Professional Documents
Culture Documents
دور القيم وأخلاقيات الأعمال في التجارب العالمية في ظل مفاهيم الإدارة الرشيدة الحوكمة
دور القيم وأخلاقيات الأعمال في التجارب العالمية في ظل مفاهيم الإدارة الرشيدة الحوكمة
يأخذ الحديث عن أخالقيات األعمال مسارات عديدة تتناسب مع ثقافة الشعوب وطبيعة حضاراتها وهويتها السياسية
واالقتصادية .فال يقتصر وجود األخالق على مجتمع دون غيره ،إال أنه في ظل تدني معايير األخالق المتعارف عليها
رئيسيا للمجتمعات المتقدمة والمتخلفة على حد سواء.
ً مطلبا
أصبح البحث عن األخالق ً
يناقش هذا البحث دور القيم األخالقية في التجارب العالمية في ضوء ظهور مفاهيم الإدارة الرشيدة ( الحوكمة ) ،ويتمثل
الهدف الرئيسي من البحث في التعرف على التطورات العالمية في مجال أخالقيات األعمال في ظل حدوث تغيرات
رئيسية تطلبت إعادة النظر في أهميتها ،والوقوف على أسباب االهتمام بها على المستوى العالمي .وعلى ذلك ،فإن هدف
هذا البحث يركز على التعرف على المشكالت واألزمات الالأخالقية والتي شهدتها كبريات الشركات وأدت إلى انهيار
بعضها مما استدعى إلى اتخاذ إجراءات متعمدة على الجانب التطبيقي عبر بروز مفاهيم جديدة عرفت بما يسمى
الحوكمة .كما أن هناك تغيرات حدثت على المستوى النظري إلعادة التفكير في األسس التي قامت عليها النظرية
جنبا إلى جنب مع مفاهيم الربحية والكفاءة ،كما أن
االقتصادية الرأسمالية وبرز دعاة جدد يبحثون عن أخالقيات األعمال ً
جاريا عن أرضية أخالقية في األسواق المالية .ويبدو أن البديل الناجح واألمثل يتمثل في صناعة الخدمات
ً البحث ما زال
المالية اإلسالمية التي بدأت كبريات المراكز المالية العالمية تبنيها وتوفير البيئة التشريعية واالستثمارية الستقطابها.
ويأتي االهتمام برصد تلك التجارب واألساليب بهدف االستفادة منها في واقعنا العملي ولمؤسساتنا االقتصادية والسيما
اإلسالمية منها .وسوف نناقش النقاط األساسية التالية لتغطية الموضوع :
ـ األخالق مفهوم متعدد الجوانب واألشكال.
ـ أسباب االهتمام بأخالقيات العمل.
ـ دور ونطاق أخالقيات األعمال .
ـ التعارض بين األخالقيات واألداء .
ـ البحث عن أرضية أخالقية في األسواق المالية .
جزءا رئيسيا من صناعة النمو في الشركات ،عقب ذلك القدر الهائل من الفضائح
أصبحت "أخالقيات العمل" تشكل ً
والتجاوزات واتساع دائرة الجرائم والفساد اإلداري خاصة جرائم االختالس والرشوة واستغالل النفوذ التي تشهدها
الشركات على مستوى العالم وحاجة المجتمعات إلى وجود معايير وأخالقيات عمل أكثر ُر ِقًيا ،وضرورة تحديد عالقاتها
بالعاملين والعمالء والشركات والجمهور ،فضال عن مراجعة المفاهيم الخاصة بأهداف الشركات ،ويعكس النمو بأهمية
حاسما في الرأي العام بشأن المسئولية األخالقية للمؤسسات والشركات.فقد كان من المتوقع أن
ً أخالقيات األعمال تحوالً
أرباحا للمساهمين من خالل إنتاج السلع والخدمات بأسعار تنافسية وفقًا للقوانين واللوائح السائدة في
ً تحقق الشركات
وحري بالشركات في هذه األيام أن تتولى المسئولية األخالقية
ٌ المجتمع التي تزاول فيه الشركات والمؤسسات أنشطتها.
عن العديد من القضايا ،التي تشمل البيئة ،والجنس ،والعرق ،والمنتجات ،ومعايير السالمة والصحة في بيئة العمل.1
1
وقد أدى فهم قيمة األخالقيات بالنسبة للعمل إلى عدة مظاهر من بينها انتشار قواعد األخالق ومدونات رسمية للوقوف
علي المتطلبات األخالقية ،وتعيين مسئولين إداريين يهتمون بمراعاة الجوانب األخالقية من أجل تحفيز المديرين
والموظفين على التصرف وفقًا لما تقتضيه المعايير األخالقية .وعلى الرغم مما تقدم ،فإن هناك تباين بين ما يكتب عن
األخالق وما يجري تطبيقه ،حيث غالبا ما يحدث تعارض بين العمل والجوانب األخالقية .،وال ريب أن هناك مديرون
أكثر وعيا ويحرصون على مزاولة أنشطتهم وفقًا للمعايير األخالقية باعتبار أن ذلك خيار استراتيجي .2بينما يتخذ
بعض المديرين القواعد األخالقيةكستار التخاذ قراراتهم االنتهازية ،وخاصة في المواقفالتي ال يستطيع فيها
العامة التفرقة بين السلوك األخالقيوالسلوك االنتهازي.3
ويبدو أن الحاجة إلى تطبيق كل من األخالقيات والعمل بطريقة صحيحة ال تتوافق مع الرأي الشائع الذي يتبناه رجال
األعمال من أن "العمل عمل ،"Business is Businessومع رأي "ميلتون فرايدمان" Milton Friedmanبأن
األخالقيات ال دخل لها بمفهوم "العمل عمل .4 " Business is Businessحيثيري ميلتونفرايدمان الحائز علىجائزة
نوبل في االقتصاد في كتابة الصادر في 1963أنالدوافع االقتصادية هيأساسالمشروع الخاص وأنوظيفته األساسية
هيتعظيم الربح لصالح حملة األسهم ،أما المسئولية األخالقيةواالجتماعية فإنها ترتبط بالدوافع غير االقتصادية
وليستمنطبيعة المشروع الخاص ،ويأتيهذا الرأيانطالقا منأفكار ادم سميث في كتابة ثروة األمم عام 1776والتي
تشير إلى أنخلقالثروة هو مسئولية األفراد والدولة وانالشركة لها هدفرئيسيهو أنتبقي كمنشأ للثروة لتنتج السلع
المادية وتجلبها إلى السوق وتحمىرأسالمال وتعظم الربح.
ويغالى أحد أعالم اإلدارة المعاصرين في تأكيد هذه الرؤية للمشروع الخاص ،إلى أننا لو عهدنا إلى مالئكة كبار ،وهم
بطبيعتهم ال يبالون بشدة بدافع الربح ،لتمنوا أن يحققوا ربحا ،5والحقيقة أن فصل العمل عن األخالقيات أمر غير ممكن
اختياريا .وقرارات وسلوكيات العمل عبارة عن أعمال أخالقية ألنها تؤثر على
ً أمرا
وغير مفضل .فاألخالقيات ليست ً
حياة ورفاهة اآلخرين.
وال شك أن األفراد الذين يتخذون قرارات متعلقة بالعمل ويعملون بموجبها إنما ُيعبِّرون عن اختيارات أخالقية سواء
ارتضوا ذلك أم ال وسواء قصدوا ذلك أم ال .وإ ذا ما تظاهر هؤالء بخالف ذلك ،فإنهم بذلك ينكرون الجوانب اإلنسانية
التي غرسها اهلل فيهم أو ينكرون طبيعتهم األخالقية .6ليس ذلك فحسب ،بل إنتجاهل دور األخالقفي العمل يعني إنكار أن
هناكطرقصحيحة وأخرىخاطئة لمزاولة العمل.
فبعد مرور قرون على أفكار ادم سميث ،وفي ظل تطور المجتمعات الغربية والتحوالت اإلدارية الكبيرة واألزمات التي
عصفت بعدد من الشركات ألسباب الأخالقية بدأ بروز دعاه جدد ووسائل ومفاهيم لجعل األخالق عنصرا حاكما للنمو
والتدقيق في اختيار المدراء ،وبدا أن البعد عن القيم األخالقية أمر ال يثبت طويال ألنه مضاد للفطرة ،معارض للعلم،
مخالف للعقل ،يتنافى مع معطيات الواقع ،ويتجاوز كل القيم األساسية التي تشكل على أساسها اإلنسان ،وان أصالة
الفكرة األخالقية وسموها ووحدتها لن تنزل عن عرش سيادتها ما بقيت مثلها العليا قائمة في خاطر البشرية.
