You are on page 1of 12

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫المدرسة العليا لألساتذة الشيخ مبارك بن محمد إبراهيمي الميلي الجزائري‬
‫قسم الفلسفة‬

‫بحث حول ‪:‬‬


‫مفهوم التربية عند جون ديوي‬
‫بحث مكمل للسداسي الثالث ‪ -‬ماستر‪ 2‬فلسفة غربية معاصرة‬

‫من إعداد الطالب ‪ :‬لزغم عبد الحق‬

‫السنة الجامعية ‪2020 – 2019 :‬‬


‫فهرس المحتويات ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫المحتوى‬

‫‪01‬‬ ‫المقدمة‬

‫‪03 _ 02‬‬ ‫التعريف بجون ديوي‬


‫‪04‬‬ ‫فكر جون ديوي‬
‫‪04‬‬ ‫تصوره للكون وطبيعة االنسان‬
‫‪05‬‬ ‫تصوره للمعرفة‬
‫‪05‬‬ ‫تصوره للقيم األخالقية‬
‫التربية عند جون ديوي‬
‫‪05‬‬ ‫معنى وطبيعة التربية‬
‫‪08 – 06‬‬ ‫أهداف التربية‬
‫‪09‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪10‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫مقدمة ‪:‬‬

‫تعد البراغماتية من أبرز التيارات الفلسفية التربوية وأكثرها أهمية فى القرن العشرين‪ .‬وقد‬
‫نشأت هذه الفلسفة في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ونبغ في صوغها عدد من كبار المفكرين‬
‫األمريكي والسيما شارل بيرس ووليم جيمس وجون ديوي‪.‬‬

‫ويعد جون ديوي أكثر‪ ،‬رواد هذه الفلسفة نبوغا وأهمية وتجسد هذه الفلسفة الجديدة الروح‬
‫الفكرية والعقائدية للمجتمع األمريكي في القرن العشرين‪ .‬فالبراغماتية تعبر عن طبيعة‬
‫المجتمع األمريكي المهاجر المغامر الحالم بالثروة والمجد‪ .‬فالبيئة األمريكية تمجد العمل‬
‫وانتهاز الفرص والنجاح وكسب المال‪ ،‬وقد انعكست هذه القيم في معالم الفلسفة البراغماتية‬
‫الجديدة تمجيدا لمبادئ النجاح والقوة والثروة‪.‬‬

‫جون ديوي الذي استطاع بعبقرتيه التاريخية أن يؤسس لفكر تربوي يوصف بأكثر الفلسفات‬
‫التربوية انتشارا وأهمية في عصره ‪،‬وفي هذا البحث القصير أردنا أن نستجلي رؤية جون‬
‫ديوي للعملية التربوية وذلك بطرح األشكال التالي ‪ :‬ما هو تصور ديوي للتربية ؟ وماهي‬
‫أهدافها ؟ لإلجابة عن هذه اإلشكالية سنتبع خطة البحث التالية ‪:‬‬

‫التعريف بجون ديوي‬ ‫‪.1‬‬


‫فكر جون ديوي‬ ‫‪.2‬‬
‫تصوره للكون وطبيعة االنسان‬
‫تصوره لألخالق‬ ‫‪‬‬
‫تصوره للمعرفة‬ ‫‪‬‬
‫التربية‪ #‬عند جون ديوي‬ ‫‪.3‬‬
‫معنى وطبيعة التربية‬ ‫‪‬‬
‫أهداف التربية‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫التعريف بجون ديوي )‪:Dewey John (1859—1952‬‬ ‫‪.1‬‬

‫يعد "جون ديوي" من أبرز مؤسسي الفلسفة البرجماتية و أحد ثالثة ق‪HH‬اموا بتطويره‪HH‬ا ‪ ،‬ول‪HH‬د‬
‫‪ Burlington‬والي ‪HH H‬ة ف ‪HH H‬يرمونت "‬ ‫في الوالي ‪HH H‬ات المتح ‪HH H‬دة االمريكي ‪HH H‬ة بمدين ‪HH H‬ة "بورلنجت ‪HH H‬ون"‬
‫‪ " Vermont‬ك ‪HH‬انت دراس ‪HH‬ته االبتدائي ‪HH‬ة في مدينت ‪HH‬ه و ك ‪HH‬انت دراس ‪HH‬ته الجامعي ‪HH‬ة بجامع ‪HH‬ة واليت ‪HH‬ه‬
‫أيضا ‪.‬‬

