Professional Documents
Culture Documents
com
pdf.بحث كامل عن البطالة كامل متكامل بالمراجع
.المقدمة
البطالة مشكلة اقتصادية ،كما هي مشكلة نفسية ،واجتماعية ،وأمنية ،وسياسية .وجيل الشباب هو جيل العمل واالنتاج ،ألنه :بحث عن البطالة
جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة .و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ ،السيما بين الشباب ،يؤدي الى أن ترتد عليه تلك الطاقة
لتهدمه نفسيا ً مسببة له مشاكل كثيرة .وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم الى مشاكل أساسية مع ّقدة ،ربما أطاحت ببعض الحكومات،
فحاالت التظاهر والعنف واالنتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة .وتؤكد
االحصاءات أنّ هناك عشرات الماليين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب ،وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة
والحرمان ،وتخلف أوضاعهم الصحية ،و عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم .كما تفيد نفس االحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على
أهم صفات العاطل أنه ال يعمل .لكن هذا المفهوم يعتبر غير كاف حيث هناك أفراد ال يعملون ألنهم غير قادرين على العمل و بالتالي ال يمكن
اعتبارهم عاطلين عن العمل مثل األطفال و المرضى والعجزة و كبار السن و اللذين أحيلوا على التقاعد و هم اآلن يقبضون المعاشات .كما أن
not seekingهناك بعض األفراد القادرين على العمل و لكنهم ال يعملون فعال و مع ذلك ال يجوزاعتبارهم عاطلين ألنهم ال يبحثون عن العمل
،مثل الطلبة اللذين يدرسون في الثانويات و الجامعات و المعاهد العليا ممن بلغوا سن العمل و لكنهم ال يبحثون عن عمل بل يفضلون work
تنمية قدراتهم و مهاراتهم بالدراسة ،و لهذا ال يصح ادراجهم ضمن العاطلين .كذلك هناك بعض األفراد القادرين عن العمل لكن ال يبحثون عنه
،ألن جهودهم في البحث عن العمل في الفترة الماضية لم ُتجْ دِ ،كما أن االحصاءات الرسمية ال تدرجهم discouragedألنهم أحبطوا تماما
ضمن العاطلين .و بالمقابل هناك أفراد آخرين قادرين على العمل و لكنهم ال يبحثون عن عمل ألنهم في درجة من الثراء تجعلهم في غنىً عن
و من ناحية أخرى هناك بعض األفراد اللذين يعملون فعال ،غير أنهم مع ذلك يبحثون عن عمل أفضل و بالتالي ال يمكن ادراجهم ضمن
العاطلين .و هكذا نستنتج أنه ليس كل من ال يعمل عاطال ،و في الوقت نفسه ليس كل من يبحث عن عمل يعد ضمن دائرة العاطلين .فحسب
:االحصاءات الرسمية فإن العاطل عن العمل يجب أن يكون عمره يتراوح ما بين 15و 64عاما و أن يتوفر فيه شرطان أساسيان ،و هما
كما يجمع االقتصاديون و الخبراء ،وحسب توصيات منظمة العمل الدولية على تعريف العاطل بأنه ” كل من هو قادر على العمل ،و راغب
).فيه ،و يبحث عنه ،و يقبله عند مستوى األجر السائد ،و لكن دون جدوى”1( .
:هناك عدة أنواع للبطالة خاصة تلك التي عرفتها البلدان الرأسمالية و التي نذكر منها
البطالة الدورية •
البطالة االحتكاكية •
البطالة الهيكلية •
البطالة الدورية
تنتاب النشاط االقتصادي بجميع متغيراته في االقتصاديات الرأسمالية فترات صعود و هبوط و التي يتراوح مداها الزمني بين ثالث و عشر
و التي لها خاصية التكرار و الدورية .و تنقسم الدورة االقتصادية Business Cycleسنين و التي يطلق عليها مصطلح الدورة االقتصادية
،و التي من مميزاتها األساسية اتجاه التوظف نحو التزايد ،إلى أن Expansionبصورة عامة على مرحلتين :مرحلة الرواج أو التوسع
أو قمة الرواج ،و التي تعتبر نقطة تحول ثم يتجه بعد ذلك النشاط االقتصادي نحو الهبوط بما في ذلك التوظف Peak ،تصل إلى نقطة الذروة
.و تبعا لدورية النشاط االقتصادي ،فإن البطالة المصاحبة لذلك تسمى بالبطالة الدورية Recession.وتسمى هذه المرحلة بمرحلة االنكماش
البطالة االحتكاكية
،على أنها تلك البطالة التي تحدث بسبب التنقالت المستمرة للعاملين بين المناطق Frictional Unemploymentتعرف البطالة االحتكاكية
و المهن المختلفة ،و التي تنشأ بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل ،و لدى أصحاب األعمال اللذين تتوافر لديهم فرص العمل .و
بالتالي فإن إنشاء مركز للمعلومات الخاصة بفرص التوظف من شأنه أن يقلل من مدة البحث عن العمل ،و يتيح لألفراد الباحثين عن العمل
البطالة الهيكلية
،ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانبا من قوة العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث Structural Unemploymentيقصد بالبطالة الهيكلية
في االقتصاد الوطني ،و التي تؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة و مؤهالت و خبرات العمال المتعطلين
الراغبين في العمل و الباحثين عنه .فهذا النوع من البطالة يمكن أن يحدث نتيجة النخفاض الطلب عن نوعيات معينة من العمالة ،بسبب الكساد
الذي لحق بالصناعات التي كانوا يعملون بها ،وظهور طلب على نوعيات معينة من المهارات التي تلزم النتاج سلع معينة لصناعات تزدهر.
