َّيتُنا َح ٌّق أم باط ٌل ! هل َ‬
‫قادح ِ‬
‫شام ٌل ! ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫سول ِ‬
‫الله ‪َ m‬ش َر ٌ‬ ‫! هل انتِ ُ لآِ ِ ِ‬
‫يت ر ِ‬
‫ف أم ٌ‬ ‫ماؤنا ل َب َ‬
‫ِ‬ ‫يط�ر ُق‬
‫وإس�فاف‬
‫ٌ‬ ‫إرجاف‬
‫ٌ‬ ‫والمس�ام َع؟‬ ‫القلب‬
‫َ‬ ‫م�اذا ي�دور في الواق� ِع ‪..‬؟ وم�اذا ُ‬
‫واحتقار واستِ ٌ‬
‫نكاف !!‬ ‫األولياء والع َل ِ‬
‫ماء‬ ‫ِ‬ ‫وتجر ٌؤ على‬ ‫واستخفاف!‪..‬‬
‫ٌ‬ ‫واستهزا ٌء‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫الف واختِ ٌ‬
‫الف‪!...‬‬ ‫وخ ٌ‬‫حير ٌة بين المص ِّلين وهم وغم ِ‬
‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫وبي�ن هذا وذاك ‪ ..‬كانت ِ‬
‫بداية االنطالق في‬
‫وكنت‬
‫ُ‬ ‫�م لتب ُل َغ مداها ال ُع َّ‬
‫مري الموعو َد ‪..‬‬ ‫تتزاح ُ‬
‫َ‬ ‫الفكر ُة‬
‫فقه التحوالت‬ ‫َ‬
‫حديث‪:‬‬ ‫باب ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫«صحيح ُمسل ٍم» من ِ‬
‫ِ‬ ‫والقارئ يقر ُأ في‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫ِ‬
‫درس‬ ‫يو َمها في‬
‫رهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الع�راق أن ال يج�ي َء إليهم ـ وف�ي‬ ‫�ك ُ‬ ‫ِ‬
‫(يوش ُ‬
‫قفي�ز وال د ٌ‬ ‫رواية ُيج َب�ى ـ ٌ‬ ‫أه�ل‬
‫الحديث ‪ ،‬وكانت‬‫ِ‬ ‫قلن�ا‪ :‬م�ن أين ذاك؟ قال‪ :‬من ِق َب ِل ال َع َج ِم يمنع�ون ذلك(((‪)..‬الخ‬
‫االقتصادي على‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫بالحص�ار‬ ‫ع�اش ما ُع ِر َ‬
‫ف حينَه�ا‬ ‫ِ‬ ‫المعرك� ُة الدائ�ر ُة ف�ي الواق ِع ُ‬
‫الم‬
‫اف ـ َر ِح َم ُه ال ّل ُه‬
‫بن أحمدَ الس َّق ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫عبدالقادر ِ‬ ‫الحبيب‬
‫َ‬ ‫شيخنا العلاّ َم َة‬
‫فسألت َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العراق ‪..‬‬
‫اآلن في‬ ‫الحديث ين َطبِ ُق على ما يجري َ‬ ‫ُ‬ ‫س‪ :‬س ِّيدي‪ ..‬هل‬ ‫ِ‬
‫المجل ِ‬ ‫َر ْح َم َة األَ ْب َر ِار ـ في‬
‫وحها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األحاديث ُ‬ ‫نيه ًة ُثم قال‪ :‬نعم ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وش ُر َ‬ ‫أطراف‬
‫َ‬ ‫راج ْع‬ ‫فسكت ُه َ َّ‬
‫َ‬ ‫العراق؟‪..‬‬

‫المعر َف ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ب األحداث وغرائ َ‬
‫ِ‬
‫فوجدت عجائ َ‬
‫ُ‬ ‫وراجعت أ ّيام ًا وليالِ َي‬
‫ُ‬ ‫فراجع�ت‬
‫ُ‬
‫الحدي�ث ‪( :‬وه�ذا قد ُو ِج�دَ ف�ي زمانِنا في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش�رح‬ ‫َّ�وو َّي ق�ال في‬‫إن اإلم�ام الن ِ‬
‫ب�ل َّ‬
‫ِ‬
‫العراق)(((‪.‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7499‬‬


‫((( شرح النووي على مسلم (‪.)20 :18‬‬

‫‪29‬‬
‫باب جدي�دٌ وتع ُّل ٌم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ�ح لي ٌ‬
‫الس�اعة وعالماتها‪ ،‬وانفت َ‬
‫بأب�واب َّ‬ ‫َي�ت بع�د هذا‬
‫واعتن ُ‬
‫شرعي ُمفيدٌ ‪..‬‬
‫ٌّ‬

‫أحببت أن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض فساد ًا‪ ،‬وإنَّما‬ ‫ب وال أسعى في‬‫ولست بِ ُمدَّ ٍع اجتهاد ًا‪ ،‬وال أر َغ ُ‬
‫ُ‬ ‫تقرير الحالة‬
‫فقرأت فيما‬ ‫ِ‬
‫وغوائ َل ُه ‪..‬‬ ‫ِ‬
‫الوضع َّي‬ ‫َّ�ب ِ‬
‫اإل َ‬
‫فك‬ ‫ِ ِِ‬ ‫العلم َّ ِ‬ ‫أعيش ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫الش�رع َّي من داخله وأتجن َ‬ ‫َ‬
‫تركيز الجمي ِع على‬
‫ُ‬ ‫وم�ر ًة بعدَ أخرى كان يش� َغ ُلني‬
‫جبريل ش ‪َّ .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حدي�ث‬ ‫ق�رأت‬
‫ُ‬
‫الرك َن‬ ‫قلت‪َّ :‬‬
‫إن ُّ‬ ‫َب َش َطط ًا إن ُ‬ ‫وخ ِش ُ‬
‫يت أن أرك َ‬ ‫الراب ِع ‪َ ،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫وإهمال المعادل َّ‬
‫أركانِ ِه ال َّث ِ‬
‫الثة‬
‫وجدت ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬
‫ِ‬ ‫لم بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القائ َل لهذا هو‬ ‫ُ‬ ‫اعة ‪ ..‬ولكن‬ ‫َّ‬ ‫الرابِ َع من أركان الدِّ ين هو الع ُ‬ ‫المدخل إلى‬
‫سات ال ُع ِ‬
‫صور‬ ‫دراسة الركنِي ِة ومالب ِ‬
‫ِ‬ ‫فأخذت في‬ ‫الم َؤ ِّكدُ عليه‪.‬‬ ‫ر ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫س�ول الله ‪ m‬وهو ُ‬ ‫َ‬ ‫معرفة الركنية‬
‫الرابعة‬
‫َّحوالت و ُم َت َع َّلقاتِ ِه‬ ‫االهتما ِم به ‪ ..‬فكان لي ِ ِ‬
‫معر َف ُة فقه الت ُّ‬
‫التي حجزت السابِقين عن ِ‬
‫َّ‬
‫قات» بعد َز َم ٍن‬ ‫س و المن َط َل ِ‬ ‫الكتاب الذي أسمي ُت ُه بـ «األُ ُس ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ ،‬وها أنا ذا َأ َض ُع ُه في هذا‬
‫ُ‬
‫َّرتيب والح ِ‬
‫ال أن ين َف َع الل ُه به َمن َه َّي َأ له الن َ‬
‫َّفع‬ ‫ِ‬
‫َّركيب آم ً‬ ‫ذف والت‬ ‫َ‬ ‫الجم ِع والت ِ‬ ‫طويل من َ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫والكتاب بعيد ًا عن ال ُغ ُل ِّو‬ ‫السن َِّة‬
‫واب إلى ما جا َء في ُّ‬
‫الص َ‬ ‫له َم ِ‬
‫قار َئ ُه َّ‬ ‫واالستفا َدةَ‪ ،‬وأن ُي ِ‬
‫واإلفر ِ‬
‫اط والت ِ‬
‫َّفريط‪..‬‬ ‫ِ َ‬

‫خالل وض ِع‬ ‫َ‬ ‫م�ات الها َّم ِة التي َف ِهمتُها‬


‫ِ‬ ‫الم َقدِّ‬ ‫ِ‬
‫بعض ُ‬ ‫وضع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الواجب‬ ‫أن من‬ ‫وأعت َِق�دُ َّ‬
‫مقدمات هامة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المبتَد ِئ‪َ ..‬‬
‫وسنَد ًا أكيد ًا‬ ‫ال ُمفيد ًا وتمهيد ًا َس�ديد ًا للقار ِئ ُ‬
‫دخ ً‬ ‫َ‬
‫لتكون َم َ‬ ‫راس�ة‬ ‫لقراءة عالمات هذه الدِّ َ‬
‫س�ن مالح َظتِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫حي�ث نحتاج لِر ِأي ِ‬ ‫الساعة‬
‫�ه‪ ،‬والل ُه‬ ‫وح ِ ُ َ‬ ‫ومعر َفته ُ‬ ‫�ه‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫�ص ‪..‬‬‫َخ ِّص ِ‬
‫المت َ‬
‫�ق ُ‬ ‫للم َت َع ِّم ِ‬
‫ُ‬
‫الم َو ِّف ُق‪.‬‬
‫ُ‬
‫تعليل ال َّظ ِ‬
‫واهر‬ ‫ِ‬ ‫َّجاو ِز في‬ ‫َ‬ ‫لعالمات الس ِ‬
‫ِ‬ ‫فأقول ‪ :‬مع ِ‬
‫كثرة الت ِ‬ ‫ُ‬
‫بعض الت ُ‬ ‫حصل ُ‬ ‫�اعة‬ ‫َّ‬ ‫َّناول‬
‫العل ِم الحريصين على‬ ‫أهل ِ‬
‫أثار َ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ال ُكت ِ‬
‫واس�تعج َل ُ‬
‫مما َ‬‫تفسيرها َّ‬ ‫َّاب والباحثين في‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ِّد‬
‫س�ائل الحاوية على َّ‬ ‫سلامة الدِّ يانة من ال َع َبث والج�رأة ‪ ،‬وصدرت ُجمل ٌة من َّ‬
‫الر‬

‫‪30‬‬
‫والمت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ ِ‬
‫الم َع َّقدَ‬
‫َناولين هذا ال َف َّن ُ‬ ‫للم َت َك ِّلفين ُ‬‫تفاوت بي َن االعتدال وبي َن ال ُغ ُل ِّو في النَّقد ُ‬ ‫ُ‬
‫لط ووضع لها‬ ‫والخ ُ‬
‫ي�ش َ‬ ‫ِ‬
‫المس�ائ َل((( التي يك ُث ُر فيها ال َّط ُ‬ ‫الباحثِين‬
‫بعض ِ‬ ‫أجم�ل ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬وق�د‬
‫الضوابِ َط التالي َة ‪:‬‬
‫َّ‬

‫تبقى األشراط‬ ‫�ف إيجا َدها‬ ‫ِ‬


‫المظنون دون أن نتك َّل َ‬ ‫ِ‬
‫دائرة التَّو ُّق� ِع‬ ‫ُ‬
‫األش�راط ف�ي‬ ‫‪ -1‬أن تب َق�ى هذه‬
‫في دائرة التوقع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫المظنون‬
‫أمور كون َّي ٌة َقدَ ر َّي ٌة واقع ٌة ال محال َة ‪ ،‬ولم نُخا َطب‬
‫بإجراءات من عند أن ُفس�نا ‪ ،‬وأنَّها ٌ‬
‫الشها َد ِة ‪.‬‬ ‫يب إلى عالم َّ‬ ‫ِ‬
‫باستخراجها من عا َل ِم ال َغ ِ‬

‫ُصوص‬
‫ُ‬ ‫األش�راط طِبق ًا لم�ا َد َّلت عليه ن‬
‫ِ‬ ‫لتسلس ِ‬
‫�ل‬ ‫ُ‬ ‫الزمنِ ُّي‬ ‫‪ -2‬أن ُيراع�ى الت ُ‬
‫َّرتيب َّ‬
‫زمن�ه وترتيبِ ِه إال‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ‬
‫مراعاة الترتيب‬ ‫ِ‬ ‫�ريف وعَ�دَ ُم ال َقط ِع بِ‬
‫دليل على‬ ‫ترتيب م�ا ال َ‬ ‫زم�ان أو‬ ‫ِ‬
‫الوح�ي َّ‬
‫الزمني لألشراط‬
‫ِ‬
‫بتعيين ترتيبه�ا مث ً‬
‫ال (‬ ‫ُّص�وص‬ ‫ِ‬
‫األش�راط الت�ي قطعت الن‬ ‫ِ‬
‫َّخمي�ن ‪ ،‬فمن‬ ‫بِال َّظ� ِّن والت‬
‫ُ‬
‫ومأجوج )‬
‫ُ‬ ‫وج‬
‫يأج ُ‬ ‫الدَّ َّج ُال ‪ ،‬يليه ُ‬
‫نزول عيسى‪ ،‬يليه ُ‬

‫تعيين ترتيبها بالنِّس� َب ِة لما‬


‫ِ‬ ‫مات إجمال َّي� ٌة ُذ ِكرت دون‬ ‫ِ‬
‫العالمات مقدِّ ٌ‬ ‫وأخ�رى م�ن‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫أرض ال َع َر ِ‬ ‫ِ‬
‫وعودة‬ ‫ب‪،‬‬ ‫كانحس�ار ال ُف ِ‬
‫رات عن َج َب ٍل من َذ َه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األش�راط ‪،‬‬ ‫ُيت ََو َّق ُع من‬
‫ُم ُروج ًا وأنهار ًا ‪ِ ،‬‬
‫وغير ذلك(((‪.‬‬

‫عو ِة‬ ‫كالدَّ‬ ‫الشر ِع‬ ‫ِ‬


‫الوقت وتكاليف َّ‬ ‫ِ‬
‫واجب‬ ‫‪ -3‬أن ال يؤ ِّثر هذا التَّر ُّقب سلب ًا على ِ‬
‫أداء‬
‫عدم تأثير الترقب‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫على واجب‬ ‫والج ِ‬
‫هاد انتظار ًا ُلوقوعها ‪.‬‬ ‫العل ِم ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫و َط َل ِ‬
‫الوقت‬
‫اقتراب الس ِ‬ ‫الزمانِ َّي ِة عند الكال ِم عن‬ ‫‪ -4‬االنتباه إلى الن ِ‬
‫فإن ال ُق َ‬
‫رب وال ُبعدَ‬ ‫اعة ‪َّ ،‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِّسبة َّ‬ ‫ُ‬
‫السني َن ال يع َل ُمها إال الل ُه‪.‬‬ ‫أمر نِسبِ ٌّي ‪ ،‬و َمن يدري َّ‬
‫لعل بيننا وبينها آالف ًا من ِّ‬ ‫كالهما ٌ‬

‫االحتمال على واق� ٍع ُم َع َّي ٍن إال بعد‬


‫ُ‬ ‫يطر ُقها‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -5‬ال ِ‬
‫ُّص�وص التي ُ‬ ‫إس�قاط الن‬ ‫يمك ُن‬

‫(( ( في كتاب (فقه أشراط الساعة) لمحمد إسماعيل المقدم‪.‬‬


‫((( فقه عالمات الساعة ص‪.187‬‬

‫‪31‬‬
‫ِ‬
‫وانقضائها‪.‬‬ ‫ُوقوعها‬

‫َ‬
‫أحاديث‬ ‫ف رحمهم الل�ه – أنهم ال ُين َِّز َ‬
‫لون‬ ‫ث�م قال الباحث‪ :‬فقد كان هدي الس� َل ِ‬
‫َ ُ َّ‬ ‫هدي السلف أمام‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أصدق تفس�ير لها وقو َعها ُمطاب َق ًة ل َخ َبر النَّب ِّي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يرون‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فقه التحوالت الفتَن على واق ٍع حاضر ‪ ،‬وإنما‬
‫شرحها‬ ‫ِ‬ ‫الشري َف ِة كانوا ُي ِفيضون في‬ ‫ِ‬
‫األحاديث َّ‬ ‫شارحي‬‫أن عا َّمة ِ‬ ‫‪ m‬ولذلك ن ِ‬
‫ُالح ُظ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أمسكُوا‬
‫السا َعة َ‬ ‫أبواب الفت َِن وأشراط َّ‬ ‫‪،‬واستنباط األحكا ِم منها ‪ ،‬حتى إذا َأتَوا على‬
‫ِ‬
‫بشرح‬ ‫ِ‬
‫الحديث واك َت َفوا‬ ‫ِ‬
‫تحقيق‬ ‫ور َّبما اقت ََصروا على‬ ‫ِ‬
‫أو اقت ََصدوا في شرحها للغاية ‪ُ ،‬‬
‫غريبِ ِه ‪.‬اهـ ‪.‬‬

‫يطر ُق‬
‫مما ُ‬ ‫الضابِ ُط َّ‬
‫ُّصوص التي ُي َط َّب ُق عليها هذا َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تكون الن‬ ‫وق�ال ‪ ( :‬وال ُب�دَّ من أن‬
‫النصوص‬
‫ِ‬
‫لي�ل على المراد منها‬ ‫ِ‬
‫المحك ََمة التي َد َّل الدَّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وعالقتها بما دال َلتَ� ُه‬
‫ُّص�وص ُ‬ ‫ُ‬ ‫االحتمال ‪ ،‬بخالف الن‬
‫ِ‬ ‫يطرقه االحتمال‬
‫ِ‬
‫المس�يح ش‬ ‫مثل ن ُُز ِ‬
‫ول‬ ‫الضابط ‪َ ،‬‬ ‫تخض ُع لهذا‬‫�س على َأ َح ٍد ‪ ،‬فإنها َ‬ ‫بحي�ث التلتَبِ ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المهد ِّي ‪َ ،‬‬
‫ومثل‬ ‫خل�ف‬ ‫بح‬ ‫بد ِم ْش َ‬ ‫ِ‬
‫البيضاء ِ‬ ‫المنار ِة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الص َ‬ ‫�ق ‪ ،‬وصال ُت ُه ُّ‬ ‫َ‬ ‫الس�ماء عند‬ ‫من‬
‫ال بِ ِص َفتِ ِه التي أخبر عنها النَّبِ ُّي ‪. m‬‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ُخ ِ‬
‫ِ‬
‫كاألحاديث‬ ‫وإه�دار ما ع�داه‬ ‫ِ‬
‫ش�رع َّي ٌة‬ ‫ِ‬
‫مص�اد ِر التَّل ِّق�ي فيما هو ُح َّج ٌة‬ ‫حص�ر‬ ‫‪-6‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حصر‬
‫ف‬ ‫ُعار ُض ما عندنا أو التي ُأ ِمرنا بالتَّو ُّق ِ‬ ‫ات التي ت ِ‬ ‫واالس�رائيلي ِ‬
‫ِ‬ ‫والموضو َع ِة‬
‫ُ‬ ‫الضعي َف ِة‬
‫َّ‬ ‫مصادرالتلقي‬
‫َّ‬
‫فيها ‪.‬‬

‫فكل ُه إلى عالِ ِم ِه ‪..‬‬


‫أشكل عليك ِ‬
‫َ‬ ‫‪ -7‬ما‬

‫قل االختِ ُ‬
‫لاف‪ ،‬ومن َق ُص َر‬ ‫ف َّ‬ ‫لوس�كت َمن ال ِ‬
‫يع�ر ُ‬ ‫َ‬ ‫حام�د الغزالِ ُّي ‪« :‬‬
‫ٍ‬ ‫وق�ال أب�و‬
‫ِ‬ ‫وض�اق نظره ع�ن كالم ع ِ‬
‫لماء األُم ِ‬
‫�ة واال ِّطال ِع فما له ولل َّت َك ُّل� ِم فيما ال‬
‫يدريه‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُُ‬ ‫با ُع� ُه‬
‫كوت) ‪.‬‬‫الس َ‬ ‫يلز َم ُّ‬
‫ثل هذا أن َ‬ ‫وحق ِم ِ‬
‫يعنيه ‪ُّ ،‬‬ ‫خول فيما ال ِ‬
‫والدُّ ِ‬
‫ال نعطل السنن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بح َّج ِة‬
‫انتظار المهد ِّي‪ ،‬وما أصدَ َق ما نُس َ‬
‫ب في هذا‬ ‫واألسباب ُ‬
‫َ‬ ‫‪ -8‬ال ُن َع ِّط ُل ُّ‬
‫السن َن‬ ‫واألسباب‬

‫‪32‬‬
‫اد ِق رحمه الله من قولِ ِه لمن خاض في األحكا ِم ال َقدَ ِر َّي ِة وانش َغ َل بها‬ ‫إلى جع َف ٍر الص ِ‬
‫َّ‬
‫إن الل َه أراد بنا أشيا َء وأرا َد ِمنّا أشيا َء‪ ،‬فما أراده بنا أخفا ُه َعنَّا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الوقت‪ّ ( :‬‬ ‫ِ‬
‫واجب‬ ‫عن‬
‫عما أراده ِمنّا) (((‪.‬‬ ‫وما أراده ِمنَّا بينَه لنا ‪ ،‬فما با ُلنا َ ِ‬
‫ننشغ ُل بما أرا َد ُه بنا َّ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫التأصيل الم ِ‬
‫رأي المؤلف فيما‬
‫فيد والها ِّم الذي نقلناه عن الحريصي َن‬ ‫ِ ُ‬ ‫قلت ـ والله أعلم ـ ‪ :‬ومع هذا‬
‫ُ‬
‫سبق من الضوابط‬ ‫ف�إن األَقال َم‬
‫االنفعالي َّ‬ ‫الله وس�ن َِّة رس�ولِ ِه ِمن العب ِ‬
‫�ث‬ ‫كتاب ِ‬
‫ـ إن ش�اء الل�ه ـ عل�ى ِ‬
‫ِّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫َّناو ِل‬ ‫َ‬ ‫اآلخ ِرين‬ ‫بإدراك أو ِ ِ‬
‫ٍ‬
‫خالل الت ُ‬ ‫بغيره لم تس� َلم من ُ‬
‫الوقو ِع فيما ُين َت َق�دُ لدى َ‬ ‫ذاتَه�ا‬
‫ٍ‬
‫صورة أو أخرى ‪.‬‬ ‫اعة وعالماتِها بِ‬
‫لمواضي ِع الس ِ‬
‫َّ‬

‫مالح َق ِة م�ا وجدناه من‬


‫َ‬ ‫البعض باط ً‬
‫لا وال‬ ‫ُ‬ ‫المداف َع ِة عم�ا يراه‬ ‫ِ‬
‫ولس�نا هنا بِ َص�دَ د ُ‬
‫ِ‬ ‫�ب في نز ِع َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االش�تعال‬ ‫تيل‬ ‫الجنُوح�ات ف�ي الموضوع�ات المطرو َق�ة ‪ ،‬وإنما نر َغ ُ‬ ‫ُ‬
‫المش�ت ََرك َِة في ِخد َم ِة‬ ‫ِ‬
‫الجهود ُ‬
‫ِ ِ‬
‫الح ِّق النَّاص ِع ل ُيس� َت َفا َد من ُ‬
‫يورين على َ‬
‫الم ِ‬
‫عتاد بين ال َغ ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫وإنقاذ م�ا ي ِ‬
‫مك ُن إنقا ُذ ُه ‪ ،‬والنَّ َظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإصلاح ما ي ِ‬ ‫األُم ِ‬
‫األهداف‬ ‫�ر إلى‬ ‫ُ‬ ‫إصالح ُه‬
‫ُ‬ ‫مك� ُن‬ ‫ِ ُ‬ ‫�ة‬ ‫َّ‬
‫عاالت إلى ما هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالنف‬ ‫ات‬ ‫واألش�راط وتجاو ِز الجزئي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالمات‬ ‫ِ‬
‫دراس�ة‬ ‫ال ُعليا من‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحبيب ‪m‬‬ ‫ِ‬
‫مقوالت‬ ‫الجميع‬ ‫يتفه�م‬
‫ُ‬ ‫أول�ى وأجدى ‪ ،‬والذي هو أولى وأجدى أن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح َة في الموضو ِع حتى ال ُن َف ِّو َت الحقيق َة‬
‫االختالف على‬ ‫بس�بب‬ ‫وأحادي َث� ُه َّ‬
‫ِ‬
‫العالمات على‬ ‫حقائق‬ ‫ف‬‫يكش ُ‬‫الناس اليوم إلى من ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوصول إليها ‪ ..‬وحاج ُة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫طريق ُ‬
‫أكثر من حاجتهم إلى َمن ُي َش ِّو ُش العالق َة بين الباحثين عنها ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بساط المعرفة ُ‬
‫طوي�ل فإنِّ�ي َأ ِجدُ َّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫م�دى َز َمنِ ٍّي‬
‫ً‬ ‫اش�تغلت بهذا الموض�و ِع على‬
‫ُ‬ ‫وبم�ا أنَّن�ي قد‬
‫متابعة الحاديث‬
‫ِ‬ ‫أيس ُر وأن َف ُع من متا َب َع ِة الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أيسر وأولى من‬ ‫َّعقيدات التي‬ ‫متابع َة األحاديث ذاتها واس�تقراءها الواض َح َ‬
‫متابعة تعقيدات‬ ‫ِ‬
‫العلماء‬ ‫بالعالمات‬ ‫يق�ال عنه أنَّه َع َب ٌ‬
‫�ث‬ ‫البع�ض من َح َم َل ِة األقلا ِم ِحرص ًا على ما ُ‬
‫ُ‬ ‫وض َعه�ا‬

‫((( ص‪ 203‬فقه عالمات الساعة ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫تعج ُلوها حرص ًا على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألشراط ‪ ،‬فالعابثون باألشراط كفاهم َف َش ُل مقوالتهم التي َّ‬
‫يح‬ ‫ألن الت ِ‬
‫يح والتَّشني ِع َّ‬ ‫خير من الت ِ‬
‫َّصر ِ‬ ‫ِ‬ ‫هر ِة وال ُّظ ِ‬ ‫ُّ‬
‫َّصر َ‬ ‫َّلميح في معا َت َبتهم ٌ‬ ‫هور ‪ ،‬والت ُ‬ ‫الش َ‬
‫الم َت َق ِّولي َن على‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫المخل ُص َ‬
‫فتح باب�ه ضدَّ ُ‬ ‫ادقون َ‬ ‫الص‬
‫ون َّ‬ ‫خطير ل�و أراد‬ ‫ٌ‬ ‫باب‬‫َّش�نيع ٌ‬ ‫َ‬ ‫والت‬
‫التلميح خير من‬
‫ِ‬
‫المس�أ َل ُة إلى م�ا ال ُيرضي العديدَ من‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المعاص َرة ‪ ..‬وقد تَص ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرح َل�ة ُ‬
‫َ‬ ‫غيره�م في‬ ‫التصريح في‬
‫ِ‬ ‫المتَحدِّ ثي�ن اليوم باس� ِم الدِّ فا ِع عن الس�ن ِ‬ ‫المعاتبة‬
‫العالمات‬ ‫تناو ِل‬
‫ُ‬ ‫عن�د‬ ‫ة‬ ‫وخاص‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫والكتاب‬ ‫َّة‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ألقوال َم�ن ال ينطِ ُق عن اله�وى ‪ m‬مما يزيدُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عمي�ق‬ ‫�ر‬ ‫واألش�راط بِ َت َف ُّق ٍ‬
‫�ه وا ٍع و َن َظ ٍ‬ ‫ِ‬

‫ال ِّطين َب َّل ًة والتحدِّ َي ُأوار ًا واشتعاالً‪..‬‬


‫ِ‬
‫وظاه َر َة الن َِّبز والت ََّش ِّفي‬ ‫واآلخ َر ِة‬
‫ِ‬ ‫للسال َم ِة في الدُّ نيا‬ ‫ِ‬
‫واالحتكار َّ‬
‫ِ‬
‫االحتناك‬ ‫إن ِ‬
‫ظاه َر َة‬ ‫َّ‬
‫ظاهرة االحتناك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالحتكار ‪ ،‬وظاه َر َة الت ِ‬
‫الساعة ُر َّبما‬ ‫يوب و َغمط المحاس ِن ‪ ..‬عالم ٌة من عالمات َّ‬ ‫َّركيز على ال ُع ِ‬
‫للسالمة‬
‫ثائ َّي ِة‬
‫ظاه ِر ال ُغ ِ‬
‫َّماذ ِج في كتابِنا هذا عند تناولِنا لِم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫القار ُئ في متابعتَنا لهذه الن ِ‬
‫ُ ََ‬ ‫الح َظها ِ‬ ‫َ‬
‫الم َص ِّلي� َن ـ من ك ُِّل‬ ‫ِ‬ ‫االش�تغال بها ِ‬
‫داخ َ�ل‬ ‫َ‬ ‫�ن والتَّداعي ‪َّ ،‬‬‫الو َه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حظيرة ُ‬
‫َ‬ ‫وأن‬ ‫�مول َ‬ ‫وش‬
‫والموع َظ ِة‬
‫ِ‬ ‫كم ِة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ش�يطاني‪ ،‬إال إذا ج�اءت على ص َفة الح َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫تحريش‬ ‫بـ‬ ‫ِ‬
‫المذاه ِ‬ ‫ِ‬
‫نماذ ِج‬
‫المخطِئ فض ً‬
‫ال‬ ‫�ف مع ُ‬
‫ِ‬
‫مظاه ِرها ال َّت َل ُّط ُ‬ ‫الح َس�نَ ُة ِمن‬ ‫ِ‬
‫كم� ُة والموع َظ ُة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح َس�نَة‪ ،‬والح َ‬ ‫َ‬
‫الملحمي‬ ‫ِ‬
‫وسيرها‬ ‫ِ‬
‫المراحل‬ ‫ِ‬
‫توجيه‬ ‫الم ِص ِ‬
‫يب ‪ ،‬وأ ّما ما نحا ُه َح َم َل ُة األقال ِم من‬ ‫عن ُ‬
‫(((‬
‫ِّ‬
‫السلبِ َّي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فأمر يربِ ُطنا بعالمات َّ‬
‫السا َعة وأشراطها َّ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫المتَّجهات الفكر َّية ٌ‬
‫ِ‬
‫لصال ِح ُ‬

‫بعضها‬
‫والمكاني ‪ ..‬وأما ُ‬
‫ِّ‬ ‫الز َمنِ ِّي‬ ‫ِ‬
‫َّحديد َّ‬ ‫ِ‬
‫والعالمات مجهول ُة الت‬ ‫ِ‬
‫األش�راط‬ ‫وبعض‬
‫ُ‬ ‫األشراط‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيمك ُن ِ‬
‫الح َظة واالستقراء ُ‬
‫المتأنِّي‪..‬‬ ‫معر َف ُت ُه ُ‬
‫بالم َ‬ ‫المجهولة‬
‫وموقعنا من‬
‫الل�ه ‪ m‬ف�ي ِ‬
‫الفت َِن الت�ي وقعت في‬ ‫رس�ول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫كم�ا ورد ع�ن ج ٍ‬
‫مل�ة م�ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫معارضتها‬

‫((( الملحم�ي م�ن المالح�م وه�ي الح�روب العام�ة والفت�ن الكب�رى الجائح�ة‪ ،‬وخاصة بين‬
‫المسلمين والكفار‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫فلما َر َأوها‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُع ِ‬
‫�خوص َّ‬
‫َ‬ ‫الز َم َن ُّ‬
‫والش‬ ‫يجهلون َّ‬ ‫بالوقو ِع ولكن‬ ‫صورهم‪ ،‬كانوا على عل ٍم ُ‬
‫�ي َء َقدْ‬ ‫اليم�ان ؤ ـ "‪« :‬إِ ْن ُك ْن ُت َ‬
‫أل َرى َّ‬ ‫ِ‬ ‫قائ ُلهم ـ وه�و ُحذي َف ُة ب ُن‬ ‫َعيان� ًا ق�ال ِ‬
‫الش ْ‬
‫الر ُج ُل إِ َذا َغ َ‬
‫اب َع ْن ُه َف َرآ ُه َف َع َر َف ُه»(((‪.‬‬ ‫َن ِس ُ َ‬
‫يت ‪َ ،‬فأ ْع ِر ُف َما َي ْع ِر ُف َّ‬
‫الع�وا ِم ؤ ‪« :‬نزل�ت هذه اآلي� ُة ونح ُن‬ ‫بير ب� ُن َّ‬ ‫الز ُ‬
‫وع�ن الحس�ن ق�ال‪ :‬ق�ال ُّ‬
‫رس�ول الله ‪ m‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﮊ‬ ‫ِ‬ ‫ُمتوافِرون مع‬
‫تقع ُ‬ ‫ِ‬ ‫األنفال‪ ٢٥ :‬فجعلنا ُ‬
‫حيث وقعت» (((‪.‬‬ ‫نقول ‪ :‬ما هذه الفتنَ ُة؟ وما نش ُع ُر أنَّها ُ‬

‫جم�ة إال لتُصبِ َح إحدى‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وم�ا تناو َله�ا ‪َ m‬‬
‫لماذا تناول النبي‬ ‫ب بها أما َم المأل وفي ُمناس�بات ّ‬ ‫وخ َط َ‬
‫إحراج�ات وتحدِّ ٍ‬
‫يات ‪ ..‬وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫عما تحم ُل ُه من‬ ‫ِ‬
‫بصرف النَّ َظ ِ‬ ‫م�واد ِ‬
‫‪ m‬العالمات؟‬ ‫�ر َّ‬ ‫اإلسلامي‬
‫ِّ‬ ‫الفقه‬ ‫ِّ‬
‫لم لم يسكت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألش�راط ‪،‬‬ ‫العالمات‬ ‫َ‬
‫إغفال‬ ‫ش�رعي ًا ُي ِ‬
‫لز ُمنا‬ ‫يات عام ً‬
‫ال‬ ‫ات والتَّحدِّ ُ‬
‫اإلحراج ُ‬
‫َ‬ ‫كانت‬
‫عنها أو يخف من‬
‫إشهارها؟‬ ‫تجاو ِزها‬ ‫ّلميح م�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫�كوت عنه�ا أو حتى الت ِ‬ ‫ِ‬
‫أجل ُ‬ ‫والس‬
‫فق�د كان ‪ m‬أولى بإغفالها ُّ‬
‫مت ِحيا َلها‪..‬‬
‫والص ِ‬
‫َّ‬
‫المعامالت وبِ ِ‬
‫ناء‬ ‫ِ‬ ‫تأصيل َع َم ِل ٍّي ألس ُل ِ‬
‫وب‬ ‫ٍ‬ ‫رسول الله ‪ m‬مرحل َة‬ ‫ِ‬ ‫لقد كانَت مرحل ُة‬
‫مرحلة الرسول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ m‬تأصيل‬ ‫والعالمات‬ ‫األشراط‬ ‫�ير‬ ‫�ب مع الت ََّح ُّوالت َ‬‫يتناس ُ‬ ‫المواقف بين َم َّك َة والمدينة بما َ‬
‫ب‬‫يخصها بِ ُخ َط ٍ‬
‫ف�كان ‪ُّ m‬‬‫َ‬ ‫الم َنز َل ِة على النَّبِ ِّي ‪، m‬‬ ‫ِ‬
‫الرس�الة ُ‬ ‫ُ‬
‫واألش�راط ُج�ز ٌء من ِّ‬ ‫‪،‬‬
‫الش ِ‬
‫الحام َل ِة هذا النَّمو َذ َج َّ‬
‫ِ‬ ‫أهم َّي َة األوع َي ِة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رع َّي‬ ‫ومواقف ت َُؤ ِّكدُ ِّ‬
‫َ‬ ‫واختبارات‬ ‫وتعريفات‬
‫عوب ِحيا َلها ‪.‬‬
‫للش ِ‬ ‫ِ‬
‫سلوب المب ِّل ِغ ُّ‬ ‫وأهم َّي َة األُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الحوادث‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تفسير‬ ‫من‬
‫ِ‬ ‫أن فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬
‫فقه التحوالت‬
‫أركان الدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫الت اليو َم ُي َعدُّ م�ن َأ َه ِّم‬ ‫ُّ‬ ‫ب�ل إِنَّن�ي أعتَقدُ ـ والله أعل�م ـ َّ َ‬
‫اليوم من أهم‬
‫أركان الدين‬
‫((( البخاري (‪.)6604‬‬
‫((( إسناده صحيح ‪ ،‬تحقيق «السنن الواردة في الفتن» ألبي عمرو الداني للدكتور محمد إدريس‬
‫المباركفوري (‪.)205 :1‬‬

‫‪35‬‬
‫مسلمين‬ ‫األركان الثال َث َة قد ُخ ِدمت وح ِف َظت و ُقررت واستوعبها كا َّف ُة ا ُل ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األربعة؛ َّ‬
‫ألن‬
‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّفريع‪ ،‬وهي ـ بال‬ ‫َ‬
‫َّأصي�ل والت َ‬ ‫يف والت‬ ‫مس�لمين‪ ،‬وأك َث ُروا فيها الكتا َب َة والتَّصنِ َ‬
‫ِ‬ ‫وغي�ر ا ُل‬
‫ُ‬
‫باعتباره�ا ُركن ًا ـ فهي ِوعا ُء‬
‫ِ‬ ‫الس�ا َع ِة ـ‬
‫عالمات َّ‬
‫ُ‬ ‫األعمال والطا َع ِة؛ أما‬
‫ِ‬ ‫�ك ـ م�ا َّد ُة‬ ‫َش ٍّ‬
‫ِ‬
‫ألركان الدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫�ه َظ َّل ِ‬
‫حام ً‬
‫ال‬ ‫عاء لم تُعرف حقيق ُة سلامتِ ِه ونزاهتِ ِ‬ ‫الم�اد ِة ‪ ،‬وكم ِمن ِو ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الثالثة وهو ال َي ِدي ُن بها حقيق ًة وإنما ُمجامل ًة أو ت َِق َّي ًة أو نِفاق ًا أو سياس� ًة أو تسييس� ًا‪،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫خيمة اإلسال ِم!!‬ ‫جاج َل ِة َ‬
‫داخل‬ ‫ِ‬
‫خدمة الدَّ َج ِل والدَّ ِ‬ ‫يعمل على‬‫بل ُر َّبما كان ُ‬

‫بالعالم�ات تِلكُم‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫�اعة ِ‬
‫نعر ُ‬ ‫وعالمات الس ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫قه التَّح�و ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬
‫دراس�ة فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ولكنَّن�ا عند‬
‫فقه التحوالت‬
‫ِ‬
‫االنحراف واإليمانِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تصنيف العدا َلة من فاقديها ّ‬
‫والسلامة عن‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫يعرفنا باألوعية األوعي َة كما نعر ُ‬
‫المكتوب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والتاريخ‬ ‫ِ‬
‫المكتوب‪،‬‬ ‫َّاريخ‬ ‫الحاملة للعلم من الن ِ‬
‫ِّفاق سوا ًء في حياتِنا العا َّم ِة أو في قرا َء ِة الت ِ‬ ‫ومكانتها العلمية‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‪.‬‬ ‫بط ِبف ِ‬
‫يحتاج إلى إعاد ِة ر ٍ‬
‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬

‫ّاري�خ وأحدا َث�ه ـ بعيد ًا ع�ن قرا َء ِة‬


‫�ب الذي�ن كتب�وا أو ق�رؤوا الت َ‬ ‫وخاص� ًة َّ ِ‬
‫أن غال َ‬ ‫َّ‬
‫الحك ِم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بإدراك أو ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت ـ َي َقعون‬ ‫�اعة وفِ ِ‬
‫عالمات الس ِ‬
‫ِ‬
‫بغير إدراك في ُمشكلة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫موز فيها بم�ا ُيوافِ ُق المفهوم لديهم م�ن ِخ ِ‬
‫الل‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ات�ي عل�ى المرحل�ة أو ُّ‬ ‫الذ ِّ‬
‫كري الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذاتِها َبدء ًا من َع ِ‬
‫ائر في‬ ‫جرياتها التاريخ َّية ونهاي ًة ِّ‬
‫بالصرا ِع الف ِّ‬ ‫الرسالة و ُم َ‬
‫صر ِّ‬
‫ف النَّبِ ِّي ‪َ m‬‬
‫حيال‬ ‫مواق ِ‬
‫األزمن َِة إل�ى اليو ِم‪ ،‬وليس من ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الحي�اة الدِّ ين َّية والدُّ نيو َّية َ‬
‫الحديث النَّب ِوي الخاص بالتَّحو ِ‬
‫الت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تاريخ‬ ‫َص عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫والمراحل‪ ،‬وما ن َّ‬ ‫خوص‬ ‫الش‬
‫قه ِ‬
‫سير‬ ‫والعل ِم وعن فِ ِ‬
‫ُفصح عن مسير ِة الحك ِم ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حيث َّ‬‫ُ‬
‫َ ُ‬ ‫َّحوالت ت ُ‬‫ُصوص فقه الت ُّ‬‫َ‬ ‫إن ن‬
‫نصوص فقه‬
‫ول إليه‬‫سيؤ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َقدَّ َرة في عل ِم الله ‪ ،‬سوا ًء في حياته أو بعدَ وفاته ‪ ،m‬وما ُ‬ ‫ِ‬
‫التحوالت تُعنى األحداث ُ‬
‫ِ‬ ‫نوح�ات‪ ،‬أو ما يترتَّب عليه من ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بمسيرة الحكم‬
‫وتحو ِل‬
‫ُّ‬ ‫االبتالء‬ ‫نماذ ِج‬ ‫ُ‬ ‫أم�ر األُ َّمة من انحرافات ُ‬
‫وج‬ ‫ُ‬ ‫والعلم‬
‫إنفاذ م ِ‬
‫راد‬ ‫أجل ِ‬
‫آخر من ِ‬ ‫صبر لدى ٍ‬
‫س�يبر ُز من ٍ‬ ‫ف أو تضيي ِع ٍ‬
‫المواق ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فريق َ‬ ‫ُ‬ ‫أمانة‪ ،‬أو ما‬

‫‪36‬‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‪.‬‬ ‫ُّصوص الخاص ِة ِبف ِ‬
‫ِ‬ ‫الم َقدَّ ِر َ‬
‫وفق الن‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الله ُ‬

‫الق َي ِم‬ ‫والعقائ ِد تُعنَ�ى بِ ِ‬


‫بناء ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمعامالت والس ِ‬
‫�لوك‬ ‫ِ‬ ‫ُص�وص التَّش�ري ِع واألحكا ِم‬ ‫َّ‬
‫إن ن‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫س�ول‬ ‫الر‬ ‫ِ‬
‫عصر َّ‬ ‫صم ِة في‬ ‫ِ‬
‫حي والع َ‬‫بالو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعبادات والع�ادات والمعامالت المضبوطة َ‬
‫ِ‬

‫الص َو ِر‬ ‫ِ‬


‫أفض�ل ُّ‬ ‫�عوب‪ ،‬على‬ ‫ِ‬ ‫وآل بيتِ ِه و ُمح ِّبيه في ُّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬
‫أصحاب�ه ِ‬ ‫‪ m‬وم�ا يبني�ه ‪ m‬في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعالقات القائمة ُبأ ُس ٍ‬
‫�س على فقه اإلسلا ِم واإليمان واإلحسان وما َّ‬
‫تفر َع عنها بعد‬
‫ٍ‬
‫وتقعيد وتفريعٍ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وتأصيل‬ ‫واجتهادات مذهبِ َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أقوال‬ ‫ذلك من‬
‫أمر الحك� ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫والعل ِم‬ ‫يك�ون من ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المس�تقبل وما‬ ‫فيض ُع خريط َة‬
‫َّح�والت َ‬ ‫أم�ا فقه الت ُّ‬
‫باألمر بي�ن َح َم َل ِة‬
‫ِ‬ ‫المس�تَبِدِّ‬ ‫ِ‬
‫والش� َطط ُ‬
‫الجنوح َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العدال�ة منها أو‬ ‫ِ‬
‫والمواق�ف وموق� ِع‬
‫ِ‬
‫فسادها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المراحل أو‬ ‫ِ‬
‫وسالمة‬ ‫ِ‬
‫واألخالق‬ ‫والسن َِّة‬ ‫ِ‬
‫الكتاب ُّ‬
‫ٍ‬ ‫وح ِ‬ ‫عرضه�ا بِ ٍ‬ ‫حي�اة النَّبِ�ي ‪ m‬عند ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن م ِ‬
‫الح َ‬
‫حياة النبي ‪m‬‬
‫قراءة‬ ‫س�ن‬ ‫وعي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الوقائ� ِع في‬ ‫�ظ‬ ‫ب�ل َّ ُ‬
‫قراءة واعية‬ ‫س�تؤول إليه األُ َّم ُة إال أنَّ�ه ‪ m‬لم يعترض عليها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫�ف للجمي� ِع أمور ًا ها َّم ًة مما‬ ‫ِ‬
‫تكش ُ‬
‫لألحداث حاضرا‬
‫ومستقبال‬
‫ِ‬
‫استنقاص‬ ‫فرد أو َلعنِ ِه او‬
‫لب ٍ‬ ‫ِ‬
‫إصدار ُحك ٍم أو َث ِ‬ ‫ِ‬
‫ووقائ َعها دون‬ ‫وإنما كش�ف أحدا َثها‬
‫ِ‬
‫واالس�تنقاص‬ ‫�ب وال َّث ِ‬
‫لب‬ ‫ألفاظ ال َّل ِ‬
‫ُ‬ ‫وق ِفه‪ ،‬بينما في ِ‬ ‫م ِ‬
‫والس ِّ‬
‫عن َّ‬ ‫ف أخرى تجري‬ ‫مواق َ‬ ‫َ‬
‫تور َي ٍة ‪.‬‬
‫جاملة أو تر ُّد ٍد أو ِ‬
‫ٍ‬ ‫منه ‪ m‬في َح ِّق آخري َن دون ُم‬
‫مش�حون بالع َش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن فِق�ه التَّح�و ِ‬
‫�رات م�ن‬ ‫ٌ َ‬ ‫الس�اعة‬ ‫وعالم�ات‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫إضاف� ًة إل�ى َّ َ‬
‫اكتش�اف واخترا ٍع و ُعل�و ٍم ِصناع َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫َّبو َّي ِة المش�ير ِة إلى ما يس�ت ِ‬
‫َجدُّ من‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫األحادي�ث الن ِ‬

‫يخ‬ ‫الش َ‬‫أن َّ‬‫َجدُ َّ‬ ‫ٍ‬


‫معرفة‪ ،‬وفي هذا الباب ن ِ‬ ‫وزراع َّي ٍة وفضائ َّي ٍة لم يكن بها سابِ ُق ِعل ٍم وال‬
‫الح َس�نِ َّي((( قد أ َّل َ‬
‫�ف كتا َب ُه « ُمطا َب َق ُة‬ ‫الصدِّ ِيق ال ُغ ِ‬
‫مار َّي َ‬
‫ِ‬
‫العلاَّ م� َة أحم�دَ ب َن َّ‬
‫محمد بن ِّ‬

‫((( ه�و العالم�ة المجتهد الحافظ مج�دد علم الحديث أبوالفيض الس�يد أحمد بن الصديق بن‬
‫أحمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن عبد المؤمن الغماري الحسني اإلدريسي المغربي‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الكتاب َأ َّو َل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يكون ه�ذا‬ ‫�ة لما أخبر به س� ِّيدُ البر َّي ِة» ويكا ُد أن‬
‫االختراع�ات العصري ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫ظواهر ِ‬
‫العل ِم‬ ‫ِ‬ ‫َجدِّ من‬ ‫ِ‬
‫الواردة على ا ُلمست ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫ِ‬
‫تنزيل‬ ‫ف في‬‫كتاب ُع ِر َ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫المذك�ور فوائدَ‬ ‫ِ‬
‫الجزاء‪ ،‬وقد بس�ط في كتابه‬ ‫خي�ر‬ ‫ِ‬ ‫وتغي ِ‬
‫المراح�ل‪ ،‬ج�زا ُه الل ُه َ‬ ‫�رات‬ ‫ُّ‬
‫القرآن وعالقتِها با ُلمس�ت ِ‬
‫َجدِّ من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آي�ات‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫تفس�ير‬ ‫وخاص� ًة في النَّ َظ ِر إلى‬
‫َّ‬ ‫جليل� ًة‬
‫ُ‬
‫يكون فيه‪.‬‬ ‫المستق َب ِل وما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبو َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫وباألحاديث الن ِ‬ ‫ال ُعلو ِم‬
‫ألسرار ُ‬ ‫العجيب‬ ‫وكشفها‬

‫كان وال�ده رحم�ه الل�ه تعالى معتنيا به أش�د االعتناء ويذاكره في ش�تى الفن�ون ويحثه على‬
‫الطل�ب والتع�ب في التحصيل‪ ،‬ولما أم�ر والده اإلخوان المتجردي�ن بالزاوية الصديقية أن‬
‫يحفظ�وا القرآن الكريم كت�ب كتابا في فضل القرآن الكريم وحفظه وتالوته س�ماه «رياض‬
‫التنزيه في فضل القرآن وحامليه» وهو أول ما صنف وكان دون العشرين‪.‬‬
‫وفي سنة ‪1339‬هـ وصل للقاهرة للدراسة على علماء األزهر المعمور حسب توجيهات‬
‫والده‪ ،‬فعاود قراءة الفقه المالكي ثم الش�افعي‪ .‬ومن ش�يوخه بمصر الش�يخ محمد إمام بن‬
‫إبراهيم الس�قا الش�افعي وكان يتعجب من ذكائه وس�رعة فهمه وش�دة حرصه على التعلم ‪،‬‬
‫وكان أحيان�ا يق�ول له لما يرى حرصه على قراءة الكتب الت�ي تدرس في أقرب وقت‪ :‬أنت‬
‫تريد أن تشرب العلم‪ ،‬وله مشايخ آخرون بمصر منهم مفتي الديار المصرية ومفخرتها الشيخ‬
‫محمد بخيت المطيعي ‪ ،‬وقرأ على المسند المحدث عمر حمدان التونسي المدني‪.‬‬
‫وفي سنة ‪1354‬هـ رجع إلى المغرب بسبب وفاة والده رحمه الله تعالى فاستلم الزاوية‬
‫وق�ام بالخالف�ة عن والده واعتنى بتدريس كتب الس�نة المطهرة م�ع بعض كتب المصطلح‬
‫وأقرأ بعضا من كتب التخريج واألجزاء والمشيخات والمسلسالت وأملى مجالس حديثية‬
‫بالجام�ع الكبير بطنجة‪ .‬وحث الناس على العمل بالس�نة الش�ريفة‪ .‬وكان يحارب الس�فور‬
‫والم�دارس العصري�ة والتش�به بالكف�ار وله في ذلك جزء س�ماه «االس�تنفار لغزو التش�به‬
‫بالكفار» جمع فيه األحاديث التي تنهى عن التشبه بالكفار‪.‬‬
‫ول�م يكن صاحب الترجمة رحم�ه الله تعالى من الذين قصروا أنفس�هم على العلم فقط‬
‫؛ بل حارب االس�تعمار وس�عى في إخراجه‪ ،‬وس�جن بسبب ذلك لعدة س�نوات‪ ،‬وفي يوم‬
‫األح�د غ�رة جمادى الثانية س�نة ‪ 1380‬انتقل رحمه الل�ه تعالى ودفن بالقاه�رة رحمه الله‬
‫تعالى وأثابه رضاه‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫األح�داث والتَّحو ِ‬
‫ِ‬ ‫الرجو َل ِة أما َم‬ ‫ِ‬ ‫لم ضابِ ٌط‬ ‫الت ِع‬
‫إن فِق�ه التَّح�و ِ‬
‫فقه التحوالت‬
‫الت ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫لمواق�ف‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬
‫َّفريط من‬ ‫�راد ِ‬
‫الله كما ُيدي� ُن الت َ‬ ‫�ه إدان ًة على م ِ‬
‫جوه ِ‬‫اإلفراط م�ن ك ُِّل و ِ‬‫َ‬ ‫ل�م ُيدي� ُن‬ ‫ِ‬
‫علم ضابط‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وع ٌ‬
‫ِ لمواقف الرجولة‬ ‫ِ‬ ‫الله ورس�ولِ ِه ف�ي جمي ِع ِ‬ ‫راد ِ‬ ‫�ه إدانَ� ًة عل�ى م ِ‬ ‫جوه ِ‬‫�ة و ِ‬ ‫ِ‬
‫الحياة اإلنس�ان َّية‬ ‫مراح ِ‬
‫�ل‬ ‫ُ‬ ‫كا َّف ُ‬
‫�ة أو ِ‬‫بعي ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلام َّي ِة‪ ،‬وليس كما ن�راه‬
‫اتي‬ ‫فهمنا َّ‬
‫الذ ِّ‬ ‫ونفهم ُه بِ ُعقولن�ا وانتماءاتنا ال َّط َّ‬
‫ُ‬
‫للقضايا التاريخ َّي ِة‪.‬‬

‫واء؛ َّ‬‫ذاء والدَّ ِ‬ ‫والغ ِ‬ ‫ِ‬


‫للماء ِ‬ ‫حاجتِن�ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاجتنا لهذا العلم‬
‫ألن‬ ‫حاجتنا لهذا العل ِم اليو َم َ‬
‫أكثر من َ‬ ‫وكأنَّن�ا في َ‬
‫أكثر من حاجتنا‬ ‫ِ‬
‫�يطان بين ا ُلمص ِّلين‪،‬‬ ‫الش‬ ‫ُ‬
‫تحريش َّ‬ ‫منها‬ ‫ِ‬
‫غ�رات التي دخل ِ‬ ‫العل ِم َس�دَّ كا َّف ِة ال َّث‬
‫ف�ي هذا ِ‬
‫للماء والغذاء‬ ‫ِ‬
‫جتهدين وق�و َد فِتن ٍَة بين ِ‬
‫أهل‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�يطان بها من عل ِم ال ُعلم�اء واجتهاد ُ‬ ‫ُ‬ ‫جعل َّ‬
‫الش‬ ‫وق�د َ‬
‫الواعدَ ِة‪ ..‬لماذا؟‬
‫ِ‬ ‫والرسا َل ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الم ّلة الواحدة ِّ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫نصوص فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسائل إلى‬ ‫ألن الذين لم ُيعيدوا االحتكا َم في ِ‬
‫مثل هذه‬ ‫َّ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ُصوص‬ ‫ث بعد قرا َء ِة ن‬
‫والحواد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألمور‬ ‫بعي من عند ِ‬
‫أنفسهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّحليل ال َّط ِّ‬
‫اصطدموا بالت‬
‫يات‬‫وصريحة؛ ولكن األح�كام في مجر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صحيح�ة‬ ‫ٍ‬
‫ُصوص‬ ‫ِ‬
‫والفضائ ِ‬
‫�ل كن‬ ‫ِ‬
‫المناق ِ‬
‫�ب‬
‫َ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫قه‬‫ُصوص فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫�ي لم تصدُ ر به�ا وال ِمن خاللها‪ ،‬وإنَّما جاءت عل�ى ن‬ ‫ِ‬ ‫الت ُّ ِ‬
‫َّح�ول التَّاريخ ِّ‬
‫َّص‬ ‫ِ‬
‫يع�ار ُض الن ُّ‬ ‫�ق عن الهوى ‪ ، m‬فبها‬ ‫س�ان من ال ينطِ ُ‬
‫�ادر ِة من لِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َ‬
‫ِ‬
‫َّح�والت َّ‬ ‫الت ُّ‬
‫مناقبِهم‬ ‫بنصوص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخلفاء العم َل بالنَّص كم�ا فعل ِ‬
‫األئ َّم ُة‬ ‫النَّ�ص أو ي ِ‬
‫األطهار‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ف ُ ُ ََ‬ ‫وق ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫باالقتداء بهم حج ًة كي يح َف َظ الم ِ‬
‫س�ل ُم لسا َن ُه وقل َب ُه‬ ‫وارت ََضوا سلا َم َة األُ َّم ِة ‪ ،‬وكفى‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫مواق ِ‬
‫وينال برك َة الجمي ِع وثواب ِ‬ ‫الم ِض َّل ِة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫الوقو ِع في الفت َِن ُ‬
‫وحاض َر ُه ومستقب َل ُه من ُ‬
‫ِ‬
‫القضاء وال َقدَ ِر فيما يجريه على ال َب َش ِر إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلا َم ِة لدى ِ‬
‫السلامة ‪ ،‬و َيك َل َ‬
‫أمر‬ ‫أهل َّ‬ ‫َّ‬
‫أمرهم سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫ووكيل ِ‬‫ُ‬ ‫المولى سبحانه وتعالى وهو حسيب ِ‬
‫عباده‬ ‫ُ‬

‫المؤ ِّل ُ‬
‫ف‬ ‫ُ‬

‫‪39‬‬
40
‫�﷽‬

‫المنطل َ ُق‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واألواخ ِر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األوائ ِل‬ ‫عالج‬ ‫ث‬ ‫معادلِهما ال َّثالِ ِ‬
‫ين و ِ‬ ‫لله الذي جمع في األص َل ِ‬ ‫الحمدُ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المباه ِج‬ ‫والسلا ُم عل�ى َس� ِّي ِد‬ ‫والصال ُة َّ‬ ‫�ر‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫وظاه ٍ‬ ‫أمر باطِ ٍ‬
‫�ن‬ ‫وأس�اس ِ‬
‫العل� ِم ل�ك ُِّل ٍ‬ ‫َ‬
‫المعار ِ‬
‫ِ‬ ‫الموهوب م�ن َر ِّب ِه َ‬ ‫ِ‬ ‫ب�ن ِ‬
‫عبد ِ‬ ‫�ر‪ ،‬محم ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫أفض َ�ل‬ ‫ِ‬ ‫س�ول الل�ه‬ ‫الله َر‬ ‫�د ِ‬ ‫والمفاخ ِ ُ َ َّ‬
‫ِ‬
‫جاعة وال ُفهو ِم‪ ،‬وعلى‬ ‫ف العلو ِم‪ ،‬صلى الله عليه وعلى ِ‬
‫آله وأصحابِه أهل َّ‬
‫الش‬ ‫ُ‬ ‫وأشر َ ُ‬
‫َ‬
‫بإحسان إلى يو ِم ال ِّل ِ‬
‫قاء المعلو ِم‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫التَّابعين لهم‬
‫ِ‬
‫�رورات عو َد ُة‬ ‫أل�ز ِم َّ‬
‫الض‬ ‫مان وم�ن َ‬ ‫الز ِ‬ ‫ف�إن م�ن أه�م المهم ِ‬
‫ات ف�ي ه�ذا َّ‬ ‫وبع�دُ ‪َّ :‬‬
‫العودة إلى‬ ‫ِّ ُ َّ‬
‫األساسيات من‬ ‫الله الذي ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫كتاب ِ‬
‫قراءة ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�لمين إلى األساسي ِ‬
‫ات‪ ،‬وهي تجديدُ‬ ‫َّ‬
‫أهم المهمات‬
‫َّبو َّي ِة التي َص َّحت‬
‫السن َِّة الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ ‪ ،‬وإعا َد ُة دراسة ُّ‬
‫الذاتِي ِة ا ُلمش�ت َِم ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َس�نَد ًا عن من ال ينطِ ُق عن الهوى ‪، m‬‬
‫لة على ما‬ ‫ودراس� ُة مواقفه َّ َّ‬
‫َ‬
‫خروج الجمي ِع‬
‫ُ‬ ‫�لوك ِه ‪ ، m‬ففي ه�ذه اإلعا َد ِة‬‫ات س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف بالنُّ ُب َّوة وهي ُخصوص َّي ُ ُ‬
‫ع�ر ُ‬
‫ُي َ‬
‫حل‬ ‫َّفر َق ِة الذي َّ‬
‫وركا ِم الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م�ن ظاهرة االحت�دا ِم واالختالف على فرع َّيات المس�ائ ِل ُ‬
‫الحق�دَ والبغضا َء إلى‬ ‫بعض الع�داو َة وتوار ُثوا ِ‬
‫بعضهم لِ ٍ‬ ‫اكتس�ب ُ‬ ‫بالمس�لمين حتى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واالختالف‬
‫ُ‬ ‫واألذواق‪ ،‬وم�ا كان ذلك االحت�دا ُم‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلداب‬ ‫وس� َع ِة‬ ‫ِ‬
‫ح�ب األخلاق َ‬ ‫َر ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫إال ألنَّه�م خلط�وا ُعلومه�م ِ‬
‫الش�ر ِع‬‫بع على َّ‬ ‫ف�رزات طباعهم َفتغ َّل َ‬
‫�ب ال َّط ُ‬ ‫بنتائ ِ‬
‫�ج ُم َ‬
‫الش�يطان بذل�ك ُعقو َل ُهم‬
‫ُ‬ ‫واختر َق‬ ‫ٍ‬
‫جي�ل‬ ‫ال بعد‬ ‫ِ‬
‫االختالف�ات ِجي ً‬ ‫وتراكم�ت ُفه�و ُم‬
‫َ‬
‫وتحريش�ه حت�ى ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫ِ‬ ‫بوسواس ِ‬
‫�ه‬ ‫ِ‬ ‫و ُق ُلو َبهم‬

‫‪41‬‬
‫ِ‬ ‫الفري�ق المس�تثنَى بِمن َِّك و َف ِ‬
‫وكرم َك يا‬ ‫ضل�ك‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫�م اجعلن�ا م�ن هذا‬ ‫ﯖﮊ‪ُ .‬‬
‫الله َّ‬
‫الراحمين‪.‬‬
‫أرحم َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫معرفة‬ ‫لم ُمم َّي ٌز؛ فال ُبدَّ من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وألن اإلع�ا َد َة الصحيح َة لقرا َء ِة األص َل ِ‬
‫َّ‬
‫ين ومعادلهما ع ٌ‬
‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫وسائل القرا َءة‪ ،‬وهي تن َقس ُم إلى ق َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قراءة العلماء‬
‫لم‬
‫البحث فيه ‪ ،‬وهو ما يخد ُم ع َ‬ ‫‪ -1‬قرا َءة لما قد سبق لل ُعلماء أن خدموه َّ‬
‫ووسعوا‬
‫ف ل�دى الع ِ‬ ‫ألصول الديانة‬
‫بالس�ن َِّة‬
‫ُّ‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬
‫صول‬‫ُ‬ ‫األ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫عل‬ ‫في‬ ‫لماء‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫وما‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واإلحس�ان‬ ‫ِ‬
‫واإليمان‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫اإلسلا‬ ‫كانت على ضوء‬
‫لم َّي ِة‪.‬‬
‫الع ِ‬
‫َّقريري ِة‪ ،‬وما تفرع من ِخدمتها ِ‬
‫َّ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الثوابت الثالثة الفعل َّية والقول َّية والت ِ َّ‬
‫ٍ‬
‫وتبيين‪ ،‬وهو ما يتع َّل ُق‬ ‫ٍ‬
‫بتفصيل‬ ‫‪ -2‬ما لم يسبِق للع َل ِ‬
‫ماء تأصي ُل ُه وخدم ُت ُه ودراس ُت ُه‬ ‫ُ‬ ‫قراءتنا لعالمات‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة ومواقف ِرجال الن ََّمط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األوسط و ُعدول األُ َّمة ‪ ،‬وما ترت َ‬
‫َّب‬ ‫َ‬ ‫الساعة تأتي على بالعل ِم بعالمات َّ‬
‫خاص ٍة هما ُسنَّتا‬
‫‪.‬وس�ن ٍَن َّ‬
‫ِ‬
‫َّحوالت ُ‬
‫فقه خاص يعر ُ ِ ِ‬
‫ف بفقه الت ُّ‬ ‫ٍّ ُ َ‬ ‫أنها ركن خاص على دراس�تِها من ِ‬
‫إبراز ٍ‬
‫بالتحوالت‬
‫ِ‬ ‫طويل‪ُ ،‬مبتدئ ًا بِ‬
‫ٍ‬ ‫مدى َز َمنِ ٍّي‬ ‫ف والدِّ ال َل ِة‪َ ،‬ت َتب ُ ِ‬‫المواق ِ‬
‫ِ‬
‫دراسة‬ ‫راس�تَها وبح َثها على ً‬ ‫عت د َ‬ ‫َّ‬
‫األربعة على ما ورد في‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫ِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬ ‫َ‬
‫جبريل‪ ،‬وهو أحدُ‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫اعة من‬ ‫عالمات الس ِ‬‫ِ‬
‫َّ‬
‫اجتمع عليه‬ ‫تابعت ما‬ ‫اب ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫الخ َّط ِ‬
‫عمر بن َ‬ ‫الحديث َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الشريف الذي روا ُه س ِّيدُ نا ُ‬ ‫نص‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫أخبار‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفصيل‬ ‫وغيرها من‬ ‫ِ‬
‫والمسانيد ِ‬ ‫السن َِن‬ ‫ٍ‬
‫وإضافات في ُكت ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُب ُّ‬ ‫زيادات‬ ‫من‬
‫الحي�اة المع َّقدَ ِة‪،‬الذي‬
‫ِ‬ ‫لكثير من ِ‬
‫أمور‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وإيض�اح‬ ‫الس�ا َع ِة وما يترتَّ�ب عليها من ٍ‬
‫بيان‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخرج عن مبدأ القواس ِم المشت ََركة في اإلسال ِم إلى مبدأ َ‬
‫آخر‬ ‫َ‬ ‫االختالف‬
‫ُ‬ ‫ُس ِّي َس فيه‬
‫نظر‬ ‫تنطل ُق م�ن و ِ‬
‫جهة ِ‬ ‫والع�داوة المر َّكب ِة التي ِ‬
‫ِ‬ ‫َّفر ِ‬
‫قة‬ ‫َّحري�ش والت ِ‬
‫ِ‬ ‫سياس� ُة الت‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫تَحك ُُم�ه َ‬
‫الشيطانِ ِّي تح َّققت‬
‫(فرق ت َُسد) وبهذا المبدأِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�يطان الدَّ اعي إلى المبدَ أ المعروف ِّ‬ ‫َّ‬
‫المع�ادي أن َي ِص َل‬ ‫المص ِّلين واس�تطاع هذا‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫المخلوق ُ‬ ‫الس�يا َد ُة اإلبليس� َّي ُة على ك ُِّل ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والمش�ركين‬ ‫ار‬ ‫ِ‬
‫اس�تعباد ال ُك َّف ِ‬ ‫إلى أهدافِ ِه في المس�لمين باختالفِهم‪ ،‬كما وصل إلى‬

‫‪42‬‬
‫َين‪:‬‬ ‫للش ِ‬
‫يطان عقيدت ِ‬ ‫بِك ِ‬
‫ُفرهم‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن َّ‬

‫ِ‬
‫الكتاب الذين‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬ ‫لحدَ ِة‬
‫�عوب الوثني ِة والم ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُفر ‪ ،‬وهو ما يمارس� ُه مع ُّ‬
‫الش‬ ‫‪ -1‬الك ُ‬
‫عقائد الشيطان‬
‫القرآن ِ‬ ‫ِ‬
‫في البشرية‬ ‫انحرا َف ُهم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأثبت‬
‫َ‬ ‫كفروا بمخالفتهم دعو َة أنبِيائهم َّ‬
‫وحر ُفوا ُك ُت َبهم‬

‫ُ‬
‫َّحريش) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المسلمة (الت‬ ‫الش ِ‬
‫عوب‬ ‫يمار ُس ُه مع ُّ‬ ‫َّفر َق ُة واالختِ ُ‬
‫الف‪ ،‬وهو ما ِ‬ ‫‪ -2‬الت ِ‬

‫ُ‬
‫االحتناك وال ُقعو ُد على‬ ‫الحياة اإلنس�ان َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للش�يطان في‬ ‫نص َر ِ‬
‫ين يتح َّق ُق‬ ‫وبهذين ال ُع َ‬
‫الص ِ‬
‫راط المستقي ِم‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫الح ِّق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخ�ي ّ‬ ‫والبش�ر َّي ُة ُك ُّله�ا رجاالً ونس�ا ًء َه�دَ ٌ‬
‫للش�يطان منذ اس�تخالف َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ف‬
‫للمالئكة‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض ومنذ أن ق�ال الل ُه تعال�ى‬ ‫س�بحانه وتعال�ى آل َد َم في‬
‫واالختلاف والت ِ‬
‫َّفر َق� ُة قد ُيؤ ِّدي في‬ ‫ُ‬ ‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﮊ‪،‬‬
‫ِ‬
‫االنحراف‬ ‫األم�ر إلى‬ ‫ين وخصوص ًا إذا بلغ‬ ‫غي�ر ِد ٍ‬
‫الموت على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دائ�رة اإلسلا ِم إلى‬
‫ُ‬
‫الصرا ِع ال َع َق ِد ِّي‬
‫ار أو ِّ‬‫فض للدِّ يان َِة استحس�ان ًا لما عند ال ُك َّف ِ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫كري كاإللحاد أو َّ‬
‫ِ‬
‫الف ِّ‬
‫ق�وق الوالِدَ ِ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫والقطيعة بي�ن األرحا ِم و ُع ِ‬ ‫ِ‬
‫َّش�ريك‬ ‫َّب علي�ه من الت ِ‬
‫َّكفير والت‬ ‫وم�ا ترت َ‬
‫ِ‬
‫الكبائ ِر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وغيرها من‬

‫الو ِ‬
‫عي‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫وبطبيعة ِ‬‫ِ‬
‫وج ٌه سوا ًء كان في دائرة َ‬ ‫ستجيب و ُم َّ‬‫ٌ‬ ‫مخلوق ُم‬ ‫اإلنس�ان فهو‬ ‫حال‬
‫هذ ِ‬
‫ين‬ ‫دعوة في َ‬ ‫ٍ‬ ‫الوضعي‪ ،‬وما من‬ ‫اإلنساني‬ ‫ِ‬
‫الوعي‬ ‫ِ‬
‫دائرة‬ ‫رع ِّي أو في‬ ‫الش ِ‬‫اإلسلامي َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ومكان ‪ ،‬وقد اختلط الحابِ ُ�ل بالنَّابِ ِل في‬ ‫ٌ‬ ‫�ع‬ ‫ِ‬ ‫�كال ِ‬
‫الدائ َرت ِ‬ ‫ي�ن إال ولِ ِ‬ ‫الجانِ َب ِ‬
‫َين فيها موق ٌ‬
‫والو َه ِن) و ( َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صر تداعي‬ ‫بـ(عص�ر ال ُغثاء َ‬ ‫س�ما ُه ‪m‬‬
‫األخير وهو الذي َّ‬ ‫العصر‬ ‫هذا‬
‫يات التي ال‬ ‫وغيرها من المسم ِ‬ ‫األعداء)(((‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المهابة من ُق ِ‬
‫لوب‬ ‫ِ‬
‫(عصر نَز ِع‬ ‫األُ َم ِم) و‬
‫ُ َّ‬

‫((( أخذا من حديث ثوبان ؤ قال‪« :‬يوشك أن تداعى عليكم األمم من كل أفق كما تداعى‬
‫ٍ‬
‫يومئذ؟ قال‪« :‬أنتم يومئذ كثير‬ ‫األكل�ة إلى قصعته» ‪،‬قال ‪ :‬قلنا‪ :‬يا رس�ول الله‪ ..‬أومن قلة بن�ا‬

‫‪43‬‬
‫ٍ‬
‫بوضوح‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة ‪ ،‬وبها َي َت َب َّي ُن‬ ‫ِ‬
‫وعالمات‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫�ة فِ ِ‬
‫ف وال تُقر ُأ إال بِدراس ِ‬ ‫ُعر ُ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إظهار العلم ت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وموق ُع األُ َّم ِة‬
‫ِ‬ ‫س�ر ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرحلة أيض ًا من‬ ‫وموق ُع‬ ‫الر ُج ِل وموق ُع المرأة وموق ُع األُ َ‬ ‫�ع َّ‬‫بالعالمات مهمة موق ُ‬
‫شرعية‬
‫وألجل هذا صار ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالرتكاس فيه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّحريش‬ ‫لامة وااللتزا ِم به‪ ،‬ومبدأِ الت‬
‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬
‫مبدأ َّ‬
‫ِ‬ ‫العلم بالركنِي ِة الر ِ‬ ‫ُظه�ر ون ُِبر َز ِ‬ ‫ٍ‬
‫أركان الدِّ ِ‬
‫ين كما‬ ‫ابعة م�ن‬ ‫َ ُّ َّ َّ‬ ‫ج�وب علينا بمكان أن ن ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫الو‬
‫ُ‬
‫آخر هذه ُ‬
‫األ َّم ِة َّأولها َ‬
‫فمن كان‬ ‫لعن ِ ُ‬ ‫المرسلين ‪ m‬في قولِه ‪« :‬إذا َ‬ ‫دعا إلى ذلك س ِّيدُ ُ‬
‫ُ‬
‫وحديث‪:‬‬ ‫حم ٍد»((( ‪،‬‬ ‫يومئذ ككاتِ ِم ما ُأن ِز َل على ُم َّ‬
‫ٍ‬ ‫لم‬ ‫فإن كاتِ َم ِ‬
‫الع ِ‬ ‫لم فل ُيظ ِهر ُه َّ‬‫عنده ِع ٌ‬
‫لم فل ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظهره»(((‪.‬‬ ‫فمن كان عنده ع ٌ‬
‫ب أصحابي َ‬ ‫«إذا َك ُثرت الف َت ُن ُ‬
‫وس َّ‬

‫الس�ا َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫إظهار العل ِم بعالمات َّ‬ ‫وجوب‬
‫ُ‬ ‫فهمنا ُه ـ‬ ‫ِ‬
‫الحدي�ث ـ كما ِ‬ ‫وم�ن معاني هذا‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ق�ه الدَّ ِ ِ ِ‬ ‫كمنهج ِلف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأركان الدِّ ِ‬ ‫وربطِه�ا‬
‫�ير‬
‫المب ِّينَة َس َ‬‫عوة وخد َمة ُفروعه ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫وتأصيلها‬ ‫ي�ن‬
‫وغيرها‪ ،‬ألنَّها‬‫شارات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمالح ِم والبِ‬ ‫ت ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫والفت َِن وم ِضلاَّ ِ‬
‫واألشراط ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالمات‬
‫ُ‬
‫البشر َّي ِة منذ ال َبع َث ِة إلى قيا ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تاريخ‬ ‫عوة اإلسالم َّي ِة على مدى‬‫أساسها تخدُ م فِقه الدَّ ِ‬
‫ُ َ‬
‫في ِ‬

‫شير إليه (فِق ُه‬‫ساعةُ كهاتَينِ» وهذا ما ُي ُ‬


‫(((‬ ‫حيث يقولُ فيها ‪« :m‬بُعِثتُ أنا وال َّ‬ ‫اعة ُ‬‫الس ِ‬
‫قوله ‪« :m‬بعثت َّ‬
‫�ة كا َّف ِة‬
‫لدراس ِ‬
‫َ‬
‫تاب والس�ن َِّة ِ‬
‫ُّ‬
‫الفقه المؤص ُل من ِ‬
‫الك ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الت هو ِ‬ ‫الت)‪ ،‬وفِقه التَّحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫أنا والساعة التَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫عهد آدم إلى يو ِم الب ِ‬
‫البش�ري ِة من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كهاتين»‬
‫عث والن ُُّش ِ‬
‫�ور‪ ،‬وما َّد ُت ُه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ِ َّ‬ ‫الحياة‬ ‫�ؤون الت ََّح ُّو ِل في‬‫ُش‬

‫ولك�ن تكون�ون غثاء كغثاء الس�يل ‪ ،‬ينت�زع المهابة من قلوب أعدائك�م ويجعل في قلوبكم‬
‫الوهن؟ قال‪ :‬حب الدنيا وكراهية الموت»‪ .‬رواه أحمد‬
‫الوهن‪ ،‬قال ‪ :‬قلنا‪ :‬يا رسول الله وما ْ‬
‫ْ‬
‫بإسناد صحيح (‪ ، )4297‬وانظر «موسوعة أحاديث الفتن» (‪. )950‬‬
‫((( إس�ناده ال ب�أس ب�ه ‪« ،‬الكامل في الضعفاء» البن ع�دي (‪ )355 :5‬وفي رواية أخرى رجال‬
‫إسنادها ثقات‪« :‬فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله» ‪« ،‬تهذيب السنن» (‪.)93 :10‬‬
‫((( إس�ناده ضعي�ف ‪ ،‬تحقي�ق «الس�نن ال�واردة ف�ي الفت�ن» ألبي عم�رو الدان�ي للمباركفوري‬
‫(‪.)287‬‬
‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )39‬ومسلم (‪.)2042‬‬

‫‪44‬‬
‫�ه ُم َح َّم ٍد ‪ ،m‬وما َخدَ َم ُه‬
‫ومن س�ن َِّة نَبِي ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫الله تعالى ِ‬
‫كتاب ِ‬
‫�أن من ِ‬‫الش ِ‬
‫تقر َر في هذا َّ‬‫م�ا َّ‬
‫ِ‬
‫َّصنيف فيها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العالمات والت‬ ‫ال ُع َلما ُء من تقسي ِم‬

‫العالمات التي ت ُ‬
‫َخ ُّص ُه‬ ‫ُ‬ ‫أهم َّيتِها‪ ،‬ومنها‬
‫ش�ير إلى ِّ‬
‫ِ‬
‫كان ‪ m‬يعتني بالعالمات و ُي ُ‬ ‫وقد َ‬
‫س�عد عن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫�يخان واب ُن‬ ‫�ه ‪ ، m‬ومن ذلك ما رواه عبدُ الر ِ‬
‫زاق َّ‬
‫والش‬ ‫ف�ي مجرى حياتِ ِ‬
‫َّ‬
‫�ور ُة ﮋ ﭱ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫غير ُه�م « َّ‬
‫الس َ‬‫رس�ول الله ‪ m‬منذ نزلت عليه ُّ‬ ‫أن‬ ‫عائش� َة ‪ b‬وروا ُه ُ‬
‫ب وال يجي ُء إال قال‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ كان ال يق�و ُم وال يق ُع�دُ وال َ‬
‫يذه ُ‬
‫ـ وف�ي لفظ لعائش�ة‪ :‬كان يكثر في آخر عمره م�ن قول ـ ‪ُ :‬س� ْب َحان ََك َر َّبنَا َوبِ َح ْم ِد َك‬
‫رس�ول ِ‬ ‫ْت التَّواب ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الله‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫يم ((( ‪ ..‬قالت عائش� ُة‪:‬‬ ‫�م ا ْغف ْر لي إِن ََّك َأن َ َّ ُ َّ‬
‫الرح ُ‬ ‫ال َّل ُه َّ‬
‫وأتوب إليه ما لم تكن تف َع ُله قبل‬ ‫ُ‬ ‫أس�تغفر الل َه‬
‫ُ‬ ‫وبحمد ِه‬
‫ِ‬ ‫قول‪ :‬س�بحان ِ‬
‫الله‬ ‫تُكثِر من ِ‬
‫ِ‬
‫بحمد َر ِّبك‬ ‫ٍ‬
‫بعالمة في ُأ َّمتي فقال ‪ :‬إذا رأيتَها َف َس� ِّبح‬ ‫الي�و ِم فق�ال‪َّ « :‬‬
‫إن ر ِّبي أخ َب َرني‬
‫واستغفر ُه ‪ ،‬فقد رأيتُها ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ الخ السورة » ((( ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫((( مسند أحمد (‪)3791‬‬


‫((( س�بل اله�دى والرش�اد (‪ )230 :12‬وأص�ل الحدي�ث في البخ�اري مع الفت�ح (‪-951 :8‬‬
‫‪.)952‬‬

‫‪45‬‬
‫ٱلساعَةِ َوم َا يَتَعَل َّ ُق بِهَا‬
‫يف َّ‬ ‫ت َ رْ ِ‬
‫ع ُ‬
‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مان ويع َّب ُ�ر بها عن‬ ‫(الس�اع ُة ُجز ٌء من أج�زاء َّ‬
‫�ب في «المف�ردات»‪َّ :‬‬
‫الراغ ُ‬
‫ق�ال َّ‬ ‫تعريف الساعة‬
‫القيامة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮬﮭﮊ [القمر‪ ،]1 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﯜﯝﯞﮊ‬ ‫ِ‬

‫[الزخرف‪.(((]85 :‬‬
‫ِ‬
‫ش�ار بها‬
‫الم َ‬‫أن الس�ا َع َة ُ‬
‫س�ياق المعنى في اآلية َّ‬ ‫ويفه ُم من‬
‫قل�ت ـ والل�ه أعلم ـ ‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫الحياة البشري ِة‪ ،‬وأما لفظ ُة الس ِ‬
‫اعة ـ أي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫لحظة في‬ ‫ِ‬
‫آلخر‬ ‫تعريف‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫القيامة هي‬ ‫إلى يوم‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫من‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ‬ ‫الز ِ‬
‫ف عليه من َّ‬
‫َعار ُ‬ ‫ِ‬
‫المت َ‬
‫الوقت ُ‬
‫ُ‬ ‫الوقت ـ فهو‬ ‫الج�ز ُء م�ن‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮊ [الروم‪.]55 :‬‬

‫ِ‬
‫القليل من‬ ‫ِ‬
‫الوق�ت‬ ‫القيام�ة والثاني ُة ف�ي ِ‬
‫اآلية بمعن�ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلي�ة بمعن�ى‬ ‫فاألُول�ى ف�ي‬
‫الز ِ‬
‫مان‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫أوجه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ثالث‬ ‫الساع ُة التي هي القيا َم ُة على‬
‫بعضهم‪َّ :‬‬ ‫وقال ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُبرى‪ ،‬وهي َب ُ‬
‫حاسبة‪.‬‬ ‫للم‬
‫الناس ُ‬ ‫عث‬ ‫السا َع ُة الك َ‬
‫‪َّ -1‬‬
‫قول عائش َة ‪b‬‬ ‫ِ‬
‫الواحد‪ ،‬ويؤ ِّيدُ ُه ُ‬ ‫موت أهل ال َق ِ‬‫الساع ُة الوسطى‪ ،‬وهي ُ‬
‫رن‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫رس�ول الله ‪ m‬س�ألوه عن الس ِ‬
‫�اعة‪ ،‬متى‬ ‫ِ‬ ‫األع�راب إذا َق ِد ُم�وا عل�ى‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫(كان‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اله َر ُم قامت‬ ‫إنس�ان منهم فقال‪« :‬إن َي ِعش هذا ل�م ُي ِ‬
‫درك ُه َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أحدث‬ ‫فنظ�ر إلى‬
‫َ‬ ‫الس�اع ُة‬
‫َّ‬
‫عليكُ�م س�اعتُكم»((( ‪ ،‬والمراد بِس�ا َعتِهم‪ :‬موتُهم ـ أي‪ :‬س�ا َع ُة المخا َطبِين آنذاك ـ‬
‫كما جاء في فتح الباري‪.‬‬

‫((( المفردات للراغب ص‪.248‬‬


‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )6511‬ومسلم (‪. )7598‬‬

‫‪46‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‪ ،‬فساع ُة ك ُِّل‬
‫المشار‬
‫ُ‬ ‫إنسان مو ُت ُه‪ ،‬وهي‬ ‫موت‬
‫غرى‪ ،‬وهي ُ‬ ‫‪ -3‬الساع ُة ُّ‬
‫الص َ‬
‫إليها بقوله‪ :‬ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮊ [األنعام ‪.]31‬‬
‫أن ك َُّل مي ٍ‬
‫أقسام القيامة‬
‫�ت فقد قامت قيا َمتُه‬ ‫َ ِّ‬ ‫علماؤنا ‪ :‬واعلم َّ‬
‫ُ‬ ‫�ي رحمه الله‪( :‬ق�ال‬‫ق�ال ال ُقر ُطبِ ُّ‬
‫خاصتِ ِه من‬ ‫ٍ‬
‫غرى هي ما يقو ُم ك ُُّل إنس�ان ف�ي َّ‬ ‫فالص َ‬
‫ُبرى ‪ُّ ،‬‬ ‫ولكنَّه�ا قيام� ٌة ُصغ�رى وك َ‬
‫س�عي ِه وحصولِ ِه على َعم ِل ِ‬
‫ِ‬ ‫أهل ِه وانقطا ِع‬
‫وفراق ِ‬
‫ِ‬ ‫وح ِه‬
‫خ�روج ر ِ‬
‫كان خير ًا ٌ‬
‫فخير‬ ‫�ه إن َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫وتأخ ُذهم َأ َ‬
‫خذ ًة واحدةً)‬ ‫َّاس ُ‬ ‫وإن كان َش َّ�ر ًا َف َش ٌّ�ر‪ ،‬والقيا َم ُة الك َ‬
‫ُبرى هي التي َت ُع ُّم الن َ‬
‫اهـ‪.‬‬

‫الموت‬
‫ُ‬ ‫تك�ون القيا َم ُة ُ‬
‫الوس�طى‬ ‫َ‬ ‫قل�ت ـ والل�ه أعلم‪ :‬وال ُيس�تب َعدُ في المعنى أن‬‫ُ‬
‫َّرتيب على النَّحو‬ ‫ُ‬ ‫السابِ َق ِ‬ ‫بالمعنَ َي ِ‬ ‫ِ‬
‫فيكون الت ُ‬ ‫ين‪،‬‬ ‫ين َّ‬ ‫الجماع ُّي إذا أخذنا ما قاله العلماء َ‬
‫التالي‪:‬‬
‫أخذ ًة ِ‬
‫وتأخ ُذهم َ‬
‫(((‬
‫واحدَ ةً‪.‬‬ ‫‪ -1‬القيام ُة الكُبرى هي التي َت ُع ُّم َ‬
‫الناس ُ‬
‫ِ‬
‫العالمات‬ ‫المنصوص عليه في‬
‫ُ‬ ‫المجهز‬
‫ُ‬ ‫وت‬
‫والم ُ‬ ‫الوس� َطى هي َ‬
‫اله ْر ُج َ‬ ‫‪ -2‬القيام ُة ُ‬
‫السا َع ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلبادات الجماع َّي ُة وهي من عالمات َّ‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫ِ ِ (((‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وفراق أهله‪.‬‬ ‫المرء‬ ‫وح‬ ‫الصغرى هي ُخ ُ‬
‫روج ُر ِ‬ ‫‪ -3‬القيام ُة ُّ‬

‫األخير ُة في‬
‫َ‬ ‫الس�ا َع ِة التي هي ال َّلح َظ� ُة‬ ‫وه�ذه المعاني ال َّثال َث� ُة ُ‬
‫تدور حول مفهو ِم َّ‬
‫حياة ال َب َش ِر َّي ِة التي ال َز َم َن بعدها‪.‬اهـ‪.‬‬

‫((( «التذكرة في أحوال الموتى وأمور اآلخرة» نقال عن «فقه أش�راط الس�اعة» د‪ .‬محمد أحمد‬
‫إسماعيل المقدم ص‪.15‬‬
‫((( نقل�ت الفكرة مع ش�يء من التصرف من كتاب فقه أش�راط الس�اعة للدكت�ور محمد أحمد‬
‫إسماعيل المقدم‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫األمارات إلى ثال َث ِة أقسا ٍم ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫رز ِ‬
‫نج ُّي في «اإلشاعة» (ص‪)27‬‬ ‫و َق َّس َم اإلما ُم ال َب َ‬
‫األمارات البعيدةُ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ٌ -1‬‬
‫قسم ظهر وانقضى وهي‬
‫انقسام األمارات‬
‫ُ‬
‫ويتكامل‪.‬‬ ‫يزال يتزايدُ‬ ‫ِ‬
‫ينقض بل ال ُ‬ ‫‪ٌ -2‬‬
‫قسم ظهر ولم‬ ‫إلى ثالثة أقسام‬

‫األمارات الكبير ُة ‪..‬‬


‫ُ‬ ‫الساع ُة وهي‬
‫وقسم تع ُق ُبه ّ‬
‫ٌ‬ ‫‪-3‬‬
‫ِ‬
‫تعريفها إلى أقسا ٍم ‪:‬‬ ‫العالمات في‬
‫ُ‬ ‫تنقسم‬ ‫كما‬
‫ُ‬
‫‪1- 1‬فِ َت ٌن‬
‫ُ‬
‫وأشراط‬ ‫‪2- 2‬‬
‫وعالمات‬
‫ٌ‬ ‫‪3- 3‬‬
‫ِ‬
‫ومالح ُم‬ ‫وأمارات‬
‫ٌ‬ ‫‪4- 4‬‬
‫شارات‬
‫ٌ‬ ‫‪5- 5‬وبِ‬

‫االبتالءات العا ّم ُة‬


‫ُ‬ ‫َ�ن)‪ ،‬والمقصود ِ‬
‫بالفت َِن هي‬ ‫الفتَ� ُن‪ :‬إ ّما (فِ َت ٌن أو ُم ِضلاّ ُت فِت ٍ‬
‫‪ِ -1‬‬
‫ُ‬ ‫معنى الفتن‬
‫ف ِ‬
‫ألمر‬ ‫انحراف أو تح�و ٍل مخالِ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫حص�ول‬ ‫ُ‬
‫ويكون بها‬ ‫ُصي�ب الفر َد أو األُ َّم� َة‬ ‫الت�ي ت‬
‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬
‫صبر ِه‬
‫واألجر عن�د ِ‬
‫َ‬ ‫اختبار للمس�ل ِم ُ‬
‫ين�ال به ال َّث َ‬
‫�واب‬ ‫ٌ‬ ‫َ�ن ما هو‬ ‫الفت ِ‬‫�ريعة‪ ،‬وم�ن ِ‬‫ِ‬ ‫ّ‬
‫الش‬
‫والمال والو َل ِ‬ ‫لل�ه تعالى كما هو في فِتن َِة‬
‫واحتس�ابِه ِ‬
‫�د ‪ ،‬ومن هذا النَّمو َذ ِج ما‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬
‫األهل‬
‫أشار الل ُه به لألنبياء‪ :‬ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ وقال‬
‫لس ِّي ِدنا موسى‪ :‬ﮋ ﮈ ﮉ ﮊ [طه‪.]٤٠ :‬‬
‫تعالى َ‬

‫َ�ن فهي ما خرج به الف�ر ُد أو الجماع ُة أو األُس�ر ُة أو القبيل ُة أو‬ ‫الفت ِ‬ ‫وأم�ا م ِضّل�اّ ُت ِ‬
‫ُ‬ ‫معنى مضالت‬
‫ِ‬ ‫ال َّ‬‫الش�ر والدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األُ َّم ُة عن جا ّدة ال َّط ِ‬
‫والش�يطان‪ ،‬وقد أمر‬ ‫ريق المش�روعة إلى خدمة َّ ِّ‬ ‫الفتن‬

‫ِ‬
‫المس�يخ‬ ‫والممات ومن فِتن َِة‬
‫ِ‬ ‫الفت َِن ومن فِتن َِة المحيا‬
‫ت ِ‬‫النَّبِي ‪ m‬بالتعو ِذ من م ِضلاّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫�ة على الدُّ ِ‬ ‫الحاوي ِ‬ ‫يق�ول ‪ m‬ف�ي بعض أحاديثِ ِ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬
‫أردت‬
‫َ‬ ‫ع�اء «وإذا‬ ‫َِ‬ ‫�ه‬ ‫ُ‬ ‫�ال ‪ ،‬وكان‬

‫‪48‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫مفتون»(((‪.‬‬ ‫بعبادك فتنَ ًة فاقبِضني إليك َ‬
‫غير‬
‫الش�يء ِ‬
‫أوائ ُل ُه(‬ ‫ُ‬
‫أش�راط َّ‬ ‫األش�راط‪ :‬جمع َش�ر ٍ‬
‫ط ( بفتحتين) وهي العال َم ُة ‪،‬و‬ ‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫معنى األشراط‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫اعة عالماتُها ) قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ‬ ‫وأشراط الس ِ‬
‫ُ ّ‬
‫ﰂ ﮊ [محمد ‪.]18:‬‬
‫العالمات التي يع ُقبها قيام الس ِ‬
‫اعة ) (((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حجر ‪ ( :‬هي‬ ‫ُ‬
‫الحافظ ابن‬ ‫قال‬
‫ُ ّ‬

‫األم�ارات الدَّ ا َّل ِة‬


‫ُ‬ ‫واآليات هي‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اآلي�ات‪،‬‬ ‫اس�م‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األش�راط‬ ‫بعضهم على‬ ‫أطلق ُ‬
‫وق�د َ‬
‫توضع على‬ ‫ريق أو‬ ‫كاألمارات التي تُنصب في الص ِ‬
‫حراء دا َّل ًة على ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�يء‬ ‫على‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬
‫الس ُفن ‪ .‬اهـ((( ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫الشاطيء لتهدي ُّ‬

‫ووصفت أيضا بلفظ المش�اريط في بعض روايات الحديث‪ ،‬ففهي مس�ند أحمد‬
‫(‪ )386‬عن حذيفة ؤ قال‪ :‬س�ئل رس�ول الله ‪ m‬عن الس�اعة فقال‪ :‬علمها‬
‫عند ربي ال يجليها لوقتها إال هو؛ ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها‪.‬‬
‫ِ‬
‫وبالجمل�ة فالمقص�و ُد به�ا ‪ :‬الظاه�ر ُة الكون َّي� ُة أو الظاه�ر ُة المرحل َّي� ُة المرتبط� ُة‬
‫الش ِ‬
‫ريفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األحاديث َّ‬ ‫ِ‬
‫المنصوص عليها في‬ ‫بالتَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لوك ٍ‬
‫الم َم ِّي َز ُة ُس َ‬ ‫ٍ‬
‫معنى العالمات‬ ‫مرحلة‬ ‫جماعة أو‬ ‫فرد أو‬ ‫الس َم ُة ُ‬
‫جمع عالمة‪ ،‬وهي ِّ‬
‫ُ‬ ‫العالمات‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫عالمات الس ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحاديث‬ ‫يتطابق مع ما َذك ََر ُه ‪ m‬في‬
‫ُ‬ ‫بما‬
‫ّ‬

‫أخبر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحدَ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫‪-4‬‬


‫معنى األمارات‬ ‫المطاب�ق لحالة أو كيف َّية َ‬
‫ُ‬ ‫ث‬ ‫جمع أمارة‪ ،‬واألمار ُة هي َ‬
‫ُ‬ ‫األم�ارات‪:‬‬
‫ُ‬

‫((( س�نن الترمذي (‪ ، )3235‬صحح إس�ناده جملة من المحدثين وضعفه آخرون‪ ،‬انظر تحقيق‬
‫«الطرق الحسان» البن رجب ألبي أنس عادل بن سعد محمد مطاوع ص ‪.15-13‬‬
‫((( فتح الباري ‪.79/13‬‬
‫((( ص‪13‬المصدر السابق بتصرف ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫وتحوالتها» ‪.‬‬ ‫عنها ‪ m‬في «شؤون الس ِ‬
‫اعة‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬

‫سات المرحل َّي ُة التي ُيجري الل ُه فيها نُصر َت ُه وتأييدَ ُه لعباده‬
‫شارات‪ :‬هي التَّن ُّف ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -5‬البِ‬
‫معنى البشارات‬
‫س�الة ‪ ،‬وخالفةِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالحي�ن وتمكينه�م في األرض‪.‬ك ُظهور اإلسلا ِم ف�ي عصر ِّ‬
‫الر‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫وظهور‬ ‫ِ‬
‫األمر ‪،‬‬ ‫الح َس ِن بعد احتدا ِم‬
‫لح اإلما ِم َ‬ ‫وص ِ‬ ‫ِ‬
‫العزيز في بني ُأ َم َّي َة ‪ُ ،‬‬ ‫مر بن عبد‬‫ُع َ‬
‫وبي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخالف�ة العثماني ِ‬
‫�ة بع�د ت ََم ُّز ِق‬ ‫ِ‬
‫وظه�ور صالح الدِّ ي�ن األ ُّي ِّ‬ ‫اإلسلامي ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫القرار‬ ‫َّ‬
‫ور في العالم ‪.‬‬ ‫الج ِ‬ ‫المهدي بعد ُش ِ‬
‫مول َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫وظهور اإلما ِم‬ ‫للصليبِ ِّيين ‪،‬‬
‫وهزيمته َّ‬
‫ِ‬
‫المراحل ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لظواهر‬ ‫�رعي‬ ‫الت ضب ُطها َّ‬ ‫ق�ه التَّحو ِ‬
‫َّعريفات في فِ ِ‬
‫ِ‬
‫الش ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وفائ�د ُة ه�ذه الت‬
‫ِ‬
‫العكس من ذلك‪ ،‬فحي ُثما‬ ‫المرج َّو ِة أو‬
‫ُ‬
‫الت وعالقتِها بالس ِ‬
‫المة‬ ‫َّ‬
‫وتحديدُ هوي ُة التَّحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬
‫واألمكنة‬ ‫ِ‬
‫األزمنة‬ ‫منهج في َس ِ‬
‫�ير‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جماعة أو‬ ‫كان نَ�ص التَّحوالت يش�ير إلى ٍ‬
‫ف�رد أو‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫فاألمر كذلك‪ ،‬وإال ّ‬ ‫ِ‬
‫َّجديد أو ال َع ِ‬ ‫بالسلا َم ِة أو الت‬
‫السلا ِم من‬
‫فإن دعوى َّ‬ ‫ُ‬ ‫دل‬ ‫ويص ُفه َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫المراحل و َمن فيها‪.‬‬ ‫فرد أو جماعة مردود ٌة عليهم بِ ُحك ِم الن ِّ‬
‫َّص الذي ُي َف ِّس ُر‬
‫الع َّ�ز َة والنُّصر َة ِ‬
‫لله‬ ‫مواقفهم ِ‬
‫لا كانوا يدَّ عون السلام َة ويرون ف�ي ِ‬ ‫ِ‬
‫فالخ�وار ُج مث ً‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ب�ة‪ ،‬لكن نُصوص التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫الكاذ ِ‬
‫ِ‬ ‫ولرس�ولِه ‪ ،m‬ومات�وا وهم على تلك الدَّ عوى‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ِّق‬
‫نوحهم عن َ‬ ‫وج َ‬ ‫الس�اعة ُي ِبر ُز ُ‬
‫للمتأ ِّم ِل كَذ َبهم وعد َم سلا َمتهم ُ‬ ‫وفق َه عالمات ّ‬
‫وز َم ٍن ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وعصر َ‬ ‫ٍ‬
‫مرحلة‬ ‫أش�باههم وأمثالِه�م في ك ُِّل‬
‫ِ‬ ‫وتَعدِّ يهم على ِ‬
‫أهله‪ ،‬وهكذا في‬
‫الح ُّق‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والظواه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص�ل ِ‬
‫والق�ول ال َف ُ‬
‫ُ‬
‫يكون َ‬ ‫�ر‪ ،‬وبها‬ ‫العالمات‬ ‫يرج ُع إلى ما قاله ‪ m‬من‬
‫يقض َي الل ُه أمر ًا كان مفعوالً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األزمان‪ ،‬وإلى أن ِ‬ ‫والباطل َق ِص ّي ًا على َم َم ِّر‬
‫ُ‬ ‫َجل ّي ًا‬

‫‪50‬‬
‫السنَّةِ’‬ ‫ح ِدي ْ ُ‬
‫ث ِجب ْ ِريْل َ ‘ ُأم ُّ ُّ‬ ‫حوَر ٱلْم َْو ُض ِ‬
‫وع َ‬
‫م ْ ُ‬
‫ِ‬
‫رسول ِ‬‫ِ‬ ‫بن الخ َّط ِ‬ ‫عن ُع َم َر ِ‬
‫الله ‪ m‬إذ طلع‬ ‫وس عند‬ ‫اب ؤ قال‪ :‬بينا نحن ُج ُل ٌ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫فر وال يعر ُفه‬ ‫الش َع ِر ال ُيرى عليه َأ َث ُر َّ‬
‫سواد َّ‬ ‫ياب شديدُ‬ ‫ِ‬
‫بياض ال ِّث ِ‬ ‫رجل شديدُ‬‫علينا ٌ‬
‫خ َذ ِيه وقال‪ :‬يا ُم َح َّمدُ أخبِرني‬
‫يديه على َف ِ‬ ‫َيه ووضع ِ‬
‫َ‬
‫َيه إلى ركبت ِ‬
‫ُ َ‬
‫منّا َأحدٌ ‪ ،‬فأسندَ ركبت ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫عن اإلسال ِم؟‬
‫ِ‬
‫الصالة وإيتا ُء‬ ‫رس�ول ِ‬
‫الله و إق�ا ُم‬ ‫ُ‬ ‫وأن ُم َح َّمد ًا‬
‫ق�ال‪« :‬أن تش�هدَ أن ال إل�ه إال الل ُه َّ‬
‫دراسة حديث‬
‫جبريل‬ ‫صدقت‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫َ‬ ‫اس�تطاع إليه س�بيالً»‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫يت من‬ ‫رمضان وحج الب ِ‬
‫َ‬ ‫الز ِ‬
‫كاة وصو ُم‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُّ َ‬
‫ِ‬
‫اإليمان؟‬ ‫ِ‬
‫فعجبنا له يسأ ُل ُه و ُيصدِّ ُقه ‪ ،‬قال ‪ :‬أخبِرني عن‬

‫وش ِّ�ر ِه‬


‫خير ِه َ‬ ‫ورس�له وباليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر وبال َقدَ ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومالئكته و ُكتُبِه‬ ‫تؤمن ِ‬
‫بالله‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أن ِ‬

‫صدقت ‪ ،‬قال‪ :‬فأخبِرني عن اإلحس�ان؟‪ ،‬قال‪« :‬أن تَع ُبدَ الل َه‬ ‫َ‬ ‫م�ن ِ‬
‫الله تعالى»‪ ،‬قال‪:‬‬
‫صدقت‪ ،‬قال‪ :‬أخبِرني عن الس ِ‬
‫�اعة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ�ك ت�را ُه فإن لم تكن ترا ُه فإنَّه َ‬
‫يراك » ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫كأن َ‬
‫َّ‬
‫الس ِائ ِل»‪ ،‬قال‪ :‬أخبِرني عن أماراتِها؟‪ ،‬قال‪« :‬أن‬ ‫المس�ؤول عنها بِأع َل َم من َّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪« :‬ما‬
‫الحفا َة ال ُعرا َة العا َل َة ِرعا َء َّ‬ ‫ِ‬
‫الشاء يتطاولون في البنيان »‪.‬‬ ‫تَلدَ األ َم ُة َر َّبتها ‪ ،‬وأن ترى ُ‬

‫لت‪ :‬الل ُه ورسو ُل ُه‬ ‫ائل» َ‬


‫قال‪ُ :‬ق ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫انطلق َفلبِ ُ ِ‬
‫ثت َمل ّي ًا ‪ ،‬فقال‪« :‬يا ُع ُ‬
‫مر أتدري َمن ّ‬ ‫َ‬ ‫ثم‬
‫أمور دينِكم »‪.‬‬
‫جبريل أتاكُم ُيع ِّل ُمكم َ‬
‫ُ‬ ‫أعلم‪ ،‬قال ‪« :‬ذاك‬
‫ُ‬
‫السن َِن ‪ « :‬فإ َّن ُه ِج ُ‬
‫بريل أتاكم ُيع ِّل ُمكم دينَكم » (((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وفي ِ‬
‫لفظ ُمسل ٍم‬
‫وأصحاب ُّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫جبريل جا َء ل ُي َع ِّل َم َ‬
‫الناس دينَهم» (((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رواية‪« :‬هذا‬ ‫وفي‬

‫((( مسلم (‪.)102‬‬


‫((( البخاري (‪.)4777‬‬

‫‪51‬‬
‫رج�ل فجلس عند ركبت ِ‬
‫َي�ه‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬ ‫ٌ‬ ‫«س� ُلوني» ‪ ،‬فها ُبوه‪ ،‬فجاء‬ ‫ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫وف�ي رواية ق�ال‪َ :‬‬
‫جبري�ل أراد أن تَع َلموا إذا‬
‫ُ‬ ‫رس�ول ِ‬
‫الل�ه ما اإلسلا ُم؟ وذكر نحوه إلى أن قال ‪« :‬هذا‬ ‫َ‬
‫لم ت َ‬
‫َسألوا» (((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ�اس دينَهم ‪ ،‬والذي‬ ‫جبريل جا َء ل ُيع ِّل َم الن َ‬
‫ُ‬ ‫آخ�ر «هذا‬
‫طريق َ‬ ‫رواية أحمدَ من‬ ‫وف�ي‬
‫أعر ُفه إال أن يكون هذه َ‬
‫الم َّرةَ»(((‪.‬‬ ‫نفس ُم َح َّم ٍد بِ َي ِده ما جاءني َق ُّط إال وأنا ِ‬
‫ُ‬

‫ور ٍة َق ُّط إال عرف ُت ُه إال في هذه‬


‫وفي الطبراني الكبير عن ابن عمر ( ما جاءني في ُص َ‬
‫الص ِ‬
‫ورة)((( ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫جبريل ش كما هو بين أيدينا يفت َُح لنا آفاق ًا واسع ًة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لحديث‬ ‫شك َّ‬
‫أن قرا َءتنا‬ ‫وال َّ‬
‫ِ‬
‫الموضوع ِّي في هذا‬ ‫النهاية إلى فه ِم التَّراب ِ‬
‫ط‬ ‫ِ‬ ‫م�ن التأم ِل والمتابع ِ‬
‫�ة‪ ،‬التي تب ُل ُغ بنا في‬
‫ُ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫أهم َّي ٍة ُمح َّق َق ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لعالمات‬ ‫َّ�ب على هذا التَّرا ُبط من ِّ‬ ‫الحدي�ث من ك ُِّل جوانبه ‪ ،‬وما يترت ُ‬
‫الش�رع َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫َّقريرات َّ‬ ‫ص�ول العل�و ِم والت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أب�واب و ُف‬ ‫ِ‬
‫العديد من‬ ‫�اعة ودخولِه�ا ف�ي‬ ‫الس ِ‬
‫ّ‬
‫تداو َل ِة ‪.‬‬
‫الم َ‬‫ُ‬
‫ُ‬
‫الحديث لنا ‪:‬‬ ‫أوضح ُه‬ ‫أهم ما‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ولعل من ِّ‬
‫وسلوك ًا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫جبريل على القو ِم صور ًة ولباس ًا وكيف َّي ًة ُ‬ ‫الص َف ُة التي َ‬
‫ظهر بها‬ ‫‪ِّ -1‬‬
‫الله ‪.m‬‬ ‫لرسول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمخاطبة‬ ‫ِ‬
‫الجلوس‬ ‫‪ -2‬أسلو ُب ُه في‬
‫‪ -3‬كونه يسأ ُل ُه ويصدِّ ُق ُه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫إيضاح‬
‫ٌ‬ ‫اللفظ�ة‬ ‫�ائل‪ ،‬وفي ه�ذه‬ ‫بأعل�م من َّ‬
‫َ‬ ‫المس�ؤول عنه�ا‬ ‫‪ -4‬قو ُل�ه‪َ :‬‬
‫لي�س‬

‫((( مسلم (‪.)108‬‬


‫((( مس�ند أحم�د (‪ ،)17631‬وق�ال الهيثم�ي ف�ي «المجمع» (‪ :)45 :1‬وفي إس�ناده ش�هر بن‬
‫حوشب‪.‬‬
‫((( مجمع الزوائد (‪.)12 :1‬‬

‫‪52‬‬
‫ِ‬
‫لحقيقة‬ ‫وكش�ف‬
‫ٌ‬ ‫باألم�ر أو عَ�دَ ِم ِع ِ‬
‫لم�ه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫علم ِه‬
‫جبري�ل ف�ي ِ‬
‫َ‬ ‫للس�امعين ع�ن ه ِوي ِ‬
‫�ة‬ ‫ُ َّ‬
‫لرسول ِ‬
‫الله ‪. m‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫المخاطِ ِ‬
‫ِ‬
‫الكون‪.‬‬ ‫األمارات وليس معرف َة ِ‬
‫نهاية‬ ‫ِ‬ ‫‪ -5‬تأكيدُ َط َلبِ ِه معرف َة‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالمات بِنمو َذ َج ِ‬
‫ين فقط‪ :‬أن تَلدَ األَ َم ُة‪ ..‬وأن ترى ُ‬
‫الحفاةَ‪.‬‬ ‫‪ -6‬تحديدُ‬
‫إيضاحات إضاف َّي ٍة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫البيان دون‬ ‫جبريل بعد هذا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫انطالق‬ ‫‪-7‬‬
‫ِ‬
‫األحاديث حتى‬ ‫المشار إليه في ُجم َل ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫ِ‬
‫بوقائ ِع‬ ‫الصحابة ئ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ -8‬‬
‫جهل‬
‫الس ُ‬
‫ائل؟‪.‬‬ ‫َّبي ‪ m‬لس ِّيدنا ُع َم َر بقوله‪ :‬أتدري َمن ّ‬ ‫برز ُس ُ‬
‫ؤال الن ِّ‬
‫عمر ؤ بقوله‪ :‬الل ُه ورسو ُله أع َل ُم‪.‬‬ ‫‪ -9‬ر ُّد َ‬
‫ِ‬
‫األمر ُك ِّله وعَدَ ُم‬ ‫ِ‬
‫جريات‬ ‫الصحابة ئ عن ُم‬ ‫ِ‬ ‫سكوت‬
‫ُ‬ ‫‪ -10‬و ُيستفا ُد من هذا‬
‫غفلة في عدم‬ ‫بري�ل أو ما طر َأ عليهم م�ن ٍ‬ ‫ش�خص َّي ِة ِج َ‬
‫ِ‬ ‫البعض في‬
‫َ‬ ‫بعضه�م‬ ‫مس�اء َل ِة ِ‬
‫ُ َ‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫ُش�ير إلى َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫اإلش�ارات بحقيقتِه‪ ،‬مع َّ‬
‫ِ‬ ‫معرفتِه‪ ،‬مع ُظ ِ‬
‫الروايات ت ُ‬ ‫بعض ِّ‬‫أن َ‬ ‫هور‬
‫ِ‬
‫حادثة ِج َ‬
‫بريل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ثالثة أ ّيا ٍم من ُم‬ ‫الله ‪ m‬سأل ُع َم َر ؤ بعد‬ ‫ِ‬

‫الحديث وما قيل فيه له‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬على أن ُم ِه َّم َة ِج َ‬


‫بريل في هذا‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ -11‬تأكيدُ‬
‫أمر دينِكُم‪ ،‬أو ( ُي َع ِّل ُمكُم ِدينَكُم)‪.‬‬
‫تعليمكُم َ‬
‫ُ‬ ‫وظيف ٌة محدَّ َدةٌ‪ ،‬وهو‬
‫أمر دينِك�م) فيه إش�ار ٌة واضح ٌة إلى‬ ‫ِ‬
‫�و ُّي م�ن قول�ه‪ُ ( :‬يع ِّل ُمكم َ‬‫ف�ظ النَّ َب ِ‬
‫‪ -12‬وال َّل ُ‬
‫ِ‬ ‫أمور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمة ‪ ،‬وال‬ ‫دين‬ ‫تم�از ِج (األركان األربعة المذكورة في الحدي�ث) وأنَّها ُك َّلها ُ‬ ‫ُ‬
‫وآخر‪.‬‬
‫َ‬ ‫فصل بين ُر ٍ‬
‫كن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫تفصيل‬ ‫الشرع َّي َة المخدوم َة في‬ ‫وألن هذه الحقيق َة ال غبار عليها ن ِ‬
‫َجدُ ال ُعلو َم ّ‬ ‫َّ‬ ‫‪-13‬‬
‫َ‬
‫كن الراب ِع ومت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫بعض برغم‬ ‫َداخ ٌل ُ‬
‫بعضها في‬ ‫ُ‬ ‫بالر ِ َّ‬ ‫متماز َج ًة ك َُّل الت ُ‬
‫َّماز ِج ُّ‬ ‫األركان الثالثة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الراب ِع بعيد ًا عن‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫الثالثة األخرى ‪ ،‬ولكنه‬ ‫األركان‬ ‫كن َّ‬ ‫أن ال ُعلم�ا َء ق�د تركوا َحيث َّي َة ُّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫صول وال ُفروعِ‪ ،‬فما من ٍ‬
‫باب من‬ ‫َّدوين وعلى أهل األُ‬
‫ِ‬ ‫ف�رض ِ‬
‫موق َعه ومكان�ه على الت‬ ‫َ‬

‫‪53‬‬
‫�اعة عالِ َق ٌة به ُمرتَبِ َط ٌة بتفصيالتِه‪ ،‬ومن ذلك‬
‫عالمات الس ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وأحاديث‬ ‫ِ‬
‫أبواب العل ِم إال‬
‫عالمات الس ِ‬
‫�اعة كما هو‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫بأحاديث ت ُ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء في ُكتُبهم‬ ‫ِ‬ ‫ما ن ِ‬
‫ّ‬ ‫َخ ُّ‬ ‫اس�تدالل‬ ‫َجدُ ُه من‬
‫في‪:‬‬
‫باب ِ‬
‫العل ِم‬ ‫ • ِ‬
‫ِ‬
‫الحدود‬ ‫ • ِ‬
‫كتاب‬
‫الذ ِ‬
‫كر‬ ‫ • ِ‬
‫كتاب ِّ‬
‫ِ‬
‫عامالت‬ ‫الم‬ ‫ • ِ‬
‫كتاب ُ‬
‫ • ِعل ِم الت ِ‬
‫َّفسير‬
‫ِ‬
‫َّوحيد‬ ‫ِ‬
‫العقائد والت‬ ‫ • ِعل ِم‬
‫الرؤيا‬ ‫ِ‬
‫أبواب ُّ‬‫ •‬
‫سبيل ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والغزو في‬ ‫ِ‬
‫الجهاد‬ ‫ِ‬
‫أبواب‬ ‫ •‬
‫أبواب ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫ِ‬ ‫ •‬
‫الز ِ‬
‫كاة‬ ‫باب َّ‬ ‫ • ِ‬

‫أركان اإلسلا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫بحدي�ث من‬ ‫ِ‬
‫األبواب‬ ‫لواح ٍد من ه�ذه‬ ‫ف�إذا م�ا اس�تَدَ َّل العلم�اء ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قبض ِه‬ ‫العل ِم أو ِ‬ ‫نقض ِ‬ ‫ِ‬ ‫المع ِّب َر ِة عن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫واإليمان واإلحسان َش َفعوه بِ ُجملة من األحاديث ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق َّل ِة الرجال وكثر ِة الن ِ‬ ‫الزنا ِ‬ ‫ِ‬ ‫كثر ِة‬
‫األذكار‬ ‫الحديث عن‬ ‫ِّساء ‪ ،‬وعند‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫�و ِّ‬ ‫الجهل و ُف ُش ِّ‬ ‫أو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفتن َِة ف�ي‬ ‫�ة ِ‬‫َ�ن الم ِض َّل ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫والولد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واأله�ل‬ ‫المال‬ ‫أحادي�ث االس�تعاذة من الفت ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫تأت�ي‬
‫ال‪،‬‬ ‫والممات‪ ،‬ومن فِتن َِة المغر ِم والمأ َث ِم ومن فِتن َِة الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالستعا َذ ُة من فِتن َِة المحيا‬
‫َ‬
‫الربا وال َغ ِّش وما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫روس ال ُبيو ِع ومعامالته في أحاديث ِّ‬ ‫المعامالت يأتي خالل ُد‬ ‫وفي‬
‫نماذ ِج‬‫ذكرها في ِ‬ ‫المعامالت الحرا ِم التي ال ُبدَّ من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصناف‬ ‫يؤول إليه المسلمون من‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المعامالت‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ِ‬
‫الحدود‬ ‫َ‬
‫إسقاط‬ ‫ُ‬
‫تتناول‬ ‫ِ‬
‫األحاديث التي‬ ‫الحدود الشرع َّي ِة تأتي ُجمل ُة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫روس‬ ‫وعند ُد‬
‫ِ‬ ‫بتس�م َي ِته ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ�ر َّ ِ‬‫ف�ي ِ‬
‫اس�مه ‪ ،‬وإلى غير‬ ‫بغير‬ ‫الخمر‬ ‫الزمان والتَّحا ُي ِل على ِّ‬
‫الربا وعلى‬
‫العل ِم للنَّ َظ ِر ف�ي مواضي ِع ال َّثال َث ِة‬
‫�ة ِ‬ ‫بعض َط َلب ِ‬
‫َ‬ ‫س�يكون ُمفي�د ًا لو َّ‬
‫تجر َد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‪ ..‬وكم‬
‫ضبط أركانها الشرع َّي ِة وما تناو َل ُه‬
‫ِ‬ ‫ت في‬ ‫أحاديث ال َّثوابِ ِ‬
‫ُ‬ ‫رع َّي ِة وما َج َم َعت ُه‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫األركان َّ‬
‫عالمات الس ِ‬
‫�اعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحاديث‬ ‫ِ‬
‫وحصر‬ ‫ِ‬
‫األبواب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّفصيل في هذه‬ ‫العلماء من الت ِ‬
‫َّقعيد والت‬
‫ّ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫َّشريعات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العالمات بهذه األحكا ِم والت‬ ‫ِ‬
‫وعالقة‬ ‫باب و َف ٍ‬
‫صل‪،‬‬ ‫الت في ك ُِّل ٍ‬ ‫قه التَّحو ِ‬‫وفِ ِ‬
‫ُّ‬
‫نماذ ِج ِ‬
‫العل ِم‬ ‫الت في كا َّف ِة ِ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫وألصحاب ال ُفرو ِع حضور فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ألصولِ ِّيين‬
‫ليتأ َّكدَ ل ُ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأبوابِه‪.‬‬
‫بعالمات الس ِ‬
‫ِ‬ ‫َج�دُ فِقه التَّحو ِ‬ ‫جانب آخر ن ِ‬ ‫ِ‬
‫يتداخ ُل َ‬
‫مع عل ِم‬ ‫َ‬ ‫�اعة‬ ‫ّ‬ ‫الت والعل ِم‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫وم�ن‬
‫�اعة ِ‬
‫عام ً‬
‫ال‬ ‫بعالمات الس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلحس�ان للعالم‬ ‫علم‬ ‫ُ‬ ‫ال تا ّم ًا‬ ‫ِ‬
‫اإلحس�ان ُ‬
‫تداخ ً‬
‫ّ‬ ‫يصير ُ‬ ‫ُ‬ ‫بحيث‬
‫ِ‬
‫القض�اء وال َق�دَ ِر ‪ِ َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫�ول النَّ َظ ِر ف�ي ُم‬ ‫ف و ُط ِ‬ ‫س�ن التَّصر ِ‬ ‫لح ِ‬
‫لم‬‫ألن ع َ‬ ‫جريات‬ ‫ُّ‬ ‫رجح� ًا ُ‬‫ُم ِّ‬
‫ِ‬
‫للعباد بِ ُح ِ‬
‫س�ن‬ ‫ِ‬
‫النظر‬ ‫ِ‬
‫وسلامة‬ ‫ل�م الت ََّح ُّق ِق بِ َث َمرات الطا َع ِة والعبا َد ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلحس�ان هو ع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الخ ُل�ق‪ ،‬وكان‬
‫َّح�والت من رجال عل ِم اإلحس�ان في َع َ‬
‫صري‬ ‫غال�ب ُعلماء فقه الت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وم َّم�ن ُيقتَدى بهم و ُيهتَ�دى ِ‬
‫بهديهم‪ ،‬فما ترى‬ ‫اش�دَ ِة ‪ِ ،‬‬‫والخالفة الر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صدراإلسلا ِم‬
‫َّ‬
‫�راد الله في ِ‬ ‫م�ق َأدبِهم مع م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلق�ه ‪ ،‬بينما‬ ‫ُ‬ ‫ُس�لوكَهم ومواق َفه�م إال ش�اهدَ ًة عل�ى ُع ِ َ‬
‫والس�ن َِّة أحيان ًا ولكن من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص�را ِع هم من َح َم َلة ال ُق�رآن ُّ‬
‫موز ِّ‬‫ور َ‬ ‫َج�دُ أقم�اع ِ‬
‫الفت ِ‬
‫َ�ن ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ِ‬
‫للش ِ‬ ‫مما يجع ُلهم هدف ًا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫يطان‬ ‫الس�اعة‪ّ ،‬‬‫غير ارتباط بعل ِم اإلحس�ان وال بعل ِم عالمات ّ‬
‫قضائ ِه و َقدَ ِره‬
‫ِ‬ ‫االعتراض على ِ‬
‫الله وعلى‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن ‪ ،‬بل سبب ًا في‬ ‫ت ِ‬ ‫الت وم ِضلاّ ِ‬
‫ُ‬
‫والتَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫َّحو ِل وال َّت َغ ُّي ِر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫في ُمجريات الت ُّ‬
‫ِ‬
‫حو ِر الموضو ِع نبد ُأ ف�ي ُ‬
‫تناولنا لمفهو ِم‬ ‫يط�ول بنا التأ ُّم ُل والتَّدَ ُّب ُ�ر في م َ‬
‫َ‬ ‫وحتّ�ى ال‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الركن َّية التي نح ُن بِ َصدَ دها ‪ ،‬والل ُه ُ‬
‫المو ِّف ُق‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫‪55‬‬
‫أركان ال ِّد ِين الثَّلاثَةُ وعلاقَتُها ابلرُّكنِ الر َّ ِ‬
‫ابع‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اعتبار‬‫ين أربع ٌة بِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬
‫َ‬ ‫ين أن يعلم َّ‬
‫ب�أن‬ ‫بأمر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الموق ِن ِ‬ ‫المس�ل ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م�ن واجبات ُ‬ ‫الوحدة‬
‫ين‪ :‬ثوابتٍ‬ ‫س�م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�م إلى ق َ‬ ‫ذك�ر ُه‪ ،‬و تن َقس ُ‬
‫الموضوعية بين َوحدَ ته�ا الموضوع َّي�ة ف�ي الحدي�ث اآلنف ُ‬
‫األركان األربعة ومتغي ٍ‬
‫رات‪.‬‬ ‫ُ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فال َّثوابِ ُ‬
‫أركان اإلسال ِم واإليمان واإلحسان وما َّ‬
‫تفر َع عن‬ ‫ت هي ما اشتملت عليه‬
‫ومراتب الس ِ‬ ‫والشري َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫هذه ال َّثال َث ِة من ُعلو ِم‬
‫لوك‪.‬‬ ‫ِ ُّ‬ ‫العقيدة َّ‬

‫أوج ِهها ال َّثال َث ِة ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫الساعة‪ .‬على ُ‬
‫ِ‬
‫العلم بعالمات ّ‬ ‫ُ‬ ‫رات ‪ :‬ما اشتمل عليها‬‫والمتَغ ِّي ُ‬ ‫ُ‬
‫الرسا َل ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ -1‬م َت َغ ِّي ٌ‬
‫رات على َعهد ِّ‬ ‫الثوابت والمتغير‬
‫سالة إلى ِقيا ِم الس ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫عهد الر ِ‬ ‫رات ما بعد ِ‬
‫‪ُ -2‬م َت َغ ِّي ُ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫قبل الرسا َل ِة المحم ِدي ِة تصا ُع ِدي ًا إلى ِ‬
‫عهد آد َم ش ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ َّ َّ‬ ‫رات ما َ ِّ‬
‫‪ُ -3‬م َت َغ ِّي ُ‬

‫وليس‬
‫َّص ـ َ‬ ‫ين أربع ًة ـ كما هو في الن ِّ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫الشرعي تُع َت َب ُر‬
‫ِّ‬ ‫وعلى هذا الت ِ‬
‫َّرتيب‬
‫ِ‬
‫األركان ِ‬
‫(الوحدَ ُة الموضوع َّي ُة)‬ ‫باع َّي ِة‬
‫لماء ‪ ،‬ودلي ُلنا على ر ِ‬ ‫ثالث ًة كما يتناو ُلها بعض الع ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذهاب ِج َ‬
‫ِ‬ ‫َّص قو ُل ُه ‪ m‬بعد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بريل‪ :‬يا‬ ‫حيث ورد في الن ِّ‬‫الحديث ُ‬ ‫َّبي ‪ m‬في‬‫من َلفظ الن ِّ‬
‫ُعمر أتدري من الس ِ‬
‫�ائ ُل؟ قال‪ :‬الل ُه ورس�و ُله أع َل ُم‪ ،‬قال‪ :‬ذاك ِج ُ‬
‫بريل أتاكم ُي َع ِّل ُمكم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫رواية ( ُيع ِّل ُمكم دينَكم)‪ .‬أخرجه مسلم وأصحاب السنن‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أمور دينِكُم‪ ،‬وفي‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ثوابت وليس ثالث ًة‪ ،‬وبهذا َيت ََأ َّكدُ أن‬
‫َ‬ ‫أربعة‬ ‫ف�ظ النَّ َب ِو ُّي في هذا الن ِّ‬
‫َّص يأتي بعد‬ ‫فال َّل ُ‬
‫ين أو َثوابِ َ‬
‫�ت الدِّ ين أربع ٌة كما هو في‬ ‫أصول الدِّ ِ‬
‫َ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬
‫ي�ن ـ كم�ا ُيع َّب ُر عنه�ا ـ أو‬ ‫َ‬
‫ريف‪.‬‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث َّ‬ ‫ِ‬
‫سياق‬ ‫األصول الثالثة‬
‫وتدرج المكلف‬
‫ِ‬
‫المدلول والمعنى‬ ‫ٌ‬
‫أصول ثابت� ُة‬ ‫ُ‬
‫واإلحس�ان‬ ‫ُ‬
‫واإليمان‬ ‫ُ‬
‫فاألصول ال َّثال َث ُة اإلسلا ُم‬ ‫فيها‬

‫‪56‬‬
‫وينش ُ‬ ‫ب الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�أ عليها‬ ‫�لوك َ‬ ‫والش�ريعة ومرات ِ ُّ‬
‫العقيدة َّ‬ ‫�ؤون‬ ‫ف في ُش‬‫المك َّل ُ‬
‫يت�در ُج بها ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الواج ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫رض َّي‬ ‫باعتبارها ِ‬
‫العلم ال َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األجيال‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غير ُمرتَبِ ٌط بِ ُمتَع َّلق�ات الت ُّ‬
‫َّدر ِج في الت‬
‫َّكليف‬ ‫(فم َت َغ ِّي ٌر) أي‪ :‬إ َّن ُه ُ‬
‫�ع ُ‬‫الرابِ ُ‬ ‫ُ‬
‫األصل َّ‬ ‫أم�ا‬
‫بأمر ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫َص َ‬‫وإنَّما يخت ُّ‬
‫بأمر ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬
‫الكائنة ِ‬ ‫ِ‬
‫واألش�راط‬ ‫ِ‬
‫والعالمات‬ ‫الت الكونِ َّي ِة‬
‫جريات التَّحو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كش�ف ُم‬ ‫‪-1‬‬
‫الركن الرابع هو‬ ‫ُّ‬
‫كشف مجريات‬ ‫قبل قيا ِم الس ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التحوالت‬
‫ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّب على‬‫وتعلي�ل الحوادث وم�ا يرتَبِ ُط بها من ص َّحة وفس�اد‪ ،‬وم�ا يترت ُ‬ ‫ِ‬ ‫س�رد‬ ‫‪-2‬‬
‫والمنافِقين‬
‫�ار ُ‬
‫ِ‬
‫أحوال ال ُك َّف ِ‬ ‫ودالالت ش�رع َّي ٍة للت ِ‬
‫َّمييز بي�ن‬ ‫ٍ‬ ‫إش�ارات نبو َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ذل�ك من‬
‫وموق ِعهم أيض ًا من‬
‫ِ‬ ‫الت‪ ،‬وبين المسلمين المؤمنين‬ ‫وموق ِعهم من التَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأشباههم‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫الس ِ‬
‫المة في الدُّ نيا‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫واإليمان‬ ‫�ؤون اإلسلا ِم‬ ‫ِ‬ ‫جبريل ش وم�ا َت َط َّر َق إليه من ُش‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫حدي�ث‬ ‫وألهمي ِ‬
‫�ة‬ ‫ِّ َّ‬
‫المس�ل ِم أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫يعر َ‬ ‫الس�اعة ص�ار من اللاز ِم عل�ى ُ‬ ‫واإلحس�ان والعل� ِم بعالم�ات ّ‬
‫ٍ‬ ‫بعضها بِ َب‬ ‫ِ‬
‫وارتب�اط ِ‬ ‫األركان األربع� َة ِ‬
‫ع�ض‪ ،‬فهي‬ ‫معر َف� ًة تتلا َء ُم م�ع ِّ‬
‫أهم َّيته�ا‬ ‫َ‬ ‫ه�ذه‬
‫ِ‬
‫األمانة التي قال عنها س�بحانه وتعال�ى‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫أس�اس مقو ِ‬
‫م�ات‬ ‫ُ ُ ِّ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱﮊ [األحزاب‪.]٧٢ :‬‬

‫صل بين‬ ‫إلبراز ُخ ُط ِ‬


‫ورة ال َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫األربعة ُمجت َِم َع ًة إال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باألركان‬ ‫وما اعتنى فِقه التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫المت َغ ِّي ِر ‪ ،‬فاإلسلا ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبر‬ ‫ُ‬
‫واإلحس�ان َ‬ ‫ُ‬
‫واإليمان‬ ‫الرابِ ِع ُ‬
‫كن َّ‬‫والر ِ‬
‫األركان ال ّثالثة الثابتة ُّ‬
‫َّقض ِ‬
‫والخدا ِع‬ ‫بض والن ِ‬ ‫َكسات و َأ َز ٍ‬
‫مات كال َق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تعر َض لِن‬ ‫ِ‬ ‫تاريخ البِ ِ‬
‫ناء َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�رع ِّي للدِّ يانَة َّ‬
‫ِ‬
‫المسل ِم مع أخيه‬ ‫أوجدَ ُه َّو ًة سحيق ًة بين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مما َ‬
‫َّس�ييس وما شابه ذلك‪َّ ،‬‬
‫َّحريف والت‬
‫والت‬

‫‪57‬‬
‫الم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫ؤمن في‬ ‫ؤمن مع أخيه ُ‬ ‫المس�ل ِم في قضايا َفه ِم اإلسلا ِم ك َعقيدَ ة وديانَة وبين ُ‬
‫ُ‬
‫َّقض ‪ ،‬ومث ُل ُه‬ ‫ات الكون َّي ِة التي ال تق َب ُل َّ‬
‫الش َّك وال الن َ‬ ‫كتصديق باليقيني ِ‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‬ ‫مفهوم‬
‫وآداب‪ ،‬وهي التي صارت في زمانِنا‬ ‫ٍ‬ ‫ذوقي ٍة ِ‬
‫وق َي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫اإلحسان ُ ٍ‬
‫كزهد و ُعلو ٍم َّ‬
‫ِ‬ ‫في مفهو ِم‬
‫ِ‬
‫البعض وس�بب ًا في النِّزا ِع‬ ‫وحقائ ِقها العم ِلي ِة الممارس ِ‬
‫�ة لدى‬ ‫ِ‬ ‫ُمس�تق َب َح ًة في ُص َو ِرها‬
‫َ َ َّ ُ َ َ‬
‫المف َت َع ِل ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫وله�ذا َّ ِ‬
‫ش�رع ٍّي لهذه‬ ‫اعتبار‬ ‫أركان الدِّ ين هي إعا َد ُة‬ ‫الراب ِع م�ن‬‫ك�ن َّ‬ ‫راس� َة ُّ‬
‫فإن د َ‬ ‫الركن الرابع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نوح في المسلمين‬ ‫األص ِّح واألت َِّم وتَبيي ٌن ُمد ِّل ٌل على مواق ِع ُ‬
‫الج ِ‬ ‫وأهمية دراسته ال َّثوابت على الوجه َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫معر َف ِة هذه ال َّثوابِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بابتعادهم عن ِ‬
‫الحاضر والماضي لس ِ‬
‫�لوك‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫خاطيء ف�ي‬ ‫ٍ‬
‫تعلي�ل‬ ‫وم�ا ترتَّب عل�ى هذا الب ِ‬
‫ع�د من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أهل ِ‬
‫العل� ِم ِضدَّ‬ ‫ِ‬
‫بع�ض ِ‬ ‫ِ‬
‫البع�ض وما ص�در ويص�دُ ر من‬ ‫المس�لمين ِض�دَّ ِ‬
‫بعضه�م‬
‫والرؤى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المذهب والن ِ‬
‫َّهج ُّ‬ ‫مخالِ ِفيهم في‬

‫ِ‬
‫نقائض‬ ‫أخبر عنها ‪ m‬وبين واق ِع األُ َّم ِة في‬ ‫الساعة التي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فعند المقارنة بين عالمات ّ‬
‫كن‬‫الر ِ‬ ‫َج�دُ ّ‬‫واآلداب ن ِ‬
‫ِ‬ ‫والعبادات ِ‬
‫والق َي ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقائ ِ‬
‫ِ‬
‫أخبر عنه ‪ m‬في ُّ‬ ‫أن ما َ‬ ‫والع�ادات‬ ‫�د‬
‫ِ‬
‫باألس�باب‬ ‫جهل َب ِّي ٍن‬
‫ٍ‬ ‫�ؤون األُ َّم ِة مع‬
‫ِ‬ ‫تفر َع عنه حقيق� ٌة واقع ٌة في كا َّف ِة ُش‬
‫الرابِ� ِع وم�ا َّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األربعة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األركان‬ ‫الت وعَدَ ِم الر ِ‬
‫بط بين‬ ‫قه التَّح�و ِ‬ ‫دراس�ة فِ ِ‬
‫ٍ‬ ‫َّتائ ِج‪ ،‬وذلك لِ ُف ِ‬
‫قدان‬ ‫والن ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫االنح ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قول الع ِ‬
‫ومواق ِع‬ ‫راف‬ ‫معر َف ُة ُر ِ‬
‫موز‬ ‫هماء ـ ِ‬ ‫لماء ـ فض ً‬
‫ال عن الدَّ‬ ‫غاب عن ُع ِ ُ‬ ‫لهذا َ‬
‫ؤون‬ ‫ِ‬
‫وفساد ُش ِ‬ ‫ِ‬
‫انجرافات‬ ‫ِ‬
‫تفسير‬ ‫وأهل ِ‬
‫العل ِم في‬ ‫ِ‬ ‫أهل ِ‬
‫الله‬ ‫وحير ُة ِ‬ ‫ِ‬
‫االنحدار وأسبابِها‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واألش�راط‬ ‫ِ‬
‫األمارات‬ ‫عوب�ة الر ِ‬
‫بط بين‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض ما ي�دور في الواق� ِع الم ِ‬
‫عاص ِر‪ ،‬مع ُص‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المطابِ َق ِة لما قاله ‪.m‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والظواهر والوقائ ِع الكائنة ُ‬
‫ِ‬
‫أركان‬ ‫الراب ِع من‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫كن َّ‬ ‫تحلي�ل ُّ‬ ‫َص في‬
‫المخت ِّ‬
‫َّحوالت ُ‬
‫إن الق�را َءة الواع َي�ة لفقه الت ُّ‬

‫‪58‬‬
‫ِ‬
‫البراهين‪ ،‬ومب ِّي ٌن المسا َف َة‬ ‫واسع المدى و ُمد َّل ُل‬ ‫(عالمات السا َع ِة) علم ِ‬
‫شرع ٌّي‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫وثوابت‬ ‫ِ‬
‫ثوابت اإلسلا ِم‬ ‫الز َمنِ َّي� َة والمس�ا َف َة المعن َِو َّي َة الت�ي انحدرت فيها األُ َّم ُة عن‬
‫َّ‬
‫رآن‬ ‫ِ‬
‫البدائ َل السي َئ َة التي وصلت إليها ُأم ُة ال ُق ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلحسان‪ ،‬ومب ِّينَ ٌة أيض ًا‬ ‫ِ‬
‫وثوابت‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‬
‫َّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫نيو َّي ِة ‪.‬‬
‫ون حياتِها الدِّ ينِ َّي ِة والدُّ ِ‬
‫انحدار في كا َّف ِة ُش ُؤ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِم َثل ِ‬
‫غيرها من األُ َم ِم من‬
‫ؤوس األقال ِم المبين َِة م ِهم ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّفصيل ال ُبدَّ من وض ِع ُر‬ ‫راس ِة هذا ِ‬
‫األمر بالت‬ ‫ِ ِ‬
‫رؤوس األقالم‬ ‫ُ ِّ ُ ّ‬ ‫وألجل د َ‬
‫الر ِ‬ ‫ِد ِ‬
‫المبينة مهمات‬ ‫َّب عليه ومنها‪:‬‬ ‫الراب ِع وما يترت ُ‬
‫كن َّ‬ ‫راسة ُّ‬
‫َ‬
‫الركن الرابع‬
‫ف بذلك ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫موق ُع‬ ‫الراب ِع ل ُي َ‬
‫عر َ‬ ‫وخاص ًة في ركنه َّ‬
‫َّ‬ ‫جبريل‪،‬‬ ‫لحديث‬ ‫الواع َي ُة‬ ‫راس ُة‬‫‪ -1‬الدِّ َ‬
‫الم َت َغ ِّي ِر‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫وأهميتُها ‪ ،‬ثم ِ‬ ‫ال َّثوابِ ِ‬
‫الرابِ ِع ُ‬ ‫الر ِ‬
‫كن َّ‬ ‫معر َف ُة نقائضها من ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫باألجيال المتحو َل ِ‬ ‫األحادي�ث الخاص ِ‬‫ِ‬
‫حديث‬ ‫�ة وعالقتُها بمفه�و ِم‬ ‫ِ ُ َ ِّ‬ ‫�ة‬ ‫َّ‬ ‫‪ -2‬دراس� ُة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رواية ُمسل ٍم ‪.‬‬ ‫جبريل‪،‬وقو ُله ‪ ( : m‬أن تَلدَ األَ َم ُة َر َّبتَها ) ‪.‬أو َ‬
‫(ر َّبها) في‬ ‫َ‬

‫المجتمعات العرب َّي ِة واإلسالم َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫اغ َي ِة على‬
‫ؤون الحضار ِة المادي ِة ال َّط ِ‬
‫ِّ َّ‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬دراس ُة ُش ِ‬

‫الحف�ا َة ال ُعرا َة‬ ‫حدي�ث ِج َ‬ ‫ِ‬ ‫وموق ِعه�ا من‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫بريل في قول�ه ‪ ( :m‬أن ترى ُ‬ ‫ص�وص‬ ‫بالخ‬
‫ِ‬
‫العالمات‬ ‫ِ‬
‫الحديث من‬ ‫تف�ر َع عن هذا‬ ‫ِ‬ ‫العا َل� َة ِرعاء َّ ِ‬
‫الش�اة يتطاولون في ال ُبنيان) وما َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألمارات ِ‬
‫األخذ بها وما‬ ‫وغيرها من األحاديث التي تربِ ُط بين الدُّ نيا والت ُّ‬
‫َّوس� ِع في‬
‫ٍ‬
‫وهالك ُم َح َّق ٌق‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ودمار‬ ‫ٍ‬
‫انحرافات‬ ‫َّب على ذلك من‬
‫يترت ُ‬
‫ِ‬
‫المنصوص‬ ‫ِ‬
‫واألحاديث‬ ‫العلم بها‬ ‫ِ‬
‫الواجب‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت في‬ ‫‪ -4‬دراس ُة فِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫غرى‪.‬‬‫وص َ‬ ‫ووس َطى ُ‬
‫ُبرى ُ‬‫عليها في ُسنَّة النَّبِ ِّي ‪ m‬كعالمات ك َ‬

‫�ي في كتابه «اإلش�اعة» ‪ ،‬كما َف َّص َ�ل كثير ًا‬ ‫الباب اإلم�ام ال َب َ ِ‬
‫رزنج ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وق�د خ�دم هذا‬
‫ِ‬
‫والمس�انيد‬ ‫الص ِ‬
‫حاح‬ ‫ِ‬
‫الحديث في ُكت ِ‬ ‫من هذه األقس�ا ِم إجماالً العديدُ من ع ِ‬
‫ُب ِّ‬ ‫لماء‬ ‫ُ‬
‫الفت َِن والمالحم‪،‬‬ ‫اعة‪ ،‬باب ِ‬
‫والسن َِن وبوبوا لها أبواب ًا خاص ًة منها ‪ :‬باب عالمات الس ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُّ‬

‫‪59‬‬
‫يحم ُل اسم ِ‬
‫(الفت َِن)‬ ‫اد كتاب ًا خاص ًا ِ‬
‫بن حم ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بعض العلماء كنُ َعي ِم ِ َّ‬
‫وغير ذلك ‪ ،‬كما أفرد ُ‬
‫ُ‬
‫المعروف «بمعاِلم ِ‬
‫الفت َِن» وغيرها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وكتاب أبي ٍ‬
‫عمرو الدَّ اني‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والض ِ‬
‫عيف وا َل‬ ‫والح َس ِن َّ‬ ‫الص ِ‬ ‫إال َّ‬
‫ويمك ُن‬ ‫متروك ‪،‬‬ ‫حيح َ‬ ‫ُب جمعت بين َّ‬ ‫أن هذه ال ُكت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمجموعها لوض ِع ُأس ِ ِ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫االستفا َد ُة من هذه ال ُكت ِ‬
‫ب‬ ‫س فقه عل ِم الت ُّ‬
‫َّحوالت بما ُيناس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُب‬
‫والح َس� ُن‬ ‫ِ‬
‫األحاديث م�ن ُ‬ ‫مراعاة مراتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫وتح�و ٍل م�ع‬ ‫ٍ‬ ‫ك َُّل‬
‫حيح َ‬‫الص ُ‬
‫حيث َّ‬ ‫�ب‬ ‫ُّ‬ ‫مرحل�ة‬
‫عيف ‪.‬‬
‫والض ُ‬
‫َّ‬

‫‪60‬‬
‫(((‬‫ساعةِ‬ ‫ِ‬
‫علامات ال ّ‬ ‫أركان ِ‬
‫الع ِلم بِ‬ ‫ُ‬
‫أركان العلم‬ ‫عالمات الس ِ‬
‫اعة ثالث ٌة ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أركان ِ‬
‫العل ِم بِ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫بعالمات الساعة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شر الكُبرى‪،‬‬
‫العالمات ال َع ُ‬
‫ُ‬ ‫ُبرى ‪ ،‬وهي‬
‫ب بالعالمات الك َ‬
‫الواج ُ‬ ‫األو ُل الع ُ‬
‫لم‬ ‫كن َّ‬‫الر ُ‬
‫ُّ‬
‫العلم الواجب‬
‫وسيأتي تفصي ُلها‪.‬‬

‫العالم�ات الحامل ُة ِص َف َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫العلم الالزم‬
‫ُ‬ ‫ل�م اللاَّ ِز ُم بالعالمات ُ‬
‫الوس�طى‪ ،‬وهي‬ ‫كن ال َّثاني الع ُ‬ ‫الر ُ‬‫ُّ‬
‫الصغرى وم�ا يأتي بعدَ ها من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ي بين ما س�ب َقها ِمن‬ ‫�ط َّ ِ‬ ‫التَّوس ِ‬
‫بع�ض العالمات ُّ‬ ‫الز َمن ِّ‬ ‫ُّ‬
‫العالمات الكُبرى‪ ،‬وسيأتي تفصي ُلها ‪.‬‬‫ِ‬

‫ِ‬ ‫جم ُ�ل‬ ‫ِ‬ ‫المط َل ُ‬ ‫الركن ال َّثالِ ُ ِ‬


‫العلم المطلق‬
‫العالم�ات‬ ‫الصغ�رى ‪ ،‬وه�ي ُم َ‬ ‫�ق بالعالم�ات ُّ‬ ‫ل�م ُ‬‫ث الع ُ‬ ‫ُّ ُ‬
‫الص ِ‬
‫ور‪..‬‬ ‫ِ‬
‫ميالده ونهاي ًة بالن ِ‬ ‫َّبي ‪ُ m‬مبت َِدئ ًة بما قبل‬ ‫ِ‬
‫َّفخ في ُّ‬ ‫أخبر عنها الن ُّ‬
‫المت َِّنو َعة التي َ‬‫ُ‬
‫اعة‪ ،‬وسيأتي تفصي ُلها ‪..‬‬‫وقيا ِم الس ِ‬
‫ّ‬

‫((( لما صار العلم بعالمات الساعة أمرا الزما باعتبار موقعه من األركان فإننا نحتاج إلى خدمة‬
‫ه�ذا الركن الرابع وإعادة تأصيل مواضيعه الكثيرة ليصبح علما مس�تقال من كل الوجوه‪ ،‬له‬
‫أركان�ه وثوابت�ه وتفريعاته‪ ،‬فكان بادئ ذي بدء النظر في العالمات ذاتها وتقس�يمها باعتباره‬
‫مادة العلم الواسع بهذه األمور‪ ،‬وقد رجعنا إلى ما كتبه العلماء في هذا الصدد فلم نجد شيئا‬
‫يب�رز مفهوم الركنية لدى أحد منهم ‪ ،‬فأخذنا على عاتقنا وضع هذا التعليل خدمة لإلسلام‬
‫والمسلمين بعد االستقراء التام للعالمات‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ساعةِ وعلاماتِها‬ ‫الفَ ُ‬
‫رق بين ال ّ‬
‫بري�ل ش ال�ذي روا ُه س� ِّيدُ نا ُع َم ُ�ر قو ُل�ه ‪ُ m‬مجيب ًا على‬ ‫حديث ِج َ‬‫ِ‬ ‫ج�اء ف�ي‬
‫الفرق بين الساعة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المس�ؤول عنها بِ َ‬
‫أعلم‬ ‫ُ‬ ‫الس�اعة) قال‪ :‬ما‬ ‫بريل ش عندما س�أ َل ُه‪( :‬أخبِرني عن ّ‬ ‫وعالماتها ج َ‬
‫جبريل ما يتع َّل ُق باليو ِم‬
‫َ‬ ‫أن النَّبِي ‪َ m‬ف ِهم من س ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ائل‪ .‬وفي هذا إشار ٌة إلى َّ َّ‬ ‫من َّ‬
‫األمر ال يع َل ُم ُه إال الل ُه‬ ‫الص ِ‬
‫ور وما بعدَ ُه‪ ،‬فكان جوا ُب ُه َّ‬ ‫�ر‪ ،‬وهو الن ُ‬ ‫ِ‬
‫اآلخ ِ‬
‫أن هذا َ‬ ‫َّفخ في ُّ‬
‫الت‬‫ؤال وهو ما يتع َّل ُق بتحو ِ‬ ‫ِ‬
‫المقصود من الس ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫مر ًة أخرى عن‬ ‫‪ ،‬فسأله ِج ُ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫بريل َّ‬
‫َّبي ‪ m‬عن هذه‬ ‫فأجاب الن ُّ‬
‫َ‬ ‫حيث قال‪( :‬أخبرني عن أماراتِها؟)‬ ‫ِ‬
‫اآلخر ُ‬ ‫م�ا َ‬
‫قب�ل اليو ِم‬
‫زئ َّي ِة بِ َعال َمت ِ‬
‫َين‪:‬‬ ‫الج ِ‬
‫ُ‬
‫ •(أن ت َِلدَ األَ َم ُة َر َّبتَها أو َر َّبها) (((‪.‬‬
‫إذا ولدت األمة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحفا َة ال ُعرا َة العا َل َة رعا َء َّ‬
‫الشاة يتطاولون في ال ُبنيان)‪.‬‬ ‫ •(أن ت ََرى ُ‬ ‫ربتها ‪/‬ربها‬

‫�اعة من‬ ‫العل ِم بما بين يدَ ي الس ِ‬ ‫َين وما دار في معناها تقرر مفهوم ِ‬ ‫َين العال َمت ِ‬
‫وبهات ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬
‫ٍ‬
‫وأش�راط من جه�ة‪ ٍ،‬فالعال َم ُة األولى هي م�ا َع َّب َر عنه ‪ m‬ب�أن ت َِلدَ األ َم ُة‬ ‫تح�و ٍ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬
‫وش�رح ٌ‬
‫طويل‬ ‫ِ‬
‫العب�ارة كال ٌم‬ ‫«ر َّبه�ا»‪ ،‬ولمعنى هذه‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫الروا َي�ة األخ�رى َ‬ ‫ر َّبتَه�ا ‪ ،‬وف�ي ِّ‬
‫جم ُل ُه ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َص بمفهو ِم فقه الت ُّ‬
‫َّحوالت‪ ،‬و ُم َ‬ ‫ُم َف َّص ٌل يخت ُّ‬
‫امرأة‪ ،‬ولف َظ ُة (ربتَها) يط َل ُق على ك ُِّل ٍ‬
‫امرأة تمت َِل ُك‬ ‫لفظ يط َل ُق على ك ُِّل ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫أن لفظ َة األ َمة ٌ ُ‬ ‫َّ‬
‫األَ َمة في فقه‬
‫س�ات أو ِ‬
‫غير‬ ‫ِ‬ ‫المؤس‬ ‫للمال أو ِرئاس ِ‬
‫�ة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االمتالك‬ ‫ِ‬
‫المنزل أو‬ ‫والقرار س�وا ًء في‬ ‫الس�يا َد َة‬ ‫التحوالت‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫يظه ُر‬ ‫ِ‬
‫الحديث ُي ِبر ُز َّأو َل ٍ‬ ‫إش�ار ٌة واضح ٌة إلى َّ‬
‫خطر َ‬ ‫أن مفه�و َم‬ ‫َ‬ ‫ذلك‪ ،‬وفي هذا المعنى‬
‫وانحراف�ات التَّربِ َي ِة والتَّعلي ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ف�ي ُأ َّمة ُم َح َّمد ‪ m‬وهو ما يت َع َّل ُق بش�أن المرأة َّ‬
‫والر ُج ِل‬

‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ ، )4777‬ومسلم بلفظ «إذا ولدت األمة ربها» (‪.)102‬‬

‫‪62‬‬
‫العال َق ِة‬
‫ف أساليب ِ‬
‫ُ‬ ‫مان حتى تخت َِل َ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫الحق َّ‬ ‫الجنس ِ‬
‫�ين في‬ ‫َ‬ ‫صيب كال‬ ‫واإلعال ِم الذي ُي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألب وابنِ ِه‪ ،‬ويحص َ�ل الصراع ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫بي�ن األُ ِّم وبنتِه�ا‬
‫واالجتماع ُّي‪...‬‬ ‫�ي‬‫كر ُّي وال َّثقاف ُّ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫المرتَبِ َط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫االبن و البِنت ُ‬ ‫ِ‬ ‫عي‬ ‫المرتبِط بال َّثقافة التَّقليد َّية َ‬
‫وو ِ‬ ‫األب و األُ ِّم ُ‬
‫وعي ِ‬ ‫إلخ بين ِ‬
‫أن القصدَ الذي تناو َل ُه‬ ‫واض َح ٌة على َّ‬ ‫الحديث ِدال َل ٌة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديثة‪ ،‬وفي َش ِ‬
‫رح هذا‬ ‫ِ‬
‫قافات‬ ‫بال َّث‬
‫ِ‬
‫المرأة ‪ ،‬وله‬ ‫ِ‬
‫بانحراف‬ ‫راف في ُاأل َّم ِة‬
‫االنح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬في َأح ِد معانيه عن َأولِ ِ‬
‫يات‬ ‫سول ِ‬ ‫َر ُ‬
‫تطابق جزئية‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫العالمات مع‬ ‫حيح قو ُله ‪َّ :m‬‬
‫«إن‬ ‫الص ِ‬ ‫ما ُي َؤ ِّكدُ ُه من كالمه ‪ m‬فيما تتش�ابه فيه األُ َم ُم ‪ ،‬فقد ورد في َّ‬
‫حديث بني‬ ‫إسرائيل من الن ِ‬
‫ِّساء‪ ،‬فاتَّقوا الدُّ نيا واتَّقوا النِّسا َء»(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّأو َل فِتن ٍَة كانت في بني‬
‫إسرائيل‬
‫جبريل ‪ ،‬فقو ُله ‪( m‬اتَّقوا‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫َفس المفهو ِم الذي في‬ ‫ُ‬
‫�ع ن َ‬‫يجم ُ‬
‫الحديث َ‬ ‫وه�ذا‬
‫الش ِ‬ ‫الحفا َة ال ُعرا َة العال َة ِرعا َء َّ‬
‫�اة يتطاولون‬ ‫الدنيا) يقاب ُله في المعنى قو ُله (وأن ترى ُ‬
‫شرحه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫في ال ُبنيان) كما سيأتي ُ‬
‫(واتَّقوا النِّس�ا َء) يقابِ ُله قو ُله ‪ m‬في حديث جبريل (أن ت َِلدَ األ َم ُة ر َّبتَها) ويندَ ِر ُج‬
‫ِ‬ ‫والس�ن َِن‬ ‫ِ‬
‫والمس�انيد‬ ‫حاح ُّ‬ ‫الص ِ‬ ‫َص في ِّ‬‫تح�ت هذا المعن�ى كا َّف ُة األحاديث التي تخت ُّ‬
‫ِ‬
‫بالعالمات‪.‬‬ ‫بالمرأة وعال َقتِها‬
‫ِ‬

‫الس ِ‬ ‫ٍ‬
‫معنى «وأن‬
‫�ير بال‬ ‫جمع ح�اف ـ وهي كناي ٌة عن َّ‬ ‫ُ‬ ‫الحف�ا ُة‬ ‫قو ُل� ُه ‪( : m‬وأن ت�رى ُ‬
‫الحف�اةَ) ُ‬
‫ترى الحفاة‪..‬‬ ‫ظاه َ�ر ٌة معروف ٌة كان�ت لدى الع�رب لِ َف ِ‬
‫قره�م‪ ،‬و(ال ُع�راةُ)‪ :‬الذين ال‬ ‫نِ ٍ‬
‫ع�ال ـ وه�ي ِ‬
‫الحديث»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الز ِّي‬
‫ظواهر ِّ‬ ‫تكتَم ُ�ل ألبِ َس�تُهم على أجس�ادهم إال ما يس�ت ُُر ال َع َ‬
‫�ورةَ‪ ،‬وهذه إح�دى‬
‫قير‪ُ ،‬م َش�ت ٌَّق من (العيلة) في قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﭭ‬
‫الر ُج ُل ال َف ُ‬
‫العربي‪( ،‬العا َل ُة) َّ‬
‫ِّ‬ ‫ال َبدَ ِو ِّي‬
‫ِ ِ‬ ‫(رعاء َّ ِ‬
‫الر ِ‬
‫عي‬ ‫الش�اة) إش�ار ًة إلى ظاه َرة َّ‬ ‫ﭮ ﭯ ﮊ [التوبة‪ ]٢٨ :‬أي ‪ :‬حاج ًة وفقر ًا ِ َ‬
‫األع�راب الذين كانوا على هذه‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫البداو ُة ف�ي صحاريهم‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫التي ُي ِ‬
‫مار ُس�ها‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َّطو ِر الما ِّد ِّي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فات تن َفتِ ُح لهم‬
‫الص ِ‬
‫فيتحو ُل ُ‬
‫األمر من‬ ‫َّ‬ ‫والحضارة والت ُّ‬
‫َ‬ ‫الحياة‬ ‫أس�باب‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫((( صحيح مسلم (‪ ، )7124‬وانظر إتحاف التويجري (‪.)773 :1‬‬

‫‪63‬‬
‫نيان‪ ،‬وفي‬ ‫والمنافس�ة على الدُّ نيا والتَّطاو ِل ف�ي الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫حياة الت ِ‬
‫َّرف‬ ‫�ة إل�ى ِ‬ ‫البائس ِ‬ ‫الحياة ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫خرجاتِها‪ ،‬وفي قولِه‬ ‫ِ‬
‫بالحضارة الما ِّد َّي�ة و ُم َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫والحافي‬
‫َ‬ ‫اع�ي‬
‫الر َ‬
‫ِ ٍ‬
‫مرحل�ة ُمفاج َئة تربِ ُط َّ‬
‫ٍ‬

‫آخ ِر‬ ‫األم�وال في ِ‬


‫ِ‬ ‫المطبِ ِق عل�ى ُملاَّ ِك‬ ‫ِ‬ ‫لح ٌ‬
‫الجه�ل ُ‬ ‫�ظ ه�ا ٌّم إلى‬ ‫‪( : m‬يتطاول�ون) َم َ‬
‫فاة الع ِ‬
‫راة‬ ‫هؤالء الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وانش�غال‬ ‫يصرفون أموالهم في ما ال داعي له ‪،‬‬ ‫بحي�ث ِ‬ ‫ُ‬ ‫الز ِ‬
‫م�ان‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫االس�تثمارات‬ ‫والش� َب ِه وصرفِها في‬ ‫الحلال والحرا ِم ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األم�وال من‬ ‫ِ‬
‫ؤوس‬ ‫بجم� ِع ُر‬ ‫َ‬
‫مثل‬ ‫للمال فيما هو َأ َه ُّم من ذلك َ‬ ‫ِ‬ ‫تكون حاج ُة األُم ِ‬
‫�ة‬ ‫ُ‬ ‫َّطاو ِل‪ ،‬بينما‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫والمنافس�ات والت ُ‬ ‫ُ‬
‫صرف‬ ‫ِ‬ ‫�عوب‪ ،‬وإلى‬ ‫ِ‬ ‫الذاتي في ُّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬
‫الم َؤ ِّدي إل�ى االكتفاء‬ ‫االقتصاد َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫الش�رع ِّي ُ‬ ‫إقام�ة‬
‫عائ�دات ال َّثر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المش�ت ََر ِك ع�ن قضايا األُ َّم ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وات في‬ ‫َ‬ ‫واس�تغالل‬ ‫األم�وال في الدِّ فا ِع ُ‬
‫ِ‬
‫بتحس�ين‬ ‫ناع َّي ِة الكفي َل ِة‬ ‫الزراعي ِة والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وتش�جي ِع‬ ‫بناء التَّكا ُف ِل‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫األعمال ِّ َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الحياة‪.‬‬ ‫ب في‬ ‫ِ‬ ‫المعيش ِة ل ُ ِ‬ ‫َ‬
‫وواج ٌ‬ ‫مطلوب‬
‫ٌ‬ ‫مما هو‬ ‫أل َّمة‪ ،‬إلى غير ذلك َّ‬
‫ِ‬
‫األش�راط‬ ‫كثير من هذه‬ ‫وق�وع األُ َّم ِة في ٍ‬ ‫ِ‬
‫األمارات‬ ‫وق�د تب َّي� َن م�ن حديثِه ‪ m‬في‬
‫ُ‬ ‫وقوع الظاهرة‬
‫ِ‬
‫السلب َّية ولألسف ‪ ،‬ويندَ ِر ُج‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِّل‬ ‫ُ‬
‫األوس ِع من المسلمين بهذه ال َّظاه َرة َّ‬ ‫واش�تغال ُ‬
‫(((‬ ‫حقيقة في مرحلتنا‬
‫َ‬
‫َّبوي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫المعاصرة‬
‫ِ‬
‫الصحاح‬ ‫�ة في‬ ‫الس�اعة ُجمل� ُة األحاديث الن ِ َّ‬ ‫تح�ت الجزئ َّي�ة ال َّثان َية من عالمات ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمسانيد ِ‬
‫تفر َع عن ذلك ‪.‬‬ ‫وغيرها حول عال َقة األُ َّمة بالدُّ نيا والمال وما َّ‬ ‫والس ِ‬
‫نن‬ ‫ُّ‬

‫((( كما أن من معاني التطاول دفع األموال والمخصصات المادية إلذكاء الصراع الشيطاني بين‬
‫الشعوب ( ظاهرة التحريش ) الطبقي واالعتقادي والطائفي وهلم جرا ‪.‬‬
‫فترى كثيرا من هؤالء التجار وحملة رؤوس األموال ينفقون على الجماعات واألحزاب‬
‫والفئ�ات م�ا يمكنه�م م�ن زرع الفتن وتفريق الش�عوب وإس�الة الدم�اء وهم يظن�ون أنهم‬
‫يخدمون الديانة؛ لجهلم بثوابت الدين من جهة وجهلهم بالفتن ومضالتها من جهة أخرى‪،‬‬
‫ولو علموا ذلك لما فعلوا‪ ،‬وحاش�ا أن يفعل مسلم ما يضره في دينه وآخرته وهو يعلم ذلك‬
‫يقينا ولكنها الفتنة والتحريش‪ ،‬نسأل الله السالمة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫ساعةِ‬ ‫ِ‬
‫بعلامات ال ّ‬ ‫ساعةِ ِ‬
‫والع ِلم‬ ‫الفرق بين ال ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مشكلة الخلط‬
‫َّب‬ ‫الساعة وبين العل ِم بعالمات ّ‬
‫الساعة ‪ ،‬وترت َ‬ ‫َخ َل َط ٌ‬
‫كثير من الباحثين بين مفهو ِم ّ‬
‫اإليمان باليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بط الس ِ‬
‫بين الساعة وبين‬ ‫بعضهم‬
‫وكتب ُ‬
‫َ‬ ‫بمسألة‬ ‫والعالمات‬ ‫اعة‬ ‫على هذا الفه ِم َر ُ ّ‬
‫العلم بعالماتها‬ ‫ِ‬ ‫بعالمات الس ِ‬
‫ِ‬
‫أركان‬ ‫�اعة رك ٌن من‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫(اإليمان‬ ‫ِ‬
‫األمر قو َل ُه تحت هذا المفهو ِم‪:‬‬ ‫ف�ي هذا‬
‫ُ‬
‫اإليمان‬ ‫آخ ُرون‪:‬‬ ‫أشراط الس ِ‬
‫اعة‪.‬وكتب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القيامة وبي َن‬ ‫ِ‬
‫أسماء يوم‬ ‫وجمع بين‬ ‫اإليمان)‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإليمان بال َغ ِ‬
‫يب‪.‬‬ ‫اإليمان باليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر فهي من‬ ‫ِ‬ ‫داخل ِضم َن‬
‫اعة ٌ‬ ‫بأشراط الس ِ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫�اعة ال عالق َة له بِركنِي ِة اليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر وإنما عال َق ُت ُه‬ ‫بعالمات الس ِ‬
‫ِ‬ ‫لم‬ ‫واألصل ّ ِ‬
‫ُ‬
‫ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫أن الع َ‬
‫لم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليم�ان بال َغ ِ‬ ‫حيث ُ‬ ‫باإليم�ان بالي�و ِم ِ‬
‫اآلخ ِر م�ن ُ‬ ‫ِ‬
‫ي�ب فقط ‪ ،‬أم�ا حقيقتُه فع ٌ‬ ‫أصل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث حذيف َة بن الي ِ‬ ‫خاص ٍة به ‪ ،‬و ُيؤ ِّكدُ ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫ُم َف َّص ٌل في ن‬
‫«والله‬ ‫القائل‪:‬‬ ‫مان‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُصوص َّ‬
‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫فذكر حذيف ُة في‬ ‫الس�اعة» ‪َ ،‬‬ ‫َّاس بِك ُِّل فتنَة هي كائنَ ٌة فيما بيني وبين ّ‬ ‫إِنِّ�ي ألَع َل ُ‬
‫�م الن ِ‬
‫الرابِ ِع من‬
‫كن َّ‬‫الر ِ‬‫بريل ف�ي ُّ‬‫حديث ِج َ‬
‫ُ‬ ‫خاص ًا ُمس�ت َِقلاّ ً وهو ما ت ََض َّمنَ ُه‬ ‫ِ ِ‬
‫الحدي�ث علم ًا ّ‬
‫الحديث‪ ،‬وأما السا َع ُة كنِ ٍ‬
‫هاية‬ ‫َ‬ ‫وذكر‬ ‫ين وهو قوله (أخبِرني عن أماراتِها؟)‬ ‫ِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ط باليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِ‬ ‫لم يرتَبِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور هي‬ ‫أن النَّفخ َة ف�ي ُّ‬
‫باعتبار َّ‬ ‫�ر‬ ‫للك�ون وما بع�دَ ه فهو ع ٌ‬
‫ِ‬
‫لإلنسان كما‬ ‫ِ‬
‫بالنسبة‬ ‫حياة ال َف ِ‬
‫رد‬ ‫الموت نهاي ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحياة اإلنس�ان َّي ِة وس�اع َة‬
‫ِ‬ ‫عالم ُة نِها َي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّب عليه ‪.‬‬‫أنَّها ُمبتد ُأ ما بعد الحياة المعروف باليو ِم اآلخ ِر و ما يترت ُ‬
‫ِ‬
‫بعالم�ات‬ ‫الك�ون غي�ر ِ‬
‫العل� ِم‬ ‫ِ‬ ‫الس�ا َع َة وه�ي نِها َي� ُة‬ ‫واآلي�ات تَ�دُ ُّل عل�ى َّ‬
‫ُ‬ ‫أن ّ‬ ‫ُ‬
‫الس�ابِ َق ُة لها ق�ال تعالى‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫ُ‬ ‫الس�ا َع ِة وهي الو ِ‬
‫واألحداث َّ‬ ‫قائ ُع‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7444‬‬

‫‪65‬‬
‫ﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﮊ‬
‫[األع�راف ‪ .]187 :‬وق�ال تعال�ى‪ :‬ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬
‫ﰅ ﰆ ﮊ [النازعات ‪.]43-42 :‬‬

‫ف في‬ ‫الكون وأنَّها تخت َِل ُ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اع َة المقصو َد بها نهاي ُة‬ ‫ِ‬
‫اآليات تَدُ ُّل على َّ‬ ‫ك ُُّل هذه‬
‫أن ّ‬
‫ِ‬
‫الكون‪،‬‬ ‫الس�ابِ َق ُة لِنِها َي ِة‬ ‫ُ‬
‫واألحداث ّ‬
‫ِ‬
‫الوقائ ُع‬ ‫بعالمات الس ِ‬
‫�اعة وهي‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫قهها عن ِ‬
‫العل ِم‬ ‫فِ ِ‬

‫كحديث ُحذيف َة ؤ الذي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫األحاديث هذا المفهو َم تفصي ً‬
‫ال تا َّم�ا‪،‬‬ ‫وق�د َف َّصل�ت‬
‫ُ (((‬
‫السا َعة»‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫سول ‪ m‬بما هو كائ ٌن الى أن تقو َم ّ‬ ‫س�لم قال‪« :‬أخ َب َرني َّ‬‫رواه اإلما ُم ُم ٌ‬
‫الس�ا َع ِة إال‬ ‫َّب�ي ‪ُ m‬خط َب� ًة م�ا ت�رك فيها ش�يئ ًا إلى قي�ا ِم ّ‬
‫ِ‬
‫وحدي�ث «لق�د َخ َط َبن�ا الن ُّ‬
‫َذك ََره»(((‪.‬‬

‫الرابِ ِع‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بهذا يع َلم َّ ِ‬


‫كن َّ‬ ‫الساعة ُرك ٌن َشرع ٌّي ُمستَق ٌّل ينطوي تحت ُّ‬ ‫لم بعالمات ّ‬ ‫أن الع َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫األشراط في‬
‫واألم�ارات والعالماتِ‬
‫ِ‬ ‫جبريل ويختَص بما س�بق ِذكره من األش�راطِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫حديث مكحول م�ن حديث‬
‫ُُ‬ ‫ُّ‬
‫مكحول‪ :‬قال‬‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫حديث‬ ‫ِ‬
‫ش�ارات‪ .‬ويؤ ِّي�دُ هذا‬ ‫ِ‬
‫والمالح ِم والبِ‬ ‫ت ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫والفت َِن وم ِضلاَّ ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫المسؤول عنها بِأع َل َم‬
‫ُ‬ ‫الله ‪ « :m‬ما‬ ‫سول ِ‬ ‫الساع ُة فقال َر ُ‬
‫أعرابي‪ :‬يا رسول الله متى ّ‬ ‫ٌّ‬
‫الغي َب ِة‬
‫نبات ‪ ،‬وظهور ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األس�واق ‪ ،‬و َم َط ٌر وال َ‬ ‫�ائل » ولك َّن أش�را َطها ‪ُ :‬‬
‫تقار ُب‬ ‫الس ِ‬‫من َّ‬
‫ِ‬

‫المساج ِد‬
‫ِ‬ ‫�اق في‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫أصوات ال ُفس ِ‬ ‫وتعظيم َر ِّب المال ‪ ،‬و ُع ُل ُّو‬
‫ُ‬ ‫هور أوالد ال َغ َّي ِة((( ‪،‬‬
‫‪ ،‬و ُظ ُ‬
‫فرغ بِدينِ ِه‬ ‫الز َ‬
‫م�ان فل َي َ‬ ‫فمن أدرك ذلك َّ‬ ‫ِ‬
‫أهل المع�روف‪َ ،‬‬ ‫المنك َِر على ِ‬ ‫أه�ل ُ‬ ‫وظه�ور ِ‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬
‫أحالس بيتِه» (((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وليكُن ِحلس ًا من‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7447‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪.)6604‬‬
‫((( أي‪ :‬أوالد الزنا‪.‬‬
‫((( م�ن مراس�يل مكحول ‪ ،‬أصل معناه ف�ي الصحيح ‪ ،‬تحقيق ِ‬
‫الفتَن لنعيم ب�ن حماد ( ‪)1796‬‬

‫‪66‬‬
‫حو ِ‬
‫لات‬ ‫ِ ِ‬
‫مفهوم فقه الت َّ ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المراح ِل‬ ‫ِ‬
‫والحوادث في‬ ‫الت َفهم ما يجري من سن َِن التَّغي ِ‬
‫رات‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫يقصدُ ِبف ِ‬
‫مفهوم فقه‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫التحوالت‬ ‫َّحو ِل من ن ٍ‬
‫َقض أو َق ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫صالح أو‬ ‫بض أو‬ ‫المتق ِّل َبة عبر األزمنَة‪ ،‬وما يترت ُ‬
‫َّب على ذلك الت ُّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫شارات‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فساد أو بِ‬

‫يتحو ُل) أي‪( :‬تَغ َّير‪ ،‬يت َغ َّير)‪ ،‬ومعناه ـ كما سبق ُ‬
‫ذكره‬ ‫َّحو ِل‪ُ :‬مشت ٌَّق من (ت َّ‬
‫َحول ‪َّ ،‬‬ ‫والت ُّ‬
‫قاس عليه‬ ‫ٍ‬ ‫تحو ٌل فِ ِ‬ ‫حال إلى ٍ‬‫تحو ٌل َزمنِي من ٍ‬
‫اشتقاق اللفظة‬ ‫كر ٌّي من ُرؤية إلى أخرى‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫حال‪ ،‬أو ُّ‬ ‫ـ ُّ َ ٌّ‬
‫َّحو ِل والتَّبدُّ ِل‪ ،‬قال تعالى في هذا المفهو ِم‪ :‬ﮋﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫�ق ِ‬
‫بأمر الت ُّ‬ ‫ك ُُّل م�ا يتع َّل ُ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ الرعد‪١١ :‬‬
‫أحاديث الس ِ‬
‫�اعة‬ ‫ِ‬ ‫وقائ ِع�ه على ُجم َل ِة‬
‫وس�رد ِ‬
‫ِ‬ ‫ويعتم�دُ فِق�ه التَّحو ِ‬
‫الت في تأصيله‬ ‫ِ‬
‫مادة فقه‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫التحوالت‬ ‫والفت َِن و ُم ِضلاّ تِها التي تك َّلم عنها ‪.m‬‬
‫ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وأما كَل َم ُة الفقه في ال ُّل َغة فهي ال َف ُ‬
‫هم‪.‬‬

‫الم َق َّر ِر‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬ ‫المترت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وف�ي االصطِ ِ‬
‫الفقه في اللغة‬ ‫ِّب على ن�و ِع العل ِم ُ‬ ‫إدراك المقصود ُ‬ ‫الح ال َع�ا ِّم‪:‬‬
‫واالصطالح‬ ‫‪َ « :m‬من ُي ِر ِد الل ُه به َخير ًا ُي َف ِّقه ُه في الدِّ ِ‬
‫ين»(((‪.‬‬
‫الج ِ‬
‫نايات أو‬ ‫ق�ه ِ‬‫عامالت وفِ ِ‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينحص ُر على فق�ه العبادات وفق�ه ُ‬ ‫فالفق� ُه هن�ا ال َ‬
‫ص�ول‪ ،‬وإنما يفه�م ِ‬ ‫ِ‬ ‫المن�دَ ِر ِج تحت عل� ِم األُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الفق ُه في‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ذهبِ ِّي ُ‬‫الم َ‬
‫غيره�ا م�ن الفق�ه َ‬
‫الحدي�ث تدُ ُّل على كا َّف ِ‬
‫�ة ُعلو ِم الدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ين في‬‫بأن ك َِل َم� َة الدِّ ِ‬ ‫ق�ه التَّحو ِ‬
‫الت َّ‬ ‫تأصي�ل فِ ِ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬ ‫�ن المن َط ِوي ِ‬
‫يقول س�بحانه‬ ‫األربعة ‪ ،‬وفي ذلك ُ‬ ‫ي�ن‬ ‫�ة تحت مفه�و ِم‬ ‫والتَّدَ ُّي ِ ُ َ‬

‫لمجدي منصور‪.‬‬
‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )10‬ومسلم (‪.)2436‬‬

‫‪67‬‬
‫وتعالى‪ :‬ﮋﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ [آل عمران‪.]١٩ :‬‬
‫الخمس ِ‬
‫�ة لقول�ه تعالى‪ :‬ﮋ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫ِِ‬
‫�ع من مفهو ِم أركانه َ َ‬
‫أوس ُ‬
‫فاإلسلا ُم هنا َ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ [آل عمران‪.]٨٥ :‬‬

‫الرس�ا َل ُة‬ ‫فالمعن�ى الع�ا ُّم لإلسلا ِم كالمعنى الع�ا ِّم للدِّ ِ‬
‫ين‪ ،‬وه�و ك ُُّل ماجاءت به ِّ‬ ‫اإلسالم في معناه‬
‫ِ‬
‫الم َح َّمد َّي ُة‪.‬‬ ‫العام‬
‫ُ‬

‫فيسمى اإلسال ُم ـ كما َع َّر َفه‬


‫زئي َّ‬ ‫ُفس ُر اإلسال َم والدِّ ي َن في المفهو ِم ُ‬
‫الج ِّ‬ ‫وأما عندما ن ِّ‬
‫ّناو ُل‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلماء ـ (االنقياد لألحكا ِم َّ ِ ِ‬
‫مسة)‪ ،‬وال زال الت ُ‬ ‫الشرع َّية وااللتزا ُم باألركان َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َثير من‬ ‫َّح�والت) في َّأول مرحلة األَخذ به‪ ،‬وله�ذا فهناك الك ُ‬ ‫س�مى (فقه الت ُّ‬ ‫الم َّ‬
‫لهذ ُ‬
‫العلم إلى م ٍ‬ ‫عرفِي الذي يحتاج فيه هذا ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤصل منه‬ ‫ٍ‬
‫وتأصيل لما لم ُي َّ‬ ‫تابعة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم ِ ِّ‬
‫ص�ور َ‬ ‫ال ُق‬
‫ِ‬ ‫لمي بين ال َّظ ِ‬
‫واه ِر‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫المؤ ِّلفي َن قد َ‬
‫تجاوزوا‬ ‫أن كثير ًا من ُ‬
‫وخاص ًة َّ‬
‫َّ‬ ‫واألحاديث‪،‬‬ ‫ورب�ط ع ٍّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األحوال حتى‬ ‫بط بينها وبين ِ‬
‫وقائ ِع‬ ‫اعة والر ِ‬‫عالمات الس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفسير‬ ‫المش�روع في‬ ‫الحدَّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّحليل والت ِ‬
‫َّعليل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُحمدُ ُعقبا ُه في الت‬
‫أ َّدى ذلك إلى ماال ت َ‬

‫وسن َِّة نَبِ ِّي ِه ُم َح َّم ٍد‬ ‫شرعي مو َّث ٌق في ِ ِ‬


‫كتاب الله تعالى ُ‬ ‫ٌّ ُ‬
‫اعة ِعلم ِ‬
‫ٌ‬
‫بعالمات الس ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫لم‬ ‫َّ ِ‬
‫إن الع َ‬ ‫العلم بعالمات‬
‫�س المعا َلجةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساعة علم ‪ m‬وفي�ه من التَّبيين�ات والتَّفصيالت والتأصيالت ما ُيفص ُح عن ُأ ُس ِ ُ َ‬
‫شرعي موثق‬
‫وخاص ًة‬
‫َّ‬ ‫واإلقليم ِّي والعا َل ِم ِّي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الم َح ِّل ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمش�اكل الحياة على ا ُلمس�تَوى َ‬
‫ِ‬
‫حيحة‬ ‫الص‬
‫َّ‬ ‫الكتاب والسنة‬
‫َّص النَّ َب ِو ِّي‬ ‫وح ِ‬
‫سن َأ َد ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دراسة هذا الفقه بِ َر ِو َّية ٍّ‬
‫ب مع الن ِّ‬ ‫وتأن ُ‬ ‫عندما يعو ُد ال ُعلما ُء الى َ‬
‫فيكون به‬‫ُ‬ ‫بالله سبحانه وتعالى لخدم ِة هذا ِ‬
‫العل ِم‬ ‫العالقة ِ‬
‫ِ‬ ‫ات في‬ ‫وسلامة تَوج ِه النِّي ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُّ‬
‫�م ش�رع َّي ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وجمع كَل َمة ال ُعلماء من هذه األُ َّمة على َقواس َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الباطل‬ ‫�ق من‬ ‫الح ِّ‬‫إيض�اح َ‬
‫ُ‬
‫ديد ـ ولو ِمن‬ ‫واألجيال بعا َل ِمي ِة ((( منه ِج النُّبو ِة الس ِ‬
‫ُ َّ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�عوب‬ ‫بط ُّ‬
‫الش‬ ‫ُس�هم في ر ِ‬
‫َ‬
‫ِ ٍ‬
‫واع َية ت ِ ُ‬

‫((( العالمي�ة ف�ي منهج النبوة يقابل في معالجته واس�تيعابه الواس�ع مراح�ل العلمانية والعلمنة‬

‫‪68‬‬
‫وخاطب‬ ‫الز ِ‬
‫مان‬ ‫آخ ِر َّ‬ ‫الش�عوب في ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬قد أعذر ُّ‬ ‫حيث َّ‬ ‫ِ‬
‫ج�وه((( ـ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫إن الن َّ‬ ‫الو‬
‫بع�ض ُ‬
‫ان َم ْن ت ََر َك ِمنْك ُْم ُع ْش َ�ر‬
‫ثل قولِه ‪« :m‬إِ َّنكُم في َزم ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اإلعذار ِمن ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫األو َل بهذا‬ ‫َ‬
‫الجي�ل َّ‬
‫ان َم ْن َع ِم َل ِمنْك ُْم بِ ُع ْش ِر َما ُأ ِم َر بِ ِه َف َقدْ ن ََجا»(((‪.‬‬
‫ما ُأ ِم َر بِ ِه َه َل َك‪ُ ،‬ث َّم َي ْأتِي َز َم ٌ‬

‫الت وهو‬‫ق�ه التَّحو ِ‬ ‫َّج�اة هو العم ُ�ل ‪ ،‬وهذا موضوع ه�ام في فِ ِ‬ ‫واألس�اس ف�ي الن ِ‬
‫األساس في‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ َ ٌّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫األعم�ال الصالِح ِ‬ ‫موض�وع (المب�ا َد َر ِة‬
‫النجاة هو العمل‬ ‫�ة في ِ‬
‫آخر‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫س�تعاض عن‬
‫ُ‬ ‫حيث ُي‬ ‫ِ‬
‫باألعم�ال) ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫حاج َج ِة وا َل ِ‬ ‫م�ان َ ِ‬ ‫الز ِ‬
‫َّب عليها م�ن عوام ِل النِّزا ِع ِّ‬
‫والصرا ِع‬ ‫بغي وما ت ََرت َ‬ ‫والم َ‬
‫بالج�دَ ل ُ‬ ‫َّ‬
‫فنذكر‬ ‫كثير ٌة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالختالف الم ِ‬
‫ُ‬ ‫أحاديث َ‬ ‫الباب‬ ‫واالقتتال ‪ ،‬وفي هذا‬ ‫الحرب‬ ‫فضي إلى‬ ‫ُ‬
‫منها قو َل ُه ‪: m‬‬
‫ِ‬ ‫باألعم�ال فتن ًا ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«بادروا باألعمال»‬ ‫المظل� ِم‪ُ ،‬يصبِ ُح َّ‬
‫الر ُ‬
‫جل مؤمن ًا و ُيمس�ي‬ ‫يل ُ‬‫كق َط� ِع ال َّل ِ‬ ‫«ب�اد ُروا‬ ‫‪-1‬‬
‫وما يترتب على‬
‫يبيع أحدُ هم دينَه بِ َع َر ٍ‬
‫ض من الدُّ نيا ٍ‬
‫قليل»(((‪.‬‬ ‫كافر ًا‪ ،‬و ُيمسي مؤمن ًا و ُيصبِ ُح كافر ًا ‪ُ ،‬‬
‫مفهوم المبادرة‬
‫نس�ي ًا ‪ ،‬أو ِغن�ى م ِ‬
‫طغي َا ‪ ،‬أو‬ ‫باألعمال س�بع ًا‪ ،‬ه�ل تنتَظِرون إال َفقر ًا م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«ب�ادروا‬ ‫‪-2‬‬
‫ً ُ‬ ‫ُ‬
‫ب ُين َت َظ ُر ‪ ،‬أو‬ ‫جهزا ‪ ،‬أو الدَّ ج َال َف َش�ر ِ‬
‫غائ ٍ‬ ‫َم َرض� ًا ُم ْف ِس�د ًا ‪ ،‬أو َه َرم� ًا ُمفنِّد ًا ‪ ،‬أو موت ًا ُم ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬

‫والعولم�ة باعتبار أن ه�ذه التعريفات مراحل جزئية وضعتها الظروف السياس�ية المتحولة‪،‬‬
‫أم�ا عالمي�ة منهج النبوة ( العالمية) فهي كالم الله تعالى وس�نة نبي�ه ‪ m‬المحصن بالوحي‬
‫والعصمة ‪.‬‬
‫((( والمقص�ود بقولن�ا ‪ :‬ول�و من بعض الوجوه‪ ،‬أي‪ :‬م�ن جهة تأصيل منهجي�ة الدعوة إلى الله‬
‫الجامعة ألمة اإلسلام على قواسمها المشتركة‪ ،‬ولو اختلفت فهومها واستنباطاتها الفقهية‬
‫باختلاف اجتهاداته�ا‪ ،‬فإن للدعوة إلى الله في هذه القاعدة المتنوعة المتباينة وجوه جامعة‬
‫ووشائج متداخلة‪ ،‬يمكن بها رأب الصدع وإصالح الطبع‪ ،‬والتزام أدب الشرع‪.‬‬
‫(( ( الترمذي (‪ ، )2267‬إسناده صحيح ‪ ،‬السلسلة الصحيحة لأللباني (‪.)2510‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)328‬‬

‫‪69‬‬
‫والسا َع ُة أدهى و َأ َم ُّر»(((‪.‬‬
‫السا َع َة ّ‬
‫ّ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫واق ِع فِ ِ‬
‫باس�تفاض ٍة ولكنَّا ِمن ِ‬ ‫الحديث معانِ َي ُه‬
‫ِ‬
‫الت نزيدُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫تناو َل ُش َّ�ر ُ‬
‫اح‬ ‫وقد َ‬
‫الموضوع جال ًء وبيان ًا‪:‬‬
‫َ‬
‫للمستق َب ِل ُ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث ال ِ‬
‫تحم ُل ُ‬ ‫إن ِم َثل هذه‬
‫األَ َّو ُل‪َّ :‬‬
‫حيث‬ ‫تشاؤم ًا وال صور ًة قاتم ًة ُ‬ ‫َ‬
‫�رعي ِة التي ِ‬
‫يكش� ُفها‬ ‫هل بالمعاني َّ ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫البعض َ‬
‫الش َّ‬ ‫مثل هذه األوها َم النَّاتج َة عن َ‬ ‫ُ‬ ‫ي ُظ ُّن‬
‫يدخ ُل‬ ‫هذ ِه األُ ُم ِ‬
‫�ور ُ‬ ‫والهلاك‪ ،‬فاإلفصاح البي�ن عن ِ‬
‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫الخ َط َر‬
‫تتو َّق�ى َ‬ ‫‪m‬ل ُ ِ‬
‫أل َّم�ة ك�ي َ‬
‫الج) والنَّبي ‪ m‬م ِ‬ ‫(الوقاي ُة خير م�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫ومأذون له من عند‬ ‫مأم�ور‬
‫ٌ‬ ‫نذ ٌر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الع ِ‬ ‫ٌ‬ ‫تح�ت مب�دأ ِ َ‬
‫تشاؤم ًا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يكون بيا ُن ُه ُ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫ر ِّب ِه‪،‬‬

‫بأمر ِه‬
‫َّ�اس فيها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َّثاني‪ :‬أنَّ� ُه ‪ m‬يأ ُم ُ�ر العب�ا َد في المرح َل�ة التي يقو ُده�ا ويأتَم ُر الن ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫والعمل‬ ‫والمب�ا َد َر َة إلي�ه ‪،‬‬
‫الصال َح ُ‬‫ورس�ا َلته أن يك�ون َه ُّمه�م في حياته�م ال َع َم َ�ل َّ‬
‫�رعي ِة بل يش�م ُل مفهوم العم ِل في ُش ِ‬
‫ؤون‬ ‫العبادات َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫الصالِ ُح ال يقت َِص ُر فقط على‬
‫َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫الش َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث ذا ُت ُه الى‬ ‫الدِّ يانَة وفي ُش�ؤون الحياة الدُّ نيو َّية التي ال بد منها ‪ ،‬حيث ُي ُ‬
‫ش�ير‬
‫قوعها ‪ ،‬فكأن�ه ‪ m‬ـ كما في‬ ‫اإلش�ارات الت�ي أخبر عن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خالل‬ ‫ه�ذا المفه�و ِم من‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لألعمال وعَدَ ِم‬ ‫المبا َد َر ِة‬ ‫ِ‬
‫اإلشارة النبوية الحديثين السابقين ـ يقول‪ :‬فهل تنتَظ ُرون ـ عندَ انقطا ِع ُ‬
‫(((‬

‫إلى ما يحل‬
‫باألمة عند انقطاع ((( س�نن الترمذي (‪ ، )2306‬قال الذهبي في ميزان االعتدال (‪ :)443 :3‬فيه محرز بن هارون‬
‫ذكر من جرحه‪ ،‬وروي بإس�ناد أصلح من هذا ‪ .‬وحس�نه ابن باز في مجموع الفتاوى (‪:16‬‬ ‫األعمال‬
‫‪.)336‬‬
‫((( وهم�ا ف�ي الصفحة الماضي�ة قوله ‪« : m‬ب�ادروا باألعمال فتنا كقطع اللي�ل المظلم يصبح‬
‫الرجل مؤمنا ويمس�ي كافرا ويمس�ي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دين�ه بعرض من الدنيا قليل»‬
‫وقوله ‪« : m‬بادروا باألعمال سبعا‪ ،‬هل تنتظرون إال فقرا منسيا ‪ ،‬أو غنى مطغيا ‪ ،‬أو مرضا‬
‫مفس�دا ‪ ،‬أو هرما مفندا ‪ ،‬أو موتا مجهزا ‪ ،‬أو الدجال فش�ر غائب ينتظر ‪ ،‬أو الساعة والساعة‬
‫أدهى وأمر»‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫خطير ًة‬
‫َ‬ ‫ِّ�ب على المبا َد َر ِة والمس�ار َعة ِـ إال أم�ور ًا‬
‫المترت ِ‬ ‫ِ‬
‫�ر الواعي ال�ى ا ُلمراد ُ‬ ‫النَّ َظ ِ‬
‫ِ‬ ‫شير ِضمن ًا إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫سياسة‬ ‫وش�ؤون ًا تُدَ َّب ُر في الخفاء ضدَّ كم في كا َّفة ُش�ؤونكم ـ وكأنَّه ُي ُ‬ ‫ُ‬
‫عوب بالتَّجويع والتَّروي ِع‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫احتناك ُّ‬ ‫الئ ِه الذين يعملون على‬
‫وأتباع ِه و ُعم ِ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫يطان‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتَّطبي� ِع والتَّطوي ِع ـ حتى يمتَلكون رقا َبكم وحاض َركم و ُمس�تَق َبلكم ِّ‬
‫فيجر ُعونكم‬
‫المطغي ‪..‬إلخ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُغ َّص َة ال َف ِ‬
‫المنسي ـ كما َس َّماه ‪ m‬ـ والغنَى ُ‬
‫قر ُ‬
‫ِ‬
‫االقتصاد ِّي‬ ‫ِ‬
‫ياس�ات الدَّ َج ِل‬ ‫ويعيش� ُه العالم ُك ُّل ُه من ِس‬ ‫ُ‬ ‫تعيش�ه األُ َّم ُة اليو َم‬
‫وهذا ما ُ‬
‫معنى «الفقر‬
‫�ي وإلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�وي والدَّ َج ِ‬
‫المنسي»‬ ‫غير‬ ‫�ي والدِّ ين ِّ‬‫والسياس ِّ‬‫�ي وال َّثقاف ِّي ِّ‬ ‫اإلعالم�ي والتَّعليم ِّ‬
‫ِّ‬ ‫�ل‬ ‫الر َب ِّ‬‫ِّ‬
‫االقتصادي ف�ي العالم ُي ِعدُّ ون ال ُعدَّ َة‬
‫ِّ‬ ‫�ي‬ ‫ِ‬
‫السياس ِّ‬ ‫رار ِّ‬ ‫فالم َتنَ ِّفذون ِمن َح َم َل ِة ال َق ِ‬
‫ذل�ك‪ُ ،‬‬
‫جيز ٍة‬
‫مات َو َ‬‫المهالك بِك َِل ٍ‬‫ِ‬ ‫عوب من هذه‬ ‫الش َ‬ ‫حذ ُر ُّ‬ ‫َّبي ‪ُ m‬ي ِّ‬ ‫الم َبر َم ِج والن ُّ‬‫لهذا ال َف َش ِل ُ‬
‫عميقة المعنى‪.‬‬‫ِ‬ ‫قصير ِة المبنى‬ ‫ٍ‬
‫بارات‬ ‫ِ‬
‫وع‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واألعراب‬ ‫وجماهير ال َع َر ِ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫المسلمون‬ ‫المنس�ي ما ُ‬
‫يعيش ُه ُ‬ ‫قر ُ‬ ‫ولعل من معاني ال َف ِ‬ ‫َّ‬
‫الر َب ِو ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المتهالكَة باالقتص�اد ِّ‬ ‫المجتمع�ات ُ‬ ‫الصرا ِع االقتص�اد ِّي داخ َل ُ‬ ‫تفعي�ل ِّ‬ ‫ف�ي‬
‫االقتصاد َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّوليفات‬ ‫يوع ِّي وما شابه ذلك من الت‬ ‫الش ِ‬‫ياس ِّي ُّ‬ ‫واالقتصاد الس ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫أسمالي‬
‫ِّ‬ ‫الر‬
‫َّ‬
‫العيش وفي‬ ‫ِ‬ ‫قم ِة‬ ‫ِ‬
‫أج�ل ُل َ‬ ‫والق َي ِم والدِّ يان َِة من‬
‫اآلداب ِ‬
‫ِ‬ ‫ش�عوب األُم ِة ِ‬
‫قواعدَ‬ ‫ِ َّ‬
‫نس�ي ِة لِ‬‫ِ‬
‫الم َ‬ ‫ُ‬
‫الخيان َِة‬
‫ب ‪ ،‬وذاك ي َقع ف�ي ِ‬
‫َ ُ‬
‫تحصيله�ا‪ ،‬فهذا يض َطر للحي َل ِة والرش�و ِة والك ِ‬
‫َ�ذ ِ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�بيل‬
‫نظر َّي ِة‬
‫�ع عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصائ َم ُيداف ُ‬
‫�ي َّ‬ ‫الم َص ِّل َ‬
‫المس�ل َم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والس ِ‬
‫�لب‪ .‬بل وتَجدُ ُ‬
‫لألمان ِ‬
‫َ�ة والن ِ‬
‫َّهب َّ‬
‫نتيج َة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوالرأسمالي وكأنَّها من ِم َّل ِة‬ ‫ِ‬
‫صاحب الدِّ يانَة اإلسالم َّية َ‬ ‫ِّ‬ ‫االش�تراكي‬
‫ِّ‬ ‫االقتصاد‬
‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ال َف ِ‬
‫الحديث‪.‬‬ ‫شار إليه في‬ ‫قر ا ُلمنسي ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َه�ب ث�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معنى «الغنى‬
‫التوس� ِع‬
‫ُّ‬ ‫وإقامة‬ ‫�عوب‬ ‫وات ُّ‬
‫الش‬ ‫المطغ�ي القائ� ِم على ن ِ َ‬
‫وكذل�ك الغن�ى ُ‬
‫لالس�تثمارات ِ‬
‫ذات ال َّطابِ� ِع‬ ‫ِ‬ ‫الطائ َل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المطغي»‬ ‫�ة‬ ‫األم�وال‬ ‫وانص�راف‬ ‫ِ‬
‫�روب‬ ‫�ي بِ ُ‬
‫الح‬ ‫السياس ِّ‬
‫ِّ‬

‫‪71‬‬
‫والراعي للن ِ‬ ‫للقي ِم َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستهالكي والت ِ‬
‫َّواز ِع‬ ‫الشرع َّية َّ‬ ‫المدَ ِّم ِر َ‬ ‫يس اإلعالم ِّي وال َّث ِّ‬
‫قافي ُ‬ ‫َّسي ِ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫سل َم ِة أو في‬
‫غير الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫المجتمعات‬ ‫المجتمعات ِ ُ‬ ‫والش�هوات ال َّطبع َّية ‪ ،‬سوا ًء في عا َل ِم ُ‬
‫َّ‬
‫واألعمال فيما ُي ِنف ُقونه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫ِ‬
‫رجال‬ ‫اإلسلامي ِة ذاتِها وخاص ًة عند النَّ َظ ِر في ُط ِ‬
‫غيان‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫ومواق ِع‬ ‫�ياح َّي ِة‬
‫الحي�اة المتر َف ِة كالمش�اري ِع الس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأس�باب‬ ‫ذائ ِذ‬
‫�هوات وال َّل ِ‬
‫ِ‬ ‫عل�ى َّ‬
‫الش‬
‫ِّ‬ ‫ُ َ‬
‫نح َّل ِة والمش�اري ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّل ِ ِ ِ‬
‫ه�و والغناء ‪ ،‬والنَّ َظر ِأيض ًا في مدفوعات األنظ َمة لل َّثقافات ُ‬
‫الم َ‬
‫ِ‬
‫اعتبار ٍّي َم ِ‬
‫صير ٍّي ‪.‬‬ ‫عائ ٍد‬
‫لألموال دون ِ‬
‫ِ‬ ‫االقتصاد َّي ِة الن َِّاز َف ِة‬

‫بالزرا َع ِة‬
‫أعدائه�ا كاالهتِم�ا ِم ِّ‬
‫ِ‬ ‫ش�أن األُ َّم ِة أم�ام‬
‫َ‬ ‫المصي�ري م�ا ير َف ُع‬
‫ُّ‬ ‫ب�اري‬
‫ُّ‬
‫واالعتِ‬
‫تركنا للصناعات‬
‫ال عن‬ ‫عوب بدي ً‬ ‫الش ِ‬ ‫الذاتِ ِّي في ُّ‬ ‫َّحويلي ِة وإقام ِة مبدأِ االكتِ َف ِ‬
‫اء َّ‬ ‫ِ‬ ‫وصناعاتها الت‬ ‫ومنتَجاتها ِ‬ ‫اإلنتاجية‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫والثروات وهجرنا‬
‫ِ‬
‫االستيراد‬ ‫ياس ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُمار ُس� ُه األُ َّم ُة اليوم بما هو‬ ‫ِ‬
‫االعتماد على ال َغ ِير الذي ت ِ‬
‫معروف في س َ‬
‫ٌ‬ ‫لمبدأ االكتفاء‬
‫ٍ‬ ‫الذاتي جعلنا‬
‫ِ‬
‫للبضائ ِع‬ ‫استهالك َّي ٍة‬
‫ِ‬ ‫ش�يء حتى صار العا َلم ال َعربِي واإلسلامي م َجر َد س ٍ‬
‫�وق‬ ‫لِك ُِّل‬
‫ُّ ُ َّ ُ‬ ‫ُ َ ُّ‬ ‫(سوقا استهالكيا)‬
‫ِ‬
‫وتربية‬ ‫للزرا َع ِة‬ ‫ٍ‬
‫وإهم�ال ِّ‬ ‫اخ ِل َّي ِة‬
‫الم�وارد الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ضعف في‬ ‫الخارج َّي ِة م�ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ناع�ات‬ ‫والص‬
‫وهذا ما أدى إلى‬
‫ِّ‬ ‫الغنى المطغي‬
‫المطغي»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحي ِ‬
‫وان ‪ ،‬وك ُُّل هذا‬
‫شار إليه بـ«الغنى ُ‬ ‫يدخل في هذا المعنى ُ‬ ‫ََ‬

‫المصير َّي َة ـ ك َق ِض َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫الغنى المطغي عندما ي ِجدُ الم ِ‬
‫س�ل ُم َأ َّن القضاي�ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وي�زداد َخ َطر ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫االحتالل‬ ‫ِ‬
‫وإعطاء‬ ‫المطغ�ي”‬ ‫ِ‬ ‫فِ َلس�طي َن ـ قد تظا َف َر عل�ى إضا َعتِها‬
‫أصحاب “الغنى ُ‬ ‫ُ‬
‫األعز ِل في فِ َلس�طي َن ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫�عب‬ ‫�ة على َّ‬ ‫هيمي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ق في حربِ�ه ال َب َّ‬ ‫الح ِّ‬
‫�ع َ‬
‫ِ‬
‫�ي موق َ‬
‫ِ‬
‫الصهيون ِّ‬
‫ُّ‬
‫هيوني بال ُع َّز ِل من‬ ‫الص‬ ‫واز ٍع وال ِ‬
‫راد ٍع َب َ‬ ‫غي�ر ِ‬
‫�هدَ العا َل ُم َع َلن ًا وفي ِ‬
‫حتى َش ِ‬
‫ِّ‬ ‫طش ال َعدُ ِّو ُّ‬
‫عاص َ�ر ِة وما قب َلها وما قد‬
‫واألطفال في « َغ َّزةَ» خلال مرح ِلتَنا الم ِ‬
‫ِ‬ ‫ج�ال والن ِ‬
‫ِّس�اء‬ ‫الر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬
‫تستطيع أما َم ُه‬
‫ُ‬ ‫َّهب واالعتِدَ ِاء الذي ال‬
‫لب والن ِ‬
‫والس ِ‬
‫طش َّ‬
‫س�يأتي بعدها من ُخ َط ِ‬
‫ط ال َب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المحت َِّل‬ ‫ُد َو ُل العا َل ِم ال َع َربِ ِّي واإلسلام ِّي أن َتتَّخ َذ قرار ًا ُمش�ت ََرك ًا ضدَّ ُطغيان ال َعدُ ِّو ُ‬
‫رف النَّ َظ ِر عن كونِها ُمؤ ِّي�دَ ًة أو َغ َير ُم َؤ ِّيدَ ٍة‬
‫ول العا َل ِم اإلنس�انِي بِص ِ‬
‫ِّ َ‬ ‫ب�ل وحتى َب ِق َّي ِة ُد ِ‬
‫ِ‬
‫الحال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لوقائ ِع‬

‫‪72‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬في ِم ِ‬
‫معنى (المرض‬
‫طير ًة تُبدي‬
‫وخ َ‬ ‫ثل ه�ذا الحديث تحم ُل مضامي َن َ‬
‫كبي�ر ًة َ‬ ‫عب�ار َة الن ِّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫المفسد)‬ ‫س�ول ‪ m‬حول ُمس�تق َب ِل األُ َّم ِة إذ هو لم َي ِقف عند‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫حقيق َة االهتما ِم الذي َش� َغ َل َّ‬
‫َّب عليه ويرتَبِ ُ‬
‫�ط به فقال‪( :‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ال َف ِ‬
‫المطغي بل أش�ار إلى م�ا يترت ُ‬ ‫المنس�ي والغنى ُ‬ ‫ق�ر ُ‬
‫ف‬ ‫وب وال َي ِق ُ‬ ‫فس�دُ ‪ :‬الذي ُي ْف ِس�دُ حيا َة األُ َم ِم ُّ‬
‫والش ُع ِ‬ ‫فس�دً ا‪ )..‬والمر ُض الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫مرض ًا م ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫الكيماو َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫يشم ُل أمراض ًا ناتِ َج ًة عن ُسمو ِم الموا ِّد‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عند اآلفات واألوبِ َئة الح ِّس َّية ‪ ،‬بل َ‬
‫الوراثِي ِة ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلف‬‫َ‬ ‫دور‬
‫وغيرها م َّم�ا َي ُ‬ ‫الصنا َع�ة و َع َبث ال ُعلم�اء بالجين�ات ِ َّ‬ ‫و ُمخ َّلف�ات َّ‬
‫وح َّي ِة‬‫�ة الر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫األم�راض المعنو َّية النات َج�ة عن انع�دا ِم التَّربِ َي ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكوالي�س‪ ،‬إضاف� ًة إل�ى‬
‫ِ‬
‫اإلسلام ُّي‬ ‫أم�راض اجتماعي� ٌة خطير ٌة يت َفج�ر بها ِ‬
‫الواق ُع‬ ‫�رع َّي ِة وهي‬
‫الش ِ‬ ‫�ة َّ‬ ‫َّزكي ِ‬
‫ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫والت َ‬
‫الج لها‪ ،‬مع حصول فساد لدى بعض المرضى في عالقتهم‬ ‫النعدا ِم ِ‬
‫الع ِ‬ ‫واإلنسانِي ِ‬
‫ُّ‬
‫بالل�ه والدي�ن والمجتم�ع ‪ ،‬لقل�ة ثب�ات اإليم�ان وحص�ول فس�اد آخ�ر باإلحباط‬
‫واالكتئاب وغير ذلك‪.‬‬

‫ِ‬
‫األصل‪:‬‬ ‫أه�ل ِ‬
‫اللغة‪ :‬ال َفنَ�دُ في‬ ‫(أو َه َر ًم�ا ُم َفنِّ�دً ا) اله�رم هو الكب�ر والعجز ‪ ،‬قال ُ‬
‫معنى (الهرم‬
‫المفند)‬ ‫َ‬
‫الرجل‬ ‫الرجل‪ ،‬إذا كبر حتى يتك ّلم بما ال ُيحتاج إليه‪ ،‬وفنَّدت‬
‫ُ‬ ‫َ�ذ َب ‪ ،‬يق�ال‪ :‬أفندَ‬ ‫الك ِ‬

‫تفنيد ًا‪ ،‬إذا خ ّطأته ورددت عليه قوله(((‪.‬‬


‫ف‪ ،‬والمعنى الثاني‪ :‬الر ُّد على ِ‬ ‫الخر ِ‬ ‫ُ‬
‫كبير‬ ‫األول ‪ :‬الهر ُم الذي يؤ ِّدي إلى َ َ‬ ‫فالمعنى‬
‫ِ‬
‫المجتمعات اليوم‬ ‫وزجره‪ ،‬وإذا أخذنا ه�ذا المعنى و َط َّب ْقنَاه عل�ى‬ ‫الس� ِّن وتخطئتُ�ه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المالجئ‬ ‫واألسري وتحوي ُلهم إلى‬
‫ِّ‬ ‫االجتماعي‬
‫ِّ‬ ‫عزل ِ‬
‫كبار الس� ِّن عن الواق ِع‬ ‫فقد ت ََّم ُ‬
‫ِ‬
‫واألمهات في بعض ِ‬
‫أس�ر‬ ‫ُ‬
‫يش�مل اآلبا َء‬ ‫الخاص�ة‪ ،‬وربما يكون ِم ُثل هذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والبي�وت‬
‫ِ‬
‫المباشرة بمثل هذه الظاهرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫الحضارية ِ‬
‫ذات‬ ‫ِ‬ ‫المس�لمين المتأثري َن بالحياة‬

‫((( جمهرة اللغة (‪.)361 :1‬‬

‫‪73‬‬
‫معظ�م األبنا َء في تل�ك الدول أنه من األس�ل ِم‬ ‫ِ‬
‫الغربي�ة يرى‬ ‫ِ‬
‫البل�دان‬ ‫ِ‬
‫صعي�د‬ ‫فعل�ى‬
‫ُ‬
‫بكبار الس� ِّن وال َع َج َز ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العناي�ة‬ ‫ات‬ ‫ِ‬
‫لآلباء تس�ليمهم إل�ى مصح ِ‬ ‫اجتماعي� ًا وصحي� ًا‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫طويلة‪ ،‬ألن االهتما َم بهم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لس�اعات‬ ‫اليومي‬ ‫ِ‬
‫بالعمل‬ ‫ويع ّل ُل األبنا ُء ذلك بانش�غالهم‬
‫ِّ‬
‫َ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يعوق‬
‫ِ‬
‫األواصر األس�ري َة في عال ِم المس�لمين متماسك ٌة إلى حدٍّ َ‬
‫أكبر‬ ‫َ‬ ‫المعروف أن‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫للعمل‬ ‫ٍ‬
‫بش�كل واس� ٍع‬ ‫اتجهت فيه المرأ ُة‬
‫ْ‬ ‫الغربي الذي‬
‫ِّ‬ ‫بكثير من مثيالتِها في العال ِم‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫األمر موجود أيض ًا عند‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وترك أبنائها في الحضانة أو عند مربية خاصة‪ .‬وهذا ُ‬
‫ِ‬
‫الصناعية‬ ‫ِ‬
‫المجتمع�ات‬ ‫ٍ‬
‫بكثير عن�ه في‬ ‫ٍ‬
‫بنس�بة َّ‬
‫أقل‬ ‫ِ‬
‫األس�ر ف�ي العالم العرب�ي ولكن‬
‫ِ‬
‫المتقدمة‪.‬‬

‫تنعكس على‬ ‫ِ‬


‫الصغ�ر‬ ‫الوقت الكافي في‬ ‫ه�م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نتائ�ج عد ِم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الوالدين أبنا َء ُ‬ ‫إعط�اء‬ ‫َ‬ ‫إن‬
‫ِ‬
‫اإلش�ارة هن�ا إل�ى ّ‬
‫أن األ َّم تبقى أ ًَما‬ ‫ِ‬
‫الكبر‪ ،‬مع‬ ‫ِ‬
‫األبن�اء بوالديهم ف�ي‬ ‫ِ‬
‫عالق�ة ه�ؤالء‬
‫ِ‬
‫الظروف‬ ‫َ‬
‫الفرق يكم ُن في‬ ‫ِ‬
‫األموم�ة ال تنطبق على أ ٍّم دون غيرها‪ ،‬لك�ن‬ ‫ّ‬
‫وأن ظاه�ر َة‬
‫األس�رية ‪ ،‬وحت�ى في داخل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫ِ‬
‫األموم�ة على‬ ‫ِ‬
‫بواجبات‬ ‫ِ‬
‫المصاحب�ة للقي�ا ِم‬
‫ِ‬
‫أعضاء‬ ‫ِ‬
‫عالق�ة‬ ‫ِ‬
‫وحرارة‬ ‫ِ‬
‫طبيع�ة‬ ‫ِ‬
‫الواح�د فإنن�ا نجدُ ثم� َة فرق ًا واضح� ًا في‬ ‫المجتم� ِع‬
‫ِ‬
‫الريف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القاطنة في‬ ‫المدينة عن تلك‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األسرة التي تسك ُن في‬

‫االجتماعي) ‪ ،‬وهي‬ ‫ِ‬


‫الضمان‬ ‫ِ‬
‫(دولة‬ ‫ِ‬
‫الغربية مفهو ُم‬ ‫ِ‬
‫الدول‬ ‫ظهر اليو َم في‬
‫ِّ‬ ‫ولذا فقد َ‬
‫صات‬‫يعيش�ون عل�ى م َخص ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫العجزة الذين‬ ‫ٍ‬
‫كبيرة م�ن‬ ‫ٍ‬
‫نس�بة‬ ‫تصب�ح الدول� ُة َ‬
‫ذات‬ ‫أن‬
‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أعلنت حكوم� ُة ألمانيا أنها تعان�ي من ت ََر ُ‬
‫اج ٍع‬ ‫ْ‬ ‫وكمث�ال فقد‬ ‫االجتماع�ي ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الضم�ان‬
‫العاملة ويؤدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقوة‬ ‫ِ‬
‫االقتصاد‬ ‫يؤثر س�لب ًا على‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بش�كل ُ‬ ‫المواليد‬ ‫معدالت‬ ‫حا ٍّد في‬
‫ِ‬
‫بـ(مؤسسة‬ ‫تراجع ما َس َّم ْو ُه‬ ‫أهم أس�بابه‬ ‫“ش�يخوخة” المجتمعِ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وأن أحدَ ِّ‬ ‫أيضا إلى‬

‫‪74‬‬
‫َ‬ ‫بأي ٍ‬ ‫ِ‬
‫األمان‬ ‫حال‬ ‫(دعائم دولتنا االجتماعي َة لن ت َْمن ََح ِّ‬
‫َ‬ ‫وتوصلت إلى أن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ال�زواج)(((‪،‬‬
‫الذي ت َُو ِّف ُر ُه األسر ُة التقليدي ُة)‪.((( ،‬‬

‫االنتحار َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫الجماعي بالعم ِلي ِ‬
‫ات‬ ‫ِّ َ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫نماذ ِج ال َق ِ‬
‫ت�ل‬ ‫جهز ًا) وهو نمو َذج من ِ‬
‫ٌ‬ ‫(أو موت� ًا ُم ِ‬
‫معنى (الموت‬
‫المجهز)‬ ‫وخاص ًة‬‫َّ‬ ‫آثار ِه‬
‫وعالج ِ‬‫ُ‬ ‫ب تفاديه‬ ‫ُ‬
‫بحيث يص ُع ُ‬ ‫ِ‬
‫والمزار ِع و َمن فيها‬ ‫للمدُ ِن‬ ‫َ ِ‬
‫والحرق العا ِّم ُ‬
‫أن هذا النَّمو َذ َج‬ ‫سفور َّي ُة ـ وأعت َِقدُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والحار َق ُة وال ُف‬ ‫ِ‬
‫ما ُيستخدَ ُم فيها األسل َح ُة ُ‬
‫المد ِّم َر ُة‬
‫تعر ُض للم ِ‬
‫ش�اهدين‬ ‫ِ‬
‫المرئ َّي ُة ِ‬ ‫ِ‬
‫فاألجه َز ُة‬ ‫ش�ار إليه لم َي ُعد َخافي ًا ُوقو ُع ُه على َأ َح ٍد ـ‬
‫ُ‬ ‫الم َ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫األرض‪..‬‬ ‫ِ‬
‫أرجاء‬ ‫جه ِز ما ال مزيدَ عليه ك َُّل يو ٍم في‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫الموت ُ‬ ‫من هذا َ‬
‫ِ‬
‫الحديث تُعيدُ نا َم َّر ًة أخرى إلى‬ ‫العبار ُة م�ن‬ ‫ب ُين َت َظ ُر) وهذه‬ ‫(أو الدَّ ج َال َف َش�ر ِ‬
‫غائ ٍ‬
‫الدجال شر غائب‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ينتظر‬ ‫مخلوق ُمن َت َظ ٌر ولكنه َش ُّر‬
‫ٌ‬ ‫الحديث‪( :‬فهل تنتَظِرون) إذ ًا فالدَّ َّج ُال‬‫ِ‬ ‫قولِه ‪ m‬في َأ َّو ِل‬
‫ِ‬
‫تدمير‬ ‫القائ َم ِة على‬
‫الت ِ‬ ‫والمح ِن والتَّح�و ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫الفت َِن ِ‬
‫م�ن ين َت َظ�ر لما يجري بين يديه م�ن ِ‬
‫َ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫االنحرافات إنَّما‬ ‫أن كا َّف َة‬
‫وخاص ًة َّ‬ ‫باألعمال” في كا َّف ِة ُص َو ِرها اإليجابِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫“المبا َد َر ِة‬
‫َّ‬
‫اإلجباري نحو‬ ‫رغمها على االت ِ‬
‫ِّجاه‬ ‫ِ‬ ‫تنتظره ُّ‬ ‫سيخ الدَّ َّج ِ‬
‫للم ِ‬
‫ِّ‬ ‫عوب ل ُي َ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال الذي‬ ‫ت َُم ِّهدُ َ‬
‫السال َم َة‪.‬‬ ‫ب”‪َ ،‬‬
‫نسأ ُل الل َه َّ‬ ‫الض ِّ‬
‫حر َّ‬ ‫“ج ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والساع ُة أدهى و َأ َم ُّر) وهي نهاي ُة‬
‫دورة‬ ‫بكامله وانتها ُء‬ ‫اإلنساني‬
‫ِّ‬ ‫الكون‬ ‫(الساع ُة ّ‬
‫أو ّ‬

‫((( وهي تس�مية حديث�ة ُأطلقت على مظاهر الزواج التقليدي بعد أن ش�عروا بأهميته‪ ،‬ويقابلها‬
‫ما تم تقنينه لديهم مؤخرا كزواج المثليين (الرجال بالرجال والنساء بالنساء) ‪ ،‬وسائر أنواع‬
‫العالقات المشبوهة التي أقيمت لها مؤسسات الخنا والفجور بحماية الحكومات‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلنجاب من‬ ‫ِ‬
‫الش�عب عل�ى‬ ‫يائس�ة لتش�جي ِع ِ‬
‫أبناء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بمحاوالت‬ ‫((( واآلن تق�و ُم هذه الحكومات‬
‫ِ‬
‫العمل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الوالدين تس�هيالت في‬ ‫ِ‬
‫ومنح‬ ‫ِ‬
‫واألطفال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المعونات المخصصة لألس�رة‬ ‫ِ‬
‫زيادة‬ ‫ِ‬
‫خالل‬
‫ِ‬
‫والضريبة ‪ ،‬وينادي البعض باالس�تعانة بالعمال األجانب بالهجرة والتجنيس لس�د الفجوة‬
‫التي تتركها معدالت تراجع المواليد؛ ولكن الخوف من فقدان فرص العمل يجبر الكثيرين‬
‫على رفض هذه الفكرة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الح َرك َِة المألو َف ِة في‬
‫مجال‬ ‫وهناك ُجم َل ٌة من األحاديث ُ‬
‫تدور في المعنى ال‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫َ‬
‫الحديث كنَمو َذ ٍج الجتما ِع َأهم م ِهم ِ‬
‫ات المعاني‬ ‫ِ‬ ‫كره�ا‪ ،‬وإنَّما اقت ََصرنا على هذا‬ ‫لِ ِذ ِ‬
‫َ ِّ ُ َّ‬
‫الم َت َف ِّر َق ِة فيه‪ ،‬والل ُه أع َل ُم ‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪76‬‬
‫والسنَّةِ‬ ‫ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الكتاب ُّ‬ ‫لات من‬ ‫تأصيل فقه الت َّ ُّ‬
‫قال تعال�ى‪ :‬ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫تأصيل فقه‬
‫التحوالت في‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫الكتاب والسنة‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ‪.‬‬

‫وق�ال تعال�ى‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬


‫ﰇ ﰈ ﮊ [محمد‪.]١٨ :‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ [الزخرف‪. ((( ]٦١ :‬‬

‫((( ه�ذه اآلي�ة الكريم�ة حجة بينة على أهمية علم الس�اعة‪ ،‬وضرب األمثلة لمعرفتها ومناقش�ة‬
‫ش�ؤون مس�تقبلها‪ ،‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ ق�ال في التفس�ير‪ :‬أي‪ :‬إن عيس�ى‬
‫عالمة على قرب الساعة‪ ،‬سواء من حيث نزوله من السماء وكشف كذب اليهود والنصارى‬
‫القائلي�ن بقتل�ه وصلب�ه‪ ،‬أو م�ن حيث إقامته الش�ريعة اإلسلامية عل�ى دين ورس�الة النبي‬
‫محم�د ‪ ، m‬وكال األمري�ن ال يدركهم�ا الكف�ار والمش�ركون إال كم�ا يس�معون ذلك من‬
‫اليه�ود والنص�ارى بتفس�ير مخالف للحقيقة‪ ،‬وله�ذا لما قال تعالى‪ :‬ولم�ا ضرب ابن مريم‬
‫مثلا إذا قوم�ك منه يصدون أي‪ :‬لما ذكر عيس�ى بن مريم في الق�رآن كمثل لما عبده الكافر‬
‫م�ن اآلله�ة م�ن دون الله ‪ ،‬إذا مش�ركو قريش يضجون وترتف�ع أصواتهم بالصي�اح قائلين‪:‬‬
‫أه�ذا لنا وآللهتنا أم لجميع األمم؟ فقال ‪ :m‬هو لك�م وآللهتكم ولجميع األمم‪ ،‬فقال ابن‬
‫الزبع�رى‪ :‬ق�د خصمتك ورب الكعبة؟ أليس�ت النص�ارى تعبد المس�يح؟ واليهود يعبدون‬
‫عزيرا‪ ،‬فإن كان هؤالء في النار فقد رضينا أن نكون نحن معهم وآلهتنا معهم! فسكت النبي‬
‫‪ m‬وضحك المش�ركون وضجوا وارتفعت أصواتهم فأنزل الله‪ :‬ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﮊ ‪ ،‬ق�ال القرطبي‪ :‬ولو تأمل ابن الزعبري اآلية ما اعترض‬
‫عليه�ا ألنه تعالى ق�ال‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ ﮊ ول�م يقل ‪ :‬ومن تعب�دون وإنما أراد‬
‫األصن�ام ونحوه�ا مما ال يعقل ولم يرد المس�يح وال المالئكة؛ ألنها مما يعقل‪ ،‬فنفى معنى‬
‫اآلية عنها‪ ..‬كما اعتقدوا‪ .‬اهـ صفوة التفاسير (‪. )162 :3‬‬

‫‪77‬‬
‫ِ‬
‫وطول‬ ‫دراس�تِها‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة وضرورة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أهم َّية عل ِم ّ‬‫إش�ار ٌة إل�ى ِّ‬
‫َ‬ ‫اآليات ومث ُلها‬
‫ُ‬ ‫وه�ذه‬
‫اآليات القرآنية‬
‫ومسيرة الت ِ‬
‫َّاريخ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحوالت األزمنَة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المعبرة عن أهمية التَّأ ُّم ِل في معانيها المع ِّب َرة عن حال‬
‫َ‬ ‫البش�ر َّية أما َم ُّ‬
‫بالله والنُّ ُب َّو ِة‪،‬‬
‫وكفرها ِ‬
‫ِ‬ ‫اإلله َّي ِة‬
‫ساالت والقوانين ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫ِ ِ‬ ‫علم الساعة وكذا ِ‬
‫ف اإلنسان َّية من قضايا ِّ‬‫موق ُ‬
‫ومث�ل ذل�ك قو ُل�ه تعال�ى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﮊ‬ ‫ُ‬
‫الم َؤ ِّد ِية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[األنبي�اء‪ ، ]1 :‬فال َغف َل� ُة هنا هي ما يجري عليهم من أش�راط وعالمات ّ‬
‫الس�اعة ُ‬
‫ات‬ ‫واإلعراض عن القيام بالمسؤولِي ِ‬
‫ِ‬ ‫اآلخ َر ِة من ِج َه ٍة‪،‬‬
‫اإلعراض عن ت ََذك ُِّر ِ‬
‫ِ‬ ‫بهم إلى‬
‫َّ‬
‫الحياة الدُّ نيا من ِج َه ٍة أخرى ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رع َّي ِة في‬
‫الش ِ‬
‫َّ‬
‫رس�ول ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت نزو ُل ُه ُمن ََّجم ًا على‬ ‫�رآن العظي ِم ِبف ِ‬
‫ومم�ا ي َؤ ِّكدُ عال َق َة ال ُق ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫عالقة القرآن‬
‫رآن نزل على ر ِ‬
‫سول‬ ‫أن ال ُق َ‬ ‫حيث ثبت َّ‬ ‫الت ُ‬ ‫والوقائ ِع والتَّحو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحوادث‬ ‫�ب‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫‪َ m‬ح َس َ‬ ‫العظيم بفقه‬
‫ثالثة ِ‬
‫الل�ه منَجم ًا ـ أي‪ :‬مفرق ًا ـ في ٍ‬ ‫ِ‬ ‫التحوالت‬
‫س�مى ال ُق ُ‬
‫�رآن الذي نزل قبل‬ ‫وع ِ‬
‫ش�ري َن عام ًا‪ ،‬ف ُي َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫قه‬‫العل� ِم في فِ ِ‬
‫أهل ِ‬
‫بالمدَ نِ ِّي وق�د كتب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الهج�رة َ‬
‫َ‬ ‫ِّ�ي والذي ن�زل بعد‬ ‫بالمك ِّ‬
‫الهج�رة َ‬
‫ِ‬ ‫رون م ِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرآن و ما َج َم َعت ُه‬ ‫ات‬ ‫النُّزول وأسبابِه ُكتُب ًا عديدةً‪.‬و َق َّس َم ال ُعلما ُء ُ‬
‫والم َف ِّس َ ُ َّ‬
‫ٍ‬
‫أخبار بما ال مزيدَ عليه ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وترغيب و‬ ‫ٍ‬
‫وترهيب‬ ‫ِ‬
‫وعقائدَ‬ ‫واآليات من أحكا ٍم‬ ‫ُ‬ ‫الس َو ُر‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫والش�ري َع ِة‬
‫تجم ُع بين قضايا العقيدَ ِة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأحكامها‬ ‫�و ِر ال ُقرآن ال َعظي ِم َ‬
‫ب ُس َ‬ ‫وتكا ُد غال ُ‬ ‫التحوالت‬
‫ِ‬
‫َّح�والت ‪ ،‬وهي ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب و َمرات ِ‬ ‫ِ‬
‫ي�ب والتَّرغ ِ‬ ‫ِ‬
‫البشرية والغايات والتَّره ِ‬
‫الس�لوك م�ن ج َهة‪ ،‬وبين فقه الت ُّ‬ ‫ب ُّ‬
‫المصيرية في‬
‫اإلنساني من ِج َه ٍة أخرى‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫رع َّي ِة للت ِ‬
‫َّاريخ‬ ‫الش ِ‬ ‫بالقرا َء ِة َّ‬
‫ف ِ‬ ‫عر ُ‬
‫القرآن من فقه ُي َ‬
‫قائ� ِع والتَّحو ِ‬
‫ث والو ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحوالت‬
‫الت في‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫الح�واد َ َ‬ ‫�ار ُة إِ َل�ى ذك ِْر ّ‬
‫الس�ا َعة َوعالقته�ا بِ َ‬ ‫‪َ -1‬‬
‫اإلش َ‬
‫ِ‬ ‫الكهف لدى ِح ِ‬
‫ِ‬ ‫ور الس�ابِ َق ِة لِلإْ ِ سلا ِم كَما هو فِي س ِ‬
‫لصاحبه‪:‬‬ ‫الر ِ‬
‫جل‬ ‫وار َّ‬ ‫�ورة‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ُع ُص ِ ّ‬
‫(ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ )‬
‫[الكه�ف‪]36:‬‬

‫ٍ‬
‫الحق بعد‬ ‫ٍ‬
‫عصر‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫الكهف على ِ‬ ‫ِ‬
‫إلظهار ِ‬
‫أهل‬ ‫وفي إِش�ارة ِّ‬
‫الحق س�بحان ُه وتعالى‬

‫‪78‬‬
‫ٍ‬
‫سنوات فقال سبحانه‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬ ‫وتسع‬ ‫ثالثمئة ٍ‬
‫س�نة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منامهم‬
‫َ‬
‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ)‬
‫ِ‬
‫والمروق وما‬ ‫ِ‬
‫الكفر‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫ِ‬
‫الكهف ف�ي‬ ‫[الكه�ف‪ ، ]21:‬وفي اآلية إش�ار ٌة إلى ِ‬
‫حال ِ‬
‫أهل‬
‫ٍ‬
‫الحقة َي ْظ َه ُر فيها ُ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬
‫لمرحلة‬ ‫بدينِه�م ليكُونُوا ِ‬
‫آلية‬ ‫صبرهم وهروبِهم ِ‬‫ترتب�ت على ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫�ي ُم َحدَّ ٍد (ﭔ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫الظهور موعود ًا ب�ه ل َهدَ ف َر ّبان ٍّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون ه�ذا‬ ‫ِ‬
‫واإليم�ان أو‬ ‫ِ‬
‫الدي�ن‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ومصير‬ ‫ِ‬
‫وأحوال‬ ‫واآلخ َر ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان في الدُّ ني�ا‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫ومصير ِ‬ ‫ِ‬
‫أحوال‬ ‫وص�ف‬
‫ُ‬ ‫‪ -2‬‬
‫ال ُك َّف ِ‬
‫ار في الحيات ِ‬
‫َين‪.‬‬
‫ِ‬
‫األرض وما‬ ‫بالمس�ؤولي ِ‬
‫ات والخال َف ُة على‬ ‫�ر َّي ِة وعال َقتُها‬ ‫ِ‬
‫الخليقة ال َب َش ِ‬ ‫‪َ -3‬بد ُء‬
‫ُ َّ‬
‫وح َك ٍم ُم َتن َِّو َع ٍة‪.‬‬
‫ابتالءات ِ‬
‫ٍ‬ ‫َّب على ذلك من‬ ‫ت ََرت َ‬
‫رض هذا‬‫وإبداعات الخالِ ِق س�بحانه وتعال�ى و َع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ت النِّظ�ا ِم الكون ِّ‬
‫�ي‬ ‫‪ -4‬ثوابِ ُ‬
‫َّقرير بالنِّع ِم والت ِ‬
‫َّعداد لها‪.‬‬ ‫اإلبدا ِع على ِص َف ِة الت ََّحدِّ ي حين ًا وعلى ِص َف ِة الت ِ‬
‫َ‬
‫الب�رزخِ والقيا َم ِة‬
‫َ‬ ‫ث عن‬ ‫األخير للعا َل ِم اإلنس�انِي والتَّحدُّ ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المصير‬ ‫وص�ف‬
‫ُ‬ ‫‪ -5‬‬
‫والع ِ‬
‫قاب‪.‬‬ ‫واب ِ‬‫والجن َِّة والن َِّار وال َّث ِ‬ ‫والح ِ‬ ‫رض ِ‬‫وال َع ِ‬
‫ساب َ‬
‫ِ‬ ‫ت�اب ومحاججتُه�م ف�ي كا َّف ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�ؤون الت�ي ك ََّذ ُب�وا به�ا‬ ‫�ة ُّ‬
‫الش‬ ‫أه�ل الك ِ ُ َ َ‬ ‫‪ - 6‬إدانَ� ُة‬
‫ِ‬
‫َّفصيل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باإلجمال ‪ ..‬وحين ًا بالت‬ ‫ِ‬
‫وأباطيلهم حين ًا‬ ‫ِ‬
‫أقاويلهم‬ ‫ور ُّد‬
‫وج َحدوها‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫َش�ف أحوالِهم‬ ‫رج ِفين والذين في ُق ُلوبهم َم َر ٌض وك ُ‬ ‫‪ - 7‬إدانَ� ُة المنافِ ِقي�ن والم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وإنذار ُهم‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرس�االت‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ -8‬‬
‫س�بيل ِّ‬ ‫س�ل وما عانَو ُه في‬ ‫وصف مواقف وأحوال األنبياء ُّ‬ ‫ُ‬
‫مع ُأ َم ِم ِهم الكافِ َر ِة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫وتحذير األُ َم ِم‬
‫ُ‬ ‫�ر َّي ِة‬
‫ووسائلها األَن َِو َّي ِة ِضدَّ ال َب َش ِ‬
‫ِ‬ ‫اإلبليس� َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المدرسة‬ ‫كش�ف‬
‫ُ‬ ‫‪ -9‬‬
‫رير ِة‪.‬‬
‫الش َ‬ ‫ودعوتِه ِّ‬
‫َ‬ ‫واحتناك ِه‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫يطان‬ ‫والش ِ‬
‫عوب من أثر َّ‬ ‫ُّ‬
‫ف الخلي َق ِة‬ ‫ومواق ِ‬
‫ِ‬ ‫وص ِ‬
‫فات‬ ‫أحوال ِ‬
‫ِ‬ ‫س�لوب ال َق َص ِص ِّي لِ َش ِ‬
‫�رح‬ ‫ِ‬ ‫‪ - 10‬استخدا ُم األُ‬
‫ِ‬ ‫والر ُس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجهها النَّب ِوي األَب ِوي َّ ِ‬
‫في ِ‬
‫وأحوال‬ ‫�ل‪،‬‬ ‫الش�رع ِّي كما هو في َق َص َ‬
‫ص األنبياء ُّ‬ ‫َ ِّ َ ِّ‬
‫ِ‬
‫َّمروذ‬ ‫َ‬
‫رعون والن‬ ‫صف فِ‬
‫وجهها األَن َِوي اإلبليسي كما هو في و ِ‬ ‫ِ‬
‫الخليقة في ِ‬ ‫ِ‬
‫ومواقف‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وقارون ِ‬
‫وغيرهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وهامان‬
‫ِ‬
‫األزمان‬ ‫بع�ض النَّب ِّيي َن ورس�االتِهم وتحديدُ‬ ‫ِ‬ ‫كر‬ ‫ِ ِ‬
‫�و ِر ال ُقرآن ذ ُ‬ ‫ِ‬
‫بعض ُس َ‬ ‫كم�ا َّ‬
‫أن في‬
‫معاناة األنبياء‬
‫ِ‬
‫الجن�وح واالنحراف الذي وقع�ت فيه األُ َم ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كنوح ش ونماذ ُج‬ ‫ٍ‬ ‫والرسل مع الت�ي عاش�وها‬
‫ِ‬ ‫أقوامهم جزء من‬
‫ُفر‬‫باختالف أنوا ِع الك ِ‬ ‫ف من ُأ َّم ٍة إلى ُأ َّم ٍة‬ ‫وعذاب يخت َِل ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قوبات‬ ‫َّب عليه من ُع‬
‫وم�ا ترت َ‬ ‫فقه التحوالت‬
‫ِ‬
‫كمعاناة موس�ى مع بني‬ ‫والر ُس ُ�ل أيضا من أقوامهم‬ ‫ِ‬
‫واالنحراف ‪ ،‬وما عاناه األنبيا ُء ُّ‬
‫ِ‬
‫االبتالءات‬ ‫وغيرهم من األُ َم ِم التي أجرى الله لها‬ ‫قومه‪ِ ،‬‬‫إسرائيل‪ ،‬ومعانا ُة يونُس مع ِ‬‫َ‬
‫َ‬
‫أكثر من‬ ‫واألنبياء عن بعضهم والتأكيد على ذلك في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫س�ل‬ ‫ِ‬
‫وتمييز ُّ‬
‫ُ‬ ‫واالختبارات‪،‬‬
‫سور ِة‬
‫غيرهم وما جرى في َ‬ ‫وتفضيلهم عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫أهل ال َعز ِم‬ ‫ِ‬
‫كتمييز ِ‬ ‫رآن‪،‬‬ ‫داللة في ِ‬
‫آيات ال ُق ِ‬
‫ِ‬
‫االختبار في‬ ‫والمعر َف ِة القائمة على‬
‫ِ‬ ‫ب ِ‬
‫العل� ِم‬ ‫والخ ِضر من مراتِ ِ‬
‫الكهف بين موس�ى َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫خاص ًة في‬ ‫ِ ِ‬ ‫لوك وليس في ما َّد ِة‬ ‫الس ِ‬
‫تسمية‬ ‫تقر َر من معاني َّ‬ ‫المعر َفة ذاتها‪ .‬كذلك وما َّ‬ ‫ُّ‬
‫كسورة ال َب َق َر ِة والن ِ‬
‫َّمل‬ ‫ِ‬ ‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬
‫َّسميات من دالالت َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القرآن وما تدُ ُّل عليه هذه الت‬ ‫ُس ِ‬
‫ور‬
‫ومراد ِ‬
‫الله فيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األسماء‬ ‫ات‬‫والفيل وغيرها ِمما يش�ير إلى ُخصوصي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومريم‬ ‫والن ِ‬
‫َّحل‬
‫َّ‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫دالالت ها َّم ٍة تربِ ُط بين االس ِم‬
‫ٍ‬ ‫َّحليل والت ِ‬
‫َّعليل من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر عند الت‬ ‫َّب على هذا‬
‫وما يترت ُ‬
‫شير ِة إلى ذلك‪.‬‬
‫الم َ‬
‫ِ‬
‫مسمى وما تعنيه دالل ُة اآليات ُ‬ ‫وا ُل َّ‬

‫المجت َِهدُ أحمدُ ب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫بع�ض ال ُعلماء وفي ُمقدِّ َمتهم العلاَّ َم� ُة ُ‬‫وم�ن ذلك ما اعتنى به ُ‬
‫العصر َّي ِة لما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االختراعات‬ ‫�ه ( ُمطا َب َق ِة‬
‫ماري الحس�نِي في كتابِ ِ‬
‫الصدِّ ِيق ال ُغ ِ ُّ َ َ ُّ‬ ‫ُم َح َّم ِد ِ‬
‫بن ِّ‬

‫‪80‬‬
‫ِ‬
‫االختراعات وبين‬ ‫َجدَّ ِ‬
‫ات‬ ‫أخب�ر به س�يدُ الب ِري ِة) واعتنائُ�ه بالر ِ‬
‫بط الواعي بي�ن مس�ت ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ ِّ َ َّ‬
‫االستقرائي للمعاني بما لم يسبِق له ٌ‬
‫مثيل‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫اآليات ال ُقرآنِ َّي ِة وتعلي ُل ُه‬
‫ِ‬ ‫مفهو ِم‬
‫ثال‪ :‬قو ُله في ص‪ 6‬بعد ذكره لِعدَ ٍد من مختَر ِ‬
‫عات ال َع ِ‬
‫صر‬ ‫سبيل ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فمن ذلك على‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أخبر بها‬ ‫ِ‬
‫والبواخ ِر ِ‬ ‫والس� ُف ِن‬ ‫كالس�ك َِّة الحديدي ِة وسي ِ‬
‫ارات الن ِ‬
‫وغيرها فقال‪ :‬وقد َ‬ ‫َّقل ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫َّبوي ِة‪ ،‬أما في ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثالث‬ ‫رآن ففي‬ ‫اإلشار ُة إليها في ال ُقرآن واألحاديث الن ِ َّ َّ‬
‫َ‬ ‫‪ m‬ووردت‬
‫ٍ‬
‫آيات حس َبما َح َض َرنا َ‬
‫اآلن‪:‬‬

‫األولى‪ :‬قو ُله تعال�ى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬


‫لك المش�حون‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﮊ [ي�س‪ ]٤٢ - ٤١ :‬أي‪َ :‬خ َلقن�ا له�م ِم َّم�ا ُيماثِ ُل ال ُف َ‬
‫حمل ِه هو‬
‫لك المش�حون في ِكب ِر ِه وكَث�ر ِة ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م�ا يركبون ب�ه في ال َب ِّر‪ ،‬وال�ذي ُيماثِ ُل ال ُف َ‬
‫بضائ ِعهم‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫كاب مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ك َِّة الحديد َّي ِة وس� َّي ُ‬
‫ارات الن ِ‬
‫َّقل التي تحم ُل َع َشرات ُّ‬ ‫بابور ِّ‬
‫وحاج ّياتِهم‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫ِ‬

‫مثلي ِة لل ُف ِ‬
‫لك‬ ‫إلى أن قال‪ :‬وكذلك بابور السك َِّة الحديدي ِة ‪ ،‬بل هو أولى َّ ِ ِ ِ‬
‫بالش َبه وال َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ِ‬
‫المشحون‪.‬‬

‫�ل فمعذورون ألنَّ�ه لم يكن‬ ‫الم َثل ف�ي اآلية ِ‬


‫باإلبِ ِ‬ ‫أم�ا الم َفس�رون الذي�ن َفس�روا ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫لح ِ‬
‫مل اآلية‬ ‫ِ‬ ‫ال�ر ِ‬ ‫لك في َح ِ‬ ‫ف�ي زمانِه�م ما ُيش�بِ ُه ال ُف َ‬
‫فاضط�روا َ‬
‫ُّ‬ ‫والبضائعِ‪،‬‬ ‫كاب‬ ‫م�ل ُّ‬
‫لك المش�حون ِ‬
‫يحم ُل‬ ‫ألن ال ُف َ‬ ‫اإلبِ ِل وإن كان حم ُله�ا باطِ ً‬
‫ال مقطوع ًا بِ ُبطالنه؛ َّ‬ ‫عل�ى ِ‬
‫ِ‬
‫والبضائعِ‪ ،‬وهذا‬ ‫الس� َل ِع‬ ‫ِ‬
‫ويحم ُل مع ذلك‬ ‫�رات من الناس بأثقالِهم‬
‫الع َش ِ‬
‫الكثير من ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اآلالف من‬
‫َ‬ ‫بالنِّس�ب ِة لم�ا كان ف�ي زمانِهم‪ ،‬أما ما حدث ف�ي زمانِنا فالس�فينَ ُة ِ‬
‫تحم ُل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الس� ُف ُن التي كانت في زمانِهم أيضا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المقن َط َرة من البضائعِ‪ ،‬ثم ُّ‬ ‫ِ‬
‫القناطير ُ‬ ‫الن ِ‬
‫َّاس ومن‬
‫ِ‬
‫واألثقال كانت تجري ف�ي ال َب ِ‬
‫حر َجري ًا حثيث ًا‬ ‫الر ِ‬
‫كاب‬ ‫وحملها لِ ٍ‬
‫كثير من ُّ‬
‫ِ‬ ‫م�ع ِك َب ِره�ا‬

‫‪81‬‬
‫ياح كما قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﮊ [الشورى‪.]٣٢ :‬‬
‫بالر ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ص�ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ف لِ َو‬
‫وكل ذل�ك ُمخالِ ٌ‬
‫وحم ُلها ال‬
‫فمش� ُيها َبط�ي ٌء َ‬ ‫اإلبِ ِل تَم�ا َم ُ‬
‫المخا َل َفة‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬
‫الس� ُف ِن‪ ،‬فكيف ُت َف َّس ُ�ر اآلي ُة به�ا؟ بل ذلك باطِ ٌل قطع� ًا ‪ ،‬وقد قال اب ُن‬ ‫ق�اس بِ َح ِ‬
‫مل ُّ‬ ‫ُي ُ‬
‫أن اآلي َة المذكور َة (وخلقنا لهم ُس� ُفن ًا َ‬
‫أمثال‬ ‫اك وجماع� ٌة َّ‬ ‫والض َّح ُ‬
‫والح َس� ُن َّ‬
‫اس َ‬ ‫َع َّب ٍ‬
‫ِ‬
‫اإلس�ناد عن ِ‬ ‫�اس‪ :‬وهذا َأ َص ُّح ألنَّ� ُه ُمت َِّص ُل‬ ‫تِ َ‬
‫ابن‬ ‫الس� ُف ِن يركبونه�ا) وقال الن ََّّح ُ‬
‫ل�ك ُّ‬
‫ن�ور الله تعالى‬‫اس ء و َن َظ ِر ِه بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫�فوف َن َظ ِر اب� ُن ع َّب ٍ‬ ‫َع َّب ٍ‬
‫�اس‪ ،‬وه�ذا َيدُ ُّل على ُش‬
‫الله ‪« :m‬الله�م َف ِّقه ُه في الدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫س�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآن العظي ِم‪ ،‬تصديق ًا لِدُ ِ‬
‫عاء َر‬ ‫ف�ي معان�ي ال ُق ِ‬

‫و َع ِّلم ُه الت َ‬
‫َّأويل»(((‪.‬‬

‫واآلي ُة ال َّثاني ُة‪ :‬ﮋﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﮊ‬


‫والزين َِة‪ ،‬وهي أيض�ا تُركَب وت ِ‬
‫َحم ُل‬ ‫ِ‬
‫ك�وب ِّ‬ ‫للر‬ ‫ِ‬ ‫[النح�ل‪ ]٨ :‬أي‪ِ :‬م�ن ِج ِ‬
‫ُ‬ ‫نس المذكورات ُّ‬
‫األثقال‪ ،‬فاآلي ُة صريح ٌة في جمي ِع أنوا ِع العج ِل والعر ِ‬
‫بات‪.‬‬ ‫َ‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬

‫الس َف ِر عليها‬ ‫ِ‬


‫واآلي ُة ال َّثال َث ُة‪ :‬قو ُله تعالى‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ [التكوير‪ ]٤ :‬أي‪ :‬عن َّ‬
‫ِ‬ ‫الس� َف ِر ون ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬
‫البضائ ِع عليها‬ ‫َقل‬ ‫م�ل األثقال أيضا‪ ..‬إلى أن ق�ال‪ :‬وإنَّما ُع ِّط َلت عن َّ‬ ‫َ‬
‫الحديد ا‪ .‬هـ ص‪.8-7‬‬ ‫ِ‬ ‫وسك َِّة‬
‫ارات ِ‬
‫جود السي ِ‬ ‫بِو ِ‬
‫َّ َّ‬ ‫ُ‬

‫آلية ﮋ ﮑ ﮒ ﮊ [المرسلات‪ ]١ :‬بأنَّها ال َّط ِائ ُ‬


‫رات الحربِ َّي ُة وما‬ ‫وم ُثل ذلك تفس�يره ِ‬
‫ُُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫وتخويفها‪.‬‬ ‫تفع ُل ُه بِقنابِ ِلها‬
‫للز ِ‬
‫مان وما يجري فيه ‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫�ب َّ‬ ‫كر اإلش�ار ِة لهذا ال َفه ِم الم ِ‬
‫ناس ِ‬ ‫ونقت َِص ُر هنا على ِذ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وعالمات الس ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫ذلك جزء من مفهو ِم ِقراء ِة فِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ٌ‬

‫((( مس�ند أحم�د (‪ ، )2439‬ل�ه طريق�ان في مس�ند أحمد رجالهم�ا رجال الصحي�ح‪« ،‬مجمع‬
‫الزوائد» للهيثمي (‪.)279 :9‬‬

‫‪82‬‬
‫َعج َم ًة‬ ‫الت عظيم ٌة وال تزال حتى َ‬ ‫قه التَّحو ِ‬‫رآن ِبف ِ‬ ‫وبالجم َل ِ‬
‫�ة فعالق� ُة ال ُق ِ‬
‫اآلن ُمس�ت َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫م�ان َمن‬ ‫�ي ف�ي ُمس�تق َب ِل َّ‬ ‫َّ‬
‫ولع�ل أن يأت َ‬ ‫�ب وين َبغ�ي ـ‬ ‫وغي�ر مخدوم�ة ـ كم�ا َي ِج ُ‬ ‫َ‬
‫وس�ن َِن الدِّ ال َل ِة‬ ‫ِ‬
‫َّح�والت ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫منظ�ور واق� ِع فق�ه الت ُّ‬ ‫�و ِر م�ن‬ ‫والس َ‬
‫ِ‬
‫بع�ض اآلي�ات ُّ‬ ‫فس ُ�ر َ‬‫ُي ِّ‬
‫�و ِر القرآنِ َّي ِة‬ ‫الس َ‬
‫عض ُّ‬ ‫حيث إنَّنا لو َن َظرنا إلى َب ِ‬ ‫بعض الو ِ‬
‫جوه ـ ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫�ف ـ ول�و ِمن‬
‫والمواق ِ‬
‫ِ‬

‫أن‪،‬‬ ‫الش ِ‬‫َّظر في هذا َّ‬ ‫مجاال عظيم ًا للن ِ‬


‫ً‬ ‫ات لكانت وحدَ ها‬ ‫صوصي ِ‬‫ِ‬ ‫وما ُخ َّصت به من ُ‬
‫الخ‬
‫سورة الكهف‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ال تُسن لنا قراءتُها ك َُّل جمع ٍة ‪ ،‬وورد في ِ‬ ‫ِ‬
‫أحاديث كثير ٌة وما وما تشتمل عليه‬ ‫فضلها‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫فسور ُة الكَهف مث ً َ ُّ‬
‫من دروس فقه‬
‫التحوالت‬ ‫وثيق بما‬ ‫ٌ‬
‫ارتباط ٌ‬ ‫الخطي�ر ِة التي لها‬
‫َ‬ ‫التاريخ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ه�ذه الس�ور ُة إال جم َل ٌة من التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬
‫اإلنساني العا َل ِم ِّي‪ ،‬أ َّما‬
‫ِّ‬
‫الف ِ‬
‫قه‬ ‫والشر في ِ‬
‫الخير َّ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الحياة اإلنسان َّي ِة من ِصرا ٍع بين‬
‫ِ‬ ‫يدور في‬
‫ُ‬
‫والمنافِ َق ِة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الوجوه الكاف َرة ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ور ُة التَّوبة مثال وقد بدأت بال َبرا َءة وكَشف األقن َعة عن ُ‬
‫ُس َ‬
‫برز‬ ‫ِ‬
‫واالنح�راف الذي َ‬ ‫للج ِ‬
‫نوح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ومواق ِفه�ا ‪ ،‬فه�ي ِ‬
‫تحم ُ�ل‬ ‫ِ‬
‫مدلول المناقش�ة الواعية ُ‬
‫والمنافِ ِقين حتى صار‬ ‫وصري�ح من ال ُك َّف ِ‬
‫�ار ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ش�ديد‬ ‫ِ‬
‫وبأس�لوب‬ ‫عصر ِه ‪m‬‬
‫ِ‬ ‫جل ّي ًا في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ِّج‪:‬‬ ‫من أس�ماءها (الفاض َح ُة) وقال عنها ‪ m‬حين بعث َس� ِّيدَ نا َعل ّي ًا َي َ‬
‫قر ُؤها في َ‬
‫أهم َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫أه�ل بيتي» ‪ ،‬وفي هذا دالل� ٌة عظيم ٌة على ِّ‬
‫(((‬ ‫ِ‬ ‫يقر ُؤه�ا إال أن�ا أو َر ُج ٌل من‬
‫«ال َ‬
‫َين َم َّك َة والمدين َِة‪ ،‬ومثلها سور ُة‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت في المرح َلت ِ‬ ‫ُّ‬
‫دراس�ة فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫�ور ِة في‬
‫الس َ‬‫هذه ُّ‬
‫ممن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫المنافقون التي تَبنَّت َ‬
‫نوح واالنحراف لدى األفراد َّ‬ ‫وتحليل مواقف ُ‬ ‫تعليل‬
‫منهج ٍّي‬ ‫ِ‬ ‫تسلس ٍ‬
‫�ل‬ ‫ُ‬ ‫التأصيل ِمن‬
‫ِ‬ ‫َّب على هذا‬ ‫أصلوا وأسس�وا مدرس� َة الن ِ‬
‫ِّفاق وما يترت ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫خالل تشا ُب ِه‬
‫ِ‬ ‫يخ ُك ِّله من‬ ‫عبر الت ِ‬
‫َّار ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للمنافقين داخ َل َ َ‬
‫يمة اإلسلام َّية َ‬ ‫إبليس�ي ُ‬
‫ٍّ‬ ‫َأن َِو ٍّي‬
‫ص�ف ِ‬
‫الله تعال�ى للمنافقي َن‬ ‫ِ‬ ‫كو‬ ‫الموص�وف في هذه الس ِ‬
‫ِ‬ ‫�ف والس ِ‬
‫المواق ِ‬
‫ِ‬
‫�ورة َ‬
‫ُّ َ‬ ‫�لوك‬ ‫ُّ‬
‫بقول�ه‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﮊ [المنافقون‪ ]٥ :‬أي‪ :‬بمعنى أنَّهم يقولون اس�تكبار ًا واس�تِحقار ًا لِر ِ‬
‫سول‬ ‫َ‬

‫((( مسند أحمد ‪ ،‬إسناده حسن ‪ ،‬تحقيق المسند ألحمد شاكر (‪.)322 :2‬‬

‫‪83‬‬
‫قول المنافِقين ﮋ ﮋ ﮌ‬ ‫ومثل ذلك ُ‬ ‫الله ‪( :m‬ال نريدُ بيننا وبين ِ‬
‫الله واسط ًة) ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫سياس� ُة التَّما ُي ِز‬
‫واالعتداد‬ ‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ [المنافقون‪ ]٨ :‬وهي َ‬
‫س الن ِ‬
‫ِّفاق إلى اليو ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ظواه ِر ِ‬
‫مدار ِ‬ ‫بالموا َطن َِة وهي إحدى‬
‫ُ‬

