Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى هللا عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد
هذا إن شاء هللا تعالى هو مجلسنا األول من شرح الكتاب األول في المدرجة السعدية وهي مجموعة الكتب
التي اختيرت للتحصيل الفقهي تحصيال صحيحا على الطريقة التي ارتضاها الشيخ ابن سعدي رحمه هللا
لتالميذه
فان سبب االختيار هو أن هذا اإلمام الفقيه عليه رحمة هللا كان مهموما بتكوين طالبه تكوينا فقهيا صحيحا
وكان يحاول أن يضع لهم الكتب ويدرسهم إياها بحسب هذا المقصد وسلك إلى تحقيق ذلك كل سبيل
من ذلك انه ألف كتبا فيما قلنا إن بعض أهل العلم يسميه البيت الفقهي وهو األصول والفقه والقواعد
باعتبار أن أصول الفقه هي القواعد التي تنبني عليها األحكام والفقه هي الفروع التي هي بمثابة الجدران
المحيطة بالبيت والقواعد هي السقف الذي يجمع فروع األحكام
هذه الثالثة ال يمكن أن يكون تحصيل اإلنسان في الفقه وتكوينه وتكوينه صحيحا إال إذا اعتنى بهذه الثالثة
فقها وأصوال وقواعد
والشيخ ابن سعدي رحمه هللا ألف في هذه الفروع الثالثة وفي هذه الوجوه الثالثة من وجو ه الفقه وكتبه كتب
مختصرة متينة سنتكلم على بعض خصائصها في الكالم على الكتاب األول لذلك وقع االختيار على خمسة
من هذه الكتب تجتمع في أنها كتب في الفقه واألصول والقواعد من تأليف هذا اإلمام عبد الرحمن ابن ناصر
السعدي رحمه هللا تعالى نشرع فيها إن شاء هللا واحدا بعد واحد على الترتيب اللي يكون إن شاء هللا اقرب
إلى تحصيل المقصود
فأولها هو كتاب في الفروع سهل ميسر وهو منهج السالكين لتوضيح الفقه في الدين
ومنذ ألفه الشيخ رحمه هللا والناس يعتنون به شرحا وتدريسا وتعليما
والثاني هو كتاب في أهم القواعد الفقهية التي تنبني األحكام الشرعية وهي منظومة مختصرة منظومة
القواعد الفقهية
1
والثالث هي رسالة لطيفة مهمة او رسالة لطيفة جامعة في أصول فقه المهمة وهي كاسمها رسالة لطيفة
لكنها جامعة في األصول التي يحتاج إليها اإلنسان في بناء الفقه
ثم الرابع وهو كتاب واسع في الفقه وهو اإلرشاد إلى معرفة األحكام هو أوسع كتب الشيخ رحمه هللا
المشهورة في الفقه
وان كان طبع له آخر كتاب واسع جدا ضمن مجموعة األعمال وطبعت أخيرا
لكن هذا كتاب كامل في الفقه له مزايا عديدة أتكلم عليها عند الشروع في شرحه أن شاء هللا
ثم الخامس األخير وهو من أقوى كتب الشيخ وأكثرها تفصيال هو القواعد واألصول الجامعة والفروق
والتقاسيم البديعة النافعة
نسير فيها إن شاء هللا واحدا بعد واحد كل كتاب يأخذون من الكتاب الذي يليه
الكتاب األول إن شاء هللا تعالى هو الكتاب الذي بين أيديكم منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين
وهو كتاب مختصر ألفه الشيخ رحمه هللا لصغار طلبة العلم من المبتدئين في تحصيل فقه الشريعة لما رأى
الحاجة إلى ذلك كما سيشرح هو المميزات والخصائص التي أودعها في كتابه وكانت سببا إلى تأليفه لهذا
الكتاب فال اشرحها نيابة عنه سنترك الكالم له هو رحمه هللا
فهو كتاب مختصر نافع منذ ألفه الشيخ والناس مشتغلون به تأليفا وتدريسا
-كتب الشيخ ابن السعدي رحمه هللا عموما كتب مباركة نافعة ال يشتغل بها احد مع صالح نية إال ظهر
أثرها عليه وهو رحمه هللا مخرج الفقهاء هو الذي خرج ابن عثيمين وابن عقيل والبسام وغيرهم من فقهاء
العصر رحمه هللا
فاالشتغال بكتبه و مدراستها
2
نعم إذا الشيخ رحمه هللا استفتح هذا الكتاب بحمد هللا والصالة عليه والصالة على رسوله صلى هللا عليه
وسلم كعادة العلماء في استفتاح مصنفاتهم بهذا واختار االفتتاح بخطبة الحاجة التي كان النبي صلى هللا عليه
وسلم يستفتح بها مجالسه ودأب جماعة من العلماء على استفتاح كتبهم بها منهم شيخ اإلسالم ابن تيمية
رحمه هللا وغيرهم وعلى طريقة الشيخ ابن سعدي هنا
وفيه رد يرد على من يقول إن خطبة الحاجة تستفتح بها فقط المجالس مجالس الكالم والخطب وال
تستفتح بها الكتب
قال ذلك بعض من رد على الشيخ األلباني رحمه هللا الذي التزم أن يستفتح كتبه بهذه الخطبة اقتداء بالهدي
النبوي لكن عمل الشيخ ابن سعدي وقبله شيخ اإلسالم وغيره يدل على أنهم فهموا من استفتاح النبي صلى
هللا عليه وسلم بها استفتاح الكالم بها سواء كان مكتوبا أو كان مسموعا يعني الخطب والدروس ومجالس
عقد النكاح التي كان النبي صلى هللا عليه وسلم يستفتح هذه الخطبة مثل الكتب في ذلك .إذا ال ضير فيه
فاألمر فيه واسع كما فعل الشيخ ابن سعدي رحمه هللا هنا وغيره.
3
وبعد ذلك ذكر ما سبقت اإلشارة إليه من الخصائص التي تميز بها هذا الكتاب.
