Professional Documents
Culture Documents
محددات السلوك الإنجابي في المناطق العشوائية
محددات السلوك الإنجابي في المناطق العشوائية
الرئيسية>حسابك>تحميل ملف
محددات السوك اإلنجابي في المناطق العشوائية
(بحث ميداني على عينة من األسر في محافظة السويس)
أ.د .حسين أنور جمعة
قسم االجتماع -كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية
جامعة قناة السويس
جمهورية مصر العربية
المؤلف:
-دكتوراه في علم االجتماع عن "دور التعليم الجامعي الديني في إكساب طالب الجامعة القيم الدافعة للتنمية"
دراسة ميدانية مقارنة على عينة من طالب التعليم الجامعي الديني والعام ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية،
جامعة المنيا1994 ،م.
-أستاذ علم اجتماع السكان والتنمية ،رئيس قسم علم االجتماع بكلية اآلداب جامعة قناة السويس
باإلسماعيلية.
اإلنتاج العلمي:
أوال -الكتب:
-1البناء االجتماعي والوعي التخطيطي ،دار التيسير للطباعة النشر ،المنيا 1999 ،م
-2موارد طبيعية أم مواهب إنسانية ،دراسة عن الفقر وتدهور الموارد في ريف محافظة المنيا ،تحرير
محمد عاطف كشك ،ميريت للنشر والمعلومات ،القاهرة 1999 ،م.
-4األسرة والمجتمع والبيئة :مفاهيم ومشكالت ،دار التيسير للطباعة والنشر ،المنيا 2002م.
-5أثر التفكك األسري في تضخم مشكلة أطفال الشوارع من الذكور -دراسة ميدانية مقارنة لواقع المشكلة
في مدينتي السويس وبورسعيد ،دار أمون للطباعة والنشر ،القاهرة 2004م.
-6السياسات االجتماعية ،األسس النظرية والقضايا المعاصرة ،دار التيسير للطباعة والنشر ،المنيا
2008م.
ثانيا ً -البحوث:
-1الخطاب الديني والوعي بمتطلبات العولمة دراسة سوسيولوجية على عينة من النخبة الدينية بمحافظة
السويس ،مؤتمر العلوم اإلنسانية (رؤية مستقبلية) كلية اآلداب -جامعة المنيا ،أكتوبر 2000م.
-2العوامل المجتمعية المترتبة على ظاهرة العشوائيات ،دراسة سوسيولوجية ،مجلة كلية اآلداب -جامعة
المنيا.2003
-3اإلرهاب الدولي .. .األسباب والنتائج تحليل سوسيولوجي لرؤية شريحة من المثقفين لتداعيات سبتمبر
2001م ،مطبوعات وحدة البحوث االجتماعية والبيئية -كلية التربية -جامعة قناة السويس2004 ،م.
-4بطالة ذوي الياقات البيضاء بين المدخالت البنيوية والمخرجات التنموية ،تحليل سوسيولوجي لمشكلة
البطالة بين حملة المؤهالت ،مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية -جامعة المنيا 2006 ،م.
-5البنية االجتماعية والمسكن الريفي بين التقليد والتحديث ،دراسة ميدانية لريف محافظة السويس مجلة
كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية -جامعة قناة السويس2011 ،م.
-6األبعاد االجتماعية والثقافية لختان اإلناث "دراسة ميدانية بمدينة اإلسماعيلية ،المجلة العربية لعلم
االجتماع ،مركز البحوث -كلية اآلداب ،جامعة القاهرة ،تم تحكيمه وقبوله للنشر في 25/11/2013م.
-7الجرائم األسرية كأحد مظاهر الضعف القيمي بالمجتمع المصري "دراسة تحليلية لصفحة الحوادث
بجريدة األهرام لعام 2012م" المجلة العربية لعلم االجتماع ،مركز البحوث -كلية اآلداب ،جامعة القاهرة،
2014قبول نشر في 2015م.م.
-8الهجرة غير المشروعة والحراك االجتماعي ،بحث ميداني في قرية مصرية ،مجلة كلية اآلداب والعلوم
اإلنسانية -جامعة المنيا ،تم تحكيمه وقبوله للنشر 2015م.-
المحتوى
ملخص13----------------------------------------------
الفصل األول15-------------------------------------------:
المقدمة17-----------------------------------------------
-1نوع البحث25------------------------------------------
-2المنهج المستخدم25----------------------------------------
-3مجاالت البحث25----------------------------------------
-4أدوات البحث28-----------------------------------------
الفصل الثاني :الخصائص المشتركة لسكان العشوائيات ومدي اتصالها بواقع السلوك اإلنجابي53--
الفصل الثالث :السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية :قراءة تحليلية للبحوث السابقة77------
هوامش الفصل الثالث97---------------------------------------
المصادر والمراجع169-----------------------------------------
ملخص
يهدف البحث الراهن إلي الكشف عن طبيعة العالقة بين السلوك اإلنجابي وبين مقومات البنية العمرانية
وأساليب الحياة والعيش في المناطق العشوائية بمدينة السويس ،وخصائص السكان االجتماعية والثقافية.
وانطلق البحث من عدة تفسيرات نظرية (إيكولوجية وبيولوجية واجتماعية واقتصادية -ثقافة الفقر
وغيرها) .واعتمد على منهج المسح االجتماعي بالعينة .واستخدم صحيفة استبانة بالمقابلة أداة لجمع
البيانات .وكانت وحدة الدراسة األسرة ،وتم تحديد حجم العينة بــــ 115أسرة من األسر المقيمة بالناطق
العشوائية بمدينة السويس.
وانتهى إلى مجموعة من النتائج ،لعل أهمها استمرار تدني الخصائص السكانية بين األسر المقيمة في
المناطق العشوائية مثل ارتفاع نسبة األمية ،وهو ما يؤكد استمرار التسرب من التعليم واالرتداد لألمية،
وانخفاض السن عند الزواج ،وتعدد فرص الحمل واإلنجاب المبكر والمتكرر ،وارتفاع نسبة الفقراء ،حيث
يتدنى دخل األزواج والزوجات ،وأن معظم أفراد العينة يعيشون في مسكن بسيط ال تتعدى مساحته 50
مترا ،وذلك بنسبة %86وهو ما يؤكد فقر وضيق المسكن لمعظم عينة الدراسة ،وزيادة معدالت التزاحم،
وهو ما يؤكد انتشار ثقافة االزدحام واالفتقار للخصوصية.
وتضمن خمسة فصول :األول عن اإلجراءات المنهجية للبحث ،والثاني عن الخصائص المشتركة لسكان
العشوائيات ومدى اتصالها بواقع السلوك اإلنجابي ،والثالث ثقافة العشوائيات في ضوء الدراسات الميدانية،
والرابع تحليل البيانات الميدانية وتفسيرها ،والخامس النتائج العامة والتوصيات..
الفصل األول
األبعاد النظرية والمنهجية للبحث
مقدمة عامة للبحث.
أوالً -إشكالية البحث.
ثانيا ً -أهداف البحث.
ثالثا ً -تساؤالت البحث.
رابعا ً -اإلجراءات المنهجية للبحث:
-1نوع البحث.
-2المنهج المستخدم في البحث.
-3مجاالت البحث.
أ -المجال الجغرافي.
ب -المجال البشري.
ج -المجال الزمني.
-4أدوات البحث.
-5أساليب تحليل البيانات الميدانية.
خامسا ً -التوجه النظري للبحث.
سادسا ً -مفاهيم البحث.
المقدمة
تحمل التجمعات العشوائية بين جوانبها عديداً من الظواهر والمشكالت االجتماعية والديموجرافية
واالقتصادية والصحية التي تؤثر بدورها في تشكيل السلوك اإلنساني لألفراد بصفة عامة ،والسلوك
اإلنجابي بصفة خاصة ،وهو ما يؤثر في حجم األسرة ،وينعكس على حجم المجتمع وخصائصه ومكانته
إجماالً.
وقد حظيت المناطق والتجمعات العشوائية باالهتمامات العلمية والسياسية واالقتصادية واألمنية وغيرها،
على مستوى جميع التخصصات والمجتمعات والتجمعات على نطاق المحافظات والمدن منذ أواخر القرن
العشرين بعد تفاقم أزمة العشوائيات المتعاقبة ومشكالتها المتجددة.
ويعتبر مؤتمر "فانكوفورد" سنة 1976نقطة البداية الرسمية النطالق المجتمع العالمي نحو االهتمام
بمسائل المأوى والتحضر والمناطق العشوائية البسيطة حينذاك ،ولكن بعد مرور عشرين عاما من هذا
المؤتمر عقدت قمة المأوى الثاني Habitat 2في إسطنبول سنة 1996م لتعلن للعالم أرقاما ً مخيفة عن
سكان الحضر ،وتفاقم مشكالت المناطق العشوائية ،والذين أصبحوا يمثلون أكثر من نصف سكان العالم،
ومعظمهم من سكان الدول النامية ،وأغلبهم يعيشون في مساكن عشوائية وغير صحية ،كما تكشف
اإلحصاءات أيضا عن أن أكثر من 2/3ثلثي سكان الحضر يقطنون مساكن غير الئقة ،حيث ندرة المياه
النقية والكهرباء والخدمات االجتماعية والصحية واألمنية الالزمة ،وقد علق السكرتير العام لمؤتمر هابيتات
[والى ناداو ]Wally N, dawعلى هذا الوضع قائالً( :إننا ال نعيش فقط في عالم أصبح نصف سكانه من
قاطني المدن ،بل إننا نشهد أيضا ً ظاهرة تحضر الفقر أو ما يطلق عليه بالتحضر العشوائي)(.)1
وقد أكد ذلك أيضا ً تقرير انسجام المدن سنة 2009الذي أوضح أن أكثر من ثلثي سكان الحضر يقيمون في
المناطق العشوائية ،خاصة في دول أسيا وافريقيا (.)2
أ -المساكن الجوازية مثل :العشش واألكواخ وبيوت الصفيح ،تلك المساكن -إذا صح التعبير -التي يلجأ إلى
تشييدها الفقراء باستخدام المخلفات الصناعية ومواد البناء الرخيصة ،كما تسمى بالمساكن القزمية.
ب -األحياء المتداعية ،Slumsأو األحياء السكنية القديمة في المدن ،والتي تعاني من تدهور في المرافق،
والخدمات ،فضالً عن ارتفاع الكثافة السكانية بها ،مع عدم توافر وسائل الصيانة لها.
جـــ -المناطق الهامشية التي تتألف من مستوطنات غير قانونية أنشأها السكان بطرق عفوية في غيبة وغفلة
من سلطات التنظيم العمراني ،وتدخل في السياق المناطق الجوازية للسكان مثل الجراجات ،والمناور،
ومداخل العمارات ،وأسطح المنازل ،ومواقع األمن والحراسة ،فضالً عن الخيام.
د -وهناك ما يسمى "بالحكر" وهي مناطق متناثرة شيدها السكان على أراض مملوكة للدولة يعتمد فيها
السكن على مهن وأعمال هامشية ،وبدون ترخيص ،ويندر أن توجد بها شبكة مرافق ،وقد انتشر هذا النوع
من اإلسكان في الفترة الزمنية األخيرة مع تزايد الفجوة بين احتياجات السكان وما يستطيع أن يوفره اإلسكان
الرسمي الذي تقدمه الدولة.
هـ -إسكان الغرفة المستقلة الذي يتمثل في معيشة أسرة كاملة في غرفة واحدة كجزء من وحدة سكنية تشترك
في منافعها مع أسرة ،أو أسر أخرى ،وتمارس جميع أنشطتها الحياتية في نفس الغرفة.
و -إسكان المقابر؛ ويشتمل على المناطق السكنية المتداخلة مع الجبانات ،واألجزاء السكنية داخل الجبانات،
وسكن أحواش المقابر.
وتعتبر المناطق العشوائية الفقيرة من الخدمات ،مناطق تمركز الفقراء ذوي المستوى االجتماعي
واالقتصادي ،والتعليمي المنخفض ،نظراً للخصائص العامة التي تميز هذه المناطق سواء على المستوى
العمراني واالجتماعي ،ومن أبرز الخصائص التي تميز هذه المناطق العشوائية من الناحية العمرانية والبيئية
ما يأتي-:)4(
* -رداءة مستوى بناء المساكن في المناطق العشوائية ،نظراً لعدم خضوعها ألي نوع من الرقابة.
* -ضيق الشوارع وتعرجها نتيجة للتقسيم العشوائي الذي يستهدف تحقيق أكبر ربح عن طريق بيع أكبر
مساحة ،دون مراعاة للنسبة المطلوبة للشوارع والخدمات فيها ،األمر الذي يؤدي إلى صعوبة وجود
مواصالت داخلية.
* -افتقار نسبة كبيرة من هذه المساكن للمرافق والخدمات األساسية ،كالمياه والكهرباء ،والمجاري ،عالوة
على حرمان هذه المناطق من خدمات النظافة.
* -تداخل األنشطة التجارية والصناعية مع المناطق السكنية ،فتنتشر الورش الحرفية والصناعات اليدوية،،
واألسواق التي تمتد على الشارع بوصفها وسيلة لعرض البضائع ومزاولة المهن المختلفة.
* -افتقار هذه المناطق إلى المساحات الخضراء والمفتوحة ،وعدم وجود أي منفذ للسكان وسط هذا التكدس
العشوائي للمباني والمساكن ،فالشارع هو المكان الوحيد لمزاولة كل شيء.
* -عدم وجود احتياطات أمنية أساسية لمواجهة المشكالت التي تطرأ مثل الحرائق أو األوبئة ،التي ترجع
بصفة أساسية إلى التكدس ،وعدم النظافة ،وسوء التهوية.
وتتباين معدالت انتشار المناطق العشوائية باختالف مصادر المعلومات ونطاق التضخم الحضري في
العواصم الكبرى واإلقليمية والمراكز الحضرية ،وتعدد مستويات النمو على الصعيدين المركزي والمحلى،
ومما يزيد من مشكلة التعامل مع العشوائيات عدم توافر بيانات دقيقة عن عدد سكان العشوائيات
والخصائص األساسية لهم ،وهو ما يعوق اتخاذ القرارات المناسبة فيما يتعلق بعملية تطوير العشوائيات
واالرتقاء بها .وقد قامت بعض الدراسات بتقدير عدد سكان العشوائيات ،وطبقا لدراسة قامت بها الهيئة
العامة للتخطيط العمراني وبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي ،فإن إجمالي حجم سكان قاطني العشوائيات
بمختلف محافظات الجمهورية قدر بحوالي 15مليون نسمة بنسبة %19.5حسب بيانات التعداد العام
للسكان في 2006م مع الوضع في االعتبار أنها تنمو بمعدالت تفوق كثيراً معدالت النمو في المدن الجديدة
في مصر مما جعلها تمثل أحزمة الفقر التي تهدد األمن الوطني والسالم االجتماعي ،حيث تعد البيئة
الحاضنة للعنف واالنحراف ،وتنتشر فيها الكثير من المشكالت االجتماعية التي تفرضها طبيعة المنطقة
العشوائية .وفي سنه 2008قام مجلس الوزراء بدراسة علمية وإجراء حصر شامل للمناطق العشوائية على
مستوى محافظات ومدن الجمهورية ،وأشارت إلى أن عدد المناطق العشوائية يصل إلى [ ]1172منطقه.
ومن بين المصادر ما يميز بين المناطق التي تم تطويرها ،وتلك التي في طريقها للتجديد ،وأيضا ً المناطق
التي لم يشملها التطوير بعد؛ مما يعكس الجهود التنموية في تطوير المناطق العشوائية تباعا .ويترتب على
ذلك تباين نسب سكان العشوائيات إلى جملة سكان المدن ،وهي تتراوح ما بين 37إلى %60في عدد من
محافظات الوجه البحري(.)5
ولذلك جاءت فكرة هذا البحث ليطبق في مدينة السويس باعتبارها محافظة حضرية وأكثر مدن منطقة القناة
من حيث حجم السكان وتوزيعهم ،وتدني مستوياتها العمرانية واالجتماعية ،وتشتتها داخل أحياء أربعة من
الخمسة التي تنقسم إليها المدينة بشكل يعطي هذا البحث أهمية سواء على المستوى النظري أو التطبيقي .وال
سيما أن هذه المناطق العشوائية المتناثرة بهذه األحياء لم تحظ كثيراً قبل ذلك بالمزيد من البحوث والدراسات
الميدانية والحضرية الجادة ،وأيضا ً لتفاقم مشكالتها الواقعية المتنوعة في ظل تغيرات سياسية واقتصادية
واجتماعية متالحقة ومؤثرة في بنية المجتمع وسلوك أفراده.
وهناك مؤشرات أخرى تتصل بنوع العمل ،ومستوى التعليم ،والدخل ،ومتغيرات الحالة السكنية وغيرها.
وهي تدل في مجملها على أن السلوك اإلنجابي ،وخاصة ما يتصل بالصحة اإلنجابية يرتبط بمظاهر سلبية
كثيرة ذات عالقة بخصائص العمران وسمات السكان .وال يتوقف األمر عند حد السمات الديموجرافية ذات
العالقة بالتوجهات اإلنجابية ،بل يمتد إلى مجمل العالقات وأنماط السلوك االجتماعي ،والقيم ،والمعايير
والمعتقدات واألفكار التي تشكل بنية الثقافة ،وهي تؤثر بعمق في السلوك اإلنجابي ،السيما أن هذا السلوك
يرتبط بشرائح الفقراء الذين يتمركزون في األحياء العشوائية عادة .ومن ثم فإن إشكالية هذا البحث تتحدد في
التساؤل اآلتي:
ما المحددات الرئيسية للسلوك اإلنجابي بالمناطق العشوائية؟ والى أي مدى تؤثر هذه المحددات في تحديد
مسار هذا السلوك؟
أما عن اختيار محافظة السويس نطاقا ً جغرافيا ً وبشريا ً للبحث ،فإن ذلك يرجع إلى االعتبارات اآلتية-:
تدنى مستوى العمران في المناطق العشوائية وتشرذمها Fragmentationبين عدد كبير نسبيا ً من
الجيوب الحضرية المتباينة في مستويات المعيشة.