.فالبطالة التي تنجم في هذه الحالة تكون بسبب تغيرات هيكلية طرأت على الطلب
كما يمكن للتكنولوجيا أن تؤدي إلى بطالة هيكلية .حيث من النتائج المباشرة للتطور التكنولوجي تسريح العمال و بأعداد كبيرة مما يظطرهم
للسفر إلى أماكن أخرى بعيدة بحثا عن العمل أو إعادة التدريب لكسب مهارات جديدة .باالضافة لألسباب السابقة يمكن أن تحدث بطالة بسبب
تغير محسوس في قوة العمل و الناتج أساسا عن النمو الديمغرافي و ما ينجم عنه من دخول الشباب و بأعداد كبيرة إلى سوق العمل و ما يترتب
.عنه من عدم توافق بين مؤهالتهم و خبراتهم من ناحية ،و ما تتطلبه الوظائف المتاحة في السوق من ناحية أخرى
:باالضافة إلى األنواع السالفة الذكر للبطالة ،هناك تصنيفات أخرى للبطالة مثل
مدتها الزمنية قد تطول أو تقصر بحسب طبيعة نوع البطالة و ظروف االقتصاد الوطني .و آثارها تكون أقل حدة في الدول المتقدمة منها في
الدول النامية .حيث العاطل عن العمل في الدول المتقدمة يحصل على إعانة بطالة و إعانات حكومية أخرى ،في حين تنعدم كل هذه
،فهي تمثل تلك الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير من العمال بشكل يفوق الحاجة الفعلية Disguised Unemploymentأما البطالة المقنعة
.للعمل ،أي وجود عمالة زائدة و التي ال يؤثر سحبها من دائرة االنتاج على حجم االنتاج ،و بالتالي فهي عبارة عن عمالة غير منتجة
إلى الحالة التي يتعطل فيها العامل بمحض إرادته و ذلك عن طريق تقديم استقالته Voluntary Unemploymentتشير البطالة االختيارية
عن العمل الذي كان يعمل به .إما لعزوفه عن العمل أو ألنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجرا أعلى و ظروف عمل أحسن ،إلى غير ذلك
أما في حالة إرغام العامل على التعطل رغم أنه راغب في العمل و قادر عليه و قابل لمستوى األجر السائد ،فهذه الحالة نكون أمام بطالة
اجبارية و مثال على ذلك تسريح العمال كالطرد بشكل قسري… و هذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد .كما أن البطالة
.هنا وهناك ،تدق ناقوس الخطر من العواقب السلبية لهذه المشكلة على األمن القومي العربي ،ومع ذلك فإن معدالت البطالة تتزايد يومًا بعد يوم
ال يوجد شيء أثقل على النفس من تجرع مرارة الحاجة والعوز المادي فهي تنال من كرامة اإلنسان ومن نظرته لنفسه وعلى الخصوص عندما
يكون الفرد مسئوال عن أسرة تعول عليه في تأمين احتياجاتها المعيشية ،فعندما تشخص إليك أبصار األطفال في المطالبة بمستلزمات العيش
وترى في نظراتهم البريئة استفسارات كثيرة يقف المرء عاجزا ال يدري كيف يرد عليها وبأي منطق يقنعهم بقبول واقعهم المرير ،كيف تشرح
لهم أن رب األسرة عاطل ال عمل لديه وال يقدر على االستجابة لرغباتهم والجوع كافر كما هو معروف؟ . . .في عالم األطفال هناك الصفاء
والنقاء والعدالة واإلحسان وليس اإلجحاف وهضم الحقوق ،وخصوصا عندما يتعلق ذلك بحق العيش الكريم واللقمة الشريفة دون مذلة مد اليد
.لآلخرين
وتؤكد االحصاءات أنّ هناك عشرات الماليين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب ،وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة
والحرمان ،وتخلف أوضاعهم الصحية ،أو تأخرهم عن الزواج ،وانشاء االُسرة ،أو عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم .كما تفيد االحصاءات
العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية ،كما لها آثارها على الصحة الجسدية .إنّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير
الذات ،ويشعرون بالفشل ،وأنهم أقل من غيرهم ،كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل ،وأنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة ،وأنّ
البطالة تعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي .كما وجد أن القلق والكآبة وعدم االستقرار يزداد بين
العاطلين ،بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات ،وأنّ هذه الحاالت النفسية تنعكس سلبيا ً على العالقة بالزوجة واألبناء ،وتزايد
المشاكل العائلية .وعند األشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني ،يقدم البعض منهم على شرب الخمور و تعاطي المخدرات ،بل ووجد أن %69
ممن يقدمون على االنتحار ،هم من العاطلين عن العمل .و نتيجة للتوتر النفسي ،تزداد نسبة الجريمة ،كالقتل واالعتداء ،بين هؤالء العاطلين.
باالضافة إلى ضعف االنتماء للوطن ،وكراهية المجتمع ،وصوال إلى ممارسة العنف واإلرهاب ضده ،فضال عما تمثله البطالة من إهدار
.للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤالء الشباب ورعايتهم صحيا ً واجتماعيا ً
نالحظ أحيانا بعض الفئات العاطلة و التي يكون قد نفذ صبرها ولم تعد تؤمن بالوعود واآلمال المعطاة لها و هي ترفع شعار التململ والتمرد ،و
مع ذلك ال يمكن لومها ولكن ال يعني ذلك تشجيعها على المس بممتلكات الوطن وأمنه ،ولكن البد أن نلتمس لهم العذر ،فمقابل مرارة ظروفهم
هناك شواهد لفئات منغمسة في ترف المادة ،ومن الطبيعي أن ينطق لسان حالهم متسائال أين العدالة االجتماعية واإلنصاف؟ كما أن سياسة
