You are on page 1of 5

‫نظرية الذكاءات المتعددة‬

‫أول من وضع ‪ Howard Gardner،‬يعد األمريكي هاوارد كاردنر‬


‫بل أول من ‪ les intelligences multiples،‬نظرية الذكاءات المتعددة‬
‫نحت هذا المفهوم في ثمانينيات القرن الماضي‪ .‬لقد كانت‬
‫الدرسات تتحدث عن الذكاء بصيغة المفرد‪ ،‬واعتبرت الذكاء‬
‫مفهوما كليا موحدا يقاس بالعامل العقلي‪ .‬وقد انتقد‬
‫هذا التصور األحادي لعدم كفايته ‪ Alfred Binet‬ألفريد بيني‬
‫كميا وكيفيا في قياس الذكاء‪ .‬إن نظرية الذكاءات المتعددة‬
‫تهتم بجميع جوانب الشخصية وبكل الكفايات والقدرات‬
‫والمهارات واألنشطة التي يمتلكها اإلنسان ويمارسها‪ .‬ومن‬
‫مظاهر الجدة في هذه النظرية‪ ،‬أنها تشكل تتويجا لمشروع‬
‫كبير يتوخى البحث في إمكانات الذهن اإلنساني‪ ،‬وتتأسس على‬
‫مرجعيات متكاملة كعلم النفس وعلوم التربية وعلم نفس‬
‫الطفل‪ ،‬وفلسفة التربية‪ ،‬وفلسفة العلوم‪ ،‬واألنتروبولوجيا‬
‫االجتماعية‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬وعلم األعصاب‪ ،‬وعلوم الذهن‪،‬‬
‫واللسانيات‪ ،‬والبيولوجيا‪ .‬الشيء الذي يمنحها خصوصية وقوة‬
‫‪.‬ابستيمولوجية‬
‫تعريف نظرية الذكاءات المتعددة ‪1-‬‬
‫الذكاء بحسب غارندر‪ ،‬هو القدرة على حل المشكالت أو تحقيق‬
‫بعض اإلنجازات أو إنتاج معرفة أو أشياء لها قيمة داخل‬
‫ومن ‪ (Gardner.H).‬نسقها الثقافي أو ضمن أنساق ثقافية متعددة‬
‫تم‪ ،‬فالذكاءات المتعددة عبارة عن قدرات وملكات متنوعة‬
‫ومستقلة بعضها عن البعض‪ ،‬يمكن تنميتها‪ ،‬وصقلها‪،‬‬
‫وتثقيفها‪ ،‬وتقويمها‪ ،‬وتعديلها‪ ،‬وتنميتها‪ ،‬وتطويرها بشكل‬
‫إيجابي‪ .‬يقول غاردنر‪ :‬لقد أدركت أن القدرة أو الضعف في‬
‫مجال عقلي معين ال يسمح بالتنبؤ بأن الشيء نفسه يحدث في‬
‫مجال عقلي آخر‪ ،‬وخلصت حينئد إلى أن التصور المعياري‬
‫األحادي للذكاء خاطئ‪ ،‬وبذلك وضعت ثمانية معايير لتحديد‬
‫مفهوم الذكاء‪ ،‬وفي سنة ‪ 1985‬أبرزت سبعة ذكاءات‪ ،‬واليوم‬
‫ارتفع عددها إلى ثمانية أو تسعة (حوار مع غاردنر)‪ .‬لقد‬
‫بلور هوارد غاردنر نظريته بعد تجريبها سنة ‪ 1984‬في مشروع‬
‫يسمى بالطيف التربوي‪ ،‬وهو برنامج يعرض على األطفال الصغار‬
‫(‪ 6-3‬سنوات)‪ ،‬بيئة خصبة من شأنها أن تثير فيهم عددا‬
‫كبيرا من الذكاءات‪ ،‬ومن خالل مالحظة الطريقة التي يستثمرون‬
‫بها مختلف المواد والعناصر المحيطة بهم‪ ،‬يمكن استنباط‬
‫ومقارنة بين )‪ (leur profil‬سحنتهم أو جانبيتهم في الذكاء‬