قصور المعلومات وعدم دقة البيانات اإلحصائية وتضاربها ،وضرورة التصنيف ألنماط العشوائيات في
المدينة ،ومن ثم تحديد تأثير كل نمط على طبيعة السلوك االجتماعي ومستوى الحياة الثقافية.
زيادة الكثافة السكانية في بعض األحياء ذات االمتداد العشوائي الكثيف مثل حي األربعين الذي تبلغ كثافة
المناطق المأهولة فيه 37485.7نسمة/كم .2وترتبط الكثافة السكانية بنتائج سلبية على كفاءة المرافق
وسلوك السكان ومكونات حياتهم الثقافية.
تزداد معدالت النمو السكاني وتتراوح داخل األحياء في المدينة ما بين %2.8 -2.2خالل األعوام من بين
1996حتى 2006م .وال توجد مؤشرات دالة على إمكانية تراجع هذه المعدالت .األمر الذي يعني مزيدا
من الضغوط داخل المناطق العشوائية الفقيرة.
زيادة معدالت الخصوبة في مدينة السويس ككل وتجاوزها حد 3.5طفل خالل فترة اإلنجاب المعتادة.
تتميز مدينة السويس بزيادة موجات الهجرة الوافدة إليها ،%0.34وتستقطب المناطق العشوائية جزءاً كبيراً
من هؤالء القادمين الجدد الذين ينتمون إلى مختلف محافظات مصر (.)6
وتتعدد اآلراء ذات العالقة بالهجرة واالنتماءات للمدينة والوالء لها الذي ينخفض إلى حد كبير بسبب تباين
الجماعات الوافدة .ويجد الباحث في هذا التباين مطلبا ً ملحا ً لدراسة تأثير الهجرة على السلوك اإلنجابي ،كما
يبدي الباحث تحفظات كثيرة تجاه األرقام والمؤشرات اإلحصائية في وضعها الراهن بسبب تضاربها وعدم
دقتها .وتلك تضيف أهمية كبرى للرصد واإلحصاء الواقعي للمشكلة محل البحث.
أ -رصد المحددات االجتماعية والثقافية ألنماط السلوك مع التركيز على نوعية الحياة في إطار السياق
النظري واألبعاد العلمية لنظرية "لثقافة الفقر".
ب -الوصول إلى مقترحات قابلة للتنفيذ ،وتخدم بالدرجة األولى عمليات التخطيط للتنمية األسرية بخاصة،
والتنمية المحلية بعامة ،ويكون من شأنها الحد من المعوقات والسلبيات التي ترتبط بالسلوك اإلنجابي.
وتقترن غالبا بالتكاثر واالنسياق في الحياة األسرية.
-1إلى أي مدى تؤثر مكونات البنية العمرانية المتدنية باألحياء العشوائية بالسويس في العادات والتقاليد
واألعراف المتصلة باإلنجاب؟
-2ما أكثر المكونات الثقافية اتصاالً بأفكار الناس ورؤاهم تجاه تنظيم النسل؟
-3إلى أي مدى تؤثر المتغيرات المتصلة بالدخل ،ونوع المهنة ،والمستوى التعليمي ،والنوع االجتماعي،
وغيرها على السلوك اإلنجابي سواء بتفضيل كثرة األبناء أو قلتهم؟
-4ما "القيم" ذات العالقة المباشرة باإلنجاب بين سكان العشوائيات في المدينة؟
-5هل هناك عالقة بين "نوع المولود" وتعدد مرات الحمل ،وما داللة ذلك إحصائياً؟
-1نوع البحث:
ينتمي هذا البحث للبحوث التفسيرية؛ وذلك ألنه يحاول تفسير السلوك اإلنجابي بالمناطق العشوائية كمتغير
تابع من خالل مجموعة من المحددات االجتماعية واالقتصادية والديموجرافية كمتغير مستقل.
تم استخدام األسلوب المقارن في البحث الراهن للكشف عن محددات السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية
من خالل المقارنة بين األزواج والزوجات محل البحث مع االستعانة بالمسح االجتماعي بالعينة.
-3مجاالت البحث-:
محافظة السويس:
يتمثل المجال الجغرافي للبحث الراهن في محافظة السويس ،وهي تقع في حيز جغرافي متميز ،إذ يحدها من
الشمال محافظة اإلسماعيلية ،ومن الشمال الشرقي شمال سيناء ،ومن الجنوب محافظة البحر األحمر ومن
الشرق خليج السويس ،ومن الغرب محافظة القاهرة والجيزة .وتبلغ مساحة محافظة السويس 9002.2كم2
عاصمتها مدينة السويس ،وهي محافظة حضرية.
أما عن التقسيم اإلداري للمحافظة فهي تنقسم إلى خمسة أحياء هي السويس ،األربعين ،عتاقة ،الجناين،
فيصل ،ويتوزع السكان على األحياء الخمسة ،وبلغ عددهم في عام 2010م نحو 559.656نسمة يصل
عدد الذكور .285وعدد اإلناث 274.232نسمة .والجدول رقم ( )1يوضح توزيع السكان على مستوى
األحياء طبقا ً للفئات العمرية (.)7
جدول يوضح توزيع السكان علي مستوي االحياء طبقا للفئات العمرية المختلفة حتي 30/9/2010م
الفئات العمرية
قسم
5--
-5
-10
-15
-20
-25
-30
-35
-40
-45
-50
-55
-60
-65
-70
--75
السويس
ذكور
2084
2569
2654
3197
3225
2169
1541
1541
1855
1855
1998
1427
1028
600
428
371
28542
إناث
2002
2468
2550
3071
3099
2084
1481
1481
1783
1783
1920
1371
978
576
411
356
27423
جملة
4086
5037
5204
6268
6324
4253
3022
3022
3638
3638
3918
2798
2015
1176
839
727
55965
األربعين
ذكور
12873
12171
11703
12872
12872
10532
8192
7021
7021
6085
5622
3373
2249
1574
1124
1123
117024
إناث
12368
11693
11244
12368
12368
10119
7871
6746
6746
5847
5622
3373
2249
1574
1124
1123
112435
جملة
52541
23864
22947
25240
25240
20651
16063
13767
13767
11932
11473
6884
4590
2312
2294
2294
229459
عتاقة
ذكور
1641
1427
1284
1427
1427
1570
1142
928
856
714
571
428
285
143
86
56
14271
إناث
1577
1371
2134
1371
1371
1508
1097
891
823
686
549
411
274
137
82
56
13712
جملة
3218
2798
2518
2798
3358
3078
2239
1819
1679
1400
1120
839
551
280
178
112
27983
فيصل
ذكور
7495
7421
7495
8163
8905
6382
4824
4378
4749
4230
2711
2449
1633
1039
742
594
74210
إناث
7201
7130
7201
7843
8556
6132
4635
4207
4563
4064
3565
2352
1569
998
713
571
71300
جملة
14696
14551
14696
16006
17461
12514
9459
8585
9312
8294
7276
4801
3202
2037
1455
1165
145510
الجناين
ذكور
6165
5754
5652
5651
5857
5138
3699
3083
2569
2158
2055
1233
1027
565
360
411
51377
إناث
5923
5528
5430
5430
5627
4926
3554
2962
2468
2073
1975
1185
987
543
346
395
49362
جملة
12088
11282
11082
11081
11484
10074
7253
6045
5037
4237
4030
2418
2014
1108
706
806
100739
اإلجمالي
ذكور
30258
29342
28788
31310
32572
25791
19398
16951
17050
15042
14186
9048
6314
3985
2786
2603
285424
إناث
29071
28190
27659
30083
31295
24779
18638
18638
16383
14453
13631
8692
6066
8382
2676
2501
274232
جملة
59329
57532
56447
61393
63867
50570
38036
33238
33433
29495
27817
17740
12380
7813
5462
5104
559656
ويبلغ عدد السكان في المناطق العشوائية بمحافظة السويس 58690نسمة بنسبة %10.4من تعداد سكان
المحافظة ،موزعين على 10مناطق عشوائية في 4أربعة أحياء (السويس ،األربعين ،عتاقة ،الجناين) من
جملة خمسة أحياء ،حيث يوجد في حي األربعين وحي الجناين 3مناطق لكل منهما ،وفي حي السويس
وحي عتاقة منطقتان لكل منهما (.)8
وبالنسبة للشكل الغالب على مباني المناطق العشوائية بالمحافظة فهي عبارة عن عشش ،ومبان هيكلية
خراسانية ،ومباني صفيح ،وأكشاك خشبية ،ومبان من الطوب الدبش ،ومبان مسلحة ،وتشمل المنطقة
الواحدة أكثر من نوع.
وقد أجري البحث الميداني في منطقة الدريسة (ورش السكة الحديد) وعزبة الصفيح (كفر العرب)،
واليهودية (كفر سليم ،كفر كامل ،عشش شارع النيل ،األتكة .وهي تعد من المناطق العشوائية الخطرة
بمجتمع البحث ،وتأوي إليها أعداد كبيرة من المهاجرين من المحافظات األخرى ،وتظهر كل سمات المناطق
العشوائية بها.
طبقا ً لخطوات المنهج العلمي واألسلوب اإلحصائي في اختيار العينة ،ونظراً للتشابه الشديد بين المناطق
العشوائية في مجتمع البحث من شكل المباني وسعة الشوارع والمستوى االجتماعي االقتصادي فقد ارتأى
الباحث أن يكون هناك تمثيل لكل منطقة في عينة الدراسة ،وتم اختيار عينة عشوائية بنسبة %15من
األزواج والزوجات) في كل نمط من هذه األنماط العشوائية كما هو موضح بالبيان اآلتي:
م
أسم المنطقة
عدد األسر
حجم العينة
1
حي األربعين
52
8
2
حي األربعين
158
24
3
حي األربعين
398
60
4
األتكة
عتاقة
75
11
683
103
* مستمد من الجهاز المركزي للتعبئة العامة واإلحصاء ،فرع السويس ،بيان بأسماء المناطق العشوائية غير
األمنة بمحافظة السويس2011 ،م
وروعي في االختيار مدى تمثيل العينة للمجتمع األصلي وفقا ً للضوابط العلمية المتبعة في اختيار العينات
التي من هذا النوع ،وتم تحديد حجم العينة بــــ 103أسرة -الزوج والزوجة ،-وبالمراجعة الميدانية
والمكتبية .ولقد تم استبعاد ثالث استبانات بالمقابلة لعدم صالحيتها ،ومن ثم أصبحت العينة التي خضعت
للتحليل اإلحصائي ( )100زوج وزوجة ،وروعي في هذا التمثيل االعتبارات والضوابط المتبعة في اختيار
العينات من هذا النوع ،حيث تعد العينة عينة عشوائية بسيطة.
-4أدوات البحث:
اعتمد الباحث على مجموعة من األدوات في جمع مادته النظرية والميدانية ،وهذه األدوات هي:
-1السجالت اإلحصائية والوثائق ذات الصلة بموضوع البحث التي تحوي بيانات ومعلومات تمثل أهمية
لموضوع البحث ،ومن هذه السجالت اإلحصائية والوثائق التي تم االستناد إليها ما يأتي:
-2االستبانة QUESTIONNAIRE
تم تصميم استبانة متعددة األبعاد لجمع معلومات كمية عن رؤى عينة البحث ومعتقداتهم المتصلة بالزواج
واإلنجاب والتكاثر وموقفهم من الذكورة واألنوثة ،وغيرها .ووحدة الدراسة األساسية في هذا البحث تقوم
على تحليل بيانات األسرة -األزواج وزوجاتهم -المقيمين في مسكن ينتمي إلى أحد األنماط السكنية
العشوائية السابق اإلشارة إليها تشتمل على بيانات تخص الخصائص العمرانية والديموجرافية واالجتماعية
والثقافية مع إفراد بنود تحدد العالقة االرتباطية بين أي من هذه الخصائص والسلوك اإلنجابي باعتباره
متغيراً تابعاً ،وتضمنت االستبانة أيضا ً بيانات خاصة باألسرة المعيشية ،ووصف تفصيلي للسكن ومساحته
ومكوناته وحيازته ،وكذلك بعض االستفسارات عن عالقة البينة السكنية بالسلوك اإلنجابي ،وبعض خدمات
الصحة اإلنجابية المتاحة بالمناطق العشوائية بمجتمع البحث.
ولما كانت المناطق العشوائية بصفة عامة نتاجا ً حقيقيا ً ألهم أضالع النمو السكاني ،وهي الزيادة الطبيعية في
المواليد ،وتزايد تيارات الهجرة الداخلية ،وتكدس أعداد الوافدين والنازحين للمدن ،ومنها مجتمع البحث الذي
يعتبر من المناطق الجاذبة للسكان ،فإن التوجه النظري في هذا البحث بطبيعة الموضوع وأهدافه والقضايا
المطروحة قيد المناقشة والتحليل وفي حدود ارتباط الموضوع بالمنهج واتصال المنهج بالتوجه النظري تعين
على الباحث االستعانة بأكثر األطر النظرية اتساقا ً مع هذا البحث ،ويعد التفسير البيولوجي واالقتصادي
واالجتماعي ،و"النظرية األيكولوجية" Ecological theoryو"نظرية ثقافة الفقر" Culture of
-povertyمن أكثر األطر العلمية مالئمة لتحليل العالقة بين السلوك اإلنجابي ومحدداته في المناطق
العشوائية.
ويمكن عرض بعض التفسيرات والنظريات المرتبطة بموضوع البحث على النحو اآلتي:
-1التفسير البيولوجي:
يعتبر هربرت سبنسر ،وسادلر ،وكواردوجنين وفردريك دوبلداي والجغرافي جوزيه دي كاسترو من أبرز
الذين ساهموا في تفسير واستنتاج أن المجتمعات المكتظة بالسكان وتعاني من الفقر ونقص الغذاء ومشكالت
السكن كالمناطق العشوائية تزداد لديهم أعداد المواليد ،وأضاف بيرل أن السلوك اإلنجابي لدى الفقراء -
ريفيين أو حضريين -يمكن أن يكون خاضعا ً لقاعدة ببيولوجية ،إذ إنه من المحتمل وجود عالقة مباشرة بين
قسوة الطبيعة ومعدل التكاثر ،أما كاسترو فقد أكد فكرة أن (الفقر وما يرتبط به من نقص في التغذية يؤدي
إلى زيادة النسل من خالل تأثير نفسي وفسيولوجي ،فاألثر النفسي للجوع والحرمان المزمن يجعل إكساب
غريزة الجنس من األهمية ما تعوض به عاطفيا فقدان شهية الطعام)()9
وتوجد انتقادات كثيرة لهذا التفسير منها ما أشار إليه عالم السكان الشهير الفريد سوفي التي أكد فيها أن نتائج
التجارب التي أجريت على الحيوان ال تنطبق بالضرورة على اإلنسان ،وليس هناك دليل قاطع على أن
مستويات الخصوبة تنخفض في كل المجتمعات التي تنعم بغذاء مالئم ،وأن البالد الغنية -الغربية -تنجب أقل
من المجتمعات الفقيرة التي ينقصها الغذاء المالئم ،فإن سبب هذا االرتباط اجتماعي وليس بيولوجياً.
-2التفسير االقتصادي:
أشار سدني كونتز في كتابه النظريات السكانية وتفسيراتها االقتصادية إلى أن الخصوبة في أي دولة تختلف
اختالفا ً عكسيا ً مع الدخل ،وهو ماال يتفق مع ما أكده الكسندر كارسوندرز فيما أشار إليه في نظريته عن
الحجم األمثل للسكان ،وإن هناك ثالثة أنواع من الكثافة السكانية (الفيزيقية واإلحصائية واالقتصادية) ويرى
أن متوسط دخل الفرد إذا كان أخذاً في الزيادة كان هذا مؤشراً على قلة عدد السكان في المجتمع ،أما إذا كان
متوسط الدخل متجها ً نحو الهبوط تدريجيا ً فإن عدد السكان يكون عند حد متزايداً(.)10
هذا ،باإلضافة إلى تفسيرات كل من جون كلدويل join Caldwellعن تدفق الثورة وتفسيره للسلوك
اإلنجابي ألنه سلوك إنجابي عقالني متضمن في األهداف االقتصادية المحددة اجتماعياً ،وقد ميز بين
مجتمعين هما:
-1مجتمع يتصف بمعدالت خصوبة مرتفعة وثابتة حيث ال يكون هناك ناتج اقتصادي صاف يعود بالفائدة
على األسرة والذي عادة ما يحدث في خانة مستويات الخصوبة المنخفضة ،وهو ما يؤدي إلى تدفق الثروة
من جيل صغار السن إلى جيل كبار السن.
-2مجتمع تتحكم فيه القوة االقتصادية ،وهو يتميز بتدفق عكسي من جيل كبار السن إلى جيل أصغر سناً،
ويتضمن هذا التدفق كل الفوائد االقتصادية الحاضرة والمستقبلية طوال فترات الحياة.
