Professional Documents
Culture Documents
التكتونيك في العمارة
د عمي ُمحسن جعفر الخفاجي. م.أ
alimkhafaji@yahoo.com
قسم هندسة العمارة- الجامعة التكنولوجية
بغداد- العراق
) 2015/3/9 : تاريخ القبول--- 2014/12/30 : ( تاريخ األستالم
المستخمصُ
واكتساب تمك العناصر،يعكس تطور العمارة عبر مسيرتيا تنامي القدرات التعبيرية لألفكار والعناصر والنظم االنشائية
ً ويفسر ذلك الكيفية التي يكتسب بموجبيا نظاماً إنشائياً محدداً طابعا. والنظم نتيجةً ليذا التطور خصائص جمالية متميزة
جمالياً نتيجة لتراكم الخبرات اإلنشائية والمعمارية وبالتالي كيف يتحول الفكر اإلنشائي من نظام إنشائي بحت إلى نظام
. إنشائي تكتوني
من ىذه النقطة حدد البحث إشكاليتو في بيان درجة التعقيد التي تكتنف مفيوم التكتونيك وارتباطو الوثيق بالنظام
لذلك فإن الوقوف بشكل أوضح عمى مفيوم التكتونيك يتطمب إدراك فحوى وماىية النظام. اإلنشائي والبنية المنشئية
اإلنشائي والبنية المنشئية طالما أن التكوين المعماري ييدف كمحصمة نيائية إلى إنشاء فضاءات معمارية مغمقة أو شبو
مغمقة تمبي المتطمبات الوظيفية وتحقق الشروط اإلنشائية والجمالية دون إغفال دور الفعل األخالقي في تشكيل بنية العمارة
ولحل تمك اإلشكالية إعتمد البحث عمى منيجية تستند أوالً عمى بمورة تعريف. والتماسك الييكمي ويمثل ذلك ىدف البحث
ومن ثم التحقق من أن التكتونية كإنشاء تكتوني من خالل بحث ىذة العالقة عمى مستويين ؛ األول، إجرائي لممفيوم
، تحميمي) يتعمق بالجوانب غير المادية/ أما الثاني فيو (وصفي. والشكمي،(وصفي) يتعمق بالجانب الماديالفيزياوي
وقد تم في ىذا المستوى وصف ومناقشة وتحميل عدد من المشاريع إعتماداً عمى مفردات. واألخالقية، التعبيرية،الجمالية
أخي اًر تم تحديد أىم اإلستنتاجات التي. رئيسية أستنبطت من المعرفة السابقة تخص كل من وصف المفيوم وآليات تحقيقة
. توصل إلييا البحث
. األخالقية، الجمالية، الفضاء، البنية المنشئية، القوة، الشكل، التكتونيك: الكممات المفتاحية
Tectonic In Architecture
Assistant Prof. Dr. Ali Mohsen Jaafar Al - Khafaji
University Of Technology/Department Of Architecture
Baghdad / Iraq
Received on 03 /21/ 2014 & Accepted on 9/3/2015
Abstract
Architectural development along its history reflects advancement of expression ability of
ideas , elements and structural systems . This explain how a specific structural system gains
specific aesthetic values which obtained by cumulative experts advice about construction and
architecture , also explain the convertibility of constructional thought pure structural system
into structural system tectonic .
The research problem was the lake of knowledge about complex degree of tectonic consept
and its correlation with the structural system and construction . From this point, the
comprehensive understanding of a tectonic concept depends on understanding the essential
nature of structural system and construction as long as with functional space (closed and semi
- closed( and gets through with functional structure and aesthetical needs without omitting the
ethical role in composing architectural and structural coherence which is the main research
aim . The research methodology consist of three stages ; First, construct operational definition
of tectonic concept. Second, investigate about “ Tectonics ” as “ Tectonic
construction ” throughout two levels ; first descriptive concern with corporeal , physical ,
formal characteristics and the second analytical /descriptive concern with incorporeal,
aesthetical, ethical, in the last level it was analyzed many projects depending on main
concepts deduct from previous knowledge . The final stage are determines the main research
conclusions .
Key words : tectonic, form, force, construction, space, aesthetical, ethical .
162
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
-1المقدمة
جاء تطور العمارة نتيجةً لتنامي القدرات التعبيرية لألفكار والنظم اإلنشائية ،ونتيجةً لتراكم الخبرة يتحول الفكر اإلنشائي
من نظام إنشائي بحت (يتصف بالصراحة اإلنشائية الناتجة عن تطابق الوظيفة المنشئية والوظيفة الجمالية) إلى نظام
إنشائي تكتوني يرتبط بشكل وثيق بمفيوم النظام اإلنشائي والبنية المنشئية ،ولبقاء المنشأ في وضع ثابت يجب أن يستند
إلى أفكار إنشائية واضحة ونظام إنشائي محدد .فالنظام اإلنشائي :ىو مجموع العناصر اإلنشائية الحاممة لممبنى بما في
ذلك مبادئ وطرق اإلنشاء التي تترابط وفقيا ىذه العناصر ،أما البنية المنشئية :فيي الخصائص والمالمح العامة األساسية
إلنشاء محدد ،أو لنظام إنشائي معين ،أو لمادة البناء األساسية .