فذكر لنا هنا وفي مسألة سيأتي خمسة خصائص هي التي يتميز هذا المختصر عن المختصرات األخرى
-فهو أوال يقول جمعت فيه بين المسائل والدالئل:
مقصوده بالدالئل هنا األدلة وهذه الميزة خالية منها أكثر المختصرات الفقهية الن المختصرات الفقهية عادة
تقتصر على الفروع المجردة يذكر لك الفرع فقط وال يذكر لك دليله
بخالف هذا المختصر يذكر لك الفرع ودليله فتستفيد المسألة ودليلها وعلل الشيخ رحمه هللا هذا بان العلم في
الحقيقة هو معرفة الهدى بدليله
قد تعرف الحق وتعرف الهدى لكن ال تعريف الدليل فال يكون ذلك علما وإنما هو التقليد
4
والتقليد كما يقول ابن عبد البر رحمه هللا:ليس علما بإجماع العلماء
العلم هو معرفة الحق والهدى بدليله
ولذلك الشيخ رحمه هللا أراد منك أن تعرف المسألة وتعرف دليلها حتى يكون الذي عند ليس تقليدا
وإنما هو علم
ما ذاك والتقليد مستويان فالعلم معرفة الهدى بدليله
كما قال ابن القيم رحمه هللا في نونيته هذا في العلم بوجه عام العلم يقول معرفة الحق بدليله
تنزيل هذا على الفقه أيضا أن الفقه معرفة الفقه وهو األحكام الشرعية الفرعية لقول الشيخ رحمه هللا بادلتها
من الكتاب والسنة واإلجماع والقياس الصحيح هكذا قال
إذا هو ذكر انه جمع بين المسائل والدالئل وعلل ذلك بان هذا هو حقيقة العلم ثم نزل ذلك على الفقه وبين لك
أن الفقه الذي جلسنا لنتعلمه وكتبه وكتابه فيه ما هو؟
هو معرفة األحكام الشرعية العملية أو الفرعية بعض العلماء يقول العملية احترازا من االعتقادية
وبعضهم كشيخ ابن سعدي يقول الفرعية احترازا من األصولية يعني المسائل المتعلقة باألصول بالعقائد هذه موضوعها
علم العقيدة
وأما المسائل المتعلقة باألحكام العملية باألحكام التي بما يفعله اإلنسان وما يقوله ما يتكلم به هذه هي أحكام الفقه األحكام
المتعلقة بالفروع العملية الصالة والزكاة والحج وبر الوالدين مثال أو عقوقهما المسائل المتعلقة بأحكام الجوار أحكام البيع
والشراء أحكام الطالق والنكاح هذا معنى قوله األحكام الفرعية أي المتعلقة بفروع الفقه
لكن لما كان العلم هو معرفة العلم بدليله فالفقه أيضا هو معرفة األحكام بأدلتها
ماهي أدلتها ؟قال بادلتها من الكتاب والسنة واإلجماع والقياس الصحيح .هذه هي األربعة أدلة المتفق عليها التي هي مبنى
األحكام .لما نقول ما دليل هذه المسألة؟
البد أن يكون الدليل احد هذه األصول األربعة التي هي مباني األحكام الشرعية في اإلسالم وتلتحق بها بعض األدلة
األخرى التي ستأتي ربما أحيانا يستدل باستصحاب أو بمصلحة أو بقول صاحب من أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم ال يقال له لماذا لم تذكر ها هنا ؟
الن تلك أدلة فرعية متفرعة عن هذه
هو ذكر األدلة الكلية األدلة األصلية وتسم األدلة المتفق عليها كل دليل من األدلة لنستدل بها على األحكام وهي كثيرة غير
هذه األربعة
فهي راجعة إلى هذه األربع التي
هي أوال الكتاب والمقصود به القرآن فهو أصل أدلة األحكام
5
ثم السنة الصحيحة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
ثم ثالثا اإلجماع إجماع علماء األمة فانه حجة في دين هللا عز وجل
ورابعا القياس لكن الشيخ لم يقل القياس يسكت قال القياس الصحيح هذا القيد عنده مهم لماذا؟
الن القياس من أهم المباني الفقهية كما سيأتي أكثر المسائل الفقهية المستنبطة مبنية على القياس
فلذلك إذا كان هنالك خلل في القياس سيختل فقهك اختالال عظيما
ومن هنا نشأت جماعتان متطرفتان تكتنفان جماعة وسطا في طريقة التعامل مع القياس في فقه األحكام الشرعية فطائفة
أنكروا القياس أصال وهم الظاهرية ففسد بذلك من أحكامهم شيء كثير بسبب إنكارهم لما في القياس من الحق
-وطائفة أخرى قابلوهم هم أهل الرأي يتوسعون في اقيسة فاسدة يأتون باقيسة قياس غير صحيح ليس مستجمعا للشروط
فيفرعون كثير من األحكام تفريعا خاطئا
فال شك انه ستكون تلك األحكام خاطئة والوسط هو طريقة األئمة علماء اإلسالم الكبار الجامعين بين الفقه والحديث وهم
الذين ال ينكرون القياس مطلقا وال يعتمدون على االقيسة الفاسدة والضعيفة وإنما يعتمدون على القياس الصحيح الصحيحة
التي دل على اعتبارها العقل الصحيح الراجح وهي طريقة الصحابة رضي هللا عنهم ومن بعدهم من االئمة وعليها سيسير
الشيخ ابن سعدي رحمه هللا
إذا هذه الميزة االولى وهي انه يذكر المسألةو يذكر لنا دليلها
والفائدة الثانية انه يوفر أن االشتغال بالمهم يوفر الهمة على إتقانه
االشتغال بالمهم يوفر الهمة على إتقانه لما تكون عندك مسائل كثيرة ستفرق همتك في حفظها وضبطها وبذلك ربما
المسائل المهمة ال تأخذ نصيبا وافيا من العناية بخالف اإلنسان الذي يقصر همته على المهم فانه يعتني به ويحققه ويتقنه
وهذا أحد ما فسر به قول النبي صلى هللا عليه وسلم (من حسن إسالم المرء تركه ما ال يعنيه )
