You are on page 1of 33

‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫جامعة قرطاج‬
‫المعهد العالي للطفولة قرطاج درمش‬
‫الماجستير التطبيقية‬

‫المادة‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬

‫اعداد‪ :‬د‪ .‬الحبيب المبروكي‬

‫برانمج مادة الوساطة البيداغوجية لطلبة الس نة أوىل ماجس تري تطبيقية السدايس الثاين‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫يبدو أن مفهوم الوساطة اليوم هو أحد المفاتيح الممكنة التي تساعد اإلنسانية‬
‫على العيش داخل المجتمعات بأكثر يسر وبأقل تداعيات‪ ،‬كما انه أحد اآلليات‬
‫الناجعة التي تساعد على االندماج وتساعد أيضا األفراد والجماعات على ضمان‬
‫تواصل حقيقي‪ .‬فالوساطة على هذا المعنى هي وسيلة لتقارب وجهات النظر وزلزلة‬
‫األفكار اليقينية إلزاحة والتقليص من الخالفات‪ .‬يعود هذا المفهوم إلى دائرة الفكر‬
‫حول التواصل في فضائها االجتماعي وأطر البنيات التعديلية للحياة االجتماعية وهي‬
‫تخاطب وتساءل مباشرة حقل علوم التربية ضمن سياق المهن التعليمية والتدريسية‬
‫والتكوين والبحوث العلمية‪.‬‬

‫ويستعمل هذا المفهوم اآلن في سياقات متنوعة ( قانونية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪،‬‬


‫تربوية واجتماعية‪ )...‬لذلك فإن ‪ Alain moal‬يقوم من خالل كتاباته‪ :‬من األفضل‬
‫أن نتحدث أكثر فأكثر حول الوساطة‪ .‬إن ممارسة الوساطة تتنزل أساسا في اإلطار‬
‫العالئقي واالجتماعي فهي قبل كل شيء مجرد تأويالت أو قراءات تنجر عنها‬
‫سياقات التحول الداخلي والهيكلي التي تمس باألساس الذات‪ ،‬نظرتنا للذات ولآلخر‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫وللمحيط أو للسياق وما يمكن أن نفهمه مما نفعله والذي تكون غايته نمو وتطور‬
‫وخلق واستنباط هياكل معرفية ‪...‬‬

‫داخل هذه الوساطات تتنزل الوساطة البيداغوجية التي تهدف إلى تسوية‬
‫مشاكل يمكن أن يتعرض لها المتعلم أثناء العملية التعلمية في سياق المعرفة التي‬
‫يتلقاها‪ .‬غير أن عملية الوساطة تحيلنا للبيداغوجيا في جذورها‪ ،‬وباألساس إلى البعد‬
‫االجتماعي والثقافي للذكاء الذي يتم بناؤه لدى كل فرد أثناء تفاعالته االجتماعية‬
‫والثقافية التي يطورها خالل حياته‪.‬‬

‫لذلك فإن "أالن مووال" ‪ Alain moal‬ينظر الى الوساطة البيداغوجية على‬
‫‪Annie‬‬ ‫أنها تمش وليس باعتبارها منهجية ظاهرة كما يعتبر "أني كردينات"‬
‫‪ cardinet‬بأن هذا التمشي يستوجب وضع المنظومة التربوية موضع التساؤل وهو‬
‫ما يستوجب دعوة األساتذة والمربين والمكونين للخروج من النماذج المعهودة وذلك‬
‫لغرض بناء وابتكار عالقة جديدة بين المتعلم والمعلم والمضمون‪ .‬كما أن الوساطة‬
‫البيداغوجية ال تقتصر فحسب على الوظيفة العالجية للوضعيات التربوية بل أيضا‬
‫هي االتجاه األكثر إبداعية وابتكارية واألكثر نجاعة في كل فعل تعلمي‪.‬‬

‫نحو ضبط وتعريف مفهوم الوساطة‪:‬‬

‫اعتمادا على المعجم الفرنسي يتحدد هذا المفهوم بشكل واسع على انه‬
‫المصالحة والمقاربة بين األجزاء‪ .‬وتعرف الوساطة على أنها نوع من التدخل اإلنساني‬
‫يتم خالل المسار التعلمي وتحيلنا الوساطة البيداغوجية أساسا إلى البعد االجتماعي‬
‫والثقافي للذكاء ويتم تكوين هذا البعد عند األفراد خالل التفاعالت الثقافية واالجتماعية‬
‫يتطور أثناء سيرورة الحياة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫كما يعتبر كل من عالم النفس فيقوتسكي ‪)1934-1896( Vygotski‬و ‪Wallon‬‬


‫‪ &Bruner‬و ‪ Feuerstein‬بأن الوساطة هي عنصر حاسم في عملية التطور‬
‫وتساعد المتعلم والمعلم على تقديم مضامين تعلمية تساعد على مزيد من النجاعة‬
‫والبناء من خالل ما سماها بمنطقة التجاور الوشيك ‪.ZPD‬‬

‫‪3‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الدرس الثاني‬

‫أهمية الوساطة خالل عملية التفاعل االجتماعي‬

‫مدخل للدرس‪:‬‬

‫يعتبر الوسيط طرف ثالث باعتباره سيمرر شيئا ما بين التلميذ والمعرفة‬
‫فهي عملية ربط أي أنه كل شيء يمكن أن يصنف على أنه وساطة بالمعنى‬
‫الموسع للكلمة باعتبار أن كل نشاط هو عبارة عن عملية وساطة ألنها‬
‫ستمكننا من تعلم شيء ما‪ .‬وهنا نطرح عملية التفاعل االجتماعي فالجميع‬
‫يمكن أن يتحول إلى وسيط في لحظة معينة في وضعية ما حتى األطفال فيما‬
‫بينهم يتحولوا إلى وسائط على حد قول الحديث األثور (والطفل على الطفل‬
‫يسميه‬ ‫فيما‬ ‫وأساسا‬ ‫أيضا‬ ‫االجتماعية‬ ‫التفاعالت‬ ‫وتتدخل‬ ‫ألقن)‪.‬‬
‫"فيغوتسكي"(منطقة التجاور للنمو) ‪la zone proximale de ZPD‬‬
‫‪développement.‬أي أنه عملية التعاون والتعاضد مع شخص له مستوى‬
‫معرفي عال يمكن أن يساعدنا على التعلم وكذلك أن نتعلم كيف نتعلم‪.‬‬
‫‪la‬‬ ‫بالتوازي نجد عند "برونر" أن وظيفة الكهل القيادية تتأسس على‬
‫‪ fonction de guidance de l’adulte‬نظرية التعلمية على االكتشاف‬
‫يتحول الكهل إلى دليل للطفل وهنا تصبح العملية عملية وساطة بالمعنى‬
‫الوصائي )‪ (au sens tutorat‬وعبر التدخل الوصائي ‪intervention de‬‬
‫‪ .tutelle‬كما طور "برونر " أيضا أن الدليل أو الوسيط ال يمكن له أن ينجز‬
‫بدال عن الطفل بل البد أن يظل متأهب ومنتبها‪ .‬فالهدف من الوساطة هنا هو‬
‫الوصول إلى استقاللية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الوساطة البيداغوجية وتعدد المقاربات‪:‬‬

‫يعود مفهوم الوساطة البيداغوجية إلى عالم النفس "ليون فيغوتسكي" ‪Léon‬‬
‫‪ Vigotski‬الذي يعتبر أن الذكاء هو عملية بناء اجتماعي‪ ،‬ثم تاله اثر ذلك باحثون‬
‫و ‪ Jérôme Bruner‬الذين لم يولوا األهمية‬ ‫مثل ‪Reuven feue- rstein‬‬
‫القصوى للعوامل االجتماعية في عملية تطوير الذكاء ويؤكدون باستمرار على التملك‬
‫الثقافي‪ .‬وقد طور ‪ Reuven Feur‬بالتعاون مع ‪ Ya’acov Rand‬برنامج اإلثراء‬
‫األداتي ‪ .)PEI( programme d’enrichissement instrumental‬وهو تمش‬
‫أصيل ومتفرد يهدف إلى تسهيل عملية التعلمات‪ ،‬ويتميز هذا المسار في جوهره بمبدأ‬
‫بسيط وإيجابي‪ ،‬يعتبر أن كل ذات بشرية قادرة على تطوير إمكانياتها في مجال التعلم‬
‫بصفة مستمرة‪.‬‬

‫‪Les mécanisme‬‬ ‫‪ .1‬تقييم لدى المتعلم لميكانيزمات اكتساب المعارف‪،‬‬


‫‪ d’acquisition‬وهو سياق عرفاني – بغرض عزل اإلخفاقات‪.‬‬
‫‪ .2‬إصالح ومعالجة ما يمكن أن يعيق السير الطبيعي للفكر‪ :‬وتم اعتماد هذا‬
‫البرنامج في فرنسا سنة ‪ 1983‬في المنظومة المعتمدة بالمدارس‪ ،‬وفي سنة‬
‫‪ 1986‬أصبحت معتمدة في مجال التكوين المستمر‪ .‬وهو ما نتج عنه التعرف‬
‫بشكل واسع على مفهوم الوساطة البيداغوجية واألخذ بعين االعتبار للجانب‬
‫السيكولوجي للبيداغوجيا التي تلعب دور الوسيط بين المحتوى المعرفي واألفراد‬
‫الذين يتلقونها‪ ،‬وظهر مفهوم المدرس الوسيط الذي أصبح يتفاعل كمحفز‬
‫‪ catalyseur‬يساعد المتعلم على التوصل لبلوغ المعرفة من خالل اكتشاف‬
‫مكانيزماتها الخاصة في التعلم‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫هذه الوضعيات الوسيطة حسب رأي ‪ Annie‬لها تأثير خاص على عملية نمو‬
‫الذكاء وعلى إمكانية التعلم في تحسين إمكانيات المتعلم‪ ،‬وهذا ما يبين أنه ال وجود‬
‫لمعلم متميز وناجح دون أن يكون هذا األخير منخرطا في طريقة التعلم‪.‬‬

