Professional Documents
Culture Documents
العلاج النفسي
العلاج النفسي
النمو
األسرة
مكانة الطفل في األسرة
العالقات األسرية
تأثير العالقة الزوجية على الطفل
العالقات األخوية
اإلعاقة"
العالج النفسي
المقاربة النسقية
المفاهيم األساسية
خصائص الوحدة األسرية
عمل المعالج في النظرية النسقية
نتائج الدراسة
االضطرابات" االتصالية
االضطرابات" العالئقية
االضطرابات" الشخصية
اضطرابات" العالقة مع الطفل
نتائج تطبيق العالج األسري
مقدمة
1إن اختيار هذا الموضوع كان نتاجا لممارستنا الميدانية "،و لمالحظة نوع من الركود لدى
بعض األطفال المعاقين و بالرغم من المحاوالت والحصص العالجية المتخصصة التي
أبدت" نتائج إيجابية لدى بعض األطفال من جهة و من جهة أخرى رغبة أفراد األسرة
وبخاصة األم في مساعدة الطفل من خالل تساؤالتهم حول أسباب لجوء الطفل إلى بعض
السلوكات الطفلية البدائية.
2والحظنا كذلك ،خالل العمل مع هذا النوع من األسرة أن الخالفات بين األفراد" تؤدي إلى
عدم االتفاق والمشاركة في االلتزام بنصائح ومطالب المختصين .وهذا ما دفع بنا إلى
محاولة توعية أفراد األسرة كل على حدى باإلعاقة ،وكيفية التعامل مع الطفل المصاب"
بها.
3بدأت االضطرابات العالئقية تظهر بوصفها أسبابا في عدم إمكانية توحيد الجهود داخل
األسرة واشتراك أفرادها في مساعدة الطفل ،فارتأينا إذا اللجوء إلى تطبيق العالج
األسري وتقنياته الممكنة قصد مساعدة هذه األسر وخاصة ذوات األطفال المعاقين .ومن
ثم كانت هذه الخطوة بداية لطرح إشكالية هذا البحث ،ودراسة الموضوع بطريقة علمية
كي يكون التدخل مجديا وفعاال.
4و انطالقا" من هذه المالحظات تشكلت فكرتنا عن دراسة األسر ،ونوعية العالقات
داخلها ،ولعالج االضطرابات" فيها لم نجد أي مرجع جزائري ،فلجأنا لدراسة الطرق
العالجية المقترحة من طرف النظرية النسقية ثم حاولنا مع حاالت الدراسة أن نكتشف
العوامل األساسية المؤثرة في هذا النوع من العالج ،و ما هي إمكاناته" و حدوده مع عينة
دراستنا ،وهذا لغرض مساعدة األسر التي شكلت عينة الدراسة أوال و لفتح المجال
مستقبال من أجل تأسيس طرق عالجية لألسرة تكون متناسبة مع ثقافة األسرة الجزائرية
ثانيا.
5انطلقنا من إشكالية مفادها؛ التساؤل التالي :إلى أي مدى يمكن للجو األسري الذي يعيش
داخله الطفل أن يؤثر على نموه النفسي ،اللغوي ،المعرفي و االجتماعي هذا من جهة،
ومن جهة ثانية كيف يمكن للكفالة المتخصصة أن تجلب لألسرة نتائج إيجابية ،بالنسبة
لتعلم الطفل ،في ظل اضطراباتها العالئقية .وعليه افترضنا" بأن:
يعيق الجو األسري المضطرب الكفالة المتخصصة للطفل المعاق كما يعيق سبل تحقيق
تعلمه.
يلعب العالج األسري دورا هاما في تحرير الطفل من ركوده و ذلك بتسوية العالقات التي
تميز الجو األسري.
6لدراسة ومناقشة الفرضيات حاولنا أن نتطرق في الجانب النظري آلراء الباحثين حول
متغيرات بحثنا والروابط بين هذه المتغيرات و ركزنا في الجانب الميداني على دراسة
الحاالت حيث تمثلت عينة الدراسة في كل الحاالت التي طالبت بمساعدة المختص النفسي
فيما يخص سلوك الطفل أو اضطراباته ،والحاالت التي جاءت في طلب المساعدة
المباشرة فيما يـخص االضطرابات" العالئقية،فشملت العينة عشر حاالت تمت دراستها في
مكانين:
عيادة خاصة بالتكفل النفسي -األرطفوني (بوهران -حي الضاية) وكذا وسائل العمل مع
الطفل و العملية العالجية ،كما قمنا بعرض شامل لعينة الدراسة.