مما فسر به هذا الحديث أن اإلنسان إذا كان تاركا لما يعنيه فهذا سيكون عالمة أو سببا على أن إسالمه حسن الن وقته ال
يقضيه في األشياء التي ال تهمه يقضي وقته فيما يحتاج إليه وما يهمه في أمر الدين فيكون عنده من اإلقبال عليه والعناية به
وإتقانه ما يجعل إسالمه حسنا
6
بخالف اإلنسان الذي يفرق جهده ووق فيما ال ينتفع به فيما ال يحتاج إليه فيما ال يعنيه من القيل والقال وتتبع األخبار هذا
سيضر بالوقت الذي ينبغي أن ينفقه في مهمات الدين والدنيا
والشيخ طبق هذا في كتابه من جهتين فهو في األبواب التي ذكرها ال يذكر إال المسائل المهمة لما يجي إلى أبواب الوضوء
مثال والطهارة والصالة والمعامالت وغيرها يذكر المسائل المهمة التي تكثر الحاجة إليها
ومن جهة أخرى من جهة إسقاط األبواب التي ال حاجة إليها ال ربما في هذا العصر أو في عصره هو مثل مثال أحكام
الجزية ليس في كتابه باب ألحكام الجزية لماذا؟
الن أحكام الجزية المتعلقة بأهل الذمة ليست موجودة في هذا الوقت إذا شغل طالب العلم نفسه بأحكام الجزية ربما يستفيد
طريقة التفريع وطريقة بناء األحكام واألدلة ويجد في تلك األبواب مسائل أو أحكام يستفيد منها في غيرها لكن هذا ليس
للمبتدئ
وإنما للمتقدم ،المبتدئ يشغل بما هو موجود ال يشتغل بما ليس موجودا
إذا هذا تطبيق الشيخ رحمه هللا لهذه الميزة الثانية اللي هي االقتصار على المهمات
الميزة الثالثة هي من افضل المزايا انه يقول حرص على االكتفاء بالنص في بيان الحكم
إذا كان واضحا إذا كان النص واضحا هذه الميزة هي من أثار عناية الشيخ رحمه هللا بمصنفات ابن تيمية وابن القيم
فالشيخان رحمهما هللا كثيرا ما ينبهان على هذا
التعبير عن المعاني عن المعاني باأللفاظ الشرعية أنت أحيانا قد تأخذ معنى من نص من أية أو حديث لكن تعبر عنه بتعبير
من عندك فيكون ذلك التعبير ما دام انه تعبير بشر ليس معصوما ليس مثل الوحي يكون فيه قصور ربما يفهم غير المراد
او يدخل فيه ما ال يكون مرادا فلذلك ينبه العلماء إلى أن من األفضل الحرص على التعبير عن المسائل الشرعية باأللفاظ
الشرعية قدر المستطاع حتى ال يدخل في في األحكام ما ليس منه
ابن القيم وغيره يذكرون مثاال حسنا وهو في أحكام المحرم مثال النبي صلى هللا عليه وسلم قال لما سئل عن لباس المحرم
قال ال يلبس السراويل وال البرنس وال العمامة
الفقهاء لما نظروا في هذه األشياء وجدوا أنها تجتمع في معنى وهي أنها مفصلة على حسب األعضاء السراويل مفصلة
على حسب األرجل والبرنس فيه األكمام لأليدي والجسم وكذلك العمامة على حسب الرأس فعبروا عن هذا بقولهم أن
المحرم ال يلبس المخيط وقصدوا بالمخيط ما خيط على حسب األعضاء
لكن لما تداول الناس هذه الكلمة صار بعضهم يفهم منها أن المخيط كل ما فيه الخيط فلذلك مثال النعل هذه (بليغة) لما يذهب
المحرمون إلى الحج والعمرة يتورعون عن هذه المالبس واألحذية اللي فيها الخيط يقول لك هذه فيها الخيط مع انه ال يعلم
أن المقصود ليس ما فيه خيط مطلقا ما فيه خيط إذا كان ليس مخيطا على حسب األعضاء ال بأس به
هو استبدال اللفظ الشرعي بألفاظ غير شرعية ليس هذا محظورا بإطالق
7
ولذلك إذا كان النص واضحا ال حاجة إلى استبدال النص الشرعي عبر بالنص الشرعي وانتهى .تريد أن تقول لشخص
مثال إن النية مثال واجبة في العبادات .بدل أن تقول له عبارة من من عند نفسك النية واجبة في العبادات وقد يكون في هذه
العبارة ما ليس مرادا آو يدخل فيها ما هو مراد ما هو غير مراد قل له إنما األعمال بالنيات
وإذا قلت له انما األعمال بالنيات عبرت بالنص الشرعي وأفدت الحكم بعبارة واضحة ولذلك سيمر معنا أن الشيخ كثيرا ما
يقتصر في بيان األحكام على اللفظ الشرعي يعطيك الحديث النبوي ويكتفي بذلك الن الحديث بين بنفسه في إفادة الحكم
الشرعي ويكون بذلك جمع بين بيان المسألة وبين دليلها وبين التعبير عن المعنى الفقهي باللفظ الشرعي هذه الميزة الثالثة
وهذا حسن ألننا لما نقول معرفة الفقه بدليله ونحن في كتاب في مدرجة أولى ال يليق أن نشتغل بتفاصيل األدلة ألنه يصير
هكذا علم أخر علم الخالف هو المشغول بالخالف واألدلة وتفاصيلها إما نحن فنريد الحكم ومعرفة الدليل إن كان فيه
صل المسألة بدليلها
مجموعة من األدلة يقتصر على دليل واحد مشهور يكفي في أن يكون اإلنسان ح َّ
ثم الميزة الخامسة هي انه اقتصر اذا كانت المسألة خالفية على القول الذي ترجح عنده
الميزة األولى هي انه على الراجح يعني ليس على المذهب كيفما جاء
والميزة الثانية انه الراجح عند ابن سعدي ليس عند غيره
ألنه قد يكون واحد يصنف لنا مختصرا فيقول اقتصرت على الراجح لكن ترجيحاته هو مدخولة ترجيحاته ضعيفة ليس
فقيها متمكنا قد يكون فقيه يلغي القياس مثال يجيب لنا الراجح على قول الظاهرية مثال أو يكون فقيه يعتبر األقيسة الضعيفة