-2التكتونيك ...أبعاد ومفاهيم
1-2تعريف المفهوم إصطالحياً :يعرف (معجم المورد) الـ tectonicsبأنو " فن البناء ،التكتونية ) ،" (nويعرف التكتونيك
بأنو " البنائي ،المعماري ،التكتوني )( " (adjالمورد ،ص . )459
2-2تعريف المفهوم عممياً :ىو وحدة الجوانب اإلنشائية مع الطابع المعماري والجمالي بحيث ال يمكن تمييز الفكر
اإلنشائي والتقني عن المواىب الفنية واإلبداعية ،لذلك يجب فيم األنظمة اإلنشائية التي تعد الركيزة األولى لمتوصل إلى
نتائج جمالية عالية المستوى .لقد عرف المفيوم من قبل المنظرين والمعماريين بصيغ متعددة ولفت ارت زمنية مختمفة :
-رقية خالد : 2010 /يمثل التكتونيك عند Pier Luigi Nerviالناظم الذي يحدد وحدة الجانب المنشئي والتقني من
جية ،وجمال الشكل المعماري من جية أخرى ]. [Internet
: 1965 / Eduard F. Sekler -ىو عندما تجد فكرة ما وتصميم الييكل اإلنشائي طريقة لتنفيذىا في أرض الواقع،
فالنتيجة البصرية سوف تؤثر عمينا من خالل صفات تعبيرية معينة متمثمة بإنتقال القوى ألجزاء الييكل .إذ ال يمكن
وصفيا بصورة منفردة ضمن عبارة ( البناء أو الييكل ) ألن ىذه الصفات ىي التي تعبر عن العالقو بين الشكل والقوى
تكون مترابطة ومندمجة ]. [Sekler,p.p.125-133
: 2002 / Cache B. -يمثل إطار التكتونيك تبعاً لنظرية Gottfried Semperجزءاً من الممارسة الثقافية ووسيمة
ميمة إلظيار ىذه الثقافة ،فالبناء التكتوني عنده عبارة عن حرفة يدوية أكثر من كونيا مفيوم ىيكمي وتنفيذ جمالي عمى
الرغم من إنو لم يناقش المفيوم ضمن الييكل اإلنشائي ،وتبعاً لذلك يعد البناء عنده تطوير لحرفة يدوية محددة قد تبدأ من
أبسط المواد اإلنشائية المتوفرة في الطبيعة وىي مادة الخشب ]. [Cache,p.p.28-33
بالمقابل ،وفي الخطاب المعاصر ،أي منذ آواخر القرن العشرين ينظر إلى التكتونيك عموماً كجوىر العمارة الذي
يتعامل مع التعبير الجمالي لممواد ،والييكل ،وبناء الشكل المعماري .
: 1991 / Fritz Neumeyer -ذكر أن جوىر مفيوم التكتونيك " ىو جودة الترابط والتعبير المرئي لمعناصر ،إضافةً إلى
الترابط بين نظام البناء المختار وفكرة الييكل المصمم " ]. [Neumeyer,p.134
-فراس عصام شريف : 1996 /تميل تعاريف وصف التكتونيك وعالقتو بالييكل وشكل البناء إلى تحديد جوىر المفيوم
في مجال التعبير الجمالي ،فالتكتونيك ليس أول وال آخر تعبير جمالي لمفيوم الييكل وتنفيذه .حيث يمثل المبنى والييكل
التكتونيك عند إعتباره البناء الفني لمعمارة ،وبالتالي ينظر لو كيوية لمييكل فضالً عن التمثيل الجمالي لو بل ىو األساس
المادي الذي يمثل التصور المثالي لمييكل ]شريف ،ص . [82
: 1995 / Kenneth Frampton -ونظريتو " ثقافة التكتونيك" :يصف المفيوم كبناء فني يناقش عمى إنو شاعرية
التشييد وانو طريقة مميزة في البناء حيث يركز ىنا عمى إنو أحد جوانب التعبير الجمالي لمعمارة ]. [Frampton,p.78
-وينحو الدكتور خالد السمطاني 1975 /ىذا المنحى عندما يعرف التكتونيك بأنو " مفيوم يتوسل في الحصول عمـى القيمة
اإلستاطيقية (الجمالية) aestheticمن خالل اإلنشاء ليكون مصد اًر أساسياً في خمق العمارة ]السلطاني ،ص . " [76
وفقاً لما سبق يمكن بمورة تعريف إجرائي عن مفهوم التكتونيك بأنو " التعبير عن الوظيفة الجمالية لممنشأ في موازنتو
لقوى الفعل ورد الفعل واعتماداً عمى قدرة اإلنسان عمى إدراك العالقة اإليحائية بين ىذه القوى والشكل الذي يتضمن فكرة
منشئية ،بما يمتمكو من حدس وخبرة في إكتشاف نوع النظام اإلنشائي فضالً عن الصفات التعبيرية المتمثمة بإنتقال القوى
وردود األفعال في كل جزء من أجزاء الشكل سواء عن طريق تقدير األحمال ومساراتيا أو تحسس المواد وقابميتيا عمى
تحمل تمك االثقال " .
163
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
164
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
اإلحاطة حيث إتبع نيج Hegelالذي فرق بين الجدران كإحاطة لمفضاء وبين األعمدة بإعتبارىا عناصر حاممة ،وىذا ما
نالحظو من خالل اإلبيار اإلنشائي لمكاتدرائيات الغوطية ، Gothic Cathedralsشكل (. [Sack,p.118] )1
أما Semperفقد أشار (بالرغم من عدم رجوعو إلى نظرية Hegelفي الجمال -ألن وجية نظره كانت مادية) إلى
بناء الفضاء ضمن المفيوم العام لإلحاطة الفضائية وربط تشكيل الفضاء حصرياً إلى المادة البنائية واإلحاطة الثنائية
األبعاد لمفضاء (الطول -العرض) عندما قال " :إن بناء الفضاء يبدأ من الفصل النسيجي لممنزل عن الحياة الخارجية
الدعائم التي تخدم لحمل وتأمين ىذا الفصل الفضائي ليس ليا عالقو مباشرة مع الفضاء أو تقسيم الفضاء ...حيث كانت
ال عن دعم تستخدم لمتحصين والدفاع fortification and defenseلضمان جدار ثابت ،أو لدعم اإلحاطة الفضائية فض ً
األحمال األخرى" .لقد عارض Semperالبناء التكتوني والبناء بصورة عامة وعالقتو مع بناء الفضاء ،وصور النسيج بأنو
ىو األصل كعنصر معماري ليس فقط من حيث ثقافة المادة وتمثيميا البصري ولكن أيضاً من حيث بناء الفضاء ،وبالنسبة
لو إعتبر األنسجة ىي التي تشكل حدود الفضاء من خالل تركيبيا وشكميا وتعريفيا لممكان أثناء إحاطتيا بالفضاء .لقد
توافق Adolf Loosبشكل كبير مع مبادئ Semperلإلحاطة من خالل الفصل بين البناء التكتوني وبناء الفضاء ،فبناء
الفضاء عنده يتم من مجرد فيم تقنية البناء عندما يقول " :أن ميمة المعماري تكمن في خمق فضاء دافئ وعائمي warm
،and homelike spaceفمثالً السجاد ىو دافئ وعائمي لذا عندما تمد سجادة عمى األرض ثم تعمق hang upبأربع
إتجاىات لتكون الجدران التي ستحيط بيذا الفضاء وبالتالي تعرفو " ،لكن ال يمكن بناء منزل من السجاد ألن كل من