العنف المفرط في مقابل حركة العاطلين ال تخلق إال المزيد من العنف واالضطراب وتفاقم األزمة .فهناك حاجة إلى التعقل وضبط الموقف
والنظر إلى القضايا من منظور واسع وبعين تقصي األسباب في محاولة لتفهم موقف اآلخرين ،حيث أن مبدأ إرساء أركان الحكم الصالح
والعدالة االجتماعية تملي على الجميع تكريس حق إبداء الرأي ورفع راية المطالبات بالوسائل السلمية المشروعة ،كما أنها تلزم األطراف
المعنية متمثلة بالحكومة باحترام هذه الحقوق واتساع الصدر لآلراء المختلفة ،ألن المواطن في نهاية المطاف ال يطالب إال بحق العيش الكريم
والحفاظ على كرامته وإنسانيته في وطنه ،وهي من جوهر حقوق المواطن والتي يجب على الحكومة أن تكفلها وتحرص عليها ،ال أن تتكالب
الهجرة إلى أوروبا تكاد تكون مشكلة اقتصادية باألساس ،فبالرغم من تعدد األسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة ،إال أن االدوافع
االقتصادية تأتي في مقدمة هذه األسباب .ويتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى االقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين،
والتى تشهد ـ غالبًا ـ افتقارً ا إلى عمليات التنمية ،وقلة فرص العمل ،وانخفاض األجور ومستويات المعيشة ،وما يقابله من ارتفاع
مستوى المعيشة ،والحاجة إلى األيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين ،حيث تقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية بما
.بين %15 – 10من عدد المهاجرين في العالم ..البالغ عددهم ـ حسب التقديرات األخيرة لألمم المتحدة ـ حوالي 180مليون شخص
أما فيما يتعلق باآلثار االقتصادية للبطالة على المستوى الكلي فالكل يعرف أن أهم مؤشر في اتجاهات الطلب على العمل هو نموّ
االنتاج ،و بالتالي فإن تباطؤ النموّ االقتصادي يعني ارتفاعا في معدّالت البطالة .و هكذا فإن الوضع في المنطقة العربية بصورة عامة
و منذ التسعينات تلخص في ضعف أداء االنتاج مقارنة بنمو سريع في القوة العاملة .كما تبين االحصائيات أن النمو في القوة العاملة
.قد فاق الزيادة التي طرأت على فرص التوظيف في المنطقة العربية
بمراحل التطوراالقتصادي .وقد حظي هذا الموضوع باهتمام المفكرين االقتصادييـن على اختالف مذاهبهم و أفكارهم من فترة زمنية
إلى أخرى .ولعّل تنوع أشكال البطالة هو أحـد العناصـر المفسرة لتعدد التحاليل حول فهمها وتفسيرها،وسوف يتم عرض أهم هذه
أ -البطالة عند الكالسيك :يركز الكالسيك في تحليلهم على المدى الطويل ،حيث يربطون البطالة بالمشكلة السكانية وبتراكم رأس
المال والنمواالقتصادي والطاقات اإلنتاجية لالقتصاد .كما يرتكزاهتمامهم بالبعد االجتماعي والسياسي للظاهرة االقتصادية ،إذ يؤمن
”.الكالسيك بمبدأ التوازن العام ،الذي يعنى أن “كل عرض سلعي يخلق الطلب المساوي له ” ،أوما يسمى بقانون المنافذ عند “ساي
فالتبادل في التحليل الكالسيكي يكون على أساس المقايضة وال مكان للنقود فيه ،بمعنى آخـر :تسـاوي االدخار واالستثمار واستحالة
.حدوث البطالة على نطاق واسع ،ذلك أن التوازن االقتصادي هو توازن التوظيـف الكامل
في حين أن البطالة التقليدية تنشأ عن عدم كفاية عرض السلع لكون إنتاج المؤسسات اقـل مـن الطلـب نتيجـة النخفاض معدالت
األرباح بسبب إرتفاع األجور ،وهو ما يعني أن القائمين على خطط االستثمارسوف لن يرفعون من مستوى استثماراتهم القادرة على
زيادة التشغيل تجنبا لتضخيم التكاليف ،و تعزى البطالة أيضا في نظر الكالسيك إلى العمل الخاطئ لسوق العمل ،وفي حالة وجودهـا
فـان آليـة األجور كفيلة باستيعاب اليد العاملة العاطلة ،ذلك أن تخفيض هذه األخيرة سيرفع مستوى األرباح ،وهوما يشكل حافزا
لزيادة االستثمار وبالتالي رفع مستوى التشغيل ،خصوصا في ظل التنافس على منصب العمل والقبـول بمستوى األجور السائدة.
.نستنتج من ذلك أن األجورهي عامل أساسي في آليات سوق العمل ،إذ أنها تؤثرعلى عرض وطلب العمل في آن واحد
ب* -البطالة عند النيوكالسيك :لقد اعتمد تحليل النيوكالسيك على نظرية “التوازن العام” الذي يتحقق في سوق السلع والخدمات
وسوق العمل نتيجة إلرتباط حجم العمالة بالعرض والطلب على العمل .ويرتكزهذا التحليل على بعض الفرضيات المستمدة من
شروط المنافسة التامة (السوق الحرة) ومن أهمها :تجانس وحدات العمل ،حرية تنقل اليد العاملة ودورالمنافسة في شراء وبيع قوة
.العمل مثل :بيع وشراء السلع وأن حجم اليد العاملة مرتبط بعرض وطلب العمل في السوق
ومهما يكن من أمر فإن النظرية النيوكالسيكية افترضت حالة التوظيف التام ،ولم تولي للبطالة اهتمامـا كبيرا بسبب تبنيها لقانون
“ساي” لألسواق ،كما أن فرضية وجود المنافسة التامة ال تتحقق في الواقع ،إضافـة إلى أنها اعتبرت أن التغير التكنولوجي هو متغير
خارجي يتطوربشكل منعزل عن مستوى التطور االقتصادي ،لكن الواقع يثبت عكس ذلك إذ أن استخدام التكنولوجيا هو أحد العوامل
األساسية لإلنتاج ألنه يرفع من حجمـه بأقل التكاليف ،و بالتالي فإن تشغيل اآلالت قد يؤثر على حجم العمالة إذ تحل اآللـة محل
بسبب وجود آلية السوق التي تعيد التوازن بشكل تلقائي عن طريق تفاعل قوى العرض والطلب ،وكل بطالـة هـي ناتجة عن :الزيادة
