You are on page 1of 7

‫تلخيص كتاب‬

‫عبد الرحيم تمحري و محمد رويض "ديداكتيكية النص الفلسفي‪ :‬النظرية والتطبيقات"‪.‬‬

‫تقديم عام حول الكتاب‪:‬‬


‫يحمل الكتاب عنوان "ديداكتيكية النص الفلسفي‪ :‬النظري‪--‬ة والتطبيق‪--‬ات"‪ ،‬وه‪--‬و مؤل‪--‬ف مش‪--‬ترك‬
‫بين عب‪--‬د ال‪--‬رحيم تمح‪--‬ري‪ -‬ومحم‪--‬د رويض من منش‪--‬ورات‪ -‬المجل‪--‬ة المغربي‪--‬ة لعلم االجتم‪--‬اعي السياس‪--‬ي‪،‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ .1993‬ويتكون الكتاب من تقديم وثالثة أقس‪-‬ام والئح‪-‬ة للمراج‪-‬ع‬
‫وفهرس‪ -‬للموضوعات ويقع الكتاب في ‪ 200‬صفحة من الحجم الكبير‪.‬‬
‫تقديم‪:‬‬
‫تعرض فيه المؤلفان للهدف من تأليف هذا الكت‪--‬اب‪ ،‬وإعط‪--‬اء الهيكل‪--‬ة العام‪--‬ة ل‪--‬ه م‪--‬برزين أنهم‪--‬ا‬
‫قس‪--‬ماه إلى ثالث‪--‬ة أقس‪--‬ام‪ :‬يش‪--‬مل القس‪--‬م األول على مس‪--‬ح ع‪--‬ام لم‪--‬ا تم إنج‪--‬ازه في مج‪--‬ال دي‪--‬داكتيك النص‬
‫الفلسفي‪ ،‬وارتبط‪ -‬القسم الثاني بتقديم مناهج جديدة لمقاربة النص الفلسفي‪ ،‬ويعت‪--‬بر‪ -‬ه‪--‬ذان القس‪--‬مان ج‪--‬زء‬
‫نظريا‪ -‬من الكتاب‪ .‬أما القسم الثالث فهو قسم تطبيقي عمال فيه المؤلفان على ممارسة المقاربات النظرية‬
‫على نصوص فلسفية‪.‬‬
‫القسم األول‪:‬‬
‫لقد قسم المؤلفان هذا القسم إلى محورين اثنين‪ :‬اختص األول بتقييم عام للكتابات عن المنهج في‬
‫تحليل النصوص الفلسفية بالمغرب‪ ،‬واختص الثاني بالتعليق على العناصر‪ -‬المنهجية الموازي‪--‬ة لحض‪--‬ور‬
‫النص الفلسفي في الوثائق‪ -‬الرسمية بالمغرب‪.‬‬
‫المحور األول‪:‬‬
‫يختص هذا المحور بالكالم عن المنهج في التعامل مع النص الفلسفي‪ ،‬فب‪--‬دأ بالتحدي‪-‬د‪ -‬القاموس‪--‬ي‬
‫لمفهوم المنهج مستنبطا‪ -‬من قاموس ديديي‪ -‬جوليا وتم تفكيك ذاك التعريف في أنه مجموعة من الخطوات‬
‫المنطقية التي هي إجراءات وسلوكات‪ ،‬وتم اعتبار المنهج من مجال اإلبستيمولوجيا‪.‬‬
‫وقد‪ -‬ضرب المؤلفان مثاال عن المنهج من تاريخ االفلس‪--‬فة ب‪--‬دء من أفالط‪--‬ون وأرس‪--‬طو وم‪--‬رروا‪-‬‬
‫بابن رشد وصوال إالى رائد المنهج في الفلسفة الحديثة الفيلسوف الفرنس‪-‬ي‪ -‬ديك‪--‬ارت م‪--‬ع إعط‪--‬اء أهمي‪--‬ة‬
‫خاصة لمفهوم المنهج عنده وخاصة في مؤلفه الشهير "مقال عن المنهج" وبش‪--‬كل أدق قواع‪--‬ده األربع‪--‬ة‬
‫المعروضة‪.‬‬