األرضية والجدران بحاجة إلى سقاالت بناء scaffoldوالتي تبقييم في وضعيتيم المناسبة وان إبتكار ىذه الدعائم ىي
الميمة الثانية لممعماري ،شكل (. [Sack,p.125] )2
شكل ( : ) 2خمق الفضاء الدافئ والعائمي في / Turkmen house - Afganistanالمصدر Oliver Sack , 2001 :
165
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
أما Giedionفي منشوراتو (البناء في فرنسا ،البناء بالحديد ،البناء باإلسمنت المسمح )Ferroconcreteفقد ربط
البناء مع تصميم الفضاء وبطريقة مباشرة ،وبناءاً عمى ذلك فيو لم يربط البناء بإحاطة الفضاء بل ربطو مع نقيضو الذي
يطمق عميو التداخل الفضائي .لقد ركزت الحركة الحديثة عمى الفضاء من خالل مصطمح التداخل الفضائي الذي يتضمن
الربط الفضائي مع الحركة وما يقابمو البعد الرابع .كما ربط مفيوم بناء الفضاء مع مفيوم آخر وىو العمارة كممارسة
إجتماعية واقتصادية ،وقد إعترف بأن التداخل الفضائي كظاىرة جمالية لمعمارة الحديثة إبتداءًا من البناء الخفيف والتفريغ
في البناء الحديدي في القرن التاسع عشر من خالل التطبيقات في إنشاء المساكن الحديثة وخصوصاً ما نممسو من أعمال
الخرسانة المسمحة لـ . Le Corbusierإذ ذكر " Giedionأنو إمتمك القدرة عمى صنع صدى لمييكل الخرساني إنطالقاً
من قدرتو في إسناد وزن البناية بأكمميا عمى عدد قميل من األعمدة الكونكريتية المستدقة من خالل إسقاط الجدران المحيطة
" .لقد أنشأ Le Corbusierالبيت المفتوح Villa Savoye - 1930من مكعبات من اليواء وأخرى بدون ىواء تمتاز
بأنيا ليست فضائية أو بالستيكية حيث ينساب اليواء خالليا ،بل يصبح عامالً أساسياً فييا وليس شكل الفضاء أو الشكل
يتجز ،شكل (. [Giedion,p.10] )3 أ البالستيكي ميم بل عالقة الفضاء والتداخل ،أي ىنالك فضاء مفرد وال
شكم ( : ) 3انعالقت بيٍ انداخم وانخارج في انـ / Villa Savoyeانًصدر www.geocities.com :
3-1-3بناء الفضاء بين اإلحاطة والتداخل :بعد تفسير مفيوم التكتونيك نتبع المفيوم النظري -المعماري الذي يؤثر بقوة
عمى فيم العالقو بين البناء التكتوني وبناء الفضاء ؛ التناقض بين إسناد األحمال واحاطة الفضاء ،والتي ذكرت عندما ميــز
Hegelبين العمود والجدار كعناصر إسناد أو إحاطة .يجب عمينا فيم بناء الفضاء وتراكيب اإلحاطة والتداخل حيث
تسمح ىذه التراكيب بربط البناء التكتوني مع بناء الفضاء بطريقة مباشرة ويؤدي ذلك بالنتيجة إلى تفاعل اليياكل الحاممة
مع شكل اإلحاطة والتداخل الفضائي مع التركيز عمى نوعية الفضاء -المبنى لمبناء التكتوني ،ويتجمى ىذا المفيوم من
خالل تحميل ثالثة مبادئ مختمفة لمبناء التكتوني ىي :نظام اإلنشاء الييكمي ،نظام الجدران الحاممة ،ثم نظام اإلنشاء
الفراغي أو القشري .ففي القرن العشرين ظمت اإلحاطة جانباً أساسياً في بناء الفضاء ،وقد إرتبطت بالمفاىيم األساسية التي
تعتبر الفضاء والتصميم الفضائي نتاج التداخل الفضائي ]. [Schuller,p.214
أما في النظرية المعمارية في النصف الثاني من القرن العشرين كان بناء الفضاء ال يزال يتحدد مع اإلحاطة الفضائية
حيث إىتمت الفكرة الحديثة عن الفضاء باإلحاطة الفضائية وعالقتيا مع الفضاءات الخارجية ضمن مفيوم التداخل
الفضائي ،وبالتوازي مع ذلك فقد تم مناقشة الفضاء بصورة أوسع من خالل مفيومو الثقافي واإلجتماعي .وفي ىذا الصدد
ربط التداخل الفضائي مع مفيوم المكان والذي يتمثل من خالل مغزى ومعنى الفضاء ]. [Frampton,p.37
لقد أخذ مفيوم الفضاء عند Heideggerحي اًز في نظرية ما بعد الحداثو حين عرف المكان عن طريق حدوده وتمييزه
أكثر من مجرد اإلستم اررية اليندسية لمفضاء .أما Schulzفقد ربط مفيوم المكان مع إحاطة الفضاء ،فالمساحات
المفتوحة عنده تمتاز مبدئياً بالتمدد المستمر من خالل التنوعات ،أما المستوطنات فيي كيانات مغمقة وان أي إحاطة تعرف
من خالل الحدود التي تتحدد من خالليا الفراغات .وبصورة عامة فالحدود وخاصةً الجدار يمثل البنية المرئية لمفضاء
131
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
كإستمرار متواصل أو منقطع ،مباشر وبإيقاع .لقد صور Schulzالفضاء بالمكان المفتوح عمى مجاوراتو وبالتالي فإن
اليوية اإلجتماعية -الفضائية التي يعرفيا ىي نقيضة لإلستم اررية الفضائية أكثر من التداخل معو ]: [Schulz,p.121
أ -البناء الفضائي كعنصر تفاعل بين الهيكل الحامل ،إحاطة الفضاء والتداخل الفضائي :بناءاً عمى مفيوم المكان -
الفضاء ال يرتبط البناء الفضائي باإلحاطة الفضائية فقط ،بل يرتبط مع أىمية الفصل الفضائي في المخطط وفي تغطية
الفضاء (تشير اإلحاطة الفضائية إلى مفيوم المكان) من جية ،وبالرغبة في خمق الميزة اإلجتماعية -الفضائية من جية
أخرى .إن أي فضاء مبني يجب أن يرتبط بالفضاءات الخارجية (يشير الفتح في الشكل المحاط وتداخل الفضاءات
الداخمية مع الخارجية إلى الربط بين المكان واإلستم اررية الفضائية فضالً عن اإلرتباط مع األماكن األخرى ،وفي ىذا
السياق يمكننا أن نتصور بناء الفضاء كتجميع أو تبادل لكل من الضم الفضائي والتداخل الفضائي) .وبفيمنا لبناء الفضاء
من ناحية التجميع واإلحاطة والتداخل يرتبط البناء التكتوني بالضم الفضائي وذلك من خالل التجميع لإلحاطة والتداخل
حيث يمثل ذلك تفاعل البناء التكتوني والذي يتضمن إحاطة الشكل والتداخل الفضائي ]. [Ibd,p.129
ب -فضاءات األبنية التي تمثل التداخل والضم واإلحاطة في البناء التكتوني :وصف Giedionإمكانات محددة لبناء
الفضاء التكتوني ،وتتمثل تمك اإلمكانات في فتح الشكل المغمق والقدرة عمى التداخل الفضائي لمفضاءات المشتتة ،وىذه
اإلمكانية ىي نتيجةً لمترتيب المنيجي لعناصر دعم األحمال وما يناظرىا من عمل القوى والتكوين الييكمي لمبناء التكتوني .