7و قد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج العيادي "،الذي يعتبر من المناهج التشخيصية،
التي يطبقها األخصائيون ،في دراسة و تشخيص االضطرابات "وهو منهج يقوم على أخذ
اإلنسان في موقف معين أو على أنه حالة فريدة تتطور وتتأثر بالعوامل النفسية و
االجتماعية") ع م .ت .الشياباني ص (131 .حيث قمنا
ثالثا :لجأنا إلى الوسائل التربوية لتحري مدى رغبة الطفل في االكتساب والتعلم أو عدمه.
رابعا :بعد التماس االضطرابات العالئقية والتأكد من تأثيراتها على نمو الطفل من جهة و
النشاطات اليومية لكل فرد ،ومن جهة أخرى على تجانس البنية األسرية ،لجأنا إلى تطبيق
العالج األسري الذي حاولنا تكييف تقنياته حسب كل حالة.
8قبل أن نقدم (الجانب التطبيقي) النتائج الميدانية" نتطرق إلى توضيح المفاهيم التي نستند
عليها ،ال لضرورة أكاديمية وإنما الستخراج المؤشرات و السندات العلمية ،لتوضيح
الميكانزمات التي تؤثر في التوازن أو االختالل النفسي -العالئقي و التي يجب التركيز
عليها من أجل تعديل و تصحيح الخلل في العالقة بين أفراد" األسرة و من ثم عالج الفرد
الذي يظهر عليه االضطراب .فسوف نتطرق إلى توضيح المفاهيم" التالية "النمو" و
"األسرة" و "العالقات" األسرية" و "اإلعاقة"" "العالج األسري و المقاربة النسقية".
النمو
1 Wallon, H, L'évolution psychologique de l'enfant, Ed ENAG, 1994,
p. 42.
9إن نمو الطفل في شتى مجاالته االجتماعية والمعرفية واللغوية مرتبط بنشاط األسرة
ومدى توفيرها للتجارب الفعلية للطفل من أجل ممارسة السلوكات وتنميتها .يتطلب نمو
الطفل عند والون ( )Wallonاشتراك عوامل داخلية و أخرى خارجية .1تتمثل العوامل
الداخلية في استعدادات" الطفل وقدرته على التعلم ،أما العوامل الخارجية فهي الظروف
التي توفرها له األسرة لتنمية قدراته و تحقيقها.
10إن كل فرد في األسرة خاضع لعملية النمو ،فاألطفال ينمون في كل المجاالت الجسمية
و المعرفية و اللغوية و النفسية .هذا النمو تبدو مظاهره واضحة في سلوك الطفل
وتصرفاته ومكتسباته .أما نمو البالغين فهو ال يبدو بارزا مثل نمو الطفل ،لكن سن البلوغ،
كغيره من المراحل ،ينمو باستمرار تحت تأثير تجارب الحياة والممارسات االجتماعية.
12تتأثر الوحدة األسرية بكل فرد من أفرادها؛" حيث أن نمو األفراد يؤدي إلى نمو األنساق
التحتية وهذا األخير يؤثر في األسرة ذاتها .كما أن المشكالت أو المستجدات التي تمر بها
األسرة كوحدة ،تحدث فيها تغيرات من حيث البناء والتماسك.
13ومنه فإن دراسة اضطرابات النمو لدى الطفل ،سواء كان عاديا" أو معاقا ،تقتضي
اإلحاطة بالجو و بالنشاط األسري الذي يعيش في ظله هذا الطفل ،وتمارس فيه العملية
التربوية قصد معالجة هذا الجو وجعله سويا موفرا لألمان والثقة والتقدير التي يحتاجها
الطفل لتحقيق مكتسباته وممارسته.
األسرة
3 Satir, V., Thérapie du couple et de la famille, Ed EPI, 1982, p. 32.
14عمد الكثير من الباحثين والمطبقين إلى تعريف األسرة قصد توضيح كيفية تناولها
حسب االعتبارات التي يربطها الباحث بموضوع دراسته .فمنهم من يذهب إلى تعريفها
حسب تكوينها؛ حيث تعرفها ف.ساتير ( )V. Satirعلى أنها مجموعة مكونة من شخصين
بالغين يعيشان تحت نفس السقف ،و يمارسان عالقات جنسية مشروعة في المجتمع ،و
مثل هذه الجماعة ترتبط بوظائف تتدعم بالمبادلة.3
17إذا" كان الجو األسري الذي يعيش فيه الطفل مضطربا ،فإن نموه ،الذي يتوقف على
مدى استثمار األسرة ،سيلقى حواجز اجتماعية تعيقه وتحد من إمكاناته لتحقيق الكفاءات".