فيجيب لنا الراجح عنده بناء على قياس ضعيف
لكن لما يكون فقيها محققا مثل ابن سعدي فهذا الذي يفرح ويحرص على ترجيحاته فهو فقيه متمكن جمع بين الفقه والحديث
واختياراته رحمه هللا من اصح االختيارات في الفقه
ولذلك لما قال ال أنا التزمت الراجح على ما دل عليه الدليل عندي كان ذلك ميزة حسنة جدا ليس مثل ما يشكل على كثير
من طالب العلم يقول لك انأ أريد أن ابدأ دراسة الفقه إذا اخذ كتابا مثال في مختصر على مذهب مالك مثال فقد تكون بعض
المسائل خالف الدليل والخالف الراجح وهو ال يعرفها فيتعبد بخالف الراجح هذا قد يكون مشكال على بعض الناس وان
كان يمكن أن يجاب عنه لكن المقصد أن هذا اإلشكال غير وارد أصال في االشتغال بهذا المختصر الن الشيخ رحمه هللا
فقيه متقن محقق محرر
واقتصر رحمه هللا على القول الراجح فلم يشغلنا بالخالف ولم يقصرنا على األقوال المخالفة لألدلة الشرعية
الطالب يقرأ:
8
نعم هذا التوضيح لقوله فيما سبق في تعريف الفقه معرفة األحكام الشرعية العملية .ما هي هذه األحكام.؟
هو قال لنا أن الفقه الذي اعلمه لكم في هذا الكتاب هو معرفة األحكام الشرعية العملية طيب األحكام هذه إجماال ما هي؟
ذكرها لنا هنا قال لنا هذه األحكام خمسة التي تسمى في أصول الفقه األحكام التكليفية وهذه سيأتي الكالم عليها إن شاء هللا
تفصيال في الكتاب الثالث متعلق بأصول الفقه لكن نقتصر على ما ذكره الشيخ هنا تقريبا وتعريفا
أن كل األحكام الفقهية التي سيذكرها هي األحكام الخمسة التي عليها مدار أحكام المكلفين مدار أفعال المكلفين كل حركة
من حركاته وسكنة من سكناته كل كلمة تخرج من فيك فانه يتعلق بها حكم من أحكام هللا عز وجل
قال لنا الواجب هو الذي يأثم اإلنسان إذا تركه ويثاب إذا فعله
ما يثاب اإلنسان على فعله ويعاقب على تركه هذا تعريف للواجب من حيث هو إذا نظرنا إليه باعتبار الفاعل باعتبار
المكلف البد أن نزيد بعض القيود نقول ما يثاب فاعله احتسابا أو امتثاال وما يستحق تاركه العقاب ألنه قد يكون هو تحت
المشيئة قد يغفر هللا له لكن هذا ال يرد علينا ألننا نتكلم على الواجب من حيث هو بغض النظر عن المكلف وعروض
الشروط والموانع أو عدم عروضها
ما هو الواجب؟
ما أمر هللا عز وجل به أمرا الزما بحيث أن اإلنسان إذا فعله محتسبا األجر عند هللا سيثاب وإذا تركه فانه معرض للعقوبة
هذا هو الواجب إذا قيل في الفقه واجب أو فرض أو مكتوب فالمقصود به هذا القسم
إذا كان الواجب يثاب على فعله هذا يعاقب على فعله وإذا كان الواجب يأثم على تركه المحرم يأثم على فعله
إذا ما يعاقب اإلنسان أو يستحق العقاب على فعله وإذا تركه احتسابا لألجر عند هللا عز وجل هذا هو المحرم
ويسمى أيضا الممنوع وفي الفقه ربما يعبر عنه بغير الجائزة يقولون ال يجوز كذا بمعنى انه محرم أو ال يباح بمعنى انه
محرم
9
الثالث هو المسنون المسنون هو المستحب يسمى مسنونا ويسمى مستحبا ما هو الذي إذا فعله اإلنسان محتسبا أثيب لكن إذا
تركه لم يعاقب
معناه رغبنا هللا تعالى في فعله فهو يستحب ويستحسن ويندب لإلنسان أن يفعله لكن إذا تركه ال عقاب عليه هذا يسمى
المستحب والمسنون
وضده المكروه الذي رغبنا هللا تعالى في تركه وأال نقربه لكن إذا فعله اإلنسان ليس فيه أثم هذا يسمى المكروه
قال والخامس هو المباح الذي هو مستوى الطرفين ال ثواب فيه وال عقاب وهذا مثل مثال ما األكل مثال والشرب بغير
إسراف طبعا من المباح بغير إسراف
مؤانسة اإلخوان مثال محادثة األهل مالعبة الصبيان هذه المسائل كلها األصل فيها أنها مباحة
قد يعرض لها حكم آخر من حيث اإليجاب أو التحريم أو االستحباب أو الكراهة باعتبار ما تؤدي إليه أو ما تؤول إليه هذا
ال نتكلم عليه نحن نتكلم على المباح من حيث هو أنا أريد اآلن مثال أن نشرب ماء هذا مباح يجوز لي أشرب الماء لكن
ص حلقه بحيث وال ما يقدرش يتنفس لو لم يشرب الماء يموت هنا لذاته ال ننظر إلى العوارض األخرى لو مثال اإلنسان غ َّ
ما بقاش مباح واجب عليه أن يشرب حتى ينقذ نفسه من الهالك
وبالعكس لو انأ رأيت أن إنسان سرق هذا الماء من شخص وضعه أمامي ال يجوز لي أن اشربه إذا لم أكن مضطرا إليه
وإذا شربته أكون أثما لكن الوجوب هنالك واإلثم هنا جاء من نفس الفعل هو الشرب وال من أمور خارجة عنه ؟
من أمور خارجة عنه إذا لما نقول كما قال الشيخ رحمه هللا المباح هو الذي فعله وتركه على حد سواء ماذا نقصد بذلك؟
إذا هذه األحكام الخمسة التي عليها مدار الفقه .من أول مسألة في الكتاب إلى أخر مسألة لن نذكر حكما إال وهو يدور على
احد هذه األحكام الخمسة إن شاء هللا
الطالب يقرأ:
نعم هنا ذكر لنا رحمه هللا ضابط الواجب من تعلم الفقه قد يقول أحدكم ذكرتم لنا إن الفقه ومعرفة األحكام الشرعية العملية