‫�ه تعال�ى‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ومث�ل قولِ ِ‬


‫ُ‬
‫المنافقون‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المنافقين التَّاريخ َّي�ة الدَّ اعية إلى مفهو ِم‬ ‫ياس�ة ُ‬ ‫ومفهوم الحصار ﭿ ﮊ [المنافق�ون‪ ]٧ :‬وفيه�ا إش�ار ٌة لس َ‬
‫صار االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫االقتصادي‬
‫وب‬ ‫الم ْق ُل ُ‬‫َ‬ ‫المعنى‬ ‫و‬‫وه‬ ‫ُ‬ ‫»‪،‬‬ ‫َ‬
‫عك‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫يت‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫كل‬ ‫ع‬ ‫و‬
‫ِّ‬ ‫«ج‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ِّ‬ ‫د‬
‫ِّ‬ ‫الما‬ ‫ِ‬
‫يق‬ ‫ِ‬
‫َّضي‬‫ت‬ ‫وال‬ ‫ي‬
‫ِّ‬ ‫صاد‬ ‫ِ‬ ‫الح‬
‫هاج ِري َن ا ّل ِذي َن‬
‫أصحاب النَّبِي ‪ِ m‬م َن الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ول و ِ‬
‫اصف ًا‬ ‫بن َس ُل ٍ َ‬
‫ابن ُأ َب ِّي ِ‬ ‫بد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ِمن َقو ِل َع ِ‬
‫ْ‬
‫�ك يع ِقر َك »‪ ،‬بل إنَّنا إذا َن َظرنا إلى ِ‬
‫آخ ِر س�و ِر ال ُق ِ‬ ‫آووا إِل�ى ِ ِ‬
‫رآن‬ ‫ُ َ‬ ‫�م ْن َك ْل َب َ َ ْ ْ‬
‫المدينَة ‪َ « :‬س ِّ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫أعاجيب الو ِ‬
‫صف في‬ ‫ِ َ‬ ‫�رآن ُك َّل ُه وما فيها من‬
‫َّاس وقد ختم الل ُه بها ال ُق َ‬ ‫�ور ُة الن ِ‬
‫وهي ُس َ‬
‫الج ِّن ـ‬ ‫ِ‬
‫�يطان ـ حتى على عا َل ِم ِ‬ ‫َّاس وأ َث ِر ذلك َّ‬
‫الش‬ ‫َّاس والخن ِ‬ ‫األزلي بين الن ِ‬ ‫الص�را ِع‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الله تعال�ى‪ :‬ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫قول ِ‬‫بعض معاني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي‬
‫معنى (الصدور)‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�دور ـ ف�ي مفهو ِم فق�ه الت ُّ‬
‫َّحوالت ـ هم‬ ‫فالص ُ‬ ‫في تفسير صورة ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ [الن�اس‪ُّ ]٦ - ٥ :‬‬
‫الناس‬
‫َّاس‬ ‫الوس�واس في ُص ِ‬
‫دور الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫والج ِّن وقا َدتُهم‪ ،‬وبهذا‬
‫نس َ‬ ‫اإل ِ‬ ‫وأعيان ِ‬
‫ُ‬ ‫ُوجه�ا ُء ال َق�و ِم‬
‫الرعايا واألتب�ا ِع وكيف يج َع ُ�ل الل ُه تعالى في االس�تعا َذ ِة‬ ‫ُ‬
‫�يطان إفس�ا َد َّ‬ ‫ضم� ُن َّ‬
‫الش‬ ‫َي َ‬
‫�رد ذاتِ ِه أو في‬
‫در ال َف ِ‬
‫س�ة س�وا ًء في َص ِ‬‫فظ التَّام من َخ َط ِر الوسو ِ‬
‫َ َ‬ ‫ِّ‬
‫الح ِ‬
‫ف ِ‬ ‫به تعالى َش َ�ر َ‬
‫دور و ِ‬
‫جهاء المجتَم ِ‬
‫عات‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُص ِ ُ‬

‫وسن َِن‬ ‫ِ‬ ‫عجائ ِ ِ ِ‬


‫مش�حون بِ ِ‬ ‫س�ن التَّد ُّب ِر‬
‫وح ِ‬
‫َّحوالت ُ‬ ‫ب فقه الت ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫رآن ُك ُّل ُه عند التَّأ ُّم ِل ُ‬
‫وال ُق ُ‬
‫الالت‪ ،‬وقد قال سبحانه وتعالى عن كتابِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫مشحون بِ ُسن َِن الدِّ‬
‫ٌ‬ ‫ف كما هو أيضا‬ ‫المواق ِ‬
‫ِ‬

‫كار‪،‬‬‫واالعتبار واال ِّد ُ‬


‫ُ‬ ‫ك�رى‬ ‫إن م�ن معانِ ِيه ِّ‬
‫الذ َ‬ ‫العزي�ز‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﮊ أي‪َّ :‬‬ ‫ِ‬

‫الت ﮋ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫قه التَّح�و ِ‬


‫معان كثيرة في فِ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫والذك�رى لها‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫أن فِقه التَّحو ِ‬ ‫َّعليل ال ُقرآنِي ن ِ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ ‪ ،‬وعل�ى ه�ذا الت ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫َج�دُ َّ َ‬ ‫ِّ‬

‫‪84‬‬
‫المراح َل اإلنسانِي َة ُك َّلها حسب الت ِ‬
‫َّقسيم التّالي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫يشم ُل‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫‪85‬‬
‫حو ِ‬
‫لات‬ ‫ِ ِ‬
‫أقسام فقه الت َّ ُّ‬
‫ُ‬
‫الت إلى ثال َث ِة أقسا ٍم‪:‬‬‫ين َق ِسم فِقه التَّحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬
‫صاح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعصم ِ‬‫ح�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�ب‬ ‫حي�اة‬ ‫�ة ف�ي‬ ‫َ‬ ‫الو ِ‬
‫َّح�والت عل�ى َعه�د َ‬ ‫‪ -1‬دراس� ُة فق�ه الت ُّ‬
‫الرسا َل ِة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫الص ِ‬
‫ور‪.‬‬ ‫هد البع َث ِة إلى ِ‬
‫عهد الن ِ‬ ‫الت من َع ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫‪ -2‬دراس ُة فِ ِ‬
‫َّفخ في ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ومواق ِ‬
‫ف األُ َم ِم‬ ‫ِ‬ ‫السابِ َق ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫‪ -3‬دراس�ة فِ ِ‬
‫والرساالت َّ‬ ‫تاريخ األنبياء ِّ‬ ‫الت في‬ ‫ُّ‬
‫والش ِ‬
‫عوب فيها ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ضع َّي ِة‬


‫والحضارات الو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫�رع َّي ِة‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫الحضارات َّ‬ ‫تحت هذا ِ‬
‫القس� ِم دراس� ُة‬ ‫وينطوي َ‬
‫عبر الت ِ‬
‫ّاريخ‪.‬‬ ‫َ‬
‫الش ِ‬
‫رع َّي ُة‬ ‫الحضار ُة َّ‬ ‫*‬
‫َ‬ ‫الحضارة الشرعية‬
‫ّاريخ ‪ ،‬ولم تخالِف األنبيا َء‬ ‫الحضارات التي ربطت بي�ن الدِّ يان َِة والت ِ‬‫ِ‬ ‫مجموع‬
‫ُ‬ ‫ه�ي‬
‫صف‬ ‫الش�ري َف ُة بالو ِ‬
‫الس�نَّ ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫والر ُس َ�ل ‪ ،‬ومنه�ا‬
‫َ‬ ‫الق�رآن وتناولتها ُّ‬ ‫حضارات أش�اد بها‬‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫ُفرهم‪،‬‬ ‫وحضار ِة َس َبأٍ َ‬
‫قبل ك ِ‬ ‫َ‬ ‫يمان ي‬ ‫عهد َس� ِّي ِدنا داو َد و ُس َل َ‬
‫اإليجابي‪ ،‬كحضار ِة ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫وغيرهم ‪ ،‬و ُك ُّلها تنطوي‬ ‫َي�ن ِ‬ ‫هم‪.‬وحضار ِة ذي ال َقرن ِ‬
‫َ‬
‫وحض�ار ِة قو ِم يونُس بع�د إيمانِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫رع َّي ِة‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫َّبو َّي ِة َّ‬
‫للمدارس األَ َب ِو َّي ِة الن ِ‬
‫ِ‬ ‫الت اإليجاب َّي ِة‬
‫تحت مفهو ِم دراس ِة التَّحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الوضع َّي ُة‬ ‫الحضار ُة‬ ‫*‬
‫َ‬ ‫الحضارة‬
‫حار َب ًة لها ‪ ،‬وهي‬ ‫يخ ُم َج َّر َد ًة ع�ن الدِّ يان َِة أو ُم ِ‬ ‫الحض�ار ُة التي برزت في الت ِ‬
‫َّار ِ‬ ‫َ‬ ‫وه�ي‬ ‫الوضعية‬

‫الفرعونِ َّي ِة‬


‫حض�ارات كثير ٌة ومتنَوع� ٌة وكان مصيرها الدَّ مار والع�ذاب ‪ ،‬كالحضار ِة ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ٌ‬
‫الحضارة‬
‫ُفرهم‬ ‫العراق‪ ،‬والحضارة اليمنِ َّي ِة في َس� َبأٍ بعد ك ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحضار ِة الكَنعانِ َّي ِة والكَلدانِ َّي ِة في‬
‫َ‬ ‫الكنعانية‬
‫والكلدانية‬

‫‪86‬‬
‫الس�لبِ َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫َّحوالت َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المس�يرة التّاريخ َّية بالت ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أش�باهها في‬ ‫وغيرها‪ ،‬ويط َل ُق عليها وعلى‬ ‫ِ‬

‫ضع َّي ِة‪.‬‬


‫اإلبليسي ِة الو ِ‬
‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫والحضارات الما ِّد َّي ِة األَن َِو َّي ِة‬
‫ِ‬

‫الحض�ار ِة الما ِّد َّي ِة‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫س�لوب‬ ‫�ه أن ي ِبر َز التَّوا ُف َق الم ِ‬
‫الئ َم بين ُأ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رآن في تِبيانِ ِ‬‫وي�كا ُد ال ُق ُ‬
‫مادية قوم نوح‬
‫�ب ِ‬‫ناس ِ‬ ‫العذاب الم ِ‬ ‫الكافِ َ�ر ِة وبين‬
‫والطوفان‬ ‫حضارتُه�م قائم ًة على‬ ‫َ‬ ‫ألهلها‪ ،‬فق�و ُم ٍ‬
‫نوح كانت‬ ‫ِ ُ‬
‫وطول األَم ِل ‪ ،‬فعا َقبه�م الله بال ُّط ِ‬
‫وفان‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الجدَ لِ َّي ِة‬
‫قل وعل�ى َ‬
‫ِ‬
‫وتأليه ال َع ِ‬ ‫ِ‬
‫األوث�ان‬ ‫عب�ا َد ِة‬
‫وكان أغ َل ُبهم من ُذ ِّر َّي ِة َ‬
‫قابيل‪.‬‬

‫للموار ِد ال َب َش ِر َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫استغالل‬ ‫وح ِ‬
‫س�ن‬ ‫ٍ ِ ٍ ِ ِ ٍ‬
‫حضارة زراع َّية وعمران َّية ُ‬‫َ‬ ‫عاد كانوا َ‬
‫أهل‬ ‫وقوم ٍ‬
‫ُ‬
‫حضارة قوم عاد‬
‫والريح العقيم‬ ‫وض َخا َم ِة‬ ‫كم�ال أبدانِه�م َ‬
‫ِ‬ ‫�و ٍة و َب ٍ‬
‫طش بِ ُحك� ِم‬ ‫حض�ار َة ُق َّ‬
‫َ‬ ‫حضارتُه�م أيض� ًا‬ ‫َ‬ ‫وكان�ت‬
‫ِ‬
‫يح العقي ِم‪.‬‬ ‫أجسادهم‪َ ،‬ف َع َّذ َب ُهم الل ُه ِّ‬
‫بالر ِ‬
‫الص ِ‬
‫خر‬ ‫ِ‬ ‫قائم ًة على اإلبدا ِع ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫إبداعات قوم‬ ‫عمار ِّي والنَّحت في َّ‬ ‫حضارتُهم َ‬‫ُ‬ ‫وأ َّما ثمو ُد فكانت‬
‫ثمود والصيحة‬ ‫وغير ذلك ِم َّما يحتاجون إليه في حياتِهم‪ ،‬ف َع َّذ َبهم‬
‫دود ِ‬‫وإشاد ِة المدُ ِن والمباني والس ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫دارهم جاثِمين‪..‬‬
‫يح ِة فأصبحوا في ِ‬‫بالص َ‬
‫الل ُه َّ‬

‫وخاص ًة أن‬
‫َّ‬ ‫الح ِّس� َّي ِة‬
‫فاهي ِة والم َت ِع ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قائم ًة عل�ى الر ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫لوط فكانت ِ‬ ‫وأم�ا حضار ُة ق�و ِم ٍ‬
‫َ‬
‫شهوانية قوم لوط‬
‫والحجارة‬ ‫الش�ا ِم ففس�قوا‬ ‫ب ‪ ،‬وهي في نواحي َّ‬ ‫ٍ‬
‫وهواء َط ِّي ٍ‬ ‫بالده�م كان�ت بال َد ٍ‬
‫أنهار وبس�اتي َن‬
‫مجام ِعهم ونواديه�م وهو ما‬ ‫ِ‬ ‫الش�ذو َذ ال�ذي كان عا َد ًة م�ن عاداتهم ف�ي‬ ‫ومارس�وا ُّ‬
‫جار ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مي بالح َ‬ ‫بالر ِ‬‫عذ َبهم الله َّ‬
‫ِ‬
‫األخالق ِّي ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ف بالت ََّح ُّل ِل‬
‫عر ُ‬
‫ُي َ‬
‫والح ِ‬ ‫ِ‬ ‫قائم ًة على الت ِ‬‫ِ‬ ‫وأما قو ُم ُش ٍ‬
‫تجارة قوم شعيب‬
‫بوب‬ ‫الس� َل ِع ُ‬ ‫ِّجارة وتبا ُدل ِّ‬
‫َ‬ ‫حضارتُهم َ‬‫َ‬ ‫�عيب فكانت‬
‫والرجفة‬ ‫المكس ِ‬
‫ب الما ِّد ِّي ‪َّ ،‬‬
‫فعذ َب ُهم الل ُه‬ ‫يف َبحث ًا عن‬ ‫َّطف ِ‬
‫بالغ ِّش والت ِ‬
‫ون ِ‬ ‫ولكنَّهم كانوا يتعا َم ُل َ‬
‫َ‬
‫بالرج َف ِة‪.‬‬
‫َّ‬
‫عمران قوم سبأ‬
‫والسيل العرم‬ ‫المتفر َع ِة‬
‫ِّ‬ ‫ناعات‬
‫ُ‬ ‫والص‬ ‫إنجاح ِّ ِ‬
‫الزرا َعة ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫وأما قوم س�بأٍ كانت حضارتُهم ِ‬
‫قائ َم ٌة على‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ َ َ‬

‫‪87‬‬
‫ي�س ـ إال َأنَّهم كفروا‬ ‫المعم�ار ـ كما هو ف�ي َع ِ ِ‬‫ِ‬ ‫عنه�ا واإلب�دا ِع ال َفنِّ�ي ف�ي‬
‫�رش َبلق َ‬
‫الس�دَّ وكان س�بب ًا ف�ي ِهجراتِهم‬ ‫�يل ال َع ِ‬
‫�ر ِم الذي َهدَّ م َّ‬ ‫فعذ َب ُه�م الل� ُه بِ َس ِ‬
‫وأعرض�وا َّ‬
‫سور ِة الن ِ‬
‫َّمل‬ ‫ووص َفهم الله في َ‬
‫مس َ‬ ‫الش َ‬ ‫الواس َع ِة وكانوا يع ُبدُ ون َّ‬
‫وانقطا ِع حضارتِهم ِ‬
‫َ‬
‫يمان‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫ده ِد ُس� َل َ‬
‫‪ ،‬بقول�ه ُم َع ِّبر ًا عن قول ُه ُ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ [النمل‪.]٢٤ :‬‬

‫الزرا َع ُة‬ ‫ٍ‬


‫إبداع�ات ُمت َِّنو َع ًة ومنه�ا ِّ‬ ‫قائ َم� ًة على‬‫الفرعونِي� ُة فكانت ِ‬
‫وأم�ا الحض�ار ُة ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الحضارة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والس�دود والنِّظا ِم اإلدار ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والصنا َع� ُة و َف ُّن البناء‬
‫الر ِّي ُّ‬ ‫واس�تخراج المعادن ونظا ِم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫الفرعونية وتعدد‬
‫ِ‬ ‫العقوبات‬
‫فعذ َبهم‬‫حر أمامه َّ‬ ‫الس ِ‬‫فكذ ُبو ُه وأظهروا مهاراتهم في ِّ‬ ‫َّ‬ ‫وبعث الله لهم موسى ش‬ ‫َ‬
‫حضارتِهم‬ ‫ِ‬ ‫فاد ِع والدَّ ِم ‪ُ ،‬ث َّم كانت نِها َي ُة‬
‫والض ِ‬ ‫ِ‬
‫كالجراد وال ُق َّم ِل َّ‬ ‫ِ‬
‫العذاب‬ ‫ِ‬
‫بأصناف‬ ‫الله‬
‫ِ‬
‫المعروف (بِ َب ِ‬
‫حر ال َق َلز ِم)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُود ِه في ال َب ِ‬
‫رعون وجن ِ‬‫إغراق فِ‬
‫األحمر‬ ‫حر‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫إس�رائيل ـ وكانت بادي ذي ب ٍ‬
‫دء‬ ‫َ‬ ‫اليهودي� ُة ِ‬
‫الع ِبر َّي ُة وهي حضار ُة بني‬ ‫ِ‬ ‫والحض�ار ُة‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الحضارة العبرية‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّاريخ عبر ُع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إس�رائيل بين‬ ‫صور ُمت َعدِّ دة ـ ولك َّن بني‬ ‫الربط بين الدِّ يانَة والت ِ‬ ‫وتنوع اآليات قائم ًة على َّ‬
‫الله و َغ َضبِ�ه‪َ ،‬بدء ًا ِمن‬
‫عذاب ِ‬‫الحي�ن والحين كان�وا يخالِفون الدِّ يان َة فيت َع َّرض�ون لِ ِ‬
‫َ�و ِع معاصيهم ‪ ،‬وقد‬ ‫صر موس�ى وما تلاه من ال ُع ِ‬
‫صور‪ ،‬وكان عذا ُب ُه�م ُم َتن َِّوع ًا بِ َتن ُّ‬ ‫َع ِ‬

‫ومن ذلك قت ُلهم ألن ُف ِس�هم‬ ‫أكثر ِمن س�ور ٍة ‪ِ ،‬‬


‫َ‬ ‫العزيز في ِ‬
‫ِ‬ ‫وص�ف الل ُه ذل�ك في كتابه‬
‫بت ‪ ،‬وضيا ُعهم في الت ِ‬
‫ِّيه أربعي َن عام ًا‬ ‫يد السم ِك عليهم يوم الس ِ‬ ‫الله وتحريم ص ِ‬‫بأمر ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫تعرضوا‬‫صر موس�ى ‪ ،‬وفي ما بعد ذلك َّ‬ ‫الش�حو ِم عليهم ‪ ،‬وهذا ُك ُّله في َع ِ‬ ‫وتحريم ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬
‫ِ‬
‫الكريم�ة وكما ورد في‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫بعض‬
‫وخنازير وصاروا كما ذك�رت ُ‬ ‫س�خ ِق َ�ر َد ًة‬
‫للم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف ف�ي ال َع ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صر‬ ‫ُكتُ�ب الحدي�ث وس�ائ َل لتَحري�ف الكَل ِم ع�ن مواضعه وه�و ما َ‬
‫يعر ُ‬
‫عهود ِ‬
‫أنبيائ ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحقائ ِق ‪ ،‬وقد اس�ت ََم ُّروا على ذلك من�ذ‬ ‫ِ‬
‫وتزييف‬ ‫ِ‬
‫الحدي�ث بالدَّ َج ِ‬
‫�ل‬
‫ماوي ِة والم ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫األرض إلى‬ ‫فسدون في‬ ‫ُ‬ ‫الس ِ َّ‬ ‫حتّى اليو َم وهم َق َت َل ُة األنبياء و ُم ِّ‬
‫حرفو ال ُكتُب َّ‬

‫‪88‬‬
‫ِ‬
‫اإلسراء بقوله ‪ :‬ﮋ ﮀ‬ ‫وص َفهم الله بذلك في س�ورة‬ ‫نِها َي ِة َع ِ‬
‫صر الدَّ َّج ِ‬
‫ال‪ ،‬وقد َ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊ [اإلسراء‪.]٤ :‬‬

‫وسرد ًا‬ ‫الت تأصي ً‬ ‫مصاد ِر فِقه التَّحو ِ‬‫ِ‬ ‫الش�ري َف ُة مصدر ًا ها ّم ًا من‬
‫الس�نَّ ُة ّ‬
‫السنة الشريفة‬ ‫ال َ‬ ‫ُّ‬ ‫كما تُع َت َب ُر ُّ‬
‫واعتناؤها بفقه‬ ‫�ة تصا ُع ِد ّي ًا إلى (آد َم) أو‬
‫س�الة المحم ِدي ِ‬
‫ُ َ َّ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرح َلة ما قبل ِّ‬
‫الر‬ ‫تناو ِل َ‬ ‫تاريخ ّي� ًا س�وا ًء في ُ‬
‫التحوالت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمدينة أوفيما أخبر عنه ‪ m‬عن‬ ‫باركَة التي عاشها ‪ m‬في َم َّك َة‬ ‫تقرير ًا للمرحلة ُ‬
‫الم َ‬
‫ِ‬
‫ساحة الحياة‬ ‫ت ِ‬
‫الفت َِن التي تكون على‬ ‫والفت َِن وم ِضلاّ ِ‬
‫�اعة وأش�راطِها ِ‬
‫عالمات الس ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حديث ِ‬
‫عمرو‬ ‫ِ‬ ‫«صحيح ُمسل ٍم» من‬
‫ِ‬ ‫إلى قيام الس ِ‬
‫�اعة ‪ ،‬ويؤ ِّيدُ هذا المعنى ما ورد في‬ ‫ّ‬
‫األنصاري رضي الله عنه قال‪ :‬ص َّلى بنا ر ُ ِ‬
‫جر ‪ ،‬وصعد‬ ‫سول الله ‪ m‬ال َف َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫أخطب‬
‫َ‬ ‫بن‬
‫ِ‬
‫الحدي�ث ‪ ،‬وفيه ق�ال ‪َ « :‬فأخ َب َرنا بما‬ ‫ِ‬
‫المن َب َ�ر َف َخ َط َبن�ا حتّى حض�رت ال ُّظ ُ‬
‫هر ‪ ...‬إلخ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫تأصيل فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وش�اهدُ نا هنا َ‬
‫حول‬ ‫كان وبما هو ِ‬
‫كائ ٌن ‪ ،‬فأع َل ُمنا أح َف ُظنا »‬
‫ُّ‬ ‫(((‬

‫كائ ٌن» أي‪ :‬في‬ ‫صر ِه ‪ « m‬وما هو ِ‬‫قبل َع ِ‬‫تصا ُع ِد ّي ًا قو ُل ُه « فأخ َب َرنا بما كان» ‪ ،‬أي‪ :‬ما َ‬
‫عهد ِه ‪ m‬وما يأتي بعدَ ه إلى قيا ِم الس ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫َّحوالت واالستدالل بها فين َقس ُم الى ق َ‬
‫السنَّة في فقه الت ُّ‬
‫وأما مفهو ُم ُّ‬
‫وقواع�دَ ‪ :‬وه�و م�ا ُأص َل ب�ه فِق�ه التَّح�و ِ‬
‫الت وتم َّي َز ب�ه قراء ًة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تأصي�ل‬ ‫قس�م‬ ‫‪-1‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫واستِدالالً‪.‬‬
‫الز ِ‬
‫مان‪.‬‬ ‫رعي وتعلي ُلها ورب ُطها بما ي ِ‬
‫ناس ُبها من َّ‬ ‫ّاريخ َّ ِ‬ ‫‪ -2‬سرد ِ‬
‫وقائ ِع الت ِ‬
‫ُ‬ ‫الش ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫والز ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫للس�ن َِّة َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫أساس هذا العلم‬ ‫والمكان دون‬ ‫مان‬ ‫َّص َّ‬ ‫بط الواعي بين الن ِّ‬ ‫الش�ري َفة َّ‬ ‫وأس�اس القرا َءة ُّ‬
‫ُ‬
‫موم َّيتِها لما‬
‫�هر والس�ن َِة بل ت َُذكِّ�ر بِع ِ‬ ‫الز َمنِ َّي ِة باليو ِم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو الربط الواعي‬
‫بعموم الزمان‬ ‫ُ ُ‬ ‫والش ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫َّواريخ َّ‬ ‫األفراد أو الت‬ ‫تحدي�د‬
‫أو المكان دون‬ ‫َّقدير ال َعقالنِ ِّي ‪ ،‬وفي هذا‬
‫ين والت ِ‬ ‫معر َف ُته بالت ِ‬
‫َّخم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في ذلك من التَّش�ا ُبه الذي ال ُيمك ُن ِ ُ‬
‫تحديد‪ ،‬فالتحديد‬
‫مزلة كبرى‬ ‫((( صحيح مسلم (‪ ، )7449‬وانظر إتحاف التويجري (‪.)14 :1‬‬

‫‪89‬‬
‫ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األشخاص‬ ‫اعة‪ ،‬فمنهم َمن َر َب َط بين‬ ‫ّ‬ ‫المت ََحدِّ ثين عن‬
‫كثير من ُ‬ ‫الباب َز َّل ٌ‬
‫هد ِّي على سبيل المثال‪،‬‬ ‫الحديث كالم ِ‬
‫ِ‬ ‫َص‬ ‫مرحلة وبين من أشار إلى ُظ ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫هورهم ن ُّ‬ ‫َ‬ ‫في‬
‫غير مسم ٍ‬ ‫ِ‬
‫يات‪.‬‬ ‫الخ َب ِر تقريبِ ّي ًا من ِ ُ َ َّ‬
‫كر َ‬ ‫فالمعت ََمدُ ذ ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫واعتبارها فِقه ًا‬
‫ِ‬ ‫وركنِ َّيتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش�رع ّي ًا كما سبق‬ ‫تأصيل العل ِم بِعالمات ّ‬
‫الس�اعة ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫عر ُ‬
‫و ُي َ‬
‫الس�ا َع ِة» ‪ ،‬قال ما‬ ‫جبري�ل ش ‪« :‬أخبِرني عن ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لحديث‬ ‫خالل ِقرا َءتِن�ا‬
‫ِ‬ ‫ذك�ر ُه م�ن‬
‫ُ‬
‫�ائل قال ‪ :‬أخبِرن�ي عن أماراتِها‪ ،‬ق�ال ‪ :‬أن ت َِلدَ األَ َم ُة‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫المس�ؤول عنه�ا بِأع َل َم من َّ‬
‫ُ‬
‫انطلق ف َلبِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ربتَه�ا وأن ت�رى الحفا َة العرا َة ِرعاء َّ ِ‬
‫ثت‬ ‫َ‬ ‫الش�اة يتطاول�ون في ال ُبنيان ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫�م‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫م ِلي� ًا ‪ ،‬ق�ال ‪ :‬ي�ا ُعمر أت�دري من الس ِ‬
‫�م ‪ ،‬قال ‪ :‬ذاك‬ ‫قلت ‪ :‬الل ُه ورس�و ُل ُه أع َل ُ‬
‫�ائ ُل ؟ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫َ ّ‬
‫‪.‬وحديث األعرابي الس ِ‬
‫�ائ ِل‬ ‫أمور دينِكُم ‪ ،‬أو ُي َع ِّل ُمكُم دينَكُم‬ ‫ِج ُ‬
‫ِّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫بري�ل أتاكم ُيع ِّل ُمكم َ‬
‫السا َع َة»‪ ،‬قال‪ :‬كيف إضا َعتُها؟‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة فقال ‪« : m‬فإذا ُض ِّيعت األما َن ُة فانتظر ّ‬ ‫عن ّ‬
‫ِ‬ ‫قال‪« :‬إذا وسدَ األمر إلى ِ ِ ِ‬
‫غير أهله فانتَظ ِر ّ‬
‫السا َع َة»(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ص�ول التَّحو ِ‬
‫ِ‬ ‫وإش�ارات بينَ� ُة الم ِ ِ‬ ‫وه�ذه ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫قصد واض َح� ُة َ‬
‫المعنى في ُح‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ َ ِّ‬ ‫مالم ُح‬
‫ثمرة الدراسة لفقه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التحوالت على ُمحيط الحياة اإلسلام َّية ونَقض ُع َرى الدِّ ين و َت َب ُّوؤ الذين ليس�وا أه ً‬
‫ال له أعلى‬
‫ِ‬
‫الكون إلى‬ ‫رب نِها َي ِة‬ ‫ِ‬
‫واالنحراف و ُق ِ‬ ‫ِ‬
‫االنحدار‬ ‫قرار ِه‪ ،‬وأنَّها عالم ٌة تدُ ُّل على‬
‫�ب ِ‬ ‫مراتِ ِ‬
‫القيا َم ِة‪.‬‬
‫ِ‬

‫الم َع َّب ِر عنه في‬ ‫الخو ِ‬ ‫مك ُن إنقا ُذ ُه م�ن ِ‬ ‫األمر أن ي ِنق َذ المرء ما ي ِ‬
‫يصة ُ‬ ‫أمر ُ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫و َث َم َ�ر ُة ه�ذا ِ ُ‬ ‫ثمرة هذا العلم‬
‫َفسهِ‬‫َّخ َذ المرء لِن ِ‬
‫َفس َك» أو أن يت ِ‬
‫الله ‪ِ m‬من قوله‪« :‬فعليك بِ ُخويص ِة ن ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫حديثِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قضائ ِه و َقدَ ِر ِه‬
‫ِ‬ ‫ويسأل الل َه العافي َة فيما ُيجريه ِمن‬
‫ُ‬ ‫الفت َِن و ُم ِضلاّ تِها‪،‬‬
‫لجأ ِمن ِ‬
‫َمالذ ًا أو َم ً‬
‫ِ ِ‬ ‫يض َة اإلسلا ِم من ه ِ‬ ‫عل�ى ِع ِ‬
‫يمنَ�ة الدَّ َج ِل والدَّ جاج َل�ة الذين ُي ِّ‬
‫حرفون‬ ‫َ َ‬ ‫باده ويح َف َظ َب َ‬

‫(( ( البخاري (‪.)59‬‬

‫‪90‬‬
‫األرض َفساد ًا والله ال ي ِحب الم ِ‬
‫فسدين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الك َِل َم عن مواضعه و َيس َعون في‬
‫ُ ُّ ُ‬

‫لات ابلدَّعوَةِ إلى هّٰ ِ‬


‫ٱلل‬ ‫حو ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫علاقةُ فقه الت َّ ُّ‬
‫�رعي لمجرى التَّحو ِ‬
‫الت س�ابق ًا لعل ِم‬ ‫َّرتيب َّ ِ‬
‫الله في الت ِ‬ ‫يأت�ي فِقه الدَّ ع�و ِة إلى ِ‬
‫عالقة فقه‬ ‫ُّ‬ ‫الش ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫إن فِقه الدَّ عو ِة إلى ِ‬ ‫ص�ول ومرح َل ِة الت‬
‫َّدوين التي ُع ِر َفت فيما بعدُ ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬
‫التحوالت‬ ‫الله بدأ‬ ‫َ‬ ‫حي�ث َّ َ‬
‫ُ‬
‫بالدعوة إلى الله‬ ‫ِ ِ‬ ‫�رآن في ِ ِ‬ ‫ُزول ال ُق ِ‬
‫عو ُة ف�ي َم َّك َة وما حولها‬‫غار حرا َء‪ ،‬وبهذا الفقه انتش�رت الدَّ َ‬ ‫من�ذ ن ِ‬ ‫ُ‬
‫بالمدينة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫تأصيل َّ ِ‬‫ِ‬ ‫ثالث َة َع َش َر عام ًا قبل‬
‫أثناء‬ ‫سنوات‬ ‫الشريعة ال َع َمل َّية واألحكا ِم و َع َ‬
‫شر‬
‫وسنَّ َة نب ِّي ِه‬ ‫ِ‬
‫كتاب الله ُ‬
‫ِ ِ‬
‫أساس هذا الفقه َ‬ ‫ُ‬ ‫َّكليفات الشرع َّي ِة ال َع َم ِل َّي ِة واألحكا ِم‪ ،‬وكان‬
‫ِ‬ ‫الت‬
‫عو ِة‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صول في فق�ه الدَّ َ‬ ‫الم َح َّم ِد َّي� َة‪ ،‬قال تعالى عن ه�ذه ال َّثال َث ِة األُ‬ ‫َ‬
‫واألخلاق ُ‬ ‫‪m‬‬
‫ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ [األنع�ام‪ ، ]٨٩ :‬وقوله تعالى‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﮊ [الجمعة‪.]٢ :‬‬

‫هور ِعل ِم‬‫ووسيلة للمعام َل ِة بين الجميع قبل ُظ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫سلوب‬ ‫قه ُ‬
‫كأ‬ ‫الف ِ‬ ‫واستمر العم ُل بهذا ِ‬
‫َ َّ َ َ‬
‫الله وعا ًء لكا َّف ِة ال ُعلو ِم َيت ََح َّق ُق به‬
‫حيث كان فِقه الدَّ عو ِة إلى ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ص�ول وم�ا َت َف َّر َع عنه ُ‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬
‫المس�ن َِد‬ ‫ِ‬
‫الوجه ُ‬
‫ِ‬
‫عوة إلى الل�ه في المجتمعات على َ‬
‫ش�روعي ِة الدَّ ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫نجاح َم‬
‫ُ‬ ‫غي�ر ِه‬
‫دون ِ‬

‫ت ال َّثال َث ِة‪:‬‬
‫المت َِّص ِل بال َّثوابِ ِ‬
‫ُ‬

‫عو ِة ‪ ،‬والذي ه�و أيض ًا فِق ُه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫�وة) وبانعدام�ه ـ أي‪ :‬فق�ه الدَّ َ‬
‫(الكت�اب ‪ ،‬الس�ن َِّة ‪ ،‬النَّب ِ‬
‫ُ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫الثوابت الثالثة‬
‫في فقه الدعوة‬ ‫عات‬‫عات وتفسدُ عال َق ُة المجتَم ِ‬ ‫الت ـ تفس�دُ عال َق ُة الدَّ اعي والعالِ ِم بالمجتَم ِ‬ ‫التَّحو ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫إلى الله‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موحات‪،‬‬ ‫جاهات و ُط‬ ‫ٍ‬
‫سالح و‬ ‫وه ْي َمن َِة‬ ‫ٍ‬
‫وتتحو ُل الدعو ُة إلى ُسل َطة َ‬
‫َّ‬ ‫عو ِة والدَّ اعي‬
‫بالدَّ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المراح ِل‬ ‫وهد ٍم ـ كما جرى في‬ ‫وو َه ٍن َ‬ ‫أو إلى ُخضو ٍع واستسلا ٍم واس�تتبا ٍع و ُعنف َ‬
‫واإلسالمي‪.‬‬ ‫العربي‬ ‫السابِ َق ِة ـ وكما نشهدُ ه اليوم في ِ‬
‫الواق ِع‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬

‫‪91‬‬
‫ِ‬
‫األمور التي نَا َق َش�ها‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة َ‬
‫كان أحدَ‬ ‫ِ‬
‫وعالمات‬ ‫ِ‬
‫التحوالت‬ ‫إن االهتمام ِ‬
‫بفقه‬ ‫بل َّ‬
‫َ‬ ‫جلسة بين‬
‫والرسل ‪ ،‬كما ورد في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والمعراج مع ن ْ‬
‫ُخ َبة م َن األنبياء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول الله ‪ m‬ليل َة اإلس�راء‬ ‫األنبياء والرسل‬
‫�ول ال ّل ِه ‪ِ m‬لقي إِب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ناقشوا فيها فقه‬
‫راهيم‬ ‫�ري بِرس ِ‬ ‫«لما كان ل ْيل َة ُأ ْس ِ‬ ‫ابن ماج ْه عن ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ابن مس�عود قال‪ّ :‬‬ ‫التحوالت‬
‫فلم ي ُك ْن ِعنْد ُه‬ ‫ِ‬
‫الساعة فبدؤوا بِإِ ْبراهيم فس�أ ُلو ُه عنْها ‪ْ ،‬‬ ‫فتذاكروا ّ‬
‫ُ‬ ‫وعيسى ‪،‬‬‫وموس�ى ِ‬
‫ُ‬
‫يث إِلى ِعيس�ى‬ ‫حد ُ‬ ‫ِمنْه�ا ِع ْلم ‪ُ ،‬ثم س�أ ُلوا موس�ى فل�م ي ُكن ِعنْده ِمنْه�ا ِع ْلم ‪ ،‬فرد ا ْل ِ‬
‫ٌ ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ ّ‬
‫لمه�ا إِلاّ ال ّل ُه‬ ‫ِ‬ ‫�ن مري�م فق�ال ‪ :‬قدْ ُع ِه�د إِ ِ‬
‫وجبتُها فال ي ْع ُ‬
‫وجبتها فأ ّم�ا ْ‬ ‫لي فيم�ا ُدون ْ‬ ‫ّ‬ ‫ا ْب ِ ْ‬
‫ِِ‬
‫فير ِج ُع الن ُ‬
‫ّاس إِلى بِالده ْم ْ‬
‫فيس�ت ْقبِ ُل ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬فذك�ر ُخ ُ�روج الدّ ّجال قال‪ :‬فأن ِْز ُل فأ ْق ُت ُل� ُه ‪ْ ،‬‬
‫شي ٍء‬
‫شر ُبو ُه وال بِ ْ‬
‫حدب ين ِْس ُلون ‪ ،‬فال يمرون بِ ٍ‬
‫ماء إِلاّ ِ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫وه ْم ِم ْن ك ُِّل‬
‫وج ُ‬ ‫وج ْ‬
‫ومأ ُج ُ‬ ‫ْيأ ُج ُ‬
‫أن ي ِميتهم فتنْتُ�ن الأْ ر ُض ِمن ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫يح ِه ْم‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫�أرون إِل�ى ال ّله فأ ْد ُعو ال ّل�ه ْ ُ ُ ْ‬ ‫إِلاّ أ ْفس�دُ و ُه ‪ْ ،‬‬
‫فيج ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بح ِر ‪،‬‬
‫فيحم ُل ُه ْم ف ُي ْلق ِيه ْم في ا ْل ْ‬
‫السماء بِا ْلماء ْ‬ ‫فيج ُأرون إِلى ال ّله فأ ْد ُعو ال ّله ‪ ،‬ف ُي ْرس ُ�ل ّ‬
‫ْ‬
‫الساع ُة‬
‫كانت ّ‬‫لي متى كان ذلِك ْ‬ ‫ِ‬
‫بال وتُمدُّ الأْ ْر ُض مدّ الأْ دي ِم ‪ ،‬ف ُع ِهد إِ ّ‬ ‫ْس�ف ا ْل ِج ُ‬
‫ُث ّم ُتن ُ‬
‫جؤ ُه ْم بِ ِوالدتِها» (((‪.‬‬ ‫أه ُلها متى ت ْف ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ّاس كا ْلحام ِل ا ّلتي ال يدْ ِري ْ‬ ‫ِم ْن الن ِ‬

‫إبراهيم وموس�ى‬ ‫ِ‬


‫األربعة‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫ِ‬
‫عالق�ة‬ ‫ِ‬
‫الحديث إش�ار ٌة واضح ٌة إلى‬ ‫وفي ه�ذا‬
‫َ‬
‫أن مخاطب َة‬ ‫ِ‬
‫الحديث َب َّي َن َّ‬ ‫أن َ‬
‫سياق‬ ‫ِ‬
‫وعلومها‪ ..‬إال َّ‬ ‫ِ‬
‫ بالساعة‬ ‫محمد ‪m‬‬‫ٍ‬ ‫وعيسى ونب ِّينا‬
‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة كانت َ‬‫ِ‬
‫بذلك‬ ‫حول َو ْج َبتها ‪ ،‬أي‪ :‬قيامها ‪ ،‬فلم َي ُك ْن ْ‬
‫لهم‬ ‫إبراهيم وموسى عن‬
‫َ‬
‫َ‬
‫اإلشكال بأمرين‪:‬‬ ‫علم‪ ..‬أما عيسى فقد َ‬
‫أزال‬ ‫ٌ‬
‫علم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كغيره‪.‬‬ ‫(‪َ )1‬أ َّن ُه أسندَ ع ْل َم الساعة في قيامها إلى الله ولم يك ْن ل ُه بها ٌ‬
‫الساعة فيما ُع ِهدَ ِ‬
‫إليه وخاص ًة‬ ‫ِ‬ ‫كشف عن ِ‬
‫فقه الت ََّح ُّوالت والعل ِم بعالمات‬ ‫َ‬ ‫(‪َ )2‬أ َّن ُه‬
‫ب حتّى ِق َي ِامها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المتقار ِ‬ ‫ِ‬
‫الزمن‬ ‫ومأجوج وما َب ِق َي م َن‬
‫َ‬ ‫ويأجوج‬
‫َ‬ ‫أمر الدَّ َّج ِ‬
‫ال‬ ‫في ِ‬

‫((( ابن ماج ْه (‪ ، )4071‬إسناده صحيح ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)135‬‬

‫‪92‬‬
‫ِ‬
‫الس�اعة وعالماتها‬ ‫ِ‬
‫بالكش�ف عن‬ ‫المعني‬ ‫النبي محمدٌ ‪ m‬هو‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫فيكون ُّ‬ ‫وعلى هذا‬
‫يخص الزم َن ُك َّل ُه ‪ ،‬وقد َأ ْف َص َح ‪ m‬عن هذا العل ِم كما س�يأتي َحتّى َص َار َأ َحدَ‬ ‫ُّ‬ ‫فيم�ا‬
‫مراح�ل الت ََّح ُّو ِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش�ؤون األم� ِم في‬ ‫ِ‬
‫ومعالجة‬ ‫�ر الدَّ ْع�و ِة إلى ِ‬
‫الل�ه تعالى‬ ‫اع ِ‬
‫�د ن َْش ِ‬ ‫َقو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والوه ِن وال ُغ َث ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫ين ِ‬
‫أساس َّي ِ‬ ‫َك ُز على ِ‬
‫عام َل ِ‬ ‫الله ترت ِ‬
‫إن منه ِجي َة الدَّ عو ِة الى ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َّ‬
‫المت َِّص ِل ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عو ِة‪:‬‬
‫ترتكز الدعوة إلى‬ ‫بالسنَد ُ‬ ‫والسنَّ ُة َّ‬
‫الكتاب ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -1‬فق ُه الدَّ َ‬
‫الله على عاملين‬ ‫َّبو َّي ِة ـ واالستقا َم ُة‪.‬‬
‫األخالق الن ِ‬
‫ُ‬ ‫‪ -2‬فِق ُه الدَّ اعي‪ :‬النُّ ُب َّو ُة ـ أي‬
‫اساسيين‬
‫حيث‬ ‫ِ‬
‫واالهتداء بالمتبو ِع األع َظ ِم ‪ُ m‬‬ ‫ِ‬
‫االقتداء‬ ‫�روط في ُح ِ‬
‫س�ن‬ ‫ُ‬ ‫وتتحدَّ ُد هذه ُّ‬
‫الش‬
‫ِ‬
‫عوةٌ‪ُ ،‬ث َّم َّ‬
‫تفر َع عنها ما وجب على‬ ‫إن حياتَ� ُه في ( َم َّك َة والمدينة) ُك َّلها في أساس�ها َد َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األساس‬ ‫ُ‬
‫‪،‬فيكون على هذا‬ ‫ات اجتماع َّي ٍة‬
‫واجبات شرعي ٍة ومس�ؤولِي ٍ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫المس�لمين ِمن‬
‫ِ‬
‫صول‪.‬‬ ‫وحام ِل فِ ِ‬
‫قه األُ‬ ‫ِ‬ ‫الشري َع ِة‬ ‫فِقه الدَّ عو ِة َشرط ًا سابق ًا ِ‬
‫لحام ِل َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫عو ِة قول�ه تعالى‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬


‫ودلي�ل ذلك في فقه الدَّ َ‬
‫دليل فقه الدعوة‬
‫ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮊ [النحل‪.]١٢٥ :‬‬
‫دليل فِ ِ‬
‫ق�ه الدَّ اعي قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫أن َ‬‫كما َّ‬
‫دليل فقه الداعي‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ [األحزاب‪.]٢١ :‬‬

‫اآلية األولى فِق ُه‬


‫والموع َظ ُة الحس�نَ ُة والمجاد َل ُة بالتي هي أحس�ن ف�ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫كم� ُة‬ ‫ِ‬
‫فالح َ‬
‫دعو ٍة‪.‬‬
‫َ‬

‫الله في اآل َي ِة ال ّثانِ َي ِة فِق ُه الدَّ اعي‪.‬‬


‫سول ِ‬‫واالقتداء واالهتِداء بِر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ش�روط‬ ‫وصورةً‪ ،‬ولهذا َفإِ َّن من‬ ‫معنى‬ ‫ِ‬ ‫وبِهم�ا مع ًا يتح َّق ُق اإلسلا ُم في ُّ‬
‫شرط الداعي‬ ‫َ‬ ‫�عوب ً‬ ‫الش‬
‫الحق‬

‫‪93‬‬
‫الش ِ‬
‫رع ِّي في‬ ‫َّسلس ِل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فقه الدَّ ِ ِ‬‫انتقال ِ‬
‫ِ‬
‫عوة وفقه الدَّ اعي من مرحلة إلى مرحلة ُوجو ُد الت ُ‬ ‫َ‬
‫الجانِ َب ِ‬
‫ين‪:‬‬
‫عو ِة‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالسنَد في فقه الدَّ َ‬
‫أوالً‪ :‬التَّسلس ُل َّ ِ‬
‫الشرع ُّي َّ‬ ‫ُ‬
‫قه الدَّ اعي‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫�رعي بالس�ن َِد في فِ ِ‬
‫ثانيا‪ :‬التَّسلس ُ�ل َّ ِ‬
‫الش ُّ َّ‬ ‫ُ‬
‫ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫المت َِّص ِل ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإللحاق في َأ َحد معانيه إشار ٌة إلى َّ‬
‫السنَد ُ‬ ‫ُ‬ ‫[الجمعة‪]٤ - ٣ :‬‬

‫س�اري َة الذي كان من ِ‬ ‫حديث ِ‬


‫�ر ما تك َّل َم به ‪ m‬في‬ ‫آخ ِ‬ ‫بن ِ َ‬‫رباض ِ‬
‫ِ‬ ‫الع‬ ‫ُ‬ ‫و ُيؤ ِّك�دُ ذل�ك‬
‫قه التَّح�و ِ‬
‫الت ن َّص ًا وتطبيق ًا‪ ،‬فأ ّم�ا ن َُّص ُه فهو‪« :‬خط َبنا‬ ‫صول فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫أصل من ُأ‬ ‫�ه وه�و ٌ‬ ‫حياتِ ِ‬
‫ُّ‬ ‫حديث العرباض‬
‫القلوب‪ُ ،‬قلنا‪:‬‬ ‫ووج َلت منه�ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�ول الل�ه ‪ُ m‬خط َب ًة َبلي َغ� ًة ‪َ ،‬ذ َر َفت منها ال ُع ُ‬‫ابن سارية وموقعه َر ُ‬
‫ُ‬ ‫ي�ون ‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من فقه التحوالت‬
‫س�ول الل�ه ‪ ،‬ل َع َّلها ُخط َب ُة ُم�و ِّد ٍع ‪ ،‬فأوصنا؟ قال‪ُ :‬أوصيكُم بِتَقوى الله َّ‬
‫والس�م ِع‬ ‫يا َر ُ‬
‫�ة ‪ ،‬وإن تَأ َّم َ�ر عليك�م عَب�دٌ ‪ ،‬إنَّ�ه َم�ن َي ِع�ش ِمنكم فس�يرى اختِالف� ًا كثير ًا ‪،‬‬ ‫وال َّطا َع ِ‬

‫َّواج ِذ ‪ ،‬وإ ّياكم‬ ‫اش ِدين الم ِ‬


‫هد ِّيي َن ‪َ ،‬ع ُّضوا عليها بالن ِ‬ ‫الخ َل ِ‬
‫فاء الر ِ‬ ‫وسن َِّة ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فع َليكُم بِ ُس�نَّتي ُ‬
‫مور ‪َ ،‬فإِ َّن ك َُّل بِد َع ٍة َضال َل ٌة»(((‪.‬‬ ‫ومحدَ ِ‬
‫ثات األُ ِ‬ ‫ُ‬
‫وفي رواية أخرى‪« :‬اع ُبدوا الل َه وال ت ِ‬
‫ُشركوا به شيئ ًا‪ ،‬وأطيعوا َمن ولاَّ ُه الل ُه َ‬
‫أمركم‬
‫األمر أه َل ُه ولو كان َعبد ًا أس�و َد ‪ ،‬وعليكم بما ِ‬
‫تعرفون من س�نة نبيكم‬ ‫ُنازعوا َ‬ ‫‪ ،‬وال ت ِ‬

‫بالحق»(((‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫َواج ِذكم‬ ‫ِ‬
‫المهد ِّيين َع ُّضوا على ن ِ‬ ‫اشدين‬ ‫والخ ِ‬
‫لفاء الر ِ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫حديث‬ ‫مواقفي‪ ،‬وف�ي‬ ‫تعرف�ون» كأنَّ�ه يري�دُ بها (م�ن س�نَّتي) أي‪ِ :‬‬
‫وقول�ه‪« :‬بم�ا ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫السم ِع وال َّطا َع ِة عند‬ ‫واضح ٌة إلى َ ِ‬
‫مسأ َلة َّ‬ ‫َ‬
‫ومسلم إشار ٌة ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫البخاري‬
‫ُّ‬ ‫الباهلي الذي رواه‬
‫ِّ‬

‫((( رواه أبوداود (‪ )4609‬والترمذي (‪.)2891‬‬


‫((( تاريخ دمشق (‪ )177 :40‬وقال فيه ابن عساكر ‪ :‬له متابعة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫األمر أه َل ُه وإن كان لكم»‪.‬‬ ‫حيث قال‪« :‬وال ت ِ‬ ‫ِ‬
‫القرار ُ‬ ‫ِ‬
‫ُنازعوا َ‬ ‫االختالف على‬
‫بتأصيل فِ ِ‬
‫قه‬ ‫ِ‬ ‫آخ َر ل�ه عال َق ٌة ها َّم� ٌة‬ ‫ٌ‬
‫حديث َ‬ ‫�ر‬ ‫رواية مس�ل ٍم عن ُعقب� َة ابن ِ‬
‫عام ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُش�ركوا بعدي ‪ ،‬ولكن‬ ‫لس�ت أخش�ى عليكم أن ت ِ‬ ‫ُ‬ ‫التَّح�و ِ‬
‫الت وه�و قو ُل ُه ‪« :m‬إنِّي‬ ‫ُّ‬
‫أخشى عليكم الدُّ نيا أن تنا َف ُسوا فيها فتَقتَتِلوا فتَه َلكوا كما هلك َمن كان قب َلكم»(((‪.‬‬
‫قال ُعقب ُة‪ :‬فكانت آخر ما رأيت ‪ m‬على ِ‬
‫المن َب ِر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت ألُ ُم ٍ‬ ‫تأصيل هام في فِ ِ‬ ‫ين الحدي َث ِ‬
‫هذ ِ‬
‫تأصيل فهم‬
‫ور‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ ٌّ‬ ‫ين‬ ‫وفي َ‬
‫فقه التحوالت‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫مسأ َل ِة‬ ‫ِ‬
‫واالختالفات في َ‬ ‫الحديث لما يجري من التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫تخصيص‬
‫ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫لألحاديث‬
‫السابقة‬ ‫ُصوص ِه التَّع ُّب ِد َّي ِة فقط‪.‬‬
‫ِ‬ ‫(قرار الحك ِم ِ‬
‫والعل ِم) وليس في ن‬ ‫ِ ُ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت وهي ُس�نَّ ُة‬ ‫�ة فِ ِ‬
‫تخ�دم فِقه الدَّ عو ِة في ِدراس ِ‬
‫ِ‬ ‫تأصي�ل ُس�ن ٍَّة َع َم ِل َّي ٍة‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫المواق ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ِ‬

‫(س�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة)‬


‫عوة وهي ُ‬
‫قه الدَّ ِ‬
‫َ‬
‫تأصيل س�ن ٍَّة أخرى من فِ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫تفر َع عن هذا ال َفه ِم‬ ‫كما َّ‬
‫إقامة الدعوة وأمة‬
‫رس�ول ِ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫الت بالدَّ عو ِة إلى ِ‬
‫الله تعالى ُم ُ‬
‫نذ أن كان‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫وبه�ذا َتتَجدَّ د ِعال َق ُة فِ ِ‬
‫اإلجابة‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫الش ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫رع َّي ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ين َّ‬ ‫‪ m‬في َم َّك َة والمدينَة َي َض ُع ألُ َّمته الف َ‬
‫قه ِ‬
‫عو ِة ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ •فِقه الدَّ ِ‬
‫عوة إلى الله بين ُأ َّمة اإلجا َبة و ُأ َّمة الدَّ َ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫وس ٌ‬ ‫ •فِقه العلو ِم َّ ِ ِ‬
‫لوك ‪.‬‬ ‫الشرع َّية عقيدَ ٌة وشريع ٌة ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ين كمادتَي ِعل ِم تَعب ٍد وديان ٍَة فقد حدَّ د ِ‬
‫أوع َيتها‬ ‫قه ِ‬ ‫وكما وضع ‪ m‬ثوابِ َت ه َذ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ين الف َ‬ ‫َ‬
‫ف‪ ،‬وعند دراستِنا لِ ِ‬
‫نماذ ِج التَّقسي ِم‬ ‫الموق ِ‬
‫ِ‬ ‫َّهج وعدا َل َة‬ ‫ِ‬
‫الحام َل َة عنه سال َم َة الن ِ‬ ‫ال َب َش ِ‬
‫�ر َّي َة‬
‫َ‬
‫الش�ري َف ِة ن ِ‬
‫للس�ن َِّة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السنَّ ُة التي جرت‬‫َّقر ِير َّي َة هي ُّ‬
‫الس�نَّ َة الت ِ‬
‫أن ُّ‬ ‫َجدُ َّ‬ ‫لدى ُعلماء األُصول ُّ‬
‫الس�ن َِّة‬
‫وأقرها ‪ m‬وصارت ُجزء ًا من ُّ‬
‫َّ‬ ‫الصحا َب ِة ئ‬ ‫لس�ان أو فِ ِ‬
‫عل َب ِ‬
‫عض َّ‬
‫ِ‬ ‫على‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)6117‬‬

‫‪95‬‬
‫رع َّي ِة‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫َّ‬

‫الت قد‬‫�ة بالتَّحو ِ‬ ‫�ف ذات العال َق ِ‬ ‫المواق ِ‬


‫ِ‬ ‫أن ال َعديدَ ِمن‬ ‫ضمار ن ِ‬
‫َج�دُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي ه�ذا ِ‬
‫الم‬
‫ُّ‬ ‫حصانات‬
‫وخاص ًة‬ ‫ٍ‬
‫الصحا َبة ئ كاس ٍم ُم َج َّرد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َب َّينت عَدَ َم اند ِ‬
‫َّ‬ ‫بعض َّ‬ ‫وس�لوك‬ ‫راج مواقف ُ‬ ‫النبي ‪m‬‬

‫َّبي ‪ m‬أقوا َلهم‬ ‫ِ ِ‬ ‫الس�ن َِّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لبعض أصحابه ِ‬


‫التقرير َّية ب�ل دمغ الن ُّ‬ ‫م َّم�ن وقعوا في دائ َرة النِّفاق في َمفهو ِم ُّ‬ ‫وتجريحه آخرين‬
‫َّبي ‪m‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأب�ر َز إحدا َثهم وبِد َعتَه�م وت ََم َّي ُزوا عن‬ ‫وأهمية ذلك في‬
‫َّبي ال ُع�دُ ول بما قال الن ّ‬ ‫أصحاب الن ِّ‬ ‫َ‬
‫فقه الدعوة‬
‫«أو ُل َمن‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫فيهم‪ ،‬كقولِ ِه ‪ m‬في أحدهم ‪:‬‬
‫«يخر ُج من ضئضىء هذا أقوا ٌم»((( وقوله ‪َّ :‬‬ ‫ُ‬
‫الن » (((‪ ..‬وقوله ‪« :‬لو ُقتِ َ�ل اليوم ما اختلف رج ِ‬
‫الن من‬ ‫ي َغي�ر س�نَّتي رج ٍل من بني ُف ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ِّ ُ ُ‬
‫َّبي‬
‫أقر الن ُّ‬ ‫ِ‬
‫صوص الذين َّ‬ ‫َّقرير َّي ِة بِ ُخ‬
‫السنَّ ُة الت ِ‬
‫تأصلت ُّ‬
‫ِِ‬
‫ُأ َّمتي » (((‪ ...‬الخ وبهذه القواعد َّ‬
‫َّب�ي ‪ m‬من أولئك‬ ‫�ف فقد أصلت ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقوا َل ُه�م وأفعا َل ُهم‪ ،‬وأ َّما ُس�نَّ ُة‬
‫ف الن ِّ‬ ‫مواق َ‬ ‫َّ‬ ‫المواق ُ‬
‫الس�ن َِّة إلى البِد َع ِة سوا ًء كانوا أفراد ًا أو‬
‫الذين خرجت أقوا ُلهم وأفعا ُلهم عن مفهو ِم ُّ‬
‫ٍ‬
‫جماعات ‪.‬‬

‫َب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�ة القولِ َّي ِة‬


‫ولهم تَسلس ٌ�ل في مقار َف ِة البِد َع ِ‬
‫س�مة وما تَرت َّ‬
‫رقوص في الق َ‬ ‫كقول ُح‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ومن نمو َذ ِج‬ ‫ئضئ هذا » أي‪ :‬على مثالِ ِه ِ‬‫قول النَّبي ‪« : m‬يخرج من ِض ِ‬ ‫على ذلك من ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ِّ‬
‫علي ِة كبِدع ِة ِ‬
‫َّبي ‪m‬‬ ‫الض ِ‬
‫�رار الذي أمر الن ِّ‬ ‫مس�ج ِد ِّ‬
‫ِ‬ ‫بناء‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫مدرس�تِ ِه وفِ ِ ِ‬
‫ك�ره ‪ ،‬والبِد َعة الف َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫بعض البدع‬
‫هود والنَّصارى‬‫يدهم للي ِ‬
‫وتأي ِ‬
‫المنافِ ِقي َن ِ‬ ‫كموا َف َقتِهم َ‬ ‫دم ِه ‪ ،‬والبِد َع ِة الت ِ ِ‬ ‫بِه ِ‬
‫َ‬ ‫أفعال ُ‬ ‫َّقرير َّية ُ‬ ‫َ‬ ‫المدموغة من‬
‫ِ‬ ‫عهد الرسالة‬
‫َّبي ‪ m‬وأصحابِه ‪ ،‬وما َّ‬
‫أقر ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإقرارهم على الك ِ‬
‫ُفر فيما فع ُلو ُه ضدَّ الن ِّ‬ ‫و ُمدعي النُّ ُب َّو ِة‬
‫َّقرير َّي ِة‬
‫ويدخ ُل في البِد َع ِة الت ِ‬
‫ُ‬ ‫سيل َم َة الك ََّذ ِ‬
‫اب ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫والفاس ِقين ِمن ِ‬
‫تأييد م ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫المنافِ ِقين‬
‫بعض ُ‬
‫ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪)2500‬‬


‫((( عزاه األلباني في السلسلة الصحيحة (‪ )329 :4‬إلى ابن أبي عاصم وحسن إسناده ‪.‬‬
‫((( رواه أحمد (‪ ، )42 :5‬وإسناده صحيح على شرط مسلم ‪« ،‬العراق في أحاديث الفتن» ألبي‬
‫عبيدة مشهور حسن سلمان (‪. )53 :1‬‬

‫‪96‬‬
‫آل الب ِ‬ ‫وار ِضدَّ ُع َ ِ‬ ‫مواق ِ‬
‫تأييد ِ‬
‫تأخرين من ِ‬
‫يت ت ِ‬
‫َبرئ ًة‬ ‫ثمان وضدَّ ِ َ‬ ‫ف ال ُّث ِ‬ ‫الم ِّ َ‬ ‫بعض ُ‬ ‫م�ا يك ُت ُبه ُ‬
‫وح َم َل ِة َم ِ‬
‫نهج‬ ‫ِ‬
‫األوس�ط َ‬
‫َ‬ ‫ط‬‫ض�وض ومناه َض ًة للنَّم ِ‬
‫َ‬ ‫ِ ُ َ‬
‫أصحاب الم ِ‬
‫لك ال َع‬ ‫ِ ُ‬ ‫�ة ِم�ن‬ ‫لل َّظ َلم ِ‬
‫َ‬
‫عاصرين وينالون به‬ ‫بعض الباحثين الم ِ‬ ‫الش ِ‬
‫رع ِّي‪ ،‬أو ما يكت ُب ُه ُ‬ ‫الخال َف ِة األَ َب ِو ِّي النَّ َب ِو ِّي َّ‬
‫ُ‬
‫بض والن ِ‬
‫َّقض‬ ‫لمدارس ال َق ِ‬‫ِ‬ ‫ُصر ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫األكاديمي ِة والمراتِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ب العلم َّية من تأييد ون َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هادات‬ ‫َّ‬
‫الش‬
‫وق َّي ِة‬
‫الذ ِ‬
‫در َستِهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫جمتهم البِدع َّية على آل ال َبيت النَّ َب ِو ِّي ومن ار َت َب َط بِ َم َ‬
‫عاصر ِة في ه ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الم ِ‬
‫ُ‬
‫رع َّي ِة‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫قه َّي ِة َّ‬ ‫ب أهل السن َِّة والجما َع ِة ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ُّ‬
‫بعض ِ‬
‫مذاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬أو ما اع َتنَقوه ِمن‬

‫‪97‬‬
‫حو ِ‬
‫لات‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫وسنَّةُ ال ِّدلالة وموق ُعها من فقه الت َّ ُّ‬
‫ُسنَّةُ المواقف ُ‬
‫والجمع‬
‫ُ‬ ‫والس َير ِة حميد ًة كانت أو ذميم ًة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واألسلوب ّ‬ ‫الس�نَّ ُة ُلغ ًة بال َّطري َق ِة‬
‫ُع ِّر َفت ُّ‬ ‫التعريف بلفظ‬
‫(س�نَ ٌن) ‪ ،‬ق�ال تعال�ى‪ :‬ﮋﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬ ‫ُ‬ ‫«السنة» لغة‬
‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﮊ [الكه�ف‪ ]٥٥ :‬وس�نَّ ُة األولي�ن ِ‬ ‫واصطالحا‬
‫مواق ُفه�م‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫المكا َب َر َة‬ ‫ُ‬
‫تكون ُ‬ ‫�ير ِة وال َفه ِم والت ِ‬
‫َّعليل‪ ،‬وق�د‬ ‫والس َ‬
‫ِ‬
‫آباؤهم من ال َّطريقة ِّ‬
‫وماذه�ب إليه ُ‬
‫العذاب فطلب المش�ركون‬
‫َ‬ ‫اج‪ُ :‬س�نَّ ُة َّ‬
‫األولين أنَّهم عاينوا‬ ‫الز َّج ُ‬
‫والتَّح�دِّ َي‪ ،‬كما قال َّ‬
‫أن قالوا‪ :‬اللهم إن كان هذا هو الح َّق من عندك فأمطِر علينا ِحجار ًة من الس ِ‬
‫ماء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غير َل ِ‬
‫فظ «في اإلسالم» َف َل ُه‬ ‫الرواي ُة من ِ‬ ‫ِ‬
‫وفي الحديث‪َ « :‬من َس َّن ُسنَّ ًة َح َسنَ ًة وهذه ِّ‬
‫وأجر َمن َع ِم َل بها»((( ومعنى « َمن َس� َّن ُس�نَّ ًة» يري�دُ عم َلها ل ُيقتدى به فيها ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أجرها‬
‫ُ‬
‫وك ُُّل َمن ابتد َأ أمر ًا َع ِم َل به قو ٌم بعده قيل ‪ :‬هو الذي َسنَّ ُه‪.‬‬

‫تص�رف من لفظه�ا‪ ،‬قال اب�ن منظور‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫الس�ن َِّة وما‬


‫ك�ر ُّ‬
‫ِ ِ‬
‫تك�ر َر ف�ي الحديث ذ ُ‬ ‫وق�د َّ‬
‫فالس�نَّ ُة إنما ُيرا ُد بها‬ ‫االصطالح َّ ِ‬ ‫ُ‬
‫الش�رع ِّي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫(واألصل فيه ال َّطريق ُة ِّ‬
‫والس�يرةُ‪ ،‬وأما في‬
‫ال وتقرير ًا ِم َّما لم ينطِق به ال ُق ُ‬
‫رآن أو ما َل ِز َم‬ ‫َّبي ‪ m‬وندب إليه قوالً وفع ً‬ ‫م�ا أم�ر به الن ُّ‬
‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫والسنَّ ُة) أي‪:‬‬
‫(الكتاب ُّ‬
‫ُ‬ ‫قال في أد َّل ِة َّ‬
‫الشر ِع‬ ‫تفسير ُه وتعلي ُل ُه من معانيه‪ ،‬ولهذا ُي ُ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫كضابط ن َِّص ٍّي لألحكا ِم‬ ‫ِ‬
‫األساس َّيان للتَّشري ِع‬ ‫والحديث) انتهى(((‪ .‬وهما المصدران‬ ‫ُ‬
‫صر التَّدوين‪.‬‬ ‫منذ ِ‬
‫بداية َع ِ‬ ‫ِ‬
‫صول ُ‬ ‫رة لدى ع َل ِ‬
‫ماء األُ‬ ‫المقر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬

‫((( أصل الحديث في مسلم (‪ )6975‬وهذه رواية مسند أحمد (‪.)19721‬‬


‫ِ‬ ‫�ير ُة َح ِميدَ ًة كَان ْ‬
‫َت َأ ْو َذم َ‬
‫يم ًة‪،‬‬ ‫الس�نَّ ُة ال َّط ِري َق ُة َو ُّ‬
‫الس�نَّ ُة ِّ‬
‫الس َ‬ ‫(( ( لس�ان العرب (‪ ، )220 :13‬وفيه‪َ :‬و ُّ‬
‫ف‪.‬‬‫وا ْلجمع سنَن ِم ْث ُل ‪ُ :‬غر َف ٍة و ُغر ٍ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ ٌ‬

‫‪98‬‬
‫وتجعل ِع ْل َم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المواق�ف ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بع�ض ِروايات األحادي�ث ُت ْعطي ُّ‬
‫الس�نَّ َة مفهو َم‬ ‫م�ع أن َ‬
‫بصدَ ِدها‪ ،‬فقد َر َوى‬ ‫ِ ِ‬
‫مس�تقل عنها‪ ،‬وهو ما ُي َؤ ِّيدُ ُس�نَّ َة المواقف ا ّلتي نح ُن َ‬
‫اًّ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬
‫ِ‬
‫علي ‪ v‬قال‪َ :‬خ َر َج‬ ‫والرا َم ُه ْر ُم ِز ُّي بأسانيدهم عن ٍّ‬
‫البغدادي ّ‬
‫ُّ‬ ‫والخطيب‬
‫ُ‬ ‫الطبراني‬
‫ُّ‬
‫خلفاؤ َك‬ ‫رسول ِ‬
‫الله و َمن‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫«الله َّم ْار َح ْم ُخ َل َف ِائي»‪ ،‬قال‪ُ :‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫رسول الله ‪ m‬فقال‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُون ِمن َب ْع ِدي َي ْر ُو َ‬
‫قال‪« :‬ا َّل ِذي َن َي ْأت َ‬
‫ون َأ َحاديثي َو ُسنَّتي َو ُي َع ِّل ُمون ََها الن َ‬
‫َّاس»(((‪.‬‬

‫غاير لها‪ ،‬والتي هي (سن ُن‬ ‫سابق للسن َِن ِ‬


‫(سنَّتي) و ُم ٌ‬ ‫ُ‬ ‫الحديثي هنا (أحاديثي) ٌ ُّ‬
‫ُّ‬ ‫فالنص‬
‫ُّ‬
‫ُ‬
‫الحافظ‬ ‫األمر ما رواه‬ ‫ٌ‬
‫ومنفص�ل عنها من ُ‬ ‫ِ‬
‫التعريف ‪ ،‬و ُي َؤ ِّيدُ ه�ذا َ‬ ‫ُ‬ ‫حيث‬ ‫المواق�ف) ‪،‬‬
‫ُّون‬ ‫�دي َأ ِئ َّم ٌة َي ْهتَدُ َ‬
‫ون بِ َهدْ ِيي وال َي ْس� َتن َ‬ ‫«يكون بع ِ‬
‫ُ َْ‬
‫ِ‬
‫حديث‬ ‫ٍ‬
‫حجر ف�ي «الفتح» من‬ ‫اب� ُن‬
‫ِ‬
‫الش�ريف وما َت َف َّر َع عنه ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالحديث‬ ‫العلم‬ ‫النبوي هو‬ ‫الهدي‬ ‫بِ ُس�نَّتِي»‪ ،‬والمعلو ُم ّ‬
‫أن‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫المواقف الخاص ُة به‬ ‫ِ‬
‫الحديثي�ة‪ ،‬وإنما هي‬ ‫ِ‬
‫بالنصوص‬ ‫الس�نَّ ُة هنا فال عالق َة لها‬
‫ُ‬ ‫وأما ُّ‬
‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫فسنَّ ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سنة المواقف‬
‫ف هي‬ ‫تطبيق العل ِم وثمراته ‪ ،‬وعلى هذا ُ‬ ‫صلى الله عليه وآله وسلم في‬
‫وسنة الداللة‬ ‫عار َض ِمن‬
‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فات المتبو ِع األع َظ ِم ‪ m‬فيما يعام ُل ُ‬
‫المواف َق ُ‬ ‫َصر ُ‬ ‫وس ُ‬
‫لوك وت ُّ‬ ‫طريق ُة ُ‬
‫ِ‬ ‫ف الم ِ‬ ‫الموق ِ‬
‫ِ‬ ‫األخذ بالجرير ِة وات ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َس� َع ِة‬
‫حي‬ ‫�ب بِحصانَة َ‬
‫الو ِ‬ ‫ناس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّخاذ‬ ‫َ‬ ‫األخالق وعَ�دَ ِم‬
‫قه الدَّ عو ِة إلى ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫واألخالق‪ ،‬وهي أساس فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫صم ِة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫والع َ‬
‫ِ‬
‫الموقف‬ ‫المهديين فه�ي م�ا اجته�دوا فيه ِم�ن ات ِ‬
‫ِّخاذ‬ ‫ِ‬ ‫اشدين‬‫وأم�ا س َّن ُة ُخ َلفائِ ِه الر ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ُ‬
‫انحياز وال َغ ِ‬
‫ٍ‬ ‫الوار َد ِة بما تقتضيه المص َل َح ُة العا َّم ُة من ِ‬
‫للسن َِن ِ‬
‫مط َح ٍّق‬ ‫غير‬ ‫بعد النَّ َظ ِر ُّ‬
‫ٍ‬
‫تفريط‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إفراط وال‬ ‫لأِ َ َح ٍد وال‬
‫ِ‬
‫الخلفاء‬ ‫والعم�ل ِبه مع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخالفة‬ ‫قرار‬ ‫موقف اإلما ِم عل�ي ‪ v‬في ِ‬
‫قبول ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومنه�ا‬
‫ٍّ‬
‫البعض‬ ‫احتج به‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫النص الذي َّ‬ ‫االستمرار مع وجود ِّ‬ ‫وسلامة‬ ‫االس�تقرار‬ ‫تحقيق‬ ‫على‬

‫((( ضعيف ‪ ،‬من مراسيل الحسن ‪" ،‬صون الشرع الحنيف" ‪ ،‬عمرو عبدالمنعم ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫ِ‬
‫الخلفاء الراش�دي َن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س�نن‬ ‫غيره‪ ،‬فموق ُفه يعدُّ س�ن ًة من‬ ‫وج�وب خالفتِ�ه َ‬
‫دون ِ‬ ‫ِ‬ ‫عل�ى‬
‫ُ‬
‫يحمل البيع َة العام َة‬ ‫ِ‬
‫الخالفة وهو‬ ‫الحسن ‪ v‬في تنازلِه عن‬ ‫ِ‬ ‫موقف اإلما ِم‬
‫ُ‬ ‫ومنها‬
‫الحس�ين ‪ v‬بخروج�ه من أرض الحجاز‬ ‫ِ‬ ‫موقف اإلما ِم‬
‫ُ‬ ‫من المس�لمين‪ ،‬ومنها‬
‫الله‬ ‫ِ‬
‫قض�اء ِ‬ ‫يتأخر عن‬ ‫ٌ‬
‫مقت�ول‪ ،‬فلم‬ ‫يعل�م أنه‬ ‫ِ‬
‫والحرب وهو‬ ‫ِ‬
‫الدم�اء‬ ‫لتجنيبِه�ا َم َغ َّب� َة‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫حرب أو ٍ‬
‫قتال‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫دون ٍ‬
‫رغبة في‬ ‫ِ‬
‫البيت َ‬ ‫ٍ‬
‫جملة م�ن آل‬ ‫ِ‬
‫العراق مع‬ ‫خرج إلى‬ ‫ِ‬
‫وق�دره‪ ،‬بل َ‬
‫ِ‬
‫وفريق‬ ‫ِ‬
‫فري�ق المحبي� َن المتخاذلي َن‬ ‫الح َّج َة على‬
‫نبوي أقا َم ب�ه ُ‬ ‫أبوي ٌّ‬‫موق�ف ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫وإنم�ا‬
‫ِ‬
‫الدين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بإحسان إلى َي ْو ِم‬ ‫ِ‬
‫البيت و َمن تب َعهم‬ ‫وظل درس ًا آلل‬ ‫المبغضي َن القاتلي َن‪َّ ،‬‬
‫عو ِة بِ ُشروطِ ِه‪.‬‬
‫تسلس ُل فقه الدَّ َ‬
‫ُ‬ ‫والرشدُ هو‬
‫ُّ‬
‫قه الدَّ اعي بِ ُشروطِ ِه‪.‬‬
‫واالهتداء هو تسلس ُل سن َِد فِ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫النبوي‬ ‫ِ‬
‫الهدي‬ ‫ٍ‬
‫ودالل�ة وبين‬ ‫ٍ‬
‫كموقف‬ ‫الس�ن َِّة‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫التفصيل بي َن ُّ‬ ‫و ُي َؤ ِّي�دُ هذا المعنى في‬
‫اليم�ان من قوله ‪:v‬‬ ‫ِ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫حديث حذيف َة ِ‬ ‫َ‬
‫كأحادي�ث وعل�و ٍم وأحكا ٍم م�ا ور َد في‬
‫الش�ر َم َخا َف َة َأ ْن‬ ‫الل�ه ‪ m‬عن الخير وكنت أس�أله عن‬ ‫رس�ول ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يس�ألون‬ ‫الن�اس‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫خير؟ قال‪ :‬قال ‪َ :‬نعم ِ‬
‫وفيه‬ ‫الشر من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُيدْ ِركَني ‪ ...‬إلى أن قال‪...‬‬
‫َ ْ‬ ‫فقلت‪ :‬هل بعدَ ذلك ِّ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫ُّون بِ َغ ْي ِر ُس�نَّتِي َو َي ْهتَ�دُ َ‬
‫ون بِ َغ ْي ِر َهدْ ِيي َت ْع ِر ُ‬ ‫َد َخ� ٌن‪ ،‬قال‪َ :‬و َما َد َخنُ ُه؟ قال‪ :‬قو ٌم َي ْس� َتن َ‬
‫َان ِم ْن نَبِ ٍّي‬
‫�ول ال َّل ِه ‪َ m‬ق َال‪َ :‬ما ك َ‬ ‫ِمن ُْه ْم َو ُتن ِْك ُر(((‪ .‬وفي حديث مس�لم اآلخر ‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ُّون بِ ُسنَّتِ ِه(((‪.‬‬
‫ون بِ َهدْ ِي ِه َو َي ْس َتن َ‬ ‫َان َل ُه َح َو ِار ُّي َ‬
‫ون َي ْهتَدُ َ‬ ‫إِلاَّ َو َقدْ ك َ‬
‫ِ‬
‫الشريف وما َت َف َّر َع عنه‬ ‫ِ‬
‫بالحديث‬ ‫العلم‬ ‫النبوي هو‬ ‫الهدي‬ ‫والمعلو ُم كما س�بق أن‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�مى ال عالق َة له‬ ‫ِ‬
‫الحديثية‪،‬‬ ‫بالنص�وص‬ ‫من األحكا ِم الش�رعية‪ ،‬وأما الس�ن ُة هنا ُ‬
‫فم َس ًّ‬
‫تطبي�ق العل� ِم وثمراتِه‪ ،‬وتم ُّي ُ�زه ‪ m‬في‬‫ِ‬ ‫المواق�ف الخاص ُة ب�ه ‪ m‬في‬
‫ُ‬ ‫وإنم�ا ه�ي‬

‫((( مسلم (‪.)3434‬‬


‫((( مسلم (‪. )50‬‬

‫‪100‬‬
‫ِ‬
‫وبالناس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باألمور‬ ‫معامالتِه واهتماماتِه‬

‫ب ْب ِن ُع ْج َرةَ‪َ :‬أ َعا َذ َك ال َّل ُه ِم ْن‬


‫الله َأ َّن النَّبِ َّي ‪َ m‬ق َال لِ َك ْع ِ‬
‫عبد ِ‬‫بن ِ‬ ‫حديث ِ‬
‫جابر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي‬
‫ُون بع ِ‬ ‫اء ‪َ ،‬ق َال‪ :‬وما إِمار ُة الس� َفه ِ‬
‫إِم�ار ِة الس� َفه ِ‬
‫ون‬‫�دي لَ َي ْقتَدُ َ‬ ‫�ال ‪ُ :‬أ َم َرا ُء َيكُون َ َ ْ‬‫اء ؟ َق َ‬ ‫َ َ َ َ ُّ َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫ُّون بِ ُس�نَّتِي ‪َ ،‬ف َم ْن َصدَّ َق ُه ْم بِك َِذبِ ِه ْم َو َأ َعان َُه ْم َع َل�ى ُظ ْل ِم ِه ْم َف ُأو َل ِئ َك‬
‫بِ َهدْ ِيي َولَ َي ْس� َتن َ‬
‫َل ْي ُسوا ِمنِّي َو َل ْس ُت ِمن ُْه ْم(((‪.‬‬

‫مواقف‬
‫ُ‬ ‫واألس�اليب)‪ ،‬وه�ي ‪)1( :‬‬‫َ‬ ‫(المواقف‬
‫َ‬ ‫ص‬ ‫والس�نَّ ُة على ه�ذا المعنى ت ُ‬
‫َخ ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫بإحس�ان‪،‬‬ ‫وآل بيتِه ومن تَبِ َع ُه ْم‬
‫س�نن النبي ‪ m‬وأصحابِه ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وس�ن ٌن نبوي ٌة رحماني ٌة من‬
‫ِ‬
‫اإلفك‬ ‫ِ‬
‫وأه�ل‬ ‫ِ‬
‫الدجاجل�ة والمفس�دي َن‬ ‫ومواق�ف وس�ن ٌن ش�يطاني ٌة م�ن ُس�ن َِن‬
‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ُون َب ْعدَ أصحابي فتن� ٌة َي ْغ ِف ُر َه�ا الل ُه لهم‬
‫«س� َيك ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫والمنافقي�ن‪ ،‬يق�ول فيه�ا وآل بيت�ه ‪َ :‬‬
‫النار» (((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بمحبتِهم إياي‪ ،‬ثم يس َتن بها قوم من ِ‬
‫فيدخلون بهم َ‬ ‫بعدهم‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الملل األخرى كما ف�ي حديث البخاري الش�هير ( َلتتب ُع َّن‬ ‫ومنها س�ن ُن أصح�اب‬
‫ُسنن َمن كان قب َلكم‪.((( )..‬‬

‫((( صحيح ‪ ،‬الحافظ ابن حجر ‪ ،‬األمالي المطلقة (‪. )213‬‬


‫((( تفس�ير القرطب�ي (‪ ،)391 :7‬والفتن�ة هي القتال الذي وقع بي�ن الصحابة رضي الله عنهم‪،‬‬
‫وقد تقدم الكالم عن تحصين النصوص للصحابة ص‪. #‬‬
‫(( ( قال الحافظ في الفتح‪ :‬بفتح الس�ين لألكثر ‪ ،‬وقال ابن التين‪ :‬قرأناه بضمها‪ ،‬وقال المهلب‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬وليس اللفظ األخير‬
‫بالفتح أولى ألنه الذي يستعمل فيه الذراع والشبر وهو الطريق ‪ُ .‬‬
‫ببعيد من ذلك‪ .‬اهـ (‪.)378 : 20‬‬
‫قلت‪ :‬رحم الله ابن التين والمهلب لو رأوا زماننا وما فيه‪ ..‬إن ما وقفنا عليها من النصوص‬
‫ُ‬
‫ذات المعاني المستجدة يرجح رواية الضم للسين التي ذكرها ابن التين ويبعد رواية الفتح‪.‬‬
‫فما وقعنا فيه نحن المس�لمين ليس تتبع الوسائل التي مضى عليها النصارى واليهود وليس‬
‫تقليده�م ف�ي تطوير دولهم وخط�وات التنمية في تعليمه�م وتربيتهم وثقافته�م وكأننا نتبع‬

‫‪101‬‬
‫ِ‬
‫قسمين‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المواقف) إلى‬ ‫تنقسم (سن ُن‬ ‫ِ‬
‫التفصيل‬ ‫وعلى هذا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫خلفائ�ه الراش�دي َن‬ ‫ومواق�ف‬
‫ُ‬ ‫النب�ي ‪ m‬ومواق ُف�ه‬ ‫سن ٌة نبوي ٌة أبوي ٌة‪ ،‬وه�ي س�ن ُة‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الدين(((‪.‬‬ ‫المهديي َن إلى يو ِم‬

‫ِ‬
‫والمنافقين‪ ،‬وتقا ُبلها‬ ‫ِ‬
‫والكفار‬ ‫ِ‬
‫الدجاجلة‬ ‫ومواقف‬
‫ُ‬ ‫وسن ٌة أنوي ٌة شيطاني ٌة‪ ،‬وهي سن ُة‬
‫ٍ‬
‫س�نن‬ ‫األمور‪ ،‬وهي ما يجري من‬ ‫ِ‬ ‫ومحدثات‬
‫ُ‬ ‫الش�رعي (البدع ُة الس�يئ ُة)‬
‫ِّ‬ ‫في المعنى‬
‫والمنافقين ويس�ت ُّن بها المس�لمون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والدجاجلة‬ ‫ِ‬
‫الكفار‬ ‫ومواقف على أيدي أولئك‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعل ٍم أو ِ‬
‫بغير عل ٍم‪ .‬وفي ذلك يقول ‪َ : m‬م ْن َأ ْح َيا ُس�نَّ ًة م ْن ُس�نَّتي َف َعم َل بِ َها الن ُ‬
‫َّاس‬
‫ور ِه ْم َش� ْي ًئا ‪َ ،‬و َم ْن ا ْبتَدَ َع بِدْ َع ًة َف ُع ِم َل‬
‫ص ِم ْن ُأ ُج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َ ِ‬
‫َان َل ُه م ْث ُل َأ ْج ِر َم ْن َعم َل بِ َها لاَ َينْ ُق ُ‬
‫ص ِم ْن َأ ْو َز ِار َم ْن َع ِم َل بِ َها َش ْي ًئا(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بِها ك َ ِ‬
‫َان َع َل ْيه َأ ْو َز ُار َم ْن َعم َل بِ َها لاَ َينْ ُق ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫موقعه‬ ‫ِ‬
‫البدعة إلى‬ ‫تعريف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة قد أعا َد‬ ‫ِ‬
‫وعالمات‬ ‫ِ‬
‫التحوالت‬ ‫وبهذا يكون فق ُه‬
‫ِ‬
‫الشرعية للنبي‬ ‫ِ‬
‫المواقف‬ ‫فتكون البدع ُة األنوي ُة هي مخالف ُة‬
‫ُ‬ ‫السياس�ي‪،‬‬ ‫األساس�ي ال‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫طريقهم‪ ،‬بل لقد تش�ربنا تفكيرهم حتى صارت س�يرنا كس�يرهم وتطابقن�ا معهم في الوالء‬
‫والبراء للدنيا والمال وكراهية الموت بل وفي مواقفنا من كل ما استجد تمام المطابقة‪.‬أي‪:‬‬
‫ربما كنا ننتهج أساليبهم كخارطة طريق في مرحلة العلمنة ‪ ،‬وأما اآلن فنحن نسخة منهم‪.‬‬
‫((( وم�ن س�نن الخلف�اء المهديين التي س�تأتي المواقف النبوي�ة في العدل الت�ي يحييها اإلمام‬
‫المه�دي عند مجيئه والتي بها ينش�ر الخير في أرجاء المعم�ورة‪ ،‬ففي «المنار المنيف»‪... :‬‬
‫فيقس�م المال ويعمل في الناس بس�نة نبيهم ويلقي اإلسلام بجرانه في األرض ‪ .‬وإس�ناده‬
‫حسن كما ذكر ابن القيم (‪.)110‬‬
‫والجميل أن اإلمام أبوعوانة اإلس�فراييني (‪ 316‬هـ) صاحب المس�تخرج على صحيح‬
‫وترجم ف�ي كتاب األم�راء (‪ )420 :4‬بقوله‪ :‬بيان ذكر الخب�ر الموجب طاعة‬
‫َ‬ ‫ْ�و َن‬
‫مس�لم َعن َ‬
‫اإلمام وإن لم يهتد بهدي النبي ‪ m‬ولم يستن بسنته وإن ضرب ظهور رعيته‪.‬‬
‫((( صحيح لغيره ‪ ،‬األلباني ‪ ،‬صحيح ابن ماجه (‪.)174‬‬

‫‪102‬‬
‫ِ‬
‫الش�رعية التي‬ ‫ِ‬
‫البدعة‬ ‫ِ‬
‫الدين‪ ،‬أما مفهو ُم‬ ‫ِ‬
‫وخلفائه الراش�دي َن المهديي َن إلى يو ِم‬ ‫‪m‬‬
‫الس�ن َِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأ َّص َل َها الفقها ُء فهي مخالف ُة‬
‫النبوي واألحكا ِم الش�رعية لما َث َب َت من ُّ‬‫ِّ‬ ‫الهدي‬
‫األصول ومخرجاتِه وثمراتِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرتبطة بعل ِم‬ ‫ِ‬
‫والتقريرية‬ ‫ِ‬
‫والفعلية‬ ‫ِ‬
‫القولية‬

‫َخ َل ْعها‬
‫نفسه وقال له‪ :‬ال ت ْ‬ ‫أن َي ْخ َل َع َ‬ ‫عفان يو َم ِ‬
‫الدار ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عثمان ب َن‬ ‫النبي ‪m‬‬
‫ولهذا نهى ُّ‬
‫لعثمان يو َم ِ‬
‫الدار‪ :‬فال‬ ‫َ‬ ‫�ر ‪v‬‬ ‫�م ذل�ك اليو َم ُت ْفطِ ْر ِعن ِْدي‪ .‬قال عبدُ الله ب ُن ُع َم ٍ‬‫َو ُص ْ‬
‫فيكون ُسنَّ ًة ‪ُ :‬ك َّلما ك َِر َه قو ٌم خليف ًة َخ َل ُعو ُه َو َق َت ُلو ُه(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫َخ َلع َق ِميص ِ‬
‫َ‬
‫عليك‬ ‫الله‬ ‫َ‬ ‫ت ْ ْ‬

‫العباس�ي ‪ ،‬وكلما ك َِر َه‬ ‫ِ‬


‫العهد‬ ‫ِ‬
‫الضعف من‬ ‫ِ‬
‫مرحل�ة‬ ‫�خ ْت هذه البدع ُة في‬
‫وق�د ت ََر َّس َ‬
‫ِّ‬
‫العجم خليف ًة َخ َل ُعوه أو َق َت ُلو ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫عثمان‬ ‫الموقف س�نَّ ٌة ش�يطاني ٌة نَهى عبدُ ِ‬
‫الله ب ُن ُع َم َر س�يدَ نا‬ ‫ِ‬ ‫وعلى هذا ُ‬
‫فمثل هذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الموت والشهادةَ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫واختار له‬
‫َ‬ ‫‪ c‬عن فِ ْع ِلها‬

‫وس�ن َِّة‬ ‫ِ‬


‫يجعل من مفهو ِم قوله ‪( :m‬عليكم بِ ُس�نَّتي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فالحديث‬ ‫وعلى هذا المعنى‬
‫ِ‬
‫صول‪ ،‬ف ُع َلما ُء‬ ‫المهديين) غير المفهو ِم المتداو ِل لدى ع ِ‬
‫لماء األُ‬ ‫ِ‬ ‫اش�دين‬ ‫ِ‬
‫الخلفاء الر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫الس�ن َِّة‬ ‫ِ‬
‫الس�نَّة ُأصولي ًا إلى ُّ‬ ‫َّب على تقس�ي ِم ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صول يتناولون في هذا الحديث ما ترت َ‬ ‫األُ‬
‫ِ‬
‫الحديث لمن َف ِه َم ذلك‪،‬‬ ‫علي ِة والت ِ ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َّقرير َّية) وهو ـ بال َش ٍّك ـ َ‬
‫أحدُ معاني‬ ‫(القول َّية والف َّ‬
‫�دين((( من‬ ‫اش ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫لفاء الر ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ِ‬
‫ومواق َ‬ ‫س�ول ‪m‬‬‫ِ‬ ‫الر‬ ‫الت فيتناو ُل ِ‬
‫أما فِقه التَّحو ِ‬
‫َّ‬ ‫ف َّ‬‫مواق َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫((( ذكره القرطبي في التذكرة ص‪.597‬‬


‫((( وق�د أث�ر هذا المعنى عن عبد الله بن نعيم المغافري قال‪ :‬س�معت المش�يخة يقولون‪ ( :‬من‬
‫أمر بمعروف ونهى عن منكر فهو خليفة الله في األرض وخليفة كتابه وخليفة رسوله ‪)m‬‬
‫اهـ الفتن (‪.)103 :1‬‬
‫واآلم�ر بالمع�روف والناه�ي عن المنك�ر في هذا األثر م�ن اجتمعت فيه ش�روط الهدى‬
‫والرش�د بلا خالف‪ ،‬ويؤي�د هذا المعنى حدي�ث عن علي ؤ ق�ال ‪( :‬جعلت في هذه‬

‫‪103‬‬
‫ِ‬
‫المكتوب‪.‬‬ ‫َّص‬ ‫والق َي ُم ال ِمن ُ‬
‫حيث ما َّد ُة الن ِّ‬
‫األخالق ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف) ويؤ ِّكدُ ذلك ما‬ ‫(الموق ُ‬ ‫قصدُ بها‬ ‫أن لف َظ َة ُّ‬
‫الس�نَّة في هذا الحديث ُي َ‬ ‫فه ُم َّ‬
‫وبهذا ُي َ‬ ‫مفهوم السنة‬
‫ِ‬
‫رس�ول الل�ه ‪ m‬وفع ُل ُه‬ ‫أن الس�نَّ َة هي لدى الع ِ‬
‫لماء ُ‬
‫وتقرير ُه ال‬
‫ُ‬ ‫«قول‬ ‫ُ‬ ‫ه�و معلو ٌم من َّ ُّ‬ ‫كموقف في‬
‫حديث «عليكم‬
‫غير ذلك»‪.‬‬
‫َ‬ ‫بسنتي»‬
‫ِ‬ ‫شير إلى ُسن ٍَّة ت ُ‬
‫َّبي‬ ‫الخلفا َء‪ ،‬فهل هناك ُسنَّ ٌة أخرى ُ‬
‫غير ُسنَّة الن ِّ‬ ‫ص ُ‬ ‫َخ ُّ‬ ‫َ‬
‫الحديث ُي ُ‬ ‫لك َّن‬
‫للخ َل َف ِ‬
‫اء؟‬ ‫‪ُ m‬‬

‫غير مفهو ِم‬ ‫فقه الدَّ ِ ِ‬ ‫أن مفهوم الس�ن َِّة هنا ـ ف�ي ِ‬ ‫والج�واب‪َّ :‬‬
‫َّح�والت ـ ُ‬ ‫عوة وفقه الت ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ‬
‫مواق ُفهم عند‬ ‫لفاء ه�ي ِ‬ ‫الخ ِ‬‫وس�نَّ ُة ُ‬ ‫صول الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ن َِّة عن�د ع ِ‬
‫لماء األُ‬
‫َّبي ُ‬ ‫قر َرة‪َ ،‬ف ُس�نَّ ُة الن ِّ‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ف عليه ل�دى العلماء ‪،‬‬ ‫تع�ار َ‬
‫الم َ‬ ‫المألوف ُ‬ ‫َ‬ ‫ور َّبم�ا خالف�وا‬‫االختلاف واالحت�دا ِم ‪ُ ،‬‬
‫ِ ِ (((‬
‫ُّص�وص ُمخت َِل َف� ٌة و ُمت َِّنو َع ٌة‬
‫َ‬ ‫إن الن‬ ‫حي�ث َّ‬ ‫ُ‬ ‫يق�ول‪َ « :‬ع ُّضوا عليه�ا بالنَّواجذ»‬‫ُ‬ ‫وله�ذا‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫المواق ُ‬ ‫ِ‬
‫المش�روعة‪ ،‬أ َّما‬ ‫ِ‬
‫جهات النَّ َظ ِر‬ ‫وو‬ ‫ِ‬
‫ويج�ري االجتها ُد مجرا ُه من االختالف ُ‬
‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫تقر َر بعده�ا من‬ ‫الذاتي بع�د النَّ َظ ِر في ُّ‬
‫الس�ن َِن الواردة وما َّ‬ ‫فه�ي االجتها ُد َّ‬
‫ِ‬
‫الزكاة وتنازل اإلمام‬ ‫ِ‬
‫محاربة مانعي‬ ‫الصديق ‪ v‬ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫أبوبكر‬ ‫كم�ا فعل الخليفة‬
‫الحسن ‪ v‬عن الخالفة‪.‬‬

‫عو ِة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫المواقف هي ُسنَّ ُة الت ِ‬
‫َّطبيق األخالق ِّي في فقه الدَّ َ‬ ‫فيتأص ُل بهذا المفهو ِم َّ‬
‫أن ُسنَّ َة‬ ‫َّ‬ ‫سنة المواقف هي‬
‫التطبيق األخالقي‬
‫في فقه الدعوة‬
‫األمة خمس فتن‪ :‬فتنة عامة‪ ،‬ثم فتنة خاصة‪ ،‬ثم فتنة عامة‪ ،‬ثم فتنة خاصة‪ ،‬ثم الفتنة الس�وداء‬
‫المظلم�ة الت�ي يصير فيها الن�اس كالبهائم‪ ،‬ثم هدنة‪ ،‬ثم دعاة إلى الضالل�ة ‪ ،‬فإن بقي يومئذ‬
‫خليف�ة فالزمه)‪ .‬والش�اهد هنا مفه�وم الخليفة المأخوذ م�ن الهدى والرش�د ‪ ،‬والرواية في‬
‫مصن�ف عبدالرزاق (‪ ، )20733‬وهي حس�نة اإلس�ناد ‪« ،‬العراق ف�ي أحاديث الفتن» ألبي‬
‫عبيدة مشهور (‪.)540 :2‬‬
‫((( سنن أبي داود (‪. )4609‬‬

‫‪104‬‬
‫ٍ‬ ‫�ة والت ِ ِ‬ ‫علي ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫اجتهادات في‬ ‫تف�ر َع عنها م�ن‬
‫َّقرير َّي�ة وما َّ‬ ‫الس�ن َِن القول َّي�ة والف َّ‬
‫لمجم�و ِع ُّ‬
‫وضابِط ًا ِبف ِ‬
‫عو ِة ِوعاء ًا جامع ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المذاه ِ‬ ‫صول وفِ ِ‬
‫ِ‬ ‫األُ‬
‫قه‬ ‫ب ‪ ،‬وبهذا ال َفه ِم يكون فق ُه الدَّ َ‬ ‫قه‬
‫المذهبِي ِة في عال َقتِهم بِب ِ‬ ‫صول وع َل ِ‬ ‫�لوك ع ِ‬
‫عض ِهم ال َب ِ‬
‫عض‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ماء‬ ‫ِ ُ‬ ‫لماء األُ‬ ‫الت لِ ُس ِ ُ‬ ‫التَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫الشري َع ِة في ُّ‬
‫الش ِ‬
‫عوب‪.‬‬ ‫ض وعال َقتِهم بِت ِ‬
‫َطبيق َّ‬ ‫والم ِ‬
‫عار ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بالمخالف ُ‬
‫ِ‬
‫وعالقاتهم ُ‬
‫رعي وإقام ِة ح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تكون قانون ًا أو دس�تور ًا لِ َف ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫فالش�ري َع ُة قبل أن‬
‫دود فهي‬ ‫َ ُ‬ ‫رض نظا ٍم َش ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وانعكاسات َش ِ‬
‫رع َّي ٌة‬ ‫دو ٍة َح َس�ن ٍَة‬ ‫ومعصومة وس ٌ ِ‬‫ٍ‬ ‫لذات ُم َط َّه َر ٍة‬‫ٍ‬ ‫ف َد َع ِو َّي ٌة‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫�لوك ل ُق َ‬ ‫ُ‬ ‫مواق ُ‬
‫ِ‬
‫ُصوص‬ ‫ِ‬
‫الس�تفزازات ال َّطب� ِع أو تطوي ِع ن‬ ‫َ‬
‫مجال فيها‬ ‫إيماني ال‬ ‫�م ٍّو‬ ‫لِ َو ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫وس ُ‬‫اني َ‬ ‫ح�ي َر َّب ٍّ‬
‫الش�رعِ‪ ،‬قال فيه تعال�ى‪ :‬ﮋﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ‬
‫َّ‬
‫ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮊ [القلم‪.]٤ - ١ :‬‬

‫يء أو‬‫الش ِ‬ ‫عل َّ‬ ‫الت ُي َحدِّ ُد ُه ِو َّي َة فِ ِ‬


‫قه التَّحو ِ‬ ‫شرعي في فِ ِ‬ ‫أما س�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة فهي ضابِ ٌط ِ‬
‫سنة الداللة ضابط‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬
‫شرعي لم يندرج‬ ‫حديث َن َب ِو ٍّي بِقرين ٍَة يندَ ِر ُج‬
‫ٍ‬ ‫َص ُقرآنِ ٍّي أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وسائل الدَّ ِ‬
‫عوة إلى الله استقرا ًء لن ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ترك ِه من‬
‫ِ‬
‫تحت ضوابط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معناها في النَّص ك ٍ‬
‫علم األصول‬ ‫أمر ُم َع َّي ٍن لم يندَ ِرج‬‫االختالف على ٍ‬ ‫ستفاد عند‬ ‫َجزء من العل ِم ُ‬
‫الم‬ ‫ِّ ُ‬
‫المس�ت َِد ِّل بقولِه‪ :‬هذا لم يكن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تحت ضوابِط عل ِم األُصول عند ال ُعلماء كاس�تدالل ُ‬
‫هد صحا َبتِ ِه ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫الله وال َع ِ‬
‫سول ِ‬ ‫على ِ‬
‫عهد َر ُ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت”‬ ‫ؤون “فِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ش�رعي ًة لما لم يتأصل من ُش ِ‬ ‫فتكون ُس�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة هنا ُح َّج ًة‬
‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ب الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقيدة َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫لوك‪.‬‬ ‫والشري َعة ومرات ِ ُّ‬ ‫في‬

‫واالس�م ُمش�ت ٌَّق م�ن‪ :‬الدَّ لاّ ِل بين‬


‫ُ‬ ‫المحيط»‪( :‬الدِّ ال َل ُة َمصدَ ٌر‬ ‫ق�ال في «القاموس ُ‬
‫يلزم م�ن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كون َّ ِ‬ ‫والمش�تَري ‪ ،‬وف�ي االصطِ ِ‬ ‫ِ‬
‫العل ِم بها‬ ‫الش�يء بحا َلة َ ُ‬ ‫الح‪ :‬ه�ي ُ‬ ‫البائ� ِع ُ‬
‫يء ‪ ،‬أي‪ :‬أشار إليه‪ ،‬وهو أيض ًا‬ ‫الش ِ‬
‫عل ( َد َّل َيدُ ُّل) من َد َّل على َّ‬ ‫وأصل ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ُ‬ ‫َشي ٌء َ‬
‫آخ ُر‪.‬‬
‫عل‬‫قول أو فِ ٍ‬
‫االس�تدالل عليه من ٍ‬
‫ِ‬ ‫الم َع ِّب ُر على ِص َّح ِة ما ُيرا ُد من‬ ‫المس� َتنَدُ َّ ِ‬
‫الش�رع ُّي ُ‬ ‫ُ‬

‫‪105‬‬
‫َّوص ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غي�ر ذلك وهو عند ُف َق ِ‬
‫ه�اء ِعل ِم األُ‬ ‫موق ٍ‬
‫�ف أو ِ‬ ‫تقري�ر أو ِ‬
‫ٍ‬
‫صول ما ُيمك� ُن الت ُّ‬ ‫أو‬
‫مطلوب َخ ِير ٍّي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫صحيح النَّ َظ ِر فيه إلى‬
‫ِ‬ ‫بِ‬

‫عو ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫دليل من فقه الدَّ َ‬‫يتو َّفر له ٌ‬ ‫ِ‬
‫َّحوالت تُع َت َب ُر (الدِّ ال َل ُة) ُبرهان ًا على مالم َ‬
‫ِ ِ‬
‫وفي فقه الت ُّ‬ ‫سنة الداللة في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمعنى‬
‫ً‬ ‫فقه التحوالت إلى الله ضم َن عل ِم األُصول القائ ِم على ُّ‬
‫السن َِن القول َّية والفعل َّية والتَّقرير َّية‪ ،‬أو‬
‫َرك لم يندَ ِرج تحت ِعل ِم‬ ‫عل أو ت ٍ‬ ‫السن َِّة في فِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫مز من القرآن أو ُّ‬ ‫للر ِ‬ ‫تفسير َّ‬
‫ٌ‬ ‫آخ َر (الدِّ ال َل ُة)‬
‫َ‬
‫ص�ول ِضمن ًا أو تصريح ًا‪ .‬وهي ـ أي‪( :‬س�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة) ـ س�نَّ ٌة ترتَبِ ُط ارتِباط ًا ِ‬
‫واعي ًا‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حديث ُعقب َة ِ ِ‬
‫ِ‬
‫لس�ت أخش�ى عليكم أن ت ِ‬
‫ُش�ركوا‬ ‫ُ‬ ‫الس�ابِ ِق ُ‬
‫ذكر ُه وفيه‪« :‬إنِّي‬ ‫بن عام ٍر َّ‬ ‫َ‬ ‫بِ‬
‫يك‬ ‫بعد ِه‪ ،‬وإنَّما الت ِ‬
‫َّشر ُ‬ ‫رك في ُاألم ِة من ِ‬
‫َّ‬
‫الش ِ‬ ‫بعدي‪ ،(((»..‬وهو تفس�ير ِ‬
‫شرع ٌّي النعدا ِم ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ُهم ٌة في األُ َّمة ُبن َيت على َ‬
‫أمر ِ‬ ‫إن جاء من بعده ‪ m‬فإنَّما هو ت َ‬
‫�س ف�ي الدني�ا ‪ ،‬وهي م�ا ع َّبر عن�ه ‪ m‬بقولِ ِه ف�ي الحديث‬
‫سياس� ُة التَّنا ُف ِ‬
‫• َ‬ ‫ ‬
‫الس�ابق‪ ...« :‬ولكن أخش�ى عليكم الدُّ نيا أن تنا َف ُس�وا فيها ‪ ، (((»...‬فتب َّي َن‬
‫المتنافِ َس� ُة على ِ‬
‫قرار‬ ‫قول ُ‬‫نفي ما ألصقت ُه ال ُع ُ‬ ‫ِ‬
‫ع�وة ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫به�ذه الدِّ اللة في فقه الدَّ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والعل ِم من تُهم ِة ِّ ِ‬
‫الحك ِم ِ‬
‫الحك ِم‬‫زو ذلك ُ‬ ‫الش�رك في ُأ َّمة ُم َح َّمد ‪ ، m‬و َع ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬ ‫الرابِ ِع من‬ ‫بالر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫كن َّ‬ ‫غياب العل ِم ُّ‬ ‫إلى‬
‫ان َأ ِي َس َأ ْن‬ ‫•فتن�ة التحري�ش المنصوص عليها في قول�ه ‪« : m‬إِ َّن َّ‬
‫الش� ْي َط َ‬ ‫ ‬
‫ب ِ‬
‫ولك ْن في الت َّْح ِر ِ‬
‫يش َب ْين َُه ْم»(((‪.‬‬ ‫ون في َج ِز َير ِة ال َع َر ِ‬
‫الم َص ُّل َ‬
‫َي ْع ُبدَ ُه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّجه االستفاد ُة من سن َِّة الدِّ ال َل ِة في منه ِج الدَّ ِ‬
‫سم ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫عوة إلى الله على ق َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫و َتت ِ ُ‬ ‫االستدالل بسنة‬
‫قاعدَ ِة الس�ن َِّة الحس ِ‬
‫�نة عند‬ ‫يدخ ُل تحت ِ‬
‫أن ك َُّل م�ا ُ‬ ‫ُ‬
‫االس�تدالل به�ا عل�ى َّ‬ ‫األو ُل‪:‬‬
‫الداللة على ما لم‬
‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫يكن له سابق مثال‬

‫((( البخاري (‪ ، )6590‬ومسلم (‪.)2296‬‬


‫((( البخاري (‪ )4042‬ومسلم (‪. )2296‬‬
‫(( ( صحيح مسلم (‪.)2812‬‬

‫‪106‬‬
‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫ثال س�ابِ ٌق وإنَّما َد َّلت عليه ِدال َل ٌة ن َِّص َّي ٌة من‬‫صول ولو لم يكن له ِم ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ع َل ِ‬
‫ماء األُ‬ ‫ُ‬
‫الل بِ َش ِ‬ ‫ف ُ ِ‬
‫�رط‬ ‫والض ِ‬‫صحيح ال عالق َة له بالبِد َع ِة َّ‬ ‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫الخلفاء فهو ٌ‬
‫مواق ِ‬
‫أو الس�ن َِّة أو ِ‬
‫ُّ‬
‫الصحا َب ُة ئ بعد‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يطمئ ُّن إليه َّ‬
‫صحيح‪ .‬ومن ذلك ما كان َ‬ ‫َص‬ ‫عار َضة لن ٍّ‬ ‫الم َ‬ ‫عَدَ ِم ُ‬
‫س�ول ِ‬
‫الله ‪ m‬ومنها‬ ‫ِ‬ ‫والعبار ِة التي تجري على لِ ِ‬
‫س�ان َر‬ ‫اس�تقرائهم لما وراء ال َّلف َظ ِة ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫�رات لم�ا تَدُ ُّل علي�ه ‪ ،‬وفيها يقول ‪:m‬‬ ‫قو ُل�ه ف�ي الرؤي�ا الصالحة ‪ :‬إنَّها من المب ِّش ِ‬
‫َُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الصالِ َح ُة »(((‪.‬‬
‫الرؤي�ا َّ‬ ‫الم َب ِّش ُ‬
‫�رات‪ ،‬قال‪ُّ :‬‬
‫ِ‬
‫بش�رات ‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ُ‬ ‫الم ِّ‬
‫يبق بعدي إال ُ‬ ‫«ل�م َ‬
‫الح ُل َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشيطان ‪ ،‬فإن َح َل َم أحدُ كم ُ‬ ‫والح ُل ُم من َّ‬
‫الصال َح ُة من الله ‪ُ ،‬‬‫الرؤيا َّ‬ ‫ُ‬
‫وحديث « ُّ‬
‫يسار ِه وليست َِعذ ِ‬
‫بالله منه فلن َي ُض َّر ُه» (((وفي رواية « فل َيت ُفل عن‬ ‫بصق عن ِ‬ ‫يكر ُه ُه فل َي ُ‬
‫َ‬
‫وش ِّرها وال ُيحدِّ ث بها أحد ًا فإنَّها ال ُ‬
‫تض ُّره»‬ ‫الش ِ‬
‫يطان َ‬ ‫يسار ِه ثالث ًا ‪ ،‬وليتعوذ ِ‬
‫بالله من َّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫عت هذا‬ ‫ُنت ألرى الرؤيا هي أث َق ُل علي من الجبل ‪ ،‬فلما س ِ‬
‫�م ُ‬ ‫‪ ،‬قال أبو َس� َل َم َة‪ :‬إن ك ُ‬
‫َّ َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ُنت ُأباليها(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫الحديث فما ك ُ‬
‫سول ِ‬
‫الله ‪ « m‬من‬ ‫قه الدِّ ِ‬
‫اللة ‪ :‬ما رواه أبو هرير َة رضي الله عنه قال‪ :‬قال َر ُ‬ ‫ومن فِ ِ‬

‫ث حديث ًا ف َع َط َس فهو َح ٌّق »(((‪.‬‬


‫َحدَّ َ‬

‫َ�ن و ُم ِضلاّ تِها وم�ا ينت ُُج عنها من‬ ‫االنحرافات ِ‬


‫والفت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫االس�تدالل به�ا عل�ى‬ ‫الثاني‪:‬‬
‫البدعة الدينية‬
‫ِ‬
‫واالرتباطات ون ٍ‬
‫َقض‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫ٍ‬
‫وإفساد في‬ ‫وفساد في الدِّ ِ‬
‫يانة والتَّد ُّي ِن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ودمار‬ ‫َحو ٍل‬
‫والبدعة الدنيوية‬ ‫ت ُّ‬
‫كالهما مذمومان‬ ‫ِ‬
‫إذا انعدمت‬ ‫نح ِر َف ِة في التَّربِ َي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بض لل ُعلماء وإعداد الواق ِع المخدو ِع ل َقبول ال َبرام ِج ُ‬
‫الم َ‬
‫ِ‬
‫للعل� ِم و َق ٍ‬
‫ضوابطهما‬ ‫ِ‬ ‫االجتماع َّي ِة‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّجار ِة واإلعال ِم‬ ‫ِ‬
‫اإلدخاالت‬ ‫وأن هذه‬ ‫والحياة‬ ‫والتَّعلي� ِم واالقتصاد والت َ‬
‫الشرعية‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )6990‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪. )3292‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )6037‬‬
‫((( ضعيف ‪« ،‬مجمع الزوائد» للهيثمي (‪.)62 :8‬‬

‫‪107‬‬
‫أمري‬ ‫َّأصيل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫�ة أمر بِ ِ‬
‫م�ور الحياتِي ِ‬
‫ف�ي األُ ِ‬
‫الش�رع ِّي في َ‬ ‫وإح�داث في قواع�د الت‬ ‫دع ٌّي‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫واآليات القرآن َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫َّبو َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫األحادي�ث الن ِ‬ ‫خالل اس�تِ ِ‬
‫قراء‬ ‫ِ‬ ‫ف ذلك من‬ ‫ويعر ُ‬
‫الدِّ ين والدُّ نيا َ‬
‫ِ‬ ‫الرابِعِ‪َ ،‬و َ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تبر ُز بها‬ ‫ف�ق مفهو ِم الدِّ ال َلة التي ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫المنصوص عليها في اس�تدالالت ُّ‬
‫تبر ُز بها‬ ‫ِ‬ ‫صور الت ِ‬ ‫صر من ُع ِ‬
‫نوح في ك ُِّل َع ٍ‬
‫والج ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّاريخ اإلسالم ِّي ‪ ،‬كما ُ‬ ‫ور االنحراف ُ‬ ‫ُص ُ‬
‫المريض ِة التي وصفها الل ُه في ال ُقرآن‬
‫ِ (((‬
‫َ‬ ‫فات ال ُق ِ‬
‫لوب‬ ‫وتصر ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫واإلرجاف‬ ‫ُصور الن ِ‬
‫ِّفاق‬ ‫ُ‬
‫جال والن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫حياة الر ِ‬ ‫واه ِر وما دون ذلك من ِ‬
‫وتعليل ال َّظ ِ‬
‫ِ‬ ‫على مستوى ِ‬
‫العل ِم وال َق ِ‬
‫رار‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الوجه‬ ‫ف بها في‬ ‫يع�ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وجماعات و ُأ َّم� ًة على مدى‬ ‫أفراد ًا و ُأ َس�ر ًا‬
‫َّحول كما َ‬‫تاريخ الت ُّ‬
‫لفائ ِه الر ِ‬
‫وخ ِ‬ ‫رس�ول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المع َت َب ِر عند‬ ‫المقابِ ِ‬
‫اش�دين‬ ‫َّ‬ ‫الله ‪ُ m‬‬ ‫صحابة‬ ‫�ج ُ‬ ‫�ل سلام ُة َ‬
‫المنه ِ‬ ‫ُ‬
‫اه َي َة فيس�ت َِنقصون‬ ‫َ‬
‫ُفر ُز طِبا ُعهم ِ‬
‫الحقدَ والكَر ِ‬ ‫المت َق ِّولين الذين ت ِ‬ ‫ِ‬
‫‪،‬ور ُّد َت َق ُّول ُ‬
‫المهد ِّيين َ‬
‫ِ‬

‫وخاص ًة الذين‬ ‫األو ِل‬ ‫للص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�ن مراتِ ِ‬
‫َّ‬ ‫�در َّ‬ ‫الصح َبة ويقدَ حون في سلامة االجتهاد َّ‬ ‫ب ُّ‬
‫َّبي ‪ m‬في حياتِ ِه ‪.‬‬
‫ُصوص الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫حصن َُتهم ن‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫واالكتش�افات‪،‬‬ ‫ات العلو ِم والمختَر ِ‬
‫عات‬ ‫َجدَّ ِ‬‫االس�تدالل به�ا على مس�ت ِ‬
‫ُ‬ ‫ال َّث ُ‬
‫الث‪:‬‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫االستدالل بسنة‬
‫الكتاب والس�نَّةِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ونس�م ُع ونُش�اهدُ من دالالت في‬ ‫ِ‬
‫لكثي�ر م�ن جديدها ما نرى‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫وأن‬ ‫الداللة على‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫َّفس�ير على ِعل ٍم بها لِعدَ ِم و ِ‬ ‫مسنجدات العلوم‬
‫جودها في‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صول والت‬ ‫لم يكن ال ُعلما ُء عند َوض ِع ِعل ِم األُ‬
‫َّبو َّي ِة‬
‫واألحادي�ث الن ِ‬
‫ُ‬ ‫اآلي�ات القرآنِ َّي ُة‬
‫ُ‬ ‫زمانِه�م؛ ولكنَّها ظه�رت فيما بعدُ ‪ ،‬وصارت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفس�يرها بما في‬ ‫الم َت َقدِّ مين في‬ ‫ور َّبما دلت على فس�اد َفه ِم ُ‬ ‫تَ�دُ ُّل دالل� ًة عليها‪ .‬ب�ل ُ‬
‫َ‬
‫الفصل ال َعلاَّ َم ُة‬ ‫الس�ابِ َق ِة‪ ،‬وقد أش َب َع هذا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫زمانِهم أو َربطِها بِ َب ِ‬
‫عض التَّعليالت الكون َّية َّ‬
‫العصر َّي ِة لما أخبر به َس ِّيدُ ال َب ِر َّي ِة»‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االختراعات‬ ‫ِ‬
‫«مطابقة‬ ‫مار ُّي في كتابِ ِه‬
‫أحمدُ ال ُغ ِ‬

‫ياس� ٌة ال ِديا َن ٌة‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن هذه الس�نَّ َة تَدُ ُّل أيض ًا على َّ ِ‬
‫أن ظاه َر َة التَّش�ريك والتَّكف ِير س َ‬ ‫ُّ‬ ‫كما َّ‬
‫ظاهرة التشريك‬
‫ليست ديانة‬

‫((( في سورة (براءة) و(المنافقون) وغيرها من سور العالمات الخاصة بفقه التحوالت‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫ف�اء واالهتِ ِ‬
‫داء‬ ‫والهلاك كما أنَّه�ا أيض ًا ِدال َل ٌة عل�ى االقتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االقتتال‬ ‫ب ف�ي‬‫وأنَّه�ا َس� َب ٌ‬
‫ِ‬
‫الوجه‬ ‫ُّصوص واالس�تِ ِ‬
‫دالل بها عل�ى َغ ِير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحريف الن‬ ‫باألُ َم� ِم الكافِ َر ِة التي س�بقت بِت‬
‫فاء الر ِ‬‫الخ َل ِ‬ ‫بمواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اشدين‬ ‫َّ‬ ‫ف ُ‬ ‫َّبي ‪ m‬وال عال َق َة لها‬ ‫حيح إذ ال عال َق َة لها بِ ُس�نَّة الن ِّ‬
‫الص ِ‬ ‫َّ‬
‫ور ُة القاتِ َم ُة التي‬
‫َ‬ ‫الص‬
‫ُّ‬ ‫�ي هذه‬ ‫َ‬ ‫َنج ِل‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫مكان أن ت‬ ‫رور ِة بِ‬
‫َ‬ ‫الض‬
‫َّ‬ ‫وإن ِمن‬
‫بعد ِه‪َّ ،‬‬
‫هديي�ن ِم�ن ِ‬
‫ِّ‬
‫الم ِ‬
‫َ‬
‫مدارس القبض‬
‫ِ‬ ‫معر َف ِة‬
‫ميع إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسلام َّي َة في َع ِ‬ ‫أصاب�ت األُ َّم َة‬
‫والنقض‬ ‫األمر‬ ‫والو َه ِن ويع�و َد َ‬
‫الج ُ‬ ‫صر ال ُغثاء َ‬
‫وظاهرة تحريف‬
‫النصوص‬
‫ص�ول و ُفرو ُع ُه عن ِع َّل ٍة َ‬
‫أدخ َلتها‬ ‫ِ‬ ‫لم األُ‬ ‫ِ‬ ‫عل�ى ُأصولِ ِه َّ ِ ِ‬
‫الش�رع َّية‪ ،‬وبهذا ال َفه ِم َي َت َط َّه ُر ع ُ‬
‫غير ُح َّج ٍة‪،‬‬‫�رع ِّي على ِ‬‫الش ِ‬ ‫اإلسلامي ِ‬
‫والعل ِم َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫َّقض إلى ِ‬
‫الجس� ِم‬ ‫بض والن ِ‬ ‫ِ‬
‫مدار ُس ال َق ِ‬
‫ف األُ َّم ِة‪.‬‬‫حيح ِة التي عاش عليها َس َل ُ‬
‫الص َ‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص وال ُفهو ِم َّ‬
‫ِ‬
‫تحريف الن‬ ‫وهي ِ‬
‫ظاه َر ُة‬

‫َّبي ‪m‬‬ ‫ُ‬


‫األجي�ال ال َّثال َث ُة التي ع�اش فيها الن ُّ‬ ‫ف األُ َّم ِة» القرون‬
‫والمقص�ود بِـ«س� َل ِ‬
‫ُ َ‬
‫الله ‪ m‬بِ َسلا َمتِهم وسلا َم ِة‬
‫س�ول ِ‬ ‫�هدَ لهم َر ُ‬ ‫ٍ‬
‫بإحس�ان كما َش ِ‬ ‫والتَّابِ ُعون وتابِ ُعوهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صحيح‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َص‬‫مرح َلتهم ؛ ما عدا َمن صدر في َح ِّقه ن ٌّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قاعدَ ةٌ‪:‬‬ ‫رع َّي ِة ‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫وات ‪ :‬بالحصان َِة َّ‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫قاعدَ ةٌ‪ :‬سالم ُة المرح َلة ‪ :‬بالن ِّ‬
‫َّص ‪ ،‬وسال َم ُة َّ‬
‫سالم ُة المرح َل ِة‪:‬‬
‫بالن َِّّص‬ ‫القاعدَ ِة َسنَدَ ًا وأخالق ًا ‪ ،‬وهم‬
‫وافق مفهوم ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وال تن َطبِ ُق الع َ‬
‫بار ُة على َمن بعدَ ُهم إال ما َ‬
‫ِ‬
‫الذوات‪:‬‬ ‫سالم ُة َّ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رعيةِ‬
‫َّ‬
‫الش ِ‬
‫َّ‬ ‫بالحصان ِ‬
‫َة‬ ‫بإحس�ان إلى يو ِم الدِّ ين‪ ،‬قال تعال�ى‪ :‬ﮋﭖﭗﮊ [التوبة‪، ]١٠٠:‬‬ ‫المتابِعون لهم‬
‫وشرف االلتِزا ِم‬
‫َ‬ ‫المت َِّص ِل‬ ‫ِ‬
‫ف االتِّبا ِع بِ َّ‬
‫السنَد ُ‬
‫ٍ‬
‫بإحسان هم الذين َح َملوا َش َر َ‬ ‫والمتَّبِعون‬
‫ُ‬
‫باألخالق واالستقا َم ِة‪.‬‬
‫ِ‬

‫الشهادات‬
‫عو ِة‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ُصوص المرح َلة الم ِّك َّية َ‬
‫والمدَ ن َّية في شأن فقه الدَّ َ‬ ‫َ‬ ‫َقر ُئ ن‬ ‫إن ُس�نَّ َة الدِّ الل َة تس�ت ِ‬
‫َّ‬
‫الشرعية من‬
‫الله ‪ m‬توثيق ًا‬ ‫سول ِ‬
‫س�ان ر ِ‬ ‫�رعي ُة التي صدرت من لِ ِ‬ ‫�هادات َّ ِ‬ ‫إلى ِ‬
‫الله وتُع َت َب ُر َّ‬
‫لسان رسول الله‬ ‫َ‬ ‫الش َّ‬ ‫ُ‬ ‫الش‬
‫‪ m‬لصحابته‬
‫الخال َف ِة‬
‫َّاقضين لِسالم ِة مرح َل ِة ِ‬
‫َ َ‬
‫لعدا َل ِة صحابتِه بل وتقدَ ح في ُعمو ِم المعت َِرضين والن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حصانة ال تنقضها‬
‫األحداث‬ ‫الجار َي ِة‪،‬كما تُعيدُ هذه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحداث‬ ‫ِ‬
‫ص�ف‬ ‫األول�ى مهما كانت حجتُهم ِ‬
‫القائ َم ُة على َو‬ ‫ُ َّ‬

‫‪109‬‬
‫ِ‬
‫اإلش�ارات التي‬ ‫�ة‬ ‫ث وهندَ س ِ‬
‫الحواد ِ‬
‫ِ‬ ‫اإلسلامي ُمقت َِرن ًا بِت ِ‬
‫َمييز‬ ‫الس�نَّ ُة ق�را َء َة الت ِ‬
‫َّاريخ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫اعة ما بي َن ُم ِح ٍّق‬ ‫هد ِه إلى قيا ِم الس ِ‬
‫َّ‬
‫َّاس من َع ِ‬ ‫الله ‪ m‬على س ِ‬
‫�لوك الن ِ‬ ‫ُ‬
‫س�ول ِ‬ ‫َد َّل َل بها َر ُ‬
‫ِ‬ ‫ؤم ٍن ومنافِ ٍق‪ ،‬كما ت ِ‬ ‫ب وم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الم َس َّي َس َة‪،‬‬
‫سير َة الدَّ َّجال َّي َة ُ‬
‫الم َ‬
‫�ف َ‬‫َكش ُ‬ ‫ُ‬ ‫و ُمبط ٍل وصادق وكاذ ٍ ُ‬
‫الخطير الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫واه ِر الدَّ َّجالِ َّي ِة‬
‫كشف ِه لل َّظ ِ‬
‫وتَربِ ُط بين النَّص النَّب ِوي ساع َة ِ‬
‫عمي‬ ‫ِ ُ‬ ‫واندراجها‬ ‫ِّ َ ِّ‬
‫ِ‬
‫رافات والتَّحا ُلفات بين‬ ‫ِ‬
‫االنح‬ ‫اإلسلام َّي ِة حتى اليو َم وما يت َب ُعه�ا من‬
‫ِ‬ ‫ظير ِة‬ ‫ِ‬
‫الح َ‬‫ضم َن َ‬
‫َّهج َّ ِ‬ ‫حيح ِة والن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ِ ِ ِ‬
‫وي على مدى الت ِ‬
‫َّاريخ‪.‬‬ ‫الس ِّ‬ ‫الشرع ِّي َّ‬ ‫الص َ‬‫جاج َلة ضدَّ الدِّ يانة َّ‬
‫ِ‬
‫االعتدال‬ ‫وضوح مدرس َة‬
‫ٍ‬ ‫ف والدِّ ال َل ِة ـ ُي ِبر ُز بِ‬
‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫َيه‪ُ :‬سن َِّة‬
‫الت ـ بسنَّت ِ‬
‫ُ‬
‫إن فِقه التَّحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ َ‬ ‫مدرسة االعتدال‬
‫اإلفراط والتَّفريطِ‬
‫ِ‬ ‫وض في َط َر َف ِي‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشرع َّية في ُأ َّمة اإلسال ِم بعيد ًا عن َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والو َسط َّية َّ‬ ‫والوسطية‬
‫َ‬
‫الخ ِ‬ ‫بعض الم ِ‬ ‫س�لمين أن ُف ِس�هم أو بي�ن‬ ‫وموقعها من فقه س�واء كان بي�ن الم ِ‬
‫طير‬ ‫س�لمين في ُم ُيوله�م َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫التحوالت‬
‫ِ‬
‫االجتماع َّي‬ ‫َّركيب‬ ‫ومش�اريع ِه األَن َِو َّي ِة‪ ،‬المش�اري ِع التي ن َ‬
‫َخ َرت الت‬ ‫ِ‬ ‫لالنحراف الكافِ ِر‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫س الجانِ َح ِة‬
‫دار ِ‬‫الم ِ‬
‫ور َ‬
‫ِ‬
‫المعاص َر والت�ي أبرزت َد َ‬ ‫واإلعالمي ُ‬‫َّ‬
‫والدِّ ين�ي واالقتِ ِ‬
‫صاد َّي‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫صوص ‪.‬‬ ‫هور مرح َل ِة ال ُغ ِ‬
‫ثاء ُ‬
‫بالخ‬ ‫ومنذ ُظ ِ‬
‫َّاريخ ِّي بال ُعمو ِم ُ‬ ‫عبر التَّسلس ِل الت ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫�ة فِ ِ‬
‫�ف مقرونَ� ًة بدراس ِ‬‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫وس�ن َِّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قه‬ ‫َ‬ ‫أه ِّم َّي� ُة العل� ِم بِ ُس�نَّة الدِّ ال َل�ة ُ‬
‫لق�د تع َّينَ�ت َ‬
‫ِ‬ ‫الرابِ ِع من‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أركان‬ ‫ك�ن َّ‬ ‫َّحوالت مقرون ًا بِ َمش�روع َّية ُّ‬
‫الر ِ‬ ‫در ُس فقه الت ُّ‬ ‫َّح�والت كما ُي َ‬ ‫الت ُّ‬
‫البعض إنما هو ِ‬
‫خار ٌج‬ ‫ِ‬ ‫الس�لبِ َّي لهذا الموضو ِع ل�دى‬ ‫ي�ن وعلى هذا َفإِ َّن الت ُ‬
‫َّناو َل َّ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫الذي ينازع ما‬
‫كر ِة‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫الشرع ِّي الذي نحن بِ َصدَ ده ‪ ،‬أي‪ :‬بمعنى أن المناق َش ل َفساد الف َ‬
‫دالل َّ ِ‬‫دائر َة االستِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫نحن بصدده إما‬
‫ِِ‬ ‫لجهله بالركن‬
‫هل بهذه‬ ‫للج ِ‬‫خار ِج الموضو ِع الذي نحن بِ َصدَ ده َ‬ ‫ث ِم�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫المن�از َع فيها إنما َيت ََحدَّ ُ‬ ‫الرابع أو لرفضه أو‬
‫فإن ثوابِ َت َّ‬ ‫الش ِ‬‫�ي لِ َقبولها ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�ر ِع قد ب َّينت‬ ‫�رع ِّي ‪ ،‬وإال َّ‬ ‫ال َّثوابِ�ت أو رفض�ه ال َّطبع ِّ‬ ‫ال َّط ْبعي له‬
‫ِ‬ ‫�ت ر ِ‬
‫ِ‬
‫الم َع ِّل ُم األع َظ ُم ‪m‬‬ ‫يبق إال ال َق ُ‬
‫بول لما ج�اء به ُ‬ ‫األركان ولم َ‬ ‫باع َّي َة‬ ‫َّ�ص ال َّثابِ ُ‬
‫بالن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يحص َل اإللما ُم التَّا ُّم بما يترت ُ‬
‫َّب‬ ‫الركن َّية وتفريعاتها حتى ُ‬ ‫تفاصيل ُّ‬ ‫ُث َّم التَّدَ ُّر ُج في َفه ِم‬
‫ب مع وظي َفتِ ِه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫على هذا الفقه الدَّ َع ِو ِّي من ُسن ٍَن َ‬
‫تتناس ُ‬

‫‪110‬‬
‫ِ‬
‫ص�ول‬ ‫َّقلي�دي ـ لِع َل ِ‬
‫م�اء األُ‬ ‫لم�ي الت ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الس�ا َع ِة ف�ي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫موقع عالمات‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫القام�وس الع ِّ‬ ‫إن عالم�ات ّ‬
‫المنصوص الساعة من علماء‬ ‫حيث ِ‬
‫قواعدُ ُه‬ ‫اإلسالم ِّي من ُ‬‫ِ‬ ‫بالف ِ‬
‫قه‬ ‫وال ُفرو ِع ـ ليست فِقه ًا وال عالق َة لها ِ‬
‫ُ‬
‫الفقه التقليدي‬ ‫عليها عند ع َل ِ‬
‫أركان الدِّ ين بِ ِص َل ٍة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫صول‪ ،‬ولهذا فهي أيضا عندهم ال ت َُم ُّت إلى‬ ‫ِ‬ ‫ماء األُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫يخ على ال َّثوابِ ِ‬ ‫عبر الت ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫إيمان ‪،‬‬ ‫الثالثة (إسلا ٌم ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫َّار ِ‬ ‫ألن ثوابِ َت الدِّ يانَة لديهم قامت َ‬
‫َّ‬
‫ٌ‬
‫إحسان)‪ .‬وإنما تذكر في مصنفاتهم تحت باب (اإليمان باليوم اآلخر)‪.‬‬

‫ب‬ ‫الجديدة في الجانِ ِ‬


‫ِ‬ ‫والجماعات والرؤى المذهبِي ِ‬
‫�ة‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫الف ِ‬
‫ئ�ات‬ ‫مواقف ِ‬
‫ِ‬ ‫ب�ل وحتَّى‬
‫موقف الجماعات‬
‫ج َّر َد ِة الجديدة من فقه‬
‫الم َ‬
‫ِ ِ‬
‫كمها إ ّما على العاط َفة ُ‬
‫ِ‬
‫وتسييس التَّوحيد‪َ ،‬بنَت ُح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقرار‬ ‫بالحك ِم‬
‫الخاص ُ‬‫ِّ‬
‫التحوالت‬ ‫قه التَّح�و ِ‬
‫ف في فِ ِ‬
‫والمواق ِ‬
‫ِ‬
‫الت ‪ ،‬أي‪َ :‬بنَت‬ ‫ُّ‬ ‫العل ِم بِمفهو ِم ُس�ن َِّة الدِّ ال َل ِة‬
‫أوعل�ى عَ�دَ ِم ِ‬
‫الش ِ‬
‫رع ِّي‪.‬‬ ‫دائ َر ِة الت ِ‬
‫َّقرير َّ‬ ‫ين عن ِ‬ ‫ِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬ ‫كمها بِ ِغ ِ‬
‫ياب ُر ٍ‬
‫كن من‬ ‫ُح َ‬

‫ص�ول الن َِّّص َّي ِة)((( الت�ي بنى عليه�ا ال ُع َلما ُء فِق َه‬
‫ِ‬ ‫�ة إلى (األُ‬‫بينم�ا عندم�ا نعود بِر ِوي ٍ‬
‫ُ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ن ذاتِها ن ِ‬ ‫ِ‬
‫وجزء ًا‬‫أحدَ ُم ِه َّم�ات المرح َلة ُ‬ ‫الس�اعة كانت َ‬ ‫أن عالمات ّ‬ ‫َج�دُ َّ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫والمواق ِ‬
‫ِ‬ ‫والعالقات والس ِ‬
‫لوك‬ ‫ِ‬ ‫إصدار األحكا ِم والفتاوى‬ ‫ِ‬ ‫لم َّي ِة في‬
‫الع ِ‬
‫من ثوابِتِها ِ‬
‫ُّ‬
‫في‬ ‫ِ‬
‫المعر ُّ‬ ‫الز َمنِ ُّي اللاّ ِح ُق واالستحوا ُذ‬‫رح ُل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫صور ٍة ِ‬
‫غير ُمع َلنَة‪ ،‬حتى جاء الت ََّم ُ‬ ‫ولك ْن بِ َ‬
‫هام ِش� ّي ًا‬‫العالمات ِ‬
‫ِ‬ ‫كر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاو َل في ال َّثوابِت ال َّثال َثة فقط حتى صار ذ ُ‬ ‫�ق فحصر التن ُ‬
‫ِ‬
‫الماح ُ‬
‫غيان َأ َث ِر الم ِ‬
‫َّدوين و ُط ِ‬ ‫وخاص ًة بعد َع ِ‬ ‫اله ِو َّي ِة‪،‬‬
‫ين‬‫ضوض في الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك ال َع‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫صر الت‬ ‫َّ‬ ‫ومن َف ِر َد ُ‬
‫الج َبروتِ َّي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والدَّ و َلة َ‬
‫�ة م َؤكِّدي�ن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إعادة القراءة‬
‫فائدَ َة‬ ‫وله�ذا فإنَّ�ا ن ََض ُع هذه المس�أ َل َة على بِس�اط البح�ث بقناعة تا َّم ُ‬
‫لرباعية األركان‬ ‫لز ِمين الدَّ ِار َس‬ ‫ِ‬
‫األركان و ُم ِ‬ ‫الش ِ‬
‫�رع ِّي من‬ ‫موق ِع ِه َّ‬
‫كن الرابِ ِع إلى ِ‬
‫الر ِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ال َع َم ِ‬
‫�ل على إعا َدة ُّ‬
‫ضرورة ملحة‬
‫باختصاص ِه‬
‫ِ‬
‫اص مع ت ََم ُّي ِز هذا ُّ‬
‫الر ِ‬
‫كن‬ ‫الركنِ َّي ِة وفِ ِ‬
‫قهها َ‬
‫الخ ِّ‬ ‫ب أن يربِ َط بين هذه ُّ‬
‫ِ‬
‫وال َّطال َ‬

‫((( األصول النصية‪ :‬أسس االستنباط كالحديث النبوي والقرآن‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫َجدٌّ وال عال َق َة‬ ‫أن هذا ِ‬
‫الفق َه مس�ت ِ‬ ‫ِ‬
‫باعتبار َّ‬ ‫قه الدَّ عو ِة إلى ِ‬
‫الله تعالى)‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫َّوع�ي (فِ ِ‬‫الن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫عل َّي ِة‬ ‫الخاص بالسن َِن القولِي ِة ِ‬
‫والف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫س�بق تأصي ُل ُه لدى ال ُعلماء من الفقه َ ِّ‬ ‫له أل َب َّت َة بما قد َ‬
‫حيث ِ‬
‫الوح�دَ ُة ال َعا َّم ُة في‬ ‫وقواع ِد ِه إال من ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص�ول‬ ‫�ة بِ ِعل ِم األُ‬
‫ذات العال َق ِ‬
‫�ة ِ‬‫َّقريري ِ‬
‫والت ِ َّ‬
‫فهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والسنَّة‪ ،‬فل ُي َ‬
‫بالكتاب ُّ‬ ‫االرتباط‬
‫ِ‬
‫مس�ائ ِل‬ ‫الكام ِل) في‬‫ِ‬ ‫�رع َّي ِة (إعا َد ُة الن ِ‬
‫َّظر‬ ‫الش ِ‬ ‫العل ِم وتفصيالتِ ِه َّ‬ ‫ويترتَّ�ب على ه�ذا ِ‬
‫ُ‬ ‫الصراع التاريخي‬
‫ِ‬
‫ذهبِ َّية بِ ُعمومهم)‪ ،‬وكذلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬ ‫راع بين ( ُع َلماء َ‬ ‫الص َ‬ ‫بين المذاهب الخال َفة واالختالف التي َع َّمقت ِّ‬
‫ذهبِ ّي ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحتاج إلى إعادة الصرا ِع بين مس�م ِ‬
‫كالصرا ِع التَّاريخ ِّي سياس� ّي ًا و َم َ‬ ‫االجتماعي‪ِّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫ل‬ ‫َّمرح‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫يات‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫نظر‬
‫ِ‬
‫مجموعات‬ ‫�ة)‪ ،‬وبين غيرهم م�ن‬ ‫�لفي ِة والصوفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫بي�ن (الس�ن َِّة ِّ ِ‬
‫ّ َّ‬ ‫(الس َّ‬‫والش�ي َعة) وبين َّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج َس ِد‬ ‫ِ‬ ‫التَّكت ُِّل‬
‫المعلول‪.‬‬ ‫اإلسالم ِّي‬ ‫االنفعالي داخ َل َ‬
‫ِّ‬

‫الذ ِّم ِّي والكافِ ِر‬ ‫السلا َم ِة وعَدَ ِمه�ا في العال َق ِة مع الكافِ ِ‬
‫�ر َّ‬ ‫َّب عليه ِ‬
‫معر َف ُة َّ‬ ‫كم�ا يترت ُ‬
‫مع قوى االستِ ِ‬
‫عمار‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحربي‪ ،‬وحدُ ود هذه العالقات‪ ،‬ومش�روع َّية التَّعا ُم ِل أو عَدَ مه َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المس�يط َرة على ُم َقدَّ رات األُ َّمة في مراح ِل ال ُغثاء َ‬
‫والو َه ِن‪،‬‬ ‫واالستثمار ُ‬ ‫واالس�تهتار‬
‫واالستتبا ِع أو عَدَ ِم ِه‪ ،‬وتداعي األُ َم ِم (األَ َك َل ِة) على َقص َع ِة ال َّطعا ِم‪ ،‬فلعل وعسى‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫لات وم َا تَرتَّبَ عَلَيهِ‬ ‫الع ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫حو ِ‬‫لـم ِبفقه الت َّ ُّ‬ ‫ياب ِ‬
‫غ ُ‬
‫الق َرا َء ِة‬
‫الش�رعي لم�ا وراء ِ‬
‫ِّ‬ ‫الت ِ‬
‫معر َف ُة ُ‬
‫الحك� ِم َّ‬ ‫ق�ه التَّح�و ِ‬
‫ُّ‬
‫العل� ِم ِبف ِ‬
‫�ات ِ‬
‫م�ن م ِهم ِ‬
‫ُ َّ‬
‫وتنزيل المعان�ي الم ِ‬
‫راد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحديد األح�كا ِم‬ ‫الق�را َء ِة من‬
‫ُّص�وص وما يترتَّ�ب على ِ‬
‫ِ‬ ‫للن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عامالت ِ‬
‫والق َي� ِم‪ ،‬وقد وقع العديدُ‬ ‫ِ‬ ‫والم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص على العقائ�د والعبادات ُ‬ ‫بها ف�ي الن‬
‫ِ‬
‫تنزيل المعاني‬ ‫ِ‬
‫وتحميله�ا عند‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص‬ ‫الفتن َِة) في َش�ر ُف ِ‬
‫هومهم لهذه الن‬ ‫م�ن (ع َل ِ‬
‫ماء ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّأوي�ل‪َ ،‬بدء ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫بمراحل‬ ‫وس�وء الت‬ ‫واألح�كا ِم على ما َب�دَ َر ل ُعقولهم من ال َفه ِم َ‬
‫والوه ِم‬
‫ِ‬
‫ّأصيل‪.‬‬ ‫َّنزيل و ُمرور ًا بِ َمرح َل ِة الت‬
‫الت ِ‬
‫الخوارج ِ‬
‫واض ٌح و َب ِّي ٌن كما‬ ‫ِ‬ ‫وأع َظ ُم ما وقع فيه (أولئك) ُش� َب ُه الت ِ‬
‫َّكفير ومقا ُلها عند‬
‫و(المعت َِز َل ُة)‬
‫ُ‬ ‫و(الس َب ِئ َّي ُة)‬
‫َّ‬ ‫(الرافِ َض ُة)‬ ‫ِ‬
‫َّحوالت‪ ،‬ومث ُله ما وقع فيه َّ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ُصوص فقه الت ُّ‬ ‫هو في ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأش�باه ُهم وأمثا ُلهم في ال ُع ِ‬ ‫و(القرام َط ُة) و(الباطِنِ َّي ُة)‬
‫ِ‬
‫الس�ابِ َقة‪ ،‬وس� َب ُب ُه غ ُ‬
‫ياب‬ ‫صور ّ‬ ‫ُ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‪.‬‬ ‫العل ِم بِ ِف ِ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬

‫كبير ٌة‬
‫َ‬ ‫طور ٌة‬
‫َ‬ ‫واإلسالم َّي ِة ُخ‬
‫ِ‬ ‫عات ال َع َربِ َّي ِة‬
‫العل ِم اليوم في المجتَم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ياب هذا ِ‬ ‫كما كان لِ ِغ ِ‬
‫ماذا حصل من‬
‫هماء ـ فيما أخبر عنه ‪ m‬من الوهن وال ُغ ِ‬
‫ثاء الخطأ بغياب فقه‬ ‫ِ‬ ‫ماء ـ َفض ً‬
‫ال عن الدَّ‬ ‫أدت إلى وقو ِع الع َل ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫التحوالت‬ ‫أمر التَّحو ِ‬
‫الت أو عَدَ ِم الت ِ‬
‫َّمييز في‬ ‫ُّ‬ ‫بالح َير ِة في ِ‬
‫اص ًة فيما يتع َّل ُق َ‬ ‫واس�تتبا ِع األُ َم ِم‪َ ،‬‬
‫وخ َّ‬
‫الباطل المنت ِ‬ ‫مواق ِفهم‪،‬‬
‫سالمة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َحلين صف َة‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬ ‫المنصوص على‬ ‫معر َفة ألسنَة َ‬
‫الح ِّق‬
‫«ستكون فِ َت ٌن ُيصبِ ُح‬
‫ُ‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫ُصوص فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫يقول ‪ m‬في ن‬ ‫وأهل ِه‪ ،‬وفي ذلك ُ‬ ‫الحق ِ‬ ‫ِّ‬
‫ل�م هنا في َأ َح ِد‬ ‫ِ ((( ِ‬
‫الر ُج ُ�ل فيها مؤمن ًا و ُيمس�ي كافر ًا إال َمن أحي�ا ُه الل ُه بالعل ِم» والع ُ‬
‫َّ‬

‫((( اب�ن ماج�ه (‪ ، )4089‬والطبراني في الكبير (‪ ، )7910‬إس�ناده ضعيف ‪« ،‬موس�وعة الفتن»‬


‫(‪.)89‬‬

‫‪113‬‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت والل ُه أع َل ُم‪.‬‬ ‫العلم ِبف ِ‬
‫معانيه ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫أحاديث منها حديث «س�تكون ِفت ٌَن ُيصبِ ُح َّ‬


‫الر ُج ُل‬ ‫َ‬ ‫وف�ي هذا المعن�ى وردت ِعدَّ ُة‬
‫ل�م»((( ‪ ،‬ومعناه َم�ن حما ُه الل ُه‬ ‫الله ِ‬
‫بالع ِ‬ ‫فيه�ا ُمؤمن� ًا و ُيمس�ي كافر ًا إال ُم ِ‬
‫ؤمن ًا حش�ا ُه ُ‬
‫ُ‬
‫«ستكون‬ ‫محش ّو ًا به‪ ،‬وفي «فيض القدير» ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫صاح ُبه ُ‬ ‫وصا َنه وح ِف َظه ِ‬
‫بالعل ِم بأن يكون‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ناوي‪:‬‬
‫الم ُّ‬ ‫لم» ‪ ،‬قال ُ‬ ‫الله ِ‬
‫بالع ِ‬ ‫ِفت ٌَن ُيصبِ ُح َّ‬
‫الر ُجل فيها مؤمن ُا و ُيمسي كافر ًا إال من أحياه ُ‬
‫الفت َِن بما يع َل ُم ِم ّما يس�تَ نبِ ُط ُه‬
‫مواق َع ِ‬
‫فيتج َّن ُب ِ‬
‫بصيرة من أمره و َب ِّين ٍَة من َر ِّب ِه َ‬
‫ٍ‬ ‫أل َّنه على‬
‫من األحكا ِم(((‪.‬‬

‫اإلسلامي من أيدي المس�لمين ُعموم ًا إلى‬


‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫األم�ر َح َرج� ًا بعد ن ِ‬
‫َقض‬ ‫َ‬ ‫وزاد‬
‫َّبي ‪ m‬ف�ي أحاديثِه‬ ‫وخاص ًة فيما َّ‬
‫س�ماه الن ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اليهود والنَّص�ارى‬ ‫أعدائه�م م�ن‬ ‫ِ‬ ‫أي�دي‬
‫ق�ه التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫حيح�ة ب�ـ (تداعي األُم� ِم) وتداعي األُم� ِم إذا قرأن�اه ِمن واق ِع فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫�ك أن تداعى عليكم‬ ‫بحديث‪ِ :‬‬
‫(يوش ُ‬ ‫ِ‬ ‫الواع َي ِة َس�ن َِجدُ ُه يرتَبِ ُط ارتباط ًا وثيق ًا‬
‫ِ‬ ‫ودراس�تِ ِه‬
‫َ‬
‫سول ِ‬
‫الله؟ قال‪ :‬ال‪،‬‬ ‫األُ َم ُم كما تداعى األَ َك َل ُة على َقص َعتِها‪ ،‬قالوا‪َ :‬أ ِمن ِق َّل ٍة نحن يا َر َ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الو َه ُن يا‬
‫الو َه ُن‪ .‬قالوا‪ :‬وما َ‬
‫يل ُيلقى عليكم َ‬ ‫كثير ولكنَّكُم ُغثا ٌء َك ُغثاء َّ‬
‫أنتم يومئذ ٌ‬
‫وت)(((‪.‬‬ ‫وكراهي ُة الم ِ‬
‫ِ‬ ‫ب الدُّ نيا‬ ‫ر َ ِ‬
‫َ َ‬ ‫سول الله؟ قال‪ُ :‬ح ُّ‬ ‫َ‬
‫س�مى في َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صرنا‬ ‫ُش�ير إلى ما ُي َّ‬
‫الس�اعة إنّما ت ُ‬ ‫وهذه المرحل ُة عند ربطها بعالمات ّ‬ ‫عالقة فقه‬
‫ات س�قوطِ‬
‫ديث) وما نتج عنها من س�لبِي ِ‬ ‫صر الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫الصناع َّية) و(ال َع‬
‫ورة ِّ‬‫التحوالت بـ(مرحلة ال َّث َ‬
‫العلمانِي ِة التي ُأ ِ‬
‫دء مرح َل ِة ِ‬ ‫الخالفة اإلسالمي ِة وب ِ‬
‫ِ‬ ‫بقراءة المرحلة‬
‫علنَت من تُركيا و كانت آنذاك‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ِ‬
‫قرار‬ ‫المعاصرة‬
‫مر على المس�لمين والعا َل ِم‬ ‫مرحلة االس�تِ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫الخال َف ِ‬
‫�ة ُق َب َيل‬ ‫عاصم� َة ِ‬
‫ِ‬
‫عمار ونهاي� ًة بما َّ‬ ‫َ‬

‫((( «صفة النفاق وذم المنافقين» للفريابي (‪.)102 :1‬‬


‫((( فيض القدير (‪. )133 :4‬‬
‫((( أبوداود (‪ ، )4297‬وسكت عنه ‪ ،‬فإسناده صالح‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫صاد والسياس ِ‬ ‫والعل� ِم واالقتِ ِ‬ ‫�ؤون الحك ِم ِ‬‫ِ‬
‫�ة‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫واإلسلامي من ن ٍ‬
‫َقض ف�ي ُش‬ ‫ِّ‬ ‫ال َع َربِ ِّ‬
‫�ي‬
‫مة‪،‬‬ ‫العلمانِي ِة والعلمن َِة ُثم العو َل ِ‬
‫مراح ِل ِ‬
‫�ة والتَّعلي ِم واإلعال ِم في ما تالها من ِ‬ ‫والتَّربِي ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫باالعتماد عل�ى مخرج ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫األمر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫فس َ�ر ه�ذا ُ‬ ‫ب�أي حال من األحوال أن ُي َّ‬ ‫وال ُيمك� ُن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ن ال َّثال َث ِة وحدَ ها وإنَّما يعر ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫(عالمات‬ ‫ب‬ ‫الرابِ ِع ُ‬
‫المغ َّي ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ك�ن َّ‬ ‫راس�ة ُّ‬‫ف بِد َ‬ ‫ُ َ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت) وفي ذلك ُيؤ ِّكدُ ‪m‬‬ ‫تأصيل ش�رعي ِلف ِ‬
‫ٍ‬ ‫الس ِ‬
‫�اعة وما ترتَّب عليها من‬
‫ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫األمانات وعال َقتِها‬
‫ِ‬ ‫يح ُّل باألُ َّم ِة عند َضيا ِع هذه‬ ‫ف الذي ِ‬ ‫الموق ِ‬
‫ِ‬
‫حيح ُخ َ‬
‫طور َة‬ ‫الص ِ‬‫في َّ‬
‫ضياع األمانات‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ُق ِ‬
‫وموقع ذلك من‬ ‫َّبي ‪m‬‬ ‫حيح عن أب�ي هرير َة قال‪َ « :‬بينَما الن ُّ‬ ‫الص ِ‬ ‫الس�اعة‪ ،‬فقد ورد في َّ‬ ‫مرح َلة ّ‬
‫�رب َ‬
‫فقه التحوالت‬ ‫س�ول ِ‬ ‫في ِ‬
‫الله ‪m‬‬ ‫الس�اع ُة فمضى َر ُ‬ ‫أعرابي فقال‪ :‬متى ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ث القو َم جا َءه‬ ‫س ُيحدِّ ُ‬‫مجل ٍ‬
‫يسمع‪،‬‬ ‫بعضهم‪ :‬بل لم َ‬ ‫بعض القو ِم‪َ :‬س ِم َع ما قال فك َِر َه ما قال‪ ،‬وقال ُ‬ ‫ث‪ ،‬فقال ُ‬ ‫ُيحدِّ ُ‬
‫رسول ِ‬ ‫�ائل عن الس ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اعة» قال‪ :‬ها أنا يا‬ ‫ّ‬ ‫الس ُ‬ ‫حتّى إذا قضى حدي َثه قال‪« :‬أين ُأرا ُه َّ‬
‫األمر‬
‫ُ‬ ‫الس�ا َع َة‪ ،‬قال‪ :‬كيف إضا َعتُها؟ قال‪ :‬إذا ُو ِّسدَ‬
‫قال‪ :‬فإذا ُض ِّيعت األما َن ُة فانتظر ّ‬
‫ِ‬ ‫إلى ِ ِ ِ‬
‫غير أهله فانتَظ ِر ّ‬
‫السا َع َة»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫الواعي ِة لِ‬
‫ِ‬ ‫األحاديث التي تُؤ ِّي�دُ إعا َد َة الق�را َء ِة‬
‫ِ‬ ‫الحديث من أع َظ� ِم‬
‫ُ‬ ‫وه�ذا‬
‫كشف فقه‬ ‫َ‬
‫أبر َز‬ ‫الحديث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف إال من ِم ِ‬ ‫الس ِ‬
‫التحوالت‬ ‫حيث َ‬ ‫ثل هذا‬ ‫ُعر ُ‬
‫وتفصيالت ال ت َ‬
‫ٌ‬ ‫توضيحات‬
‫ٌ‬ ‫اعة ففيها‬ ‫ّ‬
‫الشرعي لمرحلة‬ ‫�ريف وجود تآم ٍر مش�تَر ٍك ِ‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬وهو ما ُس ِّمي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫داخ َل‬ ‫الش ُ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫الحديث َّ‬ ‫هذا‬
‫التوسيد‬
‫ِ‬
‫القرار‬ ‫خار ِج ٍّي للدَّ ف ِع بِ َح َم َل ِة‬
‫وتدخ ٍل ِ‬
‫ُّ‬ ‫المدَ ون ََم ِة‪،‬‬ ‫الت بِم ِ ِ ِ‬
‫رح َلة الخال َفة ُ‬
‫َ َ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫في فِ ِ‬
‫ِ‬
‫االستعمار(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تثبيت‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫أهل ِه في‬
‫غير ِ‬ ‫األمر إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتوسيد‬ ‫إلى تضيي ِع األمان َِة‬

‫((( البخاري (‪.)59‬‬


‫((( والتوس�يد ل�ه معان كثي�رة ودالالت خطيرة‪ ،‬ربما برز بدراس�تها على ض�وء فقه التحوالت‬
‫تحديد ماهية األمر المتحدث عنه في الحديث‪ ،‬وتحديد ماهية األهل المشار إليها في سياق‬
‫الن�ص‪ ،‬ثم معرفة (سياس�ة التوس�يد) بمعانيها لنق�رأ صفحات المراح�ل الغثائية التي مرت‬
‫بعالمنا العربي واإلسلامي منذ مرحلة (التوس�يد السياسي العلماني) حتى مرحلة (الضياع‬

‫‪115‬‬
‫آخر يعبر عنه في فِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫الحك ِم عن‬
‫قه‬ ‫مس�ار َ َ ُ َّ ُ‬ ‫الص ِ‬
‫حيح إلى‬ ‫مس�اره َّ‬ ‫قرار ُ‬
‫أخر َج َ‬ ‫وهو ما َ‬
‫ِ‬
‫االستعمار) وهي المرح َل ُة التي اشتملت على ما يلي‪:‬‬ ‫الت (بمرح َل ِة‬
‫التَّحو ِ‬
‫ُّ‬

‫وإقليمي ًا وعا َل ِمي ًا ‪.‬‬


‫أهل ِه‪.‬مح ِّلي ًا ِ‬
‫َ‬
‫غير ِ‬
‫األمر إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتوسيد‬ ‫الحك ِم‬ ‫نقض ِ‬
‫قرار ُ‬ ‫ • ِ‬

‫ِ‬
‫المدموج‬ ‫�ث‬ ‫العل� ِم وتَضيي� ِع األمان َِة‪.‬وم�ن ص�ور ِه إضا َع� ُة الم ُث َّل ِ‬ ‫نق�ض ق�رار ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ َ‬
‫(((‬

‫عادل الرابِعِ‪ ،‬و«الم َث َّل ُث المدموج» هو‪ :‬التَّربِي ُة والتَّعليم والدَّ عو ُة إلى ِ‬
‫الله‪ ،‬وأ َّما‬ ‫والم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذاتِ ُّي في‬‫الرابِعِ» فهو‪ :‬االكتف�ا ُء َّ‬ ‫ِ‬
‫القوت‪،‬‬ ‫روري من‬ ‫ِّ‬ ‫الض‬
‫الح�دِّ َّ‬‫تحصيل َ‬ ‫«المع�اد ُل َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫والو َه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ي وتعظي ِم‬ ‫�ن بالتَّعلي ِم الخدمات ِّ‬ ‫ُعيض عنه منذ َب�دء مرح َلة ال ُغث�اء َ‬ ‫حي�ث اس�ت َ‬ ‫ُ‬
‫ف ِ‬
‫والم َه ِن‬ ‫وللحر ِ‬
‫ِ‬ ‫واحتقار لِ ُعلو ِم الدِّ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الم َج َّر َد ِة ‪ ،‬م ِع‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ي�ن‬ ‫اس�تصغار‬ ‫ال ُعل�و ِم الماد َّي�ة ُ‬ ‫ضياع مبدأ‬
‫فيأتي بِ ُح ْز َم ِة‬
‫يأخ َذ أحدُ كم َح ْب َل� ُه َ‬ ‫بعضه�ا ‪ْ « : m‬‬
‫ألن ُ‬ ‫�ة التي قال في ِ‬‫�ة النَّافِع ِ‬
‫َ‬
‫االكتفاء الذاتي اليدَ ِوي ِ‬
‫َ َّ‬
‫في مرحلتنا‬
‫َّاس أع َطو ُه‬ ‫خير له من أن َ‬
‫يسأل الن َ‬ ‫وجهه ٌ‬
‫فيكف الل ُه بها َ‬
‫َّ‬ ‫الحطب على ِ‬
‫ظهره فيبي َعها‬ ‫ِ‬
‫المعاصرة‬
‫أم َمنَ ُعو ُه» ‪.‬‬
‫(((‬

‫الت�ام لألمانات) في المرحلة العولمية المعاصرة‪ ،‬بيقي�ن حصول االنحرافات المتنوعة في‬
‫موقع القرار‪.‬‬
‫((( المقص�ود بالمثل�ث المدم�وج‪ :‬الثالث�ة الثواب�ت المتداخلة في بن�اء األجيال وه�ي التربية‬
‫والتعلي�م والدع�وة الى الله‪ .‬ومعن�ى المدموج‪ :‬أي المتداخل بعضه في بعض عند دراس�ته‬
‫كالتداخل في دراسة اإلسالم واإليمان واإلحسان‪.‬‬
‫((( البخاري (‪.)1471‬‬

‫‪116‬‬
‫المريض((( بِ َي ِد ( َأ َك َل ِة ال َقص َع ِة)(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الر ُج ِل‬ ‫ِ‬
‫وتقسيم ت َِركَة َّ‬
‫ُ‬ ‫ •تداعي األُ َم ِم‬

‫الصناع َة والحضار َة أو يأباها وإنَّما ُي َب ِّي ُن‬


‫أن اإلسال َم ير ُف ُض ِّ‬‫َّعليل ال يعني َّ‬ ‫وهذا الت ُ‬
‫ثمرات (تداعي‬
‫والعل ِم في ِ‬‫قرار الحك� ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫األمم)‬ ‫الو َه ِن‬ ‫ُ‬
‫اس�تغالل َ‬ ‫�عوب واألُ َم ِم و‬
‫ِ‬ ‫حياة ُّ‬
‫الش‬ ‫تس�ييس َح َم َل�ة ِ ُ‬‫َ‬
‫قرار التَّداعي واالس�تِتبا ِع حتى ُيصبِ َح العا َل ُم‬ ‫رض ِ‬ ‫ت الدِّ يان َِة و َف ِ‬
‫َقض ثوابِ ِ‬ ‫وال ُغ ِ‬
‫ث�اء لِن ِ‬
‫دمات واالس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلامي تابع� ًا بعد أن كان متبوع ًا وس�وق ًا ِ‬ ‫ِ‬
‫هالك مع‬ ‫للخ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ال َع َربِ ِّ‬
‫�ي‬
‫اإلسالم َّي ِة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والع َّز ِة‬
‫الذاتِي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ ِ‬
‫الذ َّلة بعد أن كان موقع ًا للق َي ِم والبِناء والتَّنم َية واالكت َفاء َّ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ ِ‬ ‫أن ِ‬
‫دور فقه‬
‫المس�لمين‬‫صح ُح ال ُفهو َم الخاط َئ َة التي َف َّرقت بين ُ‬‫َّحوالت ُي ِّ‬ ‫لم بفقه الت ُّ‬ ‫َ‬ ‫كما َّ‬
‫التحوالت في‬ ‫ِ‬
‫القرار في‬ ‫اش�دين ِم�ن‬ ‫الخ َل ِ‬
‫فاء الر ِ‬ ‫وموق ِع ُ‬‫ِ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫س�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي قضاي�ا الخال َف ِة بعد َر‬
‫َّ‬
‫تصحيح الفهوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والقرار في ِ‬
‫المراحل اإليجابِ َّية في ُ‬
‫الحك ِم‬ ‫ِ‬ ‫مشروع َّي َة‬ ‫العل ِم ـ كما ُي َب ِّي ُن أيض ًا ـ‬ ‫ِ‬ ‫الحك ِم‬
‫ُ‬
‫الخاطئة عن‬
‫الخالفة‬ ‫السلبِ َّي ِة فيها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والعل ِم وكذلك المراح ِل َّ‬
‫ِ‬

‫الز َمنِ َّي ِة‬


‫سو ِة بالمرح َل ِة َّ‬ ‫مس�ألة ال ُق ِ‬
‫دوة واألُ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫الت يج َع ُل ِمن‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫العلم ِبف ِ‬
‫َ‬
‫أن ِ‬‫كما َّ‬
‫َّب في هات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أهمية فقه‬
‫َين‬ ‫َّبي ‪ m‬والمرح َل�ة المكان َّية بين َم َّك َة والمدينة وم�ا ترت َ‬ ‫التي عاش�ها الن ُّ‬
‫التحوالت في‬ ‫حياة األُ َّم ِة‬
‫ش�رعي ٍة هي األساس في معا َلج ِة ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقواعدَ‬ ‫وس�ن ٍَن‬
‫ف ُ‬
‫َين من ِ‬
‫مواق َ‬ ‫المرح َلت ِ‬
‫َ‬
‫ربط الجميع‬
‫بمرحلتي مكة‬ ‫الز َمنِ َّي ِة األخرى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المراح ِل َّ‬ ‫الم َح َّم ِد َّي ِة في َب ِق َّي ِة‬
‫ُ‬
‫والمدينة‬

‫((( ترك�ة الرجل المريض‪ :‬هي رقعة العالم اإلسلامي التي كانت تحت الدولة العثمانية حاملة‬
‫الق�رار اإلسلامي قبيل مرحل�ة االس�تعمار وقد تكالب�ت عليها األم�م األوروبي�ة واليهود‬
‫وأطلقوا عليها في رس�ائلهم (تركة الرجل المريض) رغبة منهم في تقس�يمها والتهامها وقد‬
‫فعلوا ذلك خالل الحربين العالميتين األولى ثم الثانية‪.‬‬
‫((( أكل�ة القصعة‪ :‬تعريف نبوي لألمم األوروبية المش�تركة في نزع القرار اإلسلامي وتقس�يم‬
‫بلاد المس�لمين والس�يطرة على ثرواته�ا التي عبر عنه�ا ‪ m‬بمفهوم (القصع�ة) وعبر عن‬
‫المستعمرين بمفهوم (األكلة)‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫وسن َِّة‬ ‫ِ ِ‬
‫كتاب الله ُ‬
‫الت ودراستِ ِه ِدراس ًة ِ‬
‫واع َي ًة من‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫فوائ ِد ِقراء ِة فِ ِ‬
‫َ‬
‫إن من ِ‬‫كما َّ‬
‫المراح ِل ال َّث ِ‬
‫الث‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫نَبِ ِّي ِه ُم َح َّم ٍد ‪ m‬يربِ ُط بين‬
‫الله ‪ m‬إلى َع ِ‬
‫س�ول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رع َّي ِة م�ن‬
‫الش ِ‬ ‫�ل األَب ِوي ِ‬ ‫ِ‬
‫ه�د آد َم ش‬ ‫عصر َر‬ ‫�ة َّ‬ ‫ •المراح ِ َ َّ‬
‫لق‪.‬‬ ‫وبدا َي ِة َ‬
‫الخ ِ‬

‫والهج�ر ِة إلى وفاتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وس�ن ٍَن‬ ‫�ه ‪ m‬وم�ا َه َّي َأ الل� ُه فيهما من َو ٍ‬
‫حي ُ‬ ‫ •عه�د ال َبع َث�ة ِ َ‬
‫الميالد حتى ال َبع َث ِة له ‪. m‬‬
‫ِ‬ ‫راس ُة مرح َل ِة ما بين‬ ‫ِ‬
‫ضاف إليها د َ‬
‫ُ‬ ‫ف و ُي‬ ‫ِ‬
‫ومواق َ‬

‫السا َع ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬


‫حي من َعهد وفاته ‪ m‬إلى قيا ِم ّ‬
‫الو ِ‬ ‫ِ‬
‫ •مرح َلة ما بعد َ‬

‫القرا َء ِة‬
‫معر َف� َة ِ‬
‫ي�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫أركان الدِّ ِ‬ ‫الرابِ َع ِة م�ن‬ ‫ِ ِ‬
‫بالركن َّي�ة َّ‬
‫�اص ُّ‬ ‫لم َ‬
‫الخ ُّ‬
‫ِ‬
‫وق�د أفا َدن�ا ه�ذا الع ُ‬
‫َين فيها‬ ‫المت ِ‬
‫َعار َضت ِ‬ ‫المدر َست ِ‬ ‫ِ‬ ‫للحياة اإلنس�انِي ِة بِع ِ‬
‫ِ‬ ‫حيح ِة‬ ‫ِ‬
‫َين ُ‬ ‫َ‬ ‫وموق َع‬ ‫مومها‬ ‫َّ ُ‬ ‫الص َ‬
‫التاريخ َّية َّ‬
‫وهما‪:‬‬
‫َّبوي� ُة األب ِوي ُة َّ ِ‬
‫والر ُس ُ�ل ُ‬
‫وو َّرا ُثهم من‬ ‫ورواده�ا األنبيا ُء ُّ‬‫الش�رع َّي ُة َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫المدرس� ُة الن ِ َّ‬
‫َ‬ ‫ •‬
‫المدرسة النبوية‬
‫ٍ‬ ‫�ط بهم على َم َنه ِج االتِّبا ِع م�ن ِ‬ ‫المس�ن َِد أو َمن ار َت َب َ‬ ‫ِ ِ‬
‫إفراط وال‬ ‫غير‬ ‫أه�ل العل ِم ُ‬ ‫األبوية الشرعية‬
‫ٍ‬
‫تفريط‪.‬‬
‫القائم ُة على مب�دأِ (أنا خير منه) ومبدأِ‬ ‫ضعي ُة ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫الو َّ‬ ‫ •المدرس� ُة اإلبليس� َّي ُة األَن َِو َّي ُة َ‬ ‫المدرسة األنوية‬
‫ِ‬
‫األخالق ِّي‬ ‫تفرع عنها م�ن عقيدَ ِة الك ِ‬
‫ُف�ر والتَّح ُّل ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫(اإلغ�واء واالحتن�اك) وما َّ‬ ‫الوضعية‬

‫ف‬ ‫َّاحي ِة العم ِلي ِة ِ‬


‫مواق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‪ ،‬ويرتَبِ ُط أيض ًا بهذه‬ ‫فض لل َغيبِي ِ‬
‫والر ِ‬
‫المدرس�ة من الن َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫الحام َل ِة لِوا َء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّس�ييس والدَّ َج ِل ‪..‬‬ ‫َّحريش و َب ِق َّي ِة ِ‬
‫مدار ِ‬
‫س الت‬ ‫ِ‬ ‫ِّفاق والت‬ ‫ِ‬
‫مدرس�ة الن ِ‬

‫اإلسالم َّي ِة ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫يم ِة‬ ‫َّفر َق ِة والصرا ِع ِ‬
‫داخ َل َ‬
‫الخ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِش ِ‬
‫عار الت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخاص ًة أولئك‬ ‫َّ‬ ‫ي�رةُ‪،‬‬ ‫حم ٌة باألُ َّمة الت�ي عصفت بها َ‬
‫الح َ‬ ‫وف�ي ُمتا َب َع�ة هذا العل� ِم َر َ‬
‫ِ‬
‫المخلوق ال َب َش ِر ِّي‬ ‫ض في‬ ‫�لوك الم ِ‬
‫تناق ِ‬ ‫اكتش�اف ِسر هذا الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫اغبين في‬‫ؤمنين الر ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫‪118‬‬
‫ِ‬
‫وسائ ُل ُه؟‬ ‫ُ‬
‫يكون؟ وما هي‬ ‫ٍ‬
‫عالج؟ وكيف‬ ‫ومخرجاتِ ِه‪ ..‬وهل هناك من‬

‫هل ثمة عالج؟‬ ‫اإلجابات‪ ..‬وإنَّما‬ ‫ِ‬ ‫الت؛ ولكنه ال َيصن َُع‬ ‫األس�ئ َل ِة يجيب عليها فِقه التَّحو ِ‬
‫ِ‬ ‫ك ُُّل هذه‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫وكيف وما هي‬
‫وسائله؟ هذا‬ ‫ات ال َع َم ِل َّي ِة‬
‫للكيفي ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الواع َي ِة‬
‫ِ‬ ‫القرا َء ِة‬
‫اإلنسان أمام مسؤولياتِ ِه‪ ،‬ويمنَحه نصيب ًا من ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫يضع‬
‫ُ‬
‫الفقه يجيب‬ ‫ص المعا َل َج ِة‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫وسلامة ُف َ�ر ِ‬ ‫السلا َم ِة‬
‫ص َّ‬ ‫علي لِ ُف َر ِ‬ ‫س�اعدَ ِة على الت ِ ِ‬
‫َّطبيق الف ِّ‬
‫الم ِ‬
‫ُ‬
‫على األسئلة‬
‫الت مقرون ًا بِ ِف ِ‬
‫قه‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫�ة فِ ِ‬
‫مق الواعي لِدَ راس ِ‬
‫عرف إال بال ُع ِ‬ ‫ِ‬
‫ولكن ال يصنع‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫خاص ال ُي َ‬
‫ٌّ‬ ‫لم‬
‫وحده ع ٌ‬
‫اإلجابات‪،‬وإنما‬ ‫ِ‬
‫صوص‪ ..‬لماذا؟‬ ‫ِ‬
‫اإلحسان ُ‬
‫بالخ‬
‫يضع اإلنسان أمام‬
‫مسؤولياته‬ ‫�رع ِّي وفِق َه‬
‫الش ِ‬ ‫بالو ِ‬
‫عي َّ‬ ‫والج ِ‬
‫ن�وح َ‬
‫ِ‬
‫�ف س َّ�ر االنح�راف ُ‬
‫يكش ُ ِ‬ ‫الت ِ‬ ‫ألن فِق�ه التَّح�و ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫بعي ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ويبر ُز س َّ�ر القض�اء وال َقدَ ِر فيما يج�ري به ُ‬
‫األمر‬ ‫المن�ز َع ال َّط َّ‬
‫َ‬ ‫�ج‬ ‫اإلحس�ان ُيعال ُ‬
‫بعي ًة أو ِ‬
‫شرع َّي ًة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ َب ِة في‬ ‫ِ‬
‫موح واألماني‪ ،‬سوا ًء كانت َط َّ‬
‫تحقيق ال ُّط ِ‬ ‫الر َّبان ُّي أمام َّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫المهد ِّيين‪ ،‬الذين ُي ِ‬
‫لز ُمنا‬ ‫اش�دين‬ ‫لفاء الر ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫وس ُّ�ر مفهو ِم ُ‬ ‫وهذا هو ِس�ر الخال َف ِة‪ِ ،‬‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫الصرا ِع‬ ‫وش ِ‬ ‫ِ‬
‫االختالف ُ‬ ‫لم َّي ِة وال َع َم ِل َّي ِة عند‬
‫الع ِ‬
‫الله ‪ m‬أن نلت َِزم بِسنَّتِهم ِ‬
‫رس�ول ِ‬‫ُ‬
‫مول ِّ‬ ‫َ ُ‬
‫المهد ِّيين ِمن بعدي ‪َ ،‬ع ُّضوا‬
‫ِ‬ ‫اش ِ‬ ‫فاء الر ِ‬ ‫الخ َل ِ‬ ‫وس�ن َِّة ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫�دين‬ ‫َّ‬ ‫والخالف‪« .‬عليكم بِ ُس�نَّتي ُ‬
‫فإن من َي ِعش منكم فسيرى اختِالف ًا كثير ًا»(((‪.‬‬ ‫َّواج ِذ ‪َّ ،‬‬
‫عليها بالن ِ‬

‫((( الترمذي (‪ )2676‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫حو ِ‬
‫لات‬ ‫َ ِ ِ ِ‬
‫الخـلفاء في فقه الت َّ ُّ‬
‫مفهوم ُ‬
‫ُ‬
‫بن ٍ‬
‫عامر إلى ما سيجري‬ ‫ِ‬
‫وحديث ُعق َب َة ِ‬ ‫ِ‬
‫رباض‬ ‫حديث ِ‬
‫الع‬ ‫ِ‬ ‫يش�ير ‪ m‬في الحدي َث ِ‬
‫ين‬ ‫ُ‬ ‫مفهوم الخلفاء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫في فقه التحوالت في األُ َّمة من اختالف حول ِ‬
‫(الحك ِم والعل ِم) وما سيترت ُ‬
‫َّب على ذلك من صرا ٍع‬ ‫قرار ُ‬
‫بأمر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫القرار ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ضرورة االلتزا ِم َ‬ ‫َ‬ ‫شير ‪ m‬إلى‬‫ين ‪ ،‬وعند ذلك ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫بين أهل‬
‫الش ِ‬
‫غير ُمكت َِم ِل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫روط‬ ‫للقرار القائ ِم ولو كان صاح ُبه أو حام ُله َ‬ ‫مع وال ّطاع ُة‬ ‫‪َّ -1‬‬
‫الس ُ‬
‫أهل الح ِّل والع ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫قد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الشرع َّية لدى ِ َ‬
‫ِ‬ ‫المعا َل َج ِة لما ينت ُُج عنه‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫االختالف في‬
‫ُ‬ ‫سن ُ‬ ‫‪ -2‬التزا ُم الهدوء ُّ‬
‫والسكون ُ‬
‫(((‬

‫ِ‬
‫المهد ِّيين»(((‪.‬‬ ‫الراشدين‬ ‫وهو ما عبر عنه ‪ m‬بقولِ ِه‪« :‬عليكم بِسنَّتي وسن َِّة ُ ِ‬
‫الخلفاء َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬

‫فاء األرب َع ِة‬‫الخ َل ِ‬ ‫ِ‬


‫س�مى ُ‬ ‫والس� َي ِر بِ ُم ّ‬
‫تتناو ُلهم ُكتُب العل ِم ِّ‬ ‫ُ‬
‫والخلفا ُء هنا ليس الذين َ‬ ‫من هم الخلفاء؟‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحك ِم والعل ِم في‬ ‫الخلفا ُء األر َب َع ُة نمو َذ ٌج من الخال َفة التي جمعت بين ُ‬
‫(((‬ ‫وكم عددهم؟ فه�ؤالء ُ‬
‫الشرعيون لل َّثال َث ِة ال َّثوابِ ِ‬ ‫الو ّر ُ‬ ‫صر َص ِ‬
‫در اإلسال ِم‪ ،‬أ ّما بعد ذلك ُ‬ ‫َع ِ‬
‫ت‬ ‫اث َّ ُّ‬ ‫فالخلفا ُء هم ُ‬
‫«يحم ُل هذا‬ ‫ِ‬ ‫س�ول بقولِ ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�ه‪:‬‬ ‫وس�نَّة نب ِّيه‪ ،‬واألخالق)‪ ،‬الذين َخ َّصهم َّ‬ ‫(كت�اب الله‪ُ ،‬‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت ُمق َّيدَ ٌة وليست ُمط َل َق ًة‪.‬‬ ‫ف ُعدو ُله»((( ‪ ،‬فالعدا َل ُة في فِ ِ‬
‫العلم من ك ُِّل َخ َل ٍ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫العدالة في فقه‬‫َ‬
‫التحوالت مقيدة‬
‫وليست مطلقة ((( ليس المقصود بالس�كون ترك الخدمة لإلسلام والمس�لمين‪ ،‬وإنما ترك المنازعة في ش�أن‬
‫القرار واالهتمام بشأن عوامل االستقرار ‪.‬‬
‫((( سبق تخريجه ‪.‬‬
‫((( الخلف�اء األربعة في التقس�يم األصلي ينحصر ف�ي الخليفة األول أبي بكر ثم عمر ثم عثمان‬
‫ث�م عل�ي ‪ ،n‬أما فقه التحوالت فيجعل الخالفة الراش�دة في خمس�ة وآخرهم اإلمام‬
‫الحس�ن بن علي وهو الخليفة الخامس بالنص النب�وي ‪( :‬الخالفة ثالثون عاما) ‪ ،‬ثم يلحق‬
‫بهم الخليفة السادس عمر بن عبد العزيز في مرحلة الحكم العضوض‪.‬‬
‫((( سبق تخريجه ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫الخ ِ‬
‫لفاء ُس�نَّ ٌة مش�روع ٌة‬ ‫ف لدى ُ‬ ‫ِ‬
‫المواق َ‬ ‫مواق ِفهم ما يؤ ِّكدُ َّ‬
‫أن‬ ‫وقد تبين لنا ِمن سلام ِة ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫َّقرير َّي ِة في َب ِ‬ ‫علي ِ‬
‫�ة والت ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قد ت ِ‬
‫األحوال كما‬ ‫عض‬ ‫للس�نَّة القول َّية والف َّ‬ ‫ُعار َض َف َ‬
‫هم ال ُعلماء ُّ‬
‫يقول (بخالفته) وااللتزا ِم‬‫ُّصوص عند َمن ُ‬ ‫ِ‬ ‫توقيف ِه الن‬
‫ِ‬ ‫علي من‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫هو في موقف س� ِّيدنا ٍّ‬
‫غير‬ ‫تس�يير د َّف ِة الحك ِم ِ‬
‫والعل ِم راضي ًا‬ ‫ِ‬ ‫وتعاونِ ِه معهم في‬ ‫أهل ُّ‬
‫الش�ورى‪،‬‬ ‫بما الت ََزم به ُ‬
‫موقف اإلمام‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫علي ‪ v‬من‬ ‫ف ُيقتَدى بها ‪.‬‬‫موق ٍ‬
‫مكر ٍه‪ ،‬وهذه سنَّ ُة ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫الخالفة‬
‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّن�از ِل عن ِ‬ ‫بن َع ِل ٍّي ؤ بالت ُ‬ ‫الح َس�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫مل‬ ‫الحك ِم بع�د ال َبي َعة َ‬‫قرار ُ‬ ‫�ف َ‬
‫وموق ُ‬
‫ف‬‫ياس�ي ِة لِ َغ ِيره ‪ ..‬مع المحاف َظ ِة على َش�ر ِ‬ ‫الخال َف ِة الس ِ‬
‫َرك ِ‬
‫اجتهاده ف�ي ت ِ‬
‫ِ‬ ‫أمانَتِه�ا ُث َّم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫موقف ُيقتَدَ ى بها ‪.‬‬ ‫سلمين‪ ،‬وهذه ُسنَّ ُة‬ ‫قن ِد ِ‬
‫ماء الم ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫النُّ ُب َّو ِة‬
‫ُ‬ ‫واألخالق َ‬

‫رع ِّي من قولِ ِه ‪َّ :m‬‬


‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫موقف اإلمام‬
‫«إن ابني هذا‬ ‫وم َعدَّ ٌل بال َّن ِّ‬
‫ص َّ‬ ‫مدعوم ُ‬
‫ٌ‬ ‫الح َس ِن هذا‬
‫ف َ‬ ‫وموق ُ‬
‫الحسن ‪v‬‬ ‫الم ِ‬
‫سلمين»(((‪.‬‬ ‫الله به بين ِف َئت ِ‬
‫َين من ُ‬ ‫َس ِّيدٌ وس ُي ِ‬
‫صل ُح ُ‬
‫من الحكم‬
‫الحك ِم‬ ‫لفاء الذين جمعوا بين ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫آخ ُر ُ‬‫الت هو ِ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫واإلمام الحسن في فِ ِ‬
‫قرار ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫مواق َفهم نَبِ ُّين�ا ُم َح َّمدٌ ‪ ،m‬وأما من جاء من‬ ‫الخ ِ‬
‫لفاء الذين عَدَّ َل ِ‬ ‫آخ ُ�ر ُ‬ ‫والعل� ِم وهو ِ‬
‫ِ‬
‫الذاتِي في قضايا الحك� ِم ِ‬
‫والعل ِم َف َمن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع�د ِه‬
‫ِ‬
‫أصاب فله‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فاألمر قائ ٌم عل�ى االجتهاد َّ ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫َّعليل ال يق َتبس من فِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األصول وإنَّما‬ ‫قه‬ ‫أجر واحدٌ (((‪ ،‬وهذا الت ُ ُ َ ُ‬ ‫أج�ران و َمن أخ َط َأ فله ٌ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت ‪.‬‬ ‫المعروف ِبف ِ‬
‫ِ‬ ‫السا َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُع ِر َ‬
‫ُّ‬ ‫ف من فقه عالمات ّ‬
‫ف ف�ي فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قه‬ ‫عر ُ‬
‫الراش�دين م�ن بعده هي م�ا ُي َ‬ ‫وس�نَّ ُة الخلف�اء َّ‬
‫الرس�ول ‪ُ m‬‬ ‫وس�نَّ ُة َّ‬‫ُ‬
‫ف ِحيالِ ِه‬
‫موق ٍ‬
‫�ف‪ ،‬وهو االلتِزام بِ َفح�وى النَّص أو اتِّخ�ا ُذ ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫التَّح�و ِ‬
‫الت بِ ُس�ن َِن‬ ‫ُّ‬

‫((( البخاري (‪.)3692‬‬


‫((( ه�ذا فيم�ا يتعلق بالفرد والذات‪ ،‬أما ما يتعلق بسلامة المرحلة أو عدمها فيرجع إلى ش�رط‬
‫آخ�ر‪ ،‬وه�و (حف�ظ بيضة اإلسلام وقيام ف�رض الجهاد في س�بيل الله) بص�رف النظر عن‬
‫الذوات وعدالتها المحصنة أو عدمها‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫�ف ال َع َم�ل به لِ َس� َب ٍ‬
‫ب ُم َع َّي ٍ‬
‫�ن‪ ،‬وقد تقدم ال�كالم عنها في فصل (س�نة المواقف‬ ‫ِ‬
‫يوق ُ‬
‫والداللة)‪.‬‬
‫ف إم�ا ٍم ِ‬
‫عاد ٍل َر ِض َي‬ ‫موق ِ‬
‫ب ِ‬ ‫�رع َّي ِة بِ َس� َب ِ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص َّ‬ ‫ف ال َع َم ُل به من الن‬
‫وك ُّلم�ا تو َّق َ‬
‫الت يج َع ُ�ل من هذا‬‫ففق�ه التَّحو ِ‬ ‫منص�وص ِ‬
‫ٍ‬ ‫تن�از َل ع�ن َح ٍّق‬
‫�ف أو َ‬ ‫االلتِ َ�زام بالتَّو ُّق ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫القيا َم ِة‪ ،‬كماهو في ُص ِ‬
‫لح اإلما ِم َ‬
‫الح َسن‬ ‫َجدِّ سنَّ ًة يقتَدى بها إلى يوم ِ‬
‫المست ِ ُ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫الموقف ُ‬
‫بيل الِ ِ‬
‫مثال‪.‬‬ ‫على َس ِ‬

‫الحك ِم لِ َغ ِير ِه‬ ‫يجوز لأِ َح ٍد أن يعيب اإلمام الحسن بن َع ِلي في ُ ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫حيث ال‬
‫تنازله عن ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫اختيار ِه ُ‬
‫ِ‬ ‫لأِ ٍ‬
‫روج على‬ ‫الخ َ‬ ‫الح َسي َن في‬ ‫اإلمام الحسين وهو َأ َح ُّق به‪ ،‬كما ال يجوز َ َحد أن َ‬
‫يعيب اإلما َم ُ‬
‫�عي إليهم راغب ًا في‬ ‫‪ v‬في ال َّظالِمين بِ َبي َع ِة ِ ِ ِ‬
‫روج‬‫الخ ِ‬ ‫اإلصالح فكان في ُ‬ ‫ِ‬ ‫أهل العراق ُث َّم َّ‬
‫الس ِ‬
‫خروجه ال يعاب‬
‫اد ِه َو َم ْن َم َع� ُه َر ِح َم ُه ُم الل ُه‬
‫َخ�اذل الم ِحبي�ن وب ْغي المب ِغ ِضين ِمما َأدى إلى استِ ْش�ه ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َّ‬ ‫ُ ُ ِّ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ت‬
‫األبرار َو َعا َم َل َأعْدَ ا َء ُه ْم بِ َعدْ لِ ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َر ْح َم َة‬

‫ُّصوص بذلك‬‫َ‬ ‫علي بالخال َف ِة لمن َف ِه َم الن‬


‫أح ِّق َّية اإلما ِم ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ف الجدَ ُل في َ ِ‬
‫مسأ َلة َ‬ ‫َويتو َّق ُ َ‬
‫َص‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َّب عليه ن ُّ‬
‫�كون وااللتزا َم بم�ا ترت َ‬ ‫الس‬
‫لي ذا ُت ُه ُّ‬ ‫�ي اإلما ُم َع ٌّ‬‫والت�زم به�ا بعد أن َرض َ‬
‫رات التي َأ َّدت إلى ذلك أو كانت س�بب ًا في‬ ‫رف النَّ َظ ِر عن المبر ِ‬ ‫الت بِص ِ‬
‫ق�ه التَّح�و ِ‬
‫فِ ِ‬
‫ُ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫خاص� ٌة ال يع َل ُمها إال‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الت في فقه العالمات لها ُس�نَّ ٌة َّ‬ ‫َص�رف الخال َف�ة عنه‪ ،‬فالت ُّ‬
‫َّحو ُ‬
‫ِ‬
‫اإليقان‪.‬‬ ‫ب‬ ‫اإلحسان ومراتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫المسؤول من ِ‬ ‫ط‬‫األثبات من هذا النَّم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫الخاص ِة‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص‬ ‫عات قرا َء ِة الن‬
‫َّاريخ السلبِي ِة أو من تَبِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الركا َم من حوادث الت ِ َّ َّ‬ ‫َّ‬
‫إن هذا ُّ‬
‫�ل التَّحو ِ‬
‫الت ف�ي الت ِ‬
‫َّاريخ‬ ‫الل ِ‬
‫مراح ِ‬ ‫ي�ت وما ُظ ِلموا في�ه ِخ َ‬
‫َ�ة آل الب ِ‬
‫ق�وق ومكان ِ‬
‫بِ ُح ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ساح ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر قض َّي َة الدِّ يانَة ُك ِّلها؛ لن ُيعيدَ َآل ال َبيت إلى َ‬
‫عض هذا َ‬ ‫َ‬
‫وجعل ال َب َ‬ ‫اإلسالمي‬
‫ِّ‬
‫القيا َم ِة ‪.‬‬
‫واق ِفهم وص ِبرهم إلى يو ِم ِ‬
‫َ‬
‫الحرك َِة وقد ذهبوا بِم ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬

‫‪122‬‬
‫ب اإلسلا ِم‬ ‫ال عن ِ‬
‫مذاه ِ‬ ‫�اص بدي ً‬ ‫�ب َ‬ ‫ذه ِ‬ ‫ِ‬
‫الخ ِّ‬ ‫الم َ‬
‫�ب إليهم من َ‬ ‫نس ُ‬ ‫ول�م َيص ّح م�ا ُي َ‬
‫ِ‬
‫واآلخذين عنه ‪ ،‬منهم ومن َغ ِيرهم ‪،‬‬ ‫أهل ِه‬
‫مقبول ف�ي ِ‬
‫ٌ‬ ‫الخاص‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ذه ُ‬
‫فالم َ‬
‫المع َت َب َ�رة‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫المذاه ِ‬ ‫لغير ِه من‬
‫واألخذ والتَّل ِّقي ِ‬
‫صحيح أيض ًا وال ُغ َ‬
‫بار عليه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫ب اإلسالم َّية ٌ‬ ‫ُ‬
‫ث ِ‬ ‫الم َص ِّلي َن و ُي ِ‬
‫والعداو َة وال َّث َأر‬
‫َ‬ ‫الحق�دَ‬ ‫ور ُ‬ ‫وإنَّم�ا َس�لبِ َّي ُت ُه كو ُن ُه ُيف ِّع ُل ِّ‬
‫الصرا ِع بي�ن ُ‬
‫ِ‬
‫وتفسير‬ ‫بع َّي ِة على ِ‬
‫اآلل‬ ‫باألمر ما س�وى ال َغير ِة ال َّط ِ‬‫ِ‬ ‫بين المس�لمين ِم َّمن ال عال َق َة لهم‬
‫َ‬
‫داة الت ِ‬
‫ُّقاة‪.‬‬ ‫ط» اله ِ‬
‫ط األوس ِ‬
‫ف «النَّم ِ‬
‫مواق ِ‬
‫ُّصوص بعيد ًا عن ِ‬
‫ِ‬ ‫الن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫جاج َل ِة ف�ي‬
‫�ل والدَّ ِ‬ ‫م�ق فِ ِ‬
‫إن م�ن ُع ِ‬
‫المراح ِل‬ ‫قهه�م وق�د َر َأوا ُخ َ‬
‫ط�ور َة الدَّ َج ِ‬ ‫ب�ل َّ‬
‫الواع َي ِة أم�ام ُمطا َل َبتِهم‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫األخض َ�ر واليابِ َس اتِّخ�ا َذ‬
‫َ‬ ‫المتَحو َل ِ‬
‫�ة وأنه س�يأك ُُل‬ ‫ُ َ ِّ‬
‫قوق اإلسلا ِم العا َّم� ُة ُمصا َن ًة ومحفوظ ًة من ك ُِّل ت ََه ُّج ٍم‬ ‫الخاص ِة ‪ ،‬لِتبقى ُح ُ‬
‫َّ‬ ‫قوق‬‫بالح ِ‬ ‫ُ‬
‫وخيان ٍَة‪.‬‬
‫ِ‬

‫الم ْج َم ِع عليه�ا َح ْي ُثما ن ََز ُلوا من‬ ‫ِ‬


‫مذاهب اإلسلا ِم ُ‬ ‫وأكثرهم في‬ ‫ُ‬ ‫َوانْ�دَ َر َج غال ُبه�م‬
‫خاص بهم ماعدا ما البد منه‬ ‫ٍ‬
‫بمذهب‬ ‫الشعوب‬ ‫بالد اإلسال ِم‪ ،‬ولم َي ُش ُّذوا أو ُي ْل ِز ُموا‬ ‫ِ‬
‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫المشتركة في سبيله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والخدمة‬ ‫ِ‬
‫واالرتباط في الله‬ ‫والحب وال َّتك ِْر َم ِة‬ ‫ِ‬
‫الوالء‬ ‫من‬
‫ِّ‬

‫‪123‬‬
‫م َن هم النَّم َُط الأو َس ُط ؟‬
‫ِ‬ ‫�ط هم ِ‬
‫األئ َّم ُة ال ُع َلم�ا ُء والعارفون‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫أهل النَّم ِ‬
‫وي‬‫األثبات من آل ال َبيت النَّ َب ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫من هم النمط‬
‫ِ‬
‫أوعية‬ ‫ٍ‬
‫بإحس�ان إلى يوم الدين ‪..‬‬ ‫دول والتّابِعين و َمن تَبِ َعهم‬ ‫والصحا َب ِة ئ ال ُع ِ‬ ‫األوسط؟‬
‫َّ‬
‫َّبو َّي ِة الذين يندَ ِرجون ف�ي معنى قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﯚ‬ ‫ِ‬
‫واألخلاق الن ِ‬ ‫والس�ن َِّة‬ ‫ِ‬
‫الكتاب ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ [األنعام‪ ، ]٨٩ :‬وفي قوله ‪« : m‬يحم ُل هذا الع َ‬
‫لم من ك ُِّل‬
‫َخ َل ٍ‬
‫ف ُعدو ُل ُه»((( ‪.‬‬

‫نازعوا قرار ًا شرع ّي ًا وال عالم ًا‬ ‫والسلا َم ِة ولم ُي ِ‬ ‫وهم الذين س�لكوا مس َل َك ُ‬
‫الهدى َّ‬
‫ِ‬ ‫الخ َلفاء الر ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬‫َّسلس ِ‬
‫تاريخ الت ُ‬‫ِ‬ ‫المهد ُّيون َع َبر‬ ‫اش�دون‬ ‫أو إمام� ًا َأ َب ِو ّي ًا َن َب ِو ّي� ًا َر َّبان ّي ًا‪ .‬هم ُ ُ َّ‬
‫الخال َف ِة واإلما َم ِة ‪ ،‬أو‬
‫�رعي المسن َِد ‪ ،‬من حصنَتهم النُّصوص ونالوا بها مراتِب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الش ِّ ُ‬
‫َّ ِ‬

‫حرفين‪.‬‬ ‫وه ِ‬ ‫ين على ِ‬ ‫ٍ‬


‫بإحسان إلى يو ِم الدِّ ِ‬ ‫َمن تَبِ َعهم‬
‫غير ُمبدِّ لين وال ُم ِّ‬‫ديهم َ‬ ‫نهجهم َ‬

‫خير الناس من هذا الن ََّم ُط‬ ‫َّف ابن أبي ش�يب َة عن ٍّ‬
‫علي رض�ي الله عنه‪ُ « :‬‬ ‫وفي ُم َصن َ‬
‫مقولة اإلمام علي‬
‫(((‬ ‫ِ‬
‫ويرج ُع إليهم الغالي» ‪.‬‬ ‫األوس ُط‪َ ،‬‬
‫يلح ُق بهم التّالي‬ ‫‪ v‬عن النمط‬
‫َ‬
‫األوسط‬
‫معر َف ِة ِ‬
‫الك ِ‬ ‫جوب ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت ِ‬ ‫�ط في فِ ِ‬‫ط األوس ِ‬ ‫معر َف ِة النَّم ِ‬
‫وأهم َّي� ُة ِ‬
‫تاب‬ ‫واج َب� ٌة ُو َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫أهمية معرفة‬
‫ِ‬
‫سمان‪:‬‬ ‫رع َّي ُة‪ ،‬وهم ِق‬
‫الش ِ‬ ‫والسن َِّة ألنَّهم ِ‬
‫أوع َيتُها َّ‬ ‫ُّ‬ ‫علماء النمط‬
‫األوسط‬
‫فظ األمان َِة‪.‬‬ ‫لح ِ‬
‫ألم ِة واستمرار ًا ِ‬ ‫ِ‬
‫السال َم َة وكان موق ُف ُه رحم ًة ل ُ َّ‬ ‫سم التزم َّ‬ ‫‪ -1‬ق ٌ‬
‫ِ‬

‫مصير ُه َّ‬
‫الشها َد َة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫روج على ال َّظ َل َم ِة وكان‬ ‫سم التز َم االجتها َد في ُ‬
‫الخ ِ‬ ‫‪ -2‬ق ٌ‬
‫ِ‬

‫الخ َلفا ُء‬ ‫ِ‬


‫واألخالق وهم ُ‬ ‫منهج النُّ ُب َّو ِة في ال َع َم ِل‬
‫األوس ُط هم الذين التزموا َ‬
‫َ‬ ‫والن ََّم ُط‬

‫((( سبق تخريجه ‪.‬‬


‫((( المصنف (‪.)35639‬‬

‫‪124‬‬
‫بعد ِه ‪ m‬ويأتي في ُم َقدِّ َمتِهم‪:‬‬
‫المهديون ِمن ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫اشدون‬ ‫َّ‬

‫الصحا َب ِة‬ ‫الخال َف ِة ِ ِ ِ‬


‫الراش�دَ ة من َّ‬
‫َّ‬
‫صر ِ‬‫َهجهم في َع ِ‬
‫الخل َف�ا ُء األر َب َع ُة و َم�ن ن ََه َج ن َ‬
‫ • ُ‬
‫ٍ‬
‫حسان‪.‬‬ ‫يت ئ و َمن تَبِ َعهم بإِ‬ ‫وآل الب ِ‬
‫َ‬

‫طالب وفاطِ َم ُة‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األطه�ار‪ ،‬ويأتي ف�ي ُم َقدِّ َمتهم اإلما ُم ُّ‬
‫علي ب ُن أب�ي‬ ‫ُ‬
‫ • ُآل الب ِ‬
‫ي�ت‬ ‫َ‬
‫رجال النمط‬
‫األوسط‬ ‫ارتبط بهم وس�ار‬ ‫َ‬ ‫والح َس�ي ُن و ذراريه�م و َمن‬
‫والح َس� ُن ُ‬
‫�اس َ‬ ‫الزه�را ُء وال َع َّب ُ‬
‫َّ‬
‫عود إلش�ا َع ِة منه ِج السلام ِة واالبتِ ِ‬
‫عاد عن ال ُغ ُل ِّو‬ ‫القيا ِم وال ُق ِ‬
‫ديهم في ِ‬ ‫عل�ى َه ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ‬
‫واإلفراط والت ِ‬
‫َّفريط‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ب اإلسلام َّي ِة التي برزت بعد ُص ِ‬


‫لح اإلما ِم‬ ‫ِ‬
‫المذاه ِ‬ ‫المعت َِدل من‬
‫نه ِج ُ‬
‫الم َ‬
‫ •دعا ُة َ‬
‫المذاهب‬
‫اإلسالمية‬ ‫ِ‬
‫المذاهب‬ ‫أصح�اب‬
‫ُ‬ ‫والجما َع ِة) ومنهم‬ ‫ِ‬
‫الس�نَّة َ‬ ‫ِ‬
‫(أهل ُّ‬ ‫س�مى‬
‫�ن تحت ُم َّ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫َ‬
‫الح َس ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمذاهب ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرب َع ِة‬
‫السنَّة والذين َر ُضوا ما َرض َي ُه اإلما ُم َ‬
‫أهل ُّ‬ ‫المعروفة‬
‫قن الدِّ ِ‬
‫ماء‪.‬‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َمن جاء ِمن بعده على‬
‫السال َمة َ‬
‫طريق َّ‬

‫اإلمام َّي ِة‪،‬‬


‫ِ‬ ‫يد َّي ِة أو‬
‫الز ِ‬
‫ب َّ‬ ‫كمذه ِ‬
‫َ‬ ‫خرى‬ ‫ب األُ َ‬
‫ِ‬
‫المذاه ِ‬ ‫االعتدال والتَّوس ِ‬
‫ط من‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ •دعا ُة‬
‫أهل اإلفراط‬
‫ٍ‬
‫بإفراط‬ ‫والس� َب ِئ َّي ِة أو ِ‬
‫غيره�ا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أم�ا ما َش َّ‬
‫والتفريط ال‬ ‫كالراف َضة َّ‬‫المذاه�ب َّ‬ ‫داخل ه�ذه‬ ‫�ذ من‬
‫يدخلون في‬ ‫ٍ‬
‫مسمى النمط‬ ‫يدخ ُل تحت هذا التَّقس�ي ِم‪ ،‬بل ربما صار مس�ؤوالً ُمباش�ر ًا عن‬ ‫وتفري�ط فال ُ‬
‫داخلها‪ ،‬بإِثار ِة ِ‬
‫ودمار األُم ِة من ِ‬ ‫الفت َِن و ُم ِضلاّ تِها‬
‫ِ‬
‫األوسط‬ ‫َّاريخ التي تجاوزها‬ ‫ض الت ِ‬ ‫نقائ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ َّ‬
‫أل َّم ِة‪.‬‬
‫ط ِحفاظ ًا على سال َم ِة الدِّ يان َِة ل ُ‬
‫ط األوس ِ‬
‫َ‬
‫جال النَّم ِ‬
‫وسكت عنها ِر ُ َ‬
‫َ‬

‫ف‬ ‫دائي ِة للمخالِ ِ‬


‫المجموعات الغالِي ِة اعتمادها على الن ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظرة الع َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عالمات هذه‬ ‫ومن‬
‫عوب‪،‬‬‫الش ِ‬ ‫مور الدِّ يان َِة في ُّ‬
‫الم َبر ِم من ُأ ِ‬ ‫روب‪ ،‬أو ال ُغ ُل ِّو في األحكا ِم ون ِ‬
‫َقض ُ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬
‫وإثارة ُ‬
‫َ‬
‫يات الو ِ‬
‫قائ ِع‬ ‫ّاري�خ ومجر ِ‬ ‫حواد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المواق ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫ث الت‬ ‫والبراء على‬ ‫والوالء‬ ‫ف‬ ‫واعتما ُدها ف�ي‬
‫ف التي‬ ‫والمواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ث وليس االحتكا َم لما جاء عنها في النُّصوص الش�رع َّي ِة‬ ‫والح�واد ِ‬
‫ِ‬

‫‪125‬‬
‫َجدَّ ِة‪.‬‬ ‫آل الب ِ‬
‫يت خالل األحداث المست ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َّخ َذها َأئ َّم ُة ِ َ‬
‫ات َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمعت َِز َل ُة ُ‬
‫وغيرها من‬ ‫الخوار ُج والقرام َط ُة والباطن َّي ُة ُ‬ ‫سمى‬ ‫ويدخ ُل تحت هذا ُ‬
‫الم َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورج َع عن‬
‫تاب َ‬‫الح َرك َّية‪ ،‬إال َمن َ‬ ‫ذهبِ َّية اإلسلام َّية َ‬ ‫نماذ ِج اإلفراط والتَّفريط في َ‬
‫الم َ‬
‫والتز َم االعتِ َ‬
‫دال ‪.‬‬ ‫إفراطِ ِه وتفريطِ ِه َ‬

‫المرتَبِ َط ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مدار ُس اإللحاد والعلمانية وما َت َف َّر َع عنها من ال َع ْل َمنَة وال َع ْو َل َمة ُ‬‫وكذلك ِ‬
‫المدارس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ياس�ة ( َأ َك َل�ة ال َقص َعة) وه�م الذين ُيو ِّط�دون العا َل َ‬
‫�م ال َع َرب َّي‬ ‫الخارجة عن ف�ي مرح َل�ة ال ُغث�اء بس َ‬
‫ِ‬ ‫س�يخ الدَّ ج ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النمط األوسط‬
‫عو ُة إلى‬ ‫�ال‪ ،‬ومن عالماته�م‪ :‬الدَّ َ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫واإلسلام َّي للدَّ ّج�ال أو لمرحلة َ‬
‫�رع َّي ٍة‬
‫أتباع ِه وتحرير المر َأ ِة بال َضوابِ َط َش ِ‬
‫ُ‬
‫يوب ِ‬ ‫ين وإش�ا َع ِة ِ‬
‫نواق ِض�ه و ُع ِ‬ ‫ُمخا َل َف ِة الدِّ ِ‬
‫رع َّي ِة‬
‫الش ِ‬ ‫وإسقاط ِ‬
‫الق َي ِم َّ‬ ‫ُ‬ ‫االشتراك َّي ِة ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الملك َّي ِة العا َّم ِة في مفهوم‬
‫ِ‬ ‫واستباح ُة‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫منصوصة‪،‬‬
‫ِ‬
‫واألديان تفسير ًا ما ِّد ّي ًا بحت ًا ‪.‬‬ ‫وتفسير الت ِ‬
‫َّاريخ‬ ‫ُ‬ ‫بقات االجتماع َّي ِة‪،‬‬
‫في ال َّط ِ‬

‫ِ‬
‫ين‬ ‫ين ال َع َربِ ِّي واإلسلام ِّي بعد َ‬
‫الحر َب ِ‬ ‫المجموعات ف�ي العا َل َم ِ‬
‫ُ‬ ‫وقد انتش�رت هذه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لخد َم ِة‬
‫�ة ِ‬ ‫كأذر َع ٍة مسيس ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وبرامجه في الماضي‬ ‫االس�تعمار‬ ‫العالم َّي�ة األولى وال ّثان َية ِ ُ َ َّ َ‬
‫ٍ‬
‫وإدراك أو بِ َغ ِيرهما ‪.‬‬ ‫والمستَق َب ِل بِ ِعل ٍم‬ ‫ِ‬
‫والحاض ِر ُ‬
‫�ة ِمن ن ِ‬
‫َقض‬ ‫مايات المسيس ِ‬
‫ُ َ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ترز ُح في ه�ذه ال َع‬ ‫وإل�ى اليو ِم وم�ا بعدَ اليو ِم واألُ َّم� ُة َ‬
‫وه َل َّم َج ّر ًا‪.‬‬ ‫العل ِم إلى ن ِ‬ ‫َقض ِ‬
‫الحك ِم إلى ن ِ‬
‫َقض ال ُعرى ُ‬ ‫ُ‬

‫هل‬ ‫َ‬
‫مس�أ َل ٌة لم ِ‬
‫يعتن بها َأ ُ‬ ‫ف ِرجالِ ِه‬ ‫واق ِ‬
‫�ط» واالهتمام بِم ِ‬
‫َ َ‬
‫ط األوس ِ‬
‫َ‬
‫س�أ َل َة «النَّم ِ‬
‫َ‬ ‫إن َم َ‬ ‫َّ‬
‫المذاهب‬
‫ش�رعيةٍ‬ ‫ِ‬ ‫تناز َع ِة‪ ،‬بل ربما لم يو ُلوا هذا المس�مى أي َأهميةٍ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمية لم المذاه ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ َ ِّ َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ب اإلسلام َّية ُ‬
‫تول أهل النمط‬
‫إفراط و ُغ ُل ٌّو‬
‫ٌ‬ ‫والس� َب ِئ َّي ُة و َمن كان له‬ ‫يت ُغال ُة ِ ِ‬
‫الراف َضة َّ‬ ‫َّ‬
‫آل الب ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اندر َج في مواقف ِ َ‬ ‫األوسط أهمية حت�ى َ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رع ِّي‪..‬‬ ‫االستدالل َّ‬ ‫مقيت في‬
‫ٌ‬ ‫النعدام المعرفة َطبع ٌّي أو َت َع ُّص ٌ‬
‫ب‬
‫بفقه التحوالت‬
‫ط األوس ِ‬
‫األطهار ِمم�ن نَهج منه�ج «النَّم ِ‬ ‫األئم ِ‬
‫ِ‬ ‫م�ع ِ‬
‫�ط» التزموا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫�ة‬ ‫أتباع َّ‬
‫أن َ‬‫العل� ِم َّ‬

‫‪126‬‬
‫وتأكي�د ِه «فِق ُه‬
‫ِ‬ ‫تقرير ِه‬
‫ِ‬ ‫�ح عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م�ا التز َم� ُه األئ َّم ُة ‪ n‬وأرضاه�م ‪ ،‬وهذا ما ُيفص ُ‬
‫ُصوص ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخذ به واال ّطال ِع على ن‬ ‫ٌ‬
‫طويل في‬ ‫باع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وآلل ال َبيت ٌ‬
‫التَّحو ِ‬
‫الت»‬ ‫ُّ‬

‫‪127‬‬
‫ِ‬
‫الإفراط والت َّ ِ‬
‫فريط‬ ‫مواقِ ُف النَّم َِط الأو َس ِط ِمن َط َرفَي ِ‬
‫�ط) في اعتدالِهم‬ ‫ط األوس ِ‬
‫َ‬
‫(أهل النَّم ِ‬
‫ِ َ‬ ‫مناز َع ُة‬
‫َّفريط َ‬ ‫اإلفراط أو الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِ‬
‫أهل‬ ‫كان ِ‬
‫موق ُ‬
‫القدوة واألسوة‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األوس�ط م�ن اتِّخاذ مواق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوس�طهم المش�روعِ‪ ،‬وله�ذا كان ال ُبدَّ ل ِرجال الن ََّمط‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫في سلوك أهل وت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النمط األوسط‬
‫هؤالء‬ ‫واإلفساد‪ ،‬وهذا ما َف َع َل ُه‬ ‫الفساد‬ ‫سلمين و َمقا َم النُّ ُب َّو ِة من‬ ‫شرعي ٍة تَح َف ُظ ِدماء الم ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫ط األوس ِ‬ ‫الت بـ(النَّم ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫ج�ال المعبر عنهم في فِ ِ‬
‫�ط)‪ ،‬والذين انط َب َق عليهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الر ُ ُ َّ ُ‬ ‫ِّ‬
‫إن بين يدي‬ ‫بي ‪ m‬قال ‪َّ « :‬‬ ‫«سنَنِ ِه» َّ‬ ‫ِ‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ماجه في ُ‬ ‫أخرج ُه ابن َ‬ ‫َ‬ ‫الحديث الذي‬ ‫معنى‬
‫الك ِذ ُب‪ ،‬قال ‪ :‬ال َق ُ‬
‫تل‪ ،‬قالوا ‪ :‬وما يكفينا‬ ‫اله َر ُج ونرى أ َّنه َ‬ ‫اع ِة َ‬
‫له َرج ًا » قالوا ‪ :‬وما َ‬ ‫الس َ‬
‫ّ‬
‫أنف َس ُكم‬
‫أن نق ُت َل ُك َّل عا ٍم كذا وكذا من المشركين قال‪ « :‬ليس ذلك ‪ ،‬ولكن قت َل ُكم ُ‬
‫َّ‬
‫وس�يؤخ ُر‬ ‫الز ِ‬
‫مان‪،‬‬ ‫قول أهلِ ذلك َّ‬ ‫عام ُة ُع ُ‬ ‫َس َّ‬‫‪ ،‬قال�وا ‪ :‬وم�ا ُعقو ُلنا ق�ال ‪ « :‬إِ َّنها ُتخ َتن ُ‬
‫ش�يء ‪ ،‬وما ُأ َر ُاهم إال َس� ُتد ِر ُكني وإ ّياكم‪ ،‬وما‬
‫ٍ‬ ‫�اس َي َرون أ َّنهم على‬ ‫باء من ال ّن ِ‬
‫له�ا َه ٌ‬
‫كيوم َد َخ ْلنا فيها‬ ‫المخ�ر ُج ل�ي ولكم منها فيما َع ِهدَ إلينا َنبِ ُّين�ا ‪ m‬إال أن ُ‬
‫نخر َج منها َ‬ ‫َ‬
‫فس ِ�ل َمت ُق ُلو ُبهم‬‫السلا َم ُة َ‬
‫كيوم دخلوا فيها إال َّ‬ ‫روج منها َ‬ ‫الخ ُ‬ ‫�ن ‪ « :‬وما ُ‬ ‫الح َس ُ‬
‫» قال َ‬
‫األخالق َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫واق ِ‬
‫ف‬ ‫�ط بالم ِ‬
‫َ‬
‫ط األوس ِ‬
‫َ‬
‫جال النَّم ِ‬
‫وألس� َن ُتهم» ‪ .‬وبهذا يتم َّي ُ�ز ِر ُ َ‬
‫(((‬ ‫وأيديه�م ِ‬

‫مواق ِفهم بما‬


‫�روف ‪ ،‬وتت َل َّخص أهم ِ‬
‫ُ َ ُّ‬
‫ِ‬ ‫السلا َم ِة في ك ُِّل ال ُّظ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الش�رع َّية وااللتزا ِم بِ َم َنه ِج َّ‬
‫يلي‪:‬‬
‫ملخص مواقف‬

‫الحك ِم‪ ،‬والموا َف َق ِة‬ ‫ِ‬ ‫الخال َف ِة ِ ِ‬ ‫صر ِ‬ ‫أهل الب ِ‬ ‫ • ِ‬


‫يت في َع ِ‬ ‫أهل منهج‬
‫الراش�دَ ة في مس�أ َلة ُ‬ ‫َّ‬ ‫ف ِ َ‬ ‫مواق ُ‬
‫السالمة‬
‫قد‪ ،‬وعَ�دَ ِم الم َ ِ‬ ‫أهل الح ِّل والع ِ‬
‫والرضى‬ ‫ناز َعة في ذلك‪ِّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أجم َع علي�ه ُ َ‬
‫عل�ى ما َ‬
‫ِ‬ ‫وتجاو ِز ما اعترى ال َب َ‬ ‫بما َر ِض َي به المسلمون‪،‬‬
‫الرضى في‬ ‫عض منهم من عَدَ ِم ِّ‬ ‫ُ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪ ، )3959‬إسناده صحيح ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)1070‬‬

‫‪128‬‬
‫اشدَ ِة حتّى ُ‬
‫تناز ِل‬ ‫الخال َف ِة الر ِ‬
‫َّ‬
‫لمراحل ِ‬
‫ِ‬ ‫األمر إلى الموا َف َق ِة ود ِ‬
‫عمهم التَّا ِّم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بِدا َي ِة‬
‫الح َس ِن(((‪.‬‬
‫اإلما ِم َ‬

‫ُّصح لها‬ ‫بناء دو َل ِة اإلسال ِم والن ِ‬‫قبول اإلما ِم علي ؤ المشار َك َة الدَّ ِائم َة في ِ‬ ‫ • ُ‬
‫اإلمام علي‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍّ‬
‫ثمان ‪ ،، n‬و َقبو ُل ُه ال َبي َع َة ‪ v‬في عهد‬ ‫مرح َل ِة ِخال َف ِة َس� ِّي ِدنا أبي ٍ‬
‫بكر و ُع َم َر و ُع َ‬ ‫ِ‬
‫طي َل َة َ‬
‫الخالفة‬
‫مرح َل ِة ِخال َفت َِه‪،‬‬
‫األوس�ط في َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ط‬‫مكن إنقا ُذه ِمن منه ِج النَّم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعدَ ُه�م إلنقاذ ما ُي ُ‬
‫ُّصوص التي‬‫ِ‬ ‫ش�ير إلى مس�أ َل ِة الن‬ ‫ِ‬
‫ف ُيقتَدَ ى به بِ َصرف النَّ َظ ِر َع َّمن ُي ُ‬ ‫وق ٌ‬‫وه�ذا م ِ‬
‫َ‬
‫الح َّق له في الخال َف ِة‪..‬‬
‫تَج َع ُل َ‬

‫وتنازلِ ِه عنه في‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫س على‬ ‫ف اإلما ِم الحس ِن ؤ من ِ‬
‫الفت َِن والتَّنا ُف ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ • ِ‬
‫موق ُ‬
‫اإلمام الحسن‬
‫سلمين وسال َم ِة ِوحدَ تِهم ‪ v‬إمام القرار‬ ‫ماء الم ِ‬‫جود ِه ِحفاظ ًا على ِد ِ‬ ‫َّاس إلى و ِ‬ ‫حاج ِة الن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َأ َشدِّ َ‬
‫روج‬ ‫المدينة حتى وفاتِ ِه ؤ دون ُخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أهل َبيتِ ِه من العراق إلى‬ ‫مع ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وانتقال�ه َ‬
‫ِ‬
‫الهالك‬ ‫�ة‪ُ ،‬محا َف َظ� ًة منه على الدِّ يان َِة واألمان َِة‪ ،‬وتَجنِيب� ًا لِ َح َم َلتِها ِمن‬
‫ناز َع ٍ‬
‫أو ُم َ‬
‫ِّفاق والتّآم ِر على ِ‬
‫حياة اإلما ِم‬ ‫اآلخ ِر عَهدَ االت ِ‬ ‫ب َ‬ ‫َكث الجانِ ِ‬
‫والمنا َفس ِة‪ ،‬بِرغ ِم ن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫الح َسن بِدَ ِّس ُّ‬
‫الس ِّم‪.‬‬ ‫َ‬
‫أهل الب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ • ِ‬
‫اإلمام الحسين‬
‫يت‬ ‫كون في المدينة م َثل َغ ِيره من ِ َ‬ ‫الس َ‬
‫ين ش والتزا ُم ُه ُّ‬ ‫الح َس ِ‬‫ف ُ‬
‫موق ُ‬
‫إمام البيعة‬ ‫وإخراج ِه ِمن ِ‬
‫أجلها‬ ‫ِ‬ ‫سؤول َّياتِها‬
‫وتحميل ِه َم ُ‬
‫ِ‬ ‫راق له بِال َبي َع ِة‬ ‫أهل ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫ابتعاث ِ‬ ‫حتّى‬
‫المدينة إلى ما قضاه الل ُه و َقدَّ َر ُه من استشهاده ؤ بِكَربال َء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫ِ‬ ‫ • ِ‬
‫زين العابِدين وهو الذي َش ِهدَ معر َك َة كربال َء و كان َّ‬
‫الر ُج َل‬ ‫علي ِ‬
‫ف اإلما ِم ٍّ‬
‫موق ُ‬

‫((( وعل�ى هذا الموقف يلتزم أهل النمط األوس�ط ما التزمه س�لفهم الصالح من عدم الخوض‬
‫أو الطعن في الخالفة الراشدة إلى يوم الدين‪ ،‬ومن طعن فيها أو نازع بعلم أو بغير علم فقد‬
‫خالف منهج النمط األوسط ونحى إلى اإلفراط والتفريط ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫السلا َم ِة وااللتزا َم‬ ‫طريق َّ‬
‫َ‬ ‫ّاج�ي من المعرك ِ‬
‫َ�ة ‪ ،‬واتخا ُذ ُه فيم�ا بعدُ‬ ‫ِ‬
‫الوحي�دَ الن َ‬
‫المطا َل َب ِة بال َق ِ‬
‫رار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األوس�ط واالعتنا َء في إقامة َم َنه ِج النُّ ُب َّوة دون ُ‬
‫َ‬
‫بِمنه ِج النَّم ِ‬
‫ط‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الو ِص َّي َة بذلك ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫َ‬
‫االقتتال من أجله أو َ‬ ‫أو‬

‫وانتشر بعد ذلك في‬ ‫ف‬ ‫المعروف بالتَّصو ِ‬ ‫هد‬‫الز ِ‬‫نه ُج ُّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫تفر َع عن هذا الموقف َم َ‬ ‫وقد َّ‬
‫ط األوس ِ‬ ‫جال النَّم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ط‪.‬‬ ‫َ‬ ‫السلا َمة لك ُِّل من ا َّت َب َع ِر َ َ‬ ‫المعتَد َلة كنَمو َذ ٍج من نماذ ِج َّ‬ ‫صورته ُ‬
‫بعدهم ِمن ِ‬ ‫األئم� ُة أغ َلب من جاء ِم�ن ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آل‬ ‫ُ َ‬ ‫المس� َل َك الذي َس� َل َك ُه هؤالء َّ‬ ‫َس� َل َك هذا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ت ِ‬ ‫الب ِ‬
‫يخرج عن‬ ‫ُثر‪ ،‬ولم ُ‬ ‫أخذ عنهم‪ ،‬وهم َقو ٌم ك ٌ‬ ‫وتالميذهم و َمن َ‬ ‫وأتباعهم‬ ‫الكرا ِم‬ ‫َ‬
‫أزمنَتِهم و َمن فيها ولم‬‫الجتهاد يتلاءم مع ِ‬
‫َُ‬
‫ٍ‬ ‫خروجهم‬
‫ُ‬ ‫القاعدَ ِة إال أفرا ٌد‪ ،‬وكان‬
‫ِ‬ ‫ه�ذه‬
‫واق ِفهم‬
‫الله‪ ،‬وال يطعن في م ِ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫مر‪ ،‬بل ُقتِلوا واست ِ‬ ‫ِ لأِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُشهدوا في‬ ‫يستَقم َ َحد منهم َأ ٌ‬
‫مرح َل ِة‬
‫الل َ‬ ‫ط ِخ َ‬ ‫ط األوس ِ‬
‫َ‬
‫جال النَّم ِ‬
‫ف اس�تفا َد منها ِر ُ َ‬
‫روجهم‪ ،‬بل هي ِ‬
‫مواق ُ‬ ‫وال في ُخ ِ‬

‫َّخ َذها‬ ‫ف السالم ِة وال ي ِح ُّق لأِ َح ٍد ِمن بعدهم أن يت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضوض و َث َبت َْت بها َمواق ُ َّ َ‬ ‫لك ال َع‬ ‫ُ‬ ‫ال يحق لمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كتاب ( الفت َِن ) لنُ َعي ِم‬
‫الصراعِ‪ ،‬و ُي َؤ ِّيدُ هذا المعنى ما ورد في ِ‬ ‫ِ‬
‫وإثارة ِّ‬
‫�روج َ‬ ‫للخ ِ‬‫�دو ًة ُ‬ ‫بعدهم أن يتخذوا ُق َ‬
‫بن حم ٍ‬ ‫اجتهادهم قدوة‬
‫ُون َب ْعدَ أصحابي‬ ‫«س َيك ُ‬
‫رسول الله ‪َ : m‬‬ ‫ُ‬ ‫بيب قال‪ :‬قال‬‫بن أبي َح ٍ‬‫اد عن يزيدَ ِ‬ ‫إلثارة الصراع إال ِ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إياي‪ ،‬ثم يس�ت ُّن بها قو ٌم من بعده�م فيدخلون بهم‬ ‫فتن� ٌة َي ْغف ُر َه�ا الل ُه له�م بمح َّبتهم َ‬ ‫بشروط‬

‫النار» (((‪.‬‬
‫َ‬

‫((( تفسير القرطبي (‪.)391 :7‬‬

‫‪130‬‬
‫ساعَةِ‬ ‫حو ِ‬ ‫عل َ ِ ِ‬
‫وعلامات ال ّ‬
‫ُ‬ ‫لات‬ ‫ماء فقه الت َّ ُّ‬
‫ُ ُ‬
‫الصحا َب ِة ئ‬ ‫ِ‬
‫بعض َّ‬ ‫اختِ َص ِ‬
‫اص‬ ‫الحديث إلى ْ‬‫ِ‬ ‫ُب‬ ‫ُّصوص ِ‬
‫الوار َد ُة في ُكت ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُشير الن‬
‫ت ُ‬
‫علماء فقه‬
‫وعبد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح َذي َف َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التحوالت‬ ‫الله‬ ‫رير َة‬
‫بن اليمان وأبي ُه َ‬ ‫علي ؤ ُ‬ ‫في ش�أن هذا العل ِم كاإلمام ٍّ‬
‫ِ‬
‫أحادي�ث النَّبِ ِّي ‪ m‬عن‬ ‫ُ‬
‫المبثوث في‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود ِ‬ ‫ِ‬
‫وغيرهم ‪ ،‬كما تم َّي َ�ز هذا الع ُ‬ ‫ب�ن‬
‫(((‬

‫والعالم�ات‪ِ ،‬‬
‫فمنها ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألش�راط‬ ‫إبالغ ِه‬
‫ِ‬ ‫ف ُم َتن َِّو َع ٍة س�اع َة‬ ‫عالم�ات الس�ا َع ِة بِ ِ‬
‫مواق َ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫مر ًة أو َم َّرت ِ‬
‫حديث‬ ‫ذكر ُه في يو ٍم واحد‪ ،‬وإلى ذلك ُي ُ‬
‫ش�ير‬ ‫َي�ن‪ ،‬ومنها ما َ‬ ‫تح�دَّ ث عن�ه َّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول‬ ‫خار ُّي في «صحيحه» من قوله‪« :‬قام فينا‬ ‫اليمان الذي أخرجه ال ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُحذي َف َة بن‬
‫أحاديث العلم‬
‫بالساعة‬ ‫ُ‬
‫يك�ون في مقامه ذلك إل�ى قيا ِم ّ‬
‫الس�اعة إال حدّ ث به‪،‬‬ ‫الل�ه ‪ m‬مقام� ًا ما ترك ش�يئ ًا‬
‫األنصاري ؤ‬‫ِّ‬ ‫ب‬ ‫عمرو ِ‬
‫بن أخ َط َ‬ ‫وحديث ِ‬
‫ُ‬ ‫َح ِف َظ ُه َمن َح ِف َظ ُه ون َِس َي ُه َمن ن َِس َي»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪( :‬ص َّلى بنا‬
‫نبر‪ ،‬فخ َط َبنا حتى حضرت ال ُّظ ُ‬
‫هر‪،‬‬ ‫الفجر وصعد الم َ‬
‫َ‬ ‫الله ‪m‬‬
‫العصر ثم نزل فص َّلى ثم صعد‬
‫ُ‬ ‫ثم نزل فص َّلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت‬

‫((( وه�ذا ال يعن�ي أن غيره�م ل�م يس�معوا الحدي�ث وإنم�ا كانوا ه�م أكثر حفظا وس�ؤاال عن‬
‫العالمات‪ ،‬كما في قول حذيفة بن اليمان ‪ v‬في ما أخرجه مس�لم في الفتن وغيره قال‪:‬‬
‫(أنا أعلم الناس بكل فتنة هي كائنة إلى يوم القيامة وما بي أن يكون رسول الله ‪ m‬أسر إلي‬
‫في ذلك شيئا لم يحدث به غيري ولكن رسول الله ‪ m‬حدث مجلسا أنا فيه عن الفتن التي‬
‫يكون منها صغار ومنها كبار فذهب أولئك الرهط كلهم غيري) رواه مسلم (‪ ،)2891‬وفي‬
‫رواية أخرى قال‪( :‬ما من صاحب فتنة ييلغون ثالثمائة إنسان إال ولو شئت أن أسميه باسمه‬
‫واس�م أبيه ومس�كنه إلى يوم القيامة كل ذلك مما علمنيه رس�ول الل�ه ‪ ،m‬قالوا‪:‬بأعيانها؟‬
‫ق�ال‪ :‬وأش�باهها ‪ ،‬يعرفه�ا الفقهاء ـ أو قال ‪ :‬العلماء ـ إنكم كنتم تس�ألون الرس�ول ‪ m‬عن‬
‫الخير وأسأله عن الشر ‪ ،‬وتسألونه عما كان وأسأله عما يكون) وقد سبق تخريجه في مطلع‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫(( ( البخاري (‪ ،)664‬وانظر «العراق في أحاديث الفتن» لمشهور حسن (‪.)327 :1‬‬

‫‪131‬‬
‫فأخبرنا بما كان وبما هو ِ‬
‫كائ ٌن فأع َل ُمنا أح َف ُظنا)((( ‪.‬‬ ‫الشمس َ َ َ‬
‫ُ‬ ‫فخطبنا حتى غربت‬
‫س�ول ِ‬
‫الله ‪m‬‬ ‫رداء رضي الله عنه قال‪« :‬لقد ت ََركَنا َر ُ‬ ‫وروى أب�و يعلى عن أبي الدَّ ِ‬

‫ناح ِيه إال ذكر لنا منه ِعلم ًا»(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫يطير بِ َج َ‬
‫السماء َط ٌير ُ‬
‫وما في َّ‬

‫اإلفصاح التَّ�ا ِّم َج َع َل ال ُعلما َء‬


‫ِ‬ ‫الصحا َب ِة ‪ n‬و َمن بعدهم عن‬ ‫م�ت َّ‬‫ولع�ل َص َ‬ ‫َّ‬
‫الصمت المطبق‬
‫العل ِم وإش�ا َعتِ ِه حتى صار غريب ًا على األذهانِ‬ ‫تفصيل هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عن عالمات من بعدهم يس� ُكتُون عن‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫الساعة وما ترتب وغريب� ًا حتّى بين ِ ِ‬


‫مس�لم عن أبي هرير َة من‬ ‫ٌ‬ ‫حديث رواه‬ ‫فس ُ�ر ُه‬ ‫أهل العل ِم وهذا ما ُي ِّ‬ ‫على ذلك‬
‫باء»((( وفي روايةٍ‬ ‫قولِ ِه ‪« :m‬بد َأ اإلسلام غريب ًا وسيعود كما بدأ غريب ًا فطوبى لل ُغر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّاس ِم ْن َب ْع ِدي‬ ‫اء ا َّل ِذي َن ُي ْص ِل ُح َ‬ ‫«ب�دَ َأ َغ ِريبا وير ِجع َغ ِريبا َف ُطوبى لِ ْل ُغرب ِ‬
‫ون َما َأ ْف َس�دَ الن ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ً ََْ ُ ً‬ ‫َ‬
‫ِم ْن ُسنَّتِي»(((‪.‬‬

‫أن الدِّ ي� َن بأركانِ ِه‬


‫الت َلو َجدن�ا َّ‬‫ق�ه التَّح�و ِ‬
‫ُّ‬
‫الحدي�ث وربطناه ِبف ِ‬
‫َ ََ ُ‬ ‫ول�و تأ َّملن�ا ه�ذا‬
‫بدأ الدين غريبا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وربطه بِ َموقع�ه من ُرباع َّية األركان َس� َي َظ ُّل‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسيعود غريبا األر َب َع�ة ب�دأ غريب� ًا‪ ،‬وحتى عند إعا َدت�ه َ‬
‫العل ِم‪« :‬فطوبى لل ُغر ِ‬ ‫إبراز هذا ِ‬ ‫يقول ‪ m‬ـ لأِ َهمي ِ‬ ‫كما بدأ‬
‫باء الذين‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هذا‬ ‫وفي‬ ‫بدأ‪،‬‬ ‫كما‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫غريب‬
‫َّبي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُيحي�ون»((( ‪ ،‬أي‪ُ :‬يعيدون َش َ�ر َ‬
‫َّاس من ُس�نَّة الن ِّ‬
‫ف ُرباع َّي�ة األركان التي أماتها الن ُ‬
‫إن كثير ًا من الع َل ِ‬
‫ماء قد َف َّسروا‬ ‫حيث َّ‬
‫الت فقط ُ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫التعليل خاص ِبف ِ‬
‫ُ‬ ‫‪ ،m‬وهذا‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬
‫خالف على ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عان أخرى ‪ ،‬وال‬ ‫ُغرب َة الدِّ ين بِم ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫((( مسلم (‪.)2892‬‬


‫((( رواه الطبراني وقال الهيمثي‪ :‬رجاله رجال الصحيح ‪ ،‬انظر إتحاف التويجري (‪. )18 :1‬‬
‫((( مسلم (‪.)389‬‬
‫((( الترم�ذي (‪ ، )2630‬وف�ي رواية أحمد ‪« :‬طوبى للغرباء»‪ ،‬فقيل‪ :‬من الغرباء يا رس�ول الله؟‬
‫ٍ‬
‫س�وء كثير‪ ،‬م�ن يعصيهم أكث�ر ممن يطيعهم» ‪ ،‬وإس�ناده‬ ‫ِ‬
‫أناس‬ ‫«أن�اس صالح�ون في‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫ٌ‬
‫صحيح لغيره ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)1743‬‬
‫((( لم أجد هذه اللفظة ‪.‬‬
‫الثة ‪ِ ،‬‬
‫ومن‬ ‫األركان ال َّث ِ‬
‫ِ‬ ‫وقد اجتهد ُع َلماء المسلمين في ِخدم ِة هذا ِ‬
‫العل ِم ُمن َف ِرد ًا عن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫الوارد ِة في ِ‬
‫مقدمة الداني‬
‫سعيد‬ ‫ُ‬
‫عثمان بن‬ ‫الفت َِن» أبوعمرو‬ ‫«الس�ن َِن ِ َ‬‫كتاب ُّ‬‫ِ‬ ‫ذلك ما َج َم َع ُه صاحب‬
‫�ر إخوانِنا المس�لمين صاحب كتاب‬ ‫بالم َقدِّ َم ِة فقال فيها ‪َ :‬م َ‬
‫عش َ‬ ‫افتتح كتا َب ُه ُ‬
‫ِ‬
‫ق�رئ الدّ ان ُّي ‪ ،‬وق�د َ‬
‫الم ُ‬‫ُ‬
‫«السنن الواردة‬ ‫جع َلن�ا الله وإياكم على النِّع ِم ش�اكرين وعند البلوى ِ‬
‫�ن صابرين ‪ ،‬فقد ظهر‬ ‫والم َح ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫في الفتن»‬
‫لوب‬‫واختالف ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفساد الدِّ ين‬ ‫ِ‬
‫األحوال‬ ‫ِ‬
‫وتغيير‬ ‫في وقتِنا وفش�ا في َزمنِنا من ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫َ‬
‫الس�ا َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انق�راض الدُّ نيا وزوالها‪ ،‬و َمجيء ّ‬‫ِ‬ ‫وإحي�اء البِدَ ِع وإماتَة ُّ‬
‫الس�ن َِن ما َد َّل على‬
‫وظه َر‪ ،‬قد أع َل َمنا به نَبِ ُّينا‬
‫وانتش َر‪ ،‬وفشا َ‬ ‫َ‬ ‫واقتِرابِها‪ ،‬إذ ك ُُّل ما قد تواتر من ذلك وتتا َب َع‬
‫�م َع ُه منه صحا َبتُه رضوان الله عليهم‪ ،‬وأ َّدا ُه عنهم التَّابعون رحم ُة‬ ‫‪ m‬وخو َفناه وس ِ‬
‫َّ ُ َ‬
‫ور َوو ُه لنا عن َأ َّوليه�م‪ ،‬وقد َب َع َثني ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الل�ه عليه�م‪ ،‬ونق َل ُه َأئ َّمتُنا إلينا عن أسلافهم‪َ ،‬‬
‫َش�ر ما َع ِلموه‬ ‫العل ِم والر ِ‬
‫واية في ن ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫الميثاق والع ِ‬
‫هد على ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجل من‬ ‫أخذ ُه الل ُه َع َّز َّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫الوارد ِة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫الس�ن َِن ِ َ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب ُجم َل ًة كاف َي ًة من ُّ‬ ‫أجم َع في هذا‬
‫وأداء ما َس�م ُعوه أن َ‬
‫المؤمن ِ‬
‫العاق ُل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والس�ا َع ِة وأش�راطِها لكي َيتَأ َّد َب بها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫وغوائلها واألزمنَة وفس�ادها ّ‬
‫عظيم‬
‫ُ‬ ‫جهدَ ها في استعمالِها والت ََّم ُّس ِك بها‪ ،‬ويتب َّي َن له بذلك‬
‫َفس ُه بِ ِرعا َيتِها و ُي ِ‬
‫ويأخ َذ ن َ‬
‫ُ‬
‫الح َر ِم ) ِ‬
‫وغير‬ ‫ِ‬ ‫ماء ون ِ‬‫�فك الدِّ ِ‬
‫وأهل ِه من س ِ‬‫ما ح َّل باإلسلا ِم ِ‬
‫األموال واستباحة ( ُ‬ ‫َهب‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إصالح ش�أنِ ِه َخوف ًا منه‬
‫ِ‬ ‫نفس� ُه في‬ ‫ِ‬
‫اإليمان ‪ ،‬ف ُيعم ُل َ‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ذهب الدِّ ين وي ِ‬
‫ضع ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫مما ُي ُ‬‫ذلك ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ُنيب وال‬ ‫على فساد دينه وذهابِه ‪ ،‬وما توفي ُقنا إال بالله عليه َ‬
‫نتوك َُّل وهو حس ُبنا وإليه ن ُ‬
‫العلي العظي ِم ‪.‬‬ ‫حول وال ُقو َة إال ِ‬
‫بالله‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬

‫الح َسينِ ُّي في ُم َقدِّ َم ِة كتابه َقو َله‬ ‫نج ُّي ُ‬ ‫رز ِ‬ ‫يخ العلاّ م ُة محمدُ ب ُن ر ٍ‬
‫سول ال َب َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫الش ُ‬
‫وكتب َّ‬
‫مقدمة البرزنجي‬
‫دار إقا َم ٍة ‪ ،‬وإنما هي َم ِ‬
‫نز ٌل لكتابه «اإلشاعة»‬ ‫ِ‬
‫(ص‪ : )26‬ولم�ا كانت الدُّ نيا لم تُخ َلق لل َبقاء ول�م َتكُن َ‬
‫�رض على ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ َ�ر ِة ‪ ،‬والت ََّه ُّي ِئ لل َع‬
‫اآلخر ِة ج ِع َل�ت للت ََّزو ِد منه�ا إلى ِ‬
‫من�از ِل ِ‬
‫م�ن ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫وو َّلت‪ ،‬لذا كان َح ّق ًا على ك ُِّل عال ٍم أن ُي َ‬
‫شيع أشرا َطها‬ ‫ولقائه‪ ،‬وقد آ َذنَت باالنصرا ِم َ‬
‫س�ر َدها َم َّ�ر ًة بعد أخرى على‬ ‫واألخبار ِ‬
‫الوار َد َة فيها بين األنا ِم و َي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األحادي�ث‬ ‫و َي ُب َّ‬
‫�ث‬
‫لوب و َينتَبِهوا من‬
‫بعض ال ُق ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫نوب وتَلي َن منهم ُ‬ ‫ِ‬
‫بعض ُّ‬ ‫ال َع َوا ِّم فعس�ى أن َينتَهوا عن‬
‫الوه َل ِة‪.‬‬
‫المه َل َة قبل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫سنَة ال َغف َلة و َيغتَنموا ُ‬
‫سط ولو أ َّدى إلى الت ِ‬
‫َّكرار ال ك ََمن‬ ‫عض الب ِ‬ ‫أبس َط فيها ال َق َ‬
‫ول َب َ َ‬ ‫فدعاني ذلك إلى أن ُ‬
‫ِ‬
‫وتذك َ�ر ًة ألولي‬ ‫ِ‬
‫االغترار‬ ‫ِ‬
‫أله�ل‬ ‫االختص�ار ‪ِ ،‬‬
‫تبص َر ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�بيل‬ ‫�ع فيه�ا أوراق ًا على‬
‫َج َم َ‬
‫ار ‪ ،‬و َذري َع� ًة إلى دار ال َق ِ‬
‫�رار ‪ .‬والل َه َ‬
‫أس�أ ُل أن‬ ‫الج َّب ِ‬
‫ووس�يل ًة إل�ى ِرض�ى َ‬ ‫ِ‬
‫األبص�ار ‪َ ،‬‬
‫امرئ ما نوى‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ات ‪ ،‬وإنَّما ُل ِ‬
‫�ك ِّل‬ ‫األعم�ال بالنِّي ِ‬
‫ُ‬ ‫خل�ص نِيتي وي ِ‬
‫حس� َن َط ِو َّيتي فإنَّما‬ ‫ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬
‫يغف َر لي وآلبائي وإلخواني وألوالدي ِدين ًا و ُدنيا‬ ‫وأن ين َف�ع به عامة المؤمنين ‪ ،‬وأن ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫أجمعين آمين ‪.‬‬

‫الصدِّ ِيق‬ ‫ي�ض أحمدُ ب ُن ُم َح َّم ِد ِ‬


‫بن ِّ‬ ‫المجت َِهدُ الحافِ ُظ أبوال َف ِ‬ ‫�يخ العلاَّ َم ُة ُ‬
‫الش ُ‬‫وكتب َّ‬ ‫َ‬
‫صر َّي ِة لما أخبر به‬ ‫ِ‬
‫االختراعات ال َع ِ‬ ‫الح َسنِ ُّي ص‪ 2‬في ُم َقدِّ َم ِة كتابه « ُمطا َب َق ِة‬ ‫مار ُّي َ‬ ‫ال ُغ ِ‬

‫َس ِّيدُ ال َب ِر َّي ِة»‪:‬‬

‫ُ‬
‫يكون‬ ‫يب وإطالع ِ‬
‫الله تعالى إ َّيا ُه على ما َ‬
‫كان وما‬ ‫َّبي ‪ m‬بال َغ ِ‬ ‫أما بعدُ ‪ِ َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫لم الن ِّ‬ ‫فإن ع َ‬
‫منازلهم من الجن ِ‬ ‫ِ‬
‫الفريقان إل�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ�ة أو النَّار‪ ،‬بل وما‬ ‫َ‬ ‫صير‬
‫الس�ا َعة وإل�ى أن َي َ‬ ‫إل�ى قيا ِم ّ‬
‫ِ‬
‫واإليمان‪،‬‬ ‫ألهل ِ‬
‫العل ِم‬ ‫ِ‬ ‫�رور ِة‬ ‫ِ‬ ‫بع�د ذلك إلى م�ا ال نِها َي َة له من‬
‫بالض َ‬ ‫األزمان؛ معلو ٌم َّ‬
‫�ف في ذلك منهم ِ‬
‫اثنان‪ ،‬وال َي ُش ُّ‬
‫�ك فيه‬ ‫ِ‬
‫واإليقان‪ ،‬ال يخت َِل ُ‬ ‫المعر َف ِ‬
‫�ة‬ ‫ِ‬ ‫مقط�وع ب�ه ِعندَ‬
‫ٌ‬
‫البراهي�ن على ما هنالك‪ ،‬ويكفي ُ‬
‫قول‬ ‫ِ‬ ‫منه�م فضالن‪ ،‬لِتَظا ُف ِر األَ ِد َّل ِة بذلك‪ ،‬وتكا ُث ِر‬
‫الله تعال�ى‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﮊ‬
‫المرت ََضي َن منهم‬ ‫َ‬
‫أفض�ل ُ‬ ‫أن‬ ‫الم َت َي َّق ِ‬
‫�ن المقط�و ِع ب�ه عل�ى َّ‬ ‫[الج�ن‪ ]٢٧ - ٢٦ :‬م�ع اإلجم�ا ِع ُ‬
‫أفض ُل‬
‫�قاق‪ ،‬فهو َ‬ ‫اإلطالق هو س� ِّيدُ نا م َحم�دٌ ‪ m‬بدون نِزا ٍع وال ِش ٍ‬
‫ِ‬ ‫وس� ِّيدُ هم على‬
‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫بإخبار ِه هو ‪َّ m‬‬
‫أن الل َه تعالى أط َل َع ُه‬ ‫ِ‬ ‫بإخبار ِ‬
‫الله تعالى ُث َّم‬ ‫ِ‬ ‫أظه َ�ر ُه الل ُه على َغيبِ ِه‬
‫َم�ن َ‬
‫�يء‪ ،‬وج َّلى له ك َُّل َش ٍ‬
‫�يء‪ ،‬وتج َّلى ل�ه َف َع ِل َم ما بين‬ ‫ش�يء وآتاه ِعلم ك ُِّل َش ٍ‬
‫ٍ‬ ‫عل�ى ك ُِّل‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫األخبار‪،‬‬
‫ُ‬ ‫كائ ٌن إلى غير ذل�ك ِم َّما َص َّحت به‬ ‫واألرض وم�ا كان وما هو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ماوات‬ ‫الس‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫جموع ِ‬
‫ِ‬ ‫وتوات�رت بِ َم‬
‫ي�ان‪ ،‬في ُوقو ِع‬ ‫وصدَّ َقه ال َع ُ‬‫واآلثار‪ ،‬و َأ َّي�دَ ُه الواق ُع َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث‬ ‫�ه‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخبر به ‪ِ m‬م َّما س�يأتي بع�دَ ُه َو َ‬
‫�نين‬ ‫فق ما قال وط َبق ما أخبر به على َم ِّر ِّ‬ ‫ك ُِّل م�ا َ‬
‫فأخبر أصحا َب� ُه بِك ُِّل ما هو‬ ‫واألزمان‪ ،‬وقد ق�ام ‪ m‬خطيب ًا‬ ‫ِ‬ ‫َ�ر الدُّ ِ‬
‫َ‬ ‫هور‬ ‫واألع�وا ِم وك ِّ‬
‫وحذي َف َة‬
‫اب ُ‬‫الخ َّط ِ‬
‫بن َ‬ ‫الصحا َب ِة ئ َك ُع َم َر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫طريق جما َعة من َّ‬
‫ِ‬
‫كائ ٌن كما َص َّح عن‬
‫ٍ‬
‫مسعود وغيرهم‪.‬‬ ‫الخ ِ‬
‫در ِّي وابن‬ ‫ٍ‬
‫سعيد ُ‬ ‫ِ‬
‫األنصار ِّي وأبي‬ ‫اليمان وأبي ٍ‬
‫زيد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن‬

‫يحر ُك‬ ‫ُ ِ‬ ‫ثم قال ص‪ٌ :3‬‬


‫فصل ‪ ،‬ولهذا قال أبو َذ ٍّر ؤ‪ :‬لقد ت ََركَنا‬
‫رسول الله ‪ m‬وما َّ‬
‫س�عد في ال َّط ِ‬
‫بقات‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫طائر بِجنَاح ِيه في الس ِ‬
‫�ماء إال ذكر لنا منه ِعلم ًا ‪ .‬رواه أحمدُ واب ُن‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ٌ َ َ‬
‫رداء ؤ فيما رواه عنه أبويعلى وال َّطبرانِ ُّي في الكبير‪.‬‬ ‫وكذلك قال أبوالدَّ ِ‬

‫أن النَّبي ‪ m‬أخبر أصحابه بِك ُِّل ما هو ِ‬


‫كائ ٌن بعده مما أط َل َع ُه الله عليه‪،‬‬ ‫َُ‬ ‫والمقصو ُد َّ َّ‬
‫صداق ك ُِّل ما أخبر به ِم َّما سيأتي بعده إلى‬
‫ُ‬ ‫وحدَّ ث بذلك أصحا َب ُه ‪ n‬وظهر ِم‬
‫ِ‬
‫يومنا هذا‪.‬‬

‫�يرتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة فتك َّف َ�ل بِ ِذ ِ ِ‬


‫كره جما َع� ٌة م َّمن أ َّلفوا في س َ‬
‫الماضي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫فأم�ا م�ا ظهر ف�ي ال ُق ِ‬
‫رون‬
‫وح َّققوه‪.‬‬ ‫وخصائ ِصه ‪ ،m‬و َب َّينوا ذلك َ‬‫ِ‬ ‫عجزاتِ ِه‬
‫وفضائ ِل ِه وم ِ‬
‫ِ‬
‫وش َرحوه و َع َّينوه َ‬ ‫ُ‬

‫األخالق و َت َبدُّ لِها‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفساد‬ ‫ِ‬
‫األحوال و َت َغ ُّي ِرها‬ ‫ِ‬
‫انقالب‬ ‫وأما ما وقع في زمانِنا هذا من‬
‫ِ‬
‫العجيبة فلم َأ َر‬ ‫ِ‬
‫َرع�ات‬ ‫الجس�يم ِة والمخت‬ ‫ِ‬
‫والحوادث‬ ‫ِ‬
‫العظيمة‬ ‫وم�ا ظهر من األُ ِ‬
‫مور‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واألحاديث‬ ‫اآليات القرآن َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ش�ير من‬ ‫ِ‬ ‫لجمع ِه‬
‫ِ‬ ‫أحد ًا ت ََصدَّ ى‬
‫ُص أو ُي ُ‬ ‫واس�تخراج ما َين ُّ‬
‫ِ‬
‫واوين‬ ‫السا َع ِة وأبوابِها من َد‬ ‫ِ‬
‫ُب أشراط ّ‬ ‫َّبو َّي ِة إليه‪ ،‬وإن كان ُج ُّل ذلك مذكور ًا في ُكت ِ‬ ‫الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ب الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تطبيقها على ما وردت‬ ‫َّاس َم َع ُه إلى‬ ‫السنَّة؛ لكنَّها مسرو َد ٌة َسرد ًا ال يهتدي غال ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫فيه‪ ،‬وال تنزيلها على ما ُأ َ‬
‫شير بها إليه‪.‬‬
‫ِ‬
‫َّش�بيه والت ِ‬
‫َّمثيل‬ ‫صريح ‪ ،‬وأخ�رى على ِج َه ِة الت‬ ‫ٍ‬ ‫فإنَّ�ه ‪ m‬أخب�ر بذلك َم َّ�ر ًة بِ ٍ‬
‫طريق‬
‫ٍ‬
‫زم�ان ألنَّه ‪ m‬أوتي‬ ‫أهل ك ُِّل‬
‫ويفه ُم ُه ُ‬
‫َّلويح حس�بما يقتضيه المق�ا ُم َ‬ ‫واإلش�ار ِة والت ِ‬
‫َ‬
‫جوام َع الك َِل ِم واخت ُِص َر له الكال ُم اختِصار ًا‪.‬‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫األحاديث وش�رحوها بِ َح َس�ب ما أدركَت ُه‬ ‫ِ‬
‫تفس�ير تلك‬ ‫ولذلك خاض ال ُعلما ُء في‬
‫زمان على ما قد كان في زمانِهم‬ ‫ٍ‬ ‫أهل ك ُِّل‬
‫ُعقو ُله�م ووصلت إليه أفها ُمهم‪ ،‬وحملها ُ‬
‫المبتَدَ عات‪ ،‬وهي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وط َّبقوه�ا على ما ظهر في�ه من الحوادث والتَّغ ُّيرات واألح�وال ُ‬
‫ِ‬
‫الزمان‪،‬‬ ‫وار ٌد في هذا‬ ‫ِ‬
‫الحقيق�ة ِ‬ ‫أكثرها في‬ ‫صالح لذل�ك إال َّ‬
‫أن َ‬ ‫ٌ‬ ‫وإن كان فيه�ا م�ا هو‬
‫والم َؤ َّو ِل‪ ،‬بل فيها ما هو‬ ‫فه�و ف�ي أحوالِه وحوادثِه كالنَّص‪ ،‬وفيما ذكروه كال َّظ ِ‬
‫اه ِ‬
‫�ر ُ‬ ‫ِّ‬
‫حوادث زمانِنا ال يق َب ُل حم َلهم وال يحت َِم ُل الت َ‬
‫َّأويل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َص قاطِ ٌع في‬
‫ن ٌّ‬
‫ِ‬
‫األحاديث التي أش�ار بها ‪ m‬إلى‬ ‫ذكرت فيه ما وق�ع لي من‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫فص�ل ‪ ،‬وهذا ُج�ز ٌء‬
‫ِ‬
‫العجيبة فيه‬ ‫العظيم�ة والمختَر ِ‬
‫ع�ات‬ ‫ِ‬ ‫ظه�ر من األُ ِ‬
‫مور‬ ‫وأهل ِه وما‬‫م�ان ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫ح�ال هذا َّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫�ب ما َب َل َغ ُه ِعلمي ووصل إليه إدراكي و َفهمي‪ ،‬وقد يفت َُح الل ُه على‬‫وذلك على َح َس ِ‬
‫ِ‬
‫االختراعات‬ ‫�ع من ذلك‪ ،‬و َأ َد ُّل على ما هنالك‪َّ .‬‬
‫وسمي ُت ُه «مطا َب َق َة‬ ‫أوس ُ‬
‫غيري بما هو َ‬
‫العصر َّي ِة لما أخبر به َس ِّيدُ ال َب ِر َّي ِة»‪.‬‬
‫ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواضح ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫سكوت العل َ ِ‬ ‫َ‬
‫علامات‬ ‫الإفصاح‬ ‫ماء عن‬ ‫ُ ُ‬ ‫ما هو سب َ ُ‬
‫ب‬
‫ساعةِ ركُك ٍن من أركا ِن ال ِّد ِين؟‬
‫ال ّ‬
‫حيث أحدا ُث ُه‬
‫الخطير م�ن ُ‬‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبب سكوت‬
‫كن‬ ‫الصحا َب� ُة ‪ n‬عل�ى عل ٍم واس� ٍع بهذا ُّ‬ ‫كان َّ‬
‫َّب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�خوص ُه‪ ،‬ولكنَّه�م كانوا يكتُمون ِس َّ�ر ُه َ‬ ‫ُ‬
‫العلماء عن‬ ‫وخ َب َ�ر ُه عن العا َّمة والدَّ هم�اء لما يترت ُ‬ ‫ُ‬ ‫وش‬
‫اإلفصاح‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مما‬ ‫المعاص َ�رة ورجالها ّ‬ ‫صور األولى من كَش�ف عن األحداث ُ‬ ‫َش�ر ِه في ال ُع ِ‬
‫عل�ى ن ِ‬
‫بالعالمات‬
‫يقول أب�و هرير َة في ما‬ ‫�أن ُ‬ ‫الش ِ‬
‫اإلفصاح‪ ،‬وفي هذا َّ‬
‫ِ‬ ‫�ؤ ِّدي إلى ِد ٍ‬
‫م�ار ُم َح َّق ٍق عند‬ ‫ق�د ُي َ‬
‫رس�ول ِ‬
‫الله ‪ِ m‬وعا َء ِ‬
‫ين فأ ّم�ا أحدُ هما َف َب َثث ُت ُه وأ ّما‬ ‫ِ‬ ‫«ح ِف ُ‬
‫ظت من‬ ‫الص ِ‬
‫حيح‪َ :‬‬ ‫رواه ف�ي َّ‬
‫الصحا َب ِة» ألبي ُن َعي ٍم األصبهانِ ِّي‬ ‫اآلخر فلو ب َثث ُته ُقطِع هذا البلعوم»(((‪ ،‬وفي ِ ِ‬
‫«معر َفة َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫فأخرجت منها ِجرا َب ِ‬
‫ين‪ ،‬ولو‬ ‫خمس ُج َر ٍ‬
‫ب‪،‬‬ ‫س�ول ِ‬
‫الله ‪m‬‬ ‫ِ‬ ‫ظت ِمن َر‬ ‫«ح ِف ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫(((بلفظ‪َ :‬‬
‫جار ِة» ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخرجت ال ّثال َث َلر َجمتُموني بالح َ‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫�م م�ن هذا ومن َغ ِير ِه َّ‬
‫أن المقصود بهذا الكتمان ه�و ما يتع َّل ُق في ِّ‬
‫أهم معانيه‬ ‫و ُف ِه َ‬
‫قه التَّح�و ِ‬
‫الت‪ ،‬ويؤ ِّيدُ هذا المعنى ما قاله أبوهرير َة‬ ‫ف بِ ِف ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬
‫�اعة أو ما ُع ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫ف أس�ماء ُهم (من بني ُف ٍ‬
‫الن‬ ‫(وكأن أباهرير َة ِ‬
‫يعر ُ‬ ‫َّ‬ ‫رواية اإلس�ماعيلي في قولِ ِ‬
‫�ه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِم�ن‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الج ِ‬
‫راب الذي لم ُيحدِّ ث به)(((‪.‬‬ ‫و ُف ٍ‬
‫الن) وكان ذلك من ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عما س�كت عنه‬ ‫َّدوين ووضع ال ُعلما ُء قواعدَ األُصول س�كتوا ّ‬ ‫ِ‬ ‫صر الت‬
‫ولما جاء َع ُ‬
‫وغير ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض الصحاب ِة ئ لِب ِ‬
‫حدي�ث أبي هرير َة ُ‬ ‫المحاذير التي أش�ار إليها‬ ‫قاء‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬
‫وذكر ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمس�انيد‬ ‫والس�ن َِن‬
‫حاح ُّ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َدوين معلوماته في ِّ‬ ‫في ذلك ال َع ِ‬
‫صر واك َت َفوا بِت‬
‫مبس�وط فِ ِ‬
‫قه اإلسلا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخبارها في‬ ‫كر ِ‬
‫مواق ِع‬ ‫للعالمات عن�د ِذ ِ‬
‫ِ‬ ‫َعرض� ًا في س ِ‬
‫�ردهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫((( البخاري (‪)120‬‬