‫وقد‪ -‬خصص المؤلفات حيزا هاما من ه‪--‬ذا المح‪--‬ور للبحث عن الخص‪--‬ائص المش‪--‬تركة للكتاب‪--‬ات‬
‫عن المنهج في الفلسفة والفكر اإلسالمي بالمغرب‪ ،‬وقد لخصها في خمس خصائص جامعة بين كل تلك‬
‫الكتابات سواء تعلق األمر بالنصوص الغربية أو النصوص المنتمية إلى الفكر اإلسالمي وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ارتب‪-‬اط الكت‪-‬اب به‪-‬دف مس‪-‬بق‪ -‬متمث‪-‬ل في التق‪-‬ييم‪ ،‬تق‪-‬ييم األس‪-‬تاذ للتالمي‪-‬ذ‪ ،‬وتق‪-‬ييم‬ ‫‪-1‬‬
‫األستاذ لنفسه هل حقق أهداف الدرس أم ال‪ ،‬ويظهر‪ -‬هذا التقويم في اإلنشاء الفلسفي عادة‪.‬‬
‫محاول‪--‬ة عقلن‪--‬ة ال‪--‬درس الفلس‪--‬في وض‪--‬بطه على ك‪--‬ل المس‪--‬تويات وتجنب التلقائي‪--‬ة‬ ‫‪-2‬‬
‫واالرتجال‪ ،‬وتتجلى‪ -‬هذه العقلنة في تسطير أهداف محددة وضبط الوسائل الكفيلة لتحقيقها‪.‬‬
‫هذا العنصر ينصب على التدريس انطالقا من األهداف نظرا لس‪--‬يطرة بي‪--‬داغوجيا‬ ‫‪-3‬‬
‫األهداف في هذه الفترة‪ ،‬ولترشيد ال‪--‬درس الفلس‪--‬في من جه‪--‬ة ثاني‪--‬ة‪ ،‬لكن الترك‪--‬يز على الت‪--‬دريس‬
‫باألهداف قد عرف مشكلتين في الكتابات المغربية ترجع األولى إلى االنتقائي‪--‬ة في التع‪--‬اطي‪ -‬م‪--‬ع‬
‫عناصر التدريس باألهداف وترجع‪ -‬الثانية إلى غياب المرجعية النظرية في بعض الكتابات‪.‬‬
‫ترتب‪--‬ط ج‪--‬ل الكتاب‪--‬ات بمحاول‪--‬ة التط‪--‬بيق على النص‪--‬وص الفلس‪--‬فية لتق‪--‬ريب المنهج‬ ‫‪-4‬‬
‫النظري‪ -‬وتجسيد خطواته‪ .‬ويمكن في هذا المستوى استحضار‪ -‬مجموعة من األمثلة منها طريق‪--‬ة‬
‫المقاربة الفلسفية والتي تقوم على مراحل ثالثة في التعام‪--‬ل م‪--‬ع النص الفك‪--‬ري – الفلس‪--‬في وهي‬
‫مستوى‪ -‬التحليل ثم ال‪-‬تركيب فالنق‪-‬د‪ ،‬والمث‪-‬ال الث‪-‬اني يع‪-‬ود لجمعي‪-‬ة مدرس‪-‬ي الفلس‪-‬فة وتق‪-‬وم ه‪-‬ذه‬
‫الطريقة عمليا على محورين‪ ،‬األول يخص المحتوى الفكري للنص‪ :‬فكرته األساس‪--‬ية‪ ،‬التسلس‪--‬ل‬
‫المنط‪-‬ق ألفك‪-‬اره‪ ،‬أدوات البره‪-‬ان المس‪-‬تعملة في‪-‬ه‪ ،‬االفتراض‪-‬ات واالس‪-‬تنتجات‪ ،‬والث‪-‬اني‪ -‬يخص‬
‫شكل النص‪ :‬مصطلحاته الفلسفية‪ ،‬والكلمات المفاتيح‪ ،‬وعناصر‪ -‬تقسيمه‪.‬‬
‫وهناك أخيرا طريقة فرانس روالن أو الدراسة المنظمة للنص‪ ،‬وتقوم عمليا على ثالث‬
‫خطوات‪ :‬الخطوة األولى‪ :‬االستعداد للدراسة المنظمة وتجيب على أسئلة ثالثة‪ :‬صاحب النص‪،‬‬
