You are on page 1of 16

‫هل يمكن تكرار تجربة اقتصاديات جنوب شرق اسيا عالية االداء ‪HPAES‬‬

‫من حيث االعتماد على الصادرات كقاطرة للتنمية االقتصادية‬

‫الباحث‬

‫محمد حسين نبيل هاشم‬

‫‪Abstract‬‬

‫قدمت اقتصاديات جنوب شرق اسيا عالية االداء ‪ HPAES‬نموذج تنموي قائم على التصدير‪ ،‬ونظرا‬
‫لالداء والنتائج المبهرة فقد استخدم البحث هذه التجربة كمعيار مرجعي الثبات او نفى امكانية تكرار‬
‫هذه التجربة بالتطبيق على تجربتي المكسيك والصين‪ .‬ومن اجل تحقيق هدف البحث فقد تم‬
‫استعراض االطار النظري للعالقة بين التجارة الخارجية والنمو االقتصادي‪ ،‬ثم استعراض اداء‬
‫التجربة التنموية ‪ HPAES‬وتفسيراتها من اجل استخالص اربعة متغيرات تستخدم كمعيار لتحديد‬
‫مدى اقترابها او ابتعادها عن تجربتي المكسيك والصين‪ .‬وقد خلص البحث الى ان التجربة الصينية‬
‫اقرب نسبيا من تجربة المكسيك لنموذج ‪ HPAES‬التنموي ومخرجاته‪ .‬فالتجربة الصينية قد حققت‬
‫معدالت نمو مرتفعة اعتمادا على الصادرات مصحوب بتدخل حكومي فعال ونسبة مرتفعة للسلع‬
‫المصنعة الى اجمالي الصادرات وهو ما يعد استنساخ نسبي لنموذج ‪.HPAES‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫حققت اقتصادات شرق اسيا عالية االداء ‪ ،HPAES‬وهي اليابان‪ ،‬النمور االسيوية (هونج كونج‬
‫وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغافورة) باالضافة الى االقتصادات الثالثة حديثة التصنيع (تايلند‬
‫وماليزيا واندونيسيا) نموا اقتصاديا ينظر اليه على انه معجزة طبقا لدراسة صادرة عن البنك الدولي‬
‫في ‪ 1993‬بعنوان "معجزة شرق اسيا‪ ،‬النمو االقتصادي والسياسات العامة"‪ .‬فتجربة ‪ HPAES‬تؤكد‬
‫على الصلة الوثيقة بين التجارة الدولية من جهة والتنمية االقتصادية من جهة اخرى‪ .‬وكيف تم‬
‫استخدام استراتيجة النمو القائمة على التصديرمن اجل تحقيق نمو اقتصادي قياسي وتحوالت هيكلية‬
‫في اقتصاديات تلك الدول في فترة زمنية ال تتجاوز ثالثة عقود‪.‬‬

‫ومن وجهة نظر البعض فان تلك التجربة يمكن ان تستنسخ في اماكن اخرى من العالم الحداث نفس‬
‫االثر المذهل للنمو االقتصادي‪ ،‬بينما يرى اخرون ان مثل تلك التجارب ال يمكن محاكاتها نظرا‬
‫لتوافر عدد من العوامل الموضوعية سواء االقتصادية اوالتاريخية او السياسية والتي ال تتوافر لدى‬
‫دول اخرى تمكنهم من استنساخ التجربة‪.‬‬

‫ومن العوامل التي تدعم وجهة النظر االخيرة هو ان كثير من الباحثين يتناولون التجارب التنموية‬
‫المعتمدة على التصدير مثل كوريا الجنوبية او غيرها منزوعة عن سياقها التاريخي مما يرسخ من‬
‫فكرة "المعجزة" وبالتالي يترك انطباعا بان مثل هذه التجارب غير قابلة للتكرار‪ .‬بينما تعود‬
‫استراتيجيات النمو الموجهة نحو التصدير إلى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي بريادة‬
‫اليابان والمانيا الغربية‪ .‬ثم بين عامي ‪ 1970‬و ‪ ، 1984‬ابتعدت "النمور" عن التوجه نحو االستيراد‬
‫وحماية السوق المحلية واختارت التوجه نحو التصدير (جمهورية كوريا وهونغ كونغ وسنغافورة‬
‫وتايوان)‪ .‬وحذت حذوهم مجموعة أخرى من الدول في المنطقة ولكن بالفعل بدرجة مختلفة من‬
‫النجاح (ماليزيا ‪ ،‬تايالند ‪ ،‬من ناحية ‪ ،‬والفلبين وإندونيسيا من ناحية أخرى)‪ .‬وحديثا نجد تجارب دول‬
‫اخرى من امريكا الالتنية وجنوب اسيا وكذلك شرق اوروبا‪.‬‬

‫وبالتالي فان استراتيجية النمو الموجهة نحو التصدير تطورت ونمت عبر اجيال متعاقبة مما يجعلنا‬
‫نركن – ولو نظريا‪ -‬الى امكانية استنساخ التجربة مرة اخرى‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬يوظف هذا البحث تجربة ‪ HPAES‬كمؤشر معياري لالجابة على اشكالية مدى امكانية‬
‫تكرار تجربتهم التنموية تطبيقا على تجربتي المكسيك والصين‪ .‬ومن اجل ذلك‪ ،‬يعرض البحث‬
‫لالطار النظري لعالقة التنمية االقتصادية بالتجارة الخارجية‪ ،‬ثم استعراض الهم مالمح اداء‬
‫‪ HPAES‬والتفسيرات المختلفة لهذا االداء‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تم استخالص اربعة متغيرات من تجربة‬
‫‪ HPAES‬يمكن من خاللهم قياس مدى التشابة بين تجربتهم وتجربة كال من المكسيك والصين‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫االطار النظري‬
‫يظهر االرتباط بين التجارة الخارجية والتنمية االقتصادية بشكل صريح تما ًما في عمل المركنتليين‬
‫في القرن السادس عشر‪ ،‬وطبقا لهم فان التنمية االقتصادية تعني زيادة الثروة او على وجه الدقة زيادة‬
‫مخزون المعادن الثمينة التي تمتلكها الدولة‪ .‬ووفقًا لهذا الفهم‪ ،‬يعتقدون أن التجارة الخارجية هي‬
‫السبيل الوحيد لزيادة الثروة‪ ،‬من خالل ان تكوين فائض في ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫ً‬
‫تجاوزا للمفهوم المركنتلي الضيق حول الثروة وتوسيع التحليل في مجال اإلنتاج ‪ ،‬يمكن اقامة الرابط‬
‫بين التنمية االقتصادية بالتجارة الخارجية من خالل ارث مؤسسو المدرسة الكالسيكة رغم عدم‬
‫نصهم على ذلك صراحة‪ .‬فوفقا لنموذج ادم سميث تصريف الفائض‪ ،‬فإن تصريف الفائض من القدرة‬
‫إالنتاجية نتيجة للفروق في التكلفة المطلقة على اساس التقسيم الدولي للعمل يؤدي الى زيادة "ثروة‬
‫األمم"‪ .‬يكون ذلك في شكل صادرات والتي كانت لوال ذلك بدون استخدام‪ .‬ويفترض النموذج زيادة‬
‫الصادرات دون انخفاض اإلنتاج المحلي ‪ ،‬وبالتالي فإن التجارة تزيد من مستوى النشاط االقتصادي‬
‫ككل‪.‬‬

