You are on page 1of 312

‫تحرير‬

‫محمد بدري عيد ‪ -‬جمال عبد اهلل‬

‫تأليف‬
‫مجموعة من الباحثين‬
‫الطبعة األولى‬
‫‪ 1435‬هـ ‪ 2014 -‬م‬

‫ردمك ‪978-614-01-1075-5‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة‬

‫الدوحة ‪ -‬قطر‬
‫هواتف‪)+974( 4930218- 4930183- 4930181 :‬‬
‫فاكس‪ - )+974( 4831346 :‬البريد اإللكتروني‪E-mail: jcforstudies@aljazeera.net :‬‬

‫عين التينة‪ ،‬شارع المفتي توفيق خالد‪ ،‬بناية الريم‬


‫هاتف‪(+961-1) 785107 - 785108 - 786233 :‬‬
‫ص‪ .‬ب‪ 13-5574 :‬شوران ‪ -‬بيروت ‪ - 1102-2050‬لبنان‬
‫فاكس‪ - (+961-1) 786230 :‬البريد اإللكتروني‪asp@asp.com.lb :‬‬
‫الموقع على شبكة اإلنترنت‪http: //www.asp.com.lb :‬‬

‫يمنع نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب بأية وسيلة تصـويرية أو للكترونيـة أو ميكانيكيـة‬
‫بما في ذلك التسجيل الفوتوغرافي والتسجيل على أشـرطة أو أرـرام مقـروءو أو بأيـة وسـيلة نشـر‬
‫أخــــــرف بمــــــا فيوــــــا حفــــــظ المعلومــــــا ‪ ،‬واســــــترجاعوا مــــــن دون لذن خطــــــي مــــــن الناشــــــر‬

‫ش‪ .‬م‪ .‬ل‬ ‫إن اآلراء الواردة يف هذا الكتاب ال تعرب بالضرورة عن رأي‬

‫التنضيد وفرز األلوان‪ :‬أبجد غرافيكس‪ ،‬بيروت ‪ -‬هاتف ‪(+9611) 785107‬‬


‫الطباعة‪ :‬مطابع الدار العربية للعلوم‪ ،‬بيروت ‪ -‬هاتف ‪(+9611) 786233‬‬

‫‪6‬‬
‫المحتويا‬

‫تصدير‪9 ................................................................................‬‬
‫مقدمة ‪11................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫البيئة االستراتيجية في الخليج‪:‬‬
‫التحوال والتحديا‬

‫أ‪ .‬محمد بدري عيد ‪32.............‬‬ ‫البيئة االستراتيجية الراهنة في الخليج‪ ..‬التحوالت والتحديات‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الربيع العربي ومنظومة التعاون الخليجي‬
‫حدود التأثر ومظاهر التأثير ومحدداته‬

‫أ‪ .‬عبد العزيز الحيص ‪32..........‬‬ ‫الخليج وأزمات الربيع العربي‬

‫أبعاد ودالالت تحول مجلس التعاون الخليجي‬


‫د‪ .‬عمر الحسن ‪99................‬‬ ‫من صيغة التعاون إلى صيغة االتحاد‬

‫الربيع العربي والحراك السياسي الداخلي في دول مجلس التعاون الخليجي‪:‬‬


‫د‪ .‬أسامة الجهيم‪99................‬‬ ‫الحالة الكويتية نموذجا‬

‫الفصل الثالث‬
‫التفاعال اإلرليمية والدولية لمنظومة التعاون الخليجي‬
‫في ضوء الربيع العربي‬

‫الموقف القطري من ثورات الربيع العربي‪:‬‬


‫د‪ .‬جمال عبد اهلل‪99...............‬‬ ‫السياسة الخارجية القطرية من الحياد إلى التأثير‬

‫أ‪ .‬منصور المرزوقي البقمي ‪112 ..‬‬ ‫الموقف السعودي من ثورات الربيع العربي‬

‫د‪ .‬خالد المزيني ‪122 ..............‬‬ ‫الموقف اإلماراتي من ثورات الربيع العربي‬

‫‪7‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫التفاعال البينية للقوف اإلرليمية والدولية‬
‫وعالراتوا مع دول منظومة التعاون الخليجي‬

‫العالقات الخليجية مع دول الجوار الكبرى إيران والعراق وتركيا‪..‬‬


‫د‪ .‬يحيى مفرح الزهراني ‪199 .......‬‬ ‫الدواعي االستراتيجية والضوابط الحاكمة‬

‫مستجدات العالقات العراقية ‪ -‬اإليرانية وأثرها على‬


‫أ‪ .‬محمد وائل القيسي ‪199 .........‬‬ ‫مستقبل األمن في الخليج‬

‫أ‪ .‬أنطوان شلحت ‪191 .............‬‬ ‫الرؤية اإلسرائيلية للخليج في ضوء ثورات الربيع العربي‬

‫االتحاد األوروبي ومجلس التعاون الخليجي في ظل‬


‫د‪ .‬بشارة خضر ‪309 ..............‬‬ ‫الربيع العربي هل حان الوقت لشراكة استراتيجية؟‬

‫الدور المستقبلي للقوى الدولية الكبرى في أمن الخليج‪:‬‬


‫د‪ .‬عبد اهلل باعبود ‪339 ............‬‬ ‫الواليات المتحدة األميركية‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬فرنسا وحلف الناتو‬

‫الفصل الخامس‬
‫التطو ار اإلرليمية والدولية‬
‫وتأثيراتوا االرتصادية والديمغرافية على المنظومة الخليجية‬

‫الصناديق السيادية واألمن االقتصادي لدول‬


‫د‪ .‬جاسم حسين ‪339 ..............‬‬ ‫مجلس التعاون الخليجي‬

‫التطورات اإلقليمية والدولية وتأثيراتها االقتصادية‬


‫أ‪ .‬حجاج بوخضور ‪362 ...........‬‬ ‫على دول الخليج وأمن الطاقة‬

‫العمالة اآلسيوية الوافدة وتأثيراتها على واقع ومستقبل‬


‫د‪ .‬خالد شمس عبد القادر‪382 .....‬‬ ‫دول الخليج العربية‬

‫نتائج وتوصيات‪399 .....................................................................‬‬

‫‪8‬‬
‫تصدير‬

‫شهد حقل دراسات املناطق ازدهارًا كبريًا يف أدبيات العلوم السياسيي نني‬
‫انتهاء احلرب العاملي الثاني ‪ ،‬وحظيت ننطق اخلليج بنصيب وافر يف ه ا الشأن‪ ،‬ال‬
‫سيما نن أواخر عقد سبعينيات القرن املاضي ونطلع عقد الثمانينيات بالتزانن نع‬
‫قيام الثورة اإليراني عام ‪ ،1999‬واندالع احلرب العراقي ‪-‬اإليراني يف سبتمرب‪/‬أيلول‬
‫نن عام ‪ ،1980‬ونا صاحبها نن قيام جملس التعاون لدول اخلليج العربي ‪.‬‬
‫وعلى الرغم نن كثاف الدراسات والبحوث اليت عرضت للتطورات يف ننطق‬
‫اخلليج نن ذلك احلني وحىت وقتنا الراهن؛ إال أن الغالبي العظمى ننها ركزت على‬
‫تناول قضايا بعينها ‪-‬سواء احمللي أو اإلقليمي أو الدولي ‪ -‬دون إعطاء اهتمام مماثل‬
‫لرؤي استراتيجي نتكانل تربط نا بني الدوائر اخلليجي واإلقليمي والعامليي نين‬
‫جه ‪ ،‬وبني األبعاد السياسي واالقتصادي واألنني والعسكري واجملتمعي للتطورات‬
‫احلاصل يف ه ه املنطق بالغ احليوي بالنسب حلاضر ونستقبل العيا نين جهي‬
‫أخرى‪.‬‬
‫انطالقًا نن ه ا‪ ،‬وسعيًا إلجياد نسامه حبثي تتصف باجلديي واملوضيوعي‬
‫والرصان العلمي ‪ ،‬جاء تفكري نركز اجلزيرة للدراسات يف إصدار ه ا امللف‪ ،‬أنيالً‬
‫يف أن تتواىل إصداراته تباعًا ‪-‬بإذن اهلل تعاىل‪ -‬يف السنوات املقبل ‪.‬‬
‫شهد العقد الثاين نن القرن احلادي والعشرين ‪-‬وال ييزال‪ -‬العدييد نين‬
‫التطورات املتالحق اليت بلغت ذروهتا يف العانني األخريين‪ ،‬واليت ألقت بتيداعياهتا‬
‫املختلف على جممل املشهد االستراتيجي يف املنطق عمونًا ويف اخلليج عليى وجيه‬
‫أخص‪ .‬نن هنا وُلدت فكرة نلف "اخلليج يف سياق استراتيجي نيتغري" والي ي‬
‫حياول أن يسلط الضوء على تداعيات التغري الي ي حليق ‪-‬وال ييزال‪ -‬بالبيئي‬
‫االستراتيجي ‪ ،‬وانعكاساهتا على حاضر ونستقبل دول جملس التعياون اخلليجيي‬
‫بشكل فردي أو مجاعي‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫ولقد جاء إصدار نركز اجلزيرة للدراسات هل ا امللف البحثي انطالقًيا نين‬
‫قناع علمي وعملي راسخ نفادها أن عملي النهض والتنمي الشانل اليت نبتغيهيا‬
‫مجيعًا لبلداننا العربي لن يُكتب هلا النجاح‪ ،‬ناهيك عن االستمراري ‪ ،‬نا يتم اجلمع‬
‫بني املهني والشفافي يف الطرح والتوصيف والتحليل للماضي واحلاضر‪ ،‬جنبًيا إىل‬
‫جنب نع وضوح التنبؤ وجدي االستشراف للمستقبل‪.‬‬
‫واستنادًا إىل ه ه الفلسف والرؤي ‪ ،‬حرص نركز اجلزيرة للدراسات عليى أن‬
‫يأيت نلف "اخلليج يف سياق استراتيجي نتغري" وفق ضيوابط ننهجيي ونعيايري‬
‫نوضوعي وواقعي ‪ ،‬جتعل ننه نرجعًا ذا نصداقي لدى صنَّاع القرار نن جهي ‪ ،‬ويف‬
‫األوساط السياسي والبحثي العربي واألجنبي نن جه أخرى؛ وذلك على حنو جينِّبه‬
‫أن يكون جمرد جتميع لوجهات نظر حتمل نواقف نسيبق أو تعكيس قناعيات‬
‫شخصي أكثر مما يقدم حتليالً علميًّا رصينًا نستندًا إىل نؤشرات عملي واضح ‪.‬‬
‫نأنل أن يكون نلف "اخلليج يف سياق استراتيجي نتغري" نصيدرًا لثثيراء‬
‫املعريف يف حقل الدراسات اخلليجي ‪ ،‬وأن يشكِّل ننصي انطيالق ملزييد نين‬
‫اإلسهانات البحثي الرائدة ملركز اجلزيرة للدراسات وللفريق البحثي املشيار يف‬
‫إعداده‪ .‬وال يفوتنا يف ه ا املقام أن نتوجه خبالص التقدير واالنتنان للقائمني عليى‬
‫املركز ويف نقدنتهم ندير املركز‪ ،‬الدكتور صالح الدين الزين؛ والسادة الباحثني يف‬
‫املركز وجلميع نن شار يف ورش العمل اليت نظمت ملناقش األوراق البحثي الييت‬
‫يتضمنها ه ا امللف ملا قدنوه نن دعم ونساندة ال حمدودة حىت خيرج ه ا املليف‬
‫على الوجه املنشود ال ي حيقق االحترافي املهني اليت عهيدها اجلمييع يف نركيز‬
‫اجلزيرة للدراسات‪ ،‬واليت أهلته ليتبوّأ نكان نتقدن بني نراكز البحوث والدراسات‬
‫االستراتيجي يف ننطق الشرق األوسط ومشال إفريقيا رغم حداث عهيده قياسًيا‬
‫مبؤسسات حبثي عريق أخرى عربي وأجنبي ‪.‬‬
‫المحرران‬

‫‪01‬‬
‫مقدمة‬

‫فرضت التطورات واملستجدات اليت توالت على العا العربيي وعصيفت‬


‫بدول حموري يف النظام اإلقليمي العربيي يف العانني املاضيني قراءةً جديدة للواقيع‬
‫املعاش والتحديات املستقبلي ‪ ،‬ال سيما وأهنا غريت نن النسق التقليدي للمسيارات‬
‫املتوقع ‪.‬‬
‫فقد طرحت تلك األحداث تساؤالت ج ري وحتديات نن نوع خمتلف حول‬
‫التحوالت والرؤى املستقبلي للمنطق برنتها‪ ،‬ول ا كان نن املهم ختصيص نساح‬
‫للتفكري والنقاش حول التداعيات والتطورات والسيناريوهات املتوقعي للمرحلي‬
‫املقبل ‪.‬‬

‫فكرو الملف البحثي وهدفه العام‪:‬‬


‫يسعى ه ا امللف إىل حتقيق هدفني أصيلني‪ ،‬أحدمها هدف نظري يتصل بفهم‬
‫األسس اليت ترتكز إليها التطورات اليت شهدهتا الدول العربي خيالل السينوات‬
‫األخرية ممثل يف "الربيع العربيي" بكاف دالالته املعرفي والعملي والسياسي الراهن‬
‫واملستقبلي ‪ .‬أنا اهلدف العملي للملف‪ ،‬فيتمثل يف رصد أوجه االختالف والتشيابه‬
‫يف األبعاد احمللي واإلقليمي والدولي لظاهرة الربيع العربيي نن ننظيور حتليليي‬
‫نقارن‪.‬‬
‫ويف ضوء ذلك‪ ،‬حرص ه ا امللف على تقدمي إجابات نفتاحي على جمموعي‬
‫نن اإلشكاليات والتساؤالت اجلوهري املرتبط بيالتطورات واملسيتجدات الييت‬
‫شهدها السياق االستراتيجي العام ملنطق اخلليج‪ ،‬بأبعاده الوطني واإلقليمي والدولي‬
‫عموناً‪.‬‬
‫فقد شهد السياق االستراتيجي العام ملنطق اخلليج خيالل األعيوام الثالثي‬
‫األخرية حتوالت وتغريات جوهري نن املتوقع أن تظل تأثرياهتا احملتملي خخي ة يف‬
‫‪00‬‬
‫إفراز تداعياهتا العميق واملمتدة على دول املنطق على ندى العقد املقبل على أقيل‬
‫تقدير‪.‬‬
‫ونن مث‪ ،‬جيتهد ه ا امللف ‪-‬نن خالل تناوله القضايا ذات الصل هبي ا السيياق‬
‫االستراتيجي اخلليجي بالتحليل العلمي العميق‪ -‬يف بناء نتائج ننطقي رصين بشأن ه ه‬
‫القضايا املتشابك ‪ ،‬واستشراف نساراهتا املستقبلي قدر اإلنكان‪ ،‬وصوالً إىل خالصات‬
‫استراتيجي تُعني على فهم أفضل وأمشل وأعمق هل ا السياق يف حالته الراهن ‪ ،‬ووضيع‬
‫رؤى نتماسك ‪-‬نن ننظور خليجي‪ -‬بشأن نالحمه ونساراته املستقبلي ‪.‬‬
‫فقد شهدت األعوام الثالث األخرية "‪ "3012-3011‬تطورات دراناتيكي على‬
‫كاف الصُعد السياسي واألنني واالقتصادي اإلقليمي مبنطق الشرق األوسط‪ ،‬وهي‬
‫التطورات اليت محلت ‪-‬ونا تزال حتمل‪ -‬يف طياهتا دالالت بالغ وتأثريات جوهري‬
‫حمتمل على املستوى األنين واالستراتيجي بالنسب لدول وننطق اخلليج‪ .‬ويُعيزى‬
‫ه ا األنر إىل كون تلك التطورات‪ ،‬قد تداخلت فيها األبعاد الوطنيي واإلقليميي‬
‫والدولي ‪ ،‬وتشابكت نستويات تأثريها بني السياسي واالقتصيادي واالجتمياعي‬
‫واألنين على حنو غري نسبوق‪.‬‬
‫ونظراً لكون ننطق اخلليج تعد نن أكثر ‪-‬إن تكن أكثر‪ -‬ننياطق العيا‬
‫اجلغرافي ‪ ،‬حساسي وتأثراً بالتطورات والتغريات اليت تطرأ على املشيهد العياملي‬
‫وحميطها اإلقليمي املباشر وغري املباشر‪ ،‬فقد نثلت التطورات اليت شهدهتا املنطقي‬
‫وجوارها اجلغرايف القريب خالل ه ه الفترة نا ميكن تسميته بي "نؤشر خطورة"‬
‫فيما يتصل مبستقبل نسارات األوضاع السياسي واالجتماعي واألنني واالقتصادي‬
‫يف املنطق برنتها‪.‬‬
‫و تقتصر التطورات سالف ال كر على إفرازات نا اصطلح عليى تسيميته‬
‫بثورات الربيع العربيي فحسب‪ ،‬حيث شهدت املنطق أيضا بوادر يف تغري طبيعي‬
‫القوى اإلقليمي غري العربي الساعي إىل ممارس نفوذ نتزايد ال سيما تركييا‪ ،‬ونيا‬
‫يستتبعه ذلك نن تنافس نع القوى اإلقليمي التقليدي الطاحم ل لك ويف نقدنتيها‬
‫إيران وإسرائيل‪.‬‬
‫يضاف إىل ذلك‪ ،‬التطورات املتالحق على صعيد الداخل العراقي ال سيما يف‬
‫ضوء االنسحاب للقوات األنريكي الي ي بنهايي العيام ‪ ،3011‬والتصيعيد‬
‫‪01‬‬
‫اإلسرائيلي املتكرر بتوجيه ضرب عسكري ضد املنشآت النووي اإليراني ‪ ،‬فضالً عن‬
‫التطورات املرتقب املتعلق بسياس إيران اخلارجي على ضيوء انتخياب املرشيح‬
‫"اإلصالحي" حسن روحاين رئيساً للبالد يف االنتخابات اليت أجريت يف الرابع عشر‬
‫نن يونيو ‪.3012‬‬
‫كما شهد الداخل اخلليجي جمموع نن التطورات السياسي خالل السنوات‬
‫الثالث األخرية‪ ،‬متثل أبرزها فيما شهدته بعض دول جملس التعاون اخلليجي نين‬
‫حرا سياسي غري نسبوق وباألخص يف احلالتني‪ :‬البحريني ‪ ،‬والكويتي ‪ ،‬وكيان‬
‫أحدث نستجدات الساح اخلليجي تنازل أنري قطر الشيخ محد بن خليف خل ثاين‬
‫يف ‪ 39‬يونيو ‪ 3012‬عن احلكم لنجله ويل العهد الشيخ متيم بن محد خل ثاين أنيري‬
‫البالد احلايل؛ يف سابق هي األوىل يف التياريخ السياسيي العربييي احليديث‬
‫واملعاصر‪.‬‬
‫وترافقت ه ه التطورات اإلقليمي ‪ ،‬نع نستجدات نوعي على الصعيد الدويل‪،‬‬
‫وذلك نن خالل بروز نؤشرات نتزايدة على وجود حتول يف توجهات وأولويات‬
‫السياس اخلارجي األنريكي خالل العقد املقبل جله تركيز االهتمام بدرج أكيرب‬
‫على ننطق خسيا واحمليط اهلادي بالنظر إىل التوتر ال ي شهدته شبه اجلزيرة الكوري‬
‫خالل األشهر األوىل نن العام احلايل "‪ "3012‬ونن أجل نواجه تصياعد اليدور‬
‫الصيين املنافس للهيمن األنريكي عاملياً وخسيوياً‪ ،‬باإلضاف إىل احتمياالت وقيوع‬
‫أزن نالي عاملي أخرى بسبب تفاقم أزن الديون السيادي األوروبيي ‪ ،‬واملخياطر‬
‫املستمرة نن أزن ديون أنريكي جديدة‪.‬‬
‫وجاء ذلك نتزانناً نع تصاعد اجلدل بشأن نستقبل نفط اخلليج ودول ننظم‬
‫"أوبك" على خلفي جلوء الواليات املتحيدة للسيحب نين خمزوهنيا النفطيي‬
‫االستراتيجي لتعويض نا وصفته بنقص املعروض نن النفط العاملي‪.‬‬

‫المنوجية‪:‬‬
‫متت نعاجل قضايا ه ا امللف وفق ننهجي علمي شانل ترتكز إىل األسيس‬
‫العلمي املتعارف عليها يف "دراسات املناطق اإلقليمي " بالتطبيق على ننطق اخللييج‬
‫خالل الفترة الزنني حمل البحث والتحليل‪.‬‬
‫‪01‬‬
‫إذ ترتكز ننهجي امللف على رصد‪ ،‬وعرض‪ ،‬وتشخيص‪ ،‬وحتليل واقع التطيورات‬
‫اخلليجي ‪ ،‬واإلقليمي ‪ ،‬والدولي املعني ‪ ،‬واستشراف االجتاهات العان ملساراهتا يف املستقبل‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فقد اعتمد امللف يف مجيع أوراقه البحثي ننهجي عمل تقوم على اتباع املنيهج‬
‫العلمي والتحليل االستقصائي‪ ،‬باالستناد إىل البيانات الدقيق واملوثق واملعتمدة يف عيرض‬
‫وحتليل كل قضي نن قضاياه ونناقش أبعادها واالحتماالت املتوقع بشيأهنا بأسيلوب‬
‫يتسم بالشمولي املعلوناتي والتكانل يف العرض والتحليل واالستنتاج‪ ،‬مبا يسهم يف تكوين‬
‫صورة واقعي شانل لكل نن ه ه القضايا بأبعادها الراهن واملستقبلي ‪.‬‬

‫تساؤال الملف‪:‬‬
‫يثري ه ا امللف جمموع نن التساؤالت ذات الصل باملوضوعات والقضايا حمل‬
‫التحليل والدراس ‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ ‬هل ميكن تصدير الثورات عموناً عرب حدود الدول؟ وهل هنا بالفعل نيا‬
‫ميكن أن نطلق عليه "عدوى الثورات"؟‬
‫‪ ‬نا هي خصوصي نا يسمى بي "ثورات الربيع العربيي" يف ه ا اإلطار؟‬
‫‪ ‬نا هو تأثري العوانل اخلارجي على التطور السياسي الداخلي يف ننطق اخلليج‬
‫حتديداً يف ضوء اخلربة التارخيي للمنطق نن جه ‪ ،‬وبيالنظر إىل التيداعيات‬
‫احملتمل لثورات الربيع العربيي نن جه أخرى؟‬
‫‪ ‬واتصاالً ب لك؛ نا هي ندى صح وواقعي نقول "استثنائي وحصيان دول‬
‫اخلليج" ضد التغيريات اخلارجي ال سيما على ضوء التطورات السياسي الييت‬
‫شهدهتا ‪-‬ونا تزال بعض دول جملس التعاون اخلليجي‪ -‬وتصياعد احليرا‬
‫الشعبيي والسياسي يف دول اجلوار اخلليجي املباشر وخباص يف كيل نين‪:‬‬
‫العراق‪ ،‬واألردن‪ ،‬ونن قبل ذلك التطور الثوري يف اليمن؟‬
‫‪ ‬هل يوجد نفهوم خاص "للربيع اخلليجي" خيتلف عن نظريه العربيي؟ ونيا‬
‫هي جوانب التشابه واالختالف بني االثنني؟‬
‫‪ ‬إىل أي ندى جنحت دول جملس التعاون أو بعضها على األقل يف اسيتخدام‬
‫احلوافز والكوابح االقتصادي لتحقيق اإلصالح والتطوير السياسيي بطريقي‬
‫سلمي سلسل يف اإلطار الدستوري والنظام السياسي القائم؟‬
‫‪01‬‬
‫نا هي اآلليات والتطورات األخرى ذات الصل باإلصالح السياسي يف دول‬ ‫‪‬‬

‫جملس التعاون (تقوي صالحيات املؤسس الربملاني ‪ ،‬إجراء انتخابات نيزيه‬


‫يشرف عليها القضاء وتراقبها املنظميات الدوليي املعنيي ‪ ،‬تفعييل دور‬
‫نؤسسات اجملتمع املدين والد عوي‪ ،‬إصالح التعليم‪ ،‬نكافح الفساد بكافي‬
‫صوره‪...‬إخل)؟‬

‫المحاور واألوراق البحثية‪:‬‬


‫انطالقاً نن األهداف اليت يسعى إىل حتقيقها ه ا امللف البحثي‪ ،‬وتناغماً نع‬
‫التطور املعاصر لعلم السياس ‪ ،‬جيتهد ه ا امللف يف اجلمع عرب أوراقه‪ ،‬بني حقل‬
‫العالقات الدولي ‪ ،‬والنظم السياس ي ‪ ،‬والسياس املقارن ‪ ،‬إذ يستفيد نن إسهانات‬
‫كتابه‪ ،‬فريكز على تفاعل املتغريات الدولي واإلقليمي واحملليي ‪ -‬اخلليجيي ‪،‬‬
‫فريصد ويناقش املستجدات اإلقليمي يف العا العربيي وال سيما نا بات يعرف‬
‫بثورات الربيع العربيي‪ ،‬وتأثريها على املنظون اخلليجي فرادى وجمتمع ‪ .‬وبناء‬
‫عليه‪ ،‬فقد تقسيم اهليكل العام للملف البحثي إىل مخس فصول رئيس ونقدن‬
‫وخامت ‪.‬‬
‫أنا املقدن فتسلط بعض الضوء على األمهي اجليواستراتيجي واجليواقتصادي ملنطق‬
‫اخلليج‪ ،‬وتبيان دالالهتا الراهن واملستقبلي يف ضوء التطورات اإلقليمي والدولي اجلاري ‪،‬‬
‫فيما تتضمن اخلامت االستنتاجات والتوصيات اليت توصل إليها امللف‪.‬‬
‫ويندرج يف إطار الفصول اخلمس للملف مخس عشرة ورق حبثي ؛ شار يف‬
‫إعدادها خنب نن اخلرباء والباحثني اخلليجيني والعرب املعنيني بالشأن االسيتراتيجي‬
‫عموناً والقضايا اخلليجي على وجه اخلصوص‪ ،‬حيث تنوعيت اهتمانياهتم بيني‬
‫السياسي واألنين واالقتصادي واالجتماعي والثقايف‪.‬‬
‫يرصد الفصل األول وهو بعنوان "البيئ االسيتراتيجي يف اخللييج‪ ..‬حتيول‬
‫الثوابت وإشكالي استشراف املستقبل"‪ ،‬وال ي أعده حممد بدري عييد‪ ،‬وحيليل‬
‫نظاهر وأبعاد التحوالت اليت طرأت على الثوابيت احلاكمي واملكوني للبيئي‬
‫االستراتيجي يف ننطق اخلليج على ندار العقدين األخريين‪ ،‬وحتديداً نني هنايي‬
‫حرب اخلليج الثاني عام ‪ 1991‬حىت اآلن وذلك على ضوء التغريات اليت شيهدها‬
‫‪01‬‬
‫احمليط اإلقليمي والدويل خالل عام ‪ ،3013‬ويسلط الباحث بعض الضوء على أوجه‬
‫وجوانب الثبات والتغري يف جممل البيئ االستراتيجي احلاوي للتفياعالت‪-‬البينيي‬
‫واخلارجي ‪ ،‬املرجح لدول املنطق يف احلاضر‪ ،‬وخيتتم هي ا الفصيل باستشيراف‬
‫السيناريوهات احملتمل ملالنح ه ه البيئ يف املستقبل املنظور‪.‬‬
‫ويركز الفصل الثاين‪ ،‬وهو بعنوان "الربييع العربييي وننظوني التعياون‬
‫اخلليجي‪ ..‬حدود التأثر ونظاهر التأثري وحمدداته"‪ ،‬على بيان جتلييات التطيورات‬
‫السياسي والثورات اليت شهدهتا بعض دول املنطق ‪ ،‬عليى دول جمليس التعياون‬
‫اخلليجي ‪-‬فرادى وجمتمع ‪ -‬على خمتلف األصعدة األنني والسياسي واالقتصيادي‬
‫وك لك على سياساهتا اخلارجي ‪.‬‬
‫وخيترب ه ا الفصل ندى استمراري صح املقول ال ائع بأن مثي خصوصيي‬
‫نعين لدول اخلليج العربيي جتعلها يف "حصان نا" جتاه اليتغريات والتطيورات‬
‫السياسي اجلاري يف املنطق ‪ ،‬نع حماول استيضاح نالنح ه ه اخلصوصي يف املاضي‪،‬‬
‫وأسباهبا‪ ،‬واختبار ندى صالبتها ‪-‬كلياً أو جزئياً‪ -‬يف ضيوء تيداعيات الربييع‬
‫العربيي‪ ،‬واستشراف نا إذا كانت ه ه اخلصوصي سوف تستمر‪ ،‬ونا إذا كانت‬
‫ستمثل حصان بالفعل أم عائق أنام تطور دول اخلليج‪.‬‬
‫ويشتمل ه ا الفصل على ثالث أوراق حبثي ‪ ،‬الورق األوىل حتيت عنيوان‬
‫"جملس التعاون اخلليجي وإدارة األزنات السياسي اإلقليمي ‪ :‬البحيرين‪ ،‬الييمن‪،‬‬
‫وسوريا"‪ .‬يناقش نن فيها عبد العزيز احليص‪ ،‬ننطلقات الرؤي اخلليجي لألزنيات‬
‫الثالث‪ ،‬وفق خصوصي كل أزن ‪ ،‬وبيان التغري ال ي طرأ على طريق إدارة املنظون‬
‫اخلليجي لألزنات عقب نا يعرف بثورات الربيع العربيي‪.‬‬
‫وتستعرض الورق البحثي الثاني ‪ ،‬اليت أعدها عمر احلسين بعنيوان "أبعياد‬
‫ودالالت حتول جملس التعاون اخلليجي نن صيغ التعاون إىل صيغ االحتاد"‪ ،‬تطور‬
‫فكرة التعاون بني دول جملس التعاون اخلليجي الست يف ضوء تفاعل اجمللس نيع‬
‫نعطيات البيئ اإلقليمي مبكوناهتا السياسي واألنني والعسكري واالقتصادي ‪ .‬حيث‬
‫ترصد دوافع ونربرات التحول إىل صيغ االحتاد اخلليجي‪ ،‬والتأثريات احملتمل ل لك‬
‫على دول اجمللس فرادى وجمتمع ‪ ،‬ونعوقات حتقيق ه ا االحتاد‪ ،‬وفرص ضيم دول‬
‫أخرى لعضوي جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫‪06‬‬
‫أنا الورق البحثي الثالث ضمن ه ا احملور فهي بعنيوان "الربييع العربييي‬
‫واحلرا السياسي الداخلي يف دول جملس التعاون اخلليجيي‪ :‬احلالي الكويتيي‬
‫منوذجاً"‪ ،‬حيث خيترب نعدها أسان اجلهيم ندى صح نقول أن مث خصوصي نعين‬
‫لدول اخلليج جتعلها يف حصان نا جتاه التغريات والتطورات السياسيي اجلاريي يف‬
‫املنطق ‪ ،‬نع حماول استيضاح نالنح ه ه اخلصوصي واستشراف نستقبلها يف ضوء‬
‫تداعيات الربيع العربيي‪ ،‬وذلك يف ضوء قراءة نا شهدته الكويت نن تطورات يف‬
‫العانني األخريين‪.‬‬
‫أنا الفصل الثالث‪ ،‬فهو بعنوان "التفاعالت اإلقليميي والدوليي ملنظوني‬
‫التعاون اخلليجي على ضوء الربيع العربي ي"‪ ،‬ويتضمن ثالث أوراق حبثي تعرض‬
‫ملواقف دول جملس التعاون اخلليجي إز اء ثورات الربييع العربييي يف ضيوء‬
‫احملددات الداخلي واخلارجي اخلاص بكل دول ننها على حدة‪ ،‬نع بيان أوجيه‬
‫التطابق أو التشابه أو التمايز بني املواقف اخلليجي إزاء ه ه الثورات‪ ،‬وأسيباب‬
‫ودالالت ذلك‪.‬‬
‫إذ يتناول مجال عبد اهلل يف أوالها "السياس اخلارجي القطري ‪ ..‬نن احلياد إىل‬
‫التأثري"‪ ،‬ويعاجل ننصور البقمي يف الثاني نضانني "املوقف السعودي نين ثيورات‬
‫الربيع العربيي"‪ ،‬فيما يقدم خالد املزيين يف الثالث قراءة شانل ألبعياد "املوقيف‬
‫اإلنارايت نن ثورات الربيع العربيي"‪.‬‬
‫ويشتمل الفصل الرابع‪ ،‬وهو بعنوان "التفاعالت البينيي للقيوى اإلقليميي‬
‫والدولي وعالقاهتا نع دول ننظون التعاون اخلليجي"‪ ،‬على مخيس أوراق حبثيي ‪.‬‬
‫تسلط األوىل‪ ،‬وهي بعنوان "العالقات اخلليجي نع دول اجلوار الكيربى‪ :‬إييران‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬وتركيا"‪ ،‬وأعدها حيىي الزهراين‪ ،‬بعض الضوء على اليتغريات يف طبيعي‬
‫وحجم أدوار ونفوذ القوى اإلقليمي الكربى يف ننطق الشرق األوسط يف نرحلي‬
‫نا بعد الربيع العربيي نقارن بدول املنظون اخلليجي ‪ .‬وتستعرض الثانيي وهيي‬
‫بعنوان "العالقات العراقي ‪ -‬اإليراني وأثرها على نسيتقبل األنين يف اخللييج"‪،‬‬
‫وأعدها حممد وائل القيسي‪ ،‬نؤشرات تناني الدور اإليراين يف املنطق عمونياً ويف‬
‫العراق خصوصاً يف ضوء املعطيات اإلقليمي اجلديدة‪ ،‬نع استشراف السيناريوهات‬
‫احملتمل لنظام األنن اإلقليمي يف اخلليج‪ .‬ويستكشف أنطوان شلحت نين خيالل‬
‫‪07‬‬
‫ورق "الرؤي اإلسرائيلي للخليج يف ضوء ثورات الربييع العربييي"‪ ،‬ننطلقيات‬
‫املوقف اإلسرائيلي التقليدي إزاء دول وننطق اخلليج‪ ،‬وناهي ونالنح التغري يف ه ا‬
‫املوقف‪ ،‬ونستقبل السياس اإلسرائيلي يف التعانل نع اخلليج يف نرحل نا بعد الربيع‬
‫العربيي‪.‬‬
‫أنا الورق البحثي الرابع ضمن ه ا الفصل فهي بعنوان "الرؤي األوروبيي‬
‫ملستقبل العالقات بني االحتاد األ وروبيي ودول اخلليج يف نرحل نا بعد الربييع‬
‫العربي ي"‪ ،‬واليت أعدها بشارة خضر‪ ،‬فتناقش أبعاد التغري يف الرؤيي األوربيي‬
‫لطبيع ونضمون العالقات نع دول ننظون جملس التعاون اخلليجي خالل العقود‬
‫األربع األخرية‪ ،‬ونستبل العالقات األوروبي ‪ -‬اخلليجي يف نرحل نا بعد الربييع‬
‫العربيي‪.‬‬
‫وتربز الورق البحثي اخلانس واألخرية يف ه ا الفصل‪ ،‬واليت أعدها عبد اهلل‬
‫باعبود‪ ،‬وهي بعنوان "الدور املستقبلي للقوى الدولي الكربى يف أنين اخللييج‪:‬‬
‫الواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬فرنسا وحلف الناتو"؛ التحوالت النوعي يف‬
‫أدوار القوى الدولي الكربى يف حفظ أنن اخلليج‪ ،‬على ضيوء املسيتجدات يف‬
‫نكونات البيئ األنني االستراتيجي اجلديدة يف املنطق ‪ ،‬مبا يف ذليك التطيورات‬
‫اإلقليمي ذات الصل بتداعيات ثورات الربيع العربييي حاليياً ويف املسيتقبل‬
‫املنظور‪.‬‬
‫أنا الفصل اخلانس واألخري فجاء حتت عنوان "التطورات اإلقليمي والدوليي‬
‫وتأثرياهتا االقتصادي والدميغرافي على املنظون اخلليجي "‪ .‬ويشتمل عليى ثيالث‬
‫أوراق حبثي ‪ ،‬تقدم األوىل‪ ،‬وهي بعنوان "استثمارات الصناديق السيادي اخلليجي يف‬
‫اخلارج وانعكاساهتا على األنن االقتصادي اخلليجي"‪ ،‬وأعدها جاسم حسني‪ ،‬رؤي‬
‫تقييمي ألداء الصناديق االستثماري اخلليجي يف الوقت الراهن‪ ،‬وخمياطر اسيتمرار‬
‫االعتماد على االستثمار يف الغرب يف ضوء أزناته املالي ‪ ،‬وبدائل االستثمار األخرى‬
‫املتاح يف الدول العربي والداخل اخلليجي‪.‬‬
‫وتستشرف الثاني ‪ ،‬وهي بعنوان "التطورات اإلقليمي احملتمل وتداعياهتا عليى‬
‫سياسات أنن الطاق يف املنطق "‪ ،‬وأعدها حجاج بو خضور‪ ،‬نستقبل سياسيات‬
‫الطاق (نفط وغاز طبيعي) اخلليجي يف ضوء املستجدات اإلقليمي والعامليي عليى‬
‫‪08‬‬
‫املستويات االقتصادي واملالي واجليو‪-‬استراتيجي ‪ ،‬والبدائل املتاح أنام االقتصاديات‬
‫اخلليجي يف ضوء ه ه التطورات يف السنوات املقبل ‪.‬‬
‫وتسلط الورق البحثي الثالث يف ه ا الفصل‪ ،‬وهي بعنوان "العمال اآلسييوي‬
‫الوافدة وتأثرياهتا على واقع ونستقبل دول اخلليج"‪ ،‬وأعدها خالد عبد القادر‪ ،‬بعض‬
‫الضوء على أسباب اعتماد دول اخلليج على العمال اآلسيوي ‪ ،‬والتداعيات السياسي‬
‫واالقتصادي والثقافي واألنني والدميوغرافي ل لك‪ ،‬وتطرح بدائل استراتيجي شانل‬
‫للتعانل نع ه ه العمال نن ننظور األنن الوطين لدول اخلليج يف املستقبل املنظور‪.‬‬
‫وأخرياً‪ ،‬خيتتم ه ا امللف البحثي خبالصات تتضمن‪ :‬نتائج عان ‪ ،‬وتوصييات‬
‫ونرئيات استراتيجي ‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫الفصل األول‬

‫البيئة االسرتاتيجية يف اخلليج‪..‬‬

‫التحوال والتحديا‬

‫‪10‬‬
‫البيئة االستراتيجية الراهنة في الخليج‬
‫التحوال والتحديا‬
‫أ محمد بدري عيد‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫كانت البيئ االستراتيجي ملنطق اخلليج العربيي ‪-‬ونا تزال‪ -‬حميالً لليتغري‬
‫والتبدل‪ ،‬الكلي واجلزئي‪ ،‬بفعل التطورات اليت تشهدها بني وهيكل النظام اليدويل‬
‫نن جه ‪ ،‬والزخم ال ي تتمخض عنه تفاعالت وتوازنات القوى الكربى وامليؤثرة‬
‫يف النظام اإلقليمي العربيي والشرق األوسطي‪.‬‬
‫وتدل اخلربة التارخيي ‪ ،‬ونعطيات الواقع الراهن أن ه ه البديه العملي نرشح‬
‫للترسخ واالستمرار يف العقود املقبل وخباص يف ضوء نا تشهده املنطق نن أحداث‬
‫نتسارع ‪ ،‬وتطورات نطردة ونتشابك ذات تداعيات نعقدة ونتداخلي نكانيياً‬
‫وزنانيا يف خن واحد نعاً‪.‬‬
‫ونع األخ بعني االعتبار األمهي االقتصادي واجليوستراتيجي ملنطق اخللييج‬
‫العربيي‪ ،‬إقليمياً وعاملياً‪ ،‬فإن مث عوانل نوضوعي واعتبارات واقعي ذات صيل‬
‫بالبني الدميوغرافي واجملتمعي لدول جملس التعاون اخلليجي تساهم يف فهم"حساسي‬
‫التأثر" البالغ لدى دول املنطق ‪-‬فرادى وجمتمع ‪ -‬مبيا تعتميل بيه التفياعالت‬
‫والعالقات اإلقليمي والدولي يف شقيها التعاوين والصراعي على حد سواء‪ .‬استناداً‬
‫إىل نا تقدم؛ جتتهد ه ه الورق البحثي يف تشخيص أبعاد التحوالت وحتليلها‪ ،‬تلك‬
‫اليت طرأت على الثوابت احلاكم للبيئ االستراتيجي يف ننطق اخلليج؛ وذلك على‬
‫ضوء التغريات اليت شهدها احمليطان اإلقليمي والدويل خيالل العيانني األخرييين‬
‫(‪ ،)3013-3011‬وباألخص نا يتصل بالتيداعيات الييت أفرزهتيا ‪-‬وال تيزال‪-‬‬
‫التحوالت السياسي واالجتماعي الدراناتيكي اليت شهدهتا بعض الدول العربي ‪ ،‬اليت‬
‫‪11‬‬
‫باتت األوساط اإلعالني العربي والغربي على السواء تطلق عليها اصطالح "ثورات‬
‫الربيع العربيي"‪ .‬وتتركز بؤرة اهتمام ه ه الورق البحثي يف بيان نعا التحوالت‬
‫الرئيسي ‪ ،‬اليت شهدهتا البيئ االستراتيجي يف ننطق اخلليج خالل العانني األخرييين‬
‫نقارن مبا كانت عليه خالل العقدين املاضيني‪ ،‬وحتديدًا نن هناي حيرب حتريير‬
‫الكويت "حرب اخلليج الثاني " عام ‪.1991‬‬
‫لقد شهدت البيئ االستراتيجي للمنطق تبدالت وحتوالت على نيدار هي ه‬
‫السنوات‪ ،‬كما احتفظت ببعض جوانب الثبات يف نكوناهتا والقوى املؤثرة فيهيا‪،‬‬
‫بدءا نن أحداث احلادي عشر نن سبتمرب عام ‪ ،3001‬نروراً بياحلرب األنريكيي‬
‫على العراق عام ‪ ،3002‬وصوالً إىل ثورات الربيع العربي وتداعياهتا اليت نازالت يف‬
‫طور السيول وعدم اليقني‪.‬‬
‫وعليه؛ يسعى التحليل إىل استجالء جوانب الثبات أو التغري يف جممل بني البيئ‬
‫االستراتيجي للمنطق ‪ ،‬وصوالً إىل استشراف السيناريوهات احملتمل لطبيع البيئي‬
‫االستراتيجي للمنطق وشكلها ونكوناهتا يف املستقبل املنظور‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬المفووم المعاصر لألمن‪:‬‬


‫على الرغم نن األمهي القصوى ملفهوم األنن وشيوع استخدانه يف العديد نن‬
‫العلوم اإلنساني فإنه ال يكاد يوجد تعريف جانع نانع هل ا املفهوم احليوي يف حياة‬
‫الدول املعاصرة‪ .‬ويعزى ه ا األنر إىل وجود عدد نن اإلشكاليات املنهجي املرتبط‬
‫مبفهوم األنن؛ أمهها‪ :‬احلداث النسبي هل ا املفهوم‪ ،‬والطبيعي املركبي واملعقيدة‬
‫واملتشابك لألنن باعتباره ظاهرة جمتمعي ‪ ،‬مما ساهم يف احتدام اجلدل بني الباحثني‬
‫والدارسني حول نا إذا كان األنن يُعبِّر عن حال أو أنه إجراء‪ ،1‬األنر ال ي ساهم‬
‫يف غياب التحديد الدقيق للمفهوم‪ .‬ونن دون الدخول يف تفاصيل اجلدل احملتدم يف‬

‫للمزيد نن التفاصيل حول إشكاليات تعريف نفهوم األنن واجلدل بيني البياحثني يف‬ ‫‪1‬‬
‫ه ا اخلصوص‪ ،‬انظر‪ :‬حاند ربيع‪" :‬نظري األنن القوني العربيي والتطيور املعاصير‬
‫للتعانل الدويل يف ننطق الشرق األوسط"‪ ،‬ط‪( 1‬القياهرة‪ :‬دار املوقيف العربييي‪،‬‬
‫‪ ،)1983‬ص ص ‪ .31-23‬وأمحد فؤاد رسالن‪" :‬األنن القيوني"‪ ،‬رسيال ناجسيتري‬
‫غري ننشورة‪( ،‬جانعي القياهرة‪ :‬كليي االقتصياد والعليوم السياسيي ‪،)1999 ،‬‬
‫ص ص ‪.333-329‬‬
‫‪11‬‬
‫ه ا الصدد‪ ،‬نتبىن يف ه ه الورق نفهونًا لألنن مبعناه االستراتيجي املتعدد؛ وذليك‬
‫على أنه‪" :‬جمموع املبادئ والقيم النظري واألهداف الوظيفي والسياسات العمليي‬
‫املتعلق بتأنني وجود الدول ‪ ،‬وسالن أركاهنا ونقونات استمرارها واسيتقرارها‪،‬‬
‫وتلبي احتياجاهتا‪ ،‬وضمان قيمها ونصاحلها احليوي ‪ ،‬ومحايتها نن األخطار القائم‬
‫واحملتمل ‪ ،‬داخليًّا وخارجيًّا‪ ،‬نع نراعاة نتغريات البيئ الداخلي واإلقليمي والدولي "‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األهمية االستراتيجية واالرتصادية لمنطقة الخليج‪:‬‬


‫ً‬
‫غين عن البيان أن ننطق اخلليج تتسم بأمهي بالغ نن الناحيتني االسيتراتيجي‬
‫واالقتصادي ‪ ،‬ويعظم نن ه ه األمهي وجود أبعاد إقليمي للمنطق ؛ ونن مث ألنين‬
‫اخلليج؛ وذلك على النحو ال ي يبدو يف ارتباط املنطق عضويًّا بأقياليم جغرافيي‬
‫وحتكمها يف ممرات نائي شديدة األمهي لألنن واالقتصاد العامليني على السواء‪.‬‬
‫وتكتسب ننطق اخلليج أمهيتها نن حقيق توافر أهم نيتغريين اسيتراتيجيني‬
‫نرتبطني بأنن العا واستقراره؛ ومها‪ :‬املوقع االسيتراتيجي احلياكم‪ ،‬وامليوارد‬
‫االستراتيجي املهم ويف نقدنتها النفط؛ فاملوقع االستراتيجي احلاكم ملنطق اخلليج‬
‫جعل ننها ‪-‬تارخييًّا‪" -‬عنق العا "؛ حيث إن نن يسيطر عليها يكون مبقيدوره أن‬
‫"خينق العا "‪ ،‬باإلضاف إىل انتالكها أهم وأخطر أداة إنتاج عرفها التاريخ (النفط)‪،‬‬
‫ال ي يعد نادة ال غىن عنها لالقتصاد العاملي ككل‪.‬‬
‫وإذا كان املوقع االستراتيجي قد استرعى اهتمام دول العا ‪ ،‬فإن اكتشياف‬
‫النفط أضاف عنصرًا حيويًّا للخليج؛ لكون النفط ميثل عصب احلضارة احلديث ‪ ،‬وقد‬
‫برزت األمهي االقتصادي ملنطق اخلليج نن اكتشاف ننابع النفط اهلائلي وتقيدير‬
‫االحتياطي الضخم به‪ ،‬حيث مجعت املنطق هب ه املادة اخلام بني نصيادر الثيروة‬
‫والقوة العاملي ‪ ،‬فمن يسيطر على اخلليج ونوقعه وأنواله يسيطر على العا ‪.1‬‬
‫ومتتلك دول جملس التعاون اخلليجي الست حوايل ‪ %92‬نن االحتياطي املؤكد‬
‫نن النفط العاملي حبسب أرقام ‪ ،3006‬ونن املتوقع أن ترتفع ه ه النسيب إىل ‪%62‬‬
‫حبلول ‪ ،3019‬وتنتج نا نسبته ‪ %33‬نن النفط العاملي‪ ،‬ونن املتوقيع أن تصيل إىل‬

‫حممد رشيد الفيل‪" :‬األمهي االستراتيجي للخليج العربيي"‪ ،‬ط‪( 3‬الكويت‪ :‬نكتب ذات‬ ‫‪1‬‬
‫السالسل‪ ،)1988 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ %36‬عام ‪ ،3019‬كما حتتكر ‪ %30‬نن صادرات النفط العاملي ‪ ،‬وهبيا ‪ %13‬نين‬
‫االحتياطي املؤكد نن الغاز الطبيعي يف العا ‪.1‬‬
‫ه ه األمهي االستراتيجي واالقتصادي للمنطق جعلتها هدفًا ونسرحًا لتنافس‬
‫القوى الدولي الراني إىل السيطرة عليها؛ وبالتايل يكن غريبًا أن حتظيى قضيي‬
‫األنن واالستقرار يف اخلليج باهتمام القوى الدولي الكربى‪ ،‬حيث إن نا شيهدته‬
‫املنطق ‪-‬ونا تزال‪ -‬نن أحداث وتطورات يف أوقات السلم واحليرب‪ ،‬يكين‬
‫سوى نتيج طبيعي ل لك االهتمام وتلك األمهي ‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬معالم البيئة االستراتيجية في الخليج (‪:)1111-1991‬‬


‫كانت حلرب اخلليج الثاني ‪ 1991‬تأثريات جوهري على جممل نعطييات البيئي‬
‫االستراتيجي يف املنطق ؛ ال سيما يف بعدها األنين‪ ،‬وعلى ناهي طبيع الترتيبات األننيي‬
‫هبا‪ ،‬وهي التأثريات اليت انتدت على ندار عقد كانل حىت وقوع أحيداث ‪ 11‬نين‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول عام ‪ 3001‬ونا تبعها نن حربيي أفغانستان والعراق‪ .‬فقد شكَّلت حرب‬
‫حترير الكويت حتوالت جوهري يف املرتكزات والثوابت اليت ظل ه ا األنن يستند إليها‬
‫نن االنسحاب الربيطاين نن املنطق عام ‪1991‬؛ كما أوجدت ه ه احلرب نعطييات‬
‫جديدة يف البيئ االستراتيجي األنني يف املنطق ؛ سواء نا يتعلق مبعادل تيوازن القيوى‬
‫التقليدي بني العراق وإيران‪ ،‬أو نا خيص نصادر هتديد األنن اخلليجيي‪ ،‬أو األطيراف‬
‫املعني نباشرة بتحقيق ه ا األنن وخليات احلفاظ عليه يف نواجه ه ه التهديدات‪ .‬وقد‬
‫متثلت أهم نالنح بيئ النظام اإلقليمي اخلليجي يف نرحل نا بعد انتهاء حرب اخللييج‬
‫الثاني ‪ ،‬والغزو األنريكي للعراق "حرب اخلليج الثالث " يف اآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬التغري اجلوهري يف نفهوم األنن الوطين لدول اخلليج‪ ،‬ويف نفهيوم األنين‬
‫اإلقليمي هل ه الدول جمتمع ‪ ،‬وأيضًا يف نفهوم األنن اإلقليمي‪/‬القوني للنظيام‬
‫العربيي برنته بعد انتهاء احلرب‪:2‬‬

‫األنان العان ملنظم الدول املنتج واملصدرة للنفط (أوبك)‪ ،‬التقرير السينوي ‪،)3006‬‬ ‫‪1‬‬
‫ص ‪ 18‬وص ‪.31‬‬
‫عبد املنعم املشاط‪" :‬أثر حرب اخلليج على نفهوم األنين القيوني"‪ ،‬جملي العليوم‬ ‫‪2‬‬
‫االجتماعي ‪ ،‬اجمللد (‪ ،)31‬العدد (‪ ،)3/2‬خريف‪ /‬شتاء ‪ ،)1992‬ص ‪.39‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ -‬نن ناحي أوىل أحدثت احلرب حتوالً كيبريًا يف نيدركات التهدييدات‬
‫اخلليجي ونصادرها؛ حيث أصبح العراق أحد أهم ه ه املصادر بعدنا كان‬
‫قبل الغزو أداة للتوازن االستراتيجي يف ننطق اخلليج يف نقابل إيران‪ ،1‬وقد‬
‫ظلت دول جملس التعاون اخلليجي تنظر إىل العراق باعتباره نصدرًا نباشرًا‬
‫لتهديد أننها‪ ،‬حىت إسقاط نظام صدام حسني عام ‪.3002‬‬
‫‪ -‬ونن ناحي ثاني اجتهت دول اخلليج إىل التركيز على األبعاد اخلارجيي‬
‫لألنن على حساب األبعاد الداخليي ‪ ،‬وننحيت األولويي للعوانيل‬
‫العسكري دون سواها لتحقيق األنن الوطين واإلقليمي‪ ،‬فيميا كانيت‬
‫هنا نبادرات وضغوط خارجي لتشجيع اإلصالح السياسيي يف دول‬
‫الشرق األوسط مبا فيها دول اخلليج كأحد أهم تداعيات أحيداث ‪11‬‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول على املنطق ‪.2‬‬
‫‪ -‬ونن ناحي ثالث وأخرية تقليص وهتميش التأثري والدور العربييي يف‬
‫نعادل األنن اخلليجي؛ لصاحل تعاظم دور القوى الدولي يف ه ه املعادل‬
‫األنني ‪.‬‬
‫‪ .3‬التراجع عن نفهوم األنن اجلماعي لصاحل األنن الوطين‪/‬ال ايت‪ ،‬وقد متثل هي ا‬
‫التراجع يف التحفظ على االقتراح ال ي توصلت إليه اللجن األنني العليا الييت‬
‫شكلتها قم الدوح يف ديسمرب‪/‬كانون األول عام ‪ ،1990‬بزعان السيلطان‬
‫قابوس؛ ال ي كان يقضي بإنشاء جيش خليجي نوحَّد يتكون نن ‪ 100‬ألف‬
‫جندي نن دول جملس التعاون وله قيادة نوحدة‪.‬‬

‫حسن محدان العلكيم‪" :‬األنن واالستقرار يف ننطق اخلليج"‪ ،‬دراس استشرافي ‪ ،‬قضيايا‬ ‫‪1‬‬
‫خليجي ‪ ،‬العدد (‪ ،)2‬املركز العربيي للدراسات االستراتيجي ‪ ،‬يناير ‪ ،)1999‬ص ‪.9‬‬
‫ملزيد نن التفاصيل يف ه ا اإلطار‪ ،‬انظر على سبيل املثال‪ :‬عبد العظيم حمميود‪ ،‬تيأثري‬ ‫‪2‬‬
‫العوانل اخلارجي على اإلصالح السياسي يف النظم السياسي العربي (‪)3003 - 3001‬‬
‫"إشكالي العالق بني الداخل واخلارج"‪ ،‬رسال دكتوراه غري ننشورة‪ ،‬كلي االقتصياد‬
‫والعلوم السياسي ‪ ،‬جانع القاهرة‪ .3009 ،‬وصاحل بن حممد اخلتالن‪" :‬السياق اليدويل‬
‫لثصالح السياسي يف الوطن العربيي"‪ ،‬اجملل العربي للعلوم السياسي ‪ ،‬العدد ‪ ،19‬صيف‬
‫‪( 3008‬بريوت‪ :‬نركز دراسات الوحدة العربي )‪ ،‬ص ص ‪ .133 - 139‬انظر أيضا‪:‬‬
‫‪Nuno, S. Teixeira (ed). The International Politics of Democratization‬‬
‫‪(London: Rutledge, 2008), p.p. 8-25.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ .2‬رسخت حرب اخلليج الثاني التداخل بني األنن اإلقليمي اخلليجيي واألنين‬
‫الدويل‪ ،‬وخاص بني القوى الدولي ال سيما الواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬فقد‬
‫أسفرت احلرب عن غياب تام للمشارك العربي يف ترتيبات األنن يف اخللييج‬
‫فيما بعد حترير الكويت؛ إذ أصبحت ننظون األنن يف دول جملس التعياون‬
‫نرتكزة إىل حتالفات خليجي دولي باألساس‪ .1‬فلم يعد أنين اخللييج عربيًّيا‬
‫فحسب أو نسئولي دوله فقط‪ ،‬بل أصبحت القوى األجنبي ‪-‬اليت كانت متثيل‬
‫خطرًا نن قبل‪ -‬هي نصدر األنن واالستقرار يف املنطق ‪ ،‬وبات أنن اخلليج يعين‬
‫أنن واستقرار وسيادة دوله ضد العراق املتربص‪ ،‬فأصبح قضي دولي نن جهي ‪،‬‬
‫وجزءًا ال يتجزأ نن األنن واملصاحل العليا للدول الكربى ويف نقدنتها الوالييات‬
‫املتحدة نن جه ثاني ‪.2‬‬
‫‪ .3‬انكسار القدرة العسكري العراقي وإخراج العراق نؤقتًا نن نعادلي األنين‬
‫اإلقليمي يف اخلليج‪ :‬حيث يعد باإلنكان احلديث عن أي برنانج تسيليح‬
‫للعراق يف أعقاب غزوه للكويت؛ إذ إن قرارات جملس األنن الدويل اليت تلت‬
‫حترير الكويت قضت على القدرة االستراتيجي العراقي متانًا‪ ،‬بعدنا حطميت‬
‫قوات التحالف يف حرب اخلليج الثاني اآلل العسكري التقليدي للعراق؛ مميا‬
‫أحدث حتوالً نسبيًّا يف نوازين القوى العسكري اإلقليمي لصاحل إيران‪ ،‬وهو نا‬
‫تكرس بشكل واضح عقب الغزو األنريكي للعراق يف ‪ ،3002‬ال ي تسيبب‬
‫يف اهنيار املعادل التقليدي للتوازن االستراتيجي بني العراق وإيران‪ ،‬ونيل كف‬
‫اهليمن اإلقليمي لصاحل األخرية‪ ،‬وإخراج العراق نن ه ه املعادلي كميوازن‬
‫إقليمي‪.‬‬
‫‪ .9‬بروز النفوذ والتواجد العسكري اإليراين يف اخلليج‪ :‬فقد استغلت إيران اخللل‬
‫يف توازن القوى اإلقليمي ونقضت االتفاق املربم بينها وبني إنارة الشارق عام‬
‫‪ ،1991‬وسارعت إىل احتالل جزيرة "أبو نوسى"‪ ،‬وفرض سيطرهتا الكانلي‬

‫عبد اهلل بشارة‪" :‬البعد العربيي يف أنن اخلليج بني االلتزام والفعالي "‪" ،‬احلال الكويتي "‬ ‫‪1‬‬
‫يف ندوة "دول جملس التعاون اخلليجي وجهود حتقيق األنن واالستقرار خيالل العقيد‬
‫القادم‪ :‬الفرص والقيود" ‪ 3-1‬نايو ‪ ،3001‬نركز دراسات اخلليج واجلزييرة العربيي ‪،‬‬
‫(الكويت‪ :‬جانع الكويت‪ ،‬ط‪ ،)3001 ،1‬ص ‪.39‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪18‬‬
‫عليها يف سبتمرب‪/‬أيلول عام ‪ ،1993‬وشرعت يف إقان عيدد نين القواعيد‬
‫العسكري البحري واجلوي والصاروخي يف اجلزيرة جعلتيها أشيبه بقلعي‬
‫حمصن ‪.1‬‬
‫‪ .6‬زيادة القدرات العسكري التقليدي إليران‪ :‬استثمرت إيران األجواء املصاحب‬
‫حلرب اخلليج الثاني ‪ ،‬وذلك عن طريق االنفتاح على الغرب والشرق على حد‬
‫سواء؛ وذلك يف تدعيم قدراهتا التسليحي والعسكري التقليدي ؛ إذ أنفقت بني‬
‫عاني ‪ 1996‬و‪ 1999‬نا يقارب ‪ 3,9‬نليار دوالر على شراء أسلح نن كيل‬
‫نن روسيا والصني‪ .2‬وخالل الفترة نا بني عاني ‪ 1989‬و‪ 1992‬حصلت إيران‬
‫على أعداد كبرية نن الطائرات املقاتل نن روسيا خاص نن طراز (نييغ‪32-‬‬
‫و‪ 39‬و‪ ،39‬وسوخوي‪ 33-‬و‪ ،)39‬كما حصلت على طائرات راداري نين‬
‫طراز (اليوشن‪ -‬إيه ‪)9‬؛ وهي عبارة عن طائرة "أواكس" روسي الصنع نزودة‬
‫بأنظم رادار وتوجيه وسيطرة نتقدن ‪.3‬‬
‫‪ .9‬أفرزت احلرب نتائج عسكري وسياسي سامهت يف سيادة الرؤيي واملفهيوم‬
‫األنريكيني لألنن يف ننطق اخلليج وذلك بفضل قييادة الوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي للتحالف الدويل يف احلرب‪ ،‬األنر ال ي كرس القييادة األنريكيي‬
‫للترتيبات األنني الالحق النتهاء احلرب يف املنطق ‪ ،4‬حيث برزت الوالييات‬
‫املتحدة كقوة تدخلي نتصدي ملصادر التهديد اإلقليمي يف اخلليج؛ ونن ثَيمَّ‬
‫بادرت إىل إعادة هيكل ننظون األنن يف املنطق ‪.‬‬
‫أشرف سعد العيسوي‪" :‬تقييم األداء األنين جمللس التعاون اخلليجي خالل ربع قيرن"‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫جمل خراء حول اخلليج‪ ،‬العدد الثالثون‪( ،‬أبو ظبيي‪ :‬نركز اخلليج لألحبياث‪ ،‬نيارس‬
‫‪ ،)3009‬ص ‪.38‬‬
‫حيىي حلمي رجب‪" :‬أنن اخلليج العربيي يف ضوء املتغريات الدولي واإلقليمي "‪ ،‬اجليزء‬ ‫‪2‬‬
‫الثاين‪ ،‬ط‪( 1‬القاهرة‪ :‬نركز احملروس للبحوث والتدريب والنشر‪ ،)1999 ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪International Institute for Strategic Studies (IISS), The Military‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪.Balance: 1996-1997, (Oxford University Press, 1997), p. 247‬‬
‫عبد اهلل بن حممد بن سعود خل ثاين‪" :‬نظرة نستقبلي ألنن اخلليج العربيي على ضيوء‬ ‫‪4‬‬
‫املتغريات اإلقليمي والدولي األخرية" (‪ ،)1991-1990‬رسيال ناجسيتري يف العليوم‬
‫العسكري غري ننشورة‪ ،‬نعهد دراسات احلرب اجلوي ‪ ،‬القوات اجلوي القطري ‪،)1992 ،‬‬
‫ص ص ‪.98-99‬‬
‫‪19‬‬
‫وارتبط هب ا الدور األنريكي املتناني استبعاد املشارك اإليراني يف أنن اخلليج؛‬
‫وذلك بعد اختالف أراء دول جملس التعاون حول ه ه املشارك ‪ ،‬بني نؤييد‬
‫(قطر وسلطن عمان)‪ ،‬ونتحفظ (اإلنارات والبحرين)‪ ،‬ورافيض (اململكي‬
‫العربي السعودي )‪ ،‬فضالً عن هتميش الدور العربيي يف الترتيبات األننيي يف‬
‫نرحل نا بعد احلرب‪ ،‬على النحو ال ي متثل يف تفريغ إعالن دنشيق نين‬
‫نضمونه‪.‬‬
‫‪ .8‬ننحت احلرب ونا ترتب عليها نن نتائج الشيرعي للوجيود العسيكري‬
‫األجنبيي الدائم يف اخلليج‪ ،‬والقبول به باعتباره أهم ضيمانات األنين يف‬
‫املنطق ‪ :‬فقد أحدثت حرب اخلليج الثاني حتوالً جوهريًّا يف نفهوم وخلييات‬
‫احلفاظ على أنن اخلليج‪ ،‬حيث دخلت املنطق يف حال جديدة تعهدها نن‬
‫قبل نتمثِّل يف وجود قوات عسكري أجنبي بشكل دائم على أراضيها‪ ،‬لييس‬
‫بشكل قسري ناتج عن االحتالل‪ ،‬بل جاء ه ا التواجد بدعوة ذاتي نن دول‬
‫املنطق ‪-‬وحتديدًا دول جملس التعاون اخلليجي‪ -‬لتحقيق أهداف نعين ‪ ،‬وننح‬
‫املسوغ والغطاء القانوين مبوجب اتفاقيات ونعاهدات تعاون‪ ،‬وتنسيق أنيين‬
‫ثنائي نشتر بني ه ه الدول وبني القوى العاملي الكربى صياحب املصياحل‬
‫احليوي يف املنطق ويف نقدنتها الواليات املتحدة األنريكيي ؛ وذليك وفيق‬
‫نقتضيات املصلح املشترك والضوابط املتفق عليها ويف نقدنتيها الفتيرات‬
‫الزنني والترتيبات األنني اليت حتددها تلك االتفاقيات‪ .1‬وقد كانت أحيداث‬
‫‪ 11‬نن سبتمرب‪/‬أيلول سببًا يف تصعيد األزن نع إيران حول برناجمها النووي‪،‬‬
‫اليت رفضت الضغوط األنريكي هب ا الشأن؛ مما يهدد أنن اخللييج؛ بسيبب‬
‫التوتر املستمر بني واشنطن وطهران وهو نا ينعكس على طبيعي العالقيات‬
‫اإلقليمي اخلليجي ‪ ،‬ك لك اخلشي نن تطور األزن اإليرانيي األنريكيي إىل‬
‫حرب جديدة يف املنطق ‪ ،‬مما سيكون هلا نن تيداعيات عسيكري وأننيي‬
‫وسياسي واقتصادي وبيئي ‪ .‬ونن جه أخرى‪ ،‬دفع الفشل األنريكي يف العراق‬
‫وك لك يف أفغانستان قوى دولي وإقليمي أخرى لالضطالع بأدوار أكرب يف‬

‫حممود غضبان حممود رزوقي‪" :‬األنن الوطين الكيوييت يف ظيل امليتغريات العامليي‬ ‫‪1‬‬
‫واإلقليمي "‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪11‬‬
‫احلفاظ على أنن اخلليج‪ ،‬ويف نقدن ه ه القوى‪ :‬روسيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وحليف‬
‫الناتو‪ ،‬يعززها دوافع احلد نن التفرد واالستئثار األنريكي بالقيام بدور الضانن‬
‫الوحيد لألنن يف اخلليج‪.‬‬
‫‪ .9‬غياب الردع بشىت صوره‪ ،‬وتضخيم نتزايد للهواجس األنني ليدى غالبيي‬
‫الفرقاء يف املنطق ؛ وه ا املعطى يعد نتاجًا نباشرًا لسابقه‪ ،‬ال سيما نع السعي‬
‫اإليراين احملموم النتال برنانج نووي سلمي لن يصعب حتويله يف املسيتقبل‬
‫إىل برنانج عسكري‪.‬‬
‫‪ .10‬إعادة تقييم نصادر التهديد احملتمل ألنن اخلليج‪ ،‬وحتول ه ه املصيادر نين‬
‫األبعاد اخلارجي إىل األبعاد الداخلي ‪ ،‬ال سيما نع دخول اإلرهاب كمصيدر‬
‫جديد لتهديد األنن الوطين لدول املنطق ‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬التحوال في بنية البيئة االستراتيجية في الخليج (‪:)1112-1111‬‬


‫رً‬
‫تبدو ننطق اخلليج يف ننتصف العقد الثاين نن القرن احلادي والعشرين أشيبه‬
‫مبا كانت عليه نن التحول والتوتر يف أواخر سبعينيات ونطلع مثانينييات القيرن‬
‫املاضي‪ .‬فقد شهد السياق االستراتيجي العام ملنطق اخلليج خالل العانني األخريين‬
‫‪-‬الل ين يصعب فصل نا شهداه نن تطورات‪ -‬حتوالت وتغريات جوهريي نين‬
‫املتوقع أن تظل تأثرياهتا احملتمل خخ ة يف إفراز تداعياهتا على ندى العقد املقبل على‬
‫أقل تقدير‪.‬‬
‫‪ 1‬الخليج والسياق الدولي المتغير (التحوال في النظام الدولي)‪:‬‬
‫شهدت السنوات اخلمس األخرية حتوالت جوهري يف طبيع األدوار وتبيدال ًال‬
‫يف املصاحل احليوي للقوى الكربى الفاعل يف النظام الدويل ويف نقدنتها الوالييات‬
‫املتحدة األنريكي ‪ ،‬وميكن أن نرصد أهم هي ه التطيورات ذات الصيل بالبيئي‬
‫االستراتيجي يف ننطق اخلليج على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -‬التراجع النسبيي للشرق األوسط يف سلم أولوييات السياسي اخلارجيي‬
‫األنريكي خالل إدارة الرئيس بارا أوبانا‪ ،‬ال ي قد ميتد لسينوات أخيرى‬
‫نقبل ؛ فقد جعلت جمموع نتنوع نن العوانل ننطق الشرق األوسط أقيل‬
‫أمهي للواليات املتحدة عما كانت عليه يف السنوات املاضي ‪ ،‬نن أمهها‪:‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬انسحاب القوات األنريكي نن العراق يف أواخر عام ‪ ،3011‬وخفض عملياهتا‬
‫العسكري يف أفغانستان قبل االنسحاب الكانل املقرر العام املقبل ‪ ،3013‬مميا‬
‫قلل نن اعتماد واشنطن نسبيًّا على األنظم اإلقليميي يف جميال التعياون‬
‫العسكري واالستخبارايت حتديدًا‪.‬‬
‫‪ -‬التحول اجليوسياسي يف االستراتيجي األنريكي ‪ ،‬ال ي تضمن حتول التركييز‬
‫األنريكي بشكل أكرب نن نناطق اهتمانها التقليديي يف الشيرق األوسيط‬
‫واخلليج إىل نناطق أخرى ذات أولوي للمصياحل احليويي األنريكيي ‪ ،‬ويف‬
‫نقدنتها ننطق خسيا واحمليط الباسيفيكي‪.‬‬
‫يؤكد ه ا التوجه تصرحيات كبار القادة العسكريني األنريكييني يف اآلوني‬
‫األخرية‪ ،‬حيث صرَّح وزير الدفاع األنريكي تشا هيغل أن "اجلييش األنريكيي‬
‫سيكرس نزيدًا نن القوة اجلوي والقوات الربي واألسلح املتطورة ملنطقي خسييا‬
‫واحمليط اهلادي؛ بغي إعادة التوازن االستراتيجي إليها"‪.‬‬
‫ه ا التحول ال ي باتت تفرضه حتديات قريب املدى؛ ال سيما يف ضوء التوتر‬
‫ال ي يسود شبه اجلزيرة الكوري نن هناي العام املاضي وازداد سخون يف نطليع‬
‫نارس‪/‬خذار ‪ 3012‬على حنو يهدد باندالع حرب نووي شانل بني الواليات املتحدة‬
‫وحلفائها اآلسيويني "كوريا اجلنوبي ‪ ،‬واليابان" نن جه ‪ ،‬وبني كورييا الشيمالي‬
‫وحليفتها التقليدي "الصني" نن جه أخرى‪ .‬ونن شأن نثل ه ه التحديات أن حتد‬
‫نن قدرة الواليات املتحدة األنريكي على إعادة التوازن الهتمانها السابق مبنطقي‬
‫الشرق األوسط يف املستقبل املنظور‪.‬‬
‫كما أن ه ا التحول حنو الباسيفيكي يعد تعبريًا عن الشيعور بانتقيال املركيز‬
‫الرأمسايل حنو تلك املنطق يف العقود القادن ‪ ،‬وهو نا يستوجب على الواليات املتحيدة‬
‫األنريكي أن تتحلل نن الكثري نن التزاناهتا الدولي لتتكيف نع التوجه اجلديد‪ ،‬وه ا نا‬
‫يفسر السعي األنريكي خللق توازنات إقليمي يتحمل أعباؤها حلفاء إقليميون‪ ،‬وزييادة‬
‫التوجه حنو جعل حلف مشال األطلنطي "الناتو" يوسع نين دائيرة عمليه ليتحميل‬
‫األوروبيون جزءًا أكرب نن العبء ال ي أثقل الكاهل األنريكي‪.1‬‬
‫السفري سليمان ناجد الشاهني‪" :‬األنن السياسي بني نصادر التهديد وضوابط الردع"‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫ورق عمل نقدن إىل نؤمتر "األنن الوطين الكوييت‪ :‬رؤى تربوي "‪( ،‬الكويت‪ :‬جانعي‬
‫الكويت‪ ،‬كلي التربي ‪ 20-38 ،‬نوفمرب ‪ ،)1998‬ص ‪.66‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ 1‬التحوال في أسواق النفط العالمية‪:‬‬
‫جاءت التطورات السياسي الدولي السابق نتزانن نع تصاعد اجلدل بشيأن‬
‫نستقبل نفط اخلليج ودول ننظم "أوبك"؛ وذلك على خلفي جليوء الوالييات‬
‫املتحدة األنريكي للسحب نن خمزوهنا النفطي االستراتيجي؛ وه ا لتعيويض نيا‬
‫وصفته بنقص املعروض نن النفط العاملي‪ .‬وترتبط ه ه التحوالت بالتوقعات املثارة‬
‫بشأن نا يوصف بأنه "ثورة" يف استقاللي الواليات املتحدة األنريكي عن الينفط‬
‫العربيي‪ .‬فقد أشارت عدة وكاالت وننظمات نفطي واقتصيادي عامليي إىل أن‬
‫اإلنتاج الرمسي النفطي املتوقع يف الواليات املتحدة األنريكي سيبلغ يف عام ‪ 3030‬نا‬
‫بني ‪ 9‬إىل ‪ 11.8‬نليون برنيل يونيًّا؛ أي إنه سيكون حبجم إنتاج السعودي ؛ أكيرب‬
‫ننتج ونصدر عاملي للنفط‪.‬‬
‫وأرجعت ه ه التقارير املتخصص ه ا التطور النوعي اهلائيل إىل اكتشياف‬
‫النفط الصخري وتطويره يف الواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬ال ي أحيدث ثيورة يف‬
‫أكرب سوق استهال للنفط يف العا ؛ وذلك نن حيث حتويل ه ا البلد تدرجييًّا ويف‬
‫العقد املقبل إىل دول تكتفي بإنتاجها‪ ،‬حيث يتوقع أهنا حبلول عام ‪ 3030‬لن حتتاج‬
‫إىل استرياد النفط العربيي واخلليجي على وجه التحديد‪ ،1‬نا يعيزز التوقعيات‬
‫خبصوص التراجع النسبيي لالهتمام األنريكي مبنطق الشرق األوسط واخلليج‪ .‬وال‬
‫شك يف أن ه ا التحول اجليوسياسي املتوقع يف توجه الواليات املتحدة األنريكيي‬
‫نن شأنه أن يؤثر على دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬وميثل خطيرًا كيبريًا عليى‬
‫اقتصادياهتا باعتبارها الالعب األساسي يف السوق النفطي العاملي ‪.‬‬
‫‪ 2‬الخليج والسياق اإلرليمي المتغير (تحوال اإلرليم)‪:‬‬
‫‪ -‬تداعيات الربيع العربيي‪:‬‬
‫شهد عام ‪ 3011‬حزن نن التغريات والتحيوالت الكيبرية غيري املتوقعي‬
‫"‪ "Big Bangs‬يف عدد نن الدول العربي ممثل يف ظاهرة "ثورات الربيع العربيي"‪.‬‬

‫ريتشارد سوكولسكي‪( ،‬وخخرون)‪" :‬أنن اخلليج العربيي‪ :‬حتسني نسامهات احللفياء‬ ‫‪1‬‬
‫العسكري "‪ ،‬ترمج الطاهر بو سياحي ‪ ،‬نركيز اإلنيارات للدراسيات والبحيوث‬
‫االستراتيجي ‪ ،‬أبو ظبيي‪ ،3003 ،‬ص ص ‪.39-31‬‬
‫‪11‬‬
‫وقد كانت ننطق اخلليج حاضرة وبقوة يف خضم املشهد السياسي واألنيين هلي ا‬
‫الربيع؛ وذلك حبكم القرب اجلغرايف‪ ،‬واالنتداد السياسي‪ ،‬باإلضياف إىل التيداعي‬
‫اجليوستراتيجي؛ ال ي انعكس على األوضاع السياسي واالجتماعي يف بعض دول‬
‫جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬اليت كان بعضها ذا وترية عالي نسبيًّا (احلال البحريني )‪.‬‬
‫وميكن رصد تأثري ه ه التطورات على البيئ االستراتيجي يف اخللييج عليى‬
‫النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -‬شهد توازن القوى اإلقليمي تغريًا هيكليًّا؛ وذلك بتراجع نكان عيدد نين‬
‫الدول املركزي نثل نصر وسوري والعراق حتت وطيأة عيدم االسيتقرار‪،‬‬
‫واالنكفاء على الشئون الداخلي ؛ لتتيح اجملال لقوى صاعدة أن تتصدر املشهد‬
‫اإلقليمي؛ لتمأل الفراغ ال ي خلفه تراجع نكان تلك الدول‪ ،‬اليت بدت بعيدة‬
‫عن نركز التأثري اإلقليمي‪.‬‬
‫‪ -‬التقارب بني نصر وإيران‪ ،‬ال ي يثري خماوف دول اخلليج نن أن يأيت ذليك‬
‫على حساب أنن اخلليج؛ وذلك عرب سعي طهران لتحييد الدور املصيري يف‬
‫أنن املنطق على غرار نا حدث هل ا الدور يف نعادلي الصيراع العير ‪-‬‬
‫اإلسرائيلي عقب توقيع نعاهدة السالم يف ‪ 36‬نن نيارس‪/‬خذار عيام ‪1999‬؛‬
‫وذلك على النحو ال ي يُحكم سيطرة إيران على املنطق ‪ ،‬ويُضياعف نين‬
‫االنكشاف األنين لدول جملس التعاون يف ظل غياب نوازن إقليمي لطهيران‬
‫نع الغياب القسري للعراق عن القيام بدوره التقليدي يف ه ا الشأن‪.1‬‬
‫سورية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تشكل األزن الراهن يف سوري على خلفي الربيع العربيي قلقًا ليدى دول‬
‫اخلليج‪ ،‬خاص نع تصاعد املخاوف نن تفكك الدول ؛ ونن ثَمَّ تداعيات كارثيي‬
‫على ننطق الشرق األوسط مبجملها؛ ودول اخلليج لن تكون بعيدة عن الوضيع؛‬
‫ألن تأثريات سوري على العراق‪ ،‬سيكون هلا انتداداهتا على دول املنطق برنتها‪ .‬نن‬
‫جه أخرى‪ ،‬تبدو تداعيات ه ه احلرب على اخلليج نن زاوي أن بعض أبنائه رمبيا‬

‫‪Korany, Bahgat. The changing Middle East A New Look at Regional‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Dynamics, (Cairo, AUC Press, 2010).‬‬

‫‪11‬‬
‫كانوا ننخرطني يف العمليات العسكري ضد النظام بداعي نصرة الشعب السوري؛‬
‫مما يهدد بتشكيل تنظيمات جهادي نستقبالً عند عودة هؤالء إىل بلداهنم األصيلي‬
‫يف اخلليج على غرار "األفغان العرب"‪ ،‬وهو نا دعيا وزارة الداخليي السيعودي‬
‫للتشديد بالقول‪" :‬نعلم أن هنا سعوديني يف سوري ‪ ،‬ووزارة الداخلي عازن على‬
‫التحقيق نع كل سعودي يقاتل هنا "‪.1‬‬
‫العراق‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫بعد عشر سنوات نن الغزو األنريكي للعراق‪ ،‬اليت فازت فيهيا الوالييات‬
‫َيم انتيداد‬
‫املتحدة األنريكي باحلرب‪ ،‬وإيران بالسالم‪ ،‬وتركيا بالعقود‪2‬؛ ونين ث َّ‬
‫تأثريات الربيع العربيي إىل الداخل العراقي‪ ،‬يبدو العراق مبظهر جديد نن الوجه‬
‫االستراتيجي حممالً بعوانل قلق ونصادر هتديد لألنن اإلقليمي‪ ،‬اليت تتمثل إمجاالً يف‬
‫اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬عراق ضعيف ال دور له إقليميًّا؛ إذ يعد حارس البواب الشرقي ‪ ،‬بل حتيول‬
‫إىل "حديق خلفي " إليران نن جه ‪ ،‬وأرض نستباح بالتدخل نن قبل تركيا‬
‫نن جه أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬عدم استقرار أنين وسياسي‪ ،‬وتوترات طائفي هتيدد باالنتقيال إىل اليدول‬
‫اجملاورة وننها دول اخلليج‪.‬‬
‫‪ -‬نا يزال العراق "ساح للحرب الباردة والساخن أحيانًا" بني إيران صياحب‬
‫النفوذ السياسي واألنين الكبري فيه نن عام ‪ 3002‬نن جه ‪ ،‬وبني الوالييات‬

‫ميكن يف ه ا السياق اإلشارة إىل التصريح ذي الدالل ال ي أطلقه أمحد داوود أوغليو‬ ‫‪1‬‬
‫خالل املنتدى االقتصادي العربيي‪-‬التركي ال ي عقد نطلع أبريل ‪ 3012‬يف أنقرة‪ ،‬نن‬
‫أنه "ال حيق يف املنطق إليران وال إلسرائيل انتال سالح نووي"‪ ،‬وحت يره نن أن "تركيا‬
‫والعا العربيي سيعانيان نن التوتر العسكري بني إيران وإسرائيل أيضاً"‪ ،‬راجع هي ا‬
‫التصريح يف‪ :‬وكال (يو بيي أي)‪ .3012/3/9 ،‬كما أنه نن أهم اخلطيوات يف هي ا‬
‫الصدد الزيارة اليت قام هبا نساعد وزير اخلارجي اإليراين أنري عبد الليهان إىل القياهرة‬
‫أواخر نارس املاضي واليت تزانن نعها إعادة تسيري رحالت الطريان بني نصر وإيران بعد‬
‫قطيع دانت ‪ 23‬عاناً‪ ،‬واتفاق اجلانبني على تنظيم رحالت "للسيياح" اإلييرانيني إىل‬
‫نصر‪ ،‬وإعالن طهران نيتها السماح لدخول املصريني أراضيها بدون تأشريات نسبق ‪.‬‬
‫صحيف الشرق األوسط اللندني ‪.3013/2/39 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫املتحدة األنريكي ‪ ،‬اليت نا زالت حتتفظ بقدر نن التأثري يف العراق حىت بعيد‬
‫انسحاب قواهتا العسكري يف ‪ ،3011‬فما زالت حتتفظ بعالقات قوي يف كيل‬
‫األوساط السياسي والعسكري ‪ ،‬اليت ميكن أن تستخدنها لب ل الضغوط وقت‬
‫الضرورة‪.1‬‬
‫‪ -‬زيادة حدة التنافس على النفوذ يف املنطق نع بروز العبني جدد يف نواجهي‬
‫خخرين تقليديني؛ ونن ذلك الدور املتناني لتركيا يف الشأن اإلقليميي العيام‬
‫والشأن العربيي على وجه اخلصوص‪ ،‬وسعيها مللء الفيراغ االسيتراتيجي‬
‫ال ي خلفه خروج العراق نن نعادل األنن اخلليجي والعربيي عقب الغيزو‬
‫األنريكي عام ‪3002‬؛ حيث تقدم تركيا للدول العربي وخباص دول جمليس‬
‫التعاون اخلليجي على أهنا الالعب املؤهل والقادر على القيام بدور "امليوازن‬
‫اإلقليمي" إليران‪.‬‬
‫وال جدال يف أن ه ه التحوالت والتطورات ومبا متخضت عنه ‪-‬ونا تيزال‪-‬‬
‫نن تداعيات‪ ،‬قد ولدت شعورًا نتزايدًا بالقلق العميق الطبيعي واملشروع يف الوقت‬
‫ذاته‪ ،‬لدى دول اخلليج‪ ،‬اليت وجدت نفسها يف خضم سيياق اسيتراتيجي عيام‬
‫نضطرب‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬السيناريوها المحتملة للبيئة االستراتيجية للخليج في المستقبل‬


‫ً‬
‫المنظور‪:‬‬
‫نن خالل قراءة "خارط التوتر" وتصاعد وترية األحداث والتهديدات‪ ،‬ميكن‬
‫القول‪ :‬إن التحديات اليت يتعني على دول جملس التعاون اخلليجي أن تواجههيا يف‬
‫العقد القادم؛ تتمثل يف اآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬التطورات الداخلي والدور اإلقليمي املستقبلي للعراق‪ ،‬والعمل عليى إعيادة‬
‫تأهيله ودجمه جمددًا يف املنظون اإلقليمي والعربي ‪ ،‬حيث ال يزال العيراق يف‬
‫نفترق طرق‪ ،‬فمن غري الواضح حىت اآلن ناهي نالنح املشيهد السياسيي‬

‫جورج فريدنان‪ ،‬العشري القادن ‪ ..‬التالعب بالقوى اإلقليمي ‪ ،‬ترمج ‪ :‬وليد عبد احلي‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ ،3013‬سلسل عا الفكر‪ ،‬العدد رقم (‪( ،)133‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للفنون والثقاف‬
‫واآلداب)‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫واالقتصادي الداخلي‪ ،‬كما أنه نن غري الواضح الكيفي اليت ستدير هبا بغيداد‬
‫عالقاهتا نع جرياهنا نن دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬وبقي القوى اإلقليميي‬
‫املؤثرة ويف نقدنتها‪ :‬إيران‪ ،‬وتركيا وإسرائيل‪ ،‬فضالً عن عالقاهتيا بيالقوى‬
‫الدولي الكربى وخاص الواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬حيث سيكون لكل ذلك‬
‫تأثريات جيوسياسي عميق على توازن القوى يف املنطق ‪ ،‬وعليى أنين دول‬
‫اخلليج واستقرارها ‪-‬نن حيث الفرص واملخاطر‪ -‬على الصيعيدين اليوطين‬
‫واجلماعي؛ وذلك يف املدى القريب والبعيد على السواء‪.‬‬
‫‪ .3‬تنظيم عالقاهتا نع النظم السياسي احلاكم يف دول الربيع العربيي‪.‬‬
‫‪ .2‬املسار املستقبلي للتحول املضطرب يف املشهد السوري‪ :‬فالصراع احملتيدم يف‬
‫سوري حاليًّا يبدو كأنه بؤرة تتداخل فيها األبعاد احملليي نيع التنافسيات‬
‫اإلقليمي والدولي إذ نا زالت سوري تقف ‪-‬حىت اآلن‪ -‬يف ننتصف الطرييق‬
‫حنو حرب أهلي ‪ ،‬ونسارها النهائي غري واضح املالنح‪ ،‬فوجود نظام جديد يف‬
‫دنشق ميكن أن يسهم يف إعادة التوازن ‪-‬ولو بشكل نسيب‪ -‬ملييزان القيوى‬
‫اإلقليمي الراهن يف ننطق اخلليج‪ ،‬ال ي مييل لصاحل إيران؛ وذليك بإزاحي‬
‫حليفها الرئيسي يف سوري ‪ ،‬والقضاء على املمول والشريك الرئيسي حليزب‬
‫اهلل‪ .‬كما أن النظام اجلديد يف دنشق رمبا يكون أكثر انفتاحًا ملناقش خيارات‬
‫السالم نع إسرائيل‪ ،‬وقد يساعد تغيري القيادة السوري يف حيدوث اسيتقرار‬
‫سياسي يف لبنان‪ ،‬ونا إىل ذلك نن انعكاسات إجيابي جله نزيد نن االستقرار‬
‫السياسي يف ه ه البلدان؛ مما يؤدي بدوره إىل تعزيز األنن اإلقليمي يف جممل‬
‫ننطق الشرق األوسط‪.‬‬
‫ولكن نن جانب خخر‪ ،‬فإن استمرار الوضع احلايل رمبا يتسبب يف انتشار ه ه‬
‫احلال يف دول أخرى جماورة ال سيما العراق؛ خاص إذا تقاطعت نيع اخلطيوط‬
‫الطائفي أو القبلي أو العائلي ‪ ،‬كما أن نصري املخزون السيوري نين األسيلح‬
‫الكيمائي حتديدًا يثري املخاوف‪ ،‬ال سيما فيما إذا فقد النظام احلايل سيطرته عليهيا‪،‬‬
‫وكان النظام اجلديد أكثر عداء إلسرائيل‪ ،‬مما سيزيد نين احتمياالت نواجهي‬
‫عسكري نعها‪ .‬ومجيع ه ه االحتماالت ستكون ‪-‬حال حدوثها‪ -‬ذات تيأثريات‬
‫بالغ اخلطورة على أنن اخلليج‪ .‬وبوجه عام‪ ،‬ستبقى األزن يف سوري حتديًا حقيقيًّا‬
‫‪17‬‬
‫ألنن اخلليج واملنطق برنتها؛ خاص أن املعطيات احلالي الداخلي لألزن تيدعو إىل‬
‫االعتقاد أن الصراع سيمتد إىل شهور قادن ‪.‬‬
‫‪ .1‬االستحقاقات السياسي واالقتصادي واملالي إلعادة بناء الدول يف اليمن‪.‬‬
‫‪ .3‬املخاض السياسي املتعثر يف بعض دول الربيع املهمَّ لدول اخللييج وخباصي‬
‫نصر‪ ،‬ال سيما يف أعقاب اإلطاح بالرئيس املعزول حممد نرسي‪ ،‬حيث اعترب‬
‫كثري نن املراقبني أن نا حدث يف نصر سوف يقليب نيوازين القيوى يف‬
‫املنطق رأسًا على عقب‪ ،‬الفتني إىل أن الوضع اجلديد يف نصر "يقدم خنياالً‬
‫وختوفات يف الوقت نفسه"‪ ،‬وأن أنورًا كثرية ستُحسم يف الشيهور القليلي‬
‫املقبل ‪.1‬‬
‫‪ .2‬التعانل نع التداعيات احملتمل نن انيدالع صيراعات إقليميي يف الشيرق‬
‫األوسط‪:‬‬
‫كما هو احلال بشأن املخاوف خبصوص‪ :‬املواجه بني الغيرب (وإسيرائيل)‬
‫وبني إيران على خلفي تطوير األخرية لربنانج نووي تثور شكو كثرية حول‬
‫أهدافه السلمي ‪ ،‬ونستقبل اتفاقي السالم بني إسرائيل ونصر‪.‬‬
‫‪ .3‬إدارة التحوالت واحلرا السياسي الداخلي يف دول اخلليج ذاهتا‪ ،‬اليت منيت‬
‫نتيج التأثر بتطورات "الربيع العربيي"‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫خنلص نن التحليل السابق إىل النتائج التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬تتبىن ه ه الورق البحثي نفهونًا لألنن مبعناه االستراتيجي املتعيدد؛ وتعرفيه‬
‫على أنه‪" :‬جمموع املبادئ والقيم النظري واألهداف الوظيفيي والسياسيات‬
‫العملي املتعلق بتأنني وجود الدول ‪ ،‬وسالن أركاهنا ونقونات اسيتمرارها‬
‫واستقرارها‪ ،‬وتلبي احتياجاهتا‪ ،‬وضمان قيمها ونصاحلها احليوي ‪ ،‬ومحايتها نن‬
‫األخطار القائم واحملتمل ‪ ،‬داخليًّا وخارجيًّا‪ ،‬نع نراعياة نيتغريات البيئي‬
‫الداخلي واإلقليمي والدولي "‪.‬‬

‫انظر نثالً‪ :‬رأي سوزان نالوين الباحث يف نعهد بروكينغز األنريكي‪ ،‬صحيف "األنبياء"‬ ‫‪1‬‬
‫الكويتي ‪.3012/9/3 ،‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -‬تبدو ننطق اخلليج يف ننتصف العقد الثاين نن القرن احلادي والعشرين أشيبه‬
‫مبا كانت عليه نن التحول والتوتر يف أواخر سبعينيات ونطلع مثانينيات القرن‬
‫املاضي‪.‬‬
‫فقد شهد السياق االستراتيجي العام ملنطق اخلليج خالل العانني األخرييين‪،‬‬
‫حتوالت وتغريات جوهري نن املتوقع أن تظل تأثرياهتا احملتمل خخ ة يف إفيراز‬
‫تداعياهتا على ندى العقد املقبل على أقل تقدير‪.‬‬
‫فعلى صعيد النظام الدويل‪ ،‬برزت دالئل ونؤشرات على حيدوث حتيوالت‬
‫جوهري يف طبيع األدوار وتبدالالً يف املصاحل احليوي للقوى الكربى الفاعل يف‬
‫النظام الدويل ويف نقدنتها الواليات املتحدة األنريكي اليت تراجعت نكاني‬
‫قضايا الشرق األوسط يف سلم أولويات سياستها اخلارجي والدفاعي لصياحل‬
‫نناطق جغرافي أخرى باتت أكثر سخون وأشد هتديداً للمصياحل احليويي‬
‫األنريكي يف اخلارج‪.‬‬
‫وعلى صعيد حتوالت اإلقليم؛ فإهنا نازالت يف خماضها العسيري وتيداعياهتا‬
‫"املقلق " للخليج ودوله‪ ،‬بدءاً نن العراق واليمن‪ ،‬نروراً بسيوريا ولبنيان‪،‬‬
‫وصوالً إىل نصر وبقي الشمال األفريقي‪.‬‬
‫‪ -‬ميكننا أن نرصد نا يصح أن نطلق عليه "خارط التوتر اإلقليمي" اليت تشتمل‬
‫على حزن نن التحديات اليت يتعني على دول جملس التعياون اخلليجيي أن‬
‫تواجهها خالل العقد املقبل على أقل تقدير‪ ،‬وتضم ه ه اخلارط عدة نقاط نا‬
‫زالت نلتهب حىت إشعار أخر‪ ،‬وأمهها‪:‬‬
‫‪ ‬العراق على نفترق طرق‪.‬‬
‫‪ ‬سوري بني املخاض الثوري العسري واملتعثر والتداعي الدويل واإلقليمي‪.‬‬
‫‪ ‬بلدان ثورات الربيع العربيي واملسار املسيتقبلي للتحيول االنتقيايل‬
‫املضطرب‪ ،‬ويشمل ذلك "اليمن‪ ،‬نصر‪ ،‬تونس"‪.‬‬
‫‪ ‬التحوالت املستقبلي احملتمل واحلرا السياسي الداخلي يف دول اخللييج‬
‫ذاهتا‪ ،‬اليت منت نتيج التأثر بتطورات "ثورات الربيع العربيي"‪.‬‬
‫‪ ‬سيكون لكل نا ذكرناه خنفاً تأثرياته اجليوسياسي العميق على تيوازن‬
‫القوى يف املنطق ‪ ،‬وعلى أنن دول اخلليج واستقرارها يف املقام األول ‪-‬‬
‫‪19‬‬
‫نن حيث الفرص واملخاطر‪ -‬على الصعيدين الوطين واجلماعي؛ وذليك‬
‫يف املدى القريب والبعيد على السواء‪.‬‬
‫‪ -‬يف ضوء التطورات الراهن ‪ ،‬ووفق املنظور اليواقعي (القيوة واملصياحل) يف‬
‫احلساب االستراتيجي‪ ،‬نرى أنه قد أصبح نن الصعوب مبكان اسيتمرار دول‬
‫اخلليج يف اتباع سياستها التقليدي نفسها القائم على املراهن على توازن قوى‬
‫إقليمي هشٍّ يرتكز باألساس على التنافس بني األشداء اإلقليميني؛ إذ ينبغيي‬
‫على صناع القرار يف دول اخلليج السعي لبناء قدرات ذاتي جتعل نن جمليس‬
‫التعاون اخلليجي ضلعًا رئيسًا يف توازن القوى باملنطق ‪.‬‬
‫فإذا كانت تلك السياس قد حققت بعض النجياح يف املاضيي‪ ،‬وأنكين‬
‫االعتماد عليها يف املدى القصري؛ فإن األنر على املدى الطويل يف املستقبل يشري إىل‬
‫غري ذلك‪ .‬وهو نا أكده وزير الدول الكوييت األسبق للشئون اخلارجيي سيليمان‬
‫ناجد الشاهني؛ حيث صرح بأنه "ال نستقبل للدول الصغرية اليت تعيش عال على‬
‫محاي األكرب ننها"‪ ،‬نبينًا "أن دول اخلليج العربيي الست باملساحات الشاسيع ‪..‬‬
‫ومبجموع السكان فيها ختلق كيانًا يتوازى يف قيمته املادي واملعنوي نيع حميطيه‬
‫اجلغرايف األكرب"‪ ،‬ونستنتجًا أنه"‪ ..‬إذا نا كربنا بوحدتنا فعندها سنكون أقدر على‬
‫التعانل النسبيي بثق وحري نع كبار املنطق نثل إيران والعراق‪ ،‬وبغيري التكتيل‬
‫الوحدوي سنكون ضحايا املطرق والسندان ضمن أي تركيب أو نشروع"‪.1‬‬

‫‪19‬‬ ‫سليمان ناجد الشاهني‪" :‬التعاون بني املطرق والسندان" صحيف "اجلريدة" الكويتي ‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫نن فرباير‪/‬شباط ‪.3012‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫الربيع العربي‬
‫ومنظومة التعاون اخلليجي‪..‬‬

‫حدود التأثر ومظاهر التأثير ومحدداته‬

‫‪10‬‬
‫الخليج وأزما الربيع العربي‬
‫أ عبد العزيز الحيم‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫لعبت دول اخلليج دورًا قياديًّا أثناء تداعيات ظاهرة الربيع العربيي؛ لكنيه‬
‫دور نثقل بقيود عدة متثلت يف عدم تغري طبيع ننطقها السياسي‪ ،‬ال ي يُيدرج‬
‫بعد "خيارات الشعوب" ضمن حمددات رؤيته وحتركاته‪ ،‬إضاف إىل بقياء دورهيا‬
‫السياسي نلتزنًا بنسقه التقليدي‪ ،‬ال ي غلب عليه خفوت النشاط واملبادرة وأثقلته‬
‫استحقاقات عالقته القوي نع الغرب‪.‬‬
‫وميكننا القول‪ :‬إن دول جملس التعاون اخلليجي ‪-‬نع استثناء نسبيي لقطير‪-‬‬
‫ترحب و تتواءم نع الثورات الشعبي ‪ ،‬اليت انطلقت تزلزل احلكيم يف مخيس‬
‫مجهوريات عربي ‪.‬‬
‫فقد اعتربت دول اخلليج أن نا حيدث هو "أزن " يف املنطق ‪ ،‬ويعود ه ا االعتبيار‬
‫إىل أسباب؛ ننها‪ :‬أن ه ه األزن أتت يف شكل صدن وزلزال خاطف‪ ،‬تسارعت فييه‬
‫الوقائع بشكل أعاق القدرة على صوغ املوقف السياسي اخلليجي وبنائه‪ ،‬وأن ه ا التغري‬
‫السياسي احلاد أتى عرب احتجاجات شعبي ‪ ،‬وهو بُعد ال تعتد به دول اخللييج‪ ،‬وغيري‬
‫نقبول لدى "ننطقها السياسي"‪ .‬يضاف إىل ذلك أن خطورة ه ا األنر تتمثل يف كونه‬
‫جالبًا لقوى جديدة حتكم يف املنطق ؛ مما قد ينتج تغريات سياسي وإقليمي متثل هتدييدًا‬
‫حمتمالً على نستوى العالقات أو املصاحل أو االستقرار بالنسب إىل احلكونات اخلليجي ‪.‬‬
‫وقد جتلى التعانل اخلليجي املتحفظ أنام ه ه األزن يف حمطات خمتلف ؛ ننها‪:‬‬
‫دعم السعودي للرئيس املصري األسبق حسين نبار أثناء ثورة ‪ 39‬نن يناير‪/‬كانون‬
‫الثاين‪ ،‬وعدم اعتراف السعودي باجمللس الوطين االنتقايل الليبيي يف عيام ‪.3011‬‬
‫وتنوعت ردود الفعل اخلليجي جتاه الربيع العربيي؛ ولكن السم الغالبي عليى‬
‫املوقف اخلليجي العام متثلت يف التحفظ والرفض السياسي هل ه الظاهرة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫فيما عدا املوقف القطري املؤيد للثورات والشارع العربيي‪ ،‬وباخلصوص نوقفها‬
‫املبادر يف ثورة نصر وليبيا؛ حيث شاركتها اإلنارات يف نساندة التيدخل اليدويل يف‬
‫ه ه األخرية‪ ،‬وقد جتلت املواقف اخلليجي احملافظ عرب تأييدها ملوقف النظام املصيري‬
‫السابق؛ حيث أيدته اإلنارات والسعودي ‪ ،‬وحتفظت األخرية أنام إسقاط نظام القي ايف‬
‫ودعم الثورة يف ليبيا؛ باعتبار أن التغيري عرب االحتجاجات الشعبي ميثل نبدأً نرفوضًيا‪،‬‬
‫فيما حتلَّى املوقفان البحريين والكوييت باهلدوء يف التعاطي نع الشأن اخلارجي‪ ،‬وحيافظ‬
‫املوقف العماين على عزلته‪ .‬يف ضوء نا تقدم‪ ،‬تسلط ه ه الورق البحثي الضوء عليى‬
‫أبعاد تعانل دول جملس التعاون اخلليجي نع ثورات الربيع العربيي‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬نمط تقليدي غير فاعل للسلوك الخليجي الخارجي‪:‬‬


‫استطاعت دول اخلليج تكوين شبك عالقات سياسي واسع يف العا ؛ فقيد‬
‫نكَّن صعود النفط يف سبعينيات القرن املاضي نن صناع تنمي واستقرار أدَّييا إىل‬
‫تقوي العالقات االقتصادي نع دول عديدة يف العا ‪ ،‬إضياف إىل اسيتمرار دول‬
‫اخلليج كداعم ونهتم بتقدمي املساعدات‪.‬‬
‫لقد كان هنا منط شبه ثابت يعكس وجه السياسي اخلليجيي يف العقيود‬
‫األخرية؛ فاالستقرار السياسي النسبيي ال ي حتلَّت به انعكس على نواقفها ونوع‬
‫تعانلها السياسي اخلارجي يف العقدين األخريين‪ .‬فالتسعينات نن القيرن املاضيي‬
‫كانت فترة هدوء سياسي بعد حرب اخلليج العاصف ‪ ،‬وبعد تفجيريات ‪ 11‬نين‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول ‪ ،3001‬بدأت فترة احلرب على اإلرهاب‪ ،‬اليت قوَّت نين خطيوات‬
‫صانعي القرار السياسيني يف فترة حساس اعتراها كثري نن التجاذبات والتقلبيات‪،‬‬
‫اليت تنوعت بني املتطرفني والغرب‪ ،‬وكانت املساحات السياسي للتحر حميدودة‬
‫بوجود نشاط أنريكي واسع للتدخل يف املنطق ‪.‬‬
‫وقد متثل تراجع حضور السياس اخلليجي يف السنوات األخرية يف حمطيات؛‬
‫ننها‪ :‬عدم لعب دور يف استقرار اليمن‪ ،‬وك لك استمرار الوضيع املضيطرب يف‬
‫العراق نن بداي فترة نا بعد احتالله يف عام ‪ ،3002‬وكان نين املفياجت تغييب‬
‫السياس اخلليجي عنه‪ ،‬فلم يكن هنا نن توافق دبلوناسي وسياسي ناجح؛ مما ننح‬
‫إيران دورًا فاعالً يف ظل الفراغ السياسي يف ه ا البلد‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫وأيضًا تعثرت املبادرة السعودي ‪-‬السوري يف لبنان‪ ،‬وفشل اتفاق نك ؛ حيني‬
‫تباعد بعده الفرقاء الفلسطينيون؛ مما ساهم يف تراجع الدور السعودي يف البلدين‪.‬‬
‫وتُعزى حمطات التراجع يف السياس اخلليجي يف جزء كبري ننيها إىل اليدور‬
‫السعودي؛ فالسعودي نن تشكيل جملس التعاون اخلليجي يف عيام ‪ 1981‬كانيت‬
‫صاحب الريادة فيه ويف قيادة قراراته ونواقفه؛ باعتبارها البليد األكيرب خليجيًّيا‬
‫واألقوى اقتصاديًّا‪ .‬لكن إن كان التراجع ظاهرًا يف احلياالت املسيتجدة‪ ،‬فيإن‬
‫السعودي ‪-‬أيضًا‪ -‬لعبت دورًا نعتادًا يف دعم االستقرار وبناء العالقات نع طييف‬
‫واسع نن دول العا ‪ ،‬وكان اخلط العام هل ه السياس توافقيًّيا ال صيدانيًّا‪ ،‬نيع‬
‫غموض شاب عددًا نن نواقفها السياسي ‪.‬‬
‫ويبقى أن التراجع األهم يف حضور السياس السعودي يف العقيد األخيري‪ ،‬ال‬
‫يتجلى يف الغياب‪ ،‬وإمنا يكمن يف عدم امليل إلنتاج سياس "نشيط "‪ ،‬إضياف إىل‬
‫التناقض نع اجتاهات "الرأي العام العربيي" يف نواقف نتنوع ‪ ،‬وهو املشهد ذاتيه‬
‫ال ي يتكرر أناننا اليوم يف تداعيات أحداث الربيع العربيي‪ .‬وأيضًا ه ا الينمط‬
‫املتراجع للسياس اخلارجي اخلليجي يكن حادًّا تبعًا لطبيع عالقات دولي واسع‬
‫لدول اخلليج‪ ،‬تتعزز دونًا عرب اجلانب االقتصادي؛ ويضاف ل لك دور وحضيور‬
‫سياسي نشط قدنته قطر‪.‬‬
‫ففي العقد األخري تكد ختلو بقع يف الشرق األوسط نين وجيود قطير‬
‫كوسيط سياسي بارز‪ ،‬خفف نن حدة التناقضات والتشابكات املعقدة يف املنطق ‪،‬‬
‫وكانت جممعًا يلتقي عنده الفرقاء‪ ،‬فبالنسب إىل أفغانستان قدنت قناة تواصل بيني‬
‫األنريكان وطالبان ‪ ،3013‬ويف اليمن كسبت ثق احلوثيني والنظام الييمين ‪،3010‬‬
‫ويف لبنان مجعت الالعبني األساسيني التفاق الدوح يف ‪ 3008‬مما أنق الوضيع يف‬
‫لبنان‪ ،‬وأدت جهودها إىل اتفاق سالم يف السودان بني اخلرطوم ونتمردي دارفيور‬
‫‪ ،3009‬جبانب احتفاظها بعالق جيدة نع حزب اهلل وإيران وسوري خالل العقيد‬
‫األول نن ه ه األلفي ‪ ،‬يضاف إىل ذلك عالقاهتا املعتادة نع الدول الغربيي ودول‬
‫اخلليج والعا العربيي‪ ،‬ونناطق أخرى متتد حىت داخل الصحراء اإلفريقي ‪.‬‬
‫ويرى البعض أن ه ا الدور ال ي لعبته قطر‪ ،‬قد جتلَّت عنه حال انكشياف‬
‫واضح لضعف السياس اخلليجي والعربي ‪ ،‬وبدا األنر وكيأن املسياحات الييت‬
‫‪11‬‬
‫أتاحتها تداعيات الربيع العربيي قد قدنت فرص ذهبي لقطر لل هاب بعييدًا يف‬
‫استثمار رأس ناهلا السياسي وتفعيله؛ ونن ذلك عالقتها اجليدة حبرك "اإلخيوان‬
‫املسلمني" يف أكثر نن دول عربي ‪ ،‬وكان نن نالنح هي ا احلضيور السياسيي‪،‬‬
‫استمرار قطر يف تضمني دورها بالتصريح أهنا نع "خيارات الشعوب"‪ ،‬وه ا نوقف‬
‫نتقدم على باقي دول اخلليج‪ ،‬اليت هتتم ‪-‬بشكل عام‪ -‬بدعم االستقرار؛ لكنها حىت‬
‫اآلن تدرج االعتبار بالرأي العام ودعم خيارات الشعوب نن ضيمن خياراهتيا‬
‫وحمددات استراتيجيتها اخلارجي ‪.‬‬
‫لقد أضافت حتركات السعودي واإلنارات وقطر رصيدًا سياسيًّا لليدور‬
‫اخلليجي يف العانني الالحقني للر بيع العربييي‪ ،‬اتضيحت أمهيتيه بشيكل‬
‫نتصاعد‪ ،‬بعد غياب قوى عربي ؛ بسبب انشغال نصر بترتيب بيتها الداخلي‪،‬‬
‫وتغيب دور سوري عمليًّا بسبب الثورة؛ وألن الربيع العربيي كي لك قيد‬
‫صعَّب على تركيا وإيران كلف التدخل يف املنطق ‪ ،‬وجعلها ح رة‪ ،‬كميا أن‬
‫الغرب ‪ -‬وعلى رأسه أنريكا‪ -‬بد ا نتحفظًا حيال تداعيات الربيع العربيي نن‬
‫إسقاط الق ايف‪.‬‬
‫ونع ذلك فقد شاب احلضور السياسي اخلليجي يف نشهد نا بعيد ثيورات‬
‫الربيع العربيي شيئًا نن التبادلي بني قطر والسعودي ‪ ،‬الالعبني األبيرز خليجيًّيا؛‬
‫فبينما حضرت السعودي يف نشهد اليمن‪ ،‬نشطت قطر يف تونس وليبيا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المورف الخليجي من الحالة البحرينية تعليق لن يدوم‪:‬‬


‫ً‬
‫انطلقت االنتفاض البحريني يف الرابع عشر نن فرباير‪/‬شيباط ‪ 3011‬لتتيوِّج‬
‫نشهدًا سياسيًّا واحتجاجيًّا نشطًا يف البالد نن السبعينات‪ .‬ومتحيورت نطاليب‬
‫الشباب احملتج والقوى الناشط والسياسي حول الدميقراطيي ‪ ،‬وإطيالق سيراح‬
‫املعتقلني‪ ،‬ورفض التمييز السياسي جتاههم‪ ،1‬حييث اسيتند نطليب اإلصيالح‬
‫الدميقراطي إىل نا عُرف بي "امليثاق الوطين"‪ ،‬ال ي أقره العاهل البحريين يف عيام‬

‫يبلغ عدد سكان البحرين نا يقارب نليون ونائيت ألف‪ ،‬وحبسب بعض التقديرات تكون‬ ‫‪1‬‬
‫نسب الشيع بني ‪ 60‬إىل ‪ ،%90‬ويشعر نعظم هؤالء بوجود متييز "طائفي" جتاههم نين‬
‫النظام يف الوظائف العليا‪ ،‬ويف نسأل التجنيس اليت يرون أهنا تتحيز لتجنيس السن فقط‬
‫نن باكستان وبعض البالد العربي ‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ ،3001‬وقد ساهم املشهد الطائفي املرتبك يف البالد‪ ،‬إضاف إىل تيوجس النظيام‬
‫احلاكم نن األغلبي الشيعي ‪ ،‬وتبنيه للقمع يف نواجه االحتجاجيات‪ ،‬إىل دخيول‬
‫البالد سريعًا يف حال أزن ‪.‬‬
‫تسارعت احلال الصداني بني احلكون واحمليتجني‪ ،‬فأسيفرت املواجهي يف‬
‫السابع عشر نن فرباير‪/‬شباط عن نا عرف بيوم "اخلميس الداني"‪ ،‬وحليق ذليك‬
‫اصطفاف طائفي‪ ،‬وتصعيد يف هلج بعض القوى السياسي ؛ اليت طاليب بعضيها‬
‫بإسقاط حكم خل خليف وقيام "مجهوري "‪ .1‬وإزاء ه ا التطور الالفت حتركت دول‬
‫اخلليج سريعًا؛ إذ تكن نستعدة الحتمالي سقوط نظام حاكم يف دول خليجي ‪،‬‬
‫وأن ترى بقرهبا تدخالً إيرانيًّا يشابه التدخل يف العراق بعد االحتالل األنريكي عام‬
‫‪ .3002‬ونن هنا كان القرار يف نارس‪/‬خذار ‪ 3011‬بتدخل قوات "درع اجلزييرة"؛‬
‫املكون نن قوات خليجي نعظمها نن السعودي ‪ ،‬ملساعدة احلكون البحريني على‬
‫استتباب األنن واالستقرار يف البالد‪.‬‬
‫وقد أثار دخول ه ه القوات كثريًا نين اجليدل احملليي واإلقليميي‪،‬‬
‫وتصاعدت حدة التصرحيات اإليراني حول ط بيع الدور اخلليجي يف البحرين؛‬
‫لكن مبرور الوقت اتضح دور ه ه القوات‪ ،‬وأنه للتمركيز حيول النقياط‬
‫احلساس واحليوي يف البالد؛ كاملراكز املالي ‪ ،‬وليس للمشارك يف أغراض قمع‬
‫أو جماهب احملتجني‪ ،‬وقد أعلنت "اللجن املستقل لتقصي احلقائق" يف تقريرها أنه‬
‫ال أدل على تو رط قوات درع اجلزيرة يف انتيهاكات حلقيوق اإلنسيان يف‬
‫البحرين‪.2‬‬
‫وهك ا جنح قرار التدخل اخلليجي يف البحرين ‪-‬ال ي أتى مبعزل عن نوقيف‬
‫الواليات املتحدة األنريكي ‪ -‬يف إيقاف تدهور األوضاع هنا ‪ ،‬كما أوصل رسال‬
‫قوي إليران عن توحد املوقف السياسي اخلليجي جتاه ه ا امللف‪ ،‬وأنه سي هب إىل‬

‫"رويترز"‪ 8 ،‬نارس ‪ :3011‬مجاعات شيعي نتشددة يف البحرين تطالب بقيام مجهوري‬ ‫‪1‬‬
‫يف البالد‪.‬‬
‫‪http://ara.reuters.com/article/idARACAE72716K20110308‬‬
‫نت"‪ 32 ،‬نوفمرب ‪ :3011‬جلن التقصي تقر باالنتهاكات بالبحرين‪.‬‬ ‫"اجلزيرة‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/news/pages/f5f510ab-7e47-4729-9104-‬‬
‫‪5daacb807d65‬‬

‫‪17‬‬
‫أبعد ندى‪ .‬كما أبدت دول اخلليج حال نشط يف تبين نوقف نوحَّيد‪ ،‬وأقيرت‬
‫تقدمي نساعدات نالي إىل البحرين‪.1‬‬
‫ميكن ‪-‬أيضًا‪ -‬قياس قوة املوقف اخلليجي جتاه األزن يف البحرين يف بُعد خخير؛‬
‫وهو تباين املوقف اخلليجي نع الواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬وصياغ حتركاته‪ ،‬كدخول‬
‫درع اجلزيرة ننفردًا دون احلليف األنريكي‪ ،‬فوزيرة اخلارجي األنريكي خن ا هيالري‬
‫كلينتون كانت قد عربت عن "قلقها العميق بشأن الوضع" يف البحرين‪.2‬‬
‫وميكن أن نفسر ذلك بأن دول اخلليج ‪-‬اليت وجدت نفسها حمصورة خبيارات‬
‫حمدودة‪ -‬تكن تنتظر يف حتركها انسجانًا نع املوقف األنريكي‪ ،‬ال ي ختلَّى للتو‬
‫عن نظام نبار يف نصر كحليف قدمي هلا يف املنطق أنام عاصف الثورة ضده‪ .‬ويف‬
‫املقابل وجدت أنريكا نفسها يف نأزق يف البحرين؛ حيث وقعت بيني نطالباهتيا‬
‫بضرورة تنفي سياسات إصالحي يف املنطق ‪ ،‬وبني األمهي االستراتيجي والعسكري‬
‫للبحرين كبلد حليف؛ لكنها تتخ نوقفًا حازنًا جتاه التدخل العسكري اخلليجي‬
‫يف ه ا البلد؛ ولكن استمر تشديدها على ضرورة اإلصيالح‪ ،‬وحتقييق نطاليب‬
‫املعارض ‪.‬‬
‫ويف تلك الفترة ظهرت بعض األصوات نن داخل أنريكا نطالبي بسيحب‬
‫األسطول األنريكي اخلانس املوجود يف البحرين‪ ،‬وفرض عقوبات على النظام نين‬
‫خالل تدابري اقتصادي ‪ ،‬كما قرر الكوجنرس األنريكي يف أكتيوبر‪/‬تشيرين األول‬
‫‪ 3011‬تأجيل صفق أسلح نع البحرين بقيم ‪ 92‬نليون دوالر‪3‬؛ وذلك للضيغط‬
‫عليها نن أجل حتسني حقوق اإلنسان فيها‪.‬‬
‫وليس نن املؤكد أن أنريكا تعارض بالفعل التحركات اخلليجيي ؛ فتغلييب‬
‫نصلحتها االستراتيجي اليت تتأتى نن استمرار األوضاع والعالقات القائم أقرب هلا‬

‫"بيي بيي سي"‪ 10 ،‬نارس ‪ :3011‬دول اخلليج تعلن نساعدات ناليي للبحيرين‬ ‫‪1‬‬
‫وعمان بقيم ‪ 30‬نليار دوالر‪.‬‬
‫‪http://www.bbc.co.uk/arabic/business/2011/03/110310_gcc_aid.shtml‬‬
‫"اجلزيرة نت"‪ 19 ،‬نارس ‪ :3011‬قلق وحت ير بعد إرسال قوات للبحرين‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/news/pages/cdad68e0-ae42-44d3-b393-‬‬
‫‪f769d92a3c35‬‬
‫"رويترز"‪ 30 ،‬أكتوبر‪ :3011‬أنريكا تؤجل صفق اسلح للبحرين إىل حني ظهور نتيج حتقيق‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE79J00C2011102‬‬