أما بالنسبة للماركسيين فإن األزمات ماهي إال مظهر من مظاهر نقص االستهالك لدى الطبقة العاملة ،ألن قيمة األجور ال تتساوى
وقيمة اإلنتاج .أي أن الرأسمالية تنتج أكثر مما تدفع من أجور ومما يزيـد األزمـة تفاقما هو” أن تعمد الرأسمالية بفضل قانون
إلى إحالل اآلالت محل اليد العاملة ،فتلقي بالعمال إلى البطالة ،مما ) (C/Vاالرتفاع المستمر في التركيب العضوي لرأس المـال
يعني فقدان العامل لقوة شرائه ” .وعليه فإن “البطالة هي نتيجة لزيادة إنتاجية العمل في األنظمة الرأسمالية للتراكم” .أما بالنسبة
لحجـم التشغيـل فإنه يرتبط أساسا بمعدل الربح الذي يحققه أرباب العمل ،إذ أنهم يحولون دون إنخفاضه من خالل زيادة إنتاجهم الشيئ
الذي يؤدي إلى فائض في اإلنتاج ،خاصة أن التقدم التقني يتطلب رأسمال أكثر يأكل الجزء المخصـص لألجور .وبالتالي فإن العمال
.سوف يستمرون في إنتاج رأس المال وتحقيق تراكمه ،بمعنى أنهم ينتجون بأنفسهم أداة إحالتهم للبطالة
د-تفسير البطالة عند المدرسة الكينزية :يتحقق التوازن عند الكينزيين نتيجة للتوازن في سوق السلع والخدمات ،وسوق النقد في آن
واحد اذ أن الطلب على العمل دالة متناقصة بداللة الدخل ،وأن تعظيم األرباح يتطلب تساوي اإلنتاجية الحديـة للعمـل مع معدل األجر
الحقيقي .أي أن انخفاض معدل األجورالحقيقية يمكن أن يتيح ارتفاعا في الطلـب علـى العمـل وبالتالي حجم العمالة ،أماعرض العمل
،ألن العمال يقعون في فخ الوهم النقدي ،حيث يعتبرون أن كل زيادة في األجر االسمي هي ) (Wفإنه مرتبط بمعدل األجر االسمي
زيادة فعلية في مداخيلهم بسبب جهلهـم لمستـوى األسعار .وقد وجد كينز أن تطور الرأسمالية يصطدم بتناقضات حادة ال يمكن أن
.تزول عفويا مثل البطالة الجماهيرية المتزايدة ،وعدم كفاية الطلب على البضائع ،مما يؤدي إلى عدم تطابقه مع العرض آليا
من ناحية أخرى ،يرفض كينز آلية األجور كسبب للبطالة ،ألن انخفاضها سيؤدي إلى انخفـاض دخل العمال .وبالتالي انخفاض الطلب
على السلع مما يعقد مشكلة تصريف السلع باألسواق .وعليه فإن سر وجـود البطالة يكمن فيما يلي :لقد الحظ كينز أن حالة التوظيف
الكامل ما هي إال حالة خاصة جدا ،وأن الطلب الكلي الفعال هوالمحدد للعرض الكلي ،ومن أجل زيادة تشغيل العمال يجب رفع حجم
.هذا الطلب ،والذي بدوره ينقسم إلى طلب على السلع االستهالكية وطلب على السلع االستثمارية
فالكالسيك و النيوكالسيك ينظران إلى االدخار واالستثمار أنهما وجهان لعملة واحدة والتعادل بينهمـا أمـر بديهي .أما كينز فقد أدخل
العوامل المؤثرة عليهما ،وبالتالي فإن كل اختـالل بينهمـا يـؤدي إلـى حـدوث االضطرابات في دورة الدخل القومي مع احتمال وقوع
الكساد ،وفي حالة افتراض أن حجم االدخار أكبـر من حجم االستثمار ،فإن الطلب الكلي الفعال سيقل عن العرض الكلي و بالتالي
يتزايد مخزون السلع و يتراكم ،مما يؤدي إلى انخفاض األسعار الذي ينتج عنه انخفاض في األرباح وفي الناتج ،وبالتالي تتزايد
.الطاقة العاطلة وتحـدث بطالة ،الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني
أما في حالة ما إذا كان حجم االستثمار أكبر من حجم االدخار فإن الطلب الكلي الفعال سيكون أكبر من العرض الكلي ،وعليه سوف
ينخفض مستوى مخزون السلع ،و تتزايد المبيعات ،وترتفع األسعار واألرباح،وإذا كانت هناك طاقات إنتاجية عاطلة سوف يلجأ
المنتجون لتشغيلها وهذا االنتعاش في االستثمار يؤدي إلى زيادة في تشغيل عدد العمال وبالتالي تقل البطالة ولرفع مستوى
االستثمارات يرى كينز ضرورة تدخل الدولة من خالل سياسة استثمارية عامة لتعويض نقص االستثمارات في القطاع الخاص،
ويرى أيضا أن نقص االستخدام ليس عارضا ،بل ممكنا وغالب الوقوع ،وبالتالي يجب استبدال آلية الدخل باألسعار ألن المستثمرين
هم الذين يتوقعون الطلب الحقيقي ،و يقررون بناء توقعاتهم فيما يخص حجم اإلنتاج واليد العاملة الضروريـة للوصول إلى مستوى
توظيف كل المدخرات في شكل مشاريع تتيح فرص عمل جديدة– ،
التضحية باالستقرار النقدي وموازنة الدولة في بادئ األمر ،العطاء عمل للعاطلين دون التمييز بيـن طبيعة العمل إذا كان منتجا أم –
.ال
وفي هذا الصدد يقترح كينز أن يشغل العمال أوقاتهم في أعمال بغض النظر عن مردوديتها إذ أن المهـم حسب رأيه هو أن يتلقوا مدا
خيل مقابل ذلك ،لتمكينهم من االستهـالك الـذي يضمـن تصريـف ما تنتجـه المؤسسات ،إذ يقول كينز ” :إن من األفضل أن يدفع
للعمال لقاء حفرهم خنادق في األرض ،وردمهـا من أن يبقوا بدون عمل” .ألن الدخل الذي سوف يتم توزيعه علىالعاطلين يرفع من
مستـوى استهالكهـم ،ويحفـز المستثمرين على توسيع مشاريعهم وطلب يد عاملة إضافية الن الدخل كفيل بتعويض الخلل الواقع في
البداية أي التضخم حسب كينز .وعليه فان البطالة الكينزية هي نتيجة لعدم كفاية الطلب الكلي ،وبالتالي فإن أرباب العمل في مواجهة
وإذا كان كينز قد أوضح أثر نمو االستثمارعلى الدخل ،فإن الكينزيين الجدد حاولوا تجديد معدل النمو الضروري الذي يجب أن يتحقق
حتى يمكن تجنب البطالة والوصول إلى مستوى التوظيف الكامل للطاقـات اإلنتاجية والموارد البشرية ،انطالقا من نماذج