‫وترمي هذه األفعال التربوية حينيا من إكساب المتعلم الثقة الالزمة لبلوغ‬
‫االستقاللية واالعتماد على الذات‪ ،‬وحتى يتملك قدرته على التفكير وتتوفر لديه‬
‫الفرصة لتوظيف إمكاناته وقدراته الذهنية‪ ،‬عبر إعطاء هذه األفعال داللة وهدفا ويسهم‬
‫المربي الوسيط في تحقيق ذلك من خالل دفع المتعلم لالنخراط في مشروع اجتماعي‬
‫مرتكز على مبدأ تحمل المسؤولية‪ ،‬وقيادته للتعويل على الذات لبلوغ مرحلة التعلم‬
‫الذاتي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬
‫الوساطة والتواصل‬

‫إذا أردنا أن ننخرط في منطق يكون فيه امتالك المعرفة هو شكل من أشكال‬
‫االنتماء االجتماعي‪ ،‬حيث تكون الوساطة تؤسس لشكل من أشكال الجدل بين فردانية‬
‫الفرد وإطاره الجماعي الذي يعكس أطره االنتمائية‪ ،‬فتصبح عملية تناول هذا‬
‫الموضوع من زاوية التواصل واالجتماعوية ‪communication de la sociabilité‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬تصبح الوساطة هي العالقة بين الموضوع ومؤسسة االنتماء التي‬
‫تحتضنه‪ ،‬فيصبح الدال له معنى الوساطة الرمزية لالنتماء االجتماعي‪ ،‬وهو ما يترجم‬
‫في اللغة وأبعادها شكال أخر من أشكال االنتماء‪ ،‬لذلك نالحظ أن المربي يحمل دائما‬
‫خطابين في ذات الوقت‪ ،‬ألن عملية اإلحالة بين ما هو ذاتي وما هو عاطفي‪ ،‬أي أو‬
‫غياب لما هو مدلول أل ن اللغة هي دائما ليست مثالية وال مكتملة‪ ،‬فالكلمات ال تؤدي‬
‫دائما المعنى المناسب والكامل‪ ،‬لذلك نرى أن المعنى المناسب والكامل لذلك نرى أن‬
‫المعنى يبقى حرا‪.‬‬

‫لقد كان لعلم النفس المعرفي والمصداقية التي حصل عليها تدريجيا في العقود‬
‫األخيرة‪ ،‬الدور األساسي في بلورة البيداغوجيا المتمركزة حول المتعلم‪ ،‬ولربما كان دوره‬
‫أقوى من أدوار المجاالت األخرى‪ ،‬فقد تمكنا عن طريق هذا العلم من معرفة طبيعة‬
‫التعلم الميكانيزمات التي يستعملها العقل في معالجة المعلومات والعمليات الذهنية‬
‫التي تتحكم في الفهم والذاكرة والتفكير وحل المشكالت وغير ذلك من األنشطة‬
‫المعرفية‪ ،‬ولعل أهم ما انتهى إليه هذا العلم اآلن حول موضوع التعلم‪ ،‬هو أن الطفل‪،‬‬
‫بل واإلنس ان بصفة عامة‪ ،‬يعالج المعلومات ويكتسب تعلمه عن طريق البناء الذاتي‬
‫للمعرفة ‪ ، Auto-construction du savoir‬أي أن المعلومة ال تكتسب في الشكل‬
‫والمضمون اللذين يقررهما الملقي‪ ،‬بل إن المتلقي يقوم ببناء تلك المعلومة أو يعيد‬

‫‪7‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫بناءها شكال ومضمونا‪.‬‬


‫الوساطة واثرها على مجاالت التعلم الدماغي‪:‬‬
‫وفي نفس السياق بينت الدراسات العلمية للدماغ البشري في عالقته بأنشطته‬
‫التعلمية أن هذا األخير يتميز بالمرونة ‪ : Plasticité‬والقابلية للتكيف مع المحيط ‪،‬‬
‫والتعديل المستمر لمكتسباته المعرفية ‪: Modifiabilité‬فهو عبارة عن نظام منفتح‬
‫ومتفاعل مع محيطه‪ ،‬مما يعني أن التجليات الذهنية (الفكرية) للشخص ال تعبر إال‬
‫عن مستوى نموه وتطوره في مرحلة معينة‪ ،‬وال تكون نهائية‪ ،‬ومن هنا فإنه (الدماغ‬
‫البشري) قابل للتربية وفي وضعية تعلم دائم ومستمر‪ ،‬ويمكن تحسين أدائه وتطويره‬
‫مدى الحياة‪ ،‬وأن المعارف ‪ Savoirs‬والمعروفات ‪ Connaissance‬ليست مجرد‬
‫تسجيل ساكن للمعطيات‪ ،‬فالذات تتدخل بديناميكية فاعلة في بناء معارفها‪ ،‬وهو ما‬
‫يعبر عنه ‪ Daniel Schacter‬بقوله‪" :‬إن ذاكرتنا وهي تستقبل صور العالم‪ ،..‬تعمل‬
‫بديناميكية ‪ ،‬لترتيب وإعادة ترتيب‪ ،‬وبناء وإعادة بناء‪ ،‬وصياغة وإعادة صياغة‪ ،‬ما‬
‫تستقبله من تأثيرات‪ ،‬م ستعينة بما احتوته سابقا من شظايا المعروفات‪ ،‬لتحكم ربط‬
‫العالقات واألواصر بين مكونات العالم المختلفة وبين ما لنا من حاجات وأهداف"‬
‫ومن نتائج األبحاث في مجال علوم الخاليا العصبية‪ ،‬أن التمثالت (معارف‬
‫ومعروفات) من الناحية السيكولوجية مرتبطة بالفعل‪ ، Action‬وأنها في تحققها‬
‫خاضعة للدافعية‪ ، Motivation‬و ذلك ألن الدماغ على المستوى الكهر‪ -‬كيميائي‬
‫ال يقوم ببناء التمثالت في غياب الدافعية وانعدام المحفزات‪ ،‬ومن هنا فإنه ال يمسك‬
‫من المعارف إال التي يقوم ببنائها أو يعيد بناءها أثناء تفاعله مع محيطه‪ ،‬وبناء على‬
‫هذا ال جدوى من كل محاولة تستهدف نقل المعرفة مباشرة إلى اآلخر وأن الطريقة‬
‫السليمة هي مساعدة المتعلم ليقوم بنفسه وألجل نفسه ببناء وتنظيم وإعادة تنظيم‬
‫معارفه‪.‬‬
‫كما أن تقدم الدراسات المتعلقة بوظائف الم اركز الدماغية أدى إلى التمييز بين‬
‫‪8‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫وظائف كل من الفص األيمن والفص األيسر للدماغ‪ ،‬فميز دوالغراندري ‪Antoine‬‬


‫‪de la Garanderie‬تبعا لذلك بين عادتين في التفكير لدى اإلنسان ‪Habitudes‬‬
‫‪mentales‬األولى سمعية والثانية بصرية‪ ،‬ولذلك فإن األفراد يختلفون من حيث‬
‫عاداتهم في التفكير والتذكر واستحضار المعلومات‪ ،‬فبعضهم تسود لديه العادات‬
‫السمعية‪ ،‬والبعض اآلخر تسود لديه العادات البصرية‪ ،‬فاألفراد ذوي العادات السمعية‬
‫يكونون صو ار ذهنية سمعية ‪ Images mentales‬يكون مصدرها اإلدراك السمعي‪،‬‬
‫في حين يكون األفراد ذوي العادات البصرية صو ار ذهنية أساسها اإلدراك البصري‪،‬‬
‫وتنشأ وتتطور هاتين العادتين منذ الطفولة األولى لإلنسان‪ ،‬ولذلك فهي غير قابلة‬
‫للتغيير مدى الحياة‪ ،‬فتشكل بذلك السمة األساسية لشخصية الفرد‪.‬‬
‫ومن جهتها كشفت األبحاث المتعلقة بدراسة الذكاء خطأ النظرة التقليدية التي‬
‫جعلت المما رسة التربوية مقيدة بنظرة ضيقة أحادية الجانب للذكاء‪ ،‬حيث إنها اعتبرت‬
‫ذكاء المتعلم عبارة عن قدرة واحدة ووحيدة يمكن تلخيصها أو التعبير عنها من خالل‬
‫رقم معين يصطلح عليه "معامل الذكاء"‪ ،‬كما أن هذه النظرة التقليدية للذكاء ظلت‬
‫محدودة من حيث المجاالت المعرفية التي يتم قياسها أو االعتماد عليها في تحديد‬
‫مستوى الذكاء الذي يتوفر عليه الطفل‪ ،‬وهذه المجاالت هي‪ :‬اللغة والرياضيات‪ ،‬وهما‬
‫المجاالن اللذان يطغيان على البرامج المدرسية التقليدية‪ ،‬ومن هنا فإنه من الصعب‬
‫أن يتمم المتعلمون الضعفاء لغويا أو رياضيا مسيرتهم التعلمية في النظام المدرسي‬
‫التقليدي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬

‫الدراسات السيكولوجية وأثرها على الوساطة‬

‫مدخل‪:‬‬
‫تصحيحا لهذا المنظور الضيق‪ ،‬ظهرت في السنوات األخيرة العديد من‬
‫الدراسات واألبحاث السيكولوجية‪ ،‬تثبت بكل جالء أن الذكاء اإلنساني يشتمل على‬
‫مهارات متعددة‪ ،‬فدعت األنظمة المدرسية إلى مراجعة تعاملها مع المتعلمين‪ ،‬وذلك‬
‫بمراعاة القدرات المختلفة لديهم وعدم التركيز فقط على المهارات اللغوية والرياضية‪،‬‬
‫ولعل أهم نظرية تذهب في هذا االتجاه الجديد هي نظرية "الذكاءات المتعددة" التي‬
‫بلورها الباحث األمريكي هاورد قاردنر ‪ Howard Gardner‬انطالقا من أبحاثه‬
‫الميدانية على مجموعات مختلفة من األشخاص (األطفال المتميزين واألشخاص‬
‫الذين تعرضوا إلعاقات عقلية‪ ،‬الخ‪)...‬‬

‫فقد توصل إلى استنتاج أن العقل البشري مج أز إلى قوالب أو مجزوءات‬


‫‪ ،Modules‬كل واحدة مسئولة عن عمليات ذهنية معينة وذكاءات محددة‪ ،‬ومن‬
‫خصائص هذه المجزوءات أنها قابلة للصقل عبر التكوين الهادف والسليم‪ ،‬وأن القدرة‬
‫العقلية عند اإلنسان تتكون من ذكاءات كثيرة‪ ،‬وأن هذه الذكاءات مستقلة عن بعضها‬
‫البعض إلى حد كبير ‪.‬‬
‫وفي مجال علم النفس االجتماعي أكدت الدراسات الهامة التي قام بها العالم‬
‫السيميولوجي الروسي فيغوتسكي ‪ Vigotski‬على أهمية التفاعل بين الطفل وبيئته‬
‫االجتماعية في عملية التعلم‪ ،‬من حيث إن ما يميز الكائن البشري عنده هو ميله إلى‬
‫االجتماع بحكم طبيعته‪ ،‬فألح بكيفية أساسية على أهمية تدخل الراشد كوسيط في تعلم‬
‫الطفل ونموه‪ ،‬وهذه الفكرة هي نفسها التي نجدها عند هنري فالون ‪Henri Wallon‬‬
‫حين يؤكد أن الفرد البشري "اجتماعي بالوراثة"‪ ،‬والنمو العقلي المعرفي للطفل ال‬

‫‪10‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫يحصل بطريقة تلقائية كما يعتقد بياجي‪ ، Piaget‬ولكنه يتوقف إلى حد كبير على‬
‫الفرص المتاحة للفرد للتفاعل مع اآلخرين واالستفادة من خبراتهم ودعمهم‪.‬‬
‫وقد استندت نظرية فيغوتسكي إلى مجموعة من المصادرات شكلت مصد ار هاما‬
‫للبحث السيكولوجي المعاصر‪ ،‬وتتلخص مصادرته األساسية في أن اإلنسان كائن‬
‫نشيط يشارك بشكل فعال في خلق مقومات وجوده‪ ،‬وتقرير مصيره‪ ،‬ويساهم بشكل‬
‫فعال في تحقيق نموه الذاتي‪ ،‬وذلك ألن كل فرد يتمتع بالقدرة على اكتساب الوسائل‬
‫التي يستعملها‪ ،‬في كل مرحلة من مراحله النمائية‪ ،‬للتأثير في الذات وفي العالم من‬
‫حوله‪ ،‬وتترتب عن هذه المصادرة مصادرات فرعية منها‪:‬‬
‫‪ -‬ال يمكن للفرد المنعزل أن يحصل على المعرفة‪ ،‬إن العمليات المعرفية هي في‬
‫األصل عمليات اجتماعية‪ ،‬وتتحول إلى عمليات سيكولوجية ذاتية أو شخصية من‬
‫خالل الفعل والمشاركة في نشاط الجماعة‪ ،‬فللبنية المعرفية مضمون اجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬ال تحصل المعرفة إال من خالل الفعل والتفاعل االجتماعي الذي يعني المشاركة‬
‫في األنشطة االجتماعية ‪ /‬الثقافية‪ ،‬إن السبيل إلى المعرفة هو الفعل والمشاركة‪.‬‬
‫وال يفصل فيغوتسكي بين النمو العقلي والتعلم المدرسي‪ ،‬فهما يتبادالن التأثير فيما‬
‫بينهما‪ ،‬فكما أن مستوى النمو العقلي يحدد القدرة على التعلم فإن التعلم كذلك يساعد‬
‫على النمو العقلي‪ ،‬إن عملية التعلم المنفتحة بالضرورة على العالم الخارجي تتحول ‪-‬‬
‫من خالل استبطان الفرد للمقوالت التي تبلورت في المحيط ‪ -‬إلى عملية من‬
‫العمليات النمائية الداخلية عنده‪.‬‬

‫هي مجموعة من الدعامات المقدمة من طرف شخص اتجاه آخر لجعل‬


‫تعلماته (معارف‪ ،‬مهارات‪ ،‬إجراءات عملية‪ )... ،‬سهلة المنال‪ ،‬ومن هنا فإن الوسيط‬
‫يتموضع بين المعارف والمتع لم كي يسهل لهذا األخير عملية االكتساب‪ ،‬أي التعلم‪،‬‬
‫إن الوساطة ضرورية في منهجية تعلم التعلم لكونها تلعب دور الموجه للمتعلم نحو‬

‫‪11‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫التفكير الميتا معرفي‪ .‬فاألستاذ يلعب دور المساعد والموجه بالنسبة إلى المتعلم وبهذا‬
‫فهو وسيط بيداغوجي‪ ،‬ولذلك فإنه ينبغي أن يتصف بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يحيط المتعلم بعنايته‪ ،‬ويضع في اعتباره حاجاته وظروفه وتطلعاته‪.‬‬


‫‪ -‬أال يقدم المعارف جاهزة قبل أن يقوم المتعلم بمجهوداته الذاتية أوال ثم يتعاون مع‬
‫زمالئه ثانيا‪ ،‬ألن هدف الوساطة هو تحقيق استقاللية المتعلم أثناء اكتسابه‬
‫لتعلماته‪ ،‬وأن يكون دور األستاذ‪/‬ة األساسي هو اإلقناع‪ ،‬والتشجيع‪ ،‬والتسهيل‪،‬‬
‫والمساعدة للمتعلم ليكتسب تعلماته في ظروف مالئمة قدر اإلمكان‪.‬‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬
‫‪12‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫المربي الوسيط بين الوساطة البيداغوجية والممارسة الذهن‪-‬تطبيقية‬


‫مدخل‪:‬‬
‫يقول "ادقارد موران" ‪ 1981 Edgard Moran‬علينا أن نعرف ما هي القواعد‬
‫التي تنظم أو تتحكم في أفكارنا والتي تؤسس لحقيقتنا‪ .‬أن نتعلم كيف نفكر معنى ذلك‬
‫أن نعرف مصادر فكرنا‪ ،‬أي التفكير المعمق في حاجاتنا التي تدفعنا للتفكير والتي‬
‫تشكل خصائصنا وسماتنا وتمثل ردود أفعالنا وتخوفاتنا تجاه المحيط الذي يتنزل فيه‬
‫فعلنا‪ ،‬أي مجالنا التربوي كفضاء وساطة بامتياز هذا االفضية المتعدد قد تشكل‬
‫تأثيرات متناقضة يمكن بأن تعصف بأذهاننا وتتحكم في بنيتنا الذهنية‪ ،‬وهو ما نعبر‬
‫عنه بجملة التحوالت االجتماعية والثقافية والمؤسسية‪ .‬لذا يعتبر ‪Moran Edgard‬‬
‫بأن كل باحث هو في حاجة إلى التفكير والنظر في مضامين افعاله وممارساته لمزيد‬
‫فهم ومعرفة تدخالته ومدى مالءمتها لكل عملية وساطة بيداغوجية او عملية تربوية‬
‫وذلك في اتجاه امتالكه الستراتيجيات جديدة ناجعة‪ ،‬إذ تعتبر هذه الخطوات محددات‬
‫تقوده شيئا فشيئا نحو تمشي عملي وميداني لتحقيق عملية الوساطة ومن ثمة يصبح‬
‫قاد ار على امتالك وتبني الممارسة الذهن‪-‬تطبيقية كطريقة ومنهج علمي‪.‬‬

‫فهذه الدورة للفعل ‪cycle d’action‬أو التدخل المدرك أو التفكير أثناء التدخل‪:‬‬
‫يعتبر لكل واحد حقيقة وحيدة أي أنها عملية نضج بطيء لكنها غير آمنة وثابتة‪.‬‬
‫معنى ذلك بأن الوساطة البيداغوجية هي سيرورة مفتوحة تأبى االنغالق وتنشد مزيدا‬
‫من االجتهاد والتنوع الن دورة األفعال هو ملتهم للجهد والوقت ويبحث دائما عن‬
‫مقاربات بيداغوجية مالئمة لهذه التحديات الجديدة أي انها عملية بناء وتصحيح وهدم‬
‫وإعادة تشكل وصياغة بحثا عن االكثر إجرائية وعملية الن العملية التربوية هي‬
‫فضاء وساطة بامتياز بأبعاده اإلنسانية التي تتجدد بتجدد مجاالت استعمالها‬
‫ومستعمليها والفضاء الذي يتنزل فيه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫على هذا األساس الذي يتسم بمقاربته التنظيرية ذات الخلفية الفلسفية نقترب‬
‫من المشاركة في بناء معرفة بنائية تتأسس على مبدأ التفاعل بين الذات والموضوع‪،‬‬
‫بين الفاعل وموضوع فعله أي بين الوسيط بما هو منشط او مرب او مرافق محترف‬
‫في مجال تدخله‪ ،‬ألن هذا التمشي هو الذي سيمكننا من معرفة اعتبار الوساطة بما‬
‫هي مقاربة معرفية أيضا تتأس على المعرفة «على أنها مرتبطة بالفعل أي المتدخل‬
‫الوسيط الذي سينعكس بطبعه على أنه فاعل قد ال يصل إلى الغاية والهدف الذي‬
‫رسمه إال عبر مالحظته لجملة التحوالت والتغيرات التي أصبحت واضحة المعالم‬
‫على الطفل او الشاب بما هو موضوع الوساطة البيداغوجية المدرجة والناتجة عن هذا‬
‫الفعل وهذا التدخل »‪ .‬معنى هذا أن كل فعل ينجزه الوسيط المربي عبر سيرورة‬
‫إعداده وتدخالته يشير فيه لجملة من التحديات التي تدفعه إلى امتالكها وبالتالي‬
‫ستنعكس على آدائه الذي يعتبر تحوال نحو األفضل‪.‬‬