‫بدوره‪ ،‬يعمق ديفيد ريكاردو التحليل حيث ينتقل من الميزة المطلقة الى الميزة النسبية‪ .‬فمع افتراض‬
‫ثابت الموارد و التكنولوجيا ‪ ،‬تؤثر الصادرات التي تتمتع الدولة فيها بميزة نسبية بشكل إيجابي على‬
‫شروط التبادل التجاري مما يؤدي إلى شراء الواردات بشروط أفضل مما لو تم إنتاجها محليًا ‪،‬‬
‫وبالتالي يزيد من إجمالي االستهالك‪.‬‬

‫من ناحية أخرى ‪ ،‬يُظهر نموذج ‪ Hecksher-Ohlin‬النيوكالسيكي مكاسب الرفاهية في نموذج‬


‫الدولتين الذي يتخصص فيه كل بلد بنا ًء على مدى ما يتوفر لدي كل منهما من عوامل االنتاج‪ .‬وبشكل‬
‫أكثر تحديدًا ‪ ،‬باتباع نظرية ‪ ، H-O‬في نموذج الدولتين ‪ ،‬يقوم كل بلد بتصدير السلعة التي تستخدم‬
‫عوامل االنتاج األكثر وفرة في الدولة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فان مصدر المزايا النسبية متمثل في مدى توافر‬
‫عوامل االنتاج في كل بلد مقارنة باالخرى‪.‬‬

‫وبناء على نظرية ‪ H-O‬طرح ‪ Samuelson‬نظرية "معادلة سعرعوامل االنتاج" التي تنص على‬
‫أنه عندما تتساوى اسعار المنتجات بين البلدان بسبب التجارة الحرة ‪ ،‬فإن أسعار عوامل االنتاج‬
‫ضا تساويها بين البلدان‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬التجارة الدولية تقود الى مستوى‬
‫(رأس المال والعمل) سيتم أي ً‬
‫توازني ‪ Pareto‬اعلى عن طريق اعادة تخصيص الموارد بين القطاعات المختلفة‪ .‬لذلك ‪ ،‬فإن البلدان‬
‫التي تنخرط في التجارة الدولية بطريقة نموذج ‪ H-O‬تحسن الرفاهية والدخل وتغير توزيع الدخل‬
‫عبر البلدان ‪ ،‬من خالل أفضل توزيع لعوامل االنتاج بالمقارنة مع االكتفاء الذاتي )‪(Pralea n.d.‬‬

‫تفترض النظرية "معادلة سعرعوامل االنتاج" وجود جركة كاملة لعوامل االنتاج فبناء على ذلك‬
‫تفترض مرونة االجور مثال وانها تتغير في المدى القصير وهو ما يتعارض مع الواقع‪ .‬واخيرا فان‬
‫نموذج ‪ H-O‬يغفل عوامل تتدخل في تحديد الميزة النسبية بجانب الوفرة النسبية لعوامل االنتاج مثل‬

‫‪3‬‬
‫العوامل القطاعية والتكنولوجيا القائمة ؛ جمود سوق العمل ومؤسساته ومستوى مهارات عنصر‬
‫العمل السائدة ؛ ومدى تجانس دالة االنتاج ومدى القدرة على اكنساب التكنولوجيا الجديدة‪.‬‬

‫والخالصة ان النظريات الكالسيكية والنيوكالسيكة ترى ان التجارة الدولية هي الطريق لتحقيق‬


‫الكفاءة اإلنتاجية والقدرة التنافسية الدولية في ظل تخصيص الموارد االقتصادية معتمدا على اليات‬
‫السوق والحرية االقتصادية مع عدم وجود تدخل للدولة في النشاط االقتصادي‪ .‬أن النمو االقتصادي‬
‫ليس إال نتيجة لهذه االستراتيجية وذلك من خالل تحليل ساكن الثار التجارة الدولية على الرفاة‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫تشير ‪ Joan Robinson’s‬طبقا (‪ )Palley 2011‬الى ان البلدان التي تحاول التصدير كطريقة‬
‫للخروج من نقص الطلب وهو الذي يؤثر بالسلب على جيرانها بشكل ضمني من خالل سرقة الطلب‬
‫والعمالة‪ .‬بالتطبيق استراتيجية التوجهه نحو التصدير ‪ ،‬يشير نقد روبنسون الى ان الدول المصدرة‬
‫النامية قد تعاني من اثر المزاحمة وبالتالي يلغي اثر صادرات بعضها البعض‪.‬‬

‫وايضا تحليل ‪ Raúl Prebisch and Hans Singer‬طبقا للمصدر السابق المتمثل في اتجاه‬
‫معدالت تبادل السلع االولية للدول النامية مع الدول المتقدمة إلى التدهور على المدى الطويل‪ .‬واليوم‬
‫‪ ،‬تحولت المشكلة من السلع االولية إلى السلع المصنعة والدول التي تشارك في النمو القائم على‬
‫التصدير قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة عن طريق زيادة العرض العالمي لهذه السلع‪.‬‬

‫نموا منخفض الجودة‪.‬‬


‫واخيرا‪ ،‬فان النمو القائم على التصدير يعزز الهياكل االقتصادية التي تحقق ً‬
‫ف على الصعيد الدولي ‪ ،‬يعزز النمو القائم على التصدير السباق إلى القاع حيث تحاول البلدان اكتساب‬
‫ميزة تنافسية بأي وسيلة‪ .‬وينتج عن ذلك قمع األجور ‪ ،‬وتجاهل معايير العمل والبيئة ‪ ،‬وتجاهل‬
‫ظروف العمل ‪ ،‬وضعف التنظيم بهدف إرضاء رأس المال (‪. )Palley 2011‬‬

‫اقتصادات شرق اسيا عالية االداء ‪HPAES‬‬


‫تمتعت منطقة شرق آسيا بمعدل نمو اقتصادي مرتفع من عام ‪ 1960‬إلى عام ‪ 2018‬حيث نمت‬
‫االقتصادات الثالثة والعشرون في شرق آسيا بشكل أسرع من جميع المناطق األخرى في المتوسط‪.‬‬
‫ويعزى معظم هذا اإلنجاز إلى النمو المدهش في ثمانية اقتصادات شرق اسيا عالية االداء‬
‫(‪ )HPAES‬فقط‪ :‬اليابان و"النمور األربعة" ‪ ،‬هونج كونج ‪ ،‬كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان‪.‬‬
‫واالقتصادات الثالثة الحديثة التصنيع (‪ )NIES‬في جنوب شرق آسيا وهي إندونيسيا وماليزيا‬
‫وتايالند‪ .‬واهم مايميز هذه التجربة هو النمو المعتمد علىى التصدير‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫متوسط معدل نمو الناتج المحلي االجمالي للفرد‬ ‫متوسط معدل نمو الناتج المحلي االجمالي‬
‫‪1960-2018‬‬ ‫‪1960-2018‬‬

‫‪Sub-Saharan Africa‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪Sub-Saharan Africa‬‬ ‫‪3.5‬‬