النموالكينزية مثل :نموذج هارود ،كالدور ،جـون روبنسون ،وغيرهم ،والتي استخدمت أدوات التحليل الرياضي في بناء و تحليل هذه
النماذج ،مع إعطائهم البعـد الزمني أهمية خاصة في تحليل الظواهر االقتصادية .وبالتالي فاإلشكالية المطروحة هي ” :البحث عن
”.المعدل الذي يتعين أن ينمو به الدخل على المدى الطويل للمحافظة على التوظيف الكامل وتجنبالبطالة والكساد
هـ – تفسير البطالة وفقا لمنحنى فيلبس :يرتكز اهتمام فيلبس على دراسة وتحليل سوق العمل في االقتصاد اإلنجليزي من خـالل
دراسـته اإلحصائية للمجتمع البريطاني من 1861حتى ،1957حيث كشف وجود عالقة إحصائية قويـة بيـن نسبـة العاطلين إلى
إجمالي السكان ،ومعدل التغييرفي أجرالساعة للعامل خالل مدة زمنية معينة ،بمعنـى أن الفتـرة التي تقل فيها معدالت البطالة ترتفع
عندها األجور النقدية و العكس صحيح ،أو بمعنى آخـر وجـود معـدل ضعيف من البطالة يتناسب مع ارتفاع سريع في األجور
وعلى هذا األساس تم التوصل إلى وجود دالة متناقصة بين المؤشرين وهو ما يعني ” وجـود عالقة تجريبية عكسية بين معدل ارتفاع
بتطويرهذه R.M-Solowوسولو P. Samuelson.وبـول سامويلسـون - -R.Lipsey 1960وقد ساهمت أبحاث كل من ر.ليبسي
الفكرة ،إذ أمكن التوصل إلى وجود عالقة عكسية بين معدل التضخم ومعدل البطالة ،وهوما يفسره منحنى فيليبس .الذي يمكن من
.أن ثمن خفض معدل البطالة هو ثمـن ذلك قبول معدل أعلى للتضخم –
وعلى هذا األساس أصبحت معظم البرامج االقتصادية للدول الصناعية تختـار النقطة التي تفضلها على منحنى فيلبس وما تشير إليه
من معدل معين للبطالة ومعدل معين للتضخم ،وتقوم بعد ذلك باختيار السياسة النقدية والمالية التي تحدد الطلب الذي يضمن تحقيق
لكن ومع بداية السبعينيات لوحظ أن المستوى العام لألسعار ظل يتجه نحو االرتفاع المستمر ،في الوقت الذي تتزايد فيه معدالت
البطالة .الشيء الذي شكل انتقادات الذعة لهذا المنحنى وقصوره على تفسير تزامـن البطالة والتضخم معا أوما يسمى بالركود
(Stagflation) .التضخمي
و* -تفسير البطالة في النظريات النقدية :يفسر هذا التيار البطالة الدورية من خالل العوامل النقدية البحتة ،وأن عالجها يكمن في
من ) ، (Wiskellفيكسل) (Howtreyاستخـدام أدوات السياسة النقدية ،ويضم هذا التيار مجموعة من المفكرين أمثال :هوتري
مدرسة شيكاغو .بإعطائهم للنقود أهمية بالغة في النشاط االقتصادي ،وأن كل التقلبات التي يعرفهـا االقتصـاد ناتجة عن تغير عرض
النقود .كما أن زيادة تدخل الدولة في الحياة االقتصادية على النحو الذي شل من كفاءة آلية األسعارفي سوق العمل ،يعتبر من بين
ويؤكدون على أن تعطيل زيادة إعانات البطالة تعطل من فاعلية سوق العمل ،ألن العمال المستفيدين منها ال يبحثون عن العمل
.بجديـة
و بالتالي فالبطالة في نظرهم اختيارية وال مكانة للبطالة اإلجبارية في تحاليلهم ويرون أن مواجهة البطالة يكمـن في“ :عدم تدخل
الحكومات لحل هذه المشكلة وتركها لكي تحل نفسها بنفسها عبر آليات السوق” يرى فريدمان أنه ال يوجد منحنى فيلبس في شكله
التقليدي إال في األجل القصير ،أما في األجل الطويل فإن هذا المنحنى يأخذ شكال مستقيما عموديا يحدد معدل بطالة طبيعية ،ويميز
الوظيفة على أساس الفوائد التي يجنيها العامل من وراءها قصد تحسين إنتاجيته واالستفادة من أكبر دخل ممكن ،وبالتالي سيضحي
األفراد بالوقت الضروري للتكوين من أجل رفع قدراتهم و مؤهالتهم ،باعتبار أن سوق العمل يبحث عن اليد العاملة المؤهلة .وعليه
،في D.B Doernberg , M.Pioreط-تفسير البطالة وفقا لنظرية تجزئة سوق العمل :ترتكز هذه النظرية التي ظهرت على يد
دراسة ميدانية لسوق العمل األمريكية خالل الستينيات ،التي تفسر أن قوة العمل األمريكية تتعرض لنوع من التجزئة علـى أسـاس
العرق والنوع والسن والمستوى التعليمي .وتهدف النظرية الى تفسير ارتفاع البطالة ،والكشـف عن أسبـاب ارتفاعها في قطاعات
معينة ووجود ندرة في عنصر العمل في قطاعات أخرى .وعلى هذا األساس تميز النظرية بين خمسة أنواع من أسواق العمل وهي:
.السوق الداخلية ،السوق الخارجية ،السوق األولية ،السوق الثانوية ،و السوق الرئيسية
ي -نظرية البطالة الهيكلية :ظهرت هذه النظرية لتفسير معدالت البطالة المرتفعة في السبعينيات وزيادة التطورالتقني الـذي طـرأ
على الصناعة ،فقد تعرضت بعض الفئات من العمال لظاهرة التعطل بسبب عدم قدرتها على التوافـق مـع األساليب ،الحديثة في
الفنون اإلنتاجية .في حين ظهر فائض في فرص العمـل في أعمـال و مهـن أخـرى .وقد فسرت النظرية عدم التوافق بين فرص العمل
المتاحة والمتعطلين بمجموعة من األسباب أهمها :عدم القدرة على االنتقال بمرونة من مكان آلخر ،االعتبارات الشخصية في تفضيل
.العمال ،و عدم توفير فرص تدريب مناسبة للعمال حتى يتمكنوا من القيام بأعمال جديدة
،كمحاولة لتفسير معدالت البطالة المرتفعة في E.Malinvandز-نظرية اختالل التوازن :ظهرت على يد االقتصادي الفرنسي
الدول الصناعية خالل فترة السبعينيات .ويرتكز تحليله للبطالة على سوقين اثنين هما :سوق السلع و سوق العمل .وتبني هذه النظرية
فرض جمود األسعار واألجورفي األجل القصير ،ويرجع ذلك الى عجزهما عن التغير بالسرعة الكافية لتحقيق التوازن المنشود.