ىنالك جودة فعمية لبناء الفضاء تتحدد من خالل ترجمة إمكانات البناء الفضائي وجودة البناء الفضائي لممبادئ الثالثة
لمبناء التكتوني والتي يمكن عرضيا بطريقتين ]: [Ibd,133
األولى :ىل أن الييكل يختمف أو يتكامل مع اإلحاطة الفضائية وتغطية الشكل ؟
الثانية :بأي طريقة يمكن لمبناء الفضائي أن يأخذ جزءاً في التنفيذ والتعبير من خالل فتح الشكل والتداخل الفضائي ؟
فالعالقة ىنا بين عناصر إسناد الحمل والضم الفضائي والتداخل الفضائي واألبعاد الثالثية لمفضاء (الطول والعرض
واإلرتفاع) ىي مركز األىمية .
4-1-3المبادئ الثالثة لإلنشاء التكتوني
أ -نظام البناء الهيكمي :ىو النظام الذي يتكون من العناصر العمودية (األعمدة) والعناصر األفقية (الجسور) ،فالعالقة
بين البنية الفنية والجمالية من جية والعناصر اإلنشائية من جية أخرى ترتكز عمى :
-إما إظيار العناصر اإلنشائية واستخداميا في التكوين .
-أو التراجع بالعناصر اإلنشائية واحاطة الواجيات الخارجية بجدران مغمقة ،شكل (. )4
يرتبط النظام الييكمي مع النموذج اإلقتصادي لمييكل ،كما ويرتبط مع القشرة وفكرة المخطط بالنقيض مع الجدار الحامل
من الحجر أو الطابوق ،فاإلطار الييكمي يتيح المرونة في تصميم الفضاء المبني والشكل مثمما تم التعبير عنو في تصميم
Le Corbusierلمـ ،Domino houseفإن نظام الجدران الحاممة مفصول كمياً عن شكل اإلحاطة الفضائية أو القشرة،
فتصميم الواجيات جاء بشكل حر وصوالً إلى تغميف كامل بالزجاج :
131
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
-إن الفصل بين مجموعة األعمدة والجسور بمسافات كبيرة يسمح بحرية كبيرة في ترتيب الفضاءات الداخمية بكال
اإلتجاىين ؛ األفقي والعمودي .
-تعمل األعمدة عمى اإلحاطة الفضائية أو الفتح عمى المجاورات ،وان النسبة بين قطر العمود ومحيطو من جية
والمسافات بين األعمدة من جية أخرى ىي التي تحدد ذلك ،شكل (. [Hensel,p.26] )5
136
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
شكم ( : ) 8بعط ًَاذج انُظاو اإلَشائي انفراغي /انًصدر Journal of Structural Engineering / 2002 :
133
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
خالص ًة لما سبق ،نستنتج بأن التفاعل بين حمل األ ثقال واإلحاطة الفضائية والتداخل الفضائي تصمم بطرق مختمفة،
حيث يتميز كل نظام بمميزات معينة :فالنظام الهيكمي يسمح باإل نفتاح بين الفضاءات دون اإلحاطة (بناء الفضاء
بصورة غير مباشرة) ،والتكتونية في النظام النسيجي ،النظام الشبكي تخمق الفضاء من خالل منشأ مفتوح ،بينما يفتح
الجدار التكتوني الشكل المغمق .ويعتبر Semperأول من ربط األبعاد الثالثية لمفضاء مع تصور النسب والتماثل
واإليقاع ،وبطريقة مماثمة يمكننا ربط أبعاد الفضاء مع مظاهر الحمل لل ثقال ،اإلحاطة والتداخل .