‫زمن كتابته‪ ،‬وطبيعته‪ .‬والخطوة الثانية‪ :‬وتح‪--‬دد الس‪--‬ؤال ال‪--‬ذي يجيب عن‪--‬ه المؤل‪--‬ف‪ ،‬وأطروح‪--‬ة‬
‫النص‪ ،‬ثم األطروح‪--‬ة المض‪--‬ادة‪ .‬والخط‪--‬وة الثالث‪--‬ة‪ :‬وتق‪--‬وم أساس‪--‬ا على إب‪--‬راز األهمي‪--‬ة الفلس‪--‬فية‬
‫للنص‪.‬‬
‫ومن خصائص الكتابات بالمغرب ك‪--‬ذلك يوج‪--‬د ن‪--‬وع من التعقي‪--‬د النظ‪--‬ري ويتجلى‬ ‫‪-5‬‬
‫ذلك بوضوح في خاصيتي‪ -‬استهداف التقويم من جهة وعقلنة اإلنشاء الفلسفي من جهة ثانية‪.‬‬
‫ويس‪--‬تنتج المؤلف‪--‬ان في نهاي‪--‬ة ه‪--‬ذا المح‪--‬ور‪ -‬أن الكتاب‪--‬ة المغربي‪--‬ة ح‪--‬ول المنهج في تحلي‪--‬ل النص‬
‫الفلسفي تنتهي دائما بعدم الرضى عم‪-‬ا تم إنج‪-‬ازه واألم‪-‬ل دائم‪-‬ا في إيج‪-‬اد مب‪-‬ادرات أخ‪-‬رى نقدي‪-‬ة له‪-‬ذه‬
‫األعمال لعلها تقترب من المنهج الميسر التطبيق واألكثر‪ -‬فعالي‪-‬ة في تحلي‪-‬ل النص‪-‬وص الفلس‪-‬فية ب‪-‬التعليم‬
‫الثانوي‪ -‬بالمغرب‪ ،‬وهذا ا قاد المؤلفان إلى المحور الثاني الخاص بالتعليق على حضور المنهج بالوثائق‬
‫الرسمية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫تم افتتاح هذا المحور بالتذكير‪ -‬بصعوبة العثور على كل الوثائق الرسمية الخاص‪--‬ة به‪--‬ذا المج‪--‬ال‬
‫والتي لها دور سلبي على البحث العلمي في هذا الموضوع‪ ،‬وق‪--‬د قس‪--‬م الباحث‪--‬ان تل‪--‬ك الوث‪--‬ائق‪ - -‬اعتم‪--‬ادا‬
‫على البعد الزمني لها – إلى سبعة مراحل‪:‬‬
‫‪-1‬المرحلة األولى‪ :‬من االستقالل إلى ‪.1982-1971‬‬
‫سيتم االقتصار على مقرر الباكالوريا‪ -‬تخصص آداب عصرية‪ .‬وتميزت هذه الفترة بالفصل بين‬
‫الفلسفة والفكر اإلسالمي‪ -‬على مستوى‪ -‬الكتاب المدرسي‪ -‬المقرر‪ ،‬ومما يالحظ في هذه الف‪--‬ترة ه‪--‬و غي‪--‬اب‬
‫المنهج في تحليل النصوص الفلسفية وذلك لغياب تلك النصوص تقريبا في الكتب المقررة‪.‬‬
‫‪ -2‬مقرر ‪ 1980-1979‬للسنة السادسة ثانوي‪:‬‬
‫لقد أصبحت مادة الفلسفة مقررة على السنة السادسة ثانوي ألول مرة وتم في‪--‬ه دمج الفلس‪--‬فة م‪--‬ع‬
‫الفكر اإلسالمي‪ ،‬لكن سيطر كذلك المنظور‪ -‬السابق للتعامل مع النصوص‪.‬‬
‫‪ -3‬مقرر الفلسفة لسنة ‪ 1979‬لقسم الباكالوريا‪:‬‬
‫لم يختلف هذا المقر رعن سابقه إال في أمر واحد وهو دمج الفكر اإلسالمي‪ ،‬الفلس‪--‬فة في مق‪--‬رر‬