‫‪.‬مختلف األنواع‬
‫إن الذكاء بحسب نظربة الذكاءات المتعددة وراثي ومكتسب في‬
‫ذات الوقت‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فليس هناك ذكاء واحد‪ ،‬كما يقول جان‬
‫بياجي وأصحاب مقاييس الذكاء المعرفي‪ .‬فمن لم يكن ذكيا في‬
‫مادة أو تخصص معرفي ما‪ ،‬قد يكون ذكيا في مجاالت أخرى‪.‬‬
‫وليس من الضروري أن يكون الذكي هو الذي يعرف حل العمليات‬
‫الرياضية والمنطقية‪ ،‬بل قد يكون الذكي هو الذي يتقن‬
‫الموسيقى ويبدع فيها مثال‪ ،‬أو له قدرة على اإلبداع اللغوي‪،‬‬
‫أو يملك الذكاء العاطفي أو االجتماعي‪ .‬وإذا فقد اإلنسان‬
‫ذكاء واحدا‪ ،‬فإنه بال شك‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬سيستخدم باقي‬
‫ذكاءاته األخرى‪ ،‬وليس هناك تلميذ غبي أو أبله أو كسول‬
‫مقابل تلميذ نبيه أو عاقل أو عبقري‪ ،‬فلكل متعام ذكاؤه‬
‫الخاص‪ ،‬ينبغي صقله‪ ،‬وشحذه واستكشافه‪ ،‬وتنميته ذخنيا‬
‫ووجدانيا وحركيا‪ .‬ليس هماك ذكاء مرتفع‪ ،‬وذكاء منخفض‪ ،‬بل‬
‫هناك ذكاءات متعددة‪ ،‬ومواهب مختلفة‪ .‬فالمتعلم قد يكون‬
‫ضعيفا في تخصص علمي ما‪ ،‬لكنه قد يكون ناجحا وقويا في‬
‫مجال علمي أو حياتي آخر‪ .‬وهكذا تختلف درجة الذكاء من شخص‬
‫إلى آخر‪ ،‬كما يختلف مفهوم الذكاء من ثقافة إلى أخرى‪ .‬إن‬
‫نظرية الذكاءات المتعددة تستند إلى القدرة على حل‬
‫المشاكل ضمن نسق ثقافي معين‪ .‬بمعنى أن هذه النظرية تؤهل‬
‫المتعلم ليتسلح بمجموعة من القدرات المهارية لحل‬
‫المشكالت‪ ،‬ويمتلك المهارة الذكائية‪ ،‬مع اكتساب ملكة‬
‫اإلبداع لمواجهة الوضعيات والتحديات المعرفية والواقعية‪،‬‬
‫‪.‬وتؤهله أيضا للتعلم الذاتي‪ ،‬واستخدام قدراته الذكائية‬
‫أنواع الذكاءات حسب جاردنر ‪2-‬‬
‫استطاع جاردنر ومن معه من الباحثين أن يكتشفوا تسعة‬
‫‪:‬أنواع من الذكاءات لدى اإلنسان‪ ،‬هي‬
‫أ‪ -‬الذكاء اللغوي‬
‫يتجسد الذكاء اللغوي في القدرة على إنتاج بناءات نحوية‬
‫وصرفية وتركيبية‪ .‬ويعد الشعراء والكتاب أكثر موهبة في‬
‫هذا النوع‪ .‬ويقع في الفصوص الصدغية والجبهة اليسرى‬
‫‪.‬للدماغ البشري في منطقة دروكا ومنطقة فرنيك‬
‫ب‪ -‬الذكاء المنطقي والرياضي‬
‫الذكاء المنطقي والرياضي هو البرهان المنطقي الرياضي‬
‫ويعتمد على عمليات ‪ (QI)،‬الذي يشكل أساس اختبارات الذكاء‬
‫التجريد والتخييل واالحتمال‪ ،‬فيستخدم في حل المشاكل‬
‫المتعلقة بالرياضيات والمنطق والهندسة‪ ،‬وال يمكن فصل‬
‫الرياضيات عن المنطق كما يقول وايتهايد‪ ،‬نظرا إلى العالقة‬