2
وينطوي مفهوم "أخالقيات العمل" على ٍ
معان متعددة ،فليس هناك تعريف محدد ودقيق ألخالقيات األعمال بل إن هناك
اختالطا في مفهوم أخالقيات العمل وأخالقيات اإلدارة ،والسلوك األخالقي ،فقد تعني أخالقيات العمل استخدام األخالقيات
كاستراتيجية عمل لتحسين سمعة وأداء الشركة .وقد يشير إلى التبعات األخالقية لقرارات وسلوكيات العمل ،وتأثيرها
على رفاهة الناس والبيئة.بحيث تكون مجموعة من المبادئ التي تهيمن على السلوك اإلداري وتتعلق بما هو صحيح أو
أيضا إلى السلوك األخالقي لإلدارة ،وأصحاب العمل ،والموظفين في تحقيق أهداف المؤسسة،
خطأ ،كما يمكن أن يشير ً
وأخيرا ،فإن أخالقيات العمل قد تعني االلتزام بالقيم
ً أو تبني قواعد أخالق تهدف إلى التأثير في سلوكيات الموظفين.
األخالقية (األمانة ،واالستقامة ،والثقة ،والصدق) في العمل .وينطوي هذا البحث على تلك المعاني.
ومن الناحية العملية ،بدأ المديرون يركزون جل اهتمامهم على زيادة أسعار أسهم الشركة على حساب مؤشرات األداء
األخرى .وأدت زيادة أسعار األسهم إلى تبرير أي سلوك من سلوكيات الشركة األخرى ،بما في ذلك منح رواتب تشجيعية
هائلة إلى المسئولين اإلداريين ،وتجاهل العاملين ،وتخفيض معايير السالمة والصحة ،وإ همال العوامل الحيوية التي تحقق
المصلحة طويلة األجل للشركة وتضمن استمراريتها ،مثل التدريب والبحوث والتطوير .وباإلضافة إلى ذلك ،أدى
التركيز على ارتفاع قيمة األسهم إلى تبرير ارتكاب تصرفات غير قانونية مثل تزييف الحسابات وتداول األسهم اعتمادا
على معرفة معلومات من داخل الشركة .وبدالً من حل المشكلة األخالقية ،أدت الحوافز المالية الكبيرة الممنوحة
للمسئولين اإلداريين إلى خلق مشكالت أكثر خطورة وتكلفة وشاركت في انهيار المؤسسات الكبرى مثل إنرون Enron
وورلدكوم .Worldcom
واستنادا إلى منظمة "تسخير األعمال التجارية لصالح المسؤولية االجتماعية" ،وهي منظمة أعمال تجارية تتخذ من
الواليات المتحدة مقرا لها وتعمل من أجل النهوض بالقيم االجتماعية ،تبين الدراسات أن الشركات التي يوجد فيها توازن
بين مصالح حاملي األسهم ـ مثل التوازن بين اإلدارة ،واليد العاملة والعمالء – حققت معدالت نمو ومعدالت أداء العمالة
تفوق الشركات األخرى بنسبة أربعة أضعاف وثمانية أضعاف على التوالي.
وفي الواليات المتحدة ،حفزت الفضائح المالية على إجراء تفحص دقيق وإ صالح شامل للقوانين المتعلقة بسلوك شركات
األعمال ،وذلك من خالل قانون ساربينز -أوكسلي Sarbanes-Oxley Lawلعام .2002يصف إثيوبِس تافارا
وروبرت ستراهوتا ،من مفوضية األوراق المالية والمبادالت األميركية (Securities & Exchange
،)Commission SECتعاون المفوضية مع منظمي التعامل باألوراق المالية والمبادالت األجانب لمساعدة الشركات
األجنبية في مواجهة المعايير الصارمة الجديدة التي يفرضها هذا القانون .ويقول كريستوفر رأي،وهو المسئول في وزارة
للم ّدعين العامين ترسانة أكبر من
وفر ُ
العدل األميركية ،إن قانون ساربينز-أوكسلي ّ Sarbanes-Oxley Law
األدوات التي تم ّكنهم من مقاضاة المخالفين للقوانين في الشركات الكبيرة.8
فخضوع الشركة للمساءلة والمحاسبة وتحملها المسؤولية إزاء حملة األسهم وأصحاب المصلحة اآلخرين فيها تضمنها
مجموعة من الواجبات -المنصوص عليها بدرجة أو بأخرى في العديد من البلدان المتطورة -التي يتعين على أعضاء
مجلس اإلدارة أن يتقيدوا بها عند اتخاذ القرارات .وتُعرف هذه الواجبات أو المهمات بالواجبات االئتمانية أو مسؤوليات
4
العهدة باألمانة .وهي تشمل واجب توخي الحذر ،وواجب الوالء للشركة ،وواجب التحلّي بالنزاهة والشفافية ،وواجب
العمل بنية حسنة.
ويمكن أن تؤدي مخالفة إحدى هذه الواجبات إلى تحميل أعضاء مجلس اإلدارة المسؤولية إزاء مراقبي تطبيق القوانين
التنظيمية الحكوميين أو إزاء حملة األسهم .ففي الواليات المتحدة ،مثالً ،يستطيع حملة األسهم إقامة الدعاوى على مديري
الشركة إما بصفتهم الشخصية أو بالنيابة عن الشركة للحصول على تعويض وتصحيح أي مخالفة مزعومة لواجب العهدة
االئتمانية .ومثل هذه الدعاوى كثيرة جداً في الواليات المتحدة كما تشهد على ذلك مجموعة دعاوى حملة األسهم ضد
شركات إنرون وتايكو وورلدكوم وغيرها من الشركات العديدة األخرى .وفي حين أن بعض الدعاوى ُم ِحقّة وبعضها
غير ُم ِح ّ
9
ق ،إال أن إمكانية إقامة مثل تلك الدعاوى ُيش ّكل حافزاً قوياً ألداء أفضل من قبل أعضاء اإلدارة.
وبوجه عام يمكن تصنيف اإلصالحات الرئيسية التي يتضمنها قانون ساربينز -أوكسلي Sarbanes-Oxley Law
في ثالث فئات .أوالً ،يحتوي القانون على إصالحات هامة تهدف إلى تحسين أداء مهنة المحاسبة وإ عادة الثقة بها .وثانياً،
يوفر القانون أدوات جديدة لفرض تطبيق قوانين األوراق المالية .وثالثا أصبحت مفوضية تنظيم التعامل باألوراق المالية
تستخدم تلك األدوات لتوسيع مجال برنامجها في تطبيق القوانين .وخالل السنتين الماليتين األخيرتين ،تقدمت الوكالة
بشكاوى قضائية ضد أكثر من 1300حالة لفرض تطبيق القوانين ،بينها أكثر من 370عملية احتيال في التقارير المالية
والحسابات .وقد حصلت على أحكام بدفع غرامات واسترجاع أرباح غير شريفة يبلغ مجموعها خمسة مليارات دوالر،
مجدداً كمسئولين أو كأعضاء في مجالس إدارة الشركات
وسعت إلى فصل أكثر من 330مديراً تنفيذياً من الخدمة ّ
10
العامة.
وقد قام الرئيس بوش بمعالجة هذه االنتهاكات وغيرها من المخالفات التي كشفت عنها فضائح احتيال الشركات ،كتلك
وجه فريق مكافحة االحتيال الخاص بشركة إنرون في وزارة العدل تهماً ضد 33مدعى
المتعلقة بشركة إنرون حيث ّ
عليهم بمن فيهم 24موظفاً سابقاً في شركة الطاقة ،بينهم رئيس مجلس اإلدارة ،ورئيسان تنفيذيان والموظف المالي
الرئيسي ،وأمين صندوق ،وثالثة رؤساء تنفيذيين في مؤسسات أعمال بارزة ضمن إنرون ،ونائب الرئيس التنفيذي
لعالقات إنرون مع المستثمرين ،وأحد أمناء سر الشركة .وقد أقر 22من بين المدعى عليهم بأنهم مذنبون أو تم تجريمهم
تم وضع اليد على أكثر من 161مليون دوالر من
نتيجة لمحاكمتهم ،بمن فيهم الموظف المالي الرئيسي السابق ،كما ّ
األرباح غير المشروعة.
وفي نوفمبر ،2004أدانت هيئة محلفين خمسة مدراء تنفيذيين في شركة إنرون كوربوريشن وفي شركة ميريل لنش أند
كومباني المتحدة ،وهي شركة تختص باإلدارة المالية ،بتهمة االحتيال وشهادة الزور وإ عاقة عمل العدالة ،وكلها تهم
ومعقد لالحتيال المالي .أما شركة وورلدكوم فقد تم اتهام الرئيس التنفيذي بها ،وهي شركة
انبثقت عن مخطط متطور جداً ُ
لمخطط ُمصطنع لتضخيم األرباح المعلن عنها
تؤمن خدمات الرعاية الصحية ،بالعديد من تهم االحتيال التي نشأت نتيجة ُ
وزعم أن المدعى عليهم أضافوا زوراً مداخيل وهمية
وقيمة أصول الشركة ولتزوير التقارير عن وضع الشركة الماليُ .
بقيمة 2.7ألف مليون دوالر على دفاتر وسجالت الشركة وأقنعوا الشركة بمنحهم رواتب ومكافآت وخيارات اكتتاب
ألسهم وفوائد أخرى ،استناداً إلى األرقام المضخمة زوراً.