‫‪18‬‬
‫نن أي بُعد خخر؛ لكن يبقى أن العالق السعودي ‪-‬األنريكي الرصين مليدة سيبع‬
‫عقود تتغري اليوم؛ وهل ا دالالت نهم قد تتجلى يف انفتاح املسياحات لالعيب‬
‫اخلليجي ليمارس دورًا إقليميًّا نؤثرًا‪ ،‬وباخلصوص نن ناحي االجتياه إىل تكانيل‬
‫عربيي؛ فيصبح ب لك ه ا التباعد إجيابيًّا‪ ،‬أو قد يكون سلبيًّا حني تُستغل هي ه‬
‫املساحات نن قبل قوى إقليمي أخرى‪.‬‬
‫وعلى الرغم نن ذلك فإنه يهدأ املشهد البحريين يف العانني التاليني النطالق‬
‫االنتفاض ‪ ،‬وزاد نن تعقيد األنر أن البالد تشهد أزن نستمرة بني النظام واملعارض‬
‫نن جه ‪ ،‬وبني النظام واملكون الشيعي يف الدول ‪-‬ال ي ميثل أغلبي السكان‪ -‬نين‬
‫جه أخرى‪ ،‬إضاف إىل تزايد احلساسي الطائفي بني السن والشيع بعد انتفاض ‪13‬‬
‫نن فرباير‪/‬شباط ‪.3011‬‬
‫ومما جتدر نالحظته يف ه ا الصدد أن األزن يف البحرين تكن جمرد ردِّ فعل‬
‫نتأثر بالربيع العربيي؛ بل هي أزن هلا جت ر تارخيي‪ ،‬واالحتجاجات تتجدد نين‬
‫وقت آلخر مما ين ر باحتماالت تغيري قوي ‪.‬‬
‫ويعود ذلك إىل طبيع احلرا السياسي النشط يف البحرين؛ حيث توجد قوى‬
‫سياسي نتنوع وذات انتداد تارخيي‪ ،‬وك لك لوجود جنياح داخيل احلكوني‬
‫البحريني ‪ ،‬يتصدره ويل العهد؛ ال ي يتبىن هنجًا إصيالحيًّا ييؤنن بأمهيي احليل‬
‫السياسي‪ ،‬فضالً عن الدور املؤثر للتيارات الشبابي املتجددة‪ .‬كما يالحظ أن هنا‬
‫درج نن التجاوب النسبيي ملطالب املعارض ؛ حيث حيسب للقيادة السياسي يف‬
‫البحرين حماولتها التجاوب السريع نع الشعب‪ ،‬والسعي لتدار الوضع‪ ،‬ونن ذلك‬
‫نوافقتها على جلن التحقيق املستقل ‪ ،‬اليت دلل تقريرها يف نوفمرب‪/‬تشيرين الثياين‬
‫‪ 3011‬على إدان للسلط وجتاوزاهتا يف نسائل القمع والتع يب‪ ،‬وقبيول العاهيل‬
‫البحريين بنتيج ذلك التقرير ووعده مبحاسب املسئولني عند تلك االنتهاكات‪.1‬‬

‫"هنا أنستردام"‪ 32 ،‬نوفمرب ‪ :3011‬نلك البحرين يقبل نتائج تقرير جلن تقصي احلقائق‬ ‫‪1‬‬
‫ويعد باحملاسب ‪.‬‬
‫‪http://www.rnw.nl/arabic/bulletin/%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%‬‬
‫‪A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%‬‬
‫‪8A%D9%82%D8%A8%D9%84-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%‬‬
‫‪A6%D8%AC-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9‬‬

‫‪19‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الخليج والثورو في اليمن خطوا في أرض صعبة‪:‬‬
‫كان احملدد األنين هو احملر الرئيس للموقف اخلليجي يف احلال اليمنيي ‪ ،‬فقيد‬
‫شهدت اليمن حروبا داخلي نتنوع كان خخرها نع احلوثيني يف عيام ‪ ،3009‬وهيي‬
‫ذات احلرب اليت تثري التوجسات اليمني واخلليجي نن دور إيران فيهيا‪ ،‬هي ا عيدا‬
‫املشاكل احلدودي ‪ ،‬واختاذ تنظيم "القاعدة" املتطرف نن اليمن نلجأً له‪ .‬ك لك متتد يف‬
‫اليمن حاالت نن االحتجاج واالنقسام؛ ففي ننتصف عقد التسعينيات املاضي بيدأت‬
‫االحتجاجات يف حضرنوت‪ ،‬ويف عام ‪ 3009‬بدأت االحتجاجات يف اجلنوب‪.‬‬
‫وقد بدأت االحتجاجات الشعبي املواكب النطالق الربيع العربيي؛ وذلك يف‬
‫ننتصف يناير‪/‬كانون الثاين ‪ 3011‬عرب جتمع طالبيي يف جانع صينعاء مث تعيز‪،‬‬
‫وانتشرت بعد ذلك يف أحناء خمتلف نن البالد‪ ،‬فكانت ثورة شبابي التحقيت هبيا‬
‫القوى السياسي الحقًا‪.‬‬
‫وقد لعب التدخل اخلليجي يف اليمن دورًا يف نقل البالد نن نرحلي األزني‬
‫واالنسداد وإدخاهلا يف دائرة احللول املمكن ؛ فبعد شهرين نين انطيالق الثيورة‬
‫السلمي قادت السعودي حراكًا خليجيًّا أنتج أربع نبادرات‪ ،‬وسيادت املبيادرات‬
‫فترات جتاذب بني الرئيس اليمين السابق علي عبد اهلل صاحل ال ي ناطل جتاههيا‪،‬‬
‫واملعارض اليت حتفظت على بعض بنودها‪ ،‬وصوالً إىل الشباب احملتج ال ين رفضوا‬
‫نبدأ الوصاي اخلليجي واألنريكي ‪ ،‬ورفضوا احلصانات اليت قدنت لصاحل ونن عمل‬
‫نعه نن املالحق القانوني ؛ لكن أحزاب "اللقاء املشتر " فضلوا أن يسلكوا املسيار‬
‫السياسي وطريق املفاوضات‪.‬‬
‫وكانت النتيج الوصول إىل اتفاق على صيغ املبادرة الرابع اليت وقعيت يف‬
‫الرياض يف الثالث والعشرين نن نوفمرب‪/‬تشرين الثاين ‪ ،13011‬وحظييت املبيادرة‬
‫‪%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B5%D9‬‬
‫‪%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9‬‬
‫‪%82-%D9%88%D9%8A%D8%B9%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9‬‬
‫‪%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A9‬‬
‫"العربي نت"‪ 32 ،‬نوفمرب ‪ :3011‬الرئيس اليمين واملعارض يوقعيان عليى "املبيادرة‬ ‫‪1‬‬
‫اخلليجي " حبضور العاهل السعودي‪.‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2011/11/23/178840.html‬‬

‫‪11‬‬
‫برعاي خليجي ودعم أنريكي وأوروبيي وأممي‪ ،‬وخلصت ه ه املبادرة إىل تنحي‬
‫الرئيس علي عبد اهلل صاحل‪ ،‬وتشكيل حكون وفاق وطين ترأسها نائبه عبيد ربيه‬
‫ننصور هادي‪.‬‬
‫ومما جتدر نالحظته يف ه ا الصدد‪ ،‬أن التدخل اخلارجي "املتج ر تارخييًّا" يف‬
‫احلال اليمني قد يلعب ‪-‬كما يف حال املبادرة اخلليجيي ‪ -‬دورًا نؤقتًيا‪ ،‬كاليدفع‬
‫لتجاوز األزن حبل سياسي توافقي‪ ،‬أو الوقوف نع الدول ضد متردات عسيكري ؛‬
‫لكنه يبقى تدخالً ضارًّا على املدى الطويل‪ ،‬فهو يهز استقرار البلد ال ي حيتاج إىل‬
‫بناء نؤسسات وطني تقدم استفادة شانل ‪ ،‬عوضًا عن إبقاء الوضع الراهن املسيطر‬
‫عليه نن شبك حتالفات ونصاحل نتبادل لقوى داخلي وخارجي ‪ ،‬وتتعزز صيعوب‬
‫املشهد اإلصالحي إذا أضفنا إليه أن القيادة احلالي يف اليمن اليت جتد نفسها أنيام‬
‫انقسانات ووضع أنين غري نطمئن‪ ،‬قد متيل إىل اإلبقاء على الوضع احلايل كما هو‪،‬‬
‫ندفوع بالرغب يف االستفادة نن املساعدات العسكري والتنموي اليت تُبىن على ه ا‬
‫النمط الراهن وطبيع املطالب والتدخالت اإلقليمي والدولي نن خالله‪.‬‬
‫وه ه هي النقط احلرج بالنسب إىل احلال اليمنيي ‪ ،‬فخطيوات اإلصيالح‬
‫السياسي حتتاج إىل ثقل وإىل خطوات داعم ‪ ،‬وحكون الرئيس عبد ربيه هيادي‬
‫أضعف نن أن تقود إصالحات "بنيوي " يف بلد تتعدد النخب والقوى فيه‪ ،‬ويعياين‬
‫وضعًا إنسانيًّا صعبًا وبطال وأنيّ نرتفع ‪.‬‬
‫وملّا كان الالعب اخلليجي والسعودي خاص هو صاحب الدور األكيرب يف‬
‫اليمن؛ ل ا يتوجب عليه القيام بدور حيوي يف إجناح املسار اإلصالحي املطليوب‪،‬‬
‫وإنّ نا يشجع صانع القرار اخلليجي على نواكب ه ا املسار‪ ،‬هو وجود عدد نين‬
‫املؤشرات احمللي واإلقليمي والدولي اليت تصب يف خان دعم التحول الدميقراطي يف‬
‫اليمن‪ ،‬نن ضمنها نا يأيت ضمن السياق الدويل؛ فمؤخرًا زار اليمن أعضياء نين‬
‫جملس األنن الدويل‪ ،‬وأصدر اجمللس يف فرباير‪/‬شباط ‪ ،3012‬قرارًا يتعلق بالتسيوي‬
‫السياسي يف اليمن ويتوعد نن يعرقلوهنا‪.1‬‬

‫"بيي بيي سي"‪ 16 ،‬فرباير ‪ :3012‬جملس األنن يتوعيد املسيؤولني عين عرقلي‬ ‫‪1‬‬
‫الدميقراطي باليمن‪.‬‬
‫‪http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/02/130215_yemen_un.shtml‬‬

‫‪10‬‬
‫ونن نؤشرات السياق احمللي تعهد الرئيس عبد ربه هادي بتنظيم انتخابيات‬
‫تشريعي ورئاسي بعد عام‪ ،‬وبناء دستور جديد‪ ،‬كما بدأ بتدشني حوار وطين نهم‬
‫ملستقبل البالد‪ ،‬يسري هبا قدنًا يف تنفي بنود املبادرة اخلليجي ‪ ،‬كما قيام اليرئيس‬
‫خبطوات جريئ ننها أنه أصدر قرارًا يقضي بإعادة هيكل اجليش الييمين‪ ،1‬وقيد‬
‫تضمن ذلك إلغاء احلرس اجلمهوري ال ي يقوده ابن الرئيس السابق أمحيد عليي‬
‫عبد اهلل صاحل‪ ،‬وإلغاء الفرق املدرع األوىل اليت يقودها علي حمسن األمحر‪ ،‬إضياف‬
‫إىل تعيني قادة جدد عوضًا عن القيادات السابق ‪ ،‬اليت يتكون نعظمها نن أبناء أخ‬
‫الرئيس السابق‪ .‬كل ه ه نعطيات تدلل على ضرورة التحر جتاه اليمن نن خالل‬
‫البعد السياسي املبادر ال ي يتبىن خيار الثورة الشعبي ورغبتها يف اإلصالح‪ ،‬وليس‬
‫أن يبقى التدخل حمكونًا بالبُعد األنين فقط‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬المورف الخليجي من األزمة السورية ال أنصاف حلول‪:‬‬


‫رً‬
‫يصح القول‪ :‬إن حال الثورة السوري هي احلال املعضل يف العا العربييي‬
‫اليوم؛ وذلك عائد لصعوب األوضاع اليت تكتنف ه ه الثورة‪ ،‬وذلك نن نواجهي‬
‫لنظام قمعي شرس ميلك خل عسكري ضخم وندرب ‪ ،‬إىل تركيب سكاني نعقيدة‬
‫تداخلت يف عالقاهتا البيني بعض املخاوف املرتبط بأنور طائفي وأُصولي ‪ .‬وزاد نن‬
‫صعوب الوضع أن حتولت الثورة السوري السلمي ‪ ،‬اليت انطلقيت يف نيارس‪/‬خذار‬
‫‪ ،3011‬إىل نواجه نسلح بعد اجتياح "باب عمرو" يف نارس‪/‬خذار ‪ 3013‬ومليدة‬
‫عانني‪ ،‬وختلي اجملتمع الدويل وانتناعه عن إنقياذ الوضيع يف سيوري ‪ ،‬نكتفيًيا‬
‫مبحاوالت للتدخل طرحت يف األنم املتحدة عرقلتها الصني وروسييا‪ .‬وصيعوب‬
‫وضع األزن يف سوري هي اليت دفعت دول اخلليج إىل التحفظ نن بدايي هي ه‬
‫الثورة‪.‬‬
‫إنّ تأنل اخلطوات اليت اخت ت نن قبل الدول اخلليجي جيعلنا نرى كيف أهنيا‬
‫خطوات حمسون خطط هلا حبرص شديد‪ .‬فدول اخلليج ‪-‬ال سيما السعودي وقطر‪-‬‬

‫‪ 30‬ديسمرب‪ :3013‬الرئيس اليمين يعيد هيكل القوات املسلح ‪.‬‬ ‫"سي إن إن"‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪http://arabic.cnn.com/2012/middle_east/12/20/Yemen-‬‬
‫‪Military/index.html‬‬

‫‪11‬‬
‫تبادر الستثمار ه ه الفرص جتاه نظام األسد؛ ال ي يعتيرب حليفًيا إلييران يف‬
‫املنطق ‪ ،‬وذهابه سيؤدي إىل خلخل أكيدة لنفوذها يف املنطق ‪.‬‬
‫لقد اخت ت الدولتان نوقفًا نتحفظًا دام ألشهر بعد انطالق الثيورة؛ لكين‬
‫األزن وخالل األشهر اليت تلت انطالقتها شهدت تصاعدًا يف حدهتا‪ ،‬وانتقلت نن‬
‫نسأل تعارض وجهات النظر السياسي ‪ ،‬إىل توتر يف النصف األخري نن عام ‪،3011‬‬
‫وقطيع هنائي يف بدايات عام ‪ .3013‬ولكن مما عجل بظهيور نوقيف خليجيي‬
‫واضح‪ ،‬صدور تصرحيات نتكررة نن القوى الغربي ‪ ،‬ممثلي يف أنريكيا وفرنسيا‬
‫وبريطانيا‪ ،‬تُسقط الشرعي عن نظام األسد‪ ،‬إضاف إىل صعوب تقبل دول اخللييج‬
‫الحتمالي بقاء األسد بعد القطيع النهائي نعه‪.‬‬
‫لكن العانل املؤثر األكرب وراء تصعيد دول اخلليج وقياداهتا ملبادرات إسيقاط‬
‫األسد‪ ،‬كان حال الغضب والغليان لدى شعوب ه ه الدول‪ ،‬اليت تعاطفت بشكل‬
‫كبري نع الشعب السوري بعد سقوط عدد كبري نن الضحايا وصيعوب الوضيع‬
‫اإلنساين ال ي َألَمَّ بسوري بعد الثورة‪ .‬وهك ا بدأت ردود األفعال اخلليجي حيني‬
‫علقت السفارة القطري أعماهلا يف سوري ‪ ،‬وغادرت بعثتها الدبلوناسي اليبالد يف‬
‫ننتصف شهر يوليو‪/‬متوز ‪ ،3011‬بعد نا اعتربته حماول اعتداء نن عناصير جمهولي‬
‫جتمعت لالحتجاج أنام نقرها على تغطي قناة اجلزييرة القطريي لألحيداث يف‬
‫سوري ‪.‬‬
‫وكان أول حتر رمسي خليجي قد ظهر حني استدعت السعودي سفريها‬
‫يف دنشق‪ ،‬بعد كلم وجهها العاهل السعودي امللك عبد اهلل بن عبد العزيز إىل‬
‫الشعب السوري يف السابع نن أغسطس‪/‬خب ‪ ، 3011‬ذكر فيها أن نا حيدث يف‬
‫سوري ال تقبل به اململ ك العربي السعودي ‪ ،‬وأهنا "تقيف جتياه نسيئوليتها‬
‫التارخيي حنو أشقائها‪ ،‬نطالب بإيقاف القتل وإراق الدناء"‪ ،1‬ويف اليوم نفسيه‬
‫استدعت كلٌّ نن البحرين والكويت سفريها يف سيوري ‪ .‬ووجيه وزراء دول‬
‫جملس التعاون اخلليجي انتقادات واسع للنظام السوري نطالبني بإيقاف القتل؛‬

‫"بيي بيي سي"‪ 9 ،‬أغسطس ‪ :3011‬السعودي تستدعي سفريها يف سوري وتدعو إىل‬ ‫‪1‬‬
‫وقف إراق الدناء فيها‪.‬‬
‫‪http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2011/08/110807_syria_king_a‬‬
‫‪bdulla.shtml‬‬

‫‪11‬‬
‫وذلك يف احلادي عشر نن سبتمرب‪/‬أيلول ‪ ، 3011‬نعتربين ذلك "رسال شيديدة‬
‫اللهج "‪.1‬‬
‫واستمرت قطر اليت تولت الرئاس الدوري جلانع الدول العربييي يف عيام‬
‫‪ 3011‬يف حشد مجيع أنواع الدعم الدبلوناسي واملايل واإلعالني للوقيوف ضيد‬
‫نظام األسد؛ ونن ذلك خطوات أقرهتا اجلانع العربي كفرض عقوبات اقتصيادي‬
‫على سوري ‪ ،‬وإرسال نراقبني‪ ،‬وتبين طلب التدخل العسكري يف سوري نن قبيل‬
‫األنم املتحدة‪ .‬ك لك احتضنت الدوح ممثلي الثورة وقيادات املعارض يف لقاءات‬
‫واجتماعات نتنوع ‪ ،‬كان نن أمهها جناح ه ه القيوى يف الدوحي يف تشيكيل‬
‫"االئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضي السيوري " يف احليادي عشير نين‬
‫نوفمرب‪/‬تشرين الثاين ‪.3013‬‬
‫وكان أول نن أشار خلطوة التصعيد العسكري ضد النظام السوري هو وزير‬
‫اخلارجي السعودي األنري سعود الفيصل؛ وذلك حني ذكر أن الرئيس السوري ال‬
‫بُدَّ أن يسلم السلط "طوعًا أو كرهًا"‪2‬؛ وذلك يف نؤمتر أصدقاء سوري يف تيونس‬
‫يف فرباير‪/‬شباط ‪ ،3013‬وهو املؤمتر ال ي انسحب ننه احتجاجًا على اكتفاء بييان‬
‫املؤمتر بطلب تقدمي املساعدات اإلنساني ‪ ،‬وطالب الحقًا يف اجتماع للمؤمتر ذاته يف‬
‫إسطنبول يف نارس‪/‬خذار ‪ 3013‬بتسليح املعارض ‪.‬‬
‫وكان أنري قطر السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين قد طرح أيضًا نوقفًيا‬
‫نتقدنًا‪ ،‬حني اقترح يف ننتصف يناير‪/‬كانون الثاين ‪ 3013‬إرسال قوات عربي لوقف‬
‫نا أمساه "إراق الدم السوري"‪ ،‬وكرر ه ا الطلب يف خطابه أنام األنم املتحيدة يف‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول ‪.33013‬‬

‫"الشرق األوسط" اللندني ‪ 13 ،‬سبتمرب ‪ :3011‬دول اخلليج تطالب بي"الوقف الفوري‬ ‫‪1‬‬
‫آلل القتل" يف سوريا‪.‬‬
‫‪http://aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11976&article=640032‬‬
‫"الشرق األوسط" اللندني ‪ 39 ،‬فرباير ‪ :3013‬سعود الفيصل‪ :‬نظام األسد أصبح أشيبه‬ ‫‪2‬‬
‫بسلط احتالل‪ ..‬وتسليح املعارض فكرة ممتازة‪.‬‬
‫‪http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=665253&issuen‬‬
‫‪o=12142.‬‬
‫"االقتصادي "‪ 39 ،‬سبتمرب ‪ :3013‬أنري قطر يدعو إىل تدخل عسكري عربيي يف سوريا‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪http://www.aleqt.com/2012/09/25/article_696246.html‬‬

‫‪11‬‬
‫وقد متسكت اإلنارات وعُمان باخليار السلمي‪ ،‬نن خالل دعم نهم املبعوث‬
‫األممي إىل سوري كويف أنان‪ ،‬واألخضر اإلبراهيمي نن بعده‪ ،‬وقد غابت السعودي‬
‫وقت االجتماع التحضريي للرباعي اإلقليمي اليت تضم نعها نصر وتركيا وإيران يف‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول ‪ ،3013‬ويعود ذلك الختالف املواقف؛ حيث ترى السعودي ضرورة‬
‫إسقاط األسد؛ بينما تبحث إيران عن بقائه‪.‬‬
‫وعلى صعيد ردود األفعال اإلقليمي والدولي ‪ ،‬خفّت اللهج التصعيدي لتركيا‬
‫بعد أن كانت سائدة جتاه النظام السوري يف العام األول نين انطيالق الثيورة‬
‫السوري ‪ ،‬نع استمرارها بدعم الثورة يف الداخل بطرق نتنوع ‪ ،‬كميا اتضيحت‬
‫ك لك نوايا التباعد نن قبل الواليات املتحدة األنريكي والغيرب عين التيدخل‬
‫العسكري اجلاد يف احلال السوري ‪ .‬ويف غضون ذلك استمرت السعودي وقطير يف‬
‫املطالب بتسليح اجليش احلر ملواجه جيش النظام السوري‪ ،‬والدعوة إىل التيدخل‬
‫العسكري حتت غطاء دويل‪ .‬وهو نا رفضته الواليات املتحدة األنريكي بداي ً خشي‬
‫على الدول العربي "إسرائيل" نن وجود قوى نعارض نسلح تتشكك فيها‪ ،‬بينما‬
‫رأت دول اخلليج أن املقاتلني ‪-‬بسالح حمدود الكمي واجلودة‪ -‬استطاعوا االقتراب‬
‫نن أبواب دنشق‪ ،‬ولو توفرت هلم كميات سالح نوعي فسيعملون على تسيريع‬
‫إسقاط النظام وإهناء األزن ‪.‬‬
‫يف ضوء ذلك يتضح أن دول اخلليج يتوفر هلا نساح تأثري يف نسار األزن‬
‫السوري كما كان األنر يف حاليت البحرين واليمن‪ .‬ول ا ال بُيدَّ نين خطيوات‬
‫تصعيدي لالستراتيجي العربي واخلليجي يف سوري ‪ ،‬فاملسأل السوري ليست نين‬
‫املسائل اليت يقبل فيها التراجع‪ ،‬وال أنصاف احللول‪.‬‬
‫وتتجلى نثل ه ه اخلطوات التصعيدي يف طبيع التعانل نع روسيا والصيني‬
‫وإيران‪ ،‬فاخلليج ال يزال ميتلك نفاتيح للتأثري تتمثل يف نستوى العالقات والتبيادل‬
‫التجاري‪ ،‬وخطوات أخرى نهم تكمن يف ضرورة دعم سبل جديدة للتسيليح ال‬
‫يؤثر أحد على نسأل ننعها مبا يف ذلك الغرب‪ ،‬وإجياد طرق تيدخل عسيكري‬
‫عربيي‪ ،‬نع حتالفات أخرى ممكن ‪.‬‬
‫فه ا نا تُنتقد نن خالله السلطات السعودي يف سياستها اخلارجيي ‪ ،‬حيني‬
‫تستمر دبلوناسيتها يف التركيز على املساعدات اإلنساني والقوة الناعم ‪ ،‬يف الوقت‬
‫‪11‬‬
‫ال ي ال تستخدم فيه قوة "صلب " عسكري ‪ ،‬وه ا نا جعل قوى أخيرى إقليميي‬
‫ودولي مترر سياساهتا يف املنطق على حساب دول اخلليج‪ ،‬كما يرى بعض املراقبني‬
‫أن وضع التجاذبات بعد الثورات يوحي بأن "العا العربيي بات نوضوعًا للعبي‬
‫التوازنات ال طرفًا فاعالً فيها"‪.1‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ -‬لقد أنتجت الظاهرة التارخيي للربيع العربيي خثارًا خمتلف على دول اخلليج؛‬
‫وذلك نن التوجه يف التفكري بتأسيس احتاد خليجي‪ ،‬وتوفري سياسات دعم ونزاييا‬
‫لشعوهبا‪ ،‬إىل تدخل نشط كما يف حاليت البحرين والييمن‪ ،‬وصيوالً إىل قييادة‬
‫نبادرات يف اجلانع العربي واألنم املتحدة‪ ،‬وغلب على اخلطوات السياسي ليدول‬
‫اخلليج أثناء الربيع العربيي خطها التارخيي املعتاد‪ ،‬وهو االنطالق نن خالل احملدد‬
‫األنين أساسًا‪ ،‬والتصرف حيال األزنات نن ننطق ردود األفعال‪.‬‬
‫‪ -‬لقد كان املوقف اخلليجي ‪-‬وال يزال‪ -‬رافضًا ملسأل التغييري واإلصيالح‬
‫الدميقراطي‪ .‬وقد ظل املوقف نفسه قائمًا بعد انطالق ظاهرة الربيع العربيي‪ ،‬فدول‬
‫اخلليج يف العانني الالحقني للربيع العربيي وحىت اآلن‪ ،‬تقدم خطيوات نين‬
‫املمكن اعتبارها خطوات تغيري يف البني السياسي احلاكم ‪.‬‬
‫كما ميكن أن نالحظ أنه توجد دالئل ونعطيات تشيري إىل أن دول اخللييج‬
‫بدأت خطواهتا الفعلي باجتاه إصالح سياسي دستوري‪ ،‬كإقرار التعدديي ‪ ،‬واملشيارك‬
‫الشعبي الفاعل ‪ ،‬ورفع سقف احلريات‪ ،‬وه ا يعود يف املقام األول إىل أن دول اخللييج‬
‫تواجه أثناء فترة الربيع العربيي حتديات ذات نستوى نرتفع تدفعها إىل املراجعي ‪،‬‬
‫والتفكري بإعادة بناء ه ا الوضع القائم اليوم‪ ،‬حيث كان التزام القيادة اخلليجي بنسيقها‬
‫التقليدي احلل األسهل؛ ال ي تركن له ه ه الدول "اخلليجي " حىت اليوم‪.‬‬
‫‪ -‬وبالنسب إىل السياس اخلارجي ‪ ،‬كان لدول اخلليج نوقفًيا رياديًّيا يف الوسيط‬
‫العربيي يف العانني األخريين‪ ،‬وال بُدَّ نن استمرار تعزيز حضورها يف ه ا املسار‪.‬‬

‫تعد كافي "‪ ،‬احلياة اللندني‬ ‫خالد الدخيل‪" :‬السياس اخلارجي السعودي ‪ ..‬القوة الناعم‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 33‬فرباير ‪:3012‬‬
‫‪http://alhayat.com/OpinionsDetails/486100‬‬

‫‪16‬‬
‫إضاف إىل الفراغ السياسي ال ي أحدثه التباعد النسبييي ليدى الالعيب‬
‫األنريكي عن املنطق ‪ ،‬فالواليات املتحدة األنريكي اليوم تلعب دور املراقب ال‬
‫املمانع؛ ل ا لن جتد اخلطوات اخلليجي اجلريئ نن يعارضها نن اجملتمع الدويل‪،‬‬
‫بل ستصنع االحتمال املنتظر ال ي سيتوافق نعه الكثري‪.‬‬
‫إن طبيع املرحل تفرض االنفتاح على عدة خيارات قادن ‪ ،‬ونن أمهها تليك‬ ‫‪-‬‬
‫اخليارات اليت جيب أن تصنعها دول اخلليج لنفسها‪.‬‬
‫فال بُدَّ نن تفعيل اجلانب السياسي املبادر‪ ،‬حبيث ال تكون الرؤي قاصرة على‬ ‫‪-‬‬
‫اجلانب األنين فقط‪ ،‬حيث يتعني على دول اخلليج أن تتكيف نع خط التغيري‬
‫الشعبيي ال أن تكون يف نوقف املقاوم له‪ ،‬ألنّ ذلك سيؤدي إىل إضيعاف‬
‫عالقاهتا ليس فقط نع القوى السياسي اجلديدة‪ ،‬بل نيع القيوى اإلقليميي‬
‫والدولي كتركيا والغرب‪ ،‬تلك القوى واليت تتواءم يونًا بعد يوم نع التيارات‬
‫السياسي الصاعدة‪.‬‬
‫نا زالت دول اخلليج تنظر إىل تقارب ظروف الربيع العربيي ‪-‬بشكل رمسي‬ ‫‪-‬‬
‫ويف طريق عالقاهتا‪ -‬على أنه احتجاجات ذات وجه اقتصيادي‪ ،‬ويف هي ا‬
‫اختزال لظاهرة كربى‪ ،‬وتعانل نع نا تريد أن تراه ال نا نع هو واقعي‪.‬‬
‫إن ختوفات دول اخلليج نن أثر الثورات عميق التأثري يف ه ه املرحل ؛ لكن يف‬ ‫‪-‬‬
‫الوقت ذاته طبيع ه ا األثر تعتمد بشكل نباشر على قدرهتا يف إجادة دورها‬
‫السياسي؛ وه ا نا حيتم التخلي عن خطها التقليدي ال ي اعتياد أن ييبين‬
‫أركانه على تشكيالت سياسي تقليدي ونستقرة يف املنطق ‪ ،‬حىت لو بقييت‬
‫البني السياسي ألنظم دول اخلليج تقليدي ‪ ،‬فليس بالضرورة أن يكون ذليك‬
‫عائقًا لبناء عالقات ناجح ولتواصل دبلوناسي فعّال يعزز العالق بالشيعوب‬
‫قبل أنظمتها‪ ،‬فقطر ‪-‬كمثال‪ -‬جنحت يف طريق دعم اخلييار الشعبييي يف‬
‫الثورات العربي ‪ ،‬وبناء عالقات جيدة نع القوى اجلديدة‪.‬‬
‫طبيعتها السياسي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪17‬‬
‫أبعاد ودالال تحول مجلس التعاون الخليجي‬
‫من صيغة التعاون للى صيغة االتحاد‬
‫د عمر الحسن‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ظل العانل اخلارجي نتغريًا حامسًا يف نسرية جملس التعاون لدول اخلليج العربي‬
‫ونسار حركته‪ ،‬بداي مبرحل تأسيسه قبل حنو ثالث عقود؛ حيث الثورة اإليرانيي ‪،‬‬
‫واحلرب العراقي ‪-‬اإليراني ‪ ،‬وزيادة حدة الصراع اإلقليمي والدويل على املصياحل يف‬
‫املنطق وعلى رأسها نصادر النفط‪ ،‬وصوالً إىل اليدعوة الييت وجههيا العاهيل‬
‫السعودي امللك عبد اهلل بن عبد العزيز خل سعود لدول اجمللس خالل القم اخلليجي‬
‫الثاني والثالثني واليت عُقدت يف ندين الرياض يف ‪ 19‬ديسمرب‪/‬كانون األول ‪،3011‬‬
‫باالنتقال نن نرحل التعاون إىل صيغ االحتاد‪ ،‬واليت تكن ننفصل أيضًيا عين‬
‫املتغري اخلارجي ال ي طرأ على الساح اإلقليمي وال ي جتسد فيما يسمى بثورات‬
‫الربيع العربيي اليت غريت يف املرئيات والعقائد األنني لدول اجمللس‪.1‬‬
‫وتشري القراءة املتمعن ملسرية جملس التعاون ليدول اخللييج العربيي إىل أن‬
‫التطورات اإلقليمي والدولي فرضت على اجمللس والدول‪ ،‬على ندار العقود املاضي‬
‫‪-‬نن النشأة وحىت الوقت الراهن‪ -‬الكثري نن التحديات ورمبيا املعضيالت ذات‬
‫األبعاد والتأثريات املتباين يف حجمها وخطورهتا على أنن واستقرار دول اجمللس بل‬
‫واملنطق برنتها‪.‬‬
‫كما تشري اخلربة السابق والراهن لدول جملس التعياون اخلليجيي إىل جناحهيا‬
‫الواضح يف إفراز استجابات سريع ونؤثرة على تلك التحديات واإلشكاليات على حنو‬

‫نعتز سالن ‪" ،‬الطموح املبكر‪ :‬دوافع وفرص قيام االحتاد اخلليجيي"‪ ،‬جملي السياسي‬ ‫‪1‬‬
‫الدولي ‪ ،‬العدد ‪ ،189‬يوليو ‪ ،3013‬ص ص ‪.129 - 126‬‬
‫‪19‬‬
‫عزز األنن واالستقرار جمللس التعاون لدول اخلليج العربي ككيان تكانلي نين جهي‬
‫أوىل‪ ،‬ولدوله جمتمع وفرادى نن جه ثاني ‪ ،‬وذلك على حنو نا سنعرضيه بالتفصييل‬
‫الحقاً‪ .‬بل إن أداء جملس التعاون اخلليجي وتعاطيه اإلجيابيي والفعّال نع التحيديات‬
‫اليت واجهها على ندار نسريته املمتدة‪ ،‬سامهت يف تقوي وتعزيز ه ا الكيان التكيانلي‬
‫وتعزيز نسريته‪ ،‬ويف كثري نن األحيان جاءت استجابات اجملليس ودوليه يف صيورة‬
‫خطوات دافع وحمفزة ملزيد نن التعاون والتكانل‪ ،‬وذلك على حنو نا سنرى نين أن‬
‫أحد جوانب تعانل جملس التعاون نع تداعيات نا يسمى بي "الربيع العربيي" متثليت‬
‫يف طرح نبادرة لتحوله نن صيغ التعاون إىل صيغ االحتاد‪.‬‬
‫وهك ا‪ ،‬جند أن سلو جملس التعاون اخلليجي جتاه إفرازات العانل اخلارجي‬
‫‪-‬الدويل واإلقليمي‪ -‬اتسم بطابع إجيابيي و يتخندق يف شكل انكفياء عليى‬
‫ال ات أو التراجع يف الصيغ التعاوني والتكانلي ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬السياق التاريخي لنشأو منظومة مجلس التعاون الخليجي‬


‫ارتبطت نشأة النظام اإلقليمي اخلليجي بثالث تطيورات رئيسي أكسيبته‬
‫خصائص ومسات مميزة سامهت يف إضفاء طابع الشخصي املستقل علييه كنظيام‬
‫إقليمي فرعي‪ ،‬وأثرت بدرج كبرية يف أمناط تفاعالته‪ ،‬ويف عالقاته بالنظام الدويل‬
‫والنظم اإلقليمي اجملاورة‪ ،‬تتمثل يف االنسحاب العسكري الربيطاين نين ننطقي‬
‫اخلليج‪ ،‬ونا ترتب عليه نن حدوث "فراغ قوة" داخل اإلقلييم‪ ،‬وحداثي نشيأة‬
‫"الدول الوطني " يف أربع نن وحدات النظام إثر استقالهلا عن االستعمار الربيطاين‪،‬‬
‫وهي‪ :‬اإلنارات والبحرين وقطر وعُمان‪ ،‬وتفجر الثروة النفطي ‪ ،‬واليت ترتب عليها‬
‫زيادة عمق وحساسي قضايا األنن اإلقليمي‪ ،‬ورفع قدرات الدول الصغرية عليى‬
‫املناورة والتوازن نع القوى األكرب داخل اإلقليم‪.‬‬
‫وعزز نن ذلك التطورات اخلطرية اليت شهدهتا املنطق خالل الفترة اليت سبقت‬
‫التفكري يف إنشاء اجمللس‪ ،‬واليت خلقت قناع نتزايدة لدى قادة دول اخلليج السيت‬
‫بأن نواجهتها لن تتحقق سوى حبتمي العمل املشتر ‪.1‬‬

‫عمر احلسن‪" ،‬جملس التعاون بعد ‪ 39‬عانًا نن إنشائه"‪ ،‬جمل شؤون خليجي ‪ ،‬العدد ‪،36‬‬ ‫‪1‬‬
‫صيف ‪ ،3006‬ص ‪.6‬‬
‫‪61‬‬
‫أول ه ه التطورات طبقًا لتسلسلها الزنين‪ :‬الثورة اإلسالني يف إيران عيام‬
‫‪ 1999‬و اليت دخلت يف نواجه سياسي نع دول اخلليج‪ ،‬جتلَّيت نؤشيراهتا يف‪:‬‬
‫إعالن قادة الثورة عن متسكهم باجلزر اإلناراتي الثالث اليت حتتلها إيران‪ ،‬وبروز‬
‫دعوات بإحياء املطالب اإليراني يف البحرين‪ ،‬واإلصرار على تسمي اخلليج باسم‬
‫"اخلليج الفارسي"‪ ،‬واالجتاه حنو حتريك بعض ا جلماعات نن الطائفي الشييعي‬
‫لتهديد أنن واستقرار ه ه الدول‪ ،‬ويف نرحل الحق اجتهت إيران إىل التيدخل‬
‫املباشر إلحداث قالقل يف ه ه الدول‪ ،‬بل وقام اخلمييين بتعييني عيدد نين‬
‫الشخصيات الشيعي كنواب له يف األوساط الشيعي يف بعض اليدول اخلليجيي‬
‫هبدف تصدير الثورة‪.1‬‬
‫أنا ثاين ه ه التطورات فتمثل جتميد عضوي نصر يف جانع الدول العربيي‬
‫عقب توقيعها اتفاقي السالم نع إسرائيل يف ‪ 36‬نارس‪/‬خذار عام ‪ ،1999‬وحماوالت‬
‫العراق فرض هيمنته على املنطق ؛ األنر ال ي أدى إىل انقسام العيا العربييي‬
‫وعرضَ نفاهيم األنن القوني العربيي للخطر‪ ،‬وأثار شعورًا بالفراغ األنين‪ ،‬وجعل‬ ‫َّ‬
‫احلاج نُلِح إىل خلق إطار جديد نن التعاون بني دول اخلليج العربي ‪.‬‬
‫أنا التطور الثالث فهو أطماع القوى العظمى يف ثيروات ننطقي اخللييج‬
‫النفطي ؛ إذ ترتب على تأثري الطفرة النفطي حتوهلا لتصبح أحد نراكز التنافس العاملي‬
‫بني القوتني العظميني خن ا الواليات املتحدة األنريكي واالحتاد السوفييت وظهير‬
‫ذلك جليًّا بعد إعالنات أنريكي ‪-‬سوفيتي نتبادل حول أنن ننطق اخلليج عُرفيت‬
‫بي "نبدأ برجيينيف" و"نبدأ كارتر"‪ ،‬فيما متثل التطور الرابع يف انيدالع احليرب‬
‫العراقي ‪-‬اإليراني عام ‪ ،1980‬واليت نثَّلت دافعًا خخر قويًّا لنشأة جمليس التعياون‬
‫اخلليجي‪ .‬وهك ا‪ ،‬ووسط األجواء والتفاعالت الصراعي سيالف الي كر‪ ،‬جياء‬
‫تأسيس جملس التعاون لدول اخلليج العربي يف نايو‪/‬أيار ‪ ،1981‬على أن يتحيول يف‬
‫نرحل الحق إىل كتل سياسي واقتصادي واجتماعي واحدة‪.2‬‬

‫حممد السعيد إدريس‪" ،‬النظام اإلقليمي اخلليجي"‪ ،‬سلسل أطروحات الدكتوراه (‪،)23‬‬ ‫‪1‬‬
‫(بريوت‪ :‬نركز دراسات الوحدة العربي ‪ ،‬ط‪ ،1‬فرباير ‪ ،)3000‬ص ص ‪.363-363‬‬
‫علي ليل ‪ ،‬نناقشات احللق النقاشي الثاني والعشرين جمللس الفكر العربيي بعنوان "جملس‬ ‫‪2‬‬
‫التعاون لدول اخلليج العربي يف عيده الثالثني‪ ..‬عرض وتقييم إلجنازات نضت ورؤيي‬
‫نستقبلي "‪( ،‬القاهرة‪ :‬نركز اخلليج للدراسات االستراتيجي ‪.)3010/13/16 ،‬‬
‫‪60‬‬
‫خالل كل تلك املراحل وجد اجمللس نفسه نطالبًا بالتعايش نع واقع اتسمت‬
‫نكوناته بالتغري املستمر والتشعب الكبري؛ األنر ال ي تطلب نن أعضائه الدخول يف‬
‫عملي تطويع نستمرة لتحركاته‪ ،‬للتعانل نعها؛ فخالل العقد األول واجه اجملليس‬
‫حتدي الثورة اإليراني ‪ ،‬وك لك احلرب العراقي ‪-‬اإليراني ‪ ،‬وجنح يف تبين األهيداف‬
‫الواردة يف النظام األساسي له؛ كما إرساء قواعد ونبيادئ العميل اخلليجيي‬
‫املشتر وتأسيس بنيته التحتي ‪ ،‬واملوافق على أول خطوة يف عملي التكانل‪ ،‬وهي‬
‫توقيع االتفاقي االقتصادي األوىل يف نوفمرب‪/‬تشرين الثاين ‪ ،1981‬وتُوِّجيت هي ه‬
‫املرحل بإقان ننطق التجارة احلرة يف نارس‪/‬خذار ‪.11982‬‬
‫ورغم ذلك ترتب على ضيق القاعدة اإلنتاجي ومتاثلها وقصيور تنوعهيا يف‬
‫دول اجمللس قل السلع املتبادل ؛ ونن مث ظلت التجارة البيني بيني دول اجملليس ال‬
‫تكاد تتجاوز نسب ‪ %8‬نن إمجايل التجارة اخلارجي جملموع دول اجمللس نع العيا‬
‫بنهاي ه ا العقد‪.‬‬
‫ويف العقد الثاين‪ ،‬شهد اجمللس أكرب حتدٍّ وهو احتالل أراضي أحيد أعضيائه‬
‫(الكويت) نن دول جارة عربي شقيق (العراق) عام ‪1990‬؛ مما تطليب إعيادة‬
‫صياغ نفهوم الدفاع العربيي املشتر وتزايد الوجود العسكري األجنبييي يف‬
‫املنطق ‪ ،‬وعقد اتفاقيات ثنائي دفاعي أنني نع الواليات املتحدة وغريها نن اليدول‬
‫األعضاء الدائمني يف جملس األنن؛ نا عرقل نن جهود وضيع خطيط خليجيي‬
‫نشترك للدفاع ذات فاعلي ‪ ،‬وشكَّل العقد الثالث عقد اإلجنازات؛ حييث أُقييم‬
‫االحتاد اجلمركي يف يناير‪/‬كانون الثاين ‪ ،3002‬غري أنيه ييتم تنفيي كانيل‬
‫استحقاقاته حىت اآلن‪ ،‬ورغم ذلك تأسيس هياكل االندناج االقتصادي بإقاني‬
‫السوق اخلليجي املشترك عام ‪ ،3009‬يف تعبري عن اجتاه اجمللس إىل ندخل نزدوج‬
‫جتاري واستثماري بتحرير انتقال عوانل اإلنتاج‪ ،‬وحتقيق املواطني االقتصيادي ‪،‬‬
‫وت ويب االختالفات بني السياسات االقتصادي والنقديي واملاليي واجلمركيي ‪،‬‬
‫وترشيد ختصيص املوارد على قطاعات وأنشط اإلنتاج يف اجتاه املييزة التنافسيي ‪،‬‬
‫وقبل أن تنجز السوق املشترك استحقاقها دخل اجمللس يف ‪ 3010‬بيدون عُميان‬

‫األنان العان جمللس التعاون اخلليجي‪" ،‬السوق اخلليجي املشيترك ‪ :‬حقيائق وأرقيام‬ ‫‪1‬‬
‫‪."3009‬‬
‫‪61‬‬
‫واإلنارات نرحل االحتاد النقدي ونا يعنيه نن سلط نقدي واحدة وعمل خليجي‬
‫نوحدة تُفعَّل إىل اآلن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دوافع التحول من التعاون للى التكامل‬


‫ً‬
‫نواقف جملس التعاون اخلليجي يف بداي العقد الرابع نن عمره وضعته عليى‬
‫أعتاب نرحل جديدة نن نسرية التكانل بني دوله بكاف أبعادها السياسي واألنني ؛‬
‫وهو نا جتسد يف رد فعل دول اجمللس إزاء األزن اليت اندلعت يف البحرين وعُميان‬
‫يف الربع األول نن العام ‪ ،3011‬واليت أظهرت ندى قرب انتقال نستوى العالقات‬
‫نن نرحل التعاون إىل نرحل التكانل نن خالل دعم كل ننهما بنحو ‪ 10‬نليارات‬
‫دوالر على ندى عشر سنوات (فيما يُعرف مبشروع نارشال اخلليجي) إضاف إىل‬
‫الدعم األنين والعسكري نن قبل السعودي واإلنارات‪.‬‬
‫ول لك يكن غريبًا أن تتوافق الدعوة اليت أطلقها العاهل السعودي باالنتقال‬
‫نن التعاون إىل التكانل‪ ،‬نع االعتبارات السابق اإلشارة إليها‪ ،‬وأن تنسيجم نيع‬
‫النظام األساسي للمجلس ال ي ينص يف نادته الرابع عليى أن أهيداف اجملليس‬
‫األساسي تتمثل يف "حتقيق التنسيق والتكانل والترابط بني الدول األعضاء يف مجيع‬
‫امليادين وصوالً إىل وحدهتا"‪ .1‬ونع ذلك فإن مث دوافع سياسي وأنني واقتصيادي‬
‫هل ه الدعوة ترتبط مبجموع عوانل فرضتها التطورات اإلقليمي والدولي ‪.‬‬
‫‪ -1‬الدوافع السياسية‪:‬‬
‫تنقسم بدورها إىل ثالث دوافع رئيس ‪ ،‬هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلدرا املتزايد أن بقاء اجمللس‪ ،‬على نا هو عليه‪ ،‬يعد نالئمًا للمسيتقبل؛‬
‫فقد تعثرت نسرية اجمللس الطويل يف أداء أهم وظائفيه‪ ،‬وهيي‪ :‬الوظيفي‬
‫التكانلي طوال الثالثني عانًا املاضي يف ضوء تراكم التحيديات االقتصيادي‬
‫والسياسي الداخلي واخلارجي ‪ ،‬ويف ظل وجود نيل للمجلس وبعض أعضائه‬
‫لالخنراط يف قضايا "فوق إقليمي خليجي " على حساب قضايا تطوير اجمللس‪،‬‬
‫بعضها له عالق باجلار اإليراين واآلخر له عالق باجلار العراقي لكن أبرزهيا‬

‫الرياض السعودي ‪ 21،‬نايو ‪.3009‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪61‬‬
‫كان ضمن الدائرة العربي األوسع (لبنان‪ ،‬فلسطني‪ ،‬السودان)‪ ،1‬ودعوة االحتاد‬
‫نن شأهنا أن تعمل على تنظيم وتقنني عالقات دول اخللييج نيع جوارهيا‬
‫القريب العربيي واإلقليمي والدويل مبا مينع اختراق املنظون اخلليجي ويضعها‬
‫يف إطار انتمائها العربيي الصحيح ونصاحلها احلقيقي ‪.2‬‬
‫ب‪ -‬ثورات نا يسمى بالربيع العربيي‪ ،‬واليت خلقت واقعًا جيوستراتيجيًّا جديدًا‬
‫يف املنطق ‪ ،‬ألقى بتداعياته على دول اجمللس‪ ،‬وتطلَّب استدعاء فكرة التكانيل‬
‫اخلليجي (االحتاد) جمددًا ملواجهته‪ ،‬وهو سلو يتماهى نع التجرب اخلليجيي‬
‫على حنو نا سبق التوضيح‪ ،‬وإن اختلف يف حدة تأثريه نن دولي خليجيي‬
‫ألخرى‪ ،‬يف إطار نوعني نن التفاعل‪ :‬ساخن‪ ،‬ومشل كالًّ نن البحرين وسلطن‬
‫عمان واململك العربي السعودي ‪ ،‬واليت شيهدت درجيات نتفاوتي نين‬
‫االحتجاجات الشعبي ‪ ،‬وهادئ‪ ،‬مشلت اإلنارات والكويت‪ ،‬واليت احنصيرت‬
‫فيهما االحتجاجات الشعبي يف نطالب حمدودة باإلصالح اقتصرت على عدد‬
‫حمدود نن النخب اإلعالني والسياسي ‪ ،‬بشكل ميكن وصيفه بأنيه جميرد‬
‫إرهاصات حمدودة‪ ،‬وهو األنر ال ي يفسر إىل حدٍّ كبري تفاوت نواقف تلك‬
‫الدول نن الدعوة لالحتاد على حنو نا سريد ذكره‪.3‬‬
‫ج‪ -‬أن طرح صيغ االحتاد يوفر لدول اجمللس فرص إلحيداث تغييري سياسيي‬
‫نتدرج‪ ،‬يستكمل نا بدأته بالفعل يف ه ا الشأن‪ ،‬وجينبها االنيزالق للفوضى‬
‫على حنو نا حدث يف بلدان الربيع العربيي األخرى‪.‬‬
‫‪ -1‬الدوافع األمنية‪:‬‬
‫تنقسم بدورها إىل دافعني‪:‬‬
‫الدافع األول‪ :‬احلاج إىل صياغ ننظور جديد لألنن اإلقليمي بعد ثورات‬
‫نا يسمى بالربيع العربيي يتضمن نتغريين أساسني جديدين طرخ على نعادلي‬

‫أمحد دياب‪" ،‬دور املخاطر اخلارجي يف طرح نبادرة االحتاد اخلليجي"‪ ،‬جملي شيؤون‬ ‫‪1‬‬
‫عربي ‪ ،‬العدد ‪ ،139‬ربيع ‪ ،3013‬ص ‪.20‬‬
‫نصوح اجملايل‪" ،‬االحتاد اخلليجي‪ ..‬هل يتحقق؟"‪ ،‬الرأي األردني ‪ 39 ،‬ديسمرب ‪.3013‬‬ ‫‪2‬‬
‫حممد السعيد إدريس‪" ،‬جملس التعاون اخلليجي والثورات العربي "‪ ،‬كراسات استراتيجي ‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫العدد ‪ 339‬السن احلادي والعشرون‪ ،‬ديسمرب ‪ ،3011‬ص ‪.36‬‬
‫‪61‬‬
‫األنن اخلليجي‪ ،‬أحدمها داخلي؛ فألول نرة تفرض نصا در التهديد الداخليي‬
‫نفسها مبا يعادل أو رمبا يفوق نصادر التهديد اخلارجي ؛ حيث احتلت األخطار‬
‫األنني الداخلي قم أولويات دول اجمللس نن بدء ه ه الثيورات‪ ،‬وأخي ت‬
‫تبحث عن بدائل وضمانات أنني جديدة تتعانل نيع خطير االحتجاجيات‬
‫الداخلي ‪ ،‬وذلك نتيج شعور بالفراغ االست راتيجي إزاء التعانل نع ه ا النوع‬
‫نن االحتجاجات‪ ،‬فعملت على اختبار الرأي العام يف الداخل إزاء نشيروعات‬
‫لتحالفات أنني نن نوع جديد‪ ،‬ويف ه ا السياق‪ ،‬طرحت نشروع ضم مملكيت‬
‫األردن واملغرب يف صفق عنواهنا "األنن نقابل االقتصياد" أي إسيهام األردن‬
‫واملغرب يف األنن الدا خلي باخلليج نقابل دعم اململكتني نن قبل دول اجملليس‬
‫اقتصاديًّا‪.1‬‬
‫لكن ه ا املشروع تراجع ألسباب عديدة تعود يف األساس إىل أن الثق فيميا‬
‫يتعلق بالعائد األنين لضم اململكتني اهتزت‪ ،‬بعدنا بدأت التظاهرات جتوب شوارع‬
‫األردن واملغرب‪ ،‬وتضع شرعي العرش فيهما على احملك‪ ،‬وذلك خوفًا نن تبعيات‬
‫ضم نظانني نلكيني تنازال لضغوط الشارع بتعيديالت دسيتوري وإصيالحات‬
‫سياسي ‪ ،‬ونن مث ظلت املشكل نفسها باخلوف نن أن ييؤدي طليب األنين إىل‬
‫استرياد عدم األنن‪.2‬‬
‫أنا املتغري الثاين فخارجي‪ ،‬ويتمثل يف ظهور خالفات نع الواليات املتحدة نن‬
‫جانب بعض دول اجمللس‪ ،‬وخاص السعودي بسبب املوقيف األنريكيي اليداعم‬
‫لثورات الربيع العربيي وال ي اعتربته تلك الدول يف صاحل "حميور املمانعي " يف‬
‫املنطق ال ي تتزعمه إيران اليت رأت يف تلك الثورات انتيدادًا لثورهتيا وإيي انًا‬
‫بتأسيس شرق أوسط جديد‪.3‬‬
‫وقد ترتب على ه ا‪ ،‬اهتزاز ثق دول اخلليج يف دعم واشينطن‪ ،‬وحماولتيها‬
‫صوغ استراتيجيات وقائي تعتمد على ال ات أكثر نن االرتكان إىل اخلارج‪ ،‬عيزز‬
‫نن ذلك أنران‪ ،‬األول‪ :‬حتقيق بعض اإلجنازات األنني واليت يعكس جانبًا ننها دور‬

‫نعتز سالن ‪" ،‬الطموح املبكر‪ :‬دوافع وفرص قيام االحتاد اخلليجي"‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪1‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪2‬‬
‫أمحد دياب‪" ،‬دور املخاطر اخلارجي يف طرح نبادرة االحتاد اخلليجي"‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪61‬‬
‫اجمللس يف حترير الكويت عام ‪ ،1991‬ودوره يف إعادة األنن واالستقرار إىل البحرين‬
‫يف نارس‪/‬خذار ‪ 3011‬نن خالل قوات درع اجلزيرة‪.1‬‬
‫الدافع الثاين‪ :‬أن دول اخلليج وجدت نفسها ‪-‬ألول نرة‪ -‬نن دون محايي‬
‫ضد اخلطر الداخلي‪ ،‬فليس مث بنود يف االتفاقيات األنني نع الواليات املتحيدة أو‬
‫بريطانيا أو غريمها تقرر دور القواعد العسكري األجنبي يف محاي ه ه اليدول إزاء‬
‫خطر اندالع االحتجاجات الداخلي ‪ ،‬وه ه الوضعي تتر دول اجمللس عند حيد‬
‫القلق‪ ،2‬وتدفعها إىل نزيد نن االعتماد على ال ات وإقان شبك حتالفات جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬أنا ثاين الدوافع األنني ‪ ،‬فيتمثل يف نواجه اخلطر اإليراين‪ ،‬وحماول طهران‬
‫حتقيق اهليمن على املنطق عرب افتعاهلا العديد نن األزنات نع دول اجملليس‪ ،‬مليد‬
‫نفوذها إىل ه ه الدول بعد هيمنتها على العراق ونفوذهيا يف لبنيان‪ ،‬إضياف إىل‬
‫الشكو احمليط بربناجمها النووي‪ ،‬واليت يزيد ننها إقدام واشنطن على تنفي خطي‬
‫إعادة نشر قواهتا عرب العا ‪ ،‬ونيتها نقل بؤرة اهتمانها إىل شيرق خسييا واحملييط‬
‫الباسيفيكي‪ ،‬يف الوقت ال ي بدأ العراق فيه يتحول إىل سياح خالصي للنفيوذ‬
‫اإليراين‪ ،‬وهو نا يعين أن عناصر القوة اليت تتمتع هبا إيران يف نواجه كل نن دول‬
‫اخلليج العربي على حدة ضاعفت نن خطورة النموذج اإلييراين بالنسيب لتليك‬
‫الدول‪ ،‬ويتمثل أول ه ه العناصر يف أن إيران كدول واحدة متلك إرادة سياسيي‬
‫واحدة يف نقابل عدد نن الدول‪ ،‬فضالً عن املوقع املتميز؛ ففي نقابل سيبع دول‬
‫عربي تقع على شاطت اخلليج الغربيي أو اجلنوبيي‪ ،‬فإن إييران حتتيل ننفيردة‬
‫الساحل الشرقي ل لك اخلليج‪ ،‬وبسيطرهتا على جزر اإلنارات الثالث‪ :‬أبو نوسى‪،‬‬
‫وطنب الكربى‪ ،‬وطنب الصغرى أضحت متتلك نفوذًا على نضيق هرنز‪ ،‬وهو نفوذ‬
‫ال يتأتَّى ألي نن دول اخلليج ننفردة‪ ،‬ورمبا ال يتأتى هلا جمتمع ‪.3‬‬
‫يُضاف إىل نا سبق القوة البشري ؛ فرغم أن تعداد إيران يف الوقت احلايل يصل‬
‫إىل حنو ‪ 80‬نليون نسم ‪ ،‬وهو نا ميكن أن ميثل ضغطًا على االقتصاد‪ ،‬لكنه ميثيل‬

‫عبد اهلل عبد الكرمي‪" ،‬جملس التعاون بعد ‪ 39‬عانًا على إنشائه"‪ ،‬نركز اخلليج للدراسات‬ ‫‪1‬‬
‫االستراتيجي ‪ ،‬جمل شؤون خليجي ‪ ،‬العدد ‪ ،36‬صيف ‪ ، 3006‬ص ص ‪.39-33‬‬
‫نعتز سالن ‪" ،‬الطموح املبكر‪ :‬دوافع وفرص قيام االحتاد اخلليجي"‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪2‬‬
‫ملزيد نن التفاصيل حول خصوصي نشأة النظام اإلقليمي اخلليجي‪ ،‬انظر أيضًا‪" :‬حمميد‬ ‫‪3‬‬
‫السعيد إدريس"‪" ،‬النظام اإلقليمي اخلليجي"‪ ،‬ص ص ‪.36-33‬‬
‫‪66‬‬
‫طبقًا حلسابات التوازن االستراتيجي رصيدًا لقوة الدول اإليراني ال تتمتع به أيٌّ نن‬
‫دول اخلليج ننفردة؛ إضاف إىل أن األغلبي العظمى نن تلك القوة هي عبارة عين‬
‫نواطنني إيرانيني‪ ،‬قد يتنوعون عرقيًّا أو ن هبيًّا‪ ،‬ولكنهم مجيعًا إيرانيون‪ ،‬أنا يف دول‬
‫اجمللس‪ ،‬فثم هيكل سكاين خمتل‪ ،‬وأول أوجه االختالل يتمثل يف احلجم الصيغري‬
‫للكتل السكاني يف كل نن ه ه الدول‪.1‬‬
‫ورغم أن البعض قد يعتقد أن القوة االقتصادي لدول اجمللس قد تعوض النقص‬
‫املشار إليه يف قدراهتا البشري أو العسكري ‪ ،‬فإنه جتب اإلشارة إىل أن إيران ليديها‬
‫الكثري نن نفس عناصر القوة؛ فهي ثالث أو رابع أكرب دول ننتج للينفط وثياين‬
‫أكرب ننتج للغاز الطبيعي يف العا ‪ ،‬كما متتلك قدرات صناعي أخرى أكرب نن تلك‬
‫اليت متتلكها أي دول خليجي أخرى‪.2‬‬
‫‪ -2‬الدوافع االرتصادية‪:‬‬
‫فمجلس التعاون اخلليجي نن إنشائه ‪ 1981‬وهو يسري على خطوات التكانل‬
‫وصوالً إىل االندناج االقتصادي‪ ،‬بدأت باالتفاقي االقتصادي املوحدة األوىل ‪1981‬‬
‫إىل ننطق التجارة احلرة ‪ 1982‬إىل االتفاقي االقتصادي الثانيي ‪ 3001‬مث االحتياد‬
‫اجلمركي ‪ 3002‬والسوق املشترك ‪ 3008‬واالحتاد النقيدي ‪ ،3010‬فضيالً عين‬
‫املشروعات املشترك ونشروعات ربط البىن التحتي كالربط الكهربائي ونشيروع‬
‫سك حديد اخلليج‪ ،‬إال أن ه ه املسرية واجهت حتديات استراتيجي وهي تسيعى‬
‫إىل حتقيق هدف تنويع نصادر الدخل باالعتماد على نصادر نسيتدان ‪ ،‬وهي ه‬
‫التحديات ارتبط استمرارها بتعدد السيادات‪ ،‬ونن مث تتمكن صييغ التعياون‬
‫القائم نن جتاوزها‪ ،‬وتتمثل يف ضيق حجم السوق الناتج عن قل عدد سكان كل‬
‫دول على حدة؛ نا يترتب عليه نن ناحي ضعف جدوى املشروعات االقتصيادي‬
‫الصناعي واخلدني واملرتبط بوفورات احلجم‪ ،‬ونن ناحي أخرى ضيعف الطاقي‬

‫حممد السعيد إدريس‪" ،‬النظام اإلقليمي اخلليجي"‪ ،‬ص ص ‪.36-33‬‬ ‫‪1‬‬


‫نصطفى علوي‪" ،‬ثالثون عانًا على جملس التعاون اخلليجي‪ :‬حتليل استراتيجي للتحديات‬ ‫‪2‬‬
‫والفرص"‪ ،‬ورق نقدن ملناقشات احللق الثاني والعشرين جمللس الفكر العربيي‪ ،‬بعنوان‬
‫جملس التعاون لدول اخلليج العربي وعيده الثالثني‪ ..‬عرض وتقييم إلجنيازات نضيت‬
‫ورؤي نستقبلي ‪ ،‬القاهرة‪ :‬نركز اخلليج للدراسات االستراتيجي ‪.3013/13/16 ،‬‬
‫‪67‬‬
‫االستيعابي ونا أدى إليه نن توجه نعظم الوفورات النفطي لالستثمار يف اخليارج‬
‫ونن مث تعرضها نرات عديدة ملخاطر ه ا االستثمار‪ .‬وإذا كانيت دول اجملليس‬
‫وصلت ببنيتها التحتي إىل نستويات عاملي ‪ ،‬فإن االستثمارات يف اجملال اإلنتياجي‬
‫نالت إىل تعزيز الطابع التنافسي للمشروعات كميا هيو حيادث يف جمياالت‬
‫البتروكيماويات واأللوننيوم واخلدنات املالي أكثر نن تدعيمها هليدف التكانيل‬
‫االقتصادي؛ نا أنتج ارتفاع درج التركيز السلعي يف الصادرات واإليرادات العان ؛‬
‫حيث هيمن النفط‪ ،‬يف نقابل التنوع الشديد يف الواردات نن اخليدنات والسيلع‬
‫الغ ائي إىل االستهالكي إىل الوسيط واإلنتاجي ‪ ،‬وهو نا أدى إىل ارتفاع درجي‬
‫االنكشاف على التغريات اخلارجي ‪ ،‬كما أن صيغ التعاون تفلح يف ترمج القوة‬
‫االقتصادي لدول اجمللس ممثل يف ناتج حملي إمجايل يبلغ حنيو ‪ 1,6‬تريلييون دوالر‬
‫وإنتاج نفطي يوني يُقدَّر بي ‪ 19‬نليون برنيل خالل عام ‪ 13013‬يف قوة تسياوني‬
‫يف االقتصاد الدويل ال ي حتكمه عالقات التكتالت‪ ،‬وهو نيا ييربز احلاجي إىل‬
‫االنتقال نن صيغ التعاون إىل صيغ االحتاد اليت تقوم على االتفاق مث االلتزام كميا‬
‫حدث نع االحتاد األوروبيي‪.‬‬
‫‪ -4‬الدافع الديمغرافي‪:‬‬
‫تعاين دول جملس التعاون نن نشكل دميغرافي خطرية تتمثيل يف أن بعيض‬
‫نواطين ه ه الدول أصبحوا يشكِّلون أقلي يف بلداهنم؛ حيث متثل العمال الوافدة نا‬
‫ال يقل عن ‪ %90‬نن إمجايل السكان يف السيعودي ‪ ،‬و‪ %90‬يف عميان‪ ،‬و‪ %90‬يف‬
‫البحرين‪ ،‬ويف الكويت ‪ ،%80‬وتصل يف بعض الدول نثل اإلنيارات وقطير إىل‬
‫‪ .2%90‬وإذا تعاجل ه ه املشكل فإن التركيب السكاني ‪ ،‬سوف تيتغري يف بعيض‬
‫دول اجمللس وه ا له حماذيره األنني واالجتماعي واالقتصادي والسياسي وغريها اليت‬
‫ال ختفى على اجلميع‪ ،‬ونن شأن تطبيق فكرة االحتاد نعاجل ه ه املشكل ؛ حييث‬
‫سيسمح حبري تنقل القوى العانل اخلليجي املتخصص للعمل لسد احتياجيات أي‬
‫بلد خليجي يف جملس التعاون‪ ،‬وهو نا حيقق هدفني‪ ،‬األول‪ :‬تقليص نسب البطالي‬

‫اليوم السعودي ‪ 19 ،‬فرباير ‪.3012‬‬ ‫‪1‬‬


‫باقر سليمان النجار‪" ،‬األزن املالي العاملي والعمال الوافدة"‪ ،‬السياس الدولي ‪ ،‬العدد ‪،83‬‬ ‫‪2‬‬
‫أكتوبر ‪ ،3010‬ص ‪.183‬‬
‫‪68‬‬
‫العالي اليت تعاين ننها بعض دول اجمللس‪ ،‬والثاين أيضًا تقليص أعداد العمال األجنبي‬
‫فيها‪.1‬‬

‫ثالثًا‪ :‬تحديا التحول للى الصيغة االتحادية‬


‫إن الصيغ االحتادي اليت ميكن أن يُنظر إليها باعتبارها أعلى نراتب التكانيل‬
‫بني دول جملس التعاون اخلليجي يواجه حتقيقها نوعني نين التحيديات‪ ،‬األول‪:‬‬
‫نرتبط بدول جملس التعاون اخلليجي الست نفسها ونوقفها نن صيغ االحتياد يف‬
‫ضوء رفض أو حتفظ بعضها على ه ه الصيغ ‪ ،‬والثاين‪ :‬نرتبط بالتحديات اإلقليمي‬
‫(املرتبط مبوقف إيران الرافض هلا)‪ ،‬والدولي (املتعلق مبوقف الوالييات املتحيدة‬
‫واالحتاد األوروبيي غري الواضح نن االحتاد اخلليجي)‪.‬‬
‫‪ - 1‬التحديا المرتبطة بمورف دول الخليج من صيغة االتحاد ومبرراتوا‪:‬‬
‫لقد جاء طرح اململك العربي السعودي لفكرة االحتاد اخلليجي وتأييد البحرين‬
‫هل ه الفكرة؛ حيث طالب رئيس وزرائها بضرورة اإلسراع خبطوات االنتقيال إىل‬
‫‪2‬‬
‫االحتاد كمطلب شعبيي قبل أن يكون توجهًا رمسيًّا‪ ،‬استنادًا إىل نا ميثله االحتياد‬
‫نن محاي لدول اخلليج وملنجزاهتا وملشاريعها التنموي ‪.3‬‬
‫ذلك التأييد قابله نوقف بعض الدول اخلليجي الرافض واملتحفظ على فكيرة‬
‫االحتاد‪ ،‬ونا يعنيه ذلك نن احتمال عدم تبين صيغ االحتاد بوضعها الراهن رغم أن‬
‫السعودي والبحرين اقترحتا أن يبدأ االحتاد مبن يرغب ليشمل دوالً أخيرى حيال‬
‫اقتناعها بفكرته وجدواه؛ فالواضح أن كالًّ نن الكويت وعُمان واإلنارات تعارض‬
‫فكرة االحتاد‪ ،‬ولكنها تعلن ذلك رمسيًّا‪ ،‬وإن بدا املوقف الكوييت هو األبرز هبي ا‬
‫الصدد؛ حيث ربط رئيس جملس األن األسبق "أمحد السعدون" بني فكرة تطيوير‬
‫العالق بني دول اخلليج إىل نستوى االحتاد وبني نوعي النظم باملنطق ‪ ،‬فياختالف‬

‫سلطان عبد العزيز العنقري‪" ،‬االحتاد اخلليجي إىل أين؟!"‪ ،‬املدين السعودي ‪ 39 ،‬ديسمرب‬ ‫‪1‬‬
‫‪.3013‬‬
‫انظر كل نن‪ :‬الوسط‪ ،‬أخبار اخلليج‪ ،‬الوطن البحريني ‪ ،‬اخلليج والبيان اإلناراتي ‪ ،‬وكال‬ ‫‪2‬‬
‫األنباء البحريني ‪ ،‬الشرق األوسط‪ 12 ،‬فرباير ‪ 3013‬و‪ 31‬فرباير ‪ 3013‬و‪ 39‬نايو ‪.3013‬‬
‫اليوم السعودي ‪ 13 ،‬يناير ‪.3012‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪69‬‬
‫النظم السياسي بني دول اخلليج يعوق إمتام نشروع االحتاد؛ إذ ليس مث دسيتور يف‬
‫السعودي وال برملان على العكس نن الكويت‪ .1‬ونفس الفكرة أيضًا يتبناها "عليي‬
‫الراشد" رئيس جملس األن احلايل؛ إذ يرى أن فكرة االحتاد نن قبيل األننيات الييت‬
‫تتطلب اتفاقي تكانل تشريعي كي تصل دول اخلليج لالحتاد‪.2‬‬
‫كما يتضح الرفض العماين بدوره يف تصريح وزير اخلارجي "يوسيف بين‬
‫علوي" ال ي أكد يف ‪ 19‬نايو‪/‬أيار ‪ 3013‬أن االحتاد اخلليجي فكرة ال يسيتوعبها‬
‫اجليل احلايل وأنه ال ميكن لدول اخلليج تقمص جتارب اآلخرين‪ ،‬ونثل ه ا املوقف‬
‫يرجع إىل توجه عُمان حلماي هويتها‪ ،‬وقد يكون ذلك الدافع أيضًا لرفضها عيام‬
‫‪ 3006‬االنضمام ملشروع العمل اخلليجي املوحدة ال ي ينف حىت اليوم‪.3‬‬
‫ونن جهتها ختشى اإلنارات مما يصفه البعض بالسيطرة السيعودي عليى‬
‫االحتاد حال قيانه‪ ،‬وهو نوقف عكسه نن قبل رفضها عام ‪ 3009‬قيام احتاد نقدي‬
‫خليجي إلصرار الرياض على استضاف نقر البنك املركزي وتنافسها نع السعودي‬
‫على نقر القي ادة املركزي للدرع الدفاعي الصاروخي املزنع إقانته بالتعاون نيع‬
‫الواليات املتحدة ملواجه التهديدات اإليراني مبنطق اخلليج‪ .4‬أنا قطير فتبيدو‬
‫نتحفظ لكنها ترى ضرورة التركيز على عالقات التكانل االقتصادي بيني دول‬
‫اجمللس‪ ،‬كما ختشى أن يؤثر االحتاد على طموحاهتا اخلارجي للعب دور أكرب على‬
‫الساحتني اإلقليمي والدولي ‪ ،‬فضالً عن أهنا ال حتبي اتبياع سياسي دفاعيي‬
‫نشترك ‪.5‬‬
‫ونن واقع استقراء نواقف الدول اخلليجي (الرمسي والشعبي ) سواء املؤيدة أو‬
‫الرافض أو املتحفظ على صيغ االحتاد؛ ميكن القول بوجود عدة اعتبارات تيؤثر‬
‫على نواقف تلك الدول نن ذلك االحتاد‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬التباين السياسي بني دول اجمللس؛ فرغم التماثل بني أنظم احلكم اخلليجيي‬
‫كوهنا نلكيات وراثي ‪ ،‬فإن هنا تباينات سياسي عديدة يف نستوى احلريات‬

‫اجلارديان الربيطاني ‪ 19 ،‬نايو ‪.3013‬‬ ‫‪1‬‬


‫العربي ‪ 9 ،‬نايو ‪www.alarabyia.net 3012‬‬ ‫‪2‬‬
‫الشرق القطري ‪ 31 ،‬نارس ‪.3013‬‬ ‫‪3‬‬
‫عماد املرزوقي‪" ،‬الطريق حنو االحتاد اخلليجي"‪ ،‬الرأي الكويتي ‪ 13 ،‬فرباير ‪.3013‬‬ ‫‪4‬‬
‫املصري اليوم‪ 16 ،‬نايو ‪.3013‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪71‬‬
‫املدني والسياسي وحري الرأي والتعبري ودور الربملان يف احلياة السياسي فيها‪،‬‬
‫وه ه املسأل تطرح إشكاليات ألي كيان احتادي نستقبلي‪.1‬‬
‫‪ -‬تباين دوائر االنتماء يف دول جملس التعاون‪ ،‬ونا يترتب على ذلك نن حقوق‬
‫والتزانات نتداخل أو نتعارض ؛ فاجمللس بتكوينه احلايل يتيأثر بعيدة نظيم‬
‫إقليمي ودولي أخرى‪ ،‬أوهلا‪ :‬النظام اإلقليمي اخلليجي (ال ي يتكون نن دول‬
‫جملس التعاون الست إضاف إىل إيران والعراق واليمن)‪ ،‬وبالنظيام اإلقليميي‬
‫العربيي ال ي يرتبط به بوشائج عديدة قد ال تتوافر يف العديد نين الينظم‬
‫اإلقليمي األخرى‪ ،‬كما أنه يرتبط أيضًا بالنظام اإلقليمي شرق األوسطي ال ي‬
‫يتكون نن دول جملس التعاون الست إضاف إىل باقي اليدول العربيي ودول‬
‫اجلوار العربيي الثالث‪ ،‬وهي‪ :‬إسرائيل وتركيا وإيران‪ ،‬وه ا التعدد يف دوائر‬
‫االنتماء يفرض قيودًا على حري احلرك جمللس التعاون كان نن نتائجه إخفاق‬
‫اجمللس يف بلورة نواقف خارجي نوحدة أو ننسق جتياه بعيض القضيايا‬
‫اإلقليمي والدولي ‪ ،‬بل ووقوع خالفات وتباينات يف وجهات النظر واملواقف‬
‫بني بعض الدول األعضاء بشأن قضايا ثنائي أو إقليمي أو دولي ‪.2‬‬
‫ونثل ه ه األوضاع ترجع إىل عدة أسباب‪ ،‬أوهلا‪ :‬تغلب العالقيات الثنائيي‬
‫على العالقات اجلماعي داخل إطار اجمللس كمنظم ‪ ،‬وعدم وجيود قواعيد‬
‫حمددة تلزم الدول األعضاء بتنفي نا االتفاق علييه يف نطياق اجملليس‪.3‬‬
‫وثانيها‪ :‬سيطرة هاجس السيادة واخلوف نن بروز دور دول على حسياب‬
‫أخرى داخل اجمللس‪ .‬وثالثها‪ :‬استمرار التأثري الواضح للعانل اخلارجي عليى‬
‫العالقات اخلليجي البيني ‪ ،‬وخاص العالقات نع الواليات املتحيدة يف ظيل‬
‫حرص األخرية على التعانل نع دول اجمللس بشكل فردي‪ ،‬وغياب استراتيجي‬

‫اخلليج اإلناراتي ‪" ،‬السيناريوهات احملتمل االحتاد اخلليجي"‪ 12 ،‬نايو ‪.3013‬‬ ‫‪1‬‬
‫نصطفى عبد العزيز نرسي‪ ،‬نناقشات احللق الثاني والعشرين جمللس الفكر العربييي‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫بعنوان "جملس التعاون لدول اخلليج العربي وعيده الثالثني‪ ..‬عرض وتقيييم إلجنيازات‬
‫نضت ورؤي نستقبلي "‪ ،‬القاهرة‪ :‬نركز اخلليج للدراسات االستراتيجي ‪.3013/13/16 ،‬‬
‫حممد سعد أبو عانود‪" ،‬اخلليج واملسأل العراقي نن غزو الكويت إىل احتالل العيراق‬ ‫‪3‬‬
‫‪( "3002 - 1990‬القاهرة‪ ،‬نركز الدراسات السياسي واالستراتيجي باألهرام‪،)3002 ،‬‬
‫ص ‪.9‬‬
‫‪70‬‬
‫خليجي نوحدة يف التعانل نع واشنطن‪ ،‬وال سيما يف ظل تعدد الرؤى بشأن‬
‫واقع ونستقبل الدور األنريكي يف نسأل أنن اخلليج‪.‬‬
‫‪ -‬التباين يف األوضاع االقتصادي واالجتماعي واألوزان بني دول اجمللس؛ حيث‬
‫تبلغ نساح دول اجمللس اخلمس (باستثناء السعودي ) ‪ 332,091‬ألف كيم‪،3‬‬
‫وهو نا يقل عن خُمس نساح السعودي وحيدودها البالغي ‪3,330,000‬‬
‫كم‪ ،3‬كما يقترب عدد سكان السعودي (‪ 39‬نليون نسم ) نن نرة ونصف‬
‫املرة نن إمجايل عدد سكان دول اجمللس اخلمس األخرى جمتمع (‪ 19,6‬نليون‬
‫نسم ) وذلك نا جعل هنا خلالً كبريًا بني دول االحتاد‪.‬‬
‫ويف نا يتعلق مبستويات الدخول تشري املقارنات إىل اختالفات أشد وأعميق‬
‫بني دول تأيت يف نرتب فريدة وهي قطر بنصييب ‪ 109‬خالف دوالر للفيرد‬
‫سنويًّا نن الدخل القوني‪ ،‬ودول تأيت يف نرتب نتوسيط نثيل الكوييت‬
‫واإلنارات بنصيب ‪ 39‬ألف دوالر و‪ 99‬ألف دوالر سنويًّا على التوايل‪ ،‬ودول‬
‫مبرتب أقل نثل البحرين والسعودي وعُمان بنصيب ‪ 38‬و‪ 32‬و‪ 32‬ألف دوالر‬
‫على التوايل كنصيب للفرد نن الدخل القوني اإلمجايل يف عام ‪.13011‬‬
‫وه ا التباين النسبيي‪ ،‬يدفع دول اجمللس الصغرية للتخوف أكثر نن تيأثري‬
‫االحتاد على سيادهتا ووضعيتها التمايزي ؛ حيث أصبح نشروع االحتاد يهدد ‪-‬‬
‫وفق رؤى الدول الصغرية‪ -‬بسحب املزايا اليت كانت حتصيل عليهيا أثنياء‬
‫نرحل التعاون اخلليجي نن قبيل املساواة يف السيادة واستقاللي القرارات‪.2‬‬
‫‪ -‬تباين األولويات واألخطار‪ ،‬فدول اجمللس ال متتلك مجيعهيا نفيس النظيرة‬
‫والرؤي لثحساس باخلطر؛ فسلطن عُمان‪ ،‬ال ترى إيران هتديدًا أننيًّا بالدرج‬
‫نفسها‪ ،‬أو الكيفي اليت تراها هبا البحرين أو السعودي ‪ ،‬وال بالصورة نفسيها‬
‫اليت تراها اإلنارات أو الكويت‪ ،‬كما أن قطر متتلك هي األخرى رؤي نغايرة‬
‫جتاه إيران‪ .‬وبالتأكيد فإن اإلحساس باخلطر الداخلي نتشيابه يف كيل دول‬
‫اجمللس على حنو يدفعها لالحتاد‪ ،‬ولكن تصورات كل ننها حلل أزنات الداخل‬

‫نعتز سالن ‪" ،‬الطموح املبكر‪ :‬دوافع وفرص قيام االحتاد اخلليجي"‪ ،‬ص ‪.128‬‬ ‫‪1‬‬
‫يوئيل جوجنسكي‪" ،‬هل دول اخلليج يف طريقها لالحتاد؟"‪ ،‬ترمج لبىن نبييه‪ ،‬الشيرق‬ ‫‪2‬‬
‫األوسط‪ 19 ،‬ديسمرب ‪.3013‬‬
‫‪71‬‬
‫ختتلف عن األخرى‪ ،1‬وفضالً عن تباين اإلحساس باألخطار هنا تبياين يف‬
‫النظرة لالحتاد نن التكوينات الداخلي يف دوله والوحيدات األد‪ ،،‬فليدى‬
‫التكوينات الشيعي بدول اجمللس حساسيات خاص نين نشيروع احتيادي‬
‫يكرس وضعي اإلحلاق ‪-‬وفق نا تراها‪ -‬باململك العربي السعودي ‪ ،‬ويهيدف‬
‫إىل ت ويبهم يف كيان احتادي كبري‪ ،‬يهدد هويتهم ونسبتهم إىل مجل السكان‪،‬‬
‫فضالً عن أن دول احتادي ناجح ‪ ،‬نثل اإلنارات جتد أن االحتاد يهدد بت ويب‬
‫إناراهتا الصغرية وكياهنا االحتادي يف كيان أكرب‪ ،‬قد يدفع إحيدى إناراهتيا‬
‫نستقبالً لتكريس عالقاهتا نع دول نن دول االحتاد على حسياب الدولي‬
‫االحتادي األصلي ‪.2‬‬
‫‪ -‬تضاؤل اإلضاف اليت ميكن أن تضيفها الصيغ االحتادي على اجمللس اليراهن‪،‬‬
‫فوفقًا للصيغ املعلن ‪ ،‬فإن االحتاد نن وجه نظر بعض الدول األعضياء لين‬
‫يضيف كثريًا إىل الصيغ القائم ‪ ،‬وحني وجدت السعودي اعتراضًا أو حتفظًيا‬
‫نن جانب بعض دول اجمللس‪ ،‬فإهنا عبَّرت عن رؤي لالحتاد أقل نن أن تقيدم‬
‫إضاف جديدة إىل اجمللس القائم‪ .‬فإذا أضفنا إىل ذلك عوانل فقيدان الثقي‬
‫البيني ‪ ،‬وضعف املؤسسي ‪ ،‬وتعثر العديد نن املشروعات الكربى اليت طرحت‬
‫خالل العقود الثالث املاضي ‪ ،‬ضمن كيان جملس التعاون ‪-‬األقل طموحًا نين‬
‫االحتاد املنتظر‪ -‬يتبني أن نشروع االحتاد اخلليجي ميثل قفزة كبرية على واقيع‬
‫خمتلف‪.3‬‬

‫‪ - 1‬التحديا اإلرليمية والدولية‪:‬‬


‫بعيدًا عن التحديات املرتبط بدول اخلليج نفسها نن صيغ االحتياد هنيا‬
‫حتديات تتعلق بالبيئتني اإلقليمي (نرتبط مبواقف أطراف إقليميي نثيل إييران)‪،‬‬
‫والدولي (نرتبط مبواقف أطراف دولي كالواليات املتحدة)؛ وذلك يف ظل رفيض‬
‫بعضها الشديد لالحتاد وغموض نوقف البعض اآلخر‪.‬‬

‫نعتز سالن ‪" ،‬الطموح املبكر‪ :‬دوافع وفرص قيام االحتاد اخلليجي"‪ ،‬ص ‪.128‬‬ ‫‪1‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪2‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪71‬‬
‫أ‪ -‬حتدي البيئ اإلقليمي ‪ :‬تعد إيران أهم األطراف اإلقليمي املعني بأيي صييغ‬
‫تعاوني أو وحدوي نن جانب دول اخلليج العربي ؛ حيث ترى أهنا نوجهي‬
‫ضدها‪ ،‬ونن ننطلق ذلك كان رفضها ابتداءً جمللس التعاون اخلليجي‪ ،‬ونن مث‬
‫رفضها الشديد لفكرة "االحتاد" ألنه سيعظِّم نن قدرات دوله على نواجهي‬
‫املطانع اإليراني يف املنطق ‪ ،‬وجيسد ذلك الرفض وصيفها نقتيرح االحتياد‬
‫بي "املؤانرة اخلبيث "‪ ،‬وطلبها ضم البحرين إىل إيران؛ حيث أعلين رئييس‬
‫برملاهنا "علي الرجياين" أن "البحرين ليست لقم سائغ بإنكيان السيعودي‬
‫ابتالعها بسهول "‪ .1‬وهو نوقف تتراجع فرص تأثريه على نصري فكرة االحتاد‪،‬‬
‫خصوصًا نع الدعم العربيي لتلك الفكرة‪ ،‬وانتقاد اجلانع العربي املوقيف‬
‫اإليراين املعارض لالحتاد‪.‬‬
‫ب‪ -‬حتدي البيئ الدولي ‪ :‬وه ا التحدي نرتبط باملوقف األنريكي؛ حيث يبدو ه ا‬
‫املوقف غانضًا‪ ،‬ونطروحًا بشأنه تفسريان‪ ،‬األول‪ :‬ي هب إىل تأيييد فكيرة‬
‫االحتاد لضمان تدفق الطاق ‪ ،‬وكبح طموحات إيران وهتديداهتا للمنطق ‪ ،‬أنيا‬
‫الثاين في هب إىل حتفظ واشنطن على تلك الفكرة نين ننطليق نقاونتيها‬
‫للتجارب الوحدوي يف املنطق العربي حلسابات استراتيجي تيرتبط بنظريي‬
‫األنن القوني األنريكي وتكانله نع األنن اإلسرائيلي‪.2‬‬

‫ابعا‪ :‬مستقبل فكرو االتحاد‪ ،‬وفرم ضم دول أخرف للمنظومة الخليجية‪:‬‬


‫رً‬
‫إن التباينات السابق وال سيما املرتبط بدول جملس التعاون اخلليجي السيت‬
‫تضع نصري االحتاد أنام ثالث سيناريوهات‪:‬‬
‫‪ .1‬سيناريو التأجيل املتكرر للبت يف املشروع‪ :‬حبيث ختتفي الفكرة نن ذاهتا‪ ،‬بعد‬
‫غياب الدوافع اليت أنتجتها‪ ،‬دون إعالن الفشل‪ ،‬أو بروز هتدييدات خمتلفي‬
‫نوعيًّا‪ ،‬تدعو إىل أطروحات نغايرة‪ ،‬وال يعود نشروع االحتاد نناسيبًا هليا‪،‬‬
‫وذلك هو نا حيدث بالضبط نع نشروعات كربى يف العمل اخلليجي‪ ،‬نثيل‬

‫نروى حسن‪" ،‬االحتاد اخلليجي اإليراين"‪ ،‬األخبار املصري ‪ 39 ،‬نايو ‪.3013‬‬ ‫‪1‬‬
‫نيزار السمرائي‪" ،‬نوقف واشنطن نن االحتاد اخلليجي"‪ ،‬نتاح على الرابط التايل‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪strategysa.com/?p=19 //http‬‬

‫‪71‬‬
‫العمل اخلليجي املوحدة‪ ،‬والسوق اخلليجي املشيترك ‪ ،‬والبنيك املركيزي‬
‫اخلليجي‪ ،‬واملواطن ‪ ،‬ويف ه ا السيناريو يفترض أن يبقى نشيروع االحتياد‬
‫اخلليجي لالستهال احمللي وال سيما يف فترة الثورات العربي ‪ ،‬وهيي فتيرة‬
‫تقتضي نزيدًا نن الفاعلي واحليوي يف طرح األفكيار اجلدييدة‪ ،‬والتعياطي‬
‫نعها‪.1‬‬
‫‪ .3‬سيناريو اإلبقاء على صيغ اجمللس لكن مبسمى االحتاد‪ :‬وه ه الصييغ تعيين‬
‫اإلبقاء على جوهر اجمللس نع شكل وقالب واسم االحتاد وتنشييط اهليئيات‬
‫وتغيري املسميات‪ ،‬ويعزز ذلك حرج الدول اخلليجي نن إجهياض نشيروع‬
‫تبنته السعودي وامللك "عبد اهلل" نفسه‪ ،‬كما أن اإلعالن عن فشله سيكون له‬
‫نردودات داخلي بعد ارتفاع طموح املواطن اخلليجي والنخب ‪.2‬‬
‫‪ .2‬سيناريو اتباع نسق كونفيدرايل أقرب إىل النسيق األوروبييي‪ :‬فاليدول‬
‫األوروبي رغم صراعاهتا التارخيي واختالفاهتا اللغوي والعرقي جنحت يف تطوير‬
‫منوذج هو األجنح يف التعاون والتكانل‪ ،‬ودول اخلليج مبا جيمعها نن تياريخ‬
‫ولغ وثقاف ونا متلكه نن نوارد طبيعي نؤهل لتطوير منوذج مماثل‪ .‬وهنا يعترب‬
‫النموذج الكونفيدرايل األوروبيي األنسب لدول اخللييج نين النميوذج‬
‫الفيدرايل؛ حيث يرى الكثري نن اخلليجيني أن ه ا األخري نبالغ فيه وهدف نا‬
‫زال بعيد املنال العتبارات خاص هبوي كيل دولي واعتبيارات السييادة‬
‫واخلصوصي وتضارب القوانني‪.3‬‬
‫وترتبط بقضي نستقبل فكرة االحتاد اخلليجي قضي أخرى هاني نرتبطي‬
‫باملستقبل أيضًا‪ ،‬وهي ضم أعضاء جدد للمنظون اخلليجي ‪ ،‬وذلك يف ضيوء نيا‬
‫يُطرح بشأن ضم دول نثل اليمن واألردن واملغرب إىل جملس التعاون‪ .‬فلو بيدأنا‬
‫باألردن واملغرب‪ ،‬فإنه كان هنا ترحيب نن بعض دول اخلليج بضم اليدولتني يف‬
‫فرحات حسام الدين‪" ،‬االحتاد اخلليجي‪ ..‬والدة قيصري "‪ ،‬صحيف األهرام‪ 18 ،‬ديسمرب‬ ‫‪1‬‬
‫‪.3013‬‬
‫نعتز سالن ‪" ،‬الطموح املبكر‪ :‬دوافع وفرص قيام االحتاد اخلليجي"‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪2‬‬
‫العزب الطيب الطاهر‪" ،‬االحتاد اخلليجي‪ ..‬يف التأين السالن "‪ ،‬األهرام ‪ 19‬نايو ‪- 3013‬‬ ‫‪3‬‬
‫وأيضًا ليلى الصراف‪" ،‬وفود يف القم اخلليجي فوجئت بتأجيل االحتاد"‪ ،‬القبس الكويتي ‪،‬‬
‫‪ 19‬نايو ‪.3013‬‬
‫‪71‬‬
‫حني كانت هنا نعارض نن دول أخرى وتلك املسأل حسمتها القم اخلليجيي‬
‫الي ‪ 23‬يف ديسمرب‪/‬كانون األول ‪ 3011‬بعدم ضم دول أخرى للمجلس يف تليك‬
‫املرحل ‪ ،‬نتيج لألسباب السابق اإلشارة إليها عند تناول الدوافع األننيي لقييام‬
‫االحتاد‪ .‬أنا بالنسب لليمن فمسأل ضمه للمجلس بناء على طلبه نن املسائل امليثرية‬
‫للجدل خليجيًّا و حتسم حىت اآلن رغم ضمه رمسيًّا إىل بعض هيئات اجمللس متهيدًا‬
‫ملنحه عضوي كانل ‪.‬‬
‫وهنا نن يرى أن حظوظ اليمن يف االنضمام للمجليس يف تزاييد لعيدة‬
‫اعتبارات‪ ،‬أمهها‪ :‬التواصل اجلغرايف واملوقع االستراتيجي؛ فاليمن جغرافيًّا يشيكِّل‬
‫عمقًا استراتيجيًّا للسعودي وعُمان والعكس صحيح‪ ،‬والقرب اجلغرايف جيعل كيل‬
‫طرف عرض للتأثر بأي تطورات سلبي ميكن أن يشهدها الطرف اآلخر‪ ،‬وحتدييدًا‬
‫ذات الطابع األنين‪ ،‬كما أن املوقع االستراتيجي لليمن يضاعف نن أمهيته خليجيًّا؛‬
‫إذ يسيطر على نضيق باب املندب املمر املالحي احليوي لتجارة الينفط الدوليي ‪،‬‬
‫عالوة على التشار احلضاري والديين والثقايف؛ األنر ال ي جيعل عملي التكانيل‬
‫واالندناج أنرًا ممكنًا وقابالً للنجاح‪.1‬‬
‫بيد أن بروز البُعد الطائفي على الساح اليمني ‪ ،‬وظهور نا يسمى بي "احلرا‬
‫اجلنوبيي" يف جنوب اليمن وال ي يسعى إىل فك االرتباط نع صنعاء يعين خليق‬
‫نشاكل أنني لدول اخلليج إذا نا تطورت األنور إىل صراع نسلح (كال ي حدث‬
‫عام ‪ ،)1993‬أو إذا حدث وانقسم اليمن جله إحياء أزنات احلدود نن جديد نع‬
‫السعودي وعُمان‪ ،‬وبروز نعضل اإلرهاب ونشكل القرصن بالقرب نين امليياه‬
‫اإلقليمي لليمن‪ ،‬وتدهور األوضاع االقتصادي به‪ ،‬وهو نا ميثل حتديات كبرية أنام‬
‫انضمانه جمللس التعاون‪.2‬‬

‫حممد نصطفى زرير‪" ،‬انضمام اليمن إىل جملس التعاون‪ ..‬نقدنات أساسيي "‪ ،‬شيؤون‬ ‫‪1‬‬
‫خليجي ‪ ،‬العدد ‪ ،39‬ربيع ‪ ،3003‬ص ‪.68‬‬
‫أمحد حممد أبو زيد‪" ،‬العالقات اليمني نع دول جملس التعاون اخلليجي نن حرب اخلليج‬ ‫‪2‬‬
‫الثاني "‪ ،‬دراس غري ننشورة‪ ،‬نركز اخلليج للدراسات االسيتراتيجي ‪،3009 - 3008 ،‬‬
‫ص ص ‪.81 - 98‬‬
‫‪76‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫بعد أن استعرضت ه ه الورق البحثي دوافع التحول إىل الصييغ االحتاديي‬
‫ونوازنتها نع التحديات اليت تقف حائالً أنام تنفي ها؛ جند أنه رغم عظيم هي ه‬
‫التحديات‪ ،‬فإن تنفي االحتاد بصيغته املطروح ‪ ،‬ستترتب علييه نتيائج عدييدة‪،‬‬
‫ستصب إجيابًا يف دعم نسرية التكانل اخلليجي ‪ ،‬ونعاجل اإلشيكاليات السياسيي‬
‫واالقتصادي واألنني ‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:1‬‬
‫أوالً‪ :‬على املستوى السياسي‪ :‬سيساهم االحتاد يف تيبين سياسي خارجيي‬
‫نوحدة‪ ،‬وتوسيع نطاق حركتها‪ ،‬وإجياد نوع نن التوازن يف التحير السياسيي‬
‫اخلارجي‪ ،‬سواء على نستوى جملس التعاون ككل أو على نستوى دوله فيرادى‪،‬‬
‫والتأسيس لدبلوناسي خليجي نوحدة تسمح بالتمايز يف أدوار دوله‪ ،‬ومبيا جيعيل‬
‫جملس التعاون يتحول يف نواقفه وحتركاته اخلارجي نن نسيتوى "رد الفعيل" إىل‬
‫نستوى "الفعل"‪ ،‬ومبا يساعد على التغلب على نعضل غياب التنسيق يف املواقيف‬
‫السياسي واليت نن أنثلتها املواقف املتباين نن إيران‪.2‬‬
‫ويعود ذلك إىل أن االحتاد احملتمل سيتضمن عدة تعيديالت عليى النظيام‬
‫األساسي وعلى خليات عمله حتقيقًا للهدف السابق‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -1‬وضع إطار قانوين جديد يضمن حتويل جملس التعاون نن ننظم دولي إقليمي‬
‫ذات طابع حكوني‪ ،‬إىل ننظم دولي إقليمي ذات طابع اندناجي‪ ،‬وتعيديل‬
‫النظام األساسي للمجلس للتغلب على ضعف بنيته اهليكلي ‪.‬‬
‫‪ -3‬اختاذ القرارات باألغلبي وليس باإلمجاع‪ ،‬ووضع خلي للجيزاءات يف امليثياق‬
‫إللزام الدول مبا وافقت عليه مبحض إرادهتا‪.‬‬
‫‪ -2‬إجياد خلي حقيقي لتسوي املنازعات‪ ،‬بديل عن "هيئ تسوي املنازعات" اليت‬
‫خترج إىل حيز الوجود على اإلطالق‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫هدى الصاحل‪" ،‬قادة دول جملس التعاون جيتمعون بالرياض اليوم لبحث احتياد نين‬ ‫‪1‬‬
‫سلطات ال تتدخل يف السيادة"‪ ،‬الشرق األوسط‪ 19 ،‬أبريل ‪.3013‬‬
‫حممد إبراهيم ننصور‪" ،‬قراءة نقدي يف جترب جملس التعاون لدول اخلليج العربي "‪ ،‬ورق‬ ‫‪2‬‬
‫حبثي عرضت يف نناقشات احللق النقاشي الثاني والعشرين جمللس الفكر العربيي‪ ،‬بعنوان‬
‫جملس التعاون لدول اخلليج العربي وعيده الثالثني‪ ..‬عرض وتقييم إلجنيازات نضيت‬
‫ورؤي نستقبلي ‪ ،‬القاهرة‪ :‬نركز اخلليج للدراسات االستراتيجي ‪.3013/13/16 ،‬‬
‫‪77‬‬
‫‪ -3‬تفعيل دور األنان العان لتقترب يف صالحياهتا نين صيالحيات املفوضيي‬
‫األوروبي يف بروكسل‪.‬‬
‫‪ -9‬حتويل اهليئ االستشاري إىل "برملان خليجي" ننتخب على غيرار "الربمليان‬
‫األوروبيي"‪.‬‬
‫‪ -6‬استحداث ننصب ممثل للشؤون اخلارجي واألنني جمللس التعياون اخلليجيي‬
‫على غرار ننصب ممثل الشؤون اخلارجي واألنني لالحتاد األوروبيي‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬على املستوى األنين‪ ،‬سيساهم االحتاد يف تعزيز التعاون والتكانل األنين‬
‫والعسكري‪ ،‬وإجياد رؤي استراتيجي نوحدة وحمددة سلفًا حول طبيع الترتيبيات‬
‫األنني املشترك ‪ ،‬بدالً نن اتباع أسلوب رد الفعل‪.‬‬
‫ويتيح االحتاد اجلديد عدة تأثريات على ه ا املستوى‪:‬‬
‫‪ -‬أوهلا نراجع "االستراتيجي األنني الشانل " اليت أقرها قادة دول اجمللس عيام‬
‫‪ ،1989‬بشكل حيقق نفهوم "الشمولي "‪ .‬ثانيها نواجه اإلرهاب برؤي نتكانل ‪ ،‬عيرب‬
‫جماهب أسبابه ونصادره‪ ،‬وتعزيز وتوثيق التعاون األنين بني دول اخلليج نفسها‪ ،‬وبينيها‬
‫وبني دول العا املختلف ‪ .‬ثالثها تفعيل خطط نواجه ظاهرة العمال األجنبي ‪ ،‬بالتوسع‬
‫يف سياس توطني الوظائف وخلجنتها أو تعريبها حفاظًا على اهلوي العربي للمجتمعات‬
‫اخلليجي ‪ .‬رابعها إعالء نبدأ املواطن ‪ ،‬وهو نبدأ يصبح نعه مجيع امليواطنني نتسياوين‪،‬‬
‫وأصحاب فرص نتساوي ‪ .‬وخانسها صياغ ترتيبات نستقبلي لألنن يف ننطق اخلليج‪،‬‬
‫تشمل البيئ اإلقليمي احمليط ‪ ،‬وذلك بالعمل على حل نشاكل اليمن (فقير وصيراع‬
‫داخلي)‪ ،‬ووضع رؤي واضح ملستقبل العراق‪ ،‬مبا حيفظ وحدته واسيتقالله‪ ،‬وهويتيه‬
‫العربي واإلسالني ‪ ،‬فضالً عن احلل السلمي ألزن الربنانج النووي اإليراين‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬على املستوى االقتصادي؛ إذ يترتب على التحول إىل حال االحتاد تبين‬
‫سياسات اقتصادي ونالي ونقدي وجتاري واحدة تقوم عليى صيياغتها ونتابعي‬
‫تنفي ها سلط واحدة‪ ،‬مبا ميكِّن نن حتول العالقات االقتصادي بني دول اجمللس إىل‬
‫عالقات تكانلي ‪ ،‬كما خيلق االحتاد نن دول اجمللس نعًا قوة اقتصادي عاملي بنياتج‬
‫حملي إمجايل يبلغ حنو ‪ 1,6‬تريليون دوالر‪ .1‬كما يؤدي االحتاد أيضًا إىل انتال قوة‬
‫يف املعانالت التجاري الدولي تفوق بكثري القوى املبعثرة لألعضاء بدون االحتاد‪.‬‬

‫صندوق النقد الدويل‪" ،‬اآلفاق االقتصادي للشرق األوسيط ومشيال إفريقييا وخسييا‬ ‫‪1‬‬
‫الوسطى"‪ ،‬أكتوبر ‪.3013‬‬
‫‪78‬‬
‫الربيع العربي والحراك السياسي الداخلي‬
‫في دول مجلس التعاون الخليجي‪:‬‬
‫الحالة الكويتية نموذجاً‬
‫د أسامة الجويم‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تشتر املنطق العربي يف انتداد إقليمي واحد وعمق استراتيجي نتكانل حبيث‬
‫يصعب الفصل بني نتغريات حتدث يف جزء نن ه ه املنطق دون أن يكيون هلي ا‬
‫التغيري تأثري على باقي املناطق واألقاليم‪ .‬فحىت عهد قريب كانت قضي فلسطني هي‬
‫اهلاجس املشتر للشعوب العربي اليت ترى أن عدم استعادهتا أو املطالب هبيا يعيد‬
‫انتهاكًا لكرانتها كشعوب‪ ،‬وحيثما كانت خترج نظاهرة يف قُطر نين األقطيار‬
‫العربي تطالب بنصرة القضي الفلسطيني جتد صداها بعد أيام مبسريات نشياهب يف‬
‫دول عربي أخرى‪ .‬ه ا نن املنظور السياسي‪ ،‬وال خيتلف األنر عنه نين املنظيور‬
‫االقتصادي املشتر نن وجه نظر الشعوب اليت ترى أن نصادر رزقهيا نرتبطي‬
‫بدول أخرى باملنطق العربي ‪.‬‬
‫واستنادًا إىل ه ا الترابط نا زالت ‪-‬وستستمر‪ -‬الشعوب العربي تتأثر ببعضها‬
‫البعض سلبًا وإجيابًا‪ ،‬ونن أهم ه ه التأثريات تأثري الربيع العربيي عليى شيعوب‬
‫دول جملس التعاون اخلليجي وخاص يف حال احلرا السياسي النشيط يف دولي‬
‫الكويت كنموذج نتزانن نع ه ا احلرا يف املنطق العربي األوسع نطاقًا‪.‬‬
‫على الرغم نن كون دول الكويت كانت صاحب جترب دميقراطيي سياسيي‬
‫رائدة يف احمليط العربيي عموناً واخلليجي على وجه اخلصوص‪ ،‬وهي التجرب اليت‬
‫متتد ألوائل القرن املاضي؛ فإهنا تكن ننعزل عن التأثر بالتطورات اليت تشيهدها‬
‫‪79‬‬
‫بعض الدول العربي نن أواخر العام ‪ 3010‬وحىت الوقت الراهن‪ .‬ويعزى ه ا التأثر‬
‫بتطورات احمليط اخلارجي إىل الطبيع املنفتح اليت تتسم هبا الشخصيي الكويتيي‬
‫عموناً‪ ،‬وتطلعها املستمر لالحتكا باآلخر والتأثري فيه والتأثر به واالستفادة نين‬
‫جتاربه يف شىت اجملاالت السياسي واالقتصادي وغريها‪ .‬ونين مث‪ ،‬يكين تيأثر‬
‫الكويت بالربيع العربيي نن باب املصادف أو املفاجأة‪ ،‬غري أنَّ اجلدييد يف هي ه‬
‫احلال هو خصوصي التأثر الكوييت هب ه الظاهرة العربي ‪ ،‬وهي اخلصوصي اليت تعود‬
‫العتبارات نوضوعي ترتبط بعوانل جمتمعي ‪ ،‬وسياسي ‪ ،‬وتارخيي فرييدة للشيعب‬
‫واجملتمع يف دول الكويت‪.‬‬
‫تعاجل ه ه الورق البحثي احلرا السياسي الكوييت يف ضوء الربيع العربييي‪،‬‬
‫وتناقش نا إذا كان يعكس ه ا احلرا انتداداً للحال العربي أو أنه ربيعياً مبي اق‬
‫كوييت خاص؟‬

‫أوالً‪ :‬الربيع العربي والحالة السياسية الكويتية‪:‬‬


‫لعله نن املهم قبل اخلوض يف حتليل احلال الكويتي خاص واخلليجي على وجه‬
‫العموم؛ نناقش ناهي الربيع العربيي وبيان أسبابه بشكل نوجز ونن مث نقارنته مبا‬
‫حيدث حاليًا يف الكويت نن تطابق يف احلرا أو األهداف‪.‬‬
‫لقد انقسمت بواعث الربيع العربيي احلايل إىل عيدة نسيببات نترابطي‬
‫ونتداخل متثلت على وجه العموم يف ثالث حماور رئيسيي ‪ :‬سياسيي واجتماعيي‬
‫واقتصادي ‪ ،‬وإن كان لكل بلد خصوصيته وجتربته الفريدة اليت متيزه عن النمياذج‬
‫األخرى‪ .‬فقد متثل احملور االجتماعي للربيع العربيي يف غياب العدال االجتماعيي‬
‫لدى بعض فئات اجملتمع مما جعلها تشعر بظلم بسبب انتقاص حقوقها االجتماعيي‬
‫مما دفعها للخروج واملشارك بغي إزاح النظام السياسي القائم ال ي أوجد هي ه‬
‫التفرق والطبقي االجتماعي ؛ وبالتايل هدف ه ا البُعد للربيع العربيي إىل حتقييق‬
‫املساواة والعدال االجتماعي ‪.1‬‬

‫سعد البزاز‪" ،‬حتديات تعرقل العدال االجتماعي يف دول الربيع العربيي"‪ ،‬جريدة الزنان‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.3012-3-19‬‬
‫‪http://www.azzaman.com/?p=26937‬‬

‫‪81‬‬
‫أنا احملور السياسي؛ فقد متثل يف التفرد بالسلط نن قبل حزب نعني أو مجاع‬
‫أو تيار سياسي بعينه وسيطرته على نقاليد احلكم دون وجود تداول للسلط بيني‬
‫أفراد الشعب‪ ،‬ودون وجود للرأي والرأي اآلخر مما أدى إىل وجيود حالي نين‬
‫االحتقان السياسي نتج عنها نشارك التيارات والقوى السياسي املعارض يف هي ا‬
‫احلرا ‪ ،1‬ال سيما أن أغلب ه ه التيارات كان له نشاركات إجيابي يف السيابق يف‬
‫احلرا السياسي إال أن أغلبها حيرز النتائج املتوقع ‪ ،‬ورغم ذلك استمرت هي ه‬
‫التيارات يف حراكها وشاركت بفعالي يف الربيع العربيي‪ ،‬وينضم إىل ه ه الفئي‬
‫املفكرون والكتَّاب وأصحاب الرأي‪.‬‬
‫ويتمثل احملور الثالث للربيع العربيي يف اجلانب االقتصادي ال ي عبَّر عين‬
‫نفسه يف تفشي الفساد اإلداري واملايل يف الدول اليت شهدت ه ا الربيع على حنيو‬
‫جعله أحد مسات ه ه اجملتمعات‪ ،2‬بل وتكرس أكثر يف أفراد السلط اليت كانيت‬
‫هتيمن على نقدرات الشعوب؛ مما أوجد الطبقي االقتصادي بني أفراد سلط فاسدين‬
‫وفاحشي الثراء نن جه وبني أفراد الشعب واإلصالحيني املنتمني لطبقات اقتصادي‬
‫نتدني نن جه أخرى‪ ،‬حىت غابت بشكل كبري يف أغلب الدول العربي "الطبقي‬
‫الوسطى"‪ ،3‬واليت تُعترب هي األساس يف حتريك االقتصاد يف أي دول ‪.‬‬
‫ونع وجود فئ تتفرد بالسلط وتقمع الرأي اآلخر ومتتلك حقوقًا اجتماعي ال‬
‫ميتلكها بقي أفراد الشعب‪ ،‬واستحواذها على القوة املادي اليت حصلت عليها بطرق‬
‫غري نشروع ؛ بدأت ه ه الشعوب تنظر إىل اخلالص نن ه ا اهلاجس واحلرنيان‬
‫والتنفيس عن الكبت ال ي بداخلها وال ي متثل بالبحث عن الكران ؛ حيث اشتر‬
‫كل أفراد الشعب يف البحث عنها‪ ،‬فمن خرج بسبب اجتماعي كان يبحث عين‬
‫الكران ونن خرج بسبب سياسي كان يبحث عنها ونن خرج بسبب اقتصيادي‬

‫فريد أنعضشو‪" ،‬خفاق التحول حنو الدميقراطي يف بلدان الربيع العربيي"‪( ،‬املغرب‪ :‬جمل‬ ‫‪1‬‬
‫اآلداب‪ ،‬خريف ‪ ،)3013‬ص ص ‪.99-98‬‬
‫نظرة جديدة إىل النمو االقتصادي‪ :‬حنو جمتمعات عربي ننتج وشانل ‪ ،‬تقرير نشيتر‬ ‫‪2‬‬
‫ملنظم العمل الدولي وبرنانج األنم املتحدة اإلمنائي (بريوت‪ :‬املكتب اإلقليمي ملنظمي‬
‫العمل الدولي ‪ ،‬فرباير ‪ ،)3013‬ص ‪.33‬‬
‫عبد الناصر ننصور‪" ،‬تداعيات الربيع العربيي‪ :‬األسباب والنتائج"‪( ،‬األهرام املصيري ‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪.)3013/9/3‬‬
‫‪80‬‬
‫كان يبحث نن خالل الربيع العربيي عن الكران أيضًا؛ فيالربيع العربييي يف‬
‫حقيقته هو ثورات نن أجل الكران واستعادة ال ات‪ .‬وهنا يثور التساؤل التيايل‪:‬‬
‫هل القصد نن الربيع العربيي تغيري النظام السياسي القيائم أم حتقييق التغييري‬
‫لألفضل؟‬
‫إن إنعان النظر يف جمريات ونطالب اجلماهري اليت خرجت يف امليادين يف بلدان‬
‫الربيع العربيي يشري إىل أن تغيري النظام كان هو السقف األعلى وهو املطلب ال ي‬
‫سعى كل الثوار لتحقيقه نتمثالً يف التداول السلمي للسلط بني أفيراد الشيعب‬
‫وال ي بدأ يف تونس نرورًا مبصر واليمن وليبيا وصوالً إىل سوريا يف الوقت احلايل‪.‬‬
‫ونن ه ه الزاوي ‪ ،‬يشتر احلرا السياسي الكوييت جزئيًا نع الربيع العربيي‬
‫نن حيث املطالب باإلصالح والتغيري‪ ،‬ولكنه اكتفى باملطالب بتغيري النهج ال النظام‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فال ميكن احلكم على احلرا السياسي الكوييت على أنيه ربييع عربييي‬
‫الختالف سقف املطالب بني النظانني والنعدام كثري نن البواعث الييت أدت إىل‬
‫ظهور الربيع العربيي‪ .‬فالكويت ‪-‬إىل حد نا‪ -‬تتوفر فيها العدالي االجتماعيي‬
‫والرخاء االقتصادي‪ ،‬وهي حماور رئيسي يف حرا الربيع العربيي‪ ،‬ونن هنا ميكننا‬
‫التأكيد على أن احلرا يف الكويت هو حرا سياسي حبت للمطالب بإصيالحات‬
‫سياسي ‪ ،‬فهو ليس "ربيعًا عربيًّا بنكه كويتي " بل ميكن تسميته‪" :‬نكهي كويتيي‬
‫لربيع كوييت"‪.‬‬
‫وملا كان التغيري هو سنَّ احلياة نن أن خلق اهلل تعاىل األرض ونن عليها وهو‬
‫قاعدة األنم والدول‪ ،‬بينما الثبات واالستمرار هو االستثناء نن ه ه القاعدة‪ ،‬فيإن‬
‫ذلك يعين أن التغيري قادم ال حمال ‪ ،‬وسيمر على اجلميع بال استثناء‪ ،‬فكل الدول على‬
‫نرِّ العصور ‪-‬وإن طال هبا الزنن‪ -‬بلغت إىل نقط بعدها االهنيار‪ ،‬ابتيداء نين‬
‫الدول البيزنطي والرونان والساسانيني نرورًا بالدول اإلسالني مبراحلها املختلفي‬
‫نن العهد النبوي فاخلالف الراشدة مث الدول األنوي والعباسي والتتار والعثميانيني‪،‬‬
‫وصوالً إىل القرن املاضي حيث اإلنرباطوري اليابانيي وأملانييا هتلير وإيطالييا‬
‫نوسوليين‪ ،‬وانتهاء إىل الدول املعاصرة اليت شهدت اهنيار االحتاد السوفييت‪ ،‬وانقسام‬
‫تشيكوسلوفاكيا ويوغسالفيا السابقتني‪ ،‬واندناج األملانيتني‪ ،‬وحىت الدول العربي‬
‫تسلم نن ه ا التغيري كثورة نصر وليبيا واليمن على امللكي وانيدناج اليمينني‪:‬‬
‫‪81‬‬
‫الشمايل واجلنوبيي وإنارات اخلليج وظهور دولي األردن وانقسيام السيودان‬
‫نؤخرًا‪.‬‬
‫وه ه النماذج على نرِّ التاريخ تبني أن الدول تتغري وأهنا غري ثابت ‪ ،‬ولكن األهيم‬
‫هو التركيز على أن فترة اهنيار ه ه الدول كان بشكل أسرع مما تصوره أي حاكم يف‬
‫تلك الفترة‪ ،‬وه ا نؤشر لصناَّع القرار يف الدول بأن التغيري إنا أن تصنعه أنت بنفسك‬
‫وبشكل سلمي أو أنه سيأيت نن يصنعه لك ولكن بطريق غري سلمي ‪ .‬ولعيل بعيض‬
‫األنظم العربي احلاكم تنبهت إىل ضرورة إحداث ه ه اإلصالحات حىت متنع انتيداد‬
‫الربيع العربيي إليها كما هي احلال يف النموذجني‪ :‬املغربيي واألردين‪.1‬‬
‫ونا سيحدث يف دول اخلليج لن خيتلف عن سن احلياة وسيأيت يوم سيتجد‬
‫كل دول نفسها عرض للتغيري‪ ،‬فإن تبادر إىل صنع ه ا التغيري بوجود حكونات‬
‫نستقرة أو على أقل تقدير هتيت نفسها ملثل ه ا التغيري فسيأيت نن يرغمها على ه ا‬
‫التغيري شاءت أم أبت‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التجربة الديمقراطية في الكوي ‪:‬‬


‫ً‬
‫ميكن أن نوجز تاريخ احلرا السياسي والتجرب الدميقراطي يف الكوييت خبمس‬
‫نراحل أساسي ذات نالنح مميزة‪ :‬أنا املرحل األوىل فهي نرحل جملس عام ‪1928‬؛‬
‫حيث بداي املطالب بالرقاب الشعبي ‪ ،‬واملرحل الثاني هي نرحل اجمللس التأسيسيي‬
‫وصياغ دستور عام ‪ ،1963‬واملرحل الثالث هي نرحل "ديوانيات االثنني" والييت‬
‫أعقبت حل جملس عام ‪ 1989‬حالًّ غري دستوري‪ ،‬أنا املرحل الرابع فهي نرحلي‬
‫"نبيها مخس"‪ 2‬واليت صاحبت احلرا السياسي للمطالب بتغييري تركيبي اليدوائر‬
‫االنتخابي ‪ ،‬وصوالً إىل املرحل اخلانس احلالي وهي انتداد ملرحل تغيري هنج احلكون‬
‫واملطالب برحيل رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر احملمد األمحد اجلابر الصباح‪.‬‬