‫المربي الوسيط وتفاعالته الميدانية‪:‬‬

‫ان الوسيط بصفته مربيا أو منشطا ليس مدعوا إلى تأويل الواقع وفهمه فقط‪،‬‬
‫بل هو مطالب بتغييره من خالل الممارسة أو باألحرى الممارسة الذهن – تطبيقية‪.‬‬
‫فهذا الجدل القائم بين المستوى الذهني والممارسة العملية والتطبيقية قد يشكل قطيعة‬
‫مع السوسيولوجيا الكالسيكية التي تفصل بين البنية الذهنية والممارسة االمبريقية‬
‫والتطبيقية‪ ،‬والتي تبني نموذجها على الحقيقة التي هي خارجة عن اإلنسان تماما‪.‬‬
‫بينما نحن الميدانيون نعتبر أن الحقيقة تكمن في مجال فعلنا‪ ،‬وما ننجزه كحقيقة مغيرة‬
‫للواقع ‪ ،‬مثل الوساطة البيداغوجية هي ممارسة على الواقعة منتجة لحقيقة جديدة غير‬
‫انها غير ثابته بل متحولة عبر سياقاتها ومتغيراتها التي تتدخل فيها وكل منجز هو‬
‫تغيير لها وتشكل في صياغتها قصد تحقيق الغاية الكبرى وهو االدراك بإنضاج‬
‫المجتمع من خالل فاعليه وافراده بان العملية الوساطية قد نعرف بداياتها لكننا ال‬

‫‪14‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫يمكن إدراك نهاياتها وقد نعرف مخرجاتها لكن ال نعرف متطلباتها بشكل مسبق‪.‬‬
‫فالمعرفة في هذا اإلطار‪ ،‬ال تعني استنساخ الواقع بل أن نتدخل فعليا لتغييره ومن‬
‫ثمة فهمه انطالقا من منظومته التي تتحكم فيه وفي أشكال تغييره انطالقا من جملة‬
‫األحداث واألعمال‪.‬‬

‫فالفاعل إذن ينجز أفعاله من خالل جملة األدوات واآلليات والتمشيات‬


‫البيداغوجية المرتبطة بموضوع تدخله‪ .‬هذا الجدل القائم إذا يدعونا إلى توظيف جملة‬
‫تمثالتنا الذهنية والفكرية حول واقع المجتمع الذي نشتغل عليه‪ ،‬لذلك فإننا مدعوون‬
‫للتحلي بالحذر واالنتباه لما يط أر على الواقع من تطور وأن ندرجه ضمن تمثالتنا له‬
‫حتى نكون دائما قادرين على التدخل الناجع والمناسب‪ ،‬باعتبارنا مفاعيل حاملين‬
‫الستراتيجيات وبرامج ومعارف تسعفنا إلنجاز افعالنا الوساطية في اطارها البيداغوجي‬
‫والتربوي واالجتماعي ألنها مجاالت مترابطة ومتكاملة بل متعاضدة‪.‬‬

‫في هذا المستوى علينا أن نفرق بين الفكر العقالني والفكر المنطقي أو الوجيه‪:‬‬

‫‪ le rationnel est différant au raisonnable‬أي أن هناك فرق بين نظرية‬


‫انبنت على االستقراء االستنتاجي وأخرى انبنت على حقيقة علمية معقلنة واستكشافية‪.‬‬
‫بمعنى ان مجاالت تدخالتنا كوسطاء بيداغوجيون تستوجب عملية احتكام لمنطق‬
‫معين ينبغي ان يكون متالئما مع الفكر العقالني الذي يتأسس على الموضوعية‪،‬‬
‫واعتبارنا ال نتدخل ألغراض ذاتية محضة‪ ،‬بل هي ضرورة منطقية وعقالنية فيها‬
‫استجابة لحاجة اجتماعية وتربوية ومعرفية أيضا‪.‬‬

‫وهذا ما جعل مقياس الحقيقة يتبدل إلى مقياس مالئمة النموذج للواقع‪،‬‬
‫والنموذج هنا بمعنى وجود حلول للمشكل دون ادعاء بأنها الحلول المنشودة‪ .‬بهذا‬
‫التمشي تتطور القدرات االستراتيجية لدى الوسيط المربي والمنشط في سياق تشكل‬

‫‪15‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫هويته المهنية االجتماعية التي تتقاطع مع جملة من القدرات المختلفة‪ ،‬مثل عملية‬
‫الضبط والتحكم في العملية االتصالية وامتالك لغات ووسائط اتصالية حية والتحلي‬
‫بسلوك مرن وهو ما سيشكل أحد أهم مقومات النجاح في أداء المهمة الوساطية‪،‬‬
‫البيداغوجية‪ ،‬التربوية والتنشيطية ولعب هذا الدور على أحسن وجه‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يتطور مبدأ الكفايات واالقتدارات المؤملة االستراتيجية عند‬
‫الوسيط المربي والمنشط ألنها ستشكل فيما بعد قلب الهوية االجتماعية والمهنية‬
‫وستتقاطع مع عدة قدرات أخرى مثل القدرة على فهم قيمة العملية االتصالية في‬
‫عالقتها ببناء تمثالت متبادلة واكتساب أكثر مرونة في التعبير عن ذواتنا والبرهنة‬
‫عن تمايزاتنا الثقافية واالجتماعية واالبداعية وامتالك أكثر من لغة للتواصل وامتالك‬
‫المرونة السلوكية‪.‬‬

‫إن المربي المنشط والوسيط يستمد مشروعيته من خالل بناء جملة من الروابط‬
‫التي تعبر عن قدراته والتي تلتقي في نقطة واحدة تتمثل في خدمة االفراد أو‬
‫الجماعات داخل االفضية الرسمية او الفضاءات العامة او في الشارع او الساحات‬
‫العامة‪ ،‬ألن هذه القدرات ال بد أن تلتقي جميعها في كيفية توظيفها في سياق المشكل‬
‫المطروح والمزمع عالجه داخل إطاره االجتماعي أو محيطه البشري بخلفيته‬
‫الوسائطية وبوسائله البيداغوجية‪.‬‬

‫وهنا يكمن الذكاء الفردي للوسيط بصفته مبدعا وخالقا يرتجل فعله ويبني‬
‫أدوات تدخله وفق مقتضيات الحاجة أي أنه يرتبط بالوضعية كما أن الذكاء‬
‫االستراتيجي هو في الواقع عملية فهم للوضعيات الممارسة التي خضعت لعملية‬
‫تفكير ال تساوي في الحقيقة الواقع نفسه‪ ،‬لذلك يقول ‪ Gillet J. Claude‬بأن‬
‫المعارف العلمية والمناهج والتمشيات المناسبة قام بإنتاجها الفاعل أثناء إنجازه لفعله‬

‫‪16‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الذي أعطانا التجربة التي أنتجت بناء نموذج تم وضعه من خالل تصور وإدراك‬
‫يحاكي الواقع‪.‬‬

‫يمكن القول بأن هنال ك جملة من العمليات الذهنية الفكرية والسلوكية تجتمع‬
‫كلها حتى تمكننا من إنجاز تدخل أو نشاط يساعد الوسيط المربي والمنشط على‬
‫اعتبارهم وبصفتهم متدخلين وفاعلين اجتماعيين على اإلجابة على هذه األسئلة‪ :‬ماذا‬
‫نفعل؟ وهو تساؤل يتداخل مع كيفية توظيف المعرفة والخبرة ثم كيفية عرضها‬
‫وتقديمها؟ ومن ثم امكانية التقدير والفعل واالنجاز‪.‬‬

‫ماذا نفعل‪ ،‬كيف نتدخل‪ ،‬كيف نعرف‪ ،‬والقدرة على الفعل‬

‫‪(Que faire ; comment le faire ; comment savoir et pouvoir le‬‬


‫)‪faire.‬‬

‫وهنا تتم اإلجابة عن هذه األسئلة بعد أن أدرجنا األبعاد التالية‪( :‬المعيقات‪،‬‬
‫الموارد‪ )...‬المتعلقة بالفضاء وبالزمن وبالمؤسسات (الصعوبات الهيكلية واالجرائية‬
‫واالستراتيجية‪ ،‬مدى قدرتها على أخذ القرار واالستجابة لحاجة األطفال)‪ .‬ذلك يعني‬
‫أنه ينبغي إدراجها ضمن محاور التدخل حتى يتم فهمها بطرح السؤال‪ :‬لماذا ننجز‬
‫هذا التدخل تحديدا؟‬