2-3المستوى الثاني ( :وصفي/تحميمي) يتعمق بالجوانب غير المادية ،incorporealالجمالية ،التعبيرية ،واألخالقية
.وقد تم في هذا المستوى وصف ومناقشة وتحميل عدد من المشاريع إعتماداً عمى أربعة مفردات رئيسية أستنبطت من
المعرفة السابقة تخص وصف التكتونية بين الجمال األخالق وآليات تحقيقها هي :
1-2-3مثالية الهيكل مقابل تصميم الشكل :أعطى التطور المتسارع في صناعة تكنولوجيا المعمومات لممصممين في
البرمجية ومعدات الحاسوب التي أحدثت ثورة كبيرة في عممية جميع أنحاء العالم إمكانية الوصول إلى أفضل إداء لمحمول ا
صناعة األشكال .وعميو يجب التفكير تدريجياً بالعالقة التي تربط اإلنسان -اآللة من خالل معرفة قوة الصمة بين
(متطمبات األخالق) و (حاجات اإلبداع) لممشروع المعماري .إن البعد البنائي ألي مشروع معماري يتطمب المعرفة التقنية
العممية التي تؤثر في الخمق اإلبداعي والعممية التكوينية ،وقد تم عمى مر العصور إدماج ثروة من المعارف العممية والتقنية
مع الثقافة المعمارية مما ساعد في ترسيم الوعي وأثر تأثي اًر كبي ًار في عممية التصميم ،سواء كانت العمارة في الماضي أو
في توجيات العمارة الحديثة والمعاصرة .فالجزء األكبر من فن العمارة في العصر الحديث كما كان في الماضي يظير
الرغبة في الرجوع إلى المعرفة المكتسبة بطرق مختمفة ؛ من الحالة التي يكون فييا الييكل ىو الشكل ،كما ىو الحال في
أعمال Nervi ،Torrojaأو Musmeciإلى الحالة التي تكون فييا المغة الييكمية واضحة ومتكاممة أكثر أو أقل عضويةً
ال إلى الحالة التي مع غيرىا من عناصر التصميم المعماري ،كما في أعمال كل من Wright ،Miesو Aaltoوصو ً
يوجد فييا تكامل كبير في جميع مكونات عممية التصميم ،كما ىو الحال في أعمال Kahnو Le Corbusierوما إلى
ذلك .وباإلتفاق مع Framptonيمكن تعريف كل ىذه األعمال وفقاً لمصطمح (التكتونية) ،إذ يمكن أن يطمق ىذا
المصطمح عمى األعمال التي تترك المكونات الييكمية جانباً أثناء عممية التصميم وتركز عمى خمق األشكال الفنية العشوائية
.واالتأكيد عمى إن الجانب األخالقي في عممية البناء أصبح اليوم ذا أىمية كبيرة ليس عمى صعيد إحياء التراث اإلنساني
بل في فيم العالقو المعقدة بين العمارة واإلنشاء والرياضيات التي توفرىا البرامج الحاسوبية ،فاألخالق في النتاج المعماري
ىي بالنقيض مما يعرف بالعمارة المفككة deconstructedغير الخطية والمعقدة ]. [Charlson,p.p.135-156
يأخذ التحميل اإلنشائي جزءاً ميماً في المشروع المعماري بشكل خطوات متعاقبة وتكون محور إىتمام المتخصصين عن
طريق تقسيم المعرفة إلى الطريقة التي تكون جيدة من حيث التقنية واإلنتاج .إن معرفة النماذج الميكانيكية والرياضية
عامل ميم في (صنع) العمارة ،بمعنى محاولة التغمب عمى اإلنقسام التأريخي بين العمم والفن في البناء من خالل الحصول
عمى الكفاءة في الفكر المجرد ،وادراك أن العممية اإلبداعية ىي بدييية ومركبة من قبل الطبيعة ،ويعني ىذا أنو ال يعتمد
فقط عمى الميارات الفردية الطبيعية ،ولكن عمى الخبرة والمعرفة المكتسبة أيضاً ،شكل (. [Trovalusci,p.45] )9
131
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
2-2-3توليد الشكل :إستخدم المعماريان Toyo Itoو Cecil Balmondأحدث الخوارزميات algorithmsفي بناء
وتنفيذ أفكارىم مثل (الخوارزمية الجينية) عند تصميم ،Serpentine Gallery Pavilion - 2002 / Londonإذ بدءا
بفكرتين بسيطتين جداً تستند األولى عمى نظام البناء الييكمي الرشيق gracefulالذي يدعم السقف الشفاف المسطح ذي
الشكل الحر . free formأما الفكرة الثانية فإعتمدت السقف المسطح المؤلف من الخطوط العشوائية المتقاطعة والمدعمة
بخط من الجدران الخارجية لتشكل في النياية صندوقاً مطمقاً ،وقد ذىبا نحو الفكرة الثانية حيث أوجد Balmondخوارزمية
بسيطة ألجل الحصول عمى نمط فوضوي من الخطوط ] . [Balmond,p.28لقد أكد Itoعمى إن النظرة إلى
الخوارزميات تمكننا من خمق تعقيد غير متوقع وحاالت ىجينة محسوبة وممكنة التحكم وبحمول مختمفة ،ولكن عندما نضيق
الشروط ونتجاىل اإلحتماالت المختمفة فال يوجد إال حل واحد فقط .فالحركة المكانية لممشروع جعمت من الممكن تخيل
وحساب وتصنيع وتجميع األشكال بوقت قصير عن طريق التكنموجيا الرقمية -أعطت تمميح لمفضاء الذي يختمف نوعياً
عما إعتدنا عميو ،فالخوارزمية ستكون ميمة في فكر عمارة المستقبل .ففي عالم اليندسة ال يمكننا تجنب التحول لمفيوم
النيايات المفتوحة في شكل البناء من خالل التواصل والتجسيد مع المجتمع .فالعمارة تنطوي دائماً في مرحمة إدراكيا عمى
فصل الداخل عن الخارج ،والتفاصيل واختيار المواد ...إلخ ،مع األمل بأن تكون نياياتيا حرة .لقد تحول المصمم إلى
الحاسوب ألجل أن يجعل الحدود بين الداخل والخارج مشوشة قدر اإلمكان ،ولكن من غير الممكن القضاء عمى التمييز
بالكامل ألن ذلك سيعني ترك عالم العمارة ،شكل (. [Interview] )10
3-2-3تحسين الشكل ،وايجاد الشكل :تعنى المناىج المختمفة والتنفيذية منيا بالذات بحل مشكمة خمق الشكل الجديد من
خالل المتطمبات األساسية (لإلتساق والتطابق)( ،الضرورة والنفعية لممشروع المعماري) .فمصطمح "األشكال الجديدة" يشير
عمى وجو التحديد إلى األشكال الحرة والقشريات ،وبشكل عام إلى السطوح غير الخطية التي يمكن أن تكون كنتيجة
لمتحسين الييكمي ،وان األساليب الجديدة لمتحسين تتراوح بين تحسين الشكل الييكمي إلى طرق تحسين المكان ،وتقدم في
الوقت الحاضر لممصممين مجموعة واسعة من إمكانيات التصميم التي تم بحثيا عمى نطاق واسع في مختمف مجاالت
التصميم اليندسي والصناعي والتي تم إستغالليا الحقاً في مجال العمارة كأدوات مساعدة لمـ ـ "بحث" ،أو لـ "إختراع" ىذه
"األشكال الجديدة" .إن التوظيف المكثف لمبرامج يسمح بالسيطرة عمى ىذه السطوح عن طريق تحميل الميكانيكية -الرياضية
-العددية التي أتاحت لممصمم فرصتين ]: [Sasaki,p.p.51-59
131
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
-األولى :تسميط الضوء عمى الجانب التعبيري ،تمييا ضبط السموك اإلنشائي وتسمى ىذه المرحمة (تحسين الشكل)،
بإنتياج أسموب التخطيط مع المحافظة عمى جوىر (الرؤية) المعمارية بترجمتيا من المواد المالزمة ،وأخي اًر تبقي بقوة
المرحمة اإلبداعية بعيداً عن مرحمة التنفيذ .