‫زكي بدر رشيد‪ ،‬رئيس الدائرة السياسي يف جبه العمل اإلسالني وعبد اإلله املنصوري‬ ‫‪1‬‬
‫عضو احلزب االشتراكي املوحد‪ ،‬املغرب‪ ،‬نستقبل اإلصالح السياسي يف األردن واملغرب‬
‫(برنانج يف العمق‪ ،‬قناة اجلزيرة‪ ،‬تاريخ اللقاء ‪.)3013-1-19‬‬
‫املقصود مبصطلح "نبيها مخس " هي الدعوة اليت أطلقتها املعارض الكويتي لتغيري نظيام‬ ‫‪2‬‬
‫الدوائر االنتخابي نن نظام ‪ 39‬دائرة انتخابي املعمول به نن عام ‪ 1981‬إىل نظام ‪ 9‬دوائر‬
‫انتخابي ملا هل ا النظام نن نثالب أمهها استشراء املال السياسي‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫وقد اتسمت كل نرحل نن ه ه املراحل بسمات ختتلف عن األخيرى وإن‬
‫كانت هي نتاجًا وتبعات ملا وصلت إليه املرحل السابق ‪ .‬فاملرحل األوىل كانيت‬
‫تتسم مبطالب عناصر نن خنب اجملتمع أغلبهم نن التجار بالرقاب الشعبي على إيرادات‬
‫ونصروفات الدول ‪ .‬أنا املرحل الثاني فهي نرحل صياغ الدستور؛ فتميزت بربوز‬
‫رنوز املد الناصري والقوني وكان هدفها املشارك يف صنع القرار السياسي‪ .1‬بينما‬
‫اتسمت املرحل الثالث بالصراع للمحافظ على املكتسبات اليت أقرها دستور ‪1963‬‬
‫باملشارك السياسي يف صنع القرار‪.2‬‬
‫فيما متثل أهم نالنح املرحل الرابع يف حماول إبعاد احلكون والسلط احلاكم‬
‫عن التأثري يف قرار الناخب الختيار نن ميثله يف جملس األن ‪ ،‬بينما تتمييز املرحلي‬
‫احلالي ‪ ،‬واليت بدأت نن عانني ونا زالت نستمرة حىت وقتنا اليراهن‪ ،‬باملطالبي‬
‫مبكافح الفساد السياسي نن خالل تغيري النهج احلكوني املتمثل يف احملاول نيرة‬
‫أخرى للسيطرة على القرار السياسي‪ ،3‬وقد حققت ه ه املرحل جزءًا نهمًّا نين‬
‫أهدافها حيث ألول نرة إقال رئيس وزراء كوييت نن أبناء األسرة احلاكم ‪.‬‬
‫واملتتبع لتاريخ التجرب الدميقراطي يف دول الكويت يكتشف أنيه تيرد يف‬
‫أدبيات احلرا السياسي نن عام ‪ 1928‬وحىت يوننا ه ا نا يفيد املطالبي بتغييري‬
‫النظام احلاكم أو التطرق لعزل األسرة احلاكم عن تويل نسند اإلنارة‪ ،‬فيما كانت‬
‫أغلب املطالبات تركز على اإلصالح وننح املزيد نن احلريات السياسيي ؛ وهيي‬
‫املطالبات اليت كانت عانالً نشتركًا يف كل املراحل السابق نن نراحيل التجربي‬
‫الدميقراطي الكويتي ‪ ،‬وحىت يف املرحل القادن واليت تتمثيل باملطالبي باحلكوني‬
‫الشعبي لن جند نن يطالب بتغيري النظام السياسي القائم‪ ،‬ولعل ه ا أحد نيا ميييز‬
‫احلرا السياسي الكوييت عن الربيع العربيي أقله يف املرحل احلالي ‪.‬‬

‫عبد اهلادي العجمي‪ ،‬حتليل األبعاد التارخيي للحرا السياسي يف الكويت‪ ،‬قناة الييوم‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.)3012/3/3‬‬
‫فيحان حممد العتيبيي‪ ،‬احلرا السياسي والصراع الدميقراطي يف الكويت نن عام ‪1931‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪( 1990 -‬الكويت‪ :‬نكتب ذات السالسل‪ ،‬ط‪ ،)3010 ، 1‬ص ص ‪.116 -113‬‬
‫أمحد الديني‪ ،‬نسارات احلرا السياسي يف الكويت (احلوار املتمدن‪ ،‬العيدد‪-1969 :‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪،)19/ 13 /3006‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=83445‬‬

‫‪81‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الحراك السياسي الكويتي وعوامل النجاح والفشل‪:‬‬
‫ال ختتلف احلال الكويتي عن غريها نن الدول والشعوب العربيي ؛ فياحلرا‬
‫السياسي الشبابيي الكوييت خرج أيضًا هبدف البحث عن الكران حىت إن ننظمي‬
‫املسريات أطلقوها حتت شعار "كران وطن" واليت بلغت حىت إعداد ه ا التقريير‬
‫سبع نسريات‪ ،‬شار فيها خليط نن أبناء الشعب الكوييت‪ ،‬وكانيت االسيتجاب‬
‫األكرب يف املسريتني األوىل والثاني واليت بلغت تقديرات املشاركني فيها ‪ 190‬ألفًيا‬
‫و‪ 100‬ألف على التوايل‪ ،1‬وهو عدد يعترب غري نسبوق عليى السياح السياسيي‬
‫اخلليجي ‪.‬‬
‫ويدر املراقب أن نن خرج يف ه ا احلر السياسي الكوييت ال يعدو كونيه‬
‫أحد فئات ثالث‪ :‬إنا نُطالب بإصالح سياسي وداعٍ للمحافظ على املكتسيبات‬
‫الدستوري (دافع سياسي)‪ ،‬أو نُنادٍ مبحارب الفساد الي ي استشيرى يف اجملتميع‬
‫الكوييت وخاص الفساد املايل والتجاوزات اإلداري (دافع اقتصادي)‪ ،‬أو غضبان نن‬
‫التمييز ضد القبائل واليت ثارت تنتفض بسبب انتقاص حقوق أبنائهيا والتضيييق‬
‫عليهم‪ ،‬والطعن بانتمائهم (دافع اجتماعي)‪.‬‬
‫ومث عوانل نتاح يف البيئ احمللي رمبا جتعل حال احلرا السياسي ال تصل إىل‬
‫نرحل الربيع العربيي‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫‪ -‬الوفرة املالي يف الدول اليت متكِّن احلكون نن اختاذ إجراءات وتبين سياسيات‬
‫شعبوي لتحقيق رضا املواطنني‪ ،‬حىت ال تشعر أي فئ اجتماعي بظلم اقتصادي‬
‫أو نايل عليها‪ ،‬بل تشعر أهنا شريك يف الثروة‪ .‬ونن أنثل هي ه السياسيات‬
‫(توزيع ننح ألف دينار نباشرة إىل كل فرد نواطن ‪ -‬تأسييس شيركات‬
‫نسامه وتوزيع أسهمها جمانًا على أفراد الشعب ‪ -‬زيادة الرواتيب بنسيب‬
‫عالي ‪ -‬توزيع املواد التمويني ملدة سن باجملان)‪.‬‬
‫‪ -‬وجود جيل نن أبناء الشعب الكوييت يرى أن حب الوطن هو حب األسيرة‬
‫احلاكم ‪ ،‬وه ا اجليل يشمل نسب كبرية نن أفراد اجملتميع ممين تتجياوز‬

‫تقرير الكوجنرس األنريكي‪ ،‬الكويت‪ :‬االستقرار واإلصالح والسياس األنريكي (بوكس‬ ‫‪1‬‬
‫نيوز ‪،)3012-3-13‬‬
‫‪http://boxnewskw.com/?p=121331‬‬

‫‪81‬‬
‫أعمارهم األربعني‪ ،‬وبال شك فإن وجود نثل ه ه اجليل سيسياهم بشيكل‬
‫كبري يف تأخري التغيري يف اجملتمع‪ ،‬إذ سيعمل كعانل صدٍّ ونقاون ألي أفكيار‬
‫تغيريي حديث يعتد عليها أو تصدر نن السلط احلاكم ‪.‬‬
‫‪ -‬هيب السلط احلالي نتمثل يف اجليل احلايل نن أفراد األسرة احلاكمي والييت‬
‫ميتلك بعضها نكان شعبي كبرية؛ حيث يساهم ه ا التعياطف الوجيداين‬
‫واملكان االجتماعي يف هتدئ بعض الفئات اليت ترى أن ه ا اجليل نن األسرة‬
‫احلاكم له حقوق على أفراد اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -‬عدم انسجام نكونات املعارض السياسي نع بعضيها اليبعض وافتقارهيا‬
‫‪1‬‬

‫خلطاب سياسي نوحد‪ ،‬وعدم اندناجها يف كيان تنظيمي لتنسيق املواقف فيما‬
‫بني الكتل والتيارات املنضوي حتت لواء املعارض ‪ ،2‬فباستثناء التكتل الشعبيي‬
‫واحلرك الدستوري اإلسالني "حدس"‪ ،‬تعاين بقي التيارات ت ب ب املواقيف‬
‫كالتيار السلفي املنقسم على نفسه بني نؤيدين للحكون وخخرين نناصيرين‬
‫للمعارض ‪ ،‬وك لك املنرب الدميقراطي والتكتل الوطين املنقسيم بيني نؤييد‬
‫للمعارض وحمايد يف نوقفه‪ ،‬فيما جند أن تصرحيات املستقلني نن املعارض ال‬
‫تتسق إمجاالً نع اإلطار العام للخطاب السياسي للحرا الشبابيي‪ ،‬وال شك‬
‫أن نثل ه ا االنقسام سيسهِّل تأخري تأثري الربيع الكوييت‪.‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬هنا عوانل تساعد على الدفع باجتاه ه ا الربيع واإلسيراع يف‬
‫التغيري‪ ،‬وننها على سبيل املثال ال احلصر‪:‬‬
‫‪ -‬تغري تركيب املعارض ؛ حيث مشل ذلك تغريًا يف رنوز املعارض ‪ ،‬ففي السيابق‬
‫وخصوصًا يف ستينيات وسبعينيات القرن املاضي كانت املعارض حمصورة يف‬
‫التيار الليربايل والقوني والتقدني بينما كانت القبائل واإلسالنيون يف صفوف‬
‫املواالة؛ أنَّا حاليًا فقد حتولت أطراف عديدة نن نؤيدة للسلط إىل نعارض ‪،‬‬
‫ونن أمهها التيار اإلسالني والقبائل بينما انتقل التيار الشيعي ليكون نواليًيا‬

‫القوى السياسي والكتل النيابي يف الكويت (املركز الدبلوناسي للدراسات اإلستراتيجي ‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫الوطن الكويتي ‪،)3012-9-36 ،‬‬
‫‪http://pdf2013.kuwait.tt/ln_20130526_47.pdf‬‬
‫اجلاسم‪ ،‬نعاجله ج ري (جريدة الكويتي ‪،)3012-3-6 -‬‬ ‫حممد عبد القادر‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://w.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=35923‬‬

‫‪86‬‬
‫للحكون ؛ فالتحول الشيعي على سبيل املثال نتج بسبب توفر الدعم نن أحد‬
‫أقطاب األسرة هل ا التيار؛ فوصول ناصر احملمد ملنصب رئيس الوزراء وهيو‬
‫أحد الداعمني األساسيني للتيار الشيعي يف الكويت وفتحه جملاالت واسع هل ا‬
‫التيار أدى إىل حتول التيار إىل نوالٍ للحكون والنظام‪ .‬وتربز دالل ه ا التغيري‬
‫يف كون السلط قد فقدت أكرب حلفائها التقليديني وهم القبائل ال ين قاطعوا‬
‫بشكل كبري االنتخابات الربملاني اليت متت يف شهر ديسيمرب‪/‬كيانون األول‬
‫‪ ،3013‬وهي خسارة ال ميكن تعويضها نن أي فئ أخرى ملا تشكِّله القبائيل‬
‫نن فئ ذات ثقل داخل اجملتمع الكوييت‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام وسائل التواصل االجتماعي احلديث واليت لعبت دورًا حيويًّا يف نشر‬
‫أفكار التغيري واحلرا السياسي‪ ،‬بل وأثَّرت نن خالل النقاشات املتواصل على‬
‫الفكر السياسي وقناعات املتابعني الشباب وهي السم الييت نثَّليت قامسًيا‬
‫نشتركًا بني أغلب الثورات العربي ‪ .‬ولكن بدالً نن احتواء احلكون الكويتي‬
‫ملستخدني وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬قانت على العكيس نين ذليك‬
‫مبالحقتهم قضائيًّا‪ ،‬نع نراقب نستمرة لكل نا يتم تداوله‪ ،‬للحد نن تأثري نيا‬
‫يُكتب يف ه ه املواقع‪.‬‬
‫‪ -‬حتول احلرا السياسي نن حرا تنظريي يعتمد على الكتابيات والبيانيات‬
‫واملقاالت الصحفي والندوات‪ ،‬إىل حرا سياسي حقيقي يف الشيارع نين‬
‫خالل املسريات واملظاهرات السلمي واالعتصانات‪ ،‬وهو بال شك تطيور يف‬
‫الفكر السياسي الكوييت تعهده التجرب الدميقراطي نن قبل‪ ،‬إال يف حاالت‬
‫حمدودة كالتحر ال ي صاحب املطالب بتغيري نظام الدوائر االنتخابي (نبيهيا‬
‫مخس) عام ‪.3006‬‬
‫‪ -‬دخول احلرا الشبابيي غري املنظم كطرف يف احلرا السياسي‪1‬؛ وهو قيوة‬
‫غري واضح املعا قادت كثريًا نن املسريات اليوني يف نناطق خمتلف نن البالد‬
‫شار فيها شباب ال ننتمٍ ألي تيار وال تتعدى أعمارهم ‪ 39‬عانًيا‪ ،‬ويُعيد‬
‫هؤالء حاليًا هم الوقود األساسي للحرا السياسي؛ إذ يغلب علييهم عيدم‬

‫شفيق الغربا‪ ،‬الكويت ونفترق الطرق (ندوه بالكلي األسترالي ‪،)3013-3-19 -‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪http://www.kuwait.tt/articledetails.aspx?Id=187390‬‬

‫‪87‬‬
‫االلتزام حبدودٍ نا لسقف املطالبات‪ ،‬وعدم التزانهم بتباين الطبقي االجتماعي‬
‫خاص فيما يتعلق باألسرة احلاكم ‪.‬‬
‫‪ -‬تغري سقف املطالبات نن قبل شباب احلرا السياسيي احليايل؛ فياحلرا‬
‫السياسي التقليدي كان يطالب مبحارب الفساد بشكل عام بينميا احليرا‬
‫الشبابيي احلايل تعدي ذلك إىل املطالب باملساواة وحقوق اإلنسان والعدالي‬
‫وحقوق اجملتمع ككل وصوالً إىل احلكون املنتخب واإلنارة الدستوري ‪ ،‬وهي‬
‫نطالب تكن نتداول يف أي وقت سابق بشكل علين حىت نيع أوج قيوة‬
‫املعارض السياسي يف الربملان "جملس أن ‪."1989‬‬
‫‪ -‬االعتقاالت املتزايدة للمشاركني يف املظاهرات السلمي وكثيرة القضيايا‬
‫املرفوع ضد أصحاب الرأي اآلخر‪ ،‬وهي بال شك وقود لوجود جيل جديد‬
‫سيترىب على وجود حاجز قوي بينه و بني السلط ‪ ،‬وهو حتمًا سيستثمرها يف‬
‫صاحل احلرا السياسي ال يف صاحل التهدئ ؛ ذلك أن رفع نثل ه ه القضيايا‬
‫وهتديد املدونني واملغردين باملالحقات القضائي جيعل احلكون ‪-‬نن حييث‬
‫تدري أو ال تدري‪ -‬تبين رنوزًا جديدة للمعارض يصعب التفاهم نعهيا يف‬
‫املستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬وجود نؤشرات لصراع بات علنيًّا بني بعض أبناء األسرة احلاكم وال ي بلغ‬
‫نن الشدة واالنكشاف أن قام أحد أقطاب األسرة بإسيقاط قطيب خخير‬
‫باالستعان بنواب نن جملس األن عرب استجواب برملاين‪ ،‬وبعبيارة أخيرى‬
‫استعان أحد أبناء األسرة بالشعب إلسقاط خخر نن األسرة ذاهتا‪ ،‬وال شك أن‬
‫ه ا األنر نن شأنه تعزيز نكان املعارض ‪.1‬‬
‫انظر يف تفاصيل وأبعاد ه ا الصراع‪" :‬صراع أبناء األسرة خطري وال بد أن ينضيبط"‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫القبس الكويتي ‪19 ،‬أبريل ‪ ،http://boxnewskw.com/?p=54437 3013‬وبيان املنرب‬
‫الدميقراطي والتحالف الوطين‪ ،‬صراع أبناء األسرة عنصر أساسي يف حال االصيطفاف‬
‫يرأي الكويتيي ي ‪-9-11 ،‬‬ ‫يه الدولي ي ‪ ،‬اليي‬
‫يتقطاب اليي ي تعانييي‬ ‫واالسيي‬
‫‪http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=3777433013‬‬
‫وخالد الفضاله‪ ،‬صراع أبناء األسرة (هنا الكويت‪)3013-9-13 ،‬‬
‫‪http://www.hunakwt.com/tag/%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-‬‬
‫‪%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84‬‬
‫‪%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9‬‬

‫‪88‬‬
‫ولعل املالحظ اجلديرة بال كر يف ه ا السياق هي أن أهم نا ميييز احليرا‬
‫السياسي احلايل يف الكويت عن نظريه يف العا العربيي هو ادعاء مجيع األطيراف‬
‫مبا فيها احلكون واملوالون هلا واملعارض واملؤيدون هلا‪ ،‬التمسك بنصوص دسيتور‬
‫الدول واملسمى (دستور ‪ ،)1963‬إال أن االختالف يكمن يف تفسري كل نن هي ه‬
‫األطراف لنصوص الدستور‪ ،‬تبعًا ملا يراه كل ننهم يدعم وجه نظره؛ فالشيعب‬
‫يرى أنه ميتلك حقوقًا ترى السلط أنه ال ميتلكها؛ ول لك استمر اجلدل واحليرا‬
‫بني احلكون واملعارض ‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬مستقبل النظام السياسي في الكوي ‪:‬‬


‫رً‬
‫نن املتوقع أن يكون للحرا السياسي ال ي تشهده الكويت تداعيات عليى‬
‫نستقبل التجرب الدميقراطي والنظام السياسي برنته‪ .‬ولعل نن أبرز ه ه التيأثريات‬
‫ترجيح إقدام نظام احلكم على االستجاب ولو جزئيًا للمطالب الشعبي اليت ينادي هبا‬
‫احلرا الشبابيي‪ ،‬نثل التخلي عن العرف السياسي بإسناد حقائيب اليوزارات‬
‫السيادي ألبناء األسرة‪ ،‬وصوالً إىل أال يكون رئيس الوزراء بالضرورة أحد أبنياء‬
‫األسرة أيضًا‪.1‬‬
‫أنا نطلب بعض الناشطني السياسيني بأن تكون احلكون ننتخب فرمبا يواجه‬
‫بعض الصعوبات واإلشكاليات؛ إذ إن التركيب السياسي احلالي غري نهيأة ملثل ه ا‬
‫املطلب‪ ،‬وال ي جيب أن يتم يف ظل وجود أحزاب سياسي ‪-‬وهي غري نوجيودة‬
‫حاليًا يف احلياة السياسي الكويتي ‪ -‬حبيث يتم إسناد تشكيل احلكون للحزب الفائز‬
‫باألغلبي الربملاني غري أن الدستور احلايل ال يساعد على تفعيل نثل ه ا املطليب‪،‬‬
‫فكون احلكون ننتخب يعين أهنا ستكون نشكَّل نن أعضاء نن جملس األني ؛ نيا‬
‫يعين أن اجمللس سيفقد يف ه ه احلال ثلث أعضائه املنتخبني؛ وبالتبعي فإن الكتلي‬
‫السياسي اليت قانت بتشكيل احلكون ستفقد األغلبي داخل الربملان‪ ،‬وبالتايل سيعود‬
‫الصراع السياسي نن جديد بني كتل سياسي حاكم وأخرى نعارض ‪.‬‬
‫شفيق الغربا‪ ،‬غامن النجار‪ ،‬حممد الرنيحي‪ ،‬نستقبل الدميقراطيي يف الكوييت‪ :‬التيداعيات‬ ‫‪1‬‬
‫االجتماعي والسياسي (نركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربي ‪ ،‬جانع الكوييت‪-1-39 ،‬‬
‫‪http://www.alkuwaitiah.com/PrintArticleDetail.aspx?artid=29455 ،)3012‬‬

‫‪89‬‬
‫خامسا ‪ -‬موارف دول الخليج والقوف اإلرليمية الدولية الكبرف من الحراك‬
‫ً‬
‫السياسي بالكوي ‪:‬‬
‫خليجيًا‪ ،‬شكَّل احلرا السياسي الكوييت هاجسًا كبريًا لدى بقي دول جمليس‬
‫التعاون اخلليجي اليت تراقبه عن كثب‪ ،‬خشي تزايد وتريته وبلوغها حدًّا ميثل هتديدًا‬
‫بانتقاله إليها ال سيما نع تشابه البىن السياسي واالجتماعي والثقافي يف كافي دول‬
‫جملس التعاون‪ .1‬أنا إقليميًّا‪ ،‬فلم تُبدِ القوى اإلقليمي الرئيسي باملنطق ‪ ،‬ويف نقدنتها‬
‫إيران وتركيا‪ ،‬نوقفًا واضحًا مما تشهده الساح السياسي بالكويت‪ ،‬وإذا كان ه ا‬
‫األنر احملايد يعد مس للموقف التركي إزاء التطورات اليت شهدها كل نن البحيرين‬
‫واليمن‪ ،‬فإن املوقف اإليراين كان خمتلفًا إذ شهد تصرحيات كثرية وواضيح إزاء‬
‫التطورات يف ه ين القُطرين املهميْن يف املنظون اخلليجي خصوصًا واجلزيرة العربي‬
‫على وجه العموم‪.‬‬
‫على صعيد القوى الدولي الكربى‪ ،‬فنجد أن املوقف األنريكي اتسم بالت ب ب‬
‫بني نناصرة حق التظاهر السلمي والتعبري عن نطالب اإلصالح السياسي نن جهي‬
‫وبني احلرص على استقرار دول املنطق نن جه أخرى‪.2‬‬
‫وبوجه عام تركزت التصرحيات الرمسي األنريكي على التأكيد عليى حيق‬
‫التظاهر وحري التعبري والرأي‪ ،‬بينما انتقدت بعض نؤسسيات اجملتميع امليدين‬
‫األنريكي ‪ ،‬نثل نؤسس "هيونن رايتس ووتش" إفراط قوات األنن يف اسيتخدام‬
‫العنف ضد املتظاهرين خالل املسريات السلمي ‪ .3‬و خيتليف نوقيف االحتياد‬
‫األوروبيي كثريًا عن نظريه األنريكي نن حيث التيزام الصيمت إزاء احليرا‬

‫عبد اهلل خليف الشاجيي‪" :‬احلرا العربيي والتميز اخلليجي"‪ ،‬االحتاد اإلناراتي ‪.)3013-2-9‬‬ ‫‪1‬‬
‫حممد عبد القادر اجلاسم‪" :‬رسال إىل نلك وشيخ" ‪( -‬نوقع نيزان‪،)3013-10-20 ،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://www.aljasem.org/default.asp?opt=2&art_id=426‬‬
‫انظر يف ذلك‪ :‬جاي فوتليك وريك مسوتكني عضوا احليزب اليدميوقراطي واحليزب‬ ‫‪3‬‬
‫اجلمهوري‪( ،‬الرأي الكويتي ‪،)3013-10-13 ،‬‬
‫‪http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=385285‬‬
‫وتقرير ننظم هيونن رأيت ووتش‪" ،‬قوات األنن هتاجم املتظاهرين" الصادر بتياريخ‬
‫(‪،)3013-13-39‬‬
‫‪http://www.hrw.org/ar/news/2012/12/27‬‬

‫‪91‬‬
‫السياسي يف البالد‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬يكن هنا نوقف روسي ذو تأثري على احليرا‬
‫السياسي الكوييت خاص وأن املعارض واحلكون نتفقان على جتنب الدبلوناسيي‬
‫الروسي بسبب املوقف السلبيي نن الثورة السوري وحىت ال يؤثر ذلك على شعبي‬
‫كل ننهما لدى الرأي العام الكوييت ال ي يتعاطف قطاع واسع ننه نيع الثيوار‬
‫السوريني ضد نظام بشار األسد‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ -‬يُظهر تتبع تاريخ التجرب الدميقراطي يف دول الكويت أنه ترد يف أدبييات‬
‫احلرا السياسي نن عام ‪ 1928‬وحىت يوننا ه ا نا يفيد املطالب بتغيري النظام‬
‫احلاكم أو التطرق لعزل األسرة احلاكم عن تويل نسند اإلنارة‪ ،‬حيث كانت‬
‫أغلب املطالبات تركز على اإلصالح وننح املزيد نن احلريات السياسي ؛ وهي‬
‫املطالبات اليت كانت عانالً نشتركًا يف كل نراحيل التجربي الدميقراطيي‬
‫الكويتي ‪ ،‬وحىت يف املرحل القادن واليت تتمثل باملطالب باحلكون الشيعبي ال‬
‫جند نن يطالب بتغيري النظام السياسي القائم‪ ،‬ولعلَّ ه ا أحد أهم نيا ميييز‬
‫احلرا السياسي الكوييت عن الربيع العربيي أقله يف املرحل احلالي ‪.‬‬
‫‪ -‬مث عوانل نتاح يف البيئ احمللي رمبا جتعل حال احلرا السياسي ال تصيل إىل‬
‫نرحل الربيع العربيي‪ ،‬وتشمل‪ :‬الوفرة املالي يف الدول اليت متكِّن احلكوني‬
‫نن اختاذ إجراءات وتبين سياسات شعبوي لتحقيق رضا املواطنني‪ ،‬باإلضياف‬
‫إىل وجود جيل نن أبناء الشعب الكوييت يرى أن حب الوطن هو حيب "خل‬
‫الصباح"‪ ،‬فضالً عن هيب السلط احلالي نتمثل يف اجليل احلايل نين أفيراد‬
‫األسرة احلاكم واليت ميتلك بعضها نكان شعبي كبرية؛ حيث يساهم هي ا‬
‫التعاطف الوجداين واملكان االجتماعي يف هتدئ بعض الفئات اليت تيرى أن‬
‫ه ا اجليل نن األسرة احلاكم له حقوق على أفراد اجملتمع‪ ،‬وأخيرياً عيدم‬
‫انسجام نكونات املعارض السياسي نع بعضها البعض وافتقارهيا خلطياب‬
‫سياسي نوحد‪.‬‬
‫‪ -‬ويف املقابل‪ ،‬هنا عوانل تساعد على الدفع باجتاه اإلسراع بيالتغيري‪ ،‬وننيها‪:‬‬
‫وجود نؤشرات لصراع بات علنيًّا بني بعض أبناء األسرة احلاكم ‪ ،‬وارتفياع‬
‫‪90‬‬
‫سقف املطالبات نن قبل احلرا السياسيي الشبابييي‪ ،‬ودخيول احليرا‬
‫الشبابيي غري املنظم كطرف يف احلرا السياسي واعتماده لوسائل التواصيل‬
‫االجتماعي احلديث يف انتقاد األوضاع السياسي واجملتمعي ك لك‪ ،‬باإلضاف إىل‬
‫التغيري يف تركيب املعارض السياسي عموناً والربملاني ننها على وجه التحديد‪.‬‬
‫‪ -‬إنَّ أهم نا مييز احلرا السياسي احلايل يف الكويت عين نظيريه يف العيا‬
‫العربيي هو ادعاء مجيع األطراف مبا فيها احلكون واملوالون هلا واملعارضي‬
‫واملؤيدون هلا‪ ،‬التمسك بنصوص دستور الدول واملسمى (دستور ‪ ،)1963‬إال‬
‫أن االختالف يكمن يف تفسري كل نن ه ه األطراف لنصوص الدستور‪ ،‬تبعًا‬
‫ملا يراه كل ننهم حسب وجه نظره‪ .‬وبوجه عام‪ ،‬يبقى احلرا السياسي يف‬
‫دول الكويت حمالًّ لألخ والرد بني احلكون واملعارض دون حسم واضيح‬
‫ألي ننهما حىت اللحظ الراهن ؛ فاحلكون تعوِّل على عانل الوقت يف هتدئي‬
‫االحتقان السياسي ال ي متر فيه البلد نستفيدة نن الوفرة املالي النفطي ونكان‬
‫األسرة احلاكم يف نفوس ووجدان القطاع العريض نن الشعب الكوييت‪ ،‬ويف‬
‫املقابل تعول املعارض على انضمام فئات أخيرى نين نكونيات اجملتميع‬
‫والتنظيمات السياسي إىل ه ا احلرا مبا ميكِّنها نن نواصل الضيغط عليى‬
‫احلكون على حنو جيعل األخرية تستجيب لغالبي نطالب املعارض ‪.‬‬
‫‪ -‬نن املتوقع أن يكون للحرا السياسي ال ي تشهده الكويت تداعيات عليى‬
‫نستقبل التجرب الدميقراطي والنظام السياسي برنته‪ .‬ونن أبرز ه ه التأثريات‬
‫ترجيح إقدام نظام احلكم على االستجاب ولو جزئيًا للمطالب الشعبي الييت‬
‫ينادي هبا احلرا الشبابيي‪ ،‬نثل التخلي عن العرف السياسي بإسناد حقائب‬
‫الوزارات السيادي ألبناء األسرة احلاكم ‪ ،‬وصوالً إىل أالَّ يكون رئيس الوزراء‬
‫بالضرورة أحد أبناء األسرة احلاكم ‪.‬‬
‫‪ -‬يشكَّل احلرا السياسي الكوييت هاجسًا كبريًا لدى بقي دول جملس التعياون‬
‫اخلليجي اليت تراقبه عن كثب‪ ،‬خشي تزايد وتريته وبلوغه حدًّا ميثل هتدييدًا‬
‫بانتقاله إليها ال سيما نع تشابه البىن السياسي واالجتماعي والثقافي يف كافي‬
‫دول جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫التفاعالت اإلقليمية والدولية‬


‫ملنظومة التعاون اخلليجي‬
‫يف ضوء الربيع العربي‬

‫‪91‬‬
‫المورف القطري من ثو ار الربيع العربي‪:‬‬
‫السياسة الخارجية القطرية من الحياد للى التأثير‬
‫د جمال عبد اهلل‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫اتسم نوقف دول قطر إزاء ثورات نا يعرف بي "الربيع العربيي" بالتميايز‬
‫والتفرد نقارن مبواقف بقي دول جملس التعاون اخلليجي األخرى‪ ،‬وذلك جتاه نيا‬
‫حدث يف تونس ونصر نروراً بليبيا وصوالً إىل سوري ‪ .‬وال شك أن ه ا التميايز‬
‫يف املوقف القطري إزاء ه ه األحداث يف املنطق العربي خالل العانني األخرييين‪،‬‬
‫إمنا يستمد ج وره نن السمات العان اليت أصبحت تطبع سياس قطر اخلارجي نن‬
‫ننتصف تسعينيات القرن املاضي وحتديداً نع وصول أنري قطر السابق الشيخ محيد‬
‫بن خليف خل ثاين إىل سدة احلكم ننتصف عام ‪ .1999‬فمن ذلك التاريخ وصيوالً‬
‫إىل الوقت الراهن اكتسبت السياس اخلارجي القطري زمخاً إقليمياً وعربياً ودوليياً‬
‫غري نسبوق‪ ،‬نستفيدةً نن املعطيات اإلجيابي الناجت عين اسيتقرارها السياسيي‬
‫واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬إذ أصبح لقطر نسلكاً خارجياً انفتاحياً على الصعيدين‬
‫اإلقليمي والدويل‪.‬‬
‫وقد استندت دول قطر يف سياسيتها اخلارجيي اجلدييدة عليى ثيالث‬
‫استراتيجيات رئيس ‪ ،‬هي‪ :‬استراتيجي التحالفات الدولي ‪ ،‬واستراتيجي احلفاظ على‬
‫عالقات حسن اجلوار خليجياً وعربياً‪ ،‬فيما متثلت االستراتيجي الثالث يف ترسييخ‬
‫صورة ذهني إجيابي للدول لدى اجملتمع الدويل‪ .‬ويف ه ا اإلطار‪ ،‬جياء املوقيف‬
‫القطري نن ثورات "الربيع العربيي" ننسجماً نع نرتكزات سياستها اخلارجيي ‪،‬‬
‫وعاكساً بقوة التحول ال ي شهدته ه ه السياس نن "الوساط واحلياد" إىل "اختاذ‬
‫املواقف وااللتزام"‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫يف ضوء ذلك‪ ،‬هتدف ه ه الورق البحثي إىل رصد‪ ،‬وحتليل املوقف الرمسيي‬
‫لدول قطر جتاه ثورات الربيع العربيي؛ يف ضوء احملددات العان للسياس اخلارجي‬
‫القطري ‪ ،‬واملصاحل القوني للدول ‪ .‬وسوف يكون ذلك نن خالل حمورين رئيسني‪،‬‬
‫مها‪ :‬أوالً‪ ،‬احملددات العان للسياس اخلارجي لدول قطر‪ .‬وثانيًا‪ ،‬املالنيح العاني‬
‫للموقف القطري نن ثورات الربيع العربيي‪.‬‬
‫على أن املالحظ اجلديرة بال كر يف ه ا السياق‪ ،‬هي أنه قد إعداد هي ه‬
‫الورق البحثي قبل انتقال السلط ال ي شهدته دول قطر يف اخلانس والعشرين نن‬
‫شهر يونيو‪/‬حزيران ‪3012‬؛ حيث أصبح مسو الشيخ متيم بن محد خل ثاين أنريًا لدول‬
‫قطر‪ ،‬ونن مث توقف حتليلنا للسياس اخلارجي القطري إزاء الثورات العربي عند هناي‬
‫عهد األنري السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬محددا السياسة الخارجية القطرية (يونيو‪/‬حزيران ‪- 1991‬‬


‫يونيو‪/‬حزيران ‪:)1112‬‬
‫تقوم السياس اخلارجي لدول قطر على جمموع نن املبادئ‪ ،‬أمهها نبدأ توطيد‬
‫السلم واألنن الدوليني عن طريق تشجيع فض املنازعات الدولي بالطرق السيلمي ‪،‬‬
‫ودعم حق الشعوب يف تقرير نصريها‪ ،‬وعدم التدخل يف الشؤون الداخلي للدول‪،‬‬
‫والتعاون نع األنم احملب للسالم‪.1‬‬
‫وإذا كانت ه ه هي املرتكزات واحملددات العان احلاكم لسياس دول قطير‬
‫اخلارجي ؛ فثم تطورات حلقت هبا خالل العقدين األخرييين‪ ،‬وذليك يف ضيوء‬
‫جمموع نن األحداث املتالحق ‪ ،‬إقليميًا ودوليًا وحمليًا‪ ،‬وهي التطورات اليت شكّلت‬
‫يف حد ذاهتا حمددات نوعي جديدة نوجِّه باجململ حرك الدول عليى املسيتويني‬
‫الداخلي واخلارجي على السواء‪ .‬وقد متثلت ه ه التطورات يف ثالثي حميددات‬
‫رئيسي نتفاعل نع بعضها البعض‪ ،‬وإن كان أكثرها تأثريًا يف األخرى هو املتغري أو‬
‫احملدد الداخلي‪ .‬وه ه املتغريات الثالث ‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -‬انتهاء احلرب الباردة عام ‪ 1989‬وبداي تشكل نظام عاملي جديد ذو قطبي واحدة‪.‬‬

‫املادة رقم ‪ 9‬نن الدستور الدائم لدول قطر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -‬الغزو العراقي لدول الكويت يف الثاين نن أغسطس‪/‬خب عام ‪ ،1990‬ونا تبعه‬
‫نن نشوب حرب حترير الكويت (يناير‪/‬كانون الثاين ‪ -‬فرباير‪/‬شباط ‪.)1991‬‬
‫‪ -‬تغري القيادة السياسي يف دول قطر بوصول الشيخ محد بن خليف خل ثاين إىل‬
‫احلكم يف يونيو‪/‬حزيران عام ‪ 1999‬وبقاؤه أنرياً للبالد حىت تنازله عن السلط‬
‫لنائبه وويل عهده الشيخ متيم بن محد خل ثاين ال ي أصبح أنريًا لدول قطر يف‬
‫‪ 39‬يونيو‪/‬حزيران ‪.3012‬‬
‫لقد شكَّل عقد التسعينيات‪ ،‬ال سيما نن عام ‪ ،1999‬نقط حتول جوهريي‬
‫بالنسب للسياس العان لدول قطر‪ ،‬ولسياستها اخلارجي على وجه اخلصيوص؛ إذ‬
‫شهد ذلك العام تغريًا يف القيادة السياسي للبالد‪ ،‬وكان نطلع عقد التسعينيات قيد‬
‫شهد ك لك الغزو العراقي لدول الكويت يف الثاين نن أغسطس‪/‬خب عيام ‪1990‬‬
‫ونا استتبعه نن نشوب حرب حترير الكويت (يناير‪/‬كانون الثاين ‪ -‬فرباير‪/‬شيباط‬
‫‪ ،)1991‬واليت تزاننت نع حدث دويل نفصلي متثل يف هناي احلرب البياردة عيام‬
‫‪.1989‬‬
‫ويبدو أن ه ه األحداث الثالث قد فرضت‪ ،‬بشكل أو بآخر‪ ،‬إجراء نوع نن‬
‫التغيري يف السياس اخلارجي لدول قطر وخاص فيما يتعلق بي "االنفتاح"‪ ،‬تليك‬
‫املفردة اليت اعتُربت فيما بعد "كلم السر" يف جناح السياس اخلارجي لدول قطير‪.‬‬
‫فمسار اإلصالح السياسي واالجتماعي واالقتصادي ال ي قاده أنري دولي قطير‬
‫السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين اقتضي أن تتجاوز الدبلوناسي املوازي جميرد‬
‫كوهنا فكرة نظري ‪ ،‬أنا هناي احلرب الباردة فهي مبثاب إعالن إلعادة تصيور عيام‬
‫للعالقات الدولي ‪.‬‬
‫لقد اعتُرب تويل الشيخ محد بن خليف خل ثاين احلكم يف السابع والعشيرين نين‬
‫شهر يونيو‪/‬حزيران ‪ 1999‬مبثاب نقط انطالق أساسي ‪ ،‬وُصفت باالنفتاحي ‪ ،‬ودفعيت‬
‫بقطر إىل واجه املسرح الدويل‪ .‬وهك ا شكَّل عام ‪ 1999‬بداي حتول كبري يف السياس‬
‫القطري ‪ ،‬وخاص نا يتعلق ننها بالشؤون اخلارجي ‪ .‬فبينما ظل الشيخ خليف بن محيد‬
‫خل ثاين‪ ،‬األنري السادس لدول قطر وال ي حكم البالد خالل الفتيرة ‪،1999-1993‬‬
‫ينتهج سياس حمافظ يف الساح الدولي ؛ قام الشيخ محد بن خليف خل ثاين جبمل نين‬
‫اإلصالحات على املستوى الداخلي وأرسى دبلوناسي نشط واستباقي ‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫ولعله نن األمهي مبكان أن نبحث عن نسوغات تغيري السياسي اخلارجيي‬
‫القطري يف بعض الرهانات االقتصادي واالستراتيجي اليت ظهرت غيداة حيرب‬
‫اخلليج الثاني (‪ .)1991‬فاعتبارًا نن بداي عقد التسعينيات‪ ،‬بدأت قطر رسم نسار‬
‫يهدف إىل بناء وتعزيز صورة جديدة للدول يف الساح الدولي ‪ .‬وجتسيدت هي ه‬
‫اإلرادة‪ ،‬اليت بدأت خجول ‪ ،‬يف إسهام قطر يف التحالف العسكري املناهض لنظيام‬
‫الرئيس العراقي السابق صدام حسني‪ ،‬وجلوئها إىل حمكم العدل الدولي يف الهياي‬
‫بشأن النيزاع احلدودي نع مملك البحرين حول ننطق الزبارة وجيزر حيوار‪،‬‬
‫وك لك يف إعادة العالقات الدبلوناسي نع العراق يف عام ‪.1993‬‬
‫وانطالقًا نن ه ه الفترة أيضًا بدأت تتضح رؤي قطر الدولي اجلديدة ورغبتها‬
‫باإلسهام بشكل نشط يف اجملتمع الدويل‪ ،‬نن خالل احتضيان بعيض األحيداث‬
‫الرياضي الدولي نثل كأس العا لكرة القدم للناشئني عام ‪ .1999‬لكن سياس بناء‬
‫الصورة ال هني للدول تتجسد حقًا و تصبح هدفًا يكتسي طيابع األولويي‬
‫والتناغم إال نع تربع الشيخ محد بن خليف خل ثاين على عرش قطر ننتصف عقيد‬
‫تسعينيات القرن املاضي‪ ،‬وقد بات ه ا التغيري يف التوجه ضرورة بالنسب للعاهيل‬
‫القطري السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين‪ ،‬وهو الصانع األساسي هل ه السياس‬
‫االنفتاحي ‪.‬‬
‫تتبىن السياس اخلارجي االنفتاحي لدول قطر ثالث استراتيجيات رئيس هي‪:‬‬
‫استراتيجي التحالفات‪ ،‬استراتيجي حسن اجلوار واستراتيجي بناء الصورة ال هنيي‬
‫للدول ‪.1‬‬

‫أ استراتيجية التحالفا ‪:‬‬


‫تنطلق دبلوناسي قطر‪ ،‬النشط واألصيل ‪ ،‬نين إدرا واقعيي ونين فهيم‬
‫براغمايت للرهانات اجليوسياسي اليت تواجه ننطق اخلليج‪ .‬ويعد أول حتالف بناؤه‬
‫بعد تبين واعتماد سياس االنفتاح القطري هو التحالف نيع الوالييات املتحيدة‬
‫‪Abdullah, Jamal. La Politique Etrangère de l’Etat du Qatar (1995-‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪2010): Contibution à la compréhension de la politique extérieure d’un‬‬
‫‪Etat du Golf, (Avignon University, 2011), 160.‬‬

‫‪98‬‬
‫األنريكي ؛ إذ إنه بعد وصول الشيخ محد بن خليف خل ثاين إىل سدة احلكم ننتصف‬
‫عقد تسعينيات القرن املاضي‪ ،‬إضفاء طابع رمسي على ه ا التحيالف‪ ،‬وشيكَّل‬
‫السماح للقوات األنريكي اإلقان على أرض شبه اجلزيرة القطري ننعطفًا يف هي ا‬
‫السياق‪ ،‬وبات األنر اليوم واقعًا نن خالل قاعدة "العُديد"‪ .‬كما يكمين اجلانيب‬
‫األبرز نن استراتيجي التحالفات لدول قطر يف إقان عالق مميزة نع واشنطن‪.‬‬
‫اجلدير بال كر يف ه ا السياق‪ ،‬أن التقارب القطري‪-‬األنريكي يعيد حيديثًا‬
‫نسبيًا‪ ،‬فقد بدأ حني وقَّعت الواليات املتحدة األنريكي وقطر اتفاقًا للتعاون يف جمال‬
‫الدفاع عام ‪ ،1993‬استُكمل بتوقيع اتفاق نتمم عام ‪ ،1996‬كما بيادرت قطير‬
‫الحقًا باقتراح استضاف جنود أنريكيني على أراضيها خالل احلرب على العراق عام‬
‫‪.3002‬‬
‫وتؤوي قطر اليوم أكرب قاعدة جوي أنريكي يف املنطق ‪ ،‬وهي قاعدة قيادرة‬
‫على استقبال نئات الطائرات العسكري املقاتل ‪ ،‬وقيد اختارهتيا وزارة اليدفاع‬
‫األنريكي "البنتاغون" لتحل حمل قاعدة األنري سلطان السعودي ‪ ،‬اليت أُعلين عين‬
‫إغالقها يف هناي إبريل‪/‬نيسان ‪.3002‬‬
‫كما حتتضن دول قطر نركز القيادة األنريكي يف ننطق اخلليج "‪،"Centcom‬‬
‫وهو نا جيعل ننها حليفًا رئيسًا للواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬كما يوفر هلا أيضياً‪،‬‬
‫محاي نن أي اعتداء حمتمل نستقبالً‪ .‬وال شك يف أن ه ا التقارب االستراتيجي نع‬
‫بأن‬
‫الواليات املتحدة‪ ،‬ال متليه العاطف بل يقتضيه العقل‪ .‬فالقيادة القطري تعي جيداً َّ‬
‫قطر دول صغرية وغني وهش ‪ ،‬حيث أهنا حماصرة مبثلث يرسم أضالعه كيل نين‬
‫اململك العربي السعودي وإيران والعراق‪ ،‬وهي تنأى بنفسها عن اليدخول يف أي‬
‫نيزاع عسكري حيث سيكون ذلك كفيالً بتوجيه ضرب قاسي القتصادها القوي‪.‬‬
‫وعليه فقد ارتأت قطر أهنا حباج إىل الواليات املتحدة األنريكي لتعزيز أننها‪.‬‬
‫و يقتصر التحالف على اجلانب العسكري واألنين‪ ،‬بل مشل جماالت عديدة‬
‫أخرى‪ .‬حيث حرصت قطر أيضا على لعب دور طالئعيي يف إصيالح نظانهيا‬
‫التعليمي نن تويل الشيخ محد بن خليف خل ثاين نقاليد احلكم يف يونييو‪/‬حزييران‬
‫‪ ،1999‬واستعانت يف ه ا اجملال مبعهد رند األنريكي‪ .‬كما َّ إنشاء نؤسس قطير‬
‫للتربي والعلوم وتنمي اجملتمع يف العام ‪ ،1999‬ودشنت الدوح يف أكتوبر‪/‬تشيرين‬
‫‪99‬‬
‫األول ‪ ،3002‬وسط زخم إعالني كبري‪ ،‬املدين التعليمي اليت تضم فروعيا لعيدة‬
‫جانعات أنريكي بشكل أساسي‪ ،‬وتطمح إىل تكوين النخب اجلديدة يف اخللييج‪.‬‬
‫وأقانت قطر عالقات نع الفاتكان يف أواخر عام ‪ ،3003‬وفتحت أول كنيس على‬
‫أراضيها عام ‪ .3008‬يشار هنا إىل أن قطر كانت قد اخت ت خطوات اسيتباقي يف‬
‫جماالت تتعلق باإلصالحات السياسي واالجتماعي والتعليميي قبيل أن تطليب‬
‫الواليات املتحدة األنريكي نن حلفائها يف املنطق ذلك بعد أحداث احلادي عشير‬
‫نن سبتمرب‪/‬أيلول ‪.3001‬‬
‫اتسمت سياس التحالف بني قطر والواليات املتحيدة املريكيي بالشيفافي‬
‫والوضوح التانني أنام الرأي العام القطري والعربيي واليدويل‪ ،‬وذليك خالفيا‬
‫لسلو الكثري نن دول املنطق األخرى يف عالقاهتا نع القوى الغربي ‪ .‬فضربت دول‬
‫قطر نثاالً يف األصال والشفافي يف تسيري ه ه العالق ‪ ،‬وال يفتأ وزيير اخلارجيي‬
‫القطري السابق الشيخ محد بن جاسم بن جرب خل ثاين يكرر يف أكثر نن نناسب أن‬
‫"سياس قطر واضح ‪ ،‬وال نريد إخفاء أي شيء عن شعبنا مبا يف ذلك العالقيات‬
‫املميزة نع الواليات املتحدة األنريكي وخاص يف اجملال العسكري"‪.‬‬
‫كما أعلنت احلكون القطري حتملها للمسؤولي املترتبي عليى دورهيا يف‬
‫حربيي أفغانستان والعراق‪ ،‬وأهنا وفرت للواليات املتحدة األنريكي أكرب نركيز‬
‫لتخزين األسلح يف املنطق ‪ ،‬بل ذهبت إىل دعوة صحفيي قناة اجلزيرة اإلخباري إىل‬
‫زيارة قاعدة السيلي غداة احلرب على العراق عام ‪.3002‬‬
‫ورغم أمهي وحموري التحالف القطري األنريكي؛ تكن سياس التحالف نع‬
‫القوى الغربي الكربى حكراً فقط جتاه الواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬فقطر تربطهيا‬
‫بفرنسا اتفاقيتان دفاعيتان أبرنتا‪ ،‬مها األخريان يف عقد التسيعينيات نين القيرن‬
‫املاضي‪ .‬تتعلق االتفاقي األوىل‪ ،‬واليت وقعت يف أغسطس‪/‬خب ‪ ،1993‬بالتعياون يف‬
‫جمال الدفاع‪ ،‬أنا الثاني ‪ ،‬فقد وقعت يف أكتيوبر‪/‬تشيرين األول ‪ ،1998‬وتتعليق‬
‫باإلجراءات التطبيقي للتعاون يف اجملال نفسه‪.‬‬
‫ويف يناير‪/‬كانون الثاين ‪ ،3008‬أعلن الرئيس الفرنسي خن ا نيكوال سياركوزي‪،‬‬
‫خالل جول له يف ننطق الشرق األوسط‪ ،‬عن إقان فرع نن ندرس سيانت سيري‬
‫‪ Saint-Cyr‬العسكري العريق يف قطر لتكوين خنب البالد العسكري نستقبالً‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫لقد ارتأت القيادة السياسي القطري يف حينه ممثل يف أنري البالد الشيخ محد بن‬
‫خليف خل ثاين أن بإنكان هاتني االتفاقيتني الدفاعيتني املربنتني نع فرنسا‪ ،‬واليت تعد‬
‫واحدة نن الدول دائمي العضوي يف جملس األنن الدويل‪ ،‬وعضواً فاعالً يف حليف‬
‫مشال األطلسي "الناتو"‪ ،‬ننع وقوع األسوأ يف حال تعرضها ألي عدوان خيارجي‪.‬‬
‫ال شك أن ه ا التقارب االستراتيجي نع الواليات املتحيدة األنريكيي وفرنسيا‬
‫وغريها نن القوى العاملي الكربى‪ ،‬هو أنر فرضته ضرورات محاي األنن القيوني‬
‫للبالد‪.‬‬
‫ب استراتيجية حسن الجوار‪:‬‬
‫املالحظ اجلديرة بال كر يف ه ا السياق العام للتطورات اليت حلقت بالسياس‬
‫اخلارجي القطري على ندار العقدين األخريين‪ ،‬هي أنه تطرأ تغيريات عميق على‬
‫توجهات قطر القوني نع وصول الشيخ محد بن خليف خل ثاين إىل السلط ننتصف‬
‫العام ‪ ،1999‬لكن التوجهات السياسي للدول شهدت إعادة نظر يف نالحمها عليى‬
‫نستوى ننهجي‪.‬‬
‫فإذا كانت سياس االنفتاح اليت اعتمدها أنري دول قطر السابق الشيخ محد بن‬
‫خليف خل ثاين تتجسد يف تكريس التحالفات نع القيوى الكيربى واملتوسيط‬
‫كالواليات املتحدة األنريكي وفرنسا؛ فإهنا متيزت أيضًا باحلرص على محاي وتنمي‬
‫عالقات حسن اجلوار نع الدول اجملاورة‪ ،‬ومتثل ذلك يف انتهاج دول قطر لسياسي‬
‫حسن اجلوار نع أشقائها يف جملس التعاون اخلليجي؛ حيث شهد العقيد األخيري‬
‫تسوي الدوح ملشكالت احلدود نع كل نن مملك البحيرين واململكي العربيي‬
‫السعودي ‪ ،‬وك لك حتسني أجواء العالقات األخوي نع العديد نن دول اجلوار‪.‬‬
‫بالرغم نن أن قطر تُعد اليوم واحدةً نن أغىن دول املعميورة‪ ،‬إالَّ أهنيا تقيع يف‬
‫ننطق غري نستقرة‪ ،‬تعتريها التوترات الدبلوناسي والنيزاعات املتكررة‪ .‬وجتيد قطير‬
‫نفسها حمصورة بني جارين قويني‪ :‬مها اململك العربي السعودي وإيران‪ ،‬وهي حريصي‬
‫دائماً على احلفاظ على عالق جيدة نع مجيع جرياهنا لضمان وسالن أننها‪.‬‬
‫تعتمد دول قطر خيار املواجه نع نظرائها اإلقليميني‪ ،‬لكن نواقفها كانت‬
‫تعكس دائماً متسكًا شديدًا بفرض خياراهتا الوطني ‪ .‬فخالل عقد التسعينات نين‬
‫‪010‬‬
‫القرن املاضي ساد التوتر أجواء العالقات األخوي بني قطر والبحرين بسبب خالف‬
‫حدودي على ننطق الزبارة مشال غربيي قطر وجزر حوار‪ ،‬وكان األنر يتعليق‬
‫بالسيادة على نناطق حبري يُتوقع أن تكون غني مبوارد الطاق نن الينفط والغياز‪.‬‬
‫وبينما كانت البحرين ترغب يف حل ه ا النيزاع يف إطار جملس التعاون اخلليجي‪،‬‬
‫بادرت قطر إىل طرحه أنام حمكم العدل الدولي بيي "الهيي" الييت أعلنيت‬
‫اختصاصها يف القضي عام ‪ .1999‬ويف ‪ 16‬نارس خذار ‪ 3001‬أصيدرت احملكمي‬
‫الدولي حكماً مينح السيادة على جزر حوار للبحرين‪ ،‬وعلى ننطق الزبارة لقطير‪.‬‬
‫وقد رضي الطرفان هب ا احلكم ال ي وضع حداً لنيزاع طويل‪.‬‬
‫لقد بات نربجاً تشييد جسر "احملب " ال ي سيريبط بيني اليدولتني‪ :‬قطير‬
‫والبحرين‪ ،‬ال ي سيمتد طوله حنو ‪ 30‬كيلونتراً‪ ،‬وسيعزز أواصر الترابط والتعياون‬
‫بني البلدين على نطاق واسع‪.‬‬
‫على صعيد العالقات نع اململك العربي السعودي فقد أدّى خالف حيدودي‬
‫بني كل نن قطر والسعودي إىل نناوشات نسلح خاطف وحمدودة بيني قيوات‬
‫البلدين عام ‪ 1993‬جنم عنها سقوط عدد نن القتلى‪ ،‬ورغم التبعات السيلبي الييت‬
‫أفرزهتا ه ه الواقع على العالقات األخوي اليت تربط البليدين الشيقيقني‪ ،‬إالً أن‬
‫حكم القيادة السياسي يف كال البلدين عملت على التوصل لثعالن عن تشيكيل‬
‫جلن خمتص للتفاوض وحبث قضايا احلدود حىت التوصل إىل إبرام اتفاق بني الطرفني‬
‫حلل النيزاع‪ .‬وقد وقع بالفعل وزيرا خارجي كل نن دول قطر واململك العربيي‬
‫السعودي يف احلادي والعشرين نن نارس ‪ 3001‬على اتفاقي ترسيم احليدود بيني‬
‫البلدين بشكل هنائي‪ ،‬واليت ّ مبوجبها إغالق نلف خالف دام حنو ‪ 29‬عاناً‪.1‬‬
‫يف نا يتعلق بعالقات دول قطر باجلار الشمايل (إيران)‪ ،‬فمن املعلوم أن احملر‬
‫الرئيس هل ه العالقات هو البعد االقتصادي‪ ،‬نظراً لتقاسم البلدين إنتاج الغاز نين‬
‫أكرب حقل للغاز يف العا "حقل الشمال"‪ .‬ينعكس ذلك على عالقات البليدين يف‬
‫شىت اجملاالت‪ ،‬فرغم أن قطر حليف للواليات املتحدة األنريكي ونناهض للربنيانج‬

‫داود حسن‪ ،‬قطر والسعودي توقعان على اتفاقي هنائي لترسيم احلدود‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/news/pages/e6fa7204-3250-4f27-a39c-8b053‬‬
‫‪afd7202‬‬

‫‪011‬‬
‫اإليراين لتخصيب اليورانيوم‪ ،‬إالَّ أهنا تؤيد وتدعم حق إيران يف انتال التكنولوجيا‬
‫النووي السلمي ‪.1‬‬
‫لقد أعلنت قطر وإيران استعدادمها لتطوير أكرب لعالقاهتما االقتصادي ‪ ،‬وخاص‬
‫تعاوهنما يف جمال النفط والغاز داخل وخارج ننظمي اليدول املصيدرة للينفط‬
‫"األوبك"‪ .‬فقطر وإيران عضوان يف ه ه املنظم ‪ ،‬ومتتلكان نع روسيا أكثير نين‬
‫‪ %90‬نن احتياطات العا نن الغاز الطبيعي‪ .‬وقد اجتمعت البلدان الثالث (قطير‬
‫وإيران وروسيا)‪ ،‬يف طهران‪ ،‬يف يناير كانون الثاين ‪ ،3009‬واتفقت عليى إنشياء‬
‫"ترويكا للغاز" للتعاون يف جمال إنتاج وتصدير احتياطياهتا نن الغاز الطبيعي‪.‬‬
‫وبوجه عام‪ ،‬كان نن املتعني على سياس قطر اخلارجي أن تتأقلم نع سياقات‬
‫جغرافي وسياسي خاص ‪ .‬ونن ه ا املنطلق‪ ،‬حتاول دول قطر‪ ،‬نن خيالل أدوات‬
‫عديدة نن بينها نشاطاهتا اخلارجي ‪ ،‬أن تثبت وجودها يف الساح الدوليي ‪ ،‬نيع‬
‫التطلع إىل لعب دور نشط يف العالقات بني الدول‪ .‬وعليه‪ ،‬حتاول دول قطر‪ ،‬نين‬
‫جه ‪ ،‬تعزيز نفسها نن خالل تأنني نوع نن التوازن اإلقليميي يف عالقاهتيا نيع‬
‫جرياهنا‪ ،‬وتسعى نن جه ثاني ‪ ،‬إىل إقان عالقات ثنائي ونتعددة األطراف عليى‬
‫املستوى الدويل‪.‬‬
‫وميكن أن يُفسَّر ه ا االنتقال نن الدبلوناسي التقليدي إىل دبلوناسي التفاوض‬
‫والوساطات بتميز قطر كثريًا عن جاراهتا نن دول املنطق ‪ ،‬وجناحها يف التأسييس‬
‫لسياس خارجي يُعترف باستقالليتها‪ .‬تقوم سياس االنفتاح القطري هي ه عليى‬
‫فلسف عان تعتمد على ترسيخ نكان الصورة ال هني للدول ‪ ،‬عرب ترقي صيورهتا‬
‫ومسعتها لدى اآلخرين‪.‬‬
‫ويبدو أن هاتني االستراتيجيتني اللتني أشرنا هلما خنفاً (التحالفيات وحسين‬
‫اجلوار)‪ ،‬رغم أمهيتهما‪ ،‬تدعمان استراتيجي ثالث تشكِّل صميم سياس االنفتاح اليت‬
‫انتهجتها دول قطر‪ ،‬ونعين ب لك استراتيجي بناء الصورة ال هنيي للدولي الييت‬
‫وُضعت لترقي نكان قطر عامليًا‪.‬‬

‫جاء ذلك يف الكلم اليت ألقاها أنري دول قطر السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين يف‬ ‫‪1‬‬
‫بلدي باريس يوم ‪ 32‬يونيو ‪ ،3009‬مبناسب زيارة الدول اليت قام هبا إىل فرنسيا خيالل‬
‫الفترة ‪ 33-33‬يونيو ‪ .3009‬وقد أتيح لنا فرص احلضور أثناء إلقاء ه ه الكلم ‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫ج استراتيجية "بناء الصورو الذهنية"‪:‬‬
‫لقد استطاعت دول قطر أن تعتمد استراتيجي جدييدة لتعزييز سياسيتها‬
‫اخلارجي ‪ ،‬هي استراتيجي صورة "املارك "‪ ،‬ووُفقت إىل حد كبري يف تنفي ها‪ ،‬عرب‬
‫جمموع مما ميكن أن نطلق عليها "األبعاد"‪ ،‬واليت ميكن أن نوجزها عليى النحيو‬
‫التايل‪:‬‬
‫البعد الرياضي‪:‬‬
‫‪ُ -‬‬
‫يعترب البعد الرياضي نن أكثر الوسائل حظوة لدى الدول وخاص يف الشيرق‬
‫األوسط‪ ،‬وليست قطر استثناء هل ه القاعدة؛ فالقيادة القطري تيرى يف الرياضي‬
‫واحدة نن أهم الوسائل املؤدي إىل تبوالء نكان نتميز يف الساح الدولي ؛ ونتيجي ً‬
‫لفوائض الدول املالي الضخم ‪ ،‬فقد وظفت القيادة السياسي القطري جزءًا نن ه ه‬
‫الثروة لتحقيق رؤي دولي أكرب نن خالل بواب الرياض ‪ .‬ويف ه ا الصدد‪ ،‬أكد أنري‬
‫قطر السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين‪ ،‬أن "الرياض هي أسرع وسيل لتبلييغ‬
‫رسال وتأنني ترقي بلد نا"‪.1‬‬
‫وقد تُوِّج ه ا النشاط يف جمال الرياض بإعالن االحتاد الدويل لكيرة القيدم‬
‫(الفيفا) يف ‪ 3‬ديسمرب‪/‬كانون األول ‪ ،3010‬فوز قطر بتنظيم كأس العا لكرة القدم‬
‫عام ‪.3033‬‬
‫البعد االجتماعي ‪ -‬السياسي‪:‬‬
‫‪ُ -‬‬
‫تتمتع قطر اليوم بصورة برّاق لبلد عصري يسري خطىً حنو الدميقراطي ‪ ،‬ويتسم‬
‫جمتمعه باالنفتاح والتسانح‪ ،‬بل إنه يُقدَّم بوصفه منوذجًا اجتماعيًا وسياسيًا ميكين‬
‫لدول املنطق أن حتت ي به‪ .‬ففي اجملال السياسي‪ ،‬اعتمد أنري قطر السابق الشييخ‬
‫محد بن خليف خل ثاين سلسل ً نن اإلصالحات ترني إىل عصرن نؤسسات الدول ؛‬
‫فكان أن أُجنز دستور دائم للدول متت املصيادق علييه باسيتفتاء عيام يف ‪39‬‬
‫إبريل‪/‬نيسان ‪ ،3002‬مبا يضمن حريات التعبري والصحاف والنشر والتجمع‪ ،‬كميا‬

‫‪Boniface, Pasacl. “Le Qatar se veut un modèle pour le Golfe”, Le‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.)Monde Diplomatique, (Juillet 2004‬‬
‫‪011‬‬
‫نُظمت عدة انتخابات بلدي يف الدول نن عام ‪ 1999‬شاركت فيهيا امليرأة ألول‬
‫نرة‪.‬‬
‫البعد االرتصادي‪:‬‬
‫‪ُ -‬‬
‫زاد املنتج الوطين اخلام للبالد بأكثر نن الضعف نن وصول أنري البالد السابق‬
‫الشيخ محد بن خليف خل ثاين إىل سدة احلكم يف ننتصف عقد التسعينات نن القرن‬
‫املاضي‪ ،‬كما يعد نتوسط الدخل السنوي للمواطن القطري نن أعليى نعيدالت‬
‫الدخل يف العا ‪ .‬وللوصول إىل ذلك‪ ،‬استثمرت قطر بقوة يف جمال الغاز‪ ،‬نضاعف‬
‫مثاين نرات إنتاجها ننه‪ ،‬وبفضل استثمارات هب ا احلجم راهنت القيادة السياسيي‬
‫للدول على املستقبل‪ ،‬وأصبحت الكلم السحري يف البعد االقتصادي للبالد‪ ،‬هي‪:‬‬
‫"الغاز الطبيعي املسال"؛ حيث متتلك دول قطر احتياطيات هائل نن الغاز جتعليها‬
‫حتل يف املرتب الثالث عامليًا بعد كل نن روسيا وإيران‪ ،‬كما تتقاسم قطر أكرب حقل‬
‫للغاز يف العا نع جارهتا إيران (حقل الشمال)‪.‬‬
‫يعزز ذلك األمهي املتناني لقطر نظراً لقوهتا االقتصادي على حنو يشكِّل إضاف‬
‫نوعي الستراتيجي الصورة ال هني ‪ ،‬نا نن شأنه أن يزيد نين فاعليي السياسي‬
‫اخلارجي للدول ‪ ،‬ويُعظِّم نن تأثريها وحضورها الالفت عربيًا وإقليميًا ودوليًا‪.‬‬
‫البعد التعليمي‪:‬‬
‫‪ُ -‬‬
‫يبدو بُعد التعليم نن بني األبعاد اليت تراهن عليها قطر كثريًا لزييادة فاعليي‬
‫سياستها اخلارجي يف السنوات األخرية؛ حيث تشرف على تسييري هي ا البعيد‬
‫نؤسس قطر للتربي والعلوم وتنمي اجملتمع اليت ترأس جملس إدارهتا الشيخ نيوزا‬
‫بنت ناصر املسند‪ .‬واهلدف املتوخى نن ه ا البعد هو جعل البالد مبثاب قطب انتياز‬
‫يف جمال التعليم‪ ،‬ونركزًا أكادمييًا يف ننطق اخلليج على وجه اخلصوص‪ ،‬ويف املنطق‬
‫العربي والشرق األوسط عمونًا‪ .‬كما يعد التحول نن االقتصاد الريعي إىل اقتصاد‬
‫املعرف هدفاً حمورياً للدول ‪.‬‬
‫وإذا كانت إنارة أبو ظبيي قد جنحت يف استقطاب نؤسسيات تعليميي‬
‫وثقافي كربى كجانع السوربون الباريسي ونتحف اللوفر الفرنسي؛ فإن دول قطر‬
‫ذهبت إىل أبعد نن ذلك بإنشائها ندين تعليمي كربى على غرار املؤسسات العلمي‬
‫‪011‬‬
‫األنريكي املتخصص ‪ ،‬واستقطبت حىت اآلن عدداً نن اجلانعات األنريكي واألوربي‬
‫العريق ‪.‬‬
‫البعد اإلعالمي‪:‬‬
‫‪ُ -‬‬
‫تعد ه ه األداة أكثر نن جمرد بُعد‪ ،‬إهنا أداة ال يستهان هبا السيتراتيجي نكاني‬
‫الصورة ال هني لدول قطر‪ .‬ويف نرحل أوىل‪ ،‬أسهم ه ا البُعد‪ ،‬وبشيكل حاسيم‪ ،‬يف‬
‫إخراج قطر نن الدائرة الضيق ‪ ،‬كما أنه أسهم أيضًا يف ترقي ننتجات األبعاد القطريي‬
‫األخرى‪ ،‬لتكون ب لك أهم أداة يف استراتيجي نكان الصورة ال هني للدول ‪.‬‬
‫تعتز قطر بإطالقها قناة اجلزيرة الفضائي يف نوفمرب ‪ ،1996‬الييت أفضيت إىل‬
‫ثورة يف املشهد اإلعالني داخل العا العربيي‪ .‬واليوم توسعت اجلزيرة وأصبحت‬
‫شبك إعالني رائدة تبث بلغات خمتلف كالعربي واإلجنليزي والصيرب وكرواتيي‬
‫وقريباً ستبث بلغات أخرى كالتركي والفرنسي لتوسيع دائرة نشاهديها يف مجييع‬
‫أحناء العا ‪ .‬كما أطلقت اجلزيرة عدة قنوات فضائي نتخصص ‪ ،‬كاجلزيرة الرياضي‬
‫واجلزيرة الوثائقي واجلزيرة أطفال واجلزيرة أنريكا‪.‬‬
‫البعد الدبلوماسي‪:‬‬
‫‪ُ -‬‬
‫يأيت البُعد الدبلوناسي على رأس األبعاد اليت استفادت نن البُعد اإلعالني؛ إذ‬
‫تعتمد دول قطر على الدبلوناسي لترقي صورهتا يف ننطقتها املتوترة أوالً‪ ،‬مث يف بقي‬
‫أحناء العا ‪ .‬وفضالً عن ذلك‪ ،‬فإن البُعد الدبلوناسي بات يدخل‪ ،‬نن تويل أنيري‬
‫الدول السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين احلكم‪ ،‬يف صميم استراتيجي نكاني‬
‫الصورة ال هني للدول ‪.‬‬
‫لقد اكتسبت قطر ه ه املكان نن النجاحات اليت حققتها يف حل سلسل نن‬
‫األزنات عرب وساطاهتا يف العديد نن الدول واملناطق اليت عصفت هبا النييزاعات‪.‬‬
‫ولعلَّ إحدى أهم نقاط قوة القيادة السياسي القطري هي جناحها يف جعيل قطير‬
‫وسيطًا ال غىن عنه يف حل األزنات الدولي ‪ ،‬وأزنات العا العربيي واإلسيالني‬
‫بشكل خاص‪ .‬وحبسب األزنات‪ ،‬جتد قطر نفسها على عالقي جييدة مبختليف‬
‫األطراف املتنازع ؛ حيث تسوِّق نفسها بأهنا ذات نصيداقي إلجنياح نسياعي‬
‫وساطاهتا‪ ،‬نا يسهّل التعانل نعها‪.‬‬
‫‪016‬‬
‫ثانيا‪ :‬المورف القطري من ثو ار الربيع العربي‪ :‬من دبلوماسية الوساطة‬
‫ً‬
‫والحياد للى دبلوماسية الموارف وااللتزام‪:‬‬
‫نثل املوقف القطري الواضح إزاء ثورات الربيع العربيي نن البداي ‪ ،‬خالفًيا‬
‫ملواقف الكثري نن القوى الدولي واإلقليمي وننها دول جملس التعياون اخلليجيي؛‬
‫فرص نواتي لثعالن عن تدشني نرحل نوعي جديدة يف إطار النهج العام للسياس‬
‫اخلارجي القطري يف ظل رؤي القيادة السياسي يف ه ه الدول اخلليجي ‪ .‬فقد بيدا‬
‫جليًا أن هنا متايزًا واضحًا بني املوقف القطري نن ثورات الربيع العربيي وبيني‬
‫نواقف بقي دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬سواء على نستوى التصرحيات الرمسيي‬
‫لكبار املسؤولني يف الدول ‪ ،‬أو على نستوى التحر السياسي والدبلوناسيي بيل‬
‫وحىت اإلنساين واللوجيسيت والدعم املايل واالستثمارات االقتصادي ‪.‬‬
‫وميكن نالحظ حتول الطموحات القطري نن أن تكون دول نؤثرة فحسب‬
‫إىل أن تكون صاحب نفوذ وقوة بالنظر إىل احلالتني يف كل نن سوريا وليبيا‪ ،‬لييس‬
‫فقط للفراغ ال ي تركته دول عربي أخرى يف إجياد حل أو خمرج سياسي هلياتني‬
‫األزنتني‪ ،‬ولكن اللتقاء توجهاهتا يف ه ين امللفني بتوجهيات الشيقيق الكيربى‬
‫"اململك العربي السعودي " وتوجهات قوى دولي حليف أخرى‪.‬‬
‫لقد كانت كل نن قطر والسعودي قادرتني على التوافق يف املليف اخلياص‬
‫باألزن اليت عصفت مبملك البحرين يف الربع األول نن العام ‪ ،3011‬وذلك نين‬
‫خالل العمل نعًا على ترسيخ واستقرار النظام احلاكم يف املنان ‪ .‬ونن هنيا كيان‬
‫إرسال قوات درع اجلزيرة للمسامه يف حفظ األنن واالستقرار ونساندة قيوات‬
‫األنن البحريني ‪ ،‬واحليلول دون اتساع نطاق االحتجاجات والتظاهرات إىل حيد‬
‫يصعب السيطرة عليه ويهدد بقاء الدول واستمراري نظام احلكم فيها‪.‬‬
‫وجاء ه ا التحر حتت نظل جملس التعاون لدول اخلليج العربي ‪ ،‬نن أجيل‬
‫ننع إيران نن تعزيز تأثريها يف الضف الغربي للخليج‪ .‬وهكي ا ميكننيا القيول إن‬
‫التوافق ال ي نا بني الدوح والرياض على إدارة األزنات املختلف يف املنطق يف‬
‫أعقاب نا بات يُعرف بثورات الربيع العربيي؛ شكَّل نا ميكن اعتباره نوعًا نين‬
‫"التحالف االستراتيجي" بني هاتني الدولتني اخلليجيتني اجلارتني‪.‬‬
‫‪017‬‬
‫وقد جتلى ه ا التوافق ال ي وصل حلد التطابق يف وجهات النظر واملواقيف‬
‫السياسي ‪ ،‬يف عدة نؤشرات ونظاهر‪ ،‬ننها على سبيل املثال‪ :‬تنازل قطر الطوعي ‪-‬‬
‫وانسحاهبا‪ -‬نن القيام بدور القائد يف نعاجل األزن يف اليمن لصياحل السيعودي ‪،‬‬
‫وعدم اعتراض الدوح على دخول قوات درع اجلزيرة إىل البحرين؛ مميا نكَّين‬
‫الرياض نن أخ زنام نبادرة األنور ونن مث الوصول إىل شبه حليول يف هتدئي‬
‫األوضاع يف هاتني الدولتني املهمتني لألنن اخلليجيي عمونًيا ولألنين اليوطين‬
‫السعودي على وجه اخلصوص؛ حيث تعترب السعودي كلتيا اليدولتني (الييمن‬
‫والبحرين) مبثاب حديقتني خلفيتني هلا‪.‬‬
‫وعلى العكس نن ذلك‪ ،‬ويف إطار استراتيجي قطر اإلقليمي الييت تتضيمن‬
‫إحداث توازن بني القوى يف املنطق ‪ ،‬فإن حماولتها نساعدة سوريا على اخلروج نن‬
‫الفلك اإليراين‪ ،‬يضعها يف نوقف بالغ احلساسي ؛ حيث يُملي عليها احنيازًا لصياحل‬
‫ثورات الربيع العربيي‪ ،‬وبالتايل لصاحل القوى اإلسالني الصاعدة يف تلك اليدول‬
‫واليت يتمثل نعظمها يف مجاع اإلخوان املسلمني أو التيارات القريب ننها‪ ،‬وكيل‬
‫ذلك يتطلب نن الدوح التحر حب ر لعدم إثارة اجلار الشمايل "إيران"‪.‬‬
‫ونالحظ أن احلال السوري بالنسب لقطر نا هي إال تأكيد عليى تغيري يف‬
‫منوذج سياستها اخلارجي ال ي بدأت بتطبيقه انطالقًا نن نوقفها نن األزن الليبي‬
‫وطريق نعاجلتها هلا‪ ،‬ففي كلتا احلالتني‪ :‬السوري والليبي ‪ ،‬احنازت قطر ودعمت‬
‫طرفًا أساسيًّا يف النيزاع‪ ،‬نرجح مبواقفها وعلى لسان قياداهتا السياسي ممثلي‬
‫بأنريها السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين وويل عهده يف حينه‪ ،‬األنري احليايل‬
‫الشيخ متيم بن محد خل ثاين‪ ،‬ورئيس وزرائها ووزير خارجيتها السابق الشيخ محد‬
‫بن جاسم بن جرب خل ثاين‪ ،‬أن تكون ننحازة للشعوب الثائرة يف وجه حكيانهم‬
‫املستبدين‪.‬‬
‫وقد استطاعت قطر املضي قدنًا يف ه ه السياس اجلديدة "سياس املواقيف‬
‫وااللتزام"؛ بفضل تغري املناخ السياسي ال ي جنم عين تقطيع أوصيال احلالي‬
‫اجليوسياسي للمنطق بفعل وقائع ثورات الربيع العربيي‪ .‬ك لك‪ ،‬فيإن احلمياس‬
‫الدويل واإلقليمي املضاعف لرفض بقاء نظام العقيد الق ايف‪ ،‬والشعور بي "ال نب"‬
‫نن قبل بعض الدول الغربي خبصوص عالقاهتا نع األنظم السابق يف دول الربييع‬
‫‪018‬‬
‫العربيي‪ ،‬كما هي احلال بالنسب لفرنسا نثالً يف تعانلها نع الثورة التونسي ‪ ،‬ساهم‬
‫أيضًا يف متوضع قطر يف نكاهنا اجلديد‪.‬‬
‫وقد حظيت نسامه قطر يف التدخل عسكريًا يف ليبيا حتت نظل حلف مشال‬
‫األطلسي "الناتو" مببارك نن النخب القطري اليت تتفق وعقيدة أنري الدول السيابق‬
‫الشيخ محد بن خليف خل ثاين يف إنكاني تعزيز نكان البالد يف السياح الدوليي ‪،‬‬
‫كمشروع لدول متتلك املبادرة وتشار يف قيادة العا العربيي‪ ،‬لكن ذلك جعلها‬
‫تقطع صلتها بسياس التأثري اليت كانت متارسها نن خيالل الوسياطات واحليياد‬
‫لتتحول إىل تبين سياسات ننحازة ملواقف واضح لصاحل طرف على حساب طرف‬
‫خخر‪.‬‬
‫ويبدو نن ه ه السياس اجلديدة أن قطر تعد تشعر بأهنا أقل قدرة كما‬
‫كانت خالل تسعينيات القرن املاضي وخالل العقد األول نن هي ه األلفيي ‪،‬‬
‫حيث أصبحت ندرك وواثق ك لك يف أهنا تستطيع نين خيالل نواقفهيا‬
‫اجلديدة أن ت كون ندًّا لدول نثل إيران‪ ،‬ندعون بقوة نن اليدول الغربيي ‪ ،‬ال‬
‫سيما بفضل املظل األنريكي ‪ ،‬اليت متانع ‪-‬حىت اآلن على األقيل‪ -‬يف الغيوص‬
‫بوحل أي عمل عسكري يف ننطق الشرق األوسط (كما هي احلال يف األزني‬
‫السوري نثالً)‪.‬‬
‫يضاف إىل ذلك أن لقطر عالقات مميزة وقوي بنتها على نر السنني نع مجاع‬
‫اإلخوان املسلمني اليت وصلت إىل قم هرم السلط يف كل نن نصر وتونس‪ ،‬كما‬
‫جاءت زيارة أنري قطر السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين إىل قطياع غيزة يف‬
‫ديسمرب‪/‬كانون األول ‪ 3013‬ضمن ه ه املعطيات اجلديدة اليت تؤشر إىل شغل قطر‬
‫نكان نهم ولعبها دورًا نؤثرًا يف الساح اإلقليمي ‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬ميكن قراءة ه ه‬
‫الزيارة إىل قطاع غزة نن ننظور أنَّ قطر تسعى إىل نواجه السياسي اخلارجيي‬
‫اإليراني (كما يف احلال السوري )؛ حيث اخت ت حرك محاس نساف نن طهيران‬
‫بنا ًء على تداعيات الثورة يف سوريا‪.‬‬
‫وقد وجدت قطر فرص إلبعاد غزة عن إيران بتعزيز روابطها نع احلركيات‬
‫اإلسالني الفلسطيني وعلى رأسها حرك محاس‪ ،‬وهي ترغب دون أد‪ ،‬شك بأن‬
‫تكون واحدة نن رواد اإلسالم السين يف املنطق وه ا نا يسيتدعي التنيافس أو‬
‫‪019‬‬
‫التكانل نع كل نن السعودي ونصر‪ .1‬وال شك أن ه ه الثق اليت تنعم هبا قطر يف‬
‫إنكاني إضعاف عنصر نن عناصر قوة السياس اخلارجي اإليرانيي ‪ ،‬ونعيين هنيا‬
‫إضعاف عالق محاس بإيران‪ ،‬تثبت أن قطر بدأت بالفعل أخ نساف نع دبلوناسي‬
‫الوساطات اليت اتبعتها خالل العقد األول نن األلفي احلالي ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫يف ضوء التحليل السابق‪ ،‬ميكننا استخالص التايل‪:‬‬
‫باتت السياس اخلارجي لدول قطر تتمتع مبزايا تنافسي عدَّة‪ ،‬ليس أقلها‪ :‬تأثري‬ ‫‪‬‬

‫ونفوذ إعالني نن خالل شبك اجلزيرة اإلعالني ‪ ،‬واستثمارات نالي عامليي ‪،‬‬
‫وتبين الفعاليات الرياضي الدولي الكربى‪ ،‬والقيام بوساطات إقليمي ودوليي‬
‫ننحتها نصداقي عالي ‪ .‬وهك ا‪ ،‬بدأت قطر تتألق يف هناي تسعينيات القيرن‬
‫املاضي وتعلو كقوة سياسي صاعدة يف املنطق خالل العقد األول نن األلفيي‬
‫احلالي ‪.‬‬
‫استفادت سياس التأثري القطري على الصعيد اخلارجي نن دخل هائيل نين‬ ‫‪‬‬

‫إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي‪ ،‬ونن ظرف استثنائي إجيابيي بالنسب لقطر متثل‬
‫بفراغ كانت تشغله قوى إقليمي أساسي (السعودي ونصر حتدييدًا)‪ ،‬ونين‬
‫ح ر شديد نن قبل الواليات املتحدة األنريكي يف أن تنغمس يف صيراعات‬
‫وحروب جديدة يف املنطق ‪ .‬وبالتايل شهدت السنوات األخرية ‪-‬ال سيما نع‬
‫تداعيات ربيع الثورات العربي ‪ -‬انتقال قطر نن دبلوناسي التأثري والوساطات‬
‫إىل دبلوناسي تبين املواقف وااللتزام‪ ،‬وهو أنر جاء نتيج خربة ودراي ونهارة‬
‫فائق نن قبل القيادة السياسي للدول ممثل يف رأس هرم السيلط فيهيا (يف‬
‫حينه) أنري البالد السابق الشيخ محد بن خليف خل ثاين‪ ،‬وويل عهيده الي ي‬
‫أصبح الحقًا أنريًا للبالد الشيخ متيم بن محد خل ثاين‪ ،‬وال ي كان نتابعًا عن‬
‫قرب إلدارة نلفات السياس اخلارجي القطري وفاعالً نؤثرًا فيها‪.‬‬

‫‪Lazar, Mehdi. “Qatar: quelle stratégie regionale? De l’influence à la‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪puissance”,‬‬ ‫‪http://www.diploweb.com/Qatar-quelle-strategie-‬‬
‫‪regionale.html‬‬

‫‪001‬‬
‫‪ ‬إن الوصول إىل تبين سياس خارجي نتعددة األبعاد‪ ،‬كان نعيززًا باسيتقرار‬
‫الدول خالل فترة زلزال ثورات الربيع العربيي‪ ،‬وال ي انتدت توابعيه إىل‬
‫بعض دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬وميكن فهم ذلك يف ضوء أسباب نتعددة‬
‫ونتنوع ‪ ،‬أمهها‪ :‬غياب العنصر الطائفي‪ ،‬والوضع االقتصادي املستقر للدول ‪،‬‬
‫واإلصالحات االستباقي اليت شرعت هبا نن تويل الشيخ محد بين خليفي‬
‫خل ثاين السلط ننتصف تسعينات القرن املاضي‪ ،‬فضالً عين إدرا القييادة‬
‫السياسي هلشاش قطر كدول صغرية جغرافيًا ودميغرافيًا وعسكريًا‪.‬‬
‫‪ ‬عليه‪ ،‬فإن الوضع االقتصادي املريح لدول قطير وهشاشيتها (الدميغرافيي‬
‫واجلغرافي والعسكري ) نقارن ً جبرياهنا ال سيما إيران والسعودي يستوجب تبين‬
‫سياس خارجي استباقي نتنوع األبعاد‪.‬‬
‫‪ ‬قد تُواجَه السياس اخلارجي القطري االنفتاحي على الصعيد الدويل باالنتقياد‬
‫كون ه ا أنر غري نألوف نقارن بسياسات دول املنطق ‪ ،‬ويف املقابيل فيإن‬
‫العالقات نع الدول الغربي الكربى تتجه حنو نوع نن التعقيد بسبب سياسي‬
‫االلتزام اليت تنتهجها قطر نن تفجر زلزال ربيع الثورات العربي ‪.‬‬
‫وختانًا‪ ،‬جتدر اإلشارة إىل أنه نع االنتهاء نن إعداد هي ه الورقي البحثيي‬
‫شهدت دول قطر تطورًا سياسيًا بالغ األمهي ال بد نن التنويه إليه يف عجال ؛ ففيي‬
‫اخلانس والعشرين نن شهر يونيو‪/‬حزيران ‪ ،3012‬أعلن أنري قطر الشيخ محد بين‬
‫خليف خل ثاين يف سابق حتدث نن قبل التنازل عن احلكم لنائبيه وويل عهيده‬
‫الشيخ متيم بن محد خل ثاين‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬سيكون نن الصعوب مبكان التنبؤ يف الوقت احلاضر مبسار السياسي‬
‫اخلارجي القطري يف عهد األنري اجلديد‪ ،‬ولكن يبقى الواضح نن اخلطياب الي ي‬
‫ألقاه مبناسب توليه نقاليد احلكم أنه سيستمر على النهج ال ي رمسه واليده فيميا‬
‫يتعلق بسياس بالده اخلارجي ‪ ،‬نع التركيز على سياس الوساطات اليت تنص عليى‬
‫تبنيها املادة السابع نن الدستور القطري كالزني أساسيي يف سياسي الدولي‬
‫اخلارجي ‪.‬‬
‫والسؤال املشروع طرحه هنا هو‪ :‬هل ستعود سياس قطر اخلارجيي إىل‬
‫استراتيجي احلياد والوساطات يف حل األ زنات كما كانت يف العقد األول نن‬
‫‪000‬‬
‫األلفي احلالي ؟ أم أهنا ستستمر يف نسارها ال ي انتهجته نن فوران بركان ربيع‬
‫الثورات العربي ونعين سياس اختاذ املواقف وااللتزام لصياحل أحيد أطيراف‬
‫املعادل ؟‬

‫‪001‬‬
‫المورف السعودي‬
‫من ثو ار الربيع العربي‬
‫أ منصور المرزوري البقمي‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫نثلت ثورات الربيع العربيي نفاجأة لدول جملس التعاون اخلليجي السيت‬
‫كما كان احلال بالنسب لدول العا األخرى كاف ‪ .‬وقد سامهت ه ه املفاجياة يف‬
‫تأخر نسبيي نن جانب العواصم اخلليجي يف التعبري عن نواقفها السياسي الرمسي‬
‫الواضح إزاء ه ه التطورات اليت نسَّت دوالً عربي عدة بعضها ذو أمهي حموريي‬
‫لألنن الوطين اخلليجي ويف نقدنتها نصر‪ ،‬وسوريا‪ .‬وسنتطرق يف هي ه الورقي‬
‫البحثي للموقف الرمسي للمملك العربي السعودي نن ثورات الربييع العربييي؛‬
‫وذلك يف ضوء احملددات العان للسياس اخلارجي واملصاحل القوني ‪.‬‬
‫سأجادل هنا لصاحل ثالث نقاط‪ :‬أوالً‪ ،‬السياس اخلارجي السعودي حتكمهيا‬
‫قائم تقليدي نن احملددات العان (وهي قائم يف طور التغيري‪ ،‬خصوصًيا يف ظيل‬
‫الربيع العربيي)‪ .‬ثانيًا‪ ،‬بناء على ه ه القائم يكون املوقف نن الربيع العربييي‪.‬‬
‫وثالثًا‪ ،‬ه ا املوقف ميكن أن يكون داعمًا أو نعارضًا بناء على أهداف ثالث ؛ هي‪:‬‬
‫تأنني الداخل ضد انتقال ثورات الربيع العربيي‪ ،‬ومحاي األنظم احلليف ‪ ،‬وأخيريًا‬
‫العمل ضد نصاحل األنظم املنافس وحتجييم اسيتفادهتا نين ظيروف الربييع‬
‫العربيي‪ .‬ويستند حتليلنا إىل ثالث فرضيات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -1‬هنالك قائم تقليدي للسياس اخلارجيي السيعودي (حميددات للسياسي‬
‫اخلارجي )؛ ه ه القائم التقليدي هي انعكاس للبني السياسيي الداخليي ‪،‬‬
‫ويستتبع ذلك أن أي تغيري يف البني السياسي الداخلي سينعكس جمدّدًا عليى‬
‫حمددات السياس اخلارجي ؛ أي سيفضي إىل قائم حمددات أخرى‪.‬‬
‫‪001‬‬
‫‪ -3‬هنالك "حدثان" طرخ على "السلط "‪ ،‬أو "احلكم"؛ مما أدى إىل تغيري البنيي‬
‫السياسي الداخلي ‪ ،‬وه ا سيكون له انعكاس على السياس اخلارجي ‪ ،‬وه ان‬
‫احلدثان مها‪:‬‬
‫أ‪ -‬التغري يف بني "السلط " بعد تفكيك فريق "السداري" وبيروز "هيرم‬
‫السلط "‪.‬‬
‫ب‪ -‬التغري يف طبيع "السلط "‪ ،‬فقد بدأ توافد ووصول اجليل الثاين نن األنراء‬
‫إىل احلكم‪ ،‬أحفاد امللك عبد العزيز‪ ،‬وهم غري نرتبطني بتجرب حروب‬
‫امللك عبد العزيز لتوحيد اململك العربي السعودي ‪ ،‬وال بتجرب الصراع‬
‫بني امللك سعود وامللك فيصل (القائم التقليدي نرتبط ارتباطًا وثيقًيا‬
‫هباتني التجربتني)‪.‬‬
‫‪ -2‬نوقف السعودي نن ثورات الربيع العربيي نبين على ه ه القائم التقليدي ‪،‬‬
‫وهو نوقف نعارض نن حيث املبدأ؛ لكنه براغمايت نن حيث املمارس ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬القائمة التقليدية التي تقوم عليوا السياسة الخارجية السعودية‬


‫واحتماال التغيير فيوا‪:‬‬

‫‪ -1‬القائمة التقليدية للسياسة الخارجية السعودية‪:‬‬


‫تتكون ه ه القائم التقليدي نن ثالث حمددات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬حتييد التهديد‪.‬‬
‫ب‪ -‬تعزيز الشرعي‬
‫ج‪ -‬محاي املصاحل‪.‬‬
‫وميكن القول إن ه ه القائم التقليدي هي احملر الرئيسي للسياس اخلارجيي‬
‫السعودي ‪ .‬وأول احملددات على رأس ه ه القائم هو حتييد التهديد‪ ،‬مث يلي ذليك‬
‫تعزيز الشرعي ‪ ،‬مث يأيت بعد ذلك بقي املصاحل‪ ،‬وه ه القائم ميكنها املساعدة عليى‬
‫فهم حال التموضع شبه الدائم يف نوقف ردة الفعل‪ ،‬يف نقابل الفعل‪ ،‬اليت عرفت‬
‫هبا السياس اخلارجي السعودي ؛ ولكن وألسباب بنيوي تتعلق بالنظام السعودي نن‬
‫املرجح أن متر ه ه القائم التقليدي بتغري كبري يف املستقبل القريب‪.‬‬
‫‪001‬‬
‫والسبب الرئيس ال ي جيعلنا نضع حتييد التهديد على رأس القائم يبدو نتيج‬
‫ننطقي حلال التشار يف السلط القائم يف داخل النخب احلاكم ‪ ،‬أو نيا يسيميه‬
‫الباحث حممد نبيل نولني بيي "‪ ،"le système de multi-domination‬أو نظيام‬
‫اهليمن املتعددة‪.‬‬
‫ه ا التشار هو عبارة عن أحد إفرازات التحالفات اليت قانت بني أقطياب‬
‫األسرة احلاكم يف اململك يف بداي ستينيات القرن املنصرم‪ ،‬عندنا حتالف املليك‬
‫فيصل نع أبرز إخوته نن أبناء امللك عبد العزيز هبدف إبعاد املليك سيعود عين‬
‫السلط واحللول حمله‪ ،‬فتم تعيني امللك خالد وليًّا للعهد خن ا ‪ ،‬وامللك فهد نائبًيا‬
‫ثانيًا لرئيس جملس الوزراء‪( ،‬وه ه هي املرة األوىل اليت ييتم فيهيا إنشياء هي ا‬
‫املنصب)‪.‬‬
‫وكانت كل ترتيبات تقاسم السلط اليت تلت هي نتيج نباشرة لتحالف أبناء‬
‫امللك عبد العزيز ضد امللك سعود‪ ،‬وال ي بدأ فعليًّا أثناء الصراع بني فيصل وسعود‬
‫على رئاس جملس الوزراء‪ .‬فتعيني امللك عبد اهلل بن عبد العزيز ‪-‬العاهل السعودي‬
‫احلايل‪ -‬رئيسًا للحرس الوطين كان يف عام ‪ ،1962‬حتت رئاسي فيصيل جملليس‬
‫الوزراء‪ ،‬ويل العهد خن ا ‪ ،‬وتعيني امللك فهد وزيرًا للداخلي وامللك خاليد نائبًيا‬
‫لرئيس جملس الوزراء‪ ،‬وهو الترتيب ذاته ال ي تال تلك الفترة نن حيث التعاقيب‬
‫على العرش‪ ،‬فتوىل فيصل احلكم‪ ،‬مث تاله خالد ففهد فعبد اهلل‪.‬‬
‫وألن االشترا يف السلط يتم على نستوى واسع‪ ،‬يكون التعاون والتماسك‬
‫أو الترابط املنطقي يف أعلى درجات الوضوح عندنا تتعلق املسأل بالشأن األنيين؛‬
‫وب لك يكون هنالك نستوى عالٍ نن األمهي والفعالي ‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬يف ظيل‬
‫ه ا التشار الواسع للسلط ‪ ،‬يصبح التعاون والتنسيق أكثر صعوب ‪ ،‬فيال تتبليور‬
‫سياس خارجي واضح على املديني املتوسط والبعيد‪.‬‬
‫وه ا يفسر عدم نأسس السياس اخلارجي ‪ ،‬ويؤدي إىل متوضع ه ه السياس‬
‫يف نكان ردة الفعل ال الفعل‪ .‬إنّ نأسس السياس اخلارجي تعيين وجيود إطيار‬
‫استراتيجي واضح املعا تسري وفقه الدبلوناسي السعودي ‪ ،‬ويقوم بتعريف العناصر‬
‫التالي ‪ :‬نفهوم األنن القوني‪ ،‬حدود ه ا األنن‪ ،‬نناطق النفوذ‪ ،‬املصاحل‪ ،‬اخلطياب‬
‫السياسي ال ي يستند على إىل ننظون قيمي واستثمارات ثقافي داخلي لتعزيز تلك‬
‫‪001‬‬
‫املنظون ‪ ،‬والبني التحتي الالزن لثشراف ه ه االستراتيجي (كمراكز البحيوث‪،‬‬
‫فرق العمل املختص بإدارة امللفات‪ ،‬تنمي األدوات وتنويعها خلدن االسيتراتيجي ‪،‬‬
‫شبك العالقات وخليات العمل بني وزارة اخلارجي واجملتكع السعودي‪ ...‬إخل)‪.‬‬
‫وال يكون التعاون إال يف ظل هتديد أنين يعمل مبنيزل احلافز والقوة احملركي‬
‫للتعاون والتنسيق بني األطراف املتعددة‪ ،‬اليت تتشار يف السلط بشيكل واسيع؛‬
‫وب لك يصبح حتييد ه ا التهديد‪ ،‬ال ي مجع األطراف املتعددة‪ ،‬هو أهيم مسيات‬
‫التعاون‪ ،‬فينعكس ذلك على السياس اخلارجي للسعودي ‪.‬‬
‫وألن أحد أهم الوسائل وأكثرها فعالي ‪ ،‬عندنا يتعلق األنر بتثبيت اليدعائم‬
‫األنني ‪ ،‬هي نسأل الشرعي ‪ ،‬فإن ه ه األخرية تأيت يف املركز الثاين عليى القائمي‬
‫التقليدي ‪ ،‬بعد ذلك تأيت املصاحل‪ ،‬كالتنمي نيثالً‪ .‬وجتيدر اإلشيارة هنيا إىل أن‬
‫السياسات الطاحم لتعزيز الشرعي يبدو عليها التطلع إلطيار العيا اإلسيالني‬
‫(خطاب الشرعي الديني )؛ يف الوقت نفسه ال ي جند فيه السياسات ذات التوجيه‬
‫األنين تتركز يف احمليط اإلقليمي؛ (وه ا أنر طبيعي إذا نا أخ نا عانلي اجلغرافييا‬
‫والتاريخ يف احلسبان)‪.‬‬
‫وعلى الرغم نن ذهاب بعض الباحثني ‪-‬كمضاوي الرشيد يف كتاهبا (تياريخ‬
‫العربي السعودي )‪ -‬إىل أن السعودي تسعى للتوسع يف نصادر شيرعيتها بإضياف‬
‫خطاب التحديث وبناء الدول ‪ ،‬أو كما يبدو لنا نن إضاف عنصر احلضارة كمصدر‬
‫رئيسي لشرعي احلكم‪ ،‬فإن االعتماد على اإلسالم كمصدر رئيسي نين نصيادر‬
‫شرعي السلط يتجدد يف كل أزن نباغت ‪ ،‬كالربيع العربيي‪.‬‬
‫ويف رأينا أن ه ا التجديد نع كل أزن نباغت يعود لعانل البني التحتي للسلط ‪،‬‬
‫جاء الربيع العربيي فجأة‪ ،‬و ميهل األنظم وقتًا كافيًا لالستعداد والتعانل بشيكل‬
‫يضمن هلا استغاللَ كانلِ نواردها وتنظيم كاف صفوفها‪ ،‬حيث جيرب عنصر املباغتي‬
‫النظام السياسي على اللجوء بشكل شبه أوتوناتيكي لبنيتيه التحتيي السيلطوي ‪،‬‬
‫كخطاب السلط التقليدي وعالقات "الزبوني " التقليدي ‪ .‬ول لك ‪-‬على سبيل املثال‪-‬‬
‫كان الرد السعودي الرمسي على يوم حنني ‪-‬الدعوة للتظاهر يف ‪ 11‬نن نيارس‪/‬خذار‬
‫‪ 3011‬يف املدن السعودي الرئيسي ‪ -‬نكونًا نن ثالث عناصر‪ :‬فتوى حتيرم التظياهر‪،‬‬
‫وقوة أنني لفرض احترام ه ه الفتوى‪ ،‬وحزن نن املساعدات املالي ‪.‬‬
‫‪006‬‬
‫‪ -1‬احتماال التغيير في القائمة التقليدية‪:‬‬
‫هنا حدثان نرتبطان مبسأل اخلالف طرخ على "السلط " أو "احلكم"؛ مما أدى‬
‫إىل تغري البني السياسي الداخلي ‪ ،‬وه ا سيكون له انعكاس على السياس اخلارجي ‪.‬‬
‫وه ان احلدثان مها‪:‬‬
‫أ‪ -‬التغير في بنية "السلطة" بعد تفكيك فريق "السداري" وبروز "هرم السلطة"‪:‬‬
‫فقد تفكيك وزارة الدفاع والطريان واملفتشي العان إىل وزارة الدفاع فقط؛‬
‫وب لك فصل اهليئ العان للطريان املدين عن وزارة الدفاع‪ ،‬و ‪-‬أيضًا‪ -‬إلغياء‬
‫نهام املفتش العام؛ ويف ذلك تراجع كبري لنفوذ وزارة الدفاع؛ مما يعيين تراجعًيا‬
‫لفريق السداري‪ .‬وبعد ذلك إخراج وزارة الداخلي نن نفوذ ه ا الفرييق بعيد‬
‫تعيني األنري حممد بن نايف على رأسها‪ ،‬ونا جلس أداء القسم للوزير اجلديد ‪-‬اليت‬
‫حيضرها على غري املعتاد سوى األنري نتعب بن عبد اهلل وبنيدر بين سيلطان‬
‫والوزير اجلديد حممد بن نايف‪ -‬إال أحد املؤشرات القوي يف ه ا االجتاه‪.‬‬
‫إضاف إىل ذلك تشري عوانل كثرية كمؤسس توريث العرش يف هيئي البيعي‬
‫(وهي هيئ أنشأها امللك عبد اهلل بن عبد العزيز يف عام ‪ ،3006‬نكون نين جمليس‬
‫يكون أعضاؤه ممثلني ألبناء امللك عبد العزيز ال كور‪ ،‬ولكل عضو صيوت واحيد‪،‬‬
‫ونهمتهم هي انتخاب امللك وويل العهد‪ ،‬عرب االقتراع السري‪ ،‬والتأكد نن قدرهتما‬
‫على ممارس نهانهما)‪ ،‬إال أن انتقال احلكم جليل األحفاد لن يقتصر فقط على تسمي‬
‫أحد األحفاد نلكًا؛ بل سيصاحب ه ا االنتقال تغريات يف بني السلط نفسها‪.‬‬
‫وميكن اعتبار اإلعالن عن هيئ البيع على أنه إقرار بعدم قدرة الطرق التقليدي‬
‫على إدارة التحالفات أو "اختيار األصلح ننهم"‪ ،‬كما نصت عليه املادة اخلانسي‬
‫نن النظام األساسي للحكم‪ ،‬قبل تعديلها يف ‪ .3006‬وه ا يعين أن نا نسميه هنيا‬
‫بي "التوازن التدافعي"‪ ،‬أو نا عبَّرت عنه املادة اخلانس بي "األصلح ننهم"‪ ،‬غيري‬
‫قادر على اإلجاب على سؤال اخلالف ‪ ،‬ويف ذلك إعالن عن احلاج ليي "التيوازن‬
‫املؤسسايت"؛ وهل ا اإلعالن عن ه ه اهليئ ‪.‬‬
‫ونعين بي "التوازن التدافعي" أن عملي التوازن السلطوي بني أفيراد النخبي‬
‫احلاكم كانت تسري وفق ننطق التدافع‪ ،‬وليس عرب إطار نؤسسايت واضح القواعد‪،‬‬
‫‪007‬‬
‫ميكن التنبؤ مبخرجاته‪ ،‬وقراءة عوانل التأثري فيه‪ ،‬وننطق التدافع ‪-‬بكلمات أخرى‪-‬‬
‫هو عبارة عن غياب حدود واضح هلانش املناورة بني أفراد النخب احلاكم ‪ ،‬وإطار‬
‫قانوين إلدارة العالق فيما بينهم‪ ،‬سواء كانت تنافسًا أو خالفًا أو تعاونًا‪ ،‬واليدليل‬
‫هو التأرجح الكبري ال ي نر‪ ،‬وال يزال فيما يتعلق بربوز أو أفول جنم ه ا الالعيب‬
‫أو ذا ‪ ،‬فكانت بعض األمساء يف غاي القوة والتأثري يف السبعينيات ‪-‬نثالً‪ -‬لكنيها‬
‫غابت عن املسرح السياسي حاليًّا؛ والعكس صحيح‪ ،‬وه ا بسبب ننطق التدافع‪.‬‬
‫ونن مث فإن وجود هيئ البيع ‪-‬إضاف لألنظم األساسي (احلكيم واملنياطق‬
‫وجملس الوزراء)‪ -‬جعل عملي انتقال احلكم (اختيار نلك) يف نسيتوى الحيق‬
‫ملستوى هيئ البيع ؛ لكن ه ه اهليئ ليست مبعزل عن التأثر مبحيطها وسياقها‪ ،‬وهو‬
‫النخب احلاكم ‪ .‬ونن هنا يأيت دور استخدام وسائل النفوذ‪ :‬القوة األنني (ممثلي يف‬
‫وزارة الداخلي ‪ ،‬ووزارة الدفاع‪ ،‬ووزارة احلرس الوطين) نن جه ‪ ،‬وانتال وإدارة‬
‫شبكات العالقات الزبوني الضخم ‪ ،‬نن جه أخرى‪ .‬ويعين انتال القوة األننيي‬
‫مبراكزها الثالث بالضرورة انتال قدرات نالي عاليي تكفيي إلدارة شيبكات‬
‫العالقات الزبوني الضخم ‪ .‬وه ا يعين أن نن يترأس أحد املراكز األننيي ميتليك‬
‫بالضرورة األدوات الالزن للتأثري يف هيئ البيع ‪.‬‬

‫ويف احملصل النهائي يبدو جليًّا بروز هرم سلطوي جديد‪ :‬يأيت يف قمته القيوة‬
‫األنني ‪ ،‬ويف املنتصف هيئ البيع ‪ ،‬ويف القاعدة عملي انتقال احلكم‪ ،‬وه ه التراتبيي‬
‫اجلديدة قانت رمسيًّا بإلغاء ثنائي التوازن التقليدي اليت برزت بعد وفاة امللك فيصل‪،‬‬
‫وهي قطب السداري (أبناء امللك عبد العزيز نن زوجتيه حصي بنيت أمحيد‬
‫السدايري) وقطب امللك عبد اهلل بن عبد العزيز (اآلخرون)‪.‬‬
‫‪008‬‬
‫ففي السابق كان التوازن نبنيًّا على "التحالف" أكثر نن كونه نبنيًّيا عليى‬
‫ال راع األنين أو العسكري؛ ول لك كان حضور العانل الرنزي ‪-‬كآل سيعود أو‬
‫الدين‪ -‬قويًّا؛ إال أن نكونات القوة بشكل عام أصبحت أنني بانتياز؛ وذليك يف‬
‫نقابل احلضور التقليدي للرنز‪ ،‬سواء كان الدين أو خل سعود‪( ،‬وه ا سيينعكس‬
‫على طبيع تكوين التحالفات)‪ ،‬وبالتايل ستتراجع نكان الرنز‪ .‬ووجيود القيوة‬
‫األنني على رأس اهلرم ي كرنا مبنصب املرشد األعلى للثورة يف إييران وعالقتيه‬
‫بالرئاس ‪ ،‬نن حيث األمهي والصالحيات‪ ،‬وسوف تكون القوة األنني مبثاب "املرشد‬
‫األعلى" للسلط ‪ ،‬حىت لو كان امللك القادم هو أحد رؤساء ه ه املراكيز األننيي‬
‫الثالث ‪ ،‬وستبقى القوة األنني صاحب التأثري واهليمن ‪.‬‬
‫فمن جه سيبقى التوازن احلاكم نبنيًّا على العالق فيما بني ه ه املراكز‪ ،‬ونن‬
‫جه أخرى فإن نصدر األمهي سيكون بسبب رئاس نركز أنين يف املقيام األول‪،‬‬
‫وكل ه ه املتغريات متثل حتوالً جوهريًّا‪.‬‬
‫ب‪ -‬التغير في طبيعة "السلطة" بعد بدء وصول الجيل الثاني مـن األمـراء للـى‬
‫الحكم من أحفاد الملك المؤسس‪:‬‬
‫وه ا التغري عائد ألكثر نن سبب‪ :‬أوالً‪ ،‬جيل األحفاد يعش جترب توحييد‬
‫اململك ‪ ،‬بكل نا حوته تلك املرحل نن عملي تأسيس لتوازنات سلطوي نعقيدة‪،‬‬
‫وقيم رسختها تلك التجرب ‪ .‬وثانيًا‪ ،‬يشهد ه ا اجليل نرحل الصراع على احلكم‬
‫بني فيصل وسعود (نن حيث عدم نشاركتهم كالعبني سياسيني) الستلهام التجرب‬
‫نن ه ا الصراع‪.‬‬
‫ويف رأينا أن القائم التقليدي نرتبط ارتباطًا وثيقًا هباتني التجيربتني؛ (التوحييد‬
‫وصراع فيصل وسعود)‪ ،‬وسيكون نفهوم املواجه والتحدي أكثر شراس ووضيوحًا‪،‬‬
‫وخلي استخدام األدوات ستتغري‪ ،‬بعكس نا متليه هاتان التجربتان (وه ا سييعزز نين‬
‫تراجع الرنز)؛ ول لك فإن وصول ه ا اجليل اجلديد نن احلكام سييكون ليه دور يف‬
‫إحداث التغيري على القائم التقليدي ‪ ،‬اليت حتر السياس اخلارجي للملك ‪.‬‬
‫يف ظل التوازن التدافعي تكن السم املؤسساتي حاضيرة‪ ،‬وجيزء نين‬
‫انعكاسات غياهبا هو التداخل يف املهام والصالحيات‪ ،‬وعدم وضوح "رقع نصاحل"‬
‫‪009‬‬
‫نراكز القوى املتعددة‪ ،‬أنا ننطق التدافع فيجعل احتمال تغيري "رقعي املصياحل" ‪-‬‬
‫سواء نن ناحي التمدد أو االنكماش‪ -‬أكثر ورودًا‪ .‬لكين نيع بيروز التيوازن‬
‫املؤسسايت تزيد احتماالت "ترسيم حدود املصاحل" بشكل هنائي‪ ،‬أو على األقل ملدة‬
‫طويل ‪ ،‬وه ا األنر يساعد على خلق بيئ نصاحل نستقرة‪ ،‬وه ا االستقرار سيسهم‬
‫بدوره يف بروز نناطق تعاون كثرية‪ ،‬تنافس يف فعاليتها وأمهيتها وبروزها نسيتوى‬
‫التعاون األنين‪ ،‬وه ا بدوره سيؤثر بشكل كبري يف القائمي التقليديي للسياسي‬
‫اخلارجي السعودي نستقبالً‪ .‬وهك ا فإن التغري يف بني السلط وطبيعتها ميثالن نن‬
‫وجه نظرنا بداي الدول السعودي الرابع ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬موارف السعودية من ثو ار الربيع العربي وأوجه التشابه‬
‫ً‬
‫واالختالف في تلك الموارف‪:‬‬
‫ميكن القول إن املوقف السعودي نن ثورات الربيع العربيي هو نوقف‬
‫نعارض نن حيث املبدأ؛ إذ ال ميكن لنظام نلكي وراثي أن يدعم فكرة الثورة‬
‫بل على العكس‪ ،‬الثورة هنا متثل هتديدًا‪ ،‬وسيشرح نوقفه هي ا اسيتنادًا إىل‬
‫الدين واألنن ونكافح الفتن ‪ .‬لكن ننطق املصاحل حتم على السعودي دعيم‬
‫الربيع العربيي يف بعض الدول اليت وصل إليها الربيع‪ ،‬وه ا تسبب يف بروز‬
‫إشكالي تربير الدعم يف نوضع‪ ،‬واملعارض يف نوضع خخر؛ ولي لك كانيت‬
‫السعودي حباج لتعريف ميكن أن تستند إليه املعارض ‪ ،‬كما ميكن أن يسيتند‬
‫إليه الدعم‪.‬‬
‫نن هنا جاء التعريف التايل وال ي تستند إليه السعودي يف تربير نوقفها الداعم‬
‫أو الرافض لثورات الربيع العربيي‪" :‬الثورة فتن وندعاة للخراب والدنار؛ لكين‬
‫املسامه يف رفع الظلم عن اإلخوة واألخوات يف الدول العربي يف حال وقع عليهم‬
‫هو واجب ال بد نن القيام به"‪.‬‬
‫فالربيع العربيي ‪-‬كما صرح ب لك الشيخ صاحل الفوزان عضو هيئ كبيار‬
‫العلماء‪ -‬نا هو إال "فتن وشرور"‪ ،‬وهو "ندعاة للخراب والدنار"‪ ،‬حسب قيول‬
‫األنري تركي الفيصل رئيس االستخبارات السابق وسفري بالده سابقًا يف كل نين‬
‫بريطانيا والواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬وبأن ربيع العرب هو محام دم وليس أزهارًا‪،‬‬
‫‪011‬‬
‫وكان ذلك يف نلتقى اخلليج لألحباث‪ ،‬جانع كيمربيدج‪ ،‬يوليو‪/‬متوز ‪ .13011‬لكن‬
‫تسليح الثورة السوري ‪ ،‬لرفع الظلم عن الشعب السوري‪ ،‬هو "واجب"‪ ،‬كما صرح‬
‫ب لك وزير اخلارجي األنري سعود الفيصل‪ .‬وهنا جيب التشيديد عليى أن دعيم‬
‫السعودي للثورة يف بلد عربيي نا ال يعين أبدًا أن الثورة تتحول نن كوهنا فتن إىل‬
‫شيء خخر؛ كال! الثورة تبقى يف كل األحوال فتن ؛ لكن رفع الظلم واجب عليى‬
‫الرغم نن استمرار الثورة يف كوهنا فتن ‪.‬‬
‫بناء على ه ا التعريف يصبح نن املمكن تربيير دعيم الثيورة يف حيني‪،‬‬
‫ونعارضتها يف أحيان أخرى‪ ،‬دون أن جتد السعودي نفسها يف نوقع التناقض (كما‬
‫هو حاصل نع إيران ودعمها لنظام األسد يف سوري نثالً)‪ ،‬أو يف نوقف التمياهي‬
‫نع فكرة الثورة‪ ،‬وكل نا على السعودي فعله هو أن تفسر األحداث مبيا يسيمح‬
‫جبعلها فتن ‪ ،‬نىت نا كان ذلك نالئمًا‪ ،‬وجعلها ندعاة تدخل لرفع الظلم‪ ،‬حسب نا‬
‫تقتضيه املصاحل السعودي ‪.‬‬
‫واالختيار بني الدعم واملعارض يتم بناء على النقاط الثالث التاليي ‪ :‬تيأنني‬
‫الداخل ضد انتقال ثورات الربيع العربيي‪ ،‬ومحاي األنظم احلليف ‪ ،‬وأخريًا العمل‬
‫ضد نصاحل األنظم املنافس وحتجيم استفادهتا نن ظروف الربيع العربيي‪ ،‬وبنياء‬
‫عليه فإن السعودي ‪-‬على سبيل املثال‪ -‬تدعم ثورة ‪ 39‬نن يناير‪/‬كانون الثاين يف‬
‫نصر (لتأنني داخلها ضد الثورة نن جه ‪ ،‬وحلماي نظام نبار احلليف نن جهي‬
‫أخرى)؛ ولكنها تدعمها يف سوري (ألن سقوط نظام األسد يعين سقوط نعظيم‬
‫أوراق إيران‪ ،‬املنافس اللدود للسعودي يف العا العربيي)‪.‬‬
‫وتقوم السعودي بتسويق ه ا التعريف داخليًّا وخارجيًّا‪ ،‬حتيت نسيميات‬
‫خمتلف ؛ ولكن السؤال ال ي يطرح نفسه هو‪ :‬كيف تدعم إن قررت الدعم؟ وكيف‬
‫تعارض إن قررت املعارض ؟‬
‫وهنا تتميز السياس اخلارجي السعودي بإبداع املوقف وترسييخ دعائميه‪،‬‬
‫ودهاء القائمني عليها‪ ،‬إن دعم الثورة‪ ،‬أو نعارضتها يف أي بلد تعصف به ريياح‬
‫الربيع العربيي جيب أن يبدأ وينتهي باألهداف الثالث اليت جئنا على ذكرها سابقًا؛‬
‫ه ا هو قانون احلرك يف السياس اخلارجي السعودي إبان الربيع العربيي‪.‬‬