‫الممارسة الذهن التطبيقية من الفكرة الى الممارسة‪:‬‬

‫إن الممارسة الذهن‪-‬تطبيقية تستوجب جملة من الكفايات ضمن سياقها الذهن‬


‫تطبيقي وهو ما يستوجب جهدا بحثيا حول هذه الحركية التي تترتب عن طبيعة‬
‫العمل ‪ ،‬فالسؤال يظل دائما مطروحا كيف نقوم بهذه التقاطعات في الوقت الذي‬
‫نؤسس فيه ونؤصل الممارسة نظريا وهو ما يعطي لهذه الممارسة الذهن تطبيقية‬
‫معنى ويوسع مجال التدخل ويوسع من درجة الخبرة قبالة وضعيات غير واضحة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫فهذا التمشي هو الذي سيمكننا من بلورة نظرية ذهن‪-‬تطبيقية تتعلق بهذه المهنة التي‬
‫هي في حالة تساؤل دائم حول هويتها المهنية ومشروعيتها االجتماعية‪ ،‬كما تمثل هذه‬
‫المقاربة أيضا الضمان الوحيد لإلجابة عن كل هذه التساؤالت من قبل المختصين‬
‫والباحثين وكذلك الميدانيين‪.‬‬

‫يمكن أن نعتبر أن الممارسة الذهن‪-‬تطبيقية تسعى إلى فهم هذه الممارسة‬


‫والتطبيقة في أبعادها التأملية بما هي تدخل منتج للمعرفة‪ ،‬وذلك لفهم أشكال الفعل‬
‫البشري وأبعاده ومعانيه وتنظيم التجارب المتراكمة الناتجة عن هذه األعمال واألفعال‬
‫ومن ثمة نتعلم كيف نستثمر وننجز المشاريع الفردية والجماعية‪ .‬ولعل هذا ما جعل‬
‫"بيكون" ‪ Bacon‬يقترح تعريفا متجانسا مع ما قدمه جان كلود جيلي ‪J.C. Gillet‬‬
‫حول الممارسة الذهن‪-‬تطبيقية إذ يقول بأنها ليست بالعمل االمبريقي الميداني‬
‫المحض وليست بالمنطق الرياضي‪ ،‬لكنها عمل وسيط بين هذا وذاك‪ ،‬أي أنها‬
‫صياغة فيها توظيف لجهد الممارسة الميدانية وتحويلها بشكل يتالءم مع القدرات‬
‫الخاصة‪ .‬إن العالقة بين التقنية والممارسة هي عالقة أداتية وفق تحديد "هابرماس"‬
‫‪ Habermas‬إذ أن اإلنسان طوع اآللة الستغالل الطبيعة وطوع اآللة للتواصل بين‬
‫اإلنسان واإلنسان لذا فإنه يرى أن التعامل مع الوقائع االجتماعية هو تعامل مع‬
‫األشياء وهذا منطق يعكس مطلقية المعطى االجتماعي‪ ،‬لذا يرى بأنه ال بد من إعادة‬
‫مسائلة الروابط بين النظري والتطبيقي‪ ،‬بين الباحث وبين المتدخل الميداني‪ ،‬والهدف‬
‫هنا ليس فقط تطوير الفكر والنظريات النقدية بل البحث عن قواعد مثبتة‬
‫واستراتيجيات خاصة بكل مجال تدخل‪.‬‬

‫الدرس السادس‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الهوية المهنية في عالقتها بالوساطة البيداغوجية‬

‫مدخل‪:‬‬

‫إن الممارسة والفعل التربوي بما هو وساطة اجتماعية تتطلب وضعيات‬


‫مشروطة تحتم على الفاعلين انخراطا وتفهما والتزاما‪ ،‬وكي نحفز هذا الفاعل على‬
‫إنجاز مهامه كان لزاما عليه تفعيل العمل الشبكي الذي يستوجب جملة من اإلقتدارات‬
‫وهو أيضا الوسيلة التي بمقتضاها سيتعرف الوسيط على نفسه وقدراته وعلى مهامه‪،‬‬
‫أي بمختلف مالمح هويته المهنية والتي ستساهم بدورها في بلورة هويته االجتماعية‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫إن عملية الوساطة هنا تستوجب بدورها أطر وهياكل ومؤسسات تتكامل‬
‫وتتقاطع لتبرز قيمة المخرجات التي تقدمها للمجتمع‪ ،‬ولعل أهمها هو اإلطار‬
‫اإلعالمي الذي سيقدم طبيعة األداء‪ ،‬قيمته وأهميته‪ ،‬إلى جانب المؤسسات األخرى‬
‫التي تتقاطع معها في االهتمام واالختصاص أو الشأن أو الفضاء أو الحقل أو‬
‫المشغل‪ ،‬فالشأن التربوي بما هو عمق عملية الوساطة هو ديدن التدخل والتأطير‬
‫االجتماعي وأحد غاياته‪ ،‬والمرافقة هي وسيلة من الوسائل‪ ،‬والتكوين هو مطمح يسهم‬
‫بدوره في تغطية احتياجات الشريحة التي نشتغل عليها ونستجيب النتظاراتها‪ ،‬وهي‬
‫استجابة ال بالمعنى اإلداري والحصري بل بمعنى اإلحاطة والتفهم والتوجيه والمساعدة‬
‫وتوفير المعلومة وتقديم المسارات المناسبة والتمشيات الالزمة للتعامل مع المشكل أو‬
‫للتفاعل مع المعيقات‪.‬‬

‫مراحل الوساطة العملية‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫ف مثل هذا التدخل في حاجة ماسة وأكيدة للتغطية اإلعالمية ألن في ذلك‬
‫تعاضدا للجهود وتحفي از على الوصول إلى النتائج المؤملة والواقع الذي يؤطرها‬
‫بالوضوح والجرأة والجدية والسرعة المناسبة‪ ،‬ألن هذا العمل الذي نتجه به إلى‬
‫األطفال وأبناء األحياء ذات الكثافة السكانية مثال هو عبارة على نسق مفتوح مترابط‬
‫ويحكمه منطق غير منفصل‪ ،‬أي أنها متداعية هندسية‪ ،‬يؤثر بعضها على بعض‬
‫واإلعالم هو حجر الزاوية الذي سيقدم جهد المتدخلين ويبرز هذا الدور المتقدم الذي‬
‫لم نتعود عليه ولم نستوعب طبيعته بعد‪ ،‬فهذا ليس بالدور التقني وليس باألكاديمي‬
‫وليس باإلداري وليس بالواعظ النفساني واالجتماعي بل هو وسيط بين كل هذا كله‬
‫ينضج الوضعيات ويستق أر الواقع ويحلل األحداث ويتفهم الممارسات والسلوكيات‬
‫ويستوعب التناقضات ويدرك قيمة التشخيص وأهمية المرافقة ألنه يشتغل على الفرد‬
‫كمكون أساسي للجماعة ويشتغل على الجماعة لفهم الفرد ويحرص على االنخراط في‬
‫النسيج االجتماعي ألنه يمتلك القدرة على بناء العالقات وتفعيلها على اعتبارها هي‬
‫الجسر الذي يربطه بالعمل الشبكي والذي يجعل من أدواره تتكامل مع إسهامات‬
‫اآلخرين أفرادا كانوا أو مؤسسات‪.‬‬

‫إن عملية التبادل هي سر استمرار عملية العطاء واإلبداع الدائم للمنشط‪ ،‬ألن‬
‫فعل التبادل يعكس معنى التفاعل والحوار واألخذ والعطاء والتكامل والتأثر والتأثير‬
‫والصراع والتقابل والتوليد والتماهي‪ ،‬أي أنه حالة إنسانية خالقة مولدة للحقيقة ومحفزة‬
‫على مزيد التعمق فيها‪ ،‬ففعل التبادل هو القيمة المضافة التي يحرص المنشط المربي‬
‫على الحفاظ عليها‪ ،‬ألن مثل هذا التدخل على شموليته ال ينفي الفرد بما هو‬
‫خصوصية وحالة وذات منفردة وتاريخ خاص‪ ،‬وال يقول بالمطلقية والتعميق الذي‬
‫تفرضه الجماعة بما هي إطار ضبط وتأثير وتماهي وتقاسم واستنبطان لضمير النحن‬
‫المشترك‪ ،‬كما أنه يدرك بأن الحقيقة تكمن في األفعال واألفعال تتنزل في واقع‬

‫‪20‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫اجتماعي وهي جزء من أسبابها وعنصر من عناصر فهمها تحكمها بنى ثقافية‬
‫وقواسم مشتركة وعادات وتقاليد وقيم ومعايير وضوابط لنمط سلوكنا قد تحيلنا أحيانا‬
‫إلى واقع صندقة وتعليب يتسم بالتحجر والسكون‪.‬‬

‫ولعله ليس بالجديد اعتبار عمل الوسيط البيداغوجي دون معنى خارج أطر‬
‫المؤسسة‪ ،‬ألنه الفضاء الذي سيحتضن الفعل ويقوم بمشرعته‪ ،‬والمؤسسة هي إطار‬
‫منظم ومهيكل وحيوي يساعد المجتمع للتوجه نحو التحضر ويمكنه من إنتاج ثقافة‬
‫من شأنها أن تساعد فيما بعد من ممارسة المواطنة وإرسائها كمكون أساسي يكون فيه‬
‫المنشط فاعال ومنضجا ومرافقا لعملية اكتسابها لتحويلها إلى سلوكيات وضوابط‬
‫مشتركة تشكل مرجعيتها وتوحد مقاييسها وتعكس درجة ائتماننا الى الوطن‪ .‬حيث‬
‫يتحول هذا األمر إلى واقع ال بد من تنزيله في أشكال إجرائية ومضامين عملية‪،‬‬
‫فاالتصال والتواصل السليم والالمشروط بين األفراد والجماعات والمؤسسات‪ ،‬والحوار‬
‫والنقاش والجدل هي عناوين بارزة لتفعيل آليات العمل الشبكي‪ ،‬ويصبح اكتساب‬
‫القدرات التفاوضية هنا استحقاقا مشروطا كركيزة أساسية لكيفية أخذ الق اررات بما تمثله‬
‫هذه األخيرة من تحد ألنها تمثل أصعب األفعال وأعسرها في جميع المجاالت‪.‬‬