-الثانية :البدء من مستوى أكثر مرونة في إيجاد الشكل كالوظيفة عمى سبيل المثال ،أو تصميم الفضاء والتي مع ذلك
تحافظ عمى السموك العام (األمثل) لمييكل وتسمى ىذة المرحمة (إيجاد الشكل) .فالبرنامج سيوجو في كل مرحمة من مراحل
تطور المشروع مع اإلشارة إلى أنو ال توجد أداة تحل محل سيطرة المصمم المباشرة .وان الخيار بين ىذين المنيجين
المختمفين يصبح حاسماً عند التعامل مع مفيوم (الشكل يدعم الييكل) ,حيث يصبح من غير الممكن فصل الخصائص
الرسمية لمسموك الييكمي لممنشأ أو المبنى :
-في الحالو األولى (تحسين الشكل) يشارك البرنامج في المرحمة األخيرة من المشروع .
-بينما في حالة (إيجاد الشكل) يعمل البرنامج منذ بداية عممية التكوين ويؤثر تاثي اًر كبي اًر عمى النتيجة النيائية وعممية
اإلظيار ،والمثال عمى ذلك في تصميم المعماري Arata Isozakiلمـ Nara Centennial Hall / Japanوتطبيق طريقة
(تحميل حساسية الشكل )sensitive analysisالتي قادت إلى إتفاق مرضي بين الكفاءة اإلنشائية والحصيمة الشكمية .
نجد ىنا أن ىيئة قاعة Naraمن حيث الطول والعرض والحجم جنباً إلى جنب مع المتطمبات الوظيفية تم إقرارىا من قبل
المصمم وبإعتماد طريقة تحميل حساسية الشكل ،فمتغيرات التصميم تم تعديميا من خالل الحاسوب عمى أمل ظيور شكل
أكثر إثارة ،فالسقف أصبح بطريقة ما قشرة من الخرسانة المسمحة بسمك 15سم مع شكل غير منتظم amorphousأشبو
بقطعة النسيج ،ومن خالل ىذه التجربة بدأنا نشعر بأن طريقة تحميل حساسية الشكل غير كافية إلعتمادىا كأداة لمتصميم
شكل (. [Ibd,p.66] )11
مثال آخر عمى تحسين الييكل التكتوني ىو في مشروع Florence New Stationلمثنائي اإلنشائي -
المعماري ،Isozaki / Sasakiفالمحطة ليا سقف عمى شكل شجرة وىو نتيجة التحسين الطوبولوجي ،وبتخطي النقاش
عن الحجم الكبير لمغاية واعادة إنتاج الطبيعة فإنو ال يمكن تجاىل اإلنقسامات المتعددة لمشكل النيائي (الذي يطمق عميو
الشكل المتدفق ،)flux-structureوعند إختيار تكنولوجيا اإلنشاء المناسبة فإن مثل ىذا الغموض يكشف عن نفسو
ويصبح ليس صعباً التوفيق بين الشكل والييكل والوظيفة وبناء الفضاء ،شكل ( )12وشكل (.[Sasaki,p.31] )13
شكم ( : )12انتكراراث انًختهفت نتصًيى قشرة انسقف يٍ خالل تغيير يعانى انتصًيى /انًصدر Sasaki , 2005 :
132
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
شكم ( : )13انتحسيٍ انهيكهي وتكُىنىجيا اإلَشاء نههيكم انحقيقي نًحطت Florenceانجديدة /انًصدر Sasaki , 2005 :
ييدف كل من Isozaki / Sasakiإلى تطوير البرامج الحاسوبية إليجاد الشكل من أجل الوصول إلى ىياكل ىندسية
معقدة وأن تكون فنية ومنشئية بنفس الوقت ،وليذا الغرض يجب فيم سموك اليياكل الصعبة التي ىي جزء من اليياكل
المعقدة ،وحدائق Edenلممعماري N. Grimshawىي خير مثال عمى ذلك حيث الشكل النيائي ىو نتيجة (لمتشويو
- )deformationتغيير الحجم نسبةً إلى تغيير الضغط -إبتداءاً من شبكة المضمع األصمي إلى الحل األمثل لتجميع
حزم الفقاعة أعطى الحد األدنى من السطوح البينية ، in- between surfaceشكل (. [Pearman,p.26] )14
إن المحاولة أو الغاية ىي في إيجاد برامج حاسوبية تكون عالية التقنية تخدم الطبيعة من خالل إستنباط إقتراحات من
الطبيعة نفسيا ،والنتيجة تكون (طبيعة محيطة بطبيعة) .لكن بالمقابل ما يمكن أن يمثل خط ًار ىو توليد ىياكل ضخمة
وبعيدة عن الطبيعة وعمى األقل بعيدة عن ثقافة اإلنسان من خالل التناقض ألساسيات التماسك والضرورة ،ويعتبر معرض
الماء Water Pavilion H2O expo -1997في جزيرة Eeltje Jansفي ىولندا خير مثال عمى ذلك .إذ تأثرت عممية
تكوين الشكل عند Frei Ottoبشدة باإلليام من الطبيعة والتجريب العممي ،فبالرغم من تعقيدىا إال أنيا مستندة عمى أسس
بناء وانشاء واقعية ،عمى مبادئ التحويل حيث أن إستقرار المنشأ ىو ذو دعم ذاتي وليس إكتشاف لصورة مجردة جديدة
لمعمارة ،ولكن ىي عممية إستخدام لألدوات الجديدة باإلنشاء الواقعي لمفضاء ،يرتبط وبقوة بعممية التصنيع والمبادئ الييكمية
األساسية إلمكانات التكتونية ،فالمبنى ىو معرض ولم يكن في النية أن يكون معرضاً بالطريقة التقميدية ،فيو بحد ذاتو
ىيكل نمطي مع تغيير مستمر في إتجاىات وميول األرضيات والجدران والسقوف والتي تندمج بعضيا مع بعض وال توجد
أية نوافذ تطل عمى الخارج مما يجعل من تجربة الفضاء ،تجربة جديدة يجب أن تعتمد فييا عمى نظامك الخاص لمتوازن
والتحرك حول المشروع ،شكل (. [Spuybroek,p.p. 264-265] (15
133
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
إن التصميم والخمق المبدع ليست مسالة من العبقرية بل ىي تعبير عن نظام التمفصل لقواعد الثقافة والخبرة ،وىذه تبدو
مفيدة لتخطي اإلمكانات التي يمكن أن تقدميا البرامج اليندسية والمخاطر التي قد تنتج عن بعض التمارين الرياضية
العددية ،فاإلىتمام الخاص يركز عمى البحوث النظرية معززة ومدعمة بالبرامج اليندسية .فمجموعة أعمال Kokkugia
تستغل بشكل واسع إستنساخ األشكال الطبيعية بإستخدام ما يسمى بالخوارزمية الوراثية شعارىا (نحن ال نعمل عمى الشكل
بل عمى القواعد التي تولد ىذا الشكل) ،شكل (. [www.Kokkugia.com] (16
4-2-3الخمق الذاتي مقابل المحاكاه في العمارة :إرتبط مصطمح Autopoiesisباليونانية القديمة ومعناىا التوليد أو
الخمق الذاتي ويشير إلى األنظمة التي تعيد تعريف نفسيا من خالل الدعم الداخمي واستنساخ نفسيا .أما المقصود
بمصطمح المحاكاة simulationفيو لوصف التقميد واألخذ من العالم الحقيقي والطبيعة ،والذي ىو تبعاً لمجمال الكالسيكي
يمثل الييكل النظري لإلبداع الفني .