‫‪3011‬‬ ‫جريدة االقتصادي السعودي ‪ 19 ،‬نن يوليو‪/‬متوز‬ ‫‪1‬‬

‫‪010‬‬
‫أ‪ -‬معارضة الثورو بودف لخماد الفتنة‪:‬‬
‫يقوم املوقف السعودي املعارض هنا على اعتبار أن الثورة فتن وجيب إمخادها‪،‬‬
‫وتنقسم الفتن هنا إىل قسمني‪ :‬األول‪ :‬االرهتان لقوى خارجيي تسيعى لزعزعي‬
‫األنن؛ (وهب ا يتم التشكيك يف كون الشعب الثائر هو نصدر الثورة)‪ ،‬كما أعلنت‬
‫السعودي نرارًا فيما يتعلق بربط املظاهرات البحريني بيإيران‪ ،‬والثياين‪ :‬اليدنار‬
‫واخلراب وعانل اخلوف الكوين؛ (وب لك ينفر الناس نن الثورة بسبب نا جتلبه نن‬
‫خراب)‪ .‬ويف ه ه الظروف ‪-‬التدخل اخلارجي والدنار‪ -‬فإن دعم النظام الي ي‬
‫يواجه الفتن ‪-‬أي الثورة‪ -‬دبلوناسيًّا واقتصاديًّا وحىت عسكريًّا‪ ،‬يكون نربرًا‪ ،‬كما‬
‫حصل يف البحرين‪ ،‬وه ا التقسيم ميكننا نن حتديد الدعم الفكري املعنوي‪ ،‬وك لك‬
‫الدعم املادي‪ ،‬ال ي تقدنه السعودي لألنظم احلليف هبدف نواجه الثورة‪.‬‬
‫وميكن القول‪ :‬إن السعودي تعارض الثورة نن خالل نفهوم الفتن ‪ ،‬وتدعمها‬
‫نن خالل نفهوم رفع الظلم‪ ،‬وسواء كان نوقفها دعم الثورة أو نعارضتها‪ ،‬فيإن‬
‫السعودي تسعى للربوز بشكل دائم يف حال تضاد نع إيران‪ ،‬فحينميا عارضيت‬
‫الثورة يف البحرين ‪-‬نثالً‪ -‬كانت السعودي تسعى لتحقيق األهداف الثالثي الييت‬
‫حتدثت عنها‪ :‬تأنني الداخل‪ ،‬وتأنني األنظم احلليف ‪ ،‬ونكافحي تقيدم نصياحل‬
‫األنظم املنافس ‪ .‬لقد استغالل الثورة يف البحرين ضد نظام احلكم لتقدميها على‬
‫أهنا ارهتان للخارج "إيران"‪ ،‬و يصعب ترويج ه ه الفكرة‪ ،‬خصوصًا يف ظل نقص‬
‫اخلربة السياسي لدى بعض الناشطني البحرينيني‪ ،‬وال ين قانوا بتقدمي خدن جمانيي‬
‫للنظام احلاكم يف البحرين والسعودي ‪.‬‬
‫لقد ظهروا ‪-‬وحديثنا نقتصر هنا على البعض وليس الكل‪ -‬مبظهر اليرافض‬
‫للحوار‪ ،‬وب لك " يب لوا جهدًا وطنيًّا لتجنيب البحرين نآالت عدم االستقرار"‪.‬‬
‫مث إهنم ينتبهوا بشكل إعالني وخطابيي لعملي الربط بينهم وبني إيران وحزب‬
‫اهلل اللبناين‪ .‬نن ذلك االعتماد شبه الكانل على اإلعالم اإليراين واللبناين ‪-‬امليوايل‬
‫حلزب اهلل‪ -‬يف الظهور وخماطب اجلمهور‪ ،‬واستخدام خطاب طائفي‪.‬‬
‫يف ظل ه ا الوضع يكن نن الصعب على اإلعالم البحيريين الرمسيي ‪-‬‬
‫ندعونًا باآلل اإلعالني السعودي اجلبارة‪ -‬تقدمي الثورة يف البحرين على أهنا حماول‬
‫إيراني لضم ه ه الدول العربي لتكون "احملافظ الي ‪ 13‬إليران"‪ ،‬ويف الوقت نفسه‪،‬‬
‫‪011‬‬
‫تساعد تصرحيات بعض املسئولني اإليرانيني ال ين حتدثوا يف ه ا االجتاه على نفي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وحني يتم تقدمي الثورة البحريني ‪-‬للعا العربيي عمونًا وللشيعب السيعودي‬
‫خصوصًا‪ -‬على أهنا حماول إيراني "البتالع دول خليجي "؛ فإن ربط أي حتر شعبيي‬
‫سعودي هب ه احملاول يكون أكثر سهول ‪ ،‬ويف ه ا تأنني للداخل السيعودي‪ ،‬اهليدف‬
‫األول للسياس اخلارجي السعودي ‪ ،‬ويف الوقت نفسه سعت الرياض نن خالل تدخلها‬
‫املباشر يف األزن البحريني إىل تأنني النظام احلليف هلا يف املنان ‪ ،‬ذلك أن سقوط النظام‬
‫البحريين على أيدي الثوار ميثل كارث على السعودي خاص ‪ ،‬وعلى بقي دول اخللييج‬
‫عان ‪ .‬إضاف إىل تأنني الداخل السعودي‪ ،‬ودعم النظام احلليف يف البحرين‪ ،‬فقد سعت‬
‫السياس اخلارجي للسعودي لكبح مجاح التغلغل اإليراين يف املنطق ‪.‬‬
‫ونن خالل ه ه األهداف الثالث ميكن فهم سياس السعودي جتياه الربييع‬
‫العربيي بشكل عام‪ ،‬وجتاه البحرين وسوري بشكل خاص‪ ،‬ويف هاتني اليدولتني‬
‫ميكننا رؤي التناقض بني السياستني اخلارجيتني لكل نن إيران والسعودي ‪ .‬ففي إبراز‬
‫نواقفها يف حال تناقض نع املواقف اإليراني بشكل دائم‪ ،‬تسعى السيعودي لبنياء‬
‫رأس نال رنزي‪ ،‬تكون هي قوة سالم‪ ،‬يف نقابل قوة اخلراب اإليراني ؛ وه ا يفتح‬
‫الباب على نصراعيه لتقدمي كل فتن ؛ أي ثورة تعارضها السعودي على أهنيا نين‬
‫تدبري إيران‪ :‬فدعاة التظاهر يف السعودي ندعونون نن قبل إييران ونظيرائهم يف‬
‫البحرين ك لك‪( ،‬حسب الرواي السعودي )‪ .‬ونن ناحي أخرى تستثمر السيعودي‬
‫الربيع السوري ‪-‬نثالً‪ -‬نن خالل إبراز الدور اإليراين فيه‪.‬‬
‫ويقوم ه ا االستثمار بدورين‪ :‬األول‪ ،‬تقدمي أي حماولي السيتلهام الربييع‬
‫العربيي يف السعودي على أهنا حماول إيراني لزعزع األنن داخليًّا‪ ،‬وربط الفاعلني‬
‫بإيران‪( ،‬ويف ذلك تأنني للداخل ضد املد الثوري‪-‬اهلدف األول يف قانون احلرك )‪،‬‬
‫والدليل على ذلك هو ترويج نقول أن الناشطني السعوديني ال ين دعوا إىل ثيورة‬
‫حنني يف ‪ 11‬نن نارس‪/‬خذار ‪ 3011‬هم ندعونون نن إيران‪ ،‬والدور الثاين الي ي‬
‫يقوم به ه ا االستثمار هو تقدمي إيران على أهنا ال تسعى خلدن نصياحل الشيعب‬
‫العربيي‪ ،‬بل خلدن نصاحلها هي؛ ول لك هي ال تدعم الثورة يف سيوري ‪ ،‬بيل‬
‫النظام‪ .‬وال بُدَّ نن أن نشدد هنا على عدة نقاط‪:‬‬
‫‪011‬‬
‫فمن جه تعد ثورات الربيع العربيي كلها بال استثناء عبارة عن فتن ‪ ،‬حسيب‬
‫وجه النظر السعودي ؛ ول لك فإن دعم الثورة السوري بكاف الوسائل ال يعين تربيرها‪،‬‬
‫ه ا هو املوقف السعودي الرمسي؛ ال حيق ألي شعب أن "خيرج عليى ويل األنير"‪،‬‬
‫وتزداد "خطيئ اخلروج على ويل األنر" فداح حينما يكون حاكمًا بي "كتياب اهلل‬
‫وسن نبيه"‪ ،‬كما هو احلال يف السعودي ‪ ،‬حسب وجه نظرها الرمسي ‪.‬‬
‫وبناء على ه ا فال نرى تناقضًا بني رؤي الثورة السوري عليى أهنيا فتني‬
‫(تدخالت خارجي نن جه ‪ ،‬ونشهد دنار وخراب نين أخيرى)‪ ،‬والتيدخل‬
‫السعودي لدعمها‪ ،‬ونا الدوران السعودي والقطري ‪-‬عليى سيبيل املثيال‪ -‬إال‬
‫تدخالت نن اخلارج؛ لكنها تدخالت تسعى "إىل رفيع الظليم" عين اإلخيوة‬
‫واألخوات السوريني‪.‬‬
‫ونن جه أخرى فإن نعارض السعودي للربيع العربيي تقوم على اختيزال‬
‫الثورة يف الفترة االنتقالي ؛ أي يف زنن الثورة‪ ،‬ونن خالل هي ا املنظيور نفهيم‬
‫اخلطاب اإلعالني السعودي ال ي ال يركز على املشاهد اإلجيابي للربيع؛ بل عليى‬
‫القتل والتشريد‪ ،‬فال نرى تركيزًا على احلري وحق املواطن يف االختيار‪ ،‬واالنفتياح‬
‫اإلعالني؛ بل نرى تركيزًا على اختالف القوى السياسي حول تشكيل احلكوني ‪،‬‬
‫أو على تزعزع األنن يف ه ه املنطق أو تلك نثالً‪.‬‬
‫إضاف إىل ذلك تقوم املعارض السعودي للربييع العربييي عليى اليدعم‬
‫الدبلوناسي واالقتصادي لألنظم احلليف اليت يهددها الربيع‪ ،‬فعندنا هددت اإلدارة‬
‫األنريكي بقطع املساعدات عن نصر نبار إن هي تستجب ملطالب املتظاهرين‬
‫يف نيدان التحرير ‪-‬نثالً‪ -‬تعهدت السعودي بتعويض القاهرة عن تلك املساعدات‬
‫األنريكي ‪ ،‬وحاولت الضغط على الواليات املتحدة للوقوف جبانب النظام يف نصر‪.‬‬
‫ويف السياق نفسه نفهم املساعدات السعودي لألردن والبحرين واملغرب‪ ،‬فكل ه ه‬
‫األنظم تشكل ركنًا أساسيًّا نن أركان األنن اإلقليمي؛ ول لك توجب دعمها‪.‬‬
‫ب‪ -‬دعم الثورو بودف رفع الظلم‪:‬‬
‫ينبين االختيار بني دعم الثورة ونعارضتها يف السياس اخلارجي السعودي ينبين‬
‫على ثالث ‪ :‬تأنني الداخل ضد ثورات الربيع العربيي‪ ،‬وتأنني األنظمي احلليفي ‪،‬‬
‫‪011‬‬
‫ونكافح تقدم نصاحل األنظم املنافس ؛ وعليه فال بُدَّ أن تكون نواقف السيعودي‬
‫نتناغم نع اخلط العام املوجه هلا‪ ،‬وأن ال تكون نتناقض بشكل جيعل بعضها ينفي‬
‫ويستبعد البعض اآلخر‪ ،mutually exclusive ،‬وه ا نن دهاء القائمني عليها‪.‬‬
‫بناء على ذلك ال بُدَّ أن يكون الدعم للثورة "دعمًا نسقيًّا"؛ مبعىن أنه جيب أن‬
‫يكون دعمًا مميتًا‪ ،‬وكما حتدث عبد اهلل الغ اني يف نظريته عن النقد الثقايف يف نقد‬
‫األنساق العربي ‪ ،‬يف كتابه (النقد الثقايف) عن املعارض النسقي ‪ ،‬نتحدث هنا عين‬
‫الدعم النسقي‪ ،‬فاملعارض النسقي تعين تلك املعارض اليت تستخدم البني األساسيي‬
‫للشيء ال ي تعارضه‪ ،‬وهب ا بدل أن تقوم بالقضاء على الشيء املعارَض‪ ،‬فإهنا تقوم‬
‫بتعزيزه والسهر على بقائه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫واستلهانًا هل ا املنطق يف املعارض اليت مساها الغ اني باملعارضي النسيقي‬
‫ميكن القول هنا إن دعم السعودي للثورة هو دعم نسقي‪ .‬فكميا أن املعارضي‬
‫النسقي هي نعارض حتيي‪ ،‬نقول هنا‪ :‬إن الدعم النسقي هو دعم مييت‪ .‬ولكين‬
‫الفرق بني املعارض النسقي والدعم النسقي هو أن ه ا األخري عبارة عين فعيل‬
‫واعٍ‪ ،‬بعكس املعارض النسقي ‪ ،‬فإن السعودي تقوم بدعم الثورة دعمًيا مييتيها؛‬
‫ول لك نقول‪ :‬إنه دعم نسقي‪ ،‬وأوىل خطوة ختطوها السعودي يف طريق دعم ثورة‬
‫نا نن ثورات الربيع العربيي‪ ،‬هي تعزيز قدرهتا؛ أي قيدرة السيعودي ‪ ،‬عليى‬
‫نعارض الثورة‪.‬‬
‫وتقوم السعودي نن االنتقال نن نوقع املعارض للثورة يف البحيرين‪ ،‬ملوقيع‬
‫الداعم هلا يف سوري ‪-‬نثالً‪ -‬عرب فكرة الفتن ‪ ،‬فأداة نعارض الثورة نفسها هي ذاهتا‬
‫أداة دعمها؛ وب لك تستمر الثورة يف كوهنا شيئًا سيئًا وجيب االبتعاد عنه‪ ،‬خصوصًا‬
‫بالنسب إىل املواطن السعودي! وكما يقول الفيلسوف األيرلندي ‪-‬صاحب نظريي‬
‫الالنادي ‪ -‬جورج بريكلي‪ ،)To Be is To Be perceived( :‬أن تكون هو أن يتم‬
‫تصور ؛ فكينون الثورة هي يف كيفي تصورها‪.‬‬
‫ويف نوضع املعارض نرى سلو السياس اخلارجي السعودي ال يركز على‬
‫سياق العنف؛ بل على العنف ذاته‪ ،‬وهي ب لك جتعل العنف صف عان لثيورة‬

‫عبد اهلل الغ اني‪" ،‬النقد الثقايف‪ :‬قراءة يف األنساق الثقافي العربي "‪( ،‬الربياط‪ :‬املركيز‬ ‫‪1‬‬
‫الثقايف العربيي‪ ،‬ط‪ ،)3009 :1‬ص‪.13‬‬
‫‪011‬‬
‫الربيع العربيي‪ ،‬بينما حني تقرر السعودي دعم الثورة‪ ،‬فنيرى انتقياالً نين‬
‫العموني للتخصيص‪ :‬ينتقل التركيز نن السم العان ‪-‬وهي العنف‪ -‬إىل سياقها‬
‫املصاحب‪.‬‬
‫فنرى نصدر العنف فجأة يأخ نوقع الصدارة يف اخلطاب اإلعالني نيثالً‪،‬‬
‫وكأن السعودي تقول‪ :‬إن العنف هو الثورة‪ .‬لكنها يف البليدان الييت ال تيدعم‬
‫السعودي الثورة فيها‪ ،‬يكون نصدره الثورة فقط‪ ،‬وه ا هو كل نا جييب عليى‬
‫املتلقي أن يفكر فيه؛ أي أن الثورة هي العانل الوحيد املسبب للعنف؛ بينما حيني‬
‫تقرر السعودي دعم الثورة يف نكان نا‪ ،‬فإن نصدر العنف يصبح الثيورة ذاهتيا‪،‬‬
‫باإلضاف إىل النظام تبقى الثورة دائمًا نصدرًا رئيسيًّا للعنف؛ وهب ا فيإن اليدعم‬
‫يصبح دعمًا نسقيًّا‪ ،‬أي دعمًا مميتًا‪.‬‬
‫ويالحظ أن فكرة العنف هي فكرة أساسي يف نوقف السعودي نين الربييع‬
‫العربيي؛ فالثورة فتن ‪ ،‬والعنف عنصر أساسي يف ه ه الفتن ‪ ،‬ورفع الظليم عين‬
‫اإلخوة واألخوات ‪-‬أيضًا‪ -‬يستند إىل العنف الواقع عليهم؛ فلوال وجود العنف‪ ،‬ملا‬
‫وقع الظلم عليهم‪ .‬ول لك نرى أنه نن الضروري حتديد مسات ه ا العنف بالنسيب‬
‫إىل السعودي يف النقاط التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬جيب أن يكون نوجهًا ضد األشخاص‪( ،‬ال يهم العنف الواقع ضد البيئي أو‬
‫البني التحتي نثالً)‪.‬‬
‫‪ -3‬جيب أن يكون نفرطًا وغري نتكافت‪.‬‬
‫‪ -2‬جيب أن يكون عنفًا ننهجيًّا؛ وهب ا يكون له دورة‪ :‬تبدأ نع استخدام النظيام‬
‫للعنف ضد الثوار العزل‪ ،‬وتنتهي برحيل ه ا النظام‪.‬‬
‫‪ -3‬جيب أن يكون باهظ الكلف البشري ‪.‬‬
‫جيب أن يكون العنف هب ه الصفات حىت تصبح نعارضته نعارضي للثيورة‬
‫نفسها‪ ،‬فحني تتدخل السعودي لرفع الظلم عن األشقاء السوريني‪ ،‬فيإن تدخليها‬
‫يكون نبنيًّا على ظهور العنف الواقع عليهم هب ا املظهر (السمات األربع)‪ .‬وب لك‬
‫تترسخ فكرة أن الثورة فتن وباهظ الكلف البشري ‪ ،‬وتقود إىل عنف نفيرط غيري‬
‫نتكافت‪ ،‬نوجهًا ضد األشخاص؛ وهب ا ترتعد فرائص كل نن يفكر ‪-‬جمرد تفكري‪-‬‬
‫يف النيزول إىل الشارع‪.‬‬
‫‪016‬‬
‫وبعد أن تب ر السعودي ب ور فناء الثورة كفكرة‪ ،‬عرب ترسييخ مسيات‬
‫الع نف ه ه‪ ،‬تتدخل لتدعم الثورة‪ ،‬كما هو حاصل يف سوري حاليًّيا عيرب‬
‫وسائل نتعددة؛ ننها‪ :‬الدعم اإلعالني‪ ،‬والدعم الدبلوناسي‪ .‬فقيد كانيت‬
‫السعودي نن أوائل الدول اليت اعترفت بالثوار السوريني كممثل شرعي وحيد‬
‫للشعب السوري‪ ،‬وقس على ذلك سحب السفري السعودي نن دنشق‪ ..‬إخل‪،‬‬
‫أض ف إىل ذلك أن الغطاء الدبلوناسي ال ي توفره السعودي للثوار السوريني‬
‫‪ -‬يف احملافل الدولي أو يف املنظمات اإلقليمي وأطر العمل املشتر يف العيا‬
‫العر ‪ -‬عرب استثمار نفوذها القوي وثقلها الكبري لدعم الثورة‪ ،‬يكاد يكيون‬
‫العانل الرئيسي حلماي الثوار دبلوناسيًّا‪ .‬وبع د ذلك ييأيت اليدعم امليادي‬
‫واللوجسيت ال ي تقدنه السعودي بسخاء للثوار السوريني‪ ،‬ونساعدهتم عيرب‬
‫التعاون االستخبارايت‪ ،‬وتقدمي النصح فيما يتعليق بالتكتيكيات العسيكري‬
‫ووسائل التنظيم والتحر ‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬أوجه الشبه واالختالف بين موارف السعودية وبقية دول الخليج‪:‬‬
‫يركز التحليل يف ه ا اإلطار على أنرين‪ :‬األول‪ ،‬هو حماول التعيرف عليى‬
‫حمددات العمل اخلليجي البيين‪ .‬والثاين‪ ،‬هو توصيف ألوجه التشابه واالختالف بني‬
‫املوقف السعودي ونواقف بقي دول اخلليج نن الربيع العربيي‪.‬‬
‫‪ 1‬محددا العمل الخليجي البيني‪:‬‬

‫أ‪ -‬التمايز بودف موازنة النفوذ‪:‬‬


‫تسعى نعظم دول اخلليج ‪-‬خصوصًا قطر واإلنارات العربيي املتحيدة‪ -‬إىل‬
‫التمايز عن السعودي ؛ هبدف االستقالل عنها‪ .‬ويف ه ا اإلطار يبدو "الغاز القطري"‬
‫نثاالً عميق الدالل ‪ ،‬حيث تقوم قطر باستثمارات هائل يف جمال الغاز‪ ،‬ونا اسيتتبع‬
‫ذلك نن جهود حثيث وجادة إلنشاء ننظم دولي للغاز‪ ،‬على غرار ننظم أوبيك‬
‫للبترول‪ ،‬مما سيخلق فرصا دبلوناسي نغري لقطر‪ ،‬كما أن قطر تسعى إىل ترسييخ‬
‫متايزها الديين عن السعودي ‪ .‬واستنادًا إىل املنطق نفسه‪ ،‬نيرى أن أحيد أهيداف‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬غري النفطي ال ي تقوم به اإلنارات‪ ،‬هو خلق فضاء اقتصادي‬
‫‪017‬‬
‫غري نرهتن للنفط‪ ،‬ال ي تؤثر فيه السعودي بشكل كبري‪ ،‬وميكن القياس على ذلك‪،‬‬
‫سواء يف النشاط الثقايف‪ ،‬الرياضي‪ ،‬اإلعالني‪ ..‬إخل‪.‬‬
‫ب‪ -‬تعريف "التعاون" في مجال العمل المشترك‪:‬‬
‫اإلطار ال ي جيمع دول اخلليج العربيي هيو إطيار جمليس التعياون‬
‫اخلليجي‪ ،‬وملسماه دالل عميق على فعله ودوره؛ ول كن نفهوم التعاون خيتلف‬
‫نن دول خليجي ألخرى‪ ،‬وبناء على ه ا االختالف‪ ،‬تتحدد السياس البينيي‬
‫اخلليجي ؛ ول لك يأيت تعريف التعاون يف الترتيب الثاين على قائم حميددات‬
‫السياس البيني اخلليجي ‪ .‬ويبدو أن تعريف السعودي للتعاون خيتليف عين‬
‫كل نن نظرييه اإلنارايت والق طري‪ ،‬فالتعريف السعودي يقيوم عليى عيدة‬
‫نقاط‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن تكون الرياض عاصم التعاون ونقط انطالقه‪ .‬وعلى ه ا األسياس‬
‫ميكن فهم إصرار السعودي الدائم على استضاف الغالبي العظمى ملؤسسات جمليس‬
‫التعاون اخلليجي‪1‬؛ ونا اخلالف السعودي اإلنارايت على نقير البنيك املركيزي‬
‫اخلليجي إال نثاالً على ه ه النقط ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن ال خترج عالقات دول اجمللس وحتالفاهتا عن إطار حتالفات اجملليس‬
‫نفسه؛ مبعىن أن يكون جمللس التعاون اخلليجي نكان نتقدن فيما يتعلق بالتأثري على‬
‫سياسات دول األعضاء اخلارجي ‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن تكون املصاحل األنني هي احملور الرئيس للتعاون‪.‬‬
‫ويف املقابل فإن التعريف اإلنارايت ‪-‬نثالً‪ -‬يقوم على نقاط ال تتفق بالضرورة‬
‫نع التعريف السعودي؛ فالتعريف اإلنارايت يقوم على التايل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬جيب أن تكون عواصم كاف دول اخلليج العربيي‪ ،‬وليس السيعودي‬
‫وحدها‪ ،‬ننطلق للعمل اخلليج املشتر ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن ال ينال جملس التعاون اخلليجي نن استقاللي الدول األعضاء‪ ،‬سواء‬
‫يف سياستها اخلارجي أو غري ذلك‪.‬‬

‫‪Hertog, Steffen (2010). Princes, Brokers, and Bureaucrats: Oil and the‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪State in Saudi Arabia. (Ithaca, Cornell University Press).‬‬

‫‪018‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن حتصل الفضاءات االقتصادي على نكان نتقدن ‪ ،‬وعدم هيمن سؤال‬
‫األنن على فضاء العمل اخلليجي‪ .‬وه ا سيعزز نن دور اإلنارات‪ ،‬إذا نا نظرنا إىل‬
‫بنيتها االقتصادي املتقدن ‪.‬‬
‫ولكل نا سبق نقول إن احملدد الثاين لسياسات التعاون اخلليجي هو تعرييف‬
‫التعاون‪ .‬وعلى الرغم نن ه ه االختالفات يف التعاريف‪ ،‬فإن التعاون األنين يبقيى‬
‫ننطق عالي اإلنتاجي بني دول اخلليج العربيي؛ وه ا عائد لترابط البني األننيي‬
‫اخلليجي ‪ ،‬وتشابه عناصر التهديد‪.‬‬

‫ج‪ -‬التحالف مع الغرب‪:‬‬


‫ثالث احملددات احلاكم للعمل اخلليجي هو حتالف دوله نع الغيرب‪ ،‬وهلي ا‬
‫التحالف درجات نتفاوت وفضاءات نتعددة؛ ولكنه يف الغالب تعاون وثيق‪ ،‬حبكم‬
‫ارتباط اقتصاديات اخلليج باالقتصاديات الغربي ؛ ونن ثَمَّ ارتباطها أننيًّا بيالغرب؛‬
‫وهل ا التحالف استحقاقات دبلوناسي ميكن اعتبارها حمددًا نن حمددات السياسات‬
‫البيني لدول اخلليج العربيي‪.‬‬

‫‪ 1‬التشابه واالختالف بـين المورـف السـعودي وموارـف بقيـة دول الخلـيج مـن‬
‫الربيع العربي‪:‬‬
‫يف ضوء احملددات السابق ميكن القول إن املوقف اخلليجي يكن نوحدًا يف‬
‫كل األحوال؛ بسبب اختالف املصاحل والرؤى فيما يتعلق بالتعانل نيع ثيورات‬
‫الربيع العربيي‪ ،‬فقد كان نوحدًا ألسباب أنني يف نواقف نعين ‪ ،‬ونتفرقًا ألسباب‬
‫تتعلق بالتنافس فيما بني دول اخلليج يف نواقف أخرى‪ .‬ففي الوقت ال ي دعميت‬
‫فيه السعودي واإلنارات نظام نبار بشىت الطرق والوسائل‪ ،‬تتخ قطر اإلجراء‬
‫نفسه؛ بل اخت ت إجراء خمالفًا‪ ،‬فمن الواضح أن نظام نبار كان حليفًيا وثيقًيا‬
‫للسعودي ‪ ،‬وداعمًا هلا خصوصًا يف تنافسها الشديد نع إيران على اهليمن اإلقليمي ‪،‬‬
‫وقد كان التوازن نع إيران نصلح إناراتي أيضًيا‪ ،‬باإلضياف إىل نصيلحتها يف‬
‫التوازن‪ ،‬تنظر اإلنارات إىل فرص وصول اإلخوان للسلط بشيكل إجيابييي‪،‬‬
‫وكان ه ا سببًا خخر لدعم نظام نبار ‪.‬‬
‫‪019‬‬
‫لكن قطر ويف خضم سعيها احلثيث لتوسيع رقع نفوذها يف املنطق ‪ ،‬يكين‬
‫ليشكل سقوط نظام نبار عليها خطرًا ي كر؛ بل على العكس سيقوم ذلك خبلق‬
‫فرص دبلوناسي كثرية هلا‪ ،‬وه ا بالفعل نا حدث‪ ،‬واشترا قطر نيع إييران يف‬
‫حقول غازي ونفطي ‪ ،‬يدفع بالطرفني القطري واإليراين على التعانل حب ر شديد نع‬
‫بعضهما البعض؛ ول لك ال نرى توجسًا ي كر لدى قطر نن إيران أو دور إيران‪.‬‬
‫وعلى الرغم نن نصلح اخلليج يف مين نستقر ‪-‬نثالً‪ -‬فإن التعانل القطيري‬
‫نع احلوثيني أو التيارات املعارض لعلي عبد اهلل صاحل‪ ،‬يكن نتطابقًا نع نظريييه‬
‫السعودي واإلنارايت نثالً؛ فقطر نتعطش لكسب أوراق دبلوناسي جديدة‪ ،‬وه ا‬
‫جيعلها ننفتح على كل األطراف‪ ،‬ونستعدة للتفاوض‪ .‬ويف املقابل ميكن أن نيرى‬
‫تقاربًا كبريًا فيما خيص املوقف نن الثورة السوري ‪ ،‬فللجمييع نصيلح يف زوال‬
‫النظام السوري‪ ،‬باستثناء إيران‪ .1‬و يكن ذلك ليشكل عانل قلق للقطيريني‪ ،‬ويف‬
‫الوقت ال ي تسعى فيه قطر لضم حرك محاس لصفها‪ ،‬والتقارب نع اإلخيوان يف‬
‫نصر‪ ،‬نرى السعودي تركز على إسقاط األسد فقط‪ ،‬فال تزال السيعودي متتليك‬
‫أوراقًا كثرية نع حرك فتح‪ ،‬ويف الوقت نفسه نع بعض التييارات السياسيي يف‬
‫نصر؛ ول لك ال ترى السعودي حاج يف التوسع‪ ،‬مما يعين اليدخول يف نعركي‬
‫تنافسي نع قطر‪ ،‬يف أي نن اجملالني‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يف ضوء نا سبق‪ ،‬ميكن استخالص اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬اتسم املوقف السعودي املبدئي نن الربيع العربيي بأنه نوقف نعارض؛ ألن‬
‫ه ا الربيع يشكل هتديدًا بالنسب إليها‪ .‬وبناءً على القائم التقليدي لسياسيتها‬
‫اخلارجي ‪ ،‬تتعانل السعودي نع ه ا التهديد‪ ،‬وتسعى بشكل حازم ملعارضي‬
‫الثورة؛ ولكن حني هتب رياح التغيري على أنظم غري نتحالفي نعهيا فيإن‬
‫السعودي تقوم بدعم الثورة‪.‬‬
‫‪ -‬حتم ننطق املصاحل على السعودي دعم حرا الربيع العربيي يف بعض الدول‬
‫اليت وصل إليها‪ ،‬وه ا تسبب يف بروز إشكالي تربيير اليدعم يف نوضيع‪،‬‬

‫‪http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=146156‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪011‬‬
‫واملعارض يف نوضع خخر؛ ول لك كانت السعودي حباج لتعريف ميكين أن‬
‫تستند إليه املعارض ‪ ،‬كما ميكن أن يستند إليه الدعم‪.‬‬
‫‪ -‬استندت السعودي يف تربير نوقفها الداعم أو الرافض لثورات الربيع العربيي‬
‫على تعريف نعني للثورة‪ ،‬وذلك بأهنا "فتن وندعاة للخراب والدنار؛ لكين‬
‫املسامه يف رفع الظلم عن اإلخوة واألخوات يف الدول العربي يف حال وقيع‬
‫عليهم هو واجب ال بد نن القيام به"‪.‬‬
‫لكن الثورة يف مجيع األحيان تبقى فتن ‪ ،‬واملوقف السيعودي ننيها يبقيى‬
‫سلبيًّا‪.‬‬
‫‪ -‬أن السعودي تعارض الثورة نن خالل نفهوم الفتن ‪ ،‬وتدعمها نين خيالل‬
‫نفهوم رفع الظلم‪ ،‬وسواء كان نوقفها دعم الثيورة أو نعارضيتها‪ ،‬فيإن‬
‫السعودي تسعى للربوز بشكل دائم يف حال تضاد نع إيران‪ ،‬كما هو احليال‬
‫يف األزن السوري نثالً‪.‬‬
‫‪ -‬أن االختيار بني دعم الثورة ونعارضتها يف السياس اخلارجي السعودي نيبين‬
‫على ثالث أهداف رئيسي ‪ ،‬هي‪ :‬تأنني الداخل نن ارتدادات ثورات الربييع‬
‫العربيي‪ ،‬وتأنني األنظم احلليف ‪ ،‬ونكافح تقدم نصاحل األنظم املنافسي ‪.‬‬
‫وعليه كان ال بُدَّ وأن تكون نواقف السياس السعودي نتناغم نع اخلط العام‬
‫املوجه هلا وننسجم نع بعضها البعض يف هناي املطاف‪.‬‬
‫على وجه العموم‪ ،‬يكن املوقف اخلليجي نوحدًا فيما يتعلق بالتعانل نيع‬
‫ثورات الربيع العربيي؛ بسبب اختالف املصاحل والرؤى‪ ،‬فقيد كيان نوحيدًا‬
‫ألسباب أنني يف نواقف نعين ‪ ،‬وخمتلفًا ألسباب تتعلق بالتنافس فيميا بيني دول‬
‫اخلليج يف نواقف أخرى‪.‬‬
‫ففي الوقت ال ي دعمت فيه كل نن السعودي واإلنارات نظام نبيار ‪،‬‬
‫تتخ قطر اإلجراء نفسه؛ بل اخت ت إجراء خمالفًا‪ ،‬فمن الواضح أن نظيام نبيار‬
‫كان حليفًا وثيقًا للسعودي ‪ ،‬وداعمًا هلا خصوصًا يف تنافسها الشديد نع إيران على‬
‫اهليمن اإلقليمي ‪ ،‬وقد كان التوازن نع إيران نصلح إناراتي أيضًا‪ ،‬باإلضياف إىل‬
‫نصلحتها يف التوازن‪ ،‬تنظر اإلنارات إىل فرص وصول اإلخوان للسلط بشيكل‬
‫إجيابيي‪ ،‬وكان ه ا سببًا خخر لدعم نظام نبار ‪.‬‬
‫‪010‬‬
‫لكن قطر ويف خضم سعيها احلثيث لتوسيع رقع نفوذها يف املنطق ‪ ،‬يكين‬
‫ليشكل سقوط نظام نبار عليها خطرًا ي كر؛ بل على العكس سيقوم ذلك خبلق‬
‫فرص دبلوناسي كثرية هلا‪ ،‬وه ا بالفعل نا حدث‪ ،‬واشترا قطر نيع إييران يف‬
‫حقول إنتاج الطاق نن الغاز والنفط‪ ،‬يدفع بالطرفني القطري واإليراين على التعانل‬
‫حب ر شديد نع بعضهما البعض؛ ول لك ال نرى توجسًا ي كر لدى قطر نن إيران‬
‫أو دورها‪.‬‬
‫وعلى الرغم نن نصلح اخلليج يف مين نستقر ‪-‬نثالً‪ -‬فإن التعانل القطيري‬
‫نع احلوثيني أو التيارات املعارض لعلي عبد اهلل صاحل‪ ،‬يكن نتطابقًا نع نظريييه‬
‫السعودي واإلنارايت نثالً؛ فقطر سعت إىل كسب أوراق دبلوناسي جديدة‪ ،‬وه ا‬
‫األنر جعلها ننفتح على كل األطراف‪ ،‬ونستعدة للتفاوض‪ .‬ويف املقابل ميكين أن‬
‫نرى تقاربًا كبريًا فيما خيص املوقف السعودي نع بقي املواقف اخلليجي نن الثورة‬
‫السوري ‪ ،‬فللجميع يف ه ه احلال حتديداً نصلح يف زوال النظام السوري القيائم‬
‫حالياً‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫المورف اإلماراتي من ثو ار الربيع العربي‬
‫د خالد المزيني‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫جاءت تأثريات نا يسمى بي "الربيع العربيي"‪ 1‬على الكثري نن دول املنطق‬
‫نغايرة للتوقعات على الصعيدين اإلقليمي والدويل‪ ،‬فبينميا خلقيت التحركيات‬
‫الشعبي بصيص أنل لبداي حقب جديدة للعا العربيي‪ ،‬فإهنا نن ناحيي أخيرى‬
‫نثَّلت بداي ملرحل عدم استقرار نسبيي أو كلي يف الكثري نن احلاالت‪ .‬وأثيرت‬
‫ه ه التحركات اليت بدأت نن يناير‪ :‬كانون الثاين ‪ 3011‬بشكل كبري على أغلب‬
‫اجلمهوريات وامللكيات يف املنطق العربي ؛ فبينما سقطت بعيض اجلمهورييات‪،‬‬
‫قاونت امللكيات ه ا التغيري لعدة أسباب حيث ختتلف كل حال على حدة وفقياً‬
‫خلصوصي كل ننها على حنو نا سنبني الحقاً‪.‬‬
‫وقد تباينت املواقف اخلليجي يف التعاطي نع املتغريات اجلدييدة يف املنطقي ‪،‬‬
‫وذلك حسب طبيع كل دول وندى وحجم ونوعي الضغوط الشعبي املتوفرة نن‬
‫عدنها؛ إذ تعترب اإلنارات وقطر نن أقل الدول تأثرًا بالثورات والتحركات الشعبي‬
‫اليت زلزلت بعض بلدان العا العربيي يف العانني األخريين‪ .‬ويرجع ذلك للعدييد‬
‫نن األسباب‪ ،‬ننها استمراري االقتصاد الريعي والوالء الكبري هل ه امللكيات‪ .‬ولكن‬
‫بالرغم نن ضخ اإلنارات الكثري نن األنوال ليدعم االسيتقرار‪ ،‬إال أن الربييع‬
‫العربيي غيَّر الكثري نن نالنح السياس الداخلي واخلارجي للدول ‪ ،‬وننها اليتغري‬
‫امللحوظ يف العالقات اإلناراتي نع دول الثورات العربي ‪ .‬ه ا التغري أدى لتبين دول‬
‫اإلنارات نواقف خمتلف (ويف بعض األحيان نشاهب ) عن الكثري نن الدول اخلليجي‬

‫سوف أستخدم تعبري "الربيع العربيي" والتسميات األخرى الدارج نثيل الثيورات‬ ‫‪1‬‬
‫الشعبي والتحركات الشعبي لثشارة إىل نا أُطلق عليه نن عام ‪ 3011‬الربيع العربيي‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫والعربي بشكل عام‪ .‬باإلضاف إىل ذلك‪ ،‬فإن التغري امللحوظ يف سيلو السياسي‬
‫اخلارجي لدول اإلنارات جتاه بعض احلركات اإلسيالني ‪ ،‬وخباصي اإلخيوان‬
‫املسلمني‪ ،‬جاء نتيج تفاعالت داخلي وخارجي ‪.‬‬
‫تسعى ه ه الورق البحثي إىل دراس نوقف اإلنيارات جتياه التحركيات‬
‫الشعبي ‪ ،‬وبشكل خاص حتليل السياس اخلارجي لدول اإلنارات جتاه دول الربييع‬
‫العربيي‪ .‬وتطرح ه ه الورق ثالث أسئل رئيس ‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -‬كيف نوضح السلو اخلارجي اجلديد لدول اإلنارات جتاه املتغريات اجلديدة‬
‫يف املنطق العربي ‪ ،‬وبشكل خاص جتاه اليدول الييت شيهدت حتركيات‬
‫شعبي ؟‬
‫‪ -‬نا هي املتغريات اجلديدة يف السياس اخلارجي اإلناراتي ؟‬
‫‪ -‬نا أوجه الشبه واالختالف بني اإلنارات ودول اخلليج األخرى يف تعانلها نع‬
‫التحركات الشعبي يف املنطق العربي ‪ ،‬وبشكل خاص جتاه حرك "اإلخيوان‬
‫املسلمني"؟‬

‫أوالً‪ :‬محددا السلوك الخارجي للدول الصغيرو‪:‬‬


‫بالرغم نن النقاشات والكتابات يف السنوات السابق حول نفهيوم اليدول‬
‫الصغرية‪ ،‬نا زال ه ا املفهوم يف السياق العربيي ضعيفًا لعدم وجيود دراسيات‬
‫نظري تعاجل السلو اخلارجي للدول العربي الصغرية‪ .‬وقد اجتهت أغلب الدراسات‬
‫لوضع نعايري نعين للوصول إىل تعريف للدول الصغرية‪ ،‬وأهم ه ه املعيايري هيي‪:‬‬
‫عدد السكان واملساح اجلغرافي ‪ .‬ولكن بالرغم نن وضع ه ه املعايري‪ ،‬كما يوضح‬
‫باس (‪ ،)3000 :109‬ال يوجد تعريف نرضٍ‪ .‬فاملشكل التعريفي تكمن يف أن هنا‬
‫دوالً صغرية حبسب املعيارين اجلغرايف والسكاين) هلا سلو الدول الكيبرية نثيل‬
‫إسرائيل (فلسطني احملتل )؛ ل لك يناقش جني هاي أنه ال توجيد حاجي لوضيع‬
‫تعريف لتفسري توظيف "صغر الدول " كأداة حتليلي لفهم السلو اخلارجي لليدول‬
‫الصغرية‪.1‬‬

‫‪Hey, A.K. Jeanne (ed), Small States in World Politics: Explaining‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Foreign Policy Behavior (Boulder: Lynne Rienner, 2003), p. 2.‬‬

‫‪011‬‬
‫ويضيف فيتال وساندريس وفون دانكني أن نعيار تأثري الدولي الصيغرية يف‬
‫الشؤون الدولي نهم جدًّا‪1‬؛ فالدول الصغرية ختتلف نن حيث تأثريها اإلقليميي أو‬
‫الدويل؛ فعلى سبيل املثال‪ ،‬الدول الصغرية يف العا املتقدم والعا الناني ختتلف يف‬
‫سلوكها اخلارجي ودورها يف اجملتمع الدويل؛ فالدول الصغرية يف الشرق األوسيط‬
‫ختتلف أيضًا فيما بينها‪ ،‬فهنا دول نثل قطر واإلنارات والكويت هلا تأثري بسبب‬
‫قدراهتا االقتصادي واملادي أكثر نن تلك الدول ذات احلجم اجلغيرايف والسيكاين‬
‫األكرب يف نفس املنطق ؛ حيث توظف إنكانياهتا للعب أدوار أكرب نن حجمها‪.‬‬
‫ويضيف حسن على إبراهيم‪" :‬إن الدور اخلارجي ال ي تلعبه أي دول صغرية‬
‫هو جزء نن عملي بناء الدول املستمر‪ ،‬وبشكل خاص دول اخلليج‪ ،‬وباإلضاف هل ا‬
‫الدور إبراز هوي الدول "‪ .2‬ل ا وألغراض ه ه الورق البحثي ‪ ،‬فإن تعريف الدولي‬
‫الصغرية سيكون نبنيًّا على تفسري روبرت روثستاين وروبرت كيوهن‪ ،‬وهيو أن‬
‫البعد السيكولوجي لدى الدول الصغرية نهم جدًّا حيث إن القوة الصيغرى هيي‬
‫حال حينما تشعر دول صغرية نا بأهنا ال تستطيع احلصول على األنن بنفسها وحىت‬
‫باستخدام إنكانياهتا؛ فل لك فإنه نن الضروري االسيتعان باليدول األخيرى‪.‬‬
‫ويضيف كيوهن‪ :‬إن الدول الصغرية ال تستطيع لعب أدوار إقليمي مبفردها حيىت‬
‫وإن كانت نع جمموع نن الدول الصغرية‪ ،‬ألهنا ال تشعر بأهنا تستطيع التأثري عليى‬
‫النظام الدويل أو اإلقليمي‪ .3‬ل لك فإن الدول الصغرية ستختلف يف الكيثري نين‬
‫األحيان يف خلق سلو خارجي لتعزيز أننها واحلفاظ على استمراري نظانها‪ ،‬وإن‬
‫اختاذ سلو ننفرد نا هو إال حال لردة فعل نؤقت ‪ ،‬وبشكل خاص يف وجود دول‬
‫صغريةٍ نا يف نظام إقليمي نعني نثل جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫ونفوذ الدول الصغرية رمبا ميتد بشكل كبري خارج حدودها اجلغرافي ورمبيا‬
‫ميتد أيضًا إىل خارج إقليمها‪ ،‬فه ا دليل على قوة سياستها اخلارجي ‪ ،‬فرمبا تكيون‬
‫نؤقت خالل فترة زنني نعين ‪ ،‬ورمبا ميتد لسنوات حينما ختلق ثقالً سياسيًّا هلا على‬

‫‪.Ibid‬‬ ‫‪1‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬حسن علي‪ ،‬الدول الصغرية والنظام الدويل‪ :‬الكويت واخلليج‪ ،‬نؤسس األحباث‬ ‫‪2‬‬
‫العربي ‪.)1983( ،‬‬
‫‪Hey, A.K. Jeanne (ed), Small States in World Politics: Explaining‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪.Foreign Policy Behavior (Boulder: Lynne Rienner, 2003), p.p 2-3‬‬
‫‪011‬‬
‫مجيع املستويات‪ .‬ولكن وعلى نرِّ السنوات املاضي سلَّمت ه ه الدول ‪-‬وباألخص‬
‫الدول الصغرية والضعيف األخرى يف املنطق ‪ -‬سياس إدارة األزنيات اإلقليميي‬
‫للدول األكرب ننها حجمًا‪ :‬السعودي ونصر وسوريا والعراق واجلزائر‪.‬‬

‫المحددا واألدوا ‪:‬‬ ‫ثانيا‪ :‬السياسة الخارجية لدولة اإلما ار‬


‫ً‬
‫تندرج دول اإلنارات حتت نسمى الدول الصغرية )‪ (micro state‬فحجماها‬
‫اجلغرايف والسكاين الصغريان فرضا عليها سلوكًا خمتلفًا عن الكثري نن الدول يف املنطق ‪.‬‬
‫فالشعور بالتهديد اخلارجي‪ ،‬وحىت التهديد اإليراين املتصيور (‪)Imagined threat‬‬
‫كما يعرِّفه فريد هاليدي (‪ )Fred Halliday‬أثَّر بشكل كبري على السياس الداخلي‬
‫واخلارجي نن نشأة ه ه الدول عام ‪.1991‬‬
‫فمن أول اختبار للسياس اخلارجي اإلناراتي عام ‪ 1991‬حني احتلت إييران‬
‫جزرها الثالث (طنب الكربى والصغرى وأبو نوسى) بدأت اإلنيارات‪ ،‬كدولي‬
‫صغرية‪ ،‬بأخ سلو ح ر يف تعانالهتا اخلارجي ‪ ،‬وبنت بشكل كبري عالقات نيع‬
‫الكثري نن الدول‪ ،‬ليس فقط لدعم األنن الوطين ولكن أيضًا لالعتيراف بنشيأهتا‬
‫ككيان نستقل‪ .‬فمن ه ا االختبار األول قانت اإلنارات‪ ،‬بالرغم نين احيتالل‬
‫جزرها‪ ،‬بسياس بناء عالقات وطيدة نع الدول العربي ‪ ،‬اليت ساندهتا يف نوقفها جتاه‬
‫قضيه اجلزر‪.‬‬
‫وكانت سياس رئيسها السابق الشيخ زايد بن سلطان خل هنيان ‪-‬رمحه اهلل‪،-‬‬
‫تقوم على عدم خلق خالفات نع دول اجلوار بغض النظر عين قضيي اجليزر؛‬
‫فمشاكل احلدود نع كل نن عُمان والسعودي على سبيل املثال‪ ،‬متيت نعاجلتيها‬
‫بطريقه سلمي ؛ ل لك سيناقش ه ا القسم بشكل نوجز السلو اخلارجي اإلنارايت‬
‫وبشكل خاص احملددات واألدوات‪.‬‬
‫وعلى ندى األربعني عانًا املاضي حققت السياس اخلارجي اإلناراتي إجنازات‬
‫على الصعيد العربيي؛ فمن نشأهتا وحىت عام ‪ ،3003‬اتسمت اإلنارات بسياسي‬
‫تعزيز الروابط والعالقات العربي والدعم غري احملدود للعديد نن القضيايا العربيي‬
‫املشترك وبالتحديد للقضي الفلسطيني ‪ .‬وكان لثنارات نواقف عروبي تشهد هلا‬
‫املنطق وحىت على الصعيد اإلسالني يف دعمها الكبري للدول اإلسالني نن خيالل‬
‫‪016‬‬
‫ننظم املؤمتر اإلسالني وغريها‪ .‬ل لك فسياس املبادرات واملعونات اخلارجي الييت‬
‫قدنتها اإلنارات عززت الروابط بينها وبني الدول الشقيق ‪ ،‬فمشاعر الشيخ زاييد‬
‫العروبي يف تشجيع العمل العربيي املشتر والطريق للوحدة كانت مس يف سياسته‬
‫اخلارجي ؛ حيث كان ينظر للجانع العربي على أهنا الصرح واملنظم اليت ميكن أن‬
‫متهد الطريق للتضانن العربيي‪.‬‬
‫وقد اتبع رئيس اإلنارات احلايل الشيخ خليف بن زايد نن توليه احلكم عيام‬
‫‪ 3003‬سياس نؤسسها الشيخ زايد حىت يف السياس اخلارجي ‪ ،‬وإن كانت هنيا‬
‫بعض االختالفات؛ إذ إن التغري ال ي طرأ على السياس اخلارجي نن ذلك العيام‬
‫املشار إليه نا هو إال انعكاس للمتغريات يف املنطق ‪ ،‬لكن مجيع األدوات واحملددات‬
‫للسياس اخلارجي لثنارات يف حقب رئيسيها السابق واحلايل نا زالت نفسها ولكن‬
‫التغري كان يف كيفي استخدانها‪.‬‬

‫‪ 1‬محددا السياسة الخارجية اإلماراتية‪:‬‬


‫هنا ثالث حمددات رئيسي يف السياس اخلارجي اإلناراتي ‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫أ‪ .‬املوقع اجلغرايف‪ :‬تقع اإلنارات يف ننطق ذات أمهي استراتيجي كبرية للكيثري‬
‫نن دول العا ؛ فالربغم نن الطبيع الصحراوي هلا‪ ،‬إال أن األمهي تكمين يف‬
‫وجودها يف ننطق غني بالنفط واألمهي االستراتيجي ملضيق هرنز ال ي متير‬
‫ننه أكثر ناقالت النفط يف العا واليت تقدر بأكثر نن ‪ ٪90‬نين النياقالت‬
‫النفطي يف العا ‪ .‬بالرغم نن أن عُمان وإيران تشتركان يف السييطرة عليى‬
‫املضيق‪ ،‬إال أن اإلنارات تشتر يف احلدود نع عُمان وهلا جزر عند نيدخل‬
‫املضيق‪.‬‬
‫ب‪ .‬القدرات االقتصادي ‪ :‬يشكِّل البعد االقتصادي أمهي كربى للسياس اخلارجي‬
‫اإلناراتي ؛ حيث تعترب اإلنارات ثانن أكرب نصدِّر للنفط يف العيا ‪ ،‬وتنيتج‬
‫أكثر نن ثالث ناليني برنيل‪ ،‬ومتتلك أكرب سابع احتياطي للنفط يف العيا ‪.‬‬
‫ل لك فإن ه ه األمهي هلا تأثري كبري على سلوكها اخلارجي مميا ييؤدي إىل‬
‫الضغط عليها نن قبل الكثري نن دول املنطق والعا ‪ .‬وقيد لعيب انيدناج‬
‫اإلنارات يف االقتصاد العاملي‪ ،‬واالستثمارات الكبرية نن خيالل صيندوق‬
‫‪017‬‬
‫أبو ظبيي للتنمي ‪ ،‬دورًا كبريًا يف حتديد سلوكها اخلارجي؛ حيث تسعى إىل‬
‫خلق عالقات قوي لتأنني استثماراهتا اخلارجي ‪.‬‬
‫ج‪ .‬القوة العسكري ‪ :‬بالرغم نن قل عدد سكان اإلنيارات وصيغر املسياح‬
‫اجلغرافي ‪ ،‬متتلك اإلنارات نقونات عسكري نتطورة نقارن بالدول العربيي‬
‫األخرى وإن كانت حمدودة‪ .‬وتعترب اإلنارات‪ ،‬بسبب قوهتا االقتصادي ‪ ،‬نين‬
‫أكثر الدول شراءً لألسلح نن بني دول العا الناني‪ ،‬ففي عام ‪ 3008‬احتلَّت‬
‫اإلنارات املرتب األوىل كأكرب نشترٍ للسالح مبا نقداره ‪ 8,9‬نليار دوالر‪.1‬‬
‫‪ 1‬أدوا السياسة الخارجية اإلماراتية‪:‬‬
‫على نرِّ أربعني عانًا استخدنت اإلنارات العديد نن األدوات يف سياسيتها‬
‫اخلارجي ‪ ،‬واليت تفاوتت حبسب األوضاع يف املنطق ‪ ،‬وارتبطيت بشيكل كيبري‬
‫بإنكانياهتا املادي ‪ .‬ونن أهم هي ه األدوات‪ :‬الدبلوناسيي التقليديي ‪ ،‬وسياسي‬
‫املبادرات‪ ،‬واألداة االقتصادي (سياس املساعدات اخلارجي )‪ ،‬واألداة الدعائي ‪.‬‬
‫أ‪ .‬الدبلوناسي التقليدي ‪ :‬نن أهم نا مييز اإلنارات يف حقب حكم الشيخ زاييد‬
‫سياس التفاوض واملبادرات؛ فمن أول اختبار هلا حني احتلت إيران جزرهيا‬
‫الثالث‪ ،‬وضع الشيخ زايد استراتيجي التفاوض واحلل السلمي هل ه القضيي‬
‫بالرغم نن الدعم الغربيي لثنارات ملوقفها نن ه ه القضيي ؛ فمبيادرات‬
‫اإلنارات حلل ه ه القضي نن خالل حمكم العدل الدولي كانيت كيثرية‪.‬‬
‫وعلى الصعيد العربيي‪ ،‬متيزت اإلنارات بطرح الكثري نن املبادرات ونين‬
‫أمهها املبادرة حلل القضي العراقي يف نرحل األشهر الييت سيبقت احليرب‬
‫األنريكي على العراق‪ .‬جنحت سياسات املبادرات يف جعل اإلنارات عضيوًا‬
‫فاعالً يف اجلانع العربي ودورها يف نعاجل بعض قضايا املنطق ‪.‬‬
‫ب‪ .‬سياس املساعدات اخلارجي ‪ :‬تعترب ه ه األداة نن أكثر األدوات فاعليي يف‬
‫السياس اخلارجي اإلناراتي ؛ حيث استخدنت اإلنارات املساعدات كيأداة‬
‫ليس فقط للتأثري على دول املنطق ولكن أيضًا لالعتراف هب ه الدول وبشكل‬

‫‪http://www.menewsline.com/article-1148,4556-UAE-Deemed-Top-‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.)accesed, 9th June 2013(Arms-Buyer-In-2008.aspx‬‬
‫‪018‬‬
‫خاص يف سنواهتا األوىل‪ .‬وخالل فترة السيبعينيات والثمانينييات‪ ،‬قيدنت‬
‫اإلنارات نساعدات ال حمدودة للكثري نن الدول العربي ‪ .‬واسيتخدام هي ه‬
‫األداة كقوة ناعم يربز إال يف السنوات العشر األخيرية؛ حييث بيدأت‬
‫اإلنارات بأخ نركز نهم نن بني أهم الدول املاحن ‪ .‬كما استخدام األداة‬
‫ذاهتا كوسيل ألغراض إنساني وسياسي وإن بشكل نتفياوت يف السينوات‬
‫املاضي ‪ ،‬فقد احتلت اإلنارات املرتب األوىل نن حييث تقيدمي املسياعدات‬
‫اإلنساني نن بني الدول الناني ‪.‬‬
‫ج‪ .‬األداة الدعائي ‪ :‬رمبا تكون ه ه نن أقل األدوات استعما ًال بالرغم نن وجيود‬
‫الكثري نن القنوات اإلخباري يف اإلنارات‪ .‬ولكن بسبب تطور وسائل اإلعالم‬
‫بدأت اإلنارات يف اآلون األخرية يف استخدام وسائل التواصل االجتمياعي‪.‬‬
‫ونن أهم التغريات يف السياس اخلارجي اإلناراتي يف اآلون األخرية‪ ،‬وبشكل‬
‫خاص بعد اندالع نا يسمى بالربيع العربيي‪ ،‬إنشاء نراكز أحبياث خاصي‬
‫وإطالق قنوات تلفزيوني خمصص لتخدم أهداف ه ه السياس ‪ ،‬ونثاالً عليى‬
‫ذلك إطالق قناة الغد العربيي واستضاف قناة "سكاي نييوز" العربيي يف‬
‫أبو ظبيي‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬موارف اإلما ار من الثو ار العربية‪:‬‬


‫رغم أن اإلنارات وقطر كانتا نن أقل الدول اخلليجي تأثرًا بالربيع العربيي‪،‬‬
‫كان تعانل هاتني الدولتني نع ثورات الربيع العربيي نتشاهبًا يف بعض اجلوانيب‬
‫وخمتلفًا يف جوانب أخرى‪ .‬ونرَدال ذلك إىل أن الوضع السياسي الداخلي لثنيارات‬
‫خيتلف بشكل كبري عن أغلب دول اخلليج األخرى؛ فالتركيب الفيدرالي الفرييدة‬
‫للبالد لعبت دورًا كبريًا يف احتواء أي حتر داخلي بسيط نن نشأهتا؛ ففي حيني‬
‫تتوافق اإلنارات السبع على الكثري نن األنور‪ ،‬فإن الوضع األنين نرتبط بشيكل‬
‫كبري باإلدارة احمللي وليس الفيدرالي ‪ ،‬وعلى ندى األربعني سن املاضي كانت كل‬
‫إنارة تدير شؤوهنا الداخلي واخلارجي مبفردها‪ ،‬ولكن بشرط أن ال ختتليف عين‬
‫السياس العان لالحتاد (الداخلي واخلارجي )؛ فللحكون االحتادي الكلم األوىل يف‬
‫شؤون احلكم والقانون العام وبشكل خاص السياس اخلارجي والدوليي ونسيأل‬
‫‪019‬‬
‫الدفاع عن الدول ونسؤوليات أخرى‪ ،‬ننها الصح والتعليم وغريها‪ .‬وبالرغم نن‬
‫ه ا هنا اختالف كبري يف السياسات الداخلي بني اإلنارات السبع بسبب التفاوت‬
‫يف الدخل واالقتصاد؛ حيث تتمع أبو ظبيي بأفضل دخل تليها دبيي والشيارق‬
‫ونن مث اإلنارات األخرى‪.‬‬
‫لكن بسبب اخلصوصي التارخيي لكل إنارة‪ ،‬كان للعالقات اخلارجيي قبيل‬
‫تشكُّل االحتاد هلا أثر كبري على الوضع احلايل لكل إنارة؛ فعلى سبيل املثال كانيت‬
‫لدبيي عالقات جتاري خاص نع إيران‪ ،‬وبالرغم نن احيتالل األخيرية للجيزر‬
‫اإلناراتي بعد تشكل االحتاد‪ ،‬نا زالت تلك العالقات وطيدة بني هي ه اإلنيارة‬
‫وطهران‪ .‬وبعكس دبيي كانت أبو ظبيي ح رة يف تعانالهتا نع إييران وحيىت‬
‫الشارق ‪ ،‬واالختالف بني دبيي وأبو ظبيي هو يف التوجهات واملصاحل‪ ،‬فبينميا‬
‫تتسم دبيي بسياس خارجي ذات طابع جتاري‪ ،‬فإن أبو ظبيي تسلك سيلوكًا‬
‫خارجيًّا ذا مس سياسي أنني أكثر‪ ،‬وكما يشري كرمي سجادبور إىل أن االخيتالف‬
‫بني اإلنارتني يعود إىل "انقسام املصاحل التجاري والتوجهات األنني "‪.1‬‬
‫ولكن بالرغم نن اختالف بعض التوجهات بني اإلنارات املختلفي ‪ ،‬فيإن‬
‫السنوات اخلمس املاضي شهدت تعزيز االحتاد اإلنارايت بشكل أكرب‪ ،‬وحتديداً بعد‬
‫األزن املالي العاملي سن ‪3008‬؛ حيث خسرت دبيي إىل حدٍّ نا جزءًا نن قوهتيا‬
‫السياسي لصاحل أبو ظبيي وذلك بسبب تأثرها الكبري واملباشر باألزن املالي ؛ مميا‬
‫جعل األخرية تفرض نفسها يف السيطرة على السياس اخلارجي ‪ .‬وانعكاساً لي لك‬
‫وافقت دبيي ‪-‬وألول نرة‪ -‬على تطبيق قرار األنم املتحدة ‪ 1939‬يف عيام ‪3013‬‬
‫بفرض عقوبات اقتصادي على إيران؛ نا أدى إىل التأثري على دبيي اقتصاديًّا وذلك‬
‫بسبب عالقاهتا التجاري الكبرية نع طهران‪.‬‬
‫‪ 1‬ردو فعل اإلما ار تجاه الربيع العربي‪:‬‬
‫اتسم سلو اإلنارات جتاه دول الربيع العربيي بكونه ذا طابع "وسطي" نا بني‬
‫التأييد اخلجول واحل ر نن التغريات اليت أملت هب ه الدول وذلك احترازاً نن تأثرياهتيا‬

‫‪Sadjadpur, Karim “The Battle of Dubai: The UAE and US-Iran Cold‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.)War”, The Carnegie Paper (July 2011‬‬
‫‪011‬‬
‫ليس فقط على كياهنا ولكن على االستقرار السياسي يف املنطق ‪ .‬فبينما كان دور قطير‬
‫واضحًا يف الدعم غري احملدود ألغلب ثورات دول الربيع العربيي وذلك بسبب ثقي‬
‫النظام القطري بأن ه ا لن يكون له تأثري عليه‪ ،‬فإن اإلنارات سلكت سلوكاً حي رًا‬
‫وكانت حتت املظل اخلليجي أو املشارك الدولي نثل نا حدث يف ليبيا‪.‬‬
‫وهك ا‪ ،‬جاءت السياس اإلناراتي جتاه دول الربيع العربيي نيتغرية وغيري‬
‫نتماثل ؛ حيث أيدت التغيري يف تونس وليبيا ولكن نوقفها جتاه نصر واليمن يكن‬
‫واضحًا‪ ،‬وبسبب املكان والثقل التارخيي ملصر والدور الرئيسي ال ي تلعبه يف احمليط‬
‫العربيي‪ ،‬كانت اإلنارات ح رة يف سلوكها جتاه نا حدث يف نصر‪ .‬فمن جهي‬
‫كانت عالق اإلنارات نع الرئيس املصري السابق حسين نبار قويي ‪ ،‬وكانيت‬
‫اإلنارات قبل الثورة واحدة نن أهم الداعمني للنظام املصري على مجيع األصعدة‪،‬‬
‫وأمهها الدعم املايل ال ي كانت تقدنه ملصر نن السبعينيات‪.‬‬
‫ويعزى ه ا الدعم اإلنارايت السخي إىل أن نظام نبار كان نسيطرًا عليى‬
‫الوضع السياسي الداخلي يف نصر ونتحكمًا إىل حد بعييد يف سيلو تييارات‬
‫اإلسالم السياسي وخباص مجاع اإلخوان املسلمني‪ .‬إضاف إىل ذلك فيإن نوقيف‬
‫نظام نبار نن إيران ووقوفه الواضح ضد سياساهتا كان نتطابقياً نيع سياسي‬
‫اإلنارات اخلارجي ويصب يف نصلحتها‪.‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬رأت احلكون املصري اجلديدة بعد ثورة ‪ 39‬يناير‪/‬كانون الثياين‬
‫‪ 3011‬ختوفًا كبريًا نن جانب احلكون اإلناراتي اليت ختوفت بدورها نين "امليد‬
‫اإلخواين"‪ ،‬وسرعان نا توترت العالقات بني القاهرة وأبو ظبيي بعيد اعتقيال‬
‫السلطات األنني يف اإلنارات أعضاء نن دعوة اإلصالح بسبب االدعياء بيأهنم‬
‫يشكِّلون هتديدًا أننيًّا‪ ،‬وه ه احلرك نا هي إال انتداد لثخوان املسلمني يف اخلليج‬
‫واإلنارات بشكل خاص‪ ،‬باإلضاف إىل اعتقال اإلنارات خليي تابعي لتنظييم‬
‫"اإلخوان املسلمني املصري"‪ ،‬واليت كانت هتدف إىل اإلطاح باحلكم يف اإلنارات‬
‫كما ذكرت نصادر اجلهات األنني والصحف احمللي يف الدول ‪ .‬ونن بداي ثورات‬
‫الربيع العربيي َّ اعتقال ‪ 93‬ناشطاً ومتت حماكمتهم يف ‪.3012‬‬
‫وبوجه عام‪ ،‬ينصب التخوف اإلنارايت نن احلكونات اليت تلت نظام نبيار‬
‫يف ثالث حماور‪ :‬االنتداد اإلخواين يف اإلنارات‪ ،‬وتطور العالقات املصري ‪-‬اإليراني ‪،‬‬
‫‪010‬‬
‫والدور القيادي اجلديد ملصر ذو التوجه اإلسالني‪ .‬أنا بالنسب لليمن‪ ،‬فقد طرحت‬
‫اإلنارات‪ ،‬نع بقي دول اخلليج‪ ،‬املبادرة اخلليجي يف عام ‪ 3011‬لضمان االنتقيال‬
‫السلمي للسلط ‪.‬‬
‫وكان نوقف اإلنارات نن اليمن ح رًا جدًّا؛ وذلك بسبب العالقيات بيني‬
‫الدولتني والدعم اإلنارايت املادي لليمن على ندى اخلمس والثالثني عانًا املاضيي ‪،‬‬
‫وهنا نالحظ تقارب نوقف اإلنارات جتاه نا حدث يف نصر ورمبا اليمن أيضًا نن‬
‫املوقف السعودي يف نعارض سقوط ه ه األنظم ‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬اختلف السيلو‬
‫اإلنارايت جتاه احلال الليبي بشكل كبري‪ ،‬ولعبت‪ ،‬جبانب قطر‪ ،‬أهم دورين يف دعيم‬
‫الثوار الليبيني إلسقاط نظام الق ايف‪ ،‬وتعترب اإلنارات جزءًا رئيسييًّا يف التحيالف‬
‫الدويل ال ي تشكَّل ملساندة الثوار الليبيني‪.‬‬
‫وتركز الدعم اإلنارايت يف ثالث أشكال‪ ،‬أوهلا‪ :‬الدعم املادي للثوار الليبييني‪،‬‬
‫وبشكل خاص احلكون االنتقالي ‪ .‬ثانيًا‪ :‬إنداد الثوار الليبيني باملعدات العسيكري‬
‫وتدريبهم‪ ،‬ليس فقط يف ليبيا ولكن أيضًا يف اإلنارات‪ .‬وثالثًيا‪ :‬دعيم احلكوني‬
‫االنتقالي الليبي يف حشد الدعم نن الدول الغربي واألنم املتحيدة‪ .‬باإلضياف إىل‬
‫ذلك‪ ،‬أكد تقرير املعهد امللكي للدراسات يف لندن أن قطر واإلنيارات ونصير‬
‫شاركت بقوات خاص ‪.1‬‬
‫ه ا الدور واملشارك بكل أنواعها يعد أنرًا جديدًا يف السياسي اخلارجيي‬
‫اإلناراتي ‪ ،‬وهو خيتلف عن الدور ال ي تقوم به القوات اإلناراتي يف أفغانسيتان‪،‬‬
‫وأيضاً ذا الدور ال ي قانت به يف كوسوفو‪ ،‬ففي هاتني احلالتني كانت املشارك‬
‫اإلناراتي يف إطار قوة حفظ السالم‪ ،‬أي أنه كان دوراً حيادياً‪ ،‬بينميا يف احلالي‬
‫الليبي كانت املشارك اإلناراتي فعّال وداعم ألحد طريف الصراع‪ .‬ولكن‪ ،‬اختلف‬
‫نوقف اإلنارات حينما بدأ ندال الثورات والتحركات الشعبي يصيل إىل اخللييج‬
‫وبشكل خاص إىل البحرين وسلطن عُمان‪.‬‬
‫وإذا كان نوقف اإلنارات يتسم باحل ر نن الثورات العربي نيع املييل إىل‬
‫نساندة ودعم نطالب الشعوب نع اختالف يف الدرج حبسب احلال ‪ ،‬فإن ذليك‬

‫قوات خاص نن نصر وقطر واإلنارات لعبت الدور األكرب ضد نظام الق ايف‬ ‫‪1‬‬
‫‪www.ahram.org.eg (accessed 31st March, 2012).‬‬

‫‪011‬‬
‫املوقف اخت طابعاً خمتلفاً إزاء التحركات الشعبي يف اخلليج‪ .‬فبسيبب التشيابه يف‬
‫التركيب السياسي واالجتماعي ‪ ،‬بدأت دول اخلليج وننها اإلنارات تشعر خبطيورة‬
‫ه ه التحركات على أنظمتها؛ ول لك تكاتفت ه ه األنظم للحيد نين تطيور‬
‫التحركات يف كل نن البحرين وعُمان‪.‬‬
‫وكان نوقف اإلنارات نن البحرين واضحًا جدًا؛ فاليدعم غيري احمليدود‬
‫للحكون البحريني نن قبل اإلنارات ودول اخلليج األخرى‪ ،‬وبشكل خاص نين‬
‫السعودي ‪ ،‬أثبت أن ننظون جملس التعاون اخلليجي هي أنني حبت ؛ إذ حتركت كل‬
‫دول اخلليج ملساعدة احلكون البحريني للسيطرة على التحركات الشعبي وذليك‬
‫بتقدمي دعم نايل وعسكري؛ حيث قدنت اإلنارات أكثير نين ‪ 900‬عسيكري‬
‫والسعودي أكثر نن ‪ 1000‬جندي‪.1‬‬
‫ويف ه ا الصدد‪ ،‬علَّق وزير الدول للشؤون اخلارجي أنور قرقاش أن "ذليك‬
‫يأيت انطالقًا نن إميان اإلنارات العربي املتحدة بالعالقيات التارخييي الراسيخ‬
‫واألواصر األخوي الوثيق ووشائج القرىب واملصري املشتر ال ي جيمع دول جمليس‬
‫التعاون لدول اخلليج العربي وشعوهبا‪ ،‬ويف ظل املبادئ الساني اليت حددها النظيام‬
‫األساسي جمللس التعاون لدول اخلليج العربي ‪ ،‬وتأكيدًا على حرص دول اجمللس على‬
‫الوقوف صفًّا واحدًا يف نواجه أي خطر تتعرض له‪ ،‬واعتبار أنن واسيتقرار دول‬
‫اجمللس كالًّ ال يتجزأ‪ ،‬والتزانًا بالعهود واالتفاقيات األنني والدفاعي املشترك ‪.2‬‬
‫وكما هي احلال نع البحرين‪ ،‬قانت دول اإلنارات بتوفري اليدعم لسيلطن‬
‫عُمان‪ ،‬حتت املظل اخلليجي ‪ ،‬واخلوف ينبع نن أن عُمان تشتر نع اإلنيارات يف‬
‫الكثري نن النواحي؛ ل لك فإن دعم النظام العُماين كان نهمًّا‪.‬‬
‫ه ا التغري يف املوقف اإلنارايت نن دعم ح ر وبدرجات نتفاوت للثورات العربي‬
‫إىل نعادة التغيري‪ ،‬خوفًا نن أن التغيري سيأيت حبكونات ذات توجه ديين يتبع حلركيات‬
‫نعين ‪ ،‬جعلها تشن محالت ضد نؤيدي تنظيم اإلخوان املسلمني‪ .‬ويبني نوقفها جتياه‬
‫سوريا أهنا ال تريد لعب دور نثل جارهتا قطر يف التحر لدعم الثوار السوريني؛ حيث‬

‫صحيف البيان‪ :‬اإلنارات ترسل قوة أنني إىل البحرين‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://www.albayan.ae/one-world/arabs/2011-03-15-1.1402756‬‬
‫‪.Ibid‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪011‬‬
‫توقف الدور اإلنارايت عند توفري املساعدات اإلنساني لالجيئني السيوريني يف األردن‬
‫وتركيا‪ ،‬وميكن أن يٌعزى ذلك إىل توجس اإلنارات نن الدور الرئيسي الي ي تلعبيه‬
‫اجلماعات اإلسالني يف الثورة السوري وعدم ضمان املستقبل ملرحل نا بعد األسد‪.‬‬
‫‪ 1‬تأثير الربيع العربي على اإلما ار ‪:‬‬
‫جاء تأثري الربيع العربيي خمتلفًا يف اخلليج‪ ،‬وتفاوت ه ا التأثري بني دول اخللييج‬
‫نفسها‪ ،‬فمنها نن استفاد نن ه ه التحركات وننها نن تأثر سلبيًّا‪ .‬ولكين يف حالي‬
‫اإلنارات كان هنا تأثري نزدوج‪ ،‬بعضه إجيابيي واآلخر سلبيي نسبيًا‪ ،‬وإن غلبيت‬
‫اإلجيابيات على السلبيات‪ ،‬وتالياً سوف يتم التعرض إىل جوانب التأثريات املختلف ‪.‬‬
‫وبوجه عام‪ ،‬كانت اإلنارات نن أقل الدول اخلليجي تأثرًا ولكن نن أكثرها‬
‫حتركًا خالل الفترة األوىل نن انطالق الربيع العربيي‪.‬‬
‫وميكن حصر ه ه اآلثار يف أنرين رئيسني‪:‬‬
‫‪ -‬بروز حرك "دعوة اإلصالح" ونطالبيات أعضيائها اإلنياراتيني باإلصيالح‬
‫السياسي‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور ثقاف سياسي جديدة لدى املواطن اإلنارايت وتعزيز العقليي الريعيي‬
‫والوالء‪.‬‬
‫‪ 1‬حركة دعوو اإلصالح‪:‬‬
‫يعود بروز ه ه احلرك وحتت أمساء خمتلف إىل بداي نرحل توجيه الطلبي‬
‫اإلناراتيني للدراس يف نصر يف ستينيات وسبعينيات القرن املاضي‪ ،‬وبشكل خاص‬
‫عام ‪ 1993‬يف دبيي؛ ونن مث يف رأس اخليم عام ‪ ،1996‬وتطورت بشكل تدرجيي‬
‫يف الثمانينيات بتطور حرك اإلخوان يف نصر والدول العربي األخيرى‪ .‬وتيأثر‬
‫نؤسسو ه ه احلرك بشكل كبري مبثيلتها يف الكويت "مجعي اإلصالح الكويتيي "‪.‬‬
‫وأغلب اجتماعات ه ه احلرك كان سريًّا‪ ،‬وكان ملنتسبيها حرك وأنشط كيثرية‬
‫يف املساجد بالرغم نن التوجه السلفي لبعض اإلنارات‪ .1‬وكيان أهيم شيكل‬
‫نؤسسايت للحرك اإلخواني يف اإلنارات نتمثالً يف مجعي اإلصالح‪.‬‬

‫ملعرف تفاصيل نشأهتا وخصائصها‪ ،‬أرجو زيارة نوقع احلرك ‪:‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪www.aleslaah.net‬‬

‫‪011‬‬
‫ولكن بعد اكتشاف تورط احلرك نع جمموعات أخرى بدعم بعض اخلالييا‬
‫اإلرهابي يف بعض الدول العربي يف عام ‪11993‬؛ بدأت احلكون اإلناراتي بتشديد‬
‫الرقاب عليها أو أي جتمعات ديني وسياسي هتدف لثخالل بأنن الدول ‪ .‬ه ا وقد‬
‫تغري اسم احلرك نن دعوة اإلخوان إىل دعوة اإلصالح يف عام ‪.23002‬‬
‫نن العام ‪ 3011‬وبداي الربيع العربيي؛ بدأ الكثري نن أعضاء دعوة اإلصالح‬
‫بالظهور علنًا وإبراز خرائهم وبشكل خاص املطالب بالكثري نن اإلصالحات (عليى‬
‫نواقع التواصل االجتماعي)‪ .‬وكانت توجهاهتم حنو اإلصالح السياسي وبشيكل‬
‫خاص التطلع إىل التغيري السياسي‪ .‬وبسبب التحركات الشعبي يف املنطق العربيي ‪،‬‬
‫اعتقدت دعوة اإلصالح توفر فرص تارخيي إلبراز فكرة أن الثورات سيتؤدي إىل‬
‫األفضل‪ ،‬بغضِّ النظر عن الوضع االجتماعي واالقتصادي يف اإلنارات‪ .‬ولكن رأت‬
‫ه ه احلرك أن التوجهات غري الديني (نن نظرهتم هم) لثنارات ستشجع الشعب‬
‫على التحر ‪ ،‬ورمبا استخدم أعضاء دعوة اإلصالح "الدين" كوسيل إقناع ونيادة‬
‫إعالني لتحقيق أهدافهم‪.‬‬
‫ونظرت احلكون إىل دعوة اإلصالح على أهنا حرك ندعون خارجيًا‪ ،‬وأهنا‬
‫تشكِّل خطرًا أننيًّا على االستقرار يف الدول ‪ .‬ل لك بدأت محل اعتقاالت واسيع‬
‫للكثري نن أعضائها ونن تبنَّى فكرها؛ مما أدى إىل نواجه بني حركي اإلخيوان‬
‫املسلمني يف نصر واحلكون اإلناراتي بسبب دعم احلرك لدعوة اإلصيالح ضيد‬
‫ه ه األخرية‪ ،‬والدليل على ذلك تعليقات الكثري نن السياسيني اإلناراتيني‪ ،‬نثيل‬
‫ضاحي خلفان رئيس شرط دبيي وأنور قرقاش وزير الدول للشؤون اخلارجي نن‬
‫خالل وسائل اإلعالم التقليدي ووسائل التواصل االجتمياعي‪ ،‬وبشيكل خياص‬
‫التويتر‪ .‬ه ه املواجه اإلعالني بني اإلنارات وبعض قيادات اإلخيوان يف نصير‬
‫(واإلعالم املصري) خلقت خالفات سياسي انتدت إىل خالفات غري بارزة بيني‬
‫اإلنارات وقطر باعتبارها داعم لثخوان يف الشرق األوسط‪ .‬إنّ السلو اخلارجي‬

‫‪.Ibid‬‬ ‫‪1‬‬
‫"دعوة اإلصالح اإلناراتي نن التأسيس إىل الربيع العربيي!!" (ندون كاتب إنارايت)‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://emarati77.wordpress.com/2012/03/30/‬‬
‫يرجى العلم بأنه ال توجد دراسات أكادميي حول ه ا املوضوع؛ فأغلب املصادر عين‬
‫ه ه احلرك بدأ يف الظهور نن عام بسبب ازدياد حتركات دعوة اإلصالح يف اإلنارات‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫لدول اإلنارات جتاه الدول اليت تعتربها داعم هل ه احلرك ميكين أن يعتيرب أول‬
‫اختبار حقيقي هلا بعد حقب الشيخ زايد‪.‬‬
‫وانتد التخوف اإلنارايت نن حكم اإلخوان املسلمني يف نصر إىل اخلشي نن‬
‫أن التقارب اإليراين‪-‬املصري رمبا سيغري نن نوقف نصر نن دعمها لقضي اجليزر‬
‫الثالث احملتل نن قبل إيران‪ .1‬فبعد حضور الرئيس اإليراين أمحدي جنياد للقياهرة‬
‫حلضور القم اإلسالني تبني أن حكون نصر يف طريقها إلعادة العالق نع طهران‬
‫لعدة أسباب‪ .‬ونن أهم الدالئل على ه ا إقالع أول رحل طريان نن القياهرة إىل‬
‫طهران يوم السبت الثالثني نن نارس‪/‬خذار ‪ 3012‬بعد انقطاع دام ‪ 23‬عانًا‪ ،‬وكان‬
‫على رحل "إير ممفيس" تلك مثاني ركاب فقط‪ ،‬لكنها عادت وعليى نتنيها ‪98‬‬
‫إيرانيًّا إىل األقصر وأسوان‪.2‬‬
‫ويف اليوم التايل قررت احلكون اإليراني رفع شرط احلصول عليى تأشيرية‬
‫الدخول املسبق للسياح املصريني‪ ،‬ولكن بدالً نن استقبال الشارع املصري هلي ا‬
‫القرار بالترحيب‪ ،‬سادت الشكو حول أسباب وخلفيات ه ا القيرار اإلييراين‬
‫السريع‪ ،‬خاص إذا كان املطلوب هو قرار نصري مماثل‪.3‬‬
‫ه ا التقارب بني طهران والقاهرة شكَّل ختوفًا عند دول اخلليج عان وعنيد‬
‫اإلنارات بشكل خاص وذلك بسبب االحتالل اإليراين للجزر اإلناراتي ‪ .‬ولكين‬
‫بالنسب لثنارات‪ ،‬فقد اجتمعت الكثري نن األسباب وتزاننت يف خلق ختوفها نين‬
‫ه ا التقارب‪ ،‬ونن أهم ه ه األسباب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬االحتالل اإليراين للجزر اإلناراتي ‪ :‬دعميت مجييع اليدول العربيي‬
‫اإلنارات يف حقها يف اجلزر وبشكل خاص نصر اليت‪ ،‬قبل حكم اإلخوان‪ ،‬كانت‬
‫تربطها عالقات وطيدة نع اإلنارات؛ ويتضح ذلك جلياً نن خالل املوقع واملكان‬
‫اليت كانت حتتلها نصر يف السياس اخلارجي اإلناراتي ال سيما فيما يتعلق بسياس‬

‫بيسان كساب‪" ،‬أزن نصر واإلنارات‪ :‬نبار وإيران يف اخللفيّ " (األخبار اللبناني )‬ ‫‪1‬‬
‫)‪http://www.al-akhbar.com/node/175199 (accessed 1st April, 2013‬‬
‫أمحد أبو نطر‪" ،‬ملاذا التخوف نن عودة العالقات املصري اإليراني ؟" (نوقع إييالف‪9 ،‬‬ ‫‪2‬‬
‫نايو‪/‬أيار ‪)3012‬‬
‫‪http://www.elaph.com/Web/opinion/2013/4/803867.htm‬‬
‫نفس املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪016‬‬
‫املساعدات‪ .‬ولكن كان التقارب املصري‪-‬اإليراين سببًا لتخوف احلكون اإلناراتي‬
‫نن أن يؤدي إىل تغيري يف العالقات اليت تربط اإلنارات مبصر وتلك اليت تربطهيا‬
‫بإيران أيضًا‪ ،‬وخصوصًا نا يتعلق مبوقف نصر نن قضي اجلزر اإلناراتي ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬نثلت زيارة الرئيس املصري إىل طهران مث لقاءه بالرئيس اإليراين جميددًا‬
‫يف نيويور عنصر "خطر" نن ننظور دول اخلليج اليت تستشعر أن اخلطر اإلييراين‬
‫جتاه دوهلا أننيًّا ون هبيًّا يزداد يونًا بعد يوم‪ .1‬باإلضاف إىل ذلك‪ ،‬ترى اإلنيارات‬
‫ودول اخلليج األخرى أن الطائفي يف اخلليج يف ازدياد وذلك بسيبب التيدخالت‬
‫اإليراني يف الشؤون الداخلي للكثري نن دول اجمللس‪ .‬باإلضياف إىل ذليك‪ ،‬فيإن‬
‫اإلنارات ودول اخلليج تنظر إىل نصر دائمًا على أهنا احلليف العربيي اإلسيالني‬
‫السين القادر وحده دون سواه على الدعم االستراتيجي لدول اخلليج عند انيدالع‬
‫األزنات‪ .‬ل لك فهي ختشى نن حال "التقارب" بني طهران والقياهرة والقياهرة‬
‫واليت يكن نفهوناً ندى أبعادها‪.2‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن مجاع اإلخوان تعترف يف أدبياهتا وتراثها بفكرة اخلالف اإلسالني ‪،‬‬
‫وتؤنن بضرورة أن تتطور الدعوة السياسي نن داخل نصر وتصل إىل اخلارج مبا يف‬
‫ذلك ننطق اخلليج‪.3‬‬
‫رابعًا‪ :‬شكَّل اعتقال السلطات اإلناراتي العديد نن الناشيطني السياسييني‬
‫واإلسالنيني‪ ،‬وك لك العالقات اليت تربط بعض أعضاء حرك دعوة اإلصيالح يف‬
‫اإلنارات باإلخوان واعتقال اخللي املصري التابع لي "اإلخوان املسلمني املصيري"‬
‫املكون نن أكثر نن عشرة أشخاص ختوفًا أكثر‪ ،‬وبشكل خاص التوجه اإلسالني‬
‫يف املنطق ال ي ساهم يف التقارب املصري‪-‬اإليراين‪ .‬فيالربغم نين أن اإلخيوان‬
‫املسلمني هم نن السالن ‪ ،‬إال أن احلكون اإلناراتي رأت ه ا التقيارب اإلسيالني‬
‫سيشجع التوجه اإلسالني يف الداخل اإلنارايت مما سيؤدي إىل تقارب إسالني أكثر‬
‫يف املنطق ‪ ،‬نن بينه اإليراين واملصري‪.‬‬

‫حممد الغابري‪ " ،‬نا وراء توتر العالقات بني نصر واإلنارات‪ ،‬ونا عالقتها بالثورة اليمني‬ ‫‪1‬‬
‫والسوري ؟"‬
‫‪http://alahale.net/article/8228‬‬
‫نفس املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫نفس املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪017‬‬
‫باإلضاف إىل ه ه احلرك ‪ ،‬فإن توقيع عدد نن املثقفني اإلنياراتيني لعريضي‬
‫نارس‪ /‬خذار ‪ 3011‬للمطالب ببعض اإلصالحات السياسي ‪ ،‬وبشكل خاص إلعطاء‬
‫اجمللس االحتادي الوطين دورًا أكرب يف الصالحيات التشريعي والرقابيي ‪ ،‬زاد نين‬
‫ختوف احلكون وجعلها تشن محل اعتقاالت على بعض نن وقَّع على ه ه العريض‬
‫مبن يف ذلك بعض الناشطني اإلناراتيني على نواقع اإلنترنت‪ ،‬وممن قد نشط قبيل‬
‫الربيع العربيي كما يقول كريستوفر ديفيدسون‪ .1‬فاختالف األحداث الداخليي‬
‫وكيفي تعانل احلكون اإلناراتي نعها خلقت ارتباكًا‪ ،‬ولكن العدد القليل جدًّا نن‬
‫املطالبني باإلصالح السياسي واملعتقلني ال ين تعدى عددهم التسيعني‪ ،‬واليدعم‬
‫الشعبيي الكبري لسلو الدول الداخلي واخلارجي أرجع سيطرة النظام على كيل‬
‫ه ه اجملريات‪ ،‬وبشكل خاص يف تنظيم محالت إعالني ضد اإلخوان‪ ،‬نثل إنشياء‬
‫نركز املزناة لألحباث ال ي خصص الكثري نن ننشوراته للكتاب حول اخلطر ال ي‬
‫يشكِّله اإلخوان املسلمون (وهي نظرة حكوني )‪ .‬باإلضاف إىل إنشاء قناة تليفزيوني‬
‫خاص "الغد العربيي"‪ ،‬واليت هتدف إىل التصدي للتيارات اإلسالني يف الشيرق‬
‫األوسط‪ ،‬وتبث نن لندن‪.2‬‬
‫‪ 1‬العقلية الريعية والثقافة السياسية الجديدو‪:‬‬
‫بسبب ضعف الثقاف السياسي يف دول اخلليج‪ ،‬فتحيت وسيائل اإلعيالم‬
‫واإلنترنت بشكل خاص ناف ة جديدة لشعوب اخلليج لالطالع على كل نيا ليه‬
‫عالق بالسياس ‪ ،‬حيث تصادعات وترية املشارك السياسي واالنتقادات عرب وسائل‬
‫التواصل االجتماعي؛ ففي اإلنارات وبسبب الثورات العربي بدأ اإلناراتيون املقارن‬
‫بني األنظم السياسي واألوضاع االقتصادي واألنني بينهم وبني اليدول العربيي‬
‫األخرى‪ .‬وبسبب حاالت الفوضيى يف أغليب دول الربييع العربييي‪ ،‬أدر‬
‫اإلناراتيون أن احلكون اإلناراتي وفرت هلم أفضل وسائل األنن‪ ،‬مبيا يف ذليك‬
‫الوضع االقتصادي القوي؛ ففي عام ‪ 3011‬عززت اإلنارات املميزات اليت حيصيل‬
‫عليها الفرد اإلنارايت مبا يف ذلك زيادة دخل الفرد بنسب ‪ 90‬باملئ ‪.‬‬

‫‪.Davidson, Christopher. Carnegie Papers, September 2012‬‬ ‫‪1‬‬


‫اإلنارات تطلق قناة الغد العربيي‪( ،‬نوقع الوئام)‬ ‫‪2‬‬
‫)‪http://www.alweeam.com.sa/ (accessed 1st April, 2013‬‬

‫‪018‬‬
‫ويف بادرة شعبي نن رؤساء أغلب وأهم القبائل يف اإلنارات‪ ،‬نظيم الكيثري‬
‫ننها اجتماعات نيداني يف الكثري نن املناطق وذلك لتجديد والئهيم للحكيام يف‬
‫اإلنارات‪ .‬بالرغم نن تعدد القبائل يف اإلنارات واختالف التحالفات الداخلي ‪ ،‬فإن‬
‫أغلب القبائل تتردد يف دعم احلكام‪ .‬ويف بادرة غري نسبوق أيضًا‪ ،‬قانت هي ه‬
‫القبائل بنشر ه ا الوالء يف الصحف احمللي وخصوصًا يف صحيف االحتاد‪.1‬‬
‫وهك ا فرض ه ا الوضع الداخلي لثنارات تأثريه بشكل كبري على السلو‬
‫اخلارجي احلايل للدول ‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬أوجه التشابه واالختالف بين اإلما ار ودول الخليج األخرف تجاه‬
‫رً‬
‫الربيع العربي‪:‬‬
‫أدى جمموع التغريات اليت تعرضت هلا دول اخلليج على ندى السنوات العشر‬
‫املاضي إىل زيادة احلساسي األنني لديها‪ ،2‬وأدت األحداث األخرية يف املنطقي إىل‬
‫تعقيد الوضع األنين بالنسب هل ه الدول؛ حيث جتلَّى ه ا يف نواقف ه ه الدول نن‬
‫الثورات العربي ‪ .‬فقد اخت ت دول اخلليج نواقف خمتلف ونتشاهب فيما بينها جتياه‬
‫الثورات العربي ‪ ،‬كالً حسب نسب تأثري ه ه التحركات على وضيعها اليداخلي‪،‬‬
‫ولكن يف نفس الوقت خلقت خالفات بني ه ه الدول‪.‬‬
‫نن الناحي األنني ‪ ،‬توافقت اإلنارات بشكل كبري نع دول اخلليج األخرى‬
‫يف التصدي لكل نا يزعزع أننها وأنن اخلليج بشكل عام؛ فتعاونت نع امللكيات‬
‫األخرى خللق حتالف مينع دول الربيع العربيي نن تصدير أيديولوجياهتا أو أيي‬
‫ثورة قد هتدد أنن واستقرار دوهلا‪ .‬باإلضاف إىل ذليك‪ ،‬تيبني أن دول اخللييج‬
‫توافقت وبقوة على التعاون العسكري يف حيني وجيود أي هتدييد داخليي‪،‬‬
‫واالستعان بقوى غربي يف حني وجود أي هتديد خارجي‪ ،‬ويناقش عبد اخليالق‬
‫عبد اهلل "أن الربيع العربيي كشف عن وجود نقاط قوة وضيعف يف املعادلي‬
‫ه ه املقصوصات الثالث نن جريدة االحتاد‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫للمزيد نن التفاصيل حول ه ا يُرجى االطالع على‪ :‬عزني خليف ‪ ،‬نوقف دول اخلليج‬ ‫‪2‬‬
‫نن الثورة املصري ‪ ،‬السياس الدولي (نؤسس األهرام)‪ ،‬العدد ‪ ،189‬يناير‪/‬كانون الثياين‬
‫‪ 3013‬ص ‪.91 -38‬‬
‫‪019‬‬
‫األنني اخلليجي خاص أولوي التهديد الداخلي نقابل التهديد اإلقليميي ألنين‬
‫اخلليج واستقراره"‪.1‬‬
‫ويضيف‪" :‬لقد استفاد جملس التعاون‪ ،‬كمنظم إقليمي ‪ ،‬يف اجململ نن الربييع‬
‫العربيي‪ ،‬وبرز أكثر قوة وأكد صالحيته يف وقت األزنات‪ ،‬و توظيفه لتقويي‬
‫العمل اخلليجي املشتر خليجيًّا وعربيًّا‪ ،‬وازدادت قناع دوله به‪ ،‬خاص على صعيد‬
‫التنسيق العسكري واألنين؛ فالتفكري والعمل بشكل مجاعي مها نن أبرز نقاط قوة‬
‫دول جملس التعاون"‪.2‬‬
‫وحاولت الدبلوناسي اإلناراتي االستمراري يف هنج واحد‪ ،‬وبشكل خياص‬
‫سياس املبادرات يف حال األزنات يف املنطق ‪ ،‬ولكن كانت قطر يف خالل السنوات‬
‫املاضي أكثر حرك وفاعلي نن اإلنارات يف خلق املبادرات؛ حيث كانت نشيط‬
‫على الصعيد العربيي والعاملي؛ ففي الساح الليبي توافقت السياس اإلناراتي نيع‬
‫القطري يف دعم الثوار الليبيني؛ حيث برزت هاتان الدولتان على الصعيد العربيي‬
‫كأهم العبني يف الساح العربي ‪ ،‬ولكن يف احلقيق كانت قطر يف الصدارة يف أغلب‬
‫األوقات‪.‬‬

‫الربيع العربي والخالفا بين دول الخليج والدول العربية‪:‬‬


‫بعد عانني نن بداي الثورات العربي ‪ ،‬بدأت االختالفات تظهر بني نواقف بقيي‬
‫دول اخلليج واإلنارات‪ .‬فقد أسست التيارات اإلسالني يف اإلنيارات ذات التوجيه‬
‫اإلخواين بداي خلالفات‪ ،‬بينها وبني دول اخلليج األخرى‪ ،‬وبشكل خاص بينها وبيني‬
‫قطر واإلنارت والسعودي ‪ .‬ذلك أنَّ انتشار فكر اإلخوان املسلمني والتيار السيلفي يف‬
‫الوطن العربيي وضع اإلنارات يف نوقف حمرج يف كيفي التعانل نعهما‪ ،‬ففي حيني‬
‫تقوم قطر بدعم اإلخوان املسلمني‪ ،‬فإن السعودي تدعم الفكر السلفي‪.‬‬
‫وقد سبَّب وجود ه ين التيارين يف اإلنارات أزن أنني ‪ ،‬وباألخص بعد محل‬
‫االعتقاالت اليت نف هتا قوات األنن اإلناراتي ضد أعضاء حرك مجعي اإلصيالح‪.‬‬

‫عبد اخلالق عبد اهلل‪ ،‬انعكاسات الربيع العربيي على دول جملس التعياون اخلليجيي‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫ننشورات املركز العربيي لألحباث ودراس السياسات‪ ،‬إبريل‪/‬نيسان ‪.3013‬‬
‫‪.Ibid‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪011‬‬
‫أنا التيار السلفي فكان سائدًا على ندى أكثر نن عشرين عانًيا حيىت أحيداث‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول ‪ ،3001‬ولكن بدأ يف التراجع بسبب الضغط احمللي والدويل‪.‬‬
‫ونن اندالع الثورات العربي تكن الصورة واضح بالنسب لثنارات خبصوص‬
‫دورها نع قطر‪ ،‬و تكن تعرف أن قطر ستكون نن أهم الداعمني لثخوان املسلمني‪.‬‬
‫ونن عام ‪ 3013‬بدأت بوادر خالف تظهر بني هاتني الدولتني وذلك بسبب اعتقياد‬
‫اإلنارات أن اإلخوان لديها ندعونون نن قطر ولو بطريق غري نباشرة‪.1‬‬
‫ويتمحور التصور اإلنارايت يف أن أغلب التيارات اإلسالني تستخدم اليدين‬
‫كأداة للوصول إىل احلكم والسيطرة على اخلليج‪ ،‬وأن ضعف التعياون بيني دول‬
‫اخلليج لوقف املد اإلسالني نا هو إال بسبب ازدياد الدعم املايل للتيارات الدينيي‬
‫اليت تقدنها الدول اخلليجي نفسها‪.‬إنَّ التناقض واالختالف بني دول اخلليج سوف‬
‫يؤثر بشكل كبري على العالقات بني دول ننظون جملس التعياون‪ .‬باإلضياف إىل‬
‫ذلك‪ ،‬يرى عدد نن املراقبني أن التخوف اإلنارايت نن اإلخوان املسلمني هو ختوف‬
‫نبالغ فيه‪ .‬وبشكل خاص نن تغري السلو اإلنارايت جتاه اإلخوان بعد أن كانيت‬
‫اإلنارات أحد نالذاهتم يف السابق‪ .‬فتعانُل اإلنارات نع ه ا التهديد املفترض غيَّير‬
‫الكثري يف السياس الداخلي واخلارجي للدول ‪.‬‬
‫ونن أهم ه ه التغريات‪ ،‬تلك التصرحيات اليت أطلقها الكثري نن السياسيني يف‬
‫اإلنارات ضد سلط اإلخوان يف نصر‪ ،‬إضاف إىل احلرب اإللكتروني نن خيالل‬
‫وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬واليت نشبت بني الطرفني‪ .‬ونن أهم أسباب التخوف‬
‫يف اإلنارات هو اعتقاد حكونتها أنَّ ندًّا إخوانيًّا يف املنطقي سيسيعى إىل تغييري‬
‫احلكونات احلالي والتوجه إىل بناء خالف إسالني ‪ .‬إنَّ السلو اخليارجي لتنظييم‬
‫اإلخوان املسلمني يف املنطق جيرب الكثري نن الدول الصغرية‪ ،‬حىت وإن كانت عربي‬
‫إسالني ‪ ،‬إىل تغيري ج ري يف سياساهتا كما فعليت اإلنيارات؛ فقيد وضيعت‬
‫اإلنارات والسعودي خطوطًا محراء لوقف اإلخوان املسلمني عن تصدير الثورة إىل‬
‫اخلليج‪ ،‬ولكن قطر نن ناحي أخرى فضَّلت دعم اإلخوان املسلمني ولكن بشيرط‬
‫عدم تأسيس أي جتمعات هلم يف الدول ‪.‬‬

‫حممد فودة‪" ،‬باحثون سياسيون‪ :‬اإلخوان املسلمون هتدد اسيتقرار اخللييج" صيحيف‬ ‫‪1‬‬
‫اإلنارات اليوم‪ 10 ،‬ديسمرب‪/‬كانون األول ‪.3013‬‬
‫‪010‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫انطلق نوقف دول اإلنارات نن ثورات الربيع العربيي‪ ،‬بوجه عيام‪ ،‬نين‬ ‫‪-‬‬
‫احملددات واألهداف العان اليت تقوم عليها سياستها اخلارجي ‪ ،‬ومبيا حيقيق‬
‫نصاحلها الوطني العليا‪.‬‬
‫تأسست السياس اخلارجي اإلناراتي على نرتكزات قوانها رؤيي "اليدول‬ ‫‪-‬‬
‫الصغرية" ملقدراهتا وأهدافها ونصاحلها بالنظر إىل حمدودي نساحتها اجلغرافي‬
‫وصغر عدد سكاهنا؛ فالشعور بالتهديد اخلارجي‪ ،‬ال سيما نن قبل إيران أثَّير‬
‫بشكل كبري على السياس الداخلي واخلارجي نن نشأة ه ه الدولي عيام‬
‫‪.1991‬‬
‫استخدنت اإلنارات العديد نن األدوات يف سياستها اخلارجي ‪ ،‬واليت تفاوتت‬ ‫‪-‬‬
‫حبسب األوضاع يف املنطق ‪ ،‬كما ارتبطت أيضًا بشيكل كيبري بإنكانياهتيا‬
‫املادي ‪ ،‬ونن أهم ه ه األدوات‪ :‬الدبلوناسي التقليدي ‪ ،‬وسياس املبيادرات‪،‬‬
‫واألداة االقتصادي (ممثل يف املساعدات اخلارجي )‪ ،‬واألداة الدعائي ‪.‬‬
‫على ندار األربعني عاناً املاضي اتبعت اإلنارات سياس خارجي ذات بعيد‬ ‫‪-‬‬
‫عروبيي قوني وفقاً لألسس اليت أرساها نؤسسها ورئيسها السابق الشييخ‬
‫زايد بن سلطان خل هنيان (رمحه اهلل)‪ ،‬غري أنه نن العام ‪ 3003‬شهدت هي ه‬
‫السياس بعض التغريات والتطورات على املستوى اجلزئي بفعيل التطيورات‬
‫الداخلي واخلارجي ‪.‬‬
‫اتسم سلو اإلنارات جتاه دول الربيع العربيي بكونه ذا طابع "وسطي" نا‬ ‫‪-‬‬
‫بني دعم التحركات واحل ر نن تأثرياهتا ليس فقط على كياهنا ولكين عليى‬
‫االستقرار السياسي يف املنطق ‪ .‬وهك ا‪ ،‬جاءت السياس اإلناراتي جتياه دول‬
‫الربيع العربيي نتغرية وغري نتماثل ؛ حيث دعمت التغيري يف تونس ولكين‬
‫نوقفها جتاه نا حدث يف نصر كان ح راً بسبب املكان والثقيل التيارخيي‬
‫والسياسي والعسكري للقاهرة‪ ،‬والدور الرئيسي الي ي تلعبيه يف احملييط‬
‫العربيي‪ .‬وكان نوقف اإلنارات نن اليمن ح رًا جيدًّا؛ وذليك بسيبب‬
‫العالقات بني الدولتني‪ ،‬كما اخت ت نوقفاً نشاهباً للموقف السعودي جتاه نا‬
‫حدث يف نصر ورمبا اليمن أيضًا‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬اختلف السلو اإلنارايت جتاه‬
‫‪011‬‬
‫احلال الليبي بشكل كبري‪ ،‬ولعبت‪ ،‬جبانب قطر‪ ،‬دورًا هانًا يف دعيم الثيوار‬
‫الليبيني إلسقاط نظام الق ايف‪ ،‬وكانت اإلنارات جزءًا رئيسيًّا يف التحيالف‬
‫الدويل ال ي تشكَّل ملساندة الثوار الليبيني‪.‬‬
‫‪ -‬تغري السلو اإلنارايت بشكل كبري نن العام ‪ ،3003‬وعزز ه ا التغيري الربييع‬
‫العربيي ال ي خلق خالفات بني اإلنارات والكثري نين اليدول العربيي‬
‫األخرى‪ .‬ويرى غالبي املراقبني أن نعاداة اإلنارات حلرك اإلخوان املسيلمني‬
‫هي نتيج طبيعي ملا قانت به ه ه احلرك نن حماول لزعزع األنن يف البالد‪.‬‬
‫وقد جاء ه ا السلو اإلنارايت اجلديد كدليل على أن البيئ الداخلي بيدأت‬
‫تؤثر بشكل كبري على سياستها اخلارجي ‪ ،‬يف حني كان هليا دور بسييط يف‬
‫املاضي‪.‬‬
‫ونثلت ردة الفعل اإلناراتي جتاه املتغريات يف املنطق نفاجأة للكثريين؛ فقيد‬
‫أدت إىل خلق خالفات أكثر بينها وبني نصر؛ فالواقع العربيي يفرض عليى‬
‫دول اخلليج تَقبالل حقيق الدور الكبري ال ي سيلعبه اإلخيوان املسيلمون يف‬
‫املنطق خالل السنوات القادن ؛ واإلنارات جزءٌ ال يتجزأ نن العا العربيي‪،‬‬
‫وعليها أن تدر أن السلو القوني العربيي ال ي بناه نؤسس الدول الشيخ‬
‫زايد بن سلطان خل هنيان يف السنوات املاضي بدأ يأخ دورًا أقل يف السياس‬
‫اخلارجي اإلناراتي احلالي ‪ ،‬وأن تعي أن هنا توجهات إسالني يف املنطقي‬
‫تغلب على التوجهات العروبي ‪.‬‬
‫‪ -‬كانت اإلنارات نن أقل الدول اخلليجي تأثرًا بالربيع العربيي‪ ،‬ورغم ذليك‬
‫فقد متثلت ه ه اآلثار يف أنرين رئيسيني‪ ،‬مها‪ :‬بروز نطالبيات باإلصيالح‬
‫السياسي‪ ،‬وتعزيز ثقاف العقلي الريعي وقيم الوالء‪.‬‬
‫‪ -‬وهك ا ميكن أن نفهم كيف فرض الوضع الداخلي لثنارات وتأثره بظياهرة‬
‫الربيع العربيي؛ تأثريه بشكل كبري على السلو اخلارجي احلايل للدول إزاء‬
‫ه ه الظاهرة يف البلدان اليت شهدهتا‪ ،‬وعلى األخص يف احلال املصري ‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫التفاعالت البينية‬
‫للقوى اإلقليمية والدولية‬
‫وعالقاتها مع دول منظومة‬
‫التعاون اخلليجي‬

‫‪011‬‬
‫العالرا الخليجية مع دول الجوار الكبرف‬
‫ليران والعراق وتركيا‬
‫الدواعي االستراتيجية والضوابط الحاكمة‬
‫د يحيى مفرح الزهراني‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تشكل العالقات بني دول جملس التعاون اخلليجي والقوى اإلقليمي الكربى يف‬
‫املنطق أحد أهم نرتكزات النظام اإلقليمي يف اخلليج والشرق األوسيط عمونياً‪،‬‬
‫وذلك بالنظر إىل طبيع وكثاف ه ه العالقات نن جه ‪ ،‬ونضمون نا تشتمل عليه‬
‫نن تفاعالت تعاون أو صراع نن جه أخرى‪ .‬فبعض ه ه القوى كيان نصيدراً‬
‫لتهديد األنن اخلليجي خالل فترة نعين ‪ ،‬وبعضها اآلخر يشكل حاليياً نصيدراً‬
‫لتهديد أنن واستقرار دول املنطق بسبب طموحاته يف اهليمن على املنطق ‪ .‬ويأيت يف‬
‫نقدن ه ه القوى اإلقليمي الرئيسي ‪ :‬العراق‪ ،‬وإيران‪ ،‬وتركيا‪ ،‬واليت ختتلف فيميا‬
‫بينها نن حيث نصادر القوة أو الضعف‪ ،‬وك لك نن حيث أهدافها وسياساهتا يف‬
‫املنطق عموناً‪ ،‬وجتاه دول جملس التعاون اخلليجي على وجه اخلصوص‪.‬‬
‫ترصد ه ه الورق البحثي التغريات اليت طرأت يف طبيع وحجم أدوار ونفوذ‬
‫القوى اإلقليمي الكربى يف املنطق (إيران‪ ،‬العراق‪ ،‬تركيا) خالل السنوات األخرية‪،‬‬
‫نع بيان حمددات نستقبل العالقات اخلليجي اإلقليمي خالل املستقبل املنظور مبيا‬
‫يعظم املصلح اخلليجي اجلماعي ‪ ،‬وحيد نن اخلسائر‪ ،‬على ضوء التحيوالت الييت‬
‫تشهدها املنطق يف نرحل نا بعد الربيع العربيي‪.‬‬
‫ويف سبيل ذلك‪ ،‬نناقش عددًا نن القضايا وامللفات ذات الصل نين قبييل‬
‫حمددات القوة ال اتي لدى دول اجلوار اإلقليمي الثالث‪ ،‬وأثرهيا عليى التيوازن‬
‫‪017‬‬
‫اإلقليمي‪ ،‬واحملددات الداخلي يف دول جملس التعاون اخلليجي يف نرحل نيا بعيد‬
‫الربيع العربيي‪ .‬ونرتكز يف حتليلنا على نظري القوة ال اتي أو القوة الشانل للدول ‪،‬‬
‫واليت قمنا مبحاول تطبيقها لبيان أوجه الضعف والقوة ليدول اخللييج والقيوى‬
‫اإلقليمي الرئيس (إيران‪ ،‬العراق‪ ،‬تركيا)‪ ،‬وذلك وفق نا طرحه وزيير اخلارجيي‬
‫التركي أمحد داوود أوغلو يف كتابه "العمق االستراتيجي"‪.‬‬
‫تتكون ه ه النظري نن املعطيات الثابت ممثل يف التاريخ واجلغرافيا‪ ،‬وعدد‬
‫السكان‪ ،‬والثقاف ‪ ،‬واملعطيات املتغرية ممثل يف القدرة االقتصيادي ‪ ،‬والقيدرة‬
‫التكنولوجي ‪ ،‬والقدرة العسكري ؛ نضروب يف ال هني االستراتيجي ‪ ،‬والتخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬واإلرادة السياسي ‪ ،‬لتصيبح املعادلي يف صييغتها النهائيي‬
‫كالتايل‪:‬‬
‫القوة (ق) = [(تاريخ ‪ +‬جغرافيا ‪ +‬عدد سكان ‪ +‬ثقاف ) ‪( +‬قدرة اقتصيادي ‪+‬‬
‫قدرة تكنولوجي ‪ +‬قدرة عسكري )] × (ذهني استراتيجي × ختطييط اسيتراتيجي ×‬
‫إرادة سياسي )‪.1‬‬

‫أوالً‪ :‬الدور اإليراني ما بعد الربيع العربي‪:‬‬

‫‪ 1‬محددا القوو اإليرانية الشاملة‪:‬‬


‫متتلك إيران جمموع نن املقونات وعناصر القوة ال اتي اليت تعيزز نكانتيها‬
‫ودورها كقوة إقليمي يف ننطق اخلليج‪ ،‬ويتمثل ذلك يف‪:‬‬
‫أ المحدد الجيوثقافي ‪ -‬استراتيجي‪:‬‬
‫ختتزن إيران تارخيًا حضاريًّا طويالً جيمع بني ثقاف فارسي وتاريخ إسيالني‪،‬‬
‫وتتعدد األعراق يف سكان إيران البالغ عددهم حيوايل ‪ 93,80‬نلييون نسيم ‪،‬‬
‫وتقدر نسب الشباب نا دون ‪ 39‬عانًا حبوايل ‪ %60‬حبسيب احصيائيات البنيك‬
‫الدويل‪.2‬‬
‫أمحد داوود أوغلو‪ ،‬العمق االستراتيجي‪( ،‬نركز اجلزيرة للدراسات‪ ،‬بيريوت‪،)3008 ،‬‬ ‫‪1‬‬
‫ص ‪.29‬‬
‫‪http://data.worldbank.org/country/iran-islamic-republic‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪018‬‬
‫وتشكِّل ه ه القوة الدميغرافي وحيدة حضياري ذات أبعياد جيوثقافيي‬
‫وجيوستراتيجي يف املنطق نن حضارة عيالم (‪ 9000‬عام قبيل املييالد وحيىت‬
‫اإلنرباطوري الساساني (‪ .)690-363‬وقد جنم عن ه ه املقونات احلضاري ‪ ،‬مبيا‬
‫حتويه نن قيم ثقافي وديني واجتماعي ؛ وعيًا إيرانيًّا ورؤي واضح بالنسب ليدور‬
‫إيران كقوة فاعل إقليمي ودولي يف العا ‪ ،‬وهو نا يطلق علييه اليبعض ال هنيي‬
‫االستراتيجي اإليراني ‪.1‬‬
‫وعلى الرغم نن التمركز امل هبيي ال ي تتمتع به إيران‪ ،‬إال أنه حيكم إييران‬
‫البعد املصلحي عادة‪ ،‬ال امل هبيي يف التعانل نع اخلليج والربيع العربيي؛ حييث‬
‫دعمت نظانًا علمانيًّا يف أفغانستان‪ ،‬لكنه ال ينفي االختراق اإليراين الناعم للمنطق‬
‫العربي وال ي قد يستخدم امل هب‪ ،‬التاريخ‪ ،‬احلضارة أو املوسيقى‪ .‬ورمبيا يعيود‬
‫ذلك لطبيع العالق التارخيي والتأثر نا بني جزيرة العرب والتاريخ الفارسي وال ي‬
‫شهد تالقحًا وتأثريًا نتبادالً‪.‬‬
‫ب محدد القوو العسكرية‪:‬‬
‫تشكِّل القوة العسكري التقليدي أحد أهم نقونات القوة اإليراني الشيانل ‪،‬‬
‫فقد بلغ إمجايل اإلنفاق العسكري اإليراين عام ‪ 3008‬نا يقارب ‪ 9,19‬نليار دوالر‪،‬‬
‫وهو نا يشكِّل ‪ %3,9‬نن إمجايل الناتج احمللي اإلمجايل للبالد وذلك وفق أحيدث‬
‫البيانات املوثق املتوافرة يف ه ا الصدد‪.2‬‬
‫ووفقًا ملؤشرات العام ‪ ،3010‬بلغ تعداد القوات اإليراني املسيلح (اجلييش‬
‫واحلرس الثوري) ‪ 932‬ألف جندي‪ ،‬بينما متتلك إيران ‪ 399‬سفين حربي ‪ ،‬و‪1612‬‬
‫دباب قتال رئيسي ‪ ،‬و‪ 213‬طائرة حربي ثابت اجلناح‪ .3‬كما طورت إيران صيناع‬
‫حملي حربي جيدة ال سيما يف نيدان املدرعات والصواريخ‪ ،‬فقد كشفت عن نقاتل‬
‫حملي باسم "صاعق ‪ ،"80‬وقالت‪ :‬إهنا حتاكي املقاتل (‪ ،)F-14‬ووقَّعت نع الصيني‬

‫داوود أوغلو‪ ،‬العمق االستراتيجي‪ ،‬ص‪.39‬‬ ‫‪1‬‬


‫عبد اجلليل زيد املرهون‪ ،‬برانج التسلح يف اخلليج واجلوار‪( ،‬نركز اجلزيرة للدراسيات‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ ،)3013‬ص‪.103-100‬‬
‫‪Cordesman, Anthony H and Nerguisian, Aram. Military Balance in the‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪.Gulf, 2010, p. 44‬‬
‫‪019‬‬
‫شراء طائرة نقاتل نن طراز (‪ )J-10‬يف الفترة نن ‪ 3008‬إىل ‪ 3010‬واليت يبلغ نداها‬
‫‪ 2000‬كيلونتر وتشبه النسخ املطورة نن طائرة (‪ )lavi‬اإلسرائيلي اليت صُيممت‬
‫يف مثانينيات القرن املاضي‪.1‬‬
‫كما شهدت إيران تطويرًا نلحوظًا يف جمال القيوة الصياروخي ال سييما يف‬
‫توظيف عدد نن اخلربات العسكري اليت حصلت عليها نن دول االحتياد السيوفييت‬
‫السابق وكوريا الشمالي والصني؛ حيث طورت عدة أنواع نن الصواريخ نتفاوتي‬
‫املديات املتوسط والطويل واليت كان أمهها على اإلطيالق نيا يُعيرف مبنظوني‬
‫الصواريخ شهاب (‪ 1‬و‪ 3‬و‪ 2‬و‪ 3‬و‪)9‬؛ إذ يصل ندى بعضها إىل أكثير نين ‪1300‬‬
‫كيلو نتر وهي يف ذات الوقت قادرة على محل رؤوس نووي وكيماوي وبيولوجيي ‪،‬‬
‫كما متتلك إيران على األقل ثالث غواصات روسي الصنع‪ .2‬ونا يعزز عناصر القيوة‬
‫اإليراني تطويرها برناجمًا نوويًا تقول إنه خمصص لألغراض السلمي ‪ .‬وتعمل إيران على‬
‫توظيف عناصر قوهتا الشانل كرأمسال يعزز نن نكانتها ومينحها النفوذ يف املنطق ‪.‬‬
‫‪ 1‬الوضع الداخلي اإليراني والربيع العربي‪:‬‬
‫تأثرت األوضاع الداخلي يف إيران بالتطورات اليت شهدهتا املنطقي العربيي‬
‫خالل العانني املاضيني فيما يعرب بثورات الربيع العربيي‪ .‬فقد شهدت طهيران‬
‫خروج نظاهرات واحتجاجات شعبي شار فيها الشباب بشكل كبري للمطالبي‬
‫باحلريات وحتسني نستويات املعيش واإلصالح االقتصادي‪ ،‬وهي املطاليب الييت‬
‫كانت قد أججت الشارع اإليراين عقب االنتخابات الرئاسي الييت أُجرييت يف‬
‫صيف عام ‪ 3009‬وفاز فيها الرئيس حممود أمحدي جناد بفترة والي ثاني متتد حيىت‬
‫ننتصف العام احلايل (‪.)3012‬‬
‫وإذا نا وُضع بعني االعتبار جنبًا إىل جنب نع ه ه االحتجاجات الداخليي ‪،‬‬
‫الضغط الدويل والعقوبات االقتصادي اليت تفرضها الوالييات املتحيدة واالحتياد‬
‫األوروبيي على إيران‪ ،‬فإن احملصل هي تأثر األخرية سلبًا بالربيع العربييي نين‬

‫عبد اجلليل املرهون‪ ،‬برانج التسلح يف اخلليج واجلوار‪ ،‬ص ‪.100‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Toukan, Abdullah and Codesman, Anthony. Iran, Isreal and the Effect‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪of Nuclear Conflict in the Middle East, (Center for Strategic and‬‬
‫‪.International Studies, Washington, 2009), p. 31‬‬
‫‪061‬‬
‫زاوي تأثر الداخل اإليراين برياح ه ا الربيع على حنو دفع كثريين للتنبؤ والقول بأن‬
‫مث "ربيعًا إيرانيًّا" يف الطريق‪ ،‬وإن كان خخرون يرون أن احلال اإليراني ختتلف عن‬
‫نثيالهتا يف دول الربيع العربيي‪ ،‬نشريين إىل أن الضمري اجلمعي للشعب اإلييراين‬
‫نسكون خبشي الفوضى والفتن واالهنيار؛ األنر ال ي يدفعيه دونًيا للتماسيك‬
‫ونساندة القيادة الرمسي يف نواجه التحديات اخلارجي على حنو نا شهدته اليبالد‬
‫إبان احلرب نع العراق يف مثانينيات القرن املاضي‪.1‬‬
‫كما متثل التحديات االقتصادي أحد أهم عناصر الضعف اإليراين‪ ،‬ال سيما نع‬
‫اعتمادها بشكل شبه كلي على عوائد النفط‪ ،‬يف الوقت الي ي تراجعيت فييه‬
‫االستثمارات طويل األجل يف البني التحتي الستخراج وصناع النفط؛ مما سيوف‬
‫يؤثر بالسلب على نسامه عائدات النفط يف االقتصاد الوطين‪ .‬وكما يشري أحيد‬
‫الباحثني‪ 2‬فإنه يف سن ‪ 3009‬كانت قيم كلِّ دوالر أنريكي تساوي ‪ 9003‬رييال‬
‫إيراين‪ ،‬ويف سن ‪ 3012‬بلغت ه ه النسب حنو ‪ 33939‬رياالً حبسب أرقيام نركيز‬
‫نبادالت العمل ال ي جرى تأسيسه أخريًا هبدف احلدِّ نن تدهور قيمي العملي‬
‫الوطني ‪ 8 ،‬إبريل‪/‬نيسان ‪.33012‬‬
‫وكما يشري الباحث رشيد يلوح "تبدو جترب أمحدي جناد خيالل السينوات‬
‫الثماين املاضي قامت ‪ ،‬بالنظر إىل فشلها يف حتقيق وعودها االقتصادي ‪ ،‬وإخفاقهيا يف‬
‫حتقيق التوازن نع نرشد الثورة‪ ،‬وعدم قدرهتا على إعطاء دور تيوافقي ملؤسسي‬
‫الرئاس داخل الساح السياسي اإليراني ‪ .‬يُحمِّل بعض أعضاء التيار األصويل جنيادًا‬
‫وفريقه احلكوني نسؤولي أكرب قدر نن اإلخفاقات السياسي واالقتصادي ‪ .‬ويف ه ا‬
‫اإلطار محَّله عضو الربملان حممد باهنر نسؤولي ‪ %60‬نن تلك اإلخفاقات‪ ،‬نُرجعًيا‬
‫أسباب الي ‪ %30‬األخرى إىل ظروف احلصار االقتصادي"‪.4‬‬

