Professional Documents
Culture Documents
العلاقة بين فلسفة التصميم وقيم الفلسفة
العلاقة بين فلسفة التصميم وقيم الفلسفة
مقدمة:
الفلسفة ليست علما حديثا؛ ولكنها علم مالزم لتاريخ البشرية؛ فاإلنسان البدائي كانت له فلسفته ،والفلسفة
في أصلها اللغوي كلمة يونانية قديمة مركبة من مقطعين هما (فيلو)؛ بمعني حب ،و(سوفيا) بمعني حكمة؛ لذلك
فإن كلمة فيلوسوفيا تعني لغويا :حب الحكمة ،ويكون الفيلسوف هو (محب الحكمة)(.)1
التصميم هو تعبير عن (نظرية فلسفية) من خالل رأي أو مذهب أو أيديولوجية ،ويكون نتاج للتمازج بين
العلم والفن من خالل ملكات اإلنسان :العقل والوجدان والمال .
واذا ما ألقينا نظرة على تطور كل من العلم والتكنولوجيا المرتبطة باإلنتاج؛ نرى بوضوح أن العلم تطور
أصال من الفن .فالمعروف أن كل العلوم أصلها فنون؛ فعلم اإلدارة كان يطلق عليه في الماضى فن اإلدارة ،وعلم
التسويق كان يطلق عليه فن التسويق ..إلخ.
فبينما تطورت التكنولوجيا أصال من الحرفة؛ حيث مارس اإلنسان صنع األشياء التي يستخدمها بنفسه في
مرحلة جمع الطعام والصيد من مراحل تطور الجنس البشرى .ثم إلى وجود الحرفي المتخصص في صنع تلك
األشياء ،وذلك عند االنتقال من مرحلة جمع الطعام والصيد إلى مرحلة االستقرار والزراعة في تاريخ تطور
البشرية .حتى صارت تلك األشياء تصنع اليوم من خالل مؤسسات إنتاجية وشركات صناعية تعتمد أساسا على
التكنولوجيا المتقدمة في مجال اإلنتاج والتصنيع.
( )1زكريا إبراهيم -دراسات في الفلسفة المعاصرة -ص -14مكتبة مصر 1986 -
"خطة البحث"
مشكلة البحث:
إفتقار بعض التصميمات إلى ترسيخ مفهوم القيم الفلسفية للتصميم ،بما يتالئم والغايات التي يسعى إليها
الفرد كغايات جديرة بالرغبة سواء كانت هذه الغايات تطلب لذاتها أو لغايات أبعد منها.
هدف البحث:
بيان العالقة بين فلسفة التصميم والقيم الفلسفية من خالل صياغة المبادئ والمفاهيم التي تكشف ظاهرة
التصميم وذلك من خالل عدة تساؤالت يتم طرحها من خالل مباحث الفلسفة .
فروض البحث:
اإلستفادة من دراسة مباحث الفلسفة والتعرف على مفهوم القيم الفلسفية إليجاد العالقة بين تلك القيم وفلسفة
التصميم.
منهجية البحث:
يتبع البحث المنهج التطبيقي -:من خالل اإلستفادة من دراسة مباحث الفلسفة والتعرف على مفهوم القيم الفلسفية
وتطبيقها على مجال التصميم إليجاد العالقة بين تلك القيم وفلسفة التصميم.
محاور البحث:
المحور األول:القيم
مقدمة
طبقها أو َيسعى للوصول إليها ،كما تُعتَبر القيم نوعٌ من أنواع عي ٍ
نة ُي ّ يعيش اإلنسان في هذه الحياة وفق ٍ
قيم ُم ّ
النجاح ،وعالمةً تُؤ ّشر على حسن َس ْير العمل في عد الوصول إليها نوعاً من أنواع ّ وي ّ
حددات أو الغاياتُ ،
الم ّ
ُ
الراجعة.
العكسية أو ّ
ّ بالتغذية
ّ السابقة ،أو ما ُيطلق عليه
َمراحله ّ
تعريف القيم
عدة دالالت منها قيمة ال ّشيء وثمنه ،والثّبات
لغوي ًا بمادة قَ َوَم والتي تمتلك ّ
القيم ُمفردها قيمة ،وترتبط ّ
الدوام واالستمرار على الدوام ،واالستقامة واالعتدال ،ونظام األمر ِ
وعماده .وأقربها لمعنى القيمة هو الثّبات و ّ وّ
فإن القيم هي جملةُ المقاصد التي يسعى القوم إلى إحقاقها متى كان فيها صالحهم عاجالً
أما اصطالحاً ّ ال ّشيءّ ،
نسانية
أو آجالً ،أو إلى إزهاقها متى كان فيها فسادهم عاجالً أو آجالً .وهي القواعد التي تقوم عليه الحياة اإل ّ
تصورها لها.