‫الدرس السابع‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الوسيط ووساطة الثقافة‬


‫‪Le médiateur animateur et médiation de la culture‬‬
‫‪-Jean Claude Gillet-‬‬
‫مدخل‪:‬‬

‫يشير هذا العنوان إلى العالقة االرتباطية بين المنشط الوسيط والثقافة‪ ،‬فالوسيط‬
‫ليس منتجا بالضرورة للثقافة بل هو مفعل لها يمارسها‪ ،‬يتفاعل معها ويسعى إلى‬
‫اكتسابها‪ ،‬ألن الثقافة هي وسيلة إبحار وبوابة ونافذة على العلم ووسيلة اندماج وإدماج‬
‫داخل واقعه الثقافي واالجتماعي‪ ،‬فالمنشط يسعى إلى تغيير الواقع عبر االرتقاء به‬
‫وتطويره وذلك ما تسعى له الثقافة كمكون شمولي‪.‬‬

‫إذن هذا التالزم بين المنشط بما هو وسيط ثقافي بامتياز من جهة والثقافة من‬
‫جهة أخرى يكشف عن دوره األساسي في تمرير مضامين ثقافية‪ ،‬ألن الثقافة محتوى‬
‫معرفي وسلوكي وقيمي وأخالقي يترجم إلى مقاربات فلسفية وتوجهات أدبية‬
‫وتخصصات معرفية وأدوات عمل ووسائل تقصي منهجية وفنية وعلمية وفهم وتحليل‪،‬‬
‫فالثقافة سابقة للمنشط وهو ما يشير إليه جون كلود جيلي باعتبارها‪:‬‬

‫‪«Cette mise en relation et de procurer un accès a ceux qui n’ont‬‬


‫«‪Pas coutume d’entrer en rapport avec les choses .‬‬

‫فالوسيط يسعى إلى غور الثقافة وفتح نوافذها وفهم مكوناتها ألنها المفتاح‬
‫السري الذي يخول له التفاعل مع الواقع بما يتضمنه من مفردات منها ما هو‬
‫محسوس ومادي وبشري وعالئقي وظواهر ومستحدثات‪ ،‬فالوظيفة االجتماعية تلتقي‬
‫وتتقاطع مع الوظيفة الثقافية ألن االجتماعي ال يفهم إال بالثقافي‪ .‬إن الثقافة التي‬
‫يسعى الوسيط المتالكها تساعده على التبصر في كيفية تشكل المعطى االجتماعي‬
‫وهذا ما يرتبط بالماكرو سوسيولوجي‪ ،‬أما على المستوى الميكروسوسيولوجي فإننا نقر‬

‫‪22‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫بأن فهم المجموعة وتفكيك خصائصها ومكوناتها يحيلنا على ثقافات محلية وفرعية‬
‫وخصوصية وتنوعات يتم إثراؤها من خالل المكتسب الفردي‪ ،‬ألن الفرد هو كائن‬
‫يمتلك مكونات الوعي بفعله من خالل اكتسابه للغة وعلى مرجعيات وخلفيات‬
‫وس لوكيات واتجاهات ومواقف معبرة على خلفية ثقافية تتنزل في إطار واقع اجتماعي‬
‫ينم عن جوانب رمزية ضمنية وأخرى معلنة‪ ،‬لذا فإن المنشط مطالب بفهم هذا الجانب‬
‫حتى يساعد أفراد المجموعة على التعبير عن قدراتها اإلبداعية ويحفزها على التعبير‬
‫عن مواقفها وتصوراتها الشخصية للتعبير عن مكون ثقافي مشترك من زوايا اختالفية‬
‫تؤدي إلى ثراء وتنوع خالق ومنتج لحالة من التنافس واإلبداع‪.‬‬

‫عالقة الثقافي باالجتماعي بالوساطة‪:‬‬

‫فالمعطى الثقافي ليس بحالة وال بموقف معلق ومنفصل عن سياق اجتماعي‬
‫أو فردي بل هو موقف وتصور وإدراك وقدرة على الفعل والتفاعل‪ ،‬وهو عنصر يتسم‬
‫باالنسيابية والتحلل ألنه يتسرب إلى مضامين حياتية مختلفة يسعى المنشط إلى‬
‫فهمها وتوظيفها بشكل تربوي وبيداغوجي يعبر عن خلفيته التنشيئية‪ ،‬على اعتبار أنه‬
‫حامل لمشروع تغييري ومدرك لمبدأ عدم الثبات على المستوى الفردي والجماعي وأن‬
‫اإلنسان هو العنصر المؤمن على الثقافة والتي بدورها تمثل المكون الذي يعطينا‬
‫القدرة على استيعاب العالم وامتالكه والتحكم في قوانينه وضوابطه وقيمه ومعاييره‪.‬‬

‫الطرائق البيداغوجية‪:‬‬

‫يعد السياق والفعل التربوي فعالن معقلنان ومهندسان وغائيان‪ ،‬ال يمكن‬
‫ممارسته بالصدفة أو العشوائية‪ ،‬مما يفيد خطورته في المجتمع‪ .‬لذا يتطلب تكوينا‬
‫مستمر وثالثا ذاتيا‪ ،‬ومنه قال "ماريون"‪( :‬التربية تمثل‪ ،‬من جملة‬
‫ا‬ ‫أساسيا وآخر‬
‫األفعال األساسية األخرى‪ ،‬أهم وأخطر ممارسة حضارية‪ ،‬وجب القيام بها بعيدا عن‬

‫‪23‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الصدفة والعشوائية‪ ،‬وال يكون ذلك إال إذا اعتمد المربي على طرق عمل منظمة‬
‫ورشيدة)‪ ،‬ويتطلب هذا المنطلق مما يتطلب طريقة لألداء التربوي ضمن سياق نظرية‬
‫المنهاج‪ ،‬التي ترتكز في بعدها التعليمي على‪:‬‬

‫الكفايات • المضامين • الطريقة • الوسائل • التقويم والدعم‪.‬‬

‫وهي في إطار الفعل الديداكتيكي جزء من كل‪ ،‬يذوب في البيداغوجيا الخاصة‪،‬‬


‫ليظهر في سياق أعم‪ .‬كالطريقة الحوارية التي تظهر في سياق نظرية التواصل بعد‬
‫التعريف به وبمكوناته اللغوية واالصطالحية‪:‬‬

‫أ ـ (فالطريقة لغة‪ :‬هي جمع طرائق‪ :‬السيرة‪/‬الحالة‪ /‬المذهب‪ /‬الخط في الشيء ‪/‬‬
‫شريف القوم وأمثلهم للواحد وللجمع‪ ،‬يقال‪ :‬هو طريقة قومه وهم طريقة قومهم أو وهم‬
‫طرائق قومهم‪ /‬طرائق الدهر‪ :‬تقلباته وأحواله)‪ .‬وقد أطلقت في اليونانية كلمة التلقين‬
‫‪didactic‬على الطرائق اإلمالئية واإللقائية‪ ،‬وأطلقت كلمة ” ‪ dialogue‬طرائق‬
‫الحوار ” على الطرائق التفاعلية التي وظفها سقراط في حواراته‪.‬‬

‫والطريقة اصطالحا تتحدد في مستويين‪ ،‬وفي بعدين‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ مستوى تقني‪ :‬فيه (يضيق تعريفها ليشمل الخطوات والتقنيات والمراحل المتبعة‬
‫إليصال كم من الحقائق والمعلومات والمهارات إلى المتعلم الطفل وهي بهذا إجراء‬
‫عملي يحدده المربي أو يتبناه أو يفرض عليه)‪ .‬ومن جملة تعاريف هذا المستوى‬
‫تعريف "ادجار بروس ويزلي"‪ Edgar Bruce Wesly‬الطريقة هي العملية أو‬
‫اإلجراء الذي يؤدي تطبيقه الكامل إلى التعلم)‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مستوى عام‪ :‬يتسع تعريف الطريقة (ليصبح أسلوبا عاما في التكوين‪ ،‬وشكال‬
‫منظما للعملية التربوية التعليمية ولطبيعتها وطبيعة عناصرها وأنماط العالقات القائمة‬
‫بينها استنادا إلى مرجعين أساسيين هما‪ :‬ـ المرجع االجتماعي االقتصادي السياسي‬
‫‪24‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الفلسفي؛ ـ المرجع الفكري المعرفي)‪ .‬ومن جملة تعاريف هذا المستوى تعريف‬
‫"كلباتريك"( ‪ Kilpatrick:‬الطريقة هي اكتساب المعلومات مضافا إليه وجهات نظر‬
‫وعادات في التفكير وغيره)‪ .‬وهنا فالمرجع األول وعلى أساسه يتضح مثال البعد‬
‫االجتماعي في الطريقة‪ ،‬والذي يعمل على بناء المعايير االجتماعية والقيام باألدوار‬
‫االجتماعية واكتساب االتجاهات النفسية االجتماعية والتفاعل االجتماعي والنمو‬
‫والنضج االجتماعي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ :‬إن لعب األدوار في موضوع اجتماعي يمكن‬
‫أن يحمل العادات االجتماعية التي تراعى كضوابط اجتماعية تحدد السلوك‬
‫االجتماعي‪ .‬وكذل ك المرجع الثاني‪ ،‬يحدد مثال في الطريقة كيفية تفكير الطفل‪ ،‬فعند‬
‫وجود مجتمع ما يفكر بطريقة واحدة كالمجتمعات التقليدية التي تؤمن بالخرافة‬
‫والدجل؛ فطريقة تنشئة الطفل فيها كانت بعيدة عن العقالنية وعن النقد وهكذا‪ .‬هذان‬
‫المستويان يختزالن في بعدين‪ ،‬إما بعد داخلي أو بعد خارجي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ البعد الداخلي‪ :‬وفيه؛ الطريقة ينظر إليها من داخل بنيتها كتعريف فليب‬
‫ميريو‪ ،Philippe Meirieu‬الطريقة (أداة للتحديد ووسيلة مدققة لتعليم محتوى‬
‫معرفي معين)‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ البعد الخارجي‪ :‬وفيه؛ الطريقة ينظر إليها من خارجها من خالل (مجموع‬
‫التمثالت التي نحملها حول طبيعة عناصر العملية التعليمية وللعالقات الرابطة فيما‬
‫بينها) ‪ .‬والطريقة تتنوع بتنوع المجال التي توجد فيه والوظيفة التي تقوم بها‪ ،‬وتتنوع‬
‫بتنوع طبيعتها وطبيعة موضوعها‪ .‬وهي بارتباطها بمراجعها تخدم أهدافا معينة يضعها‬
‫المستخدم لها‪ ،‬بعد ارتباطات الطريقة‪ :‬للطريقة ارتباطات وأسس‪ ،‬تقوم عليها‪.‬‬