‫بشري نافع وطالل عتريسي‪ ،‬إيران الدول واألزن ‪( ،‬نركز اجلزيرة للدراسات‪،)3008 ،‬‬ ‫‪1‬‬
‫ص ‪.63-63‬‬
‫رشيد يلوح‪ ،‬الطريق إىل االنتخابات الرئاسي اإليراني ‪( ،‬املركز العربيي لألحباث ودراس‬ ‫‪2‬‬
‫السياسات‪ ،‬الدوح ‪ ،)3012 ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪http://alef.ir/vdcf0jdytw6dcca.igiw.html?184825‬‬ ‫‪3‬‬
‫نوقع يالثارات احلسني‪ 33 ،‬إبريل‪/‬نيسان ‪ ،3012‬على الرابط‪:‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪http://www.yalasarat.com/vdcay6nm.49n0y15kk4.html‬‬

‫‪060‬‬
‫وقد ارتبط هب ا التحدي الداخلي وال ي أصبح يشكِّل احمليور الفاصيل يف‬
‫نستقبل النفوذ اإليراين يف الشؤون اإلقليمي ‪ ،‬تصاعد اجلدل السياسي الداخلي حول‬
‫نستقبل النظام السياسي‪ ،‬وكيفي املواءن بني عمل والي الفقيه وسلط الشعب ال‬
‫سيما نع تأثر الداخل اإليراين بدول الربيع العربيي إىل حيدٍّ بليغ طيرح رؤى‬
‫واجتهادات وطني بشأن "نستقبل الدول اإليراني نا بعد خاننئي"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدور التركي ما بعد الربيع العربي‪:‬‬


‫ً‬
‫فرضت تركيا نفسها تدرجييًّا كقوة نعادل للكف اإليراني بالنسب للمصياحل‬
‫اخلليجي وتوازن القوى باملنطق ال سيما بعد الغزو األنريكي للعيراق وخيروج‬
‫األخري نن نعادل األنن اإلقليمي حىت إشعار خخر‪ .‬وشهد النصف الثاين نن العقيد‬
‫األول نن القرن احلايل إرهاصات ه ا الدور املتناني لتركييا إقليميًّيا يف الشيرق‬
‫األوسط‪ ،‬وبشكل خاص يف ننطق اخلليج‪ ،‬على حنو نا ظهر جليًّا يف توقيعها عيام‬
‫‪ 3009‬اتفاقي للتعاون االقتصادي والتجاري واالستثماري نع دول جملس التعياون‬
‫اخلليجي‪ ،‬وتبادل املعرف واخلربات الفني يف ه ه اجملاالت‪.1‬‬
‫وتعززت العالقات اخلليجي ‪-‬التركي يف أعقاب زيارة العاهل السعودي امللك‬
‫عبد اهلل بن عبد العزيز ألنقرة عام ‪ ،3006‬مث كانت االنطالق الثانيي عيام ‪3008‬‬
‫عندنا وقَّع اجلانبان ن كرات تفاهم واليت أقرت لقاءات نتبادلي بشيكل دوري‬
‫بينهما‪ ،‬كما شهد العام ذاته لقاءً بني خرباء نن دول اخلليج ونظرائهم األتيرا يف‬
‫الرياض‪ ،‬وال ي متخض عن إقرار احلوار االستراتيجي اخلليجي‪-‬التركي مبا يضيمن‬
‫املزيد نن التنسيق الثنائي على نستوى عدد نن القضايا املشترك ‪.‬‬
‫وهك ا التدشني العملي لتنسيق اجلهود اخلليجي التركي ‪ ،‬مبا يضمن تعاطيًا‬
‫أكثر فاعلي نن جانب تركيا نع عدد نن القضايا املهم لدول اخللييج ال سييما‬
‫امللف النووي اإليراين مبا يشكِّل نصلح خليجي استراتيجي ملوازن النفوذ اإليراين‬
‫املتزايد باطراد نن العام ‪ ،3002‬وحيقق يف الوقت ذاته جانبًا نن أهداف السياسي‬
‫اخلارجي التركي الرباغماتي اليت سعت يف العقيد األخيري إىل ترمجي نفوذهيا‬

‫سعد حقي توفيق‪ ،‬السياس التركي جتاه اخلليج العربيي ‪( ،3008-3000‬جمل العليوم‬ ‫‪1‬‬
‫السياسي ‪ ،‬العدد ‪ ،)29-28‬ص ‪.10-9‬‬
‫‪061‬‬
‫وحضورها السياسي إىل عوائد اقتصادي واستثماري حتدم االقتصاد التركي وتعيزز‬
‫شرعي احلكون القائم يف أنقرة‪.‬‬
‫‪ 1‬محددا السياسة الخارجية التركية تجاه دول الخليج‪:‬‬
‫تنطلق تركيا يف سياستها اخلارجي جتاه ننطق اخلليج نن الفلسف العان الييت‬
‫أرساها يف السنوات األخرية وزير اخلارجي أمحد داوود أوغلو واليت تقيوم عليى‬
‫استخدام نعادل القوة الشانل ‪ ،‬وتصفري املشكالت نع اجلانب احمليط اإلقليميي‪.1‬‬
‫ومث حمددات نتعددة حتكم التوجه التركي اآلخ يف النمو جتاه ننطق اخلليج خالل‬
‫السنوات األخرية‪ ،‬واليت ميكن أن نوجزها يف اآليت‪:‬‬
‫أ المحدد االرتصادي‪:‬‬
‫متثل الرؤي االقتصادي بُعدًا برامجاتيًّا للسياس التركي نع دول اخلليج حييث‬
‫تعمد الدبلوناسي التركي إىل توقيع اتفاقي للتجيارة احليرة‪ ،‬وإبيرام اتفاقييات‬
‫لالستثمار والتعاون التجاري والفين لفتح جماالت وفرص للشركات التركي للعمل‬
‫وحتقيق العوائد االقتصادي واملالي مبا ينعكس إجيابًا عليى األوضياع االقتصيادي‬
‫للمواطن التركي‪ .‬وتستثمر أنقرة يف ذلك نصادر قوهتا الدميوغرافي واالقتصيادي ؛‬
‫حيث بلغ عدد سكان تركيا يف عام ‪ 3011‬حوايل ‪ 93,63‬نليون نسم ‪ ،‬وبلغ حجم‬
‫ناجتها احمللي اإلمجايل ‪ 999‬نليار دوالر لنفس العام‪ ،2‬ويتراوح نعدل منوها السنوي‬
‫بني ‪ 3,9‬إىل ‪.%6‬‬
‫ب المحدد الحضاري الثقافي‪:‬‬
‫تتمتع تركيا بعوانل قوة ثابت يف عالقاهتا بدول جملس التعياون اخلليجيي‬
‫نقارن بقوى إقليمي أخرى ننافس وخاص إيران ‪ ،‬ونن أهم ه ه العوانل املشتر‬
‫الثقايف امل هبيي "السين" بني تركيا ودول اخلليج؛ مما يؤهلها للعب دور جدييد‬
‫يف املنطق حيظى بقبول وارتياح العواصم اخلليجي قاطب ‪ .‬وقد تعزز ه ا األنر نن‬
‫خالل املواقف الرمسي التركي اليت أكدت على العمق اإلسالني واليدور الي ي‬

‫انظر‪ :‬أمحد داوود أوغلو‪ ،‬العمق االستراتيجي‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://data.worldbank.org/country/turkey‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪061‬‬
‫ميكن أن تلعبه تركيا يف حميطها اإلقليمي ونن مث اإلسالني األوسع‪ ،‬وهي املواقف‬
‫اليت القت قبوالً بل وترحيبًا نن قبل الرأي العام اخلليجي والعربيي بوجه عيام‪،‬‬
‫ونن أنثلتها‪ :‬املوقف التركي املساند لألقلي املسلم يف نيامنار‪ ،‬وإرسيال سيفن‬
‫نساعدات وإغاث إنساني تركي إىل األراض ي الفلسطيني كما هي حال السيفين‬
‫نرنرة إىل غزة‪ ،‬فال شك أن تلك املواقف تعبِّر عن توجه نتقيارب نيع خنيال‬
‫الشعوب اخلليجي وجتعل تركيا نؤهل للنفاذ إىل العمق الوجداين لشيعوب دول‬
‫اخلليج‪.‬‬
‫ج المحدد االستراتيجي‬
‫تنظر تركيا إىل اخلليج باعتباره ننطق حيوي نؤثرة وبواب رئيسي ‪ ،‬عرب نضيق‬
‫هرنز‪ ،‬لتعزيز التأثري القاري التركي‪ .1‬ونن مث‪ ،‬تعترب تركيا أن دورها أساسيي يف‬
‫أنن اخلليج‪ ،‬شريط إشرا مجيع األطراف األخرى املؤثرة يف املنطق ويف نقدنتيها‬
‫إيران والعراق لتحقيق ه ا األنن‪ ،‬نعتربة أن حتقيق األنن واالستقرار اخلليجي نين‬
‫شأنه أن ينعكس إجيابًا على أنن الشرق األوسط‪ ،‬ال ي يقود بيدوره إىل تعياون‬
‫اقتصادي وتنموي بني خمتلف دول املنطق ‪.‬‬
‫‪ 1‬المورف التركي من ثو ار الربيع العربي‪:‬‬
‫تنتهج تركيا سياس نرن ال سيما فيما يتعلق بالعمق االسيتراتيجي ليدول‬
‫اخلليج؛ حيث اخت ت أنقرة نواقف ح رة حول نلفي اليمن والبحيرين‪ ،‬ودعيت‬
‫مجيع األطراف إىل ضبط النفس‪ ،‬فضالً عن التقارب بني املواقف التركي واخلليجي‬
‫إزاء األزن الدائرة يف سوريا؛ مما يشري إىل نرون تركي يف التفاعل نع اخللييج يف‬
‫ظل الربيع العربيي‪ .2‬ولعل نن املؤشرات املهم اليت تدل على القبيول الثقيايف‬
‫لتركيا يف دول املنطق ‪ ،‬ه ا الزخم الكبري ال ي بدأت حتظى به الدرانا التركي نن‬
‫نسلسالت اجتماعي وتارخيي ‪ ،‬واليت متثل يف الوقت ذاته وسيل فعالي للتيرويج‬
‫للسياح اخلليجي ‪-‬والعربي عمونًا‪ -‬إىل تركيا؛ األنر ال ي نن شأنه تعزيز النفوذ‬
‫الثقايف هلا يف املنطق ‪.‬‬

‫أمحد داوود أوغلو‪ ،‬العمق االستراتيجي‪ ،‬ص ‪.306‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://acpss.ahramdigital.org.eg/News.aspx?Serial=86‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪061‬‬
‫اجلدير باملالحظ يف ه ا السياق‪ ،‬غياب تأثري دول اخلليج يف اجلانب التركي‬
‫نن ه ه الوجه الثقافي أو نا ميكن أن نطلق عليه حماول "النفوذ املعاكس"‪ ،‬وهو نا‬
‫جيدر بدول جملس التعاون التنبه إليه حبيث ميكن أن تستثمر اللغ العربي كميدخل‬
‫ملمارس تأثري على النخب املثقف والرأي العام التركيي‪ ،‬كميا ميكين اسيتثمار‬
‫نؤسسات نهم يف ه ا السياق عرب فتح عالقات بينها وبني املؤسسات اخلليجيي‬
‫املشاهب ‪ ،‬وننها على سبيل املثال اجلمعي التركي العربي للعلوم والثقاف ‪ ،‬كما ميكن‬
‫لدول اخلليج تشجيع تدريس اللغ العربي يف املدارس التركي ‪ ،‬فجميع ه ه األدوات‬
‫ميكن توظيفها كمدخل لنفوذ خليجي نن ننطلق لغوي ميتيد إىل أبعياد أخيرى‬
‫جمتمعي سياسي ‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة يف ه ا السياق أيضًا إىل أن دول قطر كانت األكثر نشياطًا‬
‫لبناء روابط تعاون ثقايف نع اجلانب التركي‪ ،‬ونن ذلك تنظيمها أسيبوعًا ثقافيًّيا‬
‫قطريًّا يف تركيا عام ‪.13010‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الدور العراري ما بعد الربيع العربي‪:‬‬


‫يعد العراق يلعب دورًا بارزًا كقوة إقليمي نؤثرة على الرغم نن وجود‬
‫بعض نكونات القوة الشانل ‪ ،‬وذلك بعد خروجه نن نعادل تيوازن القيوى‬
‫نؤقتًا عقب الغزو األنريكي عام ‪ ، 3002‬وبروز املد اإلييراين بشيقيه الثقيايف‬
‫واأليديولوجي عن طريق اتفا قيات التعاون الثنائي بني البلدين‪ .‬كما ضاعف نن‬
‫عناصر الضعف العراقي حال االستقطاب السياسي والطائفي الداخليي الييت‬
‫ازدادت حدهتا مبرور الوقت اعتراضًا على النفوذ اإليراين املتنياني يف احليياة‬
‫السياسي العراقي ؛ حيث استغلت إيران التعثر األنريكي يف العراق لتزييد نين‬
‫نفوذها اإلقليمي‪ ،‬وحاولت زيادة نا متليك نين أوراق ضيغط يف املنطقي‬

‫أعربت اجلمعي التركي العربي للعلوم والثقاف والفنون عن استعدادها للتعاون نع اهليئات‬ ‫‪1‬‬
‫القطري املعني لتنظيم ندوة نشترك هتدف للتعريف باألدباء والشيعراء القطيريني يف‬
‫الساح التركي ‪ ،‬والعمل على ترمج إصداراهتم إىل اللغ التركي وحتقيق التواصل بينيهم‬
‫ونظرائهم نن األدباء والشعراء األترا ‪ ،‬وللمزيد انظر‪:‬‬
‫‪http://www.turkisharab.com/News/qatar.htm.‬‬

‫‪061‬‬
‫باستخدام ه ه األوراق يف سوري ولبنان والعراق يف نواجه الضغوط الدوليي‬
‫عليها بسبب برناجمها النووي‪.1‬‬
‫وال شك أن تفاعالت الداخل العراقي نع تطورات الربيع العربيي ال سييما‬
‫يف سوريا‪ ،‬نن شأهنا أن تؤثر على ندى قدرة العراق على استعادة عافيتيه كقيوة‬
‫إقليمي نؤثرة يف املنطق ونوازن لقوة والنفوذ اإليرانيني‪ .‬ومث نؤشرات على وجود‬
‫إرهاصات "ربيع عراقي" يف حال استمرار الغضب واالحتقان السياسي وامل هبيي‬
‫ال ي تشهده البالد على خلفي املظاهرات اليوني ضد حكون رئيس الوزراء نوري‬
‫املالكي واملستمرة نن سبع أشهر تقريبًا دون انقطاع‪.2‬‬
‫ويف ذات الوقت يواجه العراق نستقبالً غري واضح املعا ال سيما نع نواقف‬
‫بغداد إزاء األزن السوري ؛ حيث تثار تساؤالت جوهري نن قبييل‪ :‬نياذا بعيد‬
‫استتباب األنور يف سوريا وتعيني حكون جديدة بعد سقوط بشار األسد؟ وكيف‬
‫سيتعانل العراق نع النظام اجلديد يف دنشق؟ وأثر العالقات العراقيي ‪-‬السيوري‬
‫اجلديدة على دور العراق اإلقليمي يف املستقبل املنظور؟‬
‫نرى أن استعادة العراق لدوره الفاعل يف املنطق يتطلب أوالً إعيادة ترتييب‬
‫البيت نن الداخل‪ ،‬باإلضاف إىل استعادة األنن واالسيتقرار‪ ،‬وإنعياش االقتصياد‬
‫الوطين‪ ،‬مث نعرف وترتيب أولوياته اخلارجي ‪ ،‬وتفعيل عالقاته اإلقليمي ‪-‬وال سييما‬
‫العربي واخلليجي ‪ -‬وفق أسس االحترام املتبادل والتعاون االستراتيجي ال ي حيقيق‬
‫نصاحل مجيع األطراف بشكل نتوازن ودائم‪.‬‬

‫‪http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/132/1691/%D8%AA%D8%‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D9%‬‬
‫‪82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%‬‬
‫‪B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%‬‬
‫‪AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%‬‬
‫‪84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%‬‬
‫‪81%D9%8A-%D8%B2%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%‬‬
‫‪AB%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%‬‬
‫‪B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9.aspx‬‬
‫‪http://www.majalla.com/arb/2013/01/article55241255‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪066‬‬
‫ابعا‪ :‬مستقبل العالرا الخليجية اإلرليمية‪:‬‬
‫رً‬
‫بعد أن استعرضنا حمددات وأبعاد أدوار القوى اإلقليمي الرئيسيي يف املنطقي ‪،‬‬
‫وندى تأثرها بالربيع العربيي‪ ،‬يبدو التساؤل اجلوهري هنا على النحو التايل‪ :‬هل زاد‬
‫الربيع العربيي نن ثقل ورصيد دول املنظون اخلليجي على الصعيد اإلقليميي عليى‬
‫حساب قوى اجلوار مبا يعدِّل نن نيزان القوى السابق أم أن العكس هو الصحيح؟‬
‫ميكن القول يف ضوء التحليل السابق‪ :‬إن دول جمليس التعياون اخلليجيي‪،‬‬
‫وإيران‪ ،‬وتركيا‪ ،‬والعراق؛ قد تأثرت بدرجات نتفاوت ‪-‬سلبًا وإجيابًيا‪ -‬بثيورات‬
‫الربيع العربيي‪ ،‬على النحو ال ي ساهم يف زيادة رصيدها ونكانتها اإلقليميي أو‬
‫أدى لتآكلها لصاحل القوى األخرى‪ .‬فقد تأثرت األوضاع الداخلي يف كيل نين‬
‫العراق وإيران ودول اخلليج ‪-‬وال تزال حمالًّ للتأثر‪ -‬بتطورات الربيع العربيي‪ ،‬كما‬
‫تأثر الدور اإلقليمي التركي‪ ،‬إجيابًا‪ ،‬هب ه التطورات وجله تطوير عالقات شيراك‬
‫استراتيجي نع دول جملس التعاون‪ ،‬بينما سيتأثر الدور اإلقليمي إليران‪ ،‬سلبًا على‬
‫األرجح‪ ،‬نن الربيع العربيي بالنظر إىل صعود تيار اإلسالم السين ملقاليد احلكم يف‬
‫دول الربيع العربيي نن جه ‪ ،‬وفقدان طهران يف حال زوال نظام بشيار األسيد‬
‫حليفًا استراتيجيًّا يف دنشق‪ ،‬وظهريًا أيديولوجيًّا واستراتيجيًّا أيضًا هو حزب اهلل يف‬
‫لبنان نن جه أخرى‪.‬‬
‫وال شك أن تساؤالت عديدة تُطرح حول كيفي التعانل نع إيران يف اجلانب‬
‫املستقبلي‪ ،‬فهنا قوة تريد إبعادها وهنا نن يريد إدخاهليا حلاجتيهم إليهيا يف‬
‫أفغانستان وغريها‪ .‬ويف تقديرنا أن إيران هي فاعل ال ميكن إغفاله باملنطق وجييب‬
‫التفاعل نعه على أسس املتغريات اجليوبوليتيكي واملصلحي واليت تتغري بطبيع احلال‪،‬‬
‫لكن يبقى على دول اخلليج أن تبادر إىل حوار استراتيجي نع إيران‪ ،‬حبيث يعبِّير‬
‫كل طرف عن خماوفه‪ ،‬قبل أن حتدث صفق نن وراء ظهر دول اخلليج‪ ،‬كما تؤشر‬
‫له توجهات الواليات املتحدة األنريكي يف استراتيجيتها اجلديدة حنو الباسييفيك؟‬
‫ويف ه ا السياق‪ ،‬جند لزانًا علينا طرح تساؤل نستقبلي‪ ،‬هو‪ :‬ملاذا ال يكون أنين‬
‫ننطق اخلليج وفق صيغ الفاعلني "‪"3+6‬؟‬
‫نقصد بالفاعلني هنا دول اخلليج العربي الست باإلضاف إىل العراق وإييران‪،‬‬
‫وإدخال عنصرين جديدين‪ ،‬مها باكستان واهلند‪ ،‬الل ان يشكِّالن الطوق الشيرقي‬
‫‪067‬‬
‫إليران واملطلني جيوبوليتيكيًّا على دول اخلليج‪ .‬ويف تقيديرنا أن نعادلي "‪"3+6‬‬
‫ستُحدث تأثريًا على اللعب االستراتيجي اخلاصي باملنطقي وإعيادة اليتفكري يف‬
‫االعتبارات االستراتيجي ‪ .‬أنا بالنسب إىل تركيا فعلى الرغم نن التقارب النسبييي‬
‫بينها وبني كف نيزان القوى لصاحل دول اخلليج‪ ،‬إال أنه ال ينبغي إغفال أن إييران‬
‫وتركيا لن تصطدنا بشأن القضايا العربي ‪ ،‬فهنا تنسيق بينهما ونصاحل نشترك يف‬
‫خسيا الوسطى‪ ،‬عالوة على العالقات الوطيدة بني تركيا وروسييا والييت تعتيرب‬
‫األخرية‪ ،‬حليفًا نهمًّا إليران يف املنطق ‪ ،‬ونع ذلك نعتقد أن فرص التقارب التركي‬
‫نع كف نيزان دول اخلليج هي باالجتاه اإلجيابيي‪.‬‬
‫وبالنسب لدول اخلليج‪ ،‬فقد فرض الربيع العربيي عليها حتديات كبرية عليى‬
‫الصعيد الداخلي؛ مما ميثل قيدًا على قدرهتا على زيادة فاعليتها وتأثريها يف احملييط‬
‫اإلقليمي؛ حيث ستنشغل إىل حد بعيد بأوضاعها الداخلي أو نا ميكين أن نطليق‬
‫عليه "نعضل االنكفاء الداخلي على ال ات"‪ .‬ذلك أن ه ا االنكفاء غري االختياري‬
‫سيكون ضروريًا نن أجل احلفاظ على أنن واستقرار ه ه الدول‪ ،‬نظرًا لكون األنن‬
‫مبفهونه العام يرتكز على أبعاد اقتصادي وتنموي على النحو ال ي عرفه به روبرت‬
‫ناكنمارا بأنه "يتعزز ويتحقق بالتطور والتنمي يف اجملاالت السياسي واالجتماعيي‬
‫واالقتصادي "‪.‬‬
‫إن وجود فجوة بني سرع التغري وسرع التكيف يف اجملتمع قد تؤدي إىل ثغرة‬
‫ميكن أن تسبب حال ثوري ‪ ،‬نعتمدة ب لك على حال اإلحباط اجملتمعي الناجت عن‬
‫تباعد الطبقات االجتماعي ناديًّا‪ ،‬وك لك نوع نن الشعور العام باإلحباط املسيطر‬
‫على خمتلف طبقات اجملتمع‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فإن التفاعل نع احلرا الشعبيي اليداخلي‬
‫وتأثري القوى اإلقليمي ‪ ،‬يتطلب نن دول جملس التعاون اخلليجي تفياعالً نتعيدد‬
‫األبعاد (ديين ‪ -‬ثقايف ‪ -‬اقتصادي ‪ -‬اجتماعي ‪ -‬سياسي)‪ ،‬وبالنظر إىل أن بعيض‬
‫الثورات العربي قد حادت عن نساراهتا السلمي مما يضع على عياتق حكونيات‬
‫اخلليج نسؤولي تارخيي يف ضرورة تفعيل نصادر القوة الشانل لدوهلا خالل الفترة‬
‫املقبل ‪.‬‬
‫فعدم تفاعل دول اخلليج إجيابيًا نع احمليط اخلارجي مبا حيدث فيه نن تطورات‬
‫نتسارع أو لتباطؤ يف ه ا التفاعل نن شأنه فتح ثغرات لولوج العديد نن األفكار‬
‫‪068‬‬
‫ال سيما وأن حتديد نوع وندى وحجم املعلونات اليت يتحصل عليها الفرد أصيبح‬
‫ال ميكن السيطرة عليها؛ حيث ساعدت وسائل التكنولوجيا على التواصل نع العا‬
‫اخلارجي‪ ،‬ونقل اخلربات‪ ،‬وحشد الرأي العام‪ ،‬واملسامه يف سرع اختاذ القرار‪.1‬‬
‫ونستنتج نن ذلك إذن أن هنا تعقدًا وتشابك نصاحل نع كل نين الدولي‬
‫والتغريات اليت تطرأ عليها ويف حميطها‪ ،‬ونع تعقد تلك املتغريات تبدو احلاج نلح‬
‫على صعيد كل دول خليجي على حدة الحتواء التطيورات الداخليي احلاصيل‬
‫والعمل على التعانل نعها بشكل يضمن إدخال كل نكونات اجملتمع اخلليجيي يف‬
‫عقد اجتماعي جديد‪.‬‬

‫سا‪ :‬الخليج وتحدي القابلية للحالة الثورية‪:‬‬


‫خام ً‬
‫نن األمهي مبكان عند احلديث عن احتماالت أن يشهد اخلليج تكرارًا للحال‬
‫الثوري اليت شهدها بعض الدول العربي ؛ أن نرصد عناصر الضعف ونصادر التهديد‬
‫اليت تتعرض هلا دول جملس التعاون اخلليجي‪ .‬أنا عناصر الضعف اخلليجي فييمكن‬
‫إجيازها يف التايل‪:‬‬
‫‪ ‬الندرة السكاني ‪ :‬حيث يبلغ عدد السكان يف دول اخلليج حنيو‪ 33,1‬نلييون‬
‫نسم ‪.‬‬
‫‪ ‬االعتماد على نصدر أحادي للدخل الوطين ممثالً يف النفط ال ي يشكِّل ‪%99‬‬
‫نن الصادرات‪ ،‬و‪ % 80‬نن نوارد امليزاني العان يف غالبي دول اخلليج‪.‬‬
‫‪ ‬تباين نواقف احلكونات نن الشؤون اخلارجي وعدم التوحد السياسي‪.‬‬
‫‪ ‬عدم وجود التجنيد اإلجباري يف صفوف القوت املسلح ‪.‬‬
‫‪ ‬االفتقار إىل قطاع صناعي وتكنولوجيا تسليح وطين‪.‬‬
‫أنا على صعيد التهديدات الداخلي ‪ ،‬فيتمثل أمهها يف‪:‬‬
‫‪ ‬تباين التركيب السكاني فيما يتعلق بالتعليم والدخل‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة نستوى الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬غياب نفهوم املواطن واالنتماء‪.‬‬

‫كمال‪ ،‬عبد اللطيف‪ ،‬املعريف األيديولوجي الشبكي‪ ..‬تقاطعات ورهانات‪( ،‬الدار العربي‬ ‫‪1‬‬
‫للعلوم ناشرون‪ ،)3013 ،‬ص‪.39‬‬
‫‪069‬‬
‫ويف ضوء ذلك‪ ،‬فإن دول جملس التعاون نعني باختاذ خطوات إصالحي على‬
‫صعُد خمتلف لتجنب تكرار حاالت الربيع العربيي هبا‪ ،‬ونين أهيم هي ه‬ ‫عدة ُ‬
‫اخلطوات نا يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تعزيز نفهوم املواطن ‪ ،‬ونأسس انتقال السلط ‪ ،‬وتطوير وتوسييع املشيارك‬
‫الشعبي يف عملي صنع القرار‪.‬‬
‫‪ ‬املضي قدنًا يف عملي التنمي وتوفري البيئ االقتصادي واالستثماري لثبيداع‬
‫والتطوير واإلجناز‪.‬‬
‫‪ ‬القضاء على نصادر اإلحباط لدى القطاعات الواسع نن اجملتمع وال سيما فئ‬
‫الشباب‪ ،‬وذلك عن طريق إجياد حلول ناجع للمشيكالت املستعصيي ويف‬
‫نقدنتها‪ :‬البطال ‪ ،‬واإلسكان‪.‬‬
‫‪ ‬ترسيخ وتعزيز احترام حقوق اإلنسان واحلريات املدني يف اجملتمعات اخلليجي‬
‫اليت أصبحت يف نرحل نن الوعي السياسي واحلقوقي‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬مستقبل العالرا الخليجية اإلرليمية في مرحلة ما بعد الربيع‬


‫العربي‪:‬‬
‫يف ضوء التطورات واملؤشرات السابق اإلشارة إليها‪ ،‬نرجح أال تتعانل دول‬
‫اخلليج نع ظاهرة الربيع العربيي يف بناء عالقتها نع الدول اجملاورة كأهنا ظاهرة‬
‫حتمي ‪ ،‬بل نتوقع أن تعمد دول جملس التعاون اخلليجي إىل استخالص اليدروس‬
‫املفيدة نن السياسات الفاشل يف دول الربيع العربيي نن أجل تفاديها نستقبالً‪،‬‬
‫كما ستركز على التنمي احمللي ؛ مما جيعلنا نستنتج أن ظاهرة الربييع العربييي‬
‫سوف تكون أحد حمفزات زيادة وتسريع وترية التنمي اخلليجي ‪ ،‬بينميا سييبقى‬
‫احملدد األنين على رأس أولويات أجندة عالقات دول جملس التعاون نع اليدول‬
‫األخرى‪ ،‬ال سيما جله التأكيد على عدم التدخل يف الشؤون الداخليي ليدول‬
‫اخلليج‪.‬‬
‫أنا إذا حتدثنا عن السيناريوهات احملتم لكيفي تعانل دول اخلليج نع حميطهيا‬
‫اإلقليمي يف نرحل نا بعد الربيع العربيي‪ ،‬فإهنا تتضمن اآليت‪:‬‬
‫‪071‬‬
‫سيناريو االنكفاء الذاتي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يقوم ه ا السيناريو على حماول التركيز على الوضع الداخلي‪ ،‬والترقب مليا‬
‫حيدث نن حاالت ثوري غري نكتمل ‪ ،‬يف عدد نن دول اجليوار ويف نقدنتيها‬
‫العراق‪ ،‬نع االستفادة نن خماض وتعثرات احلكم يف دول الربيع العربيي اليت ال‬
‫تزال متر بصع وبات نا بعد الثورات (حاالت‪ :‬نصر‪ ،‬وتونس‪ ،‬وليبيا‪ ،‬والييمن)‪.‬‬
‫ويوفر ه ا السيناريو عدة نزايا لدول جملس التعاون خاص نع توافر القدرة املالي‬
‫الكبرية الالزن لثنفاق على برانج التنمي ؛ ونن مث إضعاف نصيادر اإلحبياط‬
‫الشعبيي‪ ،‬ونيزع املسببات املوضوعي للحال الثوري نين البيئي الداخليي‬
‫اخلليجي ‪.‬‬
‫وأخ ًا بعني االعتبار أن مث حاالت ذات خصوصي ؛ يبيدو فيهيا احليرا‬
‫الشعبيي الداخلي نتطلعًا إىل نطالب تُجاوز األبعاد التنمويي واالقتصيادي إىل‬
‫إصالحات سياسي ودستوري نوعي كما هو يف النموذج الكوييت‪.‬‬
‫سيناريو الفاعل اإلرليمي الخليجي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يرتكز ه ا السيناريو على جناح دول جملس التعياون اخلليجيي يف حتقييق‬


‫إصالحات داخلي ‪ ،‬تنموي وسياسي ‪ ،‬ونن مث تتطلع إىل تفعيل دورهيا كمنظوني‬
‫مجاعي نؤهل للقيام بدور إقليمي نؤثر ليس فقط يف جمال احلفياظ عليى أنين‬
‫واستقرار املنطق ‪ ،‬بل‪ ,‬أيضًا يف ممارس قدر نن النفوذ والتأثري يف القضايا اإلقليميي‬
‫األخرى اليت رمبا تتجاوز ننطق اخلليج إىل العا العربيي والشرق األوسط برنته‪.‬‬
‫ويستند ه ا السيناريو إىل الدور ال ي لعبته دول جملس التعاون‪ ،‬سياسيًّا وعسكريًّا‪،‬‬
‫يف حال الربيع العربيي اليت شهدهتا ليبيا وك لك دورها احلايل يف األزن السوري ‪.‬‬
‫وبوجه عام‪ ،‬فإن ه ه السيناريوهات املطروح ‪ ،‬وحىت تكون يف صياحل دول‬
‫وشعوب املنطق ‪ ،‬تتطلب التفافًا خليجيًّا نؤسساتيًّا وقانونيًّا نن أجل حتفيز التعياون‬
‫املشتر عرب تقوي املنظون اخلليجي ‪ ،‬ليس فقط لغرض نواجه التحيديات‪ ،‬بيل‬
‫لوجود التقارب احلقيقي واألواصر اليت تربط شعوب املنطق ‪.‬‬
‫ونن املأنول أن تركز استراتيجي تقوي املنظون اخلليجي خالل الفترة املقبلي‬
‫على األسس التالي ‪:‬‬
‫‪070‬‬
‫‪ -‬تعزيز الجانب االتحادي المؤسساتي‪:‬‬
‫يتضمن ذلك توافر اإلرادة السياسي احلقيقي لبناء احتاد خليجي ذي سيلط‬
‫وتأثري وباستطاعته اختاذ قرارات على نستوى سيادي‪ ،‬خصوصًا فيما يتعلق بقضايا‬
‫الدفاع‪ ،‬ويتطلب ذلك توحيد التشريعات واألنظم الوطني لبناء وترسيخ نبيادئ‬
‫خليجي فوق حكوني تكون مبثاب دستور خليجي نوحد‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز الجانب األمني‪:‬‬
‫يتضمن ذلك تعميق النظر يف العقيدة واالستراتيجي األنني املشرك ؛ حيث ال‬
‫تكفي نعاجل الظواهر ذات الطبيع السياسي أو االجتماعي نن خيالل احلليول‬
‫السطحي لتسكني الظاهرة‪ ،‬بل جيب ختطي ذلك حملاولي التفاعيل نيع جي ور‬
‫اإلشكاليات احلقيقي ‪ ،‬ونن مث التعانل نع القضيايا األننيي بأبعادهيا الداخليي‬
‫واخلارجي ؛ اجلماعي والوطني على السواء‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف القوو الناعمة الخليجية‪:‬‬
‫أصبحت القوة الناعم تلعب دورًا كبريًا يف ممارس املزيد نن النفوذ والتأثري يف‬
‫خمتلف نناطق العا ‪ ،‬وميكن لدول جملس التعاون اخلليجي استثمار نا متلكيه نين‬
‫نصادر للقوة الناعم لتوفري املزيد نن سبل التواصل واالتصال نع شعوب املنطق ‪،‬‬
‫ومبا يساهم يف جماهب فعَّال واحترازي ألي خماطر أنني نقبل ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ -‬عزَّز الربيع العربيي نن عناصر قوة القوى اإلقليمي الرئيسي ‪ ،‬كل ننيها عليى‬
‫حدة ال سيما إيران وتركيا نا عدا العراق‪ ،‬نقارن نع دول اخلليج‪ ،‬وال ي كيان‬
‫أبرز نؤشراته هانش املناورة اإليراين فيما يتعلق بقضاياها الرئيسي نيع اخللييج‬
‫وعلى رأسها األنن‪ .‬وعلى اجلانب التركي كانت أبرز تلك املؤشرات السيلو‬
‫التركي ال ي ركز على برامجاتي اقتصادي ال سيما نع دول اخلليج‪ ،‬نع تعزييز‬
‫دور الشريك االستراتيجي فيما يتعلق بالقضايا العربي ال سييما فيميا يتعليق‬
‫بسوريا؛ حيث تشكل بُعدًا استراتيجيًّا لألنن التركي‪ ،‬يف حني يقبع العراق حتيت‬
‫نؤشرات ثوري ‪ ،‬خصوصًا نع االختراق اإليراين املهدد ألنن ووحدة العراق‪.‬‬
‫‪071‬‬
‫ال شك يف أن تفاعالت الداخل العراقي نع تطورات الربيع العربيي ال سيما‬ ‫‪-‬‬
‫يف سوريا‪ ،‬نن شأهنا أن تؤثر على ندى قدرة العراق على اسيتعادة عافيتيه‬
‫كقوة إقليمي نؤثرة يف املنطق ونوازن قوة ونفوذ إييران‪ .‬ويف ذات الوقيت‬
‫يواجه العراق نستقبالً غري واضح املعا ال سيما نع نواقف بغداد إزاء األزن‬
‫السوري ‪.‬‬
‫أنا فيما يتعلق بدول اخلليج‪ ،‬فال شك أن التحديات الداخلي واخلارجي الييت‬ ‫‪-‬‬
‫تواجهها دول اخلليج نتشابك ونعقدة‪ ،‬لكن ينبغي بلورة رؤي خليجي ‪ ،‬على‬
‫الصعيدين اجلماعي والوطين‪ ،‬ترتكز على البعد املؤسسايت الرمسي وتأخ بعني‬
‫االعتبار توجهات وتطلعات الرأي العام‪ ،‬على حنو يعزز نفهيوم املواطني ‪،‬‬
‫ويوسع نن املشارك الشعبي يف عملي صنع القرار‪ ،‬وبالتايل يزيد نن نصادر‬
‫قوة املواقف اخلليجي ‪ ،‬وميكنها نن هانش حرك ونناورة أكرب يف التعانل نع‬
‫القوى اإلقليمي الكربى يف املنطق ‪.‬‬
‫نرجح أالَّ تتعانل دول اخلليج نع ظاهرة الربيع العربيي يف بناء عالقاهتا نيع‬ ‫‪-‬‬
‫الدول اجملاورة على أهنا ظاهرة حتمي ‪ ،‬بل نتوقع أن تعمد دول جملس التعاون‬
‫اخلليجي إىل استخالص الدروس املفيدة نن السياسات الفاشل يف دول الربيع‬
‫العربيي نن أجل تفاديها نستقبالً‪ ،‬كما أ ّن سياساهتا ستركز عليى التنميي‬
‫احمللي ؛ نا جيعلنا نستنتج أن ظاهرة الربيع العربيي ستكون أحد حمفزات زيادة‬
‫وتسريع وترية التنمي اخلليجي ‪ ،‬بينما سيبقى احملدد األنين على رأس أولويات‬
‫أجندة عالقات دول جملس التعاون نع الدول األخرى‪ ،‬ال سيما جله التأكيد‬
‫على عدم التدخل يف الشؤون الداخلي لدول اخلليج‪.‬‬
‫إن دول جملس التعاون نعني باختاذ خطوات إصالحي عليى عيدة صُيعُد‬ ‫‪-‬‬
‫خمتلف لتجنب تكرار حاالت الربيع العربييي هبيا‪ ،‬ونين أهيم هي ه‬
‫اخلطوات‪:‬‬
‫‪ ‬تعزيز نفهوم املواطن ‪ ،‬ونأسس انتقال السيلط ‪ ،‬وتطيوير وتوسييع‬
‫املشارك الشعبي يف عملي صنع القرار‪.‬‬
‫‪ ‬املضي قدنًا يف عملي التنمي وتوفري البيئي االقتصيادي واالسيتثماري‬
‫لثبداع والتطوير واإلجناز‪.‬‬
‫‪071‬‬
‫‪ ‬القضاء على نصادر اإلحباط لدى القطاعات الواسع نن اجملتميع وال‬
‫سيما فئ الشباب‪ ،‬وذلك عن طريق إجياد حلول ناجعي للمشيكالت‬
‫املستعصي ويف نقدنتها‪ :‬البطال ‪ ،‬واإلسكان‪.‬‬
‫‪ ‬ترسيخ وتعزيز نفاهيم احترام حقوق اإلنسيان واحلرييات املدنيي يف‬
‫اجملتمعات اخلليجي اليت خطت خطوات جادة حنو اليوعي السياسيي‬
‫واحلقوقي‪.‬‬
‫‪ -‬إن التفاعل نع احلرا الشعبيي الداخلي وتأثري اخلارجي للقوى اإلقليميي ‪،‬‬
‫يتطلب نن دول جملس التعاون اخلليجي تفاعالً نتعدد األبعاد (ديين ‪ -‬ثقيايف‬
‫‪ -‬اقتصادي ‪ -‬اجتماعي ‪ -‬سياسي)‪ ،‬ونظرًا ألنَّ بعيض الثيورات العربيي‬
‫حادت عن نساراهتا السلمي ‪ ،‬فإنَّ ذلك سيضع على عاتق حكونيات دول‬
‫اخلليج نسؤولي تارخيي يف ضرورة تفعيل نصادر القوة الشانل لدوهلا خيالل‬
‫الفترة املقبل ‪.‬‬
‫‪ -‬مث سيناريوهان حمتمالن لكيفي تعانل دول اخلليج نع حميطهيا اإلقليميي يف‬
‫نرحل نا بعد الربيع العربيي‪ ،‬إنّا االنكفاء على ال ات أو التفاعل اإلقليميي‬
‫اخلليجي‪.‬‬
‫‪ -‬نن املأنول أن تنجح دول جملس التعاون اخلليجي يف بلورة استراتيجي مجاعي‬
‫للعمل املشتر خالل الفترة املقبل تقوم على عدّة أسس‪ ،‬أمهها تعزيز البعيد‬
‫االحتادي املؤسسي‪ ،‬تطوير التعاون األنين‪ ،‬وتوظيف القوة الناعم اخلليجي ‪.‬‬

‫‪071‬‬
‫مستجدا العالرا العرارية ‪ -‬اإليرانية‬
‫وأثرها على مستقبل األمن في الخليج‬
‫أ محمد وائل القيسي‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫دشَّن الغزو األنريكي للعراق يف عام ‪ 3002‬نقدن حلزن نن التداعيات عليى‬
‫خمتلف املستويات ذات الصل بالنظام اإلقليمي اخلليجي؛ أمههيا عليى اإلطيالق‬
‫اإلخالل بالتوازن التقليدي للقوى ونستقبل نعادلي األنين يف اخللييج‪ ،‬وهيي‬
‫التداعيات اليت تعمقت مبرور الوقت على ندار العقد األخري وصيوالً إىل الوقيت‬
‫الراهن‪.‬‬
‫انطالقًا نن ذلك تناقش ه ه الورق البحثي أبعاد ونستقبل العالقات العراقي ‪-‬‬
‫اإليراني وأثرها على نستقبل األنن يف اخلليج يف ضوء التطورات والتوازنات الييت‬
‫أوجدها ه ا الغزو‪ ،‬ونا ارتبط هبا نن فرص وحتديات على جممل حرك وعالقات‬
‫خمتلف القوى اإلقليمي الفاعل ‪ ،‬ويف نقدنتها العراق وإيران‪ ،‬وتداعيات ذلك عليى‬
‫دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬وتأثريات ذلك كله على األدوار االستراتيجي احملتمل‬
‫للقوى الدولي صاحب املصاحل احليوي يف املنطق ؛ وخباصي الوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي ‪.‬‬
‫سوف ننطلق يف حتليلنا ه ا نن فرضي رئيس نفادها‪ :‬أن الغيزو األنريكيي‬
‫للعراق أخل مبعادل التوازن التقليدي يف املنطق ؛ ال ي متثل بكون العيراق وإييران‬
‫يشكالن جزءًا رئيسًا نن القوى اإلقليمي يف اخلليج‪ ،‬وعليه كلما حتقق نيوع نين‬
‫التوازن يف العالقات العراقي ‪-‬اإليراني ؛ سواء جبهود عراقي ذاتي أو نن خالل بيئي‬
‫خليجي حاضن للعراق إلعادة هيكلته‪ ،‬مبا يفضي للتوازن التقليدي نع إيران؛ كان‬
‫ذلك سبيالً لتعضيد األنن يف اخلليج‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬نيع األخي باالعتبيار‬
‫‪071‬‬
‫نعطيات املتغري األنريكي يف العالقات العراقي ‪-‬اإليراني ‪ ،‬وأثر ذلك على ننظوني‬
‫األنن اإلقليمي عان ‪ ،‬واخلليجي على وجه اخلصوص‪.‬‬
‫كما سنسلط الضوء على التحوالت النوعي اليت شهدهتا العالقات العراقي ‪-‬‬
‫اإليراني يف نرحل نا بعد ‪ 3002‬وانقالهبا نن عالق الندي والتنافسيي إىل عالقي‬
‫انسجام إن يكن تطابق تام يف الرؤى واملسيالك والتوجهيات إزاء امللفيات‬
‫والقضايا اإلقليمي ذات احلساسي البالغ يف املنطق كما هو احلال بالنسب مليوقفي‬
‫بغداد وطهران نن تطورات األزن السوري على سبيل املثال‪.‬‬
‫وختتتم الورق بالركون إىل بعض البدائل اليت متثيل خييارات اسيتراتيجي‬
‫ملتطلبات األنن اخلليجي‪ ،‬نع التركيز على املعطيات الواجب توافرها‪ -‬نن وجهي‬
‫نظرنا‪ -‬حبيث يستعيد العراق نكانته اإلقليمي والعربي وفق بيئ خليجي حاضين ‪،‬‬
‫على حنو يعيد بعض التوازن املختل حالياً ملعادل األنن اإلقليمي يف ننطق اخلليج‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مسار وأبعاد العالرا العرارية اإليرانية (‪:)1112-1999‬‬


‫يشري تتبع ج ور العالقات بني العراق وإيران إىل أهنا ارتكزت عليى أسيس‬
‫هش ؛ غلب عليها طابع عدم االستقرار والتوتر املتبادل‪ .‬فقد شهدت فترة نا قبيل‬
‫قيام الثورة اإلسالني اإليراني عالقات طيب بني البلدين حتت شعار "عدم التيدخل‬
‫يف الشؤون الداخلي "‪ ،‬وكان أبرز نظاهر تلك العالقات القيود اليت فرضها العيراق‬
‫على نشاط رجل الدين اإليراين خي اهلل اخلميين؛ ال ي ظل نقيمًا فيها نا يقيارب‬
‫الي ‪ 19‬عانًا‪ ،‬إال أنه نا إن حققت الثورة اإليراني انتصارها يف عام ‪1999‬؛ حيىت‬
‫عرفت العالق بني البلدين فتورًا‪ ،‬مث توترًا‪ ،‬فعداء‪.‬‬
‫وكانت نسائل األقليات والوالءات املزدوج يف كال البليدين‪ ،‬والتقياطع‬
‫األيديولوجي لكال النظانني‪ ،‬مبنيزل األرضي اليت نشأ ننها ه ا النيزاع‪ ،‬مث أخ‬
‫البلدان يف إعالن املطالب اإلقليمي املتبادل وتصاعدت االستعدادات على احليدود‪،‬‬
‫وغلف ذلك حروب كالني انتهت باندالع احلرب بني اجلانبني يف سبتمرب‪/‬أيليول‬
‫عام ‪ ،1980‬تلك احلرب اليت دانت مثاين سنوات حىت أغسطس‪/‬خب عيام ‪،1988‬‬
‫األنر ال ي أدى إىل تدخل القوى الدولي الكربى يف ه ا النيزاع لليدفاع عين‬
‫نصاحلها املرتبط باملنطق ‪.‬‬
‫‪076‬‬
‫وقد استمر التشنج يف العالقات نا بني اجلارين الكيبريين إىل أن الغيزو‬
‫األنريكي للعراق عام ‪3002‬؛ لتبدأ نعه نرحل ترتكز على أسيس جدييدة نين‬
‫العالقات بني بغداد وطهران‪ .1‬فقد كان الغزو األنريكي للعراق بدايي لتأسييس‬
‫عالقات ارتباط قوي بني العراق وإيران؛ ال سيما يف ظل وجود نظام سياسيي يف‬
‫بغداد يرغب يف حتسني العالق نع اجلارة إيران ضمن سلم أولويات األداء السياسي‬
‫اخلارجي‪.‬‬
‫وانطالقًا نن ه ه الرغب املتبادل شهد البلدان زيارات رمسي وغري رمسي ثنائي‬
‫وعلى نستوى سياسي رفيع‪ ،‬و يتوقف األنر عند ه ا احلد؛ بل بلغت العالقيات‬
‫اجلديدة بني البلدين حد التناغم السياسي والفكري يف بعض األحيان جتاه نواقيف‬
‫نعين ؛ ليس أدهلا نوقف النظام السياسي العراقي احلايل نين األزني يف سيوري ‪،‬‬
‫وال ي يناظر نسبيًّا نوقف إيران جتاهها‪ ،‬وهو نا يعكس حجم التقارب يف الرؤيي‬
‫السياسي بني اجلانبني؛ بل لعله يكون يف ه ه احلال نوعًا نن التحالف السياسي بني‬
‫الطرفني دون إطار رمسي نعلن‪.‬‬
‫وانسحب ه ا التقارب على عدة قضايا ونلفات أخرى شيكلت جمياالت‬
‫للتعاون االستراتيجي نا بني البلدين كاجلانب االقتصادي والسياحي؛ إذ بلغ حجم‬
‫التبادل التجاري بني البلدين ‪ 9‬نليارات دوالر حىت هناي عام ‪ ،23011‬فضالً عين‬
‫التعاون يف اجملاالت والترتيبات األنني املشترك ‪ .‬وقد نَثَّلَ ه ا كله بلورة لعالقي‬
‫جديدة نا بني العراق وإيران يف إطار تفاعلي نتبادل مييل إىل رجحان كف إييران‬
‫نسبيًّا يف التأثري‪ ،‬نقارن بالتأثري العراقي‪.3‬‬

‫العراق وعالقاته اإلقليمي ‪ ،‬التقرير االستراتيجي العراقي‪( ،‬جانعي املوصيل‪ ،‬نركيز‬ ‫‪1‬‬
‫الدراسات اإلقليمي العراق‪ ،)3011 ،‬ص‪.33-21‬‬
‫‪Geoffrey Kemp, John Allen Gay. War With Iran: Political, Military‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪and Economic Consequences, (Rowman and Littlefield Publishers,‬‬
‫‪.INC, USA, 2013), pp. 34-36‬‬
‫حممد وائل القيسي‪" ،‬نكان العراق يف االستراتيجي األنريكي جتاه اخلليج العربييي"‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫(نركز اجلزيرة للدراسات‪ ،)3012 ،‬ص ‪.319-312‬‬
‫‪077‬‬
‫ثانيا‪ :‬موازين القوف اإلرليمية ما بعد الغزو األميركي للعراق‪:‬‬
‫ً‬
‫عرفت ننطق اخلليج تقليديًّا ‪-‬وحىت حرب اخلليج الثاني عام ‪ -1991‬توازنًا‬
‫استراتيجيًّا إقليميًّا ثنائيًّا يرتكز إىل تنافس بني كل نن العراق وإيران‪ ،‬إضياف إىل‬
‫اململك العربي السعودي ونعها بقي دول جملس التعاون اخلليجي‪ .‬فقد كان نين‬
‫أهم نتائج حرب حترير الكويت إخراج العراق نن نعادل التوازن اإلقليميي يف‬
‫اخلليج؛ بعد أن دنرت قوته العسكري ‪ ،‬وشلت قدرته االقتصادي ‪ ،‬وأهنكت بنياه‬
‫التحتي ‪ 1‬؛ ليخرج نن ه ه املعادل بشكل شبه تام بعد الغزو األنريكي ليه عيام‬
‫‪.3002‬‬
‫وتبدو ه ه النتيج ننطقي عند عقد نقارن بني جممل القوة العسكري التقليدي‬
‫للعراق بعد عام ‪ ،23002‬ونا بني القوة العسكري اإليرانيي اآلخي ة يف التزاييد‬
‫والتطور على النحو ال ي يوضحه اجلدول التايل‪:‬‬

‫براء عبد القادر العاين‪" ،‬القدرات العسكري اإليراني وأثرها يف نيزان القوى يف اخللييج‬ ‫‪1‬‬
‫العربيي"‪ ،‬رسال ناجستري ننشورة‪ ،‬كلي العلوم السياسي ‪ ،‬جانع النيهرين‪ ،‬بغيداد‪،‬‬
‫‪ ،)3003‬ص ‪.129-122‬‬
‫‪Biddle, Stephen. O’Hanlon, Michael and others, Restoring the Balance,‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪(Brookings Institution, Council on Foreign Relations, Washington,‬‬
‫‪D.C, U.S.A., 2008), p. 56.‬‬

‫‪078‬‬
‫اجلدول رقم (‪)1‬‬
‫‪1‬‬
‫القوة العسكرية اإليرانية التقليدية‬
‫إمجايل عدد القوات املسلحة اإليرانية‪ 000,555 :‬ألف جندي‬
‫القوة البحرية‬ ‫الدفاع اجلوي‬ ‫القوة اجلوية‬ ‫القوة الربية‬
‫‪18‬‬ ‫القوات‬ ‫بطاريات‬ ‫‪20‬‬ ‫عدد القوات‬ ‫‪399‬‬ ‫القوات الربي‬
‫‪39‬‬
‫ألف‬ ‫البحري‬ ‫ألف سام الثقيل‬ ‫ألف اجلوي‬ ‫واحلرس الثوري‬
‫بطاريات‬ ‫الطائرات‬
‫‪3‬‬ ‫الغواصات‬ ‫‪99‬‬ ‫‪302‬‬ ‫‪10900‬‬ ‫الدبابات‬
‫سام اخلفيف‬ ‫املقاتل‬
‫‪96‬‬ ‫السفن املقاتل‬ ‫‪230‬‬ ‫املروحيات‬ ‫‪30900‬‬ ‫قطع املدفعي‬

‫طائرات‬ ‫العربات املدرع‬


‫‪160‬‬ ‫زوارق دوري‬ ‫‪80‬‬ ‫‪10990‬‬
‫النقل‬ ‫وناقالت اجلند‬

‫يضاف إىل ذلك سعي إيران النتال قدرات نووي ‪ ،‬وهو نا يعين قدرة نضاف‬
‫لقدراهتا العسكري التقليدي ؛ مبا يعزز نكانتها ويكرس هيمنتها على املنطق ‪2‬؛ إذ إن‬
‫القوة اإليراني أصبحت أكثر متكينًا نن ذي قبل على ممارس التهديد؛ ال سيما بعد‬
‫اضمحالل القوة العراقي كموازن إقليمي هلا‪.3‬‬

‫اجلدول نن إعداد الباحث باالعتماد على البيانات الواردة يف كل نن‪:‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪Anthony H. Cordesman, The Military Balance in the Gulf, (Center for‬‬
‫‪Strategic and International Studies, Washington, 2009), pp. 9-13.‬‬
‫وعصام نايل اجملايل‪" ،‬تأثري التسلح اإليراين على األنن اخلليجي"‪( ،‬األردن‪ :‬دار احلانيد‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،)3013 ،1‬ص ‪.99 ،96‬‬
‫رياض الراوي‪" ،‬الربنانج النووي اإليراين وأثره على ننطق الشرق األوسط"‪( ،‬دنشق‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫سوري ‪ ،‬دار األوائل للنشر والتوزيع‪ ،)3008 ،‬ص ‪ 29‬ونا بعدها‪.‬‬
‫أمحد نوري النعيمي‪ ،‬السياس اخلارجي اإليراني جتاه الواليات املتحدة (‪،)3008-1999‬‬ ‫‪3‬‬
‫جمل العلوم السياسي ‪ ،‬كلي العلوم السياسي ‪ ،‬جانع بغداد‪ ،‬العدد ‪ ،)3008( ،26‬ص ‪.38‬‬
‫‪079‬‬
‫وتزداد خطورة ه ا التسلح اإليراين املتناني بالنسب إىل أنن اخلليج بالنظر إىل‬
‫احتماالت تعرض دول اخلليج ملخاطر عسكري ؛ وذلك يف حال نشوب نواجهي‬
‫عسكري حمتمل يف املنطق بني إيران والواليات املتحدة األنريكي ) و‪/‬أو إسيرائيل)‬
‫على خلفي الربنانج النووي اإليراين‪ ،‬ال ي ميثل ورق ضغط لدى طهران لتحسيني‬
‫شروط نفاوضاهتا نع الغرب حول نلفات عدة‪ ،‬وحماولتها احلصول على اعتيراف‬
‫غربيي ‪-‬أنريكي باألساس‪ -‬بدور إقليمي فاعل هلا؛ خاص ً نع انتال إيران أوراق‬
‫نناورة عديدة يف العراق‪ ،‬ولبنان‪ ،‬وسوريا‪.1‬‬

‫ثالثًا‪ :‬المتغير األميركي في العالرا العرارية‪-‬اإليرانية وأثره على أمن الخليج‪:‬‬

‫‪ 1‬أثر المتغير األميركي على العالرا العرارية‪-‬اإليرانية‪:‬‬


‫ال شك أن عملي الغزو األنريكي للعراق عام ‪ 3002‬كانت قد أحيدثت‬
‫نوعًا نن اإلربا الفكري يف املدر االستراتيجي اإليراين حيال التغيري الي ي‬
‫حصل يف ننطق اخلليج يف املرحل الالحق ‪ .‬فقد كان احتالل العيراق عيانالً‬
‫نهمًّا يف التأثري على السياس اإليراني على الصعيدين الداخلي واخلارجي‪ ،‬وعلى‬
‫العالق اليت تربط إيران بالعراق نن جه ‪ ،‬وتلك اليت تربطها بالواليات املتحدة‬
‫األنريكي نن جه أخرى‪ ،‬فعلى الرغم نن رفض إيران احلرب عليى العيراق‬
‫وتنديدها به‪ ،‬فإهنا على املستوى الرمسي والعلين أبدت ترحيبًا واضحًا باملتغريات‬
‫السياسي اليت جرت بعد احلرب‪ ،‬وعدَّهتا بداي جيدة لعودة االستقرار والعالقات‬
‫السياسي نع العراق‪2‬؛ إذ إن سقوط (العدو التقليدي) بنظر إيران ‪-‬واملتمثل يف‬
‫العراق‪ -‬بيد عدو أقوى هو الواليات املتحدة ‪ ،‬أربك املوقف اإليراين نيا بيني‬
‫الوقوف إىل جانب العراق يف حمنته‪ ،‬وبني التدخل يف شؤونه بغي دعم نصاحلها‬

‫‪Russell, James A. Proliferation of Weapons of Mass Destruction in the‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪..Middle East, (Palgrave Macmillan, US, 2006), p. 51-55‬‬
‫حممد داخل السعدي‪ ،‬سياس إيران اخلارجي إزاء العراق بعد االحتالل األنريكي‪ ،‬نين‬ ‫‪2‬‬
‫كتاب "العراق ودول اجلوار"‪ ،‬ورق حبثي نقدن إىل املؤمتر العلميي اخليانس ملركيز‬
‫الدراسات اإلقليمي ‪-‬جانع املوصل املنعقد يف ‪ 31-30‬يناير‪( ،3006 ،‬جانع املوصل‪،‬‬
‫نركز الدراسات اإلقليمي ‪ ،‬ط‪ ،)3009 ،1‬ص ‪.123-139‬‬
‫‪081‬‬
‫ومحاي أننها نن خطر تراه قادنًا ال حمال ؛ وذلك بوجيود قيوات االحيتالل‬
‫األنريكي يف جوارها املباشر‪.1‬‬
‫ويبدو أن إيران قد اختارت عنصر الضغط على الواليات املتحدة األنريكيي‬
‫نن خالل العراق للمساون على قضايا أخرى؛ نثل برناجمها النووي ونكانتيها يف‬
‫اخلليج‪ .‬كما أن القول بوجود تأثري إيراين يف العراق ميكن نالحظته نين خيالل‬
‫نؤشرين؛ مها‪:‬‬
‫‪ -‬األول‪ :‬أن أعمال العنف يف العراق تتصياعد كلميا تيوترت العالقيات‬
‫األنريكي ‪-‬اإليراني ‪.‬‬
‫‪ -‬والثاين‪ :‬أن الواليات املتحدة األنريكي وإيران حتاورتا بشأن وضيع العيراق‬
‫ثالث نرات عام ‪ ،23009‬نع األخ يف االعتبار أن املساندة اإليراني ليبعض‬
‫الشخصيات والقوى العراقي هي جزء نن استراتيجي بعيدة امليدى تتعليق‬
‫باملواجه نع الواليات املتحدة األنريكي نن جانب‪ ،‬ومبمارس النفوذ عليى‬
‫الدول العربي وخباص اخلليجي ننها انطالقًا نن األراضي العراقي نن جانيب‬
‫خخر؛ فقد حتسبت إيران كثريًا للحظ اليت ستلي انسحاب نعظيم القيوات‬
‫األنريكي نن العراق‪ ،‬وكان أمهها أن تكون حكون العراق اليت ترث هي ا‬
‫االنسحاب ليست صديق فحسب؛ بل شريك هلا على أقل تقدير‪.3‬‬
‫ونن املؤشرات على نتان العالقات العراقي ‪-‬اإليراني بعد االحتالل األنريكي‬
‫للعراق‪ ،‬عدد ونستوى الزيارات املتبادل اليت متت على نستويات رفيع بني البلدين‬
‫نن عام ‪ 3003‬حىت اآلن‪ ،‬ومشلت زيارة الرئيس اإليراين حممود أمحدي جناد للعراق‬
‫يف بداي عام ‪ ،3009‬والزيارات املتعددة للرئيس العراقي ونوابه‪ ،‬ولرئيس اليوزراء‬
‫العراقي ونوابه‪ ،‬وعدد نن الوزراء لطهران‪.‬‬

‫السعدي‪" ،‬سياس إيران اخلارجي إزاء العراق بعد االحتالل األنريكي"‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪1‬‬
‫خضر عباس عطوان‪" ،‬احتماالت عقد صفق أنريكي ‪-‬إيراني وانعكاسياهتا عليى دول‬ ‫‪2‬‬
‫املنطق "‪ ،‬جمل خراء حول اخلليج‪ ،‬نركز اخلليج لألحباث‪ ،‬اإلنارات العربيي املتحيدة‪،‬‬
‫دبيي‪ ،‬العدد ‪ ،63‬يناير‪/‬كانون الثاين (‪ ،)3010‬ص ‪.22‬‬
‫خضر عباس عطوان‪" ،‬عراق نا بعد االنتخابات‪ ..‬بني االستحقاقات الداخلي والضغوط‬ ‫‪3‬‬
‫اإلقليمي "‪ ،‬جمل خراء حول اخلليج‪ ،‬نركز اخلليج لألحباث‪ ،‬اإلنارات العربي املتحيدة‪،‬‬
‫دبيي‪ ،‬العدد ‪ ،68‬نايو‪/‬أيار (‪ ،)3010‬ص ‪.32‬‬
‫‪080‬‬
‫وقد أعرب نسؤولون عراقيون عن قلقهم نن التدخالت اإليراني يف العراق‪،‬‬
‫وأبدوا خشيتهم نن تصاعد حدة الصراع اإليراين‪-‬األنريكي على أراضييه‪ ،‬كميا‬
‫أكدوا رفض العراق ألن يكون ساح صراع بني الطرفني‪ .1‬فمن الغزو األنريكيي‬
‫للعراق أصبحت إيران قوة إقليمي تستحضر بقوة يف حسابات الواليات املتحيدة‬
‫األنريكي ‪ ،‬عندنا يتعلق األنر بالعراق؛ وذلك انطالقًا نن إنكاني التأثري اليت ميكين‬
‫أن متارسها على القوى يف الداخل العراقي‪.2‬‬
‫وعليه فإن إيران هي القوة األبرز اليوم يف العراق بعيد الوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي ‪ ،‬ولديها حظوة كبرية لدى الكثري نن القوى السياسي العراقي امليؤثرة‪،‬‬
‫كما أهنا متسك خبيوط كثرية نن خيوط اللعب السياسي ‪ ،‬وهلا القدرة يف أن هتيدئ‬
‫الوضع السياسي واألنين يف العراق‪ ،‬أو أن تزيد األنور توترًا؛ ال سيما وأن أصيابع‬
‫االهتام األنريكي تشري إىل طهران على أهنا إحدى الدول الداعم (لثرهياب) يف‬
‫عا اليوم‪ ،‬وأهنا نتورط ببعض العمليات يف العراق‪ ،3‬ونع ذلك يبقى األنر حمكونًا‬
‫بلعب املفاوضات واملساونات األنريكي ‪-‬اإليراني ‪.4‬‬
‫‪ 1‬أثر المتغير األميركي في العراق على أمن الخليج‪:‬‬
‫لعله نن نافل القول أنه ال توجد ننطق يف العا يف الوقت الراهن هلا تيأثري‬
‫على استراتيجي األنن القوني األنريكي أكرب نن ننطق اخلليج؛ إذ إن أمهي نفيط‬

‫حممود علي الداوود‪ ،‬العوانل اإلقليمي املؤثرة على اخليارات املقبل ‪ ،‬نن كتاب "اخليارات‬ ‫‪1‬‬
‫األنريكي املقبل يف العراق"‪ ،‬حسن البزاز‪( ،‬املعهد النروجيي للشيؤون الدوليي ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،)3009‬ص ‪.399‬‬
‫‪Biddle, Stephen. O’Hanlon, Michael and others, Restoring the Balance,‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪(Brookings Institution, Council on Foreign Relations, Washington,‬‬
‫‪D.C, U.S.A., 2008), p. 33.‬‬
‫‪Wehrey, Frederic. David, E. and others. Dangerous but not‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Omnipotent, (United States Air Force, RAND. Santa Monica,U.S.A ,‬‬
‫‪2009), p.142.‬‬
‫عانر هاشم عواد‪ ،‬نستقبل االستراتيجي األنريكي يف العراق بني االستمراري والتغييري‪،‬‬ ‫‪4‬‬
‫نن "كتاب االستراتيجي األنريكي يف العراق وتداعياهتا نن ننظور داخلي ‪ -‬وإقليمي ‪-‬‬
‫ودويل"‪ ،‬سلسل كتب نركز العراق للدراسات العدد (‪( ،)39‬نركز العراق للدراسات‪،‬‬
‫دار الصنوبر‪ ،‬بغداد‪ ،)3008 ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪081‬‬
‫املنطق ‪ ،‬وأمهي نوقعها اجليوستراتيجي يضمنان هلا نكاني بيارزة يف التخطييط‬
‫االستراتيجي األنريكي‪ .‬ونن هنا جتسدت الرؤي األنريكي للنفوذ بصوره وأشكاله‬
‫املختلف يف اخلليج؛ ال ي أصبح حيتضن ‪-‬بعد احلرب على العراق‪ -‬أكيرب جتماليع‬
‫للقوات األنريكي يف العا ‪ ،‬ونن املرشح أن تظل املنطق ذات أمهيي حموريي يف‬
‫استراتيجي األنن القوني األنريكي يف املستقبل‪.1‬‬
‫ويبقى ذلك صحيحًا حىت إن صح أن االستراتيجي اليت تنطلق ننها الواليات‬
‫املتحدة األنريكي يف التعانل نع أزنات اليوم تقوم على نبدأ الشراك نع القيوى‬
‫الدولي ؛ لتخفيف العبء عن كاهلها نع االحتفاظ بوحدة اهلدف واملصلح ‪ ،‬وه ا‬
‫نا يظهر يف تعانلها نع نلف أزن برنانج إيران النووي نني عيام ‪ ،3003‬وإدارة‬
‫نلف التغيري يف ليبيا يف عام ‪ ،3011‬وإدارة نلف كوريا الشيمالي ‪ ،‬إال أن العميل‬
‫املنفرد على الرغم نن أنه قد تقلص اللجوء إليه نن التدخل يف العراق؛ فإنه ميكين‬
‫أن يكون يف نتناول اليد عند الضرورة؛ ال سيما إذا نا تعلق األنر مبصاحل أنريكيي‬
‫يف نناطق حيوي ‪ 2‬كمنطق اخلليج العربيي‪.‬‬
‫ونرد ذلك نا متثله املنطق نن أمهي خاص لألنن القوني األنريكي؛ ليس يف‬
‫حاالت احلرب فقط؛ بل يف حلظات السلم ك لك‪ ،‬فه ه املنطق انتقلت بالتدرج‬
‫لتصبح أحد املراكز الرئيسي بالنسب إىل االستراتيجي األنريكي ‪ ،‬الييت تعيين أن‬
‫السياس األن ريكي على استعداد ألي نوع نن أنواع احلروب‪ ،‬مبا يف ذلك الصراع‬
‫النووي ملنع تلك املنطق نن السقوط بأيدي خصونها‪ .‬أنا نصادر التهديد ألنن‬
‫اخلليج نن وجه النظر األنريكي فيوضحها اجلدول التايل‪:‬‬

‫لورنس كروب‪" ،‬اخلليج العربيي واستراتيجي األنن القيوني األنريكيي"‪ ،‬سلسيل‬ ‫‪1‬‬
‫حماضرات اإلنارات رقم (‪ ،)101‬نركز اإلنارات للدراسات والبحوث االسيتراتيجي ‪،‬‬
‫أبو ظبيي‪ ،3006 ،‬ص ‪.10-3‬‬
‫بوب ودوورد‪" ،‬حروب أوبانا‪ ..‬الصراع بني اإلدارة املدني ووزارة الدفاع األنريكي "‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫ترمج ‪ :‬هاين تابري‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب العربيي‪ ،)3011 ،‬ص ‪.339-319‬‬
‫‪081‬‬
‫اجلدول رقم (‪)0‬‬
‫مصادر هتديد أمن اخلليج حسب التصورات األمريكية‬
‫املدى الزمين‬ ‫نوع التهديد‬ ‫مصدر التهديد‬
‫‪1990-1990‬‬ ‫استراتيجي‪/‬عاملي‬ ‫االحتاد السوفيييت‪/‬املد الشيوعي‬
‫‪3000-1980‬‬ ‫إقليمي‪/‬خليجي‬ ‫إيران‪/‬العراق‬
‫‪ -3000‬حىت إشعار خخر‬ ‫داخلي‪/‬حملي‬ ‫اإلرهاب‪/‬غياب الدميقراطي‬
‫املصدر‪ :‬حممد وائل القيسي‪ ،‬نكان العراق يف االستراتيجي األنريكيي جتياه اخللييج‬ ‫‪‬‬
‫العربيي "دراس نستقبلي "‪ ،‬نركز اجلزيرة للدراسات‪.3012 ،‬‬

‫ويف ضوء ذلك تشكل إيران هتديدًا للمصاحل األنريكي وحلفائها يف املنطقي ؛‬
‫خاص ً إذا نا علمنا أن هنا مخس أهداف رئيس لألنن اإليراين يف الوقت احليايل‬
‫تتمثل باآليت‪:1‬‬
‫‪ -1‬نلء الفراغ االستراتيجي يف اخلليج وخسيا الوسطى والقوقاز‪.‬‬
‫‪ -3‬حتديث قواهتا املسلح وتطويرها‪ ،‬مبا حيقق هلا فيرض قوهتيا االسيتراتيجي‬
‫والعسكري على املنطق ‪.‬‬
‫‪ -2‬االستعداد الحتماالت املواجه العسكري نع القوى الدولي أو اإلقليمي ‪.‬‬
‫‪ -3‬احلفاظ على نبادئ الثورة اإلسيالني وقيمهيا يف اليداخل‪ ،‬ونشيرها يف‬
‫اخلارج‪.‬‬
‫‪ -9‬بعث االنتعاش االقتصادي يف البالد‪.‬‬
‫ويف ه ا الصدد صرّح وزير الدفاع اإليراين األسبق علي شاخماين بي (إن‬
‫االستراتيجي الدفاعي اإليراني ترتكز على محاي السيالن اإلقليميي إلييران‬
‫ونصاحلها‪ ،‬وننع تشكيل فراغ استراتيجي يف املنطق ‪ ،‬والعمل عليى التكانيل‬
‫اإلقليمي وردع التهديدات يأيت جزءً نن القدرة الدفاعي للبلدان اإلسالني ‪ ،‬اليت‬
‫تستخدم كرادع دفاعًا عن األن )‪ ،‬وه ا نا يؤكد سعي إيران مللء أي فراغ يف‬

‫حممد وائل القيسي‪" ،‬العراق بني االحتالل األنريكي والتدخل اإلييراين"‪ ،‬خراء حيول‬ ‫‪1‬‬
‫اخلليج‪ ،‬نركز اخلليج لألحباث‪ ،‬العدد ‪ ،83‬يوليو‪/‬متوز‪ ،)3011( ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪081‬‬
‫املنطق ؛ ل ا فإن ذلك يشكل هتديدًا للمصاحل األنريكي يف اخلليج‪ ،‬خاصي ً أن‬
‫االهتمام املكثف للقيادة السياسي و العسكري األنريكي هب ه املنطق ييرهتن يف‬
‫املقام األول بكوهنا حتتوي على احتياطيات هائل نن النفط‪ ،‬وكوهنا تعد أهيم‬
‫وأكرب قاعدة للوقود ونواد الطاق بالنسب إىل االقتصاد األنريكي واألوروبيي‬
‫عمونًا‪.1‬‬
‫نن هنا ميكن فهم تزايد القلق واالرتبا األنريكي أحيانًا نن إييران؛ إذا نيا‬
‫أقدنت على خطوة جريئ متثل حتدٍّ حقيقي نن قبيل التهديد بإغالق نضيق هرنز؛‬
‫األنر ال ي يعين خلق أزن جديدة للواليات املتحدة األنريكي تتعلق بأنن الطاق ‪.2‬‬
‫وه ا نا يفسر لنا حماول الواليات املتحدة األنريكي احليلول دون ظهور أي قيوة‬
‫إقليمي هتدد نصاحلها يف ظل أدائها االستراتيجي القائم على صهر نقونات (القوة‪،‬‬
‫االبتكار‪ ،‬اإلبداع‪ ،‬القيادة‪ ،‬اإلدارة) لتحقيق أهدافها‪ ،3‬وك لك تشددها إزاء امللف‬
‫النووي اإليراين؛ ألهنا تدر أن حيازة طهران للتكنولوجيا النووي املتقدن سيكون‬
‫مبنيزل اعتراف رمسي بتفوق إيران اإلقليمي‪ ،‬ونا يعنيه ذلك نن هتديد ملصياحلها؛‬
‫فضالً عن نصاحل حلفائها يف ننطق اخلليج‪.‬‬
‫وباحملصل النهائي فإن أي نيزاع أنريكي‪-‬إيراين حيال قضايا نهم يف املنطق‬
‫نثل العراق وسيادته‪ ،‬والربنانج النووي اإليراين سيكون له حتمًا خثارًا سلبي عليى‬
‫دول اخلليج كوهنا جزءًا نن املنظون األنني اإلقليمي ‪ ،‬وبالنظر إىل وجود القواعيد‬
‫العسكري واألنني األنريكي يف عموم دول اخلليج والعراق؛ األنر ال ي سيينعكس‬
‫على ننظون األنن اخلليجي ككل‪.4‬‬

‫نور جليل هاشم‪ ،‬املمرات املائي وأنن الطاق العاملي‪ ..‬دراس يف اجلغرافي السياسيي ‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫(بريوت‪ ،‬دار الكتاب العربيي‪ ،)3011 ،‬ص ‪.26-39‬‬
‫حممد وائل القيسي‪" ،‬نستقبل دور النفط يف التنمي االقتصادي املستدان لدول جمليس‬ ‫‪2‬‬
‫التعاون اخلليجي"‪ ،‬جمل خراء اخلليج‪ ،‬نركز اخلليج لألحباث‪ ،‬دبيي‪ ،‬اإلنارات العربيي‬
‫املتحدة‪ ،)3011( ،‬ص ‪.21‬‬
‫ننعم صاحي العمار‪" ،‬نن يدين ملن؟ نكان االستخبارات يف االسيتراتيجي األنريكيي‬ ‫‪3‬‬
‫الشانل "‪( ،‬بغداد‪ ،‬نكتب الغفران للطباع ‪ ،)3013 ،‬ص ‪.63‬‬
‫القيسي‪" ،‬العراق بني االحتالل األنريكي والتدخل اإليراين"‪ ،‬ص ‪.98‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪081‬‬
‫ابعا‪ :‬العالرا العرارية‪-‬اإليرانية وتحديا منظومة األمن الخليجي‪:‬‬
‫رً‬
‫ال شك يف أنه نن حقائق اجلغرافيا السياسي الثابت ملنطق اخلليج أن إيران هي‬
‫دول جارة للعراق؛ ل ا ينبغي أن يكون ذلك ننطلقًا لتأسيس عالقات حسن جوار‬
‫نعها ضمن سياق املنطق السياسي احلكيم؛ خخ ًا بعني االعتبار كون إيران تنظير‬
‫للعراق بعني أخرى؛ هي حماول استخدانه كورق ضغط تناور هبيا أحيانًيا نيع‬
‫الواليات املتحدة األنريكي على أنور أخرى؛ وذلك انطالقًا نن أن العراق يشكل‬
‫يف املدر االستراتيجي اإليراين عمقًا أننيًّا لطهران؛ ال سيما بعد احتالل الواليات‬
‫املتحدة األنريكي له وتغيري نظانه السياسي‪.‬‬
‫ونن املالحظ يف ه ا الصدد أنه نن الغزو األنريكي للعراق أخ التيوتر وعيدم‬
‫االستقرار يطغى على أنن ننطق اخلليج؛ إذ أفرز ذلك الغزو بيئ أنني جديدة نغيايرة‬
‫لتلك اليت كانت سائدة نن قبل؛ حيث تتصف ه ه البيئ اجلديدة بعيدم االسيتقرار‬
‫اهليكلي؛ ال سيما نع غياب رؤي واضح حول نستقبل الترتيبات األننيي للمنطقي‬
‫وتصاعد حدة األزنات اإلقليمي لدرج يصعب التنبؤ مبساراهتا املستقبلي ‪ ،‬فضالً عين‬
‫تناني التهديدات الداخلي (التطرف واإلرهاب) مبا يفرزه نن خطورة نضاف ملا سبق‪.‬‬
‫ويف إطار ه ه البيئ اجلديدة وأخ ًا بعني االعتبار اختالل التوازن الواضيح يف‬
‫العالقات العراقي ‪ -‬اإليراني يف عراق نا بعد صدام حسني‪ ،‬وذلك على أثر الضعف‬
‫السياسي الداخلي‪ ،‬ال ي بات يعاين ننه العراق؛ فقد أصبحت دول اخلليج تواجيه‬
‫عدة حتديات استراتيجي ذات صل باألنن اإلقليمي واألنن الوطين هلي ه اليدول؛‬
‫وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ .1‬ربط تطوير وأداء فاعلي القوات املسلح اخلليجي ؛ مبا تقدنه الدول الكيربى‬
‫نن سياسات واستراتيجيات عمدت إىل اختراق األنن االقتصادي اخلليجي‪،‬‬
‫واستنيزاف ثروات الدول اخلليجي ‪.1‬‬
‫‪ .3‬جتدد حال عدم االستقرار اإلقليمي واألسباب الدافع هليا نتيجي لتقياطع‬
‫وتعارض املصاحل نا بني القوى الدولي واإلقليمي نن جه ‪ ،‬واختالل تيوازن‬

‫ننعم صاحي العمار‪" ،‬العراق وننظون األنن اخلليجي‪ ..‬دراس يف خييارات املرحلي‬ ‫‪1‬‬
‫القادن "‪( ،‬بغداد‪ ،‬نكتب الغفران‪ ،)3013 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪086‬‬
‫القوى اإلقليمي نن جه أخرى‪ ،‬وال ي أصبح مييل لصياحل إييران‪ ،‬وهيو‬
‫االختالل ال ي سوف تتضاعف تأثرياته كثريًا يف حال جناح إيران يف إطالي‬
‫عمر املراوغ نع الغرب؛ ونن ثَمَّ احتمال انتالكها للسالح النووي‪ ،‬وهو نا‬
‫يعين إدرا نطلق بسيادة إيران كقوة إقليمي على ننطق اخلليج‪.1‬‬
‫‪ .2‬حتديات األنن الداخلي‪ ،‬وتشمل جتدد خطر (اإلرهاب والتطرف) وروافيده‬
‫اخلارجي ‪ ،‬والطائفي ‪ ،‬وانعكاساهتا إقليميًّا‪.‬‬
‫يف نا يتعلق باإلرهاب والتطرف فهو يدخل ضمن باب تناني املد األصويل‬
‫يف املنطق ضمن مجاعات راديكالي جديدة‪ ،‬أو نا يسمى باخلاليا النائم ‪ ،‬الييت‬
‫ترتبط بتنظيمات رمبا إقليمي ‪ ،‬أو حىت دولي كان أحد روافيد تنميتيها الغيزو‬
‫األنريكي للعراق؛ األنر ال ي انعكس على تصاعد أعمال العنيف واإلرهياب‬
‫بشكل نطرد‪ .‬أنا نسأل الطائفي فقد أضحت ‪-‬أيضًا‪ -‬أحد نهيددات األنين‬
‫واالستقرار يف املنطق ‪ ،‬وأيضًا كانت ب رهتا األوىل يف العراق عليى أثير الغيزو‬
‫األ نريكي له والتدخل اإليراين يف شؤونه؛ وهو نا أدى إىل إبراز الوالءات الطائفي‬
‫واحلزبي الضيق ؛ وذلك نع تغ ي نن اخلارج لتكون احملصل سلبي ‪ ،‬ومتثل ختندقًا‬
‫فئويًّا وحزبيًّا يضعف هيب وكيان الدول ‪ ،‬وهو أنر قد ال يغيب أثر انتداده عين‬
‫دول اخلليج؛ وذلك النتداد املكو نات امل هبي والطائفي ضمن الرقع اجلغرافيي‬
‫لعموم دول املنظون اخلليجي ‪.2‬‬
‫فضالً عما تقدم فإن نسأل اإلصالحات والدميقراطي هلا ‪-‬أيضًا‪ -‬نصيبها نن‬
‫التحديات الضاغط ملنظون األنن اخلليجي‪ ،‬ومجيعها خماطر وحتديات تسيتوجب‬
‫توفري نتطلبات األنن ببعديه املادي واملعنوي ملواجه تلك التحيديات‪ ،‬والتعانيل‬
‫نعها بشكل سليم؛ لدرء األخطار احملدق بأنن واستقرار دول اخلليج‪.‬‬

‫عبد الرزاق خلف الطائي‪" ،‬العراق والنظام اإلقليمي اخلليجي‪ ..‬املتغريات واالستمراري "‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫سلسل شؤون إقليمي العدد ‪ ،36‬نركز الدراسات اإلقليمي ‪ ،‬جانع املوصل‪،)3010( ،‬‬
‫ص ‪.193-131‬‬
‫حممود سا السانرائي‪" ،‬احتالل العراق والتحديات اجليوسيتراتيجي ألنين اخللييج‬ ‫‪2‬‬
‫العربيي"‪ ،‬وورق حبثي قدنت إىل املؤمتر العلمي السابع ملركز الدراسات اإلقليمي جبانع‬
‫املوصل‪ ،‬وال ي انعقد بتاريخ ‪ 16‬نن فرباير‪/‬شباط ‪ 3011‬حتت عنوان‪ :‬العراق والواليات‬
‫املتحدة األنريكي ودول اجلوار‪ ..‬الواقع واملتغريات‪ ،‬ص ‪.26-23‬‬
‫‪087‬‬
‫خامسا‪ :‬متطلبا األمن الخليجي رؤية استشرافية‪:‬‬
‫ً‬
‫يف ضوء الغياب املؤقت للعراق عن توازن القوى الراهن يف ننطقي اخللييج‬
‫نقابل احلضور القوي إليران وتداعيات ذلك على أنن دول اخلليج العربي ‪ ،‬نرى أن‬
‫هنا ثالث نكونات ينبغي أن ترتكن إليها ننظون األنن اخلليجي خيالل الفتيرة‬
‫القادن ؛ وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬االعتماد على ال ات اخلليجي ‪.‬‬
‫‪ -3‬تعضيد ننظون التحالفات االستراتيجي الدولي ‪.‬‬
‫‪ -2‬إجياد بيئ خليجي حاضن لدور عراقي جديد للحفاظ على عروبي اخللييج‬
‫ودرء األخطار عنه‪.‬‬
‫ففي الوقت ال ي تشري فيه املعطيات اإلقليمي اجلديدة ‪-‬خاص يف نرحل نيا‬
‫بعد الغزو األنريكي للعراق‪ -‬إىل تناني الدور اإليراين يف املنطق ‪ ،‬أصبح نن احمليتم‬
‫على دول اخلليج إجياد طرف ميكن الركون إليه لتأدي دور القوى اإلقليمي املوازي‬
‫إليران يف املنطق ؛ درءًا لألخطار اليت نن احملتمل وقوعها جراء تزايد نفيوذ إييران‬
‫وتطلعاهتا للهيمن اإلقليمي ‪.‬ونن هنا أصبح لزانًا على دول املنظون اخلليجي إعيادة‬
‫هيكل العالقات نع العراق؛ إذ سترهتن ننظون األنن اخلليجي مبا سيؤديه العيراق‬
‫نن دور‪ ،‬ومنوذج نتقدم يف كاف الصعد بعد أن حيقق استقراره النسبيي‪ ،‬وتدشينه‬
‫للدميقراطي ‪ .1‬ل ا نرى أنه نن الضروري أن تأخ دول جملس التعاون اخلليجي زنام‬
‫املبادرة للعمل على تطوير استراتيجي أنني نشترك نع العراق حيال نا متير بيه‬
‫املنطق نن اختالالت وتغيريات سريع ‪ .2‬كما ينبغي على العراق البدء مبصيارح‬
‫استراتيجي تعزز الثق املتبادل نع دول جملس التعاون اخلليجي وحتقيق الشيراك‬
‫األنني نعها؛ وذلك كمقدن لبناء ننظون أنني إقليمي نستقرة يف نواجه املخاطر‬
‫احملدق باألنن اخلليجي‪.3‬‬

‫ننعم صاحي العمار‪" ،‬ننازعات ال ات‪ ..‬هل مبقدور الدميقراطي ضبط العالقي بيني‬ ‫‪1‬‬
‫االستراتيجي والتغيري "الواليات املتحدة األنريكي أمنوذجًا"‪( ،‬بغداد‪ ،‬نكتبي الغفيران‬
‫للطباع ‪ ،)3013 ،‬ص ‪.39‬‬
‫العمار‪" ،‬ننازعات ال ات‪ :‬هل مبقدور الدميقراطي ضبط العالقي بيني االسيتراتيجي‬ ‫‪2‬‬
‫والتغيري"‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪088‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫يف ضوء مما تقدم خنلص إىل التايل‪:‬‬
‫‪ -‬نرت العالقات العراقي ‪-‬اإليراني بتغيري ج ري بعد الغزو األنريكي للعيراق‪،‬‬
‫وال ي أوجد بيئ إقليمي نغايرة لتلك اليت ظلت سائدة نن قبل‪ ،‬وأصيبحت‬
‫البيئ اجلديدة نكتظ بالعديد نن املتغريات احلامس ‪ ،‬أبرزها حدوث نوع نين‬
‫التقارب والتناغم السياسي بني العراق وإيران جتاه قضايا إقليمي عديدة‪.‬‬
‫‪ -‬تؤشر املعطيات اإلقليمي اجلديدة بعد عام ‪ 3002‬إىل تأثري إيران املتناني باطراد‬
‫يف جمريات عالقتها نع العراق؛ أي أهنا عالق تأثري أكثر نن كوهنا عالق تأثر‪،‬‬
‫ال سيما يف ظل اختالل نوازين القوى بني البلدين؛ إذ خرج العيراق نين‬
‫نعادل التوازن اإلقليمي كقوة نوازي إليران ودخل نرحل جديدة بنوع نين‬
‫االنسجام يف الرؤى نعها؛ وذلك يف الوقت ال ي تنظر فيه إيران إىل ننطقي‬
‫اخلليج ككل على أهنا ننطق انتداد نفوذها وسيطرهتا يف ظلِّ سعيها املتواصل‬
‫النتال القدرة النووي ‪ ،‬األنر ال ي ين ر بنوع نن هاجس القلق على ننظون‬
‫األنن اخلليجي؛ لكون انتال إيران للسالح النووي يعين اعترافًا صرحيًا بدور‬
‫إقليمي نهيمن‪.‬‬
‫‪ -‬ويف ضوء ذلك يصبح جدير بدول اخلليج ‪-‬يف ظيل جسيان التحيديات‬
‫والتهديدات اليت تستشعرها‪ -‬التعانل نع خيارات وبدائل ننطقي متثل خليات‬
‫حلصان املنظون األنني اخلليجي نن األخطار احملدق ‪ ،‬وتتمثَّل هي ه البيدائل‬
‫االستراتيجي يف‪:‬‬
‫‪ ‬االعتماد على ال ات اخلليجي ‪.‬‬
‫‪ ‬تعضيد التحالف االستراتيجي نع القوى الدولي الكربى‪ ،‬ويف نقدنتيها‬
‫الواليات املتحدة األنريكي ‪.‬‬
‫‪ ‬إنكاني االعتماد على العراق والثق بقدراته؛ حبكم أنه ميثيل االنتيداد‬
‫الطبيعي ملنظون األنن اخلليجي؛ األنر ال ي يتطلب نين دول جمليس‬
‫التعاون توفري بيئ خليجي حاضن للعراق؛ إلعادة هيكل بنيته الداخليي‬
‫سياسيًّا وأننيًّا‪ ،‬واستعادته ملكانته اإلقليمي ودوره التقلييدي كميوازن‬
‫إقليمي إليران يف املنطق ؛ إذ سترهتن ننظون األنن اخلليجي مبا سيؤديه‬
‫‪089‬‬
‫العراق نن دور‪ ،‬ومنوذج نتقدم يف كاف الصعد بعد أن حيقق اسيتقراره‬
‫النسبيي‪ ،‬وتدشينه للدميقراطي ‪ .‬ويف ه ا السياق‪ ،‬بإنكان العراق البدء‬
‫مبصارح استراتيجي تعزز الثق املتبادل نع دول جملس التعاون اخلليجي‬
‫وحتقق الشراك األنني نعها‪ ،‬وذلك كمقدن لبناء ننظون أنني إقليمي‬
‫نستقرة يف نواجه املخاطر احملدق باألنن اخلليجي‪.‬‬

‫‪091‬‬
‫الرؤية اإلسرائيلية للخليج‬
‫في ضوء ثو ار الربيع العربي‬
‫أ أنطوان شلح‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تتطرَّق ه ه الورق البحثي إىل اجلوانب اجلوهري للرؤي اإلسرائيلي ‪ ،‬وذلك نن‬
‫خالل تتبع املسار التارخيي للعالقات بني إسرائيل ودول اخلليج‪ ،‬وصوالً إىل املرحل‬
‫احلالي اليت تتأثر أكثر نن أي وقت نضى بالتغريات اإلقليمي النامج عن ثيورات‬
‫الربيع العربيي‪ ،‬سواء تلك الناجزة أو احملتمل ‪ ،‬إذ تشري خخر الدراسات املنشورة يف‬
‫إسرائيل واملتعلق بالرؤي اإلسرائيلي إزاء دول اخلليج العربيي‪ 1‬إىل أن ه ه الدول‬
‫حتظ بي "االهتمام البارز" نن جانب املؤسس السياسي ؛ إال بالتزانن نع تنياني‬
‫قدراهتا االقتصادي ال ي ارتبط بارتفاع أسعار النفط؛ نظرًا إىل وجود أكثير نين‬
‫نصف خمزون النفط العاملي يف ه ه املنطق ‪.‬‬
‫وتنطلق ه ه الدراسات ‪-‬يف نعظمها‪ -‬نن فرضي رئيسي فحواهيا أن دول‬
‫اخلليج العربي ذات مسات خاص ‪ ،‬وتنوّه بأن املخاطر اليت تعيشيها هي ه اليدول‬

‫انظر نثالً الدراسات التالي ‪:‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ -‬روعي كهنوفيتش‪ ،‬إيران واخلليج الفارسي‪ ...‬تاريخ‪ ،‬استراتيجيا ودبلوناسيي (تيل‬
‫أبيب‪ :‬ننشورات "ريسلينغ"‪.)3013 ،‬‬
‫‪ -‬يوئيل غوجا نسكي‪ ،‬دول اخلليج يف بيئ استراتيجي نتغيّرة (جانع تل أبيب‪ :‬نعهيد‬
‫أحباث األنن القوني‪ ،‬ن كرة رقم ‪.)3013 ،116‬‬
‫‪ -‬عوزي رابيي ويوئيل غوجانسكي (حمرران)‪ ،‬دول اخلليج‪ :‬بني إيران والغرب (جانع‬
‫تل أبيب‪ :‬نعهد أحباث األنن القوني ونركز نوشيه دايان للدراسات الشرق أوسيطي‬
‫واإلفريقي ‪.)3013 ،‬‬
‫‪ -‬ساني ريفيل‪ ،‬إسرائيل يف جبه اخلليج الفارسي (تل أبيب‪ :‬ننشيورات "ييديعوت‬
‫أحرونوت"‪.)3009 ،‬‬
‫‪090‬‬
‫تتراوح بني تغيريات دميغرافي سريع ‪ ،‬وتصاعد "اإلسالم الراديكيايل"‪ ،‬والعالقي‬
‫اجلدلي بني سوق النفط واالستقرار السياسي والتنمي ‪ ،‬فضالً عن حالي الغلييان‬
‫السياسي‪ -‬االجتماعي "على نار هادئ " يف بعض دول اخلليج‪.‬‬
‫وتشدّد ه ه الدراسات اإلسرائيلي على أن الساح اخلليجي تتميز عن ساح‬
‫الصراع اإلسرائيلي‪ -‬الفلسطيين‪ ،‬وتنأى عنها؛ لكن على الرغم نن ذلك‪ ،‬فإن دول‬
‫اخلليج العربي ضالع بشكل غري نباشر يف ه ا الصراع وتتأثر به‪ .‬ويف ه ا الصدد‪،‬‬
‫يرى الباحث يوئيل غوجانسكي‪ 1‬أن دول اخلليج العربي وإسرائيل لديهما نصلح‬
‫نشترك يف تعزيز عالقاهتما هبدف إضعاف نفوذ القوى الراديكاليي يف املنطقي ‪،‬‬
‫نعتربًا أن الدول اليت تتشار يف النظرة االستراتيجي ذاهتا ميكن أن تشيكل وزنًيا‬
‫نضادًّا للتدخل السلبيي اإليراين يف املنطق ‪.‬‬
‫وخيلص للقول‪ :‬إنه كلما اعتبار إيران خطرًا سواء على إسرائيل أو عليى‬
‫دول اخلليج العربي ‪ ،‬فإن ذلك يسهل عليهما التعاون فيما بينهما‪ .2‬أنّيا الباحيث‬
‫روعي كهنوفيتش‪ 3‬فريى أن سباق إيران حنو تطوير أسلح نووي وانتالكها جييب‬
‫أال يقض نضاجع أصحاب القرار يف إسرائيل فحسب‪ ،‬وإمنا أيضًيا زعمياء دول‬
‫اخلليج العربي وأثريائها‪ ،‬وأن يدفعهم إىل تغيري سلم أولوياهتم‪ ،‬ذلك بأن ه ا السباق‬
‫يهدف إىل فرض هيمن إيران على اخلليج العربيي ال ي تنظر إليه باعتباره اخلليج‬
‫الفارسي‪.4‬‬

‫يوئيل غوجانسكي هو باحث نتخصص يف شؤون األنن يف اخلليج يف "نعهد أحبياث‬ ‫‪1‬‬
‫األنن القوني" يف جانع تل أبيب نن عام ‪ ،3009‬وقبل ذلك كيان نسيؤوالً عين‬
‫نتابع املشروع النووي اإليراين يف "هيئ األنن القوني" يف دييوان رئييس احلكوني‬
‫اإلسرائيلي ‪.‬‬
‫غوجانسكي‪" ،‬دول اخلليج يف بيئ استراتيجي نتغرية"‪ ،‬ص ‪.39-39‬‬ ‫‪2‬‬
‫روعي كهنوفيتش‪ :‬يدرس للقب الدكتوراه يف الدراسات الشرق أوسيطي يف جانعي‬ ‫‪3‬‬
‫حيفا‪ ،‬ويعمل باحثًا يف نركز "عوزري لدراس إيران واخلليج الفارسيي"‪ ،‬وحماضيرًا‬
‫ونستشارًا لشؤون إيران والشرق األوسط‪.‬‬
‫يي ‪،‬‬‫يتراتيجي ودبلوناسي‬
‫ياريخ‪ ،‬اسي‬‫يي‪ ...‬تي‬
‫ييج الفارسي‬
‫يران واخللي‬‫يوفيتش‪ ،‬إيي‬ ‫كهني‬ ‫‪4‬‬
‫ص ‪.69‬‬
‫‪091‬‬
‫أوالً‪ :‬مسار العالرا بين لسرائيل ودول الخليج‪:‬‬
‫يقول يعقوب هداس‪ ،‬السفري اإلسرائيلي احلايل لدى االحتياد األوروبييي‬
‫وحلف مشال األطلسي (الناتو) وال ي شغل يف السابق ننصب نائب املدير العيام‬
‫ورئيس قسم الشرق األوسط يف وزارة اخلارجي اإلسرائيلي ‪ :1‬إن العالقات العلنيي‬
‫بني إسرائيل ودول اخلليج كانت إحدى نتائج حمادثات نؤمتر ندرييد للسيالم يف‬
‫الشرق األوسط ال ي عقد عام ‪ .1991‬حيث نثل ه ا املؤمتر برأيه نقطي حتيول‬
‫جوهري فيما يتعلق مبسار تطبيع العالقات بني إسرائيل والدول العربي ‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫دول اخلليج‪.‬‬
‫مث توثقت ه ه العالقات أكثر فأكثر إثر توقيع اتفاقيات أوسلو بني إسيرائيل‬
‫وننظم التحرير الفلسطيني عام ‪ ،1992‬حيث تلى ذلك إقان ممثليتني إسرائيليتني يف‬
‫كل نن قطر وسلطن عُمان‪ ،‬وتعهدت الدولتان بإقان ممثليتني يف إسرائيل؛ لكين‬
‫ه ا األنر يتحقق‪ ،‬ففي أعقاب اندالع االنتفاض الفلسطيني الثاني عام ‪3000‬‬
‫إغالق املمثلي اإلسرائيلي يف سلطن عُمان‪ ،‬بينما استمرت املمثلي اإلسيرائيلي يف‬
‫قطر تعمل بشكل فعلي حىت يناير‪/‬كانون الثاين ‪ ،3009‬حيث إغالقها ردًّا عليى‬
‫احلرب اإلسرائيلي ضد قطاع غزة اليت عرفت يف القانوس اإلسرائيلي باسم عمليي‬
‫"الرصاص املصبوب"‪.‬‬
‫وترى قراءات إسرائيلي أخرى‪ 2‬أن العالقات بني إسرائيل ودول اخلليج ظلت‬
‫‪-‬بعد نؤمتر ندريد‪ -‬تتراوح بني ندّ وجزر؛ وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -‬إثر اتفاقيات أوسلو عام ‪ 1992‬وافق جملس التعاون اخلليجيي عليى إلغياء‬
‫املقاطع املفروض على الشركات اليت تقيم عالقات اقتصادي نع إسيرائيل؛‬
‫لكنه شدّد على استمرار املقاطع املباشرة حىت حتقيق السالم الشانل‪.‬‬
‫‪ -‬نع نرور الوقت تزايدت حتفظات دول اخلليج على اتفاقات أوسلو‪ ،‬وباتت‬
‫تشدّد على أهنا ترى فيها جمرّد كوة حمتمل للسالم الشانل؛ ولكن ليسيت‬
‫نقط حتول إقليمي ‪ ،‬كما أن اغتيال رئيس احلكون اإلسيرائيلي إسيحاق‬

‫يعقوب هداس‪ ،‬إسرائيل ودول اخلليج ‪ -‬شهادة شخصي ‪ ،‬يف‪ :‬رابيي وغوجانسيكي‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫دول اخلليج‪ :‬بني إيران والغرب‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫غوجانسكي‪ ،‬دول اخلليج يف بيئ استراتيجي نتغرية‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪091‬‬
‫رابني عام ‪ ، 1999‬وعملي "عناقيد الغضيب" ضيد لبنيان عيام ‪،1996‬‬
‫والصدانات بني قوات األنن اإلسرائ يلي واملتظاهرين الفلسطينيني عقب فتح‬
‫نفق حتت احلرم القدسي الشريف يف العام نفسه‪ -‬كل ذلك تسبب يف قييام‬
‫مجيع دول اخلليج يف عام ‪ 1999‬بتجميد عملي التطبيع البطيئ اليت بدأت يف‬
‫ندريد‪ ،‬وعمليًّا كان هل ا التجميد أسباب أخيرى‪ ،‬وخصوصًيا يف نظير‬
‫اململك العربي السعودي ‪ ،‬ونن بني ه ه األسباب خيب األنل نن سياسي‬
‫الواليات املتحدة األنريكي يف العراق‪ ،‬والتقارب السعودي‪-‬اإليراين الي ي‬
‫بدأ بالتزانن نع انتخاب الرئيس اإلصالحي حممد خامتي رئيسًا إلييران يف‬
‫نايو‪/‬أيار ‪.1999‬‬
‫‪ -‬ونع انسحاب إسرائيل نن قطاع غزة عام ‪ 3009‬أعلنت عدة دول خليجيي‬
‫ا ستئناف خطوات التطبيع نع إسرائيل‪ ،‬فيما واصلت اململك العربي السعودي‬
‫حتفظها‪ ،‬بل ودعت دول اخلليج األخرى لتجنيب العالقيات العلنيي نيع‬
‫إسرائيل‪.‬‬
‫‪ -‬أعادت نساعي إدارة الرئيس األنريكي بارا أوبانا يف نستهل واليتيها‬
‫األوىل عام ‪ 3009‬لتوفري الزخم لعملي السالم؛ وذلك عرب خطوات بنياء‬
‫الثق إىل الواجه نن جديد إنكاني تطوير العالقات اإلسرائيلي نيع دول‬
‫اخلليج‪.‬‬
‫ويف نوازاة الضغط ال ي نارسته ه ه اإلدارة على إسرائيل لتقدمي تنازالت‬
‫للفلسطينيني‪ ،‬وال ي أدى إىل جتميد أعمال البناء يف نستوطنات الضف الغربيي‬
‫عشرة أشهر؛ حثَّت ‪-‬نن دون جناح‪ -‬عددًا نن الدول اخلليجي عليى تقيدمي‬
‫نبادرات حسن ني تطبيعي جتاه إسرائيل‪ .1‬ويف نيا خييص اململكي العربيي‬
‫السعودي على وجه التحديد‪ ،‬يُشار يف سياق القراءات اإلسرائيلي نفسيها إىل‬
‫أهنا يف األعوام األخرية أعلنت أهنا يف ه ه املرحل ال تنيوي بتاتًيا اختياذ أي‬
‫خطوات مي كن أن تفسر على أهنا نبادرات حسن ني جتاه إسرائيل‪ ،‬وإىل أن ه ا‬
‫املوقف يشكل ‪-‬أيضًا‪ -‬إشارة ضمني إىل بقي الدول اخلليجي بضرورة حي و‬
‫نوقف السعودي ‪.‬‬

‫صحيف "هآرتس"‪.3009/6/13 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪091‬‬
‫كما تشري القراءات اإلسرائيلي إىل أنه باستثناء "نبيادرة املليك عبيد اهلل‬
‫للسالم"‪ ،‬اليت قابلتها إسرائيل باستخفاف‪ ،1‬بقيت السعودي بدرج كيبرية عليى‬
‫هانش حماوالت التقدم يف عملي السالم العر ‪ -‬اإلسرائيلي‪ ،‬وإىل أن ه ه املبيادرة‬
‫ذاهتا أعدّت لغرض حتسني الصورة السلبي اليت ألصقت باململك إثر أحداث ‪ 11‬نن‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول ‪ 3001‬يف الواليات املتحدة‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬المحددا الحاكمة للعالرا اإلسرائيلية الخليجية‪:‬‬


‫ً‬
‫حبسب نا يؤكد يعقوب هداس‪ 3‬فإنه كانت لدى إسرائيل ‪-‬يف إثير نيؤمتر‬
‫ندريد‪ -‬نصلح يف حماول تطوير العالقات نع دول اخلليج‪ ،‬وخصوصًا نع كل نن‬
‫سلطن عُمان وقطر واإلنارات العربي املتحدة والبحرين؛ وذلك نن ننطلق ثالثي‬
‫دوافع هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الرغب يف توسيع دائرة عالقاهتا وخصوصًا يف الشرق األوسط‪ :‬وقد تيوازت‬
‫ه ه الرغب نع رغب مماثل لدى الدول امل كورة‪ ،‬اليت كانت نن جانبها تتطلع‬
‫إىل زيادة نفوذها‪ ،‬و تكن ‪-‬حبسب ه ا الرأي‪ -‬القضي الفلسطيني يف نركز‬
‫اهتمانها‪ ،‬بقدر نا كان اهتمانها ننصبًّا على القيام بأعمال جتاري والعييش‬
‫بسالم‪ .‬ونوّه بأن ه ا الوضع يعد قائمًا اآلن‪ ،‬ونن بني أسباب ذليك نيا‬
‫أطلق عليه ظاهرة قناة "اجلزيرة" القطري "اليت جتلب األحداث واملشكالت إىل‬
‫كل بيت عربيي"‪.‬‬
‫‪ .3‬الدافع االقتصادي؛ لكن الباحث ذاته يؤكد أن احتمال جين فوائد كبرية ننيها‬
‫كان ضئيالً‪ ،‬ونن األنثل البارزة يف ه ا اإلطار حماول التوصل إىل صفق نيع‬

‫يورام نيتال‪" ،‬سالم نكسور‪ :‬إسرائيل‪ ،‬الفلسطينيون والشرق األوسيط"‪( ،‬القيدس‪:‬‬ ‫‪1‬‬
‫ننشورات "كرنل"‪.)3003 ،‬‬
‫يوسف كوستنري‪" ،‬ج ور املبادرة العربي وتقلباهتا‪ :‬تغريات سياس التنسيق اإلقليمي لدى‬ ‫‪2‬‬
‫السعودي " ‪ ،‬يف إفرامي اليف (حمرّر)‪ ،‬إسرائيل ونبادرة السالم العربي ‪( ،‬تل أبيب‪ :‬ننشورات‬
‫جانع تل أبيب‪ .)3010 ،‬ساره يزراعيلي‪ ،‬حمادثات سعودي ‪-‬إسرائيلي ‪ :‬أنراء ورياح نن‬
‫دون نطر (جمل "املستجد االستراتيجي"‪ ،‬اجمللد ‪ ،10‬العيدد ‪ ،3‬أغسيطس‪/‬خب ‪،3009‬‬
‫إصدار‪" :‬نعهد أحباث األنن القوني" يف جانع تل أبيب)‪.‬‬
‫هداس‪" ،‬إسرائيل ودول اخلليج ‪ -‬شهادة شخصي "‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪091‬‬
‫قطر يف تسعينيات القرن العشرين تزوّد ه ه األخرية مبوجبها إسيرائيل بالغياز‬
‫الطبيعي عرب السعودي واألردن؛ لكنها خترج يف هنايي املطياف إىل حييز‬
‫التنفي ‪ .‬ويف أواخر التسعينيات وبالتزانن نع توقيع صفق الغاز بيني إسيرائيل‬
‫ونصر‪ ،‬صرّح وزير الطاق والبىن التحتي اإلسرائيلي خن ا إلياهو سويسا أنه‬
‫تكن لدى إسرائيل على اإلطالق أي ني لشراء غاز طبيعي نن قطر‪ ،‬واستعملت‬
‫املفاوضات نع ه ه األخرية يف ه ا الشأن كوسيل للضغط على نصر إلجبارها‬
‫على توقيع صفق الغاز نعها‪ ،‬واملوافق على السعر ال ي عرضته عليها‪ .‬وتؤكد‬
‫تقديرات أخرى أنه كان بوسع إسرائيل أن جتين ننافع اقتصادي نهم نن إقان‬
‫عالقات جتاري نع الدول الغني يف اخلليج‪ ،‬نشرية إىل أنيه خيالل األعيوام‬
‫‪ 3011-3001‬حلت دول اخلليج كثالث سوق نستهدف نن حيث حجميه‬
‫بالنسب إىل البضائع اإلسرائيلي يف الشرق األوسط ومشال إفريقيا‪ ،‬بعد كل نين‬
‫السلط الفلسطيني وتركيا‪ ،‬حيث غالبًا نا تتم التجارة نع دول اخلليج عمونًيا‬
‫عرب طرف ثالث‪ ،‬األنر ال ي يزيد نن صعوب توفري نعطيات إحصائي حمدثي ‪،‬‬
‫غري أن حجم التجارة زاد عن ‪ 900‬نليون دوالر سنويًّا‪.1‬‬
‫كما نوّه إيلي أفيدار ‪-‬ال ي توىل ننصيب رئييس املمثليي الدبلوناسيي‬
‫اإلسرائيلي يف قطر قبل يعقوب هداس‪ ،‬خالل عياني ‪ -3001 -1999‬بأنيه‬
‫بإنكان إسرائيل جين ننافع أكرب يف حال تطبيع عالقاهتا نع دول اخلليج‪.2‬‬
‫‪ .2‬الدوافع السياسي املتعلق بدفع عملي السالم نن خالل التركيز على املسيار‬
‫اإلقليمي‪.‬‬
‫ويف نقابل ه ه الدوافع (املصاحل) اإلسرائيلي ‪ ،‬يؤكد هداس أن نصلح دول‬
‫‪3‬‬

‫اخلليج نن وراء تطوير العالقات نع إسرائيل كانت حمكون بعانلني رئيسيني؛ مها‪:‬‬

‫يتسحاق غال‪" ،‬التبادل التجاري اإلسرائيلي نع أسواق الشرق األوسط يف سن ‪:3011‬‬ ‫‪1‬‬
‫منو صحي رغم البيئ السياسي املناوئ ‪ ،‬اقتصادي (جمل نتخصص باقتصادات دول ننطق‬
‫الشرق األوسط)‪ ،‬اجمللد ‪ ،3‬العدد ‪ ،1‬يناير‪/‬كانون الثاين ‪( ،3013‬جانع تل أبيب‪ :‬نركز‬
‫نوشيه دايان للدراسات الشرق أوسطي واإلفريقي )‪.‬‬
‫إيلي أفيدار‪" ،‬اهلوة ‪ -‬نا ال ي يفصل فعالً بيننا وبني العا العربيي؟" (تيل أبييب‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫ننشورات "أغام"‪.)3011 ،‬‬
‫هداس‪" ،‬إسرائيل ودول اخلليج ‪ -‬شهادة شخصي "‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪096‬‬
‫‪ -‬العانل السياسي الكانن يف رغب دول اخللييج يف أن تتحيرّر نين التبعيي‬
‫للسعودي يف كل نا يتعلق بسياستها اخلارجي ‪ ،‬وبرأي هداس كانت قطر أوىل‬
‫الدول اليت متردّت على ه ه التبعي ‪ ،‬وتبعتها سلطن عُميان‪ ،‬الييت عيادت‬
‫وقلصت نشاطها يف ه ا االجتاه‪ ،‬وبعد ذلك ح ت اإلنارات العربي املتحيدة‬
‫ح ومها‪ ،‬حيث كانت إسرائيل بالنسب إىل ه ه الدول نوضوعًا يتييح هليا‬
‫إنكان حتدّي السعودي ‪ ،‬أو نصر‪ ،‬أو القيادة التقليدي للعا العربيي‪.‬‬
‫‪ -‬السعي لي "خطب ودّ" الواليات املتحدة؛ نظرًا إىل رسوخ قناع لدى هي ه‬
‫الدول بأن توثيق العالقات بينها وبني واشنطن ال ميكن أن يتم إال عن طرييق‬
‫إسرائيل واللوبيي اليهودي األنريكي؛ وبالتايل ال ميكن احلديث عن عالقات‬
‫ثنائي على غرار إسرائيل ‪-‬سلطن عُمان‪ ،‬أو إسرائيل‪-‬قطر‪ ،‬وإمنا عن عالقات‬
‫نثلث ‪ ،‬تكون الواليات املتحدة فيها دائمًا يف رأس املثلث‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الرؤية اإلسرائيلية تجاه دول الخليج ما بعد ثو ار الربيع العربي‪:‬‬


‫تتفق قراءات إسرائيلي نتعددة على أن تداعيات "الربيع العربيي" تكتمل‬
‫بعد‪ ،‬بيد أهنا يف الوقت ذاته تتفق على نآل واحد هل ا "الربيع" بات يف عرفها شبه‬
‫واضح‪ ،‬فحواه أن املرحل احلالي أسفرت عن تعزّز قوة احلركات اإلسالني الييت‬
‫تعرضت إىل القمع طوال أعوام كثرية‪ ،‬وأن تعزّز قوة ه ه احلركات يف ظل اقترانه‬
‫بتراجع نكان الواليات املتحدة كدول عظمى يف العا وننطق الشرق األوسيط‪،‬‬
‫رمبا حيمل نُ ر شرّ بالنسب إىل إسرائيل‪ .‬كما تتفق على أن احتمال تفكّك "احمليور‬
‫الراديكايل"‪ ،‬نن خالل سقوط النظام السوري‪ ،‬واندالع انتفاض يف إيران أقوى نن‬
‫االنتفاض اليت اندلعت عام ‪ ،3009‬ميكن أن ينطوي على بشائر‪.1‬‬
‫و"نُ ر الشرّ" اليت حتاول ه ه القراءات أن تستشرفها‪ ،‬ال تنبع فقط نن التوقعيات‬
‫بأن يؤدي صعود احلركات اإلسالني إىل وضع حدّ أنام احتماالت تطبيع العالقيات‬
‫اإلسرائيلي ‪ -‬العربي ‪ ،‬وأنام إنكان نسج عالقات ذات صبغ استراتيجي نع دول نؤثرة‬
‫يف املنطق وحسب‪ ،‬وإمنا تأيت ‪-‬أيضًا‪ -‬نن سقوط أنظم عربي كانت تنتهج سياسي‬