بادلتها التفصيلية وانه ما من حركة من حركات المكلف إال يتعلق بها حكم من أحكام هللا عز وجل طيب هل يجب على كل
مسلم أن يكون فقيها ؟
هل يجب على كل مسلم أن يدرس كل أحكام الفقه بحيث إذا لم يدرسه يكون أثما؟
الجواب :ال .في الفقه ما هو واجب على األعيان كل مسلم مكلف يجب عليه أن يتعلم تلك األحكام وفيه ما هو من
فروض الكفايات يتعلق وجوبه بنوع معين من المسلمين وهم خاصة طالب العلم الذين يتدرجون في مدارج الفقه لتحصيل
10
مراتب االجتهاد هذه تسمى فروض الكفايات لكن الذي يتعلق بكل مسلم وهو غالب مسائل منهج السالكين ذكر فيه الشيخ
رحمه هللا ضابطه وهو ما يحتاج إليه المكلف في عباداته وعاداته ما يحتاج إليه المكلف في عبادته وعاداته
انأ قبل أن اشرح لكم هذا ارجع بخطوة إلى الوراء وهو انه ليس الفقه فقط ما فيه واجب عيني وواجب كفائي العلم كله العلم
الذي زهد فيه أكثر الناس وربما تجد العبد المسلم تمر عليه السنون وال يستحضر في نفسه انه يوجد من علم الشريعة ما
يجب عليه أن يتفقه فيه وهي من أعظم المصائب التي يبتلى بها المؤمن أن يزهد في تعلم أحكام الدين وأحكام الشريعة
العلم الشرعي عموما فيه مسائل واجب تعلمها على األعيان .كل مسلم يجب عليه أن يتعلمها وإذا فرط فيها فهو أثم .وهي
من حيث الجملة أحكام االعتقادات التي يجب أن يعتقدها في هللا عز وجل.
وسيصير الشيخ رحمه هللا إلى طرف منها في المقدمة التي بعد هذه .فبعض أحكام المسائل ان تعرف هللا عز وجل أسمائه
وصفاته تعرف معبودك تعرف كيف توحده تعرف صفاته التي تميز بها سبحانه وتعالى عن المخلوقين هذه أحكام واجبة
إذا كان المكلف ال يعرف معبوده ال يكون مسلما أصال يقول لك اشهد إن ال اله إال هللا واشهد أن محمدا رسول هللا إذا قلت
له معبودك هذا الذي تشهد أن ال اله إال هو في األرض وال في السماء ؟
ال يدري ،إذا قلت له معبودك هذا يجوز عليه الموت أو ال؟ يجوز ال يدري .
كيف يكون مسلما ال يكون مسلما إذا أحكام االعتقادات في هللا عز وجل وفي رسوله صلى هللا عليه وسلم وأصول اإليمان
هذه واجبة
والثانية هي أصول المحرمات أصول المحرمات التي يجب على كل مسلم أن يجتنبها فكبائر الذنوب التي حرمها هللا عز
وجل كالشرك وقتل النفس التي حرم هللا والسرقة والزنا واالعتداء على حقوق الناس وعقوق الوالدين وأذية الجيران من
أصول المحرمات ال يعذر إنسان إذا جهلها ال يعذر إنسان يرتكب فعال من أصول المحرمات ويقول أنا لم أكن اعلم انه
محرم نقول له آنت أثم ألنك ارتكبته بسبب تقصيرك في تعلم ما يجب عليك من أحكام الدين
إذا أصول العقائد وأصول المحرمات تقصير اإلنسان في معرفتها ال يكون فيه معذورا بل يجب على كل مسلم أن يتعلم هذا
النوع من العلم وأيضا مما يجب على كل مسلم أن يتعلمه هذا الذي ذكره الشيخ وهو ما يتعلق بالفروع العملية ضابطه انه
يجب على كل أن يتعلم ما لزمه من العبادات ما لزمه هذا قيد مهم من العبادات وما دخل فيه من المعامالت ما لزم من
العبادات وما دخل فيه من المعامالت ما معنى هذا ؟
ما لزمه من العبادات بمعنى بعض العبادات ال تلزمه كل المكلفين الزكاة مثال تجب على من ملك نصابا وحال عليه الحول
إذا كان مسلم فقير ليس له نصاب هل يجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة ؟
ال ال يجب عليه لكن إذا كان مسلم عنده نصاب عنده تجارة وعنده مال أو ورث ماال فوق النصاب حال عليه الحول يجب
عليه أن يتعلم ما يجب عليه الزكاة ما يجب فيه الزكاة من ماله والقدر الذي يجب عليه أن يخرجه وكيف يخرجه وأين
يضعه إذا لم يتعلم ذلك يأثم الن الن ذلك سيؤدي إلى أن يضيع حق هللا تبارك وتعالى في ذلك المال
لزمته الصالة يتعلم أحكامها لزمه الصوم يتعلم أحكامه أراد أن أن يحج يلزمه أن يتعلم األحكام وهكذا
وأما المعامالت نقول ما دخل فيه من المعامالت بمعنى أن بعض المعامالت ال يحتاج اإلنسان يدخل فيها أو لو يدخلها أو ال
ينوي أن يدخلها ال يلزمه أن يتعلم أحكامها مثال اآلن عم اشتغال الناس بالتجارة اإللكترونية البيع والشراء في اإلنترنت
11
الذي ال يبيع وال يشتري إال في األسواق العادية الحقيقية مع الناس الذين يراهم ويسمعهم ال يلزمه أن يتعلم أحكام التجارة
االلكترونية لكن من دخل فيها هل يجوز له أن يدخل ويتجر فيها من غير أن يتعلم أحكامها؟
ال يجب عليه أن يتعلم أحكامها الذي يكون ليس عازما على الزواج ال يجب عليه أن يتعلم أحكام الزواج لكن إذا أراد أن
يتزوج دخل في معاملة النكاح يجب عليه أن يتعلم أحكامها وهكذا فالضابط إذا يجب على كل مكلف أن
يتعلم ما يصحح به عباداته مما وجب عليه ويتعلم ما يصحح به معامالته مما
دخل فيه
قال الشيخ رحمه هللا مرغبا في هذا النوع من العلم قال النبي صلى هللا عليه وسلم (من يرد هللا به خيرا يفقهه في الدين).