‫واحد‪ ،‬لكن سيطر عليه كذلك غياب المنهجية العلمية للتعامل مع النص الفلسفي‪.‬‬
‫‪ -4‬مقرر نصوص الفكر اإلسالمي والفلسفة لسنة ‪ 1980‬لقسم الباكالوريا‪:‬‬
‫لقد تم فيه االعتماد على التدريس بالنص‪--‬وص‪ -‬العتب‪--‬ارات متع‪--‬ددة‪ ،‬أم‪--‬ا عن طريق‪--‬ة التحلي‪--‬ل فلم‬
‫يقدم المشرف على المقرر إال وعدا في ذلك‪ .‬ولم يتحقق ذلك الوعد أبدا‪.‬‬
‫‪ -5‬المذكرات الوزارية لسنوات‪.90-89-88-1987 :‬‬
‫في س‪--‬نة ‪ 1987‬تم إح‪--‬داث نظ‪--‬ام األكاديمي‪--‬ات‪ ،‬وفي ه‪--‬ذه الف‪--‬ترة إلى ح‪--‬دود ‪ 1990‬تم ت‪--‬ذييل‬
‫الدروس بالنصوص‪ -‬بشكل منعزل عن الدروس من جهة‪ ،‬واعتبر الرجوع إليها أمرا غير ملزم من جهة‬
‫ثانية‪ .‬أما طريقة التعامل مع تلك النصوص فهذا أمر الزال غائبا عن تلك المذكرات كلها‪.‬‬
‫‪ -6‬مقررات الفكر اإلسالمي والفلسفة لسنوات ‪:1992-1991‬‬
‫ألول مرة تضمنت المقررات مجموعة من النص‪--‬وص باعتباره‪-‬ا ص‪--‬لب ال‪-‬درس وتم ب‪--‬الموازاة‬
‫مع ذلك مناهج للتعامل مع النصوص بطريقة مفصلة نسبيا لكن ما يالحظ عليها هو أنها غ‪--‬ير كافي‪--‬ة من‬
‫جهة وغير واضحة بما يكفي من جهة أخرى مما استدعى صدور‪ -‬كراسة التوجيهات الخاصة بالمادة‪.‬‬

‫‪ -7‬كراسة البرامج‪ ،‬التوجيهات التربوية الخاصة بالمادة‪:‬‬


‫لق‪--‬د تض‪--‬منت ه‪--‬ذه الكراس‪--‬ة تص‪--‬ورا واض‪--‬حا عن دور‪ -‬النص في بن‪--‬اء درس الفلس‪--‬فة والفك‪--‬ر‬
‫اإلسالمي‪ ،‬إذ جعلت النص هو محور الدرس ووضعت منهجية لمعالجته مستلهمة الطريقة المنظم‪--‬ة في‬
‫التعامل مع النص ولو لم تصرح بذلك‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫واستنتج المؤلفان من هذا السرد أن التقدم والتط‪--‬ور‪ -‬في المج‪-‬ال ال‪-‬تربوي‪ -‬ب‪-‬المغرب ج‪--‬د بطيء‪،‬‬
‫أم‪--‬ا على مس‪--‬توى المنهج فإن‪--‬ه لم يتن‪--‬اول إلى ح‪--‬د اآلن بالجدي‪-‬ة المطلوب‪-‬ة‪ ،‬وأم‪-‬ا االجته‪--‬ادات الشخص‪--‬ية‬
‫الزالت طاغية في التعامل مع النص الفلسفي‪ ،‬وهذا م‪--‬برر ك‪--‬اف الجته‪--‬اد الك‪--‬اتبين وه‪--‬و م‪--‬ا س‪--‬يبرز في‬
‫القسمين التاليين من الكتاب‪.‬‬
‫القسم الثاني‪:‬‬
‫لقد افتتح المؤلفان هذا القسم بتمهيد يوضحان فيه الخطوط العريضة لمحاور‪ -‬هذا القسم معتبرين‬
‫أن تحديد النص الفلسفي جزء من عمل أعم هو تحديد هوية النص بصفة عام‪--‬ة‪ ،‬ومن هن‪--‬ا فإنهم‪--‬ا قس‪--‬ما‬