انية ،كما تختلف الحضارات بحسب ّ
وتختلف بها عن الحياة الحيو ّ
اجتماعية ،وهي بشكل ع ّام
ّ نفسية أو
أهمية العتبارات ّ
صفات ذات ّ
ٌ بأنها
بوي ّ
وقد وردت في القاموس التر ّ
للسلوك والعمل.
وجهات ّ ُم ّ
()1
طبيعة القيم
لقد تنوعت التصورات المفسرة لحقيقة وصفات هوية القيم ومن بين أبرزها يمكن أن نذكر:
التفسير البيولوجي:
إن القيمة نوع من المنفعة الحيوية التي يحققها هذا الموضوع أو ذاك ،فالقيمة ذات صبغة عضوية تطورية،
ولكل كيان عضوي كماله الخاص ،فالقيمة ذات طابع غائي ،فالحكم على المعتقدات الخلقية -في تصور أحد
أنصار هذا المذهب مرهون بمدى كفاءتها وقدرتها على تعميق االتجاه العام للتطور ودفع عجلته ،وبهذا الشكل
تكون القيم وثيقة الصلة بالميول العضوية لإلنسان.
التفسير االجتماعي:
إن القيم وليدة الحياة الجماعية ،فالجماعة تدفع الفرد لالتصاف بمبدإ الغيرية ،الذي يحقق نسيان الذات
والتجرد من المصلحة والتحرر من المشاغل الشخصية والمضي صوب تحقيق الغايات المشتركة بين الجماعة
( )1طالل مشعل -تحديد مفهوم القيم ،منشور -مركز الدراسات واألبحاث في القيم ٢٩-نوفمبر -٢٠١٦جدة.
http://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8
A%D9%85
بروح ملؤها النزاهة واإلخالص ونبذ الذات ،فالمثل العليا عناصر فعالة تحركها القوى االجتماعية وليس التصورات
العقلية والتأمالت المجردة.
التفسير النفسي:
ترتبط القيمة لدى بعض السيكولوجيين بمحتوى الوعي أو الوجدان ،فليس ثمة قيمة إال ما كان يرضي رغبة
أو يثير انفعاال ،فالقيم حسب فرويد ( ) 1856-1939مثال ناتجة عن مستويات وأحوال مختلفة من اإلعالء ،يتم
فيها إبدال طاقة الدافع أو الرغبة من موضوعها األصلي إلى موضوع آخر ذي قيمة ثقافية واجتماعية(.)1
خصائص القيم
تتميز بها-:
عدة خصائص ّ للقيم ّ
الرغبات والميول والعواطف التي تختلف من إنسان
بنفسية اإلنسان ومشاعره ،حيث تشمل بذلك ّ
ّ -ترتبط
آلخر ،ومن حضارة ألُخرى.
المحيط. تغيرة وليست ثابتة نتيجةَ تفاعل اإلنسان مع بيئته ُّ
وتغيرات الوسط ُ ُم ّ -
ومكتسبة من خالل البيئة. اثية ُ
غير ور ّ -
وتفوقها على بعضها ،وتطبيق إحداها على حساب األُخرى. أولوية القيم ّ
تفاوت ّ -
اجتماعي ٍة ونفسّي ٍة.
ّ وسياسي ٍة و
ّ اقتصادي ٍة
ّ ٍ
حاجات اإلنسانية بين
ّ ُّ
تعددها نتيجةَ اختالف الحاجات -
الشر.
الحق والباطل ،والخير و ّ
ّ لي؛ فهي تحتمل
ذات منطق َج َد ّ -
المرتبطة بالقيم.
انية ُ
صعوبة القياس بسبب تعقيد الظّواهر اإلنس ّ -
النفور منها.
إما بالميل نحوها أو ّ
ذاتية؛ حيث تظهر في َمشاعر اإلنسان ّ ّ -
الزمان والمكان. ٍ
شخص آلخر حسب ّ نسبية؛ فهي تختلف من
ّ -
أي كائن آخر.