وبالتالي إذا" كانت إمكانات الطفل الفطرية محدودة فإن نموه يتأثر بهذا القصور ويتوقف
على مدى قدرة الوحدة األسرية على التغير والتكيف مع حالة الطفل .لذا فإن عالج
االضطرابات" األسرية يصبح حتميا من أجل مساعدة األسرة وتقوية قدرتها على التغير
والتكيف مع حالة الطفل وحاجاته سواء أكان طبيعيا أو بحاجة إلى تربية خاصة وكفالة.
مكانة الطفل في األسرة
6 Castellon, Y, La famille, Paris, Ed PUF, 1982, p. 56.
18إن وجود الطفل يعتبر نموا لألسرة يستدعي روابط إضافية" بين الزوجين من حيث
اعتباره موضوع استثمار مشترك 6و رغم اعتماد الطفل على والديه فوجوده يحقق لكل
من األبوين إشباعات" نفسية واجتماعية عميقة؛ حيث أنه باإلنجاب تتحقق أنوثة المرأة
وتثبت قدرة الرجل واستحقاقه" للمسؤولية ،هذه اإلشباعات" ترفع من قيمة األسرة بالنسبة
إليهما" .إن الطفل بوجوده يقدم" ألمه وأبيه فرصة أخرى ليحس كل منهما بأنه كامل،
يستحق الحب ،مهم وتام" (.)Satir V. 1982, p. 35
العالقات األسرية
"20إن تناول األسرة يقتضي اعتبارها ككل نشيط ،يتوقف فيه سلوك كل فرد على
العالقات التي تربطه بباقي األفراد" ()Marc E. - Picard D. 1989 p.193
21فالعالقة هي تلك الجاذبية الوجدانية ،والتفاعل الواقع بين األفراد "،الذي يتحدد بكيفية
اتصاالتهم "،ألن العالقة عبارة عن تفاعل يتم خالله اختراق لألنساق واالتصال هو السبيل
الوحيد لهذا االختراق.
24وتجسد األم هذه العالقة بحضورها واستجابتها لحاجات الطفل األساسية .إذ أن عملية
الرضاعة وخاصة الطبيعية منها تسمح للطفل بتحقيق أولى رغباته في الحياة.
العالقات األخوية
27تعد من المحاور البالغة األهمية في تكوين شخصية الطفل ،وتمايزه جنسيا وإدراكه لذاته
ولآلخر حيث يرى ب باكون .P. Cohn Hأنه في ظل التفاعالت األخوية ،التي هي
عبارة عن نوع خاص من التنشئة االجتماعية ،تتشكل بعض معالم شخصية الطفل كما أنها
تشكل نماذج ينقلها الطفل فيما بعد خالل تمدرسه وفي حياته االجتماعية ،لعقد عالقات" مع
محيطه وفق ما كانت عليه عالقاته مع إخوته.
28فشخصية الفرد مرتبطة بتشكيل أسرته وترتيب أفرادها ،وبنمو كل فرد منها ،حيث
يقترح بعض الباحثين ( )Wallonمثال ،تحليل نمو الطفل انطالقا" من تمييزه تدريجيا بين
"األنا" و"اآلخر" ،وهذا التمييز يرتكز أساسا على المقارنة التي يقوم بها بين سلوكاته
وسلوكات اإلخوة األكبر واألصغر منه ولذلك فإن كل مكانة داخل النسق لها خصوصياتها،
و هو ما يدفعنا كمختصين إلى البحث عن مرتبة الطفل بين إخوته عند دراسة الشخصية.
"29الطفل يجد مكانته داخل أسرته عند التقاء محورين عاطفيين ،المحور العمـودي فيما
يخص عالقاته مع األبوين ،والمحور األفقي الذي يخص عالقاته مع إخوته" (– Marc E.
.)Picard D. 1989 p188
اإلعاقة"
10 Guidetti, M. , Tourrette, C. , Handicaps et développement
)psychologique de l'enfant, Paris, Ed Arma (...
30مفهوم اإلعاق Handicap:إن مصطلح Hand in capباإلنجليزية معناه اليد في القبعة
وذلك نسبة إلى بعض األلعاب التي كانت منتشرة قديما ،يحاول فيها المتســابقون عرقلة
منافسيـهم لمنعهم من الـفوز.10
31المعاق هو الطفل الذي يباشر حياته بقصور أو يكتسب خالل نموه تأخرا ،مقارنة مع
األطفال العاديين الذين هم في نفس سنه البيولوجي Robert Laffont )In(( .ص)513 .
32وتعرف منظمة الصحة العالمية () O M Sالمعاق على أنه كل من تميز بنقص جسمي
أو عقلي بصفة دائمة أو مؤقتة سواء كان هذا النقص فطري أو مكتسب.