‫الجدلية التي توجد بينهما‪ .‬ويتموقع هذا الذكاء في الفصوص‬
‫‪.‬الجدارية اليسرى واليمنى‪ ،‬والفصوص الجبهية اليسرى‬
‫ج‪ -‬الذكاء الحسحركي‬
‫الذكاء الحسحركي هو ذكاء يمكن من ضبط حركات الجسم‬
‫وتوجيهها نحو أهداف محددة‪ ،‬ويتميز به خصوصا‪ ،‬الرياضيون‬
‫والراقصون والفنانون‪ .‬ويلعب دورا أساسيا في نمو شخصية‬
‫الطفل والمتعلم‪ .‬ولذلك ينبغي أن نعطي جميع األطفال فرصة‬
‫الحركة والقيام إلى السبورة وممارسة أعمال يدوية وحركات‬
‫حتى نطور وننمي الرغبة ‪ activités ludiques‬رياضية وأنشطة لعبية‬
‫واالهتمام عندهم‪ ،‬ويوجد في المخيخ والنويات القاعدية‬
‫‪.‬والمنطقة الحركية‬
‫د‪ -‬الذكاء الموسيقي‬
‫توجد بالمنطقة اليمنى من الدماغ مناطق خاصة بهذا النوع‬
‫من الذكاء الذي نجده أكثر حدة عند الموسيقيين وحتى بعض‬
‫‪.‬األطفال اإلنطوائيين على أنفسهم‬
‫هـ‪ -‬الذكاء الطبيعي‬
‫الذكاء الطبيعي يعني القدرة على معرفة النباتات‬
‫والحوانات والتمييز بينها‪ ،‬فداروين مثال‪ ،‬كان له ذكاء‬
‫‪.‬طبيعي‬
‫و‪ -‬الذكاء الفضائي‬
‫يتميز به الفنانون والنحاتون والرسامون‪ ،‬ويعني القدرة‬
‫على التعامل مع المكان والمواقع والمواضع‪ ،‬ويقع في‬
‫‪.‬المناطق الجدارية والقفوية من النصف األيمن‬
‫ز‪ -‬الذكاء الوجودي‬
‫الذكاء الوجودي هو قدرة اإلنسان على طرح األسئلة حول قضايا‬
‫أساسية في الوجود من قبيل‪ :‬من أين أتينا مم يتكون‬
‫العالم؟ لماذا نموت؟‬
‫ك‪ -‬الذكاء الذاتي الداخلي‬
‫الذكاء الذاتي الداخلي هو القدرة على معرفة الذات وتحليل‬
‫المشاعر الخاصة واألحاسيس التي تعمل بداخلنا‪ .‬وبالتالي‬
‫‪.‬القدرة على التواصل مع الذات‬
‫م‪ -‬الذكاء البينفردي‬
‫الذكاء البينفردي هو ذكاء يمكن من حساسية مفرطة إزاء‬
‫مختلف ميول األخرين‪ ،‬ويلعب الجزء األمامي من الدماغ دورا‬
‫‪.‬أساسيا في هذا الذكاء‬
‫توظيف نظرية الذكاءات المتعددة في المدرسة ‪3-‬‬
‫ليست نظرية الذكاءات المتعددة‪ ،‬كما يقول هوارد غاردنر‪،‬‬
‫غاية في حد ذاتها‪ ،‬بل هي أداة للمدرسين الذين يسعون إلى‬
‫تطوير قدرات معينة لدى المتعلمين‪ .‬مثال‪ :‬إذا كنا نبتغي أن‬
‫يكون األطفال متخلقين فيما بينهم‪ ،‬سنحتاج إلى تنمية‬
‫ذكائهم الشخصي‪ ،‬وإذا كان على المتعلمين أن يتعلموا مادة‬
‫التاريخ أو الجغرافية أو الرياضيات‪ ،‬فليس هناك أي مبرر‬
‫لكي يتعلم كل واحد منهم هذه المواد بالطريقة نفسها أو‬
‫يخضع للتقييم نفسه‪ .‬ويمكن تلخيص فوائد نظرية الذكاءات‬