فاستشهد رحمه هللا بهذا الحديث الجليل العظيم عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في فضل الفقه في الدين .المقصود بالفقه
في الدين هنا الفقه بالمعنى العام .ليس المقصود الفقه بالمعنى الخاص الذي هو معرفة األحكام العملية ،ال ،بالمعنى العام
الذي هو معرفة الدين أحكام الدين معرفة هللا معرفة الرسول صلى هللا عليه وسلم وسيرته ومغازيه معرفة أصحابه
وزوجاته وبناته وأوالده معرفة السلوك وأحكام العبادات معرفة ما يجب على اإلنسان في أحكامه في عباداته ومعامالته .إذا
هذا الفقه بالمعنى العام
يقول النبي صلى هللا عليه وسلم كما في الصحيحين من يرد هللا به خيرا يفقهه في الدين أعظم بها من نعمة وفضيلة يحظى
بها من سلك طريق الفقه هو انه بخبر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عالمة على أن هللا تعالى أراد به خيرا
ماذا يريد اإلنسان أكثر من هذا؟ هللا تعالى قد يعطي اإلنسان الدنيا ويوسع عليه فيها توسعة عظيمة لكن ال يكون ذلك دليال
على أن هللا يحبه الن هللا يعطي الدنيا لمن يحب ولمن ال يحب لكن النعم الدينية :الهداية التوفيق إلى حفظ القرآن التوفيق إلى
لزوم الصالة في جماعة التوفيق إلى تعلم العلم النافع هذه ال يعطيها هللا تعالى إال لمن يحب
ولذلك فان من البشارة العظيمة للمسلم أن يجد نفسه مشتغال بالتفقه في الدين شهد له الرسول صلى هللا عليه وسلم بنص هذا
الحديث أن هللا تبارك وتعالى قد أراد به خيرا وكما انه ترغيب عظيم وبشارة كبيرة لمن اشتغل بالفقه في الدين
فانه بالمقابل وعيد شديد وتهديد أكيد لمن رغب عن الفقه في الدين رغب عنه ليس راغب فيه رغب عنه أي زهد في تعلم
الفقه في الدين الن ذلك قد يكون أمارة بالمفهوم بمفهوم الحديث على أن هللا لم يرد به خيرا نسأل هللا العافية
فإذا كان من أراد هللا به خيرا فقهه في الدين معناها الجهل أن يبقى جاهال ال يتعلم أحكام الدين هذا قد يكون عالمة على أن
هللا لم يرد به خيرا وهو كذلك ألنه إنسان هو في من جهة المعنى مثل األعمى في المبصرين أليس بلية عظيمة أن الناس
ينظرون إلى الطرقات ويعرفون مساراتهم ويمشون على هدى ويبصرون األلوان ويتأملون في خلق عز وجل ويتعرف
بعضهم على بعض ويتمتع بوصال من يتواصل معه من أهله وأبنائه بنعمة البصر ويقرأ ويكتب ويمارس كل شؤونه
بنعمة البصر
لكن بعض الناس محروم من هذه النعمة اعمي بلية عظيمة هللا تعالى كما قال النبي صلى هللا عليه وسلم(( لم يرض ثوابا
لمن اخذ منه حبيبتيه وهما عينيه إال الجنة )) ألنه بالء عظيم
الجهل بالنسبة إلى العلم مثل العمى بالنسبة إلى البصر إذا كنت ال تدري شدة الغبن الذي يكون فيه الجاهل فتأمل حال
األعمى مع المبصرين فاعلم إن الجاهل بالنسبة إلى المبصر في غبن عظيم .هو ال يشعر به ال يدري شدة الغبن الذي هو
12
فيه .لكنه لما يتعلم يعرف شدة الغبن الذي هو فيه .اإلنسان الذي يتعلم يعلم انه مثال لو قيل له لو قيل له ما رأيك لو تعطى
كذا وكذا من أمور الدنيا وتنسى كل ما تحفظه من القرآن بحيث انك تقوم في الصالة وال تحفظ شيئا من القرآن يقبل بهذا
تخيل انك ال تعرف الرسول صلى عليه وسلم وال تعرف من سيرته شيئا ال تعرف أصحابه ال تعرف شيئا عن أبي بكر
وعمر وعثمان وعلي عن السادة الفاتحين
تخيل مثال انك ال تعرف معنى ال اله إال هللا محمد رسول هللا ال تعرف أسماء هللا الحسنى إذا سمعت أن هللا اسمه هللا
والرحمن والرحيم والملك والقدوس تسمع هذه األسماء تتلى في الصلوات ناس أنت ال تعرف معناها كيف يكون؟
تخيل لو انك تقوم في الصالة ال تعرف صالة النبي صلى هللا عليه وسلم تصلي كما يصلي الجهال من الناس صالة ال
تستحضر فيها شيئا من السنن عن رسول هللا صلى هللا عليه سلم أليست هذه معيشة ضنكا باهلل ماذا يفعل في الدنيا من ال
يقرأ كتاب هللا وسنة الرسول صلى هللا عليه وسلم يتمتع بها إذا هي هو غبن عظيم ولذلك فالنبي صلى هللا عليه وسلم بمفهوم
هذا الحديث يتوعد من زهد في تعلم العلم انه قد يكون هللا تعالى لم يرد به خير بمعنى حجب عنه هذه الخيرات العظيمة التي
هدى إليها من وفقه لتعلم أحكام الشريعة اسأل هللا تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يمن عليه بالفقه في دينه
الطالب يقرأ
نعم هو كما رأيتم عقد العنوان كتاب الطهارة ثم شرع في الكالم على أحكام الشهادتين مناسبة ذلك أن كتاب الطهارة هو
مقدمة بين يدي أحكام الصالة
العلماء لما أرادوا أن يرتبوا كتاب الفقه يرتبوا الفقه رتبوه ابتداء على العباد ثم المعامالت والعبادات لما جاءوا إلى ترتيبها
رتبوها على وفق قول النبي صلى هللا عليه وسلم في حديث مباني اإلسالم بني اإلسالم على خمس شهادة أن ال اله إال هللا
وان محمدا رسول هللا وأقام الصالة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيل هذه رواية مشهورة
وفي رواية البخاري التي أتى بها الشيخ فيها تقديم وتأخير وحج البيت وصوم رمضان
13
إذا العلماء لما أرادوا أن يرتبوا الفقه التزموا هذا فبدئوا بأعظم األركان العملية في اإلسالم وهي الصالة ثم بعد ذلك الصوم
الزكاة وهي قرينة الصالة في كتاب هللا ثم الصوم ثم الحج
البخاري رحمه هللا لما وقعت في روايته الحج ثم الصوم كما أتى به الشيخ عقد في كتابه في الصحيح كتاب الحج ثم بعده
كتاب الصوم موافقة لرواية الحديث التي وقعت له.