وبذلك يعتبر كالدويل ممن حاولوا تفسير السلوك اإلنجابي من خالل التحليالت االقتصادية للوصول إلى فهم
أفضل لألفراد ،وهو ما ينطبق على المقيمين ببعض المناطق العشوائية حيث المنافع االقتصادية المتوقعة من
األبناء.
وقد اتفق معه كل من إسترلين esterlinفي كتابه عن الخصوبة والتنمية عندما استند إلى ثالثة محددات
للسلوك اإلنجابي هي:
ومن التفسيرات االقتصادية للسلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية متضمنة الزواج المبكر من أجل المنفعة
االقتصادية ،واإلنجاب المبكر والمتكرر من أجل الحصول على القيمة االقتصادية لألطفال ،واألبعاد
االقتصادية الستخدام وإتاحة وسائل تنظيم األسرة بأسعار مقبولة ،تفسيرات تربط باقتصاديات المنزل
الحديث أيضاً ،وكذلك ما يرتبط بنظرية ثقافة الفقر التي تعتبر من أكثر التفسيرات النظرية المالئمة لتفسير
السلوك اإلنجابي العشوائي حيث تحاول هذه النظرية تفسير الخصوبة المرتفعة نسبيا للطبقة الفقيرة في ضوء
ثالثة أبعاد هي(:)12
(أ) القيم والمعايير داخل الثقافة الفرعية التي تؤثر في تفضيل األفراد لحجم معين لألسرة ،وفي األهمية التي
تعطى لدور األبوين المرأة والرجل.
(ب) المعايير والمعتقدات التي تؤثر في االتجاهات نحو تنظيم األسرة بصفة عامة ،وفي الوسائل المتعلقة
بتنظيم النسل بصفة خاصة.
(ج) األنماط السلوكية الخاصة السائدة بين الزوجين داخل الثقافة الفرعية للطبقة الفقيرة.
ومن أمثلة هذه التفسيرات نجد رينووتر على الرغم من تسليمه بأهمية العوامل البنائية -يفسر كبر حجم
األسرة بين الطبقات الفقيرة في ضوء االستخدام غير الفعال لوسائل تنظيم األسرة ،أو عدم استخدامها ،والذي
يرجعه بدوره إلى عوامل مثل :نقص التوجيه نحو المستقبل ،والعالقات المنعزلة لألدوار الزواجية،
واالعتقاد بأن إنجاب األطفال هو الدور الرئيسي للمرأة ،ووجود أنماط معينة للسلوك الجنسي ،والفهم
المحدود لفاعلية الوسائل المتعددة لتنظيم النسل وللجوانب البدنية لمنع الحمل .ولذلك يرى رينووتر أن الطبقة
االجتماعية تمارس تأثيرها أساسا ً من خالل خاصيتين من خصائص األسرة كنسق اجتماعي -وهما اللتان
تختلفان من ثقافة فرعية طبقية إلى أخرى -األولى تنظيم األدوار الزواجية ،والقيم ،والممارسات التي تميز
مختلف الطبقات االجتماعية ،والثانية المفاهيم المتصلة باألدوار والقيم والممارسات المصاحبة لها التي تعد
مالئمة للنساء والرجال في مختلف الطبقات االجتماعية.
وقد اهتم جافي وبولجر بتطبيق مفهوم ثقافة الفقر على تنظيم األسرة .وتؤكد الدراسات الخاصة بتنظيم
األسرة االفتراض القائل بأن الصعوبات التي يالقيها الفقراء في تنظيم األسرة ترجع إلى نقص الفرص
الواقعية لتحقيق التوقعات الخاصة باألسر صغيرة الحجم .ولذلك فإن نجاح برامج تنظيم األسرة يتوقف على
خلق خدمات لم تكن موجودة ،أو إزالة المعوقات البيئية عند وجود هذه الخدمات ،مثل المسافة واالزدحام
ورسوم الخدمة ،ونقص المعرفة .ولهذا فإن تصميم هذه البرامج يجب أن يتم على نحو يجعل الفقراء يقبلونها
دون ضرورة إحداث تغير عاجل في نسق المعايير.
ويهتم أنصار نظرية ثقافة الفقر بمساعدة اآلباء على تحقيق توقعاتهم في المباعدة بين الوالدات وحجم
األسرة ،في حين يتخذ مؤيدو نظرية موقف الفقر مدخالً كميا ً يستند إلى معايير موضوعية مثل العمر،
والدخل ،ومرتبة األمومة ،ومحل اإلقامة .وهناك اختالفات أساسية بين النظريتين في تفسير توقعات الفقراء
ألسر صغيرة الحجم ،وفشلهم في تحقيق ذلك .فنظرية ثقافة الفقر ترى أن هذه التوقعات تعتبر أساسا ً مهما ً
لنجاح برامج تنظيم األسرة ،في حين تتجاهل نظرية ثقافة الفقر هذه التوقعات .ويفسر أصحاب نظرية موقف
الفقر فشل الفقراء في تنظيم األسرة في ضوء عوامل مثل التوافر الفعلي للخدمات ،وعدم توافر المعرفة بها،
في حين يركز أشياع نظرية ثقافة الفقر على القيم التي تجعل الفقير يرفض استخدام وسائل تنظيم األسرة.
ويرى أصحاب نظرية موقف الفقر أن نجاح برامج تنظيم األسرة يتوقف على استراتيجية نشر الوسائل ،مع
تغيير نظام الرعاية الصحية ليتسق مع خدمات تنظيم األسرة ،هذا إلى جانب توفير المعرفة بوسائل تنظيم
األسرة .ويركز أصحاب نظرية ثقافة الفقر على تقديم االستشارة للزوجين مع التأكيد على التربية الجنسية،
وإعادة صياغة القيم ،وخلق الدوافع لدى الفقراء لممارسة تنظيم األسرة .ويركز أصحاب نظرية موقف الفقر
على بناء شبكة من الخدمات والبرامج القادرة على تقديم الخدمات الحديثة لتنظيم األسرة إلى معظم الفقراء،
في حين يرى أصحاب نظرية ثقافة الفقر أن السلوك ال يتغير بسرعة ،وأنه ينبغي البدء على مراحل.
ويضيف أصحاب نظرية موقف الفقر أن مسؤولية تنظيم األسرة تقع على عاتق المستشفيات والهيئات
الصحية األخرى ،في حين يركز أصحاب نظرية ثقافة الفقر على دور مؤسسات الرعاية االجتماعية
والمدارس.
وإذا كان أصحاب نظرية ثقافة الفقر يرون أن أسلوب معيشة الفقراء يمثل عائقا ً أمام قبولهم لتنظيم األسرة،
فإن أصحاب نظرية موقف الفقر يركزون على معوقات مثل المعوقات المالية واإلدارية ،بحيث يمكن القول
إن فشل الفقراء في تنظيم األسرة قد يرجع إلى أسلوب معيشة األطباء والممرضات أنفسهم .وإذا كان
أصحاب نظرية ثقافة الفقر يركزون على االستثارة والتعليم ،فإن أصحاب نظرية موقف الفقر يرون أن دور
هذه السبل في تغيير القيم الثقافية كان ضئيالً.
واتخذ غامري من نظرية ثقافة الفقر منطلقا ً نظريا ً في دراسته .وقد انعكس ذلك على تحليله للسلوك اإلنجابي
بين فقراء الحضر في منطقة الكرانتينة باإلسكندرية .إذ يربط ظاهرة الزواج المبكر بين الفقراء بظواهر
أخرى مثل :انتشار األمية ،وتسرب الذكور من مراحل التعليم ،واتجاههم نحو العمل في مرحلة مبكرة من
العمر ،وانخفاض مستوى الطموح عند الشباب؛ مما يجعله يعيش من أجل حاضره فقط ،وال يخطط
للمستقبل .كما أن اإلدراك المعرفي للمرأة الفقيرة نحو تفضيلها لزيادة عدد األبناء قد تشكل وفق العوامل
االجتماعية التي تشتمل عليها طبيعة الحياة االجتماعية داخل منطقة الكرانتينة التي تظهر في العالقات
االجتماعية داخل األسرة ،وكذلك وجود نسق من القيم االجتماعية يسود العالقات األسرية التي تنظر إلى
األبناء على أنهم ضمان لمستقبل المرأة في حياتها الزواجية .ولذلك ال تفكر المرأة في حجم األسرة المفضل
وخاصة عندما تسيطر على حياتها قوى خارجة عن إرادتها تجعلها تشعر بالتخاذل والعجز عن تغيير البيئة
والظروف المحيطة والتي تعمل دائما ً ضدها ،ولذلك فهي ال تنظر إلى المستقبل وتعجز عن وضع خطط
ترشيدية إلنجابها ،وترى أن موقفها اإلنجابي ما هو إال سلسلة من االستجابات الضرورية للظروف التي
تعيش فيها .وعلى الرغم من ذلك تؤكد المرأة أنها ترغب في ترشيد الخصوبة ،ولكنها تجهل األساليب
العلمية التي يمكن أن تستخدمها في تحقيق رغبتها ،وإزاء ذلك تتجه نحو ممارسة العادات الشعبية في ترشيد
الخصوبة.)13(
ومن هنا كان مدخل "ثقافة الفقر" Culture of povertyمن أكثر األطر العلمية مالئمة لتحليل العالقة
بين السلوك اإلنجابي ومحددات هذه الثقافة التي تنقسم إلى أكثر من سبعين سمة مشتركة بين كل فقراء
العالم ،وصنفها إلى أربع فئات هي(-:)14
( )1العالقة بين الثقافة الفرعية (ثقافة الفقر) والمجتمع الكبير :وتشمل هذه الفئة عالقة الفقراء بالمجتمع،
فالفقراء ال يشاركون مشاركة فعالة وكاملة في المجتمع األكبر ،وذلك ألن من سماتهم العزلة والخوف
والشك والالمباالة ،كما أنهم من الناحية االقتصادية -يتسمون بانخفاض أجورهم واستخدام األشياء
المستعملة.
( )2طبيعة المجتمع المحلي لثقافة الفقر :يتمسك المجتمع المحلي ببيئة فيزيقية متأخرة وإسكان غير مناسب
ومزدحم ونقص وتدهور الخدمات وعدم التنظيم.
( )3طبيعة األسرة :األسرة في ثقافة الفقر حاملة لجميع الصفات السيئة مثل هجر األزواج لألسرة
واالتحادات الزواجية والعنف وتمركز األسرة حول األم.
( )4االتجاهات والقيم وبناء الشخصية :األفراد الذين ينمون في ثقافة الفقر لديهم شعور بالقدرية واالتكالية
وعدم احترام الذات واإلحباط.
وأوضح "أوسكار لويس" أن الفقر ليس مجرد نقص وحرمان اقتصادي ،وسوء تنظيم ،وإنما هو طريقة في
الحياة لها مالمحها الخاصة ،وتظهر ثقافة الفقر ،وتنمو في مواقف وظروف التغير السريع ،والتحضر،
والهزيمة في الحروب ،وتتضمن ثقافة الفقر خليطا ً من العوامل االقتصادية ،واالجتماعية ،والسياسية،
والنفسية( .)15وربما يميل بعض أنصار نظرية الفرص الجنائية إلى اإلشارة بأن مسألة الحرمان
االقتصادي لها تأثيراتها القوية كدافع الرتكاب الجريمة ،فهذا الحرمان يدفع الفقراء إلى شعورهم بالمهانة من
قبل المجتمع مما يكون حافزاً لديهم الرتكاب الجريمة كإجراء انتقامي (.)16
وتتضمن هذه الثقافة سمات أخرى :حدوثا ً عاليا ً للحرمان األمومي ،العدوانية ،والبنية الذاتية الضعيفة،
اضطرابا ً في الهوية الجنسية ،ضعفا ً في ضبط النزوات ،توجها ً قويا ً إلى اللحظة الحاضرة ،مع قدرة ضعيفة
نسبيا ً على التخطيط للمستقبل ،وانتشاراً واسعا ً لإليمان بتفوق الرجل ،وقدرة عالية على احتمال األمراض
النفسية من كل األنواع ،إن أناس ثقافة الفقر هم محدودو التفكير واالهتمام بالتوجه ،يعرفون مشاكلهم
الخاصة فقط ،ظروفهم المحلية الخاصة بهم ،جيرتهم ،طريقتهم الخاصة بالحياة ،وعادة ليس لديهم المعرفة
واإلدراك ،واأليديولوجية لرؤية أوجه الشبه بين مشاكلهم ومشاكل نظرائهم في أماكن أخرى من العالم،
وليس عندهم إدراك طبقي على الرغم من أنهم حساسون جداً لفوارق المكانة (.)17
-3التفسير اإليكولوجي:
اإليكولوجيا مفهوم واسع ،ويقبل االنقسام إلى معاني فرعية متعددة ومتباينة .ويقتصر التحليل هنا على
اإليكولوجية البشرية ومن بين أقسامها إليكولوجية الحضرية التي تبحث في عالقة سكان المدن بالوسط الذي
يعيشون فيه والتأثير المتبادل بين هذا الوسط ومشكالت المجتمع المحلي .وتنسب نظرية اإليكولوجيا
الحضرية Urban Ecologyابتداء إلى كليفورد شو ) Clifford show (1929وكالفن شميد Calvin
) ،Schmid (1937ثم ماكاي ( ،)1942وأرنست برجس Ernstوروبرت بارك Robert park
ولويس ممفورد وغيرهم Burgess .وترتكز اإليكولوجيا الحضرية إلى األبعاد والحدود اآلتية(-:)18
-1أن الوسط الحضري ممثالً في انقسام المدينة إلى أحياء وجيوب متعددة ومختلفة المستويات االجتماعية
االقتصادية ،باإلضافة إلى التمايز العمراني ،ينعكس على سلوك السكان ،ويؤثر في نوعية المشكالت التي
تواجههم.
-2أن هناك مناطق حضرية تشكل ضغوطا ً على السكان ،وتتميز بخصائص فيزيقية وطبوغرافية وسكانية،
وأخالقية وثقافية متدنية يطلق عليها األحياء المتصدعة Slumsوأحياء وضع اليد واألكواخ Squatter
areasوغيرها.
-3تزداد في هذه األحياء نسبة الجرائم ،وكل أنماط السلوك المنحرف والجانح ،بما في ذلك "بؤر اإلجرام"
Rookeriesومناطق توطن الجريمة والجناح ،Delinquency areasكما تنتشر بها عصابات
النواصي Street corner Gangsوزمر وجماعات السكر والعصيان والتمرد Rebellion
.Groupsويسميها البعض بمناطق تفريخ الجريمة.
-4تعتبر ظاهرة تفكك التنظيم االجتماعي Disorganizationأحد المظاهر الشائعة والمشتركة بين معظم
فئات السكان ،ولهذه الظاهرة مكونات مادية واجتماعية وثقافية واقتصادية تساعد على تكرار وتواتر أنماط
من السلوك المعوق والسلبي وتفسر هذه المظاهر ،في رأي كل من وليم توماس William Thomas
وفلوريان زنانيكي Znaniecki. Fتكرار السلوك الجانح وأنماط معينة من التشرد بين أسر بعينها ،تسكن
المنازل الضيقة المتداعية.
-5تعتبر األسرة أكثر الجماعات األولية النمطية في المناطق المذكورة تأثراً ،بكل من السمات الفيزيقية
للحي والموقع السكني Housing locationوالخصائص المورفولوجية واالجتماعية والثقافية للسكان.
ولذلك فإن التصدع األسري -وتلك ظاهرة شائعة في هذه المناطق -بمعناه المادي واالجتماعي انعكاس شبه
مباشر لهذه الخصائص والمكونات.
-6يكثر تعرض األطفال في المناطق الحضرية الفقيرة للتشرد بسبب الضغوط المتعددة داخل األسرة
وخارجها .ومن بين هذه الضغوط ضيق المسكن ،وعدم توافر الشروط الدنيا للعيش فيه ،وتداعي المرافق
والخدمات األساسية.
وتفرض المتغيرات اإليكولوجية الحضرية على األسرة قيوداً أمام التعبير عن الحاجات األساسية المقبولة
والمتواضعة .غير أن عوامل الصد والتحيز في صناعة القرارات الخاصة بتحسين الموقع وظروف العيش
تؤثر بعمق في التوجيه األسري للصغار .وقد توالت عشرات البحوث التي اختصت بمظاهر التفكك
األسري ،الناتج عن الضغوط المحلية الخارجية في الحي والمدينة .وعلى سبيل المثال بحث جيرالد ستلز
Gerald Suttlesمنذ عام 1970م في مؤلف له عن "النظام االجتماعي في األحياء الفقيرة" تأثير األبعاد
الجغرافية والثقافية على معتقدات ومعايير وقيم األسرة ،وانتهى إلى أن السلوك الجانح في هذه المناطق على
عالقة وثيقة بتقدير األبوين واألسرة ككل لوجودها ومكانتها المتدنية ،وعجزها عن تغيير شروط العيش(
.)19
هذا ،وتصلح هذه النظرية لتفسير السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية .وكذلك تفيد في تفسير العالقة بين
الهجرة من الريف إلى المدن ،والسكني في المناطق الحضرية المتصدعة وما يترتب عليها من مشكالت.