‫تحص‪HH‬ل على ش‪HH‬هادة ال‪HH‬دكتوراه في الفلس‪HH‬فة من جامعة‪ John Hopkins University‬ع‪HH‬ام‬


‫‪ ، 1884‬انضم لجامعة ‪ ، Michigan‬محاضرا في الفلسفة‪.‬‬

‫وع‪HH‬ام ‪ 1894‬ت‪HH‬ولى رئاس ‪HH‬ة قس ‪HH‬م الفلس‪HH‬فة بجامع‪HH‬ة ش ‪HH‬يكاغو‪ ، Chicago‬انتق ‪HH‬ل ع‪HH‬ام ‪ 1904‬إلى‬
‫جامعة كولومبيا ‪ Columbia‬حتى تقاعده عام ‪. 1930‬‬

‫نال "ديوي" شهرة فائقة كفيلسوف مفكر ومصلح تربوي كبير ال في (و‪ ،‬م‪ ،‬األمريكية) وح‪HH‬دها‬
‫بل في جميع أنحاء العالم‪ ،‬وق‪HH‬د دفعت ه‪HH‬ذه الش‪HH‬هرة كث‪HH‬يرا من البل‪HH‬دان المتقدم‪HH‬ة لدعوت‪HH‬ه ليحاض‪HH‬ر‬
‫في جامعاه‪HHH‬ا وليس‪HHH‬اعدها في تنظيم تعليمه‪HHH‬ا‪ .‬دعت‪HHH‬ه الياب‪HHH‬ان محاض ‪HH‬را ‪ 1919‬وجامع ‪HH‬ة طوكي ‪HH‬و‬
‫الملكي‪HH‬ة‪ .‬كم‪HH‬ا دعت‪HH‬ه جمهوري‪HH‬ة الص‪HH‬ين محاض‪HH‬را لس‪HH‬نتين "جامع‪HH‬ة بكين"‪ .‬وك‪HH‬ذلك تركي‪HH‬ا مس‪HH‬اعدا‬
‫على إع‪HHH‬ادة تنظيم تعليمه‪HHH‬ا وق‪HHH‬د ظ‪HHH‬ل "دي‪HHH‬وي" في نش‪HHH‬اط علمي دائب ح ‪HH‬تى ت ‪HH‬وفي في‪ 1‬جويلي ‪HH‬ة‬
‫‪.1952‬‬

‫من أب‪HH H‬رز أعمال‪HH H‬ه في المي‪HH H‬دان ال‪HH H‬تربوي انش‪HH H‬اؤه لمدرس‪HH H‬ته النموذجي‪HH H‬ة في مدين‪HH H‬ة ش‪HH H‬يكاغو س‪HH H‬نة‬
‫‪ ،1896‬وق‪HH‬د اتخ‪HH‬ذ "ج‪HH‬ون دي‪HH‬وي" من ه‪HH‬ذه المدرس‪HH‬ة االبتدائي‪HH‬ة النموذجي‪HH‬ة حقال لتجرب‪HH‬ة نظريات‪HH‬ه‬
‫وآرائ‪HH H‬ه التقدمي‪HH H‬ة في التربي‪HH H‬ة‪ ،‬وفي س‪HH H‬نة ‪ 1902‬ض‪HH H‬مت ه‪HH H‬ذه المدرس‪HH H‬ة لكلي‪HH H‬ة التربي‪HH H‬ة بجامع‪HH H‬ة‬
‫شيكاغو لتكون مدرسة تطبيقي‪HH‬ة تجريبي‪HH‬ة له‪HH‬ا‪ .‬و ق‪HH‬د "ح‪HH‬اول دي‪HH‬وي" أن يقيم ب‪HH‬رامج ه‪HH‬ذه المدرس‪HH‬ة‬
‫و إدارته‪HH H‬ا على مب‪HH H‬ادئ الفلس‪HH H‬فة البراغماتي‪HH H‬ة الي من بينه‪HH H‬ا‪ :‬وج‪HH H‬وب االتص‪HH H‬ال و التع‪HH H‬اون بين‬
‫المدرس ‪HH‬ة و ال ‪HH‬بيت‪ ،‬وج ‪HH‬وب اتص ‪HH‬ال خ ‪HH‬برات التالمي ‪HH‬ذ في المدرس ‪HH‬ة يخ ‪HH‬براهم خ ‪HH‬ارج المدرس ‪HH‬ة‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫وجوب جعل األطف‪H‬ال يتعلم‪H‬ون عن طري‪H‬ق خ‪H‬برتهم و نش‪H‬اطهم ال‪H‬ذاتي‪ ،‬و وج‪H‬وب اح‪H‬ترام مي‪H‬ول‬
‫التالمي‪H‬ذ و حاج‪H‬اهم و ح‪H‬ريتهم في التعب‪HH‬ير عن أنفس‪HH‬هم إلى غ‪HH‬ير ذل‪H‬ك من المب‪HH‬ادئ الي س‪HH‬نتعرف‬
‫عليها أكثر في األسطر المقبلة ‪.‬‬