33القصور يعني تلف في أحد األجهزة ،أو في وظيفة نفسية أو بيولوجية .وهو يمثل كل
اضطراب ،فطري أو مكتسب ،دائم" أو مؤقت .أما إنعدام القدرة فيعنى نقص في القدرة
على القيام بالنشاط و اإلعاقة" هي ذلك الحرمان الذي ينتج عن القصور أو انعدام" القدرة
الذي يتجسـد في عدم التناسـب بين قدرة أو حالة شخـص وما هو منتظر منه.
11 Aimard, P., et Morgon, A., L’enfant sourd, Paris, Ed PUF, 1985, p.
70.
34تأثير اإلعاقة" على األباء :إن وجود اإلعاقة" في األسرة يعتبر من العقبات" التي تتصدى"
لسيرورة األسرة حيث تتطلب التكيف معها ،هذا التكيف هو عملية تفاعلية يتغير على
إثرها نظام األسرة ككل؛ "حيث يتلقى األبوان أخبار مثيرة تغير عاداتهم ورغباتهم وكذا
مشاريعهم ،إذ تستلزم السرعة في إعادة بناء سلوكاتهم"111
12 Mannoni, M., L'enfant arriéré et sa mère, Paris, Ed Seuil, 1964, p.
26.
35كما أن اإلعاقة تؤثر على األبوين ،من حيث أن إنجاب طفل سوي ومستحسن من طرف
اآلخرين ،يزيد من قيمة األبوين واعتزازهما أما المعاق فيسبب جرح نرجسي؛ ويتفق
الكثير من علماء النفس على هذا الرأي إذ يرى م.مانوني ( )M. Mannoniأن قصور
الطفل يمس األم في نرجسيتها و كل إنقاص من قيمته تعتبره مس بشخصيتها الخاصة.122
36ويؤكد شيل ( )Scellesأن ميالد طفل معاق هو دائما جرح نرجسي بالنسبة لألبوين كما
أن اإلعاقة مهما كانت درجتها تتسبب في شعور األبوين بالذنب ،إما لعدم قدرتهما على
إنجاب" طفل سوي أو عجزهما عن حمايته ونجد في رأي .Satir Vأن لدى األبوين شعور
داخلي بأنهما مسؤوالن عن حالة الطفل (.)Satir, V. 1982, p. 62
37إن معاش الطفل المعاق يعتبر شيء غريب على اآلباء األسوياء ،فهم عاجزون عن
تصور ما يحس به الطفل ،وبالتالي غير قادرين على مساعدته في تمثل ما يشعر به
والتعبير عنه .فتحدث" حاجات الطفل إحباطا لدى الوالدين لعدم قدرتهما على إرضائه ،و
لدى الطفل إلحساسه بعدم الفهم من طرف اآلخر و يؤكد Scellesهذا الرأي باعتبار أن
التفاعالت" بين الطفل المعاق وأقربائه تصبح مصدرا لإلحباطات" (Scelle R.
.)1997p29
38تأثير اإلعاقة" على األخوة واألخوات :إن أكبر مشكل تتسبب فيه اإلعاقة بالنسبة لألخوة
واألخوات هو عدم فهم حالة الطفل ،وعدم تمكنهم من الحزم في اختالفهم أو تشابههم معه
كما أن األبوين قد يكثران التدخل بين اإلخوة ،إما لحماية المعاق أو لحماية إخوته منه وهذا
يمنعهم من عقد عالقات سوية معه "فاألبوان يعتبران أحيانا" اإلعاقة" خطر على أطفالهم
العاديين أو على العكس يظنون أن هؤالء قد يضرون بأخيهم المريض وهذه المواقف تؤثر
على مستويات العالقات" األخوية" (.)Scelle R. 1997p109
39يحس إخوة وأخوات الطفل المعاق بامتيازه عنهم في كسب أبويه حيث يعتبر Freudأن
الرغبة األساسية لكل طفل هي أن يستحوذ على حب أبويه و امتالكهمMarc E.( .
)Picard D. 1989, p87و أن قصور الطفل يدفع باألبوين إلى االهتمام" به مما يجعله
مستفيدا و يدفعه إلى الركود وعدم الرغبة في االستقاللية للمحافظة على هذا االهتمام"
واالمتياز .فالطفل برأي V. Satirيقدم" مطالبه العاطفية واللغوية باستغالل ضعفه،
والشفقة التي يثيرها .والمرضى بارعون في جلب التعاطف والتفاني لدى اآلخرين (Satir
)V. 1982, p16و كل هذا قد يدفع باإلخوة واألخوات إلى نبذ المعاق.