إنسانية؛ فهي ُمتعلّقة باإلنسان وليس ّ
ّ -
عدة أنواع-:
تصنيف القيم حسب المجال الذي تُعنى به إلى ّ
النظرية:
ّ -1القيم
هي رغبة الفرد بالتعلّم وسعيه نحو اكتشاف المعلومات والبحث عن مصادرها ،ويتّصف صاحب القيم
العلمي ،والتّجريب،
ّ بموضوعية ،ومن األمثلة على القيم النظرّية الطّموح
ّ النظر لألمور
النقد و ّ
النظرّية بقدرته على ّ
ي.
العلمي ،والتّسامح الفكر ّ
ّ والبحث
( )1علي بن سعد مطر الحربي" ،أهمية دور معلمي العلوم الطبيعية في تنمية القيم العلمية" -بحث -جامعة أم القرى.2010 -
http://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8
A%D9%85
االجتماعية:
ّ -2القيم
المحيط به ،واتّخاذه
االجتماعي مع الوسط ُ
ّ وتظهر من خالل رغبة اإلنسان بتقديم العون لمن حوله ،وتفاعله
السرور على اآلخرين هدفاً بذاته ،ومن األمثلة على هذه القيم العطف ،والحنان ،واإليثار.
إدخال ّ
الدينية:
ّ -3القيم
الدين ،وحرصه على
ستمر على أصل الوجود والكون ،والتزامه بتعاليم ّ
الم ّ
تتضح من خالل اطّالع اإلنسان ُ
ّ
نيل الثّواب والبعد عن العقاب.
االقتصادية:
ّ -4القيم
المربِح ،واالهتمام باألموال والثّروات ،وغالباً ما َينظر أصحاب هذه القيم
الدائم عن اإلنتاج ُ
تتمثّل في البحث ّ
النوع من القيم مع األنواع
الربح والخسارة ،وقد يتعارض هذا ّ ِ
ماديةً قائمةً على حساب مقدار ّ
لألمور نظرةً ّ
األُخرى.
الجمالية:
ّ -5القيم
وحب الفنون ،وتقدير
ّ الفني،
ّ التفوق
الفن ،ومن أمثلتها ّ
ُيعبَّر عنها بالبحث عن الجمال في األشياء وتقدير ّ
الجمال (موضوع البحث).
السياسية:
ّ -6القيم
وتحمل
ُّ القوة والتح ّكم ،وفرض القوانين على األشخاص واألفراد ،ومن أمثلتها تقدير السُّلطة،
حب ّ تظهر في ّ
المسؤولية ،والميل للقيادة(.)1
ّ
هناك محاوالت أخرى لتصنيف القيم منها:
التصنيف الزوجي التقابلي :ينظر بعض المفكرين للقيم في شكل أزواج متقابلة وأهمها:
القيم الكامنة والقيم الوسيلية :ويقصد بالقيم الكامنة ما اشتملت على الخير في ذاتها وبذاتها فهي ال -
تخدم غاية معينة ،فهي الغاية ذاتها ،مثال ذلك قيمة السعادة ،أما القيم الوسيلية فهي القيم التي تتخذ
كوسيلة لغاية قيم أخرى ،فليس للمال قيمة إال من حيث هو وسيلة لتلبية مطالب الحياة.
القيم العليا والقيم الدنيا :لئن كانت القيم العليا تتسم بالرقة فإنها تتحقق على العموم بناء على القيم -
الدنيا ،فالقيم العقلية التي تعتبر قيمة عليا كالمعرفة مثال تبنى على القيم اإلقتصادية الدنيا مثل الدخل.
القيم الدائمة والقيم العابرة. -
القيم اإلشتمالية والقيم اإلستبعادية. -
تصنيف علماء اإلجتماع :يقترح فريق من علماء االجتماع تصنيفا للقيم على أساس الشكل والمحتوى
والقصد والشدة والتنظيم والدرجة ،وفي المقابل يدرج فريق آخر من علماء االجتماع القيم حسب محتواها
وما تعكس من أنشطة انسانية مثل القيم النظرية والعملية والجمالية واالجتماعية والسياسية والدينية.
يميز ماكس شيلر ( ) 1874-1928بين عدة أنواع من القيم فهناك القيم المستحبة وقيم الحياة ،والقيم
الجمالية واألخالقية والدينية.