‫وق‪HH‬د ك‪HH‬ان له ‪HH‬ذه المدرس‪HH‬ة أث‪HH‬ر ب ‪HH‬الغ في التمهي ‪HH‬د للتربي ‪HH‬ة التقدمي ‪HH‬ة الي س ‪HH‬ادت أمريك ‪HH‬ا في النص‪HH‬ف‬
‫األول من الق‪HH‬رن العش‪HH‬رين‪ ،‬كم‪HH‬ا ك‪HH‬ان له‪HH‬ا فض‪HH‬ل كب‪HH‬ير في إقن‪HH‬اع اآلب‪HH‬اء بأهمي‪HH‬ة المب‪HH‬ادئ التربوي‪HH‬ة‬
‫التقدمية‪ ،‬وبإمكانية تطبيقها وقد ش‪H‬جع "دي‪H‬وي" مدرس‪H‬ته ه‪H‬ذه إنش‪H‬اء العدي‪H‬د من الم‪H‬دارس التقدمي‪H‬ة‬
‫الخاصة في أمكنة متعددة في الواليات المتحدة‪.‬‬

‫من أشهر كتب ديوي التربوية‪:‬‬

‫المدرسة والمجتمع سنة ‪1900‬‬ ‫‪‬‬


‫الطفل والمنهج سنة ‪1920‬‬ ‫‪‬‬
‫الديمقراطية والتربية سنة ‪1918‬‬ ‫‪‬‬
‫الخبرة والتربية سنة ‪1919‬‬ ‫‪‬‬
‫كيف نفكر؟ سنة ‪1910‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبيعة البشرية والسلوك سنة ‪1922‬‬ ‫‪‬‬