40إن إحساس الغيرة يعتبره فرويد حالة عادية مثل الحزن ،بل هي شعور يدفع إلى الرغبة
في التفوق والمنافسة يساعد هذا الشعور األطفال على تسيير عدوانيتهم ،لكنه يتطلب
التساوي في المستوى و القدرات ،أما اإلعاقة" فهي تمنع من التساوي ،وبالتالي من الشعور
بالغيرة .وإن أحس بها اإلخوة فقليل ما يعبرون عنها "إن إخوة الطفل المعاق قليال ما
يعطون ألنفسهم الحق في طلب المواساة وتخفيف اآلالم من آبائهم"Scelle R. 1997,( .
)p72
41تأثير اإلعاقة" على الوحدة األسرية :إن حاجة الطفل المعاق إلى اآلخر ،وخاصة إذا
كانت استقالليته منعدمة ،يتطلب باستمرار تجنيد شخص من األسرة معه وغالبا ما تكون
األم .مما يدفعها إلى إهمال مجاالت أو عالقات أخرى ،كالعالقة الزوجية أو عالقتها مع
األطفال اآلخرين فقصور الطفل يفرض على األسرة إعادة تنظيم حيث أن الفراغ الذي
تتركه األم بسبب اهتمامها به سيعوض بطريقة ما إلعادة إيجاد" التوازن.
42إن مرافقة المعاق تتطلب تحمل نظرات وتركيز اآلخرين عليه ،بما في ذلك تساؤالتهم و
تعليقاتهم .ولذلك فإن اإلعاقة تحد من العالقات" مع العالم الخارجي ،إما بدافع الخجل أو
بدافع حماية الطفل من اإلحباطات ،التي تسببها نظرات اآلخرين التي تظهر الشفقة.
43و في بعض الحاالت تنعزل األسرة خوفا من عدم تحمل الطفل لكثرة الغرباء؛ أو نظرا
لحاجاته الملحة ،التي تحرج األم خالل زيارتها لآلخرين ،فالكثير من األمهات صرحت
بأنها منذ والدة المعاق لم تحضر المناسبات" العائلية بسبب اإلعاقة.
44يعتبر R Scellesأن إخوة الطفل المعاق لهم عالقات" اجتماعية أقل من اآلخرين وهذه
الحالة تثير تفاقم" االضطرابات" األسرية)Scelle R. 1997, p134( .
45دور األسرة في نمو الطفل المعاق :يتاح للطفل التعرف على عالمه الخارجي باستعمال
مختلف الحواس ،فيبني انطالقا منها صورة عن واقعه ،وفي غياب أحد هذه الحواس تثبت
مجموعة الطرق األخرى التي على أساسها يستطيع المعاق أن يبني صورة نوعا ما
مترابطة عن الواقع ولكنها مختلفة ()Aimard P. -MorgonA. 1985, p13
46فاألطـفال المـعاقون في نمو دائم حيث تبنى سـلوكاتهم انطـالقا من قـصورهم ،فنمو
الطفل المعاق يتطلب نوعا من التحكم والوعي لدى اآلباء إذ عليهم حمايته وفي نفس الوقت
إعطائه الفرص لتنمية قدراته؛ أما محاولة إبعاد كل الصعوبات ،التي تعترضه ،فتجعله ال
ينمي هذه القدرات وال يبحث عن حلول للمشكالت.
47ينمي الطفل تصورات و يعتبر نفسه فيها "مستفيدا"" من العالقة مع المحيط .وفي هذه
الحاالت يتكون لديه إحساس ضعيف بالتحكم ،والتأثير في محيطه ،مما يؤدي إلى انعدام أو
نقص النشاط ،في البحث عن األمن في الحاالت المقلقة.
48إن األم ،في حالة معاناتها من اضطرابات" عالئقية مع الزوج ،تجد مكانتها وأهميتها في
االهتمام" بالطفل المعاق ،خاصة إذا" تمكن باقي األطفال من اكتساب االستقاللية الذاتية
"يفيد مرض الطفل في حماية األم من قلقها الداخلي)Mannpni M. 1964, p10(" .
فتصبح نشاطات األم مرتكزة على إعاقة" الطفل .لكن المريض ال ينقص من ألم والديه و
إنما يوجه التركيز نحو ذاته.
العالج النفسي
?13 Huber, W., Les psychothérapies, quelle thérapie pour quel patient
Ed Nathan, Paris, 1993, p. 57.