-4التفسير االجتماعي:
تتنوع التفسيرات النظرية للسلوك اإلنجابي ،فمنها ما يهتم بالهجرة الداخلية والطبقة االجتماعية ،ومنها ما
ركز على المهنة ومحل اإلقامة ومستوى التعليم والقيم واالتجاهات وغيرها ،وما ينطبق إلى حد ما على
تفسير السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية يمكن إيجازه فيما يأتي:
ويعد عالم السكان إيزنستادت ) esenstadt(20من أبرز من اهتموا بالسلوك اإلنجابي للمهاجرين الوافدين
إلى المدن الحضارية وخاصة على أطرافها ،وتحدث عن تباين نمط الحياة داخل المدن ،وعالقة ذلك بتكيف
المهاجرين وذويهم سواء في تفضيل الزواج المبكر واإلنجاب المتكرر تمسكا ً بما نشأوا عليه من قيم وعادات
يصعب التخلي عنها في األماكن التي تمت الهجرة إليها بسهولة ،مما يزيد الكثافة السكانية العالية بهذه
المناطق وتتمدد عشوائياً ،وهو ما ينطبق تماما ً على مجتمع البحث ،الذي جذب أعداداً كبيرة من المهاجرين
الذين يحملون قيما ً وسلوكيات مؤيدة ومحفزة للزواج المبكر والسلوك اإلنجابي غير الرشيد ،وذلك في ظل
ارتفاع القيمة االقتصادية لألطفال وخاصة للذكور.
كما أشار أرسين ديمون في نظريته عن االرتقاء االجتماعي social capillarityإلى تناسب الخصوبة
تناسبا ً عكسيا ً مع االرتقاء االجتماعي ،فتقدم الفرد وقوة شخصيته ومقدار ترفه تتناسب تناسبا ً طرديا ً مع
االرتقاء االجتماعي ،وهو يفسر انتقال الفرد أو األسرة من طبقة ألخرى ،ومن مكان إلى أخر ،وإن فقراء
المناطق الحضرية ال يمتلكون أصوالً رأسمالية ،وال عمل يساعدهم على االرتقاء االجتماعي ،ومن ثم
يستمرون في اإلنجاب لالعتماد عليهم عند العجز والمرض والشيخوخة ،ومن ثم ينعكس ذلك على عشوائية
سلوكهم اإلنجابي على حياتهم بصفة عامة.
في حين أشار كنجزلي ديفز إلى المتغيرات الوسيطة للسلوك اإلنجابي ونظريته عن التوازن االجتماعي
social equilibriumودور النسق القيمي والثقافة التقليدية للفقراء ،وكيف يسعون للتكيف مع أوضاعهم
السكنية واالجتماعية من خالل بعض المتغيرات الوسيطة ،وهو ما ال يتفق مع فقراء المناطق العشوائية
الذين يميلون للزواج المبكر بأقل التكاليف من أجل المنفعة االقتصادية للزوجات واألبناء فيما بعد ،ومن جهة
أخرى نفى كارل ماركس وبعض أتباعه من الماركسيين الجدد فكرة التوازن االجتماعي ويرفضون حقيقة
أن هناك مشكلة أو فائضا ً سكانياً ،وإن السلوك اإلنجابي لألفراد قائم وممتد على العالقة بين ظروف الحياة
المادية وأنماط الفكر المسيطر على األفراد ،فالتفاعل الجدلي بين البناء االقتصادي والبناء الفوقي المعياري
للمجتمع يؤدي إلى تعدد مراحل التطور ،ويرجع إلى تزايد بناء األدوار ،وتراكم الملكية الخاصة لتزايد
السكان وحاجاتهم االقتصادية ،فالفقر وضعف الدخول لدى الفقراء يدفعهم نحو اإلنجاب في محاولة منهم
إلضافة دخول جديدة ومحاوالت تغيير الوضع القائم ،ويرجع ماركس الفقر باعتباره مرتبطا ً بمشكلة تزايد
السكان إلى النظام االقتصادي الرأسمالي الذي يعجز عن تشغيل األفراد.
كما أجمع عدد كبير من العلماء والباحثين على دور التنشئة االجتماعية والضبط االجتماعي في ترشيد
السلوك اإلنجابي من عدمه ،حيث تلعب ميكانيزمات الضبط االجتماعي دوراً في االمتثال للقيم والعادات
السائدة والمسيطرة على األفراد ،فوسائل التنشئة والضبط االجتماعي في المناطق الفقيرة التي يأوي إليها
المهاجرون الريفيون وغيرهم تتحقق لها الفاعلية والقوة بفضل ارتكازها على معايير يقرها المجتمع ،وبذلك
تعمل على تحقيق التوازن المطلوب ،فالزواج المبكر كأحد محددات السلوك اإلنجابي وما يترتب عليه من
حمل وإنجاب مبكر ومتكرر يوجهه ويدعمه بعض القيم واالتجاهات والسلوكيات التي يقرها فرد ما أو أسرة
أو مجتمع ما ،وقد يرفضها أخرون ،وتتحكم في ذلك وسائل التنشئة االجتماعية والضبط االجتماعي .وكما
يقول تالكوت بارسونز بقدر فاعلية عمليات التنشئة والضبط االجتماعي بقدر ما يحترم الفرد واألسرة تراث
وسلوكيات مجتمعة ،ويمتثل لها حتى ال يصبح مغتربا ً في مجتمعه ،وقد أكدت ذلك دراسة مانجو
) mango(21على تأثير (عمليات التنشئة والضبط االجتماعي على السلوك اإلنجابي في بعض األحياء
الفقيرة في منطقة شيباس بالمكسيك (.)22
ويفسر عالم السكان الفرنسي (ألفريد سوفي )Alfred sauvyفي كتابه النظرية العامة في السكان :السلوك
اإلنجابي ومدى تأثره باإليديولوجيا السائدة في المجتمع ،حيث يذهب إلى أن السلوك يتأثر بالقيم والمعتقدات
ونمط اإلنتاج السائد في المجتمع ،فإذا كان نمط اإلنتاج السائد في المجتمع يتجه في عملياته وأساليبه إلى ما
يحقق صالح الفئات والطبقات الفقيرة فإن السلوك اإلنجابي في هذه اللحظة يساعد المجتمع في تحقيق أهدافه(
)23وبإمعان النظر في واقع السلوك اإلنجابي لدى فقراء الحضر ساكني المناطق العشوائية نجدهم
يمارسون سلوكهم اإلنجابي متأثرين بما يحملون ويتوارثون من قيم ومعتقدات اجتماعية واقتصادية وأمنية
محفزة لسلوكياتهم نحو تفضيل الزواج المبكر ،وتشجيع اإلنجاب المبكر والمتكرر دون االقتناع بممارسة
تنظيم األسرة خاصة أن نمط اإلنتاج لدى هؤالء يدعم زيادة حجم األسرة.
وبناء على ما سبق يمكن استخالص أن البيئة االجتماعية التي يعيش فيها اإلنسان تشكل دوافع وموجهات
سلوكه بصفة عامة وسلوكه اإلنجابي بصفة خاصة ،وأنه يصعب تحديد سبب واحد مباشر للسلوك اإلنجابي،
وإنما تتضافر وراء هذا السلوك الشخصي مجموعة من المحددات والموجهات المنبثقة من الواقع
واالحتياجات الفعلية للسكان في المناطق العشوائية وغيرها ،وكما يجمع بعض علماء االجتماع والسكان
على أن الجماعات الحضرية الفقيرة ذات الدخل والتعليم المنخفض والمسكن المتدني واألعمال الهامشية،
والحرفيين واألجراء يسود بينهم إنجاب متزايد وأغلبهم من أصل قروي هاجر للمدن( )24وهو ما ينطبق
على واقع المناطق العشوائية والفئات السكانية بمجتمع البحث.
سابعا ً -مفاهيم البحث:
تتعدد المفاهيم المستخدمة في البحث ،ولعل أهمها السلوك اإلنجابي ,Reproductive behavior
وعناصره ومحدداته ومفهوم المناطق العشوائية ،وأنماطها السائدة في مجتمع البحث ،والقيم ،ويمكن إيجازها
فيما يأتي:
يجمع الكثيرون من العلماء والباحثين أمثال رونالد فريدمان وبرتا فريدمان وكريستوقر ولسون ومصطفى
خلف ويسرى رسالن وعلي جلبي وغيرهم على أن السلوك اإلنجابي هو كل ما يتعلق بالسن عند الزواج،
وإنجاب األبناء ،والفترة بين المواليد ،وعددهم ونوعيتهم ،وحجم األسرة ،وعدد مرات الزواج ،وتنظيم
األسرة.)25(
والتعريف اإلجرائي للسلوك اإلنجابي في البحث الراهن هو" :العمليات الفعلية لإلنجاب ،وتشمل تفضيل
السن عند الزواج األول ،وعدد مرات وفترات الحمل واإلنجاب ،وفترات المباعدة بين كل مولود وأخر،
وممارسة الرضاعة الطبيعة ،واستخدام وسائل تنظيم األسرة ،وحجم األسرة.
يكتنف تعريف العشوائيات أو المناطق العشوائية أو السكن العشوائي مشكالت ومعان متعددة اصطالحية
وقانونية وعمرانية ،ومن أبرز الصعوبات والمشكالت اختالف المسميات والتعريفات من مجتمع آلخر،
ومن دوله ألخرى.
وقد حدد المؤتمر األول لإلسكان العشوائي الذي انعقد سنه 1994أربع صور أساسية للمناطق العشوائية
هي(:)26
وتتصف األحياء العشوائية -أيا ً كان نمطها -سواء أكانت من نوع المساكن القديمة المتداعية ،Slumأم
مناطق وضع اليد squatter settlementsأم التعاريش واألكواخ أم غيرها بارتفاع حجم األسرة
والكثافة السكانية وغيرها من محددات السلوك اإلنجابي ابتداء باالختيار الزواجي والفحص عند الزواج،
والسن األول عند الزواج ،مدة الزواج ومراته ،ومدى التوافق الزواجي ،ثم السن عند الحمل واإلنجاب األول
والمتابعة الصحية أثناء الحمل وعند الوالدة وبعدها ،ثم مدة الرضاعة الطبيعية ،ومدى استخدام وسائل تنظيم
األسرة ،والفترة المناسبة والفعلية للمباعدة بين المواليد ،وغيرها.
ويتضمن التعريف اإلجرائي للمناطق العشوائية كل ما تم إنشاؤه بالجهود الذاتية ،كالمباني من دور أو أكثر
أو عشش في غيبة من القانون ،ولم يتم تخطيطها عمرانياً ،فهي مناطق أقيمت على أراض غير مخصصة
للبناء ،كما وردت في المخططات العامة للمدن ،وربما تكون حالة المباني جيدة ،ولكن يمكن أن تكون غير
أمنة بيئيا ً أو اجتماعياً ،وتفتقد الخدمات والمرافق األساسية .فالمناطق العشوائية هي كل أنماط وسمات السكن
العشوائي السابقة والقائمة بمجتمع البحث والموزعة على األحياء األربعة بمدينة السويس.
يعرف شوارتز سنة 1992القيم على أنها بمثابة مبادئ إرشادية عامة سواء في حياة األفراد أو الجماعات
أو المجتمعات ،وتستمد أهميتها من خالل تقديمها عدة فوائد لألفراد ،منها األنماط المرغوبة من السلوك،
وتوجيهات االختيار بين البدائل السلوكية ،واألساليب المختلفة لتقييم السلوكيات البشرية ،باإلضافة إلى
"تعريفات كال من دون مارتندال" في كتابه عن النظرية االجتماعية ومشكلة القيم 1974وتأكيده على أن
القيم تمثل القوى الحقيقية التي تشكل االتجاهات ،وتعمل تبريرات للسلوك ،وكذلك تعريف ميشيل دونكان M
Dunkanعلى أنها حقائق ثابتة في البناء االجتماعي ،ومكتسبه ومشتركة ،ولها عدة خصائص تلقائية من
صنع المجتمع ،فردية وجماعية ،وموضوعية ومترابطة ،ومنتشرة ،وذات إلزام جمعي ،وتعريف كل من
عبد الهادي الجوهري ،وأحمد زايد ،وعلي ليلة ،وغيرهم حول هذا المعنى (.)27
ويحدد الباحث التعريف اإلجرائي للقيم في الدراسة الراهنة بأنها مجموعة التفضيالت والموجهات الفعلية
للسلوك اإلنجابي التي تتمثل في السعي نحو الزواج المبكر ،واإلنجاب المبكر والمتكرر ،وتفضيل الذكور،
والقيمة والمنفعة االقتصادية لالطفال.
الموروثات الثقافية:
هي كل القيم والمعتقدات واألفكار والعادات واألفكار والعادات واألعراف المنقولة من السلف إلى الخلف
عن طريق التوارث االجتماعي والثقافي والمرتبطة بالسلوك اإلنجابي.
( )2برنامج األمم المتحدة ،المستوطنات البشرية (الموئل) تقدير حالة مدن العالم2009 ،2008 ،م.
( )3علي الصاوي ،قضايا التنمية ،العشوائيات ونماذج التنمية ،مركز دراسات بحوث الدول النامية ،كلية
االقتصاد والعلوم السياسية ،القاهرة ،ص .61
( )4ميشيل فؤاد ،النمو العشوائي للمجتمعات السكنية في مصر ،ندوة النمو العشوائي وأساليب معالجته،
جمعية المهندسين المصرية ،القاهرة ،1999 ،ص ص .6 - 3
( )5ليلى محمود نوار وآخرون ،العشوائيات داخل محافظات جمهورية مصر العربية –دراسة تحليلية
للوضع القائم واألساليب المختلفة للتعامل ،الجزء األول ،مجلس الوزراء ،مركز المعلومات واتخاذ القرار،
2008م ،ص.177
( )6الجهاز المركزي للتعبئة العامة واإلحصاء والمجلس القومي للسكان -السكان والمقومات االقتصادية
واالجتماعية بمحافظة السويس ،2008 ،2004ص.177 ،
( )7انظر:-
-ليلى محمود نوار وآخرون ،العشوائيات داخل محافظات جمهورية مصر العربية – دراسة تحليلية للوضع
القائم واألساليب المختلفة للتعامل ،الجزء األول ،مجلس الوزراء ،مركز المعلومات واتخاذ القرار ،مرجع
سابق ،ص.88 ،
( )9مصطفى خلف عبدالجواد ،علم اجتماع السكان ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن2009 ،م،
ص ص .77 - 76
( )10على عبدالرازق جلبي ،علم اجتماع السكان -دار المعرفة الجامعية -اإلسكندرية،1993 ،
ص ص.96 -95
( )11ليلى كفافي -علم اجتماع السكان :الموضوع والنظرية والمنهج -في (مصطفى خلف عبدالجواد -علم
اجتماع السكان -مرجع سابق) ص ص .42-41
( )12انظر-:
-عزة على كريم ،األوضاع االقتصادية واالجتماعية لألسرة في التجمعات العشوائية – في مؤتمر
العشوائيات بالمركز القومي للبحوث االجتماعية والجنائية مايو ،2011ص ص .12-11
( )14ضحى المغازي ،سكان المناطق العشوائية بين ثقافة الفقر واستراتيجيات البقاء – دراسة
أنثروبولوجية ،مجلد المجتمع المصري في ظل متغيرات النظام العالمي ،الندوة السنوية األولى آلداب
القاهرة ،المطبعة التجارية الحديثة ،القاهرة1995 ،م ،ص.419-418 ،
( )15علية حسين ،الفقر واإلعاقة ،منظور أنثروبولوجي ،مجلد الفقر في مصر ،تحرير :محمود الكردي،
مطبعة جامعة القاهرة ،1999 ،ص.343 ،
( )17روبيرتس تيمونز وآخر ،من الحداثة إلى العولمة -رؤى ووجهات نظر في قضية التطور والتغيير
االجتماعي ،ترجمة :سمر الشيشكلى ،عالم المعرفة ،ع ،309الكويت ،نوفمبر .2004
( )18حسين أنور جمعة ،االتجاهات النظرية في تفسير مشكلة أطفال الشوارع ومحمد عبد المعبود
وآخرون :أثر التفكك األسري في تضخم مشكلة أطفال الشوارع من الذكور ،دراسة ميدانية مقارنة لواقع
المشكلة في مدينتي السويس وبورسعيد ،دار التيسير2004 ،م ،ص.108 ،
( )19المرجع السابق ،ص.111 ،
( )20أحمد النكالوي :السكان والمجتمع ،دار الثقافة العربية ،القاهرة ،2003 ،ص .110 -109
( )22أحمد النكالوي :السكان والمجتمع ،مرجع سابق ،ص .136 -135
( )24عبد المعبود محمد عبد الرسول ،تغير القيم والسلوك اإلنجابي ،دراسة تتبعية بقرية مصرية ،بحث
منشور في الندوة السنوية لقسم علم االجتماع ،المجتمع المصري إلى أين؟ ،كلية اآلداب جامعة المنيا ،ص،
أبريل.14 ،2011
( )25عزة كريم ،أطفال العشوائيات بين قسوة التهميش وعنف الجريمة ،بحث مقدم في :ندوة االتجاهات
الحديثة في وقاية األطفال من االنحراف ،وزارة الداخلية (أكاديمية مبارك لألمن) مركز بحوث الشرطة
القاهرة 2007 ،م ،ص.4 ،
( )26انظر:
-ليلى محمود نوار وآخرون :العشوائيات داخل محافظات جمهورية مصر العربية –مرجع سابق ،ص،
.13
-ممدوح الولي ،سكان العشش والعشوائيات ،الخريطة اإلسكانية للمحافظات ،مطابع روزا ليوسف الجديدة،
القاهرة1993 ،ص ص .276-274
( )27عبد المعبود محمد عبد الرسول :تغير القيم والسلوك اإلنجابي ،دراسة تتبعية بقرية مصرية ،مرجع
سابق ،ص.15 ،
الفصل الثاني
الخصائص المشتركة لسكان العشوائيات ومدى اتصالها بواقع السلوك اإلنجابي
( )1فيما يتصل بالمتغيرات الديموجرافية
( )2التعدي ووضع اليد
( )3التعلق بالمتع سريعة الزوال واإلشباع الحسي المباشر
( )4االختراق االجتماعي
( )5االنسياق والعفوية
( )6االرتباط الشديد بالموقع وضعف الميل للتحول عنه
( )7اختالل نسق الضبط االجتماعي
)8( فقدان الخصوصية األسرية
)9( انخفاض مستوى التعليم وارتفاع نسبة األمية
)10( تردي وضع األنثى والمرأة بخاصة
)11( زيادة حدة التفكك األسري
الفصل الثاني
الخصائص المشتركة لسكان العشوائيات ومدى اتصالها بواقع السلوك اإلنجابي
يعبر السلوك اإلنجابي عن رؤى األفراد والجماعات حيال كثير من المحددات التي تشكل موقف األسرة
حيال المسائل المتعلقة بالحمل ،والوضع ،والرضاعة ،والفطام ،ورعاية األطفال ،وقضايا تنظيم النسل،
والتخطيط للحياة األسرية ،وغيرها .وتدل نتائج البحوث الميدانية على أن سكان المناطق العشوائية يتميزون
بخصائص ديموجرافية وثقافية واجتماعية لها عالقة مباشرة أو غير مباشرة بمحددات وعناصر السلوك
اإلنجابي .ويمكن إثبات ذلك على النحو اآلتي:
تدل الوقائع الميدانية على أن نمط األسرة الشائع هو نمط األسرة الصغيرة "النووية" المعروف اصطالحيا ً
باسم األسرة الزواجية ،فقد أسفرت نتائج المسح االجتماعي "لمنطقة الحوتية" بمحافظة الجيزة أن نسبة
األسر ذات الشكل النووي المكون من المبحوث وزوجته وأوالده تبلغ %81.2من إجمالي أفراد العينة.