‫عنات كورتس وشلونو بروم (حمرران)‪" ،‬تقومي استراتيجي إلسيرائيل ‪"3012-3013‬‬ ‫‪1‬‬
‫(جانع تل أبيب‪ :‬نعهد أحباث األنن القوني‪.)3012 ،‬‬
‫‪097‬‬
‫نالئم ملصاحل إسرائيل األنني ‪ ،‬يف نقدنتها نظام حسين نبار يف نصر‪.1‬‬
‫وقد عبّر عن ه ا األنر أحد الباحثني يف نعهد أحباث األنن القوني يف جانع‬
‫تل أبيب نن خالل توكيد أن نبار شكل "دعان نظام جعل إحدى الدول العربي‬
‫املهم ‪ ،‬أي نصر‪ ،‬تنتهج هنجًا سياسيًّا نالئمًا للمصاحل األننيي احليويي لدولي‬
‫إسرائيل"‪ .‬وأضاف‪" :‬ال نقول‪ :‬إن نبار كان نؤيدًا للصيهيوني ‪ ،‬كميا زعيم‬
‫نعارضوه يف نصر ويف ننطق الشرق األوسط‪ ،‬ال بل كان أحيانًا على العكس نن‬
‫ذلك‪ ،‬فهو ال ي أطلق احلري حلمل دعائي نعادي إلسرائيل وللساني وللوالييات‬
‫املتحدة األنريكي ؛ لكن على الرغم نن ه ا كله‪ ،‬فإن نبار كان يرى أن نصياحل‬
‫نصر القوني تستوجب عقد سالم نع إسرائيل‪ ،‬ونواجه اإلسالنيني املتطيرفني‪،‬‬
‫وقمعًا حازنًا لثرهابيني‪ ،‬وتنسيقًا وثيقًا نع الواليات املتحدة"‪.2‬‬
‫أنّا رئيس ه ا املعهد عانوس يادلني‪ ،‬فأشار إىل أن احلديث ال يدور على منو‬
‫لثورة نن شأهنا أن تقود إىل منوذج دميقراطي ليربالي ‪ ،‬وعلماني ‪ ،‬وأجنلو‪ -‬أنريكيي ‪،‬‬
‫وال يدور على تغيري غري عنيف‪ ،‬كما أنه ال يدور على "أثر دونينو" سريع كي لك‬
‫ال ي حدث يف أقطار أوروبا الشرقي ؛ لكن احلديث فعالً يدور على ظاهرة تغيّير‬
‫وجه الشرق األوسط بأسره‪.3‬‬
‫انظر نثالً‪ -1 :‬عنات كورتس وشلونو بروم (حمرران)‪ ،‬تقومي اسيتراتيجي إلسيرائيل‬ ‫‪1‬‬
‫‪( 3011‬جانع تل أبيب‪ :‬نعهد أحباث األنن القوني‪)3013 ،‬؛ ‪ -3‬إفرامي عنبار‪ ،‬التقلبات‬
‫يف العا العربيي وأنن إسرائيل القوني (جانع بار إيالن‪ :‬دراسات يف أنن الشيرق‬
‫األوسط رقم ‪ ،99‬نركز بيغن ‪ -‬السادات لألحباث االستراتيجي ‪)3013 ،‬؛ ‪ -2‬غييورا‬
‫أيالند‪ ،‬اهلزة يف الشرق األوسط وأنن إسرائيل (جمل "املستجد االستراتيجي"‪ ،‬اجمللد ‪،13‬‬
‫العدد ‪ ،3‬يوليو‪/‬متوز ‪ ، 3011‬إصدار‪" :‬نعهد أحباث األنن القوني" يف جانع تل أبيب)؛‬
‫‪ -3‬داين روتشيلد وتوني شتاينر‪ ،‬تقومي هرتسليا ‪ :3013‬إسرائيل يف عني العاصف (ورق‬
‫عمل نقدن إىل نؤمتر هرتسليا السنوي الثاين عشر حول "نيزان املناع واألنن القيوني‬
‫اإلسرائيلي"‪ 20 ،‬يناير‪/‬كانون الثاين ‪ 3 -‬فرباير‪/‬شباط ‪)3013‬؛ ‪ -9‬يوئيل غوجانسيكي‬
‫ونار هيلر (حمرران)‪ ،‬عام على الربيع العربيي‪ :‬انعكاسات إقليمي ودولي (جانع تل‬
‫أبيب‪ :‬نعهد أحباث األنن القوني‪ ،‬ن كرة رقم ‪.)3013 ،113‬‬
‫نار هيلر‪ ،‬ردات فعل إسرائيلي على الربيع العربيي‪ ،‬يف‪ :‬غوجانسكي وهيلر‪" ،‬عيام‬ ‫‪2‬‬
‫على الربيع العربيي‪ :‬انعكاسات إقليمي ودولي "‪ ،‬ص ‪.39-33‬‬
‫عانوس يادلني‪ ،‬عام على االنتفاضات العربي ‪ ،‬يف‪ :‬غوجانسكي وهيلر‪" ،‬عام على الربيع‬ ‫‪3‬‬
‫العربيي‪ :‬انعكاسات إقليمي ودولي "‪ ،‬ص ‪.68-66‬‬
‫‪098‬‬
‫وه ا نا يؤكده رئيس نعهد السياسات واالستراتيجي يف املركز املتعدد‬
‫اجملاالت يف هرتسليا ورئيس سلسل نؤمترات هرتسليا‪ ،‬داين روتشيلد‪ ،‬نشددًا‬
‫على أن خريط الشرق األوسط ميكن أن تتغري يف غضون األعيوام القليلي‬
‫املقبل ‪ ،‬ويف ه ا السياق ينبغي بر أيه عدم النظر إىل الوحدة اإلقليمي (اجلغرافي )‬
‫لعدد نن الدول‪ ،‬بينها سوري والعراق ولبنان والييمن‪ ،‬كمسيأل بديهيي ‪،‬‬
‫وه ه التغيريات املمكن ستكون هلا يف نعظم األحوال انعكاسات إقليميي ال‬
‫يستهان هبا‪.1‬‬
‫بطبيع احلال‪ ،‬نا زال احليز األكرب نن االنشغال اإلسرائيلي بثيورات الربييع‬
‫العربيي نن نصيب اهلاجس املتعلق مبا يتعني على إسيرائيل أن تفعليه نين اآلن‬
‫فصاعدًا‪ .‬وميكن إمجال اجتاهات العمل الرئيسي اليت جيري التركيز عليها على الوجه‬
‫اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬على إسرائيل أن توظف كل اجلهود نن أجل تعميق حتالفها االستراتيجي نع‬
‫الواليات املتحدة‪ ،‬وخصوصًا نن خالل توكيد أن "الربيع العربيي" أثبيت‬
‫نرة أخرى نا متثله إسرائيل نن ذخر استراتيجي بالنسب إىل الواليات املتحدة‬
‫والغرب عمونًا‪ ،‬باعتبارها "جزيرة نن االستقرار يف خضيم حبير الشيرق‬
‫األوسط العاصف"‪ ،‬كما قال غري نرة رئيس احلكون اإلسيرائيلي بنييانني‬
‫نتنياهو‪.2‬‬
‫‪ -3‬اختاذ نزيد نن اإلجراءات الراني إىل حتصني احلدود على غرار اجلدار العازل‬
‫ال ي قانت إسرائيل بإنشائه على طول ننطق احلدود نع نصر‪ ،‬ويف جزء نن‬
‫ننطق احلدود نع لبنان‪ ،‬فضالً عن اجلدران يف نناطق احلدود نع قطاع غزة‪،‬‬
‫وسوري ‪ ،‬واألردن‪ ،‬والضف الغربي ‪.‬‬
‫ويف ه ا اخلصوص‪ ،‬يرى الباحث العسكري غابيي سيبوين أنيه ينبغيي أن‬
‫تتركز اجلهود يف ه ا اجملال على تعيني نكانن الضعف على انتداد احليدود‪،‬‬
‫وإجياد احللول ملعاجلتها‪ ،‬ويف الوقت ذاته جيب دراس نفهوم شانل للدفاع عن‬

‫روتشيلد وشتاينر‪ ،‬تقومي هرتسليا ‪ :3013‬إسرائيل يف عني العاصف ‪ ،‬جمل فلسطني اليوم‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.3013/9/33‬‬
‫عنبار‪" ،‬التقلبات يف العا العربيي وأنن إسرائيل القوني"‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪099‬‬
‫احلدود حىت نع الدول اليت تربطها بإسرائيل نعاهدات سالم يستند إىل العمل‬
‫االستخبارايت‪ ،‬ويستخدم قوات اعتراض قليل العدد وسريع احلرك ‪.1‬‬
‫‪ -2‬إسرائيل ال ميكنها لضمان نستقبلها سوى أن تعتمد على نفسيها‪ ،‬أي نين‬
‫خالل تدجيج قوهتا العسكري وترسان أسلحتها‪ ،‬األنر ال ي يستلزم زييادة‬
‫امليزاني األنني اإلسرائيلي ‪.‬‬
‫ومبراجع خخر اخلطابات اليت ألقاها رئيس احلكون اإلسرائيلي ميكن نالحظ أن‬
‫ه ا التشديد أصبح مبثاب الزن نتكررة حىت عندنا يتعلق األنر بتثمني أمهي التحيالف‬
‫نع الواليات املتحدة؛ فمثالً يف سياق اخلطاب ال ي ألقاه يف نارس‪/‬خذار ‪ 3013‬أنيام‬
‫املؤمتر السنوي للوبيي اليهودي األنريكي نن أجل إسرائيل (أيبا ) يف واشنطن أكيد‬
‫قائالً‪" :‬إننا نقدّر جدًّا التحالف العظيم بني بلديْنا (إسرائيل والواليات املتحيدة) لكين‬
‫عندنا يتعلق األنر مبسأل بقاء إسرائيل جيب علينا أن نكون دونًا أسياد نصرينا"‪.‬‬
‫ويف نا يتعلق بالرؤي اإلسرائيلي جتاه دول اخلليج عقيب ثيورات الربييع‬
‫العربيي وحىت اآلن‪ ،‬ميكن أن نرصد االجتاهات العان التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬جرى تسليط األضواء على كل نن السعودي والبحرين‪ ،‬اللتني شهدتا حال نن‬
‫احلرا السياسي النسبيي؛ لكن يف الوقت نفسه التنويه بأن املزج بني نزيد‬
‫نن إنفاق املال على اجلمهور وبني االستعداد الستخدام القوة هو نا أوقف "أثر‬
‫الدونينو" بالنسب إىل ه ين البلدين‪ .‬ووفقًا ملا أكده رئيس نعهد أحباث األنين‬
‫القوني فإنه يف حال عدم وصول تداعيات الربيع العربيي إىل "القوتني األعظم‬
‫الرائدتني يف الشرق األوسط‪ -‬اململك السعودي السني ومجهوري إيران الشيعي‬
‫‪ -‬سيظل تأثريه حمدودًا"‪ .‬وبرأيه "تبقى السعودي نوعًا نن اللغز ال ي يصيعب‬
‫التكهن حبله‪ ،‬ويف ه ه املرحل فإهنا تتعانل جيدًا نع ريياح التغييري يف العيا‬
‫العربيي؛ لكن إذا نا طرأ تغيري يف السعودي ‪ ،‬فإنه سيكون حبجم خيتلف متانًيا‬
‫عن التغيري يف ليبيا أو حىت يف نصر‪ ،‬فاألناكن املقدس للمسلمني وخبار الينفط‬
‫يف شرقي اململك هي نكانن ألزن تزعزع العا بأسره"‪.2‬‬

‫غابيي سيبوين‪ ،‬االضطرابات يف العا العربيي ودالالهتا بالنسب إىل اجليش اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫يف‪ :‬غوجانسكي وهيلر‪" ،‬عام على الربيع العربيي‪ :‬انعكاسات إقليمي ودولي "‪.‬‬
‫يادلني‪" ،‬عام على االنتفاضات العربي "‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -3‬تأكيد أن عزل إيران اإلقليمي ‪ ،‬وتشديد نظام العقوبات االقتصادي املفروضي‬
‫عليها‪ ،‬قد يدفعاهنا إىل زيادة تأثريها يف العراق‪ ،‬ورمبا ‪-‬أيضًيا‪ -‬يف اليدول‬
‫اخلليجي اجملاورة هلا؛ وذلك أساسًا نن خالل التجمعات الشيعي يف البحيرين‬
‫واململك العربي السعودي ‪ .1‬كما نوهت قراءات إسيرائيلي بيأن إييران يف‬
‫بدايات "الربيع" بدت راضي عن سقوط أنظم نتعاطف نع الغرب ونتحالف‬
‫نع إسرائيل‪ ،‬وعن تعزيز قوة العناصر اإلسالني يف املغرب ونصير‪ ،‬وعين‬
‫"اليقظ الشيعي " يف البحرين‪ ،‬وارتفاع أسعار النفط؛ لكن نيا إن تطيورت‬
‫األنور وتبني أن سوري ‪-‬احلليف املركزي إليران يف العا العر ‪ -‬هيي ‪-‬‬
‫أيضًا‪ -‬بني املتضررين نن األحداث‪ ،‬وأن السعودي واملعسكر السين يعيززان‬
‫قوهتما‪ ،‬وأن اهلزة قد تصل ‪-‬أيضًا‪ -‬إىل طهران‪ ،‬حىت بدا امليزان االستراتيجي‬
‫بشكل نغاير‪.2‬‬
‫‪ -2‬مث استنتاجات توصلت إىل أنه يف ظل ظاهرة احنسار العلماني اليت تشيهدها‬
‫ننطق الشرق األوسط‪ ،‬تعد العالقات بني الدول نرتبط بسياسي القيوة‬
‫العظمى‪ ،‬أو بأشكال احلكم املتناقض حيث تقيف امللَكييات يف نواجهي‬
‫اجلمهوريات‪ ،‬وإمنا أصبحت جماالً خاضعًا للم هبي الديني حييث تصيطف‬
‫الدول املسلم السني أنام ننافستها الشيع ‪.3‬‬
‫وتبدو التقوميات احلديث املتعلق بالرؤي اإلسرائيلي إزاء دول اخلليج العربيي‬
‫نتأثرة‪ ،‬أكثر نن أي شيء خخر‪ ،‬باألولوي اليت أعطتها حكون إسرائيل لكبح نيا‬
‫وصفته بي "احملور الراديكايل" ال ي تقوده إيران‪ ،‬نع التركيز على الربنانج النووي‬
‫اإليراين‪ .‬وه ا نا ميكن استنتاجه نن املوجز ال ي قدنه رئيس "نعهد أحباث األنن‬
‫القوني" يف جانع تل أبيب عانوس يادلني لكتاب "تقومي اسيتراتيجي إلسيرائيل‬

‫روتشيلد وشتاينر‪" ،‬تقومي هرتسليا ‪ ..3013‬إسرائيل يف عني العاصف "‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫يادلني‪" ،‬عام على االنتفاضات العربي "‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪2‬‬
‫خشري ساسري‪ ،‬التقليد واحلداث يف الربيع العربيي‪ ،"Tel Aviv Notes" ،‬اجمللد ‪ ،9‬العدد‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 10 ،31‬نوفمرب‪/‬تشرين الثاين ‪( ،3011‬جانع تل أبيب‪ :‬نركز نوشيه دايان للدراسات‬
‫الشرق أوسطي واإلفريقي )؛ عوزي رابيي‪ ،‬امللكيات على حمك االختبار‪" ،‬تسيونيت‬
‫مهزراح هتيخون" (نفترق الشرق األوسط)‪ ،‬اجمللد ‪ ،2‬العدد ‪ 9 ،1‬يناير‪/‬كانون الثياين‬
‫‪( ، 3012‬جانع تل أبيب‪ :‬نركز نوشيه دايان للدراسات الشرق أوسطي واإلفريقي )‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫‪ "3012 -3013‬الصادر عن املعهد‪ ،1‬وال ي أكد فيه أنه بعد نرور عيانني عليى‬
‫ثورات الربيع العربيي يضعف تناقض املصاحل األساسي بني إييران واليدول‬
‫العربي ‪ ،‬بل رمبا تفاقم‪ ،‬وقد النظر إىل دعم إيران لكل نن "التمرّد" يف البحيرين‪،‬‬
‫ونظام بشار األسد يف سوري ‪ ،‬نن جانب اجلماهري السني يف العا العربيي‪ ،‬على‬
‫أنه مبثاب هتديد للمركزي السني يف حيّز العا العربيي‪ ،‬وحماول لتعزيز نفوذ الشيع‬
‫يف ه ا احليّز؛ وبالتايل يعد احلياد إزاء ذلك واردًا بالنسب إىل نعظم دول اخلليج‪،‬‬
‫ونا يشهد على ذلك‪ ،‬برأيه‪ ،‬أن دول نثل قطر اليت كانت ألعوام طويل تناور بني‬
‫إيران وخصونها وقفت علنًا إىل جانب املعسكر املناهض إليران‪ ،‬بل وأخ ت على‬
‫عاتقها دورًا رياديًّا يف ه ا الشأن‪.‬‬
‫ويشري يادلني إىل أن ه ا التقاطب الوظيفي نن شأنه أن يعزّز املصاحل املشترك‬
‫لكل نن إسرائيل والدول السني ‪ ،‬وقد ينعكس على تعاوهنما ضد الربنانج النيووي‬
‫اإليراين‪ .‬وإزاء ه ا التطوّر يتعني على إسرائيل‪ ،‬طبقًا هل ا الطرح‪ ،‬أن تنتقل سيريعًا‬
‫نن سياس االنتظار اليت انتهجتها حىت اآلن إىل سياس املبادرة حبيث تشمل نا يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تعميق احلوار االستراتيجي نع الواليات املتحدة األنريكي ؛ بغي التوصيل إىل‬
‫تفامهات واضح تتعلق بالسياس اليت جيب اتباعها ضد إيران‪.‬‬
‫‪ ‬تقدمي املساعدة املطلوب نن أجل التوصل إىل حل للربنانج النووي اإلييراين‬
‫بالوسائل الدبلوناسي ‪.‬‬
‫‪ ‬استئناف العملي السياسي نع الفلسطينيني هبدف حتسني العالقات بني العيا‬
‫العربيي وإسرائيل‪ ،‬وتعميق تعاوهنما ضد إيران‪.‬‬
‫‪ ‬بناء ننظون عالقات نستقرة نع النظام اجلديد يف نصر‪ ،‬يقف يف صلبها هدف‬
‫احلفاظ على اهلدوء األنين يف ننطقيت احلدود نع شبه جزيرة سيناء‪ ،‬وقطاع غزة‪.‬‬
‫‪ ‬توسيع التعاون نع الدول العربي السني ‪ ،‬وخصوصًيا األردن ودول اخللييج‪،‬‬
‫وجتديد احلوار بشأن نبادرة السالم العربيي ‪ ،‬بشيرط أن تشيكل أساسًيا‬
‫للمفاوضات ال وثيق حتدّد نعايري السالم قبل املفاوضات‪.‬‬
‫‪ ‬حتسني العالقات نع تركيا باالستفادة نن التوتر القائم بينها وبني إيران‪.‬‬

‫عانوس يادلني‪ ،‬حتديات األنن القوني اإلسرائيلي ‪ :3012-3013‬نن سياس االنتظار إىل‬ ‫‪1‬‬
‫سياس املبادرة‪ ،‬يف‪ :‬كورتس وبروم‪" ،‬تقومي استراتيجي إلسرائيل ‪."3012-3013‬‬
‫‪111‬‬
‫وقد شكلت الدعوة إىل تبين سياس املبادرة الرسال الرئيسيي ليي "نيؤمتر‬
‫هرتسليا ‪ ،"3013‬نقرون باإلشارة إىل أنه نن ناحي استراتيجي باتيت إسيرائيل‪،‬‬
‫بتأثري "الربيع العربيي"‪ ،‬نعزول أكثر نن أي وقت نضى‪ ،‬كما أن فئات واسيع‬
‫نن اجملتمع السياسي يف أوروبا والواليات املتحدة األنريكي تشيكك يف شيرعي‬
‫خطواهتا وحتركاهتا‪ ،‬ونن هنا يبدو أن انعدام املبادرة يزيد نن سوء وضع إسرائيل‪.1‬‬
‫وحبسب نا يعتقد رئيس "نركز نوشيه دايان للدراسات شرق األوسيطي‬
‫واإلفريقي " يف جانع تل أبيب عوزي رابيي فإن املوقف احلازم الي ي اخت تيه‬
‫السعودي ضد التمرّد يف البحرين‪ ،‬ونقاربتها املناهض لنظام األسد يف سوري ‪ ،‬قد‬
‫كشفا حدَّة اخلصون بني السعودي وإيران‪ ،‬وجعال األوىل تقف علنًا يف نواجهي‬
‫الثاني ‪ ،‬األنر ال ي يوجد نناخًا جيوسياسيًّا جديدًا يف ننطق اخللييج؛ حييث‬
‫يشكل تز وّد دول اخلليج العربيي باألسلح دليال على وجود ني ليدى هي ه‬
‫الدول لتجهيز نفسها يف نواجه ننظونات الصواريخ اإليراني ‪ ،‬وإزاء ذلك يتعني‬
‫على إسرائيل أن جتد طريقًا للتعاون نع ه ه الدول يف سياق جهود كبح الربنانج‬
‫النووي اإليراين‪.2‬‬
‫أنّا حمررة الشئون العربي يف صحيف "يديعوت أحرونوت" فترى أن نوقيف‬
‫السعودي إزاء إيران شبيه إىل حد بعيد مبوقف إسرائيل؛ ول ا ميكن التقدير بأن ه ا‬
‫األنر أدى إىل نزيد نن التقارب بني هاتني الدولتني‪ .3‬وهك ا‪ ،‬فإنه يف نظيرة إىل‬
‫املستقبل تعترب التقوميات اإلسرائيلي األحدث أن تطلعات إيران للهيمن اإلقليميي‬
‫والتزود بسالح نووي كانت ونا زالت تشكل التهديد الرئيسي ألنين إسيرائيل‬
‫القوني‪ ،‬وك لك ألنن اخلليج‪ ،‬بل إن بعضها يؤكد أنه على الرغم نن أن أصحاب‬
‫القرار يف إسرائيل قلقون نن انشغال إيران بدولتهم‪ ،‬فإنه جيب ت كر أن اخللييج‪،‬‬
‫بالنسب إىل إيران‪ ،‬هو ساح استراتيجي أهم كثريًا نن إسرائيل‪.4‬‬

‫روتشيلد وشتاينر‪" ،‬تقومي هرتسليا ‪."3013‬‬ ‫‪1‬‬


‫عوزي رابيي‪ ،‬تقدمي‪ ،‬يف‪ :‬رابيي وغوجانسكي‪" ،‬دول اخلليج‪ :‬بني إيران والغرب"‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫مسدار بريي‪" ،‬يديعوت أحرونوت"‪ 18 ،‬نن نارس‪/‬خذار ‪.3013‬‬ ‫‪3‬‬
‫نئري ليتفا ‪ ،‬إيران ودول اخلليج‪ ،‬يف‪ :‬رابيي وغوجانسكي‪" ،‬دول اخلليج‪ :‬بني إييران‬ ‫‪4‬‬
‫والغرب"؛ كهنوفيتش‪" ،‬إيران واخلليج الفارسي‪ ...‬تاريخ‪ ،‬اسيتراتيجيا ودبلوناسيي "‪،‬‬
‫ص ‪.99‬‬
‫‪111‬‬
‫وه ا األنر‪ -‬وفقًا هل ه الرؤي ‪ -‬يلزم إسرائيل بأن تتخلى عن املقاربي الييت‬
‫اعتربت الساح اخلليجي ‪ -‬ولفترة طويل ‪ ،-‬وحدة ننفصل عن البيئ االستراتيجي‬
‫املباشرة لدول إسرائيل؛ وذلك بسبب كوهنا ساح نركزي للمواجه نع إييران‪،‬‬
‫وبسبب وزن دول اخلليج يف أي نواجه كه ه‪.1‬‬
‫إىل جانب ذلك ال ختفي ه ه التقوميات خشيتها نن أن تترتب على نا تصفه‬
‫بي "سباق التسلح يف اخلليج" خماطر بالنسب إىل إسرائيل‪ ،‬بتأثري الربيع العربييي‪.‬‬
‫وه ا نا عبّر عنه باحثان نن نعهد أحباث األنن القوني يف جانع تل أبيب‪ ،‬عندنا‬
‫أشارا إىل أنه يف ظل النقاش العلين الدائر بشأن كيفي ننع إيران نن انتال القيدرة‬
‫النووي ‪ ،‬جيري بعيدًا عن األنظار سباق على التسلح التقليدي يسبق له نثييل يف‬
‫الشرق األوسط‪ ،‬إذ تُباع كميات هائل نن املنظونات القتالي واألسلح ‪ ،‬وال سيما‬
‫نن جانب الواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬لدول اخلليج‪.‬‬
‫وأضافا أنه نن الصراع ال ي خاضته إسرائيل قبل حنو ‪ 20‬عانًا ضيد بييع‬
‫الواليات املتحدة األنريكي طائرات "إيواكس" للسعودي ‪ ،‬توصلت أنريكا وإسرائيل‬
‫إىل تفاهم صانت بشأن بيع السالح األنريكي املتطور للدول العربي ؛ لكن بيرزت‬
‫يف األعوام األخرية نصلح إسرائيلي يف تزويد دول نعين بسالح أنريكي نتطيور‬
‫نن شأنه أن يطور قدرة ه ه الدول على نواجه اخلطير اإلييراين‪ ،‬نعتيربين أن‬
‫تشديد الواليات املتحدة على التزانها بأنن حلفائها نن الدول العربي ؛ وذلك نين‬
‫خالل تزويد ه ه الدول بالسالح األنريكي‪ ،‬وعرب إشراكها يف اخلطط الدفاعي ضد‬
‫الصواريخ‪ ،‬يتالءم نع املصلح اإلسرائيلي ‪ ،‬ذلك بأنه يزيد الضغط عليى إييران‪،‬‬
‫ويشجع ه ه الدول على انتهاج سياس أكثر صران ضدها‪ ،‬ناهيك عن أن تعزييز‬
‫القدرات التقليدي هل ه الدول سيقلل نن احتمال شيعور بعضيها باحلاجي إىل‬
‫التحالف نع إيران‪ ،‬يف حال أصبحت ه ه األخرية متلك قدرة نووي ؛ وذلك نين‬
‫أجل ضمان أننها‪ ،‬كما أنه سيحد نن اندفاع ه ه الدول يف اجتاه انتال سيالح‬
‫نووي‪ ،‬وهو أنر تفكر فيه نن اآلن‪ .‬كما أن حقيق كون دول اخلليج نن اليدول‬
‫املعتدل سياسيًّا‪ ،‬اليت تدخل قط يف نواجه نباشرة نع إسيرائيل‪ ،‬وال وجيود‬
‫لنيزاعات إقليمي فيما بينها‪ ،‬فضالً عن أن األنظم القائم فيها هي أنظم حليفي‬

‫غوجانسكي‪" ،‬دول اخلليج يف بيئ استراتيجي نتغيّرة"‪ ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪111‬‬
‫للواليات املتحدة األنريكي ؛ كل ذلك يقلل نن خطر السالح املوجود لديها‪ .‬لكن‬
‫برأي ه ين الباحثني فإن ه ه املصلح تصطدم خبطرين على املدى البعيد؛ مها‪:‬‬
‫‪ ‬تآكل التفوق النوعي اإلسرائيلي يف جمال ننظونات السالح التقليدي‪ ،‬عليى‬
‫الرغم نن تعهدات الرؤساء األنريكيني باحملافظ على ه ا التفوق‪.‬‬
‫‪ ‬ثورات "الربيع العربيي" اليت رمبا جتعل ننظونات السالح املتطورة اليت هيي‬
‫اليوم حتت الرقاب والسيطرة‪ ،‬تقع نستقبالً يف أيدي أطراف نعادي ميكين أن‬
‫هتدد أنن إسرائيل‪.‬‬
‫وخلص الباحثان إىل االستنتاج التايل‪ :‬إن نن نصلح إسيرائيل والوالييات‬
‫املتحدة األنريكي إجراء نقاش استراتيجي جديد بشأن سياس بيع األسلح املتطورة‬
‫للدول العربي ؛ إذ إن تضعضع االستقرار السياسي واإلقليمي‪ ،‬والتغري يف توجهيات‬
‫األنظم اجلديدة يف دول املنطق ‪ ،‬يفرضان إعادة درس ه ه السياس على الرغم نن‬
‫املصلح األساسي لكل نن الواليات املتحدة وإسرائيل يف حتقيق توازن استراتيجي‬
‫يف نواجه إيران‪ .1‬كما أن مث خشي نن أن تنيدفع دول اخللييج‪ ،‬وخصوصًيا‬
‫السعودي ‪ ،‬حنو انتال سالح نووي‪ ،‬وتدلل املصادر اإلسرائيلي على ذلك بتصريح‬
‫السفري السعودي السابق لدى الواليات املتحدة األنريكي تركي الفيصل ال ي قال‬
‫فيه‪ :‬إنه "ال شيء مينع السعودي نن انتال سالح نووي يف حال فشلت اجلهيود‬
‫الراني إىل إقناع إيران بالتخلي عن برناجمها النووي"‪.2‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫ميكن القول إن الربيع العربيي جعل الرؤي اإلسرائيلي إزاء ننطقي اخللييج‬
‫ودوله تقترب أكثر نن أي وقت نضى نن اعتبارها وحدة غري ننفصل عن البيئي‬
‫االستراتيجي املباشرة إلسرائيل؛ وذلك يف ظل أولويات سياسيتها اخلارجيي يف‬
‫األعوام األخرية‪ ،‬اليت يقف يف نقدنتها إضعاف "احملور الراديكايل" الي ي تقيوده‬
‫إيران‪ ،‬نع التركيز على كبح الربنانج النووي اإليراين‪.‬‬

‫يوئيل غوجانسكي وعوديد عريان‪ ،‬صحيف "نعاريف"‪ 9 ،‬نن سبتمرب‪/‬أيلول ‪.3013‬‬ ‫‪1‬‬
‫يوئيل غوجانسكي‪ ،‬الربانج النووي يف اخلليج‪ ،‬يف‪ :‬رابيي وغوجانسكي‪" ،‬دول اخلليج‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫بني إيران والغرب"‪ ،‬ص ‪.32-30‬‬
‫‪111‬‬
‫و تبدو ه ه الرؤي نتأثرة نن تقوميات حمدث فحواها أن الربيع العربيي تسبب‬
‫بتغيري ذي أبعاد جيوستراتيجي يف سياق عالقات دول اخلليج بإيران‪ ،‬ينطوي على‬
‫احتمال إجياد قاسم نشتر خخر بينها وبني إسرائيل‪ ،‬ناهيك عن وجيود قاسيم‬
‫نشتر سابق ناجم عن العالقات الوثيق اليت تربط اجلانبني (إسيرائيل واخللييج)‬
‫بالواليات املتحدة األنريكي ‪.‬‬
‫ويف واقع األنر‪ ،‬فإنه مث إشكاليات كثرية ترتبط بإيراد دالئل عيني على كيفي‬
‫ترمج ه ه الرؤي سياسيًّا ونيدانيًّا‪ ،‬نظرًا إىل أن اجلانب اإلسرائيلي حييرص عليى‬
‫إحاط وقائعها بالتكتم الشديد‪ ،‬يف انتظار ظروف تتيح إنكاني التحيدث عنيها‬
‫عالني ‪.‬‬
‫ترى إ سرائيل أن خريط الشرق األوسط ميكن أن تتغري يف غضون األعيوام‬
‫القليل املقبل ‪ ،‬ويف ه ا السياق ينبغي برأيه عدم النظير إىل الوحيدة اإلقليميي‬
‫(اجلغرافي ) لعدد نن الدول‪ ،‬بينها سوريا والعراق ولبنان واليمن‪ ،‬كمسأل بديهي ‪،‬‬
‫وه ه التغ يريات املمكن ستكون هلا يف نعظم األحوال انعكاسيات إقليميي ال‬
‫يستهان هبا‪.‬‬
‫ونا تعوّل عليه إسرائيل هو واقع أنه بعد نرور أكثر نن عانني على ثيورات‬
‫"الربيع العربيي"‪ ،‬فقد تفاقم تناقض املصاحل األساسي بني إيران والدول العربيي ‪،‬‬
‫ويف ه ا الصدد سبق أن أشرنا إىل أهنا تربز كيف النظر‪ ،‬نن جانيب اجلمياهري‬
‫السني يف العا العربيي‪ ،‬إىل دعم إيران لكل نن التمرّد يف البحرين‪ ،‬ونظام بشار‬
‫األسد يف سوري ‪ ،‬على أنه مبنيزل هتديد لي "املركزي السيني " يف حيّيز العيا‬
‫العربيي‪ ،‬وحماول لتعزيز نفوذ الشيع يف ه ا احليّز؛ وبالتايل يعد احلياد إزاء ذلك‬
‫واردًا بالنسب إىل نعظم دول اخلليج‪ ،‬وال سيما على صعيد الوقوف علنًا إىل جانب‬
‫املعسكر املناهض إليران‪.‬‬
‫إىل جانب ذلك ال ختفي إسرائيل خشيتها نن خماطر عليها‪ ،‬قد تترتب على نا‬
‫تسميه بي "سباق التسلح يف اخلليج"؛ وذلك بتأثري تداعيات "الربيع العربييي"‪،‬‬
‫ورمبا نتيج سعي دول اخلليج إىل التكتل كقوة إقليمي ‪ ،‬وتشدّد على ضيرورة أن‬
‫يكون ه ا األنر يف صلب اجلدل االستراتيجي بني إسرائيل والوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي يف إطار "العالقات اخلاص " القائم بينهما‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫وترى النخب الفكري والسياسي اإلسرائيلي أنه نن نصلح إسرائيل والواليات‬
‫املتحدة األنريكي إجراء نقاش استراتيجي جديد بشأن سياس بيع األسلح املتطورة‬
‫للدول العربي ؛ إذ إن تضعضع االستقرار السياسي واإلقليمي‪ ،‬والتغري يف توجهيات‬
‫األنظم اجلديدة يف دول املنطق ‪ ،‬يفرضان إعادة درس ه ه السياس على الرغم نن‬
‫املصلح األساسي لكل نن الواليات املتحدة وإسرائيل يف حتقيق توازن استراتيجي‬
‫يف نواجه إيران‪.‬‬
‫ويف النظرة إىل املستقبل تعترب التقوميات اإلسرائيلي أن تطلعات إيران للهيمني‬
‫اإلقليمي والتزود بسالح نووي كانت ونا زالت تشكل التهديد الرئيسيي ألنين‬
‫إسرائيل القوني‪ ،‬وك لك ألنن اخلليج‪ ،‬بل إنّ بعضها يؤكد أنه على الرغم نن أن‬
‫أصحاب القرار يف إسرائيل قلقون نن انشغال إيران بدولتهم‪ ،‬فإنه جيب تي كر أن‬
‫اخلليج‪ ،‬بالنسب إىل إيران‪ ،‬هو ساح استراتيجي أهم كثريًا نن إسرائيل‪.‬‬
‫ووفقًا هل ه الرؤي ‪ ،‬يلزم إسرائيل بأن تتخلى عن املقارب اليت اعتربت السياح‬
‫اخلليجي ‪ -‬ولفترة طويل ‪ ،-‬وحدة ننفصل عن البيئ االستراتيجي املباشرة لدولي‬
‫إسرائيل؛ وذلك بسبب كوهنا ساح نركزي للمواجه نع إييران‪ ،‬وبسيبب وزن‬
‫دول اخلليج يف أي نواجه كه ه‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫االتحاد األوروبي ومجلس التعاون الخليجي‬
‫في ظل الربيع العربي‬
‫هل حان الور لشراكة استراتيجية؟‬
‫د بشارو خضر‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫هتدف ه ه الورق البحثي نن جه إىل تقدمي حتليل يستعرض عالقات االحتاد‬
‫األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي نن عام ‪ 1981‬حىت اآلن‪ ،‬وتسعى نن جهي‬
‫ثاني إىل رسم نسار عمل جديد لتوثيق العالقات بني الطرفني عند ه ا املنعطيف‬
‫اخلاص نن التحول السياسي اإلقليمي وال ي جنم عمَّا يُعرف "بالربيع العربيي"‪.‬‬
‫فعلى الرغم نن تناني التجارة الثنائي وتزايد التحديات املشترك بني االحتياد‬
‫األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي‪ ،‬إال أن العالق بينهما ال تزال حىت اآلن "ذات‬
‫كثاف حمدودة"‪ ،1‬وتتسم "باإلمهال االستراتيجي"‪ ،2‬وهو نا ينعكس يف عدم قيدرة‬
‫اجلانبني‪ ،‬رغم وجود ‪ 33‬جملسًا نشتركًا‪ ،‬على التوصل إىل اتفاق ثنائي نُرضٍ حول‬
‫اتفاقي التجارة احلرة والشروع يف شراك استراتيجي ‪.‬‬
‫وحيدد اخلرباء عدة أسباب هل ه العالق السطحي تتمثل يف‪ :‬الطبيع املختلفي‬
‫للمنظمتني‪ ،‬وحتفظ بعض الدول األوروبي ‪ ،‬نثل بريطانيا وفرنسا‪ ،‬جتياه "إعطياء‬
‫الصبغ األوروبي " لروابطها التقليدي نع دول اخلليج‪ ،‬باإلضياف إىل أن االحتياد‬

‫‪European University Institute and Robert Schuman Centre for‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪Advanced Studies: The EU and GCC: a New Partnership, (Policy‬‬
‫‪Papers, RSC no. 02/7, 2002), p. 3.‬‬
‫‪Youngs, Richard and Echagüe, Ana. “Europe and the Gulf: Strategic‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Neglect”, in Studia Diplomatica, LX, 2007, no. 1, pp. 2941.‬‬

‫‪119‬‬
‫األوروبيي ال يريد أن يثري عداوة الواليات املتحدة األنريكي يف ننطق يُنظر إليها‬
‫باعتبارها "حكرًا سياسيًّا هلا"‪ ،‬و"غياب تفويض واضح ملفوضي االحتاد األوروبيي‬
‫يف العديد نن اجملاالت املهم مما حيد نن القدرة األوروبي عليى األداء املوحيد"‪،1‬‬
‫فضالً عن غياب سياس خارجي وأنني نوحدة جمللس التعاون اخلليجي‪ .‬باإلضياف‬
‫‪2‬‬
‫إىل نا سبق‪ ،‬فإن اخلليج العربيي نن وجه النظر األوروبي "ال ميثل أنرًا نلحًّيا"‬
‫يستلزم دبلوناسي أوروبي استباقي ‪.‬‬
‫وأخريًا‪ ،‬ضعف قدرة االحتاد األوروبيي على إحيداث تغييري اجتمياعي‬
‫واقتصادي وسياسي‪ ،‬وبالتايل فإن نصاحله ُتخْدَم بشكل أفضل نع احلفياظ عليى‬
‫االستقرار‪.3‬‬
‫لقد كان الربيع العربيي نفاجأة لكل نن االحتاد األوروبيي ودول اخلليج؛‬
‫فقد عمَّ االضطراب كل املنطق ‪ ،‬وأصبحت البيئ االستراتيجي اجلدييدة تتحيدى‬
‫بقوة السياسات املاضي وتطيح بالنظام اإلقليمي القدمي‪ .‬و يعد بإنكيان االحتياد‬
‫األوروبيي أن يبقى نتفرجًا‪ ،‬كما أنه ليس باستطاع دول اخلليج أن تصمد أنيام‬
‫رياح التغيري‪ ،‬وعلى املنطقتني أن تتكيفا على األوضاع اجلديدة‪ .‬وهك ا‪ ،‬حتتم على‬
‫االحتاد األوروبيي أن يدنج دول اخلليج يف شراك أوروبي ‪-‬عربي جديدة‪ ،4‬حموالً‬
‫ب لك إياها نن "شريك بعيد"‪ 5‬إىل "جار نباشر"‪.‬‬

‫‪European University Institute and Robert Schuman Centre for‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪Advances Studies: op. cit., p. 4.‬‬
‫‪Echagüe, Ana. The European Union and the GCC, (Working paper,‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪FRIDE, May 2007), p. 1.‬‬
‫‪Echagüe, Ana. The European Union and the GCC, (Working paper,‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪FRIDE, May 2007), p. 1.‬‬
‫‪Khader, Bichara. L’Europe pour la Méditerranée: de Barcelone à‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪Barcelone, (Harmattan-CERMAC, Paris, 2009), Arabic translation,‬‬
‫‪Markaz dirasat al Wihdah al arabiyyah, Beirut, 2010.‬‬
‫‪Khader, Bichara. L’Europe et les Pays Arabes du Golfe: Partenaires‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪Distants, (L’Harmattan, Paris, 1992), Arabic translation: Orobba wa‬‬
‫‪doual al khalij al arabiyyah: al shourakkaa’ al abaa-id, (Markaz‬‬
‫‪dirasat ak wihdah al Arabiyyah, Beirut, 1993).‬‬

‫‪101‬‬
‫أوالً‪ :‬المسار التاريخي للعالرا األوروبية‪-‬الخليجية‪:‬‬
‫نرَّت العالقات بني االحتاد األوروبيي ودول جملس التعاون اخلليجي بعيدة‬
‫نراحل خالل نسارها املمتد نن نطلع مثانينيات القرن املاضي وصوالً إىل الوقيت‬
‫الراهن‪ .‬واألنر اجلدير باملالحظ يف ه ا السياق هو أن الفترة اليت تعثر فيها احليوار‬
‫األورو ‪-‬العربيي هي ذاهتا اليت تأسس فيها جملس التعاون اخلليجيي وشيهدت‬
‫بداي التقارب األورو ‪-‬اخلليجي‪ .‬فقد جتاهلت نعظم الدول األوروبي ‪ ،‬يف فترة نا‬
‫قبل "أزن النفط" األوىل عام ‪ ،1992‬ننطق اخللييج‪ ،‬باسيتثناء بريطانييا القيوة‬
‫االستعماري السابق اليت كانت نطَّلعي عليى خباياهيا السياسيي وتعقييداهتا‬
‫االجتماعي ‪ ،‬إال أن حرب أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ 1992‬وأزن النفط اليت وقعيت يف‬
‫العام نفسه متخضتا عمَّا يُعرف باحلوار األورو ‪-‬العربيي عام ‪ ،1993‬و يكين‬
‫جملس التعاون اخلليجي قد تأسس بعد‪ ،‬غري أن الدول اخلليجي باعتبارها عضوًا يف‬
‫اجملموع العربي لعبت دورًا فعاالً يف ه ا التطبيق األول نين نوعيه للدبلوناسيي‬
‫األوروبي ‪-‬العربي نتعددة األطراف؛ إذ كانت الدول اخلليجي ‪ ،‬نثلها يف ذلك نثل‬
‫بقي الدول العربي ‪ ،‬تسعى نن خالل احلوار األورو ‪-‬العربيي إىل تأنني نسياندة‬
‫املفوضي األوروبي حلقوق الفلسطينني املشروع ‪.‬‬
‫وبعد توقف احلوار األورو ‪-‬العربيي‪ ،‬شعرت السوق األوروبي املشيترك‬
‫بضرورة إرساء روابط رمسي نع دول اخلليج العربيي‪ ،‬وكان إنشاء جملس التعاون‬
‫اخلليجي هو الناف ة اليت وفرت الفرص ملثل ه ا التقارب نظرًا للتفاعل االقتصادي‬
‫القوي بني اجلانبني‪ .‬ويف العام ‪ ،1981‬شكَّلت دول اخلليج العربيي أكثر نن ‪%90‬‬
‫نن صادرات السوق األوروبي املشترك إىل الدول األعضاء يف اجلانعي العربيي ؛‬
‫األنر ال ي جعل ننطق اخلليج تصبح ذات أمهي قصوى ألوروبا‪.‬‬
‫وعلى نستوى السوق‪ ،‬كان هنا شعور بأن الوقت قد حان لل هاب ملا هو‬
‫أبعد نن جمرد االتفاقيات الفردي بني الدول األعضاء يف السوق والدول األعضاء يف‬
‫جملس التعاون‪ ،‬وسعت املنظم لتحقيق عالقات وثيق نع دول اخلليج نن خيالل‬
‫اتفاقيات يتم التنسيق هلا على نستوى السوق األوروبي املشترك ‪ ،‬نع توخي احل ر‬
‫وعدم إثارة عداوة الواليات املتحدة األنريكي اليت يُنظر إليها باعتبارها "نوفر األنن‬
‫واحلماي " للمنطق كلها‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫ونن ‪ 1983‬إىل توقيع اتفاقي التعاون بني اجلانبني يف ‪ ،1988‬تغريت الصيورة‬
‫االقتصادي لدول اخلليج بشكل ج ري؛ إذ أدت الصدن العكسي يف أسعار النفط‬
‫إىل خفض عائدات النفط بشكل نلحوظ‪ ،‬وشهدت حتوالً نوعيًا نن الفيائض يف‬
‫نيزان املدفوعات ونيزانيات احلكون إىل العجز‪ .‬فقد سجلت دول جملس التعياون‬
‫اخلليجي عجزًا يف احلساب اجلاري يُقدَّر حبوايل ‪ 3,2‬نليار دوالر عام ‪ ،1989‬وهو‬
‫نا يُعد اخنفاضًا حادًّا نقارن بفوائض تقدر بي ‪ 66,9‬نلييار دوالر عيام ‪.1981‬‬
‫وتراجع إمجايل واردات دول جملس التعاون اخلليجي نن السوق األوروبي املشترك‬
‫مبا يوازي ‪ %32‬بني عاني ‪.11989-1882‬‬
‫ويف ‪ 19‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 1988‬توقيع اتفاقي التعاون بيني السيوق األوروبيي‬
‫املشترك ودول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬واليت مشلت جماالت عدة للتعاون االقتصادي‪،‬‬
‫والزراع ‪ ،‬والصناع ‪ ،‬والطاق ‪ ،‬والعلوم‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬واالستثمار‪ ،‬والبيئ ‪ ،‬والتجارة‪.2‬‬
‫وعلى املستوى املؤسسي‪ ،‬نصت اتفاقي ‪ 1988‬على تأسيس جملس نشيتر‬
‫جيتمع على أساس سنوي ملتابع تنفي االتفاقي وإلمتانها باتفاقي للتجارة احليرة‪،3‬‬
‫وكان نن الواضح أن دول اخلليج نهتمي باليدخول إىل األسيواق األوروبيي‬
‫واالنتيازات التجاري بينما كان االحتاد األوروبيي نعنيًّا بصف خاص بأنور الطاق‬
‫وفوائض األنوال والوصول إىل أسواق اخلليج‪.‬‬
‫وخالل السنوات اخلمس األوىل‪ ،‬يُحرَز أي تقدم بشأن "التجارة احلرة" بني‬
‫اجلانبني وإن كان هنا الكثري نن القضايا اليت نوقشيت ابتيداءً نين التصيدي‬
‫لثرهاب إىل حقوق اإلنسان إال أنه نع بقاء نوضوع الصيادرات البتروكيماويي‬

‫‪Khader, Bichara. Arab’ Money in the West, (Report to the Arab League,‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Tunis, 1986).‬‬
‫‪See Bichara Khader, L’Europe et les Pays Arabes du Golfe: des‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Partenaires Distants, (Quorum-Publisud-Paris, 1994, Aarabic version,‬‬
‫‪Arab Center for Unity Studies, Beirut, 1995).‬‬
‫‪For a detailed analysis of the Joint Councils’ Communiqués, see‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Bichara Khader, “EU-GCC relations: a concise balance sheet 1981-‬‬
‫‪2006”, in Christian Koch (ed), Fostering EU-Italy-GCC Cooperation:‬‬
‫‪the Political, Economic and Energy Dimensions, (Gulf Research Center‬‬
‫‪and Istituto Affari Internazioni, 2008), pp. 17-49.‬‬

‫‪101‬‬
‫حجر عثرة‪ ،‬كانت املفاوضات كثريًا نا تسقط يف "نأزق النييزاعات القطاعيي‬
‫والعراقيل السياسي والصعوبات الفني "‪ .1‬وبعد عشر سنوات نن توقيع أول اتفاقي‬
‫تعاون نع املفوضي األوروبي ‪ ،‬بدأت السم االقتصادي للخليج تبدو قامت ‪ ،‬وارتبط‬
‫ذلك ارتباطًا وثيقًا باهلبوط احلاد يف أسعار وعائدات النفط‪.‬‬
‫وعلى الرغم نن الركود االقتصادي يف اخلليج إال أن أوروبا ظلت الشيريك‬
‫التجاري األول له؛ ففي النصف األول نن عام ‪ 3000‬حافظت على ترتيبيها نيع‬
‫‪ %32,9‬نن إمجايل جتارة اخلليج نقابل ‪ %30,9‬للوالييات املتحيدة األنريكيي‬
‫و‪ %38,2‬لليابان‪.2‬‬
‫وخالل السنوات (‪ )3006-3002‬عكست زييادة التجيارة بيني االحتياد‬
‫األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي ارتفاع أسعار البترول املفاجت والرخاء النفطي‬
‫اجلديد نن ‪ .3003‬ويف أعقاب الغزو األنريكي للعراق (نارس‪/‬خذار ‪ ،)3002‬تيبىن‬
‫االحتاد األوروبيي يف ديسمرب‪/‬كانون األول نن العام نفسه وثيق توصي بترسييخ‬
‫احلوار نع جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫ونن ‪ 3006‬وحىت ‪ ،3013‬تتحر األنور قُدنًا بل على العكس سياءت‪،‬‬
‫وفقد جملس التعاون اخلليجي األنل يف الوصول إىل اتفاقي نع االحتاد األوروبيي‪،‬‬
‫ويف ‪ 36‬نايو‪/‬أيار ‪ 3010‬وقف حمادثات التجارة احلرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتحاد األوروبي ومجلس التعاون الخليجي وتحدي الربيع العربي‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ 1‬االتحاد األوروبي والربيع العربي‪ :‬استجابة جديدو لجيرو متغيرو‪:‬‬
‫لطاملا كانت سياسات تعزيز الدميقراطي هدفًا قدميًا لالحتاد األوروبيي‪ ،‬غيري‬
‫أن حتليل السياسات األوروبي يف إقليم البحر املتوسط والعا العربيي ال يُظهر أن‬
‫االحتاد األوروبيي‪ ،‬كمعزز للدميقراطي ‪ ،‬قد حقق سجالًّ ممتازًا‪ ،‬فبالتأكيد‪ ،‬يكن‬
‫االحتاد راغبًا يف نعاداة األنظم الديكتاتوري القائم ‪.3‬‬
‫‪Baaboud, Abdullah. EU-GCC Cooperation in the context of‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪globalization and regional development, Ibid., p. 51.‬‬
‫‪IMF, Direction of trade statistics, January 2003.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Gonzalez, Irene Menedez, Arab Reform: What Role for the EU, Egmont‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Papers, no.8, Academia Press, Brussels, May 2005, p. 6.‬‬

‫‪101‬‬
‫فبعد أكثر نن ‪ 90‬عانًا نن اتفاقيات التعاون والترابط نع العا العربيي‪ ،‬نيا‬
‫نن دميقراطي عربي واحدة قد خرجت إىل حيز الوجود‪ ،‬وعلى العكس‪ ،‬فيإن نيا‬
‫شهدناه يكن "اقتصاد سوق حر" وإمنا "ديكتاتوريات ال ليربالي حديث " تشيجع‬
‫احملسوبي الرأمسالي نع توزيع غري عادل للسلط والثروة‪ ،‬و يكن اخللل يكمين يف‬
‫األساليب أو األدوات أو الوسائل اليت يلجأ إليها االحتاد األوروبيي وإمنا يف إعطياء‬
‫األولوي لألنن على حساب اإلصالح السياسي‪ ،‬وهو نا يُعرف مبصطلح "إشيكالي‬
‫الدنقرط ‪-‬األنن"‪ ،1‬حيث يرجع امليل حنو التعانل نيع األنظمي الديكتاتوريي إىل‬
‫"اخلوف التقليدي نن البديل اإلسالني للقونيات العربي العلماني "‪ .2‬وهو نا يوضح‬
‫عدم قدرة االحتاد األوروبيي على التعانل نع نصلحي التيار اإلسالني السائد‪.3‬‬
‫وعلى النقيض نن ه ه اخللفي ‪ ،‬جاء الربيع العربيي ليكون مبثاب دعوة ليقظ‬
‫االحتاد األوروبيي ليجربه على إعادة النظر يف سياسات املاضي وتعديلها لتتيواءم‬
‫نع الواقع اجلديد‪ .‬وبعد فترة وجيزة نن التردد‪ ،‬أدر االحتاد األوروبيي أن نيا‬
‫حدث يف العا العربيي يكن جمرد "انتفاض جياع"‪ ،‬ولكنيه أنير ذو أمهيي‬
‫عظيم ‪ ،‬وشعر أن عليه جماراة التفاعالت اجلديدة‪ .‬وجاءت االستجاب نتمثلي يف‬
‫تقريرين للمفوضي األوروبي ‪ ،‬صدر أوهلما يف نارس‪/‬خذار ‪ 3011‬بعنوان "شراك نن‬
‫أجل الدميقراطي والرخاء املشتر "‪ ،‬وصدر الثاين يف نايو‪/‬أيار نن العام نفسه بعنوان‬
‫"استجاب جديدة جلرية نتغرية"‪.4‬‬
‫ويرتكز النهج األوروبيي اجلديد على ثالثي نقونيات‪ ،‬هيي‪ :‬التحيول‬
‫الدميقراطي والبناء املؤسسي‪ ،‬والشراك القوي نع الشيعوب‪ ،‬والنميو املسيتدام‬
‫والشانل‪ .‬ويُطلق على ه ا النهج "املزيد للمزيد"؛ حيث يكافأ اإلصالح األسيرع‬
‫بدعم أكرب نن املساعدات والتجارة واملرتب املتقدن ‪.5‬‬
‫‪See Malmvig, H. Cooperation or Democratization: the EU’s‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Conflicting Mediterranean Discourses, (Danish Institute for‬‬
‫‪International Studies, DIIS working paper), 2004.‬‬
‫‪Vasconcelos, Alvaro. Listening to Unfamiliar Voices, (Institute of‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Security Studies, Paris, 2011), p. 106.‬‬
‫‪See Roberto Aliboni, Promoting Democracy in the EMP: Which‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Political Strategy, (Euromesco Reports, November 2004), 20 p.‬‬
‫‪COM (2011) 200 Final, Brussels, 5.3.2011.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪Frontex Joint Operation HERMES 2011, February 20, 2011.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪101‬‬
‫لقد متت إعادة النظر يف سياس اجلرية األوروبي قبل الربيع العربييي‪ ،‬إال أن‬
‫األحداث األخرية جعلت نن ه ه املراجع أنرًا نلحًّا وإلزانيًّا‪ .‬وهنا يثور التسياؤل‬
‫التايل‪ :‬هل ميثل ه ا النهج "استجاب جديدة" حقيقي نن االحتياد األوروبييي؟‬
‫والواقع أن مث شعورًا يتقامسه احملللون يشري إىل أن اإلجاب على ه ا التساؤل هيي‪:‬‬
‫"ال"‪.‬‬
‫فإذا أخ نا الشرق األوسط كاختبار ملصداقي املشارك األوروبي ‪ ،‬فما نين‬
‫أسباب كثرية تدعو لالبتهاج‪ ،‬ذلك أن الدور األوروبيي غالبًا نا كان غري نتسق‬
‫ونتباينًا ونلتبسًا‪ .‬ونا ني أوروبا لتقوي عالقاهتا بإسرائيل إال نثياالً عليى هي ا‬
‫االلتباس وعدم االتساق‪1‬؛ فمن عام ‪ ،1996‬أصبحت إسرائيل نشاركًا كيانالً يف‬
‫برنانج البحث والتنمي التابع لالحتاد األوروبيي‪ ،‬ووقعت "اتفاقي ترابط" يف إطار‬
‫شراك اليورو‪-‬نتوسطي باإلضاف إىل خط عمل نع االحتاد األوروبيي يف إطيار‬
‫سياس اجلرية األوروبي ‪ ،‬وعقب ذلك بسنوات قليل ‪ ،‬يف يونيو‪/‬حزيران ‪ ،3008‬أعلن‬
‫االحتاد عزنه على تقوي عالقاته بإسرائيل‪ ،‬وهو نا كيان خمططًيا أن ييتم يف ‪19‬‬
‫يونيو‪/‬حزيران ‪ ،3009‬إال أن االعتداء اإلسرائيلي على غزة يف ديسمرب‪/‬كانون األول‬
‫‪ 3008‬ويناير‪/‬كانون الثاين ‪ ،3009‬أجرب االحتاد على وقف خطته‪ ،‬رغيم تصيرحيه‬
‫نرارًا وتكرارًا بي "أن وقف اخلط يكن هبدف توقيع العقاب على إسرائيل"‪ .2‬يف‬
‫ضوء ذلك‪ ،‬ميكننا أن ندر بشكل أفضل التشكك العربيي يف قدرة أوروبا على‬
‫رسم نسار جديد لسياستها اخلارجي إزاء املنطق ‪.‬‬
‫مجلس التعاون الخليجي وتحدي الربيع العربي‪:‬‬
‫ميكن القول إن الربيع العربيي لن يسمح جمللس التعاون اخلليجي بأن "ييدير‬
‫أعماله كما هو املعتاد وحسب"؛ بل سيكون عليه‪ ،‬نثله يف ذليك نثيل االحتياد‬
‫األوروبيي‪ ،‬أن يستجيب؛ فقد باغت الربيع العربيي جملس التعاون اخلليجي وبدا‬
‫‪See Euro-Mediterranean Human Rights Network: EU-Israeli:‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Promoting and Ensuring Respect for International Law, Brussels, 2012,‬‬
‫‪p. 61.‬‬
‫‪Tocci, Nathalie. “The Conflict and EU-Israeli Relations”, in Ezra Bulut‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Aymat, European Involvement in the Arab-Israeli Conflict, (Chaillot‬‬
‫‪.Papers, Paris, December 2010), p. 62‬‬
‫‪101‬‬
‫وكأنه "صيح بوق"؛ فجاءت ردود األفعال اخلليجي نتباين ‪ .‬وأيًّيا كانيت ردود‬
‫األفعال املتباين لدول اخلليج إزاء الربيع العربيي‪ ،‬فإن لكل نوقف تداعياته‪ ،‬وهي‬
‫ستسعى إىل حتويل التحدي ال ي فرضه الربيع العربيي إىل فرص جديدة‪ .‬وهنيا‬
‫ميكن أن يكون أحد نسارات العمل هو ترسيخ عملي التكانل فيما بينيها‪ 1‬نين‬
‫خالل جتميع قواهتا العسكري نعًا‪ ،‬أو تبين عمل نوحدة‪ ،‬أو إطالق نؤمتر خليجيي‬
‫للتعاون واألنن يضم العراق واليمن‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فالنظر إىل الربيع العربيي على أنه هتديد حمتمل الستقرار اخلليج أو حىت‬
‫لبقاء األنظم يبدو نبالغًا فيه؛ فعلى سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬هنا الكثري نن أوجيه‬
‫االختالف بني اإلنارات ونصر فيما يتعلق مبستوى املعيش وفرص العمل ونستوى‬
‫الرفاهي ‪.‬‬
‫إن ه ا ال يعين أن هنا "استثناءً خليجيًّا"‪ ،‬أو أن النفط والغاز ميثالن نانعًيا‬
‫للصواعق ضد عواصف التغيري؛ إال أنه نن الواضح أن بني السلط التقليدي ليست‬
‫نهددة يف الوقت احلاضر كما أن هنا عزنًا واهتمانًا يف الغرب واجملتمع اليدويل‬
‫بصف عان باحلفاظ على استقرار اخلليج اإلقليمي‪ ،‬وليس أدل على ذلك نن وجود‬
‫توافق يف اآلراء واملصاحل بني الغرب‪ ،‬واالحتاد األوروبيي بصيف خاصي ‪ ،‬ودول‬
‫اخلليج حول الشأن السوري‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬االتحاد األوروبي ومجلس التعاون الخليجي‪ :‬نحو شراكة‬


‫استراتيجية‪:‬‬
‫يف ضوء ردود أفعال واستجابات كل نن االحتاد األوروبيي ودول اخللييج‬
‫إزاء تطورات الربيع العربيي؛ انطلقت دعوات نلح يف أوروبا إلرساء عالقيات‬
‫استراتيجي نع جملس التعاون اخلليجي‪ .‬وقد كان الدافع وراء ه ه الدعوات حقيق‬
‫أن جملس التعاون اخلليجي أصبح يلعب دورًا دبلوناسيًّا واقتصاديًّا أكثر أمهيي يف‬
‫الشرق األوسط ومشال إفريقيا؛ إذ يؤكد العديد نن اخلرباء على أنه خالل العقيود‬

‫‪See Silvia Colombo, “The GCC Countries and the Arab Spring‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪between Outreach, Patronage and Repression”, in IAI Working Papers,‬‬
‫‪(Rome , March 2012), p. 3.‬‬

‫‪106‬‬
‫الثالث األخرية‪ ،‬استطاع جملس التعاون أن ميأل الفراغ االستراتيجي ال ي خلَّفتيه‬
‫نصر حتت حكم نبار ؛ إذ قانت اململك العربي السعودي بيدور الوسياط يف‬
‫اتفاقي الطائف نن أجل لبنان (‪ 33‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ ،)1989‬كما حثَّت عليى‬
‫تبين "املبادرة العربي للسالم" على املستوى العربيي يف ‪ 3003‬و‪ ،3009‬وحاوليت‬
‫حتقيق املصاحل بني األطراف الفلسطيني ‪ ،‬كما لعبت قطر دورًا دبلوناسييًّا بيارزًا‬
‫حيث أخ ت على عاتقها الوساط يف السودان ولبنان‪.‬‬
‫أنا على اجلانب االقتصادي‪ ،‬فلقد أصبح جملس التعاون اخلليجي ثاين نستثمر‬
‫يف حوض البحر املتوسط وخاص بعد ‪3002‬؛ حيث لعب "دورًا أكثير قيوة يف‬
‫شؤون دول البحر املتوسط"‪ 1‬قبل وبعد الربيع العربيي‪ .‬فلقد أصبح جليًّا لالحتياد‬
‫األوروبيي أن اخلليج جيب أن يُحسب له حسياب‪ ،‬وبالتيايل فيإن الشيراك‬
‫االستراتيجي نعه تعد جمرد ضرورة بل أنرًا نلحًّا‪ ،‬ألهنا متس املسيأل اجلوهريي‬
‫اخلاص بعالقات وأهداف االحتاد األوروبيي يف بيئ تنافسي دوليي ‪ ،‬وكي لك‬
‫تواجد االحتاد وندى تأثريه يف جواره املباشر‪.‬‬
‫وأخ ًا للنقاش السابق يف االعتبار‪ ،‬قام عدد نن احملللني بتوضيح أمهي وجيود‬
‫شراك استراتيجي نع جملس التعاون اخلليجي؛ إذ يدلِّلون على ذليك بيأن دول‬
‫اخلليج حتتل "نكان بارزة على أجندة األنن الدويل"‪ ،2‬وأهنا تضطلع بالفعل "بيدور‬
‫حموري يف التصدي للتحديات العاملي "‪ ،3‬وأنه قد حان الوقت‪ ،‬بعيد عقيود نين‬
‫الطموح الضعيف‪" ،‬ألن تقترح أوروبا شراك استراتيجي "‪ .4‬كما يربهنون عليى‬
‫ذلك بوجود توافق يف اآلراء بني أوروبا واخلليج حيول العدييد نين القضيايا‬
‫والتحديات‪ ،‬وأن أنن اخلليج ال ميكن ضمانه بدون بعض أشكال التدخل اخلارجي‬

‫‪See Valerie Talbot, “The Gulf States’ Political and Economic Role in‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪the Mediterranean”, in MED 2011, (IEMED, Barcelona), pp. 101-104.‬‬
‫‪Bauer, Michael. Hanelt, Christian-Peter and Koch, Christian. The EU-‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪GCC Partnership: Security and Policy Challenges, Al-Jisr Project on‬‬
‫‪EU-GCC Public Diplomacy, and Outreach, Policy Brief, March 2010.‬‬
‫‪T. Bernard, The Treachery of Strategies: a Call for True EU Strategic‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Partnership, (Egmont Papers, no.45, Brussels, 2011), p. 5.‬‬
‫‪Giardullo, Cono. The GCC: a New Regional Power: Time for the EU to‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪Propose a Strategic Partnership, (Bruges Regional Integration and‬‬
‫‪.)Global Governance Papers, 3/2012‬‬

‫‪107‬‬
‫(األجنبيي) نن أجل احلفاظ على توازن القوى اإلقليمي‪ ،‬ويقر احملللون بأن أنين‬
‫ننطق اخلليج ليس نهمًّا لالحتاد األوروبيي فحسب وإمنيا لفياعلني خيارجيني‬
‫خخرين وأن على االحتاد أن يفهم أنه نن املرجح أن تشهد شؤون اخلليج تيدويالً‬
‫نتزايدًا‪ .‬ولكن هل ميثل جملس التعاون اخلليجي أمهي بالنسب لالحتاد األوروبييي؟‬
‫بالتأكيد "نعم" ألسباب عديدة‪ ،‬أمهها‪:‬‬
‫أ) أن دول جملس التعاون اخلليجي ذات أمهي شديدة يف إنداد الطاق ألوروبيا‬
‫والعا أمجع‪ ،‬ويكفي أن نشري إىل أن دول اجمللس لديها احتياطيات ضيخم‬
‫نن النفط تقدر حبوايل ‪ 398‬نليار برنيل‪ ،‬متثِّل حوايل ‪ %30‬نن اإلمجايل العاملي‬
‫نع نتوسط احتياطيات بالتناسب نع نعدل اإلنتاج يُقدَّر بي ‪ 92‬عانًيا‪ .‬وإىل‬
‫جانب ه ه الثروة النفطي اهلائل علينا أن نضيف احتياطيات اخلليج الضخم‬
‫نن الغاز واليت تُقدَّر بإمجايل ‪ 32‬نليار نتر نكعب مبا يعادل ‪ %39‬نن إمجيايل‬
‫إنتاج العا (متتلك قطر وحدها ‪ 39‬نليار نتر نكعب)‪ ،‬إال أن إنتاج اخللييج‬
‫ميثل ‪ %8,2‬فقط نن اإلمجايل العاملي‪ ،‬تاركًا هانشًا كبريًا ملزيد نين النميو‬
‫املستقبلي‪.1‬‬
‫ب) أن جملس التعاون اخلليجي هو املنظم اإلقليمي الوحيدة اليت تؤدي وظائفها يف‬
‫الشرق األوسط العربيي وأنه كان دائمًا حليفًا نوثوقًا به للغرب وشيريكًا‬
‫اقتصاديًّا نستقرًّا‪.‬‬
‫ج) أنه يعيد تدوير نبالغ طائل نن األنوال يف الدول األوروبي (سندات حكوني ‪،‬‬
‫عقارات‪ ،‬أسهم)‪.‬‬
‫د) هنا توافق يف اآلراء بني االحتاد األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي حيول‬
‫العديد نن القضايا نثل استقرار العراق‪ ،‬وتنمي الييمن‪ ،‬وتسيوي الصيراع‬
‫العر ‪-‬اإلسرائيلي‪.‬‬
‫هي) أنه نن نصلح دول جملس التعاون اخلليجي أن تُنيوِّع حتالفاهتيا اخلارجيي‬
‫وخاص أن اخلربة األوروبي يف عملي التكانل نشهود هلا بالكفاءة‪.‬‬

‫‪See Naji abi-Aad, “Energy in the Mediterranean and the Gulf:‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Opportunities and Challenges”, paper presented to the seminar on The‬‬
‫‪Mediterranean: Opportunities and Challenges for EU-Gulf relations,‬‬
‫‪(IAI, Rome, December 10-11, 2009), pp. 3-7.‬‬

‫‪108‬‬
‫ونع ذلك‪ ،‬نا زالت العالقات بني االحتاد األوروبييي وجمليس التعياون‬
‫اخلليجي ذات كثاف ضعيف ال ترقى إىل املستوى ال ي تستحقه األمهي االستراتيجي‬
‫جمللس التعاون اخلليجي وال نصاحل واهتمانات االحتاد األوروبيي‪ .‬ولكين ملياذا‬
‫"عدم التوافق االستراتيجي" ه ا‪1‬؟‬
‫يُرجع احملللون ه ا األنر بصف عان إىل عدة أسباب‪ ،‬أمهها‪:‬‬
‫أ) أن سياس االحتاد األوروبيي حتركها ردود أفعال قصرية املدى إزاء األحداث‬
‫وليس رؤي بعيدة املدى‪.‬‬
‫ب) أن االحتاد األوروبيي يعتقد أن توقيع اتفاقي التجارة احلرة نع جملس التعاون‬
‫اخلليجي جيب أن يكون شرطًا نسبقًا لشراك استراتيجي أوسع‪.‬‬
‫ج) تارخييًّا‪ ،‬كانت الدول األعضاء يف االحتاد األوروبيي تتبىن عالقات نع دول‬
‫اخلليج على أساس ثنائي‪ ،‬وبالتايل عارضت وقاونت "إعطاء الصبغ األوروبي‬
‫اجلماعي " للعالقات نع جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫د) وأخريًا‪ ،‬فبالنظر إىل نستوى املعيش يف اخلليج‪ ،‬فإن االحتياد األوروبييي ال‬
‫ميكن أن يلجأ إىل نفس الوسائل واألدوات السياسي (املساعدات‪ ،‬الشيرطي ‪،‬‬
‫‪ ...‬إخل) اليت يتعانل هبا يف حال عالقاته املتوسطي ‪.‬‬
‫لكل ه ه األسباب‪ ،‬فشل االحتاد األوروبيي يف أن يزيد نين تواجيده يف‬
‫اخلليج وأن ينمِّي نعه شراك استراتيجي ‪ .‬ولكن هل الشراك االسيتراتيجي نيع‬
‫جملس التعاون اخلليجي أنر ضروري ونفيد؟‬
‫يف نا يتعلق هب ا التساؤل‪ ،‬ال أتفق نع الدعوات احلماسي لكثري نن البياحثني‬
‫اليت تنادي مبثل ه ه "الشراك االستراتيجي " بني املنظمتني؛ ليس ألن الرباهني الييت‬
‫يسوقوهنا تفتقد للوجاه والسالن ‪ ،‬ولكن ألهنا غالبًا نا ال تكون ندعم باإلثبيات‬
‫التجريبيي‪ .‬دعونا نستعرض بإجياز ه ه الرباهني‪:‬‬
‫أ) أخ ًا يف االعتبار تبعي االحتاد األوروبيي نن حييث الطاقي ؛ فإنيه نين‬
‫املستحسن أن يدعم حوارًا للطاق يتعدى جمرد نشروع صغري نثيل نبيادرة‬
‫املفوضي األوروبي نن أجل "نركز فين للطاق " أو اقتراح خدنات إحصيائي‬
‫‪Youngs, Richard and Echagüe, Ana. “Europe and the Gulf: Strategic‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Neglect”, Studia Diplomatica, Vol. IX, 2007, no. 1, p. 29.‬‬

‫‪109‬‬
‫نوحدة‪ .‬وحجيت يف ذلك أن االحتاد األوروبيي بإنكانه أن يطلق نبيادرات‬
‫خاص على أساس حال حبال ‪ ،‬خارج إطار شراك استراتيجي رمسي ‪ .‬ونين‬
‫جانب خخر‪ ،‬ال أرى أي نصلح نقنع ‪ ،‬بالنسيب ليدول جمليس التعياون‬
‫اخلليجي‪ ،‬للدخول يف حوار حول الطاق قد يفتح باب قطاع النفط والغياز‬
‫على نصراعيه أنام االستثمارات األوروبي املشترك ‪.‬‬
‫ب) إن وجود شراك استراتيجي بني االحتاد األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي‬
‫سيوازن نن قوة الواليات املتحدة وخاص فيما يتعليق بالصيراع العير ‪-‬‬
‫اإلسرائيلي‪ .‬ورغم أنين أحلم بفعل أكثر فاعلي وتواجدًا واتساقًا نين قبيل‬
‫االحتاد األوروبيي بشأن ه ه املسأل ‪ ،‬إال أن التجرب العملي ‪ 1‬جتعلين أتشكك‬
‫بشأن تدخل أوروبيي أكرب‪ ،‬سواء مبفرده أو نع جملس التعياون اخلليجيي‪.‬‬
‫فعلى الرغم نن تصرحيات االحتاد األوروبيي حول املسأل الفلسطيني إال أن‬
‫اجلغرافيا والتاريخ والسياسات ستستمر يف جتياذب السياسيات األوروبيي‬
‫اخلارجي والقوني يف اجتاهات خمتلف ‪ .‬ولقد شهدنا نثل ه ا املوقيف أثنياء‬
‫التصويت األخري يف اجلمعي العان حول نسأل وضعي فلسطني‪.‬‬
‫ج) إن تاريخ التكانل األوروبيي يعج بأنثل نن التصرحيات الطموحي الييت‬
‫أعقبها فشل يف التنفي ‪ ،‬ويكفيي أن ني كر النتيائج اهلزيلي لليوثيقتني‬
‫االستراتيجيتني الصادرتني يف ‪ 3002‬و‪ 3003‬بشأن البحر املتوسط والعيا‬
‫العربيي ‪ .‬إن ه ه الفجوة بني التصرحيات البالغي والفعل تؤكد حقيق أن‬
‫وثائق االحتاد األوروبيي غالبًا نا تكون "بديل عن الفعل أكثر نن كوهنيا‬
‫دليالً يسترشد به"‪.2‬‬
‫د) إن الشراك االستراتيجي بني االحتاد األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي نن‬
‫شأهنا أن حتفز حلكم رشيد أفضل‪ ،‬وتعزيز سيادة القانون‪ ،‬ودعم التعاون بيني‬
‫ننظمات اجملتمع املدين‪ .‬أخشى أن نثل ه ا الربهان أقرب نا يكون لألحيالم‬
‫واألننيات؛ فدبلوناسي االحتاد األوروبيي يف تعانالتيه نيع دول البحير‬

‫‪See Bichara Khader, Orobba wa Filastin min al-Houroub al Salabiyyah‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ila al-An , (Markaz dirasat al wihdah al-Arabiyyah, Beirut), 2000.‬‬
‫‪Menon, Anand. “An EU Global Strategy: Unnecessary and Unhelpful”,‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://www.tegs.eu/nyheteer/opinions, p. 3.‬‬

‫‪111‬‬
‫املتوسط وجملس التعاون اخلليجي كانت أكثر وقائي وحتفظًا عنها حتولي ً رغم‬
‫احلديث الطويل عن "شرطي الدميقراطي "‪ ،‬وقد قاهلا كل نن ريتشارد ييوجنز‬
‫وأنا إيتشيج بكل صراح ‪ ..." :‬إن اخلليج هو ذلك اجلزء نن الشرق األوسط‬
‫ال ي تغريت فيه أساليب االحتاد األوروبيي قليالً عما اعتادت عليه نن بناء‬
‫التحالفات نع األنظم االستبدادي اليت يُنظر إليها باعتبارها محاي ضد اإلسالم‬
‫الراديكايل"‪.1‬‬
‫هي) هنا توافق يف نصاحل االحتاد األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي يف البحير‬
‫املتوسط نن حيث إدارة النقل البحري أو محاي البيئ أو تعبئ االسيتثمارات‬
‫للمنطق ‪ .‬ويدلل نؤيدو الشراك بني االحتاد األوروبيي وجمليس التعياون‬
‫اخلليجي بأن ثلثي ‪ 396‬نليار دوالر تقريبًا نن االستثمارات األجنبي املباشرة‬
‫اليت استقبلتها ننطق البحر املتوسط بني عياني ‪ 3009-3002‬كانيت نين‬
‫استثمارات االحتاد األوروبيي واخلليج‪.2‬‬
‫وبالتايل‪ ،‬فهم خيلصون إىل أن هنا أساسًا ننطقيًّيا وراء نشيروع تنميوي‬
‫نشتر ميهد الطريق لتغيري صيغ سياس االحتاد األوروبيي املتوسطي نين أجيل‬
‫دنج العراق واليمن "باإلضاف إىل بعض الدول اخلليجي بشكل فردي"‪.3‬‬
‫يبدو ه ا الربهان وجيهًا؛ فبالفعل أصبح الفصيل بيني سياسيات االحتياد‬
‫األوروبيي يف البحر املتوسط ودول جملس التعاون اخلليجي أكثر تباينًا يف ضيوء‬
‫التطورات األخرية (تزايد االستثمارات اخلليجي ‪ ،‬والفاعلي الدبلوناسي اخلليجيي ‪،‬‬
‫والدعم اخلليجي لدول الربيع العربيي‪ ...،‬إخل)‪.‬‬
‫فهل يربر ه ا الربهان وجود شراك استراتيجي خاص بني االحتاد األوروبيي‬
‫وجملس التعاون اخلليجي؟‬
‫‪Youngs, Richard and Echagüe, Ana. “Europe and the Gulf: Strategic‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Neglect”, Studia Diplomatica, vol. LX, 2007, no. 1, p. 41.‬‬
‫‪De Saint Laurent, Bénédict. “Investments from the Gulf and‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Development in the Mediterranean: the Outlook for EU-GCC Financial‬‬
‫‪and Economic Cooperation in the Mediterranean”, Rome Seminar,‬‬
‫‪December 2009, p. 3-4.‬‬
‫‪Aliboni, Roberto. “EU and GCC Strategic Interests in the‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Mediterranean: Convergence or Divergence” Rome Seminar, December‬‬
‫‪10-11, 2009, p. 5.‬‬

‫‪110‬‬
‫أشك يف ذلك؛ بينما أؤيد وبثبات "الشراك األوروبي العربي "‪ ،1‬ألن هي ه‬
‫الشراك ال حتول دون شراكات خاص نع دول املغرب أو دول اخلليج حول قضايا‬
‫نعين ؛ فالشراك األوروبي ‪-‬العربي هي إطار إقليمي واحد يضيم كافي اليدول‬
‫العربي ‪ ،‬وهي ت هب ملا بعد نا يُعرف بي "التثليث" بني االحتاد األوروبيي وجملس‬
‫التعاون اخلليجي وإقليم البحر املتوسط‪ ،‬وهي أفضل نن "سياس الشرق األوسيط‬
‫الواسع"‪ 2‬اليت تعيد إنتاج نبادرة "الشرق األوسط الكبري" األنريكي ‪ ،‬وأخريًا فهي ال‬
‫تضم دوالً غري عربي ‪.‬‬
‫إن فكرة "الشراك األوروبي العربي " ال حتظى بيالقبول يف بعيض اليدوائر‬
‫األوروبي الرمسي ألهنا تستبعد إسرائيل‪ ،‬كميا أهنيا تيوزع سياسيات االحتياد‬
‫األوروبيي املتوسطي على نساح أوسع‪ ،‬وجتمع نواقف نتبايني نعًيا‪ ،‬إال أنيه‬
‫باإلنكان الرد على ه ه االعتراضات بسهول ‪:‬‬
‫أ) فإن وجود إسرائيل يف السياسات املتوسطي كان وبشكل نوضوعي عيانالً‬
‫نعقدًا وعائقًا كبريًا يف العالقات األوروبي املتوسطي ‪.‬‬
‫ب) إن التجارب املاضي للحوار األوروبيي العربييي باعتبياره جتربي أوىل‬
‫للدبلوناسي نتعددة األطراف قد تُوِّجت بالنجاح رغم الصيغ ‪.‬‬
‫ج) إن "السياسات املتوسطي " باعتبارها نوضوعًا للسياسات األوروبي نن أكثر‬
‫نن ‪ 30‬عانًا هي أساسًا يف "بناء أوروبيي" وال تأخ يف االعتبيار نسيأل‬
‫اهلوي واألواصر بني الدول العربي ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ -‬سلطت ه ه الورق البحثي الضوء على العالقات األوروبي اخلليجي خيالل‬
‫الي ‪ 23‬عانًا املاضي ؛ فبعد توقيع اتفاقي التعاون بني االحتياد األوروبييي‬
‫وجملس التعاون اخلليجي عام ‪ ،1988‬فقدت العالقات بني املنظمتني حيويتيها‬
‫‪Khader, Bichara. Orobbah min Ajl al Mutawassit min Barshalona ila‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.)Barshalona, (Markaz dirasat al wihdah al-Arabiyyah, Beirut, 2010‬‬
‫‪Burke, Edward. Echagüe, Ana and Youngs, Richard. “Why the EU‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Needs a Broader Middle East Policy”, in Rome Seminar, December‬‬
‫‪2009, p. 3.‬‬

‫‪111‬‬
‫ودافعها‪ ،‬وتوقفت املفاوضات حول اتفاقي التجارة احلرة اليت كانت قد بدأت‬
‫عام ‪ .1990‬إال أن املشهد اجليوستراتيجي املهم يف العيا العربييي ييتغري‬
‫وخاص عقب الربيع العربيي‪ ،‬على حني يواجه االحتاد األوروبيي أزنيات‬
‫اقتصادي ونالي حادة‪ ،‬ويف املقابل‪ ،‬تكتسب دول اخلليج نزيدًا نن التأثري‪.1‬‬
‫‪ -‬ظلت العالقات بني االحتاد األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي ذات كثافي‬
‫ضعيف ‪-‬حىت جميء الربيع العر ‪ -‬ال ترقى إىل املستوى ال ي تستحقه األمهي‬
‫االستراتيجي جمللس التعاون اخلليجي وال نصاحل واهتمانيات دول االحتياد‬
‫األوروبيي‪.‬‬
‫ونرد ه ا األنر بصف عان إىل عدة أسباب‪ ،‬أمهها‪:‬‬
‫‪ ‬أن سياس االحتاد األوروبيي حتركها ردود أفعال قصيرية امليدى إزاء‬
‫األحداث وليس رؤي بعيدة املدى‪.‬‬
‫‪ ‬أن االحتاد األوروبيي يعتقد أن توقيع اتفاقي التجارة احلرة نع جمليس‬
‫التعاون اخلليجي جيب أن يكون شرطًا نسبقًا لشراك استراتيجي أوسع‪.‬‬
‫‪ ‬تارخييًّا‪ ،‬كانت الدول األعضاء يف االحتاد األوروبيي تتبىن عالقات على‬
‫أساس ثنائي نع دول اخلليج‪ ،‬وبالتايل عارضت وقاونت "إعطاء الصبغ‬
‫األوروبي اجلماعي " للعالقات نع جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫‪ -‬لقد باغت الربيع العربيي كالًّ نن الدول اخلليجي واالحتياد األوروبييي‪،‬‬
‫لكن وعلى حني حاول االحتاد األوروبيي أن يستجيب حب ر ووعد مبزيد نن‬
‫املساعدة ملزيد نن اإلصالح‪ ،‬ننحت بعض دول اخلليج‪ ،‬نثل قطر‪ ،‬نساعدات‬
‫نالي سخي ودعمًا سياسيًّا فضالً عن التغطي اإلعالني ‪.‬‬
‫‪ -‬إن الربيع العربيي يضع سياس أوروبا السابق "األنن أوالً" نوضع شيك‪،‬‬
‫كما أنه يتحدى السلو السياسي التقليدي لدول اخلليج القائم على توزييع‬
‫نزايا الرفاهي يف نقابل القبول الضمين‪.‬‬
‫وبعيدًا عن التحديات‪ ،‬فإن الربيع العربيي يوفر فرصًا لتفاعل أفضل وعالقي‬
‫أقوى بني اجلانبني‪.‬‬

‫‪See Held David and Kristian Ulrchsen, The Transformation of the Gulf‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Politics, Economics and the Global Order, (London, Routledge, 2011).‬‬

‫‪111‬‬
‫وبدالً نن شراك استراتيجي بني االحتاد األوروبيي وجملس التعاون اخلليجي‪،‬‬
‫يقترح الباحث تعزيز شراك أوروبي عربي ؛ إذ إنه داخل ه ا اإلطار العيام نين‬
‫املتوقع أن تلعب دول اخلليج دورًا بارزًا ليس فقط كمورِّد للطاق ولكن كمحيدِّد‬
‫ألجندة العمل وقائد للتنمي االقتصادي يف املنطق العربي بأسرها‪.‬‬
‫‪ -‬يف ضوء ردود أفعال واستجابات كل نن االحتاد األوروبيي ودول اخلليج‬
‫إزاء تطورات الربيع العربيي؛ انطلقت دعوات نلح يف أوروبا إلرساء عالقيات‬
‫استراتيجي نع جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫وقد كان الدافع وراء ه ه الدعوات حقيق أن جملس التعاون اخلليجي أصبح‬
‫يلعب دورًا دبلوناسيًّا واقتصاديًّا أكثر أمهي يف الشرق األوسط ومشال إفريقييا؛ إذ‬
‫استطاع اجمللس أن ميأل الفراغ االستراتيجي ال ي خلَّفته نصر حتت حكم نبيار ؛‬
‫حيث قانت اململك العربي السعودي بدور الوساط يف اتفاقي الطائف نن أجيل‬
‫لبنان (‪ 33‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ ،)1989‬كما حثَّت على تبين "املبيادرة العربيي‬
‫للسالم" على املستوى العربيي يف ‪ 3003‬و‪ ،3009‬وحاولت حتقيق املصاحل بيني‬
‫األطراف الفلسطيني ‪ ،‬كما لعبت قطر دورًا دبلوناسيًّا بارزًا حيث أخي ت عليى‬
‫عاتقها الوساط يف السودان ولبنان‪.‬‬
‫أنا على اجلانب االقتصادي‪ ،‬فلقد أصبح جملس التعاون اخلليجي ثاين أكيرب‬
‫نستثمر يف حوض البحر املتوسط وخاص بعد ‪3002‬؛ حيث لعب "دورًا أكثر قوة‬
‫يف شؤون دول البحر املتوسط" قبل وبعد الربيع العربيي‪ .‬وهك ا أصيبح جليًّيا‬
‫لالحتاد األوروبيي أن اخلليج جيب أن يُحسب له حساب‪ ،‬وبالتايل فإن الشيراك‬
‫االستراتيجي نعه تعد جمرد ضرورة‪ ،‬بل أنرًا نلحًّا‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الدور المستقبلي للقوف الدولية الكبرف‬
‫في أمن الخليج‪ :‬الواليا المتحدو األميركية‪،‬‬
‫بريطانيا‪ ،‬فرنسا وحلف الناتو‬
‫د عبد اهلل باعبود‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تعد قضي األنن يف اخلليج نن القضايا الرئيسي الىت هتم دول املنطقي كافي‬
‫والقوى الدولي الكربى على وجه اخلصوص‪ .‬وينبع ه ا االهتمام اإلقليمي والعاملي‬
‫باألنن يف ننطق اخلليج نن املركزي االستراتيجي هل ه املنطق ودورها يف تأنني أنن‬
‫الطاق العاملي ممثالً يف إندادات النفط وك لك الغاز الطبيعي‪ .‬فكان ‪-‬ونيا زال‪-‬‬
‫نوضوع أنن املنطق ‪-‬اليت ارتبط أننها بأنن العا ‪ -‬نن أهم املوضوعات الشيائك‬
‫خصوصًا إذا نا ُأخِ يف االعتبار طبيع ه ه املنطق اليت تتسم باالختالل الواضح يف‬
‫نوازين القوى وزيادة األطماع وتعدد الصراعات وتنيوع نصيادر التهدييدات‬
‫الداخلي واخلارجي ؛ فعلى ندى التاريخ احلديث واملعاصر استمر احلفاظ على أنين‬
‫اخلليج نستوردًا نن اخلارج‪ ،‬توفره القوى الدولي الكربى وذلك النعيدام القيوة‬
‫ال اتي أو العجز عن التوصل إىل صيغ ونعادل أنني تتعاون فيها دول املنطق فيما‬
‫بينها لتوفري أننها‪.1‬‬
‫وعلى ندى ه ا التاريخ لعبت القوى الدولي الكربى دورًا نهمًّا يف احلفياظ‬
‫على أنن اخلليج‪ ،‬وتغريت ه ه القوى حبسب صعود أو أفيول القيوى العامليي‬

‫حممد أمحد خل حاند‪" ،‬أنن اخلليج وانعكاساته على دول جملس التعاون لدول اخللييج‬ ‫‪1‬‬
‫العربي "‪( ،‬نركز اإلنارات للدراسات والبحوث االسيتراتيجي ‪ ،‬سلسيل حماضيرات‬
‫اإلنارات‪ ،‬العدد ‪ ،)1999 ،16‬ص ‪.33‬‬
‫‪111‬‬
‫وتنوعت أدوارها حسب الظروف اإلقليمي والدولي ‪ ،‬وتسبب وجودها العسكري‬
‫يف املنطق يف إثارة الصراعات واحلروب وانعدام األنن واالستقرار أحيانًا‪.‬‬
‫ونع تغري أدوار ونوعي القوى الدولي اليت تضطلع حبفظ وصيان أنن اخللييج‬
‫ودوله‪ ،‬تغريت توازنات القوى يف املنطق ‪ ،‬كما تغريت األدوار اليت تقوم هبا القوى‬
‫اإلقليمي األساسي (اململك العربي السعودي ‪ ،‬والعيراق‪ ،‬وإييران)‪ ،‬واختلفيت‬
‫العالقات بينها نن حيث التعاون أو الصدام نن فترة زنني ألخرى‪ ،‬وهو نا انعكس‬
‫على األنن واالستقرار يف املنطق برنتها‪ .‬فقد عصفت مبنطق اخلليج احلرب العراقي‬
‫اإليراني (‪ ،)1988- 1980‬وبعد فترة هدوء قصرية جاء الغيزو العراقيي لدولي‬
‫الكويت يف الثاين نن اغسطس عام ‪ 1990‬وتبعه حرب حترير الكوييت ‪ ،1991‬مث‬
‫كان الغزو األنريكي للعراق يف عام ‪.3002‬‬
‫حتاول ه ه الورق البحثي بيان التحوالت النوعي يف أدوار القيوى الدوليي‬
‫الكربى يف حفظ أنن اخلليج‪ ،‬على ضوء التطورات واملستجدات يف نكونات البيئ‬
‫األنني االستراتيجي اجلديدة يف املنطق ‪ ،‬مبا يف ذلك التطورات اإلقليمي ذات الصل‬
‫بتداعيات ثورات الربيع العربيي حاليًا ويف املستقبل املنظور‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مالمح البيئة األمنية االستراتيجية الجديدو في منطقة الخليج‬


‫تعترب نشكل حفظ األنن يف اخلليج أحد أهم التحديات اليت تواجيه بليدان‬
‫املنطق واليت سعت لتأسيس جملس التعاون اخلليجي يف بداي الثمانينيات نن القيرن‬
‫املاضي لتسد فجوة الفراغ األنين يف املنطق إبان انسحاب القوات الربيطاني نين‬
‫اخلليج يف نطلع سبعينيات القرن العشرين‪ .1‬وينبع التحدي األنين يف اخللييج نين‬
‫اختالل نوازين القوى لصاحل األطراف اإلقليمي األكرب (تقلييديًّا كانيا‪ :‬إييران‬
‫والعراق) وعدم قدرة دول اخلليج الصغرى واملستقل حديثًا عليى تيأنني أننيها‬
‫واحلفاظ على االستقرار يف املنطق مبفردها‪.2‬‬

‫مجال زكريا قاسم‪" ،‬األنن يف اخلليج العربيي نن االنسحاب الربيطياين إىل حيرب‬ ‫‪1‬‬
‫اخلليج الثاني "‪( ،‬نركز اإلنارات للدراسات والبحوث االستراتيجي ‪ ،‬سلسل حماضيرات‬
‫اإلنارات رقم ‪ ،)11‬ص ‪.3-2‬‬
‫عبد اخلالق عبد اهلل‪" ،‬النظام اإلقليمي اخلليجي"‪( ،‬نركز اخللييج لألحبياث‪ ،‬دبييي‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ ،)3006‬ص ‪.23‬‬
‫‪116‬‬
‫ولقد أثبتت احلروب الثالث اليت شهدهتا ننطق اخلليج حىت اآلن (حرب إيران‬
‫والعراق ‪ ،1989-1980‬نرورًا حبرب حترير الكويت عام ‪ ،1991‬وصوالً إىل الغزو‬
‫األنريكي للعراق عام ‪ )3002‬ندى اختالل نوازين القوى وحساسيي وهشاشي‬
‫الوضع األنين يف اخلليج‪ .‬وقد دفع ه ا األنر ببلدان دول جملس التعاون اخلليجي إىل‬
‫اللجوء إىل زيادة االعتماد على البعد الدويل ضمن سياستها الدفاعيي واالسيتعان‬
‫بقوى دولي كربى ملعادل نوازين القوى يف املنطق واملسياعدة يف اليدفاع عين‬
‫أننها‪.1‬‬
‫وه ا نا عكسته االتفاقات األنني الثنائي املوقع بني دول اخلليج وبني القوى‬
‫الغربي الكربى اليت ساعدت يف حرب حترير الكويت ويتم جتديدها كيل عشير‬
‫سنوات‪ .‬ولقد أتى االعتماد على القوى األجنبي على حساب النظيام اإلقليميي‬
‫العربيي والصيغ األنني العربي املتمثل بإعالن دنشق ‪ ،1991‬وأدى إىل القصيور‬
‫ال ايت لألنن اخلليجي نن خالل الفشل يف تفعيل قوات درع اجلزيرة كما جياء يف‬
‫االقتراحات األنني للسلطان قابوس خالل القم اخلليجي يف ديسمرب‪/‬كانون األول‬
‫‪.21991‬‬
‫ولقد كان لتداعيات الغزو األنريكي واحتالل العراق وحتطيم القوه العسكري‬
‫العراقي أثر بالغ يف اختالل نوازين القوى بني إيران وجرياهنا العرب مما دفيع دول‬
‫جملس التعاون إىل زيادة االعتماد على الواليات املتحدة للحفاظ على أننها حيث‬
‫جتديد االتفاقات األنني الثنائي نعها‪ ،‬فضالً عن اضطرار العراق حتت االحتالل إىل‬
‫توقيع اتفاقي أنني نع واشنطن عام ‪ .3008‬كما نثَّلت أحداث ‪ 11‬سبتمرب‪/‬أيليول‬
‫‪ 3011‬وتناني دور القاعدة يف اجلزيرة العربي بُعدًا خخر يف زعزع أنن واسيتقرار‬
‫دول اخلليج وزيادة ارتباطها بالقوى الكربى‪ .‬إال أن السخط الشعبيي اخلليجيي‬
‫لوجود قوى أجنبي وازدياد اهلجمات عليها أدى إىل سحب القوات األنريكي نن‬
‫اململك العربي السعودي يف عام ‪3002‬؛ حيث كان يوجيد نيا بيني ‪ 9000‬إىل‬

‫حممد السعيد إدريس‪" ،‬النظام اإلقليمي للخليج العربيي"‪( ،‬نركز دراسيات الوحيدة‬ ‫‪1‬‬
‫العربي ‪ ،‬سلسل أطروحات الدكتوراه (‪ ،)23‬بريوت‪ )3000 ،‬ص ‪.292‬‬
‫)‪Hollis, Rosemary. Gulf Security: No Consensus (Whitehall Paper‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Royal United Services Institute for Defence Studies, (RUSI), (February‬‬
‫‪1993), p. 8.‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ 10,000‬جندي يف أعقاب حرب حترير الكويت عام ‪ ،1991‬و يتبق هنا رمسيًّا‬
‫إال أفراد نن البعث األنريكي للتدريب العسكري‪ .‬و إعادة تركيز هي ه القيوة‬
‫األنريكي يف الدول اخلليجي الصغرى (اإلنارات‪ ،‬والبحرين‪ ،‬وقطر)‪.‬‬
‫وتشري تقارير إعالني غربي وأنريكي إىل أن الوالييات املتحيدة أنشيأت‬
‫وتستخدم نن عانني قاعدة سري لطائرات نن دون طييار يف اململكي العربيي‬
‫السعودي ‪ .‬وتبني ه ه التقارير اإلعالني أن الواليات املتحدة تستخدم ه ه القاعدة‬
‫يف نهم اصطياد وقتل "أهداف ذات قيم رفيع " يف اليمن اجملاور‪ ،‬وهم قادة تنظيم‬
‫القاعدة يف اجلزيرة العربي ‪ ،‬ال ين قال حمانو احلكون ‪ :‬إهنم ميثلون هتدييدًا نباشيرًا‬
‫على الواليات املتحدة‪ .‬وقد استُخدنت املنشأة يف هجمات لطائرات بدون طييار‬
‫يف سبتمرب‪/‬أيلول عام ‪ 3011‬لقتل أنور العولقي ال ي اشتُبه يف توليه قيادة العمليات‬
‫اخلارجي لتنظيم القاعدة يف اجلزيرة العربي ‪ .1‬كما سامهت سياسات إييران جتياه‬
‫املنطق وخصوصًا نشروعها النووي وتطوير قدراهتا العسيكري التقليديي وغيري‬
‫التقليدي يف زيادة اخنراط القوى الدولي يف احلفاظ على األنن يف ه ه املنطقي ‪ ،‬ال‬
‫سيما أن السياسات اإليراني عمَّقت نن فجوة االختالل األنين بينها وبني جرياهنيا‬
‫العرب‪.‬‬
‫وانطالقًا نن ه ا االهتمام العاملي باحلفاظ على األنين يف اخللييج ورغبي‬
‫الواليات املتحدة األنريكي يف حتمل حلفائها بعض األعباء واملشارك الفعلي يف ه ا‬
‫اجملال فقد دشنت دول حلف "الناتو" حوارًا نع دول اخلليج أفضى إىل نا عُيرف‬
‫بي "نبادرة إسطنبول للتعاون نع دول الشرق األوسط املوسع ومشال إفريقيا" على‬
‫عام ‪ ،3003‬وقد تال ذلك توقيع اتفاقات أنني نع أربع بليدان خليجيي ‪ ،‬هيي‪:‬‬
‫الكويت‪ ،‬والبحرين‪ ،‬وقطر‪ ،‬واإلنارات‪ .‬وقد ظليت عُميان واململكي العربيي‬
‫السعودي خارج ه ا اإلطار‪.‬‬
‫وتضمنت ه ه االتفاقيات جماالت عدة للتعاون األنين‪ ،‬وهي إصالح القطاع‬
‫الدفاعي‪ ،‬والتصدي لظاهريت اإلرهاب وأسلح الدنار الشانل‪ ،‬وإدارة األزنيات‪،‬‬
‫والتعاون بشأن ضبط احلدود‪ .‬وجاء ه ا العانل اجلديد بعد أن أعادت دول احللف‬

‫ياسني سويد‪" ،‬الوجود العسكري األجنبيي يف اخلليج‪ :‬واقع وخييارات دعيوة إىل أنين‬ ‫‪1‬‬
‫عربيي إسالني يف اخلليج"‪( ،‬نركز دراسات الوحدة العربي ‪ ،‬بريوت‪ ،)3006 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪118‬‬
‫األطلسي إعادة تقييم دور احللف وأهدافه واستراتيجياته بعد انتهاء احلرب البياردة‬
‫واليت كانت أحد أسباب وجوده‪ ،‬وحماول اليدول األعضياء يف احلليف إجيياد‬
‫نسوغات الستمراره‪ .1‬إال أن العانل اخلارجي رغم أمهيته ليس هو احملدد الوحييد‬
‫لتهديد أنن ننطق اخلليج فللعانل الداخلي تأثري نهم يف اسيتقرار هي ه اليدول‬
‫خصوصًا يف حال ارتباط العانل الداخلي نع العانل اخلارجي مما يعظِّم نن نستوى‬
‫التهديد األنين لدول اخلليج‪.‬‬
‫وإذا كان العانل اخلارجي يُعرف غالبًا بالتهديد نن الدول اجملاورة اليت تشكًّل‬
‫حتديًا أننيًّا لدول اخلليج نظرًا لالختالل البنيوي يف القوى بينها وبني قيوى نثيل‬
‫إيران‪ ،‬والعراق‪ ،‬وإسرائيل إال أن ه ا جيب أال يُبعد عن األذهيان أمهيي العانيل‬
‫الداخلي يف حتقيق األنن مبعناه احلقيقي نتعدد اجلوانب واألبعاد‪.‬‬
‫ولقد أثبت الربيع العربيي أن الشأن الداخلي ال تقل أمهيتيه عين الشيأن‬
‫اخلارجي؛ فاحلركات الشعبي االحتجاجي اليت انتدت ومشلت نا يُعيرف ببليدان‬
‫الربيع العربيي أودت بأنظم حكم تعترب قوي كما حصل يف تيونس‪ ،‬ونصير‪،‬‬
‫وليبيا‪ ،‬واليمن‪ ،‬ونا زالت أنظم أخرى نهددة بالسقوط كما يف سوريا‪ .‬كميا أن‬
‫ه ه االحتجاجات والثورات الشعبي أعطت نربرًا لتدخل قوى أجنبي يف بعيض‬
‫األحيان كما حصل يف ليبيا‪ ،‬وأدى سقوط أنظم صديق لدول جملس التعاون نثل‬
‫نظام حسين نبار يف نصر ونظام بن علي يف تونس وقدوم حكونات ننتخب ذات‬
‫طابع إسالني إىل فقدان دول اخلليج نا تعتربه نظمًا حليف ‪ ،‬وظهيور نيوع نين‬
‫االختالف والتباين يف وجهات النظر نا بني دول اخلليج ورمبا إىل تعاظم التحيدي‬
‫األنين لدول اخلليج يف املستقبل‪ .‬كما أن االحتجاجات والثورات العربي تسيلم‬
‫ننها دول اخلليج حيث شهدت ه ه الدول بعضًا نن ارتدادات نوجيات الربييع‬
‫العربيي بصف أو بأخرى‪.‬‬
‫وعلى سبيل املثال‪ ،‬شكلت احتجاجات البحرين أهم التحديات األننيي‬
‫لل دول ‪ ،‬وأعطت إليران نربر التدخل يف الشؤون الداخلي ململكي البحيرين‬

‫صحيف واشنطن بوست‪:‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://www.washingtonpost.com/world/national-security/obamas-new-‬‬
‫‪drone-policy-has-cause-for-concern/2013/05/25/0daad8be-c480-11e2-‬‬
‫‪914f-a7aba60512a7_story.html‬‬

‫‪119‬‬
‫بدعوى دعم حقوق األغلبي الشيعي ‪ ،‬نا أدى إىل تدخل قوات درع اجلزييرة‬
‫ملساعدة القوات البحريني يف احلفاظ على أنن البحرين‪ .1‬كما يفسر التخيوف‬
‫نن االنتداد اإليراين‪ ،‬الدعم اخلليجي للثورة على النظام السيوري وبياألخص‬
‫الدعم املادي واملعنوي للمعارض السوري وللجيش احلر؛ وذلك يف حماول نين‬
‫دول اخلليج لتحجيم نا عُرف باهلالل الشيعي (إيران‪-‬العراق‪-‬سوريا‪-‬حيزب‬
‫اهلل)‪.2‬‬
‫وك لك يُفهم نن خالل ه ا البعد اجليوبولوتيكي برود العالق بني العيراق‬
‫ودول اخلليج بسبب الدور اإليراين املتزايد يف العراق‪ .3‬أنا يف اخلاصيرة اجلنوبيي‬
‫الغربي للخليج وبالتحديد يف اليمن فإن أحداث الربيع العربيي أثارت ختوف دول‬
‫اخلليج نن تداعيات تغيري النظام بطريق غري ننظم مما قد يؤدي إىل عدم االستقرار‬
‫واالنفالت األنين يف اليمن‪.‬‬
‫وقد استدعى ه ا التخوف تدخل دول اخلليج إلجياد خمرج لتغييري النظيام‬
‫وتنازل علي عبد اهلل صاحل إىل نائبه عبدربه ننصور هادي بطريق جنَّبت دخيول‬
‫اليمن يف دوان الصراع القبلي الطائفي واملناطقي‪ ،‬ورغم ه ا التغيري السلمي لكين‬
‫تظل التطورات يف اليمن ترني بظالهلا على حال االستقرار يف اخلليج وتشكِّل حتديًا‬
‫أننيًّا قابالً لالنفجار‪.4‬‬

‫أشرف حممد عبد احلميد كشك‪" ،‬تطورات األنن اإلقليمي اخلليجي نن عيام ‪:3002‬‬ ‫‪1‬‬
‫دراس يف تأثري استراتيجي حلف الناتو"‪( ،‬نركز دراسات الوحدة العربيي ‪ ،‬سلسيل‬
‫أطروحات الدكتوراه (‪ ،)100‬بريوت‪ ،)3002 ،‬ص ‪.18-13‬‬
‫سي إن إن العربي ‪ 9 ،‬فرباير‪/‬شباط ‪،3012‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://arabic.cnn.com/2011/bahrain.2011/3/14/GCC.bahrain_troops/ind‬‬
‫‪ex.html‬‬
‫طارق احلميد‪" ،‬األسد اإليراين والعجز اليدويل!" الشيرق األوسيط اللندنيي ‪12 ،‬‬ ‫‪3‬‬
‫فرباير‪/‬شباط ‪:3012‬‬
‫‪http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=692522&issueno‬‬
‫‪=12326‬‬
‫نبيل عبد الفتاح‪" ،‬االحتجاج السياسي وتراجع اإلصالحات الدميقراطي "‪ ،‬نيارس‪/‬خذار‬ ‫‪4‬‬
‫‪.3012‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=898604&eid=9470‬‬

‫‪111‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسار ومستقبل القواعد العسكرية األجنبية في الخليج‬
‫ً‬
‫نشرت بريطانيا قواعدها البحري واجلوي على انتداد اخلليج حلماي نصاحلها‬
‫التجاري واالستراتيجي يف الشرق األوسط والشرق األقصى‪ .‬وحني بيدأ اليوهن‬
‫يدب يف جسم اإلنرباطوري الربيطاني وبدأت الواليات املتحدة تصعد كقوة عاملي‬
‫ننافس وحليف يف نفس الوقت أخ ت األخرية ترث بعضًا نن ترك اإلنرباطوريي‬
‫الربيطاني وخصوصًا يف جمال اهليمن العسكري العاملي عليى املميرات وخطيوط‬
‫املالح االستراتيجي ‪.‬‬
‫وهك ا جند أن تاريخ القواعد العسيكري األنريكيي يف ننطقي اخللييج‬
‫يعود إىل احلرب العاملي الثاني حني أقانت أنريكا قاعيدهتا البحريي يف البحيرين‬
‫(‪ ،)US Middle East Force in 1948‬وحني انسحبت بريطانيا يف عام ‪ 1991‬نن‬
‫قاعدهتا البحري يف البحرين خلت ه ه القاعدة للبحري األنريكي ‪.‬‬
‫تكن الواليات املتحدة تنوي بناء قواعد يف املنطق خصوصًا وأن عالقاهتيا‬
‫نع كل دول اخلليج كانت جيدة وكان بإنكان قواهتا التعاون نيع قيوات دول‬
‫املنطق واستعمال تسهيالهتا العسكري ‪.‬‬
‫واعتمدت أنريكا يف سياستها يف حفظ أنن اخلليج على فكرة اليدفاع نين‬
‫خلف األفق (‪)Beyond The Horizon‬؛ حيث كان مبقدورها أن تستعمل قواعدها‬
‫العسكري يف احمليط اهلندي وأساطيلها البحري حلماي اخلليج نىت احتاجت لي لك‪.‬‬
‫وكانت سياستها أيضًا هي االعتماد على القوتني الرئيسييتني يف اخللييج‪ :‬إييران‬
‫والسعودي أو نا يُعرف بالقوتني التوأنني (‪ )Twin Pillar‬والييت كانيت متيدمها‬
‫بالسالح والتدريب حلماي أنن اخلليج‪.‬‬
‫لكن ه ا جيعل الواليات املتحدة تتخلى عن القاعدة البحري يف البحرين بل‬
‫إن نا كان يُعرف بالتهديد السوفييت‪ ،‬والتزانات أنريكا العسكري يف جنوب شرق‬
‫خسيا (حرب فيتنام)‪ ،‬ونكان دول املنطق على نستوى الطاق جعل أنريكا تتمسك‬
‫بأنن اخلليج نن خالل (نبدأ نيكسون‪ .)Nixon Doctrine-‬ومبجرد جناح الثيورة‬
‫اإليراني يف هناي السبعينيات وسياستها لتصدير الثورة لدول املنطقي ‪ ،‬واشيتعال‬
‫احلرب العراقي ‪-‬اإليراني تبنت الواليات املتحدة يف عهد كلينتون سياس "االحتواء‬
‫املزدوج" إزاء كل نن إيران والعراق بتعزيز وجودها يف املنطق ‪ ،‬وازداد ه ا النهج‬
‫‪110‬‬
‫بازدياد الوجود األنريكي بعد احتالل الكويت ونن مث باالستعداد للغزو األنريكي‬
‫للعراق‪ .‬وإىل جانب القواعد العسكري والتواجد األنريكي يف املنطقي ‪ ،‬أقانيت‬
‫فرنسا يف ‪ ،3009‬وهي الدول اليت يكن هلا قواعد أجنبي يف خارج فرنسا نا عدا‬
‫بعض املستعمرات الفرنسي السابق ‪ ،‬قاعدة حبري يف نيناء زايد‪ ،‬وجوي يف ننطقي‬
‫الظفرة‪ ،‬وبري (حوايل ‪ 90‬كم نن أبو ظبيي) يف دول اإلنارات العربي املتحيدة‬
‫(أبو ظبيي)‪.‬‬
‫ونن األسباب الرئيسي هل ه القاعدة الفرنسي يف اإلنارات العربيي املتحيدة‬
‫توجيه رسال قوي إليران خبصوص نيزاعها نع دول اإلنارات على اجلزر الثالث‪،‬‬
‫وبرناجمها النووي‪ ،‬وتوجهها للهيمن على ننطق اخلليج‪ ،‬كما أن نن أسباهبا أيضًيا‬
‫ننافس فرنسا للوجود األنريكي والربيطاين واستئثارمها باملشاريع وخريات املنطق ‪.‬‬
‫ونن مث‪ ،‬جند أن املنطق شهدت خالل العقدين املاضيني وجودًا عسكريًّا أجنبييا‬
‫يسبق له نثيل يف التاريخ احلديث‪ .‬ويربر ه ا التواجد العسكري الكثيف يف ننطق‬
‫اخلليج حساسي الوضع األنين يف ه ه املنطق احليوي نن العا وحسابات نصيادر‬
‫التهديد ألنن اخلليج املتزايدة‪ ،‬والسابق اإلشارة إليها خنفًا‪ .‬ومليا كانيت دواعيي‬
‫الوجود العسكري األجنبيي نا زالت نوجودة يف ننطق اخلليج فإن ذلك يعين أن‬
‫ه ا الوجود نرشح لالستمرار وبقوة يف املستقبل املنظور على أقل تقدير‪.‬‬
‫ونن املرجح أن يأخ ه ا الوجود رمبا أشكاالً جديدة نين قبييل‪ :‬قواعيد‬
‫لطائرات بدون طيار‪ ،‬والتواجد نن خالل حانالت الطائرات عن بُعد‪ ،‬وذلك دون‬
‫أن ينفي ه ا األنر وجودًا عسكريًّا على األرض يف شكل قواعد عسيكري نيع‬
‫تقليص عددها وحجمها‪ ،‬خاص وأن ه ه القواعد هلا بُعد سياسي عاملي يتمثل يف‬
‫جمال السيطرة على نصادر الطاق وإبعاد القوى األخرى نن املنطقي إىل جانيب‬
‫دعمها للجهود الغربي يف حروهبا العاملي األخرى نثل احلرب يف أفغانستان‪.‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬هنا بعض املخاطر واحملاذير اليت تتعلق هب ه القواعيد فبالنسيب‬
‫للدول املضاف هنا التكلف املالي يف إبقاء قوات بعيدة ونا يتطلبه ه ا نن إندادات‬
‫وترتيبات وإدارة إىل جانب الضغط الداخلي يف بعض ه ه الدول صاحب القواعيد‬
‫ضد تواجد قواهتم وأبنائهم يف نناطق نيزاع‪ ،‬والزج جبيشهم يف حروب ال ييرون‬
‫هلا نربرًا‪ ،‬كما أن الدول املضيف إىل جانب حتملها بعض التكاليف املالي فهي تقع‬
‫‪111‬‬
‫فريس للضغوط السياسي نن الدول صاحب القواعد وأيضًا للضغوط االقتصيادي ؛‬
‫حيث تسعى ه ه الدول إىل استغالل احلماي العسكري وتقايضها باحلصول عليى‬
‫نشاريع اقتصادي وتستأثر ببيع السالح والتكنولوجيا للدول املضيف مميا يكلِّيف‬
‫نيزانيتها املالي وجيعلها يف تبعي سياسي واقتصادي ‪.‬‬
‫وهنالك أيضًا بعد سياسي واجتماعي حيث إن شعوب بعض اليدول املضييف‬
‫تعارض الوجود األجنبيي والقواعد األجنبي العسكري وترفض وجودها نن خيالل‬
‫احتجاجات شعبي كما حصل يف اململك العربي السعودي واضيطرت نين خالهليا‬
‫الواليات املتحدة أن تسحب قواهتا نن قاعدة األنري سلطان اجلوي العسكري ونقليها‬
‫إىل قاعدة العُديد يف قطر‪ .‬ونن األمهيي مبكيان التنوييه يف هي ا السيياق‪ ،‬إىل أن‬
‫االحتجاجات الشعبي يف ضوء ثورات الربيع العربيي واحلرا السياسي اليداخلي يف‬
‫دول اخلليج تتعرض ملسأل الوجود العسكري األجنبيي يف املنطق ‪ ،‬بل كانيت يف‬
‫نعضمها تركز على املطالب باإلصالح الداخلي واملشارك السياسي والتوظيف وحتسني‬
‫الوضع االقتصادي ودخل الفرد‪ .‬ونا عدا بعض املطالبات خصوصًا يف البحرين بطيرد‬
‫القاعدة البحري األنريكي إال أن االعتراض على الوجود العسكري األجنبيي كان يف‬
‫أغلبه يأيت نن القوى اإلقليمي وباألخص نن جانب إييران الييت نافتئيت تطاليب‬
‫بانسحاب الوجود العسكري األجنبيي نن اخلليج نعتربة أنه هتديد الستقرار املنطق ‪.1‬‬
‫ورغم أن أصوات املطالب بانسحاب الوجود األجنبيي ظلت خافت وليست ضيمن‬
‫أولويات احلرا الشعبيي يف املنطق إال أن ه ا املطلب يظل كاننًا يف نفوس نيواطين‬
‫دول اخلليج ال ين يطمحون بإهنائه واالعتماد على القوة ال اتي حلماي أننهم‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬أبعاد وعوامل التغيير في الدور األميركي في أمن الخليج‬


‫نن أن ورثت الواليات املتحدة األنريكي دور محايي أنين اخللييج بعيد‬
‫االنسحاب الربيطاين يف بداي السبعينيات نن القرن املاضيي؛ نيرَّت السياسي‬
‫األنريكي بعدة نراحل تغريت نن خالهلا أبعاد الدور األنريكي وتغريت عوانله نع‬
‫تغيري نالنح البيئ األنني واالستراتيجي يف اخلليج‪.‬‬

‫"اجلزيرة نت"‪ 31 ،‬ديسمرب‪/‬كانون األول ‪،3013‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://www.aljazeera.net/news/pages/e26dade3-3d09‬‬

‫‪111‬‬
‫نع االنسحاب الربيطاين نن املنطق يكن لدى الواليات املتحدة األنريكيي‬
‫خط جاهزة حلماي أنن املنطق ؛ ل لك أوكلت نسأل األنن إىل الدولتني الكبريتني‬
‫يف اخلليج خن ا (إيران والسعودي )‪ ،‬وقد أُعطي إليران دور احلفاظ على األنن يف‬
‫اخلليج لتأنني قدرة الشاه العسكري يف حني أُنيط بالسعودي الدور السياسي وذلك‬
‫خوفًا نن تسليح السعودي ووصول بعض ه ه األسلح للدول العربيي املواجهي‬
‫إلسرائيل‪.‬‬
‫وهب ا أصبحت إيران والسعودي العمودين الل ين تستند إليهميا أنريكيا يف‬
‫محاي اخلليج؛ وهو نا يُعرف مببدأ نيكسون ال ي طوره رئييس األنين القيوني‬
‫األنريكي هنري كسينجر‪ ،‬وكان التهديد األنين خالل تلك الفترة هيو تفكيك‬
‫الدول اخلليجي املستقل أو قيام صراعات بينها ولكن التهديد األهم كيان محايي‬
‫اخلليج نن التمدد السوفييت ووصوله للمياه الدافئ يف اخلليج‪.‬‬
‫وقد أوجد االعتماد على شاه إيران يف محاي أنن اخلليج تغريًا نهمًّيا يف دور‬
‫إيران يف املنطق حيث حوهلا نن حلق نن حلقات احلصار املوجه ضيد االحتياد‬
‫السوفييت إىل ذراع ضارب يف اخلليج؛ واستمر شاه إيران ييؤدي دور الوكييل أو‬
‫الشرطي خلدن املصاحل األنريكي يف املنطق ويستعرض قوته عليى دول اخللييج‬
‫الصغرية بل قام باحتالل اجلزر اإلناراتي ‪ ،‬إال أن قيام الثورة اإلسالني يف إيران عام‬
‫‪ 1999‬قلب حسابات الواليات املتحدة املستندة إىل نبدأ نيكسون رأسًا على عقب‬
‫خصوصًا أن إيران الثورة أعلنت انسحاهبا نن احللف املركيزي وألغيت عقيود‬
‫التسليح األنريكي ؛ وذلك ملوقف أنريكا نن الثورة اإلسالني ودعمها لشاه إيران‪.‬‬
‫وكان لسياس إيران الثورة يف تصرحياهتا بتصدير منوذج ثورهتا لدول املنطقي‬
‫دور كبري يف إشاع عدم االستقرار واحتدام نشكل األنن يف اخلليج خصوصًيا أن‬
‫الثورة اإلسالني تنب سياس الشاه يف اهليمن على اخلليج‪ .‬وتزانن هي ا النيهج‬
‫اإليراين يف عهد الثورة نع تدخل االحتاد السوفييت يف أفغانستان واقتيراب جييش‬
‫الدب األمحر نن نياه اخلليج الدافئ مما قدَّم املربرات الكافي لكي تقوم الوالييات‬
‫املتحدة بدور نباشر يف اخلليج حبج حفظ األنن واالستقرار‪ ،‬وواكب ه ا اندالع‬
‫احلرب العراقي ‪-‬اإليراني وال ي نقل العراق نن نوقع احلليف لالحتاد السيوفييت إىل‬
‫حليف للواليات املتحدة ودول اخلليج‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫ووفقًا ملبدأ كارتر حمل نبدأ نيكسون عرضيت اإلدارة األنريكيي التعياون‬
‫العسكري نع األنظم الصديق يف الشرق األوسط ملواجه نا كانت تعتربه خطير‬
‫تدخل سوفييت يف املنطق ‪ ،‬وحاولت أن توفق بني ه ه األنظم النفطي وحتصنها ضد‬
‫اخلطر السوفييت فيما يُعرف بسياس التوافق االستراتيجي‪ .‬وزادت وترية التعياون‬
‫العسكري األنريكي نع دول املنطق خصوصًا فيما يتعلق بإنشاء قواعيد وتوقييع‬
‫اتفاقيات لتوفري تسهيالت عسكري لقوات االنتشار السيريع والقييام مبنياورات‬
‫نشترك نع ه ه الدول‪ ،‬مبا يضمن الوصول ملصادر النفط وننعه نن الوقوع حتت‬
‫سيطرة االحتاد السوفييت‪.‬‬
‫ويف ظل احتدام احلرب العراقي ‪-‬اإليراني كونت دول اخلليج جملس التعياون‬
‫اخلليجي يف نايو‪/‬أيار ‪ 1981‬ليلبيي رغب ه ه الدول وشعوهبا يف االعتماد عليى‬
‫قوهتا ال اتي يف محاي أننها خصوصًا يف ظل التغريات يف البني األنني يف املنطقي ‪.‬‬
‫وىف خضم اجلدل حول اقان قواعد عسكري يف اخلليج وحماول االعتماد على األنن‬
‫ال ايت نن خالل إقان جملس التعاون جاء الغزو العراقي لدول الكويت عام ‪،1990‬‬
‫وال ي ترتب عليه قيادة الواليات املتحدة لتحالف دويل ضم أكثر نين ‪ 20‬دولي‬
‫لتحرير الكويت وإجبار القوات العراقي على اخلروج ننها؛ مما نثَّل زمخًيا قويًيا‬
‫ملربرات ترجيح الرأي القائل بضرورة االعتماد على القوى األجنبي يف محاي أنين‬
‫اخلليج‪.‬‬
‫وقد دشَّن ه ا التطور نرحل الدخول العسكري األنريكي املباشر واملكثَّيف‬
‫إىل اخلليج؛ حيث اعتمدت الواليات املتحدة "نبدأ بوش األب" القائم على تواجد‬
‫عسكري نكثف للدفاع عن دول اخلليج‪ .‬ومتت ترمج ه ا املبدأ نن خالل إبيرام‬
‫نعاهدات أنني دفاعي بني الواليات املتحدة ودول جملس التعاون اخلليجي الست‪،‬‬
‫وهي نعاهدات تنص على وجود عسكري أنريكي دائم‪ ،‬وعلى ننح أنريكا قواعد‬
‫عسكري يف عدة دول خليجي ‪.1‬‬
‫وحيث انتهى ه ا التردد واحلساسي لدى دول املنطق نن الوجود األجنبيي‬
‫هبا محاي ألننها واستقرارها؛ تتردد نعظم دول اخلليج يف عقد نعاهدات دفاعي‬