‫‪3‬‬
‫فكر جون ديوي ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ت ‪HH‬أثر دي ‪HH‬وي بفلس ‪HH‬فة "هيج ‪HH‬ل" المثالي ‪HH‬ة وقب ‪HH‬ل بكث ‪HH‬ير من عناص ‪HH‬رها‪ ،‬كم ‪HH‬ا ت ‪HH‬أثر بنظري ‪HH‬ة التط ‪HH‬ور‬
‫"لداروين" التي استولت على إعجابه لما وجده فيها من توجه تجريبي و تأثر بأفكار "روسو" ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫كما تأثر ب "تشارلز بيرس "و " وليام جيمس" المؤسسين للمذهب البراغماتي ‪.‬‬
‫تصوره للكون وطبيعة اإلنسان‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫العالم ليس ثابتا جامدا وال نظاما مغلقا ‪ ،‬وهذا يعني أنه عبارة عن عملي‪HH‬ة ديناميكي‪HH‬ة من التغ‪HH‬ير‬
‫والتطور المستمر ‪ ،‬فميزة الحياة األساسية هي التغير و ‪ .‬طبقا إليمان "ديوي" بمبدأ الواحدية‬
‫) (‪ Monism‬فق‪HH‬د ذهب الى الق‪HH‬ول ب‪HH‬أال فص‪HH‬ل بين الجس‪HH‬م والعق‪HH‬ل وال‪HH‬روح‪ ،‬فطبيع‪HH‬ة اإلنس‪HH‬ان‬
‫وح‪HH‬دة متكامل ‪HH‬ة ال فص ‪HH‬ل بين جوانبه‪HH‬ا الجس ‪HH‬مية والعقلي‪HH‬ة والروحي‪HH‬ة أيض‪HH‬ا ؛ علم الت ‪HH‬اريخ يعتم ‪HH‬د‬
‫على علم الجغرافي‪HH‬ا وعلم الجغرافي‪H‬ا يعتم‪HH‬د على علم الت‪HH‬اريخ‪ ،‬فاألح‪H‬داث االجتماعي‪H‬ة والتاريخي‪HH‬ة‬
‫ال‪HH‬تي تمث‪HH‬ل الج‪HH‬انب اإلنس‪HH‬اني وتك‪HH‬ون الج‪HH‬انب األك‪HH‬بر من مب‪HH‬احث علم الت‪HH‬اريخ‪ ،‬تح‪HH‬دث من غ‪HH‬ير‬
‫ش‪HH‬ك على األرض وتت‪HH‬أثر بظ‪HH‬واهر الطبيع‪HH‬ة ال‪HH‬تي هي موض‪HH‬وع الدراس‪HH‬ات الجغرافي‪HH‬ة‪ ،‬ال س‪HH‬يما‬
‫‪2‬‬
‫الجغرافية الطبيعية‪.‬‬
‫تصوره للمعرفة‪:‬‬
‫المصدر األساسي للمعرف‪HH‬ة اإلنس‪H‬انية ه‪HH‬و الخ‪H‬برة والنش‪HH‬اط ال‪HH‬ذاتي للف‪HH‬رد‪ :‬فبمعرف‪H‬ة الف‪HH‬رد يكتس‪H‬ب‬
‫عن طري ‪HH‬ق خبرت ‪HH‬ه وتفاعل ‪HH‬ه م ‪HH‬ع عناص ‪HH‬ر البيئ ‪HH‬ة المحيط ‪HH‬ة ب ‪HH‬ه ‪ ،‬وعن نش ‪HH‬اطه وكفاح ‪HH‬ه من أج ‪HH‬ل‬
‫البقاء ومن أجل التغلب على المشاكل التي تواجه‪HH‬ه في الحي‪HH‬اة ‪ .‬ومن ثم فالمعرف‪HH‬ة الحقيقي‪HH‬ة هي‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد المنعم الحفني ‪ :‬موسوعة الفلسفة و الفالسفة ‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1999،‬ص ‪616‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬عمر محمد التومي الشيباني‪ :‬تطور النظريات واألفكار‪ #‬التربوية – الدار العربية للكتاب‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬طرابلس ليبيا ‪، 1987 ،‬ص ‪339‬‬

‫‪4‬‬
‫ال‪HH‬تي تس‪HH‬اعد الف‪HH‬رد على تك‪HH‬ييف بيئت‪HH‬ه وتطويعه‪HH‬ا لخدم‪HH‬ة أغراض‪HH‬ه وإ رض‪HH‬اء حاجات‪HH‬ه‪ ،‬وال قيم‪HH‬ة‬
‫لمعرفة ال يمكن‬
‫استعمالها أو تطبيقها في الحياة ‪ ،‬كذلك ال قيمة لمع‪HH‬ارف الماض‪HH‬ي إذا لم تس‪HH‬اعد على فهم وح‪HH‬ل‬
‫مش‪HH‬اكل الحاض‪HH‬ر ولم تس‪HH‬اعد على التنب‪HH‬ؤ بالمس‪HH‬تقبل ولم تع‪HH‬ط مع‪HH‬نى له‪HH‬ذا المس‪HH‬تقبل وإ ذا ف‪HH‬الخبرة‬
‫‪1‬‬
‫عنده تتوقف على أربعة مبادئ ‪ :-‬األداتية ‪ ،‬الوظيفية ‪ ،‬إمكانية التطبيق ‪،‬االستمرار‪.‬‬
‫تصوره القيم األخالقية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫القيم األخالقية أمور إنسانية تنبع من صميم الحياة التي يعيشها اإلنسان وليس‪HH‬ت أخالق‪HH‬ا متعالي‪HH‬ة‬
‫تف‪HH H‬رض على اإلنس‪HH H‬ان فرض‪HH H‬ا من جه‪HH H‬ة علي‪HH H‬ا‪ ،‬المص‪HH H‬در األساس‪HH H‬ي للقيم األخالقي‪HH H‬ة هي الخ‪HH H‬برة‬
‫والتجرب‪HH‬ة‪ ،‬ف‪HH‬الفرد يكتس‪HH‬ب قيم‪HH‬ه األخالقي‪HH‬ة وض‪HH‬ميره األخالقي عن طري‪HH‬ق خبرت‪HH‬ه وتفاعل‪HH‬ه م‪HH‬ع‬
‫البيئ‪HH‬ة المحيط‪HH‬ة ب‪HH‬ه المتمثل‪HH‬ة في أخالق المجتم‪HH‬ع‪ ،‬فهي ال تنب‪HH‬ع من ال‪HH‬ذات أو الض‪HH‬مير أو العق‪HH‬ل‪،‬‬
‫لكنها تكتسب نتيجة تفاعل الفرد‪.‬‬
‫وتعت‪HH‬بر أعم‪HH‬ال الف‪HH‬رد أخالقي‪HH‬ة إذا س‪HH‬اعدت على نم‪HH‬وه الكام‪HH‬ل‪ ،‬وعلى النه‪HH‬وض ب‪HH‬المجتمع وح‪HH‬ل‬
‫مشاكله‪ ،‬وعلى تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬
‫وي‪HH‬ترتب على اإليم‪HH‬ان ب‪HH‬أن األخالق ظ‪HH‬اهرة اجتماعي‪HH‬ة‪ ،‬أنن‪HH‬ا إذا ش‪HH‬ئنا تحس‪HH‬ين األخالق فعلين‪HH‬ا أن‬
‫نع‪HH‬دل النظم االجتماعي‪HH‬ة وأن نحس‪HH‬ن تربي‪HH‬ة الف‪HH‬رد‪ ،‬وفي ه‪HH‬ذا يق‪HH‬ول دي‪HH‬وي " ‪ :‬إذا ك‪##‬انت م‪##‬وازين‬
‫األخالق منحطة فذلك ناشئ من نقص التربية‪ #‬التي يتلقاها الفرد‬
‫‪2‬‬
‫في تفاعله مع بيئته‪ #‬االجتماعية"‬
‫فما مالمح التربية البراغماتية كما رسمها "ديوي ؟‬ ‫‪‬‬
‫التربية عند جون ديوي ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أفكاره المتعلقة بمعنى التربية وطبيعتها ‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عمر محمد التومي الشيباني‪ :‬تطور النظريات واألفكار‪ #‬التربوية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪340‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أحمد فؤاد األهواني ‪ :‬جون ديوي – دار المعارف بمصر ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،1968 ،‬ص ‪136.‬‬