‫…& ‪Middle East‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫…‪Middle East & North‬‬ ‫‪4.3‬‬
‫‪South Asia‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪South Asia‬‬ ‫‪5.1‬‬
‫…& ‪Latin America‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫…& ‪Latin America‬‬ ‫‪3.6‬‬
‫‪Euro area‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪Euro area‬‬ ‫‪2.8‬‬
‫‪North America‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪North America‬‬ ‫‪3.1‬‬
‫‪East Asia & Pacific‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪East Asia & Pacific‬‬ ‫‪5.1‬‬
‫‪World‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪World‬‬ ‫‪3.5‬‬
‫‪HPAES‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪HPAES‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪%‬‬ ‫‪0.0‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬
‫المصدر‪ :‬البنك الدولي‬

‫وبمقارنة معدل نمو الناتج المحلي االجمالي خالل الفترة من ‪ 1960‬الى ‪ ، 2018‬نجد ان ‪HPAES‬‬
‫حققت معدل متوسط ‪ %6‬متفوقة بذلك على مناطق مثل امريكا الجنوبية واوروبا وامريكا الشمالية‪.‬‬
‫ويتضح مدى االنجاز عندما نقارنة بمتوسط معل النمو العالمي البالغ ‪ %3.6‬خالل نفس الفترة‪ .‬كذلك‪،‬‬
‫وخالل نفس الفترة نجد ان متوسط معل نمو الناتج االجمالي المحلي للفرد بلغ ‪ %4.3‬مقارنة‬
‫بالمتوسط العالمي وهو ‪.%1.9‬‬

‫متوسط نسبة السلع الصناعية الى اجمالي الصادرات‬ ‫متوسط نسبة الصادرات الى الناتج المحلي االجمالي‬
‫‪1960-2018‬‬ ‫‪1960-2018‬‬

‫‪Sub-Saharan Africa‬‬ ‫‪21.3‬‬ ‫‪Sub-Saharan Africa‬‬ ‫‪24.8‬‬


‫…‪Middle East & North‬‬ ‫‪17.6‬‬ ‫‪Middle East & North Africa‬‬ ‫‪37.9‬‬
‫‪South Asia‬‬ ‫‪62.9‬‬ ‫‪South Asia‬‬ ‫‪11.2‬‬
‫…& ‪Latin America‬‬ ‫‪33.6‬‬ ‫‪Latin America & Caribbean‬‬ ‫‪16.3‬‬
‫‪Euro area‬‬ ‫‪76.7‬‬ ‫‪Euro area‬‬ ‫‪30.7‬‬
‫‪North America‬‬ ‫‪66.0‬‬ ‫‪North America‬‬ ‫‪11.5‬‬
‫‪East Asia & Pacific‬‬ ‫‪78.3 East Asia & Pacific‬‬ ‫‪23.9‬‬
‫‪World‬‬ ‫‪65.0‬‬ ‫‪World‬‬ ‫‪22.5‬‬
‫‪HPAES‬‬ ‫‪64.2‬‬ ‫‪HPAES‬‬ ‫‪67.3‬‬
‫‪%‬‬ ‫‪0.0‬‬ ‫‪20.0‬‬ ‫‪40.0‬‬ ‫‪60.0‬‬ ‫‪80.0‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪0.0‬‬ ‫‪20.0‬‬ ‫‪40.0‬‬ ‫‪60.0‬‬
‫المصدر‪ :‬البنك الدولي‬

‫احد المؤشرات الدالة على مدى مركزية الصادرات بالنسبة لمكونات ‪ GDP‬في تجربة ‪HPAES‬‬
‫نجد ان متوسط نسبة الصادرات الى ‪ GDP‬تقدر ‪ %67.3‬وهي بذلك متفوقة بشكل كبير على باقي‬
‫مناطق العالم مثل اوروبا وامريكا الشمالية تقدر ‪ %30.7‬و ‪ %11.5‬على الترتيب خالل نفس الفترة‪.‬‬
‫اما متوسط العالم يقدر ‪ %22.5‬خالل نفس الفترة‪.‬‬

‫اما متوسط نسبة السلع الصناعية الى اجمالي الصادرات ‪ HPAES‬يقدر ‪ %64.2‬خالل نفس الفترة‬
‫وهو اقل من متوسط جنوب شرق اسيا واوروبا وامريكا الشمالية والعالم حيث يقدر بـ ‪%78.3‬‬

‫‪5‬‬
‫و‪ %76.7‬و ‪ %66‬و‪ %65‬على الترتيب خالل نفس الفترة‪ .‬وقد يعزى ذلك الى انخفاض نسبة السلع‬
‫المصنعة الى اجمالي الصادرات في الفترة االولى للتنمية االقتصادية حيث بلغت ‪ %52.5‬خالل‬
‫الفترة ‪ 1990-1960‬وترتفع هذه النسبة الى ‪ %76.3‬خالل الفترة ‪2018-1991‬‬

‫التفسير النيوكالسيكي‬
‫يؤكد على ان التجارة الحرة مستندة على االقتصاد الكلي الجيد يفسران نجاح التجربة‪ .‬فالنمو المدفوع‬
‫بالتصدير هو دليل على االلتزام بحرية التجارة‪ .‬في حقيقة االمر انهم قاموا بالتصدير النهم ادركوا‬
‫الماكسب من التخصص وتعزيز الميزايا النسبية (العمالة الوفيرة) لهذه االقتصاديات بناء على‬
‫تخصيص الموارد من خالل اليات السوق‪ .‬إن التغيير الهيكلي الذي حدث في هذه االقتصادات ناتج‬
‫عن الماكسب من االنفتاح على التجارة الخارجية واالستثمار الذي ادى الى توافر رأس المال‬
‫والحصول على القدرات التكنولوجية واالدارية‪.‬‬

‫دراسة البنك الدولي "معجرة شرق اسيا" (‪ )1993‬تمثل وجهة نظر الجانب النيوكالسيكي‪ .‬فطبقا‬
‫للدراسة‪ ،‬يمكن تفسير نجاح "النمور" بمزيج من "األساسيات" النيوكالسيكية والتدخل الحذر من‬
‫جانب الدولة لتصحيح فشل السوق‪ .‬أهم العوامل المشتركة التي ساهمت في نجاح شرق آسيا‪:‬‬

‫حافظت كل دولة على األساسيات بصورة صحيحة‪ .‬وهذا يعني أنه تم الحفاظ على المؤشرات‬
‫السعرية من اجل التخلص من الفجوات بين العرض والطلب ؛ وتم فتح السوق أمام التكنولوجيا‬
‫ورأس المال األجنبي ؛ ونظم مالية آمنة ومستقرة كما ان تركز االستثمار العام بشكل كبير على توفير‬
‫وتحسين رأس المال البشري والبنية التحتية ‪.‬‬

‫تجنبت كل دولة السياسات المضادة للتصدير حيث تحركت بعيدا عن استراتيجية احالل الواردات‬
‫لصالح استراتي جية معتمدة على الصادرات والتي بدورها ادت الى زيادة المنافسة ومن ثم تحسين في‬
‫الكفاءة في اطار سياسات كلية متوازنة ومستقرة‪.‬‬