49تعبر عملية العالج النفسي عن النشاط الفعلي الذي يعكس أهمية وفاعلية علم النفس،
حيث تمثل جانبه الوظيفي ،وهي وضعية تفاعلية واعية مصممة من أجل التأثير على
االضطراب السلوكي ،وحاالت المعاناة التي تتطلب عالجا بطرق نفسية في اتجاه نحو
هدف متفق عليه.133
50وتتأثر تقنيات العملية العالجية ،باعتبارها الجانب النشيط لعلم النفس ،بتطور نظريات
ومدارس هذا األخير ،التي تتفق في موضوع الدراسة وتختلف في كيفية تناول هذا
الموضوع ،ففي الستينيات كانت وجهة نظر علم النفس متمركزة على المدارس ثم تطورت
في الثمانينيات لتركز على االضطرابات التي يعاني منها المريض .ثم توجه التركيز نحو
منشأ االضطرابات .وأصبح تدخل المختص النفسي لمساعدة فرد أو أكثر يأخذ بعين
االعتبار أن مشاكله هي مشاكل أسرته ككل ،فيتم التدخل في دراسة العالقات بين أفراد"
األسرة .التي تتطلب بدورها دراسة وتحليل لنوعية االتصاالت" بينهم.
51فنشأ العالج األسري ،الذي هو طريقة عالجية يتم فيها تناول األسرة ،كوحدة في نشاط
مستمر ،تعرف بالتفاعالت" الواقعة بين األفراد ،وليس بمجموع أفرادها .ففهم األسرة
كنسق يركز على تحليل نشاطها الذي يظهر في وجهتين:
المقاربة النسقية
52تعرف على أنها العالج النفساني الذي يسعى لدراسة االتصاالت "،وأشكال التفاعل
داخل األسرة حيث يمكن تحسين شبكة العالقات" باستخدام" المقاربة الجماعية و هو تيار
نتج عن تبني فكرة ذات" أصل بيولوجي ،هي نظرية النظم العامة ،و مفادها أن الكل يشكل
وحدة خاضعة لقوانبن تختلف عن القوانين التي تحكم كل جزء على حدى.
المفاهيم األساسية
53النسق :كلمة يونانية تعني مجموعة منتظمة تتناول نظرية االنساق األسرة باعتبارها
وحدة في توازن دائم" .و هي مجموعة من العناصر متفاعلة فيما بينها .خاضعة لمجموعة
من الخصائص و لها حدود .تختلف القوانين التي تنظمها عن تلك التي تنظم األفراد.
54التواصل بين األجيال :فاألسرة تحوي على األقل جيلين أو ثالثة أجيال (ابن ،أب ،جد)
و إن كل جيل يتأثر و يؤثر في األجيال األخرى .ويرى بوفين ( )Bovenأن اختالل
وظيفي على مستوى األجيال الثالثة المتتالية يتسبب في ظهور الذهان لدى أفراد" الجيل
الثالث.
55االتصاالت المتناقضة" :توجد رسائل متناقضة في االتصاالت "،أي هناك عدم اتفاق" و
تناقض" بين االتصال اللغوي و طريقة التعبير أو اإليماءات" المرافقة مما يحدث اضطراب
على مستوى االتصال داخل األسرة ،كأن تدعو األم طفلها لتحضنه ،و تنفر منه إذا اقترب
منها .و ترى V. Satirأن هذا النوع من االتصاالت" بين األبوين يجعل الطفل في وضعية
مبهمة و مضطربة
56المريض المحدد Le patient désignéهـو أحد أفراد" األسرة تظهر عليه أعراض
مرضية أو اضطرابات سلوكية ،هذه األعراض تحدث توازن خاص على مستوى النسق.
فالمريض المحدد هـو الحامل ألعراض االضطرابات داخل النسقLe Porteur du(. .
)Symptôme
59القدرة على التغير :وهي المرونة التي تتصف بها الوحدة األسرية الخالية من
االضطرابات "،و هي تلك القدرة التي تجعل األسرة تتغير من حيث تنظيمها و مكانات
أفرادها" للتكيف مع وضعية جديدة؛ حيث أن فقدان" أحد األفراد يعيد تنظيم كل النسق،
فتتغير المكانات" والعالقات وكل فرد عليه اتخاذ مكانة جديدة وفقا لآلخـرين ،هذا التغير
ينشئ نسق جديد متكيف مع الواقع الجديد(.)Picard D. 1998p69
61و لفهم مـعـنـى أعـراض الـطـفـل عـلـيـنـا البحث أوال لدى اآلباء (Mannoni, M. ,
)1964, p. 79
62فهذه الطاقة داخل النسق بفعل االضطرابات العالئقية قد تصبح سلبية وتؤثر على الطفل
فتظهر عليه األعراض و بالتالي يجسد الطفل معاناة الجماعة األسرية (Scelle R.
)1997p52
نتائج الدراسة
63توصلنا من خالل هذا البحث إلى أن االضطرابات" العالئقية داخل األسرة تؤثر على نمو
الطفل سواء كان معاقا" أو غير معاق و أن التربية المتخصصة للطفل المعاق ال يمكن أن
تأتي بنتائج إيجابية إذا كان الطفل يعيش في جو أسري مضطرب .و أن العالج األسري
لالضطرابات العالئقية يؤدي إلى تسوية االضطرابات السلوكية و اضطرابات" النمو التي
يعرضها الطفل.