‫هذا القسم إلى أربعة محاور‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬تحديد مفهوم النص‪.‬‬
‫يختص هذا المحور ليس بتحديد النص‪ ،‬ب‪-‬ل بالعالق‪-‬ة بين النص والخط‪-‬اب‪ ،‬وبين‪-‬ا أن النق‪-‬اش لم‬
‫يحسم بعد في ما يميز النص عن الخطاب‪ ،‬فبينما‪ -‬يعتبر بعض الباحثين النص والخطاب أمرا واحدا ف‪--‬إن‬
‫البعض اآلخر يعتبر النص متميزا عن الخطاب من حيث المجال‪ ،‬فالنص مرتب‪--‬ط ب‪--‬الحكي بينم‪--‬ا يرتب‪--‬ط‬
‫الخطاب بالمكتوب‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النص الفلسفي‪ ،‬هويته ومعاييره‪.‬‬
‫قد عرضا الباحثان صعوبة تحديد هوية النص ومعايير‪ -‬تحديده‪ ،‬وحددا منظورات‪ -‬ثالثة لمقارب‪--‬ة‬
‫مفهوم النص‪ ،‬المنظور ال‪--‬ذي يحي‪--‬ل إلى المرجعي‪--‬ة الفلس‪--‬فية للنص الفلس‪--‬في‪ ،‬أي أن النص الفلس‪--‬في ه‪--‬و‬
‫منتوج‪ ،‬والمنظور‪ -‬الذي يحيل إلى المرجعية المدرسية‪ ،‬ثم أخيرا المنظور الذي يعتمد من هو فلسفي م‪--‬ع‬
‫ما هو تربوي‪ -‬في ال‪--‬وقت نفس‪--‬ه‪ ،‬ومن هن‪--‬ا ف‪--‬إن مس‪--‬ألة تحدي‪--‬د النص الفلس‪--‬في يعت‪--‬بر عمال إش‪--‬كاليا‪ ،‬وق‪-‬د‪-‬‬
‫عرض المؤلفان تصورين‪ -‬اثنين لماهية النص الفلسفي‪:‬‬
‫التصور األول‪:‬‬
‫ي‪--‬رى ه‪--‬ذا التص‪--‬ور أن النص الفلس‪--‬في ل‪--‬ه مع‪--‬ايير وخص‪--‬ائص‪ -‬تجعل‪--‬ه متم‪--‬يزا عن غ‪--‬يره من‬
‫النصوص‪ ،‬وقد حددت هذه المعايير‪ -‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬النص الفلسفي مزدوج‪ -‬المظهر إذ يربط بين اللغة والفكر‪.‬‬
‫‪ -‬رفض المعايير الخارجية في تحديد النص الفلسفي كالمؤلف مثالث‪ ،‬ومن هنا يمكن العثور‬
‫على نصوص فلسفية في غير مؤلفات الفالسفة‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن الحديث عن لغة فلسفية‪ ،‬وال يمكن الحديث عن استعمال فلسفي للغة‪.‬‬
‫‪ -‬إن النص الفلس‪-‬في ليس منتج‪-‬ا للمف‪-‬اهيم‪ ،‬ألن الفلس‪--‬فة ال تب‪--‬ني مف‪-‬اهيم خاص‪-‬ة به‪-‬ا بق‪-‬در م‪-‬ا‬
‫تستعمل المفاهيم السائدة بطريقة نقدية تعيد إنتاج تلك المفاهيم من جديد‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬النص الفلسفي ال يتميز عن غيره من النصوص بكونه يحتكر موضوعا خاصا به‪.‬‬
‫يلخص هذا التصور إلى أن ما يم‪--‬يز النص الفلس‪--‬في ينبغي البحث عن‪--‬ه داخ‪--‬ل ه‪--‬ذا النص نفس‪--‬ه‬