‫أشرف سعد العسيوي‪" ،‬قراءة نقارن يف تأثري حربيي اخلليج الثاني والثالث يف أنن دول‬ ‫‪1‬‬
‫جملس التعاون اخلليجي"‪( ،‬نركز اخلليج لألحباث‪ ،‬دبيي‪ ،)3009 ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪111‬‬
‫ثنائي نع الواليات املتحدة األنريكي وبعض القوى الغربي وننحها قواعد عسكري‬
‫على أراضيها‪ ،‬وكانت الكويت ‪-‬نظرًا ملا تعرض له أننها‪ -‬نن أسبق دول اخللييج‬
‫إىل عقد تلك املعاهدات وتبعها يف ذلك بعض الدول اخلليجي خشي جتدد األخطار‬
‫األنني ‪ .‬ويف غضون سنوات قالئل أدى الغزو األنريكي للعراق يف إبرييل‪/‬نيسيان‬
‫‪ 3002‬إىل حتطيم قدراته العسكري ‪ ،‬ونن مث اختالل يف نيزان القيوى يف ننطقي‬
‫اخلليج‪.‬‬
‫وكان التفكري االستراتيجي اجلديد يف الواليات املتحدة بعيد أحيداث ‪11‬‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول املتمثل يف حمارب اإلرهاب والتطرف والضربات االستباقي خصوصًيا‬
‫يف ننطق الشرق األوسط بأن تكثف الواليات املتحدة وجودهيا العسيكري يف‬
‫ننطق اخلليج لدعم حرهبا يف أفغانستان واحتالهلا للعيراق‪ .1‬وهكي ا‪ ،‬تعيد‬
‫الواليات املتحدة قوة خارجي تفرض السَّلْم األنريكي بل أصبحت قوة هلا نيوطت‬
‫قدم يف ننطق اخلليج حىت إن البعض أصبح يعتربها قوة خليجي ؛ وهو األنر الي ي‬
‫زاد نن املعارض اإليراني للوجود الغربيي وباألخص األنريكي يف املنطق وساعد‬
‫يف سباق تسلح حمموم يف ننطق الشرق األوسط‪ ،‬كما أن فشل الواليات املتحيدة‬
‫يف حتقيق أهدافها يف كل نن أفغانستان والعراق قوَّى نن الشأن اإليرا‪ ،‬واملعارضه‬
‫للهيمن الغربي ‪.2‬‬
‫ونن نطلع العقد الراهن‪ ،‬تعد الواليات املتحدة تعترب إيران دولي نارقي‬
‫وجزءًا نن حمور الشر فحسب بل إن السياس اإليراني يف املنطق وخصوصًا تبنيهيا‬
‫لربنانج الطاق النووي ومتكنها وتعزيز قدراهتا العسكري التقليدي ننها وغري التقليدي‬
‫جعلت نن إيران اخلصم اجلديد لواشنطن‪ ،‬ونربرًا لبقاء قواهتا يف املنطق ‪ .‬وبالتيايل‪،‬‬
‫يعد البعد االستراتيجي للنفط اخلليجي وحده هو امليربر لالهتميام األنريكيي‬
‫باملنطق ‪ ،‬بل إن دور الواليات املتحدة كقوة عاملي تتعرض ملنافس نن قوى دوليي‬
‫أخرى صاعدة نثل الصني واهلند‪ ،‬أو نن قوى إقليمي كإيران وهي تنظر إىل ننطق‬

‫بشري عبد الفتاح‪" ،‬جتديد اهليمن األنريكي "‪( ،‬نركز اجلزيرة للدراسات‪ ،‬أوراق اجلزيرة‬ ‫‪1‬‬
‫‪.3010 ،)18‬‬
‫ظافر حممد العجمي‪" ،‬أنن اخلليج‪ :‬تطوره وإشكالياته نن ننظور العالقيات اإلقليميي‬ ‫‪2‬‬
‫والدولي "‪( ،‬نركز دراسات الوحدة العربي ‪ ،‬سلسيل أطروحيات اليدكتوراه (‪،)96‬‬
‫بريوت)‪ ،3006 ،‬ص ‪.33-19‬‬
‫‪116‬‬
‫اخلليج كجزء نن استراتيجيتها هل ا التنافس العاملي خصوصًا وأن الوضع األنين يف‬
‫ننطق الشرق األوسط يتحسن بل إن قائم التهديدات ترتفع وتتوسع‪ ،‬وحتديدًا‬
‫بعد أحداث الربيع العربيي ووصول اإلسالم السياسي للحكيم يف بعيض دول‬
‫الربيع العربيي‪.1‬‬
‫ورغم التحديات االقتصادي احلالي الىت تتعرض هلا الواليات املتحدة وحتوييل‬
‫جزء نن سياستها إىل التركيز على الشأن الداخلي أو على شرق خسيا فإن ننطقي‬
‫اخلليج بكل حساسياهتا وأمهيتها ستظل حمل اهتمام غربيي وأنريكيي ونسيرحًا‬
‫لوجودها العسكري‪2‬؛ فقد اعترفت إدارة الرئيس بارا أوبانيا بنتيائج كارثيي‬
‫للحروب يف العراق وأفغانستان‪ ،‬واعتربت أن احلفاظ على اإلنرباطوري األنريكيي‬
‫يتطلب تعديل أساليب واستراتيجيات جديدة‪ ،‬ويف ه ا صاغ البيت األبيض نبيدأً‬
‫جديدًا للغزو قائمًا على حرب جوي نكثف ‪ ،‬وتدخل أكرب‪ ،‬وذلك عندنا تسيمح‬
‫الظروف للحلفاء واملتعاونني‪ ،‬وه ا يشمل التسليح والدعم املايل لدول اخلليج‪.3‬‬

‫ابعا‪ :‬الدور الجديد لحلف الناتو في أمن الخليج‪:‬‬


‫رً‬
‫رغم الوجود الغربيي العسكري يف املنطق خصوصًا األنريكي والربيطياين‬
‫والفرنسي‪ ،‬وهي دول فاعل ونهم يف حلف الناتو‪ ،‬ورغم متيز العالقات الثنائيي‬
‫بينها وبني دول اخلليج إال أن عالقات حلف الناتو نع دول اخلليج كانت شيكلي‬
‫الطابع طيل السنوات املاضي اليت شهدت فيها املنطق اختالالت عسكري وأننيي‬
‫نتعددة‪ .‬ويعود انكفاء حلف الناتو عن ننطق اخلليج إىل نشأة احلليف وتطيور‬
‫أدواره وأهدافه؛ فقد تأسس حلف الناتو يف بروكسل عام ‪ 1939‬بتوقيع ‪ 13‬دولي‬
‫على نيثاقه املتضمن تعهد األطراف بتسوي النيزاعات الدولي اليت تكون طرفًا فيها‬

‫لورونس كورب‪" ،‬اخلليج واستراتيجي األنن القوني األنريكي"‪( ،‬نركيز دراسيات‬ ‫‪1‬‬
‫اإلنارات‪ ،‬سلسل حماضرات اإلنارات (‪ ،)191‬أبو ظبيي‪ ،)3006 ،‬ص ‪.609‬‬
‫‪“Securing the Persian Gulf: After Fiscal Cliff and ‘Pivot’ to Asia, U.S.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪.Strategy Could Change”, World Tribune‬‬
‫‪http://www.worldtribune.com/2012/12/04/securing-the-persian-gulf-‬‬
‫‪after-fiscal-cliff-and-pivot-to-asia-u-s-strategy-could-change/‬‬
‫عبد اجلليل زيد املدهون‪" ،‬برانج التسلح يف اخلليج واجلوار"‪) ،‬نركز اجلزيرة للدراسات‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫أوراق اجلزيرة ‪ ،3013 ،(39‬ص ‪.91‬‬
‫‪117‬‬
‫بالوسائل السلمي واالنتناع عن التهديد باستخدام القوة‪ ،‬وتعهد األطراف بأن أي‬
‫هجوم نسلح على أي نن أطرافها يعد هجونًا عليها مجيعًا‪ ،‬وكان نن أهم أهدافه‬
‫نهم الدفاع عن غرب أوروبا وننطق األطلسي ضد خطر أي اجتياح عسيكري‬
‫سوفييت‪ ،‬وإيقاف طموحاته وتطلعاته بنقل الفكر والنظام الشيوعي عن طريق أداته‬
‫العسكري (حلف وارسو) إىل أوروبا الغربي هبدف تدنري النظام الرأمسايل‪.‬‬
‫وقد لعب حلف الناتو دورًا نركزيًّا يف احلفاظ على األهداف الي ي أقييم‬
‫بسببها وبقي ه ا الوضع قائمًا حىت تفكك االحتاد السوفييت واحنالل حلف وارسو‬
‫بعد انتهاء احلرب الباردة‪ .‬وبانتهاء اهلرب الباردة وزوال اخلطر السوفييت والي ي‬
‫كان حاضرًا ألربع عقود نتتالي انتدت نن ‪ 1938‬إىل عام ‪ 1989‬فقد حلف الناتو‬
‫أحد أهم أسباب نقونات وجوده وغدا يبحث عن أدوار تربر استمراره ومتاسكه؛‬
‫فقام حلف الناتو بإعادة صياغ استراتيجي مبا يتواكب والتحديات األنني املستجدة‬
‫اليت ظهرت بعد انتهاء احلرب الباردة وخصوصًا أحداث البلقان وبعض دول أوروبا‬
‫الشرقي خوفًا نن انعكاساهتا السلبي على األنن األوروبيي‪.‬‬
‫ونثَّلت أحداث ‪ 11‬سبتمرب‪/‬أيلول ننعطفًا جديدًا يف عمل "الناتو" حيث فعَّيل‬
‫احللف البند اخلاص بالدفاع املشتر عندنا تعرضت الواليات املتحيدة لليهجوم‪،‬‬
‫وعلى خلفي األحداث ساهم احللف يف "احلرب على اإلرهاب" اليت تبنتها أنريكيا‬
‫بدءًا بأفغانستان وتنظيم القاعدة عام ‪.3003‬‬
‫وتُعترب ه ه نرحل نفصلي يف تاريخ حلف الناتو ونقط حتول أساسي حييث‬
‫عمل احللف خارج ننطق أوروبا ألول نرة عرب تارخيه الطويل؛ حيث شيار يف‬
‫توفري القوة والدعم اللوجسيت واالتصاالت "القوة املساعدة األنني الدولي " إيساف‬
‫يف أفغانستان‪ .‬وضمن استراتيجيته اجلديدة عقب انتهاء احلرب الباردة طور "الناتو"‬
‫حوارًا سياسيًّا عسكريًّا نع دول الشرق األوسط ومشال إفريقيا حيث بدأ "حيوار‬
‫البحر املتوسط" يف عام ‪ 1993‬نع كل نن اجلزائير ونصير وإسيرائيل واألردن‬
‫ونوريتانيا واملغرب وتونس‪.‬‬
‫وخالل ه ه السنني تطور املفهوم االستراتيجي للحلف ليتناسب نع نتطلبات‬
‫املرحل األنني والتصور اجلديد ملاهي دور احللف وأهدافه؛ ففي قم واشنطن ‪1999‬‬
‫اعتُربت إدارة األزنات وننعها نن نهام احللف األنني األساسي ‪ ،‬وجاء اجتمياع‬
‫‪118‬‬
‫احللف يف براغ ‪ 3003‬ليمد احللف بإنكانيات وقيدرات متكنيه نين نواجهي‬
‫التهديدات األنني املتصورة للقرن احلادي والعشرين؛ حيث توسيع العضيوي يف‬
‫احللف بدعوة سبع دول جديدة إىل بدء نفاوضات لالنضمام للحلف وتشكيل قوة‬
‫استجابه تابع للحلف (قوات رد سريع (‪.)NRF‬‬
‫وقد كان للغزو األنريكي للعراق تأثري عميق على عمل احللف جتاه الشيرق‬
‫األوسط عمونًا؛ حيث شار الناتو عقب الغزو األنريكي يف إرسال بعث تدريبيي‬
‫لتقدمي املساعدة املطلوب للحكون العراقي اجلديدة وتدريب قواهتا األنني ‪ .‬وخيالل‬
‫ه ه الفترة بدأت نالنح الربنانج النووي تظهر يف األفق مما فاقم نن أزن الوضيع‬
‫األنين يف ننطق اخلليج ليس لدول اخلليج وحسب بل لليدول ذات املصياحل يف‬
‫املنطق والقوى الكربى واجملتمع الدويل‪.‬‬
‫وهك ا‪ُ ،‬ولِد التغيري يف البيئ األنني يف اخلليج وتزاننه نع التغيري االستراتيجي‬
‫ال ي حصل يف أهداف ونهام وقدرات حلف الناتو نن خالل تطيور نفاهيميه‬
‫االستراتيجي خالل ه ه الفترة إىل جانب نا أصاب اجلانب األنريكي نن اهتيزاز‬
‫ملكانته بعد هجمات احلادي عشر نن سبتمرب‪/‬أيلول ونا تبعها نن غزو لكل نين‬
‫أفغانستان والعراق‪ ،‬ولقناع لدى بعض دول اخلليج وحلف الناتو أن للحلف دورًا‬
‫ميكن أن يلعبه يف املنطق لتعزيز األنن واحملافظ على السالم‪ .‬ونن هنيا‪ ،‬جياءت‬
‫نبادرة إسطنبول ‪ 20-39‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 3001‬تدعو للحوار نيع بليدان جمليس‬
‫التعاون نن أجل إحداث توازن إقليمي جديد يف ننطق اخللييج‪ ،‬كجيزء نين‬
‫التحالف األوسع يف ننطق الشرق األوسط‪.‬‬
‫وهتدف نبادرة إسطنبول إىل املسامه يف األنن العاملي واإلقليمي على امليدى‬
‫البعيد‪ ،‬بغرض التعاون األنين الثنائي العملي بني حلف الناتو وبلدان ننطق الشرق‬
‫األوسط املوسع على أن تبدأ ببلدان جملس التعاون اخلليجي نن خالل قائم نين‬
‫األنشط الثنائي اليت ميكن للدول أن ختتار ننها‪ .‬وقد قبيل كيل نين الكوييت‬
‫واإلنارات العربي املتحدة وقطر والبحرين ه ه املبادرة يف عام ‪3009‬م بينما بقيي‬
‫كل نن عُمان واململك العربي السعودي خارج ه ا اإلطار رغم أن األخريتيني‬
‫ترفضا املبادرة رمسيًّا وفضَّلتا التعاون نع بنود املبادرة املناسب الحتياجاهتما بدون أن‬
‫يكون هنالك توقيع رمسي وانضمام للمبادرة‪ .‬يف حني أن إيران أظهرت نعارضتها‬
‫‪119‬‬
‫الشديدة ملبادرة إسطنبول واهتمتها بأنه تزيد نن الوجود األجنبيي يف املنطق وهتدد‬
‫ب لك أنن دول املنطق ‪ ،‬غري أن املالحظ أن نبادرة إسطنبول حتقيق األهيداف‬
‫املتوقع نن قبل اجلانبني حىت اآلن‪ ،‬حيث ال توجد وثيق إطاري أو اتفاق عسكري‬
‫رغم التركيز الكبري على اجلانب العسكري يف ه ه املبادرة‪ ،‬كميا أن املشيارك‬
‫اخلليجي يف الربانج املطروح نن قبل "الناتو" تعترب ضئيل خصوصًا إذا نا قيسيت‬
‫إىل ازدياد الربانج املعروض نن قبل احللف للدول الشريك واليت يشكِّل اجلانيب‬
‫العسكري ننها اجلانب األكرب‪ ،‬كما يالحظ غياب أي اجتمياع دوري ليوزراء‬
‫الدفاع أو اخلارجي نن اجلانبني وال يوجد أي برنانج ثنائي خمصص للتعاون بيني‬
‫احللف والدول اخلليجي املوقع على املبادرة‪.‬‬
‫وميكن فهم القصور الراهن يف نبادرة إسطنبول بالنظر إىل نشاكل هيكليي‬
‫تتعلق بالطبيع الثنائي هل ه املبادرة؛ حيث ختاطب دول اخلليج كمجموع إقليمي‬
‫نن خالل جملس التعاون بل فضلت اجلانب الثنائي حيث توقع ‪ 38‬دولي (عيدد‬
‫األعضاء احلاليني حللف الناتو) نع إحدى الدول اخلليجي أو نا يُعرف (‪.)1+38‬‬
‫وإذا أخ نا يف احلسبان الفرق يف احلجم والقدرات لدول احللف نتفرق كانت أو‬
‫جمتمع نن خالل احللف نع إحدى الدول اخلليجي املنظم هل ه املبادرة تبني لنا الفارق‬
‫الكبري وال ي يؤثر على قدرة دول اخلليج يف املفاوضات‪ .‬كميا أن غيياب اليدول‬
‫اخلليجي الكربى كالسعودي وعُمان يؤثر سلبيًّا يف تطور ه ه املبادرة خصوصًا إذا نيا‬
‫أخ نا يف احلسبان احلجم العسكري املتواضع لقدرات الدول اخلليجي املنظم للمبادرة‪،‬‬
‫فضالً عن غياب استراتيجي أنني نشترك لدول جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ -‬ساهم االختالل اهليكلي األنين يف ننطق اخلليج يف جعل أننها نرهونًا دونًيا‬
‫بالعانل اخلارجي‪ ،‬ويف حني ساعد "السلم الربيطاين" يف احلفاظ عليى أنين‬
‫املنطق لعقود عدة‪ ،‬إال أن "السلم األنريكي" وال ي بيدأ نني انسيحاب‬
‫بريطانيا نن اخلليج شهد العديد نن األزنات واحلروب‪ ،‬ونا زاليت خفياق‬
‫الصراعات والتهديد واضح وأبعادها خطرة خصوصًيا إذا نيا أخي نا يف‬
‫احلسبان التطورات يف أسلح الدنار الشانل‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫‪ -‬نع أحداث الربيع العربيي‪ ،‬بات جليًا أن نصادر التهديد اخلارجي تيرتبط‬
‫بالشأن الداخلي يف دول جملس التعاون اخلليجي نفسها‪ ،‬ونن مث جيدر بيدول‬
‫اخلليج أن تتنبه إىل أن عدم نعاجل التحديات الداخلي قد يؤدي إىل التيدخل‬
‫اخلارجي ويساهم يف تكراره ونن مث يوفر املسوغات السيتمرار وجيوده يف‬
‫املستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬إنَّ دول اخلليج يف وضع أنين ال تُحسيد علييه‪ ،‬ولكين حبكيم وضيعها‬
‫االستراتيجي وتأثري ذلك على األنن العاملي‪ ،‬فإن أنين اخللييج يعتميد يف‬
‫املستوى األول على احلماي اخلارجي نن خالل اتفاقييات أننيي وقواعيد‬
‫عسكري تُمنَح للقوى العظمى يف املنطق (خصوصًيا الوالييات املتحيدة‪،‬‬
‫وبريطانيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬ورمبا حلف الناتو يف املستقبل القريب)‪ .‬ويف ظل صيعود‬
‫قوى خسيوي نثل اهلند والصني واالزدياد املتصاعد يف حجم اعتمادمها عليى‬
‫نفط اخلليج إىل جانب منو املصاحل التجاري واالقتصادي األخيرى وحجيم‬
‫عمالتهما يف اخلليج‪ ،‬فقد بدأ احلديث عن إنكاني نشارك كل نين اهلنيد‬
‫والصني يف محاي أنن اخلليج خصوصًا يف ظل األزنات االقتصادي اليت ألقت‬
‫بظالهلا على قدرة الدول الغربي العسكري وتقليص حجم نيزانياهتيا‪ .‬ونين‬
‫املرجح أن نشارك كل نن اهلند أو الصني ‪-‬يف حال ه ا‪ -‬سيكون هليا‬
‫انعكاسات سلبي على املنطق نظرًا لعدم ضمان تطيابق اليرؤى واملصياحل‬
‫السياسي واألنني هلاتني القوتني الصاعدتني يف كل األحوال نع رؤى ونصاحل‬
‫دول اخلليج‪ ،‬فضالً عن تبعات العمال اهلندي والصيني يف املنطق ؛ فاالحتياطي‬
‫اخلليجي نن النفط كان وسيبقى ‪-‬إىل خناد بعييدة نين القيرن احليادي‬
‫والعشرين‪ -‬سلع استراتيجي تؤدي دورًا نهمًا يف توجيه دفي السياسيات‬
‫اخلارجي للواليات املتحدة ودول االحتاد األوروبيي وللعديد نين القيوى‬
‫الدولي األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬إن االعتماد على املظل األنني اخلارجي له نربراته يف ظل عيدم قيدرة دول‬
‫جملس التعاون على صياغ سياس أنني نشترك حتمي دوهلا وشعوهبا؛ هي ا‬
‫رغم بعض التطورات األخرية اليت طرأت على ه ا اجلانب‪ ,‬كمثيل حيزام‬
‫التعاون والقيادة املشترك ‪ .‬كما أن غياب نظام أنين عربيي خصوصًا يف ظل‬
‫‪110‬‬
‫التطورات األخرية وتداعيات الربيع العربيي يفاقم نن خطورة وانكشياف‬
‫الوضع األنين يف اخلليج‪ .‬وهل ه االتفاقيات والقواعد األجنبي العسكري جانب‬
‫سلبيي يتمثل يف عدم رغب أو حىت قدرة دول اخلليج على تطوير فكرة ذاتي‬
‫أو االتفاق على تعاون فيما بينها للحفاظ على األنن‪ .‬هي ا عليى جانيب‬
‫االبتزاز السياسي واالقتصادي لالعتماد على األنن املوفر نن اخلارج‪ ،‬وإذا نا‬
‫أخ نا يف احلسبان انسياب ونرون السياس الدولي واليتغريات املتسيارع‬
‫للمصاحل الدولي فإن االعتماد الكلي على توفري األنن نن اخلارج وعدم توفري‬
‫قوة ذاتي مجاعي يعرِّض ه ه الدول اخلليجي ملساءل شعبي داخلي ‪ ،‬وييرهن‬
‫أننها بالتقلبات يف املزاجات الدولي ‪ ،‬ويفاقم نن التحديات األنني املستقبلي ‪.‬‬
‫رغم ه ا فإن الوجود األجنبيي واحلماي األجنبي ألنين اخللييج سييظل‬
‫نستمرًّا على املدى القصري واملتوسط وذلك نظرًا لعدم توفر األنن الي ايت أو‬
‫االستقرار اإلقليمي‪ ،‬ولو أن ه ا الوجود ميكن أن يتمثيل بأمنياط أخيرى‬
‫(كالتعاون والتسليح والتدريب واستخدام التكنولوجيا العسكري املتطيورة)‬
‫ليتماهى ويتوازن نع نتطلبات احلفاظ على األنن يف ه ه املنطق االستراتيجي‬
‫نن العا واحلساسي الشعبي واإلقليمي والتكلف السياسي واالقتصادي لتواجد‬
‫قوى أجنبي على أرض املنطق ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل اخلامس‬

‫التطورات اإلقليمية والدولية‬


‫وتأثرياتها االقتصادية والدميغرافية‬
‫على املنظومة اخلليجية‬

‫‪111‬‬
‫الصناديق السيادية واألمن االرتصادي‬
‫لدول مجلس التعاون الخليجي‬
‫د جاسم حسين‬

‫مقدمة‬
‫تكتسب الصناديق االستثماري اخلليجي أمهي خاص على نسيتوى العيا‬
‫بالنظر حلجم تدفقاهتا املالي نن جه واستعداد دول جمليس التعياون اخلليجيي‬
‫لتوظيف جانب ننها يف استثمارات نتنوع يف خمتلف بقياع األرض نين جهي‬
‫أخرى‪ .‬وقد شهدت السنوات األخرية زمخاً غري نسبوق السيتثمارات الصيناديق‬
‫واهليئات املالي السيادي لدول جملس التعاون اخللجيي يف العدييد نين املييادين‬
‫واجملاالت‪.‬‬
‫ويف ه ا الصدد‪ ،‬برزت دول قطر كنموذج مميز‪ ،‬حيث اتسع نطاق وحجيم‬
‫استثماراهتا السيادي لريتاد جماالت جديدة تعد قاصرةً على اجلوانب التقليدي بل‬
‫انتدت إىل جماالت واعدة نثل شراء األندي الرياضي ‪ ،‬والفنادق الفاخرة يف أشيهر‬
‫العواصم األوروبي كلندن وباريس‪ ،‬مما يعطي االستثمارات القطري أبعاداً نعنويي‬
‫تعظم نن قيمتها املادي ‪ .‬بيد أنَّ هنا حاج لتوافر رقاب تشريعي وجمتمعي وإعالني‬
‫على الثروات السيادي بالنظر لضخانتها‪ ،‬فضالً عن ضمان حتقيق األهداف املرجوة‬
‫ننها‪ ،‬نثل‪ :‬تعزيز األنن االقتصادي اخلليجي‪ ،‬باإلضاف إىل تنويع إيرادات اخلزاني‬
‫العان بعيدًا عن القطاع النفطي الناضب وال ي يشكل استمرار االعتماد عليه أحد‬
‫أهم عوانل انكشاف االقتصاديات اخلليجي ‪.‬‬
‫كما أنَّ تزايد املخاطر املرتبط باألسواق واجملاالت املألوف السيتثمارات دول‬
‫اخلليج يف ضوء تداعيات األزن املالي يف ننطقي الييورو والوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي ‪ ،‬تدعو إىل ضرورة البحث عن بدائل استثماري ‪ -‬نن حييث األسيواق‬
‫‪111‬‬
‫وك لك األوعي االستثماري ‪ -‬حفاظاً على أصول الصناديق السيادي اخلليجي نين‬
‫جه ‪ ،‬وتعظيماً لدورها يف حتقيق األنن االقتصادي واملايل لدول جملس التعاون نين‬
‫جه أخرى‪.‬‬
‫يف ضوء ذلك‪ ،‬تستعرض ه ه الورق البحثي تطور حجم وطبيع استثمارات‬
‫الصناديق السيادي اخلليجي ‪ ،‬وتبني املخاطر احملتمل الستمرار االعتماد على استثمار‬
‫ه ه الصناديق يف كل نن الواليات املتحدة األنريكي ودول االحتاد األوروبيي ال‬
‫سيما يف ضوء األزنات املالي الراهن واحملتمل يف الدول الغربي ‪.‬‬
‫وتناقش الورق أيضاً بدائل االستثمارات األخرى املتاح يف اليدول العربيي‬
‫(خاص دول الربيع العربيي) وك لك اخلليجي ‪ ،‬ونزاياها نين ننظيور األنين‬
‫االقتصادي واملايل اخلليجي‪ ،‬وختتتم بعدد نن الضوابط التشريعي واإلعالني الييت‬
‫ترى أهنا ضروري نن أجل تعظيم الفائدة نن اسيتثمارات الصيناديق السييادي‬
‫اخلليجي وحتقيق التنمي املستدان لألجيال احلالي والقادن ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬حجم وطبيعة استثما ار الصناديق السيادية الخليجية‬


‫حبسب أرقام بداي العام ‪ 3012‬الصادرة عن املعهد الدويل لصيناديق الثيروة‬
‫السيادي ‪ ،‬تُعترب اإلنارات العربي املتحدة‪ ،‬وبالتايل دول عربي وخليجيي ‪ ،‬صياحب‬
‫أكرب الصناديق السيادي على نستوى العا ‪ .‬يبلغ حجم املوجودات التابع جلهياز‬
‫أبو ظبيي لالستثمار حنو ‪ 639‬نليار دوالر لكن ترتفع قيم الثروة لدول اإلنارات‬
‫العربي املتحدة إىل ‪ 812‬نليار دوالر بعد إضاف التدفقات املتعلق بصندوق خياص‬
‫بإنارة دبيي فضالً عن شرك االستثمارات البترولي الدولي وشرك نبادل للتنمي‬
‫املتخصصتني التابعتني إلنارة أبو ظبيي‪.1‬‬
‫وحسب املعهد نفسه؛ فقد بلغت قيم الصناديق السيادي يف العا قراب ‪9,3‬‬
‫تريليون دوالر نع انطالق عام ‪ .3012‬وه ا يعيين أن حجيم األنيوال التابعي‬
‫لثنارات العربي املتحدة وحدها متثل أكثر نن ‪ 19‬يف املائ نن الثروات العامليي ؛‬

‫‪Sovereign Wealth Institute, "Sovereign Wealth Fund Ranking”, January‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪.2013‬‬
‫‪http://www.swfinstitute.org/fund-rankings‬‬

‫‪116‬‬
‫األنر ال ي يعكس األمهي النسبي لثنارات على االقتصياد العياملي‪ .‬مث هنيا‬
‫الصناديق التابع لبقي دول جملس التعاون اخلليجي وقيم بعضها ضخم متانًا كميا‬
‫هي احلال نع اإلنارات‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ ‬السعودي (‪ 923‬نليار دوالر)‪.‬‬
‫‪ ‬الكويت (‪ 396‬نليار دوالر)‪.‬‬
‫‪ ‬قطر (‪ 119‬نليار دوالر)‪.‬‬
‫‪ ‬البحرين (‪ 9‬نليارات دوالر)‪.‬‬
‫‪ ‬عمان (‪ 8‬نليارات دوالر)‪.‬‬
‫ويف اجملموع‪ ،‬تبلغ القيم الكلي لثروات الصناديق السييادي ليدول جمليس‬
‫التعاون اخلليجي الست قراب ‪ 1999‬نليار دوالر نشكِّل فيما بينيها قرابي ‪ 23‬يف‬
‫املائ نن نوجودات الصناديق العاملي ‪ .1‬وهي نسب تعكس جانبًا نن اإلنكانييات‬
‫املالي اليت تزخر هبا دول جملس التعاون‪ .‬كما تضيف ه ه احلقيق نن أمهي املنظون‬
‫اخلليجي لالقتصاد العاملي وتضاف لقدرات أخرى وخصوصًا القطاع النفطي‪ .‬تتربع‬
‫كل نن السعودي وقطر بشكل ننفرد على عرش أكرب نصدِّر للنفط اخلام والغياز‬
‫الطبيعي املسال يف العا ‪ ،‬على التوايل‪ .2‬غري أنه ليس نن الصعوب مبكيان نعرفي‬
‫بعض األسباب اجلوهري وراء قدرة دول جملس التعاون اخلليجي على حتقيق نراتب‬
‫ونرد ذلك النفط والغاز‪.‬‬
‫ال‬ ‫نتقدن يف الترتيب العاملي يف جمال الصناديق السيادي‬
‫وبشكل أكثر حتديدًا‪ ،‬يشكِّل القطاع النفطي (النفط والغاز واألنور األخرى‬
‫نثل البتروكيماويات) حنو ‪ 98‬يف املائ نن نصادر الثروة للصناديق السيادي عليى‬
‫نستوى العا ‪ ،3‬وه ا رمبا يفسر التواجد القوي لدول اخلليج على خارط الصناديق‬
‫السيادي كوهنا يف طليع الدول املنتج واملصدرة للنفط والغاز‪.‬‬

‫املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪BP Statistical Review of World Energy, June 2012.‬‬ ‫‪2‬‬
‫=‪http://www.bp.com/sectionbodycopy.do?categoryId=7500&contentId‬‬
‫‪7068481‬‬
‫‪Bernstein, Shai, Lerner, Josh and Schoar, Antoinette. "The Investment‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Strategies of Sovereign Wealth Funds, Journal of Economic‬‬
‫‪Perspectives, Volume 27, Number 2 - Spring 2013 - Pages 219-238.‬‬

‫‪117‬‬
‫ونهما يكن نن أنر‪ ،‬تُعترب قيم ثروات الصناديق السيادي اخلليجي نتميزة عليى‬
‫خمتلف األصعدة احمللي واإلقليمي والدولي ‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬قدَّر صندوق النقد الدويل‬
‫حجم الناتج احمللي اإلمجايل لثنارات يف حدود ‪ 286‬نليار دوالر يف العيام ‪ 3013‬أي‬
‫أقل نن نصف قيم الصناديق السيادي للدول ‪ .1‬كما تساهم ظاهرة توافر ثروة سييادي‬
‫ضخم بإنكاني احلصول على نالءة نتميزة؛ األنر ال ي يعزز نن فيرص الوصيول‬
‫ملصادر للتمويل وبأسعار تنافسي ‪ .‬وخري دليل على ذلك متتع إنارة أبو ظبيي مبيالءة‬
‫نالي نن نوع (‪ )AA‬فضالً عن نظرة نستقبلي نستقرة بالنسب لكل نين نؤسسييت‬
‫(ستاندر خند بور) و(فيتش) على حد سواء‪ .‬بدورها‪ ،‬متنح نؤسس (نيوديز) والييت‬
‫تُشتهر بني نؤسسات التقييم املايل بتشددها يف نينح اليدرجات‪ ،‬تصينيف (‪)AA2‬‬
‫بشكل ننفرد ألبو ظبيي واإلنارات‪ .2‬ويوفر ه ا املستوى نن امليالءة عيدم توقيع‬
‫حصول ضائق نالي ضمن فترة زنني نعين ‪ .‬ال شك‪ ،‬توفر الثروة السيادي ضيمانات‬
‫للتعانل التجاري نع اإلنارات بشكل عام وه ا نا جتلَّى يف كيفي التعانل اإلجيابييي‬
‫إلنارة أبو ظبيي يف نواجه أزن نديوني دبيي يف ‪.33009‬‬
‫إقليميًّا ودوليًّا‪ ،‬تلعب الثروات السيادي اخلليجي دورًا حيويًّا يف توفري السيول على‬
‫نستوى العا ؛ إذ يوجد اعتقاد نفاده أن الدول اخلليجي رمبا سامهت بتوفري قرابي ‪33‬‬
‫يف املائ نن السيول املالي يف السنوات القليل املاضي لتحريك االقتصاد العاملي‪ .‬بل ليس‬
‫نن املستبعد ارتفاع حجم األصول اخلليجي يف األسواق العاملي حليد ‪ 2,3‬تريلييون‬
‫دوالر خالل ‪ 3019‬نقارن نع حنو تريليوين دوالر نع هناي ‪ 43013‬على خلفي توقيع‬
‫بقاء أسعار النفط نرتفع يف املستقبل املنظور‪.‬‬

‫وائل اخلطيب‪ 293,9" ،‬نليار دوالر النياتج احملليي لثنيارات يف ‪( ،"3012‬البييان‬ ‫‪1‬‬
‫االقتصادي‪ 33 ،‬إبريل‪/‬نيسان ‪،)3013‬‬
‫‪http://www.albayan.ae/economy/local-market/2012-04-22-1.1635641‬‬
‫جمل "ذي غلف" الشهري اليت تصدر باللغ اإلجنليزي ‪ ،‬فرباير‪/‬شباط ‪،3012‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://www.thegulfonline.com/Section.aspx?SubSecID=43&subsection‬‬
‫‪=Risk%20Analysis‬‬
‫"أبو ظبيي نستمرة يف دعم دبيي ولكن بشروط" ‪ 19‬نارس‪/‬خذار ‪،3010‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪http://www.mostshark.net/vb/showthread.php?t=104350#axzz2L2ZuZSp3‬‬
‫دالل أبو غزال ‪" ،‬دول اخلليج استثمرت تريليوين دوالر يف األسواق العاملي "‪ ،‬احلياة‪3 ،‬‬ ‫‪4‬‬
‫يناير‪/‬كانون الثاين ‪،3012‬‬
‫‪http://alhayat.com/Details/468556‬‬

‫‪118‬‬
‫ويقدر البعض أن الصناديق اخلليجي ترفد حنو ‪ 300‬نلييار دوالر سينويًّا يف‬
‫االقتصاد العاملي؛ األنر ال ي يساعد يف احلد والتقليل نن الت ب بات يف أسواق املال‬
‫الدولي فضالً عن املسامه يف متويل التنمي يف االقتصاديات الناشيئ ‪ .1‬كميا ذاع‬
‫صيت الصناديق السيادي اخلليجي عرب ندِّ يد العون للمجتمع الدويل بغي نعاجلات‬
‫بعض تداعيات األزن املالي العاملي واليت كُشف النقاب عنها يف ‪ .3008‬إمجياالً‪،‬‬
‫سامهت السلطات اخلليجي يف صندوق خاص نن ترتيب صندوق النقيد اليدويل‬
‫لتخصيص ‪ 390‬نليار دوالر لتقدمي االئتمان لالقتصاديات األكثر عرض لتيداعيات‬
‫األزن املالي ‪.2‬‬
‫أيضًا قانت الصناديق السيادي اخلليجي بضخ حنو ‪ 30‬نليار دوالر كنوع نن‬
‫املساعدة لبعض املؤسسات املالي الغربي للتكيف نع تداعيات أزن الرهن العقاري‬
‫واليت أصابت االقتصاد العاملي يف نقتل يف العام ‪ 3008‬عرب طرق خمتلف ننها قبيول‬
‫شراء نسب نن أسهمها‪ .3‬بل ال تنتهي قص نكتسبات الثروات السيادي اخلليجيي‬
‫عند ه ا احلد؛ حيث تتعدى ذلك وتشمل تنفي استثمارات يف األصول العقاريي‬
‫وأسواق املال فيما خيص شراء األسهم والسندات واالستحواذ يف خمتلف القطاعات‬
‫االقتصادي اخلدني ننها والصناعي ‪ .‬ورمبا تغريت طبيع االستثمارات اخلليجي كرد‬
‫فعل نتوقع على ظهور األزنات املالي نثل الرهن العقاري انطالقًا نين الوالييات‬
‫املتحدة نن ننتصف ‪ 3008‬فضالً عن تداعيات أزن نديوني اليونان مبا يف ذليك‬
‫على دول ننطق اليورو هناي ‪ 3009‬لكن حافظت االستثمارات اخلليجيي عليى‬
‫أمهيتها الدولي ‪.‬‬
‫واألنر اجلدير باملالحظ يف ه ا السياق‪ ،‬هو حتاشي السلطات اخلليجي املعني‬
‫بالصناديق السيادي لوسائل اإلعالم قدر املستطاع فيما خيص سياساهتا االستثماري‬
‫كخيار استراتيجي‪ ،‬لكن ال نناص نن كشف االستثمارات يف بعيض احلياالت‬

‫ننصور اجلمري‪" ،‬الصناديق السيادي اخلليجي "‪ ،‬الوسط‪ 19 ،‬نارس‪/‬خذار ‪،3008‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪http://www.alwasatnews.com/2021/news/read/284692/1.html‬‬
‫"صندوق النقد الدويل يوافق على توفري ‪ 390‬نليار دوالر لدعم االقتصاد العياملي"‪13 ،‬‬ ‫‪2‬‬
‫أغسطس‪/‬خب ‪،3009‬‬
‫‪http://arabic.peopledaily.com.cn/31659/6728182.html‬‬
‫أبو غزال ‪" ،‬دول اخلليج استثمرت تريليوين دوالر يف األسواق العاملي "‪( ،‬نرجع سابق)‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪119‬‬
‫بسبب القوانني احمللي واليت تُلزِم اإلفصاح عن اجلهات املالك لنسب نعيني نين‬
‫امللكي نثل ‪ 9‬يف املائ فما أعلى‪ .‬ويف اجملموع‪ ،‬يتبع جهاز أبو ظبيي لالسيتثمار‬
‫املتميز بقيم ثروته السيادي ونن تأسيسه يف العام ‪ 1996‬سياسي االسيتثمار يف‬
‫جماالت خمتلف مبا يف ذلك األسهم والودائع نع التركيز على خييارات حمدوديي‬
‫املخاطر‪ ،‬طبعًا نع حتاشي الظهور اإلعالني‪.1‬‬
‫بدورها تتميز الكويت واليت كانت سبَّاق بيني شيقيقاهتا يف دول جمليس‬
‫التعاون عرب تأسيس صندوق سيادي يف العام ‪ 1992‬باالستثمار يف الطاق وبالتايل‬
‫يف جمال تتمتع فيه بقدرة تنافسي ‪ . 2‬وقد وصل احلال بانتال الكوييت حملطيات‬
‫وقود خارج أراضيها وصوالً لسائقي السيارات عرب بيع خمتلف املنتجات النفطي‬
‫فضالً عن وقود الطائرات للمطارات نا يعين االستفادة القصوى نين قيدراهتا‬
‫النفطي ‪.3‬‬
‫مث يأيت النموذج القطري عرب تأسيس هيئ قطر لالستثمار كصندوق سييادي‬
‫للدول يف العام ‪ 3009‬واليت تتميز باالستثمار يف العديد نن القطاعات االقتصيادي‬
‫على نستوى العا ‪ ،‬واإلعالن عن ذلك بكل شفافي وفخر واعتزاز رمبا للتيدليل‬
‫على اقتصادها الصاعد والشاق طريقه عامليًّا‪ .‬وتتميز االستثمارات القطري بالتنوع‬
‫نن حيث الدول واجملاالت املنتشرة فيها؛ األنر ال ي يتناسب نيع نبيدأ توزييع‬
‫املخاطر‪ ،‬بل تتصدر األخبار املتعلق باستثمارات قطير الصيفحات والنشيرات‬
‫االقتصادي يف وسائل اإلعالم املختلف بالنسب لشراء فنادق وننتجعات يف فرنسيا‬
‫وسويسرا أو نسب نؤثرة نن أسهم الشركات الصناعي يف أملانيا وأخيرى تتعليق‬
‫بالقطاع الزراعي يف الصني فضالً عن الدخول يف شراك استراتيجي نع جهات يف‬
‫اليونان وإيطاليا وناليزيا والربازيل وروسيا واهلند‪.‬‬
‫نوسوع ويكيبديا‪" ،‬جهاز أبو ظبيي لالستثمار"‪ ،‬حتديث ‪ 11‬سبتمرب‪/‬أيلول ‪،3013‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪/http://ar.wikipedia.org/wiki‬جهاز ‪ -‬أبو ظبيي ‪ -‬لالستثمار‪.‬‬
‫"‪ 92‬نليارًا حجم استثمارات الكويت اخلارجي يف ‪ 10‬سنوات"‪ 10 ،‬يوليو‪/‬متوز ‪،3011‬‬ ‫‪2‬‬
‫&‪http://alshahed.net/index2.php?option=com_content&task=emailform‬‬
‫‪id=35394&itemid=99999999‬‬
‫‪"Kuwait sells Q8 petrol stations".‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 3‬سبتمرب‪/‬أيلول ‪،3003‬‬
‫‪http://www.guardian.co.uk/business/2004/sep/02/oilandpetrol.news‬‬

‫‪111‬‬
‫ويف الواقع‪ ،‬تتمتع بعض االستثمارات القطري بالشهرة العامليي نين قبييل‬
‫االستحواذ يف العام ‪ 3010‬على نتاجر (هارودز) يف لندن واليت يرتادها ‪ 19‬نلييون‬
‫فرد سنويًّا بقيم ‪ 3,3‬نليار دوالر‪ .1‬ويف اجملال الرياضي‪ ،‬دخليت االسيتثمارات‬
‫القطري أندي كرة القدم يف فرنسا عرب متلُّك نادي باريس سان جرينيان بشيكل‬
‫كانل يف العام ‪ .3013‬وقد مسح ه ا التطور للنادي بضم خدنات العبني عيامليني‬
‫نن العيار الثقيل نن أنثال الدويل السويدي زالتان إبراهيموفتش‪ .2‬ولييس نين‬
‫املستبعد أن يفرض النادي الفرنسي نفسه بشكل الفت يف دوري األبطال يف أوروبا‬
‫يف السنوات القليل القادن بعد استقطاب املزيد نن الالعبني الدوليني املميزين‪.‬‬
‫كما حتظى نؤسس قطر واليت تُعد مبثاب اجلناح اخلريي للدول برعاي قمييص‬
‫فريق برشلون اإلسباين لكرة القدم عرب وضع شارة املؤسس على قمصان الفرييق‬
‫الكاتالوين‪ ،‬أحد أشهر أندي كرة القدم يف العا ‪ .‬والالفت يف ه ا الصدد تطيوير‬
‫االتفاق عرب السماح بوضع شارة اخلطوط اجلوي القطري عليى قمصيان فرييق‬
‫برشلون ابتداء نن نوسم ‪ 3013-3012‬نا يُعد سابق يف تاريخ الفريق‪.3‬‬
‫وتقليديًّا‪ ،‬متيز نادي برشلون بوضيع شيارات نؤسسيات خرييي نثيل‬
‫(اليونيسيف) بالنسب لألطفال فضالً عن نؤسس قطر لكنها املرة األوىل اليت ييتم‬
‫التوافق حول وضع شارات نؤسسات جتاري على قمصان الفريق‪ .‬نؤكَّدًا ميكن أن‬
‫نربط دخول قطر يف جمال االستثمار الكروي الدويل يف إطار استعداداهتا الستضاف‬
‫كأس العا لكرة القدم يف ‪ .3033‬كما وظفت قطر جانبًا نن ثروهتيا السييادي‬
‫لتقدمي العون ملصر وخصوصًا يف بداي ‪ 3012‬عرب شراء سندات حكوني وإييداع‬
‫روبن ويغلستون‪ 8 ،Financial Times ،‬نايو‪/‬أيار ‪،3011‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪http://blogs.ft.com/beyond-brics/2010/05/08/qatar-adds-to-its-icons-‬‬
‫‪with-the-purchase-of-harrods/#axzz2Ky71k2Il‬‬
‫ياير ""‪36 ،Qatar is Becoming a Player in French Sports‬‬ ‫يكوت سي‬ ‫سي‬ ‫‪2‬‬
‫أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪،3013‬‬
‫‪http://www.nytimes.com/2012/10/27/sports/soccer/with-paris-saint-‬‬
‫‪germain-qatar-is-a-player-in-french-sports.html?pagewanted=all‬‬
‫"شعار اخلطوط اجلوي القطري على قمصان برشلون بدءًا نن نوسم ‪16 "3013-3012‬‬ ‫‪3‬‬
‫نوفمرب‪/‬تشرين الثاين‪،‬‬
‫‪http://www.fcbarcelona.com/ar/club/detail/article/qatar-airways-shirt-‬‬
‫‪season-2013-2014‬‬

‫‪110‬‬
‫أنوال لدى البنك املركزي نا شكَّل نثاالً يف التعاضد العربيي‪ 1‬يف زنين الربييع‬
‫العربيي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مخاطر االعتماد على االستثمار في الواليا المتحدو واالتحاد‬


‫ً‬
‫األوروبي في ضوء األزما المالية الراهنة والمحتملة‬
‫هنا نوع نن املخاطر تواجهه قيم أصول االستثمارات اخلليجي أينما كانت‬
‫لسبب جوهري وهو عصر العومل ؛ حيث أصبح العا قري يف زنن االتصاالت‪ ،‬بل‬
‫ليس نن اليسري حتاشي بعض الضرر نظرًا لترابط االقتصياديات بعضيها بعضًيا‬
‫وخصوصًا عندنا يتعلق األنر بأسواق املال حيث الصفات املشترك للمسيتثمرين‪.‬‬
‫فما حيدث يف بلد نعني أو سوق حمدد قد ينعكس بشكل سريع نسبيًّا على األسواق‬
‫األخرى بسبب عوانل خمتلف ننها سرع انتشار التقني وردود أفعال املسيتثمرين‪.‬‬
‫طبعًا املطلوب ضمان تنوع استثمارات الصناديق السيادي يف كل األوقيات نين‬
‫حيث النوع واملكان ورمبا تصبح بعض األسواق أفضيل أو أسيوأ يف أوقيات أو‬
‫ظروف نعين ‪ .‬فاملتابع الدقيق وتنوع االستثمارات أنور يف غاي األمهي ‪.‬‬
‫وميكن الزعم بكل أرحيي بأن نا حيدث يف الواليات املتحدة ينعكس سيلبًا أو‬
‫إجيابًا على الدول واملستثمرين ألسباب تشمل ثقلها االقتصادي؛ فهي صاحب أكرب‬
‫ناتج حملي إمجايل بال ننازع؛ فحسب تقديرات صندوق النقد الدويل‪ ،‬بلغ حجيم‬
‫الناتج احمللي اإلمجايل االمسي لكل نن الواليات املتحدة والصني يف العام ‪ 3013‬حنو‬
‫‪ 19,9‬تريليون دوالر و‪ 8,3‬تريليون دوالر‪ ،‬على التوايل‪ .2‬بل تتمييز الصيادرات‬
‫الصيني باعتمادها بشكل نوعي على السوق األنريكي بدليل احتفاظ الصني بفائض‬
‫قدره ‪ 219‬نليار دوالر يف تعانلها التجاري يف جمال السلع نع الواليات املتحدة يف‬
‫العام ‪ ،3013‬نا جيعلها السبب الرئيسي ملعضل العجز التجاري السلعي األنريكي‪.‬‬

‫عباس حجازي‪" ،‬قطر تودع نليار دوالر لدى املركزي وتستثمر ‪ 3,9‬نلييار دوالر يف‬ ‫‪1‬‬
‫السندات" ‪ 30‬يناير‪/‬كانون الثاين ‪،3012‬‬
‫‪http://amwalalghad.com/index.php?option=com_content&view=article‬‬
‫‪&id=78884‬‬
‫نقالً عن صندوق النقد الدويل‪ ،‬فرباير‪/‬شباط‪،3012 ،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://en.wikipedia.org/wiki/list_of_countries_by_gdp_(nominal)_per_capita‬‬

‫‪111‬‬
‫وللتدليل على ذلك بشكل أدق‪ ،‬فقد بلغ حجم التجارة يف السلع قراب ‪ 938‬نليار‬
‫دوالر‪ ،1‬نا يعين أن الصني سامهت بنحو ‪ 32‬يف املائ نن العجز التجاري األنريكي يف‬
‫جمال السلع؛ األنر ال ي يكشف األمهي النسبي الكبرية لالقتصاد األنريكيي بالنسيب‬
‫للصني‪ .‬ورمبا صدق نن قال بأنه إذا عطست أنريكا فإن أوروبا تصاب بالزكام‪ .‬بل قد‬
‫يكون نن الصواب الزعم بأنه إذا عطست أنريكا فإن العدوى تنتقل للعا بأسره كما‬
‫جتلَّى عند حدوث أزن الرهن العقاري يف الواليات املتحدة نيا بيني العيانني ‪3009‬‬
‫و‪ .3008‬ورمبا يعود سر ه ه اخلاصي إىل قوة االقتصاد األنريكي؛ حيث ميثيل النياتج‬
‫احمللي األنريكي أكثر نن خُمس االقتصاد العاملي‪ .‬كما أن االحتاد األوروبيي بأعضائه‬
‫الي ‪ 39‬بلدًا له ثقله االقتصادي حيث يعد أكرب اقتصاد ألي جمموع ننظم ‪.‬‬
‫ال شك أن األزنات املالي أصبحت مس مميزة يف ه ا العا فبعد أزن اليرهن‬
‫العقاري نا بني ‪ 3009‬و‪ 3009‬طفحت على السطح أزن نديوني دبيي يف ‪3009‬‬
‫نرورًا باألزنات اليت عصفت ببعض دول ننطق اليورو نثل اليونان وقربص‪ .‬كميا‬
‫نالت خسيا نصيبها نن األزنات املالي قبل هناي القرن املاضي وقبيل ذليك أزني‬
‫املديونيات الصعب يف الربازيل واألرجنتني واملكسيك‪ .‬ويُعتقد بيأن االسيتثمارات‬
‫اخلليجي خسرت جانبًا نن قيمتها بسبب أزن الرهن العقاري الييت انيدلعت يف‬
‫الواليات املتحدة نا بني ‪ 3009‬و‪ ،3008‬بل يعتقد بأن جهاز أبو ظبيي لالستثمار‬
‫خسر نسب نادي نن قيم أسهمه اململوك يف جمموع سييت غروب‪.2‬‬
‫أنا التطور السلبيي اآلخر فيما خيص طبيعي االسيتثمارات يف الوالييات‬
‫املتحدة وأوروبا فهو عبارة عن حرب العمالت بني الدوالر واليورو واليت تعكيس‬
‫رغب كل طرف يف استخدام ورق قيم العمل للحصول على نكاسب اقتصيادي‬
‫فيما خيص تعزيز الصادرات واحلد نن الواردات واستقطاب الزوار‪.3‬‬
‫إحصاءات التجارة األنريكي ‪ ،‬فرباير‪/‬شباط ‪،3012‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪http://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5700.html‬‬
‫"‪ 8 ،Wikipedia, "Abu Dhabi Investment Authority‬فرباير‪/‬شباط ‪،3012‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://en.wikipedia.org/wiki/Abu_Dhabi_Investment_Authority‬‬
‫"قطر الدويل‪ :‬حرب العمالت تعاود الظهور‪ ...‬وارتفاع اليورو قد خيفِّض التضخم" ‪10‬‬ ‫‪3‬‬
‫فرباير‪/‬شباط ‪،3012‬‬
‫‪http://www.al-sharq.com/ArticleDetails.aspx?AID=239766&CatID‬‬
‫‪=105&Title‬‬

‫‪111‬‬
‫وحسب دراس إحصائي أجرهتا شرك (إنفسكو ليمتد) املتخصصي يف إدارة‬
‫االستثمارات‪ ،‬شكَّلت الواليات املتحدة وأوروبا العمود الفقيري لالسيتثمارات‬
‫السيادي اخلليجي حىت قبل ظهور األزن املالي العاملي للعيان فضالً عن أزن نديوني‬
‫اليونان واليورو‪ .1‬وكما هو نتوقع‪ ،‬فقد فرضت األزنات املتتالي نفسيها عليى‬
‫خارط االستثمارات اخلليجي حبيث أصبح بعض االقتصاديات الصاعدة نثل الصني‬
‫واهلند والربازيل وروسيا وجنوب إفريقيا أو دول نا يُعرف مبجموعي (بيريكس)‬
‫حتظى باهتمام نتزايد نن الصناديق السيادي اخلليجي على حساب الواليات املتحدة‬
‫وأوروبا حلد نا‪.‬‬
‫ونن مجل االستثمارات يف القطاع الزراعي‪ ،‬قانت شرك قطر القابض وهي‬
‫ال راع االستثماري هليئ قطر لالستثمار‪ ،‬باملسامه مببلغ قدره ‪ 3,8‬نلييار دوالر يف‬
‫االكتتاب العام يف بنك االستثمار الزراعي الصيين يف العام ‪ .23010‬كما تناقليت‬
‫وسائل اإلعالم يف ننتصف فرباير‪/‬شباط ‪ 3012‬خربًا يتعلق بفرضي قيام هيئ قطير‬
‫لالستثمار بضخ نا بني ‪ 2‬نليار دوالر و‪ 2,9‬نليار دوالر لشراء حص يف بنك (يف‬
‫يت بيي) الروسي وال ي يعد ثاين أكرب بنك نن نوعه يف روسييا عليى نعييار‬
‫املوجودات ‪ .‬وسبق ه ه اخلطوة قيام هيئ قطر لالستثمار بضخ نبلغ قيدره ‪900‬‬
‫‪3‬‬

‫نليون دوالر يف نشروع يستهدف التنقيب عن ال هب والنحاس يف روسيا‪.4‬‬

‫باملائ "‪ ،‬اليوم‪ 33 ،‬نايو‪/‬أيار‬ ‫‪96‬‬ ‫"الصناديق السيادي اخلليجي ترفع استثماراهتا احمللي إىل‬ ‫‪1‬‬
‫‪،3013‬‬
‫‪http://www.alyaum.com/News/art/50520.html‬‬
‫"جهاز قطر لالستثمار يشتري أسهمًا بي ‪ 3,8‬نليار دوالر يف البنك الزراعي الصيين"‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫العرب‪ 33 ،‬يونيو‪/‬حزيران ‪،3010‬‬
‫‪http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=137188&issueNo=918&s‬‬
‫‪ecId=17‬‬
‫""‪،Qatar may invest as much as $3.5 billion in Russia's VTB‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 19‬فرباير‪/‬شباط ‪،3012‬‬
‫‪http://gitm.kcorp.net/index.php?id=634484&news_type=Economy&lan‬‬
‫‪g=en‬‬
‫ننتديات روسيا اليوم‪" ،‬صندوق قطر لالستثمار يستثمر حوايل ‪ 900‬نلييون دوالر يف‬ ‫‪4‬‬
‫نشروع األورال الصناعي‪-‬األورال"‪ 18 ،‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪،3010‬‬
‫‪http://forum.rtarabic.com/showthread.php?t=73682‬‬

‫‪111‬‬
‫وبالنسب إىل الربازيل‪ ،‬استحوذت قطر القابض يف العام ‪ 3010‬على ‪ %9‬نين‬
‫أسهم (بنكو ستاندارد) بقيم ‪ 3,9‬نليار دوالر‪ ،‬وتندرج ه ه اخلطوات يف إطيار‬
‫سياس تنويع املخاطر‪.1‬‬
‫ويف احملصل النهائي ‪ ،‬رمبا تتميز أسواق ننطق األطلسي بوجود حزن أنظمي‬
‫وتشريعات وتوافر فرص استثماري نتنوع وعدد غري قليل نن املستثمرين احمللييني‬
‫والدوليني تعزز نن جاذبيتها‪ .‬يف املقابل‪ ،‬يقتضي الصواب احلد نن ضخ األنوال يف‬
‫أسواق ال تتمتع مبنظون تشريعات وقوانني تضع قيودًا على نشارك املسيتثمرين‬
‫الدوليني‪ .‬ويف كل األحوال‪ ،‬أصبح العا اليوم قري بالنظر لتطور وسائل االتصال‪.‬‬
‫ورمبا سامهت أزن اليورو يف أعقاب جترب نديوني اليونان يف تعزيز أمهي بريطانييا‬
‫(الدول غري العضو يف ننطق اليورو) بالنسب الستثمارات الصناديق اخلليجي ‪ .‬وه ا‬
‫يفسر جانبًا نن دخول االستثمارات اخلليجي يف نشروعات عقاري نتنوعي نين‬
‫قبيل نسامه هيئ قطر لالستثمار يف تطوير القري األوملبي واليت احتضنت فعاليات‬
‫األوملبياد الشهرية يف صيف ‪ 3013‬وهي ننطق حتمل خفاقًا جتاري ‪.2‬‬
‫ونن املفارق فقد وفرت تداعيات أزن نديوني اليونان‪ ،‬ونن مث دول ننطقي‬
‫اليورو‪ ،‬فرصًا استثماري للصناديق االستثماري اخلليجي عرب إنكاني شراء عقارات‬
‫بأسعار ننخفض نسبيًّا‪ .3‬نن الناحي التجاري ‪ ،‬تقدم العقارات املتيوفرة بأسيعار‬
‫ننخفض فرصًا للصناديق السيادي لتحقيق نكاسب يف حال بيعها يف وقت الحق‪.4‬‬
‫“ ‪Qatar Holding acquires a five percent stake in Banco Santander's‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.Brazilian unit”, 19 October 2010‬‬
‫‪http://www.investinbrazil.biz/news/qatar-holding-acquires-five-‬‬
‫‪percent-stake-banco-santander%E2%80%99s-brazilian-unit-47h2‬‬
‫‪Segal, David. “Going to the Olympics? First Event is Mall Walking”,‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪.The New York Times, 22 July 2012‬‬
‫‪http://www.nytimes.com/2012/07/29/sports/olympics/going-to-the-‬‬
‫‪olympics-the-first-event-is-mall-walking.html?pagewanted=all‬‬
‫"فاينانشال تاميز‪ ،‬الصناديق السيادي اخلليجي تعود إىل االستثمارات يف العقار يف أوروبا"‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 2‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪،3012‬‬
‫‪http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?Id=224557‬‬
‫نزايا‪ :‬صناديق سيادي خليجي تقتنص عقارات أوروبا الفاخرة" ‪2‬‬ ‫"تقرير خاص بشرك‬ ‫‪4‬‬
‫سبتمرب‪/‬أيلول ‪،3013‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2012/09/03/235797.html‬‬

‫‪111‬‬
‫وقد تعززت الفرص االستثماري للصناديق السيادي اخلليجي يف أعقاب األزن املالي‬
‫العاملي وأزن اليورو بالنظر للحاج ملستثمرين يتمتعون بقدرة شيرائي ويتطلعيون‬
‫الستثمارات طويل املدى؛ فعلى سبيل املثال‪ ،‬اشترت قطر أكثر نن ‪ 6‬يف املائ نن‬
‫أسهم بنك (باركليز) الربيطاين يف العام ‪ 3008‬يف أعقاب كشف املصيرف عين‬
‫حاجته ملستثمرين يرغبون يف تنفي استثمارات طويل يف خضم تكييف املصيرف‬
‫الربيطاين نع تداعيات األزن املالي العاملي ‪ .‬كما تطلع البنك الستثمار خخر نن قبل‬
‫جهاز أبو ظبيي لالستثمار‪.1‬‬
‫ورمبا تتعزز أمهي الواليات املتحدة وأوروبا بالنسب لالستثمارات اخلليجي يف‬
‫حال إبرام اتفاقي للتجارة احلرة (يورافتا) بني ضفيت األطلسي‪ .‬وبات ه ا املوضوع‬
‫حمل اهتمام الطرفني نع بداي العام ‪ 3012‬بغي حتقيق نكاسب نشترك بني شريكني‬
‫جتاريني رئيسني‪ .‬ورمبا تضع اتفاقي (يورافتا) حدًّا ملا يُعرف بظاهرة حرب الدوالر‬
‫واليورو‪.2‬‬
‫يف احملصل توجد حال صراع بني احلكونات مبا فيها الغربيي السيتقطاب‬
‫جانب نن استثمارات الصناديق السيادي اخلليجي ملا هلا نين أمهيي يف نعاجلي‬
‫التحديات االقتصادي احمللي ‪ ،‬نثل‪ :‬فرص العمل والنمو االقتصادي؛ فقد ولَّت تلك‬
‫األيام اليت كان يُنظر فيها لالستثمارات األجنبي بنوع نن الريب والشك ألسيباب‬
‫سياسي ؛ فمن شأن االستثمارات املباشرة املسامه يف نعاجل املصياحل االقتصيادي‬
‫للدول بالنسب إلجياد فرص عمل للمواطنني وحتقيق أفضل نسب منو اقتصادي‪.‬‬
‫وخالص القول‪ :‬تعترب االستثمارات األجنبي املباشرة دليالً ناجحًا على ندى‬
‫قناع املستثمرين الدوليني بأمهي االستثمار يف تلك الدول وذلك بيالنظر لففياق‬
‫املستقبلي لتلك االقتصاديات‪ .‬وهنا تقدير وننافس بيني اليدول السيتقطاب‬
‫االستثمارات األجنبي بالنظر لدورها يف حل بعض املعضالت االقتصادي ‪.‬‬

‫أكسيدياز وهوارد ناستو‪ 36 ،‬نوفمرب‪/‬تشرين الثاين ‪،3013‬‬ ‫أليكس‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://www.bloomberg.com/news/2012-11-26/qatar-disposes-of-‬‬
‫‪barclays-warrants-holds-6-7-stake-steady-1-.html‬‬
‫"واشنطن بوست تطالب بسرع إبرام اتفاقي جديدة للتجارة احلرة بني أوروبا وأنريكا"‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪The Washington Post, 11 February 2013‬‬
‫‪http://www.el-balad.com/395243‬‬

‫‪116‬‬
‫ثالثًا‪ :‬بدائل االستثما ار األخرف المتاحة في الدول العربية والخليجية‪،‬‬
‫ومزاياها من منظور األمن االرتصادي والمالي الخليجي‬
‫ال نناص نن أن يكون لدى دول جملس التعاون اخلليجي عدد نين البيدائل‬
‫قادرة على حتقيق اهلدف األمسى لالستثمار يف صناديقها السيادي ؛ نا يعيين أمهيي‬
‫السعي لنيل أفضل العوائد بغض النظر عن التحديات املتعلق باالستثمارات اخلليجي‬
‫يف الواليات املتحدة وأوروبا‪ .‬ورمبا كشفت جترب االستثمارات اخلليجي يف سوري‬
‫واليت تعد مبليارات الدوالرات جانبًا نن اخلطورة املتعلقي باالسيتثمار يف العيا‬
‫العربيي بسبب تداخل السياس واالقتصاد؛ إذ تقدر االسيتثمارات اخلليجيي يف‬
‫سوري مبليارات الدوالرات‪ ،‬وقد توزعت على خمتلف القطاعات االقتصادي مبا يف‬
‫ذلك السياح والصناع والطاق والتقني والعقارات‪.1‬‬
‫وال جدال يف أنه مبقدور الدول العربي الشيقيق اسيتقطاب املزييد نين‬
‫االستثمارات اخلليجي لكن بشرط توفري الظروف املالئم ل لك‪ .‬ورمبا النس البيان‬
‫اخلتاني للقم العربي التنموي االقتصادي واالجتماعي الثالث يف الرياض الصواب يف‬
‫شهر يناير‪/‬كانون الثاين ‪ 3012‬عرب نطالب الدول األعضاء بتوفري األرضي املناسيب‬
‫حلري حتر االستثمارات العربي البيني داخلها‪ .2‬وميثل املغرب نثاالً ناجحًا لقيدرة‬
‫دول عربي على استقطاب استثمارات خليجي ‪ .‬باختصار‪ ،‬ت هب االسيتثمارات‬
‫اخلليجي ملواطن القوة يف االقتصاد املغربيي وحتديدًا تليك املتعلقي بقطاعيات‬
‫السياح نن قبيل إنشاء وتطوير ننتجعات سياحي وفنادق وشقق سكني ‪.‬‬
‫وعلى ه ا األساس‪ ،‬تأسيس شرك (وصال كابيتال) عيرب شيراك بيني‬
‫نؤسسات تتبع الصناديق السيادي يف قطر واإلنارات والكويت فضالً عن املغيرب‬
‫هبدف استثمار نا بني ‪ 3,9‬نليار دوالر و‪ 3‬نليار دوالر يف املشاريع السيياحي يف‬
‫أرجاء اململك املغربي ؛ حيث تنتشر أناكن اجل ب السياحي يف خمتلف نناطق البالد‬
‫ديسمرب‪/‬كيانون األول‬ ‫‪31‬‬ ‫دي برس‪" ،‬قائم أكرب االستثمارات اخلليجي يف سوري "‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪،3011‬‬
‫‪http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=106623‬‬
‫أعمال القم العربي االقتصادي " الرياض‪ 33 ،‬يناير‪/‬كانون الثاين ‪،3012‬‬ ‫"اختتام‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://www.alriyadh.com/net/article/803796‬‬

‫‪117‬‬
‫وخصوصًا الساحلي ننها لكن دومنا إمهال للمدن غري الساحلي نثيل نيراكش‪.‬‬
‫واملؤسسات املعني تشمل قطر القابض وخبار لالستثمار التابع لصندوق أبو ظبيي‬
‫وصندوق األجيال الكوييت والصندوق املغربيي للتنمي السياحي ‪.1‬‬
‫ويالحَظ أن االستثمارات اخلليجي تصب بوجه عام جلهي حتقييق بعيض‬
‫األهداف االقتصادي ضمن رؤي ‪3030‬؛ وذلك نن قبيل تطيوير املرافيق العاني‬
‫وبالتايل النمو االقتصادي وإجياد فرص عمل للمواطنني‪ .‬وتركز رؤي ‪ 3030‬عليى‬
‫استقطاب ‪ 10‬ناليني سائح سنويًّا نقارن بأكثر نن ‪ 8‬ناليني يف الوقيت احلاضير‬
‫فضالً عن جعل القطاع السياحي ثاين أكرب قطاع اقتصادي بعد الزراعي ‪ .2‬ونين‬
‫األنور اإلجيابي يف ه ا الصدد‪ ،‬اختاذ دول جملس التعاون اخلليجيي خطيوة حنيو‬
‫التكانل االقتصادي عرب إزال العوائق حنو االستثمارات يف حلظي حامسي قبيل‬
‫اكتشاف األزن املالي العاملي ‪.‬‬
‫يُشار يف ه ا الشأن‪ ،‬إىل نشروع السوق اخلليجي املشترك وال ي دخل حيز‬
‫التنفي بداي ‪ 3008‬وهي السن اليت شهدت اندالع األزن املالي العاملي ‪ .‬يتضيمن‬
‫نشروع السوق املشترك عشرة نسارات تتضمن حري انتقيال رؤوس األنيوال‪،‬‬
‫ومتلك العقار‪ ،‬ونزاول مجييع األنشيط االقتصيادي واالسيتثماري ‪ .3‬وتعتيرب‬
‫االستثمارات نهم بالنسب لدميون اقتصاديات دول جمليس التعياون وألسيباب‬
‫جوهري ؛ حيث تساهم عوائد الصناديق يف تقليص االعتماد على القطاع النفطيي‬
‫عرب تنويع نصادر الدخل بواسط عوائد االستثمارات‪.4‬‬
‫‪39‬‬ ‫إحسان احلافظي‪ ،‬إطالق أضخم االستثمارات باملغرب عشي االنتخابات‪ ،‬الصباح‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫نوفمرب‪/‬تشرين الثاين ‪ ،3011‬املغرب‪،‬‬
‫‪http://www.assabah.press.ma/index.php?option=com_content&view=ar‬‬
‫‪ticle&id=18651:2011-11-25-15-17-47&catid=37:cat-‬‬
‫‪laune&Itemid=782‬‬
‫"املغرب يبلور رؤي سياحي نستقبلي يف أفق ‪ 3 "3030‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪،3010‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://www.almosafr.com/forum/t23588.html‬‬
‫"إعالن قيام السوق اخلليجي املشترك واستكمال حتقيق املواطن االقتصادي " ‪،3010‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪http://www.gcc-sg.org/index9b63.html?ac‬‬
‫‪Saadi, Dania. “Gulf States Move to Diversify Income Sources”, The‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪.New York Times, 18 July 2012‬‬
‫‪http://www.nytimes.com/2012/07/19/world/middleeast/gulf-states-‬‬
‫‪move-to-diversify-income-sources.html‬‬

‫‪118‬‬
‫ويف املتوسط يساهم القطاع النفطي بنحو ثالث أرباع الصادرات وثلثي دخل‬
‫اخلزان العان وثلث الناتج احمللي اإلمجايل لدول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬بل رمبيا‬
‫كانت دول اخلليج أكثر اعتمادًا على القطاع النفطي بالنسب لدخل اخلزان ليوال‬
‫العوائد املتعلق باستثمارات الصناديق السيادي ‪ .‬ونا حيدث هنا عبارة عن االستفادة‬
‫نن العوائد النفطي إلبعاد االقتصاديات عن شبح االعتماد على النفط وهي سياس‬
‫صائب وحباج للمزيد نن التعزيز‪.1‬‬
‫واألنر الالفت يف ه ا الشأن إشادة وتقدير صندوق النقد اليدويل بياجلهود‬
‫الراني لتحقيق اهلدف املتمثل يف متويل املوازن العان بشكل كانل نين نصيادر‬
‫خارج قطاع النفط والغاز حبلول العام ‪ 3030‬يف قطر على سبيل املثال‪ ،‬وتشمل ه ا‬
‫املصادر عوائد االستثمارات األجنبي ونصدرها الصيندوق السييادي للدولي ‪.2‬‬
‫وبالعودة للوراء‪ ،‬جند أن عوائد االستثمار فتحت اجملال أنام السيلطات الكويتيي‬
‫لتمويل حترير البالد يف الفترة ‪ 1990‬و‪.31991‬‬
‫ومث نؤشرات على تعزيز التوجه االستثماري حنو الداخل بدليل قيام جهاز‬
‫أبو ظبيي لالستثمار يف بداي ‪ 3012‬بتعيني خبري بغي تطوير وتنفي استراتيجيات‬
‫االستثمار يف دائرة األسهم احمللي ‪ ،4‬كما قررت السعودي ختصييص ‪ 900‬نلييار‬
‫دوالر لثنفاق على برانج تنموي لتطوير قطاعات اإلسكان والنقيل والتربيي‬
‫وغريها نن األنور احليوي يف اململك نت راني األطراف‪ .‬ويالحظ تكرار احليديث‬
‫يف السعودي حول ضرورة ربط البالد بشبك نن القطارات‪ ،‬وفعالً البيدء يف‬
‫‪Hamdan, Sara. "Local Projects Replace Global Investments in‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.Mideast", The New York Time, Mideast", 6 June 2012‬‬
‫‪http://www.nytimes.com/2012/06/07/world/middleeast/local-projects-‬‬
‫‪replace-global-investments-in-mideast.html‬‬
‫"تقرير القسم االقتصادي يف صحيف الشرق‪ :‬صندوق النقد الدويل يثمِّن أداء االقتصياد‬ ‫‪2‬‬
‫القطري ويتوقع ‪ 30‬نليارًا فائضًا يف امليزاني " ‪ 36‬يناير‪/‬كانون الثاين ‪،3012‬‬
‫‪http://finance.alnaddy.com/article/440710.html#.URoXtqU3tTE‬‬
‫ذياب التميمي‪" ،‬نستقبل االقتصاد الكوييت" أكتوبر‪/‬تشرين األول‪،‬‬ ‫عانر‬ ‫‪3‬‬
‫‪http://3arabimag.com/book/SubjectArticle.asp?ID=142‬‬
‫"جهاز أبو ظبيي لالستثمار يعني رئيسًا لقسيم االسيتثمار املباشير يف األسيهم"‬ ‫‪4‬‬
‫‪ 19‬يناير‪/‬كانون الثاين ‪،3012‬‬
‫‪http://www.cnbcarabia.com/?p=66112‬‬

‫‪119‬‬
‫تنفي اخلط عرب إنشاء وتسيري قطارات املشاعر خالل نوسم احلج‪.1‬‬
‫ك لك‪ ،‬بدأت السعودي نشروع الصرف اخلاص يف العيام ‪ 3011‬بصيدور‬
‫تعليمات نن امللك عبد اهلل بن عبد العزيز بصرف ‪ 120‬نليار دوالر خالل مخيس‬
‫سنوات على العديد نن الربانج االجتماعي نن بناء نساكن جدييدة (‪ 900‬أليف‬
‫ننيزل) فضالً عن ننح عالوات وتسهيالت نتنوع للمواطنني بغي حتسني رفاهي‬
‫الشعب السعودي‪ .‬وجاءت تعليمات العاهل السعودي بضخ أنيوال ضيخم يف‬
‫االقتصاد احمللي وذلك على خلفي عودته للمملك نن رحل عالجي واليت تزاننيت‬
‫نع ظهور نطالبات يف بعض الدول العربي لتحسني الظروف املعيشي نين جهي‬
‫وتعزيز املشارك الشعبي يف عملي اختاذ القرارات‪.2‬‬
‫وهك ا‪ ،‬جند أن استثمارات الصناديق السيادي اخلليجي سامهت ‪-‬وال تيزال‬
‫تساهم‪ -‬يف تعزيز األنن االقتصادي لدول جملس التعاون اخلليجي؛ األنير الي ي‬
‫يستوجب وضع استراتيجيات نستقبلي لتطوير ه ه االسيتثمارات يف املسيتقبل‬
‫القريب والبعيد‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ -‬توجد حاج ناسَّ لتوفري أجهزة رقابي داخل اجملالس التشريعي وأخرى نعين‬
‫نن قبل احلكونات يف دول اخلليج لضمان االستفادة القصوى نن الفيوائض‬
‫املالي ‪ .‬نقول ذلك بالنظر الستمرار نشكل الشفافي حىت الوقت الراهن فييم‬
‫يتعلق هب ه النقط اجلوهري ذات الصل باألنن االقتصادي واملايل لدول جملس‬
‫التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫‪ -‬مث غياب للشفافي الكانل فيما يتعلق بعمل واستثمارات الصناديق السيادي يف‬
‫دول اخلليج؛ وهو نا يعين عدم إنكاني رصد كل األرقام بيالنظر لتشيابك‬
‫"الصناديق السيادي اخلليجي ترفع استثماراهتا احمللي إىل ‪ 96‬باملائ " اليوم‪ 33 ،‬نايو‪/‬أييار‬ ‫‪1‬‬
‫‪،3013‬‬
‫‪http://www.alyaum.com/News/art/50520.html‬‬
‫‪Carey, Glen. “The Saudis Need Those High Oil Price”, Business Week,‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪.23 February 2012‬‬
‫‪http://www.businessweek.com/articles/2012-02-23/the-saudis-need-‬‬
‫‪those-high-oil-prices‬‬

‫‪161‬‬
‫نلكي القطاع العام يف بعض املؤسسات‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ال نناص نن هتيئ الظروف‬
‫لوسائل اإلعالم املختلف ونؤسسات اجملتمع املدين واليت هلا عالق بالشيفافي‬
‫واحلوكم للقيام بدور املراقب فيما خيص استخدام املال العام‪ .‬فال شك توجد‬
‫حاج ملثل ه ه املؤسسات واألعمال بالنظر حلجم االحتياطي وهي أنيوال‬
‫ختص مجيع الرعايا واألجيال املتعاقب ‪ ،‬فليس نن الصواب السماح جليل نعني‬
‫باستغالل االحتياطي العام على حساب أجيال أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬إحصاءات االحتياطي العام نرشح للزيادة املستمرة يف ظل توقعات بقاء‬
‫أسعار النفط نرتفع ‪ ،‬وتتبع الدول اخلليجي سياس نالي عاني حمافظي ‪،‬‬
‫وتبني نن خالل نتائج السن املالي ‪ 3013‬حدوث إنكاني لتسجيل زييادة‬
‫نوعي يف نستوى االحتياطي وبالتايل األنوال املتوافرة للصناديق السيادي ‪.‬‬
‫يف نا خيص السعودي على سبيل املثال‪ ،‬ارتفعت إيرادات العام ‪ 3013‬بواقع‬
‫‪ 132‬نليار دوالر وصوال إىل ‪ 220‬نليار دوالر أي األكرب على اإلطالق يف‬
‫تاريخ اململك ‪ .‬ويكشف ه ا التطور ندى قدرة السعودي على تعيويض‬
‫أسواق النفط العاملي يف حال التراجع يف نستوى العرض ألسباب خمتلف مبا‬
‫يف ذلك السياسي ‪ ،‬نن قبيل قر ار االحتاد األوروبيي بوقف استرياد النفط‬
‫اإليراين‪ .‬وبالنسب للنفقات فقد ارتفعت قيمتها بواقيع ‪ 32‬نلييار دوالر‬
‫وصولًا إىل ‪ 339‬نليار دوالر‪ .‬وعلى ه ا األساس‪ ،‬ارتفع الفائض املتوقيع‬
‫للعام ‪ 3013‬وقدره ‪ 2‬نليار دوالر إىل ‪ 102‬نليار دوالر يف هناي املطاف نا‬
‫يُعد أنرًا غري عادي بكل املقاييس العاملي ‪ .‬ويشكل ه ا الرقم قراب ‪ 13‬يف‬
‫املائ نن حجم الناتج احمللي اإلمجايل للعام ‪ 3013‬وال ي بلغ ‪ 939‬نلييار‬
‫دوالر باألرقام اجلاري ‪ .‬وللتدليل على أمهي الفائض يلزم نشروع االحتياد‬
‫النقدي اخلليجي وال ي دخل حيز التنفي نطلع العام ‪ 3010‬بتقييد نستوى‬
‫عجز امليزاني عند ‪ 2‬يف املائ نن الناتج احمللي اإلمجايل‪ .‬لكننا نتحدث هنا‬
‫عن فائض وليس نقص‪ ،‬نا يعد أنرًا نرحيًا‪ ،‬األنر ال ي يعكس حال املالي‬
‫العان يف السعودي ‪ ،‬صاحب أكرب اقتصاد خليجي وعربيي‪ ،‬وقس عليى‬
‫ذلك احلال املالي لثالث دول أخرى يف املنظون اخلليجي وحتديدا قطير‬
‫والكويت واإلنارات‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫‪ -‬هنا نوع نن املخاطر تواجهه قيم أصول االستثمارات اخلليجي أينما كانت‬
‫لسبب جوهري وهو عصر العومل ؛ حيث أصيبح العيا قريي يف زنين‬
‫االتصاالت‪ ،‬بل ليس نن اليسري حتاشي بعض الضرر نظرًا لترابط االقتصادات‬
‫بعضها بعضًا وخصوصًا عندنا يتعلق األنر بأسواق املال حييث الصيفات‬
‫املشترك للمستثمرين‪.‬‬
‫‪ -‬سامهت استثمارات الصناديق السيادي اخلليجي ‪-‬وال تزال‪ -‬يف تعزيز األنين‬
‫االقتصادي لدول جملس التعاون اخلليجي؛ األنر الي ي يسيتوجب وضيع‬
‫استراتيجيات نستقبلي لتطوير ه ه االستثمارات يف املستقبل القريب والبعيد‪.‬‬
‫‪ -‬ل لك‪ ،‬جيدر بالصناديق السيادي اخلليجي حتقيق التوازن يف استثماراهتا بيني‬
‫الداخل اخلليجي واخلارجي‪ ،‬نع تنويع االستثمارات اخلارجي لتشيمل دوالً‬
‫عربي وغربي وفق املخاطر احملسوب اليت ميكن أن تتعرض هلا ه ه االستثمارات‬
‫على خمتلف اجلوانب التشريعي ‪ ،‬والسياسي ‪ ،‬واالقتصادي ‪ ،‬واملالي ‪ .‬وال نناص‬
‫نن أن يكون لدى دول جملس التعاون اخلليجي عدد نن البدائل القادرة على‬
‫حتقيق اهلدف األمسى لالستثمار يف صناديقها السيادي ؛ نا يعين أمهي السيعي‬
‫لنيل أفضل العوائد بغض النظر عن التحديات املتعلق باالستثمارات اخلليجي‬
‫يف الواليات املتحدة وأوروبا‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫التطو ار اإلرليمية والدولية وتأثيراتوا االرتصادية‬
‫على دول الخليج وأمن الطارة‬

‫أ حجاج بوخضور‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫غين عن البيان أن أنن واستقرار األوضاع السياسي واالقتصادي بل واجملتمعي‬
‫يف ننطق ودول اخلليج العربيي شديد االرتباط بالتطورات الدولي واإلقليميي ال‬
‫سيما تلك اليت يشهدها احمليط واجلوار القريب نن اخلليج ويف املقدن ننه احملييط‬
‫العربيي‪ .‬ويعزى ه ا االرتباط إىل التشابك بني ننطق اخلليج واألنين العياملي‪،‬‬
‫بالنظر إىل وجود سلع النفط ذات األمهي املتعاظم اقتصادياً واستراتيجياً نن جه ‪،‬‬
‫وحساسيتها ألي أحداث وتغريات اقتصادي و‪/‬أو جيواستراتيجي يف الوقت احلاضر‬
‫أو يف املستقبل نن جه أخرى‪.‬‬
‫وقد نثلت ثورات الربيع العربيي اليت اندلعت أواخر العام ‪ 3010‬وبيدايات‬
‫العام ‪ ،3011‬بتداعياهتا املتنوع واملختلف ‪ ،‬أبرز التطورات اإلقليمي اليت نن املنتظير‬
‫أن يكون هلا تأثريات عميق وبعيدة املدى على ننطق اخلليج العربيي‪ ،‬ملا تنطوي‬
‫عليه ه ه الثورات نن نآالت وترتيبات سياسي واقتصادي وأنني ورمبا عسكري يف‬
‫األجل املنظور والبعيد‪.‬‬
‫وعند احلديث عن نستقبل املنطق العربي ‪-‬ويف القلب ننها اخلليج‪ -‬ال بُدَّ نن‬
‫التحدث عن أنن الطاق اهليدروكربوني نن النفط والغاز الطبيعي؛ باعتبارمها اهلدف‬
‫الرئيس وراء حتريك األحداث يف ه ه املنطق احلساس بالنسب إىل العيا ‪ .‬فعليى‬
‫ندار أكثر نن قرنني نن الزنن والقوى العاملي الكربى يف العا تتصارع وتستهدف‬
‫السيطرة على ننابع النفط والغاز وأسعارمها‪ ،‬وتوجيه نسار تدفقاهتما إىل األسواق‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫وقد تزايد ه ا التصارع والتنافس العاملي على املنطق بشكل نطيرد خيالل‬
‫العقود الست األخرية‪ ،‬وال سيما يف أعقاب حرب أكتوبر عام ‪ 1992‬حني ظهرت‬
‫األمهي السياسي للنفط‪ ،‬وبات نن الواضح لدى دوائر صنع القيرار يف العواصيم‬
‫الغربي ‪-‬ال سيما واشنطن‪ -‬أنه ال بد نن صياغ استراتيجي بعيدة املدى تضيمن‬
‫تدفق النفط ونن مث الغاز إىل األسواق العاملي وفق نعدالت الطليب واالسيتهال‬
‫الالزن وعند املستويات املعقول واملقبول نن األسعار‪.‬‬
‫وفق نا سبق لن يكون ممكنًا استقراء نستقبل أنن الطاق ‪ -‬نن خالل هي ه‬
‫الورق البحثي ‪ -‬دون قراءة تارخيي سريع ألداء أسعار النفط نن بداي الفترة الييت‬
‫ارتبطت فيها ننطق اخلليج به؛ أي نن اكتشاف النفط يف املنطق ونشأة الصيناع‬
‫النفطي يف الواليات املتحدة األنريكي ؛ حىت نستطيع حتديد األزنيات اإلقليميي‬
‫احملتمل ‪ ،‬واستشراف تداعياهتا على سياسات أنن الطاق يف املنطق ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬بانوراما تطور أسعار النفط في ظل األوضاع الجيوسياسية‬


‫بدأت سلع النفط تتخ دورًا نباشرًا بتحريك وقائع الصراعات العاملي وبنود‬
‫األجندة االقتصادي نن عام ‪ ،1913‬فبعد انتهاء احلرب العامليي األوىل ‪-‬وعنيدنا‬
‫سجلت أسعار النفط نستويات تصل إىل ‪ 100‬دوالر للربنييل‪ -‬عنيدها تنانيت‬
‫احلاج إىل تأنني نصادر الطاق للعمليات العسكري واإلنتاج الصيناعي‪ ،‬وأصيبح‬
‫النفط هو أحد أهم األهداف العسكري ‪ ،‬والركائز الرئيسيي يف رسيم اخليرائط‬
‫السياسي واالقتصادي ‪.‬‬
‫‪ -‬بين "الموب" و"أوبك"‪:‬‬
‫يف عام ‪ 1930‬تعرضت أسعار النفط إىل عمليات هبوط وصعود شديدة‪ ،‬حىت‬
‫استقرَّ سعر النفط عند نستوى ‪ 2‬دوالرات للربنيل‪ ،‬وهو نا يعادل ‪ 33,3‬دوالرات‬
‫للربنيل بعد نعاجلته مبعانل التضخم على أساس سعر الدوالر يف عام ‪ ،3006‬وه ا‬
‫الت ب ب يف أسعار النفط دفع الواليات املتحدة األنريكي إىل استحداث نظام امسه‬
‫‪( MOB‬نوب)‪ ،‬فكانت تلك هي البداي لوضع خلي تربط السعر باإلنتاج‪ ،‬ونني‬
‫ذلك التاريخ حىت يوننا ه ا أصبحت الواليات املتحدة األنريكي الالعب الرئيسي‬
‫‪161‬‬
‫يف رسم سياس نالنح جتارة وصناع النفط يف العا ‪ ،‬ووظفت «املوب» كوحيدة‬
‫رقابي تنظم خلي ربط أسعار النفط حبجم إنتاجه‪ ،‬وهي تعمل فقط ضمن الواليات‬
‫املتحدة األنريكي طيل ‪ 30‬عانًا؛ وذلك إىل أن إلغاؤها مبجرد تأسييس ننظمي‬
‫"أوبك" يف بداي الستينيات نن القرن املاضي‪ ،‬اليت وُظِّفت ‪-‬أيضًا‪ -‬ل ات الغيرض‬
‫لتعمل على نستوى العا بدالً نن اقتصارها عليى داخيل الوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي ‪.‬‬
‫‪ -‬جمود السعر‪:‬‬
‫عندنا نستعرض تاريخ جتارة النفط بعد أن تصدرت سلع الينفط نين دون‬
‫ننازع نصادر الطاق األخرى‪ ،‬وتناني أمهي تأنني نصيادره‪ ،‬وارتبياط نعظيم‬
‫الصناعات به‪ ،‬وعالق ذلك باإلنتاج وسياس األسعار؛ جند أنه يطرأ منو فعليي‬
‫على أسعار النفط خالل العقود الست املاضي نن القرن العشرين (‪.)3000-1939‬‬
‫فبعد انتهاء احلرب العاملي الثاني أصبحت أسعار النفط نستقرة عنيد نسيتوى ‪2‬‬
‫دوالرات كحد أقصى للربنيل‪ ،‬حىت خالل فترة النيزاعات العاملي فإنه يطيرأ‬
‫تطور كبري عليها؛ باستثناء فتريت الصدن النفطي األوىل والثاني ؛ ونن ثَمَّ بدأ النمو‬
‫احلقيقي يف األسعار يتحقق بعد عام ‪.3000‬‬
‫‪ -‬بداية تحرك أسعار النفط العربي‪:‬‬
‫وهك ا نضى قرن نن الزنن على أهم سلع حركت نعظيم األحيداث يف‬
‫العا ‪ ،‬و يطرأ عليها تطور ي كر يف أسعارها وفق املقاييس االقتصيادي ‪ ،‬فعليى‬
‫الرغم نن احتقان ه ه الفترة الزنني بالتوترات يف ظل تزايد الطلب على الينفط‪،‬‬
‫وتناني أمهيته االقتصادي والسياسي ‪ ،‬وتزانن ذلك النمو يف الطلب؛ وذليك نيع‬
‫ضغوط أنني وتوترات جيوسياسي وحروب إقليمي ‪ ،‬اليت كان نن شأهنا أن تعميل‬
‫على رفع األسعار‪ ،‬فإن ذلك يتم إال يف الفترة نن ‪ ،1980-1999‬اليت سيجلت‬
‫فيها األسعار أرقانًا قياسي ؛ حيث جتاوزت ‪ 29‬دوالرًا للربنييل يف عيام ‪،1980‬‬
‫ومسيت ه ه الفترة بالصدن النفطي الثاني ‪ ،‬اليت لو متت نعاجلتها مبعانل التضيخم‪،‬‬
‫فإن قيمتها تصبح بسعر اليوم قريب نن الي ‪ 100‬دوالر للربنيل؛ وذليك بأسيعار‬
‫صرف الدوالر يف عام ‪ 3009‬كمستوى للقياس‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫‪ -‬تغيير آليا تحديد أسعار النفط‪:‬‬
‫اختفت اآلليات اجلاندة يف تثبيت األسعار لتحل حملها األسعار اليت حييددها‬
‫السوق‪ ،‬وحتولت العالقات العدائي القدمي بني املنتجني واملستهلكني‪ ،‬واالنقسانات‬
‫بني املنتجني إىل عالقات تعاون؛ تسعى لتحقيق األهداف املشترك ؛ فلم تعد سلع‬
‫النفط تعتمد على خلي العرض والطلب يف أداء جتارهتا وأسيعارها كيأي سيلع‬
‫اقتصادي أخرى؛ حيث إن عوانل نهمَّ كاألحداث اجليوسياسي والفصلي والفني ‪،‬‬
‫وأجندات املستثمرين‪ ،‬والسياسات النقدي هلا تأثريها على ‪ %89‬نن قيم ارتفاعات‬
‫األسعار‪ ،‬اليت شهدهتا التجارة النفطي يف السنوات العشر املاضي ‪ ،‬وهو نا جيعل قرار‬
‫خفض األسعار خارج نطاق سيطرة أوبك‪ ،‬وإن كان إنتاج دوهلا األعضياء ميثيل‬
‫‪ %30‬نن حجم اإلنتاج العاملي‪.‬‬

‫‪ -‬بداية تأميم الصناعة النفطية في الدول العربية‪:‬‬


‫يف فترة السبعينيات نن القرن املاضي بدأت الدول األعضاء يف أوبيك نين‬
‫التحكم يف قطاعات الصناعات النفطي احمللي يف بلداهنا‪ ،‬وأصبحت هلا الكلم العليا‬
‫فيما يتعلق مبسأل حتديد أسعار النفط اخلام يف أسواق النفط الدولي ‪ .‬وشهدت ه ه‬
‫الفترة أزنتني نهمتني فيما يتعلق مبسأل أسعار النفط‪ :‬األوىل كانت بسبب حظير‬
‫البترول ال ي فرضته الدول العربي املنتج للنفط يف عام ‪ ،1992‬والثانيي بسيبب‬
‫اندالع الثورة اإليراني يف عام ‪ ،1999‬اليت غ هتا يف الوقت ذاته التقلبات الكبرية يف‬
‫سوق النفط؛ حيث شهدت األسعار خالل هاتني األزنتني ارتفاعًا حادًّا‪.‬‬

‫‪ -‬ذروو األحداث‪:‬‬
‫كانت ذروة األحداث اليت نرت هبا ننظم أوبك يف فترة الثمانينييات نين‬
‫القرن املاضي؛ حيث وصلت أسعار النفط يف بداي ذلك العقد إىل ذروهتا؛ وذليك‬
‫قبل أن تبدأ األسعار يف عام ‪ 1986‬باالحندار والتدهور إىل نستويات نتدني جيدًّا‪،‬‬
‫وهي الفترة اليت شهدت األزن الثالث فيما يتعلق بأسعار النفط؛ ولكين األسيعار‬
‫عادت لترتفع يف األعوام األخرية؛ ولكن نن دون الوصول إىل املستويات العلييا‪،‬‬
‫اليت وصلت إليها يف بدايات ه ه احلقب ‪.‬‬
‫‪166‬‬
‫كما ارتفع يف ه ه الفترة نستوى الوعي بضرورة القيام بعمل نشتر نن قبل‬
‫الدول املنتج للنفط‪ ،‬إذا نا أرادت حتقيق استقرار يف السوق الدولي بأسعار نعقول‬
‫يف املستقبل‪ ،‬كما شهدت ه ه الفترة بداي بروز املسائل البيئي املتعلقي بصيناع‬
‫النفط على الساح الدولي يف بداي فترة التسعينيات نن القرن العشرين؛ حييث‬
‫تفادي حدوث أزن رابع يف أسعار النفط‪ ،‬عقب الغزو العراقي لدول الكويت عام‬
‫‪1990‬؛ إذ متكنت الدول األعضاء يف أوبك نن الوصول باألسعار إىل نسيتويات‬
‫نعقول يف األسواق العاملي ‪ ،‬اليت شهدت ارتفاعًا حادًّا نفاجئًا بسبب انتشار الي عر‬
‫واهللع يف تلك األسواق؛ بسبب تلك األحداث؛ وذلك نن خالل قيام دول املنظم‬
‫بزيادة اإلنتاج نن النفط يف تلك الفترة‪.‬‬
‫‪ -‬أزمة صرف العموال والتمويد لالندماجا ‪:‬‬
‫يف عام ‪ 1992‬رفعت أوبك سقف اإلنتاج إىل ‪ 39,2‬نليون برنييل يونيًّيا‪،‬‬
‫عندها بدأت األسعار تتراجع إىل نستوى ‪ 12‬دوالرًا للربنيل؛ حيث بلغت ‪-‬وهيي‬
‫عند ه ا املستوى‪ -‬نا قيمته دوالرين وبضع سنتات؛ وذلك إذا نا عاجلنيا هي ه‬
‫األسعار مبعانل التضخم بشكل رجعي‪ ،‬وبقيم األربعينيات نن القرن املاضي‪ ،‬كما‬
‫لو أن أسعار النفط ثبتت عند ذلك املستوى نن أن بلغته‪ .‬بعد ذليك جياء أداء‬
‫السوق النفطي يف عام ‪ 1996‬لينساق نع توصيات كل نن البنك وصندوق النقيد‬
‫الدوليني يف حث البنو املركزي باختاذ جمموع نن السياسات النقدي ؛ تعميل يف‬
‫اجتاه رفع الفائدة وخفض السلع واخلدنات‪ ،‬وهو نا العمل بيه متهييدًا جلعيل‬
‫الظروف االستثماري نالئم لعقد التحالفات واالندناجات بني الشركات العامليي‬
‫قبل عام ‪3000‬؛ حيث كانت أسعار النفط أحد ضحايا ه ه السياسات؛ ولكن ردَّ‬
‫الفعل ال ي قانت به الدول األعضاء يف ننظم أوبك ‪-‬إىل جانب عدد نن الدول‬
‫املنتج الكربى نن خارج املنظم ‪ -‬ال ي متثل يف القيام بعمل مجاعي نشتر جملاهب‬
‫ه ه األزن ؛ أدى يف هناي األنر إىل العودة باألسعار إىل نستويات نرضي ‪.‬‬
‫‪ -‬أهمية الدور المستقبلي الحتياطيا النفط في المنطقة‪:‬‬
‫ال شك أن الوعي بأمهي الدور املستقبلي للنفط وحجم احتياطياته املؤكدة يف‬
‫ننطق اخلليج يطرح على دوهلا حتديات عدة؛ أوهلا‪ :‬تبين سياسات نفطي نالئمي ‪،‬‬
‫‪167‬‬
‫والتعاون نع الدول املنتج األخرى مبا يضمن استقرار السوق واستمرار منو الطلب‪،‬‬
‫وزيادة حص أوبك وحص دول اخلليج يف جممل العرض العاملي؛ وذلك نين ‪20‬‬
‫نليون برنيل عام ‪ 3001‬إىل حوايل ‪ 92‬نليون برنيل يونيًّا عيام ‪ ،3030‬وازديياد‬
‫حص املنطق العربي نن اإلنتاج نن حنو ‪ 33‬نليون برنيل يونيًّا اآلن إىل حنيو ‪29‬‬
‫نليون برنيل يونيًّا عام ‪.13030‬‬
‫أنا التحدي الثاين فيتمثل يف توجيه االستثمارات وتوقيتاهتا املالئيم لزييادة‬
‫الطاقات اإلنتاجي ؛ حيث تقدَّر االستثمارات الالزن لتوسع طاقات إنتاج البترول‬
‫يف دول أوبك حبوايل ‪ 100‬نليار دوالر حىت عام ‪ ،23030‬جيري متويلها إنيا نين‬
‫املصادر ال اتي لصناع البترول‪ ،‬أو باملشارك نع الشركات األجنبي أو باالقتراض‪.‬‬
‫ونظرًا للدور املتزايد للغاز الطبيعي يف نيزان الطاق العاملي وخصوصًيا يف تولييد‬
‫الكهرباء‪ ،‬ودوره كوقود يف العديد نن الدول الصناعي ‪ ،‬فإنه نن املتوقيع زييادة‬
‫االستثمارات يف ذلك القطاع؛ سواء لغرض التصدير بشكل سائل أو عرب األنابيب‪،‬‬
‫أو لغرض االستخدام احمللي‪.‬‬
‫‪ -‬من العشرو للى المائة‪:‬‬
‫يف عام ‪ 1999‬جاء تطبيق برنانج النفط نقابل الغ اء؛ وذلك بتصدير الينفط‬
‫العراقي ليتزانن نع قرار أوبك برفع سقف اإلنتاج مبقيدار ‪ 3,9‬نالييني برنييل‪،‬‬
‫ليصبح عند نستوى ‪ 39,9‬نليون برنيل يف اليوم‪ ،‬نتسببًا يف زيادة املعروض النفطي‪،‬‬
‫ودافعًا إىل نزيد نن تراجع األسعار لتصل إىل نستوى ‪ 10‬دوالرات للربنيل‪ ،‬وجاء‬
‫ه ا القرار يف الوقت ال ي شهدت فيه أسواق خمزونات اسيتهالكه ارتفاعًيا يف‬
‫نستواها وتباطؤًا يف الطلب‪ ،‬وأزن اقتصادي حادة يف أسواق شرق خسييا‪ ،‬ولعيل‬
‫جتمع ه ه العوانل نعًا تسبب بقوة يف تراجع أسعار النفط‪ ،‬ال ي كان هدفًا يف حد‬
‫ذاته؛ لكي يتم استكمال خخر فصول عمليات االندناجات بني الشركات النفطيي‬
‫العاملي ‪.‬‬

‫نايرز جايف وكينيث نيدلو (وخخرون)‪" ،‬أوضاع احتياطيات النفط العاملي وانعكاساهتا‬ ‫‪1‬‬
‫على دول اخلليج"‪ ،‬ترمج ‪ :‬نركز اإلنيارات للدراسيات والبحيوث االسيتراتيجي ‪،‬‬
‫(أبو ظبيي‪ :‬ط‪ ،)3011 ،1‬ص ‪.21‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪168‬‬
‫وبعد أن استكملت اتفاقيات االندناجات‪ ،‬زال اهلدف نن ذلك التراجيع يف‬
‫األسعار والفائض يف املعروض‪ ،‬واخت ت أوبك عدة ختفيضات نتتاليي ‪ ،‬بلغيت يف‬
‫جمموعها ‪ 3,2‬ناليني برنيل يونيًّا يف ‪ ،1988‬وعلى أثرها بدأت األسعار ترتفع ثالث‬
‫أضعاف عما كانت عليه نن قبل‪ .‬ونع وقوع أحداث ‪ 11‬نن سبتمرب‪/‬أيلول ‪3001‬‬
‫دخل نصطلح العانل اجليوسياسي ضمن عوانل حتديد األسعار يف أسواق الينفط‪،‬‬
‫إال أنه يفرض تأثريه بقوة بسبب حتييده نن أزن الركود االقتصادي يف أنريكيا‬
‫خن ا ‪ ،‬وعلى إثرها اخت ت أوبك قرارًا خبفض اإلنتاج مبقدار نليون برنيل يونيًّيا‬
‫لتعاود يف االرتفاع‪ ،‬وهي ندعون مبضاربات املستثمرين‪ ،‬ذلك العانل ال ي أصبح‬
‫نؤثرًا يف حتديد اجتاه أسعار التجارة النفطي ‪.‬‬
‫‪ -‬أوبك تعمل بعقالنية وتؤدي دور المرجح لألسعار‪:‬‬
‫بني رفع وخفض ندروسني استطاعت أوبك أن حتافظ على االجتاه التصاعدي‬
‫لألسعار‪ ،‬حىت جتاوزت اخلانات الرقمي الثالث يف بداي ‪ 3008‬لتسجل قيمتها فوق‬
‫املائ دوالر للربنيل؛ وب لك تكون قد حطمت الرقم القياسي ال ي وصلت إلييه‬
‫نن عام ‪ ،1980‬إذا طبقنا نعانل التضخم‪ ،‬واستمرت األسعار يف النطاق بيني ‪80‬‬
‫إىل فوق سقف املائ دوالر للربنيل‪ ،‬لتسجل يف املتوسيط عنيد نسيتوى ‪109‬‬
‫دوالرات للربنيل‪ ،‬حىت بلغت نستوى سقف ‪ 139‬دوالرًا للربنيل وهي ندعوني‬
‫باألحداث اجليوسياسي واملضارب والعوانل البيئي والفصلي ‪.‬‬
‫‪ -‬نقطة الغليان‪:‬‬
‫مبجرد الوصول إىل نقط الغليان كان ال بُدَّ نن خروج فقاعات نصاحب هلا‪،‬‬
‫وهي على ه ه الدرج نن االرتفاع‪ ،‬وال بد نن أن تصاحب ارتفاع أسعار النفط‬
‫إىل نائ دوالر تغريات يف طريق التعانل نع سيلع الينفط سياسييًّا واقتصياديًّا‬
‫واجتماعيًّا‪ .‬واحلقيق أن تعاطي جتارة النفط يف نسار اجتاه أسعارها وتداول جتارهتا‬
‫اخت ت اجتاهًا خمتلفًا عما كانت عليه قبل عام ‪ 3000‬نن األداء؛ حييث أدخليت‬
‫عوانل جديدة؛ نثل‪ :‬العوانل اجليوسياسيي ‪ ،‬واألعاصيري‪ ،‬واألعطيال الفنيي ‪،‬‬
‫واملضارب ‪ ،‬وسعر صرف الدوالر‪ ،‬اليت أصبحت نسئول عن أداء أسيعار الينفط‪،‬‬
‫شأهنا شأن النمو االقتصادي وخلي العرض والطلب‪.‬‬
‫‪169‬‬
‫‪ -‬الخروج من آلية العرض والطلب‪:‬‬
‫بعد عام ‪ 3002‬ثبت جليًّا أن خلي العرض والطلب تعد وحدها تيتحكم يف‬
‫اإلنتاج وأداء أسعار النفط‪ ،‬و تعد ‪-‬أيضًا‪ -‬األساسيات اجلوهري تتحكم يف إنالء‬
‫اجتاهات السوق كأي سلع اقتصادي أخرى؛ بل أصبحت احملفزات النفسي هيي‬
‫اليت متلي أداء أسعار النفط‪ ،‬وتصيغ قواعد لعب التوقعات‪ ،‬الييت ترمسهيا أجنيدة‬
‫املضاربني نن احملافظ االستثماري وصناديق التحوط ونؤسسات صناع خيدنات‬
‫املال نن البنو ‪ ،‬كما أن استراتيجيات الشركات النفطي العمالقي ‪ ،‬ونعاجليات‬
‫العجز التجاري األنريكي نع شركائها التجاريني‪ ،‬والسياسات النقديي املتعلقي‬
‫بالفائدة وسعر صرف العمالت‪ ،‬أو نا يسمي حبيرب العميالت‪ ،‬واالتفاقييات‬
‫االقتصادي يف الدول الصناعي تؤثر على نسار اجتاه األسعار وتكيف أدائها حبسب‬
‫استراتيجياهتا‪ .‬إن نثل ه ه احملددات اخلارج عن أساسيات قوى السوق يف رسيم‬
‫نسار اجتاه األسعار فرضت على التجارة النفطي ثقاف حتكمها لعب التوقعات‪ ،‬ونن‬
‫جييد اللعب وفق قواعدها يستطيع أن يدير استثماراته وفق أهدافه؛ وهك ا أصبحت‬
‫ننهجي التداول تتم وفق نا ميكن أن نطلق عليه "لعب التوقعات"‪.‬‬
‫يتضح مما سبق نن السياق التارخيي ألداء أسعار النفط أن احتمال اهنيار أسعار‬
‫حمط‬
‫النفط وهبوطها إىل نستويات نتدني أنر بعيد جدًّا‪ ،‬وأن نناطق إنتاجه ستظلُّ َّ‬
‫اهتمام وشدٍّ وج ب‪ ،‬كما ستظلُّ العوانل اجليوسياسي عنصرًا جوهريًّا وحاكمًيا‬
‫يف توجيه أسعار النفط وحتديد نستوياهتا صعودًا أو هبوطًا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العوامل المؤثرو في أسعار النفط ومنتجاته‬


‫ً‬
‫النفط والغاز نن السلع املادي ؛ ل لك تتأثر أسعارمها بقوة العيرض والطليب‬
‫على السلع نفسها‪ ،‬ويوجد هنا العديد نن العوانل اليت تؤثر على حتركات أسعار‬
‫النفط‪ ،‬ال ي أصبح سلع سياسي على عكس نعظم السلع اليت تباع يف األسيواق‬
‫العاملي ‪ ،‬وهنا عدد ال حيصى نن العوانل االجتماعي واالقتصادي والسياسي إضاف‬
‫إىل قوانني العرض والطلب‪ .‬فمن املعلوم أن أي سوق يتكون نن شقني أساسيني؛‬
‫مها‪ :‬العرض والطلب‪ ،‬وزيادة الطلب تعين زيادة االستهال الناجت عين تشيغيل‬
‫املصانع وانتال الكثري نن األفراد للسيارات‪ ،‬وزيادة الطلب تعين انتعياش النميو‬
‫‪171‬‬
‫االقتصادي؛ األنر ال ي يرفع نن أسعار النفط‪ ،‬كما تؤثر األحوال املناخي بقوة يف‬
‫نستوى األسعار‪ ،‬كما أنه كلما ارتفعت نبيعات وسائل النقل اليت تعمل مبنتجيات‬
‫الطاق نثل السيارات أو الطائرات؛ ازداد الطلب على النفط والعكيس صيحيح‪،‬‬
‫وكلما ازدادت الضرائب املفروض على الوقود؛ اخنفض الطلب على النفط وبالتايل‬
‫يقل سعره‪.‬‬
‫وكما شاهدنا نؤخرًا التطورات الكبرية يف عاني ‪ ،3009 - 3008‬هبطت‬
‫أسعار النفط بشدة ن تيج األزن املالي الكبرية وركود االقتصاد العاملي‪ ،‬وبشكل‬
‫عام االقتصاديات الضعيف ال تستهلك الكثري نن النفط‪ ،‬أنا االقتصاديات القوي‬
‫تستهلك بشراه الكثري نن النفط ونشتقاته‪ .‬وتعترب ننظم اليدول املصيدرة‬
‫للنفط (أوبك) نن العوانل الرئيسي احملرك ألسعار النفط‪ ،‬فه ي توفر نا يربيو‬
‫على ‪ %30‬نن إنتاج النفط يف العا ‪ ،‬وأي خلل يف اإلنتاج وتأخر يف التصيدير‬
‫نتيج أعمال ختريب واضطرابات سياسي ستؤثر بشدة يف أسعار النفط حتيت‬
‫اسم نلفات أخرى كامللف النووي اإليراين واألحداث يف مشال إفريقيا والربيع‬
‫العربيي‪.‬‬
‫تعترب نؤشرات وتقارير نستويات اإلنتاج واملخزون يف الدول املنتج األخرى‬
‫والدول املستهلك الرئيسي كالواليات املتحدة األنريكي ذات تأثري نهم على أسعار‬
‫النفط؛ حيث يتأثر إنتاج النفط وأسعاره يف األسواق مبستويات اإلنتاج أو خميزون‬
‫النفط يف الدول املنتج األخرى‪ ،‬نثل روسيا والنرويج وأعضاء ننظمي التعياون‬
‫والتنمي االقتصادي ‪ ،‬كما أن املخزون االحتياطي األنريكي يعترب عانالً نن أكيرب‬
‫العوانل املؤثرة على األسعار؛ ففي حال ارتفاع املخزون يتراجع الطلب على النفط؛‬
‫وبالتايل يزداد املعروض فتتراجع األسعار‪ ،‬والعكس يف حالي تراجيع املخيزون‬
‫االحتياطي؛ وذلك إنا بسبب زيادة االستهال أو بسبب دخول الدول يف حيرب‬
‫مما جيعلها يف حاج كبرية إىل النفط‪.‬‬
‫ك لك تتسبب نضاربات املستثمرين يف أسواق النفط إىل تضيرر االقتصياد‬
‫العاملي؛ وذلك ألن ه ه املضاربات قد تؤدي إىل بيع برنيل النفط بأضيعاف مثنيه‬
‫احلقيقي أو العكس؛ وه ا ال ي قد يقود إىل حدوث تضخم يف االقتصاد العياملي‬
‫كما حدث يف ‪3008‬؛ حيث ارتفع سعر برنيل الينفط إىل ‪ 139‬دوالرًا للربنييل؛‬
‫‪170‬‬
‫وذلك على الرغم نن تراجع الطلب على النفط نن قبل الدول الصناعي الكيربى‬
‫وعلى رأسها الواليات املتحدة األنريكي بسبب األزن املالي العاملي ‪.1‬‬
‫وأخريًا تعترب أسعار صرف الدوالر عانالً رئيسيًّا يف التأثري على أسعار النفط؛‬
‫وذلك ألن نعظم الدول املنتج تقوم عمالهتا بالدوالر؛ وه ا يعين أنيه يف حالي‬
‫اخنفاض الدوالر فإن النفط يصبح أكثر جاذبي نن قبل املستثمرين ال ين يشيترون‬
‫بعمل غري الدوالر‪ ،‬حيث يشهد الدوالر ت ب بًا أحيانًا مييل دائمًا إىل التراجع أنيام‬
‫العمالت الرئيسي ؛ األنر ال ي يؤدي إىل ارتفاع مجيع السلع ونن ضمنها الينفط‬
‫وال هب‪ ،‬فيزيد الطلب على الدوالر نا يعين زيادة طبع نزيد نن اليدوالرات يف‬
‫األسواق‪ ،‬أي نزيدا نن التدفقات النقدي إىل الدول املصيدرة؛ حيىت إذا ارتفيع‬
‫الدوالر بسبب زيادة الطلب عليه اخنفضت أسعار النفط‪ ،‬وهك ا يستمر احليال يف‬
‫انتقال ارتفاع القيم نن النفط كوعاء هلا إىل الدوالر وإىل ال هب‪ .‬مما سبق يتضح‬
‫أن عوانل توجيه نسار أسعار النفط ليست ذات صل بأساسيات السيوق؛ وإمنيا‬
‫تأيت نن خارجه‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الوضع الراهن للطارة العالمية ومسارها المستقبلي‬


‫أصبحت الطاق واالقتصاد والسياس اجلغرافي أكثر ترابطًا نين أي وقيت‬
‫نضى‪ ،‬فتزايد االهتمام العاملي بالقضايا املتصل بالطاق أخ يتشعب ويتنانى أكثير‬
‫فأكثر‪ ،‬ونتيج لألزن املالي العاملي انتقلت االلتزانات احلديث لسياس احلكونيات‬
‫يف الدول املتقدن والصناعي فيما يتعلق بتغري املناخ إىل أسفل قائمي األولوييات‪،‬‬
‫وقانت احلكونات بتحويل األنوال املخصص نسبقًا ل لك لتغطي عجز امليزانيي ‪،‬‬
‫وبدأ يتد‪ ،‬االهتمام بنمو استخدام كفاءة الطاق يف االقتصياد العياملي؛ وأصيبح‬
‫اإلنفاق على واردات النفط قريبًا نن نستوى قياسي‪.‬‬
‫وبعد وقوع كارث فوكوشيما أصبح نستقبل الطاق النووي غانضًيا‪ ،‬كميا‬
‫أثرت بشكل غري نباشر على أشكال أخرى نن نصادر الطاق ‪ ،‬وأثار اضيطراب‬
‫ننطق الشرق األوسط ومشال إفريقيا‪ ،‬شكوكًا حول حجم االستثمارات املطلوبي‬

‫أمحد تركي‪" ،‬أنريكا واخلليج بني إشكالي االعتماد على النفط ومحاي األنن"‪( ،‬نركيز‬ ‫‪1‬‬
‫أحباث ودراسات الشرق األوسط‪ ،‬القاهرة‪ ،)3012 ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪171‬‬
‫يف ه ه املنطق فيما يتعلق بإنتاجها للنفط كنسب ‪ %90‬نن النمو يف اإلنتاج العاملي‬
‫للنفط خالل الفترة ‪.3029-3010‬‬
‫‪ -‬أبرز تورعا مستقبل صناعة الطارة العالمية‪:‬‬
‫نن املتوقع أن يرتفع الطلب العاملي على الطاق بنسب الثلث خيالل الفتيرة‬
‫‪ 3029-3012‬نع نا يقارب ‪ %90‬نن النمو بالنسب إىل الصني واهلند‪ ،‬وه ا يعيين‬
‫أن قرارات الطاق يف بكني أو دهلي ميكنها حتديد االستراتيجيات والسياسيات يف‬
‫بقي البلدان‪ ،‬وتشكل نصادر الطاق املتجددة والغاز الطبيعي نعًا‪ ،‬نا يقارب تلبيي‬
‫ثلثي الطلب املتزايد على الطاق يف الفترة نا بني ‪.13029-3012‬‬
‫كما يتوقع أن تنخفض واردات الواليات املتحدة نن النفط‪ ،‬بسبب ارتفياع‬
‫اإلنتاج احمللي وحتسني كفاءة استهال وسائل قطاع النقل للطاق ‪ ،‬ونتيج لي لك‬
‫فإن واردات دول أوروبا نن النفط سيجتاز حجم نصياحل الوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي عام ‪ ،3019‬وحبلول عام ‪ 3030‬ستصبح الصني أكرب نستورد للنفط‪.2‬‬
‫ه ه التغيريات تبني أن املشهد األنين للنفط العاملي سوف يتغري حينما تصيبح‬
‫الواليات املتحدة األنريكي أقل اهتمانًا يف جمال استرياد النفط‪ ،‬واستيعاب النفط نن‬
‫قبل أوروبا والصني سيجلب تداعيات جيوسياسي جديدة نعه‪.‬‬
‫‪ -‬مورع منطقة الدول العربية من التغيير المحتمل في خارطة التجارو النفطية‪:‬‬
‫تعيني ننطق الشرق األوسط ومشال إفريقيا لتوريد اجلزء األكرب نين منيو‬
‫إنتاج النفط لعام ‪ ،3029‬اليت تتطلب استثمارًا بأكثر نن ‪ 100‬نليار دوالر سنويًّا‪.3‬‬
‫ولكن "االنتفاضات السياسي " يف ه ه املنطق ‪ ،‬غريت نن القناعات حيول دعيم‬
‫صناع النفط نع وجود االحتياجات الفوري للحصول على التموييل اليالزم يف‬
‫العديد نن الربانج االجتماعي والتنموي ‪ ،‬وه ا يعين أنه يف ظل تأخر التوظيفيات‬
‫االستثماري يف صناع االستكشاف واإلنتاج النفطي سيجعل إنتاج ننطق الشيرق‬