أهمية القيم:
ّ
أهميتها:
أهميةٌ ُعظمى في حياة الفرد والمجتمع تُساهم في بنائه تكوينه ،ومن ّ
للقيم ّ
( )1عباس الجراري – مفهوم القيم وفلسفتها واشكالية الواقع -من أعمال ندوة " أزمة القيم " ،الدورة الربيعية لسنة ،2001مطبوعات
أكاديمية المملكة المغربية ،سلسلة "الدورات" مطبعة المعارف الجديدة الرباط - ،2002ص.126
الدين
الغايات العرف
القيم
المواقف قوانين
والتعلم التعامل
التثقيف
الذاتي
يتعرفون على القيم المرتبطة بالمجتمع المحيط بهم ،وقد تختلف عن القيم التي عرفوها داخل عائلتهم،
ّ
وعادةً يبدأ اإلنسان في تعلّم القيم الجديدة في مرحلة الطفولة الواعية ،والتي يخرج فيها من المنزل للّعب مع
()1
األطفال اآلخرين ،فيكتشف بذلك ِقيماً جديدةً تختلف أو تتشابه مع القيم التي يعرفها
عالقة القيمة بالفن:
وأصل القيم في األعمال الفنية هي قيم معنوية تؤدي إلى خلق قيم مادية ،فالعديد من األعمال الفنية الخالدة
كانت تهدف في أفكارها ومواضيعها إلى ما يعزز الخير والنبل والقيم الصحيحة من صدق وشجاعة واخالص
وشرف .ورغم اعتبارها موقفا كالسيكيا من الجمال اال انها كانت تتفق الى حد بعيد مع الفلسفة المثالية في كون
الجمال شقيق الحق والخير والعديد من هذه األعمال كانت مخزونا هائال للمعاني والدالالت التي جعلتها خالدة
لعصور طويل،رغم إن مكوناتها المادية ذات قيم بسيطة جدا ولكن قيمها الحضارية والفنية واإلنسانية جعل منها
قيمة مادية كبيرة تتعلق باإلرث اإلنساني والتجربة الحضارية العظيمة للمجتمعات والشعوب التي تحرص على
ميراثها وتاريخها ،لذلك بقيت العديد من هذه اإلعمال تمثل الذاكرة الحية للشعوب في أمجادها ورموزها .أي أن
( )1طالل مشعل -تحديد مفهوم القيم ،منشور -مركز الدراسات واألبحاث في القيم ٢٩-نوفمبر -٢٠١٦جدة.
العمل الفني األصيل يبدأ بقيم معنوية عالية ثم يتحول بعد إن يثبت قيمته الحضارية قيما معنوية ومادية كبيرتين
معاً.
القيمة المادية في التصميم تبرز من خالل القدرة األدائية والوظيفية والنفعية وهذه الخصائص والمميزات هي
التي تحدد القيم المادية في فن التصميم .هكذا تسعى التصاميم في الغالب إلى تحقيق أعلى قدرة أدائية ووظيفية
ونفعية مقابل ارتفاع قيمتها المادية.
وال يعني ذلك خلو التصاميم من القيم الجمالية المعنوية فالعديد من الرموز والدالالت التاريخية والتراثية تعد
من المعاني الخالقة التي تمثل األصالة والخبرة التي تستند إلى الماضي العريق والذي تفخر به الشعوب كرموز
تحدد انتمائها كما هو األمر في العمارة والصناعة والطباعة واألقمشة والتصميم الداخلي ،ونجد العديد من الناس
يحتفظون بمقتنيات قديمة ال يمكن استعمالها اليوم ليس لشئ وانما فقط لقيمتها المعنوية التي تحمل عبق الماضي
وذكرياته وتكسب من خالله قيما مادية.
الفلسفة
الفلسفة ليست علما حديثا؛ ولكنها علم مالزم لتاريخ البشرية؛ فاإلنسان البدائي كانت له فلسفته .والفلسفة في
أصلها اللغوي كلمة يونانية قديمة مركبة من مقطعين هما (فيلو)؛ بمعني حب ،و(سوفيا) بمعني حكمة؛ لذلك فإن
كلمة فيلوسوفيا تعني لغويا :حب الحكمة ،ويكون الفيلسوف هو (محب الحكمة)(.)1
والمقصود بالحكمة هنا؛ المعرفة العقلية الراقية ،واإلدراك الكلي لحقائق الوجود ،والتفكير التأملي الذي
يتصدى للمشكالت الكبرى المعقدة في مختلف أمور الحياة ،ويحسن تقسيرها ،وحل أشكالها وحل إشكاالتها.
إن اإلنسان يمضي حياته كلها في تحصيل المعرفة والنظر العقلي ومعالجة مشكالت الوجود والحياة دون
أن يبلغ الكمال المنشود ،إذ كيف يكون حكيما وهو لم يحقق بعد الحكمة ،بل وانه لن يستطيع تحقيقها إطالقا
طوال حياته القصيرة الفانية .إن الحكمة من صفات اإلله فقط دون اإلنسان أما اإلنسان فيحاول التشبه باإلله في
كماله؛ لذلك استحسن فيثاغورث أن نطلق على اإلنسان محب الحكمة.