‫باعتباره منتوجا ال نصا مقروء ومدرسا‪ .‬إن القول الفلسفي إذن حول قول تساؤلي ص‪--‬ادر عن الدهش‪--‬ة‪،‬‬
‫وهو في الوقت نفسه قول برهاني ومفاهيمي‪.‬‬
‫التصور الثاني‪:‬‬
‫هذا التصور ينطلق في تحديد للنص الفلسفي من مقارنته بالنص األدبي ف‪--‬إذا ك‪--‬ان للنص األدبي‬
‫خصائص‪--‬ه ف‪--‬إن للنص الفلس‪--‬في ك‪--‬ذلك خصائص‪--‬ه‪ .‬والمعي‪--‬ار‪ -‬األس‪--‬اس للتمي‪--‬يز‪ -‬بين النص ه‪--‬و األس‪--‬لوب‬
‫والوسيلة المعتمدة في كل نص‪ ،‬فإذا انت البالغة هي وسيلة األدب فإن المنطق هي وس‪--‬يلة الفلس‪--‬فة ومن‬
‫هنا كان لزاما على طالب الفلسفة البدء بالمنطق‪ ،‬كما كان الزما على طالب األدب البدء بتهذيب لسانه‪.‬‬
‫لكن ما يؤخذ على هذا التص‪--‬ور‪ -‬ه‪--‬و بع‪--‬ده عن الواق‪--‬ع األدبي والفلس‪--‬في مع‪--‬ا‪ ،‬إذ نج‪--‬د كث‪--‬يرا من‬
‫األبحاث الفلسفية صيغت بطريقة أدبية كالخطابة والشعر‪-.‬‬
‫إن هذا األمر ليوضح مدى صعوبة مقاربة مفهوم النص الفلسفي‪ ،‬وأن المنظورين‪ -‬مع‪--‬ا ال يمكن‬
‫األخذ بما توصال إليه‪ .‬وأم‪--‬ام ه‪--‬ذا الوض‪--‬ع اخت‪--‬ار المؤلف‪--‬ان االنطالق من نظري‪--‬ات متع‪--‬ددة لعله‪--‬ا ت‪--‬وفي‬
‫بالمراد‪ ،‬وهذه النظريات‪ -‬هي المبسوطة في المحور الثالث‪.‬‬
‫المحور الثالث‪:‬‬
‫تناول الباحثان في هذا المح‪-‬ور نظري‪-‬تين اثن‪-‬تين ح‪-‬ول النص بص‪-‬فة عام‪-‬ة ومن‪-‬ه يس‪-‬تفاد النص‬
‫الفلسفي‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية جوليا كرستيفا‪:‬‬
‫إن النص – حسب جوليا كرستيفا – وحدة قابلة للتولي‪--‬د‪ ،‬فه‪--‬و إذن منح‪--‬در من نص‪--‬وص أخ‪--‬رى‬
‫مقيما بذلك عالقات متعددة مع نص‪--‬وص س‪-‬ابقة‪ ،‬وال‪-‬دور‪ -‬نفس‪-‬ه يلعب‪--‬ه م‪-‬ع النص‪--‬و الالحق‪-‬ة‪ ،‬ف‪-‬النص إذن‬
‫تناص‪ ،‬ومن هنا فإن نص المؤلف محكوم بسلطة نصوص السابقين‪ ،‬ومن هنا فال يمكن اكتش‪--‬اف مع‪--‬نى‬
‫النص إال بع‪--‬د اكتش‪--‬اف العالق‪--‬ات ال‪--‬تي يقيمه‪--‬ا م‪--‬ع النص‪--‬وص األخ‪--‬رى‪ ،‬ويعت‪--‬بر التن‪--‬اص ه‪--‬و تع‪--‬الق‬
‫النصوص‪ :‬تعالق ظاهريا بواسطة نقل أقوال الغير حكايتها وشرحها‪ -‬والتعليق عليها‪..‬إلخ‪ ،‬وهنا ال يدخل‬
‫النص الجديد في حوار مفتوح مع النصوص األخرى‪ -.‬وهناك تع‪--‬الق ب‪--‬اطني‪ ،‬وه‪--‬و ال‪--‬ذي يقيم نوع‪--‬ا من‬
‫الحوار الضمني‪ -‬مع النصوص األخرى‪.‬‬