‫‪International Energy Agency Annual Report, 2012‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://www.iea.org‬‬
‫‪U.S Energy Information Administration Agency, (monthly report).‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪.Ibid‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪171‬‬
‫األوسط ومشال إفريقيا حبلول عام ‪ 3019‬ينخفض إىل ‪ 2,3‬ناليني برنييل يونيًّيا‪،‬‬
‫وحبلول عام ‪ 3030‬سينخفض إىل ‪ 6,3‬ناليني برنييل يونيًّيا؛ وعلييه سييواجه‬
‫املستهلكون يف املنظور القريب ارتفاعًا يف أسعار النفط تصل إىل حنيو ‪ 190‬دوالرًا‬
‫للربنيل الواحد‪ ،‬ويكسب ننتجي النفط يف ننطق الشرق األوسط ومشال إفريقييا‬
‫املزيد نن العائدات نن خالل تصدير النفط؛ ولكن العائدات سيتنخفض بسيبب‬
‫التراجع املستمر لسعر صرف الدوالر يف السيوق وزييادة نعيدالت التضيخم‬
‫املستورد‪.‬‬
‫‪ -‬ندى واقعي التطور التكنولوجي يف تغيري خارط اإلنتاج وأثير ذليك عليى‬
‫الصناع والتجارة النفطي العربي ‪ :‬بسبب تقدم التكنولوجيا يفترض أن تيتغري خارطي‬
‫إنتاج النفط والغاز الطبيعي غري التقليدي؛ حيث ستبلغ كمي اإلنتاج نن خمزونات الغاز‬
‫الطبيعي يف الواليات املتحدة والصني وكندا وأستراليا واهلند نسب ‪ %30‬أي بزيادة ‪1,9‬‬
‫تريليونات نتر نكعب يف العرض العاملي خالل الفترة ‪ .13029-3012‬ولكن يف املقابل‬
‫أثارت الكارث النووي يف فوكوشيما‪-‬اليابان‪ ،‬خماوف العديد نن الدول حيول أنين‬
‫حمطات الطاق النووي ؛ حيث متت نراجع وتوقيف عدد نن حمطات الطاقي النوويي‬
‫املخطط هلا نسبقا للبناء‪ ،‬وسيكون هنا ارتفاع يف الطلب على نصادر الطاق األخرى‬
‫نثل الفحم والغاز الطبيعي ونصادر الطاق املتجددة؛ وسيؤدي ذليك إىل ارتفياع يف‬
‫األسعار‪ ،‬يف حني أن نثل ه ا الوضع سيعطي دفع لالستثمار أكثر يف نصادر الطاقي‬
‫املتجددة؛ حيث يتوقع ارتفاع تكلف الطاق ‪ ،‬واحلد نن تنوع الطاق ‪ ،‬كما جيعيل نين‬
‫الصعب نكافح تغري املناخ؛ مما سيؤدي إىل االعتماد أكثر على التطور التكنولوجي يف‬
‫تغري خارط إنتاج الطاق احتماالً نشكوكًا فيه‪ ،‬خاص وأن املؤشرات تدل على تراجع‬
‫حجم املخصصات لدعم األحباث يف االستثمار بتكنولوجيا تطوير إنتاج الطاقي نين‬
‫املصادر املتجددة حيث بلغ ‪ 66‬نليار دوالر يف عام ‪( 3010‬نقارن نع ‪ 309‬نلييارات‬
‫دوالر للوقود األحفوري)؛ مما يتطلب نعه زيادة ه ه املخصصيات إىل ‪ 390‬نلييار‬
‫دوالر يف عام ‪ ،3029‬ه ا يف حني أن تداعيات األزن املالي ال تسيمح ملثيل هي ه‬
‫الزيادات يف دعم ه ه األحباث‪.2‬‬
‫‪International Energy Agency, Annual Report 2012.‬‬ ‫‪1‬‬
‫أمحد تركي‪" ،‬أنريكا واخلليج بني إشكالي االعتماد على النفط ومحاي األنن"‪ ،‬ص ‪.11-9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ -‬التحديا التي يواجووا أمن الطارة‪:‬‬
‫‪1,2‬‬ ‫هنا زيادة يف ننحىن االحنراف بني الفقر والطاق ؛ حييث إن هنيا‬
‫نليارات شخص يف العا يعيشون بال كهرباء‪ ،‬وسييؤدي ارتفياع نسيتويات‬
‫الدخل وعدد الس كان إىل ارتفاع نستوى االحتياجات نن الطاق ‪ ،‬واخنفياض يف‬
‫تنوع إندادات النفط؛ مما يعين ضغطًا كبريًا على إنيدادات الينفط وتوظييف‬
‫استثمارات يف صناع استكشاف وصناع النفط أكثر‪ ،‬وإن كانيت اخلييارات‬
‫اجلديدة ننفتح على الغاز الطبيعي والفحم الل ين سيدعمان ذليك النميو يف‬
‫الطلب على الطاق ‪.‬‬
‫‪ -‬حقيقة استغناء الواليا المتحدو األميركية عن النفط الخليجي‪:‬‬
‫زعم الرئيس األنريكي بارا أوبانا أن الواليات املتحدة األنريكي سيتتجاوز‬
‫إنتاج اململك العربي السعودي ‪ ،‬وتصبح نرة أخرى أكرب ننتج للنفط يف العا حبلول‬
‫عام ‪ ،3019‬وأهنا ستكتفي ذاتيًّا نن النفط حبلول عام ‪ ،3030‬وستصبح بلدًا نصدرًا‬
‫للنفط والغاز؛ وليس بلدًا نستوردًا هلما؛ ول لك فإن الواليات املتحدة األنريكيي‬
‫تستعد لالستغناء عن استرياد النفط نن ننطق الشرق األوسط‪!1‬‬
‫وه ا التصريح خيالف تقرير إدارة نعلونات الطاق األنريكي ال ي يقيول إن‬
‫إنتاج أنريكا البالغ ‪ 6,3‬ناليني برنيل يف اليوم عام ‪ ،3013‬سريتفع إىل ‪ 9,2‬ناليني‬
‫برنيل عام ‪ ،3012‬وإىل ‪ 9,9‬ناليني برنيل يف اليوم عام ‪ ،3013‬فكيف ستسيتغين‬
‫الواليات املتحدة األنريكي عن استرياد النفط وهي تستهلك ‪ 19‬نلييون برنييل‬
‫يونيًّا‪ ،‬أي أهنا حباج السترياد نليون برنيل يونيًّا حبلول عام ‪.23019‬‬
‫‪ -‬محاوال استغناء أميركا عن نفط الخليج‪:‬‬
‫إن االعتماد على نفط اخلليج حدد بشكل أساسيي السياسيات اخلارجيي‬
‫االقتصادي واألنني والدفاعي األنريكي طيل نا يقرب نن نصيف قيرن‪ ،‬وإن أي‬
‫تغيري يف ذلك االعتماد على نفط اخلليج يعين تغيريًا يف تلك السياسات اخلارجيي ‪،‬‬

‫احلياة اللندني ‪.3013/9/33 ،‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪.U.S Energy Information Administration Agency, monthly report‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪171‬‬
‫وتضمن نؤخرًا اخلطاب السياسي األنريكي توجهات بتغيري الوالييات املتحيدة‬
‫األنريكي وجهتها بعيدًا عن النفط اخلليجي‪ ،‬وأخ ت حتاول يف الفترة األخيرية إىل‬
‫ختفيض وارداهتا نن نفط اخلليج‪ ،‬ندعي أنه يكلفهيا ‪ 190‬نلييار دوالر سينويًّا‪،‬‬
‫وأعلنت عن هدفها بتخفيض اعتمادها على نفط اخلليج مبقدار النصيف قبيل أن‬
‫ينقضي ه ا العقد‪ ،‬وتؤكد األنباء الواردة نن إدارة نعلونات الطاق يف الوالييات‬
‫املتحدة األنريكي أن نا يقرب نن نصف النفط ال ي تستهلكه أنريكا سيكون نن‬
‫إنتاج حملي حبلول العام ‪ ،3030‬وأن ‪ %80‬ننه سيُنتج نن الساحل الشرقي للواليات‬
‫املتحدة األنريكي ؛ حيث يتوقع خرباء احلكون األنريكي أن تينخفض نشيتريات‬
‫الواليات املتحدة األنريكي نن نفط الشرق األوسط وإفريقيا وأوروبا إىل حنو ‪3,9‬‬
‫نليون برنيل يونيًّا؛ وذلك حبلول عام ‪3030‬؛ عوضًا عن أكثر نن ‪ 3‬ناليني برنيل‬
‫يونيًّا اآلن‪ ،‬وأهنا ستصل إىل االكتفاء ال ايت حبلول عام ‪3029‬؛ نعتمدة على زييادة‬
‫اإلنتاج احمللي ورفع كفاءة قطاع النقل‪ ،‬وبناء نفاعالت تعمل على الطاق النوويي‬
‫إلنتاج الكهرباء‪ ،‬والتشجيع على نصادر الطاق املتجددة‪.1‬‬
‫‪ -‬أهمية مكانة ارتصاد دول الخليج في االرتصاد األميركي‪:‬‬
‫ميثل االقتصاد األنريكي ربع االقتصاد العاملي‪ ،‬ويستهلك ربيع االسيتهال‬
‫العاملي للنفط‪ ،‬وهو أكرب نستورد له‪ ،‬وإذا كان أكرب إنتاج واحتياطات النفط تقع‬
‫يف ننطق اخلليج‪ ،‬وأن رءوس األنوال اهلائل يف دول اخلليج هلا تأثري يف االقتصاد‬
‫الدويل‪ ،‬فإن نسئوليات الواليات املتحدة األنريكي ‪-‬كدول عظميى‪ -‬تتصيل‬
‫بصورة نباشرة وغري نباشرة باقتصاديات ه ه الدول‪ ،‬ويهمها إىل حد كبري محاي‬
‫اقتصاديات ه ه الدول؛ ل لك فإن التنافس الدويل عليى الينفط اخلليجيي يف‬
‫املستقبل املنظور سيكون يف نقدن اهتمانات الواليات املتحدة األنريكيي ‪ ،‬وال‬
‫نعتقد أن بناء عالقات نتين بني دول اخلليج العربي والصني ‪-‬اليت تسابق أنريكيا‬
‫اقتصاديًّا‪ -‬يريح الواليات املتحدة األنريكي ؛ ل لك فيإن الوالييات املتحيدة‬
‫ستتمسك بعالقات قوي ومميزة نع دول اخلليج؛ بل إهنا تعترب أن الطريق إىل دول‬
‫اخلليج مير عرب نصاحلها العليا‪.‬‬

‫‪.Ibid‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ -‬سوء فوم‪:‬‬
‫لقد أساء البعض فهم حتول الواليات املتحدة األنريكي نن دولي نسيتوردة‬
‫للنفط إىل دول نصدرة بأن ذلك سيتبعه تغيري ج ري يف السياسي األنريكيي يف‬
‫ننطق الشرق األوسط‪ ،‬وأن الطلب على نفط اخلليج سيتعرض لليهبوط بشيكل‬
‫حاد؛ وأن اقتصاديات ه ه الدول ستعاين نن عجز كبري يف نوازناهتا‪ ،‬وكأَنَّهيا ال‬
‫تبيع نفطها إالَّ للواليات املتحدة األنريكي ‪ ،‬وأن ليس هنا تنانيًا نن دول شيرق‬
‫خسيا واالقتصاديات الناشئ يف الطلب على نفط دول اخلليج‪ ،‬وخاص الصني واهلند‬
‫وكوريا اجلنوبي والربازيل‪ .‬وهو نا يعين أن املزاعم اليت أطلقها الرئيس أوبانا نا هي‬
‫إال تصرحيات سياسي ألغراض انتخابي ولالستهال احمللي فقط‪.‬‬
‫‪ -‬أدوار النفط في السياسة المالية والنقدية والصناعة والتجارو واالرتصاد العالمي‪:‬‬
‫نا جيب أن نلفت النظر إليه هنا هو أن النفط ليس جمرد سلع ونصدر رئيسي‬
‫للطاق ؛ بل هو نادة أولي لكثري نن الصناعات؛ حيث يعد صناع ضخم تقوم على‬
‫رءوس أنوال هائل وتديره وتسوقه جمموع نن الشركات األنريكي العمالق ‪ ،‬اليت‬
‫تؤثر يف االقتصاد الدويل وتتأثر به‪ ،‬ويف السنوات املاضي اخت ته األسواق املالي سلع‬
‫لوعاء القيم ؛ شأنه شأن ال هب والنقد‪ ،‬وأصبح أكثر نن ذلك؛ حييث انتيدت‬
‫وظيفته ليصبح أداة نالي شأنه شأن الفائدة‪ ،‬وهو ال ي بي لك نكَّين الوالييات‬
‫املتحدة األنريكي نن أن تكون أكرب اقتصاد يف العا متثل ثلثه‪ ،‬وأكيرب نسيتهلك‬
‫للنفط ونستورد له؛ حيث يعتمد عليه يف احلد نن تناني االختالالت يف هيكليها‬
‫االقتصادي‪ ،‬ورفع تكاليف عناصر اإلنتاج على شركائها التجياريني ‪-‬كالصيني‬
‫واالحتاد األوروبيي واليابان‪ -‬لرفع تكلف ننتجاهتا وتصدير التضخم هلا؛ لتعزييز‬
‫تنافسي املنتجات األنريكي ‪.‬‬
‫إن األنر أعقد بكثري نن زيادة يف اإلنتاج يف الواليات املتحدة األنريكيي أو‬
‫اكتشافات جديدة هنا أو هنا ‪ ،‬أو نسأل عرض وطلب‪ ،‬وأعقد بكثري نن االكتفاء‬
‫ال ايت للواليات املتحدة األنريكي ؛ فالنفط اخلليجي شريك قوي يف التجارة العاملي ‪،‬‬
‫والسباق يف نضمار الطاق بني الصني ودول شرق خسيا نين ناحيي والوالييات‬
‫املتحدة األنريكي نن ناحي أخرى سيستعر أكثر بكثري مما نتصور‪ ،‬وسيزيد طليب‬
‫‪177‬‬
‫الصني ودول شرق خسيا على بترول الشرق األوسط‪ ،‬وسينتقل النفط يف السيوق‬
‫العاملي إىل نستوى خخر نن التوازن‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أنه ليس نن نصلح أنريكا ختفيض أسعار النفط؛ بيل عليى‬
‫العكس سيكون نن نصلحتها رفعها‪ ،‬ونا تلك التصرحيات األنريكي األخرية حول‬
‫استغنائها عن النفط اخلليجي والعربيي إال تصرحيات لالسيتهال احملليي‪ ،‬وذر‬
‫الرناد يف عيون شركائها التجاريني‪ ،‬ولرفع العتب عنها‪ ،‬ودفع االهتام نن أهنا سبب‬
‫يف ارتفاع أسعار النفط والطاق ‪ ،‬وأهنا ال تب ل جهدًا نن أجل ختفيضها‪ ،‬على الرغم‬
‫نن االحتياطات اليت لديها‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬التورعا حول أداء أسعار النفط في ظل هشاشة االرتصاد العالمي‬


‫رً‬
‫‪ -‬الواوية المالية األميركية‪:‬‬
‫نا زالت املخاوف نن اهلاوي املالي يف الواليات املتحيدة األنريكيي تلقيي‬
‫بظالهلا على السوق‪ ،‬وك لك احتمال عودة الركود يف ننطق الييورو‪ ،‬ووفيرة‬
‫اإلندادات يف النصف األول نن ‪3012‬م‪ ،‬مما يدعم االعتقاد باستمرار تباطؤ النميو‬
‫االقتصادي‪ ،‬وبالتايل اخنفاض أسعار النفط العام املقبل‪ ،‬وعلى الرغم نن كل ذلك؛‬
‫فإنه يستبعد اهنيار أسعار النفط يف العانني احلايل والقادم على أقل تقيدير؛ حييث‬
‫ستسهم السياس النقدي األنريكي واملخاوف اجليوسياسي يف دعم السوق‪ ،‬ويتوقع‬
‫أن يتحسن الطلب على النفط بشكل نتواضع يف النصف الثاين نن ‪3012‬؛ لكين‬
‫ارتفاع اإلندادات سيحد نن أي زيادة يف السعر‪ ،‬ويتوقع أن يبلغ نتوسيط سيعر‬
‫نزيج برنت بني ‪ 108‬إىل ‪ 110‬دوالرات للربنيل يف ‪ ،3012‬وهو اخنفياض عين‬
‫نتوسطه البالغ ‪ 111,91‬دوالر عام ‪.13013‬‬
‫ونن املتوقع أن يبلغ نتوسط سعر اخلام األنريكيي اخلفييف ‪ 93‬دوالرًا يف‬
‫‪ ،3012‬وأن يواصل سعر برنت التراجع البسيط ملتوسيط قيدره ‪ 109,90‬دوالر‬
‫للربنيل يف ‪ .23013‬ويرتبط ارتفاع األسعار بتحسن الوضع االقتصادي يف الصيني‬

‫وكال الطاق العاملي ‪ ،‬رويترز‪.3012/1/3 ،‬‬ ‫‪1‬‬


‫املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪178‬‬
‫والواليات املتحدة‪ ،‬وستبقى أسعار برنت ندعون باملخاطر اجليوسياسيي عليى‬
‫اإلندادات نن الشرق األوسط‪.‬‬
‫‪ -‬أثر أداء أزما االرتصاد األوروبي على أداء أسعار الطارة‪:‬‬
‫سيكون االقتصاد األوروبيي عانالً نؤثرًا يف حتديد الطلب العاملي على النفط‬
‫يف ‪ ،3012‬ونصدر القلق هو أن األسعار احلالي نرتفع خاص يف ضوء األزنيات‬
‫السيادي األوروبي ‪ ،‬وهشاش التعايف االقتصادي العاملي؛ فالوضع االقتصادي الراهن‬
‫ليس نشرقًا بالصورة اليت نأنلها‪ ،‬وأعتقد أن أسعار النفط املرتفع نسبيًّا يف الوقيت‬
‫الراهن متثل حتديًا كبريًا يف حدِّ ذاهتا؛ وذلك جلهود إنعاش االقتصاد العاملي‪ ،‬وقيد‬
‫حيدث هبوط كبري يف أسعار النفط يف حال حدوث صدن نالي عاملي ؛ نثل تفكك‬
‫ننطق اليورو‪ .‬ونع فرص ذلك فإن اهنيار األسعار سيكون أنيرًا نؤقتًيا؛ إذ نين‬
‫املرجح أن ترد (أوبك) بتقليص اإلندادات‪ ،‬وسيظل احتمال اهنيار سيعر الينفط‬
‫ضئيالً يف ظل قدرة اململك العربي السعودي على إحداث توازن يف السوق خبفض‬
‫إنتاجها‪.‬‬
‫‪ -‬سيناريو تورعا انخفاض أسعار النفط للى النصف‪:‬‬
‫يرى البعض أن النمو يف إنتاج النفط داخل الوالييات املتحيدة األنريكيي‬
‫سيُسهم يف خفض أسعاره‪ ،‬وإعطاء االقتصاد األنريكي دفع قوي يف وقت يهيدد‬
‫تباطؤ منو االقتصاد العاملي فيه باحلد نن الطلب على النفط‪ ،‬وهو نا جعيل بعيض‬
‫احملللني خيفضون توقعاهتم لسعر اخلام يف عيام ‪ 3012‬إىل ‪ 69‬دوالرًا‪ ،‬وعليى ذات‬
‫النهج يف الفرضيات نن املتوقع أن يسري التنني الصيين باجتاه خفض وارداته النفطي‬
‫نن دول جملس التعاون اخلليجي يف عام ‪ 3030‬إىل أقل نن نليون برنيل يونيًّا‪ ،‬فمع‬
‫احتمال وجود احتياطي نفطي وغازي كبريين يف حبر الصني اجلنوبييي ‪-‬يُقيدر‬
‫بي ‪ 30‬نليار طن‪ ،‬نعظمها نن الغاز الطبيعي؛ تتفق نعظيم الدراسيات العامليي‬
‫الشهرية الصادرة يف توقعاهتا؛ وذلك على أن أسعار النفط ستبقى فوق املائ دوالر‬
‫على أقل تقدير خالل العام احلايل (‪ )3012‬واملقبل (‪.)3013‬‬

‫‪179‬‬
‫خامسا‪ :‬رراءو في ارتصاديا دول الخليج‬
‫ً‬
‫‪ -‬التورعا في أداء االرتصاد الخليجي على ضوء أداء أسعار النفط‪:‬‬
‫تبلغ نسب إنتاج النفط يف دول اخلليج نن إمجايل اإلنتاج العاملي حنو ‪ ،%30‬وقد‬
‫قدرت حجم اإليرادات النفطي لدول اخلليج املصدرة للنفط بنحو ‪ 993‬نلييار دوالر‬
‫أنريكي بنهاي عام ‪3013‬؛ وذلك بارتفاع عن إيرادات عام ‪ ،3011‬اليت سجلت ‪928‬‬
‫نليار دوالر أنريكي؛ وذلك على الرغم نن حال الركود االقتصادي العام خالل تلك‬
‫الفترة‪ .1‬فقد أعلنت نعظم دول جملس التعاون اخلليجي عن زيادة يف حجم امليزانيات‬
‫احلكوني لعام ‪3012‬؛ حيث حققت فائضًا يف املوازن ؛ يف حني سجل بعضها اآلخير‬
‫عجوزات طفيف بالنسب إىل السن اليت قبلها حبسب توقعات صندوق النقد اليدويل‪،‬‬
‫غري أن نؤشرات التنمي تتنبأ بالعديد نن حتديات املخاطر االقتصادي اليت قد تواجهها‬
‫دول جملس التعاون اخلليجي؛ جراء استمرار اعتمادها بشكل أساسي على "امليورد‬
‫الناضب" كمصدر دخل رئيسي‪ ،‬نعرَّض حلدوث اخنفاض يف أسعار الربنيل؛ مما قيد‬
‫يؤثر بشكل واضح على نوازنات ه ه الدول‪ ،‬إضاف إىل تفاقم أزن البياحثني عين‬
‫عمل‪ ،‬والتأخر يف التكانل والتعاون االقتصادي‪ ،‬وإصالح اخللل يف التركيب السكاني‬
‫وقوة العمل الوطني ‪ ،‬وتواضع نسامه القطاع اخلاص يف النياتج احملليي اإلمجيايل‪،‬‬
‫وحمدودي تنوع نصادر الدخل‪ ،‬وتناني استهال نصادر الطاق حمليًّا‪.‬‬
‫ونع فائض الطاق اإلنتاجي املنخفض‪ ،‬ونرحل اإلنتاج القادن القليل ‪ ،‬سييتباطأ‬
‫النمو االقتصادي يف دول جملس التعاون اخلليجي عام ‪ 3012‬نتيج العتدال منو إنتياج‬
‫النفط؛ لكن ارتفاع أسعار النفط واإلنتاج سيوفران الدعم لعام خخر نن النمو القيوي‬
‫للمنتجات غري النفطي ‪ ،‬وأن اقتصاديات دول جملس التعاون اخلليجي ستبقى نتأثرة تأثرًا‬
‫كبريًا بأسواق النفط العاملي ‪ .‬ونع األخ بعني االعتبار استمرار منو االقتصاد العاملي بنحو‬
‫‪ %3,3‬يف عام ‪ ،3012‬و‪ %2,3‬يف عام ‪ ،3013‬نقارن بنموه ‪ %3,3‬عام ‪ ،23013‬يتوقع‬
‫استمرار ارتفاع الطلب على النفط اخلليجي خالل السنوات اخلمس القادن ‪.‬‬

‫جمل النفط والغاز‪( ،‬دول الكويت‪ :‬ننظم الدول املنتج واملصدرة للنفط "أوبك"‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬
‫‪ ،122‬فرباير‪/‬شباط ‪ ،)3012‬ص ‪.33-33‬‬
‫املوقع اإللكتروين لصندوق النقد والبنك الدوليني‪ ،‬فرباير‪/‬شباط ‪.3012‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪181‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يف ضوء نا عرضت له ه ه الورق البحثي نن حقائق تارخيي ‪ ،‬وشواهد عين‬
‫واقع الطاق نن النفط والغاز الطبيعي‪ ،‬ميكننا إجياز النقاط التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬يتضح نن السياق التارخيي ألداء أسعار النفط أن احتمال اهنيار أسعار الينفط‬
‫وهبوطها إىل نستويات نتدني أنر نستبعد جدًّا‪ ،‬وأن نناطق إنتاجه سيتظلُّ‬
‫حمطَّ اهتمام وشدٍّ وج ب‪ ،‬كما ستظلُّ العوانل اجليوسياسي عنصرًا جوهريًّيا‬
‫وحاكمًا يف توجيه أسعار النفط وحتديد نستوياهتا صعودًا أو هبوطًا‪.‬‬
‫‪ -‬أن املشهد األنين للنفط العاملي سوف يتغري حينما تصبح الواليات املتحيدة‬
‫األنريكي أقل اهتمانًا يف جمال استرياد النفط‪ ،‬واستيعاب النفط نن قبل أوروبا‬
‫والصني سيجلب تداعيات جيوسياسي جديدة نعه‪.‬‬
‫‪ -‬غريت "االنتفاضات" يف العا العربيي نن القناعات حول دعم صناع النفط‬
‫نع وجود االحتياجات الفوري للحصول على التمويل الالزم يف العديد نين‬
‫الربانج االجتماعي والتنموي ‪ ،‬وه ا يعين أن أسعار النفط نرشح لالرتفياع‬
‫لتصل إىل حنو ‪ 190‬دوالرًا للربنييل الواحيد يف ظيل تيأخر التوظيفيات‬
‫االستثماري يف صناع االستكشاف واإلنتاج النفطي ‪.‬‬
‫‪ -‬مث سوء فهم لتحول الواليات املتحدة األنريكي نن دول نستوردة للينفط إىل‬
‫دول نصدرة له‪ ،‬بأن ذلك سيتبعه تغيري ج ري يف السياس األنريكي يف ننطق‬
‫الشرق األوسط‪ ،‬وأن الطلب على نفط اخلليج سيتعرض للهبوط بشكل حياد؛‬
‫إذ أنّ هنا تنانيًا نطرداً نن دول شرق خسيا واالقتصاديات الناشئ يف الطليب‬
‫على نفط دول اخلليج‪ ،‬وخاص الصني واهلند وكوريا اجلنوبي والربازيل‪ .‬وهيو‬
‫نا يعين أن املزاعم اليت أطلقها الرئيس األنريكي بارا أوبانا بشأن احتمياالت‬
‫التحول يف سياس أنريكا النفطي خالل السنوات املقبل نا هي إال تصيرحيات‬
‫سياسي ألغراض انتخابي ولالستهال احمللي فقط‪ .‬ونع األخ بعني االعتبيار‬
‫استمرار منو االقتصاد العاملي يف العانني املقبلني على أقل تقدير‪ ،‬يتوقع استمرار‬
‫ارتفاع الطلب على النفط اخلليجي خالل السنوات اخلمس القادن ‪.‬‬
‫‪ -‬تتنبأ نؤشرات التنمي بالعديد نن حتديات املخاطر االقتصادي اليت قد تواجهها‬
‫دول جملس التعاون اخلليجي؛ جراء استمرار اعتمادها بشكل أساسي عليى‬
‫‪180‬‬
‫"املورد الناضب" كمصدر دخل رئيسي‪ ،‬نعرَّض حلدوث اخنفاض يف أسيعار‬
‫الربنيل؛ مما قد يؤثر بشكل واضح على نوازنات ه ه الدول‪ ،‬إضاف إىل تفاقم‬
‫أزن الباحثني عن عمل‪ ،‬والتأخر يف التكانل والتعاون االقتصادي‪ ،‬وإصيالح‬
‫اخللل يف التركيب السكاني وقوة العمل الوطني ‪ ،‬وتواضع نسيامه القطياع‬
‫اخلاص يف الناتج احمللي اإلمجايل‪ ،‬وحمدودي تنوع نصادر اليدخل‪ ،‬وتنياني‬
‫استهال نصادر الطاق حمليًّا‪.‬‬
‫‪ -‬تستدعي احلقائق االقتصادي واملالي والفني واجليوستراتيجي السابق ذكرها يف‬
‫ه ه الورق البحثي نن خمططي السياسات املاليي ليدول جمليس التعياون‬
‫اخلليجي‪ ،‬االستفادة نن الفوائض املالي املتحقق يف تنويع نصيادر اليدخل‬
‫االستراتيجي ‪ ،‬واستدان نصادر دخل املوازنات الرئيسي ‪ ،‬واالسيتثمار يف‬
‫املشاريع الداعم لعملي التنمي االقتصادي ؛ وذلك لضمان تاليف أي ردة فعل‬
‫غري حمسوب على اقتصادياهتا حال تعرضت أسعار النفط لتقلبات يف املستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬ونا ينبغي التأكيد عليه يف اخلتيام هيو أن ننطقي اخللييج ذات األمهيي‬
‫اجليوسياسي البالغ للعا ستظل فاعالً نؤثرًا يف أنن الطاق ‪ ،‬وأهنا رمبا تكيون‬
‫عرض ألزنات إقليمي حمتمل تستهدف باألساس توجيه وترشيد أسعار الطاق‬
‫العاملي أكثر نن أي شيء خخر‪ .‬يربز يف ه ا السياق نشكل الربنانج النيووي‬
‫اإليراين‪ ،‬واالحتماالت املختلف للمسار ال ي سيأخ ه نستقبالً سواء باجتياه‬
‫املزيد نن التصعيد بني طهران واجملتمع الدويل‪ ،‬أو االجتاه حنو الوصول حليل‬
‫دبلوناسي نتوازن‪ .‬ووفق املؤشرات الراهن اليت عبّر عنها االجتماع الفصيلي‬
‫جمللس حمافظي الوكال الدولي للطاق ال ري يف األسبوع األول نين سيبتمرب‬
‫‪ ،3012‬يبدو أن االجتاه حنو حلحل ه ا امللف هو السيناريو األقرب للتحقيق‬
‫يف املستقبل املنظور‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫العمالة اآلسيوية الوافدو وتأثيراتوا‬
‫على وارع ومستقبل دول الخليج العربية‬

‫د خالد شمس عبد القادر‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تتسم دول جملس التعاون اخلليجي نن الناحي االقتصادي بتوسعٍ طموح‪ ،‬ونن‬
‫الناحي السكاني خبف يف عدد املواطنني مما أفرز نشكل حمدودي العمال الوطنيي ‪.‬‬
‫وملا كان عنصر العمل هو أحد عناصر اإلنتاج األساسي ‪ ،‬فإن دول اخلليج أصبحت‬
‫تعاين نن نقص يف عنصر العمل الوطين‪ .‬وكان نن شأن ه ا النقص أن يقيِّد سقف‬
‫اإلنتاج ومنو االقتصاد؛ لوال جلبها العمال األجنبي لتعويض ذلك النقص‪.‬‬
‫ونع تناني إيرادات بيع النفط والغاز ونشتقاهتما‪ ،‬استمرت دول اخلليج يف املضي‬
‫قدنًا حنو حتقيق خطط التنمي الشانل وبناء نؤسساهتا ونرافقها والبىن التحتي مليدهنا‪،‬‬
‫واستدعى ذلك اعتمادًا شبه كلي على العمال األجنبي يف تنفي تلك اخلطط‪ .‬ويشيري‬
‫تقريرٌ ملنظم اهلجرة الدولي لعام ‪ 3008‬إىل أن ننطق اخلليج اسيتقطبت عيام ‪3009‬‬
‫وحده أكثر نن ‪ 13‬نليون شخص‪ ،‬أي أكثر بقليل نين ثليث سيكاهنا‪ ،‬حمتلي يف‬
‫استقطاب العمال املرتب الثالث بعد كل نن أنريكا الشمالي وأوروبا‪.1‬‬
‫وقد بلغ اعتماد دول اخلليج على العمال األجنبي حدًّا بعيدًا‪ ،‬لدرج أنه برزت يف‬
‫العقدين األخريين على املشهد االقتصادي اخلليجي نا ميكن أن نطلق علييه "ظياهرة‬
‫العمال اآلسيوي "‪ .‬ففي حني أن نسب العمال الوافدة ال تقل عن ثلث سكان اخللييج‪،‬‬
‫متثل العمال اآلسيوي نسب ال تقل عن ‪ %90‬نن جمموع ه ه العمال الوافدة‪ ،2‬وكميا‬
‫هو نوضح باجلدول التايل‪:‬‬

‫ننظم اهلجرة الدولي ‪ ،‬تقرير ننظم اهلجرة الدولي لعام ‪.3008‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪http://www.iom.int/cms/about-iom‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪181‬‬
‫جدول رقم (‪)1‬‬
‫‪1‬‬
‫إمجايل العمالة القادمة من الدول اآلسيوية إىل دول اخلليج‬
‫إمجايل العمالة‬ ‫إمجايل العمالة‬

‫من كل‬
‫الكويت‬ ‫قطر‬ ‫عمان‬ ‫السعودية‬ ‫اإلمارات‬
‫دولة آسيوية‬
‫القادمة من‬
‫‪309200939 393,210‬‬ ‫‪250,649‬‬ ‫‪447,824‬‬ ‫‪1,452,927‬‬ ‫‪2,185,919‬‬ ‫اهلند‬
‫‪109390298 122,878‬‬ ‫‪250,649‬‬ ‫‪94,993‬‬ ‫‪1,005,873‬‬ ‫‪453,005‬‬ ‫باكستان‬
‫‪9060308 86,015‬‬ ‫‪125,324‬‬ ‫‪15,250‬‬ ‫‪558,818‬‬ ‫‪120,801‬‬ ‫الفلبني‬
‫‪8890993 208,893‬‬ ‫‪87,727‬‬ ‫‪40,711‬‬ ‫‪391,173‬‬ ‫‪161,068‬‬ ‫سرييالنكا‬
‫‪9090891 208,893‬‬ ‫‪149,275‬‬ ‫‪447,055‬‬ ‫‪100,668‬‬ ‫بنجالديش‬
‫‪1920926‬‬ ‫‪175,454‬‬ ‫‪18,282‬‬ ‫نيبال‬
‫‪320939‬‬ ‫‪23,547‬‬ ‫تايالند‬
‫‪3900368 11,059‬‬ ‫‪279,409‬‬ ‫إندونيسيا‬
‫‪190339‬‬ ‫‪17,227‬‬ ‫أفغانستان‬
‫‪3880998 98,302‬‬ ‫‪150,389‬‬ ‫‪40,267‬‬ ‫إيران‬

‫‪10,0.,,5,3.,, 1,129,250‬‬ ‫‪1,040,192‬‬ ‫‪748,053‬‬ ‫‪4,194,311‬‬ ‫‪3,061,728‬‬ ‫إمجايل العمال‬


‫ييوي يف‬
‫اآلسي‬
‫يل دول ي‬
‫كي‬
‫خليجي‬
‫املصدر‪ :‬اجلدول نعد نن قبل الباحث اعتمادًا على بيانات املوقع اإللكتروين ملنظم اهلجرة الدولي‬

‫‪migration/world-migration.htm‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪181‬‬
‫أوالً‪ :‬أسباب اعتماد دول الخليج المفرط على العمالة اآلسيوية‬
‫بعيدًا عن السبب املسلَّم به وهو اخلف السكاني املتالزن نع احلاج للتنميي‬
‫االقتصادي املسندة بإيرادات النفط‪ ،‬فيمكن أن نلمس أسبابًا أخرى لتزايد أعيداد‬
‫العمال اآلسيوي ‪ ،‬وهي كاآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬أسباب خاص بالسلو االقتصادي يف ظل منو الدخل‪ ،‬ويشمل ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬نن الطبيعي أن الشخص ال ي يزيد دخله سيحتاج إىل أعمال عديدة جييب‬
‫أداؤها نن أجل استمرار كيانه املتمثل يف الدخل واحلاجات‪ .‬وتضيم قائمي‬
‫أعماله أعماالً نتنوع ‪ ،‬ننها نا يتطلب عمالً إشرافيًّا يهتم جبوانب سري أنيور‬
‫كيانه‪ ،‬وننها نا يتضمن أعماالً تتطلب عمالً بدنيًّا وتستلزم وقتًا وجهدًا نين‬
‫أجل تنفي ها‪ .‬وكلما زاد دخل الفرد زاد امليل إىل العمل اإلشيرايف الي ي‬
‫يضمن استمرار دخله وتنفي حاجاته‪ .‬وهك ا‪ ،‬فإذا نظرنا إىل قائم األعمال‪،‬‬
‫جند أن تركز اخلليجيني سيكون يف األعمال اإلشرافي ‪ ،‬وكلما هبطنا يف قائم‬
‫األعمال فسنلحظ أن عدد اخلليجيني سيقل‪ ،‬بينما سيزيد عدد غري اخللييجني‬
‫ال ين جلبهم اخلليجيون ليقونوا بتنفي ها‪.‬‬
‫‪ -‬حينما يزيد دخل شعب نعني‪ ،‬تزيد رغباته وحاجاته‪ ،‬وقيد حيتياج ذليك‬
‫الشعب إىل شعوب أخرى نن أجل نساعدته يف إجناز حاجاته‪ .‬ودول اخلليج‬
‫حباها اهلل بدخول عالي نقارن بشعوب دول أخرى‪ ،‬وسيتجد الشيعوب‬
‫األخرى ‪-‬األقل دخالً‪ -‬فرص عمل لدى دول اخلليج نن أجل نساعدهتا يف‬
‫إجناز حاجاهتا‪ .‬إذًا فاملنفع واحلاج نتبادل بني الشعوب‪ ،‬بني الشعب اخلليجي‬
‫ذي العدد السكاين القليل نع دخل وفري وحاجيات نتزاييدة‪ ،‬والشيعوب‬
‫األخرى ذات العدد السكاين األكثر والدخل األقل نع االستعداد للمسياعدة‬
‫يف الوفاء حباجات الشعب اخلليجي نقابل احلصول على دخل وعائيد جميز‬
‫نقبول‪ ،‬وجند أن كثريًا نن الشعوب األقل دخالً وجدوا أن القيام باألعميال‬
‫األقل نن األعمال اإلشرافي ولو تطلبت جهدًا بدنيًّا ووقتًا‪ ،‬سييدرال علييهم‬
‫دخالً وعائدًا أكرب بكثري مما لو أهنم قانوا بنفس األعمال يف بالدهم‪ .‬لي لك‬
‫نرى أن العمال اآلسيوي تُقبل على القيام بتلك األعمال بسبب نزايا اليدخل‬
‫األكرب نن ذلك ال ي سيجنونه يف بالدهم لو قانوا بنفس تلك األعمال‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫‪ .3‬يرى اخلليجيون أن العمال اآلسيوي تتميز بالرخص بالنسيب لألعميال الييت‬
‫يؤدوهنا‪ ،‬حيث إنه نن املالحظ أن نعظم األعمال اليت تشغلها العمال اآلسيوي‬
‫يتراوح األجر الشهري هلا للعانل نا بني ‪ 190‬دوالرًا إىل ‪ 890‬دوالرًا‪ ،‬نع تركز‬
‫نعظم أجور العمال اآلسيويني حول الي ‪ 390‬دوالرًا شهريًا‪ ،‬أي مبا ال يقيل‬
‫عن ‪ 2000‬دوالر يف السن ‪ .‬وه ا األجر قد يتساوى ‪-‬إن يفُيق‪ -‬اليدخل‬
‫السنوى للفرد يف تلك البالد اليت أتت ننها تليك العمالي ؛ حييث تشيري‬
‫إحصائيات األنم املتحدة إىل أن دخل الفرد السنوى يف عيام ‪ 3009‬بليغ يف‬
‫النيبال ‪ 329‬دوالرًا‪ ،‬ويف بنجالديش ‪ 939‬دوالرًا‪ ،‬وباكستان ‪ 886‬دوالرًا‪ ،‬ويف‬
‫اهلند ‪ 1093‬دوالرًا‪ ،‬ويف الفلبني ‪ 1936‬دوالرًا‪ ،‬ويف سيريالنكا ‪ 3113‬دوالرًا‪.1‬‬
‫واجلدير بال كر أن نعظم تلك العمال يتركز قدونها نن أريياف بالدهيم أو‬
‫القرى النائي فيها‪ ،‬وهو نا يثري رغبتهم يف ال هاب للعمل يف اخلليج واحلصيول‬
‫على ذلك الدخل ال ي قد يفوق الدخل ال ي سيحصلون عليه حىت لو اشتغلوا‬
‫يف نفس األعمال يف ندهنم ذات الدخل األعلى نن أريافهم‪ .‬ه ا فضيالً عين‬
‫نسب البطال العالي يف تلك الدول‪.‬‬
‫‪ .2‬يعتقد اخلليجيون أن العمال اآلسيوي نن أقدر أنواع العمال على اكتسياب‬
‫نهارات العمل‪ ،‬وذلك أهنا متتلك أو أهنا قادرة على انتال نهيارات عميل‬
‫تتناسب نع األعمال اليت يقونون هبا‪ .‬واملالحظ أيضًا أن العانيل اآلسييوى‬
‫يتقبَّل العمل يف أكثر نن نهم أو وظيف ‪ ،‬فترى نثالً العمال املنيزلي تقيوم‬
‫بكاف نهام املنيزل على تنوعها‪ ،‬وك لك ميكن أن نرى العمال اآلسيوي يف‬
‫قطاع البناء تنف أعماالً نتنوع ‪ ،‬ونراهم أيضًا يف القطاع اخلدني‪ ،‬والنظافي ‪،‬‬
‫والصيان ‪ ،‬ونقاط البيع واالستقبال‪ ،‬وخدنات املواصالت‪ ،‬وخدنات الفندق‬
‫والضياف ‪ ،‬واخلدنات الطبي وغري ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬هنا نيزة تفضيلي للعمال اآلسيوي عند أهل اخللييج‪ ،‬وهيي أن العمالي‬
‫اآلسيوي ميكن أن تكون حاضرة وتُجلب إىل البلد اخلليجيي يف أي وقيت‬
‫بالعدد املطلوب والغرض املطلوب ننه للعمل‪ .‬وه ه امليزة تأيت نن ناحيي أن‬

‫األنم املتحدة‪ ،‬بيانات األنم املتحدة‪ ،‬خدن بيانات الدول‪،‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://data.un.org/‬‬

‫‪186‬‬
‫الدول املصدرة للعمال اآلسيوي كانت دائمًا يف حاج إىل تصدير عمالتيها‬
‫بسبب الفائض الكبري لعنصر العمل لديها يف كاف املستويات الوظيفي ‪ ،‬وه ا‬
‫يعين أن وترية النشاط والعملي اإلنتاجي يف اخلليج نن املفترض أن ال تتيأثر‬
‫سلبًا بنقص العمال ‪.‬‬
‫‪ .9‬تُبدي العمال اآلسيوي حتمالالً للعمل يف الظروف الصعب نثل ارتفاع حيرارة‬
‫الطقس وطول ساعات العمل؛ ل ا نرى كثريًا ننهم قد تركَّيزوا يف أعميال‬
‫تتعلق بقطاع البني التحتي والبناء‪ ،‬كما أن تلك العمال لديها القبول للعييش‬
‫يف ظروف نعيشي وسكني ذات نستويات نتواضع ‪.‬‬
‫‪ .6‬أدى ارتباط دول اخلليج بعدد كبري نن العمال اآلسيوي إىل ننح ه ه اليدول‬
‫قدرًا نن املرون يف قرار التخلص ننها يف حال األزنات االقتصادي ‪ ،‬وذليك‬
‫نن ناحي أن قرار ختفيض تلك العمال يأيت كأولوي دون املسياس بالعمالي‬
‫الوطني أو العربي أو تلك اليت تساهم يف قيم نضياف وإنتاجيي عاليي يف‬
‫النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫وهك ا‪ ،‬ميكن أن نستخلص نن ه ه األسباب أن احلاج إىل العمال اآلسيوي‬
‫يف اخلليج أتت بشكل أساسي نن تنافسيتها يف األجو وقدرهتا على التأقلم السيريع‬
‫نع ظروف العمل‪ ،‬وقابليتها لشغل أي نوع نن األعمال‪ .‬ومبا أن دول اخلليج تعترب‬
‫دوالً حديث النشأة‪ ،‬فإن الطلب على ه ا النوع نن العمال وهب ه اخلصائص يرجح‬
‫له أن يظل نستمرًّا بشكل أساسي لغرض استكمال عملي احلداث وبناء البالد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حجم ونوعية العمالة اآلسيوية في دول الخليج‬


‫ً‬
‫بلغ حجم العمال اآلسيوي يف دول اخلليج الست حبسيب ننظمي اهلجيرة‬
‫الدولي حواىل ‪ 10,9‬ناليني شخص أي بنسب ‪ %90‬نن حجم العمالي الوافيدة‬
‫للخليج‪ .1‬وتبلغ ه ه العمال حواىل ‪ %33‬نن احلجم الكلي لسكان اخللييج حيىت‬
‫العام ‪ .23010‬ويبدو أن التركيب السكاني يف دول اخلليج كان هلا دور يف نسيب‬

‫إحصائي العمال اآلسيوي جاءت حسب املشاهدة نن نوقع ننظم اهلجرة الدولي يف يوم‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 12‬فرباير‪/‬شباط ‪.3012‬‬
‫األنان العان جمللس التعاون لدول اخلليج العربي ‪ ،‬قاعدة املعلونات اإلحصائي اخلليجي الشانل ‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://sites.gcc-sg.org/Statistics/‬‬

‫‪187‬‬
‫توزيع العمال يف كل بلد؛ فنرى أن نسب غري املواطنني إىل إمجاىل السيكان سين‬
‫‪ 3008‬يف اإلنارات كانت عند نستوى ‪ ،%89‬ويف الكويت كانت عند نسيتوى‬
‫‪ ،%60‬والبحرين عند نستوى ‪%91‬؛ وذلك حسب األرقام الواردة يف اجلدول رقم‬
‫"‪ "1‬نن ه ه الورق البحثي ‪.‬‬
‫يربر ه ا املسامه الكربى لغري املواطنني يف نسب العمال يف تلك البالد؛ حيث‬
‫إنه نن الطبيعي أن نرى تالزنًا بني هيمن نسب غري املواطنني يف السكان وهيمنتهم‬
‫أيضًا على عدد العمال يف االقتصاد‪ .‬إن نسب غري املواطنني أقل يف كل نن عميان‬
‫والسعودي ؛ حيث سجل كل ننهما نسب ‪ %21‬و‪ %39‬على التوايل‪ ،‬وجاءت ه ه‬
‫النسب على عكس شرحي العمال غري الوطني يف االقتصاد واليت كانت أعليى‪ ،‬يف‬
‫حني كانت نسب غري املواطنني نن إمجايل السكان أقل‪.‬‬
‫ومما زاد نن ظاهرة الوجود الكثيف للعمال اآلسيوي يف اخلليج نيا يسيمى‬
‫بتجارة الفِيَز والتأشريات‪ .‬وتعتمد فكرة ه ه التجارة غري القانوني على قيام البعض‬
‫يف اخلليج باستغالل بعض األنظم نن أجل االلتفاف عليها بغرض احلصول عليى‬
‫نصدر للدخل؛ حيث تقوم بعض أنظم االستقدام يف اخلليج بوضع حيدٍّ أقصيى‬
‫لعدد العمال حسب النشاط وحسب حاج األسرة أو الفرد نن األسيرة‪ .‬وقيد‬
‫تكون هنا أسر أو أفراد ليست لديهم احلاج الفعلي ملا يُؤهلهم له القيانون نين‬
‫استخدام أنصبتهم يف جلب العمال نن اخلارج‪ ،‬ونن هنا قد يقوم البعض باستغالل‬
‫ذلك جبلب عمال بأمساء هؤالء األفراد نن أجل توجيههم إىل خخيرين يف نقابيل‬
‫نادي نعني‪ .‬كما أن هنا بعض األنشط التجاري الومهي ؛ حيث تستخدم كناف ة‬
‫يكون الغرض ننها استقدام عمال وبأعداد كبرية مث توجيهها إىل أعميال أخيرى‬
‫والتستر عليها بعقود نن الباطن‪ .‬وبالرغم نن وجود نظام رقابييي يهيدف إىل‬
‫التأكد نن وضع العانل والغرض نن وجوده‪ ،‬إال أن األعداد الكبرية للعمال املقيم‬
‫يف بعض دول اخلليج حتتاج إىل فرق رقابي فعال تتناسب نع عدد العانلني‪.‬‬
‫وإذا اعتمدنا على اجلدول خنف ال كر فيما يتعلق بعدد العمالي اآلسييوي‬
‫فسنلحظ أن السعودي هي الدول اخلليجي األكثر اعتمادًا على العمال اآلسيوي نن‬
‫بني دول اخلليج؛ حيث استحوذت على ‪ %31‬نن العمال اآلسيوي يف اخلليج‪ ،‬تليها‬
‫اإلنارات مبعدل ‪ ،%20‬مث الكويت ‪ ،%11‬وقطر ‪ ،%10‬وعمان ‪.%9‬‬
‫‪188‬‬
‫أنا نن ناحي كثاف توزيع العمال اآلسيوي نقارن حبجم االقتصاد‪ ،1‬فبيالرغم‬
‫نن أن اقتصاد اإلنارات يقل حجمًا عن اقتصاد السعودي حبواىل ‪ %99‬فنيرى أن‬
‫اإلنارات يقل فيها عدد العمال اآلسيوي عن السعودي فقط مبقيدار ‪ .2%29‬وإذا‬
‫قارنَّا قطر باإلنارات‪ ،‬فنرى أنه بالرغم نن أن اقتصاد اإلنارات أكرب نن اقتصياد‬
‫قطر مبقدار الضعف‪ ،‬إال أن حجم العمال يف اإلنارات يزيد عن نثيلتيها يف قطير‬
‫مبقدار الضعفني‪ .‬وه ا يدل على أن اقتصاد اإلنارات يعتمد على العمال اآلسييوي‬
‫بشكل أكرب نن اعتماد اقتصاديات باقي دول اخلليج على تلك العمال يف دوهلا‪.‬‬
‫ونن البديهي أن نلحظ الوجود الكبري للعمال اهلنديي يف اخللييج وثقليها‬
‫الكمي؛ حيث استحوذت على ‪ %36‬نن إمجاىل العمال اآلسيوي يف اخلليج‪ ،‬كميا‬
‫أن العمال اهلندي كانت يف نقدن نسب تلك العمال يف كل دول خليجي ؛ فنيرى‬
‫أهنا استحوذت على شرحي كبرية يف اإلنارات حبوايل‪ %91‬نن جمميوع العمالي‬
‫اآلسيوي فيها‪ ،‬كما تُمثل شرحي العمال اهلندي وحدها يف اإلنارات نا نسبته ‪%31‬‬
‫نن جمموع العمال اآلسيوي يف اخلليج‪ .‬واستحوذت العمال اهلندي يف عُمان عليى‬
‫نسب ‪ ،%60‬ونسب ‪ %29‬يف السعودي ‪ ،‬و‪ %29‬يف الكويت‪ ،‬و‪ %33‬يف قطر‪.‬‬
‫وجاءت العمال نن باكستان بنسب ‪ %19‬نن إمجايل العمالي اآلسييوي يف‬
‫اخلليج‪ ،‬تليها الفلبني بنسب ‪ ،%8,9‬وبينجالديش بالنسيب نفسيها (‪ ،)%8,9‬مث‬
‫سريالنكا بنسب ‪ %8,9‬نن إمجايل العمال اآلسيوي ‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬التداعيا السلبية الستمرار اعتماد دول الخليج على العمالة اآلسيوية‬
‫هنا العديد نن التداعيات والتأثريات السلبي الستمرار االعتماد املفرط لدول‬
‫جملس التعاون اخلليجي على العمال اآلسيوي على خمتلف جوانب احلياة العاني يف‬
‫اجملتمعات اخلليجي ‪ ،‬واليت ميكن حصرها يف اآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬خماطر التفاقم العمّايل نن جنسي نعين على حساب إمجايل عدد املواطنني‪.‬‬

‫‪International Monetary Fund, Regional Economic Outlook: Middle East‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪.and Central Asia, World Economic and Financial Surveys, Nov. 2012‬‬
‫حساب حجم االقتصاد اعتمادًا على بيانات الناتج احمللي اإلمجايل لسن ‪ 3011‬نين‬ ‫‪2‬‬
‫تقرير صندوق النقد الدويل‪ ،‬نوفمرب‪/‬تشرين الثاين ‪.3013‬‬
‫‪189‬‬
‫وتكمن املخاوف هنا يف أن تكون هنا أعداد كبرية نن بعيض اجلنسييات‬
‫اآلسيوي يف اخلليج قد تربو أو تقترب نن عدد املواطنني يف البليد اخلليجيي‬
‫الواحد‪ ،‬ونن الطبيعي أن يستميل ه ا العدد عدة خماطر على الدول اخلليجي‬
‫اليت قد حتدث هبا ظاهرة التفاقم العمايل نن جنسي واحدة‪ ،‬وتُعترب املخياطر‬
‫السياسي وسيادة الدول والتدخل يف الشؤون الداخلي نن أهم ه ه املخاطر‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة هنا إىل نا شهده ننتدى حوار املنان عام ‪ 3008‬نن نطالبي‬
‫وفد اهلند املشار ‪ ،‬بإعطاء العمال اهلندي املوجودة يف اخلليج نوعًا نن احلقوق‬
‫السياسي واعتبارها عمال نهاجرة هلا نفس حقوق املهاجرين كما يف اليبالد‬
‫األخرى‪ ،1‬كما طالب الوفد بإلغاء صف اإلقان املؤقت بعمل واستبدال إقاني‬
‫دائم هبا‪.‬‬
‫وليس نستبعدًا أن تتطور تلك املطالب إىل املطالب حبقوق سياسيي أخيرى‬
‫كحق التصويت واملواطن ‪ .‬وه ه املطالب السياسي تكن لتنشأ إال كنتيج‬
‫لتفاقم عدد العمال اآلسيوي نن اجلنسي الواحدة واليت ينبغيي حي ر دول‬
‫اخلليج نن عواقبها يف تغيري التركيب السكاني واخلريط السياسي يف الدولي‬
‫الواحدة‪ .‬ويرتبط هب ا األنر وجود اتفاقيات دولي وعلى األخص االتفاقي رقم‬
‫‪ 99‬لعام ‪ 1993‬واليت تشري إىل أن العانل ال ي ميضي على بقائيه يف الدولي‬
‫الواحدة فترة مخس سنوات فإن وضع إقانته سيتحول نن إقان لغرض العمل‬
‫إىل إقان هجرة‪ ،‬حبيث حيصل نن خالهلا ه ا العانل على حقيوق سياسيي‬
‫تتوازى نع حقوق نواطن البلد‪.2‬‬
‫ونن الطبيعي أن تنشأ نطالب نبنيَّ على ه ا النوع نن االتفاقيات وخصوصًا‬
‫حينما يكون هنا عمال نن جنسي واحدة استمر وجود أفرادها ألكثر نين‬
‫مخس سنوات‪ .‬ه ا وقد تعمل الدول املصدرة للعمال على حتريض عمالتها يف‬
‫اخلليج للمطالب باحلقوق الناشئ نن ه ه االتفاقي ألهيداف امليد والنفيوذ‬
‫اجلغرايف والضغط السياسي ملصاحلها‪ .‬ول لك طرح توصيي يف اجتمياع‬

‫فتوح هيكل‪" ،‬العمال اآلسيوي يف اخلليج‪ :‬نؤشرات خطرة"‪ ،‬نركز اإلنارات للدراسات‬ ‫‪1‬‬
‫والبحوث االستراتيجي ‪ 30 ،‬يناير‪/‬كانون الثاين ‪ ،3009‬ص ‪.22‬‬
‫فتوح هيكل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪191‬‬
‫القم اخلليجي يف عام ‪ 3008‬بتحديد فترة نكوث العانل كحد أقصى خبمس‬
‫سنوات‪ ،‬إال أن ه ه التوصي تأخ جمراها بفاعلي على أرض الواقع‪.1‬‬
‫‪ .3‬خماوف أن تؤثر كثاف العمال اآلسيوي على هويَّ الدول اخلليجيي وصيبغ‬
‫نواطنيها‪.‬‬
‫‪ .2‬الضغط على اخلدنات العان ؛ ذلك إن كثاف العمال اآلسيوي يف اخلليج ميكن‬
‫أن جتعل التأثري العددي هلم عانالً نتزايدًا على استهالكهم للخدنات العاني‬
‫واخلدنات املدعون كاخلدنات الطبي اجملاني واستهال امليياه والكهربياء‬
‫وغريها نن السلع واخلدنات العان ‪ ،‬وه ا نن شأنه أن يتطلب نزييدًا نين‬
‫اإلنفاق العام وضغطًا على نوازن دول اخلليج وذلك نن أجل توفري أو إيصال‬
‫تلك اخلدنات لضمان استمرارها لتحقيق نستوى نعيش نقبول‪.‬‬
‫‪ .3‬املخاوف نن تسرب جزء نن سيول االقتصاد يف شكل حتويالت خارجيي‬
‫بالعمل الصعب ؛ فقد متيَّزت دول اخللييج حبريي تنقيل رؤوس األنيوال‬
‫والتحويالت ننها وإليها‪ ،‬واستفادت العمال اآلسيوي نين هي ه املييزة يف‬
‫توجيه نعظم نا جتنيه نن أجور يف شكل حتويالت خارج اليبالد‪ ،‬نضييِّع‬
‫ب لك فرص إعادة ضخ تلك السيول يف اقتصاديات دول اخلليج واسيتفادة‬
‫االقتصاد احمللي ننها يف عمليات استثماري وتنموي ‪ ،‬وكي لك يف تنشييط‬
‫احلرك التجاري واالستهالكي ‪ .‬فعلى سبيل املثال يشري نركيز املعلونيات‬
‫لغرف صناع وجتارة أبو ظبيي إىل أن حتويالت العمالي الوافيدة يف دول‬
‫اخلليج بلغت عام ‪ 3008‬نستوى ‪ 30,8‬نليار دوالر وبنسيب ‪ %19,3‬نين‬
‫الناتج احمللي اإلمجايل لكاف دول اخلليج ؛ وذلك نقارن مبثيلتها يف عام ‪3003‬‬
‫‪2‬‬

‫حيث كانت التحويالت عند نستوى ‪ 39,3‬نليار دوالر نسجل نسيب ‪%9‬‬
‫نن الناتج احمللي اإلمجايل ل لك العام‪ .‬وبالرغم نن ضآل األجر على نسيتوى‬
‫الفرد الواحد نن العمال إال أن التأثري العددي وال ي يشكِّل سلوكًا مجاعيًّيا‬
‫هو ال ي جيعل املبالغ احملول أرقانًا ضخم هلا دالل اقتصادي سيلبي عليى‬

‫فتوح هيكل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬ ‫‪1‬‬


‫غرف صناع وجتارة أبو ظبيي‪ ،‬نركز املعلونات لغرف صناع وجتارة أبيو ظبييي‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫اإلنارات العربي املتحدة‪.3008 ،‬‬
‫‪190‬‬
‫اقتصاديات اخلليج‪ .‬بالرغم مما انتازت به العمال اآلسيوي يف تقبلها للعمل يف‬
‫ظروف قاسي نثل تلك اليت يف اخلليج‪ ،‬إال أن هنا كمًّا نن القلق إثارتيه‬
‫يف أوساط املنظمات احلقوقي احمللي والعاملي فيما يتعلق هب ا اجلانب‪ .‬وقيد‬
‫رصد عدد نن احلاالت نثل طول ساعات العمل حتيت تليك الظيروف‪،‬‬
‫والعمل يف أوقات النهار اليت قد ترتفع فيها درجات احليرارة عنيد أقصيى‬
‫نعدالهتا خالل اليوم‪ ،‬وعدم توفري نالبس خاص نناسب لطبيع أداء العميل‪،‬‬
‫وعدم حتصني العانل مبعدات األنن والسالن املرتبط بأعمال ونهن نعيني ‪.‬‬
‫ويف ه ا الشأن‪ ،‬حتركت حكونات دول اخلليج الستصدار قوانني وقواعيد‬
‫صارن ألصحاب العمل ملراعاة اجلانب اإلنساين يف أداء األعميال املرتبطي‬
‫بظروف العمل القاسي ‪.‬‬
‫‪ .9‬يؤدي اإلفراط يف االعتماد على العمال اآلسيوي إىل تقوي النيزع االعتمادي‬
‫علي الغري لدى املواطن اخلليجي‪ ،‬وقد تتج ر بشكل نتزايد ليصل تأثريها إىل‬
‫األجيال املتعاقب ‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬مدف استمرارية االعتماد على العمالة اآلسيوية في دول الخليج‬


‫رً‬
‫يتصف سكان دول جملس التعاون اخلليجي بأهنم جمتمع شاب نظرًا لعِظم نسب‬
‫الفئ الشبابي يف تركيبته السكاني ‪ .‬ويشري تقرير أعدته وحدة االستقصياء يف (ذي‬
‫إيكونونيست انتلجنس يونِت) إىل أنه يُتوقع أن يصل سكان دول اخللييج عيام‬
‫‪ 3030‬إىل ‪ 92‬نليون نسم نقارن بي ‪ 33,3‬نليون نسم يف عام ‪ .13010‬ويُتوقع‬
‫أن تستحوذ فئ الشباب حتت سن ‪ 39‬سن على الغالبي العظمى نن السكان‪ ،‬وأن‬
‫الفئ العمري حتت ‪ 19‬سن ستكوِّن نا نسبته ‪ %33‬نن السكان‪.‬‬
‫وه ه النسب األخرية تدل على أن السيكان امليواطنني يف اخللييج ليسيوا‬
‫نستعدين إلحالل العمال األجنبي بالفاعلي املطلوب خاص إذا كان ربع السيكان‬
‫خارج قوة العمل؛ مما يدل على استمرار احلاج إىل العمالي األجنبيي ‪ .‬وتيبني‬
‫وحدة االستقصاء يف (ذي إيكونونيست انتلجنس يونت)‪" ،‬ننطق اخلليج وشيعبها"‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫برعاي اجله املنظم هيئ نركز قطر للمال‪،3009 ،‬‬
‫‪http://www.qfc.com.qa/ar/Media-center/Media-news-‬‬
‫‪detail.aspx?sNewsID=318fb82b-2ffd-4e73-9d3f-a1c18d505ff6‬‬

‫‪191‬‬
‫إحصائيات ننظم العمل العربي أن نسب فئ الشباب نن سين ‪ 19‬إىل ‪ 33‬سين‬
‫بلغت يف عام ‪ 3008‬يف السعودي ‪ ،%31‬ويف عمان ‪ ،%28‬ويف الكويت ‪ ،%22‬ويف‬
‫البحرين ‪ ،%39‬ويف قطر ‪.%19‬‬
‫وعلى الرغم نن أن فئ الشباب نن عمر ‪ 33-19‬سن رافد نهم يف الفئيات‬
‫العمري للتدفق السكاين املباشر يف سوق العمل؛ فإن بيانات ننظم العمل العربيي‬
‫تشري إىل أن هنا نسبًا عالي نن البطال بني ه ه الفئ العمري نين السيكان يف‬
‫اخلليج‪ .1‬ففي البحرين سجلت نسب البطال إىل إمجايل البطال يف الفئ العمري ‪-19‬‬
‫‪ 33‬سن نا نسبته ‪ %29,3‬يف عام ‪ ،3009‬ويف اإلنارات ‪ ،%33,1‬ويف السيعودي‬
‫‪ ،%90,9‬ويف قطر ‪ ،%29,3‬ويف الكويت ‪.%29,9‬‬
‫وميكن أن يُعزى نعظم أسباب البطال إىل عدة عوانل ميكن نالحظتيها يف‬
‫منط سوق العمال يف اخلليج؛ ننها نا يتعلق بتكدس الوظائف يف القطاع العام أو‬
‫تشبعه وعدم قابليته النتصاص أعداد نتزايدة نن العمال ‪ ،‬وننها نا يتعلق بعيدم‬
‫املواءن بني خمرجات التعليم والتخصصات املطلوب يف سوق العمل‪ ،‬وننيها نيا‬
‫يتعلق بصعوب عملي إبدال العمال األجنبي بالعمال الوطني نظرًا لتجي ر ثقافي‬
‫نعين يف اجملتمع ذي الدخل العايل وال ي قد يفرض انطباعًا يتسم بعدم املالءني‬
‫لكثري نن األعمال؛ األنر ال ي خيلق النفور أو العزوف العام نن قبيل العمالي‬
‫الوطني عن شغل نثل تلك الوظائف‪ ،‬كما أن العائد املادي واألجيور ليسيت‬
‫نغري بالنسب للعمال الوطني ‪.‬‬
‫ومما يدعم االعتقاد باستمرار اعتماد اقتصاديات اخلليج على العمال األجنبيي‬
‫ال سيما اآلسيوي نوضوع النمو االقتصادي واالستمرار يف خطط التنمي الشانل ‪.‬‬
‫وتدل تقديرات النمو االقتصادي يف دول اخلليج على أهنا ستكون أقرب إىل النميو‬
‫ننها إىل التباطؤ‪ ،‬خاص بعد التعايف السريع القتصاداهتا عقب األزن املالي العامليي‬
‫لعام ‪ 3008‬بسبب االرتداد اإلجيابيي مث ثبات أسعار النفط فوق نتوسط الي ‪90‬‬
‫دوالرًا للربنيل خالل السنوات ‪ 3010‬و‪ 3011‬و‪.3013‬‬
‫وتشري قاعدة املعلونات اإلحصائي اخلليجي إىل أن الناتج احملليي اإلمجياىل‬
‫القتصاديات دول اخلليج باألسعار اجلاري قد شهد قفزة بنسب ‪%90‬؛ حيث ارتفع‬

‫ننظم العمل العربي ‪ ،‬نشرات إحصائي نتعددة لألعوام ‪ 3009‬و‪.3008‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪191‬‬
‫نن ‪ 631‬نليار دوالر يف ‪ 3009‬إىل ‪ 1,0‬تريليون دوالر يف ‪ .13010‬وقد أدى ذلك‬
‫إىل ارتفاع نسب العمال األجنبي حبواىل ‪ %19‬خالل نفس السينوات نين ‪13,9‬‬
‫نليون شخص إىل ‪ 19,1‬نليون شخص حسب إحصائيات ننظم اهلجرة الدولي ‪.2‬‬
‫كما توقع تقرير وحدة االستقصاء التابع لي (ذي إيكونونيست انتلجينس‬
‫يونِت) والصادر يف عام ‪ 3009‬أن يصل الناتج احمللي اإلمجايل لدول اخللييج إىل ‪3‬‬
‫تريليون دوالر حبلول عام ‪ ،3030‬ه ا فضالً عن اإلنفاق الكبري خيالل السينوات‬
‫العشرة القادن وال ي قد يفوق الي ‪ 190‬نليار دوالر بالنسب لقطر واليت ستوظفه‬
‫يف اإلعداد لتنظيم كأس العا ‪3033‬؛ األنر ال ي حيتم بال شك حاج نتصياعدة‬
‫لالستعان بالعمال األجنبي مللء الفجوة بني اإلنتاج والعمالي املطلوبي يف ظيل‬
‫استمرار شح العمال الوطني وبطء تدفقها يف القنوات األكثر حاجي يف سيوق‬
‫العمل‪.3‬‬
‫كما أن دول اخلليج قد تُواجه ضغوطًا أكرب لوضع خطيط أكثير فاعليي‬
‫النتصاص البطال وحتسني فرص العمل ملواطنيها‪ ،‬وأيضًا لتحقيق االستفادة املثليى‬
‫نن العمال األجنبي بعيدًا عن تفاقمها وعدم اتزاهنا ومبا يتناسب نع أننها القيوني‬
‫واالقتصادي والثقايف‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬بدائل لحالل العمالة اآلسيوية في دول الخليج وتداعياتوا المحتملة‬


‫ً‬
‫تشري قاعدة البيانات اخلليجي للقوة العانل إىل أن القطياع اخلياص يف دول‬
‫اخلليج كان احلاضن األهم يف االقتصاد للعمال األجنبيي ‪ .‬ونالحيظ أن العمالي‬
‫األجنبي تأخ النصيب األكرب نن جمموع العمال يف القطاع اخلاص فحسب‪ ،‬بل‬
‫ميكن اجلزم بأن عددها الكبري يف القطاع اخلاص (والقطاع العائلي) كان هو السبب‬

‫األنان العان جمللس التعاون لدول اخلليج العربي ‪ ،‬قاعدة املعلونات اإلحصائي اخلليجيي‬ ‫‪1‬‬
‫الشانل ‪ ،‬نرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫ننظم اهلجرة الدولي ‪ ،‬تقرير ننظم اهلجرة الدولي لعام ‪،3010‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://publications.iom.int/bookstore/index.php?main_page=product_in‬‬
‫‪fo&products_id=653&zenid=b1f4cb3ac230ec300a70eee75ebc8762‬‬
‫وحدة االستقصاء يف (ذي إيكونونيست انتلجنس يونِت)‪" ،‬ننطق اخلليج وشيعبها"‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫نرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪191‬‬
‫الرئيسي املسؤول عن الزيادة املفرط يف وجود العمال األجنبي (وخاص اآلسيوي )‬
‫يف االقتصاد‪.‬‬
‫ونالحظ أن نسب العمال األجنبي يف القطاع اخلاص إىل جمموع العمالي يف‬
‫نفس القطاع بلغت عام ‪ 3010‬يف قطر نسب ‪ ،%99,1‬وعُمان ‪ ،%83,2‬والبحيرين‬
‫نسب ‪ ،%81,9‬أنا يف الكويت والسعودي فبلغت نسب ‪ %99,2‬ونسب ‪ %80,2‬على‬
‫التوايل يف عام ‪ ،3008‬وكانت نسب العمال يف القطاع اخلاص فقيط إىل إمجيايل‬
‫العمال يف االقتصاد ‪-‬نن دون األخ يف االعتبار نسبتهم يف القطاع العيام‪ -‬قيد‬
‫وصلت أيضًا إىل نسب هيمن عالي على وضع العمال يف دول اخلليج؛ فقد وصلت‬
‫أعالها عام ‪ 3010‬يف قطر بنسب ‪ %88,3‬مث البحرين بنسب ‪ %99,1‬مث عمان بنسب‬
‫‪ ،%92,9‬كما بلغت يف الكويت نسب ‪ %99‬سن ‪ ،3008‬وسجلت السيعودي يف‬
‫عام ‪ 3008‬نسب ‪ %93‬نن إمجايل العمال هبا‪.‬‬
‫أنا بالنسب للقطاع احلكوني أو العام‪ ،‬فبلغت نسب العمال األجنبي فييه إىل‬
‫جمموع العمال يف نفس القطاع يف سن ‪ 3010‬يف قطر نسيب ‪ ،%96,1‬والكوييت‬
‫نسب ‪ ،%39‬وعمان ‪ ،%13,3‬والبحرين نسب ‪ .1%12,1‬وه ه البيانات تشري إىل أن‬
‫فرص التوظيف واإلحالل ملواطين دول قطر يف القطاع العام ال تزال كيبرية‪ ،‬وأن‬
‫فرص التوظيف أقل نساح يف كل نن الكويت وعمان والبحرين‪.‬‬
‫أنا يف السعودي فإن القطاع العام أقل حظًّا يف فرص اإلحالل‪ ،‬فقيد بلغيت‬
‫نسب العمال األجنبي ‪ %9,2‬حسب إحصائي عام ‪ ،3008‬وبالرغم نين أن هي ه‬
‫النسب يف السعودي تشري إىل حتقق جناح نهم يف عملي اإلحالل وتوطني الوظائف‪،‬‬
‫إال أن ذلك قد يعين أن املنافس بني نواطنيها للحصول على الوظيفي احلكونيي‬
‫األكثر ج بًا يف اجملتمع قد تكون ذات صعوب أشد‪.‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬فإن جناح القطاع احلكوني يف عملي تسريع إحالل وتيوطني‬
‫العمال كان نتقاربًا يف دول اخلليج‪ ،‬عدا البحرين‪ .‬ومما ساعد احلكونات اخلليجي‬
‫يف تقليل نسب العمال األجنبي يف القطاع احلكوني إشرا املرأة اخلليجي يف العمل‪.‬‬

‫‪International Monetary Fund, Regional Economic Outlook: Middle‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪East and Central Asia, World Economic and Financial Surveys, Nov.‬‬
‫‪.2012, p. 61‬‬
‫‪191‬‬
‫وبالرغم نن أن نعظم األعمال اليت توظفت فيها املرأة اخلليجي هي أعمال سامهت‬
‫نع نرور الزنن يف العملي اإلحاللي للعمال غري املواطني وخاصي يف الوظيائف‬
‫املكتبي والتعليمي يف القطاع العام‪ ،‬إال أن سوق العمل ال تزال يف حاج إىل دخول‬
‫املرأة اخلليجي يف أعمال نهني أخرى نثل الطب والتمريض‪.‬‬
‫ومما ينبغي احل ر ننه يف دول اخلليج أن دخول املرأة يف سوق العمل جيب أن‬
‫يستهدف اإلحالل وتوطني الوظائف‪ ،‬وال جيب أن ينافس عمل امليرأة اخلليجيي‬
‫الرجل اخلليجي يف وظائف ميكن أن يؤديه أي ننهما؛ حيث إن ذلك نن شيأنه أن‬
‫يُسبِّب اإلحالل يف داخل حيز العمال الوطني وليس العمال األجنبي ‪ ،‬أو أن يزييد‬
‫نن حال التكدس الوظيفي يف توظيفهما نعًا يف نفس األعمال‪.‬‬
‫نن جه أخرى‪ ،‬ميكن استبدال العمال العربي بالعمال اآلسيوي الييت تتمييز‬
‫باشتراكها نع نواطين دول اخلليج يف اللغ والثقاف والعادات والدين‪ .‬وهنا طبق‬
‫نن العمال العربي نستعدة للعمل يف نفس طبيع األعمال اليت تقوم هبيا العمالي‬
‫اآلسيوي ‪ ،‬خاص أن أجور ه ه األعمال اليت تقوم هبا العمال اآلسيوي تتناسب نيع‬
‫شرحي كبرية نن تلك الطبق نن العمال العربي ‪ ،‬كميا أن ليدى هي ه العمالي‬
‫االستعداد للعمل يف ظروف قاسي ‪.‬‬
‫أنا بالنسب إلحالل العمال العربي نكيان العمالي اآلسييوي يف األعميال‬
‫املنيزلي ‪ ،‬فنجد تقبالًّ أقل نن قِبل املواطنني اخلليجيني لتوظييف عمالي عربيي‬
‫للخدنات املنيزلي ‪ .‬والسبب أن الثقاف املشترك بني اخلليجيني والعمال العربيي‬
‫ختلق نوعًا نن احلرج لدى املواطنني اخلليجيني يف التعانل نع نظيرائهم العيرب؛‬
‫حيث إن النظرة بني الفئتني متيل إىل املقارب واملشارك واملساواة‪ ،‬ويف املقابل‪ ،‬نرى‬
‫فجوة ثقافي واضح بني املواطنني اخلليجيني والعمال اآلسيوي نن شأهنا أن تُضفي‬
‫نوعًا نن األرحيي يف التعانل نعها ويف نطالبتها بأداء األعمال املنيزلي ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫يالحظ أن نعظم دول اخلليج اخت ت أسلوبًا نشاهبًا يف حتقيق التنمي الشيانل‬
‫يف دوهلا؛ وذلك بتعويض النقص يف العمال وندرة الكفاءة واخلربة الوطنيي عين‬
‫طريق االستعان بالعمال األجنبي وخاص اآلسيوي ننها‪ .‬وقد أسفرت تلك العملي‬
‫‪196‬‬
‫عن تفاقم أعداد العمال اآلسيوي نظرًا خلصائصها املتمثل يف رخص األجور وتقبل‬
‫ظروف العمل‪ .‬وأصبحت أعداد تلك العمال أنرًا نقلقًا وبشيكل ييثري خمياوف‬
‫سياسي واقتصادي ‪ ،‬فضالً عن تداعيات سلبي على اهلوي وثقاف اجملتمع‪.‬‬
‫نن املالحظ أن القطاع العام يف دول اخلليج جنح إىل حدٍّ بعييد يف تقلييص‬
‫العمال األجنبي ‪ ،‬إال أنه ونع تناقص نسب العمال األجنبي يف القطاع العام‪ ،‬تصبح‬
‫قدرة القطاع على استيعاب أعداد نتزايدة نن العمال الوطني حتديًا صعبًا‪ ،‬خاصي‬
‫نع وجود ظاهر التكدس الوظيفي للعمال الوطني يف ه ا القطاع‪ .‬وحيىت ميكين‬
‫تعزيز قدرات القطاع العام على استيعاب أعداد نتزايدة نن العمال الوطني فال بيد‬
‫نن توسع أفقي يف املؤسسات احلكوني أو توسع االنفاق والنشاط احلكيوني يف‬
‫االقتصاد ال ي قد يستدعي طلبًا حكونيًّا على توظيف أعداد نتزايدة نن املواطنني‪.‬‬
‫جنحت دول اخلليج إىل حد نا يف إحالل العمال األجنبي وذليك بإدخيال‬
‫العنصر النسائي نن نواطنيها يف الوظائف واألعمال‪ ،‬وعليى األخيص وظيائف‬
‫القطاع العام‪ .‬ولكن ينبغي احل ر نن أن تنشأ ظاهرة التنافس واإلحالل يف نفيس‬
‫بوتق العمال الوطني ‪ ،‬علمًا بأن االقتصاد الوطين يف حاج إلحالل العمال األجنبي‬
‫وتقليص ظاهرة البطال يف قوة العمل اخلليجي ‪ .‬وال بد نن الت كري هنيا باحلاجي‬
‫لعمل دراسات جادة ومشولي وعميق نن أجل الوقوف على حقيق ونوعي البطال‬
‫يف دول اخلليج وأسباهبا وطرق عالجها‪.‬‬
‫‪ -‬إن فروق نزايا العمل واألجور للعمال الوطني متيل إىل كف القطاع العام على‬
‫حساب القطاع اخلاص؛ مما أدى إىل تركز وجه العمال الوطني إىل القطياع‬
‫العام‪ .‬وقد نتج عن ذلك أنِ استعان القطاع اخلاص بالعمال األجنبي وبشكل‬
‫نبالغ فيه لتأدي كاف األعمال‪ .‬وال بد نن إجياد سياس واضح لدعم القطاع‬
‫اخلاص وخاص فيما يتعلق بتشجيع توظيف املواطنني لديه حبيث تنجح هي ه‬
‫السياس يف ج ب أعداد أكرب نن العمال الوطني لتقليل الضغط على القطاع‬
‫احلكوني يف استيعاهبم‪.‬‬
‫‪ -‬مث قصورٌ يف وجود سياس فاعل للتخلص أو للحد نين ظياهرة العمالي‬
‫اآلسيوي الفائض واليت تعمل على حساهبا اخلاص حتت اسم الكفيل‪ ،‬نستفيدة‬
‫يف ذلك نن نظام الكفال املعمول به يف اخلليج‪ .‬كما أن ه ه العمال وجدت‬
‫‪197‬‬
‫أنشط استثماري ناجح أدت جللب أعداد أكرب نن نفس جنسياهتا عن طريق‬
‫الكفيل ملساعدهتا يف النشاط االستثماري‪.‬‬
‫‪ -‬يُالحظ أيضًا أن تركز العمال اآلسيوي كان يف األعمال املنيزلي واخلدنيي‬
‫وأعمال البناء‪ .‬وبسبب عدم وجود بدائل وطني لشغل نثل تليك األعميال‬
‫ينبغي وضع نظام رقابيي أكثر فاعلي حىت يضمن أن تكون االستعان هبي ه‬
‫العمال وفقًا للحاج ‪ .‬وجيب أن يساعد النظام الرقابيي على إهنياء ظياهرة‬
‫جتارة التأشريات وخلق األعمال واألنشط الومهي ‪.‬‬
‫‪ -‬على دول اخلليج إعداد خط استراتيجي نبني على أسس واضح حبيث حتدد‬
‫األعداد ونوعيات وأولويات استقدام العمال الوافدة حسب نا تنتهي إليهيا‬
‫الدراسات عن حاج االقتصاد الفعلي هل ه العمال ‪ .‬كما أن على دول اخلليج‬
‫االستمرار يف تنويع العمال وحتقيق وجودها املتوازن لتفادي اسيتخدام بليد‬
‫العمال نن اجلنسي الواحدة اليت تتمتع بالوجود املتفاقم لعمالتها كورق ضغط‬
‫على الدول اخلليجي لفرض نطالب عليها تتعلق باألجور وسياس االسيتقدام‬
‫وغريها‪ ،‬كما أن دول اخلليج هلا أن تستعني بشكل أكرب بالعمال العربي الييت‬
‫ميكن أن تقوم بنفس األعمال اليت تقوم هبا العمال األجنبي نثل أعمال البنياء‬
‫والصيان والضياف والنظاف وغريها‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫نتائج وتوصيا‬

‫يف ضوء القضايا واألطروحات اليت عرض هلا ه ا امللف البحثيي بالنقياش‬
‫والتحليل‪ ،‬فإنه ميكن استنتاج جمموع نن اخلالصات العان ‪ ،‬واقتراح عيدد نين‬
‫التوصيات الكلي ؛ وذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫‪ .1‬تبدو ننطق اخلليج يف ننتصف العقد الثاين نن القرن احلادي والعشرين أشيبه مبيا‬
‫كانت عليه نن التحول والتوتر يف أواخر سبعينيات ونطلع مثانينيات القرن املاضي‪.‬‬
‫فقد شهد السياق االستراتيجي العام ملنطق اخلليج خالل العانني األخرييين‬
‫حتوالت وتغريات جوهري نن املتوقع أن تظل تأثرياهتا احملتمل خخ ة يف إفيراز‬
‫تداعياهتا على ندى العقد املقبل على أقل تقدير‪ ،‬وتبدو دول جملس التعياون‬
‫اخلليجي يف خضم التطورات الدولي واإلقليمي الراهن أشبه بيي "حديقي‬
‫وسط حريق "‪.‬‬
‫فه ه التطورات طالت اجلوار املباشر والقريب ألنن اخلليج؛ حييث يهييمن‬
‫انقسام سياسي وجمتمعي عميق وأزن اقتصادي عاصف (احلال املصري )‪ ،‬وبلد‬
‫نهدد باالنقسام؛ بسبب نشوء كيانات نضادة للدولي املركزيي (احلالي‬
‫اليمني )‪ ،‬حيث احلوثيون يف الشمال واحلراكييون يف اجلنيوب‪ ،‬وبينيهما‬
‫«القاعدة»‪ ،‬ودول ذات وزن يكتنفها غموض كبري حول اليوم التايل لسقوط‬
‫نظانها الراهن (احلال السوري )‪ ،‬وبلد نرهتن بإيران ويعاين التشرذم الطيائفي‬
‫وتتنازعه الروح االنفصالي (احلال العراقي )‪ ،‬مث هنا دول تئن نين الغلييان‬
‫اجملتمعي والسخط الشعبيي (حاالت‪ :‬األردن ولبنان)‪.‬‬
‫وبني ه ا كله تكن احلديق (اخلليج) مبأنن كلي عما يدور يف حميطها‪ ،‬بل‬
‫نسها شرر نن حرائق اجلريان (احلال الكويتي )‪ ،‬وتلوث هوائها بدخان النريان‬
‫‪199‬‬
‫(احلال البحريني )‪ ،‬ناهيك عن وجود تغريات نع تفاوت نسبيي يف درجتيه‬
‫بني دول خليجي وأخرى‪.‬‬
‫‪ .0‬مث ثالث رؤى نتباين بشأن التغيري يف دول اخلليج‪:‬‬
‫‪ -‬األوىل‪ :‬ترى أن دول جملس التعاون اخلليجي استثناء نن احلال الثوريي‬
‫العربي ‪ ،‬وأن ه ه الدول شبه حمصن إزاء الثورات‪ ،‬وتعزو ه ا االستثناء‬
‫إىل أن نواطين دول اجمللس لديهم القليل نن األسباب االقتصادي اليت قد‬
‫تدفعهم إىل املطالب بالتغيري‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني ‪ :‬ترى أنه ال استثنائي بني أنظم مجهوري ونلكي يف املطالبيات‬
‫الثوري الراهن ‪ ،‬وأن نا ينطبق على الدول العربي اليت شهدت ثيورات‪،‬‬
‫ينطبق باملثل على دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬وأن نا تشيهده هي ه‬
‫الدول صورة نن صور الثورات؛ لكن االختالف هو يف عيدم تيوافر‬
‫الشروط املساعدة على جناح الثورات على األقل يف الوقت احلايل‪.‬‬
‫‪ -‬الثالث ‪ :‬ترى أن مث فوارق بني دول جملس التعاون نن حيث كوهنا عرض‬
‫للثورات نن عدنها‪ ،‬حيث ال تتعانل نع دول اخلليج ككل نتكانل‪ ،‬وال‬
‫تسوي بني أنظمتها فيما يتعلق باملستقبل السياسي‪ .‬وبوجه عام سييظل‬
‫"اإلصالح املبادر" هو التغيري "اآلنن" بالنسب إىل دول اخلليج‪.‬‬
‫‪ .0‬كانت ننطق اخلليج حاضرة وبقوة يف خضم املشهد السياسي واألنين للربيع‬
‫العربيي‪ ،‬حبكم القرب اجلغرايف‪ ،‬واالنتداد السياسي‪ ،‬باإلضاف إىل التيداعي‬
‫اجليوستراتيجي ال ي انعكس على األوضاع السياسي واالجتماعي يف بعيض‬
‫دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬اليت كان بعضها ذا وترية عالي نسبيًّا (كميا يف‬
‫احلال البحريني )‪.‬‬
‫وقد أنتجت ظاهرة الربيع العربيي خثارًا خمتلف على دول اخلليج نن التوجيه‬
‫حنو نزيد نن االحتاد اخلليجي وتوفري سياسات دعم ونزاييا لشيعوهبا‪ ،‬إىل‬
‫تدخل نشط كما يف حاليت البحرين واليمن‪ ،‬وصوالً إىل قيادة نبيادرات يف‬
‫اجلانع العربي وننظم األنم املتحدة‪ ،‬كما ارتفعت شيدة حساسيي دول‬
‫اخلليج نن إيران وك لك نن قوى اإلسالم السياسيي‪ ،‬وال سييما حركي‬
‫اإلخوان املسلمني‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫غلب على اخلطوات السياسي لدول اخلليج أثناء الربييع العربييي خطهيا‬ ‫‪.4‬‬
‫التارخيي املعتاد‪ ،‬وهو االنطالق نن خالل احملدد األنين فقط‪ ،‬والتصرف حيال‬
‫األزنات نن ننطق ردود األفعال‪.‬‬
‫تتواءم دول جملس التعاون اخلليجي ‪-‬نع استثناء نسبيي لقطر‪ -‬نع ثورات‬ ‫‪.0‬‬
‫الربيع العربيي؛ حيث اعتربت دول اخلليج أن نا حييدث هيو "أزني " يف‬
‫املنطق ‪ ،‬هلا أسباب اقتصادي واجتماعي ‪ ،‬وقد ساهم الطابع املفياجت هلي ه‬
‫الثورات يف إعاق القدرة على بناء نوقف سياسي خليجي نشط ونبادر‪.‬‬
‫تنوعت ردود فعل دول جملس التعاون اخلليجي ‪-‬رفضًا أو تأييدًا أو حتفظًا‪ -‬جتاه‬ ‫‪.6‬‬
‫الربيع العربيي وفق احملددات احلاكم للسياس اخلارجي لكل ننها على حيدة‪،‬‬
‫غري أن املوقف اخلليجي العام اتسم بالتحفظ على أفضل توصيف هل ه الظاهرة‪.‬‬
‫ويف نا عدا املوقف القطري املؤيد للثورات والشارع العربيي‪ ،‬وباخلصوص‬
‫نوقفها املبادر يف ثوريت نصر وليبيا‪ ،‬جتلت املواقيف اخلليجيي احملافظي يف‬
‫املوقفني السعودي واإلنارايت باستثناء نساندة األخرية للتدخل الدويل يف ليبيا‪،‬‬
‫فيما حتلى املوقفان البحريين والكوييت باهلدوء واحل ر‪ ،‬وحافظ املوقف العماين‬
‫على عزلته‪.‬‬
‫خالفًا لبقي دول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬جنحت دول قطر يف تقدمي منيوذج‬ ‫‪.7‬‬
‫نبادر يف بناء عالقات جيدة نع القوى اجلديدة يف بلدان الربييع العربييي؛‬
‫وخاص يف نصر يف ظل حكم اإلخوان املسلمني‪.‬‬
‫لعبت دول اخلليج ‪-‬على حنو غري نسبوق يف إدارهتا لألزنات اإلقليمي ‪ -‬دورًا‬ ‫‪.8‬‬
‫بارزًا ومميزًا يف احلرا العربيي‪ ،‬فقد لعبت اإلنارات وقطير دورًا يف تغييري‬
‫النظام االستبدادي يف ليبيا‪ ،‬وتدعم نعظم دول اخلليج اليوم املقاون السيوري‬
‫ضد نظام األسد ال ي شن حربًا شرس ضد شعبه‪ ،‬وه ا املوقف اخلليجيي‬
‫جعل إيران ‪-‬اليت تدعم النظام السوري‪ -‬تتخ نوقفًا نعاديًا نن دول اخلليج؛‬
‫خصوصًا بعد أن شاركت دول اخلليج يف احلصار االقتصادي ضيد إييران‪،‬‬
‫حسب قرارات جملس األنن الدويل‪.‬‬
‫ساهم الربيع العربيي يف توفري نزيد نن التفاعل بني اخلليج وبعض القيوى‬ ‫‪.9‬‬
‫اإلقليمي ويف نقدنتها‪ :‬االحتاد األوروبيي وإسرائيل‪ .‬فمن جهي دشينت‬
‫‪110‬‬
‫الثورات العربي فرصًا نتزايدة لشراك استراتيجي خليجي أوروبي ‪ ،‬ونن جه‬
‫أخرى‪ ،‬أحدث الربيع العربيي تعديالً جوهريًّا على الرؤي اإلسرائيلي ملنطق‬
‫اخلليج ودوله؛ حيث أصبحت تنظر إىل ه ه املنطق باعتبارها وحيدة غيري‬
‫ننفصل عن البيئ االستراتيجي اإلقليمي املباشرة إلسرائيل؛ وذليك يف ظيل‬
‫أولويات السياس اخلارجي اإلسرائيلي يف األعوام األخرية‪ ،‬الييت هتيدف إىل‬
‫كبح برنانج إيران النووي‪ .‬وتقوم ه ه الرؤي على أن الربيع العربيي تسبب‬
‫بتغيري ذي أبعاد جيوستراتيجي يف سياق عالقات دول اخلليج بإيران‪ ،‬ينطوي‬
‫على احتمال إجياد قاسم نشتر بني ه ه الدول بينها وبيني إسيرائيل‪ ،‬ويف‬
‫الوقت ذاته ال ختفي إسرائيل خشيتها مما تعتربه خماطر قد تترتب عليى نيا‬
‫تسميه بي "سباق التسلح يف اخلليج" بتأثري تداعيات الربيع العربيي‪ ،‬وتنهض‬
‫ه ه اخلشي اإلسرائيلي على التخوف نن سعي دول اخلليج إىل التكتل كقوة‬
‫إقليمي ؛ ونن ثَمَّ حتاول إسرائيل استثمار عالقاهتا اخلاص نع الواليات املتحدة‬
‫األنريكي جله التأثري على دول جملس التعاون فيما خيص ه ه املسأل ‪.‬‬
‫‪ .15‬عزز الربيع العربيي نن عناصر قوة القوى اإلقليمي الرئيسي نقارن نع دول‬
‫اخلليج؛ خاص كل نن إيران وتركيا‪.‬‬
‫‪ .11‬مث قضايا حموري حباج إىل إعادة تقييم ونظر نن قبل صناع القرار اخلليجيني‬
‫يف ضوء التطورات اليت يشهدها اإلقليم؛ وأمهها‪:‬‬
‫‪ .1‬ثبوت عدم صح نقول ‪ :‬إن دول اخلليج حمصن نن أي تغيري‪ ،‬بيدعوى‬
‫أهنا تتمتع خبصوصي ال تتوافر لدى األنظم العربي ‪.‬‬
‫‪ .3‬صحيح أن هنا خصوصي خليجي تتمثل يف طبيع العالق بني احلاكم‬
‫واحملكوم‪ ،‬وانفتاح العالق بني السلط والشعب كطبيع لشبك العالقات‬
‫االجتماعي ‪ ،‬إضاف إىل أن ثرواهتا النفطي ننحتها فرص يف تطوير دوهلا؛‬
‫غري أن ه ه اخلصوصي ال تنفي التغيري؛ بل تعين أن التغيري يف اخلليج لن‬
‫يكون عرب الثورة مبفهونها التقليدي بقدر نا يتطلب نبادرة نن القيادات‬
‫السياسي اليت يشكل وجودها ضرورة لضمان استقرار املنطق اخلليجي ‪.‬‬
‫بعبارة أخرى ‪-‬وإن جاز التعبري‪ -‬فإنه إذا كان شيعار التغييري يف دول‬
‫الربيع العربيي‪" :‬الشعب يريد إسقاط النظام"؛ فإنيه يف دول اخللييج‬
‫‪111‬‬
‫يكون‪" :‬الشعب يريد إصالح النظام" على حنو نا جنحت فيه املغيرب‬
‫كنموذج حيت ى يف تعانل النظم امللكي نع نطالب التغيري الشعبيي‪.‬‬
‫غريت الثورات العربي وإن كان تدرجييًّا وبدرجات خمتلفي نين دولي إىل‬ ‫‪.10‬‬
‫أخرى‪ ،‬نن نقول ‪" :‬اخلصوصي اخلليجي "‪ .‬ونقول "االستثناء اخلليجيي" أو‬
‫"حصان امللكيات العربي "‪ ،‬فالتغيري قادم ال حمال ‪ ،‬وقد اتضح ذلك يف تبيدل‬
‫ردود األفعال اخلليجي اليت اتسمت باالجيابي يف التعانل نع نطالب اإلصالح‬
‫والتغيري الداخلي‪ .‬وقد أثبتت طريق تعانل دول اخلليج نع ه ه التطيورات‬
‫دليالً واضحًا على تبدل رد الفعل تدرجييًّا‪ ،‬والتعانل بإجيابيي نيع نطاليب‬
‫اإلصالح والتغيري‪ ,‬يف حماول إلكساب نظم احلكم القدرة على التكيف نيع‬
‫املطالب اجلديدة والفعالي يف االستجاب للتحديات‪.‬‬
‫يعد مبقدر دول اخلليج ‪-‬يف ضوء التطورات اإلقليمي والدوليي الراهني ‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫ووفق املنظور الواقعي (القوة واملصاحل) يف احلسابات االستراتيجي ‪ -‬االستمرار‬
‫يف اتباع سياستها التقليدي نفسها القائم على املراهن على توازن قوى إقليمي‬
‫هش ترتكز باألساس على التنافس بني األشداء اإلقليميني؛ إذ ينبغيي عليى‬
‫صناع القرار يف اخلليج السعي لبناء قدرات ذاتي جتعل نن جمليس التعياون‬
‫اخلليجي ضلعًا رئيسًا يف توازن القوى باملنطق ؛ فإذا كانت تلك السياس قيد‬
‫حققت بعض النجاح يف املاضي‪ ،‬وأنكن االعتماد عليها يف املدى القصيري؛‬
‫فإن األنر نستقبالً وعلى املدى الطويل يشري إىل غري ذلك‪.‬‬
‫تؤشر املعطيات اإلقليمي اجلديدة إىل تأثري إيران املتناني باطراد يف جمرييات‬ ‫‪.14‬‬
‫عالقتها نع العراق؛ ال سيما يف ظل اختالل نوازين القوى بني البلدين؛ وذلك‬
‫يف الوقت ال ي تنظر فيه إيران إىل اخلليج على أنه ننطق للنفوذ والسيطرة يف‬
‫ظل سعيها املتواصل النتال القدرة النووي ؛ األنر ال ي يني ر بنيوع نين‬
‫هاجس القلق على ننظون األنن اخلليجي‪ ،‬كون انيتال إييران للسيالح‬
‫النووي يعين اعترافًا صرحيًا بدور إقليمي نهيمن‪.‬‬
‫أثبت الربيع العربيي أن للعانل الداخلي تأثريًا نهمًّيا يف اسيتقرار اليدول‬ ‫‪.10‬‬
‫وحتقيق األنن مبعناه احلقيقي نتعدد اجلوانب واألبعاد‪ ،‬فاحلركيات الشيعبي‬
‫االحتجاجي أودت بسقوط أنظم حكم كانت تعترب قوي كميا حصيل يف‬
‫‪111‬‬
‫تونس ونصر ونا زالت أنظم أخرى نهددة بالسقوط كما يف سوري ‪ ،‬كما‬
‫أن ه ه االحتجاجات أعطت نربرًا لتدخل قوى أجنبي يف بعض األحيان كما‬
‫حصل يف ليبيا‪.‬‬
‫نن املرجح أن يستمر دور القوى الدولي الكربى يف احلفاظ على أنن اخلليج‬ ‫‪.16‬‬
‫على املدى القصري واملتوسط؛ وذلك نظرًا لعدم تيوفر األنين الي ايت أو‬
‫االستقرار اإلقليمي‪ ،‬ولو أن ه ا الوجود ميكن أن يتمثل بأمنياط أخيرى؛‬
‫لتحاشي احلساسي الشعبي واإلقليمي النامج عن تواجد قوى أجنبي عليى‬
‫أرض املنطق ‪.‬‬
‫على الرغم نن أن املطالب بانسحاب الوجود األجنبيي ظلت خافت و تكن‬ ‫‪.17‬‬
‫ضمن أولويات احلرا الشعبيي يف املنطق فإن ه ا املطلب يظل كاننًيا يف‬
‫نفوس نواطين دول اخلليج ال ين يطمحون بإهنائه واالعتماد على القوة ال اتي‬
‫اخلليجي حلماي أننهم‪.‬‬
‫يتوقع أن يسهم نشروع االحتاد اخلليجي بصيغته املطروح ‪ ،‬إجيابًيا يف دعيم‬ ‫‪.18‬‬
‫نسرية التكانل اخلليجي ‪ ،‬ونعاجل اإلشكاليات السياسي واالقتصادي واألنني ‪،‬‬
‫على حنو يضمن دفع التكانل اخلليجي وحيافظ يف الوقت نفسه على سييادة‬
‫الدول األعضاء‪ ،‬ويسهم يف تفعيل نسرية اجمللس يف املرحل املقبل ‪ ،‬ومتكينه نن‬
‫جماهب التحديات اليت تواجهها دوله‪.‬‬
‫تشمل "خارط التوتر" اليت يتعني على دول اخلليج أن تتعانل نعها وإدارهتا يف‬ ‫‪.19‬‬
‫العقد القادم‪ :‬سوري ‪ ،‬العراق‪ ،‬نصر‪ ،‬إيران‪ ،‬اليمن‪ ،‬احلرا السياسي الداخلي‬
‫يف دول اخلليج ذاهتا‪.‬‬
‫سوف تظل ننطق اخلليج ذات األمهي اجليوسياسي البالغ للعا فاعالً نؤثرًا‬ ‫‪.05‬‬
‫على أنن الطاق يف العا ‪ ،‬ورمبا تكون عرض ألزنيات إقليميي حمتملي‬
‫تستهدف باألساس توجيه وترشيد أسعار الطاق العاملي أكثر نن أي شييء‬
‫خخر‪.‬‬
‫أصبح االعتماد املفرط على العمال اآلسيوي نن قبل دول اخلليج ميثل حتيديًا‬ ‫‪.01‬‬
‫استراتيجيًّا ذا أبعاد سياسي واقتصادي وثقافي ؛ وذلك يف ضوء اعتبارات عدم‬
‫الوفرة السكاني ‪ ،‬وضغوطات ننظمات حقوق اإلنسان الدولي ‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫قد ال تكون نوج التغيريات ‪-‬اليت شهدهتا بعض الدول العربي وبينيها دول‬ ‫‪.00‬‬
‫رئيسي نن عانني و تتوقف تداعياهتا حىت اآلن مبا صاحبها نن اضيطراب‬
‫وعدم استقرار‪ -‬هي األوىل اليت تتعايش نعها دول جملس التعاون اخلليجي إذا‬
‫أخ نا يف االعتبار األزنات السياسي واألنني واالقتصادي اليت واجهها اجمللس‬
‫على ندار سنوات تأسيسه نن أكثر نن ‪ 20‬عانًا‪ .‬لكن نا ينبغيي إدراكيه‬
‫واالعتراف به هو أن طبيع ه ه التغريات اجلديدة تفرض على دول اخللييج‪،‬‬
‫فرادى وجمتمع ‪ ،‬انتهاج سياس خمتلف مبا يساعدها على عبيور "العاصيف "‬
‫احلالي بأقل األضرار املمكن ‪ ،‬ال سيما نع تداخل أبعادها احملليي واإلقليميي‬
‫والدولي ‪ ،‬يف ضوء حال السيول وعدم اليقني اليت تطبع املشهد اإلقليمي خالل‬
‫املرحل الراهن ‪.‬‬
‫ال بُدَّ نن الوعي باملوقف السياسي العربيي ‪-‬اخلليجي املعاصر‪ -‬وتبدالتيه‬ ‫‪.00‬‬
‫املستقبلي عند التعانل نع املتنافسني اإلقليميني القدانى واجلدد‪ ،‬فسوف تظل‬
‫إيران التهديد الرئيسي للمنطق على كاف املستويات‪ ،‬حيث ميكن التقليل نن‬
‫حجم اخلطر اإليراين وقوته (تكتيكيًّا واستراتيجيًّا)؛ وذلك نن خالل تعزييز‬
‫الوعي السياسي والشعبيي اخلليجي به‪ ،‬والتعاطي حب ر نعه‪ .‬ويف املقابيل ال‬
‫بُدَّ نن التعاطي بوعي نع التقارب التركي مبا حيقق املصاحل العليا لدول اخلليج‪،‬‬
‫فهي دول صديق نن عدة أوجه؛ أوهلا وأعمقها أهنا دول إسالني ‪ ،‬وثانيها أهنا‬
‫ذات عمق اقتصادي ميكن أن يكون شريكًا اقتصاديًّا استراتيجيًّا‪ ،‬إضياف إىل‬
‫أهنا جغرافيا يف الطرف اآلسيوي األوروبيي وه ه نييزة حيويي ينبغيي‬
‫استثمارها‪.‬‬
‫مث نفهوم جديد ألنن اخلليج أخ يف التبلور تدرجييًّا‪ ،‬وه ا سيوف يلقيي‬ ‫‪.04‬‬
‫بتأثرياته على إدرا صانع القرار اخلليجي للمتغريات عليى نعادلي األنين‬
‫اخلليجي؛ وخاص نا يتعلق مبصادر التهديد؛ حيث فرضت نصادر التهدييد‬
‫الداخلي نفسها مبا يفوق أو مبا يعادل أو يوازن نصادر التهديد اخلارجي ‪.‬‬
‫نن الواضح أن أنن اخلليج لن يبقى نعتمدًا على احلليف اخلارجي بالدرجي‬ ‫‪.00‬‬
‫األوىل؛ حيث سيكون لألنن اجلماعي اخلليجي ‪-‬أو هك ا جيب أن يكيون‪-‬‬
‫دوره الفاعل واألساسي اجلديد يف نعادل حتقيق ه ا األنن‪ ،‬واألهم يف هي ا‬
‫‪111‬‬
‫السياق هو أن حتقيق األنن يف نفهونه اجلديد جيب أن يتحول نن االعتمياد‬
‫على الوسائل األنني وحدها أو كأولويي أوىل إىل االعتمياد عليى أدوات‬
‫سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي وإعالني تتواءم نع املطالب والضيغوط‬
‫ذات العالق مبصادر التهديد الداخلي ‪.‬‬
‫‪ .06‬إن توازن القوى اإلقليمي قد شهد تغريًا هيكليًّا بتراجع نكان عدد نن الدول‬
‫املركزي نثل نصر وسوري والعراق وتونس حتت وطأة عيدم االسيتقرار‪،‬‬
‫واالنكفاء على الشئون الداخلي ؛ لتتيح اجملال لقوى صاعدة أن تتصدر املشهد‬
‫اإلقليمي لتمأل الفراغ ال ي خلفه تراجع نكان تلك الدول؛ إذ بيدت دول‬
‫بعيدة عن نركز التأثري اإلقليمي‪.‬‬
‫‪ .07‬ميثل النهج األردين منوذجًا للتعانل الناجح نسبيًّا نع احلرا الشعبيي يف ظل‬
‫النظم امللكي العربي ؛ حيث اتسم ه ا النهج بالتدرج يف التعانل نع تداعيات‬
‫احلرا الشعبيي يف البالد‪ ،‬حيث بادر امللك عبد اهلل الثاين بإحداث تغيريات‬
‫"نن أعلى" تلبيي جانبًا نن املطالب الشعبي ؛ حيث إجيراء انتخابيات‬
‫برملاني يف ‪ 19‬نن يناير‪/‬كانون الثاين ‪ ،3012‬وخالل افتتاحه أوىل جلسيات‬
‫الربملان دعا العاهل األردين إىل اتباع هنج جديد يف تشكيل احلكونات نين‬
‫خالل التشاور بني الكتل النيابي ‪ ،‬وتعترب ه ه هي املرة األوىل الييت جييري‬
‫مبوجبها تشكيل حكون برملاني يف األردن نن عقود‪ ،‬وبعد أكثر نن عيانني‬
‫نن احلرا الشعبيي يف البالد؛ بل إن امللك شدد على ضيرورة أن تبيادر‬
‫احلكون األردني إىل إطالق "ثورة بيضاء"‪ ،‬نؤكدًا ضرورة "ترسيخ نكاني‬
‫األن نصدرًا للسلطات‪ ،‬وشريكًا يف صناع القرار"‪.‬‬
‫‪ .08‬إن املخاض العسري ال ي تواجهه غالبي دول الربيع العربيي خالل نرحلي‬
‫التحول الدميقراطي؛ وال سيما بروز اخلالفات بني القوى املدني والديني ‪ ،‬اليت‬
‫جعلت كلف التحول تفوق ننافعه‪ ،‬توضح أن الدميقراطي يف العا العربييي‬
‫نا زالت "نبكرة النضج"‪ .‬ونن ننظور استراتيجي استشرايف نرى أن التحول‬
‫الدميقراطي يف املنطق يواجه نزيدًا نن املتغريات والتشككات‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫التوصيا ‪:‬‬
‫تشري أدبيات العلوم السياسي واإلنساني إىل منطني نن التغيري ال ي تشيهده‬ ‫‪.1‬‬
‫الدول واجملتمعات‪ :‬أوهلما التغيري الفجائي الناجم عين احليرب والثيورة‪،‬‬
‫وثانيهما هو التغيري التدرجيي ال ي يأيت كنتاج لعمليات إصيالح وتطيوير‬
‫شانل تتم على ندى زنين طويل نسبيًّا‪ .‬وبالنسب إىل دول جملس التعياون‬
‫اخلليجي فإن األفضل هلا‪ ،‬واألقل كلف نن الناحي السياسي هو النمط الثاين‬
‫نن التغيري‪ ،‬ال ي ينسجم نع طبيع البىن اجملتمعي ‪ ،‬والسياسي ‪ ،‬والثقافيي يف‬
‫ه ه الدول‪ ،‬حيث يوجد نا ميكن أن نطلق عليه "التغيري يف إطيار النظيام‬
‫القائم"‪.‬‬
‫تستوجب التطورات الراهن نن صناع القرار يف اخلليج توخي احل ر والواقعي‬ ‫‪.0‬‬
‫يف خن نعًا؛ وذلك نن خالل انتهاج احلزم والتفكري احلصيف‪ ،‬وتوقع األسيوأ‬
‫جله اختاذ اإلجراءات وتبين السياسات االحترازي يف نواجهته‪.‬‬
‫مث حاج نلح الستراتيجي خليجي نوحيدة تسياهم يف ترمجي القيدرة‬ ‫‪.0‬‬
‫االقتصادي والوفرة املالي النفطي إىل نصادر نفوذ وتأثري‪ ،‬إقليمي ودولي ‪ ،‬على‬
‫حنو خيدم املصاحل الوطني واجلماعي لدول اخلليج‪ .‬ويكفي يف هي ا الصيدد‬
‫التنويه إىل أحد نؤشرات ه ه القدرة الكبرية؛ إذ تفيد التقديرات بأن النياتج‬
‫احمللي اإلمجايل لدول جملس التعاون اخلليجي‪ ،‬ال ي يعكس حجم اقتصادياهتا‪،‬‬
‫قد يصل إىل نا يعادل حنو ‪ 1.9‬تريليون دوالر أي ‪ 1900‬نليار دوالر يف عام‬
‫‪ .3012‬وإذا أخ نا باملعايري العلمي والعاملي املتعلق بوزن الدول وقدرهتا على‬
‫التأثري وفقًا حلجم اقتصادياهتا ونستويات نتوسط دخل الفرد فيها‪ ،‬ونيدى‬
‫اتساع اقتصادياهتا‪ ،‬فإن ه ه األرقام تعطينا صورة واضح عن قوة اقتصيادي‬
‫ال يستهان هبا على الصعيد الدويل وضخم باملعايري اإلقليمي ‪ ،‬ويبقى األنير‬
‫األهم يف كيفي حتويل ه ه "القدرة احملتمل " إىل "قوة فعلي " نؤثرة إجيابيًّيا يف‬
‫اجلوار اجلغرايف‪.‬‬
‫لقد أصبحت احلاج نلح لصياغ ننظور جديد لألنن اإلقليمي جيمع بني نا‬ ‫‪.4‬‬
‫هو استراتيجي وتعاوين على نستوى جملس التعاون اخلليجي نن جه ‪ ،‬وجيمع‬
‫بني األبعاد السياسي واالقتصادي واألنني يف إطار جمتمعي ثقايف نتكانل‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫مث خليات لتحصني حرم املنظون األنني اخلليجي نن األخطار احملدقي هبيا‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫وتتمثل ه ه البدائل االستراتيجي يف االعتماد على ال ات اخلليجي ‪ ،‬وتعضييد‬
‫التحالف االستراتيجي نع القوى الدولي الكربى ويف نقدنتيها الوالييات‬
‫املتحدة األنريكي ‪ ،‬وتوفري بيئ حاضن للعراق متكنه نين اسيتعادة نكانتيه‬
‫اإلقليمي ونعاودة ممارس دوره التقليدي كموازن إقليمي إليران يف املنطق ‪.‬‬
‫تستدعي احلقائق االقتصادي واملالي والفني واجليوسيتراتيجي الراهني نين‬ ‫‪.6‬‬
‫خمططي السياسات املالي لدول جملس التعاون اخلليجيي‪ ،‬االسيتفادة نين‬
‫الفوائض املالي املتحقق يف تنويع نصادر الدخل االسيتراتيجي ‪ ،‬واسيتدان‬
‫نصادر دخل املوازنات الرئيسي ‪ ،‬واالستثمار املتنيوع واآلنين للصيناديق‬
‫السيادي خليجيًّا وعربيًّا وعامليًّا؛ لضمان تاليف أي ردة فعل غري حمسوب عليى‬
‫االقتصاديات اخلليجي حال تعرضت أسعار النفط لتقلبات يف املستقبل املنظور‬
‫أو البعيد‪.‬‬
‫جيدر بدول اخلليج تفعيل اجلانب السياسي املبادر يف تعانليها نيع القيوى‬ ‫‪.7‬‬
‫اجلديدة يف بلدان الربيع العربيي حفاظًا على نصاحلها االستراتيجي ‪ ،‬حبييث‬
‫ال تكون الرؤي اخلليجي يف ه ا الصدد قاصرة على اجلانب األنيين فقيط‪،‬‬
‫فعلى دول اخلليج أن تتكيف نع خط التغيري الشعبيي ال أن تكون يف صورة‬
‫املقاوم له؛ إذ نن شأن ذلك أن يضعف عالقات اخلليج ليس فقط نيع دول‬
‫الربيع العربيي‪ ،‬بل أيضًا نع قوى إقليمي نثل تركيا وقوى دوليي خاصي‬
‫الواليات املتحدة األنريكي وأوروبا‪ ،‬اليت تتواءم يونًا بعد ييوم نيع هي ه‬
‫القوى‪.‬‬
‫مث حاج نلح لتفعيل األنن اجلماعي اخلليجي لتكون القوة ال اتيي هيي‬ ‫‪.8‬‬
‫املكون الرئيس يف نعادل األنن يف اخلليج؛ فقد أثبتت املستجدات اإلقليميي‬
‫والدولي يف السنوات األخرية أن األنن اخلليجي لن يبقى نعتمدًا على احلليف‬
‫اخلارجي بالدرج األوىل‪ ،‬كما أن ه ا األنن يف نفهونه اجلديد فيميا بعيد‬
‫الربيع العربيي ال ميكن أن يعتمد على الوسائل األنني وحدها بل ال بُدَّ نين‬
‫تطوير أدوات القوة الناعم غري الصلب نن سياسيي وثقافيي واجتماعيي‬
‫واقتصادي وإعالني ضمن استراتيجيات األنن الوطين لدول اخلليجيي؛ مبيا‬
‫‪118‬‬
‫جيعلها أكثر قدرة على التواؤم نع املطالب والضغوط ذات العالقي مبصيادر‬
‫التهديد الداخلي ‪.‬‬
‫ضرورة بناء املوارد البشري اخلليجي عن طريق إجياد قاعدة عملي إلشراكهم‬ ‫‪.9‬‬
‫يف نسرية التنمي والنهض الشانل ‪ ،‬وخلق كوادر نهني ندرب تدريبًا ينقليهم‬
‫نن نفهوم االتكالي إىل االعتماد على ال ات‪.‬‬
‫جيدر بدول اخلليج ‪-‬خاص بعد ثورات الربيع العر ‪ -‬التعاطي اإلجيابيي نع‬ ‫‪.15‬‬
‫املتغريات احلاصل حوهلا؛ فكلما كان التعاطي حكيمًا وهادئًيا ويف توقيتيه‬
‫املناسب‪ ،‬كان سدًّا ننيعًا يدرأ كل تأثريات غري نرغوب يف احلاضر واملستقبل‪.‬‬
‫التغيري قادم ال حمال وهو أنر تفرضه قوانني التياريخ‪ ،‬وعوانيل نوضيوعي‬ ‫‪.11‬‬
‫أخرى؛ ونن ثَمَّ تبدو أمهي نشارك املواطنني يف صناع القيرار كمسيلم‬
‫رئيس ضمن قائم نطالب اإلصالح السياسي‪.‬‬
‫جيدر بدول اخلليج بلورة استراتيجي واضح بشأن التعانل نع قضي العمالي‬ ‫‪.10‬‬
‫الوافدة‪ ،‬ال سيما تلك املستقدن نن الدول اآلسيوي ‪ ،‬حبيث حتيدد األعيداد‬
‫ونوعيات وأولويات استقدام ه ه العمال حسب حاج االقتصاد الفعلي ‪ ،‬على‬
‫أن يقترن ب لك زيادة حجم العمال الوطني نع االستعان بالعمال العربي ‪ ،‬اليت‬
‫ميكن أن تقوم باألعمال نفسها اليت تقوم هبا العمال اآلسيوي ‪.‬‬
‫يف ضوء التحديات الداخلي واخلارجي اليت تواجهها دول اخلليج نتشيابك‬ ‫‪.10‬‬
‫جيدر هبا بلورة رؤي رصين على الصعيدين اجلماعي والوطين‪ ،‬ترتكيز عليى‬
‫البعد املؤسسايت الرمسي‪ ،‬وتأخ بعني االعتبار توجهات وتطلعات الرأي العام‬
‫على حنو يعزز نفهوم املواطن ‪ ،‬ويوسع نن املشارك الشعبي يف عملي صينع‬
‫القرار‪ ،‬وبالتايل يزيد نن نصادر قوة املواقف اخلليجي ‪ ،‬وميكنها نن هيانش‬
‫حرك ونناورة أكرب يف التعانل نع القوى اإلقليمي الكربى يف املنطق ‪.‬‬

‫‪119‬‬

You might also like