ونحن حين نضيف اسم الفلسفة إلي أي جزء من أجزاء المعرفة؛ نقول مثال :فلسفة التاريخ ،فلسفة العلم،
فلسفة الفن ،فلسفة التصميم ،فلسفة السياسة؛ فإنما تعني البحث عن المبادئ األساسية الكامنة وراء مجموعة
القواعد والقوانين الخاصة بالموضوع الذي نتحدث عنه ،ولكن يمكن لنا فقط تدعيم اعتقادنا في صحته بناءا علي
الحكم التجريبي للخبرة(.)2
واذا كان أصل الفلسفة تجريبي؛ فإن اختبارها مرتبط بالهدف ،والحلول التي تقود إليها يجب أن تكون خيرة،
أي أن تكون مفيدة .ولكن الخير مصطلح نسبي يحتاج إلي تعريف محدد خاصة بالنسبة لكل حالة علي حدة،
ولذلك يجب أن تتضمن الفلسفة نظام تقييم يقود إلى ويسمح بتكوين معايير محددة للخيرية ،وهذا العنصر
التقييمي بالضرورة هو ميكانيزم تغذية مرتدة يعمل لبيان مدي سالمة تطبيق المبادئ على الحالة المعنية،
وتحديد أوجه القصور؛ حيث يمكن الوصول إلى تطبيق محسن للمبادئ.
القيم الفلسفية
( )1زكريا إبراهيم -دراسات في الفلسفة المعاصرة -ص -14مكتبة مصر 1986 -
( )2التفكير الفلسفي -إعداد وترجمة محمد سبيال وعبد السالم بن عبد العالي-ص -12:20دار تويقال للنشر.
جزءا من األخالق ،ويمكن تعريفها بأنها مفاهيم تختص بغايات يسعى إليها الفرد ()1
تعتبر القيم الفلسفية
كغايات جديرة بالرغبة سواء كانت هذه الغايات تطلب لذاتها أو لغايات أبعد منها.
ومن األوائل الذين استعملوا لفظ قيمة بالمعنى الفلسفي نجد الفيلسوف الصيني الوتزو ( 570-490ق.م)
ال ذي تنسب له الفلسفة الطاوية ،الفلسفة التي جعلت صلب اهتمامها بحث مبادىء األشياء والطريق الصحيح
للقدر اإلنساني.
وفي نظر السفسطائيين فإن القيم نسبية بناء على معيار اإلنسان مقياس كل شيء ،األمر الذي رفضه
سقراط فنادى بقيم ثابتة مطلقة وقائمة على العقل ،أما تلميذه أفالطون فقد اعتبر اهلل مقياس كل شيء وهو القيمة
العليا التي تستمد منها سائر الكائنات قيمتها بحسب اقترابها منها أو ابتعادها عنها.
من جهتهم عالج فالسفة العصور الوسطى القيم تحت اسم الخير المطلق أو الكمال كما هي الحال لدى
القديس توما اإلكويني ( ) 1225-1274الذي وحد بين القيمة العليا والفلسفة األولى.
أما في العصر الحديث فإن كانط ( ) 1804 -1724من خير من اهتموا بدراسة القيم ويظهر ذلك بصفة
خاصة في كتابه نقد العقل العملي.
وقد اهتمت فلسفة القيم في القرن العشرين بتأسيس األحكام المرتبطة بالتقدير الذي يرتد إلى االنفعال
(الميول والرغبات) بعيدا عن التقدير الذي يستمد وجوده من العقل.
( )1طالل مشعل -تحديد مفهوم القيم ،منشور -مركز الدراسات واألبحاث في القيم ٢٩-نوفمبر -٢٠١٦جدة.
مبحث القيم ومشكالته Axiologyويرتبط بقيم الحق Truthوالخير Goodnessوالجمال Beauty
ويتعرض لدراسة المثل العليا والكشف عن ماهيات القيم المطلقة التي يسعي الجميع لتحقيقها في حياتهم ويوجد
ثالث قيم أساسية لكل واحد منها علم يدرس؛ موضوعاتها كما يلي :
–1قيمة الحق :ويدرسها علم المنطق Logicالذي يختص ببيان القواعد التي ينبغي علي الفرد إتباعها ليكون
تفكيره صحيحا .Right or Wrong
الحق قيمة يتناولها المنطق من خالل تحديده للقواعد التي تسمح بتمييز صحيح الفكر من فاسده ،وقد
اختلفت المذاهب في إقرار المعيار الذي يقاس عليه الصدق ،فهناك من يرى المعيار متمثال في الوضوح والتميز،
وهناك من يعتقد أن المقياس هو تطابق ما باألذهان مع ما في األعيان ،كما أن فيهم من يجعل الفائدة العملية
هي المعيار.