‫ب‪ :‬ـ طبيعة الطفل‪ :‬من حيث مراعاتها كل معطى للطفل سواء السيكولوجي أو‬
‫الفسيولوجي أو االجتماعي أو المعرفي‬

‫‪25‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫✓ ـ طبيعة المحتوي‪ :‬من حيث نوعه وكمه وصعوبته وسهولته وحمولته‬


‫✓ ـ طبيعة ودور المربي أو المربية‪ :‬من حيث التكوين والمعرفة واألداء‬
‫والتوظيف المهني والطبع…‬
‫✓ ـ طبيعة العالقات ‪ :‬من نوعيتها ودرجتها وقوانينها ونظمها وانسجامها أو‬
‫تنافرها…‬
‫✓ بعد تصنيف الطريقة‪ :‬ال يوجد في الواقع معايير متفق عليها بدقة في‬
‫تصنيف الط ارئق بين منظري المجال التربوي‪ ،‬حيث كل منظر أو مستعمل‬
‫يضع لنفسه معايير محددة ليصنف من خاللها الطرائق‪ .‬وهم في ذلك إما من‬
‫المتفقين أو من المختلفين‪ ،‬لكن هناك عند استقراء الواقع حدا أدنى من‬
‫االتفاق حول بعض الطرائق لشهرتها‪ .‬وقد أحصى معجم علوم التربية خمسة‬
‫وسبعين طريقة‪ .‬وتجاو از لهذا المعطى يمكن تصنيف الطرائق انطالقا من‬
‫المثلث التربوي‪ ،‬مربي ‪ /‬مربية‪ ،‬محتوى‪ ،‬طفل‪ ،‬إلى ثالث مجموعات من‬
‫الطرائق‪:‬‬
‫ـ طريقة متمركزة حول نشاط المدرس (المربي‪ /‬المربي) ‪Méthode centrée‬‬ ‫‪.I‬‬
‫‪sur l’action du l’éducateur‬وهي طرائق القاسم بينها المشترك كونها‬
‫قديمة أو متمحورة حول تبليغ المعارف وسلطة المدرس‪ ،‬وتتمثل مبادئها‬
‫األساسية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ـ التبسيط والتحليل والتدرج حيث يبدأ التعليم من البسيط والجزئي إلى المركب‬
‫والكلي من خالل تفريع المادة وتجزيئها‪.‬‬
‫‪ -2‬ـ الطابع الصوري حيث تعتمد على التسلسل المنطقي والتصنيف‪.‬‬
‫‪ -3‬ـ الحفظ واعتماد التقويم على تذكر المعلومات وتكرارها‪.‬‬
‫‪ -4‬ـ السلطة أي أن تنظيم القسم الدراسي يعتمد على السلطة والعقاب‬

‫‪26‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫‪ -5‬ـ المنافسة القائمة على التسابق ألداء الواجب وبذل المجهود وبلوغ األهداف‬
‫والحصول على الجزاء‪.‬‬
‫‪ -6‬ـ الحدس أي االعتماد على أشياء مجسمة ووسائط قصد إثارة المالحظة واإلدراك‬
‫الحسي‪.‬‬
‫‪ -7‬ـ االنطالق من سيكولوجيا الملكات وقوامها تنمية الملكات العقلية)‪.‬‬
‫✓ ـ طريقة متمركزة حول نشاط المتعلم‪/‬الطفل‬
‫( تقوم‬ ‫✓ ‪Méthode centrée sur l’activité des élèves‬وهي طرائق‬
‫على نشاط المتعلم والفعل الذي يتعلم من خالله المعارف ويكتشفها‪ ،‬حيث‬
‫يصبح مشاركا بنفسه في بناء المعارف مستعمال مبادرته اإلبداعية‪ ،‬بدال من‬
‫تلقي المعارف من المدرس أو الكتاب المدرسي‪ .‬وسواء انطلقت هذه الطرائق‬
‫من المجرد أو الملموس أو استعملت مقاربة مباشرة أو حدسية‪ ،‬أو استعانت‬
‫بالوسائل السمعية البصرية‪ ،‬فإن مدلول ” النشيط أو الفاعل ” هو المبادرة‬
‫الشخصية واإلبداعية واالكتشاف… فالنشيط يعتبر جماعة القسم منتجة‬
‫ومتعاونة غير أن هذا اإلنتاج هو اكتساب فردي أو شخصي)‪ .‬ويطلق على‬
‫هذا النوع من الطرائق النشيطة‪ ،‬وهي تعتمد على‪:‬‬
‫✓ ـ النشاط‪ :‬أي أن المتعلم يالحظ ويلعب ويعالج بنفسه ويبتكر‪.‬‬
‫✓ ـ الحرية‪ :‬حيث أن المتعلم يمتلك حق المبادرة‪.‬‬
‫✓ ـ التربية الذاتية‪ :‬وتفيد النشاط الذاتي واتخاذ القرار الشخصي واالستقاللية)‬
‫✓ ‪ .‬ـ طريقة متمركزة حول المحتوى والتفاعل ‪Méthode centrée sur le‬‬
‫‪contenu et l’interaction‬وهي طرائق تقوم على التمركز حول المحتوى‬
‫التعليمي أي المتن التعليمي وتوليه أهمية قصوى من حيث التخطيط أو‬
‫البرمجة‪ .‬وهي (تصور حول الفعل التربوي يستند إلى مبادئ العقلنة والفعالية‬

‫‪27‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫والمردودية‪ ،‬ومجموعة من الطرائق والتقنيات التي تبلور هذا التصور بيداغوجيا‬


‫في نظام واصف لمكونات الفعل الديداكتيكي انطالقا من اإلجراءات التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تحليل المنطلقات وتحديد األهداف في شكل قدرات عامة أو سلوكيات قابلة‬
‫للقياس‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ تصميم الوسائل الديداكتيكية المتعلقة بتنظيم المحتويات وتوظيف الطرائق‬


‫واألنشطة المناسبة وإدماج األدوات والوسائط المناسبة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تصميم وضعيات التقويم عن طريق اختيار أسلوبه وموضوعه وأدواته وتحليل‬
‫نتائجه قصد اتخاذ ق اررات تصحيحية)‪ .‬وهناك عدة تصنيفات‪ ،‬فمثال (صنف ديكورت‬
‫‪ De Corte‬الطرائق التعليمية اعتمادا على أشكال الفعل التعليمي‪ ،‬وهي األفعال التي‬
‫ينجزها المدرس في عالقة مع تقديم محتويات‪ ،‬قصد جعل المتعلم يحقق أهدافا‬
‫محددة‪ .‬ولتحديد أشكال الفعل التعليمي‪ ،‬ننطلق من ثالثة عناصر أساسية‪.‬‬

‫‪ .1‬إن أنشطة التعليم وأشكاله‪ ،‬لها عالقة بالمحتويات المقدمة للمتعلم‪.‬‬

‫‪ .2‬إن هذه األنشطة واألشكال‪ ،‬تتحدد بنوعية العالقة بين المدرس والمتعلم‪.‬‬

‫‪ . 3‬إن اختيار هذه األنشطة واألشكال‪ ،‬يتوخى بلوغ أهداف سيحققها المتعلم‪ .‬انطالقا‬
‫من هذا‪ ،‬اقترح ديكورت أربعة أشكال تعليمية أساسية‪ .‬وهي‪ :‬أوال األشكال التلقينية‬
‫التي تعتمد على اإللقاء والبرهنة‪ .‬ثانيا األشكال الحوارية التي تعتمد على الحوار‬
‫العمودي والحوار األفقي‪ .‬ثالثا األشكال البحثية والمهام التي تعتمد على أساليب مغلقة‬
‫أخرى مفتوحة ورابعا أشكال العمل الجماعي التي تعتمد على التنشيط والحوار‬
‫والمهام‪ .).‬كما أن فرانسيس بيكون ‪ F.Bacon‬قدم في كتابه «العضو الجديد ‪» New‬‬
‫‪ Organon‬طريقة التفكير والتدريس االستقرائية التي تبدأ بالتجربة واألمثلة‪ ،‬وبعدها‬
‫تنتقل إلى القاعدة‪ .‬و(يمكن تقسيم طرائق وأساليب التعليم حسب المحاور التالية‪:‬‬
‫‪28‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫‪ 1‬ـ من حيث التفكير‪:‬‬

