Professional Documents
Culture Documents
القانون وخصائصه ذ يونس الحكيم 1 PDF
القانون وخصائصه ذ يونس الحكيم 1 PDF
يونس الحكيم
1
اإلنسان كائن اجتماعً الطبع وٌحتاج إلى بنً جنسه لكً ٌشعر باألمن
وٌوفر حاجته األساسٌة بما ال تتعارض مع حاجات وغرائز اآلخرٌن ،وحٌث إن
كل شخص ٌدخل فً عالقات متعددة مع اآلخرٌن فإن المنظم لهذه العالقات هو
القانون ،فالقانون هو ضرورة اجتماعٌة وله وظٌفة اجتماعٌة واقتصادٌة وسٌاسٌة
وال ٌمكن أن نتصور وجود مجتمع إنسانً ٌخلو من التنظٌم بالقانون.
لهذا فالقانون قدٌم قدم اإلنسان،فهو فً إطار تنظٌم عالقات األفراد فً
المجتمع ٌحدد الحقوق التً للفرد والواجبات التً ٌتعٌن القٌام بها ،فٌحمً
الحقوق وٌصون كرامة اإلنسان وٌوفر األمن للناس باإلضافة إلى أن احترام
القانون ٌتناسب مع ثقافة المجتمع ،فكلما كان أبناء المجتمع أكثر وعٌا زاد
احترامهم للقانون لكونه ٌحافظ على مصالحهم وٌحمً حقوقهم.
فإذا غاب القانون عمت الفوضى وكثرت الحروب المؤدٌة إلى زوال
المجتمع ،لهذا ٌعمل القانون على ضبط أنانٌة الفرد بجلب المنفعة لنفسه ،وعدم
اإلضرار بغٌره ،وإال تعرض للجزاء أو العقوبة والذي توقعه السلطة العامة.
2
الباب األول :النظرية العامة للقانون
أوال :التعريف بالقاعدة القانونية
اإلنسان كائن اجتماعً بفطرته وطبٌعته ،ال ٌستطٌع أن ٌعتزل الناس ألنه
عاجز بمفرده عن الوفاء بحاجٌاته وهو ما ٌؤدي إلى وجود عالقات عدٌدة بٌن
3
أفراد المجتمع وهً عالقات ال ٌمكن أن تترك فوضى ٌنظمها كل فرد وفق
رغبته ومشٌئته ،لذلك ال ب د من وجود قواعد قانونٌة علٌا ٌحتكم إلٌها أفراد
المجتمع ،تبٌن ما ٌجوز فعله وما ال ٌجوز فعله ،وتنظٌم العالقات التً تفرض
تعددا فً واجبات وحقوق األفراد بعضهم اتجاه بعض.
أما تجرٌد القاعدة القانونٌة ،فٌعنً أنه عند نشؤها ال تكون مرتبطة بشخص
معٌن أو واقعة ذاتها ،بل تطبق على جمٌع األشخاص والوقائع التً تتوافر فٌهم
شروط وصفات معٌنة ،فالقاعدة القانونٌة عامة من حٌث تطبٌقها ومجردة من
حٌث نشؤها أي ال تنشأ لحالة معٌنة بالذات ،بل لكل الحاالت المماثلة.2
لذلك فالعمومٌة والتجرٌد هما وجهان لخاصٌة واحدة ،وإن كان هناك
اختالف بسٌط بٌن التجرٌد والعمومٌة ،فالتجرٌد ٌتعلق بمرحلة صٌاغة القاعدة
القانونٌة وافتراض من سٌطبق علٌهم فً حٌن أن العموم ٌتعلق بمرحلة تطبٌقها
وهً مرحلة تلً التجرٌد من حٌث وقت إعمالها ،لذلك فإن القاعدة القانونٌة حسب
4
بعض الفقه 3إن لم تسن مجردة ،لن تكون مؤهلة لتطبق بطرٌقة عامة ،لهذا هناك
تالزم بٌن التجرٌد والعموم وإن كانت إحداهما تابعة لألخرى من حٌث الزمن.