-2قيمة الخير :ويدرسها علم األخالق Ethicsوهو يختص ببيان القواعد التي ينبغي على الفرد إتباعها لكي
تتوافق أفعاله وسلوكه مع مبادئ الخير واألخالق.
من بين المعاني التي يحملها الخير معنى الكمال والسعادة ،وهو لدى البعض أسمى القيم ،فأفالطون يقول:
" الجمال هو بهاء الخير" كما يقول كانط " :الجمال والجالل رمزان كامالن لمثال الخير" .وعلم األخالق هو العلم
الذي يختص ببحث مسائل الخير ،فهو يدرس المعايير التي تساعد على تمييز الفعل الصائب من الخاطئ
(الخير من الشر).
إن األخالق ال تكتفي بوصف المثل األخالقية التي يعتنقها البشر بل تبحث عن المثال الذي يستحق اإلتباع
أكثر من غيره ،مبينة سبب التفضيل أو عدم التفضيل ،اإلستحسان أو اإلستهجان ،إنها تبحث فيما يجب أن
يكون عليه السلوك اإلنساني ،إنها ال تهتم بما يعتبره فرد معين أو مجموعة من األفراد صائبا وانما تختص أيضا
ببحث الخير األسمى.
ويقتضي الخير األقصى بعض الشروط ليتحقق ،وتتمثل أهمها في:
ينبغي أن يكون ممكن التحقيق ولو بصورة جزئية ،حتى يكون وثيق الصلة بالحياة البشرية ،ويكفي أن -
يشعر الناس بإمكان تحقيقه لتبريرالحياة من أجل بلوغ هذا الهدف ،باإلضافة إلى أنه ينبغي بناء خطة للحياة
حول هذا الهدف المتمثل في الخير األسمى.
ينبغي أن يكون خي ار في ذاته وليس وسيلة لغيره ،شامال تندرج تحته كل أوجه النشاط البشري بوصفها وسائل -
لتحقيقه.
-3قيمة الجمال :يدرسها علم الجمال Aestheticsالذي يبحث في القواعد والمعايير التي يجب توافرها في أي
عمل نطلق عليه صفة الجمال .)1(Beautiful or ugly
( )1مصطفى عبده -المدخل إلى فلسفة الجمال(محاور نقدية وتحليلية وتأصيلية) -ص-22الطبعة الثانية-مكتبة مدبولي 1999
واذا ما ألقينا نظرة على تطور كل من العلم والتكنولوجيا المرتبطة باإلنتاج؛ نرى بوضوح أن العلم تطور
أصال من الفن .فالمعروف أن كل العلوم أصلها فنون؛ فعلم اإلدارة كان يطلق عليه في الماضى فن اإلدارة ،وعلم
التسويق كان يطلق عليه فن التسويق ..إلخ.
فبينما تطورت التكنولوجيا أصال من الحرفة؛ حيث مارس اإلنسان صنع األشياء التي يستخدمها بنفسه في
مرحلة جمع الطعام والصيد من مراحل تطور الجنس البشرى .ثم إلى وجود الحرفي المتخصص في صنع تلك
األشياء ،وذلك عند االنتقال من مرحلة جمع الطعام والصيد إلى مرحلة االستق ارر والزراعة في تاريخ تطور
البشرية .حتى صارت تلك األشياء تصنع اليوم من خالل مؤسسات إنتاجية وشركات صناعية تعتمد أساسا على
التكنولوجيا المتقدمة في مجال اإلنتاج والتصنيع.
ولما كان تصميم وانتاج األشياء التي يستخدمها اإلنسان يتطلب كال من جانب الخبرة في وضع أفكار
التصميم لتلك األشياء؛ والمتمثلة في النظرية Theoryوجانب الخبرة في تحقيق وابراز تلك األفكار إلى حيز
الوجود؛ والمتمثلة في الممارسة أو التطبيق PRACTICE؛ فقد أخذت العالقة بين كل من الجانبين عدة أشكال
خالل التطور؛ فيما بين أوائل القرن العشرين وحتى الخمسينات من هذا القرن ،والتي تعتبر فترة التطور التي بدأ
اإلنسان المعاصر يجنى ثمارها فيما تنتجه له العقول والمصانع من أنواع المنتجات التي يستخدمها في كل
جوانب حياته الخاصة والعامة.