‫((( معرفة الصحابة (‪)4237‬‬
‫(((فتح الباري البن حجر ‪.62/ 20‬‬

‫‪137‬‬
‫ِ‬
‫واإلحسان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واإليمان‬

‫إظهار ِه ُركن ًا من‬


‫ِ‬ ‫ماء عن‬‫كوت الع َل ِ‬ ‫العل ِم لِس ِ‬ ‫صول من َشا ِّذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واعتبره بعض ع ِ‬
‫لماء األُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُ ُ‬ ‫مقولة لإلمام‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المخا َل َف ُة ل َع َم ِل ُ‬
‫الم َت َقدِّ مين‬ ‫بي رحمه الله ‪َ ( :‬ق َّلما َت َق ُع ُ‬ ‫الش�اط ُّ‬ ‫الشاطبي حول أركان الدِّ ين حتَّى قال ّ‬
‫((( ِ‬ ‫ِ‬ ‫جديد العلم‬
‫أهل االجتهاد َغ َلط ًا أو ُمغا َل َط� ًة ) ‪ ،‬و ُأث َر عن اإلما ِم َع ِّ‬
‫لي‬ ‫نفس� ُه في ِ‬ ‫إال ِم َّم�ن َ‬
‫أدخ َل َ‬
‫لم ما ُع ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬
‫ف وتواطأت‬ ‫ف من العل ِم ‪ ،‬إنَّما الع ُ‬ ‫عر ُ‬‫لم ما ال ُي َ‬ ‫ين قو ُل ُه ( ليس الع ُ‬ ‫بن ُ‬
‫ُ‬
‫والقول بما‬ ‫الشر ِع‬
‫أي في َّ‬ ‫أهل ِ‬
‫العل ِم بِ َر ٍ‬ ‫واالنفرا ُد عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعضهم ‪:‬‬ ‫األلس� ُن) وقال ُ‬
‫عليه ُ‬
‫جال ِ‬
‫العل ِم‬ ‫األقوال من ِر ِ‬
‫ِ‬ ‫قل) ُ‬
‫ومثل ه�ذه‬ ‫ئان عن َخ َل ٍل في ال َع ِ‬ ‫ل�م ي ُقل ب�ه َأحدٌ فيه ينبِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر الس ِ‬ ‫وتش�دُّ ِدهم في ه�ذا‬
‫باألركان ـ كما‬ ‫وإلحاقه�ا‬ ‫�اعة‬ ‫ب الكال َم في ِ ّ‬ ‫ِ‬
‫األمر َح َج َ‬
‫ِ‬ ‫�ول بِركنِي ِة عالمات الس ِ‬ ‫نَعت َِق�دُ والل� ُه أع َل ُم ـ مع َّ‬
‫وإلحاقها بالموضو ِع ال‬ ‫�اعة‬ ‫ّ‬ ‫أن ال َق َ ُ َّ‬
‫بقول َمن ال ينطِ ُق‬
‫َّرهيب وإنَّما عال َق ُت ُه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبارات الت‬ ‫أه�ل ِ‬
‫العل ِم من‬ ‫عال َق� َة له بما َذك ََر ُه ُ‬
‫بريل ُي َع ِّل ُمكم دينَكم ) و بكتمانِ ِه ُيؤ َث ُم العالِ ُم بعد أن ثبت‬ ‫ع�ن اله�وى ‪ (m‬أتاكم ِج ُ‬
‫ركنية فقه‬
‫ُب الحديثِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة فقد تناو َلت ُه كا َّف ُة ُكت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تقرير ُه وتأكيدُ ُه‪ ،‬أما فق ُه عل ِم ّ‬
‫ُ‬ ‫َّبي ‪m‬‬
‫التحوالت مقولة ع�ن الن ِّ‬
‫ِ‬ ‫عمن ال ينطق عن‬
‫(والساع ُة ُجز ٌء‬
‫ّ‬ ‫ين وكتب في تبويبه‪:‬‬ ‫ألركان الدِّ ِ‬ ‫البخاري الذي َب َّوب‬
‫ِّ‬ ‫صحيح‬
‫ُ‬ ‫الهوى ‪ m‬وليس ومنها‬
‫ين)‪.‬‬‫اجتهاد العلماء من الدِّ ِ‬

‫لم َّي ِة‬


‫�ة كماد ٍة ِع ِ‬ ‫فات عام ٍة أو خاص ٍ‬
‫الفق�ه في مؤ َّل ٍ‬ ‫وتن�اول العدي�دُ من الع َل ِ‬
‫ماء هذا ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫تأخرين ـ في‬ ‫الم ِّ‬
‫بعض ُ‬ ‫ِ‬ ‫واآلخ َر ِة فقط‪ ،‬حتى صار لدى‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالقيامة‬ ‫ٍ‬
‫ارتباط‬ ‫�رعي ٍة ِ‬
‫ذات‬ ‫ِ‬
‫َش َّ‬
‫سل ِمين‬ ‫اإلثار ِة للم ِ‬
‫هل أو ِ َ ُ‬ ‫بالج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المت َك ِّل ِم في عالمات ّ‬
‫الساعة واتِّها ُم ُه َ‬
‫ٍ ِ ٍ‬
‫َف َترة َز َمن َّية ـ ُ‬
‫قدح ُ‬
‫ال ِ‬
‫وغيرها‪..‬‬ ‫أخبار اإلما ِم المن َت َظ ِر وعيسى والدَّ َّج ِ‬
‫ِ‬ ‫وخاص ًة عندما ُي ُ‬
‫خاض في‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫كن ومعلوماتِ ِه حتى صار غريب ًا ومجهوالً‪ ،‬بل صار في‬
‫الر ِ‬ ‫الج ُ‬
‫هل بهذا ُّ‬ ‫وعم َ‬
‫َّ‬

‫((( الموافقات للشاطبي (‪.)286 :3‬‬

‫‪138‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هل‬ ‫نشر ُه على المنابِ ِر والمؤ َّلفات نتيج َة َ‬
‫الج ِ‬ ‫ب والمس�لمي َن علم ًا ممنوع ًا ُ‬ ‫بالد ال َع َر ِ‬
‫المراح ِل وتق ُّلباتها‪ُ ،‬ث َّم الش�تمالِ ِه على‬
‫ِ‬ ‫�ب مع‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ب�ه َّأوالً‪ُ ،‬ث َّم عَدَ ُم خد َمته خد َم ًة َ‬
‫تتناس ُ‬
‫�ة و َمن له نُفو ٌذ‬ ‫األرض من الح�كّا ِم والع ِ‬
‫لماء وال َّظ َلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫المفس�دين في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بع�ض أحوال ُ‬
‫كر ِه كما ق�ال أبو هريرة ‪:v‬‬ ‫�كون عن ِذ ِ‬
‫ُ‬ ‫والس‬
‫مت ُّ‬‫الص ُ‬ ‫ِ‬
‫ف�ي الواقعِ‪ ،‬فس�ا َد بذلك َّ‬
‫(ل�و بثثتُ�ه َل ُقطِع ِمنِّي هذا الحلقوم)‪ ،‬وأما إظهارنا له بع�د أن تهي َأ لنا بِ َف ِ ِ‬
‫ضل الله َف ُ‬
‫هم‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫صول‬ ‫عار َض ِة ِ‬
‫أهل األُ‬ ‫ِ‬
‫يدخ ُل تح�ت ُمخا َل َفة َمن َس� َب َق وال ُم َ‬
‫ِ‬
‫األركان فال ُ‬ ‫موق ِع�ه م�ن‬
‫ِ‬

‫حاجتِه قبل‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬


‫وإكم�ال لما هم وأتبا ُع ُهم وتالم َذتُه�م في َ‬
‫ِ‬
‫والحدي�ث‪ ،‬وإنم�ا هو إتما ٌم‬
‫ِ‬ ‫َغ ِيره�م من ع�وا ِّم الن ِ‬
‫فقأت َعي َن‬
‫ل�ي ‪« : v‬إنِّي ُ‬ ‫َّاس وتجدي�دٌ وا ٍع لقول اإلما ِم َع ٍّ‬
‫الفتن َِة»(((‪.‬‬
‫ِ‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪ ،)38889‬وفي رواية سندها غريب ألبي نعيم في الحلية (‪:)206 :4‬‬
‫أنا فقأت عين الفتنة‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫موقِع الأمثِلَةِ والرُّمو ِز والش ِ‬
‫ِّعارات والش ِ‬
‫ّارات‬ ‫ُ‬
‫حو ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لات‬ ‫والألوا ِن في فقه الت َّ ُّ‬
‫ِ‬
‫إش�ار ّي ًا ‪ ،‬فك ُُّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن�د النَّ َظ ِ‬
‫َّحوالت ذاته�ا نَجدُ ها تحم ُل ً‬
‫معنى‬ ‫العميق في فق�ه الت ُّ‬ ‫�ر‬ ‫الرموز‬

‫مقص�ود‪ ،‬فإ ّما أن يكون المقصو ُد‬ ‫ٍ‬ ‫ف و َغ َر ٍ‬


‫ض‬ ‫واإلشارات سلبية اس� ٍم منها أو فيها يخف�ي أك َثر من هدَ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وإيجابية فال‬
‫ِ‬
‫َّحليل‪ ،‬وس ُّ�ر‬‫ِ‬ ‫ع�ب ال َفه� ِم ُم َع َّقدَ الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�هل ال َفه� ِم ُممك� َن الت‬ ‫تختص بالمسلم َس َ‬
‫َّحليل وإ َّم�ا أن يكون َص َ‬
‫وحده‬
‫أن في‬ ‫قضائ ِه و َق�دَ ِر ِه‪ ،‬كما َّ‬
‫ِ‬ ‫أمر ِ‬
‫الله في َس ِ‬
‫�ير‬ ‫يرج ُع إلى ُمقت ََض�ى ِ‬ ‫اإلخف�اء للمعان�ي ِ‬ ‫ِ‬
‫غاة والب ِ‬ ‫بعض ال ُّط ِ‬
‫ِ‬ ‫اد المؤمنين ِمن َب ِ‬ ‫للعب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّور َي ِة لِ َب ِ‬ ‫ِ‬
‫نماذ ِج الت ِ‬
‫غاة‬ ‫ُ‬ ‫طش‬ ‫األمور سالم ًة َ‬ ‫عض‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬ ‫والحكّا ِم والم ِ‬
‫فسدين في‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫اإليجابي وحدَ ُه‪،‬‬ ‫�ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ونماذ ِجها ال ت ُ‬ ‫واإلش�ار ُة بِ�ك ُِّل أنواعها‬
‫َّ‬ ‫ص الجان َ‬ ‫َخ ُّ‬ ‫َ‬ ‫موز‬
‫والر ُ‬
‫ُّ‬ ‫السحر والتنجيم‬
‫وح ِ‬‫الالت لِزياد ِة ِعل ِم المسل ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والطالسم وقراءة‬
‫فظ‬ ‫َ‬ ‫المعلومات والدِّ‬ ‫خاص ًة باختِ ِ‬
‫زال‬ ‫الكف واألبراج أي‪ :‬إنَّها ليست َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤم ِن وحدَ ُه‪ ،‬وإنَّما هي ُل ُ‬ ‫علوم سلبية الم ِ‬
‫األخيار‬ ‫َّفاه ِم فيما يستَح ُّق فيه الت ُ‬
‫َّفاه ُم بين الناس‬ ‫غات الت ُ‬ ‫ُ‬
‫ب ُل َغ َة ال َع َم ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ ،‬وكذلك بين الن ِ‬
‫مار ِ‬ ‫ِ‬
‫األشرار بما ُيناس ُ‬ ‫َّاس‬ ‫ب ُلغ َة ال َع َم ِل ُ‬
‫الم َ‬ ‫بما يناس ُ‬
‫مار ِ‬
‫س بينهم أيضا‪.‬‬ ‫الم َ‬
‫ُ‬

‫مز وال ِّط َّلس ِم‬‫بالر ِ‬ ‫ٍ‬


‫ارتباط ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫�عو َذ ُة‬ ‫َّنجيم والكَها َن ُة َّ‬
‫كبير َّ‬ ‫ذات‬‫أعمال ُ‬ ‫والش َ‬ ‫�حر والت ُ‬
‫فالس ُ‬
‫ِّ‬
‫ف بِ ِعل ِم‬ ‫ِ‬
‫األب�راج وال َّطوال� ِع والنُّجو ِم وما ُي َ‬
‫ع�ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّف�ث وغيرها‪ ،‬وك َِق�را َء ِة‬
‫ق�د والن ِ‬
‫والع ِ‬
‫َ‬
‫َّحضيرات ِمن َض َر ٍر َ‬
‫وخ َط ٍر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االنفعاالت والت‬ ‫َّب على هذه‬ ‫ِ‬
‫والحرف‪ ،‬وم�ا يترت ُ‬
‫َف َ‬ ‫الك ِّ‬
‫وص َف ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خطير َ‬ ‫ذات َض َر ٍر‬ ‫ٍ‬
‫وإفساد‪ُ ،‬ك ُّلها ُعلو ٌم َسلبِ َّي ٌة ُ‬ ‫ِ‬ ‫و َف ٍ‬
‫ستطير َ‬ ‫وش ٍّر ُم‬ ‫األرض‬ ‫ساد في‬
‫الله في كتابِ ِه بقوله‪ :‬ﮋﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬

‫‪140‬‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢﮊ [البقرة‪. ]١٠٢ :‬‬

‫ِ‬
‫َّماثيل‬ ‫�م ِة والت‬ ‫�و ِر ُ‬
‫الم َج َّس َ‬ ‫الص َ‬
‫ع�ض ُّ‬ ‫ِ‬ ‫واإلش�ار ِة ما نراه في َب‬
‫َ‬ ‫الر ِ‬
‫م�ز‬ ‫ِ‬
‫وم�ن َس�لبِ ّيات َّ‬
‫الرمز باألفعى‬
‫وش�ارات ِ‬
‫ذات َمعن ًَى‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ور ٍ‬
‫موز‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنحوت َِة والن‬
‫والشمس‬ ‫خاصة ُ‬ ‫الم َع ِّب َرة عن معان َّ‬ ‫القديمة ُ‬
‫َ‬ ‫ُّقوش‬
‫عض هذه‬ ‫ِ‬
‫واختالط َب ِ‬ ‫هر ِة‬ ‫والر ِ‬ ‫بالش ِ‬‫مز َّ‬ ‫والر ِ‬ ‫مز باألفعى عند ال َب ِ‬ ‫كالر ِ‬
‫بالز َ‬
‫مز َّ‬ ‫�مس َّ‬ ‫عض َّ‬ ‫َّ‬
‫مز ق�د بلغت في عا َل ِم السياس ِ‬
‫�ة مب َلغ ًا خطير ًا ال‬ ‫الر ِ‬ ‫ع�ض‪ ،‬بل َّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الر ِ‬
‫ِّ َ‬ ‫إن َقض َّي َة َّ‬ ‫م�وز في َب‬ ‫ُّ‬
‫َحو َل ِة‪،‬‬
‫المت ِّ‬
‫ِ‬
‫ياس�ة ُ‬ ‫الس َ‬
‫م�وز ِّ‬‫المخت َِّصين في قرا َء ِة ُر ِ‬ ‫بع�ض ُ‬ ‫�ه إال ُ‬ ‫ف مدى ُخطورتِ ِ‬
‫َ‬ ‫َي ِ‬
‫ع�ر ُ‬
‫ايات والمن َّظ ِ‬
‫مات‬ ‫ملات والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونش�هدُ ُه من ُر ِ‬
‫موز ال ُع‬ ‫ويدخ ُ�ل ف�ي هذا ِ‬
‫األمر ما نرا ُه‬ ‫ُ‬
‫رموز العمالت‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫أم�ر معي ٍن وفِكر ٍة مح�دَّ د ٍة ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وأعالم الدول‬ ‫ذات مغزى في عا َل ِم‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫واألنظ َم�ة وال�دُّ َو ِل‪ ،‬و ُك ُّلها َتن ُُّم عن ٍ ُ َ َّ‬
‫والمنظمات‬
‫�يطان أو مغزى من مغ�ازي االنتقا ِم أو‬ ‫ِ‬ ‫�حر أو عا َل ِم ِعب�ا َد ِة َّ‬
‫الش‬ ‫الس ِ‬ ‫ُف�ر أو عال�م ِّ‬ ‫الك ِ‬

‫وان في هذه ال ُّل َغ ِة لِ ُي َع ِّب َر ك ُُّل‬ ‫ِ‬


‫غير ذلك‪ ..‬بل ُأدخ َل َ‬
‫الح َي ُ‬ ‫تل أو ِ‬ ‫ف أو ال َق ِ‬‫نف أو ال َّت َطر ِ‬
‫ُّ‬
‫الع ِ‬
‫ُ‬
‫ف وغا َي ٍة‪.‬‬‫نَو ٍع منها عن مغزى وهدَ ٍ‬
‫ً َ‬

‫القرا َء ِة في‬
‫وكل هذا يعيدُ نا إلى ما س�بقت اإلش�ار ُة إليه في أو ِل كتابِنا عن انقسا ِم ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫المدرستان‬ ‫مدر َست ِ‬
‫َين‪:‬‬ ‫اإلنساني إلى َ‬
‫ِّ‬ ‫العا َل ِم‬
‫األنوية واألبوية‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لكل منهما لغته‬ ‫موزها وشاراتُها ومعانيها(((‪.‬‬
‫ور ُ‬‫‪ -1‬مدرسة َأن َِو َّية إبليس َّية َوضع َّية لها ُل َغتُها ُ‬
‫ورموزه‬

‫((( وم�ن هذه اإلش�ارات والرموز ما نش�هده ف�ي بعض ش�عارات الدول والمنظم�ات الكافرة‬
‫وفي ألويتهم وعمالتهم وش�ارات شركاتهم ومؤسساتهم‪ ،‬ومنها شارة الصليب كرمز اتخذ‬
‫لعقيدة التثليث وصلب المسيح ومجسم مريم العذراء لدى النصارى‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موزها وشاراتُها ومعانيها‪.‬‬
‫ور ُ‬‫‪ -2‬ومدرسة َن َب ِو َّية َأ َب ِو َّية َشرع َّية ولها ُل َغتُها ُ‬
‫ِ‬ ‫َين بِ ُع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َص‬ ‫مق وتَدَ ُّب ٍر ليت ََم َّك َن ُ‬
‫المخت ُّ‬ ‫َين ال ُّل َغت ِ‬‫دراس ُة هات ِ‬
‫َّحوالت َ‬‫دراسة هذه الرموز ومن ُم ِه َّمات فقه الت ُّ‬
‫يستطيع ِ‬
‫معر َف َة‬ ‫ُ‬ ‫�ار ِة‪ ،‬بل وبها‬ ‫�م ِة َّ‬
‫والش َ‬ ‫والس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم من ِ ِ‬
‫معر َفة الدِّ اللة بالعالمة ِّ‬
‫من فروع فقه في هذا ِ‬
‫التحوالت‬
‫العل ِم وحدَ ُه‬‫الخ ِير‪ ،‬وبهذا ِ‬ ‫الش�ر ِمن ر ِ‬
‫عاة َ‬ ‫َّ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫عا‬ ‫ور‬ ‫العالم‬ ‫في‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫�لب‬ ‫الس‬ ‫ف‬ ‫موز التَّحا ُل ِ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ُ‬
‫وجنو َد ُه سوا ًء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فم ِ‬
‫وق َع َّ‬ ‫ِ‬
‫موز ُه وأتبا َع ُه ُ‬‫ور َ‬ ‫الشيطان والدَّ َّجال وسماس َر َت ُه وعساك َر ُه ُ‬ ‫يعر ُ َ‬
‫العاد َل ِة‪ ،‬كما ورد‬
‫ِ‬ ‫المقاتِ َل ِة‪ ..‬أو كانوا ف�وق منابِ ِر الدِّ يان َِة‬
‫يوش ُ‬‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫كان�وا في ُصفوف ُ‬
‫حديث َمن ال ينطِ ُق عن الهوى‪ ..‬وقد رأى في المنا ِم ما َ‬
‫أحز َن ُه وأبكاه‬ ‫ِ‬ ‫ِم ُ‬
‫ثال ذلك في‬
‫«رأيت ِ‬
‫الق َر َد َة والخنازير ينزون على منبري كما تنزو القردة»(((‪ ،‬وفي‬ ‫ُ‬ ‫‪ ..m‬فق�ال‪:‬‬ ‫رمزية القردة‬
‫والخنازير على‬
‫ن�زول س�ورة القدر قام رجل إلى الحس�ن ب�ن علي ‪ c‬فقال ‪ :‬يا مس�ود وجه‬ ‫المنبر النبوي‬
‫المؤمنين ‪ ،‬فقال الحس�ن ؤ‪« :‬ال تؤنبني رحمك الله ‪ ،‬فإن رس�ول الله ‪ m‬قد‬
‫رأى بني أمية يخطبون على منبره رجال رجال ‪ ،‬فساءه ذلك فنزلت (ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ) نهر في الجنة ‪ ،‬ونزلت (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ) تملكها بنو أمية فحسبنا ذلك ‪ ،‬فإذا هو ال يزيد وال‬
‫ينقص »(((‪.‬‬

‫َّص�ر ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ [النص�ر‪ ]1 :‬اختل�ف‬ ‫ولم�ا نزل�ت س�ور ُة الن ِ‬ ‫رمزية النصر‬


‫والفتح‬
‫مجل ِسه‬
‫اس ‪ c‬وفي ِ‬ ‫مر ب ُن الخ َّط ِ‬
‫اب اب َن ع َّب ٍ‬ ‫َ‬
‫وس�أل ُع ُ‬ ‫ِ‬
‫تفس�يرها ‪،‬‬ ‫الصحا َب ُة في‬
‫َّ‬
‫الله ‪.((( »m‬‬‫سول ِ‬ ‫األشياخ عن مغزى السور ِة فقال‪« :‬هو َأ َج ُل ر ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُّ َ‬

‫((( الحاك�م (‪ )5:389‬وأق�ره الذهب�ي‪ ،‬وفي تفس�ير ابن أب�ي حاتم (‪ )13696‬رواي�ة فيها تتمة‬
‫لتفسير الرؤيا‪« :‬فقيل له‪ :‬إنما هم بنو ٍ‬
‫فالن‪ ،‬وإنما هي دنيا ُأعطوها‪َ ،‬ف ُس ِّر َي عنه ‪. »m‬‬
‫((( الترمذي (‪ )3350‬وقال‪ :‬غريب‪.‬‬
‫((( الدر المنثور (‪ )375 :10‬وال زالت كتب التفسير ترمز ألوائل السور المستعجم فهمها على‬

‫‪142‬‬
‫رجل ُخي�ر بين ما في الدُّ نيا وبي�ن ما عند ِ‬
‫رمزية الرجل‬ ‫الله‬ ‫ٍ ِّ َ‬ ‫َّب�ي ‪ m‬يوم�ا وقال عن‬
‫وخط�ب الن ُّ‬
‫الذي خير بين‬ ‫فاختار ما عند ِ‬
‫بال هذا َّ‬
‫الش ِ‬
‫يخ‬ ‫الله ‪ ،‬فبكى أبوبكر ؤ حتى قال ُع َم ُر ؤ ‪ :‬ما ُ‬
‫الدنيا واآلخرة في‬
‫خطبة النبي ‪m‬‬ ‫الر ُج َل الذي ُخ ِّي َر هو‬ ‫بار ِة َّ‬
‫أن َّ‬
‫ِ‬
‫مز في الع َ‬‫والر َ‬
‫اإلشار َة َّ‬
‫َ‬ ‫أبوبكر ؤ‬‫ٍ‬ ‫يبكي؟ وقد َف ِه َم‬
‫رسول الله ‪ m‬فاختار ِ‬
‫اآلخ َر َة على الدُّ نيا(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م�وز‬ ‫راس�ته عل�ى العالم�ات ُّ‬ ‫َّح�والت ال�ذي نح�ن بِ َص�دَ د د َ‬ ‫وق�ام فق� ُه الت ُّ‬
‫ِ‬
‫المس�كوت‬ ‫الراب ِع‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫واإلش�ارات ب�دء ًا م�ن حديث‬ ‫ِ‬
‫ك�ن َّ‬ ‫جبري�ل وما فيه م�ن ما َّدة ُّ‬
‫ِ‬
‫والصغرى وما انط�وت عليه من ال ُعلو ِم فقه التحوالت‬ ‫والوس� َطى ُّ‬ ‫عن�ه ونها َي ًة بالعالمات الكُبرى ُ‬
‫يدرس العالمات‬ ‫س�ول ‪ m‬البن صي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلشارات‬
‫ومالح َق ُت ُه‬
‫َ‬ ‫اد‬ ‫َ َّ‬ ‫وال ُفه�و ِم والدِّ الالت والمواقف‪ ،‬ومنها متا َبع ُة َّ‬
‫الر‬
‫حيح «ذها ُب ُه ‪ m‬مع‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف حقي َق َت ُه عن‬ ‫ِ‬
‫في نصوص‬ ‫واإلش�ارة ‪ ،‬وقد ورد في َّ‬ ‫َ‬ ‫موز‬ ‫طريق ُّ‬ ‫ليعر َ‬
‫المعصوم ‪m‬‬
‫ابن صي ٍ‬ ‫طائ َف ِة الن ِ‬
‫ع�ض الصحاب ِة نح�و ِ‬
‫وما انطوت عليه‬ ‫اد فصاحت‪:‬‬ ‫فلما كان قريب ًا منه رأت ُه ُأ ُّم ِ َ ّ‬
‫َّخل ‪ّ ،‬‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫َب‬
‫من المواقف‬ ‫سول ِ‬
‫الله‬ ‫صياد من مر َق ِد ِه وقال ‪ :m‬لو تركتِ ِه ل َب ّي َن ‪ ،‬وس�أ َله َر ُ‬
‫ٍ‬ ‫هذا ُم َح َّمدٌ ‪ ،‬فقام اب ُن‬
‫والدالالت‬
‫إبليس‪ُ ،‬ث َّم قال‬ ‫رش‬‫الماء‪ ،‬فقال ‪ : m‬ذاك َع ُ‬ ‫ِ‬ ‫رش ًا على‬ ‫‪ : m‬ماذا ترى؟ قال ‪ :‬أرى َع َ‬
‫َ‬
‫�أت لك خبيئ ًا فقال‪ :‬هو ال�دُّ ُّخ ‪ ،‬وكان النَّبي ‪ m‬قد َخب َأ له ك َِلم َة (الدُّ ِ‬
‫خان)‬ ‫ل�ه ‪َ :‬خ َب ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫در َك»(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خسأ فلن تَعدُ َو َق َ‬
‫سورة الدُّ خان‪ ،‬فقال له ‪ : m‬ا َ‬ ‫أو معنى ما في َ‬
‫ِِ ِِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫رمزية طول اليد‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬لنس�ائه ‪َّ « :‬أو ُل ُك َّن َلحاق ًا بي َأ َ‬
‫طو ُل ُك َّن‬ ‫اإليجابي قال‬
‫ِّ‬ ‫الجانب‬ ‫وفي‬

‫العلماء والمفس�رين بقولهم‪ :‬الله أعلم بالمراد به‪ ،‬لما في الرسم واالسم من داللة مجهولة‬
‫المعنى والهدف‪ ،‬مع أن بعض المفس�رين اجتهدوا ف�ي فك الرمز المقصود ولم يقطع أحد‬
‫بصح�ة المعنى المس�تنبط فهمه‪ ،‬بل كان التفس�ير مجرد محاولة وتقري�ب لمعنى يعتقد فيه‬
‫الص�واب وعدم�ه‪ ،‬ويدخل في ه�ذا المعنى الرمزي األل�وان واألرق�ام والرايات واألعالم‬
‫والمالبس والعمامة والسيوف وغيرها من الوسائل‪.‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )466‬‬
‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )1354‬ومسلم (‪ )7538‬بعدة روايات مختلفة ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫الح ِّس�ي لأليدي كما َف ِهمنَ� ُه من المعنى‬ ‫ول ِ‬
‫رن ف�ي ال ُّط ِ‬ ‫ي�د ًا»((( فذهبت النِّس�ا ُء َين ُظ َ‬
‫ِ‬
‫اإلحسان‪.‬‬ ‫َثر ِة‬ ‫ِ‬
‫مز لإلنفاق وك َ‬ ‫طول ال َي ِد َر ُ‬
‫غير َذلِ َك إنَّما ُ‬
‫األمر َ‬
‫بارة‪ ،‬وكان ُ‬
‫للع ِ‬
‫َ‬
‫اه ِر ِ‬
‫ال ّظ ِ‬

‫رع م�ن فرو ِع ِعل ِم‬‫وق بل هو َف ٌ‬ ‫واإلش�ار ُة في اإلسلا ِم بِ َسلا َم ِة َّ‬


‫الذ ِ‬
‫َ‬ ‫مز‬‫الر ُ‬ ‫ويرتَبِ ُط َّ‬ ‫علم اإلحسان‬
‫المس�ل ِم في ه�ذا ِ‬ ‫يزيد الفهم‬
‫الخاص يزدا ُد‬
‫ِّ‬ ‫العل ِم‬ ‫ِ‬ ‫اإلحس�ان و َث َم َر ٌة من َث َمراتِ ِه ‪ ،‬وبِ ِم ِ‬
‫قدار ت ََر ِّقي‬ ‫ِ‬
‫الذوقي والوعي‬
‫س�ل ِمين في ِعل ِم اإلحس�انِ‬‫اإلش�اري‪ ،‬وهذا ما يمي ُز الم ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫الذوق ُّي ويرتقي وع ُي ُه‬ ‫هم ُه َّ‬
‫َف ُ‬ ‫اإلشاري‬
‫وق في ال َفه ِم الباطِ ِن وال َّظ ِ‬
‫اه ِر‪ ،‬و ُك َّلما ارتقى‬ ‫الذ ِ‬
‫الخاص‪ ،‬ومنه سال َم ُة َّ‬ ‫ِ‬
‫بالعل ِم ال َّلدُ ن ِِّّي‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلش�ارة والعال َم�ة َكت ََم ما َ‬
‫يظه ُر له من‬ ‫َ‬ ‫موز‬ ‫�ع على العل ِم ال َّلدُ ن ِِّّي في ثنايا ُّ‬ ‫الم َّطل ُ‬
‫ُ‬
‫بالله) ‪ ،‬وفي هذا المعنى‬ ‫ف بالله‪ ،‬أو (من العارفين ِ‬ ‫ِس ِّ�ر المعاني حتى يقال له‪ِ :‬‬
‫عار ٌ‬
‫الع ِ‬
‫رفان (((‪.‬‬ ‫يأتي ما يسمى بِمر َتب ِة ِ‬
‫ُ َّ َ َ‬

‫((( البخاري (‪)1420‬‬


‫((( كت�ب عن هذا األمر الدقي�ق الخاص اإلمام العالمة عبدالرحمن ب�ن عبدالله بلفقيه العلوي‬
‫الش�افعي الحضرمي رسالة س�ماها‪ :‬فتح بصائر اإلخوان في شرح دوائر اإلسالم واإليمان‬
‫واإلحسان والعرفان‪ ،‬وكأني بهذا السيد العالمة الذي أطلق عليه الحبيب عبدالله بن علوي‬
‫الحداد (عالمة الدنيا) قد أدرك المعنى اإلشاري في العلم بعالمات الساعة وفقه التحوالت‬
‫وم�ا يترتب على ه�ذا العلم من ضرورة الكتمان وعدم الكش�ف واإليض�اح لمنافذ النفس‬
‫والهوى والدنيا والش�يطان‪ ،‬فحلق بالمريدين فوق مس�توى العيوب والنقائص إلى الحكمة‬
‫الت�ي أجرى الله بها س�ر الدفع والجل�ب والنفع والضر والخير والش�ر وأطلق على ثمرات‬
‫المزيج الحالي من علم اإلسلام واإليمان واإلحس�ان (العلم العالي‪ :‬علم مرتبة العرفان)‬
‫فهاهو يمهد لهذا العلم اللدني بقوله‪:‬‬
‫فإن العبد إذا تمكن في اإلسالم واإليمان ‪ ،‬وأخذ طرفا صالحا من العلوم الشرعية الواردة‬
‫ف�ي الس�نة والقرآن ‪ ،‬فاتس�ع علم�ه ‪ ،‬وانفتح فهمه ‪ ،‬وانش�رح صدره ‪ ،‬عرف نفس�ه ‪ ،‬فعرف‬
‫ربه‪ ،‬وطلب رضاه وقربه ‪ .‬فإنه يش�هد عجزه ‪ ،‬وذله ‪ ،‬وش�دة افتقاره وجهله ‪ .‬فإنه كغيره من‬
‫األكوان‪ ،‬خلق من عدم وراجع إلى عدم ‪ ،‬في غاية اإلحتياج واإلضطرار ‪ ،‬ليس له استقالل‬
‫بقدرة وال اختيار ‪ ،‬وال وجود وال بقاء ‪ ،‬وال فضل وال جود ‪ ،‬إال بواجب الوجود‪ ،‬في جميع‬

‫‪144‬‬
‫المتَدَ ِّرج�ون بال ُعلو ِم ال َّثال َث ِة ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وه�ي مر َت َب ُة الكَمال النِّس�بِ ِّي التي يب ُل ُغه�ا العارفون ُ‬
‫ِ‬
‫اليقين‬ ‫�ة‪ِ :‬عل ِم‬‫ات ال َّثال َث ِ‬
‫�س اليقينِي ِ‬
‫ّ‬ ‫الش ِ‬
‫�كر‪ ،‬على ُأ ُس ِ‬ ‫وعل ِم ُّ‬ ‫كر ِ‬ ‫وعل ِم ِ‬
‫الف ِ‬ ‫كر ِ‬ ‫ِعل� ِم ِّ‬
‫الذ ِ‬
‫وألن هذه العلوم ُعلوم ال َقو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َع ِ‬
‫خير لنا ولمن‬ ‫الراس�خين َف ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫اليقين‪،‬‬ ‫وح ِّق‬
‫اليقين َ‬ ‫ين‬
‫االحتمال‪ِ ،‬‬
‫فيرج ُع إلى‬ ‫ِ‬ ‫روف‬ ‫الخيال وال ُص ُ‬ ‫ُ‬ ‫معدنها أال َيش�ت ََّط ب�ه‬ ‫ر ِغب المعر َف َة من ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫موض فيها‬ ‫ضوح ال َب ِّي ِن التي ال ُغ َ‬
‫ِ‬ ‫م�ا نحن بِ َصدَ ده من قرا َءة األركان األر َب َعة بِ ُل َغة ُ‬
‫الو‬
‫ب التَّام في ك ُِّل ٍ‬ ‫ِ‬
‫ش�رط األَ َد ِ‬
‫الز َل َل الذي وقع فيه ُ‬
‫الم َث َّقفون‬ ‫حال‪َّ ،‬‬
‫فإن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫إش�كال مع‬‫َ‬ ‫وال‬

‫الش�ان ‪ .‬ف�إن وجوده ودوام�ه ‪ ،‬وكل كماله في�ه ‪ ،‬وفعله وانفعاله ‪ ،‬حتى قع�وده وقيامه ‪ ،‬من‬
‫فضل الله وإنعامه ‪ .‬فيعرف نعمة الله عليه ‪ ،‬وأن المنة لله – سبحانه – إذ وفقه لشكره وذكره‬
‫ف�ى كل طاعة وإحس�ان ‪ ،‬فال يطالب جزاء فيه�ا ‪ ،‬وال ينظر إليها ‪ ،‬بل يخاف من وجودها مع‬
‫القلة والتقصير في شكرها ‪ .‬وما شكرها إال اإلعتراف وشهود المنة فيها ‪.‬‬
‫إل�ى أن قال‪ :‬فعند ذلك تس�طع عليه أنوار الحقيقة ‪ ،‬وي�ذوق جنى معاني الوحي والنبوة ‪،‬‬
‫في مقامات القرب والوالية والفتوة ‪ ،‬فيشهد حقائق التنزيل على التفصيل ‪ ،‬ويعرف معارف‬
‫التفريع والتأصيل ‪ ،‬ويفهم بالله عن الله كل مش�كلة ‪ ،‬ويتضح له بنور الله حل كل معضلة ؛‬
‫وذلك ثمرة التقوى ‪ ،‬واليقين‪ ،‬وصحبة أهل الله المتقين ‪.‬‬
‫ق�ال الل�ه تعالى ‪( :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ) أي من كل مش�كل ومعضل ‪( ،‬ﮡ )‬
‫علما وفهما ‪( ،‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ )[الطالق‪. ]3-2:‬‬
‫وقال أيضا‪ :‬وقال أيضا ( ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ) [البقرة‪. ]282:‬‬
‫وق�ال تعال�ى ‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [األنف�ال‪ ]29:‬وباللـ�ه‬
‫التـوفـــيق ‪ ،‬وذلك ثمرة الطريق ‪ ،‬وزبدة التحقيق‪ ،‬وفي ثنايا الرس�الة عبارات ال يتس�ع لها‬
‫فهم المتأخرين تجاوزنا ذكرها‪ ،‬لعدم الحاجة لها فيما نحن بصدده‪.‬‬
‫وق�د تن�اول العالم�ة المذكور ف�ي رس�الة خاصة س�ماها «عم�دة المحقق ف�ي العقائد»‬
‫ال زال�ت مخطوط�ة ـ وفي الفصلين الس�ابع والثامن ـ موضوعي الحش�ر والنش�ر ‪ ،‬وجعل‬
‫موضوع الحشر فصال منظوما بكل ما يختص بعالمات الساعة والنفخة األولى حتى انتهاء‬
‫الكون‪ ،‬وأما النشر فهو كل ما يخص األمور اآلتية بعد النفخة الثانية ‪ ،‬وما يترتب على ذلك‬
‫من مسائل اإليمان والبعث والنشور والقبر ونعيمه وما إلى ذلك‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫الحك ِم عل�ى الر ِ‬ ‫ِ‬
‫جال أك َب َر من‬ ‫ِّ‬ ‫�طح ًا في ُ‬
‫ب لهم َش َ‬ ‫والمتع ِّلم�ون و ُق َّرا ُء ُ‬
‫الحروف َس� َّب َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكمال‪.‬‬ ‫وار ِد‬ ‫جال في ِ‬
‫ذوقهم النِّسبِ ِّي من ِ‬ ‫طح الر ِ‬
‫َش ِ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫الر ِ‬
‫مز َّي ُة بين ِ‬ ‫ِ‬ ‫علم اإلشارة‬
‫واألتقياء على‬ ‫واألصفياء‬ ‫األولي�اء‬ ‫الله من‬ ‫اإلش�ار َّي ُة َّ‬ ‫والمعركَ� ُة‬
‫َ‬ ‫والرمز معركة‬
‫والكذابِين على طريقِ‬
‫َّ‬ ‫والمن َِّجمي�ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجنَّة وبين َع َبدَ ة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ح َرة ُ‬
‫الس َ‬
‫الش�يطان من َّ‬ ‫أبدية بين األخيار طري�ق َ‬
‫واألشرار‬
‫الباطل ُمست َِم َّر ٌة َأ َبدَ اآلباد ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫واألمارات‬ ‫ِ‬
‫والعالمات‬ ‫وهي وحدَ ها فِقه يختَص بما هو معلوم له من التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫وخير لنا وله وألمثالِنا‬
‫ٌ‬
‫الحديث بهذه ال ُّل ِ‬
‫غة َم َعنا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عندهم ‪ :‬الغاية ومن لم َيفهم المعنى يص ُع ُ‬
‫ب عليه‬
‫تبرر الوسيلة‬
‫س�ائ ِل‪ ،‬والغاية ُت َق ِّر ُر الوس�ي َل َة كما هو في شعاراتِنا‬
‫نخوض البحر بالو ِ‬
‫َ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫وأش�باهنا أن‬ ‫وعندنا‪ :‬الغاية‬
‫َّبوي ِة األَب ِوية‪ِ.‬‬
‫تقرر الوسيلة الن ِ َّ َ َّ‬
‫اإلبليس� َّي ِة فالغا َي� ُة ُت َب ِّر ُر الوس�ي َل َة‪ٌ ،‬‬
‫وفرق بين‬ ‫ِ‬ ‫�ة األَن َِو َّي ِة‬
‫ش�عارات المدرس ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫أم�ا في‬
‫فخير‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َين‪ ،‬و َمن لم َي َّط ِلع على‬ ‫المدر َست ِ‬ ‫ِ‬
‫مز ُهو َّيته ٌ‬ ‫يفهم َر َ‬‫مدرستَه ولم َ‬ ‫َ‬ ‫شعار‬ ‫َ‬ ‫شعارات‬
‫ركب أس�اطينِها لِ َيس� َل َم من ال َغ َر ِق في‬ ‫ويس�ير في ِ‬ ‫َ‬
‫له أن يس�ت َِمع الحكم َة من ِ‬
‫أهلها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هل ِك الفاتِ ِك‪.‬‬ ‫طوفان األَن َِوي ِة الم ِ‬
‫َّ ُ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫القلب‬ ‫ليم في‬ ‫يعرف حقيق َة المعنى ِ‬
‫القائ ِل‪ :‬ال َع ُ‬ ‫وأنَّى لقارئ ذلك‪ ..‬وهو بعدُ لم ِ‬
‫الس ُ‬
‫قل َّ‬ ‫عندهم‪ :‬العقل‬
‫ِ‬ ‫السليم في الجسم‬
‫ليم‪،‬‬ ‫ليم في الجس ِم َّ‬
‫الس ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫أن الحقي َق َة لديك‪ُ :‬‬
‫العقل َّ‬ ‫عار حقيق ٌة؟ أم َّ‬ ‫السلي ِم‪ ،‬فهل هذا ِّ‬
‫الش ُ‬ ‫َّ‬ ‫السليم‬
‫ِ‬
‫فتعرف على رجالها تَس َلم‪،‬‬ ‫مدرس ٌة عظيم ٌة في اإلسال ِم‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫واإلشار ُة والعالم ُة‬
‫َ‬ ‫مز‬
‫فالر ُ‬
‫وعندنا‪ :‬العقل إذن َّ‬
‫ال‪ ،‬مدرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫السليم في القلب‬
‫عي المنسوخِ ‪ ،‬فلها‬ ‫والو ِ‬
‫وق الممسوخِ َ‬ ‫الذ ِ‬
‫�ة َّ‬ ‫األعو ِر الدَّ َّج ِ‬
‫َ‬ ‫مدرس�ة‬ ‫وإياك من‬
‫َ‬ ‫السليم‬
‫المت ََأ ِّم ُل في‬
‫وتأثير ‪ ،‬ومتى ما تأ َّم َل ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مكان‪ ،‬و َأ َث ٌر‬
‫ٌ‬ ‫والش َار ِة‬ ‫مز وال َّل ِ‬
‫ون َّ‬ ‫والر ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلشارة َّ‬
‫َ‬ ‫في عا َل ِم‬
‫ِ‬
‫عارات‬ ‫والش‬ ‫ِ‬
‫�ارات ِّ‬ ‫واأللو َي ِة ال َعس�ك َِر َّي ِة َّ‬
‫والش‬ ‫ِ‬ ‫ايات والب ِ‬
‫نود‬ ‫َّقدي ِة‪ ،‬والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُر ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫موز ال ُعمالت الن َّ‬
‫ِ‬ ‫المنسو َب ِة لِ َب ِ‬
‫جاب‪.‬‬
‫ب ال ُع َ‬ ‫عض الدُّ َو ِل واإلمبراطور َّيات َل َر َأى ال َع َج َ‬

‫‪146‬‬
‫ٍ‬
‫وش�ارات لم‬ ‫ٍ‬
‫ش�عارات‬ ‫والمس�يح َّي ِة جعلوا لهما‬
‫ِ‬ ‫اليهود َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫أتب�اع الدِّ يا َنت ِ‬
‫َين‬ ‫ب�ل َّ‬
‫إن‬
‫صليب النصارى‬ ‫َ‬
‫ونجمة اليهود‬ ‫ِ‬ ‫ليب عند النَّصارى‪ ،‬ون ِ‬ ‫ٍ‬
‫شعاران دينيان‬
‫اليهود‪ ،‬و ُك ُّلها‬ ‫داو َد عند‬
‫َجمة ُ‬
‫َ‬ ‫كالص ِ‬ ‫ُي ِنز ِل الله بها من ُسلطان‪َّ ،‬‬
‫وسياسيان‬ ‫ياسي ودينِ ٍّي ُم َع َّي ٍن‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬
‫ذات َهدَ ف س ٍّ‬
‫ِ‬
‫وضع َّي ٌة ُ‬ ‫عارات‬
‫ٌ‬ ‫ِش‬
‫أفضل الص ِ‬ ‫الرس�ا َل ِة على صاحبِه�ا‬ ‫ِ‬
‫الة‬ ‫ُ َّ‬ ‫وخاص ًة على َعهد ِّ‬
‫َّ‬ ‫ش�عارات اإلسلا ِم‬
‫ُ‬ ‫أ َّما‬
‫والسالم فكانت قليل ًة ومحدودةً‪ ،‬وتت َل َّخ ُ‬
‫ص فيما يلي‪:‬‬ ‫َّ‬
‫رب‪.‬‬ ‫الح ِ‬ ‫ُ‬
‫وألفاظ ت َُر َّد ُد في َ‬ ‫عارات‬
‫ٌ‬ ‫‪ِ -1‬ش‬
‫ِ‬
‫واألنصار‪.‬‬ ‫رايات ِ‬
‫وألو َي ٌة تر ُم ُز إلى المهاجرين‬ ‫ٌ‬ ‫‪-2‬‬

‫مالمح‬
‫َ‬ ‫َّبو َّي ِة األَ َب ِو َّي ِة من‬ ‫ِ‬
‫�عارات الن ِ‬ ‫�عارات األَن َِو َّي ِة ِّ‬
‫والش‬ ‫ِ‬ ‫وكم َس�ن َِجدُ من ُر ِ‬
‫موز ِّ‬
‫الش‬
‫وخذ على هذا أمثِ َل ًة ُم َص َّو َرةً‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وغايات‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫وأهداف‬

‫‪147‬‬
‫خاتم عرش بريطانيا‬
‫لالستزادة انظر مراجع المادة في موسوعة ‪ wikipedia.org‬تحت مسمى‬
‫‪Royal coat of arms of the United Kingdom‬‬

‫الشعار المسمى (خاتم أمريكا األعظم)‪ ،‬وهو موجود خلف الورقة فئة الدوالر الواحد‬
‫لالستزادة انظر مراجع المادة في موسوعة ‪ wikipedia.org‬تحت مسمى‬
‫‪Great Seal of the United States‬‬

‫ﺍﳋﻠﻔﻲ‬ ‫ﺍﻷﻣﺎﻣﻲ‬

‫‪148‬‬
‫شعار الخالفة العثمانية‬
‫انظر شرح تفاصيله ص ‪178‬‬

‫‪149‬‬
150
151
‫ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ‬

‫ﺑﻘﲅ �ﺎﺩﻡ ﺍﻟﺴﻠﻒ‬

‫ﻋﻔﺎ ﷲ ﻋﻨﻪ‬

‫‪152‬‬
153
‫ساعةِ‬ ‫ِ‬
‫بعلامات ال ّ‬ ‫الع ِلم‬ ‫التَّفصيل ِ‬
‫الجامع لأركا ِن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عالمات الس ِ‬
‫اعة ثال َث ٌة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أركان ِ‬
‫العل ِم بِ‬ ‫َ‬ ‫ُع ِل َم ِم َّما َت َقدَّ َم َّ‬
‫أن‬
‫ّ‬ ‫أركان عالمات‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة‬
‫ُبرى‪.‬‬
‫ب بالعالمات الك َ‬
‫الواج ُ‬ ‫األو ُل‪ :‬الع ُ‬
‫لم‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لم اللاّ ِز ُم بالعالمات ُ‬
‫الوس َطى‪.‬‬ ‫ال َّثاني‪ :‬الع ُ‬
‫ِ‬ ‫ال َّثالِ ُ ِ‬
‫غرى‪.‬‬ ‫المط َل ُق بالعالمات ُّ‬
‫الص َ‬ ‫لم ُ‬‫ث‪ :‬الع ُ‬
‫موقعها في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫باعتبار ِ‬
‫ِ‬ ‫آخ�ر الب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حث‬ ‫ُبرى َ َ‬‫َّفصيل الكام َل للعالمات الك َ‬
‫�ع الت َ‬
‫ون ََض ُ‬
‫الز ِ‬
‫مان‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َّرتيب االستِ ِ‬ ‫�ب الت ِ‬
‫قرائ ِّي الذي‬ ‫غرى فسنَذك ُُرها َح َس َ‬ ‫الوس� َطى ُّ‬
‫والص َ‬ ‫العالمات ُ‬
‫ُ‬ ‫أما‬
‫بعض ما َس� َب َقت ِخد َمتُه على أيدي‬ ‫ِ‬ ‫َفيدين من‬ ‫الت مس�ت ِ‬
‫ُ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫ُّ‬
‫واق ِع فِ ِ‬
‫َف ِهمن�اه من ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫واألش�راط؛ إال أنَّنا َف َّرقنا بين‬ ‫العالمات‬ ‫موضوع‬
‫َ‬ ‫ال ُع َلم�اء والباحثين الذي�ن َ‬
‫تناولوا‬
‫َّن�او ُل له عند ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫أهل هذا‬ ‫عما َس� َب َق الت ُ‬‫غرى بقاعدَ ة ُمختَل َفة َّ‬ ‫الوس� َطى ُّ‬
‫والص َ‬ ‫العالم�ات ُ‬
‫ِ‬
‫العل ِم‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫الوسطى‬ ‫ِ‬
‫ابلعلامات‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫ّا‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لم‬ ‫الرُّكن الأ َّول ِ‬
‫الع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫َّوسط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستقراء الزمني‬ ‫بالوسطى أي الت ُّ‬‫وقد اعت ََمدنا في تحديدها على اس�تقراء المعنى المقصود ُ‬
‫ِ‬
‫العالمات‬ ‫ِ‬
‫وارتباط هذه‬ ‫الصغرى ابتدا ًء والكُبرى اختِتام� ًا‪،‬‬
‫هو الذي حدد‬ ‫جرياتها بي�ن ُّ‬‫لم َ‬
‫الز َمن�ي ُ‬
‫َّ‬
‫توسط العالمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ونواق َض‪ ،‬كما‬ ‫ثواب�ت‬
‫َ‬ ‫َّ�ب عليها من‬‫وق�رار العل ِم وما يترت ُ‬ ‫الحك ِم‬ ‫ِ‬
‫ق�رار ُ‬ ‫بالقرار ِ‬
‫ي�ن‬ ‫َ‬
‫الصغرى فوضعناها‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫البعض ف�ي ُّ‬
‫ُ‬ ‫عالم�ات وضعها‬ ‫الوس�طى‬ ‫أضفن�ا الى العالمات ُ‬
‫والز َم ِن ا ُل ِ‬
‫مشار إليه‬ ‫ِ‬
‫األحداث َّ‬ ‫ِ‬
‫جريات‬ ‫ِ‬
‫المتالئ ِم من ُم‬ ‫موق ِعها‬
‫في الوس�طى لمناس�ب ِة ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫َّبو َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫قرار الحك ِم و َق ِ ِ‬
‫عالمات‬ ‫األحاديث الن ِ‬ ‫رار العل ِم‪ ،‬بل واس�ت َ‬
‫َقرأنا من‬ ‫ي�ن‪ُ ِ :‬‬
‫بالقرار ِ‬
‫َ‬
‫�ي‬ ‫ِ‬ ‫�ة عال َقتِه�ا بالت ُّ ِ‬
‫العالم�ات الوس�طى ألهمي ِ‬
‫ِ‬ ‫إضافي ٍ‬
‫السياس ِّ‬‫َّحول ِّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫�ة وضعناه�ا ف�ي‬ ‫َّ‬
‫المن َت َظ ِر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّبي ‪ m‬وبِدا َية العالمات الكُبرى باإلما ِم ُ‬
‫واالجتماعي ما بين َبع َثة الن ِّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مصادره�ا ‪ .‬و ُك ُّلها‬ ‫الوس�طى مجموع� ًة كما اس�تقرأناها من‬ ‫وس�نبد ُأ بالعالمات ُ‬
‫تتك�ر ُر ما عدا عال َمتَي‬
‫َّ‬ ‫واحدَ ٍة وال‬
‫العالم�ات المرتَبِ َط ِة بِمرح َل ٍة ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫تندَ ِر ُج تحت ِقس� ِم‬
‫تالح َق ِة ‪.‬‬
‫كري ِة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخوار ِج ‪ ،‬والفت َِن الف ِ َّ ُ‬ ‫فِتن َِة‬

‫بَعْثَةُ الن َّ ِبي ‪m‬‬


‫ِّ‬
‫بعثة النبي محمد‬
‫يق�ول ‪ُ « : m‬ب ِع ُ‬
‫ثت أنا‬ ‫ُ‬ ‫الو ْس� َطى َب ْع َث ُة النَّبِ ِّي ‪ ، m‬وفيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُأو َل�ى َعلاَ َمات َّ‬
‫الس�ا َعة ُ‬
‫‪ m‬عالمة وسطى‬ ‫الز ِ‬
‫مان ‪،‬‬ ‫َين»((( ‪ ..‬قال ال ُقر ُطبِي ‪ ( :‬أو ُلها بع َث ُة النَّبي ‪ m‬ألنَّه نَبِي ِ‬
‫آخ ِر َّ‬ ‫والس�ا َع ُة كهات ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫وحى إليه بِ َش�رعٍ) (((‪ ،‬وق�ال اب ُن َح َج ٍر في‬ ‫�ث وليس بينه وبين القيامة نَبِ ٌّي ُي َ‬ ‫وق�د ُب ِع َ‬

‫((( البخاري (‪. )6504‬‬


‫((( التذكرة في أحوال الموتى وأموراآلخرة ص ‪ ، 626‬ونقل بتصرف بإضافة (نبي يوحى إليه‬
‫بشرع) لتمام اإلفادة‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫ُّعمان أنَّه قال ‪( :‬أو ُل أش�راطِها بع َث ُة محم ٍ‬
‫�د ‪ ،((( )m‬وقال ال َب َغ ِو ُّي‬ ‫ت�ح» ع�ن الن َ‬
‫«ال َف ِ‬
‫َ ُ َ َّ‬ ‫َّ‬
‫الوار َد ِة في‬
‫«السنن ِ‬
‫ِ‬ ‫أش�راط الس ِ‬
‫�اعة)((( ‪ .‬وفي‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬من‬ ‫في «تفس�يره» ‪( :‬وكان الن ُّ‬
‫الجونِ ِّي قال ‪ :‬قال رسول الله ‪ « m‬حين‬ ‫الداني‪ :‬عن أبي ِع َ‬
‫مران ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الفت َِن» ألبي ٍ‬
‫عمرو‬ ‫ِ‬

‫ال ينتَظِ ُر‬ ‫ور فأهوى به إلى فِ ِيه و َقدَّ َم ِرج ً‬


‫ال و َأ َّخ َر ِرج ً‬ ‫الص ِ‬
‫إلي ُبع َث إلى صاحب ُّ‬
‫ِ‬
‫ُبع َث َّ‬
‫ِ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫أمر‬
‫�س ُ‬ ‫َّفخ َة» ‪ .‬وفيما بين ال َبعث و َموته ‪َّ m‬‬
‫تأس َ‬ ‫مت�ى ُيؤ َم ُ�ر فين ُف ُخ ‪ ،‬أال فاتَّق�وا الن َ‬
‫(((‬

‫الله فيما بين َم َّك َة والمدين َِة‪.‬‬


‫الدَّ عو ِة إلى ِ‬
‫َ‬
‫َين تأسس الدِّ ين ُك ُّله َف ِهي مرح َل ٌة هام ٌة من ك ُِّل الو ِ‬
‫جوه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َين العال َمت ِ َّ َ‬ ‫وألن ما بين هات ِ‬ ‫َّ‬
‫�ة ُمجت َِم َع ًة أو‬
‫ين األربع ِ‬
‫ََ‬
‫ِ‬
‫وألركان الدِّ ِ‬ ‫�رع َّي ِة ُك ِّلها‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫ّأصيل لل ُعلو ِم َّ‬ ‫ب�ل هي قا َع ِ‬
‫�د ُة الت‬
‫ويض ُع ثوابِتَها‬ ‫صم ِة) ِ َ‬ ‫ِ‬
‫حي والع َ‬ ‫أمر األُ َّم�ة َ‬
‫(بالو ِ‬ ‫يس�وس َ‬‫ُ‬ ‫َّبي ‪m‬‬‫حيث كان الن ُّ‬ ‫ُم َت َف ِّر َق ًة ُ‬
‫بارك َِة‬
‫الم َ‬
‫ِِ‬
‫مرح َلته ُ‬
‫ويحذر ويبين ِ‬
‫مواق َع َّ‬
‫الش ِّر سوا ًء في َ‬ ‫ِّ ُ ِّ ُ‬ ‫الخ ِير َّي ِة بِ ُشروطِ ِه‪،‬‬
‫ويرس ُم َم َنه َج َ‬
‫ُ‬
‫مظاه ِر هذه المرح َل ِة تحصي ُن‬
‫ِ‬ ‫ين‪ ،‬وكان من‬ ‫ِ‬
‫المراح ِل إلى يو ِم الدِّ ِ‬ ‫أو فيما يتلوها من‬
‫ف‪.‬‬‫والمواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص‬ ‫دول ئ بالن‬ ‫الصحا َب ِة ال ُع ِ‬ ‫أهمية التحصين‬
‫َّ‬ ‫الشرعي للصحابة‬

‫وتعدي ِله إ ّياه‬ ‫أتباع ِه‬


‫بتحصين النَّب�ي ‪ m‬لمن ص ِحبه ِمن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وما يترتب عليه‬
‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّصوص) أي‪:‬‬ ‫ومعن�ى (الن‬
‫وغيرهم ‪ ،‬وقولِه في ِ‬
‫أهل َب ٍ‬ ‫�دين ِ‬ ‫اش ِ‬
‫فاء الر ِ‬‫للخ َل ِ‬ ‫كبش�ارتِه بالجن ِ‬
‫«إن الله ا َّط َ‬
‫لع‬ ‫�در‪َّ :‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ�ة ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫�ة الن ِ‬
‫ِّفاق‬ ‫غفرت لك�م)(((» ‪ ،‬ودف ِع تُهم ِ‬
‫ُ‬ ‫فقال‪(:‬اعملوا ما ِش�ئتُم فقد‬ ‫أهل َب ٍ‬
‫�در‬ ‫عل�ى ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تح‪ ،‬وقولِ ِه‬
‫المش�هور ِة ع�ا َم ال َف ِ‬
‫َ‬ ‫حاط�ب بن أبي َبل َت َع َة في ِق َّصتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫والخيان ِ‬
‫َ�ة بذل�ك عن‬ ‫ِ‬

‫((( فتح الباري (‪.)350 :11‬‬


‫((( تفسير البغوي (‪. )8 :4‬‬
‫((( الس�نن ألب�ي عم�رو الداني بتحقي�ق المباركف�وري (‪ ، )764 :2‬وقال المحقق‪ :‬مرس�ل في‬
‫إسناده لين‪.‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)3007‬‬

‫‪156‬‬
‫َّخذت أبا بكر» ((( ‪ ،‬وقوله في ُع َم َر‬ ‫ال الت‬ ‫كنت مت ِ‬
‫َّخذ ًا خلي ً‬
‫ُ‬ ‫ف�ي أبي بكر ؤ ‪« :‬ل�و ُ ُ‬
‫�يطان َق ُّط س�الك ًا َف ًّجا إالّ َس� َل َك َف ًّجا َ‬
‫غير‬ ‫ُ‬ ‫بيده ما َل ِق َي َك َّ‬
‫الش‬ ‫ؤ ‪« :‬وا َّل ِذي َن ْف ِس�ي ِ‬

‫بالجن َِّة‬ ‫ِ‬


‫ثمان ؤ ‪« :‬تس�تحي منه المالئ َك ُة» ((( و« َب ِّش�ر ُه َ‬ ‫َف ِّج َك»((( ‪ ،‬وقوله في ُع َ‬
‫لي ؤ ‪« :‬أنت ِمنِّي بِ َم ِنز َل ِة هارون من موسى»‬ ‫ِِ‬
‫على بلوى تُصي ُب ُه» ‪ ،‬وقوله في َع ٍّ‬
‫(((‬

‫وخ ُلقي» ((( ‪ ،‬وقولِ�ه في أبي ُع َبيدَ َة‬ ‫لقي ُ‬ ‫هت َخ ِ‬‫عفر ؤ ‪« :‬أش� َب َ‬ ‫((( وقول�ه ف�ي َج ٍ‬

‫اح» (((‪ ،‬وقولِ ِه في‬ ‫الج�ر ِ‬


‫َّ‬ ‫�ة أمي� ٌن ‪ ،‬وأمي ُن هذه األ َّم ِة أبوعبي�د َة ب ُن‬ ‫ؤ ‪« :‬لِ�ك ُِّل ُأم ٍ‬
‫َّ‬
‫أن َأ َحدَ كُم َأن َف َق ِم َثل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا‬‫الصحا َب ِة ئ‪« :‬ال ت َُس� ُّبوا َأصحابي ‪ ،‬فلو َّ‬ ‫ُعمو ِم ّ‬
‫َما َب َل َغ ُمدَّ َأ َح ِد ِهم وال ن َِصي َفه»(((‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫دح ِه في َب ِ‬‫ف فعدَ م َق ِ‬ ‫بالمواق ِ‬
‫ِ‬
‫خاص ًا‬ ‫عض أصحابِه َر َ‬
‫غم اتِّخاذهم رأي ًا ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫وأ ّما تحصينُ ُه‬
‫ابن‬ ‫اب ؤ في عَ�دَ ِم الص ِ‬
‫الة على ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬
‫بن َ‬‫ف ُع َم َ�ر ِ‬‫وق ِ‬
‫األحوال كم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بع�ض‬ ‫ف�ي‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫رآن بذلك‪.‬‬ ‫ُأ َب ٍّي ‪ُ ،‬ث َّم وا َف َق ُه ال ُق ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)466‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪.)3294‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)6362‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)3674‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)6370‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )2699‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)4382‬‬
‫َّح�والت ُيعدّ ل المرحلة وما اجته�ده فيها الصحابة‬ ‫ِ‬
‫((( البخ�اري (‪ ، )3673‬وذل�ك ألن فقه الت ُّ‬
‫الع�دول ئ ‪ ،‬بم�ا أث�ر عن النبي ‪ m‬م�ن النص في سلامة المرحل�ة ورجالها‪ ،‬وهذا‬
‫ال يتع�ارض مع فقه المناق�ب والخصوصيات‪ ،‬فالمناقب تبرز حقائ�ق مراتب الرجال‪ ،‬وال‬
‫يص�در به�ا حكم مخالف عل�ى مجتهد معدل بنص مش�ابه‪ ،‬ويلتزم فيها بم�ا التزمه الخلفاء‬
‫العدول‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫الصح َب ِة دون معناها ال َع َم ِل ِّي‬
‫اسم ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والصحا َبة الحاملين َ‬ ‫بعض األتبا ِع َّ‬ ‫ِ‬ ‫دح في‬ ‫إن ال َق َ‬
‫ّ‬
‫القدح في معنى‬
‫ين‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وانقطاع الحصانَة عنهم نسبِ ّي ًا َيت ََح َّق ُق بواحد من َس َب َب ِ‬ ‫الصحبة إما أن‬
‫َ‬
‫يحصل بقول‬
‫دح ال َّلفظِي‪.‬‬‫ •ال َق ُ‬ ‫لفظي أو موقف‬
‫اتي‪.‬‬ ‫ف ّ‬ ‫ِ‬ ‫ذاتي‬
‫الذ ِّ‬ ‫ •الموق ُ‬
‫عامر ِ‬
‫الفاس ِ‬ ‫ب “بأب�ي ٍ‬ ‫�ر الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ق”‪ .‬و َم َث ُل‬ ‫اه ِ‬ ‫�ي َتكْن َيتُ� ُه ‪ m‬لعام ِ َّ‬
‫�دح ال َّلفظ ِّ‬
‫و َم َث ُ�ل ال َق ِ‬
‫سائ ِه‬
‫غيالن لِنِ ِ‬
‫َ‬ ‫اب الذي وصف بِ َ‬
‫نت‬ ‫ِ‬
‫الطائف ذلك ّ‬
‫الش َّ‬ ‫اتي نَف ُي ُه ‪ m‬إلى‬ ‫ف ّ‬
‫الذ ِّ‬
‫الموق ِ‬
‫ِ‬

‫جاب منه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫فأ َم َر َه ُّن باالحت ُ‬

‫ت الن َّ ِبي ‪m‬‬


‫م َْو ُ‬
‫ِّ‬
‫َّبي ‪ m‬لقولِ ِه ‪ُ « : m‬اعدُ د ِس ّت ًا بين َيدَ ِي‬ ‫الو ْس َط ٰى ُ‬
‫موت الن ِّ‬
‫ِ‬
‫الس�ا َعة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫موت النبي ‪m‬‬
‫ب في‬ ‫ِ‬
‫السا َعة ‪ :‬موتي‪ ...‬الحديث » ‪ .‬قال في «اإلشاعة» ‪ :‬وهو من أع َظ ِم المصائ ِ‬
‫(((‬ ‫ِ‬ ‫عالمة وسطى‬
‫ّ‬
‫صيبة فليذكُر ُمصي َبتَه‬ ‫الدِّ ين ‪ ،‬بل أع َظمها ‪ ،‬ومن َثم قال ‪ « : m‬إذا ُأصيب َأحدُ كم بِم ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫رباح(((‪ ،‬وعن ِ‬
‫عائ َش� َة‬ ‫ِ‬
‫عطاء بن ٍ‬ ‫�عد عن‬ ‫ب » رواه ابن س ٍ‬ ‫ِ‬
‫المصائ ِ‬ ‫ب�ي فإِنَّه�ا من أع َظ ِم‬
‫ُ َ‬
‫الن�اس أو من المؤمني َن‬ ‫ِ‬ ‫أن رس�ول ِ‬
‫الل�ه ‪ m‬قال ‪َ « :‬أ ُّي َما أحدٌ من‬ ‫رض�ي الله عنها ‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫المصيبة التي ت ُِصي ُب ُه بغي�ري ّ‬ ‫بمصيب�ة َف ْل َي َت َع َّز بمصيبتِه بي ع�ن‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فإن أحد ًا من‬ ‫ُأص َ‬
‫ي�ب‬
‫عليه ِمن مصيبتِي »(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بمصيبة بعدي َأ َشدَّ‬ ‫صاب‬
‫أ َّمتي لن ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َّحو ِل ال�ذي َي ِج ُ‬
‫ب فيه‬ ‫أن ما بع�د موته مصدَ ٌر من مص�اد ِر الت ُّ‬
‫وق�د أش�ار ‪ m‬إلى َّ‬
‫المواقف‬
‫�ه وآل َبيتِ ِه ئ‪ ،‬ومن‬ ‫�لوك الموج ِه منه وخاص ًة ألصحابِ ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ط الس ِ‬
‫ُّ‬
‫االلت�زام بِ َضوابِ ِ‬
‫ُ‬ ‫المطلوبة بعد‬
‫موت النبي ‪m‬‬

‫((( البخاري (‪.)3176‬‬


‫((( الدارمي في الجامع (‪ ، )53 :1‬إسناده صحيح ‪ ،‬صحيح الجامع لأللباني (‪.)347‬‬
‫((( رواه ابن ماجه ‪ ،‬إسناده صحيح ‪ ،‬صحيح ابن ماجه لأللباني (‪. )1310‬‬

‫‪158‬‬
‫رس�ول ِ‬
‫الل�ه فما تأ ُم ُرنا؟‬ ‫َ‬ ‫وأمور ُتن ِْك ُرونَها» قالوا‪ :‬يا‬ ‫«س�تكون َأ َث َر ٌة‬
‫ُ‬ ‫ذل�ك قو ُل ُه ‪:m‬‬
‫ٌ‬
‫ون الل َه ا َّل ِذي َلك ُْم»((( ‪.‬‬
‫الح َّق ا َّل ِذي َع َل ْيك ُْم‪َ ،‬وت َْس َأ ُل َ‬
‫ون َ‬‫قال‪« :‬ت َُؤ ُّد َ‬
‫وق ِ‬
‫رار والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف منها‬ ‫الس�ل َطة وال َق ِ َ‬ ‫مس�أ َلة ُّ‬ ‫األفراد في‬ ‫الحديث يضبِ ُط ُس َ‬
‫�لوك‬ ‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫�ر‪« :‬إنَّكم َس� َت ْل َق ْو َن َب ْع ِدي َأ َث َ�ر ًة فاصبِروا حتى‬‫اآلخ ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث َ‬ ‫بع�د موتِ ِ‬
‫�ه ‪ ، m‬وفي‬
‫تل َقونَني» (((‪.‬‬

‫الت ويرضى بها‬ ‫األحادي�ث وأمثا ُله�ا جعلت الجمي�ع يقب ُل س�ير التَّح�و ِ‬‫ُ‬ ‫وه�ذه‬
‫ُّ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ويش�ار ُك األُ َّم� َة في سلا َمتِها‪ ،‬خالف ًا لمن جاء من المس�لمين ُعلم�ا َء و َدهما َء فيما‬ ‫ِ‬
‫اش�دَ ِة وب ِ‬
‫دء مرح َل ِة‬ ‫مرحلة الخال َف ِة الر ِ‬
‫ِ‬ ‫وخاص ًة ما ابت ُِل َي به المس�لمون في نها َي ِة‬ ‫بعدُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫الفتن َِة بينهم‪.‬‬
‫ضوض وما شاع وذاع من ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك ال َع‬‫الم ِ‬
‫ُ‬

‫«س�يكون بعدي ُأم�را ُء فتعرفون‬


‫ُ‬ ‫مس�لم من حدي�ث ُأ ِّم َس� َل َم َة مرفوع ًا ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وأخ�رج‬
‫�ع» قالوا‪ :‬أفال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتنك�رون‪ ،‬فم�ن ك َِر َه َب ِ‬
‫�رئ‪ ،‬ومن أنكر َس�ل َم‪ ،‬ولكن َم�ن َرض َي وتا َب َ‬
‫رواية‪« :‬وإذا رأيتم من ُوالتِكم ش�يئ ًا تكرهونه‬‫ٍ‬ ‫نقاتِ ُلهم؟ قال‪« :‬ال‪ ..‬ما َص َّلوا» ‪ ،‬وفي‬
‫تنزعوا يد ًا من طا َع ٍة»(((‪.‬‬ ‫فاكرهوا َع َم َل ُه وال ِ‬

‫ياس� َّي ِة‬


‫الت الس ِ‬
‫ِّ‬
‫ف أمام التَّحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ضوابط‬ ‫األحاديث كما أش�رنا ومث ُلها‬
‫ُ‬ ‫وه�ذه‬
‫ياس� َّي ِة قو ُل ُه ‪َ « :m‬م ْن ك َِر َه ِم ْن َأ ِم ِير ِه َش ْي ًئا‬‫بعد موتِ ِه ‪ ،m‬وأش�دُّ ما في المعار َض ِة الس ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫ات ِمي َت ًة ج ِ‬
‫اه ِل َّي ًة»((( ‪ ،‬وقو ُل ُه في‬ ‫ان ِش� ْب ًرا َم َ‬‫َف ْليصبِر َفإِ َّنه من َخرج ِمن الس� ْل َط ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ ْ ُ َ ْ َ َ ْ ُّ‬
‫ات َو َل ْي َس فِي‬
‫�و َم ا ْل ِق َيا َم ِة لاَ ُح َّج َة َل ُه َو َم ْن َم َ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ َ�ر‪َ « :‬م� ْن َخ َل َع َيدً ا م ْن َطا َعة َلق َي ال َّل َه َي ْ‬
‫َ‬

‫((( البخاري (‪ ، )3603‬وانظر تحقيق المباركفوري لفتن الداني (‪.)131‬‬


‫((( البخاري (‪ ، )6163‬وانظر تحقيق المباركفوري لفتن الداني (‪.)10‬‬
‫((( مسلم (‪. )4910‬‬
‫((( البخاري (‪.)6530‬‬

‫‪159‬‬
‫الكرمانِ ُّي‪ :‬أي‪ :‬ما فارق الجماع َة َأ َحدٌ إال وقع‬
‫اه ِلي� ًة»((( قال ِ‬
‫ِ‬ ‫�ه بيع ٌة م َ ِ‬
‫ات مي َت ًة َج َّ‬
‫ِ ِ‬
‫ُعنُق َ ْ َ َ‬
‫له كذا وكذا‪.‬‬

‫فار َق الجماعة ِش�بر ًا فقد َخ َل َع ِرب َق َة اإلسلا ِم من ُعن ُِق ِه»((( وق َّيدَ‬ ‫ُ‬
‫حديث « َمن َ‬ ‫ومنه‬
‫ريح ِة‬ ‫ةالص َ‬‫المخا َل َف َّ‬
‫ِ ِ‬
‫أحاديث أخرى بطا َعة الله وعدم ُ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬
‫سول ‪ m‬ال َّطا َع َة َّ‬
‫والص َبر في‬ ‫َّ‬
‫ُنكرون وي ِ‬ ‫ج�ال يعرفو َنكُم ما ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نكرون‬ ‫ُ‬ ‫موركُم من بعدي ِر ٌ ُ ِّ‬ ‫«س� َيلي ُأ َ‬
‫للدِّ ين‪ ،‬كحديث َ‬
‫ٍ‬
‫رواية ‪« :‬فليس ألولئك عليكم‬ ‫عليكم ما ِ‬
‫تعرفون ‪ ،‬فال طاع َة لمن عصى الل َه» ‪ ،‬وفي‬
‫طاع ٌة»(((‪.‬‬

‫ال ِخالفة الر ِ‬


‫اش َدةُ‬‫َّ‬
‫اشدَ ُة بخال َف ِة‬‫اشدَ ُة ‪ ،‬وتبدأ الخالف ُة الر ِ‬
‫َّ‬
‫الخالفة الر ِ‬
‫َّ‬
‫ات السا َع ِة الوس َطى ِ‬
‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬
‫الخالفة الراشدة و ِمن َعلاَ م ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نات البِ ِ‬
‫ي�ق ؤ كأو ِل َلبِ ٍنة م�ن َلبِ ِ‬ ‫عالمة وسطى‬
‫الراش�دة‬ ‫الخالفة‬ ‫لمرحلة‬ ‫ن�اء‬ ‫َّ‬ ‫الصدِّ ِ‬‫أب�ي بك�ر ِّ‬
‫المثبِت َِة‬ ‫ِ‬
‫الصحاب�ة واآلل الك�را ِم ئ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الش�رع ِّي‪ ،‬ومواق�ف َّ‬
‫المدعوم�ة بالنَّ�ص َّ ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المع َت َبرة‪ ،‬وهي‬ ‫الرس�الة ال�ى مرحلة الخالفة بِ ُش�روطها ُ‬ ‫النتق�ال األمانة من مرحلة ِّ‬
‫َّص النَّ َب ِو ِّي خالل‬ ‫ِ‬ ‫باالجتهاد المشروعِ‪ ،‬وبالص ِ‬
‫ِ‬ ‫الخ ِ‬‫«سلام ُة ُ‬
‫المحصنَة بالن ِّ‬
‫َّ‬ ‫حبة‬ ‫َّ‬ ‫لفاء»‬
‫َّ�ص أيض ًا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرحل�ة الرس�الة‪ ،‬وبسلامة المرحل�ة ـ أي‪ :‬مرحل�ة الخالف�ة ـ ذاتها بالن ِّ‬
‫«خالف� ُة النُّ ُب َّو ِة ثالثون‬ ‫يقول ‪ِ : m‬‬
‫وإجماعهم ئ‪ ،‬وفيها ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ف الصحاب ِ‬
‫�ة‬ ‫َّ َ‬
‫ومواق ِ‬
‫ِ‬

‫سن ًة ُث َّم يؤتي الل ُه ُ‬


‫الم َ‬
‫لك ـ أو‪ :‬ملكه ـ َمن يشا ُء»(((‪.‬‬

‫(( ( صحيح مسلم (‪.)3441‬‬


‫((( أبو داود (‪ ، )4758‬إسناده ضعيف ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)1902‬‬
‫((( ابن ماجه (‪ ، )956 :2‬إس�ناده جيد وعلى ش�رط مس�لم ‪ ،‬السلس�لة الصحيحة لأللباني (‪:2‬‬
‫‪.)139‬‬
‫((( سنن أبي داود (‪ ، )4646‬إسناده ضعيف ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪. )571‬‬

‫‪160‬‬
‫س�ول ‪ُ m‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫نصوص عدالة‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫أخرج�ه التِّرمذ ُّي من قول س�فين َة مولى َّ‬
‫الر‬ ‫َ‬ ‫وف�ي ذل�ك ورد ما‬
‫مرحلة الخالفة‬
‫الراشدة ورد‬
‫ون َس�نَ ًة ُث َّم ُم ْل ٌك َب ْعدَ َذلِ َك »((( ‪ ،‬وفي‬ ‫خلاَ َف ُة فِي ُأ َّمتِي ثَلاَ ُث َ‬ ‫الله ‪ « : m‬ا ْل ِ‬
‫رس�ول ِ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫شبه القدح في‬ ‫رواية عن‬ ‫ٍ‬ ‫ذلك ُم ْلكًا »(((‪ ،‬وفي‬ ‫ون َسنَ ًة ‪ُ ،‬ث َّم َتك ُ‬
‫ُون َب ْعدَ َ‬ ‫رواية أخرى‪ِ « :‬‬
‫الخال َف ُة َثال ُث َ‬
‫سالمتها‬
‫الله ‪َ « :m‬أ َّول ِدينك ُْم ُن ُب َّوة َو َر ْح َمة ‪ُ ،‬ث َّم‬
‫س�ول ِ‬ ‫اليمان ؤ قال‪ :‬قال َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُحذي َف َة ِ‬
‫بن‬
‫ُ ِ‬
‫لما‬ ‫يكون ُم ْلك ًا َو َج ْب ِر َّي� ًة » وورد‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫�م ُم ْل ٌك َو َر ْح َم ٌة ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫�م‬ ‫يك�ون خلاَ َف� ًة َو َر ْح َم ًة ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫(((‬

‫فو َض َعه ُث َّم جاء ُع َم ُر بِ َح َج ٍر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ِ‬


‫مسجدَ المدينَة جاء أبو بكر بِ َح َج ٍر َ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫بنى‬
‫رسول الله ‪ « : m‬هؤالء ي ُلون ِ‬
‫الخال َف َة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فو َض َعه َ‬
‫فقال‬ ‫ثمان بِ َح َج ٍر َ‬
‫فو َض َعه ُث َّم جاء ُع ُ‬ ‫َ‬
‫بعدي»(((‪.‬‬

‫أشه ٍر‬
‫َين وأرب َع َة ُ‬ ‫بكر ؤ َسنَت ِ‬ ‫كثير رحمه الله تعالى‪ :‬كانت خالف ُة أبي ٍ‬
‫قال اب ُن ٍ‬

‫أش�ه ٍر وأرب َع َة أ ّيا ٍم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫ش�ر َليال‪ .‬وكانت خالف ُة ُع َم َر ؤ َع َ‬
‫ش�ر س�ني َن وس� َّت َة ُ‬ ‫إال َع َ‬
‫ِ‬
‫ش�ر َة َس�نَ ًة إال اثنَي َع َش َ�ر يوم ًا‪ .‬وكان�ت خالف ُة ِّ‬
‫علي‬ ‫وخال َف� ُة ُع َ‬
‫ثمان ؤ اثنتا َع َ‬
‫خال َف ِة‬‫وتكم ُيل ال َّثالثين بِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫�هر ِ‬
‫ين‪ .‬ثم قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫خمس س�ني َن إال َش َ‬
‫َ‬ ‫طالب ؤ‬‫ٍ‬ ‫بن أبي‬
‫أش�ه ٍر حتى نزل عنها لِ ُم ِ‬
‫عاو َي َة عا َم أربعي َن‬ ‫ِ ِ‬
‫علي ؤ نحو ًا من س�تَّة ُ‬
‫الح َس�ن بن ٍّ‬‫َ‬
‫جر ِة‪.‬‬ ‫من ِ‬
‫اله َ‬

‫ِ‬
‫المقد ِس‬ ‫فَتح بَيتِ‬
‫ُ‬
‫لقوله ‪ُ « : m‬اعدُ د ِس� ّت ًا بين‬
‫ِ‬ ‫س‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫ات الس�ا َع ِة الوس� َطى َفتح ب ِ‬
‫يت‬ ‫ُ ْ ٰ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫و ِمن َعلاَ م ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫فتح بين المقدس‬
‫عالمة وسطى‬
‫(( ( سنن الترمذي (‪ ، )2512‬وفيه‪ :‬ثم قال لي سفين ُة‪ِ :‬‬
‫أمسك‪ ..‬خالف ُة أبي بكر‪ُ ..‬ث َّم قال‪ :‬وخالف َة‬
‫علي‪ ..‬فوجدناها ثالثين سن ًة‪ .‬وللحديث تتم ٌة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عثمان‪ُ ..‬ث َّم أمسك‪ ..‬خالف ُة ٍّ‬
‫َ‬ ‫ُع َم َر وخالف ُة‬
‫((( السلسلة الصحيحة (‪.)459‬‬
‫(( ( شرح ثالثيات المسند (‪ )544 :2‬للسفاريني ‪ ،‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( مجمع الزوائد (‪ ، )176 :5‬وقال الهيثمي‪ :‬رجاله رجال الصحيح إال التابعي فإنه لم يسم‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫س‬‫المقد ِ‬‫ِ‬ ‫س» ‪ ،‬وقد ُفتِ َح َب ُ‬
‫يت‬ ‫قد ِ‬ ‫يت الم ِ‬‫الحديث»(((‪ ،‬وذكر فيه « َفتح ب ِ‬
‫َ‬ ‫اعة ‪..‬‬‫يدَ ِي الس ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫جر ِة ‪ ،‬وذهب ُع َم ُر‬
‫اله َ‬ ‫�ت من ِ‬ ‫اب ؤ س�نة ِس ٍّ‬ ‫ِ‬
‫الخليفة ُع َم َر بن الخ ّط ِ‬ ‫على َع ِ‬
‫هد‬
‫ِ‬ ‫ؤ إليها ِ‬
‫اليهود والنَّصارى وبنى بها‬ ‫وصالح أه َلها وفتحها َّ‬
‫وطهرها من‬ ‫َ‬ ‫بنفس�ه‬
‫ِ‬
‫المقد ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫مسجد ًا في ِقب َل ِة ِ‬
‫بيت‬

‫طاعون ِع َ‬
‫مواس‬ ‫ُ‬
‫مواس‪ ،‬وقد أدر َج�ه البِ ِ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫الو ْس� َط ٰى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وغير ُه‬
‫رزنج ُّي ُ‬ ‫َ‬ ‫طاعون ع َ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬
‫الس�ا َعة ُ‬ ‫طاعون عمواس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جرة في خالفة ُع َم َر بن‬ ‫لله َ‬ ‫الوس�طى‪ ،‬وقد وقع في س�نة ثمان َي َة َع َ‬ ‫عالمة وسطى في العالمات ُ‬
‫خمس� ٌة وعش�رون ألف ًا منه�م عَدَ ٌد من‬ ‫َ‬ ‫�اب ؤ ومات فيه من المس�لمين‬ ‫الخ َّط ِ‬
‫اح أمي ُن هذه األُ َّم ِة(((‪.‬‬
‫الج َّر ِ‬ ‫ِ‬
‫الصحا َبة ئ‪ ،‬ومنهم أبو ُع َبيدَ َة بن َ‬
‫َّ‬

‫مقتَل عمَرَ بنـ َ‬


‫الخ َّط ِ‬
‫اب ؤ‬ ‫ُ ُ‬
‫الخ َّط ِ‬ ‫ِ‬
‫الخليفة ال َّثاني ُع َم َر ب�ن َ‬ ‫الو ْس� َط ٰى مقت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ؤ‬ ‫َ�ل‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬
‫الس�ا َعة ُ‬ ‫مقتل الخليفة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(أن ُع َم َر س�أل ُحذي َف َة ء عن‬ ‫حدي�ث ال ُبخار ِّي ‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫عمر بن الخطاب ( َغ َل�ق الفتنَة) وإليها ُي ُ‬
‫ش�ير‬
‫‪ v‬عالمة‬
‫بأس عليك منها َّ‬
‫إن بينك‬ ‫أمير المؤمنين ال َ‬ ‫حر‪ ،‬فقال ‪ :‬يا َ‬ ‫وج ال َب ِ‬
‫كم ِ‬
‫تموج َ‬
‫ُ‬ ‫الفتن َِة التي‬
‫ِ‬
‫وسطى‬
‫كس ُ�ر ‪ ،‬قال ‪ :‬ذاك أحرى‬
‫كس ُ�ر قال ‪ :‬بل ُي َ‬
‫الباب أم ُي َ‬
‫ُ‬ ‫وبينها باب ًا ُمغ َلق ًا ‪ ..‬قال ‪َ :‬أ ُيفت َُح‬
‫وحديث أبي َذ ٍّر ؤ قال‪ :‬قال‬
‫ُ‬ ‫الباب هو ُع َم ُر ؤ)((( ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أن ال ُيغ َل َق ‪ ..‬وفيه َّ‬
‫أن‬
‫رس�ول الله ‪( : m‬ال تُصي ُبكم فِتنَ ٌة ما دام هذا فيكم ‪ ،‬وأش�ار إلى ُع َم َر ؤ ((() ‪.‬‬

‫((( البخاري (‪ ،)3176‬وذكر هذه العالمة د‪ .‬يوسف الوابل في فقه أشراط الساعة ص‪.85‬‬
‫((( ذكر هذه العالمة د‪ .‬يوسف الوابل في فقه أشراط الساعة ص‪.68‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )7096‬‬
‫((( المعجم األوسط للطبراني (‪ ،)1945‬إسناده صحيح ‪« ،‬در السحابة» للشوكاني (‪.)103‬‬

‫‪162‬‬
‫الشر ِ‬
‫فراس َخ إال َم ُ‬
‫وت ُع َم َر ؤ » عن‬ ‫رس َل عليكم َّ ُّ‬ ‫ُ‬
‫وحديث « ما بينَكم وبين أن ُي َ‬
‫حذيفة (((‪.‬‬

‫ثمان بن عَف َّ َ‬
‫ان ؤ‬ ‫م َقتَل ُع َ‬
‫مقتل الخليفة‬
‫ُ‬
‫عثمان ‪v‬‬ ‫الخليفة ال َّثالِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمة وسطى‬ ‫ان ؤ ‪:‬‬ ‫ثم�ان بن َع َّف َ‬
‫َ‬ ‫ث ُع‬ ‫الو ْس� َط ٰى َمقت َُل‬
‫الس�ا َعة ُ‬ ‫َوم� ْن َعلاَ َمات َّ‬
‫وهو اختراق‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن َق ُتل ُع َ‬ ‫وفيها يقول ‪« : m‬أو ُل ِ‬
‫ال‪..‬والذي نفس�ي‬ ‫ثمان ‪ ،‬وآخ ُرها ُخ ُ‬ ‫َّ‬
‫لموقع القرار وبه‬
‫أدركَه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثقال َح َّب ٍة من مقت َِل ُع َ‬
‫بِ َي ِد ِه ما ِمن َأ َح ٍد في َقلبِ ِه ِم ُ‬
‫تكون أول قرن‬
‫َّ‬ ‫ثمان إال ُحش َ�ر مع الدَّ َّجال إن َ‬
‫من الخوارج‬
‫قبر ِه»(((‪.‬‬ ‫‪ ،‬وإن لم ُي ِ‬
‫درك ُه آ َم َن به في ِ‬

‫المنافِ ِقين‬
‫نجاح ُ‬‫ال في األُ َّم ِة‪ ،‬بِ ِ‬ ‫ياسة الت ِ‬
‫َّمهيد للدَّ َّج ِ‬ ‫وفي مقت َِل ِه عال َق ٌة وطيدَ ٌة بِمبدأ ِس ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الخوار ِج ‪.‬‬ ‫رن من ُق ِ‬
‫رون‬ ‫والتأثير عليه‪ ،‬وتكو ِن أو ِل َق ٍ‬
‫ِ‬ ‫راق ِ‬
‫موق ِع ال َق ِ‬
‫رار‬ ‫في اختِ ِ‬
‫ُّ َّ‬

‫موقِعَةُ ال َ‬
‫جمَلِ‬
‫ِ‬
‫المنصوص‬ ‫موقع ُة الجم ِل وفيها جم َل ٌة من ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫ات الس�ا َع ِة الوس َطى ِ‬
‫و ِمن َعلاَ م ِ‬
‫موقعة الجمل‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫لح� َة‬ ‫الز َب ِ‬ ‫عائ َش� َة ‪ b‬ومقت ِ‬ ‫روج ِ‬ ‫عالم�ات الس ِ‬
‫ِ‬
‫وصون أم‬ ‫ي�ر و َط َ‬ ‫َ�ل ُّ‬ ‫�اعة ُ‬
‫‪،‬كخ ِ‬ ‫ّ‬ ‫عليه�ا ف�ي‬
‫المؤمنين ‪b‬‬
‫عالمة وسطى‬ ‫ء‪.‬‬
‫للزب ِير ؤ‪ :‬يا أبا عبدَ ِ‬
‫الله ما جاء بِكُم؟ ض َّيعتُم الخلي َف َة‬ ‫ٍ‬
‫ط�رف قال‪ُ :‬قلنا ُّ َ‬ ‫فع�ن ُم ِّ‬
‫ِ‬ ‫الزبير‪« :‬إن�ا َقرأناها على َع ِ‬ ‫َ�ل ُثم ِجئتُ�م تط ُلبون بِدَ ِم ِ‬
‫�ه؟ َ‬
‫س�ول الله‬ ‫هد َر‬ ‫َ‬ ‫قال ُّ َ ُ‬ ‫حت�ى َقت َ َّ‬
‫ثم�ان ﮋﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﮊ‬ ‫َ‬ ‫‪ m‬وأبي َب ٍ‬
‫ك�ر و ُع َم َر و ُع‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪ )38445‬بإسناد صحيح‪.‬‬


‫((( ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (‪ )200 :4‬من طريق ابن عساكر‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫ب أنّا أه ُلها حتى وقعت ِمنّا ُ‬
‫حيث وقعت‪.((( »..‬‬ ‫ِ‬
‫[األنفال‪ ]٢٥ :‬لم نكن نحس ُ‬

‫عل�ي ؤ‪َ « :‬لتُقاتِ َلنَّه وأنت له‬ ‫ٍّ‬ ‫الز ِ‬


‫بير وقو ُله له عن‬ ‫َّب�ي ‪ m‬مع ُّ‬ ‫ُ‬
‫حديث الن ِّ‬ ‫ومنه�ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظالِ ٌم»((( وكانت هذه المقو َل ُة َس� َبب ًا في‬
‫أحدُ‬‫الج َم ِل ‪ُ ،‬ث َّم َلق َي ُه َ‬
‫لجيش َ‬ ‫ي�ر‬ ‫اعتزال ُّ‬
‫المعادي ـ وجاء ُي َب ِّش ُ�ر‬ ‫ِ‬
‫الجيش ُ‬ ‫باعتبار ِه م�ن‬
‫ِ‬ ‫ل�ي ؤ ف َق َت َله ـ‬ ‫ِ‬
‫أصح�اب اإلم�ا ِم َع ٍّ‬
‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلما َم بِ َق ِتل ِه ُّ‬
‫الله ‪َ « :m‬ب ِّش�ر‬ ‫ُ‬ ‫وقال‪ :‬قال‬‫َ‬ ‫علي ؤ‬ ‫للز َب ِير‪ ،‬ف َغض َ‬
‫ب اإلما ُم ٌّ‬
‫الحدَّ و َق َت َله اإلما ُم َع ِل ٌّي ُّ‬ ‫قاتِ َل ِ ِ‬
‫بالز َب ِير ء(((‪.‬‬ ‫ابن َصف َّي َة بالن َِّار»(((‪ ،‬وأقام عليه َ‬
‫ُص�وص ِم ُثل قولِ ِه ‪m‬‬
‫ٌ‬ ‫روج عائ َش� َة ‪ b‬على اإلم�ا ِم ٍّ‬
‫علي ؤ ن‬ ‫وف�ي ُخ ِ ِ‬
‫خروج عائشة‬
‫الحو َأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب»((( ‪.‬‬ ‫الب َ‬‫«ويح ُك َّن أ ُّي ُك َّن تَن َب ُحها ك ُ‬
‫َ‬ ‫‪ b‬وموقف لنسائه‪:‬‬
‫اإلمام علي‬
‫ق�ال‪« :‬كيف أنتم‬‫ح�ول ُحذي َف َة ؤ إذ َ‬ ‫َ‬ ‫هب ق�ال‪ :‬بينما نح ُن‬ ‫ب�ن َو ٍ‬ ‫‪ v‬وأهميته وع�ن ِ‬
‫زي�د ِ‬
‫بعض بالس ِ‬ ‫في فقه التحوالت‬
‫�يف؟!» ف ُقلنا‪:‬‬ ‫ٍ َّ‬ ‫بعضهم ُوجو َه‬‫ضر ُب ُ‬ ‫يت نَبِ ِّيكم فِر َقت ِ‬
‫َين َي ِ‬ ‫أهل ب ِ‬
‫وقد خرج ُ َ‬
‫فكيف نَصن َُع‬
‫َ‬ ‫عض أصحابِ ِه‪ :‬يا أبا عب�دَ ِ‬
‫الله‬ ‫َائ ٌن؟ فقال َب ُ‬‫وإن ذل�ك َلك ِ‬ ‫ي�ا أبا عبد الله ّ‬
‫فالزموها فإنَّها‬ ‫مان؟ قال‪« :‬ان ُظروا ِ‬
‫الفرق َة التي تدعو إلى أمر َع ِل ٍّي َ‬ ‫الز َ‬ ‫أدركنا ذلك َّ‬
‫ُ‬ ‫إن َ‬
‫الهدى»(((‪.‬‬
‫على ُ‬
‫ٍ‬ ‫أن ر َ ِ‬
‫طالب ؤ ‪«:‬إنَّه‬ ‫لعلي بن أبي‬
‫س�ول الله ‪ m‬قال ِّ‬ ‫وعن أبي راف ٍع ؤ َّ َ‬

‫((( مجم�ع الزوائ�د (‪ ، )27 :7‬وق�ال الهيثم�ي‪ :‬رواه أحم�د بإس�نادين رج�ال أحدهم�ا رجال‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫((( ذكره البيهقي في دالئل النبوة (‪ )414 :6‬من طريقين أحدهما مرسل والآلخر موصول‪.‬‬
‫((( مسند أحمد (‪)692‬‬
‫(( ( رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (‪ )610 :2‬والحاكم وصححه‪.‬‬
‫((( مجم�ع الزوائ�د (‪ ، )237 :7‬وق�ال الهيثم�ي ‪ :‬رواه أحمد وأبويعلى والب�زار ورجال أحمد‬
‫رجال الصحيح‪.‬‬
‫((( مجمع الزوائد (‪ ، )239 :7‬وقال الهيثمي ‪ :‬رواه البزار ورجاله ثقات ‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الله؟!! قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أنا أشقاهم‬ ‫سيكون بين ََك وبي َن عائ َش َة ٌ‬
‫أمر» قال‪ :‬أنا يا‬ ‫ُ‬
‫الله؟ قال‪« :‬ال ‪ ،‬ولك�ن إذا كان ذلك فار ُددها إل�ى مأ َمنِها» ((( ‪ ،‬وعن ِ‬
‫ابن‬ ‫رس�ول ِ‬‫َ‬ ‫ي�ا‬
‫ِ‬
‫صاح َب ُة‬ ‫س�ائ ِه ‪« :‬ليت ِش�عري أ َّي ُت ُك َّن‬
‫الله ‪ m‬لِنِ ِ‬
‫س�ول ِ‬ ‫قال َر ُ‬‫قال ‪َ :‬‬‫�اس ء َ‬ ‫َع َّب ٍ‬
‫ِ‬
‫يس�ارها‬ ‫يمينِها وعن‬
‫ب ‪ ،‬يقت َُل عن ِ‬
‫الحو َأ ِ ُ‬
‫الب َ‬
‫ِ‬
‫تخر ُج فتن َب ُحه�ا ك ُ‬ ‫�ل األد َب ِ‬
‫�ب ‪ُ ،‬‬ ‫الج َم ِ‬
‫َ‬
‫كثير ‪ُ ،‬ث َّم تنجو بعد ما كادت»(((‪.‬‬
‫َقتلى ٌ‬

‫يج�ر ُح عدا َلتَها ك َُأ ٍّم‬ ‫عائ َش� َة ‪ b‬وال‬ ‫وال يق�دَ ح ه�ذا األمر ف�ي ُأم المؤمني�ن ِ‬
‫خروج عائشة‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول ‪ b‬ال يقدح‬ ‫ِ‬ ‫زوج ُة‬ ‫ِ‬
‫ُّص�وص‪ ،‬وأنها َ‬ ‫الل�ه ‪ m‬لِ َحصانَتِها بالن‬
‫س�ول ِ‬‫ِ‬ ‫�ة لِ َر‬
‫وزوج ٍ‬ ‫ِِ‬
‫للمؤمني�ن َ َ‬ ‫ُ‬
‫في عدالتها‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫لي‬ ‫الج َم ِل من اإلمام َع ٍّ‬ ‫ِ‬
‫اعتذاره�ا فيما بعدَ َ‬ ‫َّب على‬
‫الل�ه في الدُّ نيا واآلخ َرة ولما ترت َ‬
‫ؤ(((‪.‬‬

‫موقِعَةُ ِصفِّي َن‬


‫«ش ُّ�ر ٍ‬
‫قتيل بين‬ ‫يقول ‪َ :m‬‬ ‫ات الس�ا َع ِة الوس� َطى ِ‬
‫موق َع ُة ِص ِّفي َن ‪ ،‬وفيها ُ‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬
‫موقعة صفين‬ ‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫عالمة وسطى‬

‫((( مجمع الزوائد (‪ ، )237 :7‬وقال الهيثمي ‪ :‬رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله ثقات‪.‬‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪. .)38940‬‬
‫((( وهذا ما يميز فقه التحوالت عن غيره‪ ،‬فالظالمون لعائشة ‪ b‬ساقوا في كتبهم ما ينتقد‬
‫من سلوك طبعي جرى من أم المؤمنين‪ ،‬وجعلوا من حصيلة هذا فقها يؤيد ما حملته نفوسهم‬
‫الطبعية نحوها‪ ،‬وهم ال يعلمون الفرق بين أم المؤمنين وبين غيرها من النس�اء الالتي ليس‬
‫له�ن مناق�ب أو حصان�ة من النبي ‪ ،m‬أم�ا الذي كان يعلم ذل�ك كاإلمام علي ؤ فقد‬
‫كانت معاملته لها وفق النصوص ووفق األدب مع من س�ماها عمار بن ياس�ر (زوجة النبي‬
‫ف�ي الدني�ا واآلخ�رة) كما ف�ي البخ�اري (‪ )3488‬؛ ألن اإلمام عليا ؤ م�ن رجال فقه‬
‫التح�والت ب�ل حت�ى حديث�ه ؤ عن «الخ�وارج» يدل على سلامة قلبه ع�ن الضغينة‬
‫والحقد والتشفي‪ ،‬وهذه هي مواقف الرجولة لدى رجال النمط األوسط ‪.n‬‬

‫‪165‬‬
‫لك»(((‪ ،‬وفيها َق ُتل َع َّم ٍ‬
‫ار الذي قال فيه ‪َ « : m‬ع َّم ٌار تق ُت ُله‬ ‫الم َ‬‫ب ُ‬ ‫َص َّف ِ‬
‫ين‪ ،‬أحدُ هما يط ُل ُ‬
‫اد عن‬ ‫�أن َذكَ�ر نُعيم بن حم ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫الف َئ� ُة ِ‬
‫الباغ َي ُة»((( ‪ ،‬وفيها ُخد َع ُة التَّحكي ِم ‪ ،‬وفي هذا َّ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ُ َ َّ‬
‫عت َع ِل ّي ًا ؤ بالكو َف ِة يقول‪« :‬إنِّي ُأقاتِ ُل على َح ٍّق‬ ‫قال‪َ :‬س ِم ُ‬
‫الجيشانِ ِّي َ‬
‫أبي سال ٍم َ‬
‫لت ألصحابي ‪ :‬ما المق�ا ُم هاهنا ‪ ،‬وقد‬ ‫واألمر لهم»‪ .‬ق�ال‪ :‬ف ُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال يق�و ُم ول�ن يقو َم ‪،‬‬
‫صر ‪َ ،‬فأ ِذ َن لمن شا َء ِمنَّا وأعطى ك َُّل َر ُج ٍل‬ ‫ِ‬
‫األمر ليس لهم فاستأ َذنَّا ُه إلى م َ‬
‫أن َ‬ ‫أخ َب َرنا َّ‬
‫ألف درهم ‪ ،‬وأقام معه ِ‬
‫طائ َف ٌة منا(((‪.‬‬ ‫ِمنّا َ‬
‫وكان من نتائجها ِ‬
‫انقسا ُم المسلمين إلى ‪:‬‬
‫وآل َبيتِ ِه‪.‬‬
‫علي ‪ُ v‬‬ ‫ِ‬
‫األوسط‪ ،‬وهم اإلما ُم ٌّ‬
‫َ‬
‫‪ -1‬أتبا ِع النَّم ِ‬
‫ط‬ ‫َ‬
‫ألزموا اإلمام َع ِل ّيا ‪ v‬بِ َق ِ‬
‫بول التَّحكي ِم‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫‪ -2‬شي َعة التَّحكيم‪ ،‬وهم الذين َ ُ‬
‫َّحكيم‪.‬‬
‫َ‬ ‫لما َر ِض َي الت‬ ‫ِ‬
‫الخوار ِج ‪ ،‬وهم الذين َخ َرجوا على اإلما ِم ‪ّ v‬‬ ‫‪-3‬‬

‫الف َئ ِة‬
‫َ�ة ِ‬
‫�ة وفِتن ِ‬
‫الح�وادث اللاّ ِح َق ِ‬
‫ِ‬ ‫دائ�ر ُة ه�ذه ِ‬
‫الفت ِ‬
‫َ�ن وكانت َس� َبب ًا ف�ي‬ ‫ِ‬
‫واتَّس� َعت َ‬
‫المار َق ِة‪.‬‬
‫ِ‬

‫هور الخوا ِرج ِ و َوقعَةُ النَّهروا ِن‬


‫ُظ ُ‬
‫واستمرار فِتنَتِهم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َّهروان‬ ‫ووق َع ُة الن‬ ‫ِ‬
‫الخوار ِج َ‬ ‫الو ْس َط ٰى ُظ ُ‬
‫هور‬ ‫ِ‬
‫السا َعة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫ظهور الخوارج‬
‫نوب و ُيك ِّفرون َمن خا َل َفهم في‬‫بالذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومقتلة النهروان إلى َع ِ‬
‫المسلمين ُّ‬‫صر الدَّ َّجال‪ ،‬وهم َّأو ُل َمن ك َّف َر ُ‬
‫وكان ابن ُع َم َر ء‬ ‫َ‬ ‫خار ُّي في صحيحه‪:‬‬ ‫َح ُّلون َد َم ُه وما َل ُه‪ ،‬قال ال ُب ِ‬‫عالمة وسطى بِد َعتِهم ويست ِ‬

‫ار فج َعلوها على‬ ‫وقال ‪ :‬إنَّهم ان َط َلقوا الى ٍ‬


‫آيات نزلت في ال ُك َّف ِ‬ ‫لق ِ‬
‫الله‪َ ،‬‬ ‫يراهم َش َّر َخ ِ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )447‬‬


‫(( ( حديث متواتر اإلسناد ‪« ،‬سير أعالم النبالء» للذهبي (‪.)421 :1‬‬
‫((( الفتن (‪ ، )300‬وقال المحقق‪ :‬إسناده ليس به بأس ‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫المؤمني َن(((‪.‬‬

‫جي�ل وصارت‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫األزمنَ� َة وامت�دَّ ت جي ً‬
‫ال بعد‬ ‫َ�ن التي تج�اوزت‬ ‫وفِتنَتُه�م م�ن ِ‬
‫الفت ِ‬
‫فتنة الخوارج‬
‫ِ‬ ‫نح ِر َف ًة في اإلسال ِم َع َبر الت ِ‬
‫اإلسالمي ُك ِّله إلى اليو ِم وما بعده و ُي َ‬
‫عرفون تجاوزت الزمان‬ ‫ِّ‬ ‫ّاريخ‬ ‫مدرس ًة ُم َ‬
‫والمكان‬ ‫بالعالم�ات‪ ،‬وبِد َعتُهم كانت أو َل بِد َع ٍة حدَ َثت في اإلسلا ِم ‪ ،‬وأو ُل َق ٍ‬
‫ِ‬
‫رن َظ َه َر فيهم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َّميمي((( الذي طعن في ِقسم ِة ِ‬
‫غنائ ِم‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬كان ذا ُ ِ ِ‬ ‫سول ِ‬‫هد ر ِ‬ ‫ِ‬
‫المدرسة‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫الخ َويص َرة الت َّ‬ ‫على َع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرقوصية‬ ‫َّبي ‪:m‬‬ ‫�واز َن‪ ،‬وقال ل َرس�ول الل�ه ‪ :m‬ات َِّق الل َه واعدل فإنَّك لم تَع�دل‪ ،‬فقال الن ُّ‬ ‫َه َ‬
‫التميمية‬ ‫�رت إن لم ِ‬
‫أعدل»‬ ‫وخ ِس ُ‬ ‫أعد ُل‪ ،‬قد ِخ ُ‬
‫بت َ‬ ‫عد ُل إذا لم َأكُن ِ‬
‫«وي َل َك أو ويح َك ‪ ،‬ومن ي ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫رسول‬ ‫قال‬ ‫ائذ ْن لي فيه ِ‬
‫أضر ْب ُعنُ َق ُه‪َ ،‬‬ ‫سول ِ‬
‫الله َ‬ ‫الخ َّطاب ‪ : v‬يا َر َ‬ ‫فقال ُع َم ُر بن َ‬
‫يحق ُر أحدُ كم صال َت ُه مع صالتِه�م ‪ ،‬وصيا َم ُه مع‬ ‫فإن له أصحاب� ًا ِ‬ ‫الل�ه ‪َ « :m‬دع� ُه ‪َّ ،‬‬
‫يمر ُق‬ ‫ِ‬ ‫�رآن ال ُي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يمر ُق�ون من اإلسلا ِم كما ُ‬
‫ج�او ُز تراقيهم ‪ُ ،‬‬ ‫يق�ر ُؤون ال ُق َ‬ ‫صيامه�م ‪َ ،‬‬
‫الر ِم َّي ِة»(((‪.‬‬
‫هم من َّ‬
‫الس ُ‬
‫َّ‬
‫ِّفاق ِ‬ ‫ِ‬
‫االنتهاء من معرك َِة ِص ِّفي َن وات ِ‬
‫بدء ظهور مدرسة‬
‫الشا ِم‬‫أهل َّ‬ ‫َ‬ ‫هورها فقد كان بعد‬ ‫انتشارها و ُظ ُ‬
‫ُ‬ ‫وأما‬
‫الخوارج‬ ‫الس�لبِ َّي ِة ِضدَّ‬ ‫ِ‬
‫عار َضة َّ‬
‫للم َ‬ ‫راق على التَّحكي ِم بين ال َّط ِائ َفت ِ‬
‫َين‪ ،‬وكانت َّأو َل نمو َذ ٍج ُ‬
‫ِ‬
‫والع ِ‬

‫آالف ـ وقيل‪ِ :‬س� َّت َة َع َش َ�ر‬‫المرحلة ثماني َة ٍ‬


‫ِ‬ ‫الحاك ِم‪ ،‬وقد َب َل َغ عد ُدهم في هذه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الق�رار‬
‫ِ ِ‬ ‫عد ِمي َل ِ‬
‫ألف� ًا ـ نزلوا مكان ًا يس�مى “حروراء” وهي قري ٌة على ب ِ‬
‫ين من الكو َفة ونُس َ‬
‫�ب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫بالح ِ‬
‫رور َّية‪.‬‬ ‫وس ُّموا َ‬ ‫ِ‬
‫الخوار ُج إليها ُ‬

‫(( ( انظ�ر صحي�ح البخاري مع الفت�ح (‪ ، )350 :12‬وقد وصل الطبري هذا التعليق في مس�ند‬
‫علي من «تهذيب اآلثار» ‪ ،‬وسنده صحيح كما قال الحافظ في الفتح (‪.)354 :12‬‬
‫((( ذوالخويص�رة التميم�ي هو ذات�ه حرقوص بن زهير الس�عدي كما أش�ارت إلى ذلك بعض‬
‫المصادر منها «أس�د الغابة» (‪ ،)1541‬و«المس�تفاد» ألبي زرعة (‪ ،)1292 :2‬وهذا يجمع‬
‫المدرستين في هدف واحد ‪ :‬المدرسة الحرقوصية‪ ..‬ومدرسة ذي الخويصرة التميمية‪.‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)2505‬‬

‫‪167‬‬
‫الرسا َل ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخوار ِج إ ّب َ‬
‫ان مرحلة ِّ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫ومواق َ‬ ‫لوك‬ ‫ِ‬
‫األحاديث منها ما ِ‬
‫يبر ُز ُس َ‬ ‫وجمل ُة هذه‬ ‫ُ‬ ‫االمتداد الطبيعي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش�ير إلى الخوار ِج فيما بعد وفاته ‪m‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذاتَه�ا كم�ا هو في ذي ُ‬
‫الخ َويص َرة ‪ ،‬ومنها ما ُي ُ‬ ‫للمدارس‬
‫الخارجية‬
‫ش�ير إلى َعو َد ِة‬ ‫ِ‬
‫الصحا َبة ئ والتّابِعين‪ ،‬ومنها ما ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫ص�ور َّ‬ ‫وامت�داد فِتنَتِه�م في ُع‬
‫ِ‬
‫حتى يظهر في‬
‫يكون آخرهم مع الدَّ َّج ِ‬
‫ال‪ ..‬وفيهم ُ‬ ‫الز ِ‬
‫مان بِ ُص َو ٍر ش�تَّى حتى‬ ‫أعراضهم الدجال بِد َعتِهم في ِ‬
‫آخ ِر َّ‬
‫يقول‬ ‫َ ُ‬
‫يقرؤون‬ ‫َ‬
‫األعمال ‪َ ،‬‬ ‫«يخر ُج من ُأ َّمتي قو ٌم ُيسيؤون‬
‫ُ‬ ‫‪ m‬فيما روا ُه اب ُن ُع َم َر ‪:c‬‬
‫عم َل ُه مع َع َم ِلهم ‪ ،‬يقتُلون َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآن ال ُي ِ‬
‫أهل اإلسال ِم‬ ‫جاو ُز حناج َرهم ‪ ،‬يحق ُر َأ َحدَ كم َ‬ ‫ال ُق َ‬
‫ف�إذا خرج�وا فاقتُلوه�م ‪ ،‬فطوبى لمن َق َت َله�م وطوبى لمن َقتَل�وه ‪ُ ،‬ك َّلما طلع منهم‬
‫أس�م ُع(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫الله ‪ِ m‬عش�رين َم َّر ًة أو أك َث َر وأنا‬
‫رس�ول ِ‬‫ُ‬ ‫�رن َق َط َع�ه الل� ُه» ‪ ،‬فر َّد َد ذلك‬
‫َق ٌ‬
‫أكثر من ِع ِ‬
‫ش�رين‬ ‫رن ُقط َع – َ‬
‫رواه أحمد ‪ ،‬وفي رواية ابن ماجه يقول‪ُ « :‬ك َّلما خرج َق ٌ ِ‬
‫مرةً‪ -‬حتى يخرج في ِع ِ‬
‫راضهم الدَّ َّج ُال»(((‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬

‫طالب ؤ‬ ‫ٍ‬ ‫علي بن أبي‬ ‫َ‬ ‫الخ ِ‬


‫س�عيد ُ‬‫ٍ‬
‫«بعث ُّ‬ ‫در ِّي رضي الله عنه ق�ال ‪:‬‬ ‫وعن أبي‬
‫تحصل من تُرابِها‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫رس�ول الله ‪ m‬من ال َي َم ِن بِ ُذ َهي َبة في َأدي� ٍم مقروظ لم ُ‬ ‫إل�ى‬
‫والراب ِع‬ ‫الخ ِ‬ ‫�س‪ِ ،‬‬
‫وزيد َ‬ ‫بن حابِ ٍ‬
‫وأقرع ِ‬ ‫بن َب ٍ‬ ‫ف َقس�مها بين أرب ِ‬
‫عة َن َف ٍر بي�ن ُع َيينَ َة ِ‬
‫يل‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫در‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫بن ُعال َث َة وإما ِ‬
‫فق�ال َر ُج ٌل من أصحابِه‪ُ :‬كنَّا نحن َ‬
‫أح َّق‬ ‫يل‪َ ،‬‬‫عام َر ب َن ال ُّط َف ِ‬ ‫ّ‬ ‫إ ّم�ا َعل َق َم َة ِ‬
‫َّبي ‪ m‬فق�ال‪« :‬ال تأمنوني وأنا أمي� ُن َمن في‬ ‫به�ذا م�ن هؤالء‪ ،‬ق�ال‪ :‬فب َل َغ ذل�ك الن ُّ‬
‫ف‬ ‫َين ُم ِ‬
‫شر ُ‬ ‫�ماء صباح ًا ومس�اء» قال‪ :‬فقام رج ٌل ِ‬
‫غائ ُر ال َعين ِ‬ ‫�ماء ‪ ،‬يأتيني َخبر الس ِ‬ ‫الس ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫اإلزار فقال‪ :‬يا َر َ‬
‫س�ول‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫أس ُم َش ِّ‬
‫�م ُر‬ ‫ُ‬
‫محلوق َّ‬ ‫َث ال ِّلح َي ِة‬
‫الج َبه ِة ك ُّ‬ ‫الوجنَت ِ ِ‬
‫َي�ن ناش ُ�ز َ‬ ‫َ‬
‫األرض أن َيت َِّق َي الل َه» ‪ ،‬قال‪ُ :‬ث َّم و ّلى‬
‫ِ‬ ‫أح َّق َ‬
‫أهل‬ ‫«وي َل َك َأ َو َل ُ‬
‫س�ت َ‬
‫ِ‬
‫الله ات َِّق الل َه‪ ،‬قال ‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫أضر ُب ُعنُ َق ُه قال‪« :‬ال ‪ ،‬لع َّله‬ ‫سول ِ‬
‫الله أال ِ‬ ‫ِ‬
‫الوليد‪ :‬يا َر َ‬ ‫الر ُج ُل‪ ،‬فقال خالِدُ ب ُن‬ ‫َّ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)5694‬‬


‫((( إسناده حسن ‪ ،‬األلباني (‪.)179‬‬

‫‪168‬‬
‫الله‬ ‫يقول بِ ِلسانِ ِه ما ليس في قلبِ ِه‪ ،‬فقال َر ُ‬
‫سول ِ‬ ‫ُيص ِّلي»‪ ،‬فقال خالدٌ ‪ :‬وكم من ُم َص ٍّل ُ‬
‫�ق ُبطونهم»‪ ،‬ق�ال‪ُ :‬ث َّم نظر‬ ‫ّاس وال ُأ َش َّ‬
‫ب ع�ن ُقلوب الن ِ‬ ‫‪« :m‬إنِّ�ي ل�م ُأؤمر أن ُأ َن ِّق َ‬
‫ئضئ هذا َق�وم يتلون كتاب ِ‬
‫الل�ه َرطب ًا ال‬ ‫ق�ف فقال‪« :‬إنَّه يخ�رج من ِض ِ‬ ‫إلي�ه وهو ُم ٍّ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ُ‬
‫الر ِم َّي ِة – وأظنُّه قال‪:-‬‬
‫�هم من َّ‬‫الس ُ‬ ‫يمر ُق َّ‬
‫‪،‬يمرقون من الدِّ ين كما ُ‬
‫ِ‬
‫ج�او ُز حناج َرهم ُ‬ ‫ُي ِ‬
‫َل ِئن أدركتُهم ألق ُت َلنَّهم َ‬
‫قتل َثمو َد»(((‪.‬‬
‫(الض ِ‬
‫ئض ُئ)‬ ‫ِ‬
‫األثير وغيرهما‪ِّ :‬‬ ‫الخ َّط ُّ‬
‫ابي واب ُن‬ ‫زيادات‪ ،‬قال َ‬
‫ٌ‬ ‫وايات ِعدَّ ٍة فيها‬
‫ٍ‬ ‫وورد بِ ِر‬
‫ِِ‬
‫يخر ُج من نس�له الذين هو َّأو ُله�م أو ُ‬
‫يخر ُج من‬ ‫�ي‪( :‬يريد أنَّه ُ‬ ‫الخ َّطابِ ُّ‬
‫األص�ل‪ ،‬ق�ال َ‬‫ُ‬
‫أصل َقولِ ِه)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ذه َبهم على‬ ‫ِِ‬
‫أصحابِه وأتباعه الذين يقتَدون به و َيبنُون رأ َي ُهم و َم َ‬
‫ِ‬

‫أرج ُح ‪ ،‬ويؤ ِّيدُ ُه قو ُل ُه‬


‫األخير َ‬
‫ُ‬ ‫(قلت ‪ :‬وهذا‬
‫ُ‬ ‫ف «إتحاف الجماعة» تعليق ًا‪:‬‬ ‫قال ُم َؤ ِّل ُ‬
‫صيامهم»‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يحق ُ�ر أحدُ كم صالتَه م�ع صالتِهم وصيا َمه م�ع‬ ‫«إن ل�ه أصحاب� ًا ِ‬‫‪َّ : m‬‬
‫اآلخ ِر ‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وقو ُل ُه في‬
‫يخرجوا منه»(((‪.‬‬ ‫«إن له ش�ي َع ًة يت َع َّمقون في الدِّ ين حتى ُ‬ ‫الحديث َ‬
‫َّحليق ال يزالون يخرجون حتى يخرج ِ‬ ‫ٍ‬
‫آخ ُرهم‪ ،‬فإذا‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪(:‬سيماهم الت ُ‬
‫ُ‬ ‫خرى‬ ‫وفي رواية ُأ َ‬
‫ِ‬
‫رواية‬ ‫ل�ق والخلي َق ِة (قالها ثالث�ا)‪ .‬وفي‬
‫الخ ِ‬
‫رأيتُموه�م فاقتُلوهم (قالها ثالثا) َش ُّ�ر َ‬
‫آخرهم م�ع الدَّ َّج ِ‬
‫�ال»‪ .‬ورواه أبو داود‬ ‫ِ‬
‫يخر َج ُ‬
‫يخرجون حت�ى ُ‬ ‫أحم�دَ ‪« :‬ال يزال�ون ُ‬
‫والطيالسي والنسائي بنحوه (((‪.‬‬

‫أس�مع ُه منه‪َّ :-‬‬


‫«إن‬ ‫رس�ول ِ‬
‫الله ‪ m‬قال –ولم‬ ‫َ‬ ‫َس ؤ قال‪ُ :‬ذ ِك َر لي َّ‬
‫أن‬ ‫وعن َأن ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫فيكم قوم ًا يتع َّبدون َف َيد َأبون حتى ُي َ‬
‫َّاس وتُعج ُبهم أن ُف ُسهم ُ‬
‫يمرقون من‬ ‫ب بهم الن ُ‬
‫عج َ‬

‫((( البخاري (‪)7432‬‬


‫((( إتحاف الجماعة ‪. 280/1‬‬
‫((( إتحاف الجماعة ‪.290/1‬‬

‫‪169‬‬
‫الر ِم َّي ِة» (((‪.‬‬
‫السه ِم من َّ‬ ‫الدِّ ين ُم َ‬
‫روق َّ‬

‫رس�ول الله ‪:m‬‬‫ُ‬ ‫ك�ر َة ع�ن أبيه رضي الل�ه عنه ق�ال‪ :‬قال‬ ‫وع�ن ُمس�ل ِم ب�ن أبي َب َ‬
‫جاو ُز ِ‬
‫تراقيهم‬ ‫رآن ال ُي ِ‬‫ألسنَتُهم يقرأون ال ُق َ‬ ‫أشدَّ اء ذلي َق ٌة ِ‬
‫أحدَّ اء ِ‬
‫أحداث ِ‬
‫ٌ‬ ‫«سيخر ُج قو ٌم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ؤج ُر قاتِ ُلهم»(((‪ ،‬واإلنام ُة‬ ‫ِ‬
‫ف�إذا َلقيتُموهم فأنيموهم ُث َّم إذا لقيتُموهم فاقتُلوهم فإنَّه ُي َ‬
‫ُ‬
‫القتل‪.‬‬
‫وه َزمهم في وقع ِة النَّهر ِ‬
‫وان وفيها‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫الخوار َج في عهده َ َ‬ ‫علي ؤ‬ ‫وقد قاتل اإلما ُم ٌّ‬ ‫موقف اإلمام‬
‫ِ‬
‫والمارقين‪ ،‬فقد‬ ‫ِ‬
‫والقاس�طين‬ ‫تال ثال َث ٍة‪ :‬الن ِ‬
‫ّاكثين‬ ‫ق�ال اإلم�ام علي ؤ ‪ُ « :‬أ ِمرنا بِ ِق ِ‬ ‫‪ v‬من‬
‫ُ ٌّ‬
‫الخوارج في‬
‫قتل ذي‬ ‫ِ‬
‫المارقين» (((‪ ،‬وفيها َم ُ‬ ‫والقاسطين ‪ ،‬وأنا ُمقاتِ ٌل إن شاء الل ُه‬ ‫ِ‬ ‫َلت الن ِ‬
‫َّاكثين‬ ‫قات ُ‬ ‫النهروان‬
‫الله ‪ « :m‬وآي ُة ذلك َّ‬ ‫س�ول ِ‬‫مما َذك ََره َر ُ‬ ‫ال َّث ِد َّيت ِ‬
‫ال له َع ُضدٌ‬ ‫أن فيهم َر ُج ً‬ ‫َين وهو عالم ٌة ّ‬
‫يض »((( وعن‬ ‫رات بِ ٌ‬
‫دي عليه َش� َع ٌ‬ ‫رأس َع ُض ِد ِه ِم ُثل ح َلم ِ‬
‫�ة ال َّث ِ‬ ‫راع عل�ى ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫لي�س في�ه ذ ٌ‬
‫س�لمين ف َيق ُت ُلها َأو َل�ى ال َّط ِائ َفت ِ‬
‫َين‬ ‫مار َق ٌة عند فِر َق ٍة من الم ِ‬
‫ُ‬ ‫«تمر ُق ِ‬ ‫ٍ‬
‫أب�ي س�عيد ؤ‪ُ :‬‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫رج�ل‪ :‬الحمدُ لله ال�ذي أبا َد ُهم‬ ‫�ق» ولم�ا فرغ م�ن َقتلهم اإلم�ا ُم ٌّ‬
‫علي قال‬ ‫بالح ِّ‬
‫َ‬
‫(((‬

‫ِ‬
‫أصالب‬ ‫علي ؤ‪ « :‬ال والذي نفسي بِ َي ِد ِه‪َّ ،‬‬
‫إن فيهم َل َمن في‬ ‫وأراحنا منهم‪ ،‬فقال ٌّ‬
‫آخ ُرهم لِصاص ًا حرادي َن »(((‪.‬‬ ‫تحمله النِّساء بعدُ وليكو َنن ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جال لم ِ‬‫الر ِ‬
‫ِّ‬

‫تمر ُق‬ ‫ُ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ٍ‬


‫س�عيد ُ‬ ‫ٌ‬
‫رس�ول الله ‪ُ « : m‬‬ ‫در ُّي ؤ أنه قال‪ :‬قال‬ ‫وحديث رواه أبو‬
‫مسمى الحرورية‬
‫نسبة إلى حروراء‬

‫((( مسند أحمد (‪. )13223‬‬


‫((( مسند أحمد (‪)20986‬‬
‫((( المعجم الكبير (‪)4049‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪)2516‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪)2507‬‬
‫((( مسند عبدالرزاق (‪)18655‬‬

‫‪170‬‬
‫بالح ِّق» ((( ‪.‬‬
‫َين َ‬‫سل ِمين يق ُت ُلها َأو َلى ال َّط ِائ َفت ِ‬
‫مار َق ٌة عند فِر َق ٍة من الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬

‫الحروري ُة ؟ س ِ‬ ‫الحرور َّي ِة قال ‪ :‬ال أدري ما‬ ‫ووعنه ؤ أنَّه لما ُس ِ�ئ َل عن‬
‫عت‬
‫�م ُ‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫ِ‬

‫تحقرون صالتَكم‬ ‫يق�ول ‪ «:‬يخرج في هذه األُم ِة – ول�م ي ُقل منها – قوم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّب�ي ‪m‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الن َّ‬
‫يمرقون من الدِّ ين‬ ‫ِ‬ ‫م�ع صالتِهم ‪ ،‬يقرؤون ال ُق َ‬
‫رآن ال ُي ِ‬
‫جاو ُز ُح ُلو َقهم أو حناج َرهم ‪ُ ،‬‬
‫صر ِه‬ ‫ِ‬
‫طالئ َعهم في َع ِ‬ ‫علي ؤ‬ ‫الرم َّية ‪ ، »..‬ولما قات ََل اإلما ُم ٌّ‬
‫(((‬ ‫روق السه ِم من ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫ُم َ َّ‬
‫ال ِص َف ُت ُه كذا وكذا» ‪ ،‬فط َلب�وه فلم َي ِجدوه ‪ُ ،‬ث َّم طلبوه‬ ‫وق�ال ألصحابِ ِ‬
‫�ه ‪« :‬اط ُلبوا َر ُج ً‬
‫فقال رج ٌل‪ :‬الحم�دُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لله الذي‬ ‫رس�ول الل�ه ‪ُ َ َ ، m‬‬ ‫ُ‬ ‫ذكر ُه‬
‫فوج�دوه عل�ى النَّعت الذي َ‬
‫إن منهم لمن‬ ‫علي ؤ ‪« :‬كال ‪ ..‬والذي نفسي بيده َّ‬ ‫وأراحنا منهم ‪ ..‬فقال ٌّ‬ ‫َ‬ ‫أبا َدهم‬
‫آخ ُرهم لِصاص ًا وحرادي َن»((( ‪.‬‬ ‫تحمله النِّساء بعدُ وليكُو َنن ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جال لم ِ‬‫أصالب الر ِ‬
‫ِ ِّ‬ ‫في‬
‫�رك َ‬
‫ُون‬ ‫اب ‪َ ،‬ق َال ‪ُ :‬كن ُْت ِعنْدَ َع ِلي ‪َ ،‬ف ُس ِ�ئ َل َع ْن َأ ْه ِل الن ََّه ِر‪ :‬أ ُم ْش ِ‬
‫�ه ٍ‬ ‫ِ‬
‫ار ِق ْب ِن ش َ‬
‫وعن َط ِ‬
‫تحديد هوية‬
‫الخوارج على‬ ‫هم؟‬
‫لسان اإلمام علي‬
‫‪v‬‬ ‫الش ْر ِك َف ُّروا ‪،‬‬
‫َق َال ‪ِ :‬م َن ِّ‬
‫ون ُه ْم ؟‬ ‫ِق َيل ‪َ :‬ف ُمنَافِ ُق َ‬
‫َق َال ‪ :‬إِ َّن ا ْل ُمنَافِ ِقي َن الَ َي ْذك ُُر َ‬
‫ون ال َّل َه إِالَّ َق ِلي ً‬
‫ال ‪،‬‬
‫ِق َيل َل ُه ‪َ :‬ف َما ُه ْم ؟‬
‫َق َال ‪َ :‬ق ْو ٌم َب َغ ْوا َع َل ْينَا(((‪.‬‬

‫َّبي ‪ m‬وفيهم وفي أمثالِهم ُ‬


‫يقول ُع َم ُر‬ ‫يصحب الن َّ‬
‫َ‬ ‫الخوار ِج ِم َّمن لم‬
‫ِ‬ ‫وكان أغ َل ُ‬
‫�ب‬

‫((( صحيح مسلم (‪ ، )2507‬وهي إشارة إلى معركتهم مع اإلمام علي في وقعة النهروان‪.‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)6931‬‬
‫((( مسند عبدالرزاق (‪)18655‬‬
‫(( ( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)79093‬‬

‫‪171‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب ؤ‪« :‬قد َع ِل ُ‬‫الخ َّط ِ‬
‫ور ِّب الكَع َبة متى يه َل ُك ال َع َر ُب!! إذا َول َي َ‬
‫أمر ُهم‬ ‫مت َ‬ ‫ب� ُن َ‬
‫الجاه ِل َّي ِة»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أمر‬ ‫ِ‬
‫سول ‪ m‬ولم ُيعالج َ‬ ‫الر َ‬
‫يصحب َّ‬
‫َ‬ ‫َمن لم‬
‫�در َك ِ‬
‫آخ ُرهم الدَّ َّج َال‬ ‫ِ‬
‫تاريخي ًا حتى ُي ِ‬ ‫ِ‬
‫الخوار ِج‬ ‫ظاه َ�ر ِة‬
‫ومما ي َؤ ِّكدُ نَص ًا اس�تمرار ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ينش ُ�أ نَ�ش ٌء يقرأون ال ُق َ‬
‫رآن‬ ‫الله ‪َ « : m‬‬‫رس�ول ِ‬‫ُ‬ ‫م�ا روا ُه اب ُن ُع َم َر ‪ c‬قال‪ :‬قال‬
‫رس�ول ِ‬‫َ‬ ‫رن ُقطِع » قال ابن ُعمر‪ :‬س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله ‪m‬‬ ‫عت‬
‫�م ُ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫يج�او ُز ت ََراقيه�م ُك َّلم�ا َخ َر َج َق ٌ َ‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يق�ول‪ُ « :‬ك َّلم�ا خرج َق ٌ ِ‬ ‫ُ‬
‫أعراضهم‬ ‫�رن ُقط َع (أك َث َر من عش�رين َم َّرةً) حتى ُ‬
‫يخ�ر َج في‬ ‫َ‬
‫أخاف عل�ى هذه ُاألم ِة من م ِ‬
‫ؤم ٍن‬ ‫ُ‬ ‫يقول ُع َم ُر ؤ‪« :‬ما‬ ‫�ال»(((‪ ،‬وفيه�م أيض ًا ُ‬ ‫الدَّ َّج ُ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫رآن حتى‬ ‫ال ق�رأ ال ُق َ‬
‫أخاف عليها َر ُج ً‬
‫ُ‬ ‫�ق َب ِّي ٍن فِس� ُق ُه ‪ ،‬ولك�ن‬ ‫ينه�اه إيمانُه وال ِمن ِ‬
‫فاس ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تأويله»(((‪.‬‬ ‫أز َل َقه بِلسانه ُث َّم َّ‬
‫تأو َله على غير‬

‫علي ؤ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫مقتلُ اإلمام ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطبراني عن‬
‫ُّ‬ ‫الو ْس َط ٰى مقت َُل اإلما ِم ٍّ‬
‫علي ؤ ‪ ،‬وفيه روى‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬
‫السا َعة ُ‬ ‫مقتل اإلمام علي‬
‫علي ‪ ،‬إنَّك ُم َؤ َّم ٌر ُمس�تَخ َل ٌ‬
‫ف‬ ‫ُ‬
‫رس�ول الله ‪« : m‬يا ُّ‬ ‫�م َر َة ؤ قال‪ :‬قال‬ ‫ِ‬
‫جابر بن َس ُ‬ ‫‪ v‬عالمة‬
‫وسطى‬
‫رأس ِه((( ‪.‬‬
‫وإن هذه مخضوب ٌة من هذه» يعني‪ :‬لِحيتَه من ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫مقتول ‪َّ ،‬‬ ‫وإنَّك‬

‫َ‬
‫رمضان سنة أربعي َن من الهجرة ‪،‬‬ ‫عش َ�ر‬ ‫س�ابع َ‬ ‫وكان مق َت ُله ؤ في يوم الجم ِ‬
‫عة‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫الخوار ِج ‪ ،‬وقال في َق ِتل ِه ‪َّ :m‬‬
‫«إن‬ ‫ِ‬ ‫طائ َف ِة‬
‫�رادي من ِ‬
‫ُّ‬
‫لج ٍم الم ِ‬
‫ُ‬
‫حمن ب ُن م ِ‬
‫الر ِ ُ‬ ‫ق َت َل�ه عبدُ َّ‬
‫تعيش على ِم َّلتي وتُقت َُل على ُس�نَّتي ‪ ،‬ومن أح َّب َك‬ ‫س�تغد ُر بك بعدي ‪ ،‬وأنت ُ‬ ‫ِ‬ ‫األُ َّم َة‬

‫((( المستدرك للحاكم (‪)8318‬‬


‫((( سنن ابن ماجه (‪)179‬‬
‫((( كنز العمال (‪)29404‬‬
‫((( المعجم األوسط (‪.)7318‬‬

‫‪172‬‬
‫رأس ِه»‬
‫ُخضب من هذا ‪..‬يعني لِحي َته من ِ‬
‫ُ‬ ‫أح َّبني ومن أب َغ َضك أب َغ َضني ‪َّ ،‬‬
‫وإن هذه ست َ ُ‬ ‫َ‬
‫أخرجه الحاكم(((‪.‬‬

‫علي ‪c‬‬ ‫ِ َ َ‬
‫لح اإلمام الحسنِ بن ٍّ‬
‫ُص ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلح اإلمام‬
‫علي ‪ ،c‬وفيه قال‬ ‫الح َس ِن بن ٍّ‬
‫لح اإلما ِم َ‬ ‫الو ْس َط ٰى ُص ُ‬
‫الس�ا َعة ُ‬‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬
‫الحسن ‪v‬‬ ‫صل ُح الله به بين فِ َئت ِ‬
‫َين من المسلمين» (((‪.‬‬ ‫«إن ابني هذا سيدٌ ‪ ،‬وسي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫‪َّ :m‬‬
‫عالمة وسطى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص�را ِع فيما بين‬ ‫معركَة ِّ‬ ‫لح ٌظ ه�ا ٌّم بإنه�اء َ‬
‫الح َس�ن ؤ َم َ‬ ‫ل�ح اإلما ِم َ‬
‫وف�ي ُص ِ‬
‫َّناز ِل في قولِه‪« :‬أ ُّيها‬
‫الح َس� ُن ؤ في ُخط َب ِة الت ُ‬‫المس�لمين‪ ،‬وهو ما َق َصدَ ُه اإلما ُم َ‬
‫ناز َعني أمر ًا أنا‬ ‫وإن ُم ِ‬
‫عاو َي� َة َ‬ ‫إن الل�ه هداك�م بأولِنا وح َقن ِدماءكُ�م ِ‬
‫بآخ ِرنا‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ�اس‪َ َّ ،‬‬
‫الن ُ‬
‫َأح ُّق به ‪ ،‬وإنِّي تَرك ُته حقن ًا لِ ِد ِ‬
‫ماء المسلمين و َط َلب ًا لما عند ِ‬
‫الله »(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫�ن‬‫للح َس ِ‬ ‫بن ُج َب ِير ب�ن ُن َف ٍير ؤ عن أبيه ؤ قال‪ُ :‬ق ُ‬


‫لت َ‬ ‫حمن ِ‬
‫الر ِ‬
‫وع�ن عب�دِ َّ‬
‫ِ‬
‫جماج ُم‬ ‫إن النّاس يقولون إنّك تُري�دُ ِ‬
‫الخالف َة‪ ،‬فقال‪« :‬قد كانت‬ ‫علي ‪ّ :c‬‬
‫َ‬ ‫ب�ن ٍّ‬
‫سالمت ـ تركتُها ابتغاء و ِ‬
‫جه‬ ‫بت و ُيسالِمون َمن‬
‫حار ُ‬ ‫ال َع َرب في يدي ـ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫يحاربون َمن َ‬
‫اس َأه ِل ِ‬
‫الح َج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫از؟! »(((‪.‬‬ ‫قن دماء ُأ َّمة ُم َح َّمد ‪ m‬ثم َأ ْبت َُّز َها بِ َأ ْت َي ِ ْ‬
‫وح ِ‬
‫الله تعالى َ‬

‫((( المستدرك (‪.)4686‬‬


‫((( البخاري (‪. )3692‬‬
‫((( أسد الغابة البن األثير (‪. )261 :1‬‬
‫((( المستدرك للحاكم (‪ ،)4795‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)96 :2‬‬

‫‪173‬‬
‫ﺍﻷﻣﻮﻳﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﺎﻡ ‪ ١٣٢ - ٤١‬ﻫـ‬ ‫ﺍﻷﻣﻮﻳﻮﻥ‬
‫ﺃﻭﳍﻢ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻭﺁﺧﺮﻫﻢ ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬
‫ﻣﻊ ﺗﺮﻗﻴﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﱃ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺗﺎﺭﳜﻪ‬ ‫ﺃﻣﻴﺔ ﺑﻦ ﺷﻤﺲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﻣﻨﺎﻑ‬

‫ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ‬ ‫ﺣﺮﺏ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ‬

‫ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ‬ ‫ﺃﺑﻮﺳﻔﻴﺎﻥ ﺻﺨﺮ ﺑﻦ ﺣﺮﺏ‬

‫ﻋﺒﺪﺍﷲ )ﺍﳊﻜﻢ(‬ ‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ‬

‫ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺴﻔﻴﺎﲏ‬
‫‪ ٤‬ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺑﻦ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫‪٦٤‬‬ ‫‪١‬‬
‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ )ﺍﻷﻭﻝ( ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺏ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﳌﺮﻭﺍﲏ‬ ‫‪٤١‬‬

‫‪٢‬‬
‫ﳏﻤﺪ‬ ‫ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ‬
‫‪ ٥‬ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‬
‫‪٦٠‬‬
‫‪٦٥‬‬
‫ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪ ٨‬ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‬
‫‪١٤ ١٣٢ - ١٢٧‬‬ ‫‪٣‬‬
‫‪٩٩‬‬ ‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ )ﺍﻟﺜﺎﲏ( ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ‬
‫‪٦٤‬‬
‫‪٧‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪١٠‬‬
‫ﺳﻠﻴﲈﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬
‫‪٩٦‬‬ ‫‪١٠١‬‬ ‫‪٨٦‬‬ ‫‪١٠٥‬‬

‫‪١٢‬‬
‫ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ‬ ‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ‬
‫‪١٣‬‬ ‫‪١١‬‬
‫ﺇﻳﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ‬ ‫‪١٢٦‬‬
‫‪١٢٦‬‬ ‫‪١٢٥‬‬

‫ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ‬


‫)ﺍﻷﻣﻮﻳﻮﻥ ﰲ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ(‬
‫‪١٣٨‬‬

‫مشجر األمويين ‪ ،‬تمت إعادة الرسم مع شيء من التصرف ‪« ،‬أطلس تاريخ العرب» ص‪46‬‬

‫‪174‬‬
‫كل بني أُم َيَّة َ‬
‫ُم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ملك بني أمية‬
‫ضوض) ‪ ،‬وفيه ُ‬
‫يقول‬ ‫لك ال َع ُ‬ ‫لك بني ُأ َم َّي َة ُ‬
‫(الم ُ‬ ‫الو ْس� َط ٰى ُم ُ‬
‫الس�ا َعة ُ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬
‫عالمة وسطى‬ ‫حم ٍة ‪ ،‬ثم ُمل�ك ًا َعضوض ًا ‪ ،‬ثم‬
‫ور َ‬
‫ٍ‬
‫�م خال َفة َ‬
‫ٍ (((‬
‫حمة ُث َّ‬ ‫ور َ‬
‫ٍ‬
‫األم�ر بِنُ ُب َّوة َ‬
‫ُ‬ ‫‪« : m‬ب�دأ ه�ذا‬
‫وج ِبر َّي ًة» (((‪.‬‬
‫ُعت ُّو ًا َ‬
‫يشم ُل مرحل َة بني ُأ َم َّي َة وبني ال َع ّب ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الحديث َ‬ ‫وهذا‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫وحديث «خالف ُة النُّ ُب َّوة ثالثون سن ًة ُث َّم يؤتي الل ُه ُ‬
‫الم َ‬
‫لك ـ أو‪ :‬ملكه ـ َمن يشا ُء»(((‪،‬‬
‫ِ‬
‫بالل�ه من ِ‬
‫رأس‬ ‫االختص�اص بِ َبن�ي ُأ َم َّي َة فمنه�ا قو ُل� ُه ‪َّ : m‬‬
‫«تعوذوا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أحادي�ث‬ ‫وأم�ا‬
‫بيان»(((‪.‬‬ ‫ومن إمار ِة الص ِ‬ ‫السبعين ِ‬
‫َ ِّ‬ ‫َّ َ‬

‫رؤيا النبي ‪m‬‬


‫الح َك ِم َي ُنزون على‬
‫«رأيت بني َ‬
‫ُ‬ ‫وعن أبي ُه َر َير َة ؤ قال‪ :‬قال رسول الله ‪:m‬‬
‫ِ‬ ‫ِمنبري كما ُ ِ‬
‫للقردة والخنازير‬ ‫ضاحك ًا حتى ت ُُو ِّفي(((‪.‬‬ ‫تنزو الق َر َدةُ» قال‪ :‬فما ُر ِؤ َي الن ُّ‬
‫َّبي ‪m‬‬ ‫َ‬
‫تتنزى على منبره‬

‫((( وقول�ه ‪( : m‬خالف�ة ورحمة) يش�ير إل�ى مرحلة تنازل اإلمام الحس�ن وما يك�ون في تلك‬
‫المرحلة من السكون والهدوء بعد القلق واالحتدام‪.‬‬
‫وكان من مظاهر الخالفة موقف اإلمام الحسن الجامع بين خالفتي الحكم والعلم‪ ،‬ومن‬
‫مظاهر الرحمة حفظه لدماء المسلمين وتضحيته بصنمية الحكم التي يعبدها المقاتلون من‬
‫أجلها‪.‬‬
‫ومن فوائد تنازل اإلمام الحس�ن ؤ كش�ف حقيق�ة المطالبة بدم عثم�ان كذبا وزورا‬
‫حي�ث إنه�م بع�د أن ملكوا الحكم بتنازل الحس�ن لم نس�مع ع�ن مطالبتهم بث�أر عثمان بل‬
‫اشترك جملة من قتلة عثمان وقتلة اإلمام علي في ترسيخ دولة الملك العضوض‪.‬‬
‫((( اإلشاعة‪. 364/‬‬
‫((( سنن أبي داود (‪.)4028‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )8543‬‬
‫((( المستدرك للحاكم (‪. )8481‬‬

‫‪175‬‬
‫َّبي ‪ m‬بني ُأ َم َّي َة على ِمن َب ِر ِه فسا َء ُه ذلك ‪،‬‬ ‫ب ؤ قال ‪ :‬رأى الن ُّ‬ ‫الم َس َّي ِ‬
‫وعن ابن ُ‬
‫(((‬ ‫ِ‬
‫فأوح َي إليه ( إنَّما هي ُدنيا ُأعطوها ) َف َق َّرت عينُ ُه ‪.‬‬

‫بت ِمن إخوانِنا‬


‫يقول‪َ « :‬ع ِج ُ‬
‫عت عل ّي ًا ؤ ُ‬ ‫فص َة قال‪َ :‬س ِم ُ‬ ‫وعن ُع َم َار ِة ِ‬
‫بن أبي َح َ‬
‫نصرون‬ ‫ِِ‬ ‫بن�ي ُأ َم َّي� َة‪َّ ،‬‬
‫المنافقي�ن ‪ ،‬وهم ُي َ‬
‫عو ُة ُ‬
‫عوتَهم َد َ‬
‫دعو ُة المؤمني�ن ‪ ،‬و َد َ‬
‫عوتَنا َ‬
‫إن َد َ‬
‫علينا»(((‪.‬‬

‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ين‪:‬‬ ‫وتن َقس ُم هذه المرحل ُة إلى ق َ‬
‫الح َك ِم‪.‬‬
‫بن َ‬ ‫السفيانِ ُّي األُ َم ِو ُّي‪ ،‬ويبدَ ُأ بِ ُم ِ‬
‫عاو َي َة وينتهي بِ َم َ‬
‫روان ِ‬ ‫‪ -1‬ال َعهدُ ُّ‬
‫روان وينتَه�ي بِ َم َ‬ ‫بدالم ِل ِ‬
‫ِ‬ ‫�ي األُ َم ِ‬ ‫ِ‬
‫روان ِ‬
‫بن‬ ‫�ك ِ‬
‫بن َم َ‬ ‫�و ُّي‪ ،‬ويبدأ بِ َع َ‬ ‫‪ -2‬ال َعه�دُ المروان ُّ‬
‫ُم َح َّم ٍد‪.‬‬

‫لي ‪c‬‬ ‫َ‬ ‫م َقتَل اإلما ِم ُ َ‬


‫الحسينِ بنِ ع ٍّ‬ ‫ُ‬
‫�ين ِ‬
‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لي (((‪ ،c‬ففي‬ ‫بن َع ٍّ‬ ‫الو ْس� َط ٰى َمقت َُل اإلما ِم ُ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬
‫الس�ا َعة ُ‬ ‫مقتل اإلمام‬
‫«إن ج َ‬
‫بري�ل أخ َب َرني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول الله ‪َّ :m‬‬‫ُ‬ ‫الحسين بن علي األث�ر ورد ع�ن ُأ ِّم َس� َل َم َة ر قالت‪ :‬قال‬
‫أن ابني هذا –يعني الحس�ين‪ -‬يقت َُل وأنَّه اش�تَدَّ َغ َضب ِ‬
‫الله على َمن يق ُت ُله» رواه ابن‬ ‫َّ‬
‫ؤ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫عساكر(((‪.‬‬

‫فلما‬ ‫الله ‪ِ « : m‬‬


‫أمسك يا ُمعا ُذ و َأ ِ‬ ‫سول ِ‬ ‫وعن م ِ‬
‫عاذ بن َج َب ٍل ؤ قال‪ :‬قال َر ُ‬
‫حص َّ‬ ‫ُ‬

‫((( تفسير ابن أبي حاتم حديث رقم (‪.)13696‬‬


‫((( الفتن لنعيم بن حماد ص‪.305‬‬
‫((( قتل ؤ يوم عاش�وراء بكربالء وكان يوم الس�بت س�نة ‪ 61‬س�نة هـ وكان عمره يوم قتل‬
‫ثمان وخمسين سنة ؤ‪.‬‬
‫((( تاريخ دمشق (‪)193 :14‬‬

‫‪176‬‬
‫ِ‬ ‫ب َل َغ َخمس� ًا – يعني من ُ ِ‬
‫الخ َلفاء – قال ‪ :‬يزيدُ ‪ ،‬ال بارك الل ُه في يزيدَ ‪ ،‬نُع َي َّ‬
‫إلي ُح َس�ي ٌن‬ ‫َ‬
‫رت بقاتِ ِله ‪ ،‬والذي نفسي بِ َي ِده ال ُيقت َُل بين َظهرانِي قو ٍم ال يمنَعونه‬
‫تيت بِتُر َبتِه و ُأخبِ ُ‬
‫و ُأ ُ‬
‫رارهم وأل َب َس ُهم ِش َيع ًا» ((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خالف الل ُه بين ُصدُ ورهم و ُق ُلوبِهم َ‬
‫وس َّل َط عليهم ش َ‬ ‫َ‬ ‫إال‬

‫حرةِ‬
‫َوقعَةُ ال َ َّ‬
‫الصحا َب ِةئ‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ات السا َع ِة الوس َطى وقع ُة الحر ِة ‪ ،‬وهي مرحل ُة ُف ِ‬
‫قدان‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫و ِمن َعلاَ م ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫وقعة الحرة عالمة‬
‫وسطى‬ ‫وستِّين للهجرة‪ ،‬قال فيها ‪:m‬‬ ‫ثالث ِ‬
‫ٍ‬ ‫الح َّج ِة س�نة‬‫لثالث ب ِقين من ذي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األربعاء‬ ‫يو َم‬
‫َ َ‬
‫أقول حالِ َق َة َّ‬
‫الش َع ِر‬ ‫يقال لها الحالِ َق ُة ال ُ‬
‫لح َم ٌة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«والذي نفس�ي بِ َيده َل َيكو َن َّن بالمدينة َم َ‬
‫الك ُأ َّمتي على‬ ‫در ٍ‬
‫بريد و َل َه ُ‬ ‫ِ‬
‫المدينة ول�و على َق ِ‬ ‫فاخرجوا من‬ ‫ولك�ن حالِ َق ُة الدِّ ِ‬
‫ين ‪ُ ..‬‬
‫َي ِد ُأ َغ ِيل َم ٍة من ُق َر ٍ‬
‫يش»‪.‬‬
‫ِ‬
‫المدينة حتى كاد‬ ‫الح َّر ِة ُقت َِّل ُ‬
‫أهل‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬
‫�ن قال‪« :‬لما كان َيو ُم َ‬ ‫البيهق ُّي عن َ‬
‫وأخرج َ‬

‫((( قلت‪ :‬وهذا الحديث ـ كما قال صاحب االشاعة ـ ‪( :‬ذم للذين بايعوه وأخرجوه ثم أسلموه‬
‫إل�ى الع�دو ولم يمنعوه)‪ .‬وفيه إش�ارة لنتيجة مقتل الحس�ين ؤ بين تخ�اذل المحبين‬
‫وبغ�ض المبغضي�ن وما يترتب على فعلهم م�ن دمار فيما بينهم وال ش�يء غير ذلك إلى أن‬
‫يقضي الله أمرا كان مفعوال‪.‬‬
‫وهذا ما حل بالقوم من المبغضين ومن المحبين المتخاذلين من ذلك اليوم حتى مرحلتنا‬
‫المعاص�رة‪ ،‬ومث�ل ه�ذا الن�ص درس لمن القى الس�مع وهو ش�هيد‪ ،‬والص�راع كما هو في‬
‫الحديث عقوبة وليس نصرة لإلمام الحسين وال آلل البيت كما يفيد الحديث الشريف‪.‬‬
‫وعن ش�هر بن حوش�ب قال ‪ :‬س�معت أم س�لمة ‪ b‬حين جاء نعي الحسين بن علي‬
‫لعنت أهل العراق وقالت ‪ :‬قتلوه قتلهم الله عز وجل غروه ودلوه لعنهم الله‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ء‬
‫رواه أحمد والطبراني قال الهيثمي ورجاله موثوقون‪ .‬وعن عائش�ة أو أم س�لمة ‪ b‬أن‬
‫النبي ‪ m‬قال إلحداهما‪( :‬لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها قال‪ :‬إن ابنك هذا‬
‫حس�ين مقتول وإن ش�ئت أريتك من تربة األرض التي يقتل بها ‪ ،‬قال ‪ :‬فأخرج تربة حمراء)‬
‫رواه اإلمام أحمد قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح‪ .‬اهـ إتحاف الجماعة (‪. )238 :1‬‬

‫‪177‬‬
‫َس قال‪ُ « :‬قتِ َل يوم الحر ِة سبع ِ‬
‫مئة َر ُج ٍل‬ ‫ال ين َف ِل ُت منهم َأحدٌ » وأخرج عن ِ‬
‫مالك بن أن ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫خالف�ة يزيدَ » وفيه زيادة‬ ‫الصحا َب ِة وذلك في‬ ‫ُ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫م�ن َح َم َل ِة‬
‫ثلاث م َئة من َّ‬ ‫القرآن منهم‬
‫الس�اع ُة حتى ُيلت ََم ُس‬ ‫(((‬ ‫الس ِ‬
‫�تين »‪ ،‬وفيها تو َّل�ى يزيدُ ‪ .‬وورد‪« :‬ال تقو ُم ّ‬ ‫«عل�ى ِ‬
‫رأس ِّ‬
‫الضا َّل ُة »(((‪.‬‬ ‫الر ُ‬
‫جل من أصحابي كما تُلت ََم ُس َّ‬ ‫َّ‬
‫َ�ل ُع َ‬
‫ثمان‪ -‬فلم‬ ‫الفتنَ ُة األولى –يعني مقت ُ‬ ‫ب قال‪( :‬وقع�ت ِ‬ ‫الم َس� ِّي ِ‬ ‫ِ‬
‫س�عيد ِ‬
‫بن ُ‬ ‫وعن‬
‫الح َّ�رةَ‪ -‬فلم ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصحاب َب ٍ‬
‫ِ‬ ‫ت ِ‬
‫ُبق من‬ ‫در أح�د ًا ‪ُ ،‬ث َّم وقعت الفتنَ� ُة ال ّثان َي ُة –يعني َ‬ ‫ُب�ق م�ن‬
‫باخ)(((‪.‬‬ ‫الحدَ يبِ َي ِة أحد ًا‪ ،‬ثم وقعت ال َّثالِ َث ُة فلم ترت َِفع ولِلن ِ‬
‫َّاس َط ٌ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب ُ‬
‫در َأ َحد ًا) أي ‪ :‬إنَّهم ماتوا ُ‬
‫منذ قامت‬ ‫أصحاب َب ٍ‬
‫ِ‬ ‫قال الحافِ ُظ في قولِه‪( :‬لم ت ِ‬
‫ُبق من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخر َمن مات‬
‫الح َّرة وكان ُ‬ ‫ثمان إلى أن قامت الفتنَ ُة األخرى بِ َوق َع�ة َ‬ ‫الفتنَ� ُة بمقت ِ‬
‫َ�ل ُع َ‬
‫الح َّر ِة بِبِض ِع ِسني َن(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اص ؤ ومات قبل وقعة َ‬ ‫ِمن ال َب ِ‬
‫در ِّيين سعدَ ب َن أبي و ّق ٍ‬

‫فِتنَةُ ابنِ الزُّبَي ِر‬


‫الز َب ِير‪ ،‬فعن ُع َم َ�ر بن ٍ‬
‫دينار قال‪ :‬قال أبو‬ ‫ابن ُّ‬‫الو ْس� َط ٰى فِتنَ ُة ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�ا َعة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫فتنة ابن الزبير‬
‫يصات ِ‬
‫ِ‬ ‫يص ٌة ِمن َح‬ ‫ُه َر َير َة ؤ ‪« :‬فِتنَ ُة ِ‬
‫الفت َِن»(((‪.‬‬ ‫الز َب ِير َح َ‬
‫ابن ُّ‬ ‫ومقتله عالمة‬
‫وسطى‬
‫الز َب ِير بِ َم َّك َة‬ ‫قال‪ :‬لما كان ابن ٍ‬ ‫ِ‬
‫وو َث َ‬
‫ب اب ُن ُّ‬ ‫بالش�ا ِم َ‬ ‫ُ‬
‫ومروان َّ‬ ‫زياد‬ ‫ُ‬ ‫وع�ن أبي المنهال َ ّ‬
‫رز َة األس� َل ِم ِّي حت�ى َد َخلنا عليه‬ ‫انطلق�ت مع أبي إلى أبي َب َ‬
‫ُ‬ ‫صر ِة‬
‫�ب ال ُق َّ�را ُء بال َب َ‬
‫وو َث َ‬

‫((( اإلشاعة ص‪.68‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)731‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)4024‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)325 :7‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )473‬‬

‫‪178‬‬
‫فأنش�أ أبي يس�ت ِ‬ ‫دار ِه وه�و َجالِ ٌس في ظِ ِّل ُع َل َّي ٍة له من َق َص ٍ‬
‫ف�ي ِ‬
‫َطع ُمه‬ ‫َ َ‬ ‫ب َف َج َلس�نا اليه‬
‫فأو ُل شيء َس ِمع ُت ُه َت َك َّلم به‪:‬‬‫َّاس؟ َّ‬ ‫رزةَ!أال ترى ما وقع فيه الن ُ‬ ‫َ‬
‫الحديث‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا َب َ‬
‫ب‬‫عش َ�ر ال َع َر ِ‬ ‫يش ‪ ،‬إنَّكم يا َم َ‬ ‫ِ‬
‫س�اخط ًا أحيا َء ُق َر ٍ‬ ‫حت‬
‫الله أنِّي أص َب ُ‬ ‫�بت عند ِ‬ ‫إنِّي احت ََس ُ‬
‫وإن الله َأن َق َذكُم باإلسال ِم‬
‫والضال َل َة َّ‬ ‫الذ َّل َة ِ‬
‫والق َّل َة َّ‬ ‫الحال الذي َع ِلمتُم منها ِّ‬
‫ِ‬ ‫كُنتُم على‬
‫إن ذاك‬ ‫أفس�دَ ت بينكم‪َّ .‬‬ ‫�د ‪ m‬حتى إذا َب َل َ‬
‫�غ بكم ما ت ََر َ‬ ‫وبِمحم ٍ‬
‫ون وهذه الدُّ نيا التي َ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ظه ِركم‬ ‫الشا ِم والله إن ُيقاتِ ُل إال على الدُّ نيا ‪َّ .‬‬
‫الذي بِ َّ‬
‫والله إن‬ ‫وإن هؤالء الذين بين َأ ُ‬
‫والله إن ُيقاتِ ُل إال على الدُّ نيا(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يقاتِلون إال على الدُّ نيا ‪ ،‬وإن ذاك الذي بِ َم َّك َة‬
‫الق ِ‬‫ابن ُعمر ‪ c‬أنَّه قال لِرج ٍل يس�أ ُله عن ِ‬ ‫ِ‬
‫الح َّج ِ‬
‫اج أو‬ ‫تال مع َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫وع�ن ناف� ٍع عن ِ َ َ‬
‫قاتلت َف ُقتِ َ‬
‫لت في َل َظ ًى)(((‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الز َب ِير فقال له اب ُن ُع َم َر ‪( : c‬مع ِّ‬
‫أي ال َفري َقين‬ ‫م�ع ُّ‬
‫َّب على ِق ِ‬
‫تال‬ ‫ُ ِ‬
‫يخاف الفتنَ َة وما يترت ُ‬ ‫الز َب ِير وإنَّما‬ ‫وما قال ابن ُعمر ما قال ِ‬
‫كراه َي ًة ِ‬
‫البن ُّ‬ ‫ُ ََ‬
‫السال َم َة‬ ‫َّبي ‪ m‬في ذلك‪ ،‬وفي قولِ ِه إشار ٌة إلى َّ‬
‫أن َّ‬
‫ِ‬
‫للمسل ِم‪ ،‬وما ورد عن الن ِّ‬
‫ِ‬
‫المسل ِم ُ‬ ‫ُ‬
‫الوقو ِع مع َأ َح ٍد ال َّط َر َف ِ‬
‫ين في الن ِّار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من الفت َِن أولى من ُ‬

‫ِخالفَةُ عمَرَ بن ِ‬
‫عبد العزي ِز‬ ‫ُ‬
‫العزيز ‪ ،‬فعن ناف ٍع قال‪ :‬قال‬ ‫ِ‬ ‫ات الس�ا َع ِة الوس� َطى ِخال َف ُة ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬
‫خالفة عمر بن‬ ‫ََ‬ ‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫عبدالعزيز ‪v‬‬ ‫جه ِه َشي ٌن َي ِلي َف َيملأَ ُها َعدالً‪،‬‬
‫(يكون َر ُج ٌل من َو َل ِدي بِ َو ِ‬
‫ُ‬ ‫اب ؤ ‪:‬‬ ‫الخ َّط ِ‬
‫ُع َم ُر بن َ‬
‫عالمة وسطى‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫العزيز)(((‪.‬‬ ‫أحس َبنَّه إال ُع َم َر بن عبدَ‬‫قال ناف ٌع‪ :‬وال َ‬
‫ال ِ‬
‫ألبيه َف َش َّج ُه َف َر ٌس‬ ‫ِ‬
‫العزيز اص َطب ً‬ ‫ب قال ‪( :‬دخل ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫مر َة ِ‬
‫بن َشو َذ ٍ‬
‫َُ‬ ‫وعن َض َ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )7112‬‬


‫((( المستدرك للحاكم (‪ . )8452‬وانظر إتحاف الجماعة (‪. )124 :1‬‬
‫((( تاريخ دمشق (‪. )155 :45‬‬

‫‪179‬‬
‫أش َّج بني ُأ َم َّي َة)(((‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تكون َ‬ ‫وجهه‪ ،‬فقال أبوه ‪ :‬لع َّلك‬ ‫تسيل على ِ‬ ‫ألبيه فخرج والدِّ ما ُء ُ‬
‫�رع َّي ِة((( ‪،‬‬
‫الش ِ‬ ‫أوج ِه ِه َّ‬ ‫ِ‬
‫للمال في ُ‬ ‫إنفاق ِه‬
‫�مول َعدلِ ِه وكَث�ر ُة ِ‬
‫َ‬ ‫الس� َي ِر ُش ُ‬ ‫وق�د ورد في ُكت ِ‬
‫ُب ِّ‬
‫العالمات الوس�طى للس ِ‬
‫�اعة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العزيز من‬ ‫مرحلة خال َف ِة ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫ومما يؤ ِّكدُ ِ‬
‫موق َع‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫المهد ُّي ؟‬ ‫ِ‬
‫العزيز‬ ‫لت لِط�اووس ‪ُ :‬عمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫يس َ�ر َة قال ‪ُ :‬ق ُ‬ ‫إبراهيم ِ‬
‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫بن َم َ‬ ‫َ‬ ‫م�ا ورد عن‬
‫دل ُك َّل� ُه((( ‪ ،‬وبرقم ‪ 1040‬عن إبراهيم بن ميس�رة بن‬ ‫ِ‬
‫يس�تكمل ال َع َ‬ ‫ق�ال ‪ :‬ال ‪ ،‬إنَّ�ه لم‬
‫ِ‬
‫المهد َّي إذا كان ِزيدَ‬ ‫العزيز م ِ‬
‫هد ّي� ًا وليس به ‪ّ ،‬‬
‫إن‬ ‫ِ َ‬ ‫ط�اوس ق�ال‪ ( :‬قد كان ُع َم ُر ب ُن عبد‬
‫عبد‬ ‫حسن في إحسانِه وتِيب على الم ِ‬
‫سيء من إساءتِ ِه)((( ‪ .‬ويعدُّ الخليف ُة ُعمر بن ِ‬ ‫الم ِ‬
‫َُ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الر ِاشدين‪.‬‬ ‫لس َل ِة ُ ِ‬‫ادس في ِس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخ َلفاء َّ‬ ‫العزيز الخلي َف َة ّ‬
‫الس َ‬

‫كل بني العَبَّاس‬


‫ُم ُ‬
‫الو ْس� َط ٰى ُم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ل�ك ال َعضوض) ‪ ،‬فعن‬‫(الم ُ‬
‫ل�ك بني ال َع َّباس ُ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫ملك بني العباس‬
‫عالمة وسطى‬
‫«ويل لأِ ُ َّمتِي ِم ْن َبنِ�ي ال َع َّب ِ‬
‫اس» ((( ‪ ،‬وفي رواية أخرى‪َّ « :‬‬
‫إن لبني‬ ‫عل�ي ؤ قال‪ٌ :‬‬ ‫ٍّ‬

‫((( طبقات ابن سعد (‪.)331 :5‬‬


‫((( وف�ي الفت�ن لنعيم بن حم�اد ( ‪ )221 :1‬مقارنة بين الخليفة عمر بن عب�د العزيز وبين اإلمام‬
‫المهدي فيما يش�ير إلى كونهما من عالمات الس�اعة‪ :‬حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر‬
‫ق�ال ذك�ر عن�ده عمر بن عب�د العزيز فق�ال بلغنا أن المهدي يصنع ش�يئا ل�م يصنعه عمر بن‬
‫عب�د العزي�ز قلنا ما هو ؟ قال يأتيه رجل فيس�أله فيقول ادخل بيت المال فخذ فيدخل فيأخذ‬
‫فيخ�رج فيرى الناس ش�باعا فيندم فيرجع إليه فيقول خذ م�ا أعطيتني فيأبى ويقول إنا نعطي‬
‫وال نأخذ‪.‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1042‬‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38807‬‬
‫((( ذكره الذهبي في ميزان االعتدال ‪ ،‬وفيه يزيد بن ربيعة وذكر من جرحه‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫ِ‬
‫وولده كسا ًء‬ ‫ِ‬
‫العباس‬ ‫النبي ‪ m‬جعل على‬ ‫ِ‬
‫العباس لراي ًة ال ت َُر ُّد »((( ‪ ،‬وفي أخرى‪َّ :‬‬
‫أن َّ‬
‫اللهم‬ ‫تغادر ذنب ًا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وولده مغف�ر ًة ظاهر ًة وباطن ًة ‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫للعباس‬ ‫اغفر‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫«اللهم ْ‬ ‫َّ‬ ‫ث�م قال ‪:‬‬
‫األحاديث الأُ َو ُل ‪ -‬إن َص َّحت‪ -‬على‬
‫ُ‬ ‫ُحم ُل‬
‫البرزنجي‪ :‬فت َ‬
‫ُّ‬ ‫اخ ُل ْف� ُه في ولده»(((‪ ،‬قال‬
‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أخيارهم‬
‫(((‬ ‫ِ‬
‫شرارهم ‪ ،‬وهذا وأمثا ُل ُه على‬

‫ولع�ل في ِ‬
‫مث�ل هذه‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫مل�وك»‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العب�اس‬ ‫وف�ي رواي�ة أخ�رى‪« :‬ليكون�ن ف�ي ِ‬
‫ول�د‬ ‫َّ‬
‫وح ِ‬
‫فظ‬ ‫اإلسالمي ِة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫توحات‬ ‫عض ُع ِ‬
‫صورهم من ال ُف‬ ‫إش�ار ًة إلى ما ُأ ِقيم في َب ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫يض ِة اإلسال ِم‪.‬‬
‫َب َ‬

‫((( لسان الميزان (‪ ، )518 :2‬قال ابن حجر ‪ :‬فيه الحارث بن شبل ‪ ،‬قال العقيلي‪ :‬ضعيف ‪.‬‬
‫(( ( ذكره الذهبي في «س�ير أعالم النبالء» (‪ )89 :2‬وقال ‪ :‬إسناده جيد‪ .‬ومع ذلك فقد ذكر جل‬
‫أهل الحديث بأنه لم يصح في روايات بني العباس شيء واتهموا أكثر أسانيدها بالنكارة‪.‬‬
‫((( اإلشاعة ‪. 78‬‬

‫‪181‬‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮﻥ ‪ ٦٥٦ - ١٣٢‬ﻫـ‬ ‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮﻥ‬
‫ﺃﻭﳍﻢ ﺃﺑﻮﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﻟﺴﻘﺎﺡ ﻭﺁﺧﺮﻫﻢ ﺍﳌﺴﺘﻌﺼﻢ ﺑﺎﷲ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻄﻠﺐ‬
‫ﻣﻊ ﺗﺮﻗﻴﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﱃ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺗﺎﺭﳜﻪ‬
‫ﻋﺒﺪﺍﷲ‬
‫ﻋﲇ‬

‫ﳏﻤﺪ‬ ‫ﻋﺒﺪﺍﷲ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ‬ ‫ﺳﻠﻴﲈﻥ‬

‫ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ‬ ‫‪ ٢‬ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﺴﻔﺎﺡ ‪١‬‬ ‫‪١٣٦‬‬
‫‪١٣٢‬‬
‫‪ ٣‬ﺍﳌﻬﺪﻱ‬
‫‪١٥٨‬‬

‫‪ ٤‬ﺍﳍﺎﺩﻱ‬ ‫‪ ٥‬ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‬ ‫ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ‬


‫‪١٦٩‬‬ ‫‪١٧٠‬‬

‫‪ ٦‬ﺍﻷﻣﲔ‬ ‫‪ ٧‬ﺍﳌﺄﻣﻮﻥ‬ ‫‪ ٨‬ﺍﳌﻌﺘﺼﻢ‬


‫‪١٩٣‬‬ ‫‪١٩٨‬‬ ‫‪٢١٨‬‬

‫‪ ١٠‬ﺍﳌﺘﻮﻛﻞ‬ ‫‪ ٩‬ﺍﻟﻮﺍﺛﻖ‬ ‫ﳏﻤﺪ‬


‫‪٢٣٢‬‬ ‫‪٢٢٧‬‬
‫‪ ١٢‬ﺍﳌﺴﺘﻌﲔ‬
‫ﺍﳌﻮﻓﻖ‬ ‫‪ ١٥‬ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ‬ ‫‪ ١٣‬ﺍﳌﻌﺘﺰ‬ ‫‪ ١١‬ﺍﳌﻨﺘﴫ‬ ‫‪ ١٤‬ﺍﳌﻬﺘﺪﻱ‬ ‫‪٢٤٨‬‬
‫‪٢٥٦‬‬ ‫‪٢٥٢‬‬ ‫‪٢٤٧‬‬
‫‪٢٥٥‬‬
‫ﺍﳌﻌﺘﻀﺪ ‪١٦‬‬ ‫ﺍﳌﻔﻮﺽ‬ ‫ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻌﺘﺰ‬
‫‪٢٧٩‬‬

‫‪ ١٩‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ‬ ‫‪ ١٨‬ﺍﳌﻘﺘﺪﺭ‬ ‫‪ ١٧‬ﺍﳌﻜﺘﻔﻲ‬


‫‪٣٢٠‬‬ ‫‪٢٩٥‬‬ ‫‪٢٨٩‬‬

‫ﺍﻟﺮﺍﴈ‬ ‫‪ ٢٢‬ﺍﳌﺘﻘﻲ ‪٢٠‬‬ ‫‪ ٢٣‬ﺍﳌﻄﻴﻊ‬ ‫‪ ٢١‬ﺍﳌﻜﺘﻔﻲ‬


‫‪٣٢٢‬‬ ‫‪٣٢٩‬‬ ‫‪٣٣٤‬‬ ‫‪٣٣٣‬‬

‫‪ ٢٥‬ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‬ ‫‪ ٢٤‬ﺍﻟﻄﺎﺋﻊ‬
‫‪٣٨١‬‬ ‫‪٣٦٣‬‬
‫‪ ٢٦‬ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ‬
‫‪٤٢٢‬‬

‫‪ ٢٧‬ﺍﳌﻘﺘﺪﻱ‬
‫‪٤٦٧‬‬
‫‪ ٢٨‬ﺍﳌﺴﺘﻈﻬﺮ‬
‫‪٤٨٧‬‬

‫ﺍﳌﺴﱰﺷﺪ ‪٢٩‬‬ ‫‪ ٣١‬ﺍﳌﻘﺘﻔﻲ‬


‫‪٥١٢‬‬ ‫‪٥٣٠‬‬
‫‪ ٣٢‬ﺍﳌﺴﺘﻨﺠﺪ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ‪٣٠‬‬ ‫‪٥٥٥‬‬
‫‪٥٢٩‬‬
‫‪ ٣٣‬ﺍﳌﺴﺘﴤﺀ‬
‫‪٥٦٦‬‬
‫‪ ٣٤‬ﺍﻟﻨﺎﴏ‬
‫‪٥٧٥‬‬
‫‪ ٣٥‬ﺍﻟﻨﺎﴏ‬
‫‪٦٢٢‬‬
‫‪ ٣٦‬ﺍﳌﺴﺘﻨﴫ‬
‫‪٦٢٣‬‬
‫‪ ٣٧‬ﺍﳌﺴﺘﻌﺼﻢ‬
‫‪٦٥٦ - ٦٤٠‬‬

‫مشجرالعباسيين ‪ ،‬تمت إعادة الرسم مع شيء من التصرف‪ ،‬المصدر السابق ص‪72‬‬

‫‪182‬‬
‫أقسام رمحلةِ الم ِ‬
‫لكـ العَ ِ‬
‫ضوض‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫مان‬ ‫وموق ِعها من َّ‬
‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العضوض‬ ‫مراح ِل الم ِ‬
‫ل�ك‬ ‫ُ‬
‫َّبوي ِة حول ِ‬
‫باس�تقراء النُّصوص الن ِ َّ‬
‫ِ‬ ‫أن مرحل� َة الم ِ‬
‫علي‬
‫�ن بن ٍّ‬ ‫تناز ِل اإلما ِم َ‬
‫الح َس ِ‬ ‫عه�د ُ‬ ‫لك العض�وض ُممتَدَّ ٌة من‬ ‫ُ‬ ‫تب َّي� َن ّ‬
‫عهد التَّداعي والوه ِن وال ُغ ِ‬
‫ثاء‪.‬‬ ‫ؤ إلى ِ‬
‫َ َ‬
‫يث ِ‬
‫بن أبي ُس� َلي ٍم‬ ‫حديث َل ِ‬
‫ُ‬ ‫يجم ُعها‬ ‫تباعدَ ُة ّ ِ‬‫المراح ُل طويل ُة المدى م ِ‬
‫ِ‬
‫الزمان َ‬ ‫ُ‬ ‫وهذه‬
‫«إن هذا األمر ب�دأ ُنبو ًة ورحم ًة‪ ،‬وإنَّ�ه ِ‬
‫كائ ٌن رحم ًة‬ ‫َّب�ي ‪ّ : m‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ابن س�ابط عن الن ِّ‬
‫َح ُّلون‬‫كائن ملك ًا عضوض ًا‪ ،‬و ُعتُو ًا وج ِبري ًة‪ ،‬وفس�اد ًا في األُم ِة‪ ،‬يس�ت ِ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ّ َ َّ‬ ‫وخالف� ًة‪ ،‬وإن�ه ٌ ُ‬
‫رزقون عليه حتى يل َق ُوا الل َه» (((‪.‬‬ ‫والحرير وال ُف َ‬
‫روج و ُي َ‬ ‫َ‬ ‫مور‬ ‫ُ‬
‫الخ َ‬
‫ٍ‬
‫بتفصي�ل كما هو في‬ ‫ِ‬
‫العضوض)‬ ‫قل�ت والل�ه أع َل�م ‪ :‬وين َظر إل�ى معنى (الم ِ‬
‫ل�ك‬ ‫ُ‬
‫مناقشة لمعاني‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫(الملك‬ ‫ُّصوص و َتن َُّو ِع ِعباراتِها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نماذ ِج الن‬
‫العضوض)‬
‫رح َلتَي بني ُأ َم َّي� َة وبني ال َع ّب ِ‬ ‫ِ‬ ‫فالمس�مى العام للم ِ‬
‫اس‬ ‫العضوض ُيط َل ُق عل�ى َم َ‬ ‫ل�ك‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫االنهي�ار وال ُغ ِ‬
‫ِ‬ ‫ض�وض إل�ى َع ِ‬
‫ِ‬ ‫بعضه�م المعن�ى للم ِ‬
‫ث�اء‬ ‫ه�د‬ ‫ل�ك ال َع‬ ‫ُ‬ ‫ُعموم ًا‪،‬و َم�دَّ َ‬
‫والتَّداعي‪.‬‬

‫ب أن ُتن ََّز َل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ُّصوص تحم ُل َتن َُّو َع المعاني‪ ،‬ويص ُع ُ‬ ‫األلفاظ في الن‬ ‫والمعلو ُم َّ‬
‫أن َتن َُّو َع‬
‫جه ِه‪،‬‬
‫�و ِّي على َو ِ‬ ‫المراح ِل دون أن ي�در َك مقصود ال َّل ِ‬
‫فظ النَّ َب ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫األلف�اظ الن ِ‬
‫َّبو َّي ُة عل�ى‬ ‫ُ‬
‫مدار‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‪ ،‬وعلى ال َّلف َظت ِ‬ ‫ِ‬ ‫(خالف ًة و ُن ُب َّوةً) كما هو في‬‫أن هناك ِ‬ ‫وخاص ًة ّ‬
‫َين ُ‬ ‫ألفاظ‬ ‫َّ‬

‫((( الحدي�ث صحي�ح به�ذا اللف�ظ‪ ،‬أورده الدان�ي في (الس�نن الواردة ف�ي الفت�ن) تحقيق أبي‬
‫عم�ر العبوش�ي‪ ،‬وكذل�ك رواه الطبراني ف�ي الكبي�ر(‪ .)367‬والبيهقي فى ش�عب اإليمان‬
‫(‪.)5616‬‬

‫‪183‬‬
‫األمر ُك ِّل ِه‪.‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ِ‬
‫حيح‪،‬‬ ‫قصدُ به�ا َم َنه ُج الدِّ يانَة َّ‬ ‫كم وال َق ُ‬
‫رار ‪ ،‬والنُّ ُب َّو ُة ُي َ‬ ‫الح ُ‬ ‫فالخال َف� ُة ُي َ‬
‫قص�دُ بها ُ‬
‫راد ِ‬
‫الله‪ ،‬وعندما‬ ‫ف�ق م ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألص�ل أن يجت َِمعا في ِ‬
‫حام ِل‬ ‫ُ‬
‫ياس�ة مرحلته َو َ ُ‬ ‫القرار وفي س َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب في الخال َفة ُ‬
‫والحك ِم‬ ‫الراغ َ‬ ‫االمتالك ّ‬
‫فإن ّ‬ ‫والرغ َب ُة في‬
‫ب الدُّ نيا َّ‬ ‫يتدخ ُل ال َّط َم ُع ُ‬
‫وح ُّ‬ ‫َّ‬
‫�ف المعاني‬ ‫فيتعس ُ‬ ‫ِ‬
‫األمر‪،‬‬ ‫راد ِ‬
‫الله في‬ ‫�ة وم ِ‬ ‫يتخ ّط�ى مفهوم األمان َِة في مس�مى الن ِ ِ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َّبو َّي ُ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ‬
‫رع َّي ِة‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫الخالفة َّ‬ ‫يخر ُج معنى‬‫لك‪ ،‬أي‪ُ :‬‬ ‫الم ُ‬ ‫ُ‬
‫فيكون بذلك ُ‬ ‫ويتأ َّم ُر بذلك على الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬
‫عاض ًا أو ُملك ًا عضوض ًا‪ ،‬و ُي َف ِّس ُ�ر‬
‫س�مى ش�رع ًا ُملك ًا ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إل�ى معنى االمتالك ال َّطبع ِّي ف ُي َّ‬
‫راش الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫الح َس ِ‬
‫وت‬ ‫ين وهو على ف ِ َ‬ ‫�ن مع أخيه اإلما ِم ُ‬ ‫هذا المعنى مقو َل ُة اإلما ِم َ‬
‫يجم َع الل ُه لنا الخال َف َة والنُّ ُب َّوةَ‪ ،‬فال أرى ُس� َفها َء‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫في س�ياق حديثه « وإنِّ�ي ألرى أال َ‬
‫ونك ف ُي ِ‬
‫خرجوك‪.(((»...‬‬ ‫الكو َف ِة يست ِ‬
‫َخ ّف َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫قاعدَ ٌة ِ‬
‫شرع َّي ٌة ُت َف ِّس ُر معنى كال ِم‬ ‫وهذه الرؤي ُة من اإلما ِم الحس ِن ؤ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُّ َ‬
‫رث ِ‬
‫للعل ِم‪.‬‬ ‫اإل ِ‬
‫ف ِ‬ ‫الخال َف ِة في الحك ِم وعن معنى النُّبو ِة في َشر ِ‬
‫‪ m‬عن معنى ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬

‫المراح ِل وعَدَ ِم سال َمتِها‪،‬‬


‫ِ‬ ‫ش�رع ّي ًا لِ َسلا َم ِة‬
‫ِ‬ ‫حيح ِة ضابط ًا‬‫الص َ‬
‫ِ‬
‫وكفى بهذه األلفاظ َّ‬
‫ُ‬
‫«تكون النُّ ُب َّو ُة‬ ‫الله ‪: m‬‬‫رس�ول ِ‬‫ُ‬ ‫اليمان ؤ قال‪ :‬قال‬ ‫ِ‬ ‫بن‬‫ول ُحذي َف َة ِ‬
‫ومن ذلك َق ُ‬
‫تك�ون ِخال َف ٌة على‬‫ُ‬ ‫�م ير َف ُعها إذا ش�اء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫فيك�م ما ش�اء الل�ه أن تكون‪ُ ،‬ث َّ‬
‫تكون‪ُ ،‬ث َّم ير َف ُعها إذا ش�اء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم تكون‬ ‫َ‬ ‫فتكون ما ش�اء الل ُه أن‬‫ُ‬ ‫نهاج النُّ ُب َّو ِة‪،‬‬
‫ِم ِ‬
‫ُ‬
‫تكون‬ ‫يكون‪ُ ،‬ث َّم ير َف ُعها إذا ش�اء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فيكون ما ش�اء الل ُه أن‬ ‫عاض ًا‪،‬‬
‫ُمل�ك ًا ّ‬
‫ُ‬
‫تكون‬ ‫تكون‪ُ ،‬ث َّم ير َف ُعها إذا شاء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فتكون ما شاء الله أن‬ ‫وج ِبر َّي ًة ‪،‬‬
‫ُملك ًا َ‬

‫((( االستيعاب البن عبدالبر (‪.)376 :1‬‬

‫‪184‬‬
‫نهاج النُّ ُب َّو ِة‪ُ ..‬ث َّم َسك َ‬
‫َت»((( ‪.‬‬ ‫ِخال َف ٌة على ِم ِ‬
‫ِ‬
‫عبدالعزيز‬ ‫ِ‬
‫عه�د ُع َم َر ِ‬
‫ب�ن‬ ‫�ذت هذه المعان�ي على م�ا َف ِه َم ُه أولئ�ك على‬ ‫ف�إن ُأ ِخ َ‬
‫مر‬‫فلما قام ُع ُ‬
‫حبي�ب‪ّ :‬‬
‫ٌ‬ ‫الروا َي ِة‪ :‬قال‬ ‫ُ‬
‫حي�ث زاد في ِّ‬ ‫�ع عن تلك ال ُع ِ‬
‫صور‬ ‫ِ‬
‫ه�م ُمن َقط ٌ‬‫فال َف ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫فكتبت إليه بهذا‬
‫ُ‬ ‫ش�ر في صحا َبتِ ِه‬
‫بن بِ ٍ‬ ‫العزيز وكان يزيدُ بن الن ِ‬
‫ُّعمان ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن عبدُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عبدالعزيز بعد‬ ‫أمير المؤمنين يعني ُع َم َر بن‬
‫فقلت له‪ :‬إنِّي ألرجو أن يكون ُ‬‫ُأ َذك ُِّره إ َّيا ُه‪ُ ،‬‬
‫وأعج َب ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العزيز‪َ ،‬ف ُس َّر به‬ ‫دخل كتابي على ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫العاض والج ِبري ِة‪َ ،‬فأ ِ‬
‫ِّ‬ ‫لك‬‫الم ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬

‫اش�دَ ِة فخاتِ َم ُة‬ ‫الخال َف ِة الر ِ‬


‫َّ‬
‫�ل المعنِي ِة بعد ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫المراح ِ‬ ‫ِ‬
‫امتداد‬ ‫وإن أخذن�ا المعنى عل�ى‬
‫مان‪َّ ،‬‬ ‫الز ِ‬ ‫نهاج النُّبو ِة ف�ي ُأخر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ولعل هذا هو ما‬ ‫يات َّ‬ ‫َ‬ ‫ُش�ير إلى خال َفة على م ِ ُ َّ‬‫الحديث ت ُ‬
‫يكون ِ‬‫ُ‬ ‫وغير ُه عن االثنَي َع َش َر أمير ًا من ُق َر ٍ‬ ‫ِ‬
‫آخ ُرهم اإلما ُم‬ ‫يش‪،‬‬ ‫َف َّس َر ُه اإلما ُم ُّ‬
‫السيوط ُّي ُ‬
‫الز ِ‬
‫مان‪.‬‬ ‫المهدي في ِ‬
‫آخ ِر َّ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬

‫األخير َة على َم َنه ِج النُّ ُب َّو ِة هي مرح َل ُة الدَّ و َل ُة ال ُعثمانِ َّي ِة‬
‫َ‬ ‫فإن الخال َف َة‬
‫آخر ّ‬ ‫وفي معنى َ‬
‫تح ال ُقس َطنطِينِ َّي ِة إلى مرح َل ِة‬ ‫وخصوص ًا بعد َف ِ‬ ‫الله‪ُ ،‬‬ ‫سبيل ِ‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫فعها ِشعار ِ‬
‫َ‬
‫في ر ِ‬
‫َ‬
‫فمراح ُل لها ما ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خرى‪.‬‬ ‫ُّصوص األُ َ‬
‫ِ‬ ‫ناس ُبها من الن‬ ‫ُ‬ ‫االنهيار‪ ،‬وأ ّما بعدَ ها‬

‫األمر‬ ‫يقول ّ‬
‫‪(:‬إن الله بدأ هذا َ‬ ‫اب ؤ كان ُ‬ ‫الخ َّط ِ‬
‫بن َ‬‫وفي (المستدرك) عن ُع َم َر ِ‬
‫ورحم ٍة ‪ ،‬وثم‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫�لطان‬ ‫�ة‪ ،‬ثم يعو ُد إلى خال َف ٍة‪ ،‬ث�م يعو ُد إلى ُس‬ ‫حي�ن ب�دأ بِنُبو ٍة ورحم ٍ‬
‫ُ َّ َ َ‬
‫يظه ُر ـ‬ ‫ِ‬
‫الحمي�ر)(((‪ ،‬فالذي َ‬ ‫ورحم ًة‪ ،‬ثم يعو ُد َج ِبر َّي� ًة فتتكا َدمون تكا ُد َم‬
‫َ‬ ‫يع�و ُد ُمل�ك ًا‬
‫حم َة َع ُ‬
‫صر‬ ‫والر َ‬
‫�و َة َّ‬ ‫ش�ار إليه فيم�ا رواه الحاكم ّ‬
‫أن النُّ ُب َّ‬ ‫الم َ‬ ‫ّفصيل ُ‬ ‫أن الت َ‬ ‫والل�ه أعلم ـ ّ‬
‫األمر من مفهو ِم اجتم�ا ِع ك َِل َمتِها‬ ‫�ع ُ‬ ‫يرج ُ‬
‫�در الرس�ا َل ِة‪ُ ،‬ثم الخال َف ُة الر ِ‬
‫اش�دَ ُة ‪ ،‬ثم ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َص ِ ِّ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)18903‬‬


‫((( المستدرك (‪.)8459‬‬

‫‪185‬‬
‫هاد وإن كان القرار معلوالً بِ ِع َّل ِة الم ِ‬
‫لك‬ ‫الج ِ‬ ‫راية ِ‬ ‫واستمرار ِ‬
‫ِ‬ ‫يض ِة اإلسال ِم‬
‫فظ َب َ‬‫إلى ِح ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(س�لطان ًا ورحم ًة)‬ ‫�ي‪ ،‬ففيها مرح َل ٌة تُدعى ُ‬ ‫العضوض خالل ال َعهد األُ َم ِو ِّي وال َع َّباس ِّ‬
‫ِ‬
‫اس َّي ِة ‪،‬‬‫هد المرح َل ِة العب ِ‬
‫َ َّ‬
‫آخر المرح َل ِة األُم ِوي ِة وأو َل َع ِ‬
‫َ َّ َّ‬
‫ِ‬
‫تشم ُل َ‬ ‫ثم تعو ُد ُملك ًا ورحم ًة ‪َ ،‬‬
‫تتحو ُل بعدُ إلى‬ ‫ِ‬
‫الحمير‪ ،‬ثم َّ‬ ‫ث�م يع�و ُد َج ِبر َّي ًة‪ ، ،‬وفيها ورد قو ُل ُه‪ :‬ثم تتكا َدمون تكا ُد َم‬
‫عف الدَّ و َل ِة‪.‬‬
‫وض ِ‬ ‫ِ‬
‫االنهيار َ‬ ‫مرح َل ِة‬
‫سبيل ِ‬
‫الله) وكأ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫زو في‬ ‫ِ‬
‫(الجهاد وال َغ ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث وبين‬ ‫وقد ربط س ِّيدُ نا ُع َم ُر في هذا‬
‫س�بيل ِ‬
‫ِ‬ ‫بالج ِ‬
‫قائم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن منهج النُّبو ِة ف�ي ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫هاد في‬ ‫أحد معانيه ٌ‬ ‫َ‬ ‫�م إلى َّ َ َ َ ُ َّ‬ ‫ش�ير والل ُه أع َل ُ‬
‫ُي ُ‬
‫دولة إسلام َّي ٍة ونظا ٍم‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫يض ِة اإلسلا ِم ف�ي ك ُِّل ٍ‬ ‫�ظ أهمي ِ‬
‫�ة الدِّ فا ِع عن َب َ‬ ‫لح ٌ ِّ َّ‬ ‫وفي�ه َم َ‬
‫الج ِ‬
‫هاد‬ ‫�رعي‪َ ،‬ف ِقيام ِ‬ ‫رارها َّ ِ‬ ‫هادها‪ ،‬أو َض ِ‬
‫ع�ف ِر ِ‬
‫جال َق ِ‬ ‫عف ِج ِ‬ ‫�ة بِ َض ِ‬ ‫ع�ف الدَّ و َل ِ‬
‫ُ‬ ‫الش ِّ‬ ‫َض َ‬
‫والمحا َف َظ ِة على‬ ‫َيان ب َ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِك ِش ٍ ِ‬
‫يضة اإلسال ِم ُ‬ ‫علي أمام األعداء واألضداد مع حفظ ك َ‬ ‫عار ف ٍّ‬
‫نهاج النُّ ُب َّو ِة في المرح َل ِة‪.‬‬
‫المقبول من ِم ِ‬
‫َ‬ ‫الحدَّ‬
‫قيم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ِ‬
‫الشعائ ِر واحترا ِم المشاع ِر ُي ُ‬
‫العض�وض بمعنى من معاني ال َق ِ‬
‫بول النِّس�بِ ِّي أيض ًا‬ ‫ِ‬ ‫مراح ِل الم ِ‬
‫لك‬ ‫بع�ض ِ‬ ‫وتتق َّي�دُ ُ‬
‫ُ‬ ‫حديث (األئمة‬
‫أمر أ َّمتي صالح ًا حتى‬‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫َّص ب ُوجود أ َمراء ُق َريش من قوله ‪« :‬ال ُ‬‫ِ‬
‫يزال ُ‬ ‫‪m‬‬ ‫بعدي اثناعشر كما هو في الن ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كلهم من قريش)‬
‫األمر قائم ًا» ‪،‬‬
‫يزال هذا ُ‬ ‫رواية‪« :‬ال ُ‬ ‫يمض َي اثنا َع َش َ�ر خليف ًة ُك ُّلهم من ُق َر ٍ‬
‫يش»‪ .‬وف�ي‬
‫وحديث‪« :‬ال ُ‬
‫ُ‬ ‫عشر خليف ًة ُك ُّلهم من ُق ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يزال‬ ‫ريش‪،‬‬ ‫وفي رواية «عزيز ًا» حتى يكون اثنا َ‬
‫ناو َأهم عليه اثنا َع َش َ�ر خليف ًة ُك ُّلهم من ُق َر ٍ‬
‫يش»‬ ‫األمر عزيز ًا ُي َ‬
‫نص ُ�رون على من َ‬ ‫ه�ذا ُ‬
‫متفق عليه(((‪.‬‬

‫يزال‬ ‫ٍ‬
‫رواية (ال ُ‬ ‫األمر ماضي ًا) (ال ُ‬
‫يزال اإلسال ُم عزيز ًا) وفي‬ ‫ٍ‬
‫وفي رواية‪( :‬ال يزال هذا ُ‬
‫السيوطِ ُّي والقاضي ُ‬
‫عياض‬ ‫تناو َل اإلما ُم ُّ‬
‫األمر صالح ًا) إلى اثني َع َش َر خليف ًة‪ ،‬وقد َ‬
‫هذا ُ‬

‫((( البخاري (‪ )7222‬ومسلم (‪.)4815‬‬

‫‪186‬‬
‫الر ِاش�دَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عصر الخال َفة ّ‬ ‫األمر قائم ًا من‬
‫وغي�ره واعتبروا َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫ش�رح هذا‬
‫َ‬ ‫وغيرهم‬
‫الز ِ‬ ‫المهدي في ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأن ِ‬
‫مان‪.‬اهـ‪.‬‬ ‫آخ ِر ّ‬ ‫ُّ‬ ‫األمراء هو اإلما ُم‬ ‫هؤالء‬ ‫آخ َر‬ ‫وما بعدَ ها(((‪ّ .‬‬

‫آخ َرهم‬ ‫أن ِ‬‫راء االثنَي عشر ّ‬ ‫األحاديث معنى األُم ِ‬


‫ِ‬ ‫قلت ـ والله أعلم‪ :‬ال ُيستفا ُد من‬
‫تحديد األمراء‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫االثني عشر‬ ‫واقع النَّص ذاتِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ومراحلهم‬ ‫�ه‪ ،‬فاأل َمرا ُء االثنا َع َش َ�ر ُك ُّلهم‬ ‫األم�ر َ ِّ‬ ‫لمخا َل َف ِة هذا‬
‫المه�دي ُ‬
‫ُّ‬ ‫اإلم�ا ُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�ن ُق َر ٍ‬
‫لألحاديث‬ ‫االس�تقراء‬ ‫�ب‬‫العضوض و َينتَهي َح َس َ‬ ‫يش خالل مراح ِل ُ‬
‫الحك ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جم ِة الت ِ‬
‫األمر بعد ذلك‬ ‫َّتار وإس�قاط الخلي َفة ال َع َّب ِّ‬
‫اس�ي على يد هوالكو‪ ،‬ويستَم ُّر ُ‬ ‫بِ َه َ‬
‫و(اله ْر ُج) ال‬
‫َ‬ ‫و(الج ِبر َّي ُة)‬
‫َ‬ ‫اله ْر ُج‪ .‬و(ال ُعت ُُّو)‬ ‫ُ‬
‫يكون َ‬ ‫وج ِبر َّي ًة كما عبر عنه ‪ :m‬ثم‬
‫ُعت َُّو ًا َ‬
‫أمر اإلسال ِم عزيز ًا )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(بقاء ِ‬ ‫َقيم مع‬
‫يست ُ‬
‫وتحو ِل ِ‬
‫األمر إلى‬ ‫الواحدَ ِة‬
‫ِ‬ ‫�ق الدَّ و َل ِ‬
‫�ة‬ ‫يش النقطا ِع ن ََس ِ‬ ‫وين َقطِ�ع األمر عن ُأم ِ‬
‫راء ُق َر ٍ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الخال َف ِة‬
‫عهد ِ‬
‫يش م َقس�م ًة على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يلات ُم َم َّز َق ٍة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فتكون مرحل� ُة الخال َفة ألُ َمراء ُق َر ٍ ُ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُد َو‬
‫ِ‬ ‫�رف النَّ َظ ِر عن‬‫اس‪ ،‬بِص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وعه�د بن�ي ُأ َم َّي َة‬ ‫اش�دَ ِة‬
‫الر ِ‬
‫األس�ماء‬ ‫وبع�ض َعهد بن�ي ال َع َّب ِ َ‬ ‫ّ‬
‫�م ِاة في الحديث‪،‬‬ ‫مس َّ‬
‫ِِ‬
‫َّوج�ه ال َعا ِّم أو عدم سلا َمته‪ ،‬ثم مرحل�ة ا َل َه ْر ِج ا ُل َ‬
‫ِ‬
‫وسلا َمة الت ُّ‬
‫مرحلة الهرج‬
‫واالنفصام‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫األخير ِة في‬
‫َ‬ ‫اإلسلام َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫راع َي ُة الخال َف ِة‬
‫�ة العثمانِي ِة ِ‬
‫ِ‬
‫مرح َل ُة الدَّ و َل ُ َّ‬
‫وتأت�ي بعدها َ‬
‫الحميد ال ّثاني(((‪ ،‬أما ما بعدها فمرح َل ُة ُغ ٍ‬
‫ثاء‬ ‫ِ‬ ‫الخليفة ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة إلى ِ‬
‫عهد‬ ‫ِ‬ ‫َتنَ ُّف ِ‬
‫سات‬

‫((( قال القاضي عياض‪ :‬لعل المراد باالثني عش�ر في هذه األحاديث وما ش�ابهها أنهم يكونون‬
‫في مدة عزة الخالفة وقوة اإلسالم واستقامة أموره واالجتماع على من يقوم بالخالفة‪.‬‬
‫((( ارتبطت الدولة العثمانية بالخالفة على مراحل‪:‬‬
‫األولى‪ :‬مرحلة استعادة شرف الدولة اإلسالمية بالجهاد في سبيل الله من عهد المؤسس‬
‫طغرل بك إلى عهد السلطان بايزيد‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬مرحلة حفظ بيضة اإلسلام وإقامة ش�عيرة الجهاد في س�بيل الل�ه واالنطواء تحت‬
‫راية الخالفة العباس�ية وتبدأ بانتصار الس�لطان بايزيد األول في معرك�ة نيكوبولي في بلغاريا‬
‫وفرنسا ووصول أخبار االنتصار إلى مصر ومنها إلى الخليفة العباسي المتوكل والذي أرسل‬

‫‪187‬‬
‫قرار الحك ِم ِ‬
‫والعل ِم‪.‬‬ ‫وضيا ِع أما َنتَي ِ ُ‬
‫وو َه ٍن َ‬
‫َ‬

‫جوابا وتشريفا وخلعة وسيفا إلى بايزيد‪ ،‬ومعناه االعتراف ببايزيد سلطانا تحت إمرة الخليفة‪،‬‬
‫وبذلك أصبح بايزيد أول عثماني يحمل لقب سلطان في آل عثمان باسم الخالفة‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬عندم�ا أمر الس�لطان المملوكي (جقمق) باس�م الخالفة العباس�ية أن يذكر اس�م‬
‫الس�لطان مراد الثاني في خطبة الجمعة ويدعى له بعد الخليفة العباس�ي كما يدعى لش�هداء‬
‫الجنود العثمانيين بعد انتصارات مراد الثاني على ش�واطئ البحر األس�ود على األوروبيين‬
‫عام ‪ 848‬هـ (‪1444‬م)‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬بع�د انتص�ار الس�لطان محم�د الفات�ح ع�ام ‪ 874‬ه�ـ (‪ 1453‬م) وفت�ح مدين�ة‬
‫الفس�طنطينية وتسميته لها (إسالمبول) أي‪ :‬مدينة اإلسلام‪ ،‬وإرساله الرسائل إلى عواصم‬
‫بالد اإلسلام باالنتصار ومنها رس�الة إلى ش�ريف مكة وقراءة الرس�الة أمام الكعبة ودعاء‬
‫المسلمين للفاتح بالنصر والتأييد‪.‬‬
‫الخامسة‪ :‬عن�د تولي الس�لطان س�ليم األول مقاليد الدولة في ‪ 933‬ه�ـ (‪ 1512‬م) ومد‬
‫نفوذ الدولة إلى كثير من البالد األوروبية ودفاعه المستميت عن البالد العربية أمام هجمات‬
‫البرتغال ثم مس�اندته للمماليك في ذلك‪ ،‬واس�تقرت به الش�ام ومصر حتى جرى الخالف‬
‫مجراه بين المماليك والس�لطان س�ليم ونش�بت الحرب مع الس�لطان الغوري وانتهت في‬
‫رج�ب ‪ 922‬ه�ـ بمعرك�ة م�رج دابق الت�ي قتل فيه�ا الس�لطان المملوكي الغ�وري وانتصر‬
‫س�ليم األول وتوجه إلى مصر واس�تولى عليها وأنهى حكم المماليك واجتمعت له رايات‬
‫الجميع وأرس�ل ش�ريف مكة أبونمي ولده إلى القاهرة ومعه مفاتيح مكة والمدينة (الكعبة‬
‫والحجرات الشريفة) اعترافا بالخالفة العثمانية‪.‬‬
‫وعاد الس�لطان س�ليم األول إلى إسلامبول ومعه الخليفة المت�وكل وقاضي قضاة مصر‬
‫وجمل�ة من الوجه�اء والعلماء‪ ،‬وأقي�م حفل التنازل م�ن الخليفة المت�وكل وتولية الخليفة‬
‫العثمان�ي س�ليم األول ف�ي جامع أب�ي أيوب األنص�اري ‪ ،‬وق�ام الخليفة المت�وكل بإلباس‬
‫الخليف�ة العثمان�ي الخلعة وقلده الس�يف على مرأى ومس�مع م�ن علماء الدول�ة العثمانية‬
‫وعلماء مصر والش�ام وانتقلت الخالفة رسميا من العباس�يين إلى العثمانيين وأصبح سليم‬
‫األول أول خليف�ة عثماني يحكم دولة الخالفة اإلسلامية ‪ ،‬واس�تمر م�ن بعده الخلفاء بين‬
‫الق�وة والضعف حتى عه�د الخليفة عبدالحمي�د الثاني وكان آخر خلف�اء الدولة العثمانية‪،‬‬
‫وأما بعده فكان ثالثة سالطين تحت إمرة االتحاديين ومن معهم من يهود الدونمة‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫مرحلة المهدي‬ ‫بحديث األُم ِ‬
‫راء‬ ‫ِ‬ ‫المهد ِّي فهي عال َم ٌة ُمس�ت َِق َّل ٌة بِذاتِه�ا ال تَرتَبِ ُط‬
‫ِ‬ ‫أم�ا مرح َل ُة اإلما ِم‬
‫َ‬
‫مستقلة بذاتها عن‬
‫َي�ن قد َف َصلت بين َُهما‪،‬‬ ‫اله َر ِج اآلتِ َي ِة بين المرحلت ِ‬ ‫ألن مرح َل� َة َ‬ ‫االثنا َع َش َ�ر من ُق َر ٍ‬
‫يش َّ‬
‫مدلول مرحلة‬
‫األمراء االثني‬ ‫مضي اثنا َع َش َ�ر خلي َف ًة‬ ‫يزال ه�ذا األمر قائم ًا حتى ي ِ‬ ‫حديث «ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويؤ ِّي�دُ ه�ذا المعنى‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫عشر‬
‫يش قالوا‪:‬‬ ‫«فلما رجع إلى َم ِنزلِه ‪َ m‬أتَت ُه ُق َر ٌ‬ ‫ريش» وعند أبي داود زيا َدةُ‪ّ :‬‬ ‫ُك ُّلهم من ُق ٍ‬
‫الس�يوطِ ُّي إل�ى أن مرح َل َة‬
‫اله َر ُج؟» ‪ ،‬وقد أش�ار ُّ‬
‫(((‬ ‫ُ‬
‫يكون َ‬ ‫يك�ون ماذا؟ ق�ال ‪ :‬ثم‬ ‫ُ‬ ‫ث�م‬
‫ال وما بعده‪.‬‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ؤذ َن ُة بِقيا ِم الس ِ‬
‫اعة من ُخ ِ‬ ‫الف َتن الم ِ‬
‫الهر ِج هي ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َْ‬

‫ور َّبما‬ ‫ٍ‬


‫بكثير ُ‬ ‫اله ْر َج كان س�ابق ًا لذلك‬
‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص والل ُه أع َل ُم ّ‬ ‫واألقر ُب إلى فه ِم الن‬
‫َ‬
‫مبتدأ مرحلة‬
‫والصليبِ ِّيين وانقس�ا ِم‬ ‫ِ‬
‫جمات الت ِ‬ ‫اله ْ�ر ِج بِ َه‬
‫الهرج المنصوص‬ ‫َ‬
‫وتيمورلنك َّ‬ ‫َّتار‬ ‫َص َّح االس�تقرا ُء أن ُمبتَدَ َأ َ‬
‫عليه بالهجمات‬ ‫ِ‬
‫المغولية‬ ‫�قوط‬ ‫َحار َب ٍة‪ ،‬أي‪ :‬بدأت المرحل ُة بِ ُس‬
‫�ة و ُمت ِ‬ ‫تناز َع ٍ‬
‫يلات ُم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإلسلام ِّي إلى ُد َو‬ ‫العا َل� ِم‬
‫والصليبية‬ ‫يض ِة‬
‫فظ َب َ‬ ‫تح ال ُقسطنطينِي ِة‪ ،‬وتبدأ مرح َل ُة ِح ِ‬
‫َّ‬ ‫اس َّي ِة على َي ِد الت ِ‬
‫َّتار وانتهت بِ َف ِ‬ ‫الفة العب ِ‬
‫َّ‬
‫الخ ِ‬
‫ِ‬

‫األو ِل عام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫السلطان سلي ٍم َّ‬ ‫مر ًة أخرى على َيد ُّ‬ ‫اإلسال ِم و ُع ُل ِّو راية الخال َفة اإلسالم َّية َّ‬
‫قوط الس ِ‬
‫لطان‬ ‫ولة الخال َف ِة العثمانِي ِة بِس ِ‬
‫نهاية د ِ‬
‫‪ 923‬هـ ‪ 1517 /‬م‪ ،‬واستمرت حتى ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وو َه ٍن في‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫المهدي‬
‫ِّ‬ ‫المراحل‪ .‬أما عهدُ اإلما ِم‬ ‫بعض‬ ‫عبدالحميد ال َّثاني ‪ ،‬على َضعف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف ُم َتنَ َّف ٌس ُمست َِق ٌّل بذاتِ ِه له أحادي ُث ُه‬
‫أعلم‪.‬‬
‫ب والل ُه ُ‬ ‫المناس ُ‬ ‫الخاص ُة وف ُ‬
‫قه ُه ُ‬ ‫َّ‬

‫لطو َل الل� ُه ذلك اليو َم حتى ُيب َع َث فيه‬ ‫ِِ‬


‫وم�ن أحاديثه‪«:‬ل�و لم َي َبق من الدنيا إال يو ٌم َّ‬
‫ٍ‬ ‫أهل بيتي يواطِئ اس�مه ِ‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫اسم أبي» زا َد في‬
‫واسم أبيه َ‬‫ُ‬ ‫اسمي‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫َر ُج ٌل منِّي أو من ِ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫آخ َر‪( :‬يم ُ‬
‫األرض قسط ًا و َعدالً كما ُمل َئت ُظلم ًا َ‬
‫وجور ًا»(((‪.‬‬ ‫أل‬ ‫َ‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4283‬‬


‫((( سنن أبي داود (‪ ، )4284‬وتتلخص حصانة هذه المراحل في ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬حصانة مرحلة الخالفة الراشدة‪ ،‬بالنص «ثالثون عاما» وباالجتهاد وبالمواقف‪.‬‬
‫‪ -2‬حصانة مرحلة الملك العضوض‪ ،‬بحفظ بيضة اإلسالم وقيام الجهاد في سبيل الله‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫جم ِة الت ِ‬
‫َّتار‬ ‫ِ‬ ‫قوط ِ‬
‫قرار الخالفة بِ َه َ‬ ‫(‪ُ )19‬س ُ‬
‫سقوط قرار‬

‫قرار األُ َّم ِة‬


‫الخالفة على‬
‫تج َّزأ فيها ُ‬ ‫حيث َ‬ ‫تاريخ اإلسلا ِم‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المراحل في‬ ‫وهذه المرحلة من َأش�دِّ‬
‫يد التتار عالمة‬
‫الخال َف ِة بغدا َد‬
‫عاصم َة ِ‬
‫َ‬
‫َّتار ِ‬ ‫وإمارات صغير ٍة‪ ،‬وكان مبتَدَ ُأ ذلك بِدُ ِ‬
‫خول الت ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫إلى دو ٍ‬
‫يالت‬ ‫َُ‬ ‫وسطى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رق البِ ِ‬
‫الد و َق ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سنة ‪ 565‬هـ و َق ِ‬
‫وتدمير‬ ‫تل ال ُع َلماء ّ‬
‫والصالحين‬ ‫تل الخليفة الع ّباس ِّي َ‬
‫السيوطِ ُّي في «تاريخ‬ ‫ٍ‬
‫ودمار ‪ ،‬قال ُّ‬ ‫خراب‬‫ٍ‬ ‫والمساج ِد وما تالها من‬
‫ِ‬ ‫لم َّي ِة‬
‫الع ِ‬
‫المكتبات ِ‬
‫ِ‬

‫األخبار‬ ‫وخبر يطوي‬ ‫َ‬


‫األحاديث‬ ‫حديث يأك ُُل‬
‫ٌ‬ ‫الخ َب ِر الم ِ‬
‫فجعِ‪ :‬هو‬ ‫لف�اء» عن هذا َ‬ ‫الخ ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األرض وتم َل ُؤها ما‬ ‫تطوف‬
‫ُ‬ ‫ناز َل� ًة ِ‬
‫وفاد َح ٌة‬ ‫وناز َل ٌة ت َُص ِّغ ُر ك َُّل ِ‬
‫َّواريخ ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫وتاريخ ُينس�ي الت‬
‫ب ُأ َّمتي‬
‫«إن بني قنطورا َّأو ُل من َس َل َ‬ ‫يقول ‪ّ : m‬‬ ‫رض‪ .‬اهـ ‪ .‬وفي ذلك ُ‬ ‫بين ال ُّط ِ‬
‫ول وال َع ِ‬
‫ِ‬
‫«الفتح»‪ :‬وكأنه ُيريدُ‬ ‫ِ‬
‫حديث ُم ِ‬
‫عاو َي َة‪ ،‬قال اب ُن َح َج ٍر في‬ ‫الطبراني من‬ ‫ُملكَهم» أخرجه‬
‫ُّ‬
‫أبواب‬ ‫المحنَ ُة ِ‬
‫والفتنَ ُة‬ ‫�ب ال ُأم ُة الدَّ عو ِة‪ .‬اهـ‪ .‬و َفتَحت ه�ذه ِ‬
‫يق�ول‪ُ « :‬أ َّمتي» ُأ َّم ُة الن ََّس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫اإلسالمي بِ َبني ُع َ‬ ‫والالح َق ِة‪ ،‬حتى َع ِ‬
‫ودة ال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫السابِ َق ِة‬ ‫ِ‬
‫ثمان سنة ‪ 874‬هـ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫رار‬ ‫الفت َِن َّ‬

‫ين‬‫صالح الدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كانتص�ار‬ ‫الوقائ ِع اإليجاب َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫بع�ض‬
‫َين وقعت ُ‬ ‫المرح َلت ِ‬
‫َ‬ ‫وبي�ن هات ِ‬
‫َي�ن‬
‫س‪ ،‬وكاجتما ِع ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفتح ب ِ‬
‫والش�ا ِم على‬ ‫صر ّ‬‫أهل م َ‬ ‫المقد ِ‬ ‫ي�ت‬ ‫الصليبِ ِّيي َن ِ َ‬ ‫�ي عل�ى َّ‬ ‫األ ُّيوبِ ِّ‬
‫كم ِة‬ ‫ِ‬
‫واستطاع بِح َ‬
‫َ‬ ‫قاو َم ِة التَّتار‬
‫ِ (((‬
‫الم َظ َّف ِر ُ‬
‫لم َ‬
‫ِ ِ‬
‫بالملك ُ‬ ‫ب َ‬ ‫طز الذي ُل ِّق َ‬
‫ِ‬
‫�لطان ُق َ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬
‫تعيين ُّ‬
‫هير ِة‬ ‫معرك َِة َع ِ‬ ‫زيم َة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫الش َ‬ ‫جالوت َّ‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫َّتار في َ‬ ‫والرعايا َه َ‬ ‫قا َدته واجتما ِع كَل َمة ال ُع َلماء َّ‬
‫�لطان بيبرس وتس�مى بالم ِل ِك ال َّظ ِ‬
‫اه ِر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫رمضان س�ن َة ‪ 658‬هـ‪ ،‬ثم تع َّي َن ُّ‬
‫الس‬ ‫َ‬ ‫في ‪15‬‬

‫‪ -3‬حصان�ة مراح�ل الدويالت والغثاء‪ ،‬لي�س حصانة للقرار‪ ،‬وإنما بحفظ اإلسلام في‬
‫الخويصة والخاصة‪ ،‬وبقاء الخير في األمة‪.‬‬
‫((( أجم�ع المؤرخون على أن المماليك بقيادة الس�لطان قطز قد انتصروا على المغول انتصارا‬
‫عالميا في معركة (عين جالوت) حيث عجزت كل من الدولة الخوارزمية والدولة العباسية‬
‫ع�ن مقاومتهم‪ ،‬وبهذا اكتس�بت دول�ة المماليك مركز الصدارة بين دويلات العالم العربي‬
‫واإلسالمي آنذاك‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫الصليبِ ِّيين الذين تحا َلفوا مع‬ ‫قبل من أن ينت َِص َر على ُج ِ‬
‫يوش َّ‬ ‫بيبرس من ُ‬
‫ُ‬ ‫وق�د تم َّك َن‬
‫للمماليك حتى وفاتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫الشا ِم وأقام َدول ًة ِ‬
‫قو َّي ًة‬ ‫المدَ ن العديدَ َة في َّ‬ ‫الت ِ‬
‫َّتار واس�تر َّد منهم ُ‬
‫سنة ‪ 676‬هـ (‪ 1278‬م) ‪.‬‬

‫معركة عين جالوت ‪ ،‬المصدر أطلس التاريخ الحديث ص‪8‬‬

‫‪191‬‬
‫اآلفات‬
‫ُ‬ ‫تنخ ُرها‬ ‫ِ‬
‫االس�تقرار ُ‬ ‫عديم َة‬
‫َ‬ ‫وهك�ذا ظ َّلت بال ُد المس�لمين ُم َج َّ�زأ َة ال َق ِ‬
‫�رار‬
‫رادشتِ َّي ِة‬
‫والز ِ‬
‫والمعت َِز َل ِة والباطِنِ َّي ِة َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫القديم ُة والجديد ُة كفتنَة القرام َطة ُ‬ ‫َ‬
‫والف َتن ِ‬
‫الف ِ‬
‫كر َّي ُة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬

‫�ة‬‫والهندوس�ي ِة والقاديانِي ِ‬
‫ِ‬ ‫والس� َب ِئ َّي ِة‬ ‫�ة والن ِ‬
‫َّواص ِ‬ ‫�ة والرافِ َض ِ‬
‫�ة والمانَوي ِ‬ ‫والمودكي ِ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫�ب َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫والبهائ َّي ِة ِ‬
‫وغيرها‪.‬‬ ‫ِ‬

‫عائ َش� ُة ؤا‪َّ :‬‬


‫أن‬ ‫ترويه ِ‬‫ِ‬ ‫�ق عن اله�وى ‪ m‬فيما‬ ‫ول َمن ال ينطِ ُ‬‫ويص�دُ ُق فيه�ا َق ُ‬
‫حم َّر ٍة عيناه وهو ينادي‬ ‫َّهار مشت َِم ً ِ‬
‫ال بِ َثوبِه ُم َ‬ ‫ذات َيو ٍم نِ َ‬
‫صف الن ِ ُ‬ ‫الله ‪ m‬خرج َ‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫الف َتن ِ‬
‫كق َط ِع ال َّل ِ‬ ‫بأعل�ى صوتِ ِه‪« :‬أيه�ا النَّاس‪ ،‬أظ َّلتكُ�م ِ‬
‫المظل ِم‪ ،‬أ ُّيه�ا الن ُ‬
‫َّاس‪ ،‬لو‬ ‫ي�ل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫وض ِحكتم قليالً»(((‪.‬‬ ‫تعلمون ما أع َل ُم ل َبكَيتُم كثير ًا َ‬
‫ِ‬
‫رس�ول الل�ه ‪ m‬قال‪« :‬ل�و تعلمون ما أع َل ُ‬
‫�م ل َبكَيتم‬ ‫َ‬ ‫وع�ن أب�ي هرير َة ؤ َّ‬
‫أن‬
‫كثي�ر ًا َ ِ‬
‫حم ُة و ُيت ُ‬
‫َّهم األمي ُن‪،‬‬ ‫ِّفاق وتُر َف ُع األما َن ُة وتُق َب ُض َّ‬
‫الر َ‬ ‫يظه ُر الن ُ‬
‫ولضحكتُم قليالً‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫الج ُ‬
‫ون يا‬ ‫رف ُ‬ ‫الش ُ‬‫ون) قالوا‪ :‬وما ُّ‬ ‫الج ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫الش ْر ُ‬ ‫ِ‬
‫األمين‪ُ ،‬‬
‫أناخ بكم ُّ‬ ‫غير‬
‫ويؤت ََم ُن ُ‬
‫يل الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظل ِم» رواه ابن حبان(((‪.‬‬ ‫الله؟ قال‪« :‬ف َت ٌن كَق َط ِع ال َّل ِ ُ‬
‫ف وهي النَّا َق ُة ا ُل ِ‬
‫مسنَّ ُة‪،‬‬ ‫شار ٍ‬
‫جمع ِ‬ ‫ِ‬
‫وبالفاء‪-‬‬ ‫الر ِاء‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬‫�رف ‪-‬بِ َض ِّم ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫وسكون َّ‬ ‫ين ُ‬ ‫والش ُ‬
‫وامتداد أوقاتِها بالن ِ‬
‫ُّوق‬ ‫ِ‬ ‫الف َت َن في اتِّصالها‬ ‫األثير‪( :‬ش�به ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�و ُد ‪ ،‬قال اب ُن‬ ‫والج ُ‬
‫َّ َ‬ ‫ون ‪ُّ :‬‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫المشرق(((‪.‬‬ ‫الفت َِن التي تجي ُء من ِج َه ِة‬
‫بالقاف ‪-‬يعني ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫الم ِسن َِّة الس ِ‬
‫ود)((( و ُي َ‬
‫روى هذا‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ان في صحيحه‬ ‫بعضكم بعض ًا» وق�د روا ُه اب ُن ِح َّب َ‬


‫وحديث «س�تأتوني أفناد ًا ُيفنِي ُ‬
‫ُ‬
‫أحاديث الفتن‬
‫ث‬‫رسول الله ‪ m‬وهو يوحى إليه فقال‪« :‬إنِّي غير البِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ولف ُظ ُه قال‪ُ « :‬كنَّا ُجلوس ًا عند‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)25255‬‬


‫((( صحيح ابن حبان (‪.)6706‬‬
‫((( النهاية (‪. )1142 :2‬‬
‫((( إتحاف الجماعة (‪.)66 :1‬‬

‫‪192‬‬
‫بعضكم بعض ًا‪ ،‬وبين‬ ‫فيك�م ولس�تُم البِثين بعدي إال قلي ً‬
‫ال ‪ ،‬وس�تأتوني أفناد ًا ُيفن�ي ُ‬
‫الز ِل»(((‪.‬‬
‫الز ِ‬
‫َوات َّ‬ ‫ِ‬
‫موتان شديدٌ وبعده َسن ُ‬ ‫يدي الس ِ‬
‫اعة‬ ‫ّ‬

‫ثائ َّي ِة‪:‬‬


‫المرحلة ال ُغ ِ‬
‫ِ‬ ‫بيل‬‫وفتح ال ُقس َطنطينِ َّي ِة ُق َ‬ ‫ِ‬
‫األخيرة ُ‬ ‫َ‬ ‫ولة الخال َف ِة اإلسالم َّي ِة‬
‫(‪ )20‬قيام د ِ‬
‫ُ َ‬
‫فتح القسطنطينية‬
‫عالمة وسطى‬ ‫ِ‬
‫اإلسلام ِّي‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫ويالت عو َد ُة‬ ‫ِ‬ ‫َّمز ِق والدُّ‬ ‫آخ ِ�ر ِ‬
‫مراح ِل الت ُّ‬ ‫العالمات الوس�طى في ِ‬
‫ِ‬ ‫ومن‬
‫ُ‬
‫مدينة ال ُقس َطنطينِي ِة التي وعَدَ ‪ m‬المسلمين بِ َف ِ‬ ‫ِ‬
‫تحها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫العا َلمي‪ُ ،‬‬
‫وفتح‬

‫آباؤهم‬
‫دخل ُ‬‫األتراك ال ُعثمانِ ِّيين الذين َ‬
‫ِ‬ ‫القرار اإلسالمي على ِ‬
‫يد‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وكان ُمبتَدَ ُأ عو َد ِة‬
‫َجدون‬ ‫تال الت ِ‬
‫ُّرك قال‪« :‬وت ِ‬ ‫ذك�ر ِه لِ ِق ِ‬
‫َّبي ‪ m‬بعد ِ‬ ‫إل�ى اإلسلا ِم ‪ ،‬وفيهم ين َطبِ ُق َق ُ‬
‫ول الن ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاس أش�دَّ هم ِ‬ ‫ِم�ن َخ ِير الن ِ‬
‫ّ�اس َمعاد ُن خ ُ‬
‫يارهم‬ ‫األم�ر حتى َي َق َع فيه‪ ،‬والن ُ‬ ‫كراه َي ًة لهذا‬
‫ؤس ُس الدَّ و َل ِة‬ ‫يارهم في اإلسلا ِم»(((‪ ،‬وكان من ِخ ِ‬
‫يارهم بال َش ٍّ‬
‫�ك ُم ِّ‬
‫ِِ ِ ِ‬
‫في الجاهل َّية خ ُ‬
‫ال ُعثمانِ َّية(((‪.‬‬

‫((( صحيح ابن حبان (‪. )6646‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪.)3588‬‬
‫((( عثم�ان بن طغرل ال�ذي وصفته مراجع التاري�خ بالعدل والحكمة والوفاء والصبر والش�جاعة‪،‬‬
‫ولم يؤس�س عثمان دولته حبا في الس�لطة وإنما حبا في نشر اإلسلام‪ ،‬ويقول أوغلو‪ :‬لقد كان‬
‫عثمان بن أرطغرل يؤمن إيمانا عميقا بأن وظيفته الوحيدة في الحياة هي الجهاد في س�بيل الله‬
‫إلعلاء كلم�ة الل�ه ‪ ،‬وق�د كان مندفعا بكل حواس�ه وقواه نح�و تحقيق هذا اله�دف‪ .‬اهـ‪ .‬وفي‬
‫التاري�خ العثماني المصور عبارات هامة في وصية عثمان ألبنائه وأصدقائه تبرز مقومات دولته‬
‫اإلسلامية الثابتة‪ ،‬فهاهو يقول‪ :‬وارعوا علو الدين اإلسلامي الجليل بإدامة الجهاد في س�بيل‬
‫الله‪ ،‬أمس�كوا راية اإلسلام الش�ريفة في األعلى بأكمل جهاد‪ ،‬اخدموا اإلسلام دائما‪ ،‬اذهبوا‬
‫بكلمة التوحيد إلى أقصى البلدان بجهادكم في سبيل الله‪ .‬وفي كتاب «مأساة بني عثمان» نجد‬
‫وصي�ة أخ�رى لولده يقول فيها‪ :‬ي�ا بني إني أنتقل إل�ى جوار ربي وأنا فخور بك بأنك س�تكون‬
‫عادال في الرعية مجاهدا في سبيل الله لنشر دين اإلسالم ‪ .‬يا بني‪ ..‬أوصيك بعلماء األمة ‪ ..‬أدم‬
‫رعايتهم وأكثر من تبجيلهم وانزل على مشورتهم فإنهم ال يأمرون إال بخير‪ .‬يابني إياك أن تفعل‬

‫‪193‬‬
‫َّب�ي ‪ m‬بِ َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة ال ُعثمانِ ِّيي�ن‬
‫وفيه�ا أي‪ :‬ف�ي مرح َل ِ‬
‫ت�ح‬ ‫�ق أيض� ًا وع�دُ الن ِّ‬ ‫األت�راك تح َّق َ‬
‫لس َل ِة آل ُع َ‬
‫ثمان‪،‬‬ ‫لطان العثمانِي الساب ِع في ِس ِ‬
‫ِّ َّ‬ ‫ُ‬
‫ال ُقس َطنطِينِي ِة على ي ِد محم ٍد الفاتِ ِح ‪ ،‬الس ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ ُ َ َّ‬ ‫َّ‬
‫عزيمتِ ِه من‬
‫�وة َ‬
‫وواس� ِع ِهمتِ ِه و ُق ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫يوش ِ‬ ‫للج ِ‬ ‫ِِ‬
‫س�ن إعداده ُ‬‫وح ِ‬ ‫وال�ذي تَم َّكن بِ َف ِ ِ‬
‫ضل الله ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫واإلعداد‬ ‫صار المدين َِة‬
‫دء َحم َلتِ ِه العس�ك َِر َّي ِة في ‪ 13‬رمضان س�نة ‪ 805‬هـ ُمبت َِدئ ًا بِ ِح ِ‬ ‫ب ِ‬
‫َ‬
‫عاص َم� َة الدَّ و َل ِة‬ ‫�د ِه‪ ،‬وجع َلها ِ‬ ‫حامه�ا حت�ى تَم َّكن من ذل�ك وتح َّق َق ال َفتح على ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫القتِ ِ‬

‫فتح ال ُقسطنطِينِ َّي ِة‬ ‫ب «إسالم بول» أي‪ :‬مدين َة اإلسال ِم‪ .‬و ُيع َت َب ُر ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ال ُعثمان َّية وأط َل َق عليها َل َق َ‬
‫تاريخ أوروبا وعالقتِها باإلسال ِم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وخصوص ًا‬ ‫العالمي ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أحداث الت ِ‬
‫ّاريخ‬ ‫من َأ َه ِّم‬

‫الله ‪ m‬في قوله‪َ « :‬لتُفت ََح َّن‬ ‫رس�ول ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لس�ان‬ ‫َّصر الموعو ُد على‬ ‫وتح َّق َق على َيده الن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يش�ها» رواه أحمد (((‪ .‬وفي‬ ‫يش َج ُ‬ ‫الج ُ‬
‫ع�م َ‬‫أميرها‪ ،‬و َلن َ‬ ‫األمير ُ‬‫ُ‬ ‫ال ُقس� َطنطين َّي ُة‪َ ،‬ف َلن َ‬
‫ع�م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫الجيش‬ ‫أميره�ا و َلن َ‬
‫عم‬ ‫األمير ُ‬
‫ُ‬ ‫رواي�ة ‪َ « :‬لتُفت ََح َّن ال ُقس� َطنطين َّي ُة على َي�د َر ُج ٍل‪َ ،‬ف َلن َ‬
‫عم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واليون�ان ورومانيا وألبانيا‬ ‫الص ِ‬
‫رب‬ ‫تح بِالد ِّ‬ ‫واس�تم َّر بعدها في َف ِ‬
‫َ‬ ‫الجيش»(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ذل�ك‬
‫ِ‬
‫باألستا َن َة ‪.‬‬ ‫والبوسنة والهرسك حتى وفاته في ربيع األول عام ‪ 886‬هـ و ُدفِ َن‬
‫ِ‬

‫أمرا ال يرضي الله عز وجل‪ ،‬وإذا صعب عليك أمر فاسأل علماء الشريعة فإنهم سيدلونك على‬
‫الخي�ر‪ ،‬واعل�م يا بني أن طريقنا الوحيد في هذه الدنيا هو نش�ر دين الله‪ ،‬وأننا لس�نا طالب جاه‬
‫وال دنيا ‪ .‬اهـ‪.‬انظر «الدولة العثمانية‪ ..‬عوامل النهوض وأسباب السقوط» ص‪ .52‬وكانت هذه‬
‫الوصية منهاجا سار عليه العثمانيون منذ مبتدأ أمرهم حتى عهد االنهيار والضعف‪.‬‬
‫((( مسند أحمد (‪.)19471‬‬
‫((( ولع�ل الوقوف عند هذا الحديث الش�ريف وما يحمله من معان عظيمة في ش�رف المعركة‬
‫والمرحلة والجيش واألمير يعيد لنا ش�يئا من ش�رف هذه الرس�الة العظيمة وما يحمله فيها‬
‫فقه التحوالت من بشائر وإشارات يجري تحقيقها على أيدي جنود الله في الوقت المحدد‬
‫بأم�ر الله ‪ ،‬ومن ثم يمك�ن متابعة قراءة وقائع المعارك والفتوحات وإس�قاط دالالتها على‬
‫عظمة النصوص النبوية المعبرة عن سير الحركة التاريخية المرتبطة بشرف الديانة‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫الكبير‪ .‬وأوصى الفاتِ ُح ابنه بايزيدَ‬ ‫ُ‬ ‫َّسر‬
‫مات الن ُ‬ ‫بعض األوروب ِّيين عن وفاته‪َ :‬‬ ‫وكتب ُ‬
‫َ‬
‫تار ٌك َخ َلف ًا ِمث َل َك‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫آس�ف ألني ِ‬ ‫أموت‪ ،‬ولكني غير‬ ‫ُ‬ ‫عظيم ٍة قال فيها‪ :‬ها أنذا‬
‫َ‬ ‫�ة‬‫بِو ِصي ٍ‬
‫َ َّ‬
‫واعمل على‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫تمييز‪،‬‬ ‫�ة ِحما َيتَك بِدُ ون‬
‫عادالً صالِح ًا ر ِحيم ًا ‪ ،‬وابس�ط على الر ِعي ِ‬
‫َّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كن ِ‬
‫األرض‪َ ،‬قدِّ ِم االهتما َم بِ ِ‬
‫أمر‬ ‫ِ‬ ‫واجب الم ِ‬
‫لوك على‬ ‫فإن هذا هو ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫نشر الدِّ ِ‬
‫ين‬
‫ُ ُ‬
‫األشخاص الذين‬ ‫َخدم‬ ‫الدِّ ين على ك ُِّل َش ٍ‬
‫�يء‪ ،‬وال تَفتُر في الموا َظب ِة عليه‪ ،‬وال تس�ت ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ب البِدَ َع‬‫حش‪ ،‬وجانِ ِ‬ ‫الكبائ َر وين َغ ِمس�ون في ال ُف ِ‬
‫ِ‬ ‫أمر الدِّ ين وال َيجتَنِبون‬
‫ال يهت َُّمون بِ ِ‬

‫واحرس‬ ‫بالج ِ‬
‫هاد‬ ‫لاد ِ‬ ‫وباع�د الذي�ن يحرضونك عليها ‪ ،‬وس�ع رقع َة البِ ِ‬ ‫فس�دَ ةَ‪ِ ،‬‬‫الم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ِّ ُ َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫مال َأ َح ٍد من َر ِع َّيتِك إال بِ َح ِّق‬
‫اك أن تَمدَّ َيدَ َك إلى ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المال من أن تت َبدَّ َد‪ ،‬إ ّي َ‬ ‫أم�وال ب ِ‬
‫ي�ت‬ ‫َ َ‬
‫وابذل إكرام َك للمست ِ‬
‫َح ِّقين ‪.‬‬ ‫عوزين ُقوت َُهم‪ُ ،‬‬ ‫للم ِ‬ ‫اإلسال ِم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫واضمن ُ‬
‫َ‬

‫�ة‪َ ،‬ف َع ِّظ�م جانِ َبهم‬


‫المبثوث�ة في ِجس� ِم الدَّ و َل ِ‬
‫ِ‬ ‫�و ِة‬ ‫ِ‬
‫أن ال ُع َلم�ا َء ه�م بِ َمثا َب�ة ال ُق َّ‬
‫وبم�ا َّ‬
‫ِ‬ ‫إليك ِ‬ ‫آخر فاست ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وش ِّجعهم ‪ ،‬وإذا َس ِم َ‬
‫بالمال‪.‬‬ ‫وأكرم ُه‬ ‫َقدم ُه َ‬ ‫عت بِ َأ َحد منهم في َب َلد َ َ‬ ‫َ‬

‫الشري َع ِة عن بابِ َك‪،‬‬


‫ُبعدَ أهل َّ‬ ‫المال وال الجندُ ‪ ،‬وإياك أن ت ِ‬
‫ُ‬ ‫يغرن ََّك ُ‬ ‫ِ‬
‫حذار ‪ ،‬ال ُّ‬ ‫ِ‬
‫حذار‬
‫والهدا َي َة‬ ‫الش�ري َع ِة‪َّ ،‬‬
‫ف�إن الدِّ ي َن غا َيتُنا ‪ِ ،‬‬ ‫ف أحكا َم َّ‬‫أي َع َم ٍل ُيخالِ ُ‬ ‫وإ َّي�اك أن ت َ‬
‫َميل إلى ِّ‬
‫َم َنه ُجنا ‪ ،‬وبذلك انت ََصرنا‪.‬‬

‫صغير ٍة‪ ،‬فأعطاني الل ُه تعالى هذه‬


‫َ‬ ‫رت هذه البال َد َكنَم َل ٍة‬ ‫ُخذ ِمنِّي هذه ِ‬
‫الع َبرةَ‪َ :‬ح َض ُ‬
‫تعزيز هذا الدِّ ين وت ِ‬
‫َوقير‬ ‫ِ‬ ‫واعمل على‬‫َ‬ ‫ذوي ‪،‬‬ ‫واحذ َح ِ‬
‫ُ‬ ‫فالزم َمس َلكي‪،‬‬
‫النِّ َع َم الجليل َة‪َ ،‬‬
‫در ال ُّلزو ِم َفإِ َّن ذلك ِمن‬
‫لهو وأك َث َر ِمن َق ِ‬ ‫أموال الدَّ و َل ِة في تَ�ر ٍ‬
‫ف أو ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫�ه وال ِ‬
‫تصرف‬ ‫أهل ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الهالك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أسباب‬ ‫أع َظ ِم‬

‫‪195‬‬
‫مخطط توسع الدولة العثمانية ‪ ،‬أطلس التاريخ الحديث ص‪62‬‬

‫‪196‬‬
‫ﺳﻼﻃﲔ ﺁﻝ ﻋﺜﲈﻥ‬
‫»ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﻮﺓ«‬
‫ﺳﻠﻴﲈﻥ‬
‫ﺃﺭﻃﻐﺮﻝ‬
‫‪ ١‬ﻋﺜﲈﻥ ﺍﻷﻭﻝ‬
‫‪٧٢٥ - ٦٥٠‬‬
‫‪ ٢‬ﺃﻭﺭﺧﺎﻥ‬
‫‪٧٦٢ - ٧٢٥‬‬
‫‪ ٣‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻷﻭﻝ‬
‫‪٧٩٢-٧٦٣‬‬
‫‪ ٤‬ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ ﻳﻠﺪﺭﻡ ‪ -‬ﺍﻟﺼﺎﻋﻘﺔ‬
‫‪٨٠٠-٧٩٢‬‬
‫ﻓﱰﺓ ﺧﻼﻓﺎﺕ ﺑﲔ ﺃﻭﻻﺩ ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ )ﻣﻐﻮﻝ(‬
‫‪٨٢٥-٨١٦‬‬

‫ﻣﻮﺳﻰ‬ ‫ﺳﻠﻴﲈﻥ‬ ‫‪ ٥‬ﳏﻤﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬


‫ﺛﻢ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﻐﻮﻝ ﻭﺍﻧﻔﺮﺩ ﳏﻤﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ‬
‫‪٨٢٥-٨١٦‬‬
‫‪ ٦‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬
‫‪٨٥٥-٨٢٥‬‬
‫‪ ٧‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ‪ -‬ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ‬
‫‪٨٨٦-٨٥٥‬‬
‫‪ ٨‬ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬
‫‪٩١٨-٨٨٦‬‬
‫‪ ٩‬ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻷﻭﻝ‬
‫‪٩٢٦-٩١٨‬‬
‫‪ ١٠‬ﺳﻠﻴﲈﻥ ﺍﻷﻭﻝ ‪ -‬ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﲏ‬
‫‪٩٧٤-٩٢٦‬‬
‫‪ ١١‬ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬
‫‪٩٨٢-٩٧٤‬‬
‫‪ ١٢‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬

‫المشجر العام آلل عثمان في دور القوة ‪ ،‬المرجع السابق ص‪26‬‬

‫‪197‬‬
‫ ‬
‫عثمان األول‬ ‫ ‬
‫محمد الثاني (الفاتح)‬

‫ ‬
‫سليمان القانوني‬ ‫ ‬
‫السلطان بايزيد‬

‫محمد السادس‬
‫أخذت الصور عن المصدر السابق ص‪65-64‬‬

‫‪198‬‬
‫ِشعَار الدُّ ْولَةِ العَ ِليَّةِ العثْمَانِيَّةِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪١‬‬ ‫‪٣٠‬‬ ‫‪٢٩‬‬
‫‪٢‬‬ ‫‪٢٨‬‬
‫‪٢٧‬‬
‫‪٣‬‬
‫‪٢٦‬‬
‫‪٤‬‬
‫‪٢٥‬‬
‫‪٥‬‬

‫‪٢٤‬‬
‫‪٦‬‬

‫‪٢٣‬‬
‫‪٧‬‬

‫‪٢٢‬‬
‫‪٨‬‬

‫‪٢١‬‬
‫‪٩‬‬

‫‪٢٠‬‬
‫‪١٠‬‬
‫‪١٩‬‬
‫‪١١‬‬
‫‪١٨‬‬
‫‪١٢‬‬
‫‪١٣‬‬ ‫‪١٧‬‬
‫‪١٤‬‬ ‫‪١٥‬‬ ‫‪١٦‬‬

‫شعار الدولة العثمانية ‪ ،‬صمم أصله واعتمده السلطان عبدالحميد الثاني عام ‪ 1882‬م‬
‫ترجم الشرح عن اللغة التركية ‪ ،‬لالستزادة انظر المادة في موسوعة ‪ wikipedia.com‬باسم‬
‫‪Osmanli-nisani‬‬

‫‪ -1‬نموذج للشمس حول الطغراء (التوقيع) وتعبر عن تشبيه السلطان بالشمس ‪.‬‬
‫‪ -2‬طغراء الس�لطان عبدالحميد الثاني‪ ،‬وف�ي الهالل األخضر مكتوب بالتركية عبارة‬
‫قريبة من ‪ :‬توفيقات الربانية ملك الدولة العثمانية‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ -3‬طربوش له طرة (ريشة)‪ :‬يعبر عن عثمان الغازي وعرشه‪.‬‬
‫‪ -4‬علم الخالفة األخضر‪.‬‬
‫‪ -5‬بندقية ذات حربة مدببة كانت بمثابة سالح أصيل للجيش العثماني هي والنظم الحديثة‪.‬‬
‫‪ -7‬طبنجة (مسدس) لها مقبض‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -6‬فأس مزدوج‪ ،‬له جهتان‪.‬‬
‫‪ -8‬ميزان‪ :‬في األساس هو الرمح والعصا‪ ،‬ويمثل العدالة‪.‬‬
‫‪ -9‬في األعلى‪ :‬القرآن الكريم‪ ،‬وفي األسفل‪ :‬القوانين‪.‬‬
‫‪ -10‬وسام االمتياز‪ ،‬كان يمنح لرجال العلم الذين يقدمون خدمات جليلة للدولة هم‬
‫واإلداريين والعسكريين‪.‬‬
‫‪ -11‬وس�ام عثماني قرره السلطان عبدالعزيز عام ‪ 1862‬م وكان يمنح لمن يوفق في‬
‫خدمة الدولة‪.‬‬
‫‪ -13‬المرساة‪ ،‬شعار البحرية العثمانية‪.‬‬ ‫‪ -12‬الرمح (سالح قديم) والعصا‪.‬‬
‫‪ -17‬وسام مجيدي‪.‬‬ ‫‪ -16‬قوس‪.‬‬ ‫‪ -14‬نفير البركة‪ -15 .‬وسام االفتخار‪.‬‬
‫‪ -18‬بوق‪ :‬آلة للعزف من الفرق الموسيقية الحديثة‪.‬‬
‫‪ -19‬وس�ام الش�فقة‪ ،‬أوجده الس�لطان عبدالحمي�د الثاني س�نة ‪ 1878‬م وكان يمنح‬
‫للنساء اللواتي يقدمن خدمات للدولة والشعب في المحن والمصائب الكبرى‪.‬‬
‫‪ -21‬سيف‪.‬‬ ‫‪ -20‬قذائف مدفعية (توجد على بعض الشارات)‪ .‬‬
‫‪ -22‬قذيفة‪ ،‬تعبر عن فيلق المدفعية‪.‬‬
‫‪ -23‬س�يف بدرع يدوي لالحتفاالت‪ ،‬لم يكن سيفا تركيا تقليديا‪ ،‬وكان يستخدم من‬
‫‪ -24‬مزراق (رمح)‪.‬‬ ‫قبل الضباط في هذا الوقت‪ .‬‬
‫‪ -25‬بلط�ة مزدوج�ة‪ ،‬كان�ت تس�تخدم باعتباره�ا‬
‫نموذجا للرفعة من قبل المنتسبين ذوي المراتب العليا‬
‫من الجيش‪.‬‬
‫‪ -26‬فأس (بلطة) لها جانب واحد‪ -27 .‬البيرق‪.‬‬
‫‪ -28‬العل�م العثمان�ي‪ ،‬الراي�ة الحم�راء ذات الهالل والنجم�ة هي راية بن�ي عثمان‪،‬‬
‫والراية الخضراء ذات األهلة الثالثة هي الراية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -29‬مزراق (رمح) ‪ ،‬يرمز إلى ألوية المشاة الذين يحملون الرماح في العصور المتأخرة‪.‬‬
‫‪ -30‬درع ذهبي يحيط بالطغراء‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫السلطان عبدالحميد الثاني ‪ ،‬السلطان ‪ 34‬للدولة العثمانية‪ ،‬تولى الحكم عام ‪1876‬م ‪،‬‬
‫حتى تنازله اإلجباري ‪ 1909‬م ‪ ،‬ثم نفي إلى البلقان (اليونان) ومكث تسع سنين في المنفى‬
‫حتى توفي عام ‪ 1918‬م عن ستة وسبعين عاما رحمه الله ‪ ،‬دامت مدة حكمه ‪ 33‬عاما‬

‫طغراء السلطان عبدالحميد الثاني‪ ،‬وهو نموذج من أختام سالطين آل عثمان وتوقيعاتهم‬
‫الرسمية‪ ،‬ونصه‪ :‬المظفر دائما عبدالحميد بن عبدالحميد خان الغازي‪ ،‬المصدر‪ :‬موقع‬
‫‪ tugra.org‬للباحث التركي إركان منسز‬

‫‪201‬‬
‫اإلسلامي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫اإلسلام َّي ِة واجتما ِع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫توحات‬ ‫وظ َّل�ت الدَّ و َل� ُة ال ُعثمانِ َّي ُة َ‬
‫رمز ال ُف‬
‫أرض ِ‬
‫فار َس بعد‬ ‫ِ‬ ‫�ة ‪ ،‬ففتحت بال َد ال َقر ِم وبالد ال َع َج ِم م�ن‬ ‫تنامي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِخ َ‬
‫الم َ‬ ‫لال مراحله�ا ُ‬
‫تمر ِدهم‪ ،‬وفتحت المجر وغزت الس ِ‬
‫واح َل اإليطال َّي َة والفرنس َّي َة واإلسبان َّي َة ‪ ،‬وطار َد‬ ‫َّ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫وبحر ال َع َر ِ‬
‫ب(((‪.‬‬ ‫حيط ِ‬
‫الهند ِّي‬ ‫مياه الم ِ‬ ‫لطان القانوني البرتغالِيين في ِ‬
‫الس ُ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُّ‬

‫((( قام�ت دول�ة البرتغ�ال ع�ام ‪ 1415‬م بغ�زو المغ�رب األقصى‪ ،‬وكان�ت هذه بداية سلس�لة‬
‫الغ�زو البرتغال�ي عل�ى الش�مال اإلفريق�ي‪ ،‬ث�م إل�ى المحيط األطلس�ي وااللتف�اف حول‬
‫العالم اإلسلامي بدوافع صليبية تؤكدها مقوالت بعض زعمائه�م وهو (البوكيرك) القائد‬
‫البرتغال�ي‪ :‬نح�ن عل�ى يقين لو انتزعن�ا تجارة (ملق�ا) هذه م�ن أيديهم ـ أي‪ :‬المس�لمين ـ‬
‫ألصبحت كل من القاهرة ومكة أثرا بعد عين‪ .‬اهـ‪ .‬وقال‪ :‬كان هدفنا الوصول إلى األماكن‬
‫المقدس�ة للمس�لمين واقتحام المسجد النبوي وأخذ رفات النبي محمد رهينة لنساوم عليه‬
‫العرب من أجل استرداد القدس‪ .‬اهـ ‪.‬‬
‫وهذا يظهر للباحث في الغزو البرتغالي أنه عامل مهم من العوامل التي دفعت البرتغاليين‬
‫الرتي�اد البح�ار وااللتف�اف ح�ول العالم اإلسلامي مصدرين المراس�م واألوامر ورس�م‬
‫الصلي�ب والمدفع كش�عار للحمالت‪ ،‬واس�تعانوا ف�ي حمالتهم باليهود الذين اس�تخدموا‬
‫كجواس�يس‪ ،‬ونجح البرتغاليون في خططهم وتمكنوا من الس�يطرة على معابر التجارة في‬
‫الساحل اإلفريقي والخليج العربي وبحر العرب‪ ،‬وشهدت المناطق التي وصلوا إليها كثيرا‬
‫من المجازر والتدمير واالعتداء على الحرمات ومنع المسلمين من الجمع وهدم المساجد‬
‫عليهم‪ ،‬وقد واجه العثمانيون البرتغاليين بشجاعة نادرة وتمكنوا من استرداد بعض الموانئ‬
‫اإلسالمية في البحر األحمر والساحل اإلفريقي والخليج العربي وبحر الهند وبحر العرب‬
‫وخلي�ج عدن‪ ،‬وت�م ط�رد البرتغاليين وإيقافه�م بعيدا ع�ن الممالك اإلسلامية والحد من‬
‫نش�اطهم وحماية األماكن المقدس�ة‪ .‬اهـ‪ .‬بتصرف من «الدولة العثمانية‪ ..‬عوامل النهوض‬
‫وأسباب السقوط» ص‪.266-260‬‬

‫‪202‬‬
‫ﺳﻼﻃﲔ ﺁﻝ ﻋﺜﲈﻥ‬
‫»ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻀﻌﻒ«‬
‫‪ ١٣‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫‪١٠١٢-١٠٠٣‬‬

‫‪ ١٥‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪ ١٤‬ﺃﲪﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬


‫‪ ١٠٢٧-١٠٢٦‬ﻭ ‪١٠٣٣-١٠٣٢‬‬ ‫‪١٠٢٦-١٠١٢‬‬

‫‪ ١٨‬ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪ ١٧‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬ ‫‪ ١٦‬ﻋﺜﲈﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬


‫‪١٠٥٨-١٠٤٩‬‬ ‫‪١٠٤٩-١٠٣٢‬‬ ‫‪١٠٣١-١٠٢٧‬‬

‫‪ ٢١‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪ ٢٠‬ﺳﻠﻴﲈﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪ ١٩‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬


‫‪١١٠٦-١١٠٢‬‬ ‫‪١١٠٢-١٠٩٩‬‬ ‫‪١٠٩٩-١٠٥٨‬‬

‫‪ ٢٣‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪ ٢٢‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬


‫‪١١٤٣-١١١٥‬‬ ‫‪١١١٥-١١٠٦‬‬

‫‪ ٢٧‬ﻋﺒﺪﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪ ٢٦‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪ ٢٥‬ﻋﺜﲈﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪ ٢٤‬ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻷﻭﻝ‬


‫‪١٢٠٣-١١٨٧‬‬ ‫‪١١٨٧-١١٧١‬‬ ‫‪١١٧١-١١٦٨‬‬ ‫‪١١٦٨-١١٤٣‬‬

‫‪ ٢٨‬ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫‪١٢٢٢-١٢٠٣‬‬

‫‪ ٣٠‬ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪ ٢٩‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬


‫‪١٢٥٥-١٢٢٣‬‬ ‫‪١٢٢٣-١٢٢٢‬‬

‫‪ ٣٢‬ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‬ ‫‪ ٣١‬ﻋﺒﺪﺍﳌﺠﻴﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬


‫‪١٢٩٣-١٢٧٧‬‬ ‫‪١٢٧٧-١٢٥٥‬‬

‫‪ -٣٦‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‬ ‫‪ -٣٤‬ﻋﺒﺪﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ‪ -٣٥‬ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺭﺷﺎﺩ ‪ -٣٥‬ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺭﺷﺎﺩ‬ ‫‪ -٣٣‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﳋﺎﻣﺲ‬
‫‪١٣٤١-١٣٣٧‬‬ ‫‪١٣٣٧-١٣٢٨‬‬ ‫‪١٣٣٧-١٣٢٨‬‬ ‫‪١٢٩٣‬‬ ‫‪١٢٩٣‬‬
‫‪٣٧‬‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫‪٣٤‬‬ ‫‪٣٣‬‬

‫‪ -٣٧‬ﻋﺒﺪﺍﳌﺠﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬
‫‪ ١٣٤٣-١٣٤١‬ﻫـ‬
‫‪ ١٩٢٤-١٩٢٢ ٣٨‬ﻡ‬
‫)ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳋﻼﻓﺔ(‬

‫المشجر العام آلل عثمان في دور الضعف ‪ ،‬أطلس التاريخ الحديث ص‪63‬‬

‫‪203‬‬
‫عف إلى الدَّ و َل ِة‬ ‫الض ُ‬ ‫وهكذا استمرت دو َل ًة إسالمي ًة عزيز ًة لِ ِعدَّ ِة ُق ٍ‬
‫رون حتى سرى َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عوامل الضعف‬
‫ِ‬
‫الصال ِح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أطماع الدُّ َول األورو ِّب َّية بعد اكتشاف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالنهيار لبني في أواخ ِر َعهدها وبدأت‬
‫الرجاء َّ‬ ‫رأس َّ‬ ‫ُ‬
‫عثمان‬
‫باألسباب التَّال ِ َي ِة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫االنهيار والس ِ‬
‫قوط‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫خاري ِة‪ ،‬حتى تهيأت ِ‬
‫عوام ُل‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫هور اآل َلة ال ُب ِ َّ‬
‫و ُظ ِ‬
‫بالش�ه ِ‬
‫وات والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عناص ِر الدّ و َل ِة‬
‫ِ‬ ‫(‪ )1‬تأ ُّث ِ‬
‫كون إلى‬ ‫ُّ‬ ‫بالحضارة ال َغربِـ َّية والتم ُّت ِع َّ َ‬
‫َ‬ ‫�ر‬
‫سبيل ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد في‬ ‫الدَّ َع ِة وت ِ‬
‫َرك‬
‫س�لمين باألوربيي�ن‪ ،‬وكَثر ِة البع َث ِ‬
‫ات إلى‬ ‫ِّصال المفكِّرين والم َث َّقفين الم ِ‬
‫(‪ )2‬ات ِ‬
‫َ َ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ات األوروبـ َّي ِة‪.‬‬‫واالنغماس في مفاهي ِم الحري ِ‬
‫ُ ِّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫أوربا‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صولهم من‬ ‫وو‬
‫السياس َّية‪ُ ،‬‬
‫ونمة في الجمع ّيات والتّكتُّالت ِّ‬ ‫(‪ )3‬تَغل ُغ ِل يهود الدّ َ‬
‫ِ‬
‫واختراق‬ ‫رار‪ ،‬وتش�جي ِع هذه الجمعي ِ‬
‫ات على الن ُُّم ِّو‬ ‫الحزبِي ِة إلى ِ‬
‫مواق ِع ال َق ِ‬ ‫خالل ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫التقليد ِّي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الواق ِع‬
‫�ة الت ِ‬
‫َّتريك‬ ‫كسياس ِ‬ ‫ات التي روج لها اليهود‪ِ ،‬‬
‫القومي ِ‬
‫ِ‬ ‫(‪ )4‬التأ ُّث ِر األعمى بِ ِسياس ِ‬
‫�ة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫بدء ظهور‬
‫المسيح َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عوب الب ِ‬
‫لقان‬ ‫وخاص ًة في ُش ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫االنفصال‪،‬‬ ‫وح َرك َِة‬
‫َّعريب َ‬‫ِ‬ ‫العلمنة‪ :‬إفراط والت‬
‫المسلمين في‬
‫العلمانِ َّي ِة‬
‫ند بِدَ عو ِة ِ‬
‫َ‬
‫الط العثماني والج ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫طانات الب ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫َّا‬
‫ك‬ ‫الح‬
‫ُ‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫العديد‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫ث‬ ‫تأ‬ ‫(‪)5‬‬ ‫االنبهار بعلمانية‬
‫ان مرح َل ِة‬ ‫�ة»‪ ،‬وهو ما كانت ت َُر ِّو ُج له الدُّ َو ُل األورو ِّب َّي ُة إِ َّب َ‬ ‫ين عن الدَّ و َل ِ‬ ‫ص�ل الدِّ ِ‬ ‫« َف ِ‬ ‫الغرب‬
‫ِ‬
‫رلمان‪.‬‬ ‫ات والدِّ يمقراطِ َّي ِة و َدو َل ِة ال َب‬
‫ناعي ِة من مفاهي ِم الحري ِ‬
‫ُ ِّ َّ‬
‫ِ‬
‫ال َّثورة ِّ‬
‫الص َّ‬

‫�ة ِخال َفت َِه‬


‫�ان مرح َل ِ‬ ‫الحمي�د ال ّثان�ي دو َل� َة الخال َف ِ‬
‫�ة إ ّب َ‬ ‫ِ‬ ‫ع�ز َز الخليف� ُة عبدُ‬
‫وق�د َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحز ٍم‪،‬‬ ‫ياس� َة األورو ِّب َّي� َة واليهود َّي َة بِ َثب�ات َ‬
‫الس َ‬‫وواج� َه ِّ‬‫َ‬ ‫العدي�دة‬ ‫باإلصالح�ات‬
‫اإلجبار ِّي في السادس من‬ ‫ِ‬ ‫تنازل ِ ِه‬
‫َّوازن ُمدَّ َة ِخال َفت َِه حتى ُ‬
‫واستطاع أن ُيعيدَ لها الت ُ‬
‫َ‬
‫بدء ظهور‬
‫العلمانية وفصل ربيع اآلخر عام ‪ 1327‬هـ (‪ 1909 /4/27‬م) لالتحاديين‪.‬‬
‫الدين عن الدولة‬
‫الدونم َّي ِة دخل العا َل ُم‬
‫ِ‬ ‫اليهود َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫والحبك َِة‬
‫َ‬
‫القائ ِم على ِ‬
‫الخدا ِع‬ ‫القس�ري ِ‬
‫ِ ِّ‬ ‫وبتنازل ِ ِه‬
‫ُ‬ ‫مع سقوط القرار‬
‫الحك ِم و َق ِ‬
‫رار‬ ‫ق�رار ُ‬ ‫ِ‬ ‫القرار ِ‬
‫ين ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫خطير ًة في مس�توى‬‫َ‬ ‫واإلسلامي مرح َل ًة‬
‫ُّ‬ ‫�ي‬‫ال َع َربِ ُّ‬ ‫اإلسالمي‬

‫‪204‬‬
‫المدَ ون ََم ِة(((‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وتداعيات ما ُس ِّمي بالخالفة ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العل ِم‪ ،‬وظهرت ُ‬
‫آثار‬

‫عبدالحميد ال َّثاني من ع�ا ِم ‪ 1879‬وانتهى عام ‪ 1909‬م ودا َم‬ ‫ِ‬ ‫وكان ُمبتَ�دَ ُأ ُحك� ِم‬
‫نبذة عن السلطان‬
‫واألز ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمتاع ِ‬ ‫الس�ل َطنَ ُة ُمث َق َل ًة‬
‫عبدالحميد الثاني‬ ‫مات‪ ،‬فقام‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫حكمه ثالث ًة وثالثي َن عام ًا‪ ،‬حيث كانت َّ‬ ‫ُ‬
‫والس�ك َِّة الحديد َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫بِ ُم ِه َّم�ة الخال َف�ة ف�ي عهده و َعم َ�ل على زيا َدة نَش�اط ال ُعم�ران ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫الجام َع َة اإلسلام َّي َة لِ َل ِّم‬


‫ِ‬ ‫والش�ا ِم وأنش�أ‬ ‫جاز ّ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬
‫وإنش�اء َخ ِّط ِ‬ ‫الم َت َعدِّ َد ِة‬ ‫والمرافِ ِ‬
‫�ئ ُ‬
‫س‪ ،‬وفي عام‬ ‫ِ‬
‫والدسائ ِ‬ ‫ث العا َل ِم اإلسالمي ووقوفِ ِه ص ّف ًا واحد ًا أمام المؤام ِ‬
‫رات‬ ‫َشع ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫عبدالحميد إنشا َء‬‫ِ‬ ‫‪ 1897‬م َعر َض ِهرتِزل م َؤسس الدَّ و َل ِة الصهيونِي ِة على الس ِ‬
‫لطان‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫يون الدَّ و َل ِة وتقدي ِم َمب َل ٍغ‬ ‫َسديد كا َّف ِة د ِ‬
‫ُ‬
‫هود في فِ َلسطِين و َتعهدَ له بِت ِ‬
‫َ َّ‬
‫القومي للي ِ‬
‫ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫الو َط ِن‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َص الوثيقة‪.‬‬ ‫ور َّد عليه ‪ ،‬وهذه صورة عن ن ِّ‬ ‫ب َ‬ ‫لطان ال َّط َل َ‬
‫الس ُ‬ ‫للسلطان‪َ ،‬فر َف َض ُّ‬ ‫كبير ُّ‬

‫(( ( ويطل�ق ه�ذا التعريف على المرحلة الخطيرة التي تولى فيها االتحاديون سياس�ة األمور ومن‬
‫ارتبط بهم ونهج منهجهم من يهود الدونمة في تسييس قرار الخالفة اإلسالمية وتمزيق دولته‬
‫الواسعة وإلهاب نار الفتنة القومية بين األتراك والعرب وما ترتب على ذلك من ثورة الشعوب‬
‫العربية ضد األتراك وسياستهم‪ ،‬والوقوع بسبب ذلك في مخطط االستعمار ووعوده الكاذبة‪،‬‬
‫مم�ا أدى إل�ى الفصل بين القرار اإلسلامي العالمي وبين العرب الثائري�ن ‪ ،‬وكان بها تمزيق‬
‫أوصال األمة وبدء استتباعها السياسي واالقتصادي للقرار العالمي الكافر‪.‬‬
‫وق�د بدأت الخالف�ة المدونمة بعد التن�ازل اإلجباري للس�لطان عبدالحمي�د الثاني عام‬
‫‪ 1909‬م ‪ ،‬وانتهت بإلغاء أتاتورك للخالفة عام ‪ 1924‬م ‪ ،‬وفي هذه السنوات الخمسة عشر‬
‫ظهرت سياسة التتريك (‪ 1911‬م) التي كانت أحد مولدات التيار العربي القومي‪ ،‬ودخلت‬
‫الدول�ة العثمانية في الحرب العالمية األولى (‪ 1914‬م) إلى جانب ألمانيا‪ ،‬ووقعت مذابح‬
‫العثمانيين لألرمن (‪ 1915‬م) ‪ ،‬وفي اإلجمال فقد أشرف الدونمة على قرارات ‪ 3‬سالطين‬
‫عثمانيين‪ :‬محمد الخامس ‪ ،‬محمد السادس ‪ ،‬وعبدالمجيد الثاني الذي ألغيت الخالفة في‬
‫عهده إلغاء رس�ميا عام ‪ 1924‬م‪ .‬وعلى وجه التدقيق فيها فقد دا َمت س�يطرة الدونمة على‬
‫ٍ‬
‫س�نوات َبي َن عا َم�ي (‪1909‬م‪1919 -‬م) ‪ .‬ثم ‪ 5‬س�نوات رضخ�ت فيها تركيا‬ ‫القرار عش�ر‬
‫لحكم عساكر الحلفاء بقيادة بريطانيا (‪1919‬م‪1924 -‬م)‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫رد السلطان عبدالحميد الثاني على هرتزل مؤسس الصهيونية‬

‫‪206‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�لطان‬ ‫ول األورو ِّب َّي ُة (فرنس�ا ‪ ،‬انكلترا ‪ ،‬روس�يا) غاض َب ًة من َع َم ِل ُّ‬
‫الس‬ ‫وكان�ت الدُّ ُ‬
‫اس�تانبول وبغ�دا َد أللمانيا‪ ،‬فدَ َأ َبت‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الواصل بين‬ ‫الحديدي‬ ‫الخ ِّ‬
‫�ط‬ ‫ِ‬
‫امتيازات َ‬ ‫لِ َم ِ‬
‫ن�ح‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫إلعلان ِ‬
‫ِ‬ ‫الس ِّ�ر َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫�ر الم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صيان‪،‬‬ ‫الع‬ ‫عار َض�ة و َمدِّ ها بالمعونات ِّ‬ ‫عل�ى تحريك العناص ِ ُ‬
‫اليهود الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ناوء ٌة للس ِ‬
‫تظاه ِرين باإلسال ِم على‬ ‫ُ‬ ‫بعض‬ ‫لطان ‪ ،‬وكان ُ‬ ‫أحزاب ُم ِ َ ُّ‬‫ٌ‬ ‫وتأس َست‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫واألكراد واألر َم ِن‬ ‫ومي ِ‬
‫�ة لدى ال َع َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫وح ال َق َّ‬
‫الر ِ‬‫المفس�دين‪ ،‬إضا َف ًة إلى تَغذ َية ُّ‬
‫رأس ُ‬
‫غر َض ًة ومنها‬‫ش�عارات إصالح َّي ًة ُم ِ‬‫ٍ‬ ‫َّخ َذت لها‬ ‫ٍ‬
‫وأحزاب ات َ‬ ‫ِ‬
‫واألرن�اؤوط‬ ‫راكس ِ‬
‫�ة‬ ‫َّ ِ‬
‫والش َ‬
‫ستور وخرجوا‬‫ِ‬ ‫عو ِة للدُّ‬
‫(سلانيك) الذي س�عى إلى الدَّ َ‬
‫ِ‬
‫زب االتِّحاد والت ََّر ِّقي في ُ‬
‫ح ُ‬
‫ِ‬
‫ستور‪ ،‬كما كان لإلرسالي ِ‬ ‫ِ‬ ‫لطان على إعا َد ِة الدُّ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫في مظاهرات صاخبة م َّما َح َم َل ُّ‬
‫الس َ‬
‫الح ِ‬
‫نار ِ‬
‫وتأجي�ج لِ ِ‬ ‫َف�خ في الر ِ‬ ‫نص ِلي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قد‬ ‫ٌ‬ ‫ماد‬ ‫َّ‬ ‫ات ن ٌ‬ ‫س األجنَبِ َّي�ة وال ُق َّ‬
‫والم�دار ِ‬ ‫عث�ات‬ ‫وال َب‬
‫كالجام َع ِة اإلسالم َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والصرا ِع ِضدَّ الس ِ‬
‫لطان وما يدعو إليه‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬

‫(الح ِّر َّي ِة –‬ ‫ِ‬


‫ال عن الجام َعة اإلسلام َّية مب�ادئ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِّحاد والتَّر ِّق�ي بدي ً‬ ‫ور َف�ع ِح�زب االت ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫عات ‪ ،‬واخ َت َلقوا األخبار عن ُظل ِم الس ِ‬
‫لطان‬ ‫الش ِائ ِ‬ ‫ساواة) وأك َثروا حو َلها َّ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ال َعدل – ُ‬
‫م�ر) ُزور ًا وك َِذب� ًا و َكيدَ ًا‪،‬‬ ‫األح َ‬
‫�لطان َ‬ ‫َ‬ ‫(الس‬
‫ف ُّ‬ ‫الص ُح ُ‬ ‫أس�مت ُه ُّ‬‫َ‬ ‫والرعاي�ا و َق ِتله�م حتى‬ ‫َّ‬
‫العناصر بِ َخل ِع الس ِ‬
‫لطان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وتالح َقت حتى طا َل َبت هذه‬ ‫الف َت ُن‬‫وتنامت هذه ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫�وى لِ ِكتا َب ِة الت ِ‬ ‫ِ‬
‫�ي بما‬ ‫السياس ِّ‬ ‫َّاريخ ِّ‬ ‫األحزاب وال ُق َ‬
‫ُ‬ ‫�لطان تس�ا َب َقت‬ ‫ُ‬ ‫وعندما ُخل َع ُّ‬
‫الس‬
‫أن ِح�زب االت ِ‬
‫ِّحاد‬ ‫َ�ه‪ ،‬واع َت َبروا َّ‬ ‫وخال َفت ِ‬ ‫�لطان ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫والفتنَ� َة ِضدَّ َع ِ‬ ‫يخ�دم اإلث�ار َة ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫صر ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألم ِ‬ ‫الم ِنق ُ‬
‫الحمي�د ُّي = عهدُ‬ ‫الحمي�د ِّي (العه�دُ‬ ‫االس�تبداد‬ ‫�ة م�ن‬ ‫�ذ ل ُ َّ‬ ‫والتَّر ِّق�ي ه�و ُ‬
‫االعتراف بِ ِف َلسطِين كو َط ٍن َق ِ‬
‫وم ٍّي‬ ‫ُ‬ ‫الكار َثتان بعد ذلك ‪ :‬األولى‬ ‫ِ‬ ‫الحميد) ‪ ،‬وكانت‬ ‫ِ‬ ‫عبد‬‫ِ‬
‫َ‬
‫بالخال َف ِة ال َع َربِ َّي ِة ودفعوا به‬ ‫س�ين بعد أن و َعدوه ِ‬
‫َ‬ ‫ريف ُح ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫إس�قاط َّ‬ ‫ُ‬ ‫لليهود‪ ،‬والثانية‬‫ِ‬

‫ور ِة ِضدَّ هم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫حار َبة األتراك وإعالن ال َّث َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إلى ُم َ‬
‫اليهود َّي ِة في ُسلانيك ف�ي البلقان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص�ور‬ ‫�لطان ُو ِض َع ف�ي َأ َح ِد ال ُق‬ ‫ُ‬ ‫الس‬
‫�ع ُّ‬
‫ِ‬
‫ولم�ا ُخل َ‬

‫‪207‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َأ َحدُ‬ ‫راس� ُة في إقام�ة َج ِبر َّية‪ ،‬وكان من بي�ن ُ‬
‫الح َّر ِ‬ ‫(اليون�ان)‪ُ ،‬‬
‫وش�دِّ َدت عليه الح َ‬
‫طريق ِه ت ََّمت‬
‫لطان عبدالحميد ‪ ،‬وعن ِ‬ ‫يخ الس ِ‬ ‫ِ‬
‫يخ (اليشرطي) أبي الشامات َش ِ ُّ‬ ‫الش ِ‬ ‫أتبا ِع َّ‬
‫رسائ ِل الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫أل َّم ِة إحدى‬
‫مان ل ُ‬ ‫وح ِف َظ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لطان‬ ‫ُّ‬ ‫الز ُ‬ ‫�يخ َ‬ ‫�لطان َّ‬
‫والش ِ‬ ‫المواص َل ُة س ّ�ر ًا بين ُّ‬
‫الس‬
‫يخ ِه‪ .‬ومكث في منفاه تسع سنين حتى توفي في ‪ 28‬من‬ ‫المخلو ِع التي أرسلها إلى َش ِ‬

‫ستة وسبعي َن عام ًا رحمه الله‪.‬‬ ‫ربيع اآلخر عام ‪ 1336‬هـ (‪ 1918/2/10‬م) عن ٍ‬
‫أس�باب ن ِ‬
‫َكث‬ ‫ِ‬ ‫وأن َأ َّو َل‬
‫وعنا َيتَها به‪َّ ،‬‬ ‫وه�ذا ي َؤ ِّكدُ عال َق َة الدَّ و َل ِة العثمانِي ِة بالتَّصو ِف ِ‬
‫َ ُّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الخالفة ل ُيصبِ َح‬ ‫الق�رار في‬‫ِ‬ ‫إس�قاط َر ُج ِل‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلحس�ان‬ ‫هود لهذه األمان َِة وهي َمر َت َب ُة‬ ‫الع ِ‬
‫ُ‬
‫الئها‪ ،‬والذي َع ِم َل‬‫�ة و ُعم ِ‬
‫َ‬
‫�ة عند الصهيونِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫الحميدي ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫ف َأح�دَ تَبِ ِ‬
‫عات‬ ‫�و ُ َ‬ ‫الت ََّص ُّ‬
‫وصل إليه من‬ ‫�ه لِ َي ِص َل فيما بعدُ إلى ما َ‬ ‫أوراق ِ‬
‫ِ‬ ‫وخ ِ‬
‫لط‬ ‫حار َبتِه َ‬ ‫الجمي�ع فيما بعدُ على ُم َ‬‫ُ‬
‫والضال َل ِة)‪.‬‬
‫رك َّ‬ ‫بـ(الش ِ‬
‫ِّ‬ ‫تعريف ِه‬
‫ِ‬

‫‪208‬‬
‫رسالة السلطان عبدالحميد الثاني في المنفى إلى شيخه عام ‪ 1911‬م (باللغة التركية)‬

‫�﷽‬
‫العالمين وعلى آلِهِ‬
‫َ‬ ‫حمَّدٍ َرس���و ِل َر ِّب‬ ‫���ليم على َس���يِّدان م َ‬
‫ُ‬ ‫الصلاةِ وأَتَم ُّ التَّس ِ‬ ‫وأفضلُ َّ‬ ‫العالمين َ‬ ‫َ‬ ‫هلل َر ِّب‬ ‫الحمد ِ‬
‫ُ‬
‫وصح ِبهِ أجمعين والتَّابعين إلى يو ِم ال ِّد ِين‪.‬‬
‫وح والحياةِ‪ ،‬وإلى َش ِ‬ ‫فيض الر ِ‬ ‫العليَّةِ الش ِ ِ‬ ‫عريضتي هذه إلى َش ِ‬ ‫َ‬
‫���يخ أهل‬ ‫���اذليَّةِ‪ ،‬إل���ى ُم ِ ُّ‬ ‫الطيقَةِ ِ‬ ‫���يخ رَّ‬ ‫َ‬ ‫���ع‬
‫أرف ُ‬
‫الصال ِ َحةِ‪ .‬بعد ِ‬
‫تقديم‬ ‫راجيا َدعَواتِهِ َّ‬ ‫كـتَي ِن ً‬ ‫َّامات‪ ،‬و ُأقَبِّل ي َ َديهِ المبا َر َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّ���يخ محمود أفندي أبي الش ِ‬ ‫عَصرِهِ الش ِ‬

‫دت المولى وشكرتُهُ‬ ‫ح ِم ُ‬ ‫السنَةِ الحالية‪ ،‬و َ‬ ‫المؤرخَ في ‪ 22‬مارس من َّ‬ ‫َّ‬ ‫كـتَابَكم‬ ‫احترامي أعر ُِض أني تلقَّيت ِ‬
‫ُ‬
‫حة ٍ وسلام َة ٍ دائِمَتَي ِن‪.‬‬ ‫أنَّكم بِ ِص َّ‬
‫لت‬‫ونهارا‪ ،‬وأع���ر ُِض أنَّني ما ِز ُ‬ ‫َّ���اذلِيَّةِ ليلا ً ً‬
‫الأوراد الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫هللا تعالى مدا ِوم على قِرا َءةِ‬
‫ُ ٌ‬
‫���ق ِ‬ ‫وفي ِ‬ ‫َس���يِّدي ‪ِ :‬إنَّن���ي بِت َ ِ‬
‫حتاجا ل ِ َدعَواتِكم القل ِبيَّةِ بصو َرة ٍ دائِمَةٍ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُم‬
‫الس���ليمَةِ المس���ألَة َ الم ِهمَّة َ‬ ‫والعقو ِل َّ‬ ‫الس���ما َ ِ‬ ‫َ‬ ‫المق َ ِّدم َةِ أعر ُِض ل ِ َر َش���ا َدتِكم وإلى أمثالِكم‬
‫ُ‬ ‫حة ُ‬ ‫أصحاب َّ‬ ‫بعد هذه ُ‬
‫الآتِيَة َ كأمانَة ٍ في ِذمةِ الت ّ ِ‬
‫اريخ‪:‬‬ ‫َّ‬
‫جمعيَّةِ الات ِ‬ ‫ؤساء ِ‬ ‫ب الم َضايَقَةِ من ر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َِ‬ ‫َ َ‬
‫ِّحاد‬ ‫ُ‬ ‫إنَّني لم أتخل َّعن الخلافة الإسلاميَّة ل َسبَبٍ ما‪ ،‬سوى أنني ‪ -‬ب َسب ِ ُ‬
‫هؤلاء الات ِ‬
‫ِ‬ ‫رك ال ِخلاف���ةِ‪ .‬إنَّ‬ ‫رت على ت َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬
‫ِّحاديِّين قد‬ ‫ِرت و ُأج ِب ُ‬ ‫ٱضط ُ‬ ‫المرعوفة باِ س ِ���م (جون ت���ورك) وتهديدهم‪ -‬رُ‬
‫سطين)‪ ،‬و َرغم َ‬ ‫الأرض المقَدَّ َسةِ (فِل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لليهود في‬ ‫���يس َو َط ٍن ق َ ِ‬
‫وم ٍّي‬ ‫صاد َق على تأس ِ‬ ‫أَ َصروا وأَ َصروا عَلَي بأن ُأ ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫مليون ليرة ٍ‬ ‫َ‬ ‫قديم ‪ 150‬مائة وخمس���ين‬ ‫كليف‪ ،‬وأخيرا َوعَ���دوا بِت َ ِ‬ ‫طعيَّة ٍ ه���ذا الت َّ ِ‬ ‫إصرا ِره���م فلم أقبَ���ل بِصو َرة ٍ ق َ ِ‬
‫ً‬
‫ِ َ‬ ‫قطعيَّةِ ً‬ ‫كليف بِصو َرة ٍ ِ‬ ‫ضت هذا الت َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طعي الآتي‪( :‬إنَّكم‬ ‫الجواب الق ِّ‬ ‫أيضا‪ ،‬وأجبتُهم بهذا‬ ‫إنجليزيَّة ٍ ذهَ ًبا‪ ،‬فرف ُ‬
‫رض َذهَ ًبا ‪ -‬فَضلا ً عن ‪ 150‬مائة وخمس���ين مليون لي���رة ٍ إنجليزيَّة ٍ َذهَبا ‪ -‬فلن أقبَل َ بِت َ ِ‬
‫كليف ُكم‬ ‫ل���و َدفَعتُم ِمل َء الأَ ِ‬
‫ً‬
‫���ود صحائِ َف‬ ‫يزيد عن ثلاثين َس���نَة ً فلم ُأ َس ِّ‬ ‫مت الِملَّة َ الإس���لاميَّة َ والم َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫قطعي‪ ،‬لقد خ َد ُ‬ ‫هذا بوجه ٍ‬
‫حمَّديَّة ما ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬

‫‪209‬‬
‫أيضا)‪.‬‬ ‫فاء العثمانِيِّين‪ ،‬لهذا لن أقبَل َ تكليفَ ُكم بوجه ٍ ق َ ِ‬
‫طع ٍّي ً‬ ‫الس���لاطي ِن وال ُخل َ ِ‬‫المس���لمين آابئي وأجدادي من َّ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ ِ‬
‫كليف‬‫لت بهذا الت َّ ِ‬ ‫(سلانيك) فق َ ِب ُ‬ ‫ِ‬
‫وبعد جوابي القطع ِّي اتَّفقوا على خلعي‪ ،‬وأبلغوني أنهم َس ُيبعدونَني إلى ُ‬
‫ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ي بهذا العا ِر‬‫العثمانيَّة والعالم َ الإسلام َّ‬‫دت المولى وأحم َُده أنَّني لم أقبَل بأن ُأل ِّطخ الدَّولة ُ‬ ‫ح ِم ُ‬ ‫الأخي ِر‪ .‬هذا و َ‬
‫يهوديَّة ٍ في الأراضي المقَدَّ َس���ةِ فلس َ‬ ‫تكليفهم بإقام َةِ َدولَة ٍ ِ‬ ‫َ‬
‫���طين… وقد كان بعد ذلك ما‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫���ئ عن‬ ‫اش ِ‬ ‫الأب َ ِد ِّ‬
‫ي الن َّ ِ‬
‫ِ‬
‫الموضوع‬ ‫كاف في هذا‬ ‫هللا المتَعا ِل‪ ،‬وأعت َ ِق ُد أنَّ ما عرضتُ���هُ ٍ‬ ‫حم َد والثَّنا َء عل���ى ِ‬ ‫كان‪ ،‬ول���ذا فإنَّنِ���ي أُكرَ ُِّر ال َ‬
‫ُ‬
‫ضلوا بِقَبو ِل احتِرامي ب ِ َسلامي‬ ‫رح ُم أن تَتَفَ َّ‬ ‫الهامِّ‪ ،‬وبه أختِم ِرسالَتي هذه‪ .‬أَلثُم ي َ َدي ُكم المبا َركَتَي ِن‪ ،‬وأرجو وأست َ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والأصدقاء‪ِ.‬‬ ‫ميع الإخوا ِن‬ ‫ج ِ‬ ‫على َ‬
‫���ت عليكم الت َّ ِحيَّةَ‪ ،‬ولكن َدفَعَني لهذه الإطالَةِ أن ن ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لما‪،‬‬ ‫حتَكم ِع ً‬ ‫حيط س���ما َ‬ ‫المعَظَّ ُم لقد أ َطل ُ‬ ‫اي ُأس���تاذي ُ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫لما ً‬ ‫حيط جماعَتَكم بذلك ِع ً‬ ‫ون ُ َ‬
‫والسلام عليكم ورحمةُ هّٰ ِ‬
‫للا وبركاتُهُ‬ ‫ُ‬
‫في ‪ 22‬أيلول ‪1329‬‬
‫َ‬
‫المسلمين‬ ‫ِ‬
‫خاد ُم‬
‫ِ‬
‫المجيد‬ ‫الحميد بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫عبد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪210‬‬
‫ثاء والوهنِ من واقِ ِع فِقهِ‬
‫التحولات‬
‫ُّ‬ ‫قِراءةُ رمحلةِ ُ‬
‫الغ ِ‬
‫رة ‪ ،‬ولها ارتِ ٌ‬ ‫عاص ِ‬ ‫شار إ َليها هي مرحل ُة حياتِنا الم ِ‬‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِما َّ‬
‫وثيق‬
‫باط ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أن مرحل َة ال ُغثاء ُ‬
‫قه التحو ِ‬
‫الت ‪،‬‬ ‫الس�اعة الوس�طى والصغرى وما يتفرع عنها من مفاهي ِم فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعالمات‬
‫ُّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫فصل ًة ‪ ،‬فيبقى ع َلينا أما َم ذلِ َك‬ ‫واآلثار ُمجمل ًة و ُم َّ‬
‫َ‬ ‫األخبار‬
‫َ‬ ‫النبي ‪m‬‬‫بسط ُّ‬ ‫وفي شأنِها َ‬
‫الحك ِم‬
‫ُّصوص ‪ ،‬سوا ٌء في ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح ِم َن الن‬
‫ِ‬ ‫وق ِعه‬
‫الزمن ال ُغثائي ووضعه في م ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ترتيب‬
‫ُ‬
‫تاريخ التحو ِ‬
‫الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مومها ؛ لأِ َّن مرحل َة ال ُغثاء مرحل ٌة مفصل َّي ٌة في‬
‫الحياة بِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم ِ‬
‫أو‬ ‫أو ِ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫تفصل‬ ‫ُك ِّلها ‪ ،‬ولها أهمي ٌة عظيم ٌة في كا َّف ِة ُشؤونِها المتحو ِلة والمتحص ِ‬
‫لة ‪ ،‬وتكا ُد أن‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫األبوي‬ ‫ِ‬
‫التاريخ‬ ‫قرار ِ‬
‫العل ِم » ثان ًيا ـ َبي َن‬ ‫الحك ِم » أولاً ‪ ،‬و« ِ‬ ‫تما ًما ـ في شأنَي ‪ِ « :‬‬
‫ِّ‬ ‫قرار ُ‬
‫الوضعي‬
‫ِّ‬ ‫األنوي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫التاري�خ‬ ‫وأهله برغ� ِم اختالفِهم ‪ ،‬وبي َن‬‫س�ند بِرجالِه ِ‬
‫الش�رعي الم ِ‬
‫ِّ ُ‬
‫وسد األمر‬‫إذا ِّ‬
‫إلى غَير أهله‬ ‫عن الهوى ‪m‬‬‫أهله ‪ ،‬كما ع َّب َر عن ذلِ َك َمن ال ينطِ ُق ِ‬
‫غير ِ‬ ‫األمر ِ‬
‫بيد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسقوط‬ ‫وس ِد‬
‫الم َّ‬
‫ُ‬
‫وكيف إضاعتُها‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األمانة ـ ُمجي ًبا على َمن سأ َله ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الساعة وتضيي ِع‬ ‫ِ‬
‫عالمة‬ ‫في قولِه عن‬
‫قال ‪ « :‬إذا وسدَ األمر إلى َغ ِير ِ‬
‫أهله »((( ‪.‬‬ ‫؟ـ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬

‫َّوس�يد » وبلف�ظ « اإلس�ناد » كم�ا هو ف�ي صحيح البخ�اري برقم‬ ‫ِ‬ ‫((( الحدي�ث ورد بلف�ظ « الت‬
‫(‪ ،)6015‬ع�ن أب�ي هريرة ؤ قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪« : m‬إذا ُض ِّي َع�ت األمان ُة فانتظِ ِر‬
‫أهله فانتظِ ِر‬
‫الس�اع َة» ‪ .‬قال ‪ :‬كيف إضاعتها يا رس�ول الله ؟ قال ‪« :‬إذا ُأس�نِدَ األمر إلى َغ ِير ِ‬
‫ُ‬
‫الساع َة» ‪.‬‬
‫وف�ي ِ‬
‫«فتح الباري» البن حجر ‪ :‬قال الكرمان�ي ‪ :‬أجاب عن كيفية اإلضاعة بما يدل على‬
‫المذكور ‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫الجواب ؛ ألنه يل�ز ُم منه ُ‬
‫بيان أن كيفيتَها هي اإلس�نا ُد‬ ‫َ‬ ‫يتضمن‬
‫َّ‬ ‫الزم�ان ؛ ألن�ه‬
‫تقدّ م هناك بلفظ « ُو ِّس�دَ » مع ش�رحه ‪ ،‬والمراد من «األمر» جنس األمور التي تتعلق بالدين‬
‫أهله» قال الكرمانِي ‪ :‬أتى‬
‫كالخالفة واإلمارة والقضاء واإلفتاء وغير ذلك ‪ ،‬وقوله ‪«:‬إلى َغ ِير ِ‬
‫بكلمة «إلى» بدل الالم ؛ ليدل على تضمين معنى اإلسناد‪.‬‬
‫قوله ‪ « :‬فانتظر الس�اعة » ‪ ،‬الفاء للتفريع ‪ ،‬أو جواب ش�رط محذوف‪ ،‬أي ‪ :‬إذا كان األمر‬

‫‪211‬‬
‫الت في‬‫التعليل خطير وهام ِجدًّ ا ِجدًّ ا ِعن�دَ ِقراءتِنا لِلتحو ِ‬‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫جاز ًم�ا َّ‬ ‫ِ‬
‫وأعتق�دُ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫تاريخه‬ ‫عر َفها اإلسلا ُم ف�ي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المرحل�ة ‪ ،‬ويكاد أن ِ‬ ‫ِ‬
‫أخطر ُمؤامرة َ‬ ‫�ف ع�ن‬ ‫يكش َ‬ ‫ُ‬ ‫ه�ذه‬
‫الش�يطان والدَّ َّج ُال والك ُ‬
‫ُفر‬ ‫ُ‬ ‫تاريخ�ي غنِ َمه‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫مكس�ب‬ ‫أهم‬
‫�ف عن ِّ‬ ‫يكش ُ‬‫األبوي ‪ ،‬كما ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آالف‬
‫اإلرهابي َ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫المخل�وق‬ ‫انتظره‬
‫�دار الذي َ‬ ‫األن�وي ‪ ،‬وبد َأ بِه االنح ُ‬
‫ِّ‬ ‫تاريخهما‬ ‫ف�ي‬
‫عهد ِ‬
‫«الح ِ‬
‫وار‬ ‫والشيطان ‪ ،‬إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫الحق ُسبحانَه‬ ‫األو ِل » َبي َن ِّ‬ ‫الح ِ‬ ‫عهد « ِ‬ ‫منذ ِ‬ ‫السنين ُ‬
‫وار َّ‬
‫س�مى «‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ديني َبي َن ِ‬ ‫وار اللاَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحت ُم َّ‬
‫األديان َ‬ ‫وأهل‬ ‫الحضارات‬ ‫أهل‬ ‫ُّ‬ ‫األخير»‪ ،‬وهو الح ُ‬
‫ِ‬
‫الحضارات » ‪.‬‬ ‫وار‬ ‫ِ ِ‬
‫تقارب الديانات وح ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫المحاورون ِم�ن كال الطر َفين في‬
‫ِ‬ ‫ي�س كما يبدو ‪ ،‬وال كم�ا يتناو ُله‬
‫المرحلة‬ ‫فاألم�ر َل َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫تحقيقه لرس� ِم السال ِم‬ ‫المعاص ِ‬
‫رة ‪ ،‬س�وا ٌء كانوا ُمخلصين فيما ذه ُبوا إ َليه واجتهدُ وا في‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫والدولية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلقليمية‬ ‫أطراف ال ُّل ِ‬
‫عبة‬ ‫ِ‬ ‫العالمي ‪ ،‬أو كانوا ُم َس َّيسين و ُمهندسين أساس ِّيين في‬
‫ِّ‬
‫السمع وهو شهيدٌ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫لمن ألقى‬
‫َوني َ‬ ‫ٌ‬
‫مفصل ها ٌّم وخ َط ٌير في التاريخِ الك ِّ‬ ‫فالمرحل ُة ُك ُّلها‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بإدراك أو بِ َغ ِير‬ ‫نحو « ُج ِ‬ ‫الس ِير‬
‫وبديانة‬ ‫إدراك ‪،‬‬ ‫الضب »‬
‫ِّ‬ ‫حر‬ ‫اإلجباري َ‬
‫ِّ‬ ‫إنها مرحل ٌة َّ‬ ‫مرحلة السير‬
‫ِ‬
‫األخير ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المصير‬ ‫نح�و‬ ‫وكرها‬ ‫فالجمي�ع ُيح َّفزون َطو ًعا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اإلجباري نحو ش�رعية أو خيان�ة وضعية ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫موعودة ‪.‬‬ ‫سات‬‫إيجابية وتن ُّف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫المرحلة ِمن مقاطِ َع‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يكون في‬ ‫عما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الضب‬
‫ِّ‬ ‫ُجحر‬
‫النظر َّ‬ ‫بصرف‬

‫س�تفتح آفا ًقا جديد ًة‬ ‫ِ‬


‫اإليجابية‬ ‫فهمها وتت ُّب ِع ثمراتِها‬
‫العبارات ِعندَ ِ‬
‫ِ‬ ‫وأجز ُم أن هذه‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فِقه التحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُوج ُه أقال ًما وثقافات إلى مسارها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلسالمي ‪ ،‬كما س�ت ِّ‬
‫ِّ‬ ‫اإلنس�اني‬
‫ِّ‬ ‫التاريخ‬ ‫يفتح آفاقا جديد ًة في قراءة‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫وثقافات‬ ‫وستدفع بأقال ٍم ُأخرى‬ ‫التاريخ األبوي الشرعي الم ِ‬
‫سند ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح في ِ‬
‫كتابة‬ ‫ِ‬
‫في قراءة التاريخِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫نقض‬ ‫عوب من‬‫الش ِ‬ ‫قدر ال َّل ِه في ُّ‬ ‫ِ‬
‫الرفض ُ‬ ‫ِ‬
‫رفض هذه المعاني ؛ لين ُف َذ بهذا‬ ‫عقرى إلى‬

‫كذلك فانتظِر ‪ .‬قال ابن ب ّطال ‪ :‬معنى « ُأس�نِدَ األمر إلى َغ ِير ِ‬
‫أهله » أن األئمة قد ائتمنهم الله‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫على عباده ‪ ،‬وفرض عليهم النصيحة لهم ؛ فينبغي لهم تولي ُة أهل الدين ‪ ،‬فإذا قلدوا غير أهل‬
‫الدين ؛ فقد ضيعوا األمانة التي قلدهم الله تعالى إياها ‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫صحيح‬ ‫النبي ‪ m‬في‬
‫س�ماه ُّ‬
‫وس�د ‪ ،‬كما َّ‬
‫الم َّ‬
‫الوضعي ُ‬
‫ِّ‬ ‫األنوي‬
‫ِّ‬ ‫اله ِ‬
‫يكل‬ ‫األمان�ة وبِناء َ‬
‫قه التحو ِ‬
‫الت ‪.‬‬ ‫األحاديث الخاص ِة ِبف ِ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫أشباههم‬ ‫ِ‬
‫بالدين على‬ ‫المترس�مين‬ ‫ِ‬
‫تطاول‬ ‫الش�رعي س�ب ًبا في‬ ‫الف ِ‬
‫قه‬ ‫كان غياب هذا ِ‬
‫إذ َ‬
‫الف ِ‬
‫قه‬ ‫ِغياب ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإللح�اد والك ِ‬ ‫كان س�ببا في ُط ِ‬
‫غيان ِ‬
‫مدار ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الشرعي‬
‫ِّ‬ ‫ُفر‬ ‫ِّ‬
‫الش�ك‬ ‫س‬ ‫وأمثاله�م م� َن المص ِّلين ‪ ،‬كما َ ً‬
‫جرأَ‬ ‫ِ‬
‫للتحوالت َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫والمس�تثم ِر ‪ ،‬حتَّى غدا‬ ‫المس�تعم ِر والمس�تهتِ ِر‬‫ِ‬ ‫صفوف ِ‬
‫األمة بدف ِع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫واختراقها‬ ‫والن ِ‬
‫ِّفاق‬
‫المترسمين على‬ ‫ِّ‬
‫اس�تقرارا إلاَّ بم�ا ترضاه ُقوى‬ ‫ق�رارا وال ُيح ِّق ُق‬ ‫ِ‬
‫المصلين‬‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫واإلسلامي ال يمل ُك ً‬
‫ُّ‬ ‫العرب�ي‬
‫ُّ‬ ‫العال�م‬
‫ُ‬
‫يفوت على‬
‫َ‬ ‫ستضعفة ‪ ،‬ولِئلاَّ‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫عوب ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫يمنة على مجمو ِع ِ‬
‫حياة ُّ‬ ‫العالمية المه ِ‬
‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحركة‬
‫ِ‬
‫الش�أن فقد وض َعنا‬ ‫فات على من س�ب َقهم في هذا‬ ‫رة ما َ‬ ‫المعاص ِ‬
‫ِ‬ ‫س�لمين في مرحلتِنا‬ ‫الم ِ‬
‫ُ‬
‫ثاء وما تالها ‪،‬‬‫لمرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�رعي‬ ‫هاهنا اس�تقرا ًء كاملاً لِما وص َفه ‪ m‬من تقس�ي ٍم‬
‫ٍّ‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ي ِ‬ ‫وفِيها ُ‬
‫مم كما تداعى األكل ُة‬ ‫�ك أن تداعى ع َليكم األُ ُ‬ ‫وش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقول‬
‫كثير ‪،‬‬ ‫ٍِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬
‫َ‬ ‫عل�ى قصعتِه�ا » ‪ .‬قالوا ‪ِ :‬أمن ِق ٍ‬
‫ق�ال ‪ « :‬ال أنتم يومئذ ٌ‬ ‫لة نحن يا‬
‫رسول ال َّل ِه؟‬
‫َ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يكم الوه ُن » ‪ .‬قالوا ‪ :‬وما الوه ُن يا‬ ‫يل ُيلقى ع َل ُ‬ ‫ولكنَّكم ُغثا ٌء ك ُغثاء َّ‬
‫دور‬ ‫ٍ‬
‫رواي�ة ‪ « :‬وت َُنز ُع المهاب ُة من ُص ِ‬ ‫ق�ال ‪ « :‬ح�ب الدنيا وكراهي ُة الم ِ‬
‫وت »((( ‪ .‬وفي‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫أعدائكم »((( ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الغثائية من‬
‫قصعة‬ ‫مم كتداعيكم على‬ ‫يكم األُ ُ‬
‫ثوبان ‪ ،‬إذا تدا َعت ع َل ُ‬
‫ُ‬ ‫كيف َ‬
‫بك يا‬ ‫رواية ‪َ « :‬‬ ‫وفي‬
‫حديث ثوبان‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ِأمن ِق ٍ‬
‫لة بنا؟ َ‬ ‫َ‬ ‫أنت وأمي يا‬ ‫ُ‬
‫ثوبان‪ :‬بأبي َ‬ ‫الطعا ِم يصيبون ِمنه »‪َ .‬‬
‫قال‬
‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫َ‬
‫رس�ول‬ ‫كم الوه ُن » ‪َ .‬‬
‫قال ‪ :‬وما الوه ُن يا‬ ‫كثير ‪ ،‬ولكن ُيلقى في قلوبِ ُ‬ ‫« ال أنتم يومئذ ٌ‬
‫لق ِ‬
‫تال » ((( ‪.‬‬ ‫قال ‪ « :‬حبكم للدُّ نيا وكراهيتُكم لِ ِ‬
‫ال َّل ِه ‪َ ،‬‬
‫ُّ‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4299‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)23060‬‬
‫((( مسند أحمد (‪.)8947‬‬

‫‪213‬‬
‫ب األُم ِم على اإلسال ِم‬ ‫وغيره يتحدَّ ُد االستقرا ُء بتكا ُل ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث ِ‬ ‫ِ‬
‫النظر إلى هذا‬ ‫ِ‬
‫وعندَ‬
‫االس�تعمار ‪ ،‬ولأِ ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫ثمانية ِ‬
‫وبدء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخالفة ال ُع‬ ‫ِ‬
‫نقض‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫س�لمين ِخ َ‬
‫الل‬ ‫والم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫التداعيات‬ ‫معرفة أقس�ا ِم ه�ذه‬ ‫عديدة فال ُبدَّ من‬ ‫بتداعيات‬ ‫ه�ذه المرحل َة قد َّ‬
‫م�رت‬
‫ِ‬
‫النحو التالي ‪:‬‬ ‫على‬

‫‪214‬‬
‫الغثائيةِ‬
‫الشرعي للمرحلةِ ُ‬
‫ُّ‬ ‫التقسيم ُّ‬
‫وهرب‬
‫ٌ‬ ‫حرب‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫األحالس‬ ‫(‪ )1‬مرحل ُة‬
‫ِ‬
‫األحالس‬ ‫مرحل ُة‬
‫والمؤامر ُة على‬
‫وكان ُمبتدَ ُأ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الخالفة‬ ‫قرار‬ ‫ِ‬
‫حامية ِ‬ ‫ِ‬
‫العلي�ة‬ ‫ِ‬
‫الدولة‬ ‫ِ‬
‫ضعف‬ ‫وه�ي مرحل� ُة‬
‫ِ‬
‫ِتركة ُ‬
‫الرج ِل‬
‫ِ‬
‫المريض‬ ‫الداخلي ـ على‬
‫ِّ‬ ‫مع خالفِها‬
‫ول أوربا ـ َ‬
‫ِ‬
‫األوربية وات ِ‬
‫ِّفاق ُد ِ‬ ‫ِ‬
‫للنهض�ة‬ ‫عاص ًرا‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الضع�ف م ِ‬

‫وأطلق األوربيون على هذا االتِّفاق « المس�أل َة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫ثمانية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الدول�ة ال ُع‬ ‫ِ‬
‫تفكيك وتقس�ي ِم‬
‫الش�رق ِم�ن أوربا ‪ .‬اه�ـ ‪ .‬وع َّب َر عنها‬
‫ِ‬ ‫ع�ة في‬‫الواق ِ‬
‫ول ِ‬ ‫الش�رقي َة » ‪ ،‬أي ‪ :‬مش�كل َة ال�دُّ ِ‬
‫ِ‬
‫األحالس » ‪.‬‬ ‫الحديث بـ « فِ ِ‬
‫تنة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتمويه ‪ .‬وهذه‬ ‫الخفاء‬ ‫الثياب إشار ًة إلى‬ ‫بس ُط َ‬
‫تحت‬ ‫« والح ْل ُس » في اللغة ‪ :‬ما ُي َ‬
‫األحداث ـ المرحل ُة الت�ي تحركَت فِيها ُقوى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس�تقراء‬ ‫حس�ب‬ ‫المرحل ُة يبدو أنها ـ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الرجل‬ ‫وإطالق مس�مى « ِتر ِ‬
‫كة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصناعي�ة‬ ‫ِ‬
‫الثورة‬ ‫ِ‬
‫ظه�ور‬ ‫األورب�ي ُب َعيدَ‬ ‫ِ‬
‫االس�تعمار‬
‫ُ َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والمؤامرات‬ ‫طط‬ ‫واإلسلامي ‪ ،‬وبدْ ِء وض ِع ُ‬
‫الخ ِ‬
‫ِّ‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬
‫المريض » على ِ‬
‫بالد العال ِم‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫االس�تراتيجية ‪ ،‬من‬ ‫ومواق ِعه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالس�تيالء عل�ى ثرواتِ�ه‬ ‫ِ‬
‫السياس�ية‬ ‫لتفكي�ك وحدتِه‬
‫ِ‬
‫لدراسة ِ‬
‫الواق ِع‬ ‫ِ‬ ‫بلوماس�ي‬
‫ِّ‬ ‫السياس�ي الدُّ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫والعمل‬ ‫االستش�راقي ‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫النش�اط‬ ‫خالل بدْ ِء‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الحرية‬ ‫ِ‬
‫الدعوة إلى‬ ‫ِ‬
‫مطلب‬ ‫والمؤامرات فيه ‪ ،‬بِ ِ‬
‫إثارة‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬
‫تن‬ ‫وبذر ِ‬
‫واإلسالمي ‪ِ ،‬‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الثقافية‬ ‫ِ‬
‫الحضارية كالعل�و ِم‬ ‫ِ‬
‫الحي�اة‬ ‫ِ‬
‫وإدخال ُعل�و ِم‬ ‫ِ‬
‫القان�ون ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وس�يادة‬ ‫ِ‬
‫والمس�اواة‬
‫ِ‬
‫والديانة ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫كذريعة لهد ِم القي ِم‬ ‫ِ‬
‫والعسكرية ِ‬
‫وغيرها‬ ‫ِ‬
‫والزراعية‬ ‫ِ‬
‫والصناعية‬
‫ِ‬
‫العربية كما‬ ‫ِ‬
‫البلاد‬ ‫ِ‬
‫أطراف‬ ‫البرتغالي على‬ ‫الغ�زو‬ ‫ِ‬
‫المرحلة بد َأ‬ ‫أو ِل ه�ذه‬
‫ِ‬
‫الغزو‬ ‫بدء‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وف�ي َّ‬
‫ُغالي‬
‫ِّ‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ال ُب‬
‫قائل ‪ :‬وما فِتن ُة‬ ‫الحديث ِمن قولِه ‪َ : m‬‬
‫فق�ال ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ير معنى‬ ‫ك�ره ‪ ،‬وإلى َ‬
‫ذلك ُي ُ‬
‫َ ِ‬
‫س�بق ذ ُ‬
‫ِ‬
‫هجمات‬ ‫ين في‬ ‫والحرب كانا ِ‬
‫بار َز ِ‬ ‫واله�رب‬ ‫وحرب » ‪.‬‬ ‫هرب‬ ‫ِ‬
‫األحلاس ؟ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫قال ‪ٌ « :‬‬

‫‪215‬‬
‫ُ‬
‫وحديث ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الس�يطرة ع َليه�ا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العربي�ة طم ًع�ا في‬ ‫ِ‬
‫البلاد‬ ‫ِ‬
‫س�واحل‬ ‫ال ُبرتُغاليي�ن عل�ى‬
‫وهرب ‪ُ ،‬ث َّم بعدها فِ َت ٌن‬
‫ٌ‬ ‫حرب‬
‫ٌ‬ ‫يكون فِيها‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األحالس)‬ ‫«ستكون بعدي فِ َت ٌن ِمنها (فِتن ُة‬ ‫ُ‬
‫بيت إلاَّ دخ َلته ‪،‬‬ ‫قيل انقط َعت عا َدت ‪ ،‬حتَّى ال يبقى ٌ‬ ‫تكون فِتن ٌة ُك َّلما َ‬
‫ُ‬ ‫أش�دُّ ِمنها ‪ُ ،‬ث َّم‬
‫(((‬
‫رجل ِمن ِعت َْرتي »‬
‫يخرج ٌ‬
‫َ‬ ‫مسلم إلاَّ سكَّته حتَّى‬ ‫ٌ‬ ‫وال‬

‫وط�ول ُلبثِها ‪ُ ،‬يقال‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لدوامها‬ ‫ِ‬
‫األحلاس‬ ‫�ت ِ‬
‫الفتن ُة إلى‬ ‫ق�ال الخطاب�ي ‪ :‬إنَّما ُأضي َف ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫معنى الحلس‬
‫ِ‬ ‫لأِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للرج ِ‬
‫فترش ‪،‬‬‫يبرح منه ‪ « :‬ه�و ح ْل ُس بيت�ه » ‪ .‬ن الح ْل َس ُي َ‬
‫كان يل�ز ُم بيتَ�ه ال ُ‬ ‫�ل إذا َ‬ ‫ُ‬
‫طول ُلبثِها اس�تمرار ُخ ِ‬
‫طط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المكان ما دا َم ال ُير َف ُع((( ‪ .‬والمقصو ُد من‬ ‫فيبق�ى عل�ى‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المؤامرة االستعمارية ‪ ،‬مرحل ًة بعدَ ُأخرى ‪ ،‬وجيلاً بعدَ َ‬
‫آخر ‪.‬‬
‫ِ‬
‫االس�تعمارية‬ ‫ِ‬
‫الحروب‬ ‫ِ‬
‫ظه�ور‬ ‫األح�داث المتتالي� ُة ‪ :‬بد ًءا ِمن‬
‫ُ‬ ‫وه�ذا م�ا أثبتَته‬
‫حملة نابليون‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رورا بـ« المس�ألة الش�رقية » ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صر س�نة ‪ 1798‬م ‪ ،‬و ُم ً‬ ‫المسألة الشرقية ‪ ،‬كحمل�ة نابلي�ون على م َ‬
‫(((‬

‫سايكس بيكو‪،‬‬
‫كلها تحوالت‬
‫متتالية ذات طابع ((( الفتن (‪. )95‬‬
‫تآمري‬
‫((( معالم السنن (‪.)337 :4‬‬
‫((( وهي من ظواهر مرحلة األحالس ‪ ،‬فالحملة الفرنس�ية على مصر عام ‪1213‬هـ (‪ 1798‬م)‬
‫ج�اءت بعيد تده�ور الدولة العثمانية وبروز مرحلة الضعف فيه�ا ‪ ،‬وكان هذا الهجوم يعتبر‬
‫أول هج�وم صليب�ي على والية عربي�ة من واليات الدول�ة العثمانية ف�ي التاريخ الحديث‪،‬‬
‫وعلى الفور أعلن السلطان سليم الثالث الجهاد ضد الفرنسيين الصليبيين ‪ ،‬وتكونت جبهة‬
‫حربية إسلامية في مواجهة الفرنسيين ‪ ،‬وقامت العديد من المعارك التي اشترك فيها علماء‬
‫األزهر والمس�لمون من كافة البالد ؛ لمحاولة إعادة مصر إلى حظيرة الخالفة اإلسلامية‪،‬‬
‫وق�د واجهته�ا الحملة الفرنس�ية باالنتق�ام والقوة والهدم والتنكيل بالش�عب ع�دة مرات ‪،‬‬
‫حيث دارت رحى الجهاد ضد الفرنس�يين في مصر مرات عديدة ‪ ،‬ولم يتم جالء الفرنسيين‬
‫ع�ن مصر إال بعد هجوم مش�ترك م�ن العثمانيين واإلنجليز أرغم الفرنس�يين على الخروج‬
‫م�ن مص�ر‪ ،‬إال أن الحملة الفرنس�ية إبان وجوده�ا بمصر قد وضعت ب�ذورا خطيرة ‪ ،‬ومنها‬
‫االنبه�ار بقوة السلاح األورب�ي وبالصناعة والعل�م واإلدارة ‪ ،‬حتى إن بع�ض قادة الحكم‬

‫‪216‬‬
‫ِ‬
‫ش�أن‬‫َّفاق « س�ايكس بيكو » بِ‬ ‫والخروج بات ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وربية‬ ‫ِ‬
‫بمفاوض�ات الدُّ ِ‬
‫ول األُ‬ ‫ونِهاي� ًة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السيطرة‬ ‫صار فيما بعدُ ُمر َتكَز‬ ‫ُ‬
‫االتفاق الذي َ‬ ‫اقتس�ا ِم ِتركة ُ‬
‫الرج ِل المريض ‪ .‬هذا‬
‫ِ‬
‫االستعمارية ‪.‬‬

‫�ع «الجزي�ر ُة العربي� ُة « نجدُ‬ ‫ذلك األم�ر ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬


‫المرحل�ة َ‬
‫وثائق المراحل‬ ‫راج ْ‬ ‫َ‬ ‫وثائ�ق‬
‫ُ‬ ‫وق�د أك�دَ ت‬
‫ظ ها ٌّم في مجرى‬ ‫ملح ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرجع بحثي هام‬ ‫الوثائق البريطانية»((( ‪ .‬وفي ه�ذا التأكيد َ‬ ‫والحج�از » ف�ي‬
‫ُ‬
‫نطق بها َمن ال ينطِ ُق ِ‬
‫عن‬ ‫يسبق كش ُفه من وقائع وتحو ٍ‬
‫الت َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الساعة ‪ ،‬وما ُ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬
‫البعض‬ ‫س�اهم‬ ‫وربما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اله�وى ‪ m‬تغ ُف ُل األُم� ُة عن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خطرها ‪ ،‬بل ُ‬ ‫ومعرفة‬ ‫إدراكها‬
‫كان مفعولاً ‪.‬‬ ‫وإنجاحها بِ ِعل ٍم أو بِ َغ ِير ِعل ٍم ل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقضي ال َّل ُه ً‬
‫أمرا َ‬ ‫َ‬ ‫إنفاذها‬ ‫في‬
‫(((‬‫تنة السر ِ‬
‫اء‬ ‫(‪ )2‬مرحل ُة فِ ِ‬
‫َّ‬

‫بمصر كمحمد علي باش�ا ال�ذي حكم مصر ‪ ،‬قام بإدخال أس�اليب الفرنجة وعوائدهم إلى‬
‫الجيش والحياة االجتماعية فيما بعد ‪ ،‬وهي األساليب التي وصفت في األحاديث بالغثائية‪.‬‬
‫((( هذا الكتاب مكون من سبعة مجلدات ضخمة‪ ،‬ويعد من أغزر المراجع عن الجزيرة العربية‬
‫من�ذ بداي�ة القرن العش�رين ‪ ،‬ويض�م ترجمة ألهم الوثائ�ق التي تفصح عن سياس�ة بريطانيا‬
‫ومواقفه�ا من�ذ ع�ام ‪1914‬م ‪ ،‬وه�ي مرحلة نش�وب الح�رب العالمية األولى وم�ا بعدها ‪،‬‬
‫وكانت هذه الوثائق محاطة بس�رية تامة نظ�را ألن القانون البريطاني الخاص بحفظ الوثائق‬
‫كان يحت�م بقاءه�ا بعيدة عن أيدي الباحثين لمدة خمس�ين عاما ؛ ولكن هذه المدة خفضت‬
‫ع�ام ‪ 1967‬إل�ى ثالثي�ن عام�ا ‪ ،‬ولذلك أخ�ذ الباحثون والمؤرخ�ون يتدفق�ون على مركز‬
‫الوثائ�ق بلندن لالطالع على ذلك ‪ .‬اهـ م�ن صدر مقدمة الكتاب ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬لمترجمه‬
‫د‪ .‬نجدة فتيحي ‪.‬‬
‫((( والس�راء ‪ :‬قال القاري ‪ :‬المراد بالس�راء النعماء التي تسر الناس من الصحة والرضا والعافية‬
‫من البالء والوباء ‪ ،‬وأضيفت إلى الس�راء ألن الس�بب في وقوعها ارتكاب المعاصي بسبب‬
‫كث�رة النع�م ‪ ،‬أو ألنها ش�ر الع�دو ‪ .‬قلت ‪ :‬وكال المعنيي�ن محتمل في تعلي�ل معاني مرحلة‬
‫المؤامرة ‪ ،‬وهي اش�تراك بعض أمراء المس�لمين ورؤس�اء القبائل في فت�ن الصراع المؤدية‬
‫إلى تدخل الكفار وعقد المعاهدات معهم إلس�قاط قرار الخالفة الش�رعية وإقامة األنظمة‬

‫‪217‬‬
‫عمار ‪ ،‬وهي‬‫بمرحلة االس�تِ ِ‬
‫ِ‬ ‫قه التحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬
‫مرحلة فتنة السراء ه�ي المرحل ُة التي تحدَّ د مس�ماها في فِ ِ‬
‫َ ُ َّ‬
‫ُ‬
‫وس�ياق‬ ‫األحالس ارتِبا ًطا وثي ًقا ‪ ،‬بل هي ثمر ٌة من ثمراتِها ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمرحل�ة‬ ‫أيض�ا ُمرتبِط ٌة‬
‫ً‬
‫فق�ال ٌ‬
‫قائل ‪ :‬يا‬ ‫النص قو ُله ‪َ « :‬‬ ‫تلاز َم المرحلتَين فقد ور َد ف�ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫الحدي�ث ذاتِ�ه ُيؤ ِّكدُ‬
‫ِ‬

‫السر ِاء »((( ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫وحرب ‪ُ ،‬ث َّم فتن ٌة َّ‬
‫ٌ‬ ‫هرب‬
‫فقال ‪ٌ « :‬‬ ‫ِ‬
‫األحالس ؟ َ‬ ‫رسول ال َّل ِه وما فِتن ُة‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫األحالس‬ ‫�ه ‪ « : m‬فِتن ُة‬
‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫بن ٍ‬
‫هانئ َ‬ ‫آخ�ر عن ُع َم ِ‬
‫ي�ر ِ‬ ‫ٌ‬
‫وحدي�ث ُ‬

‫القومية والقبلية ‪ ،‬وقد أش�ار الش�يخ التويجري في كتابه «اتحاف الجماعة ص‪ /54‬األول»‬
‫إل�ى عالق�ة الس�راء بمرحلة المؤامرة ‪ ،‬ولكنه فس�رها تفس�يرا جزئيا ‪ ،‬وق�ال ‪ « :‬وهذه الفتنة‬
‫تنطب�ق عل�ى ما وقع بين أهل نجد وبين األتراك والمصريين في الحروب العظيمة في القرن‬
‫الثال�ث عش�ر للهجرة ‪ ،‬وق�د كانت هذه الفتن م�ن أعظم الفتن التي وقعت ف�ي هذه األمة ‪،‬‬
‫وقد وهن اإلسلام بس�ببها وانطمس�ت أعالمه » ‪ ،‬ثم قال ‪« :‬حتى رد الله الكرة ألهل نجد‬
‫بع�د ذلك فعاد اإلسلام عزيزا ولله الحم�د والمنة» ‪ .‬والمفيد من التعليل المش�ار إليه ربط‬
‫الس�راء بمرحل�ة الحرب القبلي�ة والصراع الذي كان�ت تديره القوى العالمي�ة بين « العرب‬
‫والمس�لمين» ‪ .‬وأما تفس�يره لـ«عود اإلسلام عزيزا بانتصار أهل نجد» فال عالقة له باألمر‬
‫المراد في الحديث والمرحلة ‪ ،‬بل كانت الدول االس�تعمارية معينة بالمال والسلاح ألهل‬
‫نج�د عل�ى حكام الحجاز ‪ ،‬ومعينة لحكام الحجاز ضد األت�راك ‪ ،‬وربما كان الظرف القائم‬
‫آنذاك أصعب من تفسيرنا له اليوم ؛ ولكن العلماء حين ال يعلمون ما يدور من أمور السياسة‬
‫والتس�ييس ينزلون األحاديث على األحداث والوقائع على ما يظهر لهم من الفهم أو يوافق‬
‫أحواله�م م�ن المواق�ف ‪ ،‬لعدم دراس�تهم فقه التح�والت والنعدام إدراكه�م أهمية الركن‬
‫الرابع من أركان الدين ‪.‬‬
‫وق�د عل�ل المؤلف التويجري حديث الفتنة التي تقبل م�ن المغرب بقوله ‪ « :‬فهي ـ والله‬
‫أعل�م ـ م�ا وقع م�ن األتراك والمصريي�ن من محاربة أه�ل نجد في القرن الثالث عش�ر من‬
‫الهجرة‪ ،‬وهي من أعظم الفتن وأنكاها لدين اإلسالم » ‪.‬اهـ‪.‬‬
‫مع العلم أن هذه المس�ألة برمتها تدخل تحت الفتنة المس�ماة بالس�راء ‪ ،‬وكل ما دار فيها‬
‫بي�ن «أهل الجزي�رة» وبين األتراك أو المصريين أو غيرهم ين�درج تحت مفهوم «التحريش‬
‫في جزيرة العرب» ونجاح سياسة االستعمار وتخطيطه ‪.‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )6312‬‬

‫‪218‬‬
‫�ل يز ُع ُم أنَّه‬ ‫رج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهرب ‪ ،‬وفِتن ُة‬ ‫فِيه�ا‬
‫يخرج دخنُها م�ن تحت قد َمي ُ‬‫ُ‬ ‫الس�راء‬ ‫ٌ‬ ‫ح�رب‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫تكون‬ ‫رج ٍل ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫يس مني ‪ ،‬إنَّما َأوليائي ُ‬
‫المتَّقون ‪ُ ،‬ث َّم يصطل ُح ُ‬
‫الناس على ُ‬ ‫مني ‪ ،‬و َل َ‬
‫العرب إلاَّ دخ َلته ُيقاتِ ُل‬
‫ِ‬ ‫بيت ِم َن‬
‫فِتن� ُة الدُّ َه ِم ُك َّلما ِق َيل انقط َعت عا َدت حتَّى ال يبقى ٌ‬
‫ح�ق ُيقاتِ ُل أم على باطِ ٍل ‪ ،‬فال يزال�ون كذلِ َك حتَّى يصيروا إلى‬
‫فِيه�ا ال يدري على ٍّ‬
‫َ‬
‫إيمان في�ه ‪ .‬فإذا هما‬ ‫س�طاط نِ ٍ‬
‫ف�اق ال‬ ‫ِ‬ ‫إيم�ان ال نِ َ‬
‫فاق فيه ‪ ،‬و ُف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫س�طاط‬‫ُفس�طا َطين ‪ُ :‬ف‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬ ‫الدج ُال ال َيو َم ِ‬
‫أو الغدَ »‬ ‫قارب َّ‬
‫َ‬ ‫اجتمعا‬
‫�يخ الس�هارنفوري ِ‬
‫رح َمه ال َّل ُه في‬ ‫الش َ‬ ‫تحديد زمنِها إلاَّ َّ‬
‫أن َّ‬ ‫ِ‬ ‫اختل�ف ال ُعلما ُء في‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وق�د‬
‫تفسير‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫تحديدها مرحل ًّيا فقد رب َطها‬ ‫أقرب إلى الت ِ‬
‫َّوفيق في‬ ‫ِ‬
‫المجهود « ‪َ » 5: 89‬‬ ‫ِ‬
‫حاشية ِ‬
‫السهارنفوري‬ ‫كان َ‬ ‫بذل‬
‫لفتنة السراء‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫ريطانية ِضدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمين والح ِ‬
‫كومة البِ‬ ‫مراء الم ِ‬ ‫بعض ُأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شترك َبي َن‬‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العمل ُ‬ ‫بمرحلة‬
‫ونخرتها‬ ‫ُّك‬ ‫ظواهر التفك ِ‬ ‫ِ‬ ‫برزت‬‫ثمانية ‪ ،‬بعدَ أن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدولة ال ُع‬ ‫َ‬
‫آنذاك في‬ ‫اإلسالمية المتم ِّث ِ‬
‫لة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫س�لمين‬ ‫العرب والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّح�اد والتر ِّقي ‪ ،‬ووج�دَ ُزعما ُء‬ ‫وجمعي�ة االت ِ‬ ‫ِ‬ ‫مؤام�رات الدُّ ونَم ِ‬
‫�ة‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ببعضهم إلى تبنِّي‬ ‫القة بين الرعايا ِمما حدا ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫إفس�اد ِ‬
‫ِ‬ ‫تعمل على‬ ‫الفة ُ‬ ‫أنفس�هم أمام ِخ ٍ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اس�تثمر الغرب ُّيون‬ ‫ثمانية ‪ِ ،‬‬
‫وقد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدولة ال ُع‬ ‫صال عن ِ‬
‫ق�رار‬ ‫واالنف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫الخ ِ‬
‫الف�ة‬ ‫ك�رة ِ‬ ‫فِ ِ‬
‫َ‬
‫عمارية ‪ ،‬وأغرقوا‬ ‫ِ‬ ‫َوظيفها لصالحِ سياس�تِ ِهم االس�تِ‬ ‫القلق َة واس�تفادوا ِمن ت ِ‬ ‫هذه الحال َة ِ‬
‫ُ‬
‫اإلسالمي‬ ‫الحك ِم‬ ‫نقض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب والمس�لمين بالو ِ‬
‫ِّ‬ ‫قرار ُ‬ ‫الكاذبة واستدرجوهم إلى‬ ‫عود‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األتراك‬ ‫ِ‬
‫شترك‪:‬‬ ‫الم‬ ‫س�مى بِ‬ ‫ِ‬ ‫المجتم ِع‬ ‫ِ‬ ‫ُك ِّله‬
‫العدو ُ‬ ‫ِّ‬ ‫واإلسلامي ضدَّ ما ُي َّ‬ ‫ِّ‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫بتحريض ُ‬
‫ترتب على ذلِ َك ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بار عالقة الدولة ال ُعثمانية بالدولة األلمانية ‪ ،‬وما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واأللم�ان ‪ ،‬بِاعتِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر ِمن ك ُِّل ٍ‬ ‫ول األُ ِ‬ ‫لفاء والدُّ ِ‬ ‫غالل الح ِ‬ ‫ِ‬
‫است ِ ُ‬
‫تجاوزنا تفسيرنا‬ ‫وربية لهذا ِ‬
‫وجه ‪.‬‬
‫الذي قدمناه في‬
‫ِ‬
‫وتفسيرها ‪« ،‬التليد والطارف»‬ ‫ِ‬
‫للمرحلة‬ ‫ِ‬
‫البعض‬ ‫فهم‬ ‫ِ‬ ‫تفس�ير َّ‬
‫الش�يخِ‬ ‫ويبدو َّ‬
‫الس�هارنفوري لم ُيواف ْق َ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫وربطنا الموضوع‬
‫كله باألصل‬
‫ِ‬
‫الساعة» عن التاريخي لمسيرة‬ ‫ِ‬
‫وأشراط‬ ‫تن‬ ‫أحاديث ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسوعة‬ ‫ف ِك ِ‬
‫تاب « َم‬ ‫وقال ُمؤ ِّل ُ‬
‫((( سنن أبي داو َد (‪َ ، )4244‬‬
‫المرحلة‬ ‫صحيح ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحديث ص‪ : 54‬إسنا ُده‬ ‫ِ‬
‫درجة‬
‫ٌ‬

‫‪219‬‬
‫ِ‬
‫الجارحِ‬ ‫ِ‬
‫وتخريجه والكال ِم‬ ‫الحديث ُك ِّله وفي ِ‬
‫س�نده‬ ‫ِ‬ ‫الطعن في‬‫ِ‬ ‫البعض إلى‬‫بل ونحى ُ‬
‫المرحلة وما جا َء فِيها ‪ ،‬ولِهذا فقد تجاوزنا هذا‬ ‫ِ‬ ‫تفسير‬
‫َ‬ ‫في َم ِن اعتمدَ ه ونق َله وبنى ع َل ِيه‬
‫السهارنفوري‬
‫ُّ‬ ‫فسر بِه َّ‬
‫الش ُ‬
‫يخ‬ ‫حول ما َ‬ ‫والطار ِف» َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«التليد‬ ‫التعليل الذي اعتمدنا ع َل ِيه في‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المرحلة ‪َ ،‬‬
‫دون‬ ‫ِ‬
‫لمس�يرة‬ ‫التاريخي‬ ‫ِ‬
‫األص�ل‬ ‫وضوع ُك َّله بِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫معن�ى الحدي�ث ‪ ،‬وربطن�ا َ‬
‫الهدف‬ ‫فس�دُ‬‫الف ي ِ‬
‫ف ويحو ُل األمر إلى اختِ ٍ‬ ‫واق َ‬ ‫ويؤزم الم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫النفوس ِّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ثير‬
‫التع�رض لم�ا ُي ُ‬
‫ِ‬
‫لمراح ِل ‪.‬‬ ‫التاريخية لِ‬
‫ِ‬ ‫الق ِ‬
‫راءة‬ ‫الشرعية في ِ‬
‫ِ‬ ‫األسمى ِم َن المعاني‬
‫ِ‬
‫العرب َ‬
‫كان‬ ‫جاز و َغ ِيرها ِمن بِ ِ‬
‫الد‬ ‫الح ِ‬ ‫الدائر في ِ‬
‫ِ‬ ‫الش�عبي‬ ‫ِ‬
‫الحماس‬ ‫أن ُمس�توى‬ ‫كما يبدو َّ‬
‫ِّ‬
‫ِ (((‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫التأثير العام في ال ُع ِ‬
‫المدَ ونمة‬
‫عور السائد ضدَّ الخالفة ُ‬ ‫لوب بِ ُحك ِم ُّ‬‫قول وال ُق ِ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫أقرب إلى‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫درجات‬ ‫َ‬
‫آنذاك في أعلى‬ ‫جازي‬ ‫كان الش�ارع ِ‬
‫الح‬ ‫المتر ِّد ِية ‪ ،‬بل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫آنذاك ‪ ،‬ومواقفها السياس�ية ُ‬
‫ِ‬
‫الشريف ُح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وري ِضدَّ‬ ‫ِ‬
‫ين و َمن معه ‪.‬‬ ‫جانب‬ ‫ِّحادية إلى‬ ‫السياسة االت‬ ‫غليانه ال َّث ِّ‬
‫ِ‬
‫الحالة‬ ‫نموذجا َع ِن‬ ‫الجوادي في ترجمته للسيد محمد الدباغ‬ ‫حم ِد‬
‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫صو ُر لنا د ‪ُ .‬م َّ‬ ‫و ُي ِّ‬ ‫موقف الشارع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحجازي‬
‫فيقول ص‪: 26‬‬ ‫ُ‬ ‫عبدالجب�ار (((‪،‬‬ ‫آن�ذاك في مك َة وجد َة نقلاً َع ِن األُس�تاذ ُع َ‬
‫مر‬ ‫َ‬ ‫الس�ائدة‬ ‫والحالة السائدة‬
‫الحجازيةِ‬ ‫الناش�ئة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فمظاه�ر ال َّثورة في الحج�از كانَت مظاه َر عميق َة التأثير في ن ِ‬
‫ُفوس‬ ‫ِ‬ ‫آنذاك في مكة‬
‫ُ‬
‫وجدة‬
‫العرب تترى ع َل ِيه ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ورة ‪ ،‬وكانَت ُوفو ُد ُث ِ‬
‫�وار‬ ‫عق َ�ل ال َّث ِ‬
‫ج�از كانَ�ت م ِ‬
‫َ‬ ‫الح َ‬ ‫ذاك ‪ ،‬لأِ َّن ِ‬ ‫إذ َ‬
‫جاز ِ‬
‫تزدح ُم بها‬ ‫الح ِ‬ ‫أبناء ِ‬‫لح�رب ِمن ِ‬‫ِ‬ ‫العربية ‪ ،‬وكانَت مواكب المتطوعين لِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ُِّل البِ ِ‬
‫لاد‬
‫ُ ُ‬
‫وكان الش�باب مدججا بِالسلاحِ يس�ير في ُق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ش�وارع المدُ ِن ِ‬
‫ٍ‬
‫وحماس ‪،‬‬ ‫وة‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َّ ً‬ ‫َ‬ ‫جازية ‪،‬‬ ‫الح‬ ‫ِ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫الحرب‬ ‫رف ع َليهم ‪ ،‬وموسيقى‬ ‫الوطنية ‪ ،‬وكانَت األعال ُم تُرفِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫ِ‬
‫باألناشيد‬ ‫ويهزج‬
‫ُ‬

‫((( انظر شرحها ضمن المصطلحات آخر الكتاب ‪.‬‬


‫((( س�ير وتراج�م ص‪ ،285-282‬وليلح�ظ الق�ارئ أن ه�ذه الفت�رة ه�ي م�ا بي�ن ع�ام‬
‫‪ 1909‬ـ حي�ث نح�ي الس�لطان عبدالحمي�د وص�ار الق�رار لالتحاديين وبدؤوا سياس�ات‬
‫التتريك وأقحموا الجيوش المس�لمة في الح�رب العالمية األولى مع ألمانيا ـ وعام ‪1916‬‬
‫حيث أعلنت الثورة العربية‪ .‬انظر التواريخ في المخطط ص‪.194‬‬

‫‪220‬‬
‫ورة ِمن ِحجاز ِّيين وسور ِّيين وعراق ِّيين‬
‫وكان خطباء ال َّث ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الثائرة الم ِ‬
‫ثيرة ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ف بألحانِها‬ ‫ِ‬
‫تعز ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‪،‬‬‫ش�ر ُ‬‫للجماهير ما هم فيه من حاض ٍر ال ُي ِّ‬
‫ِ‬ ‫ص�ورون‬
‫يقف�ون في الس�احات العا َّمة و ُي ِّ‬
‫ِ‬
‫باألمجاد ‪.‬‬ ‫عريق ‪ ،‬وتاريخٍ حافِ ٍل‬
‫ماض ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كان لهم من‬‫وينتقلون بأذهانِهم إلى ما َ‬
‫دة ‪ِ :‬من ال َّث ِ‬
‫بدائل متعدِّ ٍ‬ ‫يقول ص‪ : 27‬ولم يك ِ‬
‫ورة على ُظل ِم‬ ‫َ‬ ‫يار سهلاً َبي َن َ ُ‬ ‫ُن َ‬
‫الخ ُ‬ ‫ُث َّم ُ‬
‫الخ ِ‬
‫الفة‪ ،‬وساموا‬ ‫دولة ِ‬ ‫مور في ِ‬ ‫األتراك واالتِّحاديين الذين سيطروا على مقدَّ ِ‬
‫رات األُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األوربية الكُبرى في‬ ‫ول‬ ‫تدخ ِ‬
‫لات الدُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫والضيق بِ ُ‬ ‫الكثير ِم َن ال ُّظل ِم ؛‬ ‫األقالي�م العربي َة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫علي الذي قا َد َث�ور ًة عربي ًة على‬ ‫�ين ِ‬ ‫ِ‬
‫للش�ريف ُح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن ٍّ‬ ‫واالنتصار‬ ‫العربية ؛‬ ‫المس�ألة‬
‫المتمثِ ِل‬
‫الفتي ُ‬
‫ِّ‬
‫صار لالت ِ‬
‫ِّجاه‬ ‫نفس�ه ‪ ،‬واالنتِ ِ‬ ‫الثائر ِ‬ ‫األتراك ؛ ُثم ال َّث ِ‬
‫ورة على هذا ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ُحك ِم‬
‫ٍ‬
‫توالية ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫نجاحات ُم‬ ‫عود ِ‬
‫رح َمه ال َّل ُه الذي ح َّق َق‬ ‫آل س ٍ‬
‫ِ ِ‬ ‫المل ِك ِ‬ ‫زحف ِ‬‫ِ‬
‫العزيز ُ‬ ‫عبد‬ ‫في‬

‫الملك عبدالعزيز آل سعود عام ‪ 1901‬م‬

‫يصف‬
‫ُ‬ ‫م�ري‬ ‫قدمة ِكت�اب «لورنس‪ ..‬الحقيق� ُة واألكذوب ُة» لصبحي ِ‬
‫الع‬ ‫وف�ي م ِ‬
‫مؤلف كتاب‬ ‫(((‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫«لورنس كما‬
‫عرفته» وقائد‬ ‫((( قائ�د عس�كري عاصر ع�دة مراحل تاريخية ‪ ،‬ولد بدمش�ق وتخرج بمدرس�ة ضباط الصف‬
‫جيش الثوار‬
‫‪1915‬وحضر معارك غزة وبئر الس�بع في الجيش العثماني على البريطانيين ‪ ،‬لحق بالثورة‬
‫العرب يصف‬
‫العربي�ة ع�ام ‪1917‬م ‪ ،‬ث�م كان م�ن ق�ادة الجيش‪ ،‬ش�هد موقعة ميس�لون ‪ ،‬وراف�ق الملك‬
‫الوضع القائم‬
‫فيص�ل بن الحس�ين في خروجه من دمش�ق ‪ .‬واس�تقر ف�ي ش�رقي األردن ‪ 1921‬وكان من‬
‫مؤسسي الجيش العربي األردني ‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫فقال ‪:‬إذا ح َّللنا‬ ‫ِ‬
‫الش�ريف إلى ما ال ُبدَّ منه َ‬ ‫دفع بِ‬ ‫المؤ ِّل ُ ِ‬
‫�ف حقيق َة الوض ِع القائ ِم الذي َ‬ ‫ُ‬
‫إلعالن َثورتِه على الس ِ‬‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لطان‬ ‫ُّ‬ ‫�ين‬ ‫واألس�باب والعوام َل التي دف َعت ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫األحداث‬
‫ومية ِ‬
‫ترج ُع‬ ‫يقظة َق ٍ‬
‫س�بب ش�خصي ‪ ،‬فقد كانَت ال َّثور ُة عربي ًة نتيج ًة لِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫ال ِ ِ‬
‫ٍّ‬ ‫نجدُ فيها َّ‬
‫ش�ار م ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫جيل ‪،‬‬ ‫تزايد جيلاً بع�دَ ٍ‬ ‫إل�ى ثالث أجي�ال تعاق َبت بِ ُخطوات بطيئة وانت ٍ ُ‬
‫العالمي�ة األولى واعتلى ع�د ٌد من قادتِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرب‬ ‫راف�ق ِ‬
‫بداية‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األخي�ر الذي‬ ‫لج ِيله�ا‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ودفعها إل�ى التح ُّق ِق ‪ .‬اهـ‬ ‫إثارة ال َّث ِ‬
‫ورة‬ ‫أعواد المش�انِ ِق جهدُ ه ورأيه ومش�اركتُه ف�ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مقدمة ِ‬
‫الك ِ‬
‫تاب ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫�ريف‬
‫الش ُ‬ ‫جاز َّ‬ ‫ورة َقو َله ‪ :‬ووجدَ أمير ِ‬
‫الح ِ‬ ‫حول ِقيا ِم ال َّث ِ‬
‫�ف ذاتُه ص‪َ 19‬‬ ‫المؤ ِّل ُ‬
‫ُ‬ ‫وكت�ب ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ستقبلهم‬ ‫ِ‬
‫العرب و ُم‬ ‫ف مصيري يتع َّل ُق بِ ِ‬
‫حاض ِر‬ ‫وق ٍ‬‫لوجه أمام م ِ‬‫ٍ‬ ‫وجها‬
‫ٍّ‬ ‫َ َ‬ ‫نفسه ً‬ ‫علي َ‬ ‫ُح َسي ُن ب ُن ٍّ‬
‫تطبيق ُخطتِهم ‪،‬‬
‫األتراك لِ ِ‬
‫ُ‬ ‫يسير ع َليها‬ ‫ِ‬
‫السرعة التي ُ‬ ‫مع ُّ‬ ‫يتناس�ب َ‬
‫ُ‬ ‫حل س�ري ًعا‬ ‫ب ِمنه اًّ‬ ‫يتط َّل ُ‬
‫النسبة لِ ِ‬
‫لعرب أربع ًة ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ف بِ‬ ‫وق ِ‬
‫حول الم ِ‬
‫تدور َ َ‬
‫مور الرئيس ُة التي ُ‬ ‫وكانَت األُ ُ‬
‫ِ‬
‫والعراق ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫األتراك في الشا ِم‬ ‫‪ -1‬المظالِ ُم التي يقو ُم بها‬
‫البحري ‪.‬‬ ‫الح ِ‬
‫صار‬ ‫جاز من جر ِاء ِ‬ ‫‪ - 2‬العزل ُة التي أصبح فِيها ِ‬
‫الح ُ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫أخرجه اإلنكليز ‪ 1924‬التصاله بالحركة االس�تقاللية السورية ؛ فرحل إلى العراق ‪ .‬قاد‬
‫جيش الجهاد الفلس�طيني ‪ 1948‬عقب استش�هاد عبد القادر الحسيني‪ ،‬وأحصي ما خاضه‬
‫من المعارك فكان ‪ 41‬معركة‪.‬‬
‫تلق�ى أربعة أح�كام باإلعدام ‪ :‬من األتراك االتحاديين عندما لح�ق بالثورة العربية ‪ ،‬ومن‬
‫الفرنس�يين عندم�ا قاتلهم مع العصابات الس�ورية ف�ي البقاع والحولة ‪ ،‬وعندم�ا قاتلهم في‬
‫ثورة ‪ ، 1925‬والرابعة ‪ 1956‬بتهمة العمل للوحدة مع العراق ‪ .‬توفي بدمشق ‪1973‬م ‪ .‬له‬
‫«مذكرات عن الحركة العربية» مخطوط عند أس�رته بدمشق في عشرة أجزاء ‪ ،‬وله «لورنس‬
‫الحقيق�ة واألكذوب�ة» مطب�وع ‪ .‬اه�ـ « مختصر األعلام» الزركل�ي « ‪ . » 166 : 6‬والكتاب‬
‫األخير هو ما نقلنا عنه هنا ‪ ،‬وقد طبع بعدة أسماء منها «لورنس كما عرفته» ‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫ِ‬
‫االمتيازات التي‬ ‫ِ‬
‫القضاء عل�ى‬ ‫ُ‬
‫األتراك في‬ ‫ش�رع فيه‬ ‫علي الذي‬ ‫ُ ِ‬ ‫‪- 3‬‬
‫َ‬ ‫النش�اط الف ُّ‬
‫ِ‬
‫ثمانية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الواليات ال ُع‬ ‫لج ِ‬
‫عله كباقي‬ ‫جاز ِ‬ ‫يتمتَّع بِها ِ‬
‫الح ُ‬ ‫ُ‬
‫ين ِ‬
‫الع ِ‬ ‫طر ِ‬ ‫ُ‬
‫راق والشا ِم ‪.‬‬ ‫ف على أراضي ال ُق َ‬ ‫يزح ُ‬
‫اإلنكليزي الذي َ‬
‫ُّ‬ ‫االحتالل‬ ‫‪ -4‬‬

‫َ‬
‫إعالن‬ ‫ُ‬
‫األتراك‬ ‫ق�ر َر‬ ‫واألتراك َ ِ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ش�ك ِ‬
‫لة َبي َن َّ‬ ‫أن تفجير الم ِ‬‫ويبدو َّ‬
‫رفض الشريف‬ ‫كان عندَ ما َّ‬ ‫�ريف‬ ‫َ ُ‬
‫حسين إلعالن‬ ‫ِ ِ‬
‫س فيما سمي فيما بعد بالحرب العالمية األولى (‪1914‬م) مع ألمانيا‪،‬‬ ‫المقدَّ ِ‬
‫الجهاد ُ‬
‫الجهاد من منبر‬
‫الحرم كان بداية‬ ‫المس�ج ِد الحرا ِم في م َّك َة‬
‫ِ‬ ‫اإلسلامي من ِم ِ‬
‫نبر‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫اإلعالن على العال ِم‬ ‫ذاع هذا‬
‫على أن ُي َ‬
‫تأزم العالقة مع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إعالن ذلِ َك َ‬
‫َ‬ ‫س�ل ِمين لِ ِق ِ‬
‫داعين الم ِ‬
‫االتحاديين‬ ‫رغبات‬ ‫تحقيق‬ ‫قبل‬ ‫تال الحلفاء‪ ،‬ور َف َض ُ‬
‫الح َس�ي ُن‬ ‫ُ‬
‫أنور باش�ا ‪ِ ،‬‬
‫فلقي ع َليها جوا ًبا‬ ‫�روط بِ ٍ‬
‫برقية إلى ِ‬ ‫ٍ‬ ‫�ريف ُ‬
‫كش‬ ‫الش ُ‬ ‫العرب والتي أرس� َلها َّ‬‫ِ‬
‫�ين ف�ي ِ‬
‫أواخ ِر آب‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذ ٍ‬
‫غي�ر ُم َّ‬ ‫ِ‬
‫مع ُ‬ ‫اإلنكليز ُمفاوضاتهم َ‬
‫ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وبعدَ ها ب�دأ‬ ‫قاس� ًيا َ‬
‫وموق ِ‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثمانية‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة ال ُع‬ ‫مس�ألة ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫البحث في‬ ‫‪1915‬م ‪ .‬اه�ـ ص‪ . 23-20‬وقد بد َأ‬
‫بدء البحث في‬ ‫ِ‬
‫الحميد الثاني ‪1909‬م ‪.‬‬ ‫لطان ِ‬
‫عبد‬ ‫العرب ِمنها بعدَ خل ِع الس ِ‬
‫ِ‬
‫مسألة الخالفة‬
‫ُّ‬
‫وموقف العرب‬
‫ف‬ ‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإحراج‬ ‫�ن العواطِ ِ‬
‫ف‬ ‫�ريف بعيدً ا َع ِ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬
‫الحديث َّ‬ ‫قر ُره‬ ‫َّ‬
‫أخطر ما ُي ِّ‬
‫َ‬ ‫ولع�ل‬
‫منها بدأ بعد‬
‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫السياس�ي َبي َن‬ ‫ِ‬
‫الفصل‬ ‫ِ‬
‫نجاح‬ ‫ِ‬
‫التاريخية التي تَر َّت َبت على‬ ‫ِ‬
‫جريات‬ ‫الم‬
‫عزل السلطان‬ ‫ِّ‬ ‫خط�ور ُة ُ‬
‫عبدالحميد‬
‫قبل‬‫الم ْج َه َض ِة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اإلسلا ِم و َبي َن مرحلة الخالفة العربية ُ‬ ‫قرار ِ‬ ‫حام ِ‬
‫لة ِ‬ ‫ثمانية ِ‬‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة ال ُع‬ ‫ِ‬
‫‪1909‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يد ُخ ِ‬ ‫ِوالدتِها على ِ‬
‫ص‬ ‫التاريخية َّ‬
‫تتلخ ُ‬ ‫جريات‬ ‫المدَ و َن ِم ‪ُ ،‬‬
‫والم‬ ‫السياس�ي ُ‬
‫ِّ‬ ‫الدجل‬ ‫براء‬
‫ِ‬
‫لمرحلة‬ ‫ُمهدُ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ر ِاء ‪ ،‬ومرحل ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي ك ِ‬
‫الس�راء ت ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫لمرحلة‬ ‫ُمهدُ‬
‫األحالس ت ِّ‬ ‫مرحلة‬ ‫َ�ون‬
‫البكماء الصم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنة الرابِ ِ‬
‫الف ِ‬ ‫لمرحلة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫العمياء‬ ‫عة‬ ‫الدُّ َهيماء ‪ ،‬ومرحل ُة الدُّ َهيم�اء ت ِّ‬
‫ُمهدُ‬
‫دجالي‬ ‫ٍ‬
‫هدف‬ ‫خ ِ‬
‫دمة‬ ‫تنطل ُق لِ ِ‬
‫واح ٍد ‪ ،‬و ُك ُّلها ِ‬‫مس�تثم ٍر إبليسي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رصيد‬ ‫تصب في‬ ‫و ُك ُّلها‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُّ‬
‫مؤمنًا و ُيمس�ي كافِ ًرا حتَّى‬ ‫والعل ِم»‪ ..‬يصبح الرج ُل فِيها ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫�د في ق�راري «الحك ِم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واح ٍ‬ ‫ِ‬

‫�عوب‬ ‫ِ‬ ‫فاق في�ه ‪ ،‬وهو ت َّي ُار ُّ‬


‫الش‬ ‫إيم�ان ال نِ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫س�طاط‬ ‫ين ‪ُ :‬ف‬ ‫الن�اس إل�ى ُفس�طا َط ِ‬
‫ُ‬ ‫يصي�ر‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المرموز ‪ ،‬وعلى‬ ‫األنوي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الدجل‬ ‫َ‬
‫إيمان فيه ‪ ،‬وهو ت َّي ُار‬ ‫س�طاط نِ ٍ‬
‫فاق ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المهزوز ‪ ،‬و ُف‬

‫‪223‬‬
‫عن الهوى ‪« : m‬فإذا َ‬
‫كان ذاكُم‬ ‫يقول َمن ال ينطِ ُق ِ‬
‫عة ُ‬‫المرحلية المتتابِ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسيرة‬ ‫هذه‬
‫واية ‪« :‬فانتظِ�روا الدج َال ِمن ي ِ‬
‫ومه أو‬ ‫الغد» ‪ .‬وفي ِر ٍ‬
‫أو ِ‬‫�ال ِم َن ال َي�و ِم ِ‬
‫الدج َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫فانتظ�روا َّ‬
‫ِمن ِ‬
‫غده»(((‪.‬‬

‫الشريف حسين عام ‪ 1916‬م‬

‫ِ‬
‫اإلخالص‬ ‫أكثر صدق� ًا وإخالص ًا في قضيتِ�ه ‪ ،‬وبهذا‬‫الش�ريف حس�ي ٌن َ‬
‫ُ‬ ‫ور َّبما كان‬
‫ُ‬ ‫السياسة العالمية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر استثمارا‬
‫لما رآه الزم ًا من الحالة‬
‫العالمي ولو مؤقت ًا ّ‬
‫ِّ‬ ‫المس�اند‬ ‫وجود‬ ‫والصدق كان البد له من‬ ‫للصراع من رؤى‬
‫ِ‬
‫لألمر‬ ‫ِ‬
‫العالمية كان�ت أكثر احتوا ًء‬ ‫ِ‬
‫السياس�ية‬ ‫ِ‬
‫الحركة‬ ‫الت�ي بلغت إليها‪ ،‬ولك ّن مس�ير َة‬ ‫شيوخ العشائر‪،‬‬
‫ويدل عليه التمعن‬
‫ِ‬
‫االنجليز‬ ‫ِ‬
‫أسلوب صياغة‬ ‫وتطبيع ًا للصرا ِع واس�تثمار ًا له‪ُّ ،‬‬
‫ويدل على ذلك التمع ُن في‬ ‫في صياغتهم‬
‫ِ‬
‫القارئ‬ ‫للرسائل فيما بينهم وبين الشريف ‪ ،‬وقد اخترنا منها مجموع ًة منتقاة ِ‬
‫إلطالع‬ ‫ِ‬ ‫للمراسالت‪،‬‬
‫ويضاف لذلك‬
‫ٍ‬
‫مس�ألة أخرى‬ ‫عل�ى الحال�ة الصعبة آن�ذاك((( ‪ ،‬والوضع القل�ق المؤلم ‪ ..‬إضافة إلى‬ ‫انعدام بعد النظر‬
‫ِ‬
‫القادة‬ ‫ِ‬
‫العديد من‬ ‫السياسية لألمور ‪ ،‬فهذه المسأل ُة كانت لدى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النظرة‬ ‫وهي قصور ِ‬
‫بعد‬
‫لدى القادة‬
‫ُ‬ ‫والعلماء آنذاك‬
‫ٍ‬ ‫الضع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمكانة‪ ،‬وخاص ًة فيما ُ‬
‫يتعلق‬ ‫ف‬ ‫والعلماء ـ وهم َح َم َل ُة َق َر ِار الحك ِم والع ْل ِم ـ م َن َّ ْ‬
‫ِ‬
‫المنطقة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشيطانية في‬ ‫وأبعاد سياستِهم‬‫ِ‬ ‫بقراءة أطما ِع المستعمري َن‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫العربية‬ ‫ِ‬
‫البلاد‬ ‫ِ‬
‫والعلماء ف�ي‬ ‫ِ‬
‫الق�ادة‬ ‫أصابت ع�دد ًا كبي�ر ًا م�ن‬ ‫وه�ذه الحال� ُة ق�د‬
‫ْ‬

‫((( سنن أبي داود (‪. )4244‬‬


‫((( انظر ملحق وثائق مرحلة السراء آخر الكتاب‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫ِ‬
‫والثقافية‬ ‫ِ‬
‫اإلدارية‬ ‫الغربي دول َة اإلسال ِم ومؤسساتِها‬ ‫ِ‬
‫اختراق العال ِم‬ ‫ِ‬
‫واإلسالمية منذ‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫خطيرة على‬ ‫ٍ‬
‫كظاه�رة‬ ‫واإلسلامي مس�تمر ًة‬ ‫العربي‬ ‫ِ‬
‫الوطن‬ ‫وظل�ت في‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫والفكري�ة ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫العرب والمسلمين ُح ْس ُن الظ ِّن‬ ‫ِ‬ ‫مراحل التطبي ِع االستعماري ‪ ،‬حتى بلغ لدى‬ ‫ِ‬ ‫مدى‬
‫ِ‬
‫السذاجة المطلقة !‬ ‫ِ‬
‫ورموزها إلى حدِّ‬ ‫بالسياسة الغرب ّي ِة‬
‫ِ‬

‫العسكري‬ ‫ِ‬
‫االستعمار‬ ‫ِ‬
‫سياسة‬ ‫الغربيون من ِ‬
‫بسط‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫السذاجة تمك َن المهندسون‬ ‫وبهذه‬
‫السذاجة السياسية‬ ‫ِّ‬
‫لحملة قرار‬
‫الحكم والعلم‬
‫االس�تعمار في الش�عوب و َغ َر َس‬
‫ُ‬ ‫ترس َ‬
‫�خ‬ ‫العلمان�ي‪ ،‬ثم فيما بعد ذلك َّ‬
‫ِّ‬ ‫الثقاف�ي‬
‫ِّ‬ ‫ث�م‬
‫مكنت األعداء‬ ‫ترتب عليهما من‬ ‫ِ‬
‫بالعلمنة ثم العولمة وما‬ ‫ف‬‫أفكاره وسياستَه لِ َينْت َُج عن ذلك ما ُع ِر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من النجاح‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫والثقافة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التربية والتعلي ِم‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمية وإفرا ِغ محتواها من‬ ‫ِ‬
‫الثوابت‬ ‫احتواء‬

‫ِ‬
‫المن�دوب الس�امي البريطاني على‬ ‫ِ‬
‫لكت�اب‬ ‫أدل عل�ى ذل�ك م�ن قراءتِن�ا‬
‫ولي�س َّ‬
‫ِ‬
‫المش�ار إليها‬ ‫ِ‬
‫الحالة‬ ‫ِ‬
‫مطابقة‬ ‫ِ‬
‫العرب) ‪ ،‬م�ع‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬ ‫ُ‬
‫(مل�وك‬ ‫عدن جاكوب المس�مى‬
‫المؤكدة حال َة المس�لمي َن الغثائي َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة‬ ‫ِ‬
‫أحاديث عالمات‬ ‫ِ‬
‫بنصوص‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫ف�ي‬
‫صفة (االس�تتباعِ) ‪ ،‬كما هي في حديث « َل َتتَّبِ ُع َّن َس�نَ َن َم� ْن ك َ‬
‫َان َق ْب َلك ُْم‬ ‫المؤدي� َة إلى ِ‬
‫وذراع� ًا بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫زالت ه�ذه الحال ُة المرضي� ُة جاثم ًة على‬ ‫�ذ َرا ٍع ‪ »..‬إلخ ‪ .‬وال ْ‬ ‫ش� ْبر ًا بِش� ْب ٍر َ‬
‫يقضي‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫وبعض َح َم َل ِة ِ‬
‫قرار الحك� ِم والعل ِم إلى اليو ِم وإلى ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمة بعمومها‬ ‫ِ‬
‫عق�ول‬
‫كان مفعوالً‪.‬‬
‫ال ّل ُه أمر ًا َ‬

‫المرحلة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫السر ِاء بِهذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�هارنفوري رحم ُه ال َّل ُه فتن َة َّ‬
‫ُّ‬ ‫يخ‬‫الش ُ‬
‫فس َ�ر َّ‬
‫لت ‪ :‬وكما َّ‬ ‫ُق ُ‬
‫معاهدات‬
‫مع الحماية وتَدَ ُّخل‬ ‫العدو ذاتَه قد َ‬ ‫س�لمين؛ َّ‬ ‫الد الم ِ‬ ‫قرار اإلسلا ِم وبِ ِ‬
‫الس ِّ�ر ِية على ِ‬ ‫ِ‬
‫فعل َ‬ ‫َّ‬ ‫فإن‬ ‫ُ‬ ‫المؤامرة ِّ‬ ‫ُ‬
‫الكفر في بِالد‬ ‫بعض الحكَّا ِم واألُ ِ‬
‫نقض‬‫الس ِّر لِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫القبائل والسالطين عدَّ َة ُمعاهدات في ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومشايخ‬ ‫مراء‬ ‫ِ ُ‬
‫المسلِمين‬‫ُ‬
‫ثمانية ‪ِ ،‬‬
‫ومنها ما فع َلت�ه َدولة بِريطانيا‬ ‫ِ‬ ‫كومة الدَّ ِ‬
‫ول�ة ال ُع‬ ‫ِ‬ ‫كان ُم َبرم� ًا َبينَهم و َبي� َن ُح‬
‫م�ا َ‬

‫‪225‬‬
‫َ‬
‫آنذاك‪،‬‬ ‫ِ (((‬ ‫ِ‬
‫ومش�ايخه وسلاطينه‬ ‫ِّفاقات مع و ِ‬
‫جهاء جنوب اليمن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عاه�دات وات‬ ‫ِمن ُم‬
‫َ ُ‬
‫وغيرها ‪ ،‬وتمكنَت‬ ‫ٍ‬
‫ونج�د ِ‬ ‫والخليج والكُو ِ‬
‫يت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأش�باههم في ُع َ‬
‫م�ان‬ ‫وم�ع أمثالِهم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اإلسال ِم العام ِة في ِ‬
‫ولة ِ‬ ‫ِ‬
‫الوالء السياس�ي لدَ ِ‬ ‫الس ِّ�ر ِية ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫أفسد‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫تغيير‬ ‫المعاهدات ِّ‬ ‫بِهذه ُ‬
‫المؤ ِّد ِية إلى ما ُع ِر َفـ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫السياسية إلى ٍ‬
‫والء مب َّط ٍن لِدَ ِ‬
‫ولة الك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُفر و َقبول حمايتها ُ‬ ‫ُ‬ ‫مراحلها‬
‫فيما بعدُ ـ بِاالستِ ِ‬
‫عمار((( ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫آنذاك ليس فِيها أكثر ِمن ِ‬
‫الخ ِ‬ ‫وربما كان ِ‬
‫حس�ب‬
‫َ‬ ‫الس�ائد‬ ‫يار‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َت ال ُّظ ُ‬
‫روف و ُمجرياتُها‬ ‫ُ َّ‬ ‫العبارات‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعسولة في‬
‫وقع‬
‫األمر عندَ هذا الحدِّ ‪ ،‬وإنَّما َ‬ ‫ِ‬
‫العش�ائر العربية ‪ ،‬ولم يقف ُ‬ ‫الحكَّا ِم ُ‬
‫وش�يوخِ‬ ‫وعي ُ‬ ‫ِ‬ ‫المراسالت مع‬
‫عمار بعض الع ِ‬
‫وأه�ل الفتوى َ‬
‫دون‬ ‫ِ‬ ‫لماء‬ ‫ُ‬ ‫مصلحة االس�تِ ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ن لِ‬‫المب َّط ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل ُ‬
‫في ِش ِ‬
‫�باك‬ ‫الهدايا وعرابين‬
‫ِ‬ ‫الصداقة هي‬
‫األمر في‬‫�ظ ِم ُثل ه�ذا ِ‬ ‫الح ُ‬ ‫المتآمري�ن ‪ ،‬و ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخدع�ة األع�داء ُ‬ ‫األم�ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط�ورة‬ ‫ِ‬
‫إدراك ُخ‬ ‫شباك الخداع‬
‫ِ‬ ‫دة لز ِ‬
‫ين‬ ‫وشرف الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫العرب‬ ‫عماء‬ ‫مج ِ ُ‬ ‫الم ِّ‬
‫ِ‬ ‫الرسائل واختِ ِ ِ ِ‬
‫يار عباراتها المعسولة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِص ِ‬
‫ياغة‬
‫الهاش ِ‬
‫�مية‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫منهج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإحياء‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامية‬ ‫ِ‬
‫الوحدة‬ ‫وحاج�ة األُ َّم ِة إلى‬
‫ِ‬ ‫اإلسلامي‬
‫ِّ‬
‫العربية الممج ِ‬
‫دة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الردود‬ ‫العربي ‪ ،‬وفي‬ ‫الحك ِم‬ ‫ور ِ‬
‫عماء ِ‬‫التي صدَّ َقها بع�ض الز ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫جال ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ولة بِريطانيا‬‫الوفاء ِمن د ِ‬‫ِ‬ ‫اس�تدرارا لِ ِ‬
‫طلب‬ ‫ِ‬
‫والشهامة‬ ‫وشرف الع ِ‬
‫روبة‬ ‫ِ‬ ‫ين اإلسلا ِم‬ ‫لِ ِد ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ووكالئها ‪.‬‬
‫ُ‬

‫((( لالس�تزادة انظ�ر كتابنا «الط�رف األحور في تاري�خ مخالف أحور» حيث طبعن�ا منه الجزء‬
‫األول ‪ ،‬وفي�ه تفصيل واف ووثائق ومعاهدات ش�تى تغطي ه�ذا الجانب ‪ ،‬عرضت تاريخيا‬
‫كوثائق عن المرحلة ‪.‬‬
‫((( انظ�ر ملحق الوثائق آخر الكتاب‪ :‬نماذج من مؤامرة (فتنة الس�راء) المقررة في فقه عالمات‬
‫الساعة ‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫وثائق بريطاني ٌة « ‪» 637 : 1‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنكليز ‪ ،‬الصفحة األولى ‪ ،‬عن «‬ ‫مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫لبعض ُمراسالت الشريف َ‬ ‫نموذج‬
‫ٌ‬

‫‪227‬‬
‫وثائق بريطاني ٌة « ‪» 638 : 1‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنكليز ‪ ،‬الصفحة الثانية ‪ ،‬عن «‬ ‫مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫لبعض ُمراسالت الشريف َ‬ ‫نموذج‬
‫ٌ‬
‫نص الرسالة‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم ‪ ،‬إلى صاحب األصالة والرفعة وشرف المحتد ساللة‬
‫بيت النبوة والحس�ب الطاهر والنس�ب الفاخر دولة الش�ريف المعظم السيد حسين بن علي أمير‬

‫‪228‬‬
‫مكة المكرمة قبلة اإلسالم والمسلمين أدامه الله في رفعة وعالء‪.‬‬
‫وبعد فقد وصلني كتابكم الكريم بتاريخ ‪ 24‬ذي الحجة س�نة ‪ 1333‬وس�رني ما رأيت فيه من‬
‫قبولكم إخراج واليتي مرسين و َأ َضنَه من حدود البالد العربية‪.‬‬
‫وقد تلقيت أيضا بمزيد من السرور والرضى تأكيداتكم أن العرب عازمون على السير بموجب‬
‫تعاليم الخليفة عمر بن الخطاب ؤ وغيره من السادة الخلفاء األولين‪ ..‬التعاليم التي تضمن‬
‫حقوق كل األديان وامتيازاتها على السواء‪.‬‬
‫ه�ذا وف�ي قولكم‪ :‬إن الع�رب مس�تعدون أن يحترموا ويعترف�وا بجميع معاهداتنا مع رؤس�اء‬
‫علم منه طبع ًا أن هذا يشمل جميع البالد الداخلة في حدود المملكة العربية ألن‬ ‫العرب اآلخرين ُي ُ‬
‫حكومة بريطانيا العظمى ال تستطيع أن تنقض اتفاقات قد أبرمت بينها وبين أولئك الرؤساء‪.‬‬
‫أما ش�أن واليتي حل�ب وبيروت فحكومة بريطاني�ا العظمى قد فهمت كل ما ذكرتم بش�أنهما‬
‫ودون�ت ذلك عندها بعناية تامة؛ ولكن لما كانت مصالح حليفتها فرنس�ا داخلة فيهما فالمس�ألة‬ ‫ّ‬
‫تحتاج إلى نظر دقيق ‪ ،‬وسنخابركم بهذا الشأن مرة أخرى في الوقت المناسب‪.‬‬
‫إن حكوم�ة بريطاني�ا العظم�ى كم�ا س�بقت وأخبرتك�م مس�تعدة ألن تعط�ي كل الضمان�ات‬
‫والمساعدات التي في وسعها إلى المملكة العربية ولكن مصالحها في والية بغداد تتطلب إدارة‬
‫ودية ثابتة كما رسمتم على أن صيانة هذه المصالح كما يجب تستلزم نظرا أدق وأتم مما تسمح‬
‫به الحالة الحاضرة والسرعة التي تجري بها هذه المفاوضات‪.‬‬
‫وإننا نس�تصوب تماما رغبتكم في اتخاذ الحذر ولس�نا نريد أن ندفعكم إلى عمل س�ريع ربما‬
‫يعرق�ل نجاح أغراضكم ولكننا في الوقت نفس�ه نرى من الض�روري جدا أن تبذلوا مجهوداتكم‬
‫في جمع كلمة الش�عوب العربية إلى غايتنا المش�تركة وأن تحثوهم على نجاح هذه المجهودات‬
‫وعلى التدابير الفعلية التي يمكن للعرب أن يتخذوها إلسعاف غرضنا عندما يجيء وقت العمل‬
‫تتوقف قوة االتفاق بيننا وثباته‪.‬‬
‫وفي هذه األحوال فإن حكومة بريطانيا العظمى قد فوضت لي أن أبلغ دولتكم أن تكونوا على‬
‫ثقة من أن بريطانيا العظمى ال تنوي إبرام أي صلح كان إال إذا كان من ضمن ش�روطه األساس�ية‬
‫حرية الشعوب العربية وخالصها من سلطة آل عثمان واألتراك‪.‬‬
‫ه�ذا وعربون� ًا على صدق نيتنا وألجل مس�اعدتكم في مجهوداتكم في غايتنا المش�تركة فإني‬
‫مرسل مع رسولكم مبلغ عشرين ألف جنيه‪.‬‬
‫وأق�دم ف�ي الختام عاط�ر التحي�ات القلبية وخال�ص التس�ليمات الودية مع مراس�م اإلجالل‬
‫والتعظي�م المش�مولين بروابط األلفة والمحبة الصرفة لمقام دولتكم الس�امي وألفراد أس�رتكم‬
‫تحريرا في ‪ 8‬صفر ‪1333‬‬ ‫المكرمة مع فائق االحترام‪.‬‬
‫المخلص نائب جاللة الملك بمصر‬
‫السيد آرثور هنري مكماهون‬

‫‪229‬‬
‫ِ‬
‫اإلصالح التي نادى‬ ‫وخ ِد َع بِدعوى‬
‫اغتر ُ‬
‫َّ‬
‫(((‬ ‫بل َّ‬
‫إن َش َ‬
‫يخ اإلسال ِم ُمصطفى صبري‬ ‫شيخ اإلسالم‬
‫ِ‬ ‫الخليف�ة ِ‬
‫ِ‬ ‫مصطفى صبري‬
‫الحميد لم�ا كان نائب ًا في‬ ‫عبد‬ ‫عزل‬ ‫ِ‬
‫إق�رار َ‬ ‫به�ا « االتحادي�ون » فش�ارك في‬ ‫وكتابه «الرد على‬
‫ِ‬
‫ومجيء «الكماليين»‬ ‫ِ‬
‫رحيلهم‬ ‫ِ‬
‫األم�ر وبعدَ‬ ‫ِ‬
‫مجل�س «المبعوثان» ُث َّم لما تب َّي َن حقيق َة‬ ‫منكري النعمة من‬
‫الدين والخالفة‬
‫نكري الن ِ‬
‫ِّعمة‬ ‫َّف كتابا سماه «الرد على م ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫وص‬ ‫أتاتورك‬ ‫ِ‬
‫مخططات‬ ‫ِ‬
‫كش�ف‬ ‫في‬ ‫اجتهدَ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫واألمة»‬
‫وكشف‬
‫َ‬ ‫أتاتورك وأساليب ِخ ِ‬
‫داعه ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كشف سياس َة‬ ‫َ‬ ‫والخالفة واألُ َّم ِة» وفيه‬
‫ِ‬ ‫ِم َن الدِّ ِ‬
‫ين‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األوان ‪ .‬كان‬ ‫ِ‬
‫ف�وات‬ ‫الفة؛ ِ‬
‫ولكن بعدَ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ول�ة ِ‬
‫ُحاك ِضدَّ د ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤام�رات التي كانَ�ت ت ُ‬ ‫الم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الش�يخ مصطفى وقت العزل نائب ًا في مجلس المبعوثان ثم عين في عهد الس�لطان‬
‫عبدالمجيد الثاني آخر الخلفاء العثمانيين((( شيخ ًا لإلسالم‪.‬‬
‫ِ‬
‫ثمانية ‪ ،‬ويت َِّض ُح‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة ال ُع‬ ‫جانب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشريف ُح َس ٍ‬
‫ين إلى‬ ‫ف‬ ‫كان ِ‬
‫موق ُ‬ ‫وفي البداية فقد َ‬

‫((( عي�ن الش�يخ مصطف�ى صبري نائب� ًا عن مدينة توق�اد ع�ام ‪1908‬م‪ ،‬وكان نائب�ا في مجلس‬
‫المبعوث�ان ع�ام ‪1909‬حين عزل الس�لطان عبدالحميد‪ ،‬ثم عين ش�يخ ًا لإلسلام في عهد‬
‫عبدالمجي�د الثاني آخر الخلفاء‪ ،‬ف�كان آخر من تقلد هذا المنصب قبل إلغاء الخالفة ‪ ،‬وقد‬
‫كرس جهوده في فضح مخططات االتحاديين فسجنوه ثم تفرغ لفضح مخططات أتاتورك‬
‫وأص�در صحيفة تركية لذلك ‪ ،‬ثم تم نفيه واس�تقر به الن�وى في مصر وفيها ألف كتابه «الرد‬
‫عل�ى منك�ري النعمة» وطبعه في لبنان قبل إلغاء الخالفة بعام واحد‪ ،‬ثم لما ألغيت الخالفة‬
‫تبين للمخدوعين من المسلمين صدق ما أخبرهم به شيخ اإلسالم‪ ،‬وبقي في القاهرة حتى‬
‫وفاته عام ‪ 1954‬رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫((( كان المفت�ي وق�ت عزل الس�لطان عبدالحميد هو الش�يخ نوري أفندي وق�د رفض التوقيع‬
‫على فتوى الخلع وأحال األمر إلى ش�يخ اإلسلام ضياء الدين أفندي الذي رفض أيض ًا ثم‬
‫وقعها بعد تهديده بقتل الس�لطان عبدالحميد إذا لم يوقعها‪ .‬وكان االتحاديون قد قاموا من‬
‫قبل بذبح س�لطان سابق وهو الس�لطان عبدالعزيز عم السلطان عبدالحميد في قصره بقطع‬
‫ش�رايين زنده ثم أش�اعوا أنه انتحار‪« .‬الس�لطان عبدالحميد الثاني‪ ،‬حياته وأحداث عهده»‪،‬‬
‫ألورخ�ان محم�د علي ص‪ ، 280-279‬والكت�اب مزود بالمراجع والوثائ�ق التركية‪ ،‬دار‬
‫النيل ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2008‬‬

‫‪230‬‬
‫�لطان لحج ‪ ،‬ففي رس�التِه لإلمام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�ائله إلى اإلما ِم َيحيى وإلى ُس‬ ‫ِ‬
‫خالل‬ ‫ذلِ َك ِمن‬
‫بعير ‪ .‬وفي ِكتابِه‬
‫قال ٍ‬ ‫سلمين حتَّى بِ ِع ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫خليفة الم ِ‬ ‫ِ‬
‫تقوية‬ ‫وإن واجب ك ُِّل م ِ‬
‫س�ل ٍم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َيحيى ‪َّ :‬‬
‫الزعامة الت ِ‬
‫ُّركية‬ ‫ِ‬ ‫تحت‬
‫سلمين َ‬ ‫مكان تقوي ُة س ِ‬
‫لطان الم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األهمية بِ‬ ‫وم َن‬‫لطان لحج‪ِ :‬‬
‫لس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫عمل نسعى إ َليه ينبغي االهتما ُم بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوحدة‬ ‫أي ٍ‬ ‫وقبل القيا ِم بِ ِّ‬ ‫بِقيادة الخليفة ال ُع ِّ‬
‫ثماني ‪َ ،‬‬
‫والخالف ُة» لِنِ ِ‬
‫ضال‬ ‫ِ‬ ‫«الش�ريف ُح َس�ي ٌن‬
‫ُ‬ ‫ُّركية ‪ .‬اهـ ص‪86‬‬‫الفة الت ِ‬
‫الخ ِ‬‫اإلسلامية م�ع ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫العرب س�ن َة ‪1914‬م لِكَونِه�م أكثر ِ‬
‫عناص ِر‬ ‫ِ‬ ‫المومن�ي ‪ .‬وس� َعت بِريطانيا لِالت ِ‬
‫ِّصال بِ‬
‫َ‬
‫الناحية الدِّ ِ‬
‫ينية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األتراك ِم َن‬
‫ِ‬ ‫أكبر ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ثمانية عد ًدا ‪ ،‬ويتمتَّعون بِ ٍ‬ ‫الدَّ ِ‬
‫تقدير َ‬ ‫ولة ال ُع‬

‫ين بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫الرس�ال ُة ِمن بِريطانيا إلى‬ ‫ِ‬
‫عدلت بريطانيا‬ ‫كر‬ ‫تاريخ ‪ 8‬آب ‪1914‬م ُش َ‬ ‫وتضمنَت ِّ‬
‫مواقفها تجاه‬ ‫ِ‬ ‫ألماك ِن المقدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫الحسنة لِ‬
‫ِ‬
‫الحسين والعرب‬
‫إعادة‬ ‫وتقول ‪ :‬إنَّها ال ت ِ‬
‫ُعار ُض في‬ ‫ُ‬ ‫سة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الشريف على ِخدمتِه‬
‫ِ‬
‫عدة مرات‬ ‫خلق ِخ ٍ‬
‫الفة‬ ‫إمكان ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اآلس�تانة‬ ‫الس�فار ُة البِريطاني ُة بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬
‫واقترحت ِّ‬
‫َ‬ ‫العرب ‪،‬‬ ‫الف�ة إلى‬
‫بحسب ما أملته‬
‫�لطان العثمان�ي إذا ما أعلن ِ‬
‫َت الدَّ ول ُة‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربية لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عليها مصالحها‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ضرب ُس�لطة ُّ‬ ‫الجزيرة‬ ‫جديدة في‬
‫واعتبرتها‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫شأن ِ‬ ‫العثماني ُة الحرب ِضدَّ الح ِ‬
‫لفاء ‪ُ ،‬ثم عدَّ َلت بِريطانيا نظرتَها بِ ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الخ ِ‬‫مسألة ِ‬
‫ِ‬ ‫س�لمين ‪ُ ،‬ث َّم عا َدت بِريطانيا لِ ُّ‬
‫لتدخ ِل في‬ ‫تخص الم ِ‬
‫وأشارت‬
‫َ‬ ‫الفة‬ ‫مس�أل ًة ُ ُّ ُ‬
‫ريطاني في‬ ‫ستش�ار البِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫س�الة الت�ي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫س�تورز ُ‬
‫ُ‬ ‫بعث بها‬ ‫الر‬ ‫إل�ى الخالف�ة العربية في ِّ‬
‫ِ‬ ‫عبدال َّل ِه بِ ِ ِ‬
‫تاريخ تش�رين الثاني ‪1914‬م ‪ ،‬وجا َء فيها ‪ :‬وعس�ى تأمل العبارات‬
‫الش�ريف ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القاهرة إلى‬
‫التي تحمل‬ ‫والنسب ‪ُ ،‬ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يم َّن على المؤمنين بِ‬
‫ف على‬
‫العاطفة الدينية‬
‫شر ُ‬ ‫والحس�ب‬ ‫األصل‬ ‫عربي‬
‫ِّ‬ ‫خليفة‬ ‫ال َّل ُه أن ُ‬
‫من سياسي‬ ‫يومئ ٍذ‬
‫�ك يبدِّ ُل ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المن ََّورة ‪ ،‬وبذل َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫المباركتَي�ن ‪ :‬بي�ت ال َّله الحرا ِم ‪ ،‬والمدين�ة ُ‬
‫ال ُبقعتَي�ن ُ‬
‫أوروبي‬ ‫ِ‬
‫والخالف ُة » ‪.‬‬ ‫الشريف ُح َسي ٌن‬
‫ُ‬ ‫بخير ‪ .‬اهـ ص‪« 89‬‬‫الشر ٍ‬ ‫ر ُّب َك َّ‬
‫زال مرتبِ ًطا بِالدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫كان م ِ‬
‫ولة‬ ‫�ين في ذل َك الوقت ُمت�ر ِّد ًدا ‪ ،‬وم�ا َ ُ‬ ‫�ف‬‫وق ُ‬ ‫َ َ‬
‫الش�ريف عبدُ ال َّل ِه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫ِ‬
‫والتس�ويف ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ماطلة‬ ‫الرس�الة بِ ُ‬
‫الم‬ ‫تلك ِّ‬
‫ِ‬
‫ثمانية ‪ ،‬فر َّد على َ‬ ‫ال ُع‬
‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫جاز بِ ِ‬ ‫العرب في ِ‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫تمس َك‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قبل ذلِ َك‬
‫قد أ َّكدَ َ‬
‫ستوزر ُّ‬
‫َ‬ ‫رسالة إلى‬ ‫التاريخ في‬

‫‪231‬‬
‫س�نة ‪1914‬م‬ ‫قبل ِ‬ ‫ِ‬
‫العربية َ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫الش�ريف حس�ينًا ل�م يفكِّر بِ ِ‬ ‫وذكر َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ثمانية ‪،‬‬ ‫ال ُع‬
‫ُ ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫وف بِريطانيا ِمن‬ ‫�ين َخ ُ‬ ‫ِ‬
‫بالش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫ِّصال‬ ‫ِ‬
‫عاودة بِريطانيا االت َ‬ ‫ِ‬
‫أس�باب ُم‬ ‫وكان ِمن‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬
‫ِ‬
‫الوالء‬ ‫ند الذي�ن يدينون ُروح ًّي�ا بِ‬ ‫اله ِ‬
‫س�لمين ف�ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ثماني�ة على الم ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الف�ة ال ُع‬ ‫تأثي�ر ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الدعوة إلى‬ ‫إبطال ِ‬
‫تأثير‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الشريف‬ ‫ثماني ‪ ،‬فأرا َدت بِريطانيا ِم َن اتِّصالِها بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لسلطان ال ُع ِّ‬‫ل ُّ‬
‫تخفيف ِ‬
‫أثرها ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األقل‬ ‫ثماني ‪ ،‬أو عل�ى‬ ‫ُ‬ ‫المقدَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫�لطان ال ُع ُّ‬ ‫الس‬
‫س ‪ ،‬التي أعلنَها ُّ‬ ‫الجه�اد ُ‬
‫العربية ِخ َ‬
‫الل‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫كرة ِ‬
‫خلق فِ ِ‬
‫الرأي فساندَ تها في ِ‬ ‫َّ‬ ‫وشاركَت فرنسا بِريطانيا هذا‬ ‫فكرة الخالفة‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫ِ‬
‫تنصيب‬ ‫أن فِكر َة‬ ‫ِ‬
‫ثمانية ‪ ،‬و ُيذك َُر َّ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة ال ُع‬ ‫لضرب ِ‬
‫ِ‬ ‫س�نة ‪1914‬م‬ ‫ِ‬ ‫العربي فكرة‬
‫فرنسية‪ ،‬كان‬
‫هاد دفعهم إلى ِز ِ‬
‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫إعالن ِ‬ ‫وف الح ِ‬
‫لفاء ِمن‬ ‫فِكر ٌة فِ ِرنسي ٌة بحت ٌة ‪َّ ،‬‬
‫يادة االهتما ِم‬ ‫َ‬ ‫وأن َخ َ ُ‬ ‫المرجو منها خلق‬
‫ِ‬
‫الشريف ُح َس ٍ‬
‫ين ‪ .‬اهـ ص‪. 92 – 90‬‬ ‫بِ‬ ‫بابوية إسالمية‬

‫فقال ‪:‬‬ ‫األس�باب الت�ي أدت إلى قي�ا ِم ال َّث ِ‬


‫�ورة ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫�ف إلى‬‫المؤ ِّل ُ‬
‫َّ‬ ‫أش�ار ُ‬
‫َ‬ ‫وف�ي ص‪99‬‬
‫ين على الدَّ ِ‬
‫ولة‬ ‫ِ‬
‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫ِ‬
‫زعامة‬‫العرب بِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسباب ُخ ِ‬
‫روج‬ ‫ول في‬ ‫اختلف ال َق ُ‬
‫َ‬ ‫ومهما‬
‫ٍ‬
‫عربية‬ ‫ثمانية وإقام� َة ِخ ٍ‬
‫الفة‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة ال ُع‬ ‫أن القضاء عل�ى ِ‬ ‫المؤك َِّد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ال ُعثماني�ة فإنَّه م� َن ُ‬
‫األسباب وإنَّما كانَت ِضدَّ االتِّحاد ِّيين وتس ُّلطِهم على‬
‫ِ‬ ‫مية لم ي ُك ْن ِمن َبي َن تِ َ‬
‫لك‬ ‫هاش ٍ‬
‫ِ‬
‫إعالن ال َّث ِ‬
‫ورة على‬ ‫ِ‬ ‫نذ‬‫وحرص ُح َسي ٌن ُم ُ‬ ‫ثمانية ‪ .‬اهـ ‪ ،‬وفي ص‪َ 100‬‬
‫قال ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ولة ال ُع‬‫الدَّ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫إخالصه ووالئه‬ ‫ِ‬
‫وإظهار‬ ‫ِ‬
‫ثمانية‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمية ال ُع‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫�كه بِ ِ‬
‫إعالن تمس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األتراك على‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حمد رشاد‬‫السلطان ُم َّ‬‫الرسالة التي بع َثها إلى ُّ‬ ‫لسلطان ال ُعثماني ‪ ،‬ويتَّض ُح ذل َك م َن ِّ‬ ‫ل ُّ‬
‫ِ‬
‫العربية ال يعني‬ ‫قالل البِ ِ‬
‫لاد‬ ‫إعالن اس�تِ ِ‬ ‫َ‬ ‫تاري�خ ‪ 12‬تم�وز عا َم ‪1916‬م أ َّكدَ فِيها َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬

‫اإلعالن ِضدَّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامية ‪ ،‬وإنَّما ج�ا َء هذا‬ ‫ثمان لِلبِ ِ‬
‫الد‬ ‫آل ُع َ‬ ‫سلاطين ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعمال‬ ‫إن�كار‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫تقديرنا‬ ‫احترامن�ا وعظي ِم‬ ‫يعلم مدى‬ ‫االتِّحاد ِّيي�ن ‪ ،‬وج�ا َء في نهاية ِرس�الته ‪ :‬وال َّل� ُه ُ‬
‫ِ‬
‫ثمانية ‪ .‬اهـ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لسلطنة ال ُع‬ ‫شخصكم الهمايوني السامي ولِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫الش�ريف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلمارة وع َّينوا‬ ‫ِ‬
‫منصب‬ ‫الش�ريف ُح َس�ينًا ِمن‬
‫َ‬ ‫عزل االتِّحاديون‬ ‫ِ‬
‫وعندَ م�ا َ‬

‫‪232‬‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫أميرا على م َّك َة في ‪ 20‬شعبان ‪1334‬هـ « ‪ُ 21‬ح َزيران ‪1916‬م » ـ‬ ‫علي َحيدر ً‬
‫ين كتا ًبا يلو ُم‬ ‫ِ‬
‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫حيدر إلى‬ ‫الشريف‬ ‫كتب‬ ‫ِ‬ ‫العرب بِ‬
‫ِ‬ ‫هد ُفهم‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫العرب ـ َ‬ ‫ضرب‬
‫َ‬
‫تاب‬ ‫الش�ريف ُح َسي ٌن بِ ِك ٍ‬
‫ُ‬ ‫روجهما على الدَّ ِ‬
‫ولة ‪ ،‬فأجا َبه‬ ‫الش�ريف وولدَ ه عل ًّيا لِ ُخ ِ‬
‫َ‬ ‫فيه‬
‫فرضا على‬ ‫أصبح ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫العرب على االتِّحاد ِّيي�ن‬ ‫إن ُخ َ‬
‫روج‬ ‫حر ٍم ‪َ 1335‬‬
‫قال في�ه ‪َّ :‬‬ ‫ف�ي ُم َّ‬
‫ُ‬
‫أعمال االتِّحاد ِّيين‬ ‫العرب ه�ي‬‫ِ‬ ‫أس�باب ُخ ِ‬
‫روج‬ ‫وأضاف ‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫العرب والم ِ‬
‫س�لمين ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫العربية بعدَ س ِ‬
‫قوط‬ ‫ِ‬ ‫قالل البِ ِ‬
‫الد‬ ‫حفظ استِ ِ‬
‫ُ‬ ‫هدف ال َّث ِ‬
‫ورة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫والعرب ‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ِضدَّ اإلسلا ِم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والخالف ُة»‪.‬‬ ‫«الشريف ُح َسي ٌن‬
‫ُ‬ ‫أصبح وشيكًا ‪ .‬اهـ ص‪103‬‬ ‫ِ‬
‫ثمانية ‪ ،‬الذي‬ ‫الدَّ ِ‬
‫ولة ال ُع‬
‫َ‬
‫اله ِ‬
‫ند ال َّثور َة العربي َة ‪ ،‬واعتبروها ِضدَّ‬ ‫عارض الم ِ‬
‫س�لمون في ِ‬ ‫َ‬ ‫وفي ص‪َ 104‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫ُ‬
‫روجه‬ ‫ِ‬
‫الخليفة ‪ ،‬وأنَّ�ه بِ ُخ ِ‬ ‫ِ‬
‫طاع�ة‬ ‫الش�ريف ُح َس�ينًا ِ‬
‫خار ًجا على‬ ‫َ‬ ‫الخ ِ‬
‫الف�ة ‪ ،‬واعتبروا‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫لخطر ‪.‬‬‫األماكن المقدَّ س َة لِ‬
‫ِ‬ ‫عر َض‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫علماء الشام‬ ‫ولة العل َّي ِة‬
‫ُص�رة الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫وأص�در ُعلماء الش�ا ِم فتوى ِض�دَّ َث ِ‬
‫ورة ُح َس ٍ‬
‫�ين ‪ ،‬ود َعوا إلى ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وفتواهم ضد‬
‫ثورة الحسين‬
‫أمير م َّك َة الس�ابِ ِق ِم َن‬
‫الش�ريف ُح َس�ي ٌن ُ‬
‫ُ‬ ‫وإن ما فع َله‬ ‫ِ‬
‫ثماني�ة ‪ ،‬وج�ا َء في الفتوى ‪َّ :‬‬ ‫ال ُع‬
‫لقرآن ولِ ُّسن َِّة‬
‫ِ‬ ‫ف لِ‬‫حم ِد رشاد خان ُمخالِ ٌ‬ ‫ِ‬
‫المسلمين ُم َّ‬
‫ِ‬
‫المؤمنين إما ِم ُ‬ ‫روج على ِ‬
‫أمير ُ‬ ‫ُ‬
‫الخ ِ‬
‫لس�خط ال َّل ِه تعالى ورس�ولِه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫لإلنكليز م ِ‬
‫وج ٌ‬ ‫ِ ُ‬ ‫أن التِجا َءه‬ ‫النب�ي الكري� ِم ‪ ، m‬كم�ا َّ‬
‫ِّ‬
‫الكاذ ِبة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المواعي�د‬ ‫مخدوع بِ‬
‫ٌ‬ ‫س�لمين ‪ ،‬وهو‬ ‫ونف�رة ُعمو ِم الم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ع َليه الصال ُة والسلا ُم‬
‫ول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه ‪ .‬وو َّق َع الفتوى اثنان وخمسون عالِ ًما‬ ‫واألضاليل الباطِ ِ‬
‫لة فال َح َ‬ ‫ِ‬
‫العرب في‬ ‫عارضها‬ ‫ِ‬
‫أنحاء العال ِم ال َّثورة ‪ ،‬كم�ا‬ ‫الس�ن ُّيون في‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫المس�لمون ُّ‬ ‫وعارض ُ‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫والخالف ُة» ‪.‬‬ ‫«الشريف ُح َسي ٌن‬
‫ُ‬ ‫راج ْع ص‪106-105‬‬ ‫المغرب العربي ‪ِ .‬‬
‫ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫يخ الكُو ِ‬ ‫بارك ابن س ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫المحمرة َثور َة‬ ‫وش ُ‬
‫يخ‬ ‫يت َ‬ ‫َ‬ ‫وش ُ‬ ‫�عود َ‬ ‫وعلى الرغ ِم من ذل َك فقد َ ُ ُ‬
‫المصدر السابِ ُق ص‪. 106‬‬
‫ُ‬ ‫ُح َسين في تِشري َن الثاني ‪1916‬م ‪ .‬اهـ ‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫الحج س�ن َة ‪1334‬هـ ُخطب ًة أ َّيد فِيها‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ناسبة‬ ‫وخطب الس� ِّيدُ رش�يدُ ِرضا في م َّك َة بِ ُم‬ ‫َ‬ ‫الشيخ رشيد رضا‬

‫الحجاز ُّيون ‪ ،‬إِ َّن َمن يك ُف ُر لهذا‬ ‫وقال ‪ :‬أيها ِ‬ ‫ِ‬


‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫يخطب في مكة ال َّثور َة العربي َة وم ِ‬
‫ين ‪ُّ َ ،‬‬ ‫ف‬ ‫وق َ‬ ‫َ‬ ‫بتأييد الشريف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يجب‬
‫ُ‬ ‫المسل َ‬
‫مون ‪،‬‬ ‫الناس للنِّ َع ِم ‪ ،‬أ ُّيها ُ‬ ‫المنقذ هذه النِّعم َة فهو ُ‬
‫أكفر‬ ‫المصل ِح ُ‬ ‫الرج ِل ُ‬
‫ُ‬ ‫حسين‬

‫الزمن ‪ .‬ص‪. 108‬‬ ‫ِ‬ ‫دمة لِإلسال ِم في هذا‬ ‫العمل هو أعظم ِخ ٍ‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أن هذا‬‫أن تعلموا َّ‬
‫ِ‬
‫لخليفة‬ ‫إخالص�ه لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تأكيد‬ ‫الق ِ‬
‫بلة ف�ي‬ ‫جريدة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خالل‬ ‫الش�ريف ُح َس�ي ٌن ِمن‬
‫ُ‬ ‫واس�تمر‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫النفوذ‬ ‫ِ‬
‫ازدياد‬ ‫خاص ًة بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلضافة إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثماني بِ‬
‫إبراز ُسلطة االتِّحاد ِّيين على الدَّ ولة َّ‬ ‫ال ُع ِّ‬
‫أصبح االتِّحاد ُّيون ُيجبِرون الخليف َة على توقي ِع‬ ‫ِ‬
‫ثمانية حتَّى‬ ‫األلمان�ي في الدَّ ِ‬
‫ولة ال ُع‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫المصدر السابِ ِق ص‪. 111‬‬ ‫ُ‬ ‫األوامر التي ُيصدرونها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وس� ِم الحج لِ ِ‬ ‫الل م ِ‬ ‫الش�ريف حس ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫س�نة‬ ‫ِّ‬ ‫�ين ملكًا خ َ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫عنوان «‬ ‫تحت‬
‫الشريف ينصب وف�ي ص‪َ 113‬‬
‫ٍ‬
‫عربية‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مملكة‬ ‫التأسيس لِ‬
‫ِ‬ ‫شرع ُح َسي ٌن بِ‬ ‫ِ‬
‫خمسة ُش ٍ‬ ‫نفسه ملكا ‪ 1334‬هـ » بعدَ ال َّث ِ‬
‫ورة بِ‬
‫هور تقري ًبا َ‬ ‫لمملكة عربية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفس�ه ملكًا‬ ‫األول ‪1916‬م » َ‬ ‫حرم ‪1335‬هـ « ‪ 28‬تش�رين َّ‬ ‫ومرجعا دينيا وأعل� َن َيو َم الس�بت ‪ُ 1‬م َّ‬
‫للمسلمين‬
‫ِ‬
‫اإلسلامية‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫مس�ألة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البحث في‬ ‫ُ‬
‫تأجيل‬ ‫وتم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العرب ومرج ًعا دين ًّيا لهم ‪َّ ،‬‬ ‫على‬
‫قرار بِشأنِها ‪ .‬اهـ‬ ‫يجتمع العالم اإلسالمي على ات ِ‬
‫ِّخاذ ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫حتَّى‬
‫طاب موج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلسلامي‬
‫ِّ‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫�ه إلى العال ِم‬ ‫كرم�ة في خ ٍ ُ َّ‬ ‫وأعل� َن ُعلم�ا ُء م َّك َة ُ‬
‫الم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ين بِالم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وبالمرجعية الدينية ُخ َ‬
‫�روج االتِّحاد ِّيين‬ ‫لك‬ ‫بِ ُمناس�بة َبيعتهم للش�ريف ُح َس ٍ ُ‬
‫عن الدَّ ِ‬
‫ولة‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة ِ‬ ‫وأس�قط ُعلماء م َّك َة في خطابِهم ِصف َة ِ‬‫َ‬ ‫اإلسلامي ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الدين‬ ‫على‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫أن المملك� َة ـ أي ‪ :‬الدَّ ول� َة العثماني َة ـ ِ‬
‫قد‬ ‫ثماني�ة بِقولِه�م ‪ :‬ها نح ُن ن�رى بأع ُينِنا َّ‬
‫ِ‬ ‫ال ُع‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫سبب م ِ‬
‫وج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫انسلخت عن ِ‬
‫ب‬ ‫اإلسالمي الذي نعهدُ ه ‪ ،‬وص ْرنا ُك َّلما بح ْثنا عن ٍ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫شكلها‬ ‫َ‬
‫المصدر‬ ‫ِ‬
‫الجماعة ال نجدُ ه ‪ .‬اهـ‬ ‫الفة وانتِظا ِم‬
‫الخ ِ‬‫روط ِ‬
‫شرط من ُش ِ‬
‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫للطاعة وعن ِّ‬
‫السابِ ُق ص‪. 115‬‬

‫‪234‬‬
‫عل الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واحتجت بِريطانيا وفرنس�ا على ِ‬
‫لقب ُح َس ِ‬
‫لفاء‬ ‫�ين الجديد ‪ ،‬وكانَت ر َّد ُة ف ِ ُ‬ ‫َّ‬
‫أمل في الح ِ‬
‫لفاء ُ‬
‫حيث لم‬ ‫االعتراف ‪ ،‬و ُأصيب حس�ين بِ َخ ِ‬
‫يب�ة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالتهنئة وعد ِم‬ ‫تتم َّث ُ�ل‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫المصدر السابِ ُق ص‪. 116‬‬ ‫جاز فقط ‪ .‬اهـ‬ ‫ملكًا على ِ‬
‫الح ِ‬ ‫يعترفوا بِه إلاَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬

‫تاريخ ‪ 4‬ربيع الثاني ‪1337‬هـ « ‪ 17‬تِش�رين الثاني‬‫بلة بِ ِ‬ ‫الق ِ‬


‫وص�در أمر ملكي ف�ي ِ‬
‫ٌّ‬ ‫َ ٌ‬
‫الش�ريفة بِنا ًء على اس�تِ ِ‬
‫مرار‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫طبة‬ ‫ثماني في ُ‬ ‫ِ‬
‫الس�لطان ال ُع ِّ‬ ‫‪1918‬م » بِرف ِع اس� ِم ُّ‬
‫(((‬

‫طبة الجم ِ‬
‫عة بِاس� ِم‬ ‫ثمانية ‪ ،‬وأصبح الدُّ عاء في ُخ ِ‬
‫ِ‬ ‫س�يطرة االتِّحاديين على الدَّ ِ‬
‫ولة ال ُع‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الش�ريف‬ ‫ين س� ِّي ِدنا وموالنا‬ ‫ِ‬
‫العربية ُق َّر َة ك ُِّل َع ٍ‬ ‫ومل ِك البِ ِ‬
‫الد‬ ‫وأميرها ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش�ريف م َّك َة‬ ‫«‬
‫المصدر السابِ ُق ص‪. 119‬‬
‫ُ‬ ‫ُح َس ٍ‬
‫ين » ‪.‬اهـ ‪.‬‬

‫الملك حسين‬ ‫أمير المؤمنين » ‪ ،‬وخاط َبه ُ‬


‫أهل‬ ‫منش�ورا ملك ًّيا بِتلقيبِه « ُ‬
‫ً‬ ‫الش�ريف ُح َس�ي ٌن‬
‫ُ‬ ‫وأصدر‬
‫َ‬
‫يلقب نفسه بأمير‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مل ِ‬ ‫الش�ا ِم بِ ِ‬
‫برقي�ة بعثوا بها ‪:‬‬ ‫س ‪ ،‬وخاط َب�ه ُ‬
‫أهل يافا في‬ ‫المقدَّ ِ‬‫العرب والخليف�ة ُ‬‫ِ‬ ‫�ك‬
‫المؤمنين‬
‫الصريحة لِ ُح َس ٍ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫قة » ‪ .‬وفِيها إش�ار ٌة إلى َبيعتِهم‬‫الصاد ِ‬
‫ِ‬ ‫بول عبوديتِنا‬‫«هذه ال َبيع ُة و َق ُ‬
‫ِ‬
‫اإلسلامية‬ ‫ِ‬
‫الخالفة‬ ‫أه�ل ِ‬
‫الع ِ‬
‫راق ُح َس�ينًا بِ‬ ‫وبايع ُ‬ ‫الهاش ِ‬
‫�مية ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامية‬ ‫الخ ِ‬
‫الف�ة‬ ‫بِ ِ‬
‫َ‬
‫صراح ًة ‪.‬‬
‫الخ ِ‬
‫الفة َ‬
‫قال‬ ‫روج عن مبدأِ ِ‬ ‫ولم�ا تو َّلى مصطفى أتاتورك الحكم ِ‬
‫وعم َ�ل على ُ‬
‫الخ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫المصدر السابِ ُق‬
‫ُ‬ ‫سلمين فِيها ‪.‬‬ ‫َ َ ُ‬
‫المل ُك حسين ‪ :‬يرحم ال َّله ِ‬
‫الخالف َة ‪ ،‬وأحسن عزاء الم ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ َ ٌ‬
‫ِ‬

‫ف‪.‬‬‫ص‪ 123‬بِتصر ٍ‬
‫ُّ‬
‫كبطل ُأس�طوري في الدِّ فا ِع عن أراضي تُركيا ِضدَّ الح ِ‬
‫لفاء‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبرز ُمصطفى أتاتورك‬
‫بروز مصطفى‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫كمال أتاتورك‬
‫كبطل قومي في‬
‫مقاومة الحلفاء‬
‫((( وهي ذاتها س�نة وفاة الس�لطان عبدالحميد الثاني في منفاه بالبلقان! وتجدر اإلشارة إلى أن‬
‫الذين احتلوا‬
‫اسطنبول‬ ‫الس�لطان عبدالحميد هو الذي عينه بإجبار م�ن االتحاديين على إمارة مكة قبيل تنحيته عن‬
‫الحكم (عام ‪1326‬هـ ـ ‪1908‬م) ‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫ف الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫س�لمون م َعه‬ ‫يعم�ل على تَوحيد تُركي�ا والحفاظ ع َليها ‪ ،‬وتعا ُط َ ُ‬
‫ُ‬ ‫أتات�ورك‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫األجنبي ‪،‬‬ ‫الس�ادس الخاض� ِع لِلن ِ‬
‫ُّفوذ‬ ‫ِ‬ ‫حم ٍد‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأصب�ح بِ‬
‫ِّ‬ ‫أفضل م َن الخليفة ُم َّ‬ ‫النس�بة لهم‬ ‫َ‬
‫الشعراء ‪ِ ،‬‬ ‫األتراك لِالحتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمون بِ‬‫ورحب الم ِ‬
‫ومنهم أحمدُ‬ ‫وآزره ُّ ُ‬
‫األجنبي ‪َ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫الل‬ ‫مقاومة‬ ‫َّ َ ُ‬
‫تصر ٍف‪.‬‬
‫المصدر السابِ ُق ص‪ 136‬بِ ُّ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫قصيدة له ‪.‬‬ ‫َ‬
‫أتاتورك في‬ ‫امتدح‬
‫َ‬ ‫َشوقي ‪ ،‬الذي‬ ‫أحمد شوقي‬
‫يمتدح أتاورك في‬
‫ِ‬
‫الحرب وخال َلها ‪،‬‬ ‫كثيرا من أهميتِها ُق َب َ‬
‫ي�ل‬ ‫ِ ِ‬
‫وكانَ�ت الخالف� ُة ال ُعثماني ُة قد فق�دَ ت ً‬ ‫قصيدة له‬

‫َ‬
‫وترك‬ ‫أتاتورك في أنقرة هو الذي يدير أمر الدَّ ِ‬
‫ولة ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫رئاسة‬ ‫الوطني بِ‬ ‫المجلس‬ ‫وصار‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المجيد‬ ‫ترش�يح ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أتاتورك على‬ ‫الفة ‪ِ ،‬‬
‫وعم َل‬ ‫الخ ِ‬
‫منصب ِ‬ ‫الدي�ن ِ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫�لطان وحيدُ‬ ‫الس‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫اعتباره خليف ًة لِلم ِ‬
‫س�لمين وخاد ِم الحر َمين الشري َفين ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العزيز ‪ ،‬وو َّق َع وثيق ًة بِ‬ ‫بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫المصدر السابِ ُق ص‪ 142 ، 137‬بِتصر ٍ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫س�لمين في ‪ 18‬تِش�رين الثاني ‪ِ 1922‬م َن‬‫المجيد الثاني خليف ًة لِلم ِ‬


‫ُ‬
‫ِ‬ ‫�ب عبدُ‬ ‫ِ‬
‫وانتُخ َ‬ ‫الخليفة‬
‫ٍ‬ ‫عبدالمجيد الثاني‬
‫مع‬ ‫ِ‬
‫بالتنس�يق َ‬ ‫ُ‬
‫أتاتورك فيما بعدُ‬ ‫نجح‬
‫دون ُس�لطة » حتَّى َ‬‫الوطني « ِخالف ًة َ‬
‫ِّ‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫المجل ِ‬
‫ينتخب بال سلطة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بِريطانيا على إلغاء الخالفة وإعالن ُ‬
‫الجمهورية ‪.‬‬ ‫حقيقية‬

‫الكثير ِمنه�م ِم َّما َ‬


‫فعل‬ ‫ِ‬ ‫وتب�ر ِؤ‬ ‫ِ‬
‫المس�لمين ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجمهوري�ة إل�ى س�خط ُ‬ ‫ُ‬
‫إعلان ُ‬ ‫وأدى‬
‫ف‪.‬‬‫أتاتورك ‪ ،‬وذمه الذين مدحوه سابِ ًقا ‪ .‬المصدر السابِ ُق ص‪ 144‬بِتصر ٍ‬
‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫لجأ إل�ى الس ِ‬
‫�فارة البِ‬ ‫�لطان عبدالمجيد َ‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وطلب‬
‫َ‬ ‫ريطانية ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫�ع الخليف ُة ُّ‬
‫الس‬ ‫ولم�ا ُخل َ‬
‫َّ‬
‫الح ِ‬
‫جاز ‪ ،‬وقبِ َل‬ ‫�لطان يدعوه لِل ُقدو ِم إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬
‫فأرس�ل المل ُك ُح َس�ي ٌن إلى ُّ‬
‫الس‬ ‫ماية ؛‬
‫الس ُ‬
‫لطان الدعو َة ‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ووصل إلى ِجد َة َيو َم اإلثن ِ‬
‫وجرت‬‫َين ‪ 15‬كانون الثاني ؛ فاستقب َله المل ُك ُح َسي ٌن ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫الجميع إلى م َّك َة واس�تُقبِ َل بها‬
‫ُ‬ ‫توج�ه‬ ‫َ‬
‫كانون الثاني َّ‬ ‫قبال ‪ ،‬وف�ي ‪20‬‬ ‫مراس�يم االس�تِ ِ‬
‫ُ‬
‫المل ِك‬
‫حبة ِ‬ ‫المس�ج ِد الحرا ِم بِص ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الج ُمع َة في ‪ُ 2‬ش�باط في‬
‫كبيرا ‪ ،‬وصلى ُ‬ ‫ً‬ ‫اس�تقبالاً‬

‫‪236‬‬
‫الخ ِ‬
‫طبة‬ ‫ين في ُ‬ ‫لمل ِك ُح َس ٍ‬ ‫ين ‪ ،‬وكذلِ َك في الجمعتَين التاليتَين ‪ ،‬وسمع الدُّ عاء لِ ِ‬ ‫ُح َس ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫الطائف في الخميس ‪ 1‬الخليفة المخلوع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدين إل�ى‬ ‫َ‬
‫وانتقل الخليف ُة وحيدُ‬ ‫ِ‬
‫لخليفة ‪،‬‬ ‫ولي�س الدُّ ع�اء لِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يغادر إلى مكة ثم‬ ‫آذار ‪1923‬م ‪ ،‬وأق�ام به�ا أيام�ا ُث�م ع�اد إلى م َّك َة ِ‬
‫إلى سويسرا‬
‫س�افر في ‪1‬‬
‫َ‬ ‫ومنه�ا إلى ِجد َة ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫غادرة‬ ‫ين ُق َب َيل ُم‬ ‫لطان وحيدُ الدِّ ِ‬
‫الس ُ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫رمضان ‪1341‬هـ بِ‬
‫اعتبار اعتالل صحته ‪ ،‬وأعل َن ُّ‬
‫ِ‬
‫العالمية‬ ‫ِ‬
‫الحرب‬ ‫عرض وض ِع تُركيا ِخ َ‬
‫الل‬ ‫اإلسالمي جا َء فيه ُ‬ ‫منشورا لِلعال ِم‬ ‫جاز‬ ‫ِ‬
‫الح ِ‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫�لطان عن‬ ‫وس�يطرة االتِّحاد ِّيين على الدَّ ولة ‪ ،‬ودفا ِع ُّ‬
‫الس‬ ‫‪ ،‬و ُظروف تو ِّليه الخالفة ‪َ ،‬‬
‫مل ِك‬
‫كر لِ ِ‬
‫المنشور بِ ُش ٍ‬ ‫الخ ِ‬‫لقضاء على ِ‬‫ِ‬ ‫وسعي مصطفى كمال لِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وضم َن‬
‫َّ‬ ‫الفة ‪.‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫نفسه ‪،‬‬
‫الد المقدَّ ِ‬
‫سة وتوجه نحو سويسرا‪.‬‬ ‫وأهله في البِ ِ‬
‫ِ‬ ‫جاز على ضيافتِه‬ ‫ِ‬
‫الح ِ‬
‫ُ‬
‫يتن�ازل له ِ‬
‫عن‬ ‫َ‬ ‫الدي�ن ؛ لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحيد‬ ‫ِ‬
‫�لطان‬ ‫الس‬ ‫َ‬ ‫إن ِ‬
‫المل َ‬ ‫ِ‬
‫وق َ‬
‫ي�ل ‪َّ :‬‬
‫ضغ�ط على ُّ‬ ‫�ك ُح َس�ينًا‬
‫المصدر السابِ ُق‬ ‫رجاعها ِ‬
‫لنفس�ه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫طالبة باس�تِ‬
‫رفض ‪ ،‬وأصر على الم ِ‬ ‫الفة ِ‬
‫ولكنَّه َ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ف‪.‬‬ ‫‪ 158 - 153‬بِتصر ٍ‬
‫ُّ‬
‫يكون معنى « فِ ِ‬
‫تنة‬ ‫ُ‬ ‫يخ السهارنفوري ِ‬
‫رح َمه ال َّل ُه‬ ‫الش ُ‬
‫فس َره َّ‬
‫ُّ‬ ‫وعلى هذا التفسير الذي َّ‬
‫ؤامرات ُمب َّط ٍنة‬
‫ٍ‬ ‫ثمانية وما طر َأ ِمن ُم‬
‫ِ‬ ‫ضعف الدَّ ِ‬
‫ول�ة ال ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫ِ‬
‫األحلاس » يعو ُد إلى‬
‫ِ‬
‫وس�ية‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫لغار وثوراتِهما ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ِ‬
‫البلقان وال ُب ِ‬ ‫تمزيقها ‪ ،‬وما جرى في تمر ِ‬ ‫لِ ِ‬
‫الحرب ُّ‬ ‫دات‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اليات‬ ‫وس عل�ى ِ‬
‫الو‬ ‫الر ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫وس ‪ ،‬وامت�دَّ ُهجو ُم ُّ‬ ‫فانضم�ت روماني�ا إلى ُّ‬
‫َّ‬ ‫ثماني�ة ؛‬‫ال ُع‬
‫ِ‬
‫األناضول ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ثمانية حتَّى‬ ‫ال ُع‬

‫تجاوب فِيه�ا ُ‬
‫بعض ُحكَّا ِم‬ ‫َ‬ ‫الس�ر ِاء » ‪ ،‬وهي المرحل� ُة التي‬‫َّ‬
‫وتاله�ا مرحل� ُة « فِ ِ‬
‫تنة‬
‫ِ‬
‫س�اومات‬ ‫إدراك ـ لِ ُم‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫�إدراك أو بِ َغ ِير‬ ‫ِ‬
‫واإلسلامية ـ بِ‬ ‫ِ‬
‫العربي�ة‬ ‫قبائ�ل البِ ِ‬
‫الد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورؤس�اء‬
‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إث�ارة الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ب�ول إغراءاتِهم بِ‬ ‫ِ‬
‫عمارية و َق ِ‬ ‫ول االس�تِ‬
‫الدُّ ِ‬
‫كالقومي�ة العربية‬ ‫القومية ‪،‬‬ ‫ُّعرة‬

‫((( كان لليهود وعلى رأس�هم « هرتزل » الدور المباش�ر في إثارة المس�ألة القومية ‪ ،‬حيث كان‬

‫‪237‬‬
‫س�اعدات م ٍ‬
‫عينة‬ ‫ٍ‬ ‫آنذاك ُمقابِ َل ُم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ثماني�ة‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامية ال ُع‬ ‫جس�د الدَّ ِ‬
‫ولة‬ ‫ِ‬ ‫صال عن‬ ‫ِ‬
‫واالنف ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ثمانية سياس� ًّيا‬ ‫فس�اد الدَّ ِ‬
‫ول�ة ال ُع‬ ‫ِ‬ ‫وغيره�ا ‪ ،‬بِاعتِ ِ‬
‫بار‬ ‫ِ‬
‫واألغذية ِ‬ ‫ِ‬
‫والسلاح‬ ‫ِ‬
‫الم�ال‬ ‫ِم� َن‬
‫مك ُن‬‫البعض إنقا َذ ما ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاول�ة‬ ‫ِ‬
‫واإلسلامية ‪ ،‬و ُم‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫�كاس ذلِ َك على البِ ِ‬
‫الد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وانع‬
‫ُ‬
‫األمر بعدَ ذلِ َك على‬
‫فكان ُ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫العربية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مصلحة اإلسال ِم واألُ َّمة‬ ‫إنقا ُذه ِم َّما ُيعت َقدُ أنَّه ِمن‬
‫القرار السياس�ي مع ِ‬
‫إثارة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغرب على‬ ‫ت القضي ُة إلى ِو ِ‬
‫صاية‬ ‫َغي�ر المتو َّق ِع ‪ ،‬وتحو َل ِ‬
‫ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫فريق ِضدَّ َ‬
‫اآلخ ِر((( ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س�اندة ك ُِّل ٍ‬ ‫الحك ِم و ُم‬ ‫ِ‬ ‫الداخلي َبي َن ُحكَّا ِم‬ ‫الصرا ِع‬
‫العرب على ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫حديث التمايز‬
‫والتمايل‬
‫والمعامع‬
‫اليه�ود يطالب�ون بوطن قومي له�م ولكنهم لم يجدوا في البداية قب�وال من الدول العظمى ‪،‬‬
‫حت�ى بدأ العمل المش�ترك بين بريطانيا واليه�ود ‪ ،‬وعقدت المؤتم�رات العديدة حول هذه‬
‫المسألة ‪ ،‬وبدأت بعض الدول بتبني مشروع القوميات وإثارة النعرات فيها ‪ ،‬وكان أول من‬
‫عانى من ذلك دولة الخالفة نفسها ؛ حيث قامت العناصر المحرضة على القومية بالمطالبة‬
‫الملح�ة بفصل قوميات بلغاريا والمجر والبوس�نة والهرس�ك وغيرها عن دولة اإلسلام ‪،‬‬
‫وتذرعوا بش�تى الحيل والوس�ائل ‪ ،‬وكان هذا تمهيدا سياس�يا إلنجاح مطالبة اليهود بوطن‬
‫قومي في قلب البالد اإلسلامية ‪ ،‬ونجحت الفكرة بدعم الدول األروبية وأمريكا ‪ ،‬وتحقق‬
‫االنهي�ار والتقس�يم في الدولة اإلسلامية ‪ ،‬وتحقق�ت دولة الصهيونية وغيرها من مش�اريع‬
‫الدجل والسياسة ‪.‬‬
‫((( ظهرت في مصر بعد سقوط دولة الخالفة دعوة من خالل األزهر لعقد مؤتمر إسالمي عام‬
‫لمناقشة مسألة « الخالفة اإلسالمية » ‪ ،‬وكان وراء هذه الدعوة الملك فؤاد الذي كان يرغب‬
‫في أن يصبح خليفة للمس�لمين ‪ ،‬وعقد المؤتمر في العاش�ر من شعبان سنة ‪1343‬هـ ‪ ،‬بعد‬
‫أي�ام من هدم الخالف�ة ‪ ،‬واتفق المؤتمرون على عقد مؤتمر آخ�ر ‪ ،‬يدعى إليه جميع ممثلي‬
‫األمم اإلسلامية للبت في من تس�ند إليه الخالفة اإلسالمية بدال عن عبدالمجيد العثماني‪،‬‬
‫الذي وصفت بيعته بأنها غير شرعية ‪ ،‬ومر عام كامل من التحضير لهذا المؤتمر ‪ ،‬حتى عقد‬
‫المؤتم�ر الثان�ي ع�ام ‪1925‬هـ ‪ ،‬وفيه طغ�ت الخالفات بين زعماء الع�رب حول الخالفة‪،‬‬
‫وادعى كل من الحضور الخالفة لنفس�ه‪ ،‬فطالب البعض بأن تكون للملك فؤاد ‪ ،‬والبعض‬
‫للشريف حسين ‪ ،‬والبعض اآلخر ألمير نجد عبدالعزيز بن سعود ‪ .‬كما دب الخالف حول‬
‫ش�كل الخالفة ومضمونها‪ ،‬وتم تأجيل المؤتمر إلى الس�نة القادمة ‪1926‬م ‪ ،‬ثم فشل أيضا‬

‫‪238‬‬
‫حديث ُح َذيف َة ؤ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمعام ِع في‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬بِالتما ُي ِز والتما ُي ِل‬
‫ُ‬ ‫سماه‬
‫وهو ما َّ‬
‫يظهر ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫�م التما ُي ُ�ز والتما ُي ُل‬
‫فيه ُ‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ « : m‬ل�ن تفنى ُأ َّمت�ي حتَّى َ‬ ‫ق�ال ‪َ :‬‬
‫ق�ال‬ ‫َ‬
‫قال ‪ « :‬التما ُي ُز عصبي ٌة ُيحد ُثها ُ‬
‫الناس‬ ‫رسول ال َّل ِه ما التما ُي ُز ؟ َ‬
‫َ‬ ‫لت ‪ :‬يا‬ ‫ِ‬
‫والمعام ُع » ‪ُ .‬ق ُ‬
‫ِ‬
‫فتس�تح ُّل‬ ‫ِ‬
‫القبيلة‬ ‫قال ‪ُ «:‬‬
‫تميل القبيل ُة على‬ ‫لت فما التما ُي ُل ؟ َ‬ ‫بعدي في اإلسلا ِم » ‪ُ .‬ق ُ‬
‫ف‬‫تختل ُ‬‫بعض ‪ِ ،‬‬‫ٍ‬ ‫بعضها إلى‬ ‫ِ‬
‫األمص�ار ُ‬ ‫�ير‬ ‫ِ‬
‫المعام ُع ؟ َ‬ ‫ُحرمتَه�ا » ‪ُ .‬ق ُ‬
‫قال ‪َ « :‬س ُ‬ ‫لت ‪ :‬ما‬
‫وكان ما َ‬
‫كان ‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الحرب » (((‪.‬‬ ‫أعنا ُقهم في‬
‫ِ‬
‫الفرد ِ‬ ‫ويندرج في هذا المسمى « السر ِاء » معنًى آخر ‪ ،‬وهو « ُظهور الن ِ‬
‫تداعي األمم‬
‫أو‬ ‫ِّعمة على‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ ُ‬
‫أكلة القصعة على‬ ‫فمن‬‫بار المعنى المقر ِر في َقولِه ‪ « :‬أصابته س�راء فش�كر » ‪ِ .‬‬
‫أو األُ َّم ِة » بِاعتِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الجماعة ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ثروات األُ َّمة‬ ‫ِ‬ ‫معاني السر ِاء التي يشكُر العبدُ ربه ع َليها ما يجريه ع َل ِيه ِمن نِ ٍ‬
‫الصدد‬ ‫عمة ‪ ،‬وفي هذا‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫س�لمين في‬ ‫لعرب والم ِ‬
‫ِ‬ ‫حضارية ونِع� ٍم ماد ٍية لِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أس�باب‬ ‫�ظ ما ق�د ه َّيأه ال َّل ُه ِمن‬
‫الح ُ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُي َ‬
‫ولكن القرار العالمي المه ِ‬ ‫البترول » ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم َن‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫واكتشاف‬
‫ُ‬ ‫هذه المرحلة ‪ ،‬ومنها « ُظ ُ‬
‫هور‬
‫ِ‬
‫االس�تيراتيجية‬ ‫ِ‬
‫المصلحة‬ ‫تنصب في‬ ‫جعل المرحل َة و ُمخرجاتِها‬‫الثروات َ‬ ‫ِ‬ ‫على هذه‬
‫ُّ‬

‫في معالجة المشكلة ‪.‬‬


‫أن فيه سعيدَ ب َن‬ ‫الذهبي بِ َّ‬ ‫ِ‬
‫اإلسناد وتع َّق َبه‬ ‫صحيح‬ ‫ستدركه (‪َ ،)8597‬‬
‫وقال‬ ‫ِ‬ ‫الحاكم في ُم‬ ‫((( رواه‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫الحديث وإن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الجماعة » ‪ :‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫«اتحاف‬ ‫ب ِك ِ‬
‫تاب‬ ‫ِ‬ ‫َّهم بِه » ‪َ .‬‬ ‫نان َ‬ ‫ِس ٍ‬
‫قال صاح ُ‬ ‫قال ‪ « :‬وسعيدٌ ُمت ٌ‬
‫العصبية في اإلسال ِم ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الناس ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن هذه‬ ‫ظهر مصدا ُقه بما أحد َثه ُ‬ ‫ضعيف اإلسناد فقد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫بعض‬‫ٍ‬ ‫بعضها إلى‬ ‫ِ‬
‫القبائل ُ‬ ‫ي�ل‬ ‫العربية » ‪ ،‬وكذلِ َك َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫العصبية ما يس�مى ف�ي زمانِنا بـ « ال َق ِ‬
‫ومية‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫وقع في هذه األُ َّم ِة ‪ ،‬وهذا ِم َّما يشهدُ لِهذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫الحرب ‪ ،‬ك ُُّل ذل َك َ‬ ‫أعناقهم في‬ ‫واختالف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الجماعة (‪. )51 :1‬‬ ‫إتحاف‬
‫ُ‬ ‫أن له أصلاً ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬ ‫ويدُ ُّل على َّ‬
‫الهجو ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اإلسلامية والعربية لجاراتها ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بعض الدُّ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُق ُ‬
‫أو ُ‬ ‫ل�ت ‪ :‬ومن�ه ما تصن ُعه من تهديد‬
‫تحت المس�م ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يات‬ ‫ف�رض سياس�تها الفكرية ع َليه�ا َ ُ َّ‬ ‫ع َليه�ا واس�تقطا ِع بع�ض أراضيه�ا ‪ ،‬أو‬
‫ب الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التمح ُك بِاإلسلا ِم ذاتِ�ه أو بِ‬ ‫يكون ِمنها‬ ‫المتنو ِ‬
‫نتمية‬ ‫مذهب ُم َع َّي ٍن م َن المذاه ِ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫عة ‪ ،‬وقد‬ ‫ُ ِّ‬
‫العرب و َغ ِيرها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬ ‫حصل ِم ُثل هذا في‬ ‫َ‬ ‫إ َليه ‪ .‬وقد‬

‫‪239‬‬
‫يم ِنة ‪.‬‬
‫ول المه ِ‬ ‫ِ‬
‫للدُّ ِ ُ َ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ش�تر ِك َبي َن‬
‫الم َ‬ ‫ِ‬
‫والعمل ُ‬ ‫المب َّط ِن‬ ‫ِ‬
‫العمل ُ‬ ‫تنوع َة ِم َن‬
‫الم ِّ‬
‫ِ‬
‫الجزئيات ُ‬‫ويجمع هذه ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المرحلة ‪:‬‬ ‫عماري َقو ُله ‪ِ m‬‬
‫ع�ن‬ ‫غي�ره ‪ -‬والعال� ِم االس�تِ‬ ‫ٍ‬
‫�إدراك أو بِ ِ‬ ‫الم ِ‬
‫س�لمين – بِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫�ك أن تداع�ى ع َليكم األُمم كما تداعى األكل ُة عل�ى قصعتِها» ‪ .‬قالوا ِأمن ِق ٍ‬
‫لة‬ ‫«ي ِ‬
‫وش ُ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه َ‬
‫َ‬
‫�يل ُيلقى‬ ‫كثير ‪ ،‬ولكنَّكم ُغثا ٌء ك ُغثاء َّ‬‫ق�ال ‪ « :‬ال ‪ ،‬أنتُم يومئذ ٌ‬ ‫نح� ُن يا‬
‫�ب الدُّ نيا وكراهي ُة‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬
‫قال ‪ُ « :‬ح ُّ‬ ‫َ‬ ‫ع َل ُ‬
‫يك�م الوه� ُن » ‪ .‬قال�وا ‪ :‬وما الوه ُن يا‬
‫عدوكم »((( ‪.‬‬
‫دور ِّ‬‫الموت ‪ ،‬وت َُنز ُع المهاب ُة ِمن ُص ِ‬
‫ِ‬

‫والوهن ف�ي األُ َّمتَين‬


‫ِ‬ ‫الت وم�ا تالها بد َأ عه�دُ ال ُغ ِ‬
‫ثائية‬ ‫األح�داث والتحو ِ‬
‫ِ‬ ‫وبِه�ذه‬
‫ُّ‬ ‫سقوط ِ‬
‫الخالفة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامي‬
‫ِّ‬ ‫الحك ِم‬‫نقض ُ‬ ‫المد َّبرة ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫�م‬ ‫وبدء العهد العربي�ة واإلسلامية ‪ ،‬ب�د ًءا م� َن المؤام�رة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِالحك� ِم ِ‬ ‫العلماني‬
‫األو ِل‬
‫لمان�ي فيم�ا بع�دُ ‪ ،‬وإعلان الدَّ ول�ة العلمانية ف�ي ‪ 30‬تش�رين َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الع‬
‫ِ‬
‫النحو التالي ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الجديد على‬ ‫بفكرها ِ‬
‫العلماني‬ ‫ولة ِ‬ ‫مرسومات الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫وص ِ‬
‫دور‬ ‫‪1923‬م‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫ومضايقها‬ ‫ِ‬
‫وس�واح ِلها‬ ‫ملة أراض�ي تُركي�ا‬ ‫أتاتورك ع�ن ج ِ‬ ‫ُ‬ ‫ •تخ ِّل�ي ُمصطف�ى‬
‫ُ‬
‫للح ِ‬
‫لفاء ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫المدني ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ستور‬ ‫ِ‬
‫وإقامة الدُّ‬ ‫ِ‬
‫الشرعية‬ ‫ •إلغا ُء القوانين‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫تعميق مفهو ِم الطورانية « المفهو ِم ال َق ِّ‬
‫ومي » ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ •‬
‫ِ‬
‫المرأة ‪.‬‬ ‫ •إلغا ُء ِح ِ‬
‫جاب‬
‫ِ‬ ‫الرسمية ِمن الجم ِ‬
‫ِ‬ ‫تحويل الع ِ‬
‫األحد ‪.‬‬ ‫عة إلى‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫طلة‬ ‫ُ ُ‬ ‫ •‬
‫ِ‬
‫العربية ‪ .‬‬ ‫ُّركية بدلاً ِمن ال ُّل ِ‬
‫غة‬ ‫باللغة الت ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األذان‬
‫أتاتورك‬ ‫َ‬ ‫ •‬
‫ ‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4299‬‬

‫‪240‬‬
‫ِ‬
‫اإلنكليزية بها ‪ .‬‬ ‫بالعربية واستِ ُ‬
‫بدال‬ ‫ِ‬ ‫منع التعا ُم ِل‬
‫ • ُ‬
‫َ‬
‫لوزان ع�ا َم ‪1921‬م ‪،‬‬ ‫إجراءات ُمش�ابِه ٌة ف�ي ُم ِ‬
‫ؤتمر‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫اإلجراءات‬ ‫س�بق ه�ذه‬
‫وقد َ‬
‫مؤتمرات‬
‫األعداء ضد‬ ‫اإلنكليزي أربع َة‬ ‫وضع الوف�دُ‬ ‫َ‬
‫أتاتورك ‪ ،‬وفيه‬ ‫ِ‬
‫رئاس�ة ُمصطفى‬ ‫وحض�ره وفدُ تُركيا بِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القرار اإلسالمي‬ ‫روط لِلاِ عتِ ِ‬
‫ُش ٍ‬
‫ِ‬
‫استقالل تُركيا ‪:‬‬ ‫راف بِ‬
‫ِ‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫ •إلغاء ِ‬
‫ُ‬
‫خارج الح ِ‬ ‫ِ‬
‫دود ‪.‬‬ ‫ •طر ُد الخليفة ِ َ ُ‬
‫لمانية الدَّ ِ‬
‫ولة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إعالن ِع‬
‫ُ‬ ‫ •‬
‫أمالك بني ُع َ‬
‫ثمان ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ • ُمصادر ُة‬
‫مات االستِعماري َة التالي َة‪:‬‬ ‫لمانية يح ِّق ُق المقو ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ولة ِ‬
‫الع‬ ‫اللحظة ونظام الدَّ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫لك‬‫نذ تِ َ‬
‫و ُم ُ‬
‫المكاسب‬
‫االستعمارية‬ ‫ِ‬
‫واإلسالمية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫سالونيك ومحافِ ُلهم الماسوني ُة في البِالد‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الدونمة في‬ ‫ •سياس ُة ِ‬
‫يهود‬
‫بسقوط ِ‬
‫الخالفة‬ ‫فة ‪ ،‬وما تحتويه ِمن ٍ‬
‫تغيير‬ ‫ختل ِ‬‫روعها الم ِ‬
‫ُ‬
‫التبشيرية (التنصيرية) في ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرساليات‬ ‫ •‬
‫سلمين ‪.‬‬ ‫العرب والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شباب‬ ‫في‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األجنبية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األقليات‬ ‫وتسهيل ُم ِه َّماتِها وتعاونِها م َع‬
‫ُ‬ ‫جمعية االت ِ‬
‫ِّحاد والتر ِّقي ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫تفعيل َد ِ‬
‫ور‬ ‫ • ُ‬
‫ِ‬
‫ليهود((( ‪.‬‬ ‫وطن َقومي لِ‬ ‫ٍ‬ ‫لبحث عن‬‫ِ‬ ‫زل لِ‬ ‫إنجاح مشرو ِع ِهرتِ َ‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ •‬

‫((( ترجع البدايات األولى لفكرة إنش�اء وطن خاص لليهود ‪ ،‬يجمع ش�تاتهم ‪ ،‬ويكون حارس�ا‬
‫أمينا على مصالح دول « أوروبا » االستعمارية في الشرق إلى ما قبل الحملة الفرنسية على‬
‫مص�ر ‪ ،‬وتجل�ى ذلك بوضوح في خطاب نابليون ‪ ،‬الذي وجهه إلى يهود الش�رق ؛ ليكونوا‬
‫عونا له في هذه البالد ‪ ،‬وقد وجدت هذه الدعوة صدى لها لدى كثير من اليهود ‪.‬‬
‫وم�ع نهايات القرن التاس�ع عش�ر انتقل�ت فكرة الصهيوني�ة التي تزعمها تي�ودور هرتزل‬
‫مؤس�س الحرك�ة الصهيوني�ة م�ن مرحل�ة التنظير إل�ى حي�ز التنفي�ذ ‪ ،‬وذلك بع�د المؤتمر‬
‫الصهيون�ي األول ‪ ،‬ال�ذي عقد في بازل بسويس�را ع�ام ‪1897‬م ‪ ،‬وتجلى ذلك بوضوح في‬
‫سعي الصهيونيين الدائب للحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي‬
‫لهم ‪ ،‬وكانت بريطانيا بش�خص وزير خارجيتها صاحبة الفضل في الوعد المش�ؤوم ‪ ،‬الذي‬

‫‪241‬‬
‫أزمنتِها إلاَّ‬
‫�د ِ‬‫والثاني�ة على تبا ُع ِ‬
‫ِ‬ ‫�روب الك ِ‬
‫َوني�ة األولى‬ ‫ِ‬ ‫الح‬ ‫ُ‬
‫معارك ُ‬
‫ •ول�م ِ‬
‫تنت�ه‬
‫عالمي‬ ‫ٍ‬
‫س�قف‬ ‫عمارية في العال�م ُك ِّله‪ِ ..‬‬
‫ومنها إيجا ُد‬ ‫ِ‬ ‫تحقي�ق أهدافِها االس�تِ‬
‫ِ‬ ‫لِ‬
‫ٍّ‬

‫اقترن باسمه في التاريخ ‪.‬‬


‫وبتكليف من الحلفاء أقدمت بريطانيا على تلك الخطوة الخطيرة ‪ ،‬فأصدرت وعد بلفور‬
‫‪ ،‬ونشرته الصحف البريطانية صباح ‪ 2‬نوفمبر ‪1917‬م ‪ ،‬وكان نصه ‪:‬‬
‫وزارة الخارجية ‪ 2‬نوفمبر ‪ 1917‬م‬
‫عزي�زي اللورد روتش�يلد ‪ ،‬يس�رني جدا أن أبلغك�م بالنيابة عن حكوم�ة صاحبة الجاللة‬
‫التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية ‪ ،‬وقد عرض على‬
‫ال�وزارة وأقرت�ه ‪ :‬إن حكوم�ة صاحبة الجاللة تنظ�ر بعين العطف إلى تأس�يس وطن قومي‬
‫للش�عب اليهودي في فلس�طين ‪ ،‬وستبذل غاية جهدها لتس�هيل تحقيق هذه الغاية ‪ ،‬على أن‬
‫يكون مفهوما بش�كل واضح أنه لن يؤتى بعمل من ش�أنه أن ينتقد الحقوق المدنية والدينية‬
‫الت�ي تتمت�ع به�ا الطوائف غي�ر اليهودية المقيم�ة اآلن بفلس�طين ‪ ،‬وال الحق�وق أوالوضع‬
‫السياس�ي ال�ذي يتمتع ب�ه اليهود في البلدان األخرى ‪ ،‬وس�أكون ممتنا إذا م�ا أحطتم اتحاد‬
‫المخلص ‪ .‬آرثر بلفور‬ ‫ ‬
‫الهيئات الصهيونية علما بهذا التصريح ‪.‬‬
‫فور هذا الوعد س�ارعت دول الغرب وعلى رأس�ها فرنسا وإيطاليا وأمريكا بتأييده ‪ ،‬بينما‬
‫كان ف�ي مناطق العالم العربي له وقع الصاعقة ‪ ،‬واختلفت ردود أفعال العرب بين الدهش�ة‬
‫واالستنكار والغضب ‪.‬‬
‫ودخل�ت الجيوش البريطاني�ة بقيادة اللورد اللنبي إلى القدس ‪ ،‬وترجل القائد اإلنكليزي‬
‫وقال كلمته الشهيرة ‪ :‬اليوم انتهت الحروب الصليبية ‪.‬‬
‫وبعد ذلك بنحو ‪ 3‬أعوام دخل الجنرال الفرنسي غورو دمشق في عام ‪1920‬م ‪ ،‬ووضع‬
‫قدمه على قبر صالح الدين األيوبي وهو يقول في تحد وتشف ال يخلو من الحقد ‪ :‬ها نحن‬
‫قد عدنا ثانية يا صالح الدين ‪.‬‬
‫وف�ي نيس�ان إبري�ل ‪1920‬م وافق المجل�س األعلى لق�وات الحلفاء عل�ى أن يعهد إلى‬
‫بريطانيا باالنتداب على فلسطين ‪ ،‬وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ ‪ ،‬ثم ما لبث مجلس‬
‫عصب�ة األم�م المتح�دة أن وافق على مش�روع االنتداب ف�ي ‪ 24‬يولي�و ‪1923‬م ‪ ،‬ثم دخل‬
‫مرحلة التطبيق الرسمي في ‪ 29‬سبتمبر ‪1923‬م ‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫تح ِ‬ ‫صبة األُم ِم ثم األُم ِم الم ِ‬ ‫عمار سمي بِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ ِح ِ‬
‫دة ‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫مكاسب االست ِ ُ ِّ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ماية‬
‫يوعي‬
‫والش ِّ‬ ‫الرأس�مالي ُّ‬
‫ِّ‬ ‫الصرا ِع‬ ‫وغربية لِ ِ‬
‫تفعيل ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ش�رقية‬ ‫تقس�يم العال ِم إلى كُتلتَين‬ ‫ُ‬ ‫ •‬
‫الطبقي‬
‫ِّ‬ ‫الصرا ِع‬ ‫تفعيل ِّ‬ ‫واإلسالمية ِضم َن هاتَين الكُتلتَين ‪ ،‬لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫وتوزي ِع األُ َم ِم‬
‫دة ‪.‬‬ ‫البار ِ‬
‫الحرب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُسمى بِ‬ ‫المؤ ِّدي إلى ما ت َّ‬ ‫والثقافي ُ‬‫ِّ‬ ‫واالجتماعي‬
‫ِّ‬ ‫ياسي‬
‫والس ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وحمايتُه ‪.‬‬ ‫راف بِه دوليا ِ‬ ‫الصهيوني في فِلسطِي َن واالعتِ ُ‬ ‫الك ِ‬
‫يان‬ ‫ •غرس ِ‬
‫ًّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجزي�رة بِ‬ ‫ِ‬
‫بلي‬ ‫الص�را ِع ال َق ِّ‬ ‫تفعي�ل ِّ‬ ‫التحري�ش » في‬ ‫بل�ي «‬‫البرنام�ج ال َق ِّ‬
‫ِ‬ ‫دع�م‬
‫ • ُ‬
‫الش� ْي َط َ‬
‫ان‬ ‫الجزيرة ‪ ،‬كما ب َّينَه ‪« : m‬‏إِ َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع�رب‬ ‫المص ِّلين ِمن‬ ‫والمذهب�ي َبي� َن ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ون َو َل ِك ْن فِي‏‏ الت َّْح ِر ِ‬ ‫�س َأ ْن َي ْع ُب�دَ ُه ا ْل ُم َص ُّل َ‬ ‫ِ‬
‫ذي‬ ‫ي�ش‏‏ َب ْين َُه ْم » ‪ .‬رواه الترم ُّ‬ ‫َق�دْ َيئ َ‬
‫حديث حس ٌن ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫العلماني ف�ي الحكم عبر‬ ‫ِ‬
‫الفك�ر‬ ‫ِ‬
‫لماني�ة في تُركيا وم�دِّ‬ ‫السياس�ة ِ‬
‫الع‬ ‫ِ‬ ‫تثبي�ت‬
‫ُ‬ ‫ •‬
‫َ امتداد العلمانية‬ ‫ِّ‬
‫باالستعمار‬ ‫ِ‬
‫الغزو‬ ‫س�لمين ِم�ن ِخ ِ‬
‫لال‬ ‫لاد اإلسلا ِم والم ِ‬ ‫عمارية إل�ى بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫السياس�ة االس�تِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫تدر ِج ‪.‬‬
‫الم ِّ‬ ‫ِ‬
‫المسيس ُ‬ ‫والتعليمي‬
‫ِّ‬ ‫واإلعالمي‬
‫ِّ‬ ‫والثقافي‬
‫ِّ‬ ‫العسكري‬
‫ِّ‬

‫‪243‬‬
‫ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻐﺜﺎﺋﻴﺔ‬
‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻷﺣـــــــــــــــــــــــــــــﻼﺱ‬

‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻷﺣـــــــــــــــــــــــــــــﻼﺱ‬
‫ﺁﺧﺮ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺜﲈﻧﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟــﺒـﺮﺗـــﻐــﺎﱄ ﺛﻢ ﺍﻟــ‬
‫ـﺒـــﺮﻳـــﻄـ‬ ‫ﲢﺪﻳﺎﺕ ﺍﳋﺎﺭﺝ‬
‫ﲢﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ‬ ‫ـﺎﻧــﻲ‬ ‫ﻐـــﺰ‬
‫ﺍﻟــ‬
‫ﺗـــــــــــﺪﺍﻋـــــــــﻲ ﺍﻷﻣـــــــــــــــﻢ‬ ‫* ﺃﻃﲈﻉ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ‬
‫* ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬
‫) ﺗﺮﻛﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺮﻳﺾ ‪ +‬ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﴩﻗﻴﺔ (‬ ‫* ﺃﻃﲈﻉ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﰲ ﻓﻠﺴﻄﲔ‬
‫* ﺑﺪﺀ ﲤﺰﻕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬ ‫ـﻴــــﺔ‬ ‫ﺍﻟــ‬
‫ـــﺜــــــــــﻮﺭﺓ ﺍﻟــــــﺼــــﻨــــﺎﻋـــ‬ ‫* ﺃﻃﲈﻉ ﺍﳌﺤﺎﻓﻞ ﺍﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫* ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺎﺕ‬
‫* ﳞﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻧﻤﺔ‬
‫* ﲨﻌﻴﺎﺕ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﻭﺍﻟﱰﻗﻲ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ‬
‫* ﺍﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻐﺮﰊ‬
‫ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻋﺒﺪﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬
‫‪ ١٣٢٤‬ﻫـ )‪١٩٠٩‬ﻡ(‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺜﲈﻧﻴﺔ ﺍﳌﺪﻭﻧﻤﺔ‬
‫ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻋﺮ￯ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﲈﻧﻴﺔ ﻭﺇﻗﺤﺎﻣﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﻭﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮﺭ ‪ ٢‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪١٩١٧‬‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ‪ ٨‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪١٩١٧‬‬
‫ﺍﻧﺘﻬﺖ‬
‫‪١٩١٩‬‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬ ‫ﺑﺪﺃﺕ‬
‫‪١٩١٤‬‬
‫ﻣﺆﲤﺮ ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ ﻳﻮﻧﻴﻮ ‪١٩١٦‬‬
‫ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻮﻟﻴﻮ ‪١٩١٦‬‬

‫ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﻭﺗﻘﺴﻴﻢ ﺗﺮﻛﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺮﻳﺾ ‪١٩١٨‬‬


‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﺼﺒﺔ ﺍﻷﻣﻢ ‪١٩١٩‬‬
‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻟــــــــــﺴـــــــﺮﺍﺀ‬

‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻟــــــــــﺴـــــــﺮﺍﺀ‬
‫ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﻠﲈﲏ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ‪١٩٢٤‬‬
‫ﻣﻌﺎﻫﺪﺍﺕ ﺍﳊﲈﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﻭﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ‬

‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‬


‫ﺍﻧﺘﻬﺖ‬ ‫ﺑﺪﺃﺕ‬
‫‪١٩٤٥‬‬ ‫‪١٩٣٧‬‬
‫ﺳﻠﻄﻨﺎﺕ‬
‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪ /‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ ‪ /‬ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺪﻭﱄ ‪١٩٤٥‬‬
‫ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺃﻓﻜﺎﺭ‬ ‫ﺇﻣﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﺍﻻﻋﱰﺍﻑ ﺑﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟـﻴـﻬـﻮﺩ‬ ‫ﺩﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻌـــﻬــــﺪ ﺍﻟﻘــــﺒـــﻠـــﻲ‬
‫ﻣﺸﻴﺨﺎﺕ‬
‫ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ‬ ‫ﳏﻤﻴﺎﺕ‬
‫ﴏﺍﻉ ﺍﻟﺮﺃﺳﲈﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‬
‫ﻣﺮ‬

‫ﺘﺎﺭ‬

‫ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﴫﺍﻉ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬


‫ﺣﻠﺔ‬

‫ﺳﺘﻬ‬
‫ﺍﻻ‬
‫ﺍﻻ‬
‫ﺳﺘﻬ‬

‫ﺣﻠﺔ‬
‫ﺘﺎﺭ‬
‫ﻓــﺘـــﻨــــﺔ ﺍﻟــﺪﻫــﻴــﻤــﺎﺀ‬

‫ﻓــﺘـــﻨــــﺔ ﺍﻟــﺪﻫــﻴــﻤــﺎﺀ‬
‫ﻣﺮ‬

‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ‬ ‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻱ‬ ‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ‬ ‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﳊﺰﰊ‬


‫ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻣﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺎﱄ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ‪١٩٧٣‬‬
‫ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ‪١٩٩١‬‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ‬
‫ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺒﻜﲈﺀ ﺍﻟﺼﲈﺀ‬
‫ﻣﺮ‬

‫ﲈﺭ‬
‫ﺣﻠﺔ‬

‫ﺳﺘﺜ‬
‫ﺍﻻ‬
‫ﺍﻻ‬

‫ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺆﻭﻝ ﺃﻣﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ‬


‫ﺣﻠﺔ‬
‫ﺳﺘﺜ‬

‫ﺍﻟﻔﻮﴇ ﺍﳋﻼﻗﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﻮﴇ ﺍﳋﻼﻗﺔ‬

‫ﲈﺭ‬

‫ﻣﺮ‬

‫ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ‬ ‫ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﺍﻻﳖﻴﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬
‫ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﲈﺭ ﺍﳉﺪﻳﺪ‬ ‫ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ‪ /‬ﻓﻠﺴﻄﲔ ‪ /‬ﻟﺒﻨﺎﻥ ‪ /‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‬ ‫ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ‬
‫ﻭﻣﺎ ﺳﻴﻠﺤﻖ‬ ‫ﺍﳌﺎﱄ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ‬

‫‪244‬‬
‫فِتنةُ الدُّهَ ِ‬
‫يماء ‪ ..‬رمحلةُ الاستِهتا ِر‬
‫فتنة الدُّ َهيماء‬
‫عالمة صغرى في‬
‫مرحلة الغثاء‬ ‫تهيئة ك ٍُّل ِمنها‬
‫وتالز ِمهما معا في ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫والس�ر ِاء‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األحالس‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫ت اإلشار ُة إلى‬ ‫س�ب َق ِ‬

‫عن‬‫أحاديث َمن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫يماء وهي كما ور َدت في‬ ‫بمرحلة الدُّ ه ِ‬
‫ِ‬ ‫ألخرى فيما ُع ِر َ‬
‫ف‬ ‫لِ ُ‬
‫َ‬
‫وقال فيه ‪« :‬‏ ُثم‏‏فِتن ُة‏‏ الدُّ ه ِ‬
‫يماء‬ ‫السر ِاء) َ‬ ‫األحالس وفِ ِ‬
‫ِ‬ ‫حديث (فِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الهوى ‪ِ ، ،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫تن َّ‬ ‫تنة‬ ‫ومنها‬
‫(((‬
‫ب‏‏ إِلاَّ َد َخ َل ْت ُه‪» ...‬‬ ‫قي�ل انقط َعت تما َدت » ‪ ... « ،‬لاَ َي ْب َقى َب ْي ٌت ِم� ْن‏‏ا ْل َع َر ِ‬ ‫‏‪ ...‬ف�إذا َ‬
‫حق ُيقاتِ ُل أم على‬ ‫الرج ُل فِيها ال يدري على ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪،‬وفي الفتنة الثالثة (الدُّ َهيماء) ‪ « :‬يقات ُل ُ‬
‫ومنها «قضي ُة‬ ‫وعصبي�ة‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ت القضاي�ا ُك ُّلها إلى قضايا َق ٍ‬
‫ومية‬ ‫�ل »((( ‪ ،‬وفِيه�ا تحو َل ِ‬ ‫باطِ ٍ‬
‫تحول القضية‬ ‫َّ‬
‫اإلسالمية إلى‬ ‫والصهاينة ‪ ،‬ولم ت ُعدْ قضي َة اإلسلا ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الفلس�طين ِّيين‬ ‫حيث صارت قضي َة ِ‬ ‫فِلس�طِي َن» ُ‬
‫َ‬
‫أطماع قومية‬ ‫الخ ِ‬ ‫ولة ِ‬‫وتجزئة د ِ‬ ‫ِ‬
‫إقليمية‬ ‫الفة رسم ًّيا حتَّى اليو ِم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وذلِ َك ُم ُ‬
‫نذ تقسي ِم‬
‫ِ‬
‫التجزئة‬ ‫ِ‬
‫سياس�ات‬ ‫�غ َل ِ‬
‫ت البِال ُد العربي� َة بِ‬ ‫جدي�دة ُش ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مناطقية‬ ‫َ‬
‫خرائ�ط‬ ‫ن�ذ رس� ِم‬‫و ُم ُ‬
‫ِ‬
‫السياس�ية ‪ ،‬كما ورد في‬ ‫ِ‬
‫واالنقالبات‬ ‫واإلقليم�ي‬ ‫دودي‬ ‫والح‬ ‫والص�را ِع‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الداخل�ي ُ‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫إيمان ال‬ ‫ُ‬
‫س�طاط‬ ‫يزال�ون كذلِ َك حتَّى يصي�روا إلى ُفس�طا َطين ‪ُ :‬ف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحدي�ث ‪« :‬فلا‬
‫فارص ِد الدَّ َّج َال اليو َم أو‬
‫إيمان فيه ‪ ،‬فإذا هما اجتم َع�ا ُ‬‫َ‬ ‫س�طاط نِ ٍ‬
‫فاق ال‬ ‫ُ‬ ‫نِ َ‬
‫ف�اق فيه ‪ ،‬و ُف‬
‫ِ‬ ‫الف ِ‬‫قال في ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬أنَّه َ‬
‫ِ‬ ‫بن م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثالثة‬ ‫تنة‬ ‫سل ٍم رف َعه إلى‬ ‫غده» ‪ ،‬وحديث الوليد ِ ُ‬
‫(((‬

‫حق ُيقاتِ ُل أم على باطِ ٍل » ((( ‪.‬‬ ‫الرج ُل فِيها ال يدري على ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فتنة الدُّ َهيماء ‪ «:‬و ُيقات ُل ُ‬
‫وتسمية ك ٍُّل ِمنهما لِ ُ‬
‫ألخرى‬ ‫ِ‬ ‫وتالز ِمهما ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والس�ر ِاء‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األحالس‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫وكما هو في‬

‫((( مسند أحمد (‪. )6312‬‬


‫((( الفتن (‪)108‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )6312‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )108‬‬

‫‪245‬‬
‫ِ‬
‫األحالس‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫ِ‬
‫ش�ترك ف�ي‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬ف�إن فِتن� َة الدُّ ه ِ‬
‫يماء هي ثم�ر ٌة ِمن‬
‫العمل ُ‬ ‫ثمرات‬ ‫َ‬
‫عمار ُث َّم االستِ ِ‬
‫هتار‬ ‫بمرحلة االستِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫المرحلة ُجزء ًا ِم َّما ُع ِر َ‬
‫ِ‬ ‫والسر ِاء ‪ُ ،‬‬
‫فتدخ ُل في هذه‬ ‫َّ‬ ‫صراع القوتين‪:‬‬
‫ِ‬
‫عن صرا ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التحوالت المنبثقة ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمي م َن‬ ‫والعالم‬ ‫العربي‬ ‫أفرزه الوط ُن‬
‫الشرق الشيوعي ‪ ،‬وهو ما َ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫والغرب‬
‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫�يوعي ‪ ،‬وانقس�ا ِم العال ِم‬ ‫ِّ‬ ‫اإللحادي ُّ‬
‫الش‬ ‫ِّ‬ ‫الرأس�مالي والعال ِم‬
‫ِّ‬ ‫الكُتلتَين العال ِم‬ ‫الرأسمالي‬
‫ِ‬
‫الطويل‬ ‫الصرا ِع َبينَهما على المدى‬ ‫ِ ِ‬ ‫رأسمالي ُ‬
‫�يوعي ‪ ،‬وامتداد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وش‬ ‫ِّ‬ ‫واإلسلامي إلى‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫االجتماعية اقتصاد ًّيا وثقاف ًّيا وتربو ًّيا وتعليم ًّيا‬ ‫ِ‬
‫ُّركيبات‬ ‫الصرا ِع على الت‬ ‫ِ‬
‫وتأثي�ر هذا ِّ‬ ‫‪،‬‬
‫ِ‬
‫الس�اعة‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫إن ِمن‬ ‫عمرو بِ َقولِه ‪َّ « :‬‬‫بن ٍ‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬ ‫ومن ذلِ َك ما ر ِوي عن ِ‬ ‫وطبقيا ‪ِ ،‬‬
‫ُ َ‬ ‫ًّ‬
‫األشرار ويسو َد القو َم ُمنافِقوهم »(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األخيار و ُير َف َع‬
‫ُ‬ ‫وض َع‬
‫أن ُي َ‬

‫تحت‬
‫الجماعي بي� َن المس�لمي َن َ‬ ‫ِ‬
‫اله�رج )‬ ‫ب�روز (‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المرحل�ة‬ ‫ِ‬
‫ه�ذه‬ ‫ِ‬
‫مظاه�ر‬ ‫وم�ن‬
‫ِّ‬
‫والطائفية‪ ،‬وفيها يقول ‪ « : m‬إِ ّن بي َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعرقية‬ ‫ِ‬
‫والحزبية‬ ‫ِ‬
‫القومية‬ ‫ِ‬
‫السياس�ة‬ ‫مبر ِ‬
‫رات‬ ‫ِّ‬
‫اله ْر ُج؟ قال ‪« :‬القتل»‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة َل َه ْرج ًا » ‪َ ،‬‬ ‫َيدَ ِي‬
‫قلت ‪ :‬يا رس�ول الله ما َ‬ ‫قال ‪ُ :‬‬
‫الواحد من المشركي َن كذا‬ ‫ِ‬ ‫الله‪ ..‬إنّا ُ‬
‫نقتل اآلن في العا ِم‬ ‫رسول ِ‬‫َ‬ ‫بعض المسلمي َن ‪ :‬يا‬ ‫ُ‬
‫وكذا ‪ ،‬فقال رسول الله ‪َ « :m‬ل ْي َس بِ َقت ِْل المشركي َن و َل ِك ْن َي ْقت ُُل َب ْع ُضك ُْم َب ْعض ًا َحتّى‬
‫عم�ه ذا َقرابتِه » ‪ ،‬فقال بعض القوم ‪ :‬يا رس�ول الله ومعنا‬ ‫جاره واب َن ِّ‬
‫الرج�ل َ‬‫ُ‬ ‫ُ�ل‬‫َي ْقت َ‬
‫ِ‬
‫الزمان‬ ‫ول َأ ْك َث ِر َأ ْه ِل ذلك‬
‫عقو ُلنا ذلك اليوم ؟! فقال رسول الله ‪« :m‬ال‪ُ ..‬تن َْز ُع ُع ُق ُ‬
‫ول َل ُه ْم»(((‪.‬‬ ‫ف َل ُه هبا ٌء ِم َن الن ِ‬
‫ّاس ال ُع ُق َ‬ ‫و َي ْخ ُل ُ‬

‫لهم ُي َم ِّي ُ�ز َب ْي َن َم ْع ِر َف ِة‬ ‫ولع�ل المقص�و َد م ْن قولِ�ه‪ « :‬ال ُع ُق َ‬


‫ول َل ُه ْ‬
‫�م » أي ‪ :‬ال َو ْع َي ْ‬ ‫َّ‬
‫ونقض العل ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العلماء‬ ‫ِ‬
‫قبض‬ ‫ِ‬
‫الزمان عندَ‬ ‫ات‬‫ينطبق على ُأ ْخري ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والباطل ‪ ،‬وهذا‬ ‫�ق‬
‫الح ِّ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الدنيار والدره ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وعبادة‬ ‫ِ‬
‫الجهل‬ ‫و ُف ُش ِّو‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )663‬‬


‫((( سنن ابن ماجه (‪.)3949‬‬

‫‪246‬‬
‫ِ‬
‫المرحلة ‪ ،‬وزاد على‬ ‫وظهورها في هذه‬ ‫بروزها‬
‫وقعت وازدا َد ُ‬
‫ْ‬ ‫العالمات قد‬
‫ُ‬ ‫وهذه‬
‫ُ‬
‫رس�ول الله ‪ m‬عن‬ ‫ُ‬ ‫حديث حذيف َة قال ‪ُ :‬س ِ�ئ َل‬
‫ِ‬
‫اله ْر ِج ال َّتنَاك ُُر كما َ‬
‫أخبر عن ُه ‪ m‬في‬ ‫َ‬
‫اريطِها وما‬
‫الس�اعة فقال‪( « :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) ولك ْن ُأ ْخبِ ُرك ُْم بِ َم َش ِ‬ ‫ِ‬
‫يكون بين يدَ يها ‪ ،‬إِ ّن بين يدَ يها فتن ًة وهرج ًا » ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول ِ‬
‫الله الفتن ُة قد عر ْفناها‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ُ َ َ َْ‬
‫التناكر فال يكا ُد‬ ‫�ان الحب َش ِ‬
‫�ة ‪ :‬ال َقت ُْل ‪ ،‬و ُي ْل َقى َب ْي َن الن ِ‬
‫َّاس‬ ‫فالهرج ما هو ؟ قال ‪« :‬بِ ِلس ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ظواهر المرحلة وما َت َف َّر َع عنها بعد ذلك في‬ ‫ِ‬ ‫ف أحد ًا»‪ ،‬وهذه جمل ٌة من‬ ‫أحدٌ أن َي ْع ِر َ‬
‫حياة األ ّم ِة‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪247‬‬
‫البكماء الصم َّ ُاء’‬ ‫‘العمياء‬ ‫ُ‬ ‫الرابعة‬ ‫ُ‬ ‫تنة‬ ‫ِ‬
‫الف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفتنة الرابعة التي‬
‫يؤول أمر األُ َّمة‬
‫(((‬
‫‘رمحلةُ الاستثما ِر’ ‪‘ -‬الألفيَّةُ الثالثةُ’‬ ‫فِيها إلى الكافر‬

‫ف‬‫ُعر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الالحق ُة والمكمل ُة لِ ُ ِ‬


‫ِ‬ ‫وه�ي ِ‬
‫الفتن� ُة الرابِع ُة‬
‫لخطط االس�تعمارية الس�ابقة ‪ ،‬وت َ‬ ‫ُ ِّ‬
‫جريات التح�و ِ‬
‫الت ‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫النبو ِ‬
‫ي�ة و ُم‬ ‫ِ‬
‫األق�وال ِ‬ ‫ِ‬
‫والرب�ط َبي َن‬ ‫ِ‬
‫والمتابع�ة‬ ‫بِاالس�تِ ِ‬
‫قراء‬
‫ُّ‬
‫فص ٌ�ل ‪ ،‬ومن هذه‬ ‫جم ٌ�ل‬ ‫ُ‬ ‫تع�دد ِ‬
‫وبعضها ُم َّ‬
‫ُ‬ ‫وبعضها ُم َ‬
‫ُ‬ ‫األحادي�ث المع ِّبر ُة عنه�ا ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األحاديث ‪:‬‬

‫أربع فِت ٍَن‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬


‫رسول ال َّله ‪ « : m‬تأتيكم من بعدي ُ‬ ‫(‪ )1‬عن أبي ُه َرير َة ؤِ قال‪َ :‬‬
‫قال‬
‫ِ‬
‫البالء َ‬
‫عرك األدي ِم ‪ ،‬حتَّى ُينكَر‬ ‫المطبِق ُة تعرك األُ َّمة فِيها بِ‬ ‫‪ ،‬فالرابِع� ُة‬
‫الصما ُء العميا ُء ُ‬
‫َّ‬
‫تموت أبدانُهم»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تموت فِيها قلو ُبهم كما‬ ‫ُ‬ ‫نكر ‪،‬‬
‫الم ُ‬
‫المعروف ويعر ُ ِ‬
‫ف فيها ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫فِيها‬

‫أحداث ‪11‬‬
‫((( ربطن�ا ه�ذه المرحل�ة بمس�مى « األلفي�ة الثالث�ة » بع�د االس�تقراء‬ ‫سبتمبر تمثل‬
‫المتأني والمقارنة الموضوعية بين المراحل السابقة والمسماة في‬ ‫إلى حدٍّ ما بدء‬
‫األحاديث بالدهيماء والس�راء واألحالس (عدا تصاعديا) ‪ ،‬وهي‬ ‫(مرحلة الفتنة‬
‫الرابعة)‬
‫المراح�ل الغثائي�ة ‪ ،‬وتبين أن ما عرف بأحداث الحادي عش�ر من‬
‫أيل�ول س�بتمبر ‪2001‬م ‪ ،‬المتس�م بتحطيم برج�ي ‪ :‬مركز التجارة‬
‫الدول�ي رمز االقتص�اد ‪ ،‬والبنتاجون الرمز العس�كري ‪ .‬وما ترتب‬
‫علي�ه م�ن تفاعالت وح�وادث وتغيرات ف�ي العالق�ات الدولية ‪،‬‬
‫وظهور الهيمنة االستبدادية « للقوى العالمية » ‪ ،‬واجتماعها لتنفيذ‬
‫إرادته�ا عل�ى العالم بما فيه العالم العربي واإلسلامي ؛ يمثل إلى‬
‫ح�د ما ب�دء « مرحل�ة الفتنة الرابعة » المش�ار إليها ف�ي األحاديث‬
‫ ‬ ‫النبوية ‪ ،‬والله أعلم ‪ .‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪)126‬‬

‫‪248‬‬
‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪– m‬‬
‫وذكر الفتن َة الرابِع َة ‪ ،‬ولم ُ‬
‫ينج‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة َ‬
‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‪،‬‬‫عر ْ‬
‫ظهر لم ُي َ‬
‫خف�ي إذا َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ش�رها إلاَّ َمن دعا كدُ عاء ال َغرق ‪ ،‬وأس�عدُ أهلها ٌّ‬
‫تقي‬ ‫من ِّ‬
‫ب ِ‬ ‫راك ِ‬ ‫خطيب ِمص َق ٍع أو ِ‬ ‫وإن جلس لم يف َقدْ ؛ وأشقى ِ‬
‫موض ٍع »((( ‪.‬‬ ‫ٍ ْ‬ ‫أهلها ك ُُّل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور‬ ‫‪:‬قال ‪ : m‬الفتن ُة الرابِع ُة عميا ُء ُمظلم ٌة ُ‬
‫تمور َم َ‬ ‫قال َ‬ ‫(‪ )3‬وعن أبي ُه َرير َة ؤِ َ‬
‫تطيف بالشا ِم وتغشى‬ ‫ُ‬ ‫ألته ُذ اًّل َ‬
‫وخو ًفا ‪،‬‬ ‫العرب والعج ِم إلاَّ م َ‬‫ِ‬ ‫يت ِم َن‬ ‫ِ‬
‫البحر ال يبقى َب ٌ‬
‫عرك األدي ِم ‪ ،‬ويش�تدُّ‬‫تعرك فِيها األُ َّم ُة فِيها َ‬‫ُ‬ ‫ور ِ‬
‫جلها ‪،‬‬ ‫راق وتخب ُط الجزير َة بِ ِ‬
‫يدها ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الع َ‬
‫يس�تطيع أحدٌ أن َ‬
‫يقول ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫المنك َُر ‪ ،‬ال‬‫ف ُ‬ ‫عر ُ‬ ‫المعروف ‪ ،‬و ُي َ‬
‫ُ‬ ‫فِيه�ا البال ُء حتَّى ُينك ََر فِيها‬
‫الرج ُل فِيها مؤمنًا ‪،‬‬
‫�ح ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َم� ْه َم� ْه ‪ .‬وال يرفعونها من ناحي�ة إلاَّ تف َّت َقت من ناحية ‪ ،‬يصبِ ُ‬
‫عشر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كافرا ‪ ،‬وال ينجو ِمنها إلاَّ َمن دعا‬
‫البحر ‪ ،‬تدو ُم اثنتَي َ‬ ‫الغريق في‬ ‫كدعاء‬ ‫و ُيمسي ً‬
‫ذهب ؛ فيقتتِلون ع َليها ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫جبل ِمن‬
‫رات عن ٍ‬
‫انحسر ال ُف ُ‬
‫َ‬ ‫عا ًما تنجلي حي َن تنجلي وقد‬
‫حتَّى تُقت ََل من ك ُِّل تِ ٍ‬
‫سعة سبع ٌة »(((‪.‬‬

‫عش�ر عا ًما‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ « : m‬‬


‫الفتن ُة الرابِع ُة ثماني َة‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫(‪ )4‬وعن أبي ُه َرير َة َ‬
‫جبل الذهب‬ ‫َ‬
‫واالقتتال عليه‬ ‫ُ�ب؟؟؟ ع َل ِيه األُ َّم ُة ف ُيقت َُل‬ ‫ذهب ‪ ،‬تك ُّ‬ ‫جبل ِمن ٍ‬ ‫رات عن ٍ‬ ‫انحس�ر ال ُف ُ‬
‫َ‬ ‫�م تنجلي وقد‬ ‫‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ع َليه ِمن ك ُِّل تِ ٍ‬
‫سعة سبع ٌة »(((‪.‬‬

‫والض�را ُء ‪ ،‬وفِتن ُة كذا ‪-‬‬


‫َّ‬ ‫الس�را ُء ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫أربع ‪ :‬فِتن ُة‬ ‫ِ‬ ‫عل�ي ؤ أنَّه َ‬
‫قال ‪ « :‬الفتَن ٌ‬ ‫ٍّ‬ ‫وع�ن‬
‫�ح ال َّل ُه تعالى على‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫فذك�ر ِ‬
‫النبي ‪ُ m‬يصل ُ‬ ‫رج ٌل من عترة ِّ‬ ‫يخرج ُ‬
‫ُ‬ ‫هب – ُث َّ‬
‫�م‬ ‫مع�د َن َّ‬ ‫َ‬
‫أمرهم »((( ‪.‬‬
‫يدَ يه َ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪)367‬‬


‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )130‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪)972‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)94‬‬

‫‪249‬‬
‫عة َقو ُله ‪: m‬‬‫تن�ة الرابِ ِ‬
‫الف ِ‬‫عن ِ‬
‫عة ِ‬ ‫األحاديث المتنو ِ‬
‫ِ‬ ‫ول فيم�ا ور َد ِم َن‬
‫وخالص� ُة ال َق ِ‬
‫ُ‬
‫ُ ِّ‬ ‫مفهوم الحديث‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمر األُ َّمة فيها إلى الكاف ِر » ‪ .‬ومفهو ُم الحديث يدُ ُّل على ما نح ُن نش�هدُ ه م َن‬ ‫«يؤ ُ‬ ‫يؤول أمر األُ َّمة‬
‫ول ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫إلى الكافر‬
‫العربية‬ ‫الحياة‬ ‫واإلعالمية ‪ ...‬إلخ في‬ ‫واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫السياسية‬ ‫غوط‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫شتركة‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المجتمعات المذكورة بالسياسات ُ‬
‫الواضح في ُ‬ ‫واالرتباك‬ ‫واإلسلامية ‪،‬‬
‫واإلعالمي‬
‫ِّ‬ ‫والس�ياحي‬
‫ِّ‬ ‫واالجتماعي‬
‫ِّ‬ ‫والسياس�ي‬
‫ِّ‬ ‫واالقتصادي‬
‫ِّ‬ ‫الثقافي‬
‫ِّ‬ ‫والتدخ ِ‬
‫�ل‬ ‫ُّ‬ ‫‪،‬‬
‫يص ُل في‬ ‫ِ‬
‫المرحل�ة ‪ ،‬حتَّى ربم�ا ِ‬ ‫والعربي ف�ي‬ ‫اإلسلامي‬ ‫ِ‬
‫المف�روض عل�ى العال� ِم‬
‫ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫التدخل الكافر‬
‫زو أراضيهم واس�تبدال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرار عندَ ُمخالفتهم ‪ ،‬و َغ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بع�ض أحواله إلى تهدي�د حملة‬ ‫ِ‬ ‫في سياسة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم ونقض‬
‫السياس�ات‬ ‫أصناف‬ ‫داخل ُمجتمعاتِهم ورعاياهم بِش�تَّى‬ ‫وإثارة ِ‬
‫الفت َِن َ‬ ‫ِ‬ ‫غيرهم بهم ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العرى‬
‫ِ‬
‫الثروات‬ ‫طغي ‪ ،‬وهو وج�و ُد‬ ‫الغن�ى الم ِ‬
‫يص ُ�ل إ َليهم ِمن ِ‬ ‫ومنه�ا ‪ :‬ما ِ‬ ‫واألس�باب((( ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫السياس�ي‬ ‫غيان‬ ‫ِ‬
‫اإلضافة إلى ال ُّط ِ‬ ‫�عوب ‪ ،‬بِ‬
‫ِ‬ ‫الكثي�رة ‪ ،‬وتبديدُ ها فيما ال يعو ُد بنف ٍع لِ ُّ‬
‫لش‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫والخدْ ِ‬
‫مات ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫واالقتصادي والعالمي واالجتماعي والثقافي الموج ِه لِلاِ ستِ ِ‬
‫هالك‬ ‫ِّ ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫الذات�ي عد ُم‬ ‫ِ‬


‫االكتف�اء‬ ‫المنس�ي‪ ،‬وهو ُ‬
‫ت�رك‬ ‫ِ‬ ‫وكذل�ك م�ا َي ِص ُ�ل إليهم ِم� َن‬
‫ِّ‬ ‫الفق�ر ُ‬
‫ِ‬
‫الوظائف والن ِ‬
‫ُّزوح‬ ‫واالش�تغال بِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المحلية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والزراعة‬ ‫ِ‬
‫اليدوية‬ ‫الح ِ‬
‫رف‬ ‫االعتماد على ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫األعمال‬ ‫الرغيد وهروب�ا ِمن م ِ‬
‫عاناة‬ ‫ِ‬ ‫مات ال َع ِ‬
‫يش‬ ‫خدْ ِ‬ ‫األرياف إلى الم�دُ ِن طلبا لِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِم� َن‬
‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫البداوات بعدَ أن ته َّي َأت‬ ‫ِ‬
‫أجيال هذه‬ ‫وخاص ًة في‬ ‫وغيرها ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والزراعة ِ‬ ‫ِ‬
‫والرعي‬ ‫الح ِ‬
‫رفية‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫والعواص ِم‬ ‫المدُ ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لبحث ِ‬ ‫الحديثة ‪ ،‬وذهبوا لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عن الوظائف في ُ‬ ‫الدراسة‬ ‫أس�باب‬
‫ُ‬ ‫لهم‬
‫ظاهرة الهجرة‬
‫يق�ول‪َ « :‬ل ْن َتنْ َفكُّوا بِ َخ ْي ٍر‬
‫ُ‬ ‫�ك روى عبدالله بن عمرو ‪ c‬أنه ‪ m‬كان‬ ‫إلى العواصم ‪ ،‬وف�ي ذلِ َ‬
‫أهل بدْ ِوكُم عن َأه ِل ح َض ِركُم»‪ ،‬قال‪« :‬و َلتَس�و َقنَّهم الس�نِ‬ ‫وترك العمل‬
‫َات‬‫والس�ن ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َى‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫غ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫اس�‬ ‫ما‬ ‫الحرفي الزراعي‬
‫ار‪ ،‬وال ت ُْمنَ ُعوا ِمن ُْه ْم لِ َك ْث َر ِة َم ْن َي ْس�ت ُُر َع َل ْيك ُُم ِمن ُْه ْم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َحتّى َيكُونُوا َم َعك ُْم في الدِّ َي ِ‬

‫((( وهي ما يطلق عليه اليوم بالفوضى الخالقة من وجهة نظر العولمة ‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون‪َ :‬طا َل َما ُج ْعنَا َو َشبِ ْعت ُْم‪َ ،‬و َطا َل َما َشقينَا َونَع ْمت ُْم‪َ ،‬ف َو ُ‬
‫اسونَا ال َيو َم » (((‪.‬‬ ‫« َي ُقو ُل َ‬
‫ِ‬
‫األس�عار في‬ ‫تن�ة الرابِ ِ‬
‫عة زياد ُة‬ ‫الف ِ‬ ‫المف�روض على األُم ِة في ِ‬
‫ِ‬ ‫المنس�ي‬ ‫وم� َن ِ‬
‫الفقر‬ ‫ِ‬
‫الغالء في‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫سيان األسعار ٌ‬
‫قلق‬ ‫لق ونِ ِ‬ ‫ِ‬
‫زيادة ال َق ِ‬ ‫سهم في‬‫واآلخر ِم َّما ُي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحين‬ ‫ِ‬
‫والوقود ِ‬
‫وغيرها َبي َن‬ ‫ِ‬
‫الغذائية‬ ‫ِ‬
‫المواد‬
‫مس َّي ٌس من‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمنازعة واالختالف تدخالت الكافر‬ ‫ُّل على ال َّله واالنصراف عن ذكره تعالى إل�ى الصرا ِع ُ‬ ‫الت�وك ِ‬
‫في األُ َّمة‬ ‫واألفغان والس ِ‬
‫ودان‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬
‫ومال‬ ‫اليمن ِ‬
‫والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش ِ‬ ‫َ‬
‫حصل ُ‬ ‫الهالِ ِك ‪ ،‬كما قد‬
‫ُّ‬ ‫راق ُّ‬ ‫وهدَ في‬
‫ِ‬
‫وغيرها ‪.‬‬

‫أسباب االنحدار‬ ‫ِ‬


‫أسباب‬ ‫كشف عن‬
‫َ‬ ‫تنة الرابِ ِ‬
‫عة) فقد‬ ‫الف ِ‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪( m‬حال َة األُم ِة في ِ‬
‫ُ‬ ‫وكما حدَّ َد‬
‫َّ‬
‫الشرعي في الفتنة‬
‫الرابعة‬
‫الشرعية بِ َقولِه ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناحية‬ ‫دار ِم َن‬ ‫ِ‬
‫االنح ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ •« سيأتي على ُأ َّمتي ٌ‬


‫جردة‪،‬‬ ‫زمان َيك ُث ُر فيه ال ُق َّرا ُء » أي ‪ :‬حمل ُة المعرفة القرائية ُ‬
‫الم‬
‫كثرة القراء وقلة‬
‫الئق ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المقبوضة ‪ ،‬وبمعنى ٍ‬ ‫ِ‬
‫والمناه ِج‬ ‫ِ‬
‫الصحافة‬ ‫َب لهم في‬ ‫الم�ر ِّددون ما ُيكت ُ‬
‫ُ‬
‫الفقهاء‬
‫القائمة فِيها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحائرة‬ ‫ِ‬
‫واألنظمة‬ ‫المتناق ِ‬
‫ضة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫العاكسين سياس َة‬
‫ِ‬
‫الديانة‬ ‫ودقائقه ‪ ،‬والمقصو ُد فِق ُه‬
‫ِ‬ ‫الف ِ‬
‫قه بِمعاني�ه‬ ‫ويق ُّ�ل فِيه�ا الفقهاء » أي ‪ :‬حمل ُة ِ‬
‫ •« ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإلعالمية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والتعليمية‬ ‫ِ‬
‫والتربوية‬ ‫ِ‬
‫والثقافية‬ ‫ِ‬
‫واالقتصادية‬ ‫ِ‬
‫الشرعية‬ ‫وكافة و ِ‬
‫جوهها‬ ‫ِ‬
‫ُ‬

‫لم » ‪ ،‬وسيأتي في الفصل التالي‪ :‬العالمات الصغرى‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ •« و ُيق َب ُض الع ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث ‪ :‬قا ُلوا ‪ :‬وما‬ ‫القتل واالقتِ ُ‬
‫اله ْر ُج » وه�و ُ‬
‫كثرة االقتتال‬
‫تال ‪ ،‬كما ور َد ف�ي‬ ‫ •« ويك ُث ُ�ر َ‬
‫والصراع الدموي‬ ‫زمان يقر ُأ‬
‫�ك ٌ‬ ‫�م يأتي بعدَ ذلِ َ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :‬‬
‫القتل َبينَكم ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬
‫َ‬ ‫اله ْ�ر ُج ي�ا‬
‫َ‬
‫زمان ي ِ‬
‫جاد ُل‬ ‫ج�او ُز تراق َيهم ‪ُ ،‬ث َّم يأتي بعدَ ذلِ َ‬
‫جال ِم�ن ُأ َّمتي ال ُي ِ‬
‫�رآن ِر ٌ‬
‫�ك ٌ ُ‬ ‫ال ُق َ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪ ،)657‬والحاكم في المستدرك (‪. )8548‬‬

‫‪251‬‬
‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫ش�ر ُك بِال َّل ِه ه�و‬
‫والم ِ‬
‫يق�ول » ‪ُ .‬‬
‫(((‬ ‫ُ‬ ‫ؤم� َن ف�ي ِم ِ‬
‫ثل ما‬ ‫�ه الم ِ‬
‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ش�ر ُك بِال َّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫مؤتمرات الحوار‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالستثمار‬
‫والمجادلة‪ ،‬وم�ن معانيه‬ ‫ِ‬
‫األوث�ان‬ ‫ِ‬
‫وأه�ل‬ ‫اليه�ود والنص�ارى‬ ‫األصل�ي ِم� َن‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫واإلعالمية‬ ‫ِ‬
‫واالقتصادية‬ ‫ِ‬
‫الثقافي�ة‬ ‫الحضاري والمصالِ ِح‬ ‫«مؤتم�رات ِ‬
‫الح ِ‬
‫وار‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫المش�تركة المخالف�ة لمناه�ج الش�ريعة‪ ،‬والتي تش�تم ُل على ُ‬
‫تقاس� ِم‬
‫ِ‬
‫اإلنس�ان وما ش�اك َلها ‪،‬‬ ‫وح ِ‬
‫قوق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المبادئ ‪ :‬المس�اواة والعدالة ُ‬ ‫المش�ترك في‬
‫برامج الع ِ‬ ‫أساس تطوي ِع العالمين العربي واإلسالمي لِ‬
‫ِ‬
‫ولمة ‪ ،‬وقد كانَت‬ ‫ِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫على‬
‫ُفرهم معاني‬ ‫المباد ُئ ُلغ َة اإلسلا ِم فق�ط ‪ ،‬وأما ال ُك َّفار ِ‬
‫فقد انعد َم�ت بِك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه�ذه‬
‫ُ‬
‫وبقي لهم‬ ‫الع ِ‬‫وف ِمن ِ‬
‫والخ ِ‬ ‫ِ‬
‫الثواب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القي� ِم‬
‫قاب َ‬ ‫َ‬ ‫طل�ب‬ ‫القائمة على‬ ‫الصحيحة‬
‫ولكن ِ‬
‫الفتن َة‬ ‫الوجه الرس�مي مصالِح سياس�ي ٌة واستِعماري ٌة واس�تِثماري ٌة ؛ ِ‬ ‫ِ‬ ‫في‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ار لِما‬
‫م�ع ال ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬
‫تقاس� ِم الرؤية َ‬
‫واإلسلامي على ُ‬
‫َّ‬ ‫العربي‬
‫َّ‬ ‫العالم‬
‫َ‬ ‫الرابِع� َة تُجبِ ُر‬
‫العدالة من‬
‫ِ‬
‫االعتبارية‬ ‫الدين و ُأ ُس ِسه‬
‫ِ‬ ‫الجهل بِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغثاء ِم َن‬ ‫ِ‬
‫مراحل‬ ‫سلمون في‬ ‫وصل إ َليه الم ِ‬ ‫مبادئ اإلسالم‬
‫ُ‬
‫بعض ِ‬ ‫بعض الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال عالقة للكفر‬
‫آيات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تدريس‬ ‫س�لمين ع�ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يتنازل ُ‬ ‫اآلخ ِر ‪ ،‬حتَّى‬‫العالقة بِ َ‬ ‫ف�ي‬ ‫بذلك‬
‫ِ‬
‫المناه ِج‬ ‫ف ِم� َن‬ ‫ُحذ ُ‬ ‫ِ‬
‫اليهود والنص�ارى ‪ ،‬وت َ‬ ‫ِ‬
‫بالتعني�ف على‬ ‫�رآن الخاص ِ‬
‫�ة‬ ‫َّ‬
‫ال ُق ِ‬
‫ظاهرة التخلي‬
‫ِ‬
‫الثقافية‬ ‫ار واس�تِجاب ًة لِ َهيمنتِهم و ُمجادلتِهم وشراكتِ ِه ُم‬ ‫ِ‬
‫التعليمية إرضا ًء لل ُك َّف ِ‬ ‫عن تفسير اآليات‬
‫القرآنية لِما فِيها‬
‫ِ‬
‫واإلعالمية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واالقتصادية‬ ‫من إدانة للكفار‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقت ال�ذي َ ِ‬


‫ِ‬ ‫ف�ي ِ‬
‫المعادي ُة لإلسلا ِم وثقافته َ‬
‫عالمنا‬ ‫غزت الثقاف ُة األجنبي� ُة ُ‬ ‫نفس‬
‫خطر الثقافات‬
‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الق�رار‬ ‫المت َِنفذ ُة في‬ ‫ِ‬
‫تم�ار ُس ال ُق�وى ُ‬ ‫واإلسلامي ِم�ن ك ُِّل ِجهاتِه ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫العرب�ي‬
‫َّ‬ ‫الغازية على‬
‫والسن َِّة بما هي فيه ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�عوب ال ُقرآن ُّ‬ ‫ِ‬
‫لترويض ُش‬ ‫واإلسلامي ُضغو َطها الم ِ‬
‫ستم َّرة ؛‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫التركيب‬
‫اإلسالمي الموجه‬
‫عجال االرتِ ِ‬
‫باط بها ‪ ،‬وتبنِّيها‬ ‫ِ‬ ‫الغازية واس�تِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثقافات‬ ‫المس�يس على َق ِ‬
‫بول هذه‬ ‫ِ‬ ‫ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬
‫وغيرها ف�ي ك ُِّل ِ‬
‫موق ٍع‬ ‫ِ‬
‫الحديث�ة والتعلي ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫والتربية‬ ‫ِ‬
‫الثقافة واإلعلا ِم‬ ‫ِ‬
‫مؤسس�ات‬ ‫ف�ي‬

‫((( المعجم األوسط للطبراني (‪. )3277‬‬

‫‪252‬‬
‫�رب والب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويناس�ب م ِ‬
‫ِ‬ ‫ق�رارا ُغثائ ًّيا بِما ُيناس� ُبه‬
‫عد»‬ ‫واإلقليمي م َن «ال ُق ِ ُ‬
‫َّ‬ ‫المحل�ي‬
‫َّ‬ ‫وق َعه‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫عن اإلسلا ِم ذاتِ�ه» ‪ ،‬وهذا ما ع َّب َر عنه‬
‫عد ِ‬‫رب والب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف�ي السياس�ة الكافرة ‪ ،‬و َبي َن «ال ُق ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس بالتي تليها ‪ . (((» ...‬فكم من‬ ‫�ك ُ‬ ‫النبي ‪ m‬بِ َقوله ‪ُ « :‬ك َّلما نُق َضت ُعرو ٌة َّ‬
‫تمس َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫والتربية‬ ‫والثقافة ِ‬
‫والف ِ‬
‫كر‬ ‫ِ‬ ‫السياسة واالقتِ ِ‬
‫صاد‬ ‫ِ‬ ‫روة ِمن ُعرى اإلسال ِم قد ن ُِق َضت في‬
‫ُع ٍ‬

‫اإلنس�ان ‪ ،‬وما تاله ويتلوه ِمن‬


‫ِ‬ ‫وح ِ‬
‫قوق‬ ‫ِ‬ ‫والتعلي ِم واإلعال ِم ‪ ،‬ومس�مى ُح ِ‬
‫قوق المرأة ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬
‫األوطان‬ ‫ٍ‬
‫وساق في‬ ‫ِ‬
‫والتش�ويه القائ ِم على قد ٍم‬ ‫ِ‬
‫والتحريف‬ ‫ِ‬
‫والقبض‬ ‫ِ‬
‫النقض‬ ‫ِ‬
‫سياس�ة‬
‫العلي العظي ِم ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬ ‫ِ‬
‫المنكوبة ؟! فال َح َ‬ ‫ِ‬
‫جتمعات‬‫والم‬
‫ُ‬
‫ِ (((‬
‫المغلوبة‬

‫((( مسند أحمد (‪.)21139‬‬


‫((( وم�ن أخطر ما تعيش�ه األمة اليوم من سياس�ة القبض والنقض والتطبي�ع والتطويع « مؤامرة‬
‫الخيان�ة ف�ي قضي�ة الق�دس والمقاوم�ة اإلسلامية ف�ي فلس�طين ضد الع�دو المحت�ل » ‪،‬‬
‫وه�ي إح�دى قضايانا اإلسلامية الملحة ‪ ،‬وقد وصل�ت إلى ما وصلت إليه م�ن (المؤامرة‬
‫المش�تركة) متدرجة من عصر هرتزل وما جاء بعده من مؤتمرات واختالالت سياس�ية إلى‬
‫عصرن�ا الحاض�ر ‪ ،‬وقد صارت في�ه القضية على وش�ك التطبيع محليا وإقليمي�ا وعالميا ‪،‬‬
‫م�ع تظاف�ر القوى العربية وبعض المنظم�ات والحكومات اإلسلامية والعالمية على تنفيذ‬
‫المخط�ط اليه�ودي بأس�لوب أو بآخر ؛ ولكن�ا إذا تمعنا ف�ي العمل الش�عبي المتنامي نجد‬
‫األنفاس اإلسالمية الحقيقية قائمة بدورها الجهادي ونشاطها الريادي وفق مراد الله ومراد‬
‫رس�وله ‪ ،m‬ومن ذلك صمود الش�عب الفلس�طيني وبع�ض منظماته الجهادي�ة ‪ ،‬وصمود‬
‫بعض الشخصيات المتنفذة سوا ًء في الحكم أو العلم أو المال أو اإلصالح الشعبي إلعطاء‬
‫القضية بعدا إسلاميا جهاديا مس�تمرا ‪ ،‬ومن هؤالء جملة من الش�خصيات اإلسالمية وغير‬
‫اإلسلامية ـ من واقع التعاطف مع الحق ـ الداعية إلى الوقوف مع الش�عب الفلس�طيني في‬
‫قضيته العادلة ‪ ،‬وربما كان من آخر محاوالتهم الجادة التي يحس�ن ذكرها وإثباتها كنموذج‬
‫إسالمي واعد عمل « المؤتمر الشعبي العالمي لنصرة فلسطين » وشعاره « نحو نصرة دائمة‬
‫لفلس�طين » ‪ ،‬ومن أهم ما حمله أعضاء هذا المؤتمر في المرحلة الوقوف الش�عبي إليقاف‬
‫المؤامرة على نماذجها الثالثة ‪ :‬تهويد القدس ‪ ،‬مسألة العودة لالجئين ‪ ،‬يهودية الدولة ‪.‬‬
‫كما جعلوا مفهوم النصرة يقوم على معالجة ثالثة أمور ‪:‬‬

‫‪253‬‬
‫الغثائيةِ‬
‫هام ِش المرحلةِ ُ‬
‫ملاحظة ٌ على ِ‬

‫َّ�ب على هذه‬ ‫ِ‬


‫الدين ‪ ،‬وما يترت ُ‬
‫ِ‬
‫أركان‬ ‫ك�ن الرابِ ِع ِم�ن‬
‫للر ِ‬
‫تُؤ ِّكدُ الدراس� ُة الش�رعي ُة ُّ‬ ‫دراسة الركن‬
‫الرابع تمنع الزج‬
‫مرحل�ة ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬ ‫ِ‬ ‫طالبة بِ�ه ِخ َ‬
‫الل‬ ‫الق�رار أو الم ِ‬
‫ِ‬ ‫مس�ألة امتِ ِ‬
‫الك‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫ِ‬
‫النظ�ر‬ ‫ن‬ ‫�‬‫م‬‫الدراس�ة ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بالشعوب في‬
‫الش�رعي عد ُم‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�ريفة ؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المنص�وص ع َليها ف�ي‬ ‫ِ‬ ‫سبيل المطالبة‬
‫َّ‬ ‫الواج َ‬ ‫أن‬ ‫األحادي�ث‬ ‫والوه�ن‬
‫بالقرار‬
‫أو الم ِ‬ ‫س�بيل امتِ ِ‬ ‫الق بِالم ِ‬ ‫االنز ِ‬
‫زئي‬
‫الج ِّ‬ ‫ِ‬
‫القرار ُ‬‫طالبة بِ‬ ‫القرار ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫لاك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرب في‬ ‫طالبة ِ‬
‫أو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫آلل الب ِ‬
‫النبوي‬
‫ِّ‬ ‫يت‬ ‫يليق بِ َمن ينتمي ِ َ‬ ‫أي ُم ِّبر ٍر َ‬
‫كان ‪ ،‬بل ال ُ‬ ‫تحت ِّ‬
‫المحلي َ‬
‫ِّ‬ ‫اإلقليمي ِ‬
‫أو‬ ‫ِّ‬
‫كو ٍ‬
‫راثة‬ ‫القرار أو َيرون جدارتِهم له ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫يرغبون في‬ ‫مومه ممن‬ ‫أو من ينتمي لِإلسلا ِم بع ِ‬
‫ُ‬
‫وصرا ٍع ِمن ِ‬
‫أجل‬ ‫�روب ِ‬
‫ٍ‬ ‫ي�ر ذلِ َك أن ُيز ُّج�وا بِاألُ َّم ِة والرعايا في ُح‬ ‫ٍ‬
‫اس�تحقاق أو َغ ِ‬ ‫ِ‬
‫أو‬
‫سباب ِمنها ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ذلِ َك لأِ‬

‫األو ُل ‪ :‬استمرار المقاومة ودعمها بكافة األشكال واإلمكانات الممكنة ‪.‬‬


‫َّ‬
‫الثان�ي ‪ :‬العمل عل�ى المصالحة الوطنية بين الفصائل لصيان�ة الحق والعمل على نصرته‬
‫وليس التضحية به ‪.‬‬
‫ُ‬
‫الثالث ‪ :‬رفض مش�اريع الوس�اطة العربية والدولية الداعية إلى التطبيع المخل بالش�رف‬
‫واألرض مع العدو المحتل ‪.‬‬
‫ويتحقق نجاح هذه المطالب ‪:‬‬
‫‪ -1‬بحشد الطاقات العربية واإلسالمية لترجيح كفة القضية وتحويلها من قضية فلسطينية‬
‫إلى قضية عربية إسالمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬شد أزر المقاومة بجمع كلمة الفصائل داخل األرض المحتلة ‪ ،‬وتوحيد استيراتيجيات‬
‫العمل الجهادي ‪ ،‬سواء بأسلوب المطالبة الشرعية القائمة على العدل واإلنصاف أو الجهاد‬
‫والمقاومة القادرين على فرض فكرة الحقوق وعودتها ‪.‬‬
‫‪ -3‬العم�ل عل�ى توحي�د الكلم�ة وإحي�اء معاني التوحي�د ‪ ،‬وه�و إحياء أس�اس العالقة‬
‫اإلسلامية بين األم�ة وبناء وحدته�ا اإليمانية على القواس�م المش�تركة (ﮭ ﮮ‬
‫‪.‬‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [البقرة‪]208:‬‬

‫‪254‬‬
‫والوهن ينقطِع فِيها الحكم الشرعي العام القائم على ِح ِ‬
‫فظ‬ ‫ِ‬ ‫أن مرحل َة ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬ ‫ • َّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كم‬ ‫ُهو َّية اإلسلا ِم ف�ي مجمو ِع العال ِم كوحدة سياس�ية واح�دة ‪ ،‬ويبقى ُ‬
‫الح ُ‬
‫مير ‪ ،‬أي ‪ :‬األطما ِع والصرا ِع على الس ِ‬
‫الح ِ‬
‫لطة‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫النبي ‪ m‬بِتكا ُد ِم َ‬
‫الذي وص َفه ُّ‬
‫وامتِ ِ‬
‫الكها ‪.‬‬

‫وش�عو ًبا ‪ ،‬وإنَّم�ا لِك ٍُّل ِمنهم‬ ‫يد الم ِ‬


‫س�لمين ُحكا ًما ُ‬ ‫ُ‬
‫أن الق�رار العالم�ي ليس بِ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ • َّ‬
‫ويلتز ُم بِقراراتِه‬
‫عالمي كافِ ٍر ينطوي فيه ِ‬ ‫ٍّ‬
‫ٍ‬
‫سقف‬ ‫الخاص ُة َ‬
‫تحت‬ ‫َّ‬ ‫وسلطتُه‬
‫ُحدو ُده ُ‬
‫ِ‬
‫داءات‬ ‫ِّزاعات وشكوى االعتِ‬ ‫ِ‬ ‫لفض الن‬‫ويلتجئ إ َليه ِّ‬ ‫ِ‬
‫والحرب ‪ ،‬بل‬ ‫الس�ل ِم‬
‫ُ‬ ‫في ِّ‬
‫ِ‬
‫االقتصاد والنظا ِم‬ ‫األمن ِ‬
‫وغيرها ‪ .‬و َي ْت َب ُع ُه ُك ِّل َّي ًة في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومجل ِ‬
‫س‬ ‫تح ِ‬
‫دة‬ ‫كاألُم� ِم الم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫المالي‪.‬‬
‫ّ‬
‫عائلي�ة ‪ٍ ،‬‬
‫قبلية » أو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫غيرها‬ ‫مذهبية ‪،‬‬ ‫اعتبارات «‬ ‫الحك� ِم َ‬
‫تحت‬ ‫المطالبي�ن بِ ُ‬
‫أن ُ‬ ‫ • َّ‬
‫الحرب في ِ‬
‫سبيله » أو ِ‬ ‫الحك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫كم ِ‬
‫ممن‬‫غيرهم ـ َ‬ ‫ِ‬ ‫أو‬ ‫أهل ال َبيت بِ ُ‬
‫بعض ِ‬‫ِ‬ ‫طالبة «‬ ‫ُ‬
‫الحك ِم‬ ‫�لطان لآِ ِ‬
‫بائهم ـ ع َليه�م أن يعلموا َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫أن ال َع�ود َة إلى ُ‬ ‫وس‬‫كان له�م مجدٌ ُ‬
‫الفة المرتبِ ِ‬
‫طة‬ ‫الخ ِ‬‫الش�رعي يش�تر ُط فيه «الحكم اإلسلامي العام في مفهو ِم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِّ ُ َ‬
‫ٍ‬
‫قاطعة‬ ‫ٍ‬
‫مدينة أو ُم‬ ‫حاك ًما على‬ ‫يكون أحدُ هم ِ‬
‫َ‬ ‫اإلسالمي العا ِّم» ‪ .‬أما أن‬ ‫ِ‬
‫القرار‬‫بِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الثقافة‬ ‫واإلعالمي ُج�ز ٌء ِم َن‬ ‫والسياس�ي‬ ‫صادي‬ ‫ولك�ن قراره االقتِ‬ ‫ول�ة ‪ِ ،‬‬‫أو د ٍ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫هدف اإلسلا ِم‬ ‫أمر ال يخدُ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُس�مى ؛ فه�و ٌ‬
‫العالمي�ة والسياس�ة الدَّ ولية كما ت َّ‬
‫أهل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاء ِ‬‫وقضية االصطِ ِ‬
‫ِ‬
‫يت‬ ‫مثل هذا ـ من ِ َ‬ ‫الحك ِم ‪ .‬بل على ِ‬ ‫أو األحق َّي َة في ُ‬
‫ويحفظ ِدما َء‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ماحكات السياس�ي َة المش�بوه َة‬ ‫الم‬
‫يتجنب ُ‬ ‫َ‬ ‫غيرهم ـ أن‬‫أو ِم�ن ِ‬
‫ِ‬
‫االس�تقرار‬ ‫ِ‬
‫تحقيق‬ ‫الرعايا واألُم ِة ‪ ،‬ويعيدَ النظر فيما هو مطلوب منه ش�ر ًعا لِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫إشغال‬ ‫وعلي زي ُن العابدين ء ‪ ،‬وليس‬ ‫ٌّ‬ ‫فعل الحس ُن‬ ‫ِ‬
‫الشعوب كما َ‬ ‫في‬
‫ُصرة لِإلسال ِم‬
‫وامتالك الحك ِم ‪ ،‬مع أنَّه ال يترتَّب ع َليه أي ن ٍ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫�عوب بِعودتِه‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫الش‬

‫‪255‬‬
‫ِ‬
‫العالمية‬ ‫ِ‬
‫السياسة‬ ‫سبيل ال َّل ِه إلاَّ بما يوافِ ُق ُس َ‬
‫قوف‬ ‫ِ‬ ‫هاد في‬‫لج ِ‬ ‫لدعوة وال لِ ِ‬
‫ِ‬ ‫وال لِ‬

‫وجوده‪ُ ،‬ث َّم بِ َقبولِه‬


‫ِ‬ ‫ش�رط االعتِ ِ‬
‫�راف بِه وبِ‬ ‫ِ‬ ‫يم ِنة ‪ ،‬التي تبدَ ُأ بادئ ذي ٍ‬
‫بدء بِ‬ ‫المه ِ‬
‫َُ‬
‫والقوانين الدَّ ِ‬
‫ولية التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللوائح‬ ‫مة لِلنِّظا ِم بِ‬
‫لز ِ‬‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض�وا في المنظومة الدَّ ولية ُ‬‫ُع ً‬
‫ال ِعالق َة لها بِاإلسال ِم وال بِالم ِ‬
‫سل ِم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مرحلة ال ُغ ِ‬
‫ثاء إنَّما هي قائم ٌة‬ ‫ِ‬ ‫وظهر ْت في‬ ‫برز ْت‬ ‫ول واألنظِ ِ‬
‫أن كا َّف َة الدُّ ِ‬
‫ • َّ‬
‫َ‬ ‫مة التي َ‬
‫ول‬ ‫ِ‬
‫ق�رار (الفيتو)‪ ،‬والدُّ ُ‬ ‫ِ‬
‫مالكة‬ ‫ول الكُبرى‬ ‫في مش�روعيتِها على اعتِ ِ‬
‫راف ال�دُّ ِ‬

‫َ‬
‫تكون إسلاميتُه وفق ما‬ ‫صحي�ح ‪ ،‬إلاَّ أن‬
‫ٍ‬ ‫إسلامي‬
‫ٍّ‬ ‫ف بِنظا ٍم‬ ‫الكُب�رى ال ِ‬
‫تعتر ُ‬
‫السياسي ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫ِ‬
‫المتنفذة في‬ ‫ُيرضي الدُّ َ‬
‫ول‬
‫ِّ‬

‫الربوي وحرك َة‬ ‫المالي‬ ‫ِ‬


‫االقتصاد العالم َّي َة والنظا َم‬ ‫وف�وق ك ُِّل ذلك فإن َح َر َك َة‬
‫َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ •‬
‫ِ‬
‫مش�روعية‬ ‫الس�قف المهيم ُن على‬
‫ُ‬ ‫العملات لكاف�ة دول العالم ه�ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�وق‬
‫بقائها منذ نشأتِها وحتّى سقوطِها‪.‬‬ ‫الدُّ و ِل ومدَ ى ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الدين‬ ‫ِ‬
‫أركان‬ ‫والرك ُن الرابِ ُع ِمن‬ ‫ِ‬
‫التحوالت ُّ‬ ‫ُّ‬
‫�روط التي ِ‬
‫يكش ُفها فق ُه‬ ‫ِ‬ ‫وعلى هذه ُّ‬
‫الش‬
‫أجله‬‫ت�ال ِمن ِ‬
‫الموت دونَ�ه أو الدفع بِالرعايا للاِ قتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الق�رار ِ‬
‫أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امتالك‬ ‫ُصب�ح مس�أل ُة‬ ‫ت‬
‫ُ‬
‫يت أن ُف ِسهم ‪ ،‬وإنَّما ترتبِ ُط بِ ِق ِ‬
‫آل الب ِ‬
‫ِ‬
‫ُصوص‬ ‫راءة ن‬ ‫الحكَّا ِم وال حتَّى بِ ِ َ‬‫مس�أل ًة ال ترتبِ ُط بِ ُ‬
‫الشرعي ‪.‬‬ ‫فقه التحو ِ‬
‫الت‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬

‫وحكَّا ُمه‬
‫إسلامي ُ‬
‫ٌّ‬ ‫العضوض ـ وهو نِظا ٌم‬
‫ِ‬ ‫فالنُّصوص الش�رعي ُة طعنَت في الم ِ‬
‫لك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عصر ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬ ‫ِ‬ ‫والمراح ِل ‪ .‬وكذلِ َك في‬
‫ِ‬ ‫الحكَّا ِم‬ ‫ِ‬ ‫بعض ُّ‬‫ِ‬ ‫ِمن ُق ٍ‬
‫ريش ـ ل ُف ِ‬
‫الشروط في ُ‬ ‫قدان‬
‫نفس ُه أو رعايا ُه ِمن‬
‫امرؤ َ‬ ‫األحوال أن ُي ْه ِل َك ٌ‬
‫ِ‬ ‫حال ِم َن‬
‫أي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫والوهن كمرحلة ال ُيمك ُن بِ ِّ‬
‫ِ‬
‫ثبت شر ًعا أنَّه ال يعود على اإلسال ِم بِ ٍ‬
‫عائد ُيؤ َب ُه له ‪.‬‬ ‫أجل ٍ‬
‫قرار َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوظيفة أن يجع َلها‬‫�ب بِ‬‫ِ‬
‫ك�م وظيف ٌة ‪ ،‬فإن تم َّك َن ُ‬
‫المطال ُ‬ ‫إن اإلسلا َم قضي ٌة ‪ُ ،‬‬
‫والح َ‬ ‫َّ‬

‫‪256‬‬
‫القضية ِمن حي ُثما وض َعه ال َّل ُه في‬
‫ِ‬ ‫خ ِ‬
‫دمة‬ ‫ف�إن التزامه بِ ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫القضية َ‬
‫فذاك ‪ ،‬وإلاَّ‬ ‫ف�ي ِخ ِ‬
‫دمة‬
‫ِ‬
‫الشرعية ‪.‬‬ ‫إنجاح وظيفتِه‬
‫ِ‬ ‫كفيل بِ‬ ‫ِ‬
‫االجتماعية ٌ‬ ‫ِ‬
‫الحياة‬

‫‪257‬‬
‫الصرغى‬ ‫ِ‬
‫لعلامات ُّ‬ ‫العلم المطل َ ُق باِ‬
‫الركن الثاني ِ‬
‫ُ‬
‫ُ ُ‬
‫قب�ل ِم ِ‬
‫يلاده ‪ m‬إلى قيا ِم‬ ‫قوعها ‪َ m‬‬ ‫العالم�ات التي أخبر ع�ن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫جم ُ�ل‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وه�ي ُم َ‬
‫المط َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إثم وال‬‫�ق » أي ‪ :‬الذي ال َ‬ ‫لم ُ‬‫تنوع ٌة ‪ ،‬و َقو ُلن�ا ‪ « :‬الع ُ‬
‫الس�اعة ‪ ،‬وه�ي كثي�ر ٌة و ُم ِّ‬
‫ِ‬ ‫الل ِق ِ‬
‫ويمك ُن اإللمام بِها ِمن ِخ ِ‬
‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫راءة ُكت ِ‬
‫ُب‬ ‫ُ‬ ‫يعلم تفصي َلها ‪،‬‬ ‫تبِع َة على َمن لم ْ‬
‫ف» ‪ ،‬وقد بد ْأنا ُهنا‬ ‫ِ‬
‫والطار ُ‬ ‫الس�اعة ‪ ،‬وقد ذكرنا كثيرا ِمن ِ‬
‫نماذ ِجها ف�ي كتابِنا «التليدُ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫عواملها وأس�بابِها في ك ُِّل‬ ‫تكر ِر‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِذ ِ‬
‫ش�ار‬ ‫ِ‬
‫المراحل ُ‬ ‫تتكر ُر بِ ُّ‬
‫كر هذه العالمات التي َّ‬
‫إ َليها سل ًفا ‪ِ ،‬‬
‫ومنها ‪:‬‬

‫إمارةُ الصبيا ِن‬ ‫إمارة الصبيان‬


‫ِ‬
‫األحداث‬ ‫الس ِّن‬ ‫ان‪ ،‬وهي َت َق ُّلدُ ِص ِ‬ ‫الساعة الص ْغرى إِمار ُة الصبي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬ ‫عالمة صغرى‬
‫غار ِّ‬ ‫ُّ َ َ َ ِّ ْ َ‬ ‫ات‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّب‬ ‫ُ‬
‫وجليل المعرفة ‪ ،‬لما يترت ُ‬ ‫المناص�ب الكبي�ر َة التي ال يص ُل ُح لها إلاَّ حاذ ُق ِّ‬
‫الس� ِّن‬ ‫َ‬
‫فق‬ ‫ور ٍ‬ ‫�ون للحر ِ‬
‫م�ات ِ‬ ‫ألمانة وص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وحف�ظ لِ‬
‫ٍ‬ ‫راقب�ة ل َّل ِه‬
‫ٍ‬ ‫والمعرف�ة ِمن ُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح�ذق‬ ‫عل�ى‬
‫ُُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫هم الذين ال يرعوون ‪،‬‬ ‫والس�فها ُء ُ‬ ‫الس�فهاء » ‪ُّ ،‬‬ ‫بالرعايا ‪ ،‬وفي ِرواية ُأخرى ‪ « :‬إمار ُة ُّ‬
‫روي ٍة وضوابِ َط ٍ‬ ‫وال ين ُظرون لِ ُ‬
‫ديانة ‪.‬‬ ‫مور بِ ِ َّ‬
‫أل ِ‬