إن لحظة خمق الشكل المعماري بإعتباره تكوين متناسق من (الحدس واإلختيار الحيوي) محور إىتمام الكثير من
الباحثين في مواضيع اليياكل المعمارية تركز عمى الطريقة التي تعتمد عمى العناصر الموضوعية والمعايير غير المتجانسة
(كتحسين أكثر من شكل) .في مثل ىذه الطريقة ومن خالل محاكاة الحاسوب فإن مجموعة من الحمول المتماسكة يمكن
أن تعرف من خالل البحث عمى الحمول المثمى .إن جزءاً كبي اًر من اإلنتاج المعماري مقدم من قبل شخصيات بارزة
كبير وتدريجياً عن الموضوعات المتعمقة اً أمثال Frank Gehry, B.Tschumi & Zaha Hadidيظيرون خروجاً
بأخالقيات البناء والتماسك الييكمي لممشروع وسعييم بإتجاه النواحي الرمزية ،فالتعقيد اليندسي (غير الخطي) في ىذه
العمارة ال يتطابق دائماً مع التماسك التكتوني الفعمي لممبنى ،حيث ىناك نوع من التعارض بين كيف (تبدو) العمارة وما
ىي عميو في الواقع .ومع عممية اإلىتمام باآلثار التي يمكن أن تولدىا ىذه البرامج عمى األجيال الجديدة من المصممين
فإن إستعادة البعد األخالقي لممبنى ىو التحدي مع األدوات المطورة ،شكل ( . [Trovalusci, p.18] ) 17
134
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
شكم ( : ) 17انًحاكاث في بعط ًَاذج انعًارة انريزيت /انًصدر Trovalusci , 2010 :
ال وبالتالي دعم المصممين في ىذا التحدي جنباً إلى جنب مع إن تطور البرامج الحاسوبية CAM / CADقدم حمو ً
الطرق التقميدية لتوليد وخمق الشكل إضافةً إلى أىميتيا في إعتماد بعض الطرق العددية التي تستخدم عادة في الخوارزميات
الجينية ،Genetic algorithmالتي ىي نماذج عددية خاصة تحاول تكرار عمميات تجميع كل خمية من خاليا الكائنات
الحية والطبيعية والتي أستخدمت بشكل واسع في الحقول العممية مثل اإلحصاء واإلقتصاد والروبوتات بعيداً عن العمارة
واليندسة ،فاإلستخدام األمثل ليذه النماذج يعمل عمى حل مشاكل توليد األشكال الجديدة والذي يسمح بعودة القيم الجمالية
واألخالقية لمعمارة .وان الحساب عمى أساس خوارزمية الخمق يمكنيا أن تقود المعماري بإتجاه أنواع التصنيع غير القياسية
لعناصر البناء وذلك بفضل تقنيات التصميم الرياضية المعاصرة التي سمحت بالحصول عمى عناصر جاىزة غير متماثمة
بعضيا مع البعض ]. [Gao,p.519
-4اإلستنتاجات
تم التوصل إلى مجموعة من اإلستنتاجات التي تعبر عن مفيوم التكتونيك في العمارة ،بعد أن طرح المفيوم بمستويين
األول (وصفي) يتعمق بالجانب المادي ،الفيزياوي ،والشكمي .والثاني (وصفي/تحميمي) يتعمق بالجوانب غير المادية،
الجمالية ،التعبيرية واألخالقية :
-تعطي المعرفة التكتونية التي ىي تمثيل معرفي في اإلنشاء إىتماماً بالتفاصيل المبدعة والتي بدورىا تمثل الشكل
المعماري من خالل اإلىتمام باإلنشاء ،وتؤكد عمى ديناميكية السطوح مع إنحناءاتيا ثالثية األبعاد وعمى الداخل والخارج
واستم اررية الفضاءات .
-الطريقة األكثر مباشرية في العمارة ىي أن تعبر عن نفسيا عن طريق اإلنموذج المكاني حيث تخضع عممية اإلنتاج
المعماري لمتغيير ويتبعيا تغيير في الشكل المعماري ،ومن ثم يتم إستخدام المزيج من الييكل االنشائي والمواد من أجل أن
تصبح عمارة واقعية .
-يكون إستعمال التقنيات الحديثة في مجال التكتونية معني باإلىتمام بكيفية إستخدام التقنيات والمواد وطرق اإلنشاء
الحديثة من أجل تكوين إنسجام إنشائي وبالتالي يسمح لمعمارة بإنتاج إنموذج مكاني جديد والذي يكون ناشئاً عن العالقة
التي ال تتج أز ما بين العمارة وسياق الموقع وتنتج نوعاً من التفاعل بين اإلنسان والطبيعة والثقافة .
-تؤكد التكتونيـة عمـى إسـتخدام المـواد اإلنشـائية كوسـيمة لمكشـف عـن دور التكنولوجيـا فـي عمميـة إنتـاج وعـرض اإلبـداع فـي
مفاصل الييكل اإلنشائي ،والمغزى ىـو إسـتخدام المـواد والفضـاء مـن أجـل أن تعكـس حالـة التنـاغم فـي العمـارة ،ومـن الممكـن
التأكيد عمى إن اإلنموذج المكاني ىو نتيجة التالعب المتحول من خـالل التوحيـد الكامـل لمتنظـيم المنطقـي مـع السـياق ككـل،
وبيذه الطريقة تستطيع العمارة أن تعبر عـن شـاعرية اإلنشـاء والتمثيـل الواضـح وأن تكشـف عـن األصـالة واإلبـداع فـي عمميـة
إنتاج الشكل .وىذا يعني أن عمارة اإلنموذج المكاني يجب أن تفحص من خالل التكتونية وتشكيل رابطة ما بينيما .