وفي هذا المجال فالنظرية Theoryتعنى خلفية المعرفة للنظريات العلمية المرتبطة بمجال التصميم سواء
من نواحي العلوم األساسية أو غيرها من العلوم التطبيقية؛ بينما الممارسة Practiceترتبط أساسا بتكنولوجيا
اإلنتاج التي يجب أن تنفذ المنتجات ،ويتم ذلك عامه بواسطة أشخاص ليس لديهم عالقة بالعمل التصميمي،
وذلك يعنى أن المصمم يجب أن يكون لديه قدر كاف من المعرفة التكنولوجية الممكنة والمتوفرة للتصنيع .وتلك
المعرفة يجب أن تتضمن أساليب التشغيل والتجميع والتشطيب للخامات المختلفة وخواص تلك الخامات خالل
التصنيع واالستخدام وكذا أساليب التصنيع المتاحة أو المتوقع استخدامها في المستقبل سواء داخل المصنع أو
في أماكن أخرى ،وكذا االستخدام االقتصادي لها.
يمكننا القول أن البحوث األساسية للتصميم تتناول كل التساؤالت ألي نظرية في مجال ما من مجاالت
المعرفة ،وعلى ذلك فإن مجال التساؤالت نسميه فلسفة التصميم؛ والتي تتناول التساؤالت األساسية للتصميم
(القيمة).
وتقوم النظريات المتاحة بالبحث عن إجابات لتلك التساؤالت في مجال من مجاالت المعرفة للوصول
إلجابات شافية يمكن االعتماد عليها؛ وفي ضوء تلك اإلجابات فإن التخطيط للتصميم يحاول أن يضع آليات
عملية لممارسة التصميم .وتخطيط التصميم يمد المصمم بخطوات متتابعة للتصميم مدعمة بتعليمات اإلنجاز.
عموما؛ يبدأ الممارس بمجال التخطيط وينتهي بمجال الممارسة بينما يبدأ Theoreticianبمجال الفلسفة
وينتهي بمجال النظرية.
فالمصمم يبدأ بالتعرف علي القيم المطلوب تحقيقها في المنتج (منطقية – أخالقية – جمالية) تتمثل في
األهداف السامية للمجتمع مثل الراحة ،األمان ،النظافة ،توفير اللمسة الخالقة ..إلخ .وتلك األهداف مسائل
اعتبارية ال يمكن لمسها باليد ،وتشكل التساؤالت األساسية للتصميم.
()1
فلسفة التصميم ومباحث الفلسفة
( )1مصطفى عبده -المدخل إلى فلسفة الجمال(محاور نقدية وتحليلية وتأصيلية)-ص -27الطبعة الثانية-مكتبة مدبولي .1999
لبيان العالقة بين فلسفة التصميم ومباحث الفلسفة الرئيسية يجب علينا أوالً صياغة المبادئ والمفاهيم التي
ل ها من العمومية الكبيرة والتماسك مع النفعية ،والتي يمكن أن تكشف ظاهرة التصميم وذلك من خالل تساؤالت
تُطرح من خالل مباحث الفلسفة .
ولتطبيق هذه الرؤية نغطي المباحث الرئيسية للفلسفة والتي ذكرناها سابقاً متمثلة في :
ومن خالل اإلجابة علي ثالث مجموعات من التساؤالت علي النحو التالي في ضوء مبحث الوجود يمكن
لنا التعرف علي الحقيقة الغائبة وراء ظاهرة التصميم المحسوسة الدائمة التغيير إذا أجبنا علي المجموعة األولي
من التساؤالت :
أما مبحث القيم Axiologyفيلقي الضوء علي الوظيفة القيمية لهذه الفلسفة ويساهم في بناء نظام للتقييم
والنقد للتصميم والمنتجات من خالل اإلجابة علي مجموعة التساؤالت التالية :
وفيما يلي نتناول مبحث القيم بشيء من التفصيل لتحقيق رؤية متكاملة تشكل منظو ار فلسفيا
ما هو منطق التصميم ؟
يتولي علم المنطق دراسة ما يتعلق بجوانب قيمة الحق ،ويختص علم المنطق بعدة سمات تميزه؛ وأهمها لغة
التفكير العقالني؛ وتتبلور بطريقة ال يمكن تجاهلها.