5
وقد أدانت هيئة المحلفين شركة هيلث ساوث وأديلفيا الرئيس التنفيذي والمدير المالي السابقين لشركة أديلفيا لالتصاالت،
وهي شركة للتلفزيون الكابلي ،بالتآمر واالحتيال باألوراق المالية واالحتيال على المصارف ،من خالل مخطط احتيال
مالي وحسابي معقد ،وباختالس ممتلكات الشركة مما غبن حملة األسهم والدائنين .وقد تمت أعمال التحقيق والمقاضاة
في هذه القضية بالتنسيق الوثيق مع مفوضية ( ،)SECالتي تولت أيضاً رفع قضية متوازية تتعلق بفرض تطبيق
القوانين.11
وقد بدأت حركة حوكمة الشركات أخيراً في التركيز على طرق أخرى لتعزيز نزاهة المسئولين عن إدارة الشركة
شدد وليام دونالدسون ،رئيس مفوضية تنظيم التعامل باألوراق المالية ()SEC
وأعضاء مجالس اإلدارة .فمثالًّ ،
(األمريكية) على أهمية تشكيل أعضاء مجلس اإلدارة وكبار المسئولين اإلداريين بحيث تكون نموذجاً رفيع المستوى من
ناحية المعايير األخالقية على رأس الشركة ومع تقدم حركة الحوكمة ستبذل تلك الحركة جهداً كبيراً للعثور على أعضاء
مجالس إدارة ممتازين أخالقياً ويتحلّون بصفات كان يجلها اقتصاديّو القرن الثامن عشر ،آدم سميث ،مثل :الحصافة
والعدالة واإلحسان وضبط النفس والحشمة واالعتدال.
6
-4االهتمام بالتعليم والتدريب :
إن التطور األوسع في مجال أخالقيات األعمال نجده في مجال التعليم والتدريب ،ففي الدول الصناعية أخذت هذه المادة
تدرس وتصدر فيها الكتب المتخصصة والمنهجية على نطاق واسع ،ويوجد في الواليات المتحدة األمريكية حاليا أكثر من
500مقرر تدريسي من مقررات أخالقيات األعمال تدرس في الجامعات بدوام كامل وان %90منها تقدم نوعا من
التدريب في هذا المجال وحتى عام 1993كان هناك ما ال يقل عن 16مركزا بحثيا ألخالقيات العمل 13واألعمالوفي
عام 2004أصدرتجمعية إعالءشأن كلياتومدارسإدارة األعمالوالتجارة ،وهيالهيئة الدولية التي تصادق علىإنشاء
كلياتاألعمالوالتجارة ،مبادئتوجيهية لدمج األخالقياتوالحوكمة في مواد تدريس اإلدارة العالمية .وتركز هذه المبادئ
التوجيهية علىأربع مجاالت:هيمسؤولية شركات األعمالفي المجتمع والقيادة األخالقيةوصناعة القراراتاألخالقية
وحوكمة الشركات.14
وفي عام 2001أعد االتحاد األوروبي ورقة بحث بعنوان "تشجيع وضع إطار عمل أوروبي للمسؤولية االجتماعية
للشركات" وتم إطالق عملية إعادة فحص في بلدان متعددة لوضع تدريس إدارة األعمال واألبحاث الموضوعة عن
المسئولية االجتماعية للشركات،و وضع مبادرات األبحاث والمناهج الدراسية التي يتم تنظيمها تحت رعاية األكاديمية
األوروبية لألعمال التجارية في المجتمع .كما أن مبادرة االتفاق العالمي أو غلوبل كومباكت ()Global Compact
التابعة لألمم المتحدة ،وهي مبادرة تضم أكثر من 2000شركة تجارية من مختلف أنحاء العالم وعدداً من وكاالت األمم
المتحدة ومنظمات العمال والمجتمع المدني لدفع عجلة المواطنة المسئولة للشركات .فقد عملت على إقامة منتدى لشبكات
من أساتذة إدارة األعمال والتجارة حول العالم.
وقد أتاح هذا المنتدى للمدرسين تبادل األبحاث ووضع دراسات عن حاالت معينة إلعطاء مثال يوضح ممارسات
الشركات التي تحاول جاهدة التقييد بمبادئ مبادرة االتفاق العالمي حول العمل والبيئة وحقوق اإلنسان ومحاربة الفساد.
كما أطلق برنامج آسين لألعمال التجارية والمجتمع ،ومركزه الرئيسي في الواليات المتحدة ،ائتالفاً عالمياً يضم 11كلية
أعمال وتجارة في الهند وجنوب أفريقيا وأسبانيا والمكسيك وكندا والواليات المتحدة ،تعمل جميعها بطرق مختلفة
لمعالجة قضايا تتعلق باألخالقيات ،والمسؤولية االجتماعية للشركات ،ومواطنة الشركات ،واالستدامة ،والحوكمة
15
الرشيدة
أما المعهد اآلسيوي لإلدارة في مانيال فقد كان سباقاً في منح شهادة ماجستير في إدارة التنمية ُمصممة خصيصاً إلعداد
القادة الذين سيعملون في االقتصاديات الناشئة على معالجة التحديات الخاصة والفرص التي تضمنها تلك االقتصاديات.16
وتُطور كلية التجارة وإ دارة األعمال بجامعة ستلنبوش بجنوب أفريقيا برنامج دكتوراه في القيادة والحوكمة واألخالقيات
17
يرمي إلى مماشاة أهداف الشراكة االقتصادية الجديدة للتنمية اإلفريقية.
وهناك أيضاً العديد من الشبكات مثل الشبكة األوروبية ألخالقيات العمل التجاري التي تضم أعضاء من 33بلداً يعملون
من أجل إقامة اتصاالت بين العاملين في الحقلين األكاديمي والتجاري ،ومن أجل تشجيع األخالقيات في ممارسات التعليم
والتدريب والتنظيم.18
فشركة جنرال موتور General Motorsعلي سبيل المثال تدفع عدة ماليين من الدوالرات سنويا كغرامات جزئية
نتيجة للتصرف الالأخالقي الذي أدى إلي دخول الشركة في قضايا عمالية مكلفة .كما إن الدروس التي يمكن إلحدى
الشركات أن تستخلصها في وقوع كارثة في مجال حقوق اإلنسان أو كارثة بيئية قد تكون لها آثار وخيمة عليها .فقد حدت
مأساة بوبال بشركة يونيون كاربايد Union Carbideإلى تحويل نفسها تماما تقريبا بعد الحادثة ،حيث شهدت مبيعاتها
انخفاضا من 9.9مليار دوالر سنويا قبل الحادث إلى 4.8مليار دوالر بعد ثماني سنوات .ويبلغ مجموع تكلفة التلوث
النفطي لشركة إكسون فالديز Valdez Exxonما يتجاوز 1بليون دوالر.
وفي كلتا الحالتين ،أدت الكارثتان إلى حدوث تغيير .ومنذ حادث بوبال ،شرعت الصناعة الكيمائية في اتخاذ مبادرات
طوعية بمفردها بخصوص المسئولية االجتماعية لتلك الشركات .ومنذ حادثة إكسون فالديز ،Valdez Exxonأصبحت
القوانين والتنظيمات المتعلقة بنقل النفط أكثر صرامة ،مثل التدابير الرامية إلى تجهيز ناقالت النفط ببدنين اثنين بحلول
عام .2015
ومنذ عهد قريب ،اعتمدت شركتا صناعة األحذية الرياضية "نايكي" و "ريبوك" Nikeو Reebokمدونتين جديدتين
لقواعد سلوك الشركتين عقب ما تعرضتا له من نقد الذع بشأن الممارسات العمالية لبعض المتعهدين التابعين لهما في
آسيا .ونقحت بصفة هامة مجموعة "رويال دتش شل "Royal Dutch Shellببيان المبادئ العامة المتعلقة بإدارة
األعمال التجارية" الخاصة بها بعد أن اتهم محتجون الشركة باإلهمال في حقوق النفط في بحر الشمال .
ويعكف الكثير من كليات األعمال والتجارة حول العالم على االستفادة من مصادر األخالق واالعتماد على التقاليد إلعداد
طور
جيل المستقبل من قادة المؤسسات التجارية إلدارة أعمالهم بشكل فعال وأخالقي .وعلى سبيل المثال ال الحصرّ ،
معهد اإلدارة واألبحاث في مومباي بالهند ،عدة مبادرات بما فيها تأسيس مركز تطوير مواطنة الشركات ،الذي يوفر
للطلبة تجارب خارج حجرات الدراسة لتنمية حساسيتهم إزاء ما إلدارة األعمال من تأثير اجتماعي .وقد قام هذا المركز،
خالل العقد األخير ،بتنفيذ أكثر من 800مشروع شاركت فيها أكثر من 50شركة ومائة منظمة غير حكومية .وعلى
رأس تلك المشروعات مشروع جيتا شبهير التابع للمركز ،وهو عبارة عن ورشة عمل داخلية تدوم يومين وتقام في أشرم
عرف الطالب على جوانب الحياة الروحية واإلدارة الذاتية المرتكزة إلى تقاليد الكتب
(مؤسسة للدراسات الروحية) تُ ِّ
المقدسة الهندية.