وفى دراسة أخرى عن الطفل بالمناطق العشوائية بالشرابية (1998م) تأكد نفس الميل اإلحصائي ،حيث
يعيش أطفال التجمعات العشوائية في أسر نووية متكاملة مكونة من األب واألم واإلخوة بنسبة تتراوح ما بين
%90 ،73.3ويتكرر الحال في عزب الهجانة ،وعدد من الجيوب المتخلفة عمرانيا ً في منطقة السالم،
ويقل من ثم انتشار أنماط األسر الممتدة والمركبة .ويكاد يكون هذا هو النموذج العام .ويرجع ذلك إلى
ضغوط الحياة االقتصادية واالجتماعية التي تحد من تعدد الزوجات ،كما أن ضيق المسكن ودرجة التزاحم
تجعل من التجمعات األسرية المختلطة استثناء .ولذلك فإن نسبة وجود زوجة االبن أو زوج االبنة
تقل عن.%0.7
ويقترن هذا النمط لألسرة بمتغير ديمجرافي أخر ،وهو حجم األسرة الذي يعد مؤشراً داالً في تجسيد طبيعة
الحياة الصعبة وزيادة الكثافة السكانية داخل الحجرات وفراغات المسكن ككل .ففي المسح االجتماعي لمنطقة
الحوتية العشوائية بلغ متوسط حجم األسرة 5نسمة /أسرة .وهو يتجاوز بكثير المتوسط العام لحجم األسرة
في معظم المدن .والذي يتراوح ما بين 3.94 ،3.76نسمة /أسرة .في معظم محافظات مصر ،كما يزيد
عن المتوسط العام لجمهورية مصر العربية والبالغ 4.6نسمة /أسرة .وتشتد الكثافة بالمناطق العشوائية إذا
علمنا أن أعلى نسبة لألسر هي التي تتكون من خمسة أفراد .وتعتبر زيادة حجم األسر من السمات التي
تتصل بالفقر وانخفاض المستوى االجتماعي االقتصادي في أغلب الدراسات .وتنعكس هذه الزيادة على
األطفال بخاصة ،وتفضي إلى نتائج سلبية تتصل باألمية والتسرب الدراسي ،فضال عن تدني معدالت التغذية
والتعرض لألمراض .هذا ،باإلضافة إلى تداعي أوجه الرعاية االجتماعية بكل صورها(.)1
وتأتي معدالت التزاحم التي تعني ما يخص الحجرة الواحدة من عدد األفراد الذين يشغلونها لتضيف خطراً
أخر يتصل بالشروط الحياتية اليومية التي تجعل من ضيق المكان عامالً طارداً لألطفال معظم ساعات
النهار ،وجزءاً من الليل؛ ليبقى المسكن مجرد مأوى يهرع إليه أفراد األسرة لعدة ساعات .وقد بلغت
معدالت التزاحم في منشأة ناصر 2.1فرد /للحجرة 4.4 ،فرد/لألسرة .وال تختلف معدالت التزاحم في
أحواش المقابر عن ذلك؛ حيث تتراوح ما بين 2.8 -2فرد/للحجرة ،كذلك تبلغ معدالت التزاحم في منطقة
الحوتية 3.1نسمة للحجرة ،بينما بلغت معدالت التزاحم على المستوى القومي لجمهورية مصر العربية
1.3نسمة /حجرة .وينتج عن ارتفاع معدل التزاحم نتائج أخالقية ومشكالت سلوكية متعددة .وترتفع
معدالت الخصوبة في معظم المناطق العشوائية؛ ففي دراسة لمنطقة المنيرة الغربية اتضح أن %52من
مفردات مجتمع البحث لديهم أربعة أطفال ،و %22لديهم خمسة أطفال ،وأن نسبة األسر التي لديها أربعة
أطفال فأكثر تبلغ ،%82وتتراوح معدالت الخصوبة في مناطق عشوائية متعددة مثل الحوتية ،وعزبة
الهجانة ،وسكان العشش في بورسعيد ما بين .3.8-2.7وهو يزيد عن معدالت الخصوبة على المستوى
القومي التي تتراوح ما بين 2005( ،3.2-2.1م)(.)2
وترتفع معدالت الطالق ألسباب يرتبط بعضها بالجو النفسي المشحون لألزواج والهروب من مسؤولية
الصغار كثيري العدد ،أو للظروف المعيشية المتدنية التي ال تعطي الزوجة أبسط حقوقها اإلنسانية ،وال
تسمح باالهتمام بالنظافة الشخصية ،ويدل على ذلك المظهر العام لألفراد ،وهذا ما أكدته دراسة ميدانية
حديثة سنة 2011م لعزة كريم عن األوضاع االقتصادية واالجتماعية لألسرة والتجمعات العشوائية.
وتعد قضية الهجرة الداخلية من األهمية بمكان في التأثير على نمو المناطق العشوائية ودرجة التزاحم بها،
خاصة إذا ما تمركزت مواطن النزوح في المناطق الطاردة من المدن ،أو اقترنت ببعض الكوارث أو
األزمات الطبيعية أو اإلخالء اإلداري .ذلك ألن السمات النوعية للسكان تتراكم على نحو معين في مناطق
الطرد والجذب سواء كانت مناطق ريفية أو حضرية .وتدل النتائج الخاصة ببيانات محل الميالد والموطن
األصلي على نوعية السكان .وهذا ما كشفت عنه الدراسات المتعددة في المناطق العشوائية لكل من الحوتية،
والدويقة ،ومنشأة ناصر ،وبعض الجيوب الحضرية في بوالق الدكرور .وتمثل الهجرة من المناطق
الحضرية نسبة كبيرة تتجاوز %72بالمقارنة بالهجرة من المناطق الريفية ،وذلك بالنسبة لمعظم المناطق
العشوائية ذات الطابع الحراكي الشديد.
ويعد التركيب العمري النوعي المميز من بين الخصائص الديمجرافية الشائعة في المناطق العشوائية ،ومثل
هذا التركيب على عالقة بتنمية المجتمع ،وقد ساعد األفراد على األداء واإلنجاز .وتفيد الدراسات التي
تناولت تحليل الهرم السكاني ببعض المناطق العشوائية في القاهرة والجيزة أن فئة متوسطي العمر (من -15
)59تمثل نسبة %65.6من إجمالي سكان المنطقة .وتعتبر تلك النسبة أعلى من المتوسط العام للسكان في
جمهورية مصر العربية وهي .%59.9وال توجد فوارق ذات داللة إحصائية بين نسبة اإلناث بالمقارنة
للذكور مما يشكل توازنا ً نسبيا ً على مستوى النوع ،بيد أن فئة كبار السن مرتفعة نسبيا ،وتمثل ( %10.7
)1996بالمقارنة لسكان مصر ،والتي بلغت %5.2بيد أن هذا التركيب العمري الفئوي اقترن بنتائج سلبية
ومعوقة .ويرجع ذلك إلى خصائص السكان ،والسيما الخصائص االجتماعية والثقافية والسلوكية المتدنية
التي اتصلت بالبطالة ونمو قطاع األعمال اليدوية والمهن الهامشية ،فضالً عن انخفاض مستوى التعليم
والتدريب وضعف المشاركة االجتماعية ،وغيرها .كذلك تضاعف العنف ،وارتفعت نسبة التفكك االجتماعي
واألسري ،وزادت نسب التعدي والتجاوز وسائر صور السلوك االنحرافي (.)3
يتميز سكان المناطق العشوائية بسيادة نزعة التعدي على حقوق الغير ،خاصة الحقوق الخاصة باستيطان
المكان ،واستعماله مأوى بأساليب بسيطة وسريعة .وأول ما يشغل المكان عدد من األطفال الستدرار
العطف ،وإثارة الشفقة من جانب النظارة ،وكل من يرتاد المكان .فإذا تحقق قدر من التسامح حيال
االستيالء ،وتحقق قدر من االستمرار واالستقرار في الموقع وجد الحائز في البحث عن كثرة األبناء سبيال
لتثبيت وضع اليد ،وسعى إلى إضافة مساحات جديدة تضاف إلى ما احتكره من أمالك الدولة أو أراضي
المنافع العامة .وقد شاع هذا االتجاه في تشييد العشش واألكشاك في عدد من دول العالم الثالث ،ومن بينها
مصر .ويصبح بذلك وضع اليد آلية أساسية في الحيازة غير القانونية للمسكن المشفوعة بإعالة األسرة لعدد
من األطفال .وتتراوح أماكن وضع اليد بهذا األسلوب ما بين %7و ،%38وهذا ما انتشر في كراكاس
عاصمة فنزويال وسنتياجو بشيلي ومانيال بالفلبين وسنغافورة ونيودلهي والقاهرة (.)4
ويعتبر متغير الكثافة السكانية عامال فاعال في توطن األراضي الزراعية ،وتقسيمها إلى جيوب عشوائية.
ويأتي دور التقنين الحكومي بإصدار قرارات تحويل هذه المناطق إلى شياخات واالعتراف الرسمي ،بل
ومدها بالمرافق .ومن هنا كان االرتباط بالمكان مانعا ً لفرص التحول عنه وتدعيم عاطفة االنتماء له حتى
ولو أتيحت البدائل ،وتشتمل المحاوالت المتصلة لتثبيت الوضع على المساومات تارة واالستعانة باألساليب
الباعثة على الشفقة تارة أخرى ،واللجوء إلى التحايل والخداع تارة ثالثة ،وإقامة مشيدات أكثر ثباتا ً تارة
رابعة .ويبقى المظهر التراجيدي لحال عرى األبناء وصراخهم استثماراً للفاقة الشديدة في االنصراف عن
المواقع.)5(
ولقد دلت نتائج البحوث المباشرة على أن المظاهر المشار إليها سلفا زادت من فرص االرتباط بالموقع
وضعف تيار التحول عنه .وكثيراً ما ينصرف السكان إلى أحوالهم الحياتية اليومية في دائرة الحراك
الجغرافي بالمدينة ،ثم ال يلبث المسكن أن يمتلئ تماما ً بالسكان .ذلك ألن حركة السكان خارج المواقع البد
أن يناظرها في وقت معلوم كثافة سكانية تبرر الحيازة وتدعم االعتراف الضمني بحقوق الملكية .وهو
اعتراف يسعى القطان إلى الحصول عليه في ظل استمرار نزعة التسامح التي تأتي مشفوعة ببعض أساليب
المساندة والدعم .وتؤكد مواقف بعض أجهزة الدولة ذلك على نحو ما حدث بالنسبة لمنشاة ناصر ،والدويقة،
وعزبة الهجانة في القاهرة ،والجيوب العشوائية في حي المنتزه ،وشرق اإلسكندرية .هذا وترتكز أيديولوجية
التعدي إلى طائفة من المعتقدات واألفكار والقيم السائدة لدى بعض شرائح الفقراء حول مضمون الملكية
العامة التي يرونها مساحات غير محددة المعالم ،وال خير في استخدامها ما دامت تكلفة تجهيزها تقع على
كاهلهم .وقد دلت عمليات وضع اليد واالستيالء على عدد كبير من المناطق العشوائية على تنازالت متوالية
عبر مراحل متعددة من امتداد هذه المناطق .ويبرر التنازل عن حق الملكية العامة التسامح حيال االنتفاع
بالمرافق الذي آل في النهاية إلى التقنين الرسمي (.)6
تفرض شروط اإلقامة وتلمس سبل االستقرار في المناطق العشوائية االنتفاع بكثير من المواد واألشياء
المهملة من فضالت مواد البناء أينما كان موقعها بغض النظر عن محددات الصالحية وأغراض االنتفاع،
وتصبح هذه المكونات أحد معالم التراكم غير المنظم لألشياء التي تضاعف من تلوث المسكن .ويتصل هذا
السلوك في اقتناء األشياء بنزعة وميل شديدين ،إلى تفضيل اإلشباع السريع على كل صور االنتفاع المؤجل
أو المرتقب .ويتجلى ذلك في أساليب تلقي المساعدات ،وفي شيوع األعمال المؤقتة والمهن الهامشية بين
الكبار والصغار ،كما يفضل األجر اليومي ،وأي تعامل لقاء عائد مباشر على الدفع الشهري .وينعكس ذلك
على متطلبات التدريب والتلمذة المهنية التي تقتصر على المهن اليدوية الشاقة .ويؤكد هذا الميل وجوده لدى
األطفال الذين تفضل أسرهم دفعهم للعمالة المبكرة في مقابل تفشي ظاهرة التسرب الدراسي بينهم،
وانخفاض مستوى التعليم .ففي دراسة ميدانية للطفل في المناطق العشوائية (1998م) تبين أن زيادة عدد
المواليد في مناطق الحوتية والشرابية بالقاهرة دفعت األسر إلى تفضيل العمل خاصة بالنسبة لإلناث على
التعليم ،وأن البحث عن العائد المحدود والسريع عن طريق عمل الصغار اقترن بزيادة التسرب وارتفاع
نسبة األمية .وينعكس الميل إلى اإلشباع الحسي المباشر والمتع سريعة الزوال على السلوك اإلنجابي ،ممثالً
ذلك في ضعف اإلقبال على مراكز تنظيم األسرة ،واالقتران المتكرر بين االعتقاد في القيمة االقتصادية
لألطفال ،والبحث عن الكثرة في اإلنجاب بوصفها مصدراً للمساندة االقتصادية التي يراها اآلباء قائمة في
تملك األشياء القديمة التي يجلبها األطفال ،وفي العائد السريع من عملهم الهامشي .وتكتسب نزعة "التشيىء"
لدى األسر في المناطق العشوائية ،وتتصل غالبا بحيازة البقايا والمهمالت التي يتصل تراكمها بمنافع زائفة
غالباً .وعلى الجانب اآلخر يفضل السلوك الجنسي المقترن بالمعاشرة التي "تثمر" على حد تعبير البعض،
والثمرة هنا هي الحمل والتكاثر (.)7
يقصد باالختراق االجتماعي هنا شدة االلتحام والتناوب في المفاهيم والمعتقدات واألفكار وشيوع ظواهر
تبادل المعلومات واالفتقار الشديد للخصوصية األسرية .وحيث تحول المسافات المكانية دون االستقالل
وحفظ األسرار يصبح الفرد مرآة لآلخر الذي يستوعب أدق تفاصيل العالقات والمعامالت .وتبلغ العفوية
حداً مفرطا ً في العالقة بين الذكر واألنثى ،وتناوب الخبرات والتجارب .ويترتب على االختراق االجتماعي
مشكالت عديدة تفضي إلى منازعات مستمرة بين الجيران .ومن جانب أخر يقترن االختراق االجتماعي
بنمو نزعة التقليد والمحاكاة التي تشمل األفكار والمعتقدات والقيم وأنماط السلوك (.)8
وتؤكد نتائج البحوث أن التوحد في اتجاهات سكان المناطق العشوائية حيال قضايا الحمل والوضع
والرضاعة والختان والتكاثر من المظاهر الشائعة .سواء بين المراهقات أو غير المراهقات المتزوجات.