لكن المشهور في الترتيب هو ما سار عليه الشيخ هنا .لكن الصالة لما جيت تتعلمها ستبدأ بشروطها
ومنها متعلقة بالمقدمات بأحكام المياه مثال وتمييز األعيان النجسة من الطاهرة فيقدمون يبدءون بالمقدمات بأحكام المياه
واآلنية واألعيان النجسة ثم يأتون إلى المقاصد وهي الوضوء والغسل والتيمم وإحكام الحيض والنفاس كما سيأتي معنا
فإذا بدءوا بالمقدمات فلذلك عقد الشيخ رحمه هللا أول كتاب من كتب الفقه وهو كتاب الطهارة ألن الكالم على أول مباني
اإلسالم العملية وهي الصالة وقبل أن نبدأ في الصالة تتكلم على مقدماتها ومقدماتها الكبرى هي الطهارة فشرع في الكالم
على الطهارة وأورد حديث النبي صلى هللا عليه وسلم في مباني اإلسالم الخمسة وقبل أن يتكلم عن المباني العملية التي هي
موضوع الفقه شرح باختصار شديد الركن األول و المبنى األول من مباني اإلسالم وهو أصلها وأعظمها وهو الشهادتان
لكن لم يتكلم عليه بتفصيل لماذا؟
الن نحن علمنا أن الفقه هو األحكام العملية أما مسائل الشهادتين ومقتضاهما وما يلزم عنهما هذه أمور عقدية هذه يتكلم
عليها العلماء تفصيال في كتب العقيدة موضوع مستقل عن موضوع الفقه
لكن الشيخ رأى واستحسن أن ال يخلي الكتاب ولو من إشارة يسيرة إلى معاني الشهادتين وله في ذلك سلف بعض
العلماء يجعلون بين يديه الكتب الفقهية مقدمة عقدية مثل ما فعل ابن أبي زيد القيرواني اإلمام الكبير المالكي الملقب
بمالك الصغير لما الفت كتابا في الرسالة في الفقه المالكي لطالب الكتاتيب لصغار المسلمين افتتحه بمقدمة فيما يجب
على األفئدة ان تعتقده وتنطق به
مقدمة عقدية مشهورة تسمى مقدمة ابن أبي زيد وتسمى المقدمة القيروانية من أفضل ما يشتغل به في معرفة العقيدة
الصحيحة
الشيخ رحمه هللا على هذا المنوال ذكر هذه المقدمة اليسيرة في معنى الشهادة شهادة أن ال اله إال هللا ومعنى شهادة أن محمدا
رسول هللا أبين لك أن معنى شهادة أن ال اله إال هللا هي ان العبد يعتقد ويلتزم يلتزم بمعنى يلتزم التزاما قلبيا يعتقد بقلبه انه
يلزمه أن يعلم ويعتقد ويتلفظ بلسانه انه ال يستحق العبادة إال هللا تبارك وتعالى وان كل معبود عبد من دون هللا تبارك
وتعالى فقد عبد بباطل فالمعبود الحق هو هللا تبارك وتعالى
وهذا سيقتضي منه ويلزم منه يترتب عليه إخالص الدين هلل عز وجل كما قال ربنا تعالى وما أمروا إال ليعبدوا هللا
مخلصين له الدين
14
ويقتضي منه أيضا ان تكون كل عباداته الظاهرة والباطنة كما قال الشيخ عبادات الظاهرة معناها التي تكون بالجوارح على
اللسان مثل التسبيح والذكر والكالم والدعاء اللي تكون على الجوارح مثل الصالة والسجود والركوع وغيرها هذه عبادات
ظاهرة وكذلك العبادات الباطنة كالخوف والخشية والمحبة والرغبة والرهبة والتوكل واإلنابة هذه عبادات الباطنة فمقتضى
شهادة ال اله إال هللا أن تكون جميع العبادات الظاهرة والباطنة كلها هلل تبارك وتعالى دون من سواه.