‫تدخلت الدولة لمعالجة فشل السوق ‪ ،‬وليس الستبدال السوق‪ .‬تم التعامل مع مشاكل عدم التنسيق‬
‫والمعلومات غير الكاملة من خالل نظام يقوم على اعتبارات الكفاءة (مسابقات الكفاءة ‪) contests‬‬
‫بحيث يجمع كال من المنافسة ومنافع التعاون بين الشركات وبين الحكومة والقطاع الخاص‪ ،‬التي‬
‫كانت األداة االنتقائية في شرق آسيا لتبادل المعلومات وتنسيق االستثمار وتشجيع السلوك التعاوني‬
‫القائم على عالقة طويلة األمد بين المشاركين في المسابقة‪ .‬كما تم استخدام المسابقات لتقديم أنظمة‬
‫مكافآت قائمة على األداء تتعلق بأداء الصادرات‪.‬‬

‫كانت كل دولة قادرة على تطوير إدارة تكنوقراطية معزولة عن الضغط والتدخل السياسي‪ .‬تصرفت‬
‫هذه اإلدارة بالتنسيق مع األسواق واألعمال وتغلبت على فشل االسواق‪.‬‬

‫دورا تنسيقيًا ولكن بالتواصل الفعال المستمر ومحاولة فهم القيود التي يواجهها القطاع‬
‫تلعب الحكومة ً‬
‫الخاص وكيفية تخفيفها وعدم محاولة إدارة الصناعة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪government playing a coordinating role but with ongoing effective‬‬
‫‪communication and an attempt to understand the constraints faced by the‬‬
‫‪private sector and how to relax them, and not trying to manage the industry.‬‬

‫في كل بلد ‪ ،‬تمت مشاركة فوائد النمو االقتصادي على نطاق واسع وتم تجنب التفاوت النموذجي‬
‫المرتبط بالنمو السريع‪ .‬وقد عزز ذلك االستقرار السياسي واالقتصادي وعزز االلتزام االجتماعي‬
‫بهدف متابعة النمو السريع‪ .‬يرجع توزيع الدخل األكثر مساواة إلى ‪ :‬استقرار االقتصاد الكلي ‪ ،‬والنمو‬
‫الصناعات كثيفة العمالة الموجهة نحو التصدير ‪ ،‬واالستثمار المكثف في التعليم‪.‬‬

‫ويخلص التقرير الى انه بالرغم من على أن تدخل الدولة الحذر أدى إلى تسهيل عمليات السوق اال أنه‬
‫ال يوجد دليل على أن هذه السياسات النشطة وأشكال التدخل قد أحدثت أي فرق في عمل االقتصاد‪.‬‬
‫فالهيكل الصناعي الذي تم تطويره يتوافق مع النموذج النيوكالسيكي من حيث انه على المدى الطويل‬
‫سيؤدي االستخدام المكثف لوفرة عوامل االنتاج‪ ،‬إلى جانب التخصص والتجارة الدولية ‪ ،‬إلى تحول‬
‫هيكلي لالقتصاد بسبب معادلة سعر عوامل االنتاج‪ .‬كما ال يبدو أن الصناعات المستهدفة تحقق‬
‫إنتاجية أعلى من إجمالي عوامل اإلنتاج أعلى من الصناعات غير المستهدفة‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬يجب أن‬
‫تكون السياسات الصناعية النشطة غير ضرورية وبالتالي غير فعالة‪.‬‬

‫في النهاية‪ ،‬يشدد تقرير البنك على أن تدخل الدولة يُفضل على آلية السوق إذا ‪ ،‬وفقط إذا ‪ ،‬تدخلت‬
‫الدول لمعالجة فشل السوق وتسهيل عمل آلية السوق‪ .‬يمكن لتدخل الدولة أن يساعد األسواق على‬
‫نظرا ألن الدول موجودة‬
‫ً‬ ‫العمل بسالسة أو على التطور ‪ ،‬ولكن ال يمكنها أداء مهام تخصيصية ‪،‬‬
‫لتصحيح فشل السوق ‪ ،‬وليس الستبدال دور السوق‪.‬‬

‫يجب مالحظة ان هونج كونج الدولة الوحيدة بين النمور االسيوية التي لم تتبع سياسات صناعية‬
‫انتقائية حيث بدأت حملة التصنيع في هونغ كونغ بصادرات كثيفة العمالة من المنسوجات والمالبس‬
‫واأللعاب الرخيصة ‪ ،‬مثل معظم "النمور"‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬بعد ثالثة عقود ‪ ،‬لم يحدث تغير هيكلي‬
‫صناعي جذري‪ ،‬في حين طورت سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان (التي اتبعت جميعها سياسات‬
‫صناعية وتكنولوجية انتقائية قوية) هياكل صناعية عالية الكفاءة ومعقدة للغاية‪ .‬وذلك يثبت ان‬
‫سياسات التدخل االنتقائي واالستهداف ضروريان لتعزيز التغيير الهيكلي وليس بسبب معادلة‬
‫اسعارعوامل االنتاج‪.‬‬

‫تحدى آخرون (‪ )Stiglitz 1996 ،Lall 1994 ،Akyuz and Gore 1996‬طبقا (‪Castel-‬‬
‫‪ ، )Branco 1996‬حجة البنك القائلة بأن السياسات الصناعية فشلت في رفع ‪total-factor TFP‬‬
‫‪ productivity‬للصناعات المستهدفة أكثر من ‪ TFP‬للصناعات غير المستهدفة‪ .‬فربما كانت‬
‫الصناعات غير المستهدفة هي تلك التي تتمتع بإمكانية نمو إنتاجية أعلى وبالتالي ال تحتاج إلى‬
‫استهداف على اإلطالق‪ .‬كما انه هناك احتمال انه اذا لم يتم استهداف الصناعات لم تكن للتتطورعلى‬
‫اإلطالق في غياب االستهداف‪ .‬باالضافة الى انه ربما ساهمت صناعات مختارة ‪ ،‬عادة ً ما يكون لها‬
‫تأثيرات غير مباشرة ‪ ،‬في تحقيق مكاسب إنتاجية في صناعات غير مختارة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ويشير المصدر السابق الى ان هناك عدد من االقتصاديين (‪ Amsden 1994‬و ‪Chang ، 1989‬‬
‫‪ )Wade 1990 ،Lall 1996 and 1994 ،1994‬قد تحدوا استنتاج البنك الدولي بان االبتعاد عن‬
‫سياسة احالل الواردات لصالح السياسات الموجهة للتصدير كان كان محوريا في نجاح تجربة النمور‬
‫االسيوية‪ .‬أوالً ‪ ،‬في كل دول شرق آسيا (باستثناء سنغافورة وهونج كونج) ‪ ،‬كان هناك ارتباط‬
‫إيجابي كبير بين احالل الواردات وأداء الصادرات العالي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬اتبعت تايوان وكوريا‬
‫سياسات احالل الواردات بقوة وعلى نطاق واسع‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ ،‬ما يميز "النمور" عن النظريات والممارسات السابقة هو أنه تم فهم سياسة احالل الواردات في‬
‫شرق آسيا على أنها خطوة نحو المنافسة وتعزيز الصادرات ‪ ،‬وليس نحو هيكل صناعي مستقل‬
‫لالكتفاء الذاتي‪ .‬وبعبارة أخرى ‪ ،‬لم يكن استبدال الواردات موجها ً نحو الداخل‪ .‬ونتيجة لذلك ‪ ،‬تم منح‬
‫الحماية واإلعانات بشروط انتقائية للغاية ‪ ،‬لفترات زمنية محدودة ‪ ،‬وبشرط أن الشركات المختارة‬
‫يجب أن تتعلم وتصبح قادرة على المنافسة في أقصر فترة ممكنة‪.‬‬