‫إذن إذا كان النص تناصا ف‪-‬إن رص‪-‬د النص‪-‬وص ال‪-‬تي تس‪-‬كن النص الجدي‪-‬د تبقى مس‪-‬ألة ص‪-‬عبة‬
‫تستدعي مجهودات كبيرة‪.‬‬
‫‪-2‬نظرية بول ريكور‪-:‬‬

‫‪5‬‬
‫إن من أهم مميزات النص – عند ريكور – هو كونه أمرا ثابت‪--‬ا‪ .‬وم‪--‬ا جعل‪--‬ه ك‪--‬ذلك ه‪--‬و الكتاب‪--‬ة‪،‬‬
‫فالنص يتميز بكونه إذن شيء مكتوب‪ .‬وهذا ما يجعل من النص وجودا مستقال عن وجود كاتبه ومنفتحا‬
‫على القارئ ومقاصده من جهة وعلى نصوص أخرى من جه‪--‬ة ثاني‪--‬ة‪ ،‬وه‪--‬ذا م‪--‬ا جع‪--‬ل النص ال يم‪--‬وت‬
‫بموت كاتبه بخالف الكالم الذي يستدعي وجود المتكلم‪.‬‬
‫المحور الرابع‪:‬‬
‫يعتبر هذا المحور هو الجزء األساس لعمل الكاتبين في الش‪--‬ق النظ‪--‬ري ب‪--‬ل وه‪--‬و المح‪--‬دد ك‪--‬ذلك‬
‫للجزء العملي‪ ،‬فهو تركيب لكل التفاصيل السابقة‪ ،‬وبالتالي‪ -‬فهو إنتاج مركز لماهي‪--‬ة النص بص‪--‬فة عام‪--‬ة‬
‫والنص الفلسفي بصفة خاصة ثم أخيرا المنهجية المقترحة لمقاربة وتحليل هذا النص الفلسفي‪.‬‬
‫أ‪-‬تحديد مفهوم( النص‪:‬‬
‫لقد تم تحديد النص بصفة عامة من خالل عناصره المكونة ل‪--‬ه‪ ،‬وق‪--‬د ح‪--‬ددت ه‪--‬ذه العناص‪-‬ر‪ -‬في‬
‫عنصرين اثنين‪ :‬عنصر بنيوي‪ ،‬ويشمل ثالث بنيات‪ :‬بنية داللية وبنية نصية ثم بني‪--‬ة ثقافي‪-‬ة واجتماعي‪-‬ة‪.‬‬
‫وهناك عنصر إنتاجي من خالل التفاعل الحاصل بين كل البنيات المكونة للعنصر األول البنيوي‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحديد مفهوم النص الفلسفي‪:‬‬
‫لق‪--‬د تع‪--‬رض الباحث‪--‬ان للص‪--‬عوبات‪ -‬الجم‪--‬ة ال‪--‬تي يمكن تجاوزه‪--‬ا في س‪--‬بيل تحدي‪--‬د هوي‪--‬ة النص‬
‫الفلسفي‪ ،‬ومن هنا فقد وضعا‪ -‬مجموعة من المالحظة الضرورية لمحاولة كل تحديد للنص الفلسفي منه‪--‬ا‬
‫أن معايير التمييز تبقى نسبية بل إن تلك المعايير (التساؤل‪ ،‬استعمال المف‪--‬اهيم‪ ،‬البرهاني‪--‬ة‪..‬إلخ) ال تخل‪--‬و‬
‫من إش‪--‬كال وال تع‪--‬بر إال عن وجه‪--‬ة نظ‪--‬ر فلس‪--‬فية واح‪--‬دة‪ ،‬ومن هن‪--‬ا وجب التمي‪--‬يز بين النص الفلس‪--‬في‬
‫باعتباره إنتاجا كليا وبين كونه نصا مدَرسا‪ ،‬أو بمعنى آخر التمييز بين الفلسفي والبيداغوجي‪.‬‬
‫وبعد كل ه‪--‬ذه المالحظ‪--‬ات ح‪--‬ددا النص الفلس‪--‬في باعتب‪--‬اره نص‪--‬ا مكتوب‪--‬ا مكون‪--‬ا من ع‪--‬دة بني‪--‬ات‬