8
محظورة بموجب القانون .وهكذا تتاح الفرصة للشركات والمؤسسات بأن تخلق احتياجاتها وأن تستخدم األساليب الدعائية
واألساليب التسويقية والترويجية األخرى ذات الصلة في إقناع المستهلكين بشراء منتجاتها وخدماتها .وال يوجد شيء
خاطئ في إيجاد االحتياجات الحقيقية التي تسهم في تحقيق الراحة والرفاهية في الحياة .وعلى الرغم من ذلك ،تقوم
الشركات في كثير من الحاالت بإيجاد احتياجات ورغبات عالية التكلفة وغير مفيدة ال لشيء سوى لتحقيق األرباح .وقد
اجتماعيا .وهذا هو
ً ترى اإلدارة أن ذلك العمل "جيد" ،ولكنه في الحقيقة عمل ال فائدة منه ويؤدي إلى تبعات غير مرغوبة
المصدر الرئيسي لالستهالك الزائد والعامل األساسي الذي يدفع الناس إلى إجهاد أنفسهم بالعمل واإلفراط في االستهالك.
إن العملية الخادعة المتمثلة في إيجاد احتياجات ورغبات ال فائدة منها ال تؤدي فحسب إلى تشتيت انتباه الناس عن
االهتمام باألمور األكثر أهمية في الحياة التي تثمر في النهاية عن تحقيق السعادة والرضا بصفة مستمرة ،بل تؤدي إلى
النضوب المبكر للموارد غير المتجددة وتدهور البيئة .ومن األمور التي تخضع للمناقشة ،أن الرؤية الشاملة ألخالقيات
العمل على خالف الرؤية العقلية التقليدية تنجح في إقناع الشركات على إنتاج بضائع وخدمات مربحة ألنها تفي
باالحتياجات الحقيقية للناس فضالً عن إقناعهم بتركيز نشاطهم اإلبداعي على تطوير المنتجات التي تساعد على تحسين
جودة الحياة بطريقة واضحة والتخلي عن استهالك المنتجات التي يمكن االستغناء عنها .وعدم تحويل اإلنسان الفرد إلي
أداة استهالكية بحيث تكون وظيفته في الحياة االستهالك بال حدود.
لقد قيل الكث ــير عن أن أخالقي ــات العمل ال تتوقف عند حد الس ــعي وراء ال ــربح "وفقًا للق ــوانين والل ــوائح المطبقة في المجتمع
وبـ ـ ــدون خـ ـ ــداع أو احتيـ ـ ــال" ،حسـ ـ ــبما يعتقد الـ ـ ــرأي العقلي التقليـ ـ ــدي .وقد تعـ ـ ــرض ذلك الـ ـ ــرأي إلى هجـ ـ ــوم عـ ـ ــنيف من قبل
المجموع ـ ـ ــات ذات المص ـ ـ ــلحة على م ـ ـ ــدار العق ـ ـ ــدين األخ ـ ـ ــيرين بمن فيهم المس ـ ـ ــتهلكون والم ـ ـ ــدافعون عن حق ـ ـ ــوق اإلنس ـ ـ ــان
واختصاص ــيو الحفــاظ على البيئ ــة ،الــذين يطــالبون الشــركات والمؤسس ــات بتط ــبيق مع ــايير عمل مرتفعة وتــولي مس ــئوليات
اجتماعية أكبر.
سببا آخر من أسباب االهتمام باألخالقيات حيث برزت مدونات ومنظمات غير حكومية عبر شبكة اإلنترنت
وتعد العولمة ً
تعكف على رصد المخالفات التي ترتكبها الشركات .كما أن العولمة قد أوضحت مشكلة اختالف الثقافات بين مديري
األعمال في ظل انفتاح األسواق وتغلغل بعض الشركات في أسواق مختلفة حول العالم.
9
وتبذل العديد من الشركات في الوقت الحاضر جهودا مضنية للنأي بنفسها عن طغيان العولمة .وأوضح ريك وانجور
Rick Wagonerالمسئول التنفيذي األول لشركة جنرال موتورز ،General Motorsأن "نمو الشركات العالمية
يمكن أن يؤثر في عدد أكبر من األشخاص وفي عدد متزايد من البلدان مقارنة بأية قوة أخرى ظهرت في الماضي" .غير
أنه توجد مشاكل أيضا .ويقول إنه بالنسبة إلى الشركات "يحمل االقتصاد العالمي في طياته مجموعة من االلتزامات".
يمكن توظيف األخالقيات بشكل سليم في العمل ،بحيث أن تطبق الشركة من بين العديد من األمور إجراء شفافًا
وديمقراطيا لصنع القرارات .وال يكفي أن تكون القرارات الصادرة صحيحة فحسب ،بل يجب أن تكون الطريقة
ً
أيضا ،واألكثر من ذلك ،يجب رؤية هذه القرارات والحكم عليها بأنها
المستخدمة في التوصل إلى هذه القرارات صحيحة ً
صحيحة .وأولئك الذين يتأثرون بشكل مباشر وكبير بقرارات الشركة لهم حق أخالقي وأدبي ،وهو التعرف على سبب
اتخاذ هذه القرارات ومن هم متخذو هذه القرارات ،كما يجب أن يتم مشاركتهم أو استشارتهم في األمور التي تؤثر على
رفاهتهم .وحتى اآلن ،فإن هذا اإلجراء ال يزال يقتصر بشكل كبير على المساهمين فحسب .وعلى الرغم من ذلك ،فإننا
نرى أن العاملين لهم حق المشاركة في صنع القرارات التي تتعلق بطبيعة عملهم وصحتهم وسالمتهم .وليس هذا األمر
واستعدادا في بذل الجهد
ً صائبا من الناحية األخالقية فحسب ،بل إن له فائدة في العمل .حيث يصبح العاملون أكثر رغبة
ً
والعمل بشكل أكبر في الظروف التي يشاركون فيها في عملية صنع القرار .إلى أنهم سوف يشعرون بالسعادة والتقدير
بسبب استشارتهم ومنحهم السيطرة والتحكم في عملهم ،فسوف تزداد قدراتهم اإلنتاجية بشكل ملحوظ .وسوف يساعد ذلك
على تقليل المشكلة األخالقية التي تتمثل في بذل جهد أقل من الجهد المتفق عليه أو إنجاز الحد األدنى من العمل.
ومن المتطلبات األخرى الهامة في تطبيق األخالقيات وتنفيذ العمل بطريقة صحيحة ،هو ضرورة أن تكون المعلومات
التي تستند إليها القرارات موثوق منها ودقيقة قدر اإلمكان .وفي العمل ،يوجد قدر كبير من المعلومات غير المتماثلة بين
المديرين والموظفين ،والمشترين والبائعين ،وحتى بين المديرين والمساهمين .وتظهر المعلومات غير المتماثلة حينما
يتوفر لدى المديرين معلومات عن مدى جودة المنتجات أكثر من المعلومات المتوفرة لدى المشترين ،أو حينما يكون
العاملون على معرفة أكبر بقدراتهم اإلنتاجية على خالف المديرين ،أو حينما يتوفر لدى المديرين معلومات عن الوضع
المالي للشركة والوضع المستقبلي لها أكثر منالمساهمين .وتؤدي هذه المعلومات غير المتماثلة إلى خلق مشكالت
أخالقية خطيرة ،وتحول دون صياغة واتخاذ قرارات عمل صحيحة.
10
ويمكن تشجيع األفراد على تحري الصدق واألمانة عبر تقديم حوافز مالية ومتابعة األداء عند نقل المعلومات الصحيحة
التي تساعد صانعي القرار على اتخاذ القرارات الصحية ،وهو بال شك أمر أخالقي مرغوب فيه.
وبناء على هيكل السوق وظروف البيئة التي تحيط بالمؤسسة وتؤثر في أدائها ،فإن إدراج االعتبارات االجتماعية
واألخالقية ضمن حسابات العمل قد يؤدي إما إلى تحقيق أداء جيد على مستوى العمل أو زيادة التكاليف وانخفاض
الحصيلة المالية المرضية .وإ ذا تجاوزت عوائد االعتبارات األخالقية للتكاليف الخاصة بها ،فلن يكون هناك تعارض بين
العمل الجيد والنتائج األخالقية الجيدة .أما إذا كانت التكاليف تتجاوز العوائد ،فسوف تواجه المؤسسة أزمة بين األخالقيات
واإلرباح .ويتوفر أمام المؤسسات االنتهازية أو شبه االنتهازية خيار يتمثل في تبني الحد األدنى من المستويات األخالقية
بما يضمن استمراريتها وهذا ما يعنيه مصطلح " "Satisfierباللغة اإلنجليزية بدالً من أن تلتزم بأقصى مستويات المعايير
األخالقية وهذا ما يعنيه مصطلح " "Maximizerباللغة اإلنجليزية .ولكن المؤسسات االنتهازية ال تتعرض ألية ضغوط
تجعلها تتصرف بطريقة أخالقية .وقد تؤدي المعلومات غير المتماثلة إلى جعل العمالء وصانعي السياسات غير قادرين
قويا.