‫ه�ة ‪ ،‬كما قد ورد عن أبي‬ ‫العضوض ِمن ِج ٍ‬


‫ِ‬ ‫مرحل�ة الم ِ‬
‫لك‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي ِ‬
‫األمر إش�ار ٌة إلى‬
‫ُ‬
‫ب ِمن َش�ر َقدَ ا ْقتَرب ‪ :‬إمار ُة الصبي ِ‬
‫ان إِ ْن َأ َطا ُع ُ‬
‫ِ‬
‫وه ْم‬ ‫َ َ َ َ ِّ ْ َ‬ ‫«و ْي ٌل ل ْل َع َر ِ ْ ٍّ‬ ‫ُه َرير َة ؤ َ‬
‫قال ‪َ :‬‬
‫ابن أبي َش�يب َة َع ْن‬ ‫َأد َخ ُلوه�م النَّ�ار ‪ ،‬وإِ ْن َعصوهم َضربوا َأ ْعنَا َقهم »((( ‪ .‬وفي ِر ِ‬
‫واية ِ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ ْ ُ ْ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫الس ْب ِعي َن َو ِم ْن‬
‫س َّ‬‫الله ِم ْن َر ْأ ِ‬
‫الله ‪َ « :m‬تعو ُذوا بِ ِ‬
‫َ َّ‬
‫�ول ِ‬‫َأبِي ُه َر ْي َر َة ؤ َق َال ‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫َ‬
‫دون‬ ‫نبر رس�ول الله ‪m‬‬ ‫واية ق�ا َم أبو ُه َرير َة ؤِ على ِم ِ‬
‫�ان»‪ .‬وفي ِر ٍ‬ ‫إم�ر ِة الصبي ِ‬
‫ْ َ ِّ ْ َ‬

‫((( ابن أبي شيبة (‪. )39391‬‬

‫‪258‬‬
‫ويل لهم ِمن‬
‫اقترب ‪ٌ ،‬‬
‫َ‬
‫لعرب ِمن ش�ر ِ‬
‫قد‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ويل لِ‬
‫فقال ‪ُ « :‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ٍ m‬‬
‫بعتبة ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مقا ِم‬
‫ِ‬
‫الغضب » ((( ‪.‬‬ ‫بيان ‪ ،‬يحكُمون فيهم بِالهوى ‪ ،‬ويقتُلون بِ‬ ‫ِ‬
‫إمارة الص ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫�فهاء‬ ‫الس‬ ‫المراح ِل التي َ ِ‬
‫ِ‬ ‫هة ُأخرى ف�إن المعنى ي ُع ُّم كا َّف َة‬ ‫وم�ن ِج ٍ‬ ‫ِ‬
‫برزت فيها إمار ُة ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تبر ُز سفاهتُهم‬‫وحدثاء األسنان ُسفهاء األحال ِم ‪ُ ،‬‬ ‫وحكَّا ٍم ُ‬ ‫الصبيان من ُأمرا َء ُ‬
‫وتس ُّل ُط ِّ‬
‫ِ‬
‫كومية التي‬ ‫الح‬ ‫الحزبي�ة ِ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياس�ية بِكا َّف ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي واق ِع‬
‫أو الفئوي�ة أو ُ‬ ‫نماذجها‬ ‫�ة‬ ‫الحركة‬
‫هتار واالس�تِ ِ‬
‫ثمار‬ ‫عمار واالس�تِ ِ‬
‫مراح ِل االس�تِ ِ‬
‫عر َفها العالم العربي واإلسلامي في ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والحضارة‬ ‫ق�ي‬ ‫المس�لمين بِاس� ِم ُّ‬
‫الر ِّ‬ ‫‪ ،‬وعم َل�ت على إضعاف ش�رف اإلسلا ِم في ُ‬
‫أنس ب ُن مالِ ٍك َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫يقول ‪ m‬فيما رواه ُ‬‫س�اواة ‪ ،‬وفي ذلِ َك ُ‬
‫ِ‬ ‫والم‬ ‫ِ‬
‫والحرية ُ‬
‫ِ‬
‫والتمدُّ ن ُ‬
‫قال ‪ « :‬إذا‬ ‫الم ِ‬
‫نكر ؟ َ‬ ‫والنهي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر بِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪. .‬متى ُ‬
‫َ‬
‫عن ُ‬ ‫المع�روف‬ ‫نترك َ‬ ‫قي�ل ‪ :‬يا‬
‫ظهر في األُ َم ِم‬ ‫َ ِ‬ ‫قبلكم » ُقلنا ‪ :‬يا‬‫ظه�ر فيكم م�ا ظهر في األُم ِم ِمن ِ‬
‫رس�ول الله‪ ..‬وما َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لم في رذالتِكم ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والفاحش� ُة في ِك ِ‬
‫باركم ‪ ،‬والع ُ‬
‫ِ‬ ‫لك في ِص ِ‬
‫غاركم ‪،‬‬ ‫الم ُ‬ ‫قب َلنا ؟ َ‬
‫قال ‪ُ « :‬‬
‫لم في ُرذا َلتِكم» (((‪.‬‬ ‫إذا َ ِ‬
‫كان الع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحدي�ث وفي ِ‬
‫�فهاء‬ ‫والس‬
‫الصبيان ُّ‬ ‫تالز ِم الفس�اد في إمارة ِّ‬ ‫غيره إش�ار ٌة إلى ُ‬ ‫وف�ي‬
‫وحكَّا ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يش�مل العديدَ ِمن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ظواهر الحي�اة االجتماعية التي ُي َهنْد ُس�ها أمرا ُء ُ‬ ‫حي�ث‬ ‫‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وضعف‬ ‫أخالقي‬
‫ٍّ‬ ‫تفس ٍ‬
‫�خ‬ ‫مع ُّ‬‫س�ميات الحضارة الما ِّدية َ‬ ‫بم َّ‬ ‫المجتم ِع ُ‬
‫المراخل لربط ُ‬
‫ِ‬
‫واإلعالمية‬ ‫ِ‬
‫صادية‬ ‫ومش�اريع ِهم االقتِ‬
‫ِ‬ ‫وتقليد واستِتبا ٍع أعمى لل ُك َّف ِ‬
‫ار‬ ‫ٍ‬ ‫ش�رعي‬ ‫لمي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ع ٍّ‬
‫ِ‬
‫ماعية ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬‫والتعليمية واالجتِ‬
‫ِ‬

‫للتويجري (‪. )230 :1‬‬ ‫ِ‬


‫الساعة»‬ ‫ِ‬
‫أشراط‬ ‫ِ‬
‫الجماعة بِ‬ ‫(((«إتحاف‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫((( سنن ابن ماجه (‪. )4151‬‬

‫‪259‬‬
‫استفاضةُ الما ِل والاستِغناء عنِ الصدقةِ‬
‫ُ‬ ‫استفاضة المال‬
‫ال و َك ْثر ُته‪ ،‬وهذه العالم ُة ِ‬ ‫اس�تِ َف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ِ َ َ ُ‬
‫واالستغناء عن‬
‫تحم ُل‬ ‫اض ُة َ‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬
‫الص ْغ َرى ْ‬ ‫الصدقة‬
‫الناس بعدَ ٍ‬
‫فقر ُمدق ٍع ‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫ويكثر في أيدي‬
‫َ‬ ‫يضا ‪،‬‬ ‫يفيض ُ‬
‫المال َف ً‬ ‫معان�ي ِمنه�ا ‪ :‬أن َ‬
‫َ‬
‫مر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث�ل هذا في ُع ِ‬
‫�ق ِم ُ‬
‫بن‬ ‫وأكثرها مطابق� ًة ما و قع في عهد ُع َ‬
‫ُ‬ ‫توحات ‪،‬‬ ‫هود ال ُف‬ ‫تح َّق َ‬
‫الد ال ُف ِ‬
‫رس‬ ‫توحات ِمن بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أموال ال ُف‬ ‫لة ِم َن اقتس�ا ِم‬
‫الحاص ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األموال‬ ‫العزيز لِ ِ‬
‫كثرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبد‬
‫النبي ‪ m‬إذا أتاه‬ ‫ِّ‬ ‫قال ‪َ :‬بينَم�ا أنا ِعندَ‬ ‫بن حاتِ ٍم َ‬ ‫عدي ِ‬‫حديث ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وال�رو ِم ‪ ،‬و ُيؤ ِّي�دُ هذا‬
‫ُّ‬
‫عدي ‪،‬‬ ‫فقال ‪« :‬يا ُّ‬ ‫الس�بيل ‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫قطع‬ ‫آخر فش�كا إ َليه َ‬ ‫رج ٌل ‪ ،‬فش�كا إ َليه الفاق َة ‪ُ ،‬ث َّم أتاه ُ‬ ‫ُ‬
‫فقال ‪ « :‬فإن طا َلت بِ َك‬ ‫نبئت عنها ‪َ ،‬‬ ‫لت ‪ :‬ل�م َأ َر َها ‪ ،‬وقد ُأ ُ‬ ‫الحيرة ؟ » ُق ُ‬ ‫رأي�ت ِ‬ ‫َ‬ ‫ه�ل‬
‫تخاف أحدً ا إلاَّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكعبة ال‬ ‫تط�وف بِ‬
‫َ‬ ‫الح ِ‬
‫يرة حتَّى‬ ‫ترتح ُل ِمن ِ‬ ‫الحي�ا ُة لترين الظعين َة ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َّ‬
‫قال ‪« :‬‬ ‫لت ‪ :‬اب َن ُهر ُم َز ؟! َ‬ ‫ُنوز ِكسرى » ‪ُ .‬ق ُ‬ ‫ُفتح َّن ك ُ‬‫بك الحيا ُة لت َ‬‫ال َّل َه ‪ ،‬ولئن طا َلت َ‬
‫يخر ُج ِمن ك ِّفه ِمن ٍ‬
‫ذهب‬ ‫الرج َل ُ‬‫كس�رى ب ُن ُهر ُم ٍز ‪ ،‬ولئن طا َلت بِ َك الحيا ُة لتر َي َّن ُ‬
‫ِ‬

‫فرأيت الظعين َة‬


‫ُ‬ ‫عدي ‪:‬‬‫قال ٌّ‬ ‫يجدُ أحدً ا يقب ُله منه» ‪َ .‬‬‫يطلب من يقب ُله منه فال ِ‬
‫ُ َ‬ ‫أو فِ َّض ٍة‬
‫ِ‬ ‫تطوف بِ‬ ‫الح ِ‬‫ترتح ُ�ل ِم�ن ِ‬
‫ِ‬
‫فيم ِن َ‬
‫افتتح‬ ‫وكن�ت َ‬
‫ُ‬ ‫تخاف إلاَّ ال َّل َه ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الكعب�ة ال‬ ‫َ‬ ‫ي�رة حتَّى‬ ‫َ‬
‫قال النبي أبو ِ‬ ‫ُنوز ِكسرى ِ‬
‫القاس ِم ‪m‬‬ ‫ُّ‬ ‫لترون ما َ‬ ‫بن ُهر ُم َز ‪ ،‬ولئن طا َلت بِكم حيا ٌة َ‬ ‫ك َ‬
‫(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معان ‪:‬‬ ‫فيرج ُع إلى‬ ‫ِ‬
‫الصدقة ِ‬ ‫وأما االستغنا ُء ِ‬
‫عن‬

‫مر ِ‬
‫بن الخ َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ُل ‪ :‬ما َ‬
‫اب ‪ُ ،‬‬
‫حيث‬ ‫العزيز ‪ ،‬وقب َله عهدُ ُع َ‬ ‫عبد‬ ‫قيل عن عهد ُع َ‬ ‫َّ‬ ‫االستغناء عن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصدقة لِ ِ‬
‫ِ‬ ‫الصدقة له عدة‬
‫توزيعه ‪.‬‬ ‫وعدالة‬ ‫المال‬ ‫كثرة‬ ‫استغنى ال ُفقرا ُء ِ‬
‫عن‬ ‫معان‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )3595‬‬

‫‪260‬‬
‫ِ‬ ‫كعهد اإلم�ا ِم المنتظِر ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحص ُل في ِ‬
‫وعهد عيس�ى‬ ‫الزم�ان‬ ‫آخ�ر‬ ‫والثان�ي ‪ :‬م�ا ق�د ُ‬
‫ش((( ‪.‬‬

‫الصدقات من‬ ‫الزم�ان ِم َن‬


‫ِ‬ ‫يكثر ف�ي ِ‬
‫آخر‬ ‫ِ‬
‫بالتح�والت ‪ ،‬وه�و ما ُ‬‫ُّ‬ ‫�ث ل�ه ِعالق ٌة‬ ‫وهن�اك معنً�ى ثالِ ٌ‬
‫ُ‬
‫األموال المشبوهة‬
‫أخ�ذ صدقتِه ِمن‬
‫المؤمن ِمن ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫أنواعه ‪ ،‬حتَّ�ى يتأ َّف َ‬ ‫الم�ال الحرا ِم بِكا َّف ِ‬
‫�ة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاضة‬ ‫اس�تِ‬
‫ِ‬
‫المشبوهة ‪.‬‬ ‫المتصدِّ قين بِأموالِ ِه ُم‬ ‫َ‬
‫أولئك ُ‬
‫ف ال ُف ِ‬ ‫الصدقة في معنً�ى رابِ ٍع إل�ى تع ُّف ِ‬
‫ِ‬ ‫ه�م االس�تِغنا َء ِ‬
‫سقوط قيمة‬ ‫عن‬ ‫ق�راء ِ‬ ‫ع�ن‬ ‫عض ُ‬‫وفس َ�ر بِ ُ‬
‫َّ‬
‫العملة‬ ‫ِّجاري�ة ‪ ،‬حتَّ�ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تنعد َم‬ ‫الحرك�ة الت‬ ‫وضعف‬ ‫األس�واق‬ ‫حال�ة‬ ‫ِ‬
‫الضط�راب‬ ‫األم�وال ؛‬
‫ِ‬
‫القيامة‬ ‫الناس ِم� َن‬
‫ِ‬ ‫س�بب َخ ِ‬
‫�وف‬ ‫ِ‬ ‫روب ‪ ،‬وإما بِ‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫المش�ترا ُة إما بِ‬ ‫ِ‬
‫س�بب ُ‬ ‫دات ُ‬‫ال�وار ُ‬
‫وتفيض ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األموال‬ ‫فتتكدَّ ُس‬
‫ٍ‬ ‫أكثر ِمن ٍ‬
‫تظهر في ِ‬ ‫ِ‬ ‫فه ُم ِمن هذه‬
‫ومرحلة ‪.‬‬ ‫زمن‬ ‫أن هذه العالم َة ُ‬
‫التعاليل َّ‬ ‫و ُي َ‬

‫ُمم الماضيةِ‬
‫استِتباعُ ُسن ِن الأ ِ‬
‫استتباع سنن‬

‫اض َي ِة‪ ،‬وهذه العالم ُة قد َ‬


‫الس�اعة الص ْغرى استِ ْتباع األُم ِم الم ِ‬
‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬
‫األمم الماضية‬
‫برزت‬ ‫ُّ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫ات‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫األموية‬ ‫ِ‬
‫عه�د الدَّ ولت ِ‬
‫َين‬ ‫ِ‬
‫العضوض على‬ ‫لك‬ ‫مرحلة الم ِ‬
‫ِ‬ ‫ظواهره�ا بادئ ذي ٍ‬
‫بدء ف�ي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫مظاه ِر‬ ‫والرو ِم في‬ ‫ِ‬
‫أحوال ُحكَّام ال ُف ِ‬ ‫ِ‬
‫والقادة بِ‬ ‫الحكَّا ِم‬ ‫ِ‬
‫رس ُّ‬ ‫بعض ُ‬ ‫والعباس�ية ‪ ،‬وتش� َّب َه ُ‬
‫والفلس�فات المخالِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فة‬ ‫ُ‬ ‫األفكار‬ ‫ونقل‬ ‫والتقاليد‬ ‫العادات‬ ‫وبعض‬ ‫�لطان‬ ‫الحك ِم ُّ‬
‫والس‬ ‫ُ‬

‫((( ففي الحديث عن أبي هريرة ؤ قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪ « m‬تلقي األرض أفالذ كبدها‬
‫أمثال اإلس�طوان من الذهب والفضة ‪ ،‬قال ‪ :‬فيجيء القاتل فيقول ‪ :‬في هذا قتلت ‪ .‬ويجيء‬
‫القاط�ع فيق�ول ‪ :‬ف�ي هذا قطعت رحم�ي ‪ .‬ويجيء الس�ارق فيقول ‪ :‬في ه�ذا قطعت يدي‪.‬‬
‫ث�م يدعون�ه فلا يأخ�ذون منه ش�يئا » ‪ .‬صحيح مس�لم كتاب ال�زكاة (‪ /98/15‬مع ش�رح‬
‫النووي)‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫تأخذ ُأمتي بِ ِ‬ ‫منهج اإلسلا ِم((( ‪ ،‬وفي ذلِ َك ُ‬ ‫لِ ِ‬
‫أخذ‬ ‫يقول ‪ « : m‬ال تقو ُم الس�اع ُة حتَّى َ َّ‬
‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫َ‬ ‫�بر وذرا ًع�ا بِذرا ٍع » ‪َ .‬‬ ‫�برا بِ ِش ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫كفارس‬ ‫�ه ‪،‬‬ ‫قيل ‪ :‬يا‬ ‫ال ُق�رون األولى فيها ش ً‬
‫لك‬ ‫وال�رو ُم في تِ َ‬‫فارس ُّ‬ ‫أولئ�ك »((( ‪ .‬وكانَت ُ‬ ‫َ‬ ‫الن�اس إلاَّ‬
‫ُ‬ ‫وال�رو ِم؟! َ‬
‫فق�ال ‪ « :‬و َم�ن‬ ‫ُّ‬ ‫نماذج االستتباع‬
‫التسلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫ُ‬ ‫المرحل�ة ه�ي حامل ُة ل�واء الحضارة الس�لبية‪ ..‬ويمتدُّ ه�ذا المعنى َ‬
‫عبر‬
‫مرحلة ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة ‪ ،‬ويزدا ُد اتِس�ا ًعا واس�تِتبا ًعا ف�ي‬‫ٍ‬ ‫أكثر ِمن‬ ‫التاريخ�ي لِ ُ ِ‬
‫أل َّم�ة في َ‬ ‫ِّ‬
‫ول‬ ‫ت الدُّ ُ‬‫وأخذ ِ‬
‫َ‬ ‫العالم�ي ‪،‬‬ ‫قرار اإلسلا ِم‬ ‫َ ِ‬ ‫والوه�ن ‪ ،‬وهي المرحل ُة التي‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫س�قط فيها ُ‬
‫ُ‬
‫حديث ‪« :‬‬ ‫ستثم ِر ‪ ،‬وفي ذلِ َك يأتي‬
‫ستعم ِر والم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫العربي ُة واإلسلامي ُة بِ َس ِ‬
‫نن العال ِم ُ‬
‫الم‬
‫ِ‬ ‫كان قب َلكم ِش�برا بِ ٍ ِ‬
‫ضب‬
‫حر ٍّ‬ ‫ش�بر ‪ ،‬وذرا ًعا بِذرا ٍع حتَّى لو دخلوا ُج َ‬ ‫ً‬ ‫لتتبِ ُع َّن َس�نَ َن َمن َ‬
‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬اليهو ُد والنصارى ؟! َ‬
‫قال ‪ « :‬و َمن ؟! »((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لدخ ْلتُموه » ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا‬
‫ِ‬
‫�ؤون‬ ‫ودب ِمن ُش‬ ‫وروبي في ك ُِّل ما َّ‬
‫هب َّ‬ ‫ِّ‬ ‫التقليد األعمى لِلعال ِم األُ‬
‫ِ‬ ‫ويب�ر ُز هذا في‬
‫ُ‬ ‫التقليد األعمى‬
‫ِ‬
‫ونماذج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمش�رب واإلعال ِم واألقال ِم والش�هوات والرغب�ات‬ ‫ِ‬
‫والملبس‬ ‫ِ‬
‫الم�أكل‬ ‫للعالم اآلخر‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ش�يء ِم َن ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والغفلة‬ ‫�رور‬ ‫مع‬
‫جرا‪َ ..‬‬‫وه ُل َّم ّ‬
‫التج�ارة والس�ياحة والثقاف�ة والرياضة َ‬
‫ِ‬
‫الرغبات ِ‬
‫الغارق َة في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتحا ُي ِ‬
‫ُصوص اإلسلا ِم وتحريف معانيه ؛ ل ُيناس َ‬
‫�ب‬ ‫�ل على ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االس�تِتبا ِع ؛ حتَّى‬
‫وضات ‪ ،‬وهو ما‬ ‫تباع في أغبى نماذ ِج العالقات ُ‬
‫والم‬ ‫يصير االس�ت ُ‬
‫َ‬
‫الحدي�ث بـ « ُد ِ‬
‫خول ُج ِ‬
‫يدخ ُ�ل ُج َ‬
‫حره طويلاً‬ ‫ٌ‬
‫حيوان ُ‬ ‫والضب‬
‫ُّ‬ ‫الض�ب » ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫حر‬ ‫ُ‬ ‫يعني�ه‬
‫ِ‬ ‫يدخ ُل َمدخلاً ال ُيفك ُِّر في‬ ‫ِ‬ ‫فيصعب ع َل ِيه ُ‬
‫طريقة‬ ‫والحديث فيه كناي ٌة َّ‬
‫عمن ُ‬ ‫ُ‬ ‫روج ‪،‬‬
‫الخ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والخطر ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحرج‬ ‫قع في‬
‫روج منه ؛ ف َي ُ‬ ‫ُ‬
‫الخ ِ‬

‫((( األخذ بالعلم والحضارة من الغير ال يدخل في هذا المعنى ‪ ،‬وإنما يدخل ما ال تحتاجه األمة‬
‫من علل األمم األخرى وفلسفتها النظرية المتعارضة مع غيبيات الديانة ‪.‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )7319‬‬
‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )3456‬ومسلم (‪.)6952‬‬

‫‪262‬‬
‫تقبيل كأس كرة‬ ‫ِ‬
‫وال�دوران بِه ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفوز‬ ‫ِ‬
‫كأس‬ ‫ِ‬
‫تقبي�ل‬ ‫النم�اذ ِج ما يفع ُل�ه الرياضيون ِم�ن‬
‫ِ‬ ‫وم�ن ه�ذه‬ ‫ِ‬
‫القدم‬ ‫ِ‬ ‫أخذه بـ «الإله إلاَّ الله» ‪ ،‬وس ِ‬ ‫تاف ِعند ِ‬
‫واله ِ‬
‫ِ‬
‫ملبس‬ ‫ب ‪ ،‬وخل ِع‬ ‫المالع ِ‬ ‫كر في‬‫الش ِ‬
‫جود ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الهواء‬ ‫ِ‬
‫الملبس في‬ ‫والتلوي�ح بِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الهدف ‪،‬‬ ‫س�مه ِعندَ إدخالِ�ه الكُر َة في‬
‫ب عن ِج ِ‬ ‫ِ‬
‫الالع ِ‬
‫ِ‬
‫كالنس�اء ‪،‬‬ ‫الج ِ‬
‫يد‬ ‫الع ِ‬
‫قد على ِ‬ ‫أعمال االس�تِتبا ِع الفج ِة ‪ ،‬كوض ِع ِ‬
‫ِ‬ ‫كثير ِمن‬
‫َّ‬ ‫وغير هذا ٌ‬‫‪ُ ،‬‬
‫كثير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مالبس ال ُع ِ‬ ‫والباروكات ‪ ،‬ولِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وغير هذا ٌ‬
‫ري الفاضحة ‪ُ ،‬‬ ‫بس‬ ‫الش�عر‬ ‫قص‬
‫وتقليد ِّ‬
‫وكثير ‪.‬‬
‫ٌ‬

‫ضياع الأمانةِ‬
‫ضياع األمانة‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور َّبما َ‬
‫كان‬ ‫تكررة لعدَّ ة مراح َل ‪ .‬وفي عدَّ ة أزمنة ‪ُ ،‬‬
‫الم ِّ‬
‫وهي م َن العالمات الصغرى ُ‬
‫ِ‬ ‫�دة إل�ى الم ِ‬
‫الراش ِ‬‫الفة ِ‬
‫الخ ِ‬
‫األمر ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫عصر‬ ‫العض ِ‬
‫وض ‪ .‬في‬ ‫لك ُ‬ ‫ُ‬ ‫تحو َل ِ َ‬ ‫َّأو ُل مظاه ِره�ا ُّ‬
‫ُنقض َّن ُعرى اإلسلا ِم ُعرو ًة‬‫تاري�خ األُ َّم ِة ‪ ،‬و ُيؤ ِّي�دُ هذا المعنى َقو ُله ‪ « : m‬لت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص�در‬
‫ِ‬
‫لمؤامرة‬ ‫صيغة لِ‬
‫ٍ‬ ‫وأو ُل‬ ‫ِ‬ ‫نقضا الحكم »((( ‪ ،‬والحك ِ‬ ‫ُع�رو ًة ‪َّ ،‬أو ُله� َّن ً‬
‫نقض أمانتي‬ ‫ْ�م م َن األمان�ات ‪َّ ،‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫أيضا لأِ ِ‬
‫مانة‬ ‫نقض ً‬ ‫ناك ٌ‬ ‫كان ُه َ‬ ‫ِ‬
‫ضوض ‪ ،‬كما َ‬ ‫الحك ِم ال َع‬ ‫كان بِ ِ‬
‫الحك� ِم َ‬ ‫ِ‬
‫الحكم والعلم‬ ‫بروز ُ‬ ‫نقض ُ‬ ‫عل�ى‬
‫ِ‬
‫النقض‬ ‫العل ِم ‪ ،‬واس�تمر ذلِ َك مرحل ًة بعدَ ُأخرى ‪ ...‬وهكذا حتَّى جاء أخطر ِ‬
‫مراح ِل‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫لمانية ‪ ،‬وهي‬ ‫ق�رار ِ‬
‫الع‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬ولإِ ِ‬
‫قامة‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫قرار ِ‬ ‫ِ‬
‫إس�قاط ِ‬ ‫لِلحك� ِم ولِ ِ‬
‫لعل� ِم بِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫النقض بك ُِّل معانيه وأش�كالِه تحقي ًق�ا لِ‬
‫َّب ع َليها ُ‬
‫األعرابي‬
‫ِّ‬ ‫حديث‬ ‫المرحل� ُة التي ترت َ‬
‫ت األمان ُة‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬إذا ُضيع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة ‪ .‬ور َّد‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ m‬‬
‫عن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الس�ائل‬
‫ِّ َ‬
‫األمر‬ ‫قال ‪« :‬إذا ُو ِّس�دَ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫�ه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫ق�ال ‪ :‬وكي�ف إضاعتُها يا‬ ‫فانتظِ ِ‬
‫�ر الس�اع َة » ‪َ .‬‬
‫ُ‬
‫العربي‬ ‫العالمين‬ ‫ِ‬
‫صوره ف�ي‬ ‫�ق هذا المعنى في أجلى‬ ‫ي�ر ِ‬
‫أهله»((( ‪ . .‬وقد تح َّق َ‬ ‫إل�ى َغ ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )22817‬‬


‫((( تقدم ‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫مرحلة االس�تِ ِ‬
‫عمار ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬وامتِ ِ‬
‫�داد‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫ق�رار ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�قوط‬ ‫واإلسلامي بعدَ ُس‬
‫ِّ‬
‫تشكيل القرارين « الحك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعل ِم »‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وإعادة‬ ‫ِ‬
‫المريض ‪،‬‬ ‫وتقسي ِم ما ُس ِّمي بِ ِتركة ُ‬
‫الرج ِل‬
‫ِ‬
‫العلمنة‬ ‫ِ‬
‫لمانية ُث َّم‬ ‫في العالمين العربي واإلسلامي لِما يخدُ م االستِعمار وسياس َة ِ‬
‫الع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ولمة وهكذا ‪.‬‬ ‫ُثم الع ِ‬
‫َّ َ‬
‫ِ‬
‫األمانات‬ ‫ِ‬
‫مجموعة‬ ‫�ق بِ‬ ‫والعل ِم ‪ ،‬وأما فيما يتع َّل ُ‬ ‫وه�ذا فيما يتع َّل ُق بِق�رار ِي الحك ِم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫األحادي�ث األُخرى ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ومنها حديث حذيفة ؤ‬ ‫ُ‬ ‫األُخرى وإضاعتها فإليها ت ُ‬
‫ُش�ير‬
‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس َّل َم َح ِدي َث ْي ِن َقدْ َر َأ ْي ُت َأ َحدَ ُه َما‬
‫الذي يقول فيه‪َ :‬حدَّ َثنَا َر ُس ُ‬
‫علموا ال ُق َ‬
‫رآن‬ ‫الرجال ‪ُ ،‬ثم ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ذر ُق ِ‬
‫لوب‬ ‫أن األمان َة نز َلت في ِج ِ‬ ‫َو َأنَا َأ ْنتَظِ ُر الآْ َخ َر ‪َ ،‬حدَّ َثنَا َّ‬
‫حديث «فال يكاد‬
‫الرج ُل النَّوم َة فتُق َب ُض األمان ُة‬ ‫رفعها َ‬ ‫‪ُ ،‬ثم َع ِلموا ِمن السن َِّة ‪ ،‬وحدَّ َثنا عن ِ‬
‫فقال ‪ « :‬ينا ُم ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫أحدهم يؤدي‬
‫األمانة ‪»...‬‬
‫أثرها ِم َثل‬‫ُقب�ض ‪ ،‬فيبقى ُ‬ ‫أثرها ِم َثل ِ‬
‫أثر الوك�ت((( ‪ُ ،‬ث َّم ينا ُم النوم َة فت ُ‬ ‫ِم�ن قلبِ�ه ُّ‬
‫فيظل ُ‬
‫جل َك فن َِف َط فتراه ُمنبتِ ًرا وليس فيه ش�ي ٌء ؛ ف ُيصبِ ُح‬ ‫كجمر دحرجتَه على ِر ِ‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ (((‬
‫الم ْج�ل‬ ‫َ‬
‫رجلاً أمينًا‬ ‫ٍ‬ ‫الناس يتبايعون ‪ ،‬فال يكا ُد أحدُ هم يؤ ِّدي األمان َة ف ُي ُ‬
‫قال ‪ :‬إن في بني ُفالن ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫خردل‬ ‫ثقال ح َّب ِة‬
‫لرج ِل ‪ :‬ما أعق َله ! وما أظر َفه ! وما أجلدَ ه ! وما في قلبِه ِم ُ‬ ‫‪ ،‬وي ُ ِ‬
‫قال ل ُ‬ ‫ُ‬
‫كان م ِ‬ ‫زمان وما ُأبالي أ ُّيكم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سل ًما ر َّده اإلسال ُم‬ ‫بايعت لئن َ ُ‬
‫ُ‬ ‫علي ٌ‬‫من إيمان ! ولقد أتى َّ‬
‫(((‬
‫كنت ُأ ُ‬
‫باي�ع إلاَّ فالنًا وفالنًا‬ ‫عل�ي س�اعيه ‪ .‬فأم�ا اليو َم فما ُ‬
‫َّ‬ ‫‪ ،‬وإن َ‬
‫كان نصران ًّي�ا ر َّده‬
‫كذ ُب فِيها‬ ‫س�تكون هناك ِس َ‬
‫�نون َخدَّ اع� ٌة ‪ُ :‬ي َّ‬ ‫ُ‬ ‫أخبر عنه ‪ « : m‬إنَّه‬
‫أيضا َ‬ ‫ث�ل هذا ً‬ ‫‪ِ .‬‬
‫وم ُ‬
‫الخ ُؤون »(((‪.‬‬‫خو ُن فِيها األمي ُن و ُيؤ َّم ُن فِيها َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصاد ُق ‪ ،‬و ُيصدَّ ُق فيها الكاذ ُب ‪ ،‬و ُي َّ‬

‫ُّقطة ِمن َغير لونِه ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الشيء ‪ ،‬أو كالن ِ‬ ‫األثر في‬
‫جمع (وكتة ‪ ،‬وهي ُ‬‫ُ‬ ‫((( الوكت ‪:‬‬
‫ِ‬
‫الصلبة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكف من ِ‬ ‫((( وهو ما يبقى من األورا ِم في‬
‫العمل باألشياء ُّ‬ ‫أثر‬ ‫ِّ‬
‫خاري (‪.)6497‬‬
‫ِّ‬ ‫صحيح ال ُب‬
‫ُ‬ ‫(((‬
‫((( مسند أحمد (‪ ، )8131‬وانظر « أشراط الساعة » يوسف عبدالله الوابل ص‪. 131‬‬

‫‪264‬‬
‫وظهو ِر الجهلِ‬ ‫قبض ِ‬
‫الع ِلم ُ‬ ‫ُ‬
‫قبض العلم‬
‫وظهور الجهل‬ ‫رة َزمنًا بعدَ ٍ‬
‫زمن ‪ ،‬ومرحل ًة بعدَ ُأخرى‬ ‫الساعة الصغرى المتكر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫وهي أحدُ‬
‫ُ ِّ‬
‫القبض على ٍ‬
‫حال ُمع َّي ٍن ‪،‬‬ ‫ف ُ‬ ‫بمرحلة ُمع َّي ٍنة ‪ُ ،‬ث َّم يتو َّق ُ‬
‫ٍ‬ ‫على َغ ِير تتا ُب ٍع ‪ ،‬وإنَّما قد ترتبِ ُط‬
‫مرحلة ُأخرى وهكذا ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مر ًة ُأخرى َ‬
‫مع‬ ‫ُث َّم يتجدَّ ُد ُ‬
‫القبض َّ‬
‫تاريخ التحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الت يتحدَّ ُد المعنى‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫النظر والتأ ُّم ِل إلى مجمو ِع األحاديث َ‬
‫عبر‬ ‫وعندَ‬
‫مرحلة ِ‬
‫الفت َِن األولى‬ ‫ِ‬ ‫القبض لِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نذ ِ‬‫ويبر ُز جل ًّيا ُم ُ‬
‫القبض في‬‫لعل ِم ‪ .‬ويتحدَّ ُد ُ‬ ‫مرحلة‬ ‫بدء‬ ‫ُ‬
‫القبض بِك ُِّل معانيه‪..‬‬
‫ِ‬ ‫بعدها ِم َن‬‫ثمان واإلما ِم عل�ي وما جاء من ِ‬
‫َ‬ ‫ٍّ‬
‫عهد ِخ ِ‬
‫الفة ُع َ‬ ‫عل�ى ِ‬
‫ٍ‬
‫معان ‪:‬‬ ‫ولِل َق ِ‬
‫بض‬

‫ُ‬ ‫قبض ِ‬
‫العل� ِم ‪ « :‬هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النووي ِمن َقولِ�ه على‬
‫معاني قبض العلم‬
‫الحديث‬ ‫حديث‬ ‫ُّ‬ ‫(‪ )1‬م�ا َ‬
‫ذكر اإلم�ا ُم‬
‫محوه ِمن ُص ِ‬
‫دور‬ ‫ليس هو َ‬
‫ِ‬
‫المطلقة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يبين المراد بِ ِ ِ‬
‫قبض العل ِم في األحاديث الس�ابِقة ُ‬ ‫ُ ِّ ُ ُ َ‬
‫الناس ُجه�الاً يحكُمون بِحاالتِهم‬ ‫ِ‬
‫يم�وت حملتُه ويتَّخ َذ ُ‬
‫َ‬ ‫ح َّفاظِ�ه ‪ِ ،‬‬
‫ولك� َّن معناه أن‬ ‫ُ‬
‫وروث ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم هنا ِعلم ِ‬
‫الك ِ‬ ‫في ِض ُّلون» ((( ‪ ،‬والمراد بِ ِ‬
‫لم َ‬‫والس�نَّة ‪ ،‬وهو الع ُ‬
‫تاب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫وتموت‬ ‫لم ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنبياء ‪ ،‬وبِ َذهابِهم‬ ‫فإن ال ُعلما َء ورث ُة‬‫عليه ُم السال ُم ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األنبياء ِ‬
‫ُ‬ ‫يذهب الع َ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫الجهل »((( ‪.‬‬ ‫وتظهر البِ ُ‬
‫دع ‪ ،‬وي ُع ُّم‬ ‫ُ‬ ‫السن ُن ‪،‬‬
‫ُّ‬

‫يختاره‬ ‫وفق ما‬


‫سة ‪َ ،‬‬ ‫مقبوضة ومسي ٍ‬
‫ٍ‬ ‫مناه َج‬ ‫قبض ِ‬
‫العل ِم تحوي ُله إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ِ )2‬من معاني‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬
‫الش�ريعة‬ ‫ف ِمن ِعل ِم‬ ‫أجيال ال ِ‬
‫تعر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تتخر َج‬ ‫ِ‬ ‫القائم�ون على التعلي ِم‬
‫والتدريس ؛ حتى َّ‬
‫منه ِج ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫شي ًئا ‪ ،‬ال َّلهم إلاَّ ما قر َأته ِِمن ِ‬
‫العل ِم‬
‫الم َ‬
‫المقبوض ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬

‫((( شرح مسلم (‪. )224 :16‬‬


‫الساعة لِلوابِ ِل ص‪. 133‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أشراط‬ ‫(((‬

‫‪265‬‬
‫األزم ِنة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫القب�ض ‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫(‪ِ )3‬‬
‫باض ال ُعلم�اء وحملة العل ِم ‪ ،‬لما ُ‬
‫يق�ع في‬ ‫انق ُ‬ ‫وم�ن معاني‬
‫انقباض ‪ /‬قبض‬
‫ِ‬
‫لم�اء ‪ِ ،‬مما ُيؤ ِّدي إلى اعتِزالِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ين وكراهية للعل ِم وال ُع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وتج�اوز وانتهاك للدِّ ِ‬ ‫م�ن ُظل ٍم‬‫ِ‬ ‫العلماء‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الجهل‬ ‫الناس ‪ ،‬ف ُيؤ ِّدي ذلِ َك إلى ُظ ِ‬
‫هور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مجالسة‬ ‫ِ‬
‫وانقطاعهم عن‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫عن‬ ‫الع ِ‬
‫لماء ِ‬ ‫ُ‬
‫بِالدِّ ِ‬
‫ين ‪.‬‬
‫ِ‬
‫وإيداعهم‬ ‫وسجنِهم‬‫عليهم ِ‬
‫القبض ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم إخراس الع ِ‬
‫لماء بِ‬ ‫قبض ِ‬
‫ِ‬ ‫ومن معاني‬ ‫(‪ِ )4‬‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�مى باإلقامة الجبرية في منازلهم ؛ حتَّى ال ينتف َع بِ ِه ُم ُ‬
‫الناس ‪ ،‬وقد وق َعت‬ ‫‪ ،‬فيما ُي َ‬
‫مراح َل ش�تَّى ‪ِ ،‬‬
‫ومنها (المرحل ُة‬ ‫س�لمين في ِ‬ ‫الد الم ِ‬ ‫(القبض) في بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫النماذ ُج ِم َن‬
‫ِ‬ ‫هذه‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتشريد‪..‬‬ ‫والخطف‬ ‫جن‬ ‫لم وال ُعلما ُء إلى اإلبادة ِّ‬ ‫ال ُغثائي ُة) التي َّ‬
‫تعر َض فيها الع ُ‬
‫والضلاالت ِ‬
‫والعل ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاالت‬‫ماع�ي جيلاً ُمتخ ِّب ًط�ا بِ‬‫الواق ِع االجتِ‬
‫ِمم�ا كون ف�ي ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّ َّ‬
‫ِ‬
‫المقبوض ‪.‬‬ ‫المس َّي ِ‬
‫س‬ ‫ُ‬

‫ينز ُل‬ ‫ِ‬


‫الساعة أل َّيا ًما ِ‬ ‫أحاديث كثير ٌة ‪ِ ،‬منها ‪ « :‬إِ َّن َبي َن يدَ ِي‬
‫ُ‬ ‫وفي هذا المعنى ور َدت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فِيها‬
‫الجهل ‪ ،‬و ُير َف ُع فيها الع ُ‬
‫لم »(((‪.‬‬

‫يتقارب‬ ‫�ه ‪« m‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬


‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫واية لِم ِ‬
‫س�ل ٍم ع�ن أبي ُه َرير َة ؤ َ‬ ‫وف�ي ِر ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الش ُّح ‪ ،‬ويك ُث ُر‬ ‫العلم وتظهر ِ‬
‫الزمان ‪ ،‬ويقب ُض ِ‬
‫الهرج »((( ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الفتَن ‪ ،‬و ُيلقى ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪m‬‬
‫ُ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العاص ء َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫بن‬ ‫بن ِ‬
‫عمرو ِ‬ ‫عبدال َّل ِ‬
‫�ه ِ‬ ‫وحدي�ث ِ‬
‫ُ‬
‫لم بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫العلم انتِزا ًعا ِ ِ‬
‫يقول ‪ « :‬إِ َّن ال َّله ال يقبِ ُض ِ‬
‫قبض‬ ‫ينتز ُعه م َن العباد ‪ ،‬ولكن يقبِ ُض الع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فس ِئلوا فأفتَوا بِ َغ ِير ِعل ٍم‬ ‫الع ِ‬
‫لماء ‪ ،‬حتَّى إذا لم ُي ِبق عالِ ًما ات َ‬
‫وسا ُج َّهالاً ‪ُ ،‬‬
‫رؤ ً‬‫الناس ُ‬
‫َّخذ ُ‬ ‫ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )7063‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪. )6964‬‬

‫‪266‬‬
‫؛ فض ُّلوا وأض ُّلوا »((( ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الظاه�ر ُة ِجيلاً بعدَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫خريات‬ ‫مر إلى ُأش�دِّ ه في ُأ‬‫جيل ‪ ،‬حتَّ�ى يب ُل َغ األَ ُ‬ ‫وتس�تم ُّر ه�ذه‬
‫أظه ِركم ‪ُ ،‬يس�رى‬‫ين ُ‬ ‫رآن ِمن َب ِ‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود ‪ « :‬ل ُينت ََز َع َّن ال ُق ُ‬ ‫قال عبدُ ال َّل ِه ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪ ،‬كما َ‬
‫األرض ِمنه َشي ٌء » ((( ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جال ؛ فال يبقى في‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫أجواف الر ِ‬ ‫ب ِمن‬ ‫ِ‬
‫ع َليه َليلاً ؛ َ‬
‫فيذه ُ‬
‫ِ‬
‫الساعة‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫الم ِ‬
‫ش�ار إ َليه في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والنقض ُ‬ ‫القبض‬ ‫مس�يرة‬ ‫النظر الواعي في‬ ‫وعندَ‬
‫المن ِّف ِذ‬ ‫ِ‬
‫النظر ع�ن ُ‬
‫ِ‬
‫ص�رف‬ ‫مراح َ�ل متدر ٍ‬
‫جة ـ بِ‬ ‫ُ ِّ‬
‫المس�يرة قد م�رت بِ ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫�ظ َّ‬
‫أن هذه‬ ‫نالح ُ‬‫ِ‬
‫والم ِ‬
‫ستثم ِر ـ اشتم َلت على ما يلي ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الحك ِم ‪.‬‬
‫نقض ُ‬‫‪ُ -1‬‬
‫نقض ِ‬
‫العل ِم ‪.‬‬ ‫‪ُ -2‬‬
‫ين والدَّ ِ‬
‫ولة ‪.‬‬ ‫الفصل َبي َن الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫أشكال من نقض‬
‫العرى في مسيرة‬ ‫يانة ‪.‬‬‫التاريخ والدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫الفصل َبي َن‬‫ُ‬ ‫‪-4‬‬
‫التاريخ‬ ‫ِ‬
‫والمتغ ِّي ِر ‪.‬‬
‫الفصل َبي َن الثوابِت ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪-5‬‬
‫الفصل َبي َن العلم والدين ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-6‬‬
‫ِ‬
‫والدعوة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التربية والتعلي ِم‬ ‫الفصل َبي َن‬ ‫ُ‬ ‫‪-7‬‬
‫ين ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأركان الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلحسان‬ ‫الفصل َبي َن ِعل ِم‬
‫ُ‬ ‫‪-8‬‬
‫ف‪.‬‬ ‫اإلحسان والتصو ِ‬
‫ِ‬ ‫الفصل َبي َن ِعل ِم‬
‫ُ‬ ‫‪-9‬‬
‫ُّ‬
‫عامل الرابِ ِع ‪.‬‬
‫والم ِ‬ ‫الفصل بين المث َّل ِ‬
‫ِ‬
‫المدموج ُ‬ ‫ث‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫‪-10‬‬
‫ُ‬
‫الفصل َبي َن التصوف والسنة ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )100‬‬


‫((( المعجم الكبير (‪. )8719‬‬

‫‪267‬‬
‫الفصل بين التصو ِ‬
‫ف واإلسال ِم((( ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫‪-12‬‬

‫بوةِ‬
‫هور ُمدَّعي الن ُّ َّ‬
‫ُظ ُ‬ ‫ظهور مدعي‬
‫ظواهره�ا‪ ،‬وتج�دَّ دت ِ‬
‫نماذ ُجها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة الصغ�رى التي تع�دَّ َدت‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫وم�ن‬‫ِ‬ ‫النبوة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ثالث‬ ‫قريب ِمن ثالثين َّ‬
‫كذا ًبا ‪ ،‬وفيهم‬ ‫ٌ‬ ‫ُّب�و َة ‪ ،‬وهم‬ ‫�روج َّ‬
‫الكذابين الذين يدَّ عون الن َّ‬ ‫ُخ ُ‬
‫نِ ٍ‬
‫سوة أو أربع ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصحابة ئ وما‬ ‫ِ‬
‫عصور‬ ‫س�الة ‪ِ ،‬‬
‫ومنهم ف�ي‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫ِ‬
‫عصر ِّ‬ ‫بعضهم في‬
‫خرج ُ‬‫وق�د َ‬
‫ِ‬
‫األجيال ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫بعدها ‪ ،‬وال يزالون يظهرون في‬

‫قريب ِمن ثالثين‬


‫ٌ‬ ‫دجالون َّ‬
‫كذابون ‪،‬‬ ‫قال ‪ « : m‬ال تقو ُم الساع ُة حتَّى ُيب َع َث َّ‬ ‫وفيهم َ‬
‫رسول ال َّل ِه » ((( ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ُ ،‬ك ُّلهم يز َع ُم أنَّه‬

‫ِ‬
‫أرض‬ ‫اب ‪ِ ،‬من‬ ‫ب الر ِ‬
‫سالة ُم َس ِيلم ُة َّ‬
‫الكذ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكذابين في عهد صاح ِ ِّ‬‫وأو ُل من ظهر ِم َن َّ‬ ‫َّ‬ ‫مسيلمة الكذاب‬
‫المس�لمين ‪ ،‬حتَّى قت َله الصحاب ُة ئ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫واألسود العنسي نجد ‪ ،‬وقد ك ُث َر أتبا ُعه ‪ ،‬وع ُظ َم ُّ‬
‫ش�ره على ُ‬
‫الصديق ؤ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل أبي ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في معركة « اليمامة » على عهد الخليفة َّ‬

‫((( وم�ن أغ�رب مظاهر هذا الفصل مطالبة بع�ض المتطرفين من دعاة الخ�وارج الجدد علماء‬
‫المذهبي�ة والصوفية للتوبة وتجديد اإلسلام ‪ ،‬ونش�ر بعضهم في اإلنترن�ت احتفال أولئك‬
‫بكافر دخل اإلسالم وحسن إسالمه ‪ ،‬وكان ذلك الكافر ـ من وجهة نظرهم ـ مسلما صوفيا‬
‫دخل إلى الحظيرة السلفية ‪ ،‬وحسن إسالمه بعد رجوعه عن مذهب الصوفية ‪ ،‬وتوبته على‬
‫أيديهم ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وحدي�ث ( « بينما أنا نائم رأيت فى يدي س�وارين من ذهب‪،‬‬ ‫خ�اري (‪. )7121‬‬
‫ِّ‬ ‫صحي�ح ال ُب‬
‫ُ‬ ‫(((‬
‫فأهمن�ي ش�أنهما ‪ ،‬فأوح�ي إلى فى المن�ام أن انفخهم�ا ‪ ،‬فنفختهما فط�ارا فأولتهما كذابين‬
‫يخرج�ان بع�دي » ‪ ،‬ف�كان أحدهما العنس�ي واآلخر مس�يلمة الك�ذاب صاح�ب اليمامة)‬
‫صحيح البخاري (‪. )3621‬‬

‫‪268‬‬
‫ُّب�و َة ؛ وقت َله الصحاب َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكذلِ َ‬
‫اليم�ن » ‪ ،‬وا َّدعى الن َّ‬ ‫�ي في‬ ‫�ك ُظ ُ‬
‫هور « األس�ود ال َعنْس ِّ‬
‫النبي ‪. m‬‬ ‫ِ‬
‫أيضا في حياة ِّ‬
‫ئ ً‬

‫الز َب ِير ء ‪َّ « :‬‬


‫إن َبي َن يدَ ِي‬ ‫حديث ِ‬
‫ابن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫والعنسي » ور َد‬
‫ِّ‬ ‫وفي ِك َليهما « ُم َس ِيلم َة‬
‫ِ‬
‫اليمامة »‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كذا ًبا ‪ِ ،‬م ُنه ُم ‪ :‬األسو ُد‬‫الساعة ثالثين َّ‬‫ِ‬
‫ب صنعا َء ‪ ،‬وصاح ُ‬ ‫العنسي صاح ُ‬
‫ُّ‬
‫‪ .‬يعني ‪ُ :‬م َس ِيلم ُة ‪.‬‬

‫سبعة وعشرون‬ ‫كذابون‬‫س�يكون في ُأ َّمتي َّ‬


‫ُ‬ ‫س�ند ج ِّي ٍد ‪« :‬‬
‫وفيم�ا أخرجه أحمدُ عن ح َذيف َة ؤ بِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫دجاال منهم أربعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫نسوة‬ ‫نبي بعدي »(((‪.‬‬ ‫دجالون ‪ ،‬سبع ٌة وعشرون منهم ُ‬
‫أربع نسوة ‪ ،‬وأنا خات ُم النب ِّيين ؛ ال َّ‬ ‫َّ‬

‫أمرين ‪:‬‬ ‫والمقصو ُد بالدَّ َّجالين َّ‬


‫الكذابين أحدُ َ‬

‫اح و ُطليح َة‬


‫وس�ج ِ‬ ‫ِ‬
‫واألس�ود‬ ‫األول‪ :‬م ِن ادعى النُّبو َة وأنَّه يوحى إ َليه ‪ ،‬كمس ِ‬
‫�يلم َة‬
‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫األسدي(((‪.‬‬
‫ِّ‬

‫الناس بما لم ُي ِّنز ِل ال َّل ُه بِه‬


‫ِ‬ ‫والثاني ‪َ :‬من قا َمت ش�وكتُه ‪ ،‬وك ُثر أتبا ُعه ‪ ،‬واش�تهر َبي َن‬
‫آل الب ِ‬ ‫�لطان ‪ .‬كالمختار بن ُعب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِمن ُس‬
‫يت والمطالب َة بد ِم المختار الثقفي‬ ‫أظهر محب َة ِ َ‬ ‫الثقفي ‪ ،‬الذي َ‬‫ُّ‬ ‫يد‬ ‫ُ ُ ُ َ‬
‫الز َب ِير في‬ ‫جبريل ع َل ِيه ‪ .‬وقد قت َله اب ُن ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ونزول‬ ‫الح َس ِ‬
‫�ين ‪ ،‬وك ُث َر أتبا ُعه ُث َّم ا َّدعى الن َُّّبو َة‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫المل ِ‬
‫�ك ِ‬ ‫عبد ِ‬‫الفة ِ‬
‫الكذاب ‪ ،‬خ�رج في ِخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ((( ِ‬
‫الحارث الكذاب‬ ‫مروان ‪،‬‬ ‫بن‬ ‫َ‬ ‫ث َّ ُ‬ ‫الح�ار ُ‬ ‫�م‬
‫خالفت�ه ‪ .‬وم ُنه ُ‬
‫ف ُقتِل ‪ .‬وخرج في ِخ ِ‬
‫الفة بني الع َّب ِ‬
‫اس جماع ٌة ((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )24067‬‬


‫((( اإلشاعة (ص‪. )96‬‬
‫((( سير أعالم النبالء (‪ « ، )543 :3‬أشراط الساعة » ص‪ 115‬ليوسف الوابل ‪.‬‬
‫((( فتح الباري (‪. )617/6‬‬

‫‪269‬‬
‫وظهر في‬ ‫الس�اعة (الوابِ�ل)((( ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫ب ِكتاب‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ومنه�م القاديان�ي ‪ ،‬قال صاح ُ‬ ‫أحمد القادياني‬

‫المنت َظ ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫المسيح ُ‬
‫ُ‬ ‫بالهند ‪ ،‬وا َّدعى الن َُّّبو َة ‪ ،‬وأنَّه‬ ‫القادياني‬
‫ُّ‬ ‫الحديث ميرزا أحمدُ‬ ‫العصر‬
‫وأنصار ‪ ،‬ور َّد ع َل ِيه جمل ٌة ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫أتباع‬
‫وصار له ٌ‬ ‫َ‬ ‫الس�ماء ‪،‬‬ ‫ليس بِ ٍّ‬
‫حي في‬ ‫وأن عيس�ى َ‬ ‫‪َّ ،‬‬
‫الم ِ‬
‫شار إ َليهم في الحديث ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال ُعلماء ‪ ،‬واعتبروه أحدَ الدَّ َّجالين ُ‬

‫األكاذيب‬
‫َ‬ ‫روج�ون‬ ‫عصرن�ا ا َّدع�ى المهد َّي َة ع�د ٌد ِم� َن َّ‬
‫الكذابي�ن ‪ ،‬الذي�ن ُي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي‬ ‫مدعو المهدية‬
‫واألضاليل بِهذا االد ِ‬ ‫المعاصرون‬
‫َ‬
‫يخدعون بما يقولونه‬ ‫ِ‬
‫العنكبوتية‬ ‫ِ‬
‫الشبكة‬ ‫عاء ‪ ،‬ولهم ِ‬
‫مواق ُع في‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫المرحلة وضحاياها(((‪.‬‬ ‫جهل َة‬
‫يك�ون ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ه�ؤالء ُمتو َّق ًعا ‪ ،‬كما‬ ‫�روج ِم ِ‬ ‫وال ُ‬
‫آخ ُرهم‬ ‫أخب�ر عنه ‪ ، m‬حتَّى‬
‫َ‬ ‫ثل‬ ‫ي�زال ُخ ُ‬
‫أن‬‫ب ؤ َّ‬ ‫بن ُجندُ ٍ‬ ‫ِ‬
‫الحديث عن َس ُمر َة ِ‬ ‫ِ‬
‫األعور ‪ ،‬كما ور َد في‬ ‫مع الدَّ َّج ِ‬
‫ال‬ ‫خروجا َ‬
‫ً‬
‫عهده ‪ « :‬وإنَّه وال َّل ِه‬
‫ت الشمس على ِ‬
‫ُ‬
‫طبة الودا ِع يوم كس َف ِ‬
‫َ‬
‫قال في ُخ ِ‬‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫َ‬
‫الدج ُال ((( » ‪.‬‬
‫األعور َّ‬
‫ُ‬ ‫آخر ُه ُم‬ ‫يخرج ثالثون َّ‬
‫كذا ًبا ُ‬ ‫َ‬ ‫ال تقو ُم الساع ُة حتَّى‬

‫ال‬‫للدج ِ‬ ‫َّ‬ ‫الدجاج ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين وظائف وقد َ‬
‫واعتبرها تمهيدً ا َّ‬
‫َ‬ ‫والكذابين ‪،‬‬ ‫لة‬ ‫وظائف‬ ‫النبي ‪َ m‬بي َن‬
‫ربط َّ‬ ‫الربط َب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدجاجلة‬
‫ٍ‬
‫وزم�ن ‪ ، ،‬فقد َروى‬ ‫ٍ‬
‫عصر‬ ‫الصحيح�ة في ك ُِّل‬ ‫الديانة‬ ‫األع�ور وعملاً ُمش�تركًا ِض�دَّ‬
‫ِ‬
‫واألعور الدجال‬
‫الرج ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول ال َّله ‪ m‬في ش�أن هذا‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫اإلما ُم أحمدُ عن أبي َبكر َة ؤ َ‬
‫ُ‬
‫اب ِمن ثالثين َّ‬
‫كذا ًبا‬ ‫– يعني ‪ُ :‬م َس ِيلم َة ‪ « : -‬أما بعدُ فقد أكثرتُم في شأنِه ؛ فإنَّه َّ‬
‫كذ ٌ‬
‫المس�يح إلاَّ المدين َة ‪...‬‬
‫ِ‬ ‫ليس بل�دٌ إلاَّ يدخ ُله ُر ُ‬
‫عب‬ ‫الدج ِ‬
‫ال ‪ ،‬وإنَّه َ‬ ‫قب�ل َّ‬ ‫‪ ،‬يخرج�ون َ‬

‫((( ص‪.115‬‬
‫علي ‪ « :‬وإن ََّك‬ ‫ِ‬
‫((( وممن اشتهر بغلوه في الرفض ال بادعاء النبوة اب ُن الكواء الذي َ‬
‫قال له اإلما ُم ٌّ‬
‫لت ‪ :‬ما آياتُهم؟ َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫مر ؤ ‪ُ ،‬ق ُ‬ ‫حديث ِ‬
‫ابن ُع َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرفض ‪ ،‬و ُيؤ ِّيدُ ه‬ ‫َ‬
‫وكان يغلو في‬ ‫ِمنهم » ‪.‬‬
‫« يأتونكم بِ ُسن ٍَّة لم تكونوا ع َليها » ‪ .‬اإلشاعة ص‪. 97‬‬
‫((( مسند أحمد (‪.)20711‬‬

‫‪270‬‬
‫إلخ»((( ‪.‬‬

‫قتال التُّرك‬ ‫ِ‬


‫والعجم‬ ‫قِتال الت ِ‬
‫ُّرك‬
‫والعجم‬
‫ُ‬
‫قال‬ ‫ُّ�ر ِك وال َع َج ِم‪ ،‬والت ُ‬
‫ُّرك ُهنا َغ ُير العج ِم َ‬ ‫ِ‬
‫الص ْغ َرى قت َُال الت ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬
‫الحديث – أي ‪ :‬حديث ِق ِ‬
‫تال ال َعج ِم – َغ ُير‬ ‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫جاب بِ َّ‬ ‫ٍ‬
‫حجر ‪ُ ( :‬يمك� ُن أن ُي َ‬ ‫اب� ُن‬
‫تال الت ِ‬
‫ُّرك يرتبِ ُط‬ ‫قتال الطائفتَين)((( ‪ِ ،‬‬
‫فق ُ‬ ‫ويجتم ُع ِمنهما اإلنذار بِ ِ‬‫ِ‬ ‫تال الت ِ‬
‫ُّرك ‪،‬‬ ‫حديث ِق ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫بِمرحلتَين ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ�رك ِمن‬
‫س�لمون الت َ‬ ‫قات�ل الم ِ‬
‫الصحابة‬ ‫عص�ر‬ ‫المرحل ُة األولى ق�د وق َع�ت ‪ ،‬وق�د َ ُ‬
‫الفة بني ُأمي َة وفي ِ‬
‫عهد ُمعاوي َة ‪.‬‬ ‫ئ ‪ ،‬وذلِ َك في أو ِل ِخ ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مى ِ‬
‫قتال التتار في‬ ‫التتار والمغول ف�ي أواخ ِر العهد الع َّب ِّ‬
‫اس�ي ود َّمروا‬ ‫أيضا بِ ُم َّ‬ ‫وخ�رج الت ُ‬
‫ُّ�رك ً‬ ‫َ‬
‫أواخر العصر‬ ‫ِ‬
‫األرض فس�ا ًدا((( حتَّى‬ ‫ِ‬
‫المس�اجدَ ‪ ،‬وعاثوا في‬ ‫ِ‬
‫الخالف َة ‪ ،‬وقتلوا ال ُعلما َء ‪ ،‬وأحرقوا‬
‫العباسي‬

‫((( مسند أحمد (‪. )6652‬‬


‫((( فتح الباري (‪. )607 :6‬‬
‫((( ذكر الدكتور محمد أحمد إس�ماعيل المقدم في كتابه «فقه أش�راط الس�اعة» ص‪ 20‬تعليقا‬
‫على الحديث «اتركوا الترك ما تركوكم» ‪ :‬فمتى تم إمس�اك المس�لمين عن اس�تفزاز الترك‬
‫واستش�ارتهم ؛ فس�لموا من غائلتهم إل�ى أن خالفوا التوجيه النبوي ‪ ،‬ق�ال الحافظ ابن كثير‬
‫رحم�ه الله تعالى ‪ « :‬وق�د قتل جنكيز خان من الخالئق ما ال يعلم عددهم إال الذي خلقهم‬
‫‪ ،‬ولكن كانت البداءة من «خوارزم ش�اه» فإنه لما أرس�ل جنكيز خان تجارا من جهته معهم‬
‫بضائع كثيرة من بالده ‪ ،‬فانتهوا إلى إيران فقتلهم نائبها من جهة خوارزم شاه ‪ ،‬وأخذ جميع‬
‫ما كان معهم فأرس�ل جنكيز خان إلى خوارزم ش�اه ؛ يس�تعلمه هل وقع هذا األمر عن رضا‬
‫منه أو أنه ال يعلم به ‪ ،‬فلما سمع خوارزم شاه ذلك من رسول جنكيز خان لم يكن له جواب‬
‫سوى أن أمر بضرب عنقه ؛ فأساء التدبير ‪ ،‬وقد ورد في الحديث «اتركوا الترك ماتركوكم» ‪.‬‬
‫فلما بلغ ذلك جنكيز خان تجهز لقتاله ‪ ،‬وأخذ بالده فكان بقدر الله تعالى ما كان من األمور‬
‫التي لم يسمع بأغرب منها وال أبشع ‪.‬اهـ‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫معركة « َع ِ‬ ‫المظ َّف ُر « ُق ُط ُز » ‪ ،‬وهز َمهم في‬ ‫ِ‬
‫ودخل‬ ‫جالوت » ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫لهم المل ُك ُ‬‫تص�دَّ ى ُ‬
‫ِ‬
‫ويالت‬ ‫ِ‬
‫تاريخ الدُ‬ ‫المضطر ِبة ِم�ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫ِ‬
‫خريات‬ ‫كثير ِمنهم إلى اإلسلا ِم ‪ ،‬وف�ي ُأ‬ ‫ٌ‬
‫(((‬
‫الخالف َة اإلسالمي َة إلى مكانِها الصحيح »‬
‫ثمان ِ‬
‫األتراك ِمن بني ُع َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمية أعا َد‬
‫قرار الم ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلسلامي‬
‫ِّ‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫س�لمين في العال ِم‬ ‫الكبير في تَوحيد ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ور‬
‫لهم الدَّ ُ‬ ‫َ‬
‫وكان ُ‬ ‫‪.‬‬
‫العربي‬
‫ُّ‬ ‫العالم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫دخ�ل‬ ‫الحميد الثاني ‪ ،‬الذي بإس�قاطِه‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫�لطان عبدُ‬‫الس‬ ‫َ ِ‬
‫وكان آخ ُره�م ُّ‬ ‫‪.‬‬
‫هن واالستِ ِ‬ ‫والو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمار ‪.‬‬ ‫واإلسالمي في مرحلة ال ُغثاء َ‬
‫ُّ‬
‫الزمان مع نِ ِ‬
‫هاية‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين فس�يأتي ف�ي ِ‬
‫آخر‬ ‫ُّرك لِلم ِ‬
‫تال الت ِ‬
‫وأما المرحل ُة الثاني ُة ِمن ِق ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫س�يكون ِ‬
‫القت ُ‬
‫َ�ال على الدُّ نيا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث ‪.‬‬ ‫كن�ز ال ُف ِ‬
‫رات ‪ ،‬كم�ا ور َد في‬ ‫الص�را ِع عل�ى ِ‬ ‫ِّ‬ ‫قتال التُّرك على‬
‫ِ‬
‫الذهب » ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وكن�ز‬ ‫ِ‬
‫الماء‬ ‫ِ‬
‫ح�رب‬ ‫س�مى « بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حرب الماء وكنز‬
‫والمس�لمين منه�م ‪ .‬وهو ما ُي َّ‬ ‫الع�رب ُ‬ ‫َبي� َن‬
‫الذهب‬
‫ِ‬
‫مسارها‬ ‫صرف ِ‬
‫مياهه عن‬ ‫ِ‬ ‫حاوالت لِ‬
‫ٍ‬ ‫المعاصرة هيمن ٌة على منابِ ِع ال ُف ِ‬
‫رات و ُم‬ ‫ِ‬ ‫ولتُركيا‬
‫الم ِ‬
‫ش�ار‬ ‫ِ‬ ‫الصرا ِع في‬ ‫ِ‬ ‫المألوف إلى ِج ٍ‬
‫هات ُأخرى ُر َّبما كانَت من‬ ‫ِ‬
‫المس�تقبل ُ‬ ‫أس�باب ِّ‬
‫إ َليه ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم(((‪.‬‬

‫((( مصداقا لما قاله ‪ m‬فيما رواه أبو هريرة ؤ بعد ذكر لقتال الترك ‪ ،‬قال ‪ « :‬وتجدون من‬
‫خير الناس أش�دهم كراهية لهذا األمر ‪ ،‬حتى يقع فيه ‪ ،‬والناس معادن خيارهم في الجاهلية‬
‫خياره�م في اإلسلام » ‪ .‬اهـ صحيح البخ�اري ‪ ،‬كتاب المناقب ‪ ،‬ب�اب عالمات النبوة في‬
‫اإلسالم (‪ )604 :6‬الفتح ‪.‬‬
‫(( ( وع�ن مفهوم حرب الم�اء ورد عن عبدالله بن عمرو بن الع�اص ؤ في المعجم الكبير‬
‫للطبراني (‪ :)8857‬عن القاسم قال ‪ :‬مد الفرات على عهد عبد الله فكره ذلك الناس فقال‬
‫عب�د الل�ه ‪ :‬ال تكرهوا فإنه يوش�ك أن يأتي على الناس زمان يلتمس فيه طس�ت من ماء وال‬
‫يوجد ذلك حين يرجع كل ماء إلى عنصره ويكون بقية الماء والمؤمنون بالشام‪.‬‬
‫وف�ي نفس المصدر ‪ :‬ش�كي إل�ى ابن مس�عود الفرات فقال�وا ‪ :‬إنا نخ�اف أن ينبثق علينا‬
‫فلو أرس�لت إليه من يس�كره فق�ال عبد الله ‪ :‬ال نس�كره فو الله ليأتين عل�ى الناس زمان لو‬
‫التمس�وا فيه على طس�ت من ماء ما وجدتموه ليرجعن كل ماء إلى عنصره ويكون فيه الماء‬

‫‪272‬‬
‫الباب فكثير ٌة ‪ِ ،‬‬
‫ومنها ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث في هذا‬ ‫و أ َّما‬

‫ِّ‬
‫كالمجان‬ ‫س�لمون الت ُ‬
‫ُّ�رك َقو ًما ُو ُ‬
‫جوهه�م‬ ‫ •« ال تق�وم الس�اع ُة حتَّى يقاتِ َل الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫عر»((( ‪.‬‬ ‫عر ويمشون في َّ‬ ‫طر َق ِة يل َبسون َّ‬
‫الش َ‬ ‫الم َ‬
‫ُ‬

‫الشيح والقيصو ِم‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منابت‬‫العرب حتَّى تلح َقها بِ‬
‫ِ‬ ‫لتظهر َّن الت ُ‬
‫ُّرك على‬ ‫ُ‬
‫وحديث «‬ ‫ •‬
‫َ‬
‫فأنا أكره ِقتا َلهم لِذلِ َك» (((‪.‬‬

‫جوههم‬ ‫كأن ُو َ‬ ‫غار األع ُي ِن َّ‬ ‫راض األَ ِ ِ‬ ‫وحديث « إن ُأ َّمتي يسو ُقها َقو ٌم ِع ُ‬
‫ُ‬
‫وجه ص ُ‬ ‫ُ‬ ‫ •‬
‫العرب ‪ ،‬أ َّما الس�ابِق ُة ألولى‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات) حتَّى يلحقوهم بِ‬ ‫(ثالث مر ٍ‬
‫جزيرة‬ ‫َ َّ‬ ‫ف‬‫الح َج ُ‬
‫َ‬
‫بعض ‪ ،‬وأ َّما الثالِث ُة‬
‫بعض وينجو ٌ‬ ‫هرب ِمنهم ‪ ،‬وأ َّما الثاني ُة ف َيه َل ُك ٌ‬‫‪ ،‬فينجو َمن َ‬
‫هم‬ ‫�ه َمن هم ؟ َ‬ ‫فيصطلم�ون ُك ُّله�م م�ن ِبقي ِمنهم » ‪ .‬قا ُلوا ‪ :‬يا نبي ال َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مساج ِد‬
‫ِ‬ ‫بيده ‪ ،‬ليربِ ُط َّن ُخيو َلهم إلى سواري‬ ‫قال ‪ « :‬أما والذي نفسي ِ‬
‫َ‬ ‫الت ُ‬
‫ُّرك » ‪َ .‬‬
‫الم ِ‬
‫سلمين »(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وحديث « اتركوا الت َ‬
‫ُّرك ما تركوكم » ((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ •‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ي ِ‬
‫وش ُك‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫�مر َة ؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫تال العج ِم ففيه‬ ‫وأ َّما ِق ُ‬
‫ُ‬ ‫حديث َس ُ‬
‫وج�ل أيد َيكم ِم َن العج ِم ‪ُ ،‬ث َّم يكونون ُأ ْس�دً ا ال ِيف ُّ�رون ؛ فيقتلون‬
‫َّ‬ ‫أن يم َ‬
‫لأ ال َّل� ُه َّ‬
‫عز‬

‫والمسلمون بالشام‪.‬‬
‫((( صحيح م ِ‬
‫سل ٍم (‪. )7497‬‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫العرب» وكأنَّها إِش�ار ٌة إلى مرحلة تنفص ُل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(( ( مس�ند أبي يعلى (‪ ، )7376‬والح ْظ َقو َله‪« :‬على‬
‫الح ٌظ َ‬
‫اآلن ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عن الدُّ ِ‬ ‫ِمنها الدُّ ُ‬
‫ول العربي ُة ِ‬
‫ول اإلسالمية كما هو ُم َ‬
‫يوسف الوابل ص‪. 121-120‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أشراط الساعة » ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪« ، )22951‬‬
‫((( سنن أبي داود (‪. )4304‬‬

‫‪273‬‬
‫مقاتِلتَكم ويأكلون في َئكم »(((‪.‬‬

‫عز‬ ‫�ك أن يم َ‬
‫أل ال َّل ُه َّ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ي ِ‬
‫وش ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫وع�ن أب�ي ُه َري�ر َة ؤ َ‬
‫ُ‬
‫وجل أيد َيكم ِم َن العج ِم ‪ُ ،‬ث َّم َي ْج َع ُل ُه ْم ُأ ْسدً ا ال ِيف ُّرون ؛ فيقتلون مقاتِلتَكم ويأكلون‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الغ�رب و َمن حال َفهم ‪.‬‬ ‫العج�م ُهنا هم ُد ُ‬
‫ول‬ ‫َ‬ ‫أعلم ـ َّ‬
‫أن‬ ‫في َئك�م » ‪ ،‬ويب�دو ـ وال َّل� ُه ُ‬
‫(((‬

‫ِ‬
‫والثانية‬ ‫روب الك ِ‬
‫َونية األولى‬ ‫الح ِ‬ ‫واإلسلامي ِخ َ‬
‫الل ُ‬ ‫َّ‬ ‫العربي‬
‫َّ‬ ‫العالم‬
‫َ‬ ‫وقد اس�تعمروا‬
‫‪ ،‬واقتس�موها فيم�ا َبينَه�م ‪ ،‬ورس�موا خرائ َطها ‪ ،‬واس�تثمروا ثرواتِها إل�ى اليو ِم في‬
‫عمار‬‫مرحلة االستِ ِ‬
‫ِ‬ ‫والعلمنة والع ِ‬
‫ولمة ‪ ،‬أو ما أشرنا إ َليها بِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمانية‬ ‫الثالث ِ‬
‫الع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المراحل‬
‫ِ‬
‫الزمان‬ ‫ِ‬
‫س�تقبل‬ ‫ِ‬
‫الغزو بقي ٌة في ُم‬ ‫يك�ون لِهذا‬
‫َ‬ ‫ور َّبما أن‬
‫ثمار ‪ُ .‬‬‫هتار ُث َّم االس�تِ ِ‬
‫ُث َّم االس�تِ ِ‬
‫ٍ‬ ‫لِ ٍ‬
‫صور ُأخرى‬
‫ونماذج ُمس َّيسة ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬ ‫َ‬

‫كثرةُ القتلِ‬ ‫كثرة القتل‬

‫أزمن ٌة‬‫العالم�ات التي تكررت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة الص ْغرى َك ْثر ُة ال َقت ِْل‪ِ ،‬‬
‫وم َن‬ ‫ِ‬ ‫وم�ن َعلاَ م ِ‬
‫ات‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫رسول ال َّل ِه‬
‫ُ‬ ‫سماه‬
‫أيضا ما َّ‬ ‫ِ‬
‫القتل) ‪ ،‬وهو ً‬ ‫الكثرة والتزا ُي ِد (كثر ُة‬
‫ِ‬ ‫بعدَ ُأخرى على ِ‬
‫صفة‬
‫قال‪ « :‬ال‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫َ‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الهرج) ‪ ،‬كما ور َد في‬ ‫‪( m‬بِ‬
‫ُ‬
‫«القتل»(((‪.‬‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ ،‬‬
‫قال ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الهرج يا‬
‫ُ‬ ‫الهرج » قا ُلوا ‪ :‬وما‬
‫ُ‬ ‫تقو ُم الساع ُة حتَّى يك ُث َر‬

‫الهرج » قا ُلوا ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫الساعة‬ ‫إن َبي َن يدَ ِي‬‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫النبي ‪َ m‬‬ ‫وعن أبي ُموسى ؤ ِ‬
‫َ‬ ‫عن ِّ‬
‫ِ‬
‫الواحد أكثر‬ ‫أكثر ِم َّما نقت ُُل؟ إنّا َلنَقت ُُل في العا ِم‬ ‫قال ‪ُ « :‬‬‫الهرج ؟ َ‬
‫القتل » ‪ .‬قالوا ‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫وما‬
‫قتل ِ‬ ‫ش�ركين ‪ِ ،‬‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن س�بعين أل ًفا ‪َ ،‬‬
‫بعضا » ‪.‬‬‫بعضكم ً‬ ‫ولك ْن ُ‬ ‫كم ُ‬ ‫يس بِقتل ُ‬
‫قال ‪ « :‬إنَّه َل َ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )20656‬‬


‫((( أي ‪ :‬يحصدونه ‪ ،‬رواه الطبراني في الكبير (‪.)6921‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )7439‬‬

‫‪274‬‬
‫ف له‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪ ،‬ويخ َّل ُ‬ ‫أهل ذلِ َك‬
‫قول ِ‬
‫ُنزع ُع ُ‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ ؟! َ‬
‫قال ‪ « :‬إنَّه لت ُ‬ ‫قالوا ‪ :‬ومعنا عقو ُلنا‬
‫ٍ (((‬ ‫ٍ‬ ‫َهبا ٌء ِم َن الن ِ‬
‫شيء ‪ ،‬و َليسوا على شيء »‬ ‫أكثرهم أنَّه على‬‫يحسب ُ‬
‫ُ‬ ‫ّاس ن‬

‫يده ال تذهب‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ « : m‬والذي نفسي بِ ِ‬


‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫وعن أبي ُه َرير َة ؤُ َ‬
‫كثرة الهرج حتَّى‬
‫ال يدري القاتل‬ ‫فيم ُقتِل » ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫المقتول َ‬ ‫يم َ‬
‫قتل ‪ ،‬وال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس يو ٌم ال يدري القات ُل ف َ‬ ‫يأتي على‬
‫الدُّ نيا حتَّى َ‬
‫فيم َقت ََل وال‬
‫المقتول فيم ُقتِ َل؟‬ ‫الهرج »((( ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يكون ذلِ َك ؟ َ‬
‫قال ‪« :‬‬ ‫ُ‬ ‫كيف‬
‫فقيل َ‬ ‫َ‬

‫برز جل ًّيا‬ ‫س�لمين ِ‬


‫أنفس�هم َ‬ ‫ِ‬
‫الصفة فيما بين الم ِ‬ ‫ُ‬
‫القت�ل ـ على ه�ذه‬ ‫واله ْ�ر ُج ـ أي ‪:‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫الر َّد ِة أو‬ ‫ِ‬
‫�روب ِّ‬
‫ِ‬
‫وقع قبل ذل َك ُ‬
‫كح‬ ‫القت�ل الذي َ‬‫َ‬ ‫ثمان ؤ ؛ لأِ َّن‬ ‫ِ‬
‫مقت�ل ُع َ‬ ‫ِم�ن ِ‬
‫بعد‬
‫ِ‬
‫الصحاب�ة ئ ِضدَّ َمن أبى ال�زكا َة أو َم ِن ارتدَّ حقيق ًة‬ ‫ِ‬
‫غيره�ا إنَّم�ا وقع بإجما ِع‬
‫ِ‬
‫عن اإلسال ِم‪.‬‬
‫عة ‪ ،‬التي جرت في ِ‬ ‫تن المتنو ِ‬ ‫سلمين ِخ َ ِ‬ ‫وقد حصدَ الهرج آال ًفا ِمن الم ِ‬
‫عهد‬ ‫َ‬ ‫الل الف ِ ُ ِّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫عصر الدُ و ِ‬ ‫الم ِ‬
‫يالت وما استُبيح‬ ‫ِ َ‬ ‫اسي ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ين األُ ِّ‬
‫موي والع َّب ِّ‬ ‫العضوض في العهدَ ِ‬
‫ِ‬ ‫لك‬ ‫ُ‬
‫والقرام ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روب المتنو ِ‬ ‫ِ‬
‫فِيه�ا ِم� َن الدماء ِخ َ‬
‫نج‬‫والز ِ‬
‫طة ِّ‬ ‫الخ�وار ِج‬ ‫كح�رب‬ ‫عة ‪.‬‬ ‫الح ِ ُ ِّ‬ ‫لال ُ‬
‫ِ‬
‫القرام َط َة عا َم ‪317‬هـ اس�تباحوا‬ ‫والتواريخ َّ‬ ‫الس� َي ِر‬ ‫ِ‬
‫استباحة القرامطة‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ُب ِّ‬‫ذكرت ُكت َ‬
‫وغيره�م ‪ ،‬وق�د َ‬
‫لحجاج الحرم‬ ‫ِ‬
‫صحن‬ ‫حص َي ِم�ن قتالهم في‬ ‫ِ‬
‫اإلفاض�ة ‪ ،‬و ُأ ِ‬ ‫ِ‬
‫طواف‬ ‫الش�ريف بِم َّك َة ف�ي يو ِم‬
‫َ‬ ‫الح�ر َم‬
‫عام ‪ 317‬هـ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫وح ِصدَ في ُح ِ‬
‫روب الع َّباس� ِّيين‬ ‫الح�ر ِم وم�ا َحو َل�ه ثالثين أل ًفا ف�ي معركة واح�دة ‪ُ ،‬‬
‫صار‬ ‫ِ‬ ‫أو الدف�ا ِع ِ‬ ‫مع�ار ِك االمتِ ِ‬
‫داد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألُمو ِّيي�ن ِم ُ‬
‫المل�ك ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫عن ُ‬ ‫الع�رب في‬ ‫ئ�ات‬
‫العه�د األُموي ِمثالاً لِ ِ‬
‫لقائد‬ ‫ِ‬ ‫الجماعي ِخ َ‬
‫الل‬ ‫ِ‬
‫القتل‬ ‫ِ‬
‫مالح ِم‬ ‫�ف في‬
‫وس َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الحجاج ب ُن ُي ُ‬
‫ُ‬
‫الدموي الس َّف ِ‬
‫اك ‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )20019‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪. )7488‬‬

‫‪275‬‬
‫اآلالف‬
‫ُ‬ ‫روب الكَوني� َة األولى والثاني َة وما قب َلها وما بعدَ ها َ‬
‫ذهب فيها‬ ‫الح َ‬
‫أن ُ‬‫حصاد الحروب كم�ا َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مة ‪ِ .‬‬‫سل ِ‬ ‫سل ِ‬ ‫العالمية لآلالف‬
‫الغربي‬
‫ِّ‬ ‫وتهيئة العال ِم‬ ‫القبلية‬ ‫المرحلة‬ ‫وخ َ‬
‫الل‬ ‫مة و َغ ِير الم ِ‬
‫ُ‬
‫عوب الم ِ‬
‫الش ِ ُ‬ ‫ِم َن ُّ‬ ‫من البشر‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمسلمين ل َقبول االست ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِال َد‬
‫روب‬ ‫وحصول ُ‬ ‫عمار والتجزئة والتقسي ِم ‪ُ ،‬‬ ‫العرب ُ‬
‫ِ‬
‫المئات ‪.‬‬ ‫لو‬‫ُ ِ‬ ‫ذهب كذلِ َك‬ ‫لية بين ال ُقوى الم ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫المئات ت َ‬ ‫تنازعة ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫الداخ َ َ‬ ‫حروب الثورة‬
‫األتراك ‪ ،‬وحروب الح ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومنه�ا حروب ال َّث ِ‬‫ِ‬ ‫العربية المزعومة‬
‫ول‬‫دود َبي َن ُد ِ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫المزعومة ِضدَّ‬ ‫العربية‬ ‫ورة‬ ‫ُ ُ‬ ‫ضد األتراك‬
‫�روب هم أعدا ُء‬‫ِ‬ ‫الح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫�وار للتوس� ِع في المنطِ ِ‬
‫الج ِ‬‫ِ‬ ‫والحروب القبلية‬
‫األساس�ي لهذه ُ‬
‫ُّ‬ ‫الداع ُم‬ ‫وكان‬ ‫ق�ة ‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫والحزبية‬
‫ستعمرين والم ِ‬
‫ستثمرين ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫المسلمين م َن ُ‬ ‫ُ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تنازعين على‬ ‫التحرير فيما َبي َن ال ُّث َّو ِار أن ُفس�هم المئات م َن ُ‬
‫ِ‬ ‫روب‬
‫وحص�دَ ت ُح ُ‬
‫ِ‬
‫معارك‬ ‫�عوب في‬ ‫ِ‬ ‫ومث ُلها ما ُح ِصدَ ِم َن ُّ‬
‫الش‬ ‫آن�ذاك ‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اليمن‬ ‫ِ‬
‫جنوب‬ ‫ِ‬
‫القرار ف�ي‬ ‫ِ‬
‫أملاك‬
‫الصرا ِع الباتِ ِر َبي َن‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الملكي ‪ ،‬وماجرى بعدَ ذل َك من فتَ�ن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اليم�ن و َثورتِه ِض�دَّ النِّظا ِم‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوحدة ِ‬
‫وخال َلها ‪ ،‬بِ‬ ‫ِ‬ ‫اليمن َفوجا بعدَ آخر حتَّى ِ‬ ‫ال ُقوى في بِ ِ‬
‫النظر عن‬ ‫صرف‬ ‫عهد‬ ‫َ‬ ‫ِ ً‬ ‫الد‬
‫واح ٍد ‪.‬‬
‫ومصير ِ‬
‫ٍ‬ ‫دين و ُل ٍ‬
‫غة‬ ‫وأهل ٍ‬
‫سلمون ُ‬ ‫المبادئ أو ِ‬
‫عدمها ‪ ،‬فالجميع م ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عدالة‬
‫والص ِ‬
‫ومال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ُ‬
‫أرض الرافدَ ين وفلس�طي َن والباكس�تان واألفغ�ان ُّ‬ ‫ث�ل هذا نراه في‬
‫الحروب الطائفية‬
‫ِ‬
‫والقرار‬ ‫الحك� ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ـ إل�ى الي�و ِم ـ م�ن ُح‬
‫والمس�لمين على ُ‬
‫الع�رب ُ‬ ‫�روب داخلية َبي َن‬
‫ونسأل ال َّل َه السالم َة فيما ِبق َي ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والس ِ‬
‫لطان ‪،‬‬ ‫ُّ‬

‫المساج ِد والتباهي بها‬


‫ِ‬ ‫زخرفةُ‬ ‫زخرفة المساجد‬
‫المس�اج ِد والتفنُّ�ن في زينتِها ِ‬
‫ونقش�ها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة الصغ�رى زخرف ُة‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫وم�ن‬‫ِ‬ ‫والتباهي بها‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫خاص ًة بِ‬ ‫والتفاخ ِر والتباهي بها َبي َن األشباه واألقران ‪ ،‬وهذه الظاهر ُة َل َ‬
‫يست َّ‬ ‫ُ‬
‫وأزم ٍنة ‪.‬‬
‫مراح َل ِ‬ ‫ظاهر ٌة شم َل ْت ِعدَّ َة ِ‬ ‫م ٍ‬
‫عينة‪ ..‬وإنَّما هي ِ‬
‫ُ‬

‫‪276‬‬
‫اب‬ ‫مر ب َن الخ َّط ِ‬
‫أن س ِّيدَ نا ُع َ‬‫الصحابة ‪ ، n‬وقد ُأثِ َر َّ‬ ‫ِ‬ ‫عصر‬‫ُ‬ ‫ولم يس َلم فِيها إلاَّ‬
‫َ‬
‫وإياك‬ ‫ِ‬
‫المط�ر ‪،‬‬ ‫الناس ِم َن‬ ‫ِ‬
‫قال ‪َ « :‬أك� َّن َ‬ ‫النبوي َ‬
‫ِّ‬ ‫المس�ج ِد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تجدي�د‬ ‫أم�ر بِ‬
‫لم�ا َ‬ ‫ؤ َّ‬
‫الحكَّا ِم‬ ‫أن الذين جاءوا بعدَ ذلِ َ ِ‬ ‫الن�اس » ((( ؛ إلاَّ َّ‬ ‫ُحم َ�ر أو تُص ِّف َ�ر فتفتِ� َن‬
‫�ك م َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أن ت ِّ‬
‫زال فِيها ما هو‬ ‫لمس�اج ِد ‪ ،‬وال َ‬
‫ِ‬ ‫الزخرف�ة لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش�أن‬ ‫ِ‬
‫والسلاطين أس�رفوا في‬ ‫واألُ ِ‬
‫م�راء‬
‫ق�ال ال ُب ِ‬
‫خار ُّي ‪:‬‬ ‫س و َغ ِيرها‪َ ..‬‬ ‫ِ‬
‫المغر ِ‬
‫ب واألند ُل ِ‬ ‫ومصر وبِ ِ‬
‫لاد‬ ‫اآلن بِالش�ا ِم ِ‬
‫قائ�م إلى َ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫اس ‪ :‬لت ِ‬
‫ُزخر َفنَّها كما‬ ‫وقال اب ُن ع َّب ٍ‬
‫عمرونها إلاَّ قليلاً ‪َ .‬‬ ‫أنس‪ :‬يتباهون بها ُث َّ‬
‫�م ال ُي ِّ‬ ‫ق�ال ٌ‬ ‫َ‬
‫ت اليهو ُد والنصارى((( ‪.‬‬ ‫زخر َف ِ‬

‫المس�اج ِد ِعندَ ما ص�ار ِت الزخرف ُة ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن بعض الع ِ‬
‫ظاهرة تسامح‬
‫ظاهر َة‬ ‫َ‬ ‫زخرفة‬ ‫تس�امح في‬
‫َ‬ ‫لماء‬ ‫ويبدُ و َّ َ ُ‬
‫بعض العلماء في‬ ‫ِ‬
‫مس�اجدُ م َّك َة‬ ‫تس�لم ِمن ذلِ َك حتَّى‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الترف والب�ذخِ ‪ ،‬ولم‬ ‫الزم�ان ‪ ،‬وخاص� ًة ف�ي ِ‬
‫مراح ِل‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫زخرفة المساجد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صور األولى أو فيما تالها م َن المراح ِل األُخرى إلى العهد ال ُع ِّ‬
‫ثماني‬ ‫والمدينة سوا ًء في ال ُع ِ‬
‫والمنائر ِ‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الق ِ‬
‫باب‬ ‫والزينة ِ‬
‫وبناء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزخرفة‬ ‫كان ِمن مميزاتِه االهتِما ُم بِ‬
‫‪ ،‬الذي َ‬

‫ش�عائر ال َّل ِه َأول�ى ِمن تعظي ِم‬


‫ِ‬ ‫تعظيم‬ ‫لم�اء الذين تس�امحوا في ذلِ َ‬
‫�ك َّ‬
‫أن‬ ‫وع�ذر الع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫حة في ِ‬‫ج�ود الني ِة الصالِ ِ‬
‫ِ‬
‫فإن‬ ‫َ‬
‫وذاك َّ‬ ‫ومع هذا‬
‫عل المقصود ‪َ ،‬‬ ‫الف ِ‬ ‫َّ‬ ‫المن�از ِل والمباني َ‬
‫مع ُو‬ ‫ِ‬

‫أكثر مذ َّم ًة ‪ .‬بل‬ ‫ِ‬ ‫الف ‪ ،‬كما َّ‬‫والتفاخر مذموم بِال ِخ ٍ‬


‫أن تقليدَ اليهود والنصارى ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫التباهي‬
‫َ‬
‫ف كما جا َء في‬ ‫ِ‬
‫المصاح ُ‬ ‫ت‬‫المساجدُ ‪ ،‬وح ِّلي ِ‬
‫ِ‬ ‫خر َفت‬ ‫ِ‬
‫الدمار إذا ُز ِ‬ ‫جا َء الوعيدُ الشديدُ بِ‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫مصاح َفكم فالدُّ َب ُار‬ ‫ِ‬
‫مس�اجدَ كم وح َّليتُ�م‬ ‫زوقتُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حدي�ث أب�ي الدرداء ؤ ‪ « :‬إذا َّ‬
‫ع َليكم» ((( ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الجمالية على‬ ‫المزخرفة كج ٍ‬
‫زء ِم َن المش�اري ِع‬ ‫ِ‬ ‫المس�اج ِد‬
‫ِ‬ ‫وأفح�ش ِم�ن ذلِ َك بنا ُء‬
‫ُ‬
‫بناء المساجد‬ ‫ُ‬
‫للزينة في‬
‫المنتزهات‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )446‬‬
‫((( المصدر السابق ‪.‬‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪. )3166‬‬

‫‪277‬‬
‫يث ُّ‬
‫تظل‬ ‫مارية ‪ ،‬بح ِ‬
‫ِ‬ ‫طات االس�تثِ‬
‫الش�وار ِع ف�ي المخ َّط ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومفارق‬ ‫ح�ار وال ُطر ِ‬
‫ق�ات‬ ‫البِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المساج ِد التي‬
‫ِ‬ ‫ناك ِم َن‬
‫وه َ‬ ‫ِ‬
‫الناس ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫حركة‬ ‫عدها عن‬ ‫المس�اج ِد مهجور ًة لب ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بعض هذه‬
‫ُ‬
‫لمخالِفيهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سميات على صفة الضد َّية ُ‬ ‫والم َّ‬
‫ويتفاخر بها أصحا ُبها باألس�ماء ُ‬
‫َ‬ ‫يتباهى‬
‫خرية لِ َغ ِيرهم ‪.‬‬
‫والتحقير والس ِ‬
‫ِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫واللعن‬ ‫ِ‬
‫وجعلها سب ًبا في الشت ِم‬

‫‪278‬‬
‫والفتنةِ الرابِعةِ‬ ‫الصرغى في رمحلتَي ِ الدُّهَ ِ‬
‫يماء ِ‬ ‫ِ‬
‫العلامات ُّ‬ ‫نماذ ُج ِم َن‬
‫ِ‬
‫والوقائع ومواقِ ِف الأُمَّةِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لأحداث‬‫قِراءة ٌ نبوية ٌ ل ِ‬

‫بيع الحكم‬
‫الح ِ‬
‫كم‬ ‫يع ُ‬
‫بَ ُ‬
‫عالمة صغرى‬ ‫الصراع على الحك ِم ون ُُزو ُل ُه إلى س ِ‬
‫�وق ال َع ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬
‫الص ْغ َرى‬
‫ِ‬
‫البعض عن‬ ‫تناز ُل‬ ‫الترش�يح واالنتِ ِ‬
‫خاب ‪ ،‬أو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�بيل‬ ‫ِ‬
‫األموال في‬ ‫دفع‬
‫ب‪ ،‬وهو ُ‬ ‫وال َّط َل ِ‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ماعي َبي َن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مدفوعات ٍ‬‫ٍ‬ ‫صوتِ�ه ُمقابِ َل‬
‫والتحريش االجت ُّ‬ ‫مالية ‪ ،‬وإث�ار ُة الفوضى‬
‫المجتم ِع بما ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لطان ‪ِ ،‬‬
‫وانش ُ‬ ‫الجدارة بِالحك ِم والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مهور األوس ِع م َن ُ‬ ‫الج‬
‫غال ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حول‬
‫نتخبِين‬
‫الم َ‬ ‫ِ‬ ‫الضرورة إلى ‪ :‬امتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫األمر ‪ِ ،‬م َّما ُيؤ ِّدي بِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الجماهير على ُ‬ ‫نان هذه‬ ‫يخ ُّص�ه في‬
‫حاد ٍثة أو‬
‫الثق�ة عنهم أم�ام أي ِ‬
‫َ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والضغ�ط ع َليه�م وتحدِّ يه�م ‪ ،‬ونز ِع‬ ‫رش ِ‬
‫�حين ‪،‬‬ ‫والم َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫ِ‬
‫ظواه ِر‬ ‫ِ‬
‫عاصر ‪ ،‬فهي إحدى‬ ‫الم‬ ‫الح ٌظ في العال ِم‬ ‫ٍ‬
‫اإلنساني ُ‬
‫ِّ‬ ‫قضية ‪ ،‬كما هو ُم َ‬
‫سلمين ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عاصرة في الم ِ‬ ‫الم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ش َر ِ‬
‫ط‬ ‫كثرةُ ال ُّ‬
‫ِ‬ ‫والش�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العساك ُر‬ ‫هم‬
‫�رط ُ‬ ‫والش ُ‬
‫ط‪ُّ ،‬‬ ‫الص ْغ َرى َك ْث َر ُة ال َع َس�اك ِر ُّ َ‬
‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬
‫ِ‬ ‫رة ِضدَّ‬ ‫جاو ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الداخ ِ‬ ‫مة لِ ِح ِ‬ ‫الخاص� ُة بِاألنظِ ِ‬
‫األش�باه‬ ‫والخار ِج من ُحدودها ُ‬ ‫�ل‬ ‫ماية‬ ‫َّ‬
‫الداخلي ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الضب�ط‬ ‫ِ‬
‫مجموعات‬ ‫�رور ِ‬
‫وغيرها م�ن‬ ‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألمث�ال ِمن ُش ْ�ر َط ِة‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫األمن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه�ي ِ‬
‫الداخ ِل‬ ‫الكثرة في‬ ‫النب�ي ‪ « m‬بِالكثرة » ‪َ ،‬‬
‫ومع ه�ذه‬ ‫ُّ‬ ‫ظاه�ر ٌة معلوم ٌة وص َفها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حال ِم َن‬
‫أي ٍ‬ ‫ِ‬
‫كاليهود‬ ‫شترك «‬ ‫الم‬
‫لعدو ُ‬
‫�رط ل ِّ‬ ‫األحوال أن تتصدَّ ى هذه ُّ‬ ‫ال ُيمك ُن بِ ِّ‬
‫ش�تركة ؛ لِع�د ِم ُقدرتِها‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي فِلس�طِين » ِ ِ‬
‫وغيرها م َن القضايا العربية واإلسلامية ُ‬ ‫َ‬

‫‪279‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ ِ‬
‫اهتمامهم‬ ‫وحصر‬ ‫ش�ترك‬ ‫العس�كرية من جه�ة ‪ ،‬ولعد ِم اهتم�ا ِم األنظمة بِالدفا ِع ُ‬
‫الم‬
‫حركة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�اع ِد عل�ى‬
‫األمن الم ِ‬ ‫نس�بة ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫الداخ ِل لِ‬
‫ِ‬ ‫جتمعات ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّجارة‬ ‫ِ ُ‬ ‫الم‬
‫ف�ي تهيئة ُ‬
‫والوار ِ‬
‫دات فيما َبي َن‬ ‫ِ‬ ‫لصاد ِ‬
‫رات‬ ‫ِ‬ ‫االستقرار لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتحقيق‬ ‫وخدمات النِّظا ِم ذاتِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والسياحة‬
‫رة والمصدِّ ِ‬
‫رة ‪.‬‬ ‫المستثم ِ‬
‫ِ‬ ‫ول‬ ‫األنظِ ِ‬
‫مة والدُّ ِ‬
‫ُ‬

‫قطيعةُ ِ‬
‫الرح ِم‬ ‫قطيعة الرحم‬

‫الر ِح ِم‪ ،‬فال تخلو ُبقع ٌة ال َيو َم ِمن مجتمعاتِنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عالمة صغرى‬
‫الص ْغ َرى قطيع ُة َّ‬
‫وم ْن َعلاَ َمات الساعة ُّ‬
‫وقطيعة ِ‬
‫الرح ِم و ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوق‬ ‫العربية واإلسالمية إلاَّ وهي تُعاني من هذا التفكُّك األُ ِّ‬
‫سري‬
‫والثانوي‬ ‫األساس�ي‬ ‫اإلسلامية في ِ‬
‫مواق ِع التعلي ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التربية‬ ‫انعدا ُم‬‫الوالدَ ين ‪ ،‬وس�ببها ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وإث�ارة ال ِّطبا ِع‬ ‫والثقافي‬ ‫التعليم�ي‬ ‫بالتركي�ز عل�ى الجانِ ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ع�ي ‪ ،‬واالكتِف�ا ُء‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والجام ِّ‬
‫ِ‬
‫واألندية‬ ‫األجه�زة ومخرجاتِها في الب ِ‬
‫ي�وت‬ ‫ِ‬ ‫س وبِ‬ ‫ِ‬
‫الم�دار ِ‬ ‫لاط في‬ ‫الغريزي�ة بِاالختِ ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أخطر ُص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورها ‪.‬‬ ‫تكون القطيع ُة في‬
‫ُ‬ ‫المجتم ِع ‪ ،‬وهكذا‬ ‫والمنتزهات وما شاك َلها في ُ‬

‫الق َ‬
‫رآن مزامي َر‬ ‫يكون في ِ‬
‫آخ ِر الزما ِن يت ِخ ُذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫نشء‬
‫ٌ‬ ‫نشء القرآن‬
‫آن َم َز ِام َير»(((‪ ،‬أي‪ُ :‬ي َح ِّسن َ‬
‫ُون‬ ‫ون ال ُق ْر َ‬ ‫الس�اعة الص ْغرى «ن َْشء يت ِ‬
‫َّخ ُذ َ‬ ‫ٌَ‬ ‫ُّ َ‬
‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫بأصوات المزامير‬
‫عالمة صغرى‬
‫ُ‬
‫الحديث‪ ،‬وهذا‬ ‫األحاديث الش�ريف ُة منها ه�ذا‬ ‫ُ‬ ‫أش�ارت‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫األصوات‪ ،‬وإل�ى ذلك‬ ‫ب�ه‬
‫رة ٍ‬
‫دينية في‬ ‫كظاه ٍ‬
‫ِ‬ ‫برز ال َيو َم‬ ‫ِ‬
‫األصوات قد َ‬ ‫رآن ومجو ِدي�ه بِ ِ‬
‫نغمة‬ ‫اظ ال ُق ِ‬‫الن�شء ِمن ح َّف ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مزامير صر ُفه‬ ‫واإلسالمية ‪ ،‬والمقصود ِمن ات ِ‬
‫ِّخاذ ال ُق ِ‬
‫رآن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫ِ‬
‫جتمعات‬ ‫الم‬ ‫غالِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ب ُ‬
‫ٍ‬
‫سياسية أو‬ ‫ألغراض ٍ‬
‫دينية أو‬ ‫ٍ‬ ‫االستفادة ِمن تع ُّل ِمه وقراءتِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�رعية إلى‬ ‫عن وظيفتِه‬
‫ِ‬
‫والفاج ُر ‪.‬‬ ‫البر‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ما ِّدية أو إعالمية ُيحسنُها ُّ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )24697‬‬

‫‪280‬‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫قال ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫يق�ول ‪ m‬فيما رواه أحمدُ ‪ ،‬ولف ُظه ‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصدد‬ ‫وف�ي ه�ذا‬
‫يأتي ٌ‬
‫زمان‬ ‫قبل أن َ‬ ‫واألبيض ‪ ،‬تع َّلم�وه َ‬
‫ُ‬ ‫واألحمر‬
‫ُ‬ ‫تاب ال َّل ِه يتع َّلمه األس�و ُد‬ ‫ِ‬
‫« فيك�م ك ُ‬
‫أجره‬
‫فيتعجلون َ‬
‫َّ‬ ‫الس�هم ؛‬
‫ُ‬ ‫قو ُم‬
‫قومونه كما ُي َّ‬ ‫ن�اس ‪ ،‬وال ُي ِ‬
‫جاو ُز تراق َيه�م ‪ ،‬و ُي ِّ‬ ‫يتع َّل ُم�ه ٌ‬
‫يتأجلونه » (((‪.‬‬
‫وال َّ‬

‫يذر منه ألِ ًفا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قال ‪ « :‬أقر ُأ‬


‫ال�درداء ؤ َ‬ ‫ِ‬
‫الناس لهذا ال ُق�رآن ُ‬
‫المناف ُق ال ُ‬ ‫وع�ن أبي‬
‫أل بِ ِلسانِها »(((‪.‬‬
‫ف البقر ُة الك َ‬‫واوا ‪ ،‬ي ُل ُّفه بِلسانِه كما ت ُل ُّ‬
‫وال ً‬
‫آخ ِره ‪ « :‬ال ُي ِ‬
‫جاو ُز تراق َيه » ‪.‬‬ ‫نحوه عن ح َذيف َة ‪ ،‬وزاد في ِ‬
‫ابن أبي َشيب َة بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫رواية ِ‬ ‫وفي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫الق ِ‬
‫راءة ‪،‬‬ ‫ف في ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث أنَّه ‪ِ m‬‬
‫كر َه التك ُّل َ‬ ‫فه ُم ِم َن‬ ‫وإسنا ُده ُك ُّلهم ثِ ٌ‬
‫قات ‪ ،‬و ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسه َل على‬ ‫أمر أصحا َبه أن يقر َأ ك ٌُّل منهم بما َّ‬
‫تيس َر له ‪ُ ،‬‬ ‫ب القراء َة السهل َة ‪ ،‬كما َ‬ ‫يح ُّ‬
‫وتفه ِم المعاني((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صول ُ‬ ‫ِ‬ ‫مع ُح ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الخشو ِع ُّ‬ ‫وح‬
‫القلب ُ‬ ‫ضور‬ ‫لسانه َ‬

‫الجرأة في الفتوى‬
‫الجرأةُ في الفتوى‬
‫ُ‬
‫عالمة صغرى‬
‫الشرعي‬ ‫ظاهر ُة االجتِ ِ‬
‫هاد‬ ‫ِ‬
‫الساعة الص ْغرى الجرأ ُة في ال َفتْوى‪ ،‬وهي ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬
‫ات‬
‫ِّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الصحيحة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألحاديث على َغ ِير معانيها‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫ِ‬
‫وحمل‬ ‫ِ‬
‫لحقيقة‬ ‫ف لِ‬
‫المخالِ ِ‬
‫ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)23563‬‬


‫((( مصنف عبدالرزاق (‪. )5987‬‬
‫((( ق�ال التويج�ري ف�ي « إتحاف الجماع�ة » الثاني ص‪« : 123‬إن�ه ـ أي‪ :‬النبي ‪ m‬ـ لم يكن‬
‫يعلمه�م التجويد ومخارج الحروف ‪ ،‬وكذلك الصحابة ‪ n‬لم ينقل عن أحد أنه كان‬
‫يعلم التجويد ومخارج الحروف ‪ ،‬ولوكان خيرا لسبقونا إليه» اهـ ‪ .‬ولعل ما أشار إليه الشيخ‬
‫هن�ا مرتب�ط بتلك المرحل�ة التي كانت فيه�ا لغة العرب س�ليمة ومعتنى بها اعتن�اء تاما‪ ،‬أما‬
‫اليوم فاألمر يقتضي التوسط بين الحالين حتى ال يذهب القرآن بين إفراط المفرط وإضاعة‬
‫المفرط ‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫جال‬ ‫ِ‬
‫الزمان ِر ٌ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬يخرج في ِ‬
‫آخر‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫عن أبي ُه َرير َة ؤ َ‬
‫ُ‬
‫ين ‪ ،‬ألس�نتُهم أحلى ِم َن‬
‫الضأن ِم َن ال ِّل ِ‬
‫ِ‬ ‫الدين يل َبس�ون لِ ِ‬
‫لناس ُجلو َد‬ ‫ِ‬ ‫يختِل�ون الدُّ نيا بِ‬
‫علي ِ‬
‫يجترئون ؟ فبي‬ ‫يقول الل ُه ‪ :‬أبي يغترون أم َّ‬ ‫ئاب ‪ُ ،‬‬‫الذ ِ‬
‫وب ِّ‬‫الس�ك َِّر ‪ ،‬و ُقلو ُب ُه ُم ُق ُل ُ‬
‫ُّ‬
‫الحليم ِمنهم حيرانًا »((( ‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حلفت ألبع َث َّن على أولئك منهم فتن ًة ُ‬
‫تدع‬ ‫ُ‬

‫قال ‪ « :‬خ َت َل�ه يختِ ُله ويخ ُت ُله ‪ :‬إذا خد َعه وراو َغه» ‪ .‬وهو‬
‫داع ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والخت�ل ‪ :‬ه�و الخ ُ‬ ‫ظاهرة الفتوى‬
‫وخاص ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫المعاصرة ‪،‬‬ ‫�ق لواق ِع الكثير من حملة ال ُقرآن والدعوة ُ‬ ‫الخت�ل ـ ُمطاب ٌ‬ ‫إلرضاء الساسة ـ أي ‪:‬‬
‫ِ‬
‫والقبض‬ ‫ِ‬
‫النقض‬ ‫الساسة ود ِ‬
‫عاة‬ ‫ِ‬ ‫مواق ِ‬
‫ف‬ ‫العلم والفتوى إرضاء لِ ِ‬ ‫أولئك الذين جعلوا ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫والم ِ‬
‫ش�ركي َن‬ ‫تحري�ف المعاني الم َّنز ِلة في ال ُق ِ‬
‫رآن على ال ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ار ُ‬ ‫ُ‬ ‫ور في‬ ‫وكان له�م َد ٌ‬ ‫‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الظاهر ُة‬ ‫عمت هذه‬ ‫المسلمين ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫المص ِّلين م َن ُ‬‫فحو ُروها ؛ لتُصبِ َح ُح َّج ًة لهم على ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫شرك‬ ‫وعلما بديلاً عن ِ‬
‫إدانة‬ ‫ومث ُلها بِالد العال ِم اإلسلامي والعربي ‪ ،‬وصار ْت فِقها ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ظاهرة الفتوى في‬
‫وأهل األوثانِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ش�رك اليهود والنصارى‬ ‫صار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأهل األوثان ‪ ،‬بل َ‬ ‫تحريف معاني اليه�ود والنصارى‬
‫ِ‬ ‫القرآن‬
‫واالجتراء؛ ظاهر ًة مأمون ًة‬ ‫ِ‬
‫بالختل‬ ‫الموصوفين في الحديث‬ ‫ِ‬
‫البعض من هؤالء َ‬ ‫لدى‬
‫الفكرية المتنو ِ‬
‫عة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راس�ات‬ ‫وثقاف ًة حضاري ًة متبادل ًة تبر ُز في اإلعال ِم واالقتِ ِ‬
‫صاد والدِّ‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حميمة ‪ ،‬تب�ر ُز جلي ًة في ِ‬
‫نماذ ِج‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫القات‬ ‫صداق�ات ِ‬
‫وع‬ ‫ٍ‬ ‫مع‬ ‫ٍ‬ ‫ص�ور ٍ‬
‫ذكية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫وغير مس�بوقة َ‬
‫ِ‬ ‫العمل االقتِ‬
‫ِ‬
‫وه ُل َّم ً‬
‫جرا‪...‬‬ ‫والسياحي ‪َ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫والثقافي‬
‫ِّ‬ ‫شترك‬ ‫الم‬
‫والرياضي ُ‬
‫ِّ‬ ‫صادي‬
‫ِّ‬
‫اآللي لِ ُ‬
‫ألم ِم‬ ‫ِّ‬ ‫الثقافي واالس�تِتبا ِع‬
‫ُّ‬ ‫الخ ُل ُّ‬
‫ق�ي والوه ُن‬ ‫دار ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكان به�ا وبِأمثاله�ا االنح ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الحالة ‪.‬‬ ‫األُخرى ؛ وكفى بِ ِ‬
‫الواق ِع العربي واإلسالمي ِ‬
‫شاهدً ا على هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اللي�ن » كُني ٌة عن تم ُّل ِقه�م لِ ِ‬
‫لناس في‬ ‫ِ‬ ‫الض�أن ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لن�اس جلو َد‬‫َقو ُل�ه ‪ « :‬ي َلبس�ون لِ‬
‫ِ‬
‫البشاشة لهم ‪ ،‬واللي ُن‬ ‫وههم ‪ ،‬وإِ ِ‬
‫ظهار‬ ‫الخلق في وج ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتحسين‬ ‫ِ‬
‫المناسبات واإلعال ِم‬
‫ُ ُ‬

‫((( سنن الترمذي (‪. )2584‬‬

‫‪282‬‬
‫ِ‬
‫الظاه ِر‬ ‫وتكلف وتصن ٌُع في‬
‫ٌ‬ ‫س�ان‬ ‫ِ‬
‫الحقيقة ‪ ،‬وإنَّما منافق ٌة بِال ِّل ِ‬ ‫م َعهم َليس على ِ‬
‫وجهه‬
‫ُ‬
‫الف ذلِ َك ‪.‬‬
‫خ ِ‬‫الباطن فهم بِ ِ‬
‫ِ ُ‬ ‫‪ ،‬وأما في‬

‫ِ‬
‫العسل » ‪ .‬إشار ٌة إلى‬ ‫واية ‪ « :‬أحلى ِم َن‬
‫كر » وفي ِر ٍ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫َقو ُله ‪ « :‬ألسنتُهم أحلى م َن ُّ‬
‫ظاهرة التجمل‬
‫باأللسنة في‬ ‫العل ِم والفتوى‬ ‫ناقشات ِ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫عوب و ُم‬ ‫ِ‬
‫المعروض على ُّ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫ما يصدُ ُر ِمن ُم ِ‬
‫جمل‬
‫الحديث وإخفاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البحثية الم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحياة ‪ ،‬ولك َّن ُقلو َبهم‬ ‫�ؤون‬ ‫ِ‬
‫ظاهر ُش‬ ‫فيدة في‬ ‫ُ‬ ‫والتعليالت‬ ‫والتحليلات‬
‫الخديعة في‬
‫القلوب‬ ‫انط�وت ع َل ِيه ِم َن‬
‫َ‬ ‫ئ�اب» ـ لِما‬ ‫الذ ِ‬‫لوب ِّ‬ ‫�م ُق ُ‬
‫ِِ‬
‫وم�ا يخفون�ه في بواطنه�م ـ إنَّما « ُقلو ُب ُه ُ‬
‫مرارة ما يخفونه فِيها ـ‬
‫ِ‬ ‫الصبِ ِر » لِش�دَّ ِة‬ ‫ِ‬
‫أمر م َن َّ‬
‫ِ‬
‫مع كونها « َّ‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫الخبث واللؤ ِم والضغينة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصبِ ِر » ‪ .‬ونتيج ُة هذا ُك ِّله‬
‫وأمر م َن َّ‬ ‫وف�ي ِرواي�ة ُح َذيف َة ـ « قلو ُبهم أنت ُن م َن الجيفة ‪ُّ ،‬‬
‫الحق ُسبحانَه ‪« :‬ألبع َث َّن على أولئك ِمنهم فِتن ًة‬
‫ف َّ‬ ‫وما هم ع َل ِيه وصائرون إ َليه ‪ِ ،‬‬
‫يحل ُ‬
‫والفتن ُة المشار إ َليها مما ال يحتاج وص ُفه في ِ‬
‫أمة ال ُق ِ‬
‫رآن‬ ‫تدع الحليم ِمنهم حيرانًا » ‪ِ .‬‬
‫الفتنة التي تصاب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وعجزها م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والس�ن َِّة أما ِم قضاياها‬
‫جتمع ًة أو بها األُ َّمة ثمرة‬ ‫ِ ُ‬ ‫واإلقليمية‬ ‫المحلية‬ ‫المصيرية وقضاياها‬ ‫ُّ‬
‫المخادعة‬
‫وع َّزتِها‬
‫أه�داف األُمة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحقيق‬ ‫منهجه وديانتِه عن‬ ‫ِ‬ ‫تفرق� ًة بِاعتِ ِ‬
‫ب�ار َمن يدَّ عي سلام َة‬ ‫ُم ِّ‬
‫عسكر ًّيا واقتِصاد ًّيا وتربو ًّيا وثقاف ًّيا وإعالم ًّيا واجتِماع ًّيا ‪.‬‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تبر ُز بِ‬ ‫ِ‬
‫ش�ار‬ ‫وضوح في كا َّفة الحاالت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫الحليم حيرانًا » ُ‬
‫َ‬ ‫وتكا ُد الفتن ُة « التي ُ‬
‫تدع‬
‫ِ‬ ‫ت المش�ركين األساس� ِّيين ِم�ن ُد ٍ‬ ‫تدخَل�اَ ِ‬
‫ومجموعات‬ ‫ول‬ ‫ُ‬ ‫أث�ر ُّ‬‫إ َليه�ا ‪ ،‬ب�ل وتُؤ ِّك�دُ َ‬
‫ومنها فِتن ُة‬
‫�ة ـ بِ ِرضاه�ا أو بِ َغ ِير ِر َضاه�ا ـ ِ‬
‫�ؤون األُم ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫العالمي�ة في كا َّف ِة ُش‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الته�وكات‬
‫عامالت الر ِ‬
‫بوية ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الم‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫العودة إلى الشرك‬


‫وعبادةِ الأواث ِن‬
‫الشرك ِ‬
‫ِ‬
‫العَ ُ‬
‫ود إلى‬
‫عالمة صغرى‬ ‫ِ‬
‫األوثان‬ ‫العرب إلى ِع ِ‬
‫بادة‬ ‫ِ‬ ‫األمر َع ِ‬
‫�ودة‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة الصغرى ِعندَ ُق ِ‬
‫رب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ِ‬
‫ومن‬
‫بادة اللاَّ ِ‬
‫ت وال ُع َّزى وذي‬ ‫كع ِ‬ ‫لية ِ‬
‫الجاه ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشرك التي كانوا يقيمونها في‬ ‫ِ‬
‫مظاه ِر‬ ‫ِ‬
‫وإقامة‬

‫‪283‬‬
‫ا ْل َخ َل َص ِة ِ‬
‫وغيرها ‪.‬‬

‫وت ِعيس�ى ش‬ ‫س�يكون في األُم ِة بعدَ م ِ‬


‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫المنصوص على َعودتِه‬ ‫ُ‬ ‫الش ُ‬
‫�رك‬ ‫وهذا ِّ‬
‫ظاهرة تهمة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الشرك على زوار ‪ ،‬أم�ا َ‬
‫والتفريط‬ ‫واإلف�راط‬ ‫يكون فيه�ا ال ُغ ُّ‬
‫لو‬ ‫ش�رك في األ َّم�ة ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫قب�ل ذل َك فال‬
‫القبور‬
‫وج ِبة‬
‫دال الشرعي ‪ ،‬وكثر ُة المعاصي الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫خ َّل ِة بِاالعتِ ِ‬ ‫قاد الم ِ‬
‫ُ‬
‫مظاه ِر االعتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫وغيرها ِمن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والقذف((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لخسف‬‫لِ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م�دار ِ‬ ‫البع�ض ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحل�ة ال ُغ ِ‬
‫ِ‬
‫القبض‬ ‫س‬ ‫تركيز‬
‫ُ‬ ‫والوه�ن‬ ‫ثاء‬ ‫ب�رز و َظ َ‬
‫هر ف�ي‬ ‫وق�د َ‬ ‫فقه التحوالت‬
‫ال يشير في‬
‫العالمات إلى‬
‫تجديد التوحيد ((( ويؤيد هذا القول ما رواه أبو هريرة ؤ أن رس�ول الله ‪ m‬قال ‪« :‬يمس�خ قوم من أمتي‬
‫آخ�ر الزم�ان قردة وخنازير» ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رس�ول الله ‪ ،‬مس�لمون هم ؟ قال ‪ « :‬نعم يش�هدون‬ ‫في مرحلة الغثاء‬
‫أن ال إل�ه إال الل�ه وأن�ي رس�ول الل�ه ‪ ،‬ويصومون ‪ ،‬ويصل�ون» ‪ .‬قالوا ‪ :‬فما بالهم يا رس�ول‬
‫الل�ه ؟ ق�ال ‪ « :‬اتخذوا المع�ازف والقينات والدفوف ‪ ،‬وش�ربوا هذه األش�ربة ؛ فباتوا على‬
‫ش�رابهم ولهوهم ؛ فأصبحوا وقد مس�خوا» ‪ .‬كنز العمال (‪ ، )38735‬هكذا ذكره صاحب‬
‫سبل الهدى والرشاد « ‪. » 664 : 10‬‬
‫وف�ي رواي�ة ع�ن ابن عب�اس ء قال ‪ :‬قال رس�ول الل�ه ‪« : m‬والذي نفس�ي بيده‬
‫ليبيتن ناس من أمتي على أش�ر وبطر ولعب فيصبحوا قردة وخنازير باس�تحاللهم المحارم‬
‫واتخاذهم القينات وش�ربهم الخمر وأكلهم الربا ولبس�هم الحرير» رواه أحمد « ‪» 329 : 5‬‬
‫وأوله ‪ :‬والذي نفس محمد بيده إلخ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا الخس�ف والقذف والمس�خ يكون من المصلين المرتكبين للمعاصي ‪ ،‬كما‬
‫هو مالحظ اليوم في األمة نس�أل الله السلامة ‪ ،‬ولم تش�ر األحاديث إلى ش�يء من الشرك‬
‫ال�ذي ه�و أعظم الذنوب وال لش�يء من العقوبات الت�ي تحل بالقبوريين كما يس�ميها أهل‬
‫ه�ذا الفهم الغريب ‪ ،‬وإنما يكون الهالك والخس�ف والرجف بم�ا تزينه األنظمة من الفنون‬
‫والثقافات والمعامالت الربوية التي عمت بالد المسلمين وطمت ‪ ،‬وفيها يقول ‪« : m‬البد‬
‫من مسخ وخسف ورجف» ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬في هذه األمة ؟ قال ‪« :‬نعم ‪ ،‬إذا اتخذوا‬
‫القيان واستحلوا الزنا ‪ ،‬وأكلوا الربا ‪ ،‬واستحلوا الصيد في الحرم ‪ ،‬ولبس الحرير ‪ ،‬واكتفى‬
‫الرجال بالرجال والنساء بالنساء» سبل الهدى والرشاد « ‪. » 669 : 10‬‬

‫‪284‬‬
‫حصل ِمن‬‫َ‬ ‫الش�رك ‪ ،‬باعتِ ِ‬
‫ب�ار ما‬ ‫ِ‬ ‫ِّهامهم لِلم ِ‬
‫س�لمين بِ‬ ‫ُ‬
‫المس�ألة وات ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والنقض على هذه‬
‫ِ‬
‫التقديس‬ ‫َّب على هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتقديس لل ُق ِ‬
‫ٍ‬ ‫تعظي ٍم‬
‫بور واألولياء األموات واألحياء ‪ ،‬وما ترت َ‬
‫ِ‬ ‫س�ن الظن ف�ي الب ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫التوس ِ‬ ‫ِم َن‬
‫والمجاذيب وش�دِّ‬ ‫له‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫�ل واالس�تغاثة واالستش�فا ِع ُ‬ ‫ُّ‬
‫وغير ذلِ َك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والحوليات ِ‬ ‫ِ‬
‫الزيارات‬ ‫الر ِ‬
‫حال إلى‬ ‫ِّ‬

‫سلمين‬ ‫ِ‬
‫التشريك فك َّفروا بها الم ِ‬ ‫المنهج ُجمل ٌة ِمن تُه ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حملة هذا‬ ‫اجتمع لدى‬ ‫ِ‬
‫وقد‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫س�لمين ِم َن‬
‫ضة للعرى بين الم ِ‬
‫ُ َ َ ُ‬
‫الناق ِ‬
‫المدرس�ة ِ‬
‫ِ‬ ‫وأناب على ِ‬
‫نهج‬ ‫َ‬ ‫جمي ًع�ا إلاَّ َمن َ‬
‫تاب‬
‫ِ‬
‫المحاو ِر‬ ‫ِ‬ ‫الق�رن ِ‬
‫الثام ِ‬ ‫ِ‬
‫حارب�ة‬ ‫�ن وما تاله ‪ ،‬وهذه المدرس� ُة قا َمت َّ‬
‫وتأس َس�ت على ُم‬
‫ِ‬
‫الثالثة ‪:‬‬
‫آل الب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يت على أنها أصنا ٌم ‪،‬‬ ‫تعليل مش�اهد األنبياء واألولي�اء من ِ َ‬ ‫األو ُل ‪ُ :‬‬
‫حور َّ‬ ‫الم ُ‬
‫النبي‬ ‫ِ‬ ‫طواغي�ت تُع َبدُ ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫و َم�ن فِيها ِم َن‬
‫قبر ِّ‬ ‫ب هد ُمها وإزالتُه�ا بما فيها ُ‬
‫ويج ُ‬ ‫ُ‬ ‫األموات‬
‫ِ‬
‫المدينة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وصاح َبيه في‬ ‫‪m‬‬

‫اإلسلامي القائ ِم‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين المرتبِطي�ن بِ‬ ‫ِ‬


‫لم�اء الم ِ‬ ‫حور الثاني ‪ :‬كا َّف� ُة ُع‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫التاريخ‬ ‫ُ‬ ‫الم ُ‬
‫غاثة واالستِشفا ِع‬
‫جواز التوس ِل واالستِ ِ‬
‫والمفتين بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫على احترا ِم األموات واألحياء ‪ُ ،‬‬
‫ب محاربتهم وقتلهم ‪.‬‬ ‫بور) و(كهن ُة معابِدَ ) ِ‬ ‫ِ‬
‫الشرعية (سدن ُة ُق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫ويج ُ‬ ‫الشروط‬

‫منهج‬
‫�ج َ‬ ‫ينه ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض ممن َ‬ ‫ِ‬
‫أقط�ار‬ ‫ِ‬
‫س�ائر‬ ‫س�لمين في‬ ‫�ث ‪ :‬رعاي�ا الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ح�ور الثالِ ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الم‬
‫ِ‬
‫واألموات‬ ‫ِ‬
‫األحي�اء‬ ‫ِ‬
‫والحولي�ات واحترا ِم‬ ‫ِ‬
‫للزي�ارات‬ ‫الش�رعية الم ِ‬
‫بيحة‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫الم�دار ِ‬
‫ُ‬
‫�عوب قبوري� ٌة و ُع َّبا ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫لو ُش‬ ‫بضوابطه�ا الش�رعية أو بالوق�و ِع في طر َف ِي اإلفراط وال ُغ ِّ‬
‫انطل�ق بِه حمل ُة‬ ‫َ‬ ‫األساس�ي‪ ،‬الذي‬ ‫ِ‬
‫التكفي�ر‬ ‫أضرح�ة و ُمش�ركون‪ ..‬ويش�م ُلهم مبد ُأ‬ ‫ٍ‬
‫ِّ‬
‫صرف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلطلاق » ‪ ،‬بِ‬ ‫ب�اق كافِ ٌر على‬ ‫تحت الس�ب ِع ال ِّط ِ‬ ‫السياس�ي « ك ُُّل َمن َ‬ ‫ِ‬
‫التوحي�د‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫المدرس�ة إلى الم ِ‬ ‫ِ‬
‫سلمين ُعلما َء ُ‬
‫وشعو ًبا‬ ‫ُ‬ ‫النظر عمن ينفي هذه المقول َة ‪ ،‬وينفي َ‬
‫نظر‬

‫‪285‬‬
‫فاألساس الذي انطل َقت منه الرؤي ُة َ‬
‫كان وال‬ ‫ِ‬
‫الصورة ‪،‬‬ ‫المشاه ِد وال ُق ِ‬
‫بور بهذه‬ ‫ِ‬ ‫وإلى‬
‫ُ‬
‫بالتدريج ‪ِ ،‬من ِخ ِ‬
‫الل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحقيقه و َل�و‬‫ينطل ُق لِ‬
‫األقل ِ‬
‫ِ‬ ‫ك�م ‪ ،‬أو على‬ ‫زال يحم ُ�ل هذا ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫الح َ‬
‫المتنامي ‪ ،‬س�وا ًء أعلنوا انتما َءهم‬ ‫وحملة ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انتِ ِ‬
‫ش�ار أتبا ِع‬
‫التكفي�ري ُ‬
‫ِّ‬ ‫كر‬ ‫المدرس�ة‬
‫مو ِلة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الف ِ‬
‫كرة ‪ِ ،‬‬
‫أو اس�تق ُّلوا عنها ‪ ،‬فالعبر ُة بِالفك�رة ورواجها ال الجهات ُ‬
‫الم ِّ‬
‫�ن ِ‬
‫لِ َموطِ ِ‬
‫مخاطر‬
‫َ‬ ‫هور ‪ ،‬فتِ َ‬
‫لك ينطوي كش� ُفها على‬ ‫أس�باب ال ُّظ ِ‬
‫َ‬ ‫المحض ِن ُ‬
‫المه ِّيئ لها‬ ‫َ‬ ‫لها ‪ ،‬وال‬
‫ٍ‬
‫خطيرة ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وتعقيدات‬ ‫جم ٍة‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫ش�يء‬ ‫مجموعه إلى‬ ‫ِ‬ ‫ش�ير في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫م�ع أن فِق� َه‬
‫التحوالت وقراءة عالمات الس�اعة ال ُي ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وأموال‬ ‫َ‬ ‫ودما َء‬ ‫أع�راض ِ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء أو لِ َغ ِيرهم‬ ‫بي�ح لِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُهمة ذلِ َك الك ِ‬
‫ِم�ن ت ِ‬
‫َ‬ ‫ُفر أو الش�رك ُ‬
‫ِ‬ ‫يد ٍ‬ ‫َّوحيد عل�ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫أحد في‬ ‫تجديد للت‬ ‫مرحلة‬ ‫ُش�ير إلى‬‫المص ِّلين ‪ ،‬وال ت ُ‬ ‫وعقائ�دَ ُ‬
‫ِ‬ ‫تنة ‪ ،‬وبِ‬ ‫والف ِ‬
‫األفاعيل بِالهر ِج ِ‬ ‫ِ‬
‫الساعة ت َِص ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُغ ِ‬
‫مشاركة‬ ‫ِ َْ‬ ‫مثل هذه‬ ‫عالمات‬ ‫ثاء ‪ ،‬بل َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬
‫المغلوبة‬ ‫ساب األُ َّم ِة‬‫الثروات على ِح ِ‬
‫ِ‬ ‫والمستثمرين في اقتسا ِم مصالِ ِح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ستعمرين‬ ‫الم‬
‫ُ‬
‫َّب على ِقراءتِها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬
‫ِ‬
‫نصت ع َليه ُسنَّ ُة ِّ‬
‫النبي ‪ m‬وما ترت َ‬ ‫والوهن وهذا ما َّ‬ ‫ثاء‬ ‫في‬
‫قه التحو ِ‬
‫الت((( كما سيأتي ‪.‬‬ ‫في فِ ِ‬
‫ُّ‬

‫((( بل إن الس�نة الش�ريفة أكدت سلامة المصلين في جزيرة العرب من الشرك وعبادة األصنام‬
‫‪ ،‬وأن ال�ذي ي�دور ف�ي المرحلة إنما هو التحري�ش بين المصلين بإدراك م�ن فاعليه أو بغير‬
‫إدراك لع�دم اطالعه�م عل�ى الرك�ن الرابع من أركان الدي�ن ‪ ،‬ويؤيد هذا األم�ر حديث ابن‬
‫عباس ؤ قال ‪ :‬خرجت مع رسول الله ‪ m‬من المدينة فالتفت إليها ‪ ،‬وقال ‪ « :‬إن الله‬
‫برأ هذه الجزيرة من الش�رك » ‪ .‬رواه أبو يعلى والبزار والطبراني (‪ )228 : 10‬س�بل الهدى‬
‫والرشاد ‪.‬‬
‫وق�د ب�وب اإلمام محمد بن يوس�ف الصالحي الش�امي المتوفى س�نة ‪942‬ه�ـ في كتابه‬
‫«س�بل الهدى والرش�اد ‪ ،‬الباب الحادي والعش�رون» في إخباره ‪ m‬ب�أن جزيرة العرب ال‬
‫تعب�د فيه�ا األصنام أب�دا ‪ ،‬وذكر الحديث ‪ « :‬إن الش�يطان ق�د يئس أن يعب�ده المصلون في‬
‫جزي�رة الع�رب ‪ ،‬ولك�ن في التحريش بينه�م » ‪ .‬وعلق على ذلك بقوله ‪ « :‬ق�ال ابن مالك «‬

‫‪286‬‬
‫َ‬
‫واستفحل األمر ‪ ،‬وخنع لها من‬ ‫ِ‬
‫السيطرة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫دائرة‬ ‫وبِما َّ‬
‫أن المسأل َة قد خرجت عن‬
‫ظاهرتا اإلفراط‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الس�نوات تِلو األُخرى حتَّى صار الم ِ‬
‫س�لمون والتفريط هما‬ ‫ت‬‫خن�ع ‪ ،‬واقتن�ع بها م ِن اقتنع ‪ ،‬ومر ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المسؤولتان عن‬
‫المصل�ون » المؤمنون عبر عنهم بالمصلي�ن ؛ ألن صالتهم هي الفارقة بين اإليمان والكفر الصراع العقدي‬
‫‪ ،‬وأض�اف «العب�ادة» في قوله « أن يعبده » إنما نس�بها إلى الش�يطان لكون�ه داعيا إليها ‪ .‬اهـ‬
‫«ص‪ 404‬الجزء العاشر» ‪.‬‬
‫وف�ي ذل�ك روى الب�زار عن علي بن أبي طالب ؤ أنه قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪« : m‬‬
‫إن الش�ياطين قد يئس�ت أن تعبد ببل�دي » ‪ ،‬هذا يعني المدينة والجزي�رة العربية ‪ ،‬ولكن في‬
‫التحريش بينهم ‪ .‬ذكره الهيثمي في المجمع (‪. )302 : 3‬‬
‫ويؤكد هذا المنحى حديث عبادة بن نس�ي قال ‪ :‬دخلت على ش�داد بن أوس ؤ في‬
‫مصلاه ‪ ،‬وه�و يبكي فقلت ‪ « :‬يا أبا عبدالرحمن ما الذي أبكاك ؟ قال ‪ :‬حديث س�معته من‬
‫رس�ول الل�ه ‪ ، m‬فقلت ‪ :‬ما هو ؟ قال ‪ :‬بينما أنا عند رس�ول الل�ه ‪ m‬إذ رأيت بوجهه أمرا‬
‫ساءني ؛ فقلت ‪ :‬بأبي وأمي يا رسول الله ‪ .‬ما الذي أرى بوجهك ؟! قال ‪ « :‬أمر أتخوفه على‬
‫أمتي من بعدي » ‪ .‬قلت ‪ :‬وما هو ؟ قال ‪ « :‬الش�رك وش�هوة خفية » ‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رس�ول‬
‫الله ‪ ،‬أتش�رك أمتك من بعدك ؟! قال ‪ « :‬يا ش�داد ‪ ،‬أما إنهم ال يعبدون شمس�ا وال قمرا وال‬
‫وثنا وال حجرا ‪ ،‬ولكن يراءون الناس بأعمالهم » ‪ .‬قلت ‪ :‬يا رس�ول الله ‪ ،‬الرياء ش�رك هو ؟‬
‫قال ‪ « :‬نعم » ‪ .‬قلت ‪ :‬فما الش�هوة الخفية ؟ قال ‪ « :‬يصبح أحدكم صائما فتعرض له ش�هوة‬
‫من شهوات الدنيا فيفطر ‪ .‬رواه أحمد والحاكم ‪.‬‬
‫وأما ما يدندن عليه عساكر النقض والقبض ‪ ،‬وينفعلون من أجله فهو على أحد أمرين ‪:‬‬
‫ • ٍ‬
‫غيرة على التوحيد يجب االستفادة منها بالنظر في تصحيح كافة اإلفراطات اللفظية‬
‫والعملي�ة ‪ ،‬وتوجيه عامة المس�لمين إلى السلامة في العقائ�د بالحكمة والموعظة‬
‫الحسنة دون لجاج أو إحراج ‪.‬‬
‫ •اس�تتبا ٍع لسياسة الخوارج في حمل الش�به على المصلين وتكفيرهم بها ‪ ،‬واستثمار‬
‫ه�ذا الص�راع إلقص�اء آل البي�ت والصوفي�ة والمذهبية ع�ن موقع التأثي�ر الروحي‬
‫واالجتماع�ي ؛ ليصفو الجو والزمان لمروجي التكفير والتبديع وأكل المال الحرام‬
‫والمعاملات البنكي�ة الربوية وش�به الربوية ‪ ،‬وغم�ط حقوق الش�عوب من العمال‬
‫والمصلين والسخرية بهم ‪ ،‬مقابل خدمة التوحيد السياسي المندرج ضمن عالمات‬
‫الساعة ‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫فإن الحقيق َة التي ال زا َلت في َم َظا ِّنِها‬ ‫بعضا ؛ َّ‬ ‫بعضهم ً‬ ‫بعضا ‪ ،‬و ُيك ِّف ُر ُ‬
‫بعضهم ً‬ ‫�ك ُ‬ ‫ي ِ‬
‫هل ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المخدوعة‬ ‫ِ‬
‫الجماعات‬ ‫ُ‬
‫ومنافيخ ُس�مو ِم‬ ‫تكاثرت ضبابي ُة الباطِ ِل ‪،‬‬ ‫هي الحقيق ُة مهما‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫صداقية وأ َّما‬ ‫الشجاعة ِ‬
‫والم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وترشيدها إلى‬ ‫تحتاج في ُمواجهتِها‬ ‫ِ‬
‫والفصائل ‪ ،‬ولكنَّها‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعبادات وس� ِّي ِئ‬ ‫ِ‬
‫قادات‬ ‫اإلفراط في االعتِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صول‬ ‫وح‬ ‫ِ‬ ‫راف ِ‬ ‫االنح ِ‬
‫ِ‬ ‫مس�أل ُة‬
‫عن الجا َّدة ُ‬
‫تصحيحها والو ِ‬
‫قوف‬ ‫ِ‬ ‫الع َّل ُة التي ال ُبدَّ ِمن‬
‫العادات ؛ فمسأل ٌة يسه ُل ِعالجها ‪ ،‬بل هي ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوف أمام فِ ِ‬‫مثل الو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫والتكفير‪،‬‬ ‫التشريك‬ ‫تنة‬ ‫َ‬ ‫أما َم أوراقها وعللها لدى الجمي ِع ‪ .‬ومث ُلها ُ ُ‬ ‫تصحيح فتنة‬
‫يتم‬ ‫ش�ك َّ‬ ‫ٌ‬
‫وتفريط مهي ٌن ‪ ،‬وال َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫ف�كال الحالت ِ‬
‫التصحي�ح واإلعاد َة ُّ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫إفراط َمش�ي ٌن‬ ‫َين‬ ‫التشريك‬
‫للمسلمين‬
‫بِ ُأ ٍ‬
‫مور ‪:‬‬

‫الشرك المؤ ِّد ِية‬


‫ِ‬ ‫وخاص ًة ُشبه ُة‬
‫َّ‬ ‫حم ٍد ‪، m‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األكبر عن ُأ َّمة ُم َّ‬
‫ِ‬
‫الش�رك‬ ‫أو ُلها رد ُش ِ‬
‫�بهة‬ ‫ُّ‬ ‫وجوب رد تهمة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األكبر ‪ ،‬وإثارة ال َفوضى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألعراض ‪ ،‬وإِلصاق تُهمة الش�رك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حالل الدِّ ماء‬ ‫ِ‬ ‫الشرك عن األمة إلى اس�ت‬
‫َ‬
‫حصل ‪.‬‬ ‫سلمين كما قد‬ ‫الدينية بها في ُعمو ِم بِ ِ‬
‫الد الم ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬

‫ُّصوص التي اس�تد َّل ْت بها هذه المدرس� ُة ال تنطبِ ُق على‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات والن‬ ‫أن كا َّف َة‬
‫ثانيها َّ‬
‫يح مرحلت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َين ‪:‬‬ ‫المص ِّلي َن وإنَّما موق ُعها الصح ُ‬ ‫المسلمين ُ‬ ‫ُ‬
‫وانتهت بِ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األُولى ‪ :‬مرحل ُة ِّ ِ‬
‫فتح م َّك َة‬ ‫رسول ال َّله ‪َ ، m‬‬ ‫لي التي حار َبها‬ ‫الشرك الجاه ِّ‬ ‫مرحلة الشرك‬
‫ِ‬
‫العرب فيما بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األول وإِ ِ‬
‫خراج األصنا ِم م َن الكعبة ومن كا َّفة المواق ِع األُخرى في جزيرة‬ ‫الجاهلي َّ‬

‫العرب ومن ير ُف ُض اإلسال َم ِم َن‬


‫ِ‬ ‫فيمن ِبق َي ِمن ُمشركي‬ ‫ِ‬
‫وانحصرت بعدَ ذل َك َ‬
‫َ‬ ‫ذلِ َك ‪،‬‬
‫اليهود والنصارى واألُم ِم الكافِ ِ‬
‫رة ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫�وت عيس�ى ع َل ِيه‬


‫الصريح�ة فيم�ا بع�دَ م ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫الجاه ِ‬
‫لي�ة‬ ‫ِ‬ ‫الثاني ُة ‪ :‬مرحل� ُة الع ِ‬
‫�ودة إل�ى‬ ‫َ‬ ‫مرحلة العودة إلى‬
‫السال ُم‪.‬‬ ‫الجاهلية‬

‫ِ‬
‫رس�ول ال َّل�ه ‪ ، m‬واج ُت َثت ُ‬
‫آثاره�ا الصنمي ُة‬ ‫ُ‬ ‫فأ َّم�ا المرحل ُة األولى فق�د حار َبه�ا‬

‫‪288‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعقدي ُة بِهد ِم د ِ ِ ِ‬
‫ور العبادة وإزالة األصنا ِم م َن الكعبة وما حو َلها ‪ .‬وبق َيت كما ْ‬
‫أشرنا‬ ‫ُ‬
‫عون‬ ‫ِ‬
‫الظواه ِر والمفاهي ِم التي ق�ا َم الصحاب ُة والتابِ َ‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬
‫وأش�باههم ُ‬ ‫ِ‬
‫األعراب‬ ‫ل�دى‬
‫ِ‬
‫بادات‬ ‫يبق ِمنها في األُم ِة ش�يء يذكَر ما عدا ما ش�اب ِ‬
‫الع‬ ‫بإزالتِها وتت ُّب ِع ِ‬
‫آثارها ‪ ،‬ولم َ‬
‫َ‬ ‫ٌُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫المراح ِل‬ ‫األحوال نتيج� َة تراك ِ‬
‫ُمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫والتفريط في‬ ‫ِ‬
‫اإلف�راط‬ ‫عتق�دات ِم َن‬
‫ِ‬ ‫والم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫�عوب‬ ‫الش‬ ‫ِ‬
‫االحتكاك بِ ُّ‬ ‫بع�ض المفاهي� ِم الخاطِ ِئة ِم� َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خ�ول‬ ‫ِ‬
‫الجه�ل ‪ ،‬و ُد‬ ‫ِ‬
‫�مول‬ ‫ُ‬
‫وش‬
‫ِ‬
‫الغازية((( ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الزمان فمحدَّ ٌد‬ ‫المنصوص ع َل ِيه في ِ‬
‫آخ�ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األكبر‬ ‫الش ِ‬
‫�رك‬ ‫وأم�ا مرحل ُة الع ِ‬
‫ودة إلى ِّ‬
‫المرحلة الثانية‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫بعد موت عيسى‬ ‫يذهب‬ ‫ِ‬
‫الحديث ‪ « :‬ال‬ ‫ِ‬
‫المنصوص ع َليها في‬ ‫وت عيسى ش ‪ ،‬وبصفتِه‬ ‫بما بعدَ م ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ع َل ِيه السالم‬
‫رس�ول ال َّل ِه إني ك ُ‬
‫ُنت‬ ‫َ‬ ‫والنهار حتَّى تُع َبدَ اللاَّ ُت وال ُعزى » ‪ .‬فقا َلت عائش� ُة ‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫ال َّل ُيل‬
‫أنزل ال َّل ُه ‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ألظ� ُّن حي َن َ‬
‫يبعث ال َّل ُه ِر ً‬
‫يحا‬ ‫سيكون ما شاء ال َّل ُه ‪ُ ،‬ث َّم ُ‬
‫ُ‬ ‫أن ذلِ َك تا ًّما ‪َ ،‬‬
‫قال ‪ « :‬إنَّه‬ ‫ﮝ ) [الصف‪َّ ]9:‬‬
‫خير فيه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ط ِّيب� ًة فتُو ِّف�ي ك َُّل َمن في قلبِ�ه ِم َ‬
‫ثقال ح َّبة من خردل من إيم�ان فيبقى َمن ال َ‬
‫ِ‬
‫فيرجعون إلى ِ‬
‫دين آبائهم » ((( ‪.‬‬
‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ِ‬
‫أرواح المؤمنين ‪ ،‬وه�ذا من‬ ‫ِ‬
‫وقب�ض‬ ‫ِ‬
‫الش�رك‬ ‫الحدي�ث يربِ ُط َبي َن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وه�ذا‬
‫الساعة بعدَ عيسى ش ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ال تقو ُم الس�اع ُة حتَّى‬


‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ثوبان ؤ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حديث‬ ‫وقب َله‬

‫((( كما هو في إفراطات بعض الشعوب التركمانية والمغولية خالل فتوحات الدولة العثمانية ‪،‬‬
‫أو في تفريطات ومعتقدات الشعوب الغازية كالدول االستعمارية ودورها في إضعاف العلم‬
‫ودور العلماء وتش�جيع الخرافات والعادات الشعبية ‪ ،‬ونفث سموم التسييس االستعماري‬
‫في المجتمعات المسلمة ‪ ،‬وال زال هذا األمر سائدا إلى اليوم ‪.‬‬
‫((( مسلم (‪. )7483‬‬

‫‪289‬‬
‫َ‬
‫األوثان » ((( ‪.‬‬ ‫قبائل ِمن ُأ َّمتي المشركين ‪ ،‬وحتى يع ُبدوا‬
‫يلحق ُ‬
‫َ‬

‫األكبر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فالش�رك‬ ‫ُزول عيس�ى بِل إلى موتِه‬ ‫بعثة النبي محم ٍد ‪ m‬إلى ن ِ‬
‫ِّ ُ َّ‬
‫أم�ا ما بي�ن ِ‬
‫َ َ‬ ‫ين بعثة النبي‬
‫ما َب َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مم التي‬‫وأه�ل األوثان م َن األم ِم األخرى ‪ .‬هذه األ ُ‬ ‫محص�ور في اليهود والنصارى‬
‫ٌ‬ ‫حمد وإلى‬
‫‪m‬‬ ‫ُم َّ‬
‫نزول عيسى‬
‫إلنقاذه�ا ِم َن الك ِ‬
‫ُفر‬ ‫ِ‬ ‫الدع�وة إلى ال َّل ِه فِيها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ونش�ر‬ ‫وجب علينا إدخا ُلها إلى اإلسلا ِم‬ ‫َ‬ ‫ش ينحصر‬
‫اإلنس�اني ‪ ،‬أ َّما ال َيو َم َّ‬
‫فإن هذه‬ ‫األسلاف وح َّققوه في العال ِم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والنار ‪ ،‬وهذا ما عم َله‬ ‫الشرك األكبر في‬
‫ِّ‬
‫اليهود والنصارى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إفس�اد الم ِ‬ ‫الوس�ائل المتنو ِ‬ ‫تعمل ِمن ِخ ِ‬
‫مم الكافِر َة ُ‬
‫وتفكيك‬ ‫س�لمين‬ ‫ُ‬ ‫عة على‬ ‫ِ ُ ِّ‬ ‫الل‬ ‫وأهل األوثان األُ َ‬
‫تعليما وتربي ًة‬ ‫ِ‬
‫والعولمة‬ ‫ِ‬
‫والعلمنة‬ ‫ِ‬
‫لمانية‬ ‫سياسة ِ‬
‫الع‬ ‫ِ‬ ‫الديانة ِمن ِخ ِ‬
‫الل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثوابت‬‫ِعالقتِهم بِ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫المنصوص ع َليها ‪،‬‬ ‫المرحلة ال ُغ ِ‬
‫ثائية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سياس�ة‬ ‫وسياس� ًة واقتِصادا واعتِقادا كج ٍ‬
‫زء ِمن‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫اليهود والنصارى ‪،‬‬ ‫ُفر اس�تِتبا ًعا لِ َس�ن َِن‬‫أوالك ِ‬ ‫ِ‬
‫الشرك ِ‬ ‫المس�لم بِ‬ ‫المس�لم‬ ‫حتَّى يرمي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كان قب َلكم ‪. » ...‬‬‫حديث « َلتتبِ ُع َّن َس�نَ َن َمن َ‬
‫ُ‬ ‫ش�ير‬
‫قبل ‪ ،‬وإليه ُي ُ‬ ‫الذين فعلوا ذلِ َك ِمن ُ‬
‫الحديث ُح ُ‬
‫صول هذه‬ ‫ِ‬ ‫الساعة في األُ َّم ِة ‪ ،‬ومفا ُد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫الحديث ‪ .‬وهذه عالم ٌة ِمن‬
‫سلمين على ِصفتَين ‪:‬‬ ‫الظاه ِ‬
‫رة في الم ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإش�اعة ت ِ‬
‫ِ‬ ‫بعض الم ِ‬
‫والتكفير‬ ‫التش�ريك‬ ‫ُهمة‬ ‫ِ‬
‫التحريش‬ ‫س�لمين سياس� َة‬ ‫ِ ُ‬ ‫(‪ )1‬تبنِّ�ي‬
‫ظاهرة االستتباع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقب�ض الموعود ب�ه في آخ�ر الزمان ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النق�ض‬ ‫ِ‬
‫وس�ائل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للمشركين في ب ُش� َبه االعتق�اد كإح�دى‬
‫العقدي لدى فِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخر الزمان‬
‫كالصرا ِع َبي َن‬
‫رق اليهو ُد والنصارى ‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وذل َك بِاس�تتبا ِع فكرة ِّ‬
‫الصرا ِع‬
‫ِ‬
‫عمارية‬ ‫نجاح هذا الصرا ِع بِدع ِم ال ُقوى االستِ‬ ‫وغيرهم ‪ ،‬وإِ ِ‬
‫يك ِ‬ ‫روتستانت والكا ُثولِ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ُب‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نجحت هذه‬ ‫مع بداية مرحلة ال ُغثاء إلى ال َيو ِم داخ َل حظيرة األُ َّمة اإلسلامية ‪ ،‬وقد َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫يمنة االقتِ‬
‫هات مقابِ َل حصولِها عل�ى اله ِ‬ ‫الش�ب ِ‬ ‫ِ‬
‫صادية‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وفر َقت ُأ َّم َة التَّوحيد بِ ُّ ُ‬
‫السياس� ُة َّ‬
‫ِ‬
‫التضحية‬ ‫واألم�ن ُمقابِ َل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والدواء‬ ‫الغ ِ‬
‫�ذاء‬ ‫أس�باب ِ‬
‫ِ‬ ‫والسياس�ية ‪ ،‬وم�ا تالها ِمن ِ‬
‫تهيئة‬ ‫ِ‬

‫((( سنن الترمذي (‪. )2380‬‬

‫‪290‬‬
‫ِ‬
‫وركائ ِزه ‪.‬‬ ‫التقليدي‬ ‫األبوي‬ ‫ِ‬
‫المنهج‬‫بِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫والتحريش ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلثارة‬ ‫عناصرها المسيس� ُة و َغير المسي ِ‬
‫س�ة ُ‬
‫تعمل على‬ ‫ُ ُ َ َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ‬
‫وال زا َل ْت ِ‬
‫ِ‬
‫ناسبات ‪.‬‬ ‫والم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِخ ِ‬
‫الوسائل اإلعالمية والشعبية ُ‬ ‫الل‬

‫ِ‬
‫ونقض‬ ‫ٍ‬
‫بعض ‪،‬‬ ‫وفصل ِ‬
‫بعضها عن‬ ‫ُ‬ ‫مة بعدَ استِ ِ‬
‫عمارها ‪،‬‬ ‫سل ِ‬
‫عوب الم ِ‬
‫الش ِ ُ‬ ‫حجز ُّ‬
‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫التاريخ االس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�عوب‬ ‫اري إلى ُش‬ ‫عماري واالس�تهت ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تتحو َل َ‬
‫عبر‬ ‫اإلسلامي ؛ ل َّ‬
‫ِّ‬ ‫قرارها‬
‫ِ‬
‫والثقافة واإلعال ِم و َغ ِيرها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التربية والتعلي ِم‬ ‫تغيير ِ‬
‫مناه ِج‬ ‫ٍ‬
‫لمانية بِ ِ‬ ‫وش ِبه ِع‬‫لمانية ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِع‬

‫ِ‬
‫كالروس‬ ‫�عوب ش�رق أوروبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إلحاق ُش‬ ‫ومث َلما جرى بعدَ الحر َبين العالميتَين ِمن‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫اإلسالمية‬ ‫ِ‬
‫قاطعات‬ ‫الم‬ ‫والهرسك ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫ِ‬
‫وغيرها م َن ُ‬ ‫والبوسنة‬ ‫رب‬ ‫والمجر و ُبلغاريا ِّ‬
‫لمان�ي‬ ‫ك�ر ِ‬
‫الع‬ ‫ُّركي�ة بِ ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫لح�اق البِ ِ‬
‫لاد الت‬ ‫ِ‬ ‫�يوعي وإِ‬ ‫االش�تراكي ُّ‬
‫الش‬ ‫س�اب ًقا بِ ِ‬
‫الف ِ‬
‫ك�ر‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تحتضن الرؤى الكافِر َة وشبه الكافِ ِ‬
‫رة‬ ‫ِ‬ ‫سلمين‬ ‫الرأس�مالي ‪ِ ،‬مما أظهر أجيالاً ِمن الم ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ‬
‫عبر التجوي ِع والتطبي ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلن ِمن‬
‫ومثل هذا ما يجري إلى ِ‬ ‫‪ُ ،‬‬
‫اإلجباري َ‬
‫ِّ‬ ‫التنصير‬ ‫سياسة‬
‫ِ‬
‫المجاع�ات ‪ ،‬وما تب ُثه‬ ‫روب وضحايا‬‫الح ِ‬ ‫وم�ال ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وغيرها لضحاي�ا ُ‬ ‫والص‬
‫ف�ي إفريقيا ُّ‬
‫ِ‬ ‫س بِ‬
‫الم َس� َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫األوطان الم َ ِ ِ‬‫ِ‬ ‫التبش�ير ِ‬
‫ِ‬
‫النصرانية‬ ‫س�تذ َّلة م� َن اإللح�اق ُ‬ ‫ُ‬ ‫داخ َ�ل‬ ‫�ات‬
‫جمع َّي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحر ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َغ ِيرها ؛‬
‫والجماعات المضطرين إلى‬ ‫األفراد‬ ‫بعض‬ ‫ف ُ‬ ‫لينخر َط في سلكها ُ‬
‫ِ‬
‫واإليواء ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والشراب‬ ‫الطعا ِم‬
‫ِ‬
‫اإلفراط‬ ‫وم َن‬‫والتفريط ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلفراط‬ ‫فع َّلتُها الحقيقي ُة في‬ ‫وأم�ا حقيق ُة ُأم ِة محم ٍد ‪ِ m‬‬
‫علة األُ َّمة ‪:‬‬ ‫َّ ُ َّ‬
‫اإلفراط والتفريط‬ ‫وم َن‬ ‫ثل ذلِ َك ‪ِ ،‬‬‫التفريط ما ُيؤ ِّدي إلى ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫رك وال يثب ُت بِه ‪ِ ،‬‬
‫وم َن‬ ‫الش ِ‬ ‫بهة ِّ‬‫ما يؤدي إلى ُش ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ِ‬
‫الصنمية‬ ‫ِ‬
‫واآلثار‬ ‫ِ‬
‫األم�وات‬ ‫ِ‬
‫تقديس‬ ‫البعض من‬ ‫يقع فيه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اإلف�راط في االعتقادات م�ا ُ‬
‫عتقدَ عن حدِّ‬‫دون ال َّل ِه بِما يخرج الم ِ‬
‫الضر والنف ِع في أربابِها ِمن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ ُ‬ ‫القديم�ة ‪ ،‬واعتق�اد ُّ ِّ‬
‫الحك ِم على َمن ُي ِ‬
‫مار ُس مثل‬ ‫ِ‬
‫إصدار ُ‬ ‫أيضا في‬ ‫ُ‬
‫اإلفراط ً‬ ‫االعتِ ِ‬
‫دال المش�رو ِع ‪ ،‬ومث ُله‬

‫‪291‬‬
‫ِ‬
‫قادات((( ‪.‬‬‫هذه االعتِ‬

‫ِ‬
‫الدعوة إلى‬ ‫جوب تعلي ِم الم ِ‬
‫سلمين بِ ِ‬
‫نشر‬ ‫الحك ِم إلى ُو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومآل ِم ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ثل هذا اإلفراط في ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يس بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإصدار األحكا ِم‬ ‫والتش�ريك‬ ‫التكفير‬ ‫ال َّله بِالحكمة والموعظة والحس�نة‪ ..‬و َل َ‬
‫سبقة على ُعمو ِم األُ َّم ِة ‪.‬‬
‫الم ِ‬
‫ُ‬
‫الش�ك وس ِ‬ ‫والنظر إلى األُ َّم ِة بِ َع ِ‬ ‫والتفري�ط ه�و التجافي ِ‬
‫ُ‬
‫�وء الظ ِّن ‪،‬‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ين‬ ‫ُ‬ ‫الحق ‪،‬‬
‫عن ِّ‬
‫تحولت محبة‬
‫األولياء إلى‬
‫حرب عقدية حتى ((( كم�ن فس�ر حدي�ث (ذي َ‬
‫الخ َل َص�ة) المذكور في عالمات الس�اعة بقوله ‪ :‬ف�إن قبيلة دوس‬
‫المفرط في‬
‫ِّ‬ ‫وقع‬
‫وم�ا حولها م�ن العرب قد افتتنوا بذي الخلص�ة عندما عاد الجهل إلى تل�ك البالد فأعادوا‬
‫اإلعجاب باليهود‬
‫سيرتهما األولى ‪ ،‬وعبدوها من دون الله ‪ ...‬إلخ ما ذكره من تخريبها على يد دعاة التوحيد‬
‫والنصارى‬
‫«أشراط الساعة » ص‪/162‬يوسف عبدالله الوابل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمفرط بالطعن‬
‫أو كذلك ما فسره صاحب « إتحاف الجماعة » ص‪ 225‬جزء‪ ، 3‬فقال ‪ « :‬وقد وقع األمر‬ ‫فيهم واالستصغار‬
‫طب�ق م�ا أخبر به رس�ول الله ‪ m‬في هذا الحدي�ث ـ أي‪ :‬حدي�ث « ذي الخلصة » ـ وعظم‬
‫افتت�ان أه�ل تب�ال ومن حولهم م�ن القبائل بذي الخلص�ة وأعادوا س�يرتها األولى في زمن‬
‫الجاهلية ‪ ...‬إلخ » ‪ .‬إلى أن قال ‪ « :‬وزال االفتتان بها في زمن والية النجديين على الحجاز‬
‫ولم�ا زال�ت واليتهم عن الحجاز عاد الجهال إل�ى ما كانوا عليه من االفتتان بها ‪ ،‬حتى ولي‬
‫المل�ك عبدالعزيز على الحج�از وما حوله ‪ ،‬فبعث عامله على تلك النواحي فهدموا ما بقي‬
‫من بنائها ‪ ،‬ورموا بأنقاضها في الوادي ؛ فعفى بعد ذلك رسمها وانقطع أثرها » ‪.‬‬
‫قل�ت ‪ :‬وه�م قد فعل�وا خيرا بما هدموه من مظه�ر الجاهلية إال أن ه�ذا ال يرتبط بمفهوم‬
‫بعض المس�لمين ‪ ،‬وقد عممت‬
‫الش�رك ‪ ،‬وإنم�ا هو اإلفراط ف�ي االعتقاد ‪ ،‬وال�ذي يصيب َ‬
‫تهم�ة الش�رك في الجزيرة على كثير من مواقع قب�ور الصحابة وآل البيت ئ واألولياء‬
‫واعتبروه�ا عبادة لمظاهر الش�رك األكبر ‪ ،‬ولكن عند النظر الصحي�ح في النصوص وقراءة‬
‫فقه التحوالت وعالمات الس�اعة كما تحدث عنها من ال ينطق عن الهوى ‪ m‬فس�نجد أن‬
‫ما س�موه ش�ركا أكبر ـ وطه�روا منه الجزيرة ـ إنما ه�و اإلفراط مقابل ما وقع�وا هم فيه من‬
‫التفريط ‪ ،‬أما الشرك األكبر وظهور عبادة األوثان ـ ومنها ذو الخلصة والالت والعزى ومناة‬
‫وغيرها ـ فستعود مرة أخرى إلى الجاهلية بعد مرحلة عيسى ش ‪ ،‬كما نص عليها رسول‬
‫الله ‪.m‬‬

‫‪292‬‬
‫وآل الب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سل َم ِة فيما َبينَها ‪،‬‬
‫عوب الم ِ‬ ‫وإفساد ِع ِ‬
‫يت‬ ‫وتحويل مح َّبة األولياء فيها ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ ُ‬ ‫القة ُّ‬ ‫ُ‬
‫س�بب رد ِة ِ‬ ‫فر ُط بِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الف ِ‬
‫عل ـ‬ ‫ِ َّ‬ ‫الم ِّ‬
‫يقع ُ‬‫وحرب عقدية ُم َس َّيس�ة ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫ٍ‬ ‫ع�داوة‬ ‫النب�وي إلى‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫أفكارهم‬ ‫ِ‬
‫والنظر إل�ى‬ ‫اليه�ود والنصارى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تقدي�س وتعظي ِم‬ ‫قائ�م َ‬
‫اآلن ـ في‬ ‫كم�ا هو‬
‫ٌ‬
‫ونفض ِ‬ ‫ِ‬
‫اليد‬ ‫صغار لِألولياء ُ‬ ‫ُ‬
‫ين التعظي ِم ‪ ،‬ويقابِ ُله النقدُ والطعن واالس�تِ‬
‫ُ‬ ‫لومهم بِ َع ِ‬ ‫و ُع ِ‬

‫�ره بِالمصالِ ِح‬ ‫ِ‬


‫ومظاه ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالح‬ ‫ووصف‬
‫ُ‬ ‫ؤم�ن صالِ ٍح ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫االعتقاد في ك ُِّل ُم ٍ‬ ‫تما ًم�ا ِ‬
‫ع�ن‬
‫وغير ذلِ َك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والشعوذة ِ‬ ‫ِ‬
‫والح َي ِل‬

‫ٍ‬
‫بعض‬ ‫ح�ق ِ‬
‫بعضنا على‬ ‫ف َّ‬ ‫نتوب إل�ى ال َّل ِه ِ‬
‫ونعر َ‬ ‫الخي�ر لن�ا جمي ًعا أن َ‬‫ِ‬ ‫والخي�ر ك ُُّل‬
‫ُ‬
‫والتفريط ‪ ،‬وكفى بِال َّل ِه ول ًّيا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلفراط‬ ‫ِ‬
‫أحي�ا ًء وأمواتًا ‪ ...‬وم�ن َث َّم ُي َّ‬
‫صح ُح في الجمي ِع‬
‫وكفى بِال َّل ِه شهيدً ا‪..‬‬

‫ٍ‬
‫ستجيب ؟‬ ‫فهل ِمن ُم‬

‫( ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ) [األنفال ‪. ]24 :‬‬

‫الف ِ‬
‫حش‬ ‫ِ‬
‫الأجهزةُ الإعلاميةُ ووسائلُ ُ‬
‫وسائل الفحش‬
‫عالمة صغرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظهور‬
‫ُ‬ ‫الش�ريفة‬ ‫األحادي�ث‬ ‫المش�ار إليه�ا في‬ ‫وم� ْن َعلاَ َم�ات الس�اعة ُّ‬
‫الص ْغ َرى‬
‫مسعود ؤ‬‫ٍ‬ ‫عن ِ‬
‫ابن‬ ‫الحديث ِ‬
‫ُ‬ ‫الخ ُلق‪ ،‬وإلى ذلك ُي ِش ُير‬ ‫ِ‬
‫وسوء ُ‬ ‫ش‬‫والتفح ِ‬ ‫ِ‬
‫الفحش‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«إن ِمن‬
‫الخ ُل ِق ُ‬
‫وس�و ُء‬ ‫وس�و ُء ُ‬
‫والتفح ُش ُ‬
‫ُّ‬ ‫يظه�ر ال ُف ُ‬
‫حش‬ ‫َ‬ ‫الس�اعة أن‬ ‫أش�راط‬ ‫َ‬
‫ق�ال ‪َّ :‬‬
‫الج ِ‬
‫وار»(((‪.‬‬ ‫ِ‬

‫اإلعالمية ِم َن األفال ِم‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األجه�زة‬ ‫الحديث إش�ار ٌة إلى م�ا تب ُّثه العديدُ ِم َن‬
‫ِ‬ ‫وف�ي هذا‬
‫دور األجهزة‬
‫الصرا ِع‬ ‫ِ‬ ‫ح�ش ال َق ِ‬
‫ِ‬ ‫يحص ُ�ل ِمن ُف‬ ‫ٍ‬ ‫الخليع�ة ِم�ن‬
‫ِ‬ ‫والص ِ‬
‫اإلعالمية في‬ ‫ول في وص�ف ِّ‬ ‫جانب‪ ،‬وما ُ‬ ‫�ور‬ ‫ُّ‬
‫إظهار الفحش‬
‫والتفحش‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪. )38703‬‬

‫‪293‬‬
‫جهة ُأخرى((( ‪،‬‬ ‫البعض ِمن ٍ‬ ‫هم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وتناول بعض ُ‬
‫ُ‬ ‫كومات‬ ‫والح‬
‫فتع�ل َبي َن الجماعات ُ‬ ‫الم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للتشويه‬ ‫ِ‬
‫نوحات‬ ‫والج‬ ‫ِ‬ ‫خابية واس�تِ ِ‬
‫ِ‬ ‫البرامج االنتِ‬
‫ِ‬ ‫إ َّما في اإلعال ِم أو في‬
‫غالل األخطاء ُ‬
‫ور واألفال ِم‬‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫عرض ُّ‬ ‫العنكبوتية ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�بكة‬ ‫ِ‬
‫أجهزة‬ ‫‪ ،‬ومن ذلك ما ُيس�تخدَ ُم في‬
‫وفتح المواق ِع الخاص ِة لِذلِ َك ‪ ،‬وح ِ‬ ‫الماج ِ‬
‫ِ‬
‫أولئك القائمين ع َليها‬
‫َ‬ ‫التواص ِل َ‬
‫مع‬ ‫ُ‬ ‫رية‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ن�ة ِ‬
‫ِ‬
‫والمال ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشرف‬ ‫ِ‬
‫وإضاعة‬ ‫ِ‬
‫الجدل‬ ‫ِ‬
‫وإثارة‬ ‫ِ‬
‫األجيال‬ ‫ِ‬
‫إلفساد‬ ‫‪،‬‬

‫ِ‬
‫وأقراص‬ ‫األسواق ِم َن األفال ِم‬
‫ِ‬ ‫شاع في‬
‫باع و ُي ُ‬
‫ش ‪ :‬ما ُي ُ‬‫والتفح ِ‬
‫ُّ‬ ‫حش‬ ‫ِ‬
‫ظواه ِر ال ُف ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن‬
‫من ظواهر‬
‫ِ‬
‫الماجنِ‬ ‫والسحر والرقصِ‬ ‫ِ‬ ‫عب والدِّ ِ‬
‫ماء والعنفِ‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الفحش ما يباع األجهزة الحديثة الحاملة ل ُصور ُّ‬
‫راقبة ِمن أي ِج ٍ‬
‫وف أو م ٍ‬ ‫دون َخ ٍ‬ ‫سر وس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ويشاع في األفالم‬
‫هة‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫هولة َ‬ ‫الشباب والناشئة ع َليها ب ُي ٍ ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وحصول‬ ‫‪،‬‬ ‫والمالبس‬
‫ِ‬
‫المرذول ‪.‬‬ ‫رسمية في ِ‬
‫الواق ِع‬ ‫ٍ‬ ‫رسمية أو ِ‬
‫شبه‬ ‫ٍ‬

‫خول‬ ‫ِ‬
‫والبن�ات عل�ى ُد ِ‬ ‫ِ‬
‫األوالد‬ ‫تش�جيع‬ ‫والتفح ِ‬
‫�ش‬ ‫ِ‬
‫ح�ش‬ ‫أن ِم�ن ُص ِ‬
‫�ور ال ُف‬ ‫كم�ا َّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫من ظواهر‬
‫أن هذا جزء ِمن حياةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرق�ص الخلي ِع ومواق ِع االختالط الماج ِن ‪ ،‬والتع ُّل َ�ل بِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفحش مشاركة أندي�ة‬
‫ُ ٌ‬
‫جيل الم ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجيل في األندية‬
‫س�لمين إلى هذه‬ ‫دفع بِالعش�رات والمئ�ات من ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫�عوب وثقافته�ا ‪ ،‬م َّم�ا َ‬ ‫ُّ‬
‫الش‬ ‫المختلطة‬
‫ِ‬
‫الثقافة‬ ‫يتجز ُأ ِمن‬
‫سلمين جز ًءا ال َّ‬‫الد الم ِ‬ ‫بعض بِ ِ‬‫ِ‬ ‫ت ال َيو َم في‬ ‫واألندية ‪ .‬وغدَ ِ‬
‫ِ‬ ‫المعاه ِد‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫البلاد إلى َأ ْق َصى‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫والتفح ِ‬
‫ش ا ْمتَ�دَّ ْت في‬ ‫ِ‬
‫ح�ش‬ ‫إن ثقاف َة ال ُف‬ ‫عاص ِ‬
‫�رة ‪ ،‬ب�ل َّ‬ ‫الم ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫العدل‬ ‫ِ‬
‫الشاهدَ‬ ‫ِ‬
‫المرحلة ‪َّ .‬‬
‫ولعل‬ ‫ِ‬
‫ظواه ِر‬ ‫رة ِمن‬ ‫كظاه ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ماعية‬ ‫اإلعالمية واالجتِ‬
‫ِ‬ ‫درجاتِها‬
‫حقائق ما ُيذك َُر‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء الرافضين‬ ‫يكذب ِعندَ‬ ‫�ت ِ‬
‫العبار ُة ـ والرائدَ الذي ال‬ ‫ـ إذا صح ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬

‫((( أو م�ا يفعل�ه بع�ض المنس�وبين لم�دارس القب�ض والنقض من ص�ور إعالمي�ة وتعليقات‬
‫انتقائية ‪ ،‬هدفها تش�ويه عقائد المس�لمين ورميهم بالش�رك والكفر ‪ ،‬وإثب�ات ذلك فيهم مع‬
‫إس�قاط وتنزيل اآلي�ات واألحاديث على ما ينتق�ى من الصور والمظاه�ر المفرطة ‪ ،‬والتي‬
‫ترسخت غالبا في مراحل التحوالت السياسية واالجتماعية القبلية ذات االرتباط بالتسييس‬
‫االستعماري وما تاله ‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫ِ‬
‫إعالمهم ‪ .‬هذا‬ ‫ِ‬
‫أجهزة‬ ‫ِ‬
‫المعروضة في‬ ‫ومس�ار ِحهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأفالمهم‬ ‫عن حالِهم وأحوالِهم‬
‫عن‬‫والناهين ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المع�روف‬ ‫ِ‬
‫وبصر اآلمرين بِ‬ ‫المس�موح بِه أما َم س�م ِع‬
‫ِ‬ ‫في الحدِّ األدنى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكر ‪ .‬أما بقي ُة الم ِ‬
‫الطموحة فالمسأل ُة‬ ‫والمؤسسات‬ ‫المفتوحة‬ ‫األنظمة‬ ‫سلمين في‬ ‫ُ‬ ‫الم ِ َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والتعليل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوصف‬ ‫أكبر ِمن حج ِم‬
‫ُ‬
‫بعض الم ِ‬ ‫داخ َ�ل ِ‬ ‫الكبائ�ر ِ‬
‫ِ‬ ‫والمعاص�ي واس�تِ َ‬
‫س�لمين‬ ‫ِ ُ‬ ‫أقبية‬ ‫حالل‬ ‫َ‬ ‫ح�ش‬ ‫إن ال ُف َ‬
‫ب�ل َّ‬
‫للديانة واإلسلا ِم ِم َّما‬
‫ِ‬ ‫يعك ُس حال ًة ِم َن التر ِّدي‬
‫الش�خصية ِ‬
‫ِ‬ ‫وبيوتِهم واس�تراحاتِ ِه ُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المجتم ِع‬ ‫ُيؤ ِّدي إلى ُحصول الخس�ف والق�ذف والرجف والزالزل المؤ ِّث�رة على ُ‬
‫جود الصالحين ‪ ،‬وها نحن ال َيو َم نش�هدُ‬ ‫المعتقد وو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سلامة‬ ‫النظر عن‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صرف‬ ‫ُك ِّل�ه بِ‬
‫ُ‬
‫القريبة ِم�ن األراضي المقدَّ ِ‬
‫س�ة وفي‬ ‫ِ‬ ‫بعض البِق�ا ِع‬‫ِ‬ ‫وال�زالز ِل في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرج�ف‬ ‫ِ‬
‫مظاه َ�ر‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واستحالل الحر ِ‬
‫مات ‪ ،‬سوا ٌء‬ ‫ِ‬ ‫الربا‬ ‫ِ‬ ‫الد ؛ نتيج َة المعاصي وال ُّظل ِم‬ ‫غيرها ِمن البِ ِ‬
‫ِ‬
‫ُُ‬ ‫وأكل ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الثقافية‬ ‫ِ‬
‫مظاه ِرها‬ ‫ِ‬
‫الخاصة ‪ ،‬أو تش�جي ِع‬ ‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫ِ‬
‫بوجودها ِضم َن‬ ‫التجاه ِر بها علنًا أو‬ ‫بِ‬
‫ُ‬
‫كوت ِ‬
‫أهل‬ ‫وثمرات األقال ِم ‪ ،‬وس ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعروضات ِم َن األفال ِم‬
‫ِ‬ ‫واإلعالمية المرو ِ‬
‫جة في‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫نكر عن ذلِ َك ‪ ،‬س�واء ً ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫والنهي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر بِ‬
‫الرضى‬ ‫برضى منهم أو بعد ِم ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫عن ُ‬ ‫ِ‬ ‫المعروف‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪m‬‬
‫َ‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ِمنهم عن ذلِ َك ‪ ،‬وإلى ِم ِ ِ‬
‫ثل ذل َك ُي ُ‬
‫ش�ير‬
‫الرج ُل‬
‫وأطاع ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الدين ‪،‬‬ ‫�ذ ال َف�ي ُء ُدولاً ‪ ،‬واألمان ُة مغر ًما ‪ ،‬و ُت ُع ِّل َم لِ َغ ِ‬
‫ي�ر‬ ‫ُّخ َ‬‫ق�ال ‪« :‬إذا ات ِ‬
‫َ‬
‫المس�اج ِد‬
‫ِ‬ ‫األصوات في‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫وعق أم�ه ‪ ،‬وأدنى صدي َقه وأقص�ى أباه ‪ ،‬وظهر ِ‬
‫َ‬ ‫امرأتَ�ه َّ َّ‬
‫وس�اد القبيل� َة ِ‬
‫ش�ره ‪،‬‬‫الرج ُل مخاف َة ِّ‬‫زعي�م القو ِم أرذ َله�م ‪ ،‬و ُأك ِْر َم ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫فاس� ُقهم ‪،‬‬ ‫َ‬
‫آخر هذه األُم ِ‬
‫ِ‬ ‫�رب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وظه�ر ِ‬
‫�ة َّأو َلها ؛‬ ‫َّ‬ ‫مور ‪ ،‬ولع� َن ُ‬
‫الخ ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫وش ِ َ‬
‫ف‪ُ ،‬‬ ‫والمعاز ُ‬ ‫ت ال َق ُ‬
‫ين�ات‬ ‫َ‬
‫بال ُقطِ َع‬
‫تتتابع كنِظا ٍم ٍ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وآيات‬ ‫ومسخا وقذ ًفا‬
‫ً‬ ‫ريحا حمرا َء وزلزل ًة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫فليرتقبوا عندَ ذل َك ً‬
‫فتتابع»((( ‪.‬‬
‫َ‬ ‫سلكُه‬

‫((( سبل الهدى والرشاد (‪. )671 : 10‬‬

‫‪295‬‬
‫واإلسلامي ‪،‬‬ ‫العربي‬ ‫لاد العال ِم‬ ‫الظواه ِر في بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫الكثير ِمن ه�ذه‬ ‫وه�ا نحن نش�هدُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫بعضها ‪ ،‬والعيا ُذ بِال َّل ِه ‪.‬‬ ‫ومنها ما اجتمع ْت فيه ُك ُّلها ‪ِ ،‬‬
‫ومنها ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫تشخيصها‪ ،‬وقد‬ ‫وضوح الحال َة المرضي َة في األُ َّم ِة بعدَ‬
‫ٍ‬ ‫ف ُب‬
‫يكش ُ‬ ‫الت ِ‬‫إن فِقه التحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬
‫الغازية‬ ‫ِ‬
‫الثقافة‬ ‫إلنج�اح تغل ُغ ِل‬
‫ِ‬ ‫تنوع َة‬ ‫المن ِّفذون ف�ي األُ َّم ِة يلعبون‬ ‫َ‬
‫الم ِّ‬
‫األدوار ُ‬
‫َ‬ ‫ع�اش ُ‬
‫عن‬‫ول َم�ن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫كظاه ٍ‬
‫�رة تُؤ ِّكدُ َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألس�ف ‪،‬‬ ‫مرحل� ًة بع�دَ ُأخ�رى ـ وال زالوا ـ ولِ‬

‫الهوى ‪. m‬‬

‫شرب الخم ِر واستِحلالِها‬


‫ُ‬ ‫شرب الخمر‬
‫وش�ربِها لِما روى اإلمام م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واستحاللها‬
‫سل ٌم في‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫الخمر ُ ْ‬ ‫الص ْغ َرى ُف ُش ُّ‬
‫�و‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫عالمة صغرى‬
‫يقول ‪ِ :‬‬
‫«من‬ ‫�ه ‪ُ m‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫َ‬ ‫عت‬ ‫قال ‪ِ « :‬‬
‫س�م ُ‬ ‫بن مالِ ٍك ؤ َ‬ ‫أنس ِ‬
‫صحيح�ه عن ِ‬ ‫ِ‬

‫الخمر ‪.((( »...‬‬ ‫شر َب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫وذكر منها «و ُي َ‬
‫َ‬ ‫الساعة ‪» ...‬‬ ‫أشراط‬

‫الخمر باس ٍم ُ‬
‫يسمونها إياه »((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لتستح َل َّن طائف ٌة ِمن ُأ َّمتي‬
‫ِ‬ ‫آخر ‪« :‬‬ ‫ٍ‬
‫وفي حديث َ‬

‫�ق ع َليه�ا ف�ي‬ ‫العق�ل وخال َط�ه ‪ ،‬و ُيط َل ُ‬


‫َ‬ ‫خام�ر‬
‫َ‬ ‫اس�م لِم�ا‬
‫ٌ‬
‫والخم�ر ف�ي ال ُّل ِ‬
‫غ�ة ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ظاهرة تغيير اسم‬
‫ٍ‬
‫الروحية ‪ ،‬وقد كانَت في ُعصور س�ل َفت‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫المش�روبات ُّ‬
‫ُ‬ ‫الخمر وشربها زمانن�ا هذا عد ُة أس�ماء منها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسلِمين‬
‫ين ُ‬‫َب َ‬
‫�ل التطبي ِع‬ ‫لال مراح ِ‬ ‫اإلسلامي ‪ ،‬ولكنَّها خ َ‬
‫ِّ‬ ‫ش�ي ًئا غري ًب�ا وفعًل�اً ُمري ًبا ف�ي العال� ِم‬
‫ِ‬
‫القادة‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫صار ْت ُسلوكًا ُمعتا ًدا لدى‬ ‫االس�تِعماري واالستِ‬
‫واالس�تثماري َ‬
‫ِّ‬ ‫هتاري‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والتمثيل ‪ ،‬إلاَّ‬ ‫الغ ِ‬
‫ن�اء‬ ‫صاة ‪ ،‬والفنَّانين ونُجو ِم ِ‬ ‫والفس�قة والع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحائ ِ‬
‫رين ‪،‬‬ ‫والمثقفي� َن‬
‫ُ‬
‫من ِ‬
‫رح َم ال َّل ُه ‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( مسلم (‪. )6956‬‬


‫((( مسند أحمد (‪. )23377‬‬

‫‪296‬‬
‫ِ‬
‫اعتبارها مش�رو ًبا‬ ‫الس�اعة اس�تِحال َلها ـ أي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫أن ِمن‬ ‫النبي ‪َّ m‬‬
‫أخبر ُّ‬ ‫وقد َ‬
‫حاللاً ال إِثم ع َل ِيه ‪ ،‬وال حرم َة في تعاطيه ـ ِمما يترتَّب ع َل ِيه المجاهر ُة بِشربِها وات ِ‬
‫ِّخاذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وترويجها((( ‪.‬‬ ‫والحوانيت لِب ِ‬
‫يعها‬ ‫ِ‬ ‫المصان ِع‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫خامرة‬ ‫تدخ ُ�ل َ‬
‫تحت معنى ُم‬ ‫رات) ‪ ،‬وهي ُ‬
‫(المخدِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ويليه�ا في االنتِ ِ‬
‫ترويج‬ ‫والترويج ُ‬ ‫ش�ار‬
‫المخدرات‬ ‫التحريم وال ُعقوب ُة وإقام ُة الحدِّ‬
‫ُ‬ ‫الخمر ِمن ُ‬
‫حيث‬ ‫ِ‬ ‫كم‬
‫كمها ُح ُ‬ ‫وح ُ‬ ‫ِ‬
‫واإلس�كار ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫العقل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الشرعي على ِ‬
‫صارت إحدى‬ ‫شاربها ‪ ،‬وقد ابتُل َيت بِال ُد ُ‬
‫المسلمين بهذه الع َّلة ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫ِّ‬
‫بع�ض القائمين على ُمحاربتِه�ا هم ُر َّوا ُد‬
‫صار ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫مش�اكلها االجتماعي�ة الخطرة ‪ ،‬بِل َ‬
‫ِ‬
‫المغلوبة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وطان‬ ‫ِ‬
‫وتصديرها في األَ‬ ‫ِ‬
‫استيرادها‬ ‫وحما ُة‬ ‫ِ‬
‫تسويقها ُ‬
‫وش ِ‬ ‫ِ‬ ‫إس�قاط ح ِ‬ ‫انحدارا في بِ ِ‬
‫الد اإلسلا ِم ُك ِّلها‬ ‫وكفى ِ‬
‫إسقاط الحدود‬
‫رب‬ ‫كالسرقة ُ‬ ‫دود المعاصي‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬
‫الشرعية تبعا‬ ‫ِ‬
‫اإلنس�ان‬ ‫ِ‬
‫حقوق‬ ‫المطالِ ِ‬
‫ب بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزنا ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬والتخو ُ ِ‬
‫ف من هيمنة الكاف ِر ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫الخم�ر وحدِّ ِّ‬
‫لرغبة جمعيات‬ ‫ِ‬ ‫الس�ار ِق والزان�ي ـ واعتبار الح ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫الش�رعية ُحري ًة ش�خصي ًة ِ‬
‫يج ُ‬ ‫دود‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫حماي�ة‬ ‫ـ أي‪ :‬بِ‬
‫حقوق اإلنسان‬
‫ب ِعندَ‬ ‫ِ‬
‫الواج ِ‬ ‫الش�رعي‬
‫ِّ‬
‫دون ِ‬
‫إقامة الحدِّ‬ ‫عاملة م�ع م ِ‬
‫رتكبيه�ا ‪َ ،‬‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫وحس� ُن ُ‬‫تنظيمه�ا ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الجريمة ‪.‬‬ ‫ُث ِ‬
‫بوت‬
‫أسباب االستِ ِ‬
‫غراق‬ ‫َ‬ ‫صادي و َغ َيره قد ه َّي َأ‬
‫َّ‬
‫الخلل التربوي والثقافي واالقتِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ويبدو َّ‬
‫أن‬
‫َّ‬
‫تحت‬ ‫المقارف�ة لها بين الم ِ‬
‫س�لمين َ‬ ‫ِ‬ ‫�ع دائر َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ووس َ‬ ‫ف�ي هذه االنحراف�ات الخطيرة ‪َّ ،‬‬
‫الهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالكتئاب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�يطانية ِ‬
‫وح َي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تبري�رات َش‬
‫وش�مول ِّ‬ ‫كالقل�ق‬ ‫نفس�انية ‪...‬‬ ‫إبليس�ية‬ ‫�ل‬
‫ِ‬
‫المعاذير التي‬ ‫وغيرها ِم� َن‬ ‫الواق� ِع ِ‬‫ض�ات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المش�اك ِل وتنا ُق‬ ‫�روب ِم َن‬
‫ِ‬ ‫واله‬
‫والضي�ق ُ‬ ‫ِ‬

‫ُّفوس لِ ُشربِها ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫عاف الن‬ ‫صارت ذرائع لدى ِض ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫((( وق�د ظه�رت ه�ذه الحالة بش�كلها المتميز والمنتش�ر من�ذ بداي�ات عهد االس�تعمار وتأثر‬
‫المس�لمين بالحض�ارة األروبية واختالط المس�لمين به�م من خالل البعثات والدراس�ات‬
‫والثقافات واالرتباطات السياسية واالقتصادية ‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫رب الما ِل‬ ‫ِ‬
‫تعظيم ِّ‬ ‫ِ‬
‫ظاهرةُ‬ ‫تعظيم أرباب‬

‫رب‬ ‫ِ‬
‫الزمان بين الم ِ‬ ‫شار إ َليها في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األعمال ورجال‬
‫تعظيم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫سلمين‬ ‫َ َ ُ‬ ‫وم َن العالمات الصغرى ُ‬ ‫المال عالمة‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الم�ال ‪ ،‬وور َدت ه�ذه الظاهر ُة ضم َن مجموعة م َن الظواه ِر التي ت ُ‬
‫ُصاب بها األُ َّم ُة ‪،‬‬ ‫صغرى‬
‫الطيالسة ‪ ،‬وك ُثر ِ‬
‫ت التِّجار ُة وك ُث َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫َ‬ ‫الزمان ك ُث َر ُل ُ‬
‫بس‬ ‫ُ‬ ‫اقترب‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حديث ‪ « :‬إذا‬ ‫ومنها‬
‫المال بِمالِه ‪ ...‬إلخ »((( ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رب‬‫‪ ،‬و ُع ِّظ َم ُّ‬
‫ِ‬
‫الكعبة ُث َّم َ‬
‫أقبل على‬ ‫أخذ بِحلقتَي ِ‬
‫باب‬ ‫النبي ‪ِ m‬حج َة الودا ِع َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حج ُّ‬‫وحديث ‪ « :‬لما َّ‬
‫ِ‬
‫القيامة‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫القيامة ؟ إِ َّن ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫الناس أال ُأخبِ ُركم بِ‬ ‫ِ‬
‫الن�اس ‪َ ،‬‬
‫فق�ال ‪ :‬يا أ ُّيها ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المال‪...‬‬ ‫رب‬
‫وتعظي�م ِّ‬
‫ُ‬ ‫م�ع الهوى ‪،‬‬‫والم ُيل َ‬
‫ِّباع الش�هوات ‪َ ،‬‬ ‫إماتَ� ُة الصل�وات ‪ ،‬وات ُ‬
‫ِ‬
‫الساعة‬ ‫ِ‬
‫أشراط‬ ‫إن ِمن‬
‫آخ َر ـ رواه اب ُن مردويه وفيه ‪َّ « :‬‬ ‫ٍ‬
‫طريق َ‬ ‫وحديث ـ ِمن‬
‫ٌ‬ ‫إلخ»((( ‪.‬‬
‫تداخل العالمات‬
‫ِ‬ ‫والم ُيل إلى الهوى ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المال » ‪.‬‬ ‫رب‬
‫وتعظيم ِّ‬
‫ُ‬ ‫إضاع ُة الصالة ‪َ ،‬‬ ‫المؤدية إلى‬
‫تعظيم رب المال‬
‫ِ‬
‫الناس فقد ح َّلت‬ ‫وشدَّ تَها ‪ ،‬ومع و ِ‬
‫جودها َبي َن‬ ‫ت اليوم أوجها ِ‬ ‫الظاهر ُة قد بل َغ ِ‬
‫ِ‬ ‫وهذه‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫قبل ِمن تعظي ِم الصالِحين ِم َن‬‫كان ِمن ُ‬‫آخ َ�ر ‪ ،‬وهو ما َ‬‫أمر َ‬ ‫عل�ى ما يبدو ُمقابِ َل ضيا ِع ٍ‬
‫ِ‬ ‫تأخرين الذين اشتغلوا باستِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األولياء ِ ِ‬
‫نقاص‬ ‫ورجال األحوال ‪ ،‬ولع َّلها ُعقوب ٌة على ُ‬
‫الم ِّ‬
‫وأطم ‪ ،‬وهو‬ ‫ُ‬
‫البديل له�ا أنكى‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫عقائدهم وأحوالِهم ؛‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والطعن ف�ي‬ ‫�ه‬ ‫ِ‬
‫أولي�اء ال َّل ِ‬
‫َّ‬
‫المتو ِّلي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫رب المال هي ـ ذاتُها ـ ُ‬‫صارت مدرس ُة تعظي ِم ِّ‬
‫رب المال لماله ‪ .‬بل َ‬
‫تعظيم ِّ‬ ‫ُ‬
‫هات المتنو ِ‬ ‫الش�ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫تحقي�ر الصالِحي�ن ِ‬
‫عة ‪،‬‬ ‫ُ ِّ‬ ‫األح�وال بِما تتناول�ه عنهم م� َن ُّ ُ‬ ‫ج�ال‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األولياء‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫وفروعها ِ‬ ‫ِ‬
‫المدرسة‬ ‫ِ‬
‫كتابات هذه‬ ‫ِ‬
‫خرجات‬ ‫رتاب فيما ُ‬
‫نقول ُم‬ ‫ِ‬
‫الم ُ‬‫وسيجدُ ُ‬

‫((( المستدرك للحاكم (‪. )5465‬‬


‫((( ع�ن اب�ن عب�اس ؤ ‪ ،‬رواه القاضي أب�و الفرج المعافي ب�ن زكريا في كتاب�ه « الجليس‬
‫واألنيس » ‪ ،‬وهو ضعيف ‪ ،‬ولبعضه شواهد ‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫ِ‬
‫األولياء و َمن‬ ‫الكبير تشوي ُه‬ ‫وهمها‬ ‫ِ‬ ‫نتش�ر ًة في المكاتِ ِ‬
‫والصالِحين م ِ‬
‫ُ‬ ‫ب واألس�واق‪ُ ..‬‬ ‫ُ‬
‫�رة حتَّى جعلوها‬ ‫الظاه ِ‬
‫ِ‬ ‫وزارهم ‪ ،‬بل زا َد تفنُّنُه�م في ِ‬
‫ثلب هذه‬ ‫أح َّبه�م وتع َّل َ‬
‫�ق به�م َ‬
‫غاثات واالستِشفا ِع‬
‫ِ‬ ‫الت واالس�تِ‬
‫س�لمين ِمن التوس ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫بعض الم ِ‬
‫ُ‬ ‫أكبر بِما يفع ُله ُ‬
‫ش�ركًا َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫صار األوليا ُء الصالحون‬ ‫اعتبرتها هذه المدرس ُة عملاً شرك ًّيا خال ًصا ‪ ،‬وبهذا َ‬ ‫حيث َ‬ ‫ُ‬
‫ش�ركين‬ ‫طواغي�ت وأصنا ًم�ا ‪ ،‬والزائرون ُم ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫والقبض‬ ‫ِ‬
‫النق�ض‬ ‫ِ‬
‫مدرس�ة‬ ‫ِ‬
‫قام�وس‬ ‫ف�ي‬
‫تعظيم‬
‫ُ‬ ‫اآلخ ِر ‪ ،‬وهو‬‫البديل َ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ص�ول‬ ‫وكان بهذا ُح‬ ‫َ‬ ‫وكفر ًة((( ‪ ،‬وال ُعلما ُء س�دن ٌة وكهن ٌة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫مقامات‬ ‫وتعظيم‬ ‫ِ‬
‫واألعم�ال»‬ ‫ِ‬
‫«المال‬ ‫الم�ال ‪ ،‬ممن ُيس�مون في زمانِنا بِ ِر ِ‬
‫ج�ال‬ ‫ِ‬ ‫رب‬
‫رفض تعظيم‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫والش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب ِ‬
‫�بهة ‪ ،‬األولياء وأهل‬ ‫الربا ُّ‬ ‫مش�وب بِ ِّ‬
‫ٌ‬ ‫أن َ‬
‫المال‬ ‫مع َّ‬ ‫األموال وال ُبورصات َ‬ ‫حركة‬ ‫ومواق ِع‬ ‫ن�وك‬ ‫ُ‬
‫ِ األحوال أدى إلى‬ ‫ِ‬ ‫ورة الر ِ‬ ‫دم�ة للدَّ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫خرجات ِ‬
‫ِ‬
‫وخاص�ة في مجاالت البديل المناسب‪:‬‬
‫َّ ً‬ ‫العالمية ‪،‬‬ ‫بوي�ة‬ ‫ِّ‬ ‫خ�رج ِم�ن ُم‬ ‫ٌ‬ ‫و ُم‬
‫�رة ِ‬ ‫عاص ِ‬‫�ل الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االس�تِ‬
‫يعتمدون ظاهرة تعظيم‬
‫المس�لمون في المراح ِ ُ‬ ‫ص�ار ُ‬ ‫َ‬ ‫ثمارات الكُب�رى ‪ ،‬بل‬
‫رجال المال‬
‫عة ولو‬‫ثمارات المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫مج�ال االس�تِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألعمال في‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫اعتِم�ا ًدا كُل ًّي�ا على ِر ِ‬
‫ج�ال‬
‫واألعمال‬ ‫ُ ِّ‬
‫ثمار ‪ ،‬وكفى‬ ‫األس�باب لِترغيبِهم في االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�هلون لهم كا َّف َة‬ ‫المس�لمين‪ُ ،‬ي ِّ‬
‫ِ‬
‫من َغير ُ‬
‫ِ‬

‫واإلسالمي ُح َّج ًة‪.‬‬ ‫العربي‬ ‫الحظة الواق ِع‬ ‫ِ‬ ‫بِ ُم‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫وخدْ ماتِه واس�تِثماراتِه‬ ‫ومصارفِه ِ‬


‫ِ‬ ‫كالمال الح�را ِم‬‫ِ‬ ‫البدائل األُخ�رى‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫لق�د ص�ار ِ‬
‫َ‬
‫بوية و ُعلمائها وقادتِها‬ ‫المدرس�ة الر ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ويتعامل بها كا َّف ُة أتبا ِع‬ ‫ُصور ًة حضاري ًة يتناو ُلها‬
‫وسن َِّة نب ِّيه‬ ‫وال حرج في ذلِ َك وال ريب ‪ ،‬بل ال يستطيع أكثرهم ِحرصا على ِك ِ ِ‬
‫تاب ال َّله ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫والشراكة‬ ‫األسه ِم‬ ‫ِ‬
‫عامالت‬ ‫ِ‬
‫وترويج ُم‬ ‫المدرسة الر ِ‬
‫بوية‬ ‫ِ‬ ‫غيان‬ ‫ِ‬
‫س�اكنًا أمام ُط ِ‬ ‫حر َك‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن ُي ِّ‬

‫((( مع أن مسألة التوسل واالستشفاع واالستغاثة في منهج اإلسالم على ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫‪ . 1‬واجبة بالله وأسمائه وصفاته ‪.‬‬
‫‪ . 2‬جائزة باألعمال الصالحة والذوات الحية ‪.‬‬
‫‪ . 3‬مختلف عليها بالذوات الميتة ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫المشبوهة (يسمونها بِ َغ ِير ِ‬
‫اسمها) وكأنما هي قد كانَت على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتأمينات‬ ‫ِ‬
‫صادية‬‫االقتِ‬
‫ُ ُّ‬
‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬وأصحابِه !‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عهد‬

‫هور المعا ِز ِف واستِحلالُها‬


‫ُظ ُ‬ ‫ظهور المعازف‬
‫ِ‬ ‫از ِ‬
‫الم َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واستحاللها‬
‫آالت المالهي‬
‫ف هي ُ‬
‫والمعاز ُ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫ور َ‬‫الص ْغ َرى ُظ ُه ُ‬
‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫عالمة صغرى‬
‫زمار ِ‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫والطنبور ِ‬
‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫كالع ِ‬
‫ود‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ظهرت ف�ي أزمان ُمتع�دِّ دة ولكنَّها ف�ي ُأخريات الزم�ان َ‬
‫أكثر‬ ‫وه�ذه العالم ُة ق�د َ‬
‫كثيرة ِمنها ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫انتِشارا وأثرا وتأثيرا ِمن حيثي ٍ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ينات والفنَّانين والفن ِ‬
‫َّانات تب ًعا للتأ ُّث ِر‬ ‫الثقافية بِال َق ِ‬
‫ِ‬ ‫األنظمة والمؤس ِ‬
‫سات‬ ‫ِ‬ ‫ •اعتِنا ُء‬
‫َّ‬ ‫بناء المؤسسات‬
‫ألم ِم الذي‬ ‫نس االستِتبا ِع لِ ُ‬
‫وهو ِمن ِج ِ‬
‫واالس�تثماري ‪ُ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫عماري‬
‫ِّ‬
‫بِالعال ِم االس�تِ‬ ‫الثقافية‬
‫المخصصة‬
‫حم ٍد ‪. m‬‬ ‫ِ‬
‫يظهر في ُأ َّمة ُم َّ‬
‫ُ‬ ‫للفنون‬

‫والمث َّقفين ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ •ازديا ُد ش�عبية وجماهيرية نُجو ِم الف ِّن كما ُي َّ‬
‫س�مون لدى الع�وا ِّم ُ‬
‫الش�عوب ‪ ،‬واس�تِ ِ‬
‫تباعها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عرائك‬ ‫ِ‬
‫والتقدير بعدَ لين‬ ‫ين التعظي ِم‬‫والنظر إ َليهم بِ َع ِ‬
‫ُ‬
‫عاص ِ‬
‫رة و َمن ُي َس� ِّي ُس‬ ‫ِ‬
‫والثقافة الم ِ‬ ‫ِ‬
‫س�ات التعلي� ِم‬ ‫ؤس‬ ‫بِ ِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫المر ِّبين و ُم َّ‬
‫لي�ن عرائك ُ‬
‫لها‪.‬‬

‫أنواعها بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الكبائ�ر بِ�ك ُِّل‬ ‫طائف�ة النُّج�و ِم والفنَّاني�ن والفن ِ‬
‫َّان�ات ف�ي‬ ‫ِ‬ ‫ • ُول�و ُغ‬
‫تشجيع الفن‬
‫س�ل ِ‬ ‫ِ‬
‫جتمع�ات الفن َغ ِير الم ِ‬ ‫ِ‬
‫وتأث�ر المجتم ِع الفن ِِّّي‬
‫ُ‬ ‫مة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫احتكاك ِه ُ‬
‫�م الدائ� ِم بِ ُم‬ ‫وتكريم الفنانين‬

‫�د والمعاص�ي ‪ ،‬كم�ا ه�ي معروف ٌة بهذا االس� ِم ف�ي الدين‬ ‫المفاس ِ‬
‫ِ‬ ‫العرب�ي بِ‬
‫ِّ‬
‫القات‬
‫ٌ‬ ‫هنة الف�ن) فحري ٌة ِ‬
‫وع‬ ‫(أصحاب ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫اإلسلامي ‪ ،‬أما في ُع ِ‬
‫ق�ول و ُق ِ‬
‫لوب‬
‫ِّ ُ‬ ‫ِّ َّ‬
‫ٍ‬
‫وعمل ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫زمالة‬ ‫وصداقات‬
‫ُ‬ ‫ُو ِّدي ٌة‬

‫‪300‬‬
‫ِ‬
‫والخالعة ‪ ،‬وشاهدُ‬ ‫ِ‬
‫اإلسفاف‬ ‫ِ‬
‫درجات‬ ‫عصرنا أعلى‬‫ِ‬ ‫وقد بل َغت هذه المس�أل ُة في‬
‫مظاهر الفن‬
‫ومخرجات‬ ‫تداول�ة عنهم وع�ن س�هراتِهم وحفالتِهم‬ ‫ِ‬ ‫الم‬
‫�ور ُ‬‫والص ِ‬ ‫ِ‬
‫�ك العدي�دُ م� َن األفلا ِم ُّ‬ ‫ذلِ َ‬
‫األفالم والمسارح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رافات ل�م ت ُعدْ في‬ ‫االنح‬ ‫العربي�ة ‪ ،‬وك ُُّل ه�ذه‬ ‫ِ‬
‫العواص ِم‬ ‫العدي�د ِم� َن‬
‫ِ‬ ‫نعق ِ‬
‫�دة ف�ي‬ ‫الم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وجهة ِ‬
‫نظره�م ـ تعلي ُلنا وحدي ُثنا‬ ‫راف ـ ِم�ن‬ ‫ِ‬
‫االنح ُ‬ ‫راف�ات ِعندَ هم ‪ِ ،‬‬
‫ب�ل‬ ‫ٍ‬ ‫عصرن�ا ِ‬
‫انح‬ ‫ِ‬
‫عنهم بهذه الص ِ‬
‫ورة ‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫نظر اإلسلا ِم عالم� ٌة ِمن‬ ‫�دار الثقافي ِم�ن ِو ِ‬
‫جهة ِ‬ ‫االنح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث�ل ه�ذا‬ ‫ولأِ َّن ِم َ‬
‫ِّ‬
‫عادات‬ ‫ُ‬ ‫تحكم�ت فيهم‬ ‫والمستس�ل ِ‬
‫مة قد‬ ‫ِ‬ ‫�ل ِ‬
‫مة‬ ‫تأس ِ‬ ‫ف�إن غالِ�ب أجيالِنا الم ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة ؛ َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وسيس�تمرون على‬ ‫ِ‬
‫والعولمة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والعلمنة‬ ‫ِ‬
‫العلمانية‬ ‫مراح ِل‬ ‫ِ‬
‫األعداء خِل�اِ َل ِ‬ ‫وثقاف�ات‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ومنها َقو ُله ‪ « : m‬ليكونَ� َّن ِمن ُأ َّمتي أقوا ٌم‬ ‫العالم�ات‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫تظهر فيهم بقي ُة‬
‫�ك حتَّ�ى َ‬ ‫ذلِ َ‬
‫يروح‬ ‫جنب علم‬ ‫ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ولينز َل َّن أقوا ٌم إلى‬ ‫ِ‬
‫والمعاز َ‬ ‫والخمر‬ ‫والحرير‬ ‫ون ِ‬
‫الح َّر‬ ‫ِ‬
‫يس�تح ُّل َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حاجة فيقولون ‪ِ :‬‬‫ٍ‬ ‫يأتيهم الفقير لِ‬ ‫ٍ‬
‫�ع إ َلينا غدً ا ‪ .‬فيبهت ُُم ال َّل ُه‬
‫ارج ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع َليه�م بِس�ارحة لهم ‪ُ ِ ،‬‬
‫صحيح ال ُبخاري‬ ‫ِ‬
‫القيامة »‬ ‫وخنازير إلى َيو ِم‬ ‫ويمس�خ آخرين ِقرد ًة‬
‫ُ‬ ‫لم ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ِّ حديث المسخ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويضع الع َ‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬
‫في األُ َّمة‬ ‫ِ‬
‫الفتح‪.‬‬ ‫مع‬
‫‪َ 15/1‬‬
‫الستحالل الحر‬
‫المعاز ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين َّ‬ ‫ِ‬
‫�ة الم ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫وي ِ‬
‫والحرير والخمر‬ ‫ف‬ ‫مس�ألة‬ ‫أن ال ُعلما َء ُيش�دِّ دون في‬ ‫البع�ض من كا َّف ُ‬ ‫عتق�دُ‬ ‫َ‬
‫والمعازف‬ ‫الفت َِن ِ‬
‫الراغبين في ِ‬
‫ِ‬ ‫الناس ؛ ولِهذا ِ‬
‫يستد ُّلون‬ ‫تجدُ‬ ‫ِ‬ ‫ويحجرون بِفتاويهم على‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫والطرب‬
‫ِ‬
‫لعالمة ِ‬ ‫أقوال تُنس�ب لِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫ابن‬ ‫المعازف والغناء ‪ ،‬ومنها ٌ َ ُ‬ ‫جواز‬ ‫لماء عن‬ ‫ِ ُ‬ ‫أقوال‬
‫حز ٍم ِ‬
‫وغيره ‪.‬‬

‫ف‬ ‫لمعاز ِ‬
‫ِ‬ ‫تتناول الوعيدَ الشديدَ لِ‬
‫ُ‬ ‫األحاديث الشريف َة‬
‫َ‬ ‫واألمر الذي نحن بِ ِ‬
‫صدده َّ‬
‫أن‬
‫الفنون الشعبية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وبعض اله ِ‬
‫واة‬ ‫عل الحرا ِم ‪ ،‬ولي�س ما يفع ُله األفرا ُد‬ ‫المفضي إلى اإلث ِم وفِ ِ‬ ‫ِ‬
‫المنظمة ال تدخل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والط�رب ُ‬
‫في المحظور‬ ‫الغ ِ‬
‫المق َّي ِد‬ ‫الشعبي ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫والش�رح‬ ‫ناء‬ ‫أس�اليب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش�عبية ‪ ،‬التي تقو ُم بِ‬ ‫أو ما ُيس�مى بِ ِ‬
‫الفرق‬ ‫َّ‬

‫‪301‬‬
‫أو‬‫الخاص ِة ِ‬ ‫ِ‬
‫ناسبات‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واآلالت َغ ِير المحر ِ‬
‫ِ‬ ‫األدب واالحتِش�ا ِم‬
‫ِ‬ ‫بِ‬
‫َّ‬ ‫بعض ُ‬ ‫إحياء‬ ‫مة في‬ ‫ُ َّ‬
‫يسه ُل تقييدُ ها‬
‫مور ُ‬ ‫الزواج ِ‬
‫وغيرها ؛ فهذه ُأ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفراح‬ ‫ترويحا وتسلي ًة و ُمشارك ًة في‬
‫ً‬ ‫العا َّم ِة‬
‫المصيب ُة‬ ‫ِ‬ ‫دال في ِ‬
‫حياة ُّ‬ ‫دائرة االعتِ ِ‬
‫ِ‬
‫�عوب ‪ ،‬وإنَّما ُ‬ ‫الش‬ ‫خرجت عن‬ ‫و ُمحاصرتُها إذا ما َ‬
‫عاكس� ًة لدى‬ ‫�يطرة ؛ لِيصبِح اتِّجاها ثقافيا وصور ًة ِ‬
‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬
‫ًّ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫خرج عن دائرة َّ‬ ‫الكُبرى ما قد َ‬
‫س�لمين ‪ ،‬لِتتح َّق َق بِه‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫االنف ِ‬
‫لات والتح ُّل ِل األخالقي في الم ِ‬ ‫�ر عن مدى ِ‬ ‫اآلخ ِ‬
‫العال� ِم َ‬
‫ِ‬
‫والمسخ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والرجف‬ ‫ِ‬
‫والقذف‬ ‫ِ‬
‫الخسف‬ ‫النبي ‪ m‬في األُ َّم ِة ِم َن‬
‫موعودات ِّ‬
‫ُ‬

‫التطاولُ في البُنيا ِن‬ ‫التطاول في‬


‫ِ‬
‫الزمان‬ ‫�يوعها في ِ‬
‫أواخر‬ ‫كشف عن ُش ِ‬ ‫َ‬ ‫الس�اعة الصغرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫وهو عالم ٌة ِمن‬
‫البنيان عالمة‬
‫صغرى‬
‫األرزاق في ِ‬
‫حياة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس�عة‬ ‫ِ‬
‫األموال‬ ‫ِ‬
‫صول‬ ‫ُش�ير إلى ُح‬ ‫س�يدُ األُم ِة م ٍ‬
‫حمد ‪ ، m‬وهي ت ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الظاهر َة‬ ‫الحضري ‪ ،‬ويبدو َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫التخطيط‬ ‫ِ‬
‫وزيادة‬ ‫الناس ‪ ،‬وتوس ِع الع ِ‬
‫مران‬ ‫ِ‬ ‫العديد ِم َن‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫األخي�رة قد وص َلت إلى‬ ‫وزمان ‪ .‬إلاَّ أنَّه�ا في ِ‬
‫مراح ِلنا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عصر‬ ‫أكثر ِم�ن‬
‫تك�ر َرت ف�ي َ‬ ‫َّ‬
‫النبي ‪m‬‬ ‫ِ‬
‫الع�رب ‪ ،‬الذين وص َف ُه ُم ُّ‬ ‫وخاص ًة على أيدي‬ ‫َّ‬ ‫التطاو ِل‬
‫ُ‬ ‫ِذروتِه�ا في مفهو ِم‬
‫المادي فارتف َعت‬ ‫فتح ال َّل ُه ع َليهم في االس�تِ ِ‬
‫ثمار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫بالحفاة ال ُعراة رعا َء الش�اء ‪ ،‬الذين َ‬‫ُ‬
‫حياة‬ ‫ِ‬
‫الصحراء واألنع�ا ِم إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫حي�اة‬ ‫أرصدتُه�م ارتفا ًع�ا خيال ًّي�ا ‪ ،‬وانتقل�وا فجأ ًة ِمن‬‫ِ‬

‫الكثي�ر ِمنهم أن ير ُموا‬


‫ِ‬ ‫مما حدا بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الت�رف والحضارة وارتف�اع مدخوالت األرق�ا ِم ‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫االستثمارات‬
‫األبراج العظم�ى وناطِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحر ِم�ن االس�تِ‬ ‫ِ‬
‫حات‬ ‫ِ ُ‬ ‫وبن�اء‬ ‫الخيالية‬ ‫ثمارات‬ ‫العربية الخيالية بِأمواله�م ف�ي ٍ َ‬
‫وصرفها في أبنية‬
‫تفاخ ًرا ُ‬
‫وخيال َء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السحاب ُ‬ ‫األبراج‬

‫رجا ِمن س�بعين طابِ ًقا ‪،‬‬


‫بعضهم ُب ً‬‫يبني ُ‬ ‫ُ ِ‬
‫التط�اول أن َ‬
‫بل�غ األمر أقصاه في ِ‬
‫حياة‬ ‫ُ‬ ‫ب�ل َ‬
‫وتط�او ٍل ‪َ ،‬‬
‫دون‬ ‫ٍ‬
‫زيادة‬ ‫�ق وهكذا في‬ ‫س�تثمر آخ�ر ؛ فيبني برج�ا ِمن ِ‬
‫مائة طابِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فيغ�ار ُم‬
‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوطن‬ ‫ٍ‬
‫بعيدة على‬ ‫ٍ‬
‫قريبة أو‬ ‫ٍ‬
‫منفعة‬‫ال فيما ال يعو ُد بِ‬ ‫ِ‬
‫وطاقات ال ُعم ِ‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫ِ‬
‫له�در‬ ‫ٍ‬
‫إدراك‬
‫َّ‬

‫‪302‬‬
‫كات‬ ‫للشر ِ‬
‫كان العائدُ والفائد ُة ِ‬ ‫الفرد ذاتِه فيما أنف َقه ‪ .‬بل ُر َّبما َ‬ ‫ِ‬ ‫وال على األُ َّم ِة وال على‬
‫ِ‬
‫العرب مسأل ٌة‬ ‫ِ‬
‫النسبة ل َغ ِير‬ ‫ِ‬
‫البنيان بِ‬ ‫والتطاو ُل في‬ ‫ِ‬
‫والتنفيذ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االستشارة‬ ‫تعاقد ُة على‬‫الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نذ القدي ِم ال‬‫عواصمهم ُم ُ‬‫ِ‬ ‫العرب فغاي ُة ما هم ع َل ِيه في‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪ .‬أ َّما‬ ‫معلوم ٌة ِمن قدي ِم‬
‫الحديث يخص‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫لتقليد العرب في ذم‬ ‫ب تب ًعا‬‫يكون في الغالِ ِ‬
‫ُ‬ ‫للحاجة وإذا ما زا َد أحدٌ َشي ًئا ِمن ذلِ َك إنَّما‬ ‫ِ‬ ‫يتعدَّ ى البنا َء‬
‫التطاول‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬
‫حاض�رة ِ‬
‫ِ‬
‫العراق والش�ا ِم ‪ ،‬ولم‬ ‫ِ‬
‫وقصور‬ ‫يرة آنذاك‬ ‫ال�رو ِم كما هو في‬ ‫أو ُّ‬ ‫�رس ِ‬
‫ال ُف ِ‬
‫ِ‬
‫بحضارات‬ ‫اإلسلامية واالختِ ِ‬
‫الط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫توحات‬ ‫العرب األبني َة العالي َة إلاَّ بعدَ ال ُف‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫يع�ر ْ‬
‫ُ‬
‫رس و َغ ِيرهم ‪.‬‬
‫الرو ِم وال ُف ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫لحاج�ة‪ ..‬وإنَّما الذ ُّم كما‬ ‫ِ‬
‫البناء لِ‬ ‫ِ‬
‫مس�ألة‬ ‫خاصا بِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يكون الذ ُّم ف�ي الحديث ًّ‬ ‫وق�د ال‬
‫ِ‬
‫واإليثار‬ ‫ِ‬
‫الزهد‬ ‫لتطاو ِل ‪ ،‬وفيه إشار ٌة إلى تغ ُّي ٍر في الطبا ِع التي َّ‬
‫هذ َبها اإلسال ُم بِ‬ ‫يظهر لِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األم�وال في َغ ِير‬ ‫وبذل‬‫ِ‬ ‫الح ِ‬
‫رص‬ ‫غاية ِم�ن ِ‬
‫س�بيل ال َّل ِه ؛ لِتُصبِ�ح على ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلنف�اق ف�ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال ‪:‬‬‫�رة فِيهم ‪َ ،‬‬
‫الظاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحي�ح ‪ .‬وقد ذم ال َّل�ه ُأم ًة ِمن األُم ِم لِ ُش�يو ِع ِ‬
‫هذه‬ ‫َّ ُ َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫وجهه�ا‬ ‫ِ‬

‫( ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ) ُّ‬
‫[الشعراء ‪. ]131 - 128:‬‬

‫هم «‬ ‫ُ ِ‬ ‫أن المعن ِّيي�ن بِ‬ ‫عن ِ‬


‫ابن ع َّب ٍ‬
‫اس إش�ار ٌة ب ِّين ٌة َّ‬ ‫وف�ي ِر ِ‬
‫واي�ة اإلما ِم أحم�دَ ِ‬
‫التطاول ُ‬
‫العرب » ‪.‬‬
‫ُ‬

‫ياع‬ ‫والحفا ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬و َمن‬


‫َ‬ ‫عن ِ‬
‫ابن ع َّب ٍ‬
‫اس ‪َ c‬‬ ‫ِ‬
‫الج ُ‬ ‫أصحاب الشاء ُ‬
‫ُ‬ ‫قال ‪ :‬يا‬
‫العرب »((( ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫العال ُة ؟ َ‬
‫قال ‪« :‬‬
‫التفاؤل بِ ِ‬
‫بناء‬ ‫ِ‬ ‫عصرنا ما آ َل ْت إ َليه هذه الحال ُة الغريب ُة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫وال يخفى على ُمتأ ِّم ٍل في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األس�واق والمجم ِ‬
‫ِ‬
‫نافس�ة ‪،‬‬ ‫بعض العواص ِم على صفة ُ‬
‫الم‬ ‫ِّجارية الكُبرى في‬ ‫عات الت‬ ‫ُ َّ‬

‫((( مسندُ أحمدَ (‪ ، )2981‬وانظر أشراط الساعة الوابل ص ‪.149‬‬

‫‪303‬‬
‫َ‬
‫الحديث ‪،‬‬ ‫عماري‬ ‫يعكس الفن ِ‬
‫الم‬ ‫وتركها بنيانًا حضاريا ِ‬
‫ِ‬ ‫بعضها‬ ‫ِم َّما أ َّدى إلى ِ‬
‫هجر ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وأشباهه ‪.‬‬ ‫نافسة بِأمثالِه‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ ِ‬
‫وال ُيستفا ُد منه لكثرة ُ‬

‫كثرةُ التِّجارةِ‬
‫كثرة التجارة‬
‫ِ‬
‫الكثرة‬ ‫اال ْهتِ َم�ا ِم بِالت َِّج َار ِة‪ ،‬والمقص�و ُد بِ‬
‫الس�اعة الص ْغ�رى ُظهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬
‫ات‬
‫ُ ُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫وجماعات‬ ‫ٍ‬
‫كأفراد‬ ‫الناس جمي ًعا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫كظاهرة من عالمات الساعة وأشراطها كونُها ت ُع ُّم َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫كما تعم السياس� َة التِّجاري َة واس�تِ‬
‫س�تلزمات بما‬ ‫جالب ك َُّل ش�يء م َن البضائ ِع ُ‬
‫والم‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫خفاف‬‫ِ‬ ‫العبث واالس�تِ‬
‫ِ‬ ‫أقرب إلى‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫مثيل ؛ حتَّى تُصبِ َح التِّجار ُة َبي َن‬‫يس�بق له ٌ‬‫ْ‬ ‫لم‬
‫َ‬
‫واإلس�راف ف�ي زخرفتِه�ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األس�واق‬ ‫ِ‬
‫كث�رة‬ ‫ِ‬
‫واألم�وال ‪ ،‬إضاف� ًة إل�ى‬ ‫بِال ُع ِ‬
‫ق�ول‬
‫وتصميماتِها‪.‬‬

‫صار‬ ‫ب�رزت جل َّي ًة ف�ي أوس� ِع ُص ِ‬ ‫ِ‬


‫ورها ؛ حتَّ�ى َ‬ ‫الظاهر َة َ‬ ‫ونح�ن ال َي�و َم ن�رى ه�ذه‬
‫تسولون ـ ِ‬
‫يشتركون‬ ‫ُ‬
‫األطفال والعجز ُة وال ُفقرا ُء و ُعمو ُم المو َّظفين ‪ ،‬بل ـ وحتَّى ُ‬
‫الم ِّ‬
‫عبر‬ ‫الترويج لِلبي ِع ِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫األس�ه ِم ِ‬
‫وغيرها‪ ،‬وبِاس�تخدا ِم‬ ‫ضاربات الت ِ‬
‫ِّجارة بِ‬ ‫ِ‬
‫والش�راء َ‬ ‫ُ‬ ‫في ُم‬
‫تس�و ِق البضائ ِع والسمس�رة‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫عة ؛ ِ‬
‫فيجدُ الفر ُد مالاً‬ ‫األجه�زة المتنو ِ‬
‫ِ‬
‫رابحا من تجارة ُّ‬‫ً‬ ‫ُ ِّ‬
‫شابهها ‪.‬‬
‫وما َ‬
‫بار عن و ِ‬
‫قوعها في‬ ‫ِ‬
‫وإجالء ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬
‫المظاه ِر‬ ‫ِ‬
‫تصوير هذه‬ ‫ِ‬
‫الناس في‬ ‫أسبق‬
‫كان ‪َ m‬‬ ‫وقد َ‬
‫ُ‬ ‫مشاركة المرأة‬
‫ِ‬
‫بن مس�عود ؤ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن�اس ‪ ،‬ومنه�ا قوله ‪ m‬فيما رواه الحاك ُم وأحمدُ عن عبد الله ِ‬ ‫ِ‬ ‫لزوجها في‬
‫الساعة تسليم الخاص ِة و ُف ُشو الت ِ‬
‫ِ‬ ‫التجارة‬
‫ِّجارة حتَّى تعين‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ « :‬بي َن يدَ ِي‬
‫النبي ‪ m‬أنَّه َ‬ ‫ِ‬
‫عن ِّ‬
‫زوجها » (((‪.‬‬
‫المرأة َ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )3947‬‬

‫‪304‬‬
‫ِ‬
‫أشراط‬ ‫إن ِمن‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪َّ « : m‬‬
‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ب َ‬ ‫بن ِ‬
‫تغل ٍ‬ ‫عمرو ِ‬‫النس�ائي عن ِ‬ ‫وروى‬
‫ُّ‬
‫يفش َو ُ‬
‫المال ويك ُث َر ‪ُ ،‬‬
‫وتفش َو التِّجار ُة »((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الساعة أن ُ‬

‫ِ‬
‫العلل‬ ‫عن‬‫أخبر ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس فقد َ‬ ‫شارها َبي َن‬ ‫ِّجارة وانتِ ِ‬
‫وكما أخبر النبي ‪ m‬عن ُف ُش�و الت ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُصاب بِه األُ َّم ُة ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التنافس على‬
‫واألمراض ‪ ،‬ففي‬ ‫األدواء‬ ‫المترتِّبة على هذا ال ُف ُش ِّو والكثرة ‪ ،‬وما ت ُ‬
‫ُ‬
‫الدنيا‬ ‫قال ‪ «:‬وال َّل ِه ‪ ،‬ما الفقر أخش�ى ع َليكم ‪ِ ،‬‬
‫ولكنِّي أخش�ى ع َليكم‬ ‫الحديث عنه ‪ m‬أنَّه َ‬‫ِ‬
‫َ‬
‫ُبس�ط على َمن َ‬
‫كان قبلكم فتنافس�وها كما تنافس�وها‬ ‫َ‬ ‫ُبس�ط الدُّ ني�ا ع َليكم كما ت‬
‫َ‬ ‫أن ت‬
‫كان قبلك�م »((( ‪ .‬وما يرويه م ِ‬
‫س�ل ٌم ‪ « :‬وتلهيكم كما‬ ‫‪ ،‬وتهلكُك�م كم�ا أهلكَ�ت من َ‬
‫ُ‬
‫ألهتهم »((( ‪.‬‬
‫َ‬

‫فقال ‪ « :‬إذا ُفتِ َحت‬ ‫ِ‬


‫الصحابة والتابعين َ‬ ‫س َ‬ ‫حذر النبي ‪ِ m‬م�ن ِ‬
‫داء التنا ُف ِ‬
‫أوائل‬ ‫ُّ‬ ‫ب�ل َّ َ‬
‫ع�وف ‪ُ :‬‬
‫نقول كما‬ ‫ٍ‬ ‫الرحمن ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫أي َقو ٍم أنت�م ؟ » ‪َ .‬‬
‫قال عبدُ‬ ‫ع َليك�م‬
‫والرو ُم ‪ُّ ،‬‬
‫ف�ارس ُّ‬
‫ُ‬
‫رسول ال َّل ِه ‪ « m‬أو َغ َير ذلِ َك؟ تتنافسون ُث َّم تتحاسدون ُث َّم تتدابرون‬
‫ُ‬ ‫أمرنا الله ‪َ .‬‬
‫قال‬
‫ُث َّم تتباغضون أو نحو ذلِ َك»(((‪.‬‬
‫أس�اليب الت ِ‬
‫ِ‬ ‫عالم الك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّجارة‬ ‫ُف�ر في‬ ‫المس�لمين َ‬ ‫وف�ي ك ُِّل ه�ذا إش�ار ٌة إلى اس�تتبا ِع ُ‬
‫دين أو ِقي ٍم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫راعاة ٍ‬ ‫ونماذ ِجها على َغ ِير ُز ٍ‬
‫هد وال ور ٍع وال ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومظاه ِرها‬

‫والشراكات الاقتِصاديةِ المشبوهةِ‬


‫ِ‬ ‫هور فِتنةِ الرِّاب‬
‫ظهور الربا عالمة‬ ‫ُظ ُ‬
‫صغرى‬ ‫ش�ارها بين الم ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�لمين ‪،‬‬ ‫الربوية وانت ِ َ َ ُ‬ ‫الصغرى ُظ ُ‬
‫هور المعامالت ِّ‬ ‫وم� َن العالمات ُّ‬

‫((( سنن النسائي (‪. )4473‬‬


‫خاري (‪. )6425‬‬
‫ِّ‬ ‫صحيح ال ُب‬
‫ُ‬ ‫(((‬
‫((( مسلم (‪. )7615‬‬
‫((( مسلم (‪. )7616‬‬

‫‪305‬‬
‫ِ‬
‫أس�باب‬ ‫الربوي ُة ُجز ًءا ِمن حياة األُ َّم ِة وس�ب ًبا ِمن‬ ‫ِ‬
‫عامالت االقتصادي ُة ِّ‬‫ُ‬ ‫حتَّى تُصبِ َح ُ‬
‫الم‬
‫عاصم ٌة وال قري ٌة ‪.‬‬ ‫سلمين ‪ ،‬ال تخلو ِمنها ِ‬ ‫التداو ِل التِّجاري في كا َّف ِة بِ ِ‬
‫الد الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العربية‬ ‫رات األُ َّم ِة‬
‫يمنة العال ِم الربوي الكافِ ِر على مقدَّ ِ‬ ‫األحاديث إشار ٌة إلى ه ِ‬
‫ِ‬ ‫وفي‬
‫ُ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫هيمنة المدرسة‬
‫المؤسسات االقتِصاديةِ‬
‫ِ‬ ‫الربوي ُة ِضم َن َس�يرِ‬ ‫ِ‬
‫عامالت ِّ‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫ُفر َض ُ‬ ‫الربوية على واإلسلامية ؛ حتَّى ت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتنش ِ‬
‫ِ‬ ‫االقتصاد العربي‬
‫َ‬
‫س�قط‬ ‫الربا قد‬ ‫األجي�ال ع َليها في الدراس�ات األكاديمي�ة والعالية ‪َ ،‬‬
‫مع َّ‬ ‫ِ‬
‫أن ِّ‬ ‫�ئة‬ ‫واإلسالمي دراسة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تح�ت قدمي »((( في‬ ‫َ‬ ‫تحت قدم�ه بِقوله ‪ِّ « :‬‬
‫والربا‬ ‫النبي ‪َ m‬‬
‫ن�ذ أن وض َعه ُّ‬ ‫وانَّه�ار ُم ُ‬ ‫وتجارة‬

‫وص�ار التعا ُم ُل بِه ِخفي ًة‬


‫َ‬ ‫اإلسلامي ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫وانقطع بعدَ ذلِ َك في العالمين‬
‫َ‬ ‫ِح َّج�ة الودا ِع ‪،‬‬
‫الربا ويتعاملون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫روجون ِّ‬‫بعض الفسقة وال ُعصاة و ُعمالء اليهود ‪ ،‬الذين كانوا ُي ِّ‬ ‫لدى‬
‫بِه ‪.‬‬

‫واإلسالمية ‪ ،‬وبد َأ عهدُ االستِعمار‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫سقط القرار اإلسالمي في البِ ِ‬
‫الد‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ولما‬
‫َّ‬ ‫بدأ عهد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫االستعمار ب�د َأ‬
‫المعاملات االقتصادية ‪ ،‬ولم‬ ‫الربا الحرا ِم ف�ي ُ‬ ‫الم َس� َّي ُس على إدخ�ال ِّ‬ ‫العمل ُ‬
‫ِ‬ ‫ث�اء على ِ‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬
‫ِ‬ ‫بترويض الشعوب‬
‫بإدانة‬ ‫االنش ِ‬
‫�غال‬ ‫اإلدخ�ال األنظِم ُة القائم ُة ف�ي‬
‫ِ‬ ‫تس�لم ِمن ه�ذا‬
‫ْ‬ ‫المسلمة على‬
‫الك المدرسةِ‬ ‫البيت ‪ِ ،‬مما يشير إلى امتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصوفية والمذهبية ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ ُ‬ ‫وآل‬ ‫قبول المعامالت انحرافات اعتقادات ُّ‬
‫الربوية‬
‫بوي على‬ ‫الر‬ ‫وفرض االقتِ ِ‬
‫صاد‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫اإلنس�اني‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫العال‬ ‫في‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫م‬ ‫ما‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫ِ‬
‫العالمية‬ ‫الر ِ‬
‫بوية‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الجميعِ‪.‬‬

‫الربوي� َة في كا َّف ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ب�ل بد َأ ال ُغثائي�ون من ِرجال الم�ال واألعمال يضع�ون قواعدَ ه ِّ‬
‫ِ‬
‫العربية‬ ‫يتط�ور في ال�دُّ ِ‬
‫ول‬ ‫َ‬
‫وأخ�ذ‬ ‫ِ‬
‫الجدي�دة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صادي�ة‬ ‫الثقافي�ة االقتِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرك�ة‬ ‫ِ‬
‫مواق� ِع‬
‫َّ ُ‬ ‫دور الغثائيين من‬
‫ِ‬
‫البديل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المعامالت تمهيدً ا ل َقبول سياسة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشرعي في ُ‬
‫ِّ‬ ‫الوعي‬ ‫مع إقصاء‬ ‫المسلمين في واإلسلامية َ‬ ‫ُ‬
‫وضع قواعد الربا‬
‫البنكي‬

‫((( صحي�ح مس�لم (‪ ، )3009‬بلفظ «كل ش�يء من أم�ر الجاهلية تحت قدم�ي موضوع ‪ ،‬وربا‬
‫الجاهلية موضوع» ‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬
‫المخدوعة ‪ « :‬ليأت َي� َّن على‬ ‫يقول ‪ m‬عن أمتِ�ه‬ ‫�ر ‪ ،‬وف�ي ذلِ َك ُ‬ ‫ب�وي الكافِ ِ‬
‫الر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫وحديث ‪ « :‬ال‬ ‫حالل أم ِمن حرا ٍم؟ »((( ‪.‬‬‫ٍ‬ ‫المال‪ِ :‬أمن‬
‫أخذ َ‬ ‫زم�ان ال ُيبالي الم�ر ُء بِما َ‬ ‫ٌ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لما ُمس�تفا ًدا ‪ً ،‬‬
‫وأخا في‬ ‫رهما من حالل ‪ ،‬وع ً‬ ‫تقو ُم الس�اع ُة حتَّى ُيع َّز ال َّل ُه فيه ثالث ًة ‪ :‬د ً‬
‫يت ‪ ،‬ومن لم يدخ ْله‬ ‫يدخ ُل الربا ك َُّل ب ٍ‬
‫زمان ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس ٌ‬ ‫وحديث ‪ « :‬سيأتي على‬ ‫ُ‬ ‫ال َّل ِه»((( ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫دخل إ َليه ُغ ُ‬
‫باره » (((‪.‬‬ ‫الربا َ‬
‫ِّ‬
‫األحاديث تنطبِ ُق على ٍ‬
‫كثير‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الساعة»((( ‪ « :‬وهذه‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫ف «فقه‬ ‫كتب الوابِ ُل ُمؤ ِّل ُ‬
‫انتشار المصارف‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المكاس ِ‬
‫�ب ‪ ،‬بل‬ ‫َ‬
‫الحالل في‬ ‫يتحرون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم�ن الم ِ‬
‫المتعاملة بالربا‬ ‫الزمن ؛ فتجدُ ه�م ال ُّ‬ ‫س�لمين في ه�ذا‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم�ال ِم َن‬
‫عامالت‬ ‫وأغل�ب ذل َك بِدخول ِّ‬
‫الرب�ا في ُم‬ ‫ُ‬ ‫الحلال والحرا ِم ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يجمع�ون‬
‫ِ‬
‫الناس في هذا‬ ‫كثير ِم� َن‬
‫ووقع ٌ‬
‫َ‬ ‫الربا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المتعامل� ُة بِ ِّ‬
‫ف ُ‬ ‫ِ‬
‫المصار ُ‬ ‫فقد انتش�ر ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫الن�اس ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الساعة) ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أشراط‬ ‫ِ‬
‫البالء العظي ِم ‪ .‬اهـ ص‪( 140‬‬
‫ِ‬
‫البالء العظي ِم في األُ َّم ِة لكنَّا ال نُحدِّ ُد ُهوي َة المسئولين‬ ‫الربا بِ‬ ‫لت ‪ :‬ومع أنَّنا ِ‬
‫ف ِّ‬ ‫نص ُ‬ ‫َ‬ ‫ُق ُ‬
‫وقوعهم في�ه وتعا ُم ِلهم بِ�ه ‪ ،‬وكأنَّهم هم‬ ‫س�لمين بِ ِ‬ ‫ف الم ِ‬ ‫ع�ن انتِ ِ‬
‫ِ‬
‫ُخو ُ ُ‬ ‫ش�اره ‪ ،‬وإنَّم�ا ن ِّ‬
‫الحك ِم‬ ‫ِ‬
‫القرار ف�ي ُ‬ ‫موق�ع‬
‫ُ‬ ‫الربا‬ ‫�ل بِ ِّ‬
‫واألصل ف�ي التعا ُم ِ‬
‫ُ‬ ‫المس�ؤولون عن�ه مباش�ر ًة ‪،‬‬
‫عهد ال ُغ ِ‬
‫القرار في ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتس�اه ُل بِ‬ ‫س�م ُح بِه ‪ ،‬واإلباح ُة‬ ‫ِ‬
‫ثاء‬ ‫حملة‬ ‫واسطة‬ ‫ُ‬ ‫والعل ِم‪ ،‬الذي ُي َ‬
‫ِ‬
‫والوهن‪.‬‬

‫يقول تعالى ‪ ( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫وفيهم جمي ًعا ُ‬
‫خطر الربا على‬
‫الحياة اإلسالمية‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ) [البق�رة‪ .. ]275:‬اآلي�ة ‪.‬‬
‫ووصف القرآن‬
‫آلكل الربا‬
‫((( صحيح البخاري (‪)2083‬‬
‫((( رواه الديلمي (‪.)7533‬‬
‫((( سنن ابن ماجه (‪. )2364‬‬
‫((( ص‪. 140‬‬

‫‪307‬‬
‫وصف اآلكلي َن لِ ِّلرب�ا ( ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ)‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اآلي�ة‬ ‫وال ُق ُ‬
‫�رآن في هذه‬
‫ٍ‬ ‫جلس�وا وحي ُثما َع َّل ُم�وا أو َت َع َّل ُموا ال يقومون في‬
‫سياس�ة وال‬ ‫حي ُثم�ا قا ُم�وا وحي ُثما ُ‬
‫الق�ة ( ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫ثقاف�ة وال ِع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عقي�دة وال‬‫ٍ‬ ‫ج�ارة وال ِعل� ٍم وال تعلي� ٍم وال‬
‫ٍ‬ ‫تِ‬

‫ﭚﭛﭜﭝ ) ‪.‬‬
‫ِ‬
‫لمانية‬ ‫عالية ِم�ن ِ‬
‫الع‬ ‫االنف ِ‬‫والدع�وات ِ‬
‫ِ‬ ‫�رة ِ‬
‫االنف ِ‬
‫ع�ال‬ ‫ظاه ِ‬
‫رآن لِ ِ‬ ‫تعلي�ل ال ُق ِ‬
‫ُ‬ ‫وه�ذا هو‬
‫َ‬ ‫عالقة التطرف‬
‫ِ‬
‫والديني في عالمنا‬ ‫السياسي‬ ‫ِ‬
‫والتطرف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلرهاب بالربا واالنتقائية والتوليفية ‪ ،‬وما ُس ِّم َي باإلرهاب‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ظاهر ٌة َش�يطاني ٌة مقرون ٌة‬ ‫والنقض ؛ َع َّل َلها بِأنها ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القبض‬ ‫هور ِ‬
‫مدار ِ‬
‫س‬ ‫نذ ُظ ِ‬ ‫والمعامالت الم ِ‬
‫عاص ِر ُم ُ‬ ‫ُ‬ ‫المشبوهة‬
‫ي�ره ؛ لأِ َّن ِ‬
‫الحكم� َة والموعظ َة‬ ‫لهم القي�ا ُم بِ َغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫�أكل الح�را ِم وترويج�ه ‪ ،‬وال يمك� ُن ُ‬
‫�ه ألوليائ�ه ( ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫الحس�ن َة إنَّم�ا ه�ي عط�اء ِم�ن ال َّل ِ‬
‫ٌ َ‬
‫َ‬
‫وإلصاق‬ ‫َ‬
‫واإلفك‬ ‫والرفض والتش ِّف َي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الجدل‬ ‫ﯯ) [البقرة‪ ، ]269:‬وأ َّما الذين ُأوتوا‬
‫نبات الحرا ِم الم ِ‬
‫نتش ِر‬ ‫ثمرات ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتصو ِر ‪ ،‬فما هم فيه ما هو إلاَّ ثمر ٌة ِمن‬ ‫التُّه ِم بالظ ِّن‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫َت الن َُّار َأ ْو َلى بِ ِه »((( ‪.‬‬
‫ت إِالَّ كَان ِ‬
‫قال ‪ « :m‬إِ َّنه الَ يربو َلحم َنب َت ِمن سح ٍ‬
‫ْ ُ ْ‬ ‫ُ َُْ ْ ٌ َ‬ ‫كما َ‬

‫اقتصاده ‪ ،‬وال ه�واد َة في ذلِ َ‬


‫�ك ‪ ،‬وال ُق ُ‬
‫رآن‬ ‫ِ‬ ‫والرب�ا ُج�ز ٌء ِم َن الك ِ‬
‫ُف�ر ‪ ،‬وهو سياس� ُة‬ ‫ِّ‬ ‫الربا جزء من‬
‫المؤمني� َن ‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫ِ‬
‫�ب ُ‬ ‫ُيخاط ُ‬ ‫الكفر‬

‫ﮱ )[البقرة‪. ]278:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬
‫نتعر َ‬
‫والحق أن َّ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫بالعكس ‪.‬‬ ‫والعكس‬
‫ُ‬ ‫الرب�ا ‪،‬‬ ‫فاإليم�ان ُمتح ِّق ٌق بِترك ما َ‬
‫بقي م َن ِّ‬ ‫ُ‬
‫األمر ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ش�ترك حتَّى نُعالِ َج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمراضنا جمي ًعا ‪ ،‬ولله ُ‬
‫َ‬ ‫حجم ما بل ْغنا إ َليه م َن ال ُغثاء ُ‬
‫الم‬ ‫َ‬
‫ومن بعدُ ‪.‬‬ ‫قبل ِ‬
‫ُ‬

‫س�اعدٌ لِوض ِع ك ُِّل‬


‫عامل م ِ‬
‫الصحي�ح ٌ ُ‬
‫ِ‬ ‫وجهها‬ ‫الس�اعة ِ‬
‫وقراءتَه�ا على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالم�ات‬ ‫إن‬ ‫فقه التحوالت‬
‫ووضعه الدواء‬
‫((( سنن الترمذي (‪. )617‬‬ ‫موضع الداء‬

‫‪308‬‬
‫التطاو ُل‬ ‫�ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س�ل ٍم وك ُِّل نِظ�ا ٍم م ِ‬
‫عاص ٍ‬ ‫م ِ‬
‫ُ‬ ‫�ر في َموقعه م� َن الحال�ة الحقيقية ؛ حتَّى ينقط َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َّرة التي رفضناها ‪ ،‬وهي ُس�نَّ ُة ِّ‬
‫النبي ‪m‬‬ ‫�ع جمي ًعا إلى الحقيقة ُ‬ ‫ونرج َ‬ ‫والتباه�ي ‪،‬‬
‫والفساد فينا وفي َغ ِيرنا‪ ..‬فهل ِمن م ِ‬
‫دك ٍر ؟!‬ ‫ِ‬ ‫موقع الع َّل ِة‬ ‫ِ‬
‫تقريره‬ ‫في‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫الرس�مي إلى الواق ِع‬ ‫س�لمين ِمن ِ‬


‫الواق ِع‬ ‫ِ‬
‫وق�د انتق َلت هذه التُّهم ُة الخطير ُة بين الم ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫جتمعات ِضدَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الم‬
‫وس�لوك وعالق�ة ُ‬ ‫يتج�ز ُأ من عقيدة ُ‬ ‫وص�ارت ُجز ًءا ال‬
‫َ‬ ‫الش�عبي ‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البعض ‪ ،‬بل واألنك�ى واألدهى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألتباعها‬ ‫تنكرت‬ ‫أن محاض َن هذه التُّه ِم قد َ‬ ‫بعضه�ا‬
‫ِ‬
‫الجريرة‬ ‫عوب ؛ لِتتنص َل عن تبِ ِ‬
‫عة‬ ‫الش ِ‬ ‫ش�ارها في ِ‬
‫دماء ُّ‬ ‫ضمان انتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫روجي فتنتِها بعدَ‬
‫َّ‬ ‫و ُم ِّ‬
‫ِ‬
‫والعبث‬ ‫مرار‬ ‫ِ‬
‫البق�اء واالس�تِ ِ‬ ‫الت�ي صنعته�ا ف�ي المجتم� ِع الم ِ‬
‫تناق ِ‬
‫�ض ؛ رغب� ًة ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫المستثم ِر األصلي ورضائه ِمن ٍ‬
‫جهة ُأخرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مصلحة‬ ‫ِ‬
‫ضمان‬ ‫مع‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ ِ‬‫بِ ُّ‬
‫ِّ‬ ‫عوب من جهة ‪َ ،‬‬
‫عبة ؛ لِيتوب وينيب ويخشى ال َّله ويتقيه ؟! أم إنَّها ِ‬
‫الفتن ُة التي‬ ‫در ٍك سر ال ُّل ِ‬
‫‪ ،‬فهل ِمن ُم ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫الحليم َحيرانًا؟!‬
‫َ‬ ‫تدع‬
‫ُ‬

‫فتن المشرق‬
‫الفت ِن ِم َن المش ِر ِق‬
‫ُظهور ِ‬
‫ُ‬
‫المشر ِق ‪ :‬فمنهم من‬ ‫اختلف ال ُعلما ُء في شأنِها فِت ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمة صغرى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العالمات الصغرى التي‬ ‫وم َن‬
‫ش�ر ِق ‪،‬‬
‫الم ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫راق ‪ ،‬ومنهم من َ‬ ‫المش�ر َق مكانًا محدَّ دا ِ‬
‫كالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫المش�رق جه َة َ‬ ‫جعل‬ ‫ُ ً‬ ‫جعل‬
‫ويدخ ُل في المعنى الثاني ً‬
‫أيضا‬ ‫ُ‬ ‫الج ِ‬
‫هة ‪،‬‬ ‫لك ِ‬ ‫تن التي جا َءت ِمن تِ َ‬ ‫ويدخ ُل فيه ك ُُّل ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلسالمي فِت ٌن عظيم ٌة ‪ِ ،‬منها ‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫التاريخ‬ ‫مر‬ ‫ِ‬
‫ظهرت منها على ِّ‬ ‫ُب ٌ‬
‫لدان عديد ٌة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس ِ‬ ‫(‪ )1‬بِال ُد ال ُف ِ‬
‫الجهات التي‬ ‫ظهرت البهائي ُة والقادياني ُة ُ‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫ندوس ‪ ،‬ومنه َ‬ ‫واله‬
‫ظهرت ِمنها الفتن‬
‫الخوار ُج والروافِ ُض والباطني� ُة والقدري ُة والجهني ُة‬
‫ِ‬ ‫ومنها ظه�ر ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫�راق ‪ِ ،‬‬ ‫(‪ِ )2‬‬
‫الع ُ‬
‫عبر التاريخ‬
‫والم ِ‬ ‫ِ‬
‫عتزل ُة ُ‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫والقرامط ُة ُ‬

‫‪309‬‬
‫ِ‬
‫القرن السابِ ِع‬ ‫والتتار في‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المغول‬ ‫ظهر ِمنها‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫بلدان الشرق التي َ‬ ‫(‪)3‬‬
‫ِ‬ ‫ظهرت ِمنها فِتن ُة ُّ‬
‫يوعية ‪.‬‬ ‫الش‬ ‫(‪ )4‬روسيا والصي ُن ‪ ،‬وقد َ‬

‫والنقض‬
‫ُ‬ ‫القبض‬ ‫الكذ ِ‬
‫اب ‪ُ ،‬ث َّم ُ‬ ‫�يلم َة ‪ ،‬وقد ظهرت ِمنها فِتن ُة مس ِ‬
‫�يلم َة َّ‬ ‫(‪ )5‬نجدُ مس ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫ِ‬
‫الزمان ‪.‬‬ ‫األحاديث عن ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫ِ‬ ‫الموعو ُد بِه في‬
‫وس�يكون ُظه�ور الدَّ َّج ِ‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫والش ِ‬
‫�رور ‪،‬‬ ‫َ�ن ُّ‬ ‫كجه�ة مص�در ِ‬
‫الفت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫المش�رق‬ ‫وال ُ‬
‫ي�زال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫نسأل ال َّله السالم َة ِمن ِ‬ ‫ويأجوج ومأجوج ِمن ِ‬
‫تن ‪.‬‬‫الف ِ‬ ‫َ‬ ‫المشر ِق ‪ُ ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫جهة‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ابن ُعمر ء أنَّه ِ‬ ‫المش�رق فكثير ٌة ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�م َع‬ ‫حديث ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ومنها‬ ‫يث ِ‬
‫عن‬ ‫األحاد ُ‬ ‫وأ َّما‬
‫أحاديث فتن‬
‫الفتن َة هاهنا ‪ ،‬أال إِ َّن ِ‬
‫الفتن َة‬ ‫إن ِ‬ ‫المش�ر ِق ‪ُ ،‬‬
‫يقول ‪ « :‬أال َّ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬وهو ُمس�تقبِ ُل‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫المشرق‬
‫ِ‬
‫الشيطان »((( ‪.‬‬ ‫يطلع ُ‬
‫قرن‬ ‫هاهنا من ُ‬
‫حيث‬ ‫ُ‬
‫ُ‬

‫((( صحي�ح البخاري (‪ ، )3279‬وكلمة (قرن) تأتي بمعنى (جيل من الناس) ‪ ،‬ففي تفس�ير ابن‬
‫كثي�ر (‪( : )241 : 3‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [المؤمن�ون‪ . ]31:‬أي ‪ :‬جيلا آخ�ر لنختبرهم ‪.‬‬
‫وفي تفس�ير البحر المحيط (‪ : )70 : 5‬وقيل ‪ :‬القرن القوم المجتمعون ‪ .‬قلت ‪ :‬الس�نون لو‬
‫كثرت ؛ لقوله ‪ :‬خير القرون قرني ‪ .‬يعني ‪ :‬أصحابه ‪ .‬وقال قس ‪:‬‬
‫بـصـائـر‬
‫ْ‬ ‫ف�ي الـذاهــبِــيـ�ن األَ َّولِــي�ـ ـ َن من الـقـ�رون لـنا‬
‫أي ‪ :‬ق�د تطل�ق على األش�خاص ‪ ،‬وليس عل�ى المدة الزمنية ‪ ،‬ولو كان�ت أعمارهم فوق‬
‫‪ 100‬مث�ل جي�ل النبي ن�وح ش ‪ ،‬كان الجيل منهم بنحو ألف ع�ام ‪ .‬وربما أقل من ذلك‬
‫(‪ 70-60‬عاما) مثال ‪ ،‬وهو الجيل الذي جاء ببداية عهد الغثاء مع س�قوط الخالفة « أعمار‬
‫أمتي ما بين الستين إلى السبعين » ‪ ،‬ولذلك جاءت الرواية « قرنا الشيطان » ‪ ،‬مما يقودنا إلى‬
‫أنهم جيالن على هذه الرواية ‪.‬‬
‫وعل�ى ذل�ك ينبني أن تفس�ير بعضهم لحديث « خير القرون قرن�ي » ال يعني به ‪ 300‬عام‬
‫بالضبط ‪ ،‬بل يعني به ثالثة أجيال ‪ :‬الصحابة ‪ ،‬التابعون ‪ ،‬تابعو التابعين ‪.‬‬
‫وتأت�ي بمعنى قوم أو ش�عب ‪ ،‬فف�ي الوجيز للواح�دي (‪ ( : )567/1‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ )‬
‫أحدثن�ا ( ﭶ ﭷ ) يعن�ي ‪ :‬عادا ‪ .‬اه�ـ ‪ .‬أي ‪ :‬قد يكون المقصود من كلمة (قرن) القبيلة‬

‫‪310‬‬
‫الش ِ‬
‫يطان»‪،‬‬ ‫هاهنا ِمن ُ‬
‫حيث يط ُل ُع ُ‬
‫قرن َّ‬ ‫سل ٍم أنَّه َق َال ‪« :‬رأس الك ِ ِ‬
‫ُفر من ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وفي ِر ِ‬
‫واية م ِ‬
‫ِ‬
‫المشر َق (((‪.‬‬ ‫يعني‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫�يطان » ‪ ،‬وفي ِر‬ ‫الحديث بِ ِ‬
‫لفظة « ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫رواية فتن‬
‫وايات «قرنا‬ ‫قرن َّ‬
‫الش‬ ‫وفي ِروايات ور َد في ِّ‬
‫نص‬
‫المشرق بالمفرد‬ ‫الش ِ‬
‫يطان » ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫والمثنى ‪ «:‬قرن‪/‬‬
‫قرنا الشيطان »‬ ‫مر ‪ ،‬وفي‬ ‫روايات ِمنها ِرواي ُة ِ‬
‫ابن ُع َ‬
‫ٍ‬ ‫سل ٍم بِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫التثنية وردت في م ِ‬ ‫ف‬‫ورواي ُة « قرنا » بألِ ِ‬
‫ِ‬
‫الش ِ‬ ‫هاهنا ! ثال ًثا ُ‬ ‫الفتن َة هاهنا ! َّ ِ‬
‫إن ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ ِره ‪َّ « :‬‬
‫يطان »((( ‪.‬‬ ‫يطلع قرنا َّ‬
‫َ‬ ‫حيث‬ ‫إن الفتن َة ُ‬ ‫ُ‬

‫المش�ر ِق‬
‫ِ‬ ‫الفتن َة تجيء ِمن هاهنا و َأ َ ِ‬
‫ابن ُعمر ‪ « :‬إِ َّن ِ‬
‫نحو‬
‫ومأ بيده َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن ِ َ‬ ‫وف�ي ُأخ�رى ِ‬
‫الش ِ‬
‫ٍ‬
‫بعض ‪ ...‬إلخ » ((( ‪.‬‬ ‫بعضكم ِر َ‬
‫قاب‬ ‫يضرب ُ‬
‫ُ‬ ‫يطان‪ ،‬وأنتم‬ ‫حيث يط ُل ُع ُ‬
‫قرن َّ‬ ‫من ُ‬

‫فق�ال ‪« :‬أال إِ َّن‬


‫اليمن َ‬‫ِ‬ ‫نحو‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود َ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ‪ m‬بي�ده َ‬ ‫أش�ار ُّ‬‫َ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫ابن‬ ‫وف�ي‬
‫ِ‬
‫أذناب‬ ‫ِ‬
‫صول‬ ‫ادين ِعن�دَ ُأ‬
‫لوب ف�ي ال َفدَّ ِ‬ ‫وإن القس�و َة ِ‬
‫وغ َل َظ ال ُق ِ‬ ‫هاهنا ‪َّ ،‬‬ ‫َ ِ‬
‫يم�ان م�ن ُ‬ ‫ِ‬
‫اإل‬
‫ِ‬ ‫حيث يط ُل ُع قرنَا َّ‬ ‫ِ‬
‫الشيطان في ربيع َة و ُم َ‬
‫ضر» (((‪.‬‬ ‫اإلبل ُ‬

‫المش�ر ِق ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫نحو‬ ‫رأس الك ِ‬
‫ُفر َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫ق�ال ‪ُ « :‬‬ ‫َ‬ ‫وف�ي ِر ِ‬
‫واي�ة أبي ُه َري�ر َة َّ‬
‫أن‬
‫تحديد األحاديث‬
‫جهة المشرق‬
‫بربيعة ومضر‬ ‫والشعب ‪ ،‬وليس المدة الزمنية أو الجيل ‪.‬‬
‫وتأتي بمعنى المدة الزمنية (‪ 100‬عام) ‪ ،‬ففي تفسير البحر المحيط إلمام اللغة أبي حيان‬
‫(‪ )70/5‬ق�ال عند اس�تعراضه لعدة أقوال ‪ ... :‬أو مائة س�نة ‪ ،‬قال�ه الجمهور ‪ ،‬وقد احتجوا‬
‫لذلك بقول النبي ‪ m‬لعبد الله بن بشر ‪ « :‬تعيش قرنا » ‪ .‬فعاش مائة ‪ ،‬وقال ‪ :‬أرأيتكم ليلتكم‬
‫هذه فإن على رأس مائة ال يبقى ممن هو اليوم على ظهر األرض أحد » ‪ .‬قال ابن عمر ‪ :‬يؤيد‬
‫أنها انخرام ذلك القرن ‪.‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )7479‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )7480‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )7481‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )190‬‬