‫عالوة على ذلك ‪ ،‬تجنبت شرق آسيا المراحل المتعاقبة والمستمرة من تعميق الهيكل الصناعي من‬
‫خالل سياسة احالل الواردات‪ .‬بدالً من ذلك ‪ ،‬اتبعت سياسات التوجهه نحو التصدير بعد كل مرحلة‬
‫من مراحل احالل الواردات ‪ ،‬بحيث يتعين على الشركات أن تصبح قادرة على المنافسة وتستفيد من‬
‫اقتصادات الحجم الكبير‪ ،‬ويمكن أن تطور من خبرتها اإلدارية والتكنولوجية ‪ ،‬ويمكن لالقتصاد أن‬
‫يحشد الموارد االقتصادية (مثل العمالت األجنبية و المدخرات) لمرحلة جديدة من تعميق الهيكل‬
‫الصناعي‪ .‬واخيرا‪ ،‬تم استخدام الحماية لدعم الصادرات من خالل استخدام أالرباح محلية المرتفعة‬
‫لتعويض الصادرات الرخيصة ‪ ،‬وكذلك دعم الصادرات الموجهه لالسواق المحمي‪.‬‬

‫العوامل التي على اساسها سيتم مقارنة التجربة التنموية لكل من المكسيك والصين بتجربة ‪HPAES‬‬
‫التنموية‪:‬‬

‫معدل نمو الناتج المحلي االجمالي حيث تميزت تجربة ‪ HPAES‬بارتفاع معدالت النمو‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫نسبة مساهمة الصادرات في الناتج المحلي االجمالي‬ ‫‪-2‬‬
‫نسبة مساهمة الصادرات الصناعية بالنسبة الى اجمالي الصادرات‬ ‫‪-3‬‬
‫دور الدولة في عملية التنمية والذي يتراوح ما بين حد ادنى لدورالدولة انطالقا من التوجه‬ ‫‪-4‬‬
‫النيوكالسيكي الى دور ايجابي وفعال في عملية التنمية‪.‬‬

‫وتم اختيار العوامل السابقة بناء على ان تجربة ‪ HPAES‬التنموية اعتمدت على ان الصادرات هي‬
‫مصدر النمو االقتصادي المرتفع وان التحول الهيكلي لتعميق التصنيع تحقق من خالل صادرات‬
‫السلع الصناعية‪ .‬وايضا من اهم ما يميز التجربة هو دور الدولة االيجابي في معالجة فشل االسواق‬
‫وسياسات صناعية انتقائية من اجل احداث التحول الهيكلي في بنية االقتصاد‪.‬‬

‫المكسيك‬

‫‪8‬‬
‫انتهجت المكسيك استراتيجية احالل الواردات والتي كانت عمو ًما ناجحة‪ .‬حولت البالد من الزراعة‬
‫إلى مجتمع حضري شبه صناعي‪ .‬من عام ‪ 1940‬إلى منتصف السبعينيات ‪ ،‬نما الناتج المحلي‬
‫اإلجمالي الحقيقي للفرد بمعدل سنوي متوسط قدره ‪ .%3‬كان التصنيع القوة الدافعة لعملية النمو هذه ‪،‬‬
‫مع نمو الناتج سنويًا بمعدل ‪ 8‬بالمائة تقريبًا مدعو ًما بالطلب المحلي‪ .‬خالل هذه الفترة ‪ ،‬ارتفعت‬
‫حصة التصنيع بالناتج المحلي اإلجمالي من ‪ 15‬في المائة إلى ‪ 25‬في المائة‪ .‬في أواخر السبعينيات ‪،‬‬
‫فقد التوسع االقتصادي الزخم ‪ ،‬خاصة بسبب الصعوبات في استبدال احالل الواردات من السلع‬
‫الرأسمالية عالية التقنية‪ .‬في المقابل ‪ ،‬زادت واردات السلع الوسيطة والرأسمالية بصورة كبيرة ‪ ،‬مما‬
‫تسبب في عجز الميزان التجاري‪.‬‬

‫نظرا لهشاشة االقتصاد المكسيكي خالل السبعينات أمام الصدمات الخارجية بسبب االعتماد على‬ ‫ً‬
‫صادرات البترول‪ ،‬فانهيار سوق النفط الدولية في عام ‪ ، 1981‬إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة في‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬أثر بشكل كبير على االقتصاد ‪ ،‬مما تسبب في عجز في الموازنة وعجز في موارد‬
‫النقداالجنبي مما انعكس على ازمة في ميزان المدفوعات‪ .‬انهت هذه األحداث توسع المكسيك‬
‫االقتصادي لمدة أربعين عا ًما حيث نفذت الحكومة المكسيكية سلسلة من اإلصالحات االقتصادية‬
‫للتحول عن استراتيجية التنمية التقليدية التي تقودها الدولة ووضع القطاع الخاص والسوق كعناصر‬
‫محورية لالستثمار والتصنيع‪ .‬وكان التغيير الرئيسي في السياسة االقتصادية هو التحول من احالل‬
‫الواردات إلى التوجه نحو التصدير‪.‬‬

‫وصاحب التوجه للتصدير أيضا جهود أكبر في التكامل اإلقليمي‪ .‬كجزء من سياسة أوسع للخصخصة‬
‫وإلغاء القيود والتحرير ‪ ،‬انضمت المكسيك إلى االتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (‪، )GATT‬‬
‫سلف التجارة العالمية منظمة (منظمة التجارة العالمية) ‪ ،‬في عام ‪ .1986‬كما تم تعزيز الروابط‬
‫التجارية مع الواليات المتحدة وكندا من خالل العضوية في اتفاقية التجارة الحرة ألمريكا الشمالية‬
‫(نافتا) في عام ‪.1994‬‬

‫ينظر ‪ Mereno-Brid‬وآخرون طبقا )‪ (Waithe, Lorde and Francis 2010‬كان ينظر إلى‬
‫نافتا على أنها وسيلة لتحقيق هدفين‪ .‬األول وضع االقتصاد المكسيكي على مسار نمو غير تضخمي‬
‫عا بمبيعات السلع المصنعة إلى الواليات المتحدة بشكل رئيسي‪ .‬والثاني هو‬
‫مدفوع بالصادرات ‪ ،‬مدفو ً‬
‫الفرار من سلسلة األزمات االقتصادية والمالية المتكررة التي مرت بها البالد من منتصف السبعينيات‬
‫حتى منتصف التسعينات من خالل ضمان عملية إصالح االقتصاد الكلي‪.‬‬