ونتيجة لذلك يتعرض سوق العمل لحالة االختالل متمثلة في وجود فائض في عرض العمل عن الطلب ،مما يقود إلى البطالة
.االجبارية
و ال تقتصر النظرية على البحث عن أسباب البطالة في اطار دراسة سوق العمل ،وانما تسعى أيضا لتحليلها من خالل دراسة العالقة
:بين سوق العمل وسوق السلع.اذ يمكن أن ينتج عنه نوعين من البطالة هما
النوع األول و يتميز بوجود فائض في عرض العمل عن الطلب عليه ،ويترتب على ذلك عدم قيام أصحاب العمل أو رجال األعمال
.بتشغيل عمالة اضافية لوجود فائض في االنتاج ال يمكنه وهو ما يتطابق مع التحلـيل الكينزي
و النوع الثاني في هذه الحالة تقترن البطالة في سوق العمل بوجود نقص في العرض من السلـع عن الطلب عليها ،وتكون أسباب
البطالة في ارتفاع معدل األجور الحقيقية للعمال ،مما يدفع المستخدمبن الى عـدم زيادة كل من عرض السلع ومستوى التشغيل بسبب
أ .المدرسة التقليديةترى أن الدورة االقتصادية ال تعدو إال أن تكون مجرد ظاهرة نقديـة بحتـة .اذ تعـود التقلبات في مستوى النشاط *
االقتصادي الى درجات التوسع واالنكماش في المعروض من النقود ووسائل الدفع عموما( التسهيالت االئتمانية) .وعلى اعتبار أن
البطالةالسائدة ت كون اختيارية أو احتكاكية ،فان األجور كفيلـة برفع الكمية المعروضة من العمل مقارنة بتلك المطلوبة للوصول الى
فئة المنظمين والمستثمرين ،من خالل التوقعات حـول آفـاق الربحيـة لفـرص االستثمار المربحة والمتاحة ،ذات األثر االيجابي على
ج .مدرسة قصور االستهالك :ترجع هذه المدرسة حالة االنكماش والركود االقتصادي إلى انكماش حجم الطلب الكلي الفعال في *
المجتمع ،ويرجعون ذلك لضعف القدرة الشرائية لدى الفئات األجرية ومحدودىالدخل ،نتيجة لسوء توزيع المداخيل بين الفئات
.المختلفة ،وهو ما يؤدي الى انكماش في حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع لما لذلك من أثر على حالة االنكماش والركود
د .مدرسة المغاالة في االستثمار :ترى أن التوسع المفرط في االستثمار لبعض األنشطة والصناعة بدرجة أكثر تبرره االحتياجات *
واعتبارات التناسق بين األنشطة المختلفة لالقتصاد ،سوف تدفع به ان آجال أو عاجال نحو الركود االقتصادي ،كما يمكن أن تحدث
.التقلبات االقتصادية للعملية االنتاجية بسبب االختراعات واالكتشافات الجديدة أوفتح أو فقدان أسواق جديدة
هـ -مدرسة شيكاغو :ركزت على ضرورة الوصول إلى االستقرار النقدي الذي يتحقق بوجود تـوازن بين نسبة التغير في كمية النقود
وبين حجم الناتج الحقيقي .ويرجعون مصدر اإلفراط في عرض النقـود إلى عجز ميزانية الدولة ،والتي يتوجب عليها القضاء عليه
تفاديا لكل نفقات إضافية مثـل :مدفوعـات الحمايـة االجتماعية مما قد يجبر العمال على قبول األعمال التي كانوا يرفضونها بسبب
وللتأثير على حجم البطالة يقترح رواد هذه المدرسة أن تكتفي الدولة بوظائفها التقليدية دون البحث عن تحقيق التوظيف الكامل .وأن
.يتم إطالق آليات السوق تعمل عملها الستعادة التوازنات المفقودة خاصة في سوق العمل
و -مدرسة اقتصاديات العرض :ترجع البطالة إلى نقص قوى العرض وليس قوى الطلب ،كما فسر ذلك الكينزيون ،وترى أن
الخروج من مأزق البطالة يتم بدفع حركة االستثمارات والعمل على إنعاش الحوافـز التي من شأنها أن تزيد من قوى االدخار
واالستثمار ومن أجل رفع مستوى االدخارات فقد اقترحوا تخفيض معـدالت الضرائب .إال أن هذا الطرح يعني تفاقم عجز ميزانية
الدولة بسبب انخفاض إيراداتها ،وسوف لن يكون له أثـر علـى خفض معدالت البطالة ،بدليل البرنامج الذي طبقه الرئيس األمريكي –
ح .مدرسة التوقعات الرشيدة :اعتمدت هذه المدرسة على النظرة المستقبلية لسير النشاط االقتصـادي على اعتبار أن البطالةفي *
تحاليلهم اختيارية ،كون آليات سوق العمل تتكيف بسرعة مع كل اختالالت التوازن التي قد تحدث به ( على أن تكون األسعار
واألجور مرنة ،وأن تتوفر كافة المعلومات لبناء التوقعات المستقبلية) .فإذا أرادت الدولة رفع معدالت النمو االقتصادي وتخفيض
معدالت دعم الطلب الكلـي عن طريق زيادة كمية النقود المتداولة فان األفراد سوف يتنبئون بحدوث التضخم ،و سيطالبون برفع
األجور ،مما يعني ارتفاع التكاليف ومنه ارتفاع األسعارالتي قد يعجز المستهلك على تحملها ،فتسعى المؤسسات إلـى خفـض تكاليفهـا
.بالتأثيرعلى اليد العاملة(تسريح العمال ) ،وعليه فإن هذه السياسة غير فاعلة
أما إذا أرادت الدولة محاربة التضخم من خالل تطبيق سياسة انكماشية ،سيؤدي ذلك إلى بطء اإلنتاج وزيادة معدالت البطالةولتفادي
ذلك فإنه يجب أن يكون هناك استقرار في السياسة الحكومية أوال ،ثم ثانيـا تقييد دور الدولة في الحياة االقتصادية وترك الحرية
.االقتصادية والمنافسة التامة وآليات السوق تعمـل عملهـا بكل شفافية ،مع ضمان المرونة في األجور واألسعار تبعا لحاالت األسواق
ط .المدرسة المؤسستية :اختلفت في رؤيتها للبطالة ،اذ انتقدت التحليل النيوكالسيكي من حيث الفروض ،أو منهج التحليل وحتى *
النتائج المتوصل اليها .فلم تعد البطالة أزمة كم بل أزمة كيف وال يمكن حلها بزيادة الطلب الكلي الفعال ،خاصة في ظل تزايد الثورة
التكنولوجية التي أدت إلى تخفيض الطلب علـى األيدي العاملة ،نتيجة لما حدث من اعادة هيكلة للعمل( اختفاء العديد من المهن
ويرى عدد من مفكري هذه المدرسة أن الخروج من أزمة البطالة سيكون من خالل التوسع في مجال الخدمات اإلنسانية مثل:
ي .المدرسة الكينزية الحديثة :يرىأنصارهذه المدرسة أن عالج البطالة يكمـن في زيادة معدالت النمو االقتصادي ،حتى ولو كان *
ذلك بزيادة معدالت التضخم ،ق صد االنتقـال مـن مرحلـة الركود إلى مرحة االنتعاش،الذي يتطلب موارد مالية كبيرة يمكن توفير
جزءا كبيرا منها عن طريق المدخرات الوطنية والتراكم واإلنتاجية .وبما أن احتياجات سوق العمل تتطلب أيدى عاملة مؤهلة ،فإنهم
يقترحون إجراء دورات وبرامج تدريبية وتكوينية لكي تتكيف مع هذه المتطلبات ،ويقترحون أيضا الرجوع إلى سياسة األشغال العامة
.الكبـرى التي من شأنها خلق فرص عمل أكثر وبالتالي الرفع من مستوى التوظيف والدخل
ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية تهدف إلـى رفـع معدالت النمو االقتصادي .و خفض تكلفة العمل الذي يرتبط أساسا بتكاليف –
اإلنتاج ،حيث تشكل األجور الجانب األساسي منها .مع تعديل ظروف سوق العمل بإلغاء قوانين الحد األدنى لألجور وتعديل نظام
