You are on page 1of 10

‫بحث عن النقود واألنظمة النقدية‬

‫أولا‪ :‬نظام المقايضة‬

‫اعتمدت المجتمعات البشرية األولى على نظام المقاضية كأسلوب إلتمام المبادالت للسلع في المجتمع‬
‫البدائي‪ ،‬في ظل هذا النظام‪ ،‬تتم مبادلة سلعة بسلعة أخرى بصورة مباشرة وبدون وسيط‪ .‬على سبيل المثال‪،‬‬
‫فإن الشخص الذي يرغب في الحصول على عشرة كيلو من القمح‪ ،‬فإنه يستطيع مبادلة ذلك برأس من‬
‫الماشية أو أي سلعة أخرى‪ ،‬حيث يتم التافق عليها بين البائع والمشرتي في سوق المقايضة‪.‬‬

‫وفي البداية‪ ،‬عندما كانت الحياة االقتصادية بسيطة وبدائية حيث حاجات الناس في تلك المجتمعات كانت‬
‫محدودة والسلع التي كان يتم تبادلها هي قليلة‪ .‬لم كين لنظام المقايضة مشكالت كبيرة‪ ،‬لكن هذا الحال لم‬
‫يستمر‪ ،‬إذ أدى التطور االقتصادي واالجتماعي للمجتمعات البشرية إلى تزايد حاجات الناس وتنوعها‪ ،‬واقترن‬
‫ذل كبثرة السلع التي كان يتم إنتاجها وتبادلها‪.‬‬

‫الصعوبات التي واجهت نظام المقايضة‪:‬‬

‫لم يكون نظام المقايضة قاد اًر وكفؤاً لمواكبة هذا التطور‪ ،‬وبات من الواضح أن عيوب نظام المبايضة‬
‫وصعوباته أضحت تشكل عبئاً كبي اًر على عملية التبادل االقتصادي في هذه المجتمعات‪.‬‬

‫لذلك اتسم نظام المقايضة بعدد من أوجه القصور‪ ،‬والصعوات التي يمكن عرضها على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬نظام المقايضة ليس مقياسا مناسبا وسهالا لقيم التبادل‪:‬‬

‫أشرنا إلى أن نظام المقايضة يقوم على أساس مبادلة سلعة بسلعة أخرى بصورة مباشرة ودون وسيط‪ ،‬أي أنه‬
‫يصعب التعبير عن قيمة السلعة بكمية ثابتة وانما يتم التعبيرعن قيمة السلعة في السوق بكميات عديدة‬
‫تتناسب في عددها مع عدد السلع المتبادلة في السوق‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنه من الصعوبة الحصول على وحدة‬
‫ياس واحدة في مبادلة السلع عندما تكون السلعة المتبادلة كثيرة وحاجات الناس مختلفة‪.‬‬

‫دعنا نفترض أن عدد السلع المتاحة للتبادل في السوق هي عشر سلع فقط‪ ،‬إن هذا يتطلب أن نحدد نسبة‬
‫مبادلة لكل سلعة من هذه السلع مع كل من السلع التسع األخرى الموجودة في السوق‪ ،‬أي أن كل سعلة‬
‫سيكون لها تسع نسب متبادلة مع بقية السلع األخرى‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬سيكون هناك نسب تبادل كثيرة في حالة كثرة السلع المتبادلة في السوق‪ ،‬وهذا ما كان عليه‬
‫الحال في نظام المقايضة‪.‬‬

‫إن صعوبة إيجاد وحدة قياس منااسبة للتبادل في ظل نظام المقايضة ينجم عنه العديد من الصعوبات واآلثار‬
‫السلبية أبرزها‪:‬‬

‫‪ ‬صعوبة عمل الحسابات القومية مثل الناتج والدخل القومي‪.‬‬


‫‪ ‬صعوبة عمل حسابات الشركة‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة عمل حسابات الموازنة العامة للدولة وغيرها من الحسابات القومية‪.‬‬

‫ولنا اآلن أن نتصور الفوائد الجمة والعظيمة من استخدام النقود (بدالً عن نظام المقايضة) في تسهيل الحياة‬
‫االقتصادية والنشاط االقتصادي للمجتمع‪.‬‬