‫داللية‪ ،‬مفاهيمية‪ ،‬نحوية‪ ،‬وصرفية‪ ،‬ويتفاعل نصيا مع مع نصوص أخرى وهو نص مفتوح على سياقه‬
‫التاريخي‪-.‬‬

‫ج‪-‬طريقة مقاربة نص فلسفي‪:‬‬


‫يتعين على كل منهجية تدعى اإلمساك بالنص الفلسفي أن تع‪--‬ترف بنس‪--‬بيتها العملي‪--‬ة والزماني‪--‬ة‪،‬‬
‫وينبغي‪ -‬أن تكون تلك المنهجية مرنة وقابلة للتطور والتعديل بشكل دائم‪ ،‬وق‪--‬د اخت‪--‬ار المؤلف‪--‬ان االنطالق‬
‫من اللسانيات لتحديد منهجية مقاربة النص الفلسفي‪ ،‬وقد حددت تل‪-‬ك المنهجي‪-‬ة في خمس خط‪-‬وات وهي‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫الخطوة األولى‪ :‬المستوى اإلشكالي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المستوى‪ -‬اإلشكالي‪ ،‬بمع‪--‬نى تق‪--‬ديم ع‪--‬ام للنص على اعتب‪--‬ار أن تق‪--‬ديم النص الفلس‪--‬في ال يمكن أن‬
‫يكون إال إشكالي‪ ،‬وفي هذا المستوى‪ -‬ينبغي القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم النص بموقعته ضمن محاور‪ -‬المقرر‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد إشكالية النص في عالقتها بالدرس‪.‬‬
‫الخطوة الثانية‪ :‬المستوى‪ -‬الداللي‪.‬‬
‫وفيها‪ -‬يتم‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد بنية النص الداللية انطالقا‪ -‬من لغته ومفاهيمه‪.‬‬
‫‪ -‬فتح دالالت النص على معانيه العميقة‪.‬‬
‫الخطوة الثالثة‪ :‬المستوى‪ -‬التناصي‪.‬‬
‫وفيها‪ -‬يتم‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد جنس التناص (تاريخي – ديني – علمي – فلسفي‪.)...‬‬
‫‪ -‬تحديد شكل التناص (داخلي – خارجي‪ – -‬معاصر – غير معاصر‪.)...‬‬
‫‪ -‬تحديد آلية التناص (معارضة – نقد – تحويل – تضمين‪.)...‬‬
‫الخطوة الرابعة‪ :‬مستوى التأويل‪.‬‬
‫وفيها‪ -‬يتم الكشف عن مقصدية النص‪.‬‬
‫الخطوة الخامسة‪ :‬مستوى النقد – التقييم‪.‬‬
‫وفيها‪ -‬يتم الكشف عن منطق النص الداخلي والخارجي‪.‬‬
‫وبعد تحديد مفه‪--‬وم النص بص‪-‬فة عام‪-‬ة وتحدي‪--‬د مفه‪-‬وم النص الفلس‪--‬في بص‪--‬فة خاص‪--‬ة واق‪--‬تراح‬
‫المنهجية المناسبة لكل خطواتها‪ -‬العملية لتحليل ومقاربة النص الفلسفي خص‪--‬ص الباحث‪--‬ان القس‪--‬م الث‪--‬الث‬
‫واألخير‪ -‬لتحليل مجموعة من النصوص من مقررات الفكر اإلسالمي والفلسفة‪.‬‬
‫إنجاز محمد انفيفخ‬
‫مع تحيات موقع تفلسف‬
‫‪tafalsouf.com‬‬

‫‪7‬‬

You might also like