ومن السمات التي يمكن التعرف علي المنطق من خاللها أنه:
خدمة المجتمع والناس .وعلى المصمم أن يقبل مبادئ أخالقية ومهنية للعمل باستمرار لتحسين وحماية -
البيئة الطبيعية .
تقدم وفعالية وضع مهنة التصميم .على المصمم أن يبحث دائماً على أعلى جودة للتصميم ،ويقدم -
مساهماته التي تعلي من القيم اإلنسانية؛ من خالل معايير الجمال والنفعية والمالئمة والجودة وغيرها .
خدمة العمالء والعام لين مع المصمم .حيث يجب أن يقبل مسئوليته في التكامل في الممارسة واألداء. -
زمالؤه .عليه أن يقدم لهم االحترام والتجاوب معهم في العمل نحو تحقيق األهداف. -
من الصعب بل والمستحيل في مجال التصميم التفرقة بين الشكل ومدلوالته الرمزية ،الوظيفية ،اإلستطيقية
علي عكس العمل الفني .
ولكن إذا نظرنا إلي الموضوع من المنظور الفلسفي؛ نرى أن التصميم يرضي رغبات اإلنسان؛ ليس علي
المستوي الفيزيقي أو االجتماعي فحسب بل أيضاً علي مستوي اللذة الخيالية .وللخيال هنا معني واسع؛ وهو أن
الوسائل الحسية التي تستخدم في التصميم كعناصر العمل الفني :مثل الخط واللون والظل والنور ..إلخ .أو
أساسيات العمل الفني مثل االتزان واالنسجام والترديد..إلخ .وكذلك المعنى والدالالت التي يحملها شكل المنتج
إرضاء معيناً،
ً من الوجهة الوظيفية النفعية .هذه كلها تثيرنا إلي استجابة خيالية تجعلنا نحس أننا نستمد منها
ي جعلنا نشعر تجاهها كما لو أننا نحصل منها على فائدة معينة ،والقيم الجمالية تتلخص في تحويل القيمة العملية
اء الطبيعي منها أو ما
إلى قيمة على مستوى الجمال ،وهذا تفسير لطبيعة الجمال يتسع ليشمل كل الموجودات سو ً
صنعه اإلنسان(.)1
من خالل اإلستفادة من دراسة مباحث الفلسفة والتعرف على مفهوم القيم الفلسفية و اإلجابة على التساؤالت
وتطبيق تلك التساؤالت على مجال التصميم لتحقيق النتائج المرجوة من البحث وبيان العالقة بين فلسفة
التصميم والقيم الفلسفية من خالل صياغة المبادئ والمفاهيم التي تكشف ظاهرة التصميم(هدف البحث).
المراجع:
-1التفكير الفلسفي -إعداد وترجمة محمد سبيال وعبد السالم بن عبد العالي-ص -12:20دار تويقال للنشر.
-2زكريا إبراهيم -دراسات في الفلسفة المعاصرة -ص -14مكتبة مصر 1986 -
-3طالل مشعل -تحديد مفهوم القيم -منشور -مركز الدراسات واألبحاث في القيم ٢٩-نوفمبر -٢٠١٦جدة.
عباس الجراري – مفهوم القيم وفلسفتها واشكالية الواقع -من أعمال ندوة " أزمة القيم " ،الدورة الربيعية لسنة -4
-2001مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية -سلسلة "الدورات" مطبعة المعارف الجديدة الرباط - ،2002ص126
)1( https://pyrovisky.wordpress.com/2015/02/28/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%85%D
9%8A%D9%85-%D9%85%D9%86
- جامعة أم القرى- بحث-""أهمية دور معلمي العلوم الطبيعية في تنمية القيم العلمية- علي بن سعد مطر الحربي-5
.2010
مكتبة مدبولي-الطبعة الثانية-22 ص-) المدخل إلى فلسفة الجمال(محاور نقدية وتحليلية وتأصيلية- مصطفى عبده-6
1999
7- https://pyrovisky.wordpress.com/2015/02/28/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%
D9%85%D9%8A%D9%85-%D9%85%D9%86
:مواقع االنترنت
1. www.academon.com/li/paper/15913.htm
2. www.apepper.com/content/articles/rca2002
3. www.culture24.org.uk/history
4. www.holonorth.com/faq.htm
5. www.ias.berkely.edu/cmes/icmc_files/19th.htm
6. www.nicve.salford.ac.uk/cibtg24/vr.html
7. www.titholographics.com/technology/tech-producing.htm
8. www.wcjcc.org/materials.htm
9. www.wirednewyork.com/wcf/default.htm
10. www.worldfinancialcenter.com/news/default.html