‫‪311‬‬
‫أهل‬ ‫أهل ِ‬
‫الوبر ‪ ،‬والس�كين ُة في ِ‬ ‫واإلبل ال َفدَّ ِ‬
‫ادين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخيل‬ ‫ِ‬
‫أه�ل‬ ‫والفخ�ر ُ‬
‫والخيال ُء في‬ ‫ُ‬
‫الغن ِم » ((( ‪.‬‬
‫ِ‬
‫المش�رق ‪،‬‬ ‫ُفر ِق َبل‬ ‫ُ‬
‫«اإليمان والك ُ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪: m‬‬
‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ٍ‬
‫رواي�ة ُأخرى َ‬ ‫وف�ي‬
‫ِ‬
‫والوبر » ((( ‪.‬‬ ‫الخ ِ‬
‫يل‬ ‫والخيال ُء في الفدَّ ادين ِ‬
‫أهل َ‬ ‫والفخر ُ‬
‫ُ‬ ‫والسكين ُة في ِ‬
‫أهل الغن ِم ‪،‬‬

‫ُ‬
‫اإليمان‬ ‫ِ‬
‫اليمن ‪ ،‬هم ألي ُن ُقلو ًبا ‪ُّ ،‬‬
‫وأرق أفئد ًة ‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫أيض�ا في ِر ٍ‬
‫واية ‪ « :‬أتاكم ُ‬ ‫وعن�ه ً‬
‫المشر ِق » (((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُفر ِمن ِق ِ‬
‫بل‬ ‫رأس الك ِ‬
‫يمان ‪ ،‬والحكم ُة يماني ُة‪ُ ..‬‬
‫ُ‬

‫�ه ‪ِ « : m‬غ ُ‬
‫لظ ال ُق ِ‬
‫لوب‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫ُ‬ ‫عبدال َّل ِه ُ‬
‫يقول ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫جابر ب�ن ِ‬ ‫ٍ‬
‫رواي�ة عن ِ‬ ‫وف�ي‬
‫جاز »((( ‪.‬‬ ‫أهل ِ‬
‫الح ِ‬ ‫واإليمان في ِ‬
‫ُ‬ ‫المشر ِق ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والجفاء في ِ‬
‫أهل‬

‫وقيل ‪ :‬هما جمعاه ‪،‬‬ ‫رأس�ه ‪َ ،‬‬ ‫الش�يطان فجانبا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�رحه ‪ :‬وأ َّما قرنا‬‫ِ‬ ‫النووي في‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ُّ‬
‫تحليل « قرنا‬
‫صاص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشيطان » بألف اللذان ُيغريهما بإضالل الناس ‪ :‬وقيل ‪ :‬شيعتاه م َن ال ُك َّفار ‪ .‬والمرا ُد بذل َك اخت‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫�يطان ِ‬
‫ِ‬ ‫بمزيد ِمن تس� ُّل ِ‬
‫ٍ‬ ‫التثنية‬
‫ِ‬
‫اآلخر ‪« :‬‬ ‫الحديث‬ ‫ُفر ‪ ،‬كما َ‬
‫قال ف�ي‬ ‫وم َن الك ِ‬ ‫الش‬ ‫ط َّ‬ ‫المش�ر ِق‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ويكون‬ ‫ق�ال ذلِ َك ‪،‬‬
‫حيث َ‬‫عهده ‪ُ m‬‬ ‫وكان ذلِ َك في ِ‬ ‫َ‬ ‫المش�ر ِق » ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫نح�و‬
‫َ‬ ‫رأس الك ِ‬
‫ُف�ر‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العظيمة(((‪.‬‬ ‫منشأ ِ‬
‫الف ِ‬
‫تن‬ ‫ُ‬ ‫المشر ِق ‪ ،‬وهو فيما َبي َن ذلِ َك‬
‫ِ‬ ‫يخر ُج الدَّ َّج ُال ِم َن‬
‫حي َن ُ‬

‫أكثر ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الش�يطان» بِالتثنية هو إش�ار ٌة إل�ى ُوجود َ‬‫أعلم ‪َ :‬قو ُله «قرنا َّ‬
‫ل�ت ـ وال َّل ُه ُ‬
‫ُق ُ‬
‫ِ‬
‫باإلفراد ـ قد‬ ‫المش�ر ِق ـ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أحاديث‬ ‫ِ‬
‫�يطانية ‪ ،‬فإذا كانَت‬ ‫ِ‬
‫القرنية َّ‬
‫الش‬ ‫يحمل ِصف َة‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مكان‬
‫ِ‬
‫�يطان»‬ ‫المش�ر ِق ُعمو ًما ؛ َّ‬
‫فإن «قرنا َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجهة‬ ‫الع ِ‬
‫راق‬ ‫خصصها جمل ٌة ِمن الع ِ‬
‫لماء بِ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ َ ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )194‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪. )195‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )199‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )202‬‬
‫((( شرح النووي على مسلم (‪.)34 :2‬‬

‫‪312‬‬
‫ٍ‬ ‫ش�ار إ َليه�ا ِمن‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ناحية ُأخرى ‪،‬‬ ‫بِالتثني�ة ُيدخ ُل نجدَ ُم َس�يلم َة وما حو َلها في الجهة ُ‬
‫الش ِ‬
‫يطان‬ ‫والبالد وفي قولِه ‪ « :‬يط ُل ُع قرنا َّ‬
‫ِ‬ ‫فاضلة َبي َن المناطِ ِق‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫كر ُ‬‫صوصا ِعندَ ِذ ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وخ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ووصفهم بِ ُ‬
‫والفخر ‪.‬‬ ‫والكبر‬ ‫يالء‬ ‫في ربيع َة و ُم َ‬
‫ضر »‬

‫الش�رعي في‬ ‫ِ‬


‫البيان‬ ‫�ه ‪ m‬في‬‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫ِ‬ ‫التحديد ِخدم� ٌة واعي ٌة لِم ِ‬
‫راد‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي ه�ذا‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫ِ‬
‫صرف‬ ‫أهلها في‬ ‫ِ‬
‫ورغب�ة ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هة‬ ‫النظر عن مقا ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صرف‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة (بِ‬ ‫ِ‬
‫عالم�ات‬
‫ِ‬ ‫جتمع ًة بعيد ًة ِ ِ ِ‬
‫إبراز المعاني م ِ‬
‫ياري‪،‬‬
‫عن االنتقاء االخت ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ع�ن جهتِهم) فاألمان ُة تقتضي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِخال ًف�ا لِما‬
‫أجمع ع َلي�ه غالبي ُة ُعلماء المرحلة ال ُغثائية في صرف المعنى ـ ُّ‬
‫تعس� ًفا ـ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫صوص ـ ال‬ ‫�راق ـ بِ ُ‬
‫الخ‬ ‫صوص ‪ِ ،‬‬
‫والع ُ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬
‫�راق بِ ُ‬
‫الخ‬ ‫هة ِ‬
‫�يلم َة » إلى ِج ِ‬
‫نجد مس ِ‬‫ع�ن « ِ‬
‫ُ َ‬
‫المشر ِق بِع ِ‬ ‫تس َلم ِمن المعنى ؛ لأِ َّن النُّصوص تذكُرها بِ ِ‬
‫اسمها كما تذك ُُر ِجه َة‬
‫مومها‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وايات‬ ‫الر‬ ‫ف موق ُعه م َن المسألة بِالدَّ الالت التي ت ُ‬
‫ُشير إ َليها ِّ‬ ‫عر ُ‬ ‫‪ ،‬وأما نجدُ ُم َسيلم َة ف ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والوبر‬ ‫اإلب�ل‬ ‫أذناب‬ ‫واإلش�ارة إلى‬ ‫وذكر ربيع� َة و ُم َ‬
‫ضر ‪،‬‬ ‫الناحي�ة ‪،‬‬ ‫ش�ارة إل�ى‬ ‫كاإل‬
‫والفخر ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والخ ِ‬
‫يالء‬ ‫ُ‬

‫المش�ر ِق ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫رأس الك ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الخيل‬ ‫والخيال ُء في ِ‬
‫أهل‬ ‫والفخ�ر ُ‬
‫ُ‬ ‫نحو‬
‫ُفر َ‬ ‫الحدي�ث بِرواية « ُ‬
‫ُ‬
‫أهل ِ‬
‫الوبر » (((‪.‬‬ ‫واإلبل الفدَّ ادين ِ‬
‫ِ‬

‫لك النواحي ‪ ،‬س�وا ٌء‬ ‫س�لمين في تِ َ‬ ‫أن المعنى ال ينطبِ ُق على الرعايا و ُعمو ِم الم ِ‬
‫ُ‬ ‫مع َّ‬ ‫َ‬
‫المعنى ال ينطبق‬
‫على الرعايا‬ ‫والج ِ‬
‫هة » ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫ِ‬
‫الناحية ِ‬ ‫راق ـ أو بِالمفهو ِم العا ِّم «‬ ‫المشر ِق الخاص ـ ِ‬
‫كالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِمفهو ِم‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫المسلمين‬
‫وعموم ُ‬
‫الكثير ِمنهم ال‬
‫َ‬ ‫الفتن َة وتقو ُدها ‪َّ ،‬‬
‫ولعل‬ ‫تحم ُل ِ‬‫عينة ِ‬
‫ؤوس م ٍ‬
‫ٍ ُ‬ ‫ودالالت لِ ُر‬
‫ٌ‬ ‫عالمات‬
‫ٌ‬ ‫هي‬
‫حتف ُأنوفِهم ‪.‬‬
‫َ‬ ‫لم ؛ فوقعوا فِيها‬ ‫ِ‬
‫األمر ‪ ،‬ولم يب ُل ْغ ُ‬
‫هم الع ُ‬ ‫يعلمون َ‬
‫بار ْك لنا في ِ‬
‫صاعنا و ُمدِّ نا‬ ‫النبي ‪ « : m‬ال َّل ُه َّم ِ‬ ‫وع�ن ِ‬
‫اب�ن ع َّب ٍ‬
‫اس ؤ َ‬ ‫ِ‬
‫أحاديث متنوعة‬ ‫قال ‪ :‬دعا ُّ‬
‫عن قرن المشرق‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )194‬‬

‫‪313‬‬
‫فقال رج ٌل ِمن القو ِم ‪ :‬يا نبي ال َّل ِه ‪ ،‬وفي ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راقنا ‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وبار ْك لنا في ش�امنا ويمننا » ‪ُ َ .‬‬
‫ِ‬
‫صحيح‬ ‫المش�ر ِق » ((( ‪ ،‬وفي‬‫ِ‬ ‫وإن ِ‬
‫الجفا َء بِ‬ ‫�يطان وتَهيج ِ‬
‫الفتَ� َن ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫إن به�ا َ‬
‫قرن َّ‬
‫الش‬ ‫‪َّ « :‬‬
‫َ ُّ َ‬
‫بعض‬‫ذهب ُ‬ ‫راقنا ‪ ،‬وهي الرواي ُة‬ ‫ب�دل ِع ِ‬
‫نجدنا » َ‬ ‫البخ�اري « وف�ي ِ‬
‫األص�ح((( ‪ .‬وقد َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫الكذ ِ‬ ‫ِ‬
‫«نجد ُم َس ِيلم َة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب»‪.‬‬ ‫شير إلى‬‫ال ُعلماء إلى أن َقو َله ‪ « :‬نجدنا » ُي ُ‬
‫صور المتتابِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫العديد ِمن هذه ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عة‬ ‫المتالحقة في ال ُع ِ ُ‬ ‫َ�ن ُ‬ ‫الفت ِ‬ ‫س�رد‬ ‫وقد اعتنى ال ُعلما ُء بِ‬
‫ومنها فِتَ� ٌن ُأخرى لم‬
‫العالمات الوس�طى والصغ�رى ‪ِ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ومنه�ا م�ا ق�د تناولناه في‬ ‫‪ِ ،‬‬
‫اعتناء العلماء‬
‫والمانوي�ة ‪ ،‬والمزدكية ‪ِ،‬‬
‫ِ‬ ‫والفاطمية ‪ ،‬والزرادش�ية ‪ِ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والزنج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ�ر كفتن�ة القرامط�ة‬ ‫ِ‬
‫بفتن المشرق تُذك ْ‬
‫ِ‬
‫والنواصب ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرافض�ة‬ ‫والس�بئية ‪ ،‬وفِ ِ‬
‫تنة‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واجتياحهم بِالد الم ِ‬ ‫ِ‬
‫التتار‬ ‫العامة والخاصة وفِ ِ‬
‫تن�ة‬
‫َ ُ‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والبهائية ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والقاديانية ‪،‬‬ ‫ندوسية ‪ ،‬والب ِ‬
‫وذية ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصليبية ‪ِ ،‬‬
‫واله‬ ‫والح ِ‬
‫روب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫تمز ِق‬ ‫ِ‬


‫ويلات بِ ُّ‬ ‫التم�ز ِق و ُظ ِ‬
‫هور الدُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫الفت َِن ِخ َ‬
‫لال‬ ‫بع�ض هذه ِ‬‫ِ‬ ‫�روز‬ ‫َ‬
‫وكان ُب ُ‬
‫كف ِ‬
‫تنة‬ ‫�روز ِ‬
‫الظهور وال ُب ِ‬
‫ِ‬ ‫واس�تمر في‬ ‫كان ِمن ُ‬
‫قبل ‪،‬‬ ‫ومنها م�ا َ‬ ‫�اس ‪ِ ،‬‬ ‫ِخ ِ‬
‫الف�ة بن�ي الع َّب ِ‬
‫َّ‬ ‫فتنة الخوارج‬
‫�ه ‪ « : m‬يخرج في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫ُ‬ ‫قال فِيها‬
‫المتنامي ُة التي َ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫الخ�وارج‪ ،‬وهي الفتن� ُة ُ‬
‫ِ‬
‫يمرقون ِم َن اإلسال ِم ُم َ‬
‫روق السه ِم‬ ‫ِ‬ ‫رآن ال ُي ِ‬
‫جاو ُز حناج َرهم ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫الزمان َقو ٌم يقرؤون ال ُق َ‬
‫يخر َج‬ ‫ِ‬
‫الرمية ‪ ،‬ال يرجعون إ َليه ‪ ،‬س�يماهم‬ ‫ِم� َن‬
‫التحليق‪ ،‬ال يزال�ون يخرجون حتَّى ُ‬
‫ُ‬
‫المسيخ الدَّ َّج ِ‬
‫ال ‪ . »...‬الحديث((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مع‬ ‫ِ‬
‫آخ ُرهم َ‬
‫الكبي�ر والبيهقي ‪ « :‬يخرج ق�وم ِ‬
‫أحدَّ ا ُء‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ ُّ‬ ‫والطبران�ي في‬
‫ُّ‬ ‫خ�اري‬
‫ُّ‬ ‫وروى أحم�دُ وال ُب‬
‫الدقل ‪ ،‬ال ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جاو ُز تراق َيهم» ‪ .‬وفي‬ ‫ِ‬ ‫أش�دَّ ا ُء زلق ٌة ألس�نتُهم بِال ُقرآن يقرؤونه ين ُثرونه َ‬
‫نثر‬
‫ِ‬
‫األس�نان ‪ُ ،‬س�فها ُء األحال ِم ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أحداث‬ ‫ِ‬
‫الزم�ان » ‪ ...‬إل�خ ‪« .‬‬ ‫لف�ظ آخ�ر « يأت�ي ِ‬
‫آخ ُر‬ ‫ٍ‬
‫َ‬

‫((( الطبراني في المعجم الكبير (‪)12583‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪. )1037‬‬
‫((( سنن النسائي (‪. )4120‬‬

‫‪314‬‬
‫ِ‬
‫الن�اس ‪ » ...‬إلخ ‪ .‬اهـ ‪.‬‬ ‫قول‬ ‫جاو ُز تراق َيه�م ‪ ،‬يقولون ِمن ِ‬
‫خير ِ‬ ‫�رآن ال ُي ِ‬
‫يق�رؤون ال ُق َ‬
‫رواه الشيخان وأحمدُ ‪.‬‬
‫ِ‬
‫�رآن َل َ‬
‫يس‬ ‫عل�ي ؤ ‪ « :‬يق�رؤون ال ُق َ‬‫ٍّ‬ ‫وغيره�م ع�ن‬
‫وروى ُمس�ل ٌم وأب�و داو َد ُ‬
‫ش�يء ‪ ،‬وال صالتُكم إلى صالتِهم بِ ٍ‬
‫شيء ‪ ،‬وال صيا ُمكم إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ِقراءتُكم إلى ِقراءتِهم بِ‬
‫ٍ‬
‫ش�يء ‪ ،‬يحس�بون أنَّه له�م ‪ ،‬وهو ع َليه�م ! ال ت ِ‬
‫ُجاو ُز صالتُه�م تراق َيهم ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صيامه�م بِ‬
‫ِ‬
‫الرمية ‪ » ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫السهم ِم َن‬ ‫يمر ُق‬ ‫ِ‬ ‫يمرقون ِم َن‬
‫ُ‬ ‫الدين كما ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أح�وال أصحابِه�ا نجدُ ها كما‬ ‫ِ‬
‫ودراس�ة‬ ‫ِ‬
‫الظواه ِر‬ ‫المتأنِّ�ي في ه�ذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انتشار الفتنة في‬ ‫النظ�ر ُ‬ ‫وعن�دَ‬
‫البالد العربية‬ ‫وأس�اس ُظ ِ‬
‫هورها‬ ‫أخب�ر عنها النبي ‪ m‬قد عم ِ‬
‫ت البِال َد العربي َة واإلسلامي َة ُك َّلها ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫واإلسالمية‬ ‫ثائية ما قد سب َق ِ‬
‫المرحلة ال ُغ ِ‬
‫ِ‬
‫وتغلغلها في دماء‬
‫ِ‬
‫الكتاب عن‬ ‫ت اإلشار ُة إ َليه في هذا‬ ‫وتوسي ِع حلقتِها في‬
‫الشعوب‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬ـ إلاَّ أنها ال َيو َم قد‬
‫ُ‬ ‫سماها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫المش�رق وفتنة قرن الش�يطان ـ كما َّ‬
‫فِ ِ‬
‫تنة‬
‫الش�يطان ؛ لتُصبِ َح ُج�ز ًءا ِمن لح ِم‬
‫ِ‬ ‫خرج�ت عن مكمنِها األصلي فيما س�مي بِ ِ‬
‫قرن‬ ‫ُ ِّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واإلرج�اف والتحدِّ ي‬ ‫مص�اد ِر ِ‬
‫القلق‬ ‫ِ‬ ‫ومصدرا ِمن‬ ‫المخدوع�ة ِ‬
‫ودمه�ا ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�عوب‬ ‫ُ‬
‫الش‬
‫ً‬
‫عاب ‪ ،‬وتحو َلت إلى خاليا‬ ‫الش ِ‬ ‫عب ِم َن ِّ‬ ‫وقرية ِ‬
‫وش ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مدينة‬ ‫ِ‬
‫واالندفا ِع في كُل‬ ‫والتطر ِ‬
‫ف‬ ‫ُّ‬
‫العلي العظي ِم ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫حول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬ ‫ٍ‬
‫بعض ‪ ،‬وال َ‬ ‫بعضها عن‬
‫ينفصل ُ‬‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وجماعات‬

‫أيضا‬
‫ً‬ ‫المشر ِق‬
‫ِ‬ ‫القها ِمن ِ‬
‫جهة‬ ‫المرحلة ‪ ،‬ومصدر انطِ ِ‬
‫ِ‬ ‫عادل ُة لها في‬‫الفتن ُة الم ِ‬
‫وتليها ِ‬
‫ظاهرة انتشار‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّخ ِذ ِشعار الن ِ‬
‫الفكر المت ِ‬ ‫تعيش�ه األُ َّم ُة اإلسلامي ُة والعربي ُة ِمن ِ‬
‫وتبر ُز فِيما ُ‬
‫ُّصرة الفتنة المعادلة‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫خطر‬ ‫‪ُ ،‬‬
‫ِ للخوارج تحت‬
‫مسمى حب آل‬ ‫المرحلة ِمن زوابِ ِع اإلعال ِم ‪ ،‬وكثرة‬
‫ِ‬ ‫َّب على الدف ِع بِه في‬
‫األطهار وما ترت َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البيت‬ ‫ِ‬
‫آلل‬
‫البيت‬ ‫ِ‬
‫النظر الواعي في‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫المس�ألة ِ‬ ‫وخ ِ‬
‫روج‬ ‫البيت بِن ِ‬
‫ُصرة اإلسلا ِم ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫قوق آل‬ ‫التناو ِل لِ ُح ِ‬
‫ُ‬
‫ش�وائية األحكا ِم وتهو ِ‬
‫ِ‬ ‫يت وأئمتِهم إلى َع‬ ‫آل الب ِ‬ ‫نبي األُ َّم ِة ‪m‬‬ ‫ِ‬
‫كات‬ ‫ُّ‬ ‫ونقول ِ َ‬
‫ِ‬
‫مقوالت ِّ‬
‫واإلسلامي‬
‫َّ‬ ‫العربي‬
‫َّ‬ ‫العالم‬
‫َ‬ ‫ي�دع مجالاً لِلجز ِم بِ َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الث�أر والحق�د واالنتقا ِم ‪ ،‬بما ال ُ‬ ‫ِ‬

‫‪315‬‬
‫الحق ؛ ل َي ْذ َه َ‬
‫ب‬ ‫هل ِّ‬ ‫صار لأِ ِ‬
‫َّخ ِذ ِصف َة االنتِ ِ‬
‫التحريش اإلبليسي المت ِ‬
‫ِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أتون فِ ِ‬
‫تنة‬ ‫سيقع في ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الراغبة في‬ ‫قال عنه�ا ‪ m‬لأِ ُ َّمتِه‬
‫قة التي َ‬ ‫الماح ِ‬
‫ِ‬ ‫الس�اح ِ‬
‫قة‬ ‫ِ‬ ‫الح�ق وأه ُله في هذه ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫ُّ‬
‫كان ح ًّق�ا ع َل ِيه أن يدُ َّل ُأ َّمتَه على ِ‬
‫خير ما يع َل ُمه‬ ‫َ‬ ‫نبي قبلي إلاَّ‬ ‫ِ‬
‫السلامة ‪ « :‬إنَّ�ه لم ي ُك ْن ٌّ‬
‫ويصير‬
‫ُ‬ ‫جعل عافيتَها في َّأولِها ‪،‬‬‫وإن ُأ َّمتَكم هذه َ‬ ‫شر ما يع َل ُمه لهم ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لهم ‪ ،‬و ُينذ َرهم َّ‬
‫ُ‬
‫فيقول‬ ‫بعضا ‪ ،‬وتجيء ِ‬
‫الفتن ُة‬ ‫بعضها ً‬ ‫ُنكرونه ‪ ،‬وتجيء فِتن ٌة فير َّق ُق ِ‬ ‫آخرها بالء و ُأمور ت ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫المؤم ُن ‪ :‬هذه هذه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فيق�ول‬ ‫�ف وتجيء ِ‬
‫الفتن ُة ؛‬ ‫تنكش ُ‬ ‫هلكَتي ‪ُ ،‬ثم ِ‬ ‫المؤم�ن ‪ :‬ه�ذه م ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مؤمن بِ ِ‬
‫الله وال َيو ِم‬ ‫ويدخ َل الجن َة فلتأتِه منيتُ�ه وهو ِ‬ ‫ُ‬ ‫عن ِ‬
‫النار‬ ‫زحز َح ِ‬
‫أح�ب أن ُي َ‬ ‫فم�ن‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫الحديث((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخ ِر ‪ ،‬وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه‪» ...‬‬
‫ي�ل ا ُل ِ‬
‫مظل ِم‪ُ ،‬يصبِ ُح‬ ‫ِ‬
‫باألعمال فتنًا كقط ِع ال َّل ِ‬ ‫يق�ول ‪ِ « : m‬‬
‫بادروا‬ ‫ُ‬ ‫وف�ي هذه ِ‬
‫الفت َِن‬
‫وجوب المبادرة‬
‫يبيع دينَه بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باألعمال ِعند‬
‫ٍ‬
‫عرض‬ ‫�ح مؤمنًا ‪ُ ،‬‬ ‫الرج َل فيها مؤمنًا و ُيمس�ي كاف ًرا ‪ ،‬و ُيمس�ي كاف ًرا و ُيصبِ ُ‬
‫ُ‬
‫ظهور الفتن‬
‫ِم َن الدُّ نيا » ((( ‪.‬‬

‫السا َع ِة‬
‫«إن بي َن َيدَ ِي َّ‬ ‫يقول ‪َّ :‬‬‫َّبي ‪َ m‬وسم ْعنَا ُه ُ‬ ‫ِ‬
‫شير قال َصح ْبنا الن َّ‬ ‫وعن النُّعمان بن َب ٍ‬

‫الر ُج ُل فِ َيها ُم ْؤ ِمنًا ُث َّم ُي ْم ِسي كَافِ ًرا َو ُي ْم ِسي ُم ْؤ ِمنًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َتنًا كأن ََّها ق َط ُع ال َّل ْي ِل ا ْل ُم ْظل ِم ‪ُ ،‬ي ْصبِ ُح َّ‬
‫ض الدُّ ْن َيا»‪ ،‬قال‬ ‫ض ِم ْن الدُّ ْن َيا َي ِس ٍ‬
‫�ير َأ ْو بِ َع َر ِ‬ ‫يع َأ ْق َوا ٌم َخلاَ َق ُه ْم بِ َع َر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُث َّم ُي ْصبِ ُح كَاف ًرا ‪َ ،‬يبِ ُ‬
‫عقول ‪َ ،‬أ ْج َسا ًما َولاَ أحلاَ َم ‪َ ،‬ف َر َاش ن ٍ‬
‫َار َو َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ذبان‬ ‫صورا وال‬
‫ً‬ ‫الح َس ُن‪ :‬والله ل َقدْ رأين ُ‬
‫َاه ْم‬ ‫َ‬
‫يع َأ َحدُ ُه ْم َد ْينَ ُه بِ َث َم ِن ا ْل َعن ِْز(((‪.‬‬ ‫ون بِ ِدرهمي ِن ويروح َ ِ‬
‫ون بِد ْر َه َم ْي ِن ‪َ ،‬يبِ ُ‬ ‫َط َم ٍع ‪َ ،‬ي ْغدُ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ‬
‫َ‬
‫سأل‬ ‫أن رجلاً‬ ‫ِ‬
‫والحاك ُم ‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫الكبير‬ ‫والطبراني في‬ ‫يهقي وأحمدُ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫سي وال َب ُّ‬
‫أفضل الناس في وروى الطيال ُّ‬
‫�ه ‪ « : m‬نعم ‪ ،‬أيما‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫ُ‬ ‫�ه ‪ « : m‬هل لِإلسلا ِم ُمنتهى ؟ » ‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫ُ‬ ‫الفتن من يعتزل‬
‫الناس‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )4882‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪)328‬‬
‫((( مسند أحمد (‪.)18404‬‬

‫‪316‬‬
‫أدخل ع َل ِيه ُم اإلسال َم » ‪َ .‬‬
‫قال ‪ُ :‬ث َّم ماذا‬ ‫العرب أو العج ِم أرا َد ال َّل ُه بِهم ً‬
‫خيرا َ‬ ‫ِ‬ ‫يت ِم َن‬‫ب ٍ‬
‫َ‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪.‬‬
‫َ‬ ‫الرج ُل ‪ :‬كلاَّ يا‬
‫فقال ُ‬ ‫لل » ‪َ .‬‬ ‫قال ‪ُ « :‬ثم تقع ِ‬
‫الف َت ُن كال ُّظ ِ‬ ‫َّ ُ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫بعضكم‬ ‫بيده ‪ ،‬ليعو ُد َّن فِيها أس�او َد‪ِ ..‬‬
‫يضر ُب ُ‬ ‫فقال النبي ‪ « : m‬كلاَّ والذي نفس�ي ِ‬ ‫َ‬
‫الش ِ‬
‫�عاب ‪ ،‬يتَّقي ر َّبه‪،‬‬ ‫�عب ِم َن ِّ‬
‫يعتز ُل في ِش ٍ‬ ‫يومئذ ِ‬
‫مؤم ٌن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫ٍ‬
‫بعض ‪،‬‬ ‫ِر َ‬
‫قاب‬
‫شره »((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويدع من ِّ‬
‫قال ‪ِ :‬‬
‫فإن‬ ‫قال « ِ‬
‫تكس ُ�ر ي�دَ َك » ‪َ .‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬
‫َ‬ ‫نصنع يا‬ ‫كيف‬
‫وف�ي رواي�ة ‪ :‬قال�وا َ‬
‫ُ‬
‫قال ‪ :‬حتَّى متى ؟ َ‬
‫قال ‪ « :‬حتَّى تأت َيك يدٌ خاطئ ٌة‬ ‫قال ‪ِ « :‬‬
‫تكسر األُخرى » ‪َ .‬‬ ‫انجبرت ؟ َ‬
‫َ‬
‫أو مني ٌة قاضي ٌة » (((‪.‬‬

‫العدو‬ ‫ٍ‬
‫صحيحة ِضدَّ‬ ‫ٍ‬
‫مقاومة‬ ‫يدور ِمن‬ ‫ِ‬ ‫يدخ ُ�ل َ‬ ‫وال ُ‬
‫العزلة عن الناس‬ ‫ِّ‬ ‫والتفصيل ما ُ‬ ‫تحت هذا المعنى‬
‫أو الجهاد ال‬ ‫تعيش�ه األُ َّم ُة‬ ‫ُ‬
‫المدلول في ما ُ‬ ‫ِ‬
‫ينحص ُر هذا‬ ‫حتل في فِلس�طي َن أو ف�ي ِ‬
‫غيره ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫الم ِّ‬
‫ُ‬
‫يشمل نماذج‬
‫فلسطين وما‬ ‫سبيل ال َّل ِه على‬‫ِ‬ ‫حيث َّ‬
‫إن الجها َد في‬ ‫ِ‬
‫الداخلية ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والمؤامرة‬ ‫ِ‬
‫والوهن‬ ‫ُك ُّلها ِم َن التخا ُذ ِل‬
‫شابهها‬ ‫كان مفعولاً‬
‫أمرا َ‬ ‫يقضي ال َّل ُه ً‬
‫َ‬ ‫أمر ال َّل ِه تعالى ـ إلى أن‬
‫قائما ـ بِ ِ‬ ‫ُّ‬
‫س�يظل ً‬ ‫الش�رعي‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الوجه‬
‫ِ‬
‫الفصائل‬ ‫الح ُظ ِمن صرا ٍع َبي َن‬‫أيضا بما ُي َ‬
‫ضة ً‬‫تناق ِ‬ ‫حدودة والم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬ولكنَّه في صورته ُ‬
‫يد ِ‬
‫عباده‬ ‫أمر ال َّل ِه على ِ‬ ‫واألرض بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�موات‬ ‫ذاتِه�ا ‪ ،‬ولكنَّه ـ أي ‪ :‬الجهاد ـ ٍ‬
‫باق بقا َء‬
‫سبيل ال َّل ِه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جل ال َّل ِه وفي‬
‫المقاتِلين لأِ ِ‬
‫الصالحين ُ‬
‫مر((( ‪َ :‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‬ ‫التويجري ـ رح َمه ال َّل ُه ـ تعلي ًقا على حديث عبدال َّله بن ُع َ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫هاهنا ‪،‬‬ ‫الفتن َة هنا ‪ ،‬ها َّ ِ‬
‫إن ِ‬
‫راق « ها َّ‬ ‫بيده يؤم ِ‬
‫الع َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬يش�ير ِ‬
‫َ‬
‫إن الفتنة ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫رأيت‬
‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫يطان » ‪.‬‬ ‫قرن َّ‬ ‫ات ـ ِمن ُ‬
‫حيث يط ُل ُع ُ‬ ‫ثالث مر ٍ‬
‫َ َّ‬ ‫هاهنا ـ‬ ‫ها َّ ِ‬
‫إن الفتنة ُ‬

‫((( صحيح ابن حبان (‪ )5956‬والطبراني في الكبير (‪. )444‬‬


‫((( الطبراني في األوسط (‪. )4583‬‬
‫((( (‪. )142 :1‬‬

‫‪317‬‬
‫ِ‬
‫العراق‬ ‫الفت َِن ِمن ِج ِ‬
‫هة‬ ‫منشأ ِ‬
‫ُ‬ ‫البيان بِ َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ :‬وفي هذه الر ِ‬
‫واية فائد ٌة جليل ٌة ‪ ،‬وهي‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫الزناد ِ‬
‫قة َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫زعم ِم َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال ِم�ن ِج ِ‬
‫العرب ‪ ،‬ففيها ر ٌّد على َم�ن َ‬ ‫أرض‬
‫نج�د ‪ ،‬التي هي ُ‬ ‫هة‬
‫ِ‬
‫العرب !‬ ‫المرا َد بِذلِ َك ُ‬
‫أرض‬ ‫ُ‬

‫السمع‬ ‫وشرحها غني ٌة ِ‬


‫وكفاي ٌة لمن ألقى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫س�بق بيانُه في‬
‫لت ‪ :‬وفيما قد َ‬‫ُق ُ‬
‫َ‬
‫س�امحه ال َّل ُه لفظ َة « الزنادقة » على‬ ‫ِ‬
‫إطالقه‬ ‫ِ‬
‫العجب في‬ ‫والعجب ك ُُّل‬ ‫وهو ش�هيدٌ ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ش�ار إ َلي�ه بِ ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قرن‬ ‫مفس�ري أحادي�ث رس�ول ال َّل�ه ‪ m‬في تحدي�د المكان ُ‬ ‫بع�ض ِّ‬
‫بعض‬ ‫عن الهوى ‪ . m‬ب�ل واعتبر ُ‬ ‫قول م�ن ال ينطِ ُق ِ‬
‫ثبت في ِ‬ ‫ِ‬
‫�يطان ‪ ،‬كم�ا هو ُم ٌ‬ ‫َّ‬
‫الش‬
‫بعض الع ِ‬
‫لماء لِ ُحكَّا ِم‬ ‫نجد إنَّما هو العدا ُء ِمن‬
‫بناحية ٍ‬
‫ِ‬ ‫المشر ِق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ ُ‬ ‫تحديد‬ ‫سبب‬
‫أن َ‬ ‫هؤالء َّ‬
‫الش�رعية وربطِها‬
‫ِ‬ ‫أل ِ‬
‫مور‬ ‫التفس�ير لِ ُ‬
‫ِ‬ ‫راء أو س ِ‬
‫�وء‬ ‫محض االفتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناحية ‪ ،‬وهذا من‬ ‫تِ َ‬
‫لك‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ألسف ‪.‬‬ ‫القات ولِ‬
‫ِ‬ ‫بِالمصالِ ِح ِ‬
‫والع‬
‫الفقرة السابِ ِ‬
‫عة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشرعية إلى ِ‬
‫النظر في‬ ‫المسألة على ُأ ُس ِسها‬
‫ِ‬ ‫ب في فه ِم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ونحيل الراغ َ‬
‫يس نب ًّيا» ص‪. 169‬‬ ‫المالكي على ِك ِ‬
‫تاب «داعي ٌة و َل َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫ِمن ُم ِ‬
‫لحق‬

‫هور ال ِّزان‬
‫ُظ ُ‬ ‫ظاهرة الزنا عالمة‬
‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫الساعة الصغرى وأشراطِها ‪ ،‬وهناك ُجمل ٌة ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ِ‬
‫أخطر‬ ‫وهو ِمن‬
‫صغرى‬

‫ِ‬
‫الزمان ؛ حتَّى يؤدي‬ ‫اإلسلامية ِ‬
‫آخ َر‬ ‫ِ‬ ‫األخالقي في األُ َّم ِة‬ ‫ِ‬
‫االنح ِ‬
‫دار‬ ‫ُش�ير إلى‬ ‫الن ِ ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّبو َّية ت ُ‬
‫صو ٍر شتَّى والعيا ُذ بِال َّل ِه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َك إلى ال ُف ِ‬
‫جور والدعارة بِ َ‬
‫�ل االس�تِ ِ‬
‫عمار‬ ‫األخلاق كم�ا عر َفت�ه في ِ‬
‫مراح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انحدار األخالق ول�م تع�رف األُ َّم� ُة انح ً‬
‫�دارا ف�ي‬
‫هتار واالستِ ِ‬
‫ثمار ‪.‬‬ ‫في مرحلة واالستِ ِ‬
‫االستعمار‬
‫ِ‬
‫الغزو‬ ‫يوس ُع دائر َة‬ ‫ِ‬
‫وقرارها بد َأ ِّ‬ ‫رات األُ َّم ِة‬
‫نذ سيطرتِه على مقدَّ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ستعم ُر ُم ُ‬ ‫الم‬
‫فالعدو ُ‬
‫ُّ‬

‫‪318‬‬
‫وكيفيات ؛ حتَّى تمكن ِمن‬
‫ٍ‬ ‫نماذج‬
‫َ‬
‫وره وألوانِه ‪ ،‬وفي ِ‬
‫عدة‬ ‫الثقافي الكافِ ِر ‪ ،‬بِش�تَّى ُص ِ‬
‫ِّ‬
‫والسن َِّة ِجيلاً بعدَ ِج ٍ‬
‫يل ‪ ،‬وحتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�فلى في داخ ِل ُمجتمعات ال ُقرآن ُّ‬
‫ِ‬
‫تحقيق أهدافه ُّ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫بروز جيل‬
‫التهار ِج‬
‫ُ‬ ‫وبرز ُ‬
‫جيل‬ ‫ميالت ِم َن النساء ‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جيل الكاس�يات العاريات المائالت ُ‬ ‫برز ُ‬ ‫َ‬
‫الح ُم ِر » (((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي َ‬
‫الكاسيات‬ ‫تهار َج ُ‬
‫الناس يتهارجون فيها ُ‬ ‫رار‬
‫قال فيه ‪ « : m‬ويبقى ش ُ‬
‫العاريات‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمتم ِّع ُن في‬
‫المجتمع�ات العربية واإلسلامية ال َي�و َم ‪ُ ،‬‬ ‫�ع عل�ى أحوال ُ‬ ‫والم َّطل ُ‬
‫ُ‬
‫يتجز ُأ ِمن‬
‫صارت ه�ذه الثقاف ُة ُجز ًءا ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُمخرج�ات ثقافتها وإعالمها وتربيتها ـ وقد َ‬
‫ِ‬
‫والفكرية‬ ‫ِ‬
‫ماعي�ة‬ ‫القات االجتِ‬
‫ِ‬ ‫الع‬ ‫اآلخر واالنطِ ِ‬
‫�واء فيه ‪ ،‬وخاص ًة ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثقاف�ة العال� ِم‬
‫دية في األُ َّم ِة‪،‬‬
‫ُّب�وءات المحم ِ‬
‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫يقين مدى ِص ِ‬
‫دق الن‬ ‫صادي�ة والعاطِ ِ‬
‫في�ة ـ يتأ َّكدُ بِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫واالقتِ‬
‫ارتباط‬
‫المخرجات‬ ‫حرمة بِك ُِّل أشكالِها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فظاهر ُة العالقات َغ ِير الش�رعية وظاهر ُة العالقات الجنسية ُ‬
‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثقافية في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالم العربي‬ ‫حيث‬ ‫العواص ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ًة في‬
‫َّ‬ ‫الحضارية ‪،‬‬ ‫جتمعات‬ ‫الم‬
‫أغلب ُ‬ ‫ُ‬ ‫تنفك عن ممارستِها‬ ‫ال ُّ‬
‫واإلسالمي‬ ‫ِ‬
‫واللهو‬ ‫ِ‬
‫الترف‬ ‫وأسباب‬ ‫ِ‬
‫والسياحة‬ ‫الشعوب واألُمم ‪ ،‬وتزداد حرك ُة االقتِ ِ‬
‫صاد‬ ‫تختل ُط ُّ‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بالعالم اآلخر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ختلطة‬ ‫رص التم ُّت ِع بالحريات الش�خصية والوظائف الرسمية وشبه الرسمية ُ‬
‫الم‬ ‫و ُف ُ‬
‫الج ِ‬
‫نسين ‪.‬‬ ‫َبي َن ِ‬

‫القات‬‫ِ‬ ‫صاص تتبنى إدرا َة ِ‬


‫الع‬ ‫ٍ‬ ‫هات اختِ‬ ‫ِ‬
‫السيئة ِج ُ‬ ‫ِ‬
‫ماعية‬ ‫األمراض االجتِ‬
‫ِ‬ ‫أن لِهذه‬‫كما َّ‬
‫منظمات الوقاية‬
‫هة ِضم َن‬‫مارس�ة الموج ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم‬ ‫ِ‬ ‫نس�ية وتنظيمها وتضع لها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من األمراض‬ ‫ُ َّ‬ ‫الطبي ُ‬
‫ِّ‬ ‫التحصين‬ ‫قواعدَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الج‬
‫الجنسية ودورها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�مونها بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في نشر الفساد‬ ‫الكازينوهات‬ ‫والمس�ار ِح والمالهي ‪ ،‬وما ُي ُّ‬ ‫والفندقة‬ ‫الس�ياحية‬ ‫األعمال‬
‫الغربي‬
‫ِّ‬ ‫والمواخي�ر التي ن ُِق َل�ت ِم َن العال� ِم‬
‫ِ‬ ‫وغيره�ا م�ن ال ُب ِ‬
‫ؤر‬ ‫ِ‬
‫الس�هرات ‪ِ ،‬‬ ‫وليال�ي‬
‫واإلسالمية جهود لمؤس ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض البِ ِ‬ ‫ِ‬
‫سات‬ ‫ُ ٌ ُ َّ‬ ‫العربية‬ ‫الد‬ ‫ِ‬ ‫والش�رقي الكاف ِر ‪ ،‬وت َ‬
‫ُالح ُظ في‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫البيئية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والوقاية‬ ‫ِ‬
‫والنفسية‬ ‫ِ‬
‫الطبية‬ ‫ِ‬
‫دمات‬ ‫تحم ُل ِصف َة ِ‬
‫الخ‬ ‫غربية ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وجمعيات‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )7560‬‬

‫‪319‬‬
‫ِ‬
‫التحصين‬ ‫�ز‬ ‫ِ‬
‫ومراك ِ‬ ‫ِ‬
‫ستش�فيات‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والق�ارئ لِ‬
‫ِ‬
‫تقارير ُ‬ ‫المنش�ورة ف�ي‬ ‫إلحصائيات‬
‫ِ‬
‫نس�ية عا ًما‬ ‫األمراض ِ‬
‫الج‬ ‫ِ‬ ‫المصابين بِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫قدار الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المتكاث�رة م َن ُ‬
‫ِّس�ب ُ‬ ‫م� َن األوبئة يرى م َ‬
‫صاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ل بِ ِ‬
‫داخ ِ‬ ‫جال والن ِ‬
‫ِّس�اء في ِ‬ ‫بع�دَ عا ٍم َبي َن الر ِ‬
‫والمس�لمين ‪ ،‬أ َّما َمن ُي ُ‬
‫العرب ُ‬ ‫الد‬ ‫ِّ‬
‫حرج ‪.‬‬
‫ث وال َ‬ ‫ِ‬
‫خار َجها فحدِّ ْ‬
‫ِ‬
‫واإلثارة‬ ‫ِ‬
‫والتزيين‬ ‫ِ‬
‫االحتناك‬ ‫ِ‬
‫معركة‬ ‫ِ‬
‫�يطان في‬ ‫سلاح َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬ ‫الع َلل ُجز ٌء ِمن‬
‫ولأِ َّن هذه ِ‬

‫س�يبر ُز وس�يزدا ُد‬ ‫رة‬‫عاص ِ‬ ‫ِ‬


‫الحياة الم ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هات في‬ ‫لك ِ‬ ‫أن االهتِما َم بها من تِ َ‬ ‫ش�ك َّ‬
‫فال َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫تطو ِر ما ِّد ًّي�ا وثقاف ًّيا وإعالم ًّيا حتَّى َ‬ ‫ِ‬
‫نماذجه‬ ‫يبلغ إل�ى أقصاه في‬ ‫الم ِّ‬‫جل ًّي�ا ف�ي الواق ِع ُ‬
‫ثل َقولِه ‪ « :‬والذي نفس�ي ِ‬
‫بيده‬ ‫عن الهوى ‪ m‬في ِم ِ‬ ‫التي قد تك َّل َم عنها َمن ال ينطِ ُق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرأة ِ‬
‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫الطريق ‪،‬‬ ‫فيفتر ُش�ها ف�ي‬ ‫‪ ،‬ال تفن�ى ه�ذه األُ َّم ُة حتَّ�ى يقو َم ُ‬
‫الرج ُل إلى‬
‫الحائ ِ‬
‫ط ‪.(((» ...‬‬ ‫ِ‬ ‫يومئ ٍذ َمن ُ‬
‫يقول‪َ :‬لو واريتُها ورا َء هذا‬ ‫ِخيارهم ِ‬
‫ُ‬ ‫مستقبل االنحدار‬
‫الخلقي في العالم‬
‫ِ‬
‫العرب‬ ‫كثير ِمن بِ ِ‬
‫لاد‬ ‫ش�اهدَ في ٍ‬ ‫الم‬ ‫ع‬ ‫إن ِ‬
‫الواق‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫حي�ث‬ ‫؛‬ ‫‪m‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫�ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وص�دق‬
‫َ ُ َ‬ ‫اإلسالمي‬
‫أقذر‬ ‫ق�ارب هذه الحال َة ‪ ،‬إن لم ي ُك ْن ق�د‬ ‫والم ِ‬
‫تجاوزها إلى ما هو ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫س�لمين ال َي�و َم قد‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫وأوسخ وأفسدُ ‪.‬‬

‫المحلي‬ ‫تظهر مكش�وف ًة على اإلعال ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وم َن المعلو ِم َّ‬
‫ِّ‬ ‫الممارس�ات ال ُ‬ ‫كثيرا م َن ُ‬‫أن ً‬ ‫خطورة ما يدور‬
‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عاش نُالح ُظ َبي َن‬ ‫والرس�مي إلاَّ في ُحدود ُمعينة ‪ ،‬ولكنَّها عن�دَ تت ُّبعها في الواق ِع ُ‬
‫ِّ‬ ‫خلف الكواليس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫في المسارح‬
‫نتزهات‬ ‫والم‬
‫ُ‬ ‫الس�ياحة‬ ‫ِ‬
‫ور‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫األندية‬ ‫في‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫وخاص‬
‫َّ‬ ‫‪،‬‬ ‫خ�رى‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫و‬ ‫طريقة‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫واآلخر‬ ‫ِ‬
‫الحي�ن‬ ‫واألندية وغيرها‬
‫الم ِّ‬
‫تفش�ي‬ ‫اعات في ُظ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغيرها ‪ .‬وقد وص َفها ‪m‬‬ ‫ِ‬
‫والفن�ادق ِ‬
‫هورها ُ‬ ‫بالس�نوات الخدَّ‬
‫بي في ِكتابِه «المفهم»‬
‫قال ال ُقر ُط ُّ‬
‫ِ‬
‫الفاحش ُة »((( ‪َ .‬‬ ‫وتشيع فِيها‬
‫ُ‬ ‫وذكر فِيها ‪« :‬‬
‫تدر ِج ‪َ ،‬‬
‫والم ِّ‬
‫ُ‬

‫((( مسند أبي يعلى (‪. )6183‬‬


‫((( المستدرك للحاكم (‪. )8564‬‬

‫‪320‬‬
‫الحديث ع َل ٌم ِم َن أعال ِم‬
‫ِ‬ ‫الزنا » ‪ :‬في هذا‬
‫ويظهر ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوارد فيه «‬ ‫أنس‬ ‫ِ‬
‫حديث ِ‬ ‫تعلي ًقا على‬
‫((( ‪.‬‬
‫صوصا في هذه األزمان ِ‬
‫ً‬ ‫ستقع ‪ ،‬فوق َعت ُخ‬
‫ُ‬ ‫الن َُّّبو ِة إذ خ َّب َر عن ُأ ٍ‬
‫مور‬

‫ِ‬
‫المنقوض‬ ‫ِ‬
‫وحاضرن�ا‬ ‫ق�ال ع�ن زمانِنا‬
‫ب�ي فماذا ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫كان ه�ذا ف�ي زم�ان ال ُقر ُط ِّ‬ ‫وإذا َ‬
‫العلي العظي ِم ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫حول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬ ‫ِ‬
‫المقبوض ؟! وال َ‬

‫ِ‬
‫الأسلاف‬ ‫ُظهور الأرم ِ‬
‫اض التي لم ت ُك ْن في‬ ‫ُ‬
‫يث َمن ال ينطِ ُق ِ‬
‫عن الهوى‬ ‫أحاد ِ‬
‫المنصوص ع َليه�ا في ِ‬
‫ِ‬ ‫الصغرى‬ ‫ِ‬
‫وم� َن العالمات ُّ‬
‫ِ‬

‫عوب ‪،‬‬ ‫عهدها في األُم ِم ُّ‬


‫والش ِ‬ ‫الوبائية على َغ ِير س�ابِ ِق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمراض‬ ‫العديد ِم َن‬
‫ِ‬ ‫انتِ ِ‬
‫ش�ار‬
‫األمراض‬
‫ُ‬ ‫فظهرت‬ ‫ِ‬
‫األخيرة ‪،‬‬ ‫وتفش ْت وخاص ًة في ِ‬
‫مراح ِلنا‬ ‫ِ‬
‫الظاهر ُة َّ‬ ‫برزت هذه‬‫وقد َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األمراض‬ ‫وغيره�ا ِم� َن‬
‫والخنازي�ر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطي�ور‬ ‫ِ‬
‫كاإلي�دز وإنفلون�زا‬ ‫الوبائي� ُة الخطي�ر ُة‬
‫ِ‬
‫أس�باب‬ ‫ِ‬
‫ومعرفة‬ ‫وس�ائل ِع ِ‬
‫الجها‬ ‫ِ‬ ‫زال ال ُعلم�ا ُء يبحث�ون ع�ن‬ ‫ِ‬
‫س�تعصية الت�ي ال َ‬ ‫الم‬
‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫عوب إلى ال َيو ِم ‪.‬‬ ‫انتِ ِ‬
‫شارها في ُّ‬

‫نقض عرى‬
‫نقض ُعرى الإسلا ِم والإيما ِن‬
‫ُ‬
‫اإلسالم واإليمان‬ ‫ِ‬ ‫واإليمان‪ ،‬لِ َما َر َوى‬
‫ِ‬ ‫الص ْغ َرى َن ْق ُض ُع َرى اإلسال ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عروة عروة‬
‫الحاك ُم‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬
‫ِ‬
‫اإليمان ُعرو ًة ُعرو ًة‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ « : m‬لت َ‬
‫ُنقض َّن ُعرى‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫عن ُحذيف َة ؤ َ‬
‫وليخر َج َّن على إِ ِثر ذلِ َك الدَّ َّجالون الثالث ُة » ((( ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وليكو َن َّن أئم ٌة ُم ِض ُّلون ‪،‬‬
‫ِ‬
‫الكبير‬ ‫والطبراني في‬
‫ُّ‬ ‫تاريخه ‪ ،‬وأبو يعلى واب ُن ِح َّب َ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫خاري في‬
‫ُّ‬ ‫وروى أحم�دُ وال ُب‬
‫رسول ال َّل ِه‬
‫ُ‬ ‫قال‬ ‫والضياء عن أبي ُأمام َة ؤ َ‬
‫قال ‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫والش ِ‬
‫عب‬ ‫نن ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫‪،‬والحاك ُم في ُّ‬

‫((( فتح الباري (‪.)179 :1‬‬


‫((( المستدرك (‪. )8611‬‬

‫‪321‬‬
‫ِ‬
‫ُنقض َّن ُعرى اإلسال ِم ُعرو ًة ُعرو ًة ‪ُ ،‬ك َّلما نُق َضت ُعرو ٌة تش َّب َث ُ‬
‫الناس بالتي‬ ‫‪ « : m‬لت َ‬
‫نقضا الحكم ‪ِ ،‬‬
‫وآخ ُر ُه َّن الصال ُة » (((‪.‬‬ ‫تليها ‪ ،‬أو ُل ُه َّن ً‬
‫ُ ُ‬

‫واإلسلامي مرحل ًة بعدَ‬


‫ِّ‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫واق ِعنا‬
‫برزت جلي ًة في ِ‬
‫َّ‬ ‫وهذه العالم ُة الخطير ُة قد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُأخرى وتنقس ُم إلى ق َ‬
‫سمين ‪:‬‬
‫ِ‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬وقد َبد َأ هذا ُ‬
‫النقض‬ ‫الخ ِ‬
‫يمة‬ ‫داخ َل َ‬ ‫الكائن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪ِ 1 .‬‬
‫الق ْس ُم َاأل َّو ُل ‪ُ :‬‬
‫النقض‬
‫ُ‬ ‫بداية النقض في‬
‫ِ‬ ‫دولة الم ِ‬ ‫بادئ ذي ٍ‬
‫بدء بِ ِ‬
‫نقض ُعرى‬ ‫العضوض في عهد بني ُأمي َة ‪ُ ،‬ث َّم تاله ُ‬ ‫لك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العهد األموي وما‬
‫عه�د الم ِ‬
‫ِ‬ ‫تاله‬
‫ِ‬
‫العضوض ف�ي ُحك ِم بني‬ ‫لك‬ ‫ُ‬ ‫�م م�ا تال عهدَ بن�ي ُأمي َة ِمن‬ ‫ِ‬
‫العل� ِم ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫عصر الدُّ و ِ‬ ‫س�لمين ِخ َ‬ ‫�اس ‪ُ ،‬ثم في الصرا ِع الداخلي بين الم ِ‬
‫يالت ‪،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫لال‬ ‫ِّ َ َ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الع َّب ِ َّ‬
‫الحك ِم‬
‫قرار ُ‬ ‫ضة ‪ِ ،‬منها م�ا َ‬
‫نقض َ‬
‫تناق ٍ‬
‫فكرية م ِ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫وم�ا ترتَّب على ذلِ َك ِم�ن ُرؤى‬
‫نقض قرار ِ‬
‫العل ِم وس َّي َسه ودن ََّسه ‪.‬‬ ‫ومنها ما َ‬ ‫واستبدَّ بِه ‪ِ ،‬‬
‫َ‬

‫واإلسلامي‬
‫َّ‬ ‫العربي‬
‫َّ‬ ‫العالم‬
‫َ‬ ‫ع�م‬
‫واألخطر ‪ :‬ما َّ‬ ‫ُ‬ ‫القس�م الثان�ي ـ وهو األنك�ى‬
‫ُ‬ ‫ ‪2 .‬‬
‫نقض الحكم‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�لطان‬ ‫ُفر والكاف ِر بعدَ إس�قاط خالفة ُّ‬
‫الس‬ ‫وربط القرارين بِالك ِ‬
‫َ‬ ‫لما ‪،‬‬
‫كما وع ً‬
‫ُح ً‬ ‫والعلم في مرحلة‬
‫آخ ِر ُخ ِ‬ ‫االستعمار‬
‫مرحلة االستِ ِ‬
‫عمار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لفاء اإلسال ِم ُق َب َيل‬ ‫الحميد الثاني ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبد‬

‫األحاديث ِم�ن قولِ�ه ‪ « : m‬لتُنقض َّن‬


‫ِ‬ ‫النق�ض المش�ار إ َليه في ج ِ‬
‫مل�ة‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وه�ذا ه�و‬
‫ِ‬ ‫النقض مرحل ًة بعدَ ُأخرى َ‬
‫إش�راف‬ ‫تحت‬ ‫تم هذا ُ‬ ‫ُعرى اإلسلا ِم ُعرو ًة ُعرو ًة » ‪ .‬وقد َّ‬
‫نموذجين‬ ‫واإلسالمي إلى‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫ِ‬
‫ستشرقي َن حتَّى َآل‬ ‫الم‬ ‫وهندسة ُ ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الخبراء من ُ‬
‫ُم ِ‬
‫تعار َضين ‪:‬‬
‫ِ‬
‫العلمية‬ ‫والش�رقي و ُمخرجاتِه‬ ‫الغربي‬ ‫ِ‬
‫الفكر‬ ‫علمن�ي يرتبِ ُط بِ‬ ‫لماني‬ ‫نم�وذج ِع‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ •‬
‫نماذج النقض‬
‫ِ‬
‫والسياسية ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والحزبية‬ ‫ِ‬
‫ماعية‬‫والثقافية واالجتِ‬
‫ِ‬ ‫في العالم العربي‬
‫واإلسالمي‬
‫((( مسند أحمد (‪.)22817‬‬

‫‪322‬‬
‫ِ‬
‫اإلسلامية‬ ‫ِ‬
‫المذهبية‬ ‫ت‬ ‫يعمل على هد ِم ثوابِ ِ‬ ‫فم ِ‬
‫تناق ٌض ُ‬ ‫تط�ر ٌ ُ‬
‫ديني ُم ِّ‬
‫نم�وذج ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫ •‬
‫هد الش�رعي في األُم ِة بِمس�م ٍ‬
‫يات‬ ‫والز ِ‬
‫ف ُّ‬ ‫�لوك التص�و ِ‬
‫البيت وس ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب ِ‬
‫آل‬
‫َّ ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وح ِّ‬
‫ُ‬
‫سياسة متطر ٍ‬
‫فة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وش ِبه‬
‫سياسية ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حجيات‬ ‫و ُأ‬
‫ُ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫هيمنة عل�ى‬ ‫تح�ت ظ ِّل السياس�ة العالمي�ة ُ‬
‫الم‬ ‫يعملان‬ ‫النموذجي�ن‬
‫َ‬ ‫وكال‬
‫اإلنساني ُك ِّله ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫سياس�ة‬ ‫ِ‬
‫س�تمرار‬ ‫الفكر َة تِلو األُخرى لاِ‬
‫تناقض ُة تُن ِّف ُذ ِ‬
‫النم�اذج الم ِ‬
‫ِ‬ ‫وال زا َل ْ‬
‫�ت ه�ذه‬
‫استمرار نماذج‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ع�ة وم ٍ‬
‫ور متنو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النقض في اللعبة‬ ‫اإلفصاح‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫تلونة ‪ ،‬يص ُع ُ‬
‫ُ ِّ‬ ‫النق�ض الموعود في عالمات الس�اعة وبِ ُص ٍ ُ ِّ‬ ‫ِ‬
‫المشتركة إلى‬ ‫ِ‬ ‫إح�راج واصطِدا ٍم مع ِ‬
‫اليوم‬ ‫الحركة‬ ‫عناص ِ‬
‫�ر‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫�ك ِمن‬ ‫َّب على ذلِ َ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ض�وح ؛ لم�ا يترت ُ‬ ‫عنه�ا بِ ُو‬
‫مز ِق ‪ ،‬وإنا ل َّل ِه وإنا إ َليه ِ‬
‫راجعون ‪ ،‬وال‬ ‫الم َّ‬ ‫الم ِ‬
‫واإلسالمي ُ‬
‫ِّ‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫تنفذة في الواق َعين‬ ‫ُ‬
‫العلي العظي ِم ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫حول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والجماعات التي‬ ‫ِ‬
‫األح�زاب‬ ‫والق�ادة وز ِ‬
‫عماء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساس�ة‬ ‫لق�د اعتق�دَ الكثيرون ِم َن‬ ‫ِ‬
‫تتصور الرموز‬
‫ُ‬
‫�ج إيجابي ًة في ورجاالت العلم‬ ‫يحم َ ِ‬ ‫واإلسلامية أنهم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تتح�ر ُك الي�و َم في‬
‫ل�ون برام َ‬ ‫العربي�ة‬ ‫الس�احة‬ ‫َّ‬
‫والثقافة « النخبة‬ ‫ِ‬ ‫إل ِ‬ ‫ِ‬
‫» قدرتها على‬
‫الش ِ‬
‫عوب‪،‬‬ ‫والديانة في ُّ‬ ‫عادة اإلسلا ِم‬ ‫النماذ ِج ِ‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫عاص َر ِة ‪ ،‬وأنَّهم‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المرحلة الم ِ‬
‫تطوير األُ َّمة من‬ ‫ِ‬
‫وضالالت‬ ‫ٍ‬
‫زعبالت‬ ‫ٍ‬
‫رافات ُ‬
‫وخ‬ ‫ِ‬
‫شترك ِضدَّ ُخ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ًة أنهم م ِ‬
‫العمل ُ‬ ‫جمعون على‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫غَير إسالم‬
‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫ِ‬
‫الحض�ارة الما ِّدي�ة بِ‬ ‫جمعون عل�ى ِ‬
‫ربط‬ ‫جه�ة ‪ ،‬وم ِ‬‫ٍ‬ ‫التقليدي�ة ِم�ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم�دار ِ‬
‫س‬
‫ُ‬
‫تأسل ِ‬
‫مة ‪.‬‬ ‫ورها الم ِ‬‫وإبرازها في أنص ِع ُص ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القبض‬ ‫ِ‬
‫ترس�يخ‬ ‫ِ‬
‫غامرة التي يتداولونها بِ‬ ‫الم‬ ‫ألس�ف ـ ال ُي ِ‬‫ِ‬ ‫لكنَّهم ـ ولِ‬
‫حجم ُ‬ ‫َ‬ ‫دركون‬
‫الت‬‫الساعة ‪ ،‬لأِ َّن فِقه التحو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعالمات‬ ‫قه التحو ِ‬
‫الت‬ ‫المنصوص ع َل ِيه في فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والنقض‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الشرعية ‪ ،‬ولم‬ ‫فات‬‫المراج ِع والمؤ َّل ِ‬
‫ِ‬ ‫الس�اعة « ماد ٌة خا ٌم » في مظانِّها في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعالمات‬
‫عن‬‫مقوالت َم�ن ال ينطِ ُق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحداث و َبي َن‬ ‫ِ‬
‫جري�ات‬ ‫ش�رعي يربِ ُط َبي َن ُم‬
‫ٍّ‬
‫كف ٍ‬
‫قه‬ ‫تُفع ْ�ل ِ‬
‫َّ‬

‫‪323‬‬
‫ِ‬
‫�عوب‬ ‫آالف الضحايا من ُش‬
‫َّب ُ‬ ‫المرك ِ‬ ‫ِ‬
‫الجه�ل ُ‬ ‫ذه�ب ضحي َة هذا‬
‫َ‬ ‫اله�وى ‪ ، m‬وقد‬
‫الضحايا من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫برامج االحتواء وااللتواء ‪ ،‬التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المس�لمين ووقعوا ـ باس�م اإلسلام ونُصرته ـ في‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الشعوب‬
‫ومصيرها المحتو ِم ‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقرارها‬ ‫هيم ُن الكافِ ُر على ُمقدَّ راتِها‬
‫المشاركين في ي ِ‬
‫ُ‬
‫برامج االحتواء‬
‫راع‬
‫والص َ‬ ‫والنقض كمبدأٍ َش�يطاني ِ‬
‫ناج ٍح ‪ ،‬كما ُيؤ ِّيدُ ِ‬
‫التفرق َة ِّ‬ ‫َ‬ ‫القبض‬
‫َ‬ ‫فالكافِ ُر يؤ ِّيدُ‬ ‫وااللتواء‬
‫ٍّ‬
‫سياس�ي أو‬ ‫ماعي أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍّ‬ ‫ديني أو اجت ٍّ‬ ‫ثقافي أو ٍّ‬
‫ٍّ‬ ‫كري أو‬
‫س�مى ف ٍّ‬
‫أي ُم ًّ‬
‫تحت ِّ‬
‫البش�رية َ‬ ‫َبي َن‬
‫صادي ‪.‬‬ ‫اقتِ‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫والوهن‬ ‫أن مرحل� َة ال ُغثائي َة التي ع َّب َر عنها ‪ m‬بِأنه�ا « مرحل ُة التداعي‬ ‫والمعل�و ُم َّ‬
‫مرحلة التداعي‬
‫العدو » ‪ ،‬إنَّما هي المرحل ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الموت ون�ز ِع المهابة من ُصدور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫�ب الدُّ نيا وكراهية َ‬ ‫وح ِّ‬
‫ُ‬ ‫والوهن ودورها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في النقض‬
‫مرحلة‬ ‫مرحلة االس�تِ ِ‬
‫عمار ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫�م‬ ‫ِ‬ ‫وبدء‬ ‫الخ ِ‬
‫الف�ة‬ ‫ق�رار ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�قوط‬ ‫الحديث� ُة التي بد َأت بِ‬
‫ِ‬
‫وأوارها‪..‬‬ ‫ضم َأتونِها‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة االستِ ِ‬
‫ثمار ‪ ،‬التي نحن ال َيو َم في خ ِّ‬
‫ِ‬ ‫االستِ ِ‬
‫هتار ‪ُ ،‬ث َّم‬
‫زئي�ة ديني ًة وغير ٍ‬ ‫البرام ِج الج ِ‬
‫ِ‬ ‫تلوح بِ‬ ‫ٍ‬ ‫ون�رى اليوم ك َُّل ِح ٍ ِ‬
‫دينية‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫زب أو نظ�ا ٍم أو َدولة ُ‬ ‫َ َ‬ ‫شعارات الكتاب‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حمد ‪ ، m‬بينم�ا هي غارق ٌة‬ ‫ت�اب ال َّله ُ‬
‫وس�نَّة نب ِّيه ُم َّ‬ ‫والسنة كظاهرة وكأنه�ا اإلسلا ُم ذاتُه ‪ ،‬أو هي ك ُ‬
‫ولية مس�تعمر ٌة مس�تثمر ٌة بِ ِ‬ ‫المال الدَّ ِ‬ ‫َّعة لِب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ظواهر النقض‬
‫يد ِر ِ‬
‫جال‬ ‫ِ‬ ‫يوت‬ ‫إلى النُّخا ِع في العمالة المقن ُ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحين‬ ‫واألح�زاب ُمضطر ًة َبي َن‬ ‫والجماعات‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األجنبي�ة ‪ ،‬وها هي األنظم ُة‬ ‫ِ‬
‫األعم�ال‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫«نقض ال ُعرى»‬ ‫النبي ‪ m‬بـ‬ ‫الت تِلو ُ ِ‬ ‫التناز ِ‬
‫واآلخ ِر لِتقدي ِم ُ‬
‫َ‬
‫سماه ُّ‬
‫التنازالت ‪ ،‬وهو ما َّ‬ ‫َ‬
‫لهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رض�اء الم ِ‬ ‫ِ‬
‫والعالمي « وآخ ُ�ر ما يبقى ُ‬
‫ِّ‬ ‫والعرب�ي‬
‫ِّ‬ ‫المحلي‬
‫ِّ‬ ‫القرار‬ ‫تنفذي�ن عل�ى‬ ‫ُ‬ ‫إل‬
‫ور َّب ُم ٍّ‬
‫صل ال أمان َة له » ‪.‬‬ ‫الصال ُة ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫الصالة فقط ‪ ،‬بينما ِ‬
‫تجدُ كا َّف َة‬ ‫ار َغ ُير فِ ِ‬
‫عل‬ ‫ِ‬
‫خالفة ال ُك َّف ِ‬ ‫ومعناه ‪ :‬أنَّه ال يبقى لهم ِمن ُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُش ِ‬
‫صارت‬ ‫جرا ـ َ‬‫وه ُل َّم ً‬
‫ؤون اإلمارة واالقتصاد والتربية والتعلي ِم والثقافة واإلعال ِم ـ َ‬
‫ِ‬
‫العولمة » ‪.‬‬ ‫وح ِد «‬ ‫ُجز ًءا ِمن مشرو ِع النِّظا ِم‬
‫الم َّ‬
‫العالمي ُ‬
‫ِّ‬

‫‪324‬‬
‫العالمي‬ ‫اإلسلامي‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫ِ‬
‫�قوط‬ ‫نذ ُس‬ ‫ِ‬
‫الس�احة ُم ُ‬ ‫ِ‬
‫المطروحة في‬ ‫ِ‬
‫البرام ِ‬
‫�ج‬ ‫إن كا َّف� َة‬
‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سياس�ة‬ ‫ِ‬
‫المري�ض » ق�د دخ َلت ـ طو ًع�ا أو ً‬
‫كرها ـ تحت «‬ ‫�ل‬ ‫بِتقس�ي ِم « ِترك�ة ُ‬
‫الرج ِ‬
‫ِ‬
‫الساعة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫المنصوص ع َليها في فِ ِ‬
‫قه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والنقض »‬ ‫ِ‬
‫القبض‬
‫ِ‬
‫والعربية ـ كُل ًّيا ـ إلى‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامية‬ ‫ترتيب األُ َّم ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إعادة‬ ‫أمل في كونِها قادر ًة على‬
‫وال َ‬
‫ال أمل في‬
‫نجاح البرامج‬ ‫الموجه ُة عالم ًيا محصور ٌة‬ ‫تكام ِ‬
‫لة إطال ًقا ؛ وإنَّما وظيفتُها‬ ‫الشرعية الم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الديانة‬ ‫ِ‬
‫حقيقة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫المطروحة حاليا‬
‫مع‬‫المجتم ِع ولكن َ‬ ‫مطلب ها ٌّم في ُ‬
‫ٌ‬ ‫قرار واالستِ ِ‬
‫ثمار‪ ،‬وهو‬ ‫رص االستِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تحس�ين ُف ِ‬ ‫في‬
‫إلنقاذ األُ َّمة‬
‫تعار ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضة‬ ‫المتناقضة ُ‬ ‫السياسي داخ َل ُ‬
‫المجتمعات ُ‬ ‫ِّ‬ ‫زبي‬
‫الديني والح ِّ‬
‫ِّ‬ ‫الصرا ِع‬
‫تفعيل ِّ‬
‫أكثر ِمن ذلِ َك ‪ ...‬فهل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ش�ترك ساع َة الحصاد لمصلحته ‪ ،‬وال َ‬ ‫الم‬
‫العدو ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ليس�تثم َرها‬ ‫؛‬
‫ِمن ُمتأ ِّم ٍل ؟!‬

‫ش ِ‬
‫عوب والقبائلِ‬ ‫فناء ِ‬
‫بعض ال ُّ‬
‫فناء بعض‬ ‫ُ‬
‫الشعوب عالمة‬
‫ِ‬
‫القبائل‬ ‫ِ‬
‫بع�ض‬ ‫ِ‬
‫الهالك في‬ ‫الس�اعة الصغرى إلى إس�را ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ُ‬
‫أحاديث‬ ‫ُش�ير‬
‫صغرى‬
‫ت ُ‬
‫األحاديث ُمجملاً‬
‫ُ‬ ‫ش�رحته‬ ‫َ‬ ‫الس�بب في ذلِ َك ما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويكون‬ ‫غيرها ِمن ُمعاصريها ‪،‬‬ ‫قب�ل ِ‬ ‫َ‬
‫أن ِصف َة‬ ‫ع�ة َّ‬‫األحاديث المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تابع�ة‬ ‫نافس�ة ‪ ،‬و ُف ِه َم ِمن ُم‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫أو الحمي ِ‬
‫�ة ِ‬ ‫ل�ك ِ‬ ‫كالم ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫أو ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الزمان ‪،‬‬‫ِ‬ ‫�ر‬ ‫الحبش�ة في ِ‬
‫آخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكعبة على ِ‬
‫يد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة هد ِم‬ ‫ُ‬
‫تكون بع�دَ‬ ‫ِ‬
‫الش�ام ِل‬ ‫ِ‬
‫الهلاك‬
‫طلب الملك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ُيؤ ِّيدُ ذلِ َك‬
‫البيت والحمية سبب‬ ‫يستح ُّل هذا‬ ‫وأو ُل َمن‬
‫كن والمقا ِم ‪َّ ،‬‬ ‫بايع ل َر ُج ٍل َبي َن ُّ‬
‫حديث « ُي ُ‬‫ُ‬
‫في فناء بعض‬ ‫ِ‬
‫الشعوب‬ ‫العرب ‪ُ ،‬ث َّم تجي ُء‬ ‫ِ‬ ‫هلكة‬ ‫تس�أل عن‬‫ْ‬ ‫ينتهكوا ُح ُرماتِه ـ فإذا اس�تح ُّلوه فال‬ ‫أه ُله ـ أي ‪ِ :‬‬

‫كنزه » ((( ‪.‬‬


‫جون َ‬ ‫ِ‬
‫يستخر َ‬ ‫وهم الذين‬
‫يعم ُر بعدَ ه أبدً ا ‪ُ ،‬‬ ‫الحبش ُة ‪ ،‬ف ُي ِّ‬
‫خربونه خرا ًبا ال ُ‬

‫رس�ول ال َّل ِه صلى ع َل ِيه وس�لم ‪ِ « :‬م َن‬


‫ُ‬ ‫بن مالِ ٍك ؤ َ‬
‫ق�ال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫وع�ن طلح� َة ِ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )8129‬‬

‫‪325‬‬
‫ِ‬
‫العرب ‪. ((( » ...‬‬ ‫ُ‬
‫هالك‬ ‫ِ‬
‫الساعة‬ ‫اقتِ ِ‬
‫راب‬

‫ريش وربيع� ُة ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫العرب هلاكًا ُق ٌ‬ ‫ق�ال ‪َّ « :‬أو ُل‬
‫�اس ء َ‬ ‫اب�ن ع َّب ٍ‬ ‫وع�ن ِ‬
‫ِ‬
‫لك ‪ ،‬وأما ربيع ُة فت ِ‬
‫ُهلكُها الحم َّي ُة » (((‪.‬‬ ‫الم ُ‬ ‫ِ‬ ‫وكيف؟ َ‬
‫قال ‪ :‬أ َّما ُق َر ٌ‬
‫َّ‬ ‫يش ف ُيهلكُها ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫الناس هالكًا‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫قال ‪َّ « :‬أو ُل‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫ِ‬
‫العاص ؤ َ‬
‫قال ‪َّ :‬‬ ‫بن‬ ‫وعن ِ‬
‫عمرو ِ‬
‫أهل بيتي » ((( ‪.‬‬ ‫وأو ُل ُق َر ٍ‬
‫يش هالكًا ُ‬ ‫ُق َر ٌ‬
‫يش ‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫الناس هلاكًا ُق َر ٌ‬
‫يش ‪،‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫�ه ‪َّ « : m‬أو ُل‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ذر ؤ َ‬
‫وع�ن أب�ي ٍّ‬
‫أهل بيتي » ((( ‪.‬‬ ‫وأو ُل ُق َر ٍ‬
‫يش هالكًا ُ‬ ‫َّ‬

‫يقول ‪ « :‬أ َيا عائش ُة‪،‬‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬وهو ُ‬


‫ُ‬ ‫علي‬ ‫عائش َة ‪ b‬قا َلت ‪َ :‬‬
‫دخل َّ‬
‫وعن ِ‬

‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬جعلني ال َّل ُه‬


‫َ‬ ‫جلس ُق ُ‬
‫لت ‪ :‬يا‬ ‫فلما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسرع ُأ َّمتي بي لحا ًقا » ‪ .‬قا َلت ‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫َقو ُم ِك‬
‫فق�ال ‪ « :‬وما هو ؟ » قا َل ْت تز ُع ُم َّ‬
‫أن‬ ‫تقول كال ًما ذعرني َ‬ ‫ف�دا َءك ‪ ،‬لق�د دخ ْل َت وأنت ُ‬
‫«تستحليهم‬
‫ُ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫أسرع ُأ َّمتِ َك بِك لِحا ًقا ؟ َ‬
‫قال ‪ « :‬نعم » ‪ .‬قا َلت ‪ :‬وبِ َم ذاك ؟ َ‬ ‫ُ‬ ‫ومي‬‫َق ِ‬

‫الناس بعدَ ذلِ َك أو ِعندَ ذلِ َك؟‬


‫فكيف ُ‬ ‫َ‬ ‫المناي�ا وتنفس ع َليهم ُأ َّمتَهم » قا َل�ت ‪ :‬ف ُق ُ‬
‫لت‬
‫ِ‬
‫الجناد ُب‬ ‫قال ‪« :‬دبى يأك ُُل ِش�دا ُده ِضعا َفه حتَّى تقو َم ع َل ِيه ُم الس�اع ُة »((( ‪ ،‬والدبى ‪:‬‬
‫َ‬
‫التي لم تن ُب ْت أجنِحتُها ‪.‬‬

‫((( سنن الترمذي (‪.)4308‬‬


‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)37020‬‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)37020‬‬
‫((( الجامع الصغير (‪. )2805‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )25254‬‬

‫‪326‬‬
‫الج ِ‬
‫هاد في سبيلِ للاهَّ ِ ‘رسميًا’ وبقائه ‘شعبيًا’‬ ‫ِ‬
‫ظاهرةُ ِ‬
‫ترك ِ‬
‫�ه على صفتِه‬ ‫س�بيل ال َّل ِ‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫ترك ِ‬
‫الصغرى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ر عالمات الس�اعة ُّ‬
‫ِ‬
‫ظواه ِ‬ ‫ِ‬
‫وم�ن‬
‫جز ِأة ‪،‬‬
‫الم َّ‬ ‫ِ‬
‫أو اإلسلامية ُ‬
‫ِ‬
‫العربية ِ‬ ‫الش�رعية رس�م ًّيا ‪ ،‬فال تس�تقيم له َدول ٌة ِم َن الدُّ ِ‬
‫ول‬ ‫ُ‬
‫ِ‬

‫عوب بما هو أدنى ِمن‬


‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫وتش�تغ ُل ُّ‬ ‫شأن الداعي له ‪،‬‬ ‫أمره ‪ ،‬و ُيس�تص َغ ُر ُ‬
‫بل ُيس�تق َب ُح ُ‬
‫أذناب ِ‬
‫البقر‬ ‫الع ِ‬
‫ينة ‪ ،‬وأخذتُم‬ ‫�ك‪ ،‬تحقي ًق�ا لِما أخبر بِه ‪ِ m‬من َقولِه ‪« :‬إذا تبايعتُم بِ ِ‬ ‫ذلِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ينز ُعه حتَّى ِ‬
‫ترج ُعوا‬ ‫ورضيتُ�م بالزر ِع ‪ ،‬وتركتُم ِ‬
‫الجها َد ؛ س� َّل َط ال َّل ُه ع َليك�م ُذ اًّل ال ِ‬ ‫‪ِ ،‬‬

‫إلى دينِكم» ((( ‪.‬‬


‫ِ‬
‫المراح ِل لسب َبين ‪:‬‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في هذه‬ ‫ِ‬
‫فريضة ِ‬ ‫ويعو ُد ُ‬
‫ترك‬

‫الذاتي‬ ‫اإلسالمي‬ ‫الحك ِم‬ ‫هاد رس�ميا بِس ُق ِ‬


‫وط ِ‬ ‫الج ِ‬
‫قرار ِ‬
‫العمل بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫األو ُل ‪ :‬انتِها ُء‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫قرار ُ‬ ‫ًّ‬ ‫َّ‬
‫لحملة ُشروطِه المدَ ِ‬
‫ونمة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫واستِتبا ِع‬
‫ُ‬

‫الس�ل ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬


‫الفة على ِ‬ ‫ولة ِ‬
‫�قوط د ِ‬
‫ِ‬ ‫الثاني ‪ :‬همين� ُة ال ُك َّف ِ‬
‫وقرار ِّ‬ ‫الحرب‬ ‫قرار‬ ‫َ‬ ‫ار بعدَ ُس‬
‫سياسة االستِسال ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد إلى‬ ‫ِ‬
‫واإلسالمية ِ‬
‫عن‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫صرف األنظِ ِ‬
‫مة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعمل على‬
‫هتار ُث َّم االستِ ِ‬
‫ثمار‪.‬‬ ‫سياسة االس�تِعمار ُث َّم االستِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ش الم ِذ ِّل لِلم ِ‬
‫س�لمين بِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫و َقبول التَّعا ُي ِ ُ‬
‫مراح ِل التدر ِج السياس�ي الذي مر بِاألنظِ ِ‬
‫مة‬ ‫واضحا وجليا في ِ‬ ‫برز هذا األم�ر ِ‬ ‫وق�د َ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الصهيوني في‬ ‫ِ‬
‫الكي�ان‬ ‫ِ‬
‫غرس‬ ‫ِ‬
‫ومرحل�ة‬ ‫ِ‬
‫مرحل�ة التطبي ِع‬ ‫الل‬‫واإلسلامية ِخ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربي�ة‬
‫ِّ‬
‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫ِ‬
‫واإلسالمية تدعو إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫بعض األنظِ ِ‬
‫مة‬ ‫أرض فِلسطي َن ‪ ،‬وقد كانَت ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫العسكرية‬ ‫المعار ِك‬
‫ِ‬ ‫يوشها في‬‫الصهيوني ‪ ،‬بل وشاركَت ُج ُ‬ ‫سبيل ال َّل ِه ِضدَّ االحتِ ِ‬
‫الل‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫العدو‬
‫ِّ‬ ‫والخيانة ؛ نتيج َة اختِ ِ‬
‫�راق‬ ‫ِ‬ ‫س�ار‬ ‫ِ‬
‫واالنك ِ‬ ‫ِ‬
‫الهزيمة‬ ‫‪ ،‬ولكنَّه�ا آ َل�ت فيما بعدُ إل�ى‬

‫((( سنن أبي داود (‪. )3464‬‬

‫‪327‬‬
‫يس االستِ‬ ‫ِ‬
‫والتسي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الكافِ ِر ِ‬
‫المبر َم ِج ‪.‬‬
‫عماري ُ‬
‫ِّ‬ ‫البسات‬ ‫القرار فيها ‪ ،‬ونتيج َة ُ‬
‫الم‬ ‫مواق َع‬
‫السياس�ية ِضدَّ ُقوى االس�تِ ِ‬
‫عمار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحزبية‬ ‫الجهاد الش�عبي القائم على ِص ِ‬
‫فة‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وبق َي ِ ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫الل َ‬
‫إب�ان‬ ‫العربي�ة ِم َن االحتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫بع�ض البِ ِ‬
‫الد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحرير‬ ‫ِ‬
‫والصهيوني�ة ‪ ،‬كم�ا هو في‬
‫المحت ِّلي�ن ‪ ،‬أو كما هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدُّ َهيم�اء ‪ ،‬أو كم�ا ه�و في فلس�طي َن إلى ال َيو ِم ض�دَّ اليهود ُ‬
‫ٍ‬
‫�عارات‬ ‫وتحت ِش‬
‫َ‬ ‫َّخ ًذا ِصف َة الصرا ِع مع األنظِ ِ‬
‫مة ‪،‬‬ ‫س�لمين مت ِ‬ ‫غيرها ِمن بِ ِ‬
‫الد الم ِ‬ ‫في ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫قائمة‬ ‫ٍ‬
‫تحريشية‬ ‫ٍ‬
‫حزبية‬ ‫ٍ‬
‫فئوية أو‬ ‫بغة َق ٍ‬
‫ومية أو‬ ‫سة ‪ ،‬أو ِص ٍ‬
‫دينية مسي ٍ‬
‫بغة ٍ‬ ‫ذات ِص ٍ‬ ‫عة ِ‬
‫متنو ٍ‬
‫ُ َ َّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ِ‬
‫على سياسة « ِّفر ْق ُ‬
‫تسدْ » ‪.‬‬

‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫جاهدين في‬ ‫خلصين وم ِ‬ ‫ٍ‬
‫أفراد م ِ‬ ‫الدعوات ِمن‬
‫ُ‬ ‫وذاك فال تخلو هذه‬ ‫َ‬ ‫ومع هذا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫المتبع َة في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ال َّل ِ‬
‫التنفيذ‬ ‫َّخ َذ واأليديولوجيات ُ‬ ‫المت َ‬‫زبي ُ‬‫اإلداري الح َّ‬
‫َّ‬ ‫الهي�كل‬ ‫�ه ‪ ،‬ولك َّن‬
‫الجها ُد لِ َ‬
‫تكون‬ ‫فة « ِ‬ ‫الحام ِل ِص ِ‬
‫ِ‬ ‫الش�رعي‬
‫ِّ‬
‫الج ِ‬
‫هاد‬ ‫ِ‬
‫الربط َبينَها و َبي َن مفهو ِم ِ‬ ‫حرج‬ ‫ت ِ‬
‫ُب�ر ُز َ‬
‫عباده ون َّياتِهم ‪.‬‬
‫كلم ُة ال َّل ِه هي العليا » ‪ ،‬وال َّله أعلم بِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أما ِ‬
‫الدموي‬
‫ِّ‬ ‫الصرا ِع‬ ‫مع تجن ِ‬
‫ُّب ِّ‬ ‫سبيل ال َّله بِالحكمة والموعظة الحسنة َ‬ ‫الجها ُد في‬ ‫َّ‬ ‫نموذج آخر‬
‫زال هذا النموذج م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للجهاد‪ ..‬الجهاد‬
‫نتش ً�را‬ ‫ُ ُ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬وال َ‬ ‫الجماعات‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫التحريش�ي فهو َد ُ‬
‫يدن‬ ‫ِّ‬ ‫بالكلمة‪ ،‬وهو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب إلنقاذ ما يمك ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نذ ُعهود الخالفة إلى اليو ِم ‪ ،‬وال َ‬ ‫ُم ُ‬ ‫الذي دخلت‬
‫الشرعي الواج َ‬
‫َّ‬ ‫دوره‬
‫زال يؤ ِّدي َ‬
‫به شعوب‬
‫والمدُ ِن‬ ‫ِ‬
‫والخلوات‬ ‫والزواي�ا‬ ‫المس�اج ِد واألربِ ِ‬
‫طة‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫ونش�ر ِ‬
‫الع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحكمة‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ُ‬
‫ذ‬ ‫إنقا‬
‫ُ‬ ‫كاندنوسيا‬
‫ِ‬
‫األوثان إلى‬ ‫ِ‬
‫وعبدة‬ ‫اآلالف ِم َن ال ُك َّف ِ‬
‫ار‬ ‫ِ‬ ‫إدخال ِ‬
‫مئات‬ ‫ِ‬ ‫وسيالن وغيرها وال ُقرى ‪ ،‬ولها الدَّ ور ِ‬
‫الفاع ُل في‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫في اإلسالم‬
‫ِ‬
‫والهند‬ ‫ِ‬
‫وشرق إفريقيا‬ ‫الف ِ‬
‫لبين‬ ‫ومثا ُلها في أندونس�يا وج ُز ِر ِ‬
‫اإلسلا ِم في العال ِم ُك ِّله ‪ِ .‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والبعيد ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القريب‬ ‫ِ‬
‫التاريخ‬ ‫وواضح على مدى‬ ‫بارز‬
‫الد ٌ‬ ‫وغيرها ِمن البِ ِ‬ ‫وسيالن ِ‬
‫َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫النموذج م َن الجهاد بِالكلمة يتَّخ ُذ من حديث رسول ال َّله ‪ m‬ش ً‬
‫عارا عمل ًّيا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫وهذا‬ ‫شعار هذا الجهاد‬
‫«كلمة حق عند‬
‫سلطان جائر»‬

‫‪328‬‬
‫الجائر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والس�لطان‬ ‫�لطان ٍ‬
‫جائر» (((‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حق ِعندَ ُس‬
‫س�بيل ال َّل ِه كلم ُة ٍّ‬
‫ِ‬ ‫هاد في‬‫الج ِ‬
‫أفضل ِ‬
‫ُ‬ ‫«‬
‫ِ‬
‫س�بيل‬ ‫الجها ُد في‬ ‫الحديث هو المرحل ُة الجائر ُة ‪ ،‬التي يتع َّط ُل فِيها ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحد معان�ي‬‫ف�ي ِ‬
‫ِ‬
‫الطيبة ‪،‬‬ ‫الكل ِ‬
‫مة‬ ‫ه�اد بِ ِ‬ ‫الج ِ‬‫حين بِ ِ‬
‫س�تعاض عنه ولو إل�ى ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الش�رعي ف ُي‬ ‫ِ‬
‫الوجه‬ ‫ال َّل ِ‬
‫�ه على‬
‫الج ِ‬
‫هاد‬ ‫«أقل ما تُغل َبون ع َل ِيه ِم َن ِ‬
‫قال ‪ُّ :‬‬ ‫حديث أبي ُج َحيف َة ؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫أيضا‬
‫شير ً‬
‫وإليه ُي ُ‬
‫ِ‬ ‫بألس�نتِكم ‪ُ ،‬ث�م ِ‬ ‫الجهاد ِ‬
‫يعرف‬ ‫فأي ٍ‬
‫قلب لم‬ ‫الجها ُد بِ ُق ُلوبِكم ‪ُّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫الجها ُد بِأيديكم ‪ُ ،‬ث َّم ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫جعل أعاله أسف َله» ((( ‪.‬‬ ‫نكر ؛ َ‬ ‫الم َ‬ ‫المعروف ‪ ،‬ولم ُينك ِر ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والحكمة إلى‬ ‫ِ‬
‫الطيبة‬ ‫الكل ِ‬
‫مة‬ ‫س�بيل ال َّل ِه بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫النموذج ِم َن ِ‬ ‫تعر َض هذا‬
‫ُ‬ ‫وقد َّ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫عاص ِ‬
‫�رة ؛ نتيج َة‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬
‫ثائية الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫صوصا ف�ي‬ ‫الق�ذ ِع والتقري� ِع والتبدي ِع ‪ُ ،‬خ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫بعض‬
‫قادات ‪ ،‬التي ش�ا َبت ُ‬ ‫ِ‬ ‫بادات واالعتِ‬ ‫ِ‬ ‫والعادات ِ‬
‫والع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتفريط‬ ‫ِ‬
‫اإلف�راط‬ ‫�ر‬ ‫ِ‬
‫مظاه ِ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عالجة‬ ‫لم‬
‫األمث�ل ل ُ‬ ‫أن َّ‬
‫الحل‬ ‫المجموع�ات ف�ي عالقته�ا بِاألحياء واألم�وات ‪َ ،‬‬
‫م�ع َّ‬
‫والح ِ‬
‫كمة ‪،‬‬ ‫السلامة ِ‬‫ِ‬ ‫اإلفراط لدى د ِ‬
‫عاة‬ ‫ِ‬ ‫م�ة الط ِّي ِبة يقتضي ُمعالج َة‬
‫الكل ِ‬
‫ور ِ‬ ‫ِ‬
‫وإبق�اء َد ِ‬
‫ُ‬
‫الجميع‬
‫ُ‬ ‫نازعين لهم ؛ لِ ُي ِ‬
‫س�ه َم‬ ‫والم ِ‬ ‫ِ‬
‫المنتقدين ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و ُمعالج� َة ما يقابِ ُله م َن التفري�ط لدى ُ‬
‫القة اإلسلا ِم بِاألُ َّم ِة ؛ حتَّى‬
‫وع ِ‬ ‫القة األُم ِة بِاإلسلا ِم ‪ِ ،‬‬
‫َّ‬
‫مكن إنقا ُذه ِمن ِع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في إنقاذ ما ُي ُ‬
‫ِ‬
‫المطلوب ‪.‬‬ ‫الشرعي‬ ‫ِ‬
‫الوجه‬ ‫سبيل ال َّل ِه على‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫تستعيدَ األُم ُة فرضي َة ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬

‫القيامةِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في سبيلِ للاهَّ ِ « َ‬
‫ح ْص ِري» إلى يو ِم ِ‬ ‫بقاء ِ‬
‫الطائفة‬ ‫الطائفةُ المنصورةُ‪ُ ..‬‬
‫المنصورة عالمة‬
‫الخاص ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صغرى‬
‫َّ‬ ‫واي�ات‬
‫ُ‬ ‫الص ْغ َ�رى بقا ُء الجهاد‪ ،‬وق�د تعدَّ َدت ِّ‬
‫الر‬ ‫وم� ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬
‫هاد بِالم ِ‬
‫قاتلة‪،‬‬ ‫الج ِ‬ ‫حمل مفهوم ِ‬ ‫سبيل ال َّل ِه حصر ًّيا ‪ ،‬فمنها ما َ‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫بِمفهو ِم ِ‬
‫بقاء ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألخ�ذ بِ‬ ‫والثب�ات وااللتِزا ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الديانة على‬ ‫رابطة‬ ‫حمل معنى الجه�اد بِ ُ‬
‫الم‬ ‫ومنه�ا م�ا َ‬

‫((( سنن النسائي (‪.)4209‬‬


‫(((مصنف ابن أبي شيبة (‪. )38733‬‬

‫‪329‬‬
‫سبيل ال َّل ِه ِ‬
‫‪،‬ومنها ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫هاد في‬ ‫الج ِ‬ ‫عة لِمفهو ِم ِ‬
‫بقاء ِ‬ ‫الجام ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫ِ‬
‫مدلول‬
‫الحق منصورين »((( ‪.‬‬ ‫تزال طائف ٌة ِمن ُأ َّمتِي على ِّ‬ ‫« ال ُ‬
‫الحق ِ‬
‫ظاهري َن »((( ‪.‬‬ ‫لون على ِّ‬ ‫لفظ ‪ُ « :‬يقاتِ َ‬
‫وفي ٍ‬
‫أحاديث الطائفة‬
‫المسيخ الدَّ َّج َال »((( ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ َر ‪ « :‬حتَّى ُيقات َل آخ ُرهم‬ ‫ٍ‬
‫وفي لفظ َ‬ ‫المنصورة‬
‫آخر ‪ « :‬لن يبرح هذا الدين يقات َُل ع َل ِيه ِعصاب ٌة ِمن الم ِ‬ ‫ٍ‬
‫سلمين حتَّى تقو َم‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫وفي لفظ َ َ‬
‫الساع ُة »((( ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫آخر ‪ِ « :‬عصاب� ٌة ِمن ُأمت�ي يقاتِلون على ِ ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫أم�ر ال َّله قاهري�ن ل ِّ‬
‫عدوهم ال‬ ‫َّ ُ‬ ‫وف�ي لف�ظ َ َ‬
‫تأتي الساع ُة وهم على ذلِ َك »((( ‪.‬‬ ‫يضرهم َمن خال َفهم حتَّى َ‬ ‫ُّ‬
‫يضرهم‬ ‫ِ‬ ‫مقذف ؛ حتَّى ُيقاتِلوا ُف َ‬
‫ٍ‬ ‫ف ال َّل ُه بِهم ك َُّل‬ ‫لفظ ‪ِ « :‬‬
‫وفي ٍ‬
‫صول الضاللة ال ُّ‬ ‫يقذ ُ‬
‫اإلشارة إلى‬
‫أكثر ِ‬ ‫ِ‬
‫األعور الدَّ َّج َال ‪ ،‬وك ُّلهم ُ‬ ‫اإلسالم ووجود َمن خال َفهم ‪ ،‬حتَّى ُيقاتلوا‬
‫ِ (((‬
‫أهل الشام » ‪.‬‬ ‫َ‬
‫أمر ال َّل ِه وهم‬ ‫مش�ق ُعصاب ٌة يقاتِلون على ِّ‬ ‫تزال بِ ِد َ‬ ‫الطائفة المنصورة وفي ٍ‬
‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬
‫يأتي ُ‬ ‫الحق حتَّى َ‬ ‫بها‬
‫ِ‬
‫ظاهرون » ((( ‪.‬‬
‫س »((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫قال ‪ « :‬بِب ِ‬
‫يت‬ ‫يارسول ال َّل ِه ‪ ،‬فأنَّى ُهم ؟ َ‬
‫َ‬ ‫وفي ٍ‬
‫لفظ ‪َ :‬‬
‫قيل ‪:‬‬
‫َ‬

‫رج ٌل‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬


‫فقال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُنت جالِ ًس�ا ِعندَ‬ ‫ندي َ‬
‫قال ‪ :‬ك ُ‬ ‫بن ُن َف ٍ ِ‬
‫يل الك ِّ‬ ‫وعن س�لم َة ِ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)12‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)412‬‬
‫((( سنن أبي داود (‪. )2486‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)5062‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)5066‬‬
‫((( تاريخ دمشق (‪.)267 :1‬‬
‫((( تاريخ دمشق (‪.)256 :1‬‬
‫((( الطبراني في الكبير (‪.)7643‬‬

‫‪330‬‬
‫ت‬‫الخ َيل ووضعوا السلاح ‪ ،‬وقالوا ال ِجه�اد قدْ وضع ِ‬ ‫الناس َ‬ ‫�ه َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫أذال ُ‬ ‫ي�ا‬
‫اآلن جاء ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬بِ ِ‬
‫الق ُ‬
‫تال‬ ‫اآلن َ َ‬ ‫وقال كذ ُبوا َ‬ ‫وجهه ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وزارها ‪َ ،‬‬
‫فأقبل‬ ‫الحرب َأ َ‬
‫ُ‬
‫يغ ال َّل ُه لهم ُق ُل َ‬
‫وب أقوا ٍم ‪ ،‬ويرز ُقهم‬ ‫يزال ِمن ُأ َّمتي ُأ َّم ٌة ُيقاتِلون على ِّ‬
‫الحق ‪ ،‬و ُي ِز ُ‬ ‫‪ ،‬وال ُ‬
‫الخ ُير‬‫والخ ُيل معقو ٌد في نواصيها َ‬ ‫ِمنه�م حتَّى َت ُقوم الس�اع ُة ‪ ،‬وحتَّى يأتي وعدُ ال َّل ِ‬
‫�ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ث ‪ ،‬وأنت�م تتبِعوني أفنا ًدا‬ ‫مقبوض غي�ر ملب ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ُ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫إلي أنِّي‬ ‫إل�ى َي�و ِم القيامة ‪ ،‬وه�و ُي َ‬
‫وحى َّ‬
‫ِ‬ ‫قر ِ‬
‫صحيح ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫المؤمنين الش�ا ُم »((( ‪ .‬إس�نا ُده‬ ‫دار‬ ‫عض ‪ ،‬و ُع ُ‬ ‫بعضك�م ِر َ‬
‫قاب َب ٍ‬ ‫ِ‬
‫يض�ر ُب ُ‬
‫س�بيل ال َّل ِه ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الش�رعي في‬
‫ِّ‬
‫الج ِ‬
‫هاد‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األحاديث وك ُّلها ُيفيدُ بقاء ِ‬ ‫الباب ُجمل ٌة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫وف�ي‬
‫الحضرمي عن‬ ‫ِّ‬ ‫عبد ال َّل ِه‬
‫بن ِ‬ ‫س ‪ ،‬ومنه حديث ِ‬
‫عمرو ِ‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫ِ‬
‫وبيت‬ ‫وخاص ًة في الش�ا ِم‬
‫َّ‬
‫ظاهري َن‬ ‫الحق ِ‬‫تزال طائف ٌة ِمن ُأ َّمتي على ِّ‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ال ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‬ ‫أبي ُأمام َة َ‬
‫قال ‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لعدوه�م ِ‬
‫يض ُّرهم َمن خال َفهم إال ما أصا َبهم من لأَ ْوا َء ‪ ،‬حتَّى يأت َيهم ُ‬
‫أمر‬ ‫قاهري�ن ال ُ‬ ‫ِّ‬
‫وأكناف ب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المق�د ِ‬ ‫قال بِب ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫�ه وه�م كذلِ َك قالوا يا‬ ‫ال َّل ِ‬
‫يت‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫يت‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ ،‬وأي َن ه�م َ َ‬
‫ِ‬
‫المقد ِ‬
‫س »(((‪.‬‬

‫الج ِ‬
‫هاد‬ ‫ِ‬
‫البقاء على الح ِّق َ‬
‫دون ذركِ ِ‬ ‫يث ِ‬
‫الجامعةُ لمفهو ِم‬ ‫الأحاد ُ‬
‫يض ُّرهم َمن خال َفهم ‪ ،‬حتَّى‬ ‫الحق منصوري�ن ‪ ،‬ال ُ‬‫ت�زال طائف� ٌة ِمن ُأ َّمتي على ِّ‬ ‫« ال ُ‬
‫عز َّ‬
‫وجل » ((( ‪.‬‬ ‫أمر ال َّل ِه َّ‬
‫يأتي ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وفي ٍ‬
‫المغرب من ُأ َّمتي ظاهرين إلى أن َت ُقو َم َّ‬
‫السا َع ُة»((( ‪.‬‬ ‫يزال ِ‬
‫أهل‬ ‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬

‫((( رواه النسائي (‪. )3576‬‬


‫((( مسند أحمد (‪. )22980‬‬
‫((( سنن ابن ماجه (‪.)12‬‬
‫((( مسند أبي عوانة (‪.)7510‬‬

‫‪331‬‬
‫ذالن َمن خذ َلهم حتَّى تقو َم الساع ُة » (((‪.‬‬
‫يض ُّرهم ُخ ُ‬ ‫لفظ ‪ « :‬منصورين ال ُ‬‫وفي ٍ‬

‫ِ‬
‫الناس ال ُيبالون‬ ‫ظاهرين على‬‫لفظ ‪ « :‬ال تقوم الس�اع ُة إال وطائف ٌة ِم�ن ُأمتي ِ‬
‫وف�ي ٍ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫من خذ َلهم ‪ ،‬وال من َ‬
‫نصرهم » (((‪.‬‬
‫أمر ال َّل ِه » (((‪.‬‬
‫قوام ًة على ِ‬ ‫تزال ُأ َّمتي َّ‬
‫وفي ٍ‬
‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬
‫ِ‬
‫القيامة »((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدين إلى يو ِم‬ ‫لفظ ‪ « :‬عزيز ًة على‬‫وفي ٍ‬

‫الف َمن خال َفهم‬ ‫يض ُّرهم ِخ ُ‬ ‫األمر ِعصاب ٌة على ِّ‬
‫الحق ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫يزال لِهذه‬
‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬ ‫وفي ٍ‬

‫أمر ال َّل ِه وهم كذلِ َك »((( ‪.‬‬


‫يأتي ُ‬
‫حتَّى َ‬
‫سبيل ال َّل ِه في ُأ َّم ِة اإلسال ِم‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫جملها تشير إلى و ِ‬
‫جود ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث بم ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫وهذه‬
‫أحاديث الطائفة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصحيح ‪ ،‬وأنَّه ال ينقط ُع أبدً ا ‪.‬‬ ‫المنصورة تشير على ِ‬
‫وجهه‬
‫إلى بقاء الجهاد‬
‫ِ‬
‫اإلسالمية ال تحيدُ عنه أبدً ا‪،‬‬ ‫المنصورة منهج الدِّ ِ‬
‫يانة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطائفة‬ ‫ُش�ير إلى التِزا ِم‬
‫َ‬ ‫كما ت ُ‬ ‫إلى يوم القيامة‬

‫فإن الطائف� َة المنصور َة ـ كما‬ ‫عاش َّ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ولكنَّ�ا عندَ اإلش�ارة بهذه األحادي�ث للواق ِع ُ‬ ‫الطائفة‬
‫حزبي�ة أو فِئويةٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تح�ت ظل سياس�ة ُمعاصرة وال نظ�ا ٍم قائم وال‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يظه ُ�ر ـ ال تنط�وي‬
‫َ‬ ‫المنصورة ال‬

‫موطن و ُأ َّم ٍة ‪ :‬ال تجم ُعهم‬


‫ٍ‬ ‫تنتمي إلى َدولة أو مسي ٍ‬
‫سة ‪ ،‬وإنَّما هم ِعبا ُد ال َّل ِه الصابِرون الصالِحون في ك ُِّل‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫جماعة أو حزب‬
‫خاص ‪ ،‬أتقيا ُء‬
‫ٌّ‬ ‫س�مى‬
‫إطار ُمس� َّي ٌس ‪ ،‬وال ُم ًّ‬
‫مذهب ُمع َّي ٌن ‪ ،‬وال ٌ‬
‫ٌ‬ ‫سياس� ٌة ُمحدَّ د ٌة ‪ ،‬وال‬
‫أمرا َ‬
‫كان‬ ‫يقضي ال َّل ُه ً‬
‫َ‬ ‫ميراث الن َُّّبو ِة حتَّى‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويصون بهم‬ ‫أخفي�ا ُء يح َف ُظ ال َّل ُه بهم ِعبا َده ‪،‬‬
‫مفعولاً ‪.‬‬

‫((( صحيح ابن حبان (‪.)61‬‬


‫((( سنن ابن ماجه (‪.)9‬‬
‫((( سنن ابن ماجه (‪.)7‬‬
‫((( جامع األحاديث للسيوطي (‪ ، )16375‬وذكره الذهبي في السير (‪. )553 :15‬‬
‫((( مسند أحمد (‪.)8497‬‬

‫‪332‬‬
‫الش�رعي‬ ‫الج ِ‬
‫هاد‬ ‫الج ِ‬
‫هاد فعالمتُهم إِقام ُة ِ‬ ‫ب�رز أحدٌ ِمنهم أو جماع ٌة بِمس�مى ِ‬
‫وإن َ‬
‫ِّ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬
‫نظمات‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح بعيدً ا عن ِ‬
‫تس�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫على ِ‬
‫التحوالت والتكتُّالت وسياسة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يس‬ ‫وجهه‬
‫المشبوهة الم ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خترقة‪ ..‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والجماعات‬

‫التعاملِ ابلنق َدين‬ ‫فاء‬‫ِ‬


‫ُ‬ ‫اخت ُ‬
‫يقع ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث ع�ن ُوقوعها ‪ m‬ف�ي األُ َّمة م�ا ُ‬ ‫الصغ�رى الت�ي تحدَّ َ‬ ‫ِ‬
‫وم� َن العالم�ات ُّ‬
‫ِ‬

‫وتداولِهم�ا ‪ ،‬وهم�ا ـ أي ‪ :‬النق�دان ـ ممثلان في‬ ‫ُ‬ ‫ص�ادي) بالنقدَ ي�ن‬


‫ِّ‬
‫(العب�ث االقتِ‬
‫ِ‬

‫اإلنساني ُك ِّله ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫التاريخ‬ ‫عبر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والف َّض ِة)‬
‫(الذهب ِ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫المتداولة َ‬
‫المال َّية ُ‬
‫أساس التنمية َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫(الدينار‬ ‫األحادي�ث على أهميتِهما وو ِ‬
‫جودهم�ا ‪ ،‬وكانَا ُمتم ِّث َلي�ن في‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫وق�د َنبه ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ َ‬
‫ت التعا ُم َل بهما ‪ ،‬كما‬ ‫الشرعية ‪ ،‬وشر َع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫عامالت‬ ‫والدِّ ره ِم) وضرورتهما في فقه ُ‬
‫الم‬
‫الثمن منهما وأهميتِه في ِص ِ‬
‫حة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قبض‬ ‫ِ‬
‫ش�رط‬ ‫ِ‬
‫الثمنية » ‪ ،‬ون َّب َهت إلى‬ ‫ش�ر َعت مبد َأ «‬
‫َّ‬
‫مريم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫س�نده (‪ : )16569‬حدَّ َثنا أبو ِ‬ ‫قود ‪ ،‬فقد روى أحمدُ في م ِ‬ ‫الع ِ‬
‫بكر ب ُن أبي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كرب جاري ٌة تبيع اللب�ن ‪ ،‬ويقبِ ُض ِ‬ ‫ِ‬ ‫كانَ�ت ِ‬
‫المق�دا ُم الثم َن ‪َ ،‬‬
‫فقيل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بن مع�دي ِ َ‬ ‫لمق�دا ِم ِ‬
‫فقال ‪ :‬نعم وما بأس بِذلِ َك ‪ِ ،‬‬ ‫أتبيع اللب َن وتقبِ ُض الثم َن ؟ َ‬ ‫َ ِ‬
‫س�م ْع ُت‬ ‫ٌ‬ ‫�بحان ال َّله! ُ‬ ‫له‪ُ :‬س‬
‫رهم(((‪.‬‬
‫الدينار والدِّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ينفع فيه إال‬
‫زمان ال ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫يقول ‪ :‬ليأتِي َّن على‬
‫رسول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬
‫َ‬

‫وق‬‫كر َب في الس ِ‬‫المقدا َم ب َن معدي ِ‬‫يت ِ‬ ‫قال ‪ :‬ر َأ ُ‬


‫بيد َ‬‫بن ُع ٍ‬
‫حبيب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبير » عن‬ ‫وفي «‬
‫ُّ‬
‫فقال ِ‬
‫فقيل له في ذلِ َك ‪َ ،‬‬‫الدراه َم ‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫تبيع لبنًا وهو جالِ ٌس يقبِ ُض‬
‫عت‬ ‫س�م ُ‬ ‫وجاري� ٌة ل�ه ُ‬
‫ِ‬
‫والدنانير‬ ‫ِ‬
‫الدراه ِم‬ ‫َّاس فِيها ِم َن‬
‫الزمان ال ُبدَّ لِلن ِ‬
‫ِ‬ ‫كان ِ‬
‫آخ ُر‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬
‫يقول ‪ « :‬إذا َ‬ ‫َ‬
‫الرج َل بِها دينَه و ُدنياه » (((‪.‬‬
‫قيم ُ‬‫ُي ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )17664‬‬


‫((( الطبراني (‪. )17416‬‬

‫‪333‬‬
‫ِ‬
‫الذهب‬ ‫األهمي�ة المترت ِ‬
‫ِّبة على‬ ‫ِ‬ ‫مريم إِش�ار ٌة إلى هذه‬ ‫حديث ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ابن أبي َ‬ ‫س�ياق‬ ‫وف�ي‬
‫ِ‬
‫ضرورة‬ ‫اإلسلامي تُش�دِّ ُد على‬ ‫راس�ات في االقتِ ِ‬
‫صاد‬ ‫ِ‬ ‫�ة ‪ ،‬ولذا فإننا ِ‬
‫نجدُ الدِّ‬ ‫والف َّض ِ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬
‫هائي في‬‫ٍّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإع�ادة ِ‬
‫ِ‬ ‫ذهبي�ة وفِ ِّض ٍية ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫إيج�اد ُع ٍ‬
‫ِ‬
‫كح�ل ن ٍّ‬ ‫عامالت‬ ‫للم‬
‫األصل�ي ُ‬
‫ِّ‬ ‫النقد‬ ‫مل�ة‬
‫ِ‬
‫الثمنية في اإلسال ِم ‪.‬‬ ‫تأصيل مبدأِ‬
‫ِ‬ ‫ض ‪ ،‬ولِ‬‫التقا ُب ِ‬

‫اإلنساني العظي ِم‬


‫(((‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫األصل‬ ‫ٍ‬
‫نقض لهذا‬ ‫يقع ِمن‬
‫األحاديث الكريم ُة إلى ما ُ‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫ُثم نبه ِ‬
‫َّ َّ َ‬
‫المنع‬ ‫األمر ‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫ص�ول إلى هذا ِ‬ ‫الو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اليهود والنصارى كا َّف َة ُّ‬ ‫‪ ،‬ومن� ِع‬
‫ُ‬ ‫�عوب م َن ُ‬ ‫الش‬
‫نقض ُعرى اإلسال ِم ‪ ،‬وإلى‬ ‫ِ‬ ‫النقدي في التعا ُم ِل ‪ ،‬فهو ِمن‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫ألصل‬ ‫نقض لِ‬
‫في حقيقتِه ٌ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫النضر حدَّ َثنا‬ ‫س�ند أحم�دَ (‪ : )8036‬حدَّ َثنا أبو‬ ‫حديث م ِ‬ ‫ِم ِ ِ‬
‫إس�حاق‬ ‫ُ ُ‬ ‫ث�ل ذل َك ُي ُ‬
‫ش�ير‬
‫ينارا وال‬ ‫ِ‬ ‫كان ُ‬ ‫ٍ‬
‫س�عيد عن أبيه عن أبي ُه َرير َة أنَّه َ‬
‫كيف أنت�م إذا لم تجتبوا د ً‬ ‫يقول‪َ :‬‬ ‫ب� ُن‬
‫نفس أبي ُه َرير َة‬ ‫فقال ‪ :‬والذي ُ‬ ‫فقيل له ‪ :‬وهل ترى ذلِ َك كائنًا يا أبا ُه َرير َة ؟ َ‬ ‫رهما ؟ َ‬
‫د ً‬
‫ِ‬
‫قال ‪ :‬تُنته ُك ِذم ُة ال َّل ِه ِ‬
‫ذاك ؟ َ‬ ‫وعم َ‬ ‫ِ‬ ‫ول َّ ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫يده ‪ ،‬عن َق ِ‬
‫وذ َّم ُة‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الصادق المصدوق ‪ .‬قا ُلوا ‪َّ :‬‬
‫الذ َّم ِة ؛ فيمنعون ما َبأ ْيديهم)((( ‪ .‬وفي رواية زيادة‪:‬‬ ‫وب ِ‬
‫أهل ِّ‬ ‫رس�ولِه ؛ ُ‬
‫فيش�دُّ ال َّل ُه ُق ُل َ‬
‫ِ ِ‬
‫َين((( ‪.‬‬ ‫نفس أبي ُه َرير َة بِيده َل َيكُو َن َّن) َّ‬
‫مرت ِ‬ ‫(والذي ُ‬

‫النبي ‪« : m‬يأتي على الناس زمان من لم‬


‫عن ِّ‬ ‫ِ‬
‫الكبير (‪ِ )17415‬‬ ‫الطبراني في‬
‫ِّ‬ ‫لمقدا ِم ِعندَ‬
‫((( ولِ ِ‬

‫يكن معه أصفر وال أبيض لم يتهن بالعيش» ‪.‬‬


‫جرير ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وع�ن جري�ر قال لما رآني رس�ول الله ‪ m‬ال أمس�ك ش�يئا إنما أنفقه ؛ ق�ال ‪ « :‬يا‬
‫ِ‬
‫األمر ُمد ًة » ‪ .‬رواه الطبراني في الكبير (‪.)2370‬‬ ‫فإن لهذا‬ ‫يك أن ت ِ‬
‫ُمس َك ما َل َك ؛ َّ‬ ‫ع َل َ‬
‫وفي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العس�قالني (‪ )440 :4‬قال مس�دد ‪ :‬حدثنا خالد‬
‫ِ‬
‫الدينار‬ ‫بن عبدالله ‪ ،‬ثنا مالك ‪ ،‬عن يحيى بن س�عيد ‪ ،‬عن س�عيد بن المس�يب‪ ،‬قال ‪َ « :‬ق ْط ُع‬
‫ِ‬
‫األرض » ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفساد في‬ ‫والدِّ ره ِم ِم َن‬
‫((( صحيح البخاري (‪)3180‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )8609‬‬

‫‪334‬‬
‫(فيمنعون ما بِأيديهم) ‪ ،‬والمقصو ُد‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الحديث قو ُله ‪: m‬‬ ‫يب ما في هذا‬ ‫ومن ِ‬
‫أعاج ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ئون االقتِ ِ‬
‫أن كا َّف َة ُش ِ‬
‫ِ‬
‫قوانين‬ ‫مالت وتشري ِع‬ ‫ِّ‬
‫وصك ال ُع‬ ‫صاد‬ ‫بِه كما ُ‬
‫يظهر ـ وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ـ َّ‬
‫يكون بأيديهم ‪ ،‬وهذا ما هو كائ ٌن َ‬
‫اآلن(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ونحو ذلِ َك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النقد‬
‫ٍ‬
‫حديث ِ‬ ‫تعليل ذلِ َك في‬
‫ضوح ‪ ،‬وجا َء ُ‬ ‫النبوي بِ ُو‬
‫ابن شيب َة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫أشار إ َليه ُّ‬
‫النص‬ ‫وهذا ما َ‬
‫ِ‬
‫س�عيد بن ٍ‬ ‫علي ب ُن صالِ ٍح عن أبيه عن‬ ‫حدَّ َثن�ا خالدُ بن م ٍ‬
‫خل�د َ‬
‫عمرو عن‬ ‫قال حدَّ َثنا ُّ‬ ‫ُ‬
‫جب لكم‬ ‫النبي ‪َ m‬‬
‫قال ‪« :‬كيف أنتم إذا لم ُي ْ‬ ‫عن ِّ‬ ‫حم ِد بن ُأسام َة ِ‬
‫أبي حكي ٍم مولى ُم َّ‬
‫يكون ذلِ َك ؟ َ‬
‫قال ‪« :‬إذا نقضتُم العهدَ ش�دَّ َد ال َّل ُه‬ ‫ُ‬ ‫ره�م ؟ » قال�وا ‪ :‬ومتى‬ ‫ِ‬
‫دين�ار وال د ٌ‬
‫ٌ‬

‫((( ولع�ل في التكرار لقول أبي هريرة ‪ v‬مع القس�م المغلظ‪( :‬والذي نفس أبي هريرة بيده‬
‫ليكون�ن) مرتين إش�ارة لطيف�ة إلى ما حصل للفس�اد في األرض بتغييب مقياس�ي (الذهب‬
‫والفضة) من خالل التآمر على البشرية‪ ،‬فإن رجال المال المتنفذين في العالم أبعدوا مقياس‬
‫الفضة في ‪1860‬م ‪ ،‬وعمموه على العالم ‪ ،‬وكانت ضربة قوية لالقتصاد اإلنساني‪ ،‬ثم ألغوا‬
‫الغط�اء الذهب�ي في ‪ 1973‬م بقرار م�ن البنك وصندوق النقد الدوليين فتالش�ت بقايا آثار‬
‫المعي�ار النقدي تماما ‪ ،‬وفقهاؤنا يبحثون اآلن عن مخارج ‪ ،‬وبعضهم يش�رع الموجود رأفة‬
‫بالن�اس واجته�ادا منه ‪ ،‬ولذلك فقد انحصرت جهود كافة مؤسس�ات االقتصاد اإلسلامي‬
‫اليوم فيما يس�مى باالقتصاد الجزئي‪ ،‬وأما االقتصاد الكلي ونظام العمالت فتعتذر عنه بأنه‬
‫شأن الحكومات وأنه ال ناقة لها فيه وال جمل‪.‬‬
‫وبقينا اآلن نعيش مرحلة النقد الورقي ‪ ،‬ولعلها المرة األولى ‪ ،‬والمرة الثانية تعد لها العدة‬
‫اآلن (النق�د اإللكترون�ي) عندما تس�حب األوراق كلها ‪ ،‬وتتحول المعاملات النقدية إلى‬
‫اآللة (العملة العالمية الموحدة ‪ ،‬البنك العالمي) ‪.‬‬
‫وفيم�ا يخ�ص العرب ف�ي مجريات التح�ول النقدي نج�د أن العملة الفضي�ة أو الذهبية‬
‫العربي�ة ق�د ألغيت من�ذ منتصف القرن « الخمس�ينات » م�ن أغلب ال�دول ‪ ،‬وكانت اليمن‬
‫م�ن آخ�ر الدول العربية التي أبقت التعامل في كافة ش�ؤونها بنقدي الذهب والفضة ‪ ،‬حيث‬
‫س�كت ورقتها مع مطلع الثورة في الستينات ‪ ،‬ووضعت للجميع العملة الورقية ‪ ،‬وفرضت‬
‫عليهم فرضا ‪ ،‬وسار التعامل بها إلى اليوم ‪ ،‬وربما تأتي في المرحلة الالحقة العملة العالمية‬
‫الموحدة التي ستكون إلكترونية غير مرئية ‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫العدو ع َليكم فامتنعوا ِمنكم» (((‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ُق ُل َ‬
‫وب‬
‫ون االقتِ ِ‬
‫صاد‬ ‫لش�ريعة في كا َّف ِة ُش ُ‬
‫�ؤ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العهد مخالفتِهم لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بنقض‬ ‫َّ‬
‫ولع�ل المقصو َد هنا‬
‫ُ‬
‫ق�ال تعالى ‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫العالمي كما َ‬ ‫بعجلة االقتِ ِ‬
‫صاد‬ ‫ِ‬ ‫واالرتِ ِ‬
‫ب�اط‬
‫ِّ‬
‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ‬
‫ﯛ ) [البقرة‪. ]27:‬‬

‫توقف الجزية والخراج ‪/‬سقوط دولة الخلافة‬


‫ِ‬
‫للدولة اإلسلامية) ‪ ،‬ويدل عليه حديث‬ ‫االقتص�ادي‬ ‫(الضعف‬
‫َ‬ ‫و ُي ْم ِك� ُن تس�ميتُه‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫العراق‪ )..‬وفي آخره‪( :‬وعدتُم من حيث بدأتُم) كررها‬ ‫ِ‬
‫(منع�ت‬ ‫أب�ي هريرة ‪v‬‬
‫ِ‬
‫س�قوط الخالفة اإلسلامية وتش�تُّتها إلى‬ ‫ثالث�ا(((‪ ،‬ويحتم�ل أن تكون إش�ار ًة إلى‬
‫ِ‬
‫الخالفة‬ ‫ِ‬
‫لدولة‬ ‫الخراج‬ ‫كانت تُؤ ِّدي‬ ‫ِ‬
‫البلدان التي ْ‬ ‫دويالت وانعدا ِم ِ‬
‫بيت المال‪ ،‬ومن ِع‬
‫َ‬
‫خراجها‪.‬‬
‫َ‬

‫أهل‬‫(يوش�ك ُ‬
‫ُ‬ ‫(إكم�ال المعلم) (‪ : )457 :8‬ق�ال القاضي عياض‪ :‬وقو ُله‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي‬
‫الع َر ُاق ِد ْر َه َمها‪...‬‬
‫�ت ِ‬ ‫مثل قولِه‪( :‬منَع ِ‬
‫َ َ‬ ‫إليه�م َق ِف ٌيز َولاَ ِد ْر َه ٌم) هو ُ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الع�راق ألاّ ُيجبى‬
‫ِ‬
‫لغلبة الرو ِم‬ ‫والخ�راج‪،‬‬ ‫أن معن�اه َمنْ َعها الجزي َة‬
‫فس�ره في الحديث ّ‬
‫َ‬ ‫الحدي�ث)‪ ،‬وقد َّ‬
‫والعج ِم على البالد‪.‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38426‬‬


‫ِ‬
‫�ول ال َّل�ه ‪َ « : m‬منَ َعت‬ ‫(( ( الحدي�ث رواه أب�وداود في س�ننه (‪َ )3037‬أبِى ُه َر ْي َر َة َق َال ‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫مص�ر إِ ْر َد َّب َها ودينارها ‪ ،‬ثم‬
‫ُ‬ ‫ومنعت‬
‫ْ‬ ‫الع�راق َق ِف َيزها ودرهمها ومنعت الش�ام ُمدْ َي َها ودينارها‬
‫ُ‬
‫زهير (وهو أحد رواة الحديث) ثالث مرات ‪ :‬شهد على ذلك‬
‫ُعدتُم من حيث بدأتُم» قالها ٌ‬
‫لحم أبي هريرة ودمه‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫جابر‪( :‬ي ِ‬
‫�ك ُ‬
‫أهل‬ ‫وش ُ‬ ‫أثر ٍ ُ‬ ‫ش�رح مس�ل ٍم (‪ )53 :18‬عن�د ِ‬
‫ِ‬ ‫النووي في‬
‫ُّ‬ ‫وق�ال اإلم�ا ُم‬
‫شرحه قبل هذا بأوراق‪ .‬اهـ‪ .‬يريد بذلك كالمه‬
‫سبق ُ‬ ‫ِ‬
‫العراق أال ُيجبى إليهم)(((‪ :‬قد َ‬
‫ِ‬
‫البالد‬ ‫العجم والرو َم يستولون على‬ ‫أن‬ ‫الذي تقدم عنه (‪ِ ، )28 :18‬‬
‫وفيه‪ :‬إن معناه‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫حصول ذلك للمسلمين‪ ،‬ثم قال فيه أيضا‪َ :‬و َذك ََر في منع‬ ‫في آخر الزمان‪ ،‬فيمنعون‬
‫الرو ِم ذلك بالشا ِم ِم ْث َل ُه‪ ،‬وهذا قد وجد في زمانِنا في العراق‪ ،‬واآلن موجو ٌد‪.‬‬

‫العثماني في (تكملة فتح المله ِم بش�رح صحيح مسلم)‪:‬‬


‫ُّ‬ ‫قال الش�يخ محمد تقي‬
‫(‪ )292 :6‬شارح ًا حديث أبي هريرة ‪( v‬منعت العراق) ‪ :‬إنه إخبار بأن الكفار‬
‫َ‬
‫يس�يطرون ف�ي آخر الزم�ان على معظ� ِم البالد ‪ ،‬فيمنعون مس�لمي ه�ذه البالد من‬
‫ِ‬
‫األموال‪ ،‬ويؤيده ما س�يأتي في باب ( ال تقوم‬ ‫َ‬
‫يحتاجون إليه من‬ ‫الحص�ول عل�ى ما‬
‫أهل العراق ألاّ‬
‫وشك ُ‬
‫الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل) من حديث جابر قال‪ُ :‬ي ُ‬
‫درهم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قفيز وال‬
‫ُيجبى إليهم ٌ‬

‫اآلخر القيام ُة الصغرى)‬‫ُ‬ ‫األشقر في كتابه (اليو ُم‬


‫ُ‬ ‫عمر‬
‫الدكتور ُ‬
‫ُ‬ ‫ومن المعاصرين قال‬
‫تحت عنوان (تو ُّقف الجزية والخراج) ص‪ِ :155-154‬‬
‫كانت الجزي ُة التي َيد َف ُعها‬
‫ُّ‬
‫يس�تغل األراضي التي‬ ‫والخراج الذي يدف ُعه من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أه�ل الذم�ة في الدولة اإلسلامية‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول‬ ‫أخبر‬
‫مصادر بيت مال المسلمين‪ ،‬وقد َ‬ ‫ُفت َح ْت في الدولة اإلسالمية من ِّ‬
‫أهم‬
‫س�يتوقف‪ ،‬وس�يفقدُ المس�لمون بذلك مورد ًا إسالمي ًا هام ًا‪ ،‬ففي‬
‫ُ‬ ‫الله ‪ m‬بأن ذلك‬

‫((( تمام األثر في صحيح مسلم (‪ : )2912‬عن أبي نضرة قال ‪ :‬كنا عند جابر بن عبد الله فقال‪:‬‬
‫يوش�ك أه�ل العراق أن ال يجب�ى إليهم قفيز وال دره�م ‪ ،‬قلنا‪ :‬من أي�ن ذاك ؟ قال‪ :‬من قبل‬
‫العجم ‪ ،‬يمنعون ذاك ‪ ،‬ثم قال‪ :‬يوش�ك أهل الش�ام أن ال يجبى إليهم دينار وال مدي‪ ،‬قلنا‪:‬‬
‫من أين ذاك؟ قال‪ :‬من قبل الروم ‪ ،‬ثم سكت هنيهة ‪ ،‬ثم قال‪ :‬قال رسول الله ‪ : m‬يكون في‬
‫آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا ال يعده عددا‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫ُ‬
‫العراق‬ ‫�ت‬‫صحي�ح مس�لم عن أبي هري�رة ‪ v‬قال‪ :‬قال رس�ول الله ‪( :m‬منَع ِ‬
‫َ َ‬
‫ودينَاره�ا ‪ ،‬ومنَع ْت ِمصر إِردبها ِ‬
‫ودين ََار َها‪..‬‬ ‫ت الش�ام مدَّ ها ِ‬
‫ِدرهمها و َق ِف َيزها‪ ،‬ومنَع ِ‬
‫ْ ُ ْ َ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ََ‬
‫كثير من البالد اإلسالمية‪،‬‬ ‫التتار على ٍ‬
‫الحديث)‪ .‬اهـ‪ .‬ثم قال ‪ :‬فقد استولى الرو ُم ثم ُ‬
‫ِ‬
‫الخالفة اإلسالمية‪ ،‬وأبعدوا‬ ‫ديار اإلسالم‪ ،‬وأذهبوا دول َة‬ ‫ِ‬
‫عصرنا َّ‬
‫الكفار َ‬
‫ُ‬ ‫احتل‬ ‫وفي‬
‫النووي له وقال‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫وشرح‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حديث مسل ٍم‬ ‫الشريع َة اإلسالمي َة عن الحك ِم‪ .‬اهـ‪ .‬ثم ذكر‬
‫ِ‬
‫لخزينة الدولة اإلسلامية التي‬ ‫ِ‬
‫اإلي�رادات‬ ‫ِ‬
‫لس�بب من� ِع تلك‬ ‫ِ‬
‫التعليالت‬ ‫وكل ه�ذه‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فإلى الله المشتكى(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشريعة‬ ‫تقيم اقتصا َدها على‬
‫كانت ُ‬

‫وهلاك بعض ال ِب ِ‬
‫لاد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والخسف‬ ‫حصولُ الزلا ِز ِل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العالمات‬ ‫الل ِ‬
‫مراح ِ‬
‫�ل‬ ‫بعضه�ا ِخ َ‬
‫الصغرى ‪ ،‬الت�ي يأتي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم�ن عالم�ات الس�اعة ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األخيرة ‪ ،‬التي ِمنها‬
‫ِ‬
‫المدُ ن والعواص ِم ‪ ،‬ومنها المدين ُة ُ‬
‫الم َّنور ُة‬ ‫بعض ُ‬ ‫هالك‬ ‫الكُب�رى‬
‫ُس�مى ـ أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث ُح ُ‬ ‫‪ ،‬وهالكُه�ا كما يظه�ر ِمن ِ‬
‫ظاه ِر‬
‫صول كارثة طبيعية ـ كما ت َّ‬ ‫ُ‬
‫�روج ِمنها ‪ ،‬وهي‬
‫الخ ِ‬ ‫كال�زالز ِل التي ت ِ‬
‫ُفاج ُئ أه َله�ا ؛ فيضطرون إلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِع�دَّ ِة ِ‬
‫كوار َ‬
‫ث‬
‫األحاديث ِمنها ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫تكون ‪ ،‬وفِيها ور َدت ُجمل ٌة ِم َن‬
‫ُ‬ ‫أحس ُن ما‬
‫ٍ‬
‫س�ارية من‬ ‫الكلب على‬ ‫ِ‬
‫أحس�ن ما كانَت ‪ ،‬حتَّى يجي َء‬ ‫ •« لتُتر َك َّن المدين َة على‬
‫ُ‬
‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬لمن‬
‫َ‬ ‫أعواد ِ‬
‫الم ِ‬
‫نبر ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا‬ ‫ِ‬ ‫ود من‬‫المسج ِد أو على ُع ٍ‬
‫ِ‬ ‫سواري‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قال ‪ « :‬لل َّط ِير ِّ‬
‫والسبا ِع »((( ‪.‬‬ ‫يومئذ ؟ َ‬ ‫تكون ال ِّث ُ‬
‫مار‬ ‫ُ‬

‫رس�ول ال َّل ِه‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن األذر ِع ؤ إنَّه صعدَ َ‬
‫مع‬ ‫حج ِن ِ‬ ‫ِ‬
‫ •وروى اإلما ُم أحمدُ عن م َ‬
‫«ويل ُأ ِّمها ‪ ،‬قري ٌة يدعها أه ُلها كأين ِع ما‬
‫فقال ‪ُ :‬‬ ‫ِ‬
‫المدينة َ‬ ‫‪ُ m‬أحدً ا ‪َ ،‬‬
‫فأقبل على‬

‫((( العراق في أحاديث وآثار الفتن (‪ ، )254: 1‬تأليف مشهور حسن سلمان‪.‬‬
‫((( الموطأ (‪.)3310‬‬

‫‪338‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تك�ون»(((‪ .‬وفي ٍ‬
‫«ويل ُأ ِّمك ‪ ،‬يد ُعك أه ُلك وأنت ُ‬
‫خير ما تكونين»((( ‪.‬‬ ‫لفظ ‪ُ :‬‬ ‫ُ‬
‫مارها ؟ َ‬‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫باع»((( ‪.‬‬ ‫قال ‪« :‬ال َّط ُير ِّ‬
‫والس ُ‬ ‫رسول ال َّله َمن يأك ُُل ث ُ‬ ‫َ‬
‫قال ‪ُ :‬ق ُ‬
‫لت ‪ :‬يا‬

‫رسول ال َّل ِه ‪m‬‬


‫َ‬ ‫اب ؤ َّ‬
‫أن‬ ‫بن الخ َّط ِ‬ ‫حس�ن عن ِ‬
‫عمر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ •وروى أحمدُ بِ ٍ‬
‫س�ند‬
‫ِ‬
‫المدينة فيقو َل َّن ‪ :‬لقد َ‬ ‫ب في ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مرة‬
‫كان في هذه َّ‬ ‫جنب وادي‬ ‫«ليس�ير َّن راك ٌ‬
‫َ‬ ‫قال ‪:‬‬
‫كثير»((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حاضر ٌة من المؤمنين ٌ‬
‫ِ‬
‫األحاديث بما يقع فيه‬ ‫الظواه ِر مربوط ٌة في ج ِ‬
‫مل�ة‬ ‫ِ‬ ‫ث�ل هذه‬ ‫ل�ت وال َّله أعلم ‪ِ :‬‬
‫وم ُ‬ ‫ُق ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫والقتل ِ‬
‫وغيره‬ ‫ِ‬ ‫الربا‬ ‫ِ‬
‫وأكل ِّ‬ ‫ِ‬
‫ح�ش‬ ‫عل المعاص�ي ِم َن ال ُظل ِم وال ُف‬ ‫الكبائر وفِ ِ‬
‫ِ‬ ‫الن�اس ِم َن‬
‫ُ‬
‫تالح ِ‬
‫قة‬ ‫ن�ة الم ِ‬ ‫األزم ِ‬
‫ِ‬ ‫عبر‬
‫ُ‬ ‫واإلسلامي َ‬
‫ُّ‬ ‫العربي‬
‫ُّ‬ ‫والعالم‬
‫ُ‬ ‫اإلنس�اني‬
‫ُّ‬ ‫العالم‬
‫ُ‬ ‫عرف‬
‫َ‬ ‫‪ ،‬وق�د‬
‫ِ‬
‫الحين‬ ‫ومنها البراكي ُن التي ِ‬
‫تنفج ُر َبي َن‬ ‫والزالزل الش�يء الكثير ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجفات‬ ‫ِمن هذه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واإلسالمي بِ ُظ ِ‬
‫هور‬ ‫العربي‬ ‫الساعة مقرون ٌة في ِ‬
‫عالمنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫واآلخ ِر ‪ ،‬ولكنَّها في‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعاص�ي واس�تِ‬
‫َ‬
‫األحاديث‬ ‫�عوب بِالديانة واألمان�ة ‪ ،‬وإلى ذل َك ت ُ‬
‫ُش�ير‬ ‫ِ‬ ‫خفاف ُّ‬
‫الش‬
‫ويتقارب‬ ‫ِ‬
‫الزالز ُل ‪،‬‬ ‫لم ‪ ،‬وتك ُث َر‬ ‫ِ‬ ‫ك َقولِ�ه ‪ m‬في ِر ِ‬
‫َ‬ ‫�ض الع ُ‬ ‫خاري ‪ « :‬وحتى ُيق َب َ‬
‫ِّ‬ ‫واية ال ُب‬
‫اله ْر ُج ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ِ‬
‫القتل » (((‪.‬‬ ‫وتظهر الف َت ُن ‪ ،‬ويك ُث َر َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الزمان ‪،‬‬
‫ِ‬
‫إيراده‬ ‫ِ‬
‫العصرية » (ص‪ )111‬بعدَ‬ ‫ِ‬
‫االختراعات‬ ‫ِ‬
‫طابقة‬ ‫الغماري في « ُم‬ ‫قال الحافِ ُظ‬
‫َ‬
‫ُّ‬
‫المعامل ُة‬ ‫ِ‬ ‫الزالز ِل في‬
‫ِ‬ ‫الحديث ‪ :‬وقد ورد أن سبب ِ‬ ‫ِ‬
‫الربا وكثر ُة ُ‬
‫األرض هو ِّ‬ ‫كثرة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هذا‬
‫بِه ‪ ،‬وأك ُله» ‪.‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )20883‬‬


‫((( الطبراني في الكبير (‪.)17463‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )20883‬‬
‫((( مسند أحمد (‪.)15055‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)1036‬‬

‫‪339‬‬
‫الزالز ِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سلسلة‬ ‫العرب ُعمو ًما ُجز ًءا ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬ ‫ِ‬
‫األرصاد في‬ ‫س�ج َلت ِ‬
‫أجهز ُة‬ ‫وقد َّ‬
‫ِ‬
‫منطقة‬ ‫آخ ِرها ِز ٌ‬
‫الزل حص َلت في‬ ‫كان من ِ‬ ‫عاص ِ‬
‫�ر ‪ُ ،‬ر َّبما َ‬ ‫ِ‬
‫تاريخنا الم ِ‬ ‫عبر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫والرجف�ات َ‬
‫األو ِل ‪1430‬هـ ‪ ،‬ويبدو وال َّل ُه‬ ‫شهر ُجمادى َّ‬‫الل ِ‬ ‫رة ِخ َ‬ ‫المدينة المنو ِ‬
‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫العيس قري ًبا ِم َن‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كون هذه المناط ِق ُ‬
‫تتأثر‬ ‫أجهزة اإلعال ِم هو ُ‬ ‫ث بِه في‬‫المتحدَّ َ‬
‫النظري ُ‬
‫َّ‬ ‫التفسير‬
‫َ‬ ‫أعلم َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫األرض والم ِ‬ ‫تحت ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مس�افات‬ ‫متدة على‬ ‫ِ ُ‬ ‫ش�رة‬ ‫الكائنة َ‬ ‫الجيولوجية‬ ‫داع�ات‬ ‫باالنص‬
‫ِ‬
‫األحمر‬ ‫ِ‬
‫البحر‬ ‫فجوات‬ ‫تكونَت منه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سلس�لة الصد ِع‬ ‫كبيرة ِمن‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫سبق أن َّ‬
‫الكبير ‪ ،‬الذي َ‬
‫الظاه ِ‬
‫رة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫طبيعي لِهذه‬ ‫استمرار‬ ‫َ‬
‫الزالزل‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪َّ ،‬‬
‫وأن هذه‬ ‫وما حو َلها في سابِق‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬

‫صول‬‫مار ُح ُ‬ ‫ِ‬
‫المدينة وهي يانع ُة ال ِّث ِ‬ ‫أن الذي أشار إ َليه ‪ِ m‬من ِ‬
‫ترك‬ ‫إذن فال ُيستب َعدُ َّ‬
‫َ‬
‫أهلها ِمنها ‪ ،‬وال َّل ُه‬
‫روج ِ‬ ‫ِ‬
‫الزمان بما ُيؤ ِّدي إلى ُخ ِ‬ ‫داعات في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االنص‬ ‫شيء من هذه‬‫ٍ‬

‫أعلم ‪.‬‬
‫ُ‬

‫أنكر‬ ‫فت�ح الباري » (‪َ )104 : 16‬‬


‫ق�ال ‪( :‬تنبيه) َ‬ ‫ذك�ره الحافِ ُظ في « ِ‬ ‫ٍ‬
‫وف�ي حديث َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫تعبيره في هذا الحديث بِ َقول�ه ‪ُ « :‬‬
‫خير ما كانَت » َ‬ ‫م�ر على أب�ي ُه َرير َة َ‬
‫اب� ُن ُع َ‬
‫المدينة » ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخبار‬ ‫مر ب ُن َش� َّب َة في «‬ ‫ِ‬
‫أخرج ذل َك ُع ُ‬
‫َ‬ ‫أعمر ما كانَت » ‪،‬‬‫الصواب « ُ‬
‫َ‬ ‫إِ َّن‬
‫مر فجا َء أب�و ُه َرير َة َ‬
‫فقال له ‪ :‬لم‬ ‫ابن ُع َ‬‫كان جالِ ًس�ا ِعندَ ِ‬
‫عمرو أنَّه َ‬ ‫بن ٍ‬ ‫ِ‬
‫مس�ادق ِ‬ ‫ِ‬
‫طريق‬
‫يخر ُج‬ ‫يت حتَّى َ‬ ‫وأنت في ب ٍ‬ ‫علي حديثي ؟ فوال َّل ِه لقد ك ُ‬
‫النبي ‪ُ « : m‬‬‫قال ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُنت أنا َ‬ ‫ُتر َّد َّ‬
‫ِ‬
‫خير ما كانَت»‬ ‫مر ‪ :‬أج�ل ‪ ،‬ولكن لم ي ُق ْل ‪ُ « :‬‬ ‫خير ما كانَت » َ‬
‫فقال اب ُن ُع َ‬ ‫منه�ا أه ُله�ا ُ‬
‫ق�ال ‪« :‬خير ما كانَت» َ ِ‬ ‫أعمر ما كانًت» ‪ .‬ولو َ‬ ‫‪ ،‬إنَّم�ا َ‬
‫حي هو‬ ‫لكان ذل َك وهو ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :‬‬
‫بيده ‪ .‬اهـ ‪ .‬وروى م ِ‬
‫س�ل ٌم‬ ‫�ت ‪ ،‬والذي نفس�ي ِ‬ ‫فق�ال أب�و ُه َرير َة ‪ :‬صد ْق َ‬ ‫وأصحا ُب�ه ‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫المدين�ة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫يخر ُج ُ‬ ‫لما َ‬ ‫ِ‬
‫المدينة ‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫عمن ُ‬ ‫النب�ي ‪َّ m‬‬‫َّ‬ ‫س�أل‬ ‫ف�ي حديث ُح َذيف َة أنَّه َّ‬
‫قال ‪ُ :‬أمرا ُء‬
‫خر ُجهم ؟ َ‬ ‫ِ‬
‫حديث أبي ُه َرير َة قيل ‪ :‬يا أبا ُه َرير َة ‪َ ،‬من ُي ِ‬ ‫بن ش َّب َة ِمن‬‫مر ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ُع َ‬

‫‪340‬‬
‫الس ِ‬
‫وء(((‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫رسول‬ ‫الت وأمي ُن ِس ِّر‬
‫ول ح َذيف َة ؤ ـ وهو فقيه التحو ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫األمر َق ُ ُ‬ ‫وأعجب ما في ِ‬
‫ُ‬
‫بن يزيدَ عن ُحذيف َة‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬
‫سنده عن ِ‬
‫العل ِم ـ فيما رواه أحمدُ في م ِ‬
‫ُ‬
‫ال َّل ِه ‪ m‬في هذا ِ‬
‫ٍ‬
‫ش�يء‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬بِما هو كائ ٌن إلى أن تقو َم الس�اع ُة ‪ ،‬فما ِمن‬
‫ُ‬ ‫أنَّه َ‬
‫قال ‪ :‬أخبرني‬
‫ِ‬
‫المدينة ِ(((‪.‬‬ ‫المدينة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫أهل‬ ‫إلاَّ قد سألتُه ‪ ،‬إلاَّ أني لم أسا ْله ما ُي ِ‬
‫خر ُج َ‬
‫ِ‬
‫المدينة « َل َيت ُْر ُكن ََّها َأ ْه ُلها‬ ‫شرح مسل ٍم((( عند قولِه ‪ m‬عن‬ ‫النووي في ِ‬ ‫َ‬
‫قال اإلما ُم‬
‫ُّ‬
‫َت ُم َذ َّل َل ًة لِ ْل َعوافِي » ‪ :‬يعني الس�باع والطي�ر ‪ ،‬وفي الرواية الثانية‪« :‬‬ ‫َع َل�ى َخ ْي ِر َما كَان ْ‬
‫�اها إِلاّ ال َع َوافِ�ي » ‪ ،‬يريدُ ‪َ :‬ع َوافِي‬ ‫ِ‬ ‫الم ِدينَ� َة َع َل�ى َخ ْي ِر َما كَان ْ‬
‫َت َع َل ْيه ال َي ْغ َش َ‬ ‫َيت ُْرك َ‬
‫ُ�ون َ‬
‫ان ب ُعنُ َق ْي ِهما ف َي ِجدَ انِها‬
‫ان المدين َة ين ِْع َق ِ‬
‫َ‬
‫ان ِمن م َزينَ َة ي ِريدَ ِ‬
‫ْ ُ ْ ُ‬
‫اعي ِ‬‫ِ‬
‫السبا ِع وال َّط ْي ِر ‪ ،‬ثم َي ْخ ُر ُج َر َ‬
‫ِّ‬
‫وحش ًا ‪ ،‬حتّى إذا ب َل َغا َثنِي َة الودا ِع َخرا على وج ِ‬
‫وه ِهما ) ‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫الحديث بالس�با ِع وال َّطي ِر ‪ ،‬وهو صحيح في ِ‬
‫اللغة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أما (العوافي) فقد َف َّس َ�رها في‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫مأخ�و ٌذ من َع ِ‬
‫المختار‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الظاهر‬
‫ُ‬ ‫الحديث‬ ‫فوتُه ‪ :‬إذا َأ َت ْي ُت ُه َت ْط ُل ُ‬
‫�ب معرو َفه ‪ ،‬وأما معنى‬ ‫َ‬
‫آخر الزمان ‪ ،‬عن�د قيا ِم الس�اعة ‪ ،‬وت َُو ِّض ُح ُه ِق َّص ُة‬
‫يكون ف�ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للمدينة‬ ‫َ‬
‫الت�رك‬ ‫ّ‬
‫أن ه�ذا‬
‫وه ِهما ِحي َن تُدْ ِرك ُُهما الس�اع ُة ‪ ،‬وهما‬ ‫خر ِ‬
‫ان على وج ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫الراعيي�ن من ُم َز ْينَ َة ‪ ،‬فإِن َُّهم�ا َي ّ‬
‫ِ‬
‫المختار ‪.‬‬ ‫الظاهر‬ ‫البخاري ‪ ،‬فهذا هو‬ ‫ِ‬
‫صحيح‬ ‫آخ ُر َمن ُي ْح َش ُر كما َث َب َت في‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫ياض‪ :‬هذا ما َج َرى في ال َع ْص ِر األَ َّو ِل َوا ْن َق َضى ‪ ،‬وقال‪َ :‬و َهذا ِم ْن‬ ‫وق�ال القاضي ِع ٌ‬ ‫َ‬
‫َ�ت َع َلي ِه ِحين ا ْن َت َق َل ِ‬ ‫الم ِدينَ ُة على َأ ْح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫�ن َما كَان ْ ْ‬ ‫ُم ْعج َ�زات النَّبِ ِّي ‪َ ، m‬ف َقدْ ت ُِركَت َ‬

‫((( فتح الباري (‪. )91 :4‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)7447‬‬
‫((( (‪. )159 :9‬‬

‫‪341‬‬
‫ِ‬
‫كان�ت الدي ُن والدنيا ‪،‬‬ ‫الوقت َأ ْح َس� ُن ما‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والعراق ‪ ،‬وذلك‬ ‫الخالف� ُة منها إلى الش�ا ِم‬
‫اس�ها واتِّس�ا ِع ِ‬‫وغر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حال‬ ‫َ‬ ‫أ ّم�ا الدي ُن فل َك ْثرة العلماء وك ََمال ِهم ‪ ،‬و َأ ّما الدنيا فلع َم َارتها َ‬
‫وخاف أه ُلها‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالمدينة‬ ‫ِ‬
‫الفتن التي َج َ�ر ْت‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫األخبار ُّيون في‬ ‫ِ‬
‫أهله�ا‪ ،‬ق�ال ‪ :‬و َذك ََر‬
‫أكثرها للعوافي ‪َ ،‬و َخ َل ْت ُمدَّ ًة ُث ّم ت ََر َ‬
‫اج َع‬ ‫ثمارها أو ُ‬
‫وبقيت ُ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫أنّه َر َح َل عنها ُ‬
‫أكثر‬
‫�ت َأ ْط َرا ُفها‪ ..‬هذا كال ُم‬ ‫قريب ِمن هذا ‪ ،‬و َقدْ َخ ِر َب ْ‬
‫ٌ‬ ‫ق�ال‪ :‬وحا ُلها اليو َم‬
‫الن�اس إليها ‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫القاضي والله أعلم((( ‪.‬‬
‫والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال َ‬
‫ور ور َّبما ال‬ ‫عش�رات النم�اذ ِج ُّ‬
‫ُ‬ ‫الصغرى‬‫زال ف�ي مدلوالت العالمات ُّ‬
‫ِ‬
‫تعدادها‬ ‫بيان عام لِ‬ ‫التفصيل ‪ ،‬ولِهذا فقد جمعناها على ِص ِ‬
‫فة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ذكرها بِ‬ ‫المجال لِ ِ‬
‫ُ‬ ‫يت َِّس ُع‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫البعثة‬ ‫الزمنية ‪ ،‬فهي تبد ُأ ِمن ِ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألطراف‬ ‫ِ‬
‫واسع ُة المدى‬ ‫وخاص ًة أنَّها‬ ‫وأسمائها ‪،‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الالحق إجمالاً ‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬
‫الفصل‬ ‫ور ‪ ،‬كما سيأتي في‬ ‫الص ِ‬ ‫المحم ِ‬
‫دية وتنتهي بِ ِ‬
‫النفخ في ُّ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬
‫«اإلشاعة»‬ ‫كالبرزنجي في‬ ‫ُب والمؤ َّل ِ‬
‫فات‬ ‫ِ‬
‫تفصيلها في ثنايا ال ُكت ِ‬ ‫بعض الباحثين بِ‬
‫قا َم ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ف الوابِ ُل في ِكتابِه «‬ ‫‪ ،‬وبوبه�ا ِ‬
‫أش�راط الس�اعة » تبوي ًب�ا ُمتداخلاً َ‬
‫مع‬ ‫ُ‬ ‫يوس ُ‬
‫�ث ُ‬ ‫الباح ُ‬ ‫َّ َ‬
‫الوسطى ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العالمات ُ‬

‫اب هّٰ ِ َ َ‬ ‫كـتُتِبَ ِم ْن ِسوَى ِكت َ ِ‬


‫قِ َرا َءةُ م َا ا ْ‬
‫ٱلل ع َّز َوجل َّ‬
‫آن‪،‬‬ ‫ال َع ِن ال ُقر ِ‬
‫ْ‬ ‫(الم ْثنَ�اةَ) َب ِدي ً‬
‫�مى َ‬ ‫ٍ‬
‫كتاب ُي َس َّ‬ ‫الس�اعة الصغرى تِلاَ َو ُة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ومن‬
‫ث في‬ ‫العاص ِحينَم�ا َ‬
‫كان ُي َح�دِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫عمرو ب�ن‬ ‫ب�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫عبدالله ِ‬ ‫�ار َح ِد ُ‬
‫ي�ث‬ ‫ذل�ك َأ َش َ‬
‫وإل�ى َ‬
‫الفعل ‪ ،‬وإِ ّن من‬ ‫القول و ُي ْخ َز َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ط‬ ‫ِ‬
‫الساعة أن ُي ْب َس َ‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫ويقول‪( :‬إِ َّن ِم ْن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المس�جد‬
‫األخيار ‪ ،‬وإن من أشراط الساعة أن ُت ْق َر َأ‬ ‫ُوض َع‬ ‫األش�رار وت َ‬ ‫ِ‬
‫الساعة أن ت ُْر َف َع‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ْثنَ�ا ُة عل�ى ُر ُؤ ِ‬
‫ب من‬ ‫المَل�أَ ال ُت َغ َّي ُر » ‪ .‬قيل ‪ :‬وما المثناة ؟ فقال ‪ « :‬ما ْ‬
‫اس� ُتكْت َ‬ ‫وس َ‬ ‫َ‬

‫((( شرح النووي على مسلم (‪. )159 :9‬‬

‫‪342‬‬
‫الله) ‪ .‬قيل ‪ :‬يا أبا عبد الرحمن ‪ ،‬وكيف بما جاء من حديث رس�ول الله‬ ‫كتاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غير‬
‫ِ‬
‫بالقرآن‬ ‫وعليكم‬
‫ْ‬ ‫نفسه ودينِه فا ْع ِق ُلو ُه ‪،‬‬
‫‪ . m‬فقال ‪( :‬ما َأ َخ ْذتُموه عمن ت َْأمنُو َنه على ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ُج َز ْو َن ‪ ،‬وكفى به واعظ ًا لمن‬ ‫ف َت َع َّل ُم�و ُه و َع ِّل ُم�و ُه َأ ْبنَا َءك ُْم‪ ،‬فإِ َّنك ُْم عنه تُس�ألون ‪ ،‬وبه ت ْ‬
‫كان َي ْع ِق ُل)‪.‬‬

‫س�ألت رج ً‬
‫ال من أهل‬ ‫ُ‬ ‫وفي (ش�عب اإليمان) للبيهق�ي (‪ : )4981‬قال أبوعبيد ‪:‬‬
‫َ‬
‫والرهبان من‬ ‫األحبار‬ ‫العل� ِم بالكت�ب األولى قد َعر َفها و َقر َأها َع ِن الم ْث ِ‬
‫ناة فقال ‪ :‬إِ َّن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫كتاب‬ ‫بني إسرائيل بعدَ موسى وضعوا كتاب ًا فيما بينهم على ما َأ َرا ُدوا َب ْين َُه ْم ِمن ِ‬
‫غير‬
‫وح َّر ُفوا فيه‬ ‫الم ْثنَاةَ‪ ،‬كأنَّهم يعني أن َُّه ْم َأ ْد َخ ُلوا فيه ما ُ‬ ‫عز َّ‬ ‫ِ‬
‫ش�اؤوا‪َ ،‬‬ ‫�م ْو ُه َ‬
‫فس َّ‬
‫وجل ‪َ ،‬‬ ‫الله َّ‬
‫عرفت‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫أبوعبي�د ‪ :‬فبهذا‬ ‫تب�ارك وتعالى ‪.‬اهـ‪ .‬قال‬ ‫َ‬ ‫كتاب ِ‬
‫الله‬ ‫ش�اؤوا على خالف ِ‬ ‫م�ا ُ‬
‫ِ‬
‫الكتاب لذلك المعنى ‪،‬‬ ‫األخذ عن ِ‬
‫أهل‬ ‫َ‬ ‫عمرو أنَّه إنما ك َِر َه‬
‫بن ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫تأويل‬
‫قال هذا لمعرفتِه بما فيها ‪ .‬اهـ(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اليرموك فأظنُّه َ‬ ‫وقعت يو َم‬
‫ْ‬ ‫وقد َ‬
‫كان عندَ ُه ُكت ٌ‬
‫ُب‬
‫ِ‬
‫الزائغة‬ ‫ِ‬
‫لعقائ�ده‬ ‫ال�دور اليهودي ف�ي العال ِم ف�ي ِ‬
‫فرضه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خطورة‬ ‫يش�ير إل�ى‬ ‫وهذا‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫((( وانظر (غريب الحديث) ألبي عبيد (ج ‪ / 4‬ص ‪. )282‬‬


‫والجدي�ر بالذكر أن في بعض المذاهب نصوص غالية ش�اذة تطعن ف�ي كتاب الله الذي‬
‫يق�رؤه المس�لمون الي�وم‪ ،‬وأنه س�يحصل ف�ي آخر الزم�ان تصحي�ح ـ والعياذ بالل�ه ـ لهذا‬
‫المصحف على يد غير العرب ‪ ،‬وجاء في بعضها لفظة (المثاني) و(المثال) و(المستأنف)‪.‬‬
‫ومن ذلك ‪ :‬كأني بشيعة علي في أيديهم (المثاني) يعلمون الناس (المستأنف) ‪ ،‬وفي رواية‬
‫أخرى عنهم ‪ ( :‬كيف أنتم لو ضرب أصحاب القائم ( عليه السلام ) الفس�اطيط في مسجد‬
‫كوفان ‪ ،‬ثم يخرج إليهم (المثال المس�تأنف) أمر جديد على العرب ش�ديد ) ‪ .‬وفي رواية ‪:‬‬
‫(كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن كما أنزل ‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين أو ليس هو كما أنزل ؟ فقال‪ :‬ال ‪ ،‬محي منه س�بعون من قريش بأس�مائهم وأسماء‬
‫آبائهم ‪ ،‬وما ترك أبو لهب إال إزراء على رسول الله ‪ m‬ألنه عمه)‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫التوراة الذي اختل ُقوه وو َضعوه من ِ‬
‫عند‬ ‫ِ‬ ‫تفس�ير‬ ‫سمى اليهو ُد‬ ‫على اإلنس�انية‪ُ ،‬‬
‫ُ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫حيث ّ‬
‫وشرحه (جمارا) ‪ ،‬وهم ُي َقدِّ ُسونَها غاي َة‬ ‫وس َّموا َم ْتنَه (المشناة)‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أنفسهم (التلمود) ‪َ ،‬‬
‫التقديس‪ ،‬تقول (الموس�وعة الميس�رة في األديان والمذاهب والملل المعاصرة)‪:‬‬
‫الحاخام�ات ‪ ،‬حتى َج َم َعها الحاخا ُم يوضاس‬
‫ُ‬ ‫روايات ش�فوي ٌة تناقلها‬
‫ٌ‬ ‫التلمو ُد‪ :‬هو‬
‫سنة ‪150‬م في كتاب أسما ُه (المشناة) ‪ ،‬أي‪ :‬الشريعة المكررة لها في توراة موسى‬
‫كاإليضاح والتفس�ير‪ ،‬وقد أتم الراباي يهوذا س�نة ‪216‬م تدوين زيادات وروايات‬
‫ش�فوية‪ .‬وق�د تم ش�رح هذه المش�ناة ف�ي كتاب س�مي (جم�ارا)‪ ،‬ومن (المش�نا)‬
‫و(الجم�ارا) يتكون التلمود‪ ،‬ويحتل التلمود عند اليهود منزلة مهمة جدًّ ا تزيد على‬
‫منزلة التوراة (((‪.‬‬

‫وق�د َب َل َغنَ�ا ـ وت ََأ َّكدْ نا من ذلك ـ أن قرآن ًا ُس ِّ‬


‫�م َي ( بالفرقان الح�ق ) َو َّز َع ْت ُه جماع ٌة‬
‫عز‬ ‫لكتاب ِ‬
‫الله َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال مخالف ًة‬ ‫ٍ‬
‫عبارات وجم ً‬ ‫ُ‬
‫يحمل‬ ‫ِ‬
‫العرب وهو‬ ‫بعض ِ‬
‫بالد‬ ‫ِ‬ ‫مجهول� ٌة في‬
‫مضي‬ ‫ِ‬
‫التضارب مع‬ ‫ٍ‬
‫واضحة ُيقصدُ بها إِيجا ُد‬ ‫بطريقة وضع ّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫وج�ل وت ََّم ْت صياغتُه‬
‫ِّ‬
‫حق‬ ‫ِ‬
‫المصحفين على ٍّ‬ ‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القارئ ُّ‬
‫ُ‬ ‫الحائ�رة‪ ،‬فيأتي زم ٌن ال يدري‬ ‫األجيال‬ ‫الزم�ن بين‬
‫القرآن لشكِّهم ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الناس‬ ‫ُ‬
‫فيترك ُ‬

‫((( الموسوعة الميسرة ص‪. 59‬‬

‫‪344‬‬
‫الصرغى‬ ‫ِ‬
‫لامات ُّ‬ ‫عرض عام ٌّ لِبقيَّةِ العَ‬
‫ٌ‬
‫هاب الصالِحين‬
‫ • َذ ُ‬
‫ِ‬
‫األسافل‬ ‫ارتفاع‬
‫ُ‬ ‫ •‬
‫ • ُظهور الرويبِ ِ‬
‫ضة‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫ِ‬
‫األصاغ ِر‬ ‫العل ِم ِعندَ‬‫ •التِماس ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المؤم ِن‬ ‫صدق رؤيا‬ ‫ • ُ‬
‫ِ‬
‫النشر »‬ ‫ِ‬
‫الصحافة و ُدور‬ ‫تابة وانتِ ِ‬
‫شارها «‬ ‫الك ِ‬ ‫ •كثر ُة ِ‬

‫التهاو ُن بِ ُّ‬
‫السن َِن‬ ‫ُ‬ ‫ •‬
‫األه َّل ِة‬
‫فاخ ِ‬ ‫ •انتِ ُ‬
‫ِ‬
‫اإلعالمية‬ ‫ِ‬
‫الوسائل‬ ‫عبر‬ ‫َ‬ ‫ب و ُبلو ُغه‬ ‫ •كثر ُة ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫اآلفاق َ‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫لفة ِم َن‬
‫ •ارتِفاع األُ ِ‬
‫ُ‬
‫جليسه‬
‫َ‬ ‫الرج ُل‬
‫ •إذا لم يأ َم ْن ُ‬
‫عر ِ‬
‫لم ِ‬ ‫ِ‬
‫فة‬ ‫ •التحي ُة ل َ‬
‫الز ِ‬
‫ور‬ ‫ •انتِشار َش ِ‬
‫هادة ُّ‬ ‫ُ‬
‫ •كثر ُة الن ِ‬
‫ِّساء‬
‫ِ‬
‫الفجأة‬ ‫ظاهر ُة م ِ‬
‫وت‬ ‫ • ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والجفاء‬ ‫قوع التناك ُِر‬
‫ • ُو ُ‬
‫وأنهارا‬ ‫روجا‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ • َعو َد ُة الجزيرة ُم ً‬
‫ِ‬
‫النبات‬ ‫المطر ِ‬
‫وق َّل ُة‬ ‫ِ‬ ‫ •كثر ُة‬
‫ِ‬
‫والجمادات‬ ‫السبا ِع‬
‫ •كال ُم ِّ‬

‫‪345‬‬
‫وت ِمن ِشدَّ ِة البِ ِ‬
‫الء‬ ‫المؤم ِن لِلم ِ‬
‫ِ‬ ‫ •تمنِّي‬
‫َ‬
‫سلمين ‪.‬‬ ‫وقتالِهم الم ِ‬
‫ •كثر ُة الرو ِم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الساعة أن‬ ‫ِ‬
‫أشراط‬ ‫إن ِمن‬
‫حديث ‪َّ « :‬‬
‫ُ‬ ‫المساج ِد ‪ ،‬وفيه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلمامة في‬ ‫ •التدا ُف ُع على‬
‫دون إما ًما ُيص ِّلي بهم »)‪.(1‬‬ ‫المسج ِد ال ِ‬
‫يج َ‬ ‫ِ‬ ‫يتدا َف َع ُ‬
‫أهل‬
‫ • ُغرب ُة اإلسال ِم ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الناس ‪.‬‬ ‫الخشو ِع ِم َن‬ ‫ • َذ ُ‬
‫هاب ُ‬
‫ِ‬ ‫ •كثر ُة الذين ال ِ‬
‫يعرفون معرو ًفا وال ُينكرون ُم ً‬
‫نكرا ‪.‬‬
‫وقل ُة ال ُف ِ‬
‫قهاء ‪.‬‬ ‫والخ ِ‬
‫طباء ِ‬ ‫ •كثر ُة ال ُق َّر ِاء ُ‬
‫ِ‬
‫الدين ‪.‬‬ ‫العل ِم لِ َغ ِير‬
‫ •تع ُّلم ِ‬
‫ُ‬
‫الكذابون (الك ََذب ُة) وال ُق َّرا ُء الفسق ُة ‪.‬‬
‫•ال ُقضا ُة الخون ُة وال ُفقها ُء َّ‬ ‫ ‬
‫الح ِ‬ ‫نار ِ‬
‫هور ِ‬
‫جاز‬ ‫• ُظ ُ‬ ‫ ‬
‫المرأة لِلرج ِل في الت ِ‬
‫ِّجارة‬ ‫ِ‬ ‫• ُمشارك ُة‬
‫ُ‬ ‫ ‬
‫•استِبدال التال ُع ِن بالسال ِم ‪.‬‬ ‫ ‬
‫جال ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والنساء بِالر ِ‬ ‫جال بِالن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫ •تش ُّب ُه الر ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الشباب ‪.‬‬ ‫سق‬ ‫غيان الن ِ‬
‫ِّساء وفِ ُ‬ ‫ • ُط ُ‬
‫الغ ِ‬
‫لمان ‪.‬‬ ‫ •التغاير على ِ‬
‫ُُ‬
‫المساج ِد وتعلي ُة المنابِ ِر ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ •زخرف ُة‬
‫ِ‬
‫الذهب ‪.‬‬ ‫هور ِ‬
‫كنز‬ ‫ • َذهاب ِ‬
‫ماء ال ُف ِ‬
‫رات و ُظ ِ‬ ‫ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪ ،)27898‬قلت‪ :‬وقد حصل مثل هذا في بعض بالد اليمن ـ إبان فترة الحكم‬
‫الشيوعي ـ حيث انعدم في بعض القرى من يؤم الناس للصلوات وكذلك لصالة الجنازة ‪.‬‬
‫وصدق رسول الله ‪. m‬‬

‫‪346‬‬
‫ •كثر ُة ُّ‬
‫الش ِح‬
‫ِ‬
‫العاريات‬ ‫ِ‬
‫الكاسيات‬ ‫ •ظهور الن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫ُ‬

‫الخاص ِة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫عش�رات‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫وغيرها ِمن ُكت ِ‬
‫ُب‬ ‫ِ‬
‫والمس�انيد ِ‬ ‫الس ِ‬
‫�نن‬ ‫وفي ُّ‬
‫المجال لِ ِ‬
‫ذكرها ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫العالمات األُخرى التي لم يت َِّس ُع‬
‫ِ‬ ‫بِ‬

‫‪347‬‬
‫ِ‬
‫العلامات‬ ‫الجام ُع ل ِ َسي ِر‬
‫التسلسل الزمني الشرعي ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬
‫والأمارات إلى قِيا ِم الساعةِ‬
‫ِ‬
‫ •المرحل ُة الن ِ‬
‫َّبو َّي ُة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هور الر ِ‬ ‫السماوية لِ ُ‬
‫ِ‬
‫الخاتمة ‪.‬‬ ‫سالة‬ ‫ألم ِم بِ ُظ ِ ِّ‬ ‫شارات ال ُكت ِ‬
‫ُب‬ ‫ُ‬ ‫ •ب ِ‬
‫ِ‬
‫العالمات ‪.‬‬ ‫برز فيه ِم َن‬‫ •ميال ُده ‪ m‬وما َ‬
‫اآليات البي ِ‬
‫نات ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ •نشأتُه ‪ m‬وما راف َقها ِم َن‬
‫ِّ‬
‫ •بعثتُه ‪. m‬‬
‫•وفاتُه ‪. m‬‬ ‫ ‬
‫الراش ِ‬
‫دة ثالثون عا ًما ‪.‬‬ ‫الفة ِ‬
‫الخ ِ‬ ‫•مرحل ُة ِ‬ ‫ ‬
‫األموية – العب ِ‬
‫اسية)((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العضوض (‬ ‫•مرحل ُة الم ِ‬
‫لك‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ ‬
‫•مرحل ُة الدو ِ‬
‫يالت‪ ..‬التداعي ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ ‬
‫ِ‬
‫المهابة ‪.‬‬ ‫ونزع‬ ‫ِ‬
‫والوهن‬ ‫•مرحل ُة ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬
‫ُ‬ ‫ ‬
‫•مرحل ُة االستِتبا ِع ‪.‬‬ ‫ ‬
‫هتار ‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثمار – االست ُ‬ ‫عمار – االست ُ‬ ‫•االست ُ‬ ‫ ‬
‫العلماني ُة – العلمن ُة – ال َعولم ُة ‪.‬‬ ‫• ِ‬ ‫ ‬
‫ِ‬
‫أواس�ط‬ ‫ِ‬
‫الرابعة إلى‬ ‫الف ِ‬
‫تن�ة‬ ‫هاية ِ‬
‫�عوب » ِم�ن نِ ِ‬
‫ِ‬ ‫الش‬ ‫•مرحل� ُة االس�تِ ِ‬
‫نفار « يقظ� ُة ُّ‬ ‫ ‬
‫المرحلة الس ِ‬
‫فيانية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ •مرحل ُة االستِ ِ‬
‫قرار « المهد َّي ُة » ‪.‬‬

‫ُبو ًة ورحم ًة ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫((( وتنقس�م المرحلة بعمومها إلى أقس�ام كما جاء الحديث ‪ « :‬بد َأ هذا ُ‬
‫األمر ن َّ‬
‫عضوضا ‪ُ ،‬ث َّم ُع ًّتوا وجبري ًة » ‪ .‬اهـ ص‪ 364‬اإلشاعة ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ِخالف ًة ورحم ًة ‪ُ ،‬ث َّم ُملكًا‬

‫‪348‬‬
‫ •مرحل ُة الدَّ َّج ِ‬
‫ال « الدَّ َّجالي ُة » ‪.‬‬
‫ِ‬
‫األديان‬ ‫ِ‬
‫ووحدة‬ ‫ِ‬
‫�عوب ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ِّهائي�ة َبي َن ُّ‬
‫الش‬ ‫مري�م « المرحل ُة الن‬ ‫ •مرحل ُة عيس�ى ِ‬
‫بن‬
‫َ‬
‫يمنة اإلسال ِم » « المرحل ُة العيسوي ُة » ‪.‬‬ ‫تحت ه ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫االنهيار » « اليأجوجي ُة » ‪.‬‬ ‫ •مرحل ُة االجتِ ِ‬
‫ياح « بد ُء‬
‫ِ‬
‫وعبادة األصنا ِم « الالديان ُة » ‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫رك‬ ‫ •مرحل ُة ِّ‬
‫بول الت ِ‬
‫َّوبة » « الداب ُة ‪ ،‬الدُ ُ‬
‫خان‪،‬‬ ‫اليأس من َق ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعالمات « مرحل ُة‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫ •تتا ُب ُع‬
‫مغربِها »((( ‪.‬‬‫الشمس ِمن ِ‬
‫ِ‬ ‫الريح القابِض ُة ‪ُ ،‬ط ُ‬
‫لوع‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الصور » ‪ .‬‬ ‫ُ‬
‫النفخ في‬ ‫اإلنساني «‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الكون‬ ‫ •نِهاي ُة‬

‫((( رواه الطبران�ي ف�ي األوس�ط عن أب�ي هريرة ؤ عن النبي ‪ m‬ق�ال « « خروج اآليات‬
‫بعضها على أثر بعض ‪ ،‬يتابعن كما تتابع الخرز في النظام ‪ .‬وروى اإلمام أحمد عن عبد الله‬
‫بن عمرو قال ‪ :‬قال رسول الله ‪ « m‬اآليات خرزات منظومات في سلك فان يقطع السلك‬
‫يتبع بعضها البعض‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫الفتنةِ الرابِعةِ‪ ..‬رمحلةُ الاستِنفا ِر‬
‫ما بع َد ِ‬

‫الزمنية الت�ي تمتدُّ فِيه�ا مرحل ُة‬


‫ِ‬ ‫تحدي�د الم ِ‬
‫�دة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫اإلش�ارات الن ِ‬
‫َّبو َّي� ُة ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫اختل َف ِ‬
‫�ت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أش�رنا س�ل ًفا بِع�د ِم انش�غالِنا بِ‬ ‫لأِ‬ ‫ِ‬
‫وتحدي�ده ‪ ،‬وال‬ ‫الزم�ن‬ ‫الفتن� ُة الرابع� ُة ‪ ،‬و نَّن�ا ق�د ْ‬
‫الل االس�تِ ِ‬
‫قراء العا ِّم‬ ‫المراحل ِمن ِخ ِ‬
‫َ‬ ‫كره�م ؛ فإنَّنا ن ِ‬
‫ُالح ُق‬ ‫وذ ِ‬‫�خوص ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفراد ُّ‬
‫والش‬ ‫بِ‬
‫ِ‬
‫المس�ألة‬ ‫المرحلة اس�تِ ُ‬
‫فحال‬ ‫ِ‬ ‫طول هذه‬ ‫قراء العام في ِ‬ ‫ومن االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫التحوالت ‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ع�ن‬
‫ِ‬
‫والموارد‬ ‫ِ‬
‫مالت‬ ‫واضط�راب ال ُع‬ ‫ِ‬
‫األس�عار ‪،‬‬ ‫فاع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فشل االقتصاد االقتصادي�ة ‪ ،‬وزي�اد ُة الغالء ‪ ،‬وارت ُ‬
‫ِ‬ ‫تدفع بها ُقوى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إلعادة‬ ‫الش�ر ف�ي العال ِم‬
‫ِّ‬ ‫ِّس�اع مب�دأ « الفوض�ى الخلاَّ ق�ة » التي ُ‬ ‫وامتداد سياسة ‪ ،‬وات ُ‬
‫التجويع والتطبيع‬
‫خ�ول األُ َّم ِة إلى‬ ‫َّب ع َل ِيه ُد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�يطرة السياس�ية واالقتصادية عل�ى العال ِم ‪ ،‬م َّم�ا يترت ُ‬
‫ِ‬
‫والتشريك‬
‫ِ‬
‫والدجاجلة‬ ‫ِ‬
‫الدج�ل‬ ‫ُ‬
‫أوراق‬ ‫�ف فِيها‬ ‫نفار ‪ ،‬وه�ي المرحل ُة التي ِ‬
‫تنكش ُ‬ ‫مرحل�ة االس�تِ ِ‬
‫ِ‬ ‫والتبديع‬
‫ِ‬
‫اإلنس�انية‬ ‫وضدَّ‬ ‫ِ‬
‫س�لمة ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ُحاك ِضدَّ ُّ‬ ‫ِ‬
‫المؤامرات التي ت ُ‬ ‫ف حقيق� ُة‬
‫�عوب ُ‬ ‫الش‬ ‫ُع�ر ُ‬
‫‪ ،‬وت َ‬
‫�ر لِ ِ‬
‫باش ِ‬‫ُّهوض الم ِ‬ ‫التغيي�ر ِ‬
‫ِ‬ ‫دون ُق ِ‬ ‫بِع ِ‬
‫ضعفها‬ ‫ِ ُ‬ ‫أو الن‬ ‫ِ‬
‫�عوب على‬ ‫درة ُّ‬
‫الش‬ ‫مومه�ا ‪ .‬ولك�ن َ‬ ‫ُ‬
‫وضعفه�ا االقتِص�ادي واختِالفِه�ا السياس�ي واالجتِماع�ي ‪ ،‬واختِ ِ‬
‫لاف‬ ‫ِ‬ ‫الدين�ي‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫واألحزاب‬ ‫ِ‬
‫والجماع�ات‬ ‫ِ‬
‫المذاه ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫األم�ر فيم�ا َبينَهم عل�ى‬ ‫الم ِ‬
‫س�لمين المعن ِّيي�ن بِ‬ ‫ُ‬
‫الفشل والح ِ‬
‫يرة((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المؤدية إلى‬ ‫والرؤى‬
‫َ‬

‫((( ويليق بنا هنا ونحن نقرر هذه المرحلة استنادا على ما فهم من استقراء األحاديث فإننا نشير‬
‫إلى ضرورة المراجعة الملحة في داخل الخيمة اإلسلامية ‪ ،‬وخصوصا بين عناصر الديانة‬
‫المتخذة صفة الصراع والتحريش حول المعتقدات والعادات وبعض وس�ائل العبادات أو‬
‫التحريش السياس�ي بين األنظمة واألحزاب المختلفة أن تعي األمر وتنظر للمس�ألة بحسن‬
‫تبصر وتؤدة وخصوصا أن الفشل المشترك قد صار مظهر الجميع ‪.‬‬
‫فالجمي�ع ـ بش�هادة م�ن ال ينطق عن الهوى ـ غث�اء في غثاء ‪ ،‬وال يخرج م�ن هذا المعنى‬
‫إال العب�اد الزه�اد المنقطعون لله بعيدا عن طرف�ي اإلفراط والتفريط المحت�دم ‪ ،‬وأما ركام‬

‫‪350‬‬
‫ستثم ِر الكافِ ِر على‬
‫�عوب وبين الم ِ‬
‫ِ َ َ ُ‬ ‫�ر َبي َن ُّ‬
‫الش‬ ‫وفِيها يبد ُأ نوع ِمن االصطدا ِم الم ِ‬
‫باش ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َ‬
‫االصطدام‬
‫ين‬
‫المباشر َب َ‬ ‫ومواردها وثرواتِها ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫ِ‬
‫مكاس�ب‬ ‫ِ‬
‫المصيرية وعلى‬ ‫الصرا ِع على قضاياها‬
‫صفة ِّ‬
‫ِ ِ‬
‫الشعوب ورواد‬ ‫ذهب يقتتِ ُل ع َل ِيه ِمن ك ُِّل ٍ‬
‫فئة تس�ع ٌة وتس�عون ‪...‬‬ ‫جبل ِمن ٍ‬ ‫رات عن ٍ‬‫حس�ر ال ُف ُ‬
‫ُ‬ ‫وفِيها ُي‬
‫الفوضى الخالقة‬
‫تأخ ْذ منه َشي ًئا » ((( ‪.‬‬ ‫رات عن ٍ‬
‫كنز فإن أدركتَه فال ُ‬ ‫حسر ال ُف ُ‬ ‫َ‬
‫قال ‪ُ « : m‬ي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫وفي ُأخريات هذه المرحلة تبد ُأ المرحل ُة ُّ‬
‫السفياني ُة األولى ُث َّم الثاني ُة ‪ ،‬وفي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الروايات مرحل ٌة ثالث ٌة ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫المرحلة السفيانية‬ ‫السفيانيةُ‬


‫المرحلةُ ُّ‬
‫حروب وفتن‬ ‫روب ِ‬ ‫ِ‬
‫التعريف به�ا أنَّها مرحل ٌة ُم ِ‬
‫ودماء‬
‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫والف ِ‬
‫تن ف�ي العال ِم‬ ‫ضطرب� ٌة بِ ُ‬
‫الح ِ‬ ‫ُ‬
‫جم�ل‬ ‫ُم‬
‫ِ‬
‫تاريخه عن أبي ُه َرير َة ؤ ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫عساك َر في‬ ‫أخرجه اب ُن‬ ‫شير إ َليها ما‬
‫َ‬ ‫واإلسالمي ‪ ،‬و ُي ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫أبواب‬ ‫س وما حو َلها ‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫باب ِ‬
‫بيت‬ ‫تزال طائف ٌة ِمن ُأ َّمتي ُيقاتِلون على ِ‬‫« ال ُ‬
‫ِ‬
‫أبواب الطالقان وما‬ ‫أبواب ِد َ‬
‫مش�ق وما حو َله�ا ‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬ ‫إنطاكي� َة وما حو َلها ‪ ،‬وعلى‬
‫نصرهم ؛ حتَّى ُي ِ‬ ‫حو َله�ا ‪ِ ،‬‬
‫خر َج‬ ‫الحق ال يس�ألون َمن خذ َله�م وال من َ‬
‫ظاهري َن على ِّ‬
‫كنزه ِم َن الطالقان ف ُيحيي بهم دينَه كما أميت ِمن ِ‬
‫قبل (((‪.‬‬ ‫ال َّل ُه َ‬

‫قال ‪ :‬يقت ُُل‬ ‫صراح ِ‬


‫ب�ن أرطأ َة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث عن‬ ‫والس�فياني ِ‬
‫حاك ٌم بط‍ ٌ‬
‫ّ�اش كما ور َد في‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬

‫األنظمة والمؤسسات واألكاديميات فلست أفشي سرا إذا قلت‪ :‬إن الجميع يسيرون ضمن‬
‫االتجاه اإلجباري على طريق الضب على غير ضابط شرعي وال رادع طبعي ‪.‬‬
‫وألننا جميعا أمام مرحلة االستنفار فال بد لنا من فهم «المعنى والمقصد» ؛ لتجتمع قلوبنا‬
‫وعقولنا على كلمة سواء ـ ولو من بعض الوجوه على القواسم المشتركة ـ ونرص صفوفنا‬
‫أمام العدو المشترك ‪ ...‬فلعل وعسى ‪.‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1351‬‬
‫((( تاريخ دمشق (‪.)257 :1‬‬

‫‪351‬‬
‫أشه ٍر ‪َ .‬‬
‫وقال‬ ‫القدور ست َة ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المناشير ‪ ،‬ويط ُب ُخهم بِ‬‫وينش ُرهم بِ‬
‫فياني ك َُّل َمن عصاه ‪ُ ،‬‬
‫الس ُّ‬‫ُّ‬
‫مل ٍك ‪ ،‬يقت ُُل ال ُعلما َء‬
‫واية ‪ « :‬الس�فياني ش�ر ِ‬
‫ُّ ُّ‬ ‫ُّ‬
‫يلتقي بِالمش�رقين والمغربين((( ‪ ،‬وفي ِر ٍ‬
‫السفياني يقتل‬
‫َ (((‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفضل ‪ ،‬و ُيفنيهم ويستعي ُن بهم فمن أبى ع َليه قتله » ‪.‬‬ ‫َ‬
‫وأهل‬ ‫العلماء أو يستفيد‬
‫ِمنهم في تنفيذ‬
‫حدي�ث خالِ ِد ِ‬
‫بن‬ ‫ُ‬ ‫ذناب ‪ ،‬وإ َليه ُي ُ‬
‫ش�ير‬ ‫َجم ل�ه ٌ‬ ‫ويبتدئ ن ٌ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫صف�ر ‪،‬‬ ‫تك�ون عالم� ٌة في‬
‫ُ‬ ‫سياسته‬
‫ِ‬
‫األرض‬ ‫المش�ر ِق ‪ ،‬يراه ُ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫نار يط ُل ُع ِمن ِق ِ‬
‫بل‬ ‫مكان ٍ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫عمود‬ ‫ِ‬
‫معدان‪ « :‬إنَّه س�تبدو آي ُة‬
‫أيضا ‪ « :‬إذا رأيتُم عمو ًدا‬‫سنة »((( ‪ .‬وعنه ً‬‫هله طعام ٍ‬ ‫أدرك ذلِ َك فلي ِعدَّ لأِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُك ُّلهم ‪ ،‬فمن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫عالمات كونية‬
‫فأعدُّ وا ِم َن الطعا ِم ما اس�تطعتُم‬ ‫ِ‬
‫الس�ماء ِ‬ ‫َ‬
‫رمضان في‬ ‫ِ‬
‫ش�هر‬ ‫المش�ر ِق في‬
‫ِ‬ ‫نار ِق َبل‬
‫وظواهر مناخية ِمن ٍ‬

‫فإنها سن ُة جو ٍع ‪. ((( » ...‬‬

‫جار في ك ٍ‬
‫َوكب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمود الن َِّار » في‬ ‫يكون المقصو ُد ِمن «‬‫ُ‬
‫بعض المعاني أنَّه انف ٌ‬ ‫ور َّبما‬
‫ُ‬
‫فة ‪ ،‬وهي بِال َّ‬ ‫لك الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نارا ُمدَّ ًة طويل ًة فيراه ُ‬ ‫أو نَج ٍم ُّ ِ‬
‫شك‬ ‫األرض على ت َ ِّ‬ ‫أهل‬ ‫يظل ُمش ًّعا ً‬
‫صاحب‬
‫ُ‬ ‫ذكر ذلِ َك‬ ‫قرية في الشا ِم ِمن ُقرى ِد َ‬
‫مشق ‪ ،‬ولع َّلها ـ كما َ‬
‫ف بِ ٍ‬ ‫خس ُ‬‫عالم ٌة كوني ٌة ‪ .‬و ُي َ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪ ، )219‬اختلف العلماء في مس�مى الس�فياني ‪ :‬هل هو فرد من أس�رة‬
‫بني أمية ؟ أم ما قيل من أنه س�فياني السياس�ة ؟ أي ‪ :‬يتبع سياس�ة الملك العضوض ‪ ،‬أم غير‬
‫ذلك ‪ .‬وقد رد بعضهم أحاديث السفياني ‪ ،‬وأنه لم يصح في خبره شيء ‪ ،‬ومن ذلك ما ذكره‬
‫مؤلف «فقه أش�راط الس�اعة» نقال عن العالمة ابن قدامة رحمه الله قال ‪ :‬اعلم رحمك الله‬
‫تعالى أنه لم يصح ش�يء في أحاديث الس�فياني ‪ ،‬س�واء منها ما كان مرفوعا أو موقوفا ‪ .‬قال‬
‫ابن قدامة رحمه الله تحت عنوان « السفياني والمهدي » ‪ :‬قال محمد بن جعفر ‪ :‬وهي هذه‬
‫األحاديث التي نهى أحمد بن إسحاق بن داود عن التحديث بها ‪ ...‬وساق األحاديث ‪ .‬اهـ‬
‫ص‪ « 65-64‬فقه أشراط الساعة» ليوسف الوابل ‪.‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )790‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )633‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )649‬‬

‫‪352‬‬
‫مسج ِدها ((( ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الغربي ِمن‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلشاعة ـ قري ُة « حرستا » ويس ُق ُط الجان ُ‬
‫ب‬

‫واألعرج » ‪ .‬وتقو ُم‬


‫ُ‬ ‫واألصه�ب ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫األبقع ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫�فياني ك ٌُّل ِم�ن ‪« :‬‬
‫ُّ‬ ‫الس‬
‫ُّ‬
‫ويظه�ر في ِ‬
‫عهد‬ ‫ُ‬
‫شخصيات قيادية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫متنازعة‬ ‫الثالث‬ ‫الرايات‬ ‫�فياني على‬
‫ُّ‬ ‫َهم المالح ُم القتالي ُة حتَّى ينتص َر ُّ‬
‫الس‬ ‫�فياني و َبين ُ‬
‫ِّ‬ ‫الس‬
‫َبي َن ُّ‬
‫حديث أرطأ َة المروي في ِكتاب ِ‬
‫الفت َِن لنُ َعي ِم بن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِخ َ‬
‫ُّ‬ ‫الل سنة كاملة ‪ ،‬وإلى ذل َك ُي ُ‬
‫شير‬
‫الرايات الس ِ‬
‫�ود‬ ‫ِ‬ ‫اد ِمن قولِه ‪ « :‬الس�فياني الذي يموت ‪ ،‬الذي يقاتِ ُل أو َل َش ٍ‬
‫�يء‬ ‫حم ٍ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫جمل‬ ‫َ‬
‫بيسان على‬ ‫شرقي‬
‫ِّ‬ ‫مخرجه ِم َن « المنذروز »‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫صرة الشا ِم‬ ‫الص ِ‬
‫فر في‬ ‫ِ‬
‫والرايات ُّ‬
‫الرايات السود‬
‫يقبل ِ‬‫يهلك ‪ُ ،‬‬ ‫مرت ِ‬ ‫تاج ِ‬ ‫ِ‬
‫والصفر رموز‬ ‫الذري َة ‪،‬‬‫الجزي َة ‪ ،‬ويس�بي ُّ‬ ‫َي�ن ‪ُ ،‬ث َّم ُ‬ ‫يهز ُم الجماع َة َّ‬ ‫أحم�ر ع َلي�ه ٌ‬
‫َ‬
‫لقوى محلية‬
‫واعدة‬
‫ويبقر ُب َ‬
‫طون الحبالى ‪.((( » ...‬‬ ‫ُ‬

‫المهدي‬
‫ِّ‬ ‫الناس بِ‬
‫ِ‬ ‫هاش� ٍم لِما ُيرى ِمن تع ُّل ِ‬
‫�ق‬ ‫المرحلة لبني ِ‬
‫ِ‬ ‫وي�زدا ُد األذى ف�ي هذه‬
‫ازدياد األذى آلل‬
‫ِ‬
‫اإلشاعة تحديدٌ البيت بعمومهم‬ ‫ِ‬
‫األرض ‪ .‬وفي‬ ‫ِ‬
‫أنحاء‬ ‫شردون في‬ ‫ِ‬
‫وأحفاده ُق َب َيل ُظ ِ‬
‫هوره ‪ ،‬و ُيقتَّلون و ُي َّ‬
‫حسب االنتماء‬ ‫الهالك لِبني ِ‬ ‫ِ‬
‫لبني هاشم‬ ‫هاش ٍم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يكون فِيها‬
‫ُ‬ ‫ألسماء البِ ِ‬
‫الد التي‬ ‫كر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لألعداد م َن القتلى وذ ٌ‬
‫ِ‬

‫يفل ُت ِمنه�م أحدٌ إلاَّ‬ ‫ِ‬


‫والمدين�ة ‪ ،‬وال ِ‬ ‫�فياني فيما َبي� َن م َّك َة‬
‫ِّ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬
‫جي�ش ُّ‬ ‫�ف بِ‬
‫خس ُ‬ ‫و ُي َ‬
‫المه�دي في مخبئه ل ِ ُيخبِرهم الجيش الذي‬ ‫ِّ‬ ‫البش�ير فيأتي إلى اإلما ِم‬ ‫ونذير » ‪ ،‬أ َّما‬ ‫بش�ير‬ ‫رج َلي�ن «‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫يخسف به َب َ‬ ‫أيضا بما َّ لأِ‬‫�فياني لِ ُيخبِ َره ً‬
‫ش�ير إلى مكَّة والمدينة‬ ‫حل صحابِه ‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الس‬
‫ونذير يأتي إلى ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫حصل ‪،‬‬ ‫بِما‬
‫(الخامس ص‪ /229‬بِر ْق ِم ‪ « : )903‬ال ينجو أحدٌ إلاَّ‬
‫ِ‬ ‫ذلِ َك ما ورد في ِكتاب ِ‬
‫الفت َِن‬ ‫َ‬
‫كمشيتِه َ‬
‫كان مستو ًيا َبي َن يدَ يه » ((( ‪،‬‬ ‫واحدٌ يحو ُل ال َّله وجهه إلى قفاه ؛ فيمشي ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ِّ‬
‫رج ٌل ِ‬
‫ُ‬
‫جيش الكعب َة ‪ ،‬حتَّى إذا كانوا بِ َبيدا َء ِم َن‬
‫عائش ُة ‪ « : b‬يغزو ٌ‬ ‫ويؤيدُ هذا ما روتْه ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ف بِأولِهم ِ‬
‫وآخ ِرهم‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أولِهم‬ ‫ِ‬
‫خس ُ َّ‬‫رس�ول ال َّله ُي َ‬ ‫وآخرهم » قا َلت ‪ :‬يا‬ ‫�ف بِ َّ‬
‫خس ُ‬
‫الطريق ُي َ‬

‫((( اإلشاعة ص‪.202‬‬


‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )775‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )903‬‬

‫‪353‬‬
‫�ف بِأولِهم ِ‬
‫وآخ ِرهم ‪ ،‬و ُيبعثون على‬ ‫يس ِمنهم ؟! َ‬
‫خس ُ َّ‬ ‫قال ُي َ‬ ‫وفيهم أس�وا ُقهم و َمن َل َ‬
‫ن َّياتِهم » ((( ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الخلق‬ ‫شوه‬ ‫حديث « في ِ‬
‫ُ‬ ‫تاب ِ‬
‫الفت َِن لنعيم بن حماد‬ ‫وفي ِك ِ‬
‫الم َّ‬
‫فياني الثاني ُ‬
‫الس ِّ‬‫زمن ُّ‬
‫خراب ما يليهم » (((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هد ٌة بِالشا ِم حتَّى ي ُظ َّن ك ُُّل َقو ٍم أنَّه‬

‫المهدي‪ ..‬وهل ي َ ْس ِب ُقهَا قِيام ِخلافة ٍ ِ‬


‫راشدة ٍ ؟‬ ‫ِّ‬ ‫رمحلةُ ما قبل َ الإما ِم‬
‫ُ‬ ‫مرحلة ما قبل‬
‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ِ‬
‫الكتابة عن‬ ‫ِ‬
‫تاري�خ‬ ‫لماء اإلسلا ِم ـ المعروفين في‬ ‫حد ِمن ع ِ‬ ‫يس�بق لأِ ٍ‬
‫ْ‬ ‫لم‬
‫اإلمام المهدي‬
‫ُ‬
‫قبل ُظ ِ‬
‫هور اإلما ِم‬ ‫واإلسالمي َ‬ ‫العربي‬ ‫راش ٍ‬
‫دة في العال ِم‬ ‫الفة ِ‬
‫الساعة ـ أن ذكر ِقيام ِخ ٍ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫للنظ�ر تبنِّي‬ ‫لف َت‬ ‫الس�فيانية أو خال َله�ا ‪ ،‬إلاَّ َّ ُ‬
‫المه�دي وبع�دَ المرحل�ة ُّ‬
‫ِّ‬
‫الخ ِ‬ ‫النفي لِهذا ِمن ِ‬
‫رافة‬ ‫قبيل ُ‬ ‫واإلصرار ع َليها ‪ ،‬بل واعتبروا َ‬‫َ‬ ‫الم ِّ‬
‫تأخري�ن هذه الفكر َة‬ ‫ُ‬
‫الصوفي ُة ِمنهم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وب ٍ ِ‬
‫كثير م َن العا َّمة وبِ َّ‬
‫خاصة ُّ‬ ‫يطان في ُق ُل ِ‬
‫الش ُ‬ ‫ِ‬
‫والضاللة ‪ ،‬التي ألقاها َّ‬
‫حسب قولِهم »((( ‪.‬‬
‫َ‬
‫الخالف َة ِ‬
‫الراش�د َة على ِ‬ ‫ولأِ َّن ِ‬
‫يس�ت‬ ‫عظيم ‪ ،‬و َل َ‬
‫ٌ‬ ‫إسلامي‬
‫ٌّ‬ ‫مطلب‬
‫ٌ‬ ‫الش�رعي‬
‫ِّ‬ ‫وجهها‬ ‫ِ‬
‫الخالفة الراشدة‬
‫المهدي‬ ‫ِ‬
‫مرحلة اإلم�ا ِم‬ ‫وأراجي�ف ؛ فالجز ُم بها َ‬
‫قب�ل‬ ‫ٍ‬
‫وتمني�ات‬ ‫ٍ‬
‫ص�ات‬ ‫تخر‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ج�ر َد ُّ‬
‫بشروطها ال تكون ُم َّ‬
‫وخاص ًة َّ‬
‫أن‬ ‫حتج به�ا ‪،‬‬‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫األحادي�ث‬ ‫معان�ي‬ ‫في‬ ‫س�ن ٍ‬
‫بحث‬ ‫ِ‬ ‫وح‬ ‫إلاَّ بالمهدي تحت�اج إل�ى تأك ٍ‬
‫ُّد‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫َ‬
‫ش�أن الجمي� ِع ‪ ،‬ولن‬ ‫تحقي َقه�ا ـ أي‪ِ :‬‬
‫الخالف� َة ـ ف�ي العال� ِم س�ي ِ‬
‫صل ُح ال َّل ُه بِه‬ ‫ُ‬
‫العقدي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫التحريش‬ ‫س�لمين ِ‬
‫أو‬ ‫يس الص�را ِع بين الم ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ِ‬
‫«تس�ي ِ‬ ‫يدور ِمن‬ ‫ُ ِ ِ‬
‫الفض�ل فيها لما ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المص ِّلين» وإنَّما‬ ‫ِ‬
‫ش�تركة»‬ ‫س�يكون حقيق ًة على «قواس� ِم الديانة ُ‬
‫الم‬ ‫ُ‬ ‫ك�ري َبي� َن ُ‬
‫ِّ‬ ‫والف‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )2118‬‬


‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)626‬‬
‫((( راجع كتاب « فقه أشراط الساعة » د ‪ .‬محمد أحمد إسماعيل المقدم ص (‪. )232-225‬‬

‫‪354‬‬
‫ِ‬
‫األحاديث ‪ ،‬والمعنى‬ ‫الم ِ‬
‫ش�ار إ َليه في‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ‬
‫المنصورة عندَ ُوجودها على المعنى ُ‬
‫ُ‬ ‫لطائفة‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ش�ار إ َليه في‬
‫مكان ُمع َّي ٌن ‪ ،‬وال‬ ‫أن الطائف َة المنصور َة ـ التي ال ُ‬
‫يحدُّ ها‬ ‫األحاديث َّ‬ ‫ُ‬
‫أرض ال َّل ِه‬
‫ِ‬ ‫تعم ُل ف�ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مذه�ب بِعينِ�ه ‪ ،‬وال تنط�وي َ ِ‬
‫تحت ظ ِّل َدولة وال سياس�ة ـ فئ ٌة َ‬ ‫ٌ َ‬
‫ُقيم هذه الطائف َة شكلاً ِمن‬ ‫ولكن َ‬
‫دون أن ت َ‬
‫سبيل ال َّل ِه ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫تهيئة ُظ ِ‬
‫روف ِ‬ ‫على ِ‬

‫السياسية لِإلسال ِم((( ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫تحت مسمى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أشكال اإلدارة السياسية العا َّمة َ ُ َّ‬
‫والخالف ُة لن تس� ُق َط على الم ِ‬
‫س�لمين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة ‪« :‬‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫تاب فِ ِ‬
‫قه‬ ‫ف ِك ِ‬ ‫قال ُمؤ ِّل ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫النبي ‪ m‬بِ ِ‬
‫فتح‬ ‫المتعدِّ د ُة ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ولك ْن لِلن ِ‬
‫الس�ماء ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫رطاس ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫في ِق‬
‫بش َر ُّ‬ ‫َّصر أس�با ُبه ُ‬
‫ِ‬
‫وبذل‬ ‫والصبر ع َل ِيه‬
‫ِ‬ ‫عز َّ‬
‫وجل ‪،‬‬ ‫سبيل ال َّل ِه َّ‬
‫ِ‬ ‫بالج ِ‬
‫هاد في‬ ‫ِ‬ ‫الفتح لن يتِ َّم إلاَّ‬‫ُرومي َة ‪ ،‬وهذا ُ‬
‫راش�د ٌة على ِم ِ‬
‫نهاج‬ ‫الجهاد ِخالف ٌة ِ‬
‫يقيمها هذا ِ ُ‬
‫ِ‬
‫�س ‪ .‬والخالف ُة الت�ي ُ‬
‫ِ‬
‫األم�وال واألن ُف ِ‬
‫النبي (((‪ . m‬اهـ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أخبر ُّ‬ ‫الن َُّّبوة كما َ‬
‫راش ٍ‬
‫�دة َ‬ ‫الفة ِ‬
‫أحادي�ث يفهم ِمنه�ا قيام ِخ ٍ‬ ‫َ‬
‫بعض التحريف‬
‫قب�ل ُخ ِ‬
‫روج‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬ ‫أيض�ا ‪ :‬وق�د ور َدت‬
‫وق�ال ً‬
‫في معاني‬ ‫المهدي ‪ِ ،‬منها ‪:‬‬
‫ِّ‬
‫األحاديث سببه‬
‫عدم دراسة فقه‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬يدَ ه على رأس�ي‬
‫ُ‬ ‫وضع‬
‫َ‬ ‫األزدي ؤ َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ما رواه اب ُن حوال َة‬
‫التحوالت‬ ‫الخالف َة قد نز َل ِ‬
‫يت ِ‬
‫المقدَّ س َة‬
‫األرض ُ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫قال ‪ « :‬يا اب َن حوال َة ‪ ،‬إذا ر َأ َ‬‫إلى هامتي ‪ُ ،‬ث َّم َ‬
‫الناس ِمن‬
‫ِ‬ ‫أق�رب ِم َن‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫يومئذ‬ ‫ال�زالز ُل والبالبِ ُل واألُمور ِ‬
‫العظا ُم والس�اع ُة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫فق�د دن ِ‬
‫َت‬

‫((( ألن الخالف�ة نظ�ام يوح�د األقاليم ‪ ،‬ويوح�د قرار الس�لم والحرب فيها عموم�ا ‪ ،‬بعيدا عن‬
‫المناطقي�ة واإلقليمي�ة والح�دود الذاتي�ة ‪ ،‬وه�ذا غير ممكن ف�ي ظل ما وصفت�ه النصوص‬
‫النبوية من الهرج والمرج والجور واالقتتال ؛ ولكن المتابعة والمالحظة لما يقال مكس�ب‬
‫معرفي‪.‬‬
‫((( فقه أشراط الساعة (ص‪. )229/‬‬

‫‪355‬‬
‫يدي هذه ِمن ِ‬
‫رأس َك » (((‪.‬‬
‫م�ران ب ِ‬‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ « m‬ع‬
‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫جب�ل ؤ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يت‬ ‫ُ َ‬ ‫قال‬ ‫ومنه�ا م�ا رواه ُمع�ا ُذ ب ُن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الملحم�ة ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫المق�د ِ‬
‫فتح‬
‫روج الملحمة ُ‬ ‫وخ ُ‬ ‫يثرب ُخ ُ‬
‫روج‬ ‫وخراب َ‬
‫ُ‬ ‫يثرب ‪،‬‬‫خ�راب َ‬ ‫ُ‬ ‫س‬
‫فخ ِذ الذي‬
‫بيده على ِ‬‫ال » ُثم ضرب ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬
‫سطنطينية ُخ ِ‬ ‫وفتح ال ُق‬ ‫ِ‬
‫ال ُقس�طنطينية ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫ح�دث أو منكبِ�ه ُث َّم َ‬
‫َ‬
‫الحق كما أن ََّك هنا أو كما أن ََّك قاعدٌ »((( ‪ُ .‬‬
‫وفتح‬ ‫إن هذا َّ‬
‫زمن عيسى ع َل ِيه السال ُم(((‪.‬‬
‫المهدي ‪ ،‬الذي هو في ِ‬
‫ِّ‬ ‫سطنطينية سيتِ ُّم في ِ‬
‫زمن‬ ‫ِ‬ ‫ال ُق‬

‫تحرير‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫يستلز ُم‬ ‫الناز ِلة فيه وهذا‬ ‫ِ‬
‫الخالفة ِ‬ ‫سيكون بِ‬
‫ُ‬ ‫ِ (((‬ ‫ِ‬
‫المقدس‬ ‫مران ب ِ‬
‫يت‬ ‫استمرار الجهاد قالوا ‪ :‬و ُع ُ َ‬
‫ِ‬ ‫اإلسالمي ِضدَّ‬ ‫الج ِ‬
‫سيستلزم قيام ِ‬
‫اليهود ُه َ‬
‫ناك ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫الشرعي‬
‫ِّ‬ ‫هاد‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫وتحريرها‬
‫ُ‬ ‫في سبيل الله في ال ُق ِ‬
‫دس ‪،‬‬
‫عصر المهدي‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬
‫يقول‬ ‫َ‬ ‫عت‬ ‫قال ‪ِ :‬‬
‫س�م ُ‬ ‫ِ‬
‫األس�ود ؤ َ‬ ‫ومنها ما رواه ِ‬
‫المقدا ُد ب ُن‬ ‫ِ‬

‫عز‬ ‫�در وال ٍ‬


‫وب�ر إلاَّ أدخ َله ال َّل ُه ُك َّله اإلسلا َم بِ ِّ‬ ‫يت ُم ٍ‬ ‫ِ‬
‫األرض َب ُ‬ ‫ِ‬
‫ظه�ر‬ ‫‪« :‬ال يبق�ى عل�ى‬
‫أهلها ‪ ،‬أو ِ‬
‫يذ ُّلهم فيدينون‬ ‫وجل فيجع ُلهم ِمن ِ‬ ‫عز َّ‬ ‫هم ال َّل ُه َّ‬ ‫ٍ‬
‫عزيز أو ُذ ِّل ٍ‬
‫عز ُ‬
‫ذليل ‪ ،‬إما ُي ُّ‬
‫زية وإش�ار ٌة ُأخرى إلى‬ ‫الج ِ‬ ‫َلها»(((‪ ،‬قالوا ‪ :‬و َقو ُله ‪« m‬فيدينون َلها» فيه إش�ار ٌة إلى ِ‬
‫الجزي َة ِمن ٍ‬
‫أحد ‪.‬‬ ‫المسيح ش لأِ نَّه ال ُ‬
‫يقبل ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبل ن ِ‬
‫ُزول‬ ‫يكون َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أن هذا إنَّما‬

‫((( مسند أحمد (‪.)23150‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)22774‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المهدي س�ابِق ٌة لعهد عيس�ى ع َليه السال ُم ‪ ،‬وليست كما‬ ‫غريب ؛ فمرحل ٌة‬ ‫تداخ ٌل‬ ‫((( وفي ِ‬
‫كالمه ُ‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫المهدي هو زم ُن عيس�ى ع َليه السلا ُم » وإنَّما يأتي عيس�ى ع َليه السلا ُم في‬
‫ِّ‬ ‫ع َّب َر عنه « زم ُن‬
‫ِ‬ ‫وصر اإلمام المهدي بِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫المقد ِ‬ ‫يت‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُأخرياتها ‪ ،‬وقد ُح َ‬
‫((( عل�ى م�ا ذك�ره الناق�ل ‪ :‬عمران بيت المقدس س�يكون بالخالف�ة ‪ ،‬فماذا يعني م�ا يقابله من‬
‫خ�راب يث�رب فالجهاد في بيت المقدس يقام بأهلها ‪ ،‬وم�ن ذا الذي يخرب يثرب ؛ ليكون‬
‫بعدها خروج الملحمة ‪ .‬فقه أشراط الساعة ص‪.228‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )24543‬‬

‫‪356‬‬
‫المهدي ‪ ،‬و ُق َب َيل اإلما ِم‬ ‫وقبل ن ِ‬‫لت ‪َ :‬‬
‫المهدي‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المسيح إنَّما هو ُظ ُ‬
‫هور اإلما ِم‬ ‫ِ‬ ‫ُزول‬ ‫ُق ُ‬
‫لخ ِ‬ ‫دون ِقيا ِم حك ٍم عام لِ ِ‬ ‫يكون تمهيدٌ لِ ُظ ِ‬ ‫ظل ِم ‪ ،‬وفِيها‬
‫يل الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفة‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫هوره َ‬ ‫ُ‬ ‫فتَ� ٌن كقط� ِع ال َّل ِ ُ‬
‫يس َغ َير ذلِ َك ‪.‬‬‫و َل َ‬
‫األحاديث المس�تدَ ِّل بها َليس فِيها َش�يء يدُ ُّل على ِقي�ا ِم ِخ ٍ‬
‫الفة َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫ب�ل إِ َّن كا َّف� َة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بحان ال َّل ِه ((( !‬ ‫اإلما ِم المهدي ‪ ،‬وال إشار ٌة ِ‬
‫ظاهر ٌة أو خفي ٌة فيا ُس َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫تال بين الم ِ‬
‫أسباب ُخروج‬
‫وانتصارهم‬ ‫واليهود‬ ‫س�لمين‬ ‫األحاديث التي تدُ ُّل على ُحدوث ق َ َ ُ‬
‫ُ‬ ‫وأ َّم�ا‬
‫الدجال‬
‫((( كتب صاحب كتاب أشراط الساعة ص‪ « 258‬وعن جابر بن عبدالله ء قال سمعت‬
‫رس�ول الله ‪ m‬يقول « ال تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة‬
‫« ق�ال » فين�زل عيس�ى بن مريم ش ‪ ،‬فيقول أميرهم تعال ص�ل بنا ‪ ،‬فيقول ال إن بعضكم‬
‫عل�ى بع�ض أمراء تكرمة الل�ه هذه األمة » رواه مس�لم كتاب اإليمان ‪ .‬ق�ال المؤلف‪ :‬فهذه‬
‫األحادي�ث الت�ي وردت في الصحيحين تدل عل�ى أمرين أحدهما أنه عند نزول عيس�ى بن‬
‫مري�م ش من الس�ماء يك�ون المتولي ألمر المس�لمين رجال منه�م ‪ ،‬والثاني أن حضور‬
‫أميره�م للصالة وصالته بالمس�لمين وطلبه من عيس�ى ش عند نزول�ه أن يتقدم ليصلي‬
‫به�م ي�دل على صالح ف�ي هذا األمير ‪ ،‬وه�ي وإن لم تكن فيها التصري�ح بلفظ المهدي إال‬
‫أنها تدل على صفات رجل صالح يؤم المس�لمين في ذلك الوقت ‪ ،‬وقد جاءت األحاديث‬
‫في الس�نن والمس�انيد وغيرها مفس�رة له�ذه األحاديث التي في الصحيحي�ن ودالة على أن‬
‫ذلك الرجل الصالح يس�مى محمد بن عبدالله ‪ ،‬ويقال له « المهدي » والس�نة تفسر بعضها‬
‫بعضا‪.‬‬
‫وقال وقد أورد الشيخ صديق حسن في كتابه « اإلذاعة » جملة كبيرة من أحاديث المهدي‬
‫جع�ل آخره�ا حديث جابر المذكور عند مس�لم ‪ ،‬ثم ق�ال عقبه « وليس في�ه ذكر المهدي ‪،‬‬
‫ولك�ن ال محل له وألمثاله في األحاديث إال المه�دي المنتظر كما دلت على ذلك األخبار‬
‫المتقدمة واآلثار الكثيرة ‪ .‬اهـ (ص‪ )59‬أشراط الساعة يوسف الوابل ‪.‬‬
‫قل�ت ‪ :‬وعل�ى هذا القول يبطل ق�ول من قال ‪ « :‬إن رفض الخالفة الراش�دة قبل المهدي‬
‫ه�ي م�ن قبيل الخرافة والضاللة التي ألقاها الش�يطان في قلوب كثير م�ن العامة ‪ ،‬وبخاصة‬
‫الصوفية منهم » ‪ .‬راجع (ص‪ )225‬فقه أشراط الساعة ‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫ِ‬
‫وأتباعه‬ ‫المهدي‬ ‫قيمها ِ‬
‫اإلما ُم‬ ‫زمن الدَّ َّج ِ‬
‫قبل ِ‬ ‫ِ‬
‫اليهود َ‬
‫ُّ‬ ‫روب التي ُي ُ‬
‫الح ُ‬
‫ال فإنَّما هي ُ‬ ‫على‬
‫فيكون ذلِ َك ِمن‬
‫ُ‬ ‫س‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫ُنوزها إلى ب ِ‬
‫يت‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وأخ�ذ ك ِ‬ ‫و ُي َّتو ُجه�ا بعدَ ذلِ َك بِ ِ‬
‫غزو ُرومي َة‬
‫ال وغضبِه ‪.‬‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬
‫أسباب ُخ ِ‬
‫ِ‬ ‫كثير ِمن الر ِ‬
‫الحديث‬ ‫وش َّ�ر ِ‬
‫اح‬ ‫واة ُ‬ ‫التبس�ت على ٍ َ ُّ‬ ‫أن هذه المس�أل َة قد َ‬ ‫لت ‪ :‬ويبدو َّ‬ ‫ُق ُ‬
‫ن�اك مدينتين وليس�ت مدين ًة ِ‬
‫واحد ًة ‪ ،‬فمدين ٌة هي « ال ُقس�طنطيني ُة »‬ ‫أن ُه َ‬ ‫والمعت َق�دُ َّ‬
‫َ‬ ‫‪ُ ،‬‬
‫واي�ات ُأخرى ‪ ،‬فال ُقس�طنطيني ُة ُفتِحت على ِ‬
‫عهد‬ ‫ٍ‬ ‫و ُأخ�رى « ُرومي� ُة » كما ور َد في ِر‬
‫َ‬
‫الزمان ‪ ،‬و ُيؤ ِّيدُ هذا المعنى ما في‬ ‫ِ‬ ‫آخر‬‫الفاتح ‪ ،‬والثاني ُة « رومي ُة » ستُفتَح في ِ‬
‫ِ‬ ‫حم ِد‬
‫ُ‬ ‫ُم َّ‬
‫وب حدَّ َثني أبو‬ ‫َ‬ ‫س�ند أحمدَ (‪ )6358‬حدَّ َثنا يحيى ب ُن‬ ‫م ِ‬
‫إس�حاق َحدَّ ثنا يحيى ب ُن أ ُّي َ‬ ‫ُ‬
‫أي المدينتَين تُفت َُح َّأولاً‬ ‫وس َ‬
‫�ئل ُّ‬ ‫ِ‬
‫العاص ‪ُ ،‬‬ ‫عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫بن ِ‬‫عبد ال َّل ِه ِ‬
‫ق�ال ‪ُ :‬كنَّا ِعندَ ِ‬
‫ي�ل َ‬ ‫َقبِ ٍ‬
‫فأخرج ِمن ُه كتا ًبا َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫حلق ق�ال ‪:‬‬ ‫بص ٍ‬
‫ندوق له ٌ‬ ‫ِ‬
‫ال ُقس�طنطيني ُة أو رومي� ُة فد َعا عبدُ ال َّله ُ‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فقال عبدُ ال َّل ِه َبينَما نح ُن َ‬
‫رس�ول ال َّله ‪ُّ m‬‬
‫أي‬ ‫ُب إذ ُس َ‬
‫�ئل‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ m‬نكت ُ‬ ‫حول‬ ‫َ‬
‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬مدين ُة ِه َ‬
‫رقل تُفت َُح‬ ‫ُ‬ ‫المدينتَين تُفت َُح َّأولاً ُقس�طنطيني ُة أو رومي ُة ؟ َ‬
‫فقال‬
‫َّأولاً يعني ‪ُ :‬قسطنطيني َة((( ‪.‬‬
‫رقل » هي « ال ُقسطنطيني ُة » ِ‬
‫عاصم ُة‬ ‫أن مدين َة « ِه َ‬ ‫ِ‬
‫ألحاديث َّ‬ ‫تابعة لِ‬
‫والواضح ِمن الم ِ‬
‫ِ‬
‫ُ َ ُ‬
‫ُ‬
‫إسالمبول‬ ‫وسماها ال ُعثمانيون «‬ ‫ِ‬ ‫الس ُ‬
‫حمدُ الفات ُح ‪َّ ،‬‬
‫لطان ُم َّ‬ ‫فتحها ُّ‬‫تُركيا اليو َم ‪ ،‬والتي َ‬
‫ُ‬
‫إس�تانبول َ‬ ‫ِ‬
‫اآلس�تانة فيما بع�دُ ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫�م َيت بِ‬
‫اآلن ‪ ،‬وهي‬ ‫وس ِّ‬‫» أي ‪ :‬مدين� ُة اإلسلا ِم ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫س�ما ُة في‬ ‫فت�ح ُرومي َة ‪ُ ،‬‬
‫الم َّ‬ ‫الفت�ح الثاني ‪ :‬فهو ُ‬
‫ُ‬ ‫األو ِل ‪ ،‬وأ َّم�ا‬ ‫ِ‬
‫الفت�ح َّ‬ ‫المعني� ُة بِ‬
‫ُفر » ‪ ،‬وقد َّبو َب لها الداني بهذا االس� ِم « مدين ُة الك ِ‬
‫ُفر » كما‬ ‫ِ‬
‫األحادي�ث « مدين� ُة الك ِ‬
‫إدريس عن ُم ٍ‬
‫س�عر عن أبي‬ ‫ابن أب�ي َش�يب َة (‪ : )365/8‬حدَّ َثنا اب ُن‬ ‫ه�و ف�ي مصن ِ‬
‫َّف ِ‬
‫َ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )6804‬‬

‫‪358‬‬
‫بلنجر فلم يفتحوها ‪ ،‬فقالوا ‪:‬‬
‫َ‬ ‫غزونا‬
‫قال ‪َ :‬‬ ‫ٍ‬
‫صحار َ‬ ‫الشعبي عن مالِ ِك بن‬
‫ِّ‬ ‫ين عن‬ ‫ُح َص ٍ‬
‫يلم إلاَّ على‬ ‫فقال ُحذيف ُة ‪ :‬ال تُفت َُح هذه وال مدين ُة الك ِ‬
‫نفتحها ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫نرج ُع قابِلاً‬
‫ُفر وال الدَّ ُ‬ ‫ُ‬
‫حم ٍد ‪.((( m‬‬ ‫الرج ِل ِمن ِ ِ‬
‫أهل بيت ُم َّ‬ ‫ُ‬

‫آخ ِر‬ ‫أن فت�ح رومي َة س�يأتي في ِ‬ ‫واي�ات يتبي�ن كما َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك�ره َّ َ ُ‬
‫س�بق ذ ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫وبِ ُمتابع�ة ه�ذه ِّ‬
‫الر‬
‫حم ٍد‬ ‫ِ‬
‫تم على ي�د ُم َّ‬
‫ِ‬
‫فت�ح ال ُقس�طنطينية فقد َّ‬ ‫المه�دي ‪ ،‬وأ َّما ُ‬
‫ِّ‬
‫الزم�ان عل�ى ِ‬
‫ي�د اإلما ِم‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ثماني ِمن ُ‬ ‫ِ‬
‫واحد‬ ‫سمى‬‫االس�مين و ُذك َرا في ُم ًّ‬ ‫حصل ٌ‬
‫خلط َبي َن‬ ‫قبل ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫الفات ِح ال ُع ِّ‬
‫بس في فه ِم المعنى ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم((( ‪.‬‬ ‫حصل ال َّل ُ‬
‫َ‬ ‫«ال ُقسطنطيني ُة» ‪ ،‬وبهذا‬
‫جود ِخ ٍ‬‫دالل بِو ِ‬‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وه�ذا ما ت�دُ ُّل ع َل ِيه‬
‫الفة‬ ‫دون الحاجة لالس�ت ِ ُ‬ ‫األحاديث الصريح ُة َ‬ ‫ُ‬
‫ظاه ٍ‬
‫رة وال‬ ‫ٍ‬
‫بإش�ارة ِ‬ ‫المهدي ال‬ ‫اليهود ِمن َغ ِير أتب�ا ِع اإلما ِم‬
‫ِ‬ ‫مع‬ ‫ٍ‬ ‫قب�ل اإلما ِم‬‫َ‬
‫ِّ‬ ‫وح�رب َ‬
‫خف َّي ٍة ‪ ،‬فل ُينظر ‪.‬‬

‫المستدرك (‪.)8560‬‬
‫َ‬ ‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪ .)34497‬وفي‬
‫((( قال األس�تاذ س�عيد ح�وى في مع�رض حديثه عن عالمات الس�اعة‪ :‬وبع�ض الناس تغلب‬
‫عليه�م أغلاط في فهم بعض ه�ذه العالمات أو ف�ي تقدير وقتها إذ إن منه�ا ما يكون قرب‬
‫الس�اعة بقلي�ل ج�دا قبل المس�يح بس�نوات أو مع�ه ومنها م�ا يكون قب�ل ذل�ك بكثير جدا‬
‫فيغلط�ون بالجمع بينهم�ا ومنها ما ال تدل علي�ه المقدمات الحاضرة فيغلط�ون في تأويلها‬
‫ومنه�ا ما جعلهم عصرنا الحاض�ر ومخترعاته يفهمونها فهما عاديا وه�ي خوارق ومنها ما‬
‫ه�و دليل على الخيرية يظنونه مذموما فمثال يظن الناس أن الدين إلى انحس�ار حتى خروج‬
‫المه�دي ‪ ،‬م�ع أن المه�دي قبل عيس�ى بقليل وقبل ذلك يعم اإلسلام العال�م وتفتح روما‬
‫والقس�طنطينية اليوم مس�لمة وكانت كافرة ففتحت وقد أخبر النبي ‪ m‬بالفتح األول ولكن‬
‫يبدو أن القس�طنطينية س�ترجع كاف�رة مرة ثانية وتفتح م�ن جديد وفتحها الثان�ي يكون قبل‬
‫المس�يح بقليل والناس ال يفرقون بين فتحها األول والثاني‪ ..‬إلى أن قال‪ :‬ولن تقوم الساعة‬
‫حتى تس�تنفد عالماتها وأشراطها التي وردت في الكتاب والسنة ‪ .‬اهـ ص‪ 196‬فقه أشراط‬
‫الساعة ‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫تزال ِ‬
‫ظاهر ًة‬ ‫ِ‬
‫والطائفة التي ال ُ‬ ‫ِ‬
‫المنصورة‬ ‫ِ‬
‫الطائفة‬ ‫ِ‬
‫هؤالء َّ‬
‫أن مفهو َم‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬
‫لقد اعتقدَ َ‬
‫ٍ‬
‫مجموعة‬ ‫لك األفها ُم ‪ِ ،‬من‬
‫وتش�ير إ َليها تِ َ‬ ‫الحق؛ أنَّهم َمن تعنيهم هذه األقال ُم ‪،‬‬
‫على ِّ‬
‫ُ‬
‫المنصورة لِ ِ‬
‫نفسها » ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والطائفة‬ ‫ِ‬
‫الناجية‬ ‫ِ‬
‫الفرقة‬ ‫احتكر ْت مفهو َم «‬
‫َ‬
‫تكون الطائف ُة المنصور ُة والم ِ‬
‫جاهدون‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يس لِلمفاهي ِم ُفر َّبما‬ ‫بيد ال َّل ِه ‪ ،‬وال ِ‬
‫تسي َ‬
‫واألمر ِ‬
‫ُ‬ ‫األمر بيد الله‪..‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصوفية وال م�ن معارضيهم بِل ُر َّبما كانوا ممن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وال تسييس ف�ي أكناف َبيت المقد ِ‬
‫س َليس�وا م َن ُّ‬
‫واس ِ‬
‫غيرهم ـ بِ ِ‬ ‫أولئك ِ‬ ‫للطائفة المنصورة‬
‫ِ‬
‫زوال‬ ‫المهدي ـ بعدَ‬
‫ِّ‬ ‫طة اإلما ِم‬ ‫ومن ِ‬ ‫َ‬ ‫تهم ال ُقدر ُة اإلله َّي ُة ِمن‬
‫جم َع ُ‬
‫هادي‬ ‫الفتح ِ‬ ‫ِ‬
‫بتصنيف ُج ِ‬
‫يوش ِ‬ ‫التحريش ِمن المص ِّلين ‪ ،‬إذ ال حاج َة لِلم ِ‬
‫ِ‬ ‫فِ ِ‬
‫الج ِّ‬ ‫سلمين‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تنة‬
‫نفعي معلو ٌم‬
‫يس ٌّ‬ ‫ِ‬
‫وتسي ٌ‬ ‫مجموعة كانوا ‪ ،‬فهذا استِ ٌ‬
‫عجال مذمو ٌم‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫ِ ِ‬ ‫في ِ‬
‫آخر الزمان من ِّ‬
‫ِ‬
‫األدلة‬ ‫تاب (ص‪ )236‬ق�ال ‪ِ « :‬‬
‫وم َن‬ ‫الك ِ‬‫�ف ِ‬ ‫أش�ار إ َليه ُمؤ ِّل ُ‬ ‫َ‬
‫الملحظ ما‬ ‫‪ ،‬ويؤ ِّك�دُ ه�ذا‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫أن الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترج ُع َ‬ ‫الخالف َة ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ِ‬
‫يس�ترجعون‬ ‫س�لمين‬ ‫قبل هذا الخليفة الصال ِح َّ ُ‬ ‫الدامغة على َّ‬
‫س((( ‪ ،‬أي‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫هوره في ب ِ‬
‫يت‬ ‫يكون ِعندَ ُظ ِ‬
‫ُ‬ ‫المهدي‬ ‫ِ‬
‫اليهود ‪َ ،‬بينَما‬ ‫س ِم َن‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫يت‬‫َب َ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫تحت نِ ِ‬
‫يران‬ ‫يرزح َ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫يكون في أيدي الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫َّ‬
‫اآلن ُ‬ ‫يت‬
‫سلمين ‪ ،‬و َب ُ‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫يت‬ ‫إن َب َ‬
‫المهدي ! لأِ نَّها‬
‫ِّ‬
‫الخ ِ‬
‫الفة َ‬
‫قبل‬ ‫البغيض فال بدَّ ِمن ِقي�ا ِم ِ‬
‫ِ ُ‬ ‫اليهودي‬
‫ِّ‬ ‫هيوني‬
‫ِّ‬ ‫الص‬ ‫االحتِ ِ‬
‫لال َّ‬ ‫تعليالت غَير‬
‫صحيحة البد من‬
‫اإلجابة ع َليها‬
‫((( عل�ق مؤلف كتاب أش�راط الس�اعة عند هذا الموقع في الحاش�ية وق�ال ‪ :‬ولعل هذا مأخوذ‬
‫م�ن قول�ه ‪ m‬ف�ي حديث أبي أمامة الطويل ف�ي الدجال « وكلهم ـ أي‪ :‬المس�لمين ـ ببيت‬
‫المقدس وإمامهم رجل صالح قد تقدم ليصلي بهم إذ نزل عيسى‪ ..‬الحديث » ‪.‬‬
‫ولربم�ا فه�م الق�وم من هذا أن الرج�ل غير اإلمام المه�دي وعللوا ه�ذه اللفظة بأن بيت‬
‫المقدس فيه خالفة س�ابقة‪ ،‬وهذا فهم ال يتناس�ب مع سياق الحديث وال مع ما ذكره شراح‬
‫الحدي�ث فالرجل الصالح هو اإلمام المنتظر ـ على أصح الروايات ـ وينزل عيس�ى ليصلي‬
‫خلف�ه وم�ا قبل ذلك كان�ت مرحلة تحت إدارة وإم�رة اإلمام المهدي ذات�ه ‪ ،‬وأما قبل ذلك‬
‫فتهيئ�ة واس�تعدادات غير مجتمعة وال تح�ت قرار حكم خالفة بحال م�ن األحوال‪ ..‬والله‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫ِ‬
‫التليد » ‪.‬‬ ‫السبيل الوحيدُ السترجا ِع ِ‬
‫مجد اإلسال ِم‬ ‫ُ‬

‫ليل ع َل ِيه ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫االفتراض الذي ال َد َ‬ ‫وهذا ِم َن‬
‫ِ‬
‫اإلسلامية في‬ ‫ِ‬
‫«الجماعات‬ ‫ت�اب هذه العب�ار َة ِمن ِك ِ‬
‫ت�اب‬ ‫الك ِ‬ ‫صاحب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق�د َ‬
‫نق�ل‬
‫ُ‬
‫المتأ ِّم َل في‬ ‫مع َّ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة َ‬ ‫تأكيد ِ‬
‫ِ‬ ‫كح َّج ٍة على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضوء ِ‬
‫الك ِ‬
‫أن ُ‬ ‫المهدي ‪َ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫قبل‬ ‫والسنة» ُ‬ ‫تاب ُّ‬
‫ِ‬ ‫شار إ َليه ال يشير إلى ِخ ٍ‬
‫الفة َ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فذلكة‬ ‫فه ُم من‬‫قبل اإلما ِم وال ُي َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫العبارات والحديث ُ‬
‫صح دلي ُلها‬ ‫ِ‬
‫وخبره�ا ؛ ولك َّن إثباتَها‬
‫ُ‬ ‫ُنكره�ا لو َّ‬ ‫المعان�ي م�ا يؤ ِّك�دُ ذل َك ‪َ ،‬‬
‫مع أنَّنا ال ن ُ‬
‫ِ‬
‫الحقيقة وال يخدُ ُم معانيها الشرعي َة ‪.‬‬ ‫مع‬ ‫ِ‬ ‫لِم ِ‬
‫يتناسب َ‬
‫ُ‬ ‫أمر ال‬
‫جرد الظنية ٌ‬ ‫ُ َّ‬

‫تن وأش�راط الساعة»‬ ‫أحاديث ِ‬


‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«موس�وعة‬ ‫ب ِك ِ‬
‫تاب‬ ‫ِ‬ ‫وإلى ِ‬
‫أش�ار صاح ُ‬
‫َ‬ ‫مثل هذا‬
‫ِ‬
‫القراءة‬ ‫الكتاب فق�ال عند حديثِه عن ل�واز ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مقدمة‬ ‫د‪.‬هم�ام عبدالرحيم س�عيد في‬
‫َّ‬
‫وايات الموضو ِع الواحدفي‬ ‫ِ‬ ‫جمع ِر‬ ‫ِ‬
‫ألحاديث عالمات الساعة ّ‬
‫وأن منها‬ ‫ِ‬
‫الصحيحة‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لليهود‬ ‫ال ‪َ :‬أ ّن َ‬
‫قتال المس�لمين‬ ‫واح�د ص‪ :10‬فق�د كان يتبادر إلى ِ‬
‫فهمن�ا مث ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫س�ياق‬
‫ُ‬
‫تعال فاق ُت ْل ُه؛‬
‫يه�ودي ورائي َ‬
‫ٌّ‬ ‫مس�لم يا عبدَ الله هذا‬
‫ُ‬ ‫والحج ُر‪ :‬يا‬
‫َ‬ ‫الش�ج ُر‬
‫َ‬ ‫عندما ُ‬
‫يقول‬
‫القتال مع اليهود‪ ،‬ومع أن أحاديث‬‫ِ‬ ‫عصرنا هذا في‬ ‫ِ‬ ‫يكون في‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫أن الم�را َد به يمك ُن أن‬
‫َ‬
‫القتال إنما‬ ‫أن ذل�ك‬ ‫ِ‬
‫اليهود ف�ي هذا العصر؛ إال ّ‬ ‫بنصر المس�لمين على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفتن ِّ‬
‫تبش ُ�ر‬
‫ِ‬
‫الروايات‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬
‫الحديث َو َجدْ نا َ‬ ‫ِ‬
‫روايات‬ ‫يك�ون مع الدّ ّجال‪ ،‬وذلك أنّنا َل ّم�ا َج َم ْعنا‬
‫ُ‬
‫تكون عندما ُ‬
‫يقاتل عيس�ى‬ ‫ُ‬ ‫أن هذه المعجز َة إنّما‬ ‫المطولة لهذا الحديث ن ََّص ْت على ّ‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫الدجال ومعه اليهو ُد‪.‬‬ ‫مريم ش والمسلمون‬
‫ب ُن َ‬

‫‪361‬‬
‫موقف المسلم المستبصر من الفتن وأئمتها المضلين‬
‫ِ‬
‫والفتن‬ ‫ِ‬
‫األشراط‬ ‫الساعة وما يجري من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫علم ُي َف ِّص ُل‬ ‫ِ‬ ‫بما ّ‬
‫أن فق َه التحوالت ٌ‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫ستبصار من المسل ِم واجب ٌة وضروري ٌة‪ ،‬خاص ًة ّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫وم ِضلاّ تِها ؛ فإِ ّن مسـأل َة ِ‬
‫اال‬ ‫ُ‬
‫نستعيذ ِ‬
‫بالله‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫المشاركة فيها ‪ ،‬و َع َّل َمنا أن‬ ‫ِ‬
‫الفتنة و‬ ‫جملة أحاديثه من‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪َ m‬ح َّذ َر في‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عصور اإلسلا ِم‬ ‫عصر من‬ ‫م�ن الفت َِن وم ْن ُمضلاّ تها ما َ‬
‫ظهر منها وما َب َط َن ‪ ،‬وما من‬
‫ُ‬
‫والهالك‬ ‫والمحفوظ َمن َح ِف َظ الل ُه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وبأهله ‪،‬‬ ‫األولى وما َتلاَ ها إال ِ‬
‫والف َت ُن محيط ٌة به‬
‫وجه َم ْن كان َوقود ًا ألُ َو ِاره�ا‪( .‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِم�ن ِّ‬
‫ﯪ ﯫ ) [المائدة‪. ]41:‬‬
‫ِ‬
‫ومواقف‬ ‫ومواقفه العم ِ‬
‫لية‬ ‫ِ‬ ‫أحاديث رسول الله ‪m‬‬‫ِ‬ ‫والواجب منّا فيما ُع ِّلمنا من‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفتن ور ُؤوسها ‪ ،‬ونُح ِّذر ِمن الو ُقو ِع في ِض ِ‬ ‫أصحابِه ِ‬
‫رامها‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫مواقع‬
‫َ‬ ‫وآل بيته أن َن َت َف َّهم‬
‫ِ‬
‫ختالف‬ ‫وفتن الاِ‬ ‫ِ‬
‫بالسياسة والحك ِم ِ‬ ‫يك َأ ْس َبابِها ‪ ،‬وخاص ًة تلك الفت ُن المرتبط ُة‬ ‫وتَح ِر ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الرياسات‪.‬‬ ‫وحب‬ ‫ِ‬
‫المنافسات‬ ‫يترتب بسبِبها من‬ ‫ِ‬
‫والمناصب‪ ،‬وما‬ ‫على العل ِم‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫«الف ْتنَ ُة ن َِائ َم ٌة َل َع َن ال َّل ُه َم ْن َأ ْي َق َظ َها» ‪ ،‬وفيه إِ َشار ٌة نبوي ٌة‬


‫وقد ورد في ذلك قوله ‪ِ : m‬‬

‫ذلك‬‫َّب على َ‬ ‫ودوافعها بين الن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ابتعاد المس�ل ِم عن‬
‫ّاس ‪ ،‬ل َما َيت ََرت ُ‬ ‫َ‬ ‫اإلثارة‬ ‫أس�باب‬ ‫إلى‬
‫والمعايب وإش�غالِها‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المثالب‬ ‫نظرها عن‬ ‫وصرف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمة‬ ‫ِ‬
‫لقلوب‬ ‫ِ‬
‫�كون من جم ٍع‬ ‫الس‬
‫ُّ‬
‫ألنس ‪ « :v‬يا ُبن ََّي‬‫ٍ‬ ‫يقول ‪m‬‬ ‫ألمر دينها ودنياها ‪ .‬وفي هذا ُ‬ ‫هم ِ‬ ‫نفع و َأ ُّ‬
‫بم�ا ه�و َأ ُ‬
‫ٍ‬
‫ألحد َف ْ‬
‫افع�ل» ‪ ،‬ثم قال‪« :‬‬ ‫غش‬‫لي�س في قلبِك ٌّ‬ ‫ُمس�ي َ‬‫َ‬ ‫إِ ْن َق�دَ ْر َت على أن ت َ‬
‫ُصبح وت‬
‫وذلك ِم ْن ُس�نَّتِي‪ ..‬و َمن َأ ْح َيى ُس�نَّتِي فقد َأ َح َّبنِي ‪ ،‬و َمن َأ َح َّبنِي كان َم ِعي في‬
‫َ‬ ‫يا ُبن ََّي‬
‫الترمذي في ُسنَنِه ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الجنَّة» روا ُه‬
‫َ‬

‫‪362‬‬
‫ٍ‬
‫بإحسان‬ ‫ِ‬
‫الصحابة والتابعي َن وتابعيهم‬ ‫ٍ‬
‫جملة من‬ ‫ِ‬
‫المفيد هو فق ُه‬ ‫ِ‬
‫الموقف‬ ‫ُ‬
‫ومثل هذا‬
‫ِ‬
‫البيت وصحاب�ة النبي ‪m‬‬ ‫ِ‬
‫األوس�ط م�ن آل‬ ‫ِ‬
‫النمط‬ ‫أتباع‬ ‫ِ‬
‫الدي�ن ‪ ،‬ومنه�م ُ‬ ‫إل�ى ي�وم‬
‫الفتن رغم ِ‬ ‫ِ‬
‫بيان‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬
‫أس�باب‬ ‫الخوض في‬
‫َ‬ ‫الس�كون وتركُوا‬ ‫وأتباعه�م الذي َن َخ َلدُ وا إلى‬
‫علي ‪ v‬وتضحيتِه‬ ‫بن ٍّ‬ ‫�ن ِ‬
‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬
‫صور أصحابِها كموقف اإلما ِم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ووضوح‬ ‫ِ‬
‫أمره�ا‬
‫الماحقة ‪ ،‬ومثله موقف ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومركز القرار خوف ًا من‬ ‫ِ‬
‫اإلما ِم ٍّ‬
‫علي‬ ‫الساحقة‬ ‫الفتنة‬ ‫بالسلطان‬
‫والقال ‪ ،‬ومث ُله َمن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والقيل‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫َ‬
‫الجدال وإضاع َة‬ ‫الثأر و‬ ‫ِ‬
‫تجاوز َ‬‫َ‬ ‫زين العابدي َن الذي‬
‫كثر لهم ف�ي األحاديث النبوية‬ ‫ج�اء م�ن بعده من أئمة الدي�ن المعتبرين ‪ ،‬وهم قو ٌم ٌ‬
‫تمنع عنهم جانح َة‬ ‫مواقف و َدلاَ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫وبش�ارات‪ ،‬ولهم من ِ‬
‫الت ُ‬ ‫ُ‬ ‫التحوالت‬ ‫فقه‬ ‫ٌ‬ ‫إشارات‬
‫ٌ‬
‫يس ‪ ،‬وأطما ِع‬ ‫ِ‬
‫سياس�ة الدَّ ْج ِل والت َّْس ِ�ي ِ‬ ‫ِ‬
‫الخالف ‪ ،‬وتُبعدهم عن‬ ‫ِ‬
‫االختلاف وظاهر َة‬
‫األم�ة بالتعليم والدعوة إلى ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫والتحريش ‪ ،‬مع بقاء ِ‬
‫نفعهم العا ِّم في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفت�ن‬ ‫ِ‬
‫فقه�اء‬
‫ِ‬
‫والدمار‪ ،‬ويؤيدُ‬ ‫ِ‬
‫الهلاك‬ ‫ِ‬
‫الش�عوب من‬ ‫وصون ِ‬
‫دماء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحس�نة‬ ‫ِ‬
‫والموعظة‬ ‫ِ‬
‫بالحكم�ة‬
‫بن العاص ‪c‬‬ ‫الله بن ِ‬
‫عمرو ِ‬ ‫المواقف ما رواه أبو داود والنَّسائي عن عبد ِ‬ ‫َ‬ ‫هذه‬
‫ي�ت فِي ُح َثا َل ٍة ِم َن الن ِ‬
‫ّ�اس َم َر َج ْت ُع ُهو ُد ُه ْم‬ ‫«كيف بِ َك إذا َب ِق َ‬
‫َ‬ ‫ق�ال ‪ :‬ق�ال النبي ‪: m‬‬
‫وش� َّب َك بي َن َأ َصابِ ِع ِه ‪ ،‬ق�ال‪ :‬بِ َم ت َْأ ُم ُرنِي؟ قال ‪:‬‬
‫اخ َت َل ُفوا وكانُوا هكذا؟» َ‬ ‫و َأ َمانَات ُُه ْ‬
‫�م َو ْ‬
‫ف َو َد ْع ما ُتن ِْك ُر‪َ ،‬و َع َل ْي َك‬ ‫«اِ ْل َ�ز ْم َب ْيت ََك و َأ ْه َل َك َو َأ ْم ِل ْك َع َل ْي َك لِ َس�ان ََك ‪ُ ،‬‬
‫وخ ْذ َما َت ْع ِ‬
‫�ر ُ‬
‫اص ِة َن ْف ِس َك و َد ْع َعن َْك َأ ْم َر ال َعا َّم ِة» «اإلشاعة» ص ‪.189‬‬ ‫بِ َأ ْم ِر َخ َّ‬

‫وصار‬ ‫استقرارها‬ ‫وس ِّي َس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قرارها ُ‬
‫ب منها ُ‬ ‫والمش�اهدُ اليو َم في حياة األمة وقد ُس�ل َ‬
‫ِ‬
‫والثقافة‬ ‫ِ‬
‫واالقتصاد واإلعلا ِم والتعلي ِم‬ ‫ِ‬
‫السياس�ة‬ ‫ِ‬
‫الكفار في‬ ‫ِ‬
‫هندس�ة‬ ‫ال إلى‬‫أمرها آي ً‬
‫ُ‬
‫�ه ف�ي َأت ِ‬
‫ُون هذه‬ ‫بنفس ِ‬
‫العبد المس�ل ِم َألاّ ي ُزج ِ‬‫الموق�ف الس�ليم من ِ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫والمواق�ف؛ ّ‬
‫أن‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الش�أن على َق َ�ر َار ِي الحك ِم‬ ‫�ة وخاص� ًة عن�دَ التناز ِع بين ُأولي‬ ‫المؤام�رات المسيس ِ‬
‫ِ‬
‫َ َّ َ‬
‫والعل ِم ‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫وشرها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهذه مسأل ٌة محسوم ٌة‬
‫اختالف على خطورتها ّ‬ ‫َ‬ ‫الشرعية‪ ..‬وال‬ ‫بالنصوص‬
‫ظهور إِش�اراتِها واحت�دا ِم مفتونِيها مصانع� ُة الجمي� ِع ومداراتُهم مع‬
‫ِ‬ ‫ويكف�ي عن�د‬
‫ذر ‪ v‬ق�ال‪ :‬قال له‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َجن ِ‬
‫الخ�وض ف�ي فتنتهم أو المش�اركة فيها ‪ ،‬فع�ن أبي ٍّ‬ ‫ُّ�ب‬ ‫ت َ‬
‫أصابعه ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أنت إذا ُكن َْت في ُحثا َل ٍة؟» َ‬
‫وش َّب َك بي َن‬ ‫كيف َ‬‫رسول الله ‪« :m‬يا َأبا َذ ٍّر َ‬
‫الناس َبأ ْخلاَ ِق ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ما تأمرني يا رس�ول الل�ه ؟ قال‪« :‬ا ْصبِ ْر‪ ..‬ا ْصبِ ْر‪ ..‬ا ْصبِ ْ�ر‪َ ..‬خال ُقوا َ‬
‫والبيهقي في «الزهد» ‪ ،‬وفي الحديث إشار ٌة‬ ‫ُّ‬ ‫الحاكم‬
‫ُ‬ ‫وه ْم في َأ ْع َمالِ ِه ْم» رواه‬ ‫َ ِ‬
‫وخال ُف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫راغب في النجاة والسلامة‪َ ..‬أ ْن ُيخا َل َق الن ُ‬
‫ّاس بما يناس� ُبهم في‬ ‫َب ِّينَ ٌة وواضح ٌة ِّ‬
‫لكل‬
‫ِ‬
‫المخالفة لهم في‬ ‫ض والدِّ ِ‬
‫ين مع‬ ‫الع ْ�ر ِ‬ ‫لكرامة ِ‬
‫ِ‬ ‫المفتون مدارا ًة لهم ِ‬
‫وح ْفظ ًا‬ ‫ِ‬ ‫ه�م‬ ‫ِ‬
‫واقع ُ‬
‫ِ‬
‫ومواقفهم‪.‬‬ ‫أعمالِهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وآخر موقف ًا سديد ًا‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بسبب‬ ‫الفتنة‬ ‫بل إِ ّن فق َه التحوالت َي َض ُع للمسل ِم المندف ِع َ‬
‫نحو‬
‫غيره ‪ ،‬ف َع ْن أبي الدرداء ِ ‪ v‬قال‪ :‬قال رس�ول الله ‪ « :m‬ال‬ ‫حتى َي ْس� َل َم و ُي َس� ِّل َم َ‬
‫الف ْتنَ� َة إذا َح ِم َي ْت وال َت ْع ِر ُضوا لها إِ َذا َع َر َض ْت ‪ْ ،‬‬
‫واض ِر ُب�وا َأ ْه َلها إذا َأ ْق َب َل ْت»‬ ‫َت ْقرب�وا ِ‬
‫َُ‬
‫ِ‬
‫التح�والت لمن َأ ْو َق َع ْت ُه‬ ‫ِ‬
‫التعامل في‬ ‫ِ‬
‫نماذج‬ ‫ٍ‬
‫نموذج م�ن‬ ‫‪ .‬وف�ي الحديث إش�ار ٌة إلى‬
‫الموافقة أو االستتبا ِع لحاك ٍم أو عال ٍم أو صاحب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المشاركة أو‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫األس�باب في‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الشرعي‬
‫ُّ‬ ‫فالموقف‬
‫ُ‬ ‫التأخر عنها ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ص منها وال‬ ‫إدارة أو ملتز ٍم لوظيفة ال ُيمك ُن له التخ ُّل ُ‬
‫الفتن وراياتِها ‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬ ‫القتل تحت ه�ذه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الموت أو‬ ‫ِ‬
‫اختيار‬ ‫يدف�ع بنفس�ه َدفع ًا إلى‬ ‫َ‬ ‫أن ال‬
‫وغيرهم من حديث‬ ‫والطبراني ُ‬
‫ُّ‬ ‫يتفهم ما قاله ‪ m‬في ما رواه أحمدُ واب ُن أبي ش�يب َة‬ ‫ُ‬
‫ٌ‬ ‫س�تكون بع ِ‬
‫أحداث‬ ‫�دي‬ ‫ُ َْ‬ ‫النب�ي ‪ m‬قال‪« :‬يا خالدُ إنَّها‬ ‫َّ‬ ‫خال�د ب�ن عرفطة ‪ّ v‬‬
‫أن‬
‫ُون عبدَ ِ‬ ‫كان َ ِ‬ ‫وفِتَ� ٌن و ُف ْر َق ٌة‬
‫َ‬
‫المقتول ال‬ ‫الله‬ ‫ذلك فإِن ْ‬
‫اس� َت َط ْع َت َأ ْن َتك َ‬ ‫واختالف‪ ،‬فإذا َ‬
‫ٌ‬
‫القاتل َفا ْف َع ْل» ‪.‬‬
‫َ‬

‫يجب على المس�ل ِم المد ِّق ِق في عل ِم الس�اعة ِ‬


‫وفقهها المشرو ِع‬ ‫ِ‬
‫ومن كافة الوجوه ُ‬

‫‪364‬‬
‫ِ‬
‫باالبتعاد ع�ن مكانها ومواقعها ؛ لحديث‬ ‫يتجن�ب الفت� َن عموم ًا وخصوص ًا ولو‬ ‫أن‬
‫َ‬
‫س�تكون فِ َت ٌن‬
‫ُ‬ ‫البخاري (‪ )3334‬وأحمدُ (‪« :)7464‬‬
‫ُّ‬ ‫أب�ي هري�رة َ ‪ v‬فيما رواه‬
‫خير من‬
‫خير من الماش�ي‪ ،‬والماش�ي فيها ٌ‬ ‫والقائم فيها ٌ‬
‫ُ‬ ‫خير من القائ ِم‪،‬‬‫القاعدُ فيها ٌ‬
‫ملجأ أو معاذ ًا َف ْل َي ُع ْذ بِ ِه»‪ .‬قال في‬
‫ً‬ ‫ف لها ت َْست َْش ِر ْف ُه‪َ ،‬‬
‫فمن وجد منها‬ ‫الساعي‪َ ،‬م ْن ت ََش َّر َ‬
‫ْ�ر َة ولف ُظه‪« :‬فإذا‬ ‫تفس�يره عندَ مس�ل ٍم في حديث أبي َبك َ‬ ‫ُ‬ ‫«الفت�ح» (‪ :)14 :13‬ووقع‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫واألرض ‪ ،‬قال ٌ‬
‫رجل‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫الغنم‬
‫َ‬ ‫وذكر‬
‫َ‬ ‫فمن كان له إِبِ ٌل َف ْل َي ْل َح ْق بِإِبِ ِل ِه» ‪،‬‬‫ن ََز َل ْت َ‬
‫بحجر ثم لِ َين ُْج إِ ِن‬
‫ٍ‬ ‫س�يفه ف َيدُ َّق على حدِّ ِه‬
‫أرأيت إِ ْن لم ي ُكن َله ؟ قال‪ :‬يعمدُ إلى ِ‬
‫ََْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الله‬
‫ِ‬
‫بالفتنة‪ :‬ما ُ‬
‫ينشأ عن‬ ‫اع» ‪ .‬قال في «اإلشاعة» تعليقا على هذا الحديث‪ :‬والمرا ُء‬ ‫اس َت َط َ‬
‫ْ‬
‫الم ْبطِ ِل ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫الم ْل ِك ُ‬
‫حيث ال ُي ْع َل ُم ُ‬
‫المح ُّق م َن ُ‬ ‫ب ُ‬
‫ِ‬
‫االختالف في َط َل ِ‬
‫كل من دعا إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫فتن�ة ُح ْك ٍم‬ ‫أن َّ َ‬ ‫المس�ألة و َظنُّ�وا ّ‬ ‫َ‬
‫تهاون المس�لمون ف�ي هذه‬ ‫وق�د‬
‫ِ‬
‫دراس�ة‬ ‫ِ‬
‫بالنابل ‪ ،‬لعد ِم‬ ‫ُ‬
‫الحابل‬ ‫َ‬
‫فاختلط بذلك‬ ‫ٍ‬
‫وبصي�رة‪،‬‬ ‫أو ِع ْل� ٍم إنم�ا هو على ُهدً ى‬
‫ِ‬
‫الش�رعية‬ ‫ِ‬
‫المواقف‬ ‫ِ‬
‫األمة في َت َف ُّه ِم‬ ‫ِ‬
‫ولتهاون‬ ‫الس�اعة من ٍ‬
‫جهة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫الجمي ِع فق َه‬
‫حتجاج على من‬ ‫ِ‬ ‫�اج ِ‬
‫واال‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬بل و َقع�وا أيض ًا في ِ‬
‫فتنة ال َل َج ِ‬ ‫الفت�ن من ٍ‬
‫ِ‬ ‫عن�د‬
‫َ ُ‬
‫ٍ‬
‫كمخالف‬ ‫ت وراياتِها ‪ ،‬ونظروا ِ‬
‫إليه‬ ‫لنفسه السالم َة من الم ِضلاّ ِ‬ ‫اختار العزل َة ور ِضي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الجهاد القائ ِم‬ ‫س�بيل الله ‪ ،‬مع ّ‬
‫أن ظاهر َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد في‬ ‫ِ‬
‫لدعوة‬ ‫الغر ِاء ومع ّط ٍل‬ ‫ِ‬
‫للش�ريعة ّ‬
‫أعداء اإلسلا ِم في بعض‬ ‫ِ‬ ‫مكتملة الش�روط ومخترق ٌة ِمن‬ ‫ِ‬ ‫غي�ر‬ ‫ِ‬
‫ف�ي بالد المس�لمي َن ُ‬
‫المرحلة وقادتِها ‪ ،‬ولم ت َْس� َل ْم من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمصلح�ة‬ ‫ومهندس‬
‫ٌ‬ ‫وبعضه�ا ُم َم َّو ٌل‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الجه�ات‪،‬‬
‫ُ‬
‫القليل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المعاص�ر إال‬ ‫الجهادي‬ ‫ِ‬
‫العم�ل‬ ‫ِ‬
‫مجموعات‬ ‫كثير م�ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫التس�ييس والهندس�ة ٌ‬
‫الحق ومقاتلتِهم دونه‬ ‫ِ‬
‫ببقائهم على ِّ‬ ‫المش�ار إليهم في أحاديث النبي ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والقليل‬
‫ِ‬
‫المشتبكة التي سماها النبي‬ ‫ِ‬
‫المرتبكة‬ ‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫ِ‬
‫الش�رعية في‬ ‫يصعب تحديدُ ُه ِو َّيتِ ِه ُم‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حديث ِ‬
‫َ‬
‫رس�ول‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫مس�عود ‪ v‬قال‪ُ :‬‬ ‫ابن‬ ‫اله ْ�ر ِج» كم�ا ه�و في‬ ‫‪َ « m‬أ ّي�ا َم َ‬