‫اجماال‪ ،‬منذ عام ‪ ، 1985‬تم اتخاذ عدد من المبادرات لتعزيز الصادرات غير النفطية ‪ ،‬مثل تخفيف‬
‫متطلبات استيراد السلع الوسيطة والرأسمالية ‪ ،‬وزيادة فرص الحصول على االئتمان للمصدرين ‪،‬‬
‫وخفض القيود المفروضة على استخدام عائدات التصدير‪ .‬ارتبط تحرير التجارة ‪ ،‬الذي توجته اتفاقية‬
‫التجارة الحرة ألمريكا الشمالية (نافتا) ‪ ،‬بإدخال المكسيك إلى األسواق العالمية وأهميتها المتزايدة في‬
‫الصادرات غير النفطية ‪ ،‬مما سمح بالتالي لالقتصاد بأن يكون أكثر مرونة تجاه التغيرات المحتملة‬
‫في األسعار في أسواق النفط الدولية وأقل عرضة للصدمات الخارجية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الصين‬
‫قبل الشروع في اإلصالحات االقتصادية وتحرير التجارة منذ اكثرمن ‪ 40‬عا ًما ‪ ،‬انتهجت الصين‬
‫سياسات أبقت االقتصاد ضعيفًا جدًا ‪ ،‬وفي حالة ركود ‪ ،‬وخاض ًعا للسيطرة المركزية ‪ ،‬وغير فعال‬
‫إلى حد كبير ‪ ،‬ومعزول نسبيًا عن االقتصاد العالمي‪ .‬منذ االنفتاح على التجارة الخارجية واالستثمار‬
‫نموا في‬
‫وتنفيذ إصالحات السوق الحرة في عام ‪ ، 1979‬كانت الصين من بين أسرع االقتصادات ً‬
‫العالم ‪ ،‬بمتوسط نمو سنوي للناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي بمتوسط ‪ ٪9.5‬حتى عام ‪ ، 2018‬وهو‬
‫معدل وصفه البنك الدولي باعتباره "التوسع األسرع واالكثر استدامة في التاريخ من قبل اقتصاد‬
‫كبير‪ ".‬وم ّكن هذا النمو الصين من مضاعفة ناتجها المحلي اإلجمالي بالمتوسط كل ثماني سنوات‬
‫وساعد في انتشال ما يقدر بنحو ‪ 800‬مليون شخص من الفقر‪ .‬أصبحت الصين أكبر اقتصاد في العالم‬
‫(على أساس تعادل القوة الشرائية) ‪ ،‬والشركة المصنعة ‪ ،‬وتاجر البضائع ‪ ،‬وصاحب احتياطيات النقد‬
‫األجنبي‪ .‬وهذا بدوره جعل الصين شري ًكا تجاريًا رئيسيًا للواليات المتحدة‪ .‬الصين هي أكبر شريك‬
‫تجاري للبضائع األمريكية وأكبر مصدر للواردات وثالث أكبر سوق تصدير أمريكي‪.‬‬

‫وطبقا لتقرير الصعود االقتصادي للصين‪ :‬التاريخ واالتجاهات والتحديات واآلثار بالنسبة للواليات‬
‫المتحدة الصادرعن الكونجرس االمريكي في ‪ ،2019‬منذ عام ‪ ، 1980‬تضاعف حجم تجارتها تقريبًا‬
‫مرة واحدة كل أربع سنوات‪ .‬ففي عام ‪ ، 1990‬احتلت الصادرات الصينية المرتبة ‪ 14‬على مستوى‬
‫العالم ووارداتها المرتبة ‪ 17‬فقط‪ .‬اما في عام ‪ ، 2012‬كانت الصين أكبر مصدر في العالم وثاني‬
‫أكبر مستورد‪ .‬بالنظر إلى نسبة إجمالي التجارة إلى الناتج المحلي اإلجمالي ‪ ،‬فإن الصين (عند ما‬
‫يقرب من ‪ )٪70‬تكون أكثر انفتا ًحا بشكل كبير من الواليات المتحدة (حوالي ‪ )٪20‬أو اليابان (حوالي‬
‫‪.)٪30‬‬

‫هناك اربع عوامل رئيسية ساهمت في نمو تجارة الصين الخارجية‪ .‬اوال قبل عام ‪ ، 1980‬كانت‬
‫الصين مغلقة اقتصاديا‪ .‬إلى جانب الحواجز التجارية التقليدية ‪ ،‬كان احتكار الدولة للحقوق التجارية‬
‫حاجزا رئيسيًا للتجارة‪ .‬فلم تتمكن غالبية الشركات الصينية من االنخراط في التصدير واالستيراد‬‫ً‬
‫مباشرة بل عبر شركات تجارية مملوكة للدولة‪ .‬وقد أدى ذلك إلى رفع تكلفة التجارة الدولية‬
‫ضا إلى تقليل التعلم الذي يمكن أن تحصل عليه الشركات الصينية‬ ‫وانخفاض حجمها‪ .‬وقد أدى ذلك أي ً‬
‫من التعامل مع العمالء الدوليين أو الموردين العالميين مباشرة‪ .‬اتخذت الدولة عدة مراحل إللغاء‬
‫احتكار الحقوق التجارية للدولة من خالل منح المزيد من الشركات تدريجيا ً الحق في التجارة مباشرة‪.‬‬
‫وقد ساهم هذا بشكل كبير في توسيع حجم التجارة‪.‬‬

‫الشركات األجنبية مساهم رئيسي آخر في توسع الصادرات الصينية‪ .‬كانت معظم الشركات الصينية‬
‫تفتقر إلى المعرفة التقنية أو التسويقية أو اإلدارية للتصدير بنجاح إلى السوق العالمية‪ .‬سدت تلك‬
‫الشركات هذه الفجوة عن طريق أخذ التصاميم واآلالت وأوامر السوق ‪ ،‬وأحيانًا حتى البضائع‬
‫الوسيطة األجنبية إلى الصين‪ .‬في معظم التسعينات و ‪ ، 2000‬شكلت صادرات الشركات ذات‬

‫‪10‬‬
‫االستثمارات األجنبية أكثر من ‪ ٪50‬من إجمالي صادرات الصين‪ .‬وفي الوقت نفسه ‪ ،‬تمثل واردات‬
‫ضا حصة كبيرة (‪ )٪50‬من إجمالي حصص االستيراد في البالد‪.‬‬
‫الشركات ذات االستثمار األجنبي أي ً‬
‫وثالث العوامل هو انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام ‪ 2001‬مما ادى الى تخفيضات‬
‫مستويات التعريفات ‪ ،‬تقليل او ازالة الحواجز غير الجمركية ومعايير وانظمة اكثر شفافية للشركات‪.‬‬
‫فقد وفرت اإلصالحات التجارية دفعة كبيرة للصادرات والواردات‪.‬‬

‫تشير دراسة )‪ Ju, Shi, and Wei (2012‬طبقا )‪ (Fan et al., 2013‬إلى أن االنضمام إلى‬
‫منظمة التجارة العالمية قد يفسر ثلث او نصف النمو الملحوظ في التوسع التجاري للصين (في‬
‫الصادرات والواردات)‪.‬‬

‫واخيرا‪ ،‬لفهم التوسع التجاري الصيني ‪ ،‬ال يمكن تجاهل اثر العولمة فمع التخفيضات في الحواجز‬
‫التجارية ‪ ،‬وتحسن الشحن وتقنيات النقل األخرى ‪ ،‬وانخفاض تكاليف االتصاالت ‪ ،‬أصبح اإلنتاج في‬
‫معظم القطاعات مقسم بشكل متزايد عبر الحدود الوطنية وبالتالي بروز الصين كأحد ابرز الالعبيين‬
‫في سالسل التوريد العالمية‪.‬‬

‫مقارنة اداء كال من المكسيك والصين بأداء اقتصاديات جنوب شرق اسيا عالية االداء‬
‫‪ HPAES‬بناء على العوامل االربع‪:‬‬
‫‪ -1‬معدل نمو الناتج المحلي االجمالي‬
‫‪30.0‬‬