وليس أدل على ذلك من عامل التقاليد "كما فعل أسالفنا" يمثل ،%46.8بين غير المراهقات %40.9 ،بين
المراهقات بالنسبة لمن أيدوا ختان األنثى ،وتبلغ نسبتهم بين عينة البحث %77.4وتلك نسبة ذات داللة
معنوية عند ،0.05ويؤثر االختراق االجتماعي وسيادة عوامل التقليد والمحاكاة على سلوك المتزوجات
حيال زواج األقارب ،والزواج المبكر ،والفترات بين كل مولود وأخر ،ورعاية األطفال ،وما إليها من
متغيرات تتصل مباشرة بالسلوك اإلنجابي (.)9
( )5االنسياق والعفوية:
يقصد بموقف االنسياق Situation of Driftageهنا االفتقار إلى تنظيم الحياة األسرية والتواكل والسلبية
المفرطة حيال السلوك الرشيد ،والتخطيط لعمليات اإلنجاب والتكاثر .والسيما إذا كانت شروط القيد تحول
دون الرعاية المتكاملة لألبناء خاصة فيما اتصل من هذه الرعاية بنوعية الحياة واالرتقاء بالنواحي الفارقة
في التنمية البشرية؛ ذلك ألن االهتمام األول عقب الزواج المفصل في فترة العمر ما بين 25 -20يقترن
بمتابعة عمليات الحمل خالل العام األول من الزواج لدى الغالبية الكبرى من سكان المناطق العشوائية على
الرغم من عدم توافر الشروط الضرورية لرعاية األطفال الرضع عند حدودها الدنيا .ففي دراسة رائدة
للصحة اإلنجابية لدى المراهقات المتزوجات بالمناطق العشوائية باإلسكندرية (1998م) دلت النتائج على
أن الزوج ،ينشغل كثيرا بعملية الحمل الذي يسبب تأخره وجوب الزواج بأخرى ،وهو األمر الذي ال تنفعل
به الزوجة إال بعد مرور أكثر من عام على الزواج .ويتأكد التناقض بين نزعة األزواج ،الشديدة إلنجاب
طفل خالل العام األول من الزواج واالفتقار ألي نوع من األعداد المسبق ،لذلك في النظرة المحدودة للكفاية
المعيشية للزوجين ،والتي يكتنفها االعتقاد بان قدوم طفل أو أكثر لن يضيف أعباء جديدة .فاالعتماد على
الرضاعة الطبيعية كونها نمطا ً شائعا ً يقدم في رأيهم الفرص المناسبة لتنظيم النسل ،ومن المعتقدات الشائعة
ما يقرن الخطورة الصحية بالنسبة لألم والطفل بالمراحل المتأخرة من العمر التي تتجاوز األربعين ،بينما ال
يمثل زواج المراهقات أدنى أي خطر متوقع .وهناك تباين في اآلراء حول مسائل رعاية الحوامل وأماكن
الوضع تدعم األفكار التقليدية وعقيدة التواكل واإليمان الشديد بالقسمة والحظ والنصيب (.)10
وفى بحث عن الطفل في المناطق العشوائية لمناطق الحوتية والشرابية ،وهي من الجيوب العشوائية في
القاهرة بلغت نسبة األسر التي تراوح حجمها ما بين 6-5أفراد ،%53.3وينعكس ذلك على عدد األبناء
الذي يتراوح ما بين 9-6أفراد في %33.3من عينة البحث .ويتأكد نفس الميل في المنيرة الغربية وفي
مناطق العشش بمدينة بورسعيد .األمر الذي يفيد عدم االكتراث بتنظيم األسرة وسيادة نزعة العفوية في
التفكير واالعتقاد والسلوك .ويتناظر مع تلك النزعة شيوع أساليب الالمباالة ،وعدم االهتمام بالمعايير التي
توجه سلوك الطفل ،واالفتقار إلى عناصر الضبط األبوي .وليس أدل على ذلك من اإلسراف في أساليب
العقاب البدنية والنفسية بنسبة ،%46.7بينما تتذبذب أساليب اللين والالمباالة ما بين ،%20 ،15ومعنى
ذلك أن نموذج الضبط االجتماعي من النوع التسامحي المفرط (.)11
وتلعب المتغيرات البيئية إيكولوجيا الوسط العمراني العشوائي دوراً مهما في التأثير على الخدمات الصحية
والسلوك اإلنجابي ،وهذا ما يدركه السكان بنسب متفاوتة .وفي دراسة للعالقة بين السلوك اإلنجابي
والمتغيرات البيئية في المناطق العشوائية (1999م) ضمت أحد عشر بنداً ،وشملت آراء الزوجات
واألزواج اتضح من نتائجها وجود تناقض شديد بين إدراك السكان لخطورة المؤثرات البيئية الضارة ،كما
عبروا عنها بنسب إحصائية دالة ،وبين سيادة األفكار والمعتقدات والرؤى ذات االرتداد السلبي التي تزيد من
حدة التلوث بكل ضرورية ،وتأتي قيم "الالمباالة" و" األناملية" و"ضعف المشاركة االجتماعية" و "االلتفاف
حول الذات" في مقدمة العوامل التي تدعم منظومة التناقض الوجداني والقيمي والسلوكي .الجدير باإلثبات
هنا أن هذه المنظومة نفسها أثرت بشدة في خدمات الصحة اإلنجابية ومظاهر السلوك الخاصة بالحمل
والوضع والرضاعة والرعاية االجتماعية .فقد اقترنت أنماط السلوك العفوي حيال البيئة بتفضيل األسر
كبيرة الحجم بنسبة %17وإذا كانت تلك النسبة ذات داللة محدودة إحصائيا ً فإن أسباب تفضيل اإلنجاب
لعدد أكبر اعتمدت على المعتقدات الشعبية والفهم التقليدي لقضايا الكثرة .وكان لألمية وضعف الوعي
الصحي االجتماعي فضال عن انخفاض مستوى التعليم بعامة تأثير في سيادة األفكار التقليدية والزائفة أحيانا
عن الحمل والوضع ورعاية األبناء .وفيما يتصل بعادة ختان اإلناث يمثل الفهم الشعبي لموقف الدين من هذه
العادة أهم موجهات السلوك في هذا الصدد باإلضافة إلى المورث الثقافي .وتضعف قيمة المشاركة في
المحافظة على الصحة البيئية ،وال تتجاوز %6.7من مجموعة عينة البحث (.)12
وفي تقدير الباحث أن الميل المتزايد لدى سكان العشوائيات نحو االنسحاب وعدم المشاركة ،واقتران األداء
بالعفوية واالنسياق انعكاس لطبيعة الحياة ،والعيش لدى الشرائح الدنيا من الفقراء في األحياء العشوائية،
وهذا ما أكد عليه تحليل سمات الفقر عند أوسكار لوشى ،بيد أن جهود بعض الشرائح حيال بيئتهم خاصة
مواقع السكنى ال يخلو من مظاهر للتدخل والتحسين واإلحالل والصيانة في حدود اإلمكانات االقتصادية
المحدودة .وهذا ما تؤكده نتائج البحوث في مناطق الدويقة ومنشأة ناصر والعمرانية والحوتية والشرابية
بمدينة القاهرة (.)13
وتفسير ذلك أن التحوالت التي يدخلها الفقراء على طبيعة المكان تمثل احتواء المعطيات البيئية في حدود
القدرة المتاحة واإلمكانات الضرورية للتغيير .فإذا ما تعددت بنود اإلضافة والحذف في البنية العمرانية
والمرافق زادت عاطفة االرتباط بالمكان .وغالبا ً ما تدعم هذه العاطفة الرؤى واألفكار المشتركة بين
الجيران ووسط العالقات القرابية الوثيقة تلك العالقات التي تدعم اإلحساس بالهوية من خالل زيادة
الخصوبة والقدرة على زيادة عدد األبناء داخل الموقع .فحيث يتحسن المسكن تتزايد الرغبة في البقاء فيه
والعزوف عن االنتقال إلى أوساط اجتماعية جديدة تتطلب تكيفا من نوع ما ،ألن ذلك التكيف المفروض قد ال
يتحقق ،ويكون البديل شعور باالغتراب االجتماعي .من أجل ذلك يفضل سكان األحياء العشوائية أن تحل
التجديدات في عين المكان الموجودين فيه .وال سيما أن األلفة مع الجيران بخاصة تحقق نوعا من االلتحام
واالختراق اللذين تعودت عليهما األسرة (.)14
تتصل منظومة الضبط االجتماعي اتصاالً مباشراً بطبيعة المكان في عالقته بالسكان .وحيث يفرض الموقع
وسائر المتغيرات الجغرافية شروطا ً ضاغطة شديدة الوطأة ،فإن مظاهر االنحراف تتكرر ،وتحقق معدالت
أعلى بسبب تداعي البنية العمرانية والعالقات والقيم .وفي بحث العالقة بين المتغيرات البيئية والسلوك
اإلنجابي في األحياء العشوائية دلت النتائج على أن العالقات غير الشرعية تمثل نسبة تقدر
بحوالي ،%73.3 ويتناظر مع هذه النسبة ارتفاع عدد اللقطاء بالمنطقة ،وتلك نتيجة مثيرة للجدل .كما أن
النضوج المبكر للعالقات الجنسية يمثل نسبة ،%53.3وينتشر الزواج العرفي بنسبة %60مع تمركز
أوكار اإلدمان بنسبة ،%66.7هذا باإلضافة إلى مظاهر الشذوذ الجنسي (.)15
هذا ،وتزداد حاالت اإلجهاض التي تتم غالبا وسط غياب تام للرقابة القانونية والصحية واالجتماعية ،وقد
تبين وجود عالقة بين كل من تكرار اإلجهاض وزيادة عدد حاالت إنجاب أطفال ميتين من ناحية وبين
عزوف المرأة التي سبق أن فقدت جنينها ،ويتضاعف احتمال عدم استخدامها ،لوسائل تنظيم األسرة بمقدار
خمسة أضعاف بالمقارنة للمرأة التي أنجبت أطفاالً أحياء ،وتمثل نسبة اإلجهاض مضافا ً إليها حاالت األطفال
الموتى مدى يتراوح ما بين 13.4-2.46حسب نتائج التحليل اللوغاريتمي متعدد االختالف.)16(
إن تقدير الباحث لمنظومة الضبط االجتماعي في عالقتها بالسلوك اإلنجابي يحتوي بنوداً كثيرة في التخطيط
للحياة األسرية خالل النصف األول من دورة حياة األسرة "فترات الحمل والوضع والرضاعة والعظام"
عالوة على المعايير والقيم والتقاليد الخاصة بضبط مظاهر االنحراف والشذوذ .ولذلك فإن الشروط الحياتية
الصعبة المفروضة على سكان العشوائيات خاصة األم والطفل تحول دون اتباع األساليب الصحيحة في
الرعاية والحماية خالل الفترات المشار إليها .وباستثناء الفحوص الخاصة بالوقاية من األمراض الوبائية
التي تقيد السيدات بالتردد على مراكز الرعاية ،وتلقى التطعيمات في فترات محددة تبقى رعاية األطفال في
المناطق العشوائية في أدنى مراتبها من حيث اإلهمال والالمباالة بقواعد النظافة وتعدد مظاهر التلوث التي
يتعرض لها الرضع بشكل خاص .وتكتنف حياة األطفال مجموعة من الممارسات الشعبية والعادات والتقاليد
ذات المردود السلبي على الحالة الصحية .وتكثر األوصاف الشعبية ألعراض األمراض وطرق العالج التي
تكشف عن تداعي شبه تام للوعي الصحي االجتماعي وقواعد التعامل الصحيح مع األمراض (.)17
يتصل فقدان الخصوصية األسرية بسمة االختراق االجتماعي في عالقات الجيرة ككل .وال شك أن
الخصوصية األسرية تؤدي إلى ترابط العالقات األسرية ،وتماسكها من الداخل ،وتدعم القيم األخالقية ذات
المردود الصحي االجتماعي ،وتؤكد الدراسات الميدانية للهوامش الحضرية الحرجة انعدام الخصوصية
األسرية تقريباً .فالتالصق الشديد للعشش من جميع الجهات يتيح فض جميع األستار ،وتجعل كل ما يدور
بداخلها مشاعا بين الجميع ،وال يتطلب األمر نوعا من التلصص أو استراق الكالم ،وإنما تتحقق رسائل
االتصال تلقائيا ً بين المتجاورين .وال يجد السكان أي نوع من الحرج في الكالم الخادش للحياء ،وال تزعجهم
األوضاع المثيرة للخجل ،وعلى العكس مما نراه بين أبناء الطبقات المتوسطة أو حتى كثير من الطبقات
الفقيرة تفتقر سلوكيات سكان األحياء العشوائية إلى الحياء في تناول بعض الموضوعات بين الذكر واألنثى.
ويزيد األمر صعوبة مشاهدة الصغار بالضرورة لما هو معتاد ستره أو حجبهم عنهم في المجتمع من أقوال
وأفعال .وال تجد السيدات حرجا في ممارسة الرضاعة ،وهي عارية الصدر ،وأكثر من ذلك مشاهدة الكبار
والصغار للممارسات الجنسية بين الزوج والزوجة في أوقات متكررة .هذا باإلضافة إلى ممارسة عمليات
خلع الثياب واالستحمام داخل وحدة األسرة ،وفيما بين األسر .ومن الوقائع التي تبرر ذلك نوم الجميع في
حجرة واحدة على نحو ما ثبت في منطقة الحوتية والشرابية التي تتراوح نسبة من ينامون جميعا ً في غرفة
واحدة ما بين .%75،46.7وتلعب عمليات التقليد والمحاكاة دوراً مهما لدى الصغار ممن يمارسون أنماطا ً
من الشذوذ فيما بينهم ،هذا باإلضافة إلى االنعكاسات السلبية لفقدان الخصوصية على طبيعة العالقات
الجنسية التي يصبح "اإلنجاب" هدفا ً رئيساً ،بدالً من االستمتاع بالود واأللفة .بل مظاهر التستر ،وإطفاء
األنوار ،والبحث عن األوقات واألماكن اآلمنة ،اقترنت بزيادة الخصوبة على نحو دلت عليه نتائج دراسات
عشش الصفيح بالجمالية فضال عن تضاعف حدة الترف الجنسي لدى الشباب من جراء تكرار مشاهدات
األجساد العارية للنساء من ثقوب العشش .ومن النتائج الضارة لظاهرة الترف الجنسي تكرار حاالت
االعتداء الجنسي التي يغلب التستر عليها (.)19
ترتفع األمية في كل المناطق العشوائية على مستوى الجمهورية .ففي دراسة حديثة (2006م) لنوعية الحياة
في عشش الشرابية تبين أن األمية تتراوح في العشش وأماكن اإليواء ما بين .%48.6 ،43.6وهناك نسبة
تقدر بــــ %39من أطفال سكان المقابر في القاهرة لم يلتحقوا بمدارس قط .وتمثل األمية مضافا إليها
الملمون بالقراءة والكتابة في منطقة الحوتية %40من سكان المنطقة .وتتباين نسب الذكور عن اإلناث
بمقدار الثلثين أحيانا ً بالنسبة لإلناث ،وتقل بالمثل معدالت الحاصلين على مؤهالت دراسية لتبلغ %43في
بعض الدراسات ،وتلك نسبة عالية ،ومحل تساؤل ،حيث أسفرت نتائج بحوث عديدة على أن الحاصلين على
االبتدائية ال يزيدون عن %16.8واإلعدادية عن ،%9.6وتضاءلت نسبة الملتحقين بالتعليم الثانوي العام
لتبلغ %1والثانوي الفني ،%4.8ويندر التعليم الجامعي في معظم المناطق العشوائية.)20(
بيد أن بعض المناطق العشوائية مثل الحوتية ترتفع بها نسبة التعليم المتوسط الفني بين الذكور لتصل إلى
،%21.2بينما تبقى نسبة اإلناث عند ،%4.9ويكتسب التعليم الثانوي الفني أهمية نسبية بالمقارنة بالتعليم
الثانوي العام الذي تراجع في األونة األخيرة إلى ما يقرب من .%4.5وتلك نسبة تقترب من معدل التعليم
الجامعي تراوحت ما بين 4.6إلى .%6.7هذا عن الحالة التعليمية لألبناء ،أما عن اآلباء فإن نسبة األمية
بينهم تراوحت ما بين ،%75-60وتقل نسب التعليم بمراحله المختلفة ،وتبلغ حدها األقصى في مرحلة
التعليم الجامعي الذي ينعدم تماما ً بين اآلباء مع وجود نسب ضئيلة جداً للمستويات التعليمية المتوسطة وما
دونها .ويقترن مستوى التعليم بارتفاع معدالت التسرب الدراسي في المرحلة األولى "التعليم األساسي"
ويقترن التسرب الدراسي بعمالة األطفال في معظم المناطق العشوائية بالدول النامية (.)21
من بين القضايا المثيرة للجدل وضع األنثى في الدول النامية .ويبدو أن األمر يكتسب خصوصية وتفرداً في
المجتمعات العشوائية حيث تؤدي المرأة دوراً محوريا ً في إدارة الشؤون المنزلية ،وتتحمل العبء األكبر من
مسؤوليات إعاشة األسرة في المناطق الفقيرة وتدنو مكانتها إلى حد كبير بما تنعدم معه العدالة بين النوعين،
وقد ترتب على تعدد صور القهر واإلقصاء االجتماعي للمرأة وجود آراء جديدة تتناول ظواهر تأنيث الفقر.
بمعنى أن تعدد الضغوط حيال األنثى انتهى بها إلى مستويات متدنية من الحياة والعيش تغاير كثيراً
مستويات العيش لدى الذكور .وال يقتصر األمر على العمل والدخل ومظاهر التمييز ضد المرأة ،بل لتجاوز
ذلك إلى مجال العالقات والمعامالت اليومية .وينظر سكان المناطق العشوائية للمرأة بوصفها عائالً أساسيا
لألسرة لدى بعض الشرائح ومشاركا ً في اإلعالة لدى شرائح أخرى .فإذا توفى زوجها ،فرضت عليها
شروط "اإلعالة الكاملة" Full house holdتحت مسمى األمهات المعيالت لألسرة .ولذلك اتجهت
السياسات التنموية اآلن نحو رعاية تلك الفئة (.)22
وأكدت التقارير السكانية لألمم المتحدة حالة سكان العالم سنه 2010أن هناك ما يقرب من نصف مليون
سيدة يمتن سنويا ً نتيجة ألسباب تتعلق بالحمل ،وفي مصر بسبب تسمم الحمل واألمراض المصاحبة للوالدة.