.إعانات البطالة والضمان االجتماعي بالشكل الذي يجعل المداخيل التعويضية متوازنة مـع الحاجة إلى تحفيز ميول العمال نحو العمل
إلزامية التوسع في سياسة التدريب للعاطلين لتنمية مؤهالتهم ومهاراتهم بما يتالءم ومتطلبات أسواق العمـل والتكنولوجيات –
الحديثة .تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع القطاع غيرالرسمي وتذليل العقبات التـي تواجههـا لضمان وصولها إلى
األسواق الوطنية والعالمية مثل :تسهيل حصولها على االئتمان ،نقل التكنولوجيات الحديثة إليها وتوفير المعلومات التي تحتاجها الداء
.تشجيع التقاعد المبكر لتوفير فرص عمل جديدة خلفا للذين أحيلوا إلى التقاعد –
تطوير نظام المعلومات المتعلقة بأسواق العمل في اإلستثمار ،وتداولها بأقل تكلفة ممكنة ،لتمكيـن طالبـي العمـل والعارضين له من –
ويظل االقتراح الذي ينادي بفكرة تقسيم األعمال أكثرها انتشارا ،حيث يتم بموجبها توزيع حجم العمل على عدد أكبر من العمال مما
يؤدي إلى :احتفاظ العمال المشتغلين فعال بوظائفهم ،وإتاحة فرص تشغيل إضافية جديدة .وذلك من خالل تخفيض ساعات العمل
واألجور ،فبدل أن يعمل العمال خمسة أيام في األسبوع ،فانه سيخفض أسبوع العمل إلى أربعة أيام مقابل خفض األجور وبالتالي
تتعدد األسباب التي تؤدي إلى تفشي البطالة ونقص التشغيل في أوساط الفئة النشيطة ،خاصة عنصر الشباب بغض النظر عن
تشمل األولى العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة وهي تلك التي ال تعتبر الحكومة مسؤولة عنها مسؤولية مباشرة ،أما الثانية
:فتتناول من خاللها األسباب التي تدخل في نطاق سيطرة الحكومة بصفة مباشرة أو غير مباشرة ،اعتمادا على ما يلي
باعتبار أن عددا كبيرا من الدول النامية تعتمد في صادراتها الخارجية عن المحروقات التي تشكل الجزء األكبر منها ،وبالتالي فإن –
إيراداتها من العملة الصعبة مرتبطة بشكل أساسي بعائداتها .وبما أنه يصعب التحكم بأسعارها بالرغم من مجهودات منظمة األوبيك
التي تعتبر الجزائر أحد أعضائها ،ترتب عن ذلك انكماش االقتصاد الجزائري بشكل خاص والدول المصدرة للنفط بصفة عامة بداية
من النصف الثاني من الثمانينات ،الشيء الذي أدى إلى انخفاض النمو االقتصادي سبب تراجع المصدر األساسي للدخل الوطني ،مما
أثر سلبا على النشاط االقتصادي و فرص التوظيف بالتبعية ،وقد كان من الطبيعي أن يؤثر ذلك عكسا على حجم تجارتهاالخارجية،
ومن المعروف أيضا أن انخفاض حصيلة الصادرات يكون له آثار انكماشية مضاعفة على مستويات الدخل والعمالة خاصة في
.المتاحة من العمالت األجنبية ،ألن الجزء األكبر منها في شكل دوالر ،وبالتالي تقييد قدرتها على االستيراد بتلك العمالت
تخفيض سعر صرف الدوالر األمريكي في مواجهة العمالت األخرى ،الشيء الذي ترتب عليه إضعاف القوة الشرائية للموارد –
المتاحة من العمالت األجنبية ،ألن الجزء األكبر منها في شكل دوالر ،وبالتالي تقييد قدرتها على االستيراد بتلك العمالت.وما سيتبعه
هذا من انكماش في دعم الواردات من السلع االستهالكية أو اإلنتاجية .وبتعبير آخر تبقى المدفوعات بالدوالر كما هي مقابل أحجام
متناقصة من الواردات ،وأي انخفاض في الكميات المستوردة له تأثير سلبي على حجم اإلنتاج والعمالة في المؤسسات التي تستورد
النمو الديمغرافي باعتبار أن هذا العنصر يؤثر مباشرة في زيادة حدة البطالة خصوصا إذا كانت الزيادة في عدد الوظائف ال –
تتناسب ومعدالت النمو السكانية التي تميل إلى االرتفاع في الدول النامية ،فقد أدت الزيادة السكانية إلى تزايد العروض من طالبي
العمل في سوق العمل الجزائرية ،ونظرا الرتباط القضية السكانية بعوامل متباينة يصعب السيطرة عليها لذا اعتبرت من ضمن
نقص مصادر التمويل إلنعاش وتمويل المشاريع االقتصادية ،وهذا راجع لضعف أداء الجهاز اإلنتاجي وضالة االدخار لمختلف األعوان –
االقتصاديين بسبب انخفاض القدرة الشرائية للعائالت ،وكذلك بسبب نظام الفوائد المطبقة في البنوك غير اإلسالمية والذي ال يشجع على
االدخار ألسباب عقائدية تجنبا لكل أنواع الربا ،باإلضافة إلى عدم مرونة التعامالت البنكية في بعض األحيان .وتجدر اإلشارة إلى أن من بين
رفع االدخار الوطني لتمويل 8):في الجزائر لفترة تطبيق برنامج التعديل الهيكلي ( « FMI » 9/95أهداف التمويل المحدد من طرف
.االستثمارات بـ % 5.5:من الناتج المحلي الخام وهذا من خالل الحد من نمو االنفاق الجاري
أزمة المدفوعات الخارجية التي تعرفها الجزائر والتي تمتد جذورها إلى بداية الثمانينات ،رغم تأخر تأثيرها على االقتصاد الوطني ،فقد –
بدأت تظهر منذ سنة 1986نتيجة النهيار أسعار النفط من حوالي 35دوالر عام 1981-80إلى نحو 15دوالر في مارس .1986إضافة إلى
مدى تأثير خدمات الديون والشروط القاسية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية بموجب اإلصالح واإلنعاش االقتصادي ،والتي تتميز
بارتفاع التكلفة االجتماعية وما يصاحبها من تسريح جزئي وجماعي للعمال نتيجة لهيكلة االقتصاد الوطني ،وعليه فإن مستويات التشغيل لليد
يشير مفهوم قوة العمل إلى أولئك القادرين من الناحية الصحية والبدنية على العمل وتبلغ أعمارهم سن العمل ذكورا وإناثا ،سواء أكانوا ضمن
العاملين أو العاطلين .وهذا التعريف يخرج بالطبع جميع الملتحقين بالمراحل الدراسية والقائمين باألعمال المنزلية وغير القادرين على العمل
.والمحالين على التقاعد أو غير العاملين وال يبحثون عن عمل وليس لديهم االستعداد للعمل
التشغيل الكامل 2هو نقيض البطالة ،بالمفهوم الواسع .ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة في بلد نام كالجزائر يتعين أن يكون بناء البنية
وعلى وجه التحديد ،يعنى التشغيل الكامل ،توافر “عمل جيد” لكل من يطلب عمال .عمل منتج ،يوظف الفرد فيه قدراته وإمكاناته ،ويحقق فيه
.ذاته ،وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور ،تحت ظروف تكون فيها الكرامة اإلنسانية محفوظة ،ويكسب منه ما يكفي لتفادي الفقر
في هذا المنظور ،يتضح أن البطالة تعتبر أحد أصناف الفقر ،حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ،بمعنى قصور
القدرة اإلنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر في حياة كريمة ،وبالتالي ينظر إلى البطالة على أنها أحد أسباب الضعف االجتماعي وأنها أحد
المسببات األساسية للفقر .حيث القدرة على العمل تعتبر رأس المال ربما الوحيد ،أو األهم ،للغالبية العظمى من األفراد في سن العمل والعطاء.