رادعا ً
ً على اكتشاف السلوكيات غير األخالقية ،ومن ثم ال يكون الخوف على سمعة الشركة
وقد تم اقتراح مجموعة من الحلول لعالج مشكلة التضارب بين نتائج العمل المرضية وبين الجوانب األخالقية ،والذي
يتمثل في أن تمضي الشركة في طريقها وتلتزم بالسلوك األخالقي .19ولكيتتمكن مناالستمرار في السوق ،فعليها بذل
جهد اكبر للتوصل إلى طرقووسائلمبتكرة تساعدها علىمزاولة نشاطها بفعالية بدون التخلي عن التزاماتها األخالقية.
ولعل الحل البديل وربما الحل األكثر واقعية "للتكلفة األخالقية للمنافسة" هو نوع من العمل الجماعي،ـ الذي يشتمل تغيير
قواعد المنافسة وتقديم حوافز مالية وأخالقية لألفراد الذين يرغبون في العمل وفقًا للمعايير األخالقية حينما يتخلى عنها
المنافسون .وتغيير قواعد المنافسة عن طريق وضع معايير تنافسية للسلوك يمكنها تمييز المصالح المتبادلة للمنافسين
نظرا لتضاؤل
ومصالح المجتمع والمصالح البيئية .ولذا ،ظهر االقتراح بأن اإلعالن خير من المنافسة على األسعار ً
االحتماالت بأن يؤدي إلى إقصاء المنافسين ،ومن ثم "تحقيق بيئة باريتو فيما يتعلق بالمنافسة على السعر.20وباإلضافة إلى
ما تقدم ،يرى Arceأنالمنافسة اإلعالنيةال تمثل خرقًا لقوانين الممارساتالتجارية ،علىخالفالتآمر الضمني في
تحديد األسعار .وبهذه الطريقة ،يؤدي االعترافبالتبادلية إلى إيجاد معيار للمنافسة بدون وجود مخاوفأخالقية.
11
وبرغم أن اإلعالن أفضل من المنافسة على األسعار ،فإنه ال يخلو من المشكالت األخالقية .وال تكمن المشكلة الحقيقية
في اإلعالن بشكل كبير في إطالق ادعاءات غير حقيقية أو كاذبة ،بل تكمن بصفة أساسية في تقديم معلومات خادعة .إن
خادعا .ففي ظل عدم تطبيق القواعد األخالقية في اإلعالن التي تؤكد على التمييز بين
ً إخبار الحقيقة يمكن أن يكون
المعلومات واإلقناع ،أو يبن إخبار الحقيقة والمعلومات الخادعة ،يؤدي اإلعالن إلى تشجيع بل وإ كراه المستهلكين على
شراء المنتجات التي ال يحتاجونها .وبأخذ اآلثار الضارة لزيادة االستهالك على البيئة في االعتبار ،نجد أن الوقت قد حان
لتشجيع المؤسسات على تقليل أنشطتها اإلعالنية عن طريق التخلص من تكاليف اإلعالنات من البنود الخاضعة للخصم
الضريبي.
وباختصار ،تتمثل الطريقة األكثر فعالية في تحفيز الشركات والمؤسسات على فعل الشيء الصحيح واتخاذ القرارات
مؤسسيا من خالل استخدام نظام فعال للحوافز والموانع .وال يكون فعل الشيء
ً السليمة في جعل السلوك األخالقي سلو ًكا
غالبا مغريات
دائما يظل الشيء الصحيح .وفي مجال العمل ،يوجد ً
وخاليا من التكاليف بصفة دائمة ،ولكنه ً
ً الصحيح سهالً
لفعل الشيء الخاطئ وخاصة حينما تكون المكاسب المالية كبيرة .ويمكن تقليل هذه المغريات إن لم يمكن التخلص منها
نهائيا من خالل تطبيق نظام الحوافز الذي يربط المصلحة الشخصية بالسلوك األخالقي واألداء المالي .21ويرىاألخالقيون
ً
الذين يربطون النظرية األخالقيةبالمهام والحقوق أنمنواجبرجال األعمالأنيلتزموا بفعل الشيء الصحيح ،ألن
أيضا في
ً واجبهم يقتضي عليهم فعل ذلك بدون اعتبار لمصالحهم الشخصية .وعلىالرغم منذلك ،فمن الطرق الفعالة
تحفيز رجال األعمالعلىفعل الشيء الصحيح هو ربط األفعال الصحيحة بمصالحهم الشخصية ،عنطريقمنحهم مكافآت
مالية أو حرمانهم منها.
وبالمثلُ ،يقال أن األمانة هامة في العمل .ومن هنا تأتي المقولة العامة "األمانة هي أفضل سياسة" .ولكن األمانة أمر ليس
فدائما ما يوجد نوع من التعارض بين األمانة وبين المصلحة الشخصية .ومن وجهة نظر المؤيدين
بيسير في العملً .
لمذهب المنفعية ،ال يوجد شيء خاطئ في استخدام األمانة كسياسة أو وسيلة لحفظ الذات ،أو في كسب المال شريطة أال
ضررا باآلخرين .وعلى الرغم من ذلك ،فإن رجال األعمال الذين ال يومنون بالسلوك األخالقي ويتظاهرون
ً ُيلحق ذلك
فقط بأنهم أمناء أو صادقون ،إنما يتحملون خطورة وضع عمالئهم وأصحاب المصالح اآلخرين موضع السخرية .ومن
ثم ،فإن استخدام األمانة كسياسة وعدم استخدامها كفضيلة ،من الممكن أن يحقق نتائج عكسية .وعلى الرغم من أن كثيراً
من رجال األعمال يفعلون الشيء الصحيح ألنه الشيء الذي ينبغي فعله ،أو الرتباط سمعتهم باألمانة بصرف النظر عن
12
النتائج ،فإن آخرين ال يمكنهم المجازفة بخسارة سمعتهم وتكبد خسائر مالية بسبب أنهم غير أمناء .وال تتمكن المؤسسات
التي تدير أعمالها بطريقة غير أخالقية من االستمرار ،بل إنهم يتعرضون لمخاطر خسارة سمعتهم وخسارة نشاطهم
أيضا.
ً
جدير بالذكر أن ليست جميع نظم األخالقيات مالئمة للعمل .فمثالً ،فإن النظام األخالقي الذي يؤكد على اإليثار وإ نكار
أيضا بأنه يتعارض مع
الذات ومناهضة المادية ،قد يؤدي إلى إعاقة التقدم االقتصادي واالجتماعي،ـ ومن الممكن القول ً
جزار يتسم باإليثار ويبيع اللحم في بلدة فقيرة أقل من التكلفة ِّ
الحدية .فلن يمر وقت طويل العمل .ولنفترض مثالً أن هناك ّ
حتى يخسر ذلك الجزار عمله ويصبح في وضع ٍ
مترد أكثر من ذي قبل .ولذا ،يجب التمييز بين األخالقيات باعتبار أنها
هدف أو غاية وبين األخالقيات التي تمثل عائقًا وعقبة في العمل.
فليس مهمة الشركة الساعية للربح أن تسعى إلى تطبيق األهداف األخالقية وفقط وليست مهمة الشركات السعي فقط للربح
ولكن يجب أن تحقق الشركة هدفها المتمثل في تعظيم األرباح من خالل االلتزام بالطرق األخالقية .وفي هذا اإلطار،
ترتبط أخالقيات العمل باألهداف ،وتصبح مهمة األخالقيات في العمل وسيلة من وسائل بتنفيذ تلك األهداف.
كما يمكن أن يطبق الشخص األخالقيات في العمل بطريقة غير مباشرة ،من خالل تحسين الظروف المعيشية لألفراد عن
طريق توظيف األفراد العاديين من أجل الشعور بالراحة والطمأنينة في الحياة .وحينما يمكن المشاركة في تحقيق األمن
ٍ
حينئذ أن ينجح النشاط التجاري في تقليل السلوكيات غير األخالقية .ويعد الفقر والرخاء االقتصادي لألفراد ،يمكن
والبطالة السبب الرئيسي لألنشطة اإلجرامية والسلوكيات غير األخالقية .ومن األمثلة األخرى لتطبيق األخالقيات في
العمل هو التزام العديد من المؤسسات في السنوات األخيرة بسياسة تكافؤ الفرص من أجل مساعدة األفراد المعاقين
واألفراد من ذوي الخلفيات العرقية المضطهدة .ومثل هذه السياسة تؤدي إلى تحقيق المعني الصحيح للعمل وتسهم في
إرساء األخالقيات السليمة.