‫‪5‬‬
‫التربية هي الحياة نفسها و ليست مجرد إع‪HH‬داد للحي‪HH‬اة‪ ،‬فهي مرتبط‪HH‬ة بش‪HH‬ؤون الحي‪H‬اة أش‪HH‬د‬ ‫‪‬‬
‫ارتباط ‪.‬‬
‫التربي ‪HH H‬ة عملي ‪HH H‬ة نم ‪HH H‬و مم ‪HH H‬ا يتطلب مراع ‪HH H‬اة ش ‪HH H‬روط النم ‪HH H‬و وش ‪HH H‬روط التعلم (البيولوجي ‪HH H‬ة‬ ‫‪‬‬
‫والنفسية)‬
‫التربية عملية اكتساب للخبرة وهذا يعني مراعاة شروط اكتساب الخ‪HH‬برة ( تفاع‪HH‬ل الف‪HH‬رد‬ ‫‪‬‬
‫مع البيئة االجتماعية(‬
‫التربي ‪HH‬ة عملي ‪HH‬ة اجتماعي ‪HH‬ة فال ب ‪HH‬د أن تتض ‪HH‬من تف ‪HH‬اعال اجتماعي ‪HH‬ا‪ ،‬تتم في ج ‪HH‬و ديمق ‪HH‬راطي‬ ‫‪‬‬
‫وجو اجتماعي صالح ‪.‬‬
‫وتتلخص نظرية "ديوي" التربوية كما صورها في مقاله المطول (عقيدتي التربية ‪:)1897 ،‬‬
‫التربية ظاهرة طبيعية في الجنس البشري وبمقتضاها يصبح الفرد وريثا لما حص‪HH‬لته اإلنس‪H‬انية‬
‫من حض‪HH H H‬ارة ‪ ،‬تتم ه‪HH H H‬ذه التربي‪HH H H‬ة ال ش‪HH H H‬عوريا‪ ،‬عن طري‪HH H H‬ق المحاك‪HH H H‬اة بحكم وج‪HH H H‬ود الف‪HH H H‬رد في‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫المجتمع‪ ،‬ومنه تنتقل الحضارة من جيل إلى آخر‬
‫التربي‪HH‬ة المقص‪HH‬ودة تق‪HH‬وم على العلم بنفس‪HH‬ية الطف‪HH‬ل من جه‪HH‬ة ومط‪HH‬الب المجتم‪HH‬ع من جه‪HH‬ة أخ‪HH‬رى‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫فالتربية ثمرة علمين هامين هما علم النفس وعلم االجتماع‪.‬‬
‫أفكاره المتعلقة بأهداف التربية‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫الهدف األعلى للتربية‪ #:‬تحقيق استمرارية التربية‪ ،‬بأن تساعد الف‪HH‬رد على أن يس‪HH‬تمر في تربيت‪HH‬ه‬
‫مما يؤدي إلى نموه‪ ،‬تعلمه‪ ،‬تكيفه مع بيئته وحياته‪.‬‬
‫أه‪HH‬داف التربي‪HH‬ة تنب‪HH‬ع من داخ‪HH‬ل التربي‪HH‬ة ال من خارجه‪HH‬ا ‪،‬أي تنب‪HH‬ع من حاج‪HH‬ات التلمي‪HH‬ذ وخبرات‪HH‬ه‬
‫ونشاطاته‪،‬‬
‫أو على األقل يشترك في تحديدها في ضوء خبراته السابقة و حاجاته‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬جون ديوي ‪ :‬التربية في العصر الحديث ‪،‬ج ‪ ، 1‬ترجمة‪ :‬عبد العزيز عبد المجيد‪ ،‬محمد حسين المخزنجي‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬د ط ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،1949،‬ص ‪17‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪17‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه ‪19‬‬