-تكمن الرؤية التكتونية في التطمع نحو إيجاد مواد وتقنيات جديدة لإلنشاء كوسيمة لبناء معنى جديد في العمارة .
135
المجمة العراقية لهندسة العمارة .........................................................المجمد 30العدد( )2-1لسنة 2015
-إن اإلمكانات التكتونية الكاممة في كل مبنى تأتي من قابمياتيا وقدرتيا عمى التعبير عن كل من الجمالية والشاعرية
والجوانب المعرفية الكامنة في مضمونيا ،والتكتونية تقف معارضة لمتوجو المعاصر لغرض أن تستنكر التفاصيل لصالح
الصورة الشاممة .
-اإلضافة الميمة لمفيوم التكتونيك ىي فكرة ربطو بالوجدان االعاطفي والمتطمبات النفسية والجمالية لممتمقي ،وعميو فقد
أصبح المفيوم يوحي بالنواحي الجمالية ،فضالً عن النواحي المادية .
-يجد التكتونيك كقيمة نفسو معارضاً إلى الرمزية الال مبررة مادام إدراك النتاج المعماري يتضمن فكرة كونو يمتمك ديمومة
طويمة .إذ يتوجب عمينا أن ننتج أشياء يتكامل فييا الفكرين اإلنساني والتكنولوجي داخل النظام لمتوصل إلى النتاج
اإلبداعي في العمارة ،وعميو يشكل التكتونيك وحدة الجوانب المنشئية مع الطابع المعماري والجمالي بحيث ال يمكن تمييز
الفكر المنشئي والتقني عن المواىب الفنية واإلبداعية .
-إن العالقة بين البنية التعبيرية الجمالية من جية والعناصر المنشئية من جية أخرى ترتكز ؛ إما عمى إظيار العناصر
المنشئية واستخداميا في التكوين العام لمشكل المعماري أو التراجع بالعناصر المنشئية واحاطة الفضاءات بجدران مغمقة ،
كما إن المستجدات المنشئية والتقنية حممت معيا تغييرات واضحة في األشكال المعمارية لمعديد من األعمال الحديثة وىي
تتميز بتعميق النيج الجمالي التقني .فالتكتونيك يعكس الفكرة التي يكونيا اإلنسان بفطرتو وتجربتو عن العالقة بين القوة
والشكل ،أي أن ىناك شكل فيزياوي يتضمن فكرة منشئية يستطيع اإلنسان بما يممكو من حدس وخبرة إكتشاف نوع النظام
اإلنشائي وكيفية إنتقال القوة وردود األفعال في كل جزء من أجزاء الشكل وذلك عن طريق تقدير األحمال ومساراتيا إو
تحسس المواد وقابميتيا في تحمل تمك األثقال .
-تعد الخوارزميات واحدة من أدوات توليد األفكار ألنيا توفر حرية كبيرة في التالعب باألشكال ،وعميو فإنيا ستكون ميمة
في فكر عمارة المستقبل التي تشكل الحد األدنى من العمارة ذاتية التغير والتحسس والتشكيل وستشكل من قبل اإلنسان
نفسو ،مع التأكيد عمى إن الفعل األخالقي في عممية البناء أصبح ذا أىمية كبيرة ليس عمى صعيد إحياء التراث اإلنساني
بل في فيم العالقو المعقدة بين العمارة واإلنشاء والرياضيات التي توفرىا البرامج الحاسوبية .
-5المصادر
-1خالد ،رقية " ،التكتونية في العمارة " ،سمسمة مقاالت منشورة ،منتدى اليندسة المعمارية ،الشبكة الدولية. 2010 ،
2- Sekler, E., “ Structure,Construction,Tectonic : In Structure, In Art, In Science”, dited
by Gyorgy Kepes, Studio Vista, London, 1965, p.p.125-133.
3- Cache, B , “ Gottfried Semper: stereotomy, biology and geometry Architectural
Design “,Vol . 72, 2002, p.p.28-33 .
4- Neumeyer, Fritz,“ The Artless Word “, Cambridge : The MIT Press,1991,p.134 .
-5شريف ،فراس عصام" ،القوة والشكل" ،رسالة ماجستير ،جامعة بغداد ،كمية اليندسة ،القسم المعماري ،1996 ،ص . 82
6- Frampton, K., “ Reflections on the Scope of the Tectonic in studies in Tectonic Culture
: the Poetics of Construction in 19th and 20 th Century Architecture “, The MIT Press,
London, 1995, p.78 .
-7السلطاني ،خالد " ،انعُاصر انقىييت في انعًارة انعربيت" ،مقالة منشورة ،مجلة آفاق عربية ،1975 ، ،ص . 76
8- Sekler, Eduard F., “Structure, Construction, Tectonics“, 1965, p.p.89-96.
9- Schwarzer, Mitchell, “ Ontology and Representation in Karl Botticher’s Theory of
Tectonics”, in Journal for Society of Architectural Historians, 52: Sep. 1993, p.p. 273-276
10- Semper,Gottefried, “ Der Still “, Architectural Design , Vol.51,No. 6/7,1981,p.11 .
11- Sack,Oliver, “Load-Bearing Structure, Enclosing Form And Spatial Interpenetration
: On Tectonic Construction And Its Elation To The Building Of Space”, 2001, p.118 .
12- Ibd. p.125.
13-Giedion,Siegfried,“Architektur und das Phenomena des Wandels. Die drei
Raumkonzeptionen in der Architektur “ , Tübingen: Verlag Ernst Wasmuth, 1969,p.10 .
14-Schuller,Wolfang, “ Horizontal - Span Building Structure”, John Wily & Sons
Inc.,New York,1983,p.214.
15- Frampton, Kenneth,“ Towards a Critical Regionalism: Six Points for an Architecture
of Resistance ” in labour, work and architecture. Collected Essays on Architecture and
Design. London: Phaidon, 2002, p.37.
16- Schulze,C.N., “ Existence space & Architecture “, Praeger Publisher,N.Y,1971,p.121 .
111
2015 ) لسنة2-1( العدد30 المجمد.........................................................المجمة العراقية لهندسة العمارة
111