االضطرابات" االتصالية
67تتمثل هذه االضطرابات في طريقة االتصال ،والتعبير عن المشاعر ،واأللفاظ
المستعملة و شدة الصوت ،حيث تكون المشاعر موجودة والتصورات إيجابية لكن طريقة
التعبير مختلة .يضطر الزوجان في الحياة اليومية إلى الحديث عن متطلبات مادية ،أو
إعطاء انتقادات" ومناقشات تفرضها مواقف" التجربة الحياتية ،وغالبا ما تنشأ الشجارات
بسبب األلفاظ المستعملة أو شدة الصوت.
68يكتفي المعالج مع هذه الحاالت بتوعية العمالء ،وتنبيههم ألهمية الحوار المجدي والبناء.
وقد يلجأ إلى تعليمهم ،معا أو كل على حدى ،الطريقة المثلى لالتصال ،ونقد اآلخر دون
التسبب في جرحه أو إيذائه.
االضطرابات" العالئقية
69يكمن االضطراب ،في هذه الحاالت ،على مستوى التصورات والمكانات ،كالتنازع على
السلطة ،أو اللجوء إلى التعميم و الحكم ،في حالة حدوث خطأ من طرف اآلخر والخالف
في هذه الحاالت يؤدي إلى سلوكات عدوانية ،قد تكون جسدية ،معنوية أو لفظية.
70ويرتكز التعامل مع اآلخر على أساس ردود األفعال ،دون اعتبار مكانته وأهميته .فكل
سلوك يقابله من الطرف اآلخر رد فعل أقوى منه.
71ال يكتفي المعالج بإصالح المظاهر االتصالية لالضطراب وإنما يتجاوزه إلى تحديد
المكانات وتوضيح التصورات وتقسيم السلطة.
72تتطلب العملية العالجية ،مع هذه الحاالت مقابالت فردية وأخرى جماعية ،يتم من
خاللها تحديد األبعاد" وتوضيحها ،واالعتراف بالمكانات وإعادة النظر في القوانين التي يتم
على أساسها تقسيم السلطة داخل األسرة ومن خالل الحصص الفردية يعمل المعالج على
جعل كل طرف يركز على إيجابيات اآلخر ويدفعه إلى االعتراف بتقديره له.
االضطرابات" الشخصية
73في هذه الحاالت يكون االضطراب أعمق ،وتعم تأثيراته كل أفراد األسرة والعالقات"
داخلها .إذ يكون على مستوى بناء شخصية أحد األبوين أو هما معا ،كمعاناة أحدهما من
الحرمان ،أو مروره بتجارب قاسية في أسرته الخاصة.
74فيلجأ المعالج إلى دراسة شخصية كال األبوين حيث يعود من خاللها إلى تكوين أسرة
كل منهما ومكانته فيها ،وطبيعة التربية التي تلقاها ،ومستوى العالقات التي ربطته مع آبائه
وإخوته.
75تتطلب هذه الحاالت مقابالت فردية ،وثنائية لكل أفراد" األسرة ،حسب الحاجة التي
تتطلبها العملية العالجية ثم مقابالت أسرية يتم فيها جمع كل أفراد األسرة .فيقوم المعالج،
خالل هذه الحصص ،على إشراك أفراد األسرة في مساعدة األب أو اآلم ،على تخطي
الحواجز التي تمنعه من عقد عالقات سوية معهم وذلك بجلبه نحو الوعي بأهمية تحقيق
العاطفة ،وجعله يكتشف العالقات" الوجدانية ،ويتعرف عليها إن كان لم يعشها من قبل.
76ويتم تحقيق هذه األهداف" من خالل إعطاء المعالج لألفراد تدريبات وواجبات منزلية
يقومون بها مع الشخص المقصود.
المبادرة :في هذا المستوى يتمتع األفراد" باليقظة و الدقة في مالحظة االضطرابات" النفسية
أو العالئقية ،مما يجعل لديهم الوعي الكافي بضرورة التغير ،فيبادرون به وأحيانا يلجأون
إلى المختص النفسي لطلب المساعدة .يقتصر عمل المعالج مع هذه الحاالت على التوجيه
و اإلرشاد.
التقبّل :يتمثل هذا المستوى في تقبل الرأي اآلخر و االقتناع" به و عدم اعتبار أن تبني
الرأي اآلخر أو الجديد مساس بقيمة الذات أو نقد لها مع هذه الحاالت يعمل المعالج على
لفت األنظار ،نحو ضرورة التغير.