‫‪6‬‬
‫التربي‪HH‬ة التقدمي‪HH‬ة تق‪HH‬وم على التأكي‪HH‬د على أهمي‪HH‬ة اش‪HH‬تراك المتعلم في تك‪HH‬وين األه‪HH‬داف ال‪HH‬تي توج‪HH‬ه‬
‫ن‪HH H‬واحي نش‪HH H‬اطه في عملي‪HH H‬ة التعلم بحيث يك‪HH H‬ون تع‪HH H‬اون التلمي‪HH H‬ذ إيجابي‪HH H‬ا في بن‪HH H‬اء األه‪HH H‬داف ال‪HH H‬تي‬
‫تتضمنها دراسته ويمكن تمثل هذه الفكرة في أنه‪H‬ا تنطل‪HH‬ق من دافعي‪H‬ة ل‪HH‬دى المتعلم تبت‪HH‬دئ بنزع‪H‬ة‬
‫تص‪HH‬طدم بع‪HH‬ائق يح‪HH‬ول دون إش‪HH‬باع تل‪HH‬ك النزع‪HH‬ة إش‪HH‬باعا مباش‪HH‬را مم‪HH‬ا يجعله‪HH‬ا تتح‪HH‬ول إلى رغب‪HH‬ة‬
‫تصل برؤية واضحة إلى الهدف الحق‪ ،‬والنزعة أو الرغبة في حد ذاتهما – كما يوضح ديوي‬
‫‪ -‬ليسا هدفا‪.‬‬
‫أما الهدف‪ :‬يكون عبارة عن غاية منظورة تتضمن التبصر بالعواقب التي ستترتب عن العمل‬
‫وفق النزعة‪.‬‬
‫والتبصر‪ :#‬يعتم‪HH‬د على إعم‪HH‬ال ال‪HH‬ذكاء في مالحظ‪HH‬ة الظ‪HH‬روف والمالبس‪HH‬ات الموض‪HH‬وعية‪ H‬ذل‪HH‬ك أن‬
‫هذا التبصر يرتبط بشكل مباشر بتحقق النتائج أو عدم تحققها‪.‬‬
‫النت ‪##‬ائج‪ :‬ال ت‪HH H‬ترتب على مج‪HH H‬رد وج‪HH H‬ود النزع‪HH H‬ة والرغب‪HH H‬ة وإ نم‪HH H‬ا تتم بتفاعلهم‪HH H‬ا م‪HH H‬ع الظ‪HH H‬روف‬
‫المحيطة وهذا يعني أننا حين نقوم بالمالحظة فإنن‪H‬ا نق‪H‬ف وننظ‪H‬ر وننص‪H‬ت ( ممارس‪H‬ة المالحظ‪H‬ة‬
‫شرط من شروط تحول الترعة إلى هدف لكن المالحظة غير كافي‪HH‬ة وح‪HH‬دها إذ ال ب‪HH‬د من ش‪HH‬رط‬
‫آخر هو فهم مغزى ما نراه ونسمعه ونلمسه)‬
‫والمغزى‪ :‬يتكون من النتائج التي سوف تترتب على العمل حسب ما نراه‬
‫مثال‪ :‬مغ ‪HH‬زى اللهب ليس في بريق ‪HH‬ه ب ‪HH‬ل في قدرت ‪HH‬ه على أن يح ‪HH‬رق وهي النتيج ‪HH‬ة ال ‪HH‬تي ت ‪HH‬ترتب‬
‫على لمسه‪ ،‬ونحن ال نستطيع إدراك النتائج إال بسبب وجود الخبرات السابقة‪.‬‬
‫و تكوين الهدف عملية معقدة تتطلب ‪:‬‬
‫وجود دوافع ورغبة لدى المتعلم‬ ‫‪.1‬‬
‫مالحظته للظروف والمالبسات الموضوعية المحيطة به‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫معرفته لما حدث في الماضي فيما يشمل هذا الموقف الذي بين يديه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪7‬‬
‫عملي ‪HH‬ة الرب ‪HH‬ط بين م ‪HH‬ا الحظ ‪HH‬ه وبين م ‪HH‬ا س ‪HH‬ترجعه‪ ،‬ومحاول ‪HH‬ة ترجم ‪HH‬ة اله ‪HH‬دف إلى خط ‪HH‬ة‬ ‫‪.4‬‬