‫‪20.0‬‬

‫‪10.0‬‬
‫‪HPAES‬‬
‫‪0.0‬‬ ‫‪Mexico‬‬
‫‪1973‬‬
‫‪1961‬‬
‫‪1964‬‬
‫‪1967‬‬
‫‪1970‬‬

‫‪1976‬‬
‫‪1979‬‬
‫‪1982‬‬
‫‪1985‬‬
‫‪1988‬‬
‫‪1991‬‬
‫‪1994‬‬
‫‪1997‬‬
‫‪2000‬‬
‫‪2003‬‬
‫‪2006‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪2018‬‬

‫‪China‬‬
‫‪-10.0‬‬

‫‪-20.0‬‬

‫‪-30.0‬‬

‫معدل نمو الناتج المحلي االجمالي ‪ -‬المصدر‪ :‬البنك الدولي‬

‫يالحظ من الرسم البياني ان معدل النمو السنوي للصين اكبر من مثيله في ‪ HPAES‬من بداية‬
‫االصالح االقتصادي من ‪ 1979‬الى ‪ 2018‬حيث بلغ متوسط معدل النمو ‪ %9.5‬خالل الفتره‬

‫‪11‬‬
‫المذكورة وهو يفوق متوسط معدل النمو الذي حققته مجموعة ‪ HPAES‬والذي يقدر ‪ %5.1‬خالل‬
‫نفس الفترة‪ .‬اما المكسيك فان متوسط معل النمو من بداية االصالح االقتصادي ‪ 1985‬وحتى ‪2018‬‬
‫فيقدر ‪ %2.4‬وهو يمثل نصف المعدل في مثيله في مجموعة ‪ HPAES‬الذي يقدر ‪ %4.8‬خالل‬
‫نفس الفترة‪.‬‬

‫‪ -2‬نسبة اجمالي الصادرات للناتج القومي‬


‫‪100.0‬‬
‫‪90.0‬‬
‫‪80.0‬‬
‫‪70.0‬‬
‫‪60.0‬‬
‫‪HPAES‬‬
‫‪50.0‬‬
‫‪Mexico‬‬
‫‪40.0‬‬
‫‪China‬‬
‫‪30.0‬‬
‫‪20.0‬‬
‫‪10.0‬‬
‫‪0.0‬‬
‫‪1967‬‬
‫‪1961‬‬
‫‪1964‬‬

‫‪1970‬‬
‫‪1973‬‬
‫‪1976‬‬
‫‪1979‬‬
‫‪1982‬‬
‫‪1985‬‬
‫‪1988‬‬
‫‪1991‬‬
‫‪1994‬‬
‫‪1997‬‬
‫‪2000‬‬
‫‪2003‬‬
‫‪2006‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪2018‬‬

‫نسبة اجمالي الصادرات للناتج القومي‪ -‬المصدر‪ :‬البنك الدولي‬

‫من الرسم البياني السابق يمكن مالحظة ارتفاع نسبة اجمالي الصادرات للناتج القومي بالنسبة‬
‫‪ HPAES‬حيث تبلغ في المتوسط ‪ 67.3%‬بين عامي ‪ 1961‬و ‪ 2018‬والذي تبلغ اقصاه بنسبة‬
‫‪ %96.6‬في عام ‪ . 2008‬بينما الصين يصل فيها متوسط النسبة سابقة الذكر الى ‪ %19.2‬عن الفترة‬
‫‪ 1979‬الى ‪ 2018‬مقارنة بـ ‪ %76.6‬لـ ‪ HPAES‬عن نفس الفترة‪ .‬بينما متوسط نفس النسبة في‬
‫المكسيك تبلغ ‪ %25.2‬بين عامي ‪ 1985‬الى ‪ 2018‬مقارنة ‪ %79.6‬لـ ‪ HPAES‬عن نفس الفترة‪.‬‬

‫‪ -3‬نسبة السلع الصناعية الى اجمالي الصادرات السلعية‬

‫‪12‬‬
‫‪100.0‬‬
‫‪90.0‬‬
‫‪80.0‬‬
‫‪70.0‬‬
‫‪60.0‬‬
‫‪HPAES‬‬
‫‪50.0‬‬
‫‪Mexico‬‬
‫‪40.0‬‬
‫‪China‬‬
‫‪30.0‬‬
‫‪20.0‬‬
‫‪10.0‬‬
‫‪0.0‬‬

‫‪1992‬‬

‫‪2013‬‬
‫‪1962‬‬
‫‪1965‬‬
‫‪1968‬‬
‫‪1971‬‬
‫‪1974‬‬
‫‪1977‬‬
‫‪1980‬‬
‫‪1983‬‬
‫‪1986‬‬
‫‪1989‬‬

‫‪1995‬‬
‫‪1998‬‬
‫‪2001‬‬
‫‪2004‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪2010‬‬

‫‪2016‬‬
‫نسبة السلع الصناعية الى اجمالي الصادرات السلعيةالمصدر‪ :‬البنك الدولي‬

‫هناك تقارب بين نسبة السلع الصناعية الى اجمالي الصادرات السلعية بين ‪ HPAES‬والمكسيك حيث‬
‫تبلغ في المتوسط ‪ %74.7‬و ‪ %71‬على الترتيب في الفترة من ‪ 1985‬الى ‪ .2018‬اما بالنسبة للصين‬
‫فان تلك النسبة كمتوسط تبلغ ‪ %82‬في الفترة ‪ 1983‬الى ‪ 2018‬مقارنة بـ ‪ %73.7‬بالنسبة لـ‬
‫‪ HPAES‬عن نفس الفترة‪.‬‬

‫‪ -4‬دور الدولة‬
‫بداية من ‪ ،1985‬تحول استراتيجية النمو التي تقودها الدولة في المكسيك الى النموذج النيوليبرالي‬
‫واستراتيجية النمو القائم على التصدير والتي تقوم على تحرير التجارة ‪ ،‬وخاصة تحويل القيود الكمية‬
‫إلى تعريفات منخفضة وموحدة وتخفيض سعر الصرف الحقيقي وتوحيد اسعار الصرف وايضا‬
‫التأكيد على القطاع الخاص كمصدر للنمو بما في ذلك خصخصة الدولة الشركات‪ .‬واخيرا‪ ،‬تخفيض‬
‫عام في جميع أشكال التدخل الحكومي في األسواق (رأس المال أو عوامل االنتاج) ‪ ،‬وعلى المستوى‬
‫العام للضرائب واإلنفاق الحكومي‪ .‬استندت هذه السياسات الليبرالية على التوسع في الصادرات‬
‫كاستراتيجية جديدة لكل من االنتعاش والنمو االقتصادي‪.‬‬