‫‪365‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الل�ه‪ ..‬ومت�ى ذلك ؟ ـ أي‪ :‬المقاتل ُة على الملك ـ ق�ال‪« :‬أيا َم َ‬
‫اله ْر ِج» ‪ ،‬قلت‪ :‬ومتى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يس ُه» «فتح الباري» كتاب الفتن (‪. )35-34 :13‬‬ ‫؟ قال‪« :‬حي َن ال َي ْأ َم ُن َّ‬
‫الر ُج ُل َجل َ‬
‫ُ‬
‫تكون‬ ‫واإليجابي عندما‬ ‫الشرعي‬ ‫ِ‬
‫وجهها‬ ‫سبيل ِ‬
‫الله على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد في‬ ‫ُحدَّ ُد ُه ِّو َّي ُة‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وت َ‬
‫كانت ه�ذه الصف ُة قائم ًة في‬ ‫ِ‬
‫والكافر ) ‪ ،‬فحيثما ْ‬ ‫المجابه� ُة المباش�ر ُة بي َن ( المس�ل ِم‬
‫معهم‬ ‫كلم�ة ِ‬
‫الله ) فالجها ُد‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعي وهو ( إِعال ُء‬ ‫الله على ضابطها‬ ‫أرض ِ‬
‫ِ‬ ‫نواح�ي‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫كل َمن َت َع َّي َن عليه ذل�ك في أرضهم ومكانهم‬‫والمس�اند ُة لهم واجب ٌة والزم� ٌة على ِّ‬
‫ِ‬
‫المحتل�ة وفي بعض فصائله�ا الجهادية‬ ‫وس�احة معركته�م ‪ ،‬كما هو في فلس�طي َن‬ ‫ِ‬

‫فالخير ُّ‬
‫كل‬ ‫غير ه�ذا‬ ‫التحري�ش الداخلي والت ّْس ِ�ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫يس الخارج�ي ‪ .‬أ ّما ُ‬ ‫الخالي�ة ع�ن‬
‫وتنجلي‬ ‫لألمور حتى يأتي أمر الله في ِ‬
‫عباده‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحس�ن المعالجة‬ ‫ِ‬
‫السلامة‬ ‫ِ‬
‫الخير في‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫الحتمي ‪ ،‬وف�ي ذلك ُ‬
‫يقول ‪:m‬‬ ‫ِ‬
‫واس�تقرارها‬ ‫العالمي‬ ‫ِ‬
‫ش�أن قرارها‬ ‫ِ‬
‫األمة في‬ ‫كرب� ُة‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الرجل فيها ُم ْؤ ِمن ًا و ُي ْم ِس�ي‬
‫ُ‬ ‫الليل المظل ِم ‪ُ ،‬ي ْصبِ ُح‬‫ِ‬ ‫الس�ا َع ِة فِتَن ًا ك َِق َط ِع‬
‫« إِ َّن َب ْي َن َيدَ ِي َّ‬
‫خير من ال َق ِائ ِم ‪ ،‬والماشي فيها َخ ْي ٌر‬ ‫كافر ًا و ُي ْمسي مؤمن ًا و ُي ْصبِ ُح كافر ًا ‪ ،‬القاعدُ فيها ٌ‬
‫ِ‬

‫الح َج َار ِة‪َ ،‬فإِ َذا‬


‫اض ِربوا سيو َفكُم بِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َارك ُْم َو ْ ُ ُ ُ‬
‫ِِ‬
‫م َن الس�اعي ‪ ،‬فك َِّس ُروا قس� َّيك ُْم َو َق ِّط ُعوا َأ ْوت َ‬
‫ِ‬
‫َخ ْي ِ‬
‫�ر ا ْبن َْي آ َد َم ‪ )..‬رواه أبو داود في س�ننه‬ ‫د ِخ َ�ل ـ يعنِ�ي على ٍ‬
‫أحد منك�م ـ َف ْل َي ُك ْن ك َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬
‫األشعري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )3715‬عن أبي موسى‬

‫‪366‬‬
‫الكـبرى‬ ‫ِ‬
‫لعلامات‬ ‫الواجب باِ‬
‫العلم ِ‬‫ث ِ‬ ‫الركنـ الثال ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫عالمات‬ ‫عش�ر‬ ‫ِ‬
‫اليقينية ‪ ،‬وهي‬ ‫ِ‬
‫العالمات الكبرى‬ ‫األحاديث الش�ريف ُة على‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫نص ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫األحاديث لم تذكرها جمل ًة ِ‬
‫واحد ًة في‬ ‫َ‬ ‫آيات متتابِ ِ‬
‫عة الوقو ِع إلاَّ َّ‬
‫أن‬ ‫أو عش�ر ٍ‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحديث الذي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫األحاديث في الت ِ‬
‫ِّعداد ‪ ،‬ويكا ُد أن‬ ‫ِ‬ ‫وايات‬
‫ُ‬ ‫بل اختل َف ِ‬
‫ت ِر‬ ‫ٍ‬
‫واحد ‪ِ ،‬‬
‫العشر وفيه‪:‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫األحاديث ِذكر ًا ِ‬
‫لهذه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أشمل‬ ‫سل ٌم عن ُح َذيف َة ؤ‬ ‫أخرجه م ِ‬
‫َ ُ‬
‫الش�مس ِمن مغربِه�ا ‪ ،‬والدَّ َّج ُال‬‫ِ‬ ‫لوع‬ ‫ٍ‬
‫عش�ر آيات ‪ُ :‬ط ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تكون‬ ‫« ال تق�و ُم الس�اع ُة حتَّى‬
‫مري�م ‪ ،‬وثالث ُة‬
‫َ‬ ‫وخ�روج عيس�ى ِ‬
‫ب�ن‬ ‫ُ‬ ‫ومأج�وج ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ويأج�وج‬
‫ُ‬ ‫خ�ان ‪ ،‬والداب� ُة ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬والدُ‬
‫حديث العالمات‬
‫ونار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخسف بِ‬ ‫المش�ر ِق‬
‫ِ‬ ‫خسف بِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُخ‬
‫الكبرى‬ ‫العرب ‪ٌ .‬‬ ‫بجزيرة‬ ‫وخس�ف‬
‫ٌ‬ ‫المغرب ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫س�وفات‪:‬‬
‫ُ‬
‫وتقيل‬ ‫تبيت م َعهم ُ‬
‫حيث باتُوا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المحشر ُ‬ ‫الناس إلى‬ ‫ُ‬
‫تسوق َ‬ ‫عدن أبين‬ ‫تخرج ِمن ِ‬
‫قعر ٍ‬
‫ُ‬
‫م َعهم ُ‬
‫حيث قالوا » (((‪.‬‬

‫الترتيب‬ ‫�ك أن‬‫حول ذلِ َ‬ ‫ِ‬


‫األحاديث وما تاب َع�ه ال ُعلما ُء َ‬ ‫وال�ذي يظه�ر ِمن اس�تِ ِ‬
‫قراء‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ش�ير إلى تقدي ٍم‪،‬‬
‫بعضها ُي ُ‬ ‫حديث لآِ َخ َر ‪ُ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ف ِمن‬ ‫ِ‬
‫آليات م ِ‬
‫ختل ٌ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث لِ‬
‫ِ‬ ‫الزمني في‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫أحوال ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ثالثة‬ ‫تأخير ‪ ،‬وخالص ُة األمر ِ‬
‫يرج ُع إلى‬ ‫ٍ‬ ‫شير إلى‬
‫ُ‬ ‫وبعضها ُي ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العشر الدَّ َّج ُال ‪ُ ،‬ث َّم عيسى ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ِ‬ ‫َّأو ُل‬
‫ترتيب اآليات‬
‫الشمس‬ ‫ويكون ُط ُ‬
‫لوع‬ ‫ُ‬ ‫ومأجوج ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫اآليات‬
‫ِ‬
‫العالمات‬ ‫الم ِ‬
‫نتظر آي ٌة َبي َن‬ ‫اآليات ‪ ،‬وتكون عالم ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِمن مغربِها بعدَ ذلِ َك مع ِ‬
‫والظواهر‬ ‫المهدي ُ‬
‫ِّ‬ ‫بقية‬ ‫َ‬
‫الخاص ِة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫واي�ات‬ ‫أن كا َّف َة ِّ‬
‫الر‬ ‫وخاص� ًة َّ‬
‫َّ‬
‫الالح ِ‬
‫قة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعالمات الكُب�رى‬ ‫الوس�طى الس�ابِ ِ‬
‫قة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المهدي‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫أحاديث‬ ‫المهدي في ترتيبِها ‪ ،‬وإنَّما َ‬
‫ذكرت‬ ‫َّ‬ ‫العالمات الكُبرى لم تذك ُْر اإلما َم‬ ‫بِ‬
‫م ِ‬
‫ستقل ًة ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)16574‬‬

‫‪367‬‬
‫�م الدَّ َّج ُال ‪ُ ،‬ث َّم عيس�ى ش ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِن َّأو َل‬
‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫نتظ�ر ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫الم ُ‬ ‫المه�دي ُ‬
‫ُّ‬ ‫العش�ر‬ ‫اآلي�ات‬
‫الش�مس ِمن مغربِها وما تالها ِم َن‬
‫ِ‬ ‫والخس�وفات الثالث ُة ‪ُ ،‬ث َّم ُط ُ‬
‫لوع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الدخان‬ ‫ومأجوج ‪ُ ،‬ث َّم‬
‫ُ‬
‫بن األس�ق ِع ُ‬
‫يقول ‪:‬‬ ‫حديث وائل َة ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫التفصيل‬ ‫العش�ر بِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫ٍ‬
‫حديث جم َع‬ ‫اآليات ‪ .‬وأوس� ُع‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫خس�ف‬
‫ٌ‬ ‫تكون عش�ر ٍ‬
‫آيات ‪)1( :‬‬ ‫َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬
‫يقول ‪ « :‬ال تقو ُم الس�اع ُة حتَّى‬ ‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الع�رب (‪ )4‬والدَّ َّج ُال (‪)5‬‬ ‫ِ‬
‫جزي�رة‬ ‫وخس�ف في‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫المغ�ر ِب (‪)3‬‬ ‫وخس�ف بِ‬
‫ٌ‬ ‫المش�ر ِق (‪)2‬‬
‫ِ‬ ‫بِ‬
‫ِ‬
‫الش�مس‬ ‫وطلوع‬
‫ُ‬ ‫ومأج�وج (‪ )8‬والداب ُة (‪)9‬‬
‫ُ‬ ‫ويأجوج‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ون�زول عيس�ى (‪)7‬‬ ‫والدُ ُ‬
‫خ�ان (‪)6‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تخ�رج من ِ‬ ‫ِ‬
‫الذر‬ ‫المحش�ر ‪ُ ،‬‬
‫تحش ُ�ر َّ‬ ‫الناس إلى‬ ‫ُ‬
‫تس�وق َ‬ ‫ع�دن‬ ‫قعر‬ ‫ُ‬ ‫م�ن مغربِه�ا (‪ٌ )10‬‬
‫ون�ار‬
‫َ‬
‫والنمل»(((‪.‬‬

‫والقس�م الثاني‬ ‫بول الت ِ‬


‫َّوبة ‪،‬‬ ‫العالمات الكُبرى ِقس�مان ‪ِ :‬قس�م فيه اس�تِمرار َق ِ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫العالمات‬
‫اآليات‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الف في ترتيبه وأ َّما‬ ‫ِ‬
‫فاألول يجري الخ ُ‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإليمان‬ ‫ِ‬
‫الكبرى قسمان تُغ َل ُق فيه التَّوب ُة ‪ ،‬وينعد ُم فيه‬
‫بن ٍ‬
‫عمرو‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬
‫حديث ِ‬
‫ِ‬ ‫غلق الت ِ‬
‫َّوبة فهي مجموع ٌة في‬ ‫األحاديث فِيها بِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫الت�ي نص ِ‬
‫َّ‬
‫الش�مس ِم�ن ِ‬
‫مغربِها‬ ‫ِ‬ ‫لوع‬ ‫ِ‬
‫«إن َّأو َل اآلي�ات ُخ ً‬
‫روجا ُط ُ‬ ‫�ه ‪َ m‬‬
‫ق�ال ‪َّ :‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ع�ن‬
‫صاحبتِه�ا فاألُخرى على‬
‫ِ‬ ‫قبل‬ ‫ِ‬
‫الناس ُض ًح�ى ‪ ،‬وأيتُها كانَ�ت َ‬ ‫ِ‬
‫الداب�ة عل�ى‬ ‫�روج‬
‫وخ ُ‬ ‫ُ‬
‫إِ ِثرها قري ًبا»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫اآليات الكُب�رى ‪ ،‬كم�ا اعتبرنا‬ ‫نتظ�ر َّأو َل‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬
‫وف�ي ه�ذا البح�ث وضعن�ا اإلم�ا َم ُ‬ ‫اإلمام المهدي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أش�ار إلى ذل َك الترتيب ‪ ،‬وال َّل ُه‬ ‫ِ‬
‫س�ماها على َقول َمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الخس�وفات الثالث َة واحد ًة ب ُم َّ‬
‫ُ‬ ‫أول العالمات‬
‫الكبرى‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلشاعة‬ ‫البرزنجي في‬ ‫الش ُ‬
‫يخ‬ ‫ِ‬
‫الساعة الكُبرى َّ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫المهدي َّأو ُل‬ ‫وممن أ َّكدَ َّ‬
‫أن‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬

‫((( المستدرك (‪.)8317‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)7570‬‬

‫‪368‬‬
‫ِ‬
‫الغريبة التي تع ُق ُبها الساع ُة وهي كثير ٌة‬ ‫ِ‬
‫واألمارات‬ ‫األشراط ِ‬
‫العظا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثالث في‬ ‫ِ‬
‫الباب‬
‫المهدي وهو َّأو ُلها (((‪.‬‬ ‫‪ِ ،‬‬
‫فمنها‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫القول الثاني ‪ ،‬وهو ما‬ ‫ِ‬
‫العش�ر» على‬ ‫ِ‬
‫«اليقينيات‬ ‫ِ‬
‫العالمات الكُبرى‬ ‫تسلس ُ�ل‬ ‫ويأتي‬
‫ُ‬
‫العرض في كتابِنا هذا كالتالي ‪:‬‬
‫َ‬ ‫رت ْبنا ع َل ِيه‬
‫نتظر ‪.‬‬
‫الم ُ‬‫المهدي ُ‬
‫ُّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫(‪ )2‬الدَّ َّج ُال ‪.‬‬
‫(‪ )3‬عيسى ش ‪.‬‬
‫ومأجوج ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫(‪)4‬‬
‫سوفات الثالث ُة ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(‪ُ )5‬‬
‫الخ‬
‫(‪ )6‬الدُ ُ‬
‫خان ‪.‬‬
‫الشمس ِمن مغربِها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫(‪ُ )7‬ط ُ‬
‫لوع‬
‫(‪ )8‬الدا َّب ُة ‪.‬‬
‫عدن ‪.‬‬ ‫تخر ُج ِمن ِ‬
‫قعر ٍ‬
‫(‪ُ )9‬‬
‫النار التي ُ‬
‫الص ِ‬
‫ور ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫النفخ في ُّ‬ ‫(‪)10‬‬

‫وسيأتي تفصي ُلها ‪.‬‬

‫((( اإلشاعة ص‪.112‬‬

‫‪369‬‬
‫ش ِر بِه ’‬
‫المب َّ‬
‫المهدي ُ‬
‫ُّ‬ ‫المرحلةُ المهديةُ ‘‬ ‫المرحلة‬
‫المهدية‪..‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والمذاه ِ‬ ‫أهل ِ‬
‫العل� ِم‬ ‫اللغ�ط واالختِ ُ‬
‫الف َبي� َن ِ‬ ‫ُ‬ ‫وه�ي المرحل� ُة التي ك ُث�ر فِيها‬ ‫استقرار ‪ ،‬سالم ‪،‬‬
‫تنمية‪..‬‬
‫ِ‬
‫الناس ‪ ،‬ولكنَّها‬ ‫كثير ِم َن‬ ‫مور حكم ٌة ضروري ٌة ال ُ‬
‫يعلمها ٌ‬
‫مثل هذه األُ ِ ِ‬ ‫الف في ِ‬ ‫واالختِ ُ‬
‫وحكمة‬
‫ِ‬
‫وإلشغال‬ ‫ِ‬
‫والس�تر‬ ‫ِ‬
‫للتمويه‬ ‫ش�رعي ًة ال ُبدَّ ِمنها‬
‫ِ‬ ‫الت ضرور ًة‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫دقائق عل ِم فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫فِي‬ ‫ين‬
‫االختالف َب َ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫العلماء حول‬
‫اإلفصاح‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واألقوال فيما ال يل�ز ُم فيه‬ ‫الروايات‬ ‫األقلا ِم وذوي األحال ِم واإلسلا ِم بِ‬
‫شخصية المهدي‬
‫طلق في ِم ِ‬
‫ثل‬ ‫الم َ‬ ‫إن االت َ‬
‫ِّفاق ُ‬ ‫حي�ث َّ‬
‫ُ‬ ‫يعلمه الخالِ ُق ُس�بحانَه وتعالى ‪،‬‬
‫س�ر ُ‬
‫ُ ِ‬
‫البيان ل ٍّ‬ ‫وال‬ ‫وظهوره‬

‫س�تقبل ُر َّبما َبنَى ع َل ِيه‬ ‫أمرا ِمن ُأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذه األُ ِ‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫مور ُ‬ ‫مور المصيرية ُي ِبر ُز للكاف ِر واألعداء ً‬
‫الش�رعي َّ‬
‫فإن‬ ‫ِ‬
‫التمويه‬ ‫وم�ع هذا‬ ‫ِ‬
‫الناس ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫خطي�رة على‬ ‫ٍ‬
‫أبعاد‬ ‫ذات‬
‫�ف َ‬ ‫الخص�م ِ‬
‫مواق َ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫آل الب ِ‬ ‫العديد ِمن‬
‫ِ‬ ‫والقت�ل والتش�ريدَ ِ‬
‫ارتبط بِهم‬
‫َ‬ ‫ي�ت ‪ ،‬ومن‬ ‫ش�رائح ِ َ‬
‫ِ‬ ‫يص ُل إلى‬ ‫َ‬ ‫األذى‬
‫وآثار‬
‫أخبار َ‬ ‫َ‬ ‫لمالحقتِه�م‬ ‫ِ‬
‫القرار ُ‬
‫ِ‬
‫حملة‬ ‫ِ‬
‫ويس�تفح ُل البال ُء َبي� َن‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خريات‬ ‫ف�ي ُأ‬
‫ِ‬
‫المس�ألة ‪ ،‬وما أرا َد ال َّل ُه‬ ‫كون حقيق َة‬ ‫نتظر‪ ،‬والك ُُّل ال يعلمون وال ِ‬
‫يدر َ‬ ‫الم ِ‬‫ه�ذا اإلما ِم ُ‬
‫والش ِ‬
‫عوب ‪.‬‬ ‫خير لِ ُ‬
‫ألم ِم ُّ‬ ‫بِها ِمن ٍ‬

‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫بالتفصيل ‪ ،‬ون ُ‬ ‫تناولِها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تناو َلها بِ‬ ‫ولأِ نها كذلِ َك ؛ َّ‬
‫ُحيل الراغ َ‬ ‫اإلجمال أولى من ُ‬ ‫فإن ُ‬
‫ِ‬
‫التليد‬ ‫لبرزنجي وم�ا نقلناه في‬ ‫اإلش�اعة لِ‬
‫ِ‬ ‫كتب عنه اإلما ُم في‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫التفصي�ل على ما َ‬ ‫ف�ي‬
‫َّ�اب ِمن كا َّف ِة‬ ‫ملة ِم�ن الع ِ‬
‫لماء وال ُكت ِ‬ ‫ِّف في ه�ذا الموضو ِع لِج ٍ‬ ‫ِ‬
‫والط�ارف ‪ ،‬وم�ا ُصن َ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫أو‬ ‫ِ‬
‫الالحقة ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫ميالده ونشأتِه في‬
‫ِ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬س�وا ٌء ِم َن القائلين بِ‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫المذاه ِ‬
‫ِ‬
‫تقرير‬ ‫ُسم ُن وال تُغني ِمن ُجو ٍع في‬
‫الفات ال ت ِ‬
‫ُ‬ ‫القائلين بِ َغيبتِه ُثم رجعتِه ‪ ،‬وهذه االختِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫إش�غال‬ ‫ِ‬
‫الرحمن في‬ ‫ِ‬
‫حكمة‬ ‫الت ‪ ...‬وإنَّما هي ُجز ٌء ِمن‬
‫قه التح�و ِ‬‫واق� ِع فِ ِ‬
‫األم�ر ِمن ِ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬

‫‪370‬‬
‫راد ال َّل ِه((( ‪. ...‬‬
‫سلمين بِذلِ َك لِيأتي الوعدُ في حينِه على م ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وغير الم ِ‬ ‫ِ‬
‫المسلمين ِ ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عالمات ُظ ِ‬
‫هوره ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ومن‬

‫وخاص ًة‬ ‫روب ِ‬


‫والف ِ‬
‫تن ‪،‬‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طاع ال ُّط ُر ِق ِ‬ ‫ِ‬
‫تغير األحوال‬ ‫َّ‬ ‫المعتادة ‪ .‬وكثر ُة ُ‬ ‫عن المواصالت ُ‬ ‫ •انق ُ‬
‫قبيل مرحلة‬ ‫ُ‬
‫حديث‬ ‫شير إلى ذلِ َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫العرب كثمرة من ثمرات المراح ِل السابِقة ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬ ‫في‬
‫المهدي‬ ‫ت ِ‬ ‫ِّجارات وال ُّطر ُق وك ُثر ِ‬ ‫مسعود « إذا انقطع ِ‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫الحديث» (((‪،‬‬ ‫الف َت ُن ‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت الت‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ابن‬
‫وحديث « ال يخرج المهدي حتَّى يقت َُل ِمن ك ُِّل تِ ٍ‬
‫سعة سبع ًة » (((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫الهزيمة أما َم‬‫عور بِ‬ ‫والضعف ال ُك ِّل ُّي ُّ‬ ‫اإلحباط النفس�ي لدى الم ِ‬
‫ُ‬
‫اإلحباط النفسي‬ ‫والش ُ‬ ‫ُ‬ ‫سلمين ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ •‬
‫يبص َق لدى الصالحين‬ ‫المهدي حتَّى ُ‬
‫ُّ‬ ‫يخر ُج‬
‫حديث « ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ش�ير إلى ذلِ َك‬ ‫ِ ِ‬
‫المتعاقبة ‪ُ .‬ي ُ‬
‫ِ‬
‫األحداث ُ‬
‫قبل المهدي‬ ‫بعضكم في ِ‬
‫ٍ‬
‫بعض » (((‪.‬‬ ‫وجه‬ ‫ُ‬

‫رسول ال َّل ِه ؟ َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫الصيح ُة يا‬
‫الحديث « ُقلنا وما َّ‬
‫ُ‬ ‫رمضان‪ ..‬وإ َليها ُي ُ‬
‫شير‬ ‫َ‬ ‫ • َصيح ُة‬
‫صيحة في رمضان‬
‫عالمة كونية قبل‬
‫ظهور اإلمام‬
‫((( وهناك من ادعى المهدية في زماننا هذا وفي األزمان الس�ابقة ‪ ،‬وكل هذه االدعاءات تدخل‬
‫تح�ت مدل�ول أحادي�ث « المدعين للنب�وة » وظهور الدجالي�ن الكذابي�ن ‪ ،‬الذين يوهمون‬
‫الحذر من هؤالء‬
‫ُ‬ ‫الناس بأنهم من األنبياء‪ ،‬أو أنهم المهدي الموعود به آخر الزمان‪ ،‬ويجب‬
‫وأكاذيبه�م ؛ فوع�د الله ح�ق وآياته كائنة ال محال�ة ؛ ولكنها تعرف بالنصوص الش�رعية ال‬
‫باالدعاءات والتخيالت النفسية والتوهمات الشيطانية ‪.‬‬
‫وق�د رأي�ت ف�ي بعض البالد من يش�ير إلى فلان أو فالن من أه�ل البي�ت أو غيرهم بأنه‬
‫المهدي ‪ ،‬ويلتف عليه المتعصبون والمتعلقون والواهمون ‪ ،‬وكأنما هو الوعد الحق ‪ ،‬وهو‬
‫ال يع�دو كون�ه جهال بالنصوص ‪ ،‬واندفاعا عاطفيا يش�وه س�معة العت�رة الطاهرة ويجعلهم‬
‫عرضة ألهل التسييس والتدنيس ‪ ...‬ولألسف !‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1000‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)912‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)960‬‬

‫‪371‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫النصف ِمن‬
‫ِ‬
‫جوع إلى‬ ‫رمض�ان ليل َة ُج ُمعة ‪ ...‬إل�خ » ‪ .‬ويمك ُن ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫ه�دَّ ٌة في‬
‫(((‬

‫الصيح َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُكت ِ‬


‫أو الهدَّ َة ‪.‬‬ ‫المختلف ُة التي وص َفت َّ‬
‫ُب ُ‬
‫ُ‬
‫حديث‬ ‫المه�دي ‪ ،‬وفِيها‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ُص�رة اإلما ِم‬ ‫راس�ان لِن‬
‫َ‬ ‫�ود ِمن ُخ‬
‫الرايات الس ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ • ُظ ُ‬
‫ه�ور‬
‫الرايات السود من‬
‫ِ‬
‫�وداء قد أقب َل ْت ِمن ُخ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�ان فأتُوها و َلو ً‬
‫حبوا على‬ ‫َ‬ ‫«إذا س�معتُم بِالرايات َّ‬
‫الس‬ ‫خراسان‬

‫كنت في‬
‫�ب ؤ ‪ « :‬لو َ‬ ‫ب�ن أبي طالِ ٍ‬‫علي ِ‬ ‫المؤمني َن ِّ‬ ‫الثل�ج»(((‪ ،‬وع�ن ِ‬
‫أمي�ر ُ‬ ‫ِ‬
‫فاكس ْر ذلِ َك َ‬
‫القفل وا ْل َح ْق بها » (((‪.‬‬ ‫قفل ِ‬ ‫ُص ٍ‬
‫ندوق ُم ٍ‬

‫ُصرة اإلم�ا ِم و ُلزو ِم دعوتِه في حينِها‪،‬‬ ‫س�ل ِم على ن ِ‬ ‫حث الم ِ‬ ‫ِ‬
‫وجوب التحري ومفا ُد هذه األحاديث ُّ ُ‬
‫ِ‬ ‫يجب على ك ُِّل م ِ‬ ‫يقي�ن ‪ ،‬وفي هذا ِ‬‫ه�ور عالماتِه�ا بِ ٍ‬
‫يس�تعج َل‬ ‫س�ل ٍم ألاَّ‬ ‫ُ‬ ‫ضمار ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫في نصرة الرايات و ُظ ُ‬
‫ُّصرة من َغير تح�ر وانتِ ٍ‬
‫الظواه�ر ‪ ،‬ويذه�ب مندفِع�ا نحو مفه�و ِم الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫لتشابه الظواهر‬
‫باه ؛ َّ‬
‫فإن تش�ا ُب َه‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�تعج َل في الخطأِ ؛‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يت أو‬ ‫وخاص� ًة في المظلومين من ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫الظواه ِر قد ُيوق ُع ُ‬
‫الم‬
‫ِ‬
‫اإلشاعات‬ ‫دق‬ ‫عتقدين ِص َ‬ ‫المرحلة م ِ‬
‫ِ‬ ‫حيث يندفِعون ويتبِعون ك َُّل ِ‬
‫ناع ٍق في‬ ‫ُم ِح ِّبيهم ‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫وأكبر‬
‫ُ‬ ‫أعظم‬
‫ُ‬ ‫وأمر ال َّل ِه‬ ‫ِ‬
‫كبير ومساف ٌة شاسع ٌة ‪ُ ،‬‬
‫ون ٌ‬
‫ِ‬
‫العالمات ‪ ،‬و َبي َن األمرين َب ٌ‬ ‫وتشا ُب َه‬
‫ُعم ُق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تبحث ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِمن أن‬
‫السلطان والسيطرة ‪ ،‬وت ِّ‬ ‫عن ُّ‬ ‫وسياسات‬ ‫ؤسسات‬ ‫تحت ُم‬
‫ينطوي َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫عل ورد ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدجل‬ ‫عل ه�ي رائد ُة‬ ‫المص ِّلين في المرحلة ‪ ،‬فقاع�د ُة الف ِ ِّ‬ ‫�راع َبي� َن ُ‬
‫الص َ‬ ‫ِّ‬
‫صدده فسلام ٌة ومح َّب ٌة ورحم ٌة‬‫الت ‪ ،‬وأما ما نحن بِ ِ‬
‫تاريخ التح�و ِ‬ ‫ِ‬ ‫عب�ر‬ ‫ِ ِ‬
‫ُّ‬ ‫والدجاجل�ة َ‬
‫قبل ِ‬
‫ومن بعدُ ‪.‬‬ ‫واألمر ل َّل ِه ِمن ُ‬ ‫ووراث ٌة ِ‬
‫وخالف ٌة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫تفاصيل ما‬ ‫ب في ذلِ َك إلى‬ ‫ِ‬ ‫يث َخ ْل َق ُه وس�يرتَه ‪ ،‬ون ُ‬
‫ُحيل الراغ َ‬
‫ِ‬
‫األحاد ُ‬ ‫وقد وص َف ِ‬
‫ت‬
‫مهمات المهدي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المؤ َّلفات ‪ ،‬ونقتص ُ�ر هاهنا على ما نح ُن‬ ‫ِ‬ ‫والطارف » ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسياسته العلمية ُذك َ�ر ف�ي « التليد‬
‫وغيره�ا م َن ُ‬
‫والعملية‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)638‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )896‬‬
‫((( كنز العمال (‪.)31514‬‬

‫‪372‬‬
‫ِ‬
‫العالمات ‪ ،‬ومنها أنَّه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫جوام ِع‬ ‫صدده ِمن‬
‫بِ ِ‬

‫ريق د ًما ‪ُ ،‬يقاتِ ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الس�نَّة وإماتة البدعة « ال يوق ُظ ً‬
‫نائما ‪ ،‬وال ُي ُ‬ ‫نش�ر ُّ‬ ‫يعمل على ِ‬ ‫ • ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫السن َِّة ‪ ،‬يقو ُم بِ‬
‫النبي ‪. m‬‬‫الدين آخ َر الزمان كما قام بِه ُّ‬ ‫على ُّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ليمان ش ‪.‬‬ ‫ • يمل ُك الدُّ نيا ُك َّلها كما ملكَها ذو القرنَين ُ‬
‫وس‬

‫التثليث فيما يب ُل ُغ إ َليه ِم َن‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عقيدة‬ ‫مع قط ِع‬ ‫ِ ِ‬ ‫ • ُ ِ‬
‫ينش ُر دي َن اإلسال ِم في األُم ِم الكافرة َ‬
‫فيكون على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكام ُل لِهذه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يد عيس�ى ش‬ ‫ُ‬ ‫رافات‬ ‫االنح‬ ‫البِلاد ‪ ،‬أ َّما االنق ُ‬
‫طاع‬
‫فيما بعدَ ذلِ َك ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الثروة‬ ‫توزي�ع‬ ‫ِ‬
‫صادي�ة ‪ ،‬أي ‪:‬‬‫�عوب االقتِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاج�ات ُّ‬
‫الش‬ ‫الم�ال ‪ ،‬ويفي بِ‬
‫َ‬ ‫ •يحث�و‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإلنصاف ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العدل‬ ‫بِ‬

‫يوعي ِ‬
‫وغيرها‬ ‫الرأس�مالي ُّ‬ ‫عامالت الربوي َة وسياس� َة االقتِ ِ‬
‫ِ‬
‫انقطاع الربا‬ ‫والش ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫صاد‬ ‫ِّ‬ ‫الم‬
‫يقطع ُ‬
‫ • ُ‬
‫واالقتصاد‬ ‫ِ‬
‫الوضعية‬ ‫نظريات االقتِ ِ‬
‫صاد‬ ‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫الرأسمالي‬
‫الح ِ‬‫بدعة ِ‬
‫ِ‬ ‫الف�ة وإن ِ‬
‫الخ ِ‬ ‫ود إلى نِظا ِم ِ‬
‫�عوب بِالع ِ‬
‫زبية وال َّت َكت ُِّل‬ ‫َّهاء‬ ‫ِ َ‬ ‫وحدُ آرا َء ُّ‬
‫الش‬ ‫ • ُي ِّ‬
‫والسياسي ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫والطائفي‬ ‫قادي‬ ‫ِ‬ ‫والصرا ِع‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الطبقي واالعت ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ش�تركة بعي�دً ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عن‬ ‫المس�لمين إلى ُأص�ول الديانة في ُأسس�ها ُ‬
‫الم‬ ‫ •ب�ل و ُيعي�دُ ُ‬
‫المذهبي‬
‫ِّ‬ ‫الصرا ِع‬
‫ع�ن ِّ‬ ‫أيضا ِ‬‫والتظليل ِعندَ َق�و ٍم ‪ ،‬وبعيدً ا ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التش�ريك والتبدي� ِع‬
‫قاد ِعندَ‬
‫اإلفراط وال ُغ ُلو في االعتِ ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫صوره وأشكالِه ‪ ،‬وبعيدً ا ِ‬
‫عن‬ ‫ِ‬ ‫س بِك ُِّل‬ ‫الم َس َّي ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫المهدي أن‬ ‫قال ‪ « :‬عالم ُة‬‫ط�او َس َ‬ ‫ِ‬ ‫قال ِ‬‫اآلخري�ن ‪ ،‬وفيه َ‬
‫ِّ‬ ‫عن الليث عن ُ‬
‫شك بعض‬ ‫ِ‬ ‫المساكين » ِ‬ ‫ِ‬ ‫شديدً ا على ال ُعم ِ‬
‫الخام ُس ‪/‬ص‬ ‫(الف َت ُن‬ ‫ِ‬ ‫رحيما بِ‬
‫ً‬ ‫المال‬ ‫ال َجوا ًدا بِ‬ ‫َّ‬
‫العلماء‬
‫المذهبيين في‬ ‫ِ‬
‫لم�اء مرحلتِه‬ ‫بعض ُع‬ ‫وقال ‪ :‬إس�نا ُده حس� ٌن ‪ ،‬حتَّ�ى َّ‬ ‫‪ ، 650‬بر ْق�م ‪َ )978‬‬
‫إن َ‬
‫حقيقة اإلمام‬
‫خالفة ِ‬
‫ظاه ِر الفتوى‬ ‫ِ‬ ‫الم َب َّش َر به ؛ لِما يراه فيه ِمن ُم‬ ‫�ك في كَونِه هو‬‫يش ُّ‬
‫ُ‬
‫المهدي ُ‬
‫َّ‬

‫‪373‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلشاعة ‪.‬‬ ‫البرزنجي في‬
‫ُّ‬ ‫المذهب‪ ،‬وإلى ذل َك َ‬
‫أشار اإلما ُم‬ ‫في‬

‫ِ‬
‫الصحيح‬ ‫موق ِعها‬
‫اإلنس�ان ‪ ،‬ويعيدُ ها إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫وح ِ‬
‫قوق‬ ‫ِ‬
‫الحريات ُ‬‫�ح مفهو َم ُ‬‫صح ُ‬‫ • ُي ِّ‬
‫نحرف َة بِكا َّف ِة‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫التدخلات الثقافي� َة ُ‬
‫ُّ‬ ‫ويقطع‬
‫ُ‬
‫مبادئ اإلسلا ِم الس�م ِ‬
‫حة ‪،‬‬ ‫َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫ِ‬
‫والثقافية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واإلعالمية‬ ‫ِ‬
‫والتربوية‬ ‫ِ‬
‫التعليمية‬ ‫ِ‬
‫وصورها‬ ‫ِ‬
‫نماذ ِجها‬
‫إقامة ودع ِم مبدأِ االكتِ ِ‬ ‫واإلنتاج الزراعي والحيواني بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فاء‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫البركة في الطعا ِم‬ ‫ • ُظ ُ‬
‫هور‬
‫ظهور البركة‬
‫الناس ؛ لِتس�و َد الرحم ُة والمح َّب ُة والوئا ُم ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القات َبي َن‬ ‫وتصحيح ِ‬
‫الع‬ ‫ِ‬ ‫الذات�ي ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫في المنتجات‬
‫ِ‬ ‫السياسية واالقتِ‬
‫ِ‬ ‫المحلية‬
‫صادية ‪.‬‬ ‫استقرار حياتِه‬
‫ِ‬ ‫المرحلة األولى ِم َن‬
‫ِ‬ ‫صوصا في‬
‫ً‬ ‫ُخ‬

‫فياني‬ ‫ِ‬
‫العسكرية ِضدَّ ُج ِ‬ ‫المعار ِك‬
‫ِ‬ ‫المهدي بعدَ ذلِ َك في‬ ‫ • ُد ُ‬
‫خول اإلما ِم‬
‫الس ِّ‬‫يوش ُّ‬ ‫ِّ‬
‫الثاني حتَّى ِ‬
‫يأس َره ويق ُت َله بِالشا ِم ‪.‬‬

‫س�نوات ‪ .‬وهي المرحل ُة‬ ‫ٍ‬ ‫لمهدي ِعد َة‬ ‫األرض لِ‬
‫ِ‬ ‫ •مهادن� ُة الرو ِم وطاع ُة م ِ‬
‫ل�وك‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫مع‬
‫معارك اإلمام َ‬
‫سلمين ‪ ،‬وتُط َّب ُق الشريع ُة اإلسالمي ُة في‬ ‫التي تتقوى فِيها َش�وك ُة اإلسال ِم والم ِ‬ ‫السيفاني ومهادنة‬
‫ُ‬
‫الروم‬
‫اإلسلامية ‪ ،‬وتعو ُد لِألم ِة هيبتُها أم�ام ُد ِ‬
‫ول العال ِم ‪ ،‬وتُقا ُم الهدن ُة‬ ‫ِ‬ ‫�ة البِ ِ‬
‫الد‬ ‫كا َّف ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اليهود‬ ‫المرحلة ‪ ،‬بما فِيه�ا « َدول ُة‬
‫ِ‬ ‫ُف�ر في‬‫ول الك ِ‬ ‫العديد ِمن ُد ِ‬
‫ِ‬ ‫م�ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الهدنة َ‬ ‫ل�و ُ‬
‫ت َ‬
‫حرب ِضدَّ ِ‬
‫قرار اإلسال ِم‬ ‫ٍ‬ ‫المحت َّل ِة » ؛ إذ تج ُب ُن عن ش ِّن‬
‫األرض ُ‬‫ِ‬ ‫المعروف ُة في‬
‫ِ‬
‫والبركة في‬ ‫ِ‬
‫واألم�ن‬ ‫العدل واالس�تِ ِ‬
‫قرار‬ ‫ِ‬ ‫أم�ر ال َّل ِه بِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ ِ‬
‫يبر ُز فيها ُ‬ ‫لع�دة س�نوات ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫واإلنبات ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والنيات‬ ‫ِ‬
‫األرزاق‬

‫‪374‬‬
‫المرحلةُ الثانيةُ ِم َن المهديةِ‬
‫انتقاض العرى‬
‫وبدء الحروب‬
‫ٍ‬
‫جديد ‪،‬‬ ‫الحرب ِمن‬ ‫لمهدي ‪ ،‬وتبد ُأ‬ ‫هادن ًة لِ‬
‫ق�اض العرى مع الرو ِم التي كانَت م ِ‬ ‫انتِ ُ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ‬
‫المهدي‬ ‫حيث ِ‬
‫ينتص ُر اإلما ُم‬ ‫ِ‬
‫المعار ُك ُ‬ ‫وتغزو الرو ُم الشا َم ‪ ،‬وتستولي ع َليها ‪ ،‬وتقو ُم‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫المقد ِ‬
‫س ‪ ،‬جا َء‬ ‫يت‬‫ويأخذ غنائمه�م إلى ب ِ‬‫ُ‬ ‫قر ِ‬
‫دارهم ‪،‬‬ ‫ال�رو ِم ‪ ،‬ويغزوهم في ُع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫عل�ى ُّ‬
‫أشه ٍر‬ ‫ِ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفتح ال ُق‬ ‫ِ‬
‫ال في سبعة ُ‬ ‫وخ ُ‬‫سطنطينية ُ‬ ‫في اإلشاعة « الملحم ُة ال ُعظمى ُ‬
‫‪ ،‬وفي ِر ٍ‬
‫واية ‪ :‬سب ِع سنين » ‪.‬‬

‫المس�يخ الدَّ َّج َال » في‬


‫َ‬ ‫المه�دي «‬
‫ِّ‬ ‫تس�تثير انتِص�اراتُ اإلما ِم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫وف�ي هذه‬
‫انتصار اإلمام‬
‫على َدولة الكفر‬ ‫أن هذه‬ ‫أش�ارت ُجمل ٌة ِم َن اآلثار َّ‬ ‫َ‬ ‫هور كما س�يأتي ‪ .‬وقد‬ ‫ِ‬
‫الحركة وال ُّظ ِ‬ ‫مكمنِه فيبد ُأ بِ‬
‫والصليب وأخذ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كنوزهم‬
‫كثيرة ‪ ،‬حتَّى َّ‬
‫إن‬ ‫أنحاء‬ ‫سبيل ال َّل ِه في‬
‫ِ‬ ‫روب ويعو ُد ِ‬
‫الجها ُد في‬ ‫الح ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرحلة تمتدُّ فيها ُ‬
‫ِ‬
‫الباب ضعيف ٌة إلاَّ‬ ‫ِ‬
‫األحادي�ث في هذا‬ ‫وأغلب‬ ‫س�لمين يغزون ِ‬
‫الهندَ ويفتحونها ‪،‬‬ ‫الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الفت َِن (ص‪290‬‬ ‫تاب ِ‬ ‫ب ِك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بعضها ‪ ،‬وفِيها‬ ‫َّ‬
‫ذكره صاح ُ‬ ‫حديث حس ٌن َ‬ ‫بعضها ُيقوي َ‬ ‫أن َ‬
‫اليماني‬ ‫ِ‬
‫الخليفة‬ ‫ي�د ذلِ َك‬
‫قال ‪ :‬على ِ‬ ‫بن أرطأ َة َ‬ ‫جراح ِ‬
‫ِ‬ ‫الخام�س‪ /‬بر ْق�م ‪ )1152‬عن‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫ينز ُل عيسى‬ ‫يخر ُج الدَّ َّج ُال وفي زمانِه ِ‬ ‫يفتح ال ُقس�طنطيني َة ورومي َة ‪ ،‬على يديه ُ‬ ‫الذي ُ‬
‫ند ‪ ،‬وهو ِمن‬ ‫اله ِ‬‫تكون غزو ُة ِ‬‫ُ‬ ‫مري�م ش ‪ ،‬وعلى يدَ يه ـ أي ‪ :‬الخليفة اليماني ـ‬ ‫َ‬ ‫ب� ُن‬
‫رس�ول ال َّل ِه‬
‫ُ‬ ‫ق�ال فِيها أبو ُه َرير َة ؤ «وعدَ نا‬ ‫ند التي َ‬ ‫اله ِ‬
‫هاش� ٍم((( ‪ ،‬وغ�زو ُة ِ‬ ‫بن�ي ِ‬

‫كنت ِمن‬ ‫استش�هدت ُ‬


‫ُ‬ ‫أنفقت فِيها نفس�ي ومالي ‪ِ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ُ‬ ‫ند ‪ ،‬فإن أدركتُها‬ ‫اله ِ‬
‫‪ m‬غزو َة ِ‬

‫المحر ُر » ((( ‪ ،‬وفي ذات الموضع أثر‬ ‫رجعت فأنا أب�و ُه َرير َة‬ ‫ِ‬
‫الش�هداء ‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬
‫أفضل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫�ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه‬
‫�ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس� َّل َم َق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫ان م ْو َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َع ْن َث ْو َب َ َ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )1152‬‬


‫((( سنن النسائي (‪. )3187‬‬

‫‪375‬‬
‫َّ�ار ِع َصا َب ٌة َت ْغ ُزو ا ْل ِهنْدَ َو ِع َصا َب ٌة‬
‫َان ِم ْن ُأ َّمتِي َأ ْح َر َز ُه َما ال َّل ُه ِم ْن الن ِ‬
‫�ه وس� َّلم ِعصابت ِ‬
‫َع َل ْي َ َ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫السلاَ م‪ .‬وأثر آخر وهو‪ :‬عن جراح بن أرطأة قال‪:‬‬ ‫يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم َع َل ْي ِه َما َّ‬ ‫َتك ُ‬
‫ُون َم َع ع َ‬
‫على يدي ذلك الخليفة اليماني الذي يفتح القس�طنطينية ورومية‪ ،‬على يديه يخرج‬
‫الدجال وفي زمانه ينزل عيس�ى بن مريم عليه السلام‪ ،‬على يديه تكون غزوة الهند‬
‫‪ ،‬وهو من بني هاشم ‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫جا ِل‬ ‫ِ‬
‫المسيخ الدَّ َّ‬ ‫هور‬
‫جاليةُ ‪ُ :‬ظ ُ‬
‫المرحلةُ الدَّ َّ‬
‫(((‬
‫المرحلة الدجالية‬
‫وموقع الدجال‬
‫من عالمات‬
‫((( تعتب�ر قضي�ة الدجال األعور قضي ًة عالمي َة الفتنة والخطورة ‪ ،‬وليس�ت خاصة بمرحلة ظهور‬
‫الساعة‬
‫الدج�ال في آخر الزمان ‪ ،‬وإنما يكون ظهوره على ركام سلس�لة م�ن التحوالت المتالحقة‬
‫التي تمهد لظهور جذوره األخيرة ‪.‬‬
‫حيث إن ظهور المسيخ الدجال في آخر الزمان ومسحه للعالم اإلنساني في أربعين يوما‬
‫إنم�ا هو آخر فصول نش�اطه الدجالي في العالم ونهايته الحتمية م�ع دولة اليهود الدجالية ‪،‬‬
‫وس�نتناول هذا الموضوع في كتابنا « السياس�ة الدجالية ومولودها المنتظر» ‪ ،‬ولهذا فإن من‬
‫العالم�ات الت�ي تتنامى من�ذ أن خلق الل�ه األرض إلى ظهورها في المرحل�ة األخيرة كأول‬
‫ِ‬
‫الدجال » وفي هذا الصدد أتت أحاديث رس�ول الله‬ ‫ِ‬
‫المس�يخ‬ ‫العالم�ات الكبرى هي فتن ُة «‬
‫‪ m‬مفصلة ومبينة لهذا التنامي الخطير في تاريخ التحوالت العالمية ومنها ‪:‬‬
‫ •ما رواه أحمد عن هش�ام بن عامر األنصاري قال ‪ :‬س�معت رس�ول الله ‪ m‬يقول ‪:‬‬
‫«ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من فتنة الدجال » ‪.‬‬
‫ •وقال ‪ « :‬ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال » ‪ .‬رواه مسلم‬
‫ •وق�ال ‪ « :‬إن�ه لم تكن فتنة ف�ي األرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة المس�يخ‬
‫الدجال ‪ ،‬وإن الله لم يبعث نبيا إال حذر أمته الدجال ‪ ،‬وأنا آخر األنبياء ‪ ،‬وأنتم آخر‬
‫األمم ‪ ،‬وهو خارج فيكم ال محالة » ‪ .‬رواه ابن ماجه ‪.‬‬
‫ •وعن أنس ؤ قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪ « m‬ما من نبي إال وقد أنذر أمته األعور‬
‫الكذاب ‪ ،‬أال إنه أعور ‪ ،‬وإن ربكم ليس بأعور » ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫وم�ن ه�ذه األحاديث نفه�م خطورة االمتداد الدجال�ي ـ للدجل والدجاجلة ـ وأنه أش�د‬
‫خطرا على األمة في تحوالتها بدءا من مرحلة قتل عثمان ؤ إلى مرحلة خروج المسيخ‬
‫الدجال في آخر الزمان ‪ ،‬ومن هذه العالمات ‪:‬‬
‫(‪ )1‬ما ورد في مجموع العالمات الوسطى والصغرى جملة وتفصيال ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ظهور األئمة المضلين الذين يروضون الشعوب حكما وعلما لفتنة الدجال ‪ ،‬وفيهم‬
‫يق�ول ‪ m‬فيم�ا رواه أبو ذر ‪ ،‬قال ‪ :‬كنت أمش�ي مع رس�ول الل�ه ‪ m‬فقال ‪َ « :‬ل َغ ْي�ر الدَّ َّج ِ‬
‫ال‬ ‫ُ‬
‫َأ ْخ َو ُفنِي على أمتي» (ثالثا) قال ‪ :‬قلت يا رسول الله ما هذا الذي غير الدجال أخوفك على‬
‫أمت�ك ؟ ق�ال ‪ « :‬أئم ًة مضلين » ‪ .‬رواه أحمد وفي إس�ناده راو مختلف فيه‪« ،‬إتحاف الس�ادة‬

‫‪377‬‬
‫ِ‬
‫الساعة‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ال ِمن‬ ‫ِ‬
‫موق ُع الدَّ َّج ِ‬

‫ِ‬
‫المعروفة ‪َ ،‬ي ْخدُ ُم‬ ‫ِ‬
‫والعالم�ات‬ ‫ِ‬
‫األش�راط‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج ِ‬
‫ال َبي َن‬ ‫ِ‬ ‫تندر ُج فِتن ُة‬
‫ِ‬

‫ت‬ ‫أفاض ِ‬
‫�ال ‪ ،‬وق�د َ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة الدَّ َّج ِ‬ ‫عه�د آدم إل�ى نِ ِ‬
‫هاي�ة‬ ‫ِ‬ ‫البع�ض ‪ ،‬م�ن‬
‫َ‬ ‫بعضه�ا‬‫ُ‬
‫َ‬
‫ع�ن فِ ِ‬
‫تن�ة الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬
‫ال »‬ ‫تف�ر َع عنه « ِ‬ ‫الرك�ن الرابِ ِع وما َّ‬
‫ِ‬ ‫ي�ث الش�ريف ُة ف�ي‬ ‫األحاد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر تبع�ا لِالختِ ِ‬
‫األحاديث‬ ‫الوارد في‬ ‫الف‬ ‫ِ ً‬ ‫ِ‬
‫تفس�ير هذا‬ ‫واختلف ال ُعلما ُء في‬
‫َ‬
‫قه‬‫األهمية في فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫خاصا بِه لِما له ِم� َن‬ ‫نضع فصًل�اً‬ ‫ِ‬
‫ًّ‬ ‫ع�ن ش�خصيته ‪ ،‬ونحن هنا ُ‬
‫التاريخ وانحرافاتِ�ه له ِعالق ٌة وطيد ٌة‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جريات‬ ‫كثي�را ِمن ُم‬
‫إن ً‬ ‫الت ‪ ،‬بل َّ‬‫التح�و ِ‬
‫ُّ‬
‫قد‬ ‫أن النبي ‪ِ m‬‬ ‫الصحيح َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحدي�ث‬ ‫ثبت في‬ ‫�د ‪ ،‬ولقد َ‬ ‫فس ِ‬
‫المخلوق الم ِ‬
‫ِ‬ ‫بِهذا‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫النبوية ‪ ،‬حتَّى تب َّي َن له‬ ‫ات‬‫لذ ِ‬ ‫ش�اغلاً لِ َّ‬
‫ِ‬ ‫موضوع الدَّ َّج ِ‬
‫ال‬ ‫أمره ‪َّ ،‬‬
‫وظل‬ ‫احتار في ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف»‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والطار ُ‬ ‫أش�رنا إلى ذلِ َك في ِكتابِنا « التليدُ‬ ‫ِ‬
‫األمر الب ِّي ُن في ش�أنه كما قد ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ثالثة ُأ ٍ‬
‫مور ‪:‬‬ ‫ولك َّن األهمي َة التي نطر ُقها هنا ِ‬
‫ترج ُع إلى‬ ‫ُ‬
‫اإلنسانية بِع ِ‬
‫مومها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تاريخ‬ ‫ال ِمن‬ ‫أو ُلها ‪ِ :‬‬
‫موق ُع الدَّ َّج ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫تاريخ الر ِ‬ ‫ال ِمن‬ ‫ثانيها ‪ِ :‬‬
‫موق ُع الدَّ َّج ِ‬
‫الخاتمة ‪.‬‬ ‫سالة‬ ‫ِ ِّ‬

‫المتقين» للزبيدي (‪. )1 :351‬‬


‫(‪ )3‬خفة الدين وإدبار العلم وغفلة المنابر عن ذكره ‪ .‬وخف ُة الدين وضعف اليقين واإليمان‬
‫وكثرة اإلرجاف واإلس�فاف في مواقع الديانة ذاتها ‪ ،‬ومنها الوزارات والمؤسسات القائمة‬
‫بأم�ر الديان�ة ف�ي المجتمعات ‪ ،‬وأم�ا إدبار العلم فه�و ذهابه وإهماله من قب�ل عموم الناس‬
‫واش�تغالهم بالبدائ�ل ومناهج التعلي�م وتعليم الخدمات ‪ ،‬إضافة إل�ى غياب العلم الخاص‬
‫بالتحوالت لغياب العلم بالركن الرابع من أركان الدين ‪.‬‬
‫وعن علي ؤ قال ‪ :‬كنا جلوس�ا عند النبي ‪ m‬وهو نائم فذكرنا الدجال ؛ فاس�تيقظ‬
‫محم�را وجه�ه ‪ ،‬فق�ال ‪ « :‬غي�ر الدجال أخوف عل�ى أمتي‪ ..‬أئم� ًة ُم ِض ِّلي�ن » ‪ .‬رواه أحمد‪،‬‬
‫وإسناده صحيح على شرط مسلم ‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫ِ‬ ‫قال ابن ماجه ‪ِ :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الحسن‬ ‫عت أبا‬
‫سم ُ‬ ‫كرا وذاتًا ‪ ،‬وقد َ ُ‬ ‫ثال ُثها ‪ :‬أهمي ُة دراسة الدَّ َّجال ف ً‬
‫يق�ول ‪ِ « :‬‬
‫ينبغ�ي أن ُيد َف َع هذا‬ ‫ُ‬ ‫بي‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يق�ول ِ‬ ‫ُ‬
‫حار َّ‬ ‫الرحم�ن ُ‬ ‫عت عب�دَ‬
‫س�م ُ‬ ‫الطنافس�ي‬
‫َّ‬
‫الصبيان في ال ُكت ِ‬
‫َّاب (((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ب ؛ حتَّى ُيع ِّل َمه‬ ‫الحديث إلى المؤ ِّد ِ‬
‫ُ‬
‫فق�ال ‪ « :‬ألنا ِلف ِ‬
‫تنة‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫ِ‬ ‫ق�ال ُذ ِك َر الدَّ َّج ُال ِعندَ‬
‫وع�ن ُح َذيف� َة ؤ َ‬
‫ينجو أحدٌ ِم َّما قب َلها إلاَّ نجا ِمنها ‪ ،‬وما‬
‫ال ‪ ،‬ولن َ‬ ‫تنة الدَّ َّج ِ‬‫أخوف عندي ِمن فِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫بعضكم‬‫ِ‬
‫َت الدُّ نيا ـ صغير ٌة وال كبير ٌة إلاَّ ِلف ِ‬
‫تنة الدَّ َّج ِ‬
‫ال »((( ‪.‬‬ ‫نذ كان ِ‬
‫ُصنِ َعت فِتن ٌة ـ ُم ُ‬
‫فإن األمر الم ِهم فيما نحن بِ ِ‬
‫صدده‬ ‫ِ‬
‫ش�خصية الدَّ َّج ِ‬
‫ال َّ‬ ‫جود االختِ ِ‬
‫الف َ‬
‫حول‬ ‫ومع و ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫َ ُ‬
‫ما يلي ‪:‬‬

‫هور ذاتِه ‪.‬‬


‫لدجال مرحلتان ‪ :‬مرحل ُة فتنتِه التي َبي َن يدَ يه ‪ ،‬ومرحل ُة ُظ ِ‬
‫ِ‬ ‫(‪ )1‬لِ‬

‫ِ‬
‫منهج‬ ‫انح ٍ‬
‫راف عن‬ ‫إن ك َُّل ِ‬ ‫الش ِ‬
‫عوب ‪ .‬بل َّ‬ ‫وكال المرحلتَين خطيرتان جدًّ ا في ِ‬
‫حياة ُّ‬ ‫ِ‬
‫تحت مسمى «فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نذ ِ‬
‫عهد آد َم إلى ُظ ِ‬ ‫ِ‬
‫تنة‬ ‫هور الدَّ َّجال في آخ ِر الزمان ينطوي َ ُ َّ‬ ‫الديانات ُم ُ‬
‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫ِ‬
‫الخفاء وحتى‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫األرض ِم�ن‬
‫ِ‬ ‫لسياس�ة الدَّ ج ِ‬
‫الية في‬ ‫ِ‬ ‫ال» ‪ ،‬ويمهدُ لِ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ِ‬
‫مرحلة اإلما ِم‬ ‫الزم�ان مع نِ ِ‬
‫هاي�ة‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِر‬‫هوره س�تأتي في ِ‬ ‫األخي�ر ‪ ،‬ومرحل ُة ُظ ِ‬
‫ِ‬ ‫ُظ ِ‬
‫ه�وره‬
‫َ‬
‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫عهد عيس�ى ش إلاَّ َّ‬ ‫وبداية ِ‬
‫ِ‬
‫ال‬ ‫ذكرت ُخ َ‬ ‫بعض األحاديث َ‬ ‫أن َ‬ ‫المهدي‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عملية لِدولتِه في نِظا ِم‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اإلنسانية‪،‬‬ ‫الحياة‬ ‫بصمات‬ ‫ووجو َد‬‫األرض سابِ ًقا ُ‬
‫ِ‬ ‫وس�يره في‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ومنها ‪:‬‬

‫ُ‬
‫الدجال‬ ‫أكل‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫قال ‪ « :‬لقد َ‬ ‫َ‬ ‫الح َص ِ‬
‫ين ء َّ‬
‫أن‬ ‫بن ُ‬ ‫حديث ِع َ‬
‫مران ِ‬ ‫ُ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)4215‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)24005‬‬

‫‪379‬‬
‫ِ‬
‫األسواق » ((( ‪.‬‬ ‫الطعام ومشى في‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬عن الدجال َ‬


‫فقال ‪« :‬‬ ‫َ‬ ‫دري ؤ أنه س�أل‬
‫الخ ِّ‬
‫ٍ‬
‫س�عيد ُ‬ ‫وعن أبي‬
‫هو َيو َم ُه َه َذا قد َ‬
‫أكل الطعا َم » (((‪.‬‬

‫�ول الل‍ ِّه ‪ m‬قال‪َ « :‬ل َق�دْ َأك ََل ال ّط َعا َم‬ ‫عبدال ّل ِه ِ‬
‫ب�ن ُم َغ َّف ٍل َأ ّن َر ُس َ‬ ‫�ن عن ِ‬ ‫الح َس ِ‬‫َو َع�ن َ‬
‫َو َم َشى في األَ ْس َو ِاق» يعني الدّ َّج َال (((‪.‬‬

‫األرض ِمن‬‫ِ‬ ‫ال االس�تِطالعي َة في‬ ‫ِ‬


‫مجموعها تؤ ِّيدُ مس�ير َة الدَّ َّج ِ‬ ‫األحاديث بِ‬
‫ُ‬ ‫وه�ذه‬
‫�عوب وأوضا ِع األُم� ِم ‪ ،‬وال َّل ُه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لحياة ُّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬
‫�ؤون العال ِم ‪ ،‬ودراس�تَه‬ ‫قب�ل ‪ ،‬ومعرفتَه بِ ُش‬
‫ُ‬
‫أعلم((( ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫دراس�ة‬ ‫هتمين بِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ِّ‬
‫بع�ض ُ‬‫ذكرها ُ‬ ‫والط�ارف » إل�ى قصة َ‬ ‫التليد‬ ‫أش�رنا ف�ي «‬
‫وق�د ْ‬
‫يجوب‬ ‫عهد موس�ى وعيسى ي ‪ ،‬وهو‬ ‫جوده في ِ‬ ‫ال ‪ ،‬وفِيها ما يش�ير إلى و ِ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫حبس�ه ووثا َقه في إحدى‬ ‫وأن َ‬ ‫ف على أكنافِها وأطرافِها ‪َّ ،‬‬ ‫ويتعر ُ‬
‫َّ‬ ‫ويمس�حها‬
‫ُ‬ ‫األرض‬
‫َ‬
‫اس ِة‬ ‫والج َّس َ‬
‫الداري َ‬‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫حديث تمي ٍم‬ ‫النبي ‪ ، m‬ويؤ ِّيدُ هذا المعنى‬ ‫ِ‬
‫مع ميالد ِّ‬ ‫الج ُز ِر َ‬
‫كان َ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الي في العال ِم ‪.‬‬ ‫النبي ‪ m‬ل ُيكم َل مش�رو َعه الدَّ َّج ِّ‬ ‫‪ ،‬إلاَّ أنَّه عا َد إلى الحركة بعدَ وفاة ِّ‬
‫الرواي َة إش�فا ًقا‬ ‫تجاوزنا هذه ِّ‬
‫ْ‬ ‫س�تقبلية ؛ ولكنَّنا في ِكتابِنا هذا‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويبن�ي قاعد َة دولته ُ‬
‫فيد متى ما وجدوا َش�ي ًئا ِم َن‬ ‫الصحيح والم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوهي�ن‬ ‫بعض ال ُق َّ�ر ِاء الراغبين في ت‬
‫ِ‬ ‫عل�ى‬
‫بحيث ي ِ‬ ‫جان�ب ُمع َّي ٍن ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�ن ِ‬ ‫الخب�ر ِ‬
‫الواه ِ‬ ‫ِ‬
‫الموضوع‬
‫َ‬ ‫المنهج‬
‫َ‬ ‫فس�دون‬ ‫ُ ُ‬ ‫الضعيف في‬ ‫أو‬
‫شون ِ‬
‫الفكر َة على المخدو ِع ‪.‬‬ ‫شو َ‬ ‫و ُي ِّ‬

‫((( المعجم الكبير (‪.)339‬‬


‫(( ( جامع األصول في أحاديث الرسول البن األثير (‪.)7852‬‬
‫(( ( المعجم األوسط (‪.)8154‬‬
‫ِ‬ ‫((( لالستزادة ِ‬
‫والرشاد » (‪)166 : 10‬‬ ‫راج ْع « ُس ُب َل ُ‬
‫الهدى‬

‫‪380‬‬
‫فالقرار‬ ‫السياس�ي » ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫يبدأ ِمن ِ‬
‫موق� ِع «‬ ‫�عوب ُ‬ ‫ِ‬ ‫الش‬ ‫وموق�ع الدَّ َّج ِ‬
‫�ال في ُّ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫الدجاج ِ‬
‫ِ‬ ‫وموق ُع المتن ِّفذين ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫لة‪،‬‬ ‫للدجل‪،‬‬ ‫التأثير‬ ‫السياسي في ك ُِّل مرحلة هو م ُ‬
‫حور‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫النقض المدم ِر لِ‬
‫الش ِ‬
‫عوب ‪.‬‬ ‫لديانات في ُّ‬ ‫ِ ُ ِّ‬ ‫وسبب‬
‫ُ‬

‫العالمي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الدجل‬ ‫س�مى بِالـ « أيديوليجيات » هو « م�اد ُة‬ ‫الم َّ‬ ‫اإلنس�اني ُ‬
‫ُّ‬ ‫والفكر‬
‫ُ‬ ‫(‪)3‬‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫�يطان ‪ ،‬وم ِهم ُة الدَّ َّج ِ‬ ‫ُف�ر عقيد ُة َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬
‫البش�رية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫» ف�ي‬
‫ُ َّ‬ ‫ُفر ‪ ،‬والك ُ‬‫وأساس�ه الك ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المؤدية إلى‬ ‫عة‬‫راف�ات المتنو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االنح‬ ‫والترهيب لِ َق ِ‬
‫بول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الترغي�ب‬ ‫�عوب بِ‬
‫ِ‬ ‫ترويض ُّ‬
‫الش‬ ‫ُ‬
‫ُ ِّ‬
‫قراري الحك ِم ِ‬ ‫الهيمنة المسي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«الك ِ‬
‫والعل ِم » ‪.‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫سة على «‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫طريق‬ ‫ُفر» عن‬

‫وليس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫�ير إلى أنَّه م� َن اليهود ‪َ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫الروايات تُش ُ‬
‫وأرجح ِّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫البش�ر ‪،‬‬ ‫مخلوق ِم َن‬
‫ٌ‬ ‫(‪ )4‬أنَّ�ه‬
‫ٌ‬
‫مخلوق‬ ‫ِ‬
‫المرحلة ‪ .‬فالدَّ َّج ُال‬ ‫دجاج ِ‬
‫لة‬ ‫ِ‬ ‫ذاك ِمن‬ ‫عهد الن ِ‬
‫ُّبوة ‪ ،‬وإنَّما َ‬ ‫صياد الذي في ِ‬‫ٍ‬ ‫اب َن‬
‫إلهية في الو ِ‬
‫جود ‪ ،‬وهذا‬ ‫كمة ٍ‬ ‫مر لِ ِح ٍ‬ ‫وعملية وامتِ ٍ‬
‫داد في ال ُع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫علمية‬ ‫منحه ال َّله ُقدُ ٍ‬
‫رات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الصحيح ‪.‬‬ ‫الداري في‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫حديث تمي ٍم‬ ‫ما ُيؤ ِّكدُ ُه‬
‫ِ‬ ‫سمى بالدَّ ْج ِل ‪ ،‬وهو تموي ُه الباطِ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ِ َّ )5‬‬
‫وإضفاء‬ ‫كرا‪ ،‬وهو ما ُي َّ‬‫أن للدجال عقيد ًة وف ً‬
‫مور « س�لط ُة الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نف »‬ ‫ُ‬ ‫إرهابي ف�ي معالجة األُ ِ ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫س�لوب‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الحقائ�ق ع َليه ‪ ،‬وله ُأ‬ ‫ص�ورة‬
‫المن‍ْت َِش َر ِة ال َي ْو َم‪ً ،‬‬
‫وأيضا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمسلسلات والكارتون ُ‬
‫ِ‬
‫كثير م َن األفال ِم ُ‬ ‫تفس ُ�ره ٌ‬
‫وهذا ما ِّ‬
‫لمسيخ الدَّ َّج ِ‬
‫ال ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫دة لِ‬
‫الثقافية الممه ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الظواه ِر‬ ‫ِ‬
‫اليهود كإحدى‬ ‫سياس ُة د ِ‬
‫ولة‬
‫ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫والدجاج ِ‬
‫ل�ة وهم ُعلم�ا ُء‬ ‫ِ‬ ‫ي�ن الدَّ َّج ِ‬
‫�ال‬ ‫(‪ )6‬هن�اك ارتِ ٌ‬
‫الدي�ن والدُّ نيا‬ ‫ب�اط وطي�دٌ َب َ‬
‫ِ‬
‫رادات‬ ‫ِ‬
‫تحقيق ُم‬ ‫مواض ِعه لِ‬
‫ِ‬ ‫فون ِ‬
‫الكل َم عن‬ ‫حر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الذين ي ِ‬
‫واألديان ‪ ،‬و ُي ِّ‬ ‫س�ون القضايا‬ ‫هند‬ ‫ُ‬
‫ال في العال ِم ‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫يطان والدَّ َّج ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫سياس�ة الدَّ َّج ِ‬
‫ال تت ُّب ِع‬ ‫الت » وعالقتِه بِ‬ ‫قه التحو ِ‬
‫العل ِم « فِ ِ‬
‫(‪ )7‬أهم ما يمكِن في هذا ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المخلوق‬ ‫ٍ‬
‫حديث ُي ِبر ُز لنا ُخطور َة هذا‬ ‫أهم‬ ‫الباب ‪َّ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواردة في هذا‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬
‫ولعل َّ‬

‫‪381‬‬
‫ِ‬
‫االس�تعاذة‬ ‫س�لمين ما ع َّلمنا إ َّياه ‪ِ m‬م َن‬
‫وجهلة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ًة لدى عوا ِّم األُ َّم ِة‬ ‫وفِتنتِه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫أهمية‬ ‫واضح ٌة إلى‬ ‫ال » ‪ ،‬وهذه إشار ٌة ِ‬ ‫المسيخ الدَّ َّج ِ‬
‫ِ‬ ‫الصالة « ِمن فِ ِ‬
‫تنة‬ ‫ِ‬ ‫ستم َّر ِة في‬
‫الم ِ‬
‫ُ‬
‫وضرورة ِ‬
‫العل ِم بِه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر‬
‫إنس�انية ليس خطرا إل�ى حدٍّ ٍ‬
‫بعيد ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كذات‬ ‫أن الدَّ َّج َال‬
‫النبي ‪َّ m‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫أخب�ر ُّ‬‫َ‬ ‫(‪)8‬‬
‫ِ‬
‫المعرفي ُة‬ ‫المش�اريع‬ ‫تن ‪ ،‬وهي‬ ‫الف ِ‬ ‫المراح ِل التي تُص�اب فِيها األُم� ُة بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخُ ط�ور ُة ف�ي‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫مسيرة‬ ‫نجاح‬ ‫وقرارا سياس ًّيا ‪ ،‬تُح ِّق ُق‬ ‫وتعليما ودعو ًة وإعال ًما وثقاف ًة واقتِصا ًدا‬ ‫تربي ًة‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫�ال ‪ِ ،‬‬ ‫يكم الدَّ َّج َ‬ ‫�ال وف�ي ذلِ َك ُ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج ِ‬
‫ولكن‬ ‫لس�ت أخش�ى ع َل ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقول ‪« : m‬‬ ‫ِ‬
‫ال أخو َفني على‬‫اآلخ�ر ‪َ « :‬غير الدَّ َّج ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫تنة » ‪ .‬وفي‬‫الف ِ‬
‫أخش�ى ع َليك�م ُعلماء ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِض ُّلون » ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصغير‬ ‫الجام ِع‬ ‫يوطي في‬ ‫ُّ‬ ‫والس‬
‫أخرجه أحمدُ ُّ‬
‫َ‬ ‫ُأ َّمتي م َن الدَّ َّجال األئم ُة ُ‬
‫أخاف‬
‫ُ‬ ‫أخوف ما‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ « : m‬من‬
‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫أوس ؤ َ‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫‪ .‬وعن ش�دَّ ِ‬
‫اد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القيامة »((( ‪.‬‬ ‫يف لم ُير َف ْع إلى يو ِم‬
‫الس ُ‬ ‫على ُأ َّمتي أئم ٌة ُمض ُّلون ‪ .‬وإذا َ‬
‫وقع َّ‬
‫ق�ال ‪ « :‬أنا لِ ِ‬
‫غير‬ ‫س�يد ؤ أنَّه َ‬ ‫بن َأ ٍ‬
‫يل عن أبي َس�ريح َة ُح َذيف َة ِ‬ ‫وع�ن أب�ي ال ُّط َف ِ‬
‫ق�ال ‪ :‬فِ َت ٌن كأنَّها‬
‫قال ف ُقلن�ا ما هو يا أبا َس�ريح َة ‪َ .‬‬ ‫عل�ي وع َليكم » َ‬‫َّ‬ ‫أخ�وف‬
‫ُ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬
‫�ال‬
‫خطيب ِمصق ٍع وك ُُّل‬ ‫ٍ‬ ‫قال ‪ :‬ك ُُّل‬
‫شر ؟ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫الناس فيها ٌّ‬ ‫ظل ِم ‪َ .‬‬
‫قال ‪ :‬ف ُقلنا ُّ‬
‫أي‬ ‫يل الم ِ‬
‫طع ال َّل ِ ُ‬
‫ق ُ‬
‫ِ‬

‫خفي ‪َ .‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ب ِ‬ ‫ِ‬


‫راك ِ‬
‫لت‪:‬‬ ‫قال ‪ُ :‬ق ُ‬ ‫قال ‪ :‬ك ُُّل ٍّ‬
‫غني ٍّ‬ ‫ي�ر ؟ َ‬‫الناس فيها َخ ٌ‬ ‫قال ‪ :‬ف ُقلنا ُّ‬
‫أي‬ ‫موض� ٍع َ‬
‫ضرع‬ ‫َ�ب ‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ :‬فكُ� ْن ِ‬ ‫الخف�ي ‪َ .‬‬ ‫الغن�ي وال بِ‬ ‫م�ا أن�ا بِ‬
‫َ‬ ‫ظهر ف ُيرك ُ‬
‫كابن اللب�ون ال َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّب‬
‫المرك ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫والدجاجل� َة‬ ‫ف�إن الدَّ َّج َال‬ ‫ِ‬
‫األس�اس َّ‬ ‫ف ُيح َل ُ‬
‫والدجل هم ُ‬ ‫ب» ‪ (((.‬وعلى هذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خاف منه‬
‫َ‬ ‫البش�رية في العال� ِم ‪ ،‬وهو ما‬ ‫الحركة‬ ‫س�يطر على مجمو ِع‬ ‫ُ‬ ‫ال ُّث ُّ‬
‫الثي الذي ُي‬
‫ومن ذلِ َك‬‫الس�ابقة أو في ُأم ِة اإلسلا ِم ُخصوصا ‪ِ ،‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫وحذ َر منه س�وا ًء في األُم ِم‬
‫‪َّ m‬‬

‫((( األحاديث الواردة في الفتن للداني (‪.)51 :1‬‬


‫ِ‬
‫الجماعة (‪. )49 :1‬‬ ‫إتحاف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلسناد ‪.‬‬ ‫صحيح‬ ‫وقال ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ستدركه ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الحاك ُم في ُم‬ ‫((( رواه‬
‫ُ‬

‫‪382‬‬
‫منذ َذ َر َأ ال ّل ُه ُذ ِّر َّي َة‬ ‫ِ‬
‫األرض ُ‬ ‫نن ‪ « :‬إِ ّن ُه لم َت ُك ْن فٍ ْتنَ ٌة في‬
‫الس ِ‬
‫أصحاب ُّ‬
‫ُ‬ ‫َقو ُله ‪ m‬فيما رواه‬
‫آدم أعظم ِمن فِ ْتن َِة الدّ ّج ِ‬
‫ال »((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫�ال َق ْو َم� ُه َوإِنِّ�ي‬ ‫ُ�وح إِالَّ َو َق�دْ َأن َ‬


‫ْ�ذ َر الدَّ َّج َ‬ ‫وحدي�ث ‪ :‬إِنَّ� ُه َل ْ‬
‫�م َيكُ� ْن نَبِ ٌّ‬
‫�ي َب ْع�دَ ن ٍ‬ ‫ُ‬
‫ُأن ِْذ ُرك ُُمو ُه»(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ؤامرة ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإن‬ ‫األحاديث ُمجتمع� ٌة فيها دالل ٌة خطير ٌة على موق� ِع الدَّ َّجال ُ‬
‫كم‬ ‫ُ‬ ‫وه�ذه‬
‫دجالي‬ ‫السياس�ي ٌ‬
‫عمل‬ ‫الصرا ِع‬ ‫المب َّط َن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُأ‬
‫ٌّ‬ ‫ِّ‬ ‫القائ�م على ِّ‬
‫َ‬ ‫والعمل ُ‬ ‫ؤام�رات‬ ‫الم‬
‫س�لوب ُ‬
‫َ‬
‫وح َظ هذا في م�ا بعدَ ِ‬
‫قتل‬ ‫ال ‪ ،‬وق�د ُل ِ‬‫المس�يخ الدَّ َّج ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظهور‬ ‫الفتن� َة المنتظ�ر َة لِ‬
‫يخ�دُ م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المص ِّلي َن ‪ ،‬و ُقتِ َل فِيها ً‬
‫أيضا س� ِّيدُ نا‬ ‫ِ‬
‫حي�ث اتَّس� َع ْت دائر ُة الفت َِن َبي� َن ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ثم�ان ؤ‬‫ُع‬
‫المص ِّلين ‪.‬‬
‫علي ؤ فيما بعدُ على أيدي ُ‬
‫ٍّ‬
‫ثيرة لِ ِ‬
‫�ر الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫واتس�عت هذه الدائ�ر ُة الدَّ جالي ُة بعدَ ذلِ َك لِ‬
‫لف ِ‬
‫تن ‪،‬‬ ‫تش�مل كاف َة العناص ِ ُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫عوب ‪ ،‬كما هو في‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫تحريض ُّ‬ ‫العل ِم أو في ُمس�توى‬ ‫أو ِ‬ ‫الحك ِم ِ‬‫س�وا ٌء في مس�توى ُ‬
‫الفتن َة الدَّ جالي َة ِم�ن جهتَين ‪ِ :‬من ِج ِ‬
‫هة‬ ‫حيث عاصر ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحس�ن ؤ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرحل�ة اإلما ِم‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المجموعات التي‬ ‫الح�رب واالنتِقا ِم ِم َن‬
‫ِ‬ ‫العضوض من جهة‍ ‪ ،‬ود ِ‬
‫عاة‬ ‫ِ‬ ‫ع�اة الم ِ‬
‫لك‬ ‫د ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ثم�ان ؤ ُثم في ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َت ف�ي ِ‬
‫علي ؤ من جهة‬ ‫مقتل والده اإلم�ا ِم ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫مقتل ُع‬ ‫ش�ارك ْ‬
‫الف ِ‬
‫تنة فاجتهدَ‬ ‫أخ�رى‪ .‬ث�م كيف تفادى اإلمام الحس�ن ؤ ف�ي مرحلتِه هيمن� َة ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِِ‬ ‫فعل ُ ِ ِ‬ ‫ي�ارا ِمنه ‪ ،‬ال‬‫ب�ول الص ِ ِ‬
‫علي‬
‫م�ع والده ٍّ‬‫أهل الفتنة َ‬ ‫إجبارا له كم�ا َ‬
‫ً‬ ‫لح اخت ً‬ ‫رأ َي�ه بِ َق ِ ُّ‬
‫س�بيل ِح ِ‬
‫فظ‬ ‫ِ‬ ‫القرار ِعندَ ه َأولى في‬
‫ِ‬ ‫َت التضحي ُة بِ‬ ‫ؤ في ِص ِّفين وما تالها ‪ ،‬فكان ِ‬
‫َ‬
‫المؤامرة فيما بعدَ ذلِ َك‬
‫ِ‬ ‫الخطير في‬
‫َ‬
‫ت ِ‬
‫الفتن ُة شك َلها‬ ‫واتخذ ِ‬
‫َ‬ ‫األُ َّم ِة ودوا ِم االستِ ِ‬
‫قرار ‪.‬‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)4077‬‬


‫((( سنن أبي داود (‪.)4758‬‬

‫‪383‬‬
‫ِ‬
‫التسييس‬ ‫الغدر بِه ِم َن‬
‫ِ‬ ‫َّب على‬
‫ين ؤ ‪ ،‬وما ترت َ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬
‫على شهيد اإلسال ِم اإلما ِم ُ‬
‫تخاذلين عن نُصرتِه‬‫العضوض أو لدى الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫قرار الم ِ‬
‫لك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الي ‪ ،‬س�وا ٌء عندَ حملة ِ ُ‬ ‫الدَّ َّج ِّ‬
‫الخ ِ‬
‫روج((( ‪.‬‬ ‫ِمن شيعتِه الدافعين له إلى ُ‬

‫الحك� ِم وما تاله ِمن‬ ‫خطير ف�ي ِ‬


‫قرار ُ‬ ‫ٍ‬ ‫انح ٍ‬
‫راف‬ ‫ن�ذر ٌة بِ ِ‬
‫المراح ُل م ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫لق�د كانَ�ت ه�ذه‬
‫الدجل واالختِ ِ‬
‫لاف فيما بعدُ‬ ‫ِ‬ ‫أمر‬ ‫ِ‬
‫النواق ِ‬ ‫نق�ض ف�ي قضايا ِ‬
‫العل� ِم ‪ ،‬وبهذه‬ ‫ٍ‬
‫اتس�ع ُ‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫رحم ال َّله ‪ ،‬والذين ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رح َم ال َّل� ُه هم أولئك األئم ُة‬ ‫الحك ِم والعل ِم إلاَّ َم�ن َ ُ‬ ‫ف�ي دائرت ِ‬
‫َ�ي ُ‬
‫ِ‬
‫الس�يف‬ ‫الحق اجتِها ًدا بِ‬
‫عن ِّ‬ ‫ِ‬
‫األوس�ط ‪ ،‬ودافعوا ِ‬ ‫ِ‬
‫النمط‬ ‫منهج‬
‫واألتباع ‪ ،‬الذين لز ُموا َ‬
‫َ‬
‫النبي‬ ‫ُ‬ ‫وه�م الذين ينطبِ ُق ع َليه�م‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كض�رورة ‪ ،‬وحينً�ا بِ‬
‫حديث ِّ‬ ‫ُ‬ ‫كهدف ‪،‬‬ ‫الدعوة‬ ‫حينً�ا‬
‫أش�رنا إ َليه س�ل ًفا ‪ ،‬وفيه ُ‬ ‫رب�اض ِ‬ ‫‪ m‬ال�ذي رواه ِ‬
‫يقول‬ ‫ب�ن س�اري َة ؤ ‪ ،‬وقد ْ‬ ‫الع ُ‬
‫يعش منكم فسيرى اختِال ًفا‬ ‫‪ « :m‬اسمعوا وأطيعوا ! ولو تأ َّم َر ع َليكم عبدٌ فإنَّه َمن ْ‬
‫عضوا ع َليها‬ ‫كثي�را فع َليكم بِس�نَّتي وس�ن َِّة ُ ِ‬
‫الخلفاء الراش�دين المهديين من بع�دي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫القرار وس�يل ًة ال غاي ًة ‪،‬‬ ‫�ذ ‪ . (((» ...‬فكانَ�ت سلام ُة ُاأل َّم ِة هد َفهم ‪ ،‬ومس�أل ُة‬ ‫النواج ِ‬
‫ِ‬ ‫بِ‬
‫نوزعوا فيه عدل�وا عنه لِما هو‬ ‫نازعة عدل�وا فيه ‪ ،‬ومتى م�ا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فمت�ى م�ا امتلكُوه بِلا ُم‬
‫ِ‬
‫وضرب‬ ‫ِ‬
‫التحريش‬ ‫ال في استِ ِ‬
‫ثمار‬ ‫ِ‬
‫�يطان والدَّ َّج ِ‬ ‫وأس�لم ‪ ،‬وأفشلوا سياس َة َّ‬
‫الش‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬
‫سل ِم بالم ِ‬
‫سل ِم ‪.‬‬ ‫الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قال ‪ «:‬أنا ِ‬
‫لغير‬ ‫س�يد ؤ أنَّه َ‬ ‫بن َأ ٍ‬
‫يل عن أبي َس�ريح َة عن ُح َذيف َة ِ‬ ‫وعن أبي ال ُط َف ِ‬
‫قال ‪ « :‬فِت ٌن كأنها‬
‫قال ‪ :‬فقلنا ‪ :‬ما هو يا أبا َس�ريح َة ؟ َ‬‫أخ�وف على ُأ َّمتي » ‪َ .‬‬
‫ُ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬
‫�ال‬
‫خطيب ِمص َق ٌع‬
‫ٍ‬ ‫قال ‪ « :‬ك ُُّل‬
‫ش�ر ؟ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫الناس فيها ٌّ‬
‫يل الم ِ‬
‫ظل ِم » ‪َ .‬‬
‫قال ‪ :‬ف ُقلنا ‪ُّ :‬‬
‫أي‬ ‫طع ال َّل ِ ُ‬
‫ق ُ‬
‫ِ‬

‫((( كتبن�ا ف�ي هذا الباب كتابنا « إحياء منهجية النمط األوس�ط من س�ادة الصلح وبقية الس�يف‬
‫وبراءتهما من طرفي اإلفراط والتفريط » وتوسعنا فيه ‪ ،‬وقد طبع فليراجع لالستزادة‪.‬‬
‫((( سنن أبي داود (‪. )4609‬‬

‫‪384‬‬
‫خفي »‬
‫غني ٍّ‬ ‫الناس فِيها َخ ٌير ؟ َ‬
‫قال ‪ « :‬ك ُُّل ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫أي‬ ‫قال ‪ :‬فقلنا ‪ُّ :‬‬‫وض ٍع » ‪َ .‬‬ ‫بم ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬وك ُُّل راك ِ َ‬
‫َب‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ « :‬ف ُك ْن ِ‬‫الخفي ‪َ .‬‬ ‫الغن�ي وال بِ‬ ‫ل�ت ‪ :‬ما أنا بِ‬ ‫‪َ .‬‬
‫ق�ال ‪ُ :‬ق ُ‬
‫ظهر ف ُيرك ُ‬
‫كابن اللبون ال َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ف » إلى َّأو ِل ُظ ِ‬ ‫والطار ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أش�رنا في ِكتابِنا «‬
‫هور‬ ‫التلي�د‬ ‫ب » ‪ ،‬وقد ْ‬
‫(((‬
‫ض�رع ف ُيح َل ُ‬
‫َ‬ ‫‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراح ِل فِ ِ‬
‫ِ‬
‫الش�رعي ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫َّص‬
‫حمدية كما ور َدت في الن ِّ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّجال في األُ َّمة ُ‬
‫الم َّ‬ ‫ِ‬ ‫تنة‬
‫�ان ؤ ‪ ،‬وهي المرحل ُة التي‬ ‫ثمان ِ‬
‫بن ع َّف َ‬ ‫ث ُع َ‬ ‫الخليف�ة الثالِ ِ‬
‫ِ‬ ‫وه�ي مرحل� ُة ِ‬
‫مقتل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياس�ي ‪ ،‬حتَّى تم َّك َن أتبا ُعه ِم� َن‬ ‫ُ‬ ‫ظهر فِيها‬
‫التأثير على الواق ِع االجت ِّ‬
‫ماعي‬ ‫ُّ‬ ‫الدجل‬ ‫َ‬
‫قتل س� ِّي ِدنا‬‫ي�ل والتُّه� ِم والقضايا على ِ‬
‫الح َ‬‫البس�ات ِ‬
‫ِ‬ ‫نس�جوه ِمن ُم‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وتج�رؤوا بِم�ا‬
‫السياس�ي إلى‬ ‫إصالح ِ‬
‫الواق ِع‬ ‫ِ‬ ‫ت القضي ُة ِمن الم ِ‬
‫طالبة بِ‬ ‫ثمان ؤ ‪ ،‬وكيف انتق َل ِ‬ ‫ُع َ‬
‫ِّ‬ ‫َ ُ‬
‫الش�رعي مربو ًطا‬ ‫ِ‬
‫التاريخ‬ ‫ِ‬
‫دراس�ة‬ ‫ٌ‬
‫مفصل ها ٌّم في‬ ‫قراره ‪ ،‬وهذه المرحل ُة‬ ‫قتل ِ‬
‫حام ِل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫قه التحو ِ‬
‫الت ‪.‬‬ ‫النبوية في فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬‫بِ‬
‫ُّ‬
‫قتل ُع َ‬
‫ثمان‬ ‫اليمان ؤ ق‍‍ال ‪ « :‬أو ُل ِ‬
‫الفت َِن ُ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪ِ m‬م َّما رواه ُح َذيف ُة ب ُن‬
‫َّ‬ ‫بل إن َّ‬
‫ثقال ح َّب ٍة ِمن‬
‫رج ٍل في قلبِه ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ ،‬والذي نفس�ي بيده ‪ ،‬ما من ُ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬وآخ ُرها ُخ ُ‬
‫ثمان إلاَّ تبِ َع الدَّ َّج َال إن أدركَه ‪ ،‬وإن لم ُيدركْه آمن بِه في ِ‬
‫قبره»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قتل ُع َ‬

‫ان َفإِ ّنكُم‬


‫وأخرج أحمد عن عبد الله بن سالم رضي الله عنه قال‪( :‬ال َت ْق ُت ُلوا ُع ْث َم َ‬
‫إِ ْن َف َع ْلت ُْم َل ْم ت َُص ُّلوا َج ِميع ًا أبد ًا )(((‪.‬‬

‫ثلموا في اإلسال ِم‬ ‫ٍ‬


‫حصين ‪ ،‬وإنَّهم ُ‬ ‫كان في ِح ٍ‬
‫صن‬ ‫إن اإلسال َم َ‬ ‫سمر َة َ‬
‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫وعن ُ‬
‫حمدُ ب ُن س�يري َن َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫قتله�م ُع َ‬
‫ثمان ال تُس�دُّ إلى يو ِم‬ ‫ثلم� ًة بِ ِ‬
‫وأخرج ُم َّ‬
‫َ‬ ‫القيام�ة»((( ‪.‬‬

‫ِ‬
‫مستدركه (‪ ،)8612‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)49 :1‬‬ ‫ِ‬
‫الحاك ُم في‬ ‫((( رواه‬
‫((( جامع األحاديث للسيوطي (‪. )37324‬‬
‫((( فضائل الصحابة (‪.)796‬‬
‫((( تاريخ دمشق (‪. )483 :39‬‬

‫‪385‬‬
‫ثم�ان »((( ‪ .‬وفي هذه‬ ‫ُ‬ ‫ي�وش حتَّى ُقتِ َل ُع‬
‫ِ‬ ‫والج‬‫البل�ق في المغازي ُ‬
‫ُ‬ ‫الخ ُيل‬ ‫�د َ‬‫« ل�م ُت ْف َق ِ‬
‫ِ‬
‫السياس�ية‬ ‫الفت َِن في أوضا ِع األُ َّم ِة‬ ‫راج ِ‬ ‫والمرويات إش�ار ٌة ِخطير ٌة إلى ِ‬
‫اند ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬
‫ينطل ُق ِم َن‬ ‫ِ‬
‫اللحظ�ة ِ‬ ‫ن�ذ تِ َ‬
‫لك‬ ‫والعربي ُم ُ‬
‫ِّ‬ ‫اإلسلامي‬
‫ِّ‬ ‫�ال في العال ِم‬ ‫�ع الدَّ َّج ِ‬ ‫‪ِ َّ ،‬‬
‫وإن موق َ‬
‫ِ‬
‫القرار ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مسألة‬ ‫حول‬‫الف َ‬ ‫االختِ ِ‬

‫ك‬ ‫أصبهان س�بعون أل ًف�ا ‪ ،‬وذلِ َ‬ ‫َ‬ ‫�ال » ومع�ه ِمن ِ‬


‫يهود‬ ‫َ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يتح�رك «‬ ‫(‪)9‬‬
‫ويخر ُج ِمن‬‫ُ‬ ‫ثير الدَّ َّج َال ‪،‬‬
‫األمر ُي ُ‬
‫وكان هذا ُ‬‫َ‬ ‫المهدي عل�ى الرو ِم ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫بع�دَ انتِ ِ‬
‫صار اإلما ِم‬
‫أن الدَّ َّج َال يبد ُأ‬
‫غضبة يغض ُبها »((( إلاَّ َّ‬‫ٍ‬ ‫يخر ُج في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مكمن�ه كما ور َد في الحديث « إنَّه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب�ادئ ذي ٍ‬
‫مي�ل إ َليه َ‬
‫الناس‬ ‫والصلاة والتقوى حتَّى ُي َ‬ ‫والديانة‬ ‫اإليمان‬ ‫بدء بدع�وى‬ ‫َ‬
‫ظهر ادعاءه بِالن ِ‬ ‫ويحبون�ه ‪ ،‬ولم يزل يظهر حتَّى يقدُ م الكوف َة على ِ‬
‫الع ِ‬
‫ُّبوة ؛‬ ‫راق ‪ُ ،‬ث َّم ُي ِ ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ِ‬
‫ودجله ‪.‬‬ ‫ُفره‬ ‫ِ‬
‫الواضح َة بِك ِ‬ ‫ِ‬
‫العالمات‬ ‫وتظه ُر‬ ‫الناس ‪ُ ،‬ث َّم يدعي األُلوهي َة‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫فيتف�رق عنه ُ‬
‫عل ُن عن ُهويتِه ‪.‬‬
‫وي ِ‬
‫ُ‬

‫والفقر حتَّى‬ ‫ُ‬ ‫الج�وع‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس مرحل� ًة ويك ُث ُر‬ ‫(‪ )10‬تش�تدُّ الحال� ُة االقتِصادي� ُة على‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪: m‬‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫حديث ُح َذيف� َة ؤ َ‬ ‫ِ‬ ‫روج�ه ‪ .‬ففي‬ ‫الن�اس ُخ َ‬‫ُ‬ ‫يتمنَّ�ى‬
‫رس�ول ال َّل ِه ِم َّم‬
‫َ‬ ‫لت‪ :‬بِأبي وأ ِّمي يا‬ ‫زمان يتمنَّ�ون فيه الدَّ َّجال»َ ‪ُ ،‬ق ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس ٌ‬ ‫«يأت�ي على‬
‫ِ‬
‫والعناء((( ‪.‬‬ ‫الضناء والعناء»ِ ((( ‪ ،‬ولع َّله ‪ِ :‬من ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬ ‫ِ‬ ‫«م َّما يلقونه ِم َن‬
‫قال‪ِ :‬‬
‫ذاك ؟ َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امرأة((( ‪.‬‬ ‫ألف‬
‫عشر َ‬ ‫(‪ )10‬يتب ُعه سبعون أل ًفا من يهود أصبهان وثالث َة َ‬

‫((( تاريخ دمشق (‪. )493 :39‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)7543‬‬
‫((( الطبراني في األوسط (‪.)26427‬‬
‫((( انظر عالمات الساعة ليوسف الوابل ص‪.209‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)7579‬‬
‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1518‬‬

‫‪386‬‬
‫ِ‬
‫األرض أربعين يو ًما (((‪.‬‬ ‫يسيح في‬
‫ُ‬ ‫(‪)11‬‬
‫وإدب�ار ِمن ِ‬ ‫يخ�ر ُج ف�ي ِخ َّف ٍة ف�ي‬
‫ِ‬
‫األرض من‬ ‫العل� ِم وال يبقى عل�ى‬ ‫ٍ َ‬ ‫ِ‬
‫الدين‬ ‫(‪ُ )12‬‬
‫الناس عن ِ‬
‫ذكره((( ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويذهل ُ‬ ‫يحاجه ‪،‬‬
‫ُّ‬
‫السحاب‬ ‫ِ‬
‫واألطراف ‪ ،‬و ُيحيي أمواتَهم ‪ ،‬ويأ ُم ُر‬ ‫ِ‬
‫السواد‬ ‫األعراب َ‬
‫وأهل‬ ‫(‪ )13‬يفتِ ُن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العين ‪.‬‬ ‫رأي‬
‫ُنوزها َ‬ ‫واألرض فت ِ‬
‫ُخر َج ك َ‬ ‫َ‬ ‫ف ُيمطِ َر‬
‫األرض مهلاً مهًل�اً طي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فروة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫األرض له ‪ « ،‬تُطوى ل�ه‬ ‫وط�ي‬
‫ُّ‬ ‫الوق�ت‬ ‫(‪ُّ )14‬‬
‫ط�ي‬
‫ِ‬
‫الكبش » (((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ُ ،‬ثم يمر إلى ِ‬
‫الع ِ‬ ‫أهل ِ‬
‫ويدخ ُل‬
‫ُ‬ ‫العربية ‪،‬‬ ‫الجزيرة‬ ‫راق ‪ ،‬وإلى‬ ‫فار ٍ َّ ُ ُّ‬ ‫ب على ِ‬
‫(‪ )15‬يغ ُل ُ‬
‫المنت َظ ِر َ‬
‫تحت‬ ‫أطراف م َّك َة والمدين َة ‪ُ ،‬ث َّم ُيتابِ ُع مسيرتَه إلى الشا ِم ‪ُ ،‬‬
‫حيث ُجندُ اإلما ِم ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المقد ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫يت‬‫خان بب ِ‬ ‫جبل الدُ ِ‬ ‫صار في ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ِ‬
‫َ‬
‫المهدي و َمن معه ‪ ،‬و ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جهدُ هم‬ ‫ِّ‬ ‫(‪ُ )16‬يشد ُد الدَّ َّج ُال وجنو ُده الح َ‬
‫صار على اإلما ِم‬
‫جهدً ا شديدً ا ‪.‬‬
‫البزار عن أبي ُه َرير َة‬ ‫الناس على الدَّ َّج ِ‬
‫ال « بنو تمي ٍم » ‪ ،‬وفي هذا روى‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )17‬أشدُّ‬
‫ُ‬
‫ثبت‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « m‬بني تَمي�م» َ‬
‫فقال ‪ُ « :‬هم ِضخ�ا ُم الها ِم ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ذك�ر‬
‫ق�ال ‪َ :‬‬ ‫ؤ َ‬

‫((( الطبراني في األوسط (‪.)9199‬‬


‫((( مسند أحمد (‪. )16667‬‬
‫وفي مس�تدرك الحاكم (‪ « : )8612‬وال يسخر له من المطايا إال الحمار فهو رجس على‬
‫رجس » ‪ ،‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)15 :3‬‬
‫(( ( وف�ي حدي�ث حذيفة ب�ن أس�يد ؤ « الدجال يخرج ف�ي بغض من الن�اس ‪ ،‬وخفة من‬
‫الدين ‪ ،‬وسوء ذات البين ‪ ،‬فيرد كل منهل فتطوى له األرض طي فروة الكبش ‪ ...‬الحديث»‬
‫المستدرك (‪.)8612‬‬

‫‪387‬‬
‫ال »((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪ ،‬أشدُّ َقوما على الدَّ َّج ِ‬ ‫الحق في ِ‬
‫آخر‬ ‫أنصار ِّ‬ ‫األقدا ِم ‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬

‫((( بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (‪.)1039‬‬

‫‪388‬‬
‫ِ‬
‫اليهود‬ ‫جا ِل ودولةِ‬
‫نِهايةُ الدَّ َّ‬
‫أرض فِلس�طي َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاصر و َبي َن‬ ‫الم‬
‫س ُ‬
‫ِ‬
‫المق�د ِ‬ ‫حول ِ‬
‫بيت‬ ‫وجيوش�ه َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عس�ك ُر الدَّ َّج ُال‬ ‫ُي‬
‫صار‬ ‫س�لمين ‪ ،‬حتَّ�ى إذا َ ِ‬ ‫الس�بيل على من ِبقي ِمن الم ِ‬
‫َ‬ ‫كام ِله�ا‪ ،‬ويقطعون‬ ‫بِ ِ‬
‫طال الح ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ومن ِد َ‬
‫مش�ق »((( ‪ِ ،‬‬
‫ش�رق ِد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مريم ِعندَ‬ ‫« ِ‬
‫يتوج ُه‬
‫مشق َّ‬ ‫َ‬ ‫البيضاء‬ ‫المنارة‬ ‫ينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬
‫ِ‬
‫الفجر‬ ‫ِ‬
‫صالة‬ ‫وقت‬
‫حاصر َ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫س لِن ِ‬
‫ُصرة اإلما ِم‬ ‫ِ‬
‫المق�د ِ‬ ‫إل�ى ِ‬
‫الجب�ل ُ‬ ‫المهدي في‬
‫ِّ‬ ‫بيت‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫الج ِ‬
‫انص�رف دعاهم إلى ِ‬
‫�عارهم في‬ ‫س�بيل ال َّله وش ُ‬ ‫هاد في‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬ف ُيص ِّل�ي مأمو ًم�ا ‪ ،‬فإذا‬
‫مق فِلس�طي َن فيتب ُعه عيسى إلى ِ‬
‫«باب ُلدٍّ »‬ ‫ويهر ُب الدَّ َّج ُال إلى ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معركتهم « ا ْفت َْح» ‪ُ ،‬‬
‫فيق ُت ُله ِ‬
‫ويهز ُم ال َّل ُه اليهو َد ‪.‬‬

‫خلفي‬ ‫وتقول هذا يهودي ِ‬ ‫ُ‬ ‫سل َم ‪،‬‬ ‫المعركة تُخاطِب الش�جر والحجر الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفي هذه‬
‫ٌّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الله قال‪« :‬ال تقو ُم‬ ‫رس�ول ِ‬
‫َ‬ ‫س�ل ٌم عن أبي ُه َرير َة ؤ أن‬ ‫والحديث رواه م ِ‬
‫ُ‬ ‫فاق ُت ْله ‪.‬‬
‫ُ‬
‫اليهودي‬ ‫يختبئ‬ ‫س�لمون ‪ ،‬حتَّى‬ ‫مون اليهود فيق ُت ُلهم الم ِ‬
‫س�ل َ‬ ‫الس�اع ُة حتَّى يقاتِ ُل الم ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يهودي خلفي فاق ُت ْله‬
‫ٌّ‬ ‫والشجر يا عبدَ ال َّل ِه هذا‬
‫ُ‬ ‫الحجر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فيقول‬ ‫ِ‬
‫والش�جر ؛‬ ‫ِ‬
‫الحجر‬ ‫ورا َء‬
‫ِ‬
‫اليهود(((» ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫شجر‬ ‫‪ ،‬إلاَّ الغرقدُ ‪ ،‬فإنَّه ِمن‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4323‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)7523‬‬

‫‪389‬‬
‫جا ِل اب ِبن صيَّادٍ‬
‫اشتباهُ الدَّ َّ‬
‫ٍ‬
‫صياد»‬ ‫جال وش�خصيتِه ‪ ،‬وجز َم ُ‬
‫بعضهم بِ َّ‬
‫أن «اب َن‬ ‫طلق لِلدَّ ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫التعيين ُ‬ ‫أمر‬
‫اضطرب ُ‬‫َ‬
‫الصحابة الذين اعتقدوا ذلِ َك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫الروايات عن‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ه�و الدَّ َّج ُال تب ًع�ا لِما ور َد في‬
‫عبدال َّل ِه‬
‫بن ُعم�ر ء وجابِر ب�ن ِ‬
‫َ‬
‫ومنه�م م�ن ج�زم بِه كس�ي ِدنا ُعم�ر ِ‬
‫وعبدالله ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫وغيرهم(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫صياد ‪ ،‬وإنَّما َ‬
‫كان اب ُن‬ ‫أن الدَّ َّج َال ليس اب َن‬ ‫واس�تقر األمر بعدَ ذلِ َك لدى الع ِ‬
‫لماء بِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الدجاج ِ‬
‫لة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫صياد أحدَ‬
‫ِ‬
‫الزمان َغ ُير ِ‬ ‫إن الدَّ ج َال األكبر الذي يخرج ف�ي ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫الس ِ‬ ‫َ‬
‫ابن‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫�نن ‪َّ َّ :‬‬ ‫يهقي في ُّ‬
‫ق�ال ال َب ُّ‬
‫الكذابين الذين أخبر ‪ m‬بِ ُخ ِ‬
‫روجهم(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫صياد أحدَ الدَّ َّجالين َّ‬ ‫َ‬
‫وكان اب ُن‬ ‫ٍ‬
‫صياد ‪،‬‬
‫َ‬

‫((( مما يستفاد في أمور العالمات اختالف القول لدى الصحابة ئ في أمر الدجال ‪.‬‬
‫ف‪.‬‬‫ف الوابِل ص‪ 300‬بِتصر ٍ‬
‫وس َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫((( عن أشراط الساعة ل ُي ُ‬

‫‪390‬‬
‫فظ ِم َن الدَّ َّ‬
‫جا ِل‬ ‫وسائل ِ‬
‫الح ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الصالة ‪.‬‬ ‫ •التعو ُذ بِال َّل ِه ِمن فِ ِ‬
‫تنة الدَّ َّج ِ‬
‫ال وخاص ًة في‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫الواج ِبة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطاعة‬ ‫ِ‬
‫أعمال‬ ‫والمحافظ ُة على‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األذكار واألوراد وقراء ُة ال ُقرآن ُ‬ ‫ •التزا ُم‬
‫ِ‬
‫والمندوبة ‪.‬‬
‫رواية ِمن ِ‬
‫آخ ِرها (((‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الكهف ِمن َّأولِها((( وف�ي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�ورة‬ ‫آيات ِمن‬
‫العش�ر ِ‬
‫ِ‬ ‫ •قراء ُة‬
‫الروايتَين أولى ‪.‬‬
‫والجمع َبي َن ِّ‬
‫ُ‬
‫سباب فِتنتِه ومالبساتِها ‪ ،‬فمن ُع ِصم ِمن فِ ٍ‬
‫تنة قب َله ُع ِص َم‬ ‫ِ‬ ‫ •الدراس ُة الش�رعي ُة لأِ‬
‫َ‬
‫وس�يره‪ ،‬لِ َقولِه ‪ « : m‬من ِ‬
‫س�م َع‬ ‫ِ‬ ‫مواق َع حركتِه‬
‫ه�وره‪ ،‬ولِيتجنَّب ِ‬ ‫ِمن� ُه ِعن�دَ ُظ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مؤم ٌن فيتبِ ُعه ِم َّما‬
‫ليأتيه وهو يحسب أنَّه ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫الرج َل‬ ‫ينأ عنه ؛ فو ال َّل ِه َّ‬
‫إن ُ‬ ‫بالدَّ َّج ِ‬
‫ال ف ْل ْ‬
‫الشب ِ‬ ‫هات ‪ ،‬أو لِما ُ ِ‬ ‫الشب ِ‬ ‫ِ‬
‫هات »((( ‪.‬‬ ‫يبعث بِه م َن ُّ ُ‬ ‫يب َع ُث م َن ُّ ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)1919‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)1919‬‬
‫((( س�نن أبي داود (‪ ، )4321‬وفي الحديث ملحظ لخطورة الش�بهات ‪ ،‬وهي المتناقضات في‬
‫السلوك والعبادة والعقيدة ‪ ،‬وقد برزت هذه األساليب فيما بين يدي الدجال بين المسلمين‬
‫‪ ،‬فتهم�ة الش�رك ف�ي المصلين واحدة من ه�ذه النقائض القائمة على تحجيم الش�بهات في‬
‫االعتق�اد والعبادات والوالء فليتأمل‪ ..‬حتى يبلغ األمر إل�ى اإلصرار في األحكام والفتوى‬
‫النبي ‪ m‬في األمر قوال فصال ‪ ،‬ولم يش�نع عل�ى أحد منهم في خالفه‬ ‫ِِ‬
‫‪ ،‬وم�ع ه�ذا لم َيتَّخذ ُّ‬
‫للحق المعلوم لدى رسول الله ‪. m‬‬

‫‪391‬‬
‫المرحلةُ العيسويةُ‬
‫ُزول عيسى ش ِم َن‬
‫أن ن َ‬ ‫ِ‬
‫الساعة َّ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ِ‬
‫الخاصة بِ‬ ‫ِ‬
‫الشريفة‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫ثبت في‬‫َ‬
‫ِ‬
‫الش�رعية‬ ‫ِ‬
‫الضرورات‬ ‫المرحلة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫فإن ِدراس� َة هذه‬ ‫ِ‬
‫العالمات الكُبرى ‪ ،‬وعلى هذا َّ‬
‫كن الرابِ ِع ‪.‬‬
‫الر ِ‬
‫في ُّ‬
‫ِ‬
‫الزمان ‪( :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ‬ ‫واص ًفا نُزول عيسى ش في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫قال تعالى ِ‬
‫َ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [الزُّ خ�رف‪ ... ]57:‬إل�ى قولِ�ه تعالى ‪( :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ُ‬

‫ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ‬
‫ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ) [الزُّ ُخرف‪. ]61-59:‬‬

‫واضح ٌة في َقولِه ‪ ( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ) أي ‪ :‬ن ُ‬


‫ُزول عيسى‬ ‫وفي هذه ِ‬
‫اآلية إشار ٌة ِ‬

‫ٍ‬
‫عباس‬ ‫عن ِ‬
‫ابن‬ ‫ٍ‬
‫مروية ِ‬ ‫الس�اعة ‪ ،‬وفي ِق ٍ‬
‫�راءة ُأخرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات ُق ِ‬
‫رب‬ ‫ش عالم� ٌة ِمن‬
‫ِ‬
‫التفسير (ﭑ ﭒ ﭓ) أي ‪ :‬عالم ٌة وأمارةٌ‪.‬‬ ‫وغيرهما ِمن ِ‬
‫أئمة‬ ‫جاه ٍد ِ‬
‫وم ِ‬
‫ُ‬
‫تفس�ير هذه ِ‬
‫اآلية َ‬
‫قال‪ :‬هو‬ ‫ِ‬ ‫اس ؤ في‬ ‫عن ِ‬
‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫وروى اإلمام أحمدُ بِ ِ‬
‫س�نده ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫مريم ش َ‬ ‫روج عيسى ِ‬
‫القيامة (((‪.‬‬ ‫قبل َيو ِم‬ ‫بن َ‬ ‫ُخ ُ‬
‫حول ِ‬
‫قتل‬ ‫الش ِ‬
‫�به التي افتع َلها اليهو ُد َ‬ ‫ِ‬
‫وألهمية هذا الموضو ِع فقد تو َّلى ال ُق ُ‬
‫رآن ر َّد ُ‬
‫قال تعالى ‪ ( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫عيس�ى ش وصلبِه َ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ )[النِّس�اء ‪ ]157:‬إل�ى َقولِ�ه تعال�ى ُمب ِّينً�ا ن َ‬
‫ُزول‬
‫الزم�ان ‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫ِ‬ ‫عيس�ى في ِ‬
‫آخ ِ‬
‫�ر‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ) [النِّساء ‪.]159:‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)2975‬‬

‫‪392‬‬
‫ِ‬
‫الزمان‬ ‫ُزول عيسى ش في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫النبي ‪ m‬ما يؤ ِّكدُ ن َ‬ ‫الصحيح ِ‬
‫ِ‬
‫عن ِّ‬ ‫ثبت في‬ ‫وقد َ‬
‫ومن ذلِ َك قو ُله ‪ِ « : m‬‬
‫ينز ُل‬ ‫ال ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اليهود والنصارى والدَّ َّج ِ‬ ‫وق ًفا عمل ًّيا ِم َن‬
‫واتخاذه م ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬

‫نزير ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫قس� ًطا ؛ ِ‬ ‫فيك�م اب�ن مريم حكما عدلاً وإماما م ِ‬
‫الصليب ‪ ،‬ويقتُ�ل الخ َ‬
‫َ‬ ‫فيكس ُ�ر‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويضع الجزي َة » (((‪.‬‬
‫ُ‬

‫ش�رقي ِد َ‬
‫مش�ق ‪ ،‬كما ور َد في‬ ‫ِ‬
‫البيضاء‬ ‫ِ‬
‫المنارة‬ ‫ينز ُل ِعن�دَ‬
‫الصحيح أنَّه ِ‬
‫ِ‬ ‫وثب�ت ف�ي‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ « :‬‬
‫ينز ُل عيس�ى اب ُن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عس�اك َر عن أبي ُه َرير َة َ‬
‫قال‬ ‫الطبراني ِ‬
‫وابن‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫حديث‬
‫يخر ُج‬ ‫الناس أربعين س�ن ًة إمام�ا »((( ‪ .‬وفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫مري�م فيمك ُ‬
‫الطبران�ي ‪ُ « :‬‬
‫ِّ‬ ‫لف�ظ‬ ‫ً‬ ‫ُ�ث ف�ي‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض أربعين س�ن ًة‬ ‫مريم ش فيق ُت ُله ‪ُ ،‬ث َّم يمك ُ‬
‫ُث في‬ ‫الدَّ َّج ُال ‪ِ ،‬‬
‫فينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬
‫إماما عادلاً وحكما م ِ‬
‫قس ًطا »((( ‪.‬‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬

‫ب�اب ُل�دٍّ ـ أي ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي ِر ِ‬


‫يأت�ي الش�ا َم مدين� َة فلس�طي َن َ‬
‫َ‬ ‫واي�ة أب�ي داو َد ‪ « :‬حتَّ�ى‬
‫ُث عيسى ش أربعي َن سن ًة إما ًما‬ ‫فينز ُل عيسى ش ‪ ،‬فيقت ُله ‪ُ ،‬ث َّم يمك ُ‬ ‫الدَّ َّجال ـ ِ‬

‫‪.‬‬ ‫(((‬ ‫عدلاً وحكما م ِ‬


‫قس ًطا »‬ ‫ً ُ‬
‫وفي ِر ٍ‬
‫واية ‪ِ « :‬‬
‫تذوب الش�حم ُة ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مريم فإذا رآه الدَّ َّج ُال َ‬
‫ذاب كما‬ ‫ينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬
‫َ‬
‫قتلون »((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اليهود ف ُي‬ ‫ُ‬
‫ويفرق عن‬ ‫فيقت ُُل الدَّ َّج َال ‪،‬‬

‫يقول ‪ :‬ال ُ‬
‫تزال طائف ًة‬ ‫النبي ‪ُ m‬‬ ‫قال ‪ِ « :‬‬ ‫وروى م ِ‬
‫سل ٌم عن جابِ ٍر ؤ ‪َ ،‬‬
‫عت َّ‬ ‫سم ُ‬ ‫ُ‬
‫قال ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحق ِ‬
‫ظاه ِرين إلى َيو ِم‬ ‫ِم�ن ُأ َّمت�ي ُيقاتِلون ِ‬
‫فينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬
‫مريم ‪،‬‬ ‫القيامة ‪َ ،‬‬ ‫عن ِّ‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)2476‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)25201‬‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38629‬‬
‫((( سنن أبي داود (‪ ،)4323‬وراجع التليد والطارف ص‪.435‬‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38649‬‬

‫‪393‬‬
‫تكرم َة ال َّل ِه هذه‬
‫بعض ُأم�را ُء ُ‬‫ٍ‬ ‫بعضكم على‬
‫إن َ‬ ‫ُ‬
‫فيق�ول ال َّ‬ ‫صل لنا ‪.‬‬‫أميره�م ‪ِّ :‬‬
‫فيق�ول ُ‬‫ُ‬
‫سبيل ال َّل ِه بِالشا ِم ِضدَّ‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫الحديث إش�ار ٌة إلى استِمرار ِ‬
‫ِ‬ ‫األُ َّم ِة »(((‪ ،‬وفي هذا‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫نتظر وبعدَ ه الدَّ َّج ُال ‪ُ ،‬ث َّم عيس�ى ش ‪ ،‬الذي‬ ‫ِ‬
‫الم ُ‬
‫يأتي اإلم�ا ُم ُ‬
‫اليه�ود حتَّ�ى َ‬
‫ال على ِ‬
‫يده ‪.‬‬ ‫قتل الدَّ َّج ِ‬ ‫ُ‬

‫ُ‬
‫اإليمان بها‬ ‫�ب‬ ‫ونزول عيس�ى ُك َّلها متواتِر ٌة ؛ ِ‬
‫يج ُ‬ ‫ِ‬ ‫أحادي�ث الدَّ َّج ِ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫والمعل�و ُم َّ‬
‫أن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الدين ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أركان‬ ‫وتصدي ُقها ؛ لأِ نَّها ُجز ٌء ِمن‬

‫حيث روى اإلم�ا ُم أحمدُ عن أبي‬ ‫النب�ي ‪ m‬بِعالقتِه بِعيس�ى ش ‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫وق�د َّ‬
‫بش َ�ر‬
‫ت ‪ ،‬أمهاتُهم ش�تَّى ودينُهم ِ‬
‫واحدٌ ‪،‬‬ ‫قال ‪ « :‬األنبي�اء إخو ٌة لِعلاَّ ٍ‬
‫النب�ي ‪َ m‬‬ ‫أن‬‫ُه َري�ر َة َّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫نبي ‪ ،‬وإنَّ�ه ِ‬
‫ناز ٌل فإذا‬ ‫لأِ‬ ‫الناس بِعيس�ى ِ‬
‫ِ‬
‫مريم ‪ ،‬نَّه لم يكُ� ْن بيني وبينه ٌّ‬ ‫ب�ن َ‬ ‫وإن�ي أولى‬
‫رأيتُموه ِ‬
‫فاعر ُفوه »((( ‪.‬‬

‫مريم بِنزولِه ‪ ،‬وفي ِرسالِته ُ‬


‫تثبيت‬ ‫بن َ‬‫باط عيسى ِ‬ ‫الحديث إشار ٌة م ِهم ٌة لاِ رتِ ِ‬
‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫وفي هذا‬
‫اليهود والنصارى بِانحرافِهم ‪ ،‬وقد ور َد في‬‫ِ‬ ‫الصاد ِ‬
‫قة على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والشهادة‬ ‫منهج اإلسلا ِم‬
‫ِ‬
‫رسول ال َّل ِه‬
‫َ‬ ‫حم ٍد ‪ m‬ـ فيما س َب َق ـ َّ‬
‫وأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ُقرآن إشار ُة عيسى ش لرسالة ِّ‬
‫النبي ُم َّ‬
‫ِ‬

‫الناس بِه وأقر ُبهم إ َليه ( ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ) [الصف‪.]6:‬‬ ‫ِ‬ ‫أخص‬ ‫ُّ‬


‫�ك َ‬
‫قال ‪ « :‬نع�م ‪ ،‬أنا دعو ُة‬ ‫نفس َ‬‫رس�ول ال َّل ِه أخبرني عن ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الحدي�ث قالوا ‪ :‬يا‬ ‫وف�ي‬
‫قال اب ُن ٍ‬
‫كثير ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫السيرة ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫إس�حاق في‬ ‫أبي ُموس�ى و ُبش�رى أخي عيسى »(((‪ ،‬رواه ابن‬
‫ِ‬
‫شواهدُ ‪.‬‬ ‫إسنا ُده ج ِّيدٌ ‪ ،‬وله‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)412‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)9882‬‬
‫((( رواه ابن هشام عن ابن إسحاق ‪ ،‬سيرة ابن هشام (‪.)166 :1‬‬

‫‪394‬‬
‫تاب عيسى ش قد أشارَ إلى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫كما َّ‬
‫فضل‬
‫ِ‬ ‫اإلنجيل ـ وهو ك ُ‬ ‫أن‬
‫رآن عن ذلِ َك بِ َقولِ�ه ‪ ( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫أُم�� ِة محمد ‪ m‬بِع ِ‬
‫مومها وع َّب َ�ر ال ُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ َّ ٍ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ) [الفتح ‪. ]29 :‬‬

‫فاس�تجاب ال َّل ُه‬


‫َ‬ ‫التفس�ير ‪ :‬فدعى عيس�ى ال َّل� َه أن يجع َله ِمنهم ؛‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ق�ال ابن كثير في‬
‫ِ‬ ‫دعاءه وأبقاه ‪ ،‬حتَّى ِ ِ‬
‫ينز َل آخ َر الزمان ُمجدِّ ًدا َ‬
‫أمر اإلسال ِم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الصحابة »‬ ‫ِ‬
‫أس�ماء‬ ‫ِ‬
‫تجريد‬ ‫الذهبي لِعيس�ى ش ف�ي ِكتابِه «‬ ‫ترج�م اإلما ُم‬ ‫وق�د‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلس�راء‬ ‫النبي ‪َ m‬ليل َة‬ ‫َ‬
‫ونبي ‪ ،‬فإنَّ�ه رأى َّ‬ ‫صحاب�ي ٌّ‬
‫ٌّ‬ ‫مريم ش‬
‫فق�ال‪ :‬عيس�ى ب� ُن َ‬
‫ِ‬
‫الصحابة ئ َموتًا (((‪.‬‬ ‫آخ ُر‬‫وس َّلم ع َل ِيه ‪ ،‬فهو ِ‬
‫َ‬

‫ويكون ِمن‬
‫ُ‬ ‫الش�ريعة المحم ِ‬
‫دية ‪،‬‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫أن عيس�ى ش يحكُم بِ‬ ‫أهل ِ‬
‫العل ِم َّ‬ ‫ذك�ر ُ‬
‫وق�د َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لأِ‬ ‫أتبا ِع م ٍ‬
‫حمد ‪َّ m‬ن دي َن اإلسلا ِم خاتم ُة األديان ‪ ،‬وباق إلى قيا ِم الس�اعة ال ُي َ‬
‫نس ُخ‬ ‫ُ َّ‬
‫مر اإلسلا ِم إذ ال َّ‬
‫نبي‬ ‫حاك ٌم ِمن ُحكَّا ِم هذه األُ َّم ِة و ُمجدِّ ًدا لأِ ِ‬
‫ِ‬ ‫فيكون عيس�ى ش‬ ‫ُ‬
‫حم ٍد ‪. m‬‬
‫بعدَ ُم َّ‬
‫كيف إذا َ‬
‫نزل‬ ‫قال ‪َ « :‬‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫َ‬ ‫سل ٌم عن أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬
‫أن‬ ‫روى اإلمام م ِ‬
‫ُ ُ‬
‫(((‬
‫بعضهم في َقولِه « وإما ُمكم ِمنكم»‬ ‫فسرها ُ‬ ‫ِ‬
‫مريم وإما ُمكم منكم » ‪ .‬وقد َّ‬ ‫فيكم اب ُن َ‬
‫بعضهم في َقولِ�ه « وإما ُمكم ِمنكم » أي ‪ :‬ما أ َّمك�م ِمنكم وأ َّمكم أي ‪:‬‬
‫فس�رها ُ‬ ‫وق�د َّ‬
‫وس ِنة نب ِّيكم ‪.‬‬ ‫قا َدكم بِ ِك ِ‬
‫تاب ر ِّبكم ُ‬

‫مع‬‫الكائنات َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض ؛ حتَّى ترعى‬ ‫عصر عيسى ش ُي ِنز ُل ال َّل ُه األم َن على‬ ‫ِ‬ ‫وفي‬
‫بعض ‪ .‬وروى اإلمام م ِ‬
‫س�ل ٌم عن أبي ُه َرير َة‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بعضها ِمن‬ ‫يخاف ُ‬ ‫ُ‬ ‫البعض ‪ ،‬وال‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بعضها‬

‫((( تجريد أسماء الصحابة للذهبي (‪.)432 :1‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪)409‬‬

‫‪395‬‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫حكما‬ ‫ً‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ « : m‬وال َّله ‪ ،‬ل ُي ِنز َل َّن ال َّل ُه عيس�ى ب َن َ‬
‫مريم‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ؤ أنَّه َ‬
‫الص فال ُيس� َعى ع َليها ‪ ،‬ولتذه َب َّن الش�حنا ُء‬ ‫ِ‬ ‫ع�دلاً ‪ ،‬وليض َع َّن ِ‬
‫الجزي َة ‪ ،‬ولت َُتر َك َّن الق ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫المال فال يقب ُله أحدٌ »(((‪ ،‬وفي هذا‬ ‫ِ‬ ‫والتحاس�دُ ‪ ،‬ول ُيدْ َع ُو َّن إلى‬ ‫والتبا ُغ ُض‬
‫ُ‬
‫التحري�ش التي كانَ�ت تتبناها اليه�و ُد والنصارى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سياس�ة‬ ‫إش�ار ٌة ها َّم ٌة إل�ى انقطِا ِع‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممن ظ ُّلوا َ‬ ‫ِ‬
‫فرقون‬ ‫الدجل والدجاجلة ُي ِّ‬ ‫مرحل�ة‬ ‫طوال‬ ‫لف ل َّفهم َّ‬ ‫والدجاجل� ُة ‪ ،‬وم�ن َّ‬
‫نزول‬‫يطان مبد َأ « فر ْق تسدْ » ‪ ،‬وبِ ِ‬
‫ِّ ُ‬
‫لش ِ‬ ‫الثروات ‪ ،‬و ُيح ِّققون لِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويسرقون‬ ‫الش ِ‬
‫عوب ‪،‬‬ ‫َبي َن ُّ‬
‫ار‬ ‫ِ‬
‫اليهود وال ُك َّف ِ‬ ‫ل�ف ل َّفه ِم َن‬
‫ال ـ و َمن َّ‬ ‫ومقتل الدَّ َّج ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المهدي‬ ‫عيس�ى ونُصرتِ�ه لِإلما ِم‬
‫اليهود والنصارى‬ ‫ِ‬ ‫صادية ‪ ،‬ويعو ُد البقي ُة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ماعية واالقتِ‬
‫ِ‬ ‫المش�اك ِل االجتِ‬
‫ِ‬ ‫تنتهي كا َّف ُة‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فس َ�ره أبو ُه َرير َة ؤ ِمن‬ ‫ِ‬
‫�يخان‬ ‫حديث رواه َّ‬
‫الش‬ ‫إلى اإلسلا ِم ‪ ،‬ويؤ ِّكدُ ذل َك ما َّ‬
‫مريم‬ ‫ليوش� َك َّن أن َ‬ ‫يده ‪ِ ،‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « m‬والذي نفس�ي بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ينزل فيك�م اب ُن َ‬ ‫عن�ه عن‬
‫ويفيض ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حكم�ا عدلاً‬
‫المال‬ ‫ُ‬ ‫الح�رب ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ويضع‬
‫ُ‬ ‫الصلي�ب ‪ ،‬ويقت ُُل الخ َ‬
‫نزي�ر ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فيكس ُ�ر‬ ‫ً‬
‫خيرا ِم� َن الدُّ نيا وم�ا فِيها » ُث َّم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تكون الس�جد ُة الواحد ُة ً‬ ‫حتَّ�ى ال يقب ُل�ه أحدٌ ‪ ،‬حتَّ�ى‬
‫أبوه َري�ر َة ‪ :‬واقرؤوا إن ش�ئتُم ‪ ( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫ُ‬
‫يق�ول ُ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [النساء‪.((( ]159:‬‬

‫«ينز ُل عيس�ى ب� ُن َ‬
‫مريم إما ًما‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ : m‬‬
‫ُ‬ ‫س�ند أحمدَ (‪َ )9871‬‬
‫قال‬ ‫وف�ي م ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ويتخ ُذ‬ ‫الس�لم ‪،‬‬ ‫الخنزير و ُي ِ‬
‫رج ُع‬ ‫ُ�ل ِ‬
‫الصليب ‪ ،‬ويقت ُ‬ ‫قس� ًطا ِ‬
‫فيكس ُ�ر‬ ‫ع�ادلاً وحكما م ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً ُ‬
‫ُخر ُج‬‫ُنز ُل الس�ما ُء ِرز َقه�ا ‪ ،‬وت ِ‬ ‫ذات ح ٍ‬
‫مة ‪ ،‬وت ِ‬ ‫مناج َ�ل ‪ ،‬وتذهب حم� ُة ك ُِّل ِ‬ ‫وف ِ‬ ‫الس� ُي َ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬
‫يضره ‪ ،‬وي ِ‬ ‫ِ‬
‫الذئب فال‬
‫ُ‬ ‫الغنم‬
‫َ‬ ‫راعي‬ ‫ُ‬ ‫الصبي بِال ُّثعبان فلا ُ ُّ‬
‫ُّ‬ ‫يلعب‬
‫َ‬ ‫األرض بركتَه�ا ‪ ،‬حتَّى‬
‫ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)408‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)407‬‬

‫‪396‬‬
‫يض ُّرها » (((‪.‬‬
‫البقر فال ُ‬ ‫ِ‬
‫يض ُّرها ‪ ،‬و ُيراعي األسدُ َ‬
‫ُ‬

‫ُ‬
‫المنجل ‪ :‬هو اآلل ُة التي تُق َط ُع بها‬ ‫يوف ِ‬
‫مناج َل » ‪:‬‬ ‫وقو ُله ‪ « :‬و ُتت َ‬
‫ُ‬
‫الحشائش‪.‬‬ ‫َّخ ُذ ُّ‬
‫الس ُ‬
‫ِ‬
‫والزراعة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الح�رث‬ ‫ِ‬
‫ويش�تغلون بِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد‬ ‫الن�اس ال يحتاج�ون إل�ى ِ‬ ‫أن‬‫والمقص�و ُد َّ‬
‫َ‬
‫الس ُّم ‪ ،‬أي ‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومعنى قولِه ‪« :‬‬
‫ينز ُع‬ ‫الحم ُة بِالتخفيف ُّ‬
‫وتذهب ُحم ُة ك ُِّل ذات ُحم ُة » ‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫سمها ‪.‬‬ ‫ال َّل ُه عن ك ُِّل دابة ذات سمية َّ‬
‫ِ‬
‫الناس أربعين س�ن ًة إما ًما » ‪.‬رواه‬ ‫ين�ز ُل عيس�ى ب ُن َ‬
‫مريم فيمك ُ‬
‫ُث ف�ي‬ ‫ق�ال ‪ِ « : m‬‬ ‫َ‬
‫فيكون عيس�ى ش في‬ ‫ُ‬ ‫وقال ؤ ‪« :‬‬ ‫ِ‬
‫عس�اك َر عن أبي ُه َرير َة ‪َ ،‬‬ ‫الطبراني واب ُن‬
‫ُّ‬
‫ُأمتي حكما وعدلاً وإماما م ِ‬
‫قس ًطا »((( ‪.‬‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫يفتح ال�رو َم ‪ ،‬و ُي ِ‬
‫خر ُج‬ ‫ِ‬
‫اإلش�اعة((( ‪َّ « :‬‬ ‫َ‬
‫المهدي هو ال�ذي ُ‬
‫َّ‬ ‫إن‬ ‫البرزنج�ي ف�ي‬
‫ُّ‬ ‫ق�ال‬
‫ريش ِمن ِ‬
‫بعده‬ ‫تكون ل�ه ول ُق ٍ‬
‫ُ‬ ‫وأن ِخالفتَه‬
‫�ال ف�ي زمنِه ‪ ،‬ويص ِّلي عيس�ى خل َفه‪َّ ،‬‬
‫الدَّ َّج َ‬
‫تكون إ َليه المشور ُة ‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬ ‫رأسا ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫ب ً‬
‫قريش�ا ُملكًا ً‬ ‫وأن عيس�ى ش ال يس� ُل ُ‬ ‫‪َّ ،‬‬
‫رج ٌل ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األو َل ُث َّم يلي من بعده ُ‬
‫المهدي َّ‬
‫َّ‬ ‫يموت‬
‫َ‬ ‫الحكم فيهم ُيع ِّل ُمهم الدي َن ‪ ،‬حتَّى‬
‫ُ‬
‫أهل بيتِه في سيرتِه ‪.‬‬‫ِ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)10532‬‬


‫((( تقدم ‪.‬‬
‫((( ص؟‬

‫‪397‬‬
‫مرحلة عيسى ش ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظواه ِر‬ ‫أهم‬ ‫ِ‬
‫ومن ِّ‬ ‫أهم ظواهر‬
‫ِ‬
‫ُص�رة اإلما ِم‬ ‫ب إل�ى ال ُق ِ‬
‫دس لن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مش�ق ِعن�دَ‬
‫ •نزو ُل�ه بِ ِد َ‬
‫ويذه ُ‬
‫َ‬ ‫البيض�اء ‪،‬‬ ‫المن�ارة‬ ‫مرحلة عيسى‬
‫ش‬
‫حاص ِر ‪.‬‬
‫الم َ‬‫المهدي ُ‬
‫ِّ‬
‫أرض فِلسطي َن ‪.‬‬‫ِ‬ ‫باب ُلدٍّ ِمن‬
‫ال على يدَ يه بِ ِ‬ ‫المسيخ الدَّ َّج ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫هالك‬ ‫•‬ ‫ ‬
‫دية في العالم ُك ِّله ‪.‬‬‫الشريعة المحم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر‬
‫ُ َّ‬ ‫قيم َ‬‫• ُي ُ‬ ‫ ‬
‫دخ ُل النصارى إلى ِ‬ ‫ويكسر الصليب ‪ ،‬وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دين اإلسال ِم ‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫•يقت ُُل الخ َ‬
‫نزير ‪،‬‬ ‫ ‬
‫وتظهر‬
‫ُ‬ ‫عص�ره ‪ -‬أي ‪ :‬الزكا ُة ‪ -‬لِع�د ِم َمن يقب ُلها اكتف�ا ًء ‪،‬‬‫ِ‬ ‫ُت�رك الصدق� ُة في‬ ‫•ت ُ‬ ‫ ‬
‫ِ‬
‫الس�اعة ‪ ،‬وتُر َف ُع‬ ‫الم�ال لِ ُق ِ‬
‫رب‬ ‫ِ‬ ‫عه�ده وال يرغب أحدٌ ف�ي اقتِ ِ‬
‫ناء‬ ‫ِ‬ ‫ُن�وز ف�ي‬
‫ُ‬ ‫الك ُ‬
‫الشحناء والبغضاء لِ ِ‬
‫زوال أسبابِها ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األمن ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مظاه ِر‬ ‫كمظهر ِمن‬
‫ٍ‬ ‫الذئب مع الغن ِم‬
‫ُ‬ ‫ • َيرعى‬
‫والحرب تنتهي ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُزر ُع‬‫األرض ُك َّلها ت َ‬
‫َ‬ ‫ور لأِ َّن‬ ‫الخيل ويغلو ال َّث ُ‬‫ُ‬ ‫َرخص‬
‫ •ت ُ‬
‫ِ‬
‫والموار ُد‬ ‫وتس�تمر ِ‬
‫الزراع ُة‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫الخي�ر في‬ ‫األمان ويزدا ُد‬‫ِ‬ ‫األرض بِ‬‫ُ‬ ‫تنع�م‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ • ُ‬
‫الف مدى حياتِه الم ِ‬
‫باركة ‪.‬‬ ‫دون ِصرا ٍع وال اختِ ٍ‬ ‫تنوع ُة َ‬
‫ُ‬ ‫الم ِّ‬
‫ُ‬

‫‪398‬‬
‫اليأجوجيَّةُ‬
‫المرحلةُ ُ‬
‫مول د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫واألمن في ُربو ِع العال ِم ‪.‬‬ ‫ولة السال ِم‬ ‫وش ِ َ‬
‫مرحلة عيسى ش ُ‬ ‫خريات‬ ‫في ُأ‬
‫ومأجوج الذين وصفهم‬
‫ُ‬ ‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫يرح َل عيسى إلى م َّك َة والمدين َة ُ‬
‫يظهر قو ُم‬ ‫َ‬
‫وقبل أن َ‬
‫ال َّل ُه في كتابِه ( ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ) [الكهف‪. ]94:‬‬

‫يأجوج ومأجوج‬ ‫وقو ُله «(ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ)‬


‫لغز من الغاز‬ ‫أذهان الع ِ‬
‫ِ‬
‫لماء والم ُف ِّس�رين ُ‬
‫حيث‬ ‫ُ‬ ‫غزا في‬ ‫ومأجوج ُل ً‬
‫َ‬ ‫يأج�وج‬
‫َ‬ ‫[األنبي�اء‪ ]96:‬وق�د َّ‬
‫ظل أم ُر‬
‫القرآن‬
‫�ك في حقيقتِه‬
‫األمر كذلِ َ‬
‫زال ُ‬ ‫�ن ‪ ،‬وال َ‬ ‫المص�ادر األصلي ُة عنهما بِ ٍ‬
‫خبر َب ِّي ٍ‬ ‫ُ‬
‫ل�م ت ِ‬
‫ُفص ِ‬
‫�ح‬
‫ِ‬
‫المجهولة((( ‪.‬‬

‫((( وهذا أصح ما يعتمد عليه في أمر يأجوج ومأجوج ؛ حيث إن اكتشاف السد على الصفة التي‬
‫وردت في كتاب الله أمر لم يتحقق إطالقا ‪ ،‬قال الش�يخ محمد بن يوس�ف الكافي التونسي‬
‫ف�ي كتابه « المس�ائل الكافي�ة في بيان وجوب صدق خبر رب البرية » ما نصه ‪ « :‬الس�د حق‬
‫ثابت ‪ ،‬وال ينفتح ليأجوج ومأجوج إال قرب الس�اعة ‪ ،‬فمن قال بعدم وجود س�د على وجه‬
‫األرض ـ ومس�تنده في ذلك قول الكش�افين من النصارى ‪ ،‬وأنهم لم يعثروا عليه ـ يكفر‪..‬‬
‫اهـ‪.‬‬
‫وق�ال الش�يخ حم�ود التويج�ري ف�ي إتح�اف الجماع�ة (ص‪ /170‬الثال�ث) ‪ :‬وبعض‬
‫العصريي�ن يزعمون أن يأج�وج ومأجوج هم جمي�ع دول الكفر المتفوقي�ن في الصناعات‬
‫الحديث�ة ‪ ،‬وق�د رأيت هذا القول الباطل في بعض مؤلفات المتكلفين من العصريين ‪ ،‬وهذا‬
‫الق�ول قريب من القول األول ‪ ...‬إلى أن ق�ال ‪ :‬وقد قال تعالى ‪(:‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ) [األنبياء‪ ]96:‬إلى قوله تعالى ‪ ( :‬ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ) [األنبياء‪ . ]97:‬وفي هاتين اآليتين أبلغ رد على‬
‫م�ن زع�م إن يأج�وج ومأجوج ه�م دول اإلفرنج أو غيره�م من دول المش�رق والمغرب ‪،‬‬
‫الذي�ن ل�م يزالوا مختلطين بغيرهم من الناس ولم يجعل بينهم وبين الناس س�د منيع يحول‬
‫بينهم وبين الخروج على الناس ‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫الدراس�ة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حول تتب ِع واس�تِ‬ ‫ِ‬
‫قصاء‬ ‫المعاصرين َ ُّ‬ ‫بع�ض الباحثي�ن ُ‬‫وأ َّم�ا م�ا قا َم بِه ُ‬
‫شرطنا في قبول‬
‫ودراس�ات ِعل ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الميدانية‬ ‫ِ‬
‫ش�اهدة‬ ‫الم‬
‫الموض�وع إلى ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأرضخ‬ ‫ِ‬
‫التاريخي�ة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الناحي�ة‬ ‫البحوث العلمية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حصل ش�ي ٌء م َن التطا ُب ِق َبي َن الن‬
‫َ‬ ‫خاص ًة إذا‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص‬ ‫اآلثار ؛ فهو مس�أل ٌة ُيس�تأن َُس بها َّ‬ ‫عن العالمات‬
‫ِ‬
‫والدراسات ‪.‬‬

‫أهل‬‫أجمع ع َل ِيه ُ‬
‫َ‬ ‫ُّصوص أو ُمغاي�ر ًا لِما‬ ‫ِ‬ ‫األم�ر ُمخالِف ًا لِما ور َد في الن‬
‫ُ‬ ‫وأم�ا إذا َ‬
‫كان‬
‫ومن‬ ‫ي�ه ‪ِ .‬‬ ‫دليل ع َل ِ‬
‫نظ�ري ال َ‬ ‫تص�و ٍر‬ ‫ِ‬
‫ح�وث ُمجر ُد‬ ‫أن َ‬
‫مث�ل هذه ال ُب‬ ‫ش�ك َّ‬ ‫ِ‬
‫العل� ِم فلا َّ‬
‫ٍّ‬ ‫ُّ‬
‫وصل إ َلي�ه ِ‬
‫الباح ُث‬ ‫فادة العا َّم ِة ما َ‬ ‫ج�رد االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النم�اذج الت�ي وضعناها هنا لِ ُم‬‫ِ‬ ‫ه�ذه‬
‫عرضها لال ِّطال ِع‬ ‫جديدة ال بأس ِمن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معلومات‬ ‫ش�ير فيه إلى‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫حمدي حمزة أبو َزيد ُي ُ‬
‫تاب ال َّل ِه أو ما‬‫قر ِر في ِك ِ‬ ‫الم َّ‬ ‫الم ِ‬
‫بين ُ‬ ‫الحق ُ‬
‫عن ِّ‬ ‫مع يقينِنا أنَّها ال تُعدُّ بديلاً ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واالس�تفادة َ‬
‫األمر في ُسن َِّة رسولِه ‪ .‬يقول حمدي أبوزيد‪:‬‬
‫ِ‬ ‫صح ِ‬
‫عن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫طابقة‬‫ومأجوج ِعن�دَ ُم‬ ‫يأجوج‬ ‫ِ‬
‫الكهف ع�ن‬ ‫رآنية في س ِ‬
‫�ورة‬ ‫اآلي�ات ال ُق ِ‬
‫ِ‬ ‫ •كا َّف� ُة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وأحداث‬ ‫وقائع‬ ‫تتف ُق وما في ُكتُبِهم ِم�ن‬
‫ترجم�ة ِ‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫وضوعه�ا بِ ُل ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫الصين ُ‬ ‫غ�ة‬ ‫َم‬
‫فترة ُد ِ‬
‫خول ذي القرنَين إ َليها ‪.‬‬ ‫الصين في ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تاريخية وق َعت في بِالد‬

‫األصل بعدَ ترجمتِها‬ ‫ِ‬ ‫ومأجوج » الصينيت َِي‬


‫ُ‬ ‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫كلمتَي «‬ ‫ِ‬
‫مضمون ِ‬ ‫ •إن معرف َة‬
‫متابعة مختصرة‬
‫األحداث الها َّم ِة ‪ ،‬ويؤ ِّكدُ‬
‫ِ‬ ‫العديد ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفس�ير‬ ‫َ‬
‫الوصول إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل ُّلغة العربية ُي ِّ‬
‫يس ُ�ر‬ ‫للدراسة الميدانية‬
‫الجديدة‬
‫قل�ت ـ والل�ه أعلم ‪ :‬إن أغل�ب الباحثين في هذه المس�ألة إنما يفس�رون األخبار واآلثار‬
‫مس�لم مؤم ٌن‬
‫ٌ‬ ‫لي�س على س�بيل اإلن�كار لما في القرآن والس�نة ـ ونع�وذ بالله أن يفعل ذلك‬
‫بالله ورس�وله ‪ ،‬أو أن يفعله لمجرد االس�تتباع لكالم المستكش�فين من النصارى وغيرهم ـ‬
‫فقولهم ال يعتبر حجة أمام كتاب الله وس�نة رس�وله ‪ ،‬وإنما هو عرض لفهم قد يصيب قائله‬
‫أو يخطئ‪ ،‬وال يعد بديال عما ذكره العلماء من األمر المجمع عليه في هذا الش�أن‪ ،‬كما هو‬
‫ف�ي بحث حول الموضوع يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ جمعه الباحث « حمدي حمزة‬
‫أبو زيد»‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫ومأجوج ‪.‬‬
‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬ ‫الحقائق ال ُقرآني َة عن‬
‫َ‬

‫فس�دون ف�ي األرض » تعني َّ‬


‫أن‬ ‫ •إن ترجم� َة « يأج�وج ومأج�وج » ه�ي ‪ « :‬م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫يل م ِ‬ ‫كان ِ‬ ‫س َ ِ‬
‫األرض ‪ ،‬ومعنى ُس َ‬
‫كان‬ ‫فس�دون في‬ ‫الخ ِ ُ‬
‫قارة َ‬ ‫وس َ‬ ‫�كان قارة آس�يا ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫الدول‬ ‫يل وش�عب الر ِ‬
‫ماة ‪ ،‬وه�م‬ ‫الخ ِ‬
‫ش�عب َ‬ ‫ي�ل أي‪َ :‬من ُيس�مون‬‫الخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ق�ارة َ‬
‫َ ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫للصين م َعها‬ ‫ِ‬
‫الزم�ن ‪ ،‬والتي كانَ�ت‬ ‫قب�ة ِم َن‬
‫الح ِ‬
‫لك ِ‬ ‫الصي�ن ف�ي تِ َ‬
‫ِ‬ ‫المحيط� ُة بِ‬
‫اليابان وكوريا ‪ ،‬ومنش�وريا ‪ ،‬وس�يبيريا ‪ ،‬ومنغوليا‬ ‫ُ‬ ‫الق�ات ‪ ،‬وهي‬
‫ٌ‬ ‫ح�دود ِ‬
‫وع‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫يأجوج أو‬
‫َ‬ ‫يص ُفهم الصينيون في ُلغتِهم بِ‬ ‫ودول آس�يا الوس�طى ‪ ،‬وهم الذين ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬
‫ِ‬
‫الصين حتَّى‬ ‫قديما عل�ى‬
‫روب ً‬‫الح ِ‬ ‫يأج�وج ‪ ،‬وهؤالء اعتا ُدوا على ش� ِّن ُ‬ ‫َ‬ ‫بن�ي‬
‫الثالث عشر الميالدي على ِ‬
‫يد‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫َ‬
‫حدث في‬ ‫وكان ِ‬
‫آخ ُرها ما‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫قريبة ‪،‬‬ ‫ُق ٍ‬
‫رون‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض فسا ًدا‪.‬‬ ‫جنكيز خان وهوالكو َّ‬
‫الذين عاثوا في‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫البحث‬ ‫ •وبِن�ا ًء عل�ى المعلومات والحفري�ات والتعليالت التي َّ‬
‫توص َ�ل إ َليها‬
‫ين » مكانًا محدو ًدا أو معرو ًفا في‬ ‫يكون « ما َبي َن الس�دَّ ِ‬
‫َ‬ ‫المتو َّق ِع أن‬ ‫ِ‬
‫ص�ار م� َن ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مدينة « جنج‬ ‫َ‬
‫شمال‬ ‫بال معين ٌة‬‫األكبر هو ِج ٌ‬ ‫مال‬‫وأن االحتِ َ‬ ‫ِ‬
‫الصين ‪َّ ،‬‬ ‫الد‬ ‫ِ‬
‫أنحاء بِ ِ‬
‫َ‬
‫عظيم»‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫وحاج ٌز‬ ‫حك�م‬
‫ٌ‬ ‫قاطع�ة « هينان » ‪ ،‬وقد ُو ِج�دَ فِيها «رد ٌم ُم‬ ‫ِ‬ ‫ج�و » ف�ي ُم‬
‫ِ‬
‫وارتفاعه وم�ا تب َّقى منه ‪.‬‬ ‫�رآن ‪ ،‬وفص َ�ل ِ‬
‫الباح ُث ِصف َة ال�رد ِم‬ ‫كم�ا وص َفه ال ُق ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫وأنواعها‬ ‫ِ‬
‫س�تخدمة فيه‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ووضع بح ًثا َميدان ًّيا لِكا َّف ِة ُجزئياتِه‬
‫ونماذج الموا ِّد ُ‬ ‫َ‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والوقود ِ‬ ‫ِ‬
‫والخشب‬ ‫ِ‬
‫الطين »‬ ‫ِ‬
‫والقطر «‬ ‫ِ‬
‫المعدنية‬ ‫ِ‬
‫كالعناص ِر‬
‫التاري�خ قائم ٌة عل�ى ِ‬ ‫ •يش�ير ِ‬
‫انعدا ِم‬ ‫ِ‬ ‫أح�وال ه�ذه األُم ِم َ‬
‫عب�ر‬ ‫َ‬ ‫�ث إل�ى َّ‬
‫أن‬ ‫الباح ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫روف‬ ‫قس�وة ال ُّظ ِ‬
‫ِ‬ ‫مع‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الديان�ة الصحيح�ة ووقوعهم ف�ي انحراف�ات الجاهلية َ‬
‫ِ‬
‫كالمهارات‬ ‫تال�ي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمعيش�ية ‪ ،‬وتو ُّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التفوق الق ِّ‬
‫�ر أدوات ُّ‬ ‫والبيئية‬ ‫غرافي�ة‬ ‫الج‬
‫ُ‬

‫‪401‬‬
‫ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫وح ال ُغ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫ِ‬
‫باكتس�اب‬ ‫�عور بِال ُقوة ُ‬
‫والولو ِع‬ ‫رور ُّ‬ ‫ور ِ‬ ‫والخيول وأدوات القتال ُ‬
‫ِ‬
‫األع�داء ُ‬
‫والخصو ِم‬ ‫ِ‬
‫عاملة‬ ‫ِ‬
‫الرحمة في ُم‬ ‫والوحش�ية ِ‬
‫وانعدا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البطش‬ ‫ٍ‬
‫معيش�ة بِ‬
‫ع�دو لكم ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫�ق ‪ « :‬إنَّكم تقولون ال‬ ‫النب�ي ‪ m‬بمعنً�ى ُمتطابِ ٍ‬
‫ُّ‬ ‫‪ .‬وق�د وص َفه�م‬
‫ومأج�وج ِع َ‬
‫�راض‬ ‫ُ‬ ‫يأج�وج‬
‫ُ‬ ‫ع�دوا حتَّ�ى يخ�ر َج‬
‫ًّ‬ ‫إنَّك�م ال تزال�ون تُقاتِل�ون‬
‫ُّ‬
‫المجان‬ ‫جوههم‬ ‫�لون َّ‬
‫ينس َ‬ ‫حدب ِ‬
‫ٍ‬ ‫غ�ار األع ُي ِن صهب ِمن ك ُِّل‬ ‫ِ ِ‬
‫كأن ُو َ‬ ‫الوج�ه ص َ‬
‫المطرق ُة‪.(((»...‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ماهية‬ ‫يضع س�ؤالاً ها ًّما ع�ن‬ ‫التفس�ير م�ن قول�ه ( ﮄ ﮅ ) ُ‬ ‫إن مفه�و َم‬ ‫ • ّ‬
‫ِ‬
‫الفت�ح ‪ ،‬وما هي‬ ‫ُ‬
‫يكون زم� ُن‬ ‫ه�م الفاتِحون ‪ ،‬ومت�ى‬ ‫الفت�ح أو َم�ن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وطبيع�ة‬
‫دول قارة الخيل‬
‫يل‬‫الخ ِ‬ ‫ودول ِ‬
‫قارة َ‬ ‫ِ‬ ‫دول ِ‬
‫قارة آس�يا‬ ‫جمي�ع ِ‬ ‫مع َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫وآثار ذلِ َ‬
‫َ‬ ‫الفتح َ‬ ‫�ك‬ ‫عالم�ات ُ‬ ‫ُ‬ ‫وعالقتها‬
‫دول العال ِم لِو ِ‬ ‫ِ‬
‫واالنغ ِ‬ ‫�ف بِالع ِ‬ ‫بالمرحلة‬
‫قوعها في أقصى‬ ‫ُ‬ ‫الق عن جمي� ِع ِ‬ ‫زلة‬ ‫ُوص ُ ُ‬ ‫دول ت َ‬ ‫ٌ‬ ‫اليأجوجية‬
‫س�احات‬
‫ٌ‬ ‫القارات األُخرى بِحار ِ‬
‫وم‬ ‫ِ‬ ‫ألرض و َبينَها و َبي� َن‬ ‫ِ‬ ‫الط�رف الش�مالي لِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوصول إ َليها بِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفتح‬
‫ُ‬ ‫القديم�ة ‪ ،‬ويأتي‬ ‫الموصالت‬ ‫وس�ائل‬ ‫ب‬‫واس�ع ٌة يص ُع ُ‬
‫معان ‪ِ ،‬‬
‫ومنها ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫المشار إ َليه في ال ُق ِ‬
‫رآن على‬ ‫ُ ُ‬
‫عوب في ِ‬
‫دين اإلسال ِم‪ ،‬فهل يعني َّ‬
‫أن‬ ‫الش ِ‬ ‫خول هذه ُّ‬ ‫الفتح بِاإلسال ِم ‪ ،‬و ُد ُ‬
‫‪ُ 1.1‬‬
‫هذه الدُّ ِ‬
‫ول ستدي ُن ُمستقبلاً بِاإلسال ِم ؟!‬

‫دول ُأخرى‬ ‫القارة ِمن ِق ِ‬


‫ب�ل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اآلي�ة يعني احتِ َ‬
‫الل ه�ذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال�وار ُد في‬ ‫الفت�ح‬
‫ُ‬ ‫‪2.2‬‬
‫اليأجوجية في‬
‫كتب غَير إسالمية‬
‫َ‬
‫مرحلة عدوانية‬
‫((( مسند أحمد (‪ .)22991‬المجان ‪ :‬جمع المجن وهو الترس‬
‫يتحكم فِيها‬
‫الحدب ‪ :‬الغليظ من األرض فى ارتفاع‬ ‫الشيطان‬

‫الشعاف ‪ :‬جمع شعفة وهى أعلى شعر الرأس يقصد صهب الشعور‬

‫الصهب ‪ :‬جمع األصهب وهو األشقر أى الذى بشعره حمرة يعلوها سواد‬

‫‪402‬‬
‫عش�ر‬ ‫التاس�ع‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫تعرضت هذه القار ُة في‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫السلاح وقد‬ ‫أجنبية بِ ِ‬
‫قوة‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األجنبي((( ‪.‬‬ ‫روب واالحتِ ِ‬
‫الل‬ ‫لح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقرن العشرين ل ُ‬
‫ِّ‬
‫ودول ِ‬
‫قارة‬ ‫ِ‬ ‫دول ِ‬
‫قارة آس�يا‬ ‫تاح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪3.3‬‬
‫الفت�ح الوار ُد ف�ي هذه اآليات يعن�ي انف َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العصر‬ ‫الحال في هذا‬‫ُ‬ ‫ومأج�وج » على العال ِم كما هو‬ ‫ُ‬ ‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫الخ ِ‬
‫ي�ل «‬ ‫َ‬
‫وصعود ِ‬‫ِ‬ ‫تطو ِر‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومأجوج»‬
‫َ‬ ‫«يأجوج‬
‫َ‬ ‫دول‬ ‫المعروف بِالعولمة ‪ُ ،‬‬
‫والمتت ِّب ُع ل ُّ‬
‫ِ‬
‫واليابان‬ ‫ِ‬
‫كالصين‬ ‫الدولي‬ ‫ِ‬
‫المس�رح‬ ‫رة على‬ ‫بعضها ك ُقو ٍة مؤ ِّث ٍ‬‫بروز ِ‬
‫َ‬ ‫َي ِج�دُ‬
‫ِّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ذات ُق ٍ‬
‫وة‬ ‫ُتلة ِ‬‫دولية وك ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الفتح إشار ًة إلى تكو ِن ٍ‬
‫قوة‬ ‫ِ‬ ‫وكوريا ‪َّ ،‬‬
‫وأن في هذا‬
‫ُّ‬
‫عن‬ ‫نم�اذج عديد ًة ِ‬ ‫المؤ ِّل ُ‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫س�تقبل ‪ ،‬وقد َ‬ ‫عس�كرية ِ ٍ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫نقل ُ‬ ‫الم‬
‫ضاربة في ُ‬
‫ُشير بِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عتبر عند « جوج » قو ٌة ُعدواني ٌة‬ ‫الخ َيل ُي ُ‬
‫أن َ‬ ‫الموس�وعة البريطانية ت ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الزمان ‪ ،‬كما جا َء‬ ‫وأن هذه القو َة ستظهر في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫يطان ‪َّ ،‬‬
‫الش ُ‬ ‫يتحك َُّم فِيها َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واليهودي�ة بأن « جوج »‬ ‫ِ‬
‫المس�يحية‬ ‫ِ‬
‫واألس�فار‬ ‫ِ‬
‫اإلنجيل‬ ‫في مقاطِ َع ِم َن‬
‫مواض َع ُأخرى‬ ‫ِ‬ ‫ماجوج » ‪ ،‬بينما جا َء في‬ ‫ٍ‬
‫دوانية ُأخرى هي «‬ ‫معبر بِ ٍ‬
‫قوة ُع‬
‫ُ‬
‫جوج » وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬ ‫أصل َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫منشأ‬ ‫مكان‪ ،‬وهو‬‫ٌ‬ ‫ماجوج‬
‫َ‬ ‫بِ َّ‬
‫أن‬
‫المرحلة‬

‫ومأجوج » ق�د جا َءت ِضم َن‬ ‫�أن ِعب�ار َة «‬


‫اليأجوجية في‬
‫ِ‬
‫اإلنجي�ل ؛ فهي في‬ ‫ُ‬ ‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫ص�ح بِ َّ‬
‫َّ‬ ‫وإن‬
‫اإلنجيل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منز ِلة ٍ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وحي من عند ال َّله ‪ ،‬لك َّن عد َم إمكانية الكش�ف عن أساس�ها وأصلها ال ُّل ِّ‬
‫غوي‬
‫اإلنجي�ل ‪ِ ،‬‬
‫ولكنَّها‬ ‫ِ‬ ‫األصل�ي ‪ ،‬وأنَّها لم ِ‬
‫تن�ز ْل في‬ ‫تحريفها ع�ن مدلولِها‬‫ِ‬ ‫س�بب‬ ‫ه�و‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫األلسنة المتنو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اقتُبِست ِمن ال ُق ِ‬
‫رآن الكري ِم ُث َّم ُص ِر َ‬
‫عة ‪.‬‬ ‫ُ ِّ‬ ‫طبيعة‬ ‫ف نُط ُقها ليتالء َم َ‬
‫مع‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أس�رار ذو‬ ‫والتفصي�ل ِكتاب « ِ‬
‫بيان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والبيان‬ ‫ِ‬ ‫�ع في ه�ذا الموضو ِع لِلت‬
‫َّوضي�ح‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫راج ْ‬

‫آخر من معاني ردة الفعل ونهوض هذه الدول عاليا‬


‫معنى ُ‬
‫((( فهل في هذا االحتالل والحروب ً‬
‫حتى تتقوى وتمتلك القوة الكافية لالكتس�اح العسكري ‪ ،‬فيكون ذلك في صورة المستقبل‬
‫كما ذكره القرآن ؟!‬

‫‪403‬‬
‫الباح ِ‬
‫ث « حمدي بن‬ ‫القرني�ن ويأجوج ومأجوج » طبع�ة ‪1425‬هـ ‪2004‬م تأليف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حمزة أبو زيد » ‪.‬‬

‫ومأجوج » كما‬ ‫يأج�وج‬ ‫ول عن « ِ‬


‫موق ِع‬ ‫بع�ض الباحثين إلى َغ ِير ه�ذا ال َق ِ‬
‫وذه�ب ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رأي آخر‪:‬‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫ِ‬
‫تاريخ‬ ‫أطلس‬ ‫عبدال َّل ِه المغلوث في ِكتابِه «‬
‫هو فيما ذكره المؤر ُخ س�امي بن ِ‬ ‫السدّ موجو ٌد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ِّ‬ ‫ّ‬
‫لدكتور ِ‬ ‫تاب «مفاهيم جغرافي ٌة» لِ‬ ‫في القوقاز‬
‫عبدالعلي ِم خضر ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫�ل » ص‪ 126‬نقلاً عن ِك ِ‬ ‫والر ُس ِ‬
‫ُّ‬ ‫(جورجيا)‬
‫ِ‬
‫مهورية ُجورجيا‬ ‫اآلن فعلاً في ُج‬ ‫إن الس�دَّ الذي بناه ذوالقرنين موجو ٌد حتَّى َ‬ ‫وفيه ‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫الش�اهق ُة‬ ‫وجبال ال ُق ِ‬
‫وقاز‬ ‫ُ‬ ‫قة ‪.‬‬‫الش�اه ِ‬
‫ِ‬ ‫جبال ال ُق ِ‬
‫وقاز‬ ‫ِ‬
‫فتحة « داريال » بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�وفييتية في‬
‫�غ ُطو ُلها ‪ 1200‬كم ‪،‬‬ ‫بحر قزوي� َن غر ًبا ‪ ،‬ويب ُل ُ‬ ‫ِ‬
‫األس�ود ش�ر ًقا حتَّى ِ‬ ‫ِ‬
‫البحر‬ ‫تمت�دُّ ِم َن‬
‫ِ‬
‫الحديد الصافي‬ ‫هائل�ة ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫ُّركيب ِمن ك ٍ‬
‫ُتل‬ ‫ِ‬ ‫ش�امخ ٌة ُمتجانِس� ُة الت‬
‫بال التِوائي ٌة ِ‬
‫وهي ِج ٌ‬
‫ُّحاس الصافي في سدِّ « داريال » ‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المخلوط بِالن‬

‫ُّحاس َبي َن فتحتَيها ‪ِ 5630‬م ًترا ـ أي ‪ 5 :‬كيلو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الحديد والن‬ ‫لك الثغر ُة المسدود ُة بِ‬ ‫تِ َ‬
‫تنل‬ ‫رات الطبيعي ُة فلم ْ‬ ‫توحش� ُة ‪ .‬أ َّما ُ‬
‫المتغ ِّي ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫ُ‬
‫القبائل ُ‬ ‫لك‬‫خلفها تِ َ‬ ‫ومن ِ‬ ‫و‪ِ 630‬مترا ـ ِ‬
‫ً‬
‫وقاز ـ ِمن جان َب ِي السدِّ‬
‫الصخري ـ أي ‪ِ :‬جبال ال ُق ِ‬ ‫َّ‬ ‫أن ِجسم ِ‬
‫الج ِ‬
‫بال‬ ‫َ‬ ‫ِم َن السدِّ َشي ًئا َغ َير َّ‬
‫ناك فرا ٌغ فيما‬ ‫وصار ُه َ‬ ‫ِ‬
‫الطويل ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الزمن‬ ‫التعرية على مدى هذا‬ ‫ِ‬ ‫فعل ِ‬
‫عوام ِل‬ ‫تآكل بِ ِ‬ ‫قد َ‬
‫َ‬
‫شام ًخا إلى َ‬
‫اآلن‬ ‫ظل ِ‬ ‫ُّحاسي الذي َ‬ ‫الحديدي الن‬ ‫وجس� ِم الس�دِّ‬ ‫ِ‬
‫الجبلية ِ‬ ‫الص ِ‬
‫خور‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َبي َن ُّ‬
‫اإلنسان أن ين ُق َبه أو يع ُلوه ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يستطيع‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وال‬

‫الف الباحثين َ‬
‫حول ه�ذا الموضو ِع ال ُيغ ِّي ُر‬ ‫أن اختِ َ‬ ‫ونع�و ُد إلى ما ذكرنا س�ل ًفا ِمن َّ‬
‫ذكرنا هنا اختالف‬
‫ئناس واالس�تِفادةِ‬ ‫ِ‬
‫جرد االس�ت ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أمر الحقيقة َش�ي ًئا ‪ ،‬وإنَّم�ا ذكرنا هذه‬ ‫ِ‬
‫الباحثين لمجرد م�ن ِ‬
‫األقوال ل ُم َّ‬
‫يقضي ال َّل ُه‬ ‫أن‬ ‫إل�ى‬ ‫ُ‬
‫واألحاديث‬ ‫اآليات‬
‫ُ‬ ‫ي�ه‬‫ل‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫أش�ار‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫األمر‬ ‫ُّ‬
‫ويظل‬ ‫‪،‬‬ ‫االستئناس العام ِ‬
‫�ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫كان مفعولاً ‪.‬‬
‫أمرا َ‬
‫ً‬

‫‪404‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يأجوج ومأجوج‬
‫ومأجوج‬
‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬ ‫تتحر ُك ُقوى‬
‫أشرنا إ َليها سل ًفا َّ‬ ‫وفي آخ ِر المرحلة العيس�وية التي ْ‬
‫يكتسحون العالم‬ ‫حيث ِعيس�ى ش و َمن م َعه ‪ ،‬وإلى ذلِ َك‬ ‫س�اح العال ِم حتَّى تب ُل َغ إلى الش�ا ِم ُ‬ ‫لاِ كتِ ِ‬
‫العربي‬
‫يسى ‪ :‬إِنِّي َقدْ َأ ْخ َر ْج ُت ِع َبا ًدا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث ‪َ « :‬ف َب ْين ََما ُه َو ك ََذل َك إِ ْذ َأ ْو َحى ال َّل ُه إِ َلى ع َ‬
‫ُ‬ ‫شير‬
‫ُي ُ‬
‫ادى إِ َلى ال ُّط ِ‬ ‫ان ألَح ٍد بِ ِقتَالِ ِهم َفح�ر ْز ِعب ِ‬ ‫لِ�ى الَ يدَ ِ‬
‫وج‬ ‫وج َو َم ْأ ُج َ‬ ‫ور‪َ ،‬و َي ْب َع ُث ال َّل� ُه َي ْأ ُج َ‬ ‫ْ َ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َما فِ َيها ‪،‬‬ ‫�م َع َلى ُب َح ْي َر ِة َط َب ِر َّي َة َف َي ْش َ�ر ُب َ‬ ‫ِ‬ ‫ب َين ِْس� ُل َ‬
‫ون ‪َ ،‬ف َي ُم ُّر َأ َوائ ُل ُه ْ‬ ‫�م ِم ْن ك ُِّل َحدَ ٍ‬
‫َو ُه ْ‬
‫ِ‬ ‫ون َل َقدْ ك َ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يس�ى َو َأ ْص َحا ُب ُه‬ ‫َان بِ َهذه َم َّ�ر ًة َما ٌء‪َ .‬و ُي ْح َص ُر نَبِ ُّى ال َّل ُه ع َ‬ ‫�م َف َي ُقو ُل َ‬
‫َو َي ُم ُّ�ر آخ ُر ُه ْ‬
‫ُون َر ْأ ُس ال َّث ْو ِر ألَ َح ِد ِه ْم َخ ْي ًرا ِم ْن ِمائ َِة ِدين ٍَار ألَ َح ِدك ُُم ا ْل َي ْو َم»(((‪.‬‬
‫َحتَّى َيك َ‬

‫يرغب عيس�ى ش و َمن معه إل�ى ال َّل ِه ويجأرون‬ ‫ُ‬


‫الحر ِ‬
‫جة‬ ‫ِ‬
‫المرحلة ِ‬ ‫وف�ي ه�ذه‬
‫الش�ديدة ‪ ،‬فبينَما هم كذلك ي ِ‬
‫رس ُ�ل ال َّل ُه على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المحنة‬ ‫بِالدُّ ِ‬
‫ع�اء لِيخ ِّل َصه�م ِمن ه�ذه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فيضطر ُب‬ ‫الجيش ُك َّله ‪.‬‬
‫َ‬ ‫صيب‬
‫وفيروسا مرض ًّيا ُمعد ًيا ‪ُ ،‬ي ُ‬
‫ً‬ ‫ومأجوج وبا ًء عا ًّما‬
‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والوعك‬ ‫الحمى‬ ‫وتخور ُقواهم ‪ ،‬ويض ُعفون ضع ًفا شديدً ا لما يعتريهم م َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫يش ‪،‬‬ ‫الج ُ‬
‫َ‬
‫والمناز ِل ِمن حي ُثما كانوا ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألودية‬ ‫والمدُ ِن‬ ‫ِ‬
‫واألل ِم ‪ ،‬ويتس�اقطون في ال ُط ُرقات ُ‬
‫الد ال َّل ِه صرعى أمواتًا ال ِ‬
‫يملكون ُقدر ًة وال ُق َّو ًة وال جبروتًا ‪.‬‬ ‫بِ ِ‬

‫َ‬
‫يفرحون‬ ‫�وج‬ ‫الش�ريف بما معن�اه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق�د ور َد ذلِ َ‬
‫ومأج َ‬ ‫ُ‬ ‫وج‬
‫يأج َ‬
‫أن ُ‬ ‫الحديث‬ ‫�ك في‬
‫ِ‬
‫األرض ‪َ ،‬ه ُل َّم ف ْلنقت ُْل َمن‬ ‫األرض ‪ .‬فيقولون « لقد قت ْلنا َمن في‬ ‫ِ‬ ‫صارهم على ِ‬
‫أهل‬ ‫بانتِ ِ‬
‫الطغيان‬
‫فيرغب اليأجوجي قبل‬ ‫ِ‬
‫الس�ماء ‪ ،‬فير ُّدها ال َّل ُه ع َليهم مخضوب ًة د ًما‬ ‫الس�ماء فيرمون بِنشابِهم إلى‬ ‫ِ‬ ‫في‬
‫ُ‬
‫نهايتهم الحتمية‬ ‫ف في ِرقابِهم »(((‪ ،‬وفي ِر ٍ‬ ‫ِ‬
‫واية ‪ « :‬رو ًدا‬ ‫رس ُل ع َليهم النَّ َغ ُ‬‫نبي ال َّله عيسى وأصحا ُبه ف ُي َ‬
‫ُّ‬
‫سم ُع لهم ِح ٌّس‬ ‫ٍ‬
‫نفس واحدة ال ُي َ‬‫وت ٍ‬ ‫أعناقهم »((( ‪ .‬فيصبِحون موتَى كم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالنغف في‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬

‫‪405‬‬
‫رج ٌل‬ ‫نفسه فين ُظ ُر ما َ‬ ‫سلمون أال ٌ‬ ‫فيقول الم ِ‬
‫فيتجر ُد ُ‬
‫َّ‬ ‫العدو‬
‫ُّ‬ ‫فعل هذا‬ ‫رجل يشتري لنا َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪،‬‬
‫بعضهم على‬ ‫فينز ُل ِ‬
‫فيجدُ هم موتى ُ‬ ‫مقتول ‪ِ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫نفس�ه قد و َّطنَها على أنَّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منهم محتس� ًبا َ‬
‫بعض فينادي يا معش�ر الم ِ‬
‫عدوكم‬
‫وجل قد كفاكم َّ‬‫عز َّ‬ ‫إن ال َّل َه َّ‬
‫سلمين‪ ..‬أال أبش�روا َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٍ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال – ويهبِ ُط ُّ‬
‫نبي‬ ‫سرحون مواشيهم ‪ .‬إلى أن َ‬ ‫وحصونهم و ُي ِّ‬
‫فيخرجون من مدائنهم ُ‬‫ُ‬
‫زهمهم ـ أي ‪:‬‬ ‫ش�برا إلاَّ مأله ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض فال يجدون موض َع ً‬ ‫ِ‬ ‫ال َّل ِه عيس�ى وأصحا ُبه إلى‬
‫ُ‬
‫فيبعث‬ ‫الناس بِنتنِهم أشدَّ ِمن حياتِهم فيستغيثون بِال َّل ِه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نتنُهم م َن الجيف ـ فيؤذون َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬
‫ويكش ُ‬ ‫وتقع ع َل ُ‬
‫يهم الزكم ُة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫غما و ُدخانًا ‪،‬‬
‫الناس ًّ‬ ‫ريحا صماني ًة ً‬
‫غبرا فتصير على‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫البحر » ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ثالث ‪ ،‬وقد قذف ِجي َفهم في‬ ‫ال َّل ُه ما بهم بعدَ‬
‫ِ‬
‫كأعناق‬ ‫رس ُل َط ًيرا‬ ‫واية فيرغب نبي ال َّل ِه عيسى ش وأصحابه إلى ال َّل ِه في ِ‬ ‫وفي ِر ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫عيسى ش‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مطرا ال يمك ّن منه‬ ‫حيث شا َء الل ُه تعالى ‪ُ ،‬ث َّم ُيرسل الل ُه ً‬ ‫فتطرحهم ُ‬
‫ُ‬ ‫والمؤمنون ال ُبخت تحملهم‬
‫قال لِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض حتَّى يتركَها كالزلِ ِ‬ ‫يرغبون إلى الله‬
‫ِ‬
‫ألرض‬ ‫المرآة ـ ُث َّم ُي ُ‬ ‫قة ـ‬ ‫ُ‬ ‫ُغس�ل‬ ‫در وال ٍ‬
‫وبر ‪ ،‬فت ُ‬ ‫بيت ُم ٍ‬
‫ُ‬ ‫في إهالك قوم‬
‫مانة ‪ ،‬ويس�تظِلون بِقحفتِها‬
‫تأكل العصاب ُة ِمن الر ِ‬
‫َ ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ور ِّدي بركتَك فيومئذ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ثمرك ‪ُ ،‬‬
‫يأجوج ومأجوج أنبتي َ‬
‫ِ‬ ‫سلمون ِمن قسى‬ ‫‪ِ ،‬‬
‫ويوقدُ الم ِ‬
‫ومأجوج ونشابِهم وأتراسهم َ‬
‫سبع ُس ُف ٍن »(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومأجوج وموت عيس�ى ش مرحل ًة ُ‬
‫تنعم‬ ‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬ ‫هالك‬ ‫أن َبي َن‬‫وم� َن المعلو ِم َّ‬
‫ين هالك‬
‫ما َب َ‬
‫�دري ؤ َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫الخ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألمن والطاعة ‪ ،‬فقد روى أبو س�عيد ُ‬ ‫ِ‬
‫بالخي�ر‬ ‫ِ‬
‫يأجوج ومأجوج فيه�ا األُ َّم� ُة‬
‫ِّ‬
‫روج يأجوج ومأج�وج» (((‪ ،‬ورواه عبدُ بن حم ٍ‬ ‫وموت عيسى‬
‫يد‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عتمر َّن بعدَ ُخ ِ‬
‫البيت ول ُي َ‬ ‫حج� َّن ُ‬ ‫«ل ُي َّ‬ ‫ش‬
‫روج‬ ‫َ‬
‫النخل بع�دَ ُخ ِ‬ ‫ِ‬
‫يحج�ون ويعتمرون ويغرس�ون‬ ‫ٍ‬
‫بِزي�ادة ‪ ،‬ولف ُظ�ه ‪َّ « :‬‬
‫الن�اس ُّ‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫ومأجوج »((( ‪.‬‬
‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬

‫((( اإلشاعة ص‪.324‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪.)1593‬‬
‫((( مسند عبد بن حميد (‪.)941‬‬

‫‪406‬‬
‫ِ‬
‫المناس ِ‬
‫ك‬ ‫ِرحلةُ عيسى ِم َن الشا ِم إلى‬
‫أرض الحر َمين الش�ريفين ‪ ،‬ويستقي‬ ‫ِ‬ ‫يتوج ُه عيس�ى ش إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعدَ هذه المرحلة َّ‬
‫األحاديث ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ُش�ير ُجمل ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخرجه‬
‫َ‬ ‫ومنها ما‬ ‫ويموت في المدينة المنورة ‪ ،‬وإلى ذل َك ت ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حكما عدلاً وإما ًما‬
‫ً‬ ‫وصح َحه ‪ ،‬ورواه اب ُن عس�اك َر عنه ‪ « :‬ليهبِ َط َّن اب ُن َ‬
‫مريم‬ ‫َّ‬ ‫الحاك ُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاجا أو ُمعتم ًّرا ‪ ،‬وليأت َي َّن قبري حتَّى ُيس ِّل َم علي ‪ُ ،‬‬
‫وألر َّد َّن‬ ‫ُمقس� ًطا ‪ ،‬ويس� ُل َك َّن ًّ‬
‫فجا ًّ‬
‫ُك‬ ‫قرئ َ‬‫أي َبنِي أخي ‪ ،‬إن رأيتُموه فقول�وا ‪ :‬أبو هرير َة ُي ِ‬ ‫ش » ‪ .‬يق�ول أب�و هري�رة ‪ْ :‬‬
‫السال َم(((‪.‬‬
‫َّ‬

‫مكتوب في‬
‫ٌ‬ ‫قال ‪« :‬‬ ‫عبد ال َّل ِه ِ‬
‫بن سال ٍم َ‬ ‫عساكر عن ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫وحسنه ‪ ،‬واب ُن‬
‫ذي َّ‬
‫ِ‬
‫وأخرج الترم ُّ‬
‫َ‬
‫موت عيسى‬
‫ش بالمدينة‬ ‫حم ٍد ‪ m‬وعيسى ُيد َف ُن معه »(((‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫التوراة صف ُة ُم َّ‬
‫المنورة ودفنه‬
‫بالحجرة الشريفة‬ ‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس َّل َم‬
‫وأخرج الطبراني « ُيدْ َف ُن ِعيسى َع َل ْي ِه السالم م َع رس ِ‬
‫َّ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ُون َق ْب ُر ُه ألَ ْر َب ٍع »((( ‪.‬‬‫اح َب ْي ِه‪َ ،‬ف َيك ُ‬
‫وص ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫حكما‬
‫ً‬ ‫وأخرج الحاك ُم ووافقه الذهبي عن أبي ُه َرير َة ؤ ‪ « :‬لهبِ َط َّن اب ُن َ‬
‫مريم‬ ‫َ‬
‫قس� ًطا ‪ ،‬ويس� ُل َكن فجا حاج�ا أو م ِ‬
‫عتم ًرا ‪ ،‬وليأت َي َّن قبري حتَّى ُيس� ِّل َم‬ ‫عدلاً وإماما م ِ‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫َّ ًّ‬ ‫ً ُ‬
‫وألر َّد َّن ع َليه » (((‪.‬‬
‫علي ُ‬‫َّ‬

‫وقف على كتابي‬ ‫ِ‬


‫وقول أبي ُه َرير َة ‪َ :‬من َ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪m‬‬
‫ِ‬ ‫وأقول اقتِدا ًء بِ ِف ِ‬
‫عل‬ ‫ُ‬ ‫ُق ُ‬
‫لت ‪:‬‬

‫((( المستدرك (‪)4162‬‬


‫((( سنن الترمذي (‪.)3977‬‬
‫(( ( الطبراني في الكبير (‪.)150‬‬
‫((( المستدرك مع تعليقات الذهبي (‪.)4162‬‬

‫‪407‬‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫وأدرك عيس�ى ش فل ُيقرئهم�ا منِّ�ي السلا َم ‪ ،‬وليط ُل َ‬ ‫المه�دي‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫وأدرك اإلم�ا َم‬
‫غفار ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدعا َء واالست َ‬

‫‪408‬‬
‫ين رمحلةِ‬
‫الصرغى ما ب َ َ‬ ‫ِ‬
‫العلامات ُّ‬ ‫وعلامات هامَّة ٌ ِم َن‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫ظواه ُر‬
‫نتظ حتَّى نِهايةِ رمحلةِ عيسى علَيهِ‬ ‫الم رَ ِ‬
‫السلام‬
‫ُ‬ ‫الإما ِم ُ‬
‫ٍ‬
‫وأسماء‬ ‫ٍ‬
‫صفات‬ ‫الصغرى إلى ِر ٍ‬
‫جال يبرزون بِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث في ِ‬
‫َ‬
‫باب العالمات ُّ‬ ‫ُشير‬
‫ت ُ‬
‫واإلمارة ما بين ِ‬
‫عاد ٍل ِ‬
‫وفاج ٍر ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الحك ِم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫م ٍ‬
‫َ َ‬ ‫أدوار في ُ‬
‫ٌ‬ ‫المرحلة‬ ‫يكون لهم في ه�ذه‬ ‫عين�ة‬ ‫ُ‬
‫رج ٌل‬ ‫يخر َج ُ‬ ‫الشيخان عنه ‪ « :‬التقو ُم الساع ُة حتَّى ُ‬ ‫أخرج َّ‬
‫َ‬ ‫القحطاني » ‪ ،‬فقد‬
‫ُّ‬ ‫ومنهم «‬
‫القحطاني‬
‫المهدي‬ ‫مع‬ ‫ه�ور لِ‬
‫ويكون َّأو َل ُظ ٍ‬
‫ُ‬ ‫الن�اس بِعصاه »((( ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِمن‬
‫والج ْهجاه‬‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫لقحطاني َ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫يس�وق‬ ‫قحطان‬
‫والم ْق َعد‬ ‫ِ‬ ‫الس�رية التي ي ِ‬
‫ِ‬ ‫في َّأو ِل زمانِه ‪ ،‬كما‬
‫ُ‬
‫الرو ِم‬ ‫المهدي إلى مدينة ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫رس� ُلها‬ ‫ُ‬ ‫أميرا على‬
‫يكون ً‬ ‫ُ‬
‫رج ٌل‬ ‫�م يخ ُل ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫حال تابعيتِ�ه لِ‬‫فيفتتِ ُحه�ا في ِ‬
‫المهدي ُ‬
‫َّ‬ ‫ف‬ ‫لمهدي ال في حال خالفته ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫ِّ‬
‫سمى‬ ‫يش ُي َّ‬ ‫رج ٌل ِمن ُق َر ٍ‬ ‫ِ‬
‫يس�ير بِس�يرته حتَّى وفاة عيسى ش ‪ ،‬فيتو َّلى ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫أهل َبيتِه‬
‫ِمن ِ‬
‫فيخر َج ع َل ِيه‬ ‫ِ‬ ‫آخر ِمن ُق َر ٍ‬
‫يش ال ُيحس� ُن الس�ير َة ؛ ُ‬ ‫رج ٌل ُ‬‫م�ات تو َّلى ُ‬
‫« المقع�د » ف�إذا َ‬
‫رقة ؛ فيخرج ع َل ِيه القحطاني بِ ِ‬
‫سيرة‬ ‫المخزومي ولع َّله « الجهجاه » ‪ ،‬ويدعو إلى ال ُف ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ‬
‫ُث إحدى وعشرين سن ًة ُثم ِ‬ ‫ِ‬
‫المنصور ‪ ،‬ويمك ُ‬ ‫ب بِ‬
‫يمل ُك الموالي‬ ‫َّ‬ ‫المل َّق ُ‬
‫المهدي ‪ ،‬وهو ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫حديث م ِ‬
‫س�ل ٍم قال ‪: m‬‬ ‫بعده ‪ .‬وفي الجهجاه عن أبي ُه َرير َة ِمن‬ ‫ويغلب الش�ر ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫رج ٌل ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫قال له الجهجاه »((( ‪.‬‬ ‫تذهب األيا ُم والليالي حتَّى يمل َك ُ‬
‫ُ‬ ‫«ال‬

‫القحطاني والجهجاه‬ ‫ِ‬


‫األحاديث التي جا َءت ف�ي‬ ‫التويجري ((( جمل� ًة ِم َن‬ ‫َ‬
‫ونق�ل‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫مكن العود إ َليها لِالستِ ِ‬
‫فادة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُي ُ‬

‫((( البخاري (‪ )7117‬مسلم (‪. )7492‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪.)7493‬‬
‫((( إتحاف الجماعة (‪.)314 : 2‬‬

‫‪409‬‬
‫(((‬ ‫ِ‬
‫والعود إلى الجاهليةِ‬ ‫رمحلةُ الانهيا ِر‬

‫((( يشار إلى هذه المرحلة بصفة االنهيار والعود إلى الجاهلية لما يطرأ فيها من تحول تام وتغير‬
‫كام�ل ع�ن مراد الل�ه في خلقه ‪ .‬ومن أعظم التح�ول والتغير حلول الش�رك في األمة ‪ ،‬وهو‬
‫عودة الكفر وعبادة األصنام وعبادة األوثان كالالت والعزى وذي الخلصة وغيرها على ما‬
‫كانت عليه في مرحلة الجاهلية األولى ‪.‬‬
‫األكبر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الش�رك‬ ‫قبل هذه المرحلة ما بين عيس�ى ش تصاعديا إلى عهد الرس�الة فإن‬ ‫أما َ‬
‫الموج�ب للخل�ود في النار منع�د ٌم من األمة المحمدي�ة خصوصا وإنما يصيبه�ا داء األمم‬
‫ويصيبها اإلفراط والتفريط‪ ،‬وداء األمم‪ ،‬وهو البغضاء والحسد‪ ،‬وهي ـ كما سماها رسول‬
‫وعكسه ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الله ‪ m‬ـ حالقة الدين ‪ ،‬واإلفراط والتفريط هو الغلو في االعتقاد والوالءات‬
‫ويكون فيها المس�خ والق�ذف التخاذهم المعازف والقينات والدفوف وش�رب الخمر ‪،‬‬
‫وه�ذه ظواهر منتش�رة ف�ي األمة والعياذ بالل�ه ‪ ،‬فعن أبي هريرة ؤ أن رس�ول الله ‪m‬‬
‫قال‪« :‬يمسخ قوم من أمتي آخر الزمان قردة وخنازير» ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬مسلمون هم؟‬
‫قال ‪ « :‬نعم ‪ ،‬يش�هدون أن ال إله إال الله ‪ ،‬وأن محمدا رس�ول الله ‪ ،‬ويصومون ويصلون» ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬فما بالهم يا رسول الله ؟ قال ‪ « :‬اتخذوا المعازف والقينات والدفوف ‪ ،‬وشربوا هذه‬
‫األش�ربة ‪ ،‬فباتوا على ش�رابهم ولهوهم فأصبحوا وقد مس�خوا » كما ورد في «كنز العمال»‬
‫(‪ )3873‬و«الدر المنثور» للسيوطي (‪ )324 : 2‬و«حلية األولياء» (‪. )119 : 3‬‬
‫ِ‬
‫المذكورة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫ِ‬
‫ه�ذه‬ ‫ُ‬
‫أحاديث ظهور الش�رك في المس�لمين على‬ ‫وال يج�وز أن ُتن ََّز َل‬
‫وإنما يكون الشرك األكبر محصورا فيما بعد عيسى ش ‪ .‬وفيها حديث «ال تقوم الساعة‬
‫حت�ى يرج�ع ناس من أمتي إلى عب�ادة األوثان يعبدونها» أخرجه الطيالس�ي عن أبي هريرة‪.‬‬
‫وحديث ثوبان ؤ « وال تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ‪ ،‬وحتى تعبد‬
‫قبائل من أمتي األوثان » ‪ .‬وحديث ‪ « :‬ال يذهب الليل والنهار حتى تعبد الالت والعزى » ‪.‬‬
‫فقلت يا رسول الله ‪ ،‬إن كنت ال أظن حين أنزل الله ‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ) [التوب�ة‪ ]33:‬أن ذل�ك تام قال ‪:‬‬
‫« إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ‪ ،‬ثم يبعث الله ريحا طيبة تتوفى كل من في قلبه مثقال حبة‬
‫خردل من إيمان ‪ ،‬فيبقى من ال خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم » ‪ .‬أخرجه مسلم في صحيحه‬
‫(‪. )2231-2230 /4‬‬

‫‪410‬‬
‫ٍ‬ ‫االنهيار بعيدَ م ِ‬
‫س�نوات ‪ ،‬وه�ي مرحل ٌة طويل ٌة‬ ‫وت عيس�ى ش بِ‬ ‫ِ َُ َ‬ ‫و تب�د ُأ مرحل َة‬
‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫الشمس تأتي ُجمل ٌة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫وت عيسى ش ‪ ،‬و َبي َن موتِه و ُطلو ِع‬ ‫نِسبيا ‪ ،‬تبد ُأ بِم ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫يموت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫«اإلش�اعة» بِ َقولِ�ه ‪ُ :‬ث َّم‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫والصغ�رى وقد وص َفه�ا كات ُ‬ ‫والوس�طى ُّ‬ ‫الكُب�رى ُ‬
‫مات‬
‫سمى المقعدَ فإذا َ‬ ‫رج ٌل ِمن ُق َر ٍ‬
‫يش ُي َّ‬ ‫عيس�ى ش ‪ ،‬ويتو َّلى بعدَ عيس�ى ش ُ‬
‫المخزومي ـ ولع َّله «الجهجاه»ـ‬
‫ُّ‬ ‫فيخر َج ع َل ِيه‬ ‫ِ‬ ‫تو َّلى ِمن ُقر ٍ ِ‬
‫يش من ال ُيحس ُن سيرتَه ؛ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫القحطان�ي بِ‬ ‫رق�ة ؛ فيخ�رج ع َل ِ‬
‫ويدع�و إل�ى ال ُف ِ‬
‫القحطاني‬ ‫المل َّق ُ‬
‫�ب‬ ‫المه�دي ‪ ،‬وه�و ُ‬
‫ِّ‬ ‫س�يرة‬ ‫ُّ‬ ‫ي�ه‬ ‫ُ ُ‬
‫ُ‬
‫ويملك الموالي ‪،‬‬ ‫تنتقص الدُّ ني�ا ‪،‬‬ ‫ُث إحدى ِ‬
‫وعش�رين س�ن ًة ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ِ‬
‫المنصور‪ ،‬ويمك ُ‬ ‫بِ‬
‫ُ‬
‫والطارف ص‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫(راج ِع التليدَ‬ ‫الش�مس ِمن مغربِها ‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الش�ر إلى أن تط ُل َع‬
‫ُّ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ويغل ُ‬
‫‪.)451 -450‬‬
‫قال « ُثم ي ِ‬
‫رس ُ�ل ال َّل ُه ـ يعني‬ ‫مر أبي ٍ‬
‫عمرو ء َ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫وأخرج أحمدُ و ُمس�ل ٌم عن ُع َ‬
‫َ‬

‫وهذا الشرك الجماعي ال يكون بعد موت عيسى ش ‪ ،‬ويؤيد انصراف معنى « الشرك‬
‫» من أمة محمد ما بين الرسالة ونزول عيسى ش حديث ‪ « :‬لست أخشى عليكم الشرك‬
‫من بعدي ‪ ،‬ولكن أخش�ى عليكم الدنيا أن تنافسوها فتهلككم كما أهلكت من كان قبلكم »‬
‫‪ .‬وعلى هذا األس�اس يفسر علم فقه التحوالت ظاهرة التشريك التي تبنتها مدارس القبض‬
‫والنق�ض في مرحلة الغثاء بأنها تهم�ة ال دليل لها ‪ ،‬بل هي تهمة بدعية بحتة تبنت التحريف‬
‫للنص�وص القرآني�ة والحديثي�ة وغاي�ة ما يمك�ن قبوله في تصحي�ح االنحراف الس�ائد بين‬
‫المس�لمين في االعتقادات والعادات والعبادات ‪ ،‬يقال في المسلمين بعمومهم أنهم وقعوا‬
‫ف�ي الغل�و واإلفراط أو الجف�اء والتفريط ‪ ،‬وعل�ى هذين الطرفين المتضادي�ن تبنت أحكام‬
‫التشريك والتكفير الجائرة مدارس القبض والنقض من جهة ‪ ،‬وتبنت التفريط وثقافة الكفر‬
‫مدارس العلمانية والتوليفية المعاصرة من جهة أخرى ‪.‬‬
‫وكال المدرس�تين خدمت�ا « المنه�ج المس�يس » بعل�م أو بغي�ر علم وش�ددتا النكير على‬
‫مدارس اإلسلام األبوية المسندة مع أنهما في الجانب المقابل فتحتا الباب على مصراعيه‬
‫لمدارس العلمانية والعلمنة والعولمة كي « تعيد هندسة الحياة المعاصرة بكل أنماطها » ‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫قبل الشا ِم فال يبقى على ِ‬ ‫بارد ًة ِمن ِ‬
‫يحا ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫األرض أحدٌ‬ ‫وجه‬ ‫ظهور إبليس في بعدَ َموت عيسى ش ـ ِر ً‬
‫الناس في ِخ َّف ِة‬
‫ِ‬ ‫�رار‬ ‫ِ‬
‫قال ‪ :‬فيبقى ش ُ‬ ‫قبضه – إلى أن َ‬ ‫ٍ‬
‫إيمان إلاَّ َ‬ ‫ذر ٍة ِمن‬ ‫جيل االنهيار ف�ي قلبِ�ه ِم َ‬
‫ثقال َّ‬
‫يعرفون معرو ًفا ‪ ،‬وال ي ِ‬ ‫والدعوة إلى‬
‫ُ‬
‫الشيطان ‪،‬‬ ‫لهم‬
‫ُ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ث‬ ‫فيتم‬ ‫ا‬ ‫نكر‬
‫ُ ً‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫رون‬ ‫نك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫ع‬ ‫با‬ ‫الس‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫وأحال‬ ‫ِ‬
‫ير‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ال‬
‫عبادة األصنام‬
‫ِ‬
‫األوثان فيع ُبدونها ‪ ،‬وهم‬ ‫تستحيون ؟ فيقولون ما تأمرنا ؟ فيأمرهم بِ ِع ِ‬
‫بادة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فيقول أال‬ ‫كما كانَت في‬
‫ُُ‬ ‫ُُ‬
‫الجاهلية‬
‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫وتمتاز هذه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصور (((‪.‬‬ ‫في ذلِ َك َد ٌّار ِرز ُقهم َح َس� ٌن َع ُ‬
‫يش�هم حتَّى ُين َف َخ في‬
‫والصغرى ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والوسطى ُّ‬ ‫األخيرة بما يلي م َن العالمات الكُبرى ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪ ، )7568‬وراجع التليد والطارف ‪.457‬‬

‫‪412‬‬
‫ُخروج الدابة من‬ ‫الدابَّةُ‬
‫مكَّة‬
‫ِ‬ ‫ترتيب وقتِها بِ‬
‫ِ‬ ‫هور الدا َّب ِة ‪ ،‬واخت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النس�بة‬ ‫ُلف في‬ ‫ومن عالمات الس�اعة الكُب�رى ُظ ُ‬
‫عمرو‬ ‫بن ٍ‬ ‫�ه ِ‬ ‫عبدال َّل ِ‬
‫حديث ِ‬
‫ُ‬ ‫ش�ير إل�ى هذا المعن�ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعالم�ات الكُب�رى األخيرة ‪ ،‬و ُي ُ‬
‫َ‬
‫رس�ول‬ ‫عت‬‫س�م ُ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬حدي ًثا لم أنس�ه بعدُ ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫حف ْظ ُت ِمن‬
‫قال ‪ِ :‬‬ ‫ء َ‬
‫َ‬
‫روج الدا َّب ِة‬
‫وخ ُ‬ ‫مغربِها ‪ُ ،‬‬‫الشمس ِمن ِ‬
‫ِ‬ ‫روجا ُط ُ‬
‫لوع‬ ‫ِ‬
‫إن َّأو َل اآليات ُخ ً‬ ‫ال َّل ِه ‪ُ m‬‬
‫يقول « َّ‬
‫صاحبتِها ‪ ،‬فاألُخرى على ِ‬
‫أثرها قري ًبا» (((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس ُض ًحى ‪ ،‬وأيهما كانَت َ‬
‫قب�ل‬ ‫عل�ى‬
‫رواه م ِ‬
‫سل ٌم ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ق�ال تعال�ى (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫َ‬


‫ِ ِ‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ) [النمل‪َ . ]82:‬‬
‫كر ُخ ِ‬
‫روج‬ ‫فسرون‪ :‬هذه اآلي َة الكريم َة جا َء فيها ذ ُ‬ ‫الم ِّ‬
‫قال ُ‬
‫وتبريهم ِم َن ِّ‬
‫الحق‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫وتركهم أوامر ال َّل ِ‬
‫�ه‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن�اس‬ ‫ِ‬
‫فس�اد‬ ‫يكون ِعندَ‬
‫ُ‬ ‫وإن ذلِ َك‬ ‫ِ‬
‫الداب�ة ‪َّ ،‬‬
‫(ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫هاب ِ‬ ‫وت الع ِ‬
‫لماء و َذ ِ‬ ‫يكون بِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قال عبدُ ال َّل ِه ب ُن‬ ‫َ‬
‫العل ِم ﮉ) هو موت‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫القول‬ ‫مسعود ؤ ‪َ « :‬و ْق ُع‬
‫العلماء ورفع‬ ‫قال‪ :‬أكثِروا تِالو َة ال ُق ِ‬ ‫ورف� ِع ال ُق ِ‬
‫المصاحف‬
‫ُ‬ ‫رآن َ‬
‫قب�ل أن ُير َف َع ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هذه‬ ‫�رآن ‪ُ ،‬ث َّم َ‬
‫القرآن‬
‫ِ‬ ‫دور ِ ِ‬‫فكي�ف بما في ُص ِ‬
‫قفرا ‪،‬‬‫الرجال! قال‪ُ :‬يس�رى ع َليه َليًل�اً ف ُيصبِحون منه ً‬ ‫َ‬ ‫�ع‪،‬‬ ‫تُر َف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجاه ِ‬
‫ِ‬ ‫وينس�ون ال إل�ه إلاَّ ال َّل ُه ‪ ،‬ويقعون ف�ي َق ِ‬
‫وأش�عارهم ‪ ،‬وذل َك حي َن ُ‬
‫يقع‬ ‫لية‬ ‫ول‬
‫ِ‬
‫الساعة» للوابِ ِل((( ‪.‬‬ ‫َ‬
‫أشراط‬ ‫ِ‬
‫‪،‬وراج ْع «‬ ‫(((‬
‫ول ع َليهم»‬
‫ال َق ُ‬

‫وطول زمانِها‬
‫ِ‬ ‫الش�مس ِمن ِ‬
‫مغربِه�ا ص ‪. 404‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخبار ُطلو ِع‬ ‫ُ‬
‫الحال في‬ ‫وكم�ا هو‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7570‬‬


‫تفسير ال ُقر ُط ِّ‬
‫بي (‪.)234/13‬‬ ‫ُ‬ ‫(((‬
‫((( وج�اء ف�ي س�بل الهدى والرش�اد (‪ )656 : 10‬في الباب الس�ابع « س�بب خروجها » قال ‪:‬‬
‫«ذلك حين ال يأمرون بمعروف ‪ ،‬وال ينهون عن منكر» ‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫ُ‬
‫فيطول الزم ُن بعدَ ها‪..‬‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫وآثار ُخ ِ‬
‫روجها على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدابة‬ ‫ُ‬
‫الحال في ُخ ِ‬
‫روج‬ ‫وكذلِ َ‬
‫�ك‬
‫بقاء الناس بعد‬
‫تخر ُج الدا َّب ُة‬
‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫كما روى اإلما ُم أحمدُ عن أبي ُأمام َة ؤ يرف ُعه إلى ِّ‬
‫النبي ‪َ m‬‬ ‫الدابة مددا طويلة‬

‫خراطيمهم ـ أي ‪ُ :‬أنوفِهم ـ ُث َّم ُيغمرون ـ أي ‪ :‬يك ُثرون ـ فيكم‬


‫ِ‬ ‫الناس على‬
‫ُس�مي َ‬
‫فت ِّ‬
‫المخ َّطمين(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫البعير ‪ ،‬ف ُي ُ‬ ‫الرج ُل‬
‫فيقول‪ :‬من أحد ُ‬ ‫اشتريتَه ؟‬
‫قال ممن َ‬ ‫َ‬ ‫حتَّى يشتري ُ‬
‫النب�ي ‪َ m‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫�ذي ع�ن أبي ُه َري�ر َة ‪ِ n‬‬
‫عن‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫وروى اإلم�ا ُم أحم�دُ والترم ُّ‬ ‫ما بعد مرحلة‬
‫�م الكافِ َر ـ َ‬
‫أنف‬ ‫ِ‬
‫يمان ش فتخت ُ‬ ‫وخاتم ُس� َل َ‬
‫ُ‬ ‫تخ�ر ُج الداب� ُة وم َعه�ا عصا ُموس�ى‬ ‫« ُ‬ ‫ُخروج الدابة‬
‫ِ‬
‫الخوان((( – أي ‪:‬‬ ‫إن َ‬
‫أه�ل‬ ‫ِ‬
‫العصاء حتَّى َّ‬ ‫المؤم�ن بِ‬
‫ِ‬ ‫الكافِ ِ‬
‫�ر ـ بِالخات� ِم ‪ ،‬وتجلو وج َه‬
‫ِ‬
‫األكل‬ ‫يوضع ع َل ِيه الطعا ُم ِعندَ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والخوان ما‬ ‫ِ‬
‫الخوان ـ‬ ‫جتمع�ون على الطعا ِم َ‬
‫فوق‬ ‫الم ِ‬
‫ُ‬
‫مؤم ُن ‪ .‬ويقول هذا ‪ :‬يا كافِ ُر » (((‪.‬‬ ‫فيقول هذا ‪ :‬يا ِ‬ ‫ُ‬ ‫عون على خوانِهم ‪،‬‬
‫يجتم َ‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬

‫وي في ذلِ َك‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫المكرمة من أعظ ِم المس�اجد ‪ُ ،‬‬
‫ور َ‬ ‫َّ‬ ‫تخر ُج ِمن مكَّ� َة‬
‫وق�د ذك�روا أنها ُ‬
‫أحاديث ِمنها ‪:‬‬
‫ُ‬

‫تخر ُج الداب ُة ِمن أعظ ِم‬


‫قال « ُ‬
‫بن َأ ٍ‬
‫س�يد َ‬ ‫ِ‬
‫األوس�ط عن ُح َذيف َة ِ‬ ‫الطبراني في‬
‫ُّ‬ ‫ما رواه‬
‫األرض ‪ ،‬فبينما هم كذلِ َك تصدَّ َعت » (((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫المساج ِد ‪ :‬فبينَما هم إذ دب ِ‬
‫ت‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫الحاكم‬ ‫سيد ِعند‬
‫بن َأ ٍ‬ ‫ِ‬
‫حديث ُح َذيف َة ِ‬ ‫ٍ‬
‫روجات ‪ .‬كما جا َء في‬ ‫إن لها ثالث َة ُخ‬
‫وقيل ‪َّ :‬‬‫َ‬
‫ٌ‬
‫حديث‬ ‫الحدي�ث بِطولِه ‪ُ ،‬ث َّم َ‬
‫ق�ال هذا‬ ‫َ‬ ‫وذكر‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫خرج�ات » (((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ثلاث‬ ‫َ‬
‫وق�ال ‪« :‬له�ا‬ ‫‪،‬‬
‫شرط َّ‬
‫الشيخين ولم ُيخرجاه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صحيح على‬
‫ٌ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)22968‬‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الناس على ماء ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوت ُمجتمع ٌة م َن‬ ‫((( وفي ِر ٍ‬
‫واية (الحواء) ‪ ،‬وهي ُب ٌ‬
‫((( سنن الترمذي (‪.)3490‬‬
‫((( الطبراني في األوسط (‪. )1635‬‬
‫((( المستدرك (‪.)8490‬‬

‫‪414‬‬
‫ِ‬ ‫المس�اج ِد ـ عل�ى ال َّل ِه ـ ُحرم� ًة‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫وأكرمها‬ ‫الن�اس في أعظ ِم‬
‫ُ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :m‬ث َّ‬
‫�م بـَينَم�ا‬
‫كن والمقا ِم تن ُف ُض عن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫رأس�ها‬ ‫المس�جد الحرا ِم ‪ ،‬ل�م تر ْعهم إلاَّ وهي ترغو َبي َن ُّ‬
‫ُّراب َف ْار َف َّض ُ‬
‫الناس عنها شتَّى » ((( ‪.‬‬ ‫الت َ‬
‫ٍ‬
‫أجياد » (((‪.‬‬‫تخرج الدّ ا َّب ُة بِ‬ ‫مر وعائش َة ‪« : n‬‬ ‫وعن أبي ُه َرير َة ِ‬
‫ُ‬ ‫وابن ُع َ‬

‫البيضاوي في تفس�يره بأنها «الجساس� ُة صاحبة الدجال» (((‪ .‬كما ورد في‬ ‫ُّ‬ ‫وجز َم‬
‫ِ‬
‫الحياة وقد َف َر َغ من‬ ‫إبليس بعد انقطا ِع َد ْو ِر ِه في‬ ‫رواية ابن حماد والحاكم أنها تقتل‬
‫َ‬
‫َخ ُ�ر َج الداب ُة ف َت ْق ُت َل ُه‬
‫إبليس س�اجد ًا باكي ًا حتّى ت ْ‬
‫ُ‬ ‫الحديث‪« :‬وال ُ‬
‫يزال‬ ‫ُ‬ ‫َ�ص‬
‫العم�ل‪ ،‬ون ُّ‬
‫وهو ساجدٌ »((( ‪.‬‬
‫ُ‬

‫ت‬ ‫العاص ‪ c‬قال ‪« :‬إذا َط َلع ِ‬ ‫ِ‬ ‫عم�رو ِ‬


‫بن‬ ‫ِ‬ ‫الطبراني وا ْب ُن َم ْر َد ِو ِيه عن‬ ‫وأخ�رج‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫إلهي ُم ْرنِي َأ ْس ُجدُ لِ َم ْن ِش ْئ َت‪،‬‬
‫إبليس ساجد ًا ُينادي و َي ْج َه ُر‪ِ :‬‬ ‫ُ‬ ‫الشمس ِمن مغربِها َخ َّر‬ ‫ُ‬
‫س�ألت َربِي َأ ْن‬
‫ُ‬ ‫فيقولون‪ :‬يا َس� ِّيدَ نا ما هذا الت ََّض ُّر ُع ؟ فيقول‪ :‬إِنّما‬
‫َ‬ ‫فتجتمع ِ‬
‫إليه َزباني ٌة‬ ‫ُ‬
‫وه َذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الوقت المعلو ُم»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُينْظ َرني إلى الوقت المعلو ِم ‪َ ،‬‬

‫((( مسند الطيالسي (‪.)1165‬‬


‫(( ( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38762‬‬
‫(( ( تفسير البيضاوي (‪ ، )278 :1‬وانظر اإلشاعة ص‪.360‬‬
‫((( نص�ه في المس�تدرك (‪ : )8590‬خروج الدابة بعد طلوع الش�مس م�ن مغربها فإذا خرجت‬
‫لطمت إبليس وهو ساجد‪.‬‬
‫((( الطبراني في األوسط (‪.)94‬‬

‫‪415‬‬
‫الريح القابِضةُ لِلمؤمنين‬
‫ُ‬ ‫الريح القابضة‬
‫لمن بقي من‬
‫ِ‬
‫االنهيار الذي‬ ‫مع ه�ذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتظهر َ‬
‫ُ‬ ‫المرحلة ‪،‬‬ ‫الصغرى في ه�ذه‬‫وه�ي م� َن العالمات ُّ‬ ‫المؤمنين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أم�ر دينِه�ا وعقيدتِها ُ‬
‫صي�ب البش�ري َة ِمن ِ‬
‫ريحا‬
‫بقي م� َن المؤمنين ً‬‫يبعث ال َّل� ُه ل َمن َ‬ ‫ُ‬ ‫ُي‬
‫ثل َقولِه ‪m‬‬
‫عن الهوى ِمن ِم ِ‬
‫ينط�ق ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أحاديث َمن ال‬ ‫أرواحه�م ‪ ،‬كما ور َد في‬
‫َ‬ ‫�ض‬‫تقبِ ُ‬
‫زمهرير‬
‫ٌ‬ ‫يحا فِيها‬
‫وجل ِر ً‬
‫عز َّ‬ ‫يبعث ال َّل ُه َّ‬
‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫مسعود ؤ َ‬ ‫ٍ‬ ‫فيما رواه عبدُ ال َّل ِه ب ُن‬
‫الريح ُث َّم تقو ُم الس�اع ُة على‬
‫ِ‬ ‫لك‬ ‫م�ات بِتِ َ‬
‫َ‬ ‫األرض م ِ‬
‫ؤمنًا إلاَّ‬ ‫ِ ُ‬
‫ِ‬
‫وج�ه‬ ‫ت�دع على‬ ‫ِ‬
‫ب�ار ٌد ال ُ‬
‫ِ‬
‫الناس » ((( ‪.‬‬ ‫ِش ِ‬
‫رار‬

‫أن الحبش� َة يغزون‬ ‫ِ‬


‫الكعبة َّ‬ ‫أمر‬ ‫إن ِمن ِ‬
‫آخ ِر ِ‬ ‫مر ؤ َ‬
‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫�ه ِ‬‫عبدال َّل ِ‬
‫وع�ن ِ‬
‫بن ُع َ‬ ‫ارتباط هدم‬
‫ِ‬
‫أثرها ش�رقي ٌة ؛ فال ُ‬
‫يدع‬ ‫فيبعث ال َّل ُه ع َليهم ً‬
‫ريحا ُ‬ ‫ُ‬ ‫نحوهم‬
‫المس�لمون َ‬ ‫فيتوجه ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يت ‪،‬‬
‫الكعبة بموت ال َب َ‬
‫المؤمنين وبقاء‬
‫قبضته ‪ ،‬حتَّى إذا فرغوا ِمن ِ‬
‫خيارهم ‪ ،‬يقي‬ ‫ذر ٍة ِمن تُقى إلاَّ َ‬ ‫ال َّل� ُه عب�دً ا في قلبِه ِم َ‬
‫ثقال َّ‬ ‫عجاج من الناس‬
‫ٍ‬
‫معروف وال ينهون عن ُم ٍ‬ ‫الناس ال يأمرون بِ‬
‫ِ‬ ‫جاجا ِم َن‬ ‫ِ‬
‫نكر ‪ ،‬وعمدَ ك َُّل ٍّ‬
‫حي إلى ما‬ ‫ع ً‬
‫البهائم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األوثان ‪ ،‬فيع ُبدُ ه حتَّى يتسافدوا في ال ُّط ُر ِق كما تتسافدُ‬ ‫كان يع ُبدُ آباؤهم ِم َن‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يهم الساع ُة ‪ ،‬فمن َ‬
‫لم له » (((‪.‬‬
‫نبأك عن شيء بعدَ هذا فال ع َ‬ ‫‪ ،‬فتقو ُم ع َل ُ‬
‫سمعان « فبينما هم كذلِ َك إذ َ‬
‫بعث ال َّل ُه ً‬
‫ريحا ط ِّيب ًة‬ ‫َ‬ ‫النواس ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫عن‬ ‫وما رواه م ِ‬
‫سل ٌم ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫�رار‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن وك ُِّل ُمس�ل ٍم ‪ ،‬ويبقى ش ُ‬ ‫تحت آباطهم فتقبِ ُض ُر َ‬
‫وح ك ُِّل‬ ‫فتأخ ُذه�م َ‬‫ُ‬
‫الحمر فع َليهم تقو ُم الساع ُة (((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تهارج‬
‫َ‬ ‫يتهارجون فِيها ـ أي‪ :‬يتسافدون ـ كما‬

‫((( المستدرك (‪.)8666‬‬


‫((( المستدرك (‪ ،)8410‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)34 :3‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬

‫‪416‬‬
‫ثل ذلِ َك حتَّى ال ُيو َلدُ أحدٌ ِمن ٍ‬
‫نكاح ُث َّم ُيع ِّق ُم ال َّل ُه‬ ‫(فيكون على ِم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلشاعة ‪:‬‬ ‫قال في‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الناس ع َليهم تقو ُم الساع ُة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫النِّسا َء ثالثين سن ًة ‪ ،‬ويكونون ك ُّلهم أوال َد ِزنا ش َ‬
‫رار‬

‫((( ص‪.326‬‬

‫‪417‬‬
‫هدم الكعبةِ‬
‫ُ‬
‫الكعبة الم ِ‬
‫شرفة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والحياة هد ُم‬ ‫أمر الك ِ‬
‫َون‬ ‫الساعة الصغرى قرب نِ ِ‬
‫هاية ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ومن‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫انهيار أهل‬
‫وزوال بنيانِها حجرا حجرا ‪ ،‬فتخرب خرابا ال تعمر بعدَ ه ‪ ،‬وقد ورد ذلِ َك في جملةٍ‬ ‫ِ‬ ‫مكَّة في مرحلة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الرس�ول ‪ِ m‬‬ ‫ِ‬ ‫الخراب األخير‬
‫ث أبا َقتاد َة ؤ‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة وه�و يحدِّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ومنها ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أحاديث‬ ‫وانفتاح أبواب ِم�ن‬
‫الر ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ ِ « : m‬‬ ‫يطوف بِ ِ‬
‫كن والمقا ِم‬ ‫يباي ُع ل َر ُج ٍل َبي َن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫البيت َ‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬‫الشر والدمار ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫العرب‬ ‫ِ‬
‫هلكة‬ ‫يت أه ُله ‪ ،‬فإذا اس�تح ُّلوه فال تس�أل ع�ن‬ ‫يس�تح ُّل ه�ذا الب ِ‬
‫ِ‬ ‫وأو ُل َم�ن‬
‫َ‬ ‫‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫يس�تخرج َ‬
‫ون‬ ‫وهم الذي َن‬
‫يعم ُ�ر بعدَ ه أبدً ا ‪ُ ،‬‬ ‫�م تج�ي ُء الحبش� ُة ف ُي ِّ‬
‫خربونه خرا ًبا ال ُ‬ ‫‪ُ ،‬ث َّ‬
‫كنزه»(((‪.‬‬
‫َ‬

‫الس�ويقتَين‬
‫َ‬ ‫خر ُب الكعب َة ذو‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫قال ‪ُ « :‬ي ِّ‬ ‫َ‬ ‫وعن أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫الحبشة » (((‪.‬‬ ‫ِم َن‬

‫حجرا »‬ ‫حجرا‬ ‫أفح�ج يقل ُعها‬ ‫اس ء ‪ « :‬كأني بِه أس�و ُد‬
‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫وف�ي ِر ِ‬
‫واي�ة ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫يعني‪ :‬الكعب َة ((( ‪.‬‬

‫مر‬ ‫حدي�ث ِ‬
‫ابن ُع َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫�رآن ِم َن‬ ‫ِ‬
‫البي�ت الحرا ِم وال ُق ِ‬ ‫ك�ن ِم َن‬
‫الر ِ‬
‫وور َد ف�ي رف� ِع ُّ‬
‫البيت ؛ فإنَّ�ه قد ُه ِد َم‬
‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬اس�تمتِعوا ِمن ه�ذا‬
‫ُ‬ ‫ق�ال ‪َ :‬‬
‫ق�ال‬ ‫ء َ‬
‫ِ‬
‫الثالثة » (((‪.‬‬ ‫مرتَين ‪ ،‬و ُير َف ُع في‬

‫((( مسند أحمد (‪. )8129‬‬


‫((( متفق عليه ‪ ،‬صحيح البخاري (‪ ، )1591‬صحيح مسلم (‪. )7489‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )1595‬‬
‫((( صحيح ابن حبان (‪.)6753‬‬

‫‪418‬‬
‫النبي ‪m‬‬
‫عن ِّ‬ ‫قال ‪ :‬بلغني ِ‬
‫س�اج َ‬
‫ٍ‬ ‫ثمان ِ‬
‫بن‬ ‫وذك�ر الفاكه�ي في « أخبار م َّك َة » عن ُع َ‬
‫َ‬
‫أهم ظواهر هذه‬
‫المرحلة‬ ‫َّاس َمكَانَ� ُه ‪َ ،‬و َأكْثِ ُروا‬
‫قبل َأ ْن ُي ْر َف َع ‪ ،‬و َين َْس�ى الن ُ‬
‫ِ‬
‫البيت َ‬ ‫ق�ال ‪ « :‬أكثروا ِز َ‬
‫ي�ار َة هذا‬ ‫أنَّ�ه َ‬
‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫�ه ‪َ m‬‬
‫قال ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫�ع »((( ‪ ،‬وعن ُح َذيف َة ؤ َّ‬
‫أن‬ ‫قب�ل َأ ْن ُي ْر َف َ‬
‫الق�رآن َ‬ ‫تلاو َة‬
‫ِ‬
‫األرض منه آي ٌة»((( ‪.‬‬ ‫يلة فال يبقى في‬ ‫وجل في َل ٍ‬
‫عز َّ‬ ‫تاب ال َّل ِه َّ‬
‫«يسري على ِك ِ‬
‫ِ‬
‫الخطيرة ما يلي ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫ِ‬
‫ظواهر هذه‬ ‫ومن‬
‫وسلب حليتِها ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحبشة‬ ‫يد ذي السويقتَين ِم َن‬
‫الكعبة على ِ‬
‫ِ‬ ‫ •هد ُم‬
‫والص ِ‬
‫دور ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ • ُير َف ُع‬
‫القرآن م َن المصاحف ُّ‬
‫النبي ‪. m‬‬ ‫الرك ُن وال ُق ُ‬
‫رآن ورؤيا ِّ‬ ‫ • ُير َف ُع ُّ‬

‫((( أخبار مكة للفاكهي (‪.)289‬‬


‫(( ( المستدرك (‪.)8460‬‬

‫‪419‬‬
‫الدخان‬
‫ُ‬ ‫ظهور الدخان‬
‫كعالمة‬
‫ُ‬
‫يق�ول تعالى (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ُ‬
‫الدخان » وفيه‬ ‫ِ‬
‫العالم�ات الكُب�رى «‬ ‫ِم� َن‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ [الدخان‪. ]1011:‬‬

‫خان»‬ ‫وغيره بِ َّ‬


‫أن «الدَّ َ‬ ‫ٍ‬
‫مسعود ؤ‬ ‫فذهب اب ُن‬ ‫رون في الدُّ ِ‬
‫خان‬ ‫فس َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الم ِّ‬
‫واختلف ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يستجيبوا‬ ‫النبي ‪ m‬حي َن لم‬ ‫الجو ِع عندَ ما دعا ع َل ُ‬
‫يهم ُّ‬ ‫أصاب ُق َر ً‬
‫يش�ا في ش�دَّ ة ُ‬ ‫َ‬ ‫هو ما‬
‫مضي َن‪:‬‬ ‫خان » وفي هذا ُ‬ ‫ٍ‬
‫كهيئة « الدُ ِ‬ ‫ِ‬
‫خمس قد َ‬‫ٌ‬ ‫يقول ‪« :‬‬ ‫السماء‬ ‫له فأصبحوا ُيرون في‬
‫والقمر ‪ ،‬والدُ ُ‬
‫خان »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال ِّلزا ُم‪ُّ ،‬‬
‫والرو ُم ‪ ،‬والبطش ُة ‪،‬‬

‫قول ِ‬ ‫نتظرة التي لم ِ‬


‫تأت بعدُ ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول آخر ‪ :‬هذا الدُّ ُ ِ‬
‫ابن‬ ‫الم‬
‫خان م َن اآليات ُ‬ ‫وفي َق ُ ُ‬
‫ٍ‬
‫مس�عود كان ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع َّب ٍ‬
‫يقول‪ُ :‬هما‬ ‫بي أن اب َن‬ ‫وذكر ال ُقر ُط ُّ‬
‫َ‬ ‫الصحاب�ة ئ ‪،‬‬ ‫وبعض‬ ‫�اس‬
‫واألرض ‪ ،‬وال ِ‬
‫يجدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�ماء‬ ‫أل ما َبي َن‬‫بقي يم ُ‬ ‫ِ‬
‫ُدخان�ان ‪ ،‬ق�د مضى أحدُ هما ‪ ،‬والذي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مسام ُعه (((‪.‬‬ ‫المؤم ُن منه إلاَّ الزكم َة ‪ ،‬وأما الكاف ُر فت ُ‬
‫ُثقب‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪ ، m‬وعلى هذا‬


‫ِ‬ ‫مس�عود صحيحان ُر ِويا عن‬‫ٍ‬ ‫عن ِ‬
‫ابن‬ ‫وكال الخبرين ِ‬
‫ِ‬
‫الزمان ‪ .‬ولع َّلها‬ ‫�ر‬ ‫األحاديث يدُ ُّل على أنَّه س�يأتي في ِ‬
‫آخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المش�ار إ َليه في‬ ‫ُ‬
‫خ�ان‬ ‫فالدُّ‬
‫ُ‬
‫سل ٌم عن أبي ُه َرير َة ؤ‬ ‫المراح ِل التي بعدَ ه ‪ ،‬وروى م ِ‬‫ِ‬ ‫ال‪ ،‬أي‪ :‬في‬ ‫قريب ِم َن الدَّ َّج ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫األعمال ِستًّا ‪ ...‬والدَّ َّج َال والدُّ َ‬
‫خان » (((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ِ « :‬‬
‫بادروا بِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )4825‬‬


‫((( التذكرة للقرطبي (‪.)655‬‬
‫((( تقدم ‪.‬‬

‫‪420‬‬
‫الخسوفات‬ ‫سوفات الثلاثةُ‬
‫ُ‬ ‫الخ‬
‫ُ‬
‫الثالثة ظواهر‬
‫كونية كبرى وفِيها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشريف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫سوفات الثالث ُة ‪ ،‬وإ َليها ُي ُ‬
‫شير‬ ‫ُ‬ ‫الس�اعة الكُبرى ُ‬
‫الخ‬ ‫أشراط‬ ‫ومن‬
‫تهيئة لظهور‬
‫إن الس�اع َة لن تقو َم حتَّى‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫َ‬ ‫س�يد ؤ َّ‬
‫أن‬ ‫بن َأ ٍ‬‫عن ُح َذيف َة ِ‬
‫الشمس من‬
‫مغربها‬ ‫ً‬
‫وخسفأ‬ ‫المش�ر ِق ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫س�وفات ‪« :‬خس�ف ًا بِ‬ ‫وذكر ِمنها ثالث َة ُخ‬ ‫ون عش�ر ٍ‬
‫آيات ‪. » ...‬‬ ‫َتر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العرب » ((( ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬‫ب ‪ ،‬وخسف ًا بِ‬ ‫ِ‬
‫المغر ِ‬‫بِ‬

‫ُ‬
‫س�يكون بعدي‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬
‫يقول ‪« :‬‬ ‫َ‬ ‫وعن ُأ ِّم س�لم َة ‪ b‬قا َل ْت ‪ :‬س�م ْع ُت‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫ِ‬
‫العرب » ‪ُ .‬ق ُ‬
‫لت يا‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬ ‫وخس�ف في‬
‫ٌ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫المغر ِ‬ ‫وخسف بِ‬
‫ٌ‬ ‫المشر ِق‬
‫ِ‬ ‫خس�ف بِ‬
‫ٌ‬
‫أكثر أه ُلها‬ ‫ُ ِ‬ ‫األرض وفِيها الصالِحون ؟ َ‬
‫ِ‬ ‫خسف بِ‬ ‫ال َّل ِه أ ُي‬
‫رسول ال َّله ‪ « : m‬إذا َ‬ ‫قال لها‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫الخبث »((( ‪.‬‬
‫ث إل�ى ِ‬
‫اآلن ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س�وفات لم تحدُ ْ‬ ‫أن ه�ذه ُ‬
‫الخ‬ ‫أش�ار العدي�دُ ِم� َن ال ُعلماء إلى َّ‬ ‫وق�د‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫الخس�ف في‬ ‫عما قد جرى ِم َن‬ ‫ظواهر كَوني� ٌة عظيم ٌة ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وخاص� ًة أنها‬
‫ف َّ‬
‫تختل ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الناس؛‬ ‫ِ‬
‫الخبث في‬ ‫سوفات بِ ِ‬
‫كثرة‬ ‫ِ‬ ‫حديث ُأ ِّم سلم َة َر َب َط هذه ُ‬
‫الخ‬ ‫َ‬ ‫وخاص ًة أن‬ ‫الد ‪.‬‬‫البِ ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫والعود إلى‬ ‫ِ‬
‫االنهيار‬ ‫ِ‬
‫ومرحل�ة‬ ‫مرحلة عيس�ى ش‬ ‫ِ‬ ‫صح أنَّها فيما َبي َن‬‫وله�ذا ُر َّبما َّ‬
‫ِ‬ ‫الجاه ِ‬
‫ِ‬
‫خان ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬ ‫شأن الدُّ ُ‬
‫األخيرة ‪ ،‬شأنُها ُ‬ ‫لية‬

‫لم‬ ‫الواج ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سوفات الثالث ُة في‬ ‫ت ُ‬ ‫دخ َل ِ‬
‫وايات ُأ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الع ُ‬ ‫العشر‬ ‫اآليات‬ ‫ُ‬ ‫الخ‬ ‫الر‬
‫بعض ِّ‬ ‫وفي‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫بن األسق ِع َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وائلة ِ‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫ِ‬
‫العالمات الكُبرى ‪ ،‬كما هو في‬ ‫بها ِم َن‬
‫تكون عشر ٍ‬ ‫ال َّل ِه ‪ُ m‬‬
‫آيات ‪:‬‬ ‫َ ُ‬ ‫يقول ‪« :‬ال تقو ُم الساع ُة حتَّى‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )7467‬‬


‫((( الطبراني في الكبير (‪.)19532‬‬

‫‪421‬‬
‫المشر ِق‬
‫ِ‬ ‫خسف بِ‬
‫ٌ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ِ‬
‫بالمغر ِب‬ ‫وخسف‬
‫ٌ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ِ‬
‫العرب‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬ ‫وخسف في‬
‫ٌ‬ ‫(‪)3‬‬
‫(‪ )4‬والدَّ َّج ُال‬
‫(‪ )5‬والدُّ ُ‬
‫خان‬
‫(‪ )6‬ون ُ‬
‫ُزول عيسى‬
‫ومأجوج‬
‫ُ‬ ‫ويأجوج‬
‫ُ‬ ‫(‪)7‬‬
‫(‪ )8‬والداب ُة‬
‫الشمس ِمن مغربِها‬
‫ِ‬ ‫(‪ )9‬و ُط ُ‬
‫لوع‬
‫َ‬
‫والنمل » ((( ‪.‬‬ ‫تحش ُر َّ‬
‫الذ َّر‬ ‫ِ‬
‫المحشر ‪ُ ،‬‬ ‫الناس إلى‬
‫تسوق َ‬‫ُ‬ ‫قعر ٍ‬
‫عدن‬ ‫تخر ُج ِمن ِ‬ ‫(‪ٌ )10‬‬
‫ونار ُ‬

‫((( المستدرك (‪.)8317‬‬

‫‪422‬‬
‫وانقطاع التوبةِ‬ ‫الشمس ِمن م ِ‬
‫رغبِها ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُطلوعُ‬
‫قوعها نب ُّينا ‪ m‬فيما رواه الش�يخان‬ ‫العالمات الكُبرى التي أخبر عن و ِ‬
‫ِ‬ ‫وه�ي ِم َن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الشمس‬
‫ُ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬
‫قال « ال تقو ُم الساع ُة حتَّى تط ُل َع‬ ‫َ‬ ‫عن أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫الناس آمن�وا أجمعون ‪ ،‬ف�ذاك حي َن (ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫م�ن مغربِه�ا ‪ ،‬فإذا طل َع�ت فرآها ُ‬
‫قر ِر كما‬ ‫((( ِ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ) [األنع�ام‪ . ]158:‬وم� َن ُ‬
‫الم َّ‬
‫ممن‬ ‫ُ‬
‫اإليمان َّ‬ ‫الشمس إذا طل َعت ِمن مغربِها ال ُيق َب ُل‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫اآلية السابِ ِ‬
‫قة َّ‬ ‫ثبت في معنى ِ‬ ‫َ‬
‫الش�مس ِمن ِ‬
‫مغربِها آي ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ألن ُط َ‬
‫لوع‬ ‫ُقبل توب ُة العاصي ؛ ذلِ َك َّ‬ ‫ل�م ِ‬
‫يؤم� ْن قب َلها كما ال ت ُ‬
‫دون ِم َن‬ ‫الحقائق وي ِ‬
‫ش�اه َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لهم‬
‫ُ‬ ‫�ف‬ ‫ِ‬
‫فتنكش ُ‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪،‬‬ ‫كان في ذلِ َك‬
‫عظيم ٌة يراها ك ُُّل َمن َ‬
‫انقطاع التوبة‬
‫واستمرار ظاهرة‬ ‫والتصديق بِال َّل ِه وآياتِه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلقرار‬ ‫ِ‬
‫األهوال ما يلوي أعنا َقهم إلى‬
‫طلوع الشمس من‬
‫المغرب‬ ‫َ‬
‫تكون‬ ‫قال ‪ « :‬إنَّما لم تُق َب ُ�ل َ‬
‫وقت ال ُّطلو ِع حتَّى‬ ‫بن ُح ٍ‬
‫صين أنَّه َ‬ ‫م�ران ِ‬
‫َ‬ ‫وي ع�ن ِع‬
‫ور َ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوقت ُث َّم ه َل َك لم‬ ‫وتاب في ذلِ َك‬ ‫أس�لم‬ ‫ِ‬
‫الناس ‪ ،‬فمن‬ ‫كثير ِم َن‬ ‫ُ ِ‬ ‫َصيح ًة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فيهلك فيها ٌ‬
‫تاب بعدَ ذلِ َك ُقبِ َلت توبتُه »((( ‪.‬‬
‫تُق َب ْل توبتُه ومن َ‬

‫والذي ُيؤ ِّيدُ هذا ما رواه ابن أبي شيبة عن عائش َة ‪ b‬قا َلت ‪( :‬إِ َذا َخ َر َج ْت َأ َّو ُل‬
‫الم و َش ِهدَ ِ‬
‫ت األَ ْجسا ُد َع َلى األَ ْعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اآل َيات ُحبِ َست ا ْل َح َف َظ ُة َو ُط ِر َحت األَ ْق َ ُ َ‬
‫قبل ُط ِ‬ ‫الش�مس ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫لوعها‬ ‫مغربِها ‪ ،‬أ َّما ما َ‬
‫كان َ‬ ‫ِ‬ ‫أو ِل اآليات ُهنا هو ُط ُ‬
‫لوع‬ ‫والمرا ُد بِ َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويقاء‬ ‫ِ‬
‫التوبة‬ ‫األحاديث تدُ ُّل على ِ‬
‫قبول‬ ‫َ‬ ‫ِم َن اآليات َّ‬
‫فإن‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )4636‬‬


‫(( ( فتح الباري (‪.)354 :11‬‬
‫(( ( المصنف (‪.)38754‬‬

‫‪423‬‬
‫ٍ‬
‫مسعود ؤ َ‬
‫قال ‪ « :‬التوب ُة مبسوط ٌة ما لم‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬
‫بن‬ ‫وروى جرير الطبري عن ِ‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫مغربِها » ((( ‪.‬‬‫الشمس ِمن ِ‬
‫ُ‬ ‫تطل ِع‬

‫ِ‬
‫الش�مس‬ ‫َوني في ُطلو ِع‬ ‫ُّ ِ‬
‫التحول الك ِّ‬ ‫أن مرحل َة‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص َّ‬ ‫ِ‬
‫بعض الن‬ ‫يظهر ِمن‬
‫وال�ذي ُ‬
‫ت اإلش�ار ُة إ َليها فيم�ا رواه عبدُ ال َّل ِه‬ ‫يس�تغر ُق مد ًة زمني ًة طويل� ًة ‪ ،‬ورد ِ‬
‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِم�ن ِ‬
‫مغربِه�ا‬
‫انقطاع الهجرة‬
‫مغربِها‬ ‫ِ‬
‫الش�مس من ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس بعدَ ُطلو ِع‬ ‫عم�رو ء ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫النب�ي ‪ « : m‬يبقى ُ‬ ‫ِّ‬ ‫عن‬ ‫ب�ن‬ ‫والطبع على‬
‫القلوب ونهاية عشرين ومائ َة ٍ‬
‫سنة » اهـ((( ‪.‬‬ ‫العمل الصالح في‬
‫األمم‬
‫أيضا ما رواه ابن أبي ش�يبة عن عائش� َة ‪ b‬قا َل�ت ‪ « :‬إذا َ‬
‫خرج‬ ‫ويؤ ِّي�دُ ذلِ َ‬
‫�ك ً‬
‫�هدَ ِ‬
‫ت األجس�ا ُم عل�ى‬ ‫وش ِ‬ ‫�ت األقلام ‪ ،‬وحبِس ِ‬
‫�ت الحفظ� ُة ‪َ ،‬‬ ‫اآلي�ات ‪ُ ،‬ط ِرح ِ‬
‫ِ‬ ‫َّأو ُل‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األعمال»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أو ِل‬ ‫ِ‬
‫اآليات ُطلو ِع‬ ‫الم�را ُد بِ َّ‬‫خرج َّأو ُل اآليات » ُ‬
‫حديث عائش� َة « إذا َ‬ ‫ُ‬ ‫وإنَّم�ا قو ُله ‪:‬‬
‫ِ‬
‫اآليات قب َلها فالتوب ُة مقبول ٌة ‪،‬‬ ‫كان ِم َن‬
‫النسبة لِما بعدَ ها ‪ ،‬أما ما َ‬
‫ِ‬ ‫الشمس ِمن ِ‬
‫مغربِها بِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القيامة ‪.‬‬ ‫واإليمان ُمتح ِّق ٌق َبي َن ال َقبول والر ِّد ‪ ،‬ويمتدُّ هذا ُ‬
‫األمر إلى يو ِم‬ ‫ُ‬
‫الهجر ُة ما ُت ُقب َل ِ‬
‫ت التوب ُة ‪،‬‬ ‫س�ند اإلما ِم أحمدَ ِمن قولِه ‪ « : m‬ال تنقطِ ُع ِ‬ ‫وحديث م ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬
‫الش�مس ِمن مغربِه�ا ‪ ،‬فإذا طل َعت ُطبِ َع على ك ُِّل‬
‫ُ‬ ‫ت�زال التوب ُة مقبول ًة حتَّى تط ُل َع‬
‫وال ُ‬
‫َ‬
‫العمل »((( ‪.‬‬ ‫الناس‬
‫ُفي ُ‬ ‫قلب بما فيه ‪ ،‬وك َ‬ ‫ٍ‬

‫الطبري (‪)103/8‬‬
‫ِّ‬ ‫تفسير‬
‫ُ‬ ‫(((‬
‫(( ( عمدة القاري (‪.)218 :27‬‬
‫(( ( المصنف (‪.)38754‬‬
‫((( مسند أحمد (‪ ،)1693‬وانظر أشراط الساعة ليوسف الوابل (‪.)398‬‬

‫‪424‬‬
‫النار ِ‬
‫الحاشرةُ‬
‫النار الحاشرة‬ ‫ُ‬
‫إحدى الظواهر‬
‫ِ‬
‫اآليات بعدَ ما‬ ‫الناس ‪ ،‬بل هي َّأو ُل‬ ‫النار التي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكونية األخيرة‬ ‫تحش ُر َ‬ ‫ومن عالمات الساعة الكُبرى ُ‬
‫ِ‬
‫اليمن »((( ‪.‬‬ ‫فيكون مبع ُثها ِم َن «‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الساعة‬ ‫سب َقها مؤذن ًة بِقيا ِم‬
‫بحر حضر ٍ‬
‫موت »((( ‪.‬‬ ‫وتخر ُج ِمن ِ‬ ‫وبعضها ‪« :‬‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ (((‬ ‫ِ‬
‫وبعضها ‪ « :‬من َق ْع ِر عَدَ ن » ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الس�اعة الكُب�رى َ‬
‫قال ‪« : m‬‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫ذكر‬ ‫بن َأ ٍ‬
‫س�يد في ِ‬ ‫ِ‬
‫حديث ُح َذيف َة ِ‬ ‫وج�ا َء في‬
‫ِ‬
‫محشرهم » ((( ‪.‬‬ ‫الناس إلى‬
‫تطر ُد َ‬ ‫ِ‬
‫اليمن ُ‬ ‫تخر ُج ِمن فِ ْي‬
‫نار ُ‬
‫ِ ِ‬
‫وآخ ُر ذل َك ٌ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُرح ُل َ‬
‫الناس » (((‪.‬‬ ‫ُخر ُج من قعرة عدن ت ِّ‬
‫ونار ت ُ‬ ‫رواية عن ُح َذيف َة ً‬
‫أيضا ‪ٌ « :‬‬ ‫وفي‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪m‬‬


‫ُ‬ ‫ق�ال ‪َ :‬‬
‫ق�ال‬ ‫م�ر ء َ‬ ‫�ذي ع�ن ِ‬
‫اب�ن ُع َ‬
‫ِ‬
‫وروى أحم�دُ والترم ُّ‬
‫اليمن وعدن‬
‫ِ‬
‫القيامة ُ‬
‫تحش ُ�ر‬ ‫حضرموت َ‬
‫قب�ل َيو ِم‬ ‫حضرم�وت أو ِمن ِ‬
‫بح�ر‬ ‫ن�ار ِم�ن‬
‫وحضرموت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س�تخر ُج ٌ‬
‫ُ‬ ‫‪«:‬‬
‫مواقع ُخروج‬
‫النار‬ ‫الناس»(((‪.‬‬
‫َ‬
‫أسلم َ‬ ‫ِ‬ ‫خاري عن ٍ‬
‫النبي‬
‫سأل َّ‬ ‫َ‬ ‫أن عبدَ ال َّله ب َن سال ٍم َّ‬
‫لما‬ ‫أنس ؤ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫وروى اإلما ُم ال ُّب‬
‫ِ‬
‫أشراط‬ ‫النبي ‪ « : m‬أ َّما َّأو ُل‬ ‫الساعة؟ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسائل ‪ ،‬وفِيها‪ :‬ما َّأو ُل‬ ‫َ‬
‫فقال ُّ‬ ‫أشراط‬ ‫‪ m‬عن‬

‫(( ( الطبراني في الكبير (‪.)3030‬‬


‫((( مسند أبي يعلى (‪.)5551‬‬
‫(( ( الطبراني في الكبير (‪.)2961‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)7467‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)7468‬‬
‫(( ( مسند أحمد (‪.)5146‬‬

‫‪425‬‬
‫ِ‬
‫المغر ِ‬
‫ب » ((( ‪.‬‬ ‫المشر ِق إلى‬
‫ِ‬ ‫الناس ِم َن‬ ‫فنار ُ‬
‫تحش ُر َ‬
‫ِ‬
‫الساعة ٌ‬

‫النهاية ‪ ،‬فال ش�ي َء بعدَ ها ِمن‬


‫ِ‬ ‫الس�اعة » أي ‪ُ :‬قربا ِمن نِ ِ‬
‫هاية‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أش�راط‬ ‫وقو ُله ‪َّ « :‬أو ُل‬
‫آية إلى ٍ‬
‫آية ‪.‬‬ ‫جريات التحو ِل ِمن ٍ‬
‫ِ‬ ‫الناس ِمن ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُأ ِ‬
‫مور الدُّ نيا أصلاً إلاَّ ما‬
‫ُّ‬ ‫يشغل َ‬
‫ِ‬
‫ستستغر ُق وقتًا زمن ًّيا مساف ًة‬ ‫ِ‬
‫المغر ِ‬
‫ب‬ ‫المشر ِق إلى‬
‫ِ‬ ‫الحاشر َة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫النار‬
‫أن َ‬ ‫ش�ك َّ‬
‫وال َّ‬
‫ماهي النار‬
‫مما ناري ًة‪،‬‬
‫وح ً‬
‫بعضهم ‪ ،‬أو براكين ُ‬
‫فس َر ُ‬ ‫نارا ُم ِ‬
‫لتهب ًة كما َّ‬ ‫وزمنًا ِ‬
‫ورحل ًة ‪ ...‬سوا ٌء كانَت ً‬ ‫الحاشرة؟‬

‫معاد َن مصهور ًة ‪ ،‬أو َغير ذلِ َك ‪.‬‬


‫سائلة ‪ ،‬أو ِ‬
‫ٍ‬ ‫أو موا َّد‬

‫�رة فقد ور َد‬‫الحاش ِ‬


‫ِ‬ ‫المعرفة لِمفهو ِم ِ‬
‫النار‬ ‫ِ‬ ‫�ع مش�هدَ‬ ‫ِ‬
‫وس ُ‬‫األمر ما ُي ِّ‬ ‫وقد ور َد في هذا‬
‫س�ل ٍم عن أبي هرير َة أنَّه�م على ِ‬ ‫حدي�ث البخاري وم ِ‬‫ِ‬
‫وج‬ ‫األو ُل َف ٌ‬ ‫ٍ‬
‫أف�واج ‪َّ :‬‬ ‫ثالثة‬ ‫َُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف�ي‬
‫األفواج المتعاقبة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وج يمش�ون ت�ار ًة ويركبون‬ ‫�وج طاعمون كاس�ون راكبون ‪ ،‬والثاني َف ٌ‬ ‫بالخروج خوفا راغب�ون ‪ ،‬و َف ٌ‬
‫من النار‬
‫ُحيط بِهم‬
‫النار فت ُ‬
‫تحش�رهم ُ‬
‫ُ‬ ‫والفوج الثالِ ُث‬
‫ُ‬ ‫الواح ِد ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البعير‬ ‫ُأخ�رى ‪ ،‬يتعاقب�ون على‬
‫ف َأ َك َل ْت ُه ُ‬
‫النار‪،‬‬ ‫َخ َّل َ‬ ‫ِ‬
‫المحش�ر ‪ ،‬و َم ْن ت َ‬ ‫ِ‬
‫أرض‬ ‫ٍ‬
‫جانب إلى‬ ‫ِمن ورائهم وتس�و ُقهم ِمن ك ُِّل‬
‫بن‬ ‫ِ‬
‫المحش�ر عل�ى ما ور َد أنها الش�ا ُم ‪ ،‬فق�د روى اإلما ُم أحمدُ ع�ن حكي ِم ِ‬ ‫وأرض‬
‫ُ‬
‫هاهنا تُحشرون‬
‫هاهنا تُحشرون ُ‬ ‫الحديث وفيه قو ُله ‪ُ « :‬‬
‫َ‬ ‫فذكر‬
‫زني عن أبيه َ‬ ‫ُمعاوي َة ُ‬
‫الم ِّ‬
‫قال ابن أبي بكر َة ‪ :‬فأش�ار ِ‬ ‫ِ‬
‫بيده‬ ‫َ‬ ‫هاهنا تُحش�رون ُركبانًا و ُمش�ا ًة وعلى ُوجوهكم » ‪ُ َ .‬‬
‫ُ‬
‫هاهنا تُحشرون » (((‪.‬‬ ‫إلى الشا ِم َ‬
‫فقال ‪ « :‬إلى ُ‬

‫عت‬ ‫قال ‪ِ :‬‬


‫س�م ُ‬ ‫عمرو ‪َ c‬‬ ‫بن ٍ‬‫�ه ِ‬‫عبدال َّل ِ‬
‫وروى اإلم�ام أحم�دُ وأب�و داود عن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الهجرة األخيرة‬
‫إبراهيم ‪ ،‬وال يبقى في‬ ‫ِ‬
‫مهجر‬ ‫ُجاز إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫س�تكون هجر ًة بعدَ هجرة ت ُ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول ال َّله ‪m‬‬
‫َ‬ ‫إلى الشام‬
‫َ‬
‫الق ِ‬
‫تحشرهم النار مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض إلاَّ ِشرار ِ‬
‫أهلها تلف ُظهم ُ‬ ‫ِ‬
‫ردة‬ ‫أرضهم تُنذ ُرهم نفس الله ‪َ ُ ُ ُ ُ ،‬‬ ‫ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )3329‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)20546‬‬

‫‪426‬‬
‫وتأكل َمن تخ َّل َ‬
‫ف»((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تبيت م َعهم إذا باتُوا ‪ ،‬وت َِم ُيل م َعهم إذا مالوا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والخنازير ُ‬

‫دلي�ل قولِه تعالى ‪ ( :‬ﮡ ﮢ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫المحش�ر بِ‬ ‫أرض‬
‫تكون الش�ا ُم َ‬‫َ‬ ‫بعضهم أن‬
‫وأنكر ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ) [إبراهيم ‪ . ]48 :‬فأين الشا ُم إذن؟ واإلجاب ُة أن اآلي َة ال تعني‬
‫الص ِ‬
‫ور ثاني ًة‬ ‫ِ‬
‫النفخ في ُّ‬ ‫األخير ِعندَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المحشر‬ ‫ِ‬
‫أرض‬ ‫الساعة ‪ ،‬وإنَّما تعني ما بعدَ ها ِمن‬
‫ِ‬

‫ُش�ير اآلي� ُة (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫ُ‬


‫حيث ت ُ‬
‫) [إبراهيم‪. ]48:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس في ِ‬
‫ظاه ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫المحشر في‬
‫ُ‬ ‫األرض ‪ ،‬وأ َّما‬ ‫شار إ َليه اجت ُ‬
‫ماع‬ ‫الم ُ‬
‫فالمحشر ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فما بعدَ حياة البرزخِ ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)7050‬‬

‫‪427‬‬
‫ِ‬
‫التوحيد‬ ‫اندراس كلمةِ‬
‫اندراس الإسلا ِم ثُم ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫اندراس اإلسالم‬
‫هو اندراس‬
‫بن‬‫أخ�رج اب ُن ماجه ع�ن ُح َذيف َة ِ‬ ‫ِ‬
‫المرحلة كما‬ ‫الصغرى في ه�ذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫م� َن العالم�ات ُّ‬ ‫العمل بأوامره‬
‫ِ‬ ‫واجتناب نواهيه‬
‫يخلق‬
‫الث�وب – أي‪ُ :‬‬‫ِ‬ ‫وش�ي‬
‫ُ‬ ‫يدر ُس‬
‫ي�در ُس اإلسلا ُم كم�ا ُ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :‬‬‫اليم�ان ؤ َ‬
‫طوائف ِم َن‬
‫ُ‬ ‫ويبلى – حتَّى ال ُيدرى ما صيا ٌم وال صال ٌة وال ن ُُس ٌك وال صدق ٌة ‪ ،‬وتبقى‬
‫مة ( ال‬ ‫الكل ِ‬
‫والعجوز الكبير ُة يقولون‪ :‬أدركْنا آباءنا على هذه ِ‬
‫ُ‬ ‫الكبير‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫ِ‬
‫الناس ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فقال رج ٌل لِح َذيف َة ‪ :‬فما تُغني عنهم ِ‬
‫فأعرض‬
‫َ‬ ‫الكلم ُة ؟‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إل َه إلاَّ ال َّل ُه) فنحن نقو ُلها » ‪ُ َ .‬‬
‫الثالثة ‪ « :‬تُنجيهم ِم َن ِ‬
‫النار »(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫السؤال ثان ًيا وثال ًثا ؛ َ‬
‫فقال في‬ ‫َ‬ ‫ُح َذيف ُة ؛ فأعا َد ع َل ِيه‬

‫ومن‬‫ب�ادات ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ش�يء يتع َّل ُق بِاإلسلا ِم ِمن ِع‬ ‫ِ‬
‫إهمال ك ُِّل‬ ‫ش�ير إلى‬
‫واالن�دراس ُهن�ا ُي ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫األجيال‬ ‫ُ‬
‫وتتناس�ل‬ ‫ع�ادات بد ًءا بِالتعلي� ِم واإلعال ِم ‪ ،‬ونِهاي� ًة بِالقوانين واألحكا ِم ‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫لية حتَّى يتح َّق َق ما‬‫وجاه ٍ‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الحدي�ث ‪« :‬ويبقى‬ ‫أش�ار إليه‬
‫َ‬ ‫جه�ل‬ ‫آخر على‬ ‫جيًل�اً بع�دَ َ‬
‫والعجوز الكبير ُة يقولون ‪ :‬أدركْنا آبا َءنا على هذه‬
‫ُ‬ ‫الكبير‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫ِ‬
‫الناس ‪،‬‬ ‫طوائف ِم َن‬
‫ُ‬
‫مة « ال إل َه إلاَّ ال َّل ُه » فنح ُن نقو ُلها » ‪.‬‬ ‫الكل ِ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫التوحيد ذاتُها ‪ ،‬وينساها‬ ‫أيضا ِ‬
‫كلم ُة‬ ‫تندر َس ً‬ ‫ِ‬
‫الحالة ُمد ٌة زمني ٌة حتَّى ِ‬ ‫وتمر على هذه‬
‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫قال ‪ « :‬ال تقو ُم الساع ُة حتَّى‬ ‫أنس ؤ َ‬ ‫قوي عن ٍ‬‫أخرج أحمدُ بِسند ٍّ‬ ‫َ‬ ‫الناس ‪ ،‬فقد‬
‫ُ‬
‫ت‬‫لفظ « ال َّله الله »((( فد َّل ِ‬
‫سل ٍم بِ ِ‬
‫األرض ‪ :‬ال إله إلاَّ ال َّله »((( ‪ .‬وهو ِعند م ِ‬
‫ِ‬ ‫قال في‬ ‫ال ُي َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الش�رار في َقولِه ‪ « :‬ويبقى فيها شرارها تلفظهم األرض‬
‫ِ‬ ‫المرا َد بِ‬
‫أن ُ‬‫األحاديث على َّ‬
‫ُ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)4185‬‬


‫((( مسند أحمد (‪.)14186‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )392‬‬

‫‪428‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الناس في خ َّفة ال َط ِير وأحال ِم ِّ‬
‫الس�با ِع »‬ ‫ِ‬ ‫وتقذرهم » وفي ِرواية ‪ « :‬ويبقى ش ُ‬
‫�رار‬
‫(((‬ ‫(((‬

‫؛ َأن َُّه ُم ا ّل ِذي َن ال يقولون ‪ « :‬ال إله إلاَّ ال َّل ُه » أو « ال َّل ُه ال َّل ُه » ‪.‬‬
‫يقول هذه ِ‬
‫الكلم َة فلن تقو َم الساع ُة ‪ ،‬وإنَّما تقو ُم‬ ‫اإلنساني َمن ُ‬ ‫وأنَّه ما دا َم في النو ِع‬
‫ِّ‬
‫كاحا ش�رع ًّيا ‪ ،‬وال ُيو َلدون ِمن ٍ‬
‫نكاح ‪ ،‬وال‬ ‫يعر َ ِ‬
‫فون ن ً‬ ‫ص الذين ال ِ‬‫الخ َّل ِ‬
‫ار ُ‬‫عل�ى ال ُك َّف ِ‬

‫الحياة ِدينًا وال ر ًّبا ‪ ( ،‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ) [ األعراف ‪. ]179 :‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يعرفون في‬

‫(( ( مسند الشاميين للطبراني (‪.)2761‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪. )392‬‬

‫‪429‬‬
‫النفخ في الصو ِر‬
‫ُ‬ ‫العلامةُ الأخيرةُ‪..‬‬ ‫النفخ في الصور‬
‫نِهاية الحياة‬
‫[الزم�ر‪]68:‬‬ ‫ق�ال تعال�ى ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ)‬ ‫الكونية‬

‫وقال تعالى‪(:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ‬


‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬
‫اآليات‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وهذه‬ ‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ)‬
‫[الح�ج‪]2:‬‬

‫ِ‬
‫النفخة األول�ى ‪ ،‬وهي التي تقو ُم بها الس�اع ُة ‪ ،‬وهي ما تس�مى‬ ‫�ير إل�ى‬ ‫ِ‬
‫وغيره�ا تُش ُ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫عباس‪ ،‬و(الرادف ُة) هي النفخ ُة الثاني ُة‪.‬‬ ‫ابن‬ ‫ِ‬
‫(بالراجفة) ‪ ،‬كما ور َد في ِ‬
‫قول ِ‬

‫�ة ‪ ،‬ومنها‬ ‫يكون ف�ي يو ِم الجمع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬


‫الس�اعة‬ ‫ِ‬
‫الحديث ّ‬
‫أن قيا َم‬ ‫ِ‬
‫مجم�ل‬ ‫وق�د ورد َ ف�ي‬
‫ُ ُ َ‬
‫«خ ْي ُر َي ْو ٍم َط َل َع ْت َع َل ْي ِه َّ‬
‫الش ْم ُس‬ ‫حديث أبي هرير َة ‪ v‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪َ : m‬‬ ‫ُ‬
‫عة‪ ،‬فيه ُخ ِل َق آد ُم‪ ،‬وفيه ُأ ْد ِخ َل الجن َة‪ ،‬وفيه َخ َر َج منها‪ ،‬وال َت ُقو ُم الساع ُة إال‬
‫يوم الجم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والترمذي((( ‪.‬‬ ‫ومسلم‬ ‫يوم الجم ِ‬
‫عة» روا ُه اإلما ُم أحمدُ‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الجمع�ة ـ تقو ُم الس�اع ُة ‪ ،‬وما ِم� ْن َدا َّب ٍة إلاّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفي�ه ـ أي‪ :‬يو َم‬ ‫ٍ‬
‫رواي�ة أخ�رى «‬ ‫وف�ي‬
‫ِ‬ ‫�م ُس َش� َفق ًا ِم َن‬ ‫الج ُم َع ِة ِم ْن ِحي َن ت ُْصبِ ُح َحتّى َت ْط ُل َع َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة‬ ‫الش ْ‬ ‫وه�ي ُم ْصخ َي ٌة َي ْو َم ُ‬
‫ب‬ ‫الس�ا َع ُة ‪ ،‬و َما ِم ْن َم َل ٍك ُم َق َّر ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ن�س والج� ُّن»‪ ،‬وفي رواية أخرى‪َ « :‬وفيه َت ُقو ُم ّ‬
‫ِ‬ ‫إِلاّ ِ‬
‫اإل ُ‬
‫الج ُم َع ِة» (((‪ .‬وعن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وال سم ٍ‬
‫جبال وال َح َج ٍر إِلاّ ه ّن ُي ْشف ْق َن م ْن َي ْو ِم ُ‬ ‫ٍ‬
‫أرض وال‬ ‫اء وال‬ ‫َ َ‬
‫والصور كم�ا ورد في الحديث‪َ « :‬ق ْر ٌن‬ ‫كهيئة ِ‬
‫البوق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الصور ش�ي ٌء‬ ‫مجاه�د أنه قال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُينْ َف ُخ فِ ِيه » (((‪.‬‬

‫(( ( صحيح مسلم (‪.)354‬‬


‫((( مسند أحمد (‪ ،)15548‬وانظر إتحاف الجماعة (‪. )261 :3‬‬
‫((( مسند أحمد (‪.)6507‬‬

‫‪430‬‬
‫وروى الش�يخان ع�ن أب�ي ُه َري�ر َة ؤ مرفو ًعا ‪ « :‬لتقو َم َّن الس�اع ُة وقد َ‬
‫نش�ر‬
‫الرجلان ثو َبهم�ا َبينَهم�ا فلا يتبايعان�ه وال يطويان�ه ‪ ،‬ولتقو َم َّن الس�اع ُة وهو ُ‬
‫يليط‬ ‫ُ‬
‫رفع ُأكلتَه – أي‬ ‫ِ‬
‫الطين – فال يس�قي فيه ‪ ،‬ولتقو َم َّن الس�اع ُة وقد َ‬‫حوضه أي ُيل ِّط ُخه بِ‬
‫َ‬
‫يطعمها»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ُ :‬لقمتَه – إلى فيه فال‬

‫الس�با ِع » إلى أن َ‬ ‫ِ‬ ‫الناس في ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قال ‪« :‬‬ ‫الطير وأحال ِم ِّ‬ ‫خفة‬ ‫�رار‬
‫وفي رواية ‪ « :‬ويبقى ش ُ‬
‫يت‪:‬‬ ‫ورفع لِيتًا »((( ‪ .‬وال ِّل ُ‬
‫َ‬ ‫يسم ُع أحدٌ َّإلؤ ‪ « :‬أصغى لِيتًا‬ ‫ِ‬
‫الصور َفال َ‬ ‫ُث َّم ُين َف ُخ في‬
‫«وأو ُل َمن يسم ُعه‬‫قال ‪َّ :‬‬ ‫فوق َ‬ ‫يستم ُع النِّدا َء ِمن ُ‬
‫أمال ُعنُ َقه كمن ِ‬
‫صفح ُة العن ُُق – أي ‪َ :‬‬
‫الناس» ((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رج ٌل‬
‫وض إبله ف ُيص َع ُق و ُيص َع ُق َ‬‫يلوط َح َ‬ ‫ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )6506‬‬


‫((( صحيح مسلم (‪. )7568‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )7568‬‬

‫‪431‬‬
‫ِ‬
‫نطلقات‬ ‫والم‬ ‫ِ‬
‫خاتمةُ الأُسس ُ‬
‫بذل�ت ُقصارى جهدي‬ ‫حمد الله تعالى‪ ..‬وقد‬ ‫نطلق�ات بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫والم‬ ‫تاب األُ ُس ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫�س ُ‬ ‫ت�م ك ُ‬
‫الش�ائك المتشابِ ِك حسبما ته َّيأ‬
‫ِ‬ ‫حول هذا الموضو ِع‬ ‫كرة التي جمعتُها َ‬ ‫الف ِ‬ ‫في وض ِع ِ‬

‫أتجنب ما‬ ‫وحاول�ت أن‬


‫ُ‬ ‫أهل ِ‬
‫العل ِم ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الش�ريفة ‪ ،‬وم�ا كت َبه ُ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫ل�ي جم ُعه ِم َن‬
‫َ‬
‫ول االستِ ِ‬
‫فادة‬ ‫الضعف((( رغب ًة في ُش�م ِ‬‫ِ‬ ‫كان حدي ًثا موضو ًعا أو ش�ديدَ‬ ‫اس�تطعت ما َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫االعتماد على‬
‫فادة ِم َن المواضي ِع‬‫عن االستِ ِ‬
‫ينصرفون ِ‬ ‫ِ‬ ‫لبعض ال ُق َّر ِاء الذين‬
‫ِ‬ ‫الكتاب ‪ ،‬وم ِ‬
‫س�اعدً ا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫النصوص‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيحة‬
‫ب مواق َفهم الذاتي َة ‪ ،‬فيشغلون َ‬
‫الناس‬ ‫الجزئيات ‪ ،‬التي تُناس ُ‬‫المطروحة إلى ُمناقش�ة ُ‬ ‫والموثقة حسب‬
‫الحق في االهتِما ِم‬
‫له�م ُّ‬ ‫ور َّبما َ‬
‫كان ُ‬
‫ِ‬
‫ت�اب وموضوعه ‪ُ .‬‬
‫ضات ليفس�دَ أثر ِ‬
‫الك ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تناق ِ‬‫بِالم ِ‬
‫ُ‬ ‫االستطاعة‬
‫ِ‬ ‫وة االس�تِ ِ‬
‫الصحيح ِمن ُق ِ‬ ‫دون ذلِ َك لِما في‬ ‫الصحيح وتجن ِ‬ ‫بِ‬
‫يس‬ ‫دالل ‪ ،‬ولكن َل َ‬ ‫ِ‬ ‫ُّب ما َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الحياة ‪.‬‬ ‫في في‬ ‫ِ‬
‫المعر ِّ‬ ‫وأثره‬ ‫ِ‬
‫فائدة الموضو ِع ِ‬ ‫صرف ال ُق َّر ِاء عن‬
‫ِ‬ ‫الحق في‬
‫لهم ُّ‬
‫ُ‬
‫وخ ِ‬
‫دمة‬ ‫الفائ�دة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحظ�ات البن�اء َة التي تعو ُد عل�ى الجمي ِع بِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫وأتمن�ى أن أج�دَ ُ‬
‫ٍ‬
‫صحيح ‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫كرة وتوس�ي ِع دراس�تِها ‪ ،‬وخاص ًة أنها بنيت على اس�تِ ِ‬
‫قراء‬ ‫الف ِ‬
‫ِ‬ ‫المالحظات‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫البناءة ودورها في‬
‫زئيات‬ ‫مجال لص�رف الموضو ِع ل ُ‬
‫لج‬ ‫الموضوعية ‪ ،‬وال‬ ‫بري�ل في ِوحدتِه‬
‫حدي�ث ِج َ‬
‫ُ‬ ‫إغناء الموضوع‬
‫ِ‬
‫اآلخر ‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ِ‬
‫اإليمان واليو ِم‬ ‫ِ‬
‫أركان‬‫العالم�ات وارتِباطِها بِ‬
‫ِ‬ ‫البعض َ‬
‫حول‬ ‫َ‬ ‫التي تش� َغ ُل‬
‫َ‬
‫أركان‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫لت في هذا‬‫فص ُ‬‫صول ‪ ،‬وهاأنذا ق�د َّ‬‫ِ‬ ‫أركان له�ا في عل ِم األُ‬
‫َ‬ ‫الس�اع َة ال‬
‫ِ‬
‫الحياتية حس�بما ته َّيأ لي‬ ‫ِ‬
‫الحركة‬ ‫وربطت َبينَها و َبي َن واق ِع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الس�اعة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ِ‬
‫العل ِم بِ‬
‫قه التحو ِ‬
‫الت » ‪.‬‬ ‫ف « بِ ِف ِ‬ ‫معرف ُة ذلِ َك‪َ ..‬‬
‫تحت ما ُع ِر َ‬
‫ُّ‬

‫الص�واب فأحمدُ ال َّل َه على ذلِ َك ‪ ،‬وأس�أ ُله أن‬


‫ِ‬ ‫أقرب إلى‬
‫ُ‬ ‫ف�إن َ‬
‫كان م�ا وضعتُه هنا‬

‫((( إال ما اضطررت إليه كشاهد معلول لم أقف على غيره‪.‬‬

‫‪432‬‬
‫ثواب ال َّل ِه وخدمة‬
‫�ع ِخدمتَها رج�ا َء ِ‬
‫ويوس ُ‬
‫ِّ‬
‫الف ِ‬
‫كرة‬ ‫العل ِم من يعتني بِ ِ‬
‫أهل ِ‬
‫�ض ِمن ِ‬
‫يق ِّي َ‬
‫لعالمية القرآن والسنة‪.‬‬
‫فأس�أل ال َّله أن ِ‬ ‫َزوة ٍ‬‫الفكر ُة مجرد ن ٍ‬
‫َت ِ‬‫وإن كان ِ‬
‫وتجاوزي ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يغف َر لي خطأي‬ ‫ُ َ‬ ‫ذاتية ؛‬ ‫ُ َّ َ‬
‫لعل ِم ‪.‬‬ ‫دمة الع ِ‬
‫لماء لِ ِ‬ ‫سبق ِمن ِخ ِ‬
‫وأن ينفعني بما َ‬
‫ُ‬
‫أُ‬
‫��س��د�ٌة � ��ل� � �ص� ��لَه�ا‬ ‫�ا ٌ ُ نَ‬
‫م‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�‬ ‫� ��ل تُ ��ُ �ل � �أ َ� �دًا �� ا ُق���لتُ ه � � ا �ّ ن��تُ ه � �� زا �ًا � نَّ�� ا �ه �أ �ف‬
‫إ ى وِ �‬ ‫ر‬ ‫�‬
‫ك‬ ‫و ��س� بِم� زِ�ٍم ح� بِم� �� و م� د و�� إ ل� م� ‪ ،‬إ م� ��ي‬
‫أ‬ ‫ٱ َْ‬
‫�نَ�َه�ا �ف��ل ّ�ت �� � َّللهَ ‪�� � ،‬ل�� ْ ���قْ ���ف ا ��ل�� �م �م ن‬
‫ه‬
‫�‬
‫ن ٱ ��ست‬
‫�‬ ‫ل‬
‫�‬ ‫� ّش َّ ة ��ف ن ٱ ���ست�� نَ َ ا �ف ا � �ف ا ئ ُة ��ل��‬
‫رِ ِ �‬ ‫ع ‪ ،‬و ِ� � ج � ي قِ� وير فِ� �ي‬
‫�‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫ا �ل���ر�عي��ِ� ‪� ،‬م� � ح��س��ه� � � �ل � ���د� ِج ي�‬
‫�‬ ‫�م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫� �ه�ه ‪� ،‬ف��ع َ��س ٰ � �ع َ��س ٰ‬ ‫ُ��ّ‬
‫ى‪.‬‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�ك�‬
‫�ى و �‬ ‫�ِل و ج وِ‬
‫�‬
‫�ُ‬‫ن � �‬ ‫�ص�د � �ه� َ�‬ ‫ا َّ هُ �م ن ا ء ا �� �ق‬
‫��س��ي �و���ع� َم ا �ل�وكي���ل�‬ ‫ح‬
‫�و لل ِ � �ور ِ ل ِ و و �بِ‬
‫�‬‫�‬

‫‪433‬‬
‫التحو ِ‬
‫لات‬ ‫والترعيفات المستجدَّةِ في فِقهِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الألفاظ‬ ‫قاموس‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المتق ِّل ِبة في‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِقه التحو ِ‬
‫الت ما يجري ِمن ُس ِ‬
‫نن التغيرات والحوادث في المراح ِل ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األزمنة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اث الش�رعيون لِ‬ ‫الو َّر ُ‬
‫تطبيقها‬ ‫الثوابت ‪ ،‬والقائمون على‬ ‫لثالثة‬ ‫لفاء الراشدون ُ‬ ‫الخُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزمان ‪،‬‬ ‫وأداء أماناته�ا ( ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ) [األنع�ام ‪َ . ]89 :‬‬
‫عبر‬
‫دة ‪.‬‬ ‫الراش ِ‬‫الخالفة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ختصا بِ‬ ‫وليس ُم ً‬
‫ِ‬
‫الشرعية‬ ‫ِ‬
‫صول‬ ‫تحت األُ‬
‫يندر ْج َ‬ ‫ترك لم ِ‬ ‫فعل أو ٍ‬ ‫النصي في ٍ‬ ‫تفسير لِ ِ‬
‫لرمز‬ ‫ِ‬
‫الداللة‬ ‫ُسن ُة‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫والتقريرية ‪.‬‬ ‫والف ِ‬
‫علية‬ ‫ولية ِ‬ ‫نن ال َق ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫المقررة لدى ال ُعلماء م َن استنباط ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتنزيل اآليات التي‬ ‫ُ‬ ‫المس�ل ِم ‪،‬‬ ‫عن الملة بِ ُ‬ ‫خر ِج ِ‬ ‫الش�رك ُ‬ ‫إلصاق تُهمة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫التشريك‬
‫سلمين ‪.‬‬ ‫ُأ ِنز َلت في المشركين على الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الس ِنة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫شرعي م َن ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫الم ِض َّل ِة على َمن له وج ٌه‬ ‫ِ‬
‫إلصاق تُهمة البدعة ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫التبديع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الش�رق‬ ‫المش�تغلون بِ ُعلو ِم‬‫ِ‬
‫والش�رقي ُ‬‫ِّ‬ ‫الغربي‬
‫ِّ‬ ‫ومدارس العال ِم‬ ‫ُ‬ ‫شراق ُعلما ُء‬ ‫االستِ ُ‬
‫ووظائفه سل ًبا وإيجا ًبا ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفكاره‬ ‫ِ‬
‫وتحليل‬ ‫ِ‬
‫وتعليل‬ ‫اإلسالمي‬
‫ِّ‬
‫حديث « ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوه�ن والتداع�ي ِ‬ ‫ِ‬
‫�ك أن تداعى ع َل ُ‬
‫يكم‬ ‫وش ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوارد ُة ف�ي‬ ‫ُثاء مرحل� ُة‬ ‫الغ ُ‬
‫األمم ‪ » ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الخالف�ةِ‬
‫ضع�ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي ف�ي أي�ا ِم‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫المريض خريط� ُة العال� ِم‬ ‫الرج ِل‬‫ِترك ُة ُ‬
‫ِ‬
‫ثمانية‪.‬‬ ‫ال ُع‬
‫وت ‪.‬‬ ‫الوهن حب الدُّ نيا وكراهي ُة الم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األولياء أو ِ‬ ‫ُ‬
‫البيت ‪.‬‬ ‫آل‬ ‫ب‬‫الممقوت في ُح ِّ‬
‫ُ‬ ‫اإلفراط الشديدُ‬
‫ِ‬ ‫وإن�كار ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخ�ذ بِ‬ ‫التفريط الم ِ‬
‫ع�االت‬ ‫االنف‬ ‫صوصي�ات‬ ‫حقائ�ق ُ‬
‫الخ‬ ‫تساه ُل ف�ي‬ ‫ُ ُ‬
‫الم ِ‬
‫ثبتة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عام ُ�ل بِه الموافِ َق‬
‫ف�ات المتبو ِع األعظ� ِم ‪ m‬فيما ي ِ‬ ‫ف ُس ُ‬ ‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫نن‬
‫ُ‬ ‫وتصر ُ‬
‫ُّ‬ ‫�لوك‬ ‫ُس ُ‬

‫‪434‬‬
‫الجراير ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخذ بِ‬ ‫األخالق وعد ِم‬ ‫ِ‬ ‫عار َض ِمن ِ‬
‫سعة‬ ‫والم ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫�نن ِ‬
‫الواردة بِما‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سن ُة الخُ لفاء ما اجتهدوا فيه م َن اتِّخاذ المواقف بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النظر في ُّ‬
‫ٍ‬
‫ألحد ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫غمط‬ ‫تقتضيه المصلح ُة العا َّم ُة ِمن َغ ِير تح ُّي ٍز وال‬
‫الدعوة بِشرطِه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الرشدُ تسلس ُل فِ ِ‬
‫قه‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫قه الداعي بِ ُشروطِه ‪.‬‬ ‫الف ِ‬ ‫سند ِ‬ ‫تسلسل ِ‬ ‫ُ‬ ‫داء‬ ‫ِ‬
‫االهت ُ‬
‫وحي‬ ‫كاس�ات ش�رعي ٌة لِ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫معصوم�ة ِ‬
‫وانع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طه�رة‬ ‫�ذات ُم‬ ‫�ف دعوي� ٌة لِ ٍ‬ ‫مواق ُ‬ ‫الشريع ُة ِ‬

‫رباني‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شرعي ُيحدِّ ُد فِ َ‬ ‫اللة ضابِ ٌط‬ ‫سن ُة الدَّ ِ ِ‬
‫نبوي‬
‫رآني أو ٍّ‬ ‫نص ُق ٍّ‬ ‫عل الشيء أو تركَه استقرا ًء ل ٍّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫صول ‪.‬‬ ‫ط ِعل ِم األُ‬ ‫تحت ضوابِ ِ‬ ‫يندر ْج َ‬ ‫لم ِ‬
‫تصل ُة ‪.‬‬ ‫األخالق واألسانيدُ الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫النبو ُة‬
‫ُ‬
‫والسن ُة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدعوة‬ ‫فِق ُه‬
‫الكتاب ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫النبوية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫فِق ُه الداعي هو النُّبوةُ‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألخالق ‪.‬‬ ‫وسن ُة نب ِّيه ‪m‬‬ ‫تاب ال َّله ُ‬ ‫ومعادلهما ك ُ‬ ‫األصلاَ ِن ُ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفق ع َليها إجما ًعا ‪.‬‬ ‫المشترك ُة ُأ ُسس الدِّ يانة ُ‬ ‫القواس ُم ُ‬
‫لتفر ِ‬
‫قة ‪.‬‬ ‫الف لِ ِ‬ ‫الف ‪ ،‬واالختِ ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫التحريش تسيس ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ُفر ‪.‬‬ ‫يطان الك ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫عقيد ُة َّ‬
‫ٍ‬
‫يومئذ ُغثا ٌء‬ ‫حدي�ث ‪ « :‬أنتم‬ ‫ِ‬ ‫المنصوص ع َليها بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والوه�ن‬ ‫الغُثائي ُة مرحل� ُة التداعي‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫يل » ‪.‬‬ ‫ك ُغثاء َّ‬
‫ِ‬ ‫آخ�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫مراح ِل‬ ‫عبر عنها بِالقيام�ة ألنَّها ُ‬ ‫الساع ُة ُج�ز ٌء م�ن أج�زاء الزم�ان ‪ ،‬و ُي ُ‬
‫خروية ‪.‬‬‫ِ‬ ‫المراح ِل األُ‬ ‫ِ‬ ‫وأو ُل‬ ‫ِ‬
‫الدُّ نيوية َّ‬
‫ِ‬
‫األحاديث ‪.‬‬ ‫الظواه ُر الكوني ُة المنصوص ُة في‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األشراط‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لوك لِ‬‫لنماذج الس ِ‬
‫أفراد ‪.‬‬ ‫مرحلة أو‬ ‫جماعة أو‬ ‫ِ ُّ‬ ‫المميز ُة‬ ‫مات ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫العالمات ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أخبر عنه ‪. m‬‬ ‫المطابِ ُق لما َ‬ ‫الحديث ُ‬ ‫ُ‬ ‫األمارات‬
‫ُ‬

‫‪435‬‬
‫ِ‬
‫ألخيار ‪.‬‬‫سات المرحلي ُة التي يجري فِيها ال َّله النُّصر َة والتأييدَ لِ‬ ‫شارات التن ُّف ُ‬
‫ُ‬ ‫البِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُصيب الفر َد ِ‬
‫أو األُ َّم َة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفتن االبتِ‬
‫الءات العا َّم ُة التي ت ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫خالف�ة‬‫الم‬ ‫ِ‬ ‫خرج� ُة ع�ن ج�ا َّد ِة‬
‫الم ِ‬ ‫الت ِ‬
‫الفت َِن االبتِ‬ ‫ُم ِض ُ‬
‫الطري�ق إل�ى ُ‬ ‫لاءات ُ‬
‫ُ‬
‫واالنح ِ‬
‫راف‪.‬‬ ‫ِ‬

‫القات الشرعي ُة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ت هي األُسس التي يقوم ع َليها الدين ِ‬


‫والع‬ ‫الثوابِ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫المنصوصة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األسباب‬ ‫تنوع ُة بِ‬ ‫ُ‬ ‫رات هي‬ ‫المتغ ِّي ُ‬
‫الم ِّ‬ ‫األحوال ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫و(الر َّب ُة) هي س�يدتُها ومالك ُة‬ ‫ٍ‬
‫اس�م ُيط َل ُق على ك ُِّل امرأة ‪،‬‬ ‫أن تلدَ األم ُة ر َّبتَها األم ُة‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫قرارها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الدينية ‪.‬‬ ‫ف لِلمشروع َّي ِة‬ ‫كر األجنبي المخالِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫الثقاف ُة الغازي ُة ماد ُة ِ‬
‫ِّ ُ‬
‫قول الم ِ‬ ‫الداخ ِل على ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك�ر ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫خلي�ط ِ‬ ‫تحول ُة‬
‫س�لمين‬ ‫ُ‬ ‫األجنبي‬
‫ِّ‬ ‫والعل� ِم‬ ‫ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫الثقاف ُة ُ‬
‫مفاهيمهم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وتحو ِل‬ ‫بِرغبتِهم‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الحي�اة بعيدً ا ِ‬ ‫�رة في ِ‬ ‫�دة والكافِ ِ‬ ‫لح ِ‬ ‫�عوب الم ِ‬ ‫الحضار ُة الما ِّدي ُة ِ‬
‫عن‬ ‫بناء‬ ‫ِ ُ‬ ‫تجرب� ُة ُّ‬
‫الش‬
‫ِ‬
‫الدين ‪.‬‬
‫عال لهم ‪.‬‬ ‫الحفا ُة الذي َن ال نِ َ‬ ‫ُ‬
‫الثياب إلاَّ ما يست ُُر العور َة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ال ُعرا ُة الذين ال يل َبسون ِم َن‬
‫رعي األغنا ِم ‪.‬‬ ‫يشتغلون بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشاء‬ ‫رعاء‬
‫ُ‬
‫يتطاولون يتنافسون ‪.‬‬
‫ِ‬
‫واألبراج ‪.‬‬ ‫المناز ِل‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إعمار‬ ‫نيان في‬ ‫في ال ُب ِ‬
‫الل‬‫ثاء صار فِيها العوا ُّم هم األسياد‪ ،‬والتحوت ِخ َ‬ ‫مراح ِل ال ُغ ِ‬ ‫الدُّ هيماء مرحل ٌة ِمن ِ‬
‫َ ُ‬
‫دة ‪.‬‬‫البار ِ‬
‫الحرب ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشيوعي ُة فيما ُس ِّم َي بِ‬ ‫مالية ُّ‬ ‫الرأس ِ‬ ‫مرحلة الصرا ِع ما بين ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫ش�ترك َبي َن ال ُك َّف ُار وسلاطين‬ ‫الم‬ ‫ثاء ِ‬ ‫مراح ِل ال ُغ ِ‬ ‫السراء مرحل� ٌة ِمن ِ‬
‫يتم فيها التآ ُم ُر ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َّ ُ‬
‫ِ‬
‫قبائل البِالد العربية ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورؤساء‬
‫�يطرة على بِ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ثاء يبد ُأ فِيها‬ ‫�ل ال ُغ ِ‬ ‫مراح ِ‬ ‫األحالس مرحل� ٌة ِمن ِ‬
‫الد‬ ‫المب َّط ُن ل َ‬
‫لس‬ ‫العمل ُ‬ ‫ُ‬

‫‪436‬‬
‫الم ِ‬
‫سلمين ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫التعليم ‪ +‬الدعو ُة إلى ال َّل ِه‬ ‫ُ‬ ‫المدموج التربي ُة ‪+‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المثلث‬
‫ِ‬
‫الرزق ‪.‬‬ ‫الذاتي في‬ ‫عاد ُل الرابِع مبد ُأ االكتِ ِ‬
‫فاء‬ ‫الم ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تآمر ُة ‪.‬‬ ‫ول االستِعماري ُة الم ِ‬ ‫القصعة الدُّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أكل ُة‬
‫ُ‬
‫جر ِد ‪.‬‬ ‫التطو ِر‬ ‫راسات الحديث ُة ُ ِ ِ‬ ‫الخدْ ِ‬
‫ِعلم ِ‬
‫الم َّ‬‫الحياتي ُ‬
‫ِّ‬ ‫ذات العالقة بِ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫مات الدِّ‬ ‫ُ‬
‫منهجه�م ِم�ن علماءِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ار عل�ى‬ ‫والرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫األبوي ُة الشرعي ُة‬
‫ُ‬ ‫�ل و َم�ن َ‬ ‫ُ‬ ‫منه�ج األنبي�اء‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الديانة‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوضعي ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫العقالنية الما ِّد ِّي‬ ‫األنوي ُة الوضعي ُة ُ‬
‫منهج‬
‫ِ‬ ‫المسند ُة بِ‬ ‫ِ‬
‫الشرعي ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫األبوي‬
‫ِّ‬ ‫السند‬ ‫المدرس ُة األبوي ُة مدرس ُة النُّبوة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدرس ُة األنوي ُة مدرس ُة َّ‬
‫خير منه » ‪.‬‬ ‫الشيطان اإلبليسي ُة القائم ُة على مبدأ « أنا ٌ‬
‫ِ‬
‫الزمان ‪.‬‬ ‫سيظهر في ِ‬
‫آخر‬ ‫األعور الذي‬ ‫ُ‬
‫المسيخ‬ ‫الدَّ َّج ُال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والعقدي‬
‫ِّ‬ ‫الفكري‬
‫ِّ‬ ‫يس‬ ‫ِ‬
‫التس�ي ِ‬ ‫تفر َع عنها ِم َن‬ ‫ِ‬
‫الدجل الفك�ر ُة والثقاف� ُة الكافر ُة وم�ا َّ‬
‫ُ ِ‬

‫واإلعالمي ‪.‬‬ ‫صادي‬ ‫والسياسي واالقتِ‬


‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫سياس�ة مرحلةِ‬‫ِ‬ ‫والسماس�ر ُة الذين يمهدون العالم لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ال�وكال ُء وال ُعمال ُء‬ ‫الدجاجل ُة ُ‬
‫الدَّ َّجال ‪.‬‬
‫ِ‬
‫األبوية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بادات‬ ‫العادات ِ‬
‫والع‬ ‫ِ‬ ‫المبر ِم في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النقض سياس ُة التبدي ِع‬
‫ُ‬
‫ونقض ُ‬ ‫والتشريك‬
‫حركة ِ‬
‫الواق ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لم�اء بعزلِهم عن‬ ‫المس� َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبض ِ‬
‫العل ِم بِ‬ ‫ُ‬
‫وقبض ال ُع‬
‫س ُ‬ ‫المنهج ُ‬ ‫القبض ُ‬
‫ِ‬
‫والتأثير فيه ‪.‬‬
‫الخ ِ‬
‫الفة ‪.‬‬ ‫سقوط ِ‬‫ِ‬ ‫اإلسالمي بِ‬ ‫ِ‬
‫القرار‬ ‫ِ‬
‫العلماني ُة مرحل ُة نز ِع‬
‫ِّ‬
‫العرب�ي‬ ‫الغربي�ة ‪ ،‬وتبنيه�ا ف�ي المجتم� ِع‬ ‫ِ‬ ‫العلمن ُة تأ ُّث�ر الم ِ‬
‫س�لمين بِاألح�كا ِم‬
‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬
‫واإلسالمي‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طب الواحد ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تحت نظا ِم ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َعولم ُة مرحل ُة االحتواء‬
‫صادي َ‬ ‫ِّ‬ ‫السياسي واالقت‬
‫ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫التاريخ ‪.‬‬ ‫عبر‬
‫المستقرة َ‬ ‫ذات الثوابِت ُ‬ ‫العالمي ُة الدعو ُة اإلسالمي ُة ُ‬

‫‪437‬‬
‫ك�ة باالقتِ ِ‬
‫جتمعات الهالِ ِ‬
‫ِ‬ ‫تفعي�ل الص�را ِع االقتِ‬
‫صاد‬ ‫الم‬
‫ص�ادي ف�ي ُ‬
‫ِّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫المنسي‬
‫الفقر ُ‬
‫ُ‬
‫بوي ‪.‬‬
‫الر ِّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫�روب‪ ،‬وطغي�ان رأس‬ ‫السياس�ي بِ ُ‬
‫الح‬ ‫ُّ‬ ‫�ع‬
‫والتوس ُ‬
‫ُّ‬ ‫الث�روات‪،‬‬ ‫نه�ب‬
‫ُ‬ ‫المطغي‬ ‫الغنى ُ‬
‫ذات الطابِ ِع االستِهالكي الم ِ‬
‫جرد‬ ‫ثمارات ِ‬
‫ِ‬ ‫الطائلة في الاِ ستِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األموال‬ ‫ِ‬
‫وصرف‬ ‫المال‪،‬‬
‫ِّ ُ‬
‫الذي ال يخد ُم اإلنساني َة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ِم� َن‬‫علاج ل�ه ‪ ،‬س�وا ٌء َ‬ ‫المفسدُ ال�ذي ال‬ ‫ُ‬
‫الحس�ية أو‬ ‫األم�راض‬ ‫َ‬ ‫المرض ُ‬
‫ِ‬
‫المعنوية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫الم ِ‬
‫جه ُز‬
‫والتفجيرات ‪.‬‬ ‫روب‬ ‫الجماعي في ُ‬
‫ُّ‬ ‫الموت‬
‫ُ‬ ‫الموت ُ‬
‫ُ‬
‫بن ُز ٍ‬
‫هير» ‪.‬‬ ‫حرقوص ِ‬
‫ِ‬ ‫«أتباع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الخوار ِج‬ ‫المدرس ُة الحرقوصي ُة مدرس ُة‬
‫المدرس ُة السلولي ُة مدرس ُة الن ِ‬
‫ِّفاق ‪.‬‬
‫اب ‪.‬‬ ‫الكذ ِ‬ ‫الم َسيلِمي ُة مدرس ُة ُم َس ِيلم َة َّ‬ ‫المدرس ُة ُ‬
‫ِ‬
‫العرب ‪.‬‬ ‫الجاهلي ُة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫المدرس ُة الوثني ُة مدرس ُة‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نحرف ُة ‪.‬‬ ‫المدرس ُة العبري ُة مدرس ُة اليهود ُ‬
‫نحرف ُة‬‫الم ِ‬ ‫المدرس ُة الصليبي ُة مدرس ُة النصارى ُ‬
‫ِ‬
‫والتاريخ ‪.‬‬ ‫الجامع ُة بين الدِّ ِ‬
‫يانة‬ ‫ِ‬ ‫ِقراء ُة التاريخِ الشرعي ِ‬
‫القراء ُة‬
‫َ َ‬ ‫ِّ‬
‫أو المحرق ُة له ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األديان ِ‬ ‫جرد ُة ِ‬
‫عن‬ ‫الم َّ‬ ‫الوضعي القراء ُة التاريخي ُة ُ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِقراء ُة التاريخِ‬
‫ورفض ال َغ ِ‬
‫يبيات ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫العقل والقوانين‬ ‫ِ‬ ‫العقالني ُة تأكيدُ‬
‫ٍ‬
‫جماعة ‪.‬‬ ‫ذات أو‬ ‫مرحلة أو ٍ‬
‫ٍ‬ ‫التوثيق ال ُقرآني أو النبوي لِ‬ ‫ُ‬ ‫الحصان ُة الشرعي ُة‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫تص ِل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والسند الم ِ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫الخُ لفاء مسمى لِكا َّف ِة الوارثين قرار ِ‬
‫العل ِم بِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َّ‬
‫الي‬ ‫ِ‬
‫التس�ي ِ‬ ‫ذات االرتِ ِ‬
‫ب�اط بِ‬ ‫واألف�راد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحلفاء مس�مى لِكا َّف ِ‬
‫يس الدَّ َّج ِّ‬ ‫الم�دارس‬ ‫�ة‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ‬
‫والمن ِّف ِذين له ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اث‬ ‫الوسطي ُة الشرعي ُة الدعو ُة إلى ال َّله بِالحكمة والموعظة الحسنة على ُسنَّة َّ‬
‫الور ُ‬
‫النمط األَ ِ‬
‫وسط ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الحاملين صف َة‬‫ِ‬

‫‪438‬‬
‫الفكري واالجتِماعي َبي َن الرعايا ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫التواز ِن‬
‫ُ‬ ‫دال الواعي ا َّل ِذين يقيمون ُسنَّ َة‬‫االعتِ ُ‬
‫لم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األصول النصي ُة‬
‫واإلحسان ‪ ،‬والع ُ‬ ‫واإليمان ‪،‬‬ ‫األربعة ‪ :‬اإلسال ُم ‪،‬‬ ‫الديانة‬ ‫أصول‬
‫ِ‬
‫الساعة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫بِ‬
‫ِ‬
‫األبوية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألسانيد‬ ‫ِ‬
‫النبوية‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫ِ‬
‫منهج‬ ‫ُ‬
‫األوسط حمل ُة‬ ‫ُ‬
‫النمط‬
‫رسول ال َّل ِه ‪. m‬‬ ‫ِ‬ ‫نزل بها على‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الشريعة الم ِ‬ ‫التكليفات الشرعي ُة أحكا ُم‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ط الع ِ‬ ‫العلم الشرعي المقيدُ بِضوابِ ِ‬ ‫األصول ِ‬
‫ِ‬ ‫لم‬ ‫ِ‬
‫عصر التدوين ‪.‬‬ ‫لماء في‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التسلس ُل الشرعي هو انتِ ُ ِ‬
‫سن التلقي ‪.‬‬ ‫وح ِ‬ ‫قال العل ِم والدعوة إلى ال َّله بِاإلجازة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫رسول ال َّل ِه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫قال ‪ :‬ال إل َه إلاَّ ال َّل ُه ‪ُ ،‬م َّ‬
‫حمدٌ‬ ‫اإلجابة ك ُُّل َمن َ‬ ‫أم ُة‬
‫وعل َم بها ِمن األُم ِم ‪.‬‬ ‫أدرك مرحل َة اإلسال ِم ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الدعوة ك ُُّل َمن‬ ‫أم ُة‬
‫الص ِ‬
‫ور ‪.‬‬ ‫النفخ في ُّ‬
‫ِ‬
‫الكون بِ ِ‬ ‫الساع ُة نِهاي ُة‬
‫ِ‬
‫الساعة ‪.‬‬ ‫سالة إلى قيا ِم‬ ‫مرحلة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫األشراط ِمن‬
‫ِ‬ ‫جمل‬‫الساعة ُم ُ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫جريات‬ ‫النبوي بِ ُم‬ ‫ِ‬
‫الخبر‬ ‫ِ‬
‫طابقة‬ ‫الظاهر ُة الدال ُة على ُم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عالمة ‪ ،‬وهي‬ ‫جمع‬ ‫العالمات‬
‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحياة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر معي ٍن س�ب َق ِ‬
‫أحاديث‬ ‫اإلش�ارة إ َليه ف�ي‬ ‫ت‬ ‫حص�ول ٍ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫جم�ع ٍ‬
‫أم�ر ‪ ،‬وه�ي‬ ‫ُ‬ ‫األمار ُة‬
‫المصطفى ‪. m‬‬ ‫ُ‬
‫أش�ارت‬ ‫ِ‬
‫لمألوف ‪ ،‬كما‬ ‫الظاهر ُة الكوني ُة المخالِف ُة لِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�رط ‪ ،‬وهي‬ ‫ٍ‬ ‫جمع‬ ‫ُ‬
‫األشراط‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الساعة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أشراط‬ ‫ُ‬
‫أحاديث‬ ‫إ َليه‬
‫راف ‪.‬‬ ‫االنح ِ‬
‫ِ‬ ‫الموقع ُة في‬‫ث ُ‬
‫ِ‬
‫والحواد ُ‬ ‫ِ‬
‫الفواج ُع‬ ‫الم ِضل ُة وهي‬ ‫تن ُ‬
‫ِ‬
‫الف ُ‬
‫سلمين ‪.‬‬ ‫القتل خاص ًة بين الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الهرج كثر ُة‬
‫َّ َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وسائله ‪.‬‬ ‫ضول الكال ِم وكثر ُة‬ ‫المرج ُف ُ‬ ‫ُ‬
‫سلمين والك ِ‬
‫ُفار ‪.‬‬ ‫تال الشديدُ والحروب بين الم ِ‬ ‫الق ُ‬ ‫المالحم ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫س�تقبل‬ ‫اإلشارات المالحظ� ُة الم ِهم� ُة الت�ي أخب�ر النب�ي ‪ m‬ع�ن و ِ‬
‫قوعها في ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫الزمان‪.‬‬

‫‪439‬‬
‫ُسمى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ول ُة العلي ُة اسم آخر يط َل ُق على د ِ‬
‫اإلسالمي الدَّ ولة ال ُعثمانية ‪ ،‬وت َّ‬ ‫ِّ‬ ‫القرار‬ ‫ولة‬ ‫َ‬ ‫ٌ ُ ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التاريخ بِدولة‬
‫الباب العالي ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُب‬ ‫أيضا في ُكت َ‬ ‫ً‬
‫َّيل من�ه ‪ ،‬وارت َقوا في‬ ‫يهود تُركيا دخلوا اإلسلا َم لِلن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدونمة مجموع� ٌة ِم�ن‬ ‫ِ‬ ‫يهو ُد‬
‫ِ‬
‫الجيش‬ ‫ِ‬
‫قيادة‬ ‫المطاف إلى‬ ‫ِ‬ ‫الفتاة ‪ ،‬حتَّى وصلوا ِ‬
‫آخ َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جمعية تُركيا‬ ‫عبر‬
‫مناصب شتَّى َ‬ ‫َ‬
‫اإلش�راف‬‫ِ‬ ‫ور‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الخليفة ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫والحك� ِم ‪ ،‬ودبروا‬
‫وكان لهم َد ُ‬ ‫الحمي�د الثاني ‪،‬‬ ‫عبد‬ ‫إس�قاط‬ ‫ُ‬
‫والديون والصرا ِع المعروفِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫على تحطي ِم قوة الدَّ ولة ال ُعثمانية وإغراقها في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫العربية الكُبرى ‪.‬‬‫ِ‬ ‫التتريك ؛ ِمما أدى إلى قيا ِم ال َّث ِ‬
‫ورة‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫واإلسلامية أثنا َء‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫روبي�ة في البِ ِ‬
‫لاد‬ ‫ِ‬ ‫ال�دول األُ‬ ‫ِ‬ ‫االستِعمار مرحل� ُة امتِ ِ‬
‫�داد‬ ‫ُ‬
‫والثانية وما بعدَ هما ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الحربين العالميتَين األولى‬
‫�يوعية في العا َلمين‬ ‫ِ‬ ‫ول ُّ‬ ‫هيمنة الدُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هتار بد ُء‬ ‫ِ‬
‫وش�طر‬ ‫ُ‬ ‫واإلسلامي ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫الش‬ ‫االست ُ‬
‫رأسمالي ٌة وشيوعي ٌة ‪.‬‬ ‫العال ِم إلى ُقوتَين ‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مالية ُّ‬‫الرأس ِ‬ ‫الباردة بين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ثمار‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫يوعية ‪ ،‬وبد ُء‬ ‫والش‬ ‫َ َ‬ ‫الحرب‬ ‫مرحلة‬ ‫سقوط‬ ‫االست ُ‬
‫وح ِد ‪.‬‬ ‫الم َّ‬ ‫العالمي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ولمة ‪ ،‬وسياد ُة النِّظا ِم‬ ‫الع ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخالف ُة المدونم ُة هي مرحل ُة ُس�قوط الخليفة عبدالحميد الثاني ُث َّم تُس� َّل ُط يهو ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫اإلسلامية ف�ي تُركيا حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫قرار الدَّ ِ‬


‫ولة‬ ‫س�ار في ركبِهم سياس� ًّيا على ِ‬ ‫ِ‬
‫الدونمة ومن َ‬
‫لمانية ‪ ،‬وتولى فيها الحكم الظاهري ثالثة خلفاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ولة ِ‬
‫الع‬ ‫إعالن الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة بِ‬ ‫هاي�ة ِ‬ ‫نِ ِ‬
‫ٍ‬
‫سنوات َبي َن عا َمي (‪1909‬م‪1919 -‬م) ‪ .‬ثم ‪ 5‬سنوات رضخت فيها‬ ‫ودا َمت عشر‬
‫تركيا لحكم عساكر الحلفاء بقيادة بريطانيا (‪1919‬م‪1924 -‬م)‪.‬‬
‫ِ‬
‫الحميد الثاني ‪.‬‬ ‫لطان ِ‬
‫عبد‬ ‫العهدُ الحميدي عهدُ الس ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫الصرا ِع‬ ‫ِ‬ ‫الفوضى الخلاَّ ق ُة اصطِلاح م ِ‬
‫عاص ٌ�ر اس�تخد َمته ال ُقوى العالمي� ُة‬
‫لتفعيل ِّ‬ ‫ٌ ُ‬
‫والصيد في الماءِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الداخل�ي بي�ن األنظِ ِ‬
‫مة والدُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫باش�ر‬ ‫بالتدخ ِل ُ‬
‫الم‬ ‫ُّ‬ ‫يس�مح لها‬
‫ُ‬ ‫ول بما‬ ‫ِّ َ َ‬
‫الش ِ‬
‫عوب ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العك ِر ضمن ُّ‬
‫السنة الرحمانية‬

‫‪440‬‬
‫السنة الشيطانية‬
‫السنة‬
‫البدعة‬

‫‪441‬‬
‫ِ‬
‫البحث‬ ‫رم ِ‬
‫اج ُع‬
‫ •القرآن الكريم وأمهات كتب السنة‬
‫ •سبل الهدى والرشاد ‪ ،‬اإلمام الصالحي‬
‫ •اإلشاعة ‪ ،‬البرزنجي‬
‫ •أشراط الساعة ‪ ،‬يوسف بن عبدالله الوابل‬
‫ •إتح�اف الجماع�ة بما ج�اء في الفت�ن والمالحم بي�ن يدي الس�اعة ‪ ،‬حمود ب�ن عبدالله‬
‫التويجري‬
‫ •فقه أشراط الساعة ‪ ،‬د‪ .‬محمد أحمد إسماعيل المقدم‬
‫ •كتاب السنن الواردة في الفتن ‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري الداني‬
‫ •الفتن ‪ ،‬نعيم بن حماد‬
‫ •تحقيق مواقف الصحابة « مجلدان » ‪ ،‬د‪ /‬محمد أمحزون‬
‫ •التليد والطارف ‪ ،‬أبو بكر المشهور‬
‫ •أركان الدين األربعة ‪ ،‬أبو بكر المشهور‬
‫ •كشف األقنعة عن الوجوه الغثائية المقنعة ‪ ،‬أبو بكر المشهور‬
‫ •المؤامرة الكبرى على اإلسالم ‪ ،‬عالء الدين المدرس‬
‫ •الجزيرة العربية « نجد والحجاز » في الوثائق البريطانية ‪ ،‬نجدة فتحي صفوة‬
‫ •األطلس التاريخي للعالم اإلسالمي ‪ ،‬ماليز روثفن‬
‫ •أطلس تاريخ العرب واإلسالم ‪ ،‬سيف الدين الكاتب‬
‫ •أطلس الفتوحات اإلسالمية ‪ ،‬أحمد عادل كمال‬
‫علي محمد الهالبي‬ ‫ •الدولة العثمانية ‪ ،‬عوامل النهوض وأسباب السقوط ‬
‫ •منهجية النمط األوس�ط من س�ادة الصلح وبقية الس�يف وبراءتهما من اإلفراط والتفريط‬
‫المسيس ‪ ،‬أبو بكر علي المشهور‬
‫ •الشريف حسين بن علي والخالفة نضال داود المومني‬
‫ •لورنس‪ ..‬الحقيقة واألكذوبة ‪ ،‬صبحي العمري‬
‫ •السيد محمد طاهر الدباغ ‪ ،‬د‪ .‬محمد الجوادي‬
‫ •العراق في أحاديث الفتن والمالحم ‪ ،‬مشهور حسن سلمان‬

‫‪442‬‬
‫الفهرس‬

‫‪443‬‬
‫فهرس الجزء الأول‬
‫املقدمة‬
‫اعتناء اإلسالم بفقه المراحل‬
‫أهمية الدراسة الجذرية‬
‫ضياع الحق بين ركام األقالم‬
‫عوامل التجني على التاريخ‪ :‬الخلط المتعمد واألحكام العمومية‬
‫القراءة المادية العقالنية‬
‫القراءة الشرعية الموجهة‬
‫القراءة ال تكون إال باسم الرب‬
‫أهمية القراءة النصية‬
‫مرحلة الرسالة المحمدية‬
‫مرحلة ما بعد الرسالة إلى قيام الساعة‬
‫مرحلة ما قبل البعث‬
‫الدراسة النصية أساس حوار الحضارات وتقارب األديان‬
‫الدراسة الجديدة للركن الرابع وأهميتها‬
‫مع المؤلف في مسيرة المعاناة‬
‫االعتراضات واالحتجاجات بين األمة‪..‬‬
‫لماذا ؟‪..‬‬
‫بداية االنطالق في فقه التحوالت‬
‫تقرير الحالة‬
‫المدخل إلى معرفة الركنية الرابعة‬
‫مقدمات هامة لقراءة عالمات الساعة‬
‫تبقى األشراط في دائرة التوقع المظنون‬
‫مراعاة الترتيب الزمني لألشراط‬
‫عدم تأثير الترقب على واجب الوقت‬
‫هدي السلف أمام فقه التحوالت‬
‫النصوص وعالقتها بما يطرقه االحتمال‬

‫‪444‬‬
‫حصر مصادرالتلقي‬
‫ال نعطل السنن واألسباب‬
‫رأي المؤلف فيما سبق من الضوابط‬
‫متابعة الحاديث أيسر وأولى من متابعة تعقيدات العلماء‬
‫التلميح خير من التصريح في المعاتبة‬
‫ظاهرة االحتناك واالحتكار للسالمة‬
‫األشراط المجهولة وموقعنا من معارضتها‬
‫لماذا تناول النبي ‪ m‬العالمات؟ لم لم يسكت عنها أو يخف من إشهارها؟‬
‫مرحلة الرسول ‪ m‬تأصيل‬
‫فقه التحوالت اليوم من أهم أركان الدين‬
‫فقه التحوالت يعرفنا باألوعية الحاملة للعلم ومكانتها العلمية‬
‫نصوص فقه التحوالت تعنى بمسيرة الحكم والعلم‬
‫حياة النبي ‪ m‬قراءة واعية لألحداث حاضرا ومستقبال‬
‫فقه التحوالت علم ضابط لمواقف الرجولة‬
‫حاجتنا لهذا العلم أكثر من حاجتنا للماء والغذاء‬

‫املنطلق‬
‫العودة إلى األساسيات من أهم المهمات‬
‫قراءة العلماء ألصول الديانة كانت على ضوء الثوابت الثالثة‬
‫قراءتنا لعالمات الساعة تأتي على أنها ركن خاص بالتحوالت‬
‫عقائد الشيطان في البشرية‬
‫إظهار العلم بالعالمات مهمة شرعية‬
‫قوله ‪« :m‬بعثت أنا والساعة كهاتين»‬
‫تعريف الساعة‬

‫ترعيف الساعة وما يتعلق هبا‬


‫أقسام القيامة‬
‫انقسام األمارات إلى ثالثة أقسام‬
‫معنى الفتن‬
‫معنى مضالت الفتن‬
‫معنى األشراط‬

‫‪445‬‬
‫معنى العالمات‬
‫معنى األمارات‬
‫معنى البشارات‬

‫حمور املوضوع حديث جبريل ‘أم السنة’‬


‫دراسة حديث جبريل‬
‫الوحدة الموضوعية بين األركان األربعة‬
‫الثوابت والمتغير‬
‫األصول الثالثة وتدرج المكلف فيها‬

‫أراكن الدين الثلاثة وعلاقهتا ابلركن الرابع‬


‫الركن الرابع هو كشف مجريات التحوالت‬
‫الركن الرابع وأهمية دراسته‬
‫رؤوس األقالم المبينة مهمات الركن الرابع‬

‫أراكن العمل بعلامات الساعة‬


‫أركان العلم بعالمات الساعة‬
‫العلم الواجب‬
‫العلم الالزم‬
‫العلم المطلق‬
‫الفرق بين الساعة وعالماتها‬
‫إذا ولدت األمة ربتها ‪/‬ربها‬
‫األمة في فقه التحوالت‬

‫الفرق بين الساعة وعلاماهتا‬


‫تطابق جزئية العالمات مع حديث بني إسرائيل‬
‫معنى «وأن ترى الحفاة‪ ..‬الحديث»‬
‫وقوع الظاهرة حقيقة في مرحلتنا المعاصرة‬

‫الفرق بين الساعة والعمل بعلامات الساعة‬


‫مشكلة الخلط بين الساعة وبين العلم بعالماتها‬
‫األشراط في حديث مكحول‬

‫مفهوم فقه التحولات‬

‫‪446‬‬
‫مفهوم فقه التحوالت‬
‫اشتقاق اللفظة‬
‫مادة فقه التحوالت‬
‫الفقه في اللغة واالصطالح‬
‫اإلسالم في معناه العام‬
‫العلم بعالمات الساعة علم شرعي موثق الكتاب والسنة‬
‫األساس في النجاة هو العمل‬
‫«بادروا باألعمال» وما يترتب على مفهوم المبادرة‬
‫اإلشارة النبوية إلى ما يحل باألمة عند انقطاع األعمال‬
‫معنى «الفقر المنسي»‬
‫معنى «الغنى المطغي»‬
‫تركنا للصناعات اإلنتاجية وهجرنا لمبدأ االكتفاء الذاتي جعلنا (سوقا استهالكيا)‬
‫وهذا ما أدى إلى الغنى المطغي‬
‫معنى (المرض المفسد)‬
‫معنى (الموت المجهز)‬
‫الدجال شر غائب ينتظر‬

‫تأصيل فقه التحولات من الكتاب والسنة‬


‫تأصيل فقه التحوالت في الكتاب والسنة‬
‫اآليات القرآنية المعبرة عن أهمية علم الساعة‬
‫عالقة القرآن العظيم بفقه التحوالت‬
‫التحوالت البشرية والغايات المصيرية في القرآن من فقه التحوالت‬
‫معاناة األنبياء والرسل مع أقوامهم جزء من فقه التحوالت‬
‫سورة الكهف وما تشتمل عليه من دروس فقه التحوالت‬
‫سورة براءة وموقعها من أحوال المنافقين‬
‫المنافقون ومفهوم الحصار االقتصادي‬
‫معنى (الصدور) في تفسير صورة الناس‬

‫أقسام فقه التحولات‬


‫الحضارة الشرعية‬
‫الحضارة الوضعية‬

‫‪447‬‬
‫الحضارة الكنعانية والكلدانية‬
‫مادية قوم نوح والطوفان‬
‫حضارة قوم عاد والريح العقيم‬
‫إبداعات قوم ثمود والصيحة‬
‫شهوانية قوم لوط والحجارة‬
‫تجارة قوم شعيب والرجفة‬
‫عمران قوم سبأ والسيل العرم‬
‫الحضارة الفرعونية وتعدد العقوبات‬
‫الحضارة العبرية وتنوع اآليات‬
‫السنة الشريفة واعتناؤها بفقه التحوالت‬
‫أساس هذا العلم هو الربط الواعي بعموم الزمان أو المكان دون تحديد‪ ،‬فالتحديد‬
‫مزلة كبرى‬
‫ثمرة الدراسة لفقه التحوالت‬
‫ثمرة هذا العلم‬
‫عالقة فقه التحوالت بالدعوة إلى الله‬
‫الثوابت الثالثة في فقه الدعوة إلى الله‬

‫علاقة فقه التحولات ابلدعوة إىل للا‬


‫جلسة بين األنبياء والرسل ناقشوا فيها فقه التحوالت‬
‫ترتكز الدعوة إلى الله على عاملين اساسيين‬
‫دليل فقه الدعوة‬
‫دليل فقه الداعي‬
‫شرط الداعي الحق‬
‫حديث العرباض ابن سارية وموقعه من فقه التحوالت‬
‫تأصيل فهم فقه التحوالت لألحاديث السابقة‬
‫إقامة الدعوة وأمة اإلجابة‬
‫حصانات النبي ‪ m‬لبعض أصحابه وتجريحه آخرين وأهمية ذلك في فقه الدعوة‬
‫بعض البدع المدموغة من عهد الرسالة‬
‫التعريف بلفظ «السنة» لغة واصطالحا‬
‫سنة المواقف وسنة الداللة‬

‫‪448‬‬
‫سنة املواقف وسنة الدلالة وموقعها من فقه التحولات‬
‫مفهوم السنة كموقف في حديث «عليكم بسنتي»‬
‫سنة المواقف هي التطبيق األخالقي في فقه الدعوة‬
‫سنة الداللة ضابط شرعي لم يندرج تحت ضوابط علم األصول‬
‫سنة الداللة في فقه التحوالت‬
‫االستدالل بسنة الداللة على ما لم يكن له سابق مثال‬
‫البدعة الدينية والبدعة الدنيوية كالهما مذمومان إذا انعدمت ضوابطهما الشرعية‬
‫االستدالل بسنة الداللة على مسنجدات العلوم‬
‫ظاهرة التشريك ليست ديانة‬
‫مدارس القبض والنقض وظاهرة تحريف النصوص‬
‫قاعدة‪:‬‬
‫سالمة المرحلة‪ :‬بالنص‬
‫سالمة الذوات‪ :‬بالحصانة الشرعية‬
‫الشهادات الشرعية من لسان رسول الله ‪ m‬لصحابته حصانة ال تنقضها األحداث‬
‫مدرسة االعتدال والوسطية وموقعها من فقه التحوالت‬
‫الذي ينازع ما نحن بصدده إما لجهله بالركن الرابع أو لرفضه الطبعي له‬
‫موقع عالمات الساعة من علماء الفقه التقليدي‬
‫موقف الجماعات الجديدة من فقه التحوالت‬
‫إعادة القراءة لرباعية األركان ضرورة ملحة‬
‫الصراع التاريخي بين المذاهب يحتاج إلى إعادة نظر‬

‫غياب العلـم بفقه التحولات وما ترتب عليه‬


‫ماذا حصل من الخطأ بغياب فقه التحوالت‬
‫عالقة فقه التحوالت بقراءة المرحلة المعاصرة‬
‫ضياع األمانات وموقع ذلك من فقه التحوالت‬
‫كشف فقه التحوالت الشرعي لمرحلة التوسيد‬
‫ضياع مبدأ االكتفاء الذاتي في مرحلتنا المعاصرة‬
‫ثمرات (تداعي األمم)‬
‫دور فقه التحوالت في تصحيح الفهوم الخاطئة عن الخالفة‬
‫أهمية فقه التحوالت في ربط الجميع بمرحلتي مكة والمدينة‬

‫‪449‬‬
‫المدرسة النبوية األبوية الشرعية‬
‫المدرسة األنوية الوضعية‬
‫هل ثمة عالج؟ وكيف وما هي وسائله؟ هذا الفقه يضع اإلنسان أمام مسؤولياته‬
‫مفهوم الخلفاء في فقه التحوالت‬
‫من هم الخلفاء؟ وكم عددهم؟‬
‫العدالة في فقه التحوالت مقيدة وليست مطلقة‬

‫مفهوم الخلفاء يف فقه التحولات‬


‫موقف اإلمام علي ‪ v‬من الخالفة‬
‫موقف اإلمام الحسن ‪ v‬من الحكم‬
‫اإلمام الحسين ‪ v‬في خروجه ال يعاب‬
‫من هم النمط األوسط؟‬
‫مقولة اإلمام علي ‪ v‬عن النمط األوسط‬
‫أهمية معرفة علماء النمط األوسط‬

‫من مه النمط الأوسط ؟‬


‫رجال النمط األوسط‬
‫المذاهب اإلسالمية‬
‫أهل اإلفراط والتفريط ال يدخلون في مسمى النمط األوسط‬
‫المدارس الخارجة عن النمط األوسط‬
‫المذاهب اإلسالمية لم تول أهل النمط األوسط أهمية النعدام المعرفة بفقه‬
‫التحوالت‬
‫القدوة واألسوة في سلوك أهل النمط األوسط‬
‫أحاديث شريفة حول موقف النمط األوسط‬
‫ملخص مواقف أهل منهج السالمة‬

‫مواقف النمط الأوسط من طريف الإفراط والتفريط‬


‫اإلمام علي ‪ v‬في عهد الخالفة‬
‫اإلمام الحسن ‪ v‬إمام القرار‬
‫اإلمام الحسين إمام البيعة‬
‫ال يحق لمن بعدهم أن يتخذوا اجتهادهم قدوة إلثارة الصراع إال بشروط‬

‫عملاء فقه التحولات وعلامات الساعة‬

‫‪450‬‬
‫علماء فقه التحوالت‬
‫أحاديث العلم بالساعة‬
‫الصمت المطبق عن عالمات الساعة وما ترتب على ذلك‬
‫بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ‬
‫مقدمة الداني صاحب كتاب «السنن الواردة في الفتن»‬
‫مقدمة البرزنجي لكتابه «اإلشاعة»‬

‫مل السكوت عن الإفصاح الواحض لعلامات الساعة ركك ٍن من أراكن الدين؟‬


‫سبب سكوت العلماء عن اإلفصاح بالعالمات‬
‫جرابا أبي هريرة من العلم‬
‫مقولة لإلمام الشاطبي حول جديد العلم‬
‫ركنية فقه التحوالت مقولة عمن ال ينطق عن الهوى ‪ m‬وليس اجتهاد العلماء‬

‫موقع الأمثةل والرموز والشعارات والشارات والألوان يف فقه التحولات‬

‫‪451‬‬
‫فهرس الجزء الثاني‬

‫التفصيل الجامع لأراكن العمل بعلامات الساعة‬


‫أركان عالمات الساعة‬
‫االستقراء الزمني هو الذي حدد توسط العالمات‬
‫بعثة النبي محمد ‪ m‬عالمة وسطى‬

‫الركن الأول العمل اللازم ابلعلامات الوسىط‬


‫أهمية التحصين الشرعي للصحابة وما يترتب عليه‬
‫القدح في معنى الصحبة إما أن يحصل بقول لفظي أو موقف ذاتي‬
‫موت النبي ‪ m‬عالمة وسطى‬
‫المواقف المطلوبة بعد موت النبي ‪m‬‬
‫الخالفة الراشدة عالمة وسطى‬
‫نصوص عدالة مرحلة الخالفة الراشدة ورد شبه القدح في سالمتها‬
‫فتح بين المقدس عالمة وسطى‬
‫طاعون عمواس عالمة وسطى‬
‫مقتل الخليفة عمر بن الخطاب ‪ v‬عالمة وسطى‬
‫مقتل الخليفة عثمان ‪ v‬عالمة وسطى‬
‫موقعة الجمل وصون أم المؤمنين ‪ b‬عالمة وسطى‬
‫خروج عائشة ‪ b‬وموقف اإلمام علي ‪ v‬وأهميته في فقه التحوالت‬
‫خروج عائشة ‪ b‬ال يقدح في عدالتها‬
‫موقعة صفين عالمة وسطى‬
‫ظهور الخوارج ومقتلة النهروان عالمة وسطى‬
‫فتنة الخوارج تجاوزت الزمان والمكان‬
‫المدرسة الحرقوصية التميمية‬
‫بدء ظهور مدرسة الخوارج‬
‫االمتداد الطبيعي للمدارس الخارجية حتى يظهر في أعراضهم الدجال‬
‫عالمات وسمات الخوارج‬
‫موقف اإلمام ‪ v‬من الخوارج في النهروان‬
‫مسمى الحرورية نسبة إلى حروراء‬

‫‪452‬‬
‫تحديد هوية الخوارج على لسان اإلمام ‪v‬‬
‫مقتل اإلمام علي ‪ v‬عالمة وسطى‬
‫صلح اإلمام الحسن ‪ v‬عالمة وسطى‬
‫ملك بني أمية عالمة وسطى‬
‫رؤيا النبي ‪ m‬للقردة والخنازير تتنزى على منبره‬
‫وقعة الحرة عالمة وسطى‬
‫فتنة ابن الزبير ومقتله عالمة وسطى‬
‫خالفة عمر بن عبدالعزيز ‪ v‬عالمة وسطى‬
‫ملك بني العباس عالمة وسطى‬
‫مناقشة لمعاني (الملك العضوض)‬

‫أقسام رمحةل املكل العضوض‬


‫حديث (األئمة بعدي اثناعشر كلهم من قريش)‬
‫تحديد األمراء االثني عشر ومراحلهم‬
‫مرحلة الهرج واالنفصام‬
‫مرحلة المهدي مستقلة بذاتها عن مدلول مرحلة األمراء االثني عشر‬
‫مبتدأ مرحلة الهرج المنصوص عليه بالهجمات المغولية والصليبية‬
‫سقوط قرار الخالفة على يد التتار عالمة وسطى‬
‫أحاديث الفتن‬
‫فتح القسطنطينية عالمة وسطى‬

‫شعار الدولة العلية العامثنية‬


‫عوامل الضعف واالنهيار لبني عثمان‬
‫بدء ظهور العلمنة‪ :‬إفراط المسلمين في االنبهار بعلمانية الغرب‬
‫بدء ظهور العلمانية وفصل الدين عن الدولة مع سقوط القرار اإلسالمي‬
‫نبذة عن السلطان عبدالحميد الثاني‬

‫قراءة رمحةل الغثاء والوهن من واقع فقه التحولات‬


‫إذا وسد األمر إلى غير أهله‬
‫مرحلة السير اإلجباري نحو جحر الضب‬
‫فقه التحوالت يفتح آفاقا جديدة في قراءة التاريخ‬
‫غياب الفقه الشرعي للتحوالت جرأ المترسمين على المصلين‬

‫‪453‬‬
‫النفاق التاريخي اخترق صفوف األمة إلى اليوم‬
‫الغثائية من حديث ثوبان‬

‫التقسمي الرشيع لملرحةل الغثائية‬


‫مرحلة األحالس والمؤامرة على تركة الرجل المريض‬
‫بدء الغزو البرتغالي‬
‫معاهدات الحماية تدخل الكفر في بالد المسلمين‬
‫حديث التمايز والتمايل والمعامع‬
‫تداعي األمم أكلة القصعة على ثروات األمة‬
‫سقوط الخالفة وبدء المرحلة العلمانية‬
‫مؤتمرات الخيانة ضد القرار اإلسالمي‬
‫المكاسب االستعمارية بسقوط الخالفة‬
‫امتداد العلمانية باالستعمار‬

‫فتنة الدهاميء ‪ ..‬رمحةل الاسهتتار‬


‫فتنة الدهيماء عالمة صغرى في مرحلة الغثاء‬
‫تحول الفضية اإلسالمية إلى أطماع قومية إقليمية‬
‫صراع القوتين الشرقيتين ‪ :‬الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي‬
‫الفتنة الرابعة التي يؤول أمر األمة فيها إلى الكافر‬

‫الفتنة الرابعة ‘العمياء البمكاء الصماء’‬


‫‘رمحةل الاستامثر’ ‪‘ -‬الألفية الثالثة’‬
‫جبل الذهب واالقتتال عليه‬
‫مفهوم الحديث‪ :‬يؤول أمر األمة إلى الكافر‬
‫التدخل الكافر في سياسة اإلسالم ونقض العرى‬
‫ظاهرة الهجرة إلى العواصم وترك العمل الحرفي الزراعي‬
‫زيادة األسعار قلق مسيس من تدخالت الكافر في األمة‬
‫كثرة القراء وقلة الفقهاء‬
‫كثرة االقتتال والصراع الدموي‬
‫مؤتمرات الحوار واالستثمار‬
‫العدالة من مبادئ اإلسالم وال عالقة للكفر بذلك‬

‫‪454‬‬
‫ظاهرة التخلي عن تفسير اآليات القرآنية لما فيها من إدانة للكفار‬
‫خطر الثقافات الغازية على التركيب اإلسالمي الموجه‬

‫ملاحظة عىل هامش املرحةل الغثائية‬


‫الركن الثاين العمل املطلق ابلعلامات الصرغى‬
‫إمارة الصبيان‬
‫إمارة الصبيان‬
‫عالمة صغرى‬
‫استفاضة المال واالستغناء عن الصدقة‬
‫استفاضة المال واالستغناء عن الصدقة‬
‫استتباع سنن األمم الماضية‬
‫استتباع سنن األمم الماضية‬
‫نماذج االستتباع‬
‫التقليد األعمى للعالم اآلخر‬
‫ضياع األمانة‬
‫نقض أمانتي الحكم والعلم‬
‫ضياع األمانة‬
‫قبض العلم وظهور الجهل‬
‫حديث «فال يكاد أحدهم يؤدي األمانة ‪»...‬‬
‫قبض العلم وظهور الجهل‬
‫معاني قبض العلم‬
‫انقباض ‪ /‬قبض العلماء‬
‫أشكال من نقض العرى في مسيرة التاريخ‬
‫ظهور مدعي النبوة‬
‫ظهور مدعي النبوة‬
‫مسيلمة الكذاب واألسود العنسي‬
‫سبعة وعشرون دجإال منهم أربعة نسوة‬
‫ابن الكواء في عهد اإلمام علي أحد الكذابين‬
‫المختار الثقفي‬
‫الحارث الكذاب‬

‫‪455‬‬
‫أحمد القادياني‬
‫مدعو المهدية من الكذابين‬
‫قتال الترك والعجم‬
‫الربط بين وظائف الدجاجلة واألعور الدجال‬
‫قتال الترك والعجم‬
‫قتال التتار في أواخر العصر العباسي‬
‫قتال الترك على حرب الماء وكنز الذهب‬
‫قتال العجم واستثارتهم حتى يكونوا كاألسد ال يفرون‬
‫كثرة القتل‬
‫كثرة القتل‬
‫كثرة الهرج حتى ال يدري القاتل فيم قتل وال المقتول فيم قتل؟‬
‫استباحة القرامطة لحجاج الحرم عام ‪ 317‬هـ‬
‫حصاد الحروب العالمية لآلالف من البشر‬
‫حروب الثورات العربية والحروب القبلية والحزبية‬
‫الحروب الطائفية‬
‫زخرفة المساجد والتباهي بها‬
‫زخرفة المساجد والتباهي بها‬
‫ظاهرة تسامح بعض العلماء في زخرفة المساجد‬
‫بناء المساجد للزينة في المنتزهات‬
‫بيع الحكم‬
‫عالمة صغرى‬

‫مناذج من العلامات الصرغى يف رمحليت الدهاميء والفتنة الرابعة‬


‫قراءة نبوية للأحداث والوقائع ومواقف الأمة‬
‫بيع الحكم‬
‫كثرة الشرط‬
‫قطيعة الرحم‬
‫نشء يكون في آخر الزمان يتخذ القرآن مزامير‬
‫قطيعة الرحم‬
‫عالمة صغرى‬

‫‪456‬‬
‫نشء القرآن بأصوات المزامير‬
‫عالمة صغرى‬
‫الجرأة في الفتوى‬
‫عالمة صغرى‬
‫الجرأة في الفتوى‬
‫ظاهرة الفتوى إلرضاء الساسة‬
‫ظاهرة الفتوى في تحريف معاني القرآن‬
‫ظاهرة التجمل باأللسنة في الحديث وإخفاء الخديعة في القلوب‬
‫الفتنة التي تصاب بها األمة ثمرة المخادعة‬
‫العودة إلى الشرك‬
‫عالمة صغرى‬
‫ظاهرة تهمة الشرك على زوار القبور‬
‫العود إلى الشرك وعبادة األوثان‬
‫فقه التحوالت ال يشير في العالمات إلى تجديد التوحيد في مرحلة الغثاء‬
‫ظاهرتا اإلفراط والتفريط هما المسؤولتان عن الصراع العقدي‬
‫وجوب رد تهمة الشرك من األمة‬
‫مرحلة الشرك الجاهلي األول‬
‫المرحلة الثانية بعد موت عيسى عليه السالم‬
‫ما بين بعثة النبي محمد ‪ m‬وإلى نزول عيسى ش ينحصر الشرك األكبر في اليهود‬
‫والنصارى وأهل األوثان‬
‫ظاهرة االستتباع للمشركين في آخر الزمان‬
‫علة األمة ‪ :‬اإلفراط والتفريط‬
‫وسائل الفحش عالمة صغرى‬
‫دور األجهزة اإلعالمية في إظهار الفحش والتفحش‬
‫األجهزة اإلعالمية ووسائل الفحش‬
‫من ظواهر الفحش ما يباع ويشاع في األفالم والمالبس‬
‫من ظواهر الفحش مشاركة الجيل في األندية المختلطة‬
‫شرب الخمر واستحاللها‬
‫شرب الخمر واستحاللها عالمة صغرى‬
‫ظاهرة تغيير اسم الخمر وشربها بين المسلمين‬

‫‪457‬‬
‫ترويج المخدرات‬
‫إسقاط الحدود الشرعية تبعا لرغبة جمعيات حقوق اإلنسان‬
‫تعظيم أرباب األعمال ورجال المال عالمة صغرى‬
‫ظاهرة تعظيم رب المال‬
‫تداخل العالمات المؤدية إلى تعظيم رب المال‬
‫رفض تعظيم األولياء وأهل األحوال أدى إلى البديل المناسب‪ :‬ظاهرة تعظيم‬
‫رجال المال واألعمال‬
‫ظهور المعازف واستحاللها عالمة صغرى‬
‫ظهور المعازف واستحاللها‬
‫بناء المؤسسات الثقافية المخصصة للفنون‬
‫تشجيع الفن وتكريم الفنانين‬
‫مظاهر الفن ومخرجات األفالم والمسارح‬
‫حديث المسخ في األمة الستحالل الحر والحرير والخمر والمعازف‬
‫الفنون الشعبية المنظمة ال تدخل في المحظور‬
‫التطاول في البنيان‬
‫التطاول في البنيان عالمة صغرى‬
‫االستثمارات العربية الخيالية وصرفها في أبنية األبراج‬
‫الحديث يخص العرب في ذم التطاول‬
‫كثرة التجارة‬
‫كثرة التجارة‬
‫مشاركة المرأة لزوجها في التجارة‬
‫التنافس على الدنيا‬
‫ظهور الربا عالمة صغرى‬
‫هيمنة المدرسة الربوية على االقتصاد العربي واإلسالمي دراسة وتجارة‬
‫ظهور فتنة الربا والشراكات االقتصادية المشبوهة‬
‫بدأ عهد االستعمار في ترويض الشعوب المسلمة على قبول المعامالت الربوية‬
‫دور الغثائيين من المسلمين في وضع قواعد الربا البنكي‬
‫انتشار المصارف المتعاملة بالربا‬
‫خطر الربا على الحياة اإلسالمية ووصف القرآن آلكل الربا‬
‫عالقة التطرف واإلرهاب بالربا والمعامالت المشبوهة‬

‫‪458‬‬
‫الربا جزء من الكفر‬
‫ظهور الفتن من المشرق‬
‫فقه التحوالت ووضعه الدواء موضع الداء‬
‫فتن المشرق عالمة صغرى‬
‫الجهات التي ظهرت منها الفتن عبر التاريخ‬
‫أحاديث فتن المشرق‬
‫رواية فتن المشرق بالمفرد والمثنى ‪ «:‬قرن‪/‬قرنا الشيطان »‬
‫تحديد األحاديث جهة المشرق بربيعة ومضر‬
‫تحليل « قرنا الشيطان » بألف التثنية‬
‫المعنى ال ينطبق على الرعايا وعموم المسلمين‬
‫أحاديث متنوعة عن قرن المشرق‬
‫اعتناء العلماء بفتن المشرق العامة والخاصة‬
‫فتنة الخوارج‬
‫انتشار الفتنة في البالد العربية واإلسالمية‬
‫ظاهرة انتشار الفتنة المعادلة للخوارج تحت مسمى حب آل البيت‬
‫وجوب المبادرة باألعمال عند ظهور الفتن‬
‫أفضل الناس في الفتن من يعتزل الناس‬
‫العزلة عن الناس أو الجهاد ال يشمل نماذج فلسطين وما شابهها‬
‫ظاهرة الزنا عالمة صغرى‬
‫انحدار األخالق في مرحلة االستعمار‬
‫ظهور الزنا‬
‫بروز جيل الكاسيات العاريات‬
‫ارتباط المخرجات الثقافية في العالم العربي واإلسالمي بالعالم اآلخر‬
‫منظمات الوقاية من األمراض الجنسية ودورها في نشر الفساد‬
‫مستقبل االنحدار الخلقي في العالم اإلسالمي‬
‫خطورة ما يدور خلف الكواليس في المسارح واألندية وغيرها‬
‫ظهور األمراض التي لم تكن في األسالف‬
‫نقض عرى اإلسالم واإليمان‬
‫نقض عرى اإلسالم واإليمان‬
‫نقض عرى اإلسالم عروة عروة‬

‫‪459‬‬
‫بداية النقض في العهد األموي وما تاله‬
‫نقض الحكم والعلم في مرحلة االستعمار‬
‫نماذج النقض في العالم العربي واإلسالمي‬
‫استمرار نماذج النقض في اللعبة المشتركة إلى اليوم‬
‫تتصور الرموز ورجاالت العلم والثقافة « النخبة » قدرتها على تطوير األمة من‬
‫غير إسالم‬
‫الضحايا من الشعوب المشاركين في برامج االحتواء وااللتواء‬
‫مرحلة التداعي والوهن ودورها في النقض‬
‫شعارات الكتاب والسنة كظاهرة من ظواهر النقض‬
‫ال أمل في نجاح البرامج المطروحة حاليا إلنقاذ األمة‬
‫فناء بعض الشعوب والقبائل‬
‫فناء بعض الشعوب عالمة صغرى‬
‫طلب الملك والحمية سبب في فناء بعض الشعوب‬
‫الهالك المحتم للشعوب بعد هدم الكعبة‬
‫ظاهرة ترك الجهاد في سبيل الله ‘رسميا’ وبقائه ‘شعبيا’‬
‫الطائفة المنصورة‪ ..‬بقاء الجهاد في سبيل الله «حصريا» إلى يوم القيامة‬
‫الطائفة المنصورة عالمة صغرى‬
‫أحاديث الطائفة المنصورة‬
‫اإلشارة إلى اإلسالم ووجود الطائفة المنصورة بها‬
‫األحاديث الجامعة لمفهوم البقاء على الحق دون ذكر الجهاد‬
‫أحاديث الطائفة المنصورة تشير إلى بقاء الجهاد إلى يوم القيامة‬
‫الطائفة المنصورة ال تنتمي إلى دولة أو جماعة أو حزب‬
‫اختفاء التعامل بالنقدين‬
‫توقف الجزية والخراج ‪/‬سقوط دولة الخالفة‬
‫حصول الزالزل والخسف وهالك بعض البالد‬
‫قراءة ما اكتتب من سوى كتاب ال ٰله عز وجل‬
‫عرض عام لبقية العلامات الصرغى‬
‫التسلسل الزمين الرشيع الجامع لسير العلامات‬
‫والأمارات إىل قيام الساعة‬

‫‪460‬‬
‫فشل االقتصاد وامتداد سياسة التجويع والتطبيع والتشريك والتبديع‬

‫ما بعد الفتنة الرابعة‪ ..‬رمحةل الاستنفار‬


‫المرحلة السفيانية‬
‫االصطدام المباشر بين الشعوب ورواد الفوضى الخالقة‬
‫المرحلة السفيانية حروب وفتن ودماء‬
‫السفياني يقتل العلماء أو يستفيد منهم في تنفيذ سياسته‬
‫عالمات كونية وظواهر مناخية‬
‫شخصيات قيادية متنازعة‬
‫الرايات السود والصفر رموز لقوى محلية واعدة‬
‫ازدياد األذى آلل البيت بعمومهم حسب االنتماء لبني هاشم‬
‫الجيش الذي يخسف به بين مكة والمدينة‬
‫مرحلة ما قبل اإلمام المهدي‬
‫الخالفة الراشدة بشروطها ال تكون إال بالمهدي‬
‫ٍ‬
‫راشدة ؟‬ ‫ٍ‬
‫خالفة‬ ‫مرحلة ما قبل اإلمام المهدي‪ ..‬وهل يسبقها قيام‬
‫بعض التحريف في معاني األحاديث سببه عدم دراسة فقه التحوالت‬
‫استمرار الجهاد في سبيل الله في عصر المهدي‬
‫أسباب خروج الدجال‬
‫األمر بيد الله‪ ..‬وال تسييس للطائفة المنصورة‬
‫تعليالت غير صحيحة البد من اإلجابة عليها‬

‫موقف املسمل املستبرص من الفتن وأمئهتا املضلين‬


‫الركن الثالث العمل الواجب ابلعلامات الكبرى‬
‫حديث العالمات الكبرى‬
‫ترتيب اآليات والظواهر‬
‫العالمات الكبرى قسمان‬
‫اإلمام المهدي أول العالمات الكبرى‬
‫المرحلة المهدية‪ ..‬استقرار ‪ ،‬سالم ‪ ،‬تنمية‪..‬‬
‫وحكمة االختالف بين العلماء حول شخصية المهدي وظهوره‬

‫املرحةل املهدية ‘ املهدي املبرش به ’‬

‫‪461‬‬
‫تغير األحوال قبيل مرحلة المهدي‬
‫اإلحباط النفسي لدى الصالحين قبل المهدي‬
‫صيحة في رمضان عالمة كونية قبل ظهور اإلمام‬
‫الرايات السود من خراسان‬
‫وجوب التحري في نصرة الرايات لتشابه الظواهر‬
‫مهمات المهدي وسياسته العلمية والعملية‬
‫انقطاع الربا واالقتصاد الرأسمالي‬
‫شك بعض العلماء المذهبيين في حقيقة اإلمام‬
‫ظهور البركة في المنتجات المحلية‬
‫معارك اإلمام مع السيفاني ومهادنة الروم‬

‫املرحةل الثانية من املهدية‬


‫انتقاض العرى وبدء الحروب‬
‫انتصار اإلمام على دولة الكفر والصليب وأخذ كنوزهم‬
‫المرحلة الدجالية وموقع الدجال من عالمات الساعة‬

‫املرحةل الدجالية ‪ :‬ظهور املسيخ الدجال‬


‫هناية الدجال ودولة الهيود‬
‫اشتباه الدجال اببن صيادٍ‬
‫وسائل احلفظ من الدجال‬
‫املرحةل العيسوية‬
‫أهم ظواهر مرحلة عيسى ش‬
‫يأجوج ومأجوج لغز من الغاز القرآن‬
‫شرطنا في قبول البحوث العلمية عن العالمات‬

‫املرحةل اليأجوجية‬
‫متابعة مختصرة للدراسة الميدانية الجديدة‬
‫دول قارة الخيل وعالقتها بالمرحلة اليأجوجية‬
‫اليأجوجية في كتب غير إسالمية مرحلة عدوانية يتحكم فيها الشيطان‬
‫المرحلة اليأجوجية في اإلنجيل‬

‫‪462‬‬
‫يأجوج ومأجوج يكتسحون العالم العربي‬
‫الطغيان اليأجوجي قبل نهايتهم الحتمية‬
‫عيسى ش والمؤمنون يرغبون إلى الله في إهالك قوم يأجوج ومأجوج‬
‫ما بين هالك يأجوج ومأجوج وموت عيسى ش‬
‫موت عيسى ش بالمدينة المنورة ودفنه بالحجرة الشريفة‬

‫رحةل عيىس من الشام إىل املناسك‬


‫ظواهر من العلامات الصرغى ما بين الإمام املنترظ حىت رمحةل عيىس عليه السلام‬
‫رمحةل الاهنيار والعود إىل الجاهلية‬
‫القحطاني‬
‫ظهور إبليس في جيل االنهيار والدعوة إلى عبادة األصنام كما كانت في الجاهلية‬

‫الدابة‬
‫خروج الدابة من مكة‬
‫« وإذا وقع القول عليهم » موت العلماء ورفع القرآن‬
‫بقاء الناس بعد الدابة مددا طويلة‬
‫ما بعد مرحلة خروج الدابة‬
‫الريح القابضة لمن بقي من المؤمنين‬
‫ارتباط هدم الكعبة بموت المؤمنين وبقاء عجاج من الناس‬

‫الرحي القابضة لملؤمنين‬


‫انهيار أهل مكة في مرحلة الخراب األخير وانفتاح أبواب الشر والدمار‬
‫أهم ظواهر هذه المرحلة‬

‫هدم الكعبة‬
‫ظهور الدخان كعالمة‬

‫الدخان‬
‫اخلسوفات الثلاثة‬
‫الخسوفات الثالثة ظواهر كونية كبرى وفيها تهيئة لظهور الشمس من مغربها‬

‫طلوع الشمس من مرغهبا وانقطاع التوبة‬


‫انقطاع التوبة واستمرار ظاهرة طلوع الشمس من المغرب‬

‫‪463‬‬
‫انقطاع الهجرة والطبع على القلوب ونهاية العمل الصالح في األمم‬

‫النار الحارشة‬
‫النار الحاشرة إحدى الظواهر الكونية األخيرة‬
‫اليمن وعدن وحضرموت مواقع خروج النار‬
‫ماهي النار الحاشرة؟‬
‫األفواج المتعاقبة بالخروج خوفا من النار‬
‫الهجرة األخيرة إلى الشام‬
‫اندراس اإلسالم هو اندراس العمل بأوامره واجتناب نواهيه‬

‫اندراس الإسلام مث اندراس لكمة التوحيد‬


‫النفخ في الصور نهاية الحياة الكونية‬

‫العلامة الأخيرة‪ ..‬النفخ يف الصور‬


‫االعتماد على النصوص الصحيحة والموثقة حسب االستطاعة‬
‫المالحظات البناءة ودورها في إغناء الموضوع‬

‫خامتة الأسس واملنطلقات‬


‫قاموس الألفاظ والترعيفات املستجدة يف فقه التحولات‬
‫رماجع البحث‬

‫‪464‬‬
‫ِ‬
‫الواثئق‬ ‫ح ٌق ب ِ ِ‬
‫بعض‬ ‫مل َ‬
‫ُ‬
‫نماذج من مؤامرة (فتنة السراء) المقررة في فقه عالمات الساعة‬

‫نص ِر ٍ‬
‫سالة ‪: 523/1‬‬
‫القاه ِ‬
‫رة‬ ‫المندوب السامي في ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخارجية إلى‬ ‫ِ‬
‫وزارة‬ ‫برقي ٌة ِمن‬
‫ِّ‬
‫‪ 25‬آب‪/‬أغسطس ‪ 1915‬م‬
‫المرقم ُة ‪450‬‬ ‫ِ‬
‫الرقم ‪ / 598‬عاجل ‪ /‬برقيتُكم ُ‬
‫س�تصو ًبا ؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن‬ ‫إقراره ‪ .‬وإذا ما وجدتُم ذل َك ُم َ‬
‫تم ُ‬ ‫قترح على ش�ريف مكَّة َّ‬
‫الم ُ‬ ‫الر ُّد ُ‬
‫خاص ٍة بِالمعنى التالي ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫لكم إضاف َة ِرسالة َّ‬
‫ِ‬
‫ضمان‬ ‫ِّفاق َأول�ي لِ‬
‫لبحث ف�ي ات ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عداد لِ‬
‫الجالل�ة على اس�تِ ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاح ِ‬
‫�ب‬ ‫«إن ُحكوم� َة‬
‫َّ‬
‫ٍّ‬
‫عبدال َّل ِه أو‬
‫نجل�ه ِ‬ ‫الش�ريف بِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫بع�ث‬ ‫قوق�ه وامتيازاتِ�ه إذا م�ا‬
‫الش�ريف وح ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫اس�تِ ِ‬
‫قالل‬
‫الشريف‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة ‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫الغرض ‪ .‬وفيما يتع َّل ُق بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫صر لِهذا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫َ‬ ‫آخر إلى م َ‬
‫مفوض َ‬ ‫مبعوث‬
‫ِ‬ ‫ِّفاق مع ِ‬ ‫ِ‬
‫صاح ِ‬
‫ب‬ ‫أن ُحكوم َة‬
‫أبناء دينه ‪ ،‬فله أن يطمئ َّن إلى َّ‬ ‫إذا ما نُود َي بِه خليف ًة بِاالت ِ َ‬
‫ِ‬
‫النس�ب ‪ ،‬وكما جرى بيانُه من‬ ‫ِ‬
‫صحيح‬ ‫عربي‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة إلى‬ ‫عودة ِ‬
‫الجاللة س�تُرحب بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍّ‬ ‫ِّ ُ‬
‫لشهر تِشرين الثاني‪/‬نوفمبر الماضي» ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كتشنر‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اللورد‬ ‫ِ‬
‫راسالت‬ ‫ُ‬
‫قبل في ُم‬

‫ين‬ ‫ِ‬
‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫َ‬
‫مكماهون إلى‬ ‫ِرسال ٌة ِمن‬

‫ِ‬
‫العرب‬ ‫وإن مصالِ َح‬
‫ف (‪َّ : )525 : 1‬‬ ‫ش�وال ‪1333‬هـ ‪ /‬أغسطس ‪1915‬م بِتصر ٍ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫النس�بة فنحن نؤ ِّكدُ لكم‬ ‫العك�س ‪ ،‬ولِهذه‬
‫ِ‬ ‫والعكس بِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنكليز ‪،‬‬ ‫نفس مصالِ ِ‬
‫�ح‬
‫ُ‬ ‫ه�ي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فخامة ال ُّل ِ‬
‫ِ‬
‫علي أفندي ‪ ،‬وهي‬ ‫كتش�نر التي وص َلت إلى س�يادتكم عن ي�د ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ورد‬ ‫َ‬
‫أقوال‬
‫مع اس�تصوابِنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قالل بِ ِ‬
‫وضح�ا به�ا رغبتَنا في اس�تِ ِ‬ ‫الت�ي َ‬
‫وس�كانها َ‬ ‫العرب ُ‬ ‫الد‬ ‫ً‬ ‫كان ُم‬

‫‪465‬‬
‫العربية ِعند إعالنِها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لخ ِ‬
‫الفة‬ ‫لِ ِ‬

‫ِ‬ ‫ب بِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اس�ترداد‬ ‫أن جالل� َة ملك بِريطاني�ا ال ُعظمى ُي ِّ‬
‫رح ُ‬ ‫م�ر ًة ُأخرى َّ‬
‫ُص�ر ُح ُهنا َّ‬
‫وإنَّ�ا ن ِّ‬
‫َّبوي ِة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫عربي صمي ٍم ِمن ُفروع تِ َ‬ ‫الفة إلى ِ‬
‫الخ ِ‬ ‫ِ‬
‫باركة ‪.‬‬ ‫لك الدَّ وحة الن ِ َّ ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫يد‬

‫ِ‬
‫الجليل‬ ‫ولة الس ِّي ِد‬
‫ُرس َ�ل إلى س�احة د ِ‬
‫َ‬
‫عداد لأِ ن ن ِ‬
‫كام ِل االس�تِ ِ‬ ‫ومع ذلِ َك فإنَّنا على ِ‬
‫َ‬
‫رة ِم َن‬
‫والصدق�ات المقر ِ‬
‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫الح ِ‬
‫بوب‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫والع�رب الكرا ِم م� َن ُ‬
‫العربية المقدَّ ِ‬
‫س�ة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ولِلبِ ِ‬
‫لاد‬
‫المكان الذي تُع ِّينونه‬ ‫ِ‬ ‫إش�ارة ِمن س�يادتِكم وفي‬
‫ٍ‬ ‫جر ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البِالد المصرية ‪ ،‬وس�تص ُل بِ ُم َّ‬
‫س�اعدة رس�ولِكم في جمي ِع س�فراتِه إ َلينا ‪ ،‬ونحن‬ ‫ِ‬ ‫مة لِ ُم‬
‫الالز ِ‬ ‫ِ‬
‫الترتيبات ِ‬ ‫‪ .‬وقد ِ‬
‫عملنا‬
‫ستنش�قين رائح َة مو َّدتِكم الزكي َّة ‪ ،‬ومستوثِقين بِ ُعرى‬
‫على الدوا ِم معكم قلبا وقالِبا م ِ‬
‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العالئق َبينَنا ‪.‬‬ ‫محبتِكم الخالِ ِ‬
‫صة ‪ ،‬سائلين ال َّل َه ُسبحانَه وتعالى دوا َم ُح ِ‬
‫سن‬ ‫َّ ُ‬
‫َ‬
‫مكماهون (‪)529 : 1‬‬ ‫ِ‬
‫الشريف إلى‬ ‫ِرسال ٌة ِم َن‬
‫ِ‬
‫بأرجحية‬ ‫اإلخالص ‪ِ ،‬‬
‫معترفين‬ ‫ِ‬ ‫والخالص ُة يا حضر َة الشه ِم المبج ِل أنَّا على ِ‬
‫أكيد‬ ‫ُ َّ‬
‫نجعل في إشارتِكم في رقيمكم‬
‫َ‬ ‫والئكم رضيتُم عنَّا كما ُأشير أم سخطتُم ‪ .‬نأبى أن‬
‫ِ‬
‫ترويج‬ ‫ِ‬
‫رس�ال في‬ ‫درجات االستِ‬
‫ِ‬ ‫أقوامنا ـ في أقصى‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬
‫يزال ُ‬ ‫الذ ِ‬
‫ك�ر بِأنَّه ال ُ‬ ‫ِ‬
‫ب�ادئ ِّ‬
‫تور والتر ُّد ِد ف�ي رغائبِنا ‪ ،‬التي أنزه ش�هامة‬ ‫آث�ار ال ُف ِ‬
‫ثمان�ي ـ ُح َّج� ًة على ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الطل�ب ال ُع‬
‫يس�ت ِمن ق�وا ِم حياتِن�ا ‪ .‬ال بل هي حياتُن�ا الما ِّدي ُة‬ ‫تق�ول بِأنها َل َ‬
‫َ‬ ‫أصالتِك�م عل�ى أن‬
‫الساعة قائم بِذاتي وبِجمي ِع حواسي في إِ ِ‬
‫نفاذ ما‬ ‫ِ‬ ‫والمعنوي ُة واألدبي ُة ‪ .‬ألنِّي إلى هذه‬
‫ٌ‬
‫األوام ِر ‪ ،‬وفي كا َّف ِة ما له تع ُّل ٌق بِه ِم َّما‬
‫ِ‬ ‫اإلسلامي في بِالدي ِم َن‬
‫ِّ‬ ‫كان ُموافِ ًقا لِلش�ر ِع‬
‫َ‬
‫أمر َغ ِير ذلِ َك ‪.‬‬
‫يأتي ال َّل ُه بِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫يكون عائدً ا إلى باقي المملكة إلى أن َ‬ ‫ُ‬

‫األول ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ماكسويل إلى ال ُّل ِ‬


‫َ‬ ‫الج ِ‬‫ِرسال ٌة ِم َن ِ‬
‫كتشنر ص‪ 559‬في ‪ 16‬تشرين َّ‬
‫َ‬ ‫ورد‬ ‫نرال‬
‫أكتوبر ‪: 1915‬‬

‫‪466‬‬
‫س�تقبل اإلسلا ِم ‪ ،‬وإذا اس�تطعنا أن ِ‬
‫نحم َل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كبيرة تتع َّل ُق بِ ُم‬ ‫ٍ‬
‫قضية‬ ‫ِ‬
‫واجهة‬ ‫إنَّنا في ُم‬
‫ِ‬
‫الموافقة على‬ ‫أكثر َميلاً إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفرنسيين على إدراك هذه الحقيقة ‪ ،‬فإنهم قد يكونون َ‬
‫لش ِ‬
‫�ريف‬ ‫الوقت بالِغ ٌة ِجدًّ ا ‪ ،‬وأنَّنا ما لم نُقدِّ ْم لِ َّ‬
‫ِ‬ ‫أن أهمي َة‬ ‫ِ‬
‫التأكيد َّ‬ ‫ِ‬
‫التس�وية ‪ .‬وأش� ُع ُر بِ‬
‫قائما ِضدَّ نا ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قترحات محدَّ د ًة ومقبول ًة ‪ ،‬فإنَّنا قد ِ‬ ‫حالاً ُم‬
‫عالما إسالم ًّيا ً‬
‫ً‬ ‫نجدُ‬
‫ِ‬
‫السفير البِريطاني بارسي ص‪: 575‬‬ ‫ِ‬
‫الخارجية إلى‬ ‫ومن ِر ِ‬
‫سالة ِ‬
‫وزير‬

‫العرب ‪ ،‬ع َليكم أن تط ُلبوا ِم َن‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اتصال بِ‬ ‫ِ‬
‫القاهرة على‬ ‫الفرنسي بِ‬
‫َّ‬ ‫المم ِّث َل‬
‫أن ُ‬‫سمعت َّ‬‫ُ‬
‫الفرنس�ي في‬ ‫المم ِّث َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫الس�رية ‪ ،‬وأن تثنوا ُ‬‫األمر في غاية ِّ‬‫ُبقي َ‬ ‫الحكومة الفرنس�ية أن ت َ‬ ‫ُ‬
‫الدقيق ِجدًّ ا ‪ ،‬وقد يحدُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫نشاط يتع َّل ُق بِهذا‬ ‫ِ‬
‫القاهرة ِ‬
‫كبير‬
‫ضرر ٌ‬ ‫ث ٌ‬ ‫األمر‬ ‫عن القيا ِم ِّ‬
‫بأي‬
‫أي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حال‬ ‫تس�ر ٍع ‪ ،‬وعلى ِّ‬
‫أي إجراء ُم ِّ‬ ‫الع�رب في أيدي األت�راك ُك ِّل ًّيا ‪ ،‬بِنتيجة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ويق�ع‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬
‫سيستنكر أي َة م ٍ‬
‫بادرة أو‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمي ُك َّله‬ ‫العالم‬ ‫الفة لأِ َّن‬ ‫الخ ِ‬
‫إشارة إلى ِ‬
‫ٍ‬ ‫يجوز إبدا ُء‬
‫ُ‬ ‫فال‬
‫ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫سل ٍ‬ ‫جانب د ٍ‬
‫ولة َغ ِير م ِ‬ ‫تدخ ٍل ِمن‬
‫األمر ‪.‬‬ ‫مة في هذا‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُّ‬

‫ص�ر ص‪601‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫المن�دوب الس�امي في م َ‬ ‫الخارجي�ة إل�ى‬ ‫وزارة‬ ‫برقي�ة‬ ‫ن�ص‬
‫وم�ن ِّ‬
‫وفِيها‪:‬‬

‫تنفي�ذ ُمقترحاتِه ‪،‬‬


‫ِ‬ ‫الش�ريف ش�خص ال قيم َة ل�ه ‪ ،‬وال ُقو َة له لِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫لك�ن معلوماتي َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫العربية‬ ‫حقيقة ال َّث ِ‬
‫ورة‬ ‫ِ‬ ‫ِّحادهم ‪ ،‬وال ِ‬
‫أعتقدُ بِ‬ ‫مال الت ِ‬‫العرب ال وحد َة لهم وال احتِ َ‬ ‫َّ‬
‫وأن‬
‫َ‬
‫يش و َغ ِيره ‪ ،‬وال بِجدواها ‪.‬‬
‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫المقترحة في َ‬ ‫ُ‬

‫س�وف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ريطانية‬ ‫ِ‬
‫حماية البِ‬ ‫تحت الِ‬ ‫ِ‬
‫العرب َ‬ ‫إن الفقر َة التي تضع ك َُّل بِ ِ‬
‫الد‬ ‫أضاف ‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫ُث َّم‬
‫ُ‬
‫مع فرنس�ا لِما‬ ‫عقد ات ٍ‬
‫ِّفاق َ‬
‫مال ِ‬ ‫حة ‪ ،‬وتُد ِّم ُر احتِ َ‬
‫واض ٍ‬ ‫مس�ئوليات مربِ ٍ‬
‫كة و َغ ِير ِ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ُره ُقنا بِ‬ ‫ت ِ‬

‫المحافظ ُة ع َليها على‬ ‫ب ُ‬‫تج ُ‬ ‫ِ‬


‫العراق ِ‬ ‫الخاص ومصالِ ُحنا في‬‫ُّ‬
‫نريدُ عقدَ ه ‪ ،‬لكن ِ‬
‫موق ُعنا‬ ‫ْ‬
‫مكماهون ‪ .‬ص‪206‬‬ ‫َ‬ ‫اإلمكان بعدَ تعه ِ‬
‫دات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قدر‬
‫ُّ‬

‫‪467‬‬
‫زعيم‬ ‫�ين ص‪ ، 605‬وهو‬ ‫ِ‬
‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫الميرغني إلى‬ ‫عل�ي‬ ‫س�الة الس� ِّي ِد‬
‫ِ‬ ‫نص ِر‬
‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُّ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬
‫الشريف َ‬ ‫اإلنكليز ِ‬
‫معرفتَه بِ‬ ‫َّ‬
‫واستغل‬ ‫ِ‬
‫�ودان ‪،‬‬ ‫الس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫كبير من أشراف ُّ‬ ‫وديني ٌ‬
‫ٌّ‬ ‫سياس�ي‬
‫ٌّ‬
‫ٍ‬
‫وإيحاء‬ ‫ِ‬
‫اإلنكلي�ز‬ ‫ِ‬
‫الش�ريف بِا ِّطال ِع‬ ‫ُ�ب رس�ائ َله إلى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الميرغن�ي يكت ُ‬
‫ُّ‬ ‫وكان‬ ‫الح�رب ‪،‬‬
‫ِمنهم‪:‬‬

‫تاب »‬ ‫ِ‬
‫«ك ٌ‬
‫ِ‬
‫الشريف ُح َس ٍ‬
‫ين‬ ‫الميرغني إلى‬ ‫علي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫م َن الس ِّيد ٍّ‬

‫الخرطوم ‪ 1915/11/17‬م‬

‫ِ‬
‫غتصب‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت العزم أن ت ِ‬ ‫بِريطانيا العظمى عقدَ ِ‬
‫هم ُ‬‫العرب على استعادة ُحكم ُ‬
‫َ‬ ‫ُساعدَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫نذ ِعدَّ ِة‬
‫العرب ه�ذا ُم ُ‬
‫ُ‬ ‫أضاع‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المفق�ود ‪ ،‬لقد‬ ‫رداد اس�تِقاللِهم‬
‫وس�لطانِهم وعلى اس�تِ ِ‬
‫ُ‬
‫كمهم ‪ ،‬وها ق�د س�نح ِ‬ ‫ومس�اوئ ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُق ٍ‬
‫ت ال ُفرص ُة َ‬
‫اآلن‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫األت�راك‬ ‫عس�ف‬ ‫ِ‬
‫س�بب‬ ‫رون بِ‬
‫حقائق ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫العرب أن ُف َس�هم أكثر منِّي ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يعر ُفها‬ ‫َ‬ ‫ضاع ‪ ،‬إنَّني فقط ُأ ِّ‬
‫ق�ر ُر‬ ‫الس�تعادة ك ُِّل م�ا َ‬
‫َ‬
‫الثقيل‬ ‫ِ‬
‫أعناقهم الن ََّير‬ ‫يطرحوا ع�ن‬ ‫ِ‬
‫لعرب كي‬ ‫األوقات لِ‬
‫ِ‬ ‫أنس�ب‬ ‫والوق�ت ِ‬
‫الراه ُن هو‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هم االس�تقاللي َة ‪ ،‬و ُيجدِّ دوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمانيهم القومي َة ومطام َح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّركي ‪ ،‬وكي ُيح ِّق ُقوا‬‫لحك ِم الت ِّ‬‫ل ُ‬
‫اآلن إلاَّ أن يغتنِموا ال ُفرص َة الس�انِح َة في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يهم َ‬ ‫يس ع َل ُ‬ ‫هم العظم�اء ‪ .‬و َل َ‬ ‫أمجا َد أسلاف ُ‬
‫العربي ح ًّق�ا ‪ ،‬ويهتبلوا ال ُفرص َة التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫المالئ ِم ج�دًّ ا ‪ ،‬ويثوروا كما ُ‬
‫يثور‬ ‫ه�ذا الظرف ُ‬
‫لع�رب أن يثوروا إذا لم‬ ‫ِ‬ ‫مكن لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تُت�اح لهم بعدَ مضي ه�ذه ال ُق ِ‬
‫وكيف ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫العديدة ‪،‬‬ ‫رون‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫وأنس�ب س ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المتحدِّ ُر ِمن‬ ‫ِ‬
‫لالة‬ ‫ِ ُ‬ ‫أش�رف‬ ‫�ب ‪ُ ،‬‬ ‫الرج ُّل ُ‬
‫المناس ُ‬ ‫َهم ُ‬‫يحركْهم ويتو َّلى قيادت ُ‬
‫يجتمعوا َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قدس�ة ِمن ُق َر ٍ‬
‫ٍ‬
‫تحت رايته ويس�تر ُّدوا ُحقو َق ُ‬
‫هم‬ ‫يش ‪ ،‬الذي يس�تطيعون أن‬ ‫ُم‬
‫المغصوب َة ‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫ترغب في قيا ِم‬ ‫الك ِ‬
‫بار ‪،‬‬ ‫أن بِريطانيا العظمى بِالتعاو ِن مع حلفائها ِ‬‫صحيح َّ‬ ‫ألمر‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫إنَّه ٌ‬
‫طفح‬ ‫ِ‬ ‫تحل َ‬ ‫ٍ‬
‫رش�ية ‪ ،‬وأن َّ‬ ‫ٍ‬
‫عربية ُق‬ ‫ٍ‬
‫المتداعي الذي َ‬ ‫ُّرك�ي ُ‬
‫العرش الت ِّ‬ ‫محل هذا‬ ‫كوم�ة‬ ‫ُح‬
‫وتؤس ُس ِمثلما‬‫َّ‬ ‫الحكوم ُة ال ُقرشي ُة‬
‫تنهض هذه ُ‬ ‫وعسفه ‪ ،‬وهم يرغبون أن َ‬ ‫ِ‬ ‫كيل مظالِ ِمه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العرب‬ ‫وتنهض بِ‬ ‫ِ‬
‫الحديثة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الحض�ارة‬ ‫مع‬ ‫ٍ‬ ‫دة ُق ٍ‬ ‫قبل ِع ِ‬‫كانَ�ت َ‬
‫ُ‬ ‫تس�ير يدً ا بيد َ‬
‫َ‬ ‫رون ‪ ،‬وأن‬
‫َ‬ ‫عداد لأِ ن‬
‫وإن بِريطاني�ا العظمى على اس�تِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫والرخاء ‪َّ .‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تكون‬ ‫ُ‬ ‫ق�ي‬ ‫الك�را ِم إل�ى قمة ُّ‬
‫الر ِّ‬
‫ِ‬
‫العرب‬ ‫ِ‬
‫األح�وال ‪ .‬وعلى‬ ‫لع�رب ‪ ،‬ولأِ ن ت ِ‬
‫ُعاضدَ ه�م في جمي ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األصدقاء لِ‬ ‫َ‬
‫أص�دق‬
‫العربي‬
‫َّ‬ ‫أجمع أن الد َّم‬
‫َ‬ ‫فيبرهنوا بِذلِ َك لِلعال� ِم‬
‫ِ‬ ‫المبادر َة‬
‫أيضا أن يس�تفيقوا ويأخ�ذوا ُ‬
‫ً‬
‫تزال تجري في ُع ِ‬
‫روقهم ‪.‬‬ ‫ب االستِ ِ‬
‫قالل ما ُ‬ ‫ِ‬
‫وح َّ‬
‫الحرية ُ‬
‫وح ُ‬‫ور َ‬
‫الشريف ُ‬
‫َ‬

‫كثير ِم�ن هذا ‪ .‬إنَّها‬ ‫أكثر بِ ٍ‬ ‫عداد لأِ ْن َ‬


‫تفعل َ‬
‫ف�إن بِريطاني�ا العظم�ى على اس�تِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫واآلن َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫صول‬ ‫الح‬
‫أجل ُ‬ ‫عرب�ي ‪ِ ،‬من ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫والمس�اعدة إلى أعظ ِم زعي ٍم‬‫ِ‬ ‫ون‬‫ُح�او ُل أن تم�دَّ يدَ الع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت ِ‬

‫ُنقذ بِذلِ َك األُ َّم ُة‬


‫ثمان�ي ‪ ،‬حتَّى ت َ‬ ‫ِّ‬ ‫لحك ِم ال ُع‬ ‫ِ ِ‬
‫الثقيل ل ُ‬ ‫قالل التا ِّم ولِنز ِع الن َِّير‬
‫عل�ى االس�تِ ِ‬

‫ط ‪ .‬وكما‬ ‫وأني�اب ال ِّلص األلماني المتس� ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب الظالمين‬ ‫العربي� ُة الكريم� ُة ِمن مخالِ ِ‬
‫ِّ ُ‬ ‫ِّ‬
‫دة إلى أقصى حدٍّ ‪ ،‬خاص ًة لِ ِ‬
‫كون‬ ‫دقيقة ومع َّق ٍ‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طبيعة‬ ‫المشروع ُك َّله ُذو‬ ‫تعلمون ‪َّ ،‬‬
‫فإن‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫العربية حريص ًة‬ ‫ِ‬ ‫أل َّم ِة‬
‫س�لمين ولِ ُ‬ ‫بِريطانيا العظمى على الرغ ِم ِمن أنها تُريدُ الخير لِلم ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫الس�بب الذي حدا بها إلى‬ ‫ِ‬
‫والدينية ‪ .‬وهذا هو‬ ‫ِ‬
‫القبلية‬ ‫ِ‬
‫مش�اعرهم‬ ‫ِج�دًّ ا على احتِرا ِم‬
‫ُ‬
‫أنفس�هم من ُع ِ‬
‫بودية‬ ‫مطام ِحهم في تحر ِر ِ‬
‫تحقي�ق ِ‬ ‫ِ‬ ‫أجل‬ ‫الس ِ‬
‫�تار من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫العم�ل من وراء ِّ‬
‫الش�ريف هو في ِ‬
‫نظر‬ ‫َ‬ ‫األمير‬ ‫قالل بِ ِ‬
‫الده�م التا َّم ‪ .‬وبم�ا َّ‬
‫أن‬ ‫ح�رزوا اس�تِ َ‬ ‫ِ‬
‫األت�راك ول ُي ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ممكنة له‬ ‫ٍ‬
‫ساعدة‬ ‫ستعد ٌة لِتقدي ِم ك ُِّل ُم‬
‫فإن بِريطانيا م ِ‬ ‫ِ‬
‫األمراء ‪َّ ،‬‬ ‫وأش�رف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العرب أقوى‬
‫ُ‬
‫أستوض َح ِمنكم‬
‫ِ‬ ‫راس�لة م َعكم ‪ ،‬ولكي‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس�بب الذي دفعني ل ُمحاولة ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ .‬وهذا هو‬
‫إن الغاي َة األولى ِمن هذه‬ ‫تأمين ما تُريدون ‪ ،‬وال حاج َة بي لِل َق ِ‬
‫ول َّ‬ ‫عن أسل ِم ال ُّط ُر ِق لِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حافظة‬ ‫لم‬ ‫ف أولاً راح َة ُ‬
‫المس�لمين وحمايتَهم ‪ ،‬وترم�ي ثان ًيا ل ُ‬ ‫تس�تهد ُ‬ ‫ح�اوالت‬‫الم‬
‫ُ‬

‫‪469‬‬
‫ِ‬
‫حافظة‬ ‫الم‬ ‫العرب ِمن ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمية و ُقوتِها ‪ ،‬وثال ًثا لِ ُم‬
‫ِ‬ ‫الخ ِ‬‫شرف ِ‬ ‫ِ‬
‫أجل ُ‬ ‫عاضدة‬ ‫الفة‬ ‫على‬
‫وصفائها ‪ .‬وانطِال ًقا ِمن ثقتِنا بِأن ََّك الرج ُل الوحيدُ الذي ِ‬
‫تمتل ُك‬ ‫ِ‬ ‫وحدة ِ‬
‫بالدهم‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫ُ‬
‫أوضحنا تما ًما لِلمس�ئولِين‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫وإنجاحها ‪ ،‬فإنَّنا‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫ِ‬
‫القضية‬ ‫ُّهوض بِ‬
‫ِ‬ ‫ال ُق�در َة على الن‬
‫ُهنا ك َُّل ما ِ‬
‫نعر ُفه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫سلمين كثيرين ال نستطيع أن نرى رجلاً آخر ِ‬ ‫عرب وم ِ‬
‫المواصفات‬ ‫يمتل ُك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مع ٍ ُ‬ ‫إنَّنا َ‬
‫ِ‬
‫والخبرة‬ ‫المعر ِ‬
‫فة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشريف ‪ :‬في‬ ‫كم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمزايا الالزم َة لِن ِ‬
‫أكثر من شخص ُ‬ ‫َيل هذا الشرف َ‬
‫العمل يم ِّث ُل عصيانًا‬
‫َ‬ ‫القول إِ َّن‬
‫َ‬ ‫رة ‪ .‬وال يستطيع رج ٌل ِ‬
‫عاق ٌل‬ ‫والمقد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وش�رف المحتدِّ‬
‫ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫فإن الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يضر بِمصالِ ِح الم ِ‬
‫واجب‬ ‫أقدس‬
‫َ‬ ‫سلمين سيعتبرونه‬ ‫العكس ‪ُ َّ ،‬‬ ‫س�لمين ‪ ،‬على‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ِ‬
‫المشروعة التي‬ ‫دافعة عن ح ِ‬
‫قوق َك‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫الدين ‪ .‬إنَّك لن َ ِ‬
‫ِ‬ ‫خدمة مصالِ ِح‬‫لِ ِ‬
‫ُ‬ ‫تعمل س�وى ُ‬
‫قوق ُأمتِ َك وجمي ِع الم ِ‬
‫سلمين ‪.‬‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫اغتُص َبت ُ‬
‫الش ِ‬
‫�ئون‬ ‫تتدخ َل في ُّ‬ ‫أن بِريطاني�ا ال ُعظمى لن ُ‬ ‫ِ‬
‫التأكي�دات بِ َّ‬ ‫لق�د ُأعطِ َيت ل�ي أقوى‬
‫س�عها كما‬ ‫س�تبذ ُل ك َُّل ما في و ِ‬ ‫ُ‬ ‫العربية ‪ِ ،‬‬
‫ولكنَّها‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫الفة‬ ‫العربية أو ِ‬
‫ِ‬ ‫الداخلية لِلبِ ِ‬
‫الد‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫الالئق‬ ‫َ‬ ‫وتأخ َذ مكانَها‬ ‫تنهض ُ‬ ‫العربية معنو ًّيا وما ِّد ًّيا ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫ِ‬ ‫ساعدة الدَّ ِ‬
‫ولة‬ ‫ِ‬ ‫أس�ل َف ُت لِ ُم‬
‫َّحدَ‬ ‫واح ٍد ‪ ،‬وأن يت ِ‬ ‫ال�دول األُخرى ‪ .‬ولم يبق إلاَّ أن تقوم األُم ُة ُك ُّلها قوم َة رج ٍل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َبي� َن‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫الش�خصية ِمن‬
‫ِ‬ ‫مطام ِعه‬
‫واح ٍد ِمنه�م بِ ِ‬
‫يث يضح�ي ك ُُّل ِ‬
‫الع�رب جمي ًع�ا بِ َح ُ ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫الزعم�ا ُء‬ ‫ُ‬
‫وأن بِريطانيا‬ ‫النس�بة لِ ِ‬
‫ِ‬ ‫األو ِل في األُ َّم ِة بِ‬ ‫ِ‬
‫شرف محتدِّ ه ‪ ...‬إلخ ‪َّ .‬‬ ‫الرج ِل َّ‬‫أجل ُمعاضدة ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف بِ‬ ‫لفائها ِ‬ ‫ولة مع ح ِ‬ ‫ستكون أو َل د ٍ‬
‫وسوف‬ ‫َ‬ ‫العربية ‪،‬‬ ‫كومة‬ ‫الح‬
‫استقالل ُ‬ ‫تعتر ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫ال ُعظمى‬
‫ِ‬
‫ُّهوض‬ ‫أجنب�ي ‪ ،‬حتَّ�ى تتم َّك َن ِم� َن الن‬
‫ٍّ‬
‫قالل ِض�دَّ أي ُع ٍ‬
‫دوان‬ ‫ِّ‬ ‫�ع ع�ن هذا االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تُداف ُ‬
‫ب احترا َمها ‪ .‬ك ُُّل‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح َبي َن الدُّ ِ‬ ‫وتأخ َذ مكانَها‬
‫ب ُ‬ ‫وتُصبِ َح عزيز َة الجانِ ِ‬
‫ول وتكس ُ‬ ‫َ‬
‫لذهن�ي أن ُأب ِّل َغكم بِمضمونِها ‪ ،‬حتَّى‬ ‫الحقائق أكدَّ ها لي المس�ئولون ‪ ،‬وتبادر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه�ذه‬
‫الم ِه َّم َة التي‬ ‫واض ًحا ‪ ،‬ولكي ِ‬
‫تعر ُفوا‬ ‫ف ُك َّله تقديرا ِ‬ ‫تس�تطيعوا تقدير الم ِ‬
‫األسباب ُ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫وق َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬

‫‪470‬‬
‫ِ‬
‫األهمية الكُبرى ‪.‬‬ ‫المسألة ِ‬
‫ذات‬ ‫ِ‬ ‫شأن ِ‬
‫هذه‬ ‫لك ِ‬
‫تابة إ َليكم بِ ِ‬ ‫دفعتْني لِ ِ‬
‫َ‬

‫الحكوم ُة العربي ُة ‪،‬‬ ‫�س في�ه ُ‬ ‫ُؤس ُ‬


‫يأتي اليو َم الذي ت َّ‬ ‫لق�د أرا ُدوا أن يقو ُل�وا ‪ :‬إنَّه حتَّى َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الحكوم ُة‬ ‫ُؤس ُس ُ‬ ‫فإن أي َة مسألة ُأخرى تُعت َبر في الدرجة الثانية م َن األهمية ‪ .‬وعندَ ما ت َّ‬ ‫َّ‬
‫ِّفاق يضم ُن‬ ‫والتوص ِل إلى ات ٍ‬ ‫رئيسها‬‫ِّصال بِ ِ‬
‫السهل ِعندَ ذلِ َك االت ُ‬ ‫ِ‬ ‫فيكون ِم َن‬
‫ُ‬ ‫العربي ُة ‪،‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫المسائل ‪.‬‬ ‫بحث هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تأجيل‬ ‫مصالِح الفريقين ‪ .‬هذا معنى ما قا ُلوه لكم سابِ ًقا بِ ِ‬
‫شأن‬ ‫َ‬
‫أمر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صحيح ِجدًّ ا َّ‬ ‫أجل ‪ ،‬إنَّه َل‬
‫لقد أوضحوا ك َُّل هذا لي ‪ْ .‬‬
‫أن إنشا َء َدولة عربية جديدة ٌ‬ ‫ٌ‬
‫يكون صعبا أكثر ِمن الالز ِم لِرج ٍل حكي ٍم وم ِ‬
‫قتد ٍر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األمر ‪ ،‬ولكنَّه لن‬ ‫صعب في ِ‬
‫بادئ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ َ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫مراء ِ‬
‫وك ِ‬ ‫عم�اء واألُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مث ُلك�م أن ِ‬
‫الع�رب ‪ ،‬مثل اإلما ِم‬ ‫بار الش�يوخِ َبي َن‬ ‫يوح�دَ كلم َة ُّ‬
‫الز‬
‫نجد وتُهام َة والمناطِ ِق األُخرى ‪.‬‬ ‫مراء ٍ‬ ‫يحيى واإلدريسي و ُأ ِ‬
‫ِّ‬
‫القاد ِ‬
‫رة‬ ‫الوحي�دة ِ‬
‫ِ‬ ‫التأكي�دات الم ِهم ِة ِم�ن الدَّ ِ‬
‫ولة‬ ‫ِ‬ ‫وبع�دَ أن حص ْلنا عل�ى ك ُِّل هذه‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شك َّ‬
‫أن الضرور َة‬ ‫ستقبل ‪ ،‬تعلمون وال َّ‬ ‫ِ‬ ‫على ُمساعدتنا في الوقت الحاض ِر وفي ُ‬
‫الم‬
‫عظيمة و ُم ِه َّم ٍة كهذه ‪ .‬اهـ ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قضية‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬
‫العرب في‬ ‫ِ‬
‫الوحدة َبي َن‬ ‫ِ‬
‫تحقيق‬‫تقضي بِ‬

‫ِ‬
‫الخارجية بِ َ‬
‫لندن ص‪: 624‬‬ ‫مكماهون إلى ِو ِ‬
‫زارة‬ ‫َ‬ ‫سالة ِمن‬
‫ومن ِر ٍ‬
‫ِ‬

‫�س َق ٍ‬ ‫ِ‬
‫الحاضر َة قائم ًة على ُأ ُس ٍ‬ ‫مر ًة ُأخرى َّ‬
‫ومية‬ ‫أن الحرك َة العربي َة‬ ‫وع َلينا أن نتذك ََّر َّ‬
‫تأنف‬ ‫ِ‬
‫اإلسلامية التي ُ‬ ‫ِ‬
‫الجامعة‬ ‫ِ‬
‫حركة‬ ‫كثيرا عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر ِم َن األُ ُس ِ‬
‫ف ً‬ ‫وتختل ُ‬ ‫الدينية ‪،‬‬ ‫�س‬
‫ِ‬
‫العطف ع َليها ‪.‬‬ ‫الجماع ُة العربي ُة ِم َن‬
‫ِ‬
‫شتركة ‪ ،‬نقو ُم‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إخباره بِأنَّنا ‪ ،‬لأِ ِ‬ ‫يقول ‪ :‬وع َلينا‬
‫ُث َّم ُ‬
‫تس�هيل ُجهوده في قضيتنا ُ‬ ‫جل‬ ‫ُ‬
‫أصبح‬ ‫ِ‬
‫لش�ريف‬ ‫ثمانية لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كومة ال ُع‬ ‫الح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض المبالِ ِغ إ َل ِيه « ُم ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫َ‬ ‫نذ َوقف إعانات ُ‬ ‫إرس�ال‬
‫حافظ�ة على ُقواتِ�ه ‪ .‬إنَّه ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫لمحافظة على مكَّ� َة والمدينة ول ُ‬
‫لم‬ ‫ٍ ِ‬
‫ماس�ة ل ُ‬
‫ٍ‬
‫ف�ي حاج�ة َّ‬

‫‪471‬‬
‫قدرها ‪000. 50‬‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المرغوب فيه ِجدًّ ا أن نس�اعدَ ه بِ‬
‫ِ‬
‫تخصيص منحة ُ‬
‫َ‬ ‫وأقتر ُح‬ ‫س�خاء ‪،‬‬
‫ب أن‬ ‫فعال فإنَّه ِ‬
‫يج ُ‬ ‫المبل�غ اًّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫جل أن‬‫مور ‪ .‬ولأِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُجنيه بِأقس�اط حس�بما تتقدَّ ُم األُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�يجدُ طري َق�ه إلى‬ ‫ٍ‬ ‫يك�ون كبيرا ‪ ،‬والقس�م األَكبر ِم�ن ِ‬
‫موانئ‬ ‫أموال نُعطيه إياها‬ ‫أية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬
‫تِجارتِنا ِ‬
‫نفسها » ‪.‬‬

‫الش ِ‬
‫ريف ص‪: 650‬‬ ‫ِ‬
‫ومن ر ِّد مكماهون على َّ‬

‫المل ِك صاد َقت على جميع مطالِبِكم‬ ‫ِ‬


‫جاللة ِ‬ ‫أن ُحكوم َة‬ ‫يس ُّ�رني أن ُأخبِ َركم بِ َّ‬ ‫وقد ُ‬
‫رسل مع رسولِكم ِ‬
‫حام ِل هذا‬ ‫ِ‬ ‫ش�يء ِ‬‫ٍ‬
‫اإلسراع فيه وفي إرس�اله فهو ُم ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫رغبتُم‬ ‫وإن ك َُّل‬
‫َّ‬
‫تحت ِ‬
‫أمركم‬ ‫مك ٍنة ‪ ،‬وتبقى في ُبور ُس َ‬
‫ودان َ‬ ‫رعة م ِ‬
‫ُ‬
‫ستحضر بِك ُِّل س ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪ .‬واألشيا ُء الباقي ُة‬
‫ِ‬ ‫ذكرتُ�م » وبِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫المواقع ا َّلتي‬ ‫لحي�ن ابتداء الحرك�ة وإالغنا إياها بِصورة رس�مية « كما ْ‬
‫ِ‬
‫تسليمها إ َّياهم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوثائق بِ‬ ‫يكونون ِ‬
‫حاملي َن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫والوسائط التي‬ ‫يقتضي َسو ُقها إ َليها‬

‫َ‬
‫س�ودان ‪،‬‬ ‫أعلمنا بها ُمحافِ َظ ُبور‬
‫حر ِركم قد َ‬
‫ِ‬
‫إن ك َُّل التعليم�ات الت�ي ور َد ْت في ُم ِّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫إلرس�ال‬ ‫الالز ِ‬
‫مة‬ ‫ِ‬
‫التس�هيالت ِ‬ ‫جميع‬ ‫حس�ب رغبتِكم ‪ ،‬وقد عم ْل ُت‬ ‫وهو س�يجريها‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نسأل ال َّل َه أن‬
‫جيزان حتَّى ُيؤ ِّد َي مأمور َّيتَه التي ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األخير إلى‬ ‫حامل ِخطابِك ُُم‬
‫ِ‬ ‫رسولِكم‬
‫يص ُلكم بِ ِح ِ‬
‫راسة‬ ‫سودان وبعدَ ها ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫النتائج ‪ ،‬وسيعو ُد إلى ُبور‬ ‫وح ِ‬
‫س�ن‬ ‫ِ‬ ‫ُيك ِّل َلها بِ‬
‫النجاح ُ‬
‫مسام ِع دولتِكم نتيج َة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عمله ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ص على‬‫ال َّله لي ُق َّ‬

‫واضحا لديكم‬‫ً‬ ‫�ح لدَّ ولتِكم في ِخطابِنا هذا ما ُر َّبما لم ي ُك ْن‬ ‫وننته ُ�ز الفرص َة لِ ِّ‬
‫نوض َ‬ ‫ِ‬
‫�ز أو الن ِ‬ ‫ِ‬
‫المراك ِ‬
‫ُقط‬ ‫بعض‬‫وج�دُ ُ‬ ‫تفاه ٍم ‪ ،‬أال وه�و أنَّه ُي َ‬
‫ُ�ج عنه س�و ُء ُ‬
‫‪ ،‬أو م�ا عس�اه ينت ُ‬
‫ِ‬
‫العرب ‪ُ ،‬ي ُ‬
‫ق�ال ‪ :‬إنَّهم‬ ‫س�واحل بِ ِ‬
‫لاد‬ ‫ِ‬ ‫العس�اك ِر الت ِ‬
‫ُّركية على‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬‫عس�كر ُة فِيه�ا ُ‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫البحرية‬ ‫ِ‬
‫الحربية‬ ‫ضرر مصالِ ِحن�ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع�داء لنا ‪ ،‬والذين ه�م يعملون على‬ ‫ي ِ‬
‫جاه�رون بِ‬ ‫ُ‬

‫‪472‬‬
‫التدابير الفعال َة ِضدَّ هم‪.‬‬
‫َ‬ ‫الضروري أن َ‬
‫نأخذ‬ ‫ِّ‬ ‫أن ِم َن‬ ‫ِ‬
‫األحمر ‪ .‬وعلي�ه نرى َّ‬ ‫ِ‬
‫البحر‬ ‫ف�ي‬
‫ِ‬
‫عساك ِر‬ ‫ُفر َق َبي َن‬ ‫ب على جمي ِع ِ ِ‬ ‫أوامرنا القطعي َة أنَّه ِ‬ ‫ولكنَّنا قد أصدرنا ِ‬
‫ِ‬
‫بوارجنا أن ت ِّ‬ ‫يج ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هات ‪،‬‬‫الج ِ‬
‫لك ِ‬ ‫ِ‬
‫األبرياء الذين يسكُنون تِ َ‬ ‫ِ‬
‫العرب‬ ‫ِ‬
‫العداء و َبي َن‬ ‫ِ‬
‫األتراك الذين يبدؤون بِ‬
‫فة ُو ِّد ٍية ‪.‬‬
‫لعرب أجمع إلاَّ ك َُّل عاطِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫لأِ نَّنا ال نُقدِّ م لِ‬
‫ُ‬

‫الس� ُف ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إش�اعات مؤ َّداها َّ‬ ‫وقد بل َغتنا‬
‫أن أعدا َءنا األلدا َء باذلون ُجهدَ هم في أعمال ُّ‬ ‫ٌ‬
‫األضرار بِمصالِ ِحنا ‪ ،‬وإنَّا نرجوكم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لحاق‬ ‫األحم�ر ولإِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البحر‬ ‫؛ ليبث�وا بها األلغا َم في‬
‫إخبارنا إذا تح َّق َق ذلِ َك لديكم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُسرع َة‬
‫الج ِ‬
‫مال ‪ ،‬وقد ُأرس� َلت‬ ‫ألتراك عد ًدا عظيما ِم َن ِ‬
‫ِ‬ ‫رش�يد قد ب�اع لِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫وق�د بل َغنا َّ‬
‫أن اب َن‬
‫ً‬
‫ُف عن‬‫التأثير ع َل ِيه ؛ حتَّى يك َّ‬
‫ِ‬ ‫تستعملوا ك َُّل ما لكم ِم َن‬
‫ِ‬ ‫مشق الشا ِم ‪ ،‬ونُؤ ِّم ُل أن‬ ‫إلى ِد ِ‬
‫الترتيب مع الع ِ‬
‫ربان الس�اكنين‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫صم َم على ما هو ع َل ِيه أمكنَكم َ‬
‫عمل‬ ‫�ك ‪ ،‬وإذا م�ا َّ‬ ‫ذلِ َ‬
‫شك أن في ذلِ َك صالِ ًحا‬
‫حال َس ِيرها ‪ ،‬وال َّ‬
‫مال َ‬ ‫بينَه و َبي َن سور َّيا أن يقبِضوا على ِ‬
‫الج ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫تبادلة ‪.‬‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمصلحتنا ُ‬

‫‪473‬‬
‫الفهرس‬
‫‪9‬‬ ‫ ‬‫نظم المبادئ العشرة‬

‫‪22‬‬ ‫اعتناء اإلسالم بفقه المراحل ‬

‫‪22‬‬ ‫أهمية الدراسة الجذرية ‬

‫‪22‬‬ ‫ٱ ْل ُم َقدِّ ِم ُة ‬

‫‪23‬‬ ‫ضياع الحق بين ركام األقالم ‬

‫‪23‬‬ ‫عوامل التجني على التاريخ‪ :‬الخلط المتعمد واألحكام العمومية ‬

‫‪24‬‬ ‫القراءة المادية العقالنية ‬

‫‪24‬‬ ‫القراءة الشرعية الموجهة ‬

‫‪25‬‬ ‫القراءة ال تكون إال باسم الرب ‬

‫‪25‬‬ ‫أهمية القراءة النصية ‬

‫‪26‬‬ ‫مرحلة الرسالة المحمدية ‬

‫‪26‬‬ ‫مرحلة ما بعد الرسالة إلى قيام الساعة ‬

‫‪26‬‬ ‫مرحلة ما قبل البعث ‬

‫‪27‬‬ ‫الدراسة النصية أساس حوار الحضارات وتقارب األديان ‬

‫‪27‬‬ ‫الدراسة الجديدة للركن الرابع وأهميتها ‬

‫‪27‬‬ ‫مع المؤلف في مسيرة المعاناة ‬

‫‪28‬‬ ‫االعتراضات واالحتجاجات بين األمة‪ ..‬‬

‫‪28‬‬ ‫لماذا ؟‪ ..‬‬

‫‪29‬‬ ‫بداية االنطالق في فقه التحوالت ‬

‫‪474‬‬
‫‪30‬‬ ‫تقرير الحالة ‬

‫‪30‬‬ ‫المدخل إلى معرفة الركنية الرابعة ‬

‫‪30‬‬ ‫مقدمات هامة لقراءة عالمات الساعة ‬

‫‪31‬‬ ‫تبقى األشراط في دائرة التوقع المظنون ‬

‫‪31‬‬ ‫مراعاة الترتيب الزمني لألشراط ‬

‫‪31‬‬ ‫عدم تأثير الترقب على واجب الوقت ‬

‫‪32‬‬ ‫هدي السلف أمام فقه التحوالت ‬

‫‪32‬‬ ‫النصوص وعالقتها بما يطرقه االحتمال ‬

‫‪32‬‬ ‫حصر مصادرالتلقي ‬

‫‪32‬‬ ‫ال نعطل السنن واألسباب ‬

‫‪33‬‬ ‫رأي المؤلف فيما سبق من الضوابط ‬

‫‪33‬‬ ‫متابعة الحاديث أيسر وأولى من متابعة تعقيدات العلماء ‬

‫‪34‬‬ ‫التلميح خير من التصريح في المعاتبة ‬

‫‪34‬‬ ‫ظاهرة االحتناك واالحتكار للسالمة ‬

‫‪34‬‬ ‫األشراط المجهولة وموقعنا من معارضتها ‬

‫‪35‬‬ ‫لماذا تناول النبي ‪ m‬العالمات؟ لم لم يسكت عنها أو يخف من إشهارها؟ ‬

‫‪35‬‬ ‫مرحلة الرسول ‪ m‬تأصيل ‬

‫‪35‬‬ ‫فقه التحوالت اليوم من أهم أركان الدين ‬

‫‪36‬‬ ‫فقه التحوالت يعرفنا باألوعية الحاملة للعلم ومكانتها العلمية ‬

‫‪36‬‬ ‫نصوص فقه التحوالت تُعنى بمسيرة الحكم والعلم ‬

‫‪37‬‬ ‫حياة النبي ‪ m‬قراءة واعية لألحداث حاضرا ومستقبال ‬

‫‪475‬‬
‫‪39‬‬ ‫فقه التحوالت علم ضابط لمواقف الرجولة ‬

‫‪39‬‬ ‫حاجتنا لهذا العلم أكثر من حاجتنا للماء والغذاء ‬

‫‪41‬‬ ‫المنط َل ُق ‬
‫ُ‬
‫‪41‬‬ ‫العودة إلى األساسيات من أهم المهمات ‬

‫‪42‬‬ ‫قراءة العلماء ألصول الديانة كانت على ضوء الثوابت الثالثة ‬

‫‪42‬‬ ‫قراءتنا لعالمات الساعة تأتي على أنها ركن خاص بالتحوالت ‬

‫‪43‬‬ ‫عقائد الشيطان في البشرية ‬

‫‪44‬‬ ‫إظهار العلم بالعالمات مهمة شرعية ‬

‫‪44‬‬ ‫قوله ‪« :m‬بعثت أنا والساعة كهاتين» ‬

‫‪46‬‬ ‫تعريف الساعة ‬

‫‪46‬‬ ‫ٱلسا َع ِة َو َما َي َت َع َّل ُق بِ َها ‬ ‫َت ْع ِر ُ‬


‫يف َّ‬
‫‪47‬‬ ‫أقسام القيامة ‬

‫‪48‬‬ ‫انقسام األمارات إلى ثالثة أقسام ‬

‫‪48‬‬ ‫معنى الفتن ‬

‫‪48‬‬ ‫معنى مضالت الفتن ‬

‫‪49‬‬ ‫معنى األشراط ‬

‫‪49‬‬ ‫معنى العالمات ‬

‫‪49‬‬ ‫معنى األمارات ‬

‫‪50‬‬ ‫معنى البشارات ‬

‫‪51‬‬ ‫السن َِّة ’‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫م ْح َو ُر ٱ ْل َم ْو ُضو ِع َحد ْي ُث ج ْب ِر ْي َل ‘ ُأ ُّم ُّ‬
‫‪51‬‬ ‫دراسة حديث جبريل ‬

‫‪476‬‬
‫‪56‬‬ ‫الوحدة الموضوعية بين األركان األربعة ‬

‫‪56‬‬ ‫الثوابت والمتغير ‬

‫‪56‬‬ ‫األصول الثالثة وتدرج المكلف فيها ‬

‫‪56‬‬ ‫الراب ِع ‬ ‫بالر ِ‬


‫كن َّ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬
‫ين ال َّثال َث ُة وعال َقتُها ُّ‬ ‫ُ‬

‫‪57‬‬ ‫الركن الرابع هو كشف مجريات التحوالت ‬

‫‪58‬‬ ‫الركن الرابع وأهمية دراسته ‬

‫‪59‬‬ ‫رؤوس األقالم المبينة مهمات الركن الرابع ‬

‫‪61‬‬ ‫عالمات الس ِ‬


‫اعة ‬ ‫ِ‬ ‫أركان ِ‬
‫العل ِم بِ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫‪61‬‬ ‫أركان العلم بعالمات الساعة ‬

‫‪61‬‬ ‫العلم الواجب ‬

‫‪61‬‬ ‫العلم الالزم ‬

‫‪61‬‬ ‫العلم المطلق ‬

‫‪62‬‬ ‫الفرق بين الساعة وعالماتها ‬

‫‪62‬‬ ‫إذا ولدت األمة ربتها ‪/‬ربها ‬

‫‪62‬‬ ‫األَ َمة في فقه التحوالت ‬

‫‪62‬‬ ‫اعة وعالماتِها ‬


‫رق بين الس ِ‬
‫ّ‬ ‫ال َف ُ‬

‫‪63‬‬ ‫تطابق جزئية العالمات مع حديث بني إسرائيل ‬

‫‪63‬‬ ‫معنى «وأن ترى الحفاة‪ ..‬الحديث» ‬

‫‪64‬‬ ‫وقوع الظاهرة حقيقة في مرحلتنا المعاصرة ‬

‫‪65‬‬ ‫بعالمات الس ِ‬


‫اعة ‬ ‫ِ‬ ‫اعة ِ‬
‫والعل ِم‬ ‫الفرق بين الس ِ‬
‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪65‬‬ ‫مشكلة الخلط بين الساعة وبين العلم بعالماتها ‬

‫‪477‬‬
‫‪66‬‬ ‫األشراط في حديث مكحول ‬

‫‪67‬‬ ‫قه التَّحو ِ‬


‫الت ‬ ‫مفهوم فِ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫‪67‬‬ ‫مفهوم فقه التحوالت ‬

‫‪67‬‬ ‫اشتقاق اللفظة ‬

‫‪67‬‬ ‫مادة فقه التحوالت ‬

‫‪67‬‬ ‫الفقه في اللغة واالصطالح ‬

‫‪68‬‬ ‫اإلسالم في معناه العام ‬

‫‪68‬‬ ‫العلم بعالمات الساعة علم شرعي موثق الكتاب والسنة ‬

‫‪69‬‬ ‫األساس في النجاة هو العمل ‬

‫‪69‬‬ ‫«بادروا باألعمال» وما يترتب على مفهوم المبادرة ‬

‫‪70‬‬ ‫اإلشارة النبوية إلى ما يحل باألمة عند انقطاع األعمال ‬

‫‪71‬‬ ‫معنى «الفقر المنسي» ‬

‫‪71‬‬ ‫معنى «الغنى المطغي» ‬

‫تركنا للصناعات اإلنتاجية والثروات وهجرنا لمبدأ االكتفاء الذاتي جعلنا (سوقا استهالكيا)‬
‫‪72‬‬ ‫وهذا ما أدى إلى الغنى المطغي ‬

‫‪73‬‬ ‫معنى (المرض المفسد) ‬

‫‪73‬‬ ‫معنى (الهرم المفند) ‬

‫‪75‬‬ ‫معنى (الموت المجهز) ‬

‫‪75‬‬ ‫الدجال شر غائب ينتظر ‬

‫‪77‬‬ ‫والسن َِّة ‬ ‫ِ‬


‫الكتاب ُّ‬
‫قه التَّحو ِ‬
‫الت من‬ ‫ُّ‬
‫تأصيل فِ ِ‬

‫‪77‬‬ ‫تأصيل فقه التحوالت في الكتاب والسنة ‬

‫‪478‬‬
‫‪78‬‬ ‫اآليات القرآنية المعبرة عن أهمية علم الساعة ‬

‫‪78‬‬ ‫عالقة القرآن العظيم بفقه التحوالت ‬

‫‪78‬‬ ‫التحوالت البشرية والغايات المصيرية في القرآن من فقه التحوالت ‬

‫‪80‬‬ ‫معاناة األنبياء والرسل مع أقوامهم جزء من فقه التحوالت ‬

‫‪83‬‬ ‫سورة الكهف وما تشتمل عليه من دروس فقه التحوالت ‬

‫‪84‬‬ ‫المنافقون ومفهوم الحصار االقتصادي ‬

‫‪84‬‬ ‫معنى (الصدور) في تفسير صورة الناس ‬

‫‪86‬‬ ‫الحضارة الشرعية ‬

‫‪86‬‬ ‫الحضارة الوضعية ‬

‫‪86‬‬ ‫الحضارة الكنعانية والكلدانية ‬

‫‪86‬‬ ‫قه التَّحو ِ‬


‫الت ‬ ‫أقسام فِ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫‪87‬‬ ‫مادية قوم نوح والطوفان ‬

‫‪87‬‬ ‫حضارة قوم عاد والريح العقيم ‬

‫‪87‬‬ ‫إبداعات قوم ثمود والصيحة ‬

‫‪87‬‬ ‫شهوانية قوم لوط والحجارة ‬

‫‪87‬‬ ‫تجارة قوم شعيب والرجفة ‬

‫‪87‬‬ ‫عمران قوم سبأ والسيل العرم ‬

‫‪88‬‬ ‫الحضارة الفرعونية وتعدد العقوبات ‬

‫‪88‬‬ ‫الحضارة العبرية وتنوع اآليات ‬

‫‪89‬‬ ‫السنة الشريفة واعتناؤها بفقه التحوالت ‬

‫أساس هذا العلم هو الربط الواعي بعموم الزمان أو المكان دون تحديد‪ ،‬فالتحديد مزلة‬

‫‪479‬‬
‫‪89‬‬ ‫كبرى ‬

‫‪90‬‬ ‫ثمرة الدراسة لفقه التحوالت ‬

‫‪90‬‬ ‫ثمرة هذا العلم ‬

‫‪91‬‬ ‫عو ِة إلى ٱل ّٰل ِه ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫عال َق ُة فقه الت ُّ‬
‫َّحوالت بالدَّ َ‬

‫‪91‬‬ ‫عالقة فقه التحوالت بالدعوة إلى الله ‬

‫‪91‬‬ ‫الثوابت الثالثة في فقه الدعوة إلى الله ‬

‫‪92‬‬ ‫جلسة بين األنبياء والرسل ناقشوا فيها فقه التحوالت ‬

‫‪93‬‬ ‫ترتكز الدعوة إلى الله على عاملين اساسيين ‬

‫‪93‬‬ ‫دليل فقه الدعوة ‬

‫‪93‬‬ ‫دليل فقه الداعي ‬

‫‪93‬‬ ‫شرط الداعي الحق ‬

‫‪94‬‬ ‫حديث العرباض ابن سارية وموقعه من فقه التحوالت ‬

‫‪95‬‬ ‫تأصيل فهم فقه التحوالت لألحاديث السابقة ‬

‫‪95‬‬ ‫إقامة الدعوة وأمة اإلجابة ‬

‫‪96‬‬ ‫حصانات النبي ‪ m‬لبعض أصحابه وتجريحه آخرين وأهمية ذلك في فقه الدعوة ‬

‫‪96‬‬ ‫بعض البدع المدموغة من عهد الرسالة ‬

‫‪98‬‬ ‫التعريف بلفظ «السنة» لغة واصطالحا ‬

‫‪98‬‬ ‫قه التَّحو ِ‬


‫الت ‬ ‫وموقعها من فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ف وسنَّ ُة الدِّ ِ‬
‫اللة‬ ‫المواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ُسنَّ ُة‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪99‬‬ ‫سنة المواقف وسنة الداللة ‬

‫‪104‬‬ ‫مفهوم السنة كموقف في حديث «عليكم بسنتي» ‬

‫‪104‬‬ ‫سنة المواقف هي التطبيق األخالقي في فقه الدعوة ‬

‫‪480‬‬
‫‪105‬‬ ‫سنة الداللة ضابط شرعي لم يندرج تحت ضوابط علم األصول ‬

‫‪106‬‬ ‫سنة الداللة في فقه التحوالت ‬

‫‪106‬‬ ‫االستدالل بسنة الداللة على ما لم يكن له سابق مثال ‬

‫‪107‬‬ ‫البدعة الدينية والبدعة الدنيوية كالهما مذمومان إذا انعدمت ضوابطهما الشرعية ‬

‫‪108‬‬ ‫االستدالل بسنة الداللة على مسنجدات العلوم ‬

‫‪108‬‬ ‫ظاهرة التشريك ليست ديانة ‬

‫‪109‬‬ ‫مدارس القبض والنقض وظاهرة تحريف النصوص ‬


‫ِ‬
‫‪109‬‬ ‫قاعدة‪ :‬سالم ُة المرح َلة‪ :‬بالن ِّ‬
‫َّص ‬

‫‪109‬‬ ‫رع َّي ِة ‬


‫الش ِ‬
‫وات‪ :‬بالحصان َِة َّ‬
‫الذ ِ‬
‫سال َم ُة َّ‬

‫‪109‬‬ ‫الشهادات الشرعية من لسان رسول الله ‪ m‬لصحابته حصانة ال تنقضها األحداث ‬

‫‪110‬‬ ‫مدرسة االعتدال والوسطية وموقعها من فقه التحوالت ‬

‫‪110‬‬ ‫الذي ينازع ما نحن بصدده إما لجهله بالركن الرابع أو لرفضه ال َّط ْبعي له ‬

‫‪111‬‬ ‫موقع عالمات الساعة من علماء الفقه التقليدي ‬

‫‪111‬‬ ‫موقف الجماعات الجديدة من فقه التحوالت ‬

‫‪111‬‬ ‫إعادة القراءة لرباعية األركان ضرورة ملحة ‬

‫‪112‬‬ ‫الصراع التاريخي بين المذاهب يحتاج إلى إعادة نظر ‬

‫‪113‬‬ ‫َّب َع َل ْي ِه ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ياب العلـ ِم بفقه الت ُّ‬
‫َّحوالت و َما تَرت َ‬ ‫غ ُ‬
‫ِ‬

‫‪113‬‬ ‫ماذا حصل من الخطأ بغياب فقه التحوالت ‬

‫‪114‬‬ ‫عالقة فقه التحوالت بقراءة المرحلة المعاصرة ‬

‫‪115‬‬ ‫ضياع األمانات وموقع ذلك من فقه التحوالت ‬

‫‪115‬‬ ‫كشف فقه التحوالت الشرعي لمرحلة التوسيد ‬

‫‪481‬‬
‫‪116‬‬ ‫ضياع مبدأ االكتفاء الذاتي في مرحلتنا المعاصرة ‬

‫‪117‬‬ ‫ثمرات (تداعي األمم) ‬

‫‪117‬‬ ‫دور فقه التحوالت في تصحيح الفهوم الخاطئة عن الخالفة ‬

‫‪117‬‬ ‫أهمية فقه التحوالت في ربط الجميع بمرحلتي مكة والمدينة ‬

‫‪118‬‬ ‫المدرسة النبوية األبوية الشرعية ‬

‫‪118‬‬ ‫المدرسة األنوية الوضعية ‬

‫هل ثمة عالج؟ وكيف وما هي وسائله؟ هذا الفقه يجيب على األسئلة ولكن ال يصنع‬
‫‪119‬‬ ‫اإلجابات‪،‬وإنما يضع اإلنسان أمام مسؤولياته ‬

‫‪120‬‬ ‫مفهوم الخلفاء في فقه التحوالت ‬

‫‪120‬‬ ‫من هم الخلفاء؟ وكم عددهم؟ ‬

‫‪120‬‬ ‫العدالة في فقه التحوالت مقيدة وليست مطلقة ‬

‫‪120‬‬ ‫قه التَّحو ِ‬


‫الت ‬ ‫الخـ َل ِ‬
‫فاء في فِ ِ‬ ‫مفهو ُم ُ‬
‫ُّ‬

‫‪121‬‬ ‫موقف اإلمام علي ‪ v‬من الخالفة ‬

‫‪121‬‬ ‫موقف اإلمام الحسن ‪ v‬من الحكم ‬

‫‪122‬‬ ‫اإلمام الحسين ‪ v‬في خروجه ال يعاب ‬

‫‪124‬‬ ‫من هم النمط األوسط؟ ‬

‫‪124‬‬ ‫مقولة اإلمام علي ‪ v‬عن النمط األوسط ‬

‫‪124‬‬ ‫أهمية معرفة علماء النمط األوسط ‬

‫‪124‬‬ ‫األوس ُط ؟ ‬
‫َ‬ ‫َمن هم الن ََّم ُط‬

‫‪125‬‬ ‫رجال النمط األوسط ‬

‫‪125‬‬ ‫المذاهب اإلسالمية ‬

‫‪482‬‬
‫‪125‬‬ ‫أهل اإلفراط والتفريط ال يدخلون في مسمى النمط األوسط ‬

‫‪126‬‬ ‫المدارس الخارجة عن النمط األوسط ‬

‫المذاهب اإلسالمية لم تول أهل النمط األوسط أهمية النعدام المعرفة بفقه التحوالت ‬
‫‪126‬‬

‫‪128‬‬ ‫القدوة واألسوة في سلوك أهل النمط األوسط ‬

‫‪128‬‬ ‫ملخص مواقف أهل منهج السالمة ‬

‫‪128‬‬ ‫اإلفراط والت ِ‬


‫َّفريط ‬ ‫ِ‬ ‫ط ِمن َط َر َف ِي‬
‫ط األوس ِ‬
‫ف النَّم ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫مواق ُ َ‬
‫‪129‬‬ ‫اإلمام علي ‪ v‬في عهد الخالفة ‬

‫‪129‬‬ ‫اإلمام الحسن ‪ v‬إمام القرار ‬

‫‪129‬‬ ‫اإلمام الحسين إمام البيعة ‬

‫‪130‬‬ ‫ال يحق لمن بعدهم أن يتخذوا اجتهادهم قدوة إلثارة الصراع إال بشروط ‬

‫‪131‬‬ ‫السا َع ِة ‬
‫وعالمات ّ‬
‫ُ‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت‬ ‫ُّ‬
‫ُع َلماء فِ ِ‬
‫ُ‬
‫‪131‬‬ ‫علماء فقه التحوالت ‬

‫‪131‬‬ ‫أحاديث العلم بالساعة ‬

‫‪132‬‬ ‫الصمت المطبق عن عالمات الساعة وما ترتب على ذلك ‬

‫‪132‬‬ ‫بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ‬

‫‪133‬‬ ‫مقدمة الداني صاحب كتاب «السنن الواردة في الفتن» ‬

‫‪133‬‬ ‫مقدمة البرزنجي لكتابه «اإلشاعة» ‬

‫‪137‬‬ ‫سبب سكوت العلماء عن اإلفصاح بالعالمات ‬

‫‪138‬‬ ‫مقولة لإلمام الشاطبي حول جديد العلم ‬

‫‪138‬‬ ‫ركنية فقه التحوالت مقولة عمن ال ينطق عن الهوى ‪ m‬وليس اجتهاد العلماء ‬

‫‪483‬‬
‫‪140‬‬ ‫الرموز واإلشارات سلبية وإيجابية فال تختص بالمسلم وحده ‬

‫‪140‬‬ ‫السحر والتنجيم والطالسم وقراءة الكف واألبراج علوم سلبية ‬


‫والش ِ‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪140‬‬ ‫ارات ‬ ‫عارات ّ‬ ‫موز ِّ‬
‫والش‬ ‫موق ُع األمث َلة ُّ‬
‫‪140‬‬ ‫قه التَّحو ِ‬
‫الت ‬ ‫واأللوان في فِ ِ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬

‫‪141‬‬ ‫الرمز باألفعى والشمس ‬

‫‪141‬‬ ‫رموز العمالت وأعالم الدول والمنظمات ‬

‫‪141‬‬ ‫المدرستان األنوية واألبوية لكل منهما لغته ورموزه ‬

‫‪142‬‬ ‫دراسة هذه الرموز من فروع فقه التحوالت ‬

‫‪142‬‬ ‫رمزية القردة والخنازير على المنبر النبوي ‬

‫‪142‬‬ ‫رمزية النصر والفتح ‬


‫‪143‬‬ ‫رمزية الرجل الذي خير بين الدنيا واآلخرة في خطبة النبي ‪ m‬‬

‫فقه التحوالت يدرس العالمات واإلشارات في نصوص المعصوم ‪ m‬وما انطوت عليه من‬
‫‪143‬‬ ‫المواقف والدالالت ‬

‫‪143‬‬ ‫رمزية طول اليد ‬

‫‪144‬‬ ‫علم اإلحسان يزيد الفهم الذوقي والوعي اإلشاري ‬

‫‪146‬‬ ‫علم اإلشارة والرمز معركة أبدية بين األخيار واألشرار ‬

‫‪146‬‬ ‫عندهم ‪ :‬الغاية تبرر الوسيلة ‬

‫‪146‬‬ ‫وعندنا‪ :‬الغاية تقرر الوسيلة ‬

‫‪146‬‬ ‫عندهم‪ :‬العقل السليم في الجسم السليم ‬

‫‪146‬‬ ‫وعندنا‪ :‬العقل السليم في القلب السليم ‬

‫‪147‬‬ ‫صليب النصارى ونجمة اليهود شعاران دينيان وسياسيان ‬

‫‪484‬‬
‫‪154‬‬ ‫أركان عالمات الساعة ‬

‫‪154‬‬ ‫بعالمات الس ِ‬


‫اعة ‬ ‫ِ‬ ‫ألركان ِ‬
‫العل ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجام ُع‬ ‫الت ُ‬
‫َّفصيل‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪155‬‬ ‫لم اللاّ ِز ُم بالعالمات ُ‬
‫الوسطى ‬ ‫األو ُل الع ُ‬
‫الرك ُن َّ‬
‫ُّ‬
‫‪155‬‬ ‫َب ْع َث ُة النَّبِ ِّي ‪ m‬‬

‫‪155‬‬ ‫االستقراء الزمني هو الذي حدد توسط العالمات ‬

‫‪155‬‬ ‫بعثة النبي محمد ‪ m‬عالمة وسطى ‬

‫‪156‬‬ ‫أهمية التحصين الشرعي للصحابة وما يترتب عليه ‬

‫‪158‬‬ ‫القدح في معنى الصحبة إما أن يحصل بقول لفظي أو موقف ذاتي ‬

‫‪158‬‬ ‫موت النبي ‪ m‬عالمة وسطى ‬


‫‪158‬‬ ‫المواقف المطلوبة بعد موت النبي ‪ m‬‬

‫‪158‬‬ ‫َم ْو ُت النَّبِ ِّي ‪ m‬‬

‫‪160‬‬ ‫الخالفة الراشدة عالمة وسطى ‬

‫‪160‬‬ ‫الخالفة الر ِ‬


‫اشدَ ُة ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫‪161‬‬ ‫س ‬ ‫ِ‬
‫المقد ِ‬ ‫َفتح ب ِ‬
‫يت‬ ‫ُ َ‬

‫‪161‬‬ ‫نصوص عدالة مرحلة الخالفة الراشدة ورد شبه القدح في سالمتها ‬

‫‪161‬‬ ‫فتح بين المقدس عالمة وسطى ‬

‫‪162‬‬ ‫طاعون عمواس عالمة وسطى ‬

‫‪162‬‬ ‫مقتل الخليفة عمر بن الخطاب ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪162‬‬ ‫مواس ‬ ‫ُ ِ‬
‫طاعون ع َ‬

‫‪162‬‬ ‫الخ َّط ِ‬


‫اب ؤ ‬ ‫مقت َُل ُع َم َر بـن َ‬

‫‪163‬‬ ‫ان ؤ ‬ ‫َمقت َُل ُع َ‬


‫ثمان بن َع َّف َ‬

‫‪485‬‬
‫الج َم ِل ‬ ‫ِ‬
‫‪163‬‬ ‫موق َع ُة َ‬

‫‪163‬‬ ‫مقتل الخليفة عثمان ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪163‬‬ ‫تكون أول قرن من الخوارج ‬


‫وهو اختراق لموقع القرار وبه َّ‬

‫‪163‬‬ ‫موقعة الجمل وصون أم المؤمنين ‪ b‬عالمة وسطى ‬

‫‪164‬‬ ‫خروج عائشة ‪ b‬وموقف اإلمام علي ‪ v‬وأهميته في فقه التحوالت ‬

‫‪165‬‬ ‫ِ‬
‫موق َع ُة ِص ِّفي َن ‬

‫‪165‬‬ ‫خروج عائشة ‪ b‬ال يقدح في عدالتها ‬

‫‪165‬‬ ‫موقعة صفين عالمة وسطى ‬

‫‪166‬‬ ‫ظهور الخوارج ومقتلة النهروان عالمة وسطى ‬


‫ِ‬ ‫ووق َع ُة الن‬ ‫ِ‬
‫‪166‬‬ ‫َّهروان ‬ ‫الخوار ِج َ‬ ‫ُظ ُ‬
‫هور‬

‫‪167‬‬ ‫فتنة الخوارج تجاوزت الزمان والمكان ‬

‫‪167‬‬ ‫المدرسة الحرقوصية التميمية ‬

‫‪167‬‬ ‫بدء ظهور مدرسة الخوارج ‬

‫‪168‬‬ ‫االمتداد الطبيعي للمدارس الخارجية حتى يظهر في أعراضهم الدجال ‬

‫‪170‬‬ ‫موقف اإلمام ‪ v‬من الخوارج في النهروان ‬

‫‪170‬‬ ‫مسمى الحرورية نسبة إلى حروراء ‬

‫‪171‬‬ ‫تحديد هوية الخوارج على لسان اإلمام علي ‪ v‬‬

‫‪172‬‬ ‫مقتل اإلمام علي ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪172‬‬ ‫مقت َُل اإلما ِم ٍّ‬


‫علي ؤ ‬

‫‪173‬‬ ‫الح َس ِن بن ٍّ‬


‫علي ‪ c‬‬ ‫لح اإلما ِم َ‬
‫ُص ُ‬

‫‪173‬‬ ‫صلح اإلمام الحسن ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪486‬‬
‫‪174‬‬ ‫ ‬

‫‪175‬‬ ‫لك بني ُأ َم َّي َة ‬


‫ُم ُ‬

‫‪175‬‬ ‫ملك بني أمية عالمة وسطى ‬

‫‪175‬‬ ‫رؤيا النبي ‪ m‬للقردة والخنازير تتنزى على منبره ‬

‫‪176‬‬ ‫مقتل اإلمام الحسين بن علي ‬

‫‪176‬‬ ‫لي ‪ c‬‬ ‫ين ِ‬


‫بن َع ٍّ‬ ‫الح َس ِ‬
‫َمقت َُل اإلما ِم ُ‬

‫‪177‬‬ ‫الح َّر ِة ‬


‫َوق َع ُة َ‬

‫‪177‬‬ ‫وقعة الحرة عالمة وسطى ‬

‫‪178‬‬ ‫فتنة ابن الزبير ومقتله عالمة وسطى ‬

‫‪178‬‬ ‫الز َب ِير ‬ ‫فِتنَ ُة ِ‬


‫ابن ُّ‬

‫‪179‬‬ ‫ِ‬
‫العزيز ‬ ‫ِخال َف ُة ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ََ‬
‫‪179‬‬ ‫خالفة عمر بن عبدالعزيز ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪180‬‬ ‫ملك بني العباس عالمة وسطى ‬

‫‪180‬‬ ‫ُم ُ‬
‫لك بني ال َع َّباس ‬

‫‪183‬‬ ‫ِ‬
‫ضوض ‬ ‫مرحلة الم ِ‬
‫لكـ ال َع‬ ‫ِ‬ ‫أقسا ُم‬
‫ُ‬
‫‪183‬‬ ‫مناقشة لمعاني (الملك العضوض) ‬

‫‪186‬‬ ‫حديث (األئمة بعدي اثناعشر كلهم من قريش) ‬

‫‪187‬‬ ‫تحديد األمراء االثني عشر ومراحلهم ‬

‫‪187‬‬ ‫مرحلة الهرج واالنفصام ‬

‫‪189‬‬ ‫مرحلة المهدي مستقلة بذاتها عن مدلول مرحلة األمراء االثني عشر ‬

‫‪189‬‬ ‫مبتدأ مرحلة الهرج المنصوص عليه بالهجمات المغولية والصليبية ‬

‫‪487‬‬
‫‪190‬‬ ‫سقوط قرار الخالفة على يد التتار عالمة وسطى ‬

‫‪192‬‬ ‫أحاديث الفتن ‬

‫‪193‬‬ ‫فتح القسطنطينية عالمة وسطى ‬

‫‪199‬‬ ‫ِش َع ُار الدُّ ْو َل ِة ال َع ِل َّي ِة ال ُع ْث َمانِ َّي ِة ‬

‫‪201‬‬ ‫ ‬

‫‪204‬‬ ‫عوامل الضعف واالنهيار لبني عثمان ‬

‫‪204‬‬ ‫بدء ظهور العلمنة‪ :‬إفراط المسلمين في االنبهار بعلمانية الغرب ‬

‫‪204‬‬ ‫بدء ظهور العلمانية وفصل الدين عن الدولة مع سقوط القرار اإلسالمي ‬

‫‪205‬‬ ‫نبذة عن السلطان عبدالحميد الثاني ‬

‫‪211‬‬ ‫التحوالت ‬ ‫واق ِع فِ ِ‬


‫قه‬ ‫والوهن من ِ‬
‫ِ‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬
‫ثاء‬ ‫ِ‬ ‫ِقراء ُة‬
‫ُّ‬

‫‪211‬‬ ‫وسد األمر إلى َغير أهله ‬


‫إذا ِّ‬
‫‪212‬‬ ‫الضب ‬
‫ِّ‬ ‫مرحلة السير اإلجباري نحو ُجحر‬

‫‪212‬‬ ‫ِ‬
‫التاريخ ‬ ‫ِ‬
‫قراءة‬ ‫يفتح آفا ًقا جديد ًة في‬ ‫ِ‬ ‫فِق ُه‬
‫التحوالت ُ‬
‫ُّ‬

‫‪213‬‬ ‫المترسمين على المص ِّلين ‬ ‫جر َأ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬


‫ِغياب ِ‬
‫ِّ‬ ‫للتحوالت َّ‬
‫ُّ‬ ‫الشرعي‬
‫ِّ‬ ‫قه‬ ‫ُ‬

‫‪213‬‬ ‫الغثائية من حديث ثوبان ‬

‫‪215‬‬ ‫للمرحلة ال ُغ ِ‬
‫ثائية ‬ ‫ِ‬ ‫الشرعي‬ ‫التقسيم‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫‪215‬‬ ‫ِ‬
‫المريض ‬ ‫األحالس والمؤامر ُة على ِتركة ُ‬
‫الرج ِل‬ ‫ِ‬ ‫مرحل ُة‬

‫‪215‬‬ ‫ُغالي ‬ ‫ِ‬


‫الغزو ال ُبرت ِّ‬ ‫بد ُء‬

‫‪216‬‬ ‫معنى الحلس ‬

‫‪216‬‬ ‫حملة نابليون‪ ،‬المسألة الشرقية ‪ ،‬‬

‫‪216‬‬ ‫سايكس بيكو‪ ،‬‬

‫‪488‬‬
‫‪216‬‬ ‫كلها تحوالت متتالية ذات طابع تآمري ‬

‫‪217‬‬ ‫وثائق المراحل مرجع بحثي هام ‬

‫‪218‬‬ ‫مرحلة فتنة السراء ‬

‫‪219‬‬ ‫تفسير السهارنفوري لفتنة السراء ‬

‫تجاوزنا تفسيرنا الذي قدمناه في «التليد والطارف» وربطنا الموضوع كله باألصل التاريخي‬
‫‪219‬‬ ‫لمسيرة المرحلة ‬

‫‪220‬‬ ‫موقف الشارع الحجازي والحالة السائدة آنذاك في مكة وجدة ‬

‫‪221‬‬ ‫مؤلف كتاب «لورنس كما عرفته» وقائد جيش الثوار العرب يصف الوضع القائم ‬

‫رفض الشريف حسين إلعالن الجهاد من منبر الحرم كان بداية تأزم العالقة مع االتحاديين ‬
‫‪223‬‬

‫بدء البحث في مسألة الخالفة وموقف العرب منها بدأ بعد عزل السلطان عبدالحميد ‪ 1909‬‬
‫‪223‬‬

‫السياسة العالمية أكثر استثمارا للصراع من رؤى شيوخ العشائر‪ ،‬ويدل عليه التمعن في‬
‫‪224‬‬ ‫صياغتهم للمراسالت‪ ،‬‬

‫‪224‬‬ ‫ويضاف لذلك انعدام بعد النظر لدى القادة والعلماء آنذاك ‬

‫‪225‬‬ ‫السذاجة السياسية لحملة قرار الحكم والعلم مكنت األعداء من النجاح ‬

‫‪225‬‬ ‫معاهدات الحماية وتَدَ ُّخل الكفر في بِالد الم ِ‬


‫سلمين ‬ ‫ُ‬
‫العبارات المعسولة في المراسالت مع الهدايا وعرابين الصداقة هي شباك الخداع ‬
‫‪226‬‬

‫شيخ اإلسالم مصطفى صبري وكتابه «الرد على منكري النعمة من الدين والخالفة واألمة» ‬
‫‪230‬‬

‫عدلت بريطانيا مواقفها تجاه الحسين والعرب عدة مرات بحسب ما أملته عليها مصالحها ‬

‫‪489‬‬
‫‪231‬‬

‫‪231‬‬ ‫تأمل العبارات التي تحمل العاطفة الدينية من سياسي أوروبي ‬

‫‪232‬‬ ‫فكرة الخالفة العربي فكرة فرنسية‪ ،‬كان المرجو منها خلق بابوية إسالمية ‬

‫‪233‬‬ ‫علماء الشام وفتواهم ضد ثورة الحسين ‬

‫‪234‬‬ ‫الشيخ رشيد رضا يخطب في مكة بتأييد الشريف حسين ‬

‫‪234‬‬ ‫الشريف ينصب نفسه ملكا لمملكة عربية ومرجعا دينيا للمسلمين ‬

‫‪235‬‬ ‫الملك حسين يلقب نفسه بأمير المؤمنين ‬

‫بروز مصطفى كمال أتاتورك كبطل قومي في مقاومة الحلفاء الذين احتلوا اسطنبول ‬
‫‪235‬‬

‫‪236‬‬ ‫أحمد شوقي يمتدح أتاورك في قصيدة له ‬

‫‪236‬‬ ‫الخليفة عبدالمجيد الثاني ينتخب بال سلطة حقيقية ‬

‫‪237‬‬ ‫الخليفة المخلوع يغادر إلى مكة ثم إلى سويسرا ‬

‫‪238‬‬ ‫حديث التمايز والتمايل والمعامع ‬

‫‪239‬‬ ‫تداعي األمم أكلة القصعة على ثروات األُ َّمة ‬

‫‪240‬‬ ‫سقوط ِ‬
‫الخالفة وبدء العهد العلماني ‬

‫‪241‬‬ ‫مؤتمرات األعداء ضد القرار اإلسالمي ‬

‫‪241‬‬ ‫المكاسب االستعمارية بسقوط ِ‬


‫الخالفة ‬

‫‪243‬‬ ‫امتداد العلمانية باالستعمار ‬

‫‪244‬‬ ‫ ‬

‫‪245‬‬ ‫هتار ‬ ‫فِتن ُة الدُّ ه ِ‬


‫يماء ‪ ..‬مرحل ُة االستِ ِ‬ ‫َ‬

‫‪245‬‬ ‫فتنة الدُّ َهيماء عالمة صغرى في مرحلة الغثاء ‬

‫‪490‬‬
‫‪245‬‬ ‫تحول القضية اإلسالمية إلى أطماع قومية إقليمية ‬

‫‪246‬‬ ‫صراع القوتين‪ :‬الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي ‬

‫‪248‬‬ ‫الفتنة الرابعة التي يؤول أمر األُ َّمة فِيها إلى الكافر ‬

‫‪248‬‬ ‫أحداث ‪ 11‬سبتمبر تمثل إلى حدٍّ ما بدء (مرحلة الفتنة الرابعة) ‬

‫‪248‬‬ ‫الصما ُء ’‬ ‫ِ‬


‫الفتن ُة الرابع ُة ‘العميا ُء البكما ُء‬
‫َّ‬
‫‪248‬‬ ‫ِ‬
‫االستثمار’ ‪‘ -‬األلف َّي ُة الثالث ُة’ ‬ ‫‘مرحل ُة‬

‫‪249‬‬ ‫جبل الذهب واالقتتال عليه ‬

‫‪250‬‬ ‫مفهوم الحديث‪ :‬يؤول أمر األُ َّمة إلى الكافر ‬

‫‪250‬‬ ‫التدخل الكافر في سياسة اإلسالم ونقض العرى ‬

‫‪250‬‬ ‫ظاهرة الهجرة إلى العواصم وترك العمل الحرفي الزراعي ‬

‫‪251‬‬ ‫قلق مس َّي ٌس من تدخالت الكافر في األُ َّمة ‬


‫الغالء في األسعار ٌ‬

‫‪251‬‬ ‫أسباب االنحدار الشرعي في الفتنة الرابعة ‬

‫‪251‬‬ ‫كثرة القراء وقلة الفقهاء ‬

‫‪251‬‬ ‫كثرة االقتتال والصراع الدموي ‬

‫‪252‬‬ ‫مؤتمرات الحوار واالستثمار ‬

‫‪252‬‬ ‫العدالة من مبادئ اإلسالم وال عالقة للكفر بذلك ‬

‫‪252‬‬ ‫ظاهرة التخلي عن تفسير اآليات القرآنية لِما فِيها من إدانة للكفار ‬

‫‪252‬‬ ‫خطر الثقافات الغازية على التركيب اإلسالمي الموجه ‬

‫‪254‬‬ ‫دراسة الركن الرابع تمنع الزج بالشعوب في سبيل المطالبة بالقرار ‬

‫‪254‬‬ ‫المرحلة ال ُغ ِ‬
‫ثائية ‬ ‫ِ‬ ‫مالحظ ٌة على ِ‬
‫هام ِ‬
‫ش‬

‫‪258‬‬ ‫إمارة الصبيان ‬

‫‪491‬‬
‫‪258‬‬ ‫عالمة صغرى ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪258‬‬ ‫المط َل ُق بِالعالمات ُّ‬
‫الصغرى ‬ ‫لم ُ‬‫الرك ُن الثاني الع ُ‬
‫‪258‬‬ ‫ِ‬
‫الصبيان ‬ ‫إمار ُة‬

‫‪260‬‬ ‫استفاضة المال واالستغناء عن الصدقة ‬

‫‪260‬‬ ‫االستغناء عن الصدقة له عدة معان ‬

‫‪260‬‬ ‫ِ‬
‫الصدقة ‬ ‫المال واالستِغنا ُء ِ‬
‫عن‬ ‫ِ‬ ‫استفاض ُة‬

‫‪261‬‬ ‫ِ‬
‫الماضية ‬ ‫نن األُم ِم‬
‫تباع ُس ِ‬‫ِ‬
‫است ُ‬

‫‪261‬‬ ‫الصدقات من األموال المشبوهة ‬

‫‪261‬‬ ‫سقوط قيمة العملة ‬

‫‪261‬‬ ‫استتباع سنن األمم الماضية ‬

‫‪262‬‬ ‫نماذج االستتباع ‬

‫‪262‬‬ ‫التقليد األعمى للعالم اآلخر ‬

‫‪263‬‬ ‫ِ‬
‫األمانة ‬ ‫ضياع‬
‫ُ‬

‫‪263‬‬ ‫تقبيل كأس كرة القدم ‬

‫‪263‬‬ ‫ضياع األمانة ‬

‫‪263‬‬ ‫نقض أمانتي الحكم والعلم ‬

‫‪264‬‬ ‫حديث «فال يكاد أحدهم يؤدي األمانة ‪ »...‬‬

‫‪265‬‬ ‫ِ‬
‫الجهل ‬ ‫هور‬ ‫قبض ِ‬
‫العل ِم و ُظ ِ‬ ‫ُ‬

‫‪265‬‬ ‫قبض العلم وظهور الجهل ‬

‫‪265‬‬ ‫معاني قبض العلم ‬

‫‪266‬‬ ‫انقباض ‪ /‬قبض العلماء ‬

‫‪492‬‬
‫‪267‬‬ ‫أشكال من نقض العرى في مسيرة التاريخ ‬

‫‪268‬‬ ‫ظهور مدعي النبوة ‬

‫‪268‬‬ ‫مسيلمة الكذاب واألسود العنسي ‬

‫‪268‬‬ ‫هور ُمدَّ عي الن َُّّبو ِة ‬


‫ُظ ُ‬
‫‪269‬‬ ‫سبعة وعشرون دجاال منهم أربعة نسوة ‬

‫‪269‬‬ ‫المختار الثقفي ‬

‫‪269‬‬ ‫الحارث الكذاب ‬

‫‪270‬‬ ‫أحمد القادياني ‬

‫‪270‬‬ ‫مدعو المهدية المعاصرون ‬

‫‪270‬‬ ‫الربط َبي َن وظائف الدجاجلة واألعور الدجال ‬

‫‪271‬‬ ‫قتال التُّرك والعجم ‬

‫‪271‬‬ ‫قتال التتار في أواخر العصر العباسي ‬

‫‪272‬‬ ‫قتال التُّرك على حرب الماء وكنز الذهب ‬

‫‪274‬‬ ‫كثرة القتل ‬

‫‪274‬‬ ‫ِ‬
‫القتل ‬ ‫كثر ُة‬

‫‪275‬‬ ‫كثرة الهرج حتَّى ال يدري القاتل فيم َقت ََل وال المقتول فيم ُقتِ َل؟ ‬

‫‪275‬‬ ‫استباحة القرامطة لحجاج الحرم عام ‪ 317‬هـ ‬

‫‪276‬‬ ‫حصاد الحروب العالمية لآلالف من البشر ‬

‫‪276‬‬ ‫حروب الثورة العربية المزعومة ضد األتراك والحروب القبلية والحزبية ‬

‫‪276‬‬ ‫الحروب الطائفية ‬

‫‪276‬‬ ‫زخرفة المساجد والتباهي بها ‬

‫‪493‬‬
‫‪276‬‬ ‫المساج ِد والتباهي بها ‬
‫ِ‬ ‫زخرف ُة‬

‫‪277‬‬ ‫ظاهرة تسامح بعض العلماء في زخرفة المساجد ‬

‫‪277‬‬ ‫بناء المساجد للزينة في المنتزهات ‬

‫‪279‬‬ ‫تنة الرابِ ِ‬


‫عة ‬ ‫والف ِ‬ ‫العالمات الصغرى في مرحلت َِي الدُّ ه ِ‬
‫يماء ِ‬ ‫ِ‬ ‫نماذ ُج ِم َن‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬

‫‪279‬‬ ‫ف األُ َّم ِة ‬


‫ومواق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألحداث والوقائ ِع‬‫ِقراء ٌة نبوي ٌة لِ‬

‫‪279‬‬ ‫الحك ِم ‬
‫يع ُ‬‫َب ُ‬
‫الشر ِ‬
‫‪279‬‬ ‫ط ‬ ‫كثر ُة ُّ َ‬
‫‪279‬‬ ‫بيع الحكم ‬

‫‪279‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪280‬‬ ‫قطيعة الرحم ‬

‫‪280‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪280‬‬ ‫نشء القرآن بأصوات المزامير ‬

‫‪280‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪280‬‬ ‫قطيع ُة ِ‬
‫الرح ِم ‬

‫‪280‬‬ ‫مزامير ‬ ‫رآن‬ ‫الزمان ِ‬


‫يتخ ُذ ال ُق َ‬ ‫ِ‬ ‫يكون في ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫ُ‬ ‫نش ٌء‬
‫َ‬
‫‪281‬‬ ‫الجرأ ُة في الفتوى ‬
‫ُ‬

‫‪281‬‬ ‫الجرأة في الفتوى ‬

‫‪281‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪282‬‬ ‫ظاهرة الفتوى إلرضاء الساسة ‬

‫‪282‬‬ ‫ظاهرة الفتوى في تحريف معاني القرآن ‬

‫‪283‬‬ ‫ِ‬
‫األوثان ‬ ‫وع ِ‬
‫بادة‬ ‫الشرك ِ‬
‫ِ‬ ‫ال َعو ُد إلى‬

‫‪494‬‬
‫‪283‬‬ ‫ظاهرة التجمل باأللسنة في الحديث وإخفاء الخديعة في القلوب ‬

‫‪283‬‬ ‫الفتنة التي تصاب بها األُ َّمة ثمرة المخادعة ‬

‫‪283‬‬ ‫العودة إلى الشرك ‬

‫‪283‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪284‬‬ ‫ظاهرة تهمة الشرك على زوار القبور ‬

‫‪284‬‬ ‫فقه التحوالت ال يشير في العالمات إلى تجديد التوحيد في مرحلة الغثاء ‬

‫‪287‬‬ ‫ظاهرتا اإلفراط والتفريط هما المسؤولتان عن الصراع العقدي ‬

‫‪288‬‬ ‫تصحيح فتنة التشريك للمسلمين ‬

‫‪288‬‬ ‫وجوب رد تهمة الشرك عن األمة ‬

‫‪288‬‬ ‫األول ‬
‫مرحلة الشرك الجاهلي َّ‬

‫‪288‬‬ ‫مرحلة العودة إلى الجاهلية ‬

‫‪289‬‬ ‫المرحلة الثانية بعد موت عيسى ع َل ِيه السالم ‬

‫حمد ‪ m‬وإلى نزول عيسى ش ينحصر الشرك األكبر في اليهود والنصارى‬


‫ما َبي َن بعثة النبي ُم َّ‬
‫‪290‬‬ ‫وأهل األوثان ‬

‫‪290‬‬ ‫ظاهرة االستتباع للمشركين في آخر الزمان ‬

‫‪291‬‬ ‫علة األُ َّمة ‪ :‬اإلفراط والتفريط ‬

‫المفرط في اإلعجاب باليهود والنصارى‬


‫ِّ‬ ‫تحولت محبة األولياء إلى حرب عقدية حتى وقع‬
‫‪292‬‬ ‫ِ‬
‫والمفرط بالطعن فيهم واالستصغار ‬

‫‪293‬‬ ‫ووسائل ال ُف ِ‬
‫حش ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األجهز ُة اإلعالمي ُة‬

‫‪293‬‬ ‫وسائل الفحش عالمة صغرى ‬

‫‪293‬‬ ‫دور األجهزة اإلعالمية في إظهار الفحش والتفحش ‬

‫‪495‬‬
‫‪294‬‬ ‫من ظواهر الفحش ما يباع ويشاع في األفالم والمالبس ‬

‫‪294‬‬ ‫من ظواهر الفحش مشاركة الجيل في األندية المختلطة ‬

‫‪296‬‬ ‫شرب الخمر واستحاللها عالمة صغرى ‬

‫‪296‬‬ ‫ظاهرة تغيير اسم الخمر وشربها بين الم ِ‬


‫سلمين ‬ ‫َ َ ُ‬
‫‪296‬‬ ‫الخمر واستِحاللِها ‬
‫ِ‬ ‫شرب‬
‫ُ‬

‫‪297‬‬ ‫ترويج المخدرات ‬

‫‪297‬‬ ‫إسقاط الحدود الشرعية تبعا لرغبة جمعيات حقوق اإلنسان ‬

‫‪298‬‬ ‫تعظيم أرباب األعمال ورجال المال عالمة صغرى ‬

‫‪298‬‬ ‫تداخل العالمات المؤدية إلى تعظيم رب المال ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪298‬‬ ‫المال ‬ ‫ظاهر ُة تعظي ِم ِّ‬
‫رب‬

‫رفض تعظيم األولياء وأهل األحوال أدى إلى البديل المناسب‪ :‬ظاهرة تعظيم رجال المال‬
‫‪299‬‬ ‫واألعمال ‬

‫‪300‬‬ ‫ظهور المعازف واستحاللها عالمة صغرى ‬

‫‪300‬‬ ‫بناء المؤسسات الثقافية المخصصة للفنون ‬

‫‪300‬‬ ‫تشجيع الفن وتكريم الفنانين ‬

‫‪300‬‬ ‫ف واستِحال ُلها ‬


‫المعاز ِ‬
‫ِ‬ ‫ُظ ُ‬
‫هور‬

‫‪301‬‬ ‫مظاهر الفن ومخرجات األفالم والمسارح ‬

‫‪301‬‬ ‫حديث المسخ في األُ َّمة الستحالل الحر والحرير والخمر والمعازف ‬

‫‪301‬‬ ‫الفنون الشعبية المنظمة ال تدخل في المحظور ‬

‫‪302‬‬ ‫التطاول في البنيان عالمة صغرى ‬

‫‪302‬‬ ‫االستثمارات العربية الخيالية وصرفها في أبنية األبراج ‬

‫‪496‬‬
‫‪302‬‬ ‫التطاول في الب ِ‬
‫نيان ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬

‫‪303‬‬ ‫الحديث يخص العرب في ذم التطاول ‬

‫‪304‬‬ ‫كثرة التجارة ‬

‫‪304‬‬ ‫مشاركة المرأة لزوجها في التجارة ‬

‫‪304‬‬ ‫كثر ُة الت ِ‬


‫ِّجارة ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشراكات االقتِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪305‬‬ ‫المشبوهة ‬ ‫صادية‬ ‫الربا‬ ‫ُظ ُ‬
‫هور فتنة ِّ‬
‫‪305‬‬ ‫التنافس على الدنيا ‬

‫‪305‬‬ ‫ظهور الربا عالمة صغرى ‬

‫‪306‬‬ ‫هيمنة المدرسة الربوية على االقتصاد العربي واإلسالمي دراسة وتجارة ‬

‫‪306‬‬ ‫بدأ عهد االستعمار بترويض الشعوب المسلمة على قبول المعامالت الربوية ‬

‫‪306‬‬ ‫دور الغثائيين من الم ِ‬


‫سلمين في وضع قواعد الربا البنكي ‬ ‫ُ‬
‫‪307‬‬ ‫انتشار المصارف المتعاملة بالربا ‬

‫‪307‬‬ ‫خطر الربا على الحياة اإلسالمية ووصف القرآن آلكل الربا ‬

‫‪308‬‬ ‫عالقة التطرف واإلرهاب بالربا والمعامالت المشبوهة ‬

‫‪308‬‬ ‫الربا جزء من الكفر ‬

‫‪308‬‬ ‫فقه التحوالت ووضعه الدواء موضع الداء ‬

‫‪309‬‬ ‫المشر ِق ‬
‫ِ‬ ‫تن ِم َن‬ ‫ُظهور ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ُ‬
‫‪309‬‬ ‫فتن المشرق عالمة صغرى ‬

‫‪309‬‬ ‫الجهات التي ظهرت ِمنها الفتن عبر التاريخ ‬

‫‪310‬‬ ‫أحاديث فتن المشرق ‬

‫‪311‬‬ ‫رواية فتن المشرق بالمفرد والمثنى ‪ «:‬قرن‪/‬قرنا الشيطان » ‬

‫‪497‬‬
‫‪311‬‬ ‫تحديد األحاديث جهة المشرق بربيعة ومضر ‬

‫‪312‬‬ ‫تحليل « قرنا الشيطان » بألف التثنية ‬

‫‪313‬‬ ‫المعنى ال ينطبق على الرعايا وعموم الم ِ‬


‫سلمين ‬ ‫ُ‬
‫‪313‬‬ ‫أحاديث متنوعة عن قرن المشرق ‬

‫‪314‬‬ ‫اعتناء العلماء بفتن المشرق العامة والخاصة ‬

‫‪314‬‬ ‫فتنة الخوارج ‬

‫‪315‬‬ ‫انتشار الفتنة في البالد العربية واإلسالمية وتغلغلها في دماء الشعوب ‬

‫‪315‬‬ ‫ظاهرة انتشار الفتنة المعادلة للخوارج تحت مسمى حب آل البيت ‬

‫‪316‬‬ ‫وجوب المبادرة باألعمال ِعند ظهور الفتن ‬

‫‪316‬‬ ‫أفضل الناس في الفتن من يعتزل الناس ‬

‫‪317‬‬ ‫العزلة عن الناس أو الجهاد ال يشمل نماذج فلسطين وما شابهها ‬

‫‪318‬‬ ‫ظاهرة الزنا عالمة صغرى ‬

‫‪318‬‬ ‫انحدار األخالق في مرحلة االستعمار ‬

‫‪318‬‬ ‫الزنا ‬ ‫ُظ ُ‬


‫هور ِّ‬

‫‪319‬‬ ‫بروز جيل الكاسيات العاريات ‬

‫‪319‬‬ ‫ارتباط المخرجات الثقافية في العالم العربي واإلسالمي بالعالم اآلخر ‬

‫‪319‬‬ ‫منظمات الوقاية من األمراض الجنسية ودورها في نشر الفساد ‬

‫‪320‬‬ ‫مستقبل االنحدار الخلقي في العالم اإلسالمي ‬

‫‪320‬‬ ‫خطورة ما يدور خلف الكواليس في المسارح واألندية وغيرها ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪321‬‬ ‫األسالف ‬ ‫األمراض التي لم ت ُك ْن في‬ ‫ُظ ُ‬
‫هور‬

‫‪321‬‬ ‫ِ‬
‫واإليمان ‬ ‫نقض ُعرى اإلسال ِم‬
‫ُ‬

‫‪498‬‬
‫‪321‬‬ ‫نقض عرى اإلسالم واإليمان عروة عروة ‬

‫‪322‬‬ ‫بداية النقض في العهد األموي وما تاله ‬

‫‪322‬‬ ‫نقض الحكم والعلم في مرحلة االستعمار ‬

‫‪322‬‬ ‫نماذج النقض في العالم العربي واإلسالمي ‬

‫‪323‬‬ ‫استمرار نماذج النقض في اللعبة المشتركة إلى اليوم ‬

‫تتصور الرموز ورجاالت العلم والثقافة « النخبة » قدرتها على تطوير األُ َّمة من َغير إسالم ‬
‫‪323‬‬

‫‪324‬‬ ‫الضحايا من الشعوب المشاركين في برامج االحتواء وااللتواء ‬

‫‪324‬‬ ‫مرحلة التداعي والوهن ودورها في النقض ‬

‫‪324‬‬ ‫شعارات الكتاب والسنة كظاهرة من ظواهر النقض ‬

‫‪325‬‬ ‫ِ‬
‫والقبائل ‬ ‫الش ِ‬
‫عوب‬ ‫ِ‬
‫بعض ُّ‬ ‫فنا ُء‬

‫‪325‬‬ ‫ال أمل في نجاح البرامج المطروحة حاليا إلنقاذ األُ َّمة ‬

‫‪325‬‬ ‫فناء بعض الشعوب عالمة صغرى ‬

‫‪325‬‬ ‫طلب الملك والحمية سبب في فناء بعض الشعوب ‬

‫‪327‬‬ ‫سبيل ال َّل ِه ‘رسم ًيا’ وبقائه ‘شعب ًيا’ ‬


‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫ظاهر ُة ِ‬
‫ترك ِ‬ ‫ِ‬

‫نموذج آخر للجهاد‪ ..‬الجهاد بالكلمة‪ ،‬وهو الذي دخلت به شعوب كاندنوسيا وسيالن‬
‫‪328‬‬ ‫وغيرها في اإلسالم ‬

‫‪328‬‬ ‫شعار هذا الجهاد «كلمة حق عند سلطان جائر» ‬

‫‪329‬‬ ‫الق ِ‬
‫يامة ‬ ‫سبيل ال َّل ِه «حص ِريا» إلى يو ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫هاد في‬ ‫الطائف ُة المنصورةُ‪ ..‬بقاء ِ‬
‫َ ْ ًّ‬ ‫ُ‬
‫‪329‬‬ ‫الطائفة المنصورة عالمة صغرى ‬

‫‪330‬‬ ‫أحاديث الطائفة المنصورة ‬

‫‪499‬‬
‫‪330‬‬ ‫اإلشارة إلى اإلسالم ووجود الطائفة المنصورة بها ‬

‫‪331‬‬ ‫الج ِ‬
‫هاد ‬ ‫ذكر ِ‬
‫دون ِ‬
‫الحق َ‬ ‫ِ‬
‫البقاء على ِّ‬ ‫ِ‬
‫الجامع ُة لمفهو ِم‬ ‫ُ‬
‫األحاديث‬

‫‪332‬‬ ‫أحاديث الطائفة المنصورة تشير إلى بقاء الجهاد إلى يوم القيامة ‬

‫‪332‬‬ ‫الطائفة المنصورة ال تنتمي إلى َدولة أو جماعة أو حزب ‬

‫‪333‬‬ ‫اختِفا ُء التعا ُم ِل بالنقدَ ين ‬

‫‪336‬‬ ‫توقف الجزية والخراج ‪/‬سقوط دولة الخالفة ‬

‫‪338‬‬ ‫وهالك بعض البِ ِ‬


‫الد ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والخسف‬ ‫الزالز ِل‬
‫ِ‬ ‫ُح ُ‬
‫صول‬

‫‪342‬‬ ‫َاب ٱل ّٰل ِه َع َّز َو َج َّل ‬


‫ب ِم ْن ِس َوى ِكت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق َرا َء ُة َما اكْـتُت َ‬

‫‪345‬‬ ‫الصغرى ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫عرض عا ٌّم لبق َّية ال َعالمات ُّ‬
‫ٌ‬

‫‪348‬‬ ‫ِ‬
‫العالمات ‬ ‫الجام ُع لِ َس ِير‬
‫ِ‬ ‫الشرعي‬ ‫الزمني‬ ‫التسلس ُل‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫‪348‬‬ ‫ِ‬
‫الساعة ‬ ‫واألمارات إلى ِقيا ِم‬
‫ِ‬

‫‪350‬‬ ‫فشل االقتصاد وامتداد سياسة التجويع والتطبيع والتشريك والتبديع ‬

‫‪350‬‬ ‫عة‪ ..‬مرحل ُة االستِ ِ‬


‫نفار ‬ ‫تنة الرابِ ِ‬
‫الف ِ‬
‫ما بعدَ ِ‬

‫‪351‬‬ ‫السفياني ُة ‬
‫المرحل ُة ُّ‬
‫‪351‬‬ ‫االصطدام المباشر َبي َن الشعوب ورواد الفوضى الخالقة ‬

‫‪351‬‬ ‫المرحلة السفيانية حروب وفتن ودماء ‬

‫‪352‬‬ ‫السفياني يقتل العلماء أو يستفيد ِمنهم في تنفيذ سياسته ‬

‫‪352‬‬ ‫عالمات كونية وظواهر مناخية ‬

‫‪353‬‬ ‫شخصيات قيادية متنازعة ‬

‫‪353‬‬ ‫الرايات السود والصفر رموز لقوى محلية واعدة ‬

‫‪353‬‬ ‫ازدياد األذى آلل البيت بعمومهم حسب االنتماء لبني هاشم ‬

‫‪500‬‬
‫‪353‬‬ ‫الجيش الذي يخسف بِه َبي َن مكَّة والمدينة ‬

‫‪354‬‬ ‫مرحلة ما قبل اإلمام المهدي ‬

‫‪354‬‬ ‫ِ‬
‫الخالفة الراشدة بشروطها ال تكون إلاَّ بالمهدي ‬

‫‪354‬‬ ‫راش ٍ‬
‫دة ؟ ‬ ‫الفة ِ‬
‫قبل اإلما ِم المهدي‪ ..‬وهل يسبِ ُقها ِقيام ِخ ٍ‬
‫مرحل ُة ما َ‬
‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ِّ‬

‫‪355‬‬ ‫بعض التحريف في معاني األحاديث سببه عدم دراسة فقه التحوالت ‬

‫‪356‬‬ ‫استمرار الجهاد في سبيل الله في عصر المهدي ‬

‫‪357‬‬ ‫أسباب ُخروج الدجال ‬

‫‪360‬‬ ‫األمر بيد الله‪ ..‬وال تسييس للطائفة المنصورة ‬

‫‪360‬‬ ‫تعليالت َغير صحيحة البد من اإلجابة ع َليها ‬

‫‪362‬‬ ‫موقف المسلم المستبصر من الفتن وأئمتها المضلين ‬


‫ِ‬ ‫ب بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪367‬‬ ‫العالمات الكُـبرى ‬ ‫الواج ُ‬ ‫الركـن الثال ُث الع ُ‬
‫لم‬ ‫ُّ‬
‫‪367‬‬ ‫حديث العالمات الكبرى ‬

‫‪367‬‬ ‫ترتيب اآليات والظواهر ‬

‫‪368‬‬ ‫العالمات الكبرى قسمان ‬

‫‪368‬‬ ‫اإلمام المهدي أول العالمات الكبرى ‬

‫‪370‬‬ ‫المرحلة المهدية‪ ..‬استقرار ‪ ،‬سالم ‪ ،‬تنمية‪ ..‬‬

‫‪370‬‬ ‫وحكمة االختالف َبي َن العلماء حول شخصية المهدي وظهوره ‬

‫‪370‬‬ ‫بش ِر بِه ’ ‬


‫الم َّ‬
‫المهدي ُ‬
‫ُّ‬ ‫المرحل ُة المهدي ُة ‘‬

‫‪371‬‬ ‫تغير األحوال قبيل مرحلة المهدي ‬

‫‪371‬‬ ‫اإلحباط النفسي لدى الصالحين قبل المهدي ‬

‫‪371‬‬ ‫صيحة في رمضان عالمة كونية قبل ظهور اإلمام ‬

‫‪501‬‬
‫‪372‬‬ ‫الرايات السود من خراسان ‬

‫‪372‬‬ ‫وجوب التحري في نصرة الرايات لتشابه الظواهر ‬

‫‪372‬‬ ‫مهمات المهدي وسياسته العلمية والعملية ‬

‫‪373‬‬ ‫انقطاع الربا واالقتصاد الرأسمالي ‬

‫‪373‬‬ ‫شك بعض العلماء المذهبيين في حقيقة اإلمام ‬

‫‪374‬‬ ‫ظهور البركة في المنتجات المحلية ‬

‫‪374‬‬ ‫مع السيفاني ومهادنة الروم ‬


‫معارك اإلمام َ‬

‫‪375‬‬ ‫ِ‬
‫المهدية ‬ ‫المرحل ُة الثاني ُة ِم َن‬

‫‪375‬‬ ‫انتقاض العرى وبدء الحروب ‬

‫‪375‬‬ ‫انتصار اإلمام على َدولة الكفر والصليب وأخذ كنوزهم ‬


‫المسيخ الدَّ َّج ِ‬
‫‪377‬‬ ‫ال ‬ ‫ِ‬ ‫المرحل ُة الدَّ َّجالي ُة ‪ُ :‬ظ ُ‬
‫هور‬

‫‪377‬‬ ‫المرحلة الدجالية وموقع الدجال من عالمات الساعة ‬

‫‪389‬‬ ‫ِ‬
‫اليهود ‬ ‫ِ‬
‫ودولة‬ ‫نِهاي ُة الدَّ َّج ِ‬
‫ال‬
‫بابن صي ٍ‬ ‫اشتبا ُه الدَّ َّج ِ‬
‫‪390‬‬ ‫اد ‬ ‫ال ِ َّ‬

‫‪391‬‬ ‫فظ ِم َن الدَّ َّج ِ‬


‫ال ‬ ‫الح ِ‬
‫وسائل ِ‬
‫ُ‬

‫‪392‬‬ ‫المرحل ُة العيسوي ُة ‬

‫‪398‬‬ ‫أهم ظواهر مرحلة عيسى ش ‬

‫‪399‬‬ ‫اليأجوج َّي ُة ‬


‫المرحل ُة ُ‬

‫‪399‬‬ ‫يأجوج ومأجوج لغز من الغاز القرآن ‬

‫‪400‬‬ ‫شرطنا في قبول البحوث العلمية عن العالمات ‬

‫‪400‬‬ ‫متابعة مختصرة للدراسة الميدانية الجديدة ‬

‫‪502‬‬
‫‪402‬‬ ‫دول قارة الخيل وعالقتها بالمرحلة اليأجوجية ‬

‫‪402‬‬ ‫كتب َغير إسالمية مرحلة عدوانية يتحكم فِيها الشيطان ‬


‫اليأجوجية في َ‬

‫‪403‬‬ ‫المرحلة اليأجوجية في اإلنجيل ‬

‫‪404‬‬ ‫السدّ موجو ٌد في القوقاز (جورجيا) ‬


‫رأي آخر‪ّ :‬‬
‫ٌ‬

‫‪404‬‬ ‫ذكرنا هنا اختالف الباحثين لمجرد االستئناس ‬

‫‪405‬‬ ‫يأجوج ومأجوج يكتسحون العالم العربي ‬

‫‪405‬‬ ‫الطغيان اليأجوجي قبل نهايتهم الحتمية ‬

‫‪406‬‬ ‫عيسى ش والمؤمنون يرغبون إلى الله في إهالك قوم يأجوج ومأجوج ‬

‫‪406‬‬ ‫ما َبي َن هالك يأجوج ومأجوج وموت عيسى ش ‬

‫‪407‬‬ ‫المناس ِك ‬
‫ِ‬ ‫ِرحل ُة عيسى ِم َن الشا ِم إلى‬

‫‪407‬‬ ‫موت عيسى ش بالمدينة المنورة ودفنه بالحجرة الشريفة ‬


‫مرحلة اإلما ِم المنت َظ ِر حتَّى نِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هاية‬ ‫ُ‬ ‫وعالمات ها َّم ٌة م َن العالمات ُّ‬
‫الصغرى ما َبي َن‬ ‫ٌ‬ ‫ظواه ُر‬
‫‪409‬‬ ‫مرحلة عيسى ع َل ِيه السال ُ م‬
‫ِ‬

‫‪409‬‬ ‫والم ْق َعد ‬


‫والج ْهجاه ُ‬
‫القحطاني َ‬

‫‪410‬‬ ‫ِ‬
‫الجاهلية ‬ ‫ِ‬
‫والعود إلى‬ ‫ِ‬
‫االنهيار‬ ‫مرحل ُة‬

‫‪411‬‬ ‫القحطاني ‬

‫ظهور إبليس في جيل االنهيار والدعوة إلى عبادة األصنام كما كانَت في الجاهلية ‬
‫‪412‬‬

‫‪413‬‬ ‫الدا َّب ُة ‬

‫‪413‬‬ ‫ُخروج الدابة من مكَّة ‬

‫‪413‬‬ ‫(ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) هو موت العلماء ورفع القرآن ‬

‫‪503‬‬
‫‪414‬‬ ‫بقاء الناس بعد الدابة مددا طويلة ‬

‫‪414‬‬ ‫ما بعد مرحلة ُخروج الدابة ‬

‫‪416‬‬ ‫الريح القابضة لمن بقي من المؤمنين ‬

‫‪416‬‬ ‫ارتباط هدم الكعبة بموت المؤمنين وبقاء عجاج من الناس ‬

‫‪416‬‬ ‫الريح القابِض ُة لِلمؤمنين ‬


‫ُ‬

‫‪418‬‬ ‫انهيار أهل مكَّة في مرحلة الخراب األخير وانفتاح أبواب الشر والدمار ‬

‫‪418‬‬ ‫ِ‬
‫الكعبة ‬ ‫هد ُم‬

‫‪419‬‬ ‫أهم ظواهر هذه المرحلة ‬

‫‪420‬‬ ‫ظهور الدخان كعالمة ‬

‫‪420‬‬ ‫ُ‬
‫الدخان ‬

‫‪421‬‬ ‫سوفات الثالث ُة ‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الخ‬

‫‪421‬‬ ‫الخسوفات الثالثة ظواهر كونية كبرى وفِيها تهيئة لظهور الشمس من مغربها ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشمس ِمن ِ‬
‫‪423‬‬ ‫التوبة ‬ ‫مغربِها وانق ُ‬
‫طاع‬ ‫ِ‬ ‫ُط ُ‬
‫لوع‬

‫‪423‬‬ ‫انقطاع التوبة واستمرار ظاهرة طلوع الشمس من المغرب ‬

‫‪424‬‬ ‫انقطاع الهجرة والطبع على القلوب ونهاية العمل الصالح في األمم ‬

‫‪425‬‬ ‫النار ِ‬
‫الحاشر ُة ‬ ‫ُ‬
‫‪425‬‬ ‫النار الحاشرة إحدى الظواهر الكونية األخيرة ‬

‫‪425‬‬ ‫اليمن وعدن وحضرموت مواقع ُخروج النار ‬

‫‪426‬‬ ‫ماهي النار الحاشرة؟ ‬

‫‪426‬‬ ‫األفواج المتعاقبة بالخروج خوفا من النار ‬

‫‪426‬‬ ‫الهجرة األخيرة إلى الشام ‬

‫‪504‬‬
‫‪428‬‬ ‫اندراس اإلسالم هو اندراس العمل بأوامره واجتناب نواهيه ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪428‬‬ ‫التوحيد ‬ ‫كلمة‬ ‫راس اإلسال ِم ُث َّم اند ُ‬
‫راس‬ ‫اند ُ‬

‫‪430‬‬ ‫النفخ في الصور نِهاية الحياة الكونية ‬

‫‪430‬‬ ‫ِ‬
‫الصور ‬ ‫ُ‬
‫النفخ في‬ ‫العالم ُة األخيرةُ‪..‬‬

‫‪432‬‬ ‫االعتماد على النصوص الصحيحة والموثقة حسب االستطاعة ‬

‫‪432‬‬ ‫المالحظات البناءة ودورها في إغناء الموضوع ‬

‫‪432‬‬ ‫ِ‬
‫نطلقات ‬ ‫والم‬ ‫خاتم ُة األُ ِ‬
‫سس ُ‬
‫‪434‬‬ ‫قه التحو ِ‬
‫الت ‬ ‫والتعريفات المستجدَّ ِة في فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األلفاظ‬ ‫قاموس‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪442‬‬ ‫ِ‬
‫البحث ‬ ‫ِ‬
‫مراج ُع‬

‫‪443‬‬ ‫الفهرس ‬

‫‪444‬‬ ‫فهرس الجزء األول ‬

‫‪444‬‬ ‫المقدمة ‬

‫‪444‬‬ ‫اعتناء اإلسالم بفقه المراحل ‬

‫‪444‬‬ ‫أهمية الدراسة الجذرية ‬

‫‪444‬‬ ‫ضياع الحق بين ركام األقالم ‬

‫‪444‬‬ ‫عوامل التجني على التاريخ‪ :‬الخلط المتعمد واألحكام العمومية ‬

‫‪444‬‬ ‫القراءة المادية العقالنية ‬

‫‪444‬‬ ‫القراءة الشرعية الموجهة ‬

‫‪444‬‬ ‫القراءة ال تكون إال باسم الرب ‬

‫‪444‬‬ ‫أهمية القراءة النصية ‬

‫‪444‬‬ ‫مرحلة الرسالة المحمدية ‬

‫‪505‬‬
‫‪444‬‬ ‫مرحلة ما بعد الرسالة إلى قيام الساعة ‬

‫‪444‬‬ ‫مرحلة ما قبل البعث ‬

‫‪444‬‬ ‫الدراسة النصية أساس حوار الحضارات وتقارب األديان ‬

‫‪444‬‬ ‫الدراسة الجديدة للركن الرابع وأهميتها ‬

‫‪444‬‬ ‫مع المؤلف في مسيرة المعاناة ‬

‫‪444‬‬ ‫االعتراضات واالحتجاجات بين األمة‪ ..‬‬

‫‪444‬‬ ‫لماذا ؟‪ ..‬‬

‫‪444‬‬ ‫بداية االنطالق في فقه التحوالت ‬

‫‪444‬‬ ‫تقرير الحالة ‬

‫‪444‬‬ ‫المدخل إلى معرفة الركنية الرابعة ‬

‫‪444‬‬ ‫مقدمات هامة لقراءة عالمات الساعة ‬

‫‪444‬‬ ‫تبقى األشراط في دائرة التوقع المظنون ‬

‫‪444‬‬ ‫مراعاة الترتيب الزمني لألشراط ‬

‫‪444‬‬ ‫عدم تأثير الترقب على واجب الوقت ‬

‫‪444‬‬ ‫هدي السلف أمام فقه التحوالت ‬

‫‪444‬‬ ‫النصوص وعالقتها بما يطرقه االحتمال ‬

‫‪445‬‬ ‫حصر مصادرالتلقي ‬

‫‪445‬‬ ‫ال نعطل السنن واألسباب ‬

‫‪445‬‬ ‫رأي المؤلف فيما سبق من الضوابط ‬

‫‪445‬‬ ‫متابعة الحاديث أيسر وأولى من متابعة تعقيدات العلماء ‬

‫‪445‬‬ ‫التلميح خير من التصريح في المعاتبة ‬

‫‪506‬‬
‫‪445‬‬ ‫ظاهرة االحتناك واالحتكار للسالمة ‬

‫‪445‬‬ ‫األشراط المجهولة وموقعنا من معارضتها ‬

‫‪445‬‬ ‫لماذا تناول النبي ‪ m‬العالمات؟ لم لم يسكت عنها أو يخف من إشهارها؟ ‬

‫‪445‬‬ ‫مرحلة الرسول ‪ m‬تأصيل ‬

‫‪445‬‬ ‫فقه التحوالت اليوم من أهم أركان الدين ‬

‫‪445‬‬ ‫فقه التحوالت يعرفنا باألوعية الحاملة للعلم ومكانتها العلمية ‬

‫‪445‬‬ ‫نصوص فقه التحوالت تعنى بمسيرة الحكم والعلم ‬

‫‪445‬‬ ‫حياة النبي ‪ m‬قراءة واعية لألحداث حاضرا ومستقبال ‬

‫‪445‬‬ ‫فقه التحوالت علم ضابط لمواقف الرجولة ‬

‫‪445‬‬ ‫حاجتنا لهذا العلم أكثر من حاجتنا للماء والغذاء ‬

‫‪445‬‬ ‫المنطلق ‬

‫‪445‬‬ ‫العودة إلى األساسيات من أهم المهمات ‬

‫‪445‬‬ ‫قراءة العلماء ألصول الديانة كانت على ضوء الثوابت الثالثة ‬

‫‪445‬‬ ‫قراءتنا لعالمات الساعة تأتي على أنها ركن خاص بالتحوالت ‬

‫‪445‬‬ ‫عقائد الشيطان في البشرية ‬

‫‪445‬‬ ‫إظهار العلم بالعالمات مهمة شرعية ‬

‫‪445‬‬ ‫قوله ‪« :m‬بعثت أنا والساعة كهاتين» ‬

‫‪445‬‬ ‫تعريف الساعة ‬

‫‪445‬‬ ‫تعريف الساعة وما يتعلق بها ‬

‫‪445‬‬ ‫أقسام القيامة ‬

‫‪445‬‬ ‫انقسام األمارات إلى ثالثة أقسام ‬

‫‪507‬‬
‫‪445‬‬ ‫معنى الفتن ‬

‫‪445‬‬ ‫معنى مضالت الفتن ‬

‫‪445‬‬ ‫معنى األشراط ‬

‫‪446‬‬ ‫معنى العالمات ‬

‫‪446‬‬ ‫معنى األمارات ‬

‫‪446‬‬ ‫معنى البشارات ‬

‫‪446‬‬ ‫محور الموضوع حديث جبريل ‘أم السنة’ ‬

‫‪446‬‬ ‫دراسة حديث جبريل ‬

‫‪446‬‬ ‫الوحدة الموضوعية بين األركان األربعة ‬

‫‪446‬‬ ‫الثوابت والمتغير ‬

‫‪446‬‬ ‫األصول الثالثة وتدرج المكلف فيها ‬

‫‪446‬‬ ‫أركان الدين الثالثة وعالقتها بالركن الرابع ‬

‫‪446‬‬ ‫الركن الرابع هو كشف مجريات التحوالت ‬

‫‪446‬‬ ‫الركن الرابع وأهمية دراسته ‬

‫‪446‬‬ ‫رؤوس األقالم المبينة مهمات الركن الرابع ‬

‫‪446‬‬ ‫أركان العلم بعالمات الساعة ‬

‫‪446‬‬ ‫أركان العلم بعالمات الساعة ‬

‫‪446‬‬ ‫العلم الواجب ‬

‫‪446‬‬ ‫العلم الالزم ‬

‫‪446‬‬ ‫العلم المطلق ‬

‫‪446‬‬ ‫الفرق بين الساعة وعالماتها ‬

‫‪508‬‬
‫‪446‬‬ ‫إذا ولدت األمة ربتها ‪/‬ربها ‬

‫‪446‬‬ ‫األمة في فقه التحوالت ‬

‫‪446‬‬ ‫الفرق بين الساعة وعالماتها ‬

‫‪446‬‬ ‫تطابق جزئية العالمات مع حديث بني إسرائيل ‬

‫‪446‬‬ ‫معنى «وأن ترى الحفاة‪ ..‬الحديث» ‬

‫‪446‬‬ ‫وقوع الظاهرة حقيقة في مرحلتنا المعاصرة ‬

‫‪446‬‬ ‫الفرق بين الساعة والعلم بعالمات الساعة ‬

‫‪446‬‬ ‫مشكلة الخلط بين الساعة وبين العلم بعالماتها ‬

‫‪446‬‬ ‫األشراط في حديث مكحول ‬

‫‪446‬‬ ‫مفهوم فقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫مفهوم فقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫اشتقاق اللفظة ‬

‫‪447‬‬ ‫مادة فقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫الفقه في اللغة واالصطالح ‬

‫‪447‬‬ ‫اإلسالم في معناه العام ‬

‫‪447‬‬ ‫العلم بعالمات الساعة علم شرعي موثق الكتاب والسنة ‬

‫‪447‬‬ ‫األساس في النجاة هو العمل ‬

‫‪447‬‬ ‫«بادروا باألعمال» وما يترتب على مفهوم المبادرة ‬

‫‪447‬‬ ‫اإلشارة النبوية إلى ما يحل باألمة عند انقطاع األعمال ‬

‫‪447‬‬ ‫معنى «الفقر المنسي» ‬

‫‪447‬‬ ‫معنى «الغنى المطغي» ‬

‫‪509‬‬
‫تركنا للصناعات اإلنتاجية وهجرنا لمبدأ االكتفاء الذاتي جعلنا (سوقا استهالكيا) وهذا ما‬
‫‪447‬‬ ‫أدى إلى الغنى المطغي ‬

‫‪447‬‬ ‫معنى (المرض المفسد) ‬

‫‪447‬‬ ‫معنى (الموت المجهز) ‬

‫‪447‬‬ ‫الدجال شر غائب ينتظر ‬

‫‪447‬‬ ‫تأصيل فقه التحوالت من الكتاب والسنة ‬

‫‪447‬‬ ‫تأصيل فقه التحوالت في الكتاب والسنة ‬

‫‪447‬‬ ‫اآليات القرآنية المعبرة عن أهمية علم الساعة ‬

‫‪447‬‬ ‫عالقة القرآن العظيم بفقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫التحوالت البشرية والغايات المصيرية في القرآن من فقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫معاناة األنبياء والرسل مع أقوامهم جزء من فقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫سورة الكهف وما تشتمل عليه من دروس فقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫سورة براءة وموقعها من أحوال المنافقين ‬

‫‪447‬‬ ‫المنافقون ومفهوم الحصار االقتصادي ‬

‫‪447‬‬ ‫معنى (الصدور) في تفسير صورة الناس ‬

‫‪447‬‬ ‫أقسام فقه التحوالت ‬

‫‪447‬‬ ‫الحضارة الشرعية ‬

‫‪447‬‬ ‫الحضارة الوضعية ‬

‫‪448‬‬ ‫الحضارة الكنعانية والكلدانية ‬

‫‪448‬‬ ‫مادية قوم نوح والطوفان ‬

‫‪448‬‬ ‫حضارة قوم عاد والريح العقيم ‬

‫‪510‬‬
‫‪448‬‬ ‫إبداعات قوم ثمود والصيحة ‬

‫‪448‬‬ ‫شهوانية قوم لوط والحجارة ‬

‫‪448‬‬ ‫تجارة قوم شعيب والرجفة ‬

‫‪448‬‬ ‫عمران قوم سبأ والسيل العرم ‬

‫‪448‬‬ ‫الحضارة الفرعونية وتعدد العقوبات ‬

‫‪448‬‬ ‫الحضارة العبرية وتنوع اآليات ‬

‫‪448‬‬ ‫السنة الشريفة واعتناؤها بفقه التحوالت ‬

‫أساس هذا العلم هو الربط الواعي بعموم الزمان أو المكان دون تحديد‪ ،‬فالتحديد مزلة‬
‫‪448‬‬ ‫كبرى ‬

‫‪448‬‬ ‫ثمرة الدراسة لفقه التحوالت ‬

‫‪448‬‬ ‫ثمرة هذا العلم ‬

‫‪448‬‬ ‫عالقة فقه التحوالت بالدعوة إلى الله ‬

‫‪448‬‬ ‫الثوابت الثالثة في فقه الدعوة إلى الله ‬

‫‪448‬‬ ‫عالقة فقه التحوالت بالدعوة إلى ال ٰله ‬

‫‪448‬‬ ‫جلسة بين األنبياء والرسل ناقشوا فيها فقه التحوالت ‬

‫‪448‬‬ ‫ترتكز الدعوة إلى الله على عاملين اساسيين ‬

‫‪448‬‬ ‫دليل فقه الدعوة ‬

‫‪448‬‬ ‫دليل فقه الداعي ‬

‫‪448‬‬ ‫شرط الداعي الحق ‬

‫‪448‬‬ ‫حديث العرباض ابن سارية وموقعه من فقه التحوالت ‬

‫‪448‬‬ ‫تأصيل فهم فقه التحوالت لألحاديث السابقة ‬

‫‪511‬‬
‫‪448‬‬ ‫إقامة الدعوة وأمة اإلجابة ‬

‫‪448‬‬ ‫حصانات النبي ‪ m‬لبعض أصحابه وتجريحه آخرين وأهمية ذلك في فقه الدعوة ‬

‫‪448‬‬ ‫بعض البدع المدموغة من عهد الرسالة ‬

‫‪448‬‬ ‫التعريف بلفظ «السنة» لغة واصطالحا ‬

‫‪448‬‬ ‫سنة المواقف وسنة الداللة ‬

‫‪449‬‬ ‫سنة المواقف وسنة الداللة وموقعها من فقه التحوالت ‬

‫‪449‬‬ ‫مفهوم السنة كموقف في حديث «عليكم بسنتي» ‬

‫‪449‬‬ ‫سنة المواقف هي التطبيق األخالقي في فقه الدعوة ‬

‫‪449‬‬ ‫سنة الداللة ضابط شرعي لم يندرج تحت ضوابط علم األصول ‬

‫‪449‬‬ ‫سنة الداللة في فقه التحوالت ‬

‫‪449‬‬ ‫االستدالل بسنة الداللة على ما لم يكن له سابق مثال ‬

‫‪449‬‬ ‫البدعة الدينية والبدعة الدنيوية كالهما مذمومان إذا انعدمت ضوابطهما الشرعية ‬

‫‪449‬‬ ‫االستدالل بسنة الداللة على مسنجدات العلوم ‬

‫‪449‬‬ ‫ظاهرة التشريك ليست ديانة ‬

‫‪449‬‬ ‫مدارس القبض والنقض وظاهرة تحريف النصوص ‬

‫‪449‬‬ ‫قاعدة‪ :‬سالمة المرحلة‪ :‬بالنص ‬

‫‪449‬‬ ‫سالمة الذوات‪ :‬بالحصانة الشرعية ‬

‫‪449‬‬ ‫الشهادات الشرعية من لسان رسول الله ‪ m‬لصحابته حصانة ال تنقضها األحداث ‬

‫‪449‬‬ ‫مدرسة االعتدال والوسطية وموقعها من فقه التحوالت ‬

‫‪449‬‬ ‫الذي ينازع ما نحن بصدده إما لجهله بالركن الرابع أو لرفضه الطبعي له ‬

‫‪449‬‬ ‫موقع عالمات الساعة من علماء الفقه التقليدي ‬

‫‪512‬‬
‫‪449‬‬ ‫موقف الجماعات الجديدة من فقه التحوالت ‬

‫‪449‬‬ ‫إعادة القراءة لرباعية األركان ضرورة ملحة ‬

‫‪449‬‬ ‫الصراع التاريخي بين المذاهب يحتاج إلى إعادة نظر ‬

‫‪449‬‬ ‫غياب العلـم بفقه التحوالت وما ترتب عليه ‬

‫‪449‬‬ ‫ماذا حصل من الخطأ بغياب فقه التحوالت ‬

‫‪449‬‬ ‫عالقة فقه التحوالت بقراءة المرحلة المعاصرة ‬

‫‪449‬‬ ‫ضياع األمانات وموقع ذلك من فقه التحوالت ‬

‫‪449‬‬ ‫كشف فقه التحوالت الشرعي لمرحلة التوسيد ‬

‫‪449‬‬ ‫ضياع مبدأ االكتفاء الذاتي في مرحلتنا المعاصرة ‬

‫‪449‬‬ ‫ثمرات (تداعي األمم) ‬

‫‪449‬‬ ‫دور فقه التحوالت في تصحيح الفهوم الخاطئة عن الخالفة ‬

‫‪449‬‬ ‫أهمية فقه التحوالت في ربط الجميع بمرحلتي مكة والمدينة ‬

‫‪450‬‬ ‫المدرسة النبوية األبوية الشرعية ‬

‫‪450‬‬ ‫المدرسة األنوية الوضعية ‬

‫‪450‬‬ ‫هل ثمة عالج؟ وكيف وما هي وسائله؟ هذا الفقه يضع اإلنسان أمام مسؤولياته ‬

‫‪450‬‬ ‫مفهوم الخلفاء في فقه التحوالت ‬

‫‪450‬‬ ‫من هم الخلفاء؟ وكم عددهم؟ ‬

‫‪450‬‬ ‫العدالة في فقه التحوالت مقيدة وليست مطلقة ‬

‫‪450‬‬ ‫مفهوم الخلفاء في فقه التحوالت ‬

‫‪450‬‬ ‫موقف اإلمام علي ‪ v‬من الخالفة ‬

‫‪450‬‬ ‫موقف اإلمام الحسن ‪ v‬من الحكم ‬

‫‪513‬‬
‫‪450‬‬ ‫اإلمام الحسين ‪ v‬في خروجه ال يعاب ‬

‫‪450‬‬ ‫من هم النمط األوسط؟ ‬

‫‪450‬‬ ‫مقولة اإلمام علي ‪ v‬عن النمط األوسط ‬

‫‪450‬‬ ‫أهمية معرفة علماء النمط األوسط ‬

‫‪450‬‬ ‫من هم النمط األوسط ؟ ‬

‫‪450‬‬ ‫رجال النمط األوسط ‬

‫‪450‬‬ ‫المذاهب اإلسالمية ‬

‫‪450‬‬ ‫أهل اإلفراط والتفريط ال يدخلون في مسمى النمط األوسط ‬

‫‪450‬‬ ‫المدارس الخارجة عن النمط األوسط ‬

‫المذاهب اإلسالمية لم تول أهل النمط األوسط أهمية النعدام المعرفة بفقه التحوالت ‬
‫‪450‬‬

‫‪450‬‬ ‫القدوة واألسوة في سلوك أهل النمط األوسط ‬

‫‪450‬‬ ‫أحاديث شريفة حول موقف النمط األوسط ‬

‫‪450‬‬ ‫ملخص مواقف أهل منهج السالمة ‬

‫‪450‬‬ ‫مواقف النمط األوسط من طرفي اإلفراط والتفريط ‬

‫‪450‬‬ ‫اإلمام علي ‪ v‬في عهد الخالفة ‬

‫‪450‬‬ ‫اإلمام الحسن ‪ v‬إمام القرار ‬

‫‪450‬‬ ‫اإلمام الحسين إمام البيعة ‬

‫‪450‬‬ ‫ال يحق لمن بعدهم أن يتخذوا اجتهادهم قدوة إلثارة الصراع إال بشروط ‬

‫‪450‬‬ ‫علماء فقه التحوالت وعالمات الساعة ‬

‫‪451‬‬ ‫علماء فقه التحوالت ‬

‫‪514‬‬
‫‪451‬‬ ‫أحاديث العلم بالساعة ‬

‫‪451‬‬ ‫الصمت المطبق عن عالمات الساعة وما ترتب على ذلك ‬

‫‪451‬‬ ‫بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ‬

‫‪451‬‬ ‫مقدمة الداني صاحب كتاب «السنن الواردة في الفتن» ‬

‫‪451‬‬ ‫مقدمة البرزنجي لكتابه «اإلشاعة» ‬

‫‪451‬‬ ‫ٍ‬
‫كركن من أركان الدين؟ ‬ ‫لم السكوت عن اإلفصاح الواضح لعالمات الساعة‬

‫‪451‬‬ ‫سبب سكوت العلماء عن اإلفصاح بالعالمات ‬

‫‪451‬‬ ‫جرابا أبي هريرة من العلم ‬

‫‪451‬‬ ‫مقولة لإلمام الشاطبي حول جديد العلم ‬

‫‪451‬‬ ‫ركنية فقه التحوالت مقولة عمن ال ينطق عن الهوى ‪ m‬وليس اجتهاد العلماء ‬

‫‪451‬‬ ‫موقع األمثلة والرموز والشعارات والشارات واأللوان في فقه التحوالت ‬

‫‪452‬‬ ‫فهرس الجزء الثاني ‬

‫‪452‬‬ ‫التفصيل الجامع ألركان العلم بعالمات الساعة ‬

‫‪452‬‬ ‫أركان عالمات الساعة ‬

‫‪452‬‬ ‫االستقراء الزمني هو الذي حدد توسط العالمات ‬

‫‪452‬‬ ‫بعثة النبي محمد ‪ m‬عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫أهمية التحصين الشرعي للصحابة وما يترتب عليه ‬

‫‪452‬‬ ‫القدح في معنى الصحبة إما أن يحصل بقول لفظي أو موقف ذاتي ‬

‫‪452‬‬ ‫موت النبي ‪ m‬عالمة وسطى ‬


‫‪452‬‬ ‫المواقف المطلوبة بعد موت النبي ‪ m‬‬

‫‪452‬‬ ‫الخالفة الراشدة عالمة وسطى ‬

‫‪515‬‬
‫‪452‬‬ ‫نصوص عدالة مرحلة الخالفة الراشدة ورد شبه القدح في سالمتها ‬

‫‪452‬‬ ‫فتح بين المقدس عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫طاعون عمواس عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫مقتل الخليفة عمر بن الخطاب ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫مقتل الخليفة عثمان ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫موقعة الجمل وصون أم المؤمنين ‪ b‬عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫خروج عائشة ‪ b‬وموقف اإلمام علي ‪ v‬وأهميته في فقه التحوالت ‬

‫‪452‬‬ ‫خروج عائشة ‪ b‬ال يقدح في عدالتها ‬

‫‪452‬‬ ‫موقعة صفين عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫ظهور الخوارج ومقتلة النهروان عالمة وسطى ‬

‫‪452‬‬ ‫فتنة الخوارج تجاوزت الزمان والمكان ‬

‫‪452‬‬ ‫المدرسة الحرقوصية التميمية ‬

‫‪452‬‬ ‫بدء ظهور مدرسة الخوارج ‬

‫‪452‬‬ ‫االمتداد الطبيعي للمدارس الخارجية حتى يظهر في أعراضهم الدجال ‬

‫‪452‬‬ ‫عالمات وسمات الخوارج ‬

‫‪452‬‬ ‫موقف اإلمام ‪ v‬من الخوارج في النهروان ‬

‫‪452‬‬ ‫مسمى الحرورية نسبة إلى حروراء ‬

‫‪453‬‬ ‫تحديد هوية الخوارج على لسان اإلمام ‪ v‬‬

‫‪453‬‬ ‫مقتل اإلمام علي ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫صلح اإلمام الحسن ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫ملك بني أمية عالمة وسطى ‬

‫‪516‬‬
‫‪453‬‬ ‫رؤيا النبي ‪ m‬للقردة والخنازير تتنزى على منبره ‬

‫‪453‬‬ ‫وقعة الحرة عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫فتنة ابن الزبير ومقتله عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫خالفة عمر بن عبدالعزيز ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫ملك بني العباس عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫مناقشة لمعاني (الملك العضوض) ‬

‫‪453‬‬ ‫أقسام مرحلة الملك العضوض ‬

‫‪453‬‬ ‫حديث (األئمة بعدي اثناعشر كلهم من قريش) ‬

‫‪453‬‬ ‫تحديد األمراء االثني عشر ومراحلهم ‬

‫‪453‬‬ ‫مرحلة الهرج واالنفصام ‬

‫‪453‬‬ ‫مرحلة المهدي مستقلة بذاتها عن مدلول مرحلة األمراء االثني عشر ‬

‫‪453‬‬ ‫مبتدأ مرحلة الهرج المنصوص عليه بالهجمات المغولية والصليبية ‬

‫‪453‬‬ ‫سقوط قرار الخالفة على يد التتار عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫أحاديث الفتن ‬

‫‪453‬‬ ‫فتح القسطنطينية عالمة وسطى ‬

‫‪453‬‬ ‫شعار الدولة العلية العثمانية ‬

‫‪453‬‬ ‫عوامل الضعف واالنهيار لبني عثمان ‬

‫‪453‬‬ ‫بدء ظهور العلمنة‪ :‬إفراط المسلمين في االنبهار بعلمانية الغرب ‬

‫‪453‬‬ ‫بدء ظهور العلمانية وفصل الدين عن الدولة مع سقوط القرار اإلسالمي ‬

‫‪453‬‬ ‫نبذة عن السلطان عبدالحميد الثاني ‬

‫‪453‬‬ ‫قراءة مرحلة الغثاء والوهن من واقع فقه التحوالت ‬

‫‪517‬‬
‫‪453‬‬ ‫إذا وسد األمر إلى غير أهله ‬

‫‪453‬‬ ‫مرحلة السير اإلجباري نحو جحر الضب ‬

‫‪453‬‬ ‫فقه التحوالت يفتح آفاقا جديدة في قراءة التاريخ ‬

‫‪453‬‬ ‫غياب الفقه الشرعي للتحوالت جرأ المترسمين على المصلين ‬

‫‪454‬‬ ‫النفاق التاريخي اخترق صفوف األمة إلى اليوم ‬

‫‪454‬‬ ‫الغثائية من حديث ثوبان ‬

‫‪454‬‬ ‫التقسيم الشرعي للمرحلة الغثائية ‬

‫‪454‬‬ ‫مرحلة األحالس والمؤامرة على تركة الرجل المريض ‬

‫‪454‬‬ ‫بدء الغزو البرتغالي ‬

‫‪454‬‬ ‫معاهدات الحماية تدخل الكفر في بالد المسلمين ‬

‫‪454‬‬ ‫حديث التمايز والتمايل والمعامع ‬

‫‪454‬‬ ‫تداعي األمم أكلة القصعة على ثروات األمة ‬

‫‪454‬‬ ‫سقوط الخالفة وبدء المرحلة العلمانية ‬

‫‪454‬‬ ‫مؤتمرات الخيانة ضد القرار اإلسالمي ‬

‫‪454‬‬ ‫المكاسب االستعمارية بسقوط الخالفة ‬

‫‪454‬‬ ‫امتداد العلمانية باالستعمار ‬

‫‪454‬‬ ‫فتنة الدهيماء ‪ ..‬مرحلة االستهتار ‬

‫‪454‬‬ ‫فتنة الدهيماء عالمة صغرى في مرحلة الغثاء ‬

‫‪454‬‬ ‫تحول الفضية اإلسالمية إلى أطماع قومية إقليمية ‬

‫‪454‬‬ ‫صراع القوتين الشرقيتين ‪ :‬الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي ‬

‫‪454‬‬ ‫الفتنة الرابعة التي يؤول أمر األمة فيها إلى الكافر ‬

‫‪518‬‬
‫‪454‬‬ ‫الفتنة الرابعة ‘العمياء البكماء الصماء ’‬

‫‪454‬‬ ‫‘مرحلة االستثمار’ ‪‘ -‬األلفية الثالثة’ ‬

‫‪454‬‬ ‫جبل الذهب واالقتتال عليه ‬

‫‪454‬‬ ‫مفهوم الحديث‪ :‬يؤول أمر األمة إلى الكافر ‬

‫‪454‬‬ ‫التدخل الكافر في سياسة اإلسالم ونقض العرى ‬

‫‪454‬‬ ‫ظاهرة الهجرة إلى العواصم وترك العمل الحرفي الزراعي ‬

‫‪454‬‬ ‫زيادة األسعار قلق مسيس من تدخالت الكافر في األمة ‬

‫‪454‬‬ ‫كثرة القراء وقلة الفقهاء ‬

‫‪454‬‬ ‫كثرة االقتتال والصراع الدموي ‬

‫‪454‬‬ ‫مؤتمرات الحوار واالستثمار ‬

‫‪454‬‬ ‫العدالة من مبادئ اإلسالم وال عالقة للكفر بذلك ‬

‫‪455‬‬ ‫ظاهرة التخلي عن تفسير اآليات القرآنية لما فيها من إدانة للكفار ‬

‫‪455‬‬ ‫خطر الثقافات الغازية على التركيب اإلسالمي الموجه ‬

‫‪455‬‬ ‫مالحظة على هامش المرحلة الغثائية ‬

‫‪455‬‬ ‫الركن الثاني العلم المطلق بالعالمات الصغرى ‬

‫‪455‬‬ ‫إمارة الصبيان ‬

‫‪455‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪455‬‬ ‫استفاضة المال واالستغناء عن الصدقة ‬

‫‪455‬‬ ‫استتباع سنن األمم الماضية ‬

‫‪455‬‬ ‫نماذج االستتباع ‬

‫‪455‬‬ ‫التقليد األعمى للعالم اآلخر ‬

‫‪519‬‬
‫‪455‬‬ ‫ضياع األمانة ‬

‫‪455‬‬ ‫نقض أمانتي الحكم والعلم ‬

‫‪455‬‬ ‫حديث «فال يكاد أحدهم يؤدي األمانة ‪ »...‬‬

‫‪455‬‬ ‫قبض العلم وظهور الجهل ‬

‫‪455‬‬ ‫معاني قبض العلم ‬

‫‪455‬‬ ‫انقباض ‪ /‬قبض العلماء ‬

‫‪455‬‬ ‫أشكال من نقض العرى في مسيرة التاريخ ‬

‫‪455‬‬ ‫ظهور مدعي النبوة ‬

‫‪455‬‬ ‫مسيلمة الكذاب واألسود العنسي ‬

‫‪455‬‬ ‫سبعة وعشرون دجإال منهم أربعة نسوة ‬

‫‪455‬‬ ‫ابن الكواء في عهد اإلمام علي أحد الكذابين ‬

‫‪455‬‬ ‫المختار الثقفي ‬

‫‪455‬‬ ‫الحارث الكذاب ‬

‫‪456‬‬ ‫أحمد القادياني ‬

‫‪456‬‬ ‫مدعو المهدية من الكذابين ‬

‫‪456‬‬ ‫الربط بين وظائف الدجاجلة واألعور الدجال ‬

‫‪456‬‬ ‫قتال الترك والعجم ‬

‫‪456‬‬ ‫قتال التتار في أواخر العصر العباسي ‬

‫‪456‬‬ ‫قتال الترك على حرب الماء وكنز الذهب ‬

‫‪456‬‬ ‫قتال العجم واستثارتهم حتى يكونوا كاألسد ال يفرون ‬

‫‪456‬‬ ‫كثرة القتل ‬

‫‪520‬‬
‫‪456‬‬ ‫كثرة الهرج حتى ال يدري القاتل فيم قتل وال المقتول فيم قتل؟ ‬

‫‪456‬‬ ‫استباحة القرامطة لحجاج الحرم عام ‪ 317‬هـ ‬

‫‪456‬‬ ‫حصاد الحروب العالمية لآلالف من البشر ‬

‫‪456‬‬ ‫حروب الثورات العربية والحروب القبلية والحزبية ‬

‫‪456‬‬ ‫الحروب الطائفية ‬

‫‪456‬‬ ‫زخرفة المساجد والتباهي بها ‬

‫‪456‬‬ ‫ظاهرة تسامح بعض العلماء في زخرفة المساجد ‬

‫‪456‬‬ ‫بناء المساجد للزينة في المنتزهات ‬

‫‪456‬‬ ‫بيع الحكم ‬

‫‪456‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪456‬‬ ‫نماذج من العالمات الصغرى في مرحلتي الدهيماء والفتنة الرابعة ‬

‫‪456‬‬ ‫قراءة نبوية لألحداث والوقائع ومواقف األمة ‬

‫‪456‬‬ ‫قطيعة الرحم ‬

‫‪456‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪457‬‬ ‫نشء القرآن بأصوات المزامير ‬

‫‪457‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪457‬‬ ‫الجرأة في الفتوى ‬

‫‪457‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪457‬‬ ‫ظاهرة الفتوى إلرضاء الساسة ‬

‫‪457‬‬ ‫ظاهرة الفتوى في تحريف معاني القرآن ‬

‫‪457‬‬ ‫ظاهرة التجمل باأللسنة في الحديث وإخفاء الخديعة في القلوب ‬

‫‪521‬‬
‫‪457‬‬ ‫الفتنة التي تصاب بها األمة ثمرة المخادعة ‬

‫‪457‬‬ ‫العودة إلى الشرك ‬

‫‪457‬‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪457‬‬ ‫ظاهرة تهمة الشرك على زوار القبور ‬

‫‪457‬‬ ‫فقه التحوالت ال يشير في العالمات إلى تجديد التوحيد في مرحلة الغثاء ‬

‫‪457‬‬ ‫ظاهرتا اإلفراط والتفريط هما المسؤولتان عن الصراع العقدي ‬

‫‪457‬‬ ‫وجوب رد تهمة الشرك من األمة ‬

‫‪457‬‬ ‫مرحلة الشرك الجاهلي األول ‬

‫‪457‬‬ ‫المرحلة الثانية بعد موت عيسى عليه السالم ‬

‫ما بين بعثة النبي محمد ‪ m‬وإلى نزول عيسى ش ينحصر الشرك األكبر في اليهود والنصارى‬
‫‪457‬‬ ‫وأهل األوثان ‬

‫‪457‬‬ ‫ظاهرة االستتباع للمشركين في آخر الزمان ‬

‫‪457‬‬ ‫علة األمة ‪ :‬اإلفراط والتفريط ‬

‫‪457‬‬ ‫وسائل الفحش عالمة صغرى ‬

‫‪457‬‬ ‫دور األجهزة اإلعالمية في إظهار الفحش والتفحش ‬

‫‪457‬‬ ‫من ظواهر الفحش ما يباع ويشاع في األفالم والمالبس ‬

‫‪457‬‬ ‫من ظواهر الفحش مشاركة الجيل في األندية المختلطة ‬

‫‪457‬‬ ‫شرب الخمر واستحاللها عالمة صغرى ‬

‫‪457‬‬ ‫ظاهرة تغيير اسم الخمر وشربها بين المسلمين ‬

‫‪458‬‬ ‫ترويج المخدرات ‬

‫‪458‬‬ ‫إسقاط الحدود الشرعية تبعا لرغبة جمعيات حقوق اإلنسان ‬

‫‪522‬‬
‫‪458‬‬ ‫تعظيم أرباب األعمال ورجال المال عالمة صغرى ‬

‫‪458‬‬ ‫تداخل العالمات المؤدية إلى تعظيم رب المال ‬

‫رفض تعظيم األولياء وأهل األحوال أدى إلى البديل المناسب‪ :‬ظاهرة تعظيم رجال المال‬
‫‪458‬‬ ‫واألعمال ‬

‫‪458‬‬ ‫ظهور المعازف واستحاللها عالمة صغرى ‬

‫‪458‬‬ ‫بناء المؤسسات الثقافية المخصصة للفنون ‬

‫‪458‬‬ ‫تشجيع الفن وتكريم الفنانين ‬

‫‪458‬‬ ‫مظاهر الفن ومخرجات األفالم والمسارح ‬

‫‪458‬‬ ‫حديث المسخ في األمة الستحالل الحر والحرير والخمر والمعازف ‬

‫‪458‬‬ ‫الفنون الشعبية المنظمة ال تدخل في المحظور ‬

‫‪458‬‬ ‫التطاول في البنيان عالمة صغرى ‬

‫‪458‬‬ ‫االستثمارات العربية الخيالية وصرفها في أبنية األبراج ‬

‫‪458‬‬ ‫الحديث يخص العرب في ذم التطاول ‬

‫‪458‬‬ ‫كثرة التجارة ‬

‫‪458‬‬ ‫مشاركة المرأة لزوجها في التجارة ‬

‫‪458‬‬ ‫التنافس على الدنيا ‬

‫‪458‬‬ ‫ظهور الربا عالمة صغرى ‬

‫‪458‬‬ ‫هيمنة المدرسة الربوية على االقتصاد العربي واإلسالمي دراسة وتجارة ‬

‫‪458‬‬ ‫بدأ عهد االستعمار في ترويض الشعوب المسلمة على قبول المعامالت الربوية ‬

‫‪458‬‬ ‫دور الغثائيين من المسلمين في وضع قواعد الربا البنكي ‬

‫‪458‬‬ ‫انتشار المصارف المتعاملة بالربا ‬

‫‪523‬‬
‫‪458‬‬ ‫خطر الربا على الحياة اإلسالمية ووصف القرآن آلكل الربا ‬

‫‪458‬‬ ‫عالقة التطرف واإلرهاب بالربا والمعامالت المشبوهة ‬

‫‪459‬‬ ‫الربا جزء من الكفر ‬

‫‪459‬‬ ‫فقه التحوالت ووضعه الدواء موضع الداء ‬

‫‪459‬‬ ‫فتن المشرق عالمة صغرى ‬

‫‪459‬‬ ‫الجهات التي ظهرت منها الفتن عبر التاريخ ‬

‫‪459‬‬ ‫أحاديث فتن المشرق ‬

‫‪459‬‬ ‫رواية فتن المشرق بالمفرد والمثنى ‪ «:‬قرن‪/‬قرنا الشيطان » ‬


‫‪459‬‬ ‫تحديد األحاديث جهة المشرق بربيعة ومضر ‬

‫‪459‬‬ ‫تحليل « قرنا الشيطان » بألف التثنية ‬

‫‪459‬‬ ‫المعنى ال ينطبق على الرعايا وعموم المسلمين ‬

‫‪459‬‬ ‫أحاديث متنوعة عن قرن المشرق ‬

‫‪459‬‬ ‫اعتناء العلماء بفتن المشرق العامة والخاصة ‬

‫‪459‬‬ ‫فتنة الخوارج ‬

‫‪459‬‬ ‫انتشار الفتنة في البالد العربية واإلسالمية ‬

‫‪459‬‬ ‫ظاهرة انتشار الفتنة المعادلة للخوارج تحت مسمى حب آل البيت ‬

‫‪459‬‬ ‫وجوب المبادرة باألعمال عند ظهور الفتن ‬

‫‪459‬‬ ‫أفضل الناس في الفتن من يعتزل الناس ‬

‫‪459‬‬ ‫العزلة عن الناس أو الجهاد ال يشمل نماذج فلسطين وما شابهها ‬

‫‪459‬‬ ‫ظاهرة الزنا عالمة صغرى ‬

‫‪459‬‬ ‫انحدار األخالق في مرحلة االستعمار ‬

‫‪524‬‬
‫‪459‬‬ ‫بروز جيل الكاسيات العاريات ‬

‫‪459‬‬ ‫ارتباط المخرجات الثقافية في العالم العربي واإلسالمي بالعالم اآلخر ‬

‫‪459‬‬ ‫منظمات الوقاية من األمراض الجنسية ودورها في نشر الفساد ‬

‫‪459‬‬ ‫مستقبل االنحدار الخلقي في العالم اإلسالمي ‬

‫‪459‬‬ ‫خطورة ما يدور خلف الكواليس في المسارح واألندية وغيرها ‬

‫‪459‬‬ ‫نقض عرى اإلسالم واإليمان ‬

‫‪459‬‬ ‫نقض عرى اإلسالم عروة عروة ‬

‫‪460‬‬ ‫بداية النقض في العهد األموي وما تاله ‬

‫‪460‬‬ ‫نقض الحكم والعلم في مرحلة االستعمار ‬

‫‪460‬‬ ‫نماذج النقض في العالم العربي واإلسالمي ‬

‫‪460‬‬ ‫استمرار نماذج النقض في اللعبة المشتركة إلى اليوم ‬

‫تتصور الرموز ورجاالت العلم والثقافة « النخبة » قدرتها على تطوير األمة من غير إسالم ‬
‫‪460‬‬

‫‪460‬‬ ‫الضحايا من الشعوب المشاركين في برامج االحتواء وااللتواء ‬

‫‪460‬‬ ‫مرحلة التداعي والوهن ودورها في النقض ‬

‫‪460‬‬ ‫شعارات الكتاب والسنة كظاهرة من ظواهر النقض ‬

‫‪460‬‬ ‫ال أمل في نجاح البرامج المطروحة حاليا إلنقاذ األمة ‬

‫‪460‬‬ ‫فناء بعض الشعوب عالمة صغرى ‬

‫‪460‬‬ ‫طلب الملك والحمية سبب في فناء بعض الشعوب ‬

‫‪460‬‬ ‫الهالك المحتم للشعوب بعد هدم الكعبة ‬

‫‪460‬‬ ‫الطائفة المنصورة عالمة صغرى ‬

‫‪525‬‬
‫‪460‬‬ ‫أحاديث الطائفة المنصورة ‬

‫‪460‬‬ ‫اإلشارة إلى اإلسالم ووجود الطائفة المنصورة بها ‬

‫‪460‬‬ ‫أحاديث الطائفة المنصورة تشير إلى بقاء الجهاد إلى يوم القيامة ‬

‫‪460‬‬ ‫الطائفة المنصورة ال تنتمي إلى دولة أو جماعة أو حزب ‬

‫‪460‬‬ ‫عرض عام لبقية العالمات الصغرى ‬

‫‪460‬‬ ‫التسلسل الزمني الشرعي الجامع لسير العالمات ‬

‫‪460‬‬ ‫واألمارات إلى قيام الساعة ‬

‫‪461‬‬ ‫فشل االقتصاد وامتداد سياسة التجويع والتطبيع والتشريك والتبديع ‬

‫‪461‬‬ ‫ما بعد الفتنة الرابعة‪ ..‬مرحلة االستنفار ‬

‫‪461‬‬ ‫االصطدام المباشر بين الشعوب ورواد الفوضى الخالقة ‬

‫‪461‬‬ ‫المرحلة السفيانية حروب وفتن ودماء ‬

‫‪461‬‬ ‫السفياني يقتل العلماء أو يستفيد منهم في تنفيذ سياسته ‬

‫‪461‬‬ ‫عالمات كونية وظواهر مناخية ‬

‫‪461‬‬ ‫شخصيات قيادية متنازعة ‬

‫‪461‬‬ ‫الرايات السود والصفر رموز لقوى محلية واعدة ‬

‫‪461‬‬ ‫ازدياد األذى آلل البيت بعمومهم حسب االنتماء لبني هاشم ‬

‫‪461‬‬ ‫الجيش الذي يخسف به بين مكة والمدينة ‬

‫‪461‬‬ ‫مرحلة ما قبل اإلمام المهدي ‬

‫‪461‬‬ ‫الخالفة الراشدة بشروطها ال تكون إال بالمهدي ‬

‫‪461‬‬ ‫بعض التحريف في معاني األحاديث سببه عدم دراسة فقه التحوالت ‬

‫‪461‬‬ ‫استمرار الجهاد في سبيل الله في عصر المهدي ‬

‫‪526‬‬
‫‪461‬‬ ‫أسباب خروج الدجال ‬

‫‪461‬‬ ‫األمر بيد الله‪ ..‬وال تسييس للطائفة المنصورة ‬

‫‪461‬‬ ‫تعليالت غير صحيحة البد من اإلجابة عليها ‬

‫‪461‬‬ ‫موقف المسلم المستبصر من الفتن وأئمتها المضلين ‬

‫‪461‬‬ ‫الركن الثالث العلم الواجب بالعالمات الكبرى ‬

‫‪461‬‬ ‫حديث العالمات الكبرى ‬

‫‪461‬‬ ‫ترتيب اآليات والظواهر ‬

‫‪461‬‬ ‫العالمات الكبرى قسمان ‬

‫‪461‬‬ ‫اإلمام المهدي أول العالمات الكبرى ‬

‫‪461‬‬ ‫المرحلة المهدية‪ ..‬استقرار ‪ ،‬سالم ‪ ،‬تنمية‪ ..‬‬

‫‪461‬‬ ‫وحكمة االختالف بين العلماء حول شخصية المهدي وظهوره ‬

‫‪461‬‬ ‫المرحلة المهدية ‘ المهدي المبشر به ’ ‬

‫‪462‬‬ ‫تغير األحوال قبيل مرحلة المهدي ‬

‫‪462‬‬ ‫اإلحباط النفسي لدى الصالحين قبل المهدي ‬

‫‪462‬‬ ‫صيحة في رمضان عالمة كونية قبل ظهور اإلمام ‬

‫‪462‬‬ ‫الرايات السود من خراسان ‬

‫‪462‬‬ ‫وجوب التحري في نصرة الرايات لتشابه الظواهر ‬

‫‪462‬‬ ‫مهمات المهدي وسياسته العلمية والعملية ‬

‫‪462‬‬ ‫انقطاع الربا واالقتصاد الرأسمالي ‬

‫‪462‬‬ ‫شك بعض العلماء المذهبيين في حقيقة اإلمام ‬

‫‪462‬‬ ‫ظهور البركة في المنتجات المحلية ‬

‫‪527‬‬
‫‪462‬‬ ‫معارك اإلمام مع السيفاني ومهادنة الروم ‬

‫‪462‬‬ ‫المرحلة الثانية من المهدية ‬

‫‪462‬‬ ‫انتقاض العرى وبدء الحروب ‬

‫‪462‬‬ ‫انتصار اإلمام على دولة الكفر والصليب وأخذ كنوزهم ‬

‫‪462‬‬ ‫المرحلة الدجالية وموقع الدجال من عالمات الساعة ‬

‫‪462‬‬ ‫المرحلة الدجالية ‪ :‬ظهور المسيخ الدجال ‬

‫‪462‬‬ ‫نهاية الدجال ودولة اليهود ‬

‫‪462‬‬ ‫ٍ‬
‫صياد ‬ ‫اشتباه الدجال بابن‬

‫‪462‬‬ ‫وسائل الحفظ من الدجال ‬

‫‪462‬‬ ‫المرحلة العيسوية ‬

‫‪462‬‬ ‫أهم ظواهر مرحلة عيسى ش ‬

‫‪462‬‬ ‫يأجوج ومأجوج لغز من الغاز القرآن ‬

‫‪462‬‬ ‫شرطنا في قبول البحوث العلمية عن العالمات ‬

‫‪462‬‬ ‫المرحلة اليأجوجية ‬

‫‪462‬‬ ‫متابعة مختصرة للدراسة الميدانية الجديدة ‬

‫‪462‬‬ ‫دول قارة الخيل وعالقتها بالمرحلة اليأجوجية ‬

‫‪462‬‬ ‫اليأجوجية في كتب غير إسالمية مرحلة عدوانية يتحكم فيها الشيطان ‬

‫‪462‬‬ ‫المرحلة اليأجوجية في اإلنجيل ‬

‫‪463‬‬ ‫يأجوج ومأجوج يكتسحون العالم العربي ‬

‫‪463‬‬ ‫الطغيان اليأجوجي قبل نهايتهم الحتمية ‬

‫‪463‬‬ ‫عيسى ش والمؤمنون يرغبون إلى الله في إهالك قوم يأجوج ومأجوج ‬

‫‪528‬‬
‫‪463‬‬ ‫ما بين هالك يأجوج ومأجوج وموت عيسى ش ‬

‫‪463‬‬ ‫موت عيسى ش بالمدينة المنورة ودفنه بالحجرة الشريفة ‬

‫‪463‬‬ ‫رحلة عيسى من الشام إلى المناسك ‬

‫ظواهر من العالمات الصغرى ما بين اإلمام المنتظر حتى مرحلة عيسى عليه السالم ‬
‫‪463‬‬

‫‪463‬‬ ‫مرحلة االنهيار والعود إلى الجاهلية ‬

‫‪463‬‬ ‫القحطاني ‬

‫ظهور إبليس في جيل االنهيار والدعوة إلى عبادة األصنام كما كانت في الجاهلية ‬
‫‪463‬‬

‫‪463‬‬ ‫الدابة ‬

‫‪463‬‬ ‫خروج الدابة من مكة ‬

‫‪463‬‬ ‫« وإذا وقع القول عليهم » موت العلماء ورفع القرآن ‬

‫‪463‬‬ ‫بقاء الناس بعد الدابة مددا طويلة ‬

‫‪463‬‬ ‫ما بعد مرحلة خروج الدابة ‬

‫‪463‬‬ ‫الريح القابضة لمن بقي من المؤمنين ‬

‫‪463‬‬ ‫ارتباط هدم الكعبة بموت المؤمنين وبقاء عجاج من الناس ‬

‫‪463‬‬ ‫الريح القابضة للمؤمنين ‬

‫‪463‬‬ ‫انهيار أهل مكة في مرحلة الخراب األخير وانفتاح أبواب الشر والدمار ‬

‫‪463‬‬ ‫أهم ظواهر هذه المرحلة ‬

‫‪463‬‬ ‫هدم الكعبة ‬

‫‪463‬‬ ‫ظهور الدخان كعالمة ‬

‫‪529‬‬
‫‪463‬‬ ‫الدخان ‬

‫‪463‬‬ ‫الخسوفات الثالثة ‬

‫‪463‬‬ ‫الخسوفات الثالثة ظواهر كونية كبرى وفيها تهيئة لظهور الشمس من مغربها ‬

‫‪463‬‬ ‫طلوع الشمس من مغربها وانقطاع التوبة ‬

‫‪463‬‬ ‫انقطاع التوبة واستمرار ظاهرة طلوع الشمس من المغرب ‬

‫‪464‬‬ ‫انقطاع الهجرة والطبع على القلوب ونهاية العمل الصالح في األمم ‬

‫‪464‬‬ ‫النار الحاشرة ‬

‫‪464‬‬ ‫النار الحاشرة إحدى الظواهر الكونية األخيرة ‬

‫‪464‬‬ ‫اليمن وعدن وحضرموت مواقع خروج النار ‬

‫‪464‬‬ ‫ماهي النار الحاشرة؟ ‬

‫‪464‬‬ ‫األفواج المتعاقبة بالخروج خوفا من النار ‬

‫‪464‬‬ ‫الهجرة األخيرة إلى الشام ‬

‫‪464‬‬ ‫اندراس اإلسالم هو اندراس العمل بأوامره واجتناب نواهيه ‬

‫‪464‬‬ ‫اندراس اإلسالم ثم اندراس كلمة التوحيد ‬

‫‪464‬‬ ‫النفخ في الصور نهاية الحياة الكونية ‬

‫‪464‬‬ ‫العالمة األخيرة‪ ..‬النفخ في الصور ‬

‫‪464‬‬ ‫االعتماد على النصوص الصحيحة والموثقة حسب االستطاعة ‬

‫‪464‬‬ ‫المالحظات البناءة ودورها في إغناء الموضوع ‬

‫‪464‬‬ ‫خاتمة األسس والمنطلقات ‬

‫‪464‬‬ ‫قاموس األلفاظ والتعريفات المستجدة في فقه التحوالت ‬

‫‪464‬‬ ‫مراجع البحث ‬

‫‪530‬‬
‫‪465‬‬ ‫ِ‬
‫الوثائق ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬‫لح ٌق بِ‬
‫ُم َ‬

‫‪531‬‬
532

You might also like