‫‪1‬‬
‫وطريقة للعمل‪.‬‬
‫وي ‪HH‬ذكر ج ‪HH‬ون دي ‪HH‬وي في كتاب ‪HH‬ه "الديمقراطي ‪#‬ة‪ #‬والتربي‪##‬ة" ثالث ‪HH‬ة م ‪HH‬وازين لأله ‪HH‬داف التربوي ‪HH‬ة‬
‫الصحيحة أو السليمة‪:‬‬
‫يجب أن يؤس‪HH‬س اله‪HH‬دف أو الغ‪HH‬رض ال‪HH‬تربوي على أوج‪HH‬ه النش‪HH‬اط ال‪HH‬داخلي للتلمي‪HH‬ذ وعلى‬ ‫‪.1‬‬
‫حاجاته‪.‬‬
‫إمكاني‪HH‬ة ترجم‪HH‬ة اله‪HH‬دف إلى أعم‪HH‬ال وخ‪HH‬برات دراس‪HH‬ية تق‪HH‬وم على نش‪HH‬اط المتعلم وتس‪HH‬اعده‬ ‫‪.2‬‬
‫على تفتح مواهبه واستعداداته‪.‬‬
‫يجب اعتب‪HH‬ار األه‪HH‬داف على أنه‪HH‬ا أم‪HH‬ور تقريبي‪HH‬ة وليس‪HH‬ت أم‪HH‬ورا نهائي‪HH‬ة‪ ،‬كم‪HH‬ا يجب الرب‪HH‬ط‬ ‫‪.3‬‬
‫‪2‬‬
‫بين األهداف ووسائلها‪.‬‬
‫وعلى ال‪HH H‬رغم من أن "دي‪HH H‬وي" لم يس‪HH H‬ع إلى تقس‪HH H‬يم أه‪HH H‬داف التربي‪HH H‬ة إلى أه‪HH H‬داف عام‪HH H‬ة وأخ‪HH H‬رى‬
‫خاصة‪ ،‬ذلك أنه ك‪H‬ان ي‪H‬رى أن التربي‪HH‬ة ليس له‪H‬ا أي ه‪HH‬دف خ‪H‬ارج عن عملي‪H‬ة التربي‪HH‬ة نفس‪HH‬ها‪ ،‬أي‬
‫أنه لم ير للتربية غرضا غير تحقي‪HH‬ق نفس‪HH‬ها كاس‪HH‬تمرار للخ‪HH‬برة ونموه‪HH‬ا ‪ ... ،‬فإن‪HH‬ه ق‪HH‬د أش‪HH‬ار إلى‬
‫جملة من األهداف واألغراض التربوية في كتابه "الديمقراطية والتربية" وهي كالتالي ‪:‬‬
‫مس ‪HH‬اعدة الف ‪HH‬رد على النم ‪HH‬و الكام ‪HH‬ل المتكام ‪HH‬ل لشخص ‪HH‬يته وعلى تفتح اس ‪HH‬تعداداته وطاقات ‪HH‬ه‬ ‫‪‬‬
‫وتنميتها‪.‬‬
‫مساعدة الفرد على التكيف المستمر مع بيئت‪HH‬ه االجتماعي‪HH‬ة والطبيعي‪HH‬ة وتزوي‪HH‬ده ب‪HH‬الخبرات‬ ‫‪‬‬
‫التي يتطلبها هذا التكيف‪.‬‬
‫إع‪HH‬داد الف‪HH‬رد للحي‪HH‬اة المس‪HH‬تقبلية‪ ،‬لكن من غ‪HH‬ير إهم‪HH‬ال لمتطلب‪HH‬ات حيات‪HH‬ه الحاض‪HH‬رة (التربي‪HH‬ة‬ ‫‪‬‬
‫عملية نمو‪ :‬اإلمكانيات الحاضرة متطورة في تقدم مستمر)‬
‫إعداد للفرد ليكون قادرا على السيطرة على متطلبات الحياة المتأخرة(‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد لبيب النجيحي ‪ :‬مقدمة في فلسفة التربية ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بيروت ‪ ، 1992 ،‬ص ص ‪100 – 97‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬عمر محمد التومي الشيباني ‪ :‬تطور النظريات واألفكار التربوية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 353‬‬