ويتضح أن العالقة بين األخالقيات والعمل عالقة وثيقة ومتغيرة .كما ال يمكن فصل أي منهما عن اآلخر .ففي بعض
األحيان ،يعزز كل منهما اآلخر ،وفي آونة أخرى يتعارضان .وحينما يتعارضان ،فإنها يسببان مشكالت للمجتمع ،إن لم
يكن للعمل ذاته .وربما نجد أن أفضل طريقة لتسوية ذلك التضارب بينهما إنما يكون من خالل العمل الجماعي الذي
يعتمد على الحوافز التي يتم منحها للمؤسسات واألفراد والجزاءات التي يتم فرضها عليهم لكي تدفعهم إلى التصرف
13
بطريقة أخالقية .وال يمثل ذلك مشكلة كبرى ،حيث يسعى معظم رجال األعمال إلى فعل الشيء الصحيح بسبب المصالح
المالية أو ألن ذلك ببساطة هو الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله.
على الرغم من الجهود المبذولة إلصالح المشكالت األخالقية التي عانت منها بعض الشركات من خالل مفاهيم وتطبيقات
الحوكمة ،إال إن االقتصاد العالمي مازال يعانى من العديد من مجموعة من االضطرابات في األسواق الدولية الناجمة إما
عن خلل هيكلي في النظام التقليدي الذي يحكم النشاط المالي واالقتصادي مثل األزمة المالية التي عصفت بآسيا ،أو ناجمة
عن خلل أخالقي وبروز ممارسات من الغرر واالحتيال والسعي المادي نحو الربح حيث انتابت األسواق المالية الشهور
الماضية سلسلة من األزمات كان أخرها أزمة الرهن حيث أدى التوسع في إصدار السندات والرهون العقارية إلى ظهور
نوع من المشتقات يسمى صناديق التحوط ( .)Hedge Fundsويعتمد هذا النوع من المشتقات على جزء بسيط من قيمة
آنيا أو مستقبال أمال في تحقيق ارتفاعات في قيمة السندات في المستقبل حيث يعتمد هذا النوع من االستثمار على
السند ً
االستثمار في السندات المغطاة بأصول عقارية أو بأصول أخرى.
وتتصف بالقدرة السريعة على التسييل مما دفع العديد من مؤسسات الوساطة المالية للتوسع في هذا االستثمار وقد بلغت
القيمة اإلجمالية لهذه السندات نحو 503مليار دوالر عام 2006ويتصف هذا النوع من االستثمارات األجنبية في
معظمها بظاهرة الريعية غير المنتجة على الصعيد العالمي ،ويقف وراءها شبكة كبيرة من المضاربين الذين يسعون
ناتجا عن استثمار حقيقي إلنتاج السلع والخدمات ،وإ نما نتيجة
للحصول على أكبر دخل ممكن دون أن يكون ذلك ً
لالستثمار المالي القائم على المضاربة بهدف المضاربة .23ووفقًا لبنك االحتياط (البنك المركزي األمريكي ،)Fedبلغت
إجمالي القيمة السوقية للعقارات السكنية ما يقرب من 21تريليون دوالر أمريكي في يونيو .2007وقد بلغت قيمة
ُسر ما يقرب من 10تريليون دوالر أمريكي .ومن المتوقع أن تؤدي
الديون المضمونة برهن مستحق السداد على األ َ
أزمة الرهونات العقارية إلى تحقيق خسارة بقيمة 2تريليون دوالر أمريكي في الثروة السكنية وانخفاض االستهالك
بحوالي 75مليار دوالر أمريكي في غضون سنتين ،فضالً عن انهيار بعض الصناديق العقارية مثل إعالن بنك بي إن
بي باريبا في 9أغسطس الماضي عن إغالقه ثالثة من صناديقه بعد معاناتها من عدم سيولة لألصول (الصناديق) في
الوقت الذي أعلن فيه في وقت سابق أن سيولة الصناديق الثالثة متوافرة بمثابة الشرارة الثانية التي أطلقت األزمة وأكدتها
ذلك بعد إعالن سابق من شركة بيرسترن االستثمارية عن انهيار اثنين من صناديق التحوط التي تديرها بعد التراجع الذي
شهدته مما أدى إلى حمى التخلص من االستثمار في هذا النوع من الصناديق حيث حول المستثمرون ما يعادل 49مليار
24
أيضا بنك بير
من السندات المغطاة بأصول إلى سندات الخزانة األمريكية في غضون أسبوع واحد .كما انهار ً
ستيرنز Bear Stearnsخامسأكبر البنوك االستثمارية في الوالياتالمتحدة األمريكية منجراء أزمة الرهوناتالعقارية،
حيثبيع بسعر دوالرينللسهم بعد أنوافقجيه بي مورغانتشير
JP Morgan Chaseعلىشرائه بحوالي 236مليوندوالر لكي ينتهي وجود بنك بير ستيرنز Bear Stearns
كبنك مستقلمنذ 85سنة .25
وقد وجدت بعض المصارف التقليدية العربية والخليجية واألجنبية ضالتها في النموذج المالي والمصرفي اإلسالمي حيث
كبيرا سواء من جانب المسلمين المقيمين في الغرب المتعطشين للتعامل مع المؤسسات
وطلبا ً
ً نموا
أن هذا النموذج يشهد ً
14
المالية اإلسالمية ،أو عبر ارتفاع معدالت دخول الدين االسالمى اآلخذة في النمو ،باإلضافة إلي وجود فئات وشرائح من
العمالء غير المسلمين الذين يرغبون في التعامل مع المؤسسات المالية اإلسالمية انطالقا من أسس أخالقية قريبة الشبه
باألخالق اإلسالمية فضال عن محدودية المخاطر الرتباط التمويل اإلسالمي بسوق النقد وسوق األصول وتمتعه بقيم
وأخالق مهنية تحكم نموه وتطوره مثل االلتزام بالحالل واجتناب الحرام ومنع االحتكار ،وحرية التملك بوسائله
المشروعة والتراضي والصدق واألمانة وعدم الغش والغرر وحسن القضاء والتيسير على المعسر وتعظيم قيم العمل
وتحفيز اإلنتاج وتشجيع االدخار وترشيد االستهالك وتحقيق التكافل والعدالة في توزيع الثروة.
وفى الوقت نفسه تشهـد األسواق العـالمية توجهـا دوليـًا لتبى آليات وأدوات العمل المصرفي واالستثماري اإلسالمي من
قبل مؤسسات مالية تقليدية عريقة مثل ميريل لينش Merrill Lynchوبنك باريس الوطني Banco National de
Parisوروبرت فلمنج Robert Flemmingsوجـولدمان ساكس Goldman Sacksولنجتون مانجمنتWillington
Managementوعلى مستوى دول أخرى مثل المملكة المتحدة ،وكندا واستراليا ،وسويسرا ،وألمانيا وهونج كونج،
حيث بلغت المعامالت التي تتفق وأحكام الشريعة اإلسالمية درجة عالية من االنتشار والتوسع ،وهو ما جعلها تمتد إلى
مختلف أرجاء العالم لمواكبة المستجدات االقتصادية .وفيما يتعلق بأسواق رأس المال ،فقد تم اإلعالن عن مؤشرين في
عام 1999لتوفير مقياس ألسعار األسهم من أجل االستثمار من جانب المؤسسات المالية اإلسالمية ،هما مؤشر سوق
"داو جونز اإلسالمي Dow Jonesوسلسلة المؤشر اإلسالمي العالمي للبورصة فاينانشيال تايمز .Financial Times
وقد بلغ حجم التعامالت في داو جونز حوالي 10تريليون دوالر أمريكي في أكثر من 40دولة حول العالم ،كما أشاد
صندوق النقد الدولي في تقرير صدر عنه في الربع األخير من 2007وأعده مجموعة خبراء في إدارة النظم المالية
وأسواق رأس المال بحالة التوسع السريع الذي يشهده التمويل اإلسالمي وأدى ذلك إلى طفرة في معامالت التوريق
اإلسالمي تمخضت عن زيادة إصدارات الصكوك بمقدار أربعة أضعاف من 7.2مليار دوالر في عام 2004إلى 27
مليار دوالر في عام .262006
يرجع وجود المعامالت المتوافقة مع الشريعة اإلسالمية في أسواق المال في لندن إلى الثمانينات من القرن الماضي ،فقد
كبيرا من السيولة للمؤسسات في منطقة
قدرا ً
اتسع استخدام صفقات المرابحة في بورصة لندن للمعادن حيث وفرت ً
الشرق األوسط وغيرها من المستثمرين الذين شاركوا في تطوير أسواق المنتجات للشركات في المملكة المتحدة .وعلى
الرغم من ذلك ،لم يتم تلبية متطلبات األفراد من المستهلكين المسلمين إذ أن المنتجات كان يتم تطويرها في ذلك الوقت
لكي تستهدف كبار المستثمرين فقط ،وظهرت المنتجات اإلسالمية لألفراد في المملكة المتحدة في التسعينات ،ولكنها
كانت على نطاق ضيق .وبدأ عدد قليل من البنوك من الشرق األوسط وجنوب شرق آسيا في تقديم منتجات بسيطة مثل
تمويل شراء المنازل.