‫‪:‬المتعددة فيما يلي‬
‫مساعدة المدرس على حل المشاكل المتعلقة بالفوارق‪-‬‬
‫الفردية‬
‫المساهمة في تنمية العبقرية والموهبة وقدرات اإلنتاج‪-‬‬
‫‪.‬واالبتكار واإلبداع‬
‫الكشف عن مواطن الضعف والقوة عند المتعلم‪ ،‬وخاصة أنها‪-‬‬
‫تعالج مواطن التعثر وصعوبات التعلم‪ .‬فإذا كانت نظريات‬
‫الذكاء التقليدية تركز على مواطن الضعف لدى المتعلم‪ ،‬فإن‬
‫نظرية الذكاءات المتعددة تهتم بما هو إيجابي لدى‬
‫‪.‬المتعلم‪ ،‬وتستكشف ما لديه من قدرات ذكائية أخرى‬
‫‪.‬تطوير الطرائق البيداغوجية والديداكتيكية‪-‬‬
‫تنمية القدرات الذكائية‪ ،‬وتطوير مهارات المتعلم‪-‬‬
‫الكفائية من أجل حل المشكالت‪ ،‬والعمل على االبتكار‬
‫‪.‬واإلنتاج‬
‫استثمار القدرات الذكائية لدى المتعلمين في تعليمهم‪-‬‬
‫‪.‬األكاديمي من خالل أنشطة تعليمية تعلمية‬
‫صالحية النظرية لتمثلها في برامج التدريس لألطفال‪-‬‬
‫‪.‬العاديين وذوي االجتياجات الخاصة‬
‫التركيز على األنشطة المختلفة للذكاءات المتعددة لكي‪-‬‬
‫‪.‬يستفيد كل طفل من النشاط الذي يوافق ذكاءاته‬
‫تسمح هذه النظرية لكل متعلم على حدة بتحقيق ذاته‪-،‬‬
‫‪.‬والتميز بالجوانب التي ينفرد بها‬
‫إنها تفيد في فهم اإلعاقات أو االحتياجات الخاصة‪-،‬‬
‫‪.‬وتفسيرها نفسيا وبيولوجيا واجتماعيا ومعرفيا‬
‫أنها تفيد في تطبيق البيداغوجيا الفارقية وتفعيل‪-‬‬
‫المقاربة بالكفايات التي جاء بها اإلصالح والميثاق الوطني‬
‫للتربية والتكوين‪ ،‬لكن شريطة توفير الظروف واإلمكانيات‬
‫الضرورية كتقليص عدد المتعلمين في القسم الواحد وتزويد‬
‫‪.‬المؤسسات بالوسائل الديداكتيكية المالئمة‬
‫ويقترح أحمد أوزي مجموعة من المداخل المنهجية لتطبيق‬
‫نظرية الذكاءات المتعددة في المدرسة المغربية‪ ،‬حيث ينبغي‬
‫عند إعداد الدرس إدخال ما هو ممكن من الذكاءات بحسب ما‬
‫يحتمل الدرس‪ ،‬واستحضار ذكاءات المتعلمين عند تحضير‬
‫الدروس‪ ،‬وقبل تصميم الدرس ينبغي التفكير في محتوى الدرس‬
‫أو الوحدة لكي يتسنى انتقاء الذكاءات المناسبة إلدخالها‬
‫ديداكتيكيا‪ ،‬وينبغي دوما األخذ بعين االعتبار الطرائق التي‬
‫يتعلم بها التالميذ‪ ،‬ويرتاحون لها‪ .‬وينبغي التعاون مع‬
‫المعلمين في تحضير الدروس‪ ،‬ومناقشة اآلراء‪ ،‬وليس مهما‬
‫إدخال كل الذكاءات في أي درس أو وحدة‪ ،‬بل يمكن االكتفاء‬
‫بإدراج ثالثة ذكاءات أو أربعة‪ ،‬وإذا لم يحتمل هذا الدرس‬
‫‪.‬يراعى ذلك في الدرس القادم (مجلة علوم التربية)‬

You might also like