‫كان التصورهو تحفيز النمو عن طريق زيادة الصادرات ‪ ،‬وخاصة الصادرات الصناعية ‪ ،‬دون‬
‫مساعدة من إعانات الدولة‪ .‬كان أحد األسباب الرئيسية للتخلي عن الحمائية أنها كانت تؤدي إلى تحيز‬
‫ضد الصادرات‪ .‬وقد تم التحيزلهذه االستراتيجية إلجراء التغيير الهيكلي ألنه من المفترض أن يؤدي‬
‫تحري ر التجارة وتدفقات رأس المال إلى تسريع التصنيع‪ .‬وهذا يعني التغيير من اقتصاد كانت‬
‫صادراته بشكل رئيسي من النفط ومنتجات أولية أخرى إلى اقتصاد قائم على الصادرات الصناعية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫اما ما يعرف برأسمالية الدولة في الصين فهي ديناميكية‪ .‬فمنذ بداية فترة اإلصالح في أواخر‬
‫السب عينيات ‪ ،‬تطور نموذج الصين االقتصادي الهجين باستمرار ‪ ،‬مع حدوث تحوالت كبيرة في دور‬
‫الدولة‪ .‬لقد انتقلت الشركات المملوكة للدولة من انتاج ‪ %80‬من اجمالي الناتج في بداية فترة‬
‫اإلصالح إلى ما يقرب من ‪ %20‬من الناتج حاليا‪ .‬تمثل المؤسسات الخاصة الجزء األكثر ديناميكية‬
‫في االقتصاد الصيني ‪ ،‬حيث تساهم في معظم الناتج والعمالة والتي تعتبررائدة االبتكار‪.‬‬

‫لكن الدولة ال تزال تلعب دورمحوري في االقتصاد ‪ ،‬ال سيما في القطاعات ذات األهمية‬
‫االستراتيجية‪ .‬تسيطر الشركات المملوكة للدولة على ما يقرب من ‪ ٪ 40‬من األصول الصناعية في‬
‫الصين‪ .‬تعكس هذه الحصة جزئيا ً هيمنة الشركات المملوكة للدولة في الصناعات كثيفة رأس المال‬
‫مثل النفط والغاز والصناعة الثقيلة واالتصاالت ‪ ،‬والتي ال تزال محظورة إلى حد كبير على‬
‫الشركات الخاصة واألجنبية‪ .‬تهيمن البنوك المملوكة للدولة على النظام المصرفي ‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫االتجاه التجاري المتزايد‪ ،‬إال أنها تمثل الية مهمة للدولة لتوجيه رأس المال إلى القطاعات أو‬
‫المبادرات وفقا لسياسات واولويات الدولة‪ .‬اما السياسات الصناعية‪ ،‬فانها تستخدم االعانات بشكل‬
‫مكثف بشروط غير سوقية ‪ ،‬والذي يعتقد انه احد االسباب التي ادت إلى اإلفراط في االستثمار‪.‬‬

‫واجماال‪ ،‬نجد ان الصين قد حققت نمو اقتصادي يفوق ‪ HPAES‬بينما المكسيك كان نموها‬
‫االقتصادي ضعيفا للغاية‪ .‬اما اجمالي الصادرات الى الناتج القومي في ‪ HPAES‬قد تفوق على كل‬
‫من الصين والمكسيك بصورة كبيرة‪ .‬وتتفوق الصين على ‪ HPAES‬في نسبة السلع الصناعية الى‬
‫اجمالي الصادرات بينما تتقارب نسب كل من ‪ HPAES‬والمكسيك‪ .‬بينما دور الدولة االقتصادي‬
‫محوري في الصين مماثل لدور الدولة في ‪ HPAES‬نجد ان الدولة في المكسيك قد انسحبت من اي‬
‫دور اقتصادي محوري في اطار التوجه النيوليبرالي‪.‬‬

‫ونخلص مما سبق الى ان الصين بناء على معدل النمو االقتصادي ونسبة صادرات السلع الصناعية‬
‫الى اجمالي الصادرات ودور الدولة المحوري في االقتصاد تتشابه تجربتها التنموية نسبيا‬
‫والمعتمدة على التصدير مع ‪ HPAES‬بينما المكسيك ذات معدل النمو المنخفض جدا ودور الدولة‬
‫شبه الحيادي تبتعد عن النموذج التنموي ‪ HPAES‬بالرغم من ان استراتيجيتها التنموية معتمدة‬
‫على التصدير‪.‬‬

‫نظرة مستقبلية‬
‫واالن بعد ان ثبت لدينا ان تجربة الصين على قدر كبير من التشابه مع نموذج ‪ ، HPAES‬يثور‬
‫التسؤال عن مدى امكانية تكراره في المستقبل‪ .‬في البداية‪ ،‬نالحظ ان نمو صادارات هذا النموذج‬
‫مؤسس على معدالت نمو اقتصاديات الدول المتقدمة وخاصة الواليات المتحدة والتي اخذت في‬
‫التباطؤ وتشبعت بالديون خاصة بعد ازمة ‪ . 2009‬كما يالحظ تبني المزيد من الدول لمثل هذه‬
‫االستراتيجية االمر الذي يؤدي الى تدهور معدالت التبادل التجاري للسلع الصناعية‪ .‬اضف الى ذلك‬
‫النزاع التجاري بين الواليات المتحدة والصين والذي قد يؤدي الى سيادة النزعة الحمائية عالميا‪ .‬كل‬
‫العوامل السابقة تشير الى ان نموذج ‪ HPAES‬على االرجح غير قابل للتكرار في المستقبل‪ .‬يبقى‬
‫‪14‬‬
‫عامل اخر وهو تبعات ازمة فيروس كورورنا المستجد الذي كشف عن هشاشة عولمة سالسل االمداد‬
،‫العالمية وخصوصا بسبب تمركزها في اقتصاديات بعينها مثل الصين مما قد يؤدي الى احتمالين‬
‫االول مزيد من العولمة عن طريق التوزيع الجغرافي لمصادر سالسل االمداد ومن ثم قابلية نموذج‬
‫ للتكرار في دول اخرى او ان يأخذ منحى معاكس تماما وهو اتجاه مضاد لعولمة سالسل‬HPAES
‫االمداد وذلك من خالل اتجاه مستقبلي نحو توطين التنمية والتصنيع واالستثمار في الدولة أو في‬
‫ وإن خالفت التكلفة مفهوم المزايا النسبية نتيجة ما تكشف من المخاطر المصاحبة للعولمة‬،‫اإلقليم‬
. HPAES ‫وبالتالي نهاية نموذج‬

‫المراجع‬
Castel-Branco, Carlos. "WHAT ARE THE MAJOR LESSONS FROM
EAST ASIAN DEVELOPMENT EXPERIENCE?" 1996.

Fan, Shenggen, Ravi Kanbur, Shang-Jin Wei, and Xiaobo Zhang. The
Economics Of China Successes and Challanges. NBER, 2013.

Hirson, Michael. "State Capitalism and the Evolution of “China, Inc.”: Key
Policy Issues for the United States." Testimony before the U.S.-China
Economic and Security Review Commission on “China’s Internal and
External Challenges”, 2019.

Jayme, Frederico. "Notes on trade and growth." 2001.

Nápoles, Pablo Ruiz. "Neoliberal reforms and NAFTA in Mexico." Journal


of Economic Literature (JEL), 2017: F02; F13; P16.

Palley, Thomas. The contradictions of export-led growth. Levy Economics


Institute of Bard College, 2011.

Pralea, Spiridon. "References Of the New Theory Of Trade and Economic


Growth." n.d.

15
Report, CRS. China’s Economic Rise: History, Trends, Challenges, and
Implications for the United States. Congressional Research Service,
2019.

Waithe, Kimberly, Troy Lorde, and Brian Francis. Export-led Growth: A


Case Study of Mexico. Munich Personal RePEc MPRA, 2010.

‫العامة‬, ‫البنك الدولي لبحوث السياسات‬. ‫معجزة شرق اسيا‬: ‫النمو االقتصادي والسياسات العامة‬.
‫مركز االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‬, 2000.

16

You might also like