سريعا لصناعة التمويل اإلسالمي على مستوى العالم والتي تقدر بنسبة تتراوح
ً نموا
وقد شهدت الخمس سنوات األخيرة ً
بين 10إلى %15في العام .وباعتبار أن المملكة المتحدة هي أحد المراكز المالية الدولية الرائدة ،تجدر اإلشارة إلى أن
ناشئا للتمويل اإلسالمي .ويرجع ذلك إلى عدة
عالميا ً
ً مركزا
ً كبيرا من ذلك النمو يتركز في لندن التي أصبحت تمثل
جزءا ً
ً
عوامل منها :التوسع العالمي للتمويل اإلسالمي ،والرغبة المتزايدة في االبتكار واالستجابة لألفكار الجديدة وإ بداء قدر
مالئم من المرونة ،وانتشار عدد كبير من المؤسسات الدولية الكبرى مثل ،CITIو ،Deutcheو HSBCفي الشرق
15
األوسط وجنوب شرق آسيا منذ عدة سنوات ،والسيولة الزائدة في الشرق األوسط التي ساعدت على تعزيز الصفقات
الموافقة للشريعة اإلسالمية في المملكة المتحدة مثل صفقة استحواذ مؤسستين ماليتين كويتيتين على آستون مارتين
.Aston Martin
وأصبح االهتمام ال يقتصر فقط على المساهمين بل تعداه إلى العاملين وأطراف التعامل في المجتمع بوجه عام .كما أن
أخالقيا
ً بروز مفاهيم اإلدارة السليمة وهو ما يعرف بالحوكمة قد أدى إلى االهتمام بتشكيل أعضاء مجالس إدارة ممتازين
ويتحلون بصفات مثل الحصافة والعدالة واإلحسان وضبط النفس والحشمة واالعتدال .ويبرز التطور األوسع في مجال
أخالقيات األعمال في قطاع التعليم والتدريب وأصبحت مادة األخالق تدرس وتصدر في الكتب المتخصصة والمنهجية
على نطاق واسع .ويعكف الكثير من كليات األعمال والتجارة حول العالم على االستفادة من مصادر األخالق واالعتماد
على التقاليد إلعداد جيل المستقبل من قادة المؤسسات التجارية إلدارة أعمالهم بشكل أخالقي وفعال .وقد تم دمج
األخالقيات والحوكمة في مواد تدريس اإلدارة العالمية من قبل جمعية إعالء شأن كليات ومدارس األعمال والتجارة في
الواليات المتحدة األمريكية .أما في االتحاد األوروبي ،فقد تم وضع مبادرات ألبحاث ومناهج دراسية لتشجيع المسئولية
االجتماعية للشركات ،كما أن مؤسسات المجتمع المدني قد حدت في نفس االتجاه ،فهناك مبادرة االتفاق العالمي Global
Compactالتي أقامت شبكة من أساتذة إدارة األعمال والتجارة حول العالم بمبادرة من أكثر من ألفي شركة تجارية في
عالميا من 11كلية أعمال وتجارة في الهند وجنوب
ً مختلف أنحاء العالم .كما تم إطالق برنامج إسبين والذي يضم ائتالفًا
أفريقيا وأسبانيا والمكسيك وكندا تعمل جميعها بطرق مختلفة لمعالجة قضايا تتعلق باألخالقيات .كما أن هناك سبب جديد
نتج عن الممارسات الالأخالقية التي قامت بها بعض الشركات العمالقة والتي أدت إلى رفع تكلفة عدم االلتزام
16
بالممارسات األخالقية ،حيث أن االلتزام بروح القانون ذو أهمية كبيرة فيما يتعلق باألبعاد االجتماعية والتعامل مع
الموظفين.
وال يقتصر االهتمام باألخالق على األفراد والعاملين بل تعدى األمر في البحث عن نوعية المنتجات المفيدة للبشر
سلبا على البيئة
والمحسنة لنوعية الحياة وإ نتاج النافع دون اإلفراط في استخدام السيئ للموارد غير المتجددة والتأثير ً
وعدم السعي فقط وراء الربح ،ولكن الربح مفيد بشرط عدم تشجيع االستهالك واإلفراط فيه عبر االستغالل السيئ للدعاية
واإلعالن.
وأشار القسم الثالث من الدراسة إلى أنه على الرغم من بروز العديد من األدبيات والتطورات في مجال االهتمام
محدودا .وقد ناقش هذا
ً بأخالقيات األعمال حسبما سلف ذكره ،إال أن تطبيقات أخالقيات األعمال في الشركات مازال
البحث بعض األفكار التي تبرز وجود تباين بين ما هو مكتوب وما هو مطبق بالفعل ،حيث أسهب في مجال التكلفة
األخالقية للمنافسة.
أما القسم الرابع فقد ناقش مدى مالئمة االلتزام باألخالقيات في مجال األعمال ودرجة التأثير على األداء االقتصادي
للشركات ،حيث أن هناك تعارض بين االلتزام الزائد بأخالقيات األعمال ومعطيات السوق .وقد اقترحت الدراسة أن
أفضل طريقة لتسوية ذلك التضارب بين األخالق واألعمال إنما يكون من خالل العمل على اعتماد حوافز يتم منحها إلى
المؤسسات واألفراد الملتزمين وفرض جزاءات على المؤسسات األخرى غير الملتزمة باألخالق لدفعها للتصرف بطريقة
أخالقية .كما ناقش البحث آلية االلتزام باألخالق وتأثيرها على التوازن االقتصادي والتجاري حيث إن التوازن بين
األخالق والقرارات السليمة يمكن أن يؤدي إلى نمو الشركات وفعاليتها ،إال أن هناك بعض الممارسات الالأخالقية
واالنتهازية التي يمكن أن تؤثر على ذلك التوازن.
أما القسم الخامس فتناول الجهود العالمية للبحث عن أرضية أخالقية في ظل األزمات الهيكلية التي يعانى منها االقتصاد
العالمي وتعرضه لألزمات .وقد وجدت بعض المصارف التقليدية العربية والخليجية واألجنبية ضالتها في النموذج المالي
والمصرفي اإلسالمي حيث إن هذا النموذج يشهد نموا وطلبا كبيرا سواء من جانب المؤسسات المالية التقليدية أو من
جانب المسلمين المقيمين في الغرب المتعطشين للتعامل مع المؤسسات المالية اإلسالمية ،أو من أجل ارتفاع معدالت
دخول الدين االسالمى اآلخذه في النمو ،باإلضافة إلى وجود فئات وشرائح من العمالء غير المسلمين ترغب في التعامل
مع المؤسسات المالية اإلسالمية انطالقا من أسس أخالقية شبه متطابقة فضال عن محدودية المخاطر الرتباط التمويل
اإلسالمي بسوق النقد وسوق األصول فضال عن تمتعه بقيم وأخالق مهنية تحكم نموه وتطوره مثل االلتزام بالحالل
واجتناب الحرام ومنع االحتكار وعدم أكل أموال الناس بالباطل وحرية التملك بوسائله المشروعة والتراضي والصدق
واألمانة وعدم الغش والغرر وحسن القضاء والتيسير على المعسر وتعظيم قيم العمل وتحفيز اإلنتاج وتشجيع االدخار
وترشيد االستهالك ،وتحقيق التكافل والعدالة في توزيع الثروة.
إال أن رصد تلك التجارب يمكن أن يشير بما ال يدع مجاالً للشك بأننا ينبغي أن نسير في نفس االتجاه الذي رسمه اهلل لنا
والذي يتمثل في االلتزام بالشريعة اإلسالمية .ولعل بروز العديد من المؤسسات والشركات اإلسالمية في دولة الكويت
والعالم هو خير دليل على كفاءة النموذج اإلسالمي المستمد من الشريعة اإلسالمية الذي يتصف باألخالق والقيم المستقاة
17
من القدوة العظمى ممثلة في شخص سيدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،وأن السعي للربح ينبغي أن يتم من خالل
االلتزام بالسلوك األخالقي القويم وأن هذا االلتزام لن يتم في المؤسسات المالية اإلسالمية إال عبر االهتمام بهيئات الفتوى
والرقابة الشرعية في تلك المؤسسات والتركيز على الكوادر البشرية والتعليم والتربية والتنشئة .وهنا نقترح ما يلي:
رفع مستوى الوعي بأهمية األخالق :جعل األوساط التجارية والحكومات تدرك فوائد حوكمة
الشركة من ناحية وااللتزام بالمعايير األخالقية من ناحية أخرى واالهتمام بالتطبيق التام إلحكام الشريعة
اإلسالمية ،حيث أن معظم الشركات المحلية ال تزال تمر بمرحلة أولوية الكفاءة على أخالقيات األعمال وقد
بدأت اللجنة االستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق إحكام الشريعة اإلسالمية بإعطاء االهتمام لبث القيم
األخالقية لدى الشركات في المجتمع الكويتي ورفع مستوى االلتزام بالقيم المنظمة للشركات بين المصارف
والمؤسسات المالية في الكويت مع مراعاة ما صدر عن المجلس العام للخدمات المالية اإلسالمية بخصوص
المبادئ اإلرشادية لضوابط إدارة المؤسسات التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسالمية .
وضع القوانين والمدونات الخاصة بقواعد األخالق :ما أن يبرز الوعي في األوساط التجارية،
حتى يصبح باإلمكان بدء عملية تحديد مبادئ السلوك المحلية التي تشكل قضية في ما يتعلق باالمتثال .وغالباً
ما يبدأ وضع القوانين باالعتماد على مبادئ الشريعة اإلسالمية الغراء كقاعدة يتم االنطالق منها .ومن خالل
االنطالق من مثل هذه القاعدة ،تستطيع الكويت تطوير مجموعات مبادئها وقوانينها الخاصة التي تعالج الواقع
المحلي فيما يتعلق بالتعامل التجاري وااللتزام بالمعايير الشرعية واألخالقية ،حيث أن القانون هو األكثر قدرة
على فرض االمتثال بأخالقيات األعمال وتحقيق المسألة بموضوعية وعدالة وشمول.
الدعوة إلنشاء اتحاد للشركات االستثمارية اإلسالمية والذي يمكن أن يلعب دوراً هاماً في
مراقبة وضبط سلوك أعضائه ،واالستفادة من المدونات األخالقية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات المالية اإلسالمية سواء على مستوى المحاسبين أو على مستوى العاملين في المؤسسات المالية
اإلسالمية.
مراقبة التطبيق :من خالل االهتمام بهيئات الفتوى والرقابة الشرعية ونوعية منتسبيها وإ جراء
تعديالت جوهرية على تشكيلها لكي التقتصر في تشكيلها على العلماء األفاضل من الشرعيين بل تتوسع
لتشمل تخصصات اقتصادية ومصرفية ومحاسبية حتى تقف عن كثب لتعالج أية مشكالت تحيد بالمؤسسات
المالية واالستثمارية اإلسالمية عن الطريق المستقيم ،مع مراعاة خصوصية المجتمع وقيمه المستمدة من
الشريعة اإلسالمية .ولعل اإلعالن عن إنشاء هيئة عليا للفتوى والرقابة الشرعية تابعة للمجلس العام للخدمات
المالية اإلسالمية ال يغنى عن إنشاء هيئة عليا ثانية في الكويت تعنى بمتابعة دور الهيئات المختلفة وتنسق فيما
بينها وتدفعها لتنميط وتطوير أدوات شرعية جديدة وتفصل في المنازعات إن حدثت وتضمن االنسجام بين ما
يؤمن به المديرون من القواعد األخالقية التي مصدرها اإلسالم وسلوكه اإلداري وكذلك االهتمام بالمراقبين
الشرعيين داخل المؤسسات المالية اإلسالمية.
االهتمام بالتدريب على أن يتم وضع إطار للمعايير األخالقية .وتقع مسؤوليات جديدة على
عاتق المديرين التنفيذيين في الشركات التجارية ،وأعضاء مجالس اإلدارة ،وأمناء سر الشركات ،وأمثالهم.
18
ويتعين أن يقوم قطاع الشركات التجارية بتعليم هؤالء األفراد كيفية أداء أدوارهم من خالل بث القيم الرفيعة
وإ نشاء معهد لتدريس االقتصاد اإلسالمي وتوسيع الدائرة لتشمل القطاع األكاديمي ووسائل اإلعالم ومؤسسات
األعمال.
إضفاء الطابع المؤسساتي على االلتزام بالمعايير األخالقية :تأتي المرحلة األخيرة في تطور
قواعد السلوك األخالقي عندما يتقبل الوسط التجاري تلك األسس والمعايير الشرعية واألخالقية كجزء
طبيعي ومفيد من القيام باألعمال التجارية وعندما تكون المؤسسات التي تدعم التطبيق واالمتثال لمبادئ
الشريعة اإلسالمية قد أصبحت ثابتة في مكانها .وتشمل هذه المؤسسات مبادرات القطاع الخاص مثل المعاهد
القومية للمديرين لتأمين اإلثراء المهني المستمر ،وكذلك المؤسسات الحكومية كالنظام القضائي الذي يحكم في
النزاعات بالعدل ،ناهيك عن عدم التزام جمعياتنا اإلدارية واالقتصادية بإصدار مدونات أخالقية للتعبير عن
رؤيتها والتزاماتها األخالقية حيال األطراف من ذوى العالقة والمصلحة وحيال المجتمع ،وهذا نقص واضح
يتطلب وقفة من جميع المعنيين بذلك في الكليات والمعاهد والجمعيات اإلدارية والشركات المحلية.
19
المراجع
20
1
Paine, L.S (2003) "Is Ethics Good Business?", Challenge, vol 46, no 2. March-April, pp 6-21.
2
Thomsen, S. (2001) "Business Ethics as Corporate Governance" European Journal of Law and
Economics", vol 11, no 2, pp 153-164.
3
Arthurs, H. (1990) "Ideology, Interest and Implementation of a professional Ethical Code", in D. MacNIven (ed) Moral
Expertise London. Routledge.
4
Grace, D. and Cohen, S. Business Ethics: Australian Problems and Cases. Oxford, New York, Oxford University Press.
القاهرة ص، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ترجمة صليب بطرس، التكنولوجيا واإلدارة والمجتمع: 1976 دراكر. بيتر ف5
.207
6
Woller, G.M (1996) "Business Ethics Society and Adam Smith: Some Observations on the Liberal Business Ethos",
Journal of Socio-Economics, Vol 25, no 3, pp 311-332.
7
Friedman, M. (1970) "The Social Responsibility of Business is to Increase its Profits", The New York Times, September
13.
موقع وزارة الخارجية األمريكية، مجالت إلكترونية مختارة، تعزيز التنمية من خالل الحوكمة الشركاتية8
http://usinfo.state.gov/journals/ites/0205/ijea/ijee0205.htm
موقع وزارة الخارجية، مجالت إلكترونية مختارة، تعزيز التنمية من خالل الحوكمة الشركاتية، إرساء أسس النمو االقتصادي: 2005 ميلستاين. إيرا م9
http://usinfo.state.gov/journals/ites/0205/ijea/ijee0205.htm األمريكية
موقع وزارة الخارجية األمريكية مرجع، مجالت إلكترونية مختارة، تعزيز اإلجماع الدولي حول القوانين التنظيمية، ستراهوتا. إثيوبس تافارا" وروبرت د10
. سبق ذكره
مرجع سبق ذكره، موقع وزارة الخارجية األمريكية، مجالت إلكترونية مختارة، تعزيز التنمية من خالل الحوكمة الشركاتية- 11
http://usinfo.state.gov/journals/ites/0205/ijea/ijee0205.htm
موقع وزارة الخارجية األمريكية مرجع، مجالت إلكترونية مختارة، تعزيز اإلجماع الدولي حول القوانين التنظيمية، كريستوفر راي مقاضاة جرائم الشركات12
. سبق ذكره
13
A. Stark, What Is The Matter With Business Ethics? Harvard Business Review Bol. 71, No. 3, May-
June 1993, pp 38-48.
14
Mary C. Gentile, International Business Consultant , Managers for the Future, Electronic Journal of the U.S. Department
of State February 2005 .
15
موقع وزارة الخارجية االمريكية، مجالت إلكترونية مختارة، تعزيز التنمية من خالل الحوكمة الشركاتية، إرساء أسس النمو االقتصادي، جنتايل. ماري س16
http://usinfo.state.gov/journals/ites/0205/ijea/ijee0205.htm
. مرجع سبق ذكره، جنتايل. ماري س17
. مرجع سبق ذكره، جنتايل. ماري س18
19
Thomsen, S. (2001) "Business Ethics as Corporate Governance" European Journal of Law and Economics", vol 11, no 2,
pp 153-164.
20
Arce, D.G. (2005) "Subgame Perfection and the Ethics of Competition", Managerial and Decision Economics, vol 26. pp
397-405.
21
Harsanyi, J. (1996) "Morality and Incentives" in F. Farina F. Hahn, and S. Vanucci (eds) Ethics, Rationality and
Economic Behavior, Oxford: Clarendon Press.
22
Fukuyama, F. (1995) Trust: The Social Virtue and the Creation of Prosperity. London: Penguin Books.
.2008 يناير، مجلة اتحاد المصارف، أزمة الرهونات العقارية، محمد جميل الشبشيري. د- 23
24
- US Mortgage Crisis, Institute of International Finance, Feb. 2008.
. www.nbk.com بنك الكويت الوطني2008 مارس23 األحد الموافق، تقرير أسواق النقد األسبوعي- 25
. www.imf.org راجع صفحة صندوق النقد الدولي26
27
- Islamic Finance in the UK, Nov. 2007 by Michael Ainley.