ورغم أن أفقر الفقراء ال يطيقون ترف البطالة السافرة ،حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء ،فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع
األعمال التي يقومون بها ،أو ظروف العمل ،تكون من التدني بحيث ال يمكن وصفها بأنها أعمال “جيدة” ،وتندرج ،من ثم ،تحت صنف من
.أصناف البطالة
وبناء على ذلك ،يصبح خلق فرص العمل المنتجة والمكسبة ،في المجتمعات التي ينتشر فيها الفقر وتتفاقم بها البطالة وتكون شبكات الحماية
.االجتماعية بها نادرة أو معدومة ،أهم وسيلة لمكافحة الفقر ،والتخلف واالنحراف بوجه عام
يتحدد حجم البطالة من خالل احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل الجزائرية وحجم مجموع العاملين الجزائريين .أما نسبة البطالة
:فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل من الجزائريين ذكورا وإناثا مضروبا في مائة ،وذلك وفقا للمعادلة التالية 7
:ومن األهمية اإلشارة إلى أن نتائج المعادلة السابقة ومخرجاتها تتأثر بعاملين رئيسين
.األول ذو عالقة بتحديد العمر الزمني المصرح به رسميا لدخول قوة العمل –
.أما العامل الثاني فيتعلق بتحديد فترة االنقطاع عن العمل ،التي بموجبها يمكن اعتبار الفرد عاطال عن العمل –
:الخاتمة
نظراً ألهمية تأثير البطالة في البناء االجتماعي للمجتمع ،تم التركيز في هذا البحث على تحليل مفهوم البطالة ضمن إطار البناء االجتماعي،
.وذلك من خالل إبراز أهم اآلثار السلبية المترتبة على انتشار البطالة وازدياد نسبتها في المجتمعات
يرى بعض الباحثين إلى أن هناك آثارا خطيرة للبطالة على مستوى الفرد والمجتمع ،فالفرد قد يصاب بأمراض نفسية عديدة ،ويمكن أن يلجأ
إلى تعاطي المخدرات هروبا من الواقع المؤلم ،وانتشار الجرائم ،وضعف االنتماء للوطن ،وكراهية المجتمع ،وصوال إلى ممارسة العنف
.واإلرهاب ضده ،فضال عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤالء الشباب ورعايتهم صحيا ً واجتماعيا
كما أن عدم وجود قاعدة معلوماتية وطنية للوظائف المطروحة والباحثين عنها أحد مغذيات أزمة البطالة ،حيث تؤدي إلى غموض سوق العمل.
وبهذا يجب تشجيع على إنشاء شركات خاصة في ميدان التوظيف لملء هذا الفراغ ،ومن هنا تبدو أهمية االستفادة من تجربة بعض الدول
الغربية في إنشاء بنوك وطنية للتوظيف توفر قواعد معلومات ضخمة للوظائف الشاغرة في القطاعين العام والخاص ،يتم تحديثها يوميا ،وتكون
.متاحة من خالل مواقع إنترنت متخصّصة أو دليل شهري يوزع بمقابل مادي رمزي على الباحثين عن العمل
وال تقتصر فائدة “بنوك التوظيف” على كونها قناة اتصال بين أصحاب األعمال والباحثين عن العمل فقط ،بل إنها تعد أداة جيدة يستطيع من
.خاللها الباحثون التعرف عن العمل وعلى طبيعة الوظائف المطلوبة من الشركات ،ومن ثم تأهيل أنفسهم بما يتناسب معها
وفى النهاية ،فإن وجود إستراتيجية لمكافحة البطالة يتطلب تغييرات مؤسساتية بعيدة المدى في البنية االقتصادية وربما السياسة تشمل زيادة
كفاءة سوق العمل ف ي سياق تدعيم تنافسية األسواق عامة وضبط نشاطها ،في إطار من سيادة القانون التامة واستقالل للقضاء ،وإصالح
للخدمات الحكومية ،وإقامة نظم فعالة لألمان االجتماعي ،وإصالح نظم الحكم المحلية عبر مختلف المؤسسات لتصبح معبرة عن الناس بشفافية
.ومسؤولة أمامهم بفعالية ،ولتمكن من تقوية مؤسسات المجتمع المدني ،حتى يصبح لعموم الناس ،وللفقراء خاصة8 .
.مكافحة البطالة إذا ،كما تمت اإلشارة إليه سابقا ،ليست مشكلة قطاعا معينا ،بل مشكلة مجتمعا كامال
وبديهي أن مكافحة البطالة تقتضي رفع وتيرة النمو االقتصادي .ويتطلب ذلك ،زيادة معدالت االدخار واالستثمار .فاالدخار المحلى ضعيف إن
لم نقل منعدما في مجتمعات مازالت غالبية سكانها ال تؤمن حاجياتها األساسية على مستوى مقبول من جهة ونزع الثقة من البنوك من جهة
أخرى ،على حين ينعم مترفوها ،وهم قلة قليلة ،بأنماط استهالك غير معقولة دونما مسؤولية اجتماعية .نرجو من هللا العلي القدير أن ال يعاقبنا
:المصادر
.االقتصاد السياسي للبطالة ،تحليل ألخطر المشكالت المعاصرة ،د .رمزي زكي ،عالم المعرفة ،الكويت .1 1998
.د .إسماعيل سفر وعارف دليلة ،تاريخ األفكار اإلقتصادية ،منشورات جامعة حلب سوريا ،1977ص576
دانيال أر نولد ترجمة د .عبد األمير شمس الدين :تحليل األزمات االقتصادية لألمس واليوم ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
د .ليلى .أ الخواجة :أسواق العمل في الدول النامية في ظل برنامج اإلصالح االقتصادي ،مجلة مصر المعاصرة ،العدد ، 431مصر ،
،1993ص 95
عبد الحميد بدر الدين ،حل متاح لمشكلة البطالة في دول الخليج7) 2000 ،
نادر فرجاني ،البطالة في مصر ،األبعاد والمواجهة ،مركز المشكاة للبحث ،مصر2) 1999 ،