يقول الشيخ رحمه هللا وهذا أصل دين جميع المرسلين .كل رسول أرسله هللا تبارك وتعالى إلى الناس .فان أصل الدين الذي
بعث به إخالص العبادة هلل جل وعال والدليل على ذلك قول هللا جل وعال ((وما أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحي إليه
انه ال اله إال انأ فاعبدون ))فدين المرسلين أجمعين مبني على هذا األصل الجليل وهو إخالص العبادة هلل وحده دون من
سواه
الطالب يقرأ:
ذكر أيضا شرحا مختصرا لمعنى ومقتضى شهادة أن محمدا رسول هللا فكما أن شهادة أن ال اله إال هللا معناها أن يقر العبد
ويقول بلسانه معبرا عما عقد عليه قلبه من انه ال يستحق العبادة إال هللا وحده شريك له فكذلك شهادة أن محمدا رسول هللا
15
معناها أن يقر بلسانه مخبرا عما عقد عليه قلبه فلو اقتصر على القول واخبر عما ال يعتقد ال تكن شهادة ولو اعتقد ولم يتكلم
ال تكون شهادة حتى تكون شهادة تجمع بين األمرين:
أن يخبر بلسانه عما عقد عليه قلبه أن محمدا صلى هللا عليه وسلم محمدا أي محمد بن عبد هللا القرشي الهاشمي ذاك الرجل
الذي ولد في مكة وأبوه عبد هللا وأمه آمنة وبعث في مكة وهاجر إلى المدينة ذاك الرجل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
نقول هذا حتى يعلم انه لو قال رجل اشهد أن محمدا رسول هللا ثم نقول له من هذا محمد الذي تشهد له بالرسالة حي وال
ميت جزائري وال تونسي؟
ال يدري هذا ال يكون مسلما ولذلك فان القدر هذا الذي يتميز به الرسول صلى هللا عليه وسلم عن سائر الناس من فروض
األعيان تعلمه
كما ان القدر الذي يعرف به ربه عز وجل ومعبوده ويميزه عن سائر المعبودات من فروض األعيان تعلمه بحيث ال يكون
إيمانه صحيحا إال به
فإذا يشهد أن ذاك الرجل محمد بن عبد هللا بن عبد المطلب الهاشمي القرشي رسول هللا جل وعال أرسله هللا تبارك وتعالى
إلى الثقلين اإلنس والجن بمعنى لو قال اشهد أن محمدا بن عبد هللا القرشي عبد هللا ورسوله لكنه رسول إلى العرب فقط ال
يكون مسلما
ولو قال اشهد انه رسول لكن رسول إلى قومه فقط إلى قريش ال يلزمنا نحن كما كان يقول إتباع مسيلمة الكذاب أهل
اليمامة كانوا يقولون نحن هذا كرسول قومه ال يكون مسلما المسلم حتى يكون مسلما من شرطه أن يشهد أن ذاك الرجل
المعين عليه الصالة والسالم هو عبد هللا ورسوله أرسله إلى الثقلين اإلنس والجن يدعوهم إلى التوحيد وينذرهم عن الشرك
وإذا شهد بهذا يترتب عليه أمور كما انه لما يشهد أن ال اله إال هللا يترتب عليه انه يجب إخالص العبادة هلل دون من سواه
لما يشهد أن محمدا رسول هللا تترتب عليه أمور ما هي ؟
بينها الشيخ قال يترتب عليه أوال أن يعتقد أن خبره صادق يعتقد إذا ثبت الحديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اخبر
بشيء يعتقد اعتقادا جازما انه صلى هللا عليه وسلم صادق فيما اخبر مثل ما اخبر الناس لما اسري به فكذبوه فجيء إلى أبي
بكر الصديق قيل له إن صاحبك يزعم انه عرج به إلى السماء وانه ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة واحدة قال لهم إن
كان قالها فقد صدق ألنه يعلم قطعا انه رسول هللا ال يمكن إال أن يكون صادقا تصديقه فيما اخبر
وطاعته فيما أمر لما يثبت عندك أن الرسول صلى هللا عليه وسلم أمر بشيء من مقتضى الشهادة له بالرسالة ومن كمال
تصديقك له وأتباعك له أن تمتثل ذلك األمر
وكذلك اجتناب ما نهى عنه من مقتضى كمال الشهادة للرسول صلى هللا عليه وسلم بالرسالة أن تجتنب نهيه وان تعلم علما
جازما أن صالحك في الدين والدنيا موقوف على أتباعه صلى هللا عليه وسلم فلو قال رجال اشهد أن محمدا رسول هللا وانه
جاءنا باإلسالم وانه رسول الناس أجمعين لكن الحياة العصرية على وفق الديمقراطية أصلح من الدين الذي جاء به هذا
ليس مسلما
لو قال مثال العلمانية او االشتراكية او غيرها أفضل من شريعة محمد صلى هللا عليه وسلم أو أصلح لنا في الدين ربما
أفضل في اآلخرة لكن أصلح لنا في الدنيا ال يكون مسلما يعتقد ان ما بعث به محمد صلى هللا عليه وسلم هو الذي به صالح
دينه وأخراه لو اعتقد انه رسول لكن صالح اآلخرة غير متوقف على اإليمان به
16
قد يقول يمكن ان أنجو مع عدم اإليمان بأنه بعدم إتباعه يعتقد بعض النصارى مثال أن إيمانهم بعيسى يكفيهم عن االيمان
بمحمد صلى هللا عليه وسلم هذا غير صحيح فان صالح الدنيا وصالح اآلخرة موقوف على التصديق على اتباع الرسول
صلى هللا عليه وسلم والتصديق به
وأخيرا يقول الشيخ وان يكون أو تكون محبة الرسول صلى هللا عليه وسلم مقدمة عنده على محبة نفسه وأهله وولده ووالده
امتثاال وتصديقا لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ((ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))
هذا مقتضى من مقتضى الشهادة للرسول صلى هللا عليه وسلم اذا كنت تجد في نفسك ان نفسك ومالك ولدك او والدك أحب
إليك من الرسول صلى هللا عليه وسلم فلم يتم إيمانك بعد لم يكمل فمن كمال التصديق برسالته ان يكون عليه الصالة
والسالم أحب إلى كل مسلم من النفس والمال واألهل والولد
بقي بعد هذا الكالم على ان من مقتضى شهادة ان محمدا رسول هللا االعتقاد انه صلى هللا عليه وسلم أيد بالمعجزات الدالة
على صدقه هذا فصل مختصر لكن فيه مسائل مهمة نحتاج ان نقف عندها نتركه ان شاء هللا الى الدرس القادم يوم الجمعة
ان شاء هللا وهللا تعالى اعلم سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان ال اله اال أنت أستغفرك وأتوب إليك
17