وٌكمن نتاج صفة العمومٌة والتجرٌد فً القاعدة القانونٌة ،تحقٌق مبدأ
الشرعٌة ومبدأ المساواة أمام القانون وتكرٌس العدل فً المجتمع.
- 3القاعدة القانونية تحكم سلوك األفراد في المجتمع
تتسم القاعدة القانونٌة بتوجٌه سلوك الفرد حفظا لمصلحته الشخصٌة من
جهة والمصلحة العامة من جهة أخرى ،وذلك عن طرٌق توجٌه األمر أو النهً أو
اإلباحة.
لهذا فإن القاعدة القانونٌة تهتم بالسلوك الخارجً لإلنسان وال تعتد من حٌث
المبدأ بالنواٌا والبواعث ما دام لٌس لها ارتباط بسلوكه الخارجً ،وتبقى كامنة فً
النفس البشرٌة وال تهدد فً شًء األمن واالستقرار االجتماع ي ،فالقانون ال ٌهمه
أن ٌفكر اإلنسان فً قتل جاره أو سرقته ما لم ٌبرز هذا التفكٌر إلى حٌز الوجود
وٌأخذ مظهرا خارجٌا .
لكن إذا كان للنٌة ارتباط بالسلوك الخارجي ،فإنها تأخذ بعٌن االعتبار ،كما
هو الشأن مثال فً القانون الجنائً فً جرائم القتل والقانون المدنً فً حالة الغش
والتدلٌس. 4
- 4القاعدة القانونية قاعدة ملزمة
وٌقصد باإللزام كخاصٌة من خصائص القاعدة القانونٌة؛ حمل األفراد جبرا
على طاعة هذه القاعدة -إن لم ٌطٌعوها اختٌارٌا -عن طرٌق ترتٌب جزاء على
مخالف القاعدة.
بمعنى أنه إذا كان األشخاص المخاطبون بالقاعدة القانونٌة ٌعملون بصفة
تلقائٌة ورضائٌة إلى االلتزام بأحكامها؛ ألسباب أخالقٌة ومصلحٌة ،فإنه فً حاالت
5
أخرى ٌحمل الناس على طاعة هذه القاعدة جبرا أو خوفا من تبعات الجزاء
.
القانونً
وٌقصد بالجزاء القانونً األثر المترتب عن مخالفة القاعدة القانونٌة والذي
ٌتسم باإلجبار ،توقعه السلطة العامة المختصة نٌابة عن الجماعة فً حق المخالف
.
من أجل ضمان احترامها
وٌتمٌز الجزاء القانونً بكونه مادٌا؛ محسوسا أي ٌلحق مخالف القاعدة
القانونٌة فً حرٌته أو جسمه أو ماله؛ كحبس المخالف أو سجنه فً الحالة األولى
وإعدامه فً الحالة الثانٌة والحجز على أمواله وبٌعها بالمزاد العلنً لتسدٌد دٌونه
فً الحالة الثالثة ،وهذا ما ٌجعل الجزاء فً القاعدة القانونٌة ٌختلف عن أصناف
الجزاء فً إطار قواعد المجامالت أو األخالق والتً تقتصر على تأنٌب الضمٌر
أو استنكار الجماعة لسلوك معٌن.
وللجزاء القانونً عدة صور تختلف باختالف القاعدة القانونٌة بحسب
مضمونها وطبٌعتها ومنها الجزاء الجنائً والجزاء المدنً والجزاء التأدٌبً:
أ -الجزاء الجنائي:
ٌقصد بالجزاء الجنائً ردة فعل المجتمع فً مواجهة عمل ٌوصف بأنه
جرٌمة ،وٌتخذ الجزاء فً هذه الحالة شكل العقوبة أو التدابٌر الوقائٌة.
ولكل جرٌمة ثالثة أركان وهً:
-الركن القانونً وٌقصد به توفر نص قانونً ٌعاقب على الجرٌمة.
-الركن المادي وبقصد به تحقق ارتكاب الجرٌمة تامة أو الشروع أو
االشتراك فٌها.