وتضم عشش الشرابية نسبة كبيرة من (األرامل والمطلقات والمنفصالت) الالتي تبلغ نسبتهن في هذه
المنطقة .%52.1وال يتوقف األمر عند حدود هذه الفئات ،بل إن عمل الزوج أو الرجل بعامة في أعمال
هامشية تدفع المرأة إلى العمل المنتظم في أغلب األحوال .وتالحقها في عملها تصورات ومعتقدات وأفكار
تعقد من ممارسة دورها حيال األبناء ،ويتجه جانب مهم من هذه التصورات نحو الجوانب السلبية ومصدرها
مفهوم األنوثة والشكوك التي تتصل بمعامالت األنثى مع الذكور والقيود المفروضة على بعض هذه
العالقات .وهناك فئة من األزواج في المناطق العشوائية تركن إلى الكسل اعتماداً على عمل المرأة ،ويتكرر
ذلك بالنسبة للبائعات في األسواق الشعبية ،وغالبا ما تتمركز أسباب عمل المرأة في فقدان الزوج أو غيابه
أو هجره لألسرة أو تمرده على العمل أو دفعه قسراً لزوجته كي تعمل كل الوقت أو بعضه .وال يستقل عمل
المرأة عن مسؤولياتها تجاه رعاية األطفال في حاالت الرضاعة والرعاية الصحية .والمثير للجدل أن عمل
المرأة في المناطق العشوائية ال تحده قيود مثل الحمل أو الرضاعة التي تمثل مسؤوليات مزدوجة بجانب
العمل المتصل والشاق أحياناً .وهنا تختفي فكرة رعاية الحامل والمرضعة تماما ً من السياق الثقافي للمجتمع
الذي ينظر لكل من المرأة والطفل نظرة منفعية مشوبة بصفة الدونية (.)23
تزداد حدة المشكالت األسرية كلما زاد حجم األسرة ،تبلغ هذه المشكالت حدها األقصى بين األسر التي يزيد
عدد أفرادها عن خمسة .ومن بين هذه المشكالت في األحياء العشوائية ارتفاع عبء اإلعالة ،وانخفاض
مستوى دخل األسرة ،وتكرار المنازعات بين الزوجين ،وكثرة االحتكاك والتوترات بين الجيران ،وزيادة
معدالت الشغب بين الصغار ،وتكرار االعتداء على الممتلكات .هذا باإلضافة إلى االفتقار إلى األساليب
المالئمة في تنشئة الصغار ،وضعف نموذج الضبط األسري ،وكثرة الطالق على نحو ما دلت عليه الوقائع
الميدانية في المسح االجتماعي لمنطقة الحوتية بالقاهرة.
وتؤثر مشكالت التفكك على الشعور باالنتماء والوالء لألسرة .وهذا ما نجده حاضراً في تفوق الوالء
لجماعة الرفاق التي قد تلبي حاجاته في بيئة أسرية تتصف بالحرمان ،وافتقاد الرعاية والحماية ،وتؤكد
قاعدة التناقض وجودها في الميل المستمر لإلنجاب ،مع عدم االكتراث برعاية األطفال ،وتزايد العوامل
الطاردة في الوسط األسري العشوائي؛ ألسباب ليست متصلة فقط بمظاهر الفقر المادي ،بل أيضا ً فقر الثقافة
األسرية متمثالً في تداعي القيم والمعايير وتدني الموجهات األخالقية (.)24
وتتميز المناطق العشوائية بجاذبية شديدة لألسر الفقيرة التي تعبر عن رضاها عن السكنى ،والتوافق مع
األوضاع اإليكولوجية المتردية بدليل زيادة نسبة حاالت الزواج الحديث وبلوغها %60في منطقة الحوتية
عالوة على عوامل اإلخالء اإلداري للمساكن اآليلة للسقوط .وتتفق هذه النتائج مع ما آلت إليه وقائع بحث
عشوائيات عزبة الهجانة .كما لوحظ أن الرضا عن الحياة يكون مشوبا ً بقيود االضطرار وظروف القسر
فضالً عن انخفاض مستويات الطموح واإلدراك المحدود للخير .وهذه السمات تميز ثقافة الفقراء خاصة
الطبقات أو الشرائح الدنيا على نحو اشتملت عليه نظرية ثقافة الفقر .وكذلك فإن الطابع الذكوري في الفكر
والشعور والسلوك ،وعلى مستوى القيم والمعايير يؤكد وجوده بشدة في المناطق العشوائية كلها .حتى
بالنسبة لنظرة األنثى "األم والزوجة والبنت" التي تتفق رؤاهم على أن الذكر هو صاحب الدور األهم،
وينعكس ذلك على ميول األبوين واتجاهاتهما حيال كل مظاهر السلوك اإلنجابي ،بل ويمتد التقدير إلى
متغيرات التعليم والعمل التي تحظى باهتمام كبير لدى األبوين (.)25
وعلى الرغم من كبر حجم األسرة في المناطق العشوائية فإن نمط األسرة النووية المتكاملة هو السائد،
حسبما دلت عليه نتائج البحوث المباشرة ،وذلك بنسبة تتراوح ما بين %90 ،%81ويرجع ذلك إلى
انخفاض مستويات الدخول ،ووقوع معظم هذه األسر تحت خط الفقر ،ووجود تناقض أساسي بين القيم
والمعايير التي تدعم اإلنجاب ،وترجح الخصوبة ،وبين عبء اإلعالة .ذلك العبء الذي يزداد بين األسر
الفقيرة التي ال تكترث إال قليالً بعمليات ضبط النسل ،والتخطيط للرعاية األسرية (.)26
هذا ،وتؤثر الخصوبة المرتفعة على طبيعة البناء األسري ونوع المشكالت التي تواجهها األسرة .وحيث يبلغ
عدد أفراد األسرة في بعض المناطق العشوائية ما بين 9-7أفراد في %50من عينة الدراسة كما هو الحال
في منطقة السالم العشوائية تتضاعف الضغوط المعيشية التي جاءت مشفوعة على نحو ما أكدته النتائج
بضعف الميل إلى استخدام وسائل تنظيم األسرة وارتفاع قيمة اإلنجاب .وهذا ما أسفرت عنه نتائج بحث
منطقة المنيرة الغربية العشوائية ،وكذلك عشوائيات مدينة بورسعيد (.)27
كما يتصل مفهوم التفكك األسري أكثر ما يكون في المناطق العشوائية بمظاهر سلبية محددة ،من بينها
تراجع دور األب في عمليات الضبط والتنشئة والهروب من مسؤوليات الوفاء بالتزامات األسرة المادية
وغير المادية ،وشيوع صفة االتكال على الزوجة أو المرأة بعامة وسط تبريرات زائفة ومظاهر للتنصل من
األداء والالمباالة .وكثيراً ما يبرر سلوكه بأفكار ومعتقدات مستمدة من الرؤى الشعبية والتصورات غير
الصحيحة عن النجاح والفشل والجدية والكسل .هذا باإلضافة إلى تكرار المواقف السلبية لدى األسر حيال
البيئة والوسط واألمور المتصلة بالتلوث .وتؤكد اللغة والمعامالت المكشوفة وجودها بين أفراد األسرة
واألقارب والجيران ،وتمتد إلى سياق من التجاوزات التي تخدش الحياء أو تجرح الشعور أو تدفع للحرج
في حاالت كثيرة .يأتي ذلك مصحوبا ً بالتطاول والشجار والتمرد واالنحراف.
إن مظاهر التنافر والتناقض في التفكير والسلوك من المكونات الرئيسية لسكان األحياء العشوائية .وقد دلت
نتائج البحوث على أن ذلك يعود بالدرجة األولى إلى طبيعة الحياة وأساليب العيش المستمدة من المورث
الثقافي للفقراء على النحو الذي أحصاه أوسكار لويس ونسبة إلى سكان المناطق المتخلفة من األحياء
الحضرية في المدن بعامة ومدن العالم الثالث بخاصة.
( )2محمود الكردي :نوعية الحياة في منطقة عشوائية ،المركز القومي للبحوث االجتماعية والجنائية،
2006م ،ص .127-122
( )4محمود الكردي ،نوعية الحياة في منطقة عشوائية ،مرجع سابق ،مرجع سابق ،ص .149-147
( )6جرانوتية برنار ،العشوائيات السكنية المشكالت والحلول ،ترجمة محمد علي بهجت – دار المعرفة
الجامعة ،اإلسكندرية 2000 ،م ،ص .32-28
(Van de Kaa, Dirk JÁ Post Modern fertility preferences: from changing )7
value orientation to new Behavior ‘‘(2001). pp. 290-331 in Global Bulatao
.and others
(Singh M, ‘‘The Urban poor: slum and pavement Dwellers in the major )8
.cities of India’’ Manohar, (1980) pp. 26-29
( )9محمد عبد المعبود مرسي :مالمح الثقافة الهامشية لبعض سكان األكواخ ،دراسة ميدانية مقارنة بين
منطقتين حضريتين ،مؤتمر اإلسكندرية الدولي حول التبادل الحضاري بين شعوب البحر األبيض المتوسط
عبر التاريخ ،اإلسكندرية ،1994 ،ص .324-288
( )11عال مصطفى وآخرون :الطفل في المناطق العشوائية ،المركز القومي للبحوث االجتماعية والجنائية،
القاهرة ،1998 ،ص .188-182
( )12المعهد العالي للصحة العامة ،جامعة اإلسكندرية ،مرجع سابق ،ص .40-38
( )13محمود الكردي ،نوعية الحياة في منطقة عشوائية ،مرجع سابق ،ص .166-162
( )14السيد الحسيني :اإلسكان والتنمية الحضرية ،مكتبة غريب ،القاهرة1991 ،م ،ص .70-54
( )15رئاسة مجلس الوزراء ،المجلس القومي للسكان "العالقة بين بعض المتغيرات البيئية والسلوك
اإلنجابي" دراسة ميدانية لمنطقة المنيب بمحافظة الجيزة ،التقرير النهائي 1999م ،ص .45
( )17محمود الكردي ،نوعية الحياة ،،مرجع سابق ،ص ص.245-244 ،
( )18عال مصطفى وآخرون ،الطفل في المناطق العشوائية ،مرجع سابق ،ص176 ،
( )19على الصاوي :العشوائيات ونماذج التنمية ،مرجع سابق ،ص .25-22
(Yamano Takashi and others ‘‘Working age adult mortality and primary )21
school attendance in Rural Kenya’’ economic development and cultural
.change, (2005). Vol. 53. No 3. pp. 619-654
( )22فؤاد كرم :عمالة المرأة في مصر ،مالحظات ميدانية سلسلة تقارير الحقوق االقتصادية واالجتماعية،
،1998ص .15 -13
( )26إيمان جالل :النمو العشوائي للمدينة دراسة في علم االجتماع الحضري مع التطبيق على امتداد مدينة
القاهرة ،رسالة ماجستير ،جامعة عين شمس 1992م ،ص .236-234
( )27السيد عوض حنفي :األحياء الحضرية المتخلفة المكان والسكان -دراسة سوسيولوجية في أحياء
العشش بمدينة بورسعيد المؤتمر العلمي الثاني للتنمية المتكاملة للمجتمعات الحضرية المتخلفة1989 ،م،
ص.438
الفصل الثالث
السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية
قراءة تحليلية للبحوث السابقة
أوالً -محددات السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية.
ثانيا ً -الخصائص السكانية في المناطق العشوائية وانعكاساتها اإلنجابية.
ثالثا ً -مدى استفادة البحث الراهن من الدراسات السابقة.
الفصل الثالث
السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية
قراءة تحليلية للبحوث السابقة
مقدمة
يشير مسح التراث السوسيولوجي لظاهرة العشوائيات أن سنة 1975م تعتبر نقطة بداية دراسة العشوائيات
في مصر ،وأن الفترة من نهاية الثمانينيات وحتى نهاية التسعينيات تعد من أثرى وأعمق فترات الدراسة
االجتماعية لظاهرة العشوائيات .كما استحوذت المدن الكبيرة مثل القاهرة واإلسكندرية النصيب األكثر من
هذه الدراسات ،وذلك يرجع لتزايد عدد المناطق العشوائية بهما ،وأيضا تعدد المشكالت الناجمة ،وتنوعها،
عن تفاقم ظاهرة العشوائيات بمعظم المدن الكبرى بصفة عامة.
وباهتمام هذه الدراسة وتعمقها في فهم ودراسة محددات وموجهات السلوك اإلنجابي في المناطق العشوائية
بصفة عامة ،والمجتمع البحثي خاصة ،فيمكن عرض بعض البحوث السابقة على المستوى المحلي واإلقليمي
والعالمي.
ولسهولة التصنيف والتحليل وإمكانية االستفادة من هذه البحوث في هذه الدراسة الراهنة ،ونظراً لتعدد
وتنوع البحوث المتعلقة بموضوع الدراسة الراهنة كان البد من تصنيفها إلى المحاور الثالثة التالية:
المحلية المباشرة:
-1دراسة وداد سليمان سنة 1973عن العوامل االجتماعية المؤثرة في الخصوبة بمنطقة الوايلي بالقاهرة(
.)1وقد أجريت على مجموعة من النساء المقيمات في هذه المنطقة السكنية المزدحمة ،والتي تضم بعض
األماكن العشوائية ،وقد استهدفت التوصل إلى بعض المحددات والعوامل االجتماعية وعالقتها بالخصوبة،
وأيضا ً معرفة العالقة بين اشتغال المرآة الحاضنة والخصوبة وعمل المرأة في بعض األعمال الحرفية
والخدمية واستخدم وسائل تنظيم األسرة.
واستعانت الباحثة بالمنهج التجريبي للمقارنة بين مجموعة الزوجات العامالت (عينة تجريبية) ومجموعة
غير العامالت (عينة ضابطة) ،وقد كانت أهم النتائج تتمثل في:
-أن اشتغال المرأة خاصة خارج المنزل يزيد من عالقاتها ومعرفتها ببعض األمور المتعلقة بحجم األسرة،
وتصبح أكثر معرفة بوسائل تنظيم األسرة من غيرها.
-اتضح أن هناك عدم تطابق بين الحجم المفضل لألسرة والحجم الفعلي دللت في مجموعة الزوجات غير
العامالت ،ودللت الباحثة على ذلك بعدم المعرفة بأنسب الوسائل لتنظيم األسرة ،وأيضا لتناقض الدافعية في
تحديد حجم األسرة التي تعني اختالف المعايير االجتماعية القديمة فيما يتعلق بحجم األسرة.
-2دراسة يسرى رسالن( )2سنة 1979عن :السلوك اإلنجابي وعالقته بمستوى التعليم :دراسة تطبيقية
على بندر ومركز محافظة المنيا التي ركزت على العالقة بين السلوك اإلنجابي وعالقته بمستوى التعليم،
واعتمد فيها الباحث على منهجي المسح االجتماعي بالعينة والمنهج المقارن .وجمعت البيانات الميدانية من
خالل االستبانة مع الزوجين ،وطبقت على مناطق أرض سلطان ،وحي األخصاص ،وعشش محفوظ بمدينة
المنيا .وجاءت النتائج لتشير إلى أن هناك تأثيراً من جانب التعليم في السلوك اإلنجابي بمتغيراته المختلفة
مثل (الزواج ،مرات اإلنجاب ،والمباعدة بين المواليد) .كما تبين وجود ارتباط عكسي بين المستوى التعليمي
للزوجين وحجم األسرة.
-3دراسة مصطفى خلف عبد الجواد سنة 1983عن الفقر والسلوك اإلنجابي ،وقد كانت في إحدى القرى
(إبوان/مطاي) ومنطقة عشش محفوظ بمدينة المنيا( .)3وهي منطقة حضريه فقيرة جداً ،وتمثل نمطا ً
عشوائيا ً واضحا ً في مدينة المنيا حينذاك ،وقد استهدفت الدراسة تعرف أهم األبعاد الديموجرافية واالقتصادية
واالجتماعية المرتبطة بالسلوك اإلنجابي ،وكذلك تعرف السلوك ومقارنته بين فقراء الريف وفقراء الحضر.
وقد استعان الباحث بالمنهج المقارن ،واعتمد على استمارة االستبانة بالمقابلة ،وكانت أهم النتائج تتمثل في
ارتفاع القيمة االقتصادية لألطفال بين فقراء الريف والحضر ،فالطفل في كليهما مصدر رزق جديد ،واضافة
دخل جديد لألسرة ،كما اتضح عدم وجود فروق ذات داللة إحصائية بين فقراء الريف والحضر في نمطي
الخصوبة التراكمية والجارية .وكشفت الدراسة أن متوسط عدد المواليد يزيد في المناطق الفقيرة سواء
الريفية أو الحضرية عما هو مرغوب فيه.