‫‪8‬‬
‫إعادة بناء الخبرة االجتماعية وتحسين المجتمع وتطويره‬ ‫‪‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬
‫نستنتج في األخير أن التربية في نظر "ديوي" عملية نم‪H‬و وتفتح لشخص‪HH‬ية الف‪HH‬رد‪ ،‬وهي في‬
‫الوقت نفسه عملية اجتماعية تهدف إلى تطوير المجتمع وتحسينه ولما كانت التربية ك‪H‬ذلك ‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫فقد رفض "ديوي" رأي أولئك الذين يقولون بأن على المدرسة أن تتكيف مع األوض‪H‬اع الس‪H‬ائدة‬
‫في المجتم ‪HH‬ع ‪ ،‬وال تح ‪HH‬اول تط ‪HH‬وير المجتم ‪HH‬ع وتعي ‪HH‬د بن ‪HH‬اءه وتنظيم ‪HH‬ه‪ .‬ففي نظ ‪HH‬ر "دي ‪HH‬وي" أن من‬
‫يحمل‪HH‬ون ه‪HH‬ذا التفك‪HH‬ير ق‪HH‬د ف‪HH‬اتهم إدراك أن من أب‪HH‬رز مم‪HH‬يزات المجتم‪HH‬ع ال‪HH‬ديمقراطي‪ H‬هي اإليم‪HH‬ان‬
‫ب ‪HH H‬التطور والتحس ‪HH H‬ن المس ‪HH H‬تمرين‪ ،‬وأن المدرس ‪HH H‬ة وس ‪HH H‬يلة من أهم الوس ‪HH H‬ائل إلص ‪HH H‬الح المجتم ‪HH H‬ع‬
‫وتحسينه وإ عادة بنائه ‪.‬‬
‫كما أن التربية عند جون ديوي ليست كما يعتقد الكثير إعداد للحياة ‪ ،‬بل هي الحياة في ح‪H‬د‬
‫ذاتها ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عمر محمد التومي الشيباني‪ :‬تطور النظريات واألفكار‪ #‬التربوية ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 354‬‬

‫‪9‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫المصادر ‪:‬‬

‫‪ ‬جون ديوي‪ : H‬التربية في العصر الحديث ‪،‬ج ‪ ،1‬ترجمة‪ :‬عبد العزيز عبد المجيد‪ ،‬محمد حسين‬
‫المخزنجي‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬د ط ‪ ،‬القاهرة ‪.1949،‬‬

‫المراجع ‪:‬‬

‫‪ ‬أحمد فؤاد األهواني‪ : H‬جون ديوي – دار المعارف بمصر ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬القاهرة ‪.1968 ،‬‬
‫‪ ‬عمر محمد التومي الشيباني‪ :‬تطور النظريات‪ H‬واألفكار‪ H‬التربوية – الدار العربية للكتاب‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫طرابلس ليبيا ‪. 1987 ،‬‬
‫‪ ‬محمد لبيب النجيحي ‪ :‬مقدمة في فلسفة التربية ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بيروت ‪. 1992 ،‬‬

‫الموسوعات ‪:‬‬

‫‪ ‬عبد المنعم الحفني ‪ :‬موسوعة الفلسفة و الفالسفة ‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة ‪. 1999،‬‬

‫‪10‬‬

You might also like