‫‪ .2‬صعوبة التوفيق بين رغبات المتعاملين‪:‬‬

‫يتطلب نظام المقايضة أن يكون هناك توافق في رغبات المتعاملين من حيث الحجم المناسب‪ ،‬والجودة‬
‫المالئمة‪ ،‬والزمان والمكان المناسبين للتبادل‪ .‬وعلى سبيل المثال فإن الشخص الذي يرغب بمبادلة بقرة بكمية‬
‫معينة من القمح‪ ،‬فإن عليه أن يبحث عن الشخص الذي يمتلك القمح (التاجر أو المزارع مثالً)‪ ،‬ويرغب في‬
‫نفس الوقت بمبادلة قمحه بالبقرة في الوقت المناسب للطرفين‪ ،‬وفي المكان المناسب لهما‪.‬‬

‫ومن الواضح أن تحقيق هذا التوافق في الرغبات كان أم اًر صعباً في نظام المقايضة ومما زاد األمر صعوبة‬
‫هو صعوبة تجزئة السلع المتبادلة فكيف في نظام هذا المثال سيتم تجزئة البقرة للحصول على كمية معينة‬
‫من القمح‪.‬‬

‫‪ .3‬فشل نظام المقايضة في أداء وظيفته كأداة لختزان القيم والثروة‪:‬‬

‫لم يكن نظام المقايضة كفؤاً وصالحاً في أن يصبح أداة الختزان القيم والثروة‪ ،‬أي أداء وظيفة االدخار‪ ،‬فمن‬
‫الواضح أن االدخار العيني في شكل سلع مادية يت تخزينها كان مكلفاً الرتفاع تكلفة التخزين‪ ،‬وقابلية السلع‬
‫للتلف أو التعرض للسرقة‪ .‬إضافة إلى صعوبات النقل نظ اًر لكبر حجم السلع المخزنة وحاجاتها إلى مساحات‬
‫كبيرة للخزن‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن تغير ظروف الطلب والعرض على السلع المخزنة كان يؤدي إلى تيغر كبير في القيمة‬
‫السوقية التبادلية لهذه السلع األمر الذي يزيد من كلفة تخزين وادخار سلع عينية ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن نظام‬
‫المقايضة لم يكن صالحاً أيضاً الستعماله كأداة لتسوية قيمة لمدفوعات اآلجلة‪ .‬مثل هامش عقود اإليجار‪،‬‬
‫أو عقود اإليجارات أو عقود ربع األراضي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النقود‬

‫بسبب الصعوبات الكثيرة التي واجهت نام المقايضة ظهرت النقود التي قدمت منافع كثيرة ومتعددة لإلنسان‬
‫وساعدته في التغلب على الكثير من المشكالت خاصة تلك التي واجهت نظام المقايضة‪.‬‬

‫تعريف النقود ووظائفها‪:‬‬

‫جرى العرف على استخدام تعريفين للنقود‪ :‬األول تعريف نظري‪ ،‬والثاني عملي ‪.‬وتعرف النقود نظرياً بأنها‬
‫كل ما يلقي قبوالً لدى الناس ووسياطاً للتبادل وقضاء الديون‪ .‬ومن المهم مالحظة عدم اشتراط وجود قيمة‬
‫ذاتية لما يمكن اعتباره نقوداً‪ ،‬بل إن المطلوب هو فقط صفة القبول العام‪ .‬فلو تعارف الناس مثالص على‬
‫قبول الحجارة وسيلة لتبادل السلع وسداد الديون ألمكن أن تعد نقوداً‪ .‬وبطبيع الحال فإن قبول الناس لسلعة‬
‫وسيطاً للتبادل يعني بطريقة أو أخرى تمتعها بندة نسبية (الذهب والفضة على سبيل المثال‪).‬‬

‫أنواع النقود‪:‬‬

‫تُقسم النقود تبعاً لطبيعة المادة المصنوعة منها إلى نقود سلعية‪ ،‬ونقود ائتمانية وتبعاً لتطورها التاريخي إلى‬
‫نقود سلعية‪ ،‬ونقود ورقية‪ ،‬ونقود ودائع‪ ،‬ونقود الكترونية‪ .‬وفيما يلي شرح موجز لتقسيم النقود من الناحية‬
‫التاريخية‪.‬‬

‫‪ .1‬نقود سلعية‬

‫أدى التطور البشري وما رافقه من تطور طرق اإلنتاج والتخصص فيه إلى الحاج إلى وسيلة للتبادل تخفف‬
‫من مشكالت المقايضة‪ .‬ونتية لتلك الحاجة استخدمت السلع بأنواعها وسيلة للتبادل وقضاء الديون‪.‬‬
‫واختلفت النقو دالسلعي ةباختالف المجتمعات ودرجة تطورها وتقدمها‪ .‬فعلى سبيل المثال استخدم القمح‬
‫نقوداً في مصر‪ ،‬والتوابل في الهند‪ .‬وفي مرحلة الحقة اكتشف الناس استخدام المعادن النفيسة‪ ،‬لسيما الذهب‬
‫والفضة‪ ،‬نقوداً سلعية تُتداول على شكل عمالت ذهبية أو فضية أو إيصاالت يتعهد من أصدرها (سواء أكان‬
‫الحكومة أو بنوكاً تجارية ) بمبادلة قيمتها المعدنية عند الطلب‪.‬‬

‫‪ .2‬نقود ورقية‬

‫تعد مرحلة النقود النائبة المرحلة الفاصلة في التطور التاريخي للنقود من نقود سلعية إلى نقود ورقية‪ .‬ففي‬
‫البداية كانت النقد النائبة مجرد إيصاالت للناس الحق في قبولها أو رفضها ولهم حق مطالبة الجهة المصدرة‬
‫لها استبدالها بالذهب أو الفضة‪ .‬وكان من الضروري تغطية جميع ما يصدر من نقود نائبة بما يساوي‬
‫فضة‪.‬‬ ‫أو‬ ‫ذهب‬ ‫من‬ ‫االسمية‬ ‫قيمتها‬
‫ومع زيادة ثقة النسا بالنقود النائبة‪ ،‬وما تميزت به من النقود السعية‪ ،‬ازداد الطب عليها وقل المستبدل منها‬
‫مما دفع الحكومات المصدرة لها تخفيض غطائها تدريجياً حتى وصل األمر إلى إنهاء العالقة بينها وبين‬
‫الغطاء الذهبي‪ .‬ويعتمد إصدار النقد في ظل قاعدة النقود الورقية في الوقت الحالي على عدة عوامل من‬
‫أهمها قوة االقتصاد وتنوع قاعدته اإلنتاجية ونظام سعرف الصرف المتبع‪.‬‬

‫‪ .3‬نقود الودائع‬

‫تتكون نقود الوادئع من الحسابات الجارية المودعة لدى البنوكا لتجارية التي يمكن سحبها بكتابة شيك في أي‬
‫وقت‪ .‬وتختلف هذه النقود الوقية بأنها ال تتمتع بكيان مادي‪ ،‬فهي قيود ميدنة ودائنة لدى البنوك التجارية وال‬
‫تتمتع بقوة إلزام قانوني‪ .‬فعلى سبيل المثال عند بيع قطعة أرض ليس للبائع حق رفض تسلم ثمنها بالريال‬
‫السعودي من اي فئة‪ ،‬ولكن له الحق في رفض استالم الثمن بشيك مسحوب على بنك تجاري‪.‬‬

‫‪ .4‬نقود الكترونية‬

‫أحدث التطور التقني ثورة هائلة في عالم المدفوعات‪ .‬فالنظام التقني للتحويالت المالية ( ‪Electronic‬‬
‫‪ )Funds Transfer System‬يشكل بديالً مناسباً وغير مكلف الستخدام العملة‪ ،‬والشيكات‪ ،‬وبطاقات‬
‫االئتمان‪.‬‬

‫وظائف النقود‪:‬‬

‫بغض النظر عن أنواع النقود المتداولة‪ ،‬سواء أكانت معدنية (ذهب أو فضة) أم ورقية فإن لها أربع وظائف‬
‫مهمة هي‪:‬‬
‫‪ .1‬النقود وسيط في التبادل (المعامالت ‪):‬تتميز النقود عن المقايضةفي أنها تستخدم كوسيط كفؤ‬
‫وسهل ومرن في إتمام المبادالت والمعامالت بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫وقد تمتعت النقود بوظيفة الوسيط فيا لتبادل تأسيساً على جملة من االعتبارات والمبررات وأهمها‪:‬‬

‫‪ ‬االعتبار األخالقي الذي يدعو إلى ترسيخ قيم العدل بين الناس‪ .‬فالشريعة اإلسالمية تؤكد أصالً‬
‫على قيمة العدل في بعدها االقتصادي‪ ،‬أي على استقامة المكاييل والموازين ومنها النقود‪.‬‬
‫‪ ‬الثقة بطبيعة المادة المصنوع منها النقود‪ .‬عندما صنعت النقود من المعادن مثل الذهب والفضة‬
‫والنحاس وغيره‪ ،‬اكتسبت ثقة كبيرة لدى الناس فياتخاذها أداة أو وسيط في المعامالت وتسوية‬
‫المدفوعات‪.‬‬

‫وتعزي هذه الثقة إلى أن النقود المعدنية يتوفر لها قيمتان‪:‬‬

‫‪ ‬قيمة سوقية باعتبارها سلعة (معدن) ‪ -‬أي قيمة ذاتية حقيقية كسلعة تباع أو تشترى في السوق‪.‬‬
‫‪ ‬قيمة اسمية تبادلية باعتبارها وحدة نقود‪ ،‬وقد كانت قيمتها االسمية تساوي قيمتها السوقية‪ .‬والجدير‬
‫بالذكر أن النظرية المعدنية قد اتكأت على هذه االعتبارات في التأكيد على ميزة النقود المعدنية‪.‬‬

‫وتأسيساً على هذه الميزة اكتسبت النقود ثقة الناس باعتبارهانقداً وسيطاً في التبادل‪.‬‬

‫غير أن تفسير النظرية المعدنية يكون صحيحاً في حالة النقود المعدنية فقط وبالتالي فإنها ال تصلح لتفسير‬
‫تمتع النقود غير المعدنية (مثل النقود الورقية بالثقة كوسيط للتبادل(‪.‬‬

‫وهناك من اعتقد أن النقود تمتعت بقابلية الوسيط للتبادل بحكم القانون‪ .‬فالنظرية القانونية تؤكد أن القانون‬
‫هو الذي أكسب النقد صفة القبول العام كوسيط للتبادل ‪.‬‬

‫أما النظرية النفسية فإنها تعزو تمتع النقود بالقابلية كوسيط للتبادل إلى الدوافع الذاتية لألفراد‪.‬‬

‫حيث تؤدك أن ميل األفراد إلى النقود واالطمئنان والثقة والرضا بها كوسيط للتبادل هو الذي يسكبها صفة‬
‫القبول العام بصرف النظر عما إذا كانت النقود معدنية أو غير معدنية‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن اقتصاديي المدرسة الكالسيكية يرون أن والظيفة األساسية للنقود هي وسيط للتبادل‪،‬‬
‫ولذلك فإن نظريتهم في الطلب على النقود قد تأسست على اعتبار أن النقود هي مجرد وسيط في التبادل‪.‬‬

‫‪ .2‬النقود مقياس لقيم السلع والخدمات‪:‬‬


‫‪ ‬إذا كان المتر هو وحدة قياس المسافات‪ ،‬والجرام هو وحدة قياس األوزان‪ ،‬واللتر هو وحدة قياس‬
‫السعة‪ ،‬واألمبير هو وحدة قياس الكهرباء فإن النقود هي وحدة قياس السلع والخدمات‪ .‬وتتمثل‬
‫الوحدة النقدية في الدينار األردني أو الدوالر األمريكي والين الياباني والريال السعودي ونحو ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬تتفوق النقود على المقايضة في أنها تمثل وحدة تحاسب سهلة لقيم السلع والخدمات على المستوى‬
‫المحلي لنأخذ على سبيل المثال الحالة اآلتية‪:‬‬

‫إذا كان سعر السلعة أ = ‪ 011‬ريال‪ ،‬وسعر السلعة ب = ‪ 01‬ريال‪ .‬فإنه ببساطة نستطيع أن نستنتج أن‬
‫السلعة (أ) = خمس وحدات من السلعة (ب)‪ ،‬أو السلعة (ب = )خمس وحدات من السلعة (أ‪).‬‬

‫وبالرغم من الميزات المحققة من وظيفة النقود كمقياس للقيم‪ ،‬إال أن هذا ال ينفي حدوث تقلبات في القوة‬
‫الشرائية لوحدة النقود وما يسبب ذلك من آثار سلبية على أطراف التبادل في السوق‪ ،‬إال أن البعض يرى أن‬
‫تقلبات الوحدة النقدية هي اقل نسبياً مقارنة بغيرها من األنظمة النقدية‪.‬‬

‫‪ .3‬النقود مخون للقيم‪:‬‬

‫تستعمل النقود كأداة لخون القيم‪ ،‬أي وسيلة لالدخار‪ ،‬فالنقود هي مخزن للقوى الشرائية عبر الزمن ألن حامل‬
‫النقود إنما يحمل قوة شرائية تحظى بالقبول العام وتمكنه من اإلنفاق عبر الزمن‪ .‬ويقصد بالقوة الشرائية‬
‫للنقود هنا كمية السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها مقابل مبادلتها بوحدة نقدية واحدة خالل فترة‬
‫زمنية معينة‪.‬‬

‫بيد أن استعمال النقود كمخزن للقيم (أو االدخار أو الثروة) قد يكون منتجاً أحياناً وقد يكون عقيماً في أحيان‬
‫أخرى‪.‬‬

‫إن النقود تكون مخزناً منتجاً للقيم عندما يكون ادخارها بغرض توظيفها واستثمارها في استثمارات حقيقة أو‬
‫مالية‪ .‬حيث تولد في هذه الحالة عوائد وتراكم الثروة عند مالكيها‪ ،‬أما إذا تم اكتناز النقود وتعطيل دورها في‬
‫االستثمار واألرباح فإن استعمالها كمخزن للقيم يكون عقيماً في هذه الحالة ‪.‬لكن استعمال النقود كمخزن‬
‫للقيمة بغرض مواجهة الطوارئ في المستقبل ال يعد استعماآلً عقيماً للنقود إذا ما تم بحصافة ورشد اقتصادي‪.‬‬

‫‪ .4‬النقود أداة لتسوية المدفوعات اآلجلة‪:‬‬

‫هذه الوظيفة مشتقة من الوظيفة األساسية للنقود كوسيط للمبادالت‪ ،‬ذلك أن المبادالت قد تكون آنية‪ ،‬أو‬
‫عاجلة‪ ،‬وقد تكون آجلة‪ .‬واذا كانت النقود تستخدم لتسوية المبادالت اآلنية‪ ،‬فإنها تستخدم أيضاً كوسيلة‬
‫لتسوية المدفوعات اآلجلة‪.‬‬

‫وقد زادت أهمية هذه الوظيفة مع تطور وسائل االئتمان وأساليب البيع اآلجل واجراء التعاقدات اآلجلة على‬
‫المستوى المحلي‪.‬‬

‫وعلى المستوى الدولي‪ ،‬تطورت العالقات االقتصادية الدولية وعملية صفات القروض بين الدول والتي يتم‬
‫تأطيرها في عقود آجلة تكون النقود فيها هي األداة لتسوية المدفوعات اآلجلة‪.‬‬

‫والحق أن استخدام النقود كأداة لتسوية المدفوعات اآلجلة مرتبط أيضاً باالستقرار النسبي في قيمة النقود‬
‫والذي يعتمد على استقرار األسعار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األنظمة النقدية (القواعد النقدية)‬

‫الصدار النقدي‬

‫يمثل النظام النقدي أو القاعدة النقدية األساس الذي يرتكز علي إصدار العملة الوطنية من حيث إصدارها‬
‫وقبولها‪ .‬وتنوعت وتطورت القواعد النقدية السائدة تبعاً لتغير المجتمعات وتطور األنظمة االقتصادية‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم القواعد النقدية تبعاً لتسلسلها التاريخي إلى قاعدتين رئيستين‪ :‬هما قاعدة النقد السلعية‪ ،‬وقاعدة‬
‫النقد االئتمانية‪.‬‬
‫انواع القواعد النقدية‬

‫‪ .1‬قاعدة النقد السلعية‬

‫قاعدة النقد السلعية هي القاعدة السائة عند تحديد عالقة قانونية ملزمة بين وحدة النقد المتداولة وبين سلعة‬
‫بناء على القوة الشرائية للسلعة (ذهب أو‬
‫واحدة (ذهب أو فضة)‪ .‬وتقيم القوة الشرائية لوحدة النقد المتداولة ً‬
‫فضة)‪.‬‬

‫وتسمى قاعدة النقد السلعية أحياناً بقاعدة المعدن الواحدة (ذهب)‪ .‬وتدرجت قاعدة النقد السلعية في تطورها‬
‫عبر ثالث مراحل تاريخية مهمة‪ .‬وفيما يلي شرح موجز لكل مرحلة‪:‬‬

‫أ‪ .‬نظام المسكوكات ‪:‬في ظل هذا النظام تُتداول مسكوكات رهبية أو فضية (جنيهات ذهبية على سبيل‬
‫المثال) إلى جانب النقود الورقية‪ .‬وإلعطاء النقود الورقية القبول في التداول تكفل السلطة النقدية حرية تحويل‬
‫النقود الورقية إلى مسكوكات حسب سعر التعادل المعلن من السلطة النقدية‪.‬‬

‫وحتى يتوازن هذا النظام البد من تحديد سعر تعادل بين المسكوكات المعدنية وبين العملة الورقية‪ ،‬وتوافر‬
‫حرية كاملة لألفراد بشأن حرية السك (تحويل السبائك الذهبية أو الفضية إلى مسكوكات (نقدية معدنية‬
‫متداولة)) وحرية الصهر (تحويل المسكوكات إلى سبائك)‪ ،‬وكذلك حري استيراد وتصدير السبائك أو‬
‫المسكوكات‪.‬‬

‫ب‪ .‬نظام السبائك ‪:‬على عكس نظام المسكوكات ففي ظل نظام السبائك الذهبية ال يسمح بتداول العمالت‬
‫المعدنية (ذهب أو فضة) لالستخدام اليومي‪ ،‬ولكن تكون السلطات النقدية مستعدة الستبدال النقود الورقية‬
‫بسبائك ذهبية أو فضية عند طلب األفراد لها‪.‬‬

‫ووضعت خالل هذه المرحلة من التطور النقدي الكثير من القيود أمام حرية التحويل من عمالت ورقية إلى‬
‫ذهب أو فضة بسبب اتساع حجم التجارة الداخلية والخارجية بنسب تجاوزت نمو احتياطات الذهب والفضة‪،‬‬
‫وارتفاع الثقة بالعمالت الورقية مما ترتب عليه انخفاض ما يطلب تحويله من العمالت الورقية إلى ذهب أو‬
‫فضة وتحول معظم األنظمة النقدية إلى ما يعرف بنظام القاعد االئتمانية للنقد‪.‬‬
‫ج‪ .‬نظام الصرف بالذهب ‪:‬في ظل هذا النظا ترتبط العملة المحلية بصورة غير مباشرة بالذهب من خالل‬
‫ربطها بعملة دولة تعتمد على نظام الذهب‪ .‬فعلى سبيل المثال ارتبط الريال السعودي مدة طويلة بالدوالر‬
‫األمريكي بنسبة ثابتة‪.‬‬

‫وحيث أن الدوالر األمريكي (حتى عام ‪0790‬م) كان مرتبط بالذهب فهذا يعني ارتباط الريال السعودي‬
‫بالذهب بطريقة غير مباشرة من خالل ارتباطه بالدوالر األمريكي‪ .‬وترتب على هذا النظام ضرورة احتفاظ‬
‫المملكة بجزء كبير من غطاء عملتها بالدوالر األمريكي‪.‬‬

‫‪ .2‬القاعدة الئتمانية للنقد‬

‫في ظل هذه القاعدة تعرف العملة الورقية بنفسها‪ ،‬وال ترتبط بأي غطاء ذهباً كان أم فضة‪ ،‬وأصبحت النقود‬
‫الورقية تتمتع بقوة اإللزام القانوني وغير قابلة للتحويل إلى الذهب‪ .‬ويمكن إرجاع سيادة هذه القاعدة إلى قرار‬
‫الواليات المتحدة األمريكية إيقاف تحويل الدوالر إلى ذهب في عام ‪0790‬م‪ .‬ويعتمد إصدار النقود في ظل‬
‫القاعدة االئتمانية للنقد على الوضع االقتصادي وامالي للدولة وكذلك على اآللية التي ُيحدد بموجبها سعر‬
‫صرف العملة المحلية (التثبيت أو التعويم‪).‬‬

‫‪ -‬ومن الواضح أن درجة تقدم وكفاءة النظام النقدي تختلف باختالف درجة التطور االقتصادي والمالي‬
‫والنقدي في كل بلد‪.‬‬

‫غير أن االقتصاديين النقديين يتوافقون على سمات ومالحمح أساسية ينبغي أن تتوافر في اي نظام نقدي كفؤ‬
‫وفعال‪ .‬وعلى أية حال‪ ،‬فإن أبرز خصائص النظام النقدي هي‪:‬‬

‫أ‪ .‬المرونة‪:‬‬

‫يقصد بخاصية المرونة أن يكون النظام النقدي قاد اًر على توفير المتسوى المرغوب من السيولة النقدية‬
‫الالزمة لمواكبة حاجات االقتصاد الوطني في أوقات الركود االقتصادي وأوقات االنتعاش االقتصادي وتتحقق‬
‫مرونة النظام النقدي أيضاً بسهولة قابلية تحويل النقود إلى العمالت األجنبية وبما يمكن من تسهيل إتمام‬
‫مبادالت التجارة الخارجية وتدفق االستثمارات ورؤوس األموال األجنبية‪.‬‬
‫ب‪ .‬األولويات المتعددة والعدالة الجتماعية‪:‬‬

‫النظام النقدي المرغوب هو الذي تكون أولوياته االقتصادية متعددة ومنها ضمان تحقيق نمو اقتصادي‬
‫مستدام وتامين االستقرار االقتصادي‪ ،‬وم متطلبات االستقرار االقتصادي أن يكون النظام النقدي قاد اًر على‬
‫تحقيق استقرار قيمة وحدة النقود‪ .‬أي المحافظة على استقرار القوة الشرائية لوحدة النقود‪.‬‬

‫ألن ذلك ترسيخاً لقيم العدالة االجتماعية بين الناس وحماية حقوقهم وأموالهم من التعرض للمخاطر والخسائر‬
‫الناجمة عن عمد استقرار قيمة الوحدة النقدية‪.‬‬

‫ج‪ .‬الكفاءة والفاعلية‪:‬‬

‫ُيقصد بالكفاءة والفاعلية للنظام النقدي أن يكون النظام لنقدي قاد اًر على إدارة السياسة النقدية والهاز‬
‫المصرفي بشكل صحيح وفعال‪ .‬وبما يمكن من تأمين حقوق المودعين ويكفل األمان والضمان بين األطراف‬
‫المتعاملين في إطار النظام النقدي‪.‬‬

‫وال غرابة في التطبيق الصحيح لألنظمة والقواعد القانونية المتعلقة بإدارة النقود يعزز حالة األمان والثقة ألنه‬
‫يضمن تحقيق ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬استقرار تداول النقود وضمان قابليتها للوفاء بااللتزامات بكل يسر وسهولة‪.‬‬

‫استقرار القوة الشرائية لوحدة النقود‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وال ريب أن المؤشر العام لكفاءة وفاعلية أي نظام نقدي تكمن في مدى قدرته على تحقيق االستقرار النقدي‪.‬‬
‫وهو المؤشر األساسي الذي يتوقف عليه استقرار القوة الشرائية للوحدة النقدية للقاعدة أو النظام النقدي ومن ثم‬
‫االستقار االقتصادي واالجتماعي ‪.‬‬

You might also like