-4دراسة السيد حنفي عوض سنة 1988عن السلوك اإلنجابي في األحياء المتخلفة ( .)4وقد أجريت
الدراسة في بعض أحياء العشش في مدينة بورسعيد .وهذه المنطقة بها كثافة سكانية عالية يصاحبها تلوث
في البيئة ،كما أن سكانها يعانون من العزلة ،والتصدع األسري ،ومشاعر االغتراب في المجتمع العام ،وال
توجد خصوصية بين األزواج واألبناء ،وحتى بين بعض الجيران لالشتراك في دورات المياه والمطابخ،
ولتجاور وتقارب غرف النوم ،وضيق مساحتها .وانتهت الدراسة إلى أن الشكل الفيزيقي للمكان لم يكن
بمنأى عن المؤثرات التاريخية التي أسهمت في بناء أحياء العشش ونموها في بورسعيد ،كما انتهت إلى أن
هذه المنطقة والعشش تعج بكمية من صور الحرمان البشري ،وزيادة عدد المواليد في ظل تناهي حاالت
الفقر المتزايد وتوريث الفقر ،والسلوكيات العشوائية واالنحرافية الضارة لكل أفراد المجتمع ،وكذلك تظهر
النتائج حقيقة اتساع الفجوة والخلل االجتماعي واالقتصادي بين الفقراء المقيمين في هذه المنطقة ،واألغنياء
المستفيدين من تطبيق سياسة االنفتاح االقتصادي ،بمدينة بورسعيد.
-5دراسة محمود جاد سنة 1985عن خصوبة سكنى المقابر بمدينة القاهرة ( .)5وقد أجريت الدراسة
على سكنى مقابر الشافعي والقرافة الشرقية بمدينة القاهرة ،واستهدفت تعرف أسباب سكنى المقابر ،وعالقة
التضخم الحضري بهذه الظاهرة الخطيرة في اإلسكان ،وأيضا ً معرفة الخصوبة الحقيقة لسكنى المقابر،
وكذلك تحديد دور الخصائص الديموجرافية والفيزيقية واالقتصادية لسكان المقابر ،وهل االتجاهات
والمعتقدات لسكنى المقابر تؤثر في دافعيتهم للزواج المبكر واإلنجاب المبكر والمتكرر .وقد استخدم الباحث
المنهج التاريخي والمقارن والوصفي والتجريبي واإلحصائي ،كما استعان باالستبانة والمالحظة بالمشاركة
والمقابالت الجماعية ،وقد انتهت النتائج إلى أن النمط المعاصر لسكنى المقابر في مدينة القاهرة يرتبط في
انتشاره وتفاقمه بنشأة التضخم الحضري وتفاقمه في المدينة ،وأن األمية وانخفاض مستوى التعليم يعتبر من
أهم المحددات االجتماعية للسلوك اإلنجابي بين سكان المقابر في المجتمع البحثي ،كما جاءت المنفعة
االقتصادية المتوقعة من األطفال كأهم المحددات الموجهة للسلوك اإلنجابي بين المبحوثين ،وأن هناك عالقة
بين مكان اإلقامة بالمقابر وزيادة عدد المواليد للضمان االجتماعي واألمني.
-6دراسة عن "تمكين المرأة والسلوك اإلنجابي في الريف الهندي"( ،)6وهدفت إلى تعرف تأثير تمكين
المرأة في الخصوبة واتجاهاتها المستقبلية نحو اإلنجاب واستخدام وسائل منع الحمل .ولقد طبقت على (
)403من السيدات المتزوجات في الفئة العمرية ( ،)49 -15واستخدمت الجماعات البؤرية .وكشفت
النتائج عن وجود تأثير قوي الستخدام وسائل تنظيم األسرة بالمقارنة بمعدل الخصوبة الفعلية ،وكذلك النوايا
المستقبلية بشأن اإلنجاب ،ويعد ذلك أحد األدلة الكافية على وجود تأثير للبيئة االجتماعية (الزوج ،األسرة)
في السلك اإلنجابي للمرأة.
-7دراسة أحمد محمد النوري سنة 2001عن السكن العشوائي بمدينة الخرطوم وانعكاساته الديموجرافية
والمحددات والعوامل االجتماعية والسكنية المؤثرة في معدالت استخدام تنظيم األسرة ،ودراسة الخصائص
االجتماعية والديموجرافية واالقتصادية وعالقتها بالخصوبة.
وقد استخدم الباحث منهج اإلحصاء الوصفي الذي فرضته كمية ومحتوى البيانات المتوافرة سواء كانت
تعدادات للسكان وخاصة تعداد سنة ،1993باإلضافة إلى تقارير وزارة الشؤون الهندسية بوالية الخرطوم،
باإلضافة إلى مسح القواعد األساسية الذي نفذه الجهاز المركزي لإلحصاء سنة 1999بمحافظة أميرة
بتمويل من صندوق األمم المتحدة.
وقد انتهت الدراسة إلى أن المناطق العشوائية بالمجتمع البحثي ليس بها منافع صحية ،وتنتشر بها مشكالت
االزدحام في السكن ،وفي الخدمات ،ويكثر بها التلوث البيئي ،ويرى الباحث أن تدني الخصائص االجتماعية
كاألمية وانخفاض مستوى التعليم والفقر والمرض ووفيات األطفال من أهم الموجهات الحقيقية للسلوك
اإلنجابي بالمجتمع البحثي ،وهي المناطق العشوائية بالخرطوم (.)7
-8دراسة المركز الديموجرافي بالقاهرة سنة 2003عن األحياء العشوائية ومشكالتها الديموجرافية(.)8
وتستهدف تعرف أهم األوضاع الديموجرافية -السلوك اإلنجابي -بهذه األحياء العشوائية بمدينة القاهرة
[الشرابية والحوتية ودار السالم] ومعرفة متوسط حجم األسر بهذه المناطق ،وقدمت تحليالً سوسيو
ديموجرافيا للسكان في هذه األحياء العشوائية .وقد خلصت الدراسة إلى أن من أهم مشكالت العشوائيات
ارتفاع معدالت الخصوبة ،فمتوسط عدد األسرة يتراوح ما بين 13 :7فرداً بالنسبة إلى ما يقرب من %70
من األسر بمعظم المناطق ،خاصة بالقاهرة في مناطق الشرابية والحوتية ودار السالم ،بينما تصل إلى
8أفراد في منطقة زينهم ،كما تتسم األسر في المناطق العشوائية بارتفاع نسبة النساء المعيالت ،حيث ترتفع
نسبة األسر التي تعولها امرأة في بعض المناطق العشوائية إلى ما بين %25 :33من إجمالي األسر ،وهذا
دليل على ارتفاع معدالت الطالق واالنفصال والترمل.
كذلك يرتفع معدل النمو السكاني بالمناطق العشوائية ليصل في حي السالم إلى ،%9.1وأيضا في قسم
البساتين الذي يضم 12منطقة عشوائية ،أما في منطقة منشأة ناصر فيصل إلى ،%9هذا باإلضافة إلى
ضيق المساحات والغرف بهذه المناطق؛ مما يؤدي حتما ً إلى مزيد من الكثافة السكانية الشديدة وما يستتبعها
من مشكالت أخرى.
-9دراسة عن تأثير مكانة المرأة في السلوك اإلنجابي بين دولتي تايوان والصين :تحليل متعدد المستويات(
.)9وهدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على مستويات التعليم ،وعمل المرأة من خالل التحليل المتعدد
وأثرهما في الخصوبة .واستخدم الباحث بيانات تعداد 1990للصين ،ومسح المعرفة واالتجاهات
والممارسات لتايوان لعام .1992وتبين من النتائج أن ارتفاع المستوى التعليمي للسيدات يساعد األزواج
في اتخاذ القرار بشأن ممارسة التعقيم ،وأن السيدات الالتي يعملن في مهن دنيا يرتفع لديهن متوسط حجم
األسرة مقارنة بغيرهن ممن تعملن في المهن العليا.
-10دراسة محمود الحبيس سنة 2006عن العوامل المؤثرة في الخصوبة البشرية ( .)10وقد استهدف
البحث دراسة اتجاهات األسر نحو اإلنجاب بناء على عدد من المتغيرات تم اختيارها ،وهي المتغيرات
االقتصادية [الدخل ومهنة الزوج ومهنة الزوجة] واالجتماعية (المستوى التعليمي للزوج ،والمستوى
التعليمي للزوجة ،والديانة) والديموجرافية (العمر عند الزواج األول ،واستخدام وسائل منع الحمل ،وطول
مدة الحياة الزوجية ،وعدد مرات زواج الزوجة ،وجنس المولود) .وقد اعتمدت الدراسة على بيانات تم
جمعها بواسطة االستبانة من عينة بلغت 312أسرة في محافظه مأرب باليمن ،وقد انتهت الدراسة إلى أن
المستوى التعليمي للزوجين ومهنتيهما ،واستخدام وسائل منع الحمل والعمر عند الزواج األول وجنس
المولود على التوالي تعتبر من أهم المحددات الفعلية للسلوك اإلنجابي /على حين لم تظهر الدراسة أثراً
لمتغيرات الدخل على مستوى الخصوبة ،كما توصلت الدراسة إلى وجود أثر إيجابي ذي داللة إحصائية
للمتغيرات [عدد مرات الزواج للزوجة ،ومدة الحياة الزوجية والديانة] في مستوى الخصوبة البشرية.
-11دراسة السيد عيد فرج سنة 2008عن المهنة من سكان العشوائيات ( .)11وقد أجريت الدراسة في
المناطق العشوائية بمدينة ديرب نجم بالشرقية [منطقة الفراشة] وقد استهدفت إلقاء الضوء حول اآلثار
االجتماعية واالقتصادية واألمنية والصحية الناجمة عن السكن العشوائي ،وقد استخدمت األسلوب الوصفي
والمسح االجتماعي ،واستعان بالمالحظة ودليل المقابلة ،والقياس السوسيومتري .وكانت أهم النتائج تتمثل
في أن معظم أفراد العينة ال يفضلون األسرة صغيرة الحجم ،حيث تتفق أو تتصارع اتجاهات الزوجية
بالنسبة لحجم األسرة ،ووفقا ً النتماءاتهم الريفية والحضرية العشوائية ،وانتشار نمط األسر الممتدة بالمنطقة،
وأن المهن الحرفية والتجارية والزراعية هي األكثر انتشاراً بالمجتمع البحثي ،وهي الدافعة للسلوك اإلنجابي
والرغبة في إنجاب عدد كبير من األوالد خاصة من الذكور للمنفعة االقتصادية المتوقعة والفعلية منهم
للمشاركة مع آبائهم في نفس األعمال الحرفية والمهنية ،خاصة أن معظم أفراد العينة من العاملين في
الورش والتجارة والزراعة.
-12دراسة علي السقاف سنة 2009عن الخصوبة وعالقتها ببعض المتغيرات الديموجرافية ( .)12وقد
استهدفت الدراسة تحليل العوامل الديموجرافية واالقتصادية واالجتماعية المرتبطة بالخصوبة في اليمن،
واستندت الدراسة بشكل أساسي إلى بيانات تعدادي ،2004 ،1994وكذلك المسح اليمني لصحة األسرة
لعام ،2003وقد استخدمت الدراسة أسلوب تحليل االنحدار المتعدد ،وذلك لتعرف العوامل المرتبطة
بالخصوبة.
وتبين أن معدل الخصوبة الكلي 7.4مولود في المتوسط لكل امرأة ،وانخفض هذا المعدل ليصل إلى
6.1مولود /سيده سنة ،2004وفي المقابل انخفض معدل النمو السكاني من %3.5سنة 1994إلى
%3سنة .2004وقد انتهت الدراسة إلى أن أهم محددات الخصوبة تتمثل في العمر عند الزواج األول،
مكان اإلقامة وخاصة المزودة بالكهرباء وعدد الغرف ،خاصة في األماكن الحضرية الفقيرة ،ومعرفة
القراءة والكتابة ،واالستمرار في التعليم والفقر ،وكذلك الحصول على بعض الخدمات الصحية التي لها
عالقة ارتباط داله إحصائيا ً مع الخصوبة بالمجتمع البحثي باليمن ،وهذه المتغيرات تفسر %90من
المتغيرات في الخصوبة.
-13دراسة عبد المجيد أحمد سنة 2009عن الحضرية والسلوك اإلنجابي ( .)13وأجريت الدراسة على
عينتين بمدينة المنيا إحداهما منطقة عشوائية وأخرى بوسط المدينة ،وقد اعتمدت على منهج المسح
االجتماعي بالعينة المنهج المقارن ،واستمارة االستبانة بالمقابلة ،كأداة لجمع البيانات ،وبلغ قوام العينة إلى(
)860امرأة متزوجة ،موزعة بين منطقتي البحث في وسط وأطراف المدينة -المنيا -وذلك لتحديد نوعية
العالقة االرتباطية بين الحضرية والسلوك اإلنجابي بوسط وأطراف المدينة .وتبين ارتفاع أعداد ونسب
المواليد األحياء الذكور واإلناث بوسط المدينة وأطرافها ،حيث يصل متوسط عدد المواليد األحياء بأطراف
المدينة مقارنة بوسط المدينة ،حيث يصل المتوسط 3.9أطفال لكل سيدة في مقابل 3.1أطفال بوسط
المدينة.
-14دراسة بعنوان "تأثير التعليم في الخصوبة في زامبيا ( .)14بهدف الكشف عن مستويات الخصوبة في
زامبيا ،وكذلك العالقة االرتباطية بين تعليم اإلناث والخصوبة ،واعتمدت الدراسة على التعدادات السكانية
الخاصة بزامبيا فضالً عن البيانات والمنشورات الخاصة بالبنك الدولي واألمم المتحدة وإحصاءات التعليم.
وكشفت هذه الدراسة عن تأثير المستوى التعليمي في الطلب على األطفال ،فكلما ارتفع المستوى التعليمي
للزوجين انخفض الطلب على األطفال ،كما يؤثر المستوى التعليمي في الخصوبة الفعلية للسن عند الزواج.
-15دراسة "السن عند الزواج وتأثيره في الخصوبة لمصر خالل الفترة ( )15(")2055 – 1999وذلك
بهدف فحص التباينات الديوجرافية واالجتماعية واالقتصادية للعمر عند الزواج األول للسيدات بمصر،
وتوضيح المحددات الرئيسية للعمر عند الزواج األول .ولقد اعتمدت الدراسة على البيانات الواردة في
المسح السكاني الصحي ( ،)2005 -1995واستخدمت المنهجين الوصفي واإلحصائي مع استخدام تحليل
االنحدار المتعدد .وأوضحت النتائج أن تعليم الزوجة ومهنتها يؤثران إيجابيا ً في السن عند الزواج ،ومن ثم
يؤثران عكسيا ً في خصوبة الزوجات .كما أن التفاوت في الخصائص الديموجرافية بين األزواج والزوجات
يؤثر في االتجاهات والقرارات الخاصة بتنظيم األسرة ،وحجم األسرة ،ونمط الخصوبة السائد في المجتمع.
-2دراسة صالح الدين محمود عبد الفتاح سنة 1988عن الخصائص االجتماعية واالقتصادية لسكان
المناطق الحضرية العشوائية ( .)17وقد حاول الباحث فيها تحديد العوامل والمحددات الرئيسية التي تساعد
على استمرار وجود تلك المناطق باإلضافة إلى الوقوف على أهم العوامل التي تساعد على كثير من
المشكالت بهذه المناطق من أجل وضع الحلول المناسبة لها ،ومحاولة التوصل إلى كيفية تطوير هذه
المناطق .وقد استخدم الباحث منهج المسح االجتماعي بطريقة العينة ،حيث استعان باالستبانة والمالحظة
وبعض اللقاءات مع اإلخباريين ،وقد كان مجتمع دراسته في منطقة حضرية عشوائية هي [عزبة الهجانة]،
وهي في حدود قسم مدينة نصر بمحافظة القاهرة.
كما اختار [ ]368رب أسرة من المقيمين بالمنطقة ،وقد أثبتت الدراسة أن غالبية سكان المنطقة تتدنى
خصائصهم االجتماعية واالقتصادية في حين يرتفع معدل الزواج المبكر والمتعدد بينهم ،وذلك ألن معظم
أفراد العينة وفدوا إلى المنطقة في صورة هجرات من مختلف محافظات الجمهورية بدافع البحث عن فرص
العمل ،وتضم هذه الفرص غالبا ً أعمال حرفية وخدمية .وأوضحت النتائج ارتفاع معدل المواليد باألسر
عامة ،واألسر الفقيرة خاصة؛ الستخدام األبناء في بعض األعمال ،واستجالب منفعة اقتصادية منهم.
-3دراسة فرحة مراد سنة 1990عن الخصائص االجتماعية واالقتصادية لألحياء المتخلفة )18(،وهي
من الدراسات التي اهتمت بعرض وتحليل بعض الخصائص االجتماعية واالقتصادية لساكني العشوائيات.
وحاولت الباحثة تعرف أهم الخصائص االجتماعية واالقتصادية للمناطق المتخلفة بغرض تعرف على
الموارد البشرية بها ،وقد اختارت الباحثة منطقة عرب الطوايلة التابعة المطرية بمحافظة القاهرة .وقد
استعانت بمنهج المسح االجتماعي بالعينة واستمارة االستبانة ،وأيضا اإلخباريين في جميع البيانات ،وجاءت
نتائجها عن النحو اآلتي :معظم األسر تعاني من الفقر ،وانخفاض وتدني الدخول ،وهي ما تمثل إحدى أهم
الخصائص االقتصادية السائدة في المناطق العشوائية ولها عالقة مباشرة .وأظهرت الدراسة انتشار بعض
الجرائم بالمنطقة مثل السرقة والمخدرات وكثرة المشاجرات ،كما تنقصها الخدمات الصحية والتعليمية
واالجتماعية والثقافية بصورة كبيرة ،وهو ما ينعكس على انتشار األمراض ووفيات األطفال .كما أوضحت
الدراسة تدني معظم خصائص سكان المجتمع البحثي ،وانتشار سلوكيات االزدحام والعنف بكل أنواعه.