الركن المعنوي وٌقصد به توفر النٌة اإلجرامٌة أو القصد الجنائً لدى
المجرم.
6
وٌعتبر الجزاء الجنائً أشد وأقصى أنواع الجزاء ،والذي ٌتمثل فً
العقوبات المقررة للجرائم والتً تختلف بحسب خطورة الفعل المرتكب؛ والذي قد
ٌكون مخالفة أو جنحة أو جناٌة :
الجزاء المدني:
الجزاء المدنً هو الذي ٌطال أموال الشخص المدٌن وذمته المالٌة ،فٌجبر
على إصالح الوضع أو إعادة المال المستحق لصاحبه أو التعوٌض فً حالة حدوث
ضرر للدائن.
ومن صور الجزاء المدنً هناك البطالن واإلبطال والتنفٌذ العٌنً أو الفسخ :
البطالن هو جزاء على انعدام أحد أركان العقد وهً التراضً والمحل
والسبب (كأن ٌستأجر شخصا منزال الستغالله للدعارة) وٌلحق بها الشكل فً
العقود الشكلٌة ( كما هو الشأن فً هبة عقار تمت بشكل غٌر رسمً ،فطبقا
للفصل 274من مدونة الحقوق العٌنٌة فإن هذا التصرف ٌعد باطال ) والتسلٌم فً
العقود العٌنٌة ،فٌصبح الوجود القانونً للعقد منعدما وال ٌنتج أي أثر قانونً،
كما هو الشأن فً المادة 149من مدونة األسرة التً تنص على أن التبنً باطال،
أما اإلبطال فهو جزاء تخلف أحد شروط صحة العقد وهً األهلٌة وسالمة
الرضى من العٌوب كالغلط أو التدلٌس أو اإلكراه ،وقد خصص المشرع لإلبطال
الفصول 311إلى 318من قانون االلتزامات والعقود ،وٌسمى كذلك بالبطالن
النسبً و هذا العقد قائم أمام القانون إلى أن ٌطالب بإبطاله من طرف من تقرر
لصالحه حٌث ال ٌمكن للقاضً الحكم به من تلقاء نفسه.
أما الفسخ فهو جزاء ٌترتب على إخالل أحد المتعاقدٌن بتنفٌذ التزاماته
التعاقدٌة بعد استكمال العقد كافة أركانه وشروط صحته.
وفً حالة عدم تنفٌذ المتعاقد اللتزاماته ،فإنه ٌكون للمتعاقد اآلخر الخٌار بٌن
المطالبة بالفسخ كجزاء لعدم التنفٌذ أو المطالبة بالتنفيذ العيني عن طرٌق إجبار
7
المدٌن على تنفٌذ ما ٌلتزم به ،كما إذا امتنع البائع عن تسلٌم المبٌع إلى المشتري
حٌث ٌمكن لهذا األخٌر أن ٌطلب من القضاء حمل البائع على تسلٌم العقار جبرا،
وإذا استحال التنفٌذ العٌنً ٌمكنه أن ٌطالب بالتعوٌض فً حالة حدوث ضرر
261من قانون االلتزامات ٌصٌب ذمته ،وهو ما أكد علٌه المشرع فً الفصل
والعقود من أن " االلتزام بعمل ٌتحول عند عدم الوفاء إلى تعوٌض."...
ج -الجزاء التأديبي:
الجزاء التأدٌبً هو الجزاء الذي ٌوقع على الشخص المخالف لقواعد
وظٌفته أو مهنته ،وتختلف الجزاءات التأدٌبٌة بحسب طبٌعة المخالفة الوظٌفٌة
والمهنٌة ومن بٌنها :اإلنذار أو توبٌخ أو الخصم من الراتب أو الفصل عن العمل...
وقد تجتمع فً الفعل الواحد أكثر من صورة للجزاء ،فالموظف الذي
ٌختلس أموال الدولة ٌوقع علٌه الجزاء الجنائً (كالسجن مثال ) ،وقد ٌفصل من
وظٌفته ( الجزاء التأدٌبً).
8