التردد :و هو تقبل رأي اآلخر و عدم االعتراف بذلك ،مع الدفاع" عن الرأي الخاص خوفا
من المساس بقيمة الذات و مكانتها لدى اآلخر .يعمل المعالج في هذه لحالة على تجنيب
األفراد" حالة الشعور بالذنب ،قبل البدء بإقناعهم" بضرورة التغير وتدعيم ثقتهم لتشجيعهم
على إدخال التغيرات.
اإلنكار :و هي حالة التشدد و التمسك في الرأي و مقاومة التغير مع اإلصرار على
المواقف المعتادة .يحتاج المعالج مع هذه الحاالت إلى التعمق أكثر في الدراسة لكسب ثقة
األفراد" وإقناعهم" بضرورة التغير ،كما يستحسن أحيانا أن يحاول ذلك مع كل فرد على
حدى.
الرفض :وهي حالة االعتراض عن الرأي اآلخر و التشكيك في صحته ،مع استبعاد
ضرورة التغير وإمكانيته .يحتاج المعالج هنا إلى دراسة تاريخ كل من األبوين و أنواع
التربية التي تلقاها" كل منهما ،ليستكشف الطرق الفعالة لإلقناع بضرورة التغيير.
الهروب :وهو عدم الرغبة في المواجهة ،و تفادي الوضعية العالجية ،ومع هذه الحاالت
ليس بإمكان المعالج أي شيء ألن األفراد" يفضلون استمرار المعاناة على أن يقتنعوا برأي
جديد أو يدعون إلى التغير.
79فاتضح أن العملية العالجية تتطلب أربعة مراحل مهما كان مستوى االضطراب ومدى
انتشاره:
المرحلة األولى :يتم فيها تحديد األعراض والتعرف على االضطرابات" الدافعة لها
وتوضيح طبيعة العالقات و االتصاالت و ثقافة" الحياة األسرية.
المرحلة الثانية :هي أصعب وأهم مرحلة حيث يتوقف عليها إما نجاح أو فشل العملية
العالجية وهي عملية التوعية التي يتم من خاللها تفسير األعراض وربط االضطراب
بأسباب" األعراض .كما يتم خاللها التحضير النفسي لألفراد ودفعهم نحو الشعور بالرغبة
في التغير وتغيير اآلخر.
المرحلة الثالثة :مرحلة العالج الواعي وفيه يتم االشتراك مع األفراد قصد التغيير تدريجيا
حسب طبيعة الحياة األسرية وطبيعة االضطراب.
المرحلة الرابعة :يتم فيها متابعة التغيرات ونتائجها ثم العمل على تعميمها على كل أفراد"
األسرة وفي كل المجاالت ،كما يتم تكييف وتوحيد الجهود وتدعيم الثبات على اإليجابيات".
80يوضح االختالف والتشابه بين األسر المدروسة بأن العملية العالجية لألسرة تنطلق
أساسا من خصوصيتها وثقافتها ،فمثال تطلبت مع إحدى الحاالت التركيز على العالقة
الزوجية قبل باقي العالقات "،بينما مع حاالت أخرى كانت معالجة العالقة الزوجية تتطلب
مسبقا تسوية العالقات" بين األب وأبنائه ،أما فيما يخص مستوى التدخل وطريقته فتفرضه
طبيعة الحياة األسرية ومستوى االضطراب الذي يؤثر عليها.
تبرز نتائج هذا البحث أهمية تقدير األسرة من أجل مساعدة األفراد على تحقيق الصحة81
و تكشف بأن مجال العالج األسري ال يزال بحاجة إلى استثمار الباحثين و خاصة.النفسية
من أجل تأسيس طرق علمية خاصة بثقافة" األسرة الجزائرية،في مجتمعنا الجزائري
وهذا من شأنه أن يساهم في إثراء العمل،لدراستها و معالجة االضطرابات" داخلها
.العالجي بصفة عامة
Top of page
Bibliography
DOI are automaticaly added to references by Bilbo, OpenEdition's
Bibliographic Annotation Tool.
Users of institutions which have subscribed to one of OpenEdition
freemium programs can download references for which Bilbo found a
DOI in standard formats using the buttons available on the right.
1- Chiland, C, L'enfant, la famille, l'école, Paris, Ed PUF, 1993.
DOI : 10.3917/puf.chila.1993.01
17- Huber, W., Les psychothérapies, quelle thérapie pour quel patient?
Alger, Ed ENAG, 1994.
Top of page
Notes
1 Wallon, H, L'évolution psychologique de l'enfant, Ed ENAG, 1994,
p. 42.
Top of page
References
Bibliographical reference
/ Insaniyat ,» اإلعاقة" و العالج األسري، « العالقات األسرية,ليلى سليمان مسعود
.28-11 ,2005 | 30-29 ,إنسانيات