‫أ ـ طرائق وأساليب استقرائية‪ :‬حيث ينتقل الذهن خالل عملية التفكير من الجزئيات‬
‫إلى الكل‪.‬‬

‫ب ـ طرائق وأساليب استنتاجية‪ :‬حيث ينتقل الذهن خالل عملية التفكير من الكل إلى‬
‫الجزئيات‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ من حيث مركز االهتمام‪:‬‬

‫أ ـ طرائق وأساليب يكون مركزها المعلم‪ :‬كالمحاضرة والمناقشة والمشاهدة والعرض‪.‬‬

‫ب ـ طرائق وأساليب يكون مركزها المتعلم‪ :‬كحل المشكلة والمشروع وافرد العملية‬
‫التعليمية‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ من حيث القديم والحديث‪:‬‬

‫أ ـ طرائق وأساليب تقليدية‪ :‬ويكون تركيزها على المادة الدراسية ومظهرها الحفظ‬
‫واالستظهار مثل المحاضرة‪.‬‬

‫ب ـ طرائق وأساليب حديثة‪ :‬وتسمى مستحدثة إذ استعملت ألول مرة‪ ،‬ويكون مركزها‬
‫الطالب كالتعليم المبرمج والتعليم بمساعدة الكمبيوتر وغيرها من طرائق وأساليب إفراد‬
‫العملية التعليمية‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ من حيث األعداد المستهدفة من المتعلمين‪:‬‬

‫أ ـ طرائق التعلم الفردي ” افراد التعليم “‬

‫ب ـ طرائق تعليم الجماعات الصغيرة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫ج ـ طرائق تعليم الجماعات الكبيرة‪ .).‬وإذا أخدنا الطرائق باستحضار قطبي فعل‬
‫التربية ضمن مثلثها‪ ،‬وهما المربي‪ /‬المربية والطفل‪/‬الطفلة نجد الطرق التعليمية‬
‫متمركزة حول المربي‪/‬المربية أو الطفل‪/‬الطفلة‪ ،‬أو متمركزة حول الطفل‪/‬الطفلة أو‬
‫متركزة على آلية التفكير الفردي أو آلية التفكير الجماعي‪ .‬والطريقة البيداغوجية كفعل‬
‫إنساني ترتكز على ثالثة أقطاب هي‪:‬‬

‫‪ -‬القطب األكسيولوجي (القيمي)‬

‫‪-‬القطب األكسيولوجي ‪ Axiologie‬وهو مبحث تقليدي من مباحث الفلسفة الثالث‬


‫(الوجود ـ المعرفة ـ القيم)‪ ،‬ويهتم بالقيم والغايات ونظرياتهما‪ ،‬ويمكن أن نقارنه في‬
‫الفلسفة اإلسالمية بعلم األخالق‪ .‬وهذا القطب هو الذي يعطي للطريقة بعدها القيمي‪،‬‬
‫بمعنى تأسيسها على محمل قيمي‪.‬‬

‫القطب العلمي‪ :‬وهو القطب الذي يجعل الطريقة حاملة للعلم والمعرفة في مجاالتها‬
‫المختلفة‪ ،‬وبذلك فهو يتناول ما هو نفسي‪ ،‬وما هو معرفي اجتماعي‪ ،‬وما هو لغوي‬
‫… إلخ‪.‬‬

‫القطب البراكسيولوجي‪ :‬ويخص األدوات والوسائل المسخرة والمعينة في الفعل‪ .‬وهنا‬


‫البد من اإلشارة إلى أن مصطلح ” البراكسيولوجي ” وردت على لسان االقتصادي‬
‫والفيلسوف االجتماعي "لودفيغ فون ميزس" ليطلقها على نظرية شاملة حول الفعل‬
‫البشري‪ ،‬وهي نظرية القيمة المجردة‪ .‬وبما هي نظرية القيمة المجردة؛ ففي األدوات‬
‫والوسائل المسخرة والمعينة في الفعل التربوي قيمة مجردة وإضافة نوعية في تجويد‬
‫أداء الطريقة وفعاليتها‪ .‬مكونات الطريقة البيداغوجية حسب( ‪ Meirieu:‬المستوى‬
‫التعلمي (الديداكتيكي)‪ :‬يهتم بالمعرفة وتقديمها بطريقة منظمة ومتدرجة الوضعيات‬
‫البيداغوجية‪ :‬وضعيات إلزامية ومفروضة‪ ،‬وضعيات تفاعلية‪ ،‬وضعيات تفريدية‬

‫‪30‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫الوساطة وأشكال التدخل حسب الوضعيات المقترحة والمروجة وسائل ودعامات‬


‫التعلم‪ :‬نصوص‪ ،‬وثائق كالم‪ ،‬وسائل سمعية بصرية‪.‬‬

‫أنماط التقويم‪ :‬تقويم تشخيصي‪ ،‬تقويم تكويني‪ ،‬بناء عدة التقويم‪.‬‬

‫مبادئ الطريقة التقليدية‪( :‬مبدأ السلطوية مبدأ الحفظ واالستظهار والتكرار مبدأ التركيز‬
‫على المعارف والمحتويات مبدأ الثواب والعقاب مبدأ النظام واالنضباط مبدأ فصل‬
‫المعارف والمواد الطفل‪/‬الطفلة جهاز استقبال‪ ،‬سلبي‪ ،‬منفعل‪ ،‬شرير بطبيعته‪ ،‬ال‬
‫خصوصيات له المربي‪ /‬المربية جهاز إلقاء‪ ،‬مالك للمعرفة‪ ،‬قائد‪ ،‬سلطوي المواد‬
‫مشتتة‪ ،‬تركز على المعارف على حساب المجالين الوجداني والسيكو حركي العالقات‬
‫عمودية األسلوب اإللقائي هو السائد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر‬

‫(األسلوب االستجوابي)‪.‬‬

‫الطرائق النشيطة ‪( :‬مبدأ فعالية الطفل مبدأ الحرية مبدأ الدافعية الذاتية مبدأ‬
‫االنطالق من فهم حاجات األطفال مبدأ احترام شخصية الطفل مبدأ توظيف الخطأ‬
‫تمركز النشاط حول الطفل‪/‬الطفلة التنشيط بالعمل تعلم الحياة بالحياة تطوير‬
‫الشخصية في كل جوانبها المربي‪/‬المربية مرشد وموجه التركيز على الكفايات‬
‫المستعرضة)‪ .‬التعليم األولي والطرائق النشيطة‪( :‬أشهر الطرائق النشيطة انبثقت في‬
‫المستوى التعليمي األولي واالبتدائي التعليم األولي أكثر المجاالت تقبال للتجديد‬
‫التربوي الطرائق النشيطة هي األصلح لألطفال صغار السن ألن وتيرة انتباه األطفال‬
‫قصيرة ألن األطفال يحتاجون إلى توظيف أكثر من حاسة لالستيعاب ألنهم محتاجون‬
‫إلى الحركة بفعل الطاقة الزائدة ألن أساليب التنشيط تسمح لكل واحد أن يسير وفق‬
‫وتيرة تعلمه الخاصة)‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫العروض الخاصة بمادة الوساطة البيداغوجية‬


‫‪ -‬ماجستير البحث –‬
‫‪ -1-‬الوساطة الفنية ودورها في صقل مواهب الطفل الفكرية والسلوكية‬
‫‪ -2-‬الوساطة البيداغوجية كمحدد لتفوق وتميز الطفل‬
‫‪ -3-‬دور الوسائط الفنية في تنمية المهارات الحسية الحركية‬
‫‪ -4-‬سمات المربي الوسيط هي التربية والتنشئة‬
‫‪ -5-‬اللغة وسيط بين الطفل ذوي االحتياجات الخاصة ومحيطه‬
‫‪ -6-‬الطفل بين الوسائط الفنية واتجاهات األولياء‬
‫‪ -7-‬دور الوسائط الفنية في تنمية الجانب العالئقي والتواصلي‬
‫‪ -8-‬الفلم الوثائقي كوسيط بيداغوجي وعالجي‬
‫‪ -9-‬تأثير المحادثة عن بعد على قدرات الطفل اللغوية‬
‫‪ -10-‬البيداغوجيا ‪ :‬التيارات والمقاربات والمدارس‬
‫‪ -11-‬الوسيط الفني أداة عالج‬
‫‪ -12-‬الوساطة البيداغوجية وتأثيرها النفسي على الطفل‬
‫‪ -13-‬بيداغوجيا النشيطة في عالقتها بالوسائط الفنية‬
‫‪ -14-‬الصورة وسيط للتنشئة والتنميط‬
‫‪ -15-‬أثر المسرح في تنمية الحصيلة المدرسية في سن ما قبل الدراسة‬
‫‪ -16-‬العالم االفتراضي الماهية المجاالت كيف نحمي الطفل؟‬
‫‪ -17-‬التعلمية كوسيط بيداغوجي‬
‫‪ -18-‬أهمية الوسائط الفنية في تنمية مهارات التفكير لدى الطفل‬
‫‪les jeux vidéos chez les enfants -19-‬‬
‫‪ -20-‬ثقافة الصورة أثرها وتداعياتها لدى الطفل‬

‫‪32‬‬
‫المادة ‪ :‬الوساطة البيداغوجية‬ ‫ماجستير البحث ‪ :‬السنة األولى‬